الكتاب: الجوهر النقي
المؤلف: المارديني
الجزء: ٨
الوفاة: ٧٥٠
المجموعة: فقه المذهب الحنفي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الفكر
ردمك:
ملاحظات:

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
الجزء الثامن
الجوهر النقي
للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير
بابن التركماني المتوفى سنة خمس وأربعين وسبع مائة
دار الفكر
1

قال (باب من أحق منهما بحسن الصحبة)
ذكر فيه الحديث (أي الناس أحق بحسن الصحبة) من رواية عبد الله بن شبرمة عن أبي زرعة عن أبي هريرة ثم قال
(أخرجاه في الصحيح من حديث ابن شبرمة) - قلت - أراد به عبد الله المذكور أولا وهو لم يحتج به البخاري وإنما اخرج
الحديث من جهة عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة ثم قال عقيبه وقال ابن شبرمة يعنى عبد الله ويحيى بن
أيوب ثنا أبو زرعة فالصواب ان يقال أخرجاه من حديث عمارة بن القعقاع - فان قلت - فلعله مراد البيهقي فان جده
شبرمة فيجوز أن يقال له ابن شبرمة نسبا إلى جده قلنا لم يتقدم لعمارة ذكر في السند فان اراده مع أنه في غاية البعد فقد خالف
الاصطلاح وأحال الطالب على علم الغيب -
2

قال (باب الأبوين إذا افترقا وهما في قرية فالأم أحق
بولدها ما لم تتزوج فإذا بلغ سبع سنين أو ثمان سنين خير)
3

ذكر فيه حديث عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن رافع بن سنان ثم قال (رافع جد عبد الحميد) - قلت - هو جد جده لأنه
عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع كذا ساق نسبه ابن عبد البر وصاحب الكمال وغيرهما واخرج الدارقطني
هذا الحديث ولفظه عن عبد الحميد حدثني أبي عن جد أبيه رافع وفى هذا الحديث أشياء - أولها - ان عبد الحميد متكلم فيه
كان يحيى القطان يضعفه وكان الثوري يحمل عليه ويضعفه كذا في الضعفاء لابن الجوزي - ثانيها - انه مضطرب الاسناد
والمتن قال ابن القطان ورويت القصة من طريق عثمان البتي عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جده ان أبويه اختصما فيه إلى
النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما مسلم والآخر كافر فخيره فتوجه إلى الكافر فقال اللهم اهده فتوجه إلى المؤمن فقضى له به
هكذا ذكره أبو بكر بن أبي شيبة عن إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية عن عثمان البتي وكذا رواه يعقوب الدورقي عن إسماعيل
أيضا ورواه يزيد بن زريع عن عثمان البتي فقال فيه عبد الحميد بن يزيد بن سلمة ان جده أسلم وأبت امرأته ان تسلم وبينهما
ولد صغير فذكر مثله رواه عن يزيد بن زريع يحيى بن عبد الحميد الحماني من رواية ابن أبي خيثمة عنه نقلت جميعها من
كتاب قاسم بن الأصبغ الا ان هذه القصة هكذا يجعل المخير غلاما وجد عبد الحميد بن يزيد بن سلمة (1) وعبد الحميد وأبوه
وجده لا يعرفون انتهى كلامه - وفى مصنف عبد الرزاق انا الثوري عن عثمان البتي عن عبد الحميد الأنصاري عن أبيه عن جده
ان جده أسلم وأبت امرأته ان تسلم فجاء بابن له صغير لم يبلغ فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأب ههنا والام ههنا ثم خيره
وقال اللهم اهده فذهب إلى أبيه وكذا في مسند أحمد وسنن النسائي انه جاء بابن صغير - وذكر ابن الجوزي في جامع المسانيد
أن رواية من روى أنه كان غلاما أصح - وذكر الطحاوي هذا الحديث من وجه آخر وفيه انه عليه السلام قال لهما هل لكما
ان تخيراه فقالا نعم ففيه ان التخيير كان باختيارهما - ثالثها - ان الشافعي وغيره من العلماء لم يقولوا بظاهر هذا الحديث
فان الفطيم لا يطلق على من بلغ سبعا لأنهم كانوا يفطمون لنحو حولين فلا حجة في الحديث في محل النزاع وأيضا لا يصح
اثبات التخيير بهذا الحديث على مذهب الشافعي لان التخيير إنما يكون بين شخصين من أهل الحضانة والام ليست من أهل
الحضانة عنده لأنها كافرة والأب مسلم فكيف يحتج البيهقي بحديث لا يقول امامه بموجبه -

(1) كذا
4

قال (باب ما ورد في التشديد في ضرب المماليك)
10

ذكر فيه من طريق أبى داو حديثا عن عباس الحجري عن ابن عمر ثم قال (وقال اصبغ عن ابن وهب باسناده سمع
عبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عمر أصح) - قلت - ذكره الحافظ المزي في أطرافه في مسند عبد الله بن عمرو وعزاه
إلى أبى داود - وفى تاريخ البخاري عباس الحجري يعد في المصريين سمع عبد الله بن عمرو بن العاص قال رجل للنبي صلى الله
عليه وسلم كم اعفو عن الخادم الحديث -
11

قال (باب حلب الماشية)
ذكر فيه (دع داعى اللبن عن جماعة عن الأعمش عن يعقوب بن بحير عن ضرار) ثم قال (وخالفهم أبو معاوية فرواه عن
الأعمش عن عبد الله بن سنان عن يعقوب عن ضرار) - قلت - ذكره ابن منده في معرفة الصحابة ان الثوري رواه عن
الأعمش عن عبد الله بن سنان عن ضرار ولم يدخل بينهما يعقوب وكذا صاحب الميزان عن أبي حاتم وكذا أخرجه
الطحاوي والحاكم في مستدركه -
14

قال (باب التغليظ على من قتل نفسه)
23

ذكر فآخره حديث جرير (عن الحسن بن جندب قال عليه السلام كان فيمن قبلكم رجل) الحديث ثم قال (أخرجه
البخاري في الصحيح فقال وقال حجاج بن منهال عن جرير) - قلت - أخرجه البخاري في ذكر بني إسرائيل متصلا عن
محمد عن حجاج بسنده -
24

قال (باب فيمن لا قصاص بينه باختلاف الدين)
(قال الله تعالى - يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص - إلى قوله - فمن عفى له من أخيه شئ) - قلت - هذه الآية حجة
لخصمه لان عموم القتل يشمل المؤمن والكافر خوطب المؤمنون بوجوب القصاص في عموم القتلى وكذا قوله (الحر بالحر)
يشملها بعمومه والمراد بقوله تعالى (فمن عفى له من أخيه) الاخوة في الجنسية كقوله تعالى (كذبت عاد المرسلين إذا قال لهم
28

أخوهم هود) لم يرد الاخوة في الدين ولو سلمنا ان المراد بالآية الأولى الاخوة في الدين نقول يجوز أن يتقدم لفظ عام
ثم يعطف عليه خاص كقوله تعالى (ووصينا الانسان بوالديه) يعم الوالدين المسلمين والكافرين ثم قوله تعالى (وان جاهداك
لتشرك بي) خاص في الكافرين وقد تقدم مثل هذا البحث قريبا في باب لا نفقة للمبتوتة -
29

قال (باب بيان ضعف الخبر الذي روى)
(في قتل المؤمن بالكافر)
30

ذكر فيه حديث ربيعة عن ابن البيلماني مرسلا ثم ذكر (عن أبي عبيد قال بلغني عن ابن أبي يحيى أنه قال إنا حدثت ربيعة
به فإنما دار على ابن أبي يحيى عن ابن البيلماني) - قلت - خرجه أبو داود في كتاب المراسيل بسند رجاله ثقات عن ربيعة
عن عبد الرحمن بن البيلماني حدثه انه عليه السلام الحديث فقد صرح في هذه الرواية بان ابن البيلماني حدث ربيعة وخرج
ابن أبي يحيى من الوسط ولم يدر الحديث عليه وما ذكره أبو عبيد بلاغ لم يذكر من بلغه لينظر في امره - وقد روى
الحديث مرسلا من وجه آخر - أخرجه أبو داود في المراسيل بسنده عن عبد الله بن عبد العزيز الحضرمي قال قتل رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم حنين مسلما بكافر وأخرجه الطحاوي من وجه آخر مرسلا من حديث محمد بن المنكدر عن النبي
31

صلى الله عليه وسلم - وذكره ابن حزم ولم يعبه بغير الارسال - ثم ذكر البيهقي (ان رجلا من بكر قتل رجلا من أهل
الحيرة فكتب عمران يدفع إلى أولياء المقتول فان شاؤوا قتلوا وان شاؤوا عفوا فدفع إلى رجل يقال له حنين فقتله فكتب
عمر بعد ذلك إن كان الرجل لم يقتل فلا يقتلوه فرأوا ان عمر أراد أن يرضيهم من الدية - قال الشافعي الذي رجع إليه أولى
ولعله أراد أن يخيفه بالقتل ولا يقتله) - قلت - ارضاؤهم من الدية لا ينافي وجوب القتل إذا مع وجوبه للولي ان يعفو
ويأخذ الدية كما حكى البيهقي فيما تقدم في باب ايجاب القصاص في العمد عن أبي العالية في قوله تعالى (ذلك تخفيف من
ربكم) يقول حين أطعمتم الدية ولم تحل لأهل التوراة إنما هو قصاص أو عفو وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو ليس غيره فجعل
لهذه الأمة القود والدية والعفو وإذا فهموا من قول عمر لا تقتلوه لعلهم يرضون بالدية لم يكن ذلك رجوعا منه عن وجوب
القتل وكيف يظن بعمر أنه يخيرهم في قتله أو العفو ثم لا يريد القتل بل التخويف ومن أين يفهم الأولياء هذا المراد من
قول عمر فان شاؤوا قتلوا بلى الذي فهموا منه إباحة القتل ولهذا قتل وكيف يحل له إرادة التخويف فيتلفظ بلفظ يفهم منه
القتل لا التخويف به هذا لا يظن به ثم ذكر البيهقي (ان الشافعي قيل له ثبت عندكم عن عمر من هذا شئ فقال ولا حرف
32

وهذه الأحاديث منقطعات أو ضعاف أو تجمع الانقطاع والضعف) - قلت - المنقطع إذا روى من وجه آخر منقطعا
كان حجة عند الشافعي وقد روى عن النزال بن سبرة ان رجلا مسلما قتل رجلا من أهل الجزية فكتب عمر بأن يقاد به ثم
كتب كتابا بعده ان لا تقتلوه ولكن اعقلوه ذكره ابن أبي شيبة وصححه ابن حزم - ثم ذكر البيهقي من طريق عبد الرزاق
عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر - إلى آخره ثم قال (موصول) - قلت - ذكره عبد الرزاق في مصنفه وزاد
في آخره قال الزهري وقتل خالد بن المهاجر هو ابن خالد بن الوليد رجلا ذميا في زمن معاوية فلم يقتله به وغلظ عليه الدية
ألف دينار - ثم ذكره عن ابن جريج أخبرني ابن شهاب عن عثمان ومعاوية مثله قال ابن حزم هذا في غاية الصحة عن
عثمان ولا يصح في هذا شئ غير هذا عن أحد من الصحابة الا ما ذكرنا عن عمر من طريق النزال - ثم ذكر البيهقي (عن الشافعي
انا محمد بن الحسن انا محمد بن يزيد انا سفيان بن حسين عن الزهري ان ابن شاس قتل رجلا من أنباط الشام فرفع إلى عثمان) إلى
آخره ثم قال (قال الشافعي هذا حديث من يجهل) - قلت - ابن يزيد هو الكلاعي الواسطي وثقه ابن معين وأبو داود
وقال ابن حنبل كان ثبتا في الحديث فلا ادرى من الذي يجهل من هؤلاء وكان الوجه ان يرده الشافعي بالانقطاع بين الزهري
وعثمان - وقد ذكر البيهقي فيما بعد في باب دية أهل الذمة اثرا عن عثمان ثم قال (وقد روى عن عثمان خلاف هذا باسنادين)
33

أحدهما غير محفوظ والآخر منقطع وقد ذكرناهما في باب لا يقتل مؤمن بكافر) انتهى كلامه وكأنه يشير بالمنقطع إلى هذا
الأثر الذي رواه الزهري ثم ذكر البيهقي اثرا عن علي فضعف سنده - قلت - روى عن الحكم بن عتيبة ان علي بن أبي طالب
وابن مسعود قالا من قتل يهوديا أو نصرانيا قتل به - قال ابن حزم هو مرسل وصح عن عمر بن عبد العزيز كما روينا من
طريق عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن ميمون قال شهدت كتاب عمر بن عبد العزيز إلى بعض أمرائه في مسلم قتل ذميا
فأمره ان يدفعه إلى وليه فان شاء قتله وان شاء عفا عنه قال عمرو فدفع إليه فضرب عنقه وانا انظر - وصح أيضا عن إبراهيم
النخعي قال يقتل المسلم الحر باليهودي والنصراني - وروى عن الشعبي مثله وهو قول ابن أبي ليل وعثمان البتي انتهى كلامه
وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح ان رجلا من النبط عدا عليه رجل من أهل المدينة فقتله قتل غيلة فاتى به أبان بن عثمان
وهو إذ ذاك على المدينة فامر بالمسلم الذي قتل الذمي ان يقتل، وابان معدود من فقهاء المدينة قال عمرو بن شعيب ما رأيت
أحدا اعلم بحديث ولا فقه منه -
قال (باب لا يقتل حر بعبد)
ذكر فيه حديث على (من السنة ان لا يقتل حر بعبد) - قلت - ذكر البيهقي في كتاب المعرفة ان جابر الجعفي تفرد به وفى
34

باب النهى عن الإمامة جالسا في هذا الكتاب (عن الدارقطني انه متروك) وفى الاستذكار اتفق أبو حنيفة وأصحابه
والثوري وابن أبي ليلى وداود على أن الحر يقتل بالعبد وروى ذلك عن علي وابن مسعود وبه قال ابن المسيب والنخعي
وقتادة والحكم -
قال (باب ما روى فيمن قتل عبده)
ذكر فيه حديثا عن الحسن عن سمرة ثم قال (ذهب بعضهم إلى أنه لم يسمع منه غير حديث العقيقة) - قلت - وذكر في
35

باب النهى عن بيع الحيوان بالحيوان (ان أكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة في غير حديث العقيقة) وفى
الاستذكار قال الترمذي سألت البخاري عن هذا الحديث فقال كان ابن المديني يقول به وانا اذهب إليه وسماع الحسن من
سمرة عندي صحيح - ثم ذكر البيهقي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من وجوه ثم قال (أسانيد هذه الأحاديث ضعيفة)
36

قلت - قد جاء حديث عمرو من وجه جيد ذكر عبد الرزاق في مصنفه عن معمر وابن جريج عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن زنباعا وجد غلاما له مع جاريته فقطع ذكره وجدع انفه فأتى العبد النبي صلى الله عليه
وسلم فذكر ذلك له فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما حملك على ما فعلت قال فعل كذا وكذا فقال صلى الله عليه وسلم
اذهب فأنت حر - قال عبد الرزاق وسمعت انا محمد بن عبيد الله العرزمي يحدث به عن عمرو بن شعيب -
قال (باب العبد يقتل فيه قيمته)
ذكر فيه اثرا عن عمر وعلى ثم قال (اسناد صحيح) - قلت - في سنده هشيم وهو مدلس وقد قال عن سعيد بن أبي عروبة
وسعيد قد اختلط آخرا -
37

قال (باب القود بين الرجال والنساء)
(قال البخاري في الترجمة يذكر عن عمر تقاد المرأة من الرجل في كل عمد يبلغ نفسه فما دونها وبه قال عمر بن عبد العزيز) ثم
قال البيهقي (اما الرواية في ذلك عن العمرين فقد مضت عن عبد العزيز بن عمر أن في كتاب لعمر بن عبد العزيز أن عمر
قال يقاد المملوك من المملوك في كل عمد يبلغ نفسه فما دون ذلك) - قلت - هما أمران مختلفان الذي حكاه البخاري عن عمر
في القود بين الرجل والمرأة والذي ذكره عمر بن عبد العزيز في القود بين العبيد فكيف يقول البيهقي اما الرواية في ذلك
عن العمرين - ثم ذكر البيهقي حديث انس في كسر الثنية من رواية ثابت عن انس ثم قال (خالفه حميد عن انس) ثم قال
(وثابت احفظ ويحتمل انهما قصتان وهو الأظهر) - قلت - كونهما قصتين في غاية البعد والصواب الترجيح ومقصود
البيهقي بقوله (وثابت احفظ) ترجيح روايته على رواية حميد وكيف تترجح روايته والراوي عنه حماد هو ابن سلمة
39

ولم يحتج به البخاري وتكلموا فيه قال البيهقي في باب من مر بحائط انسان (ليس بالقوى) وقال في باب من صلى وفى ثوبه
أو نعله اذى (حماد بن سلمة مختلف في عدالته) وقال في أبواب زكاة الإبل (ساء حفظه في آخر عمره فالحفاظ لا يحتجون
بما يخالف فيه) فظهر من هذا ان رواية حميد أرجح من رواية ثابت ولهذا أخرجها البخاري دون رواية ثابت وفى شرح
مسلم للنووي قال العلماء المعروف في الروايات رواية البخاري - ثم ذكر البيهقي (عن أبي الزناد عن الفقهاء السبعة انهم
كانوا يقولون المرأة تقاد من الرجل) إلى آخره ثم قال البيهقي (ورويناه عن الزهري وغيره) - قلت - قد جاء عن
الزهري خلاف ذلك قال لا يقص للمرأة من زوجها ذكره ابن أبي شيبة بسند صحيح وفى موطأ مالك سمع ابن شهاب يقول
مضت السنة ان الرجل إذا أصاب امرأته بجرح ان عليه عقل ذلك الجرح ولا يقاد منه - والمراد بذلك ما دون النفس
إذ لو قتلها قتل اجماعا حكاه غير واحد من العلماء ولابن أبي شيبة بسند صحيح عن الحسن في رجل لطم امرأته فاتت تطلب
القصاص فجعل النبي صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص فأنزل الله تعالى (ولا تعجل بالقرآن من قبل ان يقضى إليك وحيه) -
ونزلت (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) وله أيضا بسند صحيح عن محمد بن زياد هو الألهاني قال
كانت جدتي أم ولد عثمان بن مظعون فلما مات جرحها ابن له فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب فقال له عمر أعطها أرشا
بما صنعت بها - وذكر البيهقي هذا الأثر بعد في باب عتق أمهات الأولاد -
40

قال (باب عمد القتل بالحجر)
42

ذكر فيه حديث حمل من طريق ابن عباس (ان عمر سأل الناس) إلى آخره ثم قال (اسناد صحيح) ثم قال (الا ان فيه زيادة
لم أجدها في شئ من طريق هذا الحديث وهي قتل المرأة بالمرأة وفى حديث عكرمة عن ابن عباس موصولا وحديث
ابن طاوس عن أبيه مرسلا وحديث جابر وأبي هريرة موصولا ثابتا انه قضى بديتها على العاقلة) - قلت - لهذا الحديث
سند صحيح ذكره البيهقي فيما بعد في باب دية الجنين واما السند المذكور في هذا الباب ففي صحته نظر لان فيه عبد الملك
43

أبو قلابة الرقاشي متكلم فيه قال الدارقطني كثير الخطأ في الأسانيد والمتون كان يحدث من حفظه فكثرت الا وهام منه
انتهى كلامه ولهذا لم يخرج له في الصحيحين شئ وإذا كان الصواب في هذه القضية القضاء بالدية لا القود كما هو المفهوم
من كلام البيهقي وقد قتلها بحجر أو عمود فسطاط كما ثبت في الصحيح والا ظهر أن مثل هذا القتل إنما يكون بآلة قاتلة دل
هذا الحديث على أن القتل بما يقتل غالبا ولا يقاس منه شبه عمد لا عمد فهو حجة على البيهقي وامامه ومخالف لمقصود البيهقي -
قال (باب شبه العمد)
ذكر فيه حديث علي بن زيد بن جدعان عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر ثم ذكر (ان المزني احتج به فقال عراقي أيحتج
44

بابن جدعان فقال محمد بن إسحاق بن خزيمة قد روى هذا الحديث غيره وهو أيوب السختياني وخالد الحذاء) - قلت - ظاهر
كلامه انهما روياه من الوجه الذي رواه ابن جدعان وليس كذلك لأنه رواه عن القاسم عن ابن عمر، وأيوب رواه عنه
عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وخالد رواه تارة عنه عن عقبة بن أوس عن رجل من الصحابة وتارة رواه عنه عن عقبة
ابن أوس عن عبد الله بن عمرو كما بينه البيهقي بعد في هذا الباب - ثم ذكر البيهقي حديث (من ضرب بسوط ظلما اقتص
منه يوم القيامة) - قلت - هذا الحديث غير مناسب للباب وأيضا فان أحكام الدنيا لا تؤخذ من أحوال الآخرة -
45

قال (باب الحال التي إذا قتل الرجل أقيد منه)
ذكر فيه حديث مقتل عمر رضي الله عنه - قلت - في هذا الحديث ان أبا لؤلؤة نحر نفسه وليس فيه انه أقيد منه فلا ادرى
ما مناسبته للتبويب -
47

قال (باب الرجل يحبس الرجل للاخر فيقتله)
ذكر فيه حديثا عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر ثم قال (غير محفوظ) ثم ذكره عن إسماعيل مرسلا وذكر (أنه
الصواب) - قلت - صحيح ابن القطان رفعه وقال إسماعيل من الثقات فلا يعد رفعه مرة وارساله أخرى اضطرابا إذ يجوز
للحافظ ان يرسل الحديث عند المذاكرة فإذا أراد التحميل أسنده -
50

قال (باب الخيار في القصاص)
51

ذكر فيه عن جماعة في قوله تعالى (ذلك تخفيف من ربكم) - (انه رخص لامة محمد صلى الله عليه وسلم ان شاء قتل وان شاء
اخذ الدية وان شاء عفا) ثم ذكر حديث أبي شريح (فهو بالخيار بين ان يقتص أو يعفو أو يأخذ العقل) ثم ذكر قوله عليه
52

السلام لولى المقتول (أتعفو قال لا قال فتأخذ الدية قال لا) - قلت - في هذا كله ان العفو قسيم لاخذ الدية فدل على أنهم
إذا عفوا لا يأخذون الدية الا بالاشتراط وحكى الطحاوي في أحكام القرآن عن الشافعي قال بالعفو يستحق اخذ الدية
اشترط ذلك في عفوه أم لا -
قال (باب من قال موجب العمد القود)
ذكر فيه حديث ابن عباس (من قتل في عمية) - قلت - قد ذكر البيهقي فيما مضى في باب شبه العمد (ان هذا الحديث
أرسله بعضهم ووصله بعضهم) فكان الوجه الاستدلال بما في الصحيحين من قوله عليه السلام في قصة الربيع كتاب الله
القصاص - قال صاحب الاستذكار واليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن شبرمة والحسن بن حي وهو الأظهر من
مذهب مالك -
53

قال (باب الترغيب في العفو)
54

ذكر في آخره حديثا (عن أبي السفر قال أبو الدرداء) الحديث ثم ذكر حديثا (عن الشعبي قال عبادة بن الصامت سمعته عليه
السلام يقول من أصيب بجسده بقدر نصف ديته فعفا) الحديث ثم قال (كلاهما منقطع) - قلت - عبادة توفى سنة أربع
وثلاثين والشعبي ولد سنة تسع عشرة فلقاؤه لعبادة ممكن وقد خرج النسائي هذا الحديث عن الشعبي عن عبادة فتحمل
عنعنته على الاتصال على رأى مسلم وغيره -
56

قال (باب من قال يقتص الكبار قبل بلوغ الصغار)
ذكر فيه قتل الحسن بن علي لابن ملجم قال (قال بعض أصحابنا إنما استبد بقتله قبل بلوغ الصغار من ولد على لأنه قتله حدا
لكفره لا قصاصا) - قلت - ذكر البيهقي فيما بعد في باب الرجل يقتل واحدا من المسلمين على التأويل (عن الشافعي قال إن
ا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه ان عليا قال في ابن ملجم بعدما ضربه أطعموه اسقوه وأحسنوا اساره فان
عشت فانا ولى دمى أعفو ان شئت وان شئت استقدت وان مت فقتلتموه فلا تمثلوا) وقال القدوري في التجريد لو كان
مرتدا لجازت المثلة به وأيضا ما كان على يقف قتله على شرط الموت ولو قتل لسعيه في الأرض بالفساد لم يجز العفو عنه وقال
محمد بن جرير الطبري في التهذيب أهل السير لا تدافع عنهم ان عليا أمر بقتل قاتله قصاصا ونهى ان يمثل به ولا خلاف بين
أحد من الأمة ان ابن ملجم قتل عليا متأولا مجتهدا مقدرا على أنه على صواب وفى ذلك يقول عمران بن حطان -
58

(شعر)
يا ضربة من تقى ما أراد بها * الا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
انى لأفكر فيه ثم احسبه * أوفى البرية عند الله ميزانا
وذكر صاحب الاستيعاب ان ابن ملجم قال الشبيب الأشجعي هل لك ان تساعدني على قتل على فقال ويلك انه ذو سابقة في
الاسلام فقال ابن ملجم انه حكم الرجال في دين الله وقتل إخواننا الصالحين وانه ضربه على رأسه وقال الحكم لله يا علي لا لك
ولا لأصحابك انتهى كلامه وهذا أيضا يدل على أنه كان مسلما متأولا وذكر ابن قتيبة في كتاب السياسة ان ابن ملجم دخل
المسجد في فروع الفجر الأول فدخل في الصلاة تطوعا ثم افتتح القراءة فجعل يكرر هذه الآية (ومن الناس من يشرى نفسه
ابتغاء) فاقبل على وبيده محسر (1) يوقظ الناس للصلاة فمر بابن ملجم وهو يردد الآية فظن أنه تعيا فيها ففتح له (والله رؤوف
بالعباد) ثم انصرف على فتبعه فضربه على قرنه فقال على احبسوه ثلاثا وأطعموه واسقوه فان أعش أرى فيه رأيي وان
أمت فاقتلوه ولا تمثلوا به فمات وأخذه عبد الله بن جعفر فقطع يده ورجليه فلم يجزع وأرادوا قطع لسانه فجزع فقيل له
ما هذا الجزع على لسانك وحده قال إني اكره ان تمر بي ساعة من نهار لا اذكر الله فيها ثم قطعوا لسانه وضربوا عنقه -
قال (باب عفو بعض الأولياء)
ذكر فيه حديث (على المقتتلين ان ينحجزوا الأول فالأول وإن كانت امرأة) ثم ذكر (عن أبي عبيد قال وذلك أن يقتل

(1) كذا
59

القتيل وله ورثة رجال ونساء فأيهم عفا عن دمه من رجل وامرأة فعفوه جائز لان قوله ينحجزوا يعنى يكفوا عن القود)
قلت - ذكر الطحاوي انه سأل عن تفسير هذا الخبر أحمد بن أبي عمران والمزني فقال ابن أبي عمران هذا يخرج منه
جواز عفو النساء عن الدم وقال المزني معناه القتال في غير الحق ورد ابن حزم قول ابن أبي عمران وقال لا يفهم أحد من
هذا أنه يجوز عفو النساء عن الدم أولا وقال كلام المزني صحيح لا يجوز لاحد أن يقول غيره وهو مقتضى الخبر ومفهومه
وهو انه يجب على المقتتلين ان ينحجز بعضهم عن بعض فلا يقتتلون وان يبدأ بالانحجاز الأول فالأول لان الأولين
يتصادمون قبل من خلفهم فالانحجاز فرض على الأول فالأول ولو أنه امرأة لحرمة القتال -
60

قال (باب ما روى في أن لا قود الا بحديدة)
ذكر فيه حديث قيس (عن جابر الجعفي عن أبي عازب عن النعمان بن بشير عنه عليه السلام قال لا قود الا بحديدة) ثم قال
(كذا اتى به قيس بن الربيع ورواه الثوري عن جابر على اللفظ الذي مضى في باب شبه العمد) ثم ذكره من وجوه
62

ثم قال في آخر الباب (لم يثبت له اسناد وجابر بن يزيد الجعفي مطعون) - قلت - الجعفي وان طعن فيه قال وكيع مهما
شككتم في شئ فلا تشكوا في أن جابرا ثقة وقال شعبة هو صدوق في الحديث وقال الثوري لشعبة لئن تكلمت في جابر
لا تكلمن فيك وفى الكاشف للذهبي ان ابن حبان اخرج له في صحيحه وبقى في السند قيس بن الربيع سكت عنه البيهقي هنا
وقال في باب من زرع ارض غيره بغير اذنه (ضعيف عند أهل العلم بالحديث) انتهى كلامه وفيه نظر فقد قال عفان كان
قيس ثقة يوثقه الثوري وشعبة وقال شعبة سمعت أبا حصين يثنى عليه وقال أبو داود سمعت شعبة يقول عليك به وقال
أبو داود الطيالسي هو ثقة حسن الحديث وقال معاذ العنبري قال لي عبد الله بن عثمان حيث لقيت قيسا لا تبال ان لا تلقى
سفيان وقال سفيان بن عيينة ما أدركت بالكوفة أحسن حديثا منه وقال ابن عدي عامة رواياته مستقيمة والقول فيه ما قال
شعبة وانه لا بأس به وقد اخرج ابن ماجة في سننه عن إبراهيم بن المستمر عن أبي عاصم النبيل عن سفيان الثوري عن
جابر الجعفي عن أبي عازب عن النعمان بن بشير عنه عليه السلام قال لا قود الا بالسيف فقد تابع الثوري قيس بن الربيع على
رواية هذا الحديث وقول البيهقي ورواه الثوري عن جابر على اللفظ الذي مضى في باب شبه العمد فيه نظر من وجهين
أحدهما - ان هذا اللفظ لم يذكره البيهقي في باب شبه العمد وإنما ذكره قبله ببابين فقال (جماع أبواب صفة قتل العمد وشبه
العمد - باب عمد القتل بالسيف) ثم ذكر الرواية المذكورة - الثاني - ان لفظها كل شئ خطأ الا السيف ولكل خطأ أرش
وهذا اللفظ مخالف لحديث هذا الباب في اللفظ والمعنى فكيف يقول البيهقي (ورواه الثوري) ولو ذكر اللفظ الذي
ذكره ابن ماجة من رواية الثوري عن جابر لكان هو الوجه - وقال ابن ماجة أيضا ثنا إبراهيم بن المستمر ثنا الحر بن مالك
العنبري ثنا مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قود الا بالسيف - وهذا
شاهد لحديث النعمان وسنده جيد ابن المستمر صدوق كذا قال النسائي والحر قال ابن أبي حاتم في كتابه سألت أبى عنه
فقال صدوق لا بأس والمبارك وان تكلم فيه فقد اخرج له البخاري في التابعات في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يخوف
الله عباده بالكسوف واخرج له ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك ووثقه وقال عفان كان ثقة وكان وكان ووثقه
ابن معين مرة وضعفه أخرى وكان يحيى القطان يحسن الثناء عليه - فهذا الحديث قد روى من وجوه كثيرة يشهد بعضها لبعض
63

فأقل أحواله أن يكون حسنا وبه قال النخعي والشعبي والحسن وأبو حنيفة وأصحابه -
قال (باب القصاص فيما دون النفس)
ذكره في آخره حديث كسر الثنية - قلت - بعض الكلام عليه في باب القود بين الرجال والنساء -
قال (باب ما لا قصاص فيه)
64

ذكر فيه من حديث أبي يعلى ثنا أبو كريب ثنا رشدين بن سعد عن معاذ بن محمد إلى آخره - قلت - ذكر أبو يعلى الموصلي
هذا الحديث في مسنده وادخل بين رشدين ومعاذ معاوية وكذا أخرجه ابن ماجة في سننه ومحمد بن جرير الطبري في
التهذيب الا انهما قالا معاوية بن صالح - ثم ذكر حديثا من رواية أبى بكر بن عياش عن دهثم حدثني نمران بن جارية عن
أبيه إلى آخره - قلت - أخرجه ابن ماجة في سننه عن عمار بن خالد الواسطي عن أبن عياش بسنده وعمار قال ابن أبي حاتم
65

كتبت عنه مع أبي بواسط وكان ثقة صدوقا ودهثم متكلم فيه وذكره ابن حبان في الثقات وفى الكاشف للذهبي نمران
وثق -
قال (باب ما جاء في الاستئناء بالقصاص)
ذكر فيه حديثا (عن أبي بكر وعثمان ابني أبى شيبة عن ابن علية عن أيوب عن عمرو عن جابر) ثم ذكر (عن الدارقطني أنه قال
أخطأ ابنا أبى شيبة فيه وخالفهما احمد وغيره فرووه عن ابن علية مرسلا من حديث عمرو) - قلت - ابنا أبى شيبة
امامان حافظان وقد زاد الرفع فوجب قبوله على ما عرف قال عمرو بن علي ما رأيت احفظ من أبى بكر بن أبي شيبة وكذا
66

قال أبو زرعة وقال ابن عدي سمعت ابن عرفة يقول سمعت ابن خراش يقول سمعت أبا زرعة الرازي يقول ما رأيت احفظ
من أبى بكر بن أبي شيبة فقلت يا أبا زرعة فأصحابنا البغداديون فقال أصحابك أصحاب مخاريق ما رأيت احفظ من أبى بكر
ابن أبي شيبة وقال ابن معين ابنا أبى شيبة ليس فيهما شك ولهذا صحح ابن حزم هذا الحديث من هذا الوجه ثم على تقدير
تسليم ان الحديث مرسل فقد روى مرسلا ومسندا من وجه قال الحازمي قد روى هذا الحديث عن جابر من غير وجه
وإذا اجتمعت هذه الطرق قوى الاحتجاج بها - ثم ذكر البيهقي الحديث من جهة محمد بن حمران عن ابن جريج عن عمرو
ابن شعيب عن أبيه عن جده ثم قال (وكذلك رواه مسلم بن خالد عن ابن جريج) - قلت - محمد بن حمران لا بأس به كذا
قال ابن عدي ومسلم بن خالد وان تكلموا فيه فقد وثقه ابن معين وغيره واخرج له الحاكم في المستدرك وابن حبان في
صحيحه وذكر الحازمي حديث ابن ركانة الذي ذكره البيهقي في هذا الباب ثم قال في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص
ما يدل على أن هذا الحكم منسوخ وإنما أقاد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القضية حسب ولم يقد بعد ذلك ثم ذكر حديث
عمرو بن شعيب المذكور ثم قال روى عن ابن جريج من غير وجه فان صح سماع ابن جريج من عمرو بن شعيب فهو حديث
حسن يقوى الاحتجاج به لمن يرى الحكم الأول منسوخا واخرج الطحاوي بسند جيد عن الشعبي عن جابر عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ وفى مصنف عبد الرزاق عن الثوري عن حميد الأعرج ان رجلا وجاء رجلا
بقرن في فخذه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يطلب إليه ان يقيده فقال صلى الله عليه وسلم حتى يبرأ فأبى الا ان يقيد فأقاد فشلت
رجله بعد فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما أرى لك شيئا قد اخذت حقك - وفى الاستذكار روى الثوري عن عيسى
ابن المغيرة عن بديل بن وهب أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى طريف بن ربيعة وكان قاضيا بالشام ان صفوان بن المعطل
ضرب حسان بالسيف فجاءت الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا القود فقال تنتظرون فان يبرأ صاحبكم تقتصوا
وان يمت نقدكم فعوفي حسان فقال الأنصار قد علمتم ان هوى النبي صلى الله عليه وسلم في العفو فعفوا - فهذا امر قد روى من
67

عدة طرق يشد بعضها بعضا قال الطحاوي من خالف هذا الحديث فقد خالف كل من تقدم من العلماء وفى الاستذكار
أكثر أهل العلم مالك وأبو حنيفة وأصحابهما وسائر الكوفيين والمدنيين على أنه لا يقتص من جرح ولا يودى حتى يبرأ -
68

قلت في الاستذكار قال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما وابن أبي ليلى القتل في الحل والحرم والشهر الحرام وغيره سواء
وهو قول ابن المسيب وعروة وسليمان بن يسار وأبى بكر بن عبد الرحمن وخارجة وعبيد الله بن عبد الله لأنه عليه السلام
لم يوقت في الديات شيئا من ذلك وأجمعوا أن الكفارة على من قتل في الشهر الحرام وغيره سواء فالقياس أن تكون الدية
كذلك -
71

قال (باب من قال هي أخماس)
74

ذكر فيه من طريق أبى داود حديث خشف ثم قال (قال أبو داود وهو قول عبد الله) ثم قال البيهقي (يعنى إنما روى من
قول عبد الله موقوفا غير مرفوع) - قلت لا يفهم هذا من كلام أبى داود بل المفهوم من كلامه انه اخرج الحديث
وسكت عنه ثم أفاد انه قول عبد الله أيضا وفى الاستذكار هو قول أبي حنيفة وأصحابه وابن حنبل وفى أحكام القرآن
للرازي لم يرو عن أحد من الصحابة ممن قال بالأخماس خلافه وقول الشافعي لم يرو عن أحد من الصحابة ثم حكى البيهقي
(عن الدارقطني أنه قال خشف مجهول) - قلت - وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات من التابعين -
75

قال (باب اعواز الإبل)
76

ذكر في اخره (عن الشافعي قال الدية لا تقوم الا بالدنانير والدراهم كما لا يقوم غيرها الا بهما) قال البيهقي (ويحتمل ان
عمر قومها بغير الدراهم والدنانير برضى الجاني وولى الجناية) وعلى هذا حمل البيهقي قضاءه عليه السلام على أهل الإبل
مائة وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألف شاة - قلت - وذكر البيهقي في الخلافيات ان القول الجديد للشافعي
ان الأصل في الدية الإبل وحدها ولا يجوز العدول عنها مع وجودها إلى غيرها وفى الاستذكار قال الشافعي بمصر لا يؤخذ
من الذهب والورق الا قيمة الإبل بالغا ما بلغت وقال مالك وأبو حنيفة والليث لا يؤخذ في الدية الا الإبل أو الذهب
أو الورق وهو قول الشافعي بالعراق وقال أبو يوسف ومحمد يؤخذ أيضا البقر والشاء والحلل -
قال (باب تقدير البدل باثني عشر ألف درهم أو بألف دينار
ذكر فيه حديث محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس - قلت - محمد هو الطائفي ضعفه ابن حنبل
وقد رواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة عنه عليه السلام لم يذكر ابن عباس كذا قال أبو داود وقال ابن معين ابن عيينة أثبت
78

من الطائفي في عمرو بن دينار وأوثق منه ولهذا قال عبد الحق المرسل أحق من المسند - ثم ذكره البيهقي من طريق محمد
ابن ميمون عن ابن عيينة بسنده المذكور بذكر ابن عباس ثم ذكر (أنه قال كذلك مرة واحدة وأكثر ذلك كأن يقول
عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم) - قلت - أخرجه النسائي عن ابن ميمون بسنده عن عكرمة سمعناه مرة يقول عن
ابن عباس انه عليه السلام قضى باثني عشر ألفا يعنى في الدية ثم قال النسائي ابن ميمون ليس بالقوى والصواب مرسل وقال
ابن حزم قوله يعنى في الدية ليس من كلامه عليه السلام ولا في الخبر بيان انه من قول ابن عباس وقد يقضى عليه السلام بذلك
في دين أو دية بالتراضي ورواه مشاهير أصحاب ابن عيينة لم يذكروا فيه ابن عباس كما رويناه من طريق عبد الرزاق عن
ابن عيينة فذكره عن عكرمة مرسلا وأخرجه الترمذي من طريق ابن عيينة بسنده ولم يذكر ابن عباس ثم قال لا نعلم أحدا
يذكر في هذا الحديث عن ابن عباس غير محمد بن مسلم - ثم ذكر البيهقي كتابه عليه السلام في الديات - قلت - قد تكلمنا عليه
في الزكاة ثم ذكر حديثا في سنده موسى بن خلف - قلت - ذكره ابن حبان فقال كثرت روايته للمناكير فاستحق الترك -
قال (باب ما روى فيه عن عمر وعثمان سوى ما مضى)
79

ذكر فيه اختلافا عن عمر ثم قال (الرواية فيه عن عمر منقطعة) - قلت - روى وكيع عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن عبيدة
السلماني قال وضع عمر بن الخطاب على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم - وفى المحلى روينا
من طريق حماد بن سلمة عن حميد قال كتب عمر بن عبد العزيز في الدية عشرة آلاف درهم وقال ابن المنذر هو قول
أبي حنيفة وأصحابه والثوري وأبى ثور وفى التجريد للقدوري لا خلاف في أن الدية ألف دينار وكل دينار عشرة دراهم
ولهذا جعل نصاب الذهب عشرين دينارا ونصاب الورق مائتي درهم -
80

قال (باب ما دون الموضحة)
ذكر فيه اثرا عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ثم ذكر (ان عبد الرزاق قال لمالك حدثني به فأبى وقال العمل عندنا
83

على غيره ورجله عندنا ليس هناك يعنى ابن قسيط) - قلت - في كونه هو المراد نظر وذكر الطحاوي في كتاب الرد على
الكرابيسي ان المراد غيره فاخرج في الكتاب المذكور عن النسائي قال قرئ على الحارث بن مسكين وانا اسمع عن
عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الرحمن بن أشرس عن مالك عن رجل عن يزيد بن عبد الله بن قسيط فذكره ثم قال الطحاوي
ما ملخصه فعقلنا بذلك ان مالكا لم يسمع من ابن قسيط وان مبلغه عنه الذي لم يسمه ليس هناك أي ليس موضعا لقبول
روايته لا انه أراد بقوله ليس هناك ابن قسيط انتهى كلامه وهذا أولى لان ابن قسيط من الثقات الذين اخرج لهم الشيخان
وغيرهما وقال ابن سعد ثقة كثير الحديث وقال صاحب التمهيد كان من سكان المدينة ومعدودا في علمائها وثقاتها وفقهائها
زاد في الاستذكار ممن لقى ابن عمر وأبا هريرة وأبا رافع وروى عنهم وما كان مالك ليقول فيه ما ظن عبد الرزاق لأنه
قد احتج به في مواضع من كتابه وإنما قال مالك ذلك في الرجل الذي كتم اسمه الذي حدثه به عن ابن قسيط - ثم ذكر البيهقي
اثرا فيه محمد بن راشد فقال فيه (وان كنا نروي حديثه لرواية الكبار عنه فليس ممن تقوم الحجة بما ينفرد به) - قلت - الان
القول فيه جدا كما ترى وأطلق عليه الضعف في باب الحيض على الحمل وقال فيما مضى قريبا في باب الدية أرباع (ضعيف
عند أهل العلم بالحديث) -
84

قال (باب دية أشفار العين)
قلت - الأشفار حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر وأراد بها البيهقي نفس الأجفان وكذا فعل الشافعي في الام وقال
العتبى تذهب العامة في أشفار العين انها الشعر وذلك غلط وقال المطرزي في المغرب لم يذكر أحد من الثقات ان الأشفار
الأهداب -
87

قال (باب دية الأصابع (1))

(1) كذا - وفى السنن - باب الأصابع كلها سواء
91

ذكر فيه حديث ابن علية عن غالب عن مسروق بن أوس ثم ذكره من حديث سعيد بن أبي عروبة عن غالب عن حميد
ابن هلال عن مسروق ثم قال (وكذلك رواه محمد بن جعفر عن ابن أبي عروبة) ثم قال (ورواه شعبة عن غالب فذكر
سماع غالب من مسروق) - قلت خالفه أبو داود فأخرجه من طريق شعبة عن غالب عن مسروق ثم قال رواه محمد بن
جعفر عن شعبة عن غالب قال سمعت مسروقا -
92

قال (باب الصحيح يصيب عين الأعور)
93

ذكر فيه (عن أبي مجلز سألت ابن عمر عن الأعور تفقأ عينه فقال عبد الله بن صفوان قضى عمر فيه بالدية فقلت إنما اسأل
ابن عمر فقال أوليس يحدثكم عن عمر) ثم قال البيهقي (ظاهره ان ابن عمر كان لا يقول فيها بوجوب جميع الدية) - قلت
ظاهره انه وافق عمر في ذلك إذ لو خالفه لما سكت هذا هو الظاهر من دينه وورعه ويقوى هذا ان ذلك جاء عنه مصرحا
قال ابن أبي شيبة ثنا عبد الله عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال إذا فقئت عين الأعور ففيها دية كاملة -
94

قال (باب ما جاء في دية المرأة)
ذكر فيه حديثا عن عباد بن نسي عن ابن غنم عن معاذ ثم قال (وروى ذلك من وجه آخر عن عبادة بن نسي وفيه ضعف)
قلت - ظاهره ان قوله وفيه ضعف يعود إلى الوجه الأخير وقال في الباب الذي يلي هذا الباب (وروى عن معاذ عن
النبي صلى الله عليه وسلم باسناد لا يثبت مثله) وظاهر هذا يشمل الحديث بوجهيه -
قال (باب ما جاء في جراح المرأة)
95

ذكر فيه (عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال كان فيما جاء به عروة البارقي إلى شريح من عند عمر) إلى آخره - قلت
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن شريح قال اتاني عروة البارقي من عند عمر أن
جراحات الرجال والنساء تستوى في السن والموضحة وما فوق ذلك فان المرأة على النصف من دية الرجل -
96

قال (باب دية أهل الذمة)
ذكر فيه حديث (في النفس المؤمنة مائة من الإبل) - قلت - خصمه لا يقول المفهوم ومن قاعدته حمل المطلق على
اطلاقه فيجرى ما ورد في بقية الروايات من قوله عليه السلام في النفس مائة من الإبل ونحوه على اطلاقه وحديث في
النفس المؤمنة على تقييده - ثم ذكر البيهقي (عن ابن المسيب ان عمر قضى) إلى آخره - قلت - ذكر مالك وابن معين ان
ابن المسيب لم يسمع من عمر وقد ذكرنا ذلك غير مرة وقد جاء عن عمر خلاف هذا قال عبد الرزاق في مصنفه ثنا رباح
ابن عبيد الله اخبرني حميد الطويل انه سمع أنس بن مالك يحدث ان يهوديا قتل غيلة فقضى فيه عمر بن الخطاب باثني عشر
ألف درهم - قال الطحاوي ثنا إبراهيم بن منقذ ثنا عبد الله بن يزيد المقري عن سعيد بن أبي أيوب حدثني يزيد بن أبي حبيب
ان جعفر بن عبد الله بن الحكم اخبره ان رفاعة بن السموأل اليهودي قتل بالشام فجعل ديته عمر ألف دينار - وهذا السند
رجاله على شرط مسلم خلا ابن منقذ وهو ثقة اخرج له الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه - ثم ذكر البيهقي (عن صدقة
ابن يسار قال أرسلنا إلى ابن المسيب نسأله عن دية المعاهد فقال قضى فيه عثمان بأربعة آلاف قلنا فمن قبله فحصبنا قال
الشافعي هم الذين سألوه آخرا) - قلت - وفى الخلافيات للبيهقي إنما عنى الشافعي بقوله هذا انه روى عنه بخلافه وهذا
آخر ما قضى به فالأخذ به أولى وقال في كتاب المعرفة وإنما أراد والله أعلم ان ابن المسيب كأن يقول بخلاف ذلك ثم رجع
إلى هذا - قلت - السياق يدل على أن مراد الشافعي بالمسؤول هو ابن المسيب كما فهمه البيهقي في كتاب المعرفة وكلامه
في الخلافيات ظاهره يدل على أنه فهم من كلام الشافعي ان مراده بالمسؤول هو عثمان لأنه قال وهذا آخر ما قضى به وابن
المسيب فيما علمنا ما كان متوليا وعثمان لم يسئل في تلك القضية بل المسؤول هو ابن المسيب فظهر أن كلام البيهقي في الخلافيات
ليس بجيد ثم إنه كيف ما أراد الشافعي فكلامه دعوى وليس في القضية ما يدل على أن ذلك كان آخرا وسيأتي عن عثمان
أيضا خلاف هذا - وذكر أبو عمر في التمهيد عن جماعة منهم ابن المسيب انهم قالوا دية المعاهد كدية المسلم - وروى الطحاوي
بسنده عنه قال دية كل معاهد في عهده ألف دينار - ثم ذكر البيهقي (انه روى عن عثمان بخلاف هذا بسندين أحدهما منقطع
والآخر غير محفوظ وانه ذكرهما في باب لا يقتل مؤمن بكافر) - قلت - كأنه يشير بالسند الذي هو غير محفوظ إلى رواية
الزهري عن سالم عن ابن عمر وقد ذكرنا في ذلك الباب ان عبد الرزاق أخرجه عن الزهري من وجهين وان ابن حزم
100

قال هو في غاية الصحة عن عثمان فلا ادرى ما معنى قول البيهقي (غير محفوظ) وما ذكره البيهقي في آخر هذا الباب عن
الزهري (كانت دية اليهودي والنصراني زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان مثل دية المسلم)
يقوى ما روى عن عثمان بالسندين المذكورين فصار هذا الأثر عن عثمان مرويا من ثلاثة أوجه - أحدها - متصل
صحيح - والآخران - منقطعان والمنقطع عند الشافعي يقوى بمنقطع مثله فكيف بهذين - ثم ذكر البيهقي حديث دية
المجوسي ثمانمائة درهم وسكت عنه - قلت - قال الطحاوي لا يعلم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في دية المجوسي
غير هذا الحديث الذي لا يثبته أهل الحديث لأجل ابن لهيعة ولا سيما من رواية عبد الله بن صالح عنه -
101

ثم ذكر البيهقي حديث (جعل النبي صلى الله عليه وسلم دية العامريين دية الحر المسلم) وفى سنده أبو سعد البقال فتكلم
فيه ثم قال (ثم ظاهره يوجب أن يكون كحديث عمرو بن شعيب) - قلت - حديث عمرو عقل الكافر نصف عقل المؤمن
فكأن البيهقي يجعل الدية في قوله دية الحر المسلم مقسومة على العامريين فيحصل لكل واحد النصف ورواية الحسن بن عمارة
تنفى هذا التأويل وتصرح بان دية كل واحد منهما دية مسلم الا ان البيهقي تكلم في الحسن وقد اخرج الترمذي وابن
جرير الطبري هذا الحديث من رواية يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش ولفظهما ودى العامريين بدية - هذا يقوى
رواية الحسن وينفى تأويل البيهقي ثم ذكر البيهقي - من حديث ابن جريج (عن الزهري كانت دية اليهودي والنصراني)
الحديث ثم ذكر (ان الشافعي رده بكونه مرسلا وان الزهري قبيح المرسل وقد روينا عن عمر (وعثمان ما هو أصح منه)
- قلت - ذكر عبد الرزاق هذا الحديث في مصنفه عن معمر عن الزهري وزاد في آخره قال الزهري ولم يقض لي ان إذا كر
عمر بن عبد العزيز فأخبره ان قد كانت الدية تامة لأهل الذمة قلت للزهري بلغني ان ابن المسيب قال ديته أربعة آلاف قال إن
خير الأمور ما عرض على كتاب الله قال الله تعالى فدية مسلمة إلى أهله - وذكر أبو داود في مراسيله بسند صحيح عن ربيعة
ابن أبي عبد الرحمن قال كان عقل الذمي مثل عقل المسلم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمن أبى بكر وزمن عمر وزمن
عثمان حتى كان صدرا من خلافة معاوية فقال معاوية إن كان أهله أصيبوا به فقد أصيب به بيت مال المسلمين فاجعلوا لبيت مال
المسلمين النصف ولأهله النصف خمسمائة دينار ثم قتل رجل آخر من أهل الذمة فقال معاوية لو انا نظرنا إلى هذا الذي
102

يدخل بيت المال فجعلنا (1) وضيعا عن المسلمين وعونا لهم قال لمن هناك وضع عقلهم إلى خمسمائة - قال أبو داود رواه ابن إسحاق
ومعمر عن الزهري نحو هذا وحديث ابن إسحاق أتم واخرج أيضا في مراسيله بسند رجاله ثقات عن سعيد بن
المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دية كل ذي عهد في عهده ألف دينار - وقد تأيد هذا المرسل بمرسلين
صحيحين وبعدة أحاديث مسندة وإن كان فيهما كلام وبمذاهب جماعة كثيرة من الصحابة ومن بعدهم فوجب ان يعمل
به الشافعي كما عرف من مذهبه - وفى التمهيد روى ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس في قضية بني قريظة
والنضير انه عليه السلام جعل ديتهم سواء دية كاملة - وعمر وعثمان قد اختلف عنهما وقد تقدم عن عثمان على
موافقة هذه الأحاديث من وجوه عديدة بعضها في غاية الصحة كما قدمنا عن ابن حزم وهو الذي دل عليه ظاهر كتاب الله
تعالى لأنه تعالى قال ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله - ثم قال وإن كان من قوم بينكم
وبينهم ميثاق فدية مسلمة - والظاهر أن هذه الدية هي الدية وكذا فهم جماعة من السلف قال ابن أبي شيبة ثنا
عبد الرحيم هو ابن سليمان عن أشعث هو ابن سوار عن الشعبي وعن الحكم وحماد عن إبراهيم قالا دية اليهودي والنصراني
والحربي المعاهد مثل دية المسلم ونساؤهم على النصف من دية الرجال وكان عامر يتلو هذه الآية - وإن كان من قوم بينكم
وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله - وأشعث وان تكلموا فيه يسيرا فقد تقدم ان مسلما روى له متابعة واخرج له ابن
خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك - وقال ابن أبي شيبة أيضا ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن الزهري سمعته يقول دية
المعاهد دية المسلم وتلا الآية السابقة وهذا السند في غاية الصحة فلو كان مذهب عمر وعثمان كما ذهب إليه الشافعي لما تركت
هذه الأدلة لقولهما فكيف وقد اختلف عنهما - ثم ذكر البيهقي (عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود قال من كان له
عهد أو ذمة فديته دية المسلم) ثم قال (منقطع موقوف) - قلت - هذا هو مذهب ابن مسعود مشهور عنه وإن كان
منقطعا وقد اخرج عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن مسعود قال دية المعاهد مثل دية المسلم -
وقال ذلك على أيضا وهو أيضا منقطع الا ان كلا منهما يعضد الآخر ويقويه - وذكر عبد الرزاق عن أبي حنيفة عن الحكم
ابن عتيبة ان عليا قال دية اليهودي والنصراني وكل ذمي مثل دية المسلم - وذكر أيضا بسندين صحيحين عن النخعي
والشعبي ان دية اليهودي والنصراني كدية المسلم - وذكر أيضا عن ابن جريج عن يعقوب بن عتبة وإسماعيل بن محمد
وصالح قالوا عقل كل معاهد من أهل الكفر ومعاهدة كعقل المسلمين ذكرانهم وإناثهم جرت بذلك السنة في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهذا قال عطاء ومجاهد وعلقمة والنخعي ذكره عنهم ابن أبي شيبة بأسانيده - وفى
التهذيب لابن جرير الطبري لا خلاف ان الكفارة في قتل المسلم والمعاهد سواء وهو تحرير رقبة فكذلك الدية ورد
على من أوجب ما لا شك فيه وهو الأقل وذلك أربعة آلاف لليهودي وثمانمائة للمجوسي فقال هذه علة غير صحيحة
والحكم بالأقل على غير أصل من كتاب وسنة وكل قائل يحتاج إلى دلالة على صحة قوله - وفى الاستذكار وقال
أبو حنيفة وأصحابه والثوري وعثمان البتي والحسن بن حي دية المسلم والذمي والمجوسي والمعاهد سواء وهو قول ابن
شهاب وروى عن جماعة من الصحابة والتابعين وروى إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال كان أبو بكر وعمر وعثمان
يجعلون دية اليهودي والنصراني الذميين مثل المسلم -

(1) كذا ولعله - فجعلناه -
103

قال (باب من في الديوان ومن ليس فيه من العاقلة سواء)
ذكر فيه حديث (على كل بطن عقوله) - قلت - الشافعي يعتبر في العاقلة الأقرب فالأقرب وظاهر الحديث الوجوب
على البطن من غير اعتبار الأقرب وكذا حديث قضى بالدية على العاقلة - وكذا ما ذكره البيهقي في آخر الباب السابق
107

ان عمر جناية فقال لعلى عزمت عليك لما قسمت الدية علي بنى أبيك قال فقسمها على قريش وذكر الطحاوي ان
سلمة بن نعيم قتل يوم اليمامة مسلما خطأ فقال له عمر عليك وعلى قومك الدية -
قال (باب ما تحمل العاقلة)
108

ذكر فيه (ان الشافعي ذهب إلى أنها تحمل كل ما كثر وقل لأنه عليه السلام لما حملها الأكثر دل على تحملها الأيسر)
- قلت - القياس ان لا يلزمها جناية كما إذا جنى على مال وعموم قوله تعالى ولا تكسب كل نفس الا عليها - ولا تزر وازرة
وزر أخرى - ينفى اللزوم عليها وكذا قوله عليه السلام لا يجنى عليك ولا تجنى عليه - فإذا حملها النبي عليه السلام شيئا كان
ذلك ثابتا على خلاف القياس فيقصر عليه ولا يقاس ومذهب مالك وأصحابه ان العاقلة لا تحمل من دية الخطأ الا الثلث
فصاعدا وهو قول الفقهاء السبعة وعبد العزيز بن أبي سلمة وابن أبي ذئب وقال أبو حنيفة وأصحابه لا تحمل الا نصف
عشر الدية فصاعدا وهو قول الثوري وابن شبرمة -
قال (باب تنجيم الدية على العاقلة)
ذكر فيه (عن الشافعي قال وجدنا عاما في أهل العلم انه عليه السلام قضى في جناية الحر المسلم على الحر خطأ بمائة من الإبل
على عاقلة الجاني وعاما فيهم انها في مضى الثلاث سنين في كل سنة ثلثها) - قلت - ذكر ابن الرفعة في شرح الوسيط
ان الشافعي قال في المختصر لا اعلم مخالفا انه عليه السلام قضى بالدية على العاقلة ولا اختلاف بين أحد علمته في أنه
109

عليه السلام قضى بها في ثلاث سنين ثم ذكر عن ابن المنذر قال ما ذكره الشافعي لا يعرف له أصل من كتاب ولا سنة
وان ابن حنبل سئل عنه فقال لا اعرف فيه شيئا فقيل له ان أبا عبد الله رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال لعله سمعه من
ذلك المدني فإنه كان حسن الظن فيه يعنى ابن أبي يحيى قال ابن داود الشافعي في شرح المختصر كان الشافعي يروى هذا
الحديث ويقول حدثني من هو ثقة في الحديث غير ثقة في دينه
قال (باب ما ورد في البئر جبار)
110

ذكر فيه (عن سماك عن حنش عن علي في الذين سقطوا في الزبية ثم تكلم عليه) ثم قال (أصحابنا يقولون ينبغي أن يكون
111

في الأول ثلثا الدية) إلى قوله (فان صح الحديث ترك له القياس) - قلت - أخرج أحمد هذا الحديث في مسنده من
طريق إسرائيل عن سماك ولفظه فبينما هم يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر إلى آخره وبمعناه أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي
الأحوص عن سماك ولفظه فأصبح الناس يتدافعون على رأس البئر وأخرجه الطحاوي أيضا من حديث أبي الأحوص
ثم وجهه بما ملخصه ان أهل الزبية جانون على الساقطين فيها بتدافعهم ويحمل أمرهم على أنهم كانوا متشابكين فالساقط الأول
يجر الذي يليه جار للآخرين لتشابكهم فموته من دفع أهل الزبية ومن سقوط الباقين عليه بحره إياهم على نفسه فوجب الربع
وسقط ثلاثة الأرباع إذ هو سبب سقوط الثلاثة عليه وموت الساقط الثاني من الدفعة المجهول فاعلها ومن جره الآخرين
فله الثلث بالدفعة وما بقي هدر إذ هو سببها وموت الساقط الثالث من الدفعة ومن جر التابع فله النصف والنصف هدر إذ جنى
على نفسه وموت الرابع من الدفعة خاصة فله الجميع وإنما اخذت منهم وان لم يتعين المتدافعون لأنهم في حكم نفر اقتتلوا فاجلوا
عن قتل لم يدر قاتله فديته عليهم جميعا وجرح الأسد هدر إذ شيبة الدفع كمن دفع رجلا على سكين أو حجر فمات انتهى
كلامه وتبين بهذا ان الحديث موافق للقياس غير مخالف له كما ادعى البيهقي ثم في القياس المفهوم من كلامه نظر وكيف
يجب للأول على الثاني والثالث وهو الذي جرهما ولئن وجب له عليهما شئ وجب ان يجب له على الرابع أيضا لأنه مات من
فعله أيضا وهذا الكلام بعينه يقال في الثاني والثالث -
112

قال (باب جنين الأمة)
(فيه عشر قيمة أمه لا فرق بين أن يكون ذكرا أو أنثى رواه الشافعي عن ابن المسيب والحسن والنخعي قال الشافعي لما لم يسأل
116

عليه السلام عن الجنين في الحرة أذكر هو أو أنثى فكذا جنين الأمة) - قلت - كان ينبغي أن يقول باب جنين الأمة من
غير سيدها لان العلماء على أن جنينها من سيدها حكمه حكم جنين الحرة ذكره صاحب الاستذكار ويقال للشافعي ولم يسأل
عليه السلام جنين حرة أم جنين أمة فوجب استواؤهما في وجوب الغرة وقد اختلف في ذلك عن ابن المسيب والنخعي
فروى ابن حزم من طريق عبد الرزاق عن معمر وابن جريج قال معمر عن الزهري وقال ابن جريج عن إسماعيل بن
أمية كلاهما عن سعيد بن المسيب قال في جنين الأمة عشرة دنانير ومن طريق قاسم بن اصبغ ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن
ابن مهدي ويحيى القطان كلاهما عن الثوري عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي قال في جنين الأمة نصف عشر ثمن أمه
قال (باب أصل القسامة)
ذكر فيه (عن الشافعي عن مالك عن ابن أبي ليلى (1) عن سهل انه أخبره هو ورجال من كبراء قومه) وذكره من طريق ابن
بكير عن مالك ولفظه (انه أخبره رجل (2) من كبراء قومه) ثم ذكر (ان ابن وهب قاله عن مالك كرواية الشافعي) - قلت

(1) كذا وهو خلاف ما في السنن
(2) في السنن - رجال -
117

ذكره يحيى بن يحيى عن مالك كرواية ابن بكير ولفظه انه اخبره رجال من كبراء قومه وذكر صاحب التمهيد ان ابن
وهب تابع يحيى على ذلك بخلاف ما ذكره البيهقي عن ابن وهب ثم ذكر البيهقي حديث سهل من طرق وفيها البداءة بايمان
118

المدعين ثم قال (ورواه ابن عيينة عن يحيى فخالف الجماعة في لفظه) ثم أسنده من رواية الحميدي عن ابن عيينة وفيه
البداءة بايمان المدعى عليهم وهم اليهود) - قلت - رويناه في مسند الحميدي عن ابن عيينة فبدأ بايمان المدعين موافقا للجماعة
وكذا أخرجه النسائي عن محمد بن منصور عن ابن عيينة -
119

ثم ذكر البيهقي حديث سعيد بن عبيد عن بشير بن يسار عن سهل وفيه (انه عليه السلام قال لهم تأتون بالبينة على من قتل
قالوا مالنا بينة قال فيحلفون لكم) الحديث ثم قال (رواه البخاري وأخرجه مسلم دون سياق متنه) ثم ذكر (عن مسلم ان يحيى
ابن سعيد احفظ من سعيد بن عبيد) ثم قال البيهقي (وان صحت رواية سعيد فهي لا تخالف رواية يحيى لأنه قد يريد
بالبينة الايمان مع اللوث) إلى آخر ما تأوله به - قلت - لا وجه لتشكيك البيهقي بقوله وان صحت رواية سعيد مع ثقته
واخراج البخاري حديثه هذا وأخرجه مسلم أيضا ولم يشك في صحته وإنما رجح يحيى على سعيد وقد جاءت أحاديث تعضد
رواية سعيد وتقويها - منها - ما سيذكره البيهقي - ومنها - ما أخرجه أبو داود بسند حسن عن رافع بن خديج قال أصبح
رجل من الأنصار مقتولا بخيبر فانطلق أولياؤه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال الكم شاهدان يشهدان على
قاتل صاحبكم قالوا يا رسول الله لم يكن به أحد من المسلمين وإنما هم يهود وقد يجترئون على أعظم من هذا قال فاختاروا
منهم خمسين فاستحلفهم فأبوا فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده - وقد ذكر البيهقي هذا الحديث بعد في باب
الشهادة على الجناية - وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن القاسم بن عبد الرحمن الهذلي الكوفي قال انطلق رجلان من أهل الكوفة
إلى عمر بن الخطاب فوجداه قد صدر عن البيت فقالا ان ابن عم لنا قتل ونحن إليه شرع سواء في الدم وهو
ساكت عنهما فقال شاهدان ذوا عدل يحثان به على من قتله فنقيدكم منه - وهذا هو الذي تشهد له الأصول الشرعية من أن
البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه فكان الوجه ترجيح هذه الأدلة على ما يعارضها وتأويل البيهقي لرواية سعيد
تعسف ومخالفة للظاهر وحين قالوا ما لنا بينة عقب عليه السلام ذلك بقوله فيحلفون لكم فكيف يقول البيهقي وقد يطالبهم
120

بالبينة ثم يعرض عليهم الايمان ثم يردها على المدعى عليهم - ثم ذكر البيهقي حديث عبد الرحمن بن بجيد وانكاره على سهل
ثم حكى (عن الشافعي أنه قال لا اعلم ابن بجيد سمع النبي صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن سمع منه فهو مرسل ولسنا ولا إياك
نثبت المرسل وسهل صحب النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه فأخذت بحديثه) - قلت - ابن بجيد أدرك النبي صلى الله عليه
وسلم وذكره ابن حبان وغيره في الصحابة وقال العسكري أثبت له صحبة وصحح الترمذي من روايته حديث ردوا
السائل ولو بظلف محرق - وقد تقدم غير مرة انى مسلما أنكر في اشتراط الاتصال ثبوت اللقاء والسماع واكتفى بامكان
اللقاء فعلى هذا لا يكون الحديث مرسلا وان لم يثبت سماعه وقول الشافعي ولسنا ولا إياك صوابه ان يقال ولا أنت ثم
للظاهر أن كلامه مع محمد بن الحسن والذي في كتب الحنفية ان مذهبه ومذهب أصحابه قبول المرسل وكذا مذهب
مالك وقد حكى ابن جرير الطبري ان ذلك مذهب السلف وان رد المرسل لم يحدث الا بعد المائتين وسهل وان سمع من
النبي صلى الله وسلم لكن روايته لهذا الحديث مرسلة لأنه كان صغيرا في ذلك الوقت وذلك أنه ولد سنة ثلاث
من الهجرة وغزوة خيبر كانت سنة سبع وهذه القضية قبل ذلك حين كانت خيبر صلحا لأنه ورد في بعض طرق هذا
الحديث في الصحيحين وهي يومئذ صلح وأيضا فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم اما ان يدوا صاحبكم واما ان يؤذنوا
بحرب - وهذا اللفظ لا يقال الا لمن كان في صلح وأمان وقد صرح سهل في رواية مالك انه اخبره رجال من كبراء قومه
فهذا يكشف لك انه اخذ القضية عن هؤلاء ولم يشهدها فتبين ان روايته لهذا الحديث مرسلة ثم إن حديثه مضطرب اسنادا
ومتنا اما الاسناد لما في اختلاف الرواة عن مالك في قوله اخبره رجال من كبراء قومه أو هو ورجال كما تقدم واما المتن
فمن جهة اختلاف رواية يحيى ورواية سعيد ولمخالفة ابن عيينة كما مر ومع ارساله واضطرابه خالف الأصول الشرعية وحديث
ابن بجيد سلم من ذلك كله وروى معناه من وجوه تقدم بعضها وسيأتي البعض وهو الأولى برسول الله صلى الله عليه وسلم
ان لا يأمر أحدا بالحلف على ما لا علم له وأيضا فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لجويصة ومحيصة وعبد الرحمن أتحلفون وتستحقون
دم صاحبكم وعند الشافعي اليمين تجب على عبد الرحمن وحده لأنه أخو المقتول وحويصة ومجيصة عماه ولا يمين عليهما
ثم ذكر البيهقي (ان الشافعي قيل له ما منعك ان تأخذ بحديث ابن شهاب فقال مرسل والقتيل أنصاري والأنصاريون
بالعناية لولى بالعلم به من غيرهم) قال البيهقي (كأنه عنى حديث الزهري عن أبي سلمة وسليمان بن يسار عن رجال من
121

الأنصار أنه عليه السلام قال ليهود وبدا بهم) الحديث - قال - (وهو يخالف الحديث المتصل في البداءة بالقسامة وفى
اعطاء الدية والثابت انه عليه السلام وداه من عنده وخالفه ابن جريج وغيره في لفظه) - قلت - في مصنف عبد الرزاق
انا معمر عن الزهري عن أبي سلمة وسليمان بن يسار عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنه عليه
السلام قال ليهود بدأ بهم يحلفون منكم خمسون رجلا فأبوا فقال للأنصار أتحلفون فقالوا لا نحلف على الغيب فجعلها
رسول الله صلى الله عليه وسلم دية على اليهود لأنه وجد بين أظهرهم - وهذه حجة قاطعة للثوري وأبي حنيفة وسائر أهل الكوفة
كذا في الاستذكار وقال في التمهيد هو حديث ثابت وقد قدمنا في باب النهى عن فضل المحدث من كلام
البيهقي وغيره ان هذا الحديث وأشباهه مسند متصل ولو سلمنا انه مرسل فقد تقدم ان حديث سهل أيضا غير متصل
وقول الشافعي والأنصاريون أولى بالعلم به - قلنا - ابن بجيد أيضا منهم وحديث ابن شهاب أخرجه أبو داود وهو أيضا
عنهم وهو وان خالف حديث سهل في البداءة بالقسامة فقد تأيد بعدة أحاديث تقدم بعضها وسيأتي بعضها وتأيد أيضا
بدلالة الأصول ولان رواته أئمة فقهاء حفاظ لا يعدل بهم غيرهم وما فيه من جعل الدية عليهم يؤيده ما في حديث ابن
بجيد أنه عليه السلام كتب إليهم انه قد وجد فيكم قتيل بين أثنائكم فدوه وما في الصحيحين من قوله عليه السلام اما ان
يدوا صاحبكم واما ان يؤذنوا بحرب من الله ورسوله - ووجه التوفيق بين هذه الأحاديث وبين ما في حديث سهل انه عليه
السلام أوجبها عليهم ثم تبرع بها عنهم قال النووي في شرح مسلم المختار قال جمهور أصحابنا وغيرهم ان معناه انه عليه السلام
اشتراها من أهل الصدقات بعد أن ملكوها ثم دفعها تبرعا إلى أهل القتيل انتهى كلامه وبهذا يزول الاختلاف وقد ذكر
البيهقي فيما بعد في باب وجوب الكفارة (ان قوما استعصموا بالسجود فقتلهم المسلمون فقال عليه السلام أعطوهم نصف
العقل) ثم ذكر (عن الشافعي انه كان تطوعا) ثم ذكره من وجه آخر وفيه (فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف
122

الدية) ثم قال البيهقي (قوله فوداهم اظهر في أنه أعطاه متطوعا) واخرج النسائي بسند جيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده ان ابن محيصة الأصغر وجد قتيلا على أبواب خيبر الحديث وفى آخره فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته
عليهم وأعانهم بنصفها - وحديث معمر عن الزهري مفسر وحديث ابن جريج وغيره مجمل فيرد إلى المفسر ولا يكون
بينهما اختلاف ثم إن لفظ حديث ابن جريج انه عليه السلام أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية فقضى بها بين أناس
من الأنصار في قتيل ادعوه على اليهود فصرح في هذا الحديث الصحيح انه قضى بها في قتيل الأنصار كقسامة الجاهلية
وقد ذكر البيهقي فيما بعد في باب ما جاء في قسامة الجاهلية من طريق البخاري (عن ابن عباس ان أبا طالب بدأ بايمان المدعى
عليهم) فدل ذلك على أنه عليه السلام بدأ أيضا في قتيل الأنصار بالمدعى عليهم وذكر أيضا فيما بعد في باب ترك القود
بالقسامة حديثا عزاه إلى البخاري وفيه أيضا (انه عليه السلام بدأ بايمان اليهود وان عمر فعل ذلك) ثم إن لفظ مسلم عن أبي
سلمة وسليمان بن يسار عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار انه صلى الله عليه وسلم أقر القسامة -
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه ولفظه عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أن الجميع حديث واحد فلا نسلم
ان الحديث مرسل كما زعم الشافعي ولو كان مرسلا لما اخرج مسلم في صحيحه وقد قدمنا عن صاحب التمهيد انه حديث
ثابت ثم ذكر البيهقي حديث الزنجي (عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده انه عليه السلام قال البينة على
المدعى واليمين على من أنكر الا في القسامة) - قلت - في اسناده لين كذا في التمهيد وذلك أن الزنجي ضعيف كذا قال البيهقي
في باب من زعم أن التراويح بالجماعة أفضل وقال ابن المديني ليس بشئ وقال أبو زرعة والبخاري منكر الحديث وابن
جريج لم يسمع من عمر وحكاه البيهقي في باب وجوب الفطرة على أهل البادية عن البخاري والكلام في عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده معروف ومع ضعف الزنجي خالفه عبد الرزاق وحجاج وقتادة فرووه عن ابن جريج عن عمرو مرسلا كذا
ذكره الدارقطني في سننه واختلف فيه أيضا على الزنجي وقال صاحب الميزان عثمان بن محمد بن عثمان الرازي ثنا مسلم الزنجي
123

عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البينة على من ادعى واليمين على
من أنكر لا في القسامة - ثم ذكر البيهقي (عن الشافعي ان عمر كتب في قتيل وجد بين خيوان ووادعة) إلى آخره ثم
ذكر (ان الشافعي أجاب عنه بما يخالفون عمر في هذه القضية من الأحكام) - قلت - إنما خالفوه في تلك الأحكام لأنه
قامت عندهم فيها أدلة أقوى من قول عمر رضي الله عنه وقد ذكر عيسى بن ابان في كتاب الحجج ان مخالفه قال قد تركتم من
حديث عمر أشياء لأنه كتب إلى عامله باليمن ابعث بهم إلى بمكة وأنتم تقولون ترفع إلى أقرب القضاة وفيه انه استحلفهم
في الحجر وأنتم تنكرون ان يستحلف الا في مجلس الحكم حيث كان وفيه أنه قال لعامله ابعث إلى بخمسين رجلا وعندكم الخيار
للمدعى وفيه حقنتم بايمانكم دماءكم وعندكم ان لم يحلفوا لم يقتلوا ثم أجاب ابن ابان عن ذلك بما ملخصه انه أراد ان يتولى الحكم
وان عامله لا يقوم فيه مقامه لينتشر في البلاد ويعمل به من بعده ولهذا فعله في أشهر المواضع وهو الحجر ليراه أهل الموسم
وينقلوه إلى الآفاق ولا شك ان نواب كانوا يقضون في البلاد النائية ولو وجب حمل كل أحد إليه لم يكتب إلى أبى موسى
وغيره في الأحكام ولهذا لم يستحلف عمر والأئمة بعده أحدا في الحجر وإنما كتب عمر أن لا يقتل نفس دونه احتياطا واستعظاما
للدم ولم يقل ابعث إلى بخمسين تتخيرهم أنت ولم يكن يولى جاهلا فإنما كتب إلى من يعلم أن الخيار للمدعين لأنه لهم
يستحلف فكيف يستحلف من لا يريدونه وإنما قال حقنتم بايمانكم دماءكم لأنهم لو لم يحلفوا حبسوا حتى يقروا فيقتلوا
أو يحلفوا فايمانهم حقنت دماءهم إذ تخلصوا بها من القتل أو الحبس كقوله تعالى ويدرأ عنها العذاب ان تشهد - فلو لم تلاعن
حبست حتى تلاعن فتنجو وتقر فترجم - ثم ذكر البيهقي (ان الشافعي قيل له الثابت هو عندك أي قضية عمر فقال لا إنما
رواه الشعبي عن الحارث الأعور والحارث مجهول ونحن نروي بالاسناد الثابت انه بدأ بالمدعين فلما لم يحلفوا قال فتبرئكم
يهود بخمسين يمينا وإذ قال فتبرئكم فلا يكون عليهم غرامة ولما لم يقبل الأنصاريون ايمانهم وداه عليه السلام ولم يجعل على
يهود شيئا) - قلت لم يذكر أحد فيما علمنا أن الشعبي رواه عن الحارث الأعور غير الشافعي ولم يذكر سنده في ذلك وقد رواه
الطحاوي بسنده عن الشعبي عن الحارث الوادعي هو ابن الأزمع وسيأتي ان مجالدا رواه عن الشعبي كذلك ورواية أبى
اسحق لهذا الأثر عن الحارث هذا عن عمر امارة عن انه هو الواسطة لا الحارث الأعور كما زعم الشافعي ورواه أيضا عبد الرزاق
عن الثوري عن منصور عن الحكم عن الحارث بن الأزمع والحارث هذا ذكره أبو عمر وغيره في الصحابة وذكره
ابن حبان في الثقات من التابعين ثم إن الحارث الأعور وان تكلموا فيه فليس بمجهول كما زعم الشافعي بل هو معروف
روى عنه الضحاك والشعبي والسبيعي وغيرهم وهذا الأثر وإن كان منقطعا فقد عضده ما تقدم من الأحاديث وفى التمهيد
124

روى مالك عن ابن شهاب عن عراك بن مالك وسليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب بدأ المدعى عليهم بالايمان في القسامة -
والبيهقي أيضا ذكر هذا في آخر هذا الباب وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب النكول ورد اليمين من رواية الشافعي عن مالك
عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن عمر بدأ بايمان المدعى عليهم - وقال ابن أبي شيبة ثنا شبابة وأبو معاوية عن ابن أبي ذئب
عن الزهري انه عليه السلام قضى في القسامة ان اليمين على المدعى عليهم - وقال أيضا ثنا أبو معاوية عن مطيع عن فضيل بن
عمرو عن ابن عباس انه قضى بالقسامة على المدعى عليهم - وثنا أبو معاوية ومعمر بن عيسى عن ابن أبي ذئب عن الزهري
عن سعيد بن المسيب انه كان يرى القسامة على المدعى عليهم واخرج أيضا بسنده عن عمر بن عبد العزيز أنه بدأ بالمدعى
عليهم باليمين ثم ضمنهم العقل - وقد جمع في هذا بين اليمين والغرامة وكذا فعل عمر ودل عليه ما في الحديث الصحيح اما
ان يدوا صاحبكم إلى آخره فألزمهم أحد الامرين اما ان يدفعوها واما ان يمتنعوا فينقض عهدهم ويصيروا حربا ولم ينص
في حديث سهل انهم يبرئونهم من الغرامة فيحتمل ان يراد تبرئكم عن دعوى القتل أو عن الحبس والقود ان أقروا وقول
الشافعي لم يجعل على يهود شيئا قد تقدم خلافه وانه عليه السلام جعلها على يهود لأنه وجد بين أظهرهم وتقدم أيضا ما يؤيده
ثم قال البيهقي (وروى عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عمر ومجالد غير محتج به) - قلت - اخرج له مسلم في صحيحه
- ثم قال البيهقي (قال الشافعي ويروى عن عمر أنه بدأ بالمدعى عليهم ثم رد الايمان على المدعين) ثم أسنده البيهقي
ولفظه (ان رجلا من بنى سعدا جرى فرسا فوطئ على إصبع رجل من جهينة فنزى منها فمات فقال عمر للذين ادعى
125

عليهم أتحلفون بالله خمسين يمينا ما مات منها فأبوا فقال للآخرين احلفوا أنتم فأبوا فقضى عمر بشطر الدية على السعديين) -
قلت - هذا الأثر عرف فيه الجاني لكن لم يدر مات من جنايته أو من غيرها فأمكن ان يجعل في حال قتيلا فتجب الدية وفى
حال غير قتيل فقضى بالنصف وليس هذا كحديث سهل لأنه ورد في قتيل وجد في محلة ولم يدر من قتله ومذهب الشافعي
انه لو أبى المدعى عليه والمدعى ان يحلفا لا يقضى بنصف الحق ولا يقضى بشئ حتى يحلف المدعى فترك هذا الأثر في نكول
الفريقين فلم يقض بالنصف بل أبطل الحق كله وإنما ترك خصم الشافعي هذا الأثر في رد اليمين لأنه جاء مخالفا للأحكام
الظاهرة والسنن والقائمة كحديث البينة على المدعى واليمين على من أنكر فكما يقضى للمدعى إذا أقام البينة فكذا يقضى على المدعى
عليه إذا أبى اليمين ولا ترد على المدعى ولا يكلف بما لم يجعله عليه السلام وقد قضى عثمان بن عفان وأبو موسى الأشعري وغيرهما
من الصحابة باباء اليمين فان احتج الشافعي في ردها بحديث القسامة يقال أنت تزعم أن القسامة مخالفة لغيرها وقد رد عليه
السلام فيها من المدعين إلى المدعى عليهم وعندك في غيرها لا يحلف المدعى الا إذا أبى المدعى عليه فكيف احتججت بها فيما
لا يشبهها بزعمك وكما لا يجوز أن يقضى للمدعى بلا بينة إذا حلف خمسين يمينا قياسا على القسامة فكذا في رد اليمين وهذا ملخص
من كلام عيسى بن ابان في كتاب الحجج -
126

قال (باب ما جاء في قسامة الجاهلية)
129

ذكر فيه (انه عليه السلام أقر القسامة على ما كانت عليه ثم قال إنما أراد به في عدد الايمان) - قلت - هذا دعوى وتخصيص
من غير دليل بل أراد في العدد وفى البداءة بالمدعى عليه كما سبق تقريره -
130

قال (باب الكفارة في قتل العمد)
(قال الشافعي إذا وجب الكفارة في قتل المؤمن في دار الحرب وفى الخطأ الذي وضع الله عز وجل فيه الاثم كان العمد
أولى وقاسه على قتل الصيد) - قلت - نص الله تعالى على أن حكم العمد القود لا الكفارة كما نص على أن حكم الخطأ
الدية والكفارة والمنصوص عليه لا يقاس على غيره ثم هذا القياس ينتقض بسجود السهو فان العمد فيه لا يقاس على
السهو والخطأ في قتل الصيد غير منصوص على حكمه فجاز أن يحمل على السهو وعن الزهري نزل الكتاب بالعمد ووردت
السنة بالخطأ ذكره الزمخشري فعلى هذا لا قياس وقال ابن المنذر في الاشراف كان مالك والشافعي يريان على قاتل العمد
الكفارة وقال الثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي لا تجب الكفارة الا حيث أوجبها الله جل ذكره قال ابن المنذر
وكذلك نقول لان الكفارات عبادات فلا يجوز التمثيل عليها وليس لاحد ان يلزم عباد الله الا بكتاب أو سنة أو اجماع
132

وليس مع من فرض على القاتل عمدا كفارة حجة من حيث ذكرت - ثم ذكر البيهقي حديث ضمرة (عن ابن أبي عبلة
عن الغريف عن واثلة اتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد أوجب فقال أعتقوا عنه) الحديث - قلت -
في هذا الحديث الحض على العتق ليحصل له ثوابه ولم يكن ذلك عن كفارة القتل وقد ذكر أبو داود والنسائي هذا
الحديث في باب ثواب العتق ويدل على ذلك أنه عليه السلام أطلق ولم يقيد بالايمان ولو كان عن كفارة القتل لقيد بذلك
وأيضا فلم يسألهم أميت هو أم حي فيكون هو المأمور بذلك ولم يسألهم أيضا هل أعتق عن نفسه أم لا وهل عفوا عنه أم
لا ولو كانوا لم يعفوا عنه وأعتق عن نفسه أو أعتقوا عنه لم يكن ذلك مجزئا ولا مكفرا حتى يسلم إليهم نفسه ليقتلوه أو يعفوا
عنه - ثم ذكر البيهقي من وجه آخر عن ضمرة نحوه الا أنه قال (قد أوجب النار بالقتل) قال (ورواه ابن المبارك عن ابن أبي
عبلة) - قلت - هذا اللفظ يوهم ان ابن المبارك رواه مقيدا بالقتل وليس كذلك بل لفظه قد أوجبه ولم يقل بالقتل
كذلك أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده من طريقه وكذلك أخرجه النسائي والطحاوي -
133

قال (باب العيافة والطيرة)
139

ذكر فيه حديثا (عن عبد الله بن شداد أن امرأة من الأنصار قالت يا رسول الله الحديث ثم قال (مرسل) - قلت -
هذا المرأة صحابية وابن شداد سمع جماعة من قدماء الصحابة كعمر وعلى ومعاذ رضي الله عنهم وقولهم إن فلانا قال كذا
كالعنعنة عند جماهير أهل الحديث فالحديث إذا مرفوع -
140

قال (باب المقتول من أهل البغي يغسل ويصلى عليه)
ذكر فيه حديث مكحول - قلت - سكت عنه ههنا وذكره في كتاب الجنائز في باب الصلاة على من قتل نفسه وذكر فيه
عن الدارقطني (ان مكحولا لم يسمع من أبي هريرة) وتقدم البحث معه هناك -
قال (باب المقتول من أهل العدول بسيف أهل البغي)
185

قال فيه (وقد روينا في كتاب الجنائز عن الشعبي ان عليا صلى على عمار وهاشم بن عتبة) - قلت - ذكره هناك في باب
ما ورد في المقتول بسيف أهل البغي قد تكلمنا عليه هناك -
قال (باب العادل يقتل الباغي أو الباغي يقتل العادل لم يرثه)
قلت - في اختلاف العلماء للطحاوي لا نعلم خلافا ان القاتل بقود يجب له يرث المقتول وكذا المرجوم للزنا يرثه من
رجمه لأنه قتله بحق فكذا عادل قتل الباغي وإذا ثبت هذا فيرث باغ قتل عادلا لأنه في حكم قتل مستحق إذ لا قود فيه
ولا دية فكأنه قتله بحق -
186

قال (باب من قتل من ارتد عن الاسلام أو امرأة)
202

ذكر فيه حديث ابن المكدر (عن جابر ارتدت امرأة) إلى آخره ثم قال (في هذا الاسناد بعض من يجهل) - قلت -
هذا يوهم انه ليس في الاسناد الا هذا وفيه مع من يجهل آخر متكلم فيه وهو عبد الله بن عطارد بن أذينة نسب إلى جده قال
ابن عدي منكر الحديث وساق له أحاديث منكرة منها هذا الحديث ثم ذكر البيهقي (عن الحماني عن أبي حنيفة عن عاصم
عن أبي رزين عن ابن عباس لا يقتل النساء إذا ارتددن) ثم حكى (عن الثوري انه سئل عنه فقال اما من ثقة فلا) وعن
الشافعي (انه سئل جماعة من أهل العلم عنه فقالوا خطأ والذي رواه ليس ممن يثبت أهل الحديث حديثه) - قلت - أبو رزين
صحابي وعاصم وان تكلم فيه بعضهم قال الدارقطني في حفظه شئ وقال ابن سعد ثقة الا انه كثير الخطأ في حديثه فان ضعفوا
هذا الأثر لأجله فالامر فيه قريب فقد وثقه جماعة خرج له في الصحيحين مقرونا بغيره وخرج له الحاكم في المستدرك
وابن حبان في صحيحه وان ضعف لأجل أبي حنيفة فهو وان تكلم فيه بعضهم فقد وثقه كثيرون واخرج له ابن حبان في صحيحه
واستشهد به الحاكم في المستدرك ومثله في دينه وورعه وعلمه لا يقدح فيه كلام أولئك وقد ذكر جماعة من السلف
انه كان محسودا حكى أبو عمر في كتاب الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء عن حاتم بن داود قال قلت للفضل بن موسى البناني
203

ما تقول في هؤلاء الذين يقعون في حق أبي حنيفة فقال إن أبا حنيفة جاءهم بما يعقلونه من العلم وما لا يعقلونه ولم يترك لهم شيئا
فحسدوه وذكر أبو عمر في التمهيد أن أبا حنيفة والثوري رويا هذا الأثر عن عاصم وكذا أخرجه الدارقطني في سننه بسند
جيد عنهما عن عاصم وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري عنه فقد تابع الثوري أبا حنيفة وان ضعف لأجل الراوي عن
أبي حنيفة فقد رواه عنه الثوري ووكيع ومحمد بن الحسن وغيرهم وفى التمهيد وروى قتادة عن خلاس عن علي مثله وهو
قول الحسن وعطاء ومن حجتهم انه عليه الصلاة والسلام نهى عن قتل النساء والولدان - وحكى الترمذي وابن عبد البر
وغيرهما ان مذهب الثوري ان المرأة تحبس ولا تقتل فيبعد أن يكون هذا مذهبه ثم يقول اما من ثقة فلا ثم حكى البيهقي
عن الشافعي (أنه قال لمخالفه قد روى بعضهم ان أبا بكر قتل نسوة ارتددن عن الاسلام فكيف لم تصر إليه) ثم ذكر البيهقي
ذلك ثم حكى (عن الشافعي أنه قال فما كان لنا ان نحتج إذ كان ضعيفا عند أهل الحديث) - قلت - فلذلك لم يصر إليه محالفه
وأيضا فقد خالف ما هو المشهور في كتب السير أن أبا بكر قتل أهل الردة وسبى نساءهم ولم يقتلن.
قال (باب من قال يستتاب)
204

ذكر فيه حديث (من بدل دينه فاقتلوه) ثم قوله عليه السلام في الأربعة (اقتلوهم وان وجدتموهم متعلقين بأستار
الكعبة) - قلت - ليس فيهما للاستتابة ذكر وقال صاحب الاستذكار لا اعلم بين الصحابة خلافا في استتابة المرتد فكأنهم
فهموا من قوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه - أي بعد أن يستتاب -
205

قال (باب من قال يحبس ثلاثة أيام)
206

ذكر فيه اثرا (عن مالك عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاري عن أبيه قال قدم على عمر رجل إلى آخره ثم ذكر (ان الشافعي
قال من لم يتأن به زعم أن الذي روى عن عمر ليس بثابت لأنه لا يعلمه متصلا) - قلت - اخرج هذا الأثر عبد الرزاق
عن معمر وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عيينة كلاهما عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد القاري عن أبيه فعلى هذا هو متصل
لان عبد الرحمن بن عبد سمع عمر -
207

قال (باب مال المرتد)
ذكر فيه حديث الذي نكح امرأة أبيه - قلت - قد تكلمنا عليه فيما مضى في باب الخمس في الغنيمة والفئ -
208

قال (باب من قال من أشرك بالله فليس بمحصن)
215

ذكر فيه الحديث عن ابن عمر من وجهين وحكى في الأول عن الدارقطني (قال لم يرفعه غير إسحاق الحنظلي ويقال إنه رجع
عنه) - قلت - موقوف وحكى في الثاني عن الدارقطني أيضا (قال وهم فيه عفيف بن سالم والصواب موقوف) - قلت
- إسحاق حجة حافظ وعفيف ثقة قاله ابن معين وأبو حاتم ذكره ابن القطان وقال صاحب الميزان محدث مشهور صالح
الحديث وقال محمد بن عبد الله بن عمار كان احفظ من المعافى بن عمران وفى الخلافيات للبيهقي ان المعافى تابعه أعني عفيفا فرواه
عن الثوري كذلك وإذا رفع الثقة حديثا لا يضره وقف من وقفه فظهر أن الصواب في الحديثين الرفع -
216

قال (باب من اعتبر حضور الامام والشهود)
ذكر فيه (ان عليا جلد شراحة ورجمها) ثم قال (إذا كان اعتراف فالامام أول من يرجم وان نعا الشهود فالشهود أول
من يرجم) ثم قال البيهقي (قد ذكرنا ان جلد الثيب صار منسوخا وان الامر صار إلى الرجم فقط) - قلت - إذا نسخ
هذا لا يلزم نسخ ما فيه من اعتبار بداية الامام أو الشهود -
220

قال (باب نفى البكر)
221

قلت - ما ورد في هذا الباب من النفي محمول على أنه كان تأديبا لرفع الفساد لا حدا كما ينفى الامام أهل الدعارة وكنفيه
عليه السلام وقد ذكر البيهقي في باب من قتل عبده (انه عليه السلام نفى الذي قتل عبده سنة) وروى عبد الرزاق عن
معمر عن الزهري عن ابن المسيب ان عمر غرب ربيعة بن أمية في الخمر إلى خيبر فلحق بهر قل فلما بلغ ذلك عمر قال والله
222

لا اغرب بعدها ابدا وروى أيضا عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال قال عبد الله في البكر يزنى يجلدان مائة
وينفيان سنة - قال وقال على حسبهما من الفتنة ان ينفيا - ولما لم يكن في حد القذف والخمر تغريب دل على أنه تأديب له
لدعارته -
223

قال (باب من قال لا يقام الحد حتى يعترف أربع مرات)
225

ذكر فيه حديث ماعز ثم قال (قال الشافعي إنما كان ذلك في أول الاسلام لجهالة الناس بما عليهم الا ترى انه عليه السلام
يقول في المعترف أسكر (1) أبه جنة لا يرى أن أحدا ستر الله عليه يقر بذنبه الا وهو يجهل حده أو لا ترى انه عليه السلام قال
اغد يا أنيس على امرأة هذا فان اعترفت فارجمها - ولم يذكر عدد الاعتراف) - قلت - لو وجب الحد بالاقرار مرة لما اخر
عليه السلام الواجب إلى الرابعة وفى قول الراوي فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي عليه السلام إلى آخره
اشعار بان الشهادة أربعا هي العلة في الحكم وقد اخرج أبو داود حديث ماعز من طريق نعيم بن هزال وفى آخره انه
عليه السلام قال له انك قلتها أربع مرات فبمن ويدل على أنه عليه السلام إنما اخر إقامة الحد إلى تمام الأربع لأنه لا يجب
قبل ذلك لا لما ذكره الشافعي ما أخرجه أحمد في مسنده والطحاوي بسند صحيح عن بريدة كنت عند النبي صلى الله عليه
وسلم إذ جاءه رجل يقال له ما عز الحديث وفى آخره قال بريدة وكنا نتحدث أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم ان ما عز بن
مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلبه وإنما رجمه عند الرابعة وأخرجه أبو داود ولفظه كنا أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم نتحدث ان الغامدية وما عز بن مالك لو رجعا الحديث ولفظ النسائي لو لم يجيئا في الرابعة لم يطلبهما
النبي صلى الله عليه وسلم واخرج أبو عمر في التمهيد بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رد ما عزا حتى شهد أو أقر أربع

(1) كذا - وهو مخالف لما في السنن -
226

مرات ثم امر برجمه وقال ابن أبي شيبة ثنا وكيع وقال احمد ثنا اسود بن عامر كلاهما عن إسرائيل عن جابر عن عامر عن
عبد الرحمن بن أبزي عن أبي بكر رضي الله عنه قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ماعز بن مالك فاعترف عنده مرة
فرده ثم جاء فاعترف الثانية فرده ثم جاء فاعترف الثالثة فرده فقلت له ان اعترفت الرابعة رجمك فاعترف الرابعة فحبسه ثم
سأل عنه فقالوا ما نعلم الا خيرا فامر برجمه - وهذا لفظ ابن أبي شيبة وجابر هو الجعفي تكلموا فيه واخرج له ابن حبان في
صحيحه وقال صاحب التمهيد اجمعوا على أنه يكتب حديثه واختلفوا في الاحتجاج به وشهد له بالصدق والحفظ الثوري
وشعبة ووكيع وزهير بن معاوية وقال وكيع مهما شككتم في شئ فلا تشكوا في أن جابر الجعفي ثقة زاد في الاستذكار كان
شعبة والثوري يشهدان له بالحفظ والاتقان وكان وكيع وزهير بن معاوية يوثقانه ويثنيان عليه - والأحاديث الصحيحة تدل
على أنه عليه السلام ما سأل عنه الا بعد الرابعة ثم حديث ما عز إن تأخر عن قوله عليه السلام فان اعترفت فهو ناسخ له وان
تقدمه فقوله عليه السلام فان اعترفت محمول عليه كأنه عليه السلام يقول فان اعترفت الاعتراف المعروف في حديث
ما عز وغيره ثم من أصل الشافعي حمل المطلق على المقيد في قضيتين وقوله فان اعترفت مطلق وقضية ما عز مقيدة بالأربع
فوجب تقييد ذلك المطلق بها والقضية واحدة وفى الاستذكار قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن
حي والحكم بن عتيبة واحمد واسحق لا يحد حتى يقر أربع مرات - ثم حكى البيهقي عن الشافعي (أنه قال قوله فلعلك دليل على أنه
لم يكن فسرا قراره فيما مضى بما لا يحتمل غير الزنا) - قلت - قول أبى بكر إن اعترفت الرابعة وقول الراوي يشهد على
227

نفسه أربع شهادات وقوله عليه السلام انك قلتها أربع مرات - دليل على أن الاقرارات الماضية معتبرة مفسرة بالزنا وإنما
قال عليه السلام فلعلك تلقينا له ليرجع -
228

قال (باب الضرير في خلقته لا من مرض يصيب الحد)
ذكر فيه (عن يحيى بن سعيد وأبى الزنا عن أبي أمامة ان رجلا قال أحدهما أحبن وقال الآخر مقعد أصاب أمة) الحديث
ثم ذكر (انه روى عن أبي أمامة من وجوه) - قلت - واختلف فيه على أبى امامة من وجه آخر ذكره البيهقي في كتاب
الايمان في باب من حلف ليضربن عبده مائة سوط من طريق أبى داود من حديث أبي أمامة (عن بعض أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم من الأنصار انه اشتكى رجل منهم حتى اضنى فعاد جلده على عظم) إلى آخره ثم إن الاحبن من به استسقاء
وذلك من المرض وكذلك المقعد والذي اشتكى حتى اضنى فظهر أنه كان ضريرا من مرض فالحديث غير مطابق للباب -
230

قال (باب ما جاء في حد اللوطي - 1)

(1) في الجوهر المطبوع تقديم هذا الباب قبل باب نفى البكر فأخرناه إلى هنا لمطابقة السنن -
231

ذكر في آخره حديث أبي موسى (إذا اتى الرجل الرجل) إلى آخره وفى سنده محمد بن عبد الرحمن عن خالد الحذاء فقال
(لا اعرفه أي محمدا) - قلت - هو معروف يقال له المقدسي القشيري روى عن جعفر بن حميد وحميد الطويل وخالد الحذاء
وعبيد الله بن عمر وفطر بن خليفة - روى عنه أبو ضمرة وبقية وأبو بدر وسليمان بن شر حبيل ذكره ابن أبي حاتم في كتابه
وقال ذكره البخاري قال وسألت أبى عنه فقال متروك الحديث كان يكذب ويفتعل الحديث -
قال (باب من اتى بهيمة)
233

ذكر فيه حديث عكرمة (عن ابن عباس اقتلوه واقتلوا البهيمة) ثم ذكر (عن أبي رزين عن ابن عباس لا حد عليه) ثم
قال (عكرمة عند أكثر الأئمة من الثقات الاثبات) - قلت - أبو رزين ثقة لا نعلم أحدا تكلم فيه واما عكرمة فقد تكلموا
فيه قال ابن عمر لنافع لا تكذب على كما كذب عكرمة على ابن عباس وكذلك قال سعيد بن المسيب لمولاه وكذبه مجاهد وابن
سيرين ويحيى بن سعيد ومالك وعن ابن أبي ذئب أنه قال كان غير ثقة وقد ذكر الترمذي حديث عكرمة ثم حديث أبي
رزين ثم قال وهذا أصح من الحديث الأول والعمل على هذا عند أهل العلم وهو قول احمد واسحق وذكر أبو داود أيضا
الحديثين ثم قال وحديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو - قال الخطابي يريد أن ابن عباس لو كان عنده في هذا
الباب حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالفه وقال ابن معين عمرو بن أبي عمر وليس به بأس وليس بالقوى وقال
محمد بن إسماعيل صدوق ولكن روى عن عكرمة فأكثر ولم يذكر في شئ من حديثه انه سمع عكرمة وقد عارض هذا الحديث
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان الا لمأكلة ثم ذكر الحطابي الاختلاف في هذا الفعل ثم قال وأكثر الفقهاء
يعزر وكذلك قال عطاء والنخعي وبه قال مالك والثوري واحمد وأصحاب الرأي وهو أحد قولي الشافعي وفى الأحكام
لعبد الحق عمرو بن أبي عمرو ثقة ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس انه عليه السلام قال اقتلوا الفاعل والمفعول به -
234

قال (باب من وقع على ذات محرم له أو ذات زوج)
أو معتدة بنكاح أو بغيره مع العلم بالتحريم
236

ذكر فيه حديث البراء (ان ركبا معهم لواء اتوا إلى آخره ثم أخرجه عن البراء عن خاله) - قلت - هذا حديث
مضطرب كما ترى وفى سنده ومتنه اضطراب غير ذلك ذكرناه في باب الخمس في الغنيمة والفئ وعلى تقدير صحته لم
يسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل هو محصن أم لا ولو كان محصنا فحده الرجم فلما لم يأمر عليه السلام بذلك بل بالقتل ثبت انه
ليس بحد الزنا بل لأنه استحل ذلك فصار مرتدا ويدل عليه ان البيهقي ذكر هذا الحديث فيما مضى في كتاب الفرائض في باب
ميراث المرتد وذكره أيضا فيما مضى قريبا في باب مال المرتد إذا مات أو قتل على الردة ولفظه (فضرب عنقه وخمس
ماله) وقال في ذلك الباب (قال أصحابنا ضرب الرقبة وتخميس المال لا يكون الا على المرتد فكأنه استحله مع علمه بتحريمه)
انتهى كلامه وعقد اللواء يدل على المحاربة إذ لا تعقد الا لمن امر بها والمبعوث لإقامة حد الزنا لا يؤمر بها وقال الطحاوي
وتخميس ماله يدل على أنه صار محاربا إذ اجمعوا على أن المرتد الذي لم يحارب لا يخمس ماله فمنهم من يقول ماله فئ لا خمس
فيه لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وأبو حنيفة وأصحابه يجعلونه لورثته المسلمين واسم التزويج يسقط الحد وان لم يثبت
بخلاف من رمى بمحرمه وقد اخرج الطحاوي بسند صحيح عن ابن المسيب ان رجلا تزوج امرأة في عدتها فرفع إلى عمر
فضربهما دون الحد وجعل لها الصداق وقال ابن أبي شيبة ثنا وكيع عن هشام عن قتادة عن ابن المسيب ان امرأة تزوجت في
عدتها فضربها عمر تعزيرا دون الحد - ولم يكونا جاهلين بالتحريم لأنه كان اعرف بالله من أن يعاقب عليها (1) الحجة فثبت
انهما كانا عالمين بالتحريم ولم يقم عليهما الحد وذلك بحضرة الصحابة ولم يخالفوه فدل على أن عقد النكاح وان لم يثبت له حكم
النكاح في وجوب المهر بالدخول وفى العدة وثبوت النسب ونحوها لا يوجب الحد لان الذي يوجب الحد هو الزنا والزنا
لا يوجب شيئا من ذلك - فان قلت - ان لم يكن زنا فهو أعظم منه - قلنا - الحد امر توقيفي يجب في الزنا لا فيما هو أعظم منه
الا ترى انه لا يجب في الكفر الذي هو أعظم من الزنا - ثم ذكر البيهقي (عن إبراهيم عن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين
عن عكرمة عن ابن عباس حديث من وقع على ذات محرم فاقتلوه) ثم قال (وقد رويناه من حديث عباد بن منصور عن
عكرمة) - قلت - ابن أبي حبيبة متكلم فيه وروى عن ابن معين ليس بشئ وقال الدارقطني متروك حكاه الذهبي وداود
ابن الحصين أيضا متكلم فيه قال ابن المديني ما روى عن عكرمة منكر وقال أبو حاتم ليس بالقوى وقال ابن عيينة كنا نتقي
حديثه وقال ابن عدي إذا روى عنه ثقة فصالح الا ان يروى عنه ضعيف فيكون البلاء منه مثل ابن أبي حبيبة وابن أبي
يحيى - وعباد بن منصور أيضا ضعفه جماعة قال ابن معين ليس بشئ وقال ابن الجنيد متروك -

(1) كذا
237

قال (باب ما جاء في حد الذميين)
245

ذكر فيه اثرا عن سماك عن قابوس بن مخارق - قلت - كذا في غير نسخة من هذا الكتاب وكذا في المعرفة للبيهقي
والذي رأيته في كتب تاريخ الحديث كتاريخ البخاري والثقات لابن حبان والكمال لعبد الغنى والميزان والكاشف للذهبي
قابوس بن أبي المخارق - ثم ذكر البيهقي (انه غير محتج به) - قلت - ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين وفى الميزان
للذهبي قال النسائي لا بأس به - وذكر البيهقي (ان الشافعي عورض بحديث بجالة وقال كنت كاتبا لجزى بن معاوية فأتانا
247

كتاب عمر قبل موته بسنة فقال الشافعي بجالة مجهول ولا نعرف ان جزيا كان كاتبا لعمر قال البيهقي كذا قال الشافعي
في كتاب الحدود وقال في كتاب الجزية حديث بجالة متصل ثابت لأنه أدرك عمر وكان رجلا في زمانه كاتبا لعماله
وكأن الشافعي لم يقف على حاله حين صنف كتاب الحدود ثم وقف عليه حين صنف كتاب الجزية إن كان صنفه (1) وحديث
بجالة أخرجه البخاري دون مسلم) - قلت - فثبت بهذا ان بجالة معروف وقد روى عنه عمرو بن دينار ويسير بن عمرو
وغيرهما ووثقه أبو زرعة وغيره - وذكر البيهقي (عن الشافعي قال وسماك بن حرب عن علي مما يوافق قولنا) - قلت -

(1) كذا والذي في السنن - إن كان صنفه بعده -
248

كذا في غير نسخة من هذا الكتاب وسماك لم يروه عن علي بل عن قابوس ان محمد بن أبي بكر كتب إلى علي يسأله إلى آخره
كما ذكره البيهقي في هذا الباب وفى الاستذكار عن النوري عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه قال كتب محمد بن أبي بكر
إلى علي فذكره -
249

قال (باب من قال لا حد الا في القذف الصريح)
251

ذكر فيه قوله عليه السلام للاعرابي (فلعل ابنك نزعه عرق) - قلت - زوجة الاعرابي لم تطلب وقد ذكر صاحب
الاستذكار حديث عويمر قال زعم بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي ان في هذا الحديث دليلا على أن الحد لا يجب
بالتعريض في القذف لقول عويمر أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا ولا حجة فيه لان المعرض به غير معين ولا جاء
طالبا وإنما يجب الحد على من عرض يقذف رجل يشير إليه أو يسميه في مشاتمة أو منازعة فطلب العرض به حده إذا علم أنه
تصد به القذف -
252

قال (باب ما يجب فيه القطع)
ذكر فيه (عن الزهري عن عمرة عن عائشة قال عليه السلام تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا) ثم أخرجه من طرق جعله
254

في بعضها من لفظ عائشة (قالت لم تقطع يد سارق في عهده عليه السلام في أقل من ثمن مجن حجفة أو ترس وكلاهما
ذو ثمن) ثم عزاه إلى الصحيحين وفى بعضها عن عروة مرسلا (ان يد السارق لم تقطع في عهده عليه السلام) إلى آخره - قلت
أخرجه النسائي من حديث ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن عمرة عن عائشة موقوفا عليها واخرج أيضا عن
الحارث بن مسكين عن ابن القاسم حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة قالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدا
وروينا في مسند الحميدي ثنا سفيان وحدثناه أربعة عن عمرة عن عائشة لم يرفعوه عبد الله بن أبي بكر وزريق بن حكيم
الأيلي ويحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد ورواه مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة موقوفا فقد اتفق ابن عيينة ومالك على
روايته عن يحيى بن سعيد موقوفا وقال الطحاوي حدثني غير واحد من أصحابنا من أهل العلم عن أحمد بن شيبان الرملي
ثنا مؤمل بن إسماعيل الرملي عن حماد بن زيد عن أيوب عن عبد الرحمن بن القاسم عن عمرة عن عائشة قالت تقطع يد
السارق في ربع دينار فصاعدا - قال أيوب وحدث يحيى عن عمر عن عائشة ورفعه فقال له عبد الرحمن أنها كانت لا ترفعه
فترك يحيى رفعه وأخرجه النسائي من حديث القاسم بن مبرور عن يونس قال ابن شهاب أخبرني عروة عن عائشة انه
عليه السلام قال لا تقطع اليد الا في يعنى ثمن المجن ثلث دينار أو نصف دينار فصاعدا - فيظهر بهذا كله ان هذا الحديث
اضطرب في متنه واضطرب أيضا في سنده مسند أو مرسلا وموقوفا -
255

قال (باب اختلاف الناقلين في ثمن المجن)
256

ذكر فيه حديثا (عن أيوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس قال كان ثمن المجن في عهده عليه السلام يقوم بعشرة دراهم
ثم قال (خالفه الحكم فرواه عن عطاء ومجاهد عن أيمن الحبشي) ثم أسنده (عن أيمن قال كان يقال لا يقطع السارق الا في
ثمن المجن وأكثر وكان ثمن المجن يومئذ دينارا) ثم حكى البيهقي (عن البخاري قال أيمن الحبشي من أهل مكة مولى ابن أبي
عمرة المكي سمع عائشة روى عنه ابنه عبد الواحد) ثم قال البيهقي (روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعة) - قلت -
هذان حديثان رواهما عطاء أحدهما عن ابن عباس والآخر عن أيمن فلا يعلل أحدهما بالآخر ولهذا اخرج الحاكم في المستدرك
حديث ابن عباس وقال صحيح على شرط مسلم وشاهده حديث أيمن ثم أخرجه من طريق سفيان عن منصور عن مجاهد
عن أيمن الحديث وذكر عبد الرزاق عن إبراهيم عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال ثمن المجن الذي يقطع فيه
دينار - قال واخبرنيه داود بن الحصين عن ابن المسيب مثله وإبراهيم هو ابن أبي يحيى والشافعي حسن الظن فيه وقال صاحب
التمهيد ثنا عبد الوارث ثنا قاسم ثنا محمد ثنا يوسف ثنا ابن إدريس ثنا محمد بن إسحاق عن عطاء عن ابن عباس قال قوم المجن
الذي قطع فيه النبي صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم - قال النسائي ثنا عبيد الله بن سعد انا عمى ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني
عمرو بن شعيب عن عطاء بن أبي رباح حدثه ان عبد الله بن عباس كأن يقول ثمنه عشرة دراهم - ثم حكى البيهقي (عن الشافعي
قال أيمن الذي رواه عنه عطاء رجل حدث لعله أصغر من عطاء روى عنه عطاء حديثا عن تبيع عن كعب فهذا منقطع فقال
خصمه روى شريك عن مجاهد عن أيمن بن أم أيمن فقال له الشافعي أخو أسامة قتل يوم حنين قبل ان يولد مجاهد ولم يبق
257

بعده عليه السلام فيحدث عنه) ثم ذكر البيهقي حديث عطاء عن أيمن مولى ابن الزبير عن تبيع عن كعب ثم قال وقد
أشار إليه البخاري في التاريخ واستدل هو وغيره بذلك على أن حديثه في المجن منقطع) - قلت - كلام الشافعي يعطى ان
أيمن الذي روى عنه عطاء غير أيمن أخي أسامة وانهما رجلان وقد حكاه صاحب المستدرك عن الشافعي بأصرح من هذا
فذكر ما حكيناه عنه من حديث الحكم عن مجاهد عن أيمن ثم قال سمعت أبا العباس يقول سمعت الربيع يقول سمعت الشافعي
يقول أيمن هذا هو ابن امرأة كعب وليس بابن أم أيمن ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال الحاكم والدليل على صحة
قول الشافعي ما حدثناه أبو بكر بن إسحاق ثنا إسماعيل بن قتيبة ثنا يحيى بن يحيى انا جرير عن منصور عن عطاء ومجاهد عن أيمن
قال وكان أيمن رجلا يذكر منه خير قال لا تقطع يد السارق في أقل من ثمن المجن وكان ثمن المجن يومئذ دينارا فأيمن بن أم
أيمن الصحابي أخو أسامة لامه اجل وأنبل من أن ينسب إلى الجهالة فيقال كان رجلا يذكر منه خير إنما يقال مثل هذه اللفظة
لمجهول لا يعرف بالصحبة انتهى كلامه وظاهر كلام البيهقي انهما رجل واحد وقد صرح بذلك جماعة فقال أبو حاتم بن
حبان في الثقات أيمن بن عبيد الحبشي هو الذي يقال له أيمن بن أم أيمن مولى النبي صلى الله عليه وسلم نسب إلى أمه كان
أخا أسامة لامه ومن زعم أن له صحبة فقد وهم وحديثه في القطع مرسل وفى معرفة الصحابة لأبي عبد الله بن منده أيمن
ابن أم أيمن وهو ابن عبيد بن عمرو أخو أسامة لامه أمهما أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر ابن مندة عن ابن
إسحاق قال وممن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا من أهل بيته أيمن بن عبيد وكانت أمه أم أيمن مولاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أخا أسامة لامه - وفى كتاب ابن أبي حاتم أيمن الحبشي مولى ابن عمرو روى عن
عائشة وجابر وتبيع روى عنه مجاهد وابنه عبد الواحد قال (خ) روى منصور عن مجاهد وعطاء عن أيمن بن أم أيمن
قال (خ) وأيمن رجل من التابعين لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك ابن أبي حاتم في ترجمة واحدة فهو تصريح
بأنهما واحد وفى الاستيعاب لأبي عمر بن عبد البر أيمن بن عبيد الحبشي وهو أيمن ابن أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخو أسامة لامه كان ممن بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ولم ينهزم وذكره ابن إسحاق فيمن استشهد يوم
حنين وذكر الطحاوي انه صحابي معروف الصحبة وقال في أحكام القرآن ولد في عهده عليه السلام وعاش بعد وفاته صلى الله
عليه وسلم وإذا ثبت انهما واحد وان أيمن ابن أم أيمن من الصحابة كما عده جماعة منهم وانه بقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم
كما ذكر الطحاوي تحمل رواية مجاهد عنه على الاتصال وان قتل بحنين كما زعم الشافعي وغيره فرواية مجاهد عنه مرسلة
وإن كان من التابعين كما زعم البخاري وغيره فروايته مرسلة والقائل بهذا المذهب يحتج بالمرسل كيف وقد تأيد بحديث
ابن عباس الذي صححه صاحب المستدرك وأخرجه عبد الرزاق من وجه ثان وصاحب التمهيد من وجه ثالث والنسائي
من وجه رابع وتأيد أيضا بما سيأتي من حديث عبد الله بن عمرو وابن المسيب - ثم ذكر البيهقي حديث (عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده قال كان ثمن المجن على عهده عليه السلام عشرة دراهم) ثم حكى عن الشافعي أنه قال هذا رأى من عبد الله بن
عمرو) - قلت - إذا ذكر الصحابي شيئا واضافه إلى زمنه صلى الله عليه وسلم كان مرفوعا عندهم فليس هذا برأي بل
هو خبر أخبر به وهو محمول عندهم على أنه سمعه وقد اخرج الدارقطني من حديث الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقطع يد لسارق في أقل من عشرة دراهم - وفى كتاب الحجج
لعيسى بن ابان ثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب قال مضت السنة ان لا تقطع
258

يد السارق الا في دينار أو عشرة دراهم - ومضت السنة بان قيمة المجن دينار أو عشرة دراهم وفى الحجج أيضا ثنا علي بن
عاصم عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب قال مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ان لا تقطع اليد الا في عشرة دراهم وفى مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج قال كأن يقول لا تقطع يد السارق في أقل
من عشرة دراهم وذكر الطحاوي في أحكام القرآن بسند جيد عن ابن جريج قال كان قول عطاء على قول عمرو
ابن شعيب لا تقطع اليد في أقل من عشرة دراهم - وفى كتاب الحجج عن مصعب بن سلام ويعلي بن عبيد قالا ثنا عبد الملك
عن عطاء انه سئل ما يقطع فيه السارق قال ثمن المجن وكان في زمانهم يقوم دينارا أو عشرة دراهم وقال النسائي انا حميد
ابن مسعدة عن سفيان عن العرزمي عن عطاء قال أدنى ما يقطع فيه ثمن المجن وثمن المجن عشرة دراهم - ثم حكى البيهقي عن
الشافعي (أنه قال لخصمه أنت تزعم أن عمرو بن شعيب ليس ممن يقبل روايته) - قلت - الحنفية يعملون بروايته
ولا يردون شيئا منها إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه وقد قال البيهقي في باب من قال يرث قاتل الخطأ (الشافعي كالمتوقف
في روايات عمرو بن شعيب إذا لم ينضم إليها ما يؤكدها) -
قال (باب ما جاء عن الصحابة فيما يجب به القطع)
259

ذكر فيه (عن الشافعي - قال بعض الناس روينا قولنا عن علي قلت رواية الزعافري عن الشعبي عن علي قال البيهقي رواية
داود الأودي الزعافري لم أقف عليها وقد روى من وجه آخر مظلم) ثم ذكره ثم قال (اسناد يجمع مجهولين وضعفاء)
260

- قلت - قد جاء من وجه آخر ضعيف الا انه أجود من الرواية التي ذكرها البيهقي بلا شك فروى عبد الرزاق عن
الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن يحيى بن الجزار عن علي قال لا يقطع الكف في أقل من دينار أو عشرة دراهم -
فعدل البيهقي عن هذه الرواية إلى تلك لزيادة التشنيع ثم قال (قال الشافعي فقال يعين خصمه قد روينا عن ابن مسعود
قال لا يقطع الا في عشرة دراهم قلنا روى الثوري عن عيسى بن أبي عزة عن ابن مسعود انه عليه السلام قطع سارقا في
خمسة دراهم وهذا أقرب أن يكون صحيحا عن عبد الله من حديث المسعودي عن القاسم عن عبد الله) قال البيهقي
(حديث ابن مسعود منقطع يعنى حديث المسعودي قال وروى عن أبي حنيفة عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود ورواه
المسعودي مرسلا والذي في معارضته ليس بأضعف منه يعنى حديث ابن أبي عزة) - قلت - حديث المسعودي رواه
عنه وكيع والثوري وابن المبارك وغيرهم والمسعودي ثقة روى له أصحاب السنن الأربعة واستشهد به البخاري وهو
وان اختلط فقد ذكر ابن حنبل ان سماع وكيع منه قديم وان من سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد ذكره صاحب
الكمال فان حكمنا لرواية أبي حنيفة باعتبار الزيادة زال انقطاع هذا الأثر والا فلا علة فيه الا الانقطاع وحديث ابن أبي
261

عزة فيه ثلاث علل - الثوري مدلس وقد عنعن - وابن أبي عزة ضعفه القطان وذكره الذهبي في كتاب الضعفاء -
والشعبي عن ابن مسعود منقطع - ذكره البيهقي في باب الزنا لا يحرم الحلال وسكت عنه هنا وظهر بهذا ان هذا السند
أضعف من سند رواية المسعودي خلافا لقول البيهقي (والذي روى في معارضته ليس بأضعف منه) وان سند رواية
المسعودي أقرب أن يكون صحيحا خلافا لما قاله الشافعي -
قال (باب القطع في كل ماله ثمن إذا سرق)
من حرز وبلغت قيمته ربع دينار
262

ذكر فيه حديث (لا قطع في ثمر ولا كثر) ثم قال (قال الشافعي وبهذا نقول لا قطع في ثمر معلق لأنه غير محرز وهو يشبه
حديث عمرو بن شعيب ثم ذكر البيهقي حديث عمرو عن أبيه عن جده ولفظه لا يقطع يعنى اليد في ثمر معلق فإذا آواه
الجرين قطعت) - قلت - ذكر الطحاوي ان الحديث الأول تلقت العلماء متنه بالقبول واحتجوا به والحديث الثاني
لا يحتجون به ويطعنون في اسناده ولا سيما ما فيه مما يدفعه الاجماع من غرم المثلين وقد ذكر البيهقي الحديث بما فيه من زيادة
غرم المثلين فيما بعد في باب تضعيف الغرامة فيما مضى في باب من قال يرث قاتل الخطأ (ان الشافعي كالمتوقف في
روايات عمرو بن شعيب إذا لم يضم إليها ما يؤكدها) فكيف خصص بحديثه عموم حديث لا قطع في ثمر ولا كثر - ثم ذكر
البيهقي (عن عثمان لا قطع في طير وعن أبي الدرداء ليس على سارق الحمام قطع) ثم قال (أراد الطير والحمام المرسلة في غير
جرز) قلت - فيه أمران - أحدهما - أراد الحمام بالتشديد قال ابن أبي شيبة في مصنفه الرجل يدخل الحمام فيسرق ثيابا -
ثنا زيد بن حباب حدثني معاوية بن صالح حدثني أبو الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء سئل عن سارق الحمام
فقال لا قطع عليه وقال الطحاوي السارق من الحمام المأذون في دخوله لا قطع عليه إذا كان غير حرز ثنا الربيع الجيزى ثنا
عبد الله بن يوسف ثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن بلال بن سعد أن أبا الدرداء اتى بسارق من الحمام فلم يقطعه
263

قال (باب ما يكون حرزا)
ذكر فيه عن مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله ان صفوان بن أمية إلى آخره ثم أخرجه من طريق ابن عيينة عن
عمرو عن طاوس مرسلا ثم قال (روى عن ابن كاسب عن ابن عيينة باسناده موصولا بذكر ابن عباس فيه وليس بصحيح)
265

قلت - ذكر صاحب التمهيد ان البزار أخرجه من حديث زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس
عنه عليه السلام وذكر المزي في أطرافه ان النسائي أخرجه عن محمد بن داود عن المعلي بن أسد عن وهيب عن عبد الله بن
طاوس عن أبيه عن صفوان بن أمية - قلت - يا رسول الله ان هذا سرق خميصة لي الحديث - ثم ذكر البيهقي في آخر الباب
حديث ابن أبي حسين (قال عليه السلام لا قطع في ثمر معلق إلى آخره وقد روينا هذا موصولا من حديث عمرو بن
شعيب عن أبيه) قلت ذكره فيما بعد في باب تضعيف الغرامة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو -
قال (باب السارق توهب له السرقة)
ذكر فيه حديث سرقة رداء صفوان وقوله (انا اهبه له) وقوله عليه السلام (فهلا قبل ان تأتيني به - قلت - مذهب
266

الشافعي انه لو وهبه قبل الرفع إلى الامام يقطع وهذا الحديث حجة عليه لأنه يدل على أنه لو وهب السارق رداءه قبل
ان يأتيه به لما قطعه وقال أبو يوسف لا قطع عليه محتجا بهذا الحديث ذكره صاحب التمهيد واختاره في الاستذكار
وعزاه إلى أبي حنيفة وصاحبيه وفى المعالم للخطابي احتج به من رأى أنه لا يقطع إذا ملكه قبل ان يرفع إلى الامام لأنه يدل
على أنه لو وهبه منه أو أبرأه قبل ان يرفعه إلى الامام سقط عنه القطع -
قال (باب من سرق عبدا صغيرا)
267

قال فيه (روى عن عمر أنه لم ير عليه القطع قال هؤلاء خلابون) ثم قال (قال أصحابنا معناه إذا كان العبد عاقلا فقد روى
عن عمر أنه قطع رجلا في غلام سرقه) - قلت - الأول - أخرجه ابن أبي شيبة ثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي
أيوب عن معروف بن سويد ان قوما كانوا يسترقون رقيق الناس بإفريقية فقال علي بن رباح ليس عليهم قطع قد كان
هذا على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلم ير عليهم قطعا وقال هؤلاء خلابون وهذا السند رجاله ثقات - والثاني -
رواه عبد الرزاق عن ابن جريج ورواه ابن أبي شيبة ثنا محمد بن بكر عن ابن جريج قال قال أخبرت ان عمر بن الخطاب
قطع رجلا في غلام سرقه - وهو منقطع كما ترى -
268

قال (باب النباش يقطع إذا اخرج الكفن من القبر)
(قال الشافعي لان هذا حرز مثله) - قلت - القبر ليس بحرز لاتفاق الجميع على أنه لو دفن فيه دراهم فسرقها لم يقطع فكذا
الكفن وهذا لان القبر إنما حفر لدفن الميت فيه لا لاحراز الكفن لأنه للبلى والهلاك ولأنه لا مالك له فصار كالسرقة من
بيت المال وكالآخذ الأشياء المباحة وهذا لأنه من جميع المال ومقدم على الدين فلا يملكه الورثة كما لا يملكون ما يصرف
ويستحيل ان يملكه الميت فثبت انه ليس في ملك أحد ومطالبة الورثة بالكفن لا يدل على أنه ملكهم كما يطالب بما سرق
من بيت المال وان لم يملكه - وفى مصنف ابن أبي شيبة ثنا عيسى بن يونس عن معمر عن الزهري يقال أتى مروان بن الحكم
بقوم يحتفرون القبور يعنى ينبشون فضربهم وتفاهم وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون - وهذا سند
صحيح - وفيه أيضا انا حفص عن أشعث عن الزهري قال أخذ نباش في زمن معاوية وكان مروان على المدينة
فسأل من كان بحضرته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة والفقهاء فلم يجدوا أحدا قطعه فاجمع رأيهم على أن
يضربه ويطاف به - وفى الاستذكار كان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه لا يرون عليه قطعا وروى ذلك عن يزيد (1)
ابن ثابت ومروان بن الحكم وأفتى به الزهري - ثم ذكر البيهقي حديث أبي ذر (يكون البيت بالوصيف يعنى القبر)

(1) كذا -
269

قلت - لو سلمنا ان تسمية القبر بيتا هو على سبيل الحقيقة فلا يقطع بالسرقة من البيت الا إذا كان حرزا وقد تقدم ان
القبر ليس بحرز ألا ترى ان المساجد تسمى بيوتا قال الله تعالى (في بيوت اذن الله ان ترفع) ومع ذلك لو سرق منها لا يقطع إذا
لم يكن ثم حافظ - وقال صاحب الاستذكار احتج من قطعه بقوله تعالى (ألم نجعل الأرض كفاتا احياء وأمواتا) فإنه (1) عليه
السلام سماه بيعا وليس في هذا كله ما يوجب التسليم له - ثم ذكر البيهقي حديث لعن المختفى عن مالك عن أبي الرجال عن عمرة
مرسلا - ثم رواه من حديث يحيى بن صالح وأبى قتيبة عن مالك عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة موصولا ثم قال
(الصحيح مرسل) - قلت فيه أمران - أحدهما - ان يحيى بن صالح ثقة اخرج له الشيخان وغيرهما وأبو قتيبة سلم بن
قتيبة اخرج له البخاري في صحيحه فهذان ثقتان زاد الوصل فيقبل منهما وتابعهما عبد الله بن عبد الوهاب فرواه عن مالك
كذلك كذا أخرجه صاحب التمهيد من حديثه فظهر بهذا ان الصحيح في هذا الحديث انه موصول - الأمر الثاني - لا يلزم
لعن المختفى انه يقطع كالغاصب والظالم فلا دلالة فيه على مدعاه -

(1) لعله - وبأنه -
270

قال (باب السارق يعود فيسرق)
ذكر فيه حديث مصعب بن ثابت عن ابن المنكدر عن جابر - قلت - في الاستذكار قال النسائي مصعب ليس بالقوى
وإن كان القطان روى عنه وهذا الحديث ليس بصحيح ولا اعلم في هذا الباب حديثا صحيحا عنه عليه السلام وفى حديث
مصعب قتل السارق في الخامسة ولا اعلم أحدا من أهل العلم قال به الا ما ذكره أبو مصعب صاحب مالك في مختصره
عن أهل المدينة مالك وغيره قال فان سرق الخامسة قتل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان وعمر بن عبد العزيز
قال وكان مالك يقول لا يقتل قال أبو عمر حديث القتل منكر لا أصل له وقد ثبت عنه عليه السلام لا يحل دم امرئ مسلم
272

الا بإحدى ثلاث - الحديث ولم يذكر فيها السارق وقال عليه السلام في السرقة فاحشة وفيها عقوبة - ولم يذكر قتلا وعلى
هذا جمهور أهل العلم في آفاق المسلمين - ثم ذكر البيهقي حديثا عن عبد الله بن أبي أمية عن عبد الله بن الحارث ثم قال (مرسل
حسن باسناد صحيح) - قلت - اضطرب في اسناده في اسم ابن أبي أمية فقيل عبد الله وفى مراسيل أبى داود عبد ربه
وكذا ذكره غيره واختلف أيضا في عبد الله بن الحارث فقيل هكذا وقيل الحارث بن عبد الله وقد ذكر البيهقي الاختلاف
فيهما فيما بعد ومع هذا الاضطراب لم أقف على حال ان أبى أمية بعد الكشف ولهذا قال عبد الحق في الأحكام هذا الحديث
لا يصح للارسال وضعف الاسناد - ثم ذكر البيهقي من حديث القاسم وصفية (ان رجلا اقطع اليد والرجل سرق
عند أبي بكر فقطع يده اليسرى) - قلت - كلاهما لم يسمعا أبا بكر وقد روى عنه وعن غيره من الصحابة خلاف هذا قال
صاحب الاستذكار اختلف في هذا الحديث فروى أنه إنما قطع رجله وكان مقطوع اليد اليمنى فقط ذكر عبد الرزاق
عن معمر عن الزهري عن سالم وغيره قال إنما قطع أبو بكر رجل الأقطع وكان مقطوع اليد اليمنى فقط وقال الزهري
ولم يبلغنا في السنة في القطع اليد والرجل لا يزاد على ذلك قال وانا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال إنما قطع أبو بكر
273

رجل الذي قطعه يعلي بن أمية كان مقطوع اليد قبل ذلك - وذكر عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة
قالت كان رجل اسود يأتي أبا بكر فيدنيه ويقرئه القرآن حتى بعث ساعيا فقال أرسلني معه فأرسله معه واستوصى به
خيرا فلم يعبر منه الا قليلا حتى جاء قد قطعت يده فلما رآه أبو بكر فاضت عيناه قال ما شأنك قال ما زدت على أنه كان يوليني
شيئا من عمله فخنته فريضة واحدة فقطع يدي فقال أبو بكر تجدون الذي قطع هذا يخون عشرين فريضة ان كنت صادقا
لافتدينك (1) منه ثم أدناه فكان الرجل يقوم الليل فيقرأ فإذا سمع أبو بكر صوته قال تالله لرجل قطع هذا لقد اجترأ على الله فلم
يعبر الا قليلا حتى فقد آل أبي بكر حليا لهم ومتاعا فقام الأقطع فاستقبل القبلة ورفع يده الصحيحة والأخرى التي قطعت فقال
اللهم أظهر على من سرقهم وكان معمر ربما قال اللهم أظهر على من سرق أهل هذا البيت الصالحين فما انتصف النهار حتى
عثروا على المتاع عنده فقال أبو بكر ويلك انك لقليل العلم بالله فأمر به فقطعت رجله - وقال ابن أبي شيبة ثنا عيسى بن يونس
عن الأوزاعي عن الزهري قال إنتهى أبو بكر في قطع السارق إلى اليد والرجل - ثم ذكر البيهقي (عن عمر القطع في الثالثة
والرابعة) - قلت - قد جاء عنه خلاف ذلك قال ابن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول
ان عمر قال إذا سرق السارق فاقطعوا يده ثم إذا عاد فاقطعوا رجله ولا تقطعوا يده الأخرى وذروه يأكل بها الطعام
ويستنجى بها من الغائط ولكن احبسوه عن المسلمين - ثم ذكر البيهقي عن علي عدم القطع في الثالثة والرابعة من وجهين
قلت - وقد جاء ذلك عنه من وجهين آخرين قال ابن أبي شيبة ثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى وعن مغيرة عن
الشعبي قال (2) كان على يقول إذا سرق السارق مرارا قطعت يده ورجله ثم إن عاد استودعته السجن - وقال أيضا ثنا
حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه قال كان على لا يزيد على أن يقطع لسارق يدا ورجلا فإذا اتى به بعد ذلك قال إني لأستحي

(1) كذا -
(2) كذا
274

ان لا يتطهر لصلاته ولكن أمسكوا كله عن المسلمين وأنفقوا عليه من بيت المال - وقال أيضا ثنا أبو خالد عن الحجاج
عن عمرو بن دينار أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن السارق فكتب إليه بمثل قول على قال وثنا أبو خالد عن حجاج
عن سماك عن بعض أصحابه ان عمر استشارهم في سارق فأجمعوا على مثل قول على وبه قال الثوري وأبو حنيفة وصاحباه انه
لا قطع بعد الثانية وإنما فيه الغرم وهو قول الزهري والنخعي والشعبي والأوزاعي وحماد واحمد وروى عن جماعة من
الصحابة والتابعين ومن بعدهم -
275

قال (باب غرم السارق)
276

ذكر فيه حديثا عن سعد بن إبراهيم عن أخيه المسور عن عبد الرحمن بن عوف ثم قال (إن كان سعد هذا ابن إبراهيم بن
عبد الرحمن فلا نعرف في التواريخ له أخا معروفا يقال له المسور) إلى آخره - قلت - في كتاب ابن أبي حاتم مسور بن
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أخو سعد وصالح ابني إبراهيم روى عن عبد الرحمن بن عوف مرسلا - روى عنه اخوه
سعد بن إبراهيم، سمعت أبي يقول ذلك - وذكر ذلك صاحب الكمال وزاد مات سنة سبع ومائتين روى له النسائي
فظهر بهذا ان سعد هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وانه لا وجه لترديد البيهقي وان له أخا يقال له المسور فإن لم يثبت
للمسور سماع من عبد الرحمن والحديث مرسل فالقائلون به يحتجون بالمرسل على أن ابن جرير الطبري اخرج هذا الحديث
في تهذيب الآثار موصولا فقال ثنا أحمد بن الحسن الترمذي ثنا سعيد بن كثير بن عفير ثنا المفضل بن فضالة عن يونس
ابن يزيد عن سعد بن إبراهيم حدثني أخي المسور بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف ان رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال إذا أقيم الحد على السارق فلا غرم عليه - وأخرجه أبو عمر بن عبد البر من طريق ابن جرير وهذا السند ما خلا
المسور وأباه على شرط البخاري وأبوه ذكره ابن حبان في ثقات التابعين ثم قال ابن جرير ما ملخصه فيه البيان عن
صحة قول من لم يضمن السارق بعد الحد وفساد قول من ضمنه ثم حكى عدم التضمين عن ابن سيرين والشعبي والنخعي
وعطاء والحسن وقتادة قال وعلتهم مع الأثر القياس على اجماعهم على أن أهل العدل إذا ظهروا على الخوارج لم يغرموا
ما استهلكوه وكذا قطاع الطريق ولو كان السارق في التضمين كالغاصب لتعديه لوجب الضمان على هؤلاء لتعديهم وظلمهم
وكذا لو استهلك حربي مالا لمسلم غلب عليه ثم أسلم لم يتبع به اجماعا قال وهذا هو الصواب لقوله تعالى (فاقطعوا أيديهما جزاء
بما كسبا) فلم يأمر بالتغريم ولو كان لازما لعرفهم به كما عرفهم بالقطع - ثم قال البيهقي (وإبراهيم بن عبد الرحمن لم يثبت له
سماع من عمر إلى قوله ولا نعرف أخاه) - قلت - كذا في نسختنا من هذا الكتاب ولا تعلق لهذا الكلام بما قبله ثم
277

ذكر البيهقي بسنده (عن هشيم ثنا بعض أصحابنا عن الحسن كأن يقول هو ضامن للسرقة مع القطع) - قلت - في سنده هذا
المجهول وقد جاء عن الحسن بخلاف هذا قال عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال حسبه
للقطع - ثم ذكر البيهقي (عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم انه كأن يقول يضمن السرقة استهلكها أو لم يستهلكها وعليه
القطع) - قلت - قد تقدم عنه وعن غيره عدم التضمين وحكاه ابن المنذر في الاشراف عن مكحول والثوري وقال ابن
عبد البر هو قول سائر الكوفيين - وروى ابن أبي شيبة بسنده عن الشعبي قال إن وجدت السرقة بعينها عنده اخذت منه
وقطعت يده وإن كان قد استهلكها قطعت يده ولا ضمان عليه، ثم قال ثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم وأشعث عن ابن
سيرين مثله، وروى بسنده عن عطاء نحو ذلك، وروى بسنده عن سعيد بن جبير سئل عن الرجل يسرق فيقطع يده أيغرم
السرقة قال كفى بالقطع غرما -
قال (باب ما جاء في تضعيف الغرامة)
ذكره في آخره (عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أصاب غلمان لحاطب ناقة لرجل إلى آخره) - قلت - في الاستذكار ما ملخصه
ان العلماء تركوه للقرآن والسنة اما القرآن فقوله تعالى (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به)
ولم يقل بمثليه واما السنة فإنه عليه السلام قضى على من أعتق شقصا من عبد بقيمة حصة شريكه، وضمن الصحفة التي كسرها
بعض أهله بصحفة مثلها ولأنه خبر يدفعه الأصول فقد اجمع العلماء على أن من استهلك شيئا لا يغرم الا مثله أو قيمته وانه
لا يعطى أحد بدعواه لقوله عليه السلام لو أعطى قوم بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ولكن البينة على المدعى
وفى هذا الحديث تصديق المزني فيما ذكر من ثمن ناقته وفيه أيضا انه غرمه باعتراف عبيده وقد اجمعوا على أن اقرار العبد
278

على سيده في ماله لا يلزمه وأيضا فان يحيى بن عبد الرحمن لم يلق عمر ولا سمع منه فهذه أربعة أوجه علل بها هذا الحديث وقد
ذكر البيهقي في الباب الذي يلي هذا الباب عن الشافعي ما ملخصه انه استدل على ترك تضعيف الغرامة بوجهين من هذه
الأربعة وذكر ابن وهب في موطأه الحديث بمعناه من طريقين من رواية يحيى بن عبد الرحمن عن أبيه وأبوه عبد الرحمن
سمع عمر وروى عنه وليس عند جمهور رواة الموطأ عن أبيه قال أبو عمر أظن ابن وهب وهم فيه وذكر أيضا ان القصة
كانت بعد موت حاطب وهو غلط لان حاطبا مات سنة ثلاثين في خلافة عثمان -
قال (باب لا قطع على مختلس)
ذكر فيه حديثا عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر ثم ذكر (ان أبا داود قال لم يسمعه ابن جريج من أبى الزبير وبلغني
عن ابن حنبل قال إنما سمعه ابن جريج من ياسين الزيات) - قلت - أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج قال قال
279

لي أبو الزبير قال جابر الحديث وهذا صريح في أنه سمعه منه وكذلك أخرجه النسائي فقال إنا محمد بن حاتم انا سويد هو ابن
نصر انا عبد الله هو ابن المبارك عن ابن جريج قال اخبرني أبو الزبير فذكره وهذا سند صحيح وبهذا اللفظ أيضا أخرجه
الطحاوي فقال ثنا يحيى بن عثمان ثنا نعيم هو ابن حماد ثنا ابن المبارك فذكره ويحيى اخرج له الحاكم في مستدركه وابن حبان
280

في صحيحه ونعيم اخرج له البخاري في صحيحه فهو أيضا سند صحيح وقد صرح فيه أيضا بالسماع فيحمل على أنه سمعه منه
مرة بلا واسطة ومرة بواسطة ياسين ويدل على ذلك ان الترمذي أخرجه من حديث ابن جريج عن أبي الزبير ثم قال
حسن صحيح - ثم ذكر البيهقي حديث التي كانت تستعير ثم رجح رواية السرقة - قلت - الروايتان صحيحتان بالعمل بها
كما روى عن ابن حنبل و؟؟؟؟؟ أولى من ترجيح إحداهما -
281

قال (باب ما جاء في تفسير الخمر)
288

ذكر فيه قول عمر (نزل تحريمها يوم نزل وهي من خمسة من العنب والتمر والبر والشعير والعسل، والخمر ما خامر العقل)
وفى آخره (فقلت ما ترى في السادسة تصنع بالسند قال لم يكن هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان لنهى
عنه الا ترى انه قد عم الأشربة كلها فقال الخمر ما خامر العقل قال أبو بكر يعنى الإسماعيلي فيه دلالة على أن قوله والخمر ما خامر
العقل من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه البخاري في الصحيح عن أحمد بن أبي رجاء الا انه لم يذكر ولو كان لنهى
289

عنه فإنه مما قيل للشعبي وهو الذي أجاب به) - قلت - هذا الكلام يقتضى انه في البخاري كما ساقه إلى قوله ولو كان لنهى
عنه وليس هو كذلك في صحيح البخاري لا لفظا ولا معنى بل لفظه فقلت يا أبا عمرو فشئ يصنع بالسند من الرز قال ذاك
لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو قال على عهد عمر كذا ذكره بالشك وكيف يسوق الشعبي هذا اللفظ من كلام
عمر ثم يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم الا ترى انه قد عم الأشربة كلها فقال الخمر ما خامر العقل هذا لا يستقيم وقد صرح
290

البيهقي في آخر الباب الذي يلي هذا الباب (ان هذا قول عمر) ثم ذكر البيهقي حديث ابن عمر (لقد حرمت الخمر وما بالمدينة
منها شئ) - قلت - قد كان بالمدينة سائر الأنبذة غير الخمر لأنها كانت تجلب إليها فلما نفى اسم الخمر عن بقية الأنبذة دل
على أن هذا الاسم عنده حقيقة الشراب العنب التي المستند وان ما سواها غير مسمى بهذا الاسم وان سمى به كان مجازا أو لهذا
نفى اسم الخمر عنه مع وجوده عندهم بالمدينة وهذا علامة المجاز فثبت ان تسميته باسم الخمر على جهة التشبيه بها عند وجود
السكر فوجب ان يحمل حديث -
291

الخمر من خمسة أشياء ونحوه على الحال التي يتولد منها السكر لأنها حينئذ تعمل عمله في توليد السكر واستحقاق الحد وعليه
يحمل قول عمر الخمر ما خامر العقل - لان المخامرة التغطية والقليل من الأنبذة لا يخامر العقل وقد نفى أبو الأسود اسم
الخمر عن الطلاء بقوله -
دع الخمر تشربها الغواة فإنني - رأيت أخاها مغتيا بمكانها
فان لا يكنها أو تكنه فإنه - أخوها غذته أمه بلبانها
جعل الطلاء أخا للخمر وأخو الشئ غيره أراد انهما معا من الكرم -
292

قال (باب الدليل على أن الطبخ لا يخرج هذه الأشربة
من دخولها في الاسم والتحريم)
293

ثم ذكر فيه (عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال كل مسكر خمر) إلى آخره ثم قال (كذا رواه سائر أصحاب مالك عن
مالك موقوفا غير ورح فإنه رفعه) - قلت - ذكر أبو عمر هذا الحديث في التمهيد ثم قال موقوف في الموطأ لم يختلف فيه
الرواة عن مالك الا عبد الملك بن اما جشون فإنه رواه عن مالك عن نافع عن ابن عمر عنه عليه السلام فرفعه وذكر المزي في
أطرافه ان النسائي رواه في الأشربة عن الحارث بن مسكين عن ابن القاسم عن مالك مرفوعا كذلك ثم ذكر البيهقي (عن
294

ابن عباس انه سئل عن الطلاء فقال إن النار لا تحل منها شيئا ولا تحرمه) - قلت - استدل البيهقي بهذا الأثر على التحريم
وابن أبي شيبة ذكره في مصنفه في باب جواز شرب الطلاء أثناء آثار دالة على الإباحة فقال ثنا ابن فضيل عن الأعمش
فذكره وفى لفظه ان النار لا تحل شيئا ولا تحرمه لان أوله كان حلالا -
295

قال (باب من رخص فيما لم يسكر)
ذكر فيه قول ابن عباس (والسكر من كل شراب) - قلت - خرج قاسم بن اصبغ ثنا أحمد بن زهير ثنا أبو نعيم الفضل
ابن دكين عن مسعر عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس قال حرمت الخمر بعينها القليل منها والكثير والسكر
من كل شراب - قال ابن حزم صحيح وتابع أبا نعيم جعفر بن عون فرواه عن مسعر كذلك وتابع مسعرا الثوري فرواه
عن أبي عون كذلك وفى التهذيب للطبري ثنا محمد بن موسى الحرشي ثنا عبد الله بن عيسى ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة
عن ابن عباس قال حرم الله الخمر بعينها والسكر من كل شراب - وروى أبو حنيفة في مسنده عن عون بن أبي جحيفة قال
قال ابن عباس حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب -
297

قال (باب ما جاء في صفة نبيذهم)
ذكر فيه (عن أبي خيثمة يعنى زهيرا عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال إنا لنشرب من النبيذ نبيذا يقطع لحوم الإبل)
- قلت - اخرج الطحاوي هذا الأثر عن روح بن الفرج عن عمرو بن خالد عن زهير وفى آخره قال وشربت من
نبيذه فكان كأشد النبيذ وروح وثقه الخطيب وعمرو بن خالد ثقة ثبت كذا قال أحمد بن عبد الله وأخرجه الدارقطني من
حديث شريك عن أبي إسحاق ولفظه انى شربت هذا النبيذ الشديد يقطع ما في بطوننا من لحوم الإبل وقال ابن أبي شيبة
ثنا الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال قال عمر انا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الإبل في
بطوننا ان تؤذينا فمن رابه من شرابه شئ فليمزجه بالماء - وقال أيضا ثنا وكيع ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي
حازم حدثني عتبة بن فرقد قال قدمت على عمر فدعا بعس من نبيذ قد كان (1) يصير خلا فقال اشرب فاخذته فشربته فما
كدت ان أسيغه ثم اخذه فشربه ثم قال يا عتبة انا نشرب هذا النبيذ الشديد لنقطع به لحوم الإبل في بطوننا ان تؤذينا - ثم
قال البيهقي (واما الصفة ففيما انا أبو بكر) فذكر قول الحبشية (كنت انبذ له في سقاء من الليل فإذا أصبح شرب منه)

(1) كذا
299

ثم ذكر بمعنى ذلك من وجوه ثم قال (على مثل هذه الصفة كان نبيذ عمر وغيره من الصحابة الا ترى ان عمر إنما أحل
300

الطلاء حين ذهب سكره وشره وحظ شيطانه وذلك فيما انا أبو زكريا) فذكر بسنده (ان عمر لما قدم الشام شكوا له وباء
الأرض إلى أن قالوا هل لك ان نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر قال نعم فطبخوه حتى ذهب من الثلثان وبقى الثلث
إلى أن قال فأمرهم عمر أن يشربوه) ثم ذكر (ان عمر كتب ان اطبخوا شرابكم حتى يذهب نصيب الشيطان منه فان للشيطان
اثنين ولكم واحد) - قلت - قد ورد مثل هذا عن عمر وغيره من السلف قال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن أيوب
عن ابن سيرين قال كتب لنوح من كل شئ زوجان وفيه ان الملك قال له وتطبخه حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث - قال
ابن سيرين فوافق ذلك كتاب عمر بن الخطاب وعن معمر عن عاصم عن الشعبي قال كتب عمر إلى عمار أما بعد فإنه جاءتنا
أشربة من الشام كأنها طلاء الإبل قد طبخ حتى ذهب ثلثاه الذي فيه خبث الشيطان وريح جنونه وبقى ثلثه فاصطنعه
وأمر من قبلك ان يصطنعوه - وعن ابن التيمي عن منصور عن إبراهيم عن سويد بن غفلة قال كتب عمر إلى عماله ان
يرزقوا الناس الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقى ثلثه - وفى مصنف ابن أبي شيبة ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن داود بن أبي هند
سألت سعيد بن المسيب عن الشراب الذي كان عمر اجازه للناس قال هو الطلاء الذي طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقى
ثلثه - ثنا علي بن مسهر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن انس ان أبا عبيدة ومعاذ بن جبل وأبا طلحة كانوا يشربون
من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقى ثلثه - ثنا وكيع عن الأعمش عن ميمون هو ابن مهران عن أم الدرداء قالت كنت اطبخ
لأبي الدرداء الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقى ثلثه لشربه وعن علي انه كان يرزق الناس من الطلاء الذي ذهب ثلثاه وبقى ثلثه
ثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال كان على يرزقنا الطلاء فقلت له ما هيئته قال اسود يأخذه أحدنا
بإصبعه - ثنا وكيع عن سعد بن أوس عن انس بن سيرين قال كان انس بن مالك سقيم البطن فأمرني ان اطبخ له طلاء
حتى ذهب ثلثاه وبقى ثلثه فكان يشرب منه الشربة على اثر الطعام - ثنا ابن نمير ثنا إسماعيل عن مغيرة عن شريح ان خالد
ابن الوليد كان يشرب الطلاء بالشام - وقد تقدم في آخر باب الدليل على أن الطبخ لا يخرج هذه الأشربة من دخولها
في الاسم والتحريم ما أخرجه ابن أبي شيبة من قول ابن عباس ان النار لا تحل شيئا إلى آخره وهذا كله يقتضى جواز شرب
هذا المطبوخ وقد قال صاحب الاستذكار لا اعلم خلافا بين الفقهاء في جواز شرب العصير إذا طبخ فذهب ثلثاه وبقى
ثلثه وقد تقدم من كلام البيهقي خلاف هذا فقال باب الدليل على أن الطبخ لا يخرج هذه الأشربة إلى آخره وذكر هناك
قول أبى عبيد (قد جاء في الأشربة آثار كثيرة بأسماء مختلفة) فذكر الخمر والسكر والبتع والجعة والمزر والسكركة
والفضيخ والخليطين والمنصف وهو ان يطبخ عصير العنب قبل ان يغلى حتى يذهب نصفه وان طبخ حتى يذهب ثلثاه
301

ويبقى ثلثه فهو الطلاء سمى بذلك لأنه يشبه بطلاء الإبل في ثخنه وسواده ثم قال (وهذه الأشربة كلها كناية عن اسم
الخمر ولا احسبها الا داخلة في قوله عليه السلام ان ناسا من أمتي يشربون الخمر باسم يسمونها به ومما يبينه قول عمر الخمر ما
خامر العقل) وقال في الخلافيات ما أسكر كثيره فقليله حرام من أي الأجناس كان من مطبوخ وني -
قال (باب ما جاء في الكسر بالماء)
ذكر فيه حديثا عن أحد الوفد الذين وفدوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم من عبد القيس ثم قال (الروايات الثابتة في قصة وفد
عبد القيس خالية عن هذه اللفظة وفى هذا الاسناد من يجهل حاله) - قلت - رواه أبو داود في سننه باسناد رجاله ثقات
معروفون ليس فيهم مجهول الا هذا الصحابي الذي هو من جملة وفد عبد القيس والصحابة عندهم عدول لا تضرهم الجهالة
وكذا قال البيهقي في غير موضع وإذا كان كذلك فهذه اللفظة زيادة من ثقة فهي مقبولة - ثم ذكر البيهقي هذا الحديث من
جهة أبي هريرة وفى آخره (فان خشي شربه فليصب عليه الماء) ثم قال (رواه جماعة لم يذكروا فيه هذه اللفظة فيشبه
302

أن تكون من قول بعض الرواة) - قلت - هذا دعوى والراوي إذا كان ثقة قبلت زيادته كما تقدم - ثم ذكر حديثا
عن إسرائيل هو ابن يونس عن علي بن بذيمة عن قيس بن حبتر عن ابن عباس - قلت - هذا سند جيد وأخرجه أبو داود
بسند جيد أيضا عن سفيان هو الثوري عن ابن بذيمة بسنده والرفع زيادة من ثقة فوجب قبوله - ثم ذكر حديثا عن عائشة في
سنده ثمامة بن كلاب فقال (مجهول) - قلت - ذكره ابن حبان في الثقات من اتباع التابعين - ثم ذكر رواية فيها عكرمة
303

ابن عمار - قلت - تقدم الكلام عليه في باب مس الفرج بظهر الكف ثم ذكر حديثا في سنده عبد الملك بن نافع فقال
(مجهول) - قلت - ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين ثم ذكر اثرا عن عمر في كسر الشراب المشتد بالماء ثم قال
305

(إنما كان اشتداده بالحموضة أو بالحلاوة) - قلت - في مصنف عبد الرزاق ثنا ابن جريج اخبرني إسماعيل ان رجلا عب
في شراب نبذ لعمر بطريق المدينة فسكر فتركه عمر حتى افاق فحده ثم أوجعه عمر بالماء فشرب منه قال ونبذ نافع بن
306

عبد الحارث لعمر بن الخطاب في المزاد وهو عامل له فاستأخر عمر حتى عدا الشراب طوره فدعا به عمر فوجده شديدا
فأوجعه بالماء ثم شرب وسقى الناس - فقوله فسكر يضعف تأويل البيهقي -
307

قال (باب الرخصة في الأوعية بعد النهى)
قلت - في الاستذكار كان الشافعي يكره الانتباذ في هذه الأوعية وقال ابن القاسم كره مالك الانتباذ في الدباء والمزفت
310

قال أبو عمر أظنهم احتاطوا فبقوا على أصل النهى ولم يقبلوا رخصة النسخ -
311

قال (باب من أقيم عليه الحد أربعا ثم عاد)
ذكر فيه حديث رفع القتل في الرابعة عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عنه عليه السلام - قلت - سكت عن الحديث
وهو مرسل وقبيصة معدود من التابعين وفيه علة أخرى وهي ان الزهري لم يسمعه من قبيصة ذكرها الطحاوي في الرد
313

على الكرابيسي وقال مستدلا على ذلك ثنا يونس هو ابن عبيد ثنا بشر بن بكر ثنا الأوزاعي عن ابن شهاب انه بلغه عن
قبيصة بن ذؤيب فذكر الحديث وسنده على شرط مسلم -
قال (باب من وجد منه ريح شراب)
314

ذكر فيه حديثا في سنده محمد بن علي بن ركانة فذكر بسنده (عن ابن المديني قال مجهول) - قلت - هو معروف وهو ابن
علي بن زيد بن ركانة روى عنه ابن جريج وابن إسحاق وخرج له أبو داود في سننه ووثقه ابن حبان -
315

قال (باب ما جاء في إقامة الحد حال السكر أو حتى يذهب)
ذكر فيه (ان مطيع بن الأسود ضرب شاربا ضربا شديدا فقال عمركم ضربته فقال ستين فقال قتلته اقص عنه بعشرين
317

قال أبو عبيد يقول اجعل شدة الضرب قصاصا بالعشرين التي بقيت) قال البيهقي (فيه ان الزيادة على الأربعين تعزير
وليس بحد) - قلت - بل هي حد لما في الصحيح ان النبي عليه السلام وأبا بكر جلدا في الخمر أربعين وجلد عمر ثمانين ذكره
البيهقي قبل هذا الباب وبعده -
قال (باب ما جاء في عدد حد الخمر)
318

ذكر في آخره (عن علي انه جلد في الخمر أربعين جلدة بسوط له طرفان) ثم قال (وكأنه أراد صار أربعين بالطرفين فقد
روينا في الحديث الموصول انه امره بجلده أربعين) - قلت - إذا جلد بسوط له طرفان أربعين صار الكل ثمانين وتأويل
319

البيهقي بعيد جدا مخالف لمقتضى اللفظ وقال القاضي عياض المعروف من مذهب على الجلد في الخمر ثمانين ومنه قوله في قليل
الخمر وكثيرها ثمانون جلدة - وروى عنه انه جلد المعروف بالنجاشي والمشهور أنه هو الذي أشار على عمر بإقامة الحد ثمانين
320

وروى أنه جلد أربعين بسوط له رأسان فتكون جملتها ثمانين وذهب الطبري في التهذيب إلى أن حد الخمر ثمانون وأول ضربه
عليه السلام أربعين بان المضروب كان عبدا أو انه ضربه كذلك بسوطين واستدل على ذلك بحديث انس انه عليه السلام
ضربه بجريدتين نحوا من أربعين -
321

قال (باب السلطان يكره على الاختتان وما ورد في الختان)
ذكر فيه حديث الفطرة - قلت - مذهبه ان الختان واجب ومقصوده من هذا الحديث الاستدلال على ذلك ودلالته على أن
ه سنة اظهر قال الخطابي ذهب أكثر العلماء إلى أن الفطرة هي السنة قال النووي وكذا ذكره جماعة غير الخطابي قالوا ومعناه
انها من سنن الأنبياء عليهم السلام ثم إن معظم هذه الخصال سنة وليست بواجبة عند العلماء وفى بعضها خلاف في وجوبه
انتهى كلامه والاستدلال بهذا الحديث على سنية الختان من وجهين - أحدهما - ان الفطرة هي السنة كما تقدم والسنة
تذكر في مقابلة الواجب - والثاني - ان الأشياء التي ذكرت في الحديث مع الختان ليست بواجبة وفى شرح العمدة
الاستدلال بالقران في هذا المكان قوى لان لفظ الفطرة لفظة واحدة استعملت في هذه الأشياء الخمسة فلو فرقت
في الحكم أعني ان تستعمل في بعض هذه الأشياء لإفادة الوجوب وفى بعضها لإفادة الندب لزم استعمال اللفظ الواحد
في معنيين مختلفين وفيه ما عرف في علم الأصول وإنما يضعف دلالة الاقتران إذا استعملت الجمل في الكلام ولم يلزم
منه استعمال اللفظ الواحد في معنيين كما جاء في الحديث لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة -
فاستدل به بعض الفقهاء على أن اغتسال الجنب في الماء يفسده لكونه مقرونا بالنهي عن البول فيه ثم ذكر البيهقي حديث عثيم
ابن كليب (عن أبيه عن جده قال عليه السلام له الق عنك شعر الكفر واختتن) - قلت - هو عثيم بن كثير بن كليب ومع
323

ضعف الواسطة بين ابن جريج وعثيم يحمل الحديث على الاستحباب بقرينة انه ذكر معه القاء شعر الكفر وليس بواجب
324

بواجب ثم ذكر عن ابن عباس حديث (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء) ثم قال (اسناد ضعيف والصحيح
موقوف) ثم ذكر عن رجل عن ابن عباس كره ذبيحة الارغل وقال لا تقبل صلاته ولا تجوز شهادته) - قلت - فيه هذا
المجهول ثم ذكر عنه (قال لا تقبل صلاة رجل لم يختتن) - قلت - في سنده ابن أبي يحيى وحاله معروف ثم قال (وهذا
يدل على أنه كان يوجبه وان قوله سنة للرجال أراد به سنة النبي عليه السلام الموجبة) - قلت - كيف يستدل بهذا وهو
من طريقه ضعيف ثم ذكر حديث (اختتن إبراهيم عليه السلام) وقال (قال الله تعالى ثم أوحينا إليك ان اتبع ملة إبراهيم
حنيفا) وذكر (ان هذا أحسن ما يستدل به) - قلت - النبي عليه السلام مأمور باتباعه في التوحيد بقرينة قوله بعد ذلك
حنيفا وما كان من المشركين - ولو سلمنا انه امر باتباعه في الختان لسنا نعلم أن إبراهيم عليه السلام امر بالختان وجوبا
أو كان مستحبا في حقه وفى الاستذكار من ملة إبراهيم سنة وفريضة وكل يتبع على وجهه ثم ذكر الكلمات التي ابتلى بها
إبراهيم (وانها عشر ومنها الختان) ثم قال (قال أصحابنا الابتلاء إنما يقع في الغالب بما يكون واجبا) - قلت - لو كان
كذلك لكانت هذه الأشياء كلها واجبة لان إبراهيم عليه السلام ابتلى بها والنبي عليه السلام امر باتباعه على ما قرره البيهقي
325

وليس الامر كذلك بل الأشياء التي قرنت بالختان في هذا الأثر ليست بواجبة والنزاع في الختان وقال ابن المنذر ليس في
الختان خبر يرجع إليه ولا سنة تتبع والأشياء على الإباحة -
326

قال (باب الحدود كفارات)
328

ذكر فيه الحديث ثم ذكر حديث (لا ادرى الحدود كفارة) من وجهين مرفوعا ومن وجه واحد مرسلا ثم قال (ان
صح يحتمل) إلى آخره - قلت - صحيح بلا شك لأنه لو روى من وجه مرسلا ومن وجه مرفوعا رجح الرفع لأنه زيادة
فكيف وقد روى مرفوعا من وجهين وقد رواه أبو داود بسند صحيح من حديث عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي ذئب
عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عنه عليه السلام وكذلك رواه الحاكم ثم قال صحيح على شرط الشيخين -
329

قال (باب الستر على أهل الحدود)
330

ذكر فيه حديثا عن شعبة عن يحيى بن سعيد عن ابن المنكدر عن ابن هزال عن أبيه ثم قال (كذا رواه جماعة عن شعبة) ثم
ذكره (عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن ابن المنكدر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) الحديث ثم قال (هذا أصح
331

مما قبله) - قلت - الأول رواه عن شعبة جماعة كما ذكر البيهقي وشعبة اجل من ابن بلال فروايته أصح من روايته وقد
رواه النسائي عن عباس العنبري عن أبي داود عن شعبة كذلك -
332

قال (باب الضمان على البهائم)
ذكر فيه حديث ناقة البراء من عدة طرق ثم ذكره من حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن حرام عن أبيه
341

قلت - اضطرب اسناد هذا الحديث اضطرابا شديدا واختلف فيه عن الزهري فروى عنه على سبعة أوجه ذكرها ابن
القطان ثم قال ولا أبعد زيادة على هذا ولكن هذا المتيسر وذكر عبد الحق بعض الاختلاف فيه ثم قال وفيه اختلاف أكثر
من هذا وذكر ابن عبد البر بسنده عن أبي داود قال لم يتابع أحد عبد الرزاق على قوله في هذا الحديث عن أبيه وقال
أبو عمر أنكروا عليه قوله فيه عن أبيه وقال ابن حزم هو مرسل رواه الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة عن أبيه ورواه
الزهري أيضا عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ان ناقة للبراء - ولم يسمع سعد بن محيصة من أبيه ولا أبو أمامة من البراء
انتهى كلامه ثم إن الشافعي وغيره تركوا العمل بعموم هذا الحديث قال الطحاوي وجدنا أهل العلم جميعا لا يختلفون انه
لا يجب على أهلها ما أصابت بالليل من بني آدم وظاهر الحديث يخالف ذلك - ثم ذكر البيهقي عن جماعة قصة نفش الغنم -
قلت - على تقدير أن يكون شريعته شريعة لنا فالشافعية وغيرهم يخالفون هذه القصة ولا يحكمون بها وهي منسوخة بحديث
العجماء جبار -
342

قال (باب الدابة تنفح برجلها
ذكر فيه حديث (الرجل جبار) - من طريق سفيان بن حسين عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة ثم حكى (عن
الشافعي انه غلط) وعن الدارقطني (انه وهم وانه لم يتابع سفيان على قوله الرجل جبار أحد) ثم ذكره من حديث آدم
عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة ثم قال (لم يتابعه أحد عن شعبة) ثم ذكره مرسلا من حديث أبي قيس الأودي
343

عن هزيل ثم قال (لا تقوم به حجة) ثم قال (ورواه قيس بن الربيع موصولا بذكر ابن مسعود وقيس لا يحتج به) - قلت
أبو قيس احتج به البخاري ووثقه جماعة فكيف لا تقوم به حجة مع أن مرسلة تأيد بمسند قيس وهو وان تكلموا فيه
فقد وثقه أبو الوليد الطيالسي وعفان وقال معاذ قال لي شعبة ألا ترى إلى يحيى بن سعيد يقع في قيس بن الربيع لا والله ماله
إلى ذلك سبيل وقال ابن عدي عامة رواياته مستقيمة والقول فيه ما قال شعبة وانه لا بأس به وتأيد أيضا بمسند آدم عن
شعبة وبمسند سفيان بن حسين وهو وان تكلم فيه فقد وثقه ابن معين وغيره واخرج له مسلم وابن حبان في صحيحيهما
والحاكم في المستدرك واخرج حديثه هذا أبو داود والنسائي ورواه أيضا زياد بن عبد الله البكائي عن الأعمش عن أبي قيس
عن هزيل عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فوصله وأسنده وكذا ذكر صاحب التمهيد والبكائي وان تكلم فيه
يسيرا فقد وثقه جماعة واخرج له الشيخان في صحيحيهما والشافعي يحتج بالمرسل إذا روى من وجه آخر مرسلا أو مسندا
وهذا المرسل روى من وجوه عديدة كما ترى وقال ابن عبد البر كان الشعبي يفتى بان الرجل جبار -
قال (باب علة الحديث الذي فيه النار جبار)
ذكره من حديث عبد الرزاق عن معمر ثم ذكر (عن معمر قال لا أراه الا وهما) ثم ذكر (عن ابن حنبل أنه قال ليس
344

بشئ لم يكن في الكتب) ثم ذكر عنه ما معناه ان النار تمال فتكتب بالياء كما تكتب البير - قلت - أخرجه ابن ماجة
وأخرجه أبو داود من حديث عبد الملك الصنعاني وقال الخطابي لم أزل اسمع أصحاب الحديث يقولون أخطأ فيه عبد الرزاق
إنما هو البئر حتى وجدته لأبي داود عن عبد الملك عن معمر فدل انه لم ينفرد به عبد الرزاق وقال ابن حزم هو خبر صحيح
تقوم به الحجة وحكى صاحب التمهيد عن ابن معين أنه قال أصله البئر جبار ولكنه صحفه معمر قال أبو عمر في قوله نظر
ولا نسلم له حتى يتضح وقال في الاستذكار لم يأت ابن معين على ذلك بدليل وليس هذا يرد أحاديث الثقات انتهى كلامه
ثم إنه إن كان ثم تصحيف فنسبته إلى عبد الرزاق اظهر من نسبته إلى معمر لان معمرا قال لا أراه الا وهما -
* * * خاتمة المجلد الثامن
وقع الفراغ من المجلد الثامن...
من الجوهر النقي في يوم الخميس الثاني عشر من شهر ذي القعدة الحرام
سنة أربع وخمسين وثلاثمائة والف من هجرة النبي الكريم
عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة
وأكمل التسليم والحمد لله
رب العالمين
345