الكتاب: الجوهر النقي
المؤلف: المارديني
الجزء: ١٠
الوفاة: ٧٥٠
المجموعة: فقه المذهب الحنفي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الفكر
ردمك:
ملاحظات:

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
الجزء العاشر
الجوهر النقي
للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير
بابن التركماني المتوفى سنة خمس وأربعين وسبع مائة
دار الفكر
1

قال (باب ما جاء في أكل الطين)
ذكر فيه حديث (من انهمك في أكل الطين فقد أعان على قتل نفسه) وفى سنده عبد الله بن مروان فقال (مجهول) - قلت
هو معروف الحال قال صاحب الميزان قال ابن عدي أحاديثه فيها نظر وقال ابن حبان يلزق المتون الصحاح بطرق اخر
لا يحل الاحتجاج به - ثم ذكر البيهقي الحديث من وجه آخر ولفظه (من أكل الطين فكأنما أعان على قتل نفسه) وفى سنده
عبد الملك بن مهران فذكر (عن ابن عدي انه مجهول) - قلت - روى عنه بقية وسهل بن عبد الله المروزي قال العقيلي
11

صاحب مناكير غلب عليه الوهم لا يقيم شيئا من الحديث ثم قال البيهقي (هذا لو صح لم يدل على التحريم وإنما يدل على
كراهية الاكثار منه) - قلت - بل هو دال على التحريم لان الإعانة على قتل النفس محرمة فكذا هذا ولهذا قطع صاحب
المهذب وغيره بتحريم أكل التراب كذا قال النووي في الروضة وما ذكره البيهقي في آخر هذا الباب عن مالك يدل
على ذلك ثم إنه في الوجه الثاني علق الامر على مطلق الاكل من غير قيد الاكثار منه -
12

قال (باب ما جاء في المسابقة بالعدو)
17

ذكر فيه مسابقة النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة من حديث أبي إسحاق الفزاري (عن هشام بن أبي سلمة عن عائشة) ثم
أخرجه من وجه آخر عن الفزاري عن هشام عن أبيه وأبى سلمة عن عائشة ثم قال (ورواه أبو أسامة عن هشام عن رجل
عن أبي سلمة عن عائشة ورواه جرير عن هشام عن أبيه عن عائشة) - قلت - وكذلك أخرجه النسائي من حديث أبي إسحاق
الفزاري عن هشام عن أبيه عن عائشة وكذلك أخرجه النسائي وابن ماجة من طريق سفيان بن عيينة عن هشام عن أبيه
عن عائشة فينبغي أن يكون هذا هو الصواب لاجتماع عدة من الرواة عليه ويحتمل انه سمع الحديث من أبيه ومن أبى سلمة -
قال (باب ما جاء في المصارعة)
ذكر فيه حديث سعيد بن جبير (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبطحاء فاتى عليه يزيد بن ركانة أو ركانة بن يزيد
فقال يا محمد هل لك ان تصارعني) الحديث ثم قال (مرسل جيد) - قلت - الذي في كتب أهل هذا الشأن ركانة بن عبد يزيد
وليس في شئ منها فيما علمت يزيد بن ركانة ولا ركانة بن يزيد وكيف يكون جيدا وفى سنده حماد بن سلمة قال فيه
البيهقي في باب من مر بحائط انسان (ليس بالقوى) وفى باب من صلى وفى ثوبه أو نعله اذى (مختلف في عدالته) وركانة
هذا هو طلق امرأته سهيمة البتة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما أردت الحديث -
18

قال (باب الرجلين يستبقان بفرسيهما إلى آخره)
ذكر فيه حديث أبي هريرة (من ادخل فرسا بين فرسين) الحديث من وجهين ثم قال (تفرد به سفيان بن حسين وسعيد
ابن بشير عن الزهري وأخرجهما أبو داود) - قلت - ففي تفردهما به ثلاث علل - الأولى - انه تكلم فيهما قال البيهقي
في باب الدابة تنفح برجلها (سفيان بن حسين ضعيف الحديث عن الزهري قاله يحيى بن معين) وقال ابن معين سعيد بن
بشير ليس بشئ وضعفه احمد والنسائي وقال ابن نمير منكر الحديث ليس بشئ - الثانية - ان أبا داود قال بعد اخراجه للحديث
من الوجهين رواه معمر وشعيب وعقيل من الزهري عن رجال من أهل العلم وهذا أصح عندنا - الثالثة - ان ابن أبي حاتم
قال في كتاب العلل سألت أبى عن حديث سفيان بن حسين فقال خطأ لم يعمل سفيان شيئا لا يشبه أن يكون عن
النبي صلى الله عليه وسلم وأحسن أحواله أن يكون قول سعيد فقد رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قوله -
20

قال (باب النهى عن التحريش بين البهائم)
ذكر ذلك من حديث الأعمش (عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس عنه عليه السلام) ثم قال (وكذلك روى عن
شريك عن الأعمش) - قلت - اخرج الترمذي هذا الحديث بالسند الأول عن الأعمش ثم قال وروى شريك هذا
الحديث عن الأعمش عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ولم يذكر فيه عن أبي يحيى وهذا مخالف لما ذكره
البيهقي عن شريك -
قال (باب كراهية انزاء الحمر على الحيل)
22

ذكر فيه حديث سفيان (عن أبي جهضم عن عبيد الله عن ابن عباس أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باسباغ الوضوء
الحديث) ثم قال (كذا قال الثوري عبيد الله وإنما هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس كذا رواه حماد بن زيد) - قلت - في
أطراف المزي رواه محمد بن عيسى بن الطباع وغيره عن حماد بن زيد كرواية الثوري -
23

قال (باب من كره الايمان بالله الا فيما كان طاعة)
ذكر فيه حديثا ثم قال (كذا رواه بشار بن كدام وهو أخو مسعر) - قلت - بشار هذا ضعفه أبو زرعة وذكر عبد الغنى
30

المقدسي في الكمال ان الدارقطني قال قال البخاري هو أخو مسعر ولم يصنع شيئا قال قال لنا أبو العباس بن سعد ليس
بينه وبين مسعر نسب هو من بنى سليم ومسعر من بنى هلال
31

قال (باب ما جاء في اليمين الغموس)
35

ذكر فيه قول الشافعي (فان قيل وما الحجة في أن لا يكفر (1) يعنى في الغموس وقد عمد الباطل قيل وقد أقر بها قول النبي
صلى الله عليه وسلم فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه فقد امره ان يعمد إلى الحنث) - قلت - أوجب الله الكفارة
في اليمين المعقودة على مستقبل يمكن فيه الحنث والبر والغموس ليست كذلك لأنها على ماض ليس فيه على امر ينتظر فيه
الحنث أو البر وقوله عليه السلام فليأت الذي هو خير - ورد فيمن سبق منه يمين منعقدة يجب عليه الكفارة إذا حنث فيها
بالنص ولما كانت على معصية امره الشارع بالحنث فيها فعمد الحنث فيها مأمور به وعمد الغموس منهى عنه فكيف يقاس
على تلك -

(1) كذا
36

ثم ذكر البيهقي حديثا من رواية عبيدة عن ابن الزبير ثم قال (وعبيدة مات قبل ابن الزبير فيما زعم أهل التواريخ
يتسع سنين فتبعد روايته عنه) - قلت - المشهور عند أهل التواريخ خلاف هذا توفى ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين
وقيل اثنتين وسبعين وقال الكلاباذي قال عمرو بن علي مات عبيدة سنة اثنتين وسبعين وقال ابن نمير مثله وقال أبو عيسى
سنة ثلاث وسبعين وقال السمعاني في الأنساب سنة اثنين أو ثلاث وسبعين وكذا ذكر أبو الوليد الباجي في كتابه على
رجال البخاري عن أبي نعيم وعلى تقدير تسليم أنه مات قبل ابن الزبير بالمدة المذكورة فهو لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم
فلا يبعد أن يروى عمن لقيه صلى الله عليه وسلم وان مات هو قبله على أن صاحب الكمال قد صرح بسماعه من ابن الزبير
37

ثم ذكر البيهقي عن عبثر عن ليث عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود (قال الايمان أربعة) إلى آخره ثم قال (رواه
الثوري عن ليث عن زياد بن كليب عن إبراهيم من قوله وهو أشبه) - قلت - بل الأول أشبه لان عبثر ثقة روى له
الجماعة وقد زاد في السند ويشهد له ما ذكره البيهقي بعد من رواية أبى العالية عن ابن مسعود وذكر أبو عمر في التمهيد
ان عامة العلماء على مذهب ابن مسعود في أنه لا كفارة في الغموس وفى الأشرف لابن المنذر قال الحسن إذا حلف على
امر كاذبا يتعمده فليس فيه كفارة وبه قال مالك والأوزاعي والثوري ومن تبعهم من أهل المدينة والشام والعراق واحمد
وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي وقال الشافعي فيها الكفارة ولا نعلم خبرا يدل على ذلك والكتاب والسنة
دالة على الأول واليمين التي يقتطع بها مال حرام أعظم من أن تكفر -
قال (باب قوله أقسم أو أقسمت)
38

قلت - ذكر الطحاوي عن الشافعي ان اقسم ليس بيمين وعن أبي حنيفة وصاحبيه انه يمين والدليل على ذلك قوله تعالى
(فلا اقسم بمواقع النجوم) ثم قال تعالى (وانه لقسم) فدل على أن قول القائل اقسم يمين وان لم يقل بالله وقال تعالى (إذ
اقسموا ليصر منها مصبحين ولا يستثنون) - ولو لم يكن يمينا لم يكن فيه ثنيا فدل ذلك على أنه لا فرق بين احلف واحلف
بالله وأقسم وأقسم بالله) وذكر البيهقي في أول هذا الباب (ان رجلا رأى ظلة ينطف منها السمن والعسل) إلى آخره
(وان أبا بكر رضي الله عنه عبرها وانه عليه السلام قال له أصبت بعضا وأخطأت بعضا قال أقسمت لتحدثني بالذي أخطأت
فقال عليه السلام لا تقسم) - قلت - ذكر القرطبي في شرح مسلم ان قوله لا تقسم مع أنه قد اقسم معناه لا تعد في القسم
ففيه ما يدل على أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بابرار القسم ليس بواجب وإنما هو مندوب إليه إذا لم يعارضه ما هو أولى
منه انتهى كلامه وظاهر هذا انه عليه السلام جعل قول أبى بكر أقسمت يمينا وهو خلاف مذهب البيهقي ومدعاه يدل
عليه ان أبا داود ذكر هذا الحديث في سننه في باب ما جاء فيما يكون القسم يمينا وقال الخطابي في المعالم لولا أنه يمين ما كان
النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تقسم -
39

ثم ذكر البيهقي عن ابن عباس في قوله اقسم (قال لا يكون يمينا حتى يقول اقسم بالله) إلى آخره ثم قال (وروى ذلك عن
الحسن البصري من قوله) - قلت - قد جاء عن الحسن خلاف هذا فروى الطحاوي بسند جيد عنه انه كان يقول أقسمت
وأقسمت بالله سواء إنما لقسم بالله أي قوله أقسمت وان لم يقل بالله كقوله أقسمت بالله والأثر الذي ذكره البيهقي عن ابن
عباس في سنده رشدين بن كريب ضعفه الدارقطني وغيره وقال البخاري منكر الحديث وقد روى عن ابن عباس أيضا خلاف
هذا قال الطحاوي روينا عن ابن عباس وابن عمر قالا القسم يمين ولم يقولا القسم بالله فدل على أن مذهبهما كمذهب الحسن -
قال (باب ما جاء في أبرار القسم - 1)

(1) كذا
40

ذكر فيه حديث أبي الزاهرية وراشد بن سعد (عن عائشة أهدت لها امرأة تمرا) الحديث ثم قال (مرسل أورده أبو داود
في المراسيل) - قلت - أورده أبو داود في المراسيل من مرسل أبى الزاهرية وراشد عن النبي صلى الله عليه وسلم
كذا ذكر المزي في أطرافه والبيهقي أورده من حديثهما عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وراشد سمع معاوية وشهد معه
صفين وسمع أيضا ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك عبد الغنى المقدسي في الكمال وثوبان توفى سنة
خمس وأربعين وقيل سنة أربع وخمسين فلا مانع من سماعه أعني راشدا من عائشة فلا نسلم ان الحديث مرسل -
قال (باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى)
كالعزة والقدرة إلى آخره
41

ذكر فيه حديث أبي هريرة في الشفاعة وفيه (فيقول الله تعالى فهل عسيت ان فعلت ذلك ان تسأل غير ذلك فيقول
لا وعزتك) الحديث ثم قال (رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان قال البخاري وقال أيوب النبي صلى الله عليه
وسلم وعزتك لا غنى عن بركتك) - قلت - جعله من تعليقات البخاري وقد أخرجه في كتاب الطهارة عن إسحاق بن
42

نصر ثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم - كذا ذكره المزي في أطرافه ولفظ الحديث
في ذلك الموضع بلى وعزتك ولكن لا غنى بي عن بركتك فلا ضرورة إلى جعل البيهقي الحديث من تعليقات البخاري مع أنه
قد أخرجه متصلا -
43

قال (باب من قال وأيم الله)
قال في آخره (وروينا في حديث أبي قتادة قول أبى بكر الصديق لاها الله إذا) - قلت - ذكر هذا الحديث في باب
وأيم الله ليس بجيد إذ معنى لاها الله لا والله يجعلون الهاء مكان الواو قاله الخطابي وغيره -
44

قال (باب من قال على نذر ولم يسم شيئا)
ذكر فيه حديث عقبة بن عامر (كفارة النذر كفارة اليمين) ثم قال (وذلك محمول عندنا على نذر اللجاج الذي يخرج مخرج
الايمان) - قلت - هذا التقييد يحتاج إلى دليل وذكر النووي في شرح مسلم ان مالكا وكثيرين أو الأكثر حملوا الحديث
على النذر المطلق كقوله على نذر - وذكر ابن رشد في القواعد ان الجمهور أوجبوا في النذر المطلق الكفارة مصيرا إلى هذا
الحديث - وفى شرح مسلم للقرطبي قوله كفارة النذر كفارة اليمين يعينى به النذر الذي لم يسم مخرجه بدليل ما رواه
أبو داود من حديث ابن عباس من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة اليمين - فقيد في هذا الحديث ما أطلقه في حديث
عقبة وقد اخرج ابن ماجة والطحاوي حديث عقبة أيضا مقيدا كذلك وقال صاحب الاستذكار هو أعلى ما روى في ذلك
واجل ثم ذكر البيهقي حديث ابن عباس المذكور ثم قال (قال أبو داود ورواه وكيع عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند
وقفه على ابن عباس) - قلت - لفظ أبى داود رواه وكيع وغيره عن عبد الله بن سعيد وقفوه على ابن عباس -
45

قال (باب الاستثناء في اليمين)
46

ذكر في آخره حديثا عن معاذ ثم قال (تفرد به حميد بن مالك وهو مجهول) - قلت - تقدم الكلام عليه في باب الاستثناء
في الطلاق -
قال (باب الحالف يسكت بين يمينه واستثنائه سكتة)
يسيرة لانقطاع صوت أو أخذ نفس
47

ذكر فيه حديث (والله لأغزون قريشا) ثم ذكر (ان ابن عباس كان يرى الاستثناء ولو بعد حين) - قلت - هذا
غير مناسب للباب وكذا الحديث لأنه عليه السلام لم يسكت سكتة يسيرة بل سكت ساعة كما صرح به في الحديث
ولهذا احتاج البيهقي إلى تأويله فأوله بما ذكره فظهر بهذا ان البيهقي لم يذكر في هذا الباب شيئا يناسبه -
48

قال (باب من حلف على شئ وهو يرى أنه صادق)
قلت - في التمهيد لابن عبد البر قال المروزي إن كان الحالف انه فعل أو لم يفعل عند نفسه صادقا يرى أنه على ما حلف
49

فلا اثم عليه عند مالك وسفيان وأصحاب الرأي واحمد وقال الشافعي لا اثم عليه وعليه الكفارة - قال المروزي وليس
قول الشافعي في هذا بالقوى -
قال (باب الكفارة بعد الحنث)
قلت - أحاديث هذا الباب قدم فيها الحنث وعطف عليه الكفارة بالواو وأحاديث الباب الذي بعده بالعكس والواو
لا يقتضى الترتيب فليس فيها دليل على تقديم الكفارة ولا تقديم الحنث فعلم أنها ليست بمطابقة للبابين نعم الحديث الذي ذكره
50

في الباب الذي بعد هذا الباب من طريق أبى داود عن قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة ولفظه (فكفر عن يمينك
ثم ائت الذي هو خير) يدل على تقديم الكفارة لان ثم تقتضي الترتيب الا ان هذا الحديث رواه عن النبي صلى الله عليه
وسلم جماعة من الصحابة بالواو ولم يذكر أحد منهم ثم وكذا أكثر أصحاب الحسن رووا عنه حديث عبد الرحمن بن سمرة
بالواو فكان روايتهم أولى مع اعتضادها برواية بقية الصحابة رضي الله عنهم على أن قتادة أيضا اختلف عنه فرواه النسائي في
سننه بسنده عنه عن الحسن عن عبد الرحمن ولفظه وائت الذي هو خير - بالواو -
قال (باب الكفارة قبل الحنث)
51

حكى فيه (عن الشافعي قال إن كفر قبل الحنث بالطعام رجوت ان يجزى عنه وذلك انا نزعم أن لله حقا على العباد في أنفسهم
وأموالهم فالذي في أموالهم إذا قدموه أجزأ واصله انه عليه السلام تسلف من العباس صدقة عام وان المسلمين قدموا صدقة
الفطر) - قلت - بحث معه الطحاوي بما ملخصه انه لم يجز تعجيل الصيام فكذا بقية الكفارات إذ الكفارة بالكفارة أشبه
منها بالزكاة ولئن شبه الاطعام بالزكاة فمن أين جوز تقديم العتق ولا أصل له يرده إليه ولو أعتق قبل ان يظاهر لم يجز عنده
ولا عند غيره لوجب ان يرد رقبة اليمين إلى هذه الرقبة - فان قال - لم يظاهر بعد - قلت ولم يحنث بعد والنكاح سبب للظهار
52

للظهار كما أن الحلف سبب لليمين ولا فرق بينهما انتهى كلامه - ولان الكفارة للتغطية ولم يوجد معنى يصح أن يكون
الكفارة تغطية له ولان قوله فليكفر امر وظاهره للوجوب والكفارة لا تجب الا بعد الحنث ولان الكفارة اسم لجميع أنواعها
فبعد الحنث يمكن حمل اللفظ على جميعها وقبل الحنث خصص الشافعي اللفظ ببعضها فترك الظاهر من ثلاثة أوجه، أحدها
تسميتها كفارة وليس هناك ما يكفر، والثاني صرف الامر عن الوجوب إلى الجواز، والثالث تخصيص التكفير
ببعض الأنواع وإذا قدمنا الحنث سلمنا من ذلك كله ويجعل ثم في الرواية التي لفظها فليكفر عن يمينه ثم ليأت الذي
هو خير بمعنى الواو كقوله تعالى (فك رقبة) إلى أن قال تعالى (ثم كان من الذين آمنوا) إذ الايمان يتقدم على هذه الأفعال
ثم إن حولان الحول شرط لوجوب الزكاة والسبب هو النصاب فلذلك جاز تقديم الزكاة على الحول لوجود السبب
53

بخلاف كفارة اليمين لان سببها هو الحنث فلذلك لم يجز تقديمها على الحنث وليست اليمين سببا بدليل انه لو بر في يمينه لم يكن
عليه كفارة مع وجود اليمين وأيضا فاليمين لا تبقى على الحنث ولا يجوز أن يكون سبب الشئ مالا يبقى معه وأيضا فاليمين
تضاد الحنث لان الحنث يوجب حل اليمين وضد الشئ لا يكون سببا له -
54

قال (باب ما جاء في ولد الزنا)
57

(قال فيه - وقد روى عن أبي سليمان الشامي وهو برد بن سنان عن الزهري عن عائشة مرسلا في اعتاق ولد الزنا) قلت
برد هذا كنية أبو العلاء ولم أجد أحدا كناه بابى سليمان وليس في الكتب المشهورة أحد يقال له برد بن سنان أبو سليمان
الشامي -
58

قال (باب التتابع في الصوم)
قلت - مقتضى ما ذكره البيهقي في هذا الباب اشتراط التتابع وأصح القولين في مذهب الشافعي انه يجزئ الصوم متفرقا
وذكر الطحاوي في أحكام القرآن عن المزني قال قال الشافعي كل صوم ليس بمشروط التتابع في كتاب الله تعالى أجزأ
متفرقا قياسا على قوله تعالى (فعدة من أيام أخر) - وقال في كتاب الصيام صيام كفارة اليمين متتابع قال المزني هذا له الزم
لأنه تعالى شرط التتابع في صوم كفارة الظهار وهذا كفارة مثله كما شبه الشافعي رقية الظهار في اشتراط الايمان برقبة القتل
لأنهما كفارتان فكذا قياس كفارة اليمين على كفارة الظهار أشبه من قياسها على قضاء رمضان لأنها ليست بكفارة -
قال (باب من حنث ناسيا ليمينه أو مكرها عليه)
60

ذكر فيه قوله تعالى (الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان) ثم ذكر حديث ابن عباس (تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان
وما استكرهوا عليه) ثم ذكر حديث عائشة (لا طلاق ولا عتاق في اغلاق) قلت - الآية وردت في الاكراه على الكفر
وقد قدمنا في باب طلاق المكره الفرق بين الكفر وغيره وتكلمنا هناك على الحديثين وذكرنا ان الشافعي لم يعمل
بحديث ابن عباس حيث حنث في الحكم من حلف بالطلاق على امر لا يفعله ففعله ناسيا وقد اخرج مسلم عن حذيفة بن
اليمان قال ما منعني ان اشهد بدرا الا أنى خرجت انا وأبى الحسيل فأخذنا كفار قريش فقالوا انكم تريدون محمدا قلنا ما نريده
ولا نريد الا المدينة فأخذ واعهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه
الخبر فقال انصرفا نفى بعهدهم ونستعين الله عليهم - وفيه دليل على أن اليمين على الاكراه تلزم كما تلزم على الطواعية ذكره الطحاوي
وهذا الحديث ذكرناه في باب طلاق المكره مختصرا -
61

قال (باب من حلف لا يأكل خبزا بادم إلى آخره)
62

ذكر فيه حديث عائشة (نعم الادام الحل) ثم قال (رواه مسلم) ثم اخرج نحوه من حديث جابر ثم قال (رواه مسلم)
وأخرجه أيضا من حديث عائشة - قلت - هذا تكرار محض لا فائدة فيه ثم ذكر من حديث محمد بن أبي يحيى (عن يزيد
ابن أبي أمية الأعور عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم اخذ كسرة) الحديث - قلت -
اختلف فيه على ابن أبي يحيى فذكر المزي في أطرافه ان عمرو بن محمد الناقد ومحمد بن يحيى بن كثير الحراني روياه عن عبد الغفار
عن يحيى بن العلاء المدني وهو الذي يقال له الرازي عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن يوسف بن عبد الله سلام
عن أبيه -
63

قال (باب من حلف ليضر بن عبده مائة سوط فجمعها)
ذكر فيه حديث أبي أمامة (عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان رجلا اشتكى حتى اضنى فوقع على جارية) قلت -
ذكر البيهقي هذا الحديث في كتاب الحدود في باب الضرير في خلقته لا من مرض يصيب الحد ذكر فيه اختلافا وقد
تكلمنا عليه هناك -
64

قال (باب من جعل فيه كفارة يمين أي في النذر بمعصية)
69

ذكر فيه حديثا من رواية الحسن عن عمران بن حصين ثم ذكر (عن ابن المديني انه لم يصح للحسن سماع منه) - قلت - ذكر
البيهقي فيما مضى في باب لا تفريط على من نام عن صلاة أو نسيها حديث زائدة بن قدامة (عن هشام عن الحسن ان عمران
70

ابن حصين حدثه) فذكر معناه يعنى حديث تعريسهم آخر الليل فقد صرح في هذا الحديث بأن عمران حدث الحسن
ولم يتعرض البيهقي لهذا الحديث بشئ وأخرجه الحاكم في المستدرك وصحح اسناده وأخرجه أيضا ابن خزيمة في صحيحه
وقال صاحب الالمام ورواه الطبراني من حديث زائدة عن هشام ورجال اسناده ثقات وذكر ابن حبان في صحيحه حديث
الحسن عن سمرة بن جندب سكتتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لعمران بن حصين فقال
حفظنا سكتة إلى آخره ثم قال ابن حبان سمع الحسن من عمران هذا الخبر وقال صاحب المستدرك سمع الحسن من عمران
واخرج روايته عنه وقال في كتاب اللباس مشايخنا وان اختلفوا في سماع الحسن من عمران فان أكثرهم على أنه سمع
منه وذكر صاحب الكمال انه سمع منه وكذا قال ابن حبان ثم ذكر حديثا في سنده الهياج فقال (مختلف في اسمه فقيل هكذا
وقيل حبان) - قلت - هو في الكتب المشهورة بأيدينا هياج من غير اختلاف وهو ثقة وثقة محمد بن سعد وذكره ابن
حبان في ثقات التابعين وفى جامع الترمذي وقال قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم لا نذر
في معصية وكفارته كفارة اليمين انتهى كلامه - ويدل لهذا المذهب ما ذكره البيهقي في الباب الذي يلي هذا الباب وصحح
سنده عن ابن عباس أنه قال للمرأة التي نذرت ان تنحر ابنها لا تنحري ابنك وكفري عن يمينك - وذكر البيهقي قبل هذا
الباب وبعده حديث مالك عن طلحة عن القاسم عن عائشة وأخرجه الطحاوي في كتاب المشكل من حديث حفص بن
غياث عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة وزاد في آخره قال حفص وسمعت ابن مجبر وهو عن عبيد الله يذكره
عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه يكفر عن يمينه وذكر عبد الحق في الأحكام هذه الزيادة عن
الطحاوي ثم قال وعند أبى داود في هذا الحديث انه عليه السلام قال لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين - وحديث
الطحاوي أحسن اسنادا من حديث أبي داود وأصح وذكر ابن القطان ان ابن مجبر هو عبد الرحمن بن مجبر بن عبد الرحمن
ابن عمر بن الخطاب قال وهو ثقة وذكر البيهقي بعد في باب الهدى إذا ركب حديث عقبة بن عامر (نذرت أختي ان تحج
ماشية غير مختمرة) وفى آخره (مر أختك فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام) وأخرجه الترمذي وقال حديث حسن
وأخرجه أبو داود ورجال اسناده ثقات خلا عبيد الله بن زحر فإنه متكلم فيه وقد اخرج له الحاكم في المستدرك ولم يضعفه
71

البيهقي في كتابه هذا في موضع من المواضع بل قد حكى في باب المغنيات (عن البخاري انه وثقه) وذكر الترمذي أيضا في
العلل توثيقه عن البخاري وقال الطحاوي في كتاب المشكل ثنا يونس انا ابن وهب انا حيى بن عبد الله المعافري عن أبي
عبد الرحمن الحبلى عن عقبة بن عامر ان أخته نذرت ان تمشى إلى الكعبة حافية غير مختمرة فذكر ذلك عقبة لرسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال مر أختك فلتركب ولتختمر ولتصم ثلاثة أيام - وحيى قال فيه ابن معين ليس به بأس واخرج له
الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وذكره في الثقات من اتباع التابعين قال الطحاوي كشف وجهها حرام فامر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفارة لمنع الشريعة إياها منه ثم ذكره الطحاوي من وجه آخر وفيه نذرت ان تحج ماشية
ناشرة شعرها فقال لتركب ولتصم ثلاثة أيام -
قال (باب من نذر ان يذبح ابنه أو نفسه)
72

قلت - في الخلافيات للبيهقي لو قال إن شفى الله مرضى فالله على أن انحر ولدى لم ينفذ نذره ثم ذكر قولا آخر انه يلزمه كفارة
يمين قال والآثار تدل على ذلك وقال أبو حنيفة ومحمد يلزمه ذبح شاة انتهى كلامه يدل للقول الأخير أن الله تعالى أمرنا
73

بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام وهو قد امر بذبح ولده فخرج عن موجبه بشاة والنذر واجب بالامر والسلف اتفقوا على
وجوب شئ واختلفوا في قدره فمن لم يوجب شيئا فقد خالف جميعهم -
74

قال (باب الهدى فيما ركب)
ذكر فيه من طريقين (عن عكرمة عن ابن عباس أن أخت عقبة نذرت ان تحج ماشية وانها لا تطيق ذلك فقال عليه السلام
فلتركب ولتهد بدنة) ثم ذكره من طرق وليس فيما ذكر الهدى - قلت - اخرج أبو داود الحديث من الطريقين الأولين
79

وسندهما على شرط الصحيح وسكوت من سكت ليس بحجة على من ذكر - ثم ذكر البيهقي من طريق شريك (عن محمد
ابن عبد الرحمن عن كريب عن ابن عباس قال رجل يا رسول الله ان أختي نذرت ان تحج ماشية فقال إن الله لا يصنع بشقاء
أختك شيئا لتحج راكبة ثم تكفر عن يمينها) ثم قال البيهقي (تفرد به شريك القاضي) - قلت - أخرجه الحاكم في المستدرك
80

وقال صحيح على شرط مسلم ثم ذكر البيهقي حديثا من رواية الحسن عن عمران بن حصين ثم قال (لا يصح سماع الحسن
من عمران) - قلت - قد قدمنا قريبا في باب من جعل في النذر بمعصية كفارة الاستدلال على صحة سماع الحسن من
عمران -
81

قال (باب من نذر المشي إلى مسجد المدينة)
أو مسجد بيت المقدس
(ذكر فيه حديث لا تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد) - قلت - ظاهره انه يلزمه المشي وحكى صاحب الاستذكار عن
مالك والشافعي انهما يقولان يمضى راكبا إلى بيت المقدس فيصلى فيه -
قال (باب من لم يرو جوبه بالنذر)
82

ذكر فيه حديث أبي هريرة (صلاة في مسجدي هذا خير من الف صلاة فيما سواه) إلى آخره ثم قال (رواه البخاري)
قلت - اقتصار البيهقي على البخاري يوهم ان مسلما لم يخرجه وليس الامر كذلك بل قد أخرجه مسلم في المناسك
وقد ذكره البيهقي فيما مضى في باب فضل الصلاة في مسجد المدينة في أواخر الحج وعزاه إلى البخاري ومسلم -
قال (باب من نذر أن ينحر بغيرها أي بغير مكة)
83

ذكر فيه حديث ميمونة بنت كردم ثم قال (رواه أبو داود عن الحسن بن علي عن يزيد) - قلت - رواه أبو داود عن
الحسن بن علي ومحمد بن المثنى كلاهما عن يزيد بن هارون -
84

قال (باب فضل من ابتلى بشئ من الاعمال)
87

ذكر فيه حديث (ان الله مع القاضي ما لم يجر) من طريق عمران القطان عن حسين المعلم عن أبي إسحاق الشيباني - قلت -
حسين العلم هو ابن ذكوان وقد اخرج ابن ماجة هذا الحديث من طريق عمران القطان عن حسين ابن عمران عن الشيباني -
88

قال (باب كراهية طلب الامارة والقضاء)
99

ذكر فيه من حديث إسرائيل (عن عبد الاعلى عن بلال بن أبي بردة عن انس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه) الحديث ثم ذكره من حديث أبي عوانة عن عبد الاعلى عن بلال بن مرداس
عن خيثمة عن انس ثم قال (قال الترمذي حديث حسن غريب وهو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الاعلى)
100

قلت - سكوت البيهقي عن كلام الترمذي دليل على الرضاء وقد اعترض عليه ابن القطان بما ملخصه ان بلال ابن
مرداس مجهول الحال وخيثمة بن أبي خيثمة قال فيه ابن معين ليس بشئ وفى الميزان للذهبي بلال بن مرداس لا يصح
حديثه قاله الأزدي فظهر بهذا ان حديث إسرائيل أصح خلافا لما ذكره الترمذي -
101

قال باب مسألة القاضي عن أحوال الشهود
ذكر فيه من حديث يحيى بن حماد (عن أبي عوانة عن بيان عن قيس بن أبي حازم عن مرداس عنه صلى الله عليه وسلم قال
قال يذهب الصالحون الأول فالأول) الحديث ثم قال (رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن حماد) قلت أخرجه البخاري في
الرقاق عن يحيى بن حماد هكذا مرفوعا وأخرجه في المغازي عن إبراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس عن إسماعيل بن أبي خالد
عن قيس بن مرداس قال يقبض الصالحون فذكره موقوفا كذا ذكر المزي في أطرافه ثم ذكر البيهقي من حديث محاضر.
122

(ثنا الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرني) الحديث ثم قال
أخرجه البخاري من وجه آخر عن الأعمش) - قلت - هذا من قبيل ما تقدم مرارا اقتصر فيه البيهقي على البخاري فأوهم
ان مسلما لم يخرجه وليس الامر كذلك بل قد أخرجه في الفضائل من حديث منصور عن إبراهيم بسنده ثم بعد ذلك
في الحديث علة ذكرها الحاكم في علوم الحديث وهي ان عمرو بن علي ذكره ليحيى بن سعيد فقال ليس في حديث ابن
عون عن عبد الله فقلت ثنا أزهر عن ابن عون عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال رأيت أزهر جاء بكتابه ليس فيه
عن عبد الله قال عمرو بن علي فاختلف إلى أزهر قريبا من شهرين للنظر فيه فنظر في كتابه فقال لم أجده الا عن عبيدة عن
النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر البيهقي حديث زهدم (عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم
قرني) الحديث ثم قال (رواه البخاري) وكذا هذا الحديث اقتصر فيه على البخاري وقد أخرجه مسلم أيضا في الفضائل -
123

قال باب من يرجع إليه في السؤال يجب
أن تكون معرفته باطنة متقادمة
ذكر فيه حديثا عن مجاهد عن ابن عمر ثم قال (ورواه أبو داود في المراسيل عن ابن أبي نجيح قال مر رجل على النبي صلى الله
عليه وسلم - الحديث) قلت الذي في مراسيل أبى داود ان ابن أبي نجيح رواه عن مجاهد مرسلا وكذا ذكر المزي في أطرافه
ولعل الكاتب اسقط ذلك من نسختنا من سنن البيهقي -
125

قال (باب القاضي يحكم بشئ فيكتب للمحكوم له)
ذكر فيه من حديث زهير (عن يحيى بن سعيد سمعت انسا يقول دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار ليكتب لهم
بالبحرين) الحديث ثم قال (رواه البخاري) ثم أخرجه ثانيا من حديث حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد وسكت عنه فلم
يعزه - قلت - أخرجه البخاري من هذا الطريق أيضا فرواه في الشرب عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد -
131

قال (باب اجر القسام)
ذكر فيه اثرا عن علي وفى سنده موسى بن طريف فقال (لا يحتج به) - قلت - الان القول فيه إذ لا يلزم من عدم
132

الاحتجاج به ضعفه وقد أطلق ابن معين والدارقطني عليه انه ضعيف وكذبه أبو بكر بن عياش وقال الجوزجاني زائغ -
قال (باب ما لا يحتمل القسمة)
ذكر فيه حديث عبادة بن الصامت (لا ضرر ولا ضرار) - قلت تقدم الكلام عليه في باب من قضى بين الناس بما فيه
صلاحهم ثم ذكر من حديث محمد بن يحيى بن حبان (عن مولاة له سمعت أبا صرمة يحدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من ضار اضر الله به) الحديث - قلت فيه هذه المولاة المجهولة وقد أخرجه أبو داود وابن ماجة من حديث محمد بن يحيى عن
لؤلؤة عن أبي صرمة وكذا أخرجه الترمذي وقال حسن غريب وكذا أخرجه البيهقي فيما مضى في أبواب لا ضرر ولا
ضرار من أبواب الصلح -
133

قال باب لا يقبل الشهادة الا بمحضر
من الخصم ولا يقضى على الغائب
ذكر فيه (عن علي أنه صلى الله عليه وسلم قال له إذا اتاك أحد الخصمين فسمعت منه فلا تقض له حتى تسمع من الآخر كما
سمعت من الأول) الحديث ثم ذكره من وجه آخر وفيه (فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر
كما سمعت من الأول) ثم قال البيهقي (وهذا يتناول الموضع الذي يحضره الخصمان جميعا) قلت ظاهر الوجه الأول انه
ولو حضر أحدهما خاصة لا يسمع قوله حتى يحضر الآخر فمن منع القضاء على الغائب استعمل الوجهين والبيهقي وأصحابه
تركوا الوجه الأول بل تركوا الثاني أيضا إذ جعل العلة المجوزة للقضاء سمع قول الآخر وما بعد الغاية يخالف ما قبلها
فمقتضى الحديث انهما إذا حضرا فسمع الدعوى وغاب المدعى عليه قبل سماع قوله إنه لا يجوز القضاء وهذا خلاف قولهم
وقال الخطابي الحديث دليل على أنه لا يقضى على غائب لأنه إذا منعه ان يقضى لاحد الحاضرين حتى يسمع كلام الآخر دل
على أنه في الغائب الذي لم يسمع قوله أولى بالمنع لامكان أن يكون معه حجة تبطل دعوى الحاضر وممن ذهب إلى أن الحاكم
لا يقضى على غائب، شريح وعمر بن عبد العزيز وهو قول أبي حنيفة وابن أبي ليلى وفى التهذيب لمحمد بن جرير الطبري
روى عمرو بن دينار عن عمر بن عبد العزيز قال إذا جاءك الرجل وقد سقطت عيناه في يده فلا تقض له حتى يأتي خصمه
وروى الشعبي عن شريح انه كان لا يقضى على غائب وهو قول النخعي -
140

قال (باب من أجاز القضاء على غائب)
ذكر فيه حديث (خذي ما يكفيك وبنيك بالمعروف) ثم اعاده بعد في باب من قال للقاضي ان يقضى بعلمه - قلت -
قد قدمنا في كتاب النكاح ان هذا كان منه عليه السلام فتوى لا قضاء على غائب ولا قضاء بعلمه صلى الله عليه وسلم وما
ذكره البيهقي في آخر هذا الباب من قول عمر (من كان له عليه دين يعنى الأسيفع فليأتنا نقسم ماله) ليس فيه ان الأسيفع كان
غائبا فيحمل على أنه كان حاضرا عند الدعوى -
141

قال (باب من قال للقاضي ان يقضى بعلمه)
ذكر فيه حديث (خذي ما يكفيك) وقد ذكرنا قريبا انه كان فتوى وعلى ذلك يحمل ما ذكره البيهقي بعد هذا الحديث
في هذا الباب - وفى التمهيد ومما احتج به من ذهب إلى هذا ما رويناه من طرق عن عروة وعن مجاهد جميعا بمعنى واحد
142

ان رجلا من بنى مخزوم استعدى عمر بن الخطاب على أبي سفيان بن حرب انه ظلمه حدا في موضع كذا وكذا من مكة فقال
عمر إني لاعلم الناس ذلك وربما لعبت انا وأنت فيه ونحن غلمان فإذا قدمت مكة فائتني بأبي سفيان فلما قدم مكة اتاه
المخزومي بأبي سفيان فقال له عمر يا أبا سفيان انهض بنا إلى موضع كذا فنهض ونظر عمر فقال يا أبا سفيان خذ هذا الحجر
من ههنا فقال والله لا افعل فقال والله لتفعلن فقال لا افعل فعلاه عمر بالدرة فقال خذه لا أم لك وضعه ههنا فإنك ما علمت
قديم الظلم فأخذ الحجر أبو سفيان فوضعه حيث قال عمر ثم إن عمر استقبل القبلة فقال اللهم لك الحمد لم تمتني حتى غلبت
أبا سفيان على رأيه وأذللته لي بالاسلام قال فاستقبل أبو سفيان القبلة فقال اللهم لك الحمد إذ لم تمتنى حتى جعلت في قلبي
من الاسلام ما ذللت به لعمر - قال أبو عمر ففي هذا قضاء عمر بما علمه قبل ولايته والى هذا ذهب أبو سفيان (1) ومحمد
والشافعي -
قال باب من قال ليس للقاضي ان يعمل (2)
ذكر فيه أحاديث وآثارا قلت أغفل البيهقي في هذا الباب حديثا أخرجه النسائي وأبو داود واللفظ له من حديث عبد الرزاق
عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقا فلاجه رجل في

(1) كذا - ولعله - أبو يوسف - ح
(2) في السنن - ان يقضى بعلمه
143

صدقته فضربه أبو جهم فشجه فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا القود يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لكم كذا وكذا فلم يرضوا فقال لكم كذا وكذا فلم يرضوا فقال لكم كذا وكذا فرضوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم انى
خاطب العشية على الناس ومخبرهم برضاكم فقالوا نعم فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن هؤلاء الليثيين
اتوني يريدون القود فعرضت عليهم كذا وكذا فرضوا أرضيتم فقالوا لا فهم المهاجرون بهم فأمرهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم ان يكفوا عنهم فكفوا ثم دعاهم فزادهم فقال أرضيتم فقالوا نعم فقال إني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم
قالوا نعم فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرضيتم قالوا نعم - وذكر صاحب التمهيد أن هذا الحديث من أفضل
ما يحتج به في أن القاضي لا يقضى بعلمه قال وهذا بين لأنه لم يؤاخذهم بعلمه فيهم ولا قضى بذلك عليهم وقد علم رضاهم
144

قال باب الأمر بالاشهاد
ذكر فيه (عن الشافعي أنه قال وقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم انه بايع اعرابيا في فرس فجحد الاعرابي بأمر بعض
المنافقين ولم يكن بينهما بينة) ثم اخرج البيهقي الحديث وفيه (فطفق رجال يعترضون الاعرابي ويساومونه الفرس
146

ولا يشعرون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ابتاعه حتى زاد بعضهم الاعرابي) إلى آخره قلت وبهذا اللفظ أخرجه
أبو داود والنسائي وغيرهما وظاهره يقتضى انهم لو شعروا انه عليه السلام ابتاعه لم يزيدوا عليه وذلك شان المؤمنين ولم
أر فيما بأيدينا من الكتب المشهورة ان ذلك كان بأمر بعض المنافقين -
147

قال (باب الشهادة في الدين وما في معناه)
148

ذكر فيه حديث ابن عمرو فيه (اما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد) ثم عزاه إلى مسلم - قلت -
أغفل البيهقي في هذا الباب حديث أبي سعيد الخدري المخرج في الصحيحين وفيه أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة
الرجل الحديث وقد ذكر البيهقي في أوائل كتاب الحيض -
149

قال (باب ما جاء في عددهن أي النساء)
ذكر في آخره (عن علي أنه كان يجيز شهادة القابلة) ثم علله ثم قال (قال اسحق الحنظلي لو صحت شهادة القابلة عن علي لقلنا به
ولكن في اسناده خلل وقال الشافعي لو ثبت عن علي صرنا إليه) - قلت - في المحل لابن حرم قال سفيان الثوري يقبل في
عيوب النساء وما لا يطلع عليه الا النساء امرأة واحدة هو قول أبي حنيفة وأصحابه وصح عن ابن عباس وعن علي وعن
عثمان أميري المؤمنين وابن عمر والحسن البصري والزهري وقال ابن أبي شيبة ثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن
الزهري قال مضت السنة ان تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادات النساء وعيوبهن وتجوز شهادة القابلة
وحدها في الاستهلال وقال عبد الرزاق في مصنفه قال ابن جريج قال ابن شهاب مضت السنة فذكره بمعناه وقال أيضا
عن الثوري عن أشعث عن الحسن والشعبي قالا يجوز شهادة المرأة الواحدة فيما لا يطلع عليه الرجال وقال أيضا انا الأسلمي
أخبرني اسحق عن ابن شهاب ان عمر بن الخطاب أجاز شهادة امرأة في الاستهلال ورواه أيضا بسنده عن الزهري
وطاوس وأبى بكر بن أبي سبرة ويحيى بن سعيد وفى نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع الصحابة على أن المرأة الواحدة
مقبولة على الولادة -
151

قال (باب شهادة القاذف)
ذكر فيه الآية ثم قال (قال الشافعي الثنيا على أول الكلام وآخره في جميع ما يذهب إليه أهل الفقه) - قلت - كيف
يقول الشافعي هذا وقد ذكر البيهقي في باب الذي بعد هذا الباب عن جماعة من السلف (انهم أعادوا الاستثناء إلى الجملة
الأخيرة) وذكر أبو عمر في التمهيد أنه قول الحكم ومعاوية بن قرة وحماد بن أبي سليمان ومكحول وهو رواية عن ابن
المسيب وعكرمة عن الزهري واليه ذهب أكثر أهل العراق وفى المحل لابن حزم روينا من طريق ابن جريج عن عطاء
الخراساني عن ابن شهاب شهادة القاذف لا تجوز وان تاب - وصح عن الشعبي في أحد قوليه والنخعي وابن المسيب في
152

أحد قوليه والحسن البصري ومجاهد في أحد قوليه ومسروق وعكرمة في أحد قوليه ان القاذف لا تقبل شهادته ابدا وان
تاب وعن شريح المحدود في القذف لا تقبل شهادته ابدا وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وسفيان - ثم ذكر البيهقي (عن ابن
المسيب ان عمر قال لأبي بكرة) إلى آخره - قلت - فيه ثلاثة أشياء - أحدها - انه تقدم غير مرة ان مالكا وابن معين
انكرا سماع بن المسيب من عمر وقد ذكر البيهقي فيما مضى من قريب في باب الشهادة على الطلاق والرجعة (ان روايته
عنه مرسلة) - الثاني - ان ابن عيينة رجع في تعيين اسم من أخبر الزهري وهو ابن المسيب إلى عمر بن قيس فكأنه روى
153

ذلك عنه وعمر هذا ضعيف وأشار الشافعي إلى الجواب عن هذه العلة وهو ان ابن عيينة تذكر بقول عمر بن قيس انه ابن
المسيب - الثالث - ان ابن المسيب الذي روى عن عمر قبول شهادته إذا تاب خالفه في ذلك ففي مصنف ابن أبي شيبة ثنا
أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيب قالا لا شهادة له وتوبته فيما بينه وبين الله - وهذا
سند صحيح على شرط مسلم -
154

قال (باب من قال لا تقبل شهادته)
ذكر فيه حديث (لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا محدود) من طريق آدم بن فائد والمثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده ثم قال (آدم والمثنى لا يحتج بهما) - قلت - في مصنف ابن أبي شيبة ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج
155

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون عدول بعضهم على بعض الا محدودا
في فرية - فقد تابع الحجاج وهو ابن أرطأة آدم والمثنى والحجاج اخرج له مسلم مقرونا بآخر -
156

قال (باب ما جاء في خير الشهداء)
ذكر فيه من طريق يحيى بن يحيى (قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن ابن أبي
عمرة الأنصاري عن زيد بن خالد انه عليه السلام قال الا أخبركم بخير الشهداء) الحديث - قلت - الذي في الموطأ من
رواية يحيى بن يحيى بهذا السند عن أبي عمرة وأخرجه النسائي من طريق ابن القاسم عن مالك وقال عن أبي عمرة وقال
الترمذي أكثر الناس يقولون ابن أبي عمرة واختلف على مالك فروى بعضهم عن ابن أبي عمرة وروى بعضهم عن أبي
عمرة وابن أبي عمرة أصح عندنا لأنه قد روى من غير حديث مالك عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن زيد بن خالد وقد
روى عن أبي عمرة عن زيد بن خالد غير هذا الحديث وهو صحيح أيضا وأبو عمرة هو مولى زيد بن خالد الجهني وله
حديث الغلول -
159

قال (باب من رد شهادة أهل الذمة)
قال الله تعالى (وأشهدوا ذوي عدل منكم) وقال (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) وقال (ممن ترضون من الشهداء)
(قال الشافعي) ففي هاتين الآيتين دلالة على أن الله تعالى إنما عنى المسلمين دون غيرهم إلى آخره - قلت - الخطاب في
الآيتين للمسلمين قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين) ثم قال (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا
رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) فلما أمرنا بذلك إذا تداينا علمنا أن المراد الشهادة على المسلمين وقال
تعالى (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) الآية ثم قال (وأشهدوا ذوي عدل منكم) فهذا أيضا على طلاق المسلمين واخرج
الطحاوي عن أحمد بن أبي عمران ثنا أبو خيثمة ثنا حفص بن غياث عن مجالد عن الشعبي عن جابر أن اليهود جاؤوا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة منهم زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بأربعة منكم يشهدون
وهذا سند جيد - ابن أبي عمران وثقه ابن يونس وباقي السند على شرط الشيخين خلا مجالدا فان مسلما انفرد به وقال
ابن ماجة ثنا محمد بن طريف ثنا أبو خالد الأحمر عن مجالد عن الشعبي عن جابر انه عليه السلام أجاز شهادة أهل الكتاب
بعضهم على بعض - وهذا السند على شرط مسلم وقد ذكر البيهقي هذا الحديث فيما بعد في باب من أجاز شهادة أهل الذمة
على الوصية في السفر وعلله بان (غير مجالد رواه عن الشعبي عن شريح من قوله) - قلت - يحمل على أن الشعبي رواه عن
جابر مرفوعا وكان شريح فقيها يرى ذلك فأفتى به فسمعه الشعبي منه فرواه مرة أخرى عنه - وفى الاشراف لابن المنذر
وممن رأى أن شهادتهم جائزة بعضهم على بعض شريح وعمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة وحماد بن أبي سليمان
والثوري والنعمان -
162

قال باب ما جاء في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم
إذا حضر أحدكم الموت) إلى قوله (أو آخر ان من غيركم)
163

(قال الشافعي سمعت من يذكر أنها منسوخة بقوله تعالى (وأشهدوا ذوي عدل منكم) - قلت - في أصول أبى بكر الرازي
قوله تعالى أو آخر ان من غيركم - خاص بالوصية في السفر وقوله تعالى (وأشهدوا ذوي عدل منكم) خاص بالرجعة فكيف
164

يعترض بأحدهما على الأخرى -
قال (باب من أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر)
165

ذكر فيه حديث جابر (انه عليه السلام أجاز شهادة اليهود وفى رواية أهل الكتاب بعضهم على بعض) وعلله بان (غير مجالد
رواه عن الشعبي عن شريح) - قلت - ذكر هذا الحديث في هذا الباب غير مناسب وقد تكلمنا عليه قريبا في باب من
رد شهادة أهل الذمة -
166

قال (باب القضاء باليمين مع الشاهد)
ذكر فيه حديث سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس ثم أخرجه من طريق محمد بن مسلم
الطائفي عن عمرو ثم قال (سيف ثقة ثبت عند أئمة أهل النقل) - قلت - في علل الترمذي سألت محمدا عنه أي هذا الحديث
فقال عمرو بن دينار لم يسمع عندي هذا الحديث من ابن عباس وقال الطحاوي قيس لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشئ
فقد رمى الحديث بالانقطاع في موضعين من البخاري بين عمرو وابن عباس ومن الطحاوي بين قدس وعمر وورد البيهقي
في الخلافيات على الطحاوي وأشار إلى أن قيسا سمع من عمرو واستدل على ذلك برواية وهب بن جرير عن أبيه قال سمعت
167

قيس بن سعد يحدث عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر حديث المحرم الذي وقصته ناقته ثم قال
البيهقي (ولا يبعد أن يكون له عن عمرو غير هذا) - قلت - لم يصرح أحد من أهل هذا الشأن فيما علمنا بأن قيسا سمع من عمرو
ولا يلزم من قول جرير سمعت قيسا يحدث عن عمرو أن يكون قيس سمع ذلك من عمرو وقد روى البيهقي في باب فضل التأذين
على الإمامة من حديث أبي حمزة السكري (سمعت الأعمش يحدث عن أبي صالح عن أبي هريرة قال عليه السلام الامام ضامن
والمؤذن مؤتمن) الحديث ثم لم يجعل البيهقي ذلك سماعا للأعمش من أبى صالح بل قال (هذا الحديث لم يسمعه الأعمش
من أبى صالح إنما سمعه من رجل عن أبي صالح) وقد اخرج أبو داود في المراسيل من حديث أبي خلدة قال سمعت
أبا العالية يحدث ان اعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال متى ليلة القدر الحديث وذكر الذهبي سيفا في كتابه في الضعفاء
وقال رمى بالقدر وقال في الميزان ذكره ابن عدي في الكامل وساق له هذا الحديث وسأل عباس يحيى بن معين عن هذا
168

حديث معاذ بن عبد الرحمن عن ابن عباس - قلت - رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن ربيعة بن عثمان وإبراهيم
هو الأسلمي مكشوف الحال مرمى بالكذب وغيره من المصائب وقد ذكرناه مرارا وربيعة هذا قال أبو زرعة ليس بذاك
وقال أبو حاتم منكر الحديث - ثم ذكر البيهقي من وجه آخر من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة - قلت
فيه مع نسيان سهيل انه قد اختلف عليه فيه فرواه زهير بن محمد عنه عن أبيه عن زيد بن ثابت كما ذكره البيهقي بعد في هذا
الباب - ثم ذكره من وجه آخر من حديث مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ثم ذكر عن
ابن حنبل (قال ليس في هذا الباب حديث أصح من هذا) - قلت - مغيرة قال فيه ابن معين ليس بشئ ذكره صاحب
الميزان وذكر حديثه هذا ثم قال قال ابن عدي مغيرة ينفرد بأحاديث وقال صاحب التمهيد أصح اسناد لهذا الحديث حديث
ابن عباس وهذا بخلاف ما قال ابن حنبل - ثم ذكره البيهقي من وجه آخر من جهة مالك وجماعة عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلا
169

ثم قال (ورواه عبد الوهاب الثقفي وهو من الثقات عن جعفر عن أبيه عن جابر موصولا) ثم ذكر (عن الشافعي أنه قال
لبعض من يناظره روى الثقفي وهو ثقة عن جعفر) فذكره ثم ذكر البيهقي فيه اختلافا كثيرا عن جعفر - قلت -
170

عبد الوهاب اختلط في آخر عمره كذا ذكر ابن معين وغيره وقال محمد بن سعد كان ثقة وفيه ضعف وقال ابن مهدي
أربعة كانوا يحدثون من كتب الناس ولا يحفظون ذلك الحفظ فذكر منهم عبد الوهاب وقد خالفه في هذا الحديث من هو
أكبر منه وأوثق كمالك وغيره فارسلوه وقال صاحب التمهيد ارساله أشهر ورواه الترمذي من حديث عبد الوهاب
موصولا ثم أخرجه من حديث إسماعيل بن جعفر عن جعفر عن أبيه مرسلا ثم قال وهذا أصح وكذا روى الثوري عن جعفر
عن أبيه مرسلا ولهذا ذكر البيهقي في كتاب المعرفة (ان الشافعي لم يحتج بهذا الحديث في هذه المسألة لذهاب بعض الحفاظ
171

إلى كونه غلطا) ثم ذكر الحديث من جهة مطرف بن مازن ثنا ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثم ساقه
من جهة محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عمرو بن شعيب بسنده المذكور ثم قال (مطرف ومحمد بن عبد الله بن عمير ليسا
بالقويين وهو بارساله شاهد لما تقدم) - قلت - ذكر ابن الجوزي الرجلين في كتاب الضعفاء فاغلظ فيهما فقال محمد بن
عبد الله بن عبيد الليثي قال يحيى ضعيف وكذا قال الدارقطني وقال مرة أخرى ليس بشئ وقال النسائي والأزدي متروك
وقال ابن حبان كان يقلب الأسانيد من حيث لا يفهم لسوء حفظه فوجبت مجانبته وقال أيضا مطرف بن مازن قال يحيى
كذاب وقال السعدي والنسائي ليس بثقة وقال ابن حبان كان يحدث بما لم يسمع لا تجوز الرواية عنه الا للاعتبار والبيهقي
الان القول فيهما في هذا الباب ووافق الجماعة في غيره فقال في باب سهم ذوي القربى (مطرف بن مازن ضعيف) وقال في
باب الرجل يطيق المشي (محمد بن عبد الله بن عمير أضعف من إبراهيم الخوزي) ثم إنه قطع هنا بان حديث عمرو بن شعيب عن
172

أبيه عن جده مرسل وهو عندهم متردد محتمل للاتصال والارسال وقد بين ذلك البيهقي في باب الطلاق قبل النكاح فقال
(إذا قيل عمرو عن أبيه عن جده يشبه ان يراد بالجد محمد بن عبد الله وليست له صحبة فيكون الخبر مرسلا) ثم ذكر حديث
سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن زيد بن ثابت - قلت - قد تقدم ان سهيلا اختلف عليه فيه ثم ذكر حديث مالك عن جعفر
ابن محمد عن أبيه مرسلا - قلت - قد تقدم هذا في الباب فاعادته هنا سوء ترتيب وتكرار بلا فائدة ثم ذكر القضاء بذلك
عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ثم قال (ورواه أبو بكر بن أبي سبرة عن أبي الزناد عن عبد الله بن عامر حضرت
أبا بكر وعمر وعثمان يقضون باليمين مع الشاهد) ثم قال (الرواية فيه عنهم ضعيفة وهي عن علي وأبى مشهورة) - قلت -
من نظر في الرواية عنهما عرف انها عنهما أيضا ضعيفة قال صاحب التمهيد وممن روى عنه القضاء باليمين مع الشاهد منصوصا
من الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وأبي بن كعب وإن كان في الأسانيد عنهم ضعف ثم قال البيهقي (وفيما روى
سليمان بن بلال عن ربيعة ان عمر بن الخطاب كتب بذلك إلى شريح وهو وإن كان منقطعا ففيه تأكيد لرواية
ابن أبي سبرة) - قلت - ابن أبي سبرة ضعفه البيهقي في باب وطئ أم الولد وقال احمد كان يضع الحديث ذكره الذهبي
173

في كتاب الضعفاء ومثل هذا كيف يتقوى بهذا المنقطع وأيضا فرواية ابن أبي سبرة فيها ذكر الثلاثة وهذا الأثر منقطع
مقصور على عمر وحده ثم ذكر البيهقي (عن الشافعي قال ذكر هشيم بن مغيرة ان الشعبي قال إن أهل المدينة يقضون
باليمين مع الشاهد) - قلت - في كلام الشعبي زيادة لم يذكرها الشافعي قال صاحب الاستذكار روى هشيم انا المغيرة
عن الشعبي قال أهل المدينة يقولون بشهادة الشاهد ويمين الطالب ونحن لا نقول ذلك وفى مصنف ابن أبي شيبة ثنا سويد
ان عمرو ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم والشعبي في الرجل يكون له الشاهد مع يمينه قالا لا يجوز الا شهادة رجلين
أو رجل وامرأتين قال عامر ان أهل المدينة يقبلون شهادة الشاهد مع يمين الطالب وهذا السند رجاله على شرط مسلم ثم
ذكر حديث جعفر بن محمد من رواية مسلم بن خالد عنه ثم من رواية ابن أبي يحيى عنه - قلت - مسلم بن خالد ضعيف
عندهم وقد ضعفه البيهقي أيضا في باب من زعم أن التراويح بالجماعة أفضل وإبراهيم الأسلمي مكشوف الحال وقد ذكر
174

البيهقي هذا الحديث في هذا الباب مرتين وهذه ثالثة ثم ذكر البيهقي (عن كلثوم بن زياد قال أدركت سليمان بن حبيب
والزهري يقضيان بذلك يعنى بشاهد ويمين) - قلت - كلثوم هذا ضعفه النسائي وقد صح عن الزهري خلاف هذا قال
ابن أبي شيبة ثنا حماد بن خالد عن ابن أبي ذئب عن الزهري قال هي بدعة وأول من قضى بها معاوية وهذا السند على
شرط مسلم وفى مصنف عبد الرزاق ثنا معمر سألت الزهري عن اليمين مع الشاهد فقال هذا شئ أحدثه الناس لا بد من
شاهدين وفى الاستذكار هو الأشهر عن الزهري ثم ذكر البيهقي (عن عطاء قال لا رجعة الا بشاهدين الا أن يكون عذر
فيأتي بشاهد ويحلف مع شاهده) - قلت - في سنده مسلم الزنجي تقدم ان ضعيف وقد روى عن عطاء انه لا يقول بالشاهد
واليمين قال صاحب التمهيد وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي لا يقضى باليمين مع الشاهد وهو قول عطاء والحكم
وطائفة وزاد في الاستذكار النخعي وفى المحل لابن حزم أول من قضى به عبد الملك بن مروان وأشار إلى إنكاره الحكم
وابن عيينة وروى عن عمر بن عبد العزيز الرجوع إلى ترك القضاء به لأنه وجد أهل الشام على خلافه ومنع منه ابن شبرمة
انتهى كلامه وفى التمهيد تركه يحيى بن يحيى بالأندلس وزعم أنه لم ير الليث بن سعد يفتى به ولا يذهب إليه وقوله عليه السلام
في الصحيحين اليمين على المدعى عليه وفى رواية - البينة على المدعى واليمين على من أنكر - يرده وكذا قوله عليه السلام في
الصحيحين شاهداك أو يمينه مع ظاهر القرآن لأنه تعالى أوجب عند عدم الرجلين قبول رجل وامرأتين وإذا وجد
شاهد واحد فالرجلان معدومان ففي قبوله مع اليمين نفى ما اقتضته الآية وأيضا فإنه تعالى قال عقيبها (ممن ترضون من
الشهداء (وليس المدعى بشاهد واحد ممن يرضى استحقاق ما يدعيه بقوله ويمينه وزعموا أن يمين المدعى قائمة مقام المرأتين
فعلى هذا لو كان المدعى ذميا فأقام شاهدا وجب ان لا يقبل منه كما لو كانت المرأتان ذميتين ولو شهدت امرأتان قال مالك
يحلف المدعى مع شهادتهما وقال الشافعي لا يمين إنما اليمين مع الشاهد لان شهادتهن دون الرجال وليس في شئ من الاخبار
تخصيص ذلك بالأموال كما زعم الشافعي -
175

قال باب تأكيد اليمين بالمكان
ذكر فيه حديث جابر (لا يحلف أحد على يمين آثمة) الحديث - قلت - ليس فيه الا تعظيم اليمين عند منبره صلى الله عليه وسلم
ولا خلاف فيه وليس فيه انه عليه السلام أمر أن لا يحلف المطلوب الا عنده ولو كان ذلك فيه فظاهره انه يحلف عنده في القليل
أيضا والشافعي لا يحلف عنده في القليل كما ذكره البيهقي في الباب بعد ثم ذكر (عن المهاجر كتب إلى أبو بكر ابعث إلى بقيس)
إلى آخره - قلت - هذا الأثر على تقدير صحته خالفه الشافعي فان عنده لا يجلب أحد إلى مكة ولا إلى المدينة ولكن يحكم عليه
176

حاكم بلده ثم ذكر البيهقي (ان عبد الرحمن بن عوف رأى قوما يحلفون) إلى آخره ثم قال (قال الشافعي فذهبوا
إلى أن العظيم من الأموال ما وصفت من عشرين دينارا فصاعدا قال وقال مالك يحلف على المنبر على ربع دينار) - قلت
ذكر ابن حرم في المحلى ان الرواية عن عبد الرحمن ساقطة لا يدرى لها أصل ولا مخرج ثم لو صحت لم يحد عبد الرحمن في كثير
المال ما حد مالك والشافعي وما نعلم أحد أسبقهما إلى ذلك -
177

قال (باب النكول والرد على المدعى)
182

ذكر فيه حديث القسامة وان الجماعة بدؤا في روايتهم بالأنصاريين وان ابن عيينة بدأ بايمان اليهود ثم رد على الأنصاريين
وهو خلاف رواية الجماعة والجماعة أولى بالحفظ من الواحد) - قلت - البداءة بايمان الأنصاريين وهم المدعون مخالفة
لسائر الدعاوى والحديث الصحيح المشهور اليمين على المدعى عليه - فوجب ان يقتصر على مورد الحديث ولا يقاس عليه
فكيف يقيس الشافعية عليه ثم يعكسون ما فيه من البداءة بيمين المدعى ثم الرد على المدعى عليه فيحلفون المدعى عليه فان نكل
حلفوا المدعى وقد سبق الكلام على هذا الحديث في أبواب القسامة ثم ذكر البيهقي اثر عمر في الرجل الذي اجرى
فرسا فوطئ على إصبع رجل فمات إلى آخره - قلت - الكلام على هذا أيضا تقدم في أبواب القسامة -
183

ثم ذكر البيهقي ان عثمان اقرض المقداد سبعة آلاف درهم فقال المقداد إنما هي أربعة آلاف فتخاصما إلى عمر فقال المقداد
حلفه انها سبعة) إلى آخره ثم قال (اسناده صحيح الا انه منقطع وهو مع ما روينا عن عمر في القسامة يؤكد أحدهما صاحبه
فيما اجتمعا عليه من مذهب عمر في رد اليمين وفيه زيادة مذهب عثمان والمقداد) - قلت - في سنده سلمة بن علقمة
وهو وان اخرج له مسلم فقد قال فيه أحمد بن حنبل ضعيف الحديث كذا ذكر الذهبي في كتاب الضعفاء وعثمان قد روى
عنه خلاف ذلك فروى الطحاوي في مشكل الآثار بسنده عن عبد الله بن عون من أهل فلسطين قال أمرت امرأة وليدة
لها ان تضطجع عند زوجها فحسب أنها جاريته فوقع عليها وهولا يشعر فقال ثوبان حلفوه انه ما شعر فان أبى ان يحلف
فارجموه وان حلف فاجلدوه مائة جلدة إلى آخره ثم قال الطحاوي لا نعلم له مخالفا من الصحابة ولا منكرا عليه أي في حكمه
بالنكول وان له حكم الاقرار وقد تقدم في باب بيع البراءة ان ابن عمر نكل عن اليمين في عيب الغلام فقضى عليه عثمان
بالنكول واسترجع العبد فوافقه ابن عمر ففي ذلك دليل لأبي حنيفة وأصحابه انه إذا نكل المدعى عليه عن اليمين حكم عليه ولم
ترد اليمين على المدعى وقد جعل عليه السلام البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه فلا تنقل اليمين إلى المدعى كما لا تنقل البينة
إلى المدعى عليه -
184

قال (أبواب من تجوز شهادته ومن لا تجوز)
ذكر فيه حديث زكريا بن إسحاق (عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال عليه السلام ان تغفر اللهم (1) تغفر جما)
ثم أخرجه بمعناه من حديث زكريا عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس ثم أخرجه من وجه ثالث من حديث
مجاهد عن ابن عباس مرفوعا ثم قال (هذا أشبه) - قلت - الرفع زيادة ثقة فيقبل ويحمل على أن طاوسا وعطاء سمعاه من
ابن عباس مرفوعا فرواه عمرو بن دينار عنهما ولهذا أخرجه الترمذي من طريق عطاء وقال حسن صحيح

(1) كذا وفى السنن - اللهم ان تغفر -
185

ثم ذكر البيهقي من حديث الأعمش (عن عمارة بن عمير سمعت الحارث بن سويد يقول ثنا ابن مسعود بحديثين أحدهما عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم والآخر عن نفسه فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أشد فرجا بتوبة) الحديث.
188

(ثم قال عبد الله ان المؤمن يرى ذنوبه كأنه جالس في أصل جبل) إلى آخره ثم قال (رواه مسلم قلت - فيه أمران أحدهما
ان مسلما ذكر الحديث ولم يذكر قول ابن مسعود - والثاني - ان البيهقي اقتصر على مسلم ولم يذكر البخاري وهو قد أخرجه
في باب التوبة من كتاب الدعاء الا انه خلط قول ابن مسعود بالحديث فقال ثنا أحمد بن يونس ثنا أبو شهاب عن
الأعمش عن عمارة بن عمير عن الحارث بن سويد قال حدثنا عبد الله حديثين أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
والآخر عن نفسه قال إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف ان يقع عليه وان الفاجر يرى ذنوبه كذباب
مر على أنفه فقال به هكذا قال أبو شهاب بيده فوق انفه ثم قال لله افرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا وبه مهلكة
ومعه راحلته - الحديث إلى قوله فإذا راحلته - ثم ذكر البيهقي من حديث الأعمش (عن زيد بن وهب عن أبي ذر كنت
امشي مع النبي الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلنا أحد) الحديث ثم قال (رواه البخاري عن عمر بن حفص) - قلت
اقتصر على البخاري وقد أخرجه مسلم من حديث الأعمش ومن حديث عبد العزيز بن رفيع كلاهما عن زيد بن وهب
ثم قال البيهقي (وانا أبو عبد الله ثنا محمد بن صالح ثنا السرى ثنا عمر بن حفص ثنا أبي ثنا الأعمش حدثني أبو صالح عن أبي
الدرداء نحوه) ثم قال (رواه البخاري عن عمر بن حفص قال البخاري حديث أبي صالح عن أبي الدرداء مرسل)
قلت لم يرو البخاري في صحيحه حديث أبي الدرداء هذا عن عمر بن حفص في موضع من المواضع بل ولا رواه متصلا وإنما
189

روى في باب من أجاب بلبيك وسعديك من كتاب الاستئذان عن عمر بن حفص حديث أبي ذر كما ذكره البيهقي أولا ثم
قال قال الأعمش وحدثني أبو صالح عن أبي الدرداء نحوه وكيف يقال روى البخاري حديث أبي الدرداء عن عمر بن
حفص وهو يقول إنه مرسل كما حكى البيهقي عنه ثم ذكر البيهقي من وجه آخر من حديث جرير عن عبد العزيز بن رفيع
عن زيد بن وهب عن أبي ذر ثم قال (رواه البخاري عن قتيبة عن جرير وكذلك رواه مسلم) وقد ذكرنا ذلك قريبا -
190

قال (باب من سمى المرأة قارورة)
199

ذكر فيه حديث (وان وجدناه لبحرا) من طريق شعبة عن قتادة عن انس ثم قال (أخرجه البخاري من حديث شعبة) -
قلت - وأخرجه مسلم أيضا في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الطريق - ثم ذكر البيهقي حديث (اذهبوا بنا نزور
النضير) ثم قال (الصحيح عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه) ثم قال الصحيح عن ابن عيينة
عن عمرو عن محمد عنه عليه السلام مرسلا) - قلت - محد بن يونس هذا روى عنه مسلم فقد زاد الرفع وهو ثقة وتابعه
على ذلك إبراهيم بن بشار فرواه عن ابن عيينة كذلك أخرجه الطحاوي في كتاب المشكل عن ابن خزيمة عن إبراهيم -
قال (باب لا يقبل شهادة خائن)
200

ذكر فيه من حديث الأعرج مرسلا (لا يقبل شهادة ذي الضنة الجنة (1) الحنة والجنة الجنون والحنة الذي يكون بينك وبينه
عداوة) ثم قال (لا ادرى هذا التفسير من قول من من الرواة) قلت في الصحاح في صدره على احنة أي حقد ولا يقال
حنة وفى الغريبين للهروي الحنة لغة ردية واللغة العالية احنة وقال الأصمعي يقال في صدره احنة ولا يقال حنة ثم ذكر البيهقي
من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف مرسلا (لا يجوز شهادة خصم ولا ضنين (1) واليمين على المدعى عليه - أخرجه أبو داود
مع حديث الأعرج في المراسيل) - قلت - الذي في مراسيله من حديث طلحة المذكور لا شهادة لخصم ولا ضنين (1)
لم يزد على هذا -

(1) كذا -
201

قال (باب رد شهادة أهل الأهواء)
202

ذكر في آخره حديث الأعمش (عن أبي صالح عن أبي سعيد لا تسبوا أصحابي) إلى آخره ثم قال (رواه مسلم) - قلت
رواه البخاري أيضا في فضل أبى بكر رضي الله عنه من هذا الطريق -
203

قال (باب كراهية اللعب بالنرد أكثر من
اللعب بشئ من الملاهي)
ذكر فيه حديث بريدة من لعب بالنرد شير فهو كمن غمس يده في لحم الخنزير ودمه) ثم ذكر حديث مالك (عن موسى
ابن ميسرة عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى من لعب النرد شير فقد عصى الله ورسوله) ثم قال (وكذا رواه يزيد
214

ابن الهاد وأسامة بن زيد عن سعيد) - قلت - اختلف فيه على أسامة فرواه ابن المبارك عنه عن سعيد بن أبي هند مرة عن أبي
موسى كذا أخرجه الدارقطني في سننه ودل ذلك على أن رواية مالك منقطعة كذا ذكر ابن القطان - وقال صاحب
التمهيد رواه الليث عن ابن الهاد عن موسى بن ميسرة عن عبد الله بن سعيد عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى ثم إن
الحديثين يقتضيان تحريم اللعب بالنرد وقال النووي في شرح مسلم باب تحريم اللعب بالنرد - ثم ذكر حديث بريدة ثم قال هذا
الحديث حجة للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد فظهر أن تبويب البيهقي غير موافق لا للحديثين ولا لمذهب الشافعي
والجمهور وإذا ثبت ان اللعب بالنرد محرم يقاس عليه الشطرنج فلا نسلم للشافعية كراهية اللعب به قال المازري في شرح
215

مسلم - مالك ينهى عن اللعب بالنرد والشطرنج ويرى ان الشطرنج شر من النرد وإلهي منها وهذا الحديث حجة له وإن كان
ورد في النرد فقيست الشطرنج عليها لاشتراكهما في كونهما شاغلين عما يفيد في الدين والدنيا موقعين في القمار أو التشاجر
الحادث فيهما عند التغالب مع كونهما غير مفيدين وقد نبه على هذا بقوله الشطرنج الهى وقد ذكر البيهقي فيما تقدم في باب
اللعب بالشطرنج عن ابن عمر قال شر من النرد وعن أبي موسى لا يلعب بالشطرنج الا خاطئ وفى التمهيد قال بعضهم
الشطرنج شر من النرد وممن قال ذلك الليث بن سعد وذكر البيهقي فيما بعد في باب من كره كل ما لعب الناس به (انه قيل
للقاسم بن محمد أرأيت الشطرنج أميسر هي قال كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر) -
216

قال (باب الرقص إذا لم يكن فيه تكسر)
ذكر فيه (انه عليه السلام قال لزيد أنت أخونا ومولانا فحجل) إلى آخر وفى سنده هانئ فقال (ليس بالمعروف
جدا) - قلت - ذكره البيهقي فيما مضى في باب اجل العنين وحكى عن الشافعي (أنه قال لا يعرف) وكلام البيهقي هنا يخالف
هذا بعض مخالفة وقد تكلمنا هناك على هانئ -
226

قال (باب تحسين الصوت بالقرآن)
228

ذكر فيه حديث ابن نمير (عن الأعمش عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء قال عليه السلام زينوا
القرآن بأصواتكم) ثم رواه من وجه آخر ولفظه (وحسبت أنه قال زينوا القرآن بأصواتكم) ثم قال (رواه جماعة عن
229

طلحة الا ان عبد الرحمن كان يشك في هذه اللفظة وقال في رواية شعبة عن طلحة كنت نسيت هذه الكلمة حتى ذكرنيها
الضحاك) - قلت - في الرواية الأولى لم يشك عبد الرحمن في تلك اللفظة وكذا أخرجه أبو داود والنسائي من حديث
230

جرير عن الأعمش وكذا أخرجه ابن ماجة عن محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر ثنا شعبة عن طلحة وليس فيه
كنت نسيت هذه الكلمة -
قال (باب شهادة أهل العصبية)
231

ذكر فيه حديث (دب إليكم داء الأمم قبلكم) من طريق الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد عن الزبير
ثم قال (وروى عن سليمان التيمي عن يحيى عن يعيش عن مولى للزبير عنه عليه السلام) - قلت - وفيه اختلاف -
232

أخرجه الترمذي عن سفيان بن وكيع عن ابن مهدي عن حرب بن شداد عن يحيى عن يعيش عن مولى للزبير حدثه ان
الزبير حدثه به وقال المزي في أطرافه تابعه علي بن المبارك وسفيان بن عبد الرحمن عن يحيى -
233

قال (باب من خرق اعراض الناس)
ذكر فيه حديث أبي هريرة (تعس عبد الدينار والدرهم) ثم قال (أخرجه البخاري عن يحيى بن يوسف ومسلم عن مسلم
ابن سلام) - قلت - لم يخرج مسلم هذا الحديث في صحيحه وليس في شيوخه أحد يقال له مسلم بن سلام بل ولا في
شيوخ أحد من الجماعة ثم ذكره من وجه آخر من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح ثم قال
(أخرجه البخاري فقال وقال عمرو) - قلت - ذكر المزي في أطرافه ان البخاري ذكره في الجهاد عقب حديث أبي حصين
عن أبي صالح ثم قال (وزاد عمرو يعنى ابن مرزوق فذكره)
245

قال (باب المتداعيين يتنازعان شيئا في يد أحدهما
ويقيم كل منهما بينة فهو للذي في يده)
ذكر فيه حديثين عن جابر وكلاهما في دعوى النتاج - قلت - كيف يقبل بينة ذي اليد ولم يكلفه الله ببينة إنما حكم تعالى
على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بان البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه قال عليه السلام بينتك أو يمينه ليس
لك غير ذلك - فصح انه لا يلتفت إلى بينة المدعى عليه والحديثان اللذان ذكرهما البيهقي في سند الأول ابن أبي يحيى
وهو مكشوف الحال وشيخه إسحاق بن أبي فروة ضعفه البيهقي في أبواب سجود التلاوة وقال في باب من فرق بين
وجوده قبل القسم وبعده (متروك) وفى سند الثاني زيد بن نعيم لا يعرف حاله وقال صاحب الميزان لا يعرف في غير
هذا الحديث وهو حديث غريب ثم على تقدير صحة الحديثين فالبينتان فيهما قامتا على امر زائد على اليد ولا تدل اليد
256

عليه فاستوت البينتان في ذلك الامر وترجحت بينة ذي اليد عنده بخلاف ما إذا قامت البينتان على الملك لان بينة الخارج
أكثر اثباتا لأنها تظهر الملك بخلاف بينة ذي اليد لان الملك كان ظاهرا له بيده -
قال (باب المتداعيين يتنازعان شيئا في
أيديهما ويقيم كل واحد منها بينة)
257

ذكر فيه حديثا عن حفص بن عمر الضرير عن حماد بن سلمة عن قتادة عن النضر بن انس عن أبي بردة عن أبي موسى
الحديث ثم قال (كذلك رواه فيما بلغني إسحاق بن إبراهيم عن النضر بن شميل عن حماد متصلا) - قلت - في المحلى
لابن حزم انه روى من طريق أحمد بن شعيب يعنى النسائي قال أخبرني علي بن محمد بن أبي المضاء ثنا محمد بن كثير عن حماد
ابن سلمة فذكره بسنده متصلا ولفظه ان رجلين ادعيا دابة وجداها عند رجل فأقام كل واحد منهما شاهدين انها دابته
فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين فقد تابعهما ابن كثير على روايته عن حماد متصلا وابن كثير هذا هو المصيصي
وثقه ابن معين وغيره وقال النسائي هذا خطأ وابن كثير صدوق الا انه كثير الخطأ قال عبد الحق إنما خطأه في هذا الحديث
لأنه إنما يروى عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة كما تقدم - قلت - قد تقدم ان ابن شميل وحفص بن عمر وافقا ابن كثير
على روايته عن قتادة كذلك فيحمل على أن لقتادة فيه سندين -
قال (باب المتداعيين يتداعيان ما ليس في يد واحد منهما)
258

(قال الشافعي فيها قولان أحدهما يقرع بينهما والآخر يقسم بينهما) ثم ذكر حديث أبي موسى ثم قال (مضى الكلام
في الباب السابق عليه وليس فيه انه لم يكن في أيديهما) - قلت - قد ذكرنا في الباب السابق ان النسائي أخرجه ولفظه
وجداها عند رجل قال ابن حزم هذا نص على إقامة البينة من كل واحد منهما وليس في أيديهما وقد ذكر البيهقي في
الباب السابق ان ابن خزيمة رواه عن أبي موسى عن أبي الوليد عن حماد فارسله فقال عن قتادة عن النضر بن انس عن
259

أبى بردة ان رجلين ادعيا دابة وجداها في يد رجل) ثم ذكر البيهقي حديث تميم بن طرفة ثم قال (قال الشافعي في القديم
تميم مجهول) - قلت - روى عنه سماك وعبد العزيز بن رفيع وغيرهما واخرج له مسلم والحاكم في المستدرك وابن حبان
في صحيحه وذكره في الثقات من التابعين وقال البيهقي بعد في هذا الباب (تميم بن طرفة الطائي كوفي يروى عن عدى
ابن حاتم وجابر بن سمرة من متأخري التابعين) -
260

قال (باب القافة ودعوى الولد)
ذكر فيه حديث مجزز - قلت - لم يكن فيه دعوى ولا تنازع فليس بوارد في محل النزاع لان أسامة كان لاحقا بفراش زيد
من غير منازع له وإنما كان الكفار يطعنون في نسبه لتباين اللونين فلما الحقه مجزز به كان ابطالا لطعنهم لأنهم كانوا يعترفون
262

بالقيافة فسر النبي صلى الله عليه وسلم بابطال طعنهم فلم يكن سروره الا لحق قال معنى هذا الكلام المازري وغيره فلم نسلم
ان الاشتباه يدل على الانسان عند التنازع والدعوى ثم ذكر البيهقي من وجوه (ان القافة جعلوه من المدعيين وان عمر قال
للولد اتبع وفى رواية وال أيهما شئت) - قلت - لم يعمل عمر بقول القافة لأنهم جعلوه منهما وعمر رد الامر إلى الصبي لا إلى
263

قولهم ثم ذكر البيهقي (عن سعيد بن المسيب ان عمر جعله لهما يرثانه ويرثهما ثم ذكره أيضا عن الحسن عنه ثم قال (كلتاهما
منقطعة) - قلت - الشافعي يحتج بمرسل ابن المسيب في مثل هذه الصورة وروى أيضا من حديث الشعبي وإبراهيم عن
عمر ذكره أبو عمر ورواه الطحاوي بسند حسن من رواية أبى المهلب عن عمر - قال وروى عن عمر من وجوه صحاح
انه جعله بينهما وقال أبو عمر ذكر عبد الرزاق عن الثوري عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن علي أنه اتاه رجلان وقعا على
امرأة في طهر واحد فقال الولد بينكما وهو للباقي منكما - وذكر البيهقي فيما بعد في آخر باب من قال يقرع بينهما ورواه ابن أبي
شيبة في مصنفه عن حسين بن علي عن زائدة عن سماك عن حنش عن علي وهذا السند على شرط مسلم واليه ذهب
الكوفيون وأكثر أهل العراق ذكره أبو عمر وقد عمل بذلك أبو ثور فقال إذا قال القافة الولد منهما لحق بهما وورثهما
264

وورثاه وقال الشافعي إذا كبر الولد قيل له انتسب إلى أيهما شئت فلم يعمل بقول القافة وخالف المروى عن الامامين مصيرا
إلى ما روى عن عمر أولا وهو مخالف لقول القافة كما تقدم وقد لاعن عليه السلام بين الزوجين ولم يدع القافة واتفقوا على
أمة تدعى ان ولدها من المولى انه لا يرجع إلى القافة بل ذهب ابن عباس رضي الله عنه وزيد إلى أنه لا يلزمه الا ان يقر
وقال عمر وابنه أقر بوطئها لزمه ولم يعتبر مالك القافه في الحرائر -
265

قال (باب من قال يقرع بينهما)
266

ذكر فيه حديثا في سنده الأجلح فقال (روى عنه الثوري وابن المبارك والقطان الا انه لم يحتج به الشيخان) - قلت - ضعفه
النسائي ووثقه ابن معين وغيره وذكر صاحب المستدرك هذا الحديث وقال الأجلح إنما هو نقما عليه يعني الشيخين حديثا
267

واحدا لعبد الله بن بريدة وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثة من الثقات فهذا الحديث إذا صحيح وقد قدمنا غير مرة ان
قول البيهقي لم يحتج به الشيخان لا يلزم منه التضعيف.
268

قال (باب أخذ الرجل حقه ممن يمنعه)
269

ذكر فيه حديثا عن يوسف بن ماهك عن فلان قال حدثني أبي انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول أد الأمانة إلى من
ائتمنك) الحديث ثم ذكره من حديث شريك وقيس عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عنه عليه السلام
270

ثم قال (الأول في حكم المنقطع حيث لم يذكر يوسف اسم من حدثه ولا من حدث عنه من حدثه وحديث أبي حصين
تفرد به شريك وقيس ضعيف وشريك القاضي لم يحتج به أكثر أهل العلم وإنما ذكره مسلم في الشواهد) قلت - لا يحتاج
في الأول اسم من حدث عنه من حدثه لأنه صحابي وقد ذكرنا غير مرة ان الصحابة لا يضرهم الجهالة لأنهم عدول - وشريك
وان تكلم فيه فقد وثقه غير واحد وذكره ابن حبان في الثقات واستشهد به البخاري وقال الحاكم في المستدرك في أواخر
الجنائز احتج به مسلم - وقيس بن الربيع تكلم فيه جماعة ووثقه شعبة وسفيان وغيرهما وقال ابن عدي عامة رواياته مستقيمة
والقول فيه ما قال شعبة وانه لا بأس به وأقل أحواله أن تكون روايته شاهدة لرواية شريك - وروى الحديث من وجوه
خر كما ذكر البيهقي ولهذا حسن الترمذي هذا الحديث وأخرجه أبو داود وسكت عنه فهو حسن عنده على ما عرف -
271

قال (باب أي الرقاب أفضل)
ذكر فيه حديث عبيد الله بن موسى عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مراوح عن أبي ذر الحديث وفيه (أي الرقاب
أفضل قال أغلاها ثمنا) ثم قال (رواه البخاري عن عبيد الله بن موسى) - قلت - رواه مسلم أيضا في الايمان عن أبي الربيع
الزهراني وخلف بن هشام كلاهما عن حماد بن زيد عن هشام -
قال (باب من أعتق من مملوكه شقصا)
273

ذكر فيه حديث إسماعيل بن أمية (عن أبيه عن جده كان لهم غلام يقال له طهمان أو ذكوان فاعتق جده نصفه) إلى آخره ثم
قال (جده عمرو بن سيعد بن العاص ليس له صحبة) - قلت - ذكره ابن حبان في الصحابة وكذا فعل ابن منده وقال ابن
الجوزي في التحقيق له صحبة وأخرج أحمد هذا الحديث في مسند عمرو بن سعيد - ثم ذكر البيهقي (عن الحكم عن علي قال
274

إذا كان لرجل عبد فاعتق نصفه لم يعتق منه الا ما عتق) ثم قال (منقطع) - قلت - قد روى عن علي من وجه آخر قال ابن أبي
شيبة ثنا حفص عن أشعث عن الحسن قال على يعتق الرجل ما شاء من غلامه - وذكر صاحب الاستذكار ان هذا
قول أبي حنيفة وربيعة والحسن والشعبي وطاوس وحماد وعبيد الله بن الحسن وأهل الظاهر -
275

قال (باب من أعتق شركا في عبد وهو معسر)
ذكر فيه حديث مالك (عن نافع عن ابن عمرو الا فقد عتق منه ما عتق) ثم ذكر (ان الشافعي قال لبعض من ناظره أو للمناظرة
موضع مع ثبوت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرح الاستسعاء في حديث نافع وعمران) ثم ذكر ما ملخصه
278

(ان المناظر قال قال أيوب ربما قال نافع عتق منه ما عتق وربما لم يقله وأكبر ظني انه شئ كان يقوله نافع برأيه فأجاب
الشافعي بان مالكا احفظ وان غيره وافقه) - قلت - ليس في حديث نافع طرح الاستسعاء كما ذكر الشافعي بل هو
279

ساكت عنه وهو ثابت في موضع آخر على ما سيأتي إن شاء الله تعالى - ثم ذكر البيهقي حديثا في آخره (ورق منه مارق)
- قلت - في سنده إسماعيل بن مرزوق قال الطحاوي في كتابه المسمى بمشكل الحديث ليس ممن يقطع بروايته وشيخه يحيى
الغافقي المصري أيضا متكلم فيه وقال ابن حزم أقدم بعضهم فزاد في هذا الخبر ورق منه ما رق - وهي موضوعة
مكذوبة -
قال باب المعسر يستسعى
280

ذكر فيه حديث سعيد بن أبي عروبة وجرير عن قتادة عن النضر عن بشير عن أبي هريرة وفيه الاستسعاء وعزاه إلى
الصحيحين ثم قال (وكذا رواه الحجاج بن الحجاج وابان العطار وموسى بن خلف عن قتادة ثم إن الشافعي ضعف السعاية
بوجوه - منها - ان شعبة وهشاما روياه عن قتادة وليس فيه استسعاء وهما احفظ - ومنها - انه سمع بعض أهل العلم يقول
لو كان حديث سعيد منفردا لا يخالفه غيره ما كان ثابتا) ثم وجه البيهقي بأشياء ورد بعضها فمنها (انه يحمل على أنه قال ذلك لان
سعيدا ينفرد به والحفاظ يتوقفون فيما ينفرد به لاختلاطه وقد وافقه غيره في رواية الاستسعاء) - قلت - تابع ابن أبي
عروبة على روايته عن قتادة بن أبي صبيح رواه الحميدي عن ابن عيينة عن ابن أبي عروبة ويحيى بن أبي صبيح عن
281

قتادة كذلك وقد تقدم من كلام البيهقي ان الحجاج وابان وابن خلف وجرير بن حازم رووه عن قتادة كذلك وإذا
سكت شعبة وهشام عن الاستسعاء لم يكن ذلك حجة على ابن أبي عروبة لأنه ثقة وقد زاد عليهما شيئا فالقول قوله كيف
وقد وافقه على ذلك جماعة وقال ابن حزم هذا خبر في غاية الصحة فلا يجوز الخروج عن الزيادة التي فيه وقد رواه عنه
يزيد بن هارون وعيسى بن يونس وجماعة كثيرة ذكرهم صاحب التمهيد ولم يختلفوا عليه في امر السعاية منهم عبدة بن
سليمان وهو أثبت الناس سماعا من ابن أبي عروبة وقال صاحب الاستذكار وممن رواه عنه كذلك روح بن عبادة
ويزيد بن زريع وعلي بن مسهر ويحيى بن سعيد ومحمد بن بكر ويحيى بن أبي عدى ولو كان هذا الحديث غير ثابت كما زعم
الشافعي لما أخرجه الشيخان في صحيحيهما ثم قال البيهقي (ويوهن امر السعاية ان هما ما رواه عن قتادة فجعل السعاية من قول
قتادة) - قلت - في المحلى لابن حزم صدق همام قاله قتادة مفتيا بما روى وصدق ابن أبي عروبة وجرير وابان بن موسى
وغيرهم فاسندوه عن قتادة وقال شارح العمدة الذين لم يقولوا بالاستسعاء تعللوا في تضعيفه بتعللات لا تصير على النقد
ولا يمكنهم الوفاء بمثلها في المواضع التي يحتاجون إلى الاستدلال فيها بأحاديث يرد عليهم فيها مثل التعللات
282

ثم ذكر البيهقي حديثا (عن أبي قلابة عن رجل من بنى عذرة أعتق مملوكا) الحديث ثم قال (ذكره الشافعي فقال من حضره
هو مرسل ولو كان موصولا كان عن رجل لم يسم ولا يعرف ولا يثبت حديثه) - قلت - كذا في نسختنا من السنن
فإن كان الكاتب لم يسقط شيئا فالظاهر أن هذا الرجل صحابي وقد مر غير مرة ان الصحابة لا تضرهم الجهالة فالحديث إذا
مرفوع متصل وذكر المزي في أطرافه ان أبا داود أخرجه في مراسيله من حديث أبي قلابة عن رجل من عذرة ان
رجلا منهم أعتق - ومن حديث أبي قلابة ان رجلا من بنى عذرة فذكره انتهى كلامه فعلى الوجه الأول في السند مجهول
283

ولكن ذكر هذا الحديث في المراسيل على الوجهين فيه نظر ثم قال البيهقي الامر بالسعاية ان ثبت في حديث بشير بن نهيك
ففيه ما دل على أن الاختيار من جهة العبد فإنه قال غير مشقوق عليه وفى الاجبار عليه مشقة عظيمة) ثم قال (وقد تأوله
بعضهم بان يستسعى لسيده أي يستخدم له ولذلك قال غير مشقوق عليه أي لا يحمل من الخدمة فوق ما يلزم بحصة الرق) -
قلت - لا وجه لقوله ان ثبت بعد ان أخرجه صاحبا الصحيحين وحسبك بذلك فإنه أعلى درجات الصحيح عندهم وقال
النووي في شرح مسلم قال العلماء معنى الاستسعاء ان العبد يكلف الاكتساب والطلب حتى يحصل قيمة نصيب الشريك
الآخر فإذا دفعها إليه عتق هكذا فسره جمهور القائلين بالاستسعاء ومعنى غير مشقوق عليه أي لا يكلف ما يشق عليه وفى شرح
العمدة استسعى العبد أي الزم السعي بما يفك بقية من الرق وشرط ذلك أن يكون غير مشقوق عليه وفى ذلك
الحوالة على الاجتهاد والعمل بالظن انتهى كلامه وإذا فهمت معنى قوله غير مشقوق عليه عرفت ان قول البيهقي الاختيار
من جهة العبد زيادة في الحديث لا حاجة إليها وما ذكره أول هذا الباب وعزاه إلى الصحيحين من قوله عليه السلام
استسعى العبد في ثمن رقبته - يمنع التأويل الذي حكاه عن بعض الناس ان الاستسعاء هو خدمته لسيده وفى شرح مسلم
للمازري وقع في بعض الروايات الاستسعاء بالقيمة وهذه الرواية تمنع هذا التأويل أي تأويل الاستسعاء بأنه يستسعى في
نصيب الذي لم يعتق أي يخدمه بقدر نصيبه -
284

قال (باب من يعتق بالملك)
288

ذكر فيه حديث (من ملك ذا رحم) من طريق محمد بن بكر عن حماد بن سلمة عن عاصم وقتادة عن الحسن عن سمرة ثم
ذكره من حديث مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل (ثنا حماد عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقال موسى في موضع آخر عن سمرة فيما يحسب حماد) ثم علله (بان حمادا شك في ذكر سمرة) - قلت - قد تقدم ان محمد
ابن بكر رواه عن حماد من غير هذا الشك وكذا أخرجه من طريقه النسائي وابن ماجة وأخرجه النسائي أيضا من حديث
حجاج وأبى داود وبهز وعبد الله يعنى ابن المبارك عن حماد وليس فيه الشك المذكور وكذا أخرجه أحمد في مسنده من
حديث أبي كامل ويزيد بن هارون عن حماد وكذا أخرجه الترمذي عن عبد الله بن معاوية الجمحي عن حماد وكذا رواه
مسلم بن إبراهيم كما تقدم وكذا رواه موسى بن إسماعيل مرة ومن شك ليس بحجة على من لم يشك كيف والذين لم يشكوا
جماعة وقد تقدم قريبا عن الشافعي نحو هذا في باب من أعتق شركا له في عبد وهو معسر ثم قال البيهقي وروى باسناد
289

آخر وهم فيه رواية ثم ذكره من حديث ضمرة بن ربيعة عن الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ثم قال (قال سليمان
يعنى الطبراني لم يروه عن سفيان الا ضمرة) ثم قال البيهقي (المحفوظ بهذا الاسناد حديث نهى عن بيع الولاء وعن هبته
وقد رواه أبو عمير يعنى عيسى بن محمد عن ضمرة مع الحديث الأول) - قلت - ليس انفراد ضمرة به دليلا على أنه غير
محفوظ ولا يوجب ذلك علة فيه لأنه من الثقات المأمونين لم يكن بالشام رجل يشبهه كذا قال ابن حنبل وقال ابن سعد كان
ثقة مأمونا لم يكن هناك أفضل منه وقال أبو سعيد بن يونس كان فقيه أهل فلسطين في زمانه والحديث إذا انفرد به مثل
هذا كان صحيحا ولا يضره تفرده فلا ادرى من أين وهم في هذا الحديث رواية كما زعم البيهقي - قال ابن حزم هذا خبر
صحيح تقوم به الحجة كل من رواته ثقات وإذا انفرد به ضمرة كان ماذا ودعوى ان أخطأ فيه باطل لأنه دعوى بلا برهان
وبقولنا من ملك ذا رحم محرم جمهور السلف وقال الشافعي لا يعتق الا من ولده من جهة أب أو أم أو من ولده
هو كذلك ولا يعتق غير هؤلاء لا أخ ولا غيره وما نعلم أحدا قاله قبل الشافعي ثم ذكر ما روى عن عمرو ابن مسعود ثم
قال لا يعرف لهما من الصحابة مخالف وكذا ذكر الخطابي وقال هو مذهب أكثر أهل العلم وقال الحاكم في المستدرك ثنا
أبو علي الحسين بن علي الحافظ - فذكر بسنده من طريق ضمرة حديث من ملك ذا رحم - ثم قال ثنا أبو علي باسناده سواء
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته - ذكر عن أبي على الحافظ كلاما نسخه الكاتب وكان
290

يقتضى ان المتنين محفوظان ثم قال عن حديث من ملك ذا رحم صحيح على شرط الشيخين وشاهده الحديث الصحيح
المحفوظ عن سمرة بن جندب ثم ذكره باسناده من طريق سمرة ورواية عيسى بن محمد الحديثين لا يقتضى توهين شئ منهما
وقد اخرج النسائي عن عيسى بن محمد مضموما إلى آخر حديث من ملك ذا رحم محرم منه دون الحديث الآخر -
291

قال (باب من أعتق مملوكا له)
ذكر فيه حديث النهى عن بيع الولاء وعن هبته ثم ذكر (عن الشافعي انا محمد بن الحسن عن يعقوب بن إبراهيم عن عبد الله
ابن دينار عن ابن عمر أنه عليه السلام قال الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب) ثم ذكر (عن أبي بكر النيسابوري
قال هذا خطأ لان الثقات لم يرووه هكذا وإنما رواه الحسن مرسلا) ثم قال البيهقي (روى من أوجه اخر كلها ضعيفة) ثم
292

ذكره من وجوه وعللها ثم قال (وإنما يروى هذا اللفظ مسندا كما قدمنا) - قلت - هذا الحديث بهذا اللفظ روى مرسلا
من حديث الحسن وروى مسندا من حديث على كما ذكره البيهقي بعد ومن حديث ابن عمر كما ذكره من رواية يعقوب
ابن إبراهيم عن عبد الله بن دينار عنه وكذا أخرجه الحاكم وقال صحيح الاسناد وخالفهما ابن حبان فقال في صحيحه انا أبو يعلى
قرئ على بشر بن الوليد عن يعقوب بن إبراهيم عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عنه عليه السلام - فذكره
بلفظه وتابع بشرا على ذلك محمد بن الحسن فرواه عن أبي يوسف كذلك - قال البيهقي في كتاب المعرفة ورواه محمد بن الحسن
في كتاب الولاء عن أبي يوسف عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر وهذا بخلاف ما ذكره هنا والحاكم
عن محمد وروى أيضا هذا الحديث عن عبد الله بن دينار سفيان الثوري وقد أخرجه البيهقي بعد في هذا الباب من حديثه ثم
قال البيهقي (ورواه أبو حسان الزيادي عن يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر عنه عليه السلام قال الولاء
لحمة كلحمة النسب) ثم قال البيهقي (كان يحيى سئ الحفظ كثير الخطأ) - قلت - قد تابعه على هذه الرواية محمد بن
مسلم الطائفي كذلك أخرجه الحاكم في المستدرك من حديثه ورأيت على حاشية هذا الكتاب أعني السنن ما صورته حاشية
بخط الحافظ أبى القاسم بن عساكر هذا وهم منه رحمه الله إنما هو محمد بن زياد بن عبيد الله الزيادي البصري وهو شيخ ابن
293

خزيمة يروى عنه كثيرا وليس بابى حسان الحسن ابن عثمان الزيادي والله أعلم وقد روى الحديث من وجه آخر بسند رجاله
ثقات قال ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار حدثني موسى بن سهل الرملي ثنا محمد بن عيسى يعنى الطباع ثنا عبثر بن القاسم
عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع
ولا يوهب - وهذا كله يرد قول النيسابوري والبيهقي إنما روى مرسلا وقول البيهقي (روى من أوجه اخر كلها ضعيفة)
ثم قال (ويروى عمن دون النبي صلى الله عليه وسلم) ثم ذكره من جهة عمرو على ثم ذكره من حديث على مرفوعا
قلت - ذكر هذا الحديث بعد قوله ويروى عمن دون النبي صلى الله عليه وسلم سوء ترتيب والوجه ذكر حديث على
هذا في أوائل الباب -
قال باب من والى رجلا
294

ذكر في آخره (ان الشافعي قال وبين يعنى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله إنما الولاء لمن أعتق انه لا يكون الولاء الا لمن حسن
أعتق) قلت في الصحيحين من حديث على وسعيد بن زيد ومن تولى قوما بغير اذن مواليه وفى صحيح مسلم من حديث
جابر ولا يحل ان يتوالى رجل مسلم بغير اذنه وذكر البيهقي هذا الحديث فيما مضى في باب من في الديوان ومن ليس فيه
في العاقلة سواء وفى ذلك دليل على أن له يتولى غير مولاه بغير اذنه (1) فدل على أنه كان مولى له بغير العتاق إذ لو كان مولى
له بالعتاق لم يجز أن يتولى غير ه أذن له أو لم يأذن وحديث تميم أيضا عدل على وجود الولاء بغير العتق وكذا اللقيط وسنتكلم
عليهما إن شاء الله تعالى -

(1) كذا ولعل الصواب - باذنه - ح -
295

قال (باب ما جاء في علة حديث تميم)
ذكر من طريق يعقوب بن سفيان ثنا أبو نعيم ثنا عبد العزيز بن عمر عن عبد الله بن موهب سمعت تميما إلى آخره ثم قال
(قال يعقوب هذا خطأ ابن موهب لم يسمع من تميم ولا لحقه) ثم أخرجه من طريق يعقوب عن عبد الله بن يوسف عن
يحيى بن حمزة عن عبد العزيز عن ابن موهب عن قبيصة بن ذؤيب عن تميم ثم من طريق أبى داود ثنا يزيد بن خالد
وهشام بن عمار ثنا يحيى بن حمزة عن عبد العزيز سمعت ابن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز عن قبيصة قال هشام عن
296

تميم ثم قال البيهقي (فعاد الحديث مع ذكر قبيصة فيه إلى الارسال) ثم ذكر (ان الشافعي قال ابن موهب ليس بالمعروف
عندنا ولا نعلمه لقى تميما ومثل هذا لا يثبت عندنا ولا عندك من قبل انه مجهول ولا اعلمه متصلا) - قلت - أخرجه
الحاكم من طريق ابن موهب عن تميم ثم قال صحيح على شرط مسلم وعبد الله بن موهب بن زمعة مشهور وشاهده
عن تميم حديث قبيصة ثم ذكر حديث قبيصة بسنده واخرج ابن أبي شيبة الحديث في المصنف عن وكيع عن عبد العزيز
وصرح فيه بسماع ابن موهب من تميم كرواية أبى نعيم وأخرجه ابن ماجة في سننه عن ابن أبي شيبة كذلك فهذان ثقتان
جليلان صرحا في روايتهما بسماع ابن موهب من تميم وادخل يزيد بن خالد وهشام وابن يوسف بينهما قبيصة فإن كان
الامر كما ذكر أبو نعيم ووكيع حمل على أنه سمع منه بواسطة وبدونها وان ثبت انه لم يسمع منه ولا لحقه فالواسطة
وهو قبيصة ثقة أدرك زمان تميم بلا شك فعنعنته محمولة على الاتصال فلا ادرى ما معنى قول البيهقي فعاد الحديث مع ذكره
إلى الارسال وقال صاحب الكمال ابن موهب ولاه عمر بن عبد العزيز قضاء فلسطين وروى عبد العزيز بن عمر
والزهري وابنه يزيد بن عبد الله وعبد الملك بن أبي جميلة وعمرو بن مهاجر وقال يعقوب بن سفيان ثنا أبو نعيم ثنا عبد العزيز
ابن عمرو هو ثقة عن ابن موهب الهمداني وهو ثقة قال سمعت تميما وكذا ذكر الصريفيني في كتابه بخطه فدل ذلك على أنه ليس
بمجهول لا عينا ولا حالا ثم الظاهر أن الشافعي يخاطب محمد بن الحسن لأنه المخالف له في هذه المسألة هو وأصحابه وقد عرف
من مذهبهم ان الجهالة وعدم الاتصال لا يضران الحديث فلو سلموا له ذلك لكان الحديث ثابتا عندهم محتجا به فكيف
يقول الشافعي ومثل هذا لا يثبت عندنا ولا عندك وفى التهذيب لابن جرير الطبري وروى خصيف عن مجاهد قال جاء
رجل إلى عمر فقال إن رجلا أسلم على يدي ومات وترك ألف درهم فلمن ميراثه قال أرأيت لو جنى جناية من كان يعقل
عنه قال إنا قال فميراثه لك - ورواه مسروق عن ابن مسعود وقاله إبراهيم وابن المسيب والحسن ومكحول وعمر
297

ابن عبد العزيز وفى الاستذكار هو قول أبي حنيفة وصاحبيه وربيعة وقال يحيى بن سعيد في الكافر الحربي إذا أسلم على يد
مسلم وروى عن عمر وعثمان وعلى وابن مسعود انهم أجازوا الموالاة وورثوا بها وقاله الليث وعن عطاء والزهري
ومكحول نحوه وعن ابن المسيب أيما رجل أسلم على يديه رجل فعقل عنه ورثه وان لم يعقل عنه لم يرثه وقال به طائفة
وعند أبي حنيفة وأصحابه إذا أسلم على يديه ولم يعقل عنه ولم يواله لم يرثه ولم يعقل عنه وان والاه على أن يعقل عنه ويرثه
ورثه وعقل عنه وهو قول الحكم وحماد وإبراهيم وهذا كله إذا لم تكن له عصبة -
قال (باب من قال له عليه ولاء يعنى المنبوذ)
ذكر فيه (عن سنين أبى جميلة وقال وجدت منبوذا) إلى آخره ثم قال (أجاب عنه الشافعي بأنه ليس مما يثبت مثله هو عن
رجل ليس بالمعروف يعنى أبا جميلة) - قلت - هو من الصحابة اخرج له البخاري في المغازي من صحيحه حديثا عن النبي
298

صلى الله عليه وسلم وعده ابن حبان وابن منده وغيرهما فيهم ذكر جماعة انه شهد الفتح معه صلى الله عليه وسلم وقال ابن أبي
حاتم روى عنه الزهري وزيد بن أسلم وقد ورد في الباب عن واثلة انه عليه السلام قال المرأة تحوز ثلاثة مواريث عتيقها
ولقيطها وولدها الذي لا عنت عليه - صحح الحاكم اسناده وحسنه الترمذي وسكت عنه أبو داود فهو حسن عنده أيضا وقد
تكلمنا عليه وفى كتاب الفرائض وقال أبو عمر ذكر ابن أبي شيبة ثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال على
المنبوذ حر، فان حرب ان يوالي الذي التقطه والاه وان أجب ان يوالي غيره والاه - وذكر أبو بكر ثنا عمر بن هارون عن
ابن جريج عن عطاء قال اللقيط يوالي من شاء وهو قول ابن شهاب وطائفة من أهل المدينة وقال أيضا ثنا جماد بن خالد
عن ابن أبي ذئب عن الزهري ان عمر أعطى ميراث المنبوذ للذي كفله -
299

قال (باب الولاء للكبير)
303

ذكر فيه اثرا مرسلا عن ابن المسيب -
ثم قال (باب من قال من احرز الميراث احرز الولاء)
ذكر فيه حديثا من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثم قال (مرسل ابن المسيب أصح من رواية عمرو بن شعيب)
قلت - حديث عمر وذكره صاحب التمهيد ثم قال صحيح حسن غريب قال يعقوب بن شيبة ما رأيت أحدا من
أصحابنا ممن ينظر في الحديث وسعى الرجال يقول في عمرو بن شعيب شيئا وحديثه صحيح وهو ثقة ثبت والأحاديث
التي أنكروا من حديثه إنما هي لقوم ضعفاء رووها عنه وما روى عنه الثقات فصحيح قال وسمعت علي بن المديني يقول
قد سمع أبوه شعيب من جده عبد الله قال على وعمر وعندنا ثقة وكتابه صحيح وقال البيهقي في باب الطلاق قبل النكاح
304

(قال ابن راهويه إذا كان الراوي عن عمر وثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر) وقال البخاري رأيت ابن حنبل
وابن المديني وابن راهويه والحميدي يحتجون بحديثه وذكر البيهقي في باب القطع في كل ماله ثمر حديثا من روايته
(عن أبيه عن جده قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم في كم يقطع اليد) ثم قال في باب ما يكون حرزا وقد رويناه
موصولا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وذكر نحوه في باب كراهية الزيادة على الثلاث في الوضوء
فكيف يرجح مرسل ابن المسيب على حديث احتج به أكثر العلماء وصرح البيهقي باتصاله وقد ذكر البيهقي في رسالته
إلى الجويني ان الشافعي لم يخص مرسل ابن المسيب بالقبول بل يقبل مرسله ومرسل غيره من كبار التابعين كالحسن
وابن سيرين وعطاء بن أبي رباح وسليمان بن يسار إذا اقترن بها ما يؤكدها من الأسباب وذكر ان الشافعي ترك عدة
من مراسيل ابن المسيب لم يقترن بها ما يؤكدها أو عارضها ما هو أقوى منها كمرسله انه عليه السلام فرض زكاة الفطر
مدين من حنطة وانه عليه السلام قال لا بأس بالتولية في الطعام قبل ان يستوفى وانه عليه السلام قال دية كل ذي عهد في
عهده ألف دينار وانه عليه السلام قال من ضرب أباه فاقتلوه -
305

قال (باب المدبر يجوز بيعه)
308

ذكر فيه حديث بيع المدبر من وجوه في بعضها بيعه مطلقا وفى بعضها ان سيده احتاج وفى بعضها (انه عليه السلام دفع
الثمن إليه وقال إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه) - قلت - مذهب الشافعي حمل المطلق على المقيد فوجب ان لا يبيعه
إذا احتاج سيده كما سيذكره البيهقي عن طاوس وروى عن عطاء انه سئل أيبيع الرجل مدبرته فقال لا الا ان يحتاج إلى
ثمنها وحكى الخطابي هذا المذهب عن الحسن
309

ثم ذكر البيهقي من حديث محمد بن طريف (عن ابن فضيل عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر قال عليه السلام
لا بأس ببيع خدمة المدبر إذا احتاج) ثم ذكر عن الدارقطني (انه خطأ من ابن طريف والصواب عن عبد الملك عن أبي جعفر
مرسلا) - قلت - اعترض ابن القطان على هذا بما ملخصه انه إن كان فيه خطأ فهو عن ابن فضيل لأنه الذي خولف فيه ولا يبعد
أن يكون عند عبد الملك حديثان - أحدهما - عن أبي جعفر مرسلا انه عليه السلام باع خدمة المدبر هكذا من فعله عليه السلام
والآخر - عن عطاء عن جابر قال عليه السلام لا بأس ببيع خدمة المدبر - فرواه عبد الملك كذلك مرسلا ومسندا وليس
من قصر به فلم يسنده حجة على من حفظه وأسنده إذا كان ثقة وابن طريف وابن فضيل صدوقان مشهوران من أهل
311

العلم فلا ينبغي ان يخطأ واحد منهما ثم أخرجه البيهقي من وجهين - أحدهما - من طريق عبد الملك - والثاني - من طريق
الحكم بن عتيبة كلاهما عن أبي جعفر مرسلا ثم ذكر (ان الشافعي أجاب عنه بما ملخصه انه يروه عن أبي جعفر فيما علم
الشافعي من ثبت حديثه ولو رواه من ثبت حديثه فهو منقطع يخالف المتصل الثابت) - قلت - قد تقدم انه رواه عن الحكم
وهو ممن اخرج لهم الجماعة ورواه أيضا عبد الملك وهو ممن اخرج لهم مسلم فقد رواه من يثبت حديثه وتقدم أيضا انه روى
مسندا أيضا من جهة ابن فضيل فزال انقطاعه والظاهر أن مراد الشافعي بالمتصل الثابت حديث جابر في بيع المدبر وقد أشار
الشافعي إلى ذلك فيما بعد وحديث أبي جعفر لا يخالفه لان ذلك في بيع رقبته وهذا في بيع خدمته كما ذكره الشافعي فيما بعد
312

ويحتمل ان يراد ببيع الحدمة الإجارة كما روى عن جابر قال عليه السلام من كان له ارض فليزرعها أو يزارعها ولا يبيعوها
قلت له يعنى الكراء قال نعم - ويمكن ان يحمل بيع المدبر على بيع خدمته فيتفق الحديثان -
313

قال (باب ولد المدبرة من غير سيدها)
ذكر الشافعي فيهم قولين - أحدهما انهم بمنزلتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها ثم اخرج البيهقي ذلك عن جماعة من الصحابة
315

وغيرهم ثم قال (قال الشافعي - والقول الثاني - انهم مملوكون وقد قال هذا غير واحد من أهل العلم) - قلت - في نوادر
الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع الصحابة ان ما ولدت المدبرة في حال تدبيرها يعتقون بعتقها ويرقون برقها وإنما جاء الاختلاف
بعدهم وفى الاستذكار روى ذلك عن عثمان وابن مسعود وابن عمر وجابر ولا اعلم لهم مخالفا من الصحابة -
316

قال (باب من لم يكره كتابة عبده وإن كان
غير قوى ولا امين)
319

ذكر (فيه ان عمر كتب إلى عمير بن سعد انه من قبلك من المسلمين ان يكاتبوا أرقاءهم على مسألة الناس) - قلت -
هذا الأثر غير مطابق للباب بل هو دال على أنه يكره كتابة من لا حرفة له -
قال (باب مكاتبة الرجل عبده أو أمته على نجمين)
ذكر فيه قول بريرة (كاتبوني على تسع أواقي في تسع سنين) ثم قال (وروينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة انه عليه
السلام نهى عن بيع الغرر وفى الكتابة الحالة غرر كبير (1) ثم ذكر عن عثمان انه كاتب مملوكا له على مائة الف على أن يعدها

(1) في السنن - كثير -
320

عدتين) - قلت - اطلاق قوله تعالى فكاتبوهم يدل على جواز الكتابة حالة ومؤجلة كالبيع والى هذا رجع ابن حزم
واستدل بقضية سلمان وقد ذكرها البيهقي في الباب الذي بعد هذا الباب وبالكتابة حالة تصير له ذمة ويد على نفسه
ويتوصل بذلك إلى الكسب بان يستقرض أو يوهب له أو يتصدق عليه كفقير اشترى شيئا ثبت الثمن في ذمته وفقره
لا يقتضى تأجيله وقضية بريرة واقعة عين وقعت الكتابة فيها مؤجلة ولم يتعرض فيها للحالة لا بنفي ولا باثبات وكذا مكاتبة
عثمان لمملوكه وقد مر في أوائل البيوع ان الغرر ما كان على خطر لا يدرى كالطير في الهواء والسمك في الماء وما لا يقدر
على تسليمه وليست الكتابة الحاكة كذلك فلا نسلم ان فيها غررا ثم لو سلمنا ان هذه الأدلة تدل على أنه لا بد من التنجيم
يكتفى نجم واحد فوجب أن تكون الكتابة على نجم وهو مذهب مالك والجمهور ذكره النووي في شرح مسلم فاشتراط
الشافعي النجمين يحتاج إلى دليل وفى الاستذكار أكثر أهل العلم يجيزونها على نجم واحد وفى نوادر الفقهاء
لابن بنت نعيم اجمعوا على جواز الكتابة حالا الا الشافعي فلم يجوزها على أقل من نجمين -
قال (باب من لم يعتقه حتى يكون)
في الكتابة فإذا أديت فأنت حر
321

- قلت - في نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا على جوازها وان لم يذكر العتق بالأداء الا الشافعي قال لا يعتق حتى
يقول ذلك أو يقول بعد العقد كانت نيته كذلك حينئذ -
322

قال (باب المكاتب عبد ما بقي عليه درهم)
323

قال في آخره (واختلفت الروايات فيه عن عمر) ثم ذكره من طريق معبد الجهني عن عمر ثم من طريق القاسم بن
عبد الرحمن بن جابر بن سمرة عن عمر ثم قال (القاسم لا يثبت سماعه من جابر) - قلت - تعليله الطريق الثانية بالانقطاع
يوهم ان الأولى متصلة وليس كذلك بل هي أيضا منقطعة لان رواية معبد عن عمر مرسلة -
قال (باب المكاتب يصيب حدا أو ميراثا)
ذكر فيه حديث عكرمة عن ابن عباس عنه عليه السلام قال إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق
325

منه ثم بين الاختلاف فيه ثم قال (وهذا المذهب إنما يروى عن علي وفى ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم نظر) - قلت
رواية جماعة مرفوعة وهي زيادة فلا يضرهم رواية من وقفه ولهذا حسنه الترمذي ورواه صاحب المستدرك من
وجهين وقال فيهما صحيح على شرط البخاري ثم رواه من وجه ثالث وقال صحيح الاسناد وقال ابن حزم خبر على
وابن عباس في غاية الصحة وليت شعري من أين وقع ان العدل إذا أسند الخبر وأوقفه آخرا وأرسله ان ذلك علة في
الحديث هذا لا يوجبه نص ولا نظر ولا معقول -
326

قال (باب الحديث الذي روى في الاحتجاب)
ذكر فيه حديث نبهان عن أم سلمة ثم ذكر (عن الشافعي انه لم ير من رضى من أهل العلم ثبته) ثم ذكر البيهقي (ان البخاري
ومسلما لم يخرجه حديثه وكأنه لم يثبت عندهما عدالته أو لم يخرج من حد الجهالة برواية عدل عنه) - قلت - قد تقدم
327

مرارا انه لا يلزم من عدم تخريجهما عن شخص أن يكون ضعيفا وقد اخرج الترمذي هذا الحديث وقال حسن صحيح
وقال الحاكم في المستدرك صحيح الاسناد وأخرجه ابن حبان في صحيحه وذكر نبهان في الثقات من التابعين وقال ابن أبي
حاتم في كتابه روى عنه الزهري ومحمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة سمعت أبي يقول ذلك -
قال باب قوله تعالى (وآتوهم من مال الله).
328

قلت - العجب من الشافعي كيف حمل الامر في قوله تعالى (فكاتبوهم -) على الندب وفى قوله تعالى (وآتوهم) على
الوجوب ثم إنه جعل المخاطبين بذلك موالي المكاتبين وليس الامر كذلك قال ابن جرير الطبري في التهذيب وفى حديث
بريرة أيضا الدلالة على صحة قولنا في تأويل قوله تعالى (وآتوهم من مال الله) انه يعنى به أهل الأموال الذين وجبت في
أموالهم الصدقات فأمرهم الله تعالى باعطاء المكاتبين منها ما فرض فيها بقوله تعالى (وفى الرقاب) ولولا ذلك لم تكن بريرة
تسأل عائشة ولا ضرورة لها من امكان عجزها عن الكتابة إذا لم تجد سبيلا إلى الأداء والرجوع إلى ما كانت عليه من
وجوب نفقتها على مواليها ولكنها لما علمت أن الله فرض في أموال أهل الأموال لمن كان بمثل حالها حقا بقوله تعالى (وآتوهم
من مال الله الذي آتاكم) وبقوله (وفى الرقاب) تعرضت لطلب ذلك وفى ذلك دلالة بينة على أن المراد بقوله تعالى
(وآتوهم) أهل الأموال والدلالة على خطأ من زعم أن قوله تعالى (وآتوهم) يعنى به موالي المكاتبين خاصة دون سائر
الناس غيرهم وانهم أمروا ان يضعوا عنهم من كتابتهم ولو كان كما قالوا لقال ضعوا عنهم من كتابتهم ولو كان امرا باعطائهم
من مال كتابتهم لقال من مال الله الذي آتاكم منهم فإذ لم يكن ذلك محصورا على مواليهم كان معلوما انه خطاب لذوي
الأموال بايتائهم ما فرض الله لهم في أموالهم - وقال أبو بكر الرازي الحط من بدل الكتابة لا يسمى إيتاء لان الايتاء في
329

الحقيقة هو الاعطاء ومن أبرأ انسانا من مال عليه لا يقال إنه أعطاه شيئا وأيضا فإنه تعالى أمرنا ان نؤتيهم مما آتانا الله وما في
ذمة المكاتب من مال الكتابة لهم لم يؤت بعد لان الايتاء هو الاعطاء وانه يقتضى القبض وذلك غير مقبوض فلا يقع
عليه الاسم انتهى كلامه - ولو سلمنا ان المراد بذلك الموالي فالامر محمول على الندب كما فعل الشافعي في قوله تعالى
فكاتبوهم وكما فعل هو وغيره في الامر بالاشهاد على البيع والكتابة وقد قالت بريرة كاتبت أهلي على تسع أواقي وقالت
عائشة ان أحب أهلك ان أعدها لهم فلو كان الحط واجبا لقال عليه السلام عليها أقل من ذلك لان عليهم ان يحطوا عنها
ولا خبر عائشة بسقوط البعض عنها وفى الصحيح ان جويرية جاءت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها فقال
عليه السلام أقضى عنك كتابتك فدل على وجوب الجميع عليها دون حطيطة لها منه وأعان عليه السلام سلمان على كتابته
ولم يأخذ مولاه بحط شئ منها وقد تقدم في باب الكتابة على نجمين (ان عثمان كاتب مملوكا له على مائة الف وقال والله
لا اغضك منها درهما) وما ذكره البيهقي في هذا الباب (عن جماعة من الصحابة وغيرهم انهم وضعوا شيئا من الكتابة)
فليس في شئ منه انهم كانوا يرون ذلك واجبا عليهم فيحمل على أنهم فعلوا ذلك على سبيل الندب والفضل ويدل على ذلك
ما ذكره البيهقي في آخر الباب (عن ابن سيرين قال كان يعجبهم ان يدع الرجل لمكاتبه طائفة من مكاتبته)
330

قال (باب موت المكاتب)
ذكر فيه (عن ابن جريج قلت لعطاء المكاتب يموت وله ولد أحرار ويدع أكثر مما بقي عليه من كتابته قال يقضى عنه
ما بقي من كتابته وما كان من فضل فلبنيه قلت أبلغك هذا عن أحد؟ قال زعموا ان علي بن أبي طالب كان يقضى به) ثم
ذكر (عن طاوس قال يقضى عنه ما عليه ثم لبنيه ما بقي وقال عمرو بن دينار ما أراه لبنيه قال الشافعي يعنى انه لسيده
وبقول عمرو نقول فاما ما روى عن عطاء انه بلغه عن علي فهو روى عنه انه كان يقول يعتق عنه بقدر ما أدى ولا ادرى
أثبت عنه أم لا) - قلت - ما ذكره عطاء أولا عن علي روى من وجه آخر نحوه قال ابن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص
عن سماك عن قابوس بن أبي المخارق عن أبيه قال بعث على محمد بن أبي بكر على مصر فكتب إليه يسأله عن مكاتب مات
وترك مالا وولدا فكتب إليه إن كان ترك وفاء لمكاتبته يدعى مواليه فيستوفون وما بقي كان ميراثا لولده - ورواه
عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري وإسرائيل عن سماك مثل ذلك - وقال الخطابي هو قول عطاء وطاوس والحسن وقال
مالك نحوا من ذلك وفى المحلى لابن حزم ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال إذا كان للمكاتب أولاد
معه في كتابته (1) وأولاده ليسوا معه في كتابته فإنه يؤدى ما بقي من كتابته ثم يقسم ولده جميعا ما بقي من ماله على فرائضهم
قال وبه يقول معبد والحسن البصري وابن سيرين والنخعي والشعبي وعمرو بن دينار والثوري وأبو حنيفة والحسن
ابن حي وإسحاق بن راهويه انتهى كلامه وهو خلاف ما ذكره البيهقي عن عمرو بن دينار ولأبي داود عن أم سلمة قال
لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان لاحدا كن مكاتب وكان عنده ما يؤدى فلتحتجب منه - قال الخطابي في هذا
كالدلالة على أنه إذا مات وترك الوفاء بكتابته كان حرا - وروى مالك في الموطأ عن حميد بن قيس ان مكاتبا كان لابن

(1) كذا
331

المتوكل هلك بمكة وترك عليه بقية من كتابته وديونا للناس وترك ابنته فأشكل على عامل مكة القضاء فيه فكتب إليه
عبد الملك ان ابدأ بالناس ثم اقض ما بقي من كتابته ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه - وقال صاحب الاستذكار
محفوظ من وجوه ان ابنته كانت حرة وقال ابن جريج قال لي عمر وبن دينار ما أراه كله الا لابنته وقال أبو عمر ذهب في
ما ذكره البيهقي عن عمرو وقول الشافعي لا ادرى أثبت عنه أم لا الظاهر أنه راجع إلى قول على يعتق عنه بقدر ما أدى -
وهو ثابت عنه ذكره ابن حزم من حديث الشعبي وعكرمة والحكم عنه بطرق جيدة - ثم ذكر البيهقي اثر معاوية وفى طريقه
(رجل عن معبد أن معاوية) إلى آخره - قلت - قد جاء بسند جيد ليس فيه هذا المجهول فقال عبد الرزاق في مصنفه
عن قتادة عن معبد الجهني قال سألني عبد الملك بن مروان عن المكاتب يموت وله ولد أحرار وله مال أكثر مما بقي
فقلت قضى فيها عمر بن الخطاب ومعاوية بقضائين وقضاء معاوية فيها أحب إلى من قضاء عمر قال ولم؟ قلت لان
داود كان خيرا من سليمان ففهمها سليمان قضى عمر أن ماله كله لسيده وقضى معاوية ان سيده يعطى بقية كتابته ثم ما بقي
فهو لولده الأحرار -
332

قال (باب تعجيل الكتابة)
ذكر فيه من طريق يحيى بن بكر حدثني عبد الله بن عبد العزيز الليثي عن سعيد المقبري عن أبيه إلى آخره ثم قال (قال
334

أبو بكر النيسابوري وهو أحد رواته هذا حديث حسن) - قلت - سكت عنه البيهقي وكيف يكون حسنا والليثي المذكور
فيه ذكره الذهبي في كتاب الضعفاء له وقال ضعفوه -
335

قال (باب المكاتب يجوز بيعه في حالين)
ذكر فيه (عن مالك حدثني يحيى بن سعيد عن عمرة ان بريرة جاءت تستعين عائشة) ثم عزاه إلى البخاري ثم قال
336

(أرسله مالك في أكثر الروايات عنه) - قلت - هذا الحديث كله ليس بمرسل بل أوله مرسل وآخره مسند وهو
وقوله قال مالك قال يحيى فزعمت عمرة ان عائشة ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا يمنعك ذلك
إلى آخره ثم ذكر (عن الشافعي أنه قال حديث عمرة عن عائشة أثبت من حديث هشام وأحسبه غلط في قوله واشترطي
لهم الولاء وأحسب ان عائشة كانت شرطت ذلك لهم بغير امره صلى الله عليه وسلم وهي ترى ذلك يجوز فأعلمها انها
ان اعتقتها فالولاء لها وقال لا يمنك عنها ما تقدم من شرطك ولا أرى أمرها تشترط لهم ما لا يجوز) - قلت - سنتكلم
337

على هذا آخر الباب إن شاء الله تعالى ثم ذكر البيهقي من طريق شعبة (سمعت عبد الرحمن بن القاسم سمعت القاسم يحدث
عن عائشة انها أرادت ان تشترى بريرة) إلى آخره ثم (قال رواه مسلم) - قلت - ورواه البخاري أيضا في الهبة
338

عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة - ثم ذكر البيهقي من طريق الأسود عن عائشة وفى آخره (وكان زوجها حرا)
ثم قال (وقد بينا في كتاب النكاح ان ذلك من قول الأسود) - قلت - قد تكلمنا عليه هناك - ثم ذكره من حديث
عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن عائشة وفيه اشتراط أهلها الولاء ثم قال (وهذه الرواية قريبة من رواية هشام)
قلت - في هذه الرواية ان أهلها اشترطوا الولاء وفى رواية هشام انه عليه السلام امر عائشة ان تشترط لهم الولاء فليست
339

بقريبة من رواية هشام بل مخالفة لها ثم ذكر عن الشافعي (أنه قال اشترطي لهم الولاء معناه اشترطي عليهم قال الله
تعالى اولائك لهم اللعنة - أي عليهم) ثم قال البيهقي (وفى صحة هذه اللفظة نظر - قلت - قد ذكر البيهقي حديث هشام
في أول هذا الباب وعزاه إلى الصحيحين وقد ذكرنا فيما تقدم في باب المعسر يستسعى ان ذلك أعلى درجات الصحيح
عندهم وهذه اللفظة مذكورة في حديث هشام كما مر فلا نظر إذا في صحتها كما زعم البيهقي ولو غلط هشام كما زعم
الشافعي أو لا لما خرج الحديث صاحبا الصحيح فالوجه إذا تأويل الحديث كما فعل الشافعي أولا وثانيا لارده والله أعلم -
340

قال (باب الرجل يطأ أمته ثم تلد له)
342

ذكر فيه (عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر أنه نهى عن بيع أمهات الأولاد) إلى آخره ثم قال (هكذا رواية
الجماعة وغلط بعض الرواية عن عبد الله بن دينار فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو وهم لا يحل ذكره) - قلت -
أخرجه الدارقطني في سننه مرفوعا من حديث يونس بن محمد عن عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر
وذكره ابن القطان في باب الأحاديث التي ضعفها عبد الحق وعند ابن القطان انها صحيحة أو حسنة قال ابن القطان وعندي
343

ان الذي يسنده ثقة خير من الذي وقفه ثم ذكر البيهقي حديث (أعتقها ولدها من جهة حسين بن عبد الله وابن أبي حسين كلاهما
عن عكرمة عن ابن عباس) ثم قال (ولحديث عكرمة علة عجيبة) ثم ذكر (عن سعيد بن مسروق عن عكرمة عن عمر قال
أعتقها ولدها وإن كان سقطا) ثم ذكر (عن خصيف عن ابن عباس قال عمر (فذكر نحوه ثم قال (فعاد الحديث إلى
عمر) ثم جعله الصحيح - قلت - هاتان قضيتان مختلفتان لفظا روى عكرمة إحداهما مرفوعة والأخرى موقوعة فلا تغلل
346

إحداهما بالأخرى وقد اخرج الحاكم في المستدرك الرواية المرفوعة وقال صحيح الاسناد ثم ذكر لها متابعة وأخرجه ابن حبان
من حديث أبي عاصم عن أبي بكر النهشلي عن حسين والنهشلي اخرج له مسلم ووثقه جماعة وقد تقدم ذكره في باب من
لم يذكر الرفع الا في الافتتاح - وقد جاء للحديث متابعة من وجه آخر بسند جيد قال ابن حرم روينا من طريق قاسم بن اصبغ
ثنا مصعب بن محمد ثنا عبيد الله بن عمر هو الرق عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال لما ولدت مارية
أم إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها ولدها - ثم قال ابن حزم هذا خبر جيد السند كل رواته ثقة وقال
في كتاب البيوع صحيح السند ثم ذكر البيهقي (ان بعض أصحابهم احتج بحديث الخدري ان رجلا قال يا رسول الله انا
نصيب سبيا فنحب الأثمان فكيف ترى في العزل) الحديث ثم قال (قالوا فلولا ان الاستيلاد يمنع نقل الملك والا لم يكن
لعزلهم محبة للأثمان فائدة) - قلت - سكوت البيهقي عن هذا الاستدلال دليل على رضاه به وقد اعترض عليه صاحب
الاستذكار بان الأمة مجتمعة على أنه لا يجوز بيعها وهي حامل وممكن ان يريدوا تعجيل البيع والفداء وخشوا ان لم يعزلوا
ان يحملن منهم فأرادوا العزل ولم يعرفوا جوازه فسألوه عليه السلام عنه -
347

قال (باب عدة أم الولد)
349

ذكر في آخره عن (جماعة ان المشتراة التي لم تحض تستبرأ بثلاثة أشهر) - قلت - ذكر هذه المسألة في هذا الباب غير مناسب
وقد ذكرها البيهقي فيما تقدم في أواخر أبواب العدة - نجزت هذه الفوائد والله المسؤول ان يجزينا بفضله على أجمل العوائد -
بحمد الله تعالى تم طبع كتاب الجوهر النقي وكان الطبع عن النسخة التي طبعت بهذه المطبعة سنة 1316 وكان طبع تلك الطبعة
عن نسخة خطية في ملك مولانا العلامة محمد أنوار الله ثم قوبلت بعد ذلك بالنسخة المحفوظة في مكتبة رياسة رامفور - وقد
تحرينا في هذه الطبعة زيادة التصحيح بقدر الامكان والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خاتم أنبيائه سيدنا محمد وآله وأصحابه وسلم -
350