الكتاب: حاشية الدسوقي
المؤلف: الدسوقي
الجزء: ٤
الوفاة: ١٢٣٠
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه
ردمك:
ملاحظات: روجعت هذه الطبعة على النسخة الأميرية وعدة نسخ أخرى

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير
للعالم العلامة شمس الدين الشيخ محمد عرفه الدسوقي
على الشرح الكبير لأبي البركات سيدي احمد الدردير
وبهامشه الشرح المذكور مع تقريرات للعلامة المحقق سيدي الشيخ محمد عليش
شيخ السادة المالكية رحمه الله
(تنبيه: قد وضعنا التقريرات المذكورة على الحاشية وعلى الشرح)
(بأسفل الصحيفة مفصولة بجدول)
(روجعت هذه الطبعة على النسخة الأميرية وعدة نسخ أخرى)
(واتماما للفائدة فد ضبطنا المتن بالشكل)
الجزء الرابع
طبع بدار احياء الكتب العربية
عيسى البابي الحلبي وشركاء
1

من يرد الله به خيرا
يفقهه في الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
باب في الإجارة
قوله: (أشهر من ضمها) أي ومن فتحها. وحاصله أن الإجارة مثلثة الهمزة والكسر أشهر، وهي مصدر
أجر بالقصر ككتب، ويقال أيضا آجر إيجارا كأكرم إكراما ويستعمل الممدود أيضا من باب
المفاعلة فيكون مصدره المؤاجرة وإلا جار بالقصر كالمقاتلة والقتال، وأما الإجارة من السوء ونحوه فهي
من أجار إجارة كأعاذ إعاذة وأقام إقامة. واعلم أن الإجارة قد يقضي بها شرعا وإن لم يحصل عقد وذلك
في الاعمال التي يعملها الشخص لغيره ومثله يأخذ عليها أجرة وهي كثيرة جدا منها تخليص دين وذلك
إن من قواعد الفقه أن العرف كالشرط وأن العادة محكمة. قوله: (تمليك) هو جنس يشمل الإجارة والبيع
والهبة والصدقة والنكاح والجعل والقراض والمساقاة وتمليك منفعة الأمة المحللة. قوله: (منافع) خرج
البيع والهبة والصدقة فإنها تمليك ذوات وخرج بقوله مباحة تمليك منفعة الأمة المحللة فإن تمليك منفعتها
وهو الاستمتاع بها لا يسمى إجارة وقوله مدة معلومة أخرج النكاح والجعل وقوله بعوض متعلق
بتمليك ولو قال: بعوض غير ناشئ عنها أي عن المنفعة لكان أولى لأجل اخراج القراض والمساقاة
لان العامل ملك منفعته بعوض لكن ذلك العوض ناشئ من المنفعة وقوله منافع شئ أي سواء
كان آدميا أو غيره كان ذلك الغير لا يقبل النقل كالدور والأرضين أو يقبل النقل كالسفن والرواحل
وغيرها من الحيوانات والأواني. قوله: (وما ينقل) أي كالثياب والأواني. قوله: (في الغالب
فيهما) أي ومن غير الغالب قد يتسمحون بإطلاق الإجارة على الكراء والكراء على الإجارة
فيطلقون على العقد على منافع الآدمي ومنافع ما ينقل غير السفن والحيوان كراء ويطلقون
على العقد على منافع ما لا ينقل ومنافع السفن والرواحل إجارة. قوله: (العاقد) المراد به المؤجر
وهو دافع المنفعة والمستأجر وهو الآخذ لها. قوله: (والأجر) هو العوض الذي يدفعه المستأجر
للمؤجر في مقابلة المنفعة التي يأخذها منه. قوله: (ما يدل على تمليك المنفعة) أي غير لفظ المساقاة فلا
2

تنعقد به عند ابن القاسم لان المساقاة رخصة يقتصر فيها على ما ورد وتقدم أن سحنون يرى انعقاد
أحدهما بالآخر. قوله: (صحة الإجارة بعاقد وأجر كالبيع) في كلام المصنف حذف الواو مع ما عطفت
أي صحة الإجارة ولزومها بعاقد وأجر كالبيع وإنما قدرنا ذلك لأنه لا يلزم من الصحة اللزوم.
قوله: (فشرطهما) أي فشرط صحة عقدهما وقوله وشرط اللزوم أي لزوم عقدهما. قوله: (النظر مطلقا) أي
كان في الاجر محاباة أو لا. قوله: (في الجملة) أي في بعض الأحوال وذلك بالنسبة للعبد فإنه وإن كان
مكلفا لكن لزوم إجارته لنفسه أو لسلعته يتوقف على رضا سيده لعدم رشده وكذلك السفيه بالنسبة
لاجارته لسلعته مطلقا وكذا لنفسه إن حابى في الأجرة وإلا كانت إجارته لازمة ولا يتوقف لزومها
على رضا وليه ففي هذه الحالة الرشد ليس شرطا في اللزوم. قوله: (وعجل الاجر) أي ولو حكما كتأخيره
ثلاثة أيام. وحاصل الفقه أنه إن عين الاجر فإن جرى العرف بالتعجل فلا بد منه في صحتها وإن لم يجر
عرف أصلا أو جرى بالتأجيل كان العقد فاسدا، ولو عجل بالفعل ما لم يشترط التعجيل وإلا صحت
عجل بالفعل أم لا، ولا فرق في ذلك كله بين كون المنافع المعقود عليها معينة أو مضمونة وإن كان الاجر
غير معين وجب تعجيله إن كان شرط بالتعجيل أو عادة كانت المنافع المعقود عليها معينة أو مضمونة
فيهما أو لم يكن شرط ولا عادة لكن كانت المنافع مضمونة لم يشرع فيها وإلا بأن كانت المنافع معينة
أو مضمونة وشرع فيها فلا يجب التعجيل للأجر بل يجوز تأخيره، إذا علمت هذا فلو قال المصنف
وعجل معين إن جرى عرف بتعجيله وإلا فسد إلا أن يشترط تعجيله وأجبر على تعجيل المضمون
إن كان شرط أو عادة أو كانت المنافع مضمونة لم يشرع فيها الوفي بهذا مع الايضاح واستغنى عن قوله
بعد وفسدت إن انتفى عرف بتعجيل المعين وعن قوله أو لم يكن العرف نقد معين وإن نقد وظهر لك أن
قول المصنف أو بشرط أو عادة في غير المعين وأنه عطف على معنى إن عين أي وعجل بتعيينه أو بشرط.
قوله: (وإلا فسد) أي وإلا يشترط تعجيله ولم تكن العادة تعجيله فسد. قوله: (أي وشرط تعجيله) الأولى
حذفه ويقول أي وكانت العادة تعجيله وإلا فسد العقد ولو عجل إلا أن يشترط تعجيله ولو لم يعجل.
قوله: (أي بسببه) الأولى جعل الباء للملابسة أي أو كان غير معين ووقع التعجيل ملتبسا بشرط أو
ملتبسا بعادة. قوله: (وسواء كانت المنافع معينة) كأستأجر دابتك هذه لأسافر عليها لمحل كذا وقوله أو
مضمونة أي كأستأجر منك دابة أسافر عليها لمحل كذا. قوله: (فهي صحيحة في هذه الأربع) أي ما إذا
كانت المنافع معينة أو مضمونة شرع فيها أم لا والحال أن الاجر فيها غير معين واشترط تعجيله أو
اعتيد. قوله: (أو في منافع مضمونة) أي والحال أنه لم يجر عرف بتعجيله ولا اشتراط. قوله: (في ذمتك)
ليس هذا التصريح لازما بل إن حصل العقد على الاطلاق فالمنافع مضمونة في الذمة سواء صرح بذلك
أم لا. قوله: (الدين بالدين) أي ابتداء الدين بالدين لشغل ذمة المكري بالدابة مثلا والمكتري بالدراهم.
قوله: (وتعمير الذمتين) عطف علة على معمول. قوله: (جاز التأخير) أي تأخير الأجرة وعدم تعجيلها.
قوله: (كقبض الأواخر) أي كأنه قبض للأواخر وهذا قول أشهب وابن القاسم يرى أن قبض الأوائل
ليس قبضا للأواخر وحينئذ فيجب تعجيل النقد في المنافع المضمونة شرع فيها أم لا. قوله: (فاليسير) أي
3

كالدينار والدينارين كاف في التعجيل أي خوف أخذ الأكرياء أموال الناس والهروب بها ومحل
كفاية تعجيل اليسير إذا كانت الأجرة كثيرة وإلا فلا بد من تعجيلها كلها. قوله: (لثمان صور) هي في
الحقيقة أربع وعشرون صورة: اثنتا عشرة في الاجر المعين، واثنتا عشرة في الاجر غير المعين، وإن
اعتبرت في كل أن البيع إما بتا أو على الخيار كانت جملة الصور ثمانيا وأربعين صورة. قوله: (إما أن يشترط
التعجيل) أي تعجيل الاجر. قوله: (وإما أن لا يكون كذلك) أي وإما أن لا يكون العرف تعجيل
الاجر المعين بأن لا يكون عرف في ذلك أصلا أو كان العرف تأجيله. قوله: (فهذه ثمان صور) فيه أن
هذه اثنتا عشرة من ضرب ثلاثة في أربعة. قوله: (إذا انتفى عرف التعجيل) أي بأن كان العرف تأخير
الدفع أو لم يكن عرف. قوله: (وأربع صحيحة) فيه أنها ثمانية. قوله: (أو اشترط تعجيله) أي وإن لم
يعجل. قوله: (في الأربعة المتقدمة) أي وهي ما إذا كانت المنافع معينة أو مضمونة حصل شروع فيها
أم لا. قوله: (في الثمان صور) الأولى في الاثنتي عشرة صورة. قوله: (وأما إن وقع على أجر غير معين الخ) حاصله
أن صوره أيضا اثنا عشر لان ذلك الاجر الغير المعين، إما أن يقع في مقابلة منافع معينة أو مضمونة، وفي
كل إما أن يحصل منه شروع فيها أو لا، وفي كل إما أن يشترط تعجيل الأجرة الغير المعينة أو يكون
العرف تعجيلها أو لا يكون العرف تعجيلها، والحال أنه لم يشترط التعجيل، فهذه اثنا عشر حاصلة من
ضرب ثلاثة في أربعة أشار الشارح لحكمها بقوله فإن شرط الخ. قوله: (في الأربع صور) أي كانت
المنافع معينة أو مضمونة حصل الشروع فيها أو لا، فهذه ثمان صور حاصلة من ضرب اثنين في أربعة.
قوله: (جاز تعجيله) أي الاجر وتأخيره وهو ما أفاده بقوله وإلا فمياومة. قوله: (فإن وقع العقد في الا بان الخ)
صوابه في غير الا بان. وحاصل الفقه أنه إن كانت المنافع مضمونة فإن وقع العقد في غير الا بان
فالواجب تعجيله جميع الأجرة إن كانت يسيرة أو اليسير منها إن كانت كثيرة وهو ما أشار له المصنف
بقوله إلا كراء حج فاليسير وإن وقع العقد في الا بان فلا بد من أحد أمرين، إما تعجيل جميع الأجرة
أو الشروع في تحصيل المنفعة وإلا فسدت، وهو ما أشار له المصنف بقوله ومضمونة لم يشرع. قوله: (ولم
تكن المنافع مضمونة) أي لم يشرع فيها بأن كانت معينة أو مضمونة شرع فيها. قوله: (وهذا في غير
الصانع والأجير) أي بل في كراء العقار والرواحل والآدمي للخدمة والأواني. قوله: (فيجوز تعجيل
الجميع الخ) محل جواز التقديم والتأخير في المنافع المعينة عند التراضي كما قال أن يشرع في العمل أو
يتأخر الشروع نحو العشرة الأيام فإن طال ذلك لم يجز تقديم الأجرة ثم نقل كلام ابن رشد والمدونة وأبي
الحسن عليها المفيد لذلك فانظره اه‍ بن. قوله: (فإن لم يكن لهم سنة لم يقض لهم بشئ الخ) ما ذكره من أن الصناع
والاجراء لم يقض لهم إلا بعد الفراغ محله إن بقي على التمام للزوم العقد فإن تقايلا قبل تمامه كان له بحساب
ما عمل. قوله: (أو في إجارة بيع السلع) أي الإجارة على بيعها كما لو استأجره على السمسرة عليها
ثلاثة أيام مثلا بدينار. قوله: (فيقدر ما مضى) أي فيستحق من الأجرة بقدر ما مضى من الزمان
وهذا هو معنى قول المصنف وإلا فمياومة. قوله: (والفرق بين الأجير) أي الفرق بين حقيقتهما.
4

قوله: (تعجيل المعين) أي تعجيل الاجر المعين. قوله: (بأن كان العرف التأخير) أي بأن كان التأخير عرف
بلد العقد. قوله: (أو لا عرف) أي بأن كانوا يتعاقدون بالوجهين. قوله: (بأنه) أي انتفاء العرف بالتعجيل.
قوله: (فيلزم الدين بالدين) أي ابتداء الدين بالدين لشغل ذمة المكري بالدابة مثلا وشغل ذمة
المكتري بالدراهم. قوله: (وعمارة الذمتين) عطف علة على معلول ورد ما قاله من التعليل من جهة أن الذمم
لا تقبل المعينات فالأولى ما علل به في المدونة من أن فيه بيع معين يتأخر قبضه. قوله: (ومحل الفساد فيهما)
أي فيما إذا كان العرف تأخير المعين أو انتفى العرف رأسا. قوله: (إن لم يشترط التعجيل) أي فإن اشترط
صحت وإن لم يحصل تعجيل لان اشتراط التعجيل بمثابة التعجيل بالفعل. واعلم أن تعجيل الاجر
المعين حق لله وكذا غير المعين إذا كان المعقود عليه منافع مضمونة لم يشرع فيها، وأما غير المعين في غير
المضمونة أو في مضمونة شرع فيها فوجب التعجيل حيث الشرط أو العرف حق لآدمي وحينئذ
فانتفاء التعجيل في الامرين الأولين مفسدا للعقد، وأما انتفاء التعجيل في الأخيرين فلا يفسد العقد
ويقضي على المستأجر بالتعجيل فإن رضي المؤجر بالتأخير فلا ضرر، هذا هو الصواب. قوله: (كمع جعل)
ليست الكاف داخلة على مع لأنها ملازمة للنصب على الظرفية بل على محذوف أي كإجارة مع جعل.
قوله: (أي كما تفسد الإجارة إذا وقعت مع جعل صفقة) أي كخط لي هذا الثوب وائتني بعبدي
الآبق ولك دينار. قوله: (لتنافرهما) أي لتنافي أحكامهما. قوله: (بخلاف الإجارة) أي فإنها تلزم بالعقد
ويجوز فيها الاجل ولا يجوز فيها الغرر. قوله: (فلا تفسد) أي الإجارة ولا يفسد البيع أيضا إذ لا يمكن
أن يكون العقد الواحد صحيحا في شئ وفاسدا في شئ آخر. قوله: (بدراهم معلومة) أي واقعة بعضها
في مقابلة الثوب وذلك بيع وبعضها في مقابلة الخياطة وذلك إجارة. قوله: (على أن يخرزه) أي
نعالا أو غيرها. قوله: (في الصورة الأولى) أي وهي ما إذا كانت الإجارة في نفس المبيع. قوله: (شروعه)
أي في العمل كالخياطة والخرز. قوله: (أو ضرب أجل الإجارة) قال شيخنا صوابه الواو إذ لا بد من
الامرين الشروع ولو حكما كتأخيره ثلاثة أيام وضرب الاجل وفي البدر القرافي. فرع: قال مالك إذا
اشترى ثوبا بقي منه ذراع على أن يكمله فلا يجوز ولو شرط أن يأتي بمثل صفته لأنه معين يتأخر قبضه
قاله ابن المواز. قوله: (ومعرفة خروجه) أي على أي وجه كان من كونه رديئا أو جيدا بأن كان ذلك
الرجل متقنا في صنعته فيخرج جيدا أو لا فيخرج رديئا. قوله: (أو إمكان إعادته) أي أو لم يعرف
وجه خروجه لكن يمكن إعادته كالنحاس. قوله: (فإن انتفى الأمران) أي معرفة وجه خروجه
وإمكان إعادته إن لم يعجبه. قوله: (كالزيتون) أي كشراء الزيتون على أن يعصره البائع. قوله: (فلا)
أي فلا يجوز، بقي شئ وهو أن ظاهره أن الزيتون يمتنع به والاستئجار على عصره مطلقا وليس
كذلك بل يقال إن كان ذلك العامل متقنا للصنعة لا يختلف عصره جاز وإلا فلا وحينئذ فالزيتون
مثل غيره ا ه‍ عدوي. قوله: (وكجلد) أي كأن يستأجر شخصا على سلخ حيوان بجلده. قوله: (وأدخلت
الكاف الخ) عبارة تت ونية بمنع الإجارة على السلخ بالجلد على منعها بشئ من لحمها من باب
أولى وذلك لان اللحم مجهول مغيب بالجلد ولا بد في عوض الإجارة من كونه معلوما اه‍. قال عبق ولم
يقل إن اللحم داخل تحت الكاف كما قال ابن غازي و ح لأنها للتشبيه لا للتمثيل لعطفه على قوله كمنع جعل
فهو عطف تشبيه على تشبيه والجمع بين العطف والكاف للتأكيد. قوله: (وسواء الخ) مرتبط بقول
المصنف وكجلد لسلاخ. قوله: (لأنه لا يستحقه) أي الجلد الذي هو الأجرة. قوله: (وقد يخرج صحيحا الخ)
5

أي وحينئذ فالإجارة على السلخ بالجلد فيها غرر وهو ممنوع في الإجارة كالبيع. قوله: (أو نخالة لطحان)
أي أو نخالة أجرة لطحان أجير على طحن حب كأن تستأجر شخصا يطحن لك حبا بنخالته ومن
هذا القبيل ما يقع في بلاد الريف من دفع الزرع لمن يدرسه بنورجه وبهائمه ويأخذ تبنه في مقابلة
درسه فهي إجارة فاسدة، وأما لو قال له أدرسه ولك حملان تبنا من تبنه أو من غير تبنه جاز ذلك، كذا
كتب ابن عبق. قوله: (وأما لو استأجره بكيل معلوم منها) أي من النخالة كاطحن لي هذا الحب
ولك صاع من النخالة سواء قال من نخالته أو من غيرها أو أطلق. قوله: (وجزء ثوب) كما لو آجره
على نسج ثوب على أن له نصفها وأشار بذلك لقول مالك في المدونة وإن آجرته على دبغ جلود أو عملها
نعالا أو نسج ثوب على أن له نصفها إذا فرغ لم يجز. قوله: (فالثوب لربه) أي وكذلك الجلد وله أجر
مثله وهذا إذا كان الثوب أو الجلد لم تفت بيد الصانع فإن فاتت بيد الصانع بعد الدبغ أو النسج ببيع
أو تلف أو حوالة سوق لزم صاحب الجلد أو الغزل أجرة المثل في دباغ جميع الجلد ونسج كل الغزل
للصانع ويغرم الصانع لصاحب الثوب أو الجلد قيمة النصف الذي جعل له لوقوع البيع فيه فاسدا
وقد فات فيغرم قيمته مدبوغا، وأما النصف الآخر فهو ملك لربه وهذا كله إذا جعل له النصف بعد
العمل، وأما لو جعل النصف في الغزل أو في الجلد من وقت العقد فإن شرط عليه أن يدبغها أو ينسجها
مجتمعة فلا يجوز أيضا لأنه حجر عليه ومنعه من أخذ ما جعله له إلا بعد الدبغ أو النسج فإن أفاتها
بالشروع في الدباغ أو النسج فعلى الصانع قيمة النصف الذي هو أجرة يوم القبض لان البيع فاسد
وقد فات، وأما النصف الآخر فلربه وعليه أجرة عمله فيه وأما إن جعل له النصف من وقت العقد
يفعل به ما شاء بلا حجر عليه في دبغه أو نسجه مع نصفه فهو جائز، فالأقسام ثلاثة. قوله: (ولا يلزمه
خلفه) أي والحال أنه لا يلزم ربه خلفه. قوله: (فيصير نقد الأجرة فيها) أي فيصير نقد الأجرة
وهو الجزء في هذه المسألة التي جعل فيها الجزء من الآن وقوله كالنقد في الأمور المحتملة أي للسلامة
وعدمها. وقوله وهو ممتنع أي للتردد بين السلفية والثمنية إذا كان المنقود مثليا كالدينار وللغرر إذا كان
مقوما كما هنا إذ لا يدري ما الذي يأخذه الأجير، إذ يحتمل أن الرضيع يسلم فيأخذ نصفه ويحتمل
أن يهلك فيأخذ نصف أجرة المثل في المدة التي رضعها قبل موته، وظهر لك مما قررناه أن قوله فيصير الخ
بيان لوجه المنع فيما بعد المبالغة وأما علة المنع فيما قبل المبالغة فلما فيه من بيع معين يتأخر قبضه. واعلم
أنه إذا مات الرضيع في أثناء المدة فإن ملك الأجير ربه نصفه من الآن فعلى الأجير قيمة نصفه يوم
قبضه يدفعها لربه لان البيع فيه فاسد وقد فات، وأما النصف الآخر فلربه فيلزمه أن يدفع للأجير
نصف أجرة المثل في المدة التي رضعها، وأما إن ملكه نصفه بعد الفطام فله أجرة المثل فيما أرضعه ومصيبته
من ربه ولا شئ على الأجير لأنه على ملك ربه، هذا إذا مات قبل الفطام، فإن مات بعده سواء جعل له
نصفه من الآن أو بعد الفطام فعليه نصف قيمته يوم الفطام وله أجرة رضاع مثله. قوله: (كما هنا)
أي قال أجرة الرضاع هنا نصف الرضيع وهو مقوم. قوله: (وفسدت إذا استأجره بما سقط) أي بجزء
منه أي بأن قال أستأجرك على نفض زيتوني فما سقط فلك نصفه وعلة الفساد الجهل بالكم لان من
الشجر ما هو قاصح يقل ما يسقط منه، ومنه ما هو بخلافه، وقوله أو بجزء مما خرج أي بأن قال أستأجرك
على عصر زيتوني فما عصرت فلك نصفه وعلة الفساد الجهل بالكم وبصفة الخارج بالعصر فقول الشارح
للجهل بالكم راجع للمسألتين وقوله والصفة راجع للثانية، وقيد ابن العطار منع الإجارة في مسألة النفض بما
إذا كان النفض بيده وأما بعصا فجائز لان العصا لا تبقى شيئا والزيتون مرئي واستبعد أبو الحسن هذا
القيد بأن النفض باليد غير معتاد والنفض بالعصا هو مراد من منع. قوله: (كاحصد وادرس هذا الزرع ولك
نصفه وكذا ادرسه ولك نصفه ففاسدة) أي للجهل بما يخرج لأنه استأجره بنصف ما يخرج من الحب
6

وهو مغيب لا يدري كم يخرج وكيف يخرج. قوله: (فسيأتي أنه جائز) أي لأنه استأجره بنصف الزرع
وهو مرئي. قوله: (وكراء أرض) أي وفسد كراء أرض صالحة للزراعة إذا
أكريت للزراعة أما إذا أكريت بما ذكره لبناء أو جرين فيجوز ولو كان شأنها أن تزرع كما هو ظاهر كلام أهل المذهب خلافا
لما أفتى به بعض شيوخ الشيخ أحمد الزرقاني من المنع انظر بن. قوله: (أو لم تنبته) كاللبن والعسل
وكذلك الشاة المذبوحة والحيوان الذي لا يراد إلا للذبح كخصي المعز والسمك وطير الماء والشاة
اللبون وأما شاة لا لبن فيها فتجوز الإجارة بها ولو حصل فيها لبن قبل فراغ مدة الإجارة كجوازها
بالماء ولو ماء زمزم وبتوابل الطعام كالفلفل والمصطكا عند من لا يجعلها من توابع الطعام لا عند من
يجعلها من توابعه كالملح فيمنع. قوله: (مع التفاضل) الأولى حذفه لأنه قاصر على ما إذا كان الطعام
المؤجر به مما تنبته الأرض وقوله والغرر أي لأنه يحتمل أن يخرج له من الأرض قدر ما أكرى به أو أقل
أو أكثر وهذا التعليل أيضا قاصر على ما إذا كان الطعام المستأجر به مما تنبته الأرض. قوله: (والمزابنة)
أي حيث باع المستأجر معلوما وهو الأرض بمجهول وهو ما يخرج منها وهذا ظاهر إذا كانا من جنس
واحد. قوله: (أو بما تنبته) أي مما شأنه أن يستنبت وإن نبت بنفسه وذلك كالقمح وما ماثله من الحبوب
والبرسيم وكالقطن وما ذكره الشارح بعده وأما ما لا يستنبته الناس بل شأنه أن ينبت بنفسه فإنه يجوز
كراؤها به وذلك كالحلفاء والحشيش، خلافا للباجي فيه. ولو كان طعاما للدواب وكسمر حصير، ولو
استنبت مما شأنه أن ينبت بنفسه مثله مثل الحشيش وما ذكر معه في جواز الكراء به ولو استنبت.
قوله: (كقطن وكتان) المراد بهما شعرهما وأما ثيابهما فجائز كما في ح ومقتضى آخر كلامه أنه لا يجوز
كراؤها بالغزل ولعله لكونه هين الصنعة وإن كان لا يعود ا ه‍ عبق. قوله: (إلا كخشب) ربما أدخلت
الكاف جواز كرائها بشجر ليس به تمر أو به وهو مؤبر لأنه يبقى لربها لا بها وهو غير مؤبر. قوله: (من كل
ما يطول مكثه فيها) هذا يتناول المذهب والفضة والرصاص والنحاس والكبريت والمغرة ونحوها من
سائر المعادن لان شأنها أن تنبت بنفسها في الأرض ويطول مكثها فيها. قوله: (لبلد بعيد لا يجوز
تأخير المعين إليه) أي بأن كانت على مسافة أربعة أيام فأكثر. قوله: (فإن وقع فأجر مثله والطعام
كله لربه) هذا أحد قولين وصوبه ابن يونس وقيل نصفه للحمال ويضمن مثله في المواضع الذي
حمل منه وله كراء مثله في النصف الآخر نظير ما مر في دبغ الجلود إذا استأجره بشئ منها إذ
فرغ واختار هذا القول ابن عرفة وأبو الحسن. قوله: (لعرف) أي أو يشترط قبضه أي وأما
قبضه بالفعل والحال أنه لا عرف ولا شرط فلا يكفي في الصحة. قوله: (وإلا فسدت) أي وألا
يحصل تعجيل فسدت. قوله: (فلا بد من اشتراط التعجيل) أي وإن لم يحصل تعجيل بالفعل وقوله
وإلا فسدت أي ولو حصل تعجيل بالفعل. قوله: (ويغتفر التأخير الخ) أي فيما إذا كان العرف
التعجيل. قوله: (ففاسدة للجهل بقدر الأجرة) اعلم أن محل فساد هذه الصورة إذا وقع
العقد على إلزام ولو لاحد المتعاقدين فإن كان الخيار لكل منهما جاز وذلك لان الغرر
لا يعتبر مع الخيار لأنه إذا اختار أمرا فكأنه ما عقد إلا عليه إذ عقد الخيار منحل وأما دفع دراهم
بعد العقد زيادة على الأجرة ليسرع له بالعمل فذلك جائز كما في ح. قوله: (ولم يقيد باحتطاب ولا
غيره) بل ولو قيد إنما الفرق بين ما هنا وبين قوله الآتي وجاز بنصف ما يحتطب أن ما هنا أريد به قسمة
الأثمان وما يأتي أريد به قسمة نفس الحطب لا أنهما يقتسمان ثمنه كما نقله بن عن أبي الحسن.
قوله: (فما حصل من ثمن أو أجرة) أي فما حصل من ثمن المحمول كالحطب والماء وقوله أو أجرة أي أجرة
7

المحمول كآدمي يركبها. قوله: (وكذا في داري أو حمامي أو سفينتي) تبع الشارح في ذلك عبق قال بن
وفيه نظر لأنه إنما ذكر في المدونة السفينة والدار والحمام في مسألة العكس أعني لتكريها كما في ح. قال
عياض ما لا يذهب به ولا عمل له كالرباع فهو فيها أجير والكسب لربها ويستوي فيها أعمل وواجر
وأكر ونقل ذلك أبو الحسن وأقره ا ه‍. قوله: (وعليه أجرتها) أي لان العامل كأنه اكترى ذلك كراء
فاسدا ابن يونس ولو عمل فلم يجد شيئا كان مطالبا بالكراء لأنه متعلق بذمته وخالفه ابن حبيب
فقال إن عاقه عن العمل عائق وعرف ذلك العائق فلا شئ عليه. قوله: (فالصور أربع) أي لان رب
الدابة إما أن يقول له اعمل على دابتي وما عملت به فلك نصفه وإما أن يقول له خذ دابتي أكرها ولك
نصف كرائها، وفي كل إما أن يعمل عليها بنفسه أو يكريها لمن يعمل عليها، فهذه أربع صور وكلها
فاسدة. قوله: (والرابعة بالعكس) أي ما حصل فيها من الاجر فهو لربها وعليه للعامل أجرة مثله في
تولية العقد فلو أعطاها له ليكر بها وله نصف الكراء فأكراها لمن يسافر عليها وسافر معها ليسوقها
كان له أجرة سوقه وتوليه لعقد الكراء وما بقي من الكراء لربها كما قال الأقفهسي. قوله: (وما قدمناه
قول ابن القاسم فيها) أي وهو أن الحاصل من الأجرة للعامل وعليه لربها أجرتها ومقابله أن
الحاصل من الأجرة لربها وعليه أجرة العامل. قوله: (على أن يبيع له نصفا) أشار الشارح بهذا إلى
أن الباء بمعنى على على حد قوله تعالى: * (ومن أهل الكتاب من أن تأمنه بقنطار) * وقصد بذلك الجواب عن
المصنف فإن ظاهره أن صورة المسألة أنه باعه نصفا بسبب بيعه النصف الثاني أي أنه جعل ثمن
النصف سمسرته على النصف الثاني والمسألة على هذا الفرض لم يكن فيها بيع وإنما هو إجارة إن أجل
وجعل إن لم يؤجل وهي على كل حال جائزة فكيف يجعلها المصنف ممنوعة. وحاصل الجواب أن
الباء بمعنى على بدليل تقييده الجواز بقوله إن أجلا، ووجه الدلالة أن التقييد بالتأجيل يمنع من كون
العقد جعالة لان الاجل يفسدها ولو كان إجارة محضة لاكتفى فيها بالتعيين بالعمل فشرطه التأجيل
يشير إلى أنها مسألة اجتماع بيع وإجارة لا إجارة فقط ولا جعالة فقط. قوله: (أو عين غير بلد العقد)
أي أو عين محلا للبيع غير بلد العقد والحال أن بينه وبين بلد العقد أكثر من ثلاثة أيام. قوله: (لأنه بيع
معين الخ) هذا علة المنع. قوله: (لأنه متمكن من قبض نصيبه من الآن) أي لقدرته على بيع نصيب ربه.
قوله: (إن أجلا) أي وإن كان الاجل بعيدا لا يجوز تأخير المعين إليه بأن كان زائدا على ثلاثة أيام كما في
الذخيرة عن المدونة خلافا لأبي الحسن فإن باع النصف في نصف الاجل كان له نصف الأجرة التي هي
بعض نصف السلعة التي في مقابلة السمسرة لان النصف بعضه في مقابلة الدينار وهو بيع وبعضه في
مقابلة السمسرة وهو إجارة وإن مضى الاجل ولم يبع فله الاجر كاملا لأنه مجعول على السمسرة
لا على البيع. قوله: (وحينئذ) أي وحين إذ كان المراد بالثمن ثمن العمل فهو مساو للتعبير بالمثمن وبالمبيع
أي لان نصف السلعة مثمن وثمنه العمل والدينار ومبيع بالعمل والدينار. قوله: (فلو كان المبيع مثليا)
8

توضيح ذلك أنه إذا أعطاه إردبين أحدهما في مقابلة دينار والسمسرة على الأردب الثاني عشرة أيام
فقد قبض الإجارة على الأردب الثاني وهو نصف الأردب الأول، فإذا باع الأردب في خمسة أيام رد
نصف نصف الأردب الذي أخذه في مقابلة السمسرة عشرة أيام وإن باع الأردب في اليوم العاشر
أو مضى العاشر ولم يبع فلا يرد شيئا فقد ترددت تلك الأجرة وهي نصف الأردب بين كون بعضه
إجارة وبعضه سلفا وبين كون كله ثمنا. قوله: (لأنه يرد حصة ذلك) أي الباقي من الاجل. قوله: (وهو
كذلك) أي فقول المصنف ولم يكن الثمن مثليا أي فإن كان مثليا منع إلا أن يشترط الأجير أنه إن باع
في أثناء الاجل لم يرد شيئا وإلا جاز. قوله: (بدل من ضمير جاز) فيه أنه لا تتعين البدلية بل المتبادر أن نفس
نصف فاعل جاز أي جاز جعله أجرا. قوله: (بشرط أن يعلم ما يحتطبه عليها) أي وبشرط ألا يزيد على
الصيغة المذكورة ولا تأخذ نصفك إلا بعد نقله مجتمعا لموضع كذا فإن زاد ذلك منع للحجر عليه كما
ذكره ابن عرفة. قوله: (بعرف أو غيره) أي بأن تجري العادة أن الاحتطاب كل يوم نقلتين كل نقدة قدر
قنطار مثلا أو يشترط ذلك. قوله: (سواء قيد) أي الاحتطاب عليها. قوله: (كنقلة لي) أي قدرها كذا
واعلم أنه إذا جاز يوم لي ويوم لك أو نقلة لي قدرها كذا ونقلة لك جاز بالأولى كل نقلة نصفها لي ونصفها
لك. قوله: (لقوة الغرر) أي بعدم انضباطه وهذه من جزئيات المارة في قوله واعمل على دابتي فما حصل
فلك نصفه لان المراد فما حصل من أجرة الحمل أو من ثمن المحمول كما مر. قوله: (والشبكة) قال في النوادر
ابن القاسم يجوز دفع الشبكة لمن يصيد بها يوما لنفسه ويوما لصاحبها وفي الشهرين كثير لظهور
الجهالة اه‍ شب لكن يعكر عليه شرط الجواز وهو أن يعلم قدر ما يحتطب عليها بعرف أو غيره وما يصاد
بالشبكة لا يعلم قدره بعرف أو غيره فلا يتصور هذا الشرط في شبكة الصيد وإنما يتصور في شبكة
الحمل، وإلى هذا يشير الشارح بقوله فيجوز بنصف ما يحمل عليها أي على السفينة أو يحمل في الشبكة.
قوله: (إذا كان معينا) أي إذا كان ما يحمل عليها معينا كحطب أو تبن أو حشيش من بلد معينة لأجل
أن يعلم قدر ما يحمل عليها أو فيها كل يوم مثلا لا إن كان ما يحمل عليها غير معين أو كان من بلد غير معينة
كنصف ما يحمل عليها مطلقا في السنة. تنبيه: لو تلفت الدابة بعد أخذ العامل ما يخصه وقبل أخذ
ربها فلربها أن يأتيه بأخرى يعمل له عليها ولابن القاسم في العتبية لربها كراؤها وهو أبين وأما لو
تلفت بعد أخذ ربها ما يخصه وقبل أخذ العامل فعلى ربها أجرة عمله وليس للعامل أن يكلف ربها
دابة أخرى. قوله: (أو صاع من زيت) قدر الشارح صاع إشارة إلى أن قول المصنف أو من زيت
عطف على دقيق لا على قوله منه لئلا يلزم تسلط الدقيق على الزيت وليس بمراد وجعله البدر عطفا
على منه. قوله: (أي إذا لم يختلف كل من الحب والزيتون في الخروج) كأن كان الحب دائما يخرج
منه دقيق وذلك الدقيق دائما جيد أو متوسط وكذا يقال في الزيت. قوله: (فإن اختلفت) أي فإن
تحقق اختلاف الخروج. قوله: (فإن شك) أي عند عدم الاختلاف. قوله: (حمل في الزيتون ونحوه
على عدم الخروج) أي لكون الشأن فيه ذلك بخلاف الحنطة فإن الشأن فيها خروج الدقيق.
قوله: (وجاز استئجار المالك منه) أي من المستأجر أي بمثل الأجرة أو أقل أو أكثر بجنس الاجر
9

الأول أولا وخرج بقوله المالك الناظر فلا يجوز له أن يستأجر ما أكراه لغيره للتهمة كما في فتاوى
عج. قوله: (كإيجاره بعشرة لأجل واستئجارها بثمانية نقدا) أي أو باثني عشر لأبعد من الاجل
الأول. قوله: (وتعليمه بعمله للمعلم) أي في الصنعة التي يتعلمها لا بعمله له في غيرها وفي ح عن ابن
عرفة بحثا منع الإجارة بعمله لأنه يختلف في الصبيان باعتبار البلادة والحذاقة فهو الآن مجهول فكأن
المجيز رآه من الغرر اليسير. قوله: (فمطلق) أي سواء كان يتعلم قبل تمام السنة أو بعدها. قوله: (من أخذه)
مستأنف استئنافا بيانيا فكأن قائلا قال له وابتداء السنة مما ذا فقال من أخذه أي وابتداؤها
محسوب من أخذه أي من أخذ المعلم له. قوله: (فإن عينا زمنا) أي لابتداء السنة عمل به فإن مات المتعلم
نصف السنة وزع قيمة عمله على قيمة التعليم من صعوبة وسهولة وينظر ما ينوب قيمة تعليمه إلى
موته من قيمة العمل، فإن حصل للمعلم من قيمة العمل قدر قيمة تعليمه فلا كلام له، وإن زاد له شئ بأن
كان قيمة تعليمه أكثر من قيمة عمله قبل موته رجع به، فإذا كان قيمة عمله في السنة يساوي اثني عشر
ومات في نصفها والحال أن تعليمه في النصف الأول يساوي ثمانية لصعوبة تعليمه في الابتداء
وعمله في النصف الأول قبل موته يساوي درهمين لكونه لم يتعلم بخلاف عمله في النصف الثاني فإنه
يساوي عشرة لمقاربته للتعليم، فللمعلم جهة العبد ثمانية أجرة تعليمه قبل موته، وللعبد عند المعلم درهمان
أجرة عمله قبل موته فيتحاصان في درهمين ويرجع المعلم بستة فيكون المعلم قد استوفى ثمانية هي ثلثا
أجرة التعليم. قوله: (ليس لأحدهما الترك) أي فيملك الأجير حصته بالعقد لا بالحصاد خلافا لعبق
وحينئذ فهو يحصد النصف له والنصف الآخر لربه كما صرح به ابن رشد وعياض فما هلك قبل
الحصاد ضمانه منهما انظر بن. قوله: (ويمنع قسمه قتا) أي وإنما يقسم حبا فإن شرط قسمه حبا جار
لأنه اشترط ما يوجبه العقد وتعين قسمه حبا ومنع قسمه قتا مبني على القول بمنع قسم الزرع
القائم وأما على جوازه فيمنع شرط قسمه حبا لأنه تحجير على الأجير كما في دبغ الجلود مجتمعة. قوله: (وجاز
احصد زرعي) أي وجاز العقد بقوله احصد زرعي وما حصدت الخ مثله القط زيتوني وجذ
نخلي وما لقطت أو جذذت فلك نصفه. قوله: (وهذا من باب الجعالة) أي ولذا قال أبو الحسن أن
الجواز مقيد بعدم تعيين الزمن وإلا فلا يجوز ابن يونس وفي المدونة وإن قال احصد اليوم أو القط
اليوم وما اجتمع فلك نصفه فلا خير فيه. قوله: (لعدم تعيين ما يحصد) أي لان قوله احصد زرعي وما
حصدته فلك نصفه يحتمل أن يحصده كله أو نصفه أو ثلثه أو غير ذلك بخلاف احصد زرعي هذا
ولك نصفه فإنه استأجره عليه جميعه وجميعه معين معلوم. قوله: (وجاز كراء دابة لكذا) قال ابن
عاشر تأمل ما وجه جواز هذه المسألة مع أن المؤجر لا يدري ما باع من لمنفعة واستشكله خش
في كبيره بهذا أيضا وأجاب بأن الغرر هنا يسير يغتفر لان العادة أن من اكترى إلى موضع
لا يستغني عنها لذلك الموضع ا ه‍. قال في التوضيح والجواز في هذه مقيد بعدم الانتقاد فإن انتقد
منع لأنه صار تارة بيعا وتارة سلفا وهو لمالك في المدونة والعتبية ا ه‍ بن. قوله: (أي في المدة أو
المسافة) أي المدلول عليها بقوله لكذا إذ هو غاية حذف مبدؤها للدلالة عليه بالغاية المستلزمة
للمبدأ وهو وقت العقد أو موضعه فليس فيه عود الضمير على غير مذكور. قوله: (وأما إن
كان على أنه إن زاد فله بحساب ما أكرى لم يجز إلا إن عين الخ) وأما إن جعل لما يزيده
كذا من الاجر أزيد أو أنقص من الاجر الأول فإنه يمتنع مطلقا ولو عين غاية الزيادة لأنه
من بيعتين في بيعة كذا في سماع أشهب والظاهر الجواز إذا عين غاية ما يزيد إذ لا فرق في المعين بين هذه
والتي قال فيها قبلها، فإن عين غاية ما يزيد جاز وهو قول ابن القاسم، كما نقله ابن رشد انظر ح اه‍ بن.
10

قوله: (للمستأجر الأول أو لغيره) أي ما لم يجر عرف بعدم إيجارها إلا للأول كالاحكار بمصر وإلا
عمل به لان العرف كالشرط وصورة ذلك ما إذا استأجر انسان دارا موقوفة مدة معينة وأذن له
الناظر بالبناء فيها ليكون له خلوا وجعل عليها حكرا كل سنة لجهة الوقف فليس للناظر أن يؤاجرها
لغير مستأجرها مدة تلي مدة إيجار الأول لجريان العرف بأنه لا يستأجرها إلا الأول، والعرف
كالشرط فكأنه اشترط عليه ذلك في صلب العقد ومحله إذا دفع الأول من الأجرة ما يدفعه غيره وإلا
جاز إيجارها للغير. قوله: (وثلاثة أيام في الدابة) أي وعشرة أيام في الرقيق. قوله: (وجاز النقد فيه) لم يثن
الضمير لان العطف بأو فتجوز المطابقة وعدمها أو أنه أفرد الضمير باعتبار ما ذكر أي وجاز النقد
فيما ذكر. قوله: (في الشئ المؤجر) أي الذي أوجر مدة تلي مدة الإجارة الأولى. قوله: (أي إن لم يغلب
على الظن تغيره مدة الإجارة) أي الثانية لأنها هي التي تستوفي منها المنافع لا الأولى كما في عبق انظر بن.
قوله: (في الصورة الأولى) أي إذا ظن بقاؤه وقوله دون الثانية أي ما إذا شك في بقائه وعدمه
فلا يجوز النقد فيها اتفاقا واختلف هل يجوز العقد في هذه الحالة أو لا يجوز وإذا كان لا يجوز النقد
في حالة الشك فمن باب أولى إذا كان الغالب تغيره. قوله: (فعلى أحد القولين) أي فجواز العقد على أحد
القولين فمقتضى كلام ابن عرفة والمواق عن ابن شاس جواز العقد ومقتضى بهرام وابن الحاجب
والتوضيح المنع. قوله: (وإذا منع العقد) أي لظن التغير أو للشك فيه على أحد القولين منع النقد.
والحاصل أنه يلزم من منع العقد منع النقد ولا يلزم من جواز العقد لزوم النقد ففي حالة الشك في التغير
يجوز العقد على أحد القولين ولا يجوز النقد اتفاقا. قوله: (فإن كانت السنين أو الشهور تختلف في
القيمة) أي بأن كانت سنة تخالف سنة في الأجرة أو كان شهر يخالف شهرا أو أيام تخالف أياما في
الأجرة. قوله: (وحصل مانع) أي من سكنى بعض المدة المستأجرة. قوله: (رجع للقيمة لا للتسمية)
أي عند السكوت أو عند اشتراط الرجوع لها. والحاصل أن المستأجر إذا لم يسم لكل سنة ما يخصها
ولا لكل شهر ما يخصه وسكن بعض المدة وحصل مانع منعه من سكنى باقيها، فإن كانت السنين
أو الأشهر لا تختلف في القيمة فإنهما يرجعان للتسمية، فإن سكن نصف المدة لزمه نصف المسمى،
وإن سكن ثلثها لزمه ثلثه، وإن كانت السنين أو الأشهر تختلف بالقيمة فإنهما يرجعان للقيمة
لا للتسمية عند السكوت أو اشتراط الرجوع إليها، فإن اشترطا عند العقد الرجوع للتسمية
والحال أن السنين تختلف بالقيمة فسد العقد، فإذا استأجر بيتا على الخليج سنة بمائة وسكن فيه
ثلاثة أشهر أيام النيل وحصل مانع من سكناه فإنه يقوم كراء البيت في ثلاثة أشهر، فإن كان سبعين
حط المالك عن المستأجر ثلاثين، وإن كان أجرة البيت في الأشهر الثلاثة تساوي مائة فلا يحط
عن المستأجر شئ. قوله: (مدة) تنازعه كراء وتتخذ مسجدا. قوله: (لتقييده الوقف بتلك المدة)
أي بخلاف من غصب أرضا وبنى فيها مسجدا أو كانت تحت يده أرض بوجه شبهة وبنى فيها مسجدا
واستحقت الأرض فيهما فإنه يجعل النقص في حبس مماثل للمسجد في المنفعة العامة سواء كتن
مسجدا آخر أو قنطرة أو رباطا أو سبيلا لان الباني في هاتين الصورتين داخل على التأبيد، وما ذكره
المصنف من أن النقض للباني إذا انقضت المدة محله إذا لم يرد رب الأرض دفع قيمة النقض وأبقاه
مسجدا دائما فإن أراد ذلك فإنه يجاب له وليس للباني امتناع حينئذ كما قيد به ابن يونس ومقتضاه أنه
11

أراد إبقاءه مسجدا لا على التأبيد فللباني الامتناع. قوله: (وترجع الأرض لمالكها) أي ولا يعتبر رضا
بانيه إذا أراد بقاءه مسجدا على الدوام حيث امتنع مالك الأرض من بقائه وطلب هدمه من أرضه.
قوله: (ونحوها من النجاسات) أي كنجاسة مرحاض وعبر بطرح دون حمل لشموله لحملها للانتفاع
بها على الوجه المحرم والوجه الجائز مع أن حملها في الأول ممنوع والإجارة عليه ممنوعة وذلك كحملها
لبيعها أو لاكل آدمي غير مضطر، وأما حملها للانتفاع بها على الوجه الجائز كحملها لاكل كلاب أو تزبيل
أرض أو لاكل مضطر سواء كان هو أي الحامل أو غيره وكحمل جلد ميتة مدبوغ لأجل استعماله في
اليابسات والماء فهو جائز والإجارة عليه جائزة. قوله: (واستئجار على القصاص) وأما الإجارة على
القتل ظلما فلا تجوز فإن نزل اقتص من الأجير ولا أجر له ولا يقتص من المؤجر لان المباشر مقدم على
التسبب. قوله: (إذا ثبت موجبه) ظاهره أنه لا بد من ثبوت الموجب كان الطالب للتأديب الأب أو
السيد كان الولد صغيرا أو كبيرا وليس كذلك بل يصدق الأب في ابنه الصغير والسيد والزوج في
دعوى ما يوجب الأدب كما في ح، وأما الولد الكبير فلا يؤدبه الأب إلا بشهادة بينة عادلة على فعل موجب
للأدب وإلا أدب الأب والمتولي للأدب كذا قرر ابن عبق. قوله: (بالنقد ولو بشرط) أي وأولى بالمؤجل
فالشارح اقتصر على المتوهم منعه. قوله: (وأما الدابة فحد إجارتها) أي التي يجوز فيها النقد كما في التوضيح
فلا ينافي جواز إجارتها لأكثر من السنة حيث كان من غير تعجيل نقد انظر بن. والفرق بين الدابة
وبين العبد أن العبد إذا حصل له مشقة يخبر عن حال نفسه بخلاف الدابة فلا يتأتى فيها ذلك فيؤدي
إجارتها المدة الطويلة لاتلافها. قوله: (فالشهور) صوابه فالشهر بالافراد كما في التوضيح كذا في بن.
قوله: (فيجوز العقد بلا نقد) أي فيجوز العقد على المدة المذكورة وأولى أقل منها بلا نقد ويمنع به.
قوله: (وسيأتي في الوقف الخ) يعني أن ما ذكره هنا في الدار والأرض إذا كان كل منهما ملكا وأما إذا كان
وقفا فسينص عليه في باب الوقف بقوله وأكرى ناظره الخ. قوله: (ويوم) هو بالجر عطف على المالك
أي وجاز استئجار المالك واستئجار يوم والإضافة تأتي لأدنى ملابسة. قوله: (من حرفة أو غيرها)
أي سواء كان ذلك العمل حرفة كالخياطة والبناء أو كان غير حرفة كالحصاد والدراس. قوله: (وهل تفسد
إن جمعهما وتساويا) أي وهو أحد مشهورين عند ابن عبد السلام وقوله أو مطلقا أي عند ابن رشد
لكن إن تساويا فالمنع عنده اتفاقا وإن زاد الزمن فالمنع على أحد مشهورين. قوله: (وتساويا) أي والحال
أن الزمن مساو للعمل أي يسعه. وحاصل ما في المسألة أنه إن جمع بين الزمن والعمل فإن كان الزمن
مساويا للعمل، فحكى ابن رشد الاتفاق على المنع وذكر ابن عبد السلام أنه أحد مشهورين والآخر عدم
الفساد. وإن كان الزمن أوسع من العمل جاز اتفاقا عند ابن عبد السلام ومنع عند ابن رشد على المشهور.
إذا علمت هذا فقول المصنف وهل تفسد إن جمعهما والحال أنهما تساويا أي وأما إذا لم يتساويا بل
زاد الزمان على العمل فلا تفسد إشارة لطريقة ابن عبد السلام على أحد القولين فيها ولما وافق تشهيره
القول بالفساد حكاية ابن رشد الاتفاق عليه اقتصر عليه المصنف وترك القول الثاني بالصحة لقوة
الأول. وقوله أو تفسد مطلقا أي تساويا أو زاد الزمن لكن في الأول اتفاقا وفي الثاني على المشهور
12

إشارة لطريقة ابن رشد. قوله: (زادت على المسمى أو قلت) أي سواء عمله في يوم أو أكثر وأما على القول
بالصحة فله المسمى إن عمله فيما عينه فإن عمله في أكثر قيل ما أجرته على عمله في الزمن الذي سماه له فإذا
قيل خمسة مثلا فيقال وما أجرته على العمل في الزمن الذي عمله فيه فإذا قيل أربعة حط عنه من المسمى
خمسة لأنه لم يرض بدفع الأجرة التي سماها له إلا على عمله فيما عينه. قوله: (وجاز بيع دار) اعترض بأن
هذه المسألة ليست من باب الإجارة فحقها أن تذكر في البيوع وجيب بأنه إذا باع الدار مثلا بمائة على
أن تقبض بعد عام فقد باعها بالمائة والانتفاع بتلك الدار تلك المدة فكان المبيع بمائة وعشرة مثلا
دفع المشتري بدل العشرة الانتفاع وبيع الانتفاع إجارة، فلهذه المسألة ارتباط بالإجارة.
قوله: (لتقبض بعد عام) أي ولا يجوز استثناء أكثر من ذلك قاله ابن القاسم وذلك لما يخشى من تغيرها وقال
ابن حبيب يجوز استثناء البائع لمنفعتها سنتين وقيل يجوز سنة ونصفا قال في التوضيح والخلاف
خلاف في حال لا في فقه فإن كانت المدة لا تتغير فيها غالبا جاز وإلا فلا ا ه‍ بن. قوله: (لعشر) اللام
بمعنى إلى علي مقتضى حل الشارح ويصح جعلها بمعنى بعد أي لتقبض بعد عشر. قوله: (والمراد به
الرقيق) أي وأما الدابة فيجوز استثناء منفعتها إذا بيعت ثلاثة أيام ويمنع استثناء الجمعة وكره
المتوسط كما تقدم للشارح ولا فرق بين دابة الركوب والعمل وقال بعضهم أن جواز استثناء الثلاثة
الأيام ومنع الجمعة في دابة الركوب وأما دابة العمل فكالرقيق يجوز استثناء منفعة كل عشرة أيام ا ه‍ عدوي.
قوله: (وشهر القول الخ) اعلم أن الضمان في مدة الاستثناء الجائز من المشتري لأن الضمان
في البيع الصحيح بالعقد وفي الاستثناء الممنوع من البائع لأنه بيع فاسد لم يقبض وإنما ينتقل ضمان
الفاسد بالقبض وإذا انهدمت الدار في أثناء السنة فلا رجوع للبائع على المشتري بما اشترط من السكنى
عند ابن القاسم إلا أن يبنيها المشتري في أثناء السنة فيسكن البائع إلى تمامها ومثل هذه الدابة تباع
ويشترط البائع ركوبها اليوم واليومين فإذا تلفت الدابة فمصيبتها من المشتري ولا يرجع البائع على
المشتري بما ينوب الركوب. قوله: (وجاز استئجار على استرضاع لرضيع) أي للضرورة وإن كان اللبن عينا
فلا يدخل هذا من حيث الحكم في قوله الآتي بلا استيفاء عين قصدا وإن تناوله من حيث اللفظ
وسواء استؤجرت الظئر بنقد أو طعام ولو شرطت عليهم طعامها ولا يكون هذا من باب بيع طعام
بطعام لأجل الضرورة ولان النهي إنما ورد في الأطعمة التي جرت عادة الناس أن يقتاتوها.
قوله: (أو غيرها) أي فلو كان الرضيع محرم الأكل كجحش جاز أن تكري له حمارة لترضعه للضرورة.
قوله: (كغسل خرقة) أدخلت الكاف حميمه أي غسله بالحميم وهو الماء الحار ودق ريحانه ونحو ذلك
كدهنه وتكحيله. قوله: (إلا لعرف) أي إلا إذا جرى العرف بأنه على لمرضعة وقوله لشمل المسألتين
أي ما إذا كان عرف وما إذا لم يكن عرف. قوله: (دون غيره) أي من أبيها أو أخيها ولو كانت شريفة ولو
لحقهما معرة باسترضاعها وقيل لهما فسخه حينئذ. قوله: (فسخه) أي فسخ عقد الإجارة على الاسترضاع
أي وله إمضاؤه فاللام للتخيير. قوله: (إن لم يأذن لها فيه) أي لما يلحقه من الضرر بتشاغلها عنه. قوله: (فإن
طلقها قبل علمه الخ) أي وأما لو أجرت نفسها بغير إذنه ولم يعلم بذلك وهي في عصمته إلا بعد مدة فأجرة
ما مضى تكون لها ولا شئ للزوج منه وله فسخ الإجارة في المستقبل. قوله: (كأهل الطفل إذا حملت)
أي كما يخير أهل الطفل في فسخ الإجارة وإمضائها إذا حملت لا يقال كيف يتأتى حملها مع أن الزوج
يمنع من وطئها إذا أجرت نفسها للرضاع بإذنه لأنا نقول يفرض هذا فيما إذا تعدى ووطئها ويحمل
على ما إذا وطئها قبل الإجارة ولم يعمل الحمل إلا بعدها. قوله: (ولو أما وحاضنة) أي ولأجل ذلك عبر
المصنف بالأهل دون الولي. قوله: (لأنه مظنة الضرر) أي لان حملها مظنة لضرر الولد بلبنها والخوف
13

عليه منه وأما ما يأتي من قوله وحمل ظئر عطفا على ما تنفسخ به الإجارة فهو فيما إذا تحقق الضرر أو حصل
الضرر بالفعل بحيث خشي عليه الموت أو يحمل ما يأتي على ما يشمل التخيير. قوله: (فللثانية الفسخ) أي
وليس لرب الطفل إذا طلبت الفسخ إلزامها برضاعه يوما بعد يوم كما كانت زمن الأولى التي ماتت
لكثرة الرضاع من الطفل حال عدم رضاعه كل يوم، وعلى المستأجر إذا طلبت البقاء وعدم الفسخ أن
يأتي بأخرى ترضع معها كما في المدونة حيث علمت حين العقد عليها أنها ثانية. قوله: (أو لم تعلم) أي أو
ماتت الأولى ولم تعلم الثانية بالأولى حين العقد. قوله: (ولها الفسخ في موت أبيه) قال في المدونة
فإن هلك الأب فحصة باقي المدة في مال الولد قدم الأب الاجر أو لم يقدمه وترجع حصة باقي المدة إن
قدمه الأب ميراثا وليس ذلك عطية وجبت وفي خش عن ابن عبد السلام إن أكلت الظئر الأجرة
ومات الأب لم تجب عليها الأجرة لأنه تطوع بدفعها لها وهو مقابل المذهب المدونة. قوله: (ولم يترك مالا)
مفهومه أنه إن ترك مالا لم يكن لها الفسخ ولكن تكون أجرتها في نصيب الولد من إرثه كما أن مفهوم
قوله ولم تقبض أنها إذا قبضت لا تفسخ ولو كان الأب عديما ويتبع الورثة الولد بما زاد على يوم موت
الأب من الأجرة التي عجلها لان ذلك الزائد يكون ميراثا بينهم وبين الولد فيرجعون به على مال الرضيع
لا على الظئر، فليس إعطاء الأب أجرة رضاعه هبة منه له وإنما إرضاعه عليه فرض انقطع بموت الأب،
ولو كان هبة للرضيع لرجع ميراثا بين الأب والأم إذا مات الولد مع أنه يختص به الأب فيرجع ببقيته
على الظئر كما في المدونة ومحل رجوع الورثة على الولد بما زاد على يوم الموت ما لم يعجل الأب الأجرة
خوفا من موته الآن وإلا كانت حينئذ هبة ليس للورثة منها شئ كما نقله عج عن ح. قوله: (إلا أن يرضى
بطعام وسط فلا كلام لمؤجره) أي وليس لمؤجره جبره على الطعام الوسط لان ذلك يضعفه كما قرره
شيخنا. قوله: (ويؤخذ منه) أي من الفرق المذكور. قوله: (فله رده) أي وأم فتوى الناظر اللقاني بعدم
رده لأنهم لم يعدوا كثرة الأكل من عيوب المبيع المتقدمة فهي ضعيفة كما ذكره ابن عبق وغيره
لان كثرة الأكل الزائدة على العادة من جملة ما العادة السلامة منه. وقد قال المصنف سابقا ورد بما
العادة السلامة منه والأطباء يجعلون ذلك داء احتراق في المعدة فهو من الأمراض. قوله: (ومنع
زوج الخ) فلو تزوجها فوجدها مرضعا. قال ابن عرفة الأظهر أنه عيب يوجب له الخيار،
وبحث فيه البدر القرافي بأن ذلك لم يذكر في عيوب الفرج. قال بعض الأفاضل والظاهر ما قاله
ابن عرفة لأنه وإن لم يكن من عيوب الفرج لكن الزوج يتضرر بعدم الوطئ اللهم إلا أن يبقى
من مدة الرضاع يسير فلا خيار للزوج حينئذ نظير من اشترى دارا فوجدها مكتراة فيخير ما لم يكن
الباقي من مدة الكراء يسيرا. قوله: (ولو لم يضر) أي هذا إذا كان وطؤه يضر بالولد بل ولو لم يضر به ورد
بلو على أصبغ القائل أنه لا يمنع من وطئها إلا إذا أضر بالولد وسواء شرط على الزوج ذلك أم لا خلافا
لأصبغ القائل أنه لا يمنع عند عدم الضرر إلا إذا شرط عليه. قوله: (ومثل الزوج السيد) أي
على ما استظهره شيخنا في حاشية خش فلو تعدى الزوج أو السيد ووطئها ولم تحمل فقيل لأهل الطفل
فسخ الإجارة وقيل ليس لهم فسخها. قوله: (إذا استؤجرت برضاه) أي وإلا كان له فسخ الإجارة
والسفر بها فإذا أراد أهل الطفل السفر به فلا يمكنون من أخذ الولد إلا إذا دفعوا للظئر جميع أجرتها.
قوله: (كأن ترضع غيره) أي كما تمنع أن ترضع مع الطفل غيره قوله ولو كان فيها كفاية أي
لرضاعهما. قوله: (إلا أن يكون لها ولد الخ) انظر لو كان لها ولد حال العقد ثم مات بعد ذلك هل
لها أن ترضع غيره مع من استؤجرت على إرضاعه أم لا. قوله: (ولا يستتبع حضانة) هذا يغني عنه
14

قوله سابقا والعرف في كغسل خرقة فإن الحضانة داخلة تحت الكاف لأنها مدخلة لجميع الأمور
المتعلقة بالرضيع ولعله أعاده ليرتب عليه قوله كعكسه أو يخص ما تقدم بنحو الادهان والكحل لا
الحمل ا ه‍ تقرير عدوي. قوله: (والاشهاد عليه) أي على ما بيد العامل من وزنه أو عدده. قوله: (لينتقل)
أي الثمن من ذمة إلى أمانة أي من ذمة المشتري لأمانته. قوله: (وإلا لأدى الخ) فلو أتجر المشتري بالثمن
ولم يحضره فالربح له والخسارة عليه ويرجع البائع عليه بمقدار قيمة تجارته بالثمن سنة مع الثمن لان
الاتجار سنة من جملة الثمن كما مر. قوله: (ولا بد أيضا من تعيين النوع) أي لان التجارة يكون فيها خفة
ومشقة باعتبار الأنواع المتجر فيها. قوله: (يرصد الأسواق) أي فلا يبيع إلا إذا غلت السلع. قوله: (إلى
أجل مجهول) أي بالنظر لانتهاء الامر إذ لا يدري هل يمكث عنده سنة أو أكثر أما بالنظر لابتداء
الامر فالأجل معين. ولو قال الشارح لأنه يؤدي للغرر والجهل إذ قد لا يحصل الغلو في السنة كان
أوضح. قوله: (وأن لا يتجر له في الربح) أي وأن لا يشترط التجر له في الربح بأن كان كلما نض
ربح دفعه للبائع وأتجر بأصل الثمن أو أتجر بأصل الثمن مع الربح بدون شرط فالمضر إنما
هو الشرط. قوله: (علم الثمن) فيه إن هذا شرط في كل مبيع ولا يعد من شروط الشئ إلا ما كان خاصا به.
قوله: (بالقوة) أي لان البيع يقتضي ثمنا معلوما والعمل من جملة الثمن إذ الثمن مجموع المائة والعمل
وشرط علم الثمن يستلزم علم جزئه وهو العمل وهو يستلزم تعيين الاجل للعمل، وتعيين العمل يستدعي
وجود النوع المتجر فيه في جميع الاجل، وهذا يستلزم تعيينه فهذه شروط أربعة مأخوذة من جوهر
لفظ المصنف، والشرط الخامس والسادس وهما إحضار الثمن وكون العامل مديرا مأخوذان من المعنى أي من اعتبار
المعنى أي العلة التي ذكرها الشارح، والشرط السابع وهو عدم الاتجار بالربح
مأخوذ من قول المصنف بثمنها. قوله: (إن شرط الخلف) أي إن اشترط المشتري على البائع خلف
ما يتلف من الثمن وقوله ليتم العمل أي على ما هو عليه وظاهره أنه إن جرى به عرف لا يكفي عن
شرطه وإذا شرط الخلف وحصل تلف البعض، فإن شاء البائع زاده تمام المائة ليتجر فيها، وإن شاء
لم يزده ورضي بالتجارة بما بقي، فشرط الخلف وإن كان لصحة العقد ابتداء لا يلزم العمل به انتهاء.
قوله: (أدى إلى الغرر) أي لأنه إذا لم يحصل اشتراط الخلف يحتمل أن يتلف من العامل بعض الثمن فإذا حل
الاجل ورد العامل للبائع ما بقي من الثمن يقول له البائع أنت لم تتجر بكل الثمن بل ادعيت الخسر
فقط وأتيت لي ببعض الثمن. قوله: (أي كجواز الاستئجار على رعاية غنم) أي وجيبة. قوله: (إن شرط
الخلف) أي إن شرط الراعي على ربها خلف ما يتلف منها أو جرى العرف بالخلف ويلزم ربها الخلف
لما مات حينئذ فإن امتنع لزمه جميع الأجرة للراعي. قوله: (فلا تصح) أي الإجارة بمعنى أنها تقع
فاسدة ويلزم رب الغنم أن يدفع للراعي أجرة مثله إذا عمل وهذا مذهب المدونة وقال سحنون تجوز
وإن لم يشترط الخلف والحكم يوجبه بمعنى أنه إذا مات منها شئ لزم ربها خلفه فإن امتنع دفع
للراعي جميع الأجرة وقاله ابن الماجشون وأصبغ وابن حبيب وبه أقول. ابن يونس وهو عندي أصوب.
قوله: (وإلا تكن معينة) أي كما إذا وقع العقد على رعاية مائة شاة غير معينة حين العقد. وحاصله أن
الأغنام إذا كانت غير معينة فلا يتوقف صحة العقد على اشتراط الخلف لكن إن مات أو ضاع شئ
منها قضى على ربها بالخلف إلى تمام عمل الراعي، فإن امتنع من الخلف لزمه الأجرة بتمامها فعلم أن غير
المعينة مثل المعينة عند سحنون ومخالفة لها على طريقة المدونة. قوله: (إذا تعذر ركوبه لموت أو مرض
أو حبس لم تنفسخ الإجارة) أي لان الراكب مما تستوفي به المنفعة والإجارة لا تنفسخ بتلفه
15

ولا فرق بين كون ذلك الراكب معينا أو غير معين وهذا بخلاف موت الدابة فيفرق بين المعينة
وغيرها فتنفسخ الإجارة بتلفها في الأول دون الثاني لما سيأتي إن ما تستوفي منه المنفعة إن كان معينا
فسخت الإجارة بتلفه لا إن كان غير معين. قوله: (حافتي نهرك) قال المسناوي الظاهر أنه لا مفهوم
لهذه الإضافة بل وكذلك إذا كان النهر لغيرك ولكنه جار بأرضك فلك أن تكري حافتي النهر لأنهما
لك هذا، ولا يشترط هنا وصف البناء من حيث ما يبنى به من حجرا أو أجر مثلا مما يثقل أو يخف، وأما
وصف البناء من حيث عرضه فلا بد منه إذ قد يعرض الجدار فيضيق مجرى الماء بخلاف بناء فوق بناء
فلا بد من وصف البناء من حيث ما يبنى به من حجر أو آجر. قوله: (في دار) أي أو أرض فلا مفهوم
للدار. قوله: (لحاجة) أي لأجل أن يتوصل لحاجة وإلا يتوصل بها لمنفعة لم يجز لأنه من باب أكل
أموال الناس بالباطل لان رب الدار أو الأرض أكل منه الأجرة باطلا بعدم انتفاعه بالطريق،
وإنما لم يجعل من الصدقة لأنه لما وقع في العقد المذكور لم يكن منها فإن استحق المحل المتوصل بالطريق
له بحيث صار لا نفع بالطريق انفسخت الإجارة. قوله: (أي محل جريان ما يسيل) أي جاز استئجار
محل جريان الماء المصبوب في الأكنفة كما يقع عندنا بمصر من استئجار مجراة يسيل فيها ماء يصب
من المراحيض وتوصل إلى الخليج. قوله: (أو ما يجتمع) عطف على محل جريان أي أو المحل الذي
يجتمع فيه ذلك الجاري كأن يستأجر أرضا لأجل وضع فضلات الكنيف فيها. قوله: (لا ميزاب)
ظاهره أنه عطف على مرحاض أي لا يجوز استئجار مسيل مصب ميزاب مع أنه جائز إذ هو قوله
إلا لمنزلك. وأشار الشارح للجواب وهو أنه عطف على مسيل وفي الكلام حذف مضاف أي لا يجوز
كراء ماء ميزاب أي نازل منه لمن يسقي به زرعه مثلا، ولا معنى لكراء ذلك إلا شراؤه وظاهره عدم
الجواز سواء طال الزمن الذي اشترى الماء النازل فيه كأشتري منك الماء النازل من ميزابك مدة عشر
سنين بكذا، أو كان الزمن قصيرا، وهو كذلك على المعتمد لأنه وإن كان الأمد الطويل لا يخلو عن مطر
إلا أنه يحتمل القلة والكثرة والطريق المفصلة بين طول الأمد فيجوز وقلته فيمنع ضعيفة. وقد
علمت أن هذا الفرع من باب البيع لا الإجارة لكن ذكره ليرتب عليه مآب عده من الاستثناء. قوله: (إلا
لمنزلك) استثناء منقطع لان هذا استئجار والمستثنى منه بيع. قوله: (بطعام أو غيره) نص على جواز
كرائها بالطعام لأنها لما كانت متعلقة بالأرض ويعمل فيها الطعام فقد يتوهم أن كراءها بالطعام من
قبيل كراء الأرض بالطعام ويفهم من هذا أنه لو حذف قوله أو غيره ما ضره لاستفادته مما قبله
بالأولى. تنبيه: من استأجر رحى ماء شهرا على أنه إن انقطع الماء قبل الشهر لزمه جميع الأجرة
لم يجز ومثله من استأجر أرض زراعة مقيلا ومراحا أو شارقا غارقا أو ريا وشراقيا تحيلا على لزوم
الأجرة إذا شرقت فإنه لا يجوز وتكون فاسدة. قوله: (على تعليم القرآن مشاهرة) أي أو وجيبة
وقوله أو على الحذاق عطف على مقدر أن نظيرا في المصحف أو على الحذاق. قوله: (لا يجوز الجمع
بينهما) أي بين المشاهرة والحذاق كأستأجرك على تحفيظه ربع القرآن الفوقاني أو التحتاني في
شهر بكذا وظاهره أن المشهور عدم جواز الجمع بينهما مطلقا تساوي الحذاق والزمن
أو زاد الزمن أو العكس، والذي في بن أنه إذا جمع بين الحذاق والزمن فإنه يجري فيه ما سبق
في الجمع بين الزمن والعمل من طريقة ابن رشد وابن عبد السلام. قوله: (ففيه استخدام) أي لأنه
ذكر الحذاق أولا بمعنى الحفظ وأعاد الضمير إليه ثانيا في قوله أخذها للحذاقة بمعنى الاصرافة.
16

قوله: (أي يقضي بها وإن لم تشترط) أي إذا جرى العرف بها. والحاصل أنه يقضي بها إذا اشترطت
أو جرى بها عرف وإلا فلا وهذا قول سحنون وهو المشهور. وقال أبو إبراهيم الأعرج إنما يقضي بها
بالشرط ولا يقضي بها عند عدمه ولو جرى بها عرف. واعلم أنها تكون للمعلم الأول إن أقرأ المتعلم
معلم آخر قبل محلها بيسير كالسدس لا إن ترك المتعلم القراءة أو أقرأه الثاني قبل محلها بكثير فللثاني. قوله: (وهي
تختلف باختلاف الزمان) أي ففي بعض الأزمنة والبلاد تؤخذ على سبح ولا تؤخذ على لم يكن وفي
بعضها بالعكس. قوله: (فقرا وغنى) أي وجودة حفظ وقلته فحذقة الحافظ أكثر من حذقة من
لم يحفظ وحذقة الموسر أكثر من حذقة غيره. قوله: (كان مما يعرف بعينه أو لا) أي خلافا لابن العطار
في الثاني حيث قال فيه بالمنع. قوله: (أي ما يستعان به كصحفة الخ) أي وليس المراد بالماعون في الآية هذا
المعنى وإلا لكانت إعارة ما ذكر من الصحفة وما معها واجبة، فلا تجوز إجارتها لأنها تتضمن عدم الإعارة
بل المراد به في الآية الزكاة بدليل قرنه بقوله يراءون فالمعنى الذين يراءون في الصلاة ويمنعون الزكاة.
قوله: (وجاز العقد) قدر الفاعل عقد دون إجارة لأنه يؤدي لتقسيم الشئ إلى نفسه وغيره وهو ممنوع.
قوله: (إجارة) أي ويكون إجارة إن صرح بها أو قامت قرينة عليها كقول المستأجر للأجير
وإن انهدمت قبل التمام فلك بحساب ما عملت. قوله: (وجعالة) أي إن صرح بها أو قامت قرينة عليها كقوله
للعامل إن انهدمت قبل تمام العمل فلا تستحق شيئا وإنما تستحق بتمام العمل. قوله: (فإن انهدمت الخ)
أي وعين له أنها إن انهدمت الخ فهذا قرينة دالة على أن القصد بالعقد الإجارة. قوله: (والفرق بينهما الخ)
ظاهره أنه لم يفرق بينهما فيما سبق مع أنه قدم الفرق بينهما بالصيغة ويكون له بحساب ما عمل في
الإجارة لا في الجعالة فكان الأولى أن يقول ويفرق بينهما أيضا بأن الجعالة الخ. قوله: (حين الترك) إنما
قيد بذلك لدفع ما يقال قد صرحوا بجواز المجاعلة على حمل خشبة لمحل وبجواز ترك العامل في أثناء
طريقه مع أنه إذا تركها في أثناء الطريق وحملها ربها فلا شك أنه حصل له نفع فكان ينبغي أن لا تجوز
المجاعلة. وحاصل الجواب أنه حين الترك لم يحصل للمجاعل نفع بل كان ذلك ضررا عليه لان
تركها أثناء الطريق تعريض لضياعها. قوله: (ولذا لو وقع العقد على الحفر فيما يملك كان إجارة) أي
سواء صرح بالإجارة أو ذكر ما يدل عليها أو لم يذكر ما يدل على شئ أصلا فإن ذكر ما يدل على الجعالة
كان جعالة فاسدة لانتفاع المجاعل بما قبل تمام العمل باطلا بلا عوض وأما إن وقع العقد على الحفر فيما
لا يملك، فإن صرح بالإجارة أو بما يدل عليها كقوله وإن انهدمت قبل تمام العمل فلك بحساب ما عملت
كان إجارة، وإن صرح بالجعالة أو بما يدل عليها كقوله ولك بتمام العمل كذا كان جعالة، وإن لم يصرح
بواحدة منهما ولم يأت بما يدل عليها، فانظر هل يحمل على الا تجارة أو الجعالة أو يكون فاسدا.
قوله: (حلي) بفتح الحاء وسكون اللام مفردا أو بضم الحاء وكسر اللام جمعا. قوله: (أي إجارته) أي سواء كان
ذلك الحلي ذهبا أو فضة أوجر بذهب أو فضة فيهما أو أوجر بغيرهما كعرض وطعام. قوله: (إذا
كان غير محرم الاستعمال وإلا منع) ما ذكره من المنع مبني على ما قاله ابن يونس من أن العلة في كراهة
إجارة الحلي أن السلف الصالح كانوا يرون أن عاريته زكاته والذي أسقط الله زكاته وجعل زكاته
عاريته غير محرم الاستعمال، وأما المحرم فزكاته واجبة لا على ما علل به ابن العطار الكراهة بأن إجارته
تؤدي إلى نقصه باستعمال المستأجر وقد أخذ ربه في مقابلته نقدا فكأنه نقد في مقابلة نقد وإنما لم يحرم
لأنه ليس محققا فإن هذا يقتضي كراهة إجارته مطلقا كان محرم الاستعمال أم لا ويقتضي عدم كراهة
إجارته بغير النقد. قوله: (كإيجار مستأجر دابة) أي كما يكره لمن استأجر دابة أن يؤاجرها لمثله
فالمصدر مضاف للفاعل ومحل الكراهة إن لم يؤجرها بحضرة ربها أو يبدو له إذا كان مسافرا الإقامة
17

وعدم الركوب للمحل الذي إكراها إليه وإلا فلا كراهة ولو كان غير مضطر للإقامة. قوله: (ولا
ضمان عليه إن ضاعت الخ) أي سواء قامت على الضياع بينة أم لا. قوله: (فيجوز كراؤها لحمل مثله الخ)
قيد اللخمي جواز كرائها إذا كانت مكتراة للحمل بما إذا صحبها ربها في السفر، وأما لو كان
المكتري هو الذي سافر بها فهي بمنزلة التي للركوب وكذا ذكره ابن يونس عن ابن حبيب وقبله
اه‍ بن. قوله: (أي يكره لمن استأجر ثوبا للبسه الخ) قال عبق الظاهر أنه يجري في الثوب نحو ما تقدم
فإذا استأجره ليحمل فيه شيئا فلا يكره أي يؤاجره في حمل مثله. قوله: (أن يكريه لمثله الخ) مثل الثياب
الكتب على الظاهر لاختلاف استعمال الناس فيها. قوله: (يضمنه الأول) أي ففرق بين الثوب والدابة
ونحوه في التوضيح ونصه وظاهره أنه لا يضمن في الثوب إذا أكراه من مثله كالدابة، والذي في
المدونة أنه يضمنه إذا هلك بيد الغير لاختلاف حال الناس في اللبس ولا يضمنه إن هلك بيده ا ه‍ بن.
قوله: (وإن علم عدم رضاه لم يجز) أي مع صحة العقد على الظاهر ويحتمل أن يقال بفساده لان ذلك
بمنزلة شرطه أن لا يكري لمثله وهو مفسد للعقد لأنه مناقض لمقتضاه إلا أن يسقطه. قوله: (وكره تعليم
فقه وفرائض) كذا في المدونة وقال ابن يونس الصواب جواز الإجارة على تعليم ذلك. قوله: (مخافة
أن يقل طلب العلم الشرعي) أي والمطلوب كثرة طلبه ولان الإجارة على تعليمه خلاف ما عليه
السلف الصالح بخلاف القرآن فإنه تجوز الإجارة على تعليمه كما مر لرغبة الناس في تعلمه ولو بأجرة
ولاخذ السلف الأجرة على تعليمه لقوله عليه الصلاة والسلام: إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب
الله تعالى. قوله: (بالرسم) أي بالغبار والشباك وقوله فلا يكره أي لان ذلك صنعة. قوله: (كبيع كتبه)
أي وكذا إجارتها اللخمي اختلف في الإجارة على كتب العلم وفي بيع كتبه ولا أرى أن يختلف
اليوم في جواز ذلك لان حفظ الناس وإفهامهم الآن نقصت فلو بقي العالم بلا كتب لذهبت رسوم
العلم منه. قوله: (وقراءة بلحن أي تطريب) لان المقصود من القراءة التدبر والتفهم والتطريب ينافي
ذلك وقوله أي تطريب المراد به تقطيع الصوت بالأنغام. قوله: (كقراءته بالشاذ) اختلف فيه فقيل
ما زاد على السبعة وهو مختار ابن الحاجب وقيل ما زاد على العشرة وهو الراجح. قوله: (كراهة الإجارة
على القراءة) أي بالتلحين ويمكن أن يقرر المتن بذلك بأن يقال إن المراد وكره إجارة على قراءة بلحن.
قوله: (بناء على كراهتها) أي كراهة الدف والمعارف أي كراهة استعمالها وسماعها في العرس فإذا
كان استعمالها وسماعها مكروها كانت الإجارة عليها في العرس مكروهة وأما استعمالها في العقيقة
أو الختان ونحوهما فحرام فيكون كراؤهما فيهما حراما. قوله: (ولا يلزم من جوازها جواز كرائها)
بل كراؤها فيه مكروه وإن جازت فيه سدا للذريعة إذ لو جاز كراؤها أيضا في العرس لتوصل به
لكرائها في غيره. قوله: (جائزان لعرس) أي خلافا لمن قال بكراهتهما فيه. وهو قول مالك في المدونة
وعلى الأولى وهو الجواز اختصرها أكثر المختصرين، وقوله مع كراهة الكراء أي مع كراهة كرائهما
فيه. قوله: (وأن المعازف حرام) أي في العرس خلافا لمن قال بكراهتها فيه ولمن قال بجوازها فيه. قوله: (كالجميع)
أي الدف والكبر والمعازف أي كما يحرم الجميع فتحصل أن الدف ء والكبر في النكاح فيهما
قولان: الجواز والكراهة وفي المعازف ثلاثة أقوال بزيادة الحرمة وهو أرجحها فتكون إجارتها
في النكاح حراما، وأما في غير النكاح فالحرمة في الجميع قولا واحدا وقوله في غير النكاح يشمل
18

العقيقة والختان والقدوم من سفر ونحوه. قوله: (أو تقديم كافر على كعبد) أي بأن يقول وكراء كافر
كعبد ويكون إضافة كراء لكافر من إضافة المصدر لمفعوله. قوله: (وهو جائز على قلة) أي كما أشار لذلك
في الخلاصة بقوله: فصل مضاف شبه فعل ما نصب مفعولا أو ظرفا أجز ولم يعب
أي أجز أن يفصل المضاف الشبيه بالفعل ما نصبه المضاف حالة كونه مفعولا أو ظرفا. قوله: (وهو
من أضافه المصدر لمفعوله) أي الثاني لان كراء اسم مصدر بمعنى إكراء ومفعوله الأول لكاف من
كعبد لأنها اسم بمعنى مثل. قوله: (وله أجرة ما عمل) أي فلا يتصدق بها عليه. قوله: (ولكن يتصدق الخ)
أي إلا أن يعذر بجهل فلا يؤخذ منه الكراء. قوله: (لاخذه) أي لأجل أخذ الكراء ممن يصلي
فيه أي وأما لو بناه لله ثم قصد أخذ الكراء ممن يصلي فيه فمقتضى النظر منع الاخذ حيث خرج عنه لله
تعالى قاله شيخنا. قوله: (والمشهور عدم الجواز الخ) عبارة بن لفظ المدونة ولا يصلح أن يبني مسجدا
ليكريه لمن يصلي فيه أو يكري بيته لمن يصلي فيه وأجاز ذلك غيره في البيت أبو الحسن انظر قو له
لا يصلح هل هو على الكراهة أو المنع، فعلى ما نقل ابن يونس عن سحنون هو على المنع، وعلى ما نقل
عياض هو على الكراهة، لأنه قال ليس من مكارم الأخلاق ا ه‍ لكن عبارات أهل المذهب عدم
الجواز كما في ح فعلى المصنف الدرك في مخالفتها ا ه‍ كلامه. قوله: (بأهله) المراد بالأهل الزوجة
والأمة وعلة الكراهة إذلال المسجد بوطئ أهله فوقه. قوله: (فوقه) أي المسجد يعني المعد للكراء
لأنه المحدث عنه وأولى ما بني للصلاة فقط ومفهوم بالأهل أن السكنى فوقه بغير الأهل جائزة بالأولى
مما ذكره في إحياء الموات من جواز سكنى الرجل المتجرد للعبادة فيه، ومفهوم فوقه أن السكنى تحته
جائزة مطلقا بالأهل وغيره بنى المسجد للكراء أو لغيره. قوله: (إن بنى الخ) وذلك بأن نوى حالة
بناء المسجد أو قبله بناء محل فوقه للسكنى بالأهل أو بنى علوا أو سفلا لنفسه ثم جعل السفل مسجدا
لله على التأبيد وأبقى الأعلى سكنا بالأهل. قوله: (فلا معارضة) قال بن أصل الجمع المذكور لابن
عبد السلام وارتضاه ح وأيده بنقول اه‍. وقال الناصر اللقاني الكراهة هنا محمولة على المنع سواء
كان المسجد بني للصلاة أو للكراء كان التحبيس سابقا على السكنى أو كان متأخرا عنها، وبهذا الحمل
يحصل التوافق بين ما هنا وما يأتي في الموات. وذكر خش جوابا عن المعارضة بحمل ما هنا من الكراهة
على ما إذا كان المسجد متخذا للكراء. وما يأتي من المنع فهو محمول على ما إذا كان غير متخذ للكراء
لان له حرمة على المتخذ للكراء، ولا فرق فيهما بين كون السكنى بعد التحبيس أو قبله فهذه أجوبة
ثلاثة عن المعارضة وقد علمت أن الموافق للنقل ما قاله شارحنا. قوله: (تتقوم) بفتح التاءين معا لان
الفعل لازم لا يبنى للمجهول. قوله: (أي لها قيمة شرعا لو تلفت) أي لكونها مؤثرة. قوله: (ونحوها)
أي كالتفاح والمسك والزباد وقوله فلا يجوز استئجارها للشم أو لان شم رائحة ما ذكر لا قيمة
له شرعا لأنه لا يؤثر في ذلك المشموم والتأثير فيه إن وجد إنما هو من مرور الزمن عليه.
قوله: (السراج للاستصباح) أي وكذا لا يجوز كراء شمع للمشي به في الزفاف من غير قيد كالمسمى
في مصر بشمع القاعة. قوله: (قدر على تسليمها) أي حسا أو شرعا فقوله فلا يجوز استئجار آبق
أو بعير شارد وبعيد غيبة محترز الأول، ومثله استئجار الأخرس للتكلم والأعمى للكتابة.
وأشار المحترز الثاني بقوله أو شئ غير مملوك للمؤجر وقد يقال لا حاجة لقولنا
وشرعا للاستغناء عنه بقول المصنف الآتي ولا حظر فالأولى للشارح حذف محترزه من هنا.
19

قوله: (بلا استيفاء عين قصدا) أي حالة كون المنفعة ملتبسة بعدم استيفاء عين قصدا وهذا صادق
بأن لا يكون هناك استيفاء عين أصلا أو كان هناك استيفاء عين من غير قصد فالأولى كإجارة دابة لركوب
أو حمل والثاني كإجارة الشجر للتجفيف عليها وكإجارة الشاة للبن فإن فيه استيفاء عين وهو ذهاب
شئ منها بالاستعمال لكن ذلك غير مقصود. قوله: (استئجار شجر لاكل ثمره) أي أو شاة لاخذ نتاجها
أو صوفها. قوله: (مسألة الظئر للرضاع) وكذا مسألة استئجار أرض فيها بئر أو عين ومسألة استئجار
شاة للبنها إذا وجدت الشروط كما يأتي فإن فيها استيفاء عين قصدا وهو اللبن والماء. قوله: (ولا حظر) بالظاء
المعجمة أي منع أي وحالة كون المنفعة ملتبسة بعدم الحظر. قوله: (ونحو ذلك من كل منفعة محرمة) أي
كاستئجار حائض أو جنب أو كافر لكنس مسجد كما يأتي وكالاستئجار على استصناع آنية من نقد.
قوله: (وبلا تعين) أي وحال كون المنفعة ملتبسة بعدم التعين على المؤجر فلا تصح الإجارة على صلاة
الصبح مثلا. قوله: (ولو مصحفا) مبالغة في الصحة إذا توفرت الشروط كما أشار له الشارح أي تصح
الإجارة إذا توفرت شروطها هذا إذا كان المستأجر غير مصحف بل ولو كان مصحفا. قوله: (خلافا
لابن حبيب) حيث قال بمنع إجارته لا بيعه لان إجارته كالثمن للقرآن وبيعه ثمن للورق والخط وقد رد
المصنف عليه بلو لكن مقتضى الرد عليه أن تكون المبالغة في الجواز وحينئذ فهو مبالغة في محذوف
فكأنه قال وتجوز الإجارة إذا توفرت الشروط، هذا إذا كان المؤجر غير مصحف بل ولو كان مصحفا
ومحل جواز إجارته إذا لم يقصد المؤجر بإجارته التجر وإلا كرهت. قوله: (ولو أرضا غمر ماؤها) أي
كثر ماؤها حتى علاها ومحل الجواز إذا لم يحصل نقد الأجرة بشرط بأن لم يحصل نقد أصلا أو حصل
تطوعا وأما لو حصل النقد بشرط فسد العقد هذا هو الصواب كما في بن خلافا لما في عبق من أنه
متى حصل النقد ولو تطوعا منع. قوله: (أو استئجار شاة للبنها) كأن يقول الانسان أستأجر بقرتك مدة
الشتاء بكذا لاخذ لبنها. وكذا إذا قلت له اشترى لبنها مدة الشتاء بكذا وكلفتها من عندي فإذا انقضى
الشتاء رددتها إليك كما يقع ذلك عندنا بمصر. قوله: (فلا يجوز) أي لان فيه استيفاء عين قصدا وإطلاق
الإجارة على العقد على الشجر لاخذ ثمره وعلى العقد على الشاة لاخذ لبنها مجاز لأنه ليس فيهما بيع
منفعة وإنما فيهما بيع ذات فلا حاجة لذكرهما في محترز بلا استيفاء عين قصدا إلا أن يقال أنه إنما ذكرهما
هنا نظرا لما دخل عليه المتعاقدان وعبرا به. قوله: (إلا إذا اشترى لبن شاة الخ) حاصله أن شراء لبن الشاة
في ضرعها لا يكون ممنوعا مطلقا بل تارة يكون ممنوعا كما مر وتارة يكون جائزا بشروط عشرة إن اشتراه
جزافا كأن يقول لذي أغنام كثيرة أشتري منك لبن شاة أو اثنتين من هذه الشياه آخذه كل يوم
مدة شهر وبشروط خمسة أن اشتراه على الكيل، وإن كان الشراء جزافا فلا بد في الجواز أن تكون الشاة
المشترى لبنها قليلة، وأن تكون غير معينة، وأن تكون من جملة شياه كثيرة، وأن تكون كلها مملوكة للبائع،
وأن تكون متساوية اللبن عادة، وأن يكون البيع في إبان الحلاب، وأن يعرف قدر حلاب الجميع، وأن يكون
الشراء لأجل لا ينقص اللبن قبله، وأن يشرع في ابتداء الاخذ يوم العقد أو بعده بقرب، وأن يعجل
الثمن لأنه سلم. قوله: (من شياه كثيرة الخ) إنما اشترط التعدد بكثرة لان الغالب أن المتعدد الكثير لا يموت
كله في وقت، فإذا مات البعض بقي البعض الموفى قال طفي وتصوير المسألة بشراء شاة أو شاتين غير
معينتين من الكثير. هو ما ذكره عج تبعا لجده خطأ بل الصواب كما في المدونة أن الجواز المشروط بالشروط
جواز شراء لبن الغنم الكثيرة كالعشرة، كأن يقول لشخص أشتري منك لبن هذه العشرة شياه كل يوم
مدة شهر بكذا فيجوز، إن كانت مملوكة للبائع، وكانت متساوية في اللبن، وكان الشراء في إبان الحلاب،
وأن يعرف المشتري قدر حلابها، وأن يكون الشراء لأجل لا ينقص اللبن قبله، وأن يشرع في أخذ اللبن
20

وأن يعجل الثمن. قوله: (في إبان الحلاب) أي في زمن الحلاب لاختلاف الحلاب في غيره. قوله: (مع
معرفة وجه حلابها) أي قدره لأجل أن يعلم البائع قدر ما باع والمشتري قدر ما اشترى. قوله: (وكذا
إن وقع على الكيل) أي فيجوز كأن يقول لشخص أشتري منك كل يوم رطلين من لبن شياهك مدة
شهر بكذا أو أشتري منك مائة رطل من اللبن كل يوم آخذ منها خمسة أرطال بكذا لكن بالشروط
المتقدمة ما عدا الشرط الأول وهو تعدد الشياه التي عند البائع وكثرتها، وكذا لا يشترط معرفة وجه
الحلاب لأن العقد تعلق بالكيل فلا غرر، وحينئذ فالمشترط كون الشراء في الا بان وأن يكون لأجل
لا ينقص اللبن قبله وأن يشرع المشتري في الاخذ من يوم العقد أو بعده بأيام يسيرة وأن يسلم لرب
الشياه لا إلى غيره وأن يعجل الثمن لأنه سلم. قوله: (واعتفر الخ) يعني أن من اكترى أرضا أو دارا
فيها شجر مثمر لم يبد صلاحه فيجوز لذلك المكتري اشتراط دخول الشجر في عقد الكراء، إن كان
الكراء وجيبة، وكان طيب الثمر في مدة الإجارة، وكانت قيمة الثمر الثلث فأقل بالتقويم، وأن يكون
اشتراط دخولها لأجل دفع الضرر، فإن تخلف شرط من هذه الأربعة فلا يجوز اشتراط دخوله في عقد
الكراء، فإن اشترط دخوله فسد العقد. قوله: (من الشجر المثمر) أي والحال أن ثمره لم يبد صلاحه أما
لو كان قد بدا صلاحه وقت العقد جاز اشتراط دخوله مطلقا ولو كانت قيمته أكثر من الثلث لأنه
بيع وإجارة لكونه مستقلا. قوله: (ما لم يزد الخ) أي مدة عدم زيادة قيمة ما فيها عن الثلث بأن كانت
قيمته الثلث أو أقل فالثلث من حيز اليسير. قوله: (بالتقويم) أي تقويم كل من الأرض أو الدار
وتقويم الثمرة. قوله: (لأنه) أي ما أكريت به قد يزيد أي على القيمة وقد ينقص عنها. قوله: (في مدة
الكراء) فإن كان طيبها بعد فراغ مدة الكراء فالمنع مطلقا ولو كانت قيمتها أقل من الثلث. قوله: (إلا
إذا نقص عن الثلث) أي إلا إذا نقصت قيمته عن الثلث مع بقية الشروط لا إن كانت قيمته ثلثا فقد
شددوا في اشتراط دخوله في عقد الإجارة، كما شددوا في مساقاته حيث اعتبروا فيها شروطا لم تعتبر في
مساقاة الأصول. قوله: (لم يجز إدخاله شئ) أي لا من الثمر ولا من الزرع. قوله: (وتعليم غناء) أي
ومثله آلات الطرب كالمزمار والعود. قوله: (بكسر الغين والمد) أي وأما بفتحها مع المد فهو النفع.
قوله: (أو دخول حائض الخ) يعني أنه لا يجوز إجارة الحائض أو الجنب أو الكافر لخدمة المسجد لأنه
يترتب على استيفاء المنفعة المعقود عليها الحظر وكما يمنع إجارة من ذكر لخدمة المسجد يمنع تقرير
النساء في الوظائف التي لا تتأتى شرعا إلا من الرجال كالإمامة والخطابة والأذان فتقريرهن
فيها باطل، لان شرط صحة التقرير أن يكون المقرر أهلا لما قرر فيه كذا قرر شيخنا العدوي.
قوله: (ويفسخ) أي عقد الإجارة متى اطلع عليه وأما عقد البيع فإنه لا يفسخ بدليل قوله وتصدق بفضلة
الثمن. قوله: (وتصدق بالكراء) أي في مسألة كرائها لذلك والمراد بالكراء الأجرة التي
اكتريت بها الدار لذلك. قوله: (وبفضلة الثمن) أي بأن يقال ما يساوي ثمن هذه الدار أو هذه الأرض
لمن يتخذها كنيسة أو خمارة، فيقال خمسة عشر ثم يقال وما تساوي لو بيعت لمن لا يتخذها كنيسة
ولا خمارة، فيقال عشرة فيتصدق بالخمسة الزائدة على ما رجحه ابن يونس. والفرق بين الكراء
والبيع أنه لما كان يعود للمكري ما أكراه لم يكن عليه ضرر كثير فلذلك لزمه التصدق بالكراء
جميعه بخلاف البائع فإنه لا يعود إليه ما باعه فلو وجب عليه التصدق بالجميع لاشتد ضرره. قوله: (على
الأرجح) أي على ما رجحه ابن يونس من أقوال ثلاثة، قيل: إنه يتصدق بالثمن والكراء، وقيل:
بفضلتهما، وقيل: إنه يتصدق في الكراء بجميعه وفي البيع بفضلة الثمن. وهذا ما رجحه ابن يونس ومشى
عليه المصنف. قوله: (وكذا بزائد الكراء للأرض) حاصله أن الأرض يتصدق فيها بالفضلة في كل من
21

أي بيعها وكرائها بخلاف الدار فإنه يتصدق بالفضلة في بيعها وبالكراء جميعه في إجارتها وهذا ما نقله ابن
عرفة عن عبد الحق والذي نقله المواق عن ابن يونس ترجيح القول بأن الأرض كالدار في أنه يتصدق
بكل الأجرة في إجارتها وبفضلة الثمن في بيعها انظر بن. قوله: (ولو غير فرض) أي هذا إذا كان المطلوب
من كل أحد فرضا بل ولو كان غير فرض أي بأن كان مندوبا كركعتي الفجر وأدخل بالكاف جميع
المندوبات من الصلاة والصوم وأما المندوبات من غيرهما كالذكر والقراءة فإنه تجوز الإجارة عليهما.
وذكر ابن فرحون أن جواز الإجارة على قراءة القرآن مبني على وصول ثواب القرآن لمن قرئ لأجله
كالميت ثم استدل على أن الراجح وصول ذلك له بكلام ابن أبي زيد وغيره انظر بن. قوله: (فلا يجوز
الاستئجار عليها) أي لتحضها للعبادة وأما الغسل والحمل للميت فإنها لما شاركت في الصورة أشياء
كثيرة غيرها لم تتمحض بصورتها للعبادة. قوله: (وعين) أي بالإشارة أو أل العهدية في عقد الإجارة
وجوبا أي فإن لم يعين بالإشارة إليه أو بأل العهدية من ذكر موضعه وحدوده ونحو ذلك مما تختلف به
الأجرة وهذا يقتضي تعيينه. قوله: (استؤجر) أي الجزار. قوله: (وعين محمل) فإذا قال استأجر منك جملا
أركبه لمكة في محمل وجب أن يعين المحمل من كونه شقدفا أو شقة أو محفة. قوله: (إن لم توصف
المذكورات) أشار بهذا إلى أن الشرط راجع للجميع وعلى هذا فما قاله اللخمي من أنه إذا وصف
سن الرضيع من غير اختبار رضاعه كفى في جواز الإجارة موافق للمذهب. قوله: (لكن البناء على
الجدار الخ) وحينئذ فالشرط راجع لمجموع ما تقدم أي ما عدا الجدار لا أنه راجع للجميع. قوله: (لعدم
وجوده) أي البناء على الجدار حين العقد حتى إنه يعين بالإشارة إليه. قوله: (ودابة أكريت لركوب)
مفهومه أنها لو أكريت لحمل أو استقاء أو حرث فلا يلزم تعيينها وإنما يجب بيان ما تختلف به
الأغراض. قوله: (إذا لم تكن مضمونة) أتى الشارح بذلك للإشارة إلى أن قول المصنف وإن ضمنت
عطف على محذوف أي وعينت دابة لركوب إن لم تكن مضمونة أو إن أريد العقد عليها بعينها وإن
ضمنت الخ. قوله: (وإن ضمنت) هو بالتخفيف لقولهم مضمونة أي وإن أريد العقد على مضمونة أي
متعلقة بالذمة. قوله: (بأن لم يقصد عين دابة) أي كأن قال أكتري منك دابة وقوله فجنس ونوع وذكورة
أي فالواجب ذكر ما ذكر من الجنس وما معه ما لم توصف كدابتك الحمراء أو السوداء، وعلم منه أنه
لا بد من تعيين المعقود عليها سواء كانت معينة أو مضمونة، لكن تعيين المعينة بالشخص يكون
بالإشارة إليها أو بأل العهدية وتعيين المضمونة يكون بذكر جنسها ونوعها والذكورة والأنوثة أو
بالوصف كدابتك البيضاء أو السوداء. قوله: (كإبل أو بغال) كأكتري منك دابة من الإبل أو من
البغال أركبها لمحل كذا بكذا. قوله: (أي صنف) أشار إلى أن المصنف أطلق النوع وأراد به الصنف
كبخت وعراب وبرذون وعربي كما أنه أطلق الجنس وأراد به النوع من إبل وبغال الخ. قوله: (إلا أنها
إذا عينت بالإشارة) أي أو بأل العهدية وكان المناسب أن يقول فإن كان تعيينها بالذات بأن عينت
بالإشارة الحسية أو أل العهدية انفسخت الخ. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا تعين بالإشارة الحسية بل بذكر
الجنس والنوع والذكورة أو الأنوثة أو بالوصف كدابتك البيضاء أو السوداء فلا ينفسخ العقد بتلفها
22

وعلى ربها الخ. قوله: (ولو قال الخ) مبالغة في عدم الفسخ ولزوم ربها الخلف. قوله: (لا يفيد ذلك) أي
لا يفيد أنه إذا قال دابتك البيضاء أو الحمراء وليس له غيرها من قبيل المضمونة التي لا تنفسخ الإجارة
بتلفها لعدم ذكر الجنس والنوع فلعل المصنف حذف قوله إن توصف صف من هنا لدلالة ما قبله عليه
فكأنه قال وإن ضمنت فجنس ونوع وذكورة إن لم توصف. والحاصل أن المضمونة لا بد من
تعيينها إما بذكر الجنس وما معه إما بالوصف. قوله: (ومحمل ودابة وسفينة) أي وعين محمل ودابة وسفينة.
قوله: (وإلا فمضمونة) أي وإن لم تعين بالإشارة بل بذكر الجنس والنوع أو بالوصف فمضمونة. قوله: (إن
لم يقو) أي وجاز إن قوي كأن تقل أو يكون معه مشارك يعاونه كما قال بعد وهذا التفصيل في راع
استؤجر على رعي عدد من الغنم، كما قال الشارح. وأما راع ملك جميع عمله فأجير خدمة فليس له ذلك
مطلقا قوي على الأخرى أم لا. قوله: (وإلا بمشارك) استثناء من الأول وهو قوله وليس لراع رعي
أخرى مع شرطه والمعنى ليس لراع انتفت قوته رعي أخرى إلا بمشاركة يعاونه على الرعي فيجوز له
رعي الأخرى مع الأولى ولا يصح استثناؤه من الشرط وحده لفساد المعنى إذ يصير المعنى إلا أن يكون
عدم قوته بمشارك مع أن المشارك ليس سببا في عدم القوة. وقوله إلا بمشارك أو تقل تصريح بمفهوم
الشرط وإنما صرح به مع اعتباره له لأجل تقييده بالجملة الحالية وهي قوله ولم يشترط خلافه. قوله: (بحيث
يقوى على رعي الأخرى) أي ولو كانت الأخرى كثيرة. قوله: (ولم يشترط) راجع لقوله إلا
بمشارك أو تقل خلافا لظاهر الشارح من رجوعه لقوله أو تقل فقط أي إلا بمشارك أو تقل الأولى،
والحال أن رب الغنم لم يشترط على الراعي خلافه فإن كان معه معاون يعاونه أو قلت واشترط عليه
عدم رعي غيرها لم يجز له رعي أخرى. قوله: (فأجره لمستأجره) أي تخييرا وإن شاء نقصه مستأجره الأول
من مسماه ما نقص وطريق معرفة ذلك أن يقال ما أجرته على رعيها وحدها فإذا قيل عشرة مثلا قيل وما
أجرته إذا كان يرعاها مع غيرها، فإذا قيل ثمانية فقد نقص الخمس فيخير مستأجره بين أن ينقصه خمس
المسمى وبين أخذ ما أجر به نفسه ويدفع له المسمى بتمامه ويجري مثل هذا في قوله كأجير لخدمة الخ.
قوله: (فإن لم يفوت عليه شيئا) أي فإن لم يفوت على الأول شيئا مما استأجره عليه. قوله: (فإنه يسقط من كرائه)
أي للأول وقوله بقدر قيمة ما عمل أي للثاني. قوله: (براع آخر لرعيها) أي ليرعاها مع راعي الأمهات
لا منفردا لما فيه من تعذيب الحيوان. قوله: (فإنه يعمل به) أي لان العرف يقيد ما أطلقاه ويفسر ما أجملاه
ويكون شاهدا لمن ادعاه. قوله: (وعمل به) أي عند عدم الشرط وإلا فالشرط مقدم عليه عند وجوده. قوله: (في
كونه على المالك) أي مالك الرحى. قوله: (فيقضي بما جرى به العرف) أي فإن جرى بأن ذلك على المستأجر
بالفتح وهو الخياط والطحان والبناء قضى به عليه عند التنازع وإن جرى بأنه على رب الشئ المصنوع
قضى به عليه. قوله: (ودقيق) جعل النقش على صاحب الدقيق إنما يظهر إذا كان صاحب الطاحون
بأن استأجر إنسانا يطحن له فيها دقيقه وأما لو استأجر انسان الطاحون ليطحن فيها للناس أو لنفسه
كان النقش عند عدم العرف على صاحبها لا على صاحب الدقيق. والحاصل أنه عند عدم العرف النقش
23

لازم لرب الرحى سواء كان هو صاحب الدقيق بأن استأجر من يطحن له عليها أو كان الدقيق لغيره
بأن أجرها لرب الدقيق. قوله: (أصغر منها) أي وهو المسمى عند التراسين نمارية بتشديد الميم والياء.
قوله: (على المذهب) أي مذهب المدونة خلافا لظاهر المصنف من أنه على المكترى الذي اكترى
الدابة. قوله: (وهو أنه) أي الرب في الأول مكتر لان صاحب الثوب اكترى الخياط وصاحب
الجدار اكترى البناء ورب الرحى مكتر ومستأجر لمن يطحن له قمحه على رحاه. قوله: (في أحوال
السير) أي من كونه بالهوينا أو حدرا أو متوسطا ثم إن قوله وفي السير عطف على قوله في الخيط وأعاد
الجار لئلا يتوهم أنه عطف على الاكاف فيتسلط عليه العكس. قوله: (والمنازل) أي مواضع النزول.
قوله: (أي ما يحتاج له المسافر من نحو سمن) أي من وعاء نحو سمن فإذا اكتريت جملا لتركبه في السفر
فلا يلزم ربه حمل وعاء نحو السمن إلا بالعرف. قوله: (من خرج ونحوه) أي فإذا اكتريت دابة لتركبها
فيرجع في حمل الخرج والصندوق للعرف فإن لم يكن عرف فلا يلزم رب الدابة حمله. قوله: (ووطائه
بمحمل) أي أن ما وضع تحت المكترى في المحمل من فراش يرجع في الاتيان به وفي حمله للعرف فإن
لم يكن عرف فلا يلزم الجمال الاتيان به ولا حمله. قوله: (وأولى غطائه) أي لعدم الاستغناء عنه غالبا.
قوله: (وبدل الطعام المحمول) أي وبدل نقص الطعام المحمول ففي الكلام حذف مضاف. وحاصله
أنه إذا نقص الطعام المحمول بأكل أو بيع أو نحوه وأراد صاحبه يعوض بدله وامتنع المكرى فإنه
يرجع للعرف، فإن جرى عرف بعدم بدله عمل به كما في طريق الحج، فإن المكري يدخل مع المكتري على
وزن معين مع علمهما نقصه بأكل وعلف كل يوم، فإن لم يكن عرف فعلى رب الدابة حمل الوزن الأول
المشترط لتمام المسافة المكتراة. قوله: (الطيلسان) هو الشال الذي تغطي به الرأس. قوله: (أو استأجر
قميصا الخ) أشار بذلك إلى أن الطيلسان لا مفهوم له بل الثوب كذلك. قوله: (في أوقات نزعه
عادة) أي كوقت القيلولة والليل. تنبيه: مما يرجع فيه للعرف عند عدم الشرط ما إذا اكترى
على حمل متاع دواب إلى موضع فاعترض نهر في الطريق كالنيل لا يجاز إلا بالمركب فتعدية كل
من الدابة والجمل على ربه إلا أن لا يعلموا به وإلا فتعدية الجميع على رب الدابة. قوله: (من مؤجر
ومستأجر) أي وهذا الصنيع أولى من قصر تت له على الثاني حيث قال وهو أي المستأجر
أمين فعلى هذا يضمن الراعي إذا ادعى الضياع أو التلف وهذا وإن قيل به في الراعي المشترك
بين قوم كالصانع إلا لبينة تصدقه لكنه ضعيف. وقد ألف صاحب المعيار رسالة في الرد على
صاحب ذلك القول، وكذلك أبو الحسن بن رحال ألف رسالة في الاجراء والصناع وتعرض فيها
للرد عليه. قوله: (كان) أي المعقود عليه مما يغاب عليه كالثوب أو لا كالدابة. قوله: (ولا يحلف غيره)
هذا قول ابن القاسم. قوله: (وقيل يحلف ما فرطت) أي أنه يحلف على التفريط وأما الضياع فيصدق فيه
من غير حلف عليه لان الضياع ناشئ عن تفريطه غالبا فيكفي حلفه ما فرطت وفي المسألة قول ثالث
أنه يحلف مطلقا أي على الضياع والتفريط. قوله: (ولو شرط الخ) يعني أن الضمان ساقط عنه ولو شرط
24

عليه إن لم يأت بسمة ما مات منها كان ضامنا ولم يأت بها فهذا الشرط لا يلزم الوفاء به خلافا لمن قال
بالضمان. قوله: (أو عثر الخ) عطف على شرط فهو داخل في حيز المبالغة. وحاصله أنه إذا استأجره على
حمل دهن أو طعام كسمن أو عسل أو على حمل آنية على رأسه أو على أكنافه أو على دابته فعثر أو عثرت
الدابة فانكسر ذلك المحمول، والحال أنه لم يتعد في فعله ولا بسوق الدابة فإنه لا ضمان على ذلك المستأجر
بالفتح على المعتمد. وما ذكره المصنف من عدم ضمان المستأجر بالفتح على الحمل إذا عثر أو عثرت دابته
فتلف المحمول لا ينافي قولهم العمد، والخطأ في أموال الناس سواء لان قولهم مقيد بما إذا لم يكن
المخطئ أمينا وهو هنا أمين، ألا ترى أن من أذن له في تقليب شئ فسقط من يده فلا ضمان عليه وإن
سقط على غيره فانكسر ضمن ما سقط عليه لا ما سقط. وفي حاشية السيد على عبق يضمن السقاء
كسر الزير ولا يضمن ما سقط من يده كغطاء لأنه مأذون في رفعه وقوله أجير حمل أي أجير استؤجر على الحمل
على رأسه أو على أكتافه. قوله: (فلا ضمان) أي إن صدقه ربه في دعواه انكسارها من غير
تعد أو كان كسرها بحضرته أو حضرة وكيله أو قامت بينة بتصديقه، والمراد بحضرة ربه مصاحبته
له ولو في بعض الطريق، فإذا صاحبه في بعضها ثم فارقه فادعى تلفه بعد مفارقته فإنه يصدق كما في التوضيح
وذلك لان مصاحبته ببعض الطريق ومفارقته في بعضها دليل على أنه إنما فارقه لما علم من حفظه
وتحرزه. قوله: (إلا أن يتهم بأن لم يصدقه ربه الخ) يؤخذ من هذا أن المستأجر بالفتح ليس بأمين في
الطعام، ولذا قال بن حق المصنف أن يأتي بصيغة الاستثناء من قوله وهو أمين فيقول إلا في حمل نحو طعام
مما تتسارع إليه الأيدي، وأما البز والعروض فالقول فيها قوله إلا أن يأتي بما يدل على كذبه والسفينة
كالدابة. وحاصل فقه المسألة أن المستأجر بالكسر مصدق في دعواه التلف أو الضياع سواء
استأجر لركوب أو حمل أو لبس أو غير ذلك، وأما المستأجر بالفتح ففيه تفضيل فإن كان المستأجر عليه
غير طعام كالعروض وكالحيوان بالنسبة للراعي أو كان طعاما لا تسرع إليه الأيدي كالقمح فإنه
يصدق في دعواه التلف أو الضياع ما لم يأت بما يدل على كذبه، وإن كان طعاما ما تسرع إلى الأيدي
كالسمن والعسل والزيت فلا يصدق ويحمل على الخيانة حتى يثبت صدقه ببينة أو يصدقه ربه أو
يكون التلف بحضرته أو حضرة وكيله فإن ثبت صدقه بواحد مما ذكر فلا ضمان. قوله: (فيضمن)
أي مثله بموضع غاية المسافة وله جميع الأجرة على أظهر القولين وعليه اقتصر ابن رشد في البيان وفي
التوضيح له بحساب ما سار والقول الثاني هو الموافق لكلام الشارح الآتي في آخر العبارة. قوله: (ولم
يغر بفعل) أي والحال أنه لم يغر بفعل من ضعف حبل ومشيه في موضع تعثر أو تزلق فيه الدابة أو
ازدحام. قوله: (إذ لا أثر للغرر القولي) أي الغير المنضم لعقد أو لشرط كالذي مثل الشارح به أو لا وأما
الغرر القولي المنضم لعقد من الغار أو لشرط فإنه يوجب الضمان فالأول كأن يقول لزيد اشتر سلعة
فلان فإنها سليمة، والحال أنه يعلم أنها معيبة وتولى العقد عليها وكالصيرفي إذا أخذ أجرة وقال إنه
جيد وهو يعلم أنه ردئ فيضمن بهذا الغرور كالفعلي والقولي المنضم لشرط كما مثل به الشارح
بقوله نعم إن شرط عليه بأن قال له إن علمت الخ، ويستثنى من الغرور القولي الغير المنضم لعقد أو
شرط من دل لصا أو ظالما على مال فإنه يضمن على المذهب. قوله: (فيفصلها) أي فيذهب ربها
يفصلها فلا تكفيه. قوله: (فيضمن) أي ما نقصها بسبب التفصيل. قوله: (وقيل إن كان بأجرة) أي وقيل
يضمن إن كان بأجرة وإلا فلا. قوله: (واستظهر) أي لأنه قد انضم للغرر عقد إجارة على نقده ولو
بالمعاطاة. قوله: (وتعثر الدابة فيه) أي أو مشيه في موضع تعثر الدابة فيه. قوله: (ككل متعد في المحمولات)
أي ككل أجير تعدى في المحمولات وضمن فإنه يكون له بحساب ما سار وذلك كما لو كان المحمول
25

طعاما تسرع له الأيدي وادعى تلفه أو ضياعه ولم يصدقه ربه ولم يكن التلف بحضرته أو حضرة وكيله
ولم تشهد بينة بصدقه. وقوله فإن لم يضمن أي كما لو كان المحمول غير طعام أو كان طعاما لا تسرع إليه
الأيدي أو تسرع له الأيدي وصدقه ربه في دعوى تلفه أو قامت بينة على تلفه أو كان التلف بحضرة
ربه أو وكيله. وحاصل كلامه أن المستأجر بالفتح على حمل إذا تعدى على المحمول وضمن فإن له
من الأجرة بحساب ما سار وإن كان ذلك المستأجر لا ضمان عليه فلا كراء له. قال بن وهذا الكلام أصله
للشيخ يوسف الفيشي وهو غير صحيح إذ لم يوافق قولا من الأقوال الأربعة التي ذكرها في المقدمات
في مسألة تلف المحمول وهي له الكراء مطلقا ويلزمه حمل مثله من موضع الهلاك هلك بسبب حامله
أو بسماوي، وهذا هو المشهور عند ابن رشد. الثاني له بحساب ما سار مطلقا. والثالث إن هلك بسبب
حامله فله بحساب ما سار وإن هلك بسماوي فله الكراء كله ويلزمه حمل مثله من محل الهلاك. والرابع
مذهب المدونة إن هلك بسبب حامله فلا كراء له وإن هلك بسماوي فله الكراء ويلزمه حمل مثله
وظاهره في جميع الأقوال ضمن أو لا كان طعاما أو غيره والمصنف فيما يأتي قد جرى على الأول
لتشهير ابن رشد له لأنه قال وفسخت بتلف ما يستوفى منه لا به فمقتضاه أن الإجارة لا تنفسخ
بتلف ما يستوفى به مطلقا سواء تلف بسماوي أو غيره، وعلى هذا فللمستأجر أن يأتيه بمثل ما هلك
بحمله وله جميع الأجرة انظر بن. قوله: (إلا أن يتعدى) أي بأن يقع منه خيانة وقوله أو يفرط أي
بأن نام اختيارا في وقت لا ينام فيه الحارس أو ترك العس في وقت يعس فيه الحارس وقوله إلا أن
يتعدى الخ أي أو يجعل حارسا لا يعاشره وإلا ضمن. قوله: (ولا عبرة بما شرط أو كتب على الخفراء
في الحارات والأسواق من الضمان) أي لأنه من التزام ما لا يلزم ولا يرد على هذا قول مالك من التزم
معروفا لزمه فإن مقتضى هذا أنه إذا شرط عليهم الضمان ورضوا به يضمنون لتزامهم الضمان وهو
معروف لان هذا في غير الإجارة كما يدل عليه قوله معروفا، إذ من المعلوم أن الشرط متى كان في مقام
عقد لم يكن معروفا ولان ضمانهم حين إجارتهم ضمان بجعل فيكون فاسدا لأن الضمان لا يكون إلا لله ا ه‍.
واعلم أن الخفراء جمع خفير بالخاء المعجمة، يقال خفره من باب ضرب حرسه وأخفره نقض عهده
فالهمزة للسلب. قوله: (ولو حماميا) أي هذا إذا كان الحارس غير حمامي بل ولو كان حماميا ورد بلو
على ابن حبيب القائل بضمانه وأما صاحب الحمام فلا ضمان عليه اتفاقا. قوله: (ما لم يفرط) أي أو
يدفع له الشخص الثياب رهنا على الأجرة وإلا ضمنها الحارس ضمان الرهان. واعلم أن أصل
المذهب عدم تضمين الخفراء والحراس والرعاة واستحسن بعض المتأخرين تضمينهم نظرا لكونه
من المصالح العامة. قوله: (وأجير لصانع) أي لا ضمان على أجير عند صانع أي وأما الصانع نفسه فسيأتي
ضمانه ثم إن أجير الصانع لا ضمان عليه لا للصانع ولا لرب الشئ المصنوع الذي تلف لأنه أمين
للصانع ما لم يفرط وقوله كأن يعمل بحضرة صانعة أم لا أشار بهذا إلى أنه لا ضمان عليه مطلقا سواء
غاب على مصنوعه أم لا. وقال أشهب في الغسال تكثر عنده الثياب فيؤاجر آخر يبعثه للبحر بشئ
منها يغسله فيدعي تلفه أنه ضامن ا ه‍. وكلام التوضيح والمواق عن ابن رشد يفيد أن كلام أشهر
تقييد للمشهور لا مقابل له، وحينئذ فيقيد كلام المصنف بما إذا لم يغب الأجير عن الصانع بالشئ
المصنوع خلافا لتت القائل إن كلام أشهب مقابل للمشهور وهو عدم ضمان أجير الصانع مطلقا
انظر بن. قوله: (يطوف بالسلع في الأسواق) أي للمزايدة، احترز بذلك من السمسار الجالس
في حانوته فإنه يضمن مطلقا ظهر خيره أم لا لأنه يأخذ السلع عنده فصار كالصانع. قوله: (لا ضمان
عليه إن ظهر خيره) أي إن كان مشهورا بالخير والصلاح بين الناس وقوله لا ضمان عليه أي
لا في الثوب مثلا ولا في ثمنها إذا ضاعا ولا فيما يحصل فيها من تمزيق أو خرق بسبب نشر أو طي إذا
26

لم يخرج عما أذن له فيه انظر شب. وقيد بعضهم عدم ضمان من ظهر خيره بما إذا لم ينصب نفسه
للسمسرة وإلا ضمن كالصانع وقد اعتبر ابن عرفة هذا القيد كما في بن. قوله: (على الأظهر) أي عند
ابن رشد. اعلم أن السمسار الطواف في المزايدة قيل لا ضمان عليه وقيل يضمن، وقال ابن رشد من عنده
لا ضمان عليه إن ظهر خيره، وإذا علمت هذا تعلم أن تعبير المصنف بصيغة الاسم لا ينبغي، وكان الأولى
أن يعبر بصيغة الفعل لان هذا القول لابن رشد من عند نفسه، اللهم إلا أن يقال إن هذا القول لما كان
لا يخرج عن إطلاق القولين في الضمان وعدمه كان اختيارا من الخلاف، على أن عياضا وغيره
رجح القول بعدم الضمان مطلقا حتى قال طفي ما كان ينبغي للمصنف العدول عنه انظر بن.
قوله: (ونوتي) أي ولا ضمان على نوتي غرقت سفينته بفعل سائغ أو فعله فيها في سيرها كتحويل
الراجع ونشر القلع ومشى في ريح أو موج إذا كان ذلك معتادا، وقوله أو حملها أي كوسقها الوسق
المعتاد لأمثالها بحيث لا يقرب الماء من حافتها، وإذا كان لا ضمان على النوتي إذا غرقت سفينته
بفعل سائغ فأولى ما إذا غرقت بغير فعل كهيجان البحر واختلاف الريح مع عجزه عن صرفها لشئ
ترجى سلامتها معه. قوله: (وهو عامل السفينة) أي من ينسب سيرها له واحدا كان أو متعددا
كان ربها أو غيره واعلم أنه لا أجرة إذا غرقت في أثناء المسافة وكذا بعد تمامها وقبل التمكن
من اخراج الحمل، أما لو غ رقت بعد تمام المسافة وبعد مضي مدة يمكن اخراج الأحمال منها فإنه لا ضمان
على النوتي وله الأجرة كاملة انظر شب. ويجوز الطرح من السفينة عند خوف غرقها ويوزع ما طرح
على مال التجارة فقط ولا سبيل لطرح الآدمي ذكرا كان أو أنثى حرا أو عبدا مسلما أو كافرا خلافا
للخمي القائل بجواز طرح الآدميين بالقرعة، لان هذا كالخرق للاجماع على أنه لا يجوز إماتة أحد من
الآدميين لنجاة غيره. قوله: (أو خالف مرعى شرط) كأن يقال له لا ترع إلا في المحل الفلاني فخالف
ورعى في غيره أو لا ترع في محل رعي الجاموس فخالف ورعى فيه فتلف فإنه يضمن القيمة يوم التعدي
وكأن شرط عليه أن لا يرعى في الأربعينية قبل ارتفاع الندى فخالف ورعى فيها قبله فإنه يضمن
والأربعينية عشرة أيام من كيهك وطوبة كلها ومحل ضمانه إذا خالف مرعى شرط إذا كان بالغا وإلا
فلا ضمان لقول المصنف وضمن ما أفسد إن لم يؤمن عليه. قوله: (إلا لعرف بأن الرعاة تنزى) أي فإذا
جرى العرف بذلك فلا ضمان اتفاقا كما أنه إذا كان العرف عدم الانزاء فلا خلاف في الضمان فإن لم
يجر العرف بشئ فقولان بالضمان وعدمه والمعتمد الأول، وهو ما مشى عليه المصنف ومحل الخلاف
إذا كان الفحل لرب الأنثى وإلا ضمن اتفاقا. قوله: (أو غر بفعل) أي وتلف ما غر فيه بسبب غروره.
قوله: (فقيمته يوم التلف) راجع لقوله أو غر بفعل وأما إن خالف مرعى شرط أو أنزى بلا إذن
فيضمن فيهما يوم التعدي وقد يكون قبل يوم التلف وقد يكون يومه قاله عج. قوله: (وله من الكراء
بحسابه) هذا إنما يأتي على قول أصبغ وروايته عن أبي إسحاق أن الإجارة تنفسخ بتلف ما يستوفي
به مطلقا وهو المشهور، وخلاف مذهب المدونة وإذا كانت تنفسخ على هذا القول فلا يلزمه حمل
مثلة بقية المسافة، كما هو ظاهر والمعتمد أن له الكراء بتمامه ويلزمه حمل مثله من موضع الهلاك إن أتى
له ربه بمثله انظر بن. قوله: (ولو محتاجا الخ) أي هذا إذا كان ذلك الغير لا يحتاج له في عمل المصنوع بل
ولو كان محتاجا له في عمل المصنوع. قوله: (فأحرى في عدم الضمان) أي وإذا كان لا يضمن في غير
المصنوع إذا كان المصنوع يحتاج له فأحرى في عدم الضمان ما لا يحتاج له العمل كزوج نعل
أتى به لقواف ليصلح له التالف منه فضاع الصحيح، ورد المصنف بلو القول المفصل والأقوال ثلاثة
الأول لسحنون وهو ما مشى عليه المصنف، وحاصله أنه إنما يضمن مصنوعه وأما غيره فلا يضمنه
27

سواء كان عمل المصنوع يحتاج له أم لا. والثاني لابن حبيب كما يضمن مصنوعه يضمن ما لا يستغني عن
حضوره عنده سواء احتاج له الصانع أو المصنوع، والثالث لابن المواز كما يضمن المصنوع يضمن
ما يحتاج له في عمله مثل الكتاب المنتسخ منه دون ما يحتاج له المعمول كظرف القمح كما في التوضيح
الأقوال الثلاثة عن البيان والذي عزاه المواق لابن المواز الثاني وذكر أن اللخمي اختاره وقال فانظر
من رجح القول الذي مشى عليه المصنف ا ه‍ بن. قوله: (وإن بينته) أي هذا إذا عمله الصانع في حانوته
بل وإن عمله في بيته أي بيت نفسه وبالغ عليه دفعا لما يتوهم من عدم ضمانه في هذه الحالة لأنه لما عمله في
بينه صار كأنه لم ينصب نفسه للعمل للناس. قوله: (إلا أن يكون في صنعته تغرير) أي تعريض للاتلاف
وهذا استثناء من قوله وضمن صانع في مصنوعه وكان الأولى للشارح أن يؤخر هذا الاستثناء بعد قول
المصنف إلا أن تقوم بينة وإلا أن يحضره بشرطه لأجل أن تكون الحالات التي لا يضمن فيها مجتمعة
بعضها مع بعض أو يأتي بهذا شرطا رابعا للضمان بعد قوله ويشترط أيضا أن يكون المصنوع مما يغاب
عليه فيقول وأن لا يكون في الصنعة تغرير. قوله: (كثقب اللؤلؤ) وكذا خبز العيش في الفرن. قوله: (وكذا
الختان والطب) فإذا ختن الخاتن صبيا أو سقى الطبيب مريضا دواء أو قطع له شيئا أو كواه فمات
من ذلك فلا ضمان على واحد منهما لا في ماله ولا على عاقلته لأنه مما فيه تغرير فكأن صاحبه هو الذي عرضه
لما أصابه وهذا إذا كان الخاتن أو الطبيب من أهل المعرفة ولم يخطئ في فعله فإذا كان أخطأ في فعله،
والحال أنه من أهل المعرفة فالدية على عاقلته فإن لم يكن من أهل المعرفة عوقب وفي كون الدية على
عاقلته أو في ماله قولان الأول لابن القاسم والثاني لمالك وهو الراجح لان فعله عمد والعاقلة لا تحمل
عمدا. قوله: (فلا ضمان) محل عدم الضمان إذا ادعى التلف بالفعل المستأجر عليه وأتى بها تالفة أما لو ادعى
ضياعها أو تلفها ولم يأت بها فالضمان، كذا قرر شيخنا العدوي وقوله إلا بالتفريط أي بأن علم أنه عالجها
على غير الوجه المعهود في علاجها. قوله: (أو صنعها بحضوره) أي ولو كان بغير بيته وقوله كسرقة أي أو
غصب وقوله أو تلف بنار مثلا أي أو مطر. قوله: (أو نشأ عن فعله مما فيه تغرير) أي وأما ما نشأ عن فعله
الذي ليس فيه تغرير كقطع ثوب أو إحراقه من المكوى بحضرة ربه فإنه يضمن عند ابن رشد وهو
المعتمد خلافا لابن دحون القائل بعدم ضمان ما صنع بحضرة ربه مطلقا سواء كان تلفه بما نشأ من غير فعله
أو بما نشأ من فعله. قوله: (وهذا غير قول المصنف وغاب عليها) أي لان المراد بالغيبة على المصنوع أن
لا يعمله في بيت ربه ولا بحضرته والمراد بكونه مما يغاب عليه أن يكون مما يمكن إخفاؤه وحينئذ فقد
يوجد الشرطان معا وقد يوجد أحدهما دون الآخر قد يرتفعان. قوله: (فقيمته يوم دفعه) أي فيضمنه
بقيمته يوم دفعه ربه إليه وبالموضع الذي دفعه له فيه بخلاف الطعام الذي تلف بالغرر الفعلي فإنه يضمنه
بموضع التلف كما مر وكلام المصنف صريح في عدم لزوم الأجرة لأنه إنما ضمن قيمته غير مصنوع
وحينئذ فلا أجرة له فلو أراد به أن يدفع له الأجرة ويأخذ منه قيمته معمولا لم يجب لذلك كما في الموازية
والواضحة ابن رشد إلا أن يقر الصانع أنه تلف بعد العمل. قوله: (ويفسد العقد بالشرط المذكور)
أي لأنه شرط مناقض لمقتضى العقد وقوله وله أجر مثله أي إذا لم يطلع على الفساد إلا بعد تمام العمل
ثم محل الفساد بالشرط ما لم يسقطه قبل فراغ العمل وإلا صح العقد. قوله: (أو دعا الصانع ربه
لاخذه بعد فراغه من صنعته) أي من غير إحضار له. قوله: (قال ابن عرفة إن لم يقبض الخ) أي
قال ابن عرفة محل ضمانه إذا دعاه لاخذه فتراخى فادعى ضياعه إن لم يقبض الصانع أجرته الخ.
28

قوله: (فإن قبضها الخ) مقتضى ما ذكره ابن عرفة سقوط الضمان حيث قبض الأجرة ولو لم يحضره
لربه بشرطه، وهو خلاف ظاهر اللخمي الذي اعتمده المصنف بعد بقوله إلا أن يحضره لربه بشرطه
فتأمل اه‍ بن. قوله: (إلا أن تقوم بينة الخ) فيه إشارة إلى أن ضمان الصناع ضمان تهمة ينتفي بإقامة
البينة لا ضمان إصالة. قوله: (وإذا لم يضمن) أي بقيام البينة فتسقط الأجرة أشار الشارح بتقدير
وإذا لم يضمن إلى أن الفاء واقعة في جواب شرط مقدر. إن قلت: إن سقوط الأجرة متسبب
عن عدم التسليم لاعن عدم الضمان. قلت: يلزم من نفي الضمان عدم التسليم فاكتفى بعدم الضمان
عن عدم التسليم. قوله: (لا يستحقها إلا بتسليمه لربه) أي وتسليمه لربه منتف. قوله: (فنحر أو ذبح)
أي وجاء بها مذكاة بدليل قوله أو سرقة منحوره لان العطف بأو يقتضي المغايرة فإن خاف موتها
وترك ذكاتها حتى ماتت ضمن بالأولى مما قدمه في قوله وضمن مار أمكنته ذكاته وترك، فإن ذكاها
الراعي خوف موتها وقال أكلتها، لم يصدق إذا كان محل الرعي قريبا، وإلا صدق وينبغي أن محل
عدم تصديقه ما لم يجعل له ربها أكلها فإن جعل له ذلك بأن قال له إذا رأيت عليها علامة الموت فاذبح
وكل صدق. قوله: (ومثل الراعي الملتقط) أي فيصدق إن ادعى خوف موت فنحر وأما المستأجر
والمستعير والمرتهن والمودع والشريك فلا يصدق واحد منهم في دعواه التذكية لخوف الموت إلا
بلطخ أو ببينة، وإن كانوا يصدقون في دعوى التلف أو الضياع، ولعل الفرق بين هؤلاء والراعي مع
كون الجميع مؤمنين تعذر الاشهاد من الراعي غالبا بخلاف هؤلاء فإنه لا مشقة عليهم في الاشهاد غالبا،
وأحرى من هؤلاء في الضمان من مر على دابة شخص فذكاها وادعى أنه فعل ذلك خوف موتها،
أو سلخ دابة غيره وادعى أنه وجدها ميتة فلا يصدق إلا ببينة أو لطخ وكل ترك الذبح من هؤلاء
حتى ماتت، فلا ضمان عليه إلا إذا كان عنده من يشهده على ذبحها خوف الموت بخلاف الراعي فإنه
يضمن بترك ذكاتها إذا ثبت تفريطه. قوله: (أو ادعى الحجام قلع ضرس أذن له فيه ونازعه ربه وقال
بل قلعت غير المأذون وفيه) أي فيصدق الحجام ويحلف المتهم دون غيره كما لابن عرفة وله المسمى كما
في المدونة لا أجرة المثل، خلافا لسحنون حيث قال إن كلا منهما مدع ومدعى عليه فيتحالفان
ويكون للجام أجرة مثله لا التسمية فإن صدق الحجام من نازعه في أن المقلوع غير المأذون فيه فلا
أجر له وعليه القصاص في العمد والدية في الخطأ والناب والسن كالضرس، وخصه المصنف
بالذكر لان الغالب وقوع الألم فيه. قوله: (أو ادعى الصباغ صبغا) أي نوعا من الصبغ كزرقة صافية
ونازعه رب الثوب وقال له أمرتك بصبغه أخضر مثلا، فالقول للصباغ وهذا مقيد بما إذا أشبه بأن
كان صاحب الثوب شأنه أني صبغ الثوب باللون الذي ادعاه الصباغ لا شاش أزرق لشريك ولا
أخضر لذمي، وإلا فالقول لربه مع يمينه وبعد ذلك يخير إما أن يأخذه مصبوغا ويدفع أجرة مثله أو
يسلمه ويأخذ قيمته أبيض. قوله: (بل بغيره) أي بل أمرتك بغيره. قوله: (بتلف ما يستوفي منه)
ما موصولة أي بتلف الذي يستوفي منه والموصول عندهم من صيغ العموم فكأنه قال بتلف كل ما يستوفي
منه لا نكرة بمعنى شئ لان النكرة في سياق الاثبات لا عموم لها وقوله بتلف ما يستوفي منه أي إذا كان
معينا وأما إذا كان مضمونا في الذمة فلا تنفسخ بتلفه. قوله: (كموت الدابة المعينة) أي وأما الدابة الغير
المعينة فلا تنفسخ الإجارة بموتها. قوله: (وانهدام الدار المعينة) لم يقيد ابن الحاجب الدار بكونها معينة.
قال في التوضيح ولم يذكر المصنف التعيين لان الدار لا تكري إلا معينة كما مر. قوله: (وكل عين تستوفي
بها المنفعة فبهلاكها لا تنفسخ الإجارة) أي سواء كانت تلك العين معينة أم لا سواء كان التلف
29

بسماوي أو بغيره بأن كان من قبل الخامل. قوله: (على الأصح) أي وهو رواية ابن القاسم عن مالك
في المدونة ومقابله رواية أصبغ عن ابن القاسم فسخها بتلف ما يستوفي به كما تنفسخ بتلف ما يستوفي
منه، وقيل إن كان التلف من قبل الحامل فسخت وله من الكراء بقدر ما سار وإن كان التلف بسماوي
لم تفسخ ويأتيه المستأجر بمثله، وهو قول مالك في سماع أصبغ وقيل إن كان من قبل الحامل فسخت
ولا كراء له، وإن كان بسماوي لم تنفسخ ويأتيه المستأجر بمثله كذا في البيان. قوله: (كموت الشخص
المستأجر) أي وكتلف المحمول. قوله: (ويقوم وارثه مقامه) أي في استيفاء المنفعة الباقية بعد موت
مورثه. قوله: (وأراد بالتلف) أي المثبت والمنفي لا المثبت فقط بدليل تمثيله بسكون وجع
الضرس لان قلع الضرس مما يستوفي به لا منه وما قبله من السبي والأسر يصلح كل منهما أن
يكون مثالا لتعذر ما يستوفي منه وما يستوفي به لان المعنى كأسر وسبي لأجير استؤجر على كخياطة
مثلا أو لمستأجر استأجر الدابة أو الدار مثلا، وأما قوله وعفو قصاص فالأولى إسقاطه لما سيأتي أنه
ليس من تلف ما يستوفي به ولا منه وإنما هو مانع شرعي منع مما استؤجر عليه. قوله: (ليشمل البالغ) أي
لان الصبي لا مفهوم له وإنما خصه بالذكر لأنه هو الذي شأنه التعلم. قوله: (وفرس نزو) أي استأجر
صاحبها ذكرا ينزو عليها جمعة مثلا أو عشر مرات بدينار فماتت بعد مرة أو حملت من مرة فتنفسخ الإجارة
ولرب الذكر من الأجرة بحساب ما عمل ومثل الفرس غيرها من الدواب، فلو قال المصنف ودابة نزو
لكان أشمل. قوله: (وأما موت الذكر المعين فداخل الخ) أي وحينئذ فلا اعتراض على المصنف
بشمول الفرس للذكر. والحاصل أن الإجارة تنفسخ بموت كل من الذكر والأنثى أما الذكر
فلاستيفاء المنفعة منه وأما الأنثى فلأنها من المستثنى. قوله: (وفرس روض) أي فإذا استأجر رب
الفرس شخصا يعلمها حسن السير فماتت قبل تعليمها فإن الإجارة تنفسخ. قوله: (فتنفسخ وله
بحساب ما عمل) أي في المسائل الأربع المستثناة عند سحنون وابن أبي زيد. وقال ابن عرفة لا تنفسخ
في المسائل الأربع وله جميع الأجرة لان المانع ليس من جهته. قوله: (ليس لربهما غيرهما) أي وإلا كان
له الخلف أو يدفع الأجرة بتمامها ولا تنفسخ الإجارة. قوله: (فيحصل مانع من ذلك) أي من جهة
رب الزرع أو الأرض أو الحائط كان تلف الزرع أو يبست الأرض وإنما قيدنا المانع بكونه من
جهة المستأجرة لأجل أن تكون هذه المسائل من قبيل تلف ما يستوفي به، إذ لو كان المانع من جهة المؤجر
على الحصد أو الحرث أو البناء، لكان ذلك من قبيل تلف ما يستوفي منه وليس الكلام فيه. قوله: (وهو
ظاهر المصنف لاقتصاره الخ) كلام التوضيح يفيد ترجيح كل من القولين كما ذكره بن ثم ساق
كلامه فانظره. قوله: (وفسخت الإجارة على سن لقلع) هذا حل معنى لأجل إعراب لان قوله وسن
عطف على صبي المجرور على البدلية من ضمير به، وحينئذ فالذي استثناه المصنف أمور خمسة لا أربعة
خلافا لظاهر كلام الشارح سابقا. قوله: (فسكنت) أي فسكن ألمها قبل القلع أي ووافقه الآخر على
ذلك وإلا لم يصدق إلا لقرينة وفائدة عدم التصديق لزوم الأجرة لا أنه يجبر على القلع وما ذكرناه من
عدم تصديق ربها إذا نازعه الحجام وقال له أنه سكن ألمها، وهو قول ابن عرفة واستظهر بعض أشياخ
عج، خلاف ما قاله ابن عرفة فقال إنه يصدق في سكون الألم إلا لقرينة تدل على كذبه لأنه أمر
لا يعرف إلا منه والظاهر أن يمينه تجري على أيمان التهمة في توجهها وعدم توجهها. قوله: (كعفو
القصاص) إنما عدل عن العطف لان السن مما يستوفي به المنفعة والعفو عن القصاص ليس من ذلك
30

بل مانع شرعي. قوله: (وأما إن عفا المستأجر) أي وحده أو عفا المستأجر وغيره على الظاهر.
قوله: (فتلزمه حينئذ الأجرة) أي فلا تنفسخ الإجارة وتلزمه الأجرة ففائدة عدم الفسخ لزوم الأجرة
وإلا فالقصاص قد سقط بالعفو عنه. واعلم أن محل لزوم الأجرة إذا كانت الإجارة صحيحة كما إذا
عينت له الأجرة بأن قيل له اقتص من هذا ولك كذا وأما لو قال اقتص من هذا وأنا أعطيك أجرتك
ثم عفا عنه فهل تلزمه أجرة المثل أو لا يلزمه شئ، وكلام بعضهم يفيد أنه لا يلمه شئ. قوله: (وبغصب
الدار) الدار فرض مسألة إذ مثلها غصب الدابة وغصب أرض الزراعة أو غصب منفعتها ومن هذا
القبيل ما لو كان حكر على بيت ثم غصبه فلا يلزم رب البيت دفعه اه‍ عدوي. قوله: (وغصب منفعتها)
إنما صرح بلفظ غصب ولم يكتف بعطف المنفعة على الدار لدفع توهم كون منفعتها منصوبا على أنه
مفعول معه فلا يثبت الفسخ إلا بغصب شيئين وليس كذلك، ثم اعلم أن محل فسخ الإجارة بغصب
العين المستأجرة أو غصب منفعتها إذا شاء المستأجر وإن شاء بقي على إجارته فإن فسخها كان لمالك
الذات المغصوبة الأجرة على الغاصب، وإن أبقاها من غير فسخ صار ذلك المستأجر مع الغاصب إذا
زرع أو سكن بمنزلة المالك فتكون الأجرة له، فمعنى الفسخ في هذه المسائل أنها معرضة للفسخ لا أنها
تفسخ بالفعل. قوله: (إذا كان الغاصب لا تناله الاحكام) أي وأما إذا كانت تناله الاحكام فلا تنفسخ
والظاهر أن المستأجر إذا كان يقدر على تخليص ما غصب منه بمال ولم يفعل فإن الإجارة لا تنفسخ
بمنزلة ماذا كان الغاصب تناله الاحكام ويرجع على ربه بما خلصه به. قوله: (دون الذات) أي لا إن كان
قصده غصب الذات لما مر من أن غاصب الذات لا يضمن منفعة المغصوب إلا إذا استعمله ولا
يضمن منفعة ما عطل وغاصب المنفعة يضمن المنفعة سواء استعمل أو عطل. قوله: (وحمل ظئر) أي
سواء كان الحمل قبل عقد الإجارة وظهر بعده أو طرأ بعد العقد فلا فرق بينهما كما قال ابن ناجي انظر بن.
قوله: (لا تقدر الخ) مفهومه أنها لو قدرت معه على الرضاع لم تنفسخ إلا أن يضر به ففي المفهوم
تفصيل قاله عبق. قوله: (إن تحقق ضرر الرضيع) أي بلبن الحامل. قوله: (وإلا) أي وإلا يتحقق
الضرر بل شك فيه. قوله: (وبمرض عبد) أي أو جر للخدمة في الحضر. قوله: (إلا أن يرجع في بقيته)
أي فلا تنفسخ ويرجع للإجارة. واعترض بأن الحكم بفسخ الإجارة بمرضه وهربه وبعدم الفسخ
مع الرجوع في بقية المدة إذا عاد تناف. وأجيب بأن هذا إنما يرد إذا أريد بفسخها بما ذكر من المرض
وما معه الفسخ بالفعل من الآن أما إن أريد به التعرض للفسخ كما قلنا فلا يرد أصلا. والحاصل أن
محل الاستثناء حالة السكوت لا إن صرح بالبقاء أو الفسخ. قوله: (ويسقط من الكراء بقدر ما عطل)
أي ولا يجوز أن يتفقا على قضاء مدة الهرب أو المرض بعد انقضاء مدة الإجارة ويدفع الاجر بتمامه
إن كان المستأجر نقد الأجرة حين العقد لما فيه من فسخ الدين في الدين، أما إذا كان لم ينقدها فيجوز
الاتفاق على ذلك لانتفاء علة الفسخ المذكورة. قوله: (فحكمهما سواء) أي وهو أنهما إذا مرضا في الحضر
انفسخت الإجارة فإن عادا في بقية المدة رجعا للإجارة، وإن مرضا في السفر انفسخت الإجارة
فإن عادا في بقية المدة لم يرجعا للإجارة. قوله: (وإنما اختلف جواب الامام) حيث قال في الدابة
لا تعود للإجارة بعد صحتها وقال في العبد أنه يعود. قوله: (لاختلاف السؤال الخ) وذلك لأنه سئل عن
31

الدابة إذا مرضت في السفر ثم صحت هل ترجع للإجارة أولا فأجاب بعدم رجوعها، وسئل عن العبد
يمرض في الحضر ثم يصح في بقية مدة الإجارة هل يرجع أولا فأجاب برجوعه. قوله: (وبرشد الخ)
أي فإذا استأجرت صغيرا من وليه للخدمة ثلاث سنين أو استأجرت داره كذلك فبلغ رشيدا
في أثناء المد فلا يلزمه باقي المدة بل يخير في إتمامها وفي فسخها، فإن بلغ سفيها فلا خيار له ومحل خياره إذا
بلغ رشيدا إن عقد الولي وهو يظن بلوغه في مدة الإجارة أو لم يظن شيئا، فإن ظن عدم بلوغه وبلغ، فإن
كان قد بقي بعد بلوغه من مدة الإجارة كالشهر ويسير الأيام فلا خيار له ولزمه إتمامها، وإن كان الباقي
كثيرا خير. قوله: (عقد عليه) أي سواء كان العقد عليه لعيشه أو لغير عيشه كما هو الصواب ولا وجه
لتردد عبق، كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (وقد صرح الخ) فذكر فيه أن المدونة وإن اقتصرت على
البلوغ في العقد على نفسه ولم تذكر الرشد لكن قيد عيسى بن عمر المسألة بأن يبلغ رشيدا، قال عياض
ولا يختلف في ذلك ا ه‍. وإذا علمت ذلك تعلم أن ما في عبق من اعتبار البلوغ فقط في العقد على نفسه
وأنه إذا بلغ ولو سفيها خير في الفسخ عن نفسه وعدمه واعتبار الرشد في العقد على سلعة غير مسلم
والصواب إبقاء المصنف على ظاهره. قوله: (ظاهره أنه) أي قوله وقد بقي كالشهر وقوله راجع
للمسألتين أي إجارة الصغير وإجارة سلعه. قوله: (والمذهب أنه خاص بالأولى) أي لان إجارة سلعه
تلزمه إن بلغ رشيدا إذا كان وليه ظن عدم بلوغه في مدة الإجارة ولو بقي من الإجارة ثلاث سنين كما
في عبق أو أكثر كما في شب وقوله والمذهب أنه خاص بالأولى أي كما هو نص المدونة، وقد نقل
المواق وغيره أن المختص بالأولى عند ابن القاسم هو قوله وبقي كالشهر خلافا لأشهب وبالجملة فلا
درك على المصنف إلا في قوله، وبقي كالشهر فإن ظاهره يرجع للمسألتين وهو قول أشهب، والمعتمد قول
ابن القاسم أنه في الأولى فقط اه‍ بن ومحصله أن محل الخيار في المسألتين إذا عقد عليه الولي وهو
يظن بلوغه في مدة الإجارة أو لم يظن شيئا بقي كثيرا أو قليل، وأما إذا عقد عليه وهو يظن عدم بلوغه في
مدة الإجارة ففي المسألة الأولى إن بلغ والباقي من مدة الإجارة شهر ونحوه لزم الاتمام وإلا خير، وكذا
الحال في المسألة الثانية عند أشهب وأما ابن القاسم فيقول فيها إن عقد عليه ظانا عدم بلوغه لزم الاتمام
ولو بلغ والباقي من المدة كثير. قوله: (والحاصل الخ) حاصله أن الصور المتعلقة بالعقد على نفسه
ست لأنه إما أن يظن الولي بلوغه في المدة أو يظن عدم بلوغه أو لم يظن شيئا وفي كل من الثلاثة، إما أن
يبقى من مدة الإجارة بعد بلوغه رشيدا كثير، أو يسير كالشهر ويسير الأيام فلا خيار له في صورة
وهي ما إذا ظن عدم البلوغ فيها وبلغ وقد بقي منن لمدة يسير ويخير في الباقي وهي ما إذا بقي كثير مطلقا ظن
بلوغه في مدة الإجارة أو ظن عدمه أو لم يظن شيئا، وكذا إذا بقي يسير والحال أنه ظن بلوغه فيها أو لم يظن
شيئا، وقوله والحاصل إلى قوله فإن زاد كالشهر حل لمنطوق كلام المصنف، وقول الشارح فإن ظن
عدمه فيها حل لمفهومه. قوله: (ولا يعتبر في العقد على سلعه) أي على سلع السفيه ظن رشد ولا عدمه أي
في مدة الإجارة وكان الأولى حذف هذا من هنا وذكره بعد كلام المصنف الآتي لأنه ليس الكلام
هنا في العقد على سلع السفيه بل على سلع الصغير، غاية الأمر أنه بلغ في أثناء المدة سفيها. قوله: (مطلقا) أي
32

بقي بعد البلوغ من مدة الإجارة اليسير أو الكثير فالاطلاق راجع للحالتين قبله. وحاصل ما ذكره أن
صور العقد على سلعه ثمانية لأنه إما أن يبلغ سفيها أو رشيدا وقد ظن الولي عدم بلوغه في مدة الإجارة
فلا خيار له في هاتين الحالتين بقي بعد رشده من مدة الإجارة قليل أو كثير، فهذه أربعة وإن بلغ رشيدا
وقد ظن بلوغه في مدة الإجارة أو لم يظن شيئا فله الخيار كان الباقي من مدة الإجارة كثيرا أو قليلا فهذه
أربعة أيضا. قوله: (فرشد في أثنائها) أي ولو في أول يوم منها. قوله: (فتلزم الإجارة ولا خيار له) أي ولا
يعتبر في السفيه ظن عدم رشده ولا ظن رشده حال العقد على سلعه أو على نفسه لعيشه بخلاف الصغير
فإنه يعتبر فيه ظن البلوغ وعدمه كما مر. قوله: (حيث بقي من المدة الثلاث سنين فدون) أي فإن كان الباقي
أكثر خير. قوله: (وكذا لا كلام له) أي للسفيه حيث أجر نفسه ثم رشد. قوله: (لأنه في نفسه كالرشيد)
أي لان تصرفه في نفسه لا حجر عليه فيه كتصرف الرشيد. قوله: (على الأصح) أي عند ابن راشد
القفصي ومقابله عدم فسخها بموته وهو قول ابن شاس ولا يعرف لغيره. قوله: (ولو ولده) إن قلت:
أي فرق بين وارث المالك إذا مات مورثه قبل انقضاء المدة ليس له الفسخ ووارث الموقوف عليه له
ذلك قلت: المالك له التصرف في نقل المنفعة أبدا ومستحق الوقف إنما له التصرف مدة حياته فلذا كان
وارث الأول ليس له الفسخ وكان لوارث الثاني الفسخ. قوله: (ولو كان المستحق المؤجر ناظرا) انظر
هل مثل موت الناظر المستحق عزله وهو الظاهر أولا ا ه‍ قاله بن. ومثل المصنف من يتقرر في
رزقة مرصدة أجرها مدة ومات قبل تقضيها فإن لمن يتقرر بعده فسخ إجارته ذكره القرافي ومثل
موته فراغه عنها لإنسان فللمفروغ له إذا قرر فيها فسخ إجارته وذلك لان الافراغ أسقط حق
الأصل، ولا يثبت الحق للثاني إلا بتقريره من ولي الأمر فإن مات المفروغ له قبل الفارغ صارت
محلولا. قوله: (لا بإقرار المالك) يعني أنه إذا آجر دابة أو دارا مثلا ثم بعد إجارتها أقر أنه باعها أو وهبها
أو آجرها لإنسان قبل هذه الإجارة وكذبه المستأجر والحال أنه لا بينة للمدعي على ما ادعاه فإن
الإجارة لا تنفسخ لاتهام المالك على نقض الإجارة. قوله: (ولا بينة) أي للمالك وقوله لاتهامه علة
لقوله لا تنفسخ بإقرار المالك. قوله: (فيأخذها المقر له) أي الذي أقر المالك أنه باعها أو وهبها له، وقوله
وله أي للمقر له ببيع أو هبة أو إجارة على المقر الأكثر الخ، وهذا كلام مجمل وتفصيله أن تقول إن أقر
بالبيع بفور الكراء خير المقر له بين فسخ البيع الذي أقر به المؤجر، وحينئذ فيأخذ منه الثمن الذي
يدعي المالك أنه باع به إن كان أكثر من القيمة أو يأخذ منه القيمة يوم البيع إن كانت أكثر من الثمن
لان المستأجر له قد حال بين المبيع وبين المقر له لما علمت من عدم فسخ الإجارة وعدم فسخ البيع
فيأخذ الأكثر مما حصل الكراء به وكراء المثل ويأخذ ذلك المقر به أيضا بعد انقضاء مدة الإجارة إن
لم يتلف وإلا أخذ قيمته فإن كان الاقرار بالبيع بعد انقضاء مدة الكراء كان للمقر له الأكثر مما أكريت
به وكراء المثل ويأخذ المقر به أيضا إن كان قائما أو قيمته إن فات، وأما إذا أقر بهبة فللمقر له الأكثر مما
أكريت به وكراء المثل وأخذ قيمة الموهوب إن فات أو أخذه بذاته بعد انقضاء مدة الإجارة إن كان
قائما وللمقر له بالإجارة الأكثر مما أكريت به وكراء المثل فقط. قوله: (يوم كذا) أي وشرط عليه أنه
يأتيه بها يوم كذا أو شهر كذا. قوله: (فتخلف ربها عن الاتيان بها في ذلك اليوم) إنما لم تنفسخ الإجارة
بتخلف ربها في هذه الحالة لان هذا من اعتبار الأخص وهو الزمن لأجل تحصيل أعمه وفوات
الأخص الذي اعتبر لتحصيل أعمه لا يبطل العقد لان المقصود الأعم وهو باق لم يفت وحيث كان العقد
33

لم يفسخ فيلزم المستأجر جميع الأجرة سواء أخذ الدابة أو لم يأخذها. قوله: (كأكتريها يوم كذا) أي
لملاقاة فلان أو تشييعه أو لأسافر عليها مثله ما إذا اكتراها أياما معينة فزاغ ربها حتى انقضى ذلك الزمن
كلا أو بعضا فإن الإجارة تنفسخ فيما فات منها وإذا عمل منها شيئا فبحسابه. قوله: (لأنه أوقع الكراء على
نفس الزمن) أي فهو من اعتبار الأخص لقصد عينه ومتى اعتبر الأخص لقصد عينه فسخ العقد
بفواته. قوله: (أو في غير حج) أي أو في العقد على غير حج كأستأجر دابتك لأسافر عليها لبلد كذا
فتخلف ربها أياما ثم جاء بها فلا تنفسخ الإجارة هذا إذا لم يفت مقصوده الحامل له على السفر، بل وإن
فات فللمستأجر أن يسافر أو يدفع الأجرة بتمامها لان السفر للبلد ليس له أيام معينة. قوله: (بخلاف
الحج) أي كأن يستأجر دابة ليحج بها فتخلف ربها حتى فات الحج فيفسخ الكراء لان الحج وإن لم
يعين المستأجر زمانه لكن زمانه معين وقد فات. قوله: (وإن قبض الكراء رده) أي ولا يجوز للمكتري
الرضا مع المكري على التمادي على الإجارة إذا نقد الكراء للزوم فسخ الدين في الدين وأما إذا لم ينقد
فيجوز لانتفاء العلة المذكورة. قوله: (وإن فات مقصده) أي في نفس الامر فلا ينافي أنه غير معين حين
عقد الكراء. قوله: (أو بظهور فسق مستأجر) أي أنه إذا آجر الدار وجيبة أو مشاهرة لإنسان
وانتقد منه الكراء ثم ظهر فسق ذلك المستأجر بشرب خمر أو بزنا فيها فإن الإجارة لا تنفسخ. قوله: (وهذا)
أي إيجار الحاكم عليه إن لم يكف إن حصل الخ. قوله: (وهذا إن تيسر الخ) أي ومحل هذا أي
إيجارها عليه بمجرد تبين عدم الكف إن تيسر الخ وقوله بأن تعذر أي كراؤها وقت تبين عدم الكف
أحرج. قوله: (ولزمه الكراء) أي في مدة خروجه منها قبل كرائها عليه. قوله: (وبيعت عليه) أي إن
لم يمكن إجارتها وقوله أو أجرت أي إن أمكن إجارتها وهذا قول اللخمي والذي لمالك في كتاب ابن
حبيب إن رب الدار إذا لم ينزجر بالعقوبة بيعت عليه أي من غير كراء. وكلام بهرام يقتضي أنه
المذهب لتصديره به. قوله: (أو بعتق عبد مؤجر) أي أو أمة عتقا ناجزا فلا تنفسخ به الإجارة وكذا
المخدم منهما سنة إذا عتق قبلها فلا ينفسخ الاستخدام. قوله: (أي يستمر رقيقا إلى تمام المدة) أي سواء
أراد السيد بعتقه له أنه حر من الآن أو بعد انقضاء أمد الإجارة. قوله: (في شهادته) أي بالنسبة
لشهادته. قوله: (لا في وطئ) أي لا بالنسبة لوطئ السيد لها فلا يقدر رقا إذ لا يحل له وطؤها. قوله: (لتعلق الخ)
علة لقوله أي يستمر رقيقا إلى تمام المدة. قوله: (فإن أسقط) أي المستأجر حقه وقوله نجز عتقه
أي ولا كلام لسيده. قوله: (حر بعدها) أي بعد مضي مدة الا تجارة. قوله: (فإن أراد أنه حر الخ)
أي أو لم يرد شيئا كما قال شيخنا العدوي. قوله: (مع بقائه إلى تمامها) أي لتعلق حق المستأجر كما مر.
قوله: (لا لما قبله) أي وهو قوله وحكمه على الرق لان حكمه على الرق لتمام مدة الكراء سواء أراد أنه حر
بعدها أو من يوم العتق.
فصل وكراء الدابة كذلك أي كالإجارة أي في اشتراط عاقد وأجر كالبيع في صحتها وفيما جاز في
الإجارة ومنع وفي أن الكراء لازم لهما بالعقد. قوله: (والكراء بيع منفعة ما لا يعقل الخ) أي وأما الإجارة
34

فهي بيع منفعة العاقل. قوله: (وجاز أن تكتري دابة) أي بدراهم. قوله: (على أن عليك علفها) أي زيادة على
الأجرة التي هي الدراهم ونحوها. قوله: (كان أولى) أي لأنه عبر بذلك كان مفيد للمسألتين بخلاف ما قاله فإنه
إنما يفيد واحدة. قوله: (إذ يفهم منه كراؤها) أي جواز كرائها. قوله: (بالأولى) أي من كرائها بعلفها فقط.
قوله: (لان العلف تابع) أي لان الأصل ما كان معلوما والمعلوم الكراء بالدراهم. قوله: (أي جاز بأحدهما)
أي جاز الكراء بأحدهما أي بعلف الدابة أو بطعام ربها وإن لم توصف النفقة كذا في خش. قوله: (أو
بهما معا) أي بعلف الدابة وطعام ربها. قوله: (نقد أم لا) أي فالصور ست. قوله: (فله) أي فللمكتري.
قوله: (ما لم يرض ربها بالوسط) أي بطعام وسط وهذا بالنسبة لعامه إذا كان أكولا وأما الدابة فلا بد
من الفسخ حيث طلب المستأجر ذلك ولو رضي ربها بطعام وسط إلا أن يكمل لها ربها كما في المج.
قوله: (فيلزمه شبعها) فإن كان رب الدابة قليل الأكل أو كانت الزوجة قليلته فلا يلمه إلا ما يأكلان
على المشهور خلافا لقول أبي عمران لهما الفاضل يصرفانه فيما أحبا. قوله: (أي تقديم ذلك لها) كتب
شيخنا أن المناولة على المستأجر واستظهر بعض أنه عند عدم الشرط على العرف كحفظها بعد النزول
عنها. قوله: (أو عليه طعامك) أي ويجري فيه ما مر في المكتري فيقال إن وجد المكتري أكولا كان لرب
الدابة الخيار في الفسخ وعدمه ما لم يرض بالوسط وإن كان قليل الأكل فلا يلزم رب الدابة إلا ما يأكل.
قوله: (حيث شاء) أي حيث أراد الركوب. قوله: (حيث عرف كل) أي بأن كان الركوب في البلد وما
قاربها وإن كانت حوائجه التي يركب لقضائها تقل تارة وتكثر أخرى إذ لا يقدر على تعيين ما يحتاجه
لا إن كان يسافر عليها وكان الطحن للبر ونحوه لا للحبوب الصعبة كالترمس. قوله: (وظاهر المصنف
الجواز) أي جواز استئجارها للطحن بها شهرا. قوله: (والظاهر أنه) أي ما ذكره الشارح من المنع إذا
جمع بين الأيام والأرادب مبني الخ والتعبير بالظاهر قصور إذ الخلاف المتقدم جار هنا كما لابن رشد
وذكره الشارح بهرام في كبيره انظر بن. قوله: (أو ليحمل على دوابه) أي دواب ذلك الشخص المؤجر.
قوله: (إن سمي قدر ما تحمل) بل وإن لم يسم لكن إن سمي جاز إن اتحد القدر كأحمل على كل واحدة خمسة
قناطير وإن لم يتحد منع حتى يعين ما يحمل على كل واحدة بعينها كأحمل على هذه خمسة وعلى هذه عشرة
الخ، وأما لو قال احمل على واحدة خمسة وعلى واحدة ستة وواحدة ثلاثة ولم يعين كل واحدة بعينها منع
فما قبل المبالغة فيه تفصيل إذ يشمل تسمية ما لكل ويتحد قدره أو يختلف ويعين ما تحمله كل دابة
بعينها، فهاتان جائزتان، فإن اختلف قدره ولم يعين ما تحمله كل دابة ففاسدة لاختلاف الأغراض فكان
مخاطرة. قوله: (بل وإن لم يسم الخ) أي وحينئذ فيحمل على دابة بقدر قوتها. قوله: (وعلى حمل
35

آدمي) أي وجازت الإجارة على حمل آدمي لم يره رب الدابة ويلزمه حمل ما أتى به المستأجر من ذكر أو
أنثى حيث كان غير فادح وأما الفادح فلا يلزمه حمله. قوله: (لم يره) أي ولم يوصف له أيضا وإن لم يكن على
خيار بالرؤية هذا وقد استظهر ابن عرفة وجوب تعيين كون الراكب رجلا أو امرأة لان ركوب النساء
أشق وهو خلاف ظاهر المصنف كالمدونة ا ه‍ بن. قوله: (والرؤية هنا علمية) أي والمعنى جازت
الإجارة على حمل آدمي انتفى علم رب الدابة به لكونه لم يره ببصره ولم يوصف له. قوله: (فليست) أي
الأنثى من الفادح مطلقا بل ينظر لها فإن كانت فادحة لم يلزمه وإلا لزمه. قوله: (ومثل الفادح المريض)
أي فإذا استأجره على حمل آدمي أو رجل فأتاه بمريض لم يلزمه حمله حيث جزم أهل المعرفة بأنه
يتعب الدابة وينبغي أن يكون مثله من يغلب عليه النوم أو عادته عقر الدواب بركوبه. قوله: (فإن لم
يمكن) أي الكراء وقوله فله الفسخ فيه أن العقد لازم فكيف يكون له الفسخ فلعل الأولى فإن لم يمكن
الكراء غرم الأجرة وليس له الفسخ تأمل. قوله: (فيلزمه حمله) أي سواء كان محمولا معها في بطنها
حين العقد أو حملت به في السفر. قوله: (صغيرها معها) أي الموجود معها حين العقد على ركوبها.
قوله: (واستعمالها في شئ) أي كالدراس والطحن والحرث. قوله: (لا جمعة) هو بالنصب عطف على
الثلاث وقوله فيمنع أي ولو لم ينقد. قوله: (يتأخر الخ) أي وإنما يغتفر فيه تأخر القبض إذا كان التأخير
قليلا كالثلاثة. قوله: (عند اللخمي) نوقش المصنف بأن اللخمي يجعل اليوم الثالث من المكروه لا من
الجائز كما في بن فالمناسب لمشيه على طريقته أن يقول واستثناء ركوبها يومين لا جمعة وكره المتوسط.
قوله: (وفي الممنوعة من البائع) أي إلا لقبض على قاعدة البيع الفاسد كما قال المصنف سابقا وإنما ينتقل
ضمان الفاسد بالقبض. قوله: (وجاز كراء دابة واستثناء الخ) مثل الدابة السفينة وكلام المصنف في
الدابة المعينة بدليل ما قدمه في المضمونة من أنه لا بد فيها من الشروع في استيفاء المنفعة أو تعجيل
جميع الأجرة حيث كان العقد في إبان الشئ المستأجر له، فإن كان قبله فلا بد من تعجيل جميع الأجرة
إلا في مثل الحج يستأجر عليه قبل إبانه فيكفي تعجيل اليسير. قوله: (شهرا) أشار الشارح بقوله
واستثناء ركوبها إلى أن شهرا معمول لمحذوف لدلالة ما قبله عليه ومثل الدابة في جواز كرائها
واستثناء منفعتها شهرا السفينة كما قرر شيخنا. قوله: (والفرق بين الشراء والكراء) أي حيث امتنع
استثناء منفعة المبيع جمعة فأكثر ولو لم ينقد وجاز استثناء منفعة المكتري شهرا إذا كان لم ينقد.
قوله: (فضمانها منه) أي فلذا جاز له استثناء المنفعة شهرا. قوله: (فأجيز فيه ما قل كالثلاثة لضرورة الخ) أي ولم يجز
استثناء ما كثر للغرر إذ لا يدري المشتري هل تصل له سالمة أم لا؟. قوله: (فإن اشترط منع) أي سواء
حصل نقد بالفعل أو لا، وأما لو حصل النقد تطوعا فلا منع والفرض في الأولى أن مدة الاستثناء شهر،
أما لو كانت أقل فأجاز الأقفهسي النقد لعشرة وفي ابن يونس ما يقتضي جوازه لنصف شهر لكن
فرضه في السفينة ويمكن حمل كلام الأقفهسي على غيرها كالدابة، وحينئذ فلا مخالفة بينه وبين ابن يونس.
والظاهر أن غير السفينة عند ابن يونس مثلها، وحينئذ فكلامهما مختلف فهما قولان وما ذكره المصنف
36

من جواز كراء الدابة واستثناء منفعتها شهرا في الدابة المعينة بدليل ما قدمه من أن المضمونة لا بد
فيها من الشروع في استيفاء المنفعة أو تعجيل الاجر حيث كان العقد في إبان الشئ المستأجر له فإن كان
قبله فلا بد من تعجيل جميع الأجرة إلا في مثل الحج فيكفي تعجيل اليسير. قوله: (صفة للمعينة) أي
لا لغير لان إضافته لا تقيده تعريفا والهالكة معرفة ولان المعنى يميز ذلك. قوله: (إلى زوال الخ) أي يجوز
الرضا بغيرها إلى زوال الاضطرار فبعد زواله لا يجوز لا أن الجواز مطلقا ولو زال الاضطرار.
قال عبق وانظر هل الاضطرار المشقة الشديدة أو خوف المرض أو ضياع المال أو الموت. قوله: (مطلقا)
أي نقد أم لا اضطر أم لا. قوله: (شامل لما إذا كانت الأجرة) أي التي لم ينقدها والتي نقدها.
قوله: (وفعل المستأجر عليه) الأنسب بقوله وكراء الدابة أن يقول المكتري عليه لكنه نبه على أن
إطلاق الكراء على العقد المتعلق بمنافع غير العاقل وإطلاق الإجارة على العقد المتعلق بمنافع العاقل
اصطلاح غالب. قوله: (ومثله الخ) هذا يقتضي أن مراد المصنف بالمستأجر عليه عين ما عقد عليه وحمله
بعضهم على المثل لان الأول جواز فعله ضروري والنص عليه قليل الجدوى. قوله: (قدرا وضررا)
راجع لكل من المثل والدون. قوله: (لا أكثر) أي قدرا. قوله: (فإن خالف) أي بأن فعل ما هو أكثر قدرا
ولو أقل ضررا أو ما هو دون في القدر والحال أنه أكثر ضررا وقوله ضمن أي إذا تلفت الذات
المستأجرة بذلك. قوله: (بكسر الحاء) أي بخلاف المستعمل في حمل المرأة والشجرة فبالفتح فقط.
قوله: (ليحمل عليها حملا) أي محمولا. قوله: (برؤيته) المتبادر من مقابلتها بالكيل وما بعده أن الرؤية
بصرية. وذكر شيخنا العلامة العدوي تبعا لما كتبه شيخه الشيخ عبد الله أنها علمية بأن يجسه بيده
فيعلم ثقله ولا يشترط الرؤية بالبصر ومحصله حمله على علم خامس غير المعطوف بعده فتدبر. قوله: (أو
كيله) أي كأستأجر دابتك لحمل إردب فول أو قنطار من الزيت أو مائة من الليمون. قوله: (راجع
للثلاثة قبله) أي والمعنى إن لم يتفاوت الكيل في الثقل والوزن في الضرر ولم يتفاوت العدد في الكبر
والصغر. قوله: (فلا بد من بيان النوع) أي لأجل أن ينتفي التفاوت في المكيل والموزون والمعدود
وذلك لان البطيخ الكبير نوع والصغير نوع فبيان ذلك ينتفي التفاوت في المعدود. قوله: (والأوجه
رجوع القيد الخ) وذلك لأنه لا بد من بيان جنس المحمول وحينئذ فلا يعقل تفاوت إلا في العدد
وهذا هو ما ارتضاه المحققون كالبساطي وبن وغيرهما. واعلم أن بيان النوع لا بد منه في صحة
العقد اتفاقا وأما بيان قدر المحمول فلا بد منه أيضا وهو مذهب ابن القاسم عند القرويين وهو
مقتضى تنويع المصنف. وقال الأندلسيون لا يشترط ويصرف القدر للاجتهاد فإذا قال أكتري
دابتك لاحمل عليها إردبا قمحا أو قنطارا زيتا أو مائة بيضة جاز اتفاقا لعدم التفاوت أصلا أو أنه إن
وجد فهو يسير، ولو قال أحمل عليها إردبا أو قنطارا أو مائة بطيخة منع اتفاقا لعدم ذكر النوع الموجب
لوجود التفاوت الكثير لان الأردب من الفول أثقل من الأردب من الشعير والقنطار من الحديد
أثقل من القنطار من القطن والمائة بطيخة الكبيرة أثقل من الصغيرة، وأما لو قال أحمل عليها قمحا
أو قطنا أو بطيخا ولم يذكر القدر فهو ممنوع عند القرويين وأجازه الأندلسيون وصرف القدر الذي
يحمل على الدابة للاجتهاد. قوله: (وجاز إقالة) أي جاز لمن اكترى دابة لحمل أو لحج إقالة وقوله
بشرط راجع لقوله قبل النقد وبعده. وحاصل فقه المسألة أن الإقالة إذا وقعت على رأس المال بأن يترك
37

المكري وللمكتري الأجرة في مقابلة الإقالة فهي جائزة مطلقا كان رأس المال مما يغاب عليه أم لا، كانت
قبل النقد أو بعده، غاب المكري على النقد أم لا، غاية الأمر أنه يجب على المكري تعجيل رد الأجرة
للمكتري إذا وقعت بعد النقد وكانت الدابة مضمونة وإلا منعت لفسخ المكتري ما في ذمة
المكري من كراء منافع المضمونة في مؤخر، وأما إن كانت بزيادة فإن كانت قبل الغيبة على النقد
غيبة يمكن فيها الانتفاع به بأن لم يغب المكري على النقد أصلا أو غاب غيبة لا يمكن الانتفاع به فيها
جازت مطلقا، كانت الزيادة من المكري أو من المكتري، كانت الزيادة عينا أو عرضا بشرط أن تعجل
الزيادة حيث كانت من المكري وكانت الذات المكتراة مضمونة لا معينة وإن كانت الإقالة بعد
غيبة المكري على النقد غيبة يمكنه فيها الانتفاع به فتمنع إن كانت الزيادة من المكري لتهمة سلف
بزيادة، وإن كانت من المكتري جازت إن دخلا على المقاصة وإلا منعت لتعمير الذمتين وهذا
كله إذا وقعت قبل سير كثير بأن لم يحصل سير أصلا أو حصل سير يسير، أما إن وقعت بعد سير كثير
جازت مطلقا برأس المال وبزيادة من المكري ومن المكتري حصلت غيبة على النقد أم لا، لكن
إن كانت من المكتري فيشترط الدخول على المقاصة وإن كانت من المكري فيشترط تعجيلها مع
أصل الكراء في الكراء المضمون. قوله: (بشرط تعجيل الزيادة) أي إذا كانت من المكري وكانت
الدابة مضمونة، أما إذا كانت معينة فلا يشترط التعجيل لأن علة فسخ الدين في الدين التي ذكرها
إنما تظهر في المضمونة لان منافع المعين لا تكون في الذمة حتى يلزم على تأخير الزيادة فسخ ما في الذمة
في مؤخر. قوله: (وإلا لزم فسخ ما في الذمة في مؤخر) أي وهو عين فسخ الدين في الدين. قوله: (بالزيادة
التي وجبت له) أي في ذمة المكري. قوله: (على رأس مال الكراء) بأن يترك المكري للمكتري رأس
المال في مقابلة الإقالة. قوله: (فجائزة مطلقا بلا تفصيل) أي سواء وقعت الإقالة قبل النقد أو بعده غاب
المكري على النقد أم لا، غاية الأمر أنها إذا وقعت بعد النقد وجب التعجيل لرأس المال إذا كانت الدابة
مضمونة وإنما جازت مطلقا إذا وقعت على رأس المال لانتفاء علة المنع وهي التهمة على السلف بزيادة
وفسخ الدين في الدين. وإذا علمت أنها على رأس المال جائزة مطلقا والمصنف قيد الجواز بقوله
إن لم يغب تعلم أن مراده الإقالة بزيادة على رأس المال إذا كانت الإقالة من المكري أو على المنافع
إن كانت من المكتري. قوله: (إن لم يغب عليه) شرط في قوله أو بعده فقط. قوله: (لأنه لما لم تحصل
غيبة الخ) هذا علة لجواز الإقالة بعد النقد بزيادة من المكري إن لم يغب على النقد. قوله: (على
النقد) أي على المنقود الذي هو الكراء. قوله: (تسلفه) أي المكري بزيادة أي منه. قوله: (جاز) أي
لان المكتري دفع عشرة أخذ عنها تسعة فقد أخذ أقل مما دفع. قوله: (عطف على من المكتري) هذا
يقتضي أن قوله أو بعد سير كثير في الزيادة من المكري فقط وحينئذ فقوله ويشترط الخ
المفيد لتعميم الزيادة في كل من المكري والمكتري إنما هو بالنظر للفقه من خارج. قوله: (فتجوز
بزيادة) أي من المكري أو من المكتري. قوله: (وجاز اشتراط حمل هدية مكة) أي
أنه يجوز للمكتري أن يشترط على الجمال حمل الهدية التي يأتي بها من مكة معه لأهل بيته
مثلا أو التي يأخذها معه لمكة من كسوة وطيب للكعبة قال أبو الحسن ويؤخذ من هنا جواز كسوة
38

الكعبة وتطييبها إلا أن الصدقة أفضل وهذا مخصص للنهي عن كسوة الجدار ا ه‍ شيخنا عدوي.
قوله: (اشترط هدية على المكتري) أي بأن يقول الجمال للمكتري حين العقد أشترط عليك حلاوة
السلامة عند الوصول لمكة مثلا. قوله: (وجاز للمكتري اشتراط عقبة الأجير) المتبادر من المصنف
الجواز المستوى الطرفين وهو غير مسلم وذلك لان اشتراط المكتري على رب الدابة عقبة الأجير
قيل إنه مندوب وقيل إنه واجب. وتوضيح ذلك أن ركوب خادم المكتري العقبة من غير اشتراط
قيل أنه مكروه بناء على أنه مثل المستأجر وتركيب المكتري لغيره إذا كان اكترى لركوبه مكروه
إذا كان ذلك الغير مثله وقيل أنه حرام بناء على أنه أضر لكثرة تعبه فاشتراط العقبة على رب الدابة
يخرج المكتري من الكراهة على الأول ومن الحرمة على الثاني، فلذا قيل أن اشتراطها مندوب وقيل
إنه واجب والأول قول ابن القاسم في سماع عيسى والثاني قول أصبغ ابن رشد وهو القياس. قوله: (الجمال)
أي فالمراد بالأجير أجير المكتري الذي يخدمه. قوله: (على مكريه) أي وهو رب الدابة. قوله: (أي
الميل السادس) أي بحيث ينزل المكتري من على الدابة ويركب العكام عوضه الميل السادس.
وما ذكره الشارح بيان لأصل معنى العقبة وإن كان الحكم عاما في الستة أميال وغيرها. قوله: (لا حمل من
مرض) صوره بعض بما إذا اكترى دابة لركوبه وشرط حمل من مرض من الجمال أو من غيرهم من
خدمه عوضا عنه فيمنع لما قاله الشارح، وصوره بعضهم برجال اكتروا دابة على حمل أزوادهم وعلى
حمل من مرض منهم فيمنع لأنه مجهول. قوله: (ولا اشتراط إن ماتت) أي لا يجوز في صلب العقد
اشتراط. قوله: (إلى مدة السفر) أي إلى انتهاء مدة السفر. قوله: (لما فيه من فسخ الدين) أي وهو الأجرة
في الدين وهو منافع الدابة التي يأتي بها. قوله: (كدواب) أي لا يجوز كراء دواب وقوله
لرجال أي كائنة لرجال. قوله: (أو مشتركة بينهم بأجزاء مختلفة) ظاهره أنها لو كانت مشتركة بينهم بأجزاء مستوية وكان
الحمل مختلفا ولم يعين ما تحمله كل واحدة فإنه يجوز وليس كذلك إذ متى كانت الدواب لرجال وكان
الحمل مختلفا ولم يعين ما تحمله كل واحدة فالمنع سواء كانت الدواب لرجال وكانت غير مشتركة أو مشتركة
بأجزاء مختلفة أو متساوية. قوله: (واكتريت في عقد واحد) أي وبأجرة واحدة من غير أي يسمى
لكل دابة أجرة. قوله: (والحمل مختلف) أي بأن كان عنده زكائب بعضها فيه إردب وبعضها فيه إردب
وثلث وبعضها فيه إردب ونصف. قوله: (وإلا جاز) أي وإلا بأن كان الحمل متحدا أو مختلفا وبين لكل
دابة ما تحمله جاز. قوله: (أو لأمكنة) يعني أنه لا يجوز لك أن تكتري دواب مملوكة لرجل أو
لرجال لأمكنة مختلفة كبرقة وأفريقية وطنجة في عقد واحد من غير تعيين لكل واحدة
مكانا معينا لاختلاف أغراض المتكاريين لان المكتري قد يرغب في ركوب القوية للمكان البعيد
وربها يريد ركوبه الضعيفة للمكان البعيد لئلا تضعف القوية فتدخله المخاطرة. وقوله أو لأمكنة
عطف على مقدر أي ككراء دواب كائنة لرجال للحمل أو لأمكنة وليس عطفا على لرجال لإيهامه
أن الرجال مكترون مع أنهم مكرون. قوله: (لواحد) أي مملوكة لواحد وقوله أو متعدد أي
بعقد واحد وأجرة واحدة. قوله: (أو لم يكن العرف) هو صفة لمحذوف معطوف على دواب
فيكون كراء المقدر قبل دواب مسلطا عليه أي ككراء دواب للحمل أو كراء لم يكن للعرف فيه نقد
معين أي أنه لا يجوز الكراء إذا كان بمعين ولم يكن العرف في البلد تعجيل الاجر المعين وإن عجل
بالفعل اللهم إلا تأن يشترط حين العقد تعجيل ذلك الاجر المعين وإلا جاز. قوله: (أو لم يكن عرف
مضبوط) أي بأن كانوا يتكارون بالوجهين التعجيل والتأخير للمعين. قوله: (فإن لم يشترط
التعجيل) أي والحال أن العرف عدم التعجيل. قوله: (جاز) أي الكراء ولا تتوقف صحته على
39

اشتراط التعجيل بل على التعجيل بالفعل. قوله: (وفسدت إن انتفى عرف تعجيل المعين) أي ما لم يشترط
تعجيله وإلا فلا فساد. قوله: (بدليل قوله الخ) أي لان العطف يقتضي المغايرة. قوله: (أو بدنانير)
حاصله أنه لا يجوز الكراء بدنانير أو دراهم معينة غائبة حين العقد بأن كانت موقوفة على يد قاض
وهما يعرفانها معا حيث كان عرف البلد عدم تعجيل المعين، إلا إذا شرط المكتري أنها إذا تلفت كلا
أو بعضا أخلف ما تلف فشرط الخلف في العين يقوم مقام شرط التعجيل في المعين غير العين.
فقول المصنف وبدنانير أي والحال أن العرف عدم تعجيل المعين كما هو الموضوع، هذا
وما ذكره المصنف من منع الكراء بالعين المعينة إذا كانت غائبة إلا إذا شرط الخلف هو قول
ابن القاسم وقال غيره بالجواز وإن لم يشترط الخلف والقولان مبنيان على أن
العين تتعين بتعيينها أم لا، الأول لابن القاسم والثاني لغيره انظر بن. قوله: (ونحوه) أي
كمودع. قوله: (وهما معا يعرفانها) راجع لجميع ما قبله. قوله: (إلا أن يقع الكراء) أي بالدنانير
المعينة الغائبة وقوله لما تلف منها أي قبل قبض المكري لها. قوله: (فيجوز) أي الكراء
بها. قوله: (يقوم مقام التعجيل) أي لعدم تعلق الأغراض بذاتها غالبا فلذا اغتفر فيها التأخير
مع شرط الخلف بخلاف غير النقد من الطعام والعروض فإن الأغراض تتعلق بها فلذا اشترط تعجيلها
ولا يكفي فيها شرط الخلف. قوله: (أما الحاضرة) أي أما الكراء بالعين المعينة الحاضرة. قوله: (فلا يتأتى
فيها اشتراط الخلف) فيه نظر بل يتأتى إلا أنه لا يكفي، فالأولى أن يقول فلا يكفي فيها اشتراط الخلف.
قوله: (بل إن كان العرف الخ) أي وحينئذ فالعين الحاضرة مثل المعين غير العين كالعرض. قوله: (جاز)
أي العقد إن نقدت بالفعل. قوله: (وإلا) أي وإلا يكن العرف نقدها بل تأخيرها أو كان العرف غير
منضبط وقوله منع أي الكراء بها. قوله: (أو اكتراها ليحمل عليها ما شاء) يعني أن من اكترى دابة
ولم يعين ما يحمله عليها بل قال أحمل عليها ما شئت فإنه لا يجوز والظاهر أن من هذا القبيل كراء جمال
فارغ ملآن المتعارف عند حجاج مصر ثم إن قوله أو ليحمل عليها ما شاء يقتضي أنه إذا عين نوع
المحمول دون قدره فإنه يكفي ويحملها ما تطيقه، وهو قول الأندلسيين. وقوله فيما مر وحمل برؤيته
أو كيله أو وزنه أو عدده إن لم يتفاوت يقتضي أنه لا بد من معرفة قدر المحمول زيادة على بيان نوعه،
وهو قول القرويين عن ابن القاسم، ففي كلامه إشارة للقولين وقد قدمنا ذلك. قوله: (وكذا ليحمل
عليها) أي ولم يقل ما شاء. قوله: (إلا من قوم الخ) أي إلا أن يكون المكتري من قوم عرف حملهم بكونه
من الحطب أو الملح أو القمح أو يحملها ما تطيق. قوله: (أو لمكان شاء) أي كأكتري منك دابة إلى
المكان الذي أريد الذهاب إليه بكذا وقوله أو ليشيع رجلا أي كأكتري دابتك لأشيع عليها فلانا أو
لأجل ملاقاته من سفره. قوله: (أو بمثل كراء الناس) أي لموضع معين بأن يقول أكتري دابتك للمحل
الفلاني بمثل ما يكتري به الناس في هذا اليوم فلا يجوز للجهالة كبيع سلعة بقيمتها. قوله: (وأما المعلوم)
أي كما لو جرى العرف بأن الكراء للمحل الفلاني بكذا وقال أكتريها منك بمثل ما يكتري به الناس
فإنه يجوز. قوله: (أو إن وصلت في كذا فبكذا) أشار به لقول مالك في الموازية ومن اكترى من
رجل دابة على أنه إن وصل مكة في عشرة أيام فله عشرة دنانير، وإن وصلها في أكثر فله دون ذلك
لا يجوز لأنه شرط لا يدري ما يكون له من الكراء ا ه‍. ويفسخ الكراء قبل الركوب فإن ركب
للمكان الذي سماه فله كراء المثل في سرعة السير وبطئه ولا ينظر لما سماه. قوله: (وإلا فبكذا أو مجانا)
أعلم أن المنع في الثاني مطلق، وأما في الأول فهو مقيد بما إذا وقع العقد على وجه الالزام ولو لأحدهما
وكان على وجه يتردد فيه النظر احترازا عما إذا كان الأسهل أكثر أجرة وكان على وجه الالزام لرب
الدابة لان رب الدابة يختاره ولا محالة والآخر داخل عليه وكذا إن كان الأسهل للمكتري
40

أقل أجرة وكان العقد على وجه الالزام له فإن المكتري يختاره ولا محالة وحينئذ فالعقد جائز كما أنه
لا يمنع إذا كان العقد بخيار لهما. قوله: (أو ينتقل لبلد) يعني أن الشخص إذا اكترى دابة لبلد سواء كانت
الدابة مضمونة أو معينة نقد أجرتها أم لا فليس له أن يرغب عن تلك البلد ويسير لغيرها إلا بإذن ربها فيجوز
ثم إن قوله أو ينتقل بالنصب عطف على شرط المقدر في قوله لا حمل من مرض من عطف الفعل على
الاسم الخالص من التأويل بالفعل لا على حمل وإلا كان شرط المقدر مسلطا عليه فينحل المعنى لا شرط
حمل من مرض ولا شرط أن ينتقل الخ، وهذا فاسد لان شرط الانتقال لا يوجب منعا ولا فسادا لان
الانتقال بالاذن إلى المساوي جائز وحينئذ فشرط الانتقال إليه في العقد لا يفسده. قوله: (لما فيه من فسخ
ما في الذمة) أي وهي الأجرة وقوله في مؤخر أي وهو السير للبلد الأخرى وفيه أنه لا صحة لهذا التعليل
لان الفرض أنه انتقل بلا إذن فهو محض تعد والفسخ إنما يكون منهما فالأولى حذف هذا التعليل
والاقتصار على ما بعده. قوله: (ولان أحوال الطرق تختلف بها الأغراض) أي فقد يكون ربها له
غرض في عدم ذهابه بها لغير الموضع الذي أكراها له لخوفه عليها من عدو أو غاصب. قوله: (وضمن
إن خالف) أي وتلفت وقوله ولو بسماوي أي هذا إذا كان تلفها بفعله عمدا أو خطأ بل ولو كان بسماوي.
قوله: (ولذا) أي ولأجل هذا التعليل. قوله: (كذلك) أي لا يجوز ويوجب الضمان إذا تلفت الدابة.
قوله: (وفيه) أي الترجيح نظر لما علمت أن المكتري إذا خالف صار بمخالفته كالغاصب وهذا التعليل
جار في المخالفة للدون كما هو جار في المسافة الزائدة والمساوية. قوله: (إلا بإذن من ربها) أي إلا إذا كانت
العدول عن المسافة المعقود عليها لغيرها بإذن من رب الدابة. قوله: (فيجوز العدول إلى أخرى) أي
ولو كانت تلك الأخرى أزيد في المسافة لأنه ابتداء عقد وهذا هو المعتمد وقيل يمنع لأنه فسخ دين وهو
الأجرة في دين وهو السير للبلد الأخرى ومحل هذا الخلاف إذا كان الاذن من ربها لم يقع بعد إقالة، وأما
إن وقع بعد إقالة وبعد رد النقد إن كان نقده جاز العدول للأخرى بإذن رب الدابة قولا واحدا. قوله: (أي
كما لا يجوز أن يردف رب الدابة شخصا خلفك يا مكتري) أي إلا إذا كان بإذنك. قوله: (أو حمل عليها معك
متاعا) أي مع حملك أو تحتك. قوله: (قيد في المنع) أي منع حمله معك متاعا. قوله: (جاز لربها أن يحمل
مع حملك) أي إذا كان زيادة الحمل لا تضر بالمكتري فإن ضرت به كما إذا كان يصل في يومه بدون
الزيادة وإذا زاد لا يصل إلا في يومين فإن المكري يمنع من الزيادة حينئذ كما في بن. قوله: (لا في خصوص
ما قبله) أي وهو قوله والكراء لك إن لم تحمل زنة. قوله: (وضمن المكتري) أي قيمة الدابة إن تلفت
وأرش عيبها إن تعيبت. قوله: (إن أكرى لغير أمين) أي ولو كان هو أي المكتري غير أمين إذ قد يدعى
ربها أن الأول يراعي حقه ويحفظ متاعه بخلاف الثاني. قوله: (أو أضر) أي ولو كان دونه في الثقل بأن كان
من عادته عقر الدواب. قوله: (ولربها اتباع الثاني) أي وإذا أكرى المكتري لغير أمين كان لربها اتباع الثاني
بقيمتها إذا تلفت وبأرش عيبها إن تعيبت أي وله اتباع الأول وقوله حيث علم الخ أي بأن علم الثاني أنها
بيد الأول بكراء وأن ربها منعه من كرائها. وقوله ولو بسماوي أي هذا إذا تلفت بفعله عمدا أو خطأ بل
ولو تلفت بسماوي. وقوله أو لم يعلم أي الثاني بتعدي الأول بأن ظن أنه مالك لها أو مكتر فقط. قوله: (وكذا
إن كانت خطأ الخ) أي وأما لو تلفت بسماوي فإن علم أنها في يد الأول بكراء فلربها تضمينه إن أعدم الأول
41

فقط وإن ظن أنها ملكه فلا رجوع له عليه بشئ ولو أعدم الأول. وحاصل ما ذكره الشارح مع
زيادة أن الدابة إذا تلفت عند الثاني فإما بفعله عمدا أو خطأ أو بسماوي وفي كل إما أن يعلم الثاني بتعدي
الأول بأن يعلم أن الدابة بيده بكراء وأن ربها منعه من كرائها أو يعلم أنه مكتر فقط أو يظن أنه المالك،
فإن تلفت بفعله عمدا ضمن مطلقا وإن تلفت بفعله خطأ فإن علم بتعديه ضمن وإلا فقولان وإن كان
بسماوي فإن علم بتعديه ضمن مطلقا وإن علم بأنه مكتر فقط ضمن إن أعدم الأول وإن ظن الملك فلا
ضمان عليه. قوله: (أو عطبت بزيادة مسافة) حاصله أن الصور ثمانية لان المكتري إما أن يزيد
في المسافة أو في الحمل، وفي كل إما أن تكون الزيادة شأنها أن تعطب بها أم لا، وفي كل إما أن تعطب
بالفعل أم لا، وقد تكلم المصنف على جميعها. قوله: (ولو قلت) أي الزيادة كالميل أي وأما زيادة خطوة
ونحوها مما يعدل الناس إليه فلا ضمان إذا تلفت بزيادته قال في التوضيح مقتضى كلام المصنف أن
الدابة إذا عطبت بزيادة المسافة يضمن مطلقا ولو كانت الزيادة خطوة، وهو قول نقله ابن المواز
أبو الحسن، وهو خلاف المدونة لأنه فيها يضمن في الميل ونحوه وأما مثل ما يعدل الناس إليه في المد فلا
ضمان. قوله: (أي بسببها) أي سواء عطبت في الزيادة أو في المسافة المعقود عليها، لكن في حال
رجوعه عند ابن الماجشون وأصبغ إلا أن أصبغ قيد الضمان في هذه الحالة أي عطبها في المسافة المعقود
عليها بما إذا كثرت الزيادة، وأما ابن الماجشون فلم يقيد وقال سحنون لا ضمان إذا كان العطب في
المسافة المعقود عليها، واستحسن ابن يونس قول ابن الماجشون وهو الضمان إذا تلفت في المسافة
المعقود عليها في حالة الرجوع ولو قلت الزيادة وقال شيخنا مفاد بعضهم أنه المعتمد. قوله: (احترز به
عن السماوي) أي عما إذا زاد في المسافة إلا أنها تلفت بأمر سماوي، وقوله فلا يضمن أي قيمة الدابة.
قوله: (وأما في موضوع المصنف) أي وهو ما إذا زاد المكتري في المسافة وتلفت الدابة بسبب
زيادة المسافة. قوله: (بين أن يأخذ كراء الزائد) أي مضموما للكراء الأصلي. قوله: (أو قيمة الدابة)
أي مع الكراء الأول وقوله فله الأكثر منهما أي من القيمة وكراء الزائد مضموما للكراء الأول.
قوله: (مع الأول) أي وهو الكراء الأصلي. قوله: (ولا زائد) أي ولا شئ أزيد من الكراء الأصلي.
قوله: (فإن زاد أثناءها) أي فإن زاد في الحمل في أثناء المسافة. قوله: (والزيادة) أي وكراء الزيادة. قوله: (وإلا
فالكراء) أي وإلا فاللازم له الكراء. قوله: (كأن لم تعطب في زيادة المسافة أو الحمل) كانت الزيادة
تعطب بمثلها أم لا فله كراء ما زاد من مسافة أو حمل مع الكراء الأول ولا تخيير لربها في قيمتها. قوله: (إلا
أن يحبسها) هذا استثناء مما بعد الكاف فكأنه قال إن زاد في المسافة أو في الحمل ولم تعطب فليس له إلا
الكراء ما لم يحبسها الخ ثم إن هذا الاستثناء يحتمل الاتصال فيكون في موضوع ما إذا حبسها مستعملا لها
في حمل أو غيره ويكون حينئذ ساكتا عما إذا حبسها من غير استعمال، ويحتمل الانقطاع فيشمل ما إذا
حبسها بلا استعمال ولا يبعده قوله كراء الزائد لان المراد الزائد على مدة الكراء الأول استعملها
فيه أم لا واحتمال الانقطاع أتم فائدة، ولذا قال ابن عاشر سوق هذه المسألة في حيز الاستثناء يوهم تفريعها
على التعدي بزيادة المسافة أو الحمل وليس كذلك، فلو قال المصنف وإن حبسها الخ كان أخصر وأوضح
ا ه‍ بن. قوله: (فله كراء الزائد أو قيمتها) ظاهره أنه مخير بين الامرين وهو كذلك ونحوه في المدونة.
قوله: (فليس له إلا كراء الزائد) أي مع الكراء الأول. قوله: (ولك فسخ عضوض) أي ولك البقاء
بالكراء المعقود عليه إذ خيرتك تنفي ضررك والمراد أنه اطلع على كونه عضوضا بعد العقد لا عنده.
قوله: (أي يعض من قرب منه) أي اطلع على أنه حصل منه ذلك في مرات متعددة في ساعات. قوله: (فليس
المراد المبالغة في العض) أي أن تكراره في الساعة الواحدة ليس لازما وإلا فوقوع ذلك فلتة
42

في العمر مثلا ليس عيبا هذا ويصح بقاء المبالغة باعتبار تعدد الساعات حتى صار شأنا لها. قوله: (أو أعشى)
أي إذا كان اكتراه ليسير به ليلا فقط كما قيده اللخمي وظاهر المدونة كظاهر المصنف خلافه
وهو المعتمد فمتى اكتراه ليسير به ليلا أو نهارا أو فيهما فوجده أعشى ثبت له الخيار إما أن يرد أو
يتماسك به بجميع الكراء المسمى كما أن عليه جميع الكراء إذا اكتراه ليسير به ليلا أو لم يسر به
إلا نهارا، وما في عبق من أنه إذا علم به وتماسك يحط عنه أرش العيب بأن يقال ما أجرته على أنه
سالم وما أجرته على أنه أعشى ويحط عنه بنسبة ذلك من الكراء فهو خلاف النقل كما في بن. نعم إذا لم
يطلع المكتري على أنه أعشى إلا بعد انقضاء المسافة المستأجر عليها فإنه يحط عنه من الأجرة بحسبه كما
في المجموع. قوله: (أو كان دبره فاحشا) أي كان دبره الموجود حال العقد ولم يطلع عليه إلا بعده فاحشا
وأشار الشارح بتقدير كان إلى أن دبره اسم كان محذوفة وفاحشا خبرها والداعي لذلك أن هذه الجملة
معطوفة على المعنى إذ التقدير لك فسخ ما كان عضوضا أو جموحا أو أعشى أو كان دبره فاحشا.
قوله: (أو برائحته راكبه) أي أو يضر برائحته راكبه فإن كان الراكب لا يتضرر برائحته لكونه لا يشم
فلا خيار له. قوله: (استظهر كل منهما) الأول استظهره تت وصوبه طفي والثاني استظهره الشيخ
أحمد الزرقاني. قوله: (بدليل قول المصنف فوجد الخ) أي فإنه ظاهر في أنهما لم يدخلا على طحن إردب
وإنما دخلا على طحن إردبين وقد يقال لا حاجة لما ذكره من الحمل بل يحمل على أن الزمن أزيد من
العمل في الواقع لكن وجد الثور لا يطحن إلا إردبا لعجزه لا لضيق الزمن. قوله: (ما يشبه الكيل) أي
زاد ما يشبه أن يكون زيادة في الكيل أو نقص ما يشبه أن يكون نقصا في الكيل كأن يستأجره على
طحن إردب فيطحن ما يزيد عليه مما يشبه أن يكون زيادة في كيله كأن يطحن به خمسة وعشرين ربعا
أو يطحن عليه ما ينقص عن الأردب مما يشبه أن ينقص في كيله كان يطحن به ثلاثة وعشرين ربعا.
قوله: (فلا لك) أي فليس لك يا مكري أجرة في الزيادة ولا يرجع عليك يا مكري بأجرة النقص.
قوله: (فهذه المسألة أعم مما قبلها) أي فهي مستأنفة وليست من تتمة ما قبلها. قوله: (فتشمل مسألة الثور) أي
السابقة لذلك الذي استأجره على طحن إردب كل يوم فوجده كذلك ثم زاد المكتري على ذلك أو نقص
ما يشبه أن يكون زيادة أو نقصا في الكيل. قوله: (وغيرها) أي كما إذا استأجره على حمل إردب قمح
فزاد المكتري عليه أو نقص عنه ما يشبه أن يكون زيادة أو نقصا في الكيل.
فصل في كراء الحمام والدار قوله: (جاز كراء حمام) يصح أن يراد بالكراء الاكتراء ويصح
أن يراد به الاكراء أي جاز للانسان أن يكتري الحمام من غيره أو جاز له أن يكريه لغيره. واعلم أن
الاكراء والاكتراء متلازمان فمتى جاز إحداهما جاز الآخر لأن العقد لا يكون جائزا من أحد الجانبين
دون الآخر فلا وجه لأولوية كون المراد بالكراء في كلام المصنف الاكتراء دون الاكراء.
قوله: (لجواز دخوله بمرجوحية) المرجوحية إنما هي إذا دخله مع قوم مستترين وغلب على ظنه عدم كشف
العورة لان دخوله في هذه الحالة مكروه إذ لا يأمن أن ينكشف عورة بعضهم فيقع بصره أو بصر
غيره على ما لا يجوز وقيل أن دخوله في هذه الحالة جائز، أما لو دخله للتنظيف مع زوجته أو أمته
أو منفردا فلا كراهة في ذلك كما قرره شيخنا، وإذا علمت ذلك تعلم أن الأولى للشارح أن يقول
43

لجواز دخوله وإن كان الجواز قد يكون مرجوحا تأمل. قوله: (يجوز) أي بدون قيد المرجوحية وقد
يجب إذا تعين طريقا للدواء. قوله: (كبيعها) أي ويكون كراؤها وهي غائبة كبيعها وهي غائبة. قوله: (فلا بد
من رؤية سابقة) أي من المكتري. وقوله وبوصف أي أو يكون كراؤها ملتبسا بوصف وقوله أو
على خيار أي للمكتري لكن إن كان برؤية سابقة أو بوصف من غير المكري جاز النقد وإن كان
بوصف من المكري امتنع النقد كما في بن عن أبي الحسن كما يمنع إذا كان على خيار. قوله: (أو لشريكه)
أي والحال أن صاحب النصف أكرى حصته لغير صاحب النصف الثاني خلافا لأبي حنيفة وأحمد
القائلين بمنع كراء المشاع لغير الشريك، ولو قال المصنف كبيعه أو نصفه بتذكير الضمير العائد على ما ذكر
من الحمام والدار لكان أحسن إلا أن يقال إنه أنث الضمير باعتبار المذكورات أو أن الضمير راجع
لخصوص الدار ويعلم الحمام بالمقايسة. قوله: (يوما) أي مثلا. قوله: (وشهرا الخ) حاصله أنه يجوز كراء
العقار شهرا مثلا على شرط أنه إن سكن مكتري يوما فأكثر من الشهر لزمه الكراء أي العقد وتلزمه
الأجرة بتمامها ولو خرج منه ومحل الجواز إن دخلا على أن المكتري يملك بقية المدة بالسكنى
والاسكان وأما لو دخلا على أنه إن خرج المكتري منه رجع العقار لربه ولا يتصرف المكتري فيه
بقية المدة لا بكراء ولا بغيره فإن ذلك لا يجوز. واعلم أن الكراء في هذه المسألة من قبيل الكراء بخيار
فيمنع فيها النقد ولو تطوعا كما في بن ثم إن ظاهر كلام المصنف سواء عين الشهر كرجب أم لا ويكون
الشهر محسوبا من يوم العقد في الثاني ولزمه الكراء بسكنى يوم ولو آخر يوم منه لا إن سكن بعض يوم
ولا إن مضى شهر من يوم العقد أو مضى المعين فلا يلزمه ما بعده ولو سكن فيه يوما. قوله: (على أنه إن خرج
المكتري) أي بعد سكنى اليوم. قوله: (ولو أسقط الشرط في الأول) أي في الفرع الأول وهو ما إذا شرط
على المكتري على أنه إن خرج رجعت الذات المستأجرة لربها. قوله: (بخلاف إسقاطه في الثاني) أي وهو ما إذا
شرط على المكتري على أنه إن خرج من الدار فلا يتصرف فيها بسكنى ولا غيرها والحاصل أنهما إن دخلا على
أن المكتري إذا خرج منها في أثناء المدة فإنه لا يتصرف فيها بسكنى ولا غيرها فإن العقد يكون فاسدا،
فإن أسقط الشرط صح العقد وهذا ما لابن عرفة وبعض القرويين وهو المعتمد، وقال اللخمي العقد صحيح
والشرط باطل فلا حاجة لاسقاطه لصحة العقد وهو ضعيف. قوله: (وعدم بيان الخ) يعني أن الإجارة
تجوز مدة معلومة كقوله أستأجر منك شهرا أو سنة من غير أن يذكر ابتداء ذلك ويحمل ابتداء ذلك
من يوم العقد. قوله: (وجيبة الخ) أي سواء كان الكراء وجيبة وهو ظاهر أو مشاهرة لأنه لما كان متمكنا
من السكنى وإن لم يكن العقد لازما كفى ذلك ما لم يحل عن نفسه. قوله: (فإن وقع) أي الكراء على شهر في
أثنائه فثلاثون يوما من يوم العقد، فإن وقع العد على شهر وكان العقد في أوله لزمه كله على ما هو عليه من
نقص أو تمام، وكذا السنة إذا وقع العقد عليها فإن كان في أول يوم منها لزمه اثنا عشر شهرا بالأهلة، وإن
كان بعد ما مضى من الستة أيام لزمه أحد عشر بالأهلة وشهر ثلاثون يوما، واعلم أن قول المصنف وحمل من
حين العقد فيما إذا ذكر للكراء مدة ولم يعين لها مبدأ فإن اكتراها ليركبها لموضع كذا من غير ذكر مدة
ثم حبسها المكتري فلربها كراء المثل مدة الحبس والكراء الأول باق كما قال ابن الحاجب، ولا يقال أن
الكراء يحمل على أنه من يوم العقد فلا يلم إلا الكراء الأول لأنه هو الذي حصل العقد عليه
44

لما علمت أن هذا فيما إذا ذكرت مدة الكراء ولم يعين لها مبدأ. قوله: (ولم يلزم لهما) اللام زائدة فلا
يقال أن يلزم متعد بنفسه فلأي شئ عداه باللام أو يقال إن اللام متعلقة بفاعل يلزم كما أشار له
الشارح ولا يقال يلزم عليه عمل ضمير المصدر لأنه يغتفر في الجار والمجرور ما لا يغتفر في
غيره كقوله:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجم
قوله: (فلكل من المتكاريين حله عن نفسه متى شاء) هذا قول ابن القاسم في المدونة وهو أحد أقوال
ثلاثة في المسألة. وحاصله أنه لا يلزم الكراء في الشهر الأول ولا فيما بعده وللمكتري أن يخرج
متى شاء ويلزمه من الكراء بحساب ما سكن وقيل يلزمهما المحقق الأقل كالشهر الأول لا ما بعده،
وقيل يلزمه الشهر إن سكن بعضه، فإذا سكن بعض الشهر لزم كلا من المكري والمكتري بقيته
وليس لأحدهما خروج قبلها إلا برضا صاحبه ومن قام منهما عند رأس الشهر فالقول قوله، قال الشيخ
ميارة وبهذا الأخير جرى العمل عندنا. قوله: (إن لم يشترط عدمه) أي عدم اللزوم وأنه يخرج متى
شاء. قوله: (من كراء بخيار) أي والكراء بالخيار يمتنع فيه النقد كما مر. قوله: (لقب لمدة محدودة) أي
سواء كانت معينة أم لا كما إذا قال هذه السنة أو هذا الشهر أو سنة كذا أو شهر كذا أو يسمى
العدد فيما زاد على لواحد فقال سنتين أو ثلاثا أو ذكر انتهاء الاجل بأن قال أكتريها إلى شهر كذا أو
إلى سنة كذا، وأما لو سمي العدد وكان واحد ففيه خلاف فقيل أنه من الوجيبة وقيل أنه من المشاهرة
وسيأتي ذلك. قوله: (فإن بين المبدأ) أي فالامر ظاهر وإلا الخ، وقوله فإن بين الخ أي في قوله عشرة
أشهر وما بعده. قوله: (ومثل سنة) أي في جريان التأويلين شهرا ففيه التأويلان أيضا كما يفيده كلام
عياض إذ لا فرق بينهما خلافا لظاهر المصنف من أنه وجيبة قطعا حيث ذكر ما فيه الخلاف بعده.
قوله: (وجزم المصنف بأنه) أي هرا حيث ساقه فيما هو وجيبة قطعا. قوله: (وأرض مطر) عطف على
حمام كما أشار له الشارح. قوله: (أو أكثر) أي كأربعين سنة. قوله: (وسواء الخ) تعميم في المفهوم أي فإن
حصل اشتراط النقد فسد العقد سواء حصل نقد الخ. قوله: (وإن لسنة) أي وإن اشترط النقد لسنة.
قوله: (تشبيه في الجواز) أي لا تمثيل لئلا يكون ساكتا عن أرض المطر المأمونة فلا يعلم حكم النقد
فيها مع نص الامام على جوازه فيها، كذا قيل، وفيه أنها داخلة تحت كاف التمثيل فلعل هذا القائل أراد
السكوت باعتبار الصراحة. والحاصل أن قوله كالنيل يصح تجعله تشبيها ويصح جعله تمثيلا.
45

قوله: (أي كجواز كراء أرض النيل المأمونة) أي وأما غير المأمونة فيجوز كراؤها ولو لأربعين
بشرط عدم اشتراط النقد. قوله: (إذا رويت بالفعل) أي وتمكن من الانتفاع بها وذلك بانكشافها
بدليل قول المصنف الآتي ولزم الكراء بالتمكن. والحاصل أنه لا يجب النقد فيها إلا بأمرين
الري بالفعل والتمكن من الانتفاع بها بالانكشاف لا بأحدهما خلافا لظاهر الشارح انظر بن ثم إن
قول المصنف ويجب في مأمونة النيل إذا رويت فيما أكريت ولم يشترط نقد ولا عدمه حين العقد أو
اشترط عدمه حين العقد. قوله: (وليس كذلك الخ) حاصله أن ما كان مأمونا من أرض النيل والمطر
وأرض الآبار والعيون يجوز فيها اشتراط النقد ولو أكريت لأعوام كثيرة وما كان غير مأمون منها
فلا يجوز فيه اشتراط النقد، وإذا وقع العقد على منفعة أرض الزراعة وسكت عن اشتراط النقد وعدمه
أو اشترط عدمه حين العقد فإنه يقضي به في أرض النيل إذا رويت وتمكن من الانتفاع بها بكشف
الماء عنها، وأما أرض المطر والعيون والآبار فلا يقضي بالنقد فيها إلا إذا تم زرعها واستغنى عن الماء.
قوله: (وجاز كراء قدر) أشار الشارح إلى أن قوله وقدر عطف على حمام. قوله: (من أرضك) أي
كأكريك فدانين من أرضي التي بحوض كذا أو مائة ذراع من أرضي الفلانية فيجوز إذا عين الجهة التي
يكون منها ذلك القدر، كأن يقول من الجهة البحرية أو لم يعين الجهة لكن تساوت الأرض في الجودة
والرداءة بالنسبة لأرض الزراعة أو في الامن والخوف بالنسبة للأرض التي يبنى فيها. قوله: (فإن لم تعين)
أي الجهة. وقوله واختلفت أي الأرض بالجودة والرداءة كما لو قال أكريك فدانين من أراضي الفلانية
بكذا والحال أن أرضه الفلانية بعضها جيد وبعضها ردئ. قوله: (فلا يشترط تعيينه) أي تعيين الجهة
التي يكون فيها الجزء لان المستأجر ربعها شائعا كانت كلها جيدة أو رديئة أو بعضها جيد والبعض
ردئ. قوله: (وجاز الخ) أشار الشارح إلى أن المصنف عطف على حمام محذوفا وهو أرض. قوله: (والكلام
في المأمونة) أي أن الكلام في هذه المسألة وما بعدها في المأمونة فمحل جواز كراء الأرض
بشرط حرثها ثلاثا أو شرط تزبيلها إن كانت مأمونة الري وإلا فسد العقد لأنه يصير كنقد بشرط
في غير المأمونة لان زيادة الحرثات والتزبيل منفعة تبقى بالأرض. قوله: (بتشديد الباء) صوابه
بتخفيفها كما قال بن لان الذي في الصحاح والقاموس إن زبل من باب ضرب يضرب وأنه يقال
زبل الأرض يزبلها زبلا إذا أصلحها بالزبل. قوله: (نوعا) أي إذا عرف نوع ما يزبلها به من
كونه زبل حمام أو غنم أو رماد أو سباخ وإنما اشترط معرفة نوع الزبل لان ما يزبل به الأرض
أنواع كما علمت واشتراط معرفة قدره لان الأرض تختلف فبعضها ضعيف الحرارة فيقويها كثرة
الزبل وبعضها قوي الحرارة فيحرق زرعها كثرة الزبل. قوله: (فإن لم يعرف منع وفسد الكراء) قال
عبق وإذا فسد وزرع فإن لم يتم زرعه فله ما زاده عمله في كرائها في العام الثاني وإن تم زرعه فعليه كراء
المثل بشرط تلك الزيادة. قوله: (والأجرة في ذلك) أي فيما إذا شرط حرثها ثلاثا أو شرط تزبيلها. قوله: (مكتراة
سنين الخ) أشار الشارح إلى أن سنين الأولى معمولة لنعت أرض وهو مكتراة وقوله مستقبلة
صفة لسنين الثانية وهي معمولة لكراء كما أشار له الشارح بقوله أي أن يكريها الآن سنين الخ، ولو قال
46

المصنف وأرض سنين مستقبلة لذي شجر بها أو غيره لكان أخصر وأوضح وفي قوله وأن لغيرك التفات
من الغيبة للحضور وما بعد المبالغة غير مندرج فيما قبلها كما كتب شيخنا ففيه ركاكة وبالغ على الغير
لأنه ربما يتوهم أنه لما كان الشجر لغيره وليس متمكنا من الانتفاع فلا يجوز له الاستئجار. قوله: (أو
يرضيك) أي في منفعة الأرض المدة المستقبلة لأجل بقاء غرسه. قوله: (منها المدة الخ) أشار الشارح
بذلك إلى أن محل منع اكتراء غير رب الزرع للأرض إذا كان على أن يقبضها قبل تمام الغرض من الزرع لتلف
الزرع إذا قلع بخلاف الشجر، وأما إن كان على أن يقبضها بعد تمام الزرع جاز. قوله: (لان
الزرع إذا انقضت مدة إجارته) أي والحال أنه لم يطب. قوله: (لم يكن لرب الأرض قلعه) أي وإنما له كراء
أرضه إلى تمام الغرض من الزرع. قوله: (بخلاف الشجر) أي فإنه إذا انقضت مدة إجارته فلرب
الأرض قلعه. قوله: (أنه يتم في مدة الإجارة) أي فقدر الله أنه لم يتم فيها. قوله: (وإلا جاز) أي وأما إن كان
يعلم أنه لا يتم أمر الزرع فيها فتجوز الإجارة لغيره لأنه داخل على تلف زرعه. قوله: (ضعيف) أي
والمعتمد أنه إن وقع العقد على أن المكتري يقبض الأرض قبل تمام الزرع فالمنع مطلقا أي سواء علم
الزارع أن الزرع يتم في مدة الإجارة أم لا وإن وقع العقد على أن المكتري يقبض الأرض بعد تمام
الزرع فالجواز مطلقا. قوله: (وشرط كنس مرحاض) أي وجاز لمن قضى العرف بأن كنس المرحاض
عليه من مكر أو مكتر اشتراط كنسه على غيره. والحاصل أن كنس المرحاض بالشرط أو العرف
عند عدم الشرط فإن انتفيا فعلى المكري، وهل وإن حدث بعد الكراء أو الحادث على المكتري في ذلك
خلاف. قوله: (ومرمة وتطيين) اعلم أنهما إن كانا مجهولين فلا يجوز اشتراطهما على المكتري إلا من
الكراء لا من عند نفسه كأن يقول كلما احتاجت لمرمة أو تطيين فرمها أو طينها من الكراء وأما إن كانا
معلومين كأن يعين للمكتري ما يرمه أو يشترط عليه التطيين مرتين أو ثلاثة في السنة فيجوز مطلقا
سواء كان من عند المكتري أو من الكراء بعد وجوبه أو قبله وهو في المعنى إذا كان من عند
المكتري جزء من الثمن، إذا علمت ذلك تعلم أنه يجب أن يحمل كلام المصنف على المرمة والتطيين
المجهولين لأنهما المشترط فيهما كونهما من الكراء، لكن اعترض على المصنف تقييده للكراء بكونه
واجبا فإنه إنما ذكره أبو الحسن بصيغة التمريض وجعله القابسي محل نظر، وجزم اللخمي بخلافه، فعلى
المصنف المؤاخذة في اعتماده قاله طفي. قوله: (إن احتاجت) أشار الشارح بذلك إلى ما قلناه من أن كلام
المصنف وهو جواز اشتراط التطيين من كراء وجب إذا لم يسم مرة أو مرتين بأن قال كلما احتاجت،
وأما إذا سمي مرات فالجواز مطلقا سواء كان من كراء وجب أو من كراء لم يجب أو من عند المكتري
وذلك للعلم به، وحينئذ فلا يحمل كلام المصنف عليه. قوله: (فلا يجوز) أي اشتراطه على المكتري لأنه
سلف وكراء كذا قيل وفيه أنه لو صح هذا لمنع تعجيل الأجرة مطلقا في كل كراء لكن اللازم باطل وإذا
وقع ونزل شرط المكري الرم أو التطيين على المكتري من عنده والحال أنهما مجهولان فللمكري قيمة
ما سكن المكتري وللمكتري قيمة ما رم أو طين من عنده. قوله: (باعتبار محله) أي لأنه في محل جر صفة
لمحذوف أي لا من كراء لم يجب. وحاصله أنه لا يجوز أن يشترط المكري على مكتري الحمام حميم
أهله أو نورتهم مطلقا أي سواء علم قدر عيال المكري أم لا. قوله: (وعلم دخولهم) أي مقدار دخولهم
في الشهر لجريان العرف بذلك وظاهره أن الجواز منوط بالامرين معا لانتفاء الجهالة بهما، فعلى هذا
لو علم قدر دخولهم دون قدرهم فلا يجوز لان العلة في المنع الجهل بقدر ما يحتاجون إليه من الحميم أو النورة
وذلك موجود في هذه الحالة. قوله: (كما لو اشترط شيئا معلوما) أي من المرات في كل شهر أو من النورة.
47

قوله: (أو لم يعين) عطف على أن لم يجب بمعنى أنه لا يجوز أن يستأجر أرضا على أنه يعمل فيها ما شاء من
بناء أو غرس ولم يعين واحدا منهما حين العقد والحال أن بعض ذلك أضر من بعض وليس هناك
عرف بما يفعل في الأرض المكتراة وظاهر كلامه المنع، ولو قال رب الأرض للمكتري اصنع بها كيف
شئت وقيل يجوز ذلك لأنه داخل على الأضر. قوله: (ولا عرف) أي فيما يفعل في الأرض المكتراة بأن
كان بعض الناس يفعل البناء وبعضهم يفعل الغرس. قوله: (فلا يجوز للجهالة الخ) الذي يفيده كلام
التوضيح أن ابن القاسم يقول بجواز العقد المذكور وصحته عند الاجمال لكن يمنع المكتري بعد
العقد من فعل ما فيه ضرر، وأن غير ابن القاسم يقول بعدم جواز العقد المذكور وفساده حينئذ، وبهذا
تعلم أن كلام المصنف جار على مذهب غير ابن القاسم لا على مذهبه كما زعم عبق انظر بن. قوله: (فإن
بين نوع البناء) الإضافة بيانية أي فإن بين أنه يبني فيها أو يغرس فيها أو بين أنه يبني فيها دارا الخ جاز.
قوله: (وللموكل الفسخ إن لم يفت) أي وله إجازته. قوله: (وإلا رجع على الوكيل الخ) قال الوانوغي نقلا عن
القابسي محل هذا إذا لم يعلم المكتري بأن الوكيل الذي أكراه غير مالك أما لو علم أنه غير مالك كان
الوكيل والمكتري غريمين يرجع المالك على أيهما شاء ا ه‍ بن. قوله: (وإلا رجع على الوكيل بالمحاباة)
أي ولا رجوع للوكيل على المكتري بها. قوله: (ولا رجوع له) أي للمكتري على الوكيل كما في عبق.
قوله: (ومثل الوكيل ناظر الوقف) أي فإذا حابى الناظر في الكراء خير المستحقون في الإجازة والرد
إن لم يفت الكراء فإن فات كان للمستحقين الرجوع على الناظر بالمحاباة إن كان مليا ولا رجوع له على
المكتري فإن كان الناظر معدما رجع المستحقون على المكتري ولا رجوع له على الناظر، لكن
سيأتي في الوقف أنه إن أكرى الناظر بغير محاباة فإن أكرى بأجرة المثل فلا يفسخ كراؤه ولو بزيادة
زادها شخص على المكتري، وأما إن أكرى بأقل من أجرة المثل فإنه يفسخ كراؤه إذا زاد عليه شخص
آخر أجرة المثل وإلا فلا يفسخ، وهذا محمل قولهم الزيادة في الوقف مقبولة فانظره مع ما هنا ولعل ما هنا
محمول على ما إذا أكرى بمحاباة ووجد من يكتري بأجرة المثل فتأمل. قوله: (لغرس) مفهومه أنه يجوز
إجارتها مدة لبناء وبعد انقضاء المدة يكون البناء كله أو بعضه لرب الأرض أجرة، قال في المدونة
وإن آجرته أرضك ليبني فيها ويسكن عشر سنين ثم يخرج ويدع البناء فإن بين صفة البناء والمدة
التي يسكن فيها المكتري فهو جائز وهو إجارة وإن لم يصفه لم يجز وكذا إذا قال أسكن ما بدا لي فإن وقع
فلك كراء أرضك ولك أن تعطيه قيمة بنائه منقوضا. قوله: (أو نصفه) بالرفع عطفا على هو أي فهو أو
نصفه لرب الأرض أجرة لها مدة غرس الغارس فيها. قوله: (فقال ابن القاسم يجوز) أي وهذه مغارسة
لا إجارة بخلاف مسألة المصنف فإنها إجارة. قوله: (على ما قال المصنف) أي من كونه جعل الغرس كله
أو بعضه لرب الأرض بعد انقضاء المدد. قوله: (فقيل إنه كراء فاسد) أي إن رب الغرس اكترى
الأرض كراء فاسدا للجهل بالأجرة. قوله: (ويفوت بالغرس) أي ويفوت ذلك الكراء الفاسد
بالغرس فهو مانع من فسخه وذلك لأنه لما تعلق العقد بمنافع الأرض وحكمنا بفساده وشأن الفاسد الفسخ
والفسخ عند عدم التغير والغرس مغير للأرض فلذا عد مفوتا وحينئذ فيكون للمكتري الاستيلاء على
الأرض المدة المسماة والغرس له وعليه لرب الأرض كراء المثل لانتهاء المدة المسماة وبعدها يكون
الغارس كالغاصب، بخلاف القول الثاني الذي يقول بالإجارة فإن العقد تعلق بمنافع العاقل والعاقل
لم يحدث فيه تغير فلذا حكم بالفسخ متى اطلع عليه انتهى عدوي. قوله: (وقيل إجارة فاسدة)
48

أي أن رب الأرض استأجر رب الشجر على العمل والغرس إجارة فاسدة. قوله: (ويطالبه) أي
ويطالب رب الأرض الغارس. قوله: (كانت تزرع مرة أو أكثر) أي فإذا كانت تزرع مرارا
فانتهاء السنة بالحصاد الأول. قوله: (أيام نزول المطر أو أيام ريها) أي أو قبل ذلك، وقوله جذ الزرع أي
سواء مكث في الأرض سنة أو أقل أو أكثر. قوله: (وله فيها زرع أخضر) أي في أرض السقي. قوله: (أو ثمر
لم يطب) أي ثمر مؤبر لأنه هو الذي يلحق بالزرع بجامع الضرر كما في ابن عرفة والتوضيح، وأما غير
المؤبر فلا يلزم رب الأرض إبقاؤه لتمام طيبه بل له أن يأمر صاحبه بقلع النخل الذي هو عليه.
قوله: (إبقاؤه) أي إلى تمام طيبه. قوله: (فعليه كراء مثلهما) أي فعليه كراء المثل فيهما، وقوله بما تقوله أهل
المعرفة أي ولا يعتبر كراؤها بالنظر للسنة الماضية بل ينظر لهما في جد ذاتهما إذ قد يكون كراؤهما
أغلى أو أرخص وهذا قول سحنون. وقال ابن يونس تلزمه أجرة ما زاد على السنة على حساب ما أكرى
به السنة وذلك بأن يقوم كراء الزيادة فإذا قيل دينار قيل وما قيمية السنة كلها فإذا قيل خمسة فقد وقع
للزيادة مثل كراء خمس السنة فيكون عليه الكراء المسمى ومثل خمسه. قوله: (وهو الراجح) أي وهو
قول ابن القاسم. وقال ابن حبيب أن زرع وهو يعلم أو يظن تأخره عن مدة الكراء بأمد كثير فلربها
قلعه أو تركه بالأكثر من كراء الزائد على حساب المسمى وكراء مثله في حد ذاته، وأما إن كان يعلم أو
يظن تأخره عن أمد الكراء بأمد قليل فلرب الأرض كراء الزائد فقط وليس له قلعه قال ابن ناجي، وقد
وقع الحكم من بعض القضاة بقول ابن حبيب وحكمت به، وقد اقتصر ح في شرح كلام المصنف عليه ا ه‍.
قال في الشامل وليس لرب الأرض شراؤه على الأصح أي وهو قول ابن القاسم ونقل ابن يونس
عن بعض القرويين أن الأشبه أنه يجوز لرب الأرض شراء ما فيها من الزرع لان الأرض ملكه فصار
مقبوضا بالعقد وما يحدث فيها إنما هو في ضمان المشتري لكونه في أرضه ونهيه عليه الصلاة والسلام عن
بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لكون ضمانها من البائع لكونها في أصوله انظر بن. قوله: (بآفة) أي
كبرد بفتح الباء والراء أو شرد. قوله: (في الأرض) أي التي اكتراها وزرعها. قوله: (فهو لرب الأرض)
انظر إذا لم يكن لها رب وأعرض ذلك الزارع عنها بعد حصاد زرعه منها هل يكون لرب الحب أو مباحا
كالعشب ا ه‍ عج. قوله: (ولذا لو بقيت مدة الكراء كان الزرع له) أي لا لرب الأرض وكذا لو
اكتراها قابلا عقب اكترائه الأول وأما إن أكراها ربها لغيره ونبت في مدته فهو لرب الأرض لا
للمكتري الثاني ويحط عن المكتري الثاني من الأجرة بقدر ما أشغله ذلك الحب من الأرض. قوله: (إن كان لغير عطش) أي إن
كان عدم نباته في العام الماضي لغير عطش. قوله: (والزرع كالحب) أي فإذا جره
السيل في أرض ونبت في الأرض المجرور إليها فهو لصاحبها وقوله على قول أي وهو المعتمد لأنه مذهب
المدونة كما عزاه لها اللخمي. قوله: (والثاني لربه) أي ويلزمه كراء الأرض المجرور إليها وعلى هذا اقتصر
في المج ولو جر الريح أو السيل حبا ملقى بأرض جرين لأرض أخرى ولم ينبت فيها فهو لربه لا لرب
الأرض المنجر إليها لعدم نباته بها كما لو جر شجرة فنبتت وكانت إذا قلعت نبتت وأراد ربها أخذها
ليغرسها في أرض أخرى فله ذلك، فإن كانت إذا قلعت لا تنبت أو كانت تنبت وأراد ربها قلعها ليجعلها
حطبا فلرب الأرض منعه من قلعها ويدفع له قيمتها مقلوعة، وأما لو جر السيل أو الريح ترابا ينتفع به أو رمادا
لأرض آخر وطلب ربه أخذه فله ذلك لعدم نباته، وإن طلب من جاء بأرضه من ربه نقله وأبى لم يلزمه لأنه
ليس من فعله وأما إن جره بطريق أو مسجد لزم ربه نقله كموت دابته بطريق فيلزم ربها نقله لا إن ماتت
49

بدار ولم يدخلها ربها فيها فنقلها على رب الدار ولو انهدم بناء شخص بأرض آخر لم يلزم صاحبه إلا نقل
ماله قيمة كالأخشاب والأحجار لا نقل التراب إذ هو بمنزلة دابة دخلت دارا وحدها فماتت.
قوله: (ولزم الكراء) أي لمن اكترى أرضا أو دابة أو دارا أو نحو ذلك فهذا أعم من قوله سابقا ويجب في
مأمونة النيل إذا رويت. وقوله بالتمكن أي من المنفعة سواء استعمل أو عطل كما إذا بور الأرض
والتمكن من منفعة أرض النيل بريها وانكشافها ومن منفعة أرض المطر باستغناء الزرع عن الماء،
هذا هو الظاهر في تقرير المصنف وليس مراده التمكن من التصرف كما في الشارح وعبق وخش
لأنه قد كان متمكنا منه حين العقد، قاله المسناوي اه‍ بن. قوله: (وإن لم يستعمل) أي بأن عطل
كما لو بور الأرض أو أغلق الدار. قوله: (ما لم يكن عدم استعماله خوفا على زرعه) أي أو كان عدم
استعماله لفتنة أو لخوف من لا تناله الاحكام. قوله: (فلا يلزمه الكراء) أي لعدم تمكنه من المنفعة.
قوله: (إن امتنع لذلك) أي إذا ثبت وجود القرينة الدالة على أن امتناعه لذلك كما لو ثبت أنه ظهر في
الأرض بعد انكشافها هو أو غيره مما هو دليل على كثرة الدود أو الفأر وامتنع من زرعها وادعى
أنه إنما بورها خوفا من ذلك. واعلم أنهما إذا تنازعا في التمكن وعدمه كان القول قول المكتري بيمين
أنه لم يتمكن، فإن أقر المكتري بالتمكن لكن ادعى أنه منعه مانع من التمكن فالقول للمكري
وعلى المكتري إثبات المانع لان الأصل عدمه. قوله: (وغاصب) أي غصب الزرع أو غصب
الأرض أو البهائم قبل زرعها وكان ممن تنالها لاحكام وإلا فلا يلزم المكتري كراء ويكون ذلك
مصيبة نزلت برب الأرض كما ذكره بن في باب الغصب. قوله: (بخلاف نحو الدود والعطش) أي
بخلاف الجائحة التي تنشأ من الأرض كالدود ونحو مثل الفأر والعطش فإن هذه تارة تسقط الكراء
وتارة تسقط بعضه كما سيأتي بيانه. واعلم أن محل لزوم الكراء مع فساد الزرع بالجائحة ما لم يحصل
بعد الجائحة ما يسقط الكراء وإلا فلا كراء كما لو حصلت الجائحة السماوية مثلا ثم حصل دود أو فأر
أو عطش بحيث لو كان الزرع باقيا لسقط الكراء قاله ابن رشد واللخمي. قوله: (بعد فوات وقت
الحرث) سواء حصل الغرق بعد حرثها أو قبله وقوله واستمر أي الغرق حتى فات إبان ما يزرع فيها
أي بحيث صارت لا يمكن الانتفاع بها إذا انكشفت وإنما لزمه الكراء في هذه الحالة لان ذلك
الغرق بمنزلة الجراد. قوله: (لو انكشفت قبل الا بان) أي لو غرقت قبله وانكشفت قبله لأنه متمكن
من التصرف فيها والانتفاع بها وكذا يقال فيما لو غرقت قبل الا بان وانكشفت فيه أو غرقت فيه
وانكشفت فيه فيلزمه الكراء فيهما بالأولى مما ذكره المصنف لتمكنه من الانتفاع فيهما فتحصل
أن الكراء يلزمه في هذه الصور الأربع صورة المصنف والثلاثة التي هي بالأولى منها. قوله: (أو لعدمه
بذرا) أي يبذره في الأرض. قوله: (لو عدم أهل المحل الخ) أي عدموه ملكا وتسلفا حتى من بلد
مجاورة لهم حيث عرف تسلفهم منهم، كذا يظهر ا ه‍ عبق. قوله: (بتضمين) أي لأنه
لا يعقل فساد الزرع المقتضى لوجوده عند انعدام البذر. قوله: (لان المراد به الفعل) أي وهو وضعه
في السجن وقوله فالمكان أي وهو غير مراد هنا لعدم صحة المعنى. قوله: (للعلة المتقدمة) أي وهي
تمكنه من إيجارها لغيره وهذا ظاهر إذا كان الناس يدخلون له في السجن فإن لم يتمكن أحد
من الدخول له فالظاهر سقوط الكراء لعدم تمكنه من المنفعة حينئذ. قوله: (ما لم يقصد الخ)
أي ويعلم قصده بقرينة أو بقوله. قوله: (أو انهدمت شرفات البيت): حاصل فقه
50

المسألة أن الهدم في الدار المكتراة إما يسير وهو ثلاثة أقسام: الأول: ما لا مضرة فيه ولا ينقص شيئا من
الكراء كالشرفات فهو كالعدم يلزمه السكنى من غير حط. الثاني: ما لا مضرة فيه لكن ينقص من الكراء
كقلع البلاط وسقوط البياض ويلزم السكنى ويحط بقدره. الثالث: ما هو مضر كالهطل فيخير
المكتري بين السكنى بجميع الكراء وبين الخروج وإما كثير وهو ثلاثة أقسام أيضا الأول أن يعيب
السكنى ولا يبطل شيئا من منافع الدار كذهاب تحصينها فيخير المكتري كما تقدم الثاني أن يبطل
بعض المنافع كانهدام بيت من ذات بيوت فيسكن ويحط عنه بقدره الثالث أن يبطل منافع أكثر
الدار فيخير كما تقدم وقد استوفى المصنف هذه الأقسام الستة. قوله: (جمع شرفة بضم فسكون) أي
كغرفة وفي الألفية:
والساكن العين الثلاثي اسما أنل * اتباع عين فاءه بما شكل
وسكن التالي غير الفتح أو * خففه بالفتح فكلا قد رووا
قوله: (فلو عمر بلا إذن الخ) أي فلو عمر المكتري الشرفات بغير إذن المالك الذي هو المكري كان متبرعا
بما أنفقه فلا شئ له قال ابن يونس وله أخذ نقضها إن كان ينتفع به. قوله: (أو سكن أجنبي بعضه) قال
ابن عاشر يعني بإذن المكتري ولو ضمنا بأن سكت أو غصبا وكانت تناله الاحكام وإلا فلا يلزم
المكتري جميع الكراء بل يحط عنه بقدر ما سكن الغاصب ولا منافاة بين قوله سابقا وبغصب الدار
وغصب منفعتها من أنه لا يلزمه البقاء وله الخيار بين البقاء والفسخ، وبين ما هنا من أنه ليس له الفسخ
ويلزمه البقاء لأنه فيما تقدم غصب جميع الدار وهنا غصب بعضها فقط. قوله: (ولا خيار له) أي في
الفسخ والابقاء. وقوله ومحله أي محل اللزوم وعدم الخيار ما لم يحصل بذلك ضرر الخ قد يقال يحتمل
جعل الواو في قوله وإن قل للحال ويكون معنى القليل ما لا ضرر فيه على المكتري وحينئذ فلا يكون
هذا قيدا زائدا. قوله: (أو لم يأت بسلم للأعلى) أي بخلاف البيع فلا يلزم البائع السلم قال في المنتخب عن
ابن القاسم لو أبى صاحب المنزل فلم يجعل للعلو سلما ولم ينتفع به المكتري حتى انقضت السنة فإنه ينظر
لما يصيب ذلك العلو من الكراء ويطرح عن المكتري لأنه باع منه جميع منافع الدار فعليه أن يسلمها
وتسليمه للعلو هو بأن يجعل له سلما يرقى عليه إليه بخلاف ما لو باع له الدار وفيها علو لا يرقى إليه إلا بسلم
فلا يكون عليه أن يجعل له سلما يرتقي عليه، كما لا يلزمه أن يجعل له دارا وحبلا يصل بهما لماء البئر لان
ما باعه إليه قد أسلمه إليه فهو إن شاء سكنه وإن شاء هدمه وإن شاء باعه، ولا يمنعه من التصرف فيه بما
شاء كونه بلا سلم ا ه‍ بن. قوله: (في الا بان) المراد بالإبان وقت الحرث الغالب في تلك البلدة لا نفس
الأرض بانفرادها وقوله أو بعده أي بعد فوات الا بان. قوله: (أو غرق في الا بان) أي لا بعده وإلا
فعليه جميع الكراء كما تقدم والفرق بين الغرق والعطش أنه في العطش لم يتمكن من الانتفاع بالأرض
إذ على المكري سقي أرضه بخلاف الغرق فإنه قد تمكن من حصول الانتفاع بها والغرق بعده مصيبة
نزلت به. قوله: (فبحصته) أي فيحط عنه من الكراء بحصة ذلك وقوله قيمة الخ أي بحسب القيمة لا
بحسب المساحة. قوله: (وإلا لزمه الكراء) أي ما سمي من الأجرة بتمامه. قوله: (ولو مع نقص منافع) أي
هذا إذا كان ذلك المضر غير مصاحب لنقص شئ من المنافع كالهطل وما بعده بل ولو كان مصاحبا
لنقص شئ من المنافع كهدم بيت من بيوت الدار خلافا لعبق حيث ذكر أن المضر المصاحب
لاسقاط المنافع لا يوجب الخيار ويحط بقدره. قوله: (قل أو كثر) أي سواء كان ذلك المضر قليلا أو
كثيرا. قوله: (باذهنج) أي وهو ملقف الهواء. قوله: (وهدم ساتر) أي وهدم ساتر الدار المحصن لها.
قوله: (أو بيت منها) أي أو هدم بيت منها والحال أن فيه ضررا كثيرا على الساكن وما مر من أن هدم البيت
51

من الدار لا يوجب الخيار بل يوجب السكنى ويحط بقدره فمقيد كما قال الشارح بما إذا كان ليس فيه
ضرر كثير على المكتري. قوله: (فإن بقي) أي فإن اختار البقاء ولم يفسخ. قوله: (فالكراء جميعه)
أي وليس له البقاء مع اسقاط حصة المضر من الكراء. قوله: (فعطشت) أي حتى تلف الزرع.
قوله: (لأنه ليس بإجارة حقيقية) أي بخلاف الأرض الخراجية كأرض مصر فإنها أجرة حقيقية لأنها
أرض عنوة آجرها السلطان فإذا عطشت سقطت الأجرة. قوله: (وهل يلزمهم مطلقا) أي وهل
يلزم الخراج أهل الصلح مطلقا. قوله: (عينوه للأرض الخ) أي كما لو جعلوا للسلطان كل سنة
ألف دينار صلحا على أرضهم أو على أرضهم ورؤوسهم سواء ميزوا ما على كل منهما أم لا وقوله أو مجملا
أي أو صالحوه على شئ مجملا أي صلحا مجملا بأن جعلوا له كل سنة ألف دينار صلحا وأجملوا فلم يذكروا
أرضا ولا رؤوسا. قوله: (أو محل اللزوم إلا أن يصالحوا على الأرض) أي أو محل اللزوم في كل حالة إلا
أن يصالحوا على الأرض وحدها أو مع الرؤوس وميز ما لكل وذلك إذا صالحوا بشئ على الأرض
والرؤوس من غير تمييز ما لكل أو صالحوا بشئ وأجملوا فيه فلم يذكروا أرضا ولا رؤوسا أو كان صلحهم
على الرؤوس فقط، وأما لو صالحوا على الأرض فقط أو عليها وعلى الرؤوس ما لكل فلا يلزمهم كراء
الأرض إذا عطشت وتلف زرعها. قوله: (على الجماجم) أي الرؤوس. قوله: (تأويلان) هما في
صورتين: ما إذا صالحوا على الأرض فقط أو عليها وعلى الرؤوس وميز ما على كل منهما فعلى التأويل
الأول يلزمهم الكراء إذا عطشت الأرض وتلف زرعها وعلى الثاني لا يلزمهم، وأما لو وقع الصلح
على الرؤوس فقط أو على الأرض والرؤوس بشئ ولم يميز ما لكل أو صالحوا بشئ صلحا مجملا ولم
يذكروا أرضا ولا رؤوسا فلا تسقط الأجرة اتفاقا فيهما، هذا هو الصواب كما قال شيخنا خلافا لعبق
حيث جعل من محل الخلاف ما إذا كان الصلح عليهم ولم يميزوا ما على كل كما لو ميزوا فجعل الخلاف
في صور ثلاث. قوله: (رجح تأويل الاطلاق) أي وهو لزومهم ما صالحوا به مطلقا في الأحوال
الخمسة إذا عطشت أرضهم وتلف الزرع أو لم ترو سواء صالحوا على الأرض أو على الرؤوس أو عليها
وميزوا ما على كل أو لم يميزوا أو صالحوا بشئ مجملا. قوله: (ولا تباع ولا توهب) نعم يجوز فيها
اسقاط الحق فمن استحق طينا من الفلاحة بأن كان أثرا له فله اسقاط حقه فيه لغيره مجانا وفي مقابلة الشئ
وأفتى بعض المتأخرين كالشيخ عبد الباقي الزرقاني والشيخ إبراهيم الشبرخيتي والشيخ يحيى الشاوي
وغيرهم بالتوارث فيها نظرا إلى أن للفلاح فيها حقا يشبه الخلو حصل له ذلك من خدمته في الأرض
بالحرث والتصليح الموجب لعدم تخريسها المقتضى لعدم زرعها، وبالجملة وإن كان أصل المذهب
يقتضي عدم الإرث لكن الذي ينبغي في هذه الأزمنة اتباع المشايخ الذين أفتوا بالإرث لما عرفت
ولأنه أرفع للنزاع والفتن بين الفلاحين. قوله: (ولكن يجب عليه مراعاة المصلحة) أي في أهل
ذلك الميت وقوله فلا ينزع الخ أي لأنه لا مصلحة في ذلك في لأهل الميت. قوله: (أن يعطي
لورثته الذكور) أي أو للذكور والإناث معا. قوله: (لان محله) أي محل ما جنى من
الخراج. قوله: (والسلطان ناظر) أي عليه ليصرفه في مصالح المسلمين. قوله: (وله) أي
للسلطان الآخذ منه أي للنفقة على نفسه وعياله. قوله: (إذ ليسوا بنواب للسلطان) أي في صرفه.
52

قوله: (مضروب على أيديهم) أي ملزمون بجباية الخراج من الزراع. قوله: (فهو حلال للملتزم) أي
إذا كان ذلك الملتزم استولى على البلد بوجه شرعي بأن كان استيلاؤه بتقسيط ديواني من السلطان
أو نائبه، وأما من استولى عليها بالقهر والغلبة من غير تقسيط بل بمجرد إرساله لأهل البلد صرتم تعلقنا
فإن ما يأخذه من البلد فائضا سحت محض كذا قرر الشارح. قوله: (فأفتوهم) أي فأفتوا الملتزمين. قوله: (بما لم
ينزل الله به من سلطان) أي بشئ لم ينزل الله به سلطانا أي حجة ودليلا أي فأفتوهم بشئ لا دليل
عليه وهو أن الملتزم قد استأجر البلد من نائب السلطان فله ان يؤاجرها للفلاحين بما شاء (قوله فضلوا)
أي فتاهوا عن الحق وأضلوا الملتزمين الذين أفتوهم (قوله في نظير وضع اليد) أي على البلد لأجل
جباية الخراج منها لا انه أجرة استأجر بها البلد. قوله: (إذ الإجارة تمليك منافع معلومة الخ) أي
وهنا ليس كذلك. قوله: (وقد أفتاهم) أي الملتزمون. قوله: (عكس تلف الزرع بآفة الخ) أي فيسقط
الكراء فكما يجب الكراء فيما مر يسقط هنا. قوله: (من وجوب الكراء) بيان للحكم المتقدم وقوله
وعكسه الأولى حذفه وقوله أي نقيضه تفسير لعكس الحكم وقوله أي عكس الحكم مبتدأ وقوله
عدم وجوبه أي الكراء خبره. وقوله بآفة متعلق بمحذوف أي إذا تلف الزرع بالآفة من أرضه. قوله: (لكثرة
دودها) أو بما ينشع منها من الماء ونحو حامول وقضاب وهالوك وعاقول والمراد تلف الزرع
بوجود ما ذكر في المدة المستأجرة وإن لم تكن الأرض معتادة بذلك هذا هو الظاهر كما في عبق وكما
يسقط الكراء بتلف الزرع بآفة من أرضه يسقط أيضا بمنع الزرع وتبوير الأرض لفتنة كما مر. قوله: (أو
عطش) أي لجميع الأرض حتى تلف الزرع بتمامه أو بقي منه القليل بلا تلف فلا يلزمه كراء أصلا
وإلا لما بقي بلا تلف. قوله: (وظاهره ولو انفرد بجهة) أي ظاهره عدم وجوب الكراء لما بقي من الزرع بلا
تلف ولو انفرد ذلك الباقي بجهة. قوله: (وقيل محله) أي محل عدم وجوب الكراء لما بقي من الزرع بلا
تلف إن كان الخ وهذا القول نقله ابن عرفة وأبو الحسن عن اللخمي. قوله: (جملة الفدادين) أي المكتراة
53

لان ذلك كالهالك. قوله: (ولم يجبر آجر الخ) أخذ بعض الأشياخ من مسألة المصنف هذه أنه لا يجبر من
له خربة بجوار شخص يحصل له منها ضرر كسارق ونحوه على عمارتها ولا على بيعها ويقال له اعمل
ما يندفع عنك به الضرر ولا ضمان على ربها إن صعد منها سارق لبيت جارها، وبه أفتى الشيخ سالم
السنهوري والشيخ أحمد بن عبد الحق السنباطي الشافعي، وأفتى بعضهم بلزوم رب الخربة بفعل
ما يندفع به ضرر جاره من عمارتها أو بيعها وهذا هو الذي ارتضاه شيخنا العدوي دفعا للضرر. قوله: (يضر
بالساكن) أي بقاؤه بلا إصلاح. قوله: (حدث) أي موجب الاصلاح وهو الهدم. قوله: (وهو
مذهب ابن القاسم) أي وأما غيره وهو ابن حبيب فيقول يجبر الآجر على الاصلاح قال ابن عبد السلام
وبه العمل والخلاف ليس عاما في جميع الصور كما اقتضاه كلام الشارح بل خاص بالمضر اليسير كالهطل،
وأما إن كان كثيرا فلا يلزمه الاصلاح إجماعا كما لابن رشد ا ه‍ بن. قوله: (ويخير الساكن) هذا فيما
إذا كان الهدم مضرا وأما إذا كان منقصا للكراء فقط وأبى المالك من الاصلاح فلا خيار
للمكتري ويحط عنه من الكراء بحسابه على ما مر من التفصيل خلافا لما يقتضيه كلام المواق وتبعه
الشارح من تخيير الساكن مطلقا فإنه مناف للتفصيل المتقدم انظر بن. قوله: (فلو أنفق المكتري
شيئا من عنده) أي بغير إذن المكري على إصلاح المنهدم حمل على التبرع هذا إذا كان ذلك العقار ملكا
وأما من استأجر وقفا يحتاج لاصلاحه فأصلحه المكتري بغير إذن ناظره فإنه يعطي قيمة بنائه
قائما لقيامه عنه بما لا بدله منه لوجوب إصلاح الوقف على الناظر لحق الله تعالى لا لأجل المستأجر.
قوله: (حمل على التبرع) أي فلا يأخذ ما أنفقه لا يقال من بني ما انهدم فقد قام عن ربه بواجب إذ لا
بد له من الغرم فيه لأنا نقول لا نسلم أنه لا بد له من الغرم فيه لأنه قد يختار هدم ذلك المحل ليبيعه عرصة
وما أشبه ذلك. قوله: (فيأخذه) أي المكري بقيمته قائما أي إن شاء وإن شاء أمره بقلعه وهذا على
قول ابن حبيب المتقدم وأما على قول ابن القاسم فيأخذه بقيمته منقوضا مطلقا سواء كان الاصلاح
بغير إذن المالك أو كان بإذنه كما في عبق. قوله: (بخلاف الخ) هذا مخرج من قوله ولم يجبر آجر الخ. قوله: (متعلق
بأصلح) أي وأما قوله بقية المدة فهو متعلق بمحذوف كما أشار له الشارح لا بأصلح لاغناء الظرف
أعني قوله قبل خروجه عنه حينئذ. قوله: (فأراد كل مقدمه) أي وصلحت صنعة كل منهما
لمقدمه عرفا سواء اتفقت صنعتهما أو اختلفت. قوله: (قسم) أي ذلك المقدم وقوله إن أمكن
القسم أي قسم المقدم لاتساعه وقبوله للقسم. قوله: (وإلا أكرى عليهما) أي ما لم يصطلحا على
الجلوس على التعاقب مثلا. قوله: (للضرورة) أي لإزالة الضرر الحاصل بالمنازعة. قوله: (ولو اتفقا على
المقدم) أي على جلوسهما معا في المقدم لاتساعه وقوله واختلفا في الجهة أي التي يجلس كل
منهما فيها. قوله: (لخفة الامر فيه) أي لان اختلافهما في الجهة ليس كاختلافهما في المقدم والمؤخر.
قوله: (كذلك) أي كمسألة المصنف من القسم إن أمكن وإلا أكرى عليهما ولا كلام لرب
البيت ولا الحانوت كما هو ظاهر المصنف. قوله: (وإن غارت عين الخ) حاصله أنه إذا اكترى
أرضا سنين فغارت عينها أو انهارت بئرها وأبى ربها من الاصلاح فسخت الإجارة وليس للمكتري
أن يتفق من الأجرة إلا أن يكون قد زرع قبل غور العين وكانت أجرة سنه تكفي فله الانفاق حينئذ
ويحسب له ذلك من الكراء قهرا عن المكري، فإن كان لم يزرع أو زرع وكان لا تكفي أجرة السنة
في العمارة فليس له الانفاق، فإن أنفق كان متبرعيا بجميع ما أنفقه في الأولى وبما زاد على
54

أجرة السنة في الثانية. قوله: (حمل ما أنفقه المكتري على التبرع) أي سواء كان حصة سنة أو أقل أو أكثر.
قوله: (حصة سنة فقط) أي ولو علمت أن الزرع لا يتم عليه بقية السنة خلافا لمن يقول ينفق أجرة السنين
كلها حيث اكترى سنين لأنها عقدة واحدة وظاهره أي سنة ولو اختلف الكراء وكلام ابن عرفة يفيد
أنه ينفق حصة السنة التي حصل فيها الغور وما زاد عليها فهو متطوع به. واعلم أن المساقاة يجري فيه
ما جرى للمصنف هنا، فإذا ساقى الحائط سنين وعارت عينها وأبى ربها من إصلاحها فللعامل أن ينفق
قدر قيمة ثمره سنة لا أزيد كما في وثائق الجزيري. قوله: (لأنك قمت عنه بواجب) في هذا التعليل نظر إذ
لا يلزم المكري الاصلاح للمكتري كما مر والذي علل به ابن يونس كما في بن أن المكتري متى ترك
ذلك فسد زرعه ولم يكن لرب الأرض كراء وحينئذ فلا يمتنع من أمر ينتفع به هو وغيره لا ضرر عليهما
فيه. قوله: (فإن أبى) أي المكتري وقوله أيضا أي كما أبى المكري. قوله: (من العطش) أي وقد علمت أن
أرض السقي لا يلزم المكتري أجرتها إلا إذا استغنى الزرع عن السقي. قوله: (رشيدة) أي وإلا كان
الكراء لازما للزوج ولا يجوز لوليها التبرع به. قوله: (ونقدت جملة) أي وأما لو كانت ساكنة في بيت
مشاهرة ولم تنقذ شيئا فإن الكراء يلزمه سواء بينت أن الكراء عليه أم لا كما نص عليه التونسي وابن
يونس واللخمي اه‍ شب. قوله: (إلا أن تبين) أي إلا أن يحصل منها بيان في أي وقت ولو بعد العقد أن
الكراء عليه. قوله: (وبيت أمها أو أبيها كبيتها) أي فلا يلزمه كراؤه إلا إذا حصل بيان فيلزمه من وقت
البيان لا ما قبله والمراد ببيت أبيها وأمها ما يملكان ذاته أو منفعته وجيبة أو مشاهرة ونقدا جملة وكذا
يقال فيما بعد، وأما سكنى الزوج بالزوجة في بيت أخيها أو عمها، فقال اللخمي أرى ان طالت المدة فلا شئ
لهما عليه، وإن قصرت حلفا أنهما لم يسكناه إلا بأجرة وأخذاها منه وسكناه بها في بيت أبويه كسكناه
بها في بيت أبوي الزوجة، وأما سكناه بها في بيت أخيه أو عمه فينبغي أن يكون لهما عليه الأجرة إذا قالا
إنما أسكناه بالأجرة طالت المدة أو قصرت، بخلاف ما سبق في أخيها وعمها لان العادة ضمها لهما عند
الخوف عليها حفظا لعرضها، ولم تجر العادة بضمها لأخيه وعمه عند الخوف عليها. تنبيه: اشتراط
الزوج حين العقد سكناه ببيتها بلا كراء لا يوجب فساد العقد كما هو ظاهر إطلاقهم هنا قاله عبق.
قوله: (أو رسالة الخ) أشار إلى أنه لا مفهومه لكتابا بل مثله أنه وصل خبرا أو حمولة. وحاصله أن من استأجر
شخصا على إيصال كتاب أو خبر أو حمل لشخص ببلد أخرى فبعد مدة ادعى الأجير أنه وصل ذلك
ونازعه المستأجر فالقول قول الأجير بيمينه أنه وصله إذا ادعى وصوله في أمد يبلغ في مثله عادة وحينئذ
يستحق الأجرة ولو كذبه المرسل إليه. قوله: (في أمد) أي حيث ادعى وصوله في أمد يبلغ في مثله عادة وهذا
معنى رجوع الشبه لهذا فإن لم يشبه فلا أجرة له ولا يتأتى هنا شبههما ولا عدم شبه واحد. قوله: (وضمن)
أي الوكيل والرسول المذكور وكيل. قوله: (أنه استصنع) أي فيه. قوله: (وقال ربه وديعة عندك) سيأتي
أن محل قبول قول الصانع في دعواه أنه استصنع إن أشبه ومعنى الشبه هنا أن لا تقوم قرينة على نفي
55

الاستصناع كما إذا كان المدفوع للصانع شاشا أبيض وربه مسلم غير تاجر والصانع يصبغ الأزرق فإن
القول قول ربه في دعوى الوديعة لان القرينة هنا تكذب الصانع في دعواه. قوله: (عطف على المعنى)
أي لا على قوله استصنع لأنه يصير التقدير والقول للأجير أنه استصنع والقول للأجير أنه خولف في
الصفة فيقتضي أن الصانع يدعي المخالفة في الصفة وليس كذلك بل إنما يدعي أنك أمرتني أن أصنعه
على صفة كذا تأمل. قوله: (فالقول للصانع) أي بيمين كما في ابن عرفة عن ابن يونس خلافا لعبق.
قوله: (إن أشبه) أي بالنسبة لمالكه في استعماله كصبغه شاشا أخضر لشريف وأزرق لنصراني فلا تقبل دعوى
شريف أنه أمره بصبغه أزرق ليهديه لنصراني والصانع يدعي أنه أمره بصبغه أخضر ولا دعوى
نصراني أنه أمره بصبغه أخضر ليهديه لشريف، وقال الصانع بل أمرتني بصبغه أزرق وظاهره ولو
لقرينة. قال شيخنا العدوي ما لم تكن القرينة قوية وإلا كان القول قول المالك. قوله: (إن أشبه الأجير
في الفروع الأربعة) فإن لم يشبه في الفروع الأول فلا أجرة له ولا يتأتى فيه شبههما ولا عدم شبه واحد
وكذا لا يتأتيان في الفرع الثاني ولا في الثالث وإن لم يشبه الأجير في الفرع الثاني نظر لما زادته صنعته
في المصنوع عن قيمته بدونها فيرجع الأجير به أو يدفع قيمته بدون الصنعة ويأخذه وإن لم يشبه
في الفرع الثالث حلف ربه ويثبت له الحياز على ما قاله الشارح، وإن لمي شبه في الفرع الرابع فقد أشار
له الشارح بقوله فإن انفرد ربه بالشبه الخ. قوله: (كأن نكلا) أي ويقضي للحالف على الناكل. قوله: (ولم
يخرجها من يده) أي فالقول قوله في قدر الثمن عند اختلافهما فيه. قوله: (وهو) أي اشتراط الحيازة
في الأجير. قوله: (إذا لم ينفرد الصانع بالشبه) أي بأن أشبها معا. قوله: (فالقول له) أي في قدر الأجرة ولو
كان غير حائز له. قوله: (ولزم كراء المثل) أي ولا ينظر لحوز. والحاصل أنهما إذا أشبها معا فالقول
للحائز منهما وإن لم يشبه واحد منهما فأجرة المثل ولا ينظر لحوز وإن أشبه أحدهما فقط فالقول قوله
وإن لم يجز ا ه‍ بن. قوله: (لا كبناء) بكسر الباء الموحدة وفتح النون مخففة ويجوز فتح موحدته وتشديد
نونه. قوله: (لعدم الحوز) أي لان الحائز له ربه فإذا قال الصانع استأجرتني بأربعة مثلا وقال
ربه بثلاثة فالقول قول ربه بيمينه إن أشبه أشبه الصانع أيضا أم لا وإلا فالقول للصانع إن
أشبه وإن لم يشبها فكراء المثل. قوله: (ولا في رده) حاصله أنه إذا ادعى الصانع رد المصنوع
لربه وأنكر ربه أخذه كان القول قول ربه سواء كان الصانع قبضه ببينة أو بغيرها وهذا
إذا كان المصنوع مما يغاب عليه، والفرق بين قوله هنا وإن بلا بينة وبين المودع إذا قبض الوديعة
بلا بينة وادعى ردها لربها أنه يصدق أن المودع قبض على غير وجه الضمان والصانع قبض
ما فيه صنعته ويغاب عليه على وجه الضمان. قوله: (وإلا أخذه) أي وإلا تزد دعوى الصانع على قيمة
الصبغ بل تساويا أو نقصت دعوى الصانع عن قيمة الصبغ. قوله: (بأن امتنع من دفعها) أي كما لو
56

امتنع ربه من دفع قيمة الصبغ. قوله: (وبدأ الصانع) أي لأنه بائع للمنافع فيحلف أنه استصنعه
ويحلف ربه أنه ما استصنعه وإن لم يقل سرق مني وذلك لان غرم الصانع قيمته أبيض إنما يترتب
على حلفه أنه ما استصنعه وإن لم يذكر معه أنه سرق مني فاندفع ما يقال القاعدة أن اليمين على طبق
الدعوى فمقتضاه أنه لا بد من زيادته في اليمين وأنه سرق مني فتأمل. قوله: (وقيل يبدأ ربه) هذا القول
نقله ابن عرفة عن الصقلي عن الشيخ ونحوه في التوضيح و ح. قوله: (وقضى للحالف على الناكل) أي
فإذا حلف رب الثوب فقط قضى له بقيمته أبيض إن شاء وإن شاء أخذه ودفع قيمة الصبغ ولو
نقص الثوب لان خيرته تنفي ضرره وإن حلف الصانع فقط قضى له بما ادعاه من أجرة الصبغ.
قوله: (بل سرق مني أو غصب) أي وأما لو قال ربه أنه وديعة فالقول للصانع كما قدمه المصنف بقوله أو أنه
استصنع وقال وديعة كذا قال عبق والراجح كما في بن التعميم أي سواء ادعى ربه الوديعة أو السرقة
ولا يقال دعواه الوديعة يخالف ما مر من أن القول قول الصانع لحمل ما تقدم على المقوم وما هنا على
المثلى. قوله: (ادفع له قيمة ما قيل) الأولى مثل ما قال لان السمن مثلي وقد تقدم أن المثليات يقضى فيها
بالمثل لا بالقيمة. قوله: (لوجود المثل في ذلك) علة لقوله فلا يحلفان ولا يشتركان. قوله: (بخلاف الثوب)
أي فإنه إذا طلب ربها قيمتها بيضاء وأبى الصانع فإنهما يحلفان ويشتركان. قوله: (عند ابن القاسم)
أي فحاصله مذهبه أن ربه إذا امتنع من دفع ما قاله الصانع من السمن خير الصانع إما أن يرد مثل
السويق لربه وإما أن يدفع له السويق ملتوتا مجانا. قوله: (وقال غيره) أي وهو أشهب. قوله: (لئلا
يؤدي إلى بيع طعام بطعام) أي متفاضلا ولان من حجة ربه أن يقول لا أرضى به ملتوتا لأنه صار
لا يبقى بل يسرع إليه التغير والخلاف بينهما مبني على خلاف آخر وهو أن لت السويق بالسمن ونحوه
ناقل له عن أصله وهو ملحظ ابن القاسم أو غير ناقل له وهو ملحظ أشهب. قوله: (فبينهما وفاق الخ)
الحاصل أن بعضهم جعل بين كلام ابن القاسم وكلام غيره خلافا نظرا لما مر من أن لت السويق
بالسمن ناقل له أو لا وبعضهم جعل بينهما وفاقا. قال ح والظاهر أن المصنف حمل كلام ابن القاسم على الخلاف وترك قول
ابن القاسم لترجيح قول غيره عنده. قوله: (أي للأجير) أي الذي
استأجرته لخدمة أو خياطة مثلا. قوله: (في عدم قبض الأجرة) أي إن ادعى عليه المكتري أنه قبضها.
قوله: (إلا لعرف بتعجيلها) أي وإلا كان القول قول المكتري في قبضها. قوله: (ودعواه) أي دعوى
الأجير والجمال بعدم قبضها وقوله ودعوى المكتري أي بقبضها. قوله: (إلا لطول) أي إلا إذا كان
تنازعهما بعد طول بعد تسليم الخ. قوله: (فالقول لمكتريه) أي وهو صاحب الأمتعة في أنه دفع له
الأجرة ولو ادعى أنه دفع له ذلك بعد تسليم الأمتعة. واعلم أن محل قبول قول المكتري بعد الطول
وبعد تسليم الأمتعة ما لم يقم الجمال بينة على اقرار المكتري بعد تسليم الأمتعة بأن الأجرة في ذمته وإلا
فلا يقبل قول المكتري في دفعها. قوله: (لا قبل تسليمها) أي لا إن كان تنازعهما قبل الخ. والحاصل أن
الجمال إذا سلم الأمتعة، فإن تنازعا بعد طول فالقول قول المكتري سواء ادعى أنه دفع له
الأجرة قبل تسليم الأمتعة أو بعده، وإن تنازعا قبل الطول كان القول قول الجمال كما أنه إذا لم يسلم
الأمتعة لربها فإن القول قوله مطلقا ولو طال. قوله: (ما زاد على اليومين) أي كالثلاثة فأكثر.
57

قوله: (فالمراد بها مدينة القيروان) أي لا الإقليم التي هي مدينته. قوله: (حلف) أي حلف كل منهما على
ما يدعيه وقوله لأنه بائع أي لمنفعة جماله. قوله: (إن عدم السير أو قل) فيه أن المناسب لمرامه من
الاختصار أن يحذف قوله عدم وأو ويقول أن قل السير لاستفادة حكم ما إذا عدم السير من قوله
أو قل بالأولى، إلا أن يقال لو اقتصر على قوله إن قل لربما يتوهم أنه في حالة عدم السير يفسخ العقد
بدون يمين. قوله: (مبالغة الخ) رد المصنف بها على غير قول ابن القاسم أنه يعمل بقول الجمال إذا أشبه
وانتقد اه‍ شب. قوله: (وإلا فكفوت المبيع) حاصل الفقه أنهما إذا تنازعا في المسافة فقط بعد
سير كثير فالقول قول المكتري إذا انفرد بالشبه وحلف نقد أم لا، وإن انفرد المكري بالشبه
كان القول قوله انتقد أم لا، وإن أشبها معا فإن حصل انتقاد كان القول قول المكري وإن لم يحصل
نقد كان القول قول المكتري إن حلف، وإن لم يشبها حلفا وفسخ وقضى بكراء المثل فيما مشى.
قوله: (ولزم الجمال ما قال) أي من السير الإفريقية. قوله: (على ما ادعاه) أي وهو أن المسافة التي وقع العقد عليها
بمائة برقة. قوله: (لما يأتي قريبا) أي من التفصيل بين حصول الانتقاد وعدمه إذا أشبها. قوله: (غير تام)
وذلك لان قبول قول المكتري مشروط بحلفه وانفراده بالشبه وأما المشتري عند فوات المبيع فقبول
قوله مشروط بحلفه وشبهه سواء أشبه البائع أيضا أم لا. قوله: (وليس المكتري كذلك) أي لأنه
لا يكون القول قوله إلا إذا انفرد بالشبه وأما إذا أشبها ففيه التفصيل الآتي. قوله: (وللمكري) أي
والقول للمكري عند تنازعهما في المسافة فقط دون الأجرة فهما متفقان عليها وكان الأولى حذف
قوله في المسافة فقط لأنه موضوع المسألة. قوله: (ولزم الجمال الخ) الجمال مفعول لزم مقدما وما قال
فاعل مؤخر. قوله: (إلا أن يحلف الجمال أيضا على ما ادعى) أي من أن غاية المسافة برقة فلا يلزم
تبليغه لإفريقية وإذا لم يلزمه فله الخ. قوله: (وفسخ الباقي بعد برقة) أي أو بعد السير الكثير، وظاهر قول
المصنف وفسخ الباقي أنه بعد السير يفسخ قبل بلوغ الغاية الأولى وفيه نظر والصواب أنه
بعد السير الكثير يوصله لبرقة نظير ما يأتي للشارح في المدينة ومكة إذ لا فرق بين المسألتين انظر بن.
قوله: (بعد السير الكثير) أي من اختلافهما في قدر المسافة فقط بعد السير الكثير الخ. قوله: (وبلغاها)
أي والحال أنهما بلغاها أي قبل مكة كمصري سافر من ناحية بدر وأشار المصنف بقوله بلغاها أو
سارا كثيرا إلى أن محل التفصيل الآتي إذا وقع التنازع بعد سير كثير أو بعد بلوغ المدينة، وأما إذا تنازعا
قبل الركوب أو بعد سير يسير فلم يذكره المصنف اعتمادا على ما مر في المسألة السابقة من التحالف
والتفاسخ. قوله: (فالقول للجمال) أي في أن المسافة التي وقع العقد عليها إلى المدينة. قوله: (أي مع شبه
المكتري) أي القول للجمال إذا حصل شبه منهما معا. قوله: (بالنقد) أي بسبب انتقاده من
58

المكتري. قوله: (والشبه) أي ودعواه الشبه في المسافة التي بلغاها. قوله: (لاسقاط زائد المسافة) أي
لاسقاط المسافة الزائدة على المدينة لمكة. قوله: (ويحلف المكتري لاسقاط الخمسين عنه) أي ويلزمه
خمسون فقط ويبلغه الجمال للمدينة إذا كان نزاعهما بعد سير كثير قبل الوصول للمدينة. والحاصل
أنهما إذا أشبها وحلفا وانتقد المكتري الأقل كان القول قول الجمال بالنظر للمسافة وقول المكتري
بالنظر للأجرة. قوله: (ولا يتوقف الفسخ على حلف المكتري) أي وإنما يتوقف على حلف المال
لان الفسخ لأجل اسقاط زائد المسافة وهذا مرتب على حلف الجمال. قوله: (لأنه حلفه لاسقاط
الخمسين عنه) أي على دعوى الجمال فإن حلف سقطت عنه خمسون وإن لم يحلف غرم المائة بتمامها.
قوله: (فللجمال) أي فالقول قول الجمال في أن العقد وقع على المسافة القريبة وهي إلى المدينة. قوله: (وللمكتري
في حصتها) هذا محل المخالفة بين النقض وعدمه ويتفقان فيما قبله. قوله: (مما ذكر من الكراء وهو كونه
بخمسين) أي ويفض ذلك الكراء بقول أهل المعرفة. قوله: (ولا يقبل قوله أنه لمكة) أي لأن عدم
بلوغ المسافة المتنازع فيها يرجح قول المكري. قوله: (وإن أشبه قول المكري فقط) أي من أن
الأجرة مائة للمدينة. قوله: (وإن أقاما بينة على ما ادعاه) أي سواء كان في المسألة الأولى أو الثانية
أو الثالثة أو في غيرها من مسائل الباب فهذا راجع لجميع مسائل الباب كلها. قوله: (وإلا سقطتا) أي
وإلا تكن إحداهما أعدل بل تكافأتا في العدالة سقطتا. قوله: (ويقضى بذات التاريخ) أي فتقدم
المؤرخة على غير المؤرخة وتقدم المتقدمة تاريخا على متأخرته. قوله: (ويبدأ صاحب الأرض أو
الدار) أي لأنه دافع لمنفعة أرضه أو داره. قوله: (كحلفهما) أي فكما يفسخ العقد إذا حلفا يفسخ إذا نكلا
ولا يراعى هنا نقض ولا عدمه بل حيث كان التنازع قبل الزرع والسكنى فسخ العقد سواء حصل
نقد أو لا سواء أشبها أو لم يشبها أو أشبه المكتري أو المكري فهذه ثمانية أحوال سواء حلفا أو نكلا
فهذه ستة عشر، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضى للحالف على الناكل. قوله: (وإن زرع بعضا)
أي من الأرض وقوله أو سكنه أي بعضا من المدة وفي هذه الحالة ثمان صور لأنهما إما أن يشبها أو
لا يشبها أو يشبه المكري فقط أو المكتري فقط وفي كل إما أن يكون تنازعهما بعد الانتقاد أو قبله
فهذه ثمانية أشار المصنف لأربعة منها بقول وإن زرع بعضا ولم ينقد الخ. وحاصلها أن المكتري إذا
زرع بعض الأرض أو سكن البيت بعض المدة ولم ينقد كان القول قول المكتري فيما مضى وفسخ في
الباقي إن أشبه قوله وحلف سواء قول المكري أيضا أم لا، فهذه صورة. وإن انفرد المكري
بالشبه أو أشبه المكتري ولم يحلف فالقول قول المكري فيما مضى وفسخ في الباقي وإن لم يشبها حلفا
ووجب كراء المثل فيما مضى وفسخ في الباقي، فهذه أربع صور، وإن كان تنازعهما بعد الانتقاد
ففيه أربع صور لأنهما إما أن يشبها أو لا يشبها أو يشبه المكري أو المكتري، وقد أشار المصنف لحكمها
بقوله وإن نقد فتردد وحاصل ذلك التردد الواقع فيها قيل إن القول قول المكري إذا أشبه أشبه
المكتري أم لا وحينئذ فله من الكراء فيما مضى بحساب ما قال ويفسخ في الباقي مثل ما إذا لم يحصل نقد
وقيل إن القول قول المكري ولا فسخ ويلزم المكتري جميع الكراء وأما إذا انفرد المكتري
59

بالشبه أو لم يشبه واحد منهما فحكمه حكم ما لم ينقد باتفاق القولين. قوله: (فيما مضى) تنازع فيه جميع
العوامل السابقة وهي قوله فالقول لربها ولربها ما أقر به وقوله ووجب كراء المثل. قوله: (وفسخ
الباقي) أي لدعوى ربها في كراء بقية المدة أكثر من دعوى المكترى. قوله: (وإن نقد) أي وأشبها معا
أو أشبه المكري فقط. قوله: (أو لا يكون القول له الخ) الأولى أو يكون القول قوله فيما مضى ويفسخ
في الباقي مثل ما إذا لم ينقد وقد علمت أن محل الخلاف إذا نقد وأشبها أو أشبه المكري فقط، وأما إذا
نقد ولم يشبها أو أشبه المكتري فقط فحكم ذلك حكم ما تقدم إذا لم ينقد، هذا وقد ذكر بن ما نصه قد
أجمل المصنف في ذكر هذا التردد ويتبين بذكر كلام المدونة وشراحها وذلك أن ابن القاسم بعد أن
ذكر في المدونة الأوجه الأربعة المتقدمة قال وهذا إذا لم ينقد، قال أبو الحسن مفهومه لو نقد لكان
القول قول ربها ولا تفسخ في بقية السنين، وقيل معنى قوله هذا إذا لم ينقد أي هذا الذي سمعته من
كلام مالك ولم أسمع منه إذا انتقد والحكم عندي سواء فيهما ا ه‍. والذي قاله غير ابن القاسم فيها هو
أنه إذا انتقد وأتى رب الأرض بما يشبه أو أتيا معا بما يشبه لا ينفسخ الكراء فيكون في هذين
الوجهين مخالفا لما تقدم فيما إذا لم ينقد، فمن الشيوخ من حمل قول ابن القاسم وهذا إذا لم ينتقد على معنى
أنه يفسخ في الباقي وأما إذا انتقد فلا يفسخ يريد هذين الوجهين فيكون قول ابن القاسم موافقا
لقول الغير ومنهم من يرى أن مذهب ابن القاسم يفسخ مطلقا فيكون قول الغير خلافا وهذا تأويل
ابن يونس وبهذا تعلم أن المحل للتأويلين لا للتردد.
باب في الجعالة
قوله: (أي المتأهل لعقدها) قد تقدم أنه أحال عاقد الإجارة على البيع وتقدم في البيع ما نصه وشرط
عاقده تمييز إلا بسكر فتردد ولزومه تكليف الخ وكأن المصنف لم يحل عاقد الجعل على البيع بل على
الإجارة لان الجعل للإجارة أقرب وإشارة إلى أن الأصل في بيع المنافع الإجارة والجعل رخصة
اتفاقا لما فيه من الجهالة. قوله: (أي عوضا) بهذا التفسير يسقط ما قيل إنه جعل التزام الشئ شرطا
لنفسه وهو فاسد وحاصل الجواب أنه أراد بالجعل الأول العقد وبالثاني العوض. قوله: (وظاهره الخ)
أي لان المتبادر من قوله التزام أهل الإجارة جعلا أي دفع جعل وعوض فيكون كلامه مفيدا أن
دافع العوض وهو الجاعل يشترط فيه أن يكون متأهلا لعقد الإجارة، وأما المجعول له وهو العامل
فلا يشترط فيه ذلك مع أنه يشترط فيه ذلك أيضا وإذا كان يشترط فيهما فلم اقتصر على اشتراطه من
المجاعل فقط الدافع للعوض. قوله: (أجيب الخ) أي وأجيب أيضا بأن المراد بقوله التزام أهل الإجارة
جعلا أي دفعا وقبولا أي دفع جعل وقبوله، بقي شئ آخر وهو أن توقف العقد على الالتزام المذكور
يقتضي أنه من العقود اللازمة مع أنه ليس كذلك وأجيب بأن المراد بالالتزام الصدور أي صحة الجعل
بصدور جعل وعوض من أهل الإجارة والبحث للشيخ أحمد الزرقاني والجواب لعبق. قال شيخنا
والبحث ساقط من أصله أما أو لا فالشخص قد يلتزم ما لا يلزمه وأما ثانيا فشرط صحة الجعل التزام
العوض بشرط الشروع في العمل لا مطلقا والأول هو مراد المصنف تأمل. قوله: (علم) أي قدره وهذا
شامل للعين وغيرها وإنما نص على علم العوض دون غيره من بقية شروطه مثل كونه طاهرا منتفعا به
مقدورا على تسليمه لدفع توهم عدم اشتراط علمه وحصول الصحة بالعوض المجهول كما لا يشترط العلم
بالمجعول عليه بل تارة يكون مجهولا كالآبق فإنه لا بد في صحة الجعل على الاتيان به أن لا يعلم مكانه، فإن
60

علمه ربه فقط لزمه الأكثر مما سمي وجعل المثل وإن علمه العامل فقط كان له بقدر تعبه عند ابن القاسم،
وقيل لا شئ له وإن علماه معا فينبغي أن له جعل مثله نظرا لسبق الجاعل بالعداء وتارة يكون معلوما
كالمجاعلة على حفر بئر فإنه يشترط فيه الخبرة بالأرض وبمائها. قوله: (ولو بواسطة) أي ولو كان سماعه
بواسطة. قوله: (إن ثبت أنه قاله) أي إن ثبت أنه وقع منه ذلك. قوله: (بتمكين ربه منه) هذا تصوير لتمام
العمل وتمكين مصدر مضاف لمفعوله والضمير في منه عائد على المجاعل عليه كالعبد الآبق أي وتمام
العمل مصور بأن يمكن المجاعل رب الشئ المجاعل عليه منه فإن أبق قيل قبضه بعد مجئ العامل به
لبلد ربه لم يستحق العامل جعلا. قوله: (هذا تشبيه الخ) أي لا تمثيل خلافا لتت وبهرام. قوله: (كما يشعر
به التعبير بكراء) أي وقد علمت أن الإجارة والكراء شئ واحد وأن التفرقة بينهما مجرد اصطلاح.
قوله: (قال فيها الخ) نص كلامها من اكترى سفينة فغرقت في ثلثي الطريق وغرق ما فيها من طعام
وغيره فلا كراء لربها وأرى أن ذلك على البلاغ. قوله: (وسواء الخ) يعني أن كراء السفينة دائما إجارة
على البلاغ فهو لازم سواء صرح عند العقد عليها بالإجارة أو الجعالة إلا أنه إن صرح بالجعالة عند
العقد كانت تلك الكلمة مجازا لأنه لما كان إجارة موصوفة بكونها على البلاغ أشبهت الجعل من
حيث إنه لا يستحق فيه العوض إلا بالتمام ا ه‍ عدوي. قوله: (ومثل السفينة) أي في أنها إجارة على
البلاغ لا جعالة مشارطة الطبيب وما بعده من الفروع ولا يقال إن الإجارة على البلاغ مساوية للجعالة
في أن الأجرة فيها لا تستحق إلا بعد تمام العمل فلا وجه لجعل تلك الأمور من الإجارة لا من الجعالة
لأنا نقول أنه لا يلزم من استوائهما في هذا الوجه استواؤهما في غيره لان الإجارة على البلا، لازمة
بالعقد بخلاف الجعالة. قوله: (أو صنعة) أي والمشارطة على تعلم صنعة وقوله والحافر على استخراج
الماء بموات أي ومشارطة الحافر على استخراج الماء بموات. واعلم أن هذه المسألة إنما تكون من
الإجارة على البلاغ إن صرح عند العقد بالإجارة أو سكت ولم يصرح بشئ، أما إن صرح عنده بالجعالة
كانت جعالة ومفهوم قوله بموات أنه لو شارطه على استخراج الماء بملك كانت إجارة لا على البلاغ إن
صرح عند العقد بها أو سكت فيستحق من الأجرة بنسبة ما عمل إن ترك وإن صرح بالجعالة كانت
جعالة فاسدة. قوله: (أو يتمه الخ) وحينئذ فالمراد إلا أن يحصل الانتفاع بالعمل السابق بأن يستأجر أو
يجاعل على تمام العمل الأول أو يتمه بنفسه أو بعبيده. قوله: (فيستحق الأول من الاجر) أي على عمله
بنسبة ما يأخذه الثاني على عمله سواء كان عمل الثاني قدر عمل الأول أو أقل أو أكثر وهذا الذي قاله
المصنف قول مالك وقال ابن القاسم له قيمة عمله. قوله: (ولو كان هذا الاجر) أي الذي يأخذه الثاني.
قوله: (فجعل لغيره عشرة على إيصالها نصف الطريق) أي نصفها بحسب التعب لا مجرد المسافة
وقوله، فإذا كان الأول بلغها النصف الخ أي، وأما لو كان الأول بلغها ثلث الطريق وتركها واستؤجرا
الثاني على كمال المسافة بعشرة كان للأول خمسة، وهكذا فلو أوصلها الجاعل بنفسه أو بعبيده أو
أوصلها له غيره مجانا يقال ما قيمة ذلك أن لو استأجر ربه أو جاعل عليه ويعطي الأول بنسبته فلو
61

جاعل ربه نفس العامل الأول على التمام لاستحق الجعل المعقود عليه أو لا فقط. قوله: (علم أن أجرة
الطريق) أي يوم استؤجر الأول عشرون لا يقال الأول رضي بحملها جميع الطريق بخمسة فكان
يجب أن يعطي نصفها والمعاينة جائزة في الجعل كالبيع لأنا نقول لما كان عقد الجعل منحلا من جانب
العامل بعد العمل فلما ترك بعد حمله نصف المسافة صار تركه للاتمام إبطالا للعقد من أصله وصار
الثاني كاشفا لما يستحقه الأول، هذا ما ذكره الشراح الذي أحال الشارح عليه. قوله: (ولا يرجع لما بعدها)
أي وهو كراء السفن لان عقدها لازم فإذا لم يتم العمل في السفينة واستأجر رب المحمول سفينة
أخرى على التمام كان له من الكراء بحسب الكراء الأول نفسه لا بحسب كراء السفينة الثانية.
قوله: (فاستأجر ربه على ما بقي الخ) أي وأما لو باع ذلك الباقي في محل الغرق ولو بربح فلا يلزمه أجرة لا لما
غرق ولا لما باعه كما جزم به عج في حاشية الرسالة واختاره شيخنا العدوي. قوله: (فإن للأول الخ)
لا يقال هذا معارض لما مر من إن كراء السفينة لا يستحق إلا بالتمام وأنه إذا غرق ما فيها أثناء
الطريق فلا كراء له لأنا نقول محله ما لم يستأجر رب المحمول سفينة أخرى على التمام وإلا كان
للأول بحسب كراء نفسه الأول. قوله: (وليس له كراء ما ذهب بالغرق) أي لعدم تمكن ربه من قبضه.
قوله: (اختيارا) أي وأما لو خرج منها لو حلها ثم خلصت فانظر هل يكون كمرض دابة بسفر ثم تصح
فلا يلزم عوده لها أم لا قاله عبق قال شيخنا الظاهر أنها إن خلصت من الوحل سليمة فليس كمرض
الدابة ويلزمه العود لها وإذا حصل فيها أثر مخوف وأصلح فهو مثله فلا يلزمه العود. قوله: (وكذا يلزمه
جميع الكراء الخ) في ح إذا صب القمح في سفينة لجماعة وغرق بعضه فإن عزل قمح كل واحد على
حدته فهو على حكم نفسه وإلا اشتركوا. قوله: (وإن استحق) أي بعد وصول المجاعل للبلد وقبل قبض
ربه أما لو استحق منه وهو في الطريق قبل إتيانه للبلد فلا جعل له كما ارتضاه بن. قوله: (ولو بحرية) رد بلو
على أصبغ القائل بسقوط الجعل إذا استحق بحرية. قوله: (بقطع النظر عن قوله بالتمام) أي وإلا لاقتضى
أنه لا جعل له إذ استحق الآبق قبل قبض ربه الذي هو معنى التمام وليس كذلك ولذا قال ابن غازي
اللائق أن لو قال المصنف أو استحق ولو بحرية بالعطف على المستثنى من مفهوم التمام. قوله: (ولا يرجع
الجاعل بالجعل) أي الذي دفعه للعامل. قوله: (وهو المشهور) أي خلافا لمحمد بن المواز القائل للجاعل
أن يرجع على المستحق بالأقل من المسمى وجعل المثل. قوله: (بخلاف موته) أي في يد العامل بعد
مجيئه به لبلد ربه وقبل تسليمه له. قوله: (قبل تسليمه) أي وأما لو مات بعد ما تسلمه ربه ولو منفوذ
المقاتل فإنه يستحق الجعل لأنهم جعلوا منفوذ المقاتل حكمه حكم الحي في مسائل كما لو مات انسان عن
وارث منفوذ المقاتل فإنه يرث وكما هنا قيل الفرق بين الاستحقاق بحرية وبين موته عدم النفع بالميت
بخلاف المستحق فإن فيه نفعا في ذاته وإن لم يكن للجاعل تأمل. قوله: (متعلق بصحة) أي تعلقا معنويا
فلا ينافي أنه متعلق بمحذوف حال أي صحة الجعل بالتزام أهل التبرع جعلا حالة كونه ملتبسا بعدم
تقدير الزمن. قوله: (على حذف مضاف) الأولى حذف ذلك بدليل ما بعده من التعميم وذلك لان
التباسه بعدم تقدير الزمن صادق بما إذا سكت عن تقديره وبما إذا شرط عدم تقديره وما ذكره من
شرط عدم التقدير فأصر على الصورة الثانية دون الأولى فتأمل. قوله: (فإن شرط الخ) أي كأجاعلك
على الاتيان بعبدي الآبق بدينار بشرط أن تأتي به في شهر أو جمعة، وأشار الشارح بقوله فإن
شرط الخ أن قول المصنف إلا بشرط ترك متى شار مستثنى من مفهوم ما قبله. قوله: (إلا بشرط
ترك متى شاء) أي فيجوز إن قيل شأن هذا العقد الترك فيه متى شاء فلم كان العقد غير جائز إذا قدر بزمن
62

عند عدم الشرط مع أن شأنه يغني عن الشرط المذكور قلت المجعول له إذا قدر عمله بزمن عند عدم
الشرط داخل على التمام في الظاهر، وإن كان له الترك في الواقع وحينئذ فغرره قوي وأما عند الشرط
فقد دخل ابتداء على أنه مخير فغرره ضعيف. قوله: (إن له ترك العمل متى شاء) أي وأن له بحساب
ما عمل والقرينة على إرادة هذه العلة وهي الفرار من إضاعة العمل باطلا كذا قرر شيخنا. قوله: (ومثل الخ)
أي فإذا قال له أجاعلك على أن تأتيني بعبدي في شهر بدينار عملت أم لا انقلبت الجعالة إجارة وينظر
حينئذ إذا لم يأت به، فإن عمل استحق بقدر عمله، وإن لم يعمل فلا شئ له كذا قرر سيدي محمد الزرقاني.
قوله: (والأولى أن يقول وبلا شرط نقد) أي لان قوله بلا نقد مشترط صادق بأن لا يكون هناك
نقد أصلا أو كان هناك نقد تطوعا أو كان هناك اشتراط نقد ولم يحصل بالفعل مع أنه في هذه الثالثة
ممنوع. قوله: (بين السلفية) أي إن لم يوصله لربه بأن لم يجده أصلا أو وجده وهرب منه في الطريق
وقوله والثمنية أي إن وجد الآبق وأوصله لربه. قوله: (فالجعالة أعم باعتبار المتعلق) أي باعتبار المحل
الذي تعلقا به وقوله وإلا فهما عقدان متباينان أي وإلا نقل أن أعمية الجعل من الإجارة باعتبار المحل
بل قلنا إن أعميته باعتبار مفهومهما فلا يصح لأنهما عقدان متباينان مفهوما. قوله: (وهذا سهو الخ)
قد يجاب عن المصنف بأن الإجارة مبتدأ مؤخر وكل ما جاز فيه خبر مقدم والضمير في جاز للجعل
فوافق كلام المصنف كلام المدونة، وليس قوله في كل ما جاز فيه متعلقا سابقا صحة الجعل وإن
الإجارة فاعل جاز حتى يأتي الاعتراض المذكور. قوله: (والذي في المدونة الخ) نصها كل ما جاز فيه
الجعل كحفر الآبار في الموات جازت فيه الإجارة وليس كل ما جازت فيه الإجارة جاز فيه الجعل ألا
ترى أن خياطة ثوب وخدمة عبد شهرا وبيع سلع كثيرة وحفر الآبار في الملك فإن العقد على
ما ذكر يصح إذا كان إجارة لا جعالة لأنه يبقى للجاعل منفعة إن لم يتم المجعول له العمل والجعل إنما
يكون فيما لا يحصل للجاعل نفع إلا بتمام العمل. قوله: (والحق أن بينهما الخ) أي وحينئذ فكلام المدونة
غير مسلم أيضا. قوله: (فيجتمعان في نحو بيع أو شراء ثوب) أي أن العقد على بيع ما ذكر أو شرائه
يصح إجارة وجعالة. قوله: (أو أثواب قليلة) الأولى حذفه لما ستعلمه. قوله: (وتنفرد الإجارة في
خياطة ثوب وبيع سلع كثيرة) أي فلا يصح في العقد على ذلك أن يكون جعالة بأن تجاعله على
شرط التمام لان المجاعل قد ينتفع بخياطة البعض أو بيع البعض باطلا إن لم يتم العامل العمل
ويصح في العقد على ما ذكر أن يكون إجارة بأن يدخلا على أن له بحساب ما عمل إن ترك فقوله وبيع
سلع كثيرة أي إذا كان لا يستحق شيئا من الاجر إلا ببيع الجميع، ثم إن ما اقتضاه كلام الشارح من
جواز الجعل على بيع الثياب القليلة ومنعه على بيع الكثيرة فيه نظر، والحق أنه لا فرق بين القليلة
والكثيرة في أنه متى انتفع الجاعل بالبعض بأن دخلا على أن العامل لا يستحق شيئا إلا بالتمام منع الجعل
على بيع القليل وبيع الكثير كما قال ابن رشد في المقدمات. والحاصل أن المجاعلة على بيع ما زاد على ثوب
إن دخلا على أن له في كل ما باع بحسابه إذا ترك جاز وإن دخلا على أنه لا يستحق شيئا إلا ببيع الجميع منع
لا فرق بين كون الزائد على الثوب كثيرا أو قليلا كما صرح بذلك ابن رشد وابن عاشر انظر ابن. قوله: (كأبق
ونحوه) أي بغير شارد فإن العقد على الاتيان به وأنه لا يستحق الجعل إلا بالتمام جعل. قوله: (نعم الخ)
استدراك على قوله سابقا تبعا لعج والحق الخ وحاصله أن ما قاله عج من أن بينهما عموما
وخصوصا وجهيا لا يتم لان الجعالة لم تنفرد عن الإجارة بمحل وما جهل حاله ومكانه كما يصح فيه
الجعل يصح فيه الإجارة كأن يؤاجره على التفتيش على عبده الآبق كل يوم بكذا أتى به أم لا.
63

والحاصل أن العقد على الآبق إن كان على الاتيان به وأنه لا يستحق الأجرة إلا بالتمام فهو جعالة وإن
كان على التفتيش عليه كل يوم بكذا أتى به أو لا فهو إجارة فالحق ما في المدونة من أن بينهما عموما
وخصوصا مطلقا وأن الإجارة أعم. قوله: (على تقدير العلم) أي على تقدير علم العامل بالمحل وقد
يقال لا حاجة للتقدير المذكور بل تجوز الإجارة عند جهل العامل للمحل كما مثلنا على أن عج إنما جعل
محل انفراد الجعل فيما جهل حاله ومكانه وما علم محل آخر فتأمل. قوله: (إذا كان لا يأخذ شيئا) وذلك لأنه
إذا باع بعضها أو اشترى بعضها وترك فقد انتفع الجاعل وذهب عمل العامل باطلا. قوله: (من الجعل)
أي العوض. قوله: (أي وقع ذلك) أي العقد على أنه لا يأخذ شيئا إلا بالجميع بشرط أو عرف. قوله: (لان الخ)
علة للجواز واندفع به ما يقال الحكم بالجواز يخالف قوله سابقا يستحقه السامع بالتمام. قوله: (وفي
شرط منفعة الجاعل) أي هل يشترط في صحة الجعل أن يكون فيما يحصله العامل منفعة تعود
على الجاعل أو لا يشترط. قوله: (لأنه لا يعلم حقيقة ذلك) أي أنه لا يتأتى الوقوف على كون الجان
خرج أولا ثم إن هذا التعليل يقتضي أنه إذا تكرر النفع من ذلك العامل وجرب وعلمت
الحقيقة جاز الجعل على ما ذكر، وبه أفتى ابن عرفة وقيد ذلك بما إذا كانت الرقية عربية أو عجمية
معروفة المعنى من عدل ولو إجمالا لئلا تكون ألفاظا مكفرة. قوله: (ولمن لم يسمع الجاعل) أي
لا مباشرة ولا بواسطة وإلا استحق المسمى بتمام العمل وحاصله أنه إذا قال المالك من أتى بعبدي الآبق
فله كذا فجاء به شخص لم يسمع كلام ربه لا مباشرة ولا بواسطة وأن ربه لم يقل شيئا فجاء به شخص
فإنه يستحق جعل المثل سواء كان جعل المثل أكثر من المسمى أو أقل منه أو مساويا له بشرط كون
ذلك الشخص الآتي به من عادته طلب الإباق، فإن لم يكن عادته ذلك فلا جعل له وله النفقة فقط فقول
المصنف ولمن لم يسمع ربه صادق بأن لا يحصل من ربه قول أصلا يسمعه وبما إذا حصل منه قول
ولكن لم يسمعه العامل لا مباشرة ولا بواسطة. قوله: (ولو كان ربه يتولى ذلك) أي شأنه أن يتولى ذلك
بنفسه أو بخدمه. قوله: (كحلفهما) أي ويبدأ أحدهما بالقرعة كذا قيل والظاهر أنه يبدأ العامل
لأنه بائع لمنافعه ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (أي بعد اختلافهما في قدر الجعل) حمل المصنف
على اختلافهما في قدر الجعل متعين خلافا لمن حمله على اختلافهما في السماع وعدمه بأن ادعى
العامل أنه سمع ربه يقول من أتى بعبدي فله كذا وقال ربه لم تسمع بل أتيت به ولم تسمع مني شيئا وذلك
لأنهما عند تنازعهما في السماع وعدمه لا يتحالفان والقول قول ربه ثم ينظر في العامل هل عادته
طلب الإباق فله جعل مثله أم لا فله النفقة فقط. قوله: (ونكولهما) في حالة عدم شبههما كحلفهما في كونه
يقضي للعامل بجعل المثل. قوله: (فالقول لمن العبد مثلا في حوزه منهما) فإن وجد ولم يكن بيد واحد
منهما بأن كان بيد أمين فالظاهر أن حكمه حكم ما إذا لم يشبه واحد منهما فيتحالفان ويقضي
بجعل المثل وما ذكره الشارح من أنهما إذا أشبها فالقول لمن العبد في حوزه هو ما ارتضاه
ابن عبد السلام وقال ابن هارون إذا أشبها معا فالقول للجاعل لأنه غارم ابن عرفة، وقول
ابن عبد السلام أظهر انظر ح. قوله: (ولربه تركه) هذا راجع لما فيه جعل المثل. وحاصله أنه
إذا جاء العامل الذي شأنه طلب الإباق بالآبق قبل أن يقول ربه من أتى بعبدي فله كذا فلرب العبد
تركه لمن جاء به عوضا عما يستحقه من جعل المثل فإن التزم ربه جعلا ولم يسمعه الآتي به فهل كذلك
لرب العبد تركه لمن جاء به عوضا عما يستحقه من جعل المثل، وهو ما قاله عج ونازعه طفي بأن له في
هذه الحالة جعل مثله إن اعتاد طلب الإباق وإلا فالنفقة وليس لربه أن يتركه له في هذه الحالة انظر بن
64

وتأمل ذلك. قوله: (ما إذا سمعه) أي ما إذا سمع العامل ربه سمي شيئا. قوله: (فالنفقة فقط) أي بخلاف
ما إذا اعتاده ووجب له جعل المثل أو وجب له المسمى فإن نفقة الآبق على العامل ولو استغرقت
الجعل ا ه‍ عبق. قوله: (أي فله أجرة عمله الخ) الأولى أي فله ما أنفقه حال تحصيله على نفسه وعلى
العبد من أجرة دابة أو مركب اضطر لها بحيث لم يكن الحامل على صرف تلك الدراهم إلا تحصيله لان
تلك الدراهم بمثابة ما فدى به من ظالم وأما ما شأنه أنه ينفقه العامل على نفسه في الحضر كالأكل
والشرب فلا يرجع به على ربه وإن كان السفر متفاوتا بأن كان المأكول في محل العامل أرخص منه
في البلد التي سافر إليها لتحصيل العبد فإنه يرجع بما بين السفرين في التفاوت ا ه‍ تقرير شيخنا عدوي.
قوله: (وما أنفقه عليه من أكل وشرب) الأولى اسقاط ذلك لان نفقة الطعام والشراب والكسوة
على ربه ولو وجب للعامل جعل المثل أو المسمى، فإذا قام بها العامل رجع بها عليه فالأولى للشارح أن
يقول أي فله ما أنفقه في تحصيله من أجرة مركب أو دابة احتاج لهما وأجرة من يقبضه له إن احتاج
الحال لذلك. قوله: (وإن أفلت) يستعمل لازما ومتعديا يقال أفلته وأفلت بنفسه فيصح في المتن قراءته
بالبناء للفاعل أو المفعول. قوله: (فجاء به آخر) أي من غير استئجار ولا مجاعلة أي والحال أن عادة ذلك
الآخر طلب الإباق. قوله: (لمكانه الأول) أي الذي كان آبقا فيه. قوله: (نسبته) أي نسبة عمله
منظورا في ذلك لسهولة الطريق وصعوبتها لا لمجرد المسافة. قوله: (وإن جاء به الخ) يعني أن رب الآبق
إذا جعل لرجل درهما على أن يأتيه بعبده الآبق وجعل لآخر نصف درهم على أن يأتيه بعبده فأتيا به
معا فإنهما يشتركان في ذلك الدرهم إذ هو غاية ما يلزم رب العبد بنسبة ما سماه لكل واحد بمجموع
التسميتين فيأخذ الأول ثلثيه ويأخذ الثاني ثلثه لان نسبة نصف الدرهم إلى درهم ونصف ثلث ونسبة
الدرهم كذلك ثلثان، هذا هو المشهور وهو قول ابن القاسم. وقال ابن نافع وابن عبد الحكم أن
لكل واحد منهما نصف ما جعل له ورجحه التونسي واللخمي فقوله وإن جاء به ذو درهم أي سماه
له وقوله وذو أقل أي سماه له أيضا وقوله بنسبة ما سماه لكل أي لمجموع التسميتين. قوله: (قسم
ما سماه لأحدهما نصفين) أي باتفاق القولين المتقدمين. قوله: (اعتبرت قيمته) أي فلو جعل لأحدهما
عشرة وللآخر عرضا وأتيا به معا فعلى قول ابن القاسم يقوم العرض فإن ساوى خمسة فلصاحب
العشرة ثلثاها ويخير صاحب العرض بين أن يأخذ ثلث العشرة أو ما يقابل ذلك من العرض
الذي جعل له وأما على مقابله فلصاحب العشرة نصفها ولصاحب العرض نصفه فإن جعل لكل منهما
عرضا واختلفت قيمتهما أو اتفقت جرى على ما تقدم. قوله: (ولكليهما الفسخ) أي الترك لأنه
عقد جائز غير لازم والعقد الغير اللازم لا يطلق على تركه فسخ إلا بطريق التجوز إذ حق الفسخ إنما
يستعمل في ترك الامر اللازم والعلاقة المشابهة للعقد اللازم في الجملة. قوله: (ولزمت الجاعل)
المراد به ملتزم الجعل لا من تعاطي عقده فقط كالوكيل الذي لم يلتزم جعلا وظاهره اللزوم للجاعل
بالشروع ولو فيما لا بال له فلا مقال له في حله يلزمه البقاء بخلاف العامل فإنه باق على خياره.
قوله: (جعل المثل) هذا هو المعتمد وقيل له أجرة مثله سواء تمم العمل أم لا ردا له إلى صحيح أصله وهو
الإجارة وإنما كانت أصلا له لأنهم اشترطوا في عاقدي الجعل ما اشترطوه في عاقدي الإجارة.
قوله: (ردا إلى صحيح نفسه) الأولى تأخيره عن قوله وإن لم يتم العمل فلا شئ له لأجل أن يكون قوله
ردا له الخ راجعا للامرين. قوله: (إلا بجعل مطلقا) أي إلا أن يكون الفاسد ملتبسا بجعل أي بعوض
مطلقا كما إذا قال إن أتيتني الآبق فلك كذا وإن لم تأت به فلك كذا فأجرة المثل وإن لم
يأت به وإنما كان ما يأخذه العامل أجرة عند جعل العوض له مطلقا لا جعلا لان هذا العوض
65

الذي يأخذه عند عدم الاتيان به ليس جعلا حقيقة بل نفقة بخلاف ما يأخذه عند الاتيان به فإنه
جعل حقيقة فغلبت حالة عدم الاتيان به على حالة الاتيان به إذ ليس العوض فيها جعلا حقيقة واعلم
أنهم متى قالوا جعل المثل توقف على التمام بخلاف أجرته.
باب إحياء الموات
قوله: (موات الأرض) من إضافة الصفة للموصوف أي الأرض الميتة. قوله: (بفتح الميم) أي لان
الموات بضم الميم الموت وأما بفتحها فيطلق على الميت وعلى الأرض التي لا مالك لها ولا انتفاع بها فهو
بالفتح من الألفاظ المشتركة. قوله: (ما سلم عن الاختصاص) استغنى بالاسم المحلى بأل عن أن يقول عن
الاختصاصات لإفادة الاسم المحلى العموم. قوله: (أي أرض سلمت الخ) أشار الشارح إلى أن ما واقعة
على أرض وحينئذ فتذكير الضمير في سلم مراعاة للفظ ما. قوله: (وهنا تم التعريف) اعترض هذا
التعريف بأنه يقتضي أن حريم البلد لا يسمى مواتا لعدم سلامته من الاختصاص وهو مخالف لما
أطبق عليه أهل المذهب من أن حريم العمارة يطلق عليه موات، لأنهم ذكروا أن الموات قسمان قريب
من العمران وبعيد منه فالقريب يفتقر في إحيائه لاذن الامام دون البعيد فالأولى أن يجعل قوله
بعمارة من جملة التعريف فيدخل به في التعريف كل ما وقع فيه الاختصاص بغير العمارة كالحريم والحمى،
ويكون قوله ولو اندرست مبالغة فيما فهم من أن المعمر ليس بموات فكأنه قال فالمعمر ليس بموات بل
يختص به معمرة ولو اندرست عمارته. قوله: (بعمارة ولو اندرست إلا لاحياء) حاصل ما يفيده كلام
التوضيح نقلا عن البيان أن العمارة تارة تكون ناشئة عن ملك وتارة تكون لاحياء ويحصل
الاختصاص بها إذا لم تندرس في القسمين، وأما إذا اندرست فإن كانت عن ملك كإرث أو هبة أو
شراء فالاختصاص باق ولو طال زمن الاندراس اتفاقا، وإن كانت لاحياء فهل الاختصاص باق
أو لا قولان فالأول يقول أن اندراسها لا يخرجها عن ملك محييها ولا يجوز لغيره أن يحييها وهي للأول
إن أعمرها غيره ولو طال زمن اندراسها وهو قول سحنون، والثاني يقول إن اندراسها يخرجها عن
ملك محييها ويجوز لغيره إحياؤها وهو قول ابن القاسم وعلى الثاني درج المصنف ولكنه مقيد بما إذا
طال زمن الاندراس كما في التوضيح عن ابن رشد. إذا علمت هذا فقول المصنف والاختصاص بعمارة
أي سواء كانت ناشئة عن ملك أو لاحياء ولو في قوله ولو اندرست لدفع التوهم لا للخلاف ولو
عبر بأن كان أولى وقوله إلا لاحياء أي إلا إذا كانت العمارة لأجل إحياء فاندراسها يخرجها عن
ملك محييها كما لابن القاسم، ويقيد ذلك بالطول كما علمت واعترض على المصنف في قوله بعمارة من
حيث شموله لكون العمارة ناشئة عن ملك أو لاحياء بدليل الاستثناء بأن العمارة الناشئة عن الملك
مستغنى عن ذكرها لان مجرد الملك كاف في الاختصاص ولا يفتقر للعمارة وأجيب بأنه إنما ذكره
لأجل تقسيم العمارة فتأمل انظر بن. قوله: (أي مع طول زمانه) أي فإنها تكون للآخر الذي
أحياها بعد طول زمن الاندراس. قوله: (كمن اشترى أرضا) هذا تنظير وهو مفهوم قول المصنف
إلا إذا كانت العمارة لاحياء. قوله: (ومفهوم إلا لاحياء أنه إن أحياها الخ) فيه أن هذا
منطوق الاستثناء لا مفهومه فالأولى إبدال مفهوم بمنطوق وإنما أعاد هذا الكلام مع ذكره
له أولا لأجل الدخول على قوله فإن عمرها الخ. قوله: (وأما قبله) أي الطول وقوله فإن عمرها أي قبل
طول من الاندراس. قوله: (وإلا) أي وإلا يكن جاهلا بل عالما بمعمرها الأول والفرض أنه لم يطل
زمن الاندراس. قوله: (وهذا) أي عدم كونها لمن أحياها قبل طول زمن الاندراس وقوله ما لم يسكت الخ
أي وحلف أن تركه لها ليس إعراضا عنها وأنه على نية إعادتها والحاصل أن عدم فواتها على محييها
66

الأول بإحياء الثاني قبل طول الاندراس مقيد بقيدين عدم سكوته بعد علمه بتعمير الثاني وحلفه
فإن انتفى واحد منهما اختص بها الثاني وحمل الأول على الاعراض عنها. قوله: (فيختص بالعمارة) أي
فيختص المعمر بالعمارة وبحريمها فإذا جاء شخص آخر وبنى في حريم العمارة وأحياه بالعمارة أو
بتفجير ماء فيه فلا يملكه سواء كان من أهل البلد أو من غيرهم وإنما لجميع البلد الانتفاع به، نعم إذا أراد
انسان أن يحييه بإذن الامام كان له ذلك. قوله: (على المقصود عليه) الأولى حذف عليه لان الحريم
مختص بالمعمر ومقصور عليه. قوله: (يلحق غدوا) أي يلحق الشخص لموصول لكل منهما قبل
الزوال ويرجع الشخص منهما لقومه في ذلك اليوم بعد الزوال مع مراعاة المصلحة المترتبة على الذهاب
والرجوع بحيث ينتفع في ذلك اليوم الذي يذهب فيه ويرجع الحطب الذي يحتطبه في طبخ ونحوه
وينتفع بالدواب في حلب وطبخ ما يحلب لا مجرد الغدو والرواح. قوله: (ولا يختص به بعضهم دون
بعض) أي فلو أراد أحدهم أن يحييه بعمارة أو غيرها فلهم منعه إلا إذا كان بإذن الامام. قوله: (وما لا
يضيق) عطف على محتطب. قوله: (أو غيره) أي كبهيمة. قوله: (حريم لبئر ماشية) مثله النهر فحريمه
ما ذكر أي ما لا يضيق على من يرده من الآدميين والبهائم وقيل ألفا ذراع وقد وقعت الفتوى قديما
بهدم ما بنى بشاطئ النهر وحرمة الصلاة فيه إن كان مسجدا كما في المدخل وغيره. ونقل البدر
القرافي عن سحنون وأصبغ ومطرف أن البحر إذا انكشف عن أرض وانتقل عنها فإنها تكون
فيئا للمسلمين كما كان البحر لا لمن يليه ولا لمن دخل البحر أرضه وقال عيسى بن دينار إنها تكون
لمن يليه وعليه حمديس والفتيا والقضاء على خلاف قول سحنون ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (وغيرها)
أي من الآبار كبئر الماشية والشرب وقوله بالنسبة للثاني أي وهو ما لا يضر بالماء وقوله بالنسبة للأول أي
وهو ما لا يضيق على وارد. وحاصله أن ما لا يضر بالماء حريم لكل بئر ويزاد على ذلك بالنسبة لبئر الماشية
والشرب ما لا يضيق على وارد، ولذا قال عياض حريم البئر ما اتصل بها من الأرض التي من حقها أن لا
يحدث فيها ما يضر بها ظاهرا كالبناء والغرس أو باطنا كحفر بئر ينشف ماءها أو يذهبه أو حفر
مرحاض تطرح النجاسات فيه يصل إليها وسخها ا ه‍. قوله: (ومراده أن منتهى الخ) هذا جواب عما يقال
إن في عطف ما لا يضيق على محتطب شيئا لان الكلام في الحريم الذي له المنع منه وما لا يضيق على وارد
وكذا ما لا يضر بالماء ليس له المنع منه. وحاصل الجواب أن في كلام المصنف حذفا من الأول ومن
الآخر والأصل وغاية ما لا يضيق على وارد ولا يضر بماء منتهى الحريم بالنسبة لبئر فإذا كان حول
بئر ماشية نحو عشرة أذرع من كل جانب وكان ذلك القدر يسع الواردين الذين يأتون إليه كل يوم مثلا
فإن هذا القدر حريمه فيكون أهل ذلك البئر مختصين به فإذا أراد أن يحدث فيه عمارة فإنه يمنع ولا
يختص بها، وأما ما زاد على ذلك القدر فلا يختص به أهل تلك البئر لأنه غير حريم لها. قوله: (حريم لنخلة
وشجرة) فحريمها ما كان فيه مصلحة لهما عرفا كمد جريدها وسقيها وسعي جدرها. قوله: (ومطرح
تراب الخ) حاصله أنه إذا بنى جماعة بلدا في الفيافي مثلا فما كان مجاورا لدار زيد مثلا فهو حريم لها
يختص به كالفسحة المجاورة لها التي يطرح فيها التراب وماء الميزاب والمرحاض ومحل كون الفسحة
المجاورة للدار حريما لها ويختص بها صاحبها إذا كانت تلك الدار ليست محفوفة بأملاك بأن كانت
في طرف البلد بحيث تكون الفسحة المجاورة لها غير مجاورة لغيرها من الدور، فإن كانت مجاورة
لغيرها بأن كانت بين الأبواب كان لكل واحد من الجيران أن يطرح فيها التراب ويصب ماء الميزاب
67

والمرحاض لكن بجوار جداره ما لم يضر بجاره وإلا منع وإلى هذا أشار المصنف بقوله ولا يختص الخ
أي أن الدار المحفوفة بالاملاك لا تختص بحريم يمنع من الانتفاع به غير صاحبها واستلزم ذلك
أن لكل من الجيران الانتفاع بذلك، وإنما صرح بقوله ولكل الانتفاع به لأجل تقييده بقوله ما لم
يضر بالآخر. قوله: (ومصب ميزاب) أي ونحوه كمرحاض. قوله: (أو من أرض تركها أهلها) أي
الكفار اختيارا لا لخوف وإلا كانت أرض عنوة فليس للامام إقطاعها تمليكا ومثل ما إذا تركها أهلها
ما إذا ماتوا عنها. قوله: (وطال الزمان) أي فإذا أقطعها الامام لإنسان بعد طول اندراسها فقد ملكها
واختص بها. قوله: (إن أذن له في الاقطاع) أي وإن لم يعين له من يقطع له. قوله: (بالتعمير بعده) أي
بعد الاقطاع فالاختصاص يكون بواحد من أمور ثلاثة من جملتها التعمير وهو كما يحصل به
الاختصاص يحصل به الاحياء وأما غيره من الاقطاع والحمى فإنما يحصل به الاختصاص دون
الاحياء. قوله: (نعم هو) أي الاقطاع تمليك مجرد أي لا يحتاج معه إلى عمارة والمراد أنه مجرد عن شائبة
العوضية بإحياء أو غيره ابن شاس الاحياء إذا أقطع الامام رجلا أرضا كانت ملكا له وإن لم يعمر
منها شيئا فله بيعها وهبتها والتصدق بها وتورث عنه وليس هو من الاحياء بل تمليك مجرد. قوله: (إن
حازه) أي فإن مات الامام قبل أن يحوزه من أقطعه له كان الاقطاع باطلا. قوله: (لأنه يفتقر الخ) هذا
هو الفارق بين الاقطاع والاحياء وإن اشتركا في أن كلا منهما يحصل به البيع والهبة والإرث إذا
مات المحيي أو المقطع. قوله: (أنه لا يحتاج لحيازة) أي نظرا إلى أن الاقطاع من باب الحكم لا من باب
العطية وفي بن أن هذا القول الذي جرى به العمل وأنه المعتمد. قوله: (ولا يقطع الامام معمور
أرض العنوة) أي ولا يقطع أيضا عقارها ملكا. قوله: (الصالحة لزراعة الحب) تفسير لمعمور أرض
العنوة ومفهومه أن الصالحة لزراعة النخل فقط له إقطاعها ملكا وهو كذلك لأنها موات. قوله: (بل
إمتاعا) أي بل يقطعها إمتاعا أي انتفاعا مدة حياته مثلا أو مدة أربعين سنة. قوله: (وإنما لم يقطع المعمور
ملكا) أي وكذلك العقار لان كلا منهما يصير وقفا بمجرد الاستيلاء عليه بخلاف موات أرض العنوة
فإنه لا يصير وقفا بالاستيلاء عليها فلذا جاز إقطاعه ملكا وامتاعا. قوله: (فليس للامام إقطاعها) أي
لأنها على ملك أهلها لا علقة للامام بل وقوله مطلقا أي سواء كانت معمولة أو مواتا. قوله: (بمعنى
المفعول) فيه أن هذا لا يناسب المصنف لان سبب الاختصاص المعنى المصدري والأولى أن يقال
أن المراد بالحمى الحماية والتحجير. قوله: (محموي) أي بزنة مفعول اجتمعت الواو والياء وسبقت
68

إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء والضمة التي قبلها كسرة وأدغمت الياء في الياء. قوله: (وهو لا يجوز
شرعا) أي لما فيه من التضييق على الناس لان الكلأ النابت في الفيافي مباح لكل الناس. قوله: (أن يحمي
الامام مكانا خاصا) أي أن يمنع رعي كلئه لأجل أن يتوفر لدواب الصدقة والغزو وضعفاء المسلمين.
قوله: (فيجوز) أي الحمى للامام دون غيره بأربعة شروط والظاهر أن جواز الحمى بالشروط الأربعة
المذكورة إنما هو فيما لم يتعلق به إحياء وإلا فلا يجوز حماه. قوله: (دعت حاجة المسلمين إليه) أي لأجل
نفعهم. قوله: (بأن لا يضيق على الناس) أي بأن كان فاضلا عن منافع أهل ذلك الموضع. قوله: (من بلد) أي
من محل وقوله عفا أي عاف وخال عن البناء والغرس. قوله: (لكغزو) أي لدواب كغزو فهو على حذف
مضاف وهو متعلق بقوله وبحمى إمام. قوله: (أي إحياء الموات) جعل الضمير راجعا للاحياء نظرا
لكون الباب معقودا له فالضمير عائد على معلوم من المقام على حد * (حتى توارت بالحجاب) * ويصح جعل
الضمير للموات المحدث عنه سابقا أي وافتقر الموات يعني من حيث إحياؤه. قوله: (لاذن من الامام)
أي لأجل أن ينظر إن كان لا يضر بأهل البلد أذن وإلا فلا. قوله: (بناء على أن للكافر الاحياء فيما قرب)
أي وهو ما مال إليه الباجي حيث قال لو قيل حكم الذمي حكم المسلم في جواز إحياء ما قرب من العمران
إن كان بإذن لم يبعد. قوله: (والمشهور خلافه) أي أنه لا يجوز للذمي الاحياء فيما قرب من العمارة ولو بإذن
الامام. قوله: (إن قرب) أي المكان الذي يحصل فيه الاحياء لعمارة البلد بأن كان من حريمها. قوله: (ويبقيه
للمسلمين) أي لأهل البلد كلهم أو لمن شاء منهم، كذا قرر شيخنا. قوله: (ولا يرجع عليه بما اغتله)
أي أنه لا يرجع عليه بأجرته فيما مضى من المدة التي سكنها أو زرعها. قوله: (فلا يفتقر إحياؤه للاذن) بل
يختص المحيي بما أحياه وله بيعه ولو لم يأذن له الامام في الاحياء خلافا لما في وثائق الجزيري من أنه ليس
له بيعه كما ذكره الشيخ أحمد الزرقاني وهو مستبعد. قوله: (ومنه) أي ومن الجزر الجزار وقوله لقطعه
أي وإنما سمي بذلك لقطعه. قوله: (فعيلة) أي فهي أي الجزيرة فعيلة وقوله بمعنى مفعولة أي مفعول عنها
وقوله أي مقطوعة الأولى أي مقطوع عنها بدليل ما بعده. قوله: (لانقطاع الماء عنها إلى أجنابها) أي
لان البحر محيط بها من جهاتها الثلاثة التي هي المغرب والجنوب والمشرق، ففي مغربها جدة والقلزم،
وفي جنوبها الهند، وفي مشرقها خليج عمان والبحرين والبصرة والبحرين اسم بلدة والجنوب يمني المستقبل
للمشرق وهو محل شروق الكواكب أي طلوعها ويقابله المغرب ويقابل الجنوب الشمال. قوله: (فيختص
بها وبالأرض التي تزرع عليها) أي كما جزم بذلك الفيشي وارتضاه بن. قوله: (أي إزالة الماء عنها)
أي لأجل زراعة أو غرس أو بناء وليس المراد باخراج الماء اخراجه منها لأنه يتحد حينئذ
مع ما قبله. قوله: (وببناء وبغرس) أي وإن لم يكونا عظيمي المؤونة كما هو ظاهر المصنف
وفي الجواهر اشتراط كونهما عظيميهما واعتمده شيخنا واقتصر عليه في المج. قوله: (وبحرث
وتحريك أرض) أي وأما زرعها بدون ذلك فلا يحصل به إحياء وإن اختص به زارعه. قوله: (بناء
على أن المراد بالحرث تقليب الأرض) أي بحرث أو حفر. قوله: (من عطف العام) أي لان تحريك
الأرض عبارة عن تقليبها أعم من أن يكون بمراث أو بفأس وعلى أنه من عطف العام فالظاهر
69

أن المصنف جمع بينهما وإن كان الثاني يغني عن الأول تبعا لرواية عياض. قوله: (إزالته) أشار بهذا
إلى أن كلام المصنف من باب عموم المجاز. قوله: (ولا حفر بئر ماشية) معناه أن حفر بئر الماشية لا يكون
إحياء للأرض التي هو بها وكذا حفر بئر الشرب قاله ابن عاشر. قوله: (ما لم يبين الملكية) راجع لبئر
الماشية وبئر الشرب يعني أن حفر بئر الماشية وبئر الشرب في أرض لا يكون إحياء لها إلا إذا بين
الملكية عند حفرها فإن بينها حصل إحياء الأرض بحفرها. قوله: (هنا) أي في باب إحياء الموات وهو
ظرف لقوله بذكر مسائل أي ولما جرت عادة أهل المذهب بذكرهم هنا مسائل تتعلق بالمسجد.
قوله: (نظرا) أي وإنما ذكروها هنا نظرا وقوله كالموات في الجملة أي فهو كالموات بالنظر لبعض أحواله
وهو الإباحة لكل مسلم وإن كان الموات قد يختص به محييه بخلاف المسجد فإنه لا يختص به أحد.
قوله: (وإن كان الأنسب الخ) الواو للحال وإن زائدة. قوله: (تبعهم المصنف) أي في ذكرها هنا.
قوله: (وجاز بمسجد سكنى لرجل تجرد الخ) أي ما لم يحجر فيه ويضيق على المصلين وإلا منع. قوله: (لا لمرأة
فيحرم عليها) أي السكنى فيه ولو تجردت للعبادة لأنها قد تحيض وقد يلتذ بها أحد من أهل المسجد
فتنقلب العبادة معصية وظاهره الحرمة ولو كانت عجوزا لا أرب للرجال فيها لان كل ساقطة لها
لاقطة. قوله: (أو يكره) أي ويحتمل أن يقال بكراهة سكناها حيث تجردت للعبادة والتعليل المذكور
الذي عللت به الحرمة تعليل بالمظنة. قوله: (وغيرها) أي كقراءة قرآن وذكر وتعلم علم وتعليمه.
قوله: (وإلا كره) أي وإلا يكن متجردا للعبادة فيكره سكناه فيه وهذا ضعيف والمعتمد المنع كما صرح به
في التوضيح ونص ابن الحاجب ولا ينبغي أن تتخذ المساجد سكنا إلا لمتجرد للعبادة قال في التوضيح
الظاهر أن لا ينبغي هنا للحرمة لان السكنى في المسجد على غير وجه التجريد للعبادة ممتنعة لأنها تغيير
له عما حبس له وعلى ولي الأمر هدم المقاصير التي اتخذت في بعض الجوامع للسكنى ما لم يكن الباني لها
هو الواقف ا ه‍ بن. قوله: (وعقد نكاح) قد استحبه فيه بعضهم للبركة ولأجل شهرة النكاح. قوله: (وإلا
كره) أي وإلا يكن الدين يسيرا بل كان كثيرا كره قضاؤه فيه. قوله: (وجاز قتلها في الصلاة) أي
سواء كان بمسجد أو بغيره. قوله: (لمن لا منزل له) هذا راجع لجواز نوم الليل وأما نوم النهار فلا بأس به
مطلقا انظر بن. قوله: (وتضييف) أي إنزال الضيف بمسجد البادية وإطعامه فيه الطعام الناشف
كالتمر لا إن كان مقذرا كبطيخ أو طبيخ فيحرم إلا بنحو سفرة تجعل تحت الاناء فيكره ومثل مسجد
البادية مسجد القرية الصغيرة، وأما التضييف في مسجد الحاضرة فيكره ولو كان الطعام ناشفا كما هو
ظاهر كلامهم ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (بمسجد بادية) رجعه عبق للامرين قبله واعترضه بن بأنه
يفيد أن التقييد بالبادية يرجع لنوم القائلة أيضا وفيه نظر بل النوم في القائلة جائز في أي مسجد كان
مسجد بادية أو حاضرة وإنما التقييد بالبادية في التضييف والمبيت ليلا. قوله: (وجاز إناء) أي وحاز لمن
بات فيه إعداد إناء واتخاذه لبول وظاهر المصنف كان الاناء مما يرشح كالفخار أم لا كالزجاج لكن
إن وجد ما لا يرشح تعين ولا يعدل لما يرشح إلا عند عدم ما لا يرشح قال ابن رشد فإن لم يجد من بات في
المسجد إناء والحال أنه يخاف سبعا إن خرج لحاجته بال فيه وتغوط وإن لم يضطر للنوم فيه بأن كان غير
ساكن فيه ابن العربي وكذا الغريب إذا لم يجد من يدخل عنده دابته فإنه يدخلها في المسجد. قوله: (كمنزل
تحته) أي كما تجوز السكنى بمنزلة تحته ولو بأهله وأما قبر في أرضه فلا يجوز الدفن فيه لأنه يؤدي لنبشه
إلا لمصلحة تعود على الميت كما في حاشية السيد على عبق واختاره شيخنا العدوي ولا الغرس فيه وإن
70

وقع قلع. قوله: (فلا يمنع) أي بل يكره كما تقدم في الإجارة ولا فرق فيما ذكر بين كون المسجد معدا للكراء
أو للصلاة. قوله: (كإخراج ريح) أي كما يمنع اخراج ريح فيه لا في غيره كما قد يتوهم وعدوله عن خروج
لاخراج يقتضي أن الممنوع تعمد اخراجه وأما خروجه غلبة فلا شئ فيه ولابن العربي يجوز
إرسال الريح في المسجد اختيارا كما يرسله في بيته إذا احتاج لذلك أي بأن كان إبقاؤه من غير
اخراجه يؤذيه ا ه‍ وهو ضعيف ومع ضعفه مقيد بما إذا كان لا يترتب على اخراجه أذية حاضر وإلا
حرم لان الأذية حرام إجماعا. قوله: (لحرمته) أي لوجوب احترامه وتعظيمه وإخراج الريح فيه
ينافي ذلك. قوله: (ومكث بنجس) أي منع مكث وكذا مرور فيه بنجس. قوله: (والمتنجس كالنجس)
المراد بالمتنجس الذي هو كالنجس والمتنجس بعين النجاسة وأما لو أزيل عينها وبقي حكمها فلا يمنع
المكث به فيه. قوله: (ولو ستر) أي النجس أو المتنجس بطاهر. قوله: (وقيل إن ستر به) أي وقيل يجوز
المكث والمرور بالنجس والمتنجس إذا ستر بطاهر والراجح الأول. قوله: (وكره أن يبصق)
أي أو يمخط وقوله بأرضه أي أو حائطه ومحل الكراهة فيهما إذا قل وإلا حرم للتقدير وحاصل المسألة
أن المسجد إما أن يكون مبلطا أو محصبا أو متربا وفي كل إما أن يبصق فوق فرشه أو تحته أو بأرضه،
والحال أنه لا فرش فيه فإن كان البصق فوق الفرش كان مكروها مطلقا وإن كان تحته فهو جائز إن
كان متربا أو محصبا وكره إن كان مبلطا وإن كان البصق بأرضه، والحال أنه غير مفروش فيكره
إن كان مبلطا، ويجوز إن كان متربا أو محصبا وللشارح تفصيل آخر في المحصب فجعل البصق فوق الحصباء
مكروها وفي خلالها والحال أنه غير مفروش جائزا وهو خلاف النقل. قوله: (وإن فعل حكه) أشار
الشارح إلى أن قول المصنف وحكه استئناف وجعله البساطي عطفا على أن يبصق مقدرا فيه المتعلق
والمعنى وكره حكه بأرضه والمطلوب مسحه بكخرقة. والحاصل أن الحك على التقرير الأول
مطلوب لإزالة البصاق والمخاط، وعلى التقرير الثاني فهو مكروه كراهة ثانية غير كراهة البصق والنقل
مساعد لما قاله البساطي كما قرره شيخنا العدوي. قوله: (والمفروش فوق فرشه) أي سواء كان مبلطا أو
محصبا أو متربا. قوله: (فيجوز) أي البصق فيه فوق التراب وقوله كتت فرشه أي المترب وقوله
وفرش المحصب أي وتحت فرش المحصب وأما تحت فرش المبلط فيكره. قوله: (أو خلال الحصباء)
قال بن لم أر من ذكر هذا التفريق في المحصب بل أطلقوا الجواز فيه أي سواء كان في خلال الحصباء
أو فوقها وهو ظاهر نقل المواق. قوله: (وتعليم صبي) أي مراهق أو صغير لا يعبث أو يعبث ويكف
إذا نهى وأما إذا كان يعبث ولا يكف إذا نهى فالحرمة وهذا التفصيل قول ابن القاسم وهو ضعيف
والمذهب منع تعليم الصبيان فيه مطلقا كان مظنة للعبث والتقذير أم لا لان الغالب عدم تحفظهم من
النجاسة. قوله: (بغير سمسرة) أي بأن جلس صاحب السلعة بها في المسجد وأتى المشتري لها يقلبها
وينظر فيها ويعطي فيها ما يريد وقوله وإلا منع أي وإلا بأن كان البيع والشراء بسمسرة مناداة على
السلعة حرم لجعل المسجد سوقا ثم إن محل الكراهة إذا جعل المسجد محلا للبيع والشراء بأن أظهر السلعة
فيه معرضا لها للبيع وأما مجرد عقدهما فلا يكره وأراد المصنف بالبيع الايجاب وبالشراء القبول،
وليس مراده بالبيع العقد المحتوى على الايجاب والقبول وإلا لاكتفى بذكر البيع عن الشراء لأن الشراء
من لوازم البيع. قوله: (وسل سيف) أي لغير إخافة وإلا حرم بل في فتاوى الحنفية أنه ردة. قوله: (أي
تعريفها) أي تعريف الملتقط لها. قوله: (أي صياح فيه أو ببابه للاعلام بموته) وذلك بأن يقول بصوت
مرتفع في المسجد أو على بابه أخوكم فلان قد مات. قوله: (بغير صياح) أي بغير رفع صوت وقوله فجائز أي
كان في المسجد أو على بابه. قوله: (ولو بذكر وقرآن) أي إلا التلبية بمسجد مكة ومنى فيجوز رفعه بها فيهما
على المشهور ومحل كراهة رفع الصوت في المسجد ما لم يخلط على مصل وإلا حرم. قوله: (ولو بغير مسجد)
71

أي فرفع الصوت بالعلم مكروه في أي موضع، وهذا هو المشهور خلافا لابن مسلمة حيث جوز
رفع الصوت به في غير المسجد. قوله: (لتراب ونحوه) أي أو حجر منه أو له. قوله: (فيجوز لذلك) أي للنقل
لا لغيره فيمنع وأما طوافه عليه السلام على بعير فهو لأجل أن يرتفع للناس فيأخذوا عنه المناسك فكان
من الأمور الحاجية. قوله: (وفرش) أي للجلوس عليه فيه إذا كان لغير اتقاء حر أو برد وقوله أو متكأ
أي اتخاذ ما يتكأ عليه فيه. قوله: (ولذي مأجل) أي لصاحب ماء مأجل وماء بئر وماء مرسال مطر أي
محل جريه منع ذلك الماء وبيعه، ونبه بذلك العطف على أنه لا فرق بين ما ينقص بالاغتراف ويخلفه غيره
كالبئر وما ينقص ولا يخلفه غيره كالباقي. قوله: (وهو من حل الخ) الضمير لذي المرسال أي فلصاحب
المحل الذي يجري ماء المطر فيه منعه ولو لم يكن كثيرا خلافا لما يوهمه تعبيره بصيغة المبالغة. قوله: (كماء
يملكه في آنية) أي كجرة أو قربة وقوله أو حفرة أي كبركة فيها ماء. قوله: (منعه وبيعه) هذا
هو المشهور، وقال يحيى بن يحيى لا أرى أن يمنع الحطب والماء والنار والكلأ وقيد ابن رشد هذا
الخلاف بما إذا كانت البئر أو العين في أرضه التي لا ضرر عليه في الدخول فيها للاستقاء منها واما البئر
التي في دار رجل أو في حائطه التي حظر عليها فله ان يمنع من الدخول عليها اتفاقا ويقيد المنع بغير ما
استثناه المصنف وهو من لم يخف عليه الهلاك، وإلا فلا يجوز المنع اتفاقا والمراد بالحطب والكلأ
اللذان في الصحراء لا في منزله وإلا كان له منعهما اتفاقا. قوله: (إلا من خيف عليه) المراد بالخوف الظن
وأولى الجزم أي إلا من ظن هلاكه أو حصول الضرر الشديد له لو صبر حتى يوجد ماء آخر، ولو قال
المصنف إلا إذا خيف عليه كان أولى لشموله للعاقل وغيره والكلام في الزائد على ما يحيي به صاحب
الماء نفسه وأما لو كان الموجود قدر ما يحيى نفسه فقط كان له منعه ويقدم هو على غيره ولو خيف هلاك
ذلك الغير. قوله: (ولو مليا بمحل آخر) أي خلافا لقول اللخمي يتبعه به ولو أراده المصنف فيما يأتي
لأبدل الترجيح بالاختيار ا ه‍ بن. قوله: (أما لو كان معه مال فبالثمن باتفاق) أي كما قدمه المصنف في
الذكاة بقوله وله الثمن إن وجد. قوله: (وإن حمل على ما إذا كان معه مال) أي بأن جعل قوله وإلا رجح
إن شرطية مركبة مع لا أي وإلا ينتفي الثمن بأن وجد رجح بالثمن. قوله: (كفضل ماء بئر زرع) حاصله
أن من له بئر يسقي منها زرعه ففضل عن سقي زرعه فضلة من الماء وله جار له زرع أنشأه على أصل
ماء وانهدمت بئر زرعه وخيف على زرعه الهلاك من العطش وشرع في إصلاح بئره فإنه يجبر
على إعطاء الفضل لجاره بالثمن إن وجد معه على ما رجحه ابن يونس، والمعتمد وهو مذهب المدونة
أنه يجبر على دفعه له مجانا ولو وجد معه الثمن والأولى أن يجعل قول المصنف وإلا رجح بالثمن مقدما
من تأخير محله بعد قوله وأخذ يصلح قدمه مخرج المبيضة سهوا، وحينئذ فيكون قول المصنف
كفضل بئر زرع تشبيها في الاخذ مجانا المفاد بالاستثناء قبله بقطع النظر عن قوله ولا ثمن معه
ويكون المصنف ذكر أولا مذهب المدونة المعتمد ثم ذكر ما رجحه ابن يونس بقوله
72

والأرجح بالثمن والظن أن المصنف لم يفعل إلا هكذا وإنما وقع تقديم وتأخير من الكاتب، وقد أشار
المصنف لشروط وجوب بذل الماء لزرع الجار الأربعة أولها قوله فضل فإن لم يفضل عن زرع ربه شئ
لم يجب وينبغي وجوب بذله إذا خيف تلف بعض زرع ربه وهلاك جميع زرع الجار ارتكابا لأخف
الضررين مع غرم قيمة بعض الزرع الذي يتلف لرب الماء على من يأخذه ثانيها قوله خيف أي ظن
فإن لم يظن هلاكه عادة بل شك فقط لم يجب ثالثها، مفاد قوله بهدم بئره أنه زرع على ماء فلو زرع على غير ماء
لم يجب على جاره البذل لمخاطرته وتعرضه للهلاك رابعها قوله وأخذ يصلح فإن لم يأخذ في الاصلاح لم
يجب على الجار بذل فضل مائة. تنبيه: المراد بالجار من يمكنه سقي زرعه من ماء بئر الجار وإن لم يكن
ملاصقا له كما ذكره الشاذلي. قوله: (بأن زرع) أي أو لم يظن هلاك زرع الجار بل شك فيه. قوله: (ثم شبه
في مطلق الجبر) أي في الجبر المطلق الذي لم يقيد بالقيود السابقة. قوله: (كفضل بئر ماشية) أي كبذله
فضل بئر ماشية. وحاصله أن من حفر بئرا في البادية في غير ملكه لماشية أو لشرب وفضل عن حاجته
فضلة وطلبها شخص فإنه يجبر على بذل تلك الفضلة لمن طلبها وليس له أن يمنعها ممن طلبها ولو لم يكن
مضطرا ولا صاحب زرع ويأخذه الطالب له بلا ثمن، ولا يجوز له بيعه ولا هبته ولا يورث عنه، هذا
إذا لم يبين الملكية حين حفرها وإلا كان له منع الناس عنها فالتشبيه في الجبر فقط وإنما لم يجعل التشبيه
تاما لئلا يقتضي أن الجبر إنما هو للمضطر ولذي الزرع الذي انهدمت بئره مع أنه عام. قوله: (بصحراء)
أي وأما بئر الرجل الذي في حائطه بحيث يتضرر بالدخول لها فله المنع كالتي في داره كما نقله بن عن ابن رشد
سابقا. قوله: (لأنه إحياء حينئذ) أي وحينئذ فهو من أفراد قوله كماء يملكه. قوله: (وإذا اجتمع على ماء
بئر الماشية مستحقون) أي والحال أن الماء الذي فيها يكفيهم. قوله: (بدئ وجوبا بعد ري ريها) أشار
الشارح إلى أن هذه بداءة إضافية إذ من المعلوم أن رب البئر هو المقدم أولا ثم المسافر وقد يقال إن الكلام
في الفضل حينئذ فلا داعي لذلك فتأمل. قوله: (وله عارية آلة) أي وحق له عارية آلة وأن اللام بمعنى
على وعارية بمعنى إعارة وضمير له لرب الماء أو الحاضر، أي وعليه أن يعير للمسافر الآلة كالحبل والدلو
والحوض وما يحتاج إليه. قوله: (وهذا ما لم تجعل الآلة للإجارة الخ) هذا القيد لابن عبد السلام. وقال
ابن عرفة مقتضى الروايات خلافه لان شأن الآلة أن لا تتخذ الكراء ا ه‍ بن. قوله: (ثم مواشي الناس) أي
المسافرين والحاضرين هذا ظاهره، وهذا يفيد أن مواشي المسافرين مؤخرة عن دوابه وما تقدم في
تعليل تقديمه من احتياجه لسرعة السير يخالف ذلك، إذ تقديم دوابه وتأخير مواشيه يوجب انتظاره
فالوجه استواء دوابه مع مواشيه ففي الكلام تساهل ولعله لم يصرح بمواشي المسافر نظرا إلى أن
الغالب أن المسافر لا مواشي معه، وهذا لا ينافي أنها إذا كانت معه فإنها تكون مع دوابه وحينئذ فقوله
ثم مواشي الناس يعني الحاضرين، وإذا علمت هذا تعلم أن ما وقع في كلام بعضهم كالأقفهسي من التصريح
بتأخير مواشي المسافر عن دوابه وأنها بعد مواشي أهل الماء التالية في المرتبة لدواب المسافر فيه نظر
قاله الشيخ أحمد الزرقاني. قوله: (بجميع الري) متعلق ببدئ كذا قيل وفيه أنه يلزم عليه تعلق حر في
جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد وهو ممنوع صناعة فالأولى جعله بدل اشتمال من قوله بمسافر
كما قال ابن غازي وإفادته أن الأول غير مقصود لا تضره لأنه ليس المراد تعلق التبدئة بالمسافر من حيث
ذاته بل من حيث ريه بالماء فالمبدل منه غير مقصود هنا وإنما هو توطئه للبدل. قوله: (بكسر الراء
وفتحها) أي مصدر روي بالكسر. قوله: (وإلا فبنفس المجهود) هذا مرتبط بمقدر كما أشار له
الشارح بقوله هذا إذا كان في الماء كفاية للجميع ولا جهد أي وألا يكن في ماء بئر الماشية
73

ما يكفي الجميع أو كان فيها ما يكفيهم لكن يحصل الجهد لبعضهم بتقديم غيره عليه بدئ بالذات
المجهودة عاقلة أو لا ولو غير ربه وغير دابته، فإن كان ماء البئر يكفي الجميع بجميع الري وكان بتقديم
أربابها يحصل الجهد لغيرهم ولو في المستقبل وبتقديم غيرهم عليهم لا يحصل لهم جهد أو بعكس ذلك كما
إذا كان بتقديم أربابها لا يحصل الجهد لغيرهم وبتقديم غيرهم يحصل الجهد لهم فإنه يبدأ بمن يحصل له
الجهد بتقديم غيره عليه بجميع الري، وكذا يقال في الباقي وإذا لم يكن في بئر الماشية ما يحصل به ري
الجميع وكان يحصل بتقديم ربه جهد للمسافرين دون العكس أو كان يحصل بتقديم المسافرين على الحاضرين جهد
للحاضرين دون العكس، وكذا يقال في الباقي قدم من يحصل له الجهد بتقديم غيره عليه
بما يزيل به الهلاك لا بجميع الري ارتكابا لا خف الضررين كما صرح به ابن عرفة فإن كان أحدهما أكثر
جهدا قدم فإن استويا قال أشهب يتواسون أي يشرب كل قدر ما يدفع الجهد لا أنهم يروون وقال
ابن لبابة يقدم أهل الماء على غيرهم وتقدم دوابهم على دواب غيرهم والقولان مستويان. قوله: (وإن سال
مطر بمباح) احترز بالمباح من السائل بمكان مملوك فإن صاحبه له منعه من غيره كما قدمه في مرسال
مطر فما هنا مفهوم ما تقدم. قوله: (ويليها جنان) أي والحال أنها لم تتصل كلها بالماء بل بعضها متصل به
دون بعض وأما لو وليها بستان ورحى أو زرع ورحى قدم غير الرحى من الزرع أو البستان عليها ولو
تأخر ذلك الغير عن الرحى في الاحياء وكانت أقرب للماء كما قال ابن رشد لان الحكمة الأصلية
المقصودة من الماء النبات بنص القرآن لا الرحى ولا غيرها. قوله: (وإلا قدم الأسفل) محل تقديم الأسفل
السابق في الاحياء على الأعلى المتأخر في الاحياء إذا خيف على زرع الأسفل الهلاك بتقديم غيره
عليه في السقي وإلا قدم على المتأخر في الاحياء على الأسفل كذا قيد سحنون والذي حققه طفي
أن الأسفل يقدم إذا تقدم في الاحياء ولو لم يخف على زرعه بتقديم الأعلى. قوله:
(ثم يرسل للآخر) أي ثم يرسل الماء كله للآخر إلى الكعبين على المعتمد وهو قول ابن القاسم وقيل يرسل الباقي وهو ما زاد
على الكعبين، واستظهر الثاني ابن رشد في المقدمات ونصها ثم اختلف هل يرسل للأسفل جميع الماء ولا
يبقى منه للأعلى شئ وهو قول ابن القاسم أو يرسل ما زاد على الكعبين وهو قول مطرف وابن
الماجشون وابن وهب وهو الأظهر اه‍. ومعناه في الثاني أن يرسل الماء من وراء جنان الأعلى ويبقى منه
ما وصل للكعبين ا ه‍ بن. قوله: (ومر المقدم على غيره) أي في السقي وهو صاحب الأعلى إن تقدم في
الاحياء أو ساوى غيره وصاحب الأسفل إن تقدم في الاحياء وقوله وأمر المقدم أي بالقضاء.
قوله: (وإلا تمكن التسوية الخ) أشار الشارح بهذا إلى أن قوله وإلا راجع لصفة مقدرة بعد التسوية كما
قدره ولم يصرح بهذه الصفة للعلم بها لأنه لا يؤمر بالتسوية إلا وهي ممكنة. قوله: (وقسم للمتقابلين) انظر
هل يقسم الماء بينهم بالسوية أي لكل واحد منهما نصفه ولو اختلفت مساحتهما أو يقسم بينهما على
حسب مساحة كل منهما والظاهر الأول كما قال شيخنا واقتصر عليه في المج. قوله: (سواء استوى زمن
إحيائهما أو اختلف) قال بن فيه نظر لأنه قد تقدم أن السبق في الاحياء يقتضي التقدم ولو في الأسفل
وأخرى في أحد المتقابلين وحينئذ فيتعين حمل كلام المصنف على ما إذا استوى زمن إحيائهما.
قوله: (قسم بينهم على حسب أعمالهم) أي من غير تبدئة لأعلى على أسفل لملكهم له قبل وصوله لأرضهم ثم إنه
إذا قسم بالقلد ونحوه يراعي اختلاف كثرة الجري وقلته فإن جريه عند كثرته أقوى من جريه
عند قلته فيرجع في ذلك لأهل المعرفة فإن قالوا جريه عند كثرته خمس درج يعدل جريه عند قلته
ثمان درج عمل بذلك. قوله: (والقلد بالكسر عبارة الخ) فيه نظر بل القلد عند الفقهاء هو القدر
74

الذي يثقب ويملا ماء والمراد بغيره كل ما يتوصل به عطاء كل ذي حق حقه من الماء غير القدر
كالرملية والساعة كما تقدم له في باب القسمة. قوله: (للتشاح في السبق) أي وأما إن تراضوا بتبدئة
بعضهم على بعض فلا قرعة. قوله: (فمن خرج سهمه بالتقديم قدم) أي ويجري له الماء كله حتى يستوفي
حظه بالقلد. قوله: (وإن من ملكه) أي هذا إذا كان السمك في ماء الأودية والأنهار التي ليست في
ملكه بل في موات بل وإن كان السمك في ماء كائن في ملكه. قوله: (أي ملك الذات) كأرض الصلح
أو موات ملكها بإحياء أو إقطاع وقوله أو المنفعة أي كأرض عنوة وقفت بمجرد الاستيلاء عليها
وكان الأولى حذف هذا التعميم لأجل أن يتأتى له ذكر الخلاف الآتي. قوله: (صاد المالك الخ)
أراد مالك منفعتها صيده لنفسه أم لا. قوله: (وأما المملوكة حقيقة) أي كأرض الصلح وموات العنوة
إذا ملكت بإقطاع أو إحياء. قوله: (أو عدم المنع مطلقا) أي كانت في أرض عنوة أو غيرها طرحت
فتوالدت أو جرها الماء وقوله إلا أن يصيد المالك أي إلا أن يريد مالك المنفعة أو مالك الذات
الاصطياد لنفسه. قوله: (تأويلان) الأول لابن الكاتب والثاني لبعض القرويين. قوله: (عدم المنع
مطلقا) أي سواء كان السمك في ماء الأودية والأنهار التي ليست في ملك بل في موات أو كان السمك
في ماء كائن في أرض يملك ذاتها كموات يملكها بإحياء أو إقطاع أو أرض صلح أو يملك منفعتها
كأرض العنوة سواء طرح السمك في الماء فتوالد أو جره الماء. قوله: (والموضوع أن الأرض ملكه)
أي وموضوع قولنا إلا لضرر شرعي وإلا جاز المنع منن صيده إذا كانت الأرض التي فيها السمك يملك
ذاتها بإحياء أو إقطاع أو كانت أرض صلح أو كان يملك منفعتها بأن كانت أرض عنوة يزرعها
بالخراج وأما لو كان السمك في الأودية أو الأنهار فليس له أن يمنع من صيده بحال. قوله: (ولم يبورها
للرعي الخ) الأوضح ولم يبورها لأجل أن ينبت بها الكلأ فيرعاه. قوله: (كأرض الخرس) أي الكائنة
في أرضه المملوكة له. قوله: (ومحل المنع) كذا في نسخة الشارح بخطه والأولى ومحل عدم المنع أي من
رعي الكلأ إذا كان بفحص أو عفاء. قوله: (لان الأقسام الثلاثة مرج) أي لان المرج محل رعي
الدواب أعم من أن يكون فحصا أو عفاء أو حمى. قوله: (وهذا) أي منع رعي الكلأ الكائن في الحمى
وعدم منع رعيه إذا كان في الفحص أو العفاء.
باب صح وقف مملوك
قوله: (لم تحبس الجاهلية) أي لم يحبس أحد من الجاهلية دارا ولا أرضا ولا غير ذلك على وجه التبرر،
وأما بناء الكعبة وحفر زمزم فإنما كان على وجه التفاخر لا على وجه التبرر. قوله: (ولا يتوقف على
حكم حاكم) أي خلافا لأبي حنيفة وقوله ولزم أي ولو لم يحز فإذا أراد الواقف الرجوع فيه لا يمكن
وإذا لم يحز عنه أجبر على اخراجه من تحت يده للموقوف عليه. واعلم أنه يلزم ولو قال الواقف ولي
الخيار كما قال ابن الحاجب وبحث فيه ابن عبد السلام بأنه ينبغي أن يوفى له بشرطه كما قالوا إنه يوفى له
بشرطه إذا شرط أنه إن تسور عليه قاض رجع له وأن من احتاج من المحبس عليهم باع ونحو ذلك.
قوله: (وقف مملوك) أي ولو كان ذلك المملوك الذي أريد وقفه لا يجوز بيعه كجلد أضحية وكلب صيد وعبد آبق
75

خلافا لبعضهم ثم إن قوله وقف مصدر وقف مجردا بالهمزة لغة رديئة إلا في أوقفت عن كذا
بمعنى أقلعت عنه وأوقفته عن كذا بمعنى منعته منه. قوله: (كأن ملكت الخ) من ذلك ما كتبه شيخنا أن
الشيخ زين الجيزي أفتى بأن من التزم أن ما يبنيه في المحل الفلاني فهو وقف ثم بنى فيه فيلزمه ما التزمه
ولا يحتاج لانشاء وقف لذلك وكتب الشيخ الأمير في حاشيته على عبق ما نصه رأيت بخط الشيخ
أحمد النفراوي شارح الرسالة بطرة عج وانظر هل لا بد في التعليق من تعيين المعلق فيه كما ذكره الشارح
أو يدخل فيه ما يقع لبعض الواقفين أنه يقول في كتاب وقفه وكل ما تجدد لي من عقار أو غيره ودخل
في ملكي فهو ملحق بوقفي هذا ما حرره ا ه‍. وأقول المأخوذ من كلام الرصاع في شرح الحدود أنه إذا
عم التعليق فإن الوقف لا يلزم للتحجير كالطلاق فقول المصنف مملوك أي تحقيقا أو تقديرا كما في
التعليق إلا أن يعم ككل ما أملكه في المستقبل وقف. قوله: (أو كان مشتركا) أي أو كان المملوك جزأ
مشتركا شائعا. قوله: (ويجبر عليها الواقف الخ) لا يقال القسمة بيع وهو غير جائز في الوقف لأنا نقول
الراجح أن القسمة تمييز حق لا بيع وعلى القول بأنها بيع فيقال الممنوع بيعه من الوقف ما كان معينا لا
المعروض للقسم لأنه كالمأذون في بيعه لمن يحبسه انظر بن. قوله: (ففيه قولان مرجحان) أي ففي صحته
وعدمها قولان الخ. قوله: (ويجعل ثمنه في مثل وقفه) أي وهل يجبر على جعل الثمن في مثل وقفه أو
لا يجبر على ذلك قولان. قوله: (وإن بأجرة) أي هذا إذا كان الملك بثمن أو هبة أو ارث بل وإن كان الملك
بأجرة فإن قلت أن وقف السلاطين على الخيرات صحيح مع عدم ملكهم لما حبسوه قلت: هذا لا يرد
على المصنف لان السلطان وكلي عن المسلمين فهو كوكيل الواقف وما ذكر من صحة تحبيسهم نقله
ابن عرفة عن سماع محمد بن خالد لكن تأوله القرافي في الفروق على ما إذا حبس الملوك معتقدين فيه أنهم
وكلاء الملاك فإن حبسوه معتقدين أنه ملكهم بطل تحبيسهم، وبذلك أفتى العبدوسي ونقله ابن غازي
في تكميل التقييد واحترز بمملوك من وقف الفضولي فإنه غير صحيح، ولو أجازه المالك لخروجه بغير
عوض بخلاف بيعه فصحيح لخروجه بعوض كما مر ومثل وقف الفضولي هبته وصدقته وعتقه
فهو باطل ولو أجازه المالك كما في خش وهو ظاهر كلام المصنف هنا وفي الهبة وذكر بعضهم أن
وقف الفضولي وهبته وصدقته وعتقه كبيعه إن أمضاه المالك مضى وإلا رد، واختار ذلك القول
شيخنا لان المالك إذا أجاز فعله كان ذلك الفعل في الحقيقة صادرا منه قال ويمكن حمل كلام المصنف
على ذلك القول بأن يقال قوله صح وقف مملوك أي صح صحة تامة فلا تتوقف على شئ أي بخلاف غير
المملوك فإن صحته تتوقف على شئ وهو إجازة المالك وكذا يقال في قوله الآتي في الهبة وصحت في
كل مملوك فتأمل. قوله: (وشمل قوله بأجرة من استأجر دارا محبسة مدة فله تحبيس منفعتها) أي
فمنفعتها من جملة المملوك بأجرة ومن جملة المملوك بأجرة منفعة الخلو فيجوز وقفها كما أفتى به جمع منهم
الشيخ أحمد السنهوري شيخ عج وعليه عمل مصر وهو مقتضى فتوى الناصر اللقاني بجواز بيع الخلو
الدين وإرثه ورجوعه لبيت المال حيث لا وارث إذ لا فرق. قوله: (فليس له تحبيس المنفعة التي يستحقها)
لأنه لا يملكها لما تقرر أن الموقوف عليه إنما يملك الانتفاع لا المنفعة فقول الشارح لان الحبس
لا يحبس أي لا يصح تحبيسه ممن كان محبسا عليه لعدم ملكه لذاته ولا لمنفعته وهذا لا ينافي جواز تحبيسه
لمن ملك منفعته بإجارة كما ذكر الشارح. قوله: (ولو كان المملوك حيوانا) رد بلو على ما حكاه ابن القصار من
منع وقف الحيوان قال ابن رشد ومحل الخلاف في المعقب أو على قوم بأعيانهم وأما تحبيس ذلك
ليوضع بعينه في سبيل الله أو لتصرف غلته في إصلاح الطريق أو في منافع المساجد أو لتفرق غلته
76

على المساكين وشبه ذلك فجائز اتفاقا ا ه‍ بن. قوله: (وكذا الثياب) أي والكتب يصح وقفها على المذهب
فهي مما فيه الخلاف وذلك لان الخلاف عندنا جار في كل منقول وإن كان المعتمد صحة وقفه خلافا
للحنفية فإنهم يمنعون وقفه كالمرجوح عندنا. قوله: (كعبد على مرضى) لكن وقفه خلاف الأولى لقطع
رجاء العتق. قوله: (لم يقصد ضرره) أي لم يقصد بوقفه على ما ذكر ضرره بل قصد الاحسان إليه أو لم
يعلم قصده وقوله وإلا لم يصح أي وإلا بأن قصد ضرره لم يصح وقفه على المرضى فالمضر قصد الضرر،
هذا حاصل كلام المصنف والذي يفيده نقل حلو لو عن المتيطي أنه إذا حصل له الضرر رد وقفه ولو لم
يقصده كذا ذكر شيخنا. قوله: (لان منفعتها صارت الخ) أي ولئلا تحمل فتصير أم ولد فلا يتعلق
بها خدمة. قوله: (كالمستعارة الخ) تشبيه في عدم الوطئ. قوله: (كطعام) أي طعام وما ماثله مما لا يعرف الخ
فقول الشارح مما لا يعرف بيان لما ماثل الطعام. قوله: (الصادق بالكراهة) أي كما يقول ابن رشد وقوله
والمنع أي كما يقول ابن شاس. قوله: (وقيل إن التردد الخ) رده بن بأنه لا فرق بين العين وغيرها في جريان
الخلاف وقول المدونة وجاز وقف العين اقتصار على المعتمد وفي حاشية السيد البليدي أنه كان في
قيسارية فاس ألف أوقية من الذهب موقوفة للسلف فكانوا يردونها نحاسا فاضمحلت. قوله: (والمراد الخ)
أشار بهذا إلى أن محل التردد حيث وقف للانتفاع به ورد مثله وأما إذا وقف مع بقاء عينه كما لو
وقف لأجل تزيين الحوانيت فإنه يمنع اتفاقا ويكون الوقف باطلا. قوله: (أهلية التبرع) أي بأن يكون
رشيدا طائعا. قوله: (حال تعلق حق الغير به) أي بأن أراد الواقف وقف ما ذكر من الآن مع كونه مرتهنا
أو مستأجرا، وأما لو وقف ما ذكر قاصدا بوقفها من الآن أنها بعد الخلاص من الرهن والإجارة
تكون وقفا صح ذلك إذ لا يشترط في أوفق التنجيز (قوله مثال للأهل) أي مثل لمن يكون اهلا للتملك
بعد الايقاف ويعلم منه بالأولى صحة الوقف على من كان أهلا للتملك حين الوقف. قوله: (فيصح الوقف)
أي إلا أنه غير لازم بمجرد عقده بل يوقف لزومه كغلته إلى أن يوجد فيعطاها ويلزم وعلى هذا
فللمحبس بيع ذلك الوقف قبل ولادة المحبس عليه كما يأتي في قوله كعلي ولدي ولا ولد له ابن عرفة
وفي لزومه بعقده على من يولد قبل ولادته قولا ابن القاسم ومالك انظر ح. قوله: (وعلى ذمي) أي
وصح وقف من مسلم على من تحت ذمتنا وإن لم يكن كتابيا وهو عطف على مدخول الكاف إذ هو
من جملة الأمثلة وليس عطفا على أهل كما هو ظاهر صنيع الشارح لئلا يقتضي أن الذمي ليس أهلا
للتملك، لان العطف يقتضي المغايرة وليس كذلك إلا أن يجعل من عطف الخاص على العام. قوله: (وإن لم
تظهر قربة) أي هذا إذا هرت القربة في الوقف عليه بأن كان فقيرا قريبا للواقف بل وإن لم تظهر قربة
كالواقف على الأغنياء الأجانب من الواقف ونفي المصنف ظهور القربة دون أصلها إشارة إلى أنه لا بد
في الوقف أن يكون فعل خير وقربة فالوقف على شربة الدخان باطل وإن قلنا بجواز شربه. قوله: (لا
لخصوص الذمي) أي كما هو المتبادر من كلام المصنف. قوله: (عطف على لم تظهر) أي فالمعنى هذا
إذا لم يشترط الواقف على الناظر أن يسلم له غلة الوقف بل وإن شرط عليه أن يسلمها له
ليصرفها على مستحقيها ولا يصح عطفه على مدخول لم لفساد المبالغة ولعدم ظهور فائدة.
77

قوله: (ليصرفها الواقف على مستحقيها) أي لان قبض الواقف الغلة لا يبطل جواز الناظر للوقف.
قوله: (أو كان الموقوف الخ) عطف على لم تظهر قربة وقوله ككتاب أي محبوك أو لا جزء واحد أو
أجزاء. قوله: (على طلبة علم) أفاد بهذا أن المسألة مفروضة في الوقف على غير معين إذ هو الذي يصح
بقاء يد المحبس عليه إذا صرفه فيما حبسه عليه، وأما لو كان الواقف على معين فلا يصح بقاء يد المحبس
عليه ولو بعد صرفه له فإن مات وهو تحت يده بطل الوقف انظر بن. قوله: (لحمل أو ركوب) أي لمحتاج.
قوله: (لينتفع به الخ) مفاده أن عوده للواقف لأجل انتفاعه كعوده له لأجل حفظه وهو الذي حققه بن
بالنقل عن ابن يونس وابن القاسم المفيد لذلك رادا على طفي حيث خص ذلك بالعود للواقف
لأجل الحفظ وأما لو عاد له لينتفع به ثم مات وهو عنده فإن الوقف يبطل. قوله: (بعد صرفه له في مصرفه)
أي ولو كان صرفه في مصرفه مفرقا وقوله بعد صرفه أي بعد صرف جميعه كما هو المتبادر ومفهوم عاد
إليه بعد صرفه أنه إذا لم يخرجه من يده حتى مات فإنه يكون ميراثا لعدم حوزه. قوله: (ولا يبطل) أي
ولو مات الواقف وهو في حوزه. قوله: (فإن صرف البعض وعاد له) أي ثم مات أو فلس وهو عنده.
قوله: (فما صرفه صح) أي صح وقفه سواء كان قليلا أو كثيرا وقوله ومالا فلا أي وما لم يصرفه قليلا
أو كثيرا لم يصح وقفه هذا هو ظاهر المدونة كما قال أبو الحسن، وأما قول عبق وما لم يصرفه لا
يصح وقفه إن كان النصف ففوق لا دونه فيتبع الأكثر الذي صرفه في مصرفه فيحتاج لنقل يشهد له
انظر بن. قوله: (وأما ماله غلة وكان يكريه ويفرق غلته كل عام ولم يخرجه الخ) أنت خبير بأنه إذا لم
يخرجه من يده حتى حصل المانع لا يفترق ذو الغلة من غيره بل الوقف باطل فيهما وإنما يفترقان فيما إذا
خرج من يده ثم عاد له واستمر تحت يده حتى حصل المانع ففيما لا غلة له الوقف صحيح ولو عاد له قبل عام،
وأما ماله غلة إن عاد قبل تمام العام بطل الوقف وإلا فلا على ما يأتي في المصنف فكأن الأولى للشارح
أن يقول: وأما ماله غلة إذا حيز عنه ثم عاد إليه للانتفاع به واستمر تحت يده حتى حصل المانع فإن وقفه
يبطل إن عاد قبل العام لأجل أن تظهر المقابلة فتأمل. قوله: (وأما ما حبسه في المرض الخ) حاصله أن
الوقف في المرض وكذا سائر التبرعات فيه تنفذ من الثلث ولا يشترط فيه حوز وله إبطاله وإنما يشترط
الحوز في التبرعات الحاصلة في الصحة، فإن حصل الحوز قبل المانع صح التبرع وإلا فلا وهذا كله إذا
كان لغير وارث، وأما للوارث ففي الصحة صحيح إذا حيز قبل المانع وأما في المرض فهو باطل
ولو حيز. قوله: (وبطل على معصية) أي ويصير ذلك الموقوف مالا من أموال الواقف يملكه ويورث
عنه لا أنه يرجع مراجع الاحباس لأقرب فقراء عصبة المحبس وإلى امرأة لو كانت رجلا
عصبت ومفهوم معصية صحته على مكروه وصرفت غلته لتلك الجهة التي وقف عليها وهو
كذلك ولو اتفق على كراهته كما جزم به الشيخ كريم الدين، كما لو وقف على من يصلي ركعتين بعد العصر
أو لمن يعمل ذكرا يلزم عليه رفع الصوت في المسجد، وكالوقف على فرش المسجد بالبسط وقال بعضهم
في المتفق على كراهته تصرف غلة الوقف في جهة قريبة من الجهة التي وقف عليها. قوله: (ويدخل فيه الخ)
ما ذكره من بطلان وقف الذمي على الكنيسة مطلقا هو المعمد ولابن رشد قول ثان. وحاصله
أن وقف الكافر على عباد الكنيسة باطل لأنه معصية وأما على مرمتها أو على الجرحى أو المرضى
التي فيها فالوقف صحيح معمول به، فإذا أراد الواقف أو الأسقف بيعه ونوزع في ذلك وترافعوا
إلينا راضين بحكمنا فإن للحاكم أن يحكم بينهم بحكم الاسلام من صحة الحبس وعدم بيعه. ولعياض
قول ثالث وهو أن الوقف على الكنيسة مطلقا صحيح غير لازم سواء أشهدوا على ذلك الوقف
أم لا بان من تحت يد الواقف أم لا وللواقف الرجوع فيه متى شاء. قوله: (وبطل على حربي) أي
على كافر مقيم بدار الحرب وإن لم يتصد للحرب. قوله: (وكافر لكمسجد) هو بالجر عطف على معمول
78

المصدر المقدر الواقع مضافا إليه تقديره وبطل وقفه على معصية أو كافر فهو عطف على الضمير
المضاف إليه وقف ولا يصح عطفه على معصية لان الكافر هنا واقف لا موقوف عليه، إذا علمت هذا
فقول الشارح وبطل من كافر لكمسجد هذا حل معنى لا حل إعراب. قوله: (من كل منفعة عامة دينية)
من جملتها بناؤه مسجدا ولبطلان القربة الدينية من الكافر رد مالك دينار نصرانية عليها حين بعثت
به إلى الكعبة، وأما القرب الدنيوية كبناء قناطر وتسبيل ماء ونحوهما فيصح. قوله: (أو على بنيه دون
بناته) أي إذا أخرجهن ابتداء أو بعد تزوجهن بأن وقف على بنيه وبناته جميعا وشرط أن من
تزوجت من بناته فلا حق لها في الوقف وتخرج منه ولا تعود له ولو تأيمت، وأما لو شرط أن من تزوجت
من البنات فلا حق لها إلا أن تتأيم فإنه يرجع لها الحق فيه كان الوقف صحيحا كما قرره شيخنا العدوي.
قوله: (كبناته دون بنيه) أي وكذا على بعض بنيه دون بعض بناته وعلى إخوته دون أخواته أو على
بني فلان دون بناته فيصح الوقف في ذلك كله لانتفاء العلة المذكورة وأما لو وقف على بنيه الذكور
ثم من بعدهم على بناته فتردد فيه بعض شيوخنا وأفتى بعضهم بالمنع كذا كتب شيخنا العدوي. قوله: (وما
مشى عليه المصنف) أي من بطلان الوقف وحرمة القدوم عليه أحد أقوال وهذا القول رواية ابن
القاسم عن مالك في العتبية. قوله: (ورجح بعضهم) أي وهو عياض وغيره. قوله: (وهو رأي ابن القاسم)
أي ورواية ابن زيادة عن مالك في المدونة واعترض على المصنف بأنه ما كان ينبغي له ترك مذهب
المدونة الذي شهره عياض والمشي على غيره لا يقال ما مشى عليه المصنف رواية ابن القاسم، وقد تقرر
أن رواية ابن القاسم تقدم على رواية غيره لأنا نقول هذا خاص بروايته عن مالك في المدونة فهي
تقدم على رواية غيره فيها، وتقدم على قول ابن القاسم الذي ذكره من عنده سواء كان فيها أو في غيرها،
لكن قد علمت أن رواية ابن القاسم هنا عن مالك في غيرها لا فيها ورواية غيره فيها تقدم على روايته
في غيرها. قوله: (بأن الكراهة في المدونة الخ) نصها ويكره لمن حبس أن يخرج البنات من تحبيسه قال
أبو الحسن وابن ناجي وابن غازي الكراهة على بابها فإن وقع ذلك مضى وقيل إنها للتحريم وعليه إذا
وقع فإنه يفسخ، واعلم أن في هذه المسألة وهي الوقف على البنين دون البنات أقوالا: أولها: البطلان مع
حرمة القدوم على ذلك، ثانيها: الكراهة مع الصحة والكراهة على بابها، ثالثها: جوازه من غير كراهة.
رابعها: الفرق بين أن يحاز عنه فيمضي على ما حبسه عليه أو لا يحاز فيرده للبنين والبنات معا، خامسها:
ما رواه عيسى عن ابن القاسم حرمة ذلك فإن كان الواقف حيا فسخه وجعله للذكور والإناث وإن
مات مضى، سادسها: فسخ الحبس وجعله مسجدا إن لم يأب المحبس عليهم فإن أبوا لم يجز فسخه ويقر
على حاله حبسا وإن كان الواقف حيا، والمعتمد من هذه الأقوال ثانيها كما قال الشارح ومحل الخلاف
إذا حصل الوقف على البنين دون البنات في حال الصحة وحصل الحوز قبل المانع، أما لو كان الوقف
في حالة المرض فباطل اتفاقا ولو حيز لأنه عطية لوارث أو كان في حال الصحة وحصل المانع قبل
الحوز فباطل اتفاقا أيضا ومحله أيضا ما لم يحكم بصحته حاكم ولو مالكيا وإلا صح اتفاقا لان حكم
الحاكم يرفع الخلاف. قوله: (ولا مفهوم لمسكنه) أي بل كل ماله غلة كذلك كحانوت وحمام وفندق
وبستان. قوله: (إذ الانتفاع الخ) فحاصله أنه إذا وقف ماله غلة وحيز عنه ثم عاد قبل عام للانتفاع به
بعد الحوز عنه واستمر ينتفع به حتى حصل المانع فإن الوقف يبطل. قوله: (لو عاد بعد عام) أي
سواء عاد بكراء أو إرفاق أي عارية. قوله: (فيما إذا سكن ما وقفه على محجوره الخ) أي وأما إذا
سكن ما وقفه على غيره ولو ولده الكبير بعد عام فلا خلاف في عدم بطلانه. قوله: (قولان مشهوران)
أحدهما لا يبطل الوقف وهذا قول غير ابن رشد وعليه عول المتيطي قائلا هو المشهور وبه
79

العمل والقول الثاني يبطل الوقف إن عاد لما حبسه على محجوره ولو بعد أعوام وهو لابن رشد وليس
العمل عليه. قوله: (فإن عاد عليه بعد العام بإرفاق) أي لأجل الانتفاع به مجانا. قوله: (لو في بالمسألة)
وحاصلها أنه إن عاد لانتفاعه بما وقفه قبل عام وحصل المانع قبل أن يحاز عنه ثانيا بطل الوقف مطلقا
كان على محجوره أو غيره سواء عاد بكراء أو إرفاق، وإن عاد له بعد عام بكراء أو إرفاق فلا يبطل إذا
كان الوقف على غير محجوره، وإن كان على محجوره ففيه خلاف إن عاد له بكراء وأشهد على ذلك
وإن عاد له بإرفاق بطل اتفاقا. قوله: (فإنه لا يبطل بعوده له قبل عام) أي سواء كان عوده له لأجل
صيانته له أو لأجل انتفاعه به كما لبن خلافا لطفي كما مر. قوله: (وإلا لم يبطل) أي وإلا يحصل مانع قبل
أن يحاز ثانيا لم يبطل وقوله ويحاز أي يلزم بالتحويز أي الرد والاشهاد على الحيازة ثانيا. قوله: (أو
جهل سبقه لدين) أي وأولى إذا علم تقدم الدين على الوقف فإن تحقق تقدم الوقف على الدين
فلا بطلان وتتبع ذمة الواقف بالدين، والحاصل أنه إن علم تقدم الدين على الوقف بطل سواء كان
الوقف على محجوره أو على غيره، وإن علم تقدم الوقف على الدين فلا بطلان كان الوقف على محجوره
أو على غيره وإن جهل سبقه له فإن كان الوقف على محجوره بطل إن حازه له وإن كان على غيره فلا
بطلان إن حازه الموقوف عليه قبل المانع. قوله: (شرط في قوله أو جهل الخ) الأولى أن يقول شرط في
بطلان الوقف إذا جهل سبقه الدين. قوله: (مع وجود الشروط الثلاثة) أي الآتية في كلام المصنف
قريبا. قوله: (من الاشهاد) أي على الوقف. قوله: (وصرف الغلة) أي في مصالح الموقوف عليه. قوله: (وإلا
لبطل الخ) أي وإلا توجد هذه الشروط الثلاثة بأن تخلف ولو واحدا منها لبطل الخ فلذا حمل المصنف
على هذه الحالة. قوله: (يعني أن من وقف وقفا على محجوره) أي وحازه له والحال أنه أشهد على
الوقف وصرف الغلة للموقوف عليه وليس ذلك الموقوف دار سكنى الواقف. قوله: (لضعف الحوز)
أي لضعف هذا الحوز الحاصل من الواقف وإنما كان حوز الواقف ضعيفا لكون الوقف لم يخرج
من تحت يده بخلاف حوز غيره فإنه قوي لخروج الوقف من تحت يد الواقف. قوله: (بإذن الأب)
الأولى بإذن الولي الواقف. قوله: (كالولد الكبير) أي كما لو كان الوقف على ولده الكبير الرشيد أو على
أجنبي وحاز لأنفسهما في حال صحة الواقف. قوله: (فهل يعتبر حوزه) أي أو لا يعتبر حوزه فيبطل
الوقف بجهل السبق. قوله: (على المعتمد) أي وحينئذ فلا يبطل الوقف بجهل السبق خلافا لمن
قال ببطلانه. قوله: (على نفسه خاصة) أي ابتداء أو بعد أن حبسه على غيره كحبس على زيد
وعمرو ثم بعد موتهما على نفسي ثم من بعدي على كذا أو سكت عما بعد نفسه والأولى منهما
الوقف فيها منقطع الوسط، والثانية منقطع الآخر. وقول الشارح ولو وقفه على نفسه ثم على عقبه
الوقف فيها منقطع الأول، ومذهبنا أن الوقف إذا كان فيه انقطاع في أوله أو آخره أو وسطه
يبطل فيما لا يجوز الوقف عليه ويصح فيما يصح الوقف عليه إن حصل منه حوز قبل حصول المانع
للواقف ولا يضر الانقطاع، لان الوقف نوع من التمليك في المنافع فجاز أن يعمم فيه أو يخص كالعواري
والهبات والوصايا. قوله: (وليس كذلك بل حصة الخ) لا يقال هذا يخالف قولهم الصفقة تفسد إذا
80

جمعت حراما وحلالا لان هذا مخصوص بالمعاوضات المالية بالبيع والشراء لأنها مبنية على التشديد
ولعدم الضرر في فسخها لاخذ كل واحد عوضه بخلاف التبرعات فإن بفسخها يحصل الضرر للمتبرع
عليه. قوله: (صحت) أي صح الوقف فيها دون حصة الواقف وقوله وإلا فلا أي وألا يحصل حيازة
في حصة الشريك فلا يصح الوقف فيها كما أنه لا يصح في حصة الواقف ا ه‍. واعلم أن حصة الشريك
إن كانت معينة فيكفي في صحة وقفها حوزها وحدها كأن يقف دارين على نفسه وعلى شخص على
أن له إحداهما معينة وللآخر الأخرى فإن كانت حصة الشريك غير معينة فالمعتبر حوز الجميع. قوله: (إن
حازوا الخ) أي فإن استمر تحت يده حتى حصل المانع من موت أو فلس أو جنون بطل الوقف من
أصله. قوله: (أو على أن النظر له) محله ما لم يكن وقفه على محجوره وإلا فله النظر ويكون الشرط مؤكدا
كذا ذكر شيخنا الشيخ البليدي في حاشية عبق. قوله: (أي وحصل مانع للواقف) أشار بهذا إلى
أن شرط النظر له لا يبطل الوقف خلافا لما يظهر من كلام المؤلف وإنما يبطل الوقف عند شرطه
النظر له بعد الحوز كما اقتصر عليه ابن عبد السلام واستظهره في التوضيح، فإذا لم يحصل مانع أخرج
من يد الواقف إلى يد ثقة وإن حصل مانع قبل ذلك بطل الوقف انظر ابن غازي، وبهذا تعلم أن هذه
الصورة يستغني عنها بما بعدها ا ه‍ بن. قوله: (فإن حازه قبل المانع صح) أشار الشارح بهذا إلى أن
قول المصنف ولو سفيها مبالغة في المفهوم. قال ح ظاهر المؤلف أن حيازة السفيه مطلوبة ابتداء
وليس كذلك بل المطلوب ابتداء حيازة الولي له وإنما الخلاف لو وقع وحاز لنفسه والقول الراجح أن
حيازته كافية خلافا للباجي ثم ذكر أن الصغير كالسفيه فيما ذكر. قوله: (أو لم يحزه حتى حصل المانع كبير
وقف عليه) أي ولا يكفي الجد في الحوز هنا بخلاف الهبة لأنها خرجت عن ملك الواهب بالمرة
بخلاف الوقف لان الملك للواقف كما يأتي ومفهوم قوله حتى حصل المانع أنه إذا لم يحصل المانع
لا يبطل ويجبر على دفعه له ومفهوم قوله أو لم يحزه أنه لو حازه من ذكر قبل المانع صح الوقف، ويشترط
في الحوز معاينة البينة لقبض المحبس عليه ولو بدفع المفاتيح له أو عقد الكراء والمزارعة، فلو أقر
الواقف في حال صحته أن الموقوف عليه قد قبض وشهد عليه بإقراره بينة ثم مات لم يقض بذلك إن
أنكرت ورثته حتى تعاين البينة الحوز. قوله: (أو لم يحزه ولي صغير) أي حتى حصل المانع.
قوله: (ظاهره أن حوز الصغير لا يكفي) أي لان قوله أو لم يحزه ولي صغير وقف عليه صادق بما إذا
وقف على الصغير ولم يحصل حوز أصلا أو حصل الحوز من الصغير. قوله: (أو لم يخل بين الناس
وبين كمسجد ومدرسة ورباط) أي حتى حصل المانع فإنه يبطل الوقف. قوله: (إن تأخر) أي الحوز.
قوله: (ولو على الفقراء) أي على معين سواء كان قريبا له أو أجنبيا منه بل ولو على غير معين كالفقراء.
قوله: (فللغريم إبطاله وأخذه في دينه) أي وله إمضاؤه فهو مخير لان الحق له. قوله: (في الأولى) أي
الفلس وقوله في الأخيرين أي المرض والموت. قوله: (فكالوصية يخرج من الثلث) أي سواء حصلت
حيازة أولا فالحوز لا يشترط في التبرعات الحاصلة في المرض وإنما يشترط في التبرعات الحاصلة في
الصحة. والحاصل أن التبرعات إما أن تحصل في الصحة أو في المرض وفي كل إما أن يكون المتبرع له
وارثا أو أجنبيا فإن حصل التبرع في الصحة وحصل الحوز قبل المانع صح، وإلا فلا لا فرق بين كون
المتبرع له وارثا أو أجنبيا وإن كان في المرض خرج مخرج الوصية من الثلث حصل حوز أم لا
81

إن كان لغير وارث وإن كان لوارث بطل ولو حيز لأنه وصية لوارث وقد نهى الشارح عنها له.
قوله: (فليس له ذلك) أي خلافا لما توهمه بعضهم من أن له إبطاله عند كبر سنه. قوله: (فله ذلك) أي إبطاله عملا
بشرطه. قوله: (لمحجوره) اللام بمعنى على. قوله: (فلا يشترط فيه) أي في حوز ذلك الوقف. قوله: (الحوز
الحسي) أي وهو الاخراج من تحت يد المحبس. قوله: (بل يكفي الحكمي) أي الحوز الحكمي.
قوله: (لكن بشروط ثلاثة) بقي شرط رابع للصحة وهو أن لا يكون ما حبسه الوقف على محجوره مشاعا،
فإن كان مشاعا ولم يعين له حصة حتى حصل المانع بطل الوقف وصار إرثا بينه وبين أخوته الرشداء
والحاصل أن حوز الواقف لما وقفه على محجوره إنما يكون فيما قد أبرزه وعينه وأبانه ولم يخلطه بماله،
فإن كان مشاعا فلا يكفي حوزه ويبطل الوقف إن حصل المانع وحينئذ إذا حبس على أولاده الصغار
والكبار فالذي يحوز للصغار أخوتهم الكبار بتقديم الأب لا أبوهم، فلو حاز الأب ذلك لحق الصغار ثم
حصل مانع بطل الوقف. قوله: (وليس المراد الاشهاد على الحوز) أي بأن يقول للبينة اشهدوا على أني
رفعت يد الملك ووضعت يد الحوز وإنما كان هذا غير مراد لأنه لا يشترط ذلك. قوله: (وصرف الغلة)
أي وثبت أنه صرف الغلة كلها أو جلها أو احتمل ذلك. قوله: (له) أي لمحجوره. قوله: (فإن علم عدم الصرف
له بطل الوقف بالمانع) أي وإن صرف نصفها له ونصفها لمحجوره صح الوقف في النصف فقط وإن
صرف حل الغلة لنفسه وصرف أقلها للمحجور عليه بطل الوقف في الجميع. قوله: (جرى على الهبة
كصرف الغلة) أي كما إن صرف الغلة المتقدم يجري على الهبة وحاصل ما في الهبة أنه إذا أشغل النصف
إلى أن حصل له المانع بطلت الهبة في ذلك النصف، وإن أشغل الأكثر إلى حصول المانع بطلت الهبة في
جميعها كما لو كان شاغلا لكلها، وإن أشغل الأقل إلى حصول المانع كانت الهبة صحيحة في جميعها بمنزلة
فراغها من شواغل المحبس. قوله: (ودار سكناه) أي وبطل هبة دار سكناه لمحجوره وقوله إلا أن يسكن
أقلها الخ ومن باب أولى ما إذا أكراها كلها له. قوله: (والأكثر بطل الجميع) أي وإذا سكن الأكثر بطل
الجميع لأنه بمنزلة سكناها كلها. قوله: (إلا إذا كانت وصية) أي عليه فيجوز أن تحوز له ما حبسته عليه،
وأما ما حبسه الأب أو غيره عليه فيصح حوزها له سواء كانت وصية أم لا. قوله: (أو على وارث)
عطف على قوله على معصية. قوله: (بمرض موته) أي وأما لو وقف على وارثه بمرضه ثم صح الواقف
من ذلك المرض الذي وقف فيه صح وقفه حيث حيز عنه قبل المانع كما لو وقف في حال صحته.
قوله: (ولو حمله الثلث) أي ولو حازه الموقوف عليه. قوله: (لان يجيزه له بقية الورثة) أي فإن أجازوه لم يبطل
لأنه ابتداء وقف منهم. قوله: (تعرف بمسألة ولد الأعيان) في هذه التسمية قصور لان الحكم في هذه
المسألة لا يختص بالوقف على ولد الأعيان بل الوقف على غيرهم من الورثة كذلك فلو وقف في مرضه
على أخوته وأولادهم وعقبهم أو على أخوته وأولاد عمه وعقبهم أو أخوته وعقبهم وأولاد عمه فالحكم
لا يختلف وضابط تلك المسألة أن يقف المريض على وارث وغير وارث وعلى عقبهم. قوله: (إلا وقفا
معقبا) أي أدخل فيه الواقف عقبا حاصلا ذلك الوقف في مرض الواقف. قوله: (جرى ما يأتي) أي
جرى الكلام الذي يأتي من القسم على الورثة فيما يحمله الثلث منه. قوله: (فكميراث
للوارث) أي بالنسبة للوارث أي أن الذي يخص الوارث من ذلك الوقف يجعل كالميراث في القسم للذكر مثل حط الأنثيين،
ولو شرط الواقف تساويهما وفي غيره مثل دخول بقية الورثة مع ذلك الوارث الموقوف عليه فيما يخصه
82

من الوقف. قوله: (في القسم) أي لغلته وأما ذاته فهي حبس. قوله: (لا ملك) أي فيرجع مراجع الاحباس.
قوله: (والأم السدس) أي والباقي للأولاد. قوله: (كثلاثة أولاد الخ) هذا مثال المدونة فلذا اقتصر
المصنف عليه وإلا فحقيقة المسألة أن يقف الواقف في مرض موته على وارث وعلى غير وارث وعلى
عقبهم فلا مفهوم لما ذكره المصنف. قوله: (هم أولاد الأعيان) أي وهم الذين سميت المسألة بهم. قوله: (وعقبه)
أي والحال أنه عقب وقفه أي أدخل فيه عقبه. قوله: (بطل على الأولاد وصح على أولاد
الأولاد) يعني أنه تقسم ذات الوقف بين الأولاد وأولاد الأولاد فما ناب الأولاد تكون ذاته إرثا
وما ناب أولاد الأولاد يكون وقفا كما في بن عن التوضيح. قوله: (فيدخلان) أي إن منعتا ما فعله
مورثهما من وقفه في المرض، وأما إن أجازتا فعله فلا يدخلان أصلا، هذا هو الصواب. قوله: (وسواء الخ)
هذا تعميم في قوله وهو ثلاثة أسهم. قوله: (لان شرطه لا يعتبر فيما لأولاد الأعيان) أي لأنهم لا
يأخذون على حكم الوقف بل على حكم الميراث وأخذ الزوجة والأم على حكم الفرائض تبعا فلا تقسم
السهام على رؤوسهم، وإنما يعتبر شرطه فيما خص أولاد الأولاد لأنهم يأخذون على حكم لوقف.
قوله: (من تفاضل) أي للذكر على الأنثى. قوله: (ولكونه الخ) علة لقوله لم يبطل مقدمة على المعلوم أي ولم يبطل
ما ناب أولاد الأعيان الموقوف عليهم في المرض لكون الوقف معقبا وقوله لتعلق حق غيرهم علة للمعلل
مع علته أي وانتفى البطلان لكون الوقف معقبا لتعلق الخ. قوله: (لتعلق حق غيرهم) وهم أولاد أولاد
الأعيان به أي بما ناب أولاد الأعيان لان أولاد الأعيان إذا ماتوا رجع الوقف لأولادهم. قوله: (على
طريقة الفرضيين) أي الذين لا يعطون كسرا. قوله: (لكل واحد سبعة عشر) واعلم أن القسمة على الوجه
المذكور إنما هي لغلة الوقف لا لذاته إذ لا يجوز قسمه إلا إذا كانت قسمة منافع تأمل. تنبيه: تكلم
المصنف والشارح على حكم ما إذا وقف على أولاد الأعيان وأولادهم وعقبهم دون الزوجة والأم ولم
يتكلم واحد منهما على ما إذا حبس عليهما مع من ذكر والصواب كما ذكره بن قسم الوقف على رؤوس
الجميع ابتداء ثم يقسم ما ناب الورثة على حكم الفرائض ولا يعتبر شرطه فيهم. قوله: (وانتقض القسم
المذكور) أي وهو القسم على سبعة. قوله: (أو أحدهما) فإذا حدث لأولاد الأولاد واحد مثلا أو
حدث واحد من أولاد الأعيان ويتصور ذلك فيما إذا كان للواقف ولد غائب لم يعلم به حين القسم ثم
83

حضر بعد القسمة وشهدت البينة بأنه ابن الواقف فتنتقض القسمة. قوله: (لهم سهمان منها) أي من
الستة. قوله: (ولكن نصيبه لوارثه) أي ويأخذ مع ذلك ما ينوبه من الوقف أيضا. قوله: (مع ما بيد) أي
مع رجوع ما بيد الزوجة والأم. قوله: (كأولاد الأولاد) أي وأعيدت القسمة من ستة. قوله: (للأم
سدسها الخ) أي وليس لواحد تصرف فيما يخصه ببيع ونحوه. قوله: (فلا ينتقض) أي القسم بموت
إحداهما. قوله: (ولكن يرجع مناب من مات منهما لورثته وقفا الخ) فيه أن ورثتهما ليسوا من الموقوف
عليهم فالأولى حذف قوله وقفا أي فيرجع مناب من مات منهما لورثتها على حكم الميراث إلا أن يقال
أراد بقوله وقفا عدم التصرف فيه بالبيع ونحوه فلا ينافي أنه على حكم الميراث. قوله: (فإن لم يكن لهما
وارث الخ) هذا ظاهر في الزوجة فإن زوجة الأب قد تكون أجنبية من الأولاد وأما الأم فيفرض
عدم الوارث لها في القيام مانع الإرث بالأولاد كقتلهم لها تأمل. قوله: (فإذا انقرض أولاد الأعيان)
أي بعد موت الزوجة والأم وبعد رجوع نصيبهما لوارثهما وقوله رجع لأولاد الأولاد أي رجع ما
كان للأم والزوجة لأولاد الأولاد، وكذا لو انقرض أولاد الأعيان قبل موتهما فإنه يرجع ما كان
لهما لأولاد الأولاد ولا ينتظر موتهما لان أخذهما كان بالتبع لأولاد الأعيان كما مر. قوله: (وإذا
انتقض الخ) أشار إلى أن الفاء في قول المصنف فيدخلان واقعة في جواب شرط مقدر. قوله: (شامل
للنقص والزيادة) أي لان المعنى وإذا انتقض القسم بحدوث ولد أو موته فيدخلان أي في النقص
الحاصل بحدوثه والزيادة الحاصلة بموته. قوله: (بحبست ووقفت) أي أو ما يقوم مقامهما
كالتخلية بين كمسجد وبين الناس وإن لم يخص قوما دون قوم ولا فرضا دون نفل فإذا بنى مسجدا
وأذن فيه للناس فذلك كالتصريح بأنه وقف وإن لم يخص زمانا ولا قوما ولا قيد الصلاة بكونها
فرضا أو نفلا فلا يحتاج لشئ من ذلك ويحكم بوقفيته. قوله: (خلافا لبعضهم) أي وهو ح
حيث جعل القيد راجعا للصيغ الثلاثة. والحاصل أن الراجح من المذهب إن حبست
ووقفت يفيد أن التأبيد سواء قيدا بجهة لا تنحصر أو بمعين أو بمجهول محصور كوقفت وحبست
داري على الفقراء أو على زيد أو على بني فلان إلا في الصورة الآتية وهي ما إذا ضرب للوقف أجلا
أو قيده بحياة شخص، وأما لفظ الصدفة فلا يفيد التأبيد إلا إذا قارنه قيد وهو خلاف ما قاله ح أول
تقريره من أن القيد راجع للثلاثة، وخلاف ما لابن شعبان وابن الحاجب من رجوعه لحبست
وتصدقت فقط انظر بن. قوله: (أو طلبة العلم) أي أو أهل مدرسة كذا أو أهل مسجد كذا.
قوله: (فإن كان) أي الوقف على المعين أو على الجهة التي لا تنقطع وقوله فظاهر أي فظاهر
صحته من غير افتقار لقيد. قوله: (نحو لا يباع ولا يوهب) أي وكذكر العقب كصدقة عليه وعلى
عقبه فهو قرينة على الوقف. قوله: (لا وجه الخ) حاصله أن قوله أو لمجهول الخ عطف على قوله أو جهة
لا تنقطع فإذا جعلت الواو للمبالغة كان ما قبل المبالغة عين المعطوف عليه مع أن العطف يقتضي المغايرة.
84

قوله: (بأن الواو للحال) أي والمسوغ لمجئ الحال من النكرة عطفها على نكرة موصوفة وذكر بعضهم
أن اقتران الجملة الحالية بالواو مسوغ. قوله: (لان قوله وعقبه دليل الخ) هذا جواب عما يقال لأي شئ
قامت الصداقة على المجهول المحصور مقام لفظ الحبس وإن لم يقارنها قيد بخلاف المجهول غير المحصور
كصدقة على الفقراء. وحاصله أن في الأول شبها بالوقف لتعلق الصدقة بغير الموجود كالعقب إذ منهم
من لم يوجد فلذا جعل حبسا للزوم تعميمهم وأما الثاني فإن الصدقة إنما تعلقت بموجود وهم الفقراء ولا
يلزم تعميمهم. قوله: (ما يحاط بأفراده) كبني فلان وذرية فلان وقوله ما لا يحاط بأفراده أي كالفقراء
والمساكين ومن غير المحصور كأهل مسجد كذا وحينئذ فلا يلزم تعميمهم ويؤخذ منه أن أهل
مسجد كذا يفعلون كذا من المعاصي لا يعد غيبة. قوله: (وبالكتابة على أبواب المدارس) أي كأن يوجد
مكتوب على باب مدرسة وقف فلان بن فلان أو السلطان فلان. قوله: (بها كتب) متعلق بمشهورة أي
مشهورة بأن بها كتبا وحاصله أنه إذا وجد مكتوبا على كتاب وقف لله على طلبة العلم فإنه لا يثبت
بذلك وقفية حيث كانت وقفيته مطلقة، فإن وجد مكتوبا عليه وقف على طلبة العلم بالمدرسة الفلانية
أو وقف على طلبة العلم ومقره بالمدرسة الفلانية، فإن كانت مشهورة بالكتب ثبتت وقفيته وإن لم
تكن مشهورة بذلك لم تثبت وقفيته. قوله: (لا كتاب) أي لا بالكتابة على كتاب. قوله: (من محل
مشهور) أي بوقف الكتب فيه. قوله: (ورجع الوقف) أي المؤبد وأما الوقف المؤقت فسيأتي في قوله
إلا على كعشرة حياتهم وقوله ورجع إن انقطع أي ولو في حياة المحبس لأنه يرجع لهم حبسا كما قال
الشارح ينتفعون به انتفاع الوقف ولا يدخل الواقف في المرجع ولو فقيرا وليس المراد أنه يرجع
ملكا، وإلا لاختص الواقف به وكانت تدخل المرأة الوارثة ولو لم تقدر رجلا. قوله: (ولا موالية) أي
الذين لهم عليه ولاء. قوله: (فإن كانوا) أي أقرب عصبة المحبس. قوله: (فلأقرب فقراء عصبتهم) أي
عصبة عصبة المحبس. قوله: (ليس إنشاءه) أي حتى يعمل فيه بشرطه الذي شرطه. قوله: (إنما هو يحكم
الشرع) أي وإنما حكم به الشرع عند انقطاع المحبس عليه فإن فرض أنه قال إن انقطع ورجع لأقرب
فقراء عصبتي فللذكر مثل حظ الأنثيين، فانظر هل يعمل به أم لا، قال بن والظاهر أنه يعمل
بشرطه حيث نص عليه في المرجع لان المرجع صار بذلك في معنى المحبس عليه. قوله: (ويعتبر
في التقديم) أي تقديم فقراء عصبة المحبس بعضهم على بعض. قوله: (وقدم ابن فابنه الخ) أي
فأب فأخ فابنه فجد فعم فابنه فالأخ وابنه يقدمان على الجد. قوله: (ورجع إلى امرأة الخ) أشار
الشارح إلى أن قوله وامرأة عطف على أقرب لان ظاهر كلامهم أنها بالشرط المذكور
تدخل في المرجع سواء كانت أقرب من العاصب أو مساوية له، ويصح العطف على فقراء أيضا
والمعنى ورجع لأقرب امرأة الخ، وهذا لا يفيد أنه لا بد أن تكون أقرب من العاصب وإنما
يفيد اعتبار القرب في أفراد النساء بعضهن مع بعض، وهذا لا بد منه كما اعتبر ذلك في أفراد
العصبة، نعم لا يصح العطف على عصبة لفساده إذ المعنى حينئذ ورجع لأقرب فقراء امرأة وهو غير
مستقيم لان الكلام في الرجوع للمرأة نفسها لا لأقرب فقرائها. قوله: (والعمة وبنت العم) أي
وكالأخت فإذا كان يوم المرجع ليس له إلا بنت أو أخت واحد وكانت فقيرة كان لها جميع الوقف.
قوله: (من غير تقدير) أي من غير تقدير لمن أدلت به رجلا. قوله: (ثم هذه المرأة) أي التي لو قدرت
85

رجلا عصب. قوله: (وإن ساوت الخ) أي هذا إذا كانت أقرب من العاصب بل وإن ساوته لا إن
كان العاصب أقرب منها فلا تعطي بالأولى من العاصب الحقيقي فإنه لا يعطي إذا كان هناك عاصب
أقرب منه. قوله: (فما فهمه القرافي) أي من إعطائها وإن ساوت. قوله: (خلافا للتتائي) أي حيث اشترط
كونها أقرب من العاصب الحقيقي. قوله: (الراجع) أي لأقرب فقراء عصبة المحبس. قوله: (لا على
الابن) أي لان البنات يشاركن الابن. قوله: (قال ابن هارون الخ) حاصله أن الأقسام ثلاثة: الأول:
مشاركة الرجال والنساء في الضيق والسعة وذلك إذا تساوى الرجال والنساء كأخ وأخوات وابن
وبنات، الثاني: عدم المشاركة في الضيق والسعة وذلك إذا كان النساء أبعد من العاصب أي كأخوات
مع الابن وكأخ وعمة، والثالث: المشاركة في السعة دون الضيق وذلك إذا كان النساء أقرب كبنت
وعم أو أخ لان الأنثى تأخذ أولا ما يكفيها عند سعة الغلة وما زاد على ذلك يكون للرجل الأبعد منها
فإن كانت الغلة لا تزيد عن كفايتها اختصت بها. قوله: (يحجب فرعه فقط) بهذا أفتى ابن رشد وخالفه
عصر به ابن الحاج غير صاحب المدخل كما في البدر وحاصل ذلك أنه إذا مات واحد من لطبقة العليا،
فقال ابن رشد يكون حظه لولده بناء على أن الترتيب في الوقف باعتبار كل واحد وحده أي على فلان
ثم ولده وعلى فلان ثم ولده وعلى فلان ثم ولده وهكذا فكل من مات انتقل حظه لولده وكل واحد من الطبقة العليا إنما
يحجب فرعه دون فرع غيره. وقال ابن الحاج بل يكون حظ من مات من العليا لبقية إخوته بناء على أن
الترتيب باعتبار المجموع أي لا ينتقل للطبقة الثانية حتى لا يبقى أحد من العليا ثم إنه على هذا الطريقة
الثانية إذا انقرضت العليا وانتقل الوقف للطبقة السفلى هل يسوي بين أفراد السفلى وهو ما للح أو
يعطي لكل سلسلة ما لأصلها وهو ما للناصر اللقاني انظر بن. وفي ح عن فتوى بعض مشايخه لو قال
الواقف ومن مات فنصيبه لأهل طبقته من أهل هذا الوقف فمات الولد الذي مات أبوه أو انتقل
نصيبه إليه فإن نصيبه لمن في درجته ولو مع حياة أصولهم ولا يمنع ذلك قوله من أهل هذا الوقف لأنهم
أهل مآلا. قوله: (حياتهم) أي ولم يقل وبعدهم للفقراء وإلا كان الحكم ما تقدم. قوله: (أو حياة زيد الخ)
فلو قال هذا الشئ حبس على هؤلاء العشرة حياة زيد ومات زيد قبلهم فلا يبقى معهم بل يرجع ملكا للواقف
إن كان حيا ولوارثه إن مات ولو كان لزيد وارث لأنه لا حق له حتى ينتقل لوارثه. قوله: (ولما كان
في هذه يرجع ملكا) الأنسب ولما كان في هذه الوقف غير مستمر احتيط الخ. قوله: (ولم يقيد
بأجل) أي ولم يقل وبعدهم للفقراء بأن قال وقف على القوم الفلانيين فقط فكل من مات
منهم نصيبه لمن بقي من أصحابه فإذا انقرضوا كلهم رجع مراجع الاحباس. والحاصل أنه
إنما يملك بعد القراض الموقوف عليهم إلا إذا قيد بالحياة أو بأجل ولم يقل ثم من بعدهم للفقراء
فإن لم يقيد ولم يقل ثم من بعدهم للفقراء رجع بعد انقراضهم مراجع الاحباس وإن قيد
86

بما ذكر وقال من بعدهم للفقراء رجعت حصة من مات للفقراء مع بقاء أصحابه. قوله: (على الأصح)
وهو رواية المصريين عن مالك ومنهم ابن القاسم وأشهب ومقابله رجوعه ملكا وهو رواية المدنيين.
قوله: (في شأن منفعة) أي في شأن ذي منفعة عامة فإذا قال وقفت هذه الدار على شأن القنطرة الفلانية
فإن غلتها تصرف في بناء تلك القنطرة وفي ترميها لان الشأن يشملهما فإن خرجت ولم يرج عودها
صرفت الغلة في مثل تلك القنطرة وكذا يقال في المسجد والمدرسة. فرع: لو قال وقف على مصالح
المسجد صرف في حصره وزيته ولا يصرف لمؤذنه وإمامه لأنهما ليسا من مصالحه فإن صرف لهم
الناظر فلا رجوع عليهما انظر شب. قوله: (ولم يرج عودها) أي لخلو البلد أو فساد موضع القنطرة.
قوله: (في مثلها حقيقة) أي في مثلها بالشخص إن أمكن. قوله: (فينقل لمسجد آخر) أي فينقل ما حبس
على مسجد لمسجد آخر ويؤخذ من هذا أن من حبس على طلبة العلم بمحل عينه ثم تعذر الطلب في ذلك
المحل فإنه لا يبطل الحبس وتصرف غلة الوقف على الطلبة بمحل آخر. قوله: (أو لمدرسة أخرى) أي
وينقل ما وقف على مدرسة لمدرسة أخرى. قوله: (فيكون له ملكا) أي فله أن يصنع به ما شاء بخلاف
صدقة على فلان وعقبه فإنه يكون وقفا ولا يشترط القيد والحاصل أنه إذا عبر بالصدقة فالأقسام
ثلاثة، فإن كان الموقوف عليه معينا كان المتصدق به ملكا إلا لقيد، وكذا إذا كان مجهولا غير محصور
كالفقراء والمساكين، وأما إذا كان مجهولا محصورا كفلان وعقبه فلا يتوقف الوقف على قيد.
قوله: (أو صدقة للمساكين) أي قال داري صدقة للمساكين ولم يقل لا يباع ولا يوهب ونحوهما فإنها
تكون لهم فتباع ويفرق ثمنها. قوله: (فرق ثمنها بالاجتهاد) أي وحينئذ فلا يلزم التعميم بل لمتولي
التفرقة أن يعطي من شاء ويمنع من شاء وإنما كانت تباع ولم تبق وتصرف غلتها كل سنة على الفقراء
لان بقاءها يؤدي للنزاع لأنه قد يكون الحاضر من المساكين في البلد حال الوقف عشرة ثم يزيدون
فيؤدي إلى النزاع، بخلاف ما إذا بيعت وفرق ثمنها بالاجتهاد فينقطع النزاع لأنه لا يلزم التعميم كما في
الوصية. قوله: (ولا يشترط في الوقف التنجيز) أي بل يصح فيه التأجيل كالعتق. قوله: (فيلزم
إذا جاء الاجل) أي فيلزم كل من الوقف والعتق إذا جاء الاجل الذي عينه فإن
حدث دين على الواقف أو على المعتق في ذلك الاجل لم يضر في عقد العتق لتشوف الشارع للحرية
ويضر في الحبس إذا لم يجز عن الواقف في ذلك الاجل فإن حيز عنه وكانت منفعته لغير
الواقف في ذلك الاجل لم يضر حدوث الدين، كما لو آجر الدار في ذلك الاجل وحازها المستأجر أو
جعل منفعتها لغيره فخزن ذلك الغير فيها والمفتاح بيده. قوله: (وحمل في الاطلاق الخ) أي كما
إذا قال داري وقف على زيد ولم يقل حالا ولا بعد شهر مثلا. قوله: (فإن بين شيئا) أي بأن
فضل الأنثى على الذكر أو الذكر على الأنثى. قوله: (إلا في المرجع) أي فإنه لا يعمل فيه بتفضيله.
قوله: (ولا يشترط) أي في صحة الوقف التأبيد أي ويؤخذ منه أن اشتراط التغيير والتبديل
والادخال والاخراج معمول به وفي المتيطي ما يفيد منع ذلك ابتداء ويمضي إن وقع ففي ح عن
النوادر والمتيطية وغيرهما أنه إن شرط في وقفه أنه إن وجد فيه رغبة بيع واشترى غيره أنه لا يجوز له
ذلك فإن وقع ونزل مضى وعمل بشرطه اه‍ بن. قوله: (في عرفهم) أي عرف أهل بلد المحبس.
87

قوله: (فالفقراء) أي سواء كانوا بمحل الوقف أو كانوا بغيره. قوله: (فكمنقطع) أي فهو كالوقف المنقطع
بانقطاع الجهة الموقوف عليها. قوله: (ظاهره الخ) قد حمله تت على ذلك الظاهر وعزاه لمالك ورده
طفي بأن هذا ليس بموجود فضلا عن أن يكون مشهورا ففي عزوه لمالك وتشهيره لذلك نظر وإنما
المنقول في المسألة كما في ابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة وغير واحد قولان، أحدهما لمالك أنه
يكون وقفا على غير من رده والآخر لمطرف أنه يرجع ملكا للمحبس أو لورثته ولا شك أن مراد
المؤلف قول مالك ولذا قال فكم نقطع والمتبادر من قول مالك يكون لغيره أن ذلك باجتهاد الحاكم كما
قال عبق، وهو الظاهر خلافا لما قال خش وتبعه شارحنا من أنه يرجع حبسا على الفقراء والمساكين
ولم يأت به معزوا قاله المسناوي اه‍، ثم إن الراجح من القولين قول مالك وحاصله أنه إن قبله المعين
لأهل اختص به فإن رده كان حبسا على غيره وهذا إذا جعله الواقف حبسا سواء قبله من عين له أم لا
وأما إن قصده بخصوصه فإن رده المعين عاد ملكا للمحبس كما ذكره ابن رشد في نوازله ونقله المواق
قال المسناوي وبهذا يجمع بين ما ورد في ذلك من الروايات المختلفة ا ه‍ بن. قوله: (فكان الأولى أن يقول الخ)
قد يجاب بأن قوله فكمنقطع تشبيه في مطلق الرجوع وهو هنا الرجوع للفقراء ولو أراد أنه يرجع
لأقرب فقراء عصبة المحبس لقال فمنقطع فدل بالكاف على أنه تشبيه في مطلق الرجوع ضرورة
تغاير المشبه للمشبه به. قوله: (واتبع شرطه إن جاز) أي واتبع شرطه بلفظه ولو في كتاب وقفه إن كان
جائزا كشرطه أن لا يزيد على كراسين في تغييره الكتاب فإن احتيج للزيادة جازت مخالفة شرطه
بالمصلحة لان القصد الانتفاع كما في ح فإن شرط أن لا يغير إلا برهن فالشرط باطل والرهن لا يصح
لان المستعير حيث كان أهلا لذلك أمين فلا يضمن ويقبل قوله إن لم يفرط فليست عارية حقيقة كما
في السيد عن ح فإن أريد بشرط الرهن التذكرة للرد عمل به. قوله: (ولو متفقا على كراهته) أي كفرش
المسجد بالبسط فإذا شرط واقف المسجد ذلك اتبع شرطه وكأضحيته عنه كل عام بعد موته.
قوله: (فإن لم يجز) أي اتفاقا وأما المختلف في حرمته كشرطه إن وجد ثمن رغبة بيع واشترى غيره كاشتراط
اخراج البنات من وقفه إذا تزوجن فهذا لا يجوز الاقدام عليه وإذا وقع مضى هذا ما تحصل من
نقل ح ا ه‍ بن. قوله: (كتخصيص مذهب) أي كتخصيص أهل مذهب معين لصرف غلة وقف
عليهم أو بالتدريس في مدرسته فلا يجوز العدول عنهم لغيرهم. قوله: (أو ناظر معين) أي بأن شرط
الواقف أن يكون فلان ناظر وقفه فيجب اتباع شرطه ولا يجوز العدول عنه لغيره وليس له الايصاء
بالنظر لغيره إلا أن يجعل له الواقف ذلك وجبت لم يكن له إيصاء به فإن مات الناظر والواقف حي
جعل النظر لمن شاء فإن مات فوصيه إن وجد وإلا فالحاكم انظر ح والظاهر أنه ليس من الوصية
فراغه صورة لشخص ويريد أن لا يتصرف فيه إلا بعد موته فلا يلزمه ذلك ولا يكون وصية
وثمرة ذلك تظهر في موضوع ما إذا جعل له الواقف الايصاء بالنظر انظر البدر القرافي.
قوله: (وله عزل نفسه) أي للناظر عزل نفسه ولو ولاه الواقف. قوله: (وإلا فالحاكم) الأولى وإلا فوصيه
إن كان وإلا فالحاكم. تنبيه: ذكر البدر القرافي أن القاضي لا يعزل ناظرا إلا بجنحة وللواقف
عزله ولو لغير جنحة وفيه أيضا أن للقاضي أن يجعل للناظر شيئا من الوقف إذا لم يكن له شئ وإفتاء
ابن عتاب بأن الناظر لا يحل له أخذ شئ من غلة الوقف، بل من بيت المال إلا إذا عين الواقف له
شيئا ضعيف. قوله: (فإن لم يجعل ناظرا) أي فإن لم يجعل الواقف لوقفه ناظرا. قوله: (وأجرته) أي
ويجعل له أجرة من ريعه. قوله: (وكذا إن كان الوقف على كمسجد) أي فإن الحاكم يولي عليه
من شاء أي ممن يرتضيه إن لم يكن الواقف حيا ولا وصي له واعلم أنه إذا مات الواقف وعدم كتاب
88

الوقف قبل قول الناظر إن كان أمينا وإذا ادعى الناظر أنه صرف الغلة صدق إن كان أمينا أيضا ما لم
يكن عليه شهود في أصل الوقف لا يصرف إلا بمعرفتهم، وإذا ادعى أنه صرف على الوقف مالا من ماله
صدق من غير يمين إلا أن يكون متهما فيحلف، ولو التزم حين أخذ النظر أن يصرف على الوقف من ماله
إن احتاج لم يلزمه ذلك وله الرجوع بما صرفه وله أن يقترض لمصلحة الوقف من غير إذن الحاكم
ويصدق في ذلك ا ه‍ شب. قوله: (كشرط تبدئة فلان الخ) كأن يقول يبدأ فلان من غلة وقفي كل سنة
أو كل شهر بكذا. قوله: (أو إعطائه كذا كل شهر) أي من غلة الوقف وأشار الشارح بهذا إلى أن
أعطوا فلانا مثل بدؤا فلانا. قوله: (وإن من غلة ثاني عام) أي بأن يعطي له عن العام الأول من غلة الثاني،
وكذا عكسه بأن لم يوجد في ثاني عام غلة فيعطي من فاضل غلة العام الأول كما في بن عن المدونة.
قوله: (حيث لم يف) أي بأن لم يحصل في العام الأول غلة أصلا أو حصل ما لا يفي بحقه. قوله: (فإن قال ذلك)
أي وجاءت سنة لم يحصل فيها شئ فلا يعطي الخ. قوله: (أو أن من احتاج الخ) اعلم أن الاحتياج
شرط لجواز اشتراط البيع لا لصحة اشتراطه إذ يصح شرط البيع بدون قيد الاحتياج
وإن كان لا يجوز ابتداء. والحاصل أنه لو شر أن للمحبس عليه أن يبيع نصيبه من الوقف
ولو من غير حاجة فإنه لا يجوز وإن كان يعمل بالشرط بعد الوقوع فالاحتياج ليس شرطا في صحة
شرط البيع بل في جواز اشتراطه وجواز البيع. قوله: (وكذا إن شرط ذلك لنفسه) أي أنه إن احتاج
باع فيعمل بشرطه. قوله: (ولا بد من إثبات الحاجة) أي حاجة المحبس عليه وحاجة المحبس. قوله: (أو إن
تسور عليه قاض) أي تسلط عليه بما لا يحل شرعا. قوله: (كعلى ولدي الخ) هذا تشبيه في رجوع الوقف
ملكا له ولوارثه وقوله كعلى ولدي أي ومثله ما إذا قال وقف على من سيولد لي. قوله: (له بيعه) أي من
الآن. قوله: (عند مالك) أي خلافا لابن القاسم القائل إنه لا يكون ملكا إلا إذا حصل له يأس من الولد
فيوقف أمر ذلك الحبس للاياس. والحاصل أنه إذا قال وقف على ولدي ولا ولد له أو على من
سيولد فالمسألتان فيهما خلاف فمالك يقول الوقف، وإن كان صحيحا إلا أنه غير لازم كغلته إلى أن
يوجد فيلزم فيعطاها وعليه فللواقف بيع ذلك الوقف الآن قبل ولادة المحبس عليه. وقال ابن القاسم
الوقف لازم بمجرد عقده وأنه لا يكون ملكا إلا إذا حصل يأس من الولد فيوقف أمر ذلك الحبس
للاياس. قال شب ويبقى النظر على قول ابن القاسم في غلته هل توقف فإن ولد له كانت الغلة له كالحبس
وإلا فللمحبس أو لا توقف فيأخذها المحبس حتى يولد له فتعطي له من وقت الولادة اه‍. والظاهر أنها
توقف كما صرح به اللقاني، وظاهر المصنف المشي على قول مالك حيث لم يقيد باليأس كما قيد به ابن
القاسم ومحل الخلاف إذا لم يكن قد ولد له سابقا، أما إن كان قد ولد له فإنه ينتظر بلا نزاع قاله الشيخ
أحمد الزرقاني. قوله: (لعدم جوازه) أي لأنه كراء مجهول إذ لا يدري بكم يكون الاصلاح. قوله: (ويلغي
الشرط) والوقف صحيح أي لان البطلان منصب على الشرط لا على الوقف. وذكر شيخنا هنا
ما نصه. فرع: يجوز للناظر تغيير بعض الأماكن لمصلحة كتغيير الميضأة ونقلها لمحل آخر وأول
تحويل باب مثلا من مكان لمكان آخر مع بقاء المكان ذي البناء على حاله. قوله: (ويصلح من غلته)
فإن أصلح من شرط عليه الاصلاح رجع بما أنفق لا بقيمته منقوضا. قوله: (كأرض موظفة)
التوظيف شئ من الظلم كالمكس يؤخذ كل سنة على الدار كما في بعض البلاد أن كل عتبة عليها دينار
وحاصله أنه إذا وقف دارا عليها توظيف واشترط الوقف أن التوظيف يدفعه الموقوف
عليه لا من غلتها فإن الشرط يكون باطلا، والوقف صحيح ويدفع التوظيف من غلتها.
89

قوله: (إلا من غلتها) أي إلا إذا شرط المحبس أن إصلاحها من غلتها أو أن ما عليها من التوظيف يدفع
من غلتها فإنه يجوز ذلك على الأصح وقيل لا يجوز فإن قيل الاصلاح من غلتها وإن لم يشترط الواقف
ذلك فاشتراطه لم يزد شيئا فلم قيل بعدم الجواز، والجواب أن محل الخلاف إذا اشترط الواقف أن
الاصلاح أو التوظيف على المحبس عليه ويحاسب به من أصل الغلة وأما لو شرط الواقف أن الاصلاح
والتوظيف من الغلة ابتداء فالظاهر أنه لا خلاف في الجواز ا ه‍ خش. قوله: (أو عدم بدء بإصلاحه)
عطف على إصلاحه وأما قوله أو نفقته فهو عطف على إصلاحه الذي بلصقة له كما أشار الشارح
وأشار الشارح بقوله فيما يحتاج لنفقة إلى أن قوله أو نفقته من عطف المغاير وأن المراد بالاصلاح غير
النفقة على الحيوان كالترميم فلا يقال أن النفقة على الحيوان من جملة إصلاحه فهو من عطف الخاص
على العام بأو وهو لا يجوز. وحاصل كلام المصنف أنه لو شرط الواقف أنه يبدأ من غلته بمنافع أهله
ويترك إصلاح ما تهدم منه أو يترك الانفاق عليه إذا كان حيوانا بطل شرطه وتجب البداءة بمرمته
والنفقة عليه من غلته لبقاء عينه. قوله: (وأخرج الساكن الموقوف عليه للسكنى الخ) هذا محمول على
ما إذا لم يوجد للوقف ريع كما لو وقف دارا على فلان يسكن فيها وأما لو جعل واقف المسجد بيتا من
بيوته الموقوفة لامام ونحوه يسكن فيه فإن مرمته من ريع الوقف لا على الامام ونحوه ولا يكري
البيت لذلك كما في عبق. قوله: (لتكري له) أي للاصلاح مدة عام مثلا ليصلح بذلك الكراء ما تهدم منها،
إن قلت إكراؤها من غير الموقوف عليه تغيير للحبس لأنها لم تحبس إلا للسكنى لا للكراء، قلت لا نسلم
أنها لم تحبس إلا للسكنى لان المحبس يعلم أنها تحتاج للاصلاح ولم يوقف لها ما تصلح به فبالضرورة
يكون أذن في كرائها من غير من حبست عليه عند الحاجة لذلك ا ه‍ عدوي. قوله: (فإذا أصلحت) أي
وانقضت مدة الكراء رجع الخ. قوله: (فإن أصلح ابتداء لم يخرج) وذلك لان الدور المحبسة للسكنى
يخير من حبست عليه بين إصلاحها وإكرائها بما تصلح منه ففي بن عن اللخمي أن نفقة الوقف ثلاثة
أقسام فدور الغلة والحوانيت والفنادق من غلتها ودور السكنى بخير من حبست عليه بين إصلاحها
وإكرائها بما تصلح منه والبساتين إن حبست على من لا تسلم إليه بل تقسم غلتها ساقى ويستأجر عليها
من غلتها، وإن كانت على معينين وهم يستغلونها كانت النفقة عليهم. قوله: (لكغزو) أي سواء وقفت
على معين يغزو عليها أم لا. قوله: (ورباط وعلى نحو مسجد) أي أن الفرس موقوف على الرباط أو
المسجد لنقل أتربته أو حمل أخشاب مثلا إليه. قوله: (عما إذا كان وقفا على معين) يعني في غير الجهاد بأن
وقف على معين ينتفع به في أمور نفسه. قوله: (من عنده) أي إن قبلها على ذلك وإلا فلا شئ له.
قوله: (كما قال اللخمي) أي وهذه الطريقة هي المعتمدة وفي التوضيح طريقة أخرى وحاصلها
أن الفرس إذا كان وقفا على معين يعني على غير الجهاد والرباط فإنه ينفق عليه من غلته. قوله: (وعوض
به سلاح الخ) أي لأنه أقرب لغرض الواقف ولا يعوض به مثل ما بيع ولا شقصه لأنه يحتاج لنفقة
ولم يوجد ما يؤخذ منه فقوله بعد وبيع ما لا ينتفع به الخ هذا في غير ما بيع لعدم النفقة. قوله: (الفرس
الحبس) أي الذي حبس على الغزو عليه. قوله: (وليس المراد أنه يعوض به سلاح) أي كما قال الشارح
بهرام وتبعه تت. قوله: (ولو حذفه) أي قوله كما لو كلب. قوله: (بما بعده) أي وهو قوله وبيع ما لا ينتفع
به الخ. قوله: (لسلم من إيهام تمام التشبيه) أي الذي هو الأصل فيه وإن كان تمامه غير مراد هنا.
90

قوله: (وكتب علم تبلى) أي وأما كتب العلم إذا وقفت على من لا ينتفع بها كأمي أو امرأة فإنها لا تباع
وإنما تنقل لمحل ينتفع بها فيه كالكتب الموقوفة بمدرسة معينة فتخرب تلك المدرسة وتصير الكتب
لا ينتفع بها فيها تنقل لمدرسة أخرى ولا تباع. قوله: (غير العقار) أي كفرس وعبد وثوب وسلاح.
قوله: (فعليه إعادته) هذا ضعيف والمعتمد أن عليه القيمة كما سيأتي. قوله: (وبيع فضل الذكور) أي
بيع ما فضل من الذكور أي ما زاد منها على الحاجة وبيع ما كبر من الإناث وجعل ثمن ذلك المبيع في
إناث، إن قيل قوله وفضل الذكور وما كبر من الإناث داخل في قوله وبيع ما لا ينتفع به من غير عقار
قلت ذكره لأجل قوله في إناث ولو لم يذكره لتوهم أن ثمن فضل الذكور إنما يجعل في ذكور مثلها أو
شقصها. قوله: (كأصلها في التحبيس) أي فإذا ولدت البقرات المحبسة لاكل لبنها أو الإبل أو الغنم
ذكورا وإناثا فما زاد من الذكور عما يحتاج إليه للنزو وما كبر من الإناث وانقطع لبنه فإنه يباع
ويشترى بثمنه إناث تحبس كأصلها. قوله: (إناث صغار) أي تجعل حبسا عوضا عما بيع. قوله: (لا عقار)
بالجر عطفا على غير عقار أو بالرفع عطفا على ما لا ينتفع به. قوله: (فلا يباع) أي فلا يجوز بيعه
وذكره هنا مع استفادته من قوله من غير عقار لأنه مفهوم غير شرط وليرتب عليه المبالغة والعطف.
قوله: (وإن خرب) أشار بذلك لقول مالك في المدونة ولا يباع العقار الحبس ولو خرب وبقاء احباس
السلف دائرة دليل على منع ذلك ورد المصنف بالمبالغة على رواية أبي الفرج عن مالك إن رأى الامام
بيع ذلك لمصلحة جاز ويجعل ثمنه في مثله، وهو مذهب أبي حنيفة أيضا فعندهم يجوز بيع العقار الوقف
إذا خرب ويجعل ثمنه في مثله. قوله: (في مثله) وقال ابن عرفة يجوز نقلها لوقف عام المنفعة ولو كان غير
مماثل للأول. قوله: (وأما ما رتبوه عليها) أي على المساجد والمدارس المبنية في القرافة. قوله: (تناوله)
أي تناول ما جعل له من المعلوم. قوله: (لأنها من مصالح المسلمين) أي والسلطان الواقف لها وكيل
عن المسلمين فهو كوكيل الواقف فلا يقال إن شرط صحة الوقف أن يكون الموقوف مملوكا
والسلطان لا يملك ما وقفه. قوله: (خلافا لمن قال بجواز بيع الخرب) أي بيع العقار الحبس الخرب
بعقار غير خرب. قوله: (إلا أن يباع العقار الحبس الخ) هذا استثناء من منع بيع العقار الحبس خرب
أم لا. قوله: (لتوسيع كمسجد) أي فيجوز البيع وظاهره كان الحبس على معين أو على غير معين.
قوله: (الجامع) أي الذي تقام فيه الجمعة قال في المواق ابن رشد ظاهر سماع ابن القاسم أن ذلك
جائز في كل مسجد، وهو قول سحنون أيضا. وفي النوادر عن مالك والأخوين وأصبغ
91

وابن عبد الحكم أن ذلك إنما يجوز في مساجد الجوامع إن احتيج لذلك لا في مساجد الجماعات إذ
ليست الضرورة فيها كالجوامع ا ه‍ بن. قوله: (فالصور ست) سكت المصنف عن توسيع هذه الثلاثة
ببعض منها عند الضرورة، وهي ست صور والمأخوذ من كلام بهرام عند قول المصنف واتبع شرطه
إن جاز أن ما كان لله لا بأس أن يستعان ببعضه في بعض وذكر بعضهم أن المسجد لا يهدم لضيق مقبرة
أو طريق ويدفن فيه إن احتيج لذلك مع بقائه على حاله وغير ذلك فالجواز، واستظهر هذا الثاني
شيخنا العدوي. قوله: (وإذا جبر على ذلك) أي على البيع في الوقف لأجل توسعة ما ذكر من الأمور
الثلاثة فالجبر على بيع الملك لأجله توسعتها أخرى. قوله: (وأمروا الخ) ظاهره أن الوقف سواء
كان على معين أو غير معين لا يدخل في المسجد إلا بثمن وهو ظاهر النقل في التوضيح والمواق
وغيرهما وذكر المسناوي أن في فتوى أبي سعيد بن لب أن ما وسع به المسجد من الرباع لا يجب
أن يعوض فيه ثمن إلا ما كان ملكا أو حبسا على معين، وأما ما كان حبسا على غير معين كالفقراء
فلا يلزم تعويضه أي دفع ثمن ما فيه لأنه إذا كان على غير معين لم يتعلق به حق لمعين وما يحصل من
الاجر لواقفه إذا أدخل في المسجد أعظم مما قصد تحبيسه لأجله أولا ا ه‍ بن. قوله: (ومن هدم وقفا الخ)
أي سواء كان الهادم واقفه أو كان أجنبيا أو كان الموقوف عليه المعين وقوله فعليه إعادته ولا تؤخذ
قيمته أي لا يجوز ذلك لأنه كبيعه وما ذكره المصنف تبع فيه ابن الحاجب وابن شاس وأصله في
العتبية، واقتصر عليه في النوادر. وظاهر المصنف أنه يلزم الهادم إعادته ولو كان ذلك المهدوم باليا
وهو كذلك لان الهادم ظالم بتعديه والظالم أحق بالحمل عليه ومفهوم وقفا أنه لو هدم ملكا فعليه
قيمته وهو المشهور لا إعادته ومقابله ما لمالك في العتبية من أنه يقضي في المتلفات كلها بمثلها، وحينئذ
فيلزم ذلك الهادم للمالك إعادته، ومفهوم قوله تعديا أنه لو هدمه خطأ فعليه قيمته كما إذا هدمه يظنه
غير وقف فعلى غير ما مشى عليه المصنف لا فرق بين هدمه تعديا أو خطأ من لزوم القيمة، وأما على
ما مشى عليه المصنف فيلزمه في الخطأ القيمة وفي العمد إعادته كما كان. قوله: (على ما كان
عليه) أي على الحالة التي كان عليها قبل الهدم وحينئذ فالعقار الموقوف يقضي على متلفه بالمثل
كالمكيلات والموزونات والمعدودات فلو أعاده على غير صفته على هذا القول حمل على
التبرع إن زاده وإن نقض فيه فهل يؤمر بإعادته كما كان أو يؤخذ منه قيمة النقص تردد فيه
البساطي. قوله: (والراجح الخ) أي وهو الذي ارتضاه ابن عرفة وشهره عياض وهو ظاهر المدونة.
قوله: (أن عليه قيمته) أي وتجعل تلك القيمة في عقار مثله يجعل وقفا عوضا عن المهدوم.
قوله: (كسائر المتلفات) أي المقومة أو المراد غير المثلية. قوله: (والنقض باق الخ) هذا إذا كانت
الأنقاض باقية لم يتصرف فيها الهادم وإلا لزمته قيمته قائما وقوله فيقوم قائما الخ أي فإذا قوم
قائما بعشرة ومهدوما بأربعة أخذ ناظر الوقف ما بينهما وهو ستة وأخذ الأنقاض ليعيدها.
قوله: (باعتبار ما تدل عليه) أي من عموم أو خصوص. قوله: (وولدي) يحتمل أنه بياء واحدة
للإضافة ويحتمل أنه بياءين مثنى مضاف لياء المتكلم. قوله: (وإن سفل) يعني إلى الحد الذي
أراده الواقف فإذا كرر التعقيب لدخل أولاد البنات إلى الدرجة التي انتهى إليها المحبس
كما ذكره ابن رشد. وفي حاشية شيخنا السيد ما نصه. فرع: إذا قال وقف على ولدي فلان
وفلان كان ذلك خاصا بهما بخلاف فلان وصي على ولدي فلان وفلانة فإن غير من سمي من
أولاده يدخل في الوصية عليه والفرق أن الوصية بمعنى واحد فلا وجه للتخصيص بخلاف الوقف
فله غرض في نفع البعض لفقره اه‍. وفي عبق: فرع: إن قال حبس على ولدي الذكور والإناث
92

فمن مات فولده بمنزلته دخل ولد البنت إن ذكر فمن مات الخ من تمام صيغة الوقف فإن ذكره بعد
مدة لم يدخل عند مالك، واقتصر عليه في معين الحكام لتأخره عن تمام الوقف إلا أن يكون اشترط
لنفسه الادخال والاخراج والتغيير والتبديل، وذكر أنه أدخلهم فإن قال وقف على ابنتي وولدها
دخل أولادها الذكور والإناث فإن ماتوا كان لأولاد الذكور ذكورهم وإناثهم ولا شئ لابن بنت
ذكر ولا لابن بنت أنثى. قوله: (ذكرا أو أنثى) أي كان ولد البنت ذكرا أو أنثى. قوله: (فإن حذف
وأولادهم من الصيغتين الخ) علم منه أن قول المصنف وأولادهم راجع لكل من الصيغتين أو أنه
حذفه من الثانية لدلالة الثالثة عليه والظاهر أن إفراد ضمير أولادهم في الصيغتين كجمعه بتأويل
أولاد من ذكر. قوله: (فلا يشترط ذكره) أي فلا يشترط يفي دخول ابن الابن والحافد ذكره أي
ذكر أولادهم. قوله: (لا يتناول قوله نسلي وعقبي) أي ولا أحدهما. قوله: (ذريته الذكور) الأولى ذريته
وذرية أولاده الذكور كور وإلا فكلامه يقتضي أن بنته وبنت ابنه لا يقال لها نسل وعقب وليس كذلك.
قوله: (وهذا ما لم يجر عرف بدخوله في ذلك) أي وإلا عمل به. قوله: (بل ولده) أي بل يتناول ولده أي
الواقف وقوله من ذكر وأنثى بيان لولده وقوله وولد ولده الذكر أي ويتناول ولد ولده الذكر أي
ولا يتناول أولاد ولده الأنثى واعلم أن عدم دخول الحافد في قوله ولدي وولد ولدي وما بعده وهو
أولادي وأولاد أولادي هو الذي رواه ابن وهب وابن عبدوس عن مالك، ورجحه ابن رشد في
المقدمات، وفي أبي الحسن على المدونة عن أبي محمد أنهم يدخلون ونقله ابن غازي في تكميله وقال
عقيبه وهو المشهور ا ه‍ بن. قوله: (ويعلم منه حكم ما لو أفرد) أي في هذه الصيغة وما قبلها بالأولى في
عدم التناول وكذا في الصيغة الآتية فالصور المخرجة ثمانية غير صورة الخلاف. قوله: (كما هو ظاهر
المصنف) فيه أن لفظ بني لا يصدق إلا على الذكور دون الإناث وحينئذ فلا تدخل
بناته ولا بنات أبنائه. قوله: (وقيل بدخول البنات) أي بنات الصلب وبدخول أولاد الذكور أيضا
ذكورا وإناثا بناء على أن المراد بقوله بني وبني بني أولادي وأولاد أولادي. قوله: (فيشمل الذكر الخ)
حاصله أن ولدي مفرد مضاف يعم جميع أولاده الذكور والإناث فكأنه قال أولادي
وأولادهم فيشمل ولد الذكور وولد الأنثى وهو الحافد. قوله: (وتناول الاخوة) أي تناول قول
الواقف وقف على أخوتي الأخوات والإناث. قوله: (وسواء أفرد أو جمع) هذا هو الظاهر كما قال شيخنا
العدوي خلافا لمن حمل كلام المصنف على ما إذا جمع بين اللفظين فإن أفرد بأن قال وقف على رجال
أخوتي فقط لم يشمل الصغير أو قال وقف على نساء أخوتي فقط لم يشمل الصغيرة. قوله: (ويدخل
أيضا ابن الواقف دون بنته) وفي دخول الواقف نفسه إن كان ذكرا وعدم دخوله قولان ولعلهما
مبنيان على الخلاف في دخول المتكلم في عموم كلامه وعدم دخوله ولا يرد على القول بدخوله ما مر
من بطلان الوقف على النفس لأنه في القصدي ولو بشريك وما هنا تبعي لعموم كلامه هنا كذا أجاب
بعضهم لكن رده العلامة عج بأن ظاهر النصوص بطلان الوقف على النفس مطلقا لا فرق بين القصدي
93

والتبعي ا ه‍ وعرف مصر أنه لا يدخل الواقف ولا ولده. قوله: (العصبة) أي كلهم من ابن أب وجد
وأخوة وأعمام وبنيهم الذكور. قوله: (عصبت) أي كانت عاصبا وسواء كانت قبل التقدير عصبة
بالغير أو مع الغير كأخت مع أخ أو مع بنت أو كانت غير عاصبة أصلا كأم وجدة. قوله: (كأخت وعمة)
أي وكذا بنت وبنت ابن. قوله: (أو جهة أمها) أي فتدخل العمات والخالات وأولادهن ويدخل
أيضا بنات الأخ وبنات الأخت ويدخل الخال وابنه وما ذكره المصنف من دخول أقارب جهتيه
مطلقا هو الذي رواه مطرف وابن الماجشون عن مالك. وقال ابن حبيب أنه قول جميع أصحاب مالك
وقال ابن القاسم لا تدخل قرابته من النساء من الجهتين وروى عيسى أنهم يدخلون إن كان لهم قرابة
من الرجال وإلا فلا يدخلون والراجح ما مشى عليه المصنف انظر بن. قوله: (كولد الخال) مثال
لمن يقرب لامه من أبيها وأما ولد الخالة فهو مثال لمن يقرب لامه من جهة أمها. قوله: (وإن كانوا) أي
أقارب جهتيه نصري أي فلا فرق بين المسلم والكافر لصدق اسم القرابة عليه وما ذكره المصنف من
عدم الفرق بين الذمي والمسلم منهم عزاه في الذخيرة لمنتقي الباجي عن أشهب ويوافقه قول المصنف
أو الباب وذمي وإن لم تظهر قربة فسقط قول ابن غازي لم أر ما ذكره المصنف فصواب قوله وإن
نصري وإن قصوا أي بعدوا إذ لا يلزم من عدم رؤيته عدم وجوده. قوله: (وتناول مواليه المعتق
وولده ومعتق أبيه وابنه) أي بخلاف وقف على عتقائي وذريتهم فإنه يختص بعتقائه هو وذريتهم كما
في عرف مصر ولا يشمل عتقاء أصله وفرعه فليس هذا كلفظ موالي من جملة عتقائه من أوصى
بشرائه وعتقه بعد موته فإذا قال وقف على أولادي ومن بعدهم مثلا على عتقائي ثم إنه حين مرض
أوصى بشراء رقبة وعتقها فإن تلك الرقبة تكون من جملة عتقائه وتستحق من الوقف كما يفيده كلام
المعيار. قوله: (الذكر) صفة لولد وأما ولد الولد فلا فرق بين كونه ذكر أو أنثى. قوله: (فيشمل من ولاؤه
للمعتق) أي الذي هو الواقف وقوله بالانجرار بولادة أو عتق أي بأن يلد العتيق الذي أعتقه الواقف
ولدا أو يعتق العتيق عتيقا. قوله: (كذلك) أي ولو بالجر بولادة أو عتق بأن كان أصل الواقف أو فرعه
أعتق عتيقا وذلك العتيق ولد له ولد أو أعتق عتيقا أيضا. قوله: (عصبته فقط) أي عصبته المتعصبون
بأنفسهم وهم الرجال وقوله دون النساء ولو من رجلت الخ ولو كانت عاصبة بالغير أو مع الغير.
قوله: (وقف على أطفالي) أي أو على أطفال أولادي وقوله أو صغاري أي أو صغار أولادي وقوله أو صبياني أي أو
صبيان أولادي. قوله: (من لم يبلغ) أي سواء كان ذكرا وأنثى كما قال المصنف بعد.
قوله: (وتناول شاب وحدث بالغا للأربعين) أي فإذا قال وقف على شباب قومي أو قوم فلان
أو على إحداثهم فإنه لا يدخل فيه إلا من بلغ ولم يجاوز الأربعين فإذا بلغ الأربعين أخرج منه.
قوله: (وإلا فكهل) أي وألا يكن في الأربعين بأن زاد عليها فكهل، فإذا قال وقف على كهول قومي أو
قوم فلان فلا يدخل فيه إلا من جاوز الأربعين عاما ولم يجاوز الستين. قوله: (وشمل الخ) فعل ماض
فاعله ضمير عائد على ما ذكر أو على جميع ما تقدم. قوله: (كالأرمل) أي في قول الواقف وقف على
94

أرامل قومي أو قوم فلان. فرع: لو قال وقف على بناتي أو زوجاتي مثلا وكل من تزوجت سقط
حقها فمن تزوجت منهن سقط حقها عملا بشرطه فإن تأيمت بعد ذلك رجع لها استحقاقها وكذلك
إذا وقف على معينين وشرط أن من سافر منهم لمحل كذا سقط حقه فإنه يسقط حق من سافر لذلك
المحل فإن عاد رجع له استحقاقه. قوله: (وهو من لا زوج له) أي ذكرا كان أو أنثى. قوله: (فله ولوارثه منع الخ)
أي لأنه ليس لأحد أن يتصرف في ملك غيره إلا بإذنه ولان إصلاح الغير مظنة لتغيير معالمه
بخلاف إصلاح الواقف فإن الشأن أنه لا يغيره عن حالته التي كان عليها فإن لم يمنع الوارث فللامام المنع
كذا قال عبق ورده بن قائلا انظر من قال هذا، والذي يظهر أن الامام ليس له أن يمنع من أراد
التبرع بإصلاح الوقف. قوله: (وهذا) أي منع الواقف ووارثه لمن يريد إصلاحه إذا أصلحوا أي إذا
أراد الواقف أو وارثه إصلاح الوقف. قوله: (وإلا فليس لهم المنع) أي بل الأولى لهم تمكين من أراد
بناءه إذا خرب لأنه من التعاون على الخير. قوله: (فقد ارتفع ملكه عنها قطعا) قال في الذخيرة لاتفاق
العلماء على أنها من باب اسقاط الملك كالعتق وقيل إن الملك للواقف حتى في المساجد وهو ظاهر
المصنف ونحوه في النوادر. وحاصل ما في المسألة أن المشهور أن الوقف ليس من باب اسقاط الملك
وقيل إنه من باب إسقاطه وحينئذ فلا يحنث الحالف أنه لا يدخل ملك فلان بالدخول في وقفه على
الثاني ويحنث بالدخول على الأول وهذا الخلاف قيل في غير المساجد، وأما فيها فهو اسقاط قطعا
كما قال القرافي وقيل الخلاف جار فيها أيضا كما في النوادر. فإن قلت: القول بأن الملك للواقف حتى في
المساجد مشكل بإقامة الجمعة فيها والجمعة لا تقام في المملوك. قلت: ليس المراد بملك الوقف للواقف
الملك الحقيقي حتى تمنع إقامة الجمعة فيه بل المراد بملكه له من الغير من التصرف فيه وهو المشار له
بقول المصنف فله الخ تأمل. قوله: (وجيبة) أي مدة معينة نقد الكراء أم لا ومثل الوجيبة المشاهرة
التي نقد فيها الكراء ولو قال الشارح إذا وقع الكراء لازما لكان شاملا لهما. قوله: (فسخت له) أي
فسخت إجارة الأول للثاني الذي زاد سواء كان حاضرا وقت إجارة الأول أو كان غائبا. قوله: (فإن
وقعت الخ) من هذا تعلم أن قول العامة الزيادة في الوقف حلال محمول على ما إذا كان مكتري بدون
أجرة المثل وإلا فلا تجوز الزيادة. قوله: (ولو التزم الأول تلك الزيادة الخ) هذا محمول على غير المعتدة
فإنها إذا كانت بمحل وقف وقعت إجارته بدون أجرة المثل ثم زاد عليها شخص أجرة المثل
وطلبت البقاء بالزيادة فإنها تجاب لذلك، والظاهر أنه إذا كانت الزيادة عليها تزيد على أجرة المثل
وطلبت البقاء بأجرة المثل فقط فإنها تجاب لذلك ا ه‍ عبق. ومحمول أيضا على ما إذا التزم الأول
الزيادة بعد انبرام العقد مع الثاني بأجرة المثل وإلا كان له ذلك انظر بن. قوله: (ولا يقسم إلا ماض
زمنه) ماض صفة لموصوف محذوف هو نائب الفاعل وزمنه مرفوع بماض أي ولا يقسم إلا خراج
أو كراء ماض زمنه وحاصله أن الحبس إذا كان على قوم معينين وأولادهم فإن الناظر عليه لا يقسم
من غلته إلا الغلة التي مضى زمنها فإذا آجر الدار أو الأرض مدة فلا يفرق الأجرة إلا بعد مضي المدة
سواء قبض الأجرة من المستأجر بعد تمام المدة أو عجلها المستأجر له قبل تمامها. قوله: (إذ لو قسم ذلك
قبل وجوبه) أي بأن عجل المستأجر الأجرة قبل فراغ مدة الكراء وأريد قسمها. قوله: (لأدى ذلك
إلى إحرام من يولد) أي قبل انقضاء مدة الإجارة وكذا يقال في قوله إذا مات. قوله: (والصرف
للفقراء) أي حالا قبل فراغ مدة الإجارة. قوله: (ونحوهم) أي فلا يقسم عليهم إلا غلة ما مضى من الزمان.
95

قوله: (له بحساب ما عمل) أي إذا عزل قبل تمام مدة الكراء ولوارثه إذا مات قبل تمامها. قوله: (خراجيا)
أي يقبض كل سنة وقوله أو هلاليا أي يقبض في آخر كل شهر. قوله: (وأكرى ناظره الخ) المراد بالناظر
في كلام المصنف من كان من جملة الموقوف عليهم، وأما غيره فيجوز له أن يكري أزيد من ذلك لان بموته
لا تنفسخ الإجارة بخلاف المستحق فإنه تنفسخ الإجارة بموته كذا في عبق وكبير خش، قال شيخنا
العدوي ولم أره منصوصا وظاهر كلامهم الاطلاق تأمل وعلى كل حال فقول المصنف الآتي وأكرى
لمن مرجعها له مخصص لعموم ما هنا أي أن محل كون الناظر المستحق أي أو غيره لا تكري أكثر
من ثلاث سنين إذا أكرى لغير من مرجعها له وأما إذا أكرى لمن مرجعها له فيجوز أن يكري له
كالعشر. قوله: (إن كان أرضا الخ) أي أن ما تقدم من الفرق بين المعينين وغيرهم إن كان الموقوف أرضا
للزراعة، فإن كان دارا فلا تؤاجر أكثر من سنة كانت موقوفة على معينين أو على يرهم. قوله: (أكثر من
ذلك) أي مما ذكر وهو السنة في الدار والثلاث سنين بالنسبة للأرض. قوله: (كالعشر) أي ولا فرق بين الأرض
في ذلك والدار قاله شيخنا العدوي. قوله: (وهذا) أي التفصيل بين كرائها لغير من
مرجعها له ولمن مرجعها له إذا لم يشترط الخ. قوله: (وإلا عمل عليها) أي كما إذا قال الواقف لا يكري إلا سنة أو سنتين أو
نحو ذلك. قوله: (وإن بنى محبس عليه) أي في الأرض المحبسة. قوله: (فهو وقف) استشكل ذلك بأنه لم
يجز عن واقفه قبل حصول المانع ويجاب بتبعيته لما بنى فيه فأعطى حكمه فهو محوز بحوز الأصل. قوله: (فإن
بين) أي ولو بعد البناء. قوله: (استحقه وارثه) أي استحق ذلك البناء وارثه إذا مات فيكون له قيمته
منقوضا أو نقضه بفتح النون أي هدمه وأخذ الأنقاض كبناء الأجنبي الآتي كما في بن. قوله: (لو بنى
أجنبي) أي والحال أنه لم يبين أنه وقف أو ملك وأولى إذا بين أنه ملك وأما إذا بين أنه وقف كان وقفا.
والحاصل أن الباني في الوقف إما محبس عليه أو أجنبي وفي كل إما أن يبين قبل موته أن ما بناه ملك
أو وقف أو لا يبين شيئا فإن بين قبل موته أنه وقف كان وقفا وأن بين أنه ملك كان له أو لوارثه وإن لم
يبين كان وقفا إن كان ذلك الباني محبسا عليه أو له أو لوارثه إن كان أجنبيا، فالخلاف بين المحبس عليه
والأجنبي عند عدم البيان فقط. قوله: (فله نقضه) بفتح النون أي هدمه وأخذ أنقاضه أو بضمها بمعنى
المنقوض. قوله: (وهذا) أي التخيير بين أخذ قيمة النقض أو النقض. قوله: (لا يحتاج له) أي لذلك البناء
الذي بنى فيه. قوله: (فيوفي له من غلته) أي جميع ما صرفه في البناء ويصير ذلك البناء وقفا. قوله: (كما لو بنى
الناظر أو أصلح) أي فإنه يوفي له جميع ما صرفه في البناء ويجعل البناء وقفا. قوله: (أو على قوم لخ) أي كبني
فلان وأعقابهم. قوله: (والعيال) أي وأهل العيال الفقراء وظاهره وإن لم يكن ذا حاجة لأنه مظنة
الاحتياج كما قاله الشيخ كريم الدين. قوله: (والارفاق) أي بالموقوف عليهم. قوله: (في غلة) أي إن كان
المقصود من الوقف تفريق الغلة عليهم وقوله وسكنى أي إذا كان المقصود من الوقف سكناهم ثم إن
التفصيل بالسكنى بالتخصيص وأما بالغلة فهو إما بالزيادة إن قبلت الاشتراك أو بالتخصيص
إن لم تسع الاشتراك قاله شيخنا العدوي. هذا وما ذكره المصنف من تفضيل ذي الحاجة والعيال
بالغلة والسكنى هو قول سحنون ومحمد بن المواز وصرح ابن رشد بمشهوريته وفي المدونة
96

يفضل الأعلى فإن كان فضل أعطي للأسف، وقال المغيرة وغيره يسوي بينهم، قال ابن رشد في أجوبته
وبه العمل ورجحه اللخمي وقال إنه أحسن وقال ابن عبد السلام إنه أقرب، لكن القولان الأخيران
في المعقب فقط كما في المدونة، وأما من لا يحاط بهم فقال ابن عرفة يقسم ما على غير المنحصر
بالاجتهاد اتفاقا اه‍ بن. قوله: (ولا يعطي الغني) هذا مفهوم قوله أهل الحاجة وعبارة عبق وفهم
من قوله أهل الحاجة أن الغني لا يعطى شيئا وأنهم إن تساووا فقرا أو غنى أوثر الأقرب بالاجتهاد
وأعطى الفضل لمن يليه فإن تساووا فقرا أو غنى ولم يكن أقرب ولم يسعهم أكرى عليهم وقسم كراؤه
بينهم بالسواء إلا أن يرضى أحدهم بما يصير لأصحابه من الكراء ويسكن فيها فله ذلك كما في ح.
قوله: (فإنه) أي المولى يسوي بينهم أي في الغلة والسكنى. قوله: (ولم يخرج) مثل السكنى في ذلك الغلة، واعلم
أن قول المصنف ولم يخرج ساكن لغيره ولو محتاجا فيما إذا كان الموقف على قوم وأعقابهم أو على كولده
ولم يعينه، وأما الوقف على الفقراء أو طلبة العلم أو على الشباب أو الصغار أو الاحداث فإن من زال
وصفه بعد سكناه يخرج، فقول الشارح كما لو سكن يوصف أي غير ما تقدم من طلب العلم، والفرق بين
القسم الأول والثاني أن الاستحقاق من الوقف في القسم الثاني علق بوصف وقد زال فيزول
الاستحقاق بزواله، وأما في القسم الأول فالاستحقاق لم يعلق بالفقر بل بغيره والفقراء مقتض لتقديمه
فقط والمعنى الذي علق به الاستحقاق باق لم يزل فتأمل. قوله: (أي لا يسقط حقه) أشار بهذا إلى أن
المراد بعدم خروجه عدم سقوط حقه وإلا فهو قد خرج منه لأنه مسافر وأخذ أبو الحسن من هذه
المسألة أعني قوله فإن سافر ليعود لم يسقط حقه أن من قام من المسجد لوضوء مثلا فهو أحق بموضعه.
قوله: (وقيل يكريه إلى أن يعود) أي وهو قول الباجي وغيره وفي حمل سفره مع جهل حاله على
الانقطاع أو الرجوع قولان وظاهر ابن عرفة ترجيح الثاني.
باب الهبة تمليك بلا عوض
قوله: (ويدل على أن المراد) أي على أن مراد المصنف تمليك ذات وهذا جواب عما يقال إن تعريف
المصنف للهبة غير مانع لصدقة بتمليك الانكاح والطلاق وتمليك المنافع وبالوكالة لأنها تمليك
للتصرف. وحاصل الجواب أن مراد المصنف تمليك الذات بدليل ما يأتي فخرج ما ذكر. قوله: (وهو
متعلق بمحذوف) أي والجملة عطف على قوله الهبة تمليك بلا عوض. قوله: (سواء قصد الخ) لكن إذا
قصد المعطى بالكسر بالعطية ثواب الآخرة فقط فهي صدقة اتفاقا وإن قصد ثواب الآخرة مع
وجه المعطى بالفتح فصدقة عند الأكثر وعند الأقل ما أعطي لهما معا فهو هبة. قوله: (لان كلامه يوهم
أن الهبة مقسم) أي أن الهبة تنقسم إلى الهبة والصدقة وقوله وليس كذلك أي لما فيه من تقسيم
الشئ لنفسه وإلى غيره وهو باطل ووجه الايهام أن المتبادر من كلامه أن قوله ولثواب الآخرة الخ
عطف على قوله بلا عوض. قوله: (ويفترقان بالقصد والنية) أي فإذا قصد بتمليك الذات وجه
المعطى فقط كان هبة وإن قصد ثواب الآخرة سواء قصد وجه المعطى أيضا أم لا فهو صدقة.
قوله: (وصحت الخ) اعلم أن أركان الهبة أربعة الموهوب له وحذف المصنف التصريح به هنا للعلم به من قوله
97

في الوقف على أهل للتملك فيشترط فيه هنا ذلك كما حذف من الوقف التصريح بالوقف للعلم به من قوله
هنا ممن له تبرع بها لان البابين كالشئ الواحد بل سائر التبرعات كذلك، وأشار للركن الثاني وهو
الشئ الموهوب بقوله وصحت الخ، وللركن الثالث وهو الواهب بقوله ممن له تبرع بها، وأشار للركن الرابع
وهو الصيغة بقوله بصيغة أو مفهمها. قوله: (فلا تصح في حر) أي ولا في كلب غير مأذون فيه أي لان كلا
منهما لا يملك. قوله: (ولا ملك غير الخ) حاصله أن هبة الفضولي باطلة بخلاف بيعه فإنه صحيح وإن كان
غير لازم فيجوز للمشتري التصرف في المبيع قبل إمضاء المالك البيع لان صحة العقد ترتب أثره عليه
من جواز التصرف في المعقود عليه والفرق بين بيع الفضولي وهبته ما قاله الشارح من أن بيعه في
نظير عوض يعود على المالك بخلاف هبته ومثلها وقفه وصدقته وعتقه فمتى صدر واحد من هذه
الأربعة من فضولي كان باطلا، ولو أجازه المالك كما ذكره خش في أول الوقف وهو ظاهر المصنف
أيضا هنا، وفي الوقف حيث قال في الوقف صح وقف مملوك وقال هنا وصحت في كل مملوك فظاهره
أن غير المملوك وقفه وهبته باطل، ولو أجازه المالك وذكر بعضهم أن وقفه وهبته وصدقته وعتقه
كبيعه في أن كلا صحيح غير لازم، فإن أمضاه المالك مضى وإن رده ردوا اختاره شيخنا العودي لان المالك
إذا أجازه كان في الحقيقة صادرا منه قال ويمكن حمل كلام المصنف على هذا القول بأن يراد بالصحة الصحة
التامة التي لا تتوقف على شئ وتقدم هذا في باب الوقف. قوله: (أي يقبل النقل شرعا) أي يقبل النقل
من ملك لملك آخر شرعا هذا إذا قبل النقل بجميع أوجهه الشرعية بل ولو قبله في الجملة أي ببعض
الوجوه فدخل بهذا جلد الأضحية وكلب الصيد فإنهما وإن لم يقبلا النقل بالبيع لكنهما يقبلانه
بالتبرع الذي هو أعم من الهبة وخرج المكاتب وأم الولد فإنهما لا يقبلان النفل بوجه من الأوجه
الناقلة للملك شرعا. قوله: (ممن له تبرع بها) الأولى أن يقدمه على قوله في كل مملوك ينقل ليتصل قوله
وإن مجهولا وما بعده بقوله في كل مملوك لأنه مبالغة عليه. قوله: (فخرج السفيه والصبي) أي وكذا
المجنون والمرتد. قوله: (فيما زاد الخ) راجع للمريض والزوجة فقط وأما هبتهما للثلث فهي داخلة. قوله: (لكن
هبتهما ما زاد الخ) هذا تفصيل في مفهوم قول المصنف ممن له التبرع بها وحينئذ فلا يعترض به على
اطلاق المصنف البطلان في المفهوم لان مفهومه أن غير أهل التبرع لا يصح منهم وظاهره مطلقا سواء
كان مدينا أو مريضا أو زوجة في زائد ثلثهما أو كان غيرهم وسواء أجاز رب الدين والزوج
والوارث ما صدر من المدين والمريض والزوجة أم لا. قوله: (موقوفة على الوارث والزوج) أي
على إجازتهما. قوله: (على رب الدين) أي على إجازته. قوله: (كالمرتد) أي وكذلك السكران
والمجنون وقوله فباطلة أي ولو أجازها الولي لأنه محجور عليهم في كل المال لحق أنفسهم. قوله: (والمراد الخ)
يعني أن الضمير راجع للهبة لا من حيث كونها هبة بل من حيث إنها مقدار من المال فقول
الشارح والمراد من له أن يتبرع بالهبة الأولى بالمال وإن كان يصح أن يقال المراد بالهبة الذات التي توهب.
قوله: (في غير هبة) أي كوقف وصدقة وقوله لئلا أي وإنما قلنا ذلك لئلا الخ. قوله: (كأنه قال ممن له
التبرع بالهبة) أي بالذات التي توهب وقوله أي أن من له ذلك التبرع بالذات التي توهب. قوله: (لأنهما
ليسا لهما التبرع دائما) أي بل من أهل التبرع بالثلث فقط. قوله: (كما هو) أي التبرع دائما. قوله: (لو لم يأت
بما ذكر) أي بقوله بها. والحاصل أنه لو قال المصنف ممن له التبرع لخرج المريض والزوجة إذ
98

المتبادر من قوله ممن له للتبرع أي دائما والمريض والزوجة ليس لهما التبرع دائما فأتى المصنف بقوله
بها لادخالهما فورد عليه أن ضمير بها راجع للهبة فيلزم شرطية الشئ في نفسه فأجيب بأن الضمير راجع
للهبة لا من حيث إنها هبة بل من حيث إنها ذات فكأنه قال ممن له التبرع بمال فمن له التبرع بمال على
وجه الصدقة أو الوقف فله أن يهب. قوله: (على صحة الهبة) أي هبة غير الثواب لان الكلام فيها.
قوله: (ولو خالف ظنه بكثير) أي كما إذا وهب أو تصدق بميراثه من فلان لظنه أنه يسير فإذا هو كثير أو
وهب له ما في جيبه ظانا أنه درهم لكون عادته أنه لا يجعل فيه أزيد من ذلك فوجد فيه عشرة محابيب
فلا رجوع له كما قاله ابن عبد الحكم وقال ابن القاسم في الواضحة والعتبية له رد عطيته وهو ضعيف
إذا علمت هذا تعلم أن الخلاف في اللزوم وعدمه لا في الصحة وعدمها كما هو ظاهر الشارح إذ الصحة
لا خلاف فيها كما في بن. قوله: (إذ غيره لا يملك) أي وحينئذ فلا تصح هبته. قوله: (لان الابراء يحتاج
إلى قبول) أي بناء على أنه نقل للملك وحاصله أنه اختلف في الابراء فقيل إنه نقل للملك فيكون من
قبيل الهبة وهو الراجح وقيل إنه اسقاط للحق فعلى الأول يحتاج لقبول دون الثاني كالطلاق
والعتق فإنهما من قبيل الاسقاط ولا تحتاج المرأة والعبد فيهما لقبول العصمة والحرية. واعلم أن
ظاهر المذهب جواز تأخير القبول عن الايجاب كما قال القرافي وهو صريح نقل ابن عرفة ونصه
ابن عتاب ومن سكت عن قبول صدقته زمانا فله قبولها بعد ذلك فإن طلب غلتها حلف ما سكت تاركا
لها وأخذ الغلة. قوله: (وإلا فكالرهن) أي وإلا فهبته كرهن الدين وصورته أن يشتري سلعة من زيد
بعشرة لأجل ويرهن المشتري عليها دينه الذي له على خالد فيجوز إن أشهد على الرهنية وجمع بين البائع
ومن عليه الدين ودفع للبائع ذكر الدين. واعلم أنه إذا وهبه الدين وقام بذلك الدين شاهد واحد
حلف الموهوب له لا الواهب لان الشخص لا يحلف ليستحق غيره انظر ح، وإن دفع المدين الدين
للواهب بعد العلم بالهبة ضمن ويؤخذ من قوله فكالرهن صحة التصيير في الوظائف وهو أن يتجمد
لإنسان مال معلوم من وظيفة أو جامكية فيصيره لغيره إن كان ذلك التصيير من غير مقابلة شئ بل هبة،
أما إن كان في مقابلة شئ يؤخذ في مقابلة التصيير فالمنع لأنه بيع نقد بنقد نسيئة. قوله: (الاشهاد) أي
على الهبة كما أنه في مسألة رهن الدين يشترط الاشهاد على الرهن واشتراط الاشهاد على الهبة إنما هو
إذا حصل مانع كموت الواهب وإلا فلا يشترط الاشهاد. قوله: (وكذا دفع ذكر الحق) أي فإنه شرط
في صحة هبة الدين ورهنه وقوله على قول هو قول ابن عبد الحق وقوله وقيل شرط كمال هو ما في
الوثائق المجموعة. قوله: (كالجمع بينه) أي بين الموهوب له أو المرتهن وبين من عليه الدين وظاهره أنه
شرط كمال باتفاق وليس كذلك إذ قد قيل إنه شرط صحة أيضا فيهما كما في بن. قوله: (وشبه به) أي
برهن الدين وهذا جواب عما يقال إن المصنف لم يذكر رهن الدين في بابه وحينئذ فقوله فكالرهن
إحالة على مجهول. قوله: (ورهنا) حاصل فقه المسألة أن من رهن رهنا في دين عليه ثم وهبه لأجنبي فإن
رضي المرتهن بهبة الرهن لذلك الأجنبي صحت الهبة مطلقا كانت قبل قبض المرتهن للرهن أو بعد قبضه
له كان الراهن موسرا أو معسرا كان الدين مما يعجل أو لا، وإن لم يرض المرتهن بهبة الرهن
لذلك الأجنبي، فإن كان الراهن معسرا كانت باطلة وقعت الهبة قبل قبض الرهن أو بعده كان
الدين مما يعجل أم لا، وإن كان الراهن موسرا فإن وقعت الهبة قبل قبض الرهن فهي صحيحة، وإن
وقعت بعده فإن كان الدين مما يعجل قضي على الراهن بفك الرهن وتعجيل الدين ودفع الرهن
للموهوب، وإن كان مما لا يعجل بقي الرهن للأجل فإذا قضى الدين بعده دفع الرهن للموهوب له وإلا
أخذه المرتهن وبطلت الهبة. قوله: (يصح هبته) أي من الراهن. قوله: (وقد أيسر راهنه) أي بالدين الذي
99

رهن من أجله ولو لم يرض المرتهن بهبته. قوله: (ويبقى دينه بلا رهن) أي لأن عدم القبض مظنة تفريطه
في قبضه ولو وجد فيه قبل هبة الراهن للأجنبي وما ذكره الشارح من بقاء الدين بلا رهن وعدم
تعجيله هو ما في التوضيح عن ابن المواز. وفي المواق عن أشهب وابن المواز أيضا أنه يعجل له حقه
إلا أن يأتي له الراهن برهن ثقة ونحوه في ابن عرفة انظر بن. قوله: (لذهب الحق) أي حق الموهوب له
فيها جملة. قوله: (لم يبطل حق المرتهن) أي لان الموضوع أن الراهن موسر فيعجل الدين أو يأتي برهن
ثقة. قوله: (ويبقى دينه بلا رهن) أي لرضاه بهبته وبقاء دينه بلا رهن. قوله: (فالمرتهن أحق بالرهن من
الموهوب له) أي ولو قبضها الموهوب له والظاهر أنه إذا فضل من الرهن فضلة زائدة عن الدين في
هذه الحالة فإنها تكون للموهوب له كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (هذا) أي التقييد بقبل القبض
مقتضى العطف على ما قبله المقيد به. والحاصل أن مقتضى العطف تخصيص الرضا بما قبل
القبض لان موضوعه أنه لم يقبض فيقتضي أنه إذا قبض لم يصح ولو رضي بها المرتهن وليس كذلك.
قوله: (كان الدين مما يعجل) أي مما يقضى بتعجيله وقوله كالعين أي مطلقا سواء كانت حالة أو مؤجلة
من بيع أو من قرض وقوله والعرض أي إذا كان حالا وقوله أم لا أي أو كان لا يقضي بتعجيله
كالعرض المؤجل والطعام من بيع. قوله: (ويبقى دينه بلا رهن) أي لرضاه بالهبة. قوله: (وإلا قضى بفكه)
هذا مفهوم قوله لم يقبض والمسألة بحالها من كون الراهن موسرا كما أشار له الشارح. قوله: (وإلا فلا
قضاء) أي وإلا بكن عالما بأنه يقضي عليه بفكه فلا يقضي بفكه عليه قولا واحدا ويبقى لأجله إن
حلف أنه لا يعلم بذلك فإذا حل الاجل وقضى دينه دفع الرهن للموهوب له وإن لم يفضه لعسر طرأ له
كان المرتهن أحق به في دينه وبطلت الهبة. قوله: (لبعد الاجل) كأنه حذف الموصول يعني
لما بعد الاجل على حد ما قيل في آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم أي والذي أنزل إليكم
لاختلاف المنزل وإلا فبعد لا تجر باللام. قوله: (فإن حل الاجل وقضي الدين الخ) فإن حل الاجل ولم
يقضه لعسر أخذه المرتهن وبطلت الهبة. قوله: (بصيغة الباء بمعنى مع) أي تمليك مصاحب لصيغة
قوله: (أي مفهم معناها) أي دال على معناها الذي هو التمليك وإنما قدر الشارح ذلك المضاف دفعا
لما يقال إن الذي يفهم الصيغة صيغة أخرى وحينئذ فلا تتأتى المبالغة وقد يقال لا داعي لذلك لأنه
لا معنى لافهام الصيغة إلا افهام معناها فتأمل. قوله: (كتحلية ولده) أي كتحلية أب أو أم ولده مطلقا
ذكرا أو أنثى صغيرا أو كبيرة ا كانت التحلية جائزة أو محرمة وتقييد خش وعبق بالصغير لا مفهوم
له والتحلية فرض مسألة والمراد تزيين ولده بتحلية أو إلباس ثياب فاخرة أو باشتراء دابة له يركبها أو
اشتراء كتب يحضر فيها أو سلاح يحترس به أو يتزين به أو يقاتل به كذا قرر شيخنا. قال بن
ويستثنى من ذلك النكاح فيقبل قول الأب فيه أنه عارية في السنة كما لان النكاح شأنه أن يعار
فيه ذلك وغيره وصرحوا في النكاح بأن ذلك خاص في الأب بابنته البكر دون الثيب فهو محمول فيها
على الهبة ما لم يكن مولى عليها وإلا كانت كالبكر انظر بن. قوله: (ما لم يشهد بمجرد الامتاع) أي
ما لم يشهد بأن التحلية لولده على وجه الامتاع فإن أشهد بذلك فلا تكون التحلية حينئذ هبة
100

ولا تمليكا. قوله: (بخلاف الزوجة) أي بخلاف تحلية الزوجة الخ وما ذكره من أن تحلية الزوجة محمولة على
الامتاع ما لم يشهد بالتمليك خاص بتحليتها بشئ وهي عنده وأما ما يرسله لها قبل البناء بها هدية من
ثياب أو حلى فإنه يحمل على التمليك إلا إذا سماه عارية والحاصل أن ما يرسله لها أن سماه هدية حمل على
التمليك أو عارية حمل على عدمه وإن لم يسم شيئا فالأصل فيه التمليك فالمدار على القرائن والعادة انظر بن.
قوله: (أو أم الولد) ما ذكره من أن تحلية أم الولد كتحلية الزوجة في كونه يحمل على الامتاع ما لم
يشهد بالتمليك هو ما ارتضاه بن ناقلا له عن بعضهم ولم يرتض ما في عبق من أن أم الولد مثل الولد
في أن تحلية السيد لها تحمل على التمليك ما لم يشهد بالامتاع. قوله: (إذ المفهم أعم من الفعل) أي لصدقه
بالقول كخذ هذا وهذا تعليل للعطف على مفهوم أي لان مفهما يشمل كل قول مفهم وكل فعل مفهم
وقول الأب ابن مع قوله داره من جملة المفهم إلا أن مستثنى منه ومخرج منه. قوله: (من البناء) أي لا من
البنوة لأنه لا معنى له. قوله: (مع داره) أي والحال أنه لم يشهد بالتمليك. قوله: (وكذا قوله) أي الوالد لولده.
قوله: (أي تحصل الحيازة عن الواهب) أي وتحصل حيازة الموهوب له للشئ الموهوب إذا حصل
إذن من الواهب بل وإن بلا إذن من الواهب. قوله: (التي هي شرط في تمامها) أي فإن عدم لم تلزم مع
كونها صحيحة. قوله: (ولا يشترط التحويز) أي تسليم الواهب للموهوب له. قوله: (تملك بالقول) أي
ويقضي بها إن كانت لمعين على وجه التبرر لا إن خرجت مخرج الايمان بالتعليق. قوله: (على المشهور)
وقيل إنما تملك بالقبض. قوله: (القبول والحيازة) أي قبول الموهوب له وحيازته. قوله: (ركن) أي شرط
في صحتها فتبطل الهبة بعدمه. قوله: (شرط) أي في تمامها فإن عدم لم تلزم وإن كانت صحيحة. قوله: (لدين
محيط) وأولى إذا تأخر لقيام الغرماء أو لفلسه بالمعنى الأخص وهو حكم الحاكم بخلع ماله للغرماء
قوله (ولو بعد عقدها) أي ولو طرأ الدين بعد عقدها (قوله أعم من أن يكون لسبقه) أي أعم من
أن يكون الدين سابقا على عقد الهبة أو لاحقا لها والبطلان في الأول باتفاق وفي الثانية على قول
الأخوين وهو المشهور. قوله: (فهي بمعنى إلى) أي وهي متعلقة بتأخر. قوله: (فللثاني)
أي ولو كان الواهب حيا لم يقم به مانع من موانع الهبة عند أشهب، وهذا أحد قولي ابن القاسم
وقال في المدونة الأول أحق بها إن كان الواهب حيا وهو مقابل للمشهور في كلام الشارح، وشمل
كلام المصنف هبة الدين لغير من هو عليه ثم هبته لمن هو عليه قبل قبض الأول المصور بالاشهاد ودفع
ذكر الحق له إن كان على أحد القولين فالابراء من الدين هو المعمول به، فإن كان الابراء بعد
قبض الموهوب له أولا فإنه يعمل بتصيير الدين له وشمل أيضا طلاق امرأة على براءتها له من
مؤخر صداقها ثم تبين أنها وهبته قبل ذلك لآخر ففيه التفصيل المذكور، فإن كانت أشهدت
أنها وهبته لأجنبي ودفعت له ذكر الصداق طلقت بائنا ولزم الزوج دفع مؤخره للموهوب له المذكور،
وإن كانت لم تشهد ولم تدفع الذكر للأجنبي، فإن الزوج يسقط عنه المؤخر ببراءتها له منه وتطلق عليه
ولا يشمل قوله أو وهبت لثان وحاز قبل الأول ما إذا وهب للثاني المنفعة فقط بإعارة أو إخدام وحازه
المستعير أو المخدم بعد أن وهب أولا ذاته ومنفعته لشخص، فإن الحق للموهوب له أولا في المنفعة والذات
دون الثاني لما سيأتي أن حوز المستعير والمخدم حوز للموهوب له وحينئذ لا يصدق أن الثاني حاز
قبل الأول. قوله: (ولو جد الأول في طلب) أي قبل هبتها للثاني ولا يخالف هذا ما يأتي في قول المصنف
أو جد فيه لأنه فيما إذا لم يوهب لثان. قوله: (على المشهور) راجع لقوله فللثاني ومقابله ما في المدونة.
101

قوله: (أو أعتق الواهب) أي ما وهبه سواء كان العتق ناجزا أو لأجل. قوله: (بخلاف مجرد الوطئ) أي
الوطئ المجرد الايلاد فلا يفيت ومثل الهبة فيما ذكر الوصية فإذا أوصى بأمته لشخص ثم وطئها فإن
حملت منه بطلت الوصية وإلا فلا هذا هو الصواب ونص المصنف على ذلك فيما يأتي خلافا لما في عبق
تبعا لعج من بطلان الوصية بمجرد الوطئ. قوله: (ولا قيمة الخ) اعلم أنهم قد راعوا في هذه الفروع الثلاثة
القول بأن الهبة لا تلزم بمجرد القول مع تشوف الشارع للحرية وتقوي الثاني بالقبض فلذا قيل ببطلان
الهبة فيها وعدم القيمة للموهوب له على الواهب. قوله: (ثم مات الواهب) أي المستصحب أو المرسل
وأما لو مات الرسول قبل وصوله فلا تبطل به. قوله: (أو مات الموهوب له) أي قبل وصول الهبة له
وقوله ثم مات أو المعينة له كان الصواب أن قال ثم مات هو أو المعينة هي له بالابراز فيهما لعطف الظاهر
على الضمير في الأول ولجريان الصلة على غير من هي له في الثاني وأجاب البدر بأن الأمر سهل فلغرض
الاختصار كفى الأول على قول ابن مالك وبلا فصل يرد وفي الثاني على قول الكوفيين لا يجب
الابراز إذا أمن اللبس. قوله: (المعينة له) المراد المعين لها لعلمه وزهده وورعه لا هو وذريته. قوله: (أي
الذي قصد بها عينه) أي بأن يقول الواهب هي لفلان إن كان حيا. قوله: (سواء استصحب) أي استصحبها
الواهب معه أو أرسلها مع رسول. قوله: (لم تبطل بموت المرسل إليه) الأولى لم تبطل بموت الموهوب له
سواء كان مرسلا إليه أو مستصحبا له. قوله: (فهذه أربع صور أيضا) أي في موت الموهوب له وحاصلها
أنه إما أن يكون معينا أو غير معين وفي كل إما أن يستصحبها الواهب معه أو يرسلها مع رسول ولم
يشهد فيهما فهذه أربع صور تبطل الهبة في اثنتين منها وتصح في اثنتين. قوله: (ولا بموت الواهب)
أي كان الموهوب له معينا أو غير معين. قوله: (على ست عشرة صورة) حاصلها أن الواهب إما أن
يستصحب الهدية معه أو يرسلها مع رسول وفي كل إما أن يقصد بالهبة عين الموهوب له أم لا وفي
كل إما أن يموت الواهب أو الموهوب له قبل قبضها، فهذه ثمانية وفي كل إما أن يشهد حين الاستصحاب
أو الارسال أنها لفلان أم لا، فهذه ست عشرة صورة البطلان في ستة منها وهي صور المنطوق الأربعة
وصورتان من صور منطوق المعين له والصحة في عشرة وهي صور المفهوم. قوله: (في صحتك
أو مرضك) فيه نظر والصواب كما في بن قصره على الصحة لان التفصيل بين الاشهاد وعدمه
إنما هو في الصحيح لتوقف صدقاته على الحيازة والشهادة منزلة منزلتها وأما المريض فتبرعاته
نافذة من الثلث مطلقا أشهد أم لا فلا يتوقف مضى تبرعه على حوز ولا على ما يقوم مقامه. قال في
المدونة وكل صدقة أو هبة أو حبس أو عطية بتلها المريض لرجل بعينه أو للمساكين فلم
تخرج من يده حتى مات فذلك نافذ من ثلثه كوصاياه ا ه‍ بن. قوله: (ولم يشهد) أي
بتلك الصدقة حين الدفع وإنما صرح بقوله ولم يشهد مع أنه مستفاد من التشبه بالبطلان دفعا
لتوهم أنه تشبيه في مطلق البطلان لا يقيد عدم الاشهاد. قوله: (أو غيره) أي كفلس أو جنون.
قوله: (فتبطل) أي وأما لو حصل المانع بعد تفرقة جميعه فقد مضت. قوله: (لك) أي إن
كان المانع غير الموت. قوله: (إن علم بالموت) وإلا فخلاف فإن تنازع الورثة والوكيل في العلم وعدمه
فادعى الوكيل أنه فرق غير عالم بموته وادعى الوارث أنه فرق عالما بموته فالقول قول الوكيل بيمينه
102

إلا لبينة بعلمه قاله شيخنا العدوي. قوله: (ومات المتصدق) أي قبل التفرقة. قوله: (وتنفذ الخ) أي وتعطى
للفقراء ويصدق المفرق في التصدق بيمينه إن كانت الصدقة على غير معين وإلا لم يصدق. قوله: (من
رأس مال الصحيح) أي من كان صحيحا حين الدفع. قوله: (وثلث المريض) أي من كان مريضا حين
الدفع. قوله: (ولم يفرط) أي بأن جد في طلبها وقوله ويخير أي الموهوب له وقوله في رد البيع أي وأخذه
الهبة. قوله: (فالثمن له) أي وهو قول مطرف وهو الراجح كما قاله الشارح وقوله وهو قول أشهب أي
وهو ضعيف وكل من القولين مروي عن الامام والمدونة محتملة لكل منهما قاله في التوضيح،
ومقتضى القياس خلاف الروايتين إذ الهبة تلزم بالقول فكان القياس أن يخير الموهوب له في إجازة
البيع وفي رده إلا أنهم راعوا قول من قال إنما تلزم بالقبض وهو قول أهل العراق. قوله: (عطف على
المثبت) أعني قوله إن تأخر لدين الخ. قوله: (بدليل الخ) أي وإنما قيدنا المرض بكونه بغير الجنون
للتثنية في قوله واتصلا بموته. قوله: (لوقوعها في الصحة) هذا يشير لما قلناه لك من أن المسألة السابقة
مقصورة على الصحة. قوله: (أو وهب لمودع) أي أو لمستعير فحكم العارية حكم الوديعة. قوله: (ثم ادعى
بعده أنه قبل) أي ثم ادعى الموهوب له بعد موت الواهب أنه قبله قبل موته والصواب أن يقول ثم إن
شاء القبول بعد الموت معتمدا على الحوز السابق كما يشعر به جعل المصنف موت الواهب غاية لعدم
قبول المودع بالفتح فإنه يشعر أنه قبل بعده وأولى إذا لم يقبل أصلا وظاهر المصنف البطلان، وإن لم
يعلم الموهوب له الذي هو المودع بالهبة حتى مات الواهب وهو كذلك ولا يعذر بعدم العلم، وحاصل
القول فيمن وهب شيئا لمن هو بيده عارية أو وديعة أو دينا عليه أنه إن علم الموهوب له وقبل في حياة
الواهب صحت الهبة باتفاق وإن لم يقل قبلت حتى مات الواهب فقبل بعده أو لم يقبل بطلت الهبة عند
ابن القاسم وصحت عند أشهب، وإن لم يعلم بالهبة حتى مات الواهب بطلت اتفاقا إلا على رواية أن الهبة
لا تفتقر لقبول كما نقله ابن رشد في رسم الوصية من سماع القرينين، ونقله أيضا حلولو ا ه‍. والقليشاني
في شرح ابن الحاجب فإن وهب لغير من هو في يده بطلت بموت الواهب قبل الحوز في الصور
لثلاث ا ه‍ بن. قوله: (ثم بدا له القبول بعد الموت) أي بعد موت الواهب فأنشأ القبول
بعده. قوله: (أوجد فيه) من ذلك ما في المنتقى من وهب آبقا فلم يتمكن منه الموهوب له إلا بعد
موت الواهب صح ذلك ولزم. قوله: (إذا زكاهما) أي ولو طال زمن التزكية كما هو ظاهره. قوله: (أو
أعتق الموهوب له الرقيق الهبة) أي قبل قبضه من الواهب ثم حصل للواهب مانع. قوله: (أو باع
أو وهب) الضمير فيهما للموهوب له وقوله قبل قبضها أي من الواهب ثم حصل لذلك
الواهب مانع. قوله: (وينزل فعله) أي فعل الموهوب له من العتق والبيع والهبة منزلة الحوز فكأن
المانع إنما حصل للواهب بعد حوز الموهوب له. قوله: (قيد) خبر مبتدأ محذوف أي وقوله وأعلن
قيد الخ. قوله: (في الأخيرين) أي فالمعنى إذا أشهد الموهوب له على ما فعل من بيع أو هبة وأعلن عند
الحاكم بما فعله منهما. قوله: (دون الأول) أي وهو العتق فلا تتوقف صحة الهبة على إعلان الموهوب
103

له بذلك عند الحاكم وما ذكره من رجوع القيد للأخيرين دون الأول تبع فيه البساطي. قوله: (وظاهر
المصنف) أي هنا وفي التوضيح. قوله: (بل ذكر بعضهم اختصاصه الخ) المراد بذلك البعض العلامة
طفي حيث قال ولم أر قيد الاعلان إلا في الهبة فقط. والحاصل أن الاشهاد لا بد منه في الثلاثة وأما
الاعلان فيعتبر في الهبة اتفاقا ولا يعتبر في العتق عند البساطي وطفي خلافا لظاهر المصنف وهل
يعتبر في البيع وهو ما للبساطي وظاهر المصنف أو لا يعتبر فيه وهو ما لطفي فالهبة لا بد فيها من الاشهاد
والاعلان اتفاقا والعتق لا يعتبر فيه الاعلان بل الاشهاد فقط خلافا لظاهر المصنف، وأما البيع فلا
يعتبر فيه الاشهاد عند طفي ويعتبر أن فيه عند البساطي. قوله: (وهو ظاهر كلام بعضهم) أراد به عبق
فإنه جعل قوله إن أشهد راجعا للثلاثة وقوله وأعلن راجعا للأخيرين ومشى عليه في المج. قوله: (أن
الكتابة والتدبير لا يعتبران وهو كذلك) أي فإذا كاتب الموهوب له العبد أو دبره قبل أن يقبضه من
الواهب ثم حصل للواهب مانع فإن الهبة تبطل ولا تعتبر الكتابة والتدبير فليس كالعتق كذا قال
الشارح تبعا لعبق، وفيه أن الكتابة دائرة بين العتق والبيع فقيل أنها عتق وقيل أنها بيع وقيل أنها عتق
معلق وكل منهما كاف في صفة الهبة والتدبير عتق مؤجل فالحق أن الكتابة والتدبير كذلك كذا قرر
شيخنا العدوي. قوله: (أو لم يعلم بها إلا بعد موته) أي لم يقع علم بها إلا بعد موت الموهوب له والمتصف
بالعم هو وارثه لا هو لعدم إمكانه بعد موته ولا يصح قراءة يعلم بالبناء للفاعل ويجعل ضمير الفاعل
عائدا على الموهوب له وضمير موته للواهب لان الحكم هنا البطلان فلا يصح أن يحل كلام المصنف
بهذه الصورة لان كلامه في الصحة. قوله: (فلا تبطل ويأخذها الوارث) أي لقيامه مقامه في القبول
وهذا حيث لم يقصد عينه وإلا بطلت. والحاصل أنه تارة تقوم قرينة على قصد التعميم ولا شك أن
للورثة المطالبة وتارة تقوم على قصد عين الموهوب له ولا كلام لوارثه وعند الشك درج المصنف على أنه
بمنزلة ما إذا قامت قرينة على قصد التعميم وبهذا قرره المسناوي والشيخ أحمد بابا. قوله: (وكذا إن علم)
أي وحينئذ فلا مفهوم لقوله أو لم يعلم بها وقوله وكذا إن علم بها أي وكذا إن علم الموهوب له بالهبة ولم
يظهر منه رد حتى مات ولو كان ترك قبضها تفريطا وتكاسلا. قوله: (وصح حوز مخدم ومستعير)
صورته أخدم شخص عبده أو أعاره لزيد مدة معلومة وحازه زيد ثم إن ذلك الشخص وهب عبده
المذكور لعمرو فإنه يصح حوز زيد المخدم أو المستعير لعمرو الموهوب له بحيث إذا مات الواهب
والعبد في حوز المخدم أو المستعير قبل أن يقبضه الموهوب له لم تبطل الهبة، وإنما صح حوزهما له لان كلا
إنما جاز لنفسه وحوزه لنفسه خروج عن حوز الواهب والخروج عن حوز الواهب يكفي في حوز
الموهوب ومحل صحة حوز المخدم والمستعير للموهوب له إذا أشهد الواهب على الهبة كما قال ابن شاس
وإلا فلا انظر بن. قوله: (أو صاحبتها) أي بأن لم يفصل بينهما بزمن كثير هذا هو المراد ا ه‍ عدوي.
قوله: (أشهد) أي الواهب على الهبة أم لا الأولى حذف هذا التعميم وإبداله بقوله رضيا بالحوز للموهوب
له أم لا لان إشهاد الواهب على الهبة شرط في صحة حوزهما للموهوب له كما علمت. والحاصل
أن حوز المخدم والمستعير للموهوب له صحيح مطلقا علما بالهبة أم لا تقدم الاخدام والإعارة على
الهبة بقليل أو كثير رضيا بالحوز للموهوب له أم لا فلا عبرة بقولهما لا تحوز للموهوب له بشرط أن
يشهد الواهب على الهبة وإلا لم يصح حوزهما له وما ذكره المصنف من الاطلاق، وهو المعتمد خلافا
لبعض شيوخ عبد الحق حيث قيد صحة حوزهما له بما إذا علما بالهبة ورضيا بالحوز له ونسبة المواق
هذا التقييد للمدونة سهو منه كما قال طفي لان المدونة ظاهرها الاطلاق ولا تقييد فيها. قوله: (فلا كلام
لوارثه) أي لا في بطلان الهبة ولا الاخدام ولا الإعارة وحينئذ يبقى العبد تحت يد المخدم بالفتح أو
104

المستعير حتى تتم المدة ثم يأخذه الموهوب له. قوله: (فلا يتأتى للواهب إخدام ولا إعارة) فإن فرض أن
الواهب أعار أو استخدم قبل قبض الموهوب الهبة منه صح حوز المخدم والمستعير له كالمودع. قوله: (إن
علم بالهبة) أي سواء رضي بحوزه للموهوب له أو لم يرض فلا يشترط إلا علمه فقط كما هو ظاهر
المصنف وهو قول ابن القاسم في العتبية، خلافا لما في عبق من اشتراط كل من العلم بالهبة والرضا
بالحوز في صحة حوز المودع انظر بن. والفرق بين المودع وبين المخدم والمستعير على ما مشى عليه المصنف
من الاطلاق فيهما أن المخدم والمستعير حازا لنفسهما ولو قالا لا تجوز للموهوب له لم يلتفت لقولهما
إلا أن يبطلا مالهما من المنافع وهما غير قادرين على ذلك لتقدم قبولهما ولا يقدران على رد
ما قبلاه لأنه ابتداء عطية منهما للمالك فلا يلزمه قبولها فصار حوزهما معتبرا معتدا به والمودع لو شاء
لقال خذ ما أودعتني لا أحوزه لك. قوله: (لا إن لم يعلم) أي لا إن لم يعلم المودع بالهبة حتى
مات الواهب فتبطل الهبة ولا يكفي مجرد حوز المودع. قوله: (فلو لم يعلم الخ) تفريع على القول
بصة حوز المودع مطلقا. قوله: (لا يصح حوز غاصب) أي على المشهور وهو مذهب ابن القاسم في
المدونة فإذا مات الواهب قبل خلاصه من الغاصب كان لورثة الواهب. قوله: (أي إن رضي الغاصب
بالحوز للموهوب له) ظاهره صحة الحوز عند أمر الواهب الغاصب بالحوز للموهوب له ورضا الغاصب
بالحوز سواء كان الموهوب له حاضرا أو غائبا وهو كذلك اتفاقا إن كان غائبا وأما إن كان حاضرا
رشيدا ففيه خلاف انظره في بن. وأما إذا قال الواهب للغاصب لا تدفعها للموهوب له إلا بأذني لم
يكن حوزا اتفاقا. قوله: (ويصير كالمودع) أي في كفاية حوزه وإن كان المودع لا يشترط فيه
الرضا كما هو ظاهر كلام المصنف. قوله: (وكذا الشئ المستأجر) أي إذا مات واهبه قبل انقضاء
مدة الإجارة فإنه يكون لورثته ولا شئ للموهوب له لبطلان الهبة. قوله: (والفرق بين المستأجر
والمستعير) أي حيث قيل بعدم صحة حوز الأول للموهوب له وبصحة حوز الثاني له. قوله: (بخلاف
العارية الخ) إن قلت المرتهن قادر على رد الرهن وإبقاء دينه بلا رهن فكان مقتضاه أن
حوزه يكفي قلت المرتهن وإن كان قادرا على رد الرهن كما أن المستعير قادر على رد العارية إلا أن المرتهن
إنما قبض للتوثق لنفسه بخلاف المستعير فإنه وإن قبض لنفسه لكن لا للتوثق ففرق بينهما. قوله: (ولا
إن رجعت الخ) أي ولا يصح حوز الموهوب له إن رجعت الهبة للواهب بعد حوز الموهوب له
بقرب، وظاهره سواء كان للهبة غلة أم لا وهو الصواب وتقييد المواق له بما إذا كان لها غلة فقد رده
طفي. قوله: (بمعنى الخ) أي وأما إذا لم يحصل له مانع فللموهوب له استردادها ليصح حوزها فالذي
يبطل في الحقيقة برجوعها للواهب إنما هو الحوز فقط ا ه‍ بن. قوله: (أو أرفق بها) بالبناء للفاعل
كالفعل الذي قبله لان في كل منهما ضميرا مستترا عائدا على الموهوب له كما أشار له الشارح. قوله: (قرب الخ)
تنازعه كل من آجرها وأرفق بها. قوله: (وحصل مانع) أي للواهب قبل رجوعها للموهوب له.
قوله: (في الصورتين) أي صورة الإجارة والارفاق. قوله: (فإن تلك الحيازة) أي الحاصلة
105

من الموهوب له أو لا. قوله: (ويأخذها من الواهب جبرا عليه) أي لأجل أن يصح حوزه وتتم له
الهبة. قوله: (بخلاف رجوعها له) أي للواهب وقوله بما ذكر أي بإجارة أو إرفاق. قوله: (بعد مضي سنة
من حوزها فلا تبطل) أي إذا حصل للواهب مانع قبل رجوعها للموهوب له، وما ذكره من عدم
البطلان مقيد بما إذا كانت الهبة لغير محجوره وأما الهبة لمحجوره فتبطل برجوعها للواهب مطلقا
ولو بعد عام كما قال ابن المواز، وهذه الطريقة ارتضاها ابن رشد، وطريقة غيره أن المحجور وغيره سواء
في عدم البطلان في الرجوع بعد عام، وعلى هذه الطريقة عول المتيطي وبه أفتى ابن لب وبها جرى العمل
انظر المواق ا ه‍ بن. واعلم أن مثل الهبة الصدقة في القسمين المذكورين أي رجوعهما عن قرب أو
بعد وهذا بخلاف الرهن فإنه يبطل برجوعه للراهن ولو بعد سنة من حوزه، وأما الوقف إن كان له غلة
فإنه يبطل برجوعه للواقف إن عاد له عن قرب لا عن بعد كالهبة والصدقة، فإن لم يكن له غلة كالكتب
فإنه لا يبطل وقف ما عاد له بعد صرفه ولو عن قرب، وأما إذا استمر تحت يده ولم يصرفه حتى حصل
المانع فإنه يبطل وقفه وقد مر ذلك. قوله: (فلا تبطل) أي إذا حصل للواهب مانع قبل رجوعها
للموهوب له. قوله: (أو رجع مختفيا من الموهوب له) الواقع في كلامهم مختفيا عند الموهوب له لا منه ففي
المواق عن ابن المواز وإذا حاز المعطي الدار وسكن ثم استضافه المعطي فأضافه أو مرض عنده حتى
مات أو اختفى عنده حتى مات فلا يضر ذلك العطية ا ه‍ وهكذا في كلام ابن شاس وغيره أيضا
وحينئذ فالأولى للشارح أن يقول عنده بدل قوله من الموهوب له ا ه‍ بن. وقد يقال إن الشارح أشار
إلى أنه لا فرق وأن ما وقع في كلامهم غير متعين فتأمل. قوله: (أو ضيفا أو زائرا) الزائر هو القاصد
للثواب وأما الضيف فهو من نزل عندك لضيق وقت أو جوع فليس قاصدا لك ابتداء بخلاف الزائر.
قوله: (وصح هبة أحد الزوجين للآخر) أشار الشارح بتقدير صح إلى أن قوله وهبة أحد الزوجين
مرفوع عطف على فاعل صح وقوله متاعا أي من متاع البيت كالفرش والنحاس والخادم. قوله: (وإن لم
ترفع يد الواهب عنه) أي بشرط إشهاده عليها وحاصله أن هبة أحد الزوجين للآخر شيئا من متاع
البيت لا تفتقر لحيازة فمتى أشهد الواهب على الهبة وحصل المانع وهي في حوزه لم يضر وأما هبة
أحدهما للآخر شيئا غير متاع البيت كعبيد الخراج والدراهم والعقار غير دار السكنى فلا بد فيها من
الحيازة كما في بن وهب الزوج لزوجته أو الزوجة لزوجها وألحق الجزيري الحيوان بعبيد الخدمة
وألحق أيضا بالزوجين الأب يهب لابنه الصغير والأم كذلك فلا يفتقر لحيازة فمتى أشهد على الهبة
وحصل المانع وهي في حوزه فلا يضر، وكذلك ألحق بالزوجين هبة أم الولد لسيدها وهبته لها فإذا وهب
أحدهما للآخر متاعا من متاع البيت فلا يفتقر لحوز. قوله: (فيشمل الخادم وغيره) أي كالفرش
والنحاس والحيوان والثياب فإذا وهب أحدهما لصاحبه شيئا من ذلك وأشهد على الهبة ومات الواهب
ولم يحصل حوز كانت الهبة صحيحة وفي قول الشارح والمراد بالمتاع ما عدا دار السكنى فيشمل الخادم
وغيره نظرا لان هذا شمل الدراهم والدنانير وعبيد الخراج والعقار غير دار السكنى وهو غير صحيح كما
علمت. قوله: (وصحت هبة زوجة دار سكناها لزوجها) أي أو لبنيه ولو استمرت ساكنة فيها حتى
ماتت إذا أشهدت ولو شرطت عليه أن لا يخرجها منها وأن لا يبيعها فقال ابن رشد في نوازل أصبغ من
العتبية لا يجوز ذلك ولا يكون سكناه معها فيها حيازة له ا ه‍ وبهذا يرد ما ذكره عج من صحة الهبة
بالشرط المذكور ا ه‍ بن. قوله: (لا العكس) وهو هبة الزوج لزوجته دار سكناه فلا يصح إذا استمر
ساكنا فيها معها حتى مات وهذا إذا كانت الهبة مجردة عن شائبة المعاوضة وأما لو التزم الزوج لزوجته
النصرانية إن أسلمت فالدار الساكن فيها معها تكون لها فأسلمت فهي لها، ولو مات قبل الحوز لان
ذلك معاوضة قاله ابن حبيب عن ابن الماجشون وعيسى عن ابن القاسم وابن أبي حازم في المدونة
ورجحه ابن رشد وابن الحاج. وقال مطرف لا بد من الحوز لان ذلك عطية قاله ح في التزاماته.
106

قوله: (ولا إن بقيت الهبة) بمعنى الشئ الموهوب. قوله: (فتبطل لعدم الحوز) أي إذا لم يعلم الموهوب له
بها أو علم بها ولم يجد في طلبها حتى حصل المانع أما إن جد فلا بطلان كما مر. قوله: (إلا لمحجوره) هذا
استثناء من محذوف أي ولا إن بقيت عنده بالنسبة لكل شخص موهوب له إلا لمحجوره. قوله: (حتى
حصل المانع) أي قبل رشد المحجور. قوله: (لأنه الذي يحوز له) علة لعدم البطلان وقوله حيث
أشهد على الهبة شرط في عدم المحجور. قوله: (وإن لم يحضرها لهم) أي وإن لم يحضر الولي الهبة للشهود
فمتى قال الولي للشهود اشهدوا أني وهبت كذا لمحجوري كفى سواء أحضره لهم ليشهدوا على عينه أم لا
فلا يشترط إحضاره لهم ولا معاينتهم لحوز الولي لهم. قوله: (ولا صرف الغلة له) عطف على المعنى أي لا
يشترط إحضارها ولا معاينتهم للحيازة ولا صرف الغلة له. قوله: (على المعتمد الذي جرى به العمل)
مقابله إن عدم البطلان مقيد بصرف الولي الغلة في مصالح المحجور عليه فإن كان يصرفها في مصالح نفسه
بطلت فالهبة كالحبس لا فرق بينهما في هذا وهذا القول المقابل هو الذي رجحه ابن سلمون وابن رحال
في حاشية التحفة كما في بن. واعلم أن الولي إذا وهب لمحجوره فإنه يحوز له إلى أن يبلغ
رشيدا فإذا بلغ رشيدا حاز لنفسه فإذا بلغ رشيدا ولم يحز لنفسه وحصل مانع للواهب بطلت لا إن بلغ سفيها أو حصل
المانع وهو صغير، فإن جهل الحال ولم يدر هل بلغ رشيدا أو سفيها والحال أن الواهب حصل له المانع
بعد البلوغ فقولان والمعتمد أنه يحمل على السفه وحينئذ فتصح الهبة لما تقدم أن الرشد لا يثبت إلا
ببينة فيحمل على السفه عند جهل الحال. قوله: (إلا أن يهب له) أي إلا أن يهب الولي لمحجوره وقول
المصنف إلا ما لا يعرف الخ استثناء من محذوف بعد المستثنى قبله وهو قوله إلا لمحجوره أي فيجوز
له كل شئ إلا ما لا يعرف بعينه. قوله: (من معدود أو موزون أو مكيل) أي سواء كان طعاما أو غيره
ككتاب. قوله: (أو كعبد من عبيد الخ) فإذا قال وهبت لمحجوري عبدا من عبيدي أو دارا من دوري
أو بقرة من بقري واستمر واضعا يده على ذلك حتى مات ولم يعينها بطلت. قوله: (ولا بد من اخراجه
عنه قبل المانع) أي لا بد في صحة الهبة من اخراجه عند أجنبي قبل المانع فإذا جعله عند أجنبي
قبل المانع صحت الهبة سواء أخرجه غير مختوم عليه أو مختوما عليه، خلافا لظاهر عبق
حيث قال بخلاف ختمه عليه وتحويزه لأجنبي قبل موته فإنها تصح فإنه يقتضي اشتراط
الختم إذا أخرجه لأجنبي فتأمل. قوله: (وإلا دار سكناه) أي إذا سكنها كلها فقوله إلا أن يسكن الخ
استثناء منقطع كذا قيل وفيه نظر بل هو متصل لان المستثنى منه عام تناولا ثم إنه
لا مفهوم له لقوله دار سكناه بل المراد أنه سكن تلك الدار بعد الهبة إلى أن حصل المانع سواء كانت
معروفة له بالسكنى قبل الهبة أم لا. والحاصل أن ظاهر المصنف أن هذا التفصيل خاص بدار
السكنى وليس كذلك بل هو جار في هبة الدار مطلقا بل وكذا الثياب يلبسها أو بعضها وكذا ما لا
يعرف بعينه الذي حازه عند غيره إذا أخرج بعضه وبقي ذلك في يده قاله في البيان ا ه‍ بن. قوله: (إذا
استمر ساكنا بها حتى مات) أي أو عطلها عن السكنى مع وجود مكتر. قوله: (خلافا لظاهر
المصنف) أي المقتضى أن الاخلاء من شواغل الواهب من غير إكراء ليس بمنزلة إكرائه للمحجور
عليه والحاصل أن قول المصنف ودار سكناه عطف على ما لا يعرف بعينه فظاهره أن دار السكنى لا بد
من اخراجها من يده ليد أجنبي يحوزها مثل ما لا يعرف بعينه وهو غير صحيح بل المدار على إخلائها
من شواغله ومعاينة البينة لها كذلك سواء بقيت تحت يده أو أكراها أو دفعها لأجنبي يحوزها كما
للمتيطي والجزيري وابن عرفة، ونحوه للباجي في وثائقه فتحصل أن دار السكنى تفترق من غيرها
107

في هبة الولي لمحجوره فإن دار السكنى لا بد فيها من إخلاء الولي لها من شواغله ومعاينة البينة لتخليتها
سواء أكراها أم لا ومثلها الملبوس وأما غير دار السكنى والملبوس فيكفي الاشهاد بالصدقة أو الهبة،
وإن تعاين البينة الحيازة فالاشهاد بالصدقة يغني عن الحيازة فيما لا يسكنه الولي ولا يلبسه. قوله: (ولو
بلغ رشيدا ولم يحز بعد رشده) هذا يقتضي أنه بعد رشده لا يحتاج إلى أن يحوز لنفسه وإن حوز الأب
له الحاصل في صغره كاف وليس كذلك بل إذا بلغ رشيدا لا بد من إنشاء الحوز لنفسه فإن لم يحز لنفسه
وحصل المانع للولي بطلت، فالأولى للشارح أن يحذف قوله رشيدا ولم يحز بعد رشده انظر بن. قوله: (فما
حازه الولد ولو قل صح وما لا فلا) أي وما لم يحزه الولد بل سكنه الأب فلا يصح. قال بن وفيه نظر
فإن الذي في ابن عرفة عن بعض شيوخ عبد الحق أنه إن سكن الأب الأقل صح جميعها، ولو كان الولد
كبيرا وإن سكن الأكثر بطل الجميع إن كان الولد صغيرا وبطل ما سكنه فقط إن كان الولد كبيرا.
والحاصل أنه إن سكن جميعها بطل الجميع كان الولد كبيرا أو صغيرا وإن أخلاها كلها من شواغله أو سكن
أقلها صح جميعها كان الولد كبيرا أو صغيرا وإن سكن الأكثر بطل الجميع إن كان الولد صغيرا وبطل
ما سكنه فقط إن كان كبيرا فهذا القسم هو محل افتراق الكبير من الصغير خلافا للشارح. قوله: (وكذا
المؤقت بأجل معلوم) إنما خرج هذا لأنه ليس مؤقتا بحياة المعطي بالفتح. قوله: (فإجارة فاسدة) أي لتقييدها
بأجل مجهول وهو حياة المعطي بالفتح. قوله: (الحكم باستحقاقها) أي العمرى لأنه ليس إنشاء
وإحداثا لتمليك المنفعة بل تجديد له. قوله: (لا تكون عمري حقيقة) أي اصطلاحا بل عمري مجازا أي
وكذا يقتضي أنها إذا لم تقيد بالعمر بل بمدة كإلى قدوم زيد مثلا لا تكون عمري حقيقة وإن جازت
وهو كذلك. قوله: (عند الاطلاق) أي عند عدم التقييد بحياته أو حياة غيره. قوله: (بل ما دل على تمليك
المنفعة) أي كأسكنتك ونحوه من الألفاظ الدالة على تمليك المنفعة كوهبتك سكناها أو استغلالها عمرك.
قوله: (في عقار أو غيره) أي كتاب وحلي وسلاح وحيوان قال في كتاب الهبات من المدونة قيل فإن
أعمر ثوبا أو حليا قال لم أسمع من مالك في الثياب شيئا، وأما الحلي فأراه بمنزلة الدار وفيها في كتاب العارية
ولم أسمع في الثياب شيئا وهي عندي على ما أعارها عليه من الشرط أبو الحسن يريدانه إذا بقي من الثوب
شئ بعد موت المعمر رد وإن لم يبق منه شئ فلا شئ لربه ا ه‍ بن. قوله: (لا بد من قرينة تدل على
الأعمار) أي كأعطيتك سكنى داري أو غلتها مدة عمرك أو عمري. قوله: (فيصدق كلامه بثلاث صور)
إلا أنه إذا أعمره ووارثه معا فلا يستحق الوارث إلا بعد موته كوقف عليك وولدك على قول مالك
حيث كان الوالد أحوج، ولكن المعمول به في الوقف قول المغيرة وهو مساواة الولد للوالد ولو كان
أحوج ولعل الفرق بين العمرى لا تكون للوارث إلا بعد موت المورث وبين الوقف حيث سوى
فيه بين الولد والوالد على قول المغيرة أن مدلول العمرى العمر فكأنه إنما أعمر الوارث بعد موت مورثه،
وأما إذا أعمره فقط أو أعمر وارثه فقط فإن المعمر يستحق المنفعة حالا. واعلم أن العمرى كالهبة
في الحوز بمعنى أن حوزها قبل المانع شرط في تمامها فتلزم بالقول ويجبر المعمر بالكسر على دفها
للمعمر ليحوزها فإن حصل المانع للمعمر بالكسر قبل أن يحوزها المعمر بالفتح بطلت إن لم يحصل
من العمر بالفتح جد في طلبها قبل المانع. قوله: (ورجعت للمعمر أو وارثه إن مات) ولو حرث المعمر
108

بالفتح أرضا أعمرت له ومات أخذها ربها ودفع لورثته أجرة الحرث، وإن شاء أسلمها لهم بحرثها
تلك السنة وأخذ منهم أجرة مثلها فإن مات المعمر بالفتح وبها زرع وفات الا بان فلورثته الزرع
الموجود ولا كراء عليهم لان مورثهم زرع بوجه جائز. قوله: (رجع مراجع الاحباس) أي لأقرب
فقراء عصبة المحبس ولأقرب امرأة لو رحلت عصبته. قوله: (وهو الراجح الخ) فيه أن الراجح هو
الأول لأنه قول المصريين وابن القاسم وأشهب منهم بقي ما لو قال حبس عليكما حياتكما وهو لآخر كما
وحكمها كالمسألة الثانية فترجع إذا مات الأول للثاني حبسا، فإذا مات الثاني فهل ترجع مراجع
الاحباس أو ترجع ملكا للمحبس إن كان حيا أو لوارثه قولان. والحاصل أن الصور ثلاث الأولى
صورة المصنف وهي حبس عليكما وهو لآخر كما الثانية حبس عليكما ويسقط قوله وهو لآخر كما
الثانية حبس عليكما حياتكما وهو لآخر كما ففي الأولى إذا مات أحدهما رجعت للثاني ملكا، وفي كل من
الثانية والثالثة إذا مات الأول رجعت للثاني حبسا، فإذا مات الثاني فهل ترجع مراجع الاحباس أو
ترجع ملكا للمحبس قولان وهما منصوصان في الثانية ومخرجان في الثالثة. قوله: (معمول لرجعت)
أي على أنه مفعول مطلق أي رجعت رجوع ملك لا مفعول به لان رجع لازم وقوله معمول لرجعت
أي وليس من كلام المحبس. قوله: (حال من فاعل رجعت) فيه أن ملكا مصدر منكر ومجئ المصدر
المنكر حالا مقصور على السماع ويؤول هنا باسم المفعول أي رجعت في حال كونها مملوكة. قوله: (وهو
راجع للمسألتين) فيه أن فاعل رجع المذكور ضمير عائد على العمرى وحينئذ فيكون قوله ملكا راجعا
للأولى فقط فلعل الأولى جعله حالا من الراجع في المسألتين المدلول عليه برجع المذكور والمقدر
الذي اقتضاه التشبيه. قوله: (فلا تجوز في حبس ولا ملك) بأن يقول كل لصاحبه إن مت فداري
ملك لك أو حبس عليك. قوله: (في عقد واحد) أشار الشارح بذلك إلى أن محل المنع إذا وقع ما ذكر
من القولين في عقد واحد أي بأن وقع أحدهما بفور الآخر ودخلا على ذلك كما هو ظاهر المصنف،
وأما لو قال أحدهما لصاحبه ذلك ثم قال الآخر مثل الأول، فهو جائز إذ لا تهمة فيه حيث لم
يدخلا عليه ويكون هذا وصية. قوله: (إن دار كل) أي دار كل متكلم. قوله: (فالمراد الخ)
أي فهو من النوع المسمى في البديع بالجمع والتفريق كقوله تعالى: * (وقالوا كونوا هودا أو
نصارى) * أي قالت اليهود للنصارى كونوا هودا مثلنا وقالت النصارى لليهود كونوا نصارى
مثلنا. قوله: (إلى المخاطرة) أي الغرر إذ لا يدري أيهما يموت قبل الآخر. قوله: (إلا بعد الموت)
أي بعد موت أحدهما وقوله رجعت أي دار من مات لوارثه ولا تكون للمراقب الحي. قوله: (كهبة
نخل) أي سواء كانت الهبة من الآن أو اتفقا على أنها تكون بعد الاجل الذي يقبض الواهب ثمرتها
فيه والعلاج فيه على الموهوب له. قوله: (واستثناء ثمرتها) أي كلها أو بعضها لوجود علة المنع
فيهما كما قاله بن خلافا لعبق حيث قال بالجواز إذا استثنى بعضها. قوله: (فلا مفهوم للجمع) وذلك
لوجود علة المنع وهي المخاطرة أي الغرر في استثناء الثمرة سنة واحدة، وقوله على الأصح أي
خلافا للبساطي حيث قال بالجواز فيما دون الجمع ونسب ذلك لظاهر الروايات قاله شيخنا العدوي.
109

قوله: (والسقي على الموهوب له) أي سواء كان السقي بماء الموهوب له أو بماء الواهب لوجود علة المنع
فيهما كما قال شيخنا العدوي لان علاج السقي ينزل منزلة المعاوضة خلافا لما في عبق من أنه إذا كان
السقي على الموهوب له بماء الواهب فإنه يجوز. قوله: (بعوض السقي) أي وهو النخل فسقيه خرج مخرج
المعاوضة بالنخل. قوله: (في نظير) أي الكائن في نظير سقيه فهو صفة للنخل. قوله: (واطلع على ذلك) أي
بعد أن قبضها الموهوب له وقوله قبل التغير أي قبل تغير النخل سواء مضت سنين الاستثناء كلها أو
بعضها. قوله: (وردت النخل بثمرتها) أي مع ثمرتها حيث قبض الموهوب له الثمرة لمضي مدة
الاستثناء كلا أو بعضا. قوله: (يوم وضع يده عليها) أي فصارت نفقته من السقي والعلاج في ملكه حيث
ملكها من يوم وضع يده عليها. قوله: (أو دفع فرس الخ) لا مفهوم لفرس ولا لقوله لمن يغزو عليها بل
كذلك دفع فرس لمن يطحن عليها أو حمار لمن يركب عليه أو ثور لمن يحرث عليه مثلا. قوله: (وشرط أنه الخ)
أي فكأنه جعل الثمن النفقة عليها تلك المدة. قوله: (في تلك المدة) أي وتكون له بعد الاجل فليس
التملك من الآن وإنما اتفقا الآن على أنه يكون بعد الاجل. قوله: (ولا يبيعه لبعد الاجل) أي وشرط
عليه أنه لا يبيعه إلا بعد الاجل لكونه لا يملكه بالهبة إلا بعد الاجل وقد اعترض البساطي على
المصنف بما حاصله أنه قد أخل بشرط وهو أن يشترط عليه أن لا يملكها إلا بعد الاجل. وحاصل
الجواب أنا لا نسلم أنه قد أخل بهذا الشرط لان من لوازم الملك البيع وهو قد شرط عليه أن لا يبيع
إلا بعد الاجل فيفيد هذا أن اشتراط التمليك إنما هو بعد الاجل لان البيع الذي هو لازم منفي قبل
الاجل فينتفي ملزومه وهو الملك، قال عبق وينبغي أنه إذا أسقط قوله ولا يبيعه الخ أنه يصح.
قوله: (يعني وشرط عليه أيضا الخ) أشار بهذا إلى أنه لا مفهوم لقوله ولا يبيعه. قوله: (باطلا) أي ذهابا باطلا.
قوله: (فهو غرر) قال أبو الحسن نقلا عن عبد الحق أنه إذا اطلع على ذلك قبل حلول الأجل فالدافع
بالخيار إن شاء أمضى عطيته بلا شرط، وإن شاء ارتجع فرسه وغرم ما أنفقه عليه وإن لم يعلم بذلك حتى
مضى الاجل فإن لم يتغير الفرس بحوالة سوق فأعلى فسخ البيع لأنه الآن صار بيعا فاسدا فيفسخ
ويغرم رب الفرس ما أنفقه عليه، فإن فات بشئ من وجوه الفوت غرم القابض قيمة الفرس حين حل
الاجل ويرجع على الدافع بما أنفق عليه. قوله: (ومخاطرة) عطف مرادف. قوله: (فلا يشترط لفظ
الاعتصار) أي كما في نقل بن عن ابن عرفة وعن ابن رشد في البيان. قوله: (على الأظهر) أي خلافا لما في
عبق من اشتراطه وقد رده بن. قوله: (وليس في الحديث الخ) أي وهو قوله (ص): لا يحل
لاحد أن يهب هبة ثم يعود فيها إلا الوالد. قوله: (بشروطه الآتية) المراد بالجمع ما فوق الواحد لان اعتصارها
مشروط بشرطين أن يكون الولد الموهوب له كبيرا أو صغيرا ذا أب وأن لا تريد بهبتها ثواب الآخرة.
قوله: (من ولده فقط) هذا يغني عنه قوله أي للأب فقط لان الأب لا يكون إلا لولد. قوله: (دون الصدقة
والحبس) في بن عن المدونة أن الحبس إذا كان بمعنى الصدقة بأن أريد به وجه الله لم يعتصر وإن كان
بمعنى الهبة بأن أريد به وجه المعطي جاز اعتصاره وأن العمري يجوز اعتصارها مطلقا أي سواء ضرب
لها أجل أم لا كان الاجل قريبا أو بعيدا. قوله: (صغيرا) قدر الموصوف صغيرا لا ولدا لأجل قوله ولو
تيتم. قوله: (لا يتيما) أي لا إن وهبت يتيما حين هبتها. قوله: (فليس لها الاعتصار منه) أي ولو بلغ لأنه
110

حيث كان يتيما حين الهبة فتعد تلك الهبة كالصدقة. قوله: (وإن كان الأب مجنونا جنونا مطبقا) أي حين
الهبة وأولى إذا جن بعدها. قال عبق وانظر لو جن الأب بعد هبته لولده هل لوليه الاعتصار أم لا
والظاهر الأول لان وليه بمنزلته. قوله: (ولو تيتم) رد بلو قول محمد أنه إذا تيتم الولد بعد هبتها له في حياة أبيه
فليس لها الاعتصار بعد موت الأب. قوله: (فلها الاعتصار) أي منه ولو بعد بلوغه. قوله: (مطلقا) أي سواء
كان له أب أم لا وحاصل فقه المسألة أن الأم إذا وهبت ولدها فإن كان وقت الهبة كبيرا كان لها
الاعتصار سواء كان للولد أب وقت الهبة أم لا، وإن كان الولد وقت الهبة صغيرا
كان لها الاعتصار إن كان له أب وقت الهبة سواء كان ذلك الأب عاقلا أو مجنونا موسرا أو معسرا، فإن تيتم الولد الصغير بعد
الهبة فهل لها الاعتصار نظرا إلى أنه وقت الهبة غير يتيم أوليس لها الاعتصار نظرا ليتمه حال
الاعتصار قولان، وإن كان الولد الصغير حين الهبة لا أب له فليس لها الاعتصار قولا واحدا، ولو بعد
بلوغه. (ولظاهر المدونة) أي ومخالفا لظاهر المدونة وحينئذ فلا يعول عليه ويتوجه على المصنف
اعتراضان، الأول: أنه ما كان ينبغي له ترك ظاهر المدونة بما للخمي. الثاني: أن المطابق لاصطلاحه التعبير
بصيغة الفعل إذ قوله في الخطبة لكن إن كان بصيغة الفعل فذلك لاختياره من نفسه صادق بما إذا كان
هناك قول يقابل اختياره أم لا، لكن في بن عن أبي الحسن أن لمدونة تحتمل الامرين وأن ظاهرها
مع اللخمي فلما كان مختاره ظاهرها لم يكن من عند نفسه فاندفع الاعتراضان، ونص المدونة وللأم
أن تعتصر ما وهبت أو انحلت لولدها الصغير في حياة الأب أو لولدها الكبير الخ أبو الحسن انظر قولها
في حياة أبيه ما العامل فيه هل قوله تعتصر أو وهبت، فإن كان العامل فيه تعتصر فيكون كقول محمد، وإن
كان العامل وهبت فمثل ما اختاره اللخمي فيتخرج القولان منها، ولا شك أن ظاهرها هو التعلق بأقرب
العاملين وهو الثاني ا ه‍ بن. قوله: (لكان جاريا على المذهب) أي من أنه إذا طرأ له اليتم فلا اعتصار لها.
قوله: (وكذا إن أريد الصلة والحنان) أي وكذا إذا أراد الأب أو الأم بالهبة الصلة والحنان
على ولدهما فلا اعتصار لهما فإرادة الصلة والحنان تمنع من اعتصارها وأما الاشهاد على الهبة فلا
يكون مانعا من اعتصارها خلافا لما في خش وعبق فانظر من أين أتيا به انظر بن.
قوله: (كصدقة الخ) فيه أن ما أريد به ثواب الآخرة من هبة ونحوها صدقة وحينئذ ففي كلام المصنف تشبيه
الشئ بنفسه وحاصل ما أشار له الشارح من الجواب أن المصنف شبه بالصدقة التي وقعت بلفظ الهبة
وما معها الصدقة الواقعة بغير لفظ الهبة بل بلفظها. قوله: (فإن شرط أنه يرجع فيما تصدق به على ولده الخ) أي
فإن شرط الأب أو الأم الرجوع في صدقتهما على ولدهما فإنه يعمل بالشرط، وأما لو تصدق شخص
على أجنبي أو وهبه وشرط أنه يرجع في هبته أو صدقته إن شاء فذكر المشذالي أنه لا يعمل بشرطه،
والذي في وثائق ابن الهندي والباجي أنه يعمل بشرطه أيضا فإن قلت كيف يجوز له أن يشترط في صدقته
الاعتصار والصدقة لا تعتصر وكذلك الهبة من غير الوالدين قلت وسنة الحبس أنه لا يباع وإذا اشترطه
المحبس في نفس الحبس فإنه يعمل بشرطه انظر بن. قوله: (بشرط عدمه) أي عدم الاعتصار وقوله في الهبة
متعلق بيعمل. قوله: (أو نحو ذلك) أي من مفوتات البيع الفاسد كتغير الذات بزيادتها أو نقصها. قوله: (بزيادة
أو نقص) أي في القيمة وقوله مع بقاء الذات أي من غير تغير فيها. قوله: (فلا يمنع الاعتصار) أي لعدم فواتها
بها لبقاء الموهوب بحاله وزيادة القيمة أو نقصها عارض لا يعتد به. قوله: (وسمن هزيل) انظر هل السمن يجري في
الدواب والرقيق أو خاص بالدواب كما تقدم في الإقالة. قوله: (كذلك) أي حسي كهزال السمين أو معنوي
111

كنسيان صنعة لها بال. قوله: (ضمير الموهوب) أي ذكرا كان أو أنثى. قوله: (قيد فيهما) أي في النكاح
والمداينة والتقييد بكونهما لأجلها هو الذي في الموطأ والرسالة وسماع عيسى، لكن قال ابن عرفة ظاهر
المدونة والجلاب خلاف السماع المذكور ونصها وللأب اعتصار ما وهب أو نحل لبنيه الصغار والكبار،
وكذا إن بلغ الصغار ما لم ينكحوا أو يحدثوا دينا ا ه‍. ففي نقل المواق عن المدونة التقييد نظر ا ه‍ طفي.
قلت ظاهر كلام أبي الحسن حمل كلام المدونة على التقييد ولذا والله أعلم اعتمده المؤلف ا ه‍ بن.
قوله: (أي عقده) أي عقد الأجنبي للذكر الموهوب له على بنته مثلا. قوله: (لأجل هبة
كل منهما) أي لأجل يسر كل منهما بالهبة. قوله: (فإن لم يقصد الأجنبي ذلك الخ) تحصل من كلامه أن المانع من اعتصار الأبوين
قصد الأجنبي عقد النكاح والمداينة لأجل يسر الموهوب له بالهبة وهو ما يفيده ضبط كلام المصنف
بالبناء للمفعول، وأما قصد الولد ذلك وحده فلا يمنع وقيل أن المعتبر في منع الاعتصار قصد الولد ذلك
وعليه فيضبط كلام المصنف بالبناء للفاعل والمعتمد الأول. قوله: (بالغ) أي ولد موهوب له بالغ
وظاهره ولو حرم الوطئ كوطئ حائض ويصدق الولد في أنه حصل منه الوطئ لتلك الجارية الموهوبة
إذا علمت الخلوة بينهما، وحاصل المسألة أن الأمة الموهوبة إما أن تكون ثيبا أو بكرا والولد الموهوب
له إما بالغ أو غير بالغ، فإن كانت ثيبا أفات اعتصارها وطئ الولد البالغ لا وطئ الصغير، وإن كانت بكرا
فيفوت اعتصارها بافتضاضها مطلقا من بالغ أو صبي. قوله: (بافتضاضه) أي بافتضاض الولد الموهوب
له. قوله: (أو بمرض الولد الموهوب له) أي مرضا مخوفا وإلا فلا يمنع الاعتصار. قوله: (إلا أن يهب الخ)
استثناء منقطع لان ما قبله كانت الهبة لغير مريض ومدين ومتزوج بخلاف المستثنى. قوله: (وتخصيصه)
أي وتخصيص الزوال بالمرض. قوله: (لا يسوغ الاعتصار) أي بل يمنع منه. قوله: (قال ابن القاسم) أي
فارقا بين زوال المرض وزوال النكاح. قوله: (لم يعامله الناس عليه) أي بل هو أمر من عند الله فإذا زال
عاد الاعتصار. قوله: (بخلاف النكاح والدين) أي فإن كلا منهما أمر عامله الناس بعد الهبة عليه
فيستمرون على المعاملة لأجله لانفتاح بابه فيستمر عدم الاعتصار. قوله: (كزوال المرض) أي في كونه
يسوغ الاعتصار. قوله: (وكره تملك صدقة) ظاهره أنه يكره تنزيها وهو قول اللخمي وابن عبد السلام
والتوضيح وقال الباجي وجماعة بالتحريم وارتضاه ابن عرفة لتشبيهه بأقبح شئ وهو الكلب
يعود في قيئه ولما أراد عمر شراء فرس تصدق بها نهاه النبي (ص) عن ذلك فقال له: لا تشتره
ولو أعطاكه بدرهم واحد فإن العائد في صدقته كالكلب في قيئه وقول اللخمي أنه مثل
بغير مكلف فلا يتعلق به حرمة شنع عليه ابن عرفة وقال أنه ليس القصد التشبيه بالكلب من حيث عدم
تكليفه بل الذم وزيادة التنفير والذم على الفعل والتنفير عنه يدل على حرمته ا ه‍ بن. وقوله تملك صدقته
أي سواء كانت واجبة كالزكاة والمنذورة أو كانت مندوبة. قوله: (ولو تعدد) أي من وصلت إليه قال
في التوضيح ظاهر المذهب كراهة تملك المتصدق للصدقة ولو تداولتها الاملاك. قوله: (واحترز
بالصدقة عن الهبة الخ) أي واحترز أيضا بغير الميراث عن ملكها به فلا كراهة ويستثنى من قوله وكره
تملك صدقة العرية لقوله فيما تقدم ورخص لمعر وقائم مقامه اشتراء ثمرة تيبس والغلة المتصدق بها
دون الذات فله شراؤها كما نقله ابن عرفة عن مالك فإذا تصدق عليه بخدمة عبد أو سكنى دار شهرا
112

مثلا فله شراء تلك الخدمة والسكنى وفي معين الحكام يجوز للمعمر أو ورثته أي كلهم أن يبتاعوا من
المعمر بالفتح ما أعمر له وإن كان حياة المعمر لأنها من المعروف إلا أن تكون معقبة فيمنع ولكل واحد
من ورثة المعمر بالكسر أن يشتري قدر ميراثه منها لا أكثر ا ه‍. ولا يقال ما ذكر تموه من جواز شراء
الغلة المتصدق بها يعارض قول المصنف الآتي ولا يركبها المفيد أنه ليس له الرجوع في الغلة لأنا نقول
كلام المصنف الآتي في هبة الذات وكلامنا في هبة الغلة فقط ويستثنى منه أيضا التصدق بالماء على
مسجد أو غيره فيجوز له أن يشرب منه لأنه لم يقصد به الفقراء فقط بل هم والأغنياء كما لبعض شراح
الرسالة، وفي ح نقلا عن الذخيرة قال ابن يونس قال مالك إذ أخرجت للسائل بالكسرة أو بالدرهم فلم
تجده أرى أن تعطيه لغيره تكميلا للمعروف، وإن وجدته ولم يقبل فهو أولى من الأول لتأكيد العزم
بالدفع، واختلف هل له أكلها في هاتين الحالتين أم لا؟ فقيل لا يجوز أكلها مطلقا وقيل يجوز مطلقا وقيل
إن كان معينا جاز له أكلها وإن كان غير معين فلا يجوز، وأما إن وجده وقبلها فلا فرق بين المعين وغيره
من لزوم التصدق بها وعدم جواز أكل مخرجها لها. قوله: (فيجوز تملكها) أي من الموهوب له بشراء أو
صدقة أو هبة أي وأما العود فيها مجانا قهرا عن الموهوب له فهو مكروه لغير الأب فإن قلت: كيف
يتصور العود في الهبة مجانا مع أن المشهور لزومها بالقول؟ قلت: يحمل على ما إذا شرط الواهب على
الموهوب له الأجنبي الاعتصار على أحد القولين السابقين. قوله: (ولو تصدق بها على ولده) أي هذا
إذا تصدق بها على أجنبي بل ولو الخ. قوله: (تأويلان) اعلم أن المدونة عبرت بالمنع لكن فرضته في
التصدق على الأجنبي فقالت ومن تصدق على أجنبي بصدقة لم يجز له أن يأكل من ثمرها ولا يركبها إن
كانت دابة ولا ينتفع بشئ منها، وعبر في الرسالة بالجواز حيث قال ولا بأس أن يشرب من لبن ما تصدق
به، فاختلف الأشياخ فقيل إن كلام الرسالة محمول على الخلاف وقيل محمول على ما لا ثمن له أو له ثمن تافه،
وما في المدونة على ماله ثمن له بال وقيل الرسالة محمولة على ما إذا كانت الهبة لولده الكبير ورضي بذلك،
وكلام المدونة فيما إذا كانت الهبة لأجنبي ويلحق به ما إذا كانت لولده الكبير ولم يرض بذلك أو لولده
الصغير رضي أو لا، فقول المصنف وهل الكراهة مطلقا أي بناء على الخلاف وقوله أو إلا أن يرضى
الابن الكبير بشرب اللبن أي بناء على الوفاق فقوله تأويلان أي بالخلاف والوفاق وإذا علمت هذا
ظهر لك أن التأويلين في كلام الرسالة لكن لما كانا من حيث موافقتها للمدونة ومخالفتها لها كان لهما
ارتباط بالمدونة في الجملة فعبر المصنف بتأويلين تساهلا ا ه‍. انظر بن. والظاهر من التأويلين الأول
وهو أن بينهما خلافا وأن المعتمد كلام المدونة وهو الكراهة مطلقا ولو كان المعطي بالفتح رشيدا
وأذن للمعطي بالكسر في الانتفاع باللبن ونحوه. قوله: (وظاهرها) أي وهو ما اختاره الباجي وابن
عرفة وجماعة وحملها اللخمي وابن عبد السلام على الكراهة. قوله: (وحمل على ما لا ثمن له عندهم أو له ثمن
تافه) أي وأما كلام المدونة فمحمول على ماله ثمن غير تافه. قوله: (وعلى الابن الكبير) أي إذا رضي
وكلام المدونة محمول على ما إذا كانت الهبة لأجنبي أو لولده الصغير مطلقا فيهما أو الكبير ولم يرض.
قوله: (وينفق الخ) هذه المسألة والتي بعدها كالاستثناء من قوله وكره تملك صدقة. قوله: (على) أب أي وكذا
ينفق على زوجة من صدقتها على زوجها وإن كانت غنية لوجوب نفقتها عليه للنكاح لا للفقر. قوله: (لأنه
أظهر في الشمول) أي في شمول ما إذا كان الانفاق منها جائزا أو واجبا. قوله: (وللأب تقويم جارية)
113

أي شراؤها لنفسه وليس بلازم تقويمها بالعدول فهو يشتري من نفسه لنفسه بالسداد ا ه‍ بن
وأشار الشارح بتقدير للأب إلى أن قول المصنف وتقويم جارية عطف على اعتصارها من قوله
وللأب اعتصارها من ولده. قوله: (فالمراد أن لا تكون أقل الخ) أي فالشراء بالقيمة سداد وليس
المراد بقوله ويستقصي في التقويم أن يشتري بأزيد من القيمة بحيث يكون الشراء بالقيمة غير سداد.
قوله: (التي لا تعتصر) أي إما لاشتراط الموهوب له على الواهب عدم اعتصارها أو لفواتها عند
الموهوب له بتغيير ذات أو لمداينة الموهوب له أو إنكاحه لأجلها فإن كانت الهبة تعتصر ولم يعتصرها
الأب أو الأم وطلب أخذها بالعوض فانظر هل يأخذها بقيمتها أو له أن يأخذها بأقل والظاهر
الأول. قوله: (شرط الثواب) أي اشتراط الثواب حالة كون الاشتراط مقارنا للفظها. قوله: (عين
الثواب أم لا) أي فتعيينه غير لازم قياسا على نكاح التفويض وهذا هو المعتمد وقيل إن اشترط
العوض في عقدها فلا بد من تعيينه قياسا على البيع. قوله: (ولزم الثواب) أي لزم دفعه. قوله: (بتعيينه)
أي بتعيين قدره ونوعه كان التعيين من الموهوب له أو من الواهب ورضي الآخر به. وحاصله أنه إذا
عين الثواب واحد منهما ورضي الآخر به فإنه يلزم الموهوب له دفعه إذا قبل الهبة وليس له الرجوع
عن الثواب بعد تعيينه وإن لم يقبض الهبة لأنه التزمه بتعيينه، كذا في التوضيح. قوله: (إن قبل الموهوب
له) أي الهبة ورضي بذلك الثواب المعين. قوله: (فلام للواهب بالقبض) أي بقبض
الموهوب له الشئ الموهوب وأما الموهوب له فلا يلزمه إلا بالفوات وما ذكره الشارح من لزومه بالقبض للواهب
عين الثواب أم لا غير ظاهر، فإن توقف لزوم العقد على القبض إنما هو إذا كان الثواب غير معين وأما
إذا عين الثواب عند عقد الهبة ورضي الموهوب له فلا يتوقف اللزوم على قبض بل يلزم العقد
كلا منهما بسبب تعيينه كالبيع فتدبر، ولذا قال البساطي في حل المتن ولزم العقد بتعيينه أي الثواب،
والحاصل أن الثواب إذا عينه أحدهما ورضي به الآخر كان العقد لازما لكل منهما سواء قبضها
الموهوب له أم لا وإن كان الثواب غير معين فلا يلزم العقد الواهب إلا بقبضها ولا يلزم الموهوب
له إلا بفواتها بزيادة أو نقص. قوله: (أي في قصده الثواب) أي لا في شرطه لأنه إذا ادعى الواهب
اشتراطه فلا بد من إثباته ولا ينظر لعرف ولا لغيره. قوله: (إن لم يشهد الخ) أي إن انتفت شهادة
العرف بضده بأن شهد العرف له أو لم يشهد لا له ولا عليه. قوله: (وإن شهد عرف) أي هذا إذا لم يشهد
العرف بضده بل وإن شهد بضده وهذا بيان للاطلاق قبله. قوله: (وإن لعرس) مبالغة على
تصديق الواهب أنه إنما وهب لثواب مع قيده. قوله: (فيصدق الواهب) أي في دعواه أنه قصد
بهبته الثواب وقوله إن لم يشهد عرف بضده راجع لما بعد الكاف وما قبلها. قوله: (وله) أي
ولمن وهب لعرس. قوله: (ولا يلزمه الصبر الخ) ظاهره ولو جرى العرف بالتأخير لحدوث
عرس مثله وهو ما عزاه المتيطي لأبي بكر بن عبد الرحمن وفي البرزلي أنه يعمل بالعرف
الجاري بالتأخير لحدوث عرس مثله. قوله: (أشكل الامر) أي بأن لم يشهد العرف له ولا عليه وقوله
أم لا أي بأن شهد العرف له. قوله: (أو يحلف إن أشكل الامر فقط) هذا أظهر القولين كما في المج.
114

قوله: (أو كشاهدين فلا) أي وحينئذ فلا يحلف إلا إذا أشكل ومفاد كلامه اتفاق التأويلين على حلفه
عند الاشكال وأن الخلاف إنما هو في حال شهادة العرف. قوله: (ومحل تصديق الواهب في دعوى
الثواب الخ) أي في دعوى قصده وأشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف في غير مسكوك متعلق
بصدق وفيه أنه يلزم عليه تعلق حر في جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد وإلا أن يقال إن الثاني
أخص من الأول نحو جلست في السجد في محرابه وهو جائز ا ه‍ عدوي. قوله: (وأما هو فلا ثواب
فيه) قال أبو الحسن لان العرف أن الناس إنما يهبون للثواب ما تختلف فيه الأغراض والمسكوك
لا تختلف فيه الأغراض فهبته للثواب خلاف العرف فلذا لا يصدق الواهب في قصد الثواب. قوله: (ومثل
المسكوك) أي في كونه لا ثواب فيه إلا لشرط السبائك الخ. قوله: (فإنه كالعروض) أي لان صنعته
لما كانت كثيرة نقلته عن أصله فصار مقوما بخلاف المسكوك فإن صنعته وهي السكة لما كانت يسيرة
لم تنقله عن أصله وهو المثلية. قوله: (فلا يصدق الواهب منهما لصاحبه الخ) لان الشأن قصد كل
واحد منهما بهبته للآخر التعاطف والتواصل. قوله: (إلا لشرط أو قرينة) أي إلا أن يشترط أحدهما
عند الهبة للآخر الإثابة أو تقوم قرينة على قصدها أي أو يجري العرف بها فإنه يصدق ويأخذ
ما ادعاه من الثواب. قوله: (وأما هو فلا يصدق إلا لشرط) أي أو عرف فيعمل به كما تقدم للشارح.
قوله: (الأقارب الذين بينهم الصلة) أي مثل الوالد وولده وغيرهما. قوله: (فلا يصدق) أي الواهب للقادم
في دعواه قصد الثواب، وحاصله أنه إذا قدم شخص من سفره وأهدى له شخص هدية من فاكهة أو
رطب أو شبه ذلك وادعى قصد الثواب وادعى القادم عدمه فالقول للقادم. قوله: (ولا يأخذ الواهب
للقادم هبته) أي ولو كان فقيرا. قوله: (وقيده ح الخ) يعني أن ما ذكره المصنف من أن الهبة للقادم
لا يصدق واهبها في دعواه قصد الثواب وتضيع عليه ولو كانت قائمة مقيد بما إذا كانت تلك الهبة
لطيفة كالفاكهة ونحوها، وأما الثياب والقمح والغنم والدجاج وشبه ذلك فإن القول قول الواهب
في دعواه قصد الثواب، فإن كانت قائمة ولم يشبه الموهوب له عليها كان للواهب أخذها، وإن فاتت لزم
الموهوب له دفع قيمتها. تنبيه: ذكر عياض في المدارك عن سعد المغافري عن مالك أن الفقيه
لا يلزمه ضيافة لمن ضافه ولا مكافأة لمن أهدى له ولا أداء شهادة تحملها ا ه‍ والمراد بالفقيه ما يشمل
من شغل أوقاته بالمطالعة والتعليم والفتوى وإن اقتصر عن الاجتهاد كما في بن لا خصوص المجتهد كما في
عبق ومحل عدم لزوم الشهادة له ما لم تتعين عليه وإلا لزمه أداؤها كما قال شيخنا ويؤخذ من نقل تت
أن محل عدم لزوم مكافأته ما لم يجر عرف بمكافأته أو يكون الذي أهداه فقيها مثله وإلا لزمت. قوله: (ولزم
واهبها لا الموهوب له القيمة) أي ولزم واهب الهبة قبول القيمة إذا دفعها له الموهوب له بعد
قبضه الهبة وقوله لا الموهوب أي لا يلزم الموهوب له القيمة أي دفعها للواهب والفرض أن
الثواب لم يعين وأما إذا عين ورضي به الموهوب له فإنه يلزمه دفعه قبضها أم لا كما مر.
قوله: (القيمة) فاعل لزم أي لكن من حيث الاخذ بالنسبة للواهب ومن حيث الدفع بالنسبة للموهوب له
فهو من باب صرف الكلام لما يصلح له. قوله: (وأما قبله) أي قبل قبض الموهوب له الهبة وقوله فله أي
115

فللواهب. قوله: (إلا لفوات عند الموهوب له) قيد بقوله عند الموهوب له احترازا مما إذا فات بيد
الواهب فلا يلزم الموهوب له دفع القيمة ولا يلزم الواهب القبول ولو بذل له أضعاف القيمة. قوله: (يوم
القبض) أي على المعتمد وقيل يوم الهبة. قوله: (لا تعتبر) أي وحينئذ فلا تفيت رد الموهوب له لها.
قوله: (أي ثوابها المشترط) أي إذا كان معينا وقوله أو ما رضي به أي إذا كان غير معين. قوله: (وضمانها
من الواهب) أي وضمانها إذا تلفت في حال حبسها من الواهب فإن حبسها ومات الواهب وهي بيده،
فإن كان الثواب معينا كانت نافذة للزومها بالعقد كالبيع ولزم الموهوب له قبضها ودفع العوض
للورثة، وإن كان الثواب غير معين فلا يلزم الموهوب له دفع القيمة وأخذها بل إن شاء، وأما إن مات
الموهوب قبل إثابته عليها كان لورثته ما كان له فإن كان الثواب معينا حين عقدها لزمهم دفعه،
وإن كان غير معين فلا يلزمهم دفعه بل لهم رد الهبة، لكن إن دفعوه وكان قدر القيمة لزم
الواهب قبوله. قوله: (وأثيب ما يقضى عنه) أي ما يصح دفعه قضاء عنه في بيع السلم، فعنه متعلق
يقضى لا بقوله أثيب لأنه يقتضي جواز الإثابة بما لم يجز قضاؤه عن الشئ الموهوب وهو لا يصح
وذلك لان المعنى وأثيب عنه ما يصح قضاؤه أي ما يصح دفعه قضاء في بيع السلم وظاهره سواء كان
يصح دفعه قضاء عن الشئ الموهوب أو عن غيره. قوله: (أي في البيع) أي بيع السلم. قوله: (بأن يراعى
فيه) أي في الثواب شروط بيع السلم أي لان الموهوب مبيع لا مقرض وقوله شروط السلم ما عدا
الاجل فإنه لا يشترط هنا فالمراد بالشروط المذكورة في قوله سابقا وأن لا يكونا طعامين
ولا نقدين ولا شيئا في أكثر منه أو أجود كالعكس إلا أن تختلف المنفعة كفاره الحمر في الاعرابية.
قوله: (فلا بد) أي في الثواب. قوله: (وإن كان الثواب معيبا) محل لزوم قبول الثواب المعين ما لم يكن
العيب فادحا كجذام وبرص وإلا فلا يلزم الواهب قبوله ولو كمل له القيمة انظر ابن غازي. قوله: (أو
يكملها له) أي أوليس له فيه وفاء بالقيمة ولكن يكملها له الموهوب له. قوله: (وليس له رد المعيب) أي
وليس للواهب أن يرد الثواب المعيب ويأخذ غيره سالما. قوله: (ولا يثاب عن الذهب فضة الخ) محل
هذا بعد التفرق وجاز قبله كما في المواق ويفيده تعليل الشارح انظر بن. قوله: (فهبة الثواب) أي بالنظر
لعوضها وقوله كالبيع أي فيما يحل ويحرم. قوله: (في الأقل) أي في أقل الأحوال. قوله: (ولا يلزم عاقدها)
الايجاب والقبول إن أراد أنه يكفي فيها القبض والمعاطاة يقال إن ذلك يكفي أيضا في البيع فلا فرق
بينهما، وإن أراد غير ذلك فانظر ما مراده. ولعل الشارح أراد عدم اشتراط الفورية بينهما في الهبة
بخلاف البيع فلا بد فيه من الفورية تأمل. قوله: (وللمأذون) خبر مقدم وللأب عطف عليه،
وأعاد اللام فيه لاختلاف المتعلق لان العبد يهب من ماله والأب من مال ولده والهبة مبتدأ مؤخر.
قوله: (المحجور) أي عليه لصغر أو سفه لا إن كان الولد رشيدا فليس للأب ذلك. قوله: (لا لغيره) أي لا
لغير الثواب. قوله: (وليس الوصي كالأب) أي ولا مقدم القاضي بالأولى. قوله: (أي التزام وتعليق) أشار
بهذا إلى أن المراد باليمين الالتزام والتعليق بقصد التشديد والتغليظ على نفسه سواء صرح باليمين
116

الشرعية كوالله لأتصدقن بداري على الفقراء أو على زيد إن فعلت كذا، ولم يصرح بها وليس المراد بها
مجرد اليمين الشرعية كوالله لأتصدقن بداري على الفقراء أو على زيد لان هذا وعد بالصدقة وهو إخبار
والكلام هنا فيما يفيد إنشاء الصدقة. قوله: (لمعين كزيد أو غير معين كالفقراء) أي أو لم يقل على شئ بل قال
إن فعلت كذا فداري صدقة وسكت. قوله: (كأن قال داري صدقة) أي أو هبة أو حبس على الفقراء
أي أو قال صدقة أو حبس أو هبة وسكت. قوله: (لعدم من يخاصمه في غير المعين) أي كان هناك يمين أم لا
وقوله ولعدم قصد القربة في المعين أي حيث كان يمين لأنه إنما قصد الامتناع والتشديد على نفسه.
قوله: (لكن يجب عليه تنفيذ ذلك) أي في الصور المذكورة وحينئذ فيأثم بترك التنفيذ وما ذكره من
وجوب التنفيذ هو المذهب وقيل إنه مستحب. قوله: (فيقضي عليه بها له) فلو تصدق بداره على زيد
المعين ثم بعده على الفقراء مثلا ثم مات زيد وطلبها غير المعين فإن امتنع بها قضي عليه بذلك نظرا للحال
الأول كما أجاب به ابن الحاج ا ه‍ عبق. قوله: (ففي القضاء) أي إن امتنع وقوله وعدمه أي وعدم
القضاء بأن يؤمر بدفعه له من غير قضاء قولان الأول لابن زرب والثاني لأحمد بن عبد الله. قوله: (فلا
يقضي عليه لمعين ولا لغيره) أي وهذا من أفراد قول المصنف سابقا وإن قال داري صدقة بيمين الخ.
قوله: (وقضى بين مسلم وذمي فيها) أي سواء كان الذمي هو الواهب للمسلم أو كان المسلم هو الواهب
للذمي وأصل ذلك في المدونة قال الوانوغي ابن عرفة يؤخذ منه عندي القضاء بالمكروه لان قبول هبة
الذمي مكروهة اه‍ بن. قوله: (من لزوم وغيره) من بمعنى الباء متعلقة بقضى وقوله وغيره أي كإثابة
عليها وعدم لزومها من أصلها. قوله: (فلا نتعرض لها ولو ترافعا إلينا) وقيل إن ترافعا إلينا حكمنا
بينهم بحكم الاسلام فالهبة إحدى أمور خمسة فيها عدم الحكم بينهم عند عدم الترافع والخلاف
عند الترافع. قال عياض وقد احتلف هل نحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا في العتق والطلاق والنكاح
والزنا والهبة انظر بن.
باب في اللقطة
اشتهر على ألسنة الفقهاء فتح القاف مع أن قياس فعلة في المفعول الذي هو مراد هنا السكون كضحكة
لمن يضحك منه وقدوة لمن يقتدى به والفتح إنما هو القياس في الفاعل يقال رجل ضحكة أي كثير
الضحك ومنه همزة لمزة أي كثير الهمز واللمز. قوله: (أي محترم شرعا) أي ثبت له الاحترام في الشرع
بأن لا يجوز لاحد أن يتصرف فيه بغير إذن مستحقه. وقول الشارح أي محترم شرعا تفسير للمال المعصوم
وهو يشير إلى أن كلام المصنف يقرأ بالوصفية ويصح قراءته بالإضافة أي مال شخص معصوم أي
حفظ نفسه وماله بالاسلام أو بأداء الجزية، ثم إن قوله مال معصوم سواء قرئ بالإضافة أو بالوصفية
يشمل الرقيق الكبير والاصطلاح أنه آبق لا لقطة نعم الرقيق الصغير لقطة وقوله عرض للضياع
أورد عليه أنه لم يتعرض لقيد الآخذ بالفعل مع أنه إنما يسمى لقطة إذا التقط بالفعل فكان الأولى أن
يقول مال معصوم أخذ من مكان خيف عليه الضياع فيه فكأن المصنف مال للتعريف بالأعم واكتفى
بقوله الآتي ووجب أخذه الخ. قوله: (أي فلاة) المراد بها الخراب. قوله: (وخرج الإبل) أي لأنها
117

لا يخشى عليها الضياع. قوله: (وإن كان المال المعصوم) أي الذي عرض للضياع. قوله: (فليس بمال)
أي فلا يدخل في كلامه. قوله: (إنه لا يلتقط) أي وأنه غير مال فأفاد بالمبالغة أنه مال يلتقط وإنما لم
يقطع سارقه مع أنه مال قال ابن عرفة لأنه من باب درء الحد بالشبهة. قوله: (أنه كضالة الإبل) أي فلا
يلتقط. قوله: (ورد بمعرفة الخ) أي ولا يجوز لواحدها أن يأخذ من ربها أجرة وهي المسمى بالحلاوة
إلا على سبيل الهبة أو الصدقة قاله شيخنا. قوله: (أي الخرقة الخ) إنما سمي الوعاء التي تكون فيها
النفقة عفاصا أخذا لها من العفص وهو الثني لان الوعاء تثنى على ما فيها. قوله: (أي يقضي لمن عرف ذلك)
أي ما ذكر من الأمور الثلاثة. قوله: (وكذا بمعرفة الأولين فقط) أي كما هو ظاهر المدونة خلافا لمن قال
لا بد من اليمين إذا عرف العفاص والوكاء فقط وهو قول أشهب والخلاف عند عدم المعارض، وأما
عند وجوده فلا خلاف أنه إذا عرفهما فقط فإنه لا يأخذها إلا بيمين. قوله: (المفيدة لغلبة الظن الخ)
أي كما أنه يغلب على الظن صدق من عرف العفاص والوكاء. قوله: (ولو اختلف اثنان في أوصاف
اللقطة) أي بأن وصفها أحدهما بأوصاف والآخر بأوصاف وكان كل من أوصاف هذا وأوصاف
هذا موجودة فيها. قوله: (قضى له) أي من غير يمين. قوله: (بيمين في هذه) أي وأما في الأولى فالقضاء له
من غير يمين كما علمت وفي المواق عن أصبغ أنه يقضى بها لمن عرف العفاص فقط بيمين على
ذي العدد والوزن ا ه‍. وكذا يقضى بها لمن عرف العفاص بها لمن عرف العفاص فقط بيمين
هذا هو الظاهر لجمعه بين صفتين إحداهما ظاهرية والأخرى باطنية، بخلاف الثاني فإنه جمع بين صفتين
ظاهرتين، وهذا لا يعارض الخبر لحمله على ما إذا عرفهما والثاني لم يعرف شيئا منهما وما هنا قد عرف الثاني
بعضهما وشيئا آخر كذا قيل ونوقش فيه بأن الصفات المذكورة في الحديث وهي العفاص والوكاء
إذا كانتا أقوى الأوصاف المحصلة لغلبة الظن فالاثنان أقوى من واحد مع غيرهما تدبر. قوله: (وإن
وصف ثان الخ) حاصله أن اللقطة إذا وصفها شخص وصفا يستحقها به وقبضها ولم ينفصل بها
انفصالا يمكن معه إشاعة الخبر بأن لم ينفصل بها أصلا أو انفصل بها لكن لا يمكن معه إشاعة الخبر
لواصف ثان، ثم جاء شخص آخر فوصفها بوصف مثل وصف الأول في كونه موجبا لاستحقاقها
سواء كان وصف الثاني عين وصف الأول أو غيره، حيث لا يقضي لأحدهما على الآخر بوصفه فإن كل
واحد منهما يحلف أنها له وتقسم بينهما وكذا لو نكلا ويقضي للحالف على الناكل أما لو كان الأول
انفصل بها انفصالا يمكن معه إشاعة الخبر للثاني أو فشا الخبر قبل انفصاله بها فلا شئ للثاني لاحتمال
أن يكون سمع وصف الأول أو رآها معه فعرف أوصافها. قوله: (أي وصفا كوصفه) أي في كونه
موجبا لاستحقاقها سواء كان عين وصف الأول أو غيره. قوله: (حلفا وقسمت) أي ولا يرجح
الأول الذي أخذها بوضع اليد لان الترجيح بالحوز إنما هو في المجهولات وهذا مال علم أنه لقطة كذا
قال ابن القاسم، وقال أشهب أنها تكون للأول الذي أخذها لترجيح جانبه بالحوز. قوله: (ونكولهما
كحلفهما) أي على الراجح خلافا لمن قال أنهما إذا نكلا تبقى بيد الملتقط ولا تعطى لواحد منهما
ما داما ناكلين بقي شئ آخر وهو ما لو وصفها شخص وصفا يستحقها به وأخذها ثم أقام آخر بينة أنها له
فإنه يقضي بها للثاني وتنزع من الأول ولو انفصل بها. قوله: (لم يؤرخا) أي الملك كما في نقل بن وغيره
118

وقال شيخنا لم يؤرخا السقوط وهو تابع في ذلك لما كتبه شيخه الشيخ عبد الله عن سيدي محمد الزرقاني.
قوله: (ومثله صاحب المؤرخة دون الأخرى) أي أن البينتين إذا أرخت إحداهما دون الأخرى فإن
اللقطة تكون لصاحب المؤرخة، هذا إذا تكافأتا في العدالة كما هو الموضوع أو كانت المؤرخة أعدل بها،
ولو كانت التي لم تؤرخ أعدل لان ذات التاريخ تقدم على الزائدة في العدالة عند التعارض، كذا قرره عج.
قوله: (بوصف) أي بجنس وصف الصادق بالواحد والمتعدد. قوله: (وإن قامت بينة الخ) أي هذا إذا كان
المدعي لها بعد أخذها وصفها وصفا تؤخذ به بل وإن قامت له بينة بها. قوله: (ويجري الحكم على ما مر) أي
من وصف الثاني وصف أول ولم يبن بها أو بان ومن قامت بينة لكل منهما أو لأحدهما. قوله: (وعدم
الدفع) أي عاجلا. قوله: (إن جهل غيرها) بمعنى أنه لم يعلمه بأن قال حين السؤال عنه لا أدري ما هو أو قال
كنت أعلمه ونسيته ولا يعارض الاستيناء ما مر عن أصبغ من دفعها لواصف العفاص دون من عرف
الوزن والعدد لان دفعها له لا ينافي الاستيناء. قوله: (فإن لم يأت أحد بأثبت مما أتى به الأول الخ) أي بأن
كان وصف الأول أكثر إثباتا هذا هو المراد وأما إذا تساويا في الاثبات فإنها تقسم بينهما كما مر. قوله: (لا
إن غلط) أي أنه إذا عرف العفاص وغلط في الوكاء بأن قال الوكاء كذا فإذا هو بخلاف ذلك
أو عرف الوكاء وغلط في العفاص فلا تدفع له. قال ابن رشد وهو أعدل الأقوال عندي بخلاف ما إذا
عرف العفاص والوكاء أو أحدهما وغلط في الصفة فقط كأن قال بنادقة فإذا هي محابيب أو بالعكس
أو قال هي يزيدية فإذا هي محمدية أو العكس فإنها لا تدفع له اتفاقا كما في المقدمات. قوله: (ولم يضر جهله
بقدره) أي كما أنه لا يضر غلطه وإخباره بزيادة لاحتمال الاغتيال عليه فيها وأما غلطه وإخباره بنقص
ففيه قولان، فقيل تدفع له لاحتمال عذره لسهو مثلا، وقيل لا تدفع له لبعد احتمال أن أحدا زادها.
والموضوع أنه عرف العفاص والوكاء أو أحدهما غاية الأمر أنه أخبر بأقل من عددها ومثل هذه
المسألة في جريان القولين ما إذا عرف العفاص والوكاء أو أحدهما ولكن جهل صفة الدنانير بأن قال
لا أدري هل هي محابيب أو بنادقة، وكذا إذا لم يعرف شيئا من العلامات الدالة عليها إلا السكة بأن قال
هي محمدية أو يزيدية ولم يعرف عفاصها ولا وكاءها ولا وزنها ولا عددها، فقيل لا تعطى له وهو قول
سحنون. وقال يحيى تعطى له إذا عرف السكة وعرف نقص الدنانير إن كان فيها نقص وأصاب في ذلك.
قوله: (بدليل ما بعده) الحق كما قال بن أنه لا دلالة فيما بعده على تقييد هذا بعلمه أمانة نفسه بل المتبادر
من قول المصنف لا إن علم خيانته إدراج الشك فيما قبله وإدراج الشك في قوله وإلا كره من تصرفات
الشارح تبعا لعبق ولا يؤخذ من المصنف. وحاصل الفقه أنه يجب الاخذ بشرطين إن خاف الخائن
ولم يعلم خيانة نفسه بأن علم أمانة نفسه أو شك فيها فإن علم خيانة نفسه حرم الاخذ خاف الخائن
أم لا وإن لم يخف الخائن كره علم أمانة نفسه أو شك فيها فالوجوب في صورتين
وكذلك الحرمة وكذلك الكراهة خلافا لما قاله الشارح. قوله: (فيحرم أخذه) أي هذا إذا لم يخف خائنا بل ولو خاف
خائنا فيحرم أخذه في هاتين الصورتين كذا قاله أهل المذهب، وتبعهم الشارح، وبحث فيه
ابن عبد السلام قائلا إن حرمة أخذه إذا علم خيانة نفسه ولم يخف خائنا ظاهرة وأما إذا
خاف خائنا الظاهر أنه يجب عليه أخذها في تلك الحالة وترك الخيانة ولا تكون خيانة
نفسه عذرا مسقطا عنه وجوب حفظها من الخائن، واستظهر بحثه الحطاب فعلى هذا يكون
وجوب الاخذ في ثلاث صور: ما إذا خاف الخائن وعلم أمانة نفسه أو شك فيها أو علم خيانتها
119

والحرمة في صورة هي ما إذا لم يخف الخائن وعلم خيانة نفسه والكراهة في صورتين وهما ما إذا لم يخف
خائنا وشك في أمانة نفسه أو علم أمانتها. والحاصل أن مجموع الصور ست لان مريد الالتقاط إما أن
يعلم أمانة نفسه أو خيانتها أو شك فيها وفي كل إما أن يخاف الخائن لو ترك الاخذ أو لا وقد علمت
أحكامها ثم كل من الوجوب والكراهة مقيد بما إذا لم يخف على نفسه من الحاكم وإلا لم يأخذها كما في
عبق. قوله: (على الأحسن) فيه إجمال لأنه يوهم أن الخلاف والاستحسان في صور الكراهة كلها
وليس كذلك إنما هو في صورة واحدة وهي أن لا يخاف خائنا ويعلم أمانة نفسه فثلاثة أقوال لمالك
الاستحباب والكراهة والاستحباب فيما له بال والكراهة في غيره، واختار التونسي من هذه
الأقوال الكراهة مطلقا كما في الجواهر وإليه أشار المصنف بالأحسن، وأما إذا لم يخف خائنا وشك
في أمانة نفسه فيكره له أخذه اتفاقا. قوله: (أي الملتقط) هو بفتح القاف إن جعلت الإضافة في
تعريفه من إضافة المصدر لمفعوله أي وجب أن يعرف الملتقط الشئ الملتقط سنة أو بكسر القاف
إن جعل من إضافة المصدر لفاعله. قوله: (فإن أخره) أي من غير تعريف سنة ثم عرفه الخ وهذه
عبارة اللخمي وإنما قيد بالسنة لأن الضمان إذا ضاعت حال التعريف إنما يكون إذا أخره سنة،
وأما إن أخره أقل من سنة ثم شرع فيه فضاعت فلا ضمان فقول ابن عبد السلام ينبغي أن لا يقيد
التأخير بالسنة فيه نظر. قوله: (ولو كدلو) دخل تحت الكاف المخلاة وقوله كصرفه أي مماثلة
لصرف الدينار في القدر. قوله: (لأنها ليست من التافه) أي بل هي فوقه. قوله: (لكن الراجح أنها)
أي الدلو والدنانير والدراهم. قوله: (لا سنة) أي خلافا لظاهر المصنف. والحاصل أن ظاهر
المصنف أن المال الملتقط إما تافه أو فوق التافه، فالأول لا يعرف أصلا، والثاني يعرف سنة، والراجح
أن المال الملتقط إما تافه وهو ما دون الدرهم وإما كثير له بال وهو ما فوق الدينار وإما فوق التافه
ودون الكثير الذي له بال وهو الدينار فأقل إلى الدرهم فالأول لا يعرف أصلا والثاني يعرف سنة
والثالث يعرف أياما حتى يغلب على الظن أن صاحبه تركه، وللملتقط التصرف فيه بعد تلك الأيام على
هذا القول لا بعد سنة، كذا قرر شيخنا. قوله: (لا تافها) بالنصب عطف على محل كدلو لأنه خبر لكان
المحذوفة بعد لو كما أشار له الشارح. قوله: (كعصا وسوط) أي لا كبير قيمة لهما. قوله: (وله أكله إذا
لم يعلم ربه) أي ولا ضمان عليه. قوله: (بكباب مسجد) أي وسوق ولو داخله. قوله: (في كل يومين
أو ثلاثة مرة الخ) هذا في غير أول زمان التعريف أما في أوله فينبغي أن يكون أكثر من ذلك ففي كل
يوم مرتين ثم في كل يوم مرة ثم في كل يومين مرة ثم في كل ثلاثة أيام مرة ثم في كل أسبوع مرة كما ذكره
شارح الموطأ. قوله: (بنفسه) متعلق بتعريفه كما إن قوله بمظان طلبها كذلك لاختلاف معنى الجارين
لان الأول منهما بمعنى في والثاني للآلة. قوله: (أو بمن يثق به) أي بأمانته أي وإن لم يساوه في الأمانة
فإذا ضاعت ممن يثق به فلا ضمان والفرق بينه وبين ضمان المودع إذا أودع ولو أمينا أن ربها هنا لم يعينه
لحفظها بخلاف الوديعة. قوله: (وإلا ضمن) أي وإلا بأن كان ممن يعرف مثله واستأجر من يعرفها
وضاعت منه ضمن ثم إن قوله إن لم يعرف مثله هذا التقييد تبع فيه المصنف ابن الحاجب التابع
لابن شاس، كما قاله ابن عرفة وظاهر اللخمي عن ابن شعبان أن للملتقط أن يدفعها لمن يعرفها
بأجرة منها ولو كان ممن يلي تعريفها بنفسه إذا لم يلتزمه. قوله: (ولا يذكر المعرف وجوبا جنسها)
أي مثل حيوان أو عين. قوله: (على المختار) أي على ما اختاره اللخمي من الخلاف والقول الثاني
يجوز للمعرف أن يذكر جنس اللقطة وعبارة اللخمي وأن لا يذكر جنسها أحسن أي والقول
بعدم ذكر جنسها أحسن من مقابله. قوله: (كمال الخ) أي بأن يقول يا من ضاع له مال أو شئ
يذكر أمارته ويأخذه. قوله: (وأولى عدم ذكر النوع) أي مثل بقرة أو حمارة أو ذهب
120

أو فضة. قوله: (والصنف) مثل بنادقه أو محابيب أو ريالات. قوله: (ودفعت لحبر) بحيث فيه ابن رشد
بإمكان أو تكون لمسلم فالاحتياط أنها لا تدفع للحبر إلا بعد تعريفها انظر بن. قوله: (بكسر الحاء أفصح
من فتحها) أي كما قال الجوهري وصدر عياض في المشارق بالفتح وقال إنه رواية المحدثين. قوله: (أي عالم
أهل الذمة) سمي حبرا بكسر الحاء تسمية له باسم الحبر الذي يكتب به وظاهر المصنف أنها إذا وجدت
في القرية التي ليس فيها إلا أهل الذمة تدفع للحبر سواء كان ذلك الحبر من المحل الذي وجدت فيه اللقطة
أم لا والظاهر أن الدفع له مندوب إذ للملتقط أن يعرفها بنفسه ولم يجب عليه التعريف لئلا يكون
فيه خدمة لأهل لذمة، فإن لم يكن حبر فانظر هل تدفع لراهبهم أي عابدهم أو للسلطان والظاهر الأول
لقلة اشتغال الراهب بالنسبة للسلطان. قوله: (وله حبسها) أي حتى يظهر ربها. قوله: (فللملتقط هذه
الأمور الثلاثة) اعلم أن ما ذكره المصنف من تخيير الملتقط بين الأمور الثلاثة إذا كان الملتقط غير الامام،
وأما الامام فليس له إلا حبسها أو بيعها لصاحبها ووضع ثمنها في بيت المال وليس له التصدق بها ولا تملكها
لمشقة خلاص ما في ذمته بخلاف غيره ا ه‍ عبق. قوله: (خلافا لمن قال) أي وهو الباجي وفاقا للشافعي
وقوله ويجب تعريفها أبدا أي لاحتمال أن تكون من حاج ولا يتيسر له العود في السنة واستدل الباجي
بحديث لا تحل لقطتها وأجاب المشهور بأن المراد لا تحل قبل السنة، وإنما نبه النبي (ص) على ذلك
في مكة مع أن عدم حلها قبل السنة عام في مكة وغيرها لئلا يتوهم عدم تعريف لقطتها بانصراف
الحجاج فتأمل. قوله: (أي في التصديق بوجهيه) أي عن ربها أو عن نفسه. قوله: (كنية أخذها) أي تملكها
وقوله أي قبل التقاطها أي قبل أخذها. قوله: (ولو قال كنية تملكها قبله) أي ثم أخذها. قوله: (فنوى
أخذها تملكا) أي فقبل أن يضع يده عليها نوى أخذها تملكا ثم أخذها وحاز فتلفت منه أو غصبت
فإنه يضمنها. قوله: (لأنه بتلك النية مع وضع يده عليها) أي مع فعل الوضع حين نيته وهذا إشارة إلى
أن مجرد نية الاغتيال لا تعتبر كما هو المشهور. قوله: (كما إذا نوى التملك قبل السنة بعد وضع يده عليها) أي
للتعريف لان نية الاغتيال هنا لم تتجرد بل قارنها الكف عن التعريف وقد تجعل ح ضمير قبلها للسنة
وحمل المصنف على هذه الصورة مرتضيا بحث ابن عرفة من الضمان في هذه الصورة. والحاصل أن
الصور ثلاث الأولى ما إذا رآها مطروحة فنوى أخذها تملكا ثم تركها ولم يأخذها فتلفت الثانية ما إذا
نوى تملكها وأخذها فتلفت الثالثة ما إذا أخذها للتعريف ثم نوى تملكها قبل تمام السنة، ففي الصورة
الأولى لا ضمان عليه لان نية الاغتيال وحدها لا تعتبر، وفي الثانية الضمان قطعا لمصاحبة فعله وهو
أخذها لنية الاغتيال، وفي الثالثة لا ضمان عليه عند ابن عبد السلام نظرا إلى نية الاغتيال مجردة
عن مصاحبة فعل إذ غاية الأمر أن النية تبدلت مع بقاء اليد، وقال ابن عرفة بالضمان نظرا إلى أن نية الاغتيال
قد صاحبها فعل وهو الكف عن التعريف وارتضاه ح وحمل المصنف على هذه الصورة وشارحنا
تبعا لغيره حمله على الصورة الثانية. قوله: (وكما يضمن في ردها لموضعها أو غيره) أي بعد بعد من أخذها
والحال أنها ضاعت بعد الرد، واعلم أن كلام المصنف في أخذها المكروه وهو ما إذا لم يخف عليها من
خائن واعلم أمانة نفسه أو شك فيها لا في الواجب لضمانه بردها مطلقا من قرب أو بعد اتفاقا لتركه للواجب
فلا يصح فيه قوله إلا بقرب فتأويلان ولا في الحرم لضمانه بأخذها إن لم يردها مكانها لان ردها فيه
واجب. قوله: (فإن أخذها لغير الحفظ) أي لغير التعريف الحقيقي بأن أخذها السؤال جماعة هل هي لهم
121

أم لا فقالوا لا، ويقال لهذا تعريف حكمي وليس المراد بغير الحفظ الاغتيال لان الرد في هذا واجب
فلا يظهر قوله وعن بعد ضمن الخ. وقوله أخذها للحفظ الأولى حذفه لأنه خروج عن الموضوع.
قوله: (وعدمه) أي وعدم وجوب الالتقاط وهو حرمته وكراهته. قوله: (وليس لسيده منعه منه) أي
من الالتقاط لأنه يعرفها حال خدمته. قوله: (وليس له اسقاطها) أي اسقاط ضمانها عنه. قوله: (وأما
بعد السنة) أي وأما إذا ضاعت بعد السنة بتفريط أو تصدق أو تملكها. قوله: (ولا يضمن ولو وجد
بقرية) أي هذا إذا وجد بغامر أي خراب بل ولو وجد بقرية ومحل عدم الضمان إذا كان أكل ما يفسد
بالتأخير حيث لم يكن عالما بربه حين الالتقاط وإلا ضمن له قيمته ثم إن ظاهر الشارح أن ما يفسد
بالتأخير الذي لا يعلم بربه لا ضمان على الملتقط إذا أكله سواء كان تافها أو له ثمن وهو ما نقله طفي.
والذي في ح وتبعه عبق أن عدم الضمان فيما إذا أكل ما يفسد بالتأخير مقيد بما إذا كان تافها
لا ثمن له وإلا ضمن قيمته لربه إذا جاء وحينئذ فلا فرق فيما له ثمن بين ما يفسد بالتأخير وما لا يفسد
إلا جواز القدوم على الأكل ابتداء من غير تعريف فيما يفسد ومنعه في غيره. قوله: (وليس عليه تعريفه)
أي بل يأكله من غير تعريف كما هو ظاهر ابن رشد وابن الحاجب وما يؤخذ من ظاهر المدونة من
التعريف فهو ضعيف كما في عبق. قوله: (لكن ينبغي الاستيناء الخ) الذي لابن عرفة أنه لا يطلب
الاستيناء قال شيخنا وهو المعتمد. قوله: (فليس له أكله) أي ابتداء من غير تعريف وهذا إذا كان له ثمن
كما قال الشارح، وأما إذا كان تافها جاز له أكله من غير تعريف ولا ضمان عليه إذ جاء صاحبه وهذا
إذا لم يعلم بصاحبه حين وجده فإن علم به لم يجز أكله فإن أكله ضمن ثمنه كما مر للشارح. قوله: (ولم يتيسر
حملها للعمران) أي والحال أنه لم يتيسر حملها ولا سوقها للعمران فإن تيسر حملها للعمران أو سوقها
للعمران حملت أو سيقت وعرفا وليس له أكلها. فإن أكلها ضمنها فإن حملها ولو مذبوحة وعلم ربها
كان أحق بها وعليه أجرة حملها. وتقييد الشارح جواز الأكل بما إذا لم يتيسر حملها هو المعتمد وما في
عبق من جواز الأكل مطلقا تيسر حملها أو لم يتيسر فهو ضعيف ولا يسلم قوله على المعتمد كما في بن.
قوله: (ولا ضمان) أي سواء ذبحها وأكلها في الصحراء أو كلها في العمران والحال أنه ذبحها حين
الالتقاط في الصحراء وما ذكره من عدم الضمان هو المشهور. وقال سحنون إذا وجدها في الفلاة
وأكلها ضمن قيمتها لربها إذا علم به بعد ذلك ومحل الخلاف إذا كان الملتقط غير عالم بربها حين
وجدها وإلا فلا يجوز له أكلها فإن كان أكلها ضمن قيمتها اتفاقا. قوله: (كما لو وجدها بقرب العمران)
أي فيجب تعريفها ولا يجوز أكلها فإن أكلها ضمن. قوله: (وعسر سوقها للعمران) أي فإن كانت
بمحل خوف بفيفاء وتيسر سوقها للعمران لم يأكلها وعرفها فإن أكلها ضمن قيمتها لربها إذا علم.
قوله: (كما لو كانت الخ) أي لأنها إذا كانت بمحل العمران ولو مخوفا تكون لقطة فلا تؤكل وإذا أخذها
عرفها. قوله: (كإبل) ظاهره وجدها في الصحراء أو في العمران ابن عبد السلام وهو أسعد بظاهر
المذهب ا ه‍ بن. قوله: (إلا خوف خائن) أي إلا إذا خيف عليها من أخذ الخائن فإنها تؤخذ وتعرف
وقد تبع الشارح في ذلك عبق والخرشي واختاره شيخنا واقتصر عليه في المج وفي بن المعتمد من
مذهب مالك تركها مطلقا. قال في المقدمات بعد أن ذكر عدم التقاط الإبل قيل أن ذلك في جميع الزمان
وهو ظاهر قول مالك في المدونة والعتبية وقيل هو خاص بزمن العدل وصلاح الناس، وأما في
الزمن الذي فسد فالحكم فيه أن تؤخذ وتعرف فإن لم تعرف بيعت ووقف ثمنها لربها فإذا أيس منه
تصدق به كما فعل عثمان لما دخل الناس في زمنه الفساد وقد روي ذلك عن مالك أيضا اه‍ ابن عبد السلام
وصميم مذهب مالك عدم التقاطها مطلقا كذا في بن لكن لا يخفى أن المصلحة العامة تقتضي
122

الآن ما صنع عثمان كما لو قال في تضمين الخفراء فلذا اختار شيخنا قاله الشارح. قوله: (لا يراعي فيها) أي
في ضالة الإبل. قوله: (وله كراء بقر ونحوها في علفها) أي وله أن يستعملها في منافعه بقدر
علفها إن كان علفها من عنده وكلام المصنف في بقر ليس له أكلها وهي التي وجدها في العمران أو في الفيفاء وتيسر
سوقها للعمران. قوله: (أي مأمونا) أي مأمونا عاقبته. قوله: (مياومة) أي حالة كون ذلك الكراء
المضمون مياومة الخ أو مشاهرة أو وجيبة وإنما جاز له كراؤها في علفها مع أن ربها لم يوكله فيه لأنها لا بد
لها من نفقة عليها فكان ذلك أصلح لربها والظاهر أنه إذا أكراها كراء مأمونا وجيبة ثم جاء ربها قبل
تمامه فليس له فسخه لوقوع ذلك العقد بوجه جائز. قوله: (فليس المراد بالمضمون ضد المعين) أي بل
المراد به المضمون عاقبته وهو المأمون الذي لا يخشى عليها منه وحينئذ فلا يحتاج لتصويب ابن غازي
مضمونا بمأمونا ووجه تصويبه أن المضمون هو كراء دابة غير معينة والفرض هنا أنها معينة.
قوله: (لموضعه) أي محل إقامته. قوله: (وإلا ضمن القيمة إن هلكت الخ) أي ويقدم في الضمان المستأجر في
الكراء غير المأمون لأنه مباشر على الملتقط لأنه متسبب. قوله: (وما زاد على علفها) فإذا أكريت لأجل
العلف وزاد من كرائها شئ على العلف لم يكن للملتقط أخذه لنفسه بل يغرمه لربها إذا جاء.
قوله: (وقيمة المنفعة) أي التي هي الركوب لغير موضعه. قوله: (وله غلاتها) أي في مقابلة نفقتها إذا أنفق
عليها من عنده ولم يكرها في علفها ولم يستعملها في منافعه وضمير غلاتها عائد على المذكورات من
الشاة وما بعدها ثم إن ظاهر المصنف أن له الغلة ولو زادت على قدر علفها، وهو الموافق لرواية ابن نافع
وظاهر نقل ابن رشد وسماع القرينين أنه إنما له من الغلة بقدر علفه لها والزائد عليه لقطة معها. قال
شيخنا وفي كلام عج ميل لترجيح ما نقله ابن رشد. قوله: (وصوفها) أي سواء كان تاما أو غير تام فهو
لربها مثل النسل وما معه ولا يأخذه الملتقط لنفسه بل على أنه لقطة معها. قوله: (وإن أنفق الملتقط
على اللقطة من عنده) أي كل النفقة أو بعضها وذلك كما لو أكراها فنقص الكراء عن نفقتها وكمل
الملتقط نفقتها من عنده فيخير ربها بين أن يسلم له اللقطة في نفقته أو يفتديها من الملتقط بدفع ماله
من النفقة، وذلك لان النفقة في ذات اللقطة لا في ذمة ربها كالجناية في رقبة العبد إذا سلمه المالك
لا شئ عليه وإن أراد أخذ شيئه غرم أرش الجناية. قوله: (بين فكها بالنفقة) أي بمثل
النفقة. قوله: (ثم أراد أخذها) أي ودفع مثل النفقة وقوله لم يكن له ذلك أي لأنه
ملكها للملتقط برضاه والظاهر، كما قال شيخنا أن عكسه كذلك أي إذا دفع له النفقة ثم أراد
أن يسلمها له ويأخذ منه النفقة فليس له ذلك. قوله: (والأولى الخ) أي لان بين إنما
تضاف لمتعدد لان البينية إنما تتحقق في المتعدد وأو لاحد الشيئين أو الأشياء. قوله: (وإن باعها
الملتقط) أي بأمر السلطان أو بغير أمره. قوله: (فما لربها إلا الثمن) ظاهره ولو كان باعها بعد
إن نوى تملكها بعد السنة وليس كذلك لأنه بنية التملك صار ضامنا قيمتها انظر البدر القرافي،
ومفهوم قوله بعدها أنه لو باعها قبل السنة لم يكن الحكم كذلك والحكم إن ربها مخير في إمضاء البيع
وأخذ الثمن ورده وأخذها إن كانت قائمة وإن فاتت فعلى الملتقط قيمتها في ذمته إن كان حرا وإلا ففي
رقبته كالجناية فإن شاء سيده فداه بقيمتها وإن شاء سلمه فيها. قوله: (والبيع ماض) أي فليس
للملتقط نقضه وأخذها من المشتري ولو كانت قائمة. قوله: (يرجع به على الملتقط) أي ويرجع
123

عليه أيضا بالمحاباة لأنه كالوكيل فإن أعدم في مسألة المحاباة رجع على المشتري بما حابى به فقط لا بأصل
الثمن إذ لا يرجع عليه بل على الملتقط ولو عديما كما قال الشارح. والفرق بين المحاباة يرجع بها على المشتري
إذا أعدم البائع وبين الثمن لا يرجع به على المشتري بل على البائع ولو معدما أن المشتري لما شارك البائع
في العداء بالمحاباة رجع عليه بها عند عدم بائعه ولا كذلك الثمن، فلذا لم يرجع عليه به عند عدم البائع. قوله: (وإلا
فعلى الملتقط المتصدق بها) أي لأنه هو الذي سلط المسكين عليها وينبغي أن يرجع المشتري على الملتقط
بالأقل من ثمنها أو قيمتها يوم التصدق بها ويرجع الملتقط بتمام الثمن على المسكين لأنه البائع. قوله: (إن
تصدق بها عن نفسه مطلقا) يعني أن محل التخيير المتقدم وهو تخيير ربها بين أخذها من يد المسكين أو من
المشتري منه وبين تضمين الملتقط القيمة إذا كان الملتقط تصدق بها عن نفسه سواء كانت قائمة أو تعيبت
أو كان قد تصدق بها عن ربها وتعيبت باستعمال، وأما إن كان قد تصدق بها عن ربها وجاء ربها فوجدها
قائمة أو تعيبت بسماوي في يد المسكين أو المشتري منه تعين أخذها وإن وجدها قد فاتت بهلاك
سواء تصدق بها الملتقط عن ربها وعن نفسه فليس له إلا قيمتها من الملتقط. قوله: (وتعيبت عنده) أي
عند المسكين. قوله: (فإنما له أخذها كما مر) أي لا أخذ قيمتها وحينئذ فلا يتأتى رجوع الملتقط على
المسكين. قوله: (ولم توجد بيد المسكين) أي فلا يرجع عليه الملتقط بما غرمه من قيمتها لربها. قوله: (وإن
نقصت بعد نية تملكها) أي بسبب استعمال الملتقط لها وأما لو نقصت بسماوي فليس لربها إلا أخذها
كما لو كانت باقية بحالها. قوله: (فإن نوى تملكها قبل السنة) أي ونقصت. قوله: (فكالغاصب) أي يضمن
أرش النقص ولو كان بسماوي. قوله: (وأما لو نقصت قبل نية التملك) أي قبل السنة أو بعدها وقوله
فليس له إلا أخذها ظاهره ولو نقصت بسبب استعمالها وهو كذلك على أحد قولين ا ه‍ عبق.
قوله: (فلو هلكت بعد نية التملك) أي وبعد أن عرفها سنة وهذا مفهوم قول المصنف وإن نقصت الخ.
قوله: (ووجب لفظ طفل) ظاهره ولو على امرأة وينبغي أن يقيد بما إذا لم يكن لها زوج وقت
إرادتها الاخذ أو أذن لها فيه وإلا فلا يجب عليها لان له منعها فإن أخذتها بغير إذن الزوج كان له رده
لمحل مأمون يمكن أخذه منه فإن لم يرده وكان لها مال انقضت عليه منه، وإن أذن لها في أخذه فالنفقة عليه
ولو كان لها مال لأنه لما كان بإذنه صار كأنه الملتقط. قوله: (أي صغير) أي سواء كان ذكرا أو أنثى.
قوله: (نبذ) فيه إشارة إلى اتحاد معنى اللقيط والمنبوذ كما عند الجوهري والمتقدمين وقيل اللقيط
ما التقط صغيرا في الشدائد والبلاء وشبه ذلك والمنبوذ بخلافه وقيل المنبوذ ما دام مطروحا ولا يسمى
لقيطا إلا بعد أخذه وقيل المنبوذ ما وجد بفور ولادته واللقيط بخلافه. قوله: (فالأولى أن يقول
بمضيعة) أي وجد بمضيعة لأجل أن يشمل من نبذ قصدا ومن ضل عن أهله ويشير إلى أنه لا بد أن
يوجد في غير حرز إذ من أخذه من الحرز سارق. قوله: (كفاية) محل الكفاية إن لم يخف عليه وإلا
وجب عينا كما في الارشاد، وظاهر المصنف الوجوب ولو علم خيانة نفسه بدعوى رقيته مثلا فيجب
عليه الالتقاط وترك الخيانة ولا يكون علمه بالخيانة عذرا يسقط عنه الوجوب. قوله: (ولا رقه) أي
ولم يعلم رقه بل علمت حريته أو شك فيها وفي رقبته. قوله: (فخرج الخ) هذا من جملة كلام ابن عرفة
بدليل قول الشارح وقوله فخرج الخ أي وقول ابن عرفة فخرج. قوله: (حتى يبلغ الخ) هذا
124

إذا كان اللقيط ذكرا فإن كان أنثى فإلى دخول الزوج بها بعد إطاقتها. قوله: (ولا رجوع له عليه)
أي ما لم يكن له مال ويعلم به الملتقط حال إنفاقه وإلا رجع عليه إذا حلف أنه أنفق ليرجع كما مر في
النفقات. قوله: (من الفئ) مراده به بيت المال. قوله: (إلا أن يملك) بالتشديد. قوله: (ويحوزه له الملتقط) أي
بدون نظر حاكم وهذا ظاهر إن كانت الهبة ونحوها من غيره وكذا إن كانت منه كما في سماع زونان
من ابن القاسم والذي في سماع يحيى لا يحوز له إن كانت منه لان ذلك خاص بالولي لمن في حجره
والملتقط ليس كذلك. قوله: (فعلم أنه يقدم الخ) أي علم من عدوله عن قوله أو يملك بالعطف على يعطي
الموهم لمساواة ماله للفئ في وجوب الانفاق لقوله إلا أن يملك كهبة المفيد لتقديم ماله ثم الفئ ثم الملتقط.
قوله: (أو مدفون) بالرفع عطف على نائب فاعل يوجد وهو الضمير المستتر العائد على المال المفهوم من
السياق لدلالة يملك عليه وفي الكلام تقدير الصفة أي مال ظاهر أو مدفون. قوله: (إن كانت معه رقعة)
قيد في الأخيرة فقط دون ما قبلها كما أشار له الشارح. قوله: (إن طرحه عمدا) انظر هل من الطرح عمدا
طرحه لوجه أم لا وجعله البساطي خارجا بقوله عمدا وسلمه ح. قال بن وكلام البساطي فيه نظر وإن
سلمه الحطاب بل الحق أنه من العمد واقتصر على ذلك في المج. قوله: (مع مخالفة الأب) أي لأن الظاهر
قبول قول الأب في تلك الحالة لما جبل عليه من الحنان. قوله: (إن كان الأب موسرا) أي إن ثبت أنه
كان موسرا. قوله: (وأن يحلف الخ) أي كما سيأتي للمصنف ومحل حلفه إن لم يكن أشهد أنه إنما ينفق
ليرجع وإلا فلا حلف وإذا تنازعا في قدر النفقة فلا بد من إثباتها وإلا فالقول قول الأب بيمين لأنه
غارم ويجري فيه قول المصنف واعتمد البات على ظن قوي كأن اختلفا في يسر الأب وقت الانفاق.
قوله: (فيرجع بغير السرف) أي وهو نفقة المثل. قوله: (ومعنى الخ) جواب عما يقال كيف يجب
للملتقط الرجوع على أبي اللقيط بما أنفقه على اللقيط مع أنه يجوز له الترك وعدم الرجوع. قوله: (في
هذا الفرع) وأما في الفرع الأول فالمراد به الوجوب الشرعي وهو طلب الفعل طلبا جازما.
قوله: (بل ليرجع) أي أو لم ينو شيئا كما هو ظاهر المصنف لان قوله لم ينفق حسبة يصدق بعدم
النية فإن نوى الملتقط حسبة لم يرجع ولو طرحه أبوه عمدا نظرا لنية المنفق لكن في ابن عرفة أن
مقتضى المدونة رجوعه في هذه الحالة نظرا لحالة الأب وهو التعمد فكان أولى بالحمل عليه. قوله: (وهو
حر) أي محكوم بحريته شرعا فلو أقر اللقيط برقيته لاحد ألغى إقراره إذ لا يثبت رق الشخص
بمجرد إقراره وسواء التقطه حر أو عبد أو كافر فهو حر على كل حال. قوله: (لأنها الأصل) أي لان
الحرية الأصل في الناس أي الذين لم يتقرر عليهم ملك. قوله: (وولاؤه للمسلمين) هذا مقيد بغير المحكوم
بكفره لان المحكوم بكفره لا يرثه المسلمون كذا قيل وقد يقال لا مانع من وضع مال الكافر في بيت
المال، ألا ترى أن المعاهد إذا مات عندنا وليس معه وارثه فإن ماله يوضع في بيت المال وأشار
الشارح بقوله أي أنهم يرثونه إلى أن المراد بالولاء المال لا الولاء الذي هو لحمة كلحمة النسب
المختص بمن أعتق فقط. قوله: (لا يرثه الملتقط) أي ما لم يجعل له الامام إرثه وإلا ورثه لان ذلك من
الأمور العامة التي النظر فيها للامام وعلى هذا حمل ما في الموطأ من قول عمر ذلك ولاؤه وعلينا نفقته.
125

قوله: (كأن لم يكن فيها إلا بيتان إن التقطه مسلم) ظاهره الحكم بإسلامه حيث التقطه مسلم ولو سئل
أهل البيتين فجزموا بأنه ليس منهم وينبغي أن يكون كذلك قياسا على إسلام المسمى تبعا لاسلام سابيه
ولأنهما قد ينكران لنبذهما إياه واستظهر عج أنه لا يكون مسلما ا ه‍ عبق. قوله: (والبيت
كالبيتين) أي على ما استظهره ح من عند نفسه ولفظ المدونة كالمصنف كما في بن. قوله: (وإن
وجد في قرية من قرى الشرك) أي وإن كانت بين قرى المسلمين وقوله فهو مشرك وإن التقطه مسلم
نحوه لأبي الحسن وفي الذخيرة أنه إن التقطه مسلم يكون على دينه وإن التقطه كافر كان على دينه قال بن
وهذا هو الظاهر والله أعلم. قوله: (إلا ببينة له) أي إلا ببينة تشهد له أي لكل من الملتقط وغيره. قوله: (فإن
أقامها لحق به كان اللقيط محكوما بإسلامه أو كفره) سواء كان المستلحق له الذي شهدت له البينة
الملتقط أو غيره كان الملتقط مسلما أو كافرا فهذه ثمانية. وحاصلها أن المستلحق للقيط إما ملتقطه أو
غيره وفي كل إما أن يكون ذلك المستلحق مسلما أو كافرا وفي كل إما أن يكون اللقيط محكوما بإسلامه
أو بكفره ففي هذه الصور الثمانية إن أقام المستلحق ببينة تشهد أن هذا اللقيط ولده لحق به. قوله: (فيلحق
بصاحب الوجه المدعي) انظر هل لحوقه به في الثمان صو المتقدمة وهو ما يفيده ابن عرفة
وتت والشيخ عبد الرحمن الأجهوري أو في أربع منها فقط، وهي ما إذا كان المستلحق مسلما كان
هو الملتقط أو غيره كان اللقيط محكوما بإسلامه أو بكفره، وهو ما ذهب إليه بعضهم ونحوه في الشيخ
أحمد الزرقاني قائلا، وأما إذا استلحقه ذمي فلا بد من البينة فإن قيل مقتضى ما قدمه المصنف في
الاستلحاق من أن الأب يستلحق مجهول النسب عدم توقف الاستلحاق هنا على البينة أو الوجه
قلت: قال ابن يونس أن ابن القاسم قد خالف هنا أصله إذ مقتضى أصله أن الاستلحاق هنا لا يتوقف
على بينة أو وجه انظر بن. قوله: (لموضعه) أي ولا لموضع آخر. قوله: (بعد أخذه) بنية حفظه أو
بلا نية حفظه ولا رفعه للحاكم. قوله: (والموضع مطروق للناس) أي بحيث لا يخشى هلاكه فيه.
قوله: (فله رده حينئذ) أي لعدم أخذه للحفظ فلم يشرع في فرض كفاية حتى يتعين عليه. قوله: (فإن
لم يكن الموضع مطروقا بأن لم يوقن بأن غيره يأخذه) في الكلام نقص أي حرم رده فإن رده
ومات فإن تحقق الخ. قوله: (وإن شك) أي في أخذه أي في أن يأخذه أحد أو لا يأخذه فالدية وانظر
هل دية خطأ أو عمد والظاهر كما قال شيخنا أنها دية عمد. قوله: (ليسأل معينا هل هو ولده أم لا) أي
فإذا قال له ليس ولدي جاز له رده. قوله: (ولو زاحمه عنه الآخر وأخذه) أي فينزع من ذلك المزاحم
ويدفع للأسبق. قوله: (قدم الأولى) أي فلو أخذه غيره نزع منه ودفع للأولى. قوله: (وألا يكن أولى
بأن استويا) أي في الأصلحية ووضع اليد. قوله: (خوف طول الزمان) علة وهي بمعنى الشرط
لقول المصنف وينبغي الاشهاد أي إذا كان يخاف أنه عند طول الزمان يدعي ما ذكر فإن تحقق
أو غلب على الظن ذلك وجب الاشهاد واللقطة كاللقيط في الحالتين المذكورتين.
126

قوله: (بغير إذن السيد) أي وأما بإذنه فيجوز حضانته ونفقته لأنه لما أذن في أخذه صار كأنه
هو الملتقط فلو التقط لقيطا بغير إذن سيده فلسيده إجازته ورده لموضع التقاطه إن كان مطروقا
وأيقن أن غيره يأخذه كما مر والظاهر أن الزوجة ليست كالمكاتب في جواز الالتقاط بل يمنع
التقاطها بغير إذن زوجها وهي أولى منه في منع أخذ اللقيط بغير إذن لان لزوجها منعها مما يشغلها عنه
والمكاتب أحرز نفسه. قوله: (لان التقاطه ربما أدى الخ) جواب عما يقال إن المكاتب أحرز نفسه
وماله فمقتضاه أنه لا يمنع من أخذه اللقيط ثم إن ما ذكره الشارح من التعليل يقتضي أنه يمنع أيضا
من أخذه اللقطة إذا كانت عبدا صغيرا وانظره تأمل. قوله: (ونزع لقيط) أي وأقر تحت يد
شخص مسلم وجبر على الاسلام فإن نزع بعد البلوغ وأبى الاسلام فمرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
قوله: (شرعا) أي من جهة الشرع وإن لم يحكم حاكم بإسلامه وذلك كالموجود في قرية المسلمين على
ما مر. قوله: (أخذ آبق) هو من ذهب مختفيا بلا سبب والهارب من ذهب مختفيا لسبب كذا فرق
بينهما ولعل هذا فرق بحسب الأصل وإلا فالعرف الآن أن من ذهب مختفيا مطلقا أي لسبب أو
غيره يقال له آبق وهارب. قوله: (لمن يعرف) متعلق بندب ولا يقال أن فيه فصلا بين العامل والمعمول
لان المضر الفصل بينهما بالأجنبي لا بغيره خصوصا نائب الفاعل فإن رتبته التقديم ويجوز تعلقه
بآبق على أنه ظرف لغو واللام بمعنى من أي عبد آبق ممن يعرفه الآخذ أي من سيد يعرفه الآخذ.
قوله: (لأنه من باب حفظ الأموال) فيه أن التعليل يقتضي الوجوب وإنما اشترط معرفة سيده
لأجل أن يخبره به من غير إنشاد وتعريف. قوله: (وإلا وجب أخذه له) أي وإن علم خيانة نفسه
فيجب عليه أخذه وترك الخيانة ولا يكون علمه بخيانته عذرا مسقطا للوجوب، نعم محل الوجوب
إذا خشي ضياعه ما لم يخف على نفسه ضررا من السلطان إذا أخذه ليخبر صاحبه به وإلا حرم عليه
أخذه. قوله: (وإلا فلا يأخذه) صرح بهذا المفهوم لأنه مفهوم غير شرط ولان عدم ندب أخذه
لا يقتضي النهي مع أن المراد الكراهة وليفرع عليه قوله فإن أخذه الخ. قوله: (أي يكره له أخذه) أي
لاحتياجه للانشاد والتعريف فيخشى أن يصل لعلم السلطان فيأخذه. قوله: (ووقف سنة) أي وينفق
السلطان عليه فيها. قوله: (ثم بيع) أي بعدها ما لم يخش عليه قبلها وإلا بيع قبلها كما رواه عيسى عن ابن
القاسم، ابن رشد وهو تقييد لقول المدونة ووقف عند الامام سنة ثم يبيعه بعدها. قوله: (ويشهد على
ذلك) أي على جميع ما ذكر. قوله: (حتى يعلم ربه) أي فإذا جاء من يطلبه قابل ما عنده من الأوصاف
على ما كتب في السجل فإن وافق دفع له الثمن. قوله: (وأخذ نفقته) بالبناء للفاعل أي وأخذ الامام
نفقته. قوله: (ولا يلزمه الصبر إلى أن يحضر ربه) أي بخلاف من أخذه لكونه يعرف ربه فإنه يلزمه
الصبر بنفقته حتى يحضر ربه ولا يجوز له بيعه وأخذ نفقته من الثمن قبل مجئ ربه وما ذكره من
عدم لزوم الامام الصبر إلى أن يحضر ربه ظاهره، وإن كانت النفقة من بيت المال وهو كذلك لأنه
للأحرار ومصالحهم والعبد غني بسيده فإن عجز عن نفقته ألزم ببيعه ممن ينفق عليه. قوله: (وإن قال
ربه) أي عند حضوره بعد بيعه وقوله كنت أعتقته أي ناجزا أو مؤجلا. قوله: (فلا يلتفت لقوله) أي
وله أخذ الثمن ولا يحرم منه كما استظهره عج وكذا لا يعمل بقوله كنت أولدتها إلا أن يحضر الولد
الذي يدعي أنه أولده لها ويقول هذا ولدها فترد إليه إن لم يتهم فيها بمحبة ونحوها وإلا فلا تريد إليه
127

ويعطي ثمنها. قوله: (وتقام عليه الحدود) أي يقيمها عليه السلطان وجوبا. قوله: (من قتل أو جلد) أي أو
رجم للواط فاعلا كان أو مفعولا وانظر إذا حصل منه موجب القتل وقتل هل تضيع النفقة على من
أنفق عليه من إمام وملتقط لتعلقها برقبته وهو الظاهر أو لا فتأمل. قوله: (إن أرسله بعد أخذه) أي
سواء أرسله قبل السنة أو بعدها. قوله: (إلا لخوف منه) أي أو خوف من السلطان بسبب أخذه أن
يقتله أو يأخذ ماله أو يضربه، ولو كان الضرب ضعيفا لذي مروءة بملأ فيما يظهر والظاهر أن عدم الضمان
إذا أرسله لخوف منه محله إذا لم يمكن رفعه للامام وإلا رفعه إليه ولا يرسله فإن أرسله مع إمكان رفعه
إليه ضمن ومحله أيضا إذا كان لا يمكنه التحفظ منه بحيلة أو بحارس ولو بأجرة وإلا فلا يرسله ارتكابا
لأخف الضررين والظاهر رجوعه بالأجرة كالنفقة لأنهما من تعلقات حفظه. قوله: (فيما يعطب فيه)
أي وأما لو استأجره على عمل خفيف مثل سقي دابة فلا شئ لربه في نظيره. قوله: (وعطب) أي فيضمن
المستأجر قيمته يوم الايجار. قوله: (ضمن أجرة المثل) أي ضمن المستأجر لربه إذا حضر أجرة المثل
ويرجع المستأجر على الملتقط بما استأجر به وإن دفع له وعلى العبد إن كان دفع له وكانت الأجرة التي
دفعها له قائمة وإلا فلا رجوع له عليه. قوله: (لا إن أبق منه) يعني أن من التقط آبقا ثم بعد أخذه أبق من
عنده أو أنه مات عنده أو تلف فلا ضمان عليه لربه إذا حضر حيث لم يفرط لأنه أمين ولا يمين عليه، أما
إذا فرط كما لو أرسله في حاجة يأبق في مثلها فأبق فإنه يضمن. قوله: (بفتح الباء) أي وهو أفصح من
كسرها قال تعالى: * (إذ أبق إلى الفلك المشحون) * وفي مضارعه الفتح والكسر والضم لأنه جاء من باب
ضرب ومنع ودخل. قوله: (لا بقيد الخ) أشار إلى أن في كلام المصنف استخداما لان الكلام كان في عبد
آبق أخذه انسان ثم إنه أبق منه وانتقل لعبد غير آبق أخذه انسان رهنا في دين وادعى المرتهن أنه
أبق منه ويصح أن يكون المعنى وإن كان الآبق مرتهنا بفتح الهاء أي مرتهنا قبل إباقه وعلى هذا فلا
استخدام. قوله: (فلا ضمان على المرتهن) أي لان الرهن المذكور مما لا يغاب عليه وتقدم أنه يقبل دعوى
المرتهن تلفه أو ضياعه بيمين. قوله: (ولا يمين على الملتقط) أي بل يصدق في دعواه أنه أبق عندي من
غير يمين. قوله: (فإن نفقته في ذمة الراهن) أي وحينئذ فيتهم المرتهن في إضاعته ويرجع بنفقته على
سيده. قوله: (واستحقه سيده) يعني أنه من التقط عبدا لم يعرف سيده فحضر انسان ادعى أنه سيده
فإنه يستحقه بشاهد ويمين. قوله: (وأولى بشاهدين) أي وأولى من الشاهد واليمين في استحقاقه بهما
الشاهد أن يستحقه بشهادتهما من غير يمين. قوله: (وأخذه مدعيه حوزا لا ملكا) أي
وحينئذ فلا يمكن من بيعه ولا من وطئ الأمة وإن جاز له ذلك فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان
صادقا. قوله: (إن صدق العبد على دعواه) أي سواء وصف السيد ذلك العبد أم لا أقر
العبد بعد أن صدق أنه لمدعيه أنه لغيره أم لا لأنه لا يعتبر إقراره ثانيا لغير من صدقه قبل ذلك.
قوله: (وذلك بعد الرفع للحاكم والاستيناء) أي الامهال في الدفع له والاستيناء باجتهاد الحاكم وانظر
ما فائدة ذلك الاستيناء مع كون الدفع له حوزا لا ملكا فتأمل. قوله: (فإن جاء غيره الخ) هذا ثمرة كون الاخذ
حوزا لا ملكا. قوله: (المقتضى للملك) أي ولكون الاخذ مع الشاهد على وجه الملك حلف المدعي اليمين
ولما كان الاخذ هنا حوزا سقطت عنه اليمين كذا قال عبق. قوله: (أخذه المقر له) أي سواء وصف ذلك
128

العبد أم لا. قوله: (أمر العبد) أي الذي لم يكن لمدعيه إلا مجرد دعواه أنه عبده وصدقه العبد. قوله: (فهذا
من تتمة ما قبله) أي وليس مراد المصنف أن من التقط عبدا لا يعرف سيده فإنه يرفع للامام وإلا كان
مكررا مع قوله قبل فإن أخذه رفع للامام. قوله: (إن لم يخش ظلمه) أي انتفت خشية ظلمه أي خوف
ظلمه بأن ظن أنه لا يأخذه ظلما وأولى إذا تحقق وقوله وإلا أي وإلا تنتف خشية ظلمه بأن ظن أو
تحقق أخذه ظلما لم يرفع. قوله: (خبر أن الثانية) لا يقال إنه ليس محط الفائدة وإنما محطها هرب الخ
فالأولى نصبه على أنه بدل من اسم أن وإن هرب هو الخبر قسمان قسم تتم الفائدة به
نفسه وقسم تتم به الفائدة مع تابعه نحو أنتم قوم تجهلون وما هنا من قبيل الثاني لان الحال قيد في عاملها
ووصف لصاحبها. قوله: (هرب منه) حال من فلان على تقدير قد لأنه معرفة لأنه كناية عن العلم أو
خبر ثان لان الثانية. قوله: (فليدفع إليه بذلك) أي بعد يمين القضاء أنه ما خرج عن ملكه. قوله: (ولا
يبحث عن بينته) أي عن حالها ولا يطلب إحضارها وشهادتها عنده ثانيا وما ذكره المصنف هنا
لا يخالف قوله في القضاء ولم يفد وحده أي لم يفد كتاب القاضي وحده لاحتمال تخصيص ذلك بهذا
وذلك لخفة الامر هنا ألا ترى ما تقدم أن سيده يأخذه إن لم يكن إلا دعواه أو أنه أشار إلى قولين
والأول ظاهر طفي والثاني ظاهر بن.
باب في القضاء
قوله: (أهل القضاء) أي المتأهل له والمستحق له عدل فغير العدل لا يصح قضاؤه ولا ينفذ حكمه.
قوله: (عند الجمهور) أي خلافا لسحنون حيث قال يمنع تولية العتيق قاضيا لاحتمال أن يستحق فترد أحكامه.
قوله: (تستلزم الخ) أي من استلزام الكل لاجزائه لان العدالة وصف مركب من هذه الأمور الخمسة
ولا يغني عن العدل قوله مجتهد لان المجتهد لا يشترط فيه العدالة على الصحيح. قوله: (لا أنثى ولا خنثى)
أي فلا يصح توليتهما للقضاء ولا ينفذ حكمهما. قوله: (جودة الذهن) أي العقف فمجرد العقل التكليفي
لا يكفي لمجامعته للغفلة ويستحب كون القاضي غير زائد في الفطانة كما يأتي فالشرط أن يكون
عنده أصل الفطانة. فقول المصنف فطن أي ذو فطانة فهو من باب النسب كقولهم فلان لبن وتمر أي
صاحب لبن وتمر لا من باب المبالغة أو أن فطن بمعنى فاطن أي جيد الذهن. قوله: (مجتهد) أي مطلق
إن وجد قال ح يشير به إلى أن القاضي يشترط فيه أن يكون عالما وجعل ابن رشد العلم من الصفات
المستحسنة، والقول الأول هو الذي عليه عامة أهل المذهب كما قال ابن عبد السلام. قوله: (فأمثل مقلد)
أي فأفضل مقلد وهو مجتهد الفتوى والمذهب والمعتمد أنه لا يشترط الأمثل بل يصح تولية من
هو دونه مع وجوده حيث كان عالما بل قال بعضهم يصح تولية غير العالم حيث شاور العلماء.
قوله: (له فقه) أي فهم كامل. قوله: (أو باعتبار أصل) أي قاعدة كلية وهو عطف على قوله
بقياس. قوله: (والأصح أنه يصح الخ) أي كما أن الأصح أنه يصح تولية غير الأمثل مع وجوده
كما علمت. والحاصل أن المعتمد أن كونه مجتهدا مطلقا إن وجد غير شرط في صحة توليته وكذلك
129

كونه مقلدا مثل. قوله: (وزيد للامام الأعظم وصف خامس الخ) اعلم أن هذه الشروط الخمسة إنما
تعتبر في ولاية الامام الأعظم ابتداء لا في دوام ولايته إذ لا ينعزل بعد مبايعة أهل الحل والعقد له بطرو
فسق كنهب أموال لان عزله مؤد للفتن فارتكب أخف الضررين وسد الذريعة نعم إن طرأ كفره
وجب عزله ونبذ عهده. قوله: (وقريش) أي الذي يشترط في الخليفة أن يكون من ذريته هو فهر الخ
ولقب بقريش تصغير قرش حيوان من حيوانات البحر يفترس غيره من الحيوانات البحرية
لافتراسه لأعدائه. قوله: (ولا يشترط أن يكون عباسيا) بل ولا يستحب أيضا فقد ذكر طفي أن الحق
أنه لا أفضلية لعباسي على غيره في ذلك خلافا لعبق. قوله: (بقول مقلده) لا خصوصية لقوله مقلده بل
وكذا قول أصحابه على أن المراد ما هو أخص من هذا لأنه لا يحكم إلا بمشهور المذهب كما في الشارح
سواء كان قول إمامه أو قول أحد من أصحابه. قوله: (لا بقول غيره) أي ولا يجوز له أن يحكم بقول غير
مقلده أي بمذهب غير مذهب إمامه وإن حكم لم ينفذ حكمه والقول بأنه يلزمه الحكم يقول إمامه ليس
متفقا عليه حتى قيل ليس مقلده رسولا أرسل إليه بل حكوا خلافا إذا اشترط السلطان عليه أن لا يحكم
إلا بمذهب إمامه فقيل لا يلزمه الشرط، وقيل بل ذلك يفسد التولية وقيل يمضي الشرط لمصلحة انظر ح.
قوله: (أي بالراجح من مذهب إمامه) أي كرواية ابن القاسم عن الامام في المدونة وكرواية غيره
فيها عن الامام وذلك لتقديم رواية غير ابن القاسم فيها على قوله فيها وأولى في غيرها وكذا على روايته
في غيرها عن الامام فإن لم يرو عن الامام أحد فيها شيئا قدم قول ابن القاسم فيها على رواية غيره في غيرها
عن الامام وعلى قول غيره فيها وفي غيرها. قوله: (وكذا المفتي) أي فلا يجوز له الافتاء إلا بالراجح من
مذهب إمامه لا بمذهب غيره ولا بالضعيف من مذهبه نعم يجوز له العمل بالضعيف في خاصة نفسه إذا
تحقق الضرورة ولا يجوز للمفتي الافتاء بغير المشهور لأنه لا يتحقق الضرورة بالنسبة لغيره كما يتحققها
من نفسه، ولذلك سدوا الذريعة وقالوا بمنع الفتوى بغير المشهور خوف أن لا تكون الضرورة متحققة
لا لأجل أنه لا يعمل بالضعيف ولو تحققت الضرورة يوما ما قاله بن ويؤخذ من كلامه هذا أنه يجوز
للمفتي أن يفتي صديقه بغير المشهور إذا تحقق ضرورته لان شأن الصديق لا يخفى على صديقه ا ه‍
قال الأمير في حاشية عبق. قوله: (وهو أهله) أي وهو من أهل القياس وإلا رد. قوله: (الواو بمعنى
أو) فالمعنى ونفذ حكم من اتصف بواحدة فقط من هذه الثلاثة فإن اتصف باثنتين منها أو بالثلاثة
فلا تنعقد ولايته كما في ح عن ابن عبد السلام وفي بن رجح الباجي وابن رشد صحة ولاية من
لا يكتب فلا يشترط في صحة ولاية القاضي أن يعرف الكتابة على المعتمد. قوله: (في الابتداء
والدوام) متعلق بقوله واجب أي وحيث كان واجبا في الابتداء والدوام فلا تجوز تولية القاضي
ابتداء ولا استمرار ولايته إلا إذا اتصف بعدم هذه الثلاثة فإن اتصف بواحدة منها فلا يجوز توليته
ابتداء ولا استمرارا مع صحة ما وقع منه من الحكم هذا وتجوز تولية الأعمى في الفتوى كما في فتاوى
البرزلي. قوله: (ولذا) أي ولأجل كون عدم هذه الأمور واجبا بالنظر للابتداء والدوام وجب عزله
هذا إذا كان متصفا بشئ مما ذكر حين التولية بل ولو طرأ عليه شئ منها بعدها. قوله: (فاستفيد منه) أي
من كلام المصنف أعني قوله ونفذ حكم أعمى الخ وقوله ووجب عزله. قوله: (عدم الخ) هذا مستفاد من قوله
130

ووجب عزله وقوله وصحة حكمه هذا مستفاد من قوله ونفذ الخ. قوله: (أو الخائف فتنة الخ) أي وإن لم
ينفرد بشروط القضاء كما يشعر بذلك العطف على الأول بأو. قوله: (إن لم يتول) أي وتولى غيره ولو كان
ذلك الغير أزيد منه فقها. قوله: (فاعل لزم) والمتعين مفعوله والخائف عطف عليه وفتنة بالنصب مفعول
خائف أو بالجر بإضافته لخائف وقوله أو ضياع عطف على فتنة وفيه الحذف من الثاني لدلالة الأول
أي أو الخائف ضياع الحق إن لم يتول كما أشار له الشارح. قوله: (أي لزمه القبول إن طلبه منه الامام)
لكن إن طلبه مشافهة لزمه القبول فورا وإن أرسل له به لم يلزم الفورية في القبول ولا يجب أن يقول
قبلت سواء شافهه أو أرسل إليه بل يكفي في تحصيل الواجب شروعه في الاحكام. قوله: (ولا يضره
بذل مال في طلبه حينئذ) أي حين إذ تعين عليه أو خاف الفتنة أو ضياع الحق إن لم يتول وفي بن قال
الشيخ المسناوي قال ابن مرزوق يجب عليه الطلب إن لم يكن بمال وأفرط قوم كعج ومن تبعه فقالوا
ولو بمال وفي ح ما نصه انظر إذا قيل يلزمه الطلب فطلب فمنع من التولية إلا ببذل مال فهل يجوز
له بذل ذلك، والظاهر أنه لا يجوز له لأنهم قالوا إنما يلزمه القبول إذا تعين عليه إن كان يعان على الحق
وبذل المال في القضاء من الباطل الذي لم يعن على تركه فيحرم حينئذ. قوله: (وأجبر المتعين له) أي إذا
امتنع من القبول وأشار الشارح بجعل نائب أجبر المتعين له بانفراد شروطه منه إلى أن قول المصنف
وأجبر بضرب راجع للمسألة الأولى، وأما من خاف فتنة أو ضياع الحق فلا يتأتى في حقه إلا الطلب
أو القبول ولا يتأتى فيه الجبر على القبول نعم لو كان الخوف من الامام لتأتي الجبر على القبول عند
الا باية لكن المصنف إنما علق الخوف بغير الامام. قوله: (دون غيره من فروض الكفاية) أي
فلا يجوز الهروب منه إذا عين كجهاد تعين بتعيين الامام. والحاصل أن فروض الكفاية كلها
تتعين بتعيين الامام إلا القضاء فإنه لا يتعين بتعيين الامام بل تجوز مخالفته وذلك لشدة خطره
في الدين كذا في بن. قوله: (وترد أحكامه ولو صوابا) من هذا يعلم أن دافع الرشوة لاخذ القضاء
أسوأ حالا من قضاة البغاة المتأولين لان أحكامهم نافذة. قوله: (وحرم قبول القضاء أو طلبه لجاهل)
أي لعدم أهليته للقضاء وكذا يحرم على السلطان توليته وما ذكره المصنف من الحرمة مبني على
مشهور المذهب من اشتراط العلم في صحة توليته لا على ما لابن رشد من أن العلم من الصفات المستحسنة
كما مر. قوله: (وندب) أي القضاء بمعنى توليته. قوله: (ليشهر علمه) أي لكونه حاملا لا يؤخذ بفتواه
ولا يتعلم عليه أحد فيتولاه بقصد إفادة الجاهل وإرشاد المستفتي. قوله: (لا الشهرة الخ) أي وليس
المراد توليته لأجل الشهرة لرفعة دنيوية فإن هذا مكروه لا مندوب. قوله: (وهو من يترك الخ)
أي وأما الأورع فهو من يترك بعض المباحات خوف الوقوع في الشبهات. قوله: (لان الغنى مظنة الخ)
أي ولهذا كان وجود المال عند ذوي الدين زيادة لهم في الخير لا سيما من نصب نفسه للناس.
قوله: (بترك) أي بسبب تركه ما لا يليق فلا يصحب الأرذال ولا يجلس مجالس السوء
ولا يتعاطى محقرات الأمور. قوله: (نسيب) ظاهره أن تولية غير النسيب جائزة سواء كان
انتفاء نسبه محققا أم لا وهو كذلك قال ابن رشد من الصفات المستحسنة أن يكون معروف النسب
ليس بابن لعان ا ه‍ وحينئذ فتجويز سحنون تولية ولد الزنا موافق للمذهب زاد ولكن لا يحكم
131

في الزنا لعدم شهادته فيه. قوله: (مستشير لأهل العلم في المسائل) أي الدقيقة التي لا نص فيها وأما التي فيها
النص وهو عالم به فهو معنى قوله فحكم بقول مقلده قاله شيخنا العدوي قال بن إن حمل قوله بعد وأحضر
العلماء وشاورهم على الوجوب كان مخالفا لهذا، وإن حمل على الندب كان تكرارا مع هذا ويمكن أن يختار
الثاني والمراد ندب أن يولي من شأنه الاستشارة وعرف أنه لا يندفع برأيه في الأمور والآتي معناه
يندب له بعد توليته العمل بذلك الشأن في كل أمر مهم أو يختار الأول والمعنى وندب تولية من شأنه
الاستشارة للعلماء، ومعنى الآتي ووجب عليه بعد التولية العمل بهذا الشأن في كل أمر مهم يحتاج لدقة
النظر فيه فتدبر. قوله: (بلا دين) لا يغني عن هذا قوله غني لأنه قد يكون غنيا بأشياء إنما تأتي له عند تمام
عام فيحتاج للدين فذكر هنا أن من مندوباته كونه بلا دين. قوله: (أي يندب أن لا يكون محدودا الخ)
علم منه أن تولية المحدود جائزة وأن حكمه نافذ وظاهره قضي فيما حد فيه أو في غيره بخلاف الشاهد فإنه
لا تقبل شهادته فيما حد فيه، ولو تاب وتقبل في غيره إذا تاب وإلا فلا والفرق بين كون القضاء يقبل من
القاضي فيما حد فيه ولا تقبل شهادة الشاهد في ذلك استناد القاضي لبينة بخلاف الشاهد فبعدت التهمة
في القاضي دون الشاهد. قوله: (وإن كان الموضوع الخ) الجملة حالية أي والحال أن موضوع المصنف
أنه تاب أي أن ما قاله المصنف من ندب كونه غير محدود حكم فيما حد فيه أم لا موضوعه أنه تاب مما
حد فيه بالفعل وإلا كان فاسقا لا تصح توليته. قوله: (والأولى التعبير بها) قد يقال يمكن أن المعنى وبلا
عقل زائد في الدهاء أي في جودة الرأي والفكر. قوله: (هو وجودة الذهن) أي وهو الفطانة فكأنه
قال وبلا زيادة في الفطانة. قوله: (وإلا فالسلامة منها) أي والا نقل يتهم فيها السوء بل قلنا المراد وبلا
بطانة محققة السوء فلا يصح لان السلامة من بطانة السوء أي من الجماعة المحققة السوء واجبة لا
مندوبة. قوله: (وبطانة الرجل الخ) أي وحينئذ فمعنى المصنف يندب للقاضي أن يكون أصحابه الذين
يعتمد عليهم في أموره من أهل الخير لا من يتهم بالسوء. قوله: (ومنع الراكبين الخ) أي أنه يندب
للقاضي أن يمنع الذين كانوا يركبون معه قبل التولية من ركوبهم معه بعدها وكذلك المصاحبين له قبل
التولية في غير الركوب يندب له ترك مصاحبتهم بعدها. قوله: (مع اتهامه أنه لا يستوفي الخ) أي فيمتنع
من له عليهم حق من طلبه. قوله: (تخفيف الأعوان) أي تقليل الأعوان الذين اتخذهم لإعانته كالرسل
الذين يرسلهم القاضي لاحضار خصم أو سماع دعوة نيابة عنه أو سماع شهادة. قوله: (وقلب
الاحكام) أي تغيير الحالة التي يترتب عليها وقوع الحكم. قوله: (أن يبعد عنه) أي عن الأعوان من
طالت إقامته في هذه الخدمة أي لأنه يزداد سوءهم وضررهم بالناس. قوله: (واتخاذ من يخبره الخ)
وذلك بأن يتخذ شخصا من أهل الأمانة والسلاح يرسله يطوف في الأسواق ونحوها يسمع
ما يقول الناس في القاضي وفي حكمه وفي شهوده ويأتيه يخبره بما سمع منهم من ثناء عليه أو سخط. قوله: (في
سيرته) أي غير حكمه. قوله: (بمقتضى ذلك) أي الاخبار وقوله من إبقاء أي للشهود أو عزلهم وقوله
أوامر أو نهي أي أو أمر لهم بفعل ما هو لائق ونهى لهم عما ليس بلاق. قوله: (وتأديب من أساء عليه)
أي كقوله له ظلمتني أو كذبت علي وإن كان لا يؤدبه إذا قالهما للخصم أو لشاهد وأما إذا قال يا ظالم
132

أو يا كاذب فإنه يؤدبه مطلقا قال ذلك للقاضي أو للخصم وما ذكره المصنف من ندب تأديب من
أساء عليه هو ظاهر كلام ابن رشد نظرا إلى أنه كالمنتقم لنفسه. وظاهر كلام ابن عبد السلام وجوب
التأديب لحرمة الشرع وهذا كله إذا أساء على القاضي، وأما إذا أساء على غيره أي كشاهد أو خصم
كان الأدب واجبا قطعا انظر بن. قوله: (وحرمة) عطف على مجلس. قوله: (ونص غيره) أي
كابن عاصم في متن التحفة حيث قال:
ومن جفا القاضي فالتأديب أولى وذا لشاهد مطلوب
أي فالتأديب أولى من العفو وذلك التأديب مطلوب أي واجب إذا أساء على شاهد أي أو خصم.
قوله: (لا بغير مجلسه) أي لا يندب له تأديب من أساء عليه بغير مجلسه. قوله: (فليرفق به) أي وندبا ولا يجوز
له تأديبه لئلا يدخل في آية: وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة والاثم. الآية. قوله: (ومن الارفاق أن يقول
له الخ) أي ومنه أيضا أن يقول له أنا لا أريد إلا الحق أو رزقني الله وإياك تقواه ونحوه ذلك. قوله: (ولم
ينص الخ) أما لو نص له على الاستخلاف جاز له أن يستخلف ولو لراحة نفسه ولو في الجهة القريبة فإن
نص على عدمه فلا يصح استخلافه ولو في الجهة البعيدة ولو لعذر وينبغي أن العرف بالاستخلاف
وعدمه كالنص على ذلك. قوله: (من مرض أو سفر الخ) أي وأما استخلافه لهما فهو جائز كما قال الاخوان
وهو المعتمد خلافا لسحنون القائل أنه لا يجوز استخلافه في جهة قريبة ولو لمرض أو سفر.
قوله: (فيجوز له أن يستخلف) لكنه في جهة بعدت عنه كان لعذر أم لا. والحاصل أن صور المسألة اثنتا
عشرة صورة لان الخليفة، إما أن ينص للقاضي على الاستخلاف أو على عدمه، أو لا ينص على واحد، وفي
كل إما أن يستخلف لعذر أو لراحة نفسه وفي كل إما أن يستخلف في جهة قريبة أو بعيدة منه، فإن نص
له على الاستخلاف جاز مطلقا لعذر ولغيره في الجهة القريبة منه والبعيدة، وإن نص على عدمه منع
مطلقا، وإن لم ينص على واحد، فإن كانت الجهة القريبة فالمنع إذا كان الاستخلاف لغير عذر، وإن كان لعذر
فقولان، وإن كانت الجهة بعيدة فالجواز كان لعذر أو لغيره ولا يشترط في الاستخلاف أن يكون
المستخلف بالكسر وقت الاستخلاف في محل ولايته بل يجوز له أن يستخلف ولو كان في غير محل ولايته
ومثل الاستخلاف العزل فيجوز له أن يعزل واحدا من أهل ولايته وهو في غير محل ولايته بخلاف
الحكم فإنه لا يصح في غير محل ولايته. قوله: (بأميال كثيرة) أي زائدة على مسافة القصر كما قال شيخنا.
قوله: (من علم الخ) أي وإذا استخلف بالشروط المذكورة فإنه يستخلف رجلا علم الخ. قوله: (وانعزل
المستخلف) أي الذي استخلفه القاضي بلا إذن الإمام لوسع عمله في جهة بعدت أما لو استخلفه في جهة قريبة
لنص الخليفة له على ذلك أو جريان العرف به فلا ينعزل بموت القاضي ولا بعزله كما قال الشارح ومثلهما
من قدمه القاضي للنظر على أيتام فإنه لا ينعزل بموت القاضي الذي قدمه ولا بعزله. قوله: (لأنه يتوهم الخ)
أي فالمصنف نص على المتوهم. قوله: (خلافا لظاهر إطلاق المصنف) قد يقال أن موضوع كلام المصنف
هو الاستخلاف من غير إذن الإمام بدليل ما قبل هذا فليس كلامه مطلقا. قوله: (لا هو بموت
الأمير) المراد به من له إمارة سواء كانت سلطنة أو غيرها ولذا قال المصنف ولو الخليفة وليس
133

المراد بالأمير من له إمارة غير السلطنة لعدم صحة المبالغة حينئذ إذ شرطها صدق ما قبلها عليها. قوله: (ولو
الخليفة) أي هذا إذا كان الأمير الذي ولاه غير الخليفة بل ولو كان الأمير الذي ولاه ثم مات هو
الخليفة. قوله: (ليس نائبا عن نفس الخليفة) أي لان الخليفة لم يوله لمصلحة نفسه وإنما ولاه لمصالح
الناس وقوله لان القاضي الخ إشارة للفرق بين من استخلفه القاضي في جهة بعيدة حيث انعزل بموت
القاضي وبين القاضي حيث لم ينعزل بموت الخليفة، وهذا الفرق الذي ذكره الشارح واه إذ لو لم يكن
القاضي نائبا عن الخليفة لم يكن للخليفة عزله كيف وأصل القضاء للخلفاء ولو سلم أن القاضي ليس نائبا
عن الخليفة فلم يقال مثله في نائب القاضي. فإن قلت: إن ذلك للتخفيف عن القاضي قلت: السلطان أيضا
إنما جاز له أن يستقضى لأجل التخفيف عن نفسه ا ه‍ انظر بن. ولذا اعتمد بعضهم أن خليفة القاضي
لا ينعزل بعزل القاضي ولا بموته كما أن القاضي لا ينعزل بموت الأمير خلافا للمصنف وقد اقتصر في
المج على هذا. قوله: (ولا ينفذ حكمه بعد بلوغه عزله) أي وأما لو حكم بشئ قبل أن يبلغه عزله فإنه يكون
نافذا لضرورة الناس لذلك كما في تبصرة ابن فرحون وقال فيها أيضا وانظر هل يستحق القاضي معلوم
القضاء من يوم ولايته إذا ولي ببلد يحتاج لسفر أو لا يستحق إلا بالمباشرة فالمعلوم للمعزول إلى يوم
بلوغه ا ه‍ واستظهر البدر القرافي الثاني. قوله: (ولا تقبل شهادته بعده) أي وأولى في عدم القبول ما إذا
قال القاضي بعد عزله شهد عندي شاهدان بكذا وقد كنت قبلت شهادتهما غير أنه لم يصدر مني حكم،
وللطالب حينئذ أن يحلف المطلوب أنه ما شهد عليه أحد عند القاضي فإن حلف رجع الطالب لدعوة
جديدة وإن نكل حلف الطالب وثبتت الشهادة قاله في المدونة ومفهوم شهادته أن أخبار القاضي على
وجه الاعلام بأنه حكم بكذا يقبل قبل عزله لا بعده لأنه مقر على غيره. والحاصل أن أخبار القاضي
بأنه حكم بكذا إن كان على وجه الشهادة لتقدم دعوى لم يقبل قوله لا قبل العزل ولا بعده وإن كان على
وجه الاعلام والخطاب بأن لم يتقدم اخباره دعوى قبل قبل العزل لا بعده، فإن ادعى زيد على عمرو
بحق عند قاضي مصر مثلا وأن قاضي الجيزة حكم له بذلك الحق فسأله البينة على ذلك فحضر قاضي الجيزة
لمصر وشهد عند قاضيها بأنه قضى أو حكم بكذا فلا تقبل شهادته كان قاضي الجيزة إذ ذاك معزولا أو غير
معزول لأنها شهادة على فعل نفسه، وأما إن كان قاضي الجيزة أرسل لقاضي مصر أخبره بأنه قضى
بكذا أو أخبره بذلك مشافهة قبل أن يحصل التداعي عنده أي عند قاضي مصر قبل ذلك الاخبار من
قاضي الجيزة إن كان غير معزول لا إن كان معزولا لان قوله حينئذ قضيت بكذا اقرار على غيره
واقرار الشخص إنما يقبل على نفسه لا على غيره. قوله: (لان شهادته لا تقبل قبل العزل أيضا) أي ولو
انضم له شخص آخر في الشهادة. قوله: (يستقل كل واحد بناحية بحكم فيها الخ) الأولى حذف هذا إنما
معنى الاستقلال أن لا يتوقف نفوذ حكمه على حكم غيره كما سيقول وحاصل ما أراد المصنف أنه يجوز
للخليفة تولية قضاة متعددين كل منهم مستقل أي لا يتوقف حكمه على حكم غيره عام حكمه في جميع
النواحي بجميع أبواب الفقه أو ببعضها، ويجوز له أيضا تولية متعددين كل منهم مستقل لكنه خاص
بناحية يحكم فيها بجميع أبواب الفقه أبو بعضها أو البعض كذا والبعض كذا فعلم من هذا أنه
لا بد من الاستقلال في العام والخاص فلا يجوز للخليفة أن يشرك بين قاضيين هذا إذا كان التشريك في
كل قضية بل ولو كان في قضية واحدة بحيث يتوقف حكم كل على حكم صاحبه لان الحاكم لا يكون
نصف حاكم كذا قال ابن شعبان ابن عرفة وما قاله إنما هو في القضاة وأما تحكيم شخصين في نازلة معينة
فلا أظنهم يختلفون في حوازه وقد فعله علي ومعاوية في تحكيمهما أبا موسى وعمرو بن العاص.
تنبيه: أشعر ما ذكره المصنف من جواز تعدد القاضي بمنع تعدد الامام الأعظم وهو كذلك ولو
134

تباعدت الأقطار جدا لامكان النيابة وقيل بالجواز إذا كان لا يمكن النيابة لتباعد الأقطار جدا
واقتصر عليه ابن عرفة. قوله: (عطف على مقدر) أي لا بالرفع عطفا على تعدد ولا بالجر عطفا على مستقل
لأنه لا بد من الاستقلال في العام والخاص. قوله: (بأن كان كل يطالب صاحبه) أي بأن كان المدعى به
واحدا ولكن كل منهما يدعي أنه له ويطالب الآخر به. قوله: (ثم رفع إلى من سبق رسوله لطلب الاتيان
عنده) فإذا ذهب أحد المتداعيين لقاض وذهب الآخر لقاض آخر فأرسل كل قاض عونه لمن لم يأته
من المتداعيين فالحق به في إقامة الدعوى عند من سبق رسوله لاحد المتداعيين. تنبيه: قد علم من المصنف
الحكم فيما إذا اتحد المدعى به وكان كل من التداعيين يطالب الآخر به على ما قاله الشارح وأما إذا كان
كل منهما يطلب صاحبه بشئ مغاير لما يدعي به الآخر، ففي نقل المواق وابن عرفة عن المازري أن لكل
واحد منهما أن يطلب حقه عندما شاء من القضاة فإذا ادعى أحدهما على صاحبه عند قاض وفرغ
فلصاحبه أن يدعي عليه عند من شاء، فإن اختلفا فيمن يبتدئ بالطلب أو فيمن يذهبان إليه أولا من
القاضيين، فإن سبق أحدهما لقاض ترجح قوله، وإن ذهب كل منهما لقاض فالمعتبر من سبق رسوله من
القضاة، وإن لم يكن لأحدهما ترجيح بسبق الطلب على الآخر ولا بغير ذلك أقرع بينهما ا ه‍. فقد
علمت أنه إذا كان كل طالبا إنما يعتبر سبق الرسول فيما إذا اختلفا فيمن يبتدئ بالطلب وفيمن
يذهبان إليه وإلا عمل بقول كل واحد منهما في تعيين القاضي الذي يدعي عنده انظر بن. قوله: (أي كما
يقرع بينهما) أي إذا كان المدعي ليس قوله مجردا عن مصدق ولم يجلب خصمه. قوله: (وسيأتي الخ)
حاصل ما يأتي أنه يقدم المدعي وهو من تجرد قوله من مصدق بالكلام فإن لم يعلم الدعي بأن قال كل
واحد أنا المدعي قدم الجالب لصاحبه بنفسه أو برسول القاضي بالكلام فإن لم يكن أحدهما جالبا،
والحال أن كل واحد يدعي أنه المدعي أقرع بينهما فيمن يبتدئ بالكلام فلو قال الشارح إذا الموضوع
أن كلا يدعي أنه طالب لصح قوله وسيأتي الخ تأمل. قوله: (وتحكيم رجل غير خصم) أي تحكيم رجل
أجنبي منهما مغاير لكل من الخصمين ولا يحتاج التحكيم لشهود تشهد على الخصمين بأنهما حكماء كما
هو قضية كلام بعضهم (قوله من غير تولية قاض له) أي وأم لو كان المحكم مولى من قبل
القاضي فكأن الحكم واقع من القاضي. قوله: (لا تحكيم خصم من الخصمين فلا يجوز الخ) اعلم أنه لو حكم
أحد الخصمين خصمه فحكم لنفسه أو عليها جاز تحكيمه ابتداء ومضى حكمه مطلقا إن لم يكن
جورا وقيل يكره تحكيمه ابتداء إن كان ذلك الخصم المحكم هو القاضي ويمضي حكمه بعد
الوقوع والنزول إن كان غير جور وقيل لا يجوز تحكيمه فلا ينفذ حكمه إن كان ذلك الخصم
المحكم هو القاضي سواء كان حكمه جورا أو غير جور، والأول نقل اللخمي والمازري عن المذهب،
والثاني نقل الشيخ عن أصبغ، والثالث ظاهر قول الأخوين، والمعتمد الأول إذا علمت هذا فقول
الشارح لا تحكيم خصم من الخصمين فلا يجوز ولا ينفذ لا يؤخذ على إطلاقه بل يقيد بما إذا كان
الحكم جورا فيكون ماشيا على القول الثاني، أو بما إذا كان الخصم المحكم قاضيا كما هو القول
الثالث ثم اعلم أن هذا الخلاف الجاري في تحكيم أحد الخصمين جار في تحكيم الأجنبي
فقيل بجوازه ونفوذ حكمه وقيل بعدم جوازه وعدم نفوذ حكمه فكان على المصنف أن
يحذف قوله غير خصم ويقول وجاز تحكيم غير جاهل وكافر الخ ويكون ماشيا على ما للخمي والمازري
من الجواز ابتداء سواء كان المحكم أجنبيا أو أحد الخصمين كان قاضيا أم لا انظر بن. قوله: (وغير
135

مميز) يغني عن هذا قوله قبل وجاهل لأنه يلزم من كونه غير جاهل أن يكون مميزا فلو حذفه كان أولى ا ه‍ بن
وقد يقال لا نسلم اللزوم لجواز كونه معتوها تأمل. قوله: (لئلا يتوهم عطفه) أي عطف مميز عند
حذف غير وقوله لئلا يتوهم عطفه على خصم أي لتجري المعطوفات على نسق واحد. قوله: (ويخرج)
أي بقولنا رجل الصبي الخ. قوله: (وجواز التحكيم) أي تحكيم المتداعيين للأجنبي المسلم العالم المميز
إنما يكون الخ. قوله: (وجرح) أي عمدا أو خطأ وقوله ولو عظم أي كقطع يد أو رجل. قوله: (لم ينفذ
حكمه) أي ولو وافق الصواب كما هو ظاهره وقد علمت النقل فيما إذا حكما خصما. قوله: (فإن حكم ولم
يصب فعليه الضمان) أي فإذا حكم واحد منهم وترتب على حكمه إتلاف فإن كان لعضو فالدية على عاقلته
وإن ترتب عليه إتلاف مال كان الضمان في ماله. قوله: (أحد المتداعيين) أي وليس المراد به من بينه
وبين المتداعيين أو أحدهما خصومة دنيوية كما قال عبق وخش. قوله: (كما في اللعان الخ) أي
فإن الحق فيه للولد بقطع نسبه وهو غير الخصمين أعني الزوجين وكذلك النسب إذا كان النزاع بين
الأب ورجل آخر فالأب يقول إن هذا الولد ليس ابني والرجل الآخر يقول أنه ابنك، أما لو كان
النزاع بين الأب والولد فالحق لاحد الخصمين، وكذلك الولاء الحق فيه لآدمي غير الخصمين إذا
كان النزاع بين المعتق ورجل آخر في الشخص المعتوق بأن ادعى كل أنه أعتقه أما إذا كان النزاع بين
السيد والمعتوق كان الحق لاحد الخصمين. قوله: (لان الحدود زواجر) أراد بالحدود ما يشمل القتل
قصاصا. قوله: (في أحد هذه السبعة الخ) ظاهره أن المحكم إذا حكم فيما زاده المصنف في الحجر على هذه
السبعة وكان حكمه صوابا إنه لا يمضي وهو مقتضى صنيع المصنف ولكن الذي كان يقرره شيوخ عج
أنه يمضي أيضا وهو الذي يفيده نقل التوضيح كما في بن. والحاصل أن كل ما لا يجوز التحكيم فيه
وكان الحكم فيه مختصا بالقضاة إذا وقع ونزل وحكم فيه المحكم وكان حكمه صوابا فإنه يمضي
وليس لاحد الخصمين ولا للحاكم نقضه وأما ما هو مختص بالسلطان كالاقطاعات فحكم المحكم
فيه غير ماض قطعا. قوله: (وإنما يحكم في الرشد الخ) نص عبارة المصنف وإنما يحكم في الرشد وضده
والوصية والحبس المعقب وأمر الغائب والنسب والولاء وحد وقصاص ومال يتيم، القضاة
فهذه عشرة ذكر المصنف هنا بعضها وهو الحد والقتل والنسب والولاء وزاد عليها هنا ثلاثة اللعان
والطلاق والعتق فجملة ما يختص الحكم فيه بالقاضي ثلاثة عشر. قوله: (وأدب) أي لا فتياته على الامام
وقوله أي إذا استوفى أي إذا حصل الاستيفاء لما حكم به بأن قتل أو حد أو اقتص. والحاصل أن
الأدب إنما يكون إذا نفذ الحكم أما إذا حكم ولم ينفذ ما حكم به فلا أدب عليه بل يزجر أي يعزر فقط كما
لو حكم بقتل فعفي عن المحكوم عليه خلافا لظاهر المصنف من أدبه مطلقا انظر ح. قوله: (فلا أدب)
أي ويزجر ويعزر فقط. قوله: (وفي صحة حكم صبي الخ) اعلم أن الأقوال الأربعة في صحة الحكم
وعدمها كما ذكر شارحنا وهو ظاهر ابن عرفة والمواق. وأما تحكيم من ذكر فهو غير جائز
ابتداء اتفاقا وليست الأقوال المذكورة في صحة التحكيم كما في تت وعبق والقول الأول لأصبغ،
والثاني لمطرف، والثالث لأشهب، والرابع لابن الماجشون، وجعل ابن رشد الخلاف في
جواز التحكيم وعدمه انظر بن وقول المصنف وفي صبي الخ خبر لمبتدأ محذوف وهو أقوال
136

أربعة كما أشار إليه الشارح. قوله: (أولها الصحة) أي في الأربعة وكذا يقال في قوله ثانيها عدمها أي
في الأربعة واعلم أن الأقوال الأربعة جارية فيما يجوز أن يحكم فيه المحكم ابتداء وهو المال والجرح وفيما
يمضي فيه حكمه بعد الوقوع وهي الأمور السبعة المذكورة هنا بقوله لا في حد ولعان الخ. وما تقدم في باب
الحجر المزيد على ما هنا. واعلم أيضا أنما ذكره المصنف هنا من الخلاف في تحكيم المميز لا ينافي جزمه
فيما مر بجواز تحكيمه وصحة حكمه لان المميز فيما مر محمول على البالغ احترازا عن بالغ به عته أو جنون
وفيما هنا محمول على غير البالغ. قوله: (وجاز ضرب خصم) أي بيده أو أعوانه وقوله لد عن دفع الحق أي
إذا ثبت عليه اللدد بالبينة لا إن علم القاضي منه ذلك فقط كما صرح بذلك أبو الحسن وسلمه ح وهو
الحق كما لبن خلافا لعبق تبعا لتت من جواز ضربه من غير بينة بل استنادا لعلمه. قوله: (باجتهاد
الحاكم) أي في قدره. قوله: (الصادق بالوجوب) أي لان ضربه للخصم إذ لد بعد الحكم عليه واجب
كما في البيان. قوله: (وجاز عزله لمصلحة) أي تعود على الناس ولا يكون ذلك جرحة فيه فإن عزل لا
لمصلحة فالنقل أنه لا ينعزل لكن بحث فيه ابن عرفة بقوله عقبه قلت في عدم نفوذ عزله نظر لأنه
يؤدي إلى لغو تولية غيره فيؤدي ذلك إلى تعطيل أحكام المسلمين. قوله: (ولم ينبغ) أي لم يجز كما قال
الناصر اللقاني. قوله: (أي بالعدالة) أشار بذلك إلى أن قول المصنف عدلا منصوب بنزع الخافض ويجوز
أن يكون خبرا لكان المحذوفة أي إن شهر كونه عدلا تأمل. قوله: (بمجرد شكية) أي بالشكوى
المجردة عن الكشف عن حاله والنظر في شأنه سواء كانت الشكاية فيه واحدة أو متعددة بل لا بد
من الكشف والفحص عن حاله فإن وجده عدلا في الباطن والظاهر أبقاه وإن وجده مسخوطا
في الباطن عزله. قوله: (أن يعزله بمجرد الشكوى) أي وإن لم يكشف عن حاله. قوله: (عن غير سخط)
متعلق بمحذوف أشار له الشارح بقوله إن عزله لا بالفعل المذكور قبله لفساد المعنى حينئذ إذ يصير
معناه يبرأ عن الرضا وهذا غير مراد وإنما المراد أن القاضي إذا عزله الأمير من غير سخط بأن عزله
لمصلحة غير الجرحة فيجب على الأمير أن يبرئه مما يشينه بأن يعلم الناس ببراءته وأنه إنما عزله لمصلحة
ويشهر ذلك بينهم بمناداة مثلا، وذلك لان العزل مظنة تطرق الكلام في المعزول وكون العزل
لمصلحة قد يخفى على الناس. قوله: (لئلا يولى عليهم بعد) أي مع أن المعزول لسخط لا تجوز توليته
بعد ولو صار أعدل أهل زمانه. قوله: (شأنه السلامة من النجس) أي بأن كان دون الحد. قوله: (يحتمل
الحرمة والكراهة) الظاهر أن يقال إن ظن حصول دم أو نجاسة حرم وإن شك في حصول ذلك
كره ا ه‍ عدوي. قوله: (وجلس به) أي لسماع الدعاوى وفصل الخصومات. قوله: (أي برحابه)
أي لا فيه فيكره. واعلم أن المسألة ذات طريقتين الأولى لمالك في الواضحة استحباب
الجلوس في الرحاب وكراهته في المسجد والثانية استحباب جلوسه في نفس المسجد وهي ظاهر قول
المدونة والقضاء في المسجد من الحق والامر القديم لقوله تعالى: * (إذ تسوروا المحراب) * والمعول عليه
ما في الواضحة وظاهر المصنف المرور على الطريقة الثانية وقد صرفه الشارح عن ظاهره بتقدير
المضاف لأجل أن يكون مارا على المعتمد قرر ذلك شيخنا العدوي. قوله: (ليصل إليه الكافر الخ)
أي ولخبر جنبوا مساجدكم رفع أصواتكم وخصوماتكم. قوله: (وغير وقت نزول مطر) أي كثير.
137

قوله: (أي فيكره جلوسه) أي للقضاء في هذه الأوقات يعني يوم العيد وما بعده. قوله: (واتخاذ
حاجب) هو بواب المحل الذي يجلس فيه وقوله وبواب أي ملازم لباب البيت البراني وقوله
لمنع دخول من لا حاجه له هذا من وظيفة البواب الملازم لباب البيت البراني فهو راجع للثاني في
كلام المصنف، وقوله وتأخير من جاء الخ هذا من وظيفة الحاجب وهو بواب المحل الذي يجلس
فيه القاضي فهو راجع للأول في كلام المصنف. قوله: (وبدأ القاضي أول ولايته استحبابا وقيل
وجوبا الخ) القول بالوجوب هو ظاهر عبارة ابن فرحون والاستحباب ظاهر عبارة المازري
انظر نصها في بن. قوله: (بعد النظر في الشهود) أي الملازمين له لأجل الشهادة على حكمه وعلى
إقرار الخصوم وإنكارهم على ما يدعون به وأشار الشارح بقوله بعد النظر الخ إلى أن قول المصنف
وبدأ بمحبوس أي بداءة إضافية لا حقيقية. قوله: (أي بالنظر في أمر المحبوسين) ظاهره سواء
كانوا محبوسين في الدماء أو غيرها. وقال شيخنا العدوي أي بالمحبوس في دعاوى الدماء لما ذكروا
أنها أول ما يقضى فيه الحق سبحانه وتعالى يوم القيامة. قوله: (من إرسال الخ) بيان للنظر في أمر
المحبوس. قوله: (ثم في ضال) أي في مال ضال أي فينظر هل أتى ربه أم لا فيرتب على ذلك مقتضاه
من إبقاء أو بيع أو صرف في مصارف بيت الله. قوله: (ونادى بمنع الخ) أي أنه يأمر بالنداء في
عمله أن كل يتيم لم يبلغ لا وصي له فقد حجرت عليه وكل سفيه مستوجب للولاية فقد منعت الناس
من مداينته ومعاملته وكل من علم مكان أحد منهما فليرفعه إلينا لنولي عليه فمن داينه أو باع منه
أو ابتاع فهو مردود، وفائدة هذه المناداة انكفاف الناس عنهما لكن في السفيه تمضي معاملاته
الحاصلة قبل النداء وأما الحاصلة بعده فهي مردودة وأما اليتيم فهي مردودة قبل النداء وبعده
لما تقدم أن قول المصنف، وتصرفه قبل الحجر محمول على الإجازة عند مالك لا ابن القاسم في
خصوص السفيه. واعلم أن رتبه المناداة في رتبة النظر في أمرهما فهي مؤخرة عن النظر في
المحبوس كما يفيده كلام التبصرة وحكم المناداة المذكورة الندب على ما يفهم من كلام
بهرام وتت والوجوب على ما يفهم من التبصرة. قوله: (ثم بعد ذلك ينظر في الخصوم) هذه
مرتبة رابعة وظاهره تأخير النظر فيما بينهم ولو كان فيهم مسافرون يخشون فوات الرفقة
وهو كذلك والنظر فيما بين الخصوم يكون في أي يوم ما عدا الأوقات السابقة، وأما النداء
وما قبله فإنه إنما يكون حين التولية فقط كما تقدم للشارح. قوله: (يكتب وقائع الخصوم) أي
التي يريد أن يحكم فيها. قوله: (وجوبا) أي على ما قاله الشيخ أحمد الزرقاني وقوله وقيل ندبا وهو
ما في ح. قوله: (أي يشترط فيه أن يكون عدلا) أشار بهذا إلى أن قول المصنف شرطا حال
من العدالة المفهومة من قوله عدلا لا من الترتب المفهوم من رتب. قوله: (وليس المراد أن ترتيبه
شرط) أي في توليته أو في صحة حكمه. قوله: (الذي يخبر القاضي بحال الشهود) أي يخبر القاضي
سرا فيما بينه وبينه بحال شهوده الملازمين له ليشهدوا على أحكامه وعلى إقرار الخصوم
ويستنيبهم في بعض الأمور لسماع الدعاوى. فإن قلت: حيث كان المراد بالمزكي هنا مزكي السر
فهذا يغني عنه قوله فيما مر واتخاذ من يخبره بما يقال في سيرته وحكمه وشهوده. قلت: أعاده لإفادة
اشتراط كونه عدلا. والحاصل أن المصنف أشار بقوله سابقا واتخاذ من يخبره الخ إلى حكم ترتيب
138

مزكي السر وأشار هنا بقوله كمزكي الخ إلى اشتراط العدالة فليس ما تقدم مغنيا عما هنا. قوله: (فإنه لا بد من
تعدده) أي بخلاف مزكي السر فإنه يكفي كونه واحدا. قوله: (فيكفي فيه واحد) أي ذكر وأما المرأة فلا
تكفي على المعتمد، خلافا لما في عبق وخش من أنه لا بأس بترجمة المرأة إذا كانت من أهل الصلاح كما
قال شيخنا وقوله خلافا لمن قال: لا بد من تعدده هو ابن شاس، لكن في ح أن محل كلام ابن شاس إذا جاء
الخصم بمن يترجم عنه فلا بد من تعدد ذلك المترجم وليس هذا مراد المصنف وإنما مراده من يتخذه
القاضي لنفسه مترجما وهذا يكفي فيه الواحد اتفاقا. قوله: (ولا بد من عدالته أيضا) أي وذكوريته على
المعتمد. قوله: (وأحضر العلماء) أي حالة كونه مشاورا لهم فيما يحكم به وقوله أو شاورهم أي إن لم
يحضرهم أي بأن يسألهم عن الحكم في تلك النازلة بعد الفراغ من سماعها ومن الحكم فيها فإن وافقوه على
ما حكم به فالامر واضح وإن خالفوه وأظهروا له فساد ما حكم به نقضه قال ابن مرزوق،
وظاهر المصنف أنه مخير في ذلك وهو قول ثالث مخالف لما نقله غيره من أن في المسألة قولين فقيل: إنه يحضرهم
مشاورا لهم كفعل عثمان فإنه كان إذا جلس أحضر أربعة من الصحابة ثم استشارهم فإن رأوا ما رآه
أمضاه، وقيل: إنه يستشيرهم بعد فراغه من مجلس الحكم كفعل عمر، والأول قول أشهب وابن المواز،
والثاني قول الأخوين وأجيب عن المصنف بأن أو لتنويع الخلاف لا أنها للتخيير ا ه‍ بن. قوله: (ولو
مجتهدا) أي لاحتمال أن يكون الظاهر له في هذه النازلة غير الظاهر لهم فإذا أحضرهم وتكلموا فيحتمل
أن يظهر له ما ظهر لهم ويرجع عن اجتهاده. قوله: (وقيل وجوبا) أي وهو ظاهر التوضيح. قوله: (وأحضر
وجوبا شهودا) ما ذكره من الوجوب هو المعتمد خلافا لمن قال يندب إحضارهم. قوله: (وأيضا
الحكم إنما يتم بالشهود) ففي حاشية جد عج ما نصه الذي عند مالك وابن القاسم أن القاضي
إذا سمع إقرار الخصم لا يحكم حتى يشهد عنده شاهدان ابن رشد وهو المشهور قال المصنف
في التوضيح: وعليه فإحضار الشهود واجب ا ه‍ بن. قوله: (لئلا يتوهم مع التعريف) أي
من جعل أل للعهد. قوله: (يكره للقاضي أن يفتي في خصومة) أي فيما شأنه أن يخاصم فيه
احترازا عن العبادات والذبائح والأضحية وكل ما لا يدخله حكم الحاكم فلا يكره افتاؤه فيه
وما ذكره من الكراهة صرح به البرزلي وظاهر ابن عبد السلام المنع. قال البزرلي وهذا إذا كانت
الفتوى فيما يمكن أن تعرض بين يديه فلو جاءته من خارج بلده أو من بعض الكور على يدي عماله
فليجبه عنها ا ه‍ بن. قال شيخنا العدوي وكذا إذا علم بالقرائن إن قصد السائل مجرد الاستفهام
كما لو كان من الطلبة الذين شأنهم تعلم الاحكام فلا يكره للقاضي إجابته وهذا كله إذا كان
لا يعرف مذهب القاضي من غيره بأن كان مجتهدا أو مقلدا وليس هناك فقيه مقلد لمذهبه أما لو
عرف مذهبه من غيره بأن كان مقلدا وكان هناك فقيه مقلد لمذهبه فلا كراهة في فتواه. قوله: (وإن
لم يقع) أي التخاصم بالفعل. قوله: (إلى تطرق الكلام فيه) أي في القاضي. قوله: (ولم يشتر أو
بيع) أي سواء كان بنفسه أو بوكيله المعروف كما ذكره ابن شاس وابن الحاجب وقوله أي يكره
ما ذكره من الكراهة صرح به ابن فرحون في التبصرة وكلام التوضيح يؤذن بالمنع قال ح وينبغي رد
أحدهما للآخر ا ه‍ بن. قوله: (كما يجوز بيعه وشراؤه بغير مجلس القضاء) أي كما نقله المازري عن أصحاب
مالك ويفيده مفهوم المصنف وهذا مبني على أن علة الكراهة شغل البال. قوله: (وقيل يكره أيضا)
وهو لابن شاس وهو مبني على أن العلة خوف المحابة لا شغل البال وعزا بهرام هذا القول
139

لابن عبد الحكم أيضا ومطرف وابن الماجشون، وقال ابن عرفة لا أعرف وجود هذا القول في المذهب
لغير ابن شاس وعزاه المازري للشافعي ولم يعزه لاحد من أهل المذهب انظر بن. قوله: (واستعمل
المصنف لم مكان لا) أي لان الفقيه إنما يتكلم على الاحكام الاستقبالية لا الماضية. قوله: (كلف) أي
كما يكره سلف وقراض وقوله فيهما أي في مجلس القضاء وغيره. قوله: (من غيره أو منه لغيره) في بن أن
سلفه من الغير ظاهر كراهته وأما سلفه للغير فذكر ابن مرزوق أنه جائز وهو الظاهر ا ه‍ كلامه فما
ذكره الشارح تبعا لعبق وخش خلاف الظاهر. قوله: (أي يكره في الجميع) أي خوف المحاباة. قوله: (وحضور
وليمة) أي يكره ذلك فقط وهو المراد بقول بعضهم لا يجوز وفي ح عن التوضيح كره مالك لأهل
الفضل الإجابة لكل من دعاهم. قوله: (فإنه يجب بشروطه) في ابن مرزوق ما يفيد أن الراجح
جواز حضوره لوليمة النكاح لا وجوبه ورجحه شيخنا في حاشية خش. قوله: (أي يحرم
قبولها) كلام المصنف أن قبول القاضي للهدية مكروه لا حرام لأنه ساقه في المكروهات فكأن
المصنف سائر تعبير ابن الحاجب بالكراهة، لكنه حمله في توضيحه على الحرمة وتقدم له المنع في فصل
القرض فلذا قرره به شارحنا وكأنه جعل قبول هدية فاعلا لمحذوف أي وحرم قبول هدية وجعله من
عطف الجمل. قوله: (ويجوز للفقيه الخ) أي وأما الشهود فلا يجوز لهم قبولها من الخصمين ما دام الخصام.
قوله: (وكذا ما قبلها) أي من السلف وما بعده وقوله بالأولى أي لان قبول الهدية حرام وما قبله مكروه.
قوله: (وفي جواز قبول هدية) أي وفي جواز قبول القاضي لهدية من شخص معتاد بالاهداء إليه قبل
تولية للقضاء وعدم جواز قبولها بل يكره قولان، ومحل الخلاف إذا كانت الهدية التي أهديت له بعد
تولي القضاء مثل المعتادة قبله قدرا وصفة وجنسا لا أزيد وإلا حرم قبولها اتفاقا والظاهر حرمة قبولها
كلها لا الزائدة فقط قياسا على صفقة جمعت حلالا وحراما. قوله: (أي الكراهة) أي كما هو ظاهر تعبير
مطرف وعبد الملك بلا ينبغي. قوله: (في حال مشيه) أي لأنه مظنة الاستخفاف بالحكم الشرعي.
قوله: (لما فيه من الاستخفاف) أي بالحاضرين والظاهر من هذين القولين القول بالكراهة أيضا
كما قال شيخنا العدوي. قوله: (وفي كراهة إلزام يهودي الخ) أي هل يكره للقاضي أن يمكن المسلم أو
النصراني من خصامه ليهودي بسبته وأن يبعث له رسولا لأجل إحضاره لمخاصمته فيه والحكم
عليه. قوله: (في خصومة) أي بسبب خصومة وقوله وبين مسلم أي أو نصراني. قوله: (وفي الحكم
عليه خرق لما يزعم تحريمه) أي وقد أقررناهم بأخذ الجزية منهم على تعظيمهم السبت وعدم انتهاك
حرمته. قوله: (وجوازه) أي لعدم تعظيم السبت شرعا وتخصيص المصنف اليهودي بالذكر
مخرج للنصراني فلا يكره إحضاره والحكم عليه في أحده، لان النصارى لا يعظمون الأحد
كتعظيم اليهود للسبت. وسوى ابن عات بين اليهودي والنصراني في جريان القولين في كل
منهما لكن تسوية النصراني باليهودي إنما ذكره من عنده لا نقلا عن غيره من أهل المذهب
ولما كان القول بتسوية النصراني لليهودي في جريان الخلاف فيه لم يترجح عند المصنف لم يذكر
النصراني في موضوع القولين. قوله: (لان مجلس الحكم يصان عن الحديث فيما لا يعني) أي ولما في حديثه
بما لا يعني من إذهاب مهابته. قوله: (وفي اشتراط دوام الرضا من الخصمين) أي بما يحكم به ذلك المحكم.
140

قوله: (بخلاف القاضي) أي فإنه لم يدخلا على المرافعة له باختيار كل منهما لان من دعى للرفع له يجبر
الآخر لموافقته، فقول الشارح فإنه نصب الخ علة لذلك المحذوف أي لأنه نصب للالزام وقطع مادة
النزاع والشارع داع لذلك تأمل. قوله: (دخلا عليه باختيارهما) أي باختيار كل منهما فلذا جرى الخلاف
تفي اشتراط دوام رضاهما بما يحكم به لانتهاء الحكم وعدم اشتراطه. قوله: (أي يمنع) هذا هو الأنسب
بقول المصنف ومضى إذ لا يحتاج للنص على مضي المكروه والأظهر أنه يختلف باختلاف الأحوال
وقوله أي يمنع أي كما في ح عن أبي الحسن وقوله وقيل يكره أي وهو ما ذكره تت. قوله: (مع ما يدهش
عن تمام الفكر) أي ما يدهش العقل عن تمام الفكر. قوله: (ولا يمضي) أي مطلقا بل إن كان صوابا
مضى وإلا رد فعلم من كلامه أن ما يدهش عن أصل الفكر إنما يخالف ما يدهش عن تمامه في الاتفاق
على المنع في الأول دون الثاني وأما الحكم مع كل فهو ماض إن كان صوابا وإلا رد. قوله: (ومثله المفتي) أي
لا يجوز له أن يفتي مع وجود ما يشغله عن تمام فكره أو أصل فكره. قوله: (وضيق النفس) أي وهو
المسمى باللقس بفتح اللام والقاف وسين مهملة. قوله: (والحصر) أي بالبول ومثله الحقن بالريح.
قوله: (والشغل بأمر من الأمور) أي كجوع شديد وعطش وأكل فوق الكفاية وكثرة ازدحام الناس عليه
وقد كان سحنون يحكم في موضع خاص لا يدخل عليه بوابه إلا اثنين اثنين على ترتيبهم، وفي ذلك
فائدتان الستر على الخصمين واستجماع الفكر ا ه‍ بن. قوله: (وهو من شهد بما لم يعلم) أي شهد بذلك عمدا
وأما لو شهد بما لم يعلم لشبهة فلا تكون شهادته زورا انظر بن. قوله: (الجماعة من الناس) أي وإن لم
يكونوا أشرافا. قوله: (بالضرب الموجع) أي ويرجع في قدره لاجتهاد القاضي. قوله: (أي مع نداء عليه)
أي أن هذا شاهد زور وانظر هل الوجوب منصب على التعزير والنداء عليه أو منصب على
خصوص التعزير وكونه في الملا والنداء عليه مندوب فقط ا ه‍ عدوي. قوله: (ولا يحلق رأسه) أي
يكره وهذا مقيد بما إذا كان من العرب الذي لا يحلقون رؤوسهم أصلا وحلقها عندهم نكال أي
تعييب وتمثيل، وأما بالنسبة لغيرهم فلا كراهة في حلق رأسه. قوله: (أو لحيته ولا يسخمه)
أي يحرم فعل شئ من هاتين وكذا ما يفعل في الأفراح بمصر من تسخيم الوجه بسواد كفحم أو
دقيق فإنه حرام لأنه تغيير لخلق الله. قوله: (بنحو سواد) أي كدقيق أو حبر. قوله: (ثم في قبوله) أي في
قبول شهادته إذا شهد بعد أن ظهرت توبته كان قبل التعزير أو بعده فالتردد جار في الحالتين
بخلاف ما إذا شهد قبل التوبة فإنها لا تقبل اتفاقا لأنه فاسق. قوله: (تردد) أي طريقتان
الأولى طريقة ابن عبد السلام. وحاصلها أنه إن كان مظهرا للصلاح حين شهد بالزور لم تقبل شهادته
بعد ذلك اتفاقا أي لاحتمال بقائه على خوبشته التي كان عليها وإن كان غير مظهر للصلاح حين
شهد أولا بالزور ففي قبول شهادته بعد ذلك إذا ظهرت توبته وعدم قبولها قولان، والثانية عكس
هذه لابن رشد فقال إن كان مظهرا للصلاح حين شهادته أولا بالزور فقولان في شهادته بعد ذلك،
وإن كان غير مظهر له حين شهد أولا بالزور لا تقبل شهادته بعد ذلك اتفاقا قال شيخنا نقلا عن تت
وطريقة ابن عبد السلام أنسب بالفقه وطريقة ابن رشد أقرب لظاهر الروايات. قوله: (والحق عدم
قبوله) أي سواء كان حين شهادته أولا بالزور مظهرا للصلاح أولا والذي في المج أن الظاهر قبول شهادته
حيث تاب ولم يكن مظهرا للصلاح حين شهادته أولا وأما إن كان مظهرا له من قبل فلا تقبل. قوله: (فهو
أهل للتأديب) أي فالقاضي أهل للتأديب أي أنه أصاب في فعله ووضع الشئ في محله ويؤجر على ذلك
141

لفعله أمرا مطلوبا وهذا قول ابن القاسم. وقال سحنون لا يؤدب التائب لأنه لو أدبه لكان ذلك وسيلة
لعدم توبتهم قال المتيطي وبه العمل وقال المازري: إنه المشهور ونقله ابن سعد ا ه‍ بن وفيه أنه يتوب
ولا يطلع عليه أحد إلا أن يقال تتوقف التوبة على رد الظلامة التي شهد بها فإذا ردها اطلع عليه.
قوله: (والأولى تركه) أي ترك التأديب فيكون التأديب مرجوح الفعل وكان الأولى للشارح أن يقول
وقيل الأولى تركه لان هذا قول سحنون إذ ابن القاسم يرى أنه راجح الفعل كما قال شيخنا.
قوله: (أو من أساء على مفت أو شاهد) أي بحضرته بأن قال له أنت قد افتريت علي في فتواك أو في شهادتك
أو شهدت علي بالزور. قوله: (إلى بينة في ذلك) أي ولا يحتاج في ذلك لبينة والمشار إليه ما ذكر من
الإساءة وقوله في ذلك في بمعنى الباء واعلم أن هذه المسائل الأربع وهي تأديب القاضي لمن أساء عليه
أو على خصمه أو على الشاهد أو على المفتي بمجلسه مستندا لعلمه تزاد على قولهم لا يجوز للقاضي
أن يستند لعلمه إلا في التعديل وفي التجريح. قوله: (وأما بغير حضرته) أي وأما لو أساء على خصمه
أو على المفتي أو على الشاهد بغير حضرة القاضي. قوله: (بخلاف قوله بزور) أي بخلاف قوله للشاهد
شهدت علي بزور، فإن القاضي يعزره ظاهره مطلقا وليس كذلك ففي المواق ما نصه ابن كنانة إن
قال له شهدت علي بزور، فإن عنى أنه شهد عليه بباطل لم يعاقب وإن قصد أذاه وإشهاره بأنه مزور نكل
بقدر حال الشاهد والمشهود عليه ا ه‍ ويقبل قوله فيما ادعى أنه أراده إلا لقرينة تكذبه ا ه‍ عبق.
قوله: (بالنسبة للواقع) أي بأن شهد بخلاف الواقع سواء كان الشاهد يعلم أن ما شهد به خلاف الواقع
أو لا يعلم ذلك. قوله: (والزور بالنسبة لعلم الشاهد) أي بأن شهد بما لم يعلم كان ما شهد به موافقا
للواقع أو خلاف الواقع فبينهما عموم وخصوص وجهي فإذا شهد بما هو خلاف الواقع مع علمه
أنه خلاف الواقع كان باطلا وزورا وإذا شهد بخلاف الواقع وكان لا يعلم أنه خلاف الواقع كما
في الصورة التي ذكرها الشارح كان ذلك باطلا لا زورا وإذا شهد بما هو مطابق للواقع وهو لا يعلم
به كان ذلك زورا لا باطلا. قوله: (فقد يشهد بشئ يعلمه) أي كدين لزيد على عمرو. قوله: (ويكون المدعى
عليه قد قضاه) أي من غير أن يعلم الشاهد أنه قضاه فتلك الشهادة باطلة لا زور. قوله: (كذبت علي) أي
فيما ادعيته وإنما لم يكن هذا أعني قوله لخصمه أنت كذبت أو ظلمتني وما قبله وهو قوله للشاهد
أنت شهدت علي بباطل من انتهاك مجلس الشرع لان لهما تعلقا بالخصومة لان المراد بطلان
وكذب في خصوص هذه الخصومة لا أن ذلك شأنه في ذاته بخلاف الإساءة بنحو يا ظالم أو يا فاجر
فإنه لا تعلق لها بالخصومة بل المراد أن صفته كذا في ذاته. قوله: (وليسو) أي القاضي وجوبا أخذا
من لام الامر. قوله: (وإن كان أحدهما مسلما) أي هذا إذا كانا مسلمين أو كافرين بل وإن
كان أحدهما مسلما وقوله وإن مسلما هكذا في أكثر النسخ بأن واعترضه ابن عاشر بأن ابن الحاجب
حكى قولا بجواز رفع المسلم على الذمي ونسبه في التوضيح لمالك وحينئذ فالمحل للولا لان ا ه‍ بن وقد
أجابوا عن مثل هذا بأن اصطلاح المصنف أنه إن أتى بلو كانت إشارة للخلاف ولا يلزمه
أنه كلما كان خلاف أن يشير له بلو. قوله: (وقدم في سماع الدعوى المسافر) يعني أنه إذا تداعى عند
القاضي مسافرون وغيرهم وتنازعوا في التقديم للدعوى قدم المسافر على الحاضر وقوله وجوبا
أي وقيل ندبا. قوله: (ولو سبق الحاضر) أي لمجلس القاضي بأن أتى إليه قبل اتيان المسافر وقوله
إلا لضرورة أي إلا إذا كان يحصل للمقيم ضرر بسبب تقديم المسافر عليه وإلا قدم عليه المقيم
فإن حصل لكل ضرر بسبب تقديم الآخر أقرع بينهما. قوله: (وما يخشى فواته) أي ومدعي
ما يخشى فواته ففي الكلام حذف وذلك كمدعي نكاح استحق فسخا قبل الدخول وخيف أن
142

أخر النظر فيه يحصل دخول ومدعي طعام يسرع إليه التغير وعطف هذا على ما قبله من عطف العام على
الخاص فمدعي ما يخشى فواته يقدم على غيره سواء كان ذلك المدعي مسافرا أو غير مسافر. فقول الشارح:
ولو مسافرا الأولى أن يقول ولو غير مسافر ويكون مبالغة في مدعي ما يخشى فواته وأما جعله مبالغة
في الغير ففيه نظر لأنه يقتضي تقديم مدعي ما يخشى فواته على المسافر وعطف المصنف ما يخشى فواته بالواو
يقتضي أنه مع المسافر في مرتبة واحدة، وحينئذ فيقدم من كان أشد ضررا منهما فإن تساويا أقرع
بينهما. قوله: (من عند نفسه) فيه نظر إذ هذا القول نقله في النوادر عن أصبغ. وحاصله أن
السابق إذا كن يدعي بحقين، ففي النوادر عن أصبغ أنه يقدم بحقيه على من تأخر عنه إذا لم يكن
فيهما طول وقال غيره، أنه يقدم بأحد الحقين ويؤخر الحق الثاني عن جميع من حضر. واختار
المازري الأول إذا علمت هذا تعلم أن الأولى للمصنف أن يقول ثم السابق وإن بحقين بلا طول على
المقول هكذا بصيغة الاسم لاختيار المازري له من خلاف لكن كثيرا ما يستعمل المصنف قال لمجرد
النسبة كما في قال وهو الأشبه. قوله: (وإن كان السابق ملتبسا بحقين) الأوضح وإن كانت دعوى
السابق بحقين ودعوى المتأخر عنه بحق واحد إذا كان لا طول فيهما. قوله: (قدم بأحدهما) أي
ولو كان فيه طول. قوله: (وأخر الثاني عمن يليه) صوابه عن جميع من حضر كما يفيده كلام النوادر
انظر بن. قوله: (أقرع بينهم) أي بأن يأتي القاضي برقاع بعددهم ويأمر أحدهم بأخذ رقعة فمن خرج
اسمه أولا قدم وهكذا. قوله: (وينبغي أن يفرد وقتا أو يوما للنساء) أي
اللاتي يخرجن لا المخدرات اللاتي يمنع من سماع كلامهن فإنهن يوكلن أو يبعث القاضي لهن في منزلهن واحدا من طرفه يسمع
دعواهن كما قرره شيخنا. قوله: (ولو كانت خصومتهن الخ) أي هذا إذا كانت خصومتهن فيما بينهن
بل وكانت الخ. قوله: (وكذا المقرئ) أي الذي يقرأ القرآن يقدم المسافر ثم الأسبق ثم أقرع.
قوله: (إلا لمهم) بأن كان أحدهم أكثر قابلية فيقدم على غيره لتحصيل كثرة المنافع على قلتها.
قوله: (كالخباز) أي والطحان فيقدم المسافر ثم الأسبق ثم أقرع هذا كلامه والذي في ابن غزي عن
ابن رشد أنه يقدم الأول فالأول إن لم يكن عرف وإلا عمل به والذي في المواق عن البرزلي أن أرباب
الصنائع إن كان بينهم عرف عمل به وإلا قدم الآكد فالآكد بجوع أهل أو خوف فساد. قوله: (أي يأمره
القاضي بالكلام أولا) يعني وجوبا وذلك إذا علم القاضي أن هذا مدع بأن يسمعهما قبل الدخول
عليه يتخاصمان فعلم به أو دخلا عليه وهو لا يعلم فسكت حتى تكلما فعلم به أو قال لهما: ما شأنكما أو من
المدعي منكما، فقال أحدهما: أنا مدع ووافقه على ذلك فعلم الجواب عما أورد هنا من الدور
وهو أن أمره بالكلام يتوقف على العلم بكونه مدعيا والعلم بكونه مدعيا يتوقف على كلامه. وحاصل
الجواب أن الكلام المأمور به الذي يتوقف على العلم بكونه مدعيا المراد به الدعوى والكلام الذي
يتوقف عليه العلم بكونه مدعيا غير الدعوى مثل تخاصمهما أو جوابه إذا سألهما ما شأنكما. قوله: (من
تجرد قوله حال الدعوى الخ) هذا جواب عما يقال إن تعريف المدعي بما ذكر غير جامع لأنه
لا يشمل من صحب دعواه بينة إذ لا يصدق عليه أنه تجرد قوله عن مصدق لوجود المصدق. وحاصل
الجواب أن المراد التجرد حال الدعوى فهذا يسمى مدعيا باعتبار حاله قبل إقامة البينة وإن كان
متمسكا بالبينة، وقد يدفع هذا الاعتراض أيضا بتفسير المصدق بما ذكره الشارح وذلك بأن
يقال إن التجرد عن مصدق خاص لا ينافي مصاحبة مصدق غيره أعني البينة. قوله: (من أصل أو
معهود) فمن قال لآخر أنت عبدي فهو مدع لان قوله تجرد عن الأصل وعن المعهود عرفا لان الأصل
الحرية وكذا من قال فلإن لم يرد لي الوديعة مدع لتجرد قوله عن المعهود لان المعهود تصديق الأمين.
قوله: (والأصل في الأشياء العدم) فمن قال لي على فلان ألف من بيع مثلا فهو مدع لان قوله هذا حين دعواه
143

مجرد عن الأصل لان الأصل في الأشياء العدم. قوله: (فالجالب لصاحبه) أي فالذي جلب صاحبه لمجلس
القاضي هو الذي الخ. قوله: (وإلا يكن أحدهما جالبا) أي والموضوع أن القاضي لم يعلم المدعي بأن
قال كل أنا المدعي. قوله: (أقرع بينهما) أي في الادعاء أولا. قوله: (فيدعي بمعلوم محقق) اعلم أن المراد بعلم
المدعى به تصوره أي تميزه في ذهن المدعي والمدعى عليه والقاضي وأما تحققه فهو راجع لجزم المدعي
بأنه مالك له أي لذلك المدعي به فهو راجع للتصديق للأجل اشتراط العلم به وتميزه فلا تسمع دعواه
بأن لي عليه شيئا أتحققه لكن لا أعلم ذاته ولاشتراط التحقق لا تسمع دعواه بأشك أو أظن أن لي
عليه دينارا مثلا. قوله: (من قرض أو بيع) بيان للسبب. قوله: (واحترز بالمعلوم عن المجهول) أي عما إذا
ادعى بمجهول كلي عليه شئ أتحققه ولكن لا أدري عينه فلا يسمع دعواه سواء بين السبب أو لا على
المشهور، ومقابله ما قاله المازري من أنه إذا ادعى بمجهول إن لم يبين السبب كما مر في المثال لم تسمع
دعواه وإن بين السبب أمر المدعى عليه بالجواب إما بتعيينه أو بالانكار، وقول الشارح فلا تسمع
دعواه على المشهور والأولى أن يقدمه قبل قوله وبالمحقق الخ. قوله: (وهذا في غير دعوى الاتهام) أي أن
محل كون المدعي به لا بد أن يكون محققا في غير دعوى الاتهام وأما إذا قال أتهمه بسرقة دينار مثلا فإن
دعواه تسمع كذا قال الشارح. وفيه أن دعوى الاتهام ترجع للشك والظن فيلزم على كلام الشارح
اشتراط الشئ في نفسه إذ كأنه قال فيدعي بمحقق معلوم لا بمشكوك أو مظنون إلا إن كان مشكوكا
أو مظنونا وهذا لا معنى له فالحق أن ما هنا وهو أن المدعي به لا بد أن يكون محققا لا مشكوكا
ولا مظنونا وإلا لم تسمع الدعوى إحدى طريقتين، وما يأتي في الشهادات من سماع دعوى الاتهام المفيد
عدم اشتراط كون المدعى به محققا طريقة أخرى ويترتب على ذلك الخلاف توجه يمين التهمة على
المدعى عليه وعدم توجهها والمعتمد ما يأتي كذا ذكره شيخنا العدوي ونحوه في بن. قوله: (فيلزم
المدعى عليه أن يجيبه بشئ محقق) أي بأن يقول له دفعت لك كذا وكذا وبقي لك كذا. قوله: (فيلزم
المدعى عليه أن يجيبه بشئ محقق) أي بأن يقول له دفعت لك كذا وكذا وبقي لك كذا. قوله: (وإلا
يدع بمعلوم محقق الخ) يشير الشارح إلى أن قول المصنف وإلا الخ مخرج من القيدين قبله والظاهر
أنه مخرج من القيد الثاني فقط بدليل تمثيله بقوله كأظن. قوله: (خلافا لبعض الشراح) أي القائل
أنه إذا ادعى بمعلوم غير محقق وبين السبب فإنها تسمع دعواه. قوله: (فلا بد من بيان السبب) أي سبب
ما ادعى به وقوله فلا بد أي في سماع الدعوى. قوله: (وكفاه الخ) أي أنه يكفي في بيان السبب أن يقول
لي عليه مائة من بيع أو من فرض أو من نكاح أو ما أشبه ذلك ولا يلزمه أن يقول من بيع صحيح
أو من قرض صحيح أو نكاح صحيح لأنه محمول على الصحيح لان الأصل في عقود المسلمين
الصحة حتى يتبين خلافه. وقوله بعت أي ولي عنده ثمنه وتزوجت أي ولي عند الزوج الصداق.
قوله: (فإن غفل) أي القاضي عن سؤال المدعي عن السبب. قوله: (فللمدعي عليه السؤال عنه) أي
لاحتمال أن المدعي به غير لازم إذا بين سببه. قوله: (بمعهود شرعي) أي بأمر عهد في الشرع وقوله
كالأمانة أي كتصديق ذي الأمانة وهذا مثال للمعهود الشرعي. قوله: (كالمودع بالفتح وعامل
القراض والمساقاة) مثال لمن ترجح قوله بمعهود شرعي فمن قال رددت الوديعة أو مال القراض فهو
مدعى عليه لترجح قوله بالمعهود شرعا وهو تصديق الأمين. قوله: (كالمدين) مثال لمن ترجح قوله
144

بأصل فمن قال حين ادعى عليه بدين كذا أنه لا دين علي فهو مدعى عليه لأنه قد ترجح قوله بالأصل
لان الأصل عدم الدين. قوله: (وكمدع أنه حر) والحال أن شخصا يدعى عليه أنه عبده وحاصله أنه إذا
ادعى شخص على آخر أنه عبده فأنكر ذلك الآخر أن يكون عبده وادعى أنه حر فمدعي الحرية مدعى
عليه لأنه قد ترجح قوله بالأصل وهو الحرية لأنها الأصل في الناس شرعا، وإنما طرأ لهم الرق هو
السبي بشرط الكفر والأصل عدم السبي إلا أن يثبت مدعي الرقية بالبينة أنه رقيق فصار الرق من جهة
الأصل فدعوى مدعي الحرية ناقلة عن الأصل فتحتاج لبينة فإن أقامها فيها ونعمت وإلا بقي في الرق.
قوله: (فعليه البيان) أي لدعواه خلاف الأصل. قوله: (بخلاف مدع أنه عتق) أي فإنه مدع لخلاف
الأصل. قوله: (فيكون مدعيا) أي لمخالفته في دعواه للأصل وقوله كرب الدين أي فإنه مدع لدعواه
خلاف الأصل. قوله: (وسيده) أي سيد العبد الذي ادعى أنه عتق وقوله كالمدين أي كما أن المدين مدعى
عليه لان كلا منهما موافق في دعواه للأصل فإن قلت: قد علم منه أن من كانت دعواه موافقة للأصل
كان مدعى عليه وأنه لا يطالب بالاثبات ويعكر على هذا ما مر من أن رب الدين إذا ادعى ملاء المدين
وادعى المدين العسر فإنه يطالب بإثباته ببينة مع أنه متمسك بالأصل وهو العسر قلت: قد تعارض
الأصل والغالب لان العسر وإن كان هو الأصل لكن الغالب الملاء ومن قواعد المذهب استصاب
الأصل ما لم يعارضه غالب فلما تعارضا هنا صار المنظور إليه الغالب. قوله: (إن أثبت المدعي أنه خالطه الخ)
إنما يحتاج لاثبات الخلطة إذا أنكر المدعى عليه أن يكون المدعي عامله أصلا وقوله إن أثبت
المدعي أنه خالطه بدين أي مترتب على بيع لأجل أو حال أو قرض ولو مرة بأن تقول البينة نشهد أنه
كان أقرضه أو باع له سلعة كذا بثمن في الذمة حال أو مؤجل ولا نعرف قدر الثمن أو القرض ولا نعلم
بقاءه. قوله: (اللطخ) أي حصول الظن بثبوت المدعى به. قوله: (لا ببينة جرحت) أي لا تثبت الخلطة
ببينة جرحت. قوله: (حين شهدت) أي للمدعي بأصل الدين الذي ادعى به. قوله: (شرط في مقدر)
أي والتقدير وأمر المدعى عليه وهو من ترجح قوله بعرف أو أصل بجوابه فإن أجاب بالاقرار
فواضح وإن أجاب الانكار فإن أقام المدعي البينة أخذ منه وإن لم يقم البينة توجهت اليمين على المدعى
عليه إن الخ. قوله: (فهم من قوة الكلام) هذا بعيد جدا ولذا قيل لعل ناسخ المبيضة قدمه على محله.
قوله: (لا في الامر بالجواب) أي لأنه لم يقله أحد بل يأمره به وإن لم يكن بينهما خلطة. قوله: (أن
يقرنه) أي أن يقرن قوله إن خالطه الخ. قوله: (ليكون ظاهرا في المراد) أي لأنه مفرع عليه
كما علم مما قرره. قوله: (ثم إن الذي عليه العمل الخ) هو قول ابن نافع وصاحب المبسوط والذي مشى
عليه المصنف قول مالك وعامة أصحابه وهو المشهور من المذهب لكن المعتمد قول ابن نافع لجريان
العمل به ومعلوم أن ما جرى به العمل مقدم على المشهور في المذهب إن خالفه. قوله: (تتوجه فيها
اليمين ولو لم تثبت خلطة الخ) اعلم أن هذه المسائل الثمانية يتوجه فيها اليمين وإن لم تثبت الخلطة اتفاقا
والخلاف إنما هو فيما عداها. قوله: (ومثله التاجر الخ) قال المصنف في التوضيح وهذا إذا ادعى
عليه غريب أو بلدي ليس من أهل سوقه وأما دعوى أهل السوء بعضهم على بعض فقال المغيرة
وسحنون لا تكون الخلطة حتى يقع البيع بينهما وأما مجرد اجتماعهما في السوق فلا يكفي في
إثبات الخلطة سحنون وكذا القوم يجتمعون في المسجد للصلاة والدرس والحديث فلا تثبت الخلطة
بينهم بذلك. قوله: (والضيف) هو لغة من نزل عليك أو أنزلته للغذاء سواء كان غريبا أم لا والمراد
145

به هنا خصوص الغريب سواء ضاف أي نزل بنفسه في منزلك لأجل الغذاء أو أنزلته أنت أم لا بأن
نزل في مسجد مثا فجلست عنده فادعيت عليه أخذ شئ منك أو ادعى عليك أخذ شئ
منه. قوله: (وفي معين) المراد به شئ الذي لم تهلك عينه سواء كان حاضرا مشاهدا أم لا لا خصوص
الحاضر المشاهد وذلك كأن يدعي أن الجوخة التي كنت لابسا لها بالأمس جوختي أو الدابة التي
عندك دابتي. قوله: (والوديعة على أهلها) استشكله ابن عاشر بأن الوديعة لا يحلف فيها إلا المتهم وأهل
الوديعة ليسوا متهمين ا ه‍ بن وأجيب بأن مراد المصنف دعوى أنه أودع كما أشار له الشارح كأن
تدعي على انسان بأنك أودعته كذا وهو ينكر فيحلف المدعى عليه بدون ثبوت خلطة إذا كان كل
من المدعي والمدعى عليه من أهلها لا دعوى الرد أو الضياع كما فهم ابن عاشر كذا قرر شيخنا. قوله: (وإلا
المسافر) أي المريض كما في نص أصبغ سواء كان مرضه مخوفا أم لا. قوله: (يدعي على بعض رفقته
بشئ من وديعة أو غيرها) أي كان يدعي عليه أنه أتلف له مالا في السفر. قوله: (وإلا دعوى مريض في
مرض موته) اعلم أنه فرق بين المرض هنا والمرض المقيد به المسافر فيما تقدم فالمرض هنا مخوف
ومرض المسافر مطلق وإن لم يكن مخوفا وحينئذ فلا تكرار فتأمل. قوله: (على شخص حاضر المزايدة)
أي في سلعته التي تسوق بها ولا مفهوم لبائع بل كذلك دعوى مشتر على بائع أنه باع له وأنكر البيع
فيحلف وإن لم يثبت الخلطة ومفهوم قوله على حاضر المزايدة أنه لو ادعى بائع على شخص أنه اشترى
سلعته من غير تسوق فلا بد من إثبات الخلطة وهذا لا ينافي أن القول للمنكر بيمينه كما قال بن.
قوله: (فإن أقر) أي المدعى عليه بالحق الذي ادعى به عليه فله الخ. قوله: (بل يطلب منه) أي من الحاكم
ذلك أي التنبيه المذكور وهذا إضراب على ما يقتضيه ظاهر المصنف من تخيير الحاكم في التنبيه ثم إن
طلبه يحتمل أن يكون على جهة الندب ويحتمل أن يكون على جهة الوجوب. قوله: (أمره
بإحضارها) أي ولا يلزمه أن يحلف يمينا على صحتها. قوله: (وأعذر للمدعى عليه) أي قطع عذره
فيها بأن يقول له ألك مطعن في هذه البينة. قوله: (واستحلفه) أشعر إتيانه بالسين المفيدة للطلب أن اليمين
المعتد بها في قام المخاصمة المسقطة للبينات هو اليمين المطلوب وأنه لو حلفه القاضي بغير طلب خصمه
لم تقده يمينه ولخصمه أن يعيدها عليه ثانيا، وله إقامة البينة إذا وجدها وهو كذلك كما في
ابن غازي والشيخ أحمد الزرقاني. قوله: (وحلف) أي يمينا واحدا سواء كان ما ادعى به المدعي
شيئا واحدا أو كان أمورا متعددة فاليمين الواحدة كافية في اسقاط الخصومات وفي منع إقامة
البينة بعد ذلك ولو كان المدعى به متعددا كما قرره شيخنا. قوله: (فلا بينة تقبل للمدعي بعد ذلك) أي
وهذا بخلاف المدعى عليه إذا رد اليمين على المدعي وحلف وأخذ الحق ثم وجد المدعى عليه بينة
تشهد له بالقضاء فإن له القيام بها والرجوع بما دفعه ثانيا. قوله: (إلا لعذر) أي في نفيه لها
واستحلافه للمدعى عليه. قوله: (كنسيان) أي للبينة. قوله: (عدم علمه بها) أي أصلا وذلك
لان النسيان فرع تقدم العلم. قوله: (فيفيد أنه) أي أن المدعي وجد الشاهد الثاني بعد ما
استحلف المدعى عليه أي طلب حلفه وحلف. قوله: (مطلقا) أي في الأموال وغيرها. قوله: (أو
كانت الدعوى لا تثبت الخ) أي أو كان الحاكم يرى الشاهد واليمين في الأموال كالمالكي لكن
146

كانت الدعوى التي أقام المدعي فيها شاهدا لا تثبت إلا بشاهدين. قوله: (ثم وجد شاهدا آخر) أي كان
ناسيا له أو غائبا وحلف على ذلك. قوله: (ويضمه للأول) أي ويعمل بشهادتهما وظاهره ولو حكم
الحاكم برد شهادة الأول لانفراده وهو كذلك لان الحكم بالرد معلل بالانفراد فيدور مع علته وينتفي
بانتفائها. قوله: (أو عدم الخ) أشار الشارح بهذا الحل إلى أن المصنف عطف على لعذر محذوفا مع
ثلاث مضافات. قوله: (يعني أن من أقام شاهدا الخ) إذا تأملت هذا التصوير وجدت الاستثناء
بالنظر لهذا الفرع منقطعا إذ ليس فيه إقامة بينة بعد نفيها كما هو موضوع المستثنى منه إلا أن يقال إن
عدم عمل القاضي الأول بالشاهد واليمين بمنزلة نفي المدعي البينة ورفع المدعي لمن يعمل بها وهو
القاضي الثاني بمنزلة إقامتها فتأمل ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (لا يرى ذلك) أي كالحنفي وقوله فلم يقبله
أي وحكم برد شهادته. قوله: (أي طلب المقيم) أي مقيم الشاهد وهو المدعي يمينه وقوله وحلف أي
وحكم له بعدم دفع شئ للمدعي وقوله عند حاكم آخر الأولى حذف قوله آخر لأجل قوله بعد
أو تغير اجتهاده. قوله: (ويحلف معه) عطف على قوله يقيم ذلك الشاهد أي ثم أراد المدعي أن يقيم
ذلك الشاهد وأن يحلف معه فله ذلك ويأخذ حقه فليس في هذه المسألة ضم شاهد لآخر بخلاف
ما قبلها. قوله: (بعد حلفه) أي بعد أن حلف ذلك المدعى عليه عند الحاكم الأول. قوله: (ورفع
الخلاف الخ) أي لان حكم الحاكم الأول لم يرفع العمل بمقتضى الخلاف في هذه المسألة إذ لو رفعه
لم يكن للمدعي أن يقيم ذلك الشاهد عند حاكم آخر ويحلف معه ويأخذ حقه بعد أن حكم الحاكم
برد ذلك الشاهد وحلف المطلوب وحكم بعدم دفعه للمدعي وما قاله الشارح ذكره طفي ونقله
في المج وسلمه، والذي ذكره شيخنا العلامة العدوي في تصوير هذه المسألة أن المدعي أقام شاهدا
واحدا فيما يقضي فيه بالشاهد واليمين عند من لا يرى ذلك فلم يقبله أي أعرض عنه لانفراده ولم
يحكم ببطلان شهادته، ثم حلف المطلوب للطالب ولم يحكم بعدم دفعه له وأما لو حكم ببطلان شهادة
الشاهد أو حكم بعدم دفع شئ للطالب لم يكن للطالب إقامة الشاهد بعد ذلك لان حكم الحاكم يرفع
الخلاف فغاية ما في فرع المصنف إهمال الشاهد وترك الحكم به. قوله: (أنه ما حلفه قبل ذلك) أي في
هذا الحق المدعي به الآن. قوله: (فله تحليفه) أي كان له تحليف المدعى عليه أنه لا حق له عنده وكان له
إقامة البينة بالحق إن وجدها وللمدعي أن يرد اليمين على المدعى عليه أنه قد استحلفه على هذه الدعوى
سابقا ثم لا يحلف مرة أخرى وقوله فإن حلف أي المدعى عليه والجواب محذوف أي فقد برئ
وقوله وإلا أي وإلا يحلف بأن نكل غرم الحق المدعى به. قوله: (وإن نكل) أي المدعي وهذا قسيم
قوله أو لا فإن خلف لخ. قوله: (فإن نكل لزمته اليمين المتوجهة) أي فإن نكل المدعى عليه كما نكل المدعي
لزمته اليمين المتوجهة عليه وهي حلفه أنه لا حق له عنده وقوله وبرئ أي إن حلفها وإلا غرم. قوله: (وله
ردها) أي وللمدعى عليه رد اليمين المتوجهة عليه ابتداء على المدعي. قوله: (بقي الامر بحاله) أي
من العمل بمقتضى شهادة البينة. قوله: (ردت اليمين على المدعى عليه) أي فيحلف أن المدعي
عالم يفسق شهوده. قوله: (فالمدعي يحلف أنه لا يعلم بفسقهم) أي ولا يلمه أن يحلف أن شهادتهما حق.
قوله: (فذكر كيفية الدعوى) أي كيفية دعوى المدعى عليه على المدعي وهو أنه عالم بفسق شهوده.
147

قوله: (أنه لا يعلم بفسقهم) بيان لكيفية اليمين. قوله: (وأعذر إليه) إما مستأنف أو عطف على مقدر أي
وإن قال لي بينة أقامها وسمعها القاضي وأعذر إليه. قوله: (أي إلى من أقيمت عليه البينة) أي وهو المدعى
عليه وليس المراد بمن أقيمت عليه البينة ما يشمل المدعى عليه والمدعى إذا أقام المدعى عليه بينة
بتجريح بينته لان هذا سيأتي في قول المصنف وليجب عن المجرح ولو عمم في كلامه هنا كان ما يأتي
مكررا. قوله: (فإن أحضرها وسمع شهادتها أعذر) كلامه يقتضي أن القاضي ليس له سماع البينة قبل
الخصومة وهو ما قاله ابن الماجشون ومذهب ابن القاسم أن له سماع البينة قبل الخصومة، فإذا جاء
الخصم ذكر له القاضي أسماء الشهود وأنسابهم ومساكنهم، فإن ادعى فيهم مطعنا كلفه إثباته وإلا حكم
عليه فإن طلب إحضار البينة ثانيا ليشهدوا بحضرته لم يجب لذلك. قوله: (أي سأله عن عذره) ذكر
شيخنا أن الهمزة في أعذر إليه للسلب أي قطع عذره وأزاله ولم يبق له عذرا ولس المراد أثبت عذره
وحجته، فهو كقولك أعجبت الكتاب أي أزلت عجمته بالنقط وشكا إلي زيد فأشكيته أي أزلت
شكايته. قوله: (بأبقيت الخ) الباء للتصوير أي إعذارا مصورا بقوله أبقيت لك حجة أو ألك مطعن
أو قادح أو مدفع أو مقال في هذه البينة. قوله: (فإن لم يأت به حكم عليه) المراد بعدم إتيانه به نفيه له بأن
قال لا مطعن عندي وقوله وإلا أي وإلا ينفه ولكن وعد بإثباته أنظره فإن أراد المحكوم عليه الطعن
بعد الحكم، فإن كان قد سلم البينة الشاهدة عليه المحكوم بشهادتها فلا يقبل طعنه وإن كان لم يسلمها
وكان عدم طعنه لعدم وجود بينة تطعن أو نسيها أو كانت غائبة فله الطعن بعد الحكم إن وجد من يشهد
بذلك وينقض الحكم وكذا يقال إذا أمهله ثم حكم عليه. قوله: (والاعذار واجب) محل وجوبه إن
ظن القاضي جهل من يريد الحكم عليه بأن له الطعن أو ضعفه وأما إن ظن علمه بأن له الطعن وأنه قادر
على ذلك لم يجب بل له أن يحكم بدونه. قوله: (والحكم بدونه باطل فينقض ويستأنف) هذا هو المعول
عليه كما في البرزلي وقال الناصر للقاضي أن يحكم بدون إعذار ثم يستأنف الاعذار فإن أبدى المحكوم
عليه مطعنا نقضه وإلا بقي الحكم وهو لا يعادل الأول لحكاية صاحب المعيار اتفاق أهل المذهب
عليه ثم ما ذكره الشارح من نقض الحكم بدون الاعذار محله إذا ثبت ذلك بالبينة أو بإقرار الخصمين
والقاضي، وأما لو ادعى المحكوم عليه عدم الاعذار وادعى القاضي أو المحكوم له الاعذار قبل
الحكم فإنه لا ينقض الحكم كما قال الاخوان وقال غيرهما يستأنف الاعذار فإن أبدى المحكوم عليه
مطعنا نقض وإلا فلا. قوله: (غائبا) أي عن مجلس القاضي لعذر كمرض أو لكونه أنثى وسمع القاضي
البينة عليه في غيبته. قوله: (ندب توجيه متعدد فيه) أي بأن يرسل القاضي اثنين فأكثر لذلك المدعي
عليه الغائب يقولان له إن المدعي أقام عليك بينة فلانا وفلانا ألك مطعن فيها فالاعذار له بواحد
واجب والندب منصب على التعدد. واعلم أن محل ندب توجيه المتعدد في الاعذار للغائب إذا
كانت غيبته قريبة وأما الغائب غيبة بعيدة أو متوسطة كالعشرة الأيام مع الامن والثلاثة مع الخوف
فإنه يقضي عليه وإذا قدم أعذر له في الشهود بعد تسميتهم له فإن أبدى فيهم مطعنا وأثبته نقض
الحكم وإلا فلا فإن لم يعذر فيهم بعد قدومه نقض الحكم. قوله: (إلا الشاهد الخ) أي فإذا
أقر المدعى عليه بحق المدعي في مجلس القاضي بحضرة الشهود فإن القاضي يحكم بلزوم
الحق من غير إعذار في الشهود الشاهدين على الاقرار في ذلك المجلس. قوله: (لمشاركته
أي القاضي لهم أي الشهود في سماع الاقرار وهو علة لمحذوف أي فلا إعذار فيهم لمشاركته
لهم الخ. قوله: (أي جنسه) أي الصادق باثنين. قوله: (لسماع دعوى) أي فإذا وجههما القاضي
148

لسماع دعوى من مريض أو من امرأة فإنه لا يعذر فيهما. قوله: (أو لتحليف) أي تحليف امرأة أو
مريض فليس له أن يعذر لطالب اليمين في الشاهدين الوجهين له. قوله: (أو حيازة) أي إن أرسلهما
القاضي لحيازة دار أريد بيعها على غائب. قوله: (أي مخبر القاضي سرا بعدالة الشهود) أي الملازمين له لسماع
إقرار الخصوم والشهود الذين يشهدون عنده في الوقائع ثم إن هذا يقتضي أن مزكي في كلام المصنف
يقرأ بكسر الكاف ويصح قراءته بفتحها أي الشاهد المزكي سرا وعلى كليهما فالإضافة على معنى في
والوجه الثاني أولى لان عدالة المزكي بالكسر ثابتة بعلم القاضي وعدالة المزكي بالفتح ثابتة بعلم المزكي
لا بعلم القاضي. وحينئذ فعدالة المزكي بالكسر أقوى فإذا لم يعذر في الأضعف لا يعذر في الأقوى
من باب أولى وحينئذ فالفتح يفيد عدم الاعذار في المزكى بالكسر، وأما قراءته بالكسر فلا تفيد عدم
الاعذار فيمن زكاه قاله المسناوي اه‍ بن. قوله: (وكذا مجرحهم) أي لا إعذار فيه. قوله: (ولو سئل عمن
عدل الخ) يعني لو سأل المطلوب القاضي عمن زكى بينة الطالب وعدلها أو سأل الطالب عمن جرح بينته
والحال أن المزكي للأولى والمجرح للثانية مزكي السر فلا يلزم القاضي أن يسميه له ولا يلتفت لسؤال
ذلك السائل بذلك المعدل أو المجرح لان القاضي لا يقيم لذلك إلا من يثق به. قوله: (أي الفائق) أي
لاقرانه. قوله: (وأما بهما فيعذر) أي بأن يقال للمدعى عليه ألك مطعن فيه بعداوة لك أو بقرابة
للمدعي فإن قدح فيه بواحد منهما قبل قدحه وإن قدح فيه بغيرهما كأكل في سوق ونحوه لم يقبل
قدحه ولو كان له بذلك بينة. والحاصل أن المبرز لا يسمع القدح فيه إلا بالعداوة أو القرابة وأما
بغيرهما فلا يسمع القدح به فيه، وأما ما قبل المبرز وكذا ما بعده لا يقبل القدح فيه بأي قادح كان ولو
بعداوة أو قرابة. قوله: (فلا إعذار إليه فيها بل لا تسمى له) ما ذكره المصنف من عدم الاعذار هو قول
القاضي ابن بشير أحد تلامذة الامام وهو غير ابن بشير تلميذ المازري ولفظ ابن يونس صريح في
خلافه ونصه قال مالك ولا يشهد الشهود عند القاضي سرا وإن خافوا من المشهود عليه أن يقتلهم إذ
لا بد أن يعرفه القاضي بمن شهد عليه ويعذر إليهم فيهم فلعل أن يكون عنده حجة ومثل ما لابن يونس
في المدونة، فعلم أن قول ابن بشير هذا خلاف مذهب المدونة والمصنف أتى به جمعا للنظائر فقط انظر
طفي وبن. وقد يجاب عن تضعيفهم قول ابن بشير بأنه وإن قال بعدم الاعذار لمن يخشى منه على البينة
لكنه يقول أنه يجب على القاضي أن لا يهمل حق المشهود عليه من التفتيش عن حال الشهود بالكلية
بل يتنزل في السؤال عنهم منزلة المشهود عليه وحينئذ فالمقصود من الاعذار إليه حاصل بغيره مع الامن
على البينة. قوله: (وإذا أعذر إليه) أي لمن أقيمت عليه البينة. قوله: (أي لاثباتها) أي بالبينة. قوله: (فليس
لأمدها) أي لأمد إثباتها بالبينة. تنبيه: قول المصنف وأنظره لها باجتهاده أي ما لم يتبين
لدده وإلا حكم عليه من الآن كما إذا نفاها وكما لو قال لي بين بعيدة الغيبة كالعراق بتجريح بينة المدعي
فإنه يحكم عليه من الآن إلا أنه في هذه يكون باقيا على حجته إذا قدمت بينته ويقيمها عند هذا
القاضي أو عند غيره ا ه‍ خش. قوله: (ثم إن لم يأت بها) أي بالحجة بمعنى البينة الشاهدة بالمطعن.
قوله: (وليجب عن المجرح) حاصله أن المدعي إذا أقام بينة شهدت له بحق على شخص فأقام المدعى عليه
بينة شهدت بتجريح بينة المدعي في حلفه فإذا سأل المدعي القاضي عمن جرح بينته فعليه أن
يخبره عمن جرح بينته ويوجه له الاعذار فيه لأنه قد يكون بين المجرح والمدعي عداوة أو بينه وبين
المدعى عليه قرابة وهذا إذا كان التجريح ببينة لم يخش عليها الضرر من المدعي ولم يكن من
مزكي سر، أم لو كان المجرح مزكي سر أو بينة يخشى عليها الضرر من المدعي فلا يلزم القاضي تعيين
المجرح ولا يلتفت لسؤال المدعي عمن جرح بينته، وكذا إذا لم يكن التجريح ببينة وإنما القاضي
149

علم في البينة شيئا يرد شهادتهم فردها فلا يلزمه أيضا جواب لان للقاضي أن يستند لعلمه في التجريح
والتعديل. قوله: (وإذا أنظره) أي انظر من كان مطالبا بالبينة سواء كان مدعيا طلب منه البينة الشاهدة
له بما يدعيه أو كان مدعى عليه طلب منه البينة المجرحة في البينة الشاهدة عليه فهذا انتقال لما هو أعم مما
تقدم. قوله: (زيادة) أي حالة كون الحكم بعجزه زيادة أي زائدا على الحكم بالحق. قوله: (ويكتب ذلك)
أي التعجيز في سجله وهذا هو المشار له بقول المصنف الآتي وكتبه فالمناسب للشارح عدم ذكره
هنا وقوله بأن يقول الخ المناسب بأن يكتب فيه وادعى الخ. قوله: (فلا تسمع له بينة بعد ذلك) أي وإذا
عجزه القاضي فلا تسمع له بينة بعد ذلك فهو مرتبط بكلام المصنف لا أنه مما يكتب في السجل. واعلم
أنه اختلف في المعجز إذا أتى ببينة على ثلاثة أقوال قيل لا تسمع منه سواء كان طالبا أو مطلوبا وهو
قول ابن القاسم في العتبية، وقيل تقبل منه مطلقا إذا كان له وجه كنسيانها أو عدم علمه بها أو غيبتها
وهو قول ابن القاسم في المدونة. وصرح في البيان بأن المشهور أنه إذا عجز المطلوب وقضى عليه أن
الحكم يمضي ولا يسمع منه ما أتى به بعد ذلك، وأما إذا عجز الطاب فإن تعجيزه لا يمنع من سماع ما أتى به
من البينة بعد ذلك، ثم قال ابن رشد وهذا الخلاف إنما هو إذا عجزه القاضي بإقراره على نفسه بالعجز، وأما
إذا عجزه بعد التلوم والاعذار وهو يدعي أن له حجة فلا تقبل له حجة بعد ذلك اتفاقا ولو ادعى نسيانها
وحلف ا ه‍ بن، وعلى هذا القول فقول الشارح فلا تسمع له بينة أي اتفاقا. قوله: (أي خوفا الخ) علة
لقوله ويكتب ذلك في سجله. قوله: (فله إقامة بينة لم يعلمها أو نسيها) أي إن حلف على ذلك ومحل إقامته
لها إن عجزه مع إقراره على نفسه بالعجز لا مع ادعائه حجة فلا يقيمها ولو مع ادعاء نسيان بينته وحلفه
كما مر وقوله فله إقامتها أي سواء كان طالبا أو مطلوبا على مذهب المدونة أو كان طالبا لا مطلوبا على
ما حكاه ابن رشد كما مر. قوله: (إلا في دم وحبس وعتق ونسب وطلاق) أي فليس للقاضي أن يعجز
طالب إثباتها سواء اعترف بالعجز أو ادعى أن له بينة وطلب الامهال لها وأنظر فلم يأت بها فإن عجزه
كان حكمه بالتعجيز غير ماض، فإذا قال مدعي الدم أو الحبس أو العتق أو النسب أو الطلاق لي بينة
بذلك وأمهل للاتيان بها فتبين لدده حكم الحاكم بعدم ثبوت الدم والحبس والعتق والنسب والطلاق
ولا بحكم بتعجيز ذلك المدعي، فإن حكم بعجزه كان حكمه غير ماض، وأما طالب نفيها فإنه يمضي حكمه
بتعجيزه في المسائل الخمسة الدم والنسب والطلاق والحبس والعتق، فإذا قامت بينة لمدعي الدم أو
النسب أو الطلاق أو الحبس أو العتق فقال المدعى عليه عندي بينة تجرح بينة المدعي، فإذا أمهل وتبين
لدده حكم القاضي بثبوت الدم والنسب والطلاق والحبس والعتق وتعجيز المدعى عليه وإذا عجزه فلا
يقبل منه ما أتى به بعد ذلك في جميع المسائل، كذا قال الجيزي وارتضاه بن وقال عج أن المدعى عليه
كالمدعي في هذه المسائل الخمس ليس للقاضي تعجيزه أصلا فيها. والحاصل أن عج يقول أني النفي
كالاثبات في عدم التعجيز في هذه المسائل الخمسة والجيزي يقول ليس النفي فيها كالاثبات وحينئذ فله
تعجيزه وكلام خش في كبيره عن بعض التقارير يقوي ما قاله عج. قوله: (فلا يحكم بتعجيزه)
فإن حكم بتعجيزه كان الحكم باطلا وقوله حكم بقتل المدعى عليه أي وإن كان قد حكم بعد قتله أو لا.
قوله: (وإن منعه الآن) أي وإن حكم القاضي بعدم وضع يده عليه. قوله: (فلا يحكم بعدم سماعها) فإن
حكم كان حكمه غير ماض وله القيام بها إذا وجدها وكذا يقال فيما بعده. قوله: (وإن لم يثبت نسبه الآن)
أي وإن حكم بعد ثبوت نسبه الآن. قوله: (وإن حكم أنها في عصمته) أي وإن حكم ببقائها
150

في العصمة الآن. قوله: (وإن لم يجب بإقرار ولا إنكار) أي بأن سكت. قوله: (حبس وأدب بالضرب) أي
ويجتهد القاضي في قدر كل منهما. قوله: (ثم إن استمر) أي بعد الحبس والضرب على عدم الجواب حكم
عليه ومثل استمراره على عدم الجواب في الحكم عليه بلا يمين شكه في أن له عنده ما يدعيه، فإذا أمر
القاضي المدعى عليه بالجواب فقال عندي شك في أن له عند يما يدعيه أوليس له عندي ذلك فإنه يحكم
عليه بلا يمين من المدعي كما في التوضيح، وظاهره ولو طلب المدعى عليه يمين المدعي وكذا في مسألة
المصنف، وأما لو أنكر المدعى عليه ما ادعى به وقال يحلف المدعي ويأخذ ما ادعى به فإنه يجاب لذلك.
قوله: (الذي ترتب عليه الدين) أي الذي ترتب الدين لأجله. قوله: (قبل نسيانه) أي دعواه نسيانه.
قوله: (ثم لا تقبل بينة بالقضاء) أي تشهد بالقضاء لذلك الحق الذي ادعاه المدعي. قوله: (تكذيب لبينته
بالقضاء) ومثل ما ذكره ما إذا أنكر المطلوب أصل المعاملة ثم بعد ذلك أقر بها وأنه كان له عليه كذا
ولكنه قضاء إياه وأقام على القضاء بينة فلا تقبل بينة القضاء كما في النوادر لان إنكاره أولا تكذيب
لها. قوله: (بخلاف قوله) أي قول المدعى عليه بمائة من قرض مثلا. قوله: (إذ كلامه المذكور) أعني
قوله لا حق لك على أولا دين لك على هذا وظاهر المصنف الفرق بين الصيغتين وهما لا معاملة بيني
وبينك ولا حق لك علي في حق العامي وغيره وهو ظاهر في غير العامي وأما العامي فيعذر وتقبل بينته في
الصيغتين كما نقل ذلك ح في باب الوكالة عن الرعيني انظر بن. قوله: (والعتق) أي وكذلك الكتابة.
قوله: (فلا يمين على المدعى عليه بمجردها) فإذا ادعى انسان على شخص أنه قتل وليه ولم يقم بينة فلا
يمين على ذلك الشخص المدعى عليه أو ادعى العبد على سيده أنه أعتقه أو كاتبه بكذا ولم تقم بينة
فلا يمين على ذلك السيد أو ادعت المرأة أو غيرها على زوجها أنه طلقها ولم تقم بينة فلا يمين
على الزوج أو ادعى انسان على ولي مجبرة أنه زوجة بنته أو أمته ولم يقم بينة فلا يمين على الولي
ويستثنى من قوله فلا يمين بمجردها مسائل منها قوله ويحلف الطالب إن ادعى عليه علم العدم كما لو
اعترف المدعى عليه بالحق وادعى الاعسار، وأن الطالب يعلم بعسره وأنكر الطالب العلم بعسره ولا بينة
للمطلوب، فإن الطالب يحلف أنه لا يعلم بعسره ويحبس المطلوب لاثبات عسره، ومنها قوله وكذا
للمدعى عليه تحليف المدعي أنه عالم بفسق شهوده، ومنها قوله وله يمينه أنه لم يحلفه أولا، ومنها قوله فيما
يأتي وللقاتل الاستحلاف على العفو، ومنها المتهم يدعي عليه الغصب أو السرقة مع أن كلا من
الغصب والسرق لا يثبت موجبهما من أدب وقطع إلا بشاهدين، وإن كان المال المدعى به يثبت
بشاهد ويمين ومنها من ادعى على آخر أنه قذفه فتوجه اليمين على ذلك الآخر أنه لم يقذفه إن
شهدت بينة بمنازعة وتشاجر كان بينهما وإلا لم يحلف انظر ح ومفهوم قوله لا تثبت إلا بعدلين
أن الدعوى التي تثبت بشاهد وامرأتين أو أحدهما ويمين تتوجه على المدعى عليه بمجردها وترد
على لمدعي إن أراد المدعى عليه ردها عليه، وكذا اليمين التي يحلفها المدعي مع الشاهد أو المرأتين إذا
نكل عنها ترد على المدعى عليه، فإن نكل عنها غرم بنكوله وشهادة الشاهد وليس للمدعي عليه ردها
على المدعي لان اليمين المردودة لا ترد ويستثنى من ذلك المفهوم من ادعى على شخص أنه عبده فأنكر
فلا يمين على ذلك المدعى عليه مع أن الرق مما يثبت بشاهد ويمين وذلك لان الأصل في
الناس الحرية فدعوى ذلك المدعي رقية المدعى عليه خلاف الأصل، فلما كانت خلاف الأصل
مع تشوف الشارع للحرية ضعفت جدا فلم تتوجه اليمين لابطالها. قوله: (ولا ترد) أي تلك اليمين
التي يحلفها المدعى عليه لرد شهادة الشاهد على المدعي أي ليس للمدعى عليه أن يردها على المدعي بحيث إذا حلفها يثبت
151

المدعى به من قتل وعتق وكتابة ونكاح وطلاق لئلا يلزم ثبوت ما
ذكر بشاهد ويمين مع أن ما ذكر لا يثبت إلا بعدلين وحينئذ فلا ثمرة في ردها عيه. قوله: (لكن
توجهها) أي لرد شهادة الشاهد. قوله: (كالسيد في العتق) أي والكتابة وكالزوج في الطلاق وكالمدعى
عليه في القتل. قوله: (وأما في النكاح فلا تتوجه) أي على المدعى عليه وهو الولي المجبر لرد شهادة
الشاهد والفرق بين النكاح وبين غيره كالعتق والطلاق أن الغالب في النكاح الشهرة فشهادة الواحد
فيه ريبة فلذا لم يطلب الولي باليمين لرد شهادة الشاهد بخلاف غير النكاح كالعتق والطلاق فإنه
ليس الغالب فيه الشهرة فلا ريبة في شهادة الواحد فيه، فلذا أمر المدعى عليه باليمين لرد شهادته.
قوله: (لا مثال لما تتوجه فيه اليمين) أي على المدعى عليه مع شاهد للمدعي الذي هو مفهوم قوله بمجردها.
قوله: (وأمر القاضي) أي وكذلك المحكم. قوله: (والرحم) الواو بمعنى أو وإلا أوهم أنه لا يؤمر بالصلح إلا من
كان ذا فضل ورحم معا وأن من اتصف بأحدهما لا يؤمر به وليس كذلك. قوله: (لمن لا يشهد له) أي وهو
من كانت قرابته له أكيدة وإنما منع حكمه له لان التهمة تلحقه في ذلك فإن وقع وحكم لمن لا يشهد له فهل
ينقض حكمه كحكمه على عدوه أو لا ينقض، وهو ظاهر تبصرة ابن فرحون أو ينقضه هو لا غيره وهو
ما في النوادر. قوله: (على المختار) أي عند اللخمي من الخلاف الواقع بين المتقدمين وهذا القول هو
المشهور. قوله: (ومقابل المختار الخ) هو قول أصبغ ووجهه بأنه يجوز للقاضي أن يحكم للخليفة وهو
أقوى تهمة فيه من تهمة من لا يشهد له لتوليته إياه. قوله: (ونبذ) أي طرح وألقى. قوله: (حكم جائر)
أي حكم من شأنه الجور. قوله: (وإن كان حكمه مستقيما في ظاهر الحال) أي ولم تثبت صحة باطنه لان
الجائر قد يتحيل ويوقع الصورة صحيحة وإن كانت في الواقع ليست كذلك كما هو مشاهد. قوله: (ولو
وافق الحق) أي في الظاهر ولم تعلم صحة باطنه أما إن ثبت بالبينة صحة باطنه فلا ينقض كما ذكره في الجائر
عن ابن رشد ونقله المواق، فإن الجاهل غايته أنهم ألحقوه بالجائر وعبارة بهرام عن المازري في الجاهل
ينقض حكمه وإن كان ظاهره صوابا ا ه‍ بن. قوله: (وإلا تعقب) ما ذكره المصنف من التفصيل في
الجاهل اعتمد فيه على ما نقله ابن عبد السلام عن بعض الشيوخ، وذكر بعضهم طريقة أخرى أن
الجاهل تنقض أحكامه مطلقا وغير الجاهل إن كان مشاورا فلا يتعقب وإن كان غير مشاور تعقب
فينقض منه الخطأ ويمضي ما كان صوابا ا ه‍ بن. واعلم أن الطريقة الأولى مبنية على أنه لا يشترط
في صحة ولايته العلم بل هو شرط كمال فتصح تولية الجاهل ويجب عليه مشاورة العلماء فما حكم
به من غير مشاورة ينقض وما شاور فيه يتعقب، والطريقة الثانية مبنية على أن العلم شرط في
صحة ولايته فالجاهل أحكامه كلها باطلة لعدم انعقاد القضاء له. قوله: (مع أن شرط صحة توليته العلم)
152

أي وحينئذ فعدم العلم يمنع من انعقاد توليته ونفوذ حكمه ولو شاور. قوله: (بأنه قد يولي الجاهل الخ)
أي فاشتراط العلم في صحة الولاية عند إمكان ذلك وتيسره. قوله: (لعدم وجود العالم) أي فإذا وجد
العالم بعد ذلك وولى نقض حكم الجاهل المذكور وكان الأولى في الجواب أن يقال إن كلام المصنف
مبني على ما قاله ابن رشد من أنه لا يشترط في صحة ولايته كونه عالما فتأمل. قوله: (إن ولاه عدل) أي
أو كان ذلك القاضي المجهول الحال قاضي مصر. قوله: (ونقض وبين السبب الخ) يعني أني القاضي
العدل العالم إذا عثر على حكم خطأ مخالف للنص القاطع أو للقياس الجلي وكان ذلك الحكم صادرا من
قاض عدل عالم سواء كان هو نفسه أو غيره فإنه يجب عليه نقضه وبيان السبب في نقضه. فإن قلت: قد
تقدم أنه لا يتعب حكم العدل العالم وهذا يقتضي تعقبه لان نقض تحكمه إنما نشأ عن تعقبه قلت:
أنه يجوز أن يكون رفع إليه فظهر خطئه من غير فحص عن ذلك وقد أشار الشارح لذلك. قوله: (أي
نقضه هو) أي ذلك المخطئ وكان الأوضح أن يقول أي كان حكمه أو كان حكم غيره. قوله: (ما خالف
قاطعا) نحوه في الجواهر وهو يقتضي أنه لا ينقض ما خالف الظن الجلي وليس كذلك فقد قالوا
إذا خالف نص السنة غير المتواترة فإنه ينقض وهو لا يفيد القطع نقله ابن عبد السلام عن بعضهم،
وقد يقال مراد المصنف بالقاطع الكتاب والسنة الصحيحة مطلقا متواترة أولا وإلى ذلك
يشير إطلاق الشارح في السنة تأمل. قوله: (كأن يحكم بشهادة كافر) أي وكحكمه بمساواة البنت
لأخيها في الميراث. قوله: (ولم يثبت له معارض صحيح) أي وأما ما ورد من حديث الشفعة للجار
فهو ضعيف. قوله: (وكأن يحكم ببينة نافية دون المثبتة) هذا مثال لما خالف القواعد الشرعية
ومثاله أيضا الحكم بعدم لزوم الطلاق في المسألة السريجية وهي ما إذا قال لزوجته إن طلقتك فأنت
طالق قبله ثلاثا أو متى ما طلقتك وقع عليك طلاقي قبله ثلاثا، فإن وقع الطلاق تحقق قبله ثلاثا فلم
يجد محلا وكل شئ أدى ثبوته إلى نفيه ينتفي قطعا فلا يلزمه طلاق أصلا كذا قال ابن سريج من
الشافعية. والقاعدة التي خالفها أن الشرط لا بد أن يجامع المشروط وإلا ألغى وحينئذ فقوله قبله
كالعدم لا يعتبر فهو ملغى لأجل أن تحصل المجامعة وحينئذ إذا طلقها واحدة لزم الثلاث.
قوله: (ثم شبه فيما تقدم) أي بما تقدم وهو ما خالف قاطعا أو جلى قياس وإنما جعل الكاف
للتشبيه لا للتمثيل لعدم صحة جعل ما بعدها مثالا لما قبلها كما قال طفي إذ ليس في الحكم
بالاستسعاء مخالفة قاطع ولا تجلي قياس بل ولا سنة لان المراد بالمخالفة للسنة أن لا يكون
الحكم مستندا لسنة أخرى وهذا ليس كذلك إذ هو موافق لسنة غاية الأمر أنها مرجوحة،
ولذا قال المازري في شرح التلقين إن النقض في هذه المسائل لمخالفة أهل المدينة ومذهب مالك أن
إجماع أهل المدينة حجة فما خالف عملهم ينقض بمنزلة ما خالف قاطعا والنقض ليس قاصرا على مخالفة
القاطع وجلى القياس ا ه‍ كلام طفي. وقد يقال المراد بما خالف السنة ما خالف السنة
الصحيحة سواء كان غير مستند لسنة أصلا أو مستندا لسنة ضعيفة كحكم القاضي في هاتين
المسألتين وحينئذ فالكاف للتمثيل في الجميع خلافا للشارح حيث جعلها للتشبيه بالنسبة
للأولين وللتمثيل بالنسبة لم بعدهما من استعمال المشترك في معنييه. قوله: (بأن وقع) أي عتق البعض.
153

قوله: (فإنه ينقض) اعلم أن النقض في هذه المسائل ليس متفقا عليه بل قال ابن عبد الحكم بعدم النقض
نظرا لكون أدلتها غير قطعية والنقض عنده مقصور على مخالفة القاطع وهذا القول قد انفرد به عن
أصحابه انظر بن. قوله: (واستبعد المازري الخ) بل قال ابن عرفة مقتضى المذهب أن حكم الحاكم
بالشفعة للجار رافع للخلاف فلا ينقض. قوله: (لأنه ورد في كل) أي من استسعاء العبد وشفعة الجار.
قوله: (حديث) أي وحينئذ فالحكم فيهما لم يخالف قاطعا ولا جلي قياس. قوله: (عداوة دنيوية) أي
وأما حكمه على عدوه في الدين فلا ينقض. قوله: (على كافر أو مسلم) اعلم أن شهادة الكافر على المسلم
لا تقبل إجماعا وأما شهادته على مثله فقبلها أبو حنيفة. قوله: (مع علم القاضي) قيد بذلك لأجل أن يغاير قوله
بعد أو ظهر الخ. قوله: (لمخالفته لنص الكتاب) أي وللقياس الجلي أيضا وهو قياس الكافر على الفاسق
فالحكم بشهادة الفاسق لا يجوز والكافر أشد فسقا وأبعد عن المناصب الشرعية فبمقتضى القياس
لا يجوز الحكم بشهادته. قوله: (أو ميراث ذي رحم) أي والحال أن بيت المال منتظم وإلا فلا نقض
وإنما نقض الحكم بميراث ذي الرحم لمخالفته لقوله (ص) ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي
فلأولى رجل ذكر. قوله: (بعلم) أي بسبب علم. قوله: (أو بعدها) أي وقبل جلوسه في محل القضاء.
قوله: (بأن أقر بين يديه) أي طائعا وأما لو أقر بين يديه فحكم ثم تبين أنه مكره في ذلك الاقرار فإن
كان غير متهم فلا ينقضه غيره وأما هو فيجب عليه نقضه ما دام قاضيا لا إن عزل ثم ولى، وأما
لو أقر المتهم بين يديه مكرها فلا ينقض الحكم أصلا لان إقراره معتبر على ما لسحنون وبه العمل
على ما مر. قوله: (منكر في الدين) أي لانعقاد الاجماع على خلافه كما في شرح الموطأ فلا يجوز
الافتاء به ولا الحكم ولا العمل في خاصة النفس. قوله: (أو ثبت أنه قصد كذا) حاصله أنه إذا ثبت
ببينة اعتمدت على قرائن أو على إقراره قبل الحكم أنه قصد الحكم بهذا القول فأخطأ لغيره
فإنه ينقض هو وغيره وأما إذا ادعى ذلك بعد الحكم نقضه هو إذا ترافعا إليه لأنه أدرى بصدق
نفسه. قوله: (أي ثبت ببينة الخ) أي وعلم البينة بقصده يكون بالقرائن أو بإقراره قبل الحكم. قوله: (واحترز
بذلك) أي بقوله ثبت ببينة. قوله: (فلا ينقضه غيره) أي فاشتراط البينة إنما هو باعتبار نقضه
لحكم غيره وأما حكم نفسه فلا يحتاج للبينة لأنه يعلم خطأ نفسه بنفسه. قوله: (أو ظهر أنه قضى بعبدين)
أي مطلقا فيما لا يثبت إلا بشاهدين أو فيما بشاهد ويمين وكذا يقال في قوله كأحدهما لأجل
الاستثناء. قوله: (أو كافرين) لا يغني عن هذا قوله أو بشهادة كافر لأنه يوهم أن النقض إنما يكون
إذا حكم مع علمه بكفره لا ما إذا أخطأ كما هنا ولا يغني ما هنا عما سبق لأنه يواهم أنه إذا حكم بكافر
لا ينقض جريا على مذهب من يقول بإشهاد الكافر على مثله فجمع المصنف بينهما لكون أحدهما
لا يغني عن الآخر قاله ابن مرزوق ا ه‍ بن. قوله: (إلا بمال) أي إلا إذا كان حكمه بأحدهما بمال. قوله: (أخذ
المال منه) أي أخذ المحكوم عليه المال من المحكوم له. قوله: (بعد الحكم بالقتل) أي وبعد
قتل المشهود عليه أيضا. قوله: (وما معه) أي كافر أو صبي. قوله: (في القصاص) أي فيما إذا حصل
154

القصاص من المدعى عليه. قوله: (مع عاصبه) ظرف متعلق بحلف أي حلف مصاحبا لعاصبه خمسين
يمينا وإنما حلفا أيمان القسامة لان الشاهد الباقي لوث. قوله: (وإن نكل ولي الدم أو عاصبه) أي عن
أيمان القسامة. قوله: (ردت شهادة الخ) أي فضمير ردت لشهادة الباقي وليس راجعا لايمان القسامة
لاقتضائه أن المعنى ردت على ولي المدعى عليه مع أنها لا ترد كما يأتي. قوله: (وغرم شهود) أي شهدوا
بالقتل دية عمد وقوله علموا أي حين الشهادة بأن أحدهم عبد أو كافر أو صبي أو فاسق وإن لم يعلموا
أن شهادته ترد على المشهور وظاهره اختصاصهم بالغرم وإن شاركهم المدعي في العلم وهو كذلك
كما هو ظاهر كلام جمع من أهل المذهب. قوله: (فخص بالغرم) أي ولا يشاركه من تبين أنه عبد أو كافر
لأنه مجبور على ترويج حاله فعذر قاله شيخنا. قوله: (إن لم يعلم حين الحكم) أي بأن أحد الشهود عبد أو كافر
أو صبي أو فاسق. قوله: (وإلا فعليه وحده) أي وإلا بأن علم بأن أحدهما كافر أو فاسق أو صبي أو عبد
حين الحكم فالدية عليه وحده وظاهره كغيره أنه لا يقتص منه ولو انفرد بالعلم ولا يخالف قوله فيما
يأتي وإن علم بكذبهم وحكم فالقصاص لان علمه هنا بأن من يشهد غير مقبول الشهادة وهو لا يستلزم
العلم بكذبهم. قوله: (وفي القطع) متعلق بقوله بعده حلف المقطوع والجملة عطف على جملة وحلف في
القصاص وليس قوله وفي القطع عطفا على قوله في القصاص من عطف المفردات كما قال بعض
الشراح وإلا لاستغنى عن قوله بعد حلف بحلف المقدرة بالعطف ثم إن المصنف أراد بالقطع الجرح
وعبر بالقطع لأنه أشد الجراحات. قوله: (بعد الحكم) أي وبعد القطع أيضا. قوله: (في القطع قصاصا)
أي وأما إذا حكم بالقطع للسرقة بشاهدين ثم ظهر بعد القطع أن أحدهما غير مقبولها فلا يحلف مقيمها
مع الشاهد الباقي أن ما شهد به شاهده حق لان القطع في السرقة لا يثبت بشاهد ويمين، وإنما يحلف
المقطوع أن شهادة الشاهد الباقي باطلة وغرم له الشاهد الباقي دية يده إن علم حين الشهادة أن الشاهد
الثاني غير مقبول وإلا فعلى عاقلة الحاكم إن لم يعلم بذلك حين الحكم وإلا كانت الدية عليه وحده. قوله: (حلف
المقطوع) أي بالله الذي لا إله إلا هو أن ما شهد به شاهده حق وإنما حلف المقطوع الأول لكون أصل
الدعوى منه فيدفع الكذب عن نفسه فلا يقال قد تم غرضه فلا يحلف ليدفع عن غيره من الشهود
الضرر قاله شيخنا. وفي بن كلام ابن عرفة صريح في أنه لا يحلف المشهود له هنا وبه يتبين أن كلام
المصنف يشمل قطع القصاص وقطع السرقة لان الحكم فيهما واحد خلافا لتقييد الشارح له بالقصاص.
قوله: (حلف المقطوع قصاصا) أي وهو المقطوع ثانيا وقوله أنها باطلة فإن لم يحلف المقطوع ثانيا فلا
شئ له. قوله: (فقد حذفه) أي قوله وغرم شهود علموا وإلا فعلى عاقلة الامام. قوله: (لما تقدم) أي من
خوف نسبته للجور والهوى. قوله: (ونقضه هو فقط) أي وبين السبب واستغنى المصنف عن ذكر
بيان السبب هنا بذكره سابقا والمراد نقصه في حال ولايته التي حكم فيها به أو في ولاية أخرى بعد
عزله. وقال مطرف وابن الماجشون لا ينقضه في الولاية الثانية وكلام ح يفيد ترجيح ما قالاه ا ه‍ عبق.
قوله: (إن ظهر أن غيره أصوب) أي إن ظهر له أن الحكم المغاير لما حكم به أصوب مما حكم
به وهذا يتأتى في المجتهد إذا حكم برأيه مستندا لدليل ثم ظهر له أن غيره أصوب منه وفي المقلد أيضا إذا
كان من أهل الترجيح كما إذا حكم بقول ابن القاسم مثلا ثم ظهر له أن قول سحنون مثلا أرجح منه.
155

قوله: (أو خرج المقلد عن رأي مقلده) هذا في المقلد وهو مقيد بما إذا صادف حكمه قول عالم وقد كان
قاصدا الحكم بقول غيره وأما إن حكم بشئ غير قاصد لقول أحد من العلماء فصادف قول عالم فإن ذلك
ينقضه هو وغيره كما يفيده نقل المواق، ومقيد أيضا بما إذا كان مفوضا له في الحكم بأي قول قوي
من أقوال علماء مذهبه، وأما إن ولي على الحكم بقول عالم معين فحكمه بقول غيره باطل ولو حكم به من
غير قصد لأنه معزول عن الحكم به، وأما إن قصد الحكم بقول عالم فحكم بما لم يقله عالم فينقض حكمه
هو وغيره فالصور أربع. قوله: (أي ادعى كل منهما) أي المجتهد والمقلد. قوله: (ورفع الخلاف) ي رفع
العمل بمقتضى الخلاف فإذا حكم القاضي في جزئية بفسخ عقد لكون مذهبه يراه فالمرتفع بحكمه
العمل بمقتضى الخلاف أي بمقتضى مذهب المخالف فلا يجوز للمخالف أن يحكم في هذه الجزئية
بصحة العقد، وليس معناه أن هذه الجزئية يصير الحكم فيها عند المخالف مثل ما حكم به فيها إذ الخلاف
الواقع بين العلماء موجود على حاله لا يرتفع إذ رفع الواقع محال هذا ما يفيده كلام عج وتلامذته
والذي في البساطي نقلا عن ابن رشد أن المرتفع بحكم الحاكم نفس الخلاف وأن الجزئية المحكوم فيها
تصير مجمعا عليها. قوله: (وهذا في الخلاف الخ) الأولى وهذا في الحكم المعتبر بين العلماء وهو ما قوي مدركه
وأما ما ضعف الخ وقوله فينقض الأنسب فلا يرفع الخلاف بل ينقض كما مر. قوله: (وحكم بذلك حاكم)
أي شافعي يرى جواز ذلك. قوله: (فلا ريب أنه يجب نقضه) أي ولا يرفع خلافا لمخالفته للقاعدة
القطعية وهي أن كل سلف جر نفعا فهو ربا والربا محرم كتابا وسنة وإجماعا. قوله: (وكان الحاكم لا يرى
البحث عن العدالة كالحنفي) أي لان التعديل والتجريح عنده مندوبان لا يتوقف الحكم عليهما.
قوله: (فرفعته) أي للقاضي مدعية عليه أنه أبانها فأنكر الطلاق من أصله. قوله: (لو ادعى بدين
على شخص) أي وفي الواقع ليس له عليه شئ. قوله: (يرفع الخلاف الواقع بين أهل العلم) فيه
ميل لما تقدم عن البساطي. قوله: (ولا يحل حراما لظالم) أي وأما غيره وهو من كان مستحقا
لما ادعاه على مذهب الحاكم وغيره مستحق له على مذهب غيره فيحل له الحرام لرفعه الخلاف
في حقه. قوله: (فكيف يتوجه الخ) حاصله أنه اعترض على المصنف بأن في كلامه تناقضا
لأنه إذا رفع حكمه الخلاف كان محلا للحرام ألا ترى أنه إذا حكم الشافعي بصحة نكاح من
قال لأجنبية إن تزوجتك فأنت طالق ثلاثا، كان حكمه رافعا للخلاف، فلا يجوز للقاضي المالكي
نقض هذا الحكم وإيقاع الطلاق، ويجوز لذلك الزوج المحكوم له ولو مالكيا وطؤها وعدم
مفارقتها. فقد رفع حكم الشافعي في هذه المسألة الخلاف وأحل الحرام على مذهب مالك وكذا
156

إذا حكم الشافعي بحل مبتوتة مالكي بوطئ صغير فإن هذا الحكم رافع للخلاف فليس للقاضي المالكي
نقضه والحكم بعدم الحل ومحل للحرام على مذهب الزوج، وأجابوا عن ذلك بأن قولهم حكم الحاكم
لا يحل الحرام للمحكوم له محله إذا كان ظالما في الواقع وذلك إذا كان المحكوم به ظاهره جائز
وباطنه ممنوع بحيث لو اطلع عليه الحاكم لم يحكم بجوازه كما في الأمثلة التي ذكرها الشارح، وأما إذا
كان المحكوم به ظاهره كباطنه فإن الحكم به يحل الحرام كما في المثالين اللذين ذكرناهما. والحاصل كما
في بن أن الأقسام ثلاثة ما باطنه مخالف لظاهره بحيث لو اطلع الحاكم على باطنه لم يحكم فحكم الحاكم
في هذا يرفع الخلاف ولا يحل الحرام وهذا محمل قول المصنف لا أحل حراما وما باطنه كظاهره،
وهذا إن حكم المخالف فيه بقول غير شاذ كحكم الشافعي بحل المبتوتة بوطئ الصغير كان حكمه رافعا
للخلاف ومحلا للحرام على مذهب خلافه، وهو محمل قوله ورفع الخلاف وإن حكم فيه المخالف بالشاذ
كالحكم بالشفعة للجار فهذا حكمه عند ابن شاس كالأول فيدخل في قوله لا أحل حراما وعند ابن
عرفة حكمه كالثاني فيدخل في قوله ورفع الخلاف وهو مقتضى المذهب. قوله: (وفسخ عقد)
أي معين رفع له. قوله: (وهذا بعد حصول الخ) أي ومحل كون ما ذكر من الألفاظ حكما إذا صدرت
منه بعد حصول الخ أي وأما إذا وقع شئ من هذه الألفاظ قبل حصول ما يجب في الحكم فيما ذكر لم
يكن حكما. قوله: (وهو معنى قولهم لا بد الخ) وفيه أن الحكم عندنا لا يشترط فيه تقدم دعوى
ألا ترى أن القاضي له أن يسمع البينة على الغائب ويحكم عليه وإذا جاء سمى له البينة وأعذر له
فيها فإن أبدى مطعنا نقض الحكم وإلا فلا وأجيب بأن المراد بقولهم لا بد في الحكم الخ يعني على
الحاضر وقريب الغيبة كالغائب على مسافة اليومين وأما وأما بعيد الغيبة ومتوسطها فيجوز الحكم عليه
في غيبته كما يأتي. قوله: (قبل البناء) متعلق بقول المصنف وتقرر نكاح وأولى إذا كان التقرير بعد
البناء فهو نص على المتوهم. قوله: (وفيه نظر) هذا البحث للشارح وفي عبق وخش أن سكوت
القاضي الحنفي حين رفع إليه أمر المرأة المذكورة وعدم تكلمه بنفي ولا إثبات حكم عندنا وسلم
ذلك شيخنا وبن. قوله: (إن وقع ممن يراه) احترز بذلك من تقرير النكاح المذكور من مالكي
فإن لغيره نقضه لخروج المالكي عن رأي مقلده ولا يكون سكوته ولا حكمه به حكما رافعا
للخلاف. قوله: (لا لا أجيزه) أي وكذا قول القاضي ثبت عندي كذا أي صحة المبيع أو فساده أو ملك
فلان لسلعة كذا ونحو ذلك قال في التوضيح وليس قول القاضي ثبت عندي كذا حكما بما ثبت
عنده قال، وإنما ذكرنا هذا لان بعض القرويين غلط في ذلك وألف المازري جزءا في الرد عليه انتهى.
ونحوه لابن عبد السلام قال ابن عرفة والحق أنه مختلف فيه على قولين انظر بن. قوله: (فليس
بحكم) أي وإنما هو إفتاء. قوله: (فلغيره الخ) أي ضرورة أن الأول لم يحكم بشئ. قوله: (بما يراه من
مذهبه) أي سواء كان الامضاء أو الفسخ. قوله: (أو أفتى الخ) أي كما لو سأل القاضي الحنفي عن امرأة
زوجت نفسها بلا ولي فأفتى بصحة العقد أي فلا يكون افتاؤه حكما برفع خلافا فلغيره الحكم بابطال
النكاح المذكور. قوله: (لان الافتاء) أي لان افتاء الحنفي بصحته إخبار بالحكم لا إلزام به ابن عرفة
جزم القاضي بحكم شرعي على وجه مجرد إعلامه به فتوى لا حكم وجزمه به على وجه الامر به حكم.
قوله: (لمماثل) أي لجزئية تحدث مماثلة للجزئية التي حكم فيها أولا لان الحكم جزئي لا كلي.
157

قوله: (بل إن تجدد المماثل فالاجتهاد منه أو من غيره) أي وحينئذ فلا يكون حكمه في مسألة بشئ مانعا له
أو لغيره من الحكم بخلافه في نظيرتها نعم لا يجوز لغيره إذا رفعت إليه تلك النازلة التي حكم الأول فيها
بعينها أو ينقضها. قوله: (فله مخالفة الأول) أي فله أن يحكم في المتجدد المماثل بحكم مخالف للحكم الأول
وقوله إن ترجح عنده مقابله أي مقابل القول الذي حكم به أو لا. قوله: (كفسخ الخ) هذه أمثلة للمتجدد
المعرض للاجتهاد أي كفسخ النكاح بسبب رضع كبير وصورتها رجل رضع مع امرأة وهما كبيران
أو حدهما كبير والآخر صغير، ثم تزوجها أو رضع من امرأة وهو كبير ثم تزوج ببنتها فحكم قاض
بفسخ نكاحهما بسبب الرضاع، فإذا تزوجها ثانية كان له أن يرفع أمره في ذلك النكاح الثاني للقاضي
الأول حيث تغير اجتهاده أو إلى قاض آخر لا يرى نشر الحرمة برضاع الكبير فيحكم بتقرير هذا
النكاح لأنه غير النكاح الذي حكم بفسخه إذ هما نكاحان وليس له بعد فسخ النكاح الأول أن يرفع الامر
لمن يرى أن رضاع الكبير لا يحرم فيحكم بصحته لان حكم الحاكم يرفع الخلاف كما مر. قوله: (فلا
يتعدى لمماثله) أي فلا يتعدى الحكم بفسخ النكاح للماثل ذلك النكاح سواء كان لشخص آخر أو
للأول كما مثلنا. قوله: (وتأبيد منكوحة عدة) صورتها تزوج امرأة في العدة ودخل بها ففسخ القاضي
نكاحهما لكونه يرى تأبيد الحرمة ولكنه لم يتعرض للتأبيد بل سكت عنه فإذا تزوجها ذلك الزوج
ثانية فللحاكم الأول إذا تغير اجتهاده فرأى عدم التأبيد ولغيره إذا رأى ذلك أن يقر هذا النكاح لان
الحكم بفسخه إنما هو لفساده وهو لا يستلزم الحكم بالتأبيد، فإن حكم الأول بالفسخ والتأبيد معا لم يجز
إقرار هذا النكاح الثاني لأنه نقض للحكم الأول، وكذا في المسألة الأولى لو حكم بأن رضاع الكبير
محرم فإنه لا يجوز اقرار النكاح الثاني لأنه نقض للحكم الأول. قوله: (بسبب ما ذكر) أي وهو الرضاع
في الأولى وتأبيد التحريم في الثانية. قوله: (وإن كان هو) أي تأبيد تحريمها عليه. قوله: (ولا يدعو لصلح)
أي لأنه لا بد فيه غالبا من حطيطة فالامر به فيه تضييع لبعض الحق. قوله: (إن ظهر وجه الحق) أي
لأحدهما على الآخر ومفهوم قوله إن ظهر وجه الحق أنه إذا لم يظهر وجه الحق بأن أشكل
وجه الحكم فإنه يدعو له وأشكاله من ثلاثة أوجه، الأول: عدم وجدان أصل للنازلة في كتاب
ولا سنة. الثاني: أن يشك هل هي من أصل كذا أم لا. الثالث: أن يجد في النازلة قولين بالسوية دون
ترجيح لأحدهما انظر بن. قوله: (إلا أن يرى لذلك) أي للصلح وجها ككونه بين ذوي الفضل
والرحم أو خشية تفاقم الامر. قوله: (ولا يستند) أي القاضي ولو مجتهدا. قوله: (إلا في التعديل والجرح)
أي وإلا في تأديب من أساء عليه بمجلسه أو على مفت أو على شاهد أو على خصمه ومن تبين لدده أو
كذبه بين يديه. قوله: (ولكن يقبل فيه تجريح من جرح) أي لأنه عالم ما لم يعلمه القاضي فيه. قوله: (فعلمه
به أقوى من البينة المعدلة) أي وحينئذ فيستند لعلمه به ولو شهدت بينة بالتعديل إلا أن يطول
ما بين علمه بجرحته وبين الشهادة بتعديله فتقدم عند ابن القاسم. والحاصل أن القاضي يتبع علمه فإذا علم
عدالة شاهد تبع علمه ولا يحتاج لطلب تزكيته ما لم يجرحه أحد وإلا فلا يعتمد على علمه لان غيره
158

علم ما لم يعلمه، وإذا علم جرحة شاهد فلا يقبله ولو عدله غيره ولو كان المعدل له كل الناس لأنه علم ما لم
يعلمه غيره اللهم إلا أن يطول ما بين علمه بجرحته وبين الشهادة بتعديله وإلا قدم المعدل له على ما يعلمه
القاضي هذا هو الصواب كما في بن، خلافا لما في بعض الشراح من تقديم علمه بالعدالة على تجريح البينة.
قوله: (كالشهرة بذلك) أي كما يستند في التعديل والتجريح للشهرة فإذا كان انسان مشهورا بالعدالة
عند الناس قبله ولا يطلب من يزكيه وإذا كان مشهورا بالجرحة فلا يقبله إلا أن تشهد بينة بخلاف
ما اشتهر أو يعلم القاضي خلافه وإلا عمل على ما شهدت به البينة أو على ما يعلمه. قوله: (أو اقرار الخصم)
أي وكما يستند في التعديل لاقرار الخصم بعدالة الشهود سواء أقر بعد التهم قبل أدائهم للشهادة أو بعد
أدائها. قوله: (ولو علم القاضي) أي أو علمت بينة خلاف ذلك أي خلاف عدالته وقوله فيحكم بذلك
أي ولا يحتاج إلى تزكية. قوله: (وإن أنكر الخ) يعني أن الخصم إذا أقر بالحق في مجلس القاضي وحكم
عليه من غير أن يشهد على اقراره وأنكر الخصم اقراره بعد الحكم عليه بالحق فإن انكاره لا يفيد والحكم
قد تم فلا ينقض. قوله: (وأمالوا نكر قبل الحكم عليه) أي والحال أنه لم يحصل اشهاد على إقراره.
قوله: (فلا يحكم عليه) أي على المشهور وهو قول ابن القاسم وقال عبد الملك وسحنون أنه يحكم عليه وحاصل
ما في المسألة على ما قال ح أن الخصم إذا أقر عند الحاكم فالمشهور أنه لا يحكم عليه ابتداء بما أقر به عنده
في مجلسه حتى يشهد عنده باقراره شاهدان، ومقابله أن له ذلك وكلام المصنف هذا بعد الوقوع النزول،
وهو ما إذا أقر عنده وحكم عليه قبل أن يشهد على اقراره وأنكر الخصم الاقرار بعد الحكم فلا يفيده
انكاره وتم الحكم ولا ينقض ا ه‍. وتبعه عج وعبق على ذلك حيث قالا لم يفده انكاره وتم
الحكم وإن نهى عن الحكم من غير حضور شهود وهو يفيد أن المشهور أنه لا يحكم بالاقرار
حتى يشهد عليه سواء استمر على اقراره حتى حكم عليه أو أنكره قبل الحكم، واعترضه طفي
بأن الخلاف في الحكم بالاقرار الواقع في مجلسه إنما هو إذا أنكر أما إذا استمر على اقراره فمحل
اتفاق في أنه يحكم عليه وإن أنكر بعد الحكم فهي مسألة المصنف ا ه‍ بن. قوله: (أو أنكره) لو اقتصر
المصنف على هذا لفهم منه النسيان بالأولى وعكسه أيضا وهو ما إذا أنكر الشاهدان الشهادة عند
القاضي فيما حكم به وهو يقول شهدتما وحكمت بشهادتكما فعند ابن القاسم يرفع الامر لذي سلطنة غيره،
فإن كان القاضي معروفا بالعدالة لم ينقض حكمه مع انكارهم وإن لم يعرف بها ابتدأ السلطان النظر في ذلك
ولا غرم على الشهود. قوله: (سواء كان معزولا أم لا) أي سواء كان القاضي حين شهادتهم بالحكم
معزولا أم لا لكن إن كان معزولا أمضاه المولى بعده وإن كان غي معزول أمضاه هو. قوله: (وهو
تبليغ القاضي حكمه) أي لقاض آخر لينفذه أو تبليغ ما حصل عنده مما هو دونه أي دون الحكم
لقاض آخر لأجل أن يتمه ففي كلام الشارح حذف والأصل لأجل أن يتمه أو ينفذه. قوله: (إن
كان كل) أي من القاضيين المنهى والمنهى إليه. قوله: (كان معزولا) أي فإذا كان المنهى بغير محل
ولايته كان كلامه للمنهى إليه بمنزلة اخباره أو شهادته بعد العزل بأنه قضى بكذا والمبني إليه إذا
سمع بغير ولايته كان في حكمه بعد استناد لعلم سبق مجلسه. قوله: (يشهدهما) أي القاضي المنهى
وقوله على حكمه أي أو على ما حصل عنده دونه وقوله ثم يشهدان عند آخر أي أو يرسلهما
بكتابه المشتمل على الحكم أو على ما حصل دونه ليشهدا عند القاضي المنهى إليه أن هذا كتاب
159

فلان القاضي وأنه أشهدنا بما فيه. قوله: (فيجب عليه تنفيذه) أي تنفيذ ما حصل عند الأول من حكم
أو ما هو دونه وتنفيذ الثاني بالبناء عليه وعدم استئناف الدعوى من أولها. قوله: (فلا بد أن يشهدهما
الأول) أي على ما حصل منه من حكم أو ما هو دونه. قوله: (يثبت بشاهدين) أي كنكاح وعتق. وقوله
أو بأربعة أي كالزنا وكفاية الشاهدين في الانهاء في الزنا قول ابن القاسم قال ابن رشد وهو القياس
والنظر. وقال سحنون: لا يقبل في الزنا إلا إنهاء أربعة يشهدون على الكتاب الذي فيه شهادة الأربعة
بالزنا ابن يونس. وقول سحنون عندي أبين كالشهادة على الشهادة في الزنا ا ه‍ بن. قوله: (أو بشاهد
ويمين) أي أو كان الحق مما يثبت بشاهد ويمين كالمال وما يؤول إليه وما ذكره من أنه لا بد في الانهاء إذا
كان غير مشافهة من شاهدين ولو كان الحق مالا أو ما يؤول إليه ولا يكفي شاهد ويمين وما اختاره
الدميري أخذا بظاهر كلام المصنف. وقال عج في شرحه لا يثبت كتاب القاضي بالشاهد واليمين
إلا في المال وما يؤول إليه فيثبت بهما فيستثنى ذلك من مفهوم قوله مطلقا. وبالجملة فقد اختلف في الشاهد
واليمين على كتاب القاضي هل يكفي ذلك في الأموال أو لا يكفي والخلاف مبسوط في بن
وفيه أيضا الرد على طفي الراد على عج فانظره إن شئت. قوله: (واعتمد عليهما) أي واعتمد
القاضي المنهى إليه كتاب قاض مع شاهدين وقوله وإن خالفا كتابه الواو للحال إذ صورة
الموافقة لا تتوهم ومحل اعتماده على شهادتهما مع مخالفة كتابه إذا طابقت شهادتهما الدعوى
وإلا لم يعتمد عليهما في شهادتهما. قوله: (وندب ختمه) أي من خارجه على نحو شمعة خوفا من أن
يسرق أو يسقط من الشهود فيزاد فيه أو ينقص منه وأما ختمه من داخله فهو واجب لان العرف
عدم قبول غير المختوم من داخله. قوله: (ولم يفد وحده) أي بدون شهود الطريق الذين يشهدون أن
هذا كتاب القاضي وأنه أشهدنا على ما فيه وفي بن العمل بخط القضاة وحده إن عرف للضرورة
ولو مات أو عزل المنهى أو المنهى إليه قبل الوصول. ونص ابن عرفة قال ابن المناصف اتفق أهل
عصرنا على قبول كتب القضاة في الحقوق والاحكام بمجرد معرفة خط القاضي دون اشهاد على ذلك
ولا خاتم معروف لضرورة رفع مشقة مجئ البينة مع الكتاب لا سيما مع انتشار الخطة وبعد
المسافة، فإذا ثبت وجه العمل بذلك بأن ثبت خط القاضي بينة عادلة عارفة بالخطوط وجب العمل
به وإن لم تقم بينة بذلك وكذلك القاضي المكتوب إليه إذا كان يعرف خط القاضي الكاتب إليه
فجائز له قبوله بمعرفة خطه، وهذا كله إن وصل كتاب القاضي قبل عزله أو موته وإلا فلا يعمل به
قاله ابن المناصف. وقال ابن رحال الذي أدركنا عليه أشياخنا أن الانهاء يصبح مطلقا ولو مات
الكاتب أو عزل قبل الوصول أو مات المكتوب إليه أو عزل وتولى غيره قبل الوصول ا ه‍ كلام بن.
قوله: (وإن عند قاض غيره) أي بشرط أن يكون ذلك الغير أيضا بمحل ولايته سواء كان الولاية للمنهى
إليه أو لا فمات أو عزل بعد الانهاء وهو مولى أو كانت الولاية لغير المنهى إليه فالأول كما لو أنهى قاضي
مصر لزيد قاضي الجيزة وأرسل بشاهدين فوجدا زيدا قد مات أو عزل وتولى بدله بالجيزة عمرو والثاني
كما لو أرسل قاضي مصر شاهدين لانهاء الحكم عند قاضي الجيزة فوجد الخصم ذهب لرشيد فيذهبان
لقاضيها وينهيان له الحكم. قوله: (كتابا مطويا) أي ولم يفتحه لهما ولا قرأه عليهما. قوله: (إن أشهدهما) أي
إن قال لهما اشهدا علي بأن ما فيه حكمي أو خطي. قوله: (وظاهره أن الشهادة) أي أن شهادتهما
بأن ما فيه خطه أو حكمه وقوله من غير اشهاد أي من غير أن يقول لهما اشهدا علي بأن ما فيه خطي
160

أو حكمي. قوله: (كالاقرار) أي كما تفيد الشهادة على الاقرار من كاتب وثيقة قال لرجلين اشهدا بأن
ما فيها خطي أو بأن ما فيها في ذمتي. قوله: (فيعمل به) أي فيعمل بشهادتهما به ولهما طريقتان في صفة تأدية
الشهادة إما أن يؤديا على نحو ما سمعا وإما أن يقرأ المكتوب ويؤديا نحو ما فيه. قوله: (وميز القاضي) أي
المنهي. قوله: (من اسم) أي له ولأبيه ولجده إن احتيج له فإن اشتهر باسمه فقط أو كنيته فقط كفى كابن
عبد البر أو أبي بكر أو ابن أبي زيد أو أبو زيد. قوله: (فنفذه) أي الحكم بمعنى أمضاه أي فإذا وصل
كتاب القاضي المنهى مع الشهود للمنهى إليه نفذ الحكم إن كان الأول قد حكم وبنى حيث لم يكن
حكم وكذا إذا شافه المنهي المنهى إليه نفذه وبنى فكلام المصنف جار في وجهي الانهاء خلافا
لظاهر الشارح من قصره على الوجه الأول. قوله: (قال الثاني للمدعى عليه ألك حجة) الأولى
فإن الثاني لا يأمرهم بإعادتها وينظر في تعديلهم. قوله: (أمضى عليه الحكم) أي أوقع الحكم عليه.
قوله: (كأن نقل لخطة أخرى) فرض ابن سهل هذا فيمن نقل من أحكام الشرطة والسوق إلى أحكام
القضاء فإنه يبنى على ما قد مضى بين يديه من الحكومة انظر المواق. وأما ما فرضه فيه بعض الشراح
حيث قال كأن نقل من الأنكحة والبيوع إلى الدماء والحدود فليس بظاهر لأنه إن كان مراده
أنه عزل من الأنكحة والبيوع ونقل إلى الدماء والحدود فهذا لا يتصور فيه تتميم ما كان بين
يديه قبل النقل لأنه عزل عنه وإن كان مراده أنه ولي على الدماء والحدود زيادة على ما كان مولى عليه
من قبل فهذا لم ينقل بل هو باق على خطته لبقاء ولايته فيما كان ا ه‍ بن. وقد يختار الثاني
ويقال أن الشئ مع غيره غيره في نفسه فلذا حصل النقل بهذا الاعتبار كذا أجاب بعضهم. والحاصل
أنه يصح فرض المسألة فيما قال ابن سهل، وفيما قاله بعض الشراح أيضا فأشار الشارح بقوله أي
مرتبة لما قاله بعض الشراح وقوله أو ولاية لما قاله ابن سهل. قوله: (وإن حدا) أي هذا إذا
كان المنهى بسببه مالا بل وإن كان حدا. قوله: (إن كان أهلا) هذا شرط في قوله فنفذه الثاني وبنى.
قوله: (أي لم يعرف بذلك) أي بالعلم والفضل. قوله: (كتاب الأول) الأولى حكم الأول ولا يبنى
على ما صدر منه دون الحكم. قوله: (إذ لا وثوق به) أي بالقاضي الأول. قوله: (بل يستأنف الحكم)
الأولى بل يستأنف الدعوى من أولها. قوله: (لا فيما بعد الكاف) أي وهو النقل من خطة لخطة.
قوله: (ما لم يعلم الخ) أي وذلك بأن كان تاريخ الحق بعد موت الميت. قوله: (وإن لم يميز الخ) أي
بأن ذكر اسمه ولم يذكر اسم أبيه ولا نسبه وحرفته ولا غير ذلك من أوصافه المميزة له واحتمل أن
يكون المسمى بهذا الاسم في البلد متعددا. قوله: (أي تسليط القاضي المرسل إليه المدعي على صاحب
ذلك الاسم) أي من أول وهلة فإذا قبض عليه فلا تقام عليه الدعوى بل ينفذ القاضي
161

المرسل إليه الحكم أو يبنى على ما حصل على ما مر. قوله: (أن يثبت أن في البلد من يشاركه) أي فإذا أثبت
ذلك فلا يتعرض له. قوله: (قولان) الأول منهما قول أشهب ورواية عيسى عن ابن القاسم والثاني سماع
زونان عن ابن وهب اه‍ بن. قوله: (وكانت الغيبة ثلاثة أقسام) اعلم أن محل كون القاضي يحكم على
الغائب في تلك الأقسام الثلاثة إذا كان غائبا عن محل ولاية الحكم ولكنه له بها مال أو وكيل أو حميل
وإلا لم يكن له سماع الدعوى عليه ولا حكم ا ه‍ عبق. قوله: (كاليومين والثلاثة) أي وما قاربهما. قوله: (وأنه
إما قدم) أي إما إن يقدم لا بداء المطعن في البينة أو يوكل وكيلا عنه في ذلك. قوله: (ويعجزه) أي
يحكم عليه بعدم قبول بينته إذا قدم وهذا هو ما في المواق والتوضيح وأما قول خش إنه باق على
حجته إذا قدم فهو سهو منه ا ه‍ بن. قوله: (في كل شئ) أي من دين وعرض وعقار وحيوان. قوله: (إلى
آخر ما تقدم) أي وعتق ونسب وطلاق. قوله: (وأشار للثانية) أي للغيبة الثانية. قوله: (بيمين القضاء)
سواء كانت بينة المدعي تشهد بدين له في ذمة الغائب من بيع أو من قرض أو كانت تشهد بأن الغائب
أقر أن عنده لفلان كذا لأنه قد يقضيه بعد إقراره أو ببريه أو يحيل شخصا عليه هذا هو الحق كما
في بن خلافا لعبق حيث قال بعدم الاحتياج ليمين القضاء في الصورة الثانية. قوله: (أنه ما أبرأه)
أي ولا قبضه منه. قوله: (وهي واجبة لا يتم الحكم إلا بها على المذهب) أي وقيل إنها استظهار أي
مقوية للحكم فقط فلا ينقض الحكم بدونها على هذا. قوله: (وهذه اليمين تتوجه) أي على المدعي
في الحكم على الغائب. قوله: (والميت) أي والحكم على الميت كما إذا ادعى شخص عليه أن عنده كذا
دينا من بيع أو من قرض ولم يقر ورثته به أصلا فلا يحكم القاضي لذلك الشخص المدعي بهذا الدين
إلا إذا حلف يمين القضاء بعد إقامة البينة فإن أقر به ورثته الكبار فلا تتوجه عليه اليمين وأما إذا حصل
الرفع للحاكم ورضوا بعدم حلفه فهل كذلك لا تتوجه اليمين أو لا اختلاف لبعض الشيوخ. قوله: (واليتيم)
أي فإذا ادعى عليه أنه قتل أو غصب أو أتلف ما لم يؤمن عليه أو أنه أنفق عليه ليرجع على ماله
بما أنفق فلا بد من يمين القضاء بعد إقامة البينة ومثل اليتيم الصغير والسفيه. قوله: (والمساكين) أي فإذا
ادعى عليهم أن ما حبسه فلان عليهم لم يحز عنه حتى مات فلا بد من يمين القضاء بعد شهادة البينة.
قوله: (والاحباس) أي فإذا ادعى انسان على دار مثلا بيد جماعة يدعون أنها حبس أنها ملكه وأقام
على ذلك بينة فلا بد من يمين القضاء حتى يتم الحكم له بها. قوله: (ونحو ذلك) أي كالحكم على بيت المال
أو على من استحق منه شئ من الحيوان فإذا ادعى انسان أنه معدم ليأخذ حقه من بيت المال أو
أنه ابن فلان الذي مات ووضع ماله في بيت المال لظن أنه وارث له فلا بد من يمين القضاء مع البينة،
وكذلك إذا ادعى انسان على آخر أن هذا الجمل مثلا ملكه وأقام بينة فلا بد في الحكم على المدعى
عليه المستحق منه من يمين القضاء، بخلاف غير الحيوان كالعقار فإنه لا يحلف لان الحيوان يشتبه
كثيرا بخلاف العقار، والتفرقة بين الحيوان وغيره طريقة ابن رشد وقيل: يحلف مطلقا وقيل
لا يحلف مطلقا. قوله: (حيث يعذر فيهم) أي لكونهم غير معروفين بالعدالة عند القاضي أما المعروفون
بالعدالة عنده فلا يعذر فيهم كما مر وحينئذ فلا يكتب أسماءهم ولا يسمون للمدعى عليه إذا حضر
ولا يقبل طعن المدعى عليه فيهم إذا قدم وسموا له. قوله: (ليجد) أي المدعى عليه الغائب. قوله: (لأنه
باق الخ) أي فإذا أبدى مطعنا في تلك البينة بعد قدومه نقض الحكم. قوله: (والمتوسط في
هذا) أي في تسمية الشهود والمعدلين للمدعى عليه إذا قدم والاعذار إليه فيهم كالبعيدة أي
162

وحينئذ فالأولى للمصنف أن يؤخر قوله وسمى الشهود بعد المتوسطة ليفيد أنه راجع لهما. قوله: (وإلا
نقض) أي ما لم يكن الحاكم مشهورا بالعدالة وإلا فلا ينقض بعدم تسميتهم كما يفيده كلام الجزيري
في وثائقه وابن فرحون في تبصرته. قوله: (واستؤنف) أي الحكم ثانيا. قوله: (يقضي عليه معها)
أي بعد سماع البينة وتزكيتها وإذا حضر المدعى عليه سمى له الشهود ومن عدلهم وأعذر له فيهم
كما مر. قوله: (لكثرة المشاحة فيه) أي لكثرة تشاحح النفوس بسببه وحصول الضغن والحقد
والنزاع عند أخذه وقوله فيؤخر المدعي الخ أي ليكون حضوره أقطع للنزاع. قوله: (وإنما سمعت)
أي الدعوى في العقار. قوله: (فإنه يحكم به) بل ويحكم به أيضا على حاضر ملد بدفع الحق كما هو
ظاهر كلامهم ويوافقه قول المصنف في الرهن وباع الحاكم إن امتنع. قوله: (ثم ما قارب كلا) أي
فالأربعة الأيام تلحق بالثلاثة والثمانية والتسعة تلحق بالعشرة وأما الوسط كالخمسة والستة فيلحق
بالأحوط قاله شيخنا العدوي. قوله: (وحكم بما يتميز) أي وحكم القاضي بالشئ الذي يتميز
بالصفة حالة كونه غائبا. وحاصله أن المدعى به إذا كان غائبا عن بلد الحكم وهو مما يتميز
بالصفة في غيبته كالعقار والعبيد والدواب والثياب ونحوها فإنه لا يطلب حضوره مجلس الحكم بل
تميزه البينة بالصفة ويصير حكمه حكم الدين على المشهور، فإذا ادعى زيد على عمرو وهما برشيد
أن الكتاب الفلاني الذي كان معه بالأزهر يحضر فيه ملك له والكتاب حينئذ بالأزهر وشهدت
البينة أن الكتاب الفلاني الذي صفته كذا ملك لزيد فإن القاضي يحكم له به. قوله: (أي كما يحكم
بالدين) أي المتميز بالصفة وإن كان تميزه نوعيا لا شخصيا لأنه في الذمة فإذا شهدت البينة أن له
عنده من المحابيب أو الريالات عشرة أو أن له عنده أرادب قمح سمراء أو محمولة عشرة فإنه يحكم
له بذلك. قوله: (حكم به) أي بما ذكر من القيمة لا بالمقوم كما هو ظاهره ولو قال حكم بها أيضا
كان أولى. قوله: (فلا بد من إحضاره الخ) تحصل مما قاله أن المدعى به الغائب عن مجلس الحكم إن
كان حاضرا في البلد فلا بد من حضوره مجلس الحكم كان يتميز بالصفة بالصفة أم لا، وإن كان غائبا
عن بلد الحكم فإن كان يتميز بالصفة حكم القاضي به ولا يطلب حضوره مجلس الحكم وإن كان لا يتميز
بالصفة إن شهدت البينة بقيمته حكم بها ولا يطلب حضوره وإلا فلا يحكم حتى يحضر. قوله: (وجلب الخ)
لما فرغ من الكلام على الشخص الغائب من محل ولاية القاضي وهو غير متوطن به شرع في
الكلام على الغائب من مجلس القاضي وهو في محل ولايته ومتوطن به. قوله: (إن كان على مسافة
العدوي) أي من مجلس القاضي وقوله وجلب القاضي الخصم إن كان على مسافة العدوي
أي جبرا عليه إن شاء القاضي وإن شاء كتب إليه إما أن تحضر أو توكل أو ترضي خصمك وظاهر
المصنف أن من على مسافة العدوي يجلبه القاضي سواء أتى المدعي بشبهة أم لا، وبه قال
ابن أبي زمنين وهو المفتي به كما قال شيخنا، وجزم ابن عاصم تبعا لسحنون أنه لا يجلبه إلا مع إتيان
المدعي بشبهة كأثر ضرب أو جرح لئلا تكون دعواه باطلة ويريد إعنات المطلوب. قال شيخنا
أقول كلام سحنون خصوصا، وارتضاه ابن عاصم المؤلف في الاحكام هو الظاهر فيقدم على ما لابن
أبي زمنين وهذا الخلاف فيمن كان على مسافة العدوي وأما من كان على أكثر منها فلا يجلبه اتفاقا
إلا إذا كان مع المدعي شاهد. قوله: (لا أكثر منها) أي فلا يجلبه ولا يدعوه لمجلس الحكم فإن جلبه
163

لم يلزمه الحضور. قوله: (كستين ميلا) أي وكذا ما قاربها مما زاد علي العدوي. قوله: (إلا بشاهد) أي
إلا أن يقيم المدعي شاهدا يشهد له بالحق فيجلبه كمن على مسافتها. قوله: (بأن كانت خارجة عنها)
أي وشهدت بينة برضاها بالزوج والصداق وأنها وكلت ذلك القاضي في العقد عليها. قوله: (وإن كان
أصلها) أي أصل تلك المرأة من أهل ولايته فلا يزوج قاضي مصر امرأة بالشام وإن كانت مصرية
وأما من كانت في ولايته فيزوجها وإن لم تكن من أهلها فيزوج قاضي مصر الشامية المقيمة بمصر.
قوله: (بقوله وبأبعد الخ) الأولى الاقتصار على قوله وصح بها في دنية الخ لان الفرض أن تلك
المرأة لا ولي لها خاص إلا القاضي فليس هناك أقرب ولا أبعد فتأمل. قوله: (حيث الخ) أي في
المكان الذي وجد فيه المدعى عليه. قوله: (وبه عمل) أي وهو قول مطرف وأصبغ وسحنون وقوله
أو حيث المدعي بفتح العين أي المدعى به فحذف الجار فاتصل الضمير واستتر فليس نائب الفاعل
محذوفا بل مستترا أي أو في المكان الذي فيه المدعى به كالعقار. قوله: (محل الحادثة) أي محل
المدعى به. قوله: (وأقيم منها) أي أقامه فضل من المدونة وهو قول عبد الملك وأما حيث المدعي
بالكسر فلم يقمه فضل ولا غيره من المدونة وليس بمنصوص وإنما هو قول مخرج كما في ابن عرفة.
واعلم أن محل الخلاف المذكور إذا كان المدعى عليه متوطنا في بلد والمدعى به في أخرى
كانت بلد المدعي أو غيرها وكل منهما في ولاية قاض غير الآخر فقال ابن الماجشون تكون الخصومة
حيث المدعى به. وقال مطرف وأصبغ حيث المدعى عليه انظر ح فإن كان المتداعيان من بلدين
وكلاهما من ولاية قاض واحد فالدعوى بمحل القاضي كان بلد المدعي أو المدعى عليه أو غيرهما
كان المدعى به بمحل أحدهما أم لا وهو محل قوله وجلب الخصم الخ وإن كان المتداعيان من محل
واحد وتعدد فيه القاضي، فالقول للطالب كما مر كان المدعى به بمحله أيضا أم لا كذا قرر شيخنا.
قوله: (في العقار وغيره من المعينات) بخلاف ما تعلق بالذمم كالدين فإن الخصام حيث تعلق الطالب
بالمطلوب اتفاقا. قوله: (حيث تعلق) أي في المكان الذي تعلق فيه بخصمه سواء كان المدعى به
موجودا في ذلك المكان أم لا. قوله: (وفي تمكين الدعوى الخ) حاصله أن الغائب غيبة بعيد أو
قريبة على أحد القولين إذا كان له مال حاضر وخيف عليه تلف أو غصب أو له دين على من
يخشى فراره أو أراد سفرا بعيدا فأراد شخص قريب للغائب أو أجنبي منه أن يخاصم عنه
احتسابا لله تعالى من غير أن يكون وكيله فهل يمكن من ذلك حفظا لمال الغير، وهو قول ابن القاسم
أولا، وهو قول ابن الماجشون ومطرف، ومحل القولين إذا كان من يريد الدعوى لا حق له في ذلك
المال ولا ضمان عليه فيه أما ماله فيه حق كزوجة الغائب وأقاربه الذين تلزمه نفقتهم فيمكنون من
الدعوى اتفاقا وكذلك إذا كان عليه فيه ضمان كمستعير لما يغاب عليه ومرتهن رهنا كذلك وحميل
مدين أراد فرارا أو سفرا بعيدا فإنه يمكن من الدعوى اتفاقا. قوله: (في الدعوى عنه) أي لا عليه إذ قد
مر تفصيله في الحكم على الغائب.
باب في الشهادات
قوله: (الشهادة) أي اصطلاحا وأما لغة فمعناها البيان وسمي الشاهد شاهدا لأنه بين عند الحاكم الحق
من الباطل وهو أحد معاني اسمه تعالى الشهيد وإلى هذا أشار بعضهم في قوله تعالى: * (شهد الله أنه لا إله
إلا هو) * أي بين وقيل هي فيهما بمعنى العلم. قوله: (إخبار حاكم) من إضافة المصدر لمفعوله أي إخبار
164

الشاهد الحاكم وقوله عن علم أي إخبارا ناشئا عن علم لا عن ظن أو شك وهذا التعريف هو معنى قول
بعضهم الشهادة إخبار بما حصل فيه الترافع وقصد به القضاء وبت الحكم، وأما الرواية فهي إخبار بما
لم يحصل فيه الترافع ولم يقصد به فصل القضاء وبت الحكم بل قصد به مجرد عزوه لقائله بحيث لو رجع عنه
رجع الراوي، وهل يشترط في تأدية الشهادة لفظ أشهد بخصوصه أو لا يشترط؟ قولان
والأظهر منهما عدم الاشتراط وإنما المدار فيها على ما يدل على حصول علم الشاهد بما شهد به كرأيت
كذا وسمعت كذا أو أتحقق أن لهذا عند هذا كذا فلا يشترط لأدائها صيغة معينة. قوله: (في عرف
الفقهاء) أي لا في عرف المحدثين لان العدل عندهم يكون عبد أو امرأة وأشار بقوله أي حقيقته إلى أن
أل في العدل للحقيقة ويصح أن تكون للعهد الذكرى المتقدم في قوله أهل القضاء عدل لان العدالة المطلوبة في القاضي هي
المطلوبة في الشاهد. قوله: (حر) أي ولو عتيقا لكن إن شهد لمعتقه فله شرط آخر
وهو التبريز وقوله حال الأداء أي لا حال التحمل إذ يصح تحمل الرقيق للشهادة ويؤديها بعد عتقه.
قوله: (مسلم) أي حال الأداء لا حال التحمل فيصح تحملها وهو كافر وأداؤها وهو مسلم وقوله ولو
على مثله أي خلافا لأبي حنيفة المجوز لشهادة الكافر على مثله. قوله: (ولو تحمل صبيا) فإذا تحمل البالغ
الشهادة في حال صباه وأداها بعد بلوغه فإنها صحيحة وقوله إن كان ضابطا أي حيث تحملها وهو صغير.
تنبيه: لا يشترط في صحة الشهادة عدم الاكراه فمن تحمل الشهادة وحلف بالطلاق أنه لا يؤديها
فأكره على أدائها إكراها حراما فأداها وهو بالغ عاقل كانت صحيحة ولذا عدل المصنف عن التعبير
بمكلف لقوله بالغ عاقل إذ لو عبر بمكلف لاقتضى عدم صحتها لان المكره غير مكلف كذا في عبق والمج.
وفي بن الحق عدم قبول شهادة المكره لأنه قد يؤدي بخلاف ما يعلم فالاكراه يمنع الثقة بشهادته.
قوله: (بلا فسق) أي ملتبس بثبوت عدم الفسق من ملابسة الموصوف لصفته فهو في قوة المعدولة المحمول
فيفيد أن مجهول الحال لا تصح شهادته لان الأصل في الناس الجرحة ولم يثبت عدم فسقه لا في قوة
السالبة وأن المعنى وأن يكون غير ثابت الفسق وإلا لأفاد صحة شهادة مجهول الحال لأنه غير ثابت
الفسق وإنما قيد بقوله بجارحة لأنه سيأتي للمصنف الكلام في الفاسق بالاعتقاد. قوله: (وبلا حجر
لسفه) إنما قيد بقوله لسفه للاحتراز عن الحجر للزوجية والمرض والفلس فإنه لا يمنع شهادتهم.
قوله: (فلا تصح من فاسق ولا مجهول حال) أي لان كلا منهما ليس ملتبسا بثبوت عدم الفسق لان الأول
ملتبس بالفسق والثاني ملتبس بعدم ثبوت الفسق لا بثبوت عدمه الذي هو مشترط. قوله: (ولا من
سفيه محجور عليه) أي وأما السفيه غير المحجور عليه فشهادته صحيحة. قوله: (وبلا
بدعة) أي وملتبس بعدم البدعة فلا تصح شهادة البدعي، كالقدري القائل بتأثير القدرة الحادثة، والخارجي الذي يكفر
بالذنب هذا إذا تعمد البدعة وجهلها بل وإن كان متأولا في ارتكابها فالبدعي لا يعذر بجهل ولا تأويل
والمراد بالمتأول المجتهد وبالجاهل المقلد من الفريقين. قوله: (حال الأداء فلا تصح) أي وأما لو كان ملتبسا
بالبدعة حال التحمل فقط فلا يضر. قوله: (لم يباشر كبيرة) اعترض بأن هذه يغني عنها قوله وبلا فسق
لان التباسه بعدم الفسق هو عدم مباشرته للكبيرة وأجيب بأن كلامه هنا في كبيرة الباطن كغل وحسد
وكبر ورياء كما يدل عليه لفظ المباشرة التي هي المخالطة وقوله سابقا وبلا فسق أي بالجوارح الظاهرة كما
هو المناسب لتعريف الفسق بالخروج عن الطاعة، وإلى هذا الجواب أشار الشارح بقوله سابقا وبلا
فسق بجارحة وأجاب بعضهم بجواب آخر. وحاصله أن قوله وبلا فسق أي بالباطن وبالجوارح
الظاهرة وأتى بقوله لم يباشر إلى قوله خسة تفسيرا لعدم التلبس بالفسق أي إن عدم
التلبس به عبارة عن عدم مباشرة الكبائر وكثرة الكذب وصغائر الخسة. قوله: (لم يتصف بها أصلا)
165

أي لا حال الأداء ولا حال التحمل وقوله أو حال الأداء أي أو لم يتصف بها حال الأداء فقط أي وإن
اتصف بها حال التحمل. قوله: (بأن تاب) أي بعد التحمل. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا يتب فلا تصح شهادته
لصدق التلبس عليه وكان الأولى أن يقول لصدق المباشرة عليه. قوله: (أو لم يباشر كثير كذب) أي
فإن باشر كثير الكذب بطلت شهادته والمراد بالكثير ما زاد على الكذبة الواحدة يعني في السنة
وهذا في كذب لا يترتب عليه فساد وإلا ضر ولو واحدة. والحاصل أن الكذب إما أن يترتب عليه
فساد أو لا فالأول مضر ولو واحدة وهي كبيرة، والثاني المضر منه الكثير وهو ما زاد على الواحدة وأما
الواحدة يعني في السنة فلا تضر لعسر الاحتراز منها وهي صغيرة وقيل كبيرة وإن كانت غير قادحة في
الشهادة. قوله: (أو سرقه نحو لقمة) ظاهره أنها صغيرة مطلقا ولو كان المسروق منه حقيرا وقيد بعضهم
ذلك بما إذا لم يكن المسروق منه حقيرا وإلا كانت كبيرة. قوله: (بخلاف نظرة واحدة) أي فإنها ليست
من صغائر الخسة سواء كانت لأمرد أو لامرأة بل من صغائر غير الخسة فلا تقدح إلا بشرط الادمان
ومثل النظرة في ذلك القبلة وسائر المقدمات وهي ما عدا الايلاج. واعلم أن صغيرة الخسة تقدح في الشهادة
وإن لم يدمنها فمتى صدرت منه ولو مرة ردت شهادته إلا أن يتوب كالكبيرة بخلاف صغيرة غير الخسة
فالمضر إدمانها. قوله: (وسفاهة) هو بالجر عطف على كذب أي ولم يباشر كثير سفاهة فالمضر إنما هو كثرتها
لأنه هو المخل بالمروءة خلافا لقول الشارح ولم يباشر سفاهة المفيد أنها مضرة مطلقا وكلامه بعد بقوله
بأن يكثر الخ صريح في المقصود. قوله: (أي مجونا) المجون والدعابة هو الهزل وقوله بأن لا يبالي بما يقع
منه من الهزل أي كإخراج الصوت من فيه وكالنطق بألفاظ الخنا في الملا مما يستبشع النطق به ولا يعترض
على قوله وسفاهة بأنه يغني عنه قوله ذو مروءة لأنه يلزم من كونه ذا مروءة عدم مباشرته لكثير
السفاهة، لان الأول وقع في مركزه فلا يعترض بعموم ما بعده له فتأمل. قوله: (ولم يباشر لعب نرد) أي
فإن باشره ردت شهادته ولو لم يداوم عليه بل ولو مرة في السنة ولو لم يكن فيه قمار ومثله يقال في الطاب
والسيجة والمنقلة ولعب كل من هذه الأربعة حرام كما قال شيخنا. قوله: (ذو مروءة) بضم الميم وفتحها
مع الهمزة وتشديد الواو. قوله: (بترك غير لائق) أي مصورة بترك غير لائق فالباء للتصوير.
قوله: (باللازم) أي لان المروءة كمال الرجولية ويلزم من كمالها ترك غير اللائق وإنما اشترطت المروءة
في العدالة لان من تخلق بما لا يليق وإن لم يكن حراما جره ذلك غالبا لعدم المحافظة على دينه واتباع
الشهوات. واعلم أنه إذا تعذر وجود العدل الموصوف بما ذكره المصنف من الأوصاف أو تعسر كما
في زماننا هذا اكتفى بمن لا يعرف كذبه للضرورة وقيل يجبر بزيادة العدد أفاده شيخنا. قوله: (من لعب
حمام) أي من لعب به مع إدامته وإلا لم يخل بالمروءة وكلام المصنف يشمل اللعب به الذي ليس بمحرم
كاللعب به على وجه المسابقة لأنه يخل بالمروءة ويشمل اللعب به المحرم الذي ليس من الكبائر ولا
من صغائر الخسة كلعب به على وجه فيه نوع تعذيب له ولا يشمل اللعب به مقامرة لأنه كبيرة.
قوله: (وهو مكروه إذا لم يكن بقبيح) أي بكلام قبيح ولا حمل عليه أي على القبيح كتعلق بامرأة أو بأمرد
ولا بآلة أي كعود وقانون وقوله وإلا حرم أي وإلا بأن تخلف شرط من الشروط الثلاثة كان سماعه
وكذا فعله حراما ولو في عرس على المعتمد، وهل ترد به الشهادة سواء كان مكروها أو حراما ولو مرة
في السنة وهو ما لتت أو لا بد من التكرار في السنة، وهو ما يفيده المواق وهو المعتمد خلافا لما في عبق كذا
قرر شيخنا العدوي، وحاصل ما في عبق أن الغناء إن حمل على تعلق بمحرم كامرأة وأمرد حرم فعلا
وسماعا تكرر أم لا بآلة أم لا كان في عرس أو صنيع كولادة وختان وقدوم من سفر وعقد نكاح أو
كان في غيرهما ومتى لم يحمل على محرم جاز بعرس وصنيع سواء كان بآلة أو غيرها سماعا وفعلا تكرر
166

أم لا لا بغير عرس وصنيع فيمنع إن تكرر سواء كان بآلة أو غيرها فعلا وسماعا وإن لم يتكرر كره
سماعا، وهل كذا فعلا أو يمنع خلاف ا ه‍. ولكن المعتمد كما قال شيخنا أنه متى كان بكلام قبيح أو يحمل
على قبيح أو كان بآلة كان حراما سواء كان بعرس أو صنيع أو غيرهما تكرر أم لا فعلا أو سماعا وإن
لم يكن بقبيح ولم يحمل عليه ولم يكن بآلة فالكراهة سواء كان بعرس أو صنيع أو غيرهما تكرر
أم لا فعلا أو سماعا ترد به الشهادة إذا تكرر في السنة كان بآلة أو بغيرها على ما للمواق. وفي بن
عن ابن عرفة قال ابن عبد الحكم سماع العود جرحة إلا أن يكون في صنيع لا شرب فيه فلا يجرح
وإن كره على كل حال اه‍ وهو ضعيف كما قال شيخنا. قوله: (ودباغة وحياكة اختيارا) أي بأن كان
غير مضطر لهما في معاشه أي وكان في بلد يزريان بفاعلهما فيها والحال أنه ليس من أهلهما فالقدح
في الشهادة بالدباغة والحياكة مقيد بالشروط الثلاثة فإن تخلف واحد منها لم تكن واحدة
مهما قادحة. قوله: (وأما الخياطة فهي من الحرف الرفيعة) أي مطلقا سواء حصلت من أهلها أو من
غيرهم لحديث في الجامع الصغير ورد فيه مدحها في حق الرجال ومدح صناعة الغزل في حق
النساء وإن كان ضعيفا ولفظه عمل الأبرار من الرجال الخياطة وعمل الأبرار من النساء الغزل.
قوله: (الحجامة) أي لاخلالها بالمروءة لكن لا ترد الشهادة بها إلا عند وجود الشروط الثلاثة
المعتبرة في الدباغة والحياكة فإن اختل شرط منها لم تكن قادحة في الشهادة. قوله: (شطرنج)
بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح أوله من لحن العامة كما قال ابن جني. ويقال بالشين المعجمة
وبالسين المهملة لأنه إما مأخوذ من المشاطرة أو من التسطير ا ه‍ بن. لكن الذي في الغرر
والعرر للوطواط أن شطرنج معرب ششرنك ومعناه ستة ألوان الشاة والفرز والفيل والفرس
والرخ والبيدق، فعلى هذا لا يقال إنه مشتق من المشاطرة بالمعجمة ولا من التسطير بالمهملة
كما قال بن ا ه‍ مج ثم إن ظاهر المصنف أنه لعبه غير حرام لجعله من أفراد ما لا يليق مع
تقييده بالإدامة، ويوافقه تصحيح القرافي أنه مكروه، ولكن المذهب أن لعبه حرام وفي ح
قول بجواز لعبه في الخلوة مع نظيره لا مع الأوباش وعلى كل من القول بالكراهة والحرمة
ترد الشهادة بلعبه لكن عند الإدامة ابن رشد لا خلاف بين مالك وأصحابه أن الادمان على اللعب
بها جرحة وقد قيل الادمان أن يلعب بها في السنة أكثر من مرة واحدة، وإنما اشترط الادمان
في الشطرنج دون ما عداه من النرد والطاب والسيجة والمنقلة لاختلاف الناس في إباحته إذ قد
روي عن جماعة من التابعين أنهم كانوا يلعبونه. قوله: (وإن أعمى) أي هذا كان الموصوف بما
ذكر غير أعمى بل وإن كان أعمى وتقبل شهادته في الأقوال مطلقا سواء تحملها قبل العمي أم لا
لضبطه الأقوال يسمعه، خلافا للحنفية. حيث قالوا لا تقبل شهادته فيها مطلقا وقال الشافعي تجوز
شهادته فيها بما تحمله من الأقوال قبل العمى وأما الأفعال المرئية فلا تجوز شهادته فيها مطلقا على
المذهب علمها قبل العمي أم لا كما قال طفي. وفي شرح الارشاد تجوز شهادته بالفعل إن علمه قبل
العمي أو يحبس كما في الزنا واقتصر عليه في المج وقول المصنف في قول لا خصوصية للقول
بل تجوز شهادته فيما عدا المرئيات من المسموعات والملموسات والمذوقات والمشمومات وإنما
خص المصنف القول بالذكر لان الملموس والمذوق والمشموم يستوي فيه الأعمى وغيره فهي محل
اتفاق وإنما محل الخلاف المسموعات فمذهب مالك الجواز مطلقا ومذهب الحنفي المنع مطلقا ومذهب
الشافعي المنع فيما تحمله بعد العمي. قوله: (أو أصم في فعل) أي لان الأصم غير الأعمى يضبط الأفعال
ببصره دون الأقوال لتوقف ضبطها على السمع وهو معدوم منه فلا تقبل شهادته في الأقوال ما لم
167

يكن سمعها قبل الصمم وإلا جازت كما في شرح الارشاد وتجوز شهادة الأخرس كما قال ابن شعبان
ويؤديها بإشارة مفهمة أو كتابة. قوله: (فالمغفل) أي وهو من لا يستعمل القوة المنبهة مع وجودها فيه
وأما البليد فهو خال منها بالمرة فلا تصح شهادته مطلقا لا فيما يختلط ولا فيما لا يختلط. قوله: (أي لا يختلط
فيه من البديهيات) أي كرأيت هذا يقطع يد هذا أو يأخذ ماله. قوله: (أي أصل الخ) أي فلا يشهد أب
ولا أم للولد وإن ولد ملاعنة لصحة استلحاقه. قوله: (وإن علا) أي فلا يشهد الجد أو الجدة لولد الولد.
قوله: (فزوجة الأب لا تشهد لربيبها) أي وهو ولد زوجها وإن سفل وإذا امتنع شهادتها لابن زوجها
فتمتنع شهادتها لزوجها بالأولى. قوله: (لا يشهد لربيبه) أي وهو ولدها وإذا امتنع شهادتها الرجل لابن
زوجته فتمنع شهادته لها بالأولى لقوة التهمة. قوله: (فلا يشهد لأصله) أي لأبيه أو لامه أو
جده أو جدته. قوله: (وولد وإن سفل كبنت وابن) هذا مثال للولد ولا يخفى عدم الاحتياج للتمثيل لوضوح
الممثل له. ولذا قال ابن عاشر صوابه وإن سفل لبنت باللام لا بالكاف ليكون بالغ على أضعف المراتب.
قوله: (فلا يشهد أن لأبوي زوجيهما) فزوج البنت لا يشهد لأبوي زوجته وزوجة الابن لا تشهد
لأبوي زوجها وأما شهادة زوج المرأة لاخوتها وشهادة زوجة الرجل لاخوته فجائزة كما تجوز شهادة
زوج البنت لزوجة أبيها وشهادة زوجة الابن لزوج أمه وكذا شهادة أحد أبوي الزوجة لابن زوج
ابنته أو بنته أو لأبويه كما يفيده ابن عرفة لضعف التهمة في ذلك. قوله: (وشهادة ابن مع أب) أي
المقبول واحدة وقوله فتحتاج لآخر أي فيما يحتاج لشاهدين كنكاح وطلاق وعتق وقوله أو يمين أي
من المشهود له إذا كانت بمال أو بما يؤول إليه وإذا طرأ فسق لأحدهما فشهادة الثاني منهما باقية على
الصحة كما في بن. خلافا لما في عبق من بطلان شهادتهما معا وما ذكره المصنف من أن شهادة الأب
وابنه شهادة واحدة قول أصبغ ومقابله لسحنون ومطرف وهو أن شهادة الابن مع أبيه شهادتان قال
ابن فرحون وهذا القول هو المعمول به وقال بن عاصم في التحفة:
وجاز أن يشهد الابن في محل مع أبيه وبه جرى العمل
ومثله لابن سلمون وابن راشد في اللباب وذكر في معين الحكام أن القول بكون شهادة الأب مع ابنه
شهادتين أعدل من القول بأنهما شهادة واحدة وفي المتيطية الذي جرى به العمل أنهما شهادة واحدة
وقيل شهادتان وهو أقيس ا ه‍. فكان على المصنف أن يقتصر على هذا القول لقوته كما ترى أو يحكي قولين
قاله طفي. وقد ذكر ابن رشد الخلاف في هذا الفرع وفي الفروع الثلاثة بعده ولم يرجح واحدا من
القولين على الآخر نظرا لكون كل من القولين مرجحا انظر المواق وزاد أبو الحسن على الفروع
المذكورة شهادة الولد على خط أبيه فذكر أن فيها القولين ا ه‍ بن. قوله: (أي كما تلغى شهادة كل منها على
البدلية عند الآخر إذا كان حاكما) أي وقيل لا تلغى ورجح كل منهما وللابن أن ينفذ حكم أبيه وعكسه
إذا كانا قاضيين وأنهى أحدهما للآخر على ما مر. قوله: (أو شهادته على شهادته أو على حكمه) أي كأن
يقول الولد أشهد أن أبي قد شهد عند القاضي بكذا أو أنه حكم بكذا فتلغي تلك الشهادة لان فيها
تزكية له وقيل لا تلغي فيهما وقد رجح كل من القولين كما علمت. قوله: (من تزكيته) أي للآخر أي
في الفرعين وقوله ولذا أي ولامتناع تزكية أحدهما للآخر وقوله لا يعدل أحدهما الآخر لان التعديل
تزكية وقوله وجازت شهادة أحدهما على خط الآخر أيكما قال ابن ناجي وقوله خلافا لبعضهم هو
الناصر اللقاني. قوله: (إن برز) في بن الصواب إن برز بفتح الباء وتشديد الراء فعل لازم مبني للفاعل
واسم الفاعل منه مبرز بكسر الراء المشددة أي ظاهر العدالة وفي القاموس برز ككرم وبرز
168

تبريزا فاق أصحابه فضلا وشجاعة وبرز الفرس عن الخيل سبقها ا ه‍ كلامه. وقد علمت من كلام
القاموس أن برز يستعمل مشددا ومخففا، وليس المراد بالتبريز هنا الانتصاب للشهادة كما يعتقده
بعض الجهال ا ه‍ كلامه. أي بل المراد به الزيادة في العدالة على الاقران كما قال الشارح. قوله: (ولم يكن
في عياله) أي ولم يكن الشاهد في عيال المشهود له ويشترط أيضا أن تكون الشهادة ليست بجرح عمد
فيه قصاص وإلا فلا تقبل على المشهور لان الحمية تأخذ في القصاص. قوله: (كما هو ظاهرها وهو المشهور)
أي وعليه حملها الأكثر. قوله: (بأن لا يعدله) أي لأنه إذا عدل أخاه تشرف بتعديله إياه فتكون تلك
الشهادة قد جرت له نفعا فتكون باطلة. قوله: (ومولى أسفل) أي فتجوز شهادة العتيق لمعتقه إن كان
ذلك العتيق مبرزا ولم يكن في عيال ذلك المعتق، وأما شهادة المعتق لعتيقه فجائزة بغير شرط التبريز.
قوله: (وصديق ملاطف) أي تجوز شهادته لصديقه إن برز ولم يكن في عياله والصديق الملاطف
هو الذي يسره ما يسرك ويضره ما يضرك. قوله: (ومفاوض في غير مفاوضة) قال عبق وكذا كل
شريك تجر سواء كانت شركة عنان أو غيرها فيجوز أن يشهد لشريكه في غير ما فيه الشركة إن
برز أيضا. قال بن: إنه قد تبع في ذلك عج ورده طفي بأن الأئمة قيدوا بالمفاوضة فنحن أتباعهم
فالحق أنه يجوز أن يشهد لشريكه في شركة التجر غير المفاوضة وإن لم يكن مبرزا كما أن الشريك في
معين كدابة يشهد لشريكه في غير ما فيه الشركة وإن لم يكن مبرزا اتفاقا، والحاصل أن الأقسام
ثلاثة مردودة مطلقا سواء كان مبرزا أو غير مبرز وهي شهادة الشريك لشريكه فيما فيه الشركة سواء
كان معينا أو غيره وذلك لتضمنها للشهادة لنفسه، ومقبولة بشرط التبريز وهي شهادة الشريك
لشريكه في التجارة مفاوضة في غير ما فيه الشركة، ومقبولة مطلقا سواء كان مبرزا أو غير مبرز
وهي شهادة الشريك لشريكه في معين وكذا في شركة التجر غير المفاوضة على ما ارتضاه طفي.
قوله: (وزائد في شهادته أو منقص) يعني أنه إذا شهد أولا بعشرة ادعاها ثم شهد بعد ذلك
بأقل منها كثمانية فإن شهادته بها تقبل إن كان مبرزا سواء حكم بلزوم العشرة التي شهد بها أولا
أو لا إلا أنه إن شهد ثانيا بأقل مما شهد به أو لا وكانت تلك الشهادة قبل الحكم بما شهد به أولا
فالامر ظاهر، وإن كانت بعد الحكم كان بمنزلة رجوعه عن الشهادة وحينئذ فيغرم الشاهد
ولا ينقض الحكم كما في بن عن ابن مرزوق، وكذلك إذا شهد أولا بعشرة ثم زاد عليها بأن
شهد ثانيا بخمسة عشر فإن شهادته بالزيادة تقبل سواء حكم بما شهد به أولا أو لا بشرط أن يكون
مبرزا في العدالة وسواء كانت شهادته بالعشرة أولا على طبق دعوى المدعي أم لا غير أنه إذا كانت
على طبق دعواه لا يأخذ المدعي تلك الزيادة لعدم دعواه لها فإن لم يكن مبرزا بطلت شهادته كلها كما في ح.
قوله: (وأما لو شهد ابتداء بأزيد مما ادعاه المدعي أو بأنقص) أي ولم يحصل منه رجوع عما شهد به
أولا كما لو ادعى بعشرة فشهد له الشاهد بخمسة عشر فيحلف على العشرة التي ادعاها ويأخذها ولا
يقضى له بالخمسة الزائدة لعدم ادعائه لها وإذا ادعى بعشرة فشهد له الشاهد بثمانية فيحلف على
طبق شهادة الشاهد ويستحق الثمانية ثم إن أقام شاهدا آخر بالباقي حلف معه وأخذه وإلا فلا
والحاصل أنه في الأولى يحلف على طبق دعواه، وفي الثانية يحلف على طبق شهادة الشاهد
ولا يشترط التبريز في قبول الشاهد فيما ذكر من الصورتين. قوله: (وذاكر بعد شك) أي ومتذكر
شهادة بعد شك منه فيها يقبل منه ذلك إن كان مبرزا. قوله: (وأما ما قبله) أي وهو قول
المصنف وزائد ومنقص. قوله: (ونظرا لما هو الشأن في الشاك المتذكر) أي فإن الشأن تشكك المريض
ثم يتذكر. قوله: (وتزكية) هو على حذف مضاف أي وذي تزكية لأجل أن يكون على سنن
169

ما قبله وإن كان التبريز إنما اشترط في المزكي من حيث تزكيته. قوله: (وإن بحد) مبالغة في مقدر أي
وتقبل شهادة من يفتقر لها هذا إذا شهد بمال أو غيره مما ليس بحد بل وإن شهد بحد وهذا أحسن مما
أشار له الشارح بقوله أي أن المزكي الخ لان كلام المصنف على ما قلناه يكون أظهر في الرد على المخالف.
قوله: (خلافا لمن قال الخ) أي وهو أحمد بن عبد الملك وكان الأولى للمصنف أن يقول وإن بدم
ليحسن رده على هذا المخالف لان خلافه فيه خاصة لا في مطلق الحد. قوله: (من معروف) نعت لتزكية.
قوله: (إلا الشاهد الغريب) مثل الغريب النساء فلا يشترط معرفة القاضي عدالة من زكاهن ابتداء.
والحاصل أن التعديل الذي يحتاج لتعديل بمنزلة العدم إلا تعديل النساء والغرباء فإنه يجوز تعديل
من عدلهن إذا كان المعدل لهن غير معروف عند القاضي بالعدالة. قوله: (بأشهد) الخ هذا تصوير
للتزكية. قوله: (فلا بد من الجمع بين عدل ورضا) أي لقوله تعالى: * (واشهدوا ذوي عدل منكم) *
مع قوله: * (ممن ترضون من الشهداء) * فلو اقتصر على أحدهما لم يجزه وقيل: إنه يكفي الاقتصار على
أحدهما لان المولى قد ذكر كل لفظة على حدتها وشهر هذا القول أيضا كالأول فكان على المصنف
أن يشير للخلاف في ذلك انظر بن. قوله: (على طول عشرة) أي ويرجع في طولها للعرف. قوله: (لا
على مجرد سماع) لما عورض هذا مع ما يأتي من قبول شهادة السماع في التعديل وفق الشارح
بين المحلين بتخصيص ما هنا بالسماع الذي لم يحصل به القطع بأن كان من معين فلا يقبل من
المعدلين أو المجرحين أن يقولوا سمعنا فلانا وفلانا يقولان أن فلانا عدل أو غير عدل كما نقله
العوفي عن سحنون في المجموعة. قال إلا أن يكون المشهود على شهادته قد أشهدهم على التزكية
أو التجريح أو كان السماع من ثقات وغيرهم لم يحصل به القطع وحمل ما يأتي على ما إذا كان
السماع من جماعة يحصل بخبرهم الجزم والقطع. قوله: (من سوقه) ليس متعلقا بسماع وإلا لاقتضى أن
المزكي لا يعتمد في تزكيته على السماع من أهل سوقه وأهل محلته ويعتمد على السماع من
غيرهم وليس كذلك إذ لا يعتمد على السماع الذي لم يحصل به القطع مطلقا سواء كان من أهل
سوقه ومحلته أو من غيرهم بل هو صفة ثالثة لتزكية أي تزكية حاصلة من معروف الخ وحاصله
من أهل سوقه وقوله أو محلته أي أهل بلده العارفين به قال عبق وأشعر إتيانه بأوصاف المزكي
بالكسر مذكرة أن النساء لا تقبل تزكيتهن لا لرجال ولا لنساء ولو فيما تجوز شهادتهن فيه وهو كذلك.
قوله: (ووجبت التزكية) أي الشهادة بها. قوله: (ونحو ذلك) أي بأن وجد معدل غيره ولكنه خاف من
الخصم. قوله: (كجرح إن بطل حق) تشبيه في الوجوب يعني أن من علم جرحة شاهد وأنه إن لم يجرحه
170

بطل الحق بسبب شهادته أو حق باطل فإنه يجب تجريحه لئلا يضيع الحق أو يحق الباطل والشرط
راجع لما بعد الكاف لا لما قبلها لاستغنائه بشرطه وهو قوله إن تعين لأنه يرجع في المعنى إلى بطلان الحق
حيث ترك التزكية لأنه لا يتعين إلا إذا بطل الحق بتركها. قوله: (بخلاف تزكية السر فيكفي فيها الواحد)
أي والتعدد فيها مندوب فقط على الراجح كما في بن ويفترقان أيضا من جهة أن مزكي السر لا يشترط
فيه التبريز بل المدار على علم القاضي بعدالته ولا يعذر فيه للمشهود عليه إذا عدل بينة المدعي كما مر
بخلاف مزكي العلانية فيهما. قوله: (وتصح التزكية وإن لم يعرف الخ) أي تصح التزكية مطلقا سواء
كانت تزكية سر أو علانية وإن لم يعرف الخ. قوله: (ولا الكنية المشهور بها) فيه أن هذا ينافي قوله معتمدا
على طول عشرة ومخالطة إذ متى طالت العشرة والمخالطة علم ما اشتهر به من الكنية، والذي في ابن غازي
وإن لم يعرف الاسم الذي شهر بغيره وذلك كسحنون بن سعيد فلا يشترط أن يعرف اسمه وهو عبد السلام،
ومثل أشهب بن عبد العزيز فلا يشترط أن يعرف اسمه وهو مسكين وبه تعلم ما في كلام الشارح
انظر بن. قوله: (لان مدارها على معرفة ذاته) أي لأنه إنما يزكي ذاته لا ما اشتهر به. قوله: (لان أسبابه
كثيرة) أي فربما لا يتيسر استحضارها كلها عند التزكية. قوله: (بخلاف الجرح) أي التجريح.
قوله: (فربما اعتمد فيه) أي في التجريح. قوله: (يعني أن بينة الجرح مقدمة على بينة التعديل) أي ولو كانت
بينة التعديل أعدل أو أكثر على الأشهر كما نقله بن وقيل: إن المجرحة مقدمة ما لم يكن المزكي أكثر
أو أعدل ا ه‍. قوله: (لأنها تحكي عن ظاهر الحال) أي لأنها تخبر عن حاله الظاهرة والمجرحة تخبر
عن حاله الخفي فهي أزيد علما. قوله: (ثانيا) أي قبل تمام عام وقوله وجهل حاله أي هل طرأ له فسق
أم لا أي ولم يكثر معدلوه ووجد من يعدله عنه شهادته ثانيا فمحل الخلاف مقيد بهذه القيود الأربعة
فإن فقد قيد من الثلاثة الأخيرة لم يحتج لتزكية اتفاقا وإن فقد القيد الأول كما لو شهد مجهول الحال
ثانيا بعد تمام السنة. ولم يكن زكاه قبله كثيرون احتاج لإعادة التزكية ثانيا اتفاقا. قوله: (والثاني لسحنون)
أي وعليه فإن اكتفى بالتزكية الأولى مضى الحكم إن لم يبعد من التزكية الأولى مراعاة للخلاف.
قوله: (وبخلافها لاحد الخ) في ح اشترط بعضهم في قبول هذه الشهادة التبريز ولم يذكره المصنف
والظاهر كما قال شيخنا ما للمصنف. قوله: (لاحد أبويه) أي على الآخر لا على أجنبي وإلا ردت كما
مر في قوله وولد وإن سفل. قوله: (وإلا منعت) أي وإلا بأن ظهر ميل للمشهود له منعت كشهادة الأب
لولده البار على العاق أو الصغير على الكبير أو لسفيه على الرشيد لاتهام الأب على إبقائه المال تحت
يده. تنبيه: تجوز شهادة الولد على أبيه لطلاق أمه إن كانت منكرة للطلاق واختلف إن كانت
هي القائمة بذلك فمنعها أشهب وأجازه ابن القاسم وإن شهد بطلاق أبيه لغير أمه لم تجز إن كانت
أمه في عصمة أبيه لا إن كانت ميتة مثلا، ولو شهد لأبيه على جده أو لولده على ولد ولده لم تجز قولا واحدا،
ولو كان بالعكس لجاز قولا واحدا كذا ينبغي اه‍ عج. قوله: (ولا تقبل شهادة عدو على عدوه) أي
ولو كان مبرزا في العدالة وأشار بلو في قوله ولو على ابنه لرد قول محمد بن المواز بالجواز ومحل الخلاف حيث
لم يلحق الأب معرة بشهادة ذلك الشاهد على ولده كأن شهد العدو بدين على ولد عدوه وإلا فلا تقبل
شهادته اتفاقا كما لو شهد العدو على ولد عدوه بزنا أو شرب أو قذف. قوله: (دنيوية) أي لا دينية لجواز
شهادة المسلم على الكافر. قوله: (فلا تجوز) أي الشهادة من المسلم على الكافر أي للعداوة.
171

قوله: (وأما شهادة الكافر على المسلم فلا تجوز مطلقا) أي سواء كان بينهما عداوة أم لا لعدم العدالة.
قوله: (وليخبر بها) يعني أن القاضي إذا قال للشاهد أد الشهادة فيجب عليه بعد أن يؤديها أن يخبر بالعداوة
التي بينه وبين المشهود عليه ليسلم من التدليس وهذا هو سماع عيسى عن ابن القاسم وسمع سحنون عنه أن
الشاهد لا يخبر بها، قال ابن رشد وهو أصح القولين وانظر كيف اعتبر المصنف سماع عيسى عن ابن
القاسم وترك سماع سحنون عنه مع أن القاعدة تقديم سماع سحنون عن ابن القاسم على سماع غيره عنه
خصوصا وقد قال ابن رشد أنه أصح القولين. قوله: (ومثل العداوة القرابة) أي للمشهود له إذا كانت
أكيدة فيجري فيها الخلاف في وجوب بيانها بعد أداء الشهادة وعدم وجوب بيانها. قوله: (كقوله
بعدها) أي وقبل الحكم، وأما لو قال ما ذكر على وجه الخصام بعد الحكم فلا ترد به الشهادة وانظر هل
هو بمنزلة الرجوع عن الشهادة فيغرم ما أتلفه بشهادة أم لا. قوله: (تتهمني) الذي في الرواية كما في بن
أتشتمني وتشبهني الخ. قوله: (مخاصما) أي منازعا له عند الحاكم أو لا كما هو الظاهر. قوله: (أي قاله حال
كونه مخاصما) أشار بذلك إلى أن مخاصما حال من المضاف إليه وهو الهاء من قوله وفيه أنه ليس المراد
أنه قال هذا الكلام في حال المخاصمة وإنما المراد أنه وقع منه ذلك على وجه الخصومة فالأولى جعله تمييزا
أي كقوله على جهة الخصومة فيكون مفيدا لكون ذلك القول إنما صدر منه لأجل الخصومة.
قوله: (لا شاكيا) أي لا على جهة الشكاية للناس ما فعل به بأن يقول لهم انظر وما فعل معي وما قال في حقي أو ما
كنت أظن أنه يقول ذلك ثم إنه إن قامت قرينة على تحقق الخصام أو على ظنه أو على تحقق الشكاية أو
ظنها عمل بذلك وإن فقد ما ذكر من القرينة حمل على أنه غير مخاصم لأن الشك في المانع ملغى، واعلم أن
ما ذكره المصنف من التفصيل قول أصبغ ولابن الماجشون تبطل شهادته بهذا القول من غير تفصيل
قال لأنه أخبر أنه عدوه، ولو قال أدنى من هذا سقطت شهادته ابن رشد وقول ابن الماجشون أصوب.
قال المواق واختاره اللخمي قال إلا أن يكون مبرزا فكان على المصنف الاقتصار على ما صوبه ابن
رشد واختاره اللخمي انظر بن. قوله: (مثال للعداوة) أي لان قوله ولا عدو معناه ولا من ظهرت
عداوته ولو بقرينة كما هنا لان الخصام قرينة على العداوة. قوله: (أن يمثل بالأخفى) أي ويعلم منه
الأجلى بطريق الأولى كمن أقر على نفسه بعداوة المشهود عليه هنا. قوله: (واعتمد في اعسار بصحبة
وقرينة صبر ضر) أي واعتمد الشاهد في شهادته بتا وقطعا بإعسار مدين على غلبة الظن الحاصلة من
طول صحبته للمدين ومن القرينة التي هي صبر المشهود له بالاعسار على الضر وما ذكره المصنف مبنى
على أنه يكفي الشاهد في شهادته الاعتماد على الظن القوي الناشئ عن القرائن فيما يعسر فيه العلم وهي
طريقة المازري والذي لابن رشد في المقدمات أنه يشترط في صحة شهادة غير السماع قطع الشاهد
بالمشهود عليه مطلقا ولو فيما يعسر العلم به عادة فلا تصح شهادة الشاهد بشئ إلا إذا كان يعلمه ويقطع
بمعرفته لا بما يغلب على الظن معرفته بالقرائن، وطريقة المازري مشى عليها ابن شاس وابن الحاجب
وهذا الظن الناشئ عن القرائن إنما هو كاف بالنسبة لجزم الشاهد بالمشهود به عند أداء الشهادة
لا بالنسبة لتأدية الشهادة إذ لو صرح في أداء الشهادة بالظن لم تقبل لان الشهادة لا تقبل إلا إذا
أديت على وجه البت والجزم بأن يصرح بذلك، ولعل هذا مراد ابن رشد فتنتفي الطريقتان ويرجعان
لشئ واحد انظر بن. قوله: (أن يعتمد في شهادته على غلبة الظن) أي أن يعتمد عليه في نفسه وإن كان
لا يشهد إلا على البت والقطع فلو صرح في أداء شهادته بالظن لم تقبل فهو نظير واعتمد البات على ظن
قوي وقيل: يجوز تأديتها بالتصريح بالظن القوي أيضا كما ذكره شيخنا. قوله: (فإنه يعتمد في شهادته
بذلك على الصحبة) أي على غلبة الظن الحاصلة من طول الصحبة لهما أو لأحدهما ومن قرائن الأحوال.
172

قوله: (أي اتهم على الحرص) أي اتهم في شهادته على الحرص والرغبة في دفع عار عنه وقوله كان به
الأولى حصل له عند الأداء وقوله فيما رد فيه متعلق بمحذوف أي كشهادته في حق رد فيه أي
حكم برد شهادته فيه لفسق الخ. قوله: (لاتهامه على الحرص) أي على قبولها أي لأجل دفع العار عنه
وقوله من دفع المعرة أي من حب دفعها عنه. قوله: (ولذا لو لم يحكم بردها حتى زال المانع الخ) يعني أنه لو
أداها وتأخر الحكم بردها حتى زال المانع فإنها تقبل بشرط إعادتها بعد زوال المانع كما قاله ح وأحرى
إذا لم يؤدها حتى زال المانع، لقول أشهب: من قال لقاض يشهد لي فلان العبد أو النصراني أو الصبي فقال
لا أقبل شهادتهم ثم زالت موانعهم قبلت شهادتهم لان قوله ذلك فتوى لا رد انظر المواق ا ه‍ بن.
قوله: (أو اتهم على أنه حرص على التأسي) أي اتهم في الرغبة على أن يكون غيره مثله في المعرة لتهون عليه
المصيبة. قوله: (كشهادة ولد الزنا فيه) أي لان ابن الزنا يتهم في الرغبة على مشاركة غيره له في
كونه ابن زنا مثله وقوله فيه أي أو في متعلقاته كقذف ولعان وإن كان عدلا وصورة اللعان أن
يشهد ولد الزنا أنه حصل بين فلان وزوجته فلانة لعان بسبب رميه لها بالزنا وهما ينكران ذلك ومثل
ولد الزنا في عدم قبول شهادته فيه وفي متعلقاته ولو مبرزا في العدالة المنبوذ. قوله: (أو شهادة من حد)
أي مسلم حد بالفعل احترازا عما إذا عفا عنه فشهد في مثله إن كان قذفا كما في المدونة لا إن كان
قتلا فلا يشهد في مثله كما في الواضحة عن الأخوين وانظر لو جلد البكر في الزنا هل له الشهادة باللواط
نظرا لاختلافهما في الحد أو لا نظرا لدخوله في حقيقة الزنا كما يأتي والظاهر الثاني كما قال شيخنا
العدوي، وقولي أي مسلم احترازا عن كافر حد ثم أسلم وحسنت حالته فتقبل شهادته في كل شئ.
تنبيه: جوز أصبغ تولية ولد الزنا قاضيا وحكمه فيه وقال سحنون لا بأس بتوليته القضاء
ولكنه لا يحكم فيه والمذهب ما قاله أصبغ. قوله: (كمخاصمة مشهود عليه) المراد بالمخاصمة هنا المرافعة
في الدعوى لا المنازعة لعداوة كما مر في أتتهمني مخاصما. قوله: (فإن رفعه الخ) علة لمحذوف أي فلا تقبل
شهادته عليه لان الخ ويستثنى مما ذكره المصنف من أن رفع الشاهد المدعى عليه تبطل شهادته عليه
الوالي المولى ممن هو فوقه كالسلطان أو نائبه على تغيير المنكر بالمصلحة فتقبل شهادته مع غيره عند موليه
على سرقة شخص أو زناه حيث رفعه لموليه عند أخذه، كما قال ابن القاسم، لأنه مأمور برفعه من حيث
إنه موكل بالمصلحة لا إن سجنه ثم رفعه لموليه فلا تقبل شهادته عليه إلا أن يكون سجنه لعذر كليل.
قوله: (إن يرفع أربعة رجاله شخصا الخ) قيل: هذا ينافي قوله الآتي وفي محض حق الله تجب المبادرة
وأجاب البدر القرافي بأنهم يبادرون بالشهادة عند الحاكم من غير تعلق بالمشهود عليه ولا رفع له.
قوله: (فلا تقبل شهادتهم عند ابن القاسم) قال شيخنا وعليه فيجب حدهم إلا أن يأتوا بأربعة شهداء سواهم
يشهدون أنهم رأوا المرود في المكحلة، ومقابل قول ابن القاسم قول مطرف وابن الماجشون
وأصبغ قبول شهادة الأربعة المذكورة واختاره اللخمي. قوله: (وفي كون هذا) أي ما ذكر من
مخاصمة المشهود عليه من باب الحرص الخ. قوله: (وإنما الذي يظهر في عدم القبول) أي في سبب
عدم قبول الشهادة عند مخاصمة الشاهد للمشهود عليه أي مرافعته للقاضي وادعائه عليه. قوله: (وإما
لظهور العداوة بالمخاصمة) فيه أن العداوة إنما تظهر بالمخاصمة بمعنى المنازعة كما مر ولا تظهر بمجرد
173

الترافع الذي هو المراد بالمخاصمة هنا تأمل. قوله: (قدم الحلف على الشهادة أو أخره) قال في التبصرة،
وأما الحرص على القبول فهو أن يحلف على شهادته إذا أداها وذلك قادح فيها لان اليمين دليل على
التعصب وشدة الحرص على نفوذها ا ه‍ وهذا ظاهر في أن اليمين القادحة في الواقعة بعد الأداء
خلافا لما يقتضيه قول الشارح تبعا لعبق قدم الحلف على الشهادة أو أخره كذا بحث بن. وقد يقال
مراد الشارح بقوله قدم الحلف على الشهادة أو أخره يعني في صيغة اليمين بأن قال والله شهادتي حق،
أو شهادتي والله حق، والحال أن تأدية الشهادة سابق على ذلك اليمين فلا منافاة بين كلام الشارح
وكلام التبصرة تأمل. قوله: (للقاضي تحليف الشاهد بالطلاق) مثل القاضي المحكم وأما الخصم فليس
له تحليف الشاهد كما في ميارة على الزقاقية وقوله بالطلاق الأولى أن يقول ولو بالطلاق كما هو نص
ابن فرحون في التبصرة ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (قبل الطلب) أي قبل أن يطلبه المشهود له.
والحاصل أن رفع الشاهد للحاكم قبل أن يطلبه المشهود له وهو المدعي لا يجوز ومبطل لشهادته نعم
يجب على الشاهد أن يعلم صاحب الحق بأنه شاهد له وجوبا عينيا إن علمه فقط وكفائيا إن علمه هو
وغيره. قوله: (وهو ما له اسقاطه) أي وليس المراد بمحض حق الآدمي ما لا حق فيه لله كما هو المتبادر
من قول المصنف محض حق الآدمي إذ ما من حق لآدمي إلا ولله فيه حق وهو أمره بإيصاله لمستحقه
ونهيه عن أكله بالباطل فلو حذف المصنف محض كان أولى. قوله: (تجب المبادرة) أي للرفع للحاكم
للشهادة من غير رفع للخصم لما سبق. قوله: (بقدره) أي فإن أخر الرفع زيادة عن القدر الذي يمكن فيه
الرفع كان جرحة في شهادته. قوله: (إن أستديم تحريمه) أي التحريم بسببه أي بسبب حق الله فاندفع
ما يقال ظاهره أن حق الله تارة يكون دائم التحريم وتارة لا يكون دائم التحريم وليس كذلك فحق
الله في العتق النهي عن التصرف في العتيق بالاستخدام والوطئ ونحوهما، فما دام السيد يستخدم
العتيق أو يطأ الأمة المعتقة فالحرمة دائمة بدوام ذلك التصرف على الشاهد وعلى السيد
بسبب ذلك النهي، وكذلك حق الله في الطلاق النهي عن معاشرة المطلقة معاشرة الأزواج
فالحرمة دائمة بدوام معاشرتها على الشاهد والزوج بسبب النهي عن المعاشرة وفي الوقف
حق الله النهي عن تغييره فالحرمة على الشاهد وواضع اليد دائمة بدوام تغييره بسبب النهي
عن التغيير، وحق الله في الرضاع النهي عن نكاح المتراضعين فما دام النكاح دائما فالحرمة على
الشاهد والزوج دائمة بسبب ذلك النهي. وأجاب شارحنا بجواب آخر. وحاصله أن قوله إن
أستديم تحريمه معناه أن أستديم تحريم خلاف مقتضاه فحق الله في العتق النهي عن التصرف في
العتيق باستخدامه ووطئه فحق الله يقتضي عدم الاستخدام والوطئ فخلافه وهو الاستخدام
والوطئ حرام وتلك الحرمة دائمة على كل من الشاهد والسيد ما دام ذلك الخلاف وكذا يقال في
الباقي. قوله: (ووقف) أي على غير معين والحال أن المتصرف فيه غير الواقف، وحاصل ما في المسألة
أن الوقف إما على غير معين أو على معين وفي كل الواضع يده عليه المتصرف فيه أما غير
الواقف أو الواقف فإن كان على غير معين والواضع يده على غير الواقف وجب على الشهود المبادرة بالرفع
للقاضي وإن كان الواضع يده عليه هو الواقف، فلا يرفعون إذ لا ثمرة في رفعهم لأنه لا يقضى به عليه
كما سبق وإن كان الوقف على معين، فلا يرفعون لأنه حق لآدمي إلا إذا طلبوا للشهادة كان
الواضع يده عليه الواقف أو غيره. قوله: (وإلا يستدم تحريم حق الله) أي وألا يستدم التحريم بسبب
174

حق الله بل كان يقتضي التحريم بمجرد الفراغ من متعلقه. قوله: (خير) المراد أنه لا يجب الرفع فلا ينافي
أن ترك الرفع أولى. قوله: (كالزنا وشرب الخمر) أي فحق الله فيهما النهي عنهما فإذا زنا الشخص
أو شرب الخمر حصل التحريم وانقضى بالفراغ منه. قوله: (والترك أولى) أي مندوب وقوله لما فيه من
الستر المطلوب أي على جهة الندب لا على جهة الوجوب وإلا كان الترك واجبا وهذا قول لبعضهم
وفي المواق أن ستر الانسان على نفسه وعلى غيره واجب وحينئذ فيكون ترك الرفع واجبا. قوله: (فيندب
الرفع) أي لأجل أن يرتدع عن فسقه وكره مالك وغيره الستر عليه. قوله: (كالمختفى) أي فتقبل
شهادته بناء على جواز تحمل الشهادة على المقر من غير أن يقول أشهد على به بشرط أن يستوعب
كلامه وهذا هو الذي به العمل كما في المفيد والتحفة وهو المشهور كما في المواق وأطلق المصنف في
قبولها من المختفي، وهو مقيد كما في النوادر بأن لا يكون المشهود عليه مخدوعا أو خائفا وإلا فلا تقبل
قاله ابن مرزوق ا ه‍ بن. قوله: (ولا إن استبعد الخ) عطف على قوله لا إن حرص على القبول والسين
والتاء في استبعد للعد والنسبة نحو استحسنت كذا أي عددته حسنا ونسبته للحسن وفاعل
استبعد ضمير يعود على الاشهاد بمعنى طلب تحمل الشهادة. وحاصله أن تحمل الشاهد الشهادة
إذا استبعده العقل أي استغربه أي نسبه للبعد والغرابة كان ذلك مبطلا للشهادة عند أدائها.
قوله: (كبدوي يستشهد) أي يطلب منه تحمل الشهادة في الحضر لحضري أو لبدوي على حضري أو على
بدوي بدين أو بيع أو شراء ونحوهما مما يقصد الاشهاد عليه من سائر عقود المعاوضة ونحو الوصية
والعتق والتدبير، فإذا طلب من البدوي تحمل الشهادة بشئ من ذلك في الحاضرة فلا تقبل منه
إذا أداها، وذلك لان ترك إشهاد الحضري وطلب البدوي لتحمل تلك الشهادة فيه ريبة لان العقل
يستبعد ويستغرب إحضار البدوي لتحمل الشهادة دون الحضري، وأما لو تحمل البدوي
الشهادة في الحضر لحضري أو بدوي على حضري أو بدوي بحرابة أو قتل أو قذف أو جرح أو
شبه ذلك كغصب وضرب وأداها، فإنها تقبل منه لعدم الاستبعاد في تحملها لأن هذه الأمور
لا يقصد الاشهاد عليها بل تصادف بخلاف الأموال، فإنه يقصد الاشهاد عليها. إذا علمت هذا فقول
المصنف كبدوي لحضري أي طلب تحمله الشهادة لحضري ولا مفهوم لحضري بل وكذا إذا
طلب منه تحملها لبدوي وقول الشارح على حضري لا مفهوم له أيضا فالمدار على كون البدوي
استشهد في الحاضرة فيما يقصد الاشهاد عليه كما صرح بذلك ابن عرفة وأما استشهاد الحضري في
البادية على البدوي أي طلب الحضري بتحمل الشهادة على البدوي فقد نقل في التوضيح فيه خلافا.
قوله: (لحضري) أي سواء كان قرويا أو مصريا فالمراد بالحضري ما قابل البدوي. قوله: (بخلاف إن
سمعه) أي إن سمع البدوي الحضري. قوله: (فلا يستبعد) أي تحمله للشهادة وقوله فيقبل أي
أداؤها. قوله: (فلا يستبعد شهادة البدوي) أي تحمل البدوي الشهادة للحضري على الحضري
لان هذا تحمل في البادية فلا يستبعد لاحتمال عدم وجود حضري إذ ذاك يشهد أنه. قوله: (أي مر
الحضريان بالبدوي) أي فأشهد أحدهما البدوي بدين له على الآخر فلا يستبعد ذلك لاحتمال عدم
وجود حضري في ذلك المكان يشهده. قوله: (ولا سائل لنفسه صدقة) أي سواء كانت قليلة أو كثيرة
فقوله في كثير متعلق بمقدر كما أشار له الشارح لا بسائل ويؤخذ من قوله في كثير أن شهادة السائل إنما
ترد في الأموال لا في حرابة وقتل وجرح وقذف ونحوها وهو كذلك. قوله: (في مال كثير) أي وتقبل
في التافه من المال كما تقبل في غير الأموال كالحرابة والقتل والجرح والقذف ونحوها. قوله: (وعلة المنع
الاستبعاد) وذلك لان المال الكثير إنما يقصد بالاشهاد عليه بحسب الشأن الأغنياء والعدول عنهم
175

للفقراء يستبعده العقل فيكون ريبة لان الفقر يحمل على أخذ الرشوة. وإذا علمت أن علة المنع الاستبعاد،
تعلم أن الأولى للمصنف أن يقول أو سائل في كثير عطفا علي كبدوي واعلم أن كلام المصنف مفروض
فيما إذا استشهد السائل أي طلب منه تحمل الشهادة كما أن ما قبله كذلك ولذا قال الشارح فيجري فيه
قوله بخلاف إن سمعه أو مر به. قوله: (فيجري فيه قوله بخلاف إن سمعه أو مر به) أي فإذا سمع السائل
شخصا يقر بمال كثير لآخر أو مر به فأشهد أحدهما السائل بأن عنده لصاحبه مالا كثيرا فتقبل
الشهادة بذلك عند أدائها. قوله: (بخلاف من لم يسأل) هذا يغني عنه ما بعده لأنه إذا كان من يسأل
الأعيان تقبل شهادته فأولى من لم يسأل أحدا أصلا ا ه‍ عدوي. قوله: (أو يسأل الأعيان) أي الأغنياء
أي أو كان يسأل لغيره مطلقا سواء كانت واجبة أو غير واجبة فتقبل شهادته ولو في المال الكثير ولو
طلب منه تحمل الشهادة به. قوله: (حرام) أي من الكبائر. قوله: (فيحمل كلامه) أي قوله أو من يسأل
الأعيان على المحتاج لا المستكثر لعدم صحة شهادته لفسقه. قوله: (بخلاف شهادته على مورثه البكر) أي
وبخلاف شهادته بالزنا على مورثه المحصن الفقير فإنها تقبل لعدم التهمة كما يأتي للمصنف. قوله: (فشهادته
عليه مقبولة) أي فشهادة الوارث على مورثه بالزنا أو بقتل العمد مقبولة ولو كان ذلك الشاهد
ينفق على ذلك الفقير المشهود عليه على المعتمد حيث كانت النفقة غير واجبة وإلا فلا تقبل كما
سيأتي. قوله: (وهناك ابن) أي لأخيهما أو للعتيق. قوله: (ونحوه) أي كإتلاف سلعة له. قوله: (فهذا) أي
شهادة صاحب الدين لمدينه بمال كالذي قبله. قوله: (والدين حال أو قريب الحلول) أي فإن كان المدين
موسرا أو كان معسرا ولم يقرب حلول الدين قبلت. قوله: (بخلاف المنفق للمنفق عليه) ابن عرفة
الصقلي عن ابن حبيب إن كان المشهود له في عيال الشاهد جازت شهادته له إذ لا تهمة. قال بعض
المتأخرين إن كان المشهود له من قرابة الشاهد كالأخ ونحوه انبغى أن لا تجوز شهادته له بمال لأنه،
وإن كانت نفقته لا تلزمه فإنه يلحقه بعدم نفقته عليه معرة وإن كان المشهود له أجنبيا من الشاهد
جازت شهادته له الصقلي هذا استحسان إذ لا فرق بين القريب والأجنبي في رواية ابن حبيب ا ه‍.
واعلم أن مسألة المصنف تقيد بما إذا لم يكن أنفق ليرجع وإلا كان داخلا في قوله
أو بدين لمدينه وقوله للمنفق عليه أي وكذا شهادته عليه بقتل أو زنا وهو محصن فإنها
تقبل لضعف التهمة بكون النفقة عليه غير واجبة أصالة. قوله: (كأجير مثلا) أي أو أخ أو لكون
النفقة بالالتزام. قوله: (قريبا أم لا) أي وسواء كان في عياله أم لا. قوله: (وأما من نفقته واجبة أصالة)
أي كالزوجة والأبوين. قوله: (لأجل القرابة) الأولى لتأكيد القرب فتدخل الزوجة ويخرج
176

نحو الأخ. قوله: (وإن بالمجلس) أي هذا إذا شهد كل واحد منهما لصاحبه بمجلس غير مجلس الآخر
بل وإن شهد كل واحد منهما لصاحبه بمجلس واحد. قوله: (ولو اتحد الخ) أي هذا إذا كان الشخص
المشهود عليه متعددا بل ولو كان واحدا. قوله: (بعضهم لبعض) هو بالجر بدل من القافلة بدل بعض
من كل أو بالرفع مبتدأ أي بعضهم يشهد في حرابة لبعض. قوله: (فتجوز) أي بشرط أن يكون
الشهود عدولا فشهادة القافلة بعضهم لبعض في الحرابة مشروطة بكون الشهود عدولا كما قيد به في
المدونة، وهو ظاهر المصنف أيضا، لان سياقه فيمن تقبل شهادته خلافا لتت، وأما شهادة القافلة
بعضهم لبعض على بعض منهم في المعاملات فنقل المواق من رواية الأخوين عن مالك وجميع أصحابه
إجازتها للضرورة بمجرد توهم الحرية والعدالة وإن لم تكن العدالة والحرية محققتين لكن ذلك في السفر
وحده وعليه درج صاحب التحفة اه‍ بن. قوله: (لا المجلوبين) قال طفي قد عم المصنف في توضيحه
ومختصره في عدم قبول شهادة المجلوبين أي سواء شهد بعضهم لبعض على أجنبي أو على بعض منهم
كانت الشهادة بمال أو غيره مع أن المسألة مفروضة في المدونة في شهادة بعضهم لبعض بالنسب وعلى
ذلك قرره ابن مرزوق. ونص المدونة قال مالك في الحصن يفتح فيسلم أهله فيشهد بعضهم لبعض
بالنسب فإنهم يتوارثون بأنسابهم كما كانت العرب حين أسلمت، وأما العدد القليل من الكفار يحملون
إلينا فيسلمون فهؤلاء لا تقبل شهادة بعضهم لبعض إلا أن يشهد من سواهم من تجار أو أسارى كانوا
عندهم فيتوارثون. بذلك قال ابن القاسم والعشرون عدد كثير ا ه‍ نقله المواق فقوله وأما العدد القليل الخ
هو مراد المصنف بالمجلوبين أي فمراده بهم قوم يأتون من الكفار مترافقين إلى بلد الاسلام
فيسلمون سواء جرى عليهم الاسترقاق ثم أعتقهم الامام أم لا، وقد علمت أنه مفروض في المدونة في
التوارث بالنسب وعلى ذلك قصرها أبو الحسن وهل تشترط العدالة في العشرين أم لا؟ ظاهر المدونة
عدم اشتراطها وهو الذي اختاره التونسي واللخمي والمازري وهو مبني على أن الشهود إذا كثروا
لا ينظر إلى عدالتهم لحصول العلم بخبرهم ولو وجدت العدالة لكفى اثنان، وظاهر كلامهم أن
العشرين كلهم شهود وهو كذلك انظر بن إذا علمت هذا فاعلم أن كلام المصنف قد قرر بتقريرين،
فقرره ابن مرزوق بمسألة المدونة فقال لا تجوز شهادة المجلوبين بعضهم لبعض بالنسب ليتوارثوا
إلا أن يكثر الشهود منهم كعشرين فإن كثر الشهود جازت شهادة بعضهم لبعض بالنسب والمراد
بالمجلوبين القوم من كفار يأتون لبلاد الاسلام فيسلمون وقرره غيره من الشراح بمسألة أخرى
غير مسألة المدونة وتبعهم الشارح على ذلك. وحاصله لا تجوز شهادة المجلوبين بعضهم لبعض على
أجنبي من غيرهم لا بمال ولا بقذف ولا بغير ذلك إلا أن يكثر الشهود منهم كعشرين يشهدون على ذلك
الأجنبي فإن كان المشهود منهم كذلك جازت شهادتهم على ذلك الأجنبي وفسروا المجلوبين بالقوم
الذين يرسلهم السلطان لسد ثغر أو لحراسة قرية أو قطر أو القوم الكفار الذين يأتون من بلادهم
مترافقين لبلد الاسلام فيسلمون، وأما لو شهد بعضهم لبعض منهم على بعض منهم كفى الشاهدان إذا
كانا عدلين وكل من التقريرين صحيح. قوله: (كعشرين) قال عبق وانظر لو شهد عشرة منهم وحلف
المشهود له هل يعمل بذلك في المال أو لا والثاني ظاهر كلامهم. قوله: (حيث كانوا عدولا) أي حيث كان
العشرون عدولا وهذا هو الظاهر تشديدا عليهم كما في المج وإن كان ظاهر المدونة عدم اشتراط عدالتهم
واختاره العلامة المازري واللخمي والتونسي بناء على أن الشهود إذا كثروا لا ينظر لعدالتهم. قوله: (هذا)
أي التعليل بوجود الحمية البلدية فيهم المجامع لوجود العدالة باعتبار الخ. قوله: (وأما المشاهد
فيهم الآن فحمية الجاهلية) أي وحينئذ فلا عدالة فيهم فلا تقبل شهادتهم لبعضهم على أجنبي
177

منهم ولو كثر الشهود منهم جدا. قوله: (فأنى تقبل شهادتهم) أي فلا تقبل ولو كثروا الخ فهو
استفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله: (ولا من شهد له بكثير) الأولى تجريده من لا لأنه منخرط في
سلك ما قبله وقوله بكثير في نفسه أي لا بالنسبة لما شهد به لغيره وقوله أي شأنه الخ بيان للكثير في
نفسه. قوله: (فلا تصح) أي الوصية له ولا لغيره أي لان الشهادة إذا بطل بعضها للتهمة بطل كلها
بخلاف ما بطل بعضها للسنة فإنه يمضي منها ما أجازته السنة فقط كشهادة رجل وامرأتين بوصية
بعتق وبمال فإنها ترد في العتق لا في المال وكمسألتنا هذه في بعض صورها. قوله: (أو أقل) أي
كعشرة وقوله أو أكثر أي كستين مثلا. قوله: (بقليل أو كثير) أخذ الشارح ذلك من حذف المصنف
المتعلق المؤذن بالعموم. قوله: (يأخذ بالتبع) أي لم يأخذه المشهود له لأنه ليسارته غير منظور له
وبهذا يلغز ويقال دعوى أخذت بشاهد بلا يمين أو يقال شئ أخذ من مال الغير بمجرد الدعوى
بقي شئ آخر، وهو أن ما ذكره الشارح من التبعية إنما يظهر إذا شهد لنفسه بقليل ولغيره بكثير
لا فيما إذا شهد لنفسه بقليل ولغيره بقليل أيضا فمقتضاه أنه يحلف إذا لم يوجد إلا هو كما يحلف
غيره فتأمل. قوله: (بطل حق الشاهد) أي كما يبطل حق المشهود له. قوله: (ومحل كلام المصنف)
أي قبولها لهما إذا شهد لنفسه بقليل. قوله: (ولو قل) أي ولو قل ما شهد به لنفسه والبطلان في هذه
المسائل للسنة لا للتهمة. قوله: (فلا تقبل له ولا لغيره مطلقا) أي سواء شهد لنفسه بكثير أو بقليل
والفرق بين الوصية وغيرها أن الموصي قد يخشى معاجلة الموت ولا يجد غير الموصى له يشهده
بخلاف غيره. قوله: (بعض العاقلة) أي عاقلة القاتل خطأ. قوله: (إلا أن يكون الشاهد بالفسق فقيرا الخ)
هذا القيد لابن عبد السلام بحثا وجزم به في التوضيح وقد أبقى خش المصنف على إطلاقه،
وإليه أشار الشارح بقوله وقيل لا تصح مطلقا أي لأنه يدفع عن قومه بشهادته ضررا لكن بن
قد رد على خش بأن هذا غير صواب. قوله: (أو المدان الخ) يعني أن المدان وهو من عليه الدين
إذا كان فقيرا لا تصح شهادته لرب الدين يشهد له بمال أو بغيره فقوله أو المدان المعسر أي في
نفس الامر، والحال أنه ملئ في الظاهر ولم يثبت عسره عند الحاكم هذا مراد الشارح بدليل قوله
ولذا لو ثبت الخ. قوله: (بمال أو غيره) أي لأنه إذا كان المانع من قبول الشهادة إنما هو لكونه أسيره
فلا فرق بين المال وغيره وربما كان غير المال أهم عند المشهود له من المال قاله ابن عبد السلام وفي
ابن مرزوق عن بعض أهل النظر أنه تجوز شهادة المدين لرب الدين فيما عدا المال انظر بن. قوله: (ولذا
لو ثبت عسره عند حاكم الخ) الصواب كما في بن نقلا عن التوضيح أنه ليس المراد بالعسر
هنا العسر المصطلح عليه بل الفقر بحيث يتضرر بدفع ما عليه وإن كان مليئا به وأنه
لا بد من ثبوت ذلك عند حاكم حتى يصح القدح به. والحاصل أن المراد بالمدين الذي لا تقبل
شهادته لرب الدين من كان يتضرر بأخذ الدين منه وثبت ذلك عند الحاكم. قوله: (ولا مفت) أي
178

ولا حاضر عنده أيضا كما في تت. قوله: (ليلزمه الطلاق) أي لانكاره وقوعه عليه كما أفتاه المفتي. قوله: (لم
يجز له أن يشهد بما سمع) أي منه حين استفتاه فلو وقع وشهد لم تنفعه شهادته. قوله: (خلاف ما يقتضيه
ظاهره) أي لان ظاهر الحال يقتضي وقوع الطلاق والمراد بالحال اليمين. والحاصل أن ظاهر اليمين التي
يحكم القاضي بمقتضاه الوقوع من حيث أنه لا ينوي والذي يعلمه المفتي من باطن اليمين عدم الوقوع
من حيث أنه ينوي، فلما علم المفتي من باطن اليمين خلاف ما يقتضيه ظاهرها لم تجز شهادته بما سمعه فإن
شهد لم تنفع شهادته. قوله: (بل سمعه بحلف بالطلاق) أنه لا يكلم زيدا مثلا ثم كلمه. قوله: (أو أقر عنده
ذلك) أي أو بعتق أو بموجب حد ثم أنكر ما أقر به وقوله أو كان الخ أي أو استفتاه ولكن كان
ما استفتاه فيه مما لا ينوي الخ وقوله كإرادة ميتة أي كما إذا حلف بالطلاق أنه لا يكلم زيدا فكلمه وقال
للمفتي أردت الطلاق من زوجتي فلانة التي ماتت. قوله: (من كونه محض حق الله واستديم تحريمه) أي
فليبادر وجوبا بالرفع بقدر الامكان وقوله أولا أي أو لا يستدام تحريمه فيرفع إن شاء وإن شاء ترك
وقوله أو محض حق آدمي أي فيرفع بعد الطلب ا ه‍. فرع: إذا أصلح انسان بين شخصين لا يجوز
أن يشهد عليهما بالصلح ولا بما وقع به لأنها تشبه الشهادة على فعل نفسه. قوله: (وقال أنا بعته له)
مفهومه أنه لو ثبت أنه باعه له كما لو شهد باستحقاق المشهود له هذا الشئ المعين ثم ثبت بالبينة أن الشاهد
باعه للمشهود له فلا يضر ذلك الثبوت في الشهادة بالاستحقاق وذلك لاحتمال كذب البينة الشاهدة
أنه باعه له فالاقرار أقوى كما استظهره الشيخ كريم الدين واستبعده شيخنا واستظهر الشيخ أحمد
خلافه وأنه أحرى من الاقرار بهذا الحكم. قوله: (لاتهامه على رجوع المشتري عليه بالثمن) أي الذي
دفعه المشتري للبائع. قوله: (فلو قال الشاهد وأنا وهبته له أو تصدقت به عليه قبلت الخ) أصل هذا
الكلام لعج عن بعض شيوخه وقد بنوه على تعليل عدم القبول بدفع تهمة الرجوع عليه بالثمن إن لم
يشهد وهو غير مسلم فإن المسألة أصلها لابن أبي زيد والنقل عنه يدل على أن العلة في بطلان تلك
الشهادة كونها شهادة على فل النفس من التمليك، ولا شك أنه إذا قال وأنا بعته له أو وهبته له فقد شهد
على تمليكه إياه وهو فعل نفسه والشهادة على فعل النفس لا تصح وحينئذ فلا فرق بين بعته له
ووهبته له كما في ابن مرزوق وغيره انظر بن. وإذا علمت أن العلة في بطلان الشهادة في هذه
المسألة كونها شهادة على فعل النفس تعلم سقوط ما اعترض به بعضهم على المصنف من أن ذكر هذه
المسألة لا يخلو عن شئ لأنه إن كان المانع فيها الحرص على القبول كان الأولى ذكرها عقبه فيما مر،
وإن كان دفع الضرر عن نفسه فكان الأولى تقديمه عنده وجعله من أمثلته فتأمل. قوله: (ولا إن
حدث) أي ولا إن ثبت حدوث فسق بعد الأداء وقبل الحكم سواء كان الثبوت قبل الحكم
أو بعده وأما لو اتهم بحدوثه فلا يضر. قوله: (لدلالة حدوثه على أنه كان كامنا فيه) أي ولهذا قيد بعضهم
المصنف بالفسق الذي يستتر بين الناس كشرب خمر وزنا لا نحو قتل وقذف وأطلق بعضهم والحاصل
أن الفسق الحادث في الشاهد بعد الأداء إن كان ما يستتر عن الناس كزنا وشرب خمر ترد به الشهادة
اتفاقا لأنه يدل على كون ذلك الفسق فيه وأنه كان متلبسا به وقت أداء الشهادة، وأما القتل والقذف
ونحوهما مما لا يكون كذلك فاختلف فيه، فقال ابن القاسم تبطل به الشهادة كالأول، وقال ابن
الماجشون لا تبطل، واختاره غير واحد من الشيوخ، ولفظ ابن الحاجب ولو حدث فسق بعد
الأداء بطلت مطلقا وقيل إلا بنحو الجراح والقتل اه‍ بن. وعلى كلام ابن القاسم لو شهد عدلان
بطلاق امرأة ويقولان ورأيناه يطؤها بعد الطلاق كانت شهادتهما باطلة لان قولهما ذلك
قذف، وقد حكى ح خلافا في حدهما نظرا لكونه قذفا وعدمه نظرا إلى أنه لما بطلت شهادتهما
179

بالطلاق لم يكن المرمى به زنا فانظره. قوله: (بخلاف الخ) لما ذكر أن جر المنفعة ودفع المضرة يقدح في
الشهادة ذكر أن ظهور التهمة على ما ذكر بعد الأداء وقبل الحكم لا يقدح فيها لخفة التهمة في ذلك.
قوله: (كشهادته بطلاق امرأة ثم تزوجها) أي والحال أنه لم يثبت أنه خطبها قبل زواج المشهود عليه بطلاقها
وإلا ردت. قوله: (أو شهد لها بحق الخ) أي فذلك الشاهد يتهم على أنه شهد لها لأجل أن يتزوجها وقد
ظهرت تلك التهمة بعد الأداء وقبل الحكم. قوله: (كشهادته بفسق رجل) أي شهد ذلك الرجل بدين
مثلا وقوله ثم شهد الرجل أي قبل الحكم بفسقه في الشهادة الأولى وذلك كما لو شهد زيد بفسق عمرو
الشاهد بدين ثم إن عمرا شهد قبل الحكم بفسقه على بكر أنه قتل خالدا خطأ وزيد الشاهد بفسق
عمرو من عاقلة بكر، فشهادة زيد بفسق عمرو صحيحة ولا يضر تهمة زيد في شهادته بأنه قصد دفع
الضرر عن نفسه لكونه من عاقلة بكر. والحاصل أن زيدا يتهم على أنه إنما شهد بفسق عمرو لأجل
دفع الضرر عن نفسه وقد ظهرت تلك التهمة بعد الأداء وقبل الحكم. قوله: (بخلاف عداوة) أي
حدوثها بعد الأداء. قوله: (حيث تحقق حدوثها) أي وأما لو احتمل تقدمها على الأداء فإنها تضر كما مر
في قوله كقوله أتتهمني وتشبهين بالمجانين مخاصما فما مر عداوة محقق سبقها على أداء الشهادة أو محتمل
وما هنا حادثة تحقيقا. قوله: (ولا عالم على مثله) أي لا تقبل شهادة عالم على مثله وهذا ذكره ابن رشد
وعزاه لابن الماجشون وحمله ابن عرفة على من ثبت التحاسد أو العداوة بينهم أو ظن ذلك كما قرره
به الشارح تبعا لعبق، وبحث فيه الشيخ ميارة بأن من ثبت بينهم ذلك تبطل شهادتهم مطلقا حتى في
غيرهم فلا خصوصية لهم بذلك حتى ينص عليهم وأجاب شارحنا عن بحث ميارة بقوله وكأن المصنف
نص على ذلك دفعا لما يتوهم من قبول شهادتهم مطلقا فأفاد أنهم كغيرهم. قوله: (كالملتزمين) أي
وكالعامل الذي يرسله الملتزم لجباية الخراج والأموال من التزامه ويجعل له في نظير ذلك مأكله
ومشربه وشيئا من المال فلا يجوز الأكل مع ذلك العامل وترد الشهادة بالأكل مع ذلك العامل وبأخذ
شئ منه إذا دفعه له مما يجيبه من الخراج لأنه متعد لان صاحب الالتزام إنما أذن له في أكله فقط،
وهذا إذا لم يجعل له قدرا معلوما لاكله كل يوم وإلا جاز الأكل معه ولكن ترد به الشهادة لاخلاله
بالمروءة كما قال الشارح كذا قرر شيخنا. قوله: (والعمال الذين جعل لهم الخ) وذلك كالباشاوات
والأمراء الذين يولون من طرف السلطان على الحكم بين الناس في البلاد وصرف الأموال في جهاتها،
وقسم ابن رشد ما بيد الأمراء الذين جعل لهم صرف الأموال في وجوهها من الأموال إلى
ثلاثة أقسام أحدها أن يكون حلالا لكن لا يعدلون في قسمه فهذا الأكثر على جواز قبوله
منهم وقيل يكره الثاني أن يكون مختلطا فهذا الأكثر على كراهته وقيل يجوز قبوله الثالث أن يكون
كله حراما وهذا قيل يحرم أخذه منهم وقيل يكره، وقيل يجوز قال ابن رشد وإن كان الغالب
عليه الحرام فله حكم الحرام وإن كان الغالب عليه الحلال فله حكم الحلال وفيه كراهة ضعيفة اه‍ بن.
180

قوله: (ولا إن تعصب) في المفيد أن العصبة أن يبغض شخصا لكونه من بني فلان أو من قبيلة
كذا أي أن يبغض الشاهد المشهود عليه لكونه من بني فلان الخ قال ابن مرزوق والأولى أن يمثل لذلك
بشهادة الأخ لأخيه بجرح شاهد شهد عليه بحق أو قذف أو بتعديل شاهد شهد له ومن ذلك ما تقدم من شهود بعض العاقلة بفسق
شهود القتل، فإن العصبة فيه ظاهرة وكذا شهادة العدو على عدوه ا ه‍ بن.
قوله: (كالرشوة) أي كما لا تقبل شهادة الشاهد إن أخذ الرشوة أو لقن خصما. قوله: (لابطال حق أو تنفيذ
باطل) لا مفهوم له بل أخذ الرشوة حرام وجرحة مطلقا ولو كان لتحقيق حق أو إبطال باطل وإنما
التفصيل في دفعها لهم فإن كان الدفع لأجل تحقيق حق أو إبطال جاز وإن كان لتحقيق باطل
أو إبطال حق حرم ا ه‍ بن. قوله: (وتلقين خصم) قال الشيخ المسناوي من هذا ما يفعله المفتون اليوم لان
الافتاء إنما كان في الصدر الأول لاحد أمرين إذا توقف القاضي في الحكم أو سجل الحكم إلا أنه خشي
أن حكمه لم يصادف محله فيأتون بالحكم مكتوبا من المفتي، وأما الآن فلا ترى الناس يشرعون في الخصام
إلا بعد الاستفتاء لينظر هل الحق له أو عليه فيتحيل على إبطاله وترى المفتي الواحد يكتب لكل واحد
من الخصمين نقيض ما كتب للآخر في نازلة واحدة نسأل الله العفو ا ه‍ بن. قوله: (بغير حق) أي وأما
تلقين الخصم حجة يثبت بها حقه فلا يكون قادحا في شهادته. قوله: (أي أن المطل) أي الذي هو
تأخير الدفع عند استحقاق الحق وقدرته عليه مع الطلب حقيقة أو حكما وقوله من موانع الشهادة أي
إذا تكرر حصوله من الشخص كما يفيده كلام ابن رشد. قوله: (وعتق) الواو بمعنى أو. قوله: (أي أن
من شأنه الحلف بذلك الخ) أشار بذلك إلى أن محل كون الحلف بما ذكر قادحا في الشهادة إذا تكرر
ذلك منه. قوله: (لأنه من يمين الفساق) أي والفاسق لا تقبل شهادته. قوله: (كما في الحديث)
وهو الطلاق والعتاق من أيمان الفساق وهذا الخبر ذكره ابن حبيب في الواضحة ولا يعرف في
كتب الحديث المشهورة. قوله: (وبمجئ مجلس القاضي ثلاثا) ابن فرحون لأنه يتوجه بذلك على
الناس ويعلمهم مأكلة وينبغي للقاضي منعه من ذلك المجئ. قوله: (أي ثلاثة أيام متوالية) هذا ما يفيده ح.
قوله: (وأولى ثلاث مرات في يوم) هذا ما حمل عليه تت كلام المصنف لكن قصره عليه يوهم
أن مجئ مجلسه ثلاثة أيام متوالية غير قادح مع أنه قادح كما يفيده ح. قوله: (بلا عذر) أي وأما
إتيانه لمجلسه ثلاث مرات في يوم لعلم أو حاجة فلا يكون قادحا. قوله: (لأرض حرب) أي أو
لبلاد الهمج من لسودان الذين تتعطل فيهم الشعائر الاسلامية واحترز بالتجارة من دخول أرضهم
لفداء مسلم عندهم أو أدخلته الريح غلبة فلا يقدح ذلك في الشهادة. قوله: (أي مكثر شرب الخمر)
وهل الكثرة تعتبر بالعرف أو تفسر بما فسر به إدامة الشطرنج وهو مرتان في السنة تردد في ذلك
بعضهم وتعليله يفيد أن غير الولد مثله كذا في عبق وفي الكافي لابن عبد البر من جلس مجلسا واحدا مع
أهل الخمر في مجالسهم طائعا غير مضطر سقطت شهادته وإن لم يشربها ا ه‍ وهذا يقتضي أن
صيغة شريب في المصنف للنسب لا للكثرة تأمل. قوله: (وبوطئ من لا توطأ) محل رد شهادته
181

ووجوب الأدب عليه إذا علم حرمة ذلك وإلا فلا ا ه‍ عبق. قوله: (وبالتفاته في الصلاة) أي حيث
كثر منه ذلك لغير حاجة وعلم أن ذلك منهي عنه وإلا فلا. قوله: (ولو نفلا) كذا في نقل ابن يونس وغيره
عن ابن كنانة واستحسنه ابن عرفة في النفل إذا علمت أمانته في الفرض اه‍ بن. قوله: (بأنه لم يكترث
بها) أي يستخف بقدرها وذلك مخل بالمروءة. قوله: (وباقتراضه حجارة مثلا) أي أو خشبا أو بوصا
أو غير ذلك وقوله من المسجد مثلا أو من حبس غير مسجد والمراد باقتراض الحجارة تسلفها ورد
مثلها وسواء كان المسجد عامرا أو خاربا بنى بتلك الأنقاض التي اقترضها حبسا كمسجد أو غير حبس
كدار. قوله: (أي التساهل فيما ذكر) أي التساهل في فعل الوضوء والغسل والتساهل في اخراج الزكاة
بأن يؤخر اخراجها عن وقت الوجوب أو يخرج بعض ما يجب عليه دون بعض وهذا فيما لا يأخذها
ساع بأن تكون لا ساعي لها كالنقد وكالحرث في زماننا بمصر أولها ساع ولم يخرج كما في الماشية.
تنبيه: إلا غلف الذي لا عذر له في الختان لا تجوز شهادته لاخلال ذلك بالمروءة. قوله: (والحج)
أي فإذا كان كثير المال قويا على الحج ولم يحج وطال زمان تركه له كان ذلك جرحة في شهادة كما
قال سحنون في العتبية، قال ابن رشد عقبه في البيان وهذا بين لان الحج من دعائم الاسلام الخمس
وإنما اشترطوا طول زمان الترك مع القدرة لاختلاف أهل العلم في وجوبه هل على الفور أو
التراخي فلا يكون تأخيره كبيرة إلا إذا أخره تأخيرا كثيرا يغلب على الظن ضعف قواه به. قوله: (واستخلاف
أبيه) أي ولو كانت اليمين منقلبة على المعتمد وهذا محمول على ما بعد الوقوع وإلا فهو لا يمكن
ابتداء من تحليفه على المشهور إلا إذا تعلق بها حق الغير كالزوج فيحلف الأب إذا ادعى في السنة
عارية شئ من جهاز بنته كما مر. قوله: (من تجريح) أي بفسق وارتكاب ما يخل بالمروءة وقوله
أو غير ذلك أي كجر المنفعة ودفع المضرة والعصبية. قوله: (بعداوة) أي دنيوية بين الشاهد والمشهود
عليه، وقوله وقرابة أي بين الشاهد والمشهود له ولو زاد المصنف وشبههما كان أحسن وزاده ابن شاس
وغيره والمراد بشبههما ما عدا الفسق إذ هو المختلف فيه فقط ونص ابن عرفة يسمع الجرح في متوسط
العدالة مطلقا، وفي المبرز المعروف بالصلاح والفضل تجريح العداوة أو القرابة أو الجر وشبه
ذلك وفي قبولها بالاسفاه أي الفسق قولا سحنون وأصبغ في العتبية والواضحة وعلى قول
تجريحه، ففي حال من يقبل منه تجريحه أربعة أقوال سحنون لا يقبل إلا من مبرز في العدالة وظاهره
كان التجريح بالفسق أو بغيره، وقال ابن الماجشون يجرحه من هو مثله بالفسق لا من هو دونه أي
وأما تجريحه بغير الفسق فيقبل حتى ممن هو دونه وقال ابن عبد الحكم لا يقبل التجريح في بين العدالة
إلا من معروف بالعدالة أو أعدل منه، وأما ما يحتاج في إثبات عدالته للكشف عنه فلا يقبل تجريحه
لأهل العدالة البينة وظاهره كان التجريح بالفسق أو بغيره وقال مطرف يجرح المبرز من هو مثله
ودونه كان التجريح بالفسق أو بغيره وهذا أحسن عند اللخمي لان الجرح مما يكتم اه‍. إذا علمت
هذا علمت أن قول المصنف وجرح في المبرز بعداوة أو قرابة إشارة لقول أصبغ وأن الأولى أن
يؤخر قوله وأن بدونه بعد قوله كغيرهما فيقول كغيرهما وإن بدونه على المختار وتعلم أن الذي اختاره
اللخمي قول مطرف لا قول سحنون خلافا للشارح. والحاصل أن مطرفا يقول المبرز يجرحه
من هو مثله أو دونه ولو بالفسق واختاره اللخمي وأما سحنون فهو وإن قال المبرز يجرحه
بالفسق لكني قول لا يجرحه إلا مبرز في العدالة مثله قال ابن رشد ومحل الخلاف المذكور
إذا نصوا على الجرحة، وأما لو قالوا هو غير عدل ولا جائز الشهادة فلا يقبل ذلك إلا من
المبررين في العدالة العارفين بوجوه التعديل والتجريح اتفاقا انظر بن. قوله: (وإن ثبت القدح الخ)
182

أي هذا إذا حصل القدح فيه من مثله أو ممن هو أعلى منه بل وإن حصل القدح فيه من دونه فالباء
بمعنى من أي وإن كان القادح في المبرز دون ذلك المبرز في العدالة. قوله: (فيمن قدح بذلك) أي بالعداوة أو
القرابة. قوله: (بغير القرابة والعداوة) أي بأن قدح فيه بالفسق وأراد أن يثبته وقوله فلا يسمع قدحه
أي كما قال أصبغ في الواضحة المبرز لا يجرح بالفسق. قوله: (وزوال العداوة الخ) حاصله أن الشاهد إذا
شهد بشئ ثم ردت شهادته لعداوة أو فسق ثم زالتا منه وشهد بحق آخر فإنها تقبل شهادته إذا علم
زوالهما منه ويعلم ذلك بالقرائن التي يغلب على الظن زوالهما بها. قوله: (بحق غير الأول) أي وأما لو
أراد الشهادة بالأول فلا تقبل منه بحال لأنها قد ردت أولا لمانع فلا تقبل بعد زوال المانع فيما ردت فيه
لقوله فيما مر ولا إن حرص على إزالة نقص. قوله: (فليس فيه تهمة الخ) أي فليس في رجوعهما لحالهما
تهمة الخ ولو قال فليس في الشهادة بعد رجوعهما لحالهما تهمة الحرص الخ كان أولى وإنما لم يكن في
الشهادة المذكورة تهمة الحرص على إزالة النقص لان الحرص على إزالة النقص إنما يكون بأداء
الشهادة بعد زوال المانع فيما ردت فيه قبل ذلك لأجله وأما أداؤها بعد زوال المانع في غير ما رد فيه
فليس فيه التهمة المذكورة. قوله: (لم يزك ممنوع الخ) أشار الشارح إلى أن ضمير الفعل عائد على من.
قوله: (تجر له بذلك) أي بتزكيتك لشاهده. قوله: (أي لا يجوز لك تجريح من شهد له) هذا التفسير
بناء على أن المراد بالعكس العكس في التصوير. قوله: (أي يزكي الخ) أي يجوز أن يزكي شاهده
ويجوز أن يجرح شاهدا عليه. قوله: (ثم استثنى الخ) أشار بهذا إلى أن قول المصنف إلا الصبيان
مستثنى من معنى الكلام السابق فكأنه قيل لا بد في الشهادة من وجود الشروط وانتفاء الموانع إلا
شهادة الصبيان فإنه لا يشترط فيها جميع ذلك ويحتمل أنه مستثنى من مفهوم ما تقدم أي فإن انتفت
الشروط من البلوغ ونحوه لم تصح الشهادة إلا الصبيان وعلى كلا الوجهين فالاستثناء متصل
أما على الثاني فظاهر وأما على الأول فلان الموضوع يؤخذ عاما أي مطلق شهادة ويحتمل أن يكون
مستثنى من المنطوق أي منطوق قوله العدل حر مسلم بالغ بلا فسق وحجر الخ، وعلى هذا فيكون
الاستثناء منقطعا ثم إنه على الانقطاع فالنصب متعين على لغة الحجازيين، وأما على الاتصال فالمستثنى
منه غير مذكور فإن قدر مرفوعا جاز رفع المستثنى اتباعا وجاز نصبه على الاستثناء أي لا تجوز شهادة
فاقد الشروط إلا الصبيان، وإن قدر مجرورا جاز جر المستثنى اتباعا ونصبه على الاستثناء.
قوله: (في شئ خاص) أي وهو القتل والجرح. قوله: (لا نساء في كعرس) سقوط شهادتهن
في كعرس ظاهر الجلاب أنه المذهب كما في ابن عرفة وصححه ابن الحاجب وجعله في التوضيح هو
المشهور وقال فيه والفرق للمشهور أن شهادة الصبيان على خلاف الأصل فلا يجوز القياس عليها ا ه‍ بن.
قوله: (وأشار الخ) في هذا الدخول إشارة إلى أن قول المصنف في جرح أو قتل متعلق بالامرين
183

الصبيان والنساء الأول على جهة الاثبات أي إلا الصبيان فتجوز شهادتهم في قتل أو جرح فقط
فلا تصح شهادتهم في الأموال، والثاني على جهة النفي أي لا شهادة النساء في حال اجتماعهن في
كعرس فلا تجوز في قتل أو جرح، ومقتضاه أنه تصح شهادة النساء في حال اجتماعهن في مال، ولو كان
اجتماعهن في كعرس والمصرح به أنه لا تقبل شهادتهن في شئ في حال اجتماعهن لان اجتماعهن غير
مشروع. قوله: (أو قتل) ابن عرفة الباجي إذا جوزنا شهادة الصبيان في القتل فقال غير واحد من
أصحاب مالك لا تقبل فيه حتى يشهد العدول على رؤية البدن مقتولا فلو شهدوا أن ابن فلان قتل ابن
فلان ورماه في البحر لم تقبل الشهادة. قوله: (وأصل القسامة في القصاص الخ) فيه أنه سيأتي للمصنف
أنه يحلفها في الخطأ من يرث، والحاصل أن ما ذكره من عدم القسامة مع شهادة الصبيان وأن اللازم
إنما هو الدية في العمد والخطأ مسلم وأما التعليل بقوله إذ لا قصاص عليهم والقسامة إنما تكون في
القصاص ففيه نظر. قوله: (لدفع توهم الخ) الأولى ردا على من قال بالحاقهن الصبيان. قوله: (غير
مشروع) أي وحينئذ فهو قادح في عدالتهن واغتفر فيما لا يظهر للرجال كالولادة للضرورة. قوله: (فلو
لم تقبل منهم) أي بعضهم على بعض. قوله: (حينئذ) أي حين اجتماعهم. قوله: (لأدى عدم القبول
إلى هدر دمائهم) أي فلذا أجازها مالك وجماعة من الصحابة منهم علي ومعاوية. قوله: (والشاهد
حر الخ) ذكر المصنف هذه الأوصاف وهي الحرية والإسلام والتمييز والذكورة للشاهد يدل على أنها
لا تشترط في المشهود بقتله أو جرحه ولا في المشهود عليه منهم وإلا لم يكن لتخصيص الشاهد بذلك
فائدة، نعم يؤخذ من كلام الشارح فيما يأتي اعتبار الحرية في المشهود بقتله أو جرحه وإلا كان مالا
وشهادة الصبيان غير مقبولة في المال. قوله: (وتضمن ذلك) أي اشتراط حرية الصبي اشتراط
إسلامه وذلك لأن عدم قبول شهادة العبد إنما هو رقه الذي هو أثر الكفر والكافر المتمحض
الكفر أولى في عدم القبول. قوله: (وأن يكون ابن عشر سنين) أي فأكثر لا ما قل عنها إلا ما قاربها
كما في المدونة. قوله: (لا أنثى) أي فلا تجوز شهادتها ولو تعددن وإن كثرن ولو كان معهن ذكر وهذا
يفيد أن لفظ صبيان يستعمل في الإناث أيضا. قوله: (ليس بعدو للمشهود عليه) أي سواء كانت
العداوة بين الصبيان أنفسهم أو بين آبائهم والظاهر أن مطلق العداوة هنا مضرة سواء كانت دنيوية
أو دينية لشدة تأثيرها عند الصبيان وضعف شهادتهم بكونها خلاف الأصل. قوله: (ولا خلاف
بينهم) خلاف اسم مصدر أطلقه وأراد به المصدر وهو الاختلاف ولو عبر به لكان أحسن لأنه
يتوهم من لفظه أنه لا بد من اجتماعهم على الشهادة مع أنه يكفي اثنان منهم إلا أن يقال المراد ولا
خلاف بين الشاهدين منهم. قوله: (وفرقة) بالنصب على محل اسم لا بعد دخول الناسخ ولا
يصح بناؤه على الفتح لان حرف العطف غير المقترن بلا يمنع من تركيبه مع لا. قوله: (إلا أن يشهد
عليهم) أي إلا أن يشهد عدول على ما نطقوا به قبل الفرقة. قوله: (فإن شهد عدول) أي على ما نطقوا
به قبل تفرقهم أي ثم تفرقوا قبلت. قوله: (وسواء كان البالغ ذكرا أو أنثى حرا أو عبدا الخ) قد
حكى ح الخلاف فيما إذا كان بينهم كبير غير عدل ممن لا تقبل شهادته كالكافر والفاسق والعبد هل
يضر حضوره في شهادتهم أو لا الأول قول الأخوين وأصبغ والثاني عزاه ابن يونس وأبو الحسن
184

لابن المواز والخلاف مبني على الخلاف في علة بطلان شهادتهم بحضور الكبير بينهم فإن علل بطلان
شهادتهم بخوف تعليمهم ضر حضوره، وإن علل بارتفاع الضرورة لشهادتهم فلا يضر حضوره لان
الضرورة لم ترتفع بحضور غير العدل، فإن كان الكبير الذي حضر بينهم عدلا فإن قال لا أدري من رماه
ثبتت شهادة الصبيان، وإلا لم تقبل شهادتهم اتفاقا إذا كانت بجرح سواء قلنا إن العلة في بطلان شهادتهم
بحضور الكبير خوف تعليمهم أو قلنا دفع الضرورة لشهادتهم لان العدل الواحد يكفي في الجرح مع
يمين المدعي، وإن كانت الشهادة بقتل فلا تبطل شهادة الصبيان بناء على التعليل الثاني لان الضرورة لم ترتفع
إذ لا يكفي العدل الواحد في القتل أما على أن العلة خوف تعليمهم فالبطلان. قوله: (إن حضر عدلان) أي
كبيران عدلان. قوله: (أو لم يشهد عليه أوله) أي وأما لو شهد الصبيان بأن هذا الكبير هو القاتل للصغير
أو أن الصغير هو أقاتل للكبير لم تقبل شهادتهم. قوله: (وبقي من الشروط الخ) أي وبقي أيضا منها أن
يكون الشاهد من جملة الصبيان المجتمعين لا صبي مر عليهم كما في المج. قوله: (رجوعهم) أي الصبيان
وأما لو تأخر الحكم لبلوغهم ثم رجعوا بعده لقبل رجوعهم. قوله: (ولا تجريحهم) أي لعدم تكليفهم الذي
هو رأس أوصاف العدالة. قوله: (وهي أربعة) بقيت خامسة وهي ذكر فقط أو أنثى فقط في مسألة
إثبات الخلطة المثبتة لليمين. قوله: (فيكفي عدلان) فيه أنه لا يحتاج إلى الشهادة على الاقرار على ما مشى
عليه المصنف من أن المقر بالزنا يقبل رجوعه ولو لم يأت بشبهة كما قال ابن القاسم وحينئذ فالمقر
بالزنا أو اللواط إن استمر على إقراره حد ولا يحتاج لبينة على إقراره، وإن رجع عن إقراره لم يحد ولا
عبرة بالبينة الشاهدة بإقراره، إلا أن يقال كلام الشارح مبني على قول من يقول إن المقر بالزنا لا يقبل
رجوعه على أنه إذا استمر على إقراره، وأعلم الحاكم بذلك فلا يجوز للحاكم حده إلا إذا شهد على
إقراره عند الحاكم عدلان كما مر. قوله: (أشنع من سائر المعاصي) أي وإن كان القتل أشد منهما.
قوله: (شدد الشارع فيهما) فجعل كلا منهما لا يثبت إلا بشهادة أربعة وقيل إنه لما كان كل منهما لا يتصور إلا
بين اثنين اشترط أربعة ليكون على كل واحد اثنان وقيل ما كان الشهود مأمورين بالستر ولم يفعلوا
غلظ عليهم في ذلك سترا من الله على عباده. قوله: (بوقت) متعلق بمحذوف صفة لأربعة أي يشهدون
بوقت بمعنى أنهم يجتمعون لأداء الشهادة في وقت. قوله: (ورؤيا) عطف على وقت والباء في الأول
بمعنى في حقيقة وفي الثاني بالعطف بمعنى في مجازا وقوله اتحدا صفة لوقت ورؤية أي يذهبون لأداء
الشهادة في وقت واحد بأن يذهبوا جميعا لأدائها، وإن فرقوا بعد ذلك عند الأداء ويشهدون برؤيا أي
ويتحملون الشهادة برؤية واحدة بأن يروا دفعة أو متعاقبا مع الاتصال كما في بن. قوله: (بأن يروا جميعا
في وقت واحد) هذا صادق بما إذا رأوا الذكر في الفرج دفعة واحدة بأن اجتمع الأربعة ونظروا دفعة
وصادق بما إذا رأوا متعاقبين مع الاتصال بأن نظروا من كوة مثلا واحدا بعد واحد في لحظة متصلة
وكلام المواق يقتضي كفاية كل من الامرين. قوله: (فلا بد من اتحاد وقت الأداء) أي من اتحاد
وقت الاجتماع للأداء. قوله: (ومن اتحاد الرؤيا الخ) الأولى أن يقول ولا بد من اتفاقهم على
كيفية الزنا من كونه من اضطجاع أو قيام الخ لان ما ذكر ليس كيفية للرؤيا ولا من اتحاد الرؤيا
خلافا لما ذكره الشارح فتأمل. قوله: (وفرقوا) أي عند الأداء بعد إتيانهم محل الحاكم جميعا.
185

قوله: (وأنه أدخل فرجه الخ) عطف علي بوقت أي يشهدون في وقت وأنه أدخل الخ كما أشار له الشارح.
قوله: (أي رأوا ذلك) الأولى أو أنهم رأوا ذلك أي فرجه في فرجها فلا مفهوم لما ذكره المصنف بل
المدار على ما يدل على التيقن والتثبت. قوله: (ويزيدون وجوبا) أي كما قال بهرام والمواق وقوله وقيل
ندبا أي كما قال البساطي. قوله: (زيادة في التشديد) أي عليهم لعلهم يتركون الشهادة. قوله: (وطلبا لحصول
الستر) عطف علة على معلول أي وإنما زيد في التشديد عليهم طلبا الخ. قوله: (وجاز لكل الخ) المراد
بالجواز الاذن لان ذلك مطلوب لان الشهادة على الوجه المذكور تتوقف على النظر لهما ونشأ من هذا
جواب عما يقال كيف تصح الشهادة على الوجه المذكور مع أن النظر للعورة معصية. وحاصل
الجواب لا نسلم أنه معصية بل مأذون فيه لتوقف الشهادة عليه وقوله ولكل النظر للعورة
ظاهره ولو قدروا على منعهم من فعل الزنا ابتداء ولا يقدح فيهم الاقرار على الزنا كما في ح وغيره
وكأنهم اغتفروا سرعة الرفع خشية إحداث عداوة في النفس مع إثبات الحد، لكن الذي في ابن عرفة
أنهم إذا قدروا على منعهم من فعل الزنا ابتداء فلا يجوز لهم النظر للعورة لبطلان شهادتهم بعصيانهم
بسبب عدم منعهم منه ابتداء ونحوه لابن رشد كما في بن. قوله: (لأنهم لما شددوا الخ) قد فرق ابن عرفة
بثلاثة أوجه غير هذا الأول أن الحد حق لله وثبوت العيب حق للآدمي وحق الله آكد، لقوله في
المدونة فيمن سرق وقطع يمين رجل عمدا يقطع للسرقة ويسقط القصاص الثاني أن ما لأجله
النظر وهو الزنا محقق الوجود أو راجحة وثبوت العيب محتمل على السواء الثالث أن المنظور إليه
في الزنا إنما هو مغيب الحشفة ولا يستلزم ذلك من الإحاطة بالنظر للفرج ما يستلزمه النظر للعيب ا ه‍ بن.
قوله: (هل كانا) أي وقت الزنا. قوله: (بناء على أن ذلك) أي ذكر ذلك في الشهادة ليس شرطا فيها
أي وهو قول ابن رشد كما في نقل ابن عرفة وقيل أنه واجب وهو الذي حمل عليه أبو الحسن قول
المدونة وينبغي الخ واعلم أنه إذا سألهم عن ذلك واختلفوا في الجواب بطلت شهادتهم على كلا
القولين. قوله: (على أي حالة أخذت) أي في ليل أو نهار وأين ذهبوا بها. قوله: (كعتق الخ) مثل بثلاثة
أمثلة إشارة إلى أنه لا فرق بين كون المشهود عليه عقدا لازما لا يحتاج لعاقدين كالعتق فإنه عقد
لازم والسيد فيه كاف أو عقدا يفتقر لعاقدين كالكتابة أو كان غير عقد وفيه إدخال في ملك كالرجعة
ومثلها الاستلحاق والإسلام، فإذا ادعى ولد أن أباه استلحقه وإخوته مثلا ينكرون ذلك فلا بد
من شاهدين، أو ادعى أن فلانا النصراني أسلم قبل موته لأجل أن يرثه أو لأجل أن يصلى عليه
فلا بد من شاهدين. وقوله كعتق أي ادعاه العبد على سيده وهو ينكر أو ادعت المرأة أن زوجها
طلقها وهو ينكر فلا بد من عدلين. قوله: (وطلاق غير خلع) إنما أخرج الخلع لعدم انخراطه
في القسم الأول الممثل له بالعتق وهو العقد اللازم الذي لا يفتقر لعاقدين لأن الخلع من قبيل العقود
التي تفتقر لعاقدين كالكتابة فإذا ادعت أنه خالعها بعشرة وهو ينكر ذلك من أصله فلا بد
من شاهدين وأما قدر الخلع فعلى أصل الماليات وكذا كون الطلاق بخلع بعد الاتفاق على الطلاق.
قوله: (ووصية بغير مال) أي كالوصية على النظر في أولاده أو تزويج بناته أو قسم تركته على الورثة
ومثل العتق وما معه العفو عن القصاص لأنه عقد لازم لا يتوقف على عاقدين بل يكفي العافي.
قوله: (ادعتها على زوجها المنكر) أي فلا بد لثبوت ما ادعته من شاهدين وأما ادعاء الزوج الرجعة
فإن كان في العدة فهو مقبول وإن ادعى بعدها أنه كان راجعها فيها وأنكرت فلا تقبل دعواه إلا بعدلين
يشهدان على حصول الرجعة في العدة فالصواب إطلاق قول المصنف أو رجعة أي ادعتها الزوجة
186

أو ادعاها الزوج ويقيد بما إذا كانت دعواه بعد العدة خلافا للشارح حيث قصر كلام المصنف على
دعواها فظاهره أن دعوى الزوج مقبولة مطلقا وليس كذلك كما علمت. قوله: (وكتابة) كأن يدعي
العبد أن سيده كاتبه بكذا والسيد ينكر كتابته من أصلها فلا تثبت دعوى العبد إلا بعدلين.
قوله: (ونكاح) كأن يدعي أنه تزوج فلانة وهي تنكر فلا تثبت دعواه إلا بعدلين. قوله: (ووكالة في غير
مال) أي كأن يدعي أنه وكيل لفلانة ليزوجها فلا بد من عدلين يشهدان له بذلك. قوله: (أو أحدهما بيمين)
أطلق المصنف وغيره في قبول الشاهد مع اليمين فظاهره سواء كان ذلك الشاهد مبرزا في العدالة أم لا
وهو قول بعضهم وارتضاه بن وقيل ر بد أن يكون مبرزا. قوله: (كأجل) أي لثمن مبيع ادعاه المشتري
وأنكره البائع وادعى أن الثمن حال غير موجل وكذا إذا اتفقا على الاجل واختلفا في قدره فقول
المصنف كأجل أي وقع الاختلاف بين المتبايعين في أصله أو في قدره. قوله: (اختلافهما في البيع) أي
بأن ادعاه أحدهما وأنكره الثاني. قوله: (لأيلولته لمال) أي وذلك لقلة الثمن وكثرته في البت والخيار.
قوله: (وادعى الشفيع الغيبة عند العقد) أي والمشتري يدعي أنه أسقط الشفعة وأنه كان حاضرا. قوله: (أو
نحو ذلك) أي كأن يقول آجرتني كذا وخالفه المالك وقال لم أؤاجرك هذا الشئ والحاصل أن
النزاع إما في أصل الإجارة أو في قدر الأجرة أو المدة. قوله: (أو مال) عطف على خطأ وأضيف الجرح
للمال لعدم القصاص فيه لكونه من المتألف كجائفة ومأمومة. قوله: (وأداء نجوم كتابة) أي أدى
كلها أو بعضها فإذا ادعى العبد على سيده وأنكر السيد القبض حلف العبد مع شاهده حتى في النجم الأخير
وإن أدى للعتق. قوله: (ثبوت هذين) أي الوصية والوكالة. قوله: (فالقياس أن لا يثبتا إلا بعدلين) أي
أو بعدل وامرأتين. قوله: (حلف الحي) أي حلف الموكل والموصي إن كان حيا فإن كان ميتا بطلت
بنكول الوصي. قوله: (فلا يثبت إلا بعدلين أو عدل وامرأتين لا بأحدهما مع يمين) نظر ذلك
الوقف إذا كان على غير معين فإنه لا يثبت إلا بشاهدين أو بشاهد وامرأتين لا بأحدهما مع يمين لأنه
لا يتعين مستحق حتى يحلف مع أحدهما وإنما يحلف في الحقوق من يستحق وأما لو كان الوقف على معين
فإنه يثبت بشاهدين وبشاهد وامرأتين وبأحدهما مع يمين. قوله: (وأما مطلق أنه وصي الخ) تحصل من
كلامه أولا وآخرا أن دعوى أنه وصي أو وكيل من غير تقييد بمال أو غيره وكذا دعوى أنه وصي
في غير المال كالنظر في أحوال أولاده أو تزويج بناته لا تثبت إلا بعدلين وأما دعوى أنه وكيل أو
وصي على التصرف في المال، فإن كان نفع يعود على الوصي أو الوكيل كفى العدل أو المرأتان مع
يمين من أحدهما، فإن لم يكن نفع يعود عليه فلا يثبت إلا بعدلين أو عدل وامرأتين. قوله: (فإن ذلك
يكفي مع اليمين) هذا هو المعتمد خلافا لما شهره ابن الحاجب من اشتراط عدلين انظر بن.
قوله: (كشراء زوجته الخ) أتى في هذه المسائل الثلاثة بكاف التشبيه ولم يعطفها كالتي قبلها على كأجل
لان المشهود به في الثالثة ليس مالا ولا آيلا له قطعا والاثنان قبلها المشهود به فيهما مال ويؤدي لما
ليس بمال كما يتبين فيما يأتي. قوله: (أي ادعى أنه اشتراها من سيدها الخ) أي وكذا عكسه
187

وهو ما إذا ادعى السيد أن زوجها اشتراها منه وأنكر الزوج الشراء فيكفي المدعي شاهد وامرأتان أو
أحدهما بيمين، فالمشهود به في هذا الفرع هو البيع وهو مال ويؤدي لما ليس بمال وهو فسخ النكاح.
قوله: (فيكفي زوجها الشاهد الخ) أي ويثبت الملك ويفسخ النكاح. قوله: (ادعاه الغريم الخ) أي وأما
المعتق بالكسر إذا أراد رد العتق وأقام شاهدا على تقدم الدين على العتق فإنه لا يكفي ذلك ولا بد من
شاهدين وكذلك المعتق بالفتح إذا ادعى تقدم عتقه على الدين فلا بد من شاهدين. قوله: (فيكفي الغريم
الشاهد أو المرأتان) أي فيشهد كل منهما بتقدم الدين على العتق وهذا مال ويؤدي لما ليس بمال وهو رد
العتق. قوله: (وقصاص في جرح عمدا) استفيد من هذا ومما مر أن الجرح سواء كان خطأ أو عمدا فيه مال
كالذي في المتألف أو عمدا فيه القصاص يثبت بعدل وامرأتين وبأحدهما مع يمين. قوله: (وهذه إحدى
المستحسنات الأربع) أي التي انفرد بها مالك ثانيها أنملة الابهام فيها خمس من الإبل ثالثها ثبوت
الشفعة في الثمار رابعها ثبوت الشفعة في البنيان الكائن في الأرض الموقوفة اه‍. فرع: لو قام شاهد
لشخص أصم أبكم بدين ورثه عن أبيه فهذا لا يمكن أن يحلف مع شاهده وحينئذ فيحلف المدعى عليه
ويبقى الدين بيد ذلك المدعى عليه إلى أن يزول المانع فيحلف، فإن لم يزل حتى مات انتقل الحق لوارثه
مع الشاهد أو على وارث المدعى عليه كذا يظهر فإن مات الشاهد فإن كانت شهادته كتبت أو أداها أو
شهد بها عدلان عمل بها وإلا فلا. قوله: (كولادة) أي لحرة أو أمة وتثبت أمومة الولد لها بطريق التبعية
ما لم يدع السيد استبراء لم يطأ بعده. قوله: (ولو لم يحضر شخص المولود) أي بخلاف شهادة الصبيان فلا
تقبل بالقتل إلا إذا شاهدت العدول البدن مقتولا لان شهادتهم على خلاف الأصل بخلاف النساء
فإن لهن أصلا في الشهادة بالنسبة للأموال. قوله: (وإلا) أي وإلا نقل ورضيت فلا يصح إذ هي
مصدقة ولا ينظرها النساء جبرا عنها. واعلم أن عيب الحرة إن كان قائما بوجهها ويديها فلا بد فيه من
رجلين وما كان بفرجها فهي مصدقة فيه فإن رضيت برؤية النساء له كفى فيه امرأتان وما كان بغير
فرجها وأطرافها من بقية جسدها فلا يثبت إلا بشهادة امرأتين كذا قرره شيخنا. قوله: (واستهلال
لمولود) أي مولود حرة أو أمة واعلم أن الأصل نزول الولد غير مستهل فمدعي عدم الاستهلال لا يحتاج
لاثباته ومدعي الاستهلال يحتاج لاثباته ويكفى في اثباته شهادة امرأتين (وقوله و يترتب على ذلك)
أي على ثبوت الاستهلال أو عدمه. قوله: (وحيض في أمة) أي فلا يصدق السيد في دعواه رؤية
الحيض إذا أراد بيعها بل لا بد من شهادة امرأتين. قوله: (فإنه يثبت بذلك المال دون النكاح) هذا قول
ابن القاسم وهو المشهور وقال أشهب لا يثبت الميراث ولا الصداق إلا بعد ثبوت النكاح وهو لا يثبت
إلا بعدلين. قوله: (أو شهد على سبقيته) حاصله أن الزوجين المحققي الزوجية إذا تحقق موتهما وادعى
ورثة الزوجة سبق موت الزوج وأن الزوجة ترثه وادعى ورثة الزوج أنهما ماتا معا أو بالعكس
فالقول قول من ادعى موتهما معا ما لم تقم بينة لمدعي السبقية ويكفي فيها شاهد وامرأتان
أو أحدهما مع يمين. قوله: (أو موت لرجل الخ) أشار بهذا القول المدونة قال ابن القاسم إذا مات
رجل فشهد على موته امرأتان ورجل فإن لم يكن له زوجة ولا أوصى بعتق عبد ولا له مدبر ولا
أم ولد وليس إلا قسمة التركة فشهادتهن جائزة. قوله: (أنه في هذا الفرع الأخير) أي الذي
هو قوله أو موت وليس راجعا للسبقية أيضا لان موتهما ثابت والمقصود من الشهادة المال.
188

قوله: (ولا زوجة ولا مدبر) أي وأما لو كان له زوجة أو مدبر أو أم ولد أو أوصى بعتق فلا يثبت
موته إلا بعدلين لما يلزم على موته من ثبوت العدة للزوجة وإباحتها بعدها لغيره من الأزواج وخروج المدبر من
الثلث وأم الولد من رأس المال وهذه إنما تكون بشهادة العدلين. قوله: (بمعنى أو) اعترض بأن الأولى ابقاء
الواو على حالها ضرورة أن المقصود نفي الامرين معا والمفيد لذلك الواو لا أو وقد يقال إن أو في مثل هذا تفيد
نفي الامرين لأنها إذا وقعت بعد نفي أفادت نفي الأحد الدائر وهو لا يتحقق إلا بنفي كل فرد. قوله: (هذا
مرتبط الخ) الأولى أن يقول هذا راجع للولادة الاستهلال فقط فهو فيما لا يظهر للرجال وفي بعض أفراده.
قوله: (بعد ذلك) أي بعد الولادة والاستهلال. قوله: (راجع للإرث) أي لان المعنى ثبت الإرث
له ممن تقدم على موته وثبت الإرث عليه لمن تأخر موته على موته. قوله: (فلو قدمه عليه) أي
بأن يقول وثبت الإرث له وعليه والنسب. قوله: (فلو قدمه عقب قوله وامرأتان الخ) أي
بأن يقول ولما لا يظهر لرجال امرأتان بلا يمين كولادة واستهلال وثبت الإرث له وعليه والنسب
وعيب فرج ونكاح إلخ. قوله: (والمال عطف على الإرث) أي وثبت المال كما أشار الشارح
لذلك. قوله: (دون القطع) أي لان السرقة لم تثبت إذ شرطها عدلان وقوله في سرقة أي في شهادة
رجل وامرأتين أو أحدهما بيمين بسرقة. قوله: (هذه من المسائل الخ) أي فكان الأولى للمصنف
أن يقدمها قبل قوله ولما لا يظهر للرجال امرأتان ولو قال المصنف بعد قوله وقصاص في جرح
ونكاح بعد موت أو سبقيته أو موت ولا زوجة ولا مدبر ونحوه، وثبت المال دون القطع في
سرقة كقتل عبد آخر ولما لا يظهر للرجال امرأتان بلا يمين كولادة واستهلال وثبت النسب
والإرث له وعليه لأتى بكل في موضعه. قوله: (ويضمنه ضمان الغاصب) هذا قول ابن القاسم
وقال أشهب يضمنه ضمان السارق فإن أيسر من وقت الاخذ لوقت الحكم لزمه وإن أعسر في
جميع هذه المدة أو في بعضها فلا غرم عليه وذلك لان السرقة ثبتت بالنسبة للمال والمتخلف
شرط القطع وهو وجيه لكن المعتمد الأول. قوله: (سواء كان مليا أو معدما) أي وسواء تلف
بسببه أو بسماوي أو لم يتلف. قوله: (أو رقبة القاتل) أي إن لم يفده بقيمة المقتول. قوله: (حكم مراتب
الشهادة) أي الحكم المترتب عليها إذا تمت والحكم المترتب عليها إذا تمت حكم الحاكم بثبوت
المشهود به تارة وحكمه بثبوت ما يترتب على المشهود به تارة أخرى، فالأول كما لو شهدت البينة بدين
فإن المترتب على الشهادة به حكم الحاكم بثبوته، والثاني كما لو شهدت البينة بقذف أو زنا فإن الحاكم
يحكم بثبوت الحد المترتب على الزنا أو القذف المشهود به. قوله: (إذا تمت) أي الشهادة بالتزكية.
قوله: (ذكر ما يترتب عليها) أي على الشهادة قبل تمامها ومثل ذلك الحيلولة فإنها مرتبة على الشهادة
قبل تمامها بتزكية الشهود. قوله: (بأن أقام عدلا) أي يشهد له بما ادعاه من الحرية أو الملك.
قوله: (طلبت الحيلولة فيها) أي طلب المدعي الحيلولة بينه وبينها أم لا كان المنازع لواضع اليد فيها
الأمة نفسها بأن ادعت أنها حرة أو كان المنازع له غيرها بأن ادعى شخص آخر أنها ملكه ومحل
الحيلولة إذا لم يكن من هي بيده مأمونا وإلا لم يحل عنها كما في ابن الحاجب والشامل وفي ابن عرفة
189

ما يفيد أنه المذهب وظاهر النقل يفيد عدم حيلولة المأمون ولو أراد السفر بها. قوله: (فإنه يلح بينه) أي
بين الشئ المدعي فيه وبين من هو في يده. قوله: (بغلق كدار ومنع من حرث أرض) ما ذكره من
حيلولة العقار بغلق كدار ومنع من حرث أرض تبع فيه تت واعترضه ابن عاشر بأنه وإن قال به
جماعة من الموثقين وهو قول مالك في الموطأ وقول ابن القاسم في العتبية وجرى به القضاء، لكنه
خلاف قول ابن القاسم في المدونة أن العقار لا يحال وإنما يمنع من إحداث فيه ما يقتضي تفويته أو
تغييره وهو المناسب لما يأتي في المصنف من أن الغلة لواضع اليد للقضاء والأولى أن يحمل قول المصنف
كغيرها على غير العقار كالثياب والحيوان انظر بن. قوله: (إن طلبت) بالبناء للمفعول أي إن طلب
المدعي الحيلولة وفي نسخة إن طلب بالبناء للفاعل أي المدعي. قوله: (والباء متعلقة بحيلت) أي حيلت
أمة وغيرها بسبب إقامة عدل يشهد لمدعي ما ذكر أو اثنين الخ وإنما لم يقدم قوله بعدل الخ على قوله
كغيرها لئلا يتوهم قصر العدل وما بعده على ما قبل الكاف وأن التشبيه غير تام وإن كان الأصل تمامه
فأخره ليعمهما وترجيعه القيد لما بعد الكاف أغلبي. قوله: (معهما) متعلق ببيع على حذف مضاف
أشار له الشارح. قوله: (إذا لم يحلف لأجل إقامة ثان) أي الذي امتنع من الحلف لأجل أن يقيم
شاهدا ثانيا وأنه إذا لم يأت به ترك المدعي به للمدعى عليه وقوله فيحلف أي فلا يباع المدعي به وإذا
لم يبع فيحلف الخ. قوله: (ويبقى بيده) أي بكفيل بالمال كما في عبق وخش واعترضه المسناوي
بأن المنصوص أنه يبقى بيده بغير كفيل وعلى هذا فانظر لو خيف هروبه ومقتضى القواعد أنه لا بد
من كفيل ولو بالوجه قاله شيخنا العدوي. وقوله ويبقى الشئ المدعي فيه أي الذي يخشى فساده بالوقف.
قوله: (وغيره) أي كالأكل والهبة. قوله: (ويضمنه للمدعي) أي وحيث تصرف فيه فإنه يضمنه
وأما إذا تلف بسماوي فإنه لا يضمنه وقوله ويضمنه للمدعي إن أتى بالشاهد الثاني الخ أي يضم
الشاهد الثاني للأول، وهذا لا يخالف قول المصنف الآتي وإن حلف المطلوب ثم أتى بآخر فلا ضم
لان ما يأتي عجزه عن إقامة الثاني فحلف المطلوب لرد شهادة الشاهد وما هنا يدعي أن له شاهدا ثانيا
وحلف المطلوب إنما هو ليبقى بيده لا لرد شهادة الشاهد ا ه‍ بن. قوله: (لا يضمن السماوي)
أي لعدم تعديه بوضع يده عليه. قوله: (هو قول عياض وغيره) أي وهو أبو حفص بن العطار وقبله
ابن عرفة وجعله هو المذهب. قوله: (كالأول) أي كالقسم الأول وهو ما إذا
أقام المدعي شاهدين محتاجين للتزكية. قوله: (وإن سأل الخ) حاصله أن من ادعى شيئا بيد
غيره سواء كان عبدا أو دابة أو غير ذلك وأقام بذلك شاهدا عدلا وأبى من الحلف معه بل قال
لا أحلف وإن أتيت بشاهد ثان أخذته وإلا تركته للمدعى عليه، أو أقام بينة بذلك تشهد
بالسماع والحال أنها لم تقطع أن ذلك المدعى به للمدعي بل قالت لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أن
المدعي ذهب له مثل هذا، أو أقام شاهدين يحتاجان للتزكية ولم يجد من يزكيهما وسأل المدعي
وضع قيمة المدعي به من عنده عند القاضي ليذهب بذلك الشئ المدعى به لبلد له فيها بينة نشهد
له على عينه فإنه يجاب لسؤاله ويمكن من الذهاب به لذلك البلد. قوله: (وأبى من الحلف معه)
190

أي بل قال أنا لا أحلف فإن وجدت شاهدا ثانيا أخذته وإلا تركته. قوله: (صفته كذا) فيحتمل أنه
هو هذا المتنازع فيه ويحتمل أنه غيره. قوله: (وضع قيمة العبد) أي من عنده. قوله: (أجيب لسؤاله)
أي وجوبا أي وجب على القاضي إجابته لئلا تضيع أموال الناس وظاهره كالمدونة كان المكان
الذي فيه البينة قريبا أو بعيدا وهو كذلك كما في أبي الحسن وضمانه إذا تلف ولو بسماوي في حال
الذهاب على المدعي الذاهب به لأنه قبضه لحق نفسه لا على وجه الأمانة كذا في بن. قوله: (فإن
ثبت عند قاضيه الخ) أي وإن لم يثبت عند قاضيه أنه عبده رده المدعي للمدعى عليه وأخذ المدعي
القيمة الموضوعة عند القاضي. قوله: (واستحقه) هذا مستأنف أي واستحقه مدعيه وأخذ ذلك
المستحق القيمة الخ لا أنه من جملة ما ينهى للقاضي الأول. قوله: (لأنها لو قطعت الخ) ما ذكره من تعين
الحالية مبني على أن المراد بالقطع تعيين ذلك الشئ المدعى به قال بن وهذا غير لازم بل يصح
جعل الواو للمبالغة على حالها لان السماع تارة يحصل به العلم فيجوز للبينة الشاهدة بالسماع القطع
وتارة لا يحصل به إلا الظن القوي فلا يجوز له القطع فأفاد المصنف أنه لا فرق بين الامرين أي
هذا إذا قطعت وجزمت بأنه ذهب له عبد مثلا لكون السماع حصل لها به علم، بل وإن لم تقطع ولم تجزم
بأنه ذهب له عبد لكون السماع إنما أفادها الظن، وعلى كل حال لم تعين العبد على أنه يصح جعلها للمبالغة
ولو كان المراد بالقطع تعيين المدعي به ويكون ما قبل المبالغة حيث كان المتنازع فيه بيد حائز أو بيد
غيره، ولم يحلف الطالب أو كان السماع غير فاش وذلك لان شهادة السماع لا تفيد إلا إذا كان السماع فاشيا
وكان المتنازع فيه بيد غير الحائر وحلف مقيمها، فإن اختل شرط لم تفد فما قبل المبالغة يحمل على
ما إذا اختل شرط من تلك الشروط الثلاثة. قوله: (أخذه مدعيه) أي من غير احتياج لذهاب
به لبلد. قوله: (إن كان بيد حائز) الأولى إن كان بيد غير حائز بأن كان بيد الطالب أو بيد أمين
وذلك لان بينة السماع لا ينتزع بها من يد الحائز سواء حلف الطالب أم لا. قوله: (لا إن انتفيا) هذا
راجع لمسألتي الايقاف والذهاب به لبلد فقول المصنف وطلب إيقافه يعني وأحرى الذهاب به
لبلد وحينئذ فالضمير في انتفيا يرجع للعدل وما ذكر معه الشامل لاثنين يزكيان في الايقاف وبينة
السماع في الذهاب به لبلد ا ه‍ بن. وحاصله أنه إذا ادعى بمعين كعبد أو دابة أو عقار وكانت دعواه
مجردة ولم يقم شاهدا عدلا ولا شاهدين يحتاجان للتزكية ولا بينة سماع وطلب الحيلولة بين المدعى
عليه والمدعى به إلى أن يأتي ببينة تشهد له أو طلب الانتقال به لبلد يشهد له به فيه على عينه فإنه
لا يجاب لذلك. قوله: (بكيومين) الباء بمعنى على أي وإن كانت مسافة بينته على يومين أي هذا
إذا كانت مسافة بينته على أكثر من يومين بل وإن كانت على يومين. قوله: (فيما لو كانت على كيوم)
أي وطلب المدعي إمهاله. والحاصل أنه يوكل به من يحفظه إن طلب المدعي إمهال كيوم لكن
بينته غائية على كيوم وقرر شيخنا قوله ويوكل به في كيوم بما حاصله ويوكل القاضي من يحفظه
في إمهال المدعي كيوم والموضوع أن بينته حاضرة فإذا ادعى أن بينته حاضرة وطلب الامهال
كيوم فإنه يجاب لذلك ويوكل القاضي من يحفظ ذلك الشئ المدعى به. قوله: (والغلة الحاصلة من
المدعى فيه) أي في زمن الخصام. قوله: (على الراجح) راجع للمبالغ عليه. قوله: (لأن الضمان
منه) أي ما لم يذهب به المدعي لبلد ليشهد له فيها على عينه وإلا كان الضمان منه كما تقدم عن بن.
191

قوله: (للمستحق) أي أعم من أن يكون هو المدعي أو المدعى عليه. قوله: (والنفقة على المقتضى له به) أي
سواء كان له غلة أم لا وهذا هو المعتمد. وقال الرجراجي أن ما يوقف إن كان له غلة فنفقته في غلته وإن
لم يكن له غلة فقولان أحدهما أن نفقته على من يقضي له به فمن قضى له به رجع عليه الآخر بما أنفق وهو
مذهب المدونة، والثاني أن النفقة عليهما معا وهذا القول لابن القاسم في غير المدونة وهو أصح وأولى
بالصواب اه‍ بن. وقد علمت أن قول ابن القاسم في المدونة هو المعول عليه وإن كان الرجراجي
صحح مقابله. قوله: (من يومئذ) أي من يوم الايقاف ومنه زمان الذهاب لبلده. قوله: (إذا أنفق عليه
زمن الايقاف) أي والحال أنه قضى به للمدعي. قوله: (وأما قبل زمنه) أي زمن الايقاف وهذا مفهوم
قوله سابقا زمن الايقاف وقوله كالغلة أي كما أن الغلة له اتفاقا لأنه ذو شبهة. قوله: (وجازت على خط
مقر) أي سواء كان حيا وأنكر أو ميتا أو غائبا وسواء كان في الوثيقة التي فيها خط المقر شهود أو كانت
مجردة عن المشهود على المعتمد. قوله: (أي باعتبار خطه الخ) يشير إلى أن جعله مقرا باعتبار خطه
أو أن المراد أي بخط من كان مقرا فلا ينافي أنه ينكره إلا أن تشهد البينة عليه أنه خطه. قوله: (أي
شهدت بأن هذا خطه) أشار بهذا إلى أن على في كلام المنصف بمعنى الباء أي جازت الشهادة بخط مقر.
قوله: (أقر فلان بأن في ذمته لفلان كذا) أي أو أنه طلق زوجته أو أعتق عبده فلانا. قوله: (ولا بد في
الشهادة على الخط من عدلين الخ) ما ذكره من عدم العمل بالشاهد واليمين على خط المقر
في الماليات تبعا لعبق وخش المعتمد خلافه وأن ذلك يكفي أنظر بن فقوله على الراجح
فيه نظر بل الراجح خلافه كما علمت. والحاصل أن في الاكتفاء بالشاهد واليمين على الخط في الأموال
وعدم الاكتفاء بذلك خلافا وقد اعتمد بن الاكتفاء وأما الشهادة على خط الشاهد فلا بد فيها
من عدلين لأنها دون الشهادة على خط المقر. قوله: (ولا بد أيضا من حضور الخط) إلى آخر ما ذكره
من اشتراط حضور الخط هو المعتمد كما قال ابن عرفة فإذا نظر شاهدان وثيقة بيد رجل بخط مقر بدين
وحفظاها وتحققا ما فيها ثم ضاعت الوثيقة فشهد الشاهدان بما فيها، فإنه لا يعمل بشهادة تلك البينة في
غيبة تلك الوثيقة كما قال ابن عرفة والمتيطي وصححه صاحب المعيار وأفتى أبو الحسن الصغير بصحة
الشهادة إذ لا فرق عند القاضي بين غيبة الوثيقة وحضورها حيث استوفى الشاهدان جميع ما فيها
انظر بن. قوله: (فيعمل بمقتضاها) أي فإذا شهد على الخط فإنه يعمل بمقتضاها وقوله إذا استوفيت
الشروط أي من كون الشاهدين عدلين على ما قال الشارح وحضور الخط عند الأداء ومعرفة
الشهود للخط معرفة تامة كمعرفتها للشئ المعين كما يأتي. قوله: (بلا يمين) أي استظهارا لأجل الخط من
حيث إنه خط فلا ينافي أنه قد يحلف المدعي وهو المقر له يمين القضاء أنه ما وهب ولا أبرأ ونحو
ذلك فيما إذا كان المقر بخطه ميتا أو غائبا أو ما إذا كان موجودا وأنكر كونه خطه فلا يحتاج مع
شهادة الشاهدين على خطه ليمين القضاء. قوله: (بناء على أن الشهادة على الخط كالشهادة على اللفظ)
أي وأما على القول بأن خطه منزل منزلة شاهد فالواجب على المدعي اليمين مع الشاهدين على الخط.
قوله: (والمرأة كالرجل) أي والمرأة المشهود على خطها بشهادتها بشئ كالرجل وقوله يشترط فيها
أي في الشهادة على خطها بعد غيبتها. تنبيه: ينبغي جواز شهادة الرجال على خط النساء ولو فيما
يختص بهن وأما النساء فلا تقبل شهادتهن على خط رجال ولا نساء ولو فيما يختص بهن ا ه‍ عبق.
192

قوله: (ما ينال الشاهد الغائب فيه مشقة) أي أن لو حضر. قوله: (بنوعيه) أي وهما الميت والغائب غيبة
بعيدة. قوله: (الراجح أنه) أي ما ذكره المصنف مسلم في الأول أي الشهادة على خط المقر دون
الثاني وهو الشهادة على خط الشاهد بنوعيه وما للمصنف هو الذي به العمل بتونس. قوله: (والأول
عام) أي في الشهادة على خط المقر وعلى خط الشاهد بنوعيه. قوله: (إن عرفته كالمعين) أي إن عرفت
البينة الشاهدة على الخط ذلك الخط معرفة تامة كمعرفة الشئ المعين. قوله: (ويؤخذ منه) أي من
اشتراط القطع بالخط أنه لا بد أن يكون حاضرا أي عند أداء الشهادة وفيه نظر إذ لا أخذ لجواز أن
يطلع الشاهد على الخط فيقطع بأنه خط فلان ثم يؤديها في غيبة الخط. وقد علمت ما في المسألة من
الخلاف نعم بقي من شروط الشهادة على الخط في القسمين أن لا يكون في الوثيقة ريبة من محو أو كشط
وإلا لم تجز الشهادة عليه ما لم يعتذر في الوثيقة بخط كاتبها الأصلي وإلا لم يضر كما في بن عن التوضيح.
قوله: (وعرفت) أي البينة الشاهدة على الخط. قوله: (لاحتمال أنه شهد) أي كتب شهادته على من
لا يعرف وأورد على هذا الشرط أن الشهادة على من لا يعرفه من شهادة الزور والموضوع أن الكاتب
عدل والعدل لا يشهد على من لا يعرف، ولذا قال ابن راشد الصواب اسقاط هذا الشرط لأنه غير
خارج عن ماهية العدل فاشتراطه يشبه اشتراط الشئ في نفسه، وقد جرى العمل عندنا بقفصة على
خلافه. قوله: (وعرفت) أي البينة الشاهدة على الخط أنه أي الشاهد الكاتب لشهادته بخطه وقوله
تحملها أي الشهادة. قوله: (أي وضع خطه وهو عدل) أي لان كتبه لها بمنزلة أدائها فاندفع ما يقال أنه
لا يشترط عندنا العدالة في التحمل بل في الأداء ثم إنه لا يشترط في ثبوت العدالة أن تكون بنفس
الشاهدين على الخط بل بهم أو بغيرهم خلافا لظاهر المصنف ومزج الشارح. قوله: (أي القضية) يعني
المشهود بها بتمامه وأما إذا تذكر بعضها فهو كمن لم يتذكر شيئا منها وحينئذ فيؤدي بلا نفع خلافا للخمي.
قوله: (بلا نفع للطالب) أي الذي شهد على خط نفسه. قوله: (احتمال أن الحاكم يرى نفعها) مقتضى هذا
أنه لو جزم بعدم نفعها عند القاضي فإنه لا يؤديها ولو أنكر الشاهد أن هذا الخط خطه وشهد عليه
شاهدان أن هذا خطه فالظاهر أنه لا يعمل بشهادتهما لأنه لو اعترف أن الخط خطه ولم يذكر ما شهد
به فإنه لا يشهد على القضية، وإنما يؤدي الشهادة ويبين أنه غير ذاكرا لما شهد به كما قال المصنف وهو
ظاهر أيضا من كون الشهادة على خط الشاهد إنما تكون إن مات الأصل أو غاب كما مر. قوله: (وهذا)
أي ما مشى عليه المصنف من أن شهادة الشخص معتمدا على معرفته لخط نفسه لا تنفع إلا إذا تذكر
القضية كلها وإلا أدى بلا نفع. قوله: (يعتري الناس كثيرا) أي فلو لم يشهد بنفع لما كان لوضع الشهادة
في الوثيقة فائدة وضاعت الحقوق. قوله: (وكان شيخنا) أي العلامة الشيخ علي العدوي. قوله: (ولا
على من لا يعرف الخ) أي لا يجوز للشاهد أن يتحمل شهادة على أن لزيد على عمر وعشرة أو يؤدي
193

الشهادة كذلك والحال أنه لا يعرف نسب عمرو. قوله: (أو يعرف نسبه وتعدد الخ) يعني أن مثل
جهل نسبه علمه حيث تعدد المنسوب لمعين وأراد الشهادة على واحد من المتعدد كمن له بنتان فاطمة
وزينب وأراد الشاهد أن يشهد على فاطمة مثلا والحال أنه إنما يعرف أن لفلان بنتين فاطمة وزينت
ولا يعلم عين هذه من هذه فلا يشهد إلا على عينها ما لم يحصل له العلم بها وأن بامرأة وأما إن لم يكن للمعين
إلا بنت واحدة ولا يعرف له غيرها وكان الشاهد يعلم أن هذه بنت فلان فهذه من معروفة النسب
لان الحصر ظاهر فيها. قوله: (إلا على عينه) استثناء مفرغ من عموم الأحوال أي لا يشهد على من
لا يعرف نسبه في حال من الأحوال إلا في حال تعين شخصه وحليته بحيث يكون المعول عليه من
وجدت فيه تلك الأوصاف لاحتمال أن يضع المشهود عليه اسم غيره على نفسه بدل اسمه. والحاصل
أنه لا يجوز تحمل الشهادة ولا أداؤها على من لا يعرف نسبه إلا على شخصه وأوصافه المميزة له بحيث
يقول أشهد أن لزيد دينارا على الرجل أو على المرأة التي صفتها كذا أو أشهد أن المرأة التي صفتها كذا
تزوجها أو طلقها فلان. قوله: (وليسجل القاضي) أي في شهادة بينة على عين امرأة لعدم معرفة نسبها
بدين وقالت أنها بنت فلان. قوله: (من زعمت) أراد بالزعم مجرد القول سواء كان في الواقع حقا أو
باطلا. قوله: (وإنما يسجل من زعمت الخ) فائدة تسجيل ذلك إفادة عدم ثبوت نسبها. قوله: (ولا على
منتقبة حتى تكشف الخ) أي أنه يطلب من الشاهدين على إقرار المرأة بحق لشخص أن لا يتحملا
الشهادة عليها إلا بعد معرفة عينها من غير نقاب لأنهم لو شهدا عليها منتقبة لا يمكنهما أن يؤدوا
الشهادة عليها لعدم معرفة عينها ووجها. والحاصل أنه لا تجوز الشهادة عليه تحملا أو أداء وهي
منتقبة بل لا بد من كشف وجهها فيهما لأجل أن يشهدوا على عينها وصفتها، وهذا في غير معروفة
النسب وفي معروفته حيث كان لها أخت فأكثر ولم يتميز عند الشاهد عن مشاركتها وأما معروفة
النسب المنفردة أو المتميزة عند الشاهد عن مشاركتها فيشهد عليها منتقبة ا ه‍. ثم إن ظاهر المصنف
أن عدم جواز الشهادة على المنتقبة حتى تكشف عن وجهها عام في النكاح وغيره كالبيع والهبة
والدين والوكالة ونحو ذلك واختاره شيخنا. قوله: (لأجل أن تتعين) أي لأجل أن تتعين عينها
وصفتها. قوله: (أشهدتنا) أي غير معروفة النسب أو معروفته الغير المتميزة عند الشاهد من
مشاركتها كذا قرر شيخنا وهو المناسب لجعل هذه المسألة مقيدة لما قبلها. قوله: (أي عمل بجوابهم
في تعيينها) أي ولو أنكرت أن تكون هي التي تحملوا الشهادة عليها. قوله: (إذا كانوا لا يعرفونها
منتقبة) أي فإن كانوا يعرفونها منتقبة جازت شهادتهم عليها منتقبة وقلدوا أي دينوا. قوله: (وعليهم الخ)
يعني أنهم إذا شهدوا على عينها وصفتها لعدم معرفة نسبها وأنكرت أن تكون المشهود عليها
وقالت أدخل بين نسوة ويخرجوني وكلفوا بإخراجها من بين النسوة وقيل لهم عينوها فعليهم
اخراجها وتشخيصها. قوله: (فإن قالوا هذه هي التي أشهدتنا عمل بشهادتهم) أي وإن لم
يخرجوها ولم يتيسر لهم معرفتها فقيل بضمانهم لما شهدوا به عليها لأنه بمنزلة الرجوع عن الشهادة
وقيل بعدم الضمان لأنهم بمثابة فسقه يعلمون أن شهادتهم لا تقبل شهدوا بحق على آخر ولم يقبلهم
الحاكم عند الأداء واستظهر شيخنا العدوي عدم الضمان لعذرهم في الجملة. قوله: (غير مسألة المنتقبة)
أي لان في هذه شهدوا على عينها وصفتها لعدم معرفة نسبها والحال أنها غير منتقبة وما تقدم
194

غير معروفة النسب وشهدوا عليها منتقبة لعلمهم بها كذلك. قوله: (هي أعم
منها) أي هذه المسألة أعم منها أي من مسألة المنتقبة لصحة حمل هذه على ما إذا شهدوا على عينها وأنكرت أن تكون المشهود
عليها وكلفوا بإخراجها من بين نساء وعلى ما إذا شهدوا عليها منتقبة وقالوا كذلك نعرفها وأنكرت
أن تكون هي التي شهدوا عليها وقالت أنتقب وأدخل بين نساء منتقبات ويخرجونني فعليهم اخراجها ا ه‍.
وقد يقال مقتضى جزم المصنف في مسألة المنتقبة أنهم يقلدون أنه لا يلزمهم اخراجها وحينئذ
فلا يصح جعل ما هنا أعم فتأمل. قوله: (ويؤخذ من كلام المصنف) أي بطريق القياس. قوله: (فإذا
شهدوا بدابة أو رقيق بعينه لشخص) أي وأدخلهم المدعى عليه في مماثل. قوله: (خلافا لمن قال هو خطأ)
أي إدخاله في مماثل وطلب الشهود باخراجه خطأ ممن فعله فلا يلزم الشهود اخراج الدابة أو العبد من
المماثل والقائل بخطأ من فعله هو العلامة تت قال بن والصواب أنه لا فرق بين المرأة والدابة
والرقيق، وأن من قال بوجوب اخراج المرأة قال بوجوب اخراج الدابة والرقيق، ومن قال بعدم
وجوب الاخراج فيهما قال بعدم اخراج المرأة والراجح من القولين وجوب الاخراج للثلاثة كما
ذكره الشارح تبعا لبن. قوله: (وإن بامرأة) أي هذا إذا حصل له العلم بشهادة شاهدين أو بإخبار رجل بل
وأن بامرأة ولا مفهوم لذلك بل ولو حصل له من غير شئ بأن تذكر بنفسه وما قرر به الشارح كلام
المصنف تبع فيه عبق التابع لشيخه عج. وقد قرر بتقرير آخر يتوقف على مقدمة وحاصلها أنه إذا
دعى الرجل ليشهد على امرأة وهو لا يعرفها فشهد عنده رجلان إنها فلانة فقال ابن القاسم في المجموعة
لا يشهد إلا على شهادتهما ولا يشهد عليها إلا إذا كان يعرفها بغير تعريف وقال ابن الماجشون وابن نافع
بل يشهد عليها وكيف يعرف النساء إلا بمثل هذا ابن رشد والذي أقول به أن المشهود له إن أتى بالشاهدين
للرجل ليشهدا عنده أنها فلانة فلا يشهد إلا على شهادتهما وإن كان ذلك أرجل سأل الشاهدين فأخبراه
أنها فلانة فليشهد عليها، وكذا لو سأل عن ذلك رجلا أو امرأة لجاز له أن يشهد ولو أتى له المشهور عليه بجماعة
من لفيف الناس يشهدون أنها فلانة لجاز أن يشهد عليها إذا حصل له العلم بشهادتهم هذا حاصل القول
في هذه المسألة. وتفصيل ابن رشد هذا تبعه عليه ابن شاس وابن عرفة والمصنف في التوضيح وغير واحد
وقد حمل طفي كلام المصنف على هذا، فقال معنى قوله وجاز الأداء أي مستندا إلى لتعريف الحاصل
عند التحمل على وجه الخبرية إن حصل له بذلك التعريف العلم وإن بامرأة والمراد بالعلم التوثق بخبر المخبر
وقوله لا بشاهدين أي لا مستندا إلى تعريف شاهدين إذا كان تعريفهما على وجه الشهادة وهذا هو
محصل كلام ابن رشد. وبهذا تعلم أن قول شارحنا تبعا لعبق التابع لعج لا إن لم يحصل العلم بأنها
المشهود عليها بشاهدين فيه نظر إذ لم أر من فصل في الشاهدين هذا التفصيل وهو أنه إن حصل له العلم
بأنها المشهود عليها بشهادة الشاهدين جاز له أداء الشهادة عليها بالأولى مما إذا حصل له العلم بامرأة
وإن لم يحصل له العمل بأنها المشهود عليها بشهادة الشاهدين أدى الشهادة نقلا، فمراد المصنف
الاستناد في الأداء إلى التعريف عند التحمل وقول الشارح وامرأة عرف نسبها ثم نسيها غير ظاهر
لان الكلام مفروض في امرأة لا يعرف لها نسبا، ولا معارضة بين ما هنا وبين قوله قبله ولا على
من لا يعرف إلا على عينه لان ما تقدم لم يعرف عينه ولم يحصل تعريف به وما هنا فيمن لم
يعرف وحصل تعريف به انظر بن. قوله: (وأن يقولا) أي لكل واحد من الشاهدين
الناقلين عنهما. قوله: (وهذا) أي قول الشاهدين للناقل عنهما أشهد على شهادتنا. قوله: (أي بسببه)
أي بسبب الاعتماد عليه وهذا بناء على أنه لا يحتاج في أداء الشهادة إلى ذكر الثقات وغيرهم كما يأتي
195

وأما على أنه لا بد من ذكر ذلك فالباء في قوله بسماع للتعدية وهو المتبادر من كلام المصنف. قوله: (وليس
المراد أنه لا بد من ذكرهم ذلك في شهادتهم) أي بل لو قالوا لم نزل نسمع من الثقات أن هذه الدار حبس
أو ملك لفلان لكفى وإن زادوا ذكر ذلك أي السماع من الثقات وغيرهم في شهادتهم فهو زيادة بيان
وهذا القول هو ظاهر المدونة. قوله: (وقيل لا بد الخ) أي وهو ظاهر المصنف وهو الذي اعتمده
الباجي إذ قال شهادة السماع أن يقولوا سمعنا سماعا فاشيا من العدول وغيرهم وإلا لم تصح ونحوه لابن
سهل وابن سلمون وابن فتوح ونقله ابن عرفة وأقره وحمل أبو الحسن المدونة عليه وإن كان ظاهرها
الاطلاق كذا في بن عن طفي. قوله: (وعليه فاختلف أيضا في اعتمادهم الخ) الأولى حذف قوله،
وعليه لان الخلاف في اعتمادهم في الشهادة على السماع قائم بذاته لا تفرع له على القول الثاني ولا على
الأول واعلم أن الخلاف ثابت في نطق الشهود ولا كلام وأما اعتمادهم ففيه طريقتان الأولى تحكى
الخلاف أيضا، فقيل لا تقبل شهادة السماع إلا إذا اعتمد الشهود على سماع فاش من الثقات وغيرهم وقيل
يكفي في قبولها اعتمادهم على سماع فاش سواء كان من الثقات أو غيرهم والطريقة الثانية تقول
الخلاف إنما هو في نطق الشهود وأما الاعتماد فلا بد فيه من السماع الفاشي من الثقات
وغيرهم قولا واحدا، كذا قرر شيخنا وهذه الطريقة هي التي مال إليها بن حيث قال الذي
يفيده كلام الأئمة أن الخلاف إنما هو في النطق لا في الاعتماد ا ه‍ وقول الشارح هل لا بد من
الجمع بين الثقات الخ الأولى أن يقول هل لا بد من الاعتماد على السماع من الثقات وغيرهم أو
يكفي الاعتماد على السماع من أحدهما تأمل. قوله: (بملك) متعلق بضمير جازت العائد على الشهادة
بناء على جواز إعمال المصدر مضمرا وأما قوله بسماع فهو متعلق بجاز والمعنى أن الشهادة بالملك
لحائز حوزا طويلا يتصرف تصرف الملاك في أملاكها جائزة بسماع فاش من ثقات وغيرهم. وحاصله
أن الانسان إذا حاز عقارا مدة طويلة كأربعين سنة أو عشرين على ما يأتي وتصرف
فيه تصرف الملاك في أملاكها بهدم أو قلع شجر أو غرس أو زرع عشرة أشهر، وشاع
عند الناس أن ذلك العقار ملكه فيجوز أن تشهد البينة لذلك الحائز إذا نازعه غيره بالملك
بأن تقول لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أن ذلك العقار ملك لذلك الحائز. قوله: (فلا ينزع بها من يد
حائز) لعل الأولى اسقاط هذا الكلام من هنا لعدم مناسبته تأمل. قوله: (فطويلا متعلق بحائز) أي
مرتبط به فالمشترط فيه الطول كأربعين أو عشرين سنة إنما هو الحوز وأما التصرف بالهدم والبناء
والزرع من غير منازع فيكفي أن يكون عشرة أشهر من مدة الحيازة التي هي عشرون سنة أو أربعون.
قوله: (واعترض الخ) حاصله أن التصرف وطول الحيازة إنما يشترطان في الشهادة بالملك بتا،
وأما الشهادة بالملك سماعا فيكفي فيها مجرد الحوز فالشاهد بالملك على وجه البت يعتمد في الشهادة
بذلك على وضع اليد عليه والتصرف فيه تصرف المالك في ملكه ونسبتها مع ذلك لنفسه وعدم
المنازع وطول الحيازة وأما الشاهد بالملك على وجه السماع فيعتمد في شهادته بذلك على
الحيازة وإن لم تطل وإن لم يحصل تصرف ا ه‍. لكن قول الشارح ولا طول الحيازة فيه نظر لأنه
يشترط في شهادة السماع بالملك المحاز طول زمن السماع كعشرين سنة وإنما يكون ذلك إذا طال زمن
الحوز تأمل. قوله: (لكان أصوب) أي لان كلا من البينتين شهدت بالملك لا أن إحداهما شهدت
196

بالملك والأخرى بالحوز كما هو ظاهر المصنف. فإن قلت: الحوز عشر سنين فأكثر بمجرده كاف في رد
دعوى القائم وفي رد بينته وإن كانت بالقطع ولا يحتاج معه لبينة سماع ولا غيرها كما يأتي وحينئذ فلا
يتأتى تنازع بين حائز وقائم وإقامة الأول بينة سماع وإقامة الثاني بينة قطع. قلت: إنما يكون الحوز مانعا من
دعوى القائم ورادا لبينته إذا كان ذلك القائم حاضرا بلا مانع وأما إذا كان غائبا أو له مانع فتسمع دعواه
ويحتاج الحائز إلى دفعها فتفرض المسألة فيما إذا كان ذلك القائم غائبا أو حاضرا له مانع. قوله: (أنه
اشتراها) أي أو وهبت له مثلا. قوله: (لذي بينة السماع) أي لصاحب أي المحوزة عند صاحب بينة السماع.
قوله: (ما لم تشهد بينة السماع الخ) أي وإلا قدمت لان بينة السماع حينئذ ناقلة والبينة القاطعة
مستصحبة والناقلة تقدم على المستصحبة. قوله: (وإلا) أي وإلا يكن حائزا للذات المتنازع فيها بل
الحائز لها صاحب بينة البت. قوله: (لما علمت أنه لا ينزع بها من يد الحائز) أي ولو حلف صاحبها
معها. قوله: (وليست الذات الخ) راجع لقوله أو على فلان. قوله: (فيعمل بشهادتها) أي وكما
يعمل بشهادة السماع في ثبوت أصل الوقف يعمل بها أيضا في مصرف الوقف وكل ما يتعلق به
مثل شروط الواقف وغيرها ولا يلزم تسمية الواقف في شهادة السماع على الوقف كما قاله شيخنا
العدوي. قوله: (قيل لا ينزع بها من يد الحائز كالملك) أي وهو للخمي والتوضيح واقتصر عليه
بهرام والبساطي وتت. قوله: (وقيل ينزع بها) أي بشهادة السماع عما شهدت بوقفيته لغير حائزه
من يد حائزه وهو ما لابن عرفة وظاهر المؤلف، وهو قول أبي الحسن وابن يونس، وبه أفتى عج
وعلى هذا القول يكون الوقف مستثنى من قولهم لا ينزع ببينة السماع من يد حائز. قوله: (بموت
لشخص) أي إذا شهدت بموت لشخص ببلد بعيدة وجهل المكان كعبده فيما يظهر. قوله: (وأما
البلاد القريبة) أي وأما الشهادة على موته في البلاد القريبة أو في بلده فإنما تكون الخ فقوله
أو بلد موته الأولى أو في بلده. قوله: (كعشرين سنة) هذا قول ابن القاسم قال ابن رشد وبه
العمل بقرطبة وظاهر المدونة أربعون سنة. قوله: (لكن هذا) أي اشتراط طول زمن السماع
في الملك المحاز أي في شهادة السماع على الملك المحاز وعلى الوقف وقوله وأما في الموت أي وأما
شهادة السماع على الموت ببلد بعيدة فشرط قبولها قصر زمان السماع وأما ما يأتي في قوله كعزل
وما بعده من بقية المسائل فلا يشترط فيه طول زمن السماع أيضا ولا قصره فشهادة السماع
يثبت بها ضرر الزوجين وما معه وإن لم تطل مدة السماع اتفاقا. قوله: (ولو بالنقل) أي عن بينة
أخرى. قوله: (على المعتمد) أي كما في ابن عرفة خلافا لابن عبد السلام وهو ظاهر المصنف
من اشتراط طول الزمان حتى في الموت، وخلافا لقول ابن هارون الشرط في قبول بينة السماع
في الموت أحد أمرين إما تنائي البلدان أو طول الزمان والحاصل أن في شهادة السماع بالموت طرقا
ثلاثة، طريقة ابن عرفة اشتراط تنائي البلدان وقصر الزمان وتبعه الشارح، وطريقة ابن عبد السلام
وهي ظاهر المصنف اشتراط تنائي البلدان وطول الزمان، وطريقة ابن هارون اشتراط أحد
الامرين إما تنائي البلدان أو طول الزمان والمعتمد الطريقة الأولى انظر بن. قوله: (بموت
شخص) أي مستندين في شهادتهم بذلك للسماع والحال أنه غير شائع عند غيرهما.
197

قوله: (لأنها ضعيفة) أي فطلب فيها الحلف لأجل تقويتها. قوله: (وينبني عليه ما مر الخ) أي فما مر
مبني على أحد القولين هنا وفي الشامل أن في رد المال في الخلع بشهادة الواحد بالسماع مع اليمين وعدم
رده قولين من غير ترجيح فالمصنف مشى فيما مر على أحد القولين. قوله: (ويمينها مع شاهد) صورته
خالعته على مال ثم بعد ذلك قامت شاهدا على أن زوجها كان يضاررها فيعمل بهذا الشاهد مع يمينها
ولو شاهد سماع ويرد المال إليها فقد عمل بواحد في شهادة السماع مع اليمين. قوله: (فلا تقبل فيه) أي
في السماع. قوله: (بالثلاثة قبلها) أي وهي الملك والوقف والموت. قوله: (أنه عزل) أي فيترتب على
ذلك البطلان حكم القاضي وتصرف الوكيل بعد ثبوت العزل بتلك الشهادة. قوله: (وكفر) أي بأن
شهدوا بالسماع الفاشي بكفر فلان فلا يصلى عليه ولا يدفن في قبور المسلمين ولا ترثه ورثته المسلمون.
قوله: (وسفه) أي بأن يقولوا لم نزل نسمع أن فلانا سفيه لا يحسن التصرف في المال. قوله: (ادعاه
أحدهما) أي أحد الزوجين وأنكره الآخر منهما فيه نظر ففي التوضيح قال أبو عمران يشترط
في شهادة السماع على النكاح أن يكون الزوجان متفقين عليه وأما إن أنكره أحدهما فلا ا ه‍. وظاهره
أنه المذهب، وقال الشيخ ميارة في شرح التحفة شرط السماع في النكاح أن تكون المرأة تحت حجاب
الزوج فيحتاج لاثبات الزوجية أو يموت أحدهما فيطلب الحي الميراث فلو لم تكن في عصمة أحد
فأثبت رجل بالسماع أنها زوجته لم يستوجب البناء عليها بذلك لان السماع إنما ينفع مع الحيازة
ولاحتمال أن يكون أصل السماع عن واحد وهو لا تحوز به قاله ابن الحاج لكن قال ابن
رحال في حاشيته ظاهر النقل خلاف ما قاله أبو عمران وابن الحاج وهو في عهدته فانظره ا ه‍ بن.
قوله: (من تولية) أي لمعين وكذا يقال فيما بعده. قوله: (وكذا البيع والنكاح) أي وكذا
شهادتهما بهما. قوله:
(فيثبت الطلاق لا دفع العوض) أي لتوقفه على شهادة بت. قوله: (لا دفع
العوض) أي وهو الثمن والصداق فلا يثبت دفعهما بشهادة السماع التي ثبت بها البيع
والنكاح بل لا بد من بينة تشهد بتا على دفعهما. قوله: (وهبة) أي نحو لم نزل نسمع
من الثقات وغيرهم أن فلانا وهب لفلان كذا. قوله: (أن فلانا أقام الخ) أي أو أن فلانا
أوصى لفلان بكذا من المال أو الحيوان أو العقار. قوله: (وولادة) أي بأن يقولوا لم
نزل نسمع من الثقات وغيرهم أن هذه الأمة ولدت من فلان أو أن هذه المرأة قد ولدت
لأجل خروجها من عدتها مثلا. قوله: (وحرابة) أي بأن يقولوا لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم
أن هؤلاء الجماعة محاربون أو أخذوا مال فلان حرابة. قوله: (وإباق) بأن يقولوا لم نزل نسمع
أن فلانا أبق له عبد صفته كذا وقوله فيثبتان أن الحرابة والإباق به أي بالسماع. قوله: (أثبته المدين)
كما لو طالبه الغرماء بدينهم وادعى الاعسار وأقام بينة سماع بذلك. قوله: (أو الغرماء) أي كما لو كان
للمدين ضامن ثم إن الغرماء طالبوا الضامن فقال لهم أن المدين ملئ فعليكم به فأقاموا بينة سماع تشهد أن
المدين معدم. قوله: (وعتق) نحو لم نزل نسمع أن فلانا أعتق عبده فلانا ومثل العتق الحرية فتثبت
بشهادة السماع كما في ح. قوله: (ولوث) أي في قتل وهل تثبت الجراح بشهادة السماع وهو ما قاله ابن مرزوق
198

وتعقبه على ذلك ابن غازي في تكميله قائلا ما وقفت في الجراح على شئ لغيره وسلمه له بن. قوله: (فتكون
الشهادة المذكورة لوثا) أشار الشارح بهذا إلى أن معنى قول المصنف ولوث أن شهادة السماع
بالقتل تكون لوثا وهو ما يفيده المواق وابن مرزوق وليس معناه أن شهادة السماع يثبت بها
اللوث، كما هو ظاهر المصنف وعلى ظاهره حمله الشيخ كريم الدين البرموني فقال وصورتها أن
يقولوا لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أن فلانا قال دمي عند فلان ا ه‍. وهو يحتاج لنقل يدل عليه
فإن وجد نقل يدل عليه حلفت الورثة خمسين يمينا مع تلك الشهادة واستحقوا دم صاحبهم في العمد
وديته في الخطأ وإن لم يوجد نقل يساعده فلا قسامة وتلك الشهادة باللوث كالعدم ا ه‍ شيخنا عدوى.
قوله: (تسوغ للولي القسامة) أي حلف خمسين يمينا ويستحقون دم صاحبهم في العمد وديته في الخطأ.
قوله: (ومثل المذكورات البيع الخ) هذه الخمسة التي زادها الشارح لم يجعلها داخلة تحت الكاف
في قول المصنف كعزل لأنها للتشبيه لا تدخل شيئا لا للتمثيل وتقبل شهادة السماع أيضا على
الخط كما في ابن غازي وعلى الرهن كما في ح. فجملة المسائل التي تقبل فيها شهادة السماع ثلاثون مسألة.
قوله: (وهذه المسائل) أي قول المصنف كعزل وجميع ما بعده. قوله: (لا بقيد الطول) أي طول زمن
السماع بل يثبتها سواء طال زمن السماع أم لا فطول زمن السماع إنما يشترط في الشهادة بالملك والوقف
وكذا بالموت على أحد الأقوال كما علمت. قوله: (فلذا) أي فلأجل عدم اشتراط الطول فيها أتى فيها
بالكاف أي ولم يعطفها على ما قبلها من الملك والوقف. قوله: (والولاء) ما ذكره من ثبوت الولاء
بشهادة السماع هو المشهور، وأما ما ذكره المصنف في آخر باب العتق من قوله وإن شهد واحد بالولاء
أو اثنان أنهما لم يزالا يسمعان أنه مولاه أو ابن عمه لم يثبت فهو ضعيف. قوله: (والمتحمل للشهادة الخ)
التحمل لغة الالتزام فإذا التزمت دفع ما على المدين فيقال إنك متحمل بالدين وأما في عرف أهل
الشرع فهو علم ما يشهد به بسبب اختياري فخرج بقولهم بسبب اختياري علمه لما يشهد به بدون اختيار
كما إذا كان مارا فسمع من يقول زوجته طالق فلا يسمى تحملا. قوله: (وظاهر كلامه ولو فاسقا
عند التحمل) فيه نظر لان تحمله للشهادة فيه تعريض لضياع الحقوق لان الغالب رد شهادة الفاسق
نعم إن لم يوجد سواء ظهر تحمله انظر بن. قوله: (ويجوز للمتحمل أن ينتفع على التحول) أي دون
الأداء فلا يجوز الانتفاع عليه وقوله الذي هو فرض كفاية أي وأما المتعين فلا يجوز له الانتفاع
عليه كما هو ظاهر الشارح والمج، وصرح به شيخنا في حاشية خش والذي في بن أنه لا مفهوم
لفرض الكفاية بل وعلى التحمل المتعين خصوصا إذا كتب وثيقة لكن بشرط أن لا يأخذ أكثر
مما يستحق وهو أجرة المثل وأن لا يحكر على الشهادة وانظره. قوله: (عما إذا لم يفتقر إليه) أي بأن كان
لا يترتب على ترك التحمل ضياع حق. قوله: (من كبريدين) أي من مسافة بين المتحمل ومحل الأداء
كبريدين وهي أربعة وعشرون ميلا. قوله: (وظاهر نقل المواق الخ) قال شيخنا العدوي الظاهر أن
يقال إن ما قارب البريدين كبريدين ونصف يعطي حكمهما وما قارب مسافة القصر كالثلاثة والنصف
يعطي حكمها والمتوسط يلحق بالبريدين. قوله: (وعلى ثالث) فهم منه بالأولى أنه ليس لأحد الاثنين
الامتناع ويقول لرب الحق احلف مع الآخر. قوله: (لاتهامهما بأمر مما مر) أي كعداوة أو
قرابة أو عدم عدالة. قوله: (بأن امتنع أن يؤدى الخ) ظاهره أن انتفاعه من غير امتناع من الأداء
ليس بجرحة وليس كذلك بل انتفاع من تعين عليه الأداء جرحة امتنع أولا كما في طفي.
199

قوله: (فجرح) أي فانتفاعه جرح فهو خبر لمحذوف والجملة جواب الشرط. قوله: (إلا ركوبه) أي إلا
إذا دفع المشهود له للشاهد أجرة ركوبه أو أركبه دابته فليس بجرح فالاكتراء حكمه حكم دابة المشهود له
في الجواز كما صرح بذلك ابن رشد ونقله طفي، فإن دفع المشهود له للشاهد أجرة ركوبه فأخذها
ومشى فانظر هل يكون جرحة أو لا، والظاهر الأول لأنه يخل بالمروءة ولعله ما لم تشتد الحاجة قاله
شيخنا العدوي وانظر إذا عسر مشيه وعدمت دابته ولكنه موسر هل يلزمه أن
يكري لنفسه دابة يركبها، ولا يجوز له أخذ أجرة الدابة من المشهود له أو لا يلزمه أن يكري لنفسه دابة ويجوز له أخذ
أجرتها من المشهود أو يركبه دابته واستظهر الأول. قوله: (لا كمسافة القصر) أي لا إن كان بين محل
الشاهد ومحل أداء الشهادة كمسافة القصر. قوله: (فلا يجب على المتحمل السفر له) أي ويؤديها عند
قاضي بلده ويكتب بها إنهاء للقاضي الذي على مسافة القصر أو تنقل تلك الشهادة عن هذا الشاهد بأن
يؤديها عند رجلين ينقلانها عنه ويؤديانها عند القاضي الذي على مسافة القصر. قوله: (ويجوز له
حينئذ) أي حين إذ كان بينه وبين محل أدائها مسافة القصر إذا سافر لأدائها أن ينتفع الخ.
قوله: (وحلف) أي المدعى عليه أي قضى بحلفه. قوله: (كزوج وسيد) هذا مثال للمدعى عليه.
قوله: (بسبب إقامته) أي الشاهد وقوله عليه أي على المدعى عليه. قوله: (فأقام المدعي) أي بالطلاق
أو بالعتق أو بالقذف. قوله: (على ما ذكر) أي من الطلاق والعتق والقذف. قوله: (فيحلف المدعى عليه)
أي أنه ما طلق ولا أعتق ولا قذف. قوله: (لا في نكاح ادعاه أحد الزوجين على الآخر) أي والحال
أنهما غير طارئين وأقام المدعي شاهدا أو امرأتين فلا يحلف المدعى عليه المنكر لرد شهادة الشاهد
بخلاف الطارئين فإن المدعى عليه المنكر يحلف مع إقامة الآخر شاهدا لا بمجرد الدعوى لما مر من
أن كل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها. قوله: (فمتى حلف ترك) أي فثمرة اليمين لرد
شهادة الشاهد دفع الحبس عنه. قوله: (بين ما ذكر) أي من الطلاق والعتق والقذف. قوله: (لو أقر به ثبت)
فإذا ادعت المرأة على زوجها بطلاق فأنكره فأقامت شاهدا فأقر به لزمه وإذا ادعى العبد على سيده
أنه أعتقه فأنكر فأقام شاهدا فأقر السيد به لزمه وإذا ادعى على انسان بالقذف فأنكر فأقام
شاهدا عليه فأقربه لزمه الحد، وأما لو ادعت امرأة على رجل أنه تزوج بها فأقر بذلك بعد إنكاره
200

وإقامة الشاهد فلا يثبت النكاح أو ادعى رجل على امرأة أنه تزوجها فصدقته المرأة بعد إنكارها
وإقامة الشاهد فلا يثبت النكاح لفقد العقد من الولي فقوله لو أقر به ثبت أي لو أقر به المدعى عليه
المنكر بعد إقامة الشاهد ثبت بخلاف النكاح، فإنه لو أقر به المدعى عليه المنكر بعد إقامة الشاهد
لا يثبت ففائدة توجيه اليمين على المدعى عليه احتمال أن يقر خوفا منها فيثبت الحق فلما كان لا فائدة
لها في النكاح لم تشرع. واعلم أن مقتضى هذا الفرق الذي فرق به بين النكاح وبين الطلاق والعتق
والقذف أن يكون كل ما لا يثبت إلا بعدلين مثل هذه الثلاثة في القضاء يحلف المدعى عليه إذا أقام
المدعي شاهدا أو امرأتين وهو كذلك. قوله: (وحلف عبد الخ) حاصله أن العبد سواء كان مأذونا له في
التجارة أو لا إذا أقام شاهدا بحق مالي فإنه يحلف مع شاهده ويستحق المال ويأخذه ولا خلاف
في ذلك فإن نكل العبد عن اليمين فإن كان مأذونا له في التجارة حلف المدعى عليه وبرئ، وإن كان غير
مأذون له وحلف سيده واستحق، وكذلك السفيه إذا ادعى على شخص بحق مالي وأقام بذلك شاهدا فإنه
يحلف الآن مع شاهده ويستحق المال لكنه يقبضه الناظر عليه فإن نكل السفيه حلف المدعى عليه
لرد شهادة الشاهد وبرئ ومحل حلف السفيه إذا كان وليه لم يتول المبايعة وإلا فالذي يحلف مع
الشاهد وليه. قال طفي وفرض المسألة في الحلف مع الشاهد يدل على أنه لا يمين عليه في الانكار أو
التهمة وهو كذلك، فإذا ادعى أحد على سفيه أو عبد فأنكر ولم يقم المدعي بينة فلا يمين على ذلك المدعى
عليه سواء كان ذكرا أو أنثى إذ لا فائدة لليمين حينئذ لأنها إنما تتوجه إذا كان المدعى عليه لو أقر لزمه
وهذا ليس كذلك. قوله: (فلا يشترط في الدعوى) أي في سماعها. قوله: (الحرية) أي حرية المدعى ولا
رشده ولا بلوغه. قوله: (لا يحلف صبي) أي لأنه غير مكلف واليمين هنا جزء نصاب لا أنها تتميم بحيث
يكون استحسانا حتى يكتفي بحلف الصبي لها. قوله: (وأحرى غيره من الأولياء) أي كالوصي ومقدم
القاضي. قوله: (وإن أنفق) الأولى أن يعبر بلو لرد قول ابن كنانة يحلف الأب إذا كان ينفق عليه انفاقا
واجبا لان ليمينه فائدة وهي سقوط النفقة عنه، والقول بعدم حلف الأب مطلقا رواية ابن القاسم عن
مالك انظر بن وقد يقال قاعدة المصنف أنه إذا عبر بلو يكون إشارة لرد خلاف لا أن كل خلاف يشير
لرده بلو. قوله: (فإن تولى الأب المعاملة الخ) أي كما لو باع الأب أو الوصي أو مقدم القاضي سلعة الصبي
لاحد بثمن ثم إن الصبي طالب المشتري بالثمن فأنكره ووجد شاهدا واحدا يشهد له بالثمن فإن الأب
ومن معه يحلفون مع ذلك الشاهد. قوله: (وسيد العبد) انظر من ذكر هذا فإني لم أره منقولا والعلة تقتضي
عدم حلفه تأمل. قوله: (ليترك المتنازع فيه بيده) أي إن كان معينا وإن كان المتنازع فيه دينا بقي بذمته
وإن كان معينا وبقي بيده فغلته له كما يفيده قول المصنف سابقا والغلة له للقضاء والنفقة على المقضي
له، وما ذكره المصنف من ترك المتنازع فيه بيد المدعى عليه بعد يمينه إن كان معينا هو قول
الأخوين وابن عبد الحكم وأصبغ، وقيل: إنه يحلف المطلوب ويوقف ذلك المتنازع فيه المعين
تحت يد عدل لبلوغ الصبي ونسبه في التوضيح لظاهر الموازية وكتاب ابن سحنون وكلام ابن
رشد في البيان يقتضي أن القول بوقف المعين هو المذهب وبنى المازري الخلاف في الوقف على الخلاف
في استناد الحق للشاهد فقط واليمين فالعاضد فيحسن الايقاف أو إليهما معا فيضعف الايقاف
انظر بن. قوله: (حوزا) أي وحينئذ فيضمنه إذا تلف ولو بسماوي لأنه متعد لأنه شبيه بالغاصب.
قوله: (أي يكتب في سجله الحادية) أي الدعوى وشهادة العدل وما حصل عليه الانفصال في الخصومة.
قوله: (أو تغير حاله عن العدالة) أي وخوفا من تغير حاله عن العدالة قبل بلوغ الصبي وهذا مضر فإذا
201

حصل التسجيل وتغير حاله عن العدالة بعده فلا يضر وذلك لان فسقه بعد الاسجال بمنزلة طرو فسقه
بعد الحكم وهو لا يضر فلا يعارض ما سبق للمصنف أن طرو الفسق بعد الأداء وقبل الحكم مضر.
قوله: (كوارثه قبله) تشبيه في الحلف والاستحقاق أي كما أن وارث الصبي يحلف الآن ويستحق
إذا مات الصبي قبل بلوغه ومحل حلفه واستحقاقه ما لم يكن ذلك الوارث بيت المال أو مجنونا أو مغمى
عليه غير مرجو الإفاقة، وإلا فلا يحلف وترد اليمين على المطلوب في تلك الحالة ما لم يكن حلف أو لا، وإلا فلا تعاد فإن كان
الوارث مجنونا أو مغمى عليه المذكورين ومحل ردها على المطلوب في تلك الحالة ما لم يكن حلف
أولا وإلا فلا تعاد فإن كان الوارث مجنونا أو مغمى عليه مرجو الإفاقة انتظر ولا يحلف المطلوب
ويوضع التنازل فيه بيد أمين انظر حاشية شيخنا العدوي. قوله: (فإن نكل المطلوب) أي عند إقامة
الصبي الشاهد. قوله: (أخذه الصبي) أي من الآن ملكا بشهادة الشاهد ونكول المدعى عليه عن اليمين
يشهد شاهد بحق لصغير وأخيه الكبير فنكل الكبير واستؤني للصغير فمات قبل بلوغه وورثه أخوه
الكبير ففي حلف الكبير ليستحق نصيب أخيه الصغير الذي ورثه منه وعدم حلفه فلا يأخذه قولان.
قوله: (للمتأخرين ولا نص فيها للمتقدمين) في هذا إشارة للتورك على المصنف وأن حقه
أن يعبر بتردد لعدم نص المتقدمين واختلاف المتأخرين وقد يقال إن المصنف إنما التزم أنه إن أتى
بالتردد كان إشارة لذلك لا أنه متى وقع خلاف للمتأخرين يعبر بتردد. قوله: (لم يستحق نصيب مورثه
إلا بيمين ثانية) هذا هو المنقول عن ابن يونس ولابن رشد في جواب سؤال أرسله له القاضي
عياض أن الكبير إذا حلف أو لا ثم مات الصغير فلا يحتاج لإعادة يمين ثانية لان اليمين الأولى وقعت
على جميع الحق طبق الشهادة انظر بن. قوله: (لسريان نكوله الأول عليه) أي ولا يأخذ حصة
الصغير فإن مات الكبير الناكل أولا عن ابن ثم مات الصغير وورثه ابن أخيه فإنه يحلف ويستحق
حصة عمه الصغير فقط ولا يجري فيه القولان لأنه لم ينكل قبل ذلك وأما حصة أبيه الساقطة بنكوله
فلا يتوهم رجوعها لابنه لان الحق سقط بسبب النكول فلا يورث. قوله: (يعني أن من ادعى
بحق مالي) احترز بذلك عن إقامة المدعي شاهدا في نحو طلاق وعتق فحلف المطلوب لرد
شهادته ثم أتى الطالب بأخرى فإنه يضمنه له اتفاقا. قوله: (وأقام عليه شاهدا فقط) أي عند من
يرى ثبوته بذلك مع اليمين وأما لو أقام شاهدا في حق مالي عند من لا يرى ثبوته به وبيمين
وحلف المطلوب ثم أتى بآخر فإنه يضمه له كما تقدم في قوله أو وجد ثانيا أو مع يمين لم يره الأول.
قوله: (للأول) أي الذي نكل عن اليمين معه. قوله: (لبطلان شهادته) أي الأول بسبب نكول المدعي
مع وجود ذلك الشاهد الأول وحلف المطلوب. قوله: (وفي حلفه) أي وإذا لم يضمه للأول وأراد
الحلف مع الثاني فإن في حلفه معه واستحقاقه وعدم حلفه قولين والمعتمد منهما الأول كما في المج.
202

قوله: (لو نكل المطلوب) أي عن اليمين التي لرد شهادة الشاهد الثاني. قوله: (استحق الطالب الحق) أي
بغير يمين كما في التوضيح. قوله: (لأنه حلف أولا) أي لرد الدعوى من أصلها. قوله: (وعلى الأول) أي
وهو أن للطالب أن يحلف مع الشاهد الثاني ويستحق. قوله: (لو أتى بشاهدين لاستحق) أي وهو قول
ابن القاسم في الموازية، وقوله بخلاف الثاني أي وهو أن الطالب ليس له أن يحلف مع الشاهد الثاني لأنه
لما نكل مع الشاهد الأول سقط حقه، فعلى هذا القول لو أتى الطالب بعد حلف المطلوب بشاهدين فإنه
لا يستحق ولا قيام له بهما، وهو قول ابن القاسم في المبسوط، ونحوه لابن كنانة والمعتمد من قولي ابن
القاسم المذكورين الأول وقد تقدم أنه إذا حلف الطالب المطلوب وله بينة حاضرة أو غائبة كالجمعة
يعلمها لم تسمع إذا أقامها هذا لا يخالف القول الأول من قولي ابن القاسم لحمل كلام ابن القاسم
على ما إذا حلف الطالب المطلوب غير عالم بالشاهدين أو كانا على أبعد من كالجمعة. قوله: (وإن تعذر
يمين بعض) أي يمين بعض المشهود لهم أو كلهم. قوله: (بدليل قوله أو على الفقراء) أي ففي كلام المصنف
حذف أو مع ما عطفت لدليل وهو جائز كما في المعنى. قوله: (على انسان) أي شهدا أو أشهدتا على انسان.
قوله: (بدليل ما يأتي في كلامه) أي من ذكر التردد لأنه إنما يتفرع على هذا المعنى ويصح قراءة وعقبهم
فعلا ماضيا مضعفا كما في بن. قوله: (فاليمين متعذرة من العقب) أي وهم بعض الموقوف عليهم
المشهود لهم بالوقف. قوله: (المحذوف من كلامه) أي الذي قدره الشارح بقوله أو كل. قوله: (أو
شاهد) أي أو امرأتين. قوله: (وهو البعض الموجود من الموقوف عليهم في الأولى) أي لما مر أن
الوقف على معين يثبت بالشاهد واليمين. قوله: (والمدعى عليه في الثانية) أي لما أن الوقف على غير
معين لا يثبت بشاهد ويمين لعدم تعين المستحق الذي يحلفها وإذا حلف المدعى عليه في الثانية
رجع المدعى به ملكا وعلا عبرة بدعوى وقفيته لعدم ثبوتها فإن نكل فحبس كما قال المصنف وإلا
فحبس، وما ذكره من كون المدعى عليه يحلف في المسألة أعني مسألة الفقراء هو ما ذكره
اللخمي والمازري وابن شاس وابن الحاجب، لكنه تعقبه ابن عرفة فقال ظاهر الروايات
عدم حلفه لعدم تعين طالبه وبطلان الوقف على أن اللخمي والمازري لما ذكرا حلفه جعلوه
كمن شهد عليه شاهد بالطلاق أو العتق وظاهر أن هذا إذا لم يحلف يحبس وإن طال دين ولا
يلزم طلاق ولا عتق ولذا قال المواق وغيره أن قول المصنف وإلا فحبس لا مستند ه انظر بن. قوله: (وإن
حلف بعض الموجودين) أي وإن حلف كل البعض الموجود في المسألة الأولى. قوله: (دون غيره)
أي فلا يثبت نصيبه بل يكون ملكا للمدعى عليه إن حلف. قوله: (فإن نكل الجميع بطل الوقف
إن حلف المدعى عليه) وكذا قوله قبل دون نصيب من لم يحلف أي فإن وقفيته باطلة ويكون
ملكا للمدعى عليه إن حلف ظاهره أن الوقف كلا أو بعضا يبطل بحلف المطلوب حتى بالنسبة
للبطن الثاني وأنه لا كلام لهم وهو مبني على أن أخذ أهل البطن الثاني بطريق الإرث من آبائهم، لكنه
خلاف ما استظهره المازري وغيره من أن أخذهم بعقد التحبيس من الواقف لا بطريق الإرث من
آبائهم، ولذا قال ابن عرفة لو عرضت اليمين على البطن الأول فنكلوا كلهم ثم جاء بعدهم البطن الثاني
فمن قال أخذ البطن الثاني كأخذ الإرث من آبائهم لم يمكنوا من الحلف لبطلان حقهم بنكول آبائهم
وعلى الطريقة الأخرى وهي أن أخذهم إنما هو بعقد التحبيس من المحبس يمكنون من اليمين ولا
يضرهم نكول آبائهم وهو الظاهر ا ه‍ بن. والحاصل أنه إذا حلف المطلوب لنكول الموجودين بطل
الوقف عليهم وهل تمكن الطبقة الثانية منه بيمين أولا تمكن منه خلاف والظاهر الأول. قوله: (إن حلف
المدعى عليه) أي فإن نكل فالمدعى به حبس ويمكن دخول هذه تحت قول المصنف وإلا فحبس
203

أي وإلا يحلف المدعى عليه ابتداء في المسألة الثانية أو بعد نكول الموجودين في المسألة الأولى فحبس أي
فالمتنازع فيه حبس في الفرعين وبهذا حل بعض الشراح كلام المصنف. قوله: (ففي تعيين مستحقه)
أي مستحق نصيب الميت الحالف. قوله: (أي جنس مستحقه) أشار إلى أن الإضافة جنسية فتصدق
بمتعدد وأشار الشارح بهذا لدفع ما يقال إن مستحقه مفرد فكيف يبينه بمتعدد فالأولى أن يقول
مستحقيه. قوله: (من بقية) أي من كون بقية الخ. قوله: (تردد) محله ما لم يشترط الواقف أنه لا يأخذ أحد
من أهل البطن الثاني شيئا إلا بعد انقراض البطن الأول وإلا لم يأخذ أحد من أهل البطن الثاني شيئا
ما دام أحد من الناكلين اتفاقا وجعل الشارح محل التردد موت البعض الحالف ولم يبق إلا الناكل
احترازا عما إذا مات بعض من حلف وبقي منهم بعض مع الناكلين فلا شئ للناكلين ويستحق نصيب
الميت الحالف بقية الحالفين، وهل يحلفون أيضا أو لا؟ قولان بناء على أن أخذهم بعقد الحبس عن الواقف
أو أخذهم كالميراث عن الميت وهذا أحد تقريرين ذكرهما عج والثاني يجعل التردد جاريا في ذلك
أيضا فقيل أن نصيب من مات لمن بقي من أهل البطن الأول من حلف ومن نكل وقيل لأهل البطن
الثاني خاصة. قوله: (وكل من استحق) أي سواء كان من بقية البطن الأول أو من أهل البطن الثاني لا بد
من يمينه أي بناء على أن أخذه بعقد الحبس عن الواقف كما هو الظاهر وإليه يشير قول الشارح لان
أصل الوقف بشاهد، وقيل أن أخذ المستحق كالميراث عن أخيه أو أبيه أو عمه وعليه فلا يلزم المستحق
يمين، وهذا الخلاف جار في بقية الطبقة الأولى وفي أهل الثانية سواء ابن الواقف وغيره فقول الشارح
وينبغي أن يحلف الخ فيه نظر تأمل. قوله: (لان ولد الميت يأخذه بالوراثة عن أبيه) أي وحصة أبيه
قد ثبتت بالشاهد واليمين. قوله: (لشبهها له) أي لشبه الشهادة على الحكم بنقل الشهادة وقوله لكونها
أي الشهادة على حكم الحاكم نقلا لحكمه. قوله: (قال ثبت عندي) أي أن لفلان على فلان كذا أو هلال
رمضان وقوله وسواء في الأمور الخاصة أي كالمثال الأول والعامة كالثاني. قوله: (أو حكمت بكذا)
أي بطلاق زوجة فلان مثلا أو بثبوت رمضان. قوله: (إلا باشهاد منه) أي فإن أشهدهما جاز لهما
الشهادة على حكمه ويكون ذلك الاشهاد تعديلا منه للشاهدين فلا يقبل تجريحهما وإذا لم يشهدهما
فلا يجوز لهما الشهادة على حكمه لاحتمال تساهله في أخباره بأنه ثبت عنه كذا أو حكم بكذا فإذا شهدا
من غير أن يشهدهما كانت شهادتهما باطلة. قوله: (إلا باشهاد منه) هذا هو المحذوف الذي مثل له
بقوله كاشهد على شهادتي خلافا للشارح فإنه يقتضي أن الممثل له شاهد لأنه المعطوف على حاكم.
قوله: (أو بما هو بمنزلته) عطف على قوله بإشهاد منه أي إلا إذا حصل إشهاد منه أو ما هو بمنزلته.
قوله: (أو رآه يؤديها الخ) أي وأما إذا رآه يخبر بها غير قاض فلا ينقل عنه ولا يقبل
نقله واعلم أن الشهادة على الشهود وهي شهادة النقل تجوز في الحدود والطلاق والولاء
وفي كل شئ كما أفاده بن. قوله: (أنه لا ينقل عنه) أي لأنه لم يقل له اشهد على شهادتي وإنما قال
ذلك لغيره. قوله: (قال بعضهم وهو المشهور) قال المواق ابن رشد إن سمعه يؤديها عند الحاكم أو سمعه
يشهد غيره وإن لم يشهده فالمشهور أنها جائزة ا ه‍ بن. قوله: (وشمل كلامه نقل النقل الخ).
204

قال عبق ولا يطلب في شهادة النقل بتاريخ النقل ويجوز النقل وإن لم يعرف الناقل عدالة المنقول
عنه وتثبت عدالة المنقول عنه بغير ذلك الناقل واعلم أن المنقول عنه لا بد أن يكون عدلا وقت قوله
للناقل اشهد على شهادتي أو وقت رؤيته أداءها لا صبيا أو عبدا أو كافرا قال كل اشهد على شهادتي
وانتقلوا لحالة العدالة بعد النقل عنهم وماتوا أو غابوا، فلا يجوز النقل عنهم لان المنظور له وقت التحمل
عنهم. قوله: (ولو حاضرة) أي في البلد. قوله: (في غير الحدود) أي سواء كانت أموالا أو غيرها قوله: (ولا
يكفي الحدود الثلاثة الأيام) أي كون مسافة المكان الذي غاب فيه الشاهد ثلاثة أيام ذهابا، وما ذكره
المصنف قول ابن القاسم في الموازية وقال سحنون: لا ينقل عن الشاهد إلا إذا غاب غيبة بعيدة
والغيبة البعيدة مسافة القصر ولم يفرق بين الحدود وغيرها، وعلى ما للمصنف إذا كان الشاهد
بموجب حد على مسافة قصر ولم يبعد أكثر من ثلاثة أيام فإنه يرفع شهادته إلى من يخاطب قاضي المصر
الذي يراد نقل الشهادة إليه، قال ابن عاشر: وانظر لم يكتفوا بنقل الشهادة هنا واكتفوا بالخطاب إلى
قاضي بلد الخصومة؟ وأجيب بأنهم إنما اكتفوا بالخطاب لأنه صادر من القاضي وتثق النفس به ما لا
تثق بنقل الشاهد أ ه‍ بن. قوله: (ما دون مسافة القصر) الأولى حذف قوله ما دون لما علمت من كلام
سحنون. قوله: (ولم يطرأ فسق أو عداوة الخ) فإن طرأ أحدهما قبل الأداء أو أدى الناقل مع قيامه
بالأصل ردت شهادته. قوله: (قبل أداء الشهادة) أي وأما طرو أحدهما بعد أدائها فلا يضر ولو قبل
الحكم. قوله: (فإن زال الفسق عن الأصل) أي فإن طرأ الفسق للأصل ثم زال عنه قبل أداء الشهادة
فهل الخ. قوله: (بالسماع الأول) الأوضح بالاذن الأول. قوله: (بعد تحمل الأداء عنه) أي
بعد تحمل الناقل الأداء عنه. قوله: (فإن كذبه حقيقة) أي بأن قال له: أنت تكذب على ما
أمرتك أن تنفل عني الشهادة بكذا. قوله: (كشكه في أصل شهادته) أي في تحمله الشهادة
بذلك الشئ. قوله: (وأما الأولان) أي طرو الفسق والعداوة، وقوله لا بعده وقبل الحكم أي
لان الأداء فيهما بمنزلة الحكم فلا يضر طروهما بعد الأداء. والحاصل أن الفسق والعداوة
الأداء فيهما بمنزلة الحكم فلا يضر طروهما بعد الأداء وأولى بعد الحكم كما في التوضيح
وابن عرفة وإنما يضر طروهما قبل الأداء، وأما تكذيب الأصل لفرعه فمضر إن كان قبل الأداء
أو بعده وقبل الحكم فإن كان بعد الحكم لم يضر. قوله: (ثم على آخر) أي في مجلس ثان. قوله: (أو
قال الأصلان الخ) أي والمجلس متحد. قوله: (وبغير ذلك) أي كأن ينقل عن واحد اثنان وينقل
واحد من الاثنين مع واحد ثالث عن الثاني من شاهدي الأصل. قوله: (وبغير ذلك) أي كثمانية
ينقل أربعة منهم عن اثنين وأربعة عن الاثنين الآخرين. قوله: (فلو نقل اثنان عن ثلاثة وعن
الرابع اثنان لم يصح) أي على المشهور كما في التوضيح ووجه فيه عدم صحتها بأنها لا يصح
شهادة الفرع إلا حيث تصح شهادة الأصل لو حضر والرابع الذي نقل عنه الاثنان الآخران لو حضر
205

ما صحت شهادته مع الاثنين الناقلين عن الثلاثة لنقص العدد، ويحتمل أن عدم الصحة لان عدد الفرع
فيها ناقص عن عدد الأصل حيث نقل عن الثلاثة اثنان فقط، والفرع لا ينقص عن الأصل لقيامه
مقامه ونيابته منابه هذا على ما للمصنف في التوضيح، ولكن ابن عرفة نسب لابن القاسم الجواز
كقول ابن الماجشون اه‍ بن. وقوله عن الرابع اثنان أي أو أدى الرابع بنفسه كما صرح به المواق.
قوله: (ونقل ثلاثة عن ثلاثة الخ) أي وأما لو نقل ثلاثة عن ثلاثة واثنان عن واحد لكفي كما في سماع
أبي زيد عن ابن القاسم اه‍. بن. (تنبيه): يشترط في صحة شهادة النقل في الزنا أن يقول شهود الزنا
لمن ينقل عنهم: اشهدوا عنا أننا رأينا فلانا يزني وهو كالمرود في المكحلة ولا يجب الاجتماع في وقت تحمل
النقل ولا تفريق الناقلين وقت شهادتهم عند الحاكم بخلاف الأصول كما مر. قوله: (كأن يشهد اثنان
على رؤية الزنا الخ) أي وكأن يشهد ثلاثة بالرؤية وينقل اثنان عن الرابع ومحمل جواز التلفيق إذا
كان النقل صحيحا كما ذكر في المثالين احترازا مما إذا نقل اثنان عن ثلاثة وشهد الرابع بنفسه فلا
تلفق شهادته كما تقدم عن المواق. قوله: (وجاز تزكية ناقل أصله) أي أنه يجوز للشخص أن يزكي
الشاهد الأصلي بعد أن ينقل عنه شهادته وكأنه لم ينظر للتهمة في ترويج نقله لأنه خفف في شهادة
النقل ما لم يخفف في الشهادة الأصلية. قوله: (لقوة التهمة) أي بالراحة من أداء الشهادة عند القاضي.
قوله: (مع رجل ناقل معهما) مفهومه عدم صحة نقلهما في باب شهادتهن لا مع رجل ناقل معهما بأن
لم يكن معهما رجلا أصلا أو كان معهما رجل أصلي وهو كذلك، لان نقل المرأتين فقط لا يجتزى به
ولو كان فيما لا يظهر للرجال على المعتمد كما يفيده ابن عرفة انظر بن. قوله: (بخلاف نحو الطلاق والعتق)
أي من كل ما لا تصح فيه شهادتهن استقلالا، والحاصل أن ما تقبل فيه شهادة النساء مع يمين أو رجل
وهو المال وما يؤول إليه، وكذا ما يختص بشهادتهن كالولادة والاستهلال وعيب الفرج
يجوز نقل النساء فيه إذا تعددن مع رجل ناقل معهم سواء نقلهن عن رجل أو امرأة،
فإن نقلن لا مع رجل أصلا أو مع رجل أصلي لم يقبل النقل ولو كثرن جدا، وما لا يقبل فيه شهادة
النساء أصلا لا يقبل فيه نقلن سواء كن مع رجل ناقل أو انفردن. قوله: (فلا يصح فيه نقل النساء)
أي سواء انفردن أو كن مع رجل. قوله: (لاعترافهما بالوهم) أي الغلط. قوله: (حيث شهدا)
أي أولا على شك. قوله: (وكذا بعد الحكم الخ) أي وكذا تسقط الشهادتان إذا قالا وهمنا أو غلطنا
بعد الحكم وقبل الاستيفاء. وقوله في دم أي إذا كانت الشهادة بدم وهذا أحد قولي ابن القاسم وهو
الذي رجع إليه وهو خلاف ما مشى عليه المصنف فيما يأتي في قوله لا رجوعهم وغرما مالا ودية فإن
حاصله إنه إذا كان رجوعهم بعد الحكم لا ينقض مطلقا وهو الذي رجع عنه ابن القاسم اه‍ بن.
قوله: (لا في المال) فلا يسقط بل يغرمه المشهود عليه للمدعي ثم يرجع به عليهما هذا ما في الجلاب
والمعونة وهو ظاهر المدونة. وقال ابن عبد السلام: والأكثر أنه يغرمه المشهود عليه للمدعي
ولا يرجع به عليهما حيث قالا وهمنا وهو ظاهر الرسالة والمعتمد الأول كما قال شيخنا. قوله: (إن
أمكن) أي نقضه. قوله: (وذلك قبل الاستيفاء) أي قبل استيفاء المحكوم به. وقوله في القتل
والقطع أي وغيرهما. وقوله: لم يبق إلا الغرم أي غرم الشهود الدية أو المال ولا يتأتى نقض الحكم.
206

قوله: (أوجبه) أي كما إذا شهد على شخص بالزنا فحكم القاضي برجمه فثبت قبل الرجم أنه مجبوب قبل
الزنا الذي شهد به عليه فينقض الحكم برجمه ولا حد على الشهود إذ لا يحد من قذف مجبوبا بالزنا كما في
المدونة. قوله: (وإلا فالغرم) أي وإلا بأن رجم فالغرم. قوله: (لا رجوعهم) أي لا ينقض الحكم
لرجوعهم عن الشهادة بعده. قوله: (قولان) أي لابن القاسم أحدهما عدم النقض وهو المرجوع عنه
وهو ظاهر المصنف كالمدونة والثاني نقض الحكم وهو المرجوع إليه وعليه أكثر أصحاب الإمام.
قوله: (وغرما مالا ودية) أشار بهذا لقول ابن القاسم إذا رجعا بعد الحكم في عتق أو دين أو قصاص
أو حد أو غير ذلك فإنهما يضمنان قيمة العتق والدين والعقل في القصاص في أموالهما اه‍، فظاهره.
كان الرجوع بعد الاستيفاء أو قبله ولا ينقض الحكم إذا كان الرجوع قبله. تنبيه: قول المصنف
وغرما ما لا يشمل ما إذا شهدا بوفاء حق لمستحقه ثم رجعا فإنهما يغرمانه للمشهود عليه لا للمشهود له
فإن أعدما فهل يرجع من شهدا عليه على من شهدا له ثم لا رجوع له عليهما كما لا رجوع لهما عليه إن غرما
في ملائهما أو لا يرجع بل ينتظر يسرهما ينظر في ذلك. قوله: (ولو تعمد الزور) المبالغة راجعة
لقوله ودية فقط كما أشار له الشارح إذ العمد في المال أحرى بالغرم فلا يبالغ عليه. واعلم أن ما قبل
المبالغة فيه خلاف أيضا بالغرم وعدمه، وما مشى عليه المصنف فيه من الغرم خلاف قول الأكثر من
أصحاب مالك لكنه ظاهر المدونة كما ذكره ابن عرفة وغيره وهو الذي ذكره الشارح عند قوله: وإن
قال وهمنا انظر بن. قوله: (عند ابن القاسم) أي في أحد قوليه وهو المرجوع عنه والمرجوع إليه
أنهما إذا رجعا بعد الحكم وقبل الاستيفاء ينقض الحكم ولا يستوفي لحرمة الدم، وحينئذ فلا يتأتى
تغريم الشهود الدية وإنما مشى المصنف على قول ابن القاسم المرجوع عنه لأنه قول مالك كما قال
المتيطي قوله: (وقال أشهب ينقض الخ) تحصل مما تقدم أنهما إذا رجعا بعد الحكم وبعد الاستيفاء
فإنهما يغرمان المال والدية اتفاقا ولا يتأتى نقض الحكم، وإن رجعا بعد الحكم وقبل الاستيفاء
ففي المال لا ينقض الحكم اتفاقا ويغرمان المال الذي رجعا عن شهادتهما به وفي الدم قبل أنه ينقض
الحكم لحرمة الدم وحينئذ فلا غرم وهو الذي رجع إليه ابن القاسم وعليه عامة أصحاب مالك، وقيل
لا ينقض الحكم وعليه فقيل يغرمان الدية مطلقا سواء تعمدا الزور ابتداء أم لا وهو الذي رجع عنه
ابن القاسم، وقيل يغرمان الدية إذا لم يتعمدا الزور ويقتص منهما إن تعمدا وهو قول أشهب.
قوله: (وعلى قول ابن القاسم) أي الذي مشى عليه المصنف. قوله: (ولا يشاركهم شاهدا الاحصان) للضمير
المفعول في يشاركهم يعود على شهود الزنا المفهومين من قوله أوجبه، وما ذكره المصنف هو قول
ابن القاسم، وقال أشهب: يغرم الجميع لتوقف الرجم عليهم وعليه فهل الستة يستوون في الغرم
أو على شاهدي الاحصان نصفها لان الشهود نوعان فيكون على كل نوع نصفها؟ قولان اه‍ بن
قوله: (بخلاف شهود الزنا). أي فإن شهادتهم منفردة توجب حد الجلد. قوله: (كرجوع المزكى)
أي للأربعة مع رجوعهم أيضا بعد الرجم فلا يشاركهم المزكى في الغرم بل يختصون به دونه لعدم
شهادته بالزنا وإن توقفت شهادتهم على تزكيته، واعلم أنهم لم يذكروا في رجوع المزكى خلاف أشهب
المذكور في شهود الاحصان ولعله يتخرج هنا بالأحرى من شاهدي الاحصان لعدم ثبوت شئ دون
المزكى، بخلاف شاهدي الاحصان فإنه يثبت بدونهما الجلد قاله المسناوي انظر بن. قوله: (ودخل
بالكتاب الشتم الخ) أي فإذا شهدا بأن فلانا شتم فلانا أو لطمه أي ضربه بكفه أو بالسوط وعزر
207

المشهود عليه ثم رجع الشاهدان بذلك فعليهما الأدب فقط بلا غرم إذ لم يتلفا مالا ولا نفسا بشهادتهما،
ومحل أدبهما في رجوعهما في كقذف حيث تبين كذبهما تعمدا، فإن تبين أنه اشتبه عليهما فلا
أدب، وإن أشكل الامر فلم يعلم هل كذبهما كان تعمدا أو اشتباها؟ فقولان بتأديبه وعدمه، وقد
فرض بعضهم قول المصنف وأدبا في كقذف فيما إذا رجعا بعد إقامة الحد والتعزير كما هو نقل
المواق عن سحنون وظاهره أنهما لو رجعا قبله لا أدب عليهما سواء حصل الاستيفاء بعد ذلك أم لا
ولعله غير مراد لكون الاستيفاء مستندا لشهادتهما، وحينئذ فمتى حصل الاستيفاء أدبا سواء رجعا
بعده أو قبله. قوله: (كرجوع أحد الأربعة) هذا تشبيه في حد الجميع للقذف. قوله: (وإن رجع أحدهم
بعده حد الراجع فقط) ظاهر المصنف يشمل رجوعه بعد إقامة الحد وفي هذه يحد وحده
من غير خلاف ويشمل رجوعه بعد الحكم وقبل إقامة الحد، وفي هذه خلاف حكاه ابن عرفة عن
ابن رشد فقيل يحد كلهم وقيل يحد الراجع فقط وهو الذي يوجبه النظر لأنه يتهم إنه إنما رجع
ليوجب الحد على من شهد معه، لكن الأول وهو حد الجميع هو ظاهر قول المدونة إن
رجع أحد الأربعة قبل إقامة الحد حدو أكلهم وبعده حد الراجع فقط اه‍ بن. فقولها قبل إقامة
الحد ظاهره سواء كان الرجوع قبل الحكم أو بعده وإن كان يحتمل قصره على ما إذا كان
رجوعه قبل الحكم قوله: (لاعترافه على نفسه بالقذف) أي دون غيره فالحكم تام بشهادة الأربعة
وحينئذ فيستوفى من المشهود عليه للحكم أي ما حكم به عليه من جلد أو رجم. قوله: (وأما إن ظهر أن
أحدهم الخ) أي إن ظهر بعد الحكم وقبل الاستيفاء أن أحد الأربعة عبد أو كافر فيحد الجميع أي
وينقض الحكم لبطلان الشهادة ومثل العبد والكافر الفاسق، فإذا ظهر بعد الحكم وقبل الاستيفاء
أن أحدهم فاسق حد الجميع وبطلت الشهادة بناء على المعتمد الذي مشى عليه المصنف في باب
القضاء من أن الحكم ينقض إذا تبين بعده أنه قضى بعبد أو كافر أو فاسق، وأما على القول
بأنه ينقض إذا تبين أن أحد الشهود عبد أو كافر لا أن تبين أنه فاسق فلا حد على واحد منهم
لان الشهادة تمت باجتهاد القاضي، فإن ظهر بعد الحكم أن أحدهم زوج حد الجميع ويتوجه على
الزوج اللعان فإن نكلت فلا حد عليهم كما في البدر. قوله: (وإن رجع اثنان من ستة بعد الحكم) أي وبعد
الاستيفاء أو قبله. قوله: (صار المشهود عليه غير عفيف) أي بشهادة الأربعة فصار الراجعان قاذفين
غير عفيف ولا حد على قاذفه. قوله: (إلا أن تبين بعد الاستيفاء) أي أو قبله فلو حذف
قوله بعد الاستيفاء كان أحسن. قوله: (لان الشهادة) أي التي يصير بها المشهود عليه غير عفيف لم
تتم وحينئذ فعفته باقية فلذا حد الراجعان والعبد. قوله: (ولا غرم) أي إذا مات بالرجم،
قوله: (لأنه قد شهد معهم اثنان الخ) هذا جواب عما يقال قد تقدم أنه إذا ظهر بعد الحكم أن أحد الأربعة
عبد حد الجميع وهنا جعل الحد عليه وعلى الراجعين فقط. وحاصل الجواب أنه في الأولى
لم يبق أربعة غيره فبطلت شهادة الجميع فلذا حدوا، بخلاف ما هنا فإنه قد بقي خمسة غيره لان شهادة
الراجعين معمول بها في الجملة، ألا ترى أن الحكم المترتب عليها لا ينقض؟ قوله: (والعبد لا مال له)
أي فلذا لم يغرم والأولى والعبد لم يحصل منه رجوع عن الشهادة وإنما رددنا شهادته لرقة فلذا لم
يغرم شيئا قوله: (ثم إن رجع ثالث) أي بعد رجوع اثنين من ستة شهدوا بزنا شخص ورجم.
208

قوله: (فليست هذه من تتمة ما قبلها) أي وهي قوله إلا أن تبين أن أحد الأربعة عبد وإنما هي من تمام
ما قبل الاستثناء وهي قوله: وإن رجع اثنان من ستة فلا غرم ولا حد. قوله: (فلم يتم النصاب) أي نصاب
الشهادة التي يصير بها غير عفيف وحينئذ فعفته باقية فلذا حد الثلاثة الراجعون. قوله: (فعلى الثاني
مراده الثاني في الرجوع وكذا الأول والثالث. قوله: (وهو الخامس) أي بالنسبة لمن بقي قوله: (وعلى
الثالث) أي وهو الراجع بعد الموت. قوله: (ربع دية النفس) أي وثلاثة أرباع الدية لا يلزم
الثلاثة الباقين من غير رجوع ولا غيرهم. قوله: (لاندراجهما في النفس) أي لقول المصنف فيما
يأتي واندرج طرف أي في النفس. قوله: (على السادس) أي الذي هو أول في الرجوع. قوله: (وإن
رجع من يستقل الحكم بعدمه فلا غرم) أي ومفهومه أنه لو رجع من لا يستقل الحكم بعدمه بل
يتوقف الحكم عليه كالرابع هنا فإنه يغرم من رجع ومن لم يرجع على الكيفية المذكورة،
قوله: (وهذا الفرع عزاه ابن الحاجب لابن المواز) أي وحينئذ فلا اعتراض عليه لأنه عزاه
وأما المصنف فلم يعزه فيعترض عليه بأن هذه المسألة معارضة لما قبلها لبنائها على مذهب ابن القاسم.
قوله: (وهو مبني على مذهبه الخ) أي وهو مذهب ابن القاسم المرجوع إليه فهو فرع ضعيف مبني على قول
ضعيف. قوله: (يمنع من الاستيفاء) أي فلذا كان السادس والخامس
لا يغرمان شيئا من دية النفس لأنهما لا مدخل لهما في القتل. قوله: (وأما على قول ابن القاسم)
أي المرجوع عنه وهو الذي مشى عليه المصنف سابقا بقوله: لا رجوعهم الخ وهو المعتمد.
قوله: (فينبغي أن يكون على الثلاثة الراجعين الخ) أي فلو رجع اثنان فقط فلا شئ
عليهم من دية النفس لعدم توقف الحكم على شهادتهم. قوله: (ومكن مدع الخ) يعني أن المشهود
عليه إذا ادعى أن من شهد عليه رجع عن شهادته وطلب إقامة البينة على ذلك فإنه يمكن
من ذلك. قوله: (كما إذا أقرا) أي كما يغرمان إذا أقرا بالرجوع قوله: (ففائدة تمكينه من
إقامتها تغريمهما له ما غرمه) أي وليس فائدة تمكينه نقض الحكم وإلا نافاه قوله لا
رجوعهم أي لا رجوعهم عن الشهادة فلا ينتقض له الحكم. قوله: (وسواء أتى بلطخ) أي بأمر يفيد الظن برجوعهم
أم لا. قوله: (وقرينة) عطف مرادف أي قرينة تفيد الظن برجوعهما. قوله: (كإقامته الخ) أي
وكأن يشاع بين الناس أن فلانا وفلانا رجعا عن شهادتهما على فلان كما في خش. قوله: (فيما ليس
لمال الخ) تبع في هذا القيد عبق ولا محل له فإن الرجوع دائما يؤول إلى المال ولو في الطلاق
والعتق إذ لا ثمرة إلا الغرم كما مر اه‍ بن. قوله: (إذا شهدا بحق على شخص) أي فحكم عليه به.
209

قوله: (ثم رجعا عن شهادتهما) أي فطالبهما المقضى عليه بأصل شهادتهما بما غرمه فرجعا عن
رجوعهما قوله: (كالراجع المتمادي) أي كما يغرم الراجع المتمادي على رجوعه ولم يرجع عنه. قوله: (وإن
علم الخ) أي إن ثبت علمه بذلك بإقراره لا ببينة تشهد عليه بعلمه فلا يقتص منه وذلك لفسقهم
بكتمهم الشهادة قبل الاستيفاء. وقوله الحاكم لا مفهوم له بل مثله المحكم فيقتص منه إن علم بكذب
الشهود وحكم بقتل أو جرح لمضي حكمه في ذلك. قوله: (اقتص منهما) أي ولا شئ على من باشر
القتل وهو الجلاد لأنه مأمور الشرع ما لم يعلم بكذب الشهود وإلا اقتص منه كالحاكم. قوله: (ومفهوم
علم بكذبهم أنه) أي الحاكم وكذا ولي الدم. قوله: (وإنما يلزمه الدية) أي في ماله وذلك لأنه لا يلزم
من وجود الجارح في الشاهد كذبه، قوله: (ومحل عدم غرمهما الخ) أشار بهذا إلى أن قول
المصنف، إن دخل شرط فيما قبل الكاف ولا يتوهم رجوعه لما بعدها على قاعدته الأغلبية ولعدم
صحته هنا وإنما لم يؤخر قوله كعفو القصاص عن شرط ما قبله مع مفهومه لئلا يتوهم أن
التشبيه في غرم النصف. قوله: (وإلا فنصفه) هذا قول ابن القاسم في المدونة، وقوله: وإنما يجب
لها النصف بالطلاق أي فسبب شهادتهما بالطلاق غرم الزوج لها نصف الصداق لوجوبه، فإذا رجعا
عن الشهادة به غرماه للزوج لأنهما أتلفاه عليه بشهادتهما، وقال غير واحد: إذا رجعا عن الشهادة
بالطلاق قبل الدخول غرما نصف الصداق للزوجة لا للزوج بناء على أنها تملك بالعقد الجميع
والطلاق يشطره فالصداق كان واجبا لها بالعقد على الزوج والشاهدان منعاها نصفه بشهادتهما
وأخذت نصفه فإذا رجعا عنها غرما لها النصف الذي فوتاه عليها فيكمل لها الصداق. والحاصل أن
المدونة قالت: وإن رجعا عن طلاق فلا غرم إن دخلا وإلا غرما نصف الصداق فقد نص فيها على
أنهما يغرمان النصف إذا رجعا وسكت فيها عن مستحقه، فمن المختصرين من يقول للزوج
ويعلله بأنها لا تملك بالعقد شيئا، ومنهم من يقول للزوجة ويرى أن الصداق كان واجبا لها بالعقد
على الزوج والشاهدان منعاها من نصفه بشهادتهما فيغرمانه لها إن رجعا عنها، وكل من التأويلين
أي غرم النصف للزوج أو للزوجة مبني على ضعيف لان القول بأنها لا تملك بالعقد شيئا
والطلاق يقرر نصف الصداق، وكذلك القول بأنها تملك بالعقد كل الصداق والطلاق يشطره ضعيف
والمعتمد أنها تملك بالعقد نصف الصداق، وعلى ذلك ينبني قول أشهب وسحنون وابن المواز من
أنهما إذا شهدا بالطلاق قبل البناء وحكم به وغرم الزوج لها نصف الصداق ثم رجعا عن الشهادة فلا
غرم عليهما. قوله: (وهو مشهور) أي ما ذكره المصنف من غرمهما النصف إذا رجعا عن شهادتهما
بالطلاق قبل الدخول مشهور. وقوله مبني على ضعيف وهو أن المرأة لا تملك بالعقد شيئا. قوله: (وعليه
فلا غرم عليهما) أي لأنهما لم يفوتا بشهادتهما شيئا لا للزوجة ولا للزوج لأنهما لم يتسببا
في وجوب شئ قوله: (وأنكر الدخول بها) أي وادعى أن الطلاق قبل الدخول وأن اللازم
له نصف الصداق. قوله: (فشهدا عليه به) أي بالدخول أي وحكم بتكميل الصداق عليه بسبب
شهادتهما. قوله: (فيغرمان له نصفه) أي دون النصف الآخر لان الزوج مقر بالطلاق قبل الدخول.
210

قوله: (وأما في التفويض) أي كما إذا عقد عليها من غير تسمية صداق ثم طلقها وادعى عدم الدخول
وأنه لا شئ عليه فشهد عليه بالدخول فغرم جميع الصداق لها فإذا رجع عن الشهادة غير ما له كل
الصادق. قوله: (لأنها إنما تستحقه) أي الصادق. وقوله فيه أي في نكاح التفويض بوطئ أي فبسبب
شهادتهما به لزمه الصداق لوجوبه به، فإذا رجع عن الشهادة به غرما له الصداق لأنهما أتلفاه على الزوج
بشهادتهما به. قوله: (وآخران بالدخول) أي والحال أن الزوج ينكر كلا من الطلاق والدخول.
قوله: (اختص بغرم نصف الصداق الراجعان بدخول) أي للزوج ما ذكره الشارح من أن شاهدي
الدخول يغرمان إذا رجعا نصف الصداق للزوج هو ما في تت وحلولو وابن مرزوق بناء على أنها
تملك بالعقد النصف والنصف الثاني ما أوجبه إلا شاهدا الدخول بشهادتهما به فإذا رجعا عنها غرما
ذلك النصف الذي أتلفاه بشهادتهما، وقاله الشيخ أحمد الزرقاني وبهرام يغرمان إذا رجعا كل
الصداق فقالا في تقرير كلام المصنف واختص الراجعان بدخول أي اختصا بغرم جميع الصداق
بناء على أنها لا تملك بالعقد شيئا والدخول أوجب كل الصداق، فالذي أوجب كل الصداق شاهدا
الدخول بشهادتهما به فإذا رجعا عنها غرما ما أتلفاه بتلك الشهادة وهو كل الصداق، والحاصل أن
قول المصنف: واختص الراجعان بدخول محتمل لكل من التقريرين أي اختصا بغرم نصف
الصداق أو بغرم كله والأول هو ما رجحه بن قائلا ويدل له قول ابن عرفة عن المازري فلو رجع
شاهدا الدخول عنها غرما نصف الصداق لان شاهدي الطلاق لو اقتصرا على شهادتهما لم يلزم
الزوج أكثر من الصداق وغرامة النصف الزائد عليه إنما هو بشهادة من شهد عليه بالبناء.
قوله: (دون شاهدي الطلاق) اعلم أن ما ذكره المصنف من عدم غرم شاهدي الطلاق لا يأتي على قول
ابن القاسم الذي درج عليه من أن شاهدي الطلاق قبل البناء عليهما نصف الصداق برجوعهما،
وإنما يأتي على قول أشهب وعبد الملك وابن المواز وسحنون لا غرم على شاهدي الطلاق وعليه أكثر
الرواة، وبهذا تعلم ما في كلام المصنف من التنافي والعذر له أنه درج على قول ابن القاسم في قوله: وإلا
فنصفه لأنه قوله في المدونة ودرج هنا على قول أشهب ومن معه لما رأى أن عليه أكثر الرواة فلم تمكنه
مخالفته قاله طفي، قال بن: ولولا ما ذكره المازري من تفريع ما هنا على قول أشهب لقلت: إنه لا تنافي
بين المحلين لان ما هنا بمنزلة الرجوع عن طلاق مدخول بها لوجود شاهدي الدخول كما أفاده تقرير
الشارح تبعا لعبق. قوله: (في الفرع المذكور) أي ما إذا شهد اثنان بالطلاق وآخران بالدخول
وحكم القاضي بجميع الصداق ثم رجع الأربعة. قوله: (بموت الزوجة) أي بسبب موتها. قوله: (أي
استمر) جواب عما يقال: لا حاجة لذلك الشرط لان الموضوع أنه منكر للدخول والطلاق،
وحاصل الجواب أن المراد إن استمر على إنكاره ولم يرجع عنه وحينئذ فالشرط له معنى. قوله: (انه
لو أقر بطلاقها) أي أنه لو رجع عن إنكاره الطلاق وأقر به وقد شهدا عليه بالدخول ثم رجعا عن تلك
الشهادة لم يرجعا عليه بشئ عند موتها. قوله: (لانتفاء العلة المذكورة) أي وهي قوله لأنه موتها وهي
في عصمته على دعواه يكمل لها الصداق وإنما كانت تلك العلة منتفية لأنه حيث كان مقرا
بالطلاق فلم تمت على عصمته. قوله: (ورجع الزوج عليهما) صورته عقد على امرأة وشهد عليه
شاهدان أنه طلقها قبل الدخول مع إنكاره لذلك فحكم عليه بالطلاق وغرم نصف الصداق ثم رجع
الشاهدان وقد ماتت الزوجة فإن الزوج يرجع عليهما بما فوتاه من الميراث، إذ لولا شهادتهما عليه بطلاقها
قبل البناء لكان يرثها ولا يرجع عليهما بما غرمه من نصف الصداق لاعترافه لكمال الصداق عليه بالموت
في عصمته، فعلى هذا لو رجعا عن الشهادة قبل موتها وغرما للزوج نصف الصداق الذي غرمه
211

لها ثم ماتت رجع عليهما بما فوتاه من الميراث ورجعا عليه بما غرماه له من نصف الصداق ويتراجعان.
قوله: (مع إنكاره الطلاق) أي مع استمراره على إنكار الطلاق قوله: (بطلاقها قبل البناء) هذا يفيد
كما قلنا أن المسألة مفروضة فيما إذا شهد عليه شاهدان أنه طلقها قبل الدخول وأنكر ذلك فحكم عليه
بالطلاق وغرم نصف الصداق فبعد مدة ماتت الزوجة والحال أنه مستمر على إنكار الطلاق
ورجعت البينة بعد موتها عن الشهادة فيرجع عليهما بما فوتاه من الميراث دون ما غرمه من نصف
الصادق وغرم نصف الصداق وإما لو شهد بأنه طلقها بعد البناء وغرم جميع الصداق ثم رجعا وقد
ماتت فإنهما يغرمان له جميع إرثه منها ولا يقال دون ما غرم لأنه لا غرم عليه في هذه الحالة وحينئذ
فلا يصح حمل كلام المصنف على هذه الصورة ولهذا كانت المسألة مفروضة في كلام الأئمة
المازري وابن شاس وابن عرفة وغيرهم فيما قبل البناء فقط وبهذا يعلم فساد تعميم الشارح في آخر
العبارة فتدبر انظر بن قوله: (وهذه المسألة أعم مما قبلها) أي ما إذا شهد اثنان بالطلاق واثنان
بالدخول وحكم القاضي بالطلاق ولزم جميع الصداق ثم رجع الأربعة قوله: (وماتت الزوجة) أي
قبل رجوع الشاهدين عن الشهادة أو بعد رجوعهما قوله: (يرجع عليهما بما فوتاه من ارثه منها)
أي ولا يرجع بشئ مما غرمه من الصداق على بينة الطلاق إن لم تكن بينة دخول ولا على بينة الدخول
إن كان هناك بينة دخول وقد علمت ما فيه. قوله: (ورجعت عليهما) حاصله أنهما إذا شهدا بطلاقها
قبل الدخول فحكم القاضي بالطلاق ونصف الصداق ثم رجعا وقد مات الزوج فإنها ترجع على
شاهدي الطلاق بما فاتها من إرثها من زوجها وبنصف صداقها إذ لولا شهادتهما بالطلاق لكانت
ترثه ويكمل لها صداقها هذا إن لم يكن هناك بينة دخول وأما لو شهد اثنان بالطلاق وآخران
بالدخول فحكم القاضي بالطلاق وبغرم الزوج جميع الصداق ثم مات الزوج ورجع الأربعة
عن الشهادة رجعت الزوجة على بينة الطلاق بما يفوتها من الميراث فقط: إذ لم يفتها شئ من
الصداق حتى ترجع به على أحد قوله: (عنه) أي عن الشهادة به. قوله: (إذ لم يفوتا عليها صداقا)
لأنه حيث كان هناك بينة دخول لم يفتها من الصداق شئ حتى ترجع به على أحد قوله: (شاهدي
طلاق أمه) تنازعه تجريح وتغليط فهو نظير قول العرب قطع الله يد ورجل من قالها وقول الشاعر:
يا من رأى عارضا أسر به بين ذراعي وجبهة الأسد
وهو المشار له بقول ابن مالك:
ويحذف الثاني فيبقى الأول * كحاله إذا به يتصل
بشرط عطف وإضافة إلى * مثل الذي له أضفت الأولا
تنبيه: الظاهر أن العبد كالأمة لقلة الرغبة في العبد المتزوج كالأمة المتزوجة فإذا شهدا بطلاق العبد
لزوجته وسيده مصدق على الطلاق وحكم القاضي بالفراق ثم شهد آخران بتجريح بينة الطلاق أو
تغليطها فحكم القاضي برد المرأة لعصمة العبد ونقض الحكم الأول ثم رجع شهود التجريح أو التغليط
212

عنه فإنهما يغرمان للسيد ما نقص من العبد بسبب التزويج. قوله: (فحكم الحاكم برجوعها الخ) أي
ونقض الحكم الأول بالفراق لتبين أنه قضى بغير عدلين. قوله: (ما بين القيمتين) أي فإذا قومت خالية
من الزوج بأربعين وبزوج بعشرين فإنهما يغرمان عشرين ولا أرش للبكارة لاندراجها في الصداق،
قوله: (وسيدها مصدق) أي على الطلاق. وقوله: احترازا من إنكاره أي للطلاق، وقوله: فلا غرم عليهما
أي لأنهما لم يدخلا عليه عيبا في أمته. قوله: (احترازا من الحرة) أي من الرجوع عن تجريح أو تغليط
شاهدي طلاق الحرة كما لو ادعت حرة أن زوجها طلقها وأقامت بينة بذلك فحكم القاضي بطلاقها
فأقام زوجها بينة بتجريح شهودها أو تغليطهم فحكم الحاكم بردها لزوجها، فإذا رجع شهود
التجريح أو التغليط فإنهم لا يغرمون لها شيئا لأنه لا قيمة للحرة. قوله: (ولو كان بخلع) حاصله أنه
إذا ادعى الزوج على زوجته أنها خالعته فأنكرت فأقام الرجل بينة أنها خالعته بثمرة لم يبد
صلاحها أو بآبق فحكم القاضي بالخلع بما ذكر ثم رجعت تلك البينة فإنهما يغرمان للزوجة قيمة الثمرة
والآبق وتعتبر قيمتهما يوم الخلع على الرجاء والخوف، وإن كان الغرم يتأخر عن ذلك كما قال عبد الملك،
وقال ابن المواز: إنهما يؤخران للحصول أي لطيب الثمرة وعود الآبق فإذا حصل الطيب وعاد الآبق.
غرما القيمة حينئذ. قال ابن راشد: وقول عبد الملك أقيس فقول المصنف فالقيمة إشارة لقول
عبد الملك. وقوله بلا تأخير للحصول رد لقول ابن المواز وأشار بقوله على الأحسن لقول ابن راشد
القفصي قول عبد الملك أقيس. قوله: (أو بنحو ذلك) أي كبعير شارد. قوله: (يغرمانها للزوجة) أي بدل
ما غرمته للزوج بالحكم بالخلع. قوله: (وهو متعلق الخ) حاصله أن قوله فالقيمة مبتدأ، وقوله
حينئذ ظرف لغو متعلق به والخبر محذوف. أي فالقيمة حين الخلع يغرمانها للزوجة أو أن حينئذ
متعلق بمحذوف خبر أي فالقيمة معتبرة حينئذ أي حين الخلع والوجه الأول هو الذي سلكه
الشارح في حل المتن ولا يصح جعل الظرف متعلقا بتغرم مقدرا لدلالة ما بعده عليه والأصل
والقيمة تغرم حينئذ لان المعتبر فيها حين الخلع وإن تأخر غرمها عن وقته. قوله: (كالاتلاف) هذا
تنظير بمعلوم والمعنى قياسا على إتلافها قبل طيبها، قوله: (بلا تأخير) أي في ضمانهما لها للحصول،
قوله: (فالقيمة الأولى) أي وهي القيمة حين الخلع على الرجاء والخوف، وقوله والثانية أي وهي
القيمة حين الحصول أي طيب الثمرة وعود الآبق. قوله: (فلا تكرار) تفريع على اختلاف
الحكم فسبب التكرار فهم أن قوله فيغرم قيمته حينئذ مثبت وأنه عين المذكور أولا، وكان
الأولى أن يقول: ولا تناقض تفريعا على عدم توارد النفي والاثبات على محل واحد. قوله: (برجوعهما)
أي بسبب رجوعهما عن الشهادة به. قوله: (للسيد المنكر) أي فإذا مات العبد ولا وارث له أخذ
سيده ماله، وانظر لو كان له وارث هل يرجع السيد على الشهود الراجعين عن الشهادة بالعتق بما أخذه
الوارث لأنه لولا شهادتهما لاخذ ماله بالرق أولا لأنهما غرما له وهو الظاهر اه‍ عبق.
قوله: (لاعترافهما له بذلك) أي بحيث شهدا أنه أعتقه. قوله: (لأنهما فوتاه الخ) فلو كان المرجوع
عن الشهادة بعتقها أمة لم يجز لها إباحة فرجها بالتزويج إن علمت بكذب الشاهدين كما في تت، والظاهر
213

أن للسيد وطأها فيما بينه وبين الله عند علمه بأنه لم يعتق وأنهما شهدا عليه بزور، وأما في الظاهر فإنه يمنع،
ولا يمنع من إباحة وطئها فيما بينه وبين الله أخذه القيمة عند رجوعهما لأنه أمر جر إليه الحكم قاله عبق.
ويؤخذ من هذا أنهما لو شهدا بطلاق امرأة وحكم القاضي بلزومه ثم رجعا عن الشهادة فإن الحكم
لا ينقض ولا يجوز لها إباحة فرجها بالتزويج لغير مطلقها إذا علمت بكذب الشهود، وللزوج وطؤها
فيما بينه وبين الله إن علم أيضا بكذبهم كذا قرر شيخنا. قوله: (برجوعهما) متعلق
بتغريمهما أي وتغريمهما قيمته بسبب رجوعهما عن الشهادة لأنهما فوتاه عليه بشهادتهما، قوله: (قيمة العبد) أي
المحكوم بعتقه لأجل شهادتهما، وقوله يغرمان القيمة أي بتمامها، قوله: (ضاع الباقي) أي باقي القيمة التي
غرماها عليهما ومحل ضياعه عليهما ما لم يمت العبد ويترك مالا أو يقتل ويؤخذ قيمته وإلا أخذ ما بقي لهما من
ذلك، وكذا إذا قتله السيد كان لهما الرجوع عليه ببقية مالهما. قوله: (أو لا يغرمانها) أي قيمة العبد،
قوله: (بل تقوم المنفعة) أي منفعة العبد للأجل. قوله: (على غررها) أي من تجويز موت العبد قبل الاجل
وحياته إليه، وعلى تقدير حياته إليه يحتمل أنه يمرض وإن لا يمرض. قوله: (وتبقى تلك المنفعة للسيد) أي من
جملة قيمة العبد الكائنة عليهما التي غرما الآن للسيد بعضها وهو ما زاد على قيمة المنفعة. قوله: (على حسب ما كان
قبل رجوعهما) أي عن الشهادة فإن مات العبد قبل أن يستوفي السيد من المنفعة تمام القيمة لم يرجع السيد
عليهما بشئ لأنه قد أخذ قيمة المنفعة من جملة قيمة العبد على غررها وتجويز موت العبد قبل الاجل
وحياته إليه قوله: (على حسب ما يراه هو) أي من كون ذلك الوقت جمعة أو شهرا أو يوما، قوله: (أقوال
ثلاثة) جعل الشارح الأقوال في هذه المسألة ثلاثة وهي في الحقيقة أربعة: الأول لعبد الملك بن الماجشون
يغرمان القيمة والمنفعة للأجل لهما لكن يبقى العبد تحت يد السيد ويعطيهما أجرة المنفعة من تحت يده،
والثاني لسحنون كالأول إلا أنه يسلم إليهما حتى يستوفيا ما غرماه من منفعته ثم يرجع سيده، وهذا
القولان يحتملهما قول المصنف والمنفعة إليه لهما. والثالث يغرمان القيمة بعد أن يسقط من. ها قيمة المنفعة
على الرجاء والخوف وهذا قول عبد الله بن عبد الحكم كما قال ابن عرفة وابن عبد السلام لا قول
محمد بن عبد الحكم كما في التوضيح ولا قول عبد الملك كما قال ابن الحاجب، والرابع لابن المواز
أنه يخير السيد بين الوجهين الأولين أي أنه يخير بين أن يأخذ منهما القيمة حالا ويسقط حقه من
المنفعة فيسلمها لهما للأجل أو يأخذ منهما القيمة الآن ويتماسك بالمنافع للأجل ويدفع لهما قيمتها
شيئا فشيئا انظر بن. قوله: (وإن كان بعتق تدبير الخ) حاصله أنهما إذا شهدا على السيد أنه دبر عبده
فحكم القاضي بذلك ثم رجعا فإنهما يغرمان للسيد الآن قيمته ويستوفيانها من خدمته شيئا فشيئا إذ لم
يبق فيه بمقتضى شهادتهما غير الخدمة، ثم إن مات السيد وعتق لحمل الثلث له فإن كانا استوفيا ما غرما
فلا كلام، وإن كانا قد بقي لهما شئ فقد ضاع عليهما فإن لم يحمله الثلث ورده دين أو حمل بعضه
كانا أولى من غيرهما من أصحاب الديون ومن الورثة بما رق منه يستوفيان من ثمنه ما بقي
لهما مما غرما، وما فضل من ثمن ذلك يكون للغرماء والورثة، فإن رده دين أو حمل الثلث بعضه ومات
قبل الاستيفاء من ثمنه أخذا من ماله إن كان له مال فإن لم يكن له مال فلا شئ لهما، فإن قتل
أخذا من قمته انظر المواق قوله: (كان أولى) أي لان بقاءها يوهم أنهما رجعا عن الشهادة بتنجيز
عتق المدبر وهو غير مراد لأنه في هذه يرجع عليهما السيد بقيمته على أنه مدبر ولا شئ لهما
214

كما في المواق. قوله: (فالقيمة) أي بقيمة المدبر تدفع للسيد حين الرجوع عن الشهادة. وقوله على غررها
الأولى حذفه لان قيمته يوم الحكم بتدبيره لا غرر فيها تأمل. قوله: (الآن) أي في حين الرجوع عن
الشهادة. قوله: (على ما يراه سيده) أي تقاضيا على ما يراه السيد أي من أخذهما قيمة الخدمة يوما فيوما
أو جمعة فجمعة أو شهرا فشهرا الخ. وأشعر قوله واستوفيا من خدمته أنه إذا لم يكن له خدمة
فلا شئ لهما وهو كذلك. قوله: (فإن لم يحمله الثلث) أي فإن لم يحمل الثلث شيئا منه كما لو كان على
السيد دين يستغرقه بتمامه. قوله: (وهما أولى إن رده الخ) أي لأنهما لما دفعا قيمته لسيده كانت
القيمة كحق تعلق بعينه وهو مقدم على الدين المتعلق بالذمة. قوله: (أو رد بعضه) هذا يقتضي
أن رقية البعض تتوقف على دين كرقية الكل وليس كذلك، فإن السيد إذا مات ولم يترك
مالا سوى المدبر عتق منه الثلث ورد الثلثان. قوله: (أي كجناية العبد مدبرا أم لا الخ) حاصله
أن العبد سواء كان مدبرا أم لا إذا جنى على غيره ومات سيده وعليه دين يستغرق ذلك الجاني
فإن المجني عليه أولى برقبته من أصحاب الديون فيستوفي أرش الجناية من ثمنه وما فضل من
ثمنه بعد أرش الجناية يدفع لأرباب الديون. قوله: (عاجلا) أي حين رجوعهما عن الشهادة،
قوله: (واستوفيا من نجومه) هذا ظاهر إذا رجعا قبل أدائها، وأما لو رجعا عن الشهادة بعد أداء النجوم
وخروجه حرا فالظاهر كما في بن أن للسيد أن يرجع عليهما بباقي القيمة ولا رجوع لهما على العبد
بعد خروجه حرا. قوله: (فإن بقي لهما شئ) أي من القيمة التي غرماها زيادة على النجوم التي استوفياها،
قوله: (فعليهما) أي فقد ضاع ذلك الباقي عليهما. قوله: (وإن زاد منها) أي من نجوم الكتابة شئ. وقوله
على ما غرما أي من القيمة. قوله: (فمن رقبته) أي فيستوفيا القيمة التي غرماها من رقبته بأن تباع رقبته
ويستوفيان من ثمنها ما غرماها وما زاد من الثمن يرد للسيد، فإن عجز عن النجوم ولم يرق بل أعتقه السيد
فات عليهما ما غرماه من قيمته. قوله: (يغرمانها للسيد الآن) أي حين الرجوع فالقيمة المعتبرة يوم
الحكم يغرمانها يوم الرجوع. قوله: (من أرش جناية عليها) أي في طرف أو نفس. وقوله عليها أي لا على
ولدها من غير سيدها كما هو ظاهر. قوله: (وفيما استفادته قولان) أي وأما ما استفاده ولدها من غير السيد
فلا يأخذان منه اتفاقا. قوله: (أو نحو ذلك) أي كهبة أو اكتسبته بعمل كما في تت. قوله: (لأنهما إنما
فوتاه الاستمتاع) أي كما لو رجعا عن شهادتهما بطلاق مدخول بها وحكم به وليس للسيد وطئ هذه
الأمة المرجوع عن الشهادة بعتقها ولو بالتزويج إلا أن يبت عتقها فيتزوجها قاله عج، والمراد ليس له
وطؤها أي بالنظر للظاهر فقط لا فيما بينه وبين الله وإلا جاز حيث علم بكذب الشهود. قوله: (خلافا
لما يوهمه ابن الحاجب) أي حيث قال غرما قيمة كتابته وإنما عبر بيوهمه لامكان الجواب عن ابن
الحاجب بجعل الإضافة في قوله قيمة كتابته بيانية. قوله: (ثم رجعا) أي عن شهادتهما وقالا إنه
ليس ولدا له. قوله: (فلا غرم عليهما) ينبغي حمله على ما إذا لم تكن نفقته واجبة على الأب وإلا فقد ألزماه
215

نفقته بشهادتهما فيغرمانها له قاله البساطي، وقال ح: إنه الظاهر ولم أقف فيه على نص ا ه‍ بن. قوله: (إلا
بعد موت الأب) أي إلا إذا مات الأب وأخذ الولد المشهود ببنوته ماله بإرث فإنهما حينئذ يغرمان
لوارث الأب المحجوب بذلك الولد قدر ما أخذه ذلك الولد من المال، ثم إن قوله: إلا بعد الخ
استثناء من مقدر بعد قوله: فلا غرم أي فلا غرم عليهما لاحد من الناس لا للأب، ولا لغيره إلا أن يموت الأب
ويأخذ الولد المشهود ببنوته ماله فإنهما حينئذ يغرمان للوارث. قوله: (إلا أن يكون عبدا الخ) استثناء
من مقدر بعد قوله بإرث أي فيغرمان للوارث ولا غرم عليهما غير ذلك إلا أن يكون الخ. قوله: (وأخذ
المال) أي أخذ من شهد ببنوته المال وهو تركة أبيه، واحترز بقوله بإرث، عن أخذه له بغيره كدين
ونحوه فإنه لا غرم عليهما. قوله: (فيغرمان ما أخذه) أي فيغرمان قدر ما أخذه ذلك الولد المشهور
ببنوته ماله من المال. قوله: (لمن حجبه منه) أي لمن حجبه ذلك الولد من الميراث من عاصب أو بيت المال
إن لم يكن عصبة قوله (واعترفا بالزور) أي وأنه رفيق للمشهود عليه بالأبوة قوله: (أي قبل موت الأب)
أي وأخذ الولد المال بالإرث فإذا مات الأب وأخذ الولد المشهود ببنوته المال بالإرث غرما ثانيا المال
المأخوذ للوارث المحجوب بذلك الولد من عاصب أو بيت المال، فأت المصنف بقوله أولا إشارة إلى
أن هناك مرتبة ثانيا. قوله: (وترك ولدا آخر) أي ثابت النسب. قوله: (إن كانت باقية) أي إن كانت
باقية عنده حتى مات. قوله: (يقتسمان) أي الابنان. قوله: (وإن ظهر دين) أي بعد قسم الولدين للتركة
وتغريم ثابت النسب للشاهدين مثل النصف الذي أخذه من شهدا له بالبنوة. قوله: (وكذا
غير مستغرق) أي فإذا كان الدين الذي ظهر غير مستغرق أخذ من كل واحد أيضا نصف
الدين ورجع الشاهدان على ثابت النسب بمثل ما غرمه المشهود ببنوته للغريم، وإنما أتى المصنف
بقوله مستغرق مع استواء المستغرق وغيره في الحكم لأجل قوله وكمل بالقيمة. قوله: (وإنما كانت
متأخرة) أي في الاخذ في الدين قوله: (بمثل ما غرمه العبد) أي وهو النصف الذي ورثه قوله: (إنما
غرمنا لك النصف) أي مثل النصف الذي أخذه العبد قوله: (إن كان برق لحر) يحتمل أن يكون
قوله لحر متعلقا بمحذوف صفة لرق بمعنى رقية أي وإن كان رجوعهما عن شهادتهما برقية كائنة لحر
باعتبار ما كان قبل شهادتهما، ويحتمل أن اللام بمعنى على أي وإن كان رجوعهما عن شهادتهما على
حر بأنه رق لفلان وحكم القاضي برقيته. قوله: (فلا غرم عليهما لمن شهدا عليه بالرق) قال
في التوضيح: يتخرج على ما مر في الغصب من أن من باع حرا وتعذر رجوعه فعليه الدية أن يكون
على الراجعين هنا ديته اه‍، قال المسناوي: وهو تخريج ضعيف لان القول أضعف من الفعل ولأنه
انضم إلى القول هنا دعوى المدعي وأصله لابن عبد السلام وابن عرفة قالا: إنما لم تجب عليهما الدية
لأنهما لم يستقلا في التسبب في الرقية بل المدعى معهما اه‍ بن، ومحمل عدم غرم الراجعين عن الشهادة
216

بالرقية إذا لم يكن للمشهود برقيته أولاد صغار أحرار وإلا رجعوا عليهما بالنفقة التي فوتاها عليهم
بشهادتهما التي رجعا عنها. قوله: (لأنهما فوتا عليه الحرية) أي التي يديها وينبغي سريان الرقية على
أولاده من أمته وأن يجري فيهم أيضا قوله إلا ما استعمل ومال انتزع. قوله: (نظير ذلك) أي نظير
الاستخدام ونظير المال المنتزع منه والمراد بنظير الاستخدام قيمته. قوله: (لأنه إنما أخذه الخ) أي ولأنه
لو أخذه منه السيد لغرم له الشهود عوضه فيأخذه السيد أيضا ويتسلسل ا ه‍ بن. قوله: (وأن العبد
ظلمهما) أي في رجوعه عليهما لاعتقاده أنه عبد وأن رجوعهما عن الشهادة بالرقية في غير محله.
قوله: (وترك المأخوذ منهما) أي وترك المال الذي أخذه من الشاهدين عوضا عن عمله أو عما انتزعه السيد
منه. قوله: (أي يرثه عنه من يرثه لو كان حرا) أي يرثه عنه الشخص الحر الذي يرث
ذلك العبد أن لو كان ذلك العبد حرا ولا يأخذه السيد لان الميت إنما أخذه من الشاهدين على تقرير الحرية والسيد معتقد
أنه رقيق وأنه ظلمهما في أخذه منهما. قوله: (لأنه عيب ينقص رقبته) هذا يفيد أن له أن يتزوج بذلك
المال بإذن سيده وانظر هل للسيد بيع ذلك العبد عملا بالملكية أم لا وينبغي أن يكون له ذلك وله وطؤها
إن كانت أمة إن علم صدق شهادتهما بالرق فإن علم عدمها حرم وكذا إن شك احتياطا. قوله: (بمائة لزيد
وعمرو بالسوية) أي على بكر مثلا. قوله: (فلا يعتبر رجوعهما بعد الحكم ولا ينقض) أي وحينئذ
فليس لزيد منها إلا خمسون والخمسون الأخرى لعمرو. قوله: (ولو كان زيد أولا يدعي المائة بتمامها) أي
لأنهما لما رجعا فسقا فلم تقبل شهادتهما له بالمائة. قوله: (ولا تنزع الخمسون) أي لو كانا اقتسما المائة بعد
الحكم لهما بها وقبل الرجوع ثم رجع الشهود بعد ذلك فلا تنزع الخمسون من يد عمرو لان رجوعهما بعد
الحكم غير معتبر كما علمت. قوله: (عوضا عن التي أخذها عمرو) أي لاتلافهما تلك الخمسين على الغريم
بشهادتهما. قوله: (وهو خير من دعوى الخطأ) أي من دعوى ابن غازي الخطأ وأن الصواب للغريم.
قوله: (وإن رجع أحدهما) أي عن جميع الحق وأما رجوع أحدهما عن بعض الحق فسيأتي
وحاصله أن الشاهدين إذا شهدا على شخص بحق فحكم القاضي به عليه لمدعيه، ثم رجع
أحد الشاهدين عن الشهادة، فإنه لا ينقض الحكم ويغرم المحكوم عليه الحق لصاحبه
ثم يرجع المقضي عليه على الشاهد الراجع بنصف ذلك الحق الذي غرمه. قوله: (لا خاص
بمسألة زيد وعمرو) أي السابقة في كلام المصنف ففيها يغرم الراجع للمدين خمسة وعشرين
وذلك لان الخمسين التي أخذها زيد ثابتة بشهادة كل من الشاهدين والتي أخذها عمرو ثابتة
بشهادة غير الراجع والراجع شهد بها أولا ثم رجع فيغرم نصفها للمقضي عليه لأنه أتلف عليه
بشهادته التي رجع عنها ذلك النصف. قوله: (وهو المشهور) أي وإن كان مبنيا على ضعيف وهو أن
اليمين مع الشاهد استظهار أي مقوية للشاهد فقط والحق ثبت بالشاهد. قوله: (أو يغرم نصفه) أي
بناء على أن اليمين مع الشاهد مكملة لنصاب الشهادة. قوله: (فإنه يغرم نصف الحق) أي سواء رجع
وحده أو مع بعض النساء حيث بقي منهن اثنتان بلا رجوع ولا يلزم أحدا ممن رجع معه من النساء شئ
217

حيث بقي منهن اثنتان. قوله: (وإن كثرن) مبالغة فيما بعده أي وإن رجعن كلهن غرمن نصفه وإن
كثرن. قوله: (فعليها مع من رجعن قبلها وإن كثرن ربع الحق) فإن رجعت الأخرى كان على الجميع
النصف يقسم على رؤوسهن هذا هو الصواب خلافا لما في عبق من أنه إذ رجعت الأخرى كان عليها
الربع الباقي. قوله: (وهذا ضعيف) بل أنكره ابن عرفة وقال لا أعرف وجوده لاحد من أهل المذهب
وإنما سرى لابن شاس من وجيز الغزالي الذي شاكله بالجواهر وتابعه ابن الحاجب على ذلك وقبله
ابن راشد القفصي ا ه‍ بن. قوله: (والمذهب أنه) أي الرجل. قوله: (وما شابهه) أي كالولادة والاستهلال
وقوله كامرأة أي في الغرم عند الرجوع عن الشهادة. قوله: (إذ لا تضم النساء للرجال في الأموال) أي
لأنه لا تضم النساء للرجل في الغرم في شهادة الأموال. قوله: (فإذا رجعت الباقيتان الخ) وأما إن
رجعت امرأة من الباقيتين كان ربع الغرم عليها وعلى بقية النساء الراجعات قبلها والنصف على
الرجل الراجع. قوله: (ونحوه) أي مما يقبل فيه المرأتان كالولادة والاستهلال. قوله: (قال المصنف الخ)
أتى بهذا دليلا لقوله لأنه قد بقي من يستقل به الحكم. قوله: (كان نصف الغرامة عليه وعلى الراجعات)
أي ويجعل كامرأة في الغرم لا كامرأتين. قوله: (وهو كامرأة على المذهب) أي خلافا للمصنف حيث
جعله كامرأتين وقد بان مما ذكر أن النساء تضم للرجل في الغرم في شهادة الرضاع في حالتين رجوعه
مع بعض من يستقل به الحكم ومعهن كلهن بخلاف شهادة الأموال فلا تضم النساء له في الغرم في
حالة من الحالات. قوله: (إذ الشهادة) أي بالرضاع وقوله فالفسخ بلا مهر أي وحينئذ إذا رجعا
عن الشهادة فلا غرم عليهما لأنهما لم يفوتا بشهادتهما مالا لا يقال أنه سبق في النكاح أن الفسخ
قبل البناء لا شئ فيه إلا في نكاح الدرهمين وفرقة المتلاعنين والمتراضعين فإن فيه نصف المسمى
لأنا نقول ذاك فيما إذا ادعى الزوج الرضاع قبل البناء وهي تنكره ولا بينة أما لو كان هناك بينة
تشهد به كما هنا فالفسخ من غير لزوم شئ أصلا. قوله: (قلنا يتصور) أي غرم شهود الرضاع
بالرجوع الخ. قوله: (بعد موت الخ) أي فيما إذا شهدا بالرضاع بعد موت أحد الزوجين فحكم به ثم
حصل الرجوع فيغرم الخ. قوله: (إن كانت الشهادة) أي بالرضاع قبل الدخول أي وبعد موت
الزوج كما هو الموضوع. وحاصله أنه إذا عقد على امرأة ومات الزوج قبل الدخول فشهد برضاع
الزوجين ثم حصل رجوع من الشهود أو من بعضهم فيغرم الراجع للمرأة ما فوتها من الميراث
والصداق وإن كان الميت الزوجة يغرم الراجع للزوج ما فوته من الميراث. قوله: (غرم) أي للمشهود
عليه وقوله نصف ذلك البعض أي الذي رجع عن الشهادة به. قوله: (وهكذا) أي فإذا رجع عن ربع
ما شهد به غرم ثمن الحق. قوله: (فإذا رجع غيره) أي غير من يستقل الحكم بعدمه كالرجوع ثلاثة
من أربعة أو اثنين ثلاثة. قوله: (أي جميع الراجعين) أي من يستقل الحكم بعدمه وغيره قوله فالنصف
على الجميع أي جميع الراجعين. قوله: (تعرف بمسألة الخ) عبارة غيره وتعرف بمسألة غريم الغريم غريم
218

واعلم أن جعل مسألة المصنف هذه من باب غريم الغريم غريم إنما يظهر بالنظر لعجزها وهو قوله
وللمقضي له ذلك الخ تأمل. قوله: (وللمقضى عليه مطالبتهما بالدفع للمقضى له) فإذا أشهد بمائة لزيد على
عمرو وحكم بذلك ثم رجعا فلعمرو مطالبتهما بدفع المائة لزيد خلافا للحنفية حيث قالوا لا يؤمر
الشاهدان بالدفع حتى يؤدي المقضى عليه وفي هذا تعريض لبيع داره وإتلاف ماله. قوله: (وللمقضي له الخ)
أي خلافا لابن المواز القائل لا يلم الشاهدين غرم للمقضي له إذا طالبهما لاحتمال أن المقضي
عليه لو حضر من غيبته لأقر بالحق فلا يغرمان كذا وجه به كلام الموازية وهو لا يظهر في الموت
والفلس مع جعل التعذر شاملا لهما ونص الموازية إذا حكم بشهادتهما ثم رجعا فهرب المقضي عليه
قبل أن يؤدي فطلب المقضي له أن يأخذ الشاهدين بما كانا يغرمان لغريمه لو غرم لم يلزمهما غرم حتى
يغرم المقضي عليه فيغرمان له حينئذ ولكن ينفذ الحكم للمقضي عليه على الراجعين بالغرم هرب أو لم
يهرب فإن غرم أغرمهما. قوله: (فإن لم يتعذر الخ) قد استفيد منه أن غريم الغريم إنما يكون غريما إذا
تعذر الاخذ من الغريم وإلا فلا يكون غريما باتفاق. قوله: (على تعارض البينتين) هو اشتمال كل منهما
على ما ينافي الأخرى. قوله: (وقال الآخر) أي وهو المسلم وقوله بل هذين الثوبين أي المغايرين
للثوب الأول. قوله: (وأقام كل بينة) أي شهدت له بغير ما شهدت به بينة الآخر وقوله فإنه يقضي
بالثلاثة إلا ثوب في مائتين أي ويحملان على أنهما سلمان شهدت كل بينة بواحد منهما وظاهر
القضاء بالأثواب الثلاثة كانت البينتان بمجلسين أو بمجلس أما إذا كانتا بمجلسين فالقضاء بالثلاثة
باتفاق وأما إذا اتحد المجلس ففيه خلاف فقال ابن عبدوس إذا اتحد المجلس كان ذلك تكاذبا. وقال
بعض القرويين أنه لا فرق بين المجلسين والمجلس الواحد لان كل بينة أثبتت حكما غير ما أثبتته
صاحبتها ولا قول لمن نفي ما أثبته غيره وقوله وأما كل بينة أي فلو لم يقيما بينة تحالفا وتفاسخا. قوله: (وإلا
فكيف الخ) قد يقال هذا أمر جر إليه الحال فكأنه من جملة ما ادعاه فهو ملحق بما ادعاه وتوضيحه
أن البينتين لما كانتا معمولا صار المسلم كأنه ادعى المائتين وشهد له بهما بينة وبينة المسلم إليه
وصار المسلم إليه كأنه ادعى الأثواب الثلاثة وشهدت له بينة وبينة المسلم. قوله: (أي يرجح بسبب ذكر
سبب الملك) هذا الحل تبع فيه الشارح ابن غازي قائلا بنحو هذا فسر ابن عبد السلام كلام ابن
الحاجب وحله بهرام بحل آخر فقال وإلا يمكن الجمع رجحت إحدى البينتين على الأخرى بسبب
كون الأخرى ذكرت سبب الملك. فحاصله أنه إذا شهدت إحداهما بالملك فقط والأخرى بالسبب
فقط قدمت الشاهدة بالملك على الشاهدة بالسبب وهذا وإن كان صحيحا في نفسه لأنه قول أشهب
واقتصر عليه في التوضيح لكنه بعيد من كلام المصنف إذا المتبادر من كون الكلام في المرجحات
أن يكون ذكر السبب مرجحا لا أنه مضعف. وحاصل ما في المقام أنه إذا شهدت بينة أن فلانا
صادها أو نسجها أو أنها نتجت عنده وشهدت بينة أخرى بالملك المطلق أي أنها ملك لفلان ولم
تذكر سبب الملك، فقال أشهب تقدم بينة الملك فقد يولد في يده ما هو لغيره وقد ينسج لغيره وقد يصيد
ما هو مملوك لغيره، وقال ابن القاسم تقدم بينة السبب ويحمل الامر على أنها كانت له حتى يثبت كونها
وديعة أو غصبا أو أنه كان ينسج له بالأجرة، واقتصر في التوضيح على كلام أشهب وصوب اللخمي
كلام ابن القاسم ونقل ابن عرفة تصويب اللخمي وأقره الشارح بهرام حمل المصنف على هذه
الصورة ومشى على كلام أشهب تبعا للتوضيح. قوله: (لكن إحداهما ذكرت الخ) أي فهي شاهدة
219

بالملك والسبب معا وقوله لكن إحداهما ذكرت سبب الملك أي والأخرى إنما شهدت بالملك المطلق
وهذه المسألة غير المسألة التي وقع فيها الخلاف بين ابن القاسم وأشهب المتقدمة لأنها شهدت فيها
إحدى البينتين بالملك فقط والأخرى شهدت بسببه فقط. قوله: (أي إلا أن يكون سبب الملك)
الأولى أي إلا أن يكون ما شهدت به بينة الملك أنه اشتراها الخ وإلا قدمت على الشهادة بالملك وسببه
كولادة عنده ونسج ولو كانت السلعة بيد من شهدت له البينة بالملك وسببه وهو الولادة والنسج. قال
في المدونة قال ابن القاسم في دابة ادعاها رجلان وليست بيد أحدهما فأقام أحدهما بينة أنه اشتراها من
المغانم والآخر بينة أنها نتجت عنده هي لمن اشتراها من المغانم بخلاف من اشتراها من أسواق المسلمين
لأن هذه تغصب وتسرق ولا تحاز على لمالك إلا بأمر يثبت وأمر المغانم قد استقر أنها خرجت عن
ملكه بحيازة المشركين، ولو وجدت في يده من نتجت عنده فأقام هذا بينة أنه اشتراها من المغانم أخذها
أيضا وكان الأولى بها إلا أن يشار أن يدفع إليه ما اشتراها به ويأخذها وقاله سحنون انظر المواق.
قوله: (لاحتمال أنها سبيت من المسلمين) أي فزال ملك صاحبها عنها بناء على أن دار الحرب تملك.
قوله: (أو بسبب تاريخ) أي ذكرته بينته فتقدم على التي لم تذكر تاريخا ابن الحاجب وفي مجرد
التاريخ قولان قال في التوضيح والقول بتقديم المؤرخة لأشهب والقول بعدم تقديمها ذكره
اللخمي والمازري ولم يعزواه ا ه‍ بن. قوله: (أو تقدمه) لا يقال كان الأولى تقديم حديثة التاريخ
لأنها ناقلة لأنا نقول شرط الترجيح بالنقل أو تكون شهادته مشتملة على ذكر سبب النقل وهنا
إنما شهدتا بالملك غير أن إحداهما قالت ملكه منذ عامين والأخرى قالت ملكه منذ عام واحد فالأصل
الاستصحاب ا ه‍ بن. قوله: (أو كان المتنازع فيه) هذا داخل في حيز المبالغة أي هذا إذا كان المتنازع
فيه بيدهما أو بيد غيرهما أو بيد المتقدمة تاريخا بل ولو كان بيد المتأخرة وهذا التعميم نقله والد ابن
عاصم عن اللخمي في المتقدمة تاريخا كما في بن ولعل المؤرخة كذلك. قوله: (وبمزيد عدالة) أي في
البينة الأصلية لا في المزكية واعلم أن الترجيح بزيادة العدالة خاص بالأموال ونحوها من كل ما يثبت
بالشاهد واليمين دون غيرهما مما لا يثبت إلا بعدلين كالعتق والنكاح والطلاق والحدود فلا يقع
الترجيح في شئ من ذلك بمزيد العدالة لان زيادة العدالة بمنزلة الشاهد الواحد على المشهور وهو
مذهب المدونة، وعليه مشي المصنف في باب النكاح حيث قال وأعدلية إحدى بينتين متناقضتين
ملغاة ولو صدقتها المرأة وقيل إنه يرجح بمزيد العدالة في غير الأموال أيضا وهو الموافق لما في سماع
يحيى بناء على أن زيادة العدالة بمنزلة شاهدين اه‍ بن. وفي تبصرة ابن فرحون نقلا عن القرافي أن
مذهب المالكية أنه لا يحكم بترجيح إحدى البينتين عند التعارض بمرجح من المرجحات إلا في الأموال
خاصة انظر بن فعلم من ذلك أن الترجيح بغير زيادة العدالة خاص بالأموال والمراد بها كل ما يثبت
بشاهد ويمين وأما زيادة العدالة ففيها قولان. قوله: (ويحلف مقيمها الخ) وفي الموازية لا يمين عليه
بناء على أن زيادة العدالة كالشاهدين. قوله: (لا بمزيد عدد) ما ذكره من أنه لا ترجيح لاحدى البينتين
على الأخرى بمزيد عددها هو قول ابن القاسم وهو المشهور وقيل إنه يرجح بزيادة العدد كزيادة
العدالة وفرق للمشهور بين زيادة العدد والعدالة بأن القصد من القضاء قطع النزاع ومزيد العدالة
أقوى في التعذر من زيادة العدد إذ كل واحد من الخصمين يمكنه زيادة عدد الشهود بخلاف العدالة.
قوله: (إذ الظن) أي الحاصل بشهادة الاثنين. قوله: (ولو كان أعدل منهما) أي هذا إذا كان الشاهد
مساويا لهما في العدالة بل ولو كان أعدل منهما. قوله: (أو شاهد وامرأتين) ما ذكره المصنف من
ترجيح الشاهدين على الشاهد والمرأتين هو قول أشهب وأحد قولي ابن القاسم وهو المرجوع
220

إليه والمرجوع عنه أن الشاهدين لا يقدمان على الشاهد والمرأتين والفرض أنهم مستوون في العدالة
وأما لو كان الشاهد الذي معهما أعدل من الشاهدين قدم هو والمرأتان على الشاهدين اتفاقا وأولى لو
كانتا أعدل كالشاهد الذي معهما. قوله: (أي بوضع اليد) يعني الشئ المتنازع فيه الذي لم يعرف أصله
واحترزنا بقولنا لم يعرف أصله عما عرف أصله فإن حوز أحد المتنازعين له لا يعتبر بل يقسم بين ذي
اليد ومقابله كما لو مات شخص وأخذ ماله من أقام بينة أنه وارثه أو مولاه وأقام غيره بينة أنه وارثه
أو مولاه وتعادلتا فإنه يقسم بينهما كما في المدونة. قوله: (مع تساوي البينتين) أي في الشهادة بالملك المطلق
بأن تشهد إحداهما بأن هذا المتنازع فيه لزيد ملكه وتشهد الأخرى أنه ملك لعمرو من غير بيان
لسبب الملك. قوله: (فهو) أي قوله فيحلف وقوله على المنطوق أي منطوق قوله إن لم ترجح بينة مقابله
ومفهومه. قوله: (إنما يأخذه من يقضي له به) أي وهو الحائز إن لم ترجح بينة مقابله وغير الحائز
إن رجحت بينة. قوله: (ورجح بالملك الخ) حاصله أنه إذا شهد لاحد المتداعيين بينة بالحوز
فقط من غير شهادة له بملك وشهد للآخر بينة بالملك متعمدة في شهادتها بالملك على حوز سابق فإن
الثانية تقدم على لاولى لترجحها عليها، وإنما قلنا معتمدة في شهادتها بالملك على حوز سابق لقول
المصنف فيما يأتي، وصحة الملك بالتصرف وعدم منازع وحوز طال كعشرة أشهر أي إنما تصح الشهادة
بالملك إذا اعتمدت البينة على هذه الأمور الثلاثة، واعلم أن موضوع هذه المسألة أن البينة الشاهدة
بالحوز المجرد عن الملك أقيمت قبل الحيازة المعتبرة شرعا وهي العشر سنين قيدوها الآتية فلا ينافي
قول المصنف في الحيازة لم تسمع دعوى المدعي ولا بينته ثم كون هذا الفرع مما اعتبر فيه الترجيح
تجوز إذ الترجيح إنما يكون عند التعارض، ولا تعارض بين الملك والحوز إذ الحائز قد يكون غير
مالك فبينة الملك تثبت زيادة. قوله: (ولو كان تاريخ الحوز) أي المجرد وقوله سابقا أي على الحوز
الذي اعتمدت عليه البينة الشاهدة بالملك. قوله: (ورجح بنقل عن أصل) أي ولو كانت تلك
الناقلة تشهد بالسماع وقوله على مستصحبة أي ولو شهدت تلك المستصحبة بالملك وسببه كما في مثال
الشارح ومن تقديم الناقلة على المستصحبة تقديم الشاهدة أنه اشتراها من المغانم على
الشاهدة بالملك وسببه ومنه أيضا تقديم البينة بالتنصر كرها لأنها ناقلة على البينة بتنصره طوعا لان
الأصل في تنصر الأسير الطوع وكتقديم البينة الشاهدة بالاكراه في غير ذلك على الشاهدة بالاختيار.
تنبيه: يرجح أيضا بالأصالة على الفرعية ولذا تقدم بينة السفه على بينة الرشد كما في المعيار
عن ابن لب لان الأصل في الناس السفه وكذا بينة اليسار على بينة العسر لأنه الغالب
وكذا بينة الجرحة على بينة العدالة لأنها الأصل والأصالة ترجع بها على الفرعية، ولذا قل
ابن القاسم إذا شهدت إحدى البينتين أنه أوصى وهو صحيح والأخرى أنه أوصى وهو موسوس
قدمت بينة الصحة لأنها الأصل انظر بن. قوله: (فإنه يعمل بالبينة الناقلة) أي ولو كانت
رجلا وامرأتين أو رجلا ويمينا ولو كانت بينة سماع كما علمت. قوله: (ليس هنا تعارض) أي لان
قول المستصحبة لا يعلمونها خرجت عن ملكه لا يقتضي عدم الخروج لأنه يفيد نفي العلم
بالخروج لا نفي الخروج نعم لو شهدت المستصحبة بأنها باقية في ملكه إلى الآن أو أنها لم تنتقل عن
ملكه إلى الآن فالمعارضة بينها وبين الناقلة ظاهرة. قوله: (أم لا) أي بأن كانت بينة الملك من الجانبين.
قوله: (وصحة الملك بالتصرف) أي وصحة شهادة البينة بالملك أن تعتمد في شهادتها به على التصرف
221

وعدم المنازع وحوز طال فالباء بمعنى على. قوله: (على هذه الحالة) ي وهو على هذه الحالة من عدم
المنازع والتصرف فيه. قوله: (وأنها لم تخرج عن ملكه في علمنا) هذا ما في كتاب الشهادات من المدونة
ففيها من تمام شهادتهم أن يقولوا ما علمناه باع ولا وهب ولا خرج عن ملكه بوجه من الوجوه وفي
كتاب العارية منها وإن شهدوا أن الدار له ولم يقولوا لم نعلم أنه ما باع ولا وهب ولا تصدق حلف على ذلك
وقضى له ا ه‍ فظاهر هذ أنه شرط كمال فقط، وحمل أبو الحسن وأبو إبراهيم الأعرج ما في الشهادات
على هذا وإليه أشار المصنف بقوله وتؤولت على الكمال في الأخير وكان ابن عبد السلام وابن هارون
يحملان المدونة على قولين، وهو ظاهر قول ابن عتاب في الطرر عن ابن سهل ابن ناجي وقال ابن
العطار: إنه شرط صحة إن كانت الشهادة لميت وشرط كمال إن كانت لحي انظر بن. قوله: (بطلت
شهادتهم) أي أنهم إذا صرحوا بالقطع بطلت شهادتهم قال ابن رشد قولا واحدا وإن لم يصرحوا به
ولكن جزموا بشهادتهم فهي محل الخلاف المشار له بقوله فإن أطلقوا ففيه الخلاف والظاهر من
القولين الصحة كما في المج والذي في بن ترجيح القول بالبطلان. قوله: (فيحلف المشهود له الخ) أي
وعلى القول بأن تصريح البينة بذلك شرط كمال فيحلف المشهود له بتا أنها لم تخرج الخ إذا لم تصرح البينة
بذلك بل وكذا يحلف مع قولها لم تخرج عن ملكه بناقل شرعي في علمنا إلى الآن كما في بن.
قوله: (لا بالاشتراء) بعد أن قرر ابن غازي كلام المصنف بمثل ما في الشارح قال ولو قال إلا باشتراء منه
لأمكن أن يعود الضمير على الخصم وأن يكون المعنى أن شهود الملك لا يحتاجون إلى أن يقولوا أنه لم
يخرج عن ملكه في علمهم إذا شهدوا أنه اشتراه من خصمه بل يحكم بالاستصحاب، ولا يقبل قول
الخصم أنه عاد إليه كما ذكر ابن شاس وأتباعه، وإن لم يعرفه ابن عرفة نصا في المذهب وعلى هذا فيكون
من نوع قوله بعد وإن شهدا بإقرار استصحب ا ه‍ قال طفي وبه يلتئم كلام المؤلف مع ما قبله وغايته
أنه حذف لفظ منه والخطب سهل ا ه‍ بن. قوله: (فإن أقام بينة أنه اشتراها) أي من السوق مثلا.
قوله: (أنها له) أي ملكه واعتمدت في شهادتها بالملك على ما تقدم وقالت لا نعلم أنها خرجت عن ملكه
بناقل. قوله: (ما لم تشهد أنه اشتراها من الخصم أو من غانمها) أي وإلا عمل بها لأنها ناقلة والأخرى
مستصحبة كما مر. قوله: (وإن شهد الخ) ابن شاس ولو شهدت أنه أقر بالأمس أنها لفلان ثبت الاقرار
ويستصحب موجبه ولم يحتج لقولهم أنها لم تخرج عن ملكه في علمنا ابن عرفة لا أعرف هذا نصا
في المذهب وهو ظاهر لاحتمال أنه خرج عن ملكه بوجه من الوجوه ا ه‍ بن. قوله: (إن هذا الشئ
لفلان) أي ثم رجع عن ذلك الاقرار وأنكره وينازعه الآن الخ. قوله: (أي الحائز له) أي والحال أنه
يدعيه إلا أنه لا بينة له بخلاف المتنازعين فإن لكل بينة. قوله: (أو لمن يقر له) اعلم أن الشئ
222

المتنازع فيه المجهول أصله إما أن يكون بيد أحد المتنازعين أو بيد غيرهما فإن كان بيد أحدهما فإنه يبقى بيد
حائزه بلا يمين سواء قام لكل منهما بينة واستوتا أو لم تقم لواحد بينة وهو معنى الترجيح باليد وقيدنا
بمجهول الأصل لان الحوز لا ينفع مع علم المالك الأصلي كما مر، بل يقسم بين حائزه والمدعي غيره وإن
كان بيد غيرهما فحاصل ما ذكره الشارح وغيره في ذلك ثمان صور لان من هو بيده تارة يدعيه لنفسه،
وتارة يقربه لأحدهما، وتارة لغيرهما، وتارة لا يدعيه لاحد، وفي الأربع تارة يقوم لكل من المتنازعين
بينة تسقط البينتان بعدم الترجيح، وتارة لا تقوم لواحد منهما بينة فهذه ثمان صور ففي صور البينة
إذا ادعاه لنفسه وسقطت البينتان حلف وبقي بيده كما في المتن أعني قوله وإن تعذر ترجيح
سقطتا وبقي بيد حائزه وهو قول المدونة وقيل ينزع منه ويقسم بين المتنازعين وإن أقر به لأحدهما
فهو للمقر له بيمينه كما في المتن أعني قوله أو لمن يقر له، وهو مذهب المدونة أيضا، وقيل إقراره لغو
ويقسم بين المتنازعين وإن أقر به لغيرهما أو قال لا أدري هو لمن لم يلتفت إليه ويقسم بينهما ويدخلان
في قول المصنف وقسم على الدعوى وفي صور عدم البينة إن ادعاه لنفسه حلف وبقي بيده
وإن أقر به لأحدهما أو لغيرهما أخذه المقر له بلا يمين لقوة الاقرار هنا وضعفه مع البينة فلذا حلف
المقر له مع البينة ولم يحلف هنا وإن سكت أو قال لا أدري قسم على الدعوى ا ه‍ بن. قوله: (وقسم على
الدعوى) حاصله أن الشئ المتنازع فيه إذا لم يكن بيد أحد المتنازعين بأن كان بيدهما معا أو بيد غيرهما
ولم يقر به لأحدهما ولا ادعاه لنفسه والحال أنه لا مرجح لبينة أحدهما أو كان ليس بيد حائز أصلا فإنه
يقسم بين المتداعيين على قدر الدعوى لكن بعد الاستيناء كثيرا إن كان المتنازع فيه مثل الدور
والأرضين وقليلا إن كان مثل الحيوان والرقيق والعروض والطعام لعل أن يأتي أحدهما بأثبت مما
أتى به صاحبه فيقضي له به ا ه‍ بن. قوله: (بعد يمين كل) أي بعد يمين كل واحد منهما أنه له ولم يذكر من
الذي يبدأ منهما باليمين ابن عرفة الأظهر تبدئة من ادعى عليه أولا منهما. قوله: (لا بالسوية) أي بأن
يقسم نصفين كما يقول أشهب وسحنون وقوله كالعول أي لا على التسليم والمنازعة كما يقول ابن
القاسم. واعلم أن هذا الخلاف محله إذا كان المتنازع فيه بأيديهما وأما قسم ما ليس بأيديهما فعلى قدر
الدعوى اتفاقا. والحاصل أن المتنازع فيه إذا لم يكن في أيديهما فإنه يقسم بينهما بعد أيمانهما على قدر
الدعوى اتفاقا وإن كان في أيديهما فقيل يقسم على الدعاوي، وهو قول مالك وابن القاسم وعبد الملك
وأكثر أصحاب الإمام، وهو المشهور، وقيل يقسم بينهما بالسوية لتساويهما فيه في الحيازة وهو قول أشهب
وسحنون وعلى الأول وهو ما إذا قسم على الدعاوي فقال الأكثرون يعال في القسم كالفرائض. وقال
ابن القاسم وابن الماجشون لا يعال في القسم بل يقسم على التسليم والمنازعة بحيث يختص مدعي الأكثر
بالزائد فقول المصنف وقسم على الدعوى رد لقول أشهب بالقسم بالسوية وقوله كالعول رد لقول
ابن القاسم يقسم على الدعاوي لكن لا كالعول بل على التسليم والمنازعة فيختص مدعي الأكثر
بالزائد. قوله: (قسمت على الثلث والثلثين) كيفية العمل أن يزاد على الكل النصف ونسبة النصف
للكل مع الزيادة ثلث فالمسألة من ثلاثة يعطي لمدعي الكل اثنان ولمدعي النصف واحد ولو قسم
على التسليم والمنازعة لكان لمدعي النصف الربع لأنه سلم لمدعي الكل النصف فيأخذه والمنازعة
بينهما في النصف الآخر فيقسم بينهما وعلى كلام أشهب يأخذ كل واحد منهما النصف. قوله: (فالمسألة
من ستة) أي مخرج السدس لدخول مخرج النصف فيه وقوله وتعول لعشرة أي لأنه يزاد على
الستة نصفها وسدسها فيعطي لمدعي الكل ستة ولمدعي النصف ثلاثة ولمدعي السدس واحد،
ولو قسم على التسليم والمنازعة أخذ مدعي الكل ثلاثة أرباعها إلا نصف سدس وأخذ مدعي
223

النصف ربعها وأخذ مدعي السدس نصف سدسها وعلى كلام أشهب يأخذ كل واحد ثلثها. قوله: (ولم
يأخذه الخ) أي ولم يأخذ الشئ المتنازع فيه من يد حائزه من أقام بينة تشهد له أنه كان بيده قبل
ذلك. قوله: (وإن ادعى الخ) هذا شروع في الكلام على أربع صور في أب معلوم النصرانية أو مجهولها وله
ولدان مسلم ونصراني ادعى كل أن أباه مات على دينه دعوى مجردة أو ببينة. وحاصل هذه الصور أن
تقول إن هذا الأب الذي قد مات إما معلوم النصرانية أو مجهولها وفي كل إما أن يقيم كل ولد بينة
على دعواه أو تتجرد دعواه عن البينة، ففي ما إذا كان لكل منهما بينة أو لا بينة لواحد منهما وكان
الأب معلوم الدين فإن تجردت دعواهما فالقول للنصراني وإن كان لكل بينة قدمت بينة المسلم
هذا إذا كان دينه المعلوم النصرانية، فإن كان الاسلام فبالعكس أي إن تجردت دعواهما فالقول
قول المسلم وإن كان لكل بينة قدمت بينة النصراني لأنها ناقلة. قوله: (ومات على نصرانيته) أي
الثابتة له في حياته باتفاقهما عليها. قوله: (فالقول للنصراني) أي حيث تجردت دعواهما عن البينة.
قوله: (كان أحسن) أما الأحسنية في الأول فلمناسبة قوله أن أباه فإن المدعي ابن ذلك الميت المدعي
إسلامه وإنما سماه المصنف أخا نظرا للمنازع الآخر وأما الأحسنية في الثاني فلان الكافر أشمل.
قوله: (قدمت بينة المسلم) أي على بينة النصراني ولو كانت أعدل. قوله: (لأنها ناقلة عن الأصل) أي وبينة
النصرانية مستصحبة وقد تقدم أن الناقلة تقدم على المستصحبة ولو كانت المستصحبة أعدل.
قوله: (فأشار له بالاستثناء المنقطع) أي لان ما قبل إلا في أب معلوم النصرانية وما بعدها مجهول حاله.
قوله: (أي نطق بالنصرانية) أي لا أنه انتقل إليها إذ الفرض أنه مجهول الدين. قوله: (إن
جهل أصله) أي ولم يعلم ذلك الأب هل هو نصراني أو مسلم. قوله: (فيقسم المال بينهما) أي إذا لم يوجد
مرجح هذا قول ابن القاسم في المدونة، وقال غيره فيها إذا تكافأت البينتان قضي بالمال للمسلم بعد أن
يحلف على دعواه لان بينته زادت ابن يونس وقول ابن القاسم أصوب لان الموضوع أن الرجل
جهل أصله، وإذا جهل فليس ثم زيادة ولا أمر يرد إليه فوجب قسم المال بينهما. قوله: (ولا بينة الخ) أي
بخلاف ما قبله فإنه وإن كان مجهول الأصل أيضا إلا أن كلا أقام بينة على دعواه فلا تكرار وليس فيه
تشبيه الشئ بنفسه وحاصله أن الأب إذا لم يعلم هل هو نصراني أو مسلم وتداعياه فقال الولد المسلم هو
مسلم وقال الولد النصراني هو نصراني ولا بينة لواحد منهما أو كان لكل منهما بينة فإن المال يقسم
بينهما بعد حلف كل منهما في الصورتين، كما صرح به العقباني في شرح فرائض الحوفي. قوله: (وقسم
ماله على الجهات) أي سواء تجردت دعوى كل عن البينة أو كان لكل واحد بينة وسواء كان بيد أحد
المتنازعين أو بيدهما معا أو بيد غيرهما أو لا يد لاحد عليه لأنه مال علم أصله وهو مجهول الدين فلا
أثر للحوز فيه كما مر. قوله: (ولكل من الآخرين الثلث) أي ولو كانت أفراد جهة أكثر من
أفراد جهة أخرى. قوله: (قسموه على حكم الميراث عند كل ملة) أي فما يخص جهة الاسلام يقسم
على أفردها للذكر مثل حظ الأنثيين إن تعدد أفرادها وإن اتحد أخذ ما يخصها إن كان ذكرا فإن
كان أنثى أخذ نصف ما يخص جهة الاسلام والباقي منه لبيت المال فإذا لم يخلف إلا بنتا
224

مسلمة وأختا كافرة أو العكس فما تأخذه المسلمة تعطي نصفه ونصفه الآخر لبيت المال لان الأخت
أو البنت المسلمة تدعي النصف وبيت المال يدعي النصف الآخر والكافرة تنازعهما فتأخذ نصف
مال كل. قوله: (اللذين ادعى كل منهما أن أباه مات على دينه) أي سواء أقام كل منهما بينة على دعواه أو
كانت دعوى كل منهما مجردة عن البينة. قوله: (فهل يحلفان الخ) ينبغي أن تكون البداءة بالقرعة إذا
تنازعا فيمن يحلف منهما أو لا. قوله: (فمن وافقه الطفل) أي بعد بلوغه ومن واقعة على أحد الولدين
وضمير وافقه البارز عائد على من والمستتر عائد على الطفل وكذا ضمير أخذ عائد على الطفل والضمير
المضاف إليه في حصته عائد أيضا على من والتقدير فأي ولد وافقه الطفل أخذ ذلك الطفل حصته من
الثلث الموقوف ومفهوم المصنف أنه إن لم يوافقه واحد منهما بأن تدين بجهة ثالثة أخذ الموقوف كله.
قوله: (ورد على الآخر الذي لم يوافقها السدس الباقي) أي فإذا كان المال اثني عشر دينارا دفع لكل من
البالغين أربعة ووقف للصغير على هذا القول أربعة فإذا بلغ ووافق أحدهما أخذ دينارين من الأربعة
الموقوفة ورد للذي لم يوافقه دينارين ولا يشارك الصبي من وافقه في شئ من الأربعة التي أخذها
أولا. والحاصل أن للطفل سدس التركة اثنان وينوب الذي وافقه الطفل ثلثها أربعة في المثال المذكور
وينوب الذي لم يوافقه نصفها وهو ستة في المثال المذكور. قوله: (وإنما لم يشارك الصغير) أي بحيث
يشتركان في النصف سوية. قوله: (لأنه حين الموت قد استحق الخ) عبارة غيره لأنه حين الموت قد
استحق كل من أصحاب الجهتين الثلث ولا ينقص عنه وإنما وقف للصغير الثلث لأنه لم يحكم بإسلامه
وربما ادعى جهة ثالثة ولم يعطه لأنه لما وافق المسلم مثلا كانا جهة واحدة فيكمل لتلك الجهة من
الثلث الموقوف النصف فيأخذ ذلك الطفل كمالة النصف وتستحق الجهة الأخرى باقي النصف وهو
السدس فيرد عليها من الثلث الموقوف كمالة النصف. قوله: (وإن مات الطفل الخ) أي وأما لو مات أحد
الولدين البالغين قبل بلوغ الطفل فإن كان له ورثة معروفون فهم أحق بميراثه وإن لم يكن له ورثة وقفت
تركته فإذا كبر الصغير ووافقه أخذها. قوله: (وقسم نصيب الطفل بينهما) استشكل هذا ابن عاشر بأن
فيه ميراثا مع الشك في موافقته لهما في الدين إذ يمكن أن يكون موافقا لأحدهما في الدين وأن يكون
مخالفا لهما وأجيب بأنه لا شك هنا لان كلا منهما يدعي تبعية أخيه لدين أبيه الذي ادعاه له نعم يبقى
النظر كما قال المسناوي إذا كان لهذا الصغير وارث غيرهما كأم فتدبر ا ه‍ بن. قوله: (فيعطيه نصف ما بيده)
أي وهو الربع فيصير بيد الطفل ربعان وذلك نصف المال ويصير بيد كل واحد من البالغين ربع
المال وذلك نصفه الآخر. قوله: (على أخذ شيئه الخ) أراد بشيئه حقه الشامل لعين شيئه وعوضه كما أشار
له الشارح فاحتاج لاخراج العقوبة منه ولو أراد بشيئه عينه لم يحتج لقوله أن يكون غير عقوبة لعدم
شمول عين شيئه له لان العقوبة لا يمكن أخذها بعينها وإنما يمكن أخذ مثلها وشمل كلام المصنف الوديعة
على المعتمد وما قدمه في بابها من قوله وليس له الاخذ بمثلها ممن ظلمه ضعيف، وشمل أيضا ما إذا كان
شخصان لكل منهما حق على الآخر فجحد أحدهما حق صاحبه فللآخر جحد ما يعادله وله أن
يحلف ويحاشي. قوله: (ولا يؤدب من شتمه) أي وكذا لا يحد من قذفه ولا يقتص ممن جنى عليه.
225

قوله: (كسرقة الخ) أي كنسبته لسرقة أو غصب أو حرابة. قوله: (انظر) أي المدعى عليه أي أخر حتى
يعلم ما عند الموكل الغائب هل أبرأ أو اقتضى أو لم يحصل شئ من ذلك. قوله: (وهذا) أي الانظار إن
قربت غيبة الموكل فإن بعدت الخ ثم إن التفرقة المذكورة بين الغيبة القريبة والبعيدة هو قول ابن عبد
الحكم والمنصوص لابن القاسم في سماع عيسى أنه يقضي بالحق على المطلوب ولا يؤخر، وظاهره أنه
لا فرق بين كون الموكل قريبا أو بعيدا ابن رشد وقول ابن عبد الحكم عندي تفسير لقول ابن
القاسم وقال بعضهم أنه ينظر المدعى عليه إلى أن يعلم ما عند الموكل الغائب كانت الغيبة قريبة أو بعيدة
وهذا هو ظاهر المصنف لكن حكاه اللخمي بقيل انظر بن. قوله: (بلا يمين من الوكيل) أي على
الراجح خلافا لابن كنانة حيث قال لا يقضي على المدين إذا كان الموكل غائبا غيبة بعيدة إلا إذا حلف
الوكيل على نفي العلم. قوله: (حلف أنه ما أبرأ) هذا إذا حضر وأنكر الابراء فإن حضر وأقر به رد للغريم
ما أخذه من الوكيل. قوله: (وتم الاخذ) أي ما أخذه الوكيل وقوله فإن نكل حلف الغريم أي المدعى عليه.
قوله: (ورجع على الوكيل) أي بما دفعه له وللغريم أن يرجع على الموكل فله غريمان كما في ح وغيره فإن
نكل الغريم فلا شئ له. قوله: (ومن استمهل الخ) حاصله أن من استمهل لدفع بينة شاهدة عليه بالحق بإقامة
بينة تشهد له بقضائه أمهل بكفيل بالمال وأما من استمهل لإقامة بينة تشهد له بحق ادعاه أمهل فإذا طلب
من المدعى عليه حميلا بالمال لا يجاب لذلك اتفاقا وفي إجابته لحميل بالوجه خلاف يأتي إذا علمت هذا تعلم
أن كلام المصنف قاصر على بينة المطلوب كما فعل الشارح، وأما تعميم بعض الشروح فيه بجعله شاملا لبينة
المطلوب والطالب حيث قال ومن استمهل لدفع بينة قامت عليه بحق أو بقضائه أمهل الخ فغير صواب
لأمور الأول أن إقامة الغريم بينة بالقضاء فرع عن ثبوت الحق فكيف يستمهل المدعي لإقامة بينة
بالحق يدفع بها بينة القضاء بعد ثبوت الحق بإقرار الغريم الأمر الثاني أن هذا التعميم يقتضي أن
استمهال المدعي لإقامة بينة بالحق يكون بكفيل بالمال وليس كذلك بل بالوجه على الخلاف الآتي
بين موضعي المدونة. قوله: (بلا حد في مدة الامهال) أي خلافا لما في المدونة عن غير ابن القاسم من التحديد
بجمعة ومحل إمهال المطلوب إن كانت بينته التي يدفع بها البينة الشاهدة عليه بالحق غائبة غيبة قريبة
كجمعة وإلا قضى عليه وبقي على حجته إذا أحضرها لان على الطالب ضررا في إمهال المطلوب مع
بعد بينته. قوله: (كحساب وشبهه) أي أني المدعى عليه إذا قال أمهلوني حتى أعمل حسابا أو انظر في
الدفاتر واعرف ما وصلني وما خرج من يدي والباقي لي في فإنه يمهل بكفيل بالمال هذا إذا كان طلبه
للحساب بعد شهادة البينة عليه بالحق وأما إن كان طلبه لذلك قبل شهادتها عليه به فإنه يمهل بكفيل حتى بالوجه.
قوله: (قيد في المسألتين) أي مسألة وإن قال أبرأني ومسألة من استمهل الخ وأما ما بعد الكاف فتارة يكفي
فيها الحميل بالوجه وتارة لا يكفي فيها إلا الحميل بالمال فإن رجع القيد لها أيضا وحمل كلامه على طلبه
للحساب بعد إقامة البينة فاته ما إذا كان طلبه للحساب قبل إقامة البينة فتأمل. قوله: (تشبيه تام)
أي إنه تشبيه في الامهال وفي لزوم كفيل بالمال لأنه أفيد لا أنه تشبيه في أحدهما. قوله: (بالمال)
هذا إذا كان ذلك الشاهد الذي أتى به لم يحتج لتزكية أما إن كان يحتاج لها فيكفي الحميل
بالوجه. قوله: (إذا طلب المهلة لإقامة بينة) أي رادة إقامتها لا أنه أقامها بالفعل. قوله: (فبحميل) أي
226

فيمهل بحميل بالوجه. قوله: (خلاف) أي فهما قولان متغايران مشى في كل موضع على قول منهما.
قوله: (أو وفاق) أي وهو بأحد وجهين أحدهما أن المراد الخ. قوله: (وكيل يلازمه ويحرسه) أي بحيث
لو فرض أنه لم يأت به فلا ضمان عليه وقوله لا الكفيل بالوجه أي الذي إذا لم يأت بالمضمون ويضمن
ما عليه وهذا التوفيق لأبي عمران الفاسي والثاني لابن يونس. قوله: (لتشهد البينة على عينه) أي فلا بد
من حضوره لتشهد الخ. قوله: (ويجيب عن دعوى جناية القصاص) أي عن دعوى الجناية التي فيها
القصاص وقوله أو الحد أي وعن الدعوى بموجب الحد أو التعزير والمراد بجوابه عن الدعوى بما
ذكر إجابته بالاقرار أو الانكار أو التجريح. قوله: (إذا ادعى عليه بذلك) أي فإذا ادعى عليه أنه قطع
يد فلان عمدا أو قذف فلانا أو شتم فلانا فإنه هو الذي يجيب إما بالاقرار أو الانكار فإن أقر قطعت
يده أو حد أو أدب وإن أنكر أقيمت عليه البينة، فإما أن يسلمها أو يجرحها، ولا يقبل قول سيده في
ذلك أنه فعل مع إنكار العبد لأنه إقرار على غيره ومحل اعتبار جواب العبد في دعوى جناية القصاص
ما لم يتهم، فإن اتهم في جوابه لم يعمل به كإقراره بقتل مماثله وقد استحياه سيد مماثله ليأخذه فإنه لما
استحياه يتهم أنه تواطأ مع العبد على نزعه من تحت يد سيده وحينئذ فلا يعمل بجوابه ولا يمكن سيد
العبد المماثل من أخذه ويبطل حق ذلك السيد من القصاص إن لم يكن مثله يجهل أن الاستحياء كالعفو
يسقط القصاص، وإلا فله الرجوع للقصاص بعد حلفه أنه جهل ذلك انظر ح. وكما يجيب العبد عن
القصاص يجيب عن المال غير أرش الجناية إذا ادعى به عليه فإن أجاب بإنكار أقيمت عليه البينة
فإما أن يسلما أو يجرحها فإن أقر به أخذ بإقراره هذا إذا كان مأذونا له يف التجارة وإلا وقف الامر
على السيد، فإن أسقطه عنه سقط وإلا اتبع به إن عتق، فإن عتق قبل علم السيد به يلزمه انظر ح فما مر في
الاقرار من أن العبد لا يؤخذ بإقراره بالمال ففي غير المأذون له في التجارة. قوله: (فإن ادعى عليه بجناية
خطأ) أي كما لو قيل للعبد أنت قطعت يد فلان خطأ فقال نعم فلا يعتبر إقراره وإنما المعتبر إقرار
السيد فهو كالقاطع فإن أقر غرم الدية أو سلم العبد الجاني للمجني عليه وإن أنكر أقيمت البينة فإما أن
يسلمها السيد فيلزمه أحد الامرين المذكورين أو يجرحها. قوله: (إلا لقرينة الخ) أي كمشي
دابة ركبها العبد على إصبع صغير فقطعته فتعلق به الصغير وهي تدمي ويقول فعل بي هذا فصدقه
العبد فيقبل إقراره وتتعلق الجناية برقبته فيسلمه سيده للمجني عليه إن لم يفده بأرش الجناية.
قوله: (واليمين) أي المعتبرة في قطع النزاع وهي المتوجهة من الحاكم أو المحكم فبمجرد طلب
الخصم اليمين من خصمه بدون توجيه من ذكر لا يلزمه الحلف له فإن أطاع له بهائم ترافعا الحاكم أو محكم كان له
تحليفه ثانيا لان يمينه الأولى لم تصادف محلا. قوله: (في كل حق) أي مالي أو غيره سواء كان المال
جليلا أو حقيرا ولو كان أقل من ربع دينار ويستثني من كلامه اللعان والقسامة، إذ يقول في الأول
أشهد بالله فقط كما قدمه، وفي الثاني أقسم بالله لمن ضربه مات كما يأتي فيقتصر فيهما على لفظ
الجلالة ولا يزاد الذي لا إله إلا هو. قوله: (من مدع) أي تكملة للنصاب كما إذا أقام شاهدا
واحدا أو كانت استظهارا كأن ادعى على غائب أو ميت وأقام شاهدين بالحق أو ردت عليه اليمين
من المدعى عليه وقوله أو مدعى عليه أي عند عجز المدعي عن إقامة البينة بما ادعاه. قوله: (أي بهذا
اللفظ) أي من غير زيادة عليه ولا نقص منه فلا يزاد عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم في الربع دينار
على المشهور خلافا لابن كنانة ولا يقتصر على الاسم بدون وصفه المذكور وإن كان يمينا
يكفر لان الغرض هنا زيادة الارهاب والتخويف، قال في التوضيح المازري المعروف من المذهب
المنصوص عند جميع المالكية أنه لا يكتفي بقوله بالله فقط وكذلك لو قال فقط والذي لا إله إلا هو
227

ما أجزأه حتى يجمع بينهما ا ه‍ بن. قوله: (والواو كالباء) أي كما في أبي الحسن قال ح ولم أقف على نص
في المثناة فوق. قوله: (ولا ينقص واحد منهما الذي لا إله إلا هو) أي بخلاف المجوسي فإنه لا يكلف
الاتيان به. قوله: (هذا هو المشهور) أي وهو ظاهرها لقولها واليمين في كل حق بالله الذي لا إله إلا هو
فظاهرها كان الحالف مسلما أو كان كتابيا يهوديا أو نصرانيا. قوله: (على أن النصراني يقول) أي في
الحق واللعان وغيره. قوله: (لأنه يقول بالتثليث) أي ولا يقول بالتوحيد بخلاف اليهودي فإنه يقول
بالتوحيد لأنهم، وإن قالوا العزير ابن الله لا يقولون بألوهيته وأما النصارى فقد قالوا ببنوة عيسى
وألوهيته فقالوا إن الله ثالث ثلاثة فافترقا. قوله: (بزيادة لفظ أيضا) أي لان حملها على ظاهرها يطلق
عليه تأويل حيث صحبة تأويل اخر فصح التعبير بأيضا وإن كان اطلاق التأويل على ظاهرها تغليبا
وإلا فالتأويل حمل اللفظ على غير ظاهره. قوله: (فالتأويلات ثلاثة) الأول بجعل لفظها باقيا على إطلاقه
من شموله المسلم والكتابي والثاني بجعل لفظها قاصرا على المسلم واليهودي والثالث بجعله قاصرا على
المسلم فقط. قوله: (وغلظت اليمين وجوبا) أي إن طلب المحلف التغليظ بما ذكر لان التغليظ في
اليمين والتشديد فيها من حقه فإن أبى من توجهت عليه اليمين مما طلبه المحلف من التغليظ عد ناكلا
وقوله في ربع دينار الخ أي فأقل من ذلك لا تغلظ فيه، ثم إن هذا إذا كان ما ذكر لشخص واحد ولو
على اثنين متضامنين لان كلا كفيل عن الآخر يلزمه أداء الجميع لا إن كان ما ذكر لشخصين على
واحد ولو متفاوضين لان التغليظ لا يكون في أقل من القدر المذكور. قوله: (الباء للآلة) أي لا للظرفية
لأنها تقتضي أن المراد أن اليمين إذا وقعت في الجامع تغلظ بصفات أخرى زائدة على الوصف المتقدم
من كونها بالله الذي لا إله إلا هو وليس كذلك إذ اليمين واحدة في الجامع وغيره لكن في ربع دينار
تغلظ بوقوعها في الجامع والمراد بالجامع الجامع الأعظم وهو الذي تقام فيه الجمعة فإن كان القوم لا جامع
لهم، فقال أبو الحسن يحلفون حيث هم ولا يجلبون إلى الجامع، وقال التازعري يجلبون للجامع بقدر
مسافة وجوب السعي للجمعة وهي ثلاثة أميال وثلث. وقال بنحو العشرة أيام وإلا حلفوا بموضعهم
نقله في المعيار وأقواها أوسطها، فإن زعم من وجبت عليه اليمين أنه عاجز عن الخروج من محله لمرض
فقال ابن بقي بفتح الباء الموحدة وكسر القاف وتشديد الياء المثناة إن ثبت عجزه ببينة حلف ببينته
وإلا أخرج للمسجد قهرا، وقال ابن حارث حلف أنه لا يقدر على الخروج لا راجلا ولا راكبا وخير
المدعي في تحليفه في بيته وتأخيره لصحته فإن نكل لزمه الخروج أو رد اليمين، وقال ابن لبابة إن ثبت
مرضه حلف في بيته على المصحف وإلا حلف على عجزه وخير المدعي في الامرين ا ه‍ بن. قوله: (لان
القصد) أي من التغليظ عليهم بتحليفهم في تلك الأمكنة صرفهم الخ. قوله: (ومن ثم) أي ومن أجل أن
المقصود من التغليظ صرف الحالف عن الاقدام على الباطن قيل الخ. قوله: (وفي صريح ولي) أي وكذا
تحليفه بالطلاق. قوله: (لا بالاستقبال للقبلة) أي ولو طلب ذلك المحلف وهذا مذهب المدونة وقال الاخوان
يغلظ باستقبال القبلة إن طلب ذلك المحلف واختاره ابن سلمون قائلا أنه الذي جرى به العمل وعليه
درج في التحفة أيضا انظر بن فقول شارحنا إلا أن يكون فيه إرهاب أي ويطلبه المحلف.
قوله: (وبمنبره عليه الصلاة والسلام) إنما اختص منبر النبي (ص) بهذا لقوله (ص): من حلف
عند منبري كاذبا فليتبوأ مقعده من النار وظاهر المصنف أن التغليظ في غير المدينة يكون بالحلف في الجامع
ولا يختص بمكان منه بخلاف المدينة وبه قيل لكن الذي جرى به العمل أنه يحلف عند المنبر حتى في غير
المدينة وهو قول مطرف وابن الماجشون قاله بن وأما التغليظ بمكة فيكون بالحلف عند الركن الذي
فيه الحجر الأسود لأنه أعظم مكان في المسجد. قوله: (ولا تغلظ بالزمان) أي إلا أن يكون فيه إرهاب
228

وتخويف ويطلبه المحلف. قوله: (وخرجت المخدرة الخ) حاصل المسألة أن المخدرة وهي التي يزري
بها مجلس القاضي لملازمتها للخدر والستر إما أن يكون من شأنها الخروج لقضاء حوائجها نهارا
وإما أن يكون من شأنها الخروج لقضاء حوائجها ليلا وإما أن يكون شأنها عدم الخروج أصلا
لمعرة ذلك عليها فالأولى تخرج نهارا للحلف بالمسجد للتغليظ والثانية تخرج ليلا والثالثة لا تخرج
من بيتها بل يوجه لها القاضي من يحلفها في بيتها. قوله: (وخرجت المخدرة) أي نهارا لأجل حلفها
بالجامع للتغليظ. قوله: (فتحلف معه) أي فتحلف في المسجد مع وجود ذلك الشاهد لها. قوله: (أو
ادعى عليها بذلك وتوجه عليها اليمين) أي فتخرج لتحلف في المسجد وتحليفها بحضرة رب الحق
فإن أبت هي وزوجها من حضورها لليمين خشية الاطلاع عليها فحكم ابن عبد السلام بأنه يبعد عنها
أقصى ما يسمع لفظ يمينها فإن ادعى صاحب الحق عدم معرفتها فهل إثبات من يعرفها عليه أو عليها
قولان فإن أيد التغليظ عليها بمسجد فادعت حيضا حلفت على ما ادعت من لحيض وأخرت.
قوله: (إلا التي لا تخرج عادة نهارا) أي في قضاء حوائجها. قوله: (وإن مستولدة) أي هذا إذا
كانت حرة بل وإن كانت أم ولد فأم لولد كالحرة فيما يخرج فيه من ليل أو نهار أو لا تخرج. قوله: (بحضرة
شاهدين) أي على جهة الكمال وإلا فالواحد يكفي على المعتمد. قوله: (وإن ادعيت قضاء) أي لدين
ثابت عليك ببينة. قوله: (وإن أنكروا القضاء) أي والحال أنه لا بينة لذلك المدين على ما ادعاه من القضاء.
قوله: (لم يحلف منهم على نفي العلم إلا من يظن به العلم بالقضاء من ورثته) أي فمن يظن به العلم بالقضاء
من الورثة ولو زوجة يحلف أنه لم يعلم أن مورثه أخذ شيئا من ذلك ولا أحال به ومن لا يظن به العلم
منهم يأخذ حقه من غير حلف ثم إن ظاهر قوله لم يحلف إلا من يظن به العلم أن الوارث الذي يظن به
العلم يحلف سواء ادعى المطلوب عليه العلم بالقضاء أو لا وإنما طلب منه اليمين فقط وهو كذلك على
أحد قولين ذكرهما في توضيحه والآخر أنه لا يحلف مع ظن علمه إلا إذا ادعى عليه العلم بالقضاء
فإن لم يدع عليه العلم به، وإنما طلب منه اليمين فقط فإنه لا يحلف والأول هو ظاهر المدونة. قوله: (فإن
حلف غرم المدين) أي فإن حلف من يظن به العلم من الورثة غرم المدين أي لذلك الحالف حصته
من الدين وأما غرم حصة من لا يظن به العلم وحصة غير البالغ فلا يتوقف على حلف من يظن به العلم
فمتى ادعى المدين القضاء ولم يصدقه الورثة قضى عليه الغرم لمن لا يظن به العلم ولغير البالغ ولا يطالب
باليمين بعد البلوغ انظر بن. قوله: (وإن نكل حلف) أي المدين أنه وفي الخ فإن نكل المدين
أيضا غرم لذلك الناكل حقه. قوله: (وهذا) أي حلف من يظن به العلم من الورثة إن كان ذلك الوارث
بالغا وقت الموت أي سواء ظن به العلم بالقضاء قبل الموت أو بعده. قوله: (وإلا فلا يمين) أي وإلا يكن
بالغا وقت الموت بل بلغ بعده فلا يمين على ذلك الوارث ولو بلغ قبل الدعوى كذا قال الشارح تبعا لعبق
وفيه نظر بل الظاهر أن المدار على البلوغ وقت الخصام كما يفيده كلام عبق بعد ذلك ا ه‍ أمير. تنبيه:
سكت المصنف عما لو ادعى شخص على ورثة ميت أنه له عليه دينا ولا بينة له به والحكم أنهم إن علموا به
وجب عليهم قضاؤه من تركته بعد يمين القضاء وإن لم يعلموا به حلفوا على عدم العلم إن ادعى عليهم العلم وإلا
فلا وإن ادعى عليهم ولم يجيبوا كان من أفراد ما تقدم من قوله وإن لم يجب حبس وأدب ثم حكم بلا يمين.
قوله: (وحلف دافع دراهم أو دنانير لغيره في صرف أو قضاء حق) أي أو رأس مال سلم أو قراض وظاهر
كلام المصنف قبول قول الدافع بيمينه سواء قبضها الآخذ مقتضيا لها أو ليقلبها فيأخذ الطيب ويرد غيره.
229

وقال بعض الشراح القول قول الدافع بيمينه إن كان الآخذ على الاقتضاء لا إن قبضها على
التقليب وإلا كان القول قول الآخذ بيمينه فيحلف ويردها ويأخذ بدلها وهذا هو نص المدون في
سلمها الأول ونقله ابن عرفة ولم يذكر له مقابلا انظر بن. قوله: (وغاب) أي المدفوع له عليها وقوله
ثم ادعى أنه وجدها ناقصة أي في العدد أو في الوزن أو مغشوشة أي وأراد ردها لدافعها فأنكر أن تكون
من دراهمه. قوله: (في نقص) أي في دعوى نقص أي في دعوى المدفوع له نصا وقوله لعدد أي أو
نقص لوزن في متعامل به وزنا وظاهره أنه يحلف في النقص المذكور بتا سواء كان صيرفيا أم لا وهو
كذلك اتفاقا وقوله لان النقص أي لان انتفاء النقص يسهل الخ أو لان النقص من حيث انتفاؤه
يسهل فيه حصول القطع أي يسهل حصول القطع أي الجزم به ولا يتعذر ففي بمعنى الباء متعلقة
بالقطع. قوله: (وفي غش) أي وفي دعوى غش أي وفي دعوى المدفوع له غشا. قوله: (ونقص وزن)
أي في متعامل به عددا لا وزنا. والحاصل أن نقص الوزن في المتعامل به وزنا كنقص العدد وأما في
المتعامل به عددا فهو كالغش هذا هو المعتمد كما قال شيخنا. قوله: (صيرفيا) أي كان الدافع صيرفيا الخ
وحاصله أن الدافع يحلف في دعوى الغش ونقص الوزن على نفي العلم مطلقا كان الدافع صيرفيا أم لا
هذا ظاهر المصنف وهو قول ابن القاسم، وقيل هذا إذا كان الدافع غير صيرفي وأما لو كان صيرفيا فإنه
يحلف على البت مطلقا أي في نقص العدد والوزن والغش، وظاهر ح في باب البيع اعتماد هذا الثاني
وعليه فيقيد قول المصنف وغش علما بغير الصيرفي. قوله: (في جميع الايمان) أي لا في خصوص
المسألة السابقة وقوله أي جاز له أي للحالف. قوله: (على ظن قوي) أي وقيل إنما يعتمد على اليقين
ونص ابن الحاجب وما يحلف فيه بتا يكتفي فيه بظن قوي وقيل المعتبر اليقين. قوله: (كخط أبيه) أي
كالظن الحاصل له برؤية خط أبيه أو خطه أو الحاصل له من قرينة إن قلت: قد تقدم في باب اليمين
أن الاعتماد على الظن غموس واليمين الغموس منهي عنها فكيف يحكم هنا بجواز الاعتماد على الظن في
اليمين بتا. قلت: جواز الاعتماد هنا على الظن مبني على أحد قولين في الغموس وهو أنه الحلف على الشك
فقط وأما على أن الغموس الحلف على الشك أو الظن كما استظهره ابن الحاجب فإنما يعتمد البات على
اليقين أو أن الظن هنا قيد بكونه قويا بخلاف المتقدم فإنه مطلق فيقيد بما إذا لم يكن قويا ومفهوم قول
المصنف البات أن غيره وهو من يحلف على نفي العلم يعتمد على الظن وإن لم يقو. قوله: (وحق
اليمين نفي كل مدعى به) أي ولا يتأتى ذلك إلا بزيادة قوله ولا شئ منه لا بمجرد قوله ما له عندي
كذا لان إثبات الكل إثبات لكل أجزائه ونفيه ليس نفيا لكل أجزائه وقد يقال العبرة بنية
المحلف ونيته نفي كل جزء من أجزاء المدعى به وحينئذ فلا يحتاج لقوله ولا شئ منه فالأولى
أن يقال إن القصد هنا زيادة التشديد على المدعى عليه في الحلف فالاحتياج لزيادة ولا شئ منه
لذلك لا لما قاله الشارح فإن أسقط ولا شئ منه وجب الاتيان بها مع القرب وإعادة الصيغة بتمامه
مع البعد. قوله: (إن عين) أي سواء ذكره المدعي بدون سؤال عنه أو بعد أن سأله عنه الحاكم ومفهوم
قوله إن عين من المدعي أن المدعي إذا لم يعين السبب كما لو ادعى بعشرة فقط كفى المدعى عليه أن
يقول ماله عندي عشرة ولا شئ منها أو ماله على حق أو ماله على شئ لان كلا منهما في معنى
ماله عشرة ولا شئ منها، بخلاف ما إذا عين المدعي السبب فلا يكفي ذلك على المشهور بل لا بد من
زيادة نفي السبب وغيره وإلا أعيدت. قوله: (ونفي غيره أيضا) أي لان المدعي يحتمل نسيانه للسبب
وذكره لغيره فيحتمل أن يدعي المدعي ثانيا بعشرة أخرى لسبب غير الذي عينه فيحتاج المدعى
عليه للحلف على نفيها ثانيا والشارع ناظر لتقليل الخصومات ما أمكن فإذا نفى في اليمين الأولى
السبب المعين وغيره اكتفى بتلك اليمين ولا يحتاج ليمين ثانية إذا ادعى بعشرة أخرى لسبب غير السبب
230

المعين. قوله: (فإن قضى الخ) حاصله أن من تسلف من رجل مالا وقضاه له بغير بينة ثم قام صاحب
المال وطلب المقترض بالمال فأنكره وقال لا شئ لك عندي فطلب أن يحلفه أنه ما تسلف منه فإنه يحلف
له ما تسلف منه وينوي في قلبه سلفا يجب عليه الآن رده ويبرأ من الاثم ومن الدين وأما لو قال له حين
طلبه منه رددته عليك لزمه وكان عليه إثبات الرد. فإن قلت: اليمين على نية المحلف ونية المحلف أنه
ما تسلف منه أصلا أعم من أن يكون السلف باقيا في ذمته يجب عليه الآن رده أم لا وحينئذ فمقتضاه
أنه يأثم بتلك اليمين ولا تنفعه نيته. وأجيب بأن اليمين هنا ليست على نية المحلف لكونها ليست في
مقابلة حق باعتبار ما في نفس الامر وقولهم اليمين على نية المحلف لا الحالف فيما إذا كان للمحلف
حق في نفس الامر فإذا كان للمحلف حق فلا ينفع الحالف في ذلك نية ولا تورية ولا استثناء بإجماع
ويكون آثما بيمينه داخلا تحت الوعيد وهو قوله عليه الصلاة والسلام: من اقتطع حق امرئ مسلم
بيمينه حرم الله عيه الجنة وأوجب له النار انظر بن ومثل ما ذكره المصنف المعسر الحقيقي وهو الذي
ليس عنده ما يباع على المفلس إذا خاف أن يحبس فيجوز له أن يحلف كذلك أي ما أسلفتني وينوي
سلفا يجب رده الآن لان المعسر ما دام على حاله لا يجب عليه أداء ما في ذمته كذا في عج نقلا عن
قواعد المقري، ولا يقال هذه اليمين واقعة في مقابلة حق في الواقع فمقتضاه أن النية لا تنفع فيها ويكون
آثما لأنا نقول المعسر في هذه الحالة بمنزلة من لا شئ عليه في عدم الوفاء. قوله: (أو لولدي) أي أو لفلان
الأجنبي. قوله: (لم يمنع مدع) أي لم يمنع المدعي لذلك الشئ من إقامة بينته بسبب القول المذكور.
قوله: (وإن قال المدعى عليه هو لفلان) أي وإن كان ولده الرشيد أو من في ولاية غيره لسفهه هو أيضا
وقوله وإن قال لفلان أي وأعاره لي أو آجره لي أو أودعه أو رهنه عندي والحال أنه لا بينة للمدعي ولا للمقر له
وإلا عمل بها وحلف بخلاف المسألة السابقة فإن فيها للمدعي بينة. قوله: (فإن حضر) أي فإن كان
حاضرا وقوله ادعى عليه أي نقلت الدعوى عليه. قوله: (رجعت الدعوى) على المقر فإن حلف أنه
ليس للمدعي أخذه بيت المال أو بقي بيده حوزا على الخلاف الآتي وإن نكل أخذه المدعي.
قوله: (وإن قال نعم) أي وإن قال المقر له نعم هو لي وقوله فإما أن يحلف أي المقر له وقوله
فإن حلف برئ أي فإن حلف المقر أن ما أقر به لفلان حق له برئ. قوله: (حلف المدعي) أي أن المقر كاذب في إقراره.
قوله: (وأما لو نكل المقر له عن اليمين) أي والحال أنه يقول أن ذلك الشئ لي فهو مفهوم قول المصنف فإن
حلف أي المقر له أنه له أخذه. قوله: (فإن المدعي يحلف) أي أن المقر كاذب في إقراره وأنه حقي وأخذه
بيمينه مع نكول المقر له. قوله: (ويثبت) أي له الشئ المدعى به بالنكول أي نكول المقر له والحلف أي
حلف المدعي وقوله فإن نكل أي المدعي وقوله ولا شئ له على المقر أي وليس له حينئذ تحليف المقر كما
نقله ابن عرفة عن عياض. قوله: (وإن غاب المقر له) أي وإن كان المقر له غائبا. قوله: (أنه ملك لفلان الغائب)
أي أودعه عند ذلك المقر أو رهنه أو أعاره له قال بن وليس التصريح بالملكية لازما بل يكفي في بقائه
تحت يده ورد دعوى المدعي المجردة شهادة البينة بالايداع ونحوه كالرهنية والعارية على ما يأتي في كلامه.
231

قوله: (بلا يمين) أي لأنه لا معنى لها لأنها لا تقطع حجة الغائب. قوله: (وإن جاء المقر له) أي بعد يمين
المقر أو إقامته البينة وأخذه للمتنازع فيه أو بعد نكوله وتسليمه للمدعي وهذا معنى قول الشارح
وسواء كان الخ. وله: (فصدق المقر) أي فيما أقر له به. قوله: (أخذه ممن هو بيده منهما) أي أخذه من
يد المقر حيث حلف أو أقام بينة ومن يد المدعي حيث انتفيا وقوله بيمين أي في الأحوال الثلاثة
وهذا ما كان يقرره معظم أشياخ عج أما حلفه إذا أخذه من المدعي فظاهر وأما إذا أخذه من المقر
فلان إقراره له به ويمينه أنه له كشاهد واحد والبينة التي أقامها في غيبته لم تشهد بالملكية بل بالإعارة
أو الوديعة أو الرهنية نعم لو شهدت بالملكية لاخذه المقر له بلا يمين. قوله: (وقيل إن أخذه من المقر)
والحال أنه كان قد حلف أو أقام بينة فلا يمين عليه في الحالتين وأما إن أخذه من يد المدعي حيث انتفيا
أخذه بيمين وهذا القول هو ما يفيده كلام ح قال بن. وقد يقال إن الخلاف لفظي لان معنى كلام ح
أني لمقر له إذا حضر بعد أخذه من المقر بلا يمين له لكن إذا خاصمه المدعي حلف له لقول المصنف
وانتقلت الحكومة له ومشايخ عج إنما تكلموا على حلفة للمدعي لا للمقر كما يدل عليه كلامه.
قوله: (وكان للمدعي) أي لأنه لا منازع له فيه وبيت المال لم يجز حتى يدافع الامام عنه واستظهر بعضهم هذا
القول. قوله: (وقيل لبيت المال) المازري وهو ظاهر الروايات. قوله: (وقيل يبقى بيد حائزه) أي فالأقوال
ثلاثة قال شيخنا ينبغي أن محل الخلاف إذا جاء المقر له ووجد المتنازع فيه بيد المقر وأما إن وجده بيد
المدعي فينبغي أن يكون له اتفاقا وانظره. قوله: (وإن استحلف الخ) حاصله أن المدعي إذا استحلف
المطلوب وحلف له بالفعل ثم أتى ذلك المدعي بعد ذلك ببينة فإن كانت وقت الحلف غائبة غيبة بعيدة
كثلاثة أيام مع خوف الطريق أو عشرة أيام مع الامن كان له القيام بها سواء كان عالما بها حين تحليف
المطلوب أولا وإن كانت تلك البينة حاضرة حين التحليف أو غائبة غيبة قريبة فله القيام بها إن كان غير
عالم وإلا فلا قيام له بها وهذه المسألة مكررة مع قوله فيما مر فإن نفاها واستحلف فلا بينة إلا لعذر كنسيان
لكن أعادها لأجل ما ذكره هنا من التفصيل بين كون البينة حاضرة أو غائبة غيبة قربة أو بعيدة
يعلمها أو لا الغير المستفاد مما تقدم والأول واقع في محله، فلا يقال كان الأولى أن يقتصر على هذا.
قوله: (أي حلف المدعى عليه) أشار الشارح إلى أن السين والتاء في استحلف زائدتان لا للطلب. قوله: (لم
تسمع) محله ما لم يشترط المدعي سماعها بعد حلف المطلوب ويوافقه الآخر على ذلك وإلا عمل
بذلك الشرط كما في ح عن زروق. قوله: (وكذا نسيانها) أي وكذا القول قوله بيمين في نسيانها.
قوله: (أو زادت المسافة الخ) أي فله القيام بها سواء علم بها حين التحليف أم لا. قوله: (هذا) أي حلف
الطالب اليمين. قوله: (وأما لو كان موجب توجه اليمين) أي التي نكل عنها المدعى عليه وقوله التهمة
أي بناء على أن يمين التهمة تتوجه وهو المعتمد. والحاصل أنه اختلف في توجه يمين التهمة فمذهب
المدونة في تضمين الصناع والسرقة أنها تتوجه وهو قول ابن القاسم وقال أشهب لا تتوجه وعلى
الأول فالمشهور أنها لا تنقلب بل يغرم المطلوب بمجرد النكول وفي سماع عيسى من كتاب الشركة أنها
تنقلب ثم إنه على توجه يمين التهمة تتوجه ولو كان المدعى عليه ليس من أهل الاتهام لان المراد بالتهمة ما
قابل التحقيق انظر بن. قوله: (وليبين الحاكم) أي وكذلك المحكم. قوله: (شرط في صحة الحكم) أي خلافا
لمن قال باستحبابه كابن شاس وابن الحاجب ومحل طلب القاضي بالبيان المذكور إذا كان القاضي لا
يعرف المدعى عليه أو يعرفه ويعرف منه الجهل وأما إذا كان يعرفه ويعرف منه العلم فلا يطالب بالبيان له.
232

قوله: (من توجهت عليه يمين) أي سواء كان مدعيا أو مدعى عليه كما في التوضيح فالأول كما لو وجد
المدعي شاهدا وامتنع من الحلف معه وطلب تحليف المدعى عليه، والثاني كما لو عجز المدعي عن البينة
وطلبت اليمين من المدعى عليه فنكل وقال لا أحلف. قوله: (إن نكل) أي عند السلطان أو القاضي أو
المحكم فقط. قوله: (أو مدعى عليه) أشار الشارح إلى أن قول المصنف مدع لا مفهوم له ولو قال المصنف
بخلاف من التزمها ثم رجع كان أخصر وأشمل وصورة المدعي أن يدعي زيد على عمرو بحق وأقام
شاهدا واحدا فقيل له احلف مع شاهدك فرضي والتزم بالحلف ثم رجع عن الحلف وقال لي شاهد ثان
أو يحلف المدعى عليه فإنه يمكن من الرجوع وصورة المدعى عليه أن يدعي زيد على عمرو بحق ولا
بينة لذلك المدعي فطلبت اليمين من عمرو والمدعى عليه فقال أحلف ورضي باليمين والتزمها ثم إنه رجع
عنها وقال أنا لي بينة بالدفع أو قال لا أحلف يحلف المدعي وأنا أغرم له فإنه يمكن من الرجوع عن اليمين
وذلك لان التزامه لا يكون أشد من إلزام الله له فإذا كان له أن يرد اليمين ابتداء على المدعي مع إلزام الله
له باليمين فأحرى أن يردها عليه مع التزامه هو لها. قوله: (فله الرجوع) الأنسب فيمكن من الرجوع أي
عن التزامه لليمين وحينئذ فله تحليف خصمه. قوله: (وسكت زمنا الخ) وأولى لو طلب المهلة ليتروى في
الاقدام عليها والاحجام ثم طلب الحلف بعد ذلك. قوله: (لان في بعض أنواعها) أي صورها الجزئية
وقوله ما تسمع فيه أي وهو ما فقد شرطا من شروط الحيازة كم لو حاز ملك غيره أقل من عشرة أعوام
وتصرف فيه بالهدم أو البناء وادعى ملكه ثم قام عليه انسان وادعى الملكية وأقام بينة بذلك، وكما لو
شهدت البينة للمدعي على الحائز عشرة أعوام بعارية أو أعمار أو بأن هذا المحوز حبس أو طريق أو
مسجد فالحيازة عشرة أعوام لا تنفع مع وجود البينة الشاهدة بذلك. قوله: (في بعضها ما لا تسمع فيه)
أي وهو ما استوفى شروط الحيازة أي كما لو حاز ملك غيره في وجهه عشرة أعوام وتصرف فيه بالهدم
والبناء وادعى ملكه بشراء أو هبة ثم قام عليه انسان وادعى أنه ملكه وأقام بينة بالملك والحال أنه لا مانع
له من التكلم في تلك المدة فيصدق الحائز بيمينه ولا تقبل بينة المدعي. قوله: (وذكر منها ثلاثة) أي وترك
منها ثلاثة ذكرها الشارح آخر حيازة الأقارب غير الشركاء وحيازة الموالي والاصهار غير الشركاء.
قوله: (غير شريك) أي للمدعي وقوله وتصرف أي بواحد من أربعة عشر ذكرها الشارح ويزاد عليها
التدبير. قوله: (أو هدم أو بناء) أي كثير لغير إصلاح لا له أو كانا يسيرين عرفا. قوله: (بالبلد) أي مع
الحائز. قوله: (كمن على جمعة) أي سبعة أيام. قوله: (مطلقا) أي سواء ثبت عذره عن القدوم والتوكيل بالبينة
أم لا. قوله: (فكذلك) أي له القيام متى قدم وقوله فإن جهل أي لم يعلم هل منعه من لقدوم عذر أم لا.
قوله: (فاختلافهما الخ) قال ابن عرفة ابن رشد وهذا الخلاف في القريب إنما هو إذا علم بأن المحوز ملكه وأما
إذا لم يعلم فلا حيازة عليه ومثل الحاضر غير أنه في القريب الغيبة يحمل على عدم العلم حتى يثبت علمه
وفي الحاضر يحمل على العلم حتى يثبت له أنه لم يعلم ا ه‍ بن. قوله: (عالم) أي بالتصرف أما لو كن غير عالم فله
القيام وإذا ثبت عدم علمه. قوله: (فإن نازع الخ) أي فإن نازع ذلك الحاضر الحائز لم يسقط حقه وهذا
محترز قوله ساكت وقوله أو جهل الخ محترز قوله بلا مانع وكذا قوله أو قام به مانع وظاهر الشارح
عدم سقوط حق المدعي إذا نازع ولو كانت المنازعة في أي وقت من العشر سنين وفي ابن
مرزوق لا بد من دوام المنازعة فيها اه‍. وظاهره وإن لم تكن عند حاكم وهو ظاهر الشارح بهرام
233

وابن ناجي وفي ابن عمر إنما تنفعه المنازعة إذا كانت عند قاض. قوله: (أو جهل كون الشئ المحاز
ملكه الخ) أي فإذا قال لا علم لي بأنه ملكي وما وجدت الوثيقة إلا الآن عند فلان قبل قوله مع يمينه
وأما لو علم أنه ملكه وادعى أن سكوته لغيبة البينة أو غيبة الوثيقة العالم بها فحين حضرت بعد العشر
سنين قام بها فلا ينفعه ذلك. ففي ح نقلا عن الجزولي إذا قال علمت أنها ملكي ولكن منعني من القيام
عدم البينة والآن وجدت البينة فإنه لا ينفعه ذلك ولا قيام له وليس هذا عذرا لأنه قد يقر له إذا نازعه
أو ينكل عن اليمين فيحلف هو وكذا قال ابن ناجي الصواب عندي أنه لا يقبل عذره بذلك لأنه
كالمعترف بأنه لا حق له انظر بن. قوله: (ونحوه) من ذلك ما إذا كان الموضع لا يتيسر فيه من يزجر ويرجع
إليه، ولذا قال ابن عمر الحيازة إنما تكون في موضع الاحكام وأما في البادية ونحوها فلا حيازة ومن
ذلك خوف الحاضر من سطوة الحائز أو من سطوة من استند إليه الحائز ولذا ذكر ح وغيره
أنه لا حيازة لذي الشوكات والتغلب. قوله: (ومن العذر) أي المانع من التكلم الصغر والسفه بخلاف
جهله أن الحيازة تسقط الحق وتقطع البينة فإنه لا يعذر بذلك الجهل. قوله: (وما بعده) أي وهو تصرف
وحاضر وساكت وبلا مانع والمراد بكونه معمولا لحاز وما بعده أنه يصح أن يكون معمولا لأحدها
وباقيها يعمل في ضميره بناء على جواز التنازع في مثل هذا العدد، وإلا فيقدر معمول لما زاد على
العوامل الثلاثة ولا يجوز أن يعمل في ضمير المتنازع فيه. قوله: (لكن لا يشترط الخ) أي خلافا
لظاهر المصنف فقوله وتصرف عشر سنين فيه ضعف والمعتمد أنه لا يشترط أن يكون التصرف
في جميعها بل يكفي في أي جزء منها ولو في أولها وهذا التعقب إنما يأتي على ما قاله من أن قوله عشر سنين
معمول لحاز وما بعده أما إن جعل معمولا لحاضر ساكت بلا مانع وهو يتضمن كون الحيازة عشر
سنين وليس ظرفا لتصرف فلا يتأتى ذلك التعقب. قوله: (والعشر سنين) أي والحوز عشر سنين
إنما هو شرط في حيازة العقل وقوله كما سيأتي للمصنف أي في قوله وإنما تفترق الدار الخ ثم إن
تحديد الحيازة في العقار بالعشر نحوه في الرسالة وعزاه في المدونة لربيعة قال ابن رشد وهو المشهور
في المذهب ولابن القاسم في الموازية أن ما قارب العشر كتسع وثمان كالعشر وقال مالك تحد باجتهاد
الحاكم ا ه‍ بن. قوله: (وكذا التصرف بالبيع والهبة ونحو ذلك) أي كالعتق والكتابة والتدبير
والوطئ لا يشترط فيه الطول المذكور وإنما يشترط الطول المذكور إذا كان التصرف بالسكنى أو
الاسكان أو الزرع أو الغرس أو الاستغلال أو الهدم أو البناء أو قطع الشجر قال ابن رشد في البيان
وتحصل الحيازة في كل شئ بالبيع والهبة والصدقة والعتق والتدبير والكتابة والوطئ ولو بين أب
وابنه ولو قصرت المدة إلا أنه إن حضر مجلس البيع فسكت لزمه البيع وكان له الثمن وإن سكت بعد العام
ونحوه استحق البائع الثمن بالحيازة مع يمينه، وإن لم يعلم بالبيع إلا بعد وقوعه فقام حين علم كان له رد
البيع وإمضاؤه وأخذ حقه وإن سكت العام ونحوه لم يكن له إلا الثمن وإن لم يقم حتى مضت مدة
الحيازة ثلاث سنين لم يكن له شئ واستحقه الحائز وإن حضر مجلس الهبة أو الصدقة أو العتق أو التدبير
فسكت لم يكن له شئ، وإن لم يحضر ثم علم فإن قام حينئذ كان له الإجازة والرد وإن قام بعد عام ونحوه
فلا شئ له ويختلف في الكتابة هل تحمل على البيع أو على العتق قولان ا ه‍ بن. قوله: (لم تسمع دعواه)
أي سماعا معتدا به بحيث تكون البينة على المدعي واليمين على من أنكر وليس المراد نفي سماعها رأسا
إذ تسمع لاحتمال إقرار الحائز للمدعي أو اعتقاد الحائز أن مجرد حوزها تلك المدة يوجب له ملكها وإن
كانت ثابتة الملك لغيره. قوله: (ولا بينته) أي ولا تعتبر وثائقه أيضا. قوله: (وإنما لم تسمع دعواه) أي دعوى
مدعي الملكية. قوله: (مع الشروط المذكورة) هي رابعة أولها أن يحصل من الأجنبي الحائز تصرف
234

وأن يكون المنازع له المدعي للملكية حاضرا معه بالبلد حقيقة أو حكما وأن يكون ساكتا ولا مانع له
من التكلم مدة عشر سنين، وبقي شرط خامس وهو أن يدعي الحائز وقت المنازعة ملك الشئ المحاز وأما
إذا لم يكن له حجة إلا مجرد الحوز فلا ينفعه ولا يشترط بيان سبب الملك كما قال ابن أبي زمنين وهو
المعتمد خلافا لمن قال إنه يطالب ببيانه وقيل إن لم يثبت أصل الملك للمدعي لم يطالب الحائز ببيانه وإن
ثبت أصل الملك للمدعي طولب ببيانه انظر ح. قوله: (لا يحتاج معها ليمين) أي من الحائز وقال عيسى
أنه يحلف وهو صريح كلام ابن رشد قال في التوضيح وهو أقوى على الظاهر ا ه‍ بن. قوله: (ولو تقادم
الزمن) أي زمن الحيازة. قوله: (بإسكان) أي على وجه الإجارة أو العارية. قوله: (نعم إن أقر) أي
الحائز بإسكان من المدعي كان كالبينة الشاهدة للمدعي. قوله: (وهذا) أي ما ذكره المصنف من أنه إذا
شهد للمدعي بينة بإسكان للحائز ونحوه فإنها تسمع بينته. قوله: (مقيد بما إذا لم يحصل الخ) أي ومقيد
أيضا بما إذا لم يدع الحائز الملكية من جهة المدعي بهبة أو شراء وإلا فلا تسمع بينة المدعي بالاسكان ونحوه
فإذا ادعى أن له بينة بالاسكان ونحوه، وادعى الحائز أنه ملكه من جهته بهبة أو شراء مثلا صدق الحائز
بعد مضي المدة المذكورة بيمينه، وما تقدم في باب الاقرار فهو مخصوص بما إذا لم يكن مدة حيازة
لتقدم شهادة العرف على إقراره. قوله: (حاز فيها الخ) علم منه أن حيازة الأجنبي مدة عشر سنين نافعة له
بالشروط الخمسة المتقدمة سواء كان الحاضر المنازع له المدعي الملكية غير شريك له أو كان شريكا له ولو
بميراث. قوله: (إن هدم) أي وشريكه حاضر ساكت عالم بالتصرف ولا مانع له من التكلم. قوله: (أو
غرسه) أي بدار أو أرض وكذلك الاستغلال في غيرهما مثل كراء الرقيق والحيوان وأخذه أجرة
ذلك وأما استغلال الأرض والدار بالإجارة أو بالسكنى بنفسه أو الزراعة فإنه لا يمنع من قيام
الشريك وإن منع من قيام الأجنبي وكذا يقال في استخدام الرقيق وركوب الدابة ولبس الثوب أي
لا يمنع من قيام الشريك وإن منع من قيام غيره ثم إن الحيازة عشر سنين إنما تعتبر إذا كان تصرف الشريك
الحائز بالهدم والبناء وما يقوم مقامهما من قطع الشجر وغرسه واستغلال الحيوان، وأما إذا تصرف
الشريك الحائز بالبيع أو الهبة أو الصدقة أو العتق أو الكتابة أو التدبير أو الوطئ وشريكه حاضر
عالم ساكت بلا مانع فإن الحائز يمضي فعله ولا يشترط طول أمد الحيازة كما مر في الأجنبي غير
الشريك. قوله: (وهذا) أي ما ذكره من أن هدم الحائز وبناءه يمنع قيام الشريك مع بقية الشروط
وقوله فلا يمنع قيام شريكه أي ولو كان حاضرا عالما ساكتا بلا مانع عشرة أعوام. قوله: (وفي حيازة
الشريك) أي وفي أمد حيازة الشريك القريب ولا مفهوم للشريك لان القولين في أمد حيازة القريب
مطلقا أي سواء كان شريكا أم لا كما قال الشارح. قوله: (وما يقوم مقامهما) أي من قطع الشجر
وغرسه بدار أو أرض وكذا الاستغلال بالكراء والانتفاع بنفسه بسكنى أو ازدراع. قوله: (وهو
الراجح) أي ولا فرق بين الإرث وغيره كما هو المفتي به خلافا لمن قال الإرث كالوقف لا يعتبر فيه
الحيازة وتسمع فيه البينات ولو طال الزمن جدا. قوله: (كان أحسن الخ) ومحل الخلاف إذا لم يكن
بينهم عداوة وإلا كانوا كالأجانب اتفاقا. قوله: (وأما الموالي والاصهار الخ) الاصهار من تزوجت
منهم أو وتزوجوا منك والموالي كالعتيق مع معتقه أو مع أولاده. قوله: (فالأظهر الأقوال الخ) حاصله أن
235

الموالي والاصهار الذين لا قرابة بينهم فيهم ثلاثة أقوال كلها لابن القاسم الأول: أنهم كالأقارب فلا
تحصل الحيازة بينهم إلا مع الطول جدا بأن تزيد مدتها على أربعين سنة وسواء كان التصرف بالهدم
أو البناء أو ما يقو مقام كل منهما أو كان بالاستغلال بالكراء أو الانتفاع بنفسه بسكنى أو ازدراع،
وقيل إنهم كالأجانب غير الشركاء فيكفي في الحيازة عشر سنين مع التصرف مطلقا أي سواء كن بالهدم
أو البناء، أو ما يقوم مقام كل منهما أو بالإجارة أو الاستغلال بنفسه بسكنى أو ازدراعه، وقيل
كالأجانب الشركاء، أي فيكفي في الحيازة عشر سنين مع التصرف بالهدم أو البناء وما يقوم مقام كل
لا بالاستغلال أو بسكنى أو ازدراع واحترز الشارح بقوله الذين لا قرابة بينهم عن الاصهار الذين بينهم
قرابة فيجري فيهم ما جرى في الأقارب الذين ليسوا بأصهار من القولين في المتن. قوله: (أي لا يصح
حوز أحدهما عن الآخر) أي سواء كانا شريكين أم لا. قوله: (ونحوها) أي كالعتق والتدبير والكتابة
والوطئ. قوله: (إلا أن يطول) أي أمد الحيازة بين الأب وابنه طولا بحيث يكون من شأنه تهلك
فيه البينات وهذا الاستثناء راجع للنفي وهو المستثنى منه وكان حقه عطفه على الاستثناء الذي قبله بالواو.
قوله: (معهما) أي أو مع أحدهما أو مع ما ألحق بهما من قطع شجر أو غرس له والسكنى والازدراع
والاستغلال. والحاصل أن الحيازة لا تعتبر بين الأب وابنه إلا إذا كان تصرف الحائز منهما بما
يفيت الذات أو كان بالبناء أو الهدم أو ما ألحق بهما وطالت مدة الحيازة جدا كالستين سنة والآخر
حاضر عالم ساكت طول المدة بلا مانع له من التكلم. قوله: (في حيازة الأجنبي) أي غير الشريك وأما
الشريك فاستخدامه الرقيق وركوب الدابة لا يمنع من قيام شريكه ولو لعشر سنين كما مر وحينئذ
فلا تكون حيازة الدابة وأمة الخدمة في حقه بالسنتين. قوله: (تستعمل في ركوب ونحوه) أي
كالحرث والدرس والساقية والطاحون واحترز عن دابة لا تستعمل في شئ من ذلك كالجاموس فإنها
كالعرض لا بد فيها من الزيادة على السنتين. قوله: (ويزاد في عبد) أي سواء كان لخدمة أو لغيرها كتجر.
قوله: (وأما أمة الوطئ توطأ الخ) أي وأما إذا لم توطأ فهل تكون كأمة الخدمة لا بد في حيازتها من
سنتين أو يكفي فيها سنة لأنها مظنة حصول الوطئ. قوله: (وكذا البيع) أي وكذا تفوت بالبيع الخ.
قوله: (في الأقارب) أي غير الأب وابنه وكذا الحيازة بين الأب وابنه لا تفترق من حيث المدة بين
عقار وغيره فلا بد من مضي نحو الستين سنة. قوله: (لا تفترق) أي من حيث المدة بين عقار وغيره
أي وهو معروض والحيوان. قوله: (ولا يشترط فيه) أي في العقار أي لا يشترط في حيازته
هدم أي التصرف بالهدم والبناء أي التصرف بخصوص ذلك. قوله: (والاسكان) أي
وكذلك السكنى بنفسه والازدراع بنفسه. قوله: (بالاجتهاد) أي من الحاكم. قوله: (وهذا
في غير الخ) أي وهذا في التصرف بغير العتق بأن كان بالكراء أو باستعماله بنفسه. قوله: (ونحوها)
أي كالبيع والكتابة والتدبير والوطئ. قوله: (إلا أنه في البيع الخ) أي وأما الهبة والصدقة والعتق
والتدبير إذا حضر المالك مجلسها فسكت لم يكن له شئ وإن لم يحضر ثم علم فإن قام حينئذ
236

كان له حقه من التخيير بين الإجازة والرد وإن قام بعد عام ونحوه من علمه فلا شئ له. واختلف في
الكتابة هل تحمل على العتق فيجري فيها ما جرى فيه أو تحمل على البيع فيقال فيها ما قيل فيه قولان.
قوله: (مضى عشرين عاما) أي مع حضور ربها وتمكنه من الطلب بها وليس له ما يمنعه منه. قوله: (وقيل
مضى ثلاثين) أي وهو قول مالك والمراد مضيها مع حضور ربها وتمكنه من الطلب بها. قوله: (وقيل
لا تسقط الخ) هذا هو الذي اختاره ابن رشد في البيان ونصه إذا تقرر الدين في الذمة وثبت فيها
لا يبطل وإن طال الزمان وكان ربه حاضرا ساكتا قادرا على الطلب به لعموم خبر لا يبطل حق امرئ
مسلم وإن قدم ا ه‍. واختار هذا القول التونسي والغبريني وفي المعيار سئل سيدي أبو عبد الله العبدوسي
عمن له دين على رجل برسم وللرسم المذكور مدة نحو أربعين سنة ولم يدع المديان قضاءه وربه
حاضر ساكت من غير مانع يمنعه من الطلب به فهل يبطل الدين بتقادم عهده أم لا؟ فأجاب طول المدة
المذكورة لا يبطل الدين عن المديان المذكور ولا خلاف في ذلك وإنما الخلاف إذا كان الدين برسم
وطالت المدة جدا وادعى المديان قضاءه ولم يكن هناك ما يدل على عدم القضاء من غيبة أو إكراه أو
إنكار أو غير ذلك فقيل يقبل قوله في القضاء مع يمينه وقيل لا يقبل وهو المشهور وإن كان بغير رسم
فقيل يقبل قوله في القضاء مع طول المدة مع يمينه على المشهور ولا سيما إذا كان رب الدين محتاجا والذي
عليه الدين مليا وكانا حاضرين وليس بينهما ما يمنع من الطلب ا ه‍ كلام المعيار.
باب في الدماء
قوله: (وأركان القصاص) أي والأركان التي يتوقف عليها تحقق القصاص. قوله: (الجاني) أي لأنه
لا يقتص إلا من جان. قوله: (وشرطه التكليف والعصمة) أي بإيمان أو أمان فالمراد عصمة مخصوصة
وقوله والمكافأة أي بأن يكون غير زائد على المجني عليه بحرية أو إسلام وليس المراد بها المساواة من كل
وجه بل المراد بها مكافأة مخصوصة وهي المساواة في الحرية والإسلام للمجني عليه أو نقصه عنه
فيهما. قوله: (وأشار المصنف إلى ذلك) أي إلى ما ذكر من الأركان الثلاثة وشروطها. قوله: (نفسا أو
طرفا) الأولى حذف ذلك لان هذا هو المراد بقول المصنف فيما يأتي معصوما على أن الكلام هنا في
النفس فقط والأطراف والجراحات سيذكره المصنف بعد فلا معنى لذكره هنا. قوله: (فيقتل
العبد بمثله) أي ولو كان في القاتل شائبة حرية إذ لا عبرة بها فتقتل أم الولد مثلا بالقن والعكس.
قوله: (إن شاء الولي) أي ولي الحر والعبد. قوله: (وله استحياؤه) أي ولولي الحر والعبد المقتول أن يستحيي
ذلك العبد القاتل وحينئذ فيخير سيده في إسلامه في الجناية وفي فدائه بقيمة العبد ودية الحر.
قوله: (وأما الصبي الخ) هذا محترز قوله مكلف. قوله: (فلا يقتص منهما) أي والدية على عاقلتهما.
قوله: (انتظرت إفاقته) أي واقتص منه بعدها. قوله: (كالمجنون) أي فلا يقتل والدية على عاقلته.
قوله: (فالحربي لا يقتل قصاصا) أي لعدم التزامه أحكام الاسلام. قوله: (بل يهدر الخ) أي بل يقتل
بسبب هدر دمه وقوله وعدم عصمته عطف تفسير. قوله: (ولذا) أي ولأجل إن قتله إنما هو بسبب
هدر دمه وعدم عصمته لو جاء أي بعد جنيته وقوله بأيمان أي ملتبسا بأيمان وقوله لم يقتل أي بمن
قتله قبل توبته. قوله: (ولا زائد حرية) بالرفع بعطف لا على غير لان لا اسم بمعنى غير ظهر إعرابها فيما
بعدها أو بالجر عطفا على حربي ولا زائدة لتأكيد النفي. قوله: (بأن كان مساويا له فيهما) فيقتل الحر
المسلم بمثله ولو كان القاتل زائدا بمزية كعلم أو شجاعة ونحوهما ويقتل الحر الكافر بمثله ولو كان القاتل
237

كتابيا والمقتول مجوسيا ويقتل العبد المسلم بمثله ولو كان القاتل فيه شائبة حرية كما مر. قوله: (أو
أنقص) أي أو أنقص منه فيهما فيقتل الحر الكافر بالحر المسلم وكذا يقتل العبد المسلم بالحر المسلم إن
شاء ولي الحر كما مر. قوله: (فيما ذكر) في بمعنى الباء أي فإن كان الجاني زائدا بما ذكر حين الجناية
فلا قصاص فلا يقتل الحر بالعبد إلا أن يكون العبد المقتول زائد إسلام لما يأتي من قتل الحر الكتابي
بالعبد المسلم ولا يقتل مسلم ولو عبدا بكافر ولو حرا لان الحرية لا توازي الاسلام. قوله: (حين القتل)
المراد به الموت لا الضرب. قوله: (ظرف لقوله غير حربي وما بعده) أي ولا يرجع لمكلف لأنه لو رجع له
لاقتضى أن من حصل منه سبب القتل وهو بالغ عاقل ثم جن فمات المضروب ثم أفاق المجنون أنه
لا يقتص منه حين إفاقته كما مر وأن من حصل منه سبب القتل وهو غير مكلف ثم
حصل الموت وهو مكلف أنه يقتل مع أنه لا يقتل. قوله: (للقصاص منه) أي بالنسبة للقصاص منه.
قوله: (ولو بلغ أو عقل) الأولى حذفهما والاقتصار على قوله ولو أسلم الحربي بأثر ذلك لان قوله حين القتل
إنما جعل ظرفا لقوله غير حربي وما بعده فهو مكلف قبل وقت لقتل لا لمكلف فتأمل. وحاصله أنه لو قتل
حربي غيره فلا يقتص منه ولو أسلم ذلك الحربي بأثر القتل لان شرط القصاص كون الجاني غير حربي
حين الموت وهو متخلف هنا لأنه حربي حين الموت، ثم اعلم أن شرط القتل قصاصا أن لا يكون القاتل
حربيا ولا زائد حرية أو إسلام حين السبب والموت وبينهما فالشروط معتبرة حين السبب أيضا فإن
تخلف شئ منها عند السبب أو المسبب فلا قصاص وظاهر المصنف إنها إنما تعتبر حين المسبب وهو
الموت فقط فكان الأولى للمصنف أن يعبر بالغاية كما فعل بعد بأن يقول إلى حين القتل وإن كان يمكن
الجواب عنه بحمل كلامه على ما إذا لم يتأخر القتل عن سببه فإن تأخر عنه اعتبر حصول الشروط عند
السبب أيضا كما يعتبر حصولها عند المسبب. قوله: (مثله) تنازعه رمي وجرح. قوله: (وهي القتل لاخذ المال)
أي سواء كان القتل خفية كما لو خدعه فذهب به لمحل فقتله فيه لاخذ المال أو كان ظاهرا على وجه يتعذر
معه الغوث وإن كان الثاني قد يسمى حرابة. قوله: (من قوله غير حربي) الأولى من قوله ولا زائد حرية
ولا إسلام. قوله: (ولذا) أي لأجل كون القتل للغيلة للفساد لا قصاصا قال مالك لا عفو فيه فلو كان قصاصا
لقبل العفو والصلح فيه. قوله: (ولا عفو فيه) ي في قتل الغيلة. قوله: (معصوما) صفة لموصوف محذوف
أي شيئا معصوما فيشمل النفس والطرف والجرح ولا يشمل المال لقوله فالقود ولا تقدر شخصا ولا
آدميا لقصورهما على النفس ولا عضوا لقصوره على الطرف والجرح كذا ذكر عبق والأولى أن
يقدر شخصا آدميا لان الكلام هنا في النفس وأما الجرح فسيأتي الكلام عليه. قوله: (غير ناقص
حرية أو إسلام) أي بل مساو للجاني فيهما أو أزيد منه. قوله: (أي يشترط الخ) أشار الشارح
بهذا الحل إلى أن قول المصنف للتلف بالنسبة للنفس وأن قوله والإصابة بالنسبة للجرح وفيه
أن الكلام هنا في النفس، وأما الجرح فسيأتي في قوله والجرح كالنفس فيلم التكرار في كلامه
على هذا الحل والأولى جعل الكلام هنا كله في النفس وأن المعنى معصوما إلى التلف أي لا إلى
حين الجرح فقط وقوله والإصابة أي لا إلى حين الرمي فقط ا ه‍ بن. قوله: (والإصابة) أي وإلى
حين الإصابة في الجرح. قوله: (فيشترط في النفس) أي في القصاص بالنسبة للنفس وقوله العصمة
238

أي كون المجني عليه معصوما من حين ضربه أو جرحه إلى حين موته وقوله وفي الجرح أي ويشترط
في القصاص بالنسبة للجرح، وقوله من حين الرمي أي أن يكون المجني عليه معصوما من حين الرمي إلى
حين الإصابة وقوله فلا بد أي في القصاص وقوله من اعتبار الحالين أي من اعتبار العصمة في الحالين
حال الابتداء وحال الانتهاء. قوله: (أي حال البدء وحال الانتهاء) أي والمصنف ترك المبدأ وذكر
حالة الانتهاء للعلم بالمبدأ منه من غايته لان كل غاية لها مبدأ. قوله: (اعتبر حال الرمي) أي اعتبر في القود حالة
الرمي. قوله: (مراعاة لحال الجرح) أي لأنه غير معصوم حين الجرح وإن كان معصوما حين الموت. قوله: (نظرا
لحال الموت) أي إذ العصمة لم تستمر إليه. قوله: (لثبت القصاص في القطع) أي لا في النفس لان
الموت كان وهو مرتد فلم تستمر العصمة إليه وأما في القطع فقد كان معصوما من حين الرمي إلى حين
الإصابة. قوله: (أي إسلام) هذا جواب عما يقال أن الايمان هو التصديق وهو أمر قلبي لا يوجب
العصمة في الظاهر وإن كان منجيا عند الله تعالى والموجب للعصمة في الظاهر إنما هو الاسلام أي
الانقياد ظاهرا للأعمال فالأولى للمصنف أن يقول بإسلام بدل قوله بإيمان. وحاصل ما أجاب به الشارح
أن مراد المصنف بالايمان الاسلام وصح التعبير به عنه لما بينهما من التلازم في الماصدق فتأمل. قوله: (من
غير) أي بالنسبة لغير الخ. قوله: (لافتياته الخ) أي فلو أسلمه الامام لمستحق الدم فقتله فلا أدب عليه
لعدم الافتيات كما أنه إذا علم أن الامام لا يقتله فإنه لا أدب عليه في قتله وكما يسقط الأدب إذا كان
الامام غير عدل قاله أبو عمران. قوله: (وأدب) أي المستحق في قتله للجاني بغير إذن الإمام. قوله: (وإنما
عليه ديته) أي سواء قتله بعد الاستتابة أو في زمنها ولا مانع من اجتماع الأدب والدية على قاتل. قوله: (ثلث
خمس دية مسلم) أي ستة وستون دينارا وثلثا دينار فهذا ديته قتل عمدا أو خطأ في زمن الاستتابة
أو بعدها. قوله: (وقاتل زان أحصن) أي وأما قاتل الزاني الغير المحصن فإنه يقتل به إلا أن يقول وجدته
مع زوجتي وثبت ذلك بأربعة ويرونه كالمرود في المكحلة فقتله، فإنه لا يقتل بذلك الزاني كان محصنا
أو بكرا لعذره بالغيرة التي صيرته كالمجنون، قال ابن فرحون في تبصرته وعلى قاتله الدية في ماله إن كان
بكرا عند ابن القاسم في المدونة. وقال ابن عبد الحكم إنه هدر مطلقا أي لا شئ فيه ولو بكرا فإن لم يكن
إلا مجرد قوله وجدته مع زوجتي قتل به إلا أن يأتي بلطخ أي شاهد واحد أو لفيف من الناس يشهدون
برؤية المرود في المكحلة فلا يقتل به لدرئه بالشبهة وانظر إذا قتله لإقراره بالزنا بزوجته أو قتله عند
ثبوت زناه بأربعة ببنته أو أخته. قوله: (يد شخص) أي ذكر أو أنثى ولو قال المصنف أو عضو سارق
لكان أحسن لان العضو يشمل اليد والرجل. قوله: (ثبتت سرقته) أي قبل القطع أو بعده. قوله: (فالقود)
أي فالواجب القود حالة كونه متعينا وإنما سمي القتل قصاصا بذلك لأنهم كانوا يقودون
الجاني لمستحقها بحبل ونحوه هذا وقد اختلف أهل العلم هل القصاص من القاتل
يكفر عنه إثم القتل أم لا فمنهم من ذهب إلى أنه يكفره عنه بدليل قوله عليه الصلاة والسلام:
الحدود كفارة لأهلها فعمم ولم يخصص قتلا من غيره ومنهم من ذهب إلى أنه لا يكفره عنه
لان المقتول المظلوم لا منفعة له في القصاص وإنما القصاص منفعة للاحياء ليتناهى الناس عن القتل
239

* (ولكم في القصاص حياة) * ويخص الحديث على هذا بما هو حق لله تعالى ولا يتعلق به حق لمخلوق.
قوله: (وقال أشهب له) أي لولي الدم التخيير. قوله: (وهذا لا ينافي الخ) الحاصل أن ولي الدم له
القصاص وله العفو مجانا وله العفو على الدية أو أكثر منها أو أقل برضا الجاني باتفاق وهل له جبر
الجاني على الدية أو لا فمذهب ابن القاسم ليس له أن يجبر الجاني على دفع الدية إذا امتنع وسلم
نفسه ومذهب أشهب له جبره على دفعها. قوله: (ولو قال المقتول لقاتله) أي قبل ضربه له. قوله: (وكذا
إن قال له بعد جرحه) أي أو بعد ضربه قبل إنفاذ مقتله أبرأتك من دمي أي فقتله بعد
ذلك. قوله: (لأنه) أي الميت أسقط حقا قبل وجوبه أي قبل ثبوته لعدم حصول السبب وهو
إنفاذ المقاتل. قوله: (أو قال له إن مت الخ) أي وكان ذلك القول بعد إنفاذ مقاتله. قوله: (إن لم يستمر الخ)
أي بأن رجع عنها وأما لو استمر على البراءة فليس على القاطع إلا الأدب والذي يفيده كلام
التوضيح وابن عرفة وغيرهما أنه ليس على القاطع إلا الأدب من غير تفصيل بين استمرار المقطوع
على البراءة والرجوع عنها انظر بن وكل هذا إذا لم يترام به القطع حتى مات به وإلا كان لوليه القسامة
والقتل كما قال الشارح. تنبيه: لو قال له اقتل عبدي ولا شئ عليك أو ولك كذا فقتله ضرب كل
منهما مائة وحبس عاما وهل للسيد قيمته أو لا قولان الأول لأشهب والثاني لابن أبي زيد وصوب
كقوله أحرق ثوبي أو ألقه في البحر فلا قيمة عليه إن لم يكن المأذون مودعا بالفتح للآمر وإلا ضمن
لكونه في أمانته. قوله: (ويقول) أي بأن يقول بالحضرة الخ. قوله: (فإن لم يقل ذلك بالحضرة الخ)
ما ذكره من أن القيام بالحضرة قيد نحوه لتت وفيه نظر فإن ظاهر المدونة الاطلاق أي سواء قام
بالحضرة أو بعد طول فالمدار على ظهور إرادتها عند العفو بالقرائن وقال مالك وابن الماجشون وأصبغ
لا يقبل إلا إذا قام بالحضرة وظاهر الباجي أنه خلاف المشهور لا تقييده له ا ه‍ طفي. قوله: (فلا شئ له)
أي من الدية وقوله وبطل حقه أي من القصاص. قوله: (لمنافاة الطول الإرادة المذكورة) فيه نظر
إذ قد تظهر إرادتها حين العفو ثم يتغافل عن ذلك زمنا طويلا قاله طفي. قوله: (وقال) أي الولي العافي
إنما عفوت لآخذه أي العبد ووله أو آخذ قيمته أي فيما إذا قتل العبد عبدا مثله وقوله أو دية الحر
أي فيما إذا قتل العبد حرا. قوله: (ويخير الخ) حاصله أنه إذا كان المقتول عبدا خير سيد العبد القاتل بين
أن يدفعه أو يدفع لهم قيمته أو يدفع قيمة المقتول فإن كان المقتول حرا خير سيد العبد القاتل بين
أن يدفعه لأولياء الدم أو يدفع لهم قيمته أو يدفع لهم الدية هذا محصل كلام الشارح. قوله: (وقيل
منجمة) أي وهو ما في العتبية والموازية. قوله: (ولي المقتول) أي عمدا وقوله قتل قاتله أجنبي أي
عمدا أيضا. قوله: (وحذف الخ) أي فالأصل واستحق ولي دم من قتل القاتل ويد من قطع يد القاطع. قال
شيخنا والظاهر أن في الكلام حذف أو مع ما عطفت ولفا ونشرا مرتبا والأصل واستحق ولي
أو مقطوع دم من قتل القاتل أو يد من قطع القاطع وعلى هذا فلا تجوز في كلام المصنف تأمل. قوله: (تقديره
240

قطع يد الخ) الأولى تقديره يد من قطع يد القاطع. قوله: (وليس لأوليائه) أي أولياء القاتل عمدا
المقتول خطأ وقوله مقال معه أي مع مستحق الدم بأنه إنما له قصاص لا مال والمال إنما هو لهم وقوله
لأنه أي لان ولي المقتول الأول لما استحق دم هذا المقتول الثاني. قوله: (كأنه الولي) أي كأنه وليه
والولي له أن يرضى بالمال. قوله: (وكذا لو قطع شخص الخ) بقي ما لو قتل شخص القاطع عمدا وصالح
ذلك القاتل أولياء المقتول القاطع على مال أو قتله خطأ ووجب فيه الدية فقيل لا شئ للمقطوع في
العمد وقيل له وأما في الخطأ فله اتفاقا وهو داخل في كلام المصنف. قوله: (أي أرضى المستحق) أي
وهو ولي المقتول الأول ودل قوله فإن أرضاه الخ على أن التخيير لولي الأول وهو مذهب المدونة
لان الرضا إنما يكون مع التخيير. والحاصل أن ولي المقتول الأول مخير إما أن يتبع القاتل الثاني فيقتله
أو يعفو عنه وإما أن يتبع ولي القاتل الأول فإن أرضاه كان أمر القاتل الثاني لذلك الولي إن شاء قتله
وإن شاء عفا عنه. قوله: (ولو من الولي) أي هذا إذا حصل ذلك من أجنبي غير الولي أو حصل ذلك من
الولي قبل أن يسلم إليه بل ولو حصل ذلك من الولي بعد أن سلم إليه من الحاكم ليقتله. قوله: (فله القود من
الولي) أي وله العفو عنه وإذا قيد له من الولي فللولي أن يقتله وإنما قيد الشارح الفق ء والقطع بالعمد
لأجل قوله فله القود لأنه إذا كان خطأ فليس له في ذلك إلا ديته خطأ. قوله: (كحر كتابي الخ) ذكر
في التوضيح أن مقتضى مذهب ابن القاسم تعين القتل هنا وليس لسيد العبد المقتول أخذ قيمته جبرا
وإنما يأتي التخيير على قول أشهب وحكى ابن رشد الاتفاق على أن للسيد تأخذ القيمة في هذا لان المجني
عليه مال نظير ما يأتي فيما إذا كان القاتل عبدا فإنه لا يتعين قتله ا ه‍ بن. قوله: (يقتل بعبد مسلم) أي
وأولى بحر مسلم وكذا يقتل العبد المسلم بالحر المسلم إن لم يستحبه الأولياء. قوله: (كما مر) أي في قوله
ولا زائد حرية أو إسلام. قوله: (لان الكفر كله ملة) أي في هذا الباب وأما في باب الإرث فهو ملل.
قوله: (من كتابي ومجوسي) أي مؤمنين بدليل ما مر من أن غير المؤمن كالحربي لا يقتص منه.
قوله: (الحربي) أي سواء كان كتابيا أو مجوسيا أو غيرهما. قوله: (فلا قصاص فيه) أي سواء قتل مسلما
أو كافرا. قوله: (وهذا) أي ما ذكره من قتل الكفار بعضهم ببعض بشرط الخ. قوله: (فلا يقتل حر)
أي كافر وقوله بعبد أو كافر. قوله: (يقتص لبعضهم من بعض) أي فلو كان للعبد عبد فقتل ذلك العبد
عبده ففي قتله به قولان وفي الزاهي لابن شعبان لا يقتل سيد بعبده ولو كان ذلك لسيد عبدا انظر ح.
قوله: (وذكر) هو بالجر عطفا على ذوي الرق وبالرفع عطفا على الأدنى. قوله: (وضدهما بهما) أي
فتقتل الأنثى بالذكر ويقتل المريض بالصحيح. قوله: (مطلقا) أي في الحر والعبد. قوله: (في الحر)
أي لا في العبد لان العبد لا قسامة فيه كما يأتي. قوله: (خير الولي) أي ولي المقتول. قوله: (إسلامه
الولي) أي في جنايته. قوله: (أو القاتل) قال بن الصواب تحذف قوله أو القاتل إذ لم أر من ذكره.
قوله: (أنه ليس للولي) أي ليس لولي المقتول استحياؤه أي على أن يأخذه لاتهام العبد على تواطئه مع
241

ولي المقتول على الفرار من ملك سيده كذا في عبق. قوله: (فإن استحياه) أي لأجل أخذه وقوله
بطل حقه أي فلا يمكن من أخذه وبطل حقه في القتل إذا طلبه. قوله: (إلا أن يدعي الجهل) أي
إلا أن يدعي أنه يجهل أن الاستحياء يمنع من القصاص كالعفو وقوله فإنه يحلف أي على
ما ادعاه من الجهل المذكور وقوله ويبقى الخ أي وحينئذ فلا يمنع من قتل ذلك العبد المقر بالجناية.
قوله: (وكلام المصنف في العمد) أي كما صرح به بقوله وإن قتل عبد عمدا. قوله: (فيخير سيده)
أي سيد القاتل من أول الأمر ولا خيار لولي المقتول وقوله في الدية وإسلامه هذا إذا كان
المقتول حرا فإن كان عبدا خير سيد القاتل بين إسلامه ودفع قيمة المقتول. قوله: (بيان الركن
الثالث) أي من أركان القصاص. قوله: (مباشرة) أي إتلاف مباشرة وقوله وسب أي وإتلاف
بسبب. قوله: (إن قصد ضربا للمعصوم) أي مع علمه بذلك احترازا مما إذا قصد ضرب شئ معتقدا
أنه غير آدمي أو أنه آدمي غير محترم لكونه حربيا أو زانيا محصنا فتبين أنه محترم فلا قصاص ولو
مكافئا له وهو من الخطأ فيه الدية. قوله: (وإن بقضيب) أي هذا إذا كان الضرب بما يقتل غالبا
كالمحدد والمثقل بل وإن كان بما لا يقتل غالبا كالقضيب وهو العصا. قوله: (وإن لم يقصد قتلا) أي
هذا إذا قصد بالضرب قتله بل وإن لم يقصد قتلا وإنما قصد مجرد الضرب. قوله: (أو قصد زيدا الخ)
أي قصد قتل شخص معتقدا أنه زيد بن عمرو فتبين أنه زيد بن بكر
ولزوم القود فيهما هو الصحيح، وبه جزم ابن عرفة أولا خلافا لما نقله بعده عن مقتضى قول الباجي،
وأما ما وقع في ح وتبعه خش من أنه إذا قصد ضرب شخص فأصابت الضربة غيره أنه عمد فيه القود
ففيه نظر، فقد نص ابن عرفة وابن فرحون في التبصرة وغيرهما على أن حكمه حكم الخطأ لا قود فيه
فانظره ا ه‍ بن واقتصر في المج على ما في ح. قوله: (وهذا) أي ومحل هذا وهو القود إن قصد ضربه إن
حصل ذلك الضرب لعداوة أو غضب لغير تأديبه. قوله: (إن كان بنحو الخ) أي أن الضرب المقصود
إذا كان على وجه اللعب أو الأدب فهو من الخطأ إن كان الضرب بآلتهما وإلا فهو عمد فيه القود
واعلم أن القتل على أوجه. الأول: أن لا يقصد ضربه كرميه شيئا أو حربيا فيصيب مسلما فهذا خطأ
بإجماع فيه الدية والكفارة. الثاني: أن يقصد الضرب على وجه اللعب فهو خطأ على قول ابن القاسم
وروايته في المدونة خلافا لمطرف وابن الماجشون، ومثله إذا قصد به الأدب الجائز بأن كان بآلة
يؤدب بها، وأما إن كان الضرب للتأديب والغضب فالمشهور أنه عمد يقتص منه إلا في الأب ونحوه
فلا قصاص بل فيه دية مغلظة. الثالث: أن يقصد القتل على وجه الغيلة فيتحتم القتل ولا عفو قاله ابن رشد
في المقدمات ا ه‍ بن. قوله: (وهذا) أي لزوم القود إن قصد ضربه بقضيب في غير الأب الخ. قوله: (ما لم
يقصد إزهاق روحه) أي ما لم يقصد قتله. قوله: (قاصدا به موته) فيه أنه تقدم إن قصد القتل ليس
شرطا في القصاص وحينئذ ممن منع الطعام والشراب ولو قصد بذلك التعذيب ولفظ
ابن عرفة من صور العمد ما ذكره ابن يونس عن بعض القرويين أن من منع فضل مائه مسافرا
عالما بأنه لا يحل له منعه وأنه يموت إن لم يسقه قتل به وإن لم يل قتله بيده ا ه‍ ظاهره أنه يقتل به
سواء قصد بمنعه قتله أو تعذيبه. فإن قلت: قد مر في باب الذكاة أن من منع شخصا فضل طعام أو
شراب حتى ماتت فإنه يلزمه الدية. قلت: ما مر في الذكاة محمول على ما إذا منع
متأولا وما هنا غير متأول أخذا من كلام ابن يونس المذكور انظر بن. قوله: (ومن ذلك الأم) أي ومن منع الطعام
أو الشراب منع الأم ولدها من لبانها. قوله: (فإن قصدت موته قتلت الخ) أي فلا تقتل بمنعه مطلقا
بل حتى تقصد موته قياسا على ما مر في الأب من أنه لا بد مع الضرب من قصد الموت وإلا لم يقتل.
242

قوله: (وخشبة عظيمة) أي سواء كان لها حد أو لا ومثل ذلك عصر الأنثيين أو هدم بناء عليه أو ضغطه
أي حضنه حتى كسر عظمه أو خبص لحمه ومات من ذلك. قوله: (لا قصاص في المثقل ولا في ضرب
بكقضيب) أي أو كرباج وظاهره عندهم ولو قصد قتله به وإنما القصاص عندهم في القتل بمحدد أي
بالشئ الذي له حد يجرح به سواء كان ذلك الشئ حديدا أو كان حجرا له حد أو خشبة كذلك
أو بما كان معروفا بقتل الناس كالمنجنيق والالقاء في النار. قوله: (إن أنفذ مقتله بشئ مما مر). أي بضربه
بالمحدد أو المثقل هذا هو المراد لا بكل شئ مما مر لان إنفاذ المقاتل لا يكون بخنق ولا بمنع طعام وشراب
وقوله إن أنفذ مقتله بشئ مما مر أي ثم مكث مدة ومات. قوله: (أو مات منه) أي مما مر بدون إنفاذ
مقاتل. قوله: (حتى مات) أي بعد مكثه مدة. قوله: (بل يقتل بدونها) أي بل يقتل من أنفذ مقاتل
الشخص ومن مات مضروبه مغمورا بدون قسامة وظاهره ولو أجهز شخص آخر على منفوذ
المقاتل وهو كذلك ويؤدب ذلك المجهز فقط على أظهر الأقوال. والحاصل أن الذي يختص بالقتل
هو من أنفذ المقاتل، كما هو سماع يحيى من ابن القاسم وسماع أبي زيد منه أن الذي يقتل هو الثاني وهو المجهز،
وعلى الأول الذي أنفذ المقاتل الأدب لأنه بعد إنفاذها معدود من جملة الاحياء يرث ويورث
ويوصي بما شاء من عتق وغيره واستظهر ابن رشد الأول وهو ما في سماع يحيى. قوله: (بأن أفاق إفاقة
بينة) أي بأن كان يتكلم مع الناس ويقف أو يجلس سواء أكل أو شرب أو لا ثم مات بعد ذلك.
قوله: (ولو ل يأكل أو يشرب) مرتبط بقوله وأفاق إفاقة بينة. قوله: (وكان الغالب عدم النجاة) أي ولا يكون
الطرح في هذه الحالة إلا عداوة. قوله: (وإلا بأن كان يحسن العوم) أي وكان الغالب نجاته.
قوله: (فدية مخمسة) أي في هذه الصور الثلاثة بلا قسامة كما إن القصاص بلا قسامة في صورتين.
قوله: (مطلقا) أي عداوة أو لعبا. قوله: (وإلا) أي بأن كان يحسنه وكان الطرح لعبا فدية.
قوله: (لأفاد المراد) أي من أن الصور أربع القود في ثلاثة وهي ما إذا طرح غير محسن للعوم عداوة أو لعبا أو
طرح محسنه عداوة والدية في واحدة وهي ما إذا طرح محسنه لعبا هذا ولبعضهم تفصيل آخر.
وحاصله أنه إما أن يطرحه عالما بأنه يحسن العوم أو عالما بأنه لا يحسنه أو يشك في ذلك والطرح إما
على وجه العداوة أو اللعب فإن طرحه عالما بأنه يحسن العوم إن ظن عدم نجاته فالقصاص ولا
يكون الطرح في هذه الحالة إلا عداوة لا لعبا، وإن ظن نجاته فالدية طرحه عداوة أو لعبا وإن طرحه
عالما بأنه لا يحسن العوم فالقصاص طرحه عداوة أو لعبا وإن طرحه شاكا في كونه يحسن العوم
أو لا يحسنه، فإن كان الطرح عداوة فالقصاص وإن كان لعبا فالدية فجملة الصور سبع. قوله: (أو وضع
مزلق كماء) أي ويقدم الراش لأنه مباشر على الآمر لأنه متسبب. قوله: (قيد) أي قوله بطريق
قيد في الصورتين قبله وهما وضع مزلق وربط دابة. قوله: (شأنه العقار) أي بلا سبب. قوله: (ويعلم
ذلك) أي كون الكلب عقورا. قوله: (عند حاكم أو غيره) أي فيكفي إشهاد الجيران وقيل يتعين الحاكم.
قوله: (قصد الضرر) أي بمعين فهذا قيد لا بد منه والحاصل أن القود في المسائل الأربع المذكورة مقيد
بقيود ثلاثة أن يقصد الفاعل بفعله الضرر وأن يكون من قصد ضرره معينا وأن يهلك ذلك المعين
والمصنف ذكر الشرط الأول والثالث دون الثاني. قوله: (فيقتص من الفاعل) أي حيث كان مكافئا
243

للمقتول أو كان المقتول أعلى. قوله: (وإلا فالدية) راجع للأخير وهو قوله وهلك المقصود كما أشار له
الشارح وليس راجعا لقوله قصد الضرر لأنه إذا لم يقصد الضرر لا شئ عليه على التفصيل المذكور
في الشارح. وقد علم من كلامه أن القصاص في صورة واحدة وهي ما إذا قصد الضرر بشخص عين
وهلك ذلك المعين وأن الدية في صورتين أن يقصد ضرر معين فيهلك غيره أو يقصد ضرر غير معين كائنا
من كان من آدمي محترم أو دابة. قوله: (أو بطريق) أي وكان حفره بالطريق مضرا بها بأن كان يضيقها
فإن لم يضر بها فلا غرم عليه لما عطب به انظر بن. قوله: (وكذا الدابة في بيته) أي يربطها في بيته. قوله: (بل
اتفاقا) أي كما لو أوقفها بباب المسجد ودخل للصلاة فأتلفت شيئا فلا ضمان عليه. قوله: (واعترض الخ).
حاصل الفقه أنه إذا اتخذ الكلب العقور بقصد قتل شخص معين وقتله فالقود أنذر عن اتخاذه أم لا
وإن قتل غير المعين فالدية فإن اتخذه لقتل غير المعين وقتل شخصا فالدية أيضا أنذر أم لا وأما إذ اتخذه
ولم يقصد بذلك ضرر أحد فقتل إنسانا فإن كان اتخذه لوجه جائز فالدية إن تقدم له إنذار قبل القتل،
وإلا فلا شئ عليه وإن اتخذه لا لوجه جائز ضمن ما أتلف تقدم له فيه إنذار أم لا حيث عرف أنه
عقور وإلا لم يضمن لان فعله حينئذ كفعل العجماء. قوله: (بأنه لا مفهوم له إن قصد ضرر معين) أي لأنه
يقتل به حينئذ تقدم له فيه إنذار أم لا. قوله: (أو اتخذه لا بوجه جائز) أي سواء تقدم له فيه إنذار أم لا
حيث عرف أنه عقور وإلا لم يضمن لان فعله حينئذ كفعل العجماء. قوله: (وإلا فسيأتي له) أي وإلا
بأن كان يمكنه المخالفة فسيأتي له الخ. قوله: (فلا إجمال في كلامه) مفرع على قوله وإنما يكون المأمور الخ
أي إذا علمت أن المأمور إنما يكون مكرها إذا كان لا يمكنه المخالفة تعلم أن كلام المصنف نص في
المقصود ولا إجمال فيه، وقصد الشارح بهذا الرد على ما قاله بعض الشرح من أن كلام المصنف هنا
مجمل لان قوله وكالاكراه يقتضي القصاص في كل من المأمور والآمر مطلقا سواء كان المأمور
يمكنه مخالفة الآمر أو لا وليس كذلك بل القصاص منهما مشروط بكون المأمور لا يمكنه مخالفة
الآمر بدليل قوله فيما يأتي فإن لم يخف المأمور اقتص منه فقط فكلامه هنا مجمل يفصله قوله الآتي
وإن لم يخف المأمور الخ. وحاصل الرد أن المأمور إنما يتحقق كونه مكرها إذا كان لا يمكنه
المخالفة وحينئذ فكلامه هنا نص في المراد ولا إجمال فيه. قوله: (وتقديم مسموم) أي من طعام
أو شراب أو لباس عالما مقدمه بأنه مسموم ولم يعلم به الآكل فإن لم يعلم مقدمه بذلك أو علم به
الآكل فلا قصاص. قال في المج وفي حكم التقديم قوله له كله فلا ضرر فيه ولا يخرج على الغرر
القولي على الظاهر ا ه‍. قوله: (وألا) أي وألا يعلم المقدم فلا شئ عليه سواء علم به المتناول أم لا. قوله: (فهو
القاتل لنفسه) أي ولا شئ على المقدم بكسر الدال. قوله: (وإن لم تلدغه) أي بل مات من فزعه.
قوله: (فالدية) أي إن رماها على وجه اللعب لا على وجه العداوة وإلا فالقود والحاصل أنه إذا كانت
الحية التي رماها حية وكانت كبيرة شأنها أنها تقتل ومات فالقود سواء مات من لدغها أو من الخوف
رماها على وجه العداوة أو اللعب وإن كانت صغيرة ليس شأنها أن تقتل أو كانت ميتة ورماها عليه فمات
من الخوف فإن كان الرمي على وجه اللعب فالدية وإن كان على وجه العداوة فالقود. قوله: (وكإشارته الخ)
حاصله أنه إذا أشار إليه بآلة القتل فهرب فطلبه فمات فإما أن يموت بدون سقوط أو يسقط
244

وفي كل إما أن يكون بينهما عداوة أو لا فإن لم تكن معها عداوة فالدية سقط حال هروبه أولا وإن كان
بينهما عداوة، فإن لم يسقط فالقصاص بدون قسامة وإن سقط فالقصاص بقسامة. قوله: (فمات من غير
سقوط) أي بأن مات وهو قائم مستند لحائط مثلا وقوله فالقصاص أي من غير قسامة. قوله: (فبقسامة)
أي فيحلف ولاة الدم خمسين يمينا متوالية بناء على أنه مات من خوفه لا من سقوطه.
قوله: (وإشارته فقط) أي وإن مات مكانه بمجرد إشارته عليه بالسيف من غير هرب وطلب، والحال أن
بينهما عداوة فهذا خطأ فيه الدية على العاقلة بغير قسامة كما هو الظاهر من كلام تت وانظر إذا لم يكن
بينهما عداوة هل الدية بقسامة أو لا دية أصلا ا ه‍ عبق. قوله: (ولولا إمساكه له ما أدركه) أي وكان في
الواقع لولا إمساكه له ما أدركه سواء علم الممسك بذلك أم لا. قوله: (مع علمه) أي الممسك بأن الطالب
قاصد قتله. قوله: (فيقتص منه) أي من الممسك لتسببه كما يقتص من القاتل الخ حاصله أنهما يقتلان
جميعا بقيود ثلاثة معتبرة في الممسك وهي أن يمسكه لأجل القتل وإن لم يعلم أن الطالب قاصد قتله لرؤيته
آلة القتل بيده وأن يكون لولا إمساكه ما أدركه القاتل فإن أمسكه لأجل أن تضربه ضربا معتادا أو لم
يعلم أنه يقصد قتله لعدم رؤيته آلة القتل معه أو كان قتله لا يتوقف على إمساكه له قتل المباشر وحده
وضرب الآخر وحبس سنة وقيل باجتهاد الحاكم وقيل يجلد مائة فقط. قوله: (وكذا الدال) أي
وكذا يقتل الدال إذا علم أن طالبه يقتله وكان لولا دلالته ما قتل المدلول عليه. تنبيه: يقتص من
العائن القاتل عمدا بعينه إذا علم ذلك منه وتكرر وأما من قتل شخصا بالحال فلا يقتص منه عند
الشافعية. وفي عبق وغيره أنه يقتص منه إذا تكرر منه ذلك وثبت قياسا على العائن المجرب واستبعد
ذلك بن. قوله: (غير المتمالئين) أي غير المتفقين على قتله بل كل واحد منهم قصد قتله في نفسه من غير
اتفاق منهم على قتله ثم إنهم قتلوه مجتمعين فلو قصد كل واحد ضربه بدون تمالؤ ولم يقصد أحد منهم
قتله. ثم إنهم ضربوه مجتمعين ومات من ضربهم فإنهم لا يقتلون لان قصد الضرب ليس مثل قصد
القتل بالنسبة للجماعة بخلاف الواحد كما قال عج. ورده طفي بأن النقل أن قصد الضرب مثل
قصد القتل مطلقا. قوله: (ولم تتميز الضربات) أي ضربة كل واحد منهم سواء كان الموت ينشأ
عن كل واحدة أو عن بعضها وما ذكره من قتل الجميع في هذه الحالة هو ما في النوادر وفي اللخمي
خلافه وأنه إذا أنفذا إحداها مقاتله ولم يدر من أي الضربات مات فإنه يسقط القصاص إذا لم
تتعاقدوا على قتله والدية في أموالهم ا ه‍ بن. قوله: (أو تميزت) أي الضربات بأن علمت ضربة كل واحد
وقوله واستوت أي في القوة كذا يقال في قوله أو اختلفت. قوله: (قدم الأقوى إن علم) أي قدم
الأقوى للقتل وقوله إن علم أي موته من تلك الضربة القوية والأولى أن يقول وإن تميزت الضربات
وعلم موته من إحداها فإنه يقتص ممن علم أنه مات من ضربته واقتص من الباقي مثل فعله.
قوله: (والمتمالئون) أي المتعاقدون والمتفقون وقوله على القتل أو الضرب هذا هو المناسب لما تقدم
في قوله إن قصد ضربا من أنه لا يشترط قصد القتل واشترط عج في قتل الجماعة بالواحد
الذي قتلوه كانوا متمالئين على قتله أو لا قصد القتل، وخص ما تقدم بما إذا كان القاتل واحدا
لشدة الخطر في قتل الجماعة بالواحد، وأيده بن بموافقة ابن عبد السلام وما قاله شارحنا تبع فيه
شيخ عج البدر القرافي وارتضاه طفي رادا على ما قاله عج. قوله: (وإن بسوط) أي هذا
إذا ضربوه بآلة يقتل بها بل وإن حصل الضرب منهم له بآلة ليس شأنها القتل بها بأن ضربوه
بسوط سوط بل ولو لم يل القتل إلا واحد منهم بشرط أن يكونوا بحيث لو استعين بهم أعانوا
ومحل قتل الجماعة المتمالئة بالواحد إذا ثبت قتلهم له ببينة أو إقرار. وأما القسامة فسيأتي أنه يعين واحد.
245

قوله: (ويقتل المتسبب مع المباشر) أي ولو لم يجتمعا في وقت الهلاك. قوله: (فراده غيره فيها) أي
ولو من غير تمالؤ من الحار والمردي. قوله: (كمكره ومكره يقتلان معا) محل قتل المكره بالفتح
إن لم يكن أبا للمقتول وإلا قتل المكره بالكسر وحده وأما لو أكره الأب شخصا على قتل ولده فقتله
فيقتل المكره بالفتح وكذا الأب إن أمره بذبحه أو شق جوفه سواء قتله بتلك الكيفية أو بغيرها كأن
قتله بحضرته أولا وكذا إذا أمره بمطلق قتل فذبحه أو شق جوفه بحضرته مع قدرته على منعه من
تلك الكيفية ولم يمنع لا إن حضر ولم يقدر على منعه منها ولا إن فعلها في غيبته. قوله: (وليس في كلامه
تكرار الخ) أي حاصله أن الجناية أي الاتلاف الموجب للقصاص ضربان إتلاف بمباشرة وإتلاف
بالسبب فذكر المصنف أولا أمثلة الاتلاف بالمباشرة بقوله إن قصد ضربا كخنق ومنع طعام
وشراب ومثقل وكطرح غير محسن للعوم ثم ذكر أمثلة الضرب الثاني وهو الاتلاف بالسبب بقوله
وكحفر بئر الخ وكإكراه وكإمساك للقتل، ثم ذكر هنا أنه إذا اجتمعت المباشرة والسبب فالقصاص
على كل من المباشر والمتسبب ولا يختص بواحد منهما. قوله: (وكأب أو معلم الخ) قال ابن مرزوق
هذا الفصل من قوله ويقتل الجمع بواحد كله في قتل الجماعة بواحد فحقه أن لا يذكر فيه إلا مسألة
السيد في عبده الكبير ويقدم مسألة الأب والمعلم والسيد في عبده الصغير قبل هذا عند ذكر الاكراه
ا ه‍ بن. قوله: (أمر ولدا صغيرا) أي أمر كل منهما ولدا صغيرا ولو مراهقا فالمراد بالصغير غير
البالغ. قوله: (فالقصاص على الأب أو المعلم دون الصغير الخ) أي وعلى عاقلة الصغير إذا كان حرا
نصف الدية فإن كثير الصبيان الأحرار كان نصف الدية على عواقلهم وإن لم تحمل كل عاقلة ثلثا
وهذا مستثنى من كون العاقلة لا تحمل ما دون الثلث. قوله: (أمر عبدا له) التقييد بعبده مخرج لامر
عبد غيره فيقتل العبد البالغ دون الآمر لكن يضرب مائة ويحبس سنة وكذا إن أمر الأب أو المعلم
كبيرا وكل هذا من مشمولات قول المصنف وإن لم يخف المأمور اقتص منه فقط. قوله: (ويقتل
العبد أيضا إن كان مكلفا) أي لا إن كان صغيرا فلا يقتل وعليه نصف الدية جناية في رقبته فيخير
سيده الوارث له بين أن يفديه بنصف الدية أو يدفعه في الجناية، كذا في عبق والذي ذكره شيخنا
في حاشية خش أن الصغير لا شئ عليه على ظاهر النقل. قوله: (فإن لم يخف المأمور اقتص منه
فقط) هذا إذا لم يكن الآمر حاضرا للقتل وإلا قتل أيضا هذا لمباشرته وهذا لقدرته على
خلاصه. قوله: (عند الخوف بالقتل الخ) أشار بهذا إلى أن خوف المأمور الموجب لقتل
الآمر فقط إنما هو الخوف بالقتل لا بشدة الأذى وغيره خلافا لما في خش فهو كالخوف
المجوز للقدوم على قذف المسلم. قوله: (فإن لم يتمالآ على قتله وتعمدا قتله الخ) حاصله أن المكلف
والصبي إذا تعمد كل منهما قتل ذلك الشخص وقتلاه من غير تمالؤ واتفاق منهما على قتله فلا
قتل على المكلف المشارك للصبي في القتل لاحتمال كون رمي الصبي هو القاتل، وإنما عليه نصف
الدية في ماله ونصفها الآخر على عاقلة الصبي إلا أن يدعي أولياء المقتول أنه مات من فعل المكلف
فإنهم يقسمون عليه ويقتلونه فيسقط نصف الدية عن عاقلة الصبي، لان القسامة إنما يقتل بها
ويستحق بها واحد فقول الشارح فإن لم يتمالآ على قتله وتعمدا قتله أو الكبير فعليه الخ مقيد بما إذا لم يدع
246

الأولياء موته من فعل المكلف كما علمت. قوله: (لا شريك مخطئ) أي لا قصاص على متعمد شريك
مخطئ. قوله: (فلا يقتص منه) أي للشك لاحتمال أن يكون الموت من رمي المخطئ أو المجنون وظاهره
أنه لا يقتص منه ولو أقسم الأولياء على أن القتل منه وهو كذلك كما في عج لأنه لا صارف لفعلهما
فيمكن حصول الموت من فعلهما معا لشدة فعل المخطئ والمجنون بخلاف فعل الصبي. قوله: (وعل
المتعمد الكبير) أي المشارك للمخطئ والمجنون. قوله: (من شريك سبع) أي أنشب أظفاره في
الشخص بالفعل ثم جاء انسان فأجهز عليه. قوله: (ومرض بعد الجرح) أي وهل يقتص من شريك
مرض حدث ذلك المرض بعد الجرح. قوله: (أو لا يقتص) أي أو لا يقتص من واحد من الأربعة إذ
لا يدري من أي الامرين مات وجعل المصنف محل الخلاف في الرابعة إذا حدث المرض بعد الجرح
احترازا عما إذا كان المرض قبل الجرح فإنه يقتص من الجارح اتفاقا أنفذ الجرح مقتله أم لا إلا أنه
في الأول بغير قسامة، وفي الثاني بقسامة هذا ما استظهره الشيخ أحمد الزرقاني وارتضاه بن قائلا لأنه
صحيح قتل مريضا، وقد مر للمصنف وذكر صحيح وضديهما خلافا لقول عج إن مرض قبل الجرح
فلا قصاص اتفاقا لان الغالب أن الموت من المرض والجرح هيجه. قوله: (والراجح في شريك المرض الخ)
أي أن الراجح في شريك المرض الحادث بعد الجرح القسامة ويثبت القود في العمد وكل الدية في
الخطأ أي وأما المسائل الأول فالقولان فيها على حد سواء كما قرره شيخنا. قوله: (وإن تصادما الخ)
حاصل هذه المسألة أن يقال إذا تصادما قصدا أي عمدا فالقود مطلقا ولو بسفينتين على الراجح
بمعنى أنه إذا مات أحدهما، فالقود على من بقي، وأما إذا ماتا معا فلا قود ولا دية وإن تصادما خطأ فالدية على
العاقلة ولو بسفينتين بمعنى أن دية كل منهما على عاقلة الآخر إن ماتا معا وإن مات أحدهما فديته
على عاقلة من بقي منهما وإن كان عجزا فيحمل في غير السفينتين على الخطأ وفي السفينتين يكون هدرا،
هذا هو الراجح وقيل يكون هدرا مطلقا حتى في غير السفينتين وإن جهل الحال حمل في غير السفينتين
على العمد وفيهما على العجز. قوله: (ولو بسفينتين على الراجح) أي كما قاله أبو الحسن واختاره ح
خلافا لما قاله بعضهم من أنه لا قود في السفينتين ولو كان تصادمهما عمدا نعم إن تصادما عمدا فدية
عمد وإن تصادما خطأ فدية خطأ، وقد استشكله ح بأنه يقتضي أنه إذا تعمد أهل سفينة إغراق
أهل سفينة أخرى ليس عليهم إلا الدية والظاهر أنه يجب في ذلك القصاص لأنه كطرح غير محسن
للعوم في البحر. قوله: (قصدا) أي عمدا بأن كان على وجه اللعب ولذا قال العلامة بن تعبيره بقصدا
يفيد أن التجاذب بغير مصلحة صنعة وإلا فلا قصاص ولا دية كما يقع بين صناع الحبال فإذا تجاذب
صانعان حبلا لإصلاحه فماتا أو أحدهما فهو هدر. قوله: (جواب المسألتين) أي ما إذا ماتا أو أحدهما.
قوله: (وهو على حذف مضاف) أي حتى يصح أن يكون جوابا للمسألتين. قوله: (فلا قصاص على
الصبي) أي إن مات البالغ وعلى عاقلته دية الكبير الميت كما أنه لو تصادم الصبيان فدية كل منهما على
عاقلة الآخر إن ماتا وإن مات أحدهما فديته على عاقلة من لم يمت. والحاصل أن الدية على عواقل
الصبيان مطلقا حصل التصادم أو التجاذب منهم قصدا أو لا ركبا بأنفسهما أو أركبهما أولياؤهما
وذلك لان فعل الصبيان عمدا حكمه كالخطأ. قوله: (فلا يقتص للرقيق من الحر) أي بل يلزم
247

الحر قيمته حيث مات. قوله: (دون الآخر) أي فيقتص من القاصد إن مات غيره وإن مات القاصد
فعلى عاقلة غيره ديته. قوله: (عند جهل الحال) أي بأن لم يدر هل ما وقع بينهما صدر عن قصد أو لا. قوله: (وإنما
يظهر في موت أحدهما فقط) أي وإنما تظهر ثمرة حملهما على العمد عند جهل الحال في موت أحدهما
فقط كذا قال الشارح وفيه نظر بل تظهر أيضا في موتهما معا لان حملهما حينئذ على القصد يوجب
إهدار دمهما لفوات محل القود ولا دية وإن حملا على الخطأ لوجبت دية كل على عاقلة الآخر ا ه‍ بن.
قوله: (عكس السفينتين) راجع لقوله وحملا عليه كما أشار له الشارح لا له ولقوله فالقود بناء على ما قاله
أبو الحسن وارتضاه ح من أن التصادم بالسفينتين عمدا فيه القود أما على ما قاله بعضهم من أن
السفينتين لا قود فيهما، ولو كان تصادمهما عمدا فيصح رجوعه لقوله فالقود ولقوله وحملا عليه والمعنى
حينئذ وإن تصادما عمدا فالقود عكس السفينتين فإنه لا قود فيهما إذا تصادما ولو قصدا وحمل
المتصادمان على القصد عند جهل الحال عكس السفينتين فإنهما يحملان على لعجز عند جهل الحال.
قوله: (فيحملان على عدم القصد الخ) الأولى أن يقول فلا يحملان على العمد بل على العجز
وحينئذ فيكون هدرا لا دية فيه ولا ضمان للأموال وإنما كان الأولى ذلك لأن عدم القصد
يصدق بالخطأ والسفينتان لا يحملان على الخطأ عند جهل الحال وإن كان الشارح قد بين المراد من
عدم القصد بعد. والحاصل أن السفينتين لا يحملان عند جهل الحال على العمد ولا على الخطأ بل
على العجز. قوله: (وليس من عمل أربابهما) أي بخلاف الفارسين وهذا إشارة للفرق بين الفارسين
والسفينتين إذا تصادما وجهل الحال حيث حمل الفارسان على العمد والسفينتان على العجز. قوله: (وأما
الخطأ) لما ذكر حكم التصادم عمدا وحكمه عند جهل الحال أشار لحكمه إذا وقع خطأ بأن كان من
فعل النواتية أو راكب الفرس من غير قصد له فقال، وأما الخطأ، أي وأما التصادم الخطأ فيه الضمان
أي لقيم الأموال ولديات النفوس وهذا القسم سيأتي في كلام المصنف فلا داعي لذكر الشارح
له هنا إلا ضم الأقسام بعضها لبعض لسهولة الضبط. قوله: (حيث حمل) أي التصادم فيهما عند
جهل الحال على العجز أي وأما إذا حمل على الخطأ فلا فائدة فيه وفيه نظر لان له فائدة مطلقا لأنه إن حمل
على الخطأ كان موجبا للضمان وإن حمل على العجز كان موجبا لسقوطه فالأولى للشارح أن يحذف
قوله فظهر الخ تأمل. قوله: (وأما المتصادمان الخ) هذا شبه حاصل لما تقدم فكأنه قال والحاصل
أن المتصادمين في العمد الخ. قوله: (ولا شئ في العجز) أي وهو ما كان من الريح بالنسبة للسفينة ومن
الفرس لا من راكبها. قوله: (ولو غير سفينتين) أي لقول ابن عبد السلام إذا جمع الفرس ولم يقدر ربه
على صرفه فلا ضمان. قوله: (إلا لعجز حقيقي) هذا الاستثناء راجع للمتصادمين أي وإن تصادما
قصدا فماتا أو أحدهما فالقود إلا لعجز حقيقي فيكون من مات هدرا وهو منقطع لان ما قبل إلا
مقيد بالقصد والتصادم عند العجز لا يقال فيه أنه قصد ولا يصح رجوعه لقوله عكس السفينتين
لفساد المعنى إذ يصير المعنى عكس السفينتين، أي فإنهما يحملان على العجز عند الجهل إلا لعجز حقيقي
فإنهما يحملان على القصد وهو فاسد. قوله: (لكن الراجح أن العجز الحقيقي) أي وهو ما كان بالريح
أو الفرس مثلا وقوله في المتصادمين أي بغير السفينتين وقوله كالخطأ فيه ضمان الدية الخ، أي
لقول ابن عرفة قول ابن عبد السلام إن جمع الفرس ولم يقدر راكبه على صرفه فإنه لا يضمن
يرد بقول المدونة إذا جمحت دابة براكبها فوطئ ت إنسانا فهو ضامن وبقولها إن كان في
رأس الفرس اغترام فحمل بصاحبه فصدم فراكبه ضامن. قوله: (وحملا عند الجهل عليه) أي
248

وحملت السفينتان عند الجهل على العجز. قوله: (إلا لكخوف غرق) أي إلا أن يكون تصادمهما
لكخوف غرق. قوله: (بل خطأ) أي بل حصل التصادم خطأ منهما فدية كل الخ وبقي ما إذا تعمد
أحدهما التصادم وأخطأ الآخر، فإن مات أحدهما وكان ذلك الميت هو المتعمد فالدية على عاقلة المخطئ،
وإن كان الميت هو المخطئ اقتص من المتعمد، وإن ماتا معا فقال البساطي دية المخطئ في مال المتعمد
ودية المتعمد على عاقلة المخطئ ولا يقال المتعمد دمه هدر، فمقتضاه أنه لا يلزم عاقلة المخطئ ديته لأنا
نقول إنما يكون دمه هدرا إذا تحقق أن موت المخطئ من فعل ذلك المتعمد وحده وهنا ليس كذلك
إذ يحتمل أن يكون من فعلهما معا أو من فعل المخطئ وحده أو من المتعمد وحده لا يقال من صال
على شخص قاصدا قتله وعلم المصول عليه أنه لا يندفع عنه إلا بالقتل فقتله كان دمه هدرا لا شئ فيه
فمقتضاه أن قاصد المصادمة دمه هدر لا يلزم عاقلة المخطئ ديته، لأنا نقول قاصد المصادمة لم يقصد
القتل ولا يلزم منها القتل ففرق بينهما. تنبيه: من الخطأ على الظاهر أن يزلق انسان فيمسك
آخر ثم هو يمسك ثانيا وهكذا فيقع الجميع ويموتون فالأول هدر ودية الثاني على عاقلة الأول ودية
الثالث عليهما. قوله: (وإنما خص الفرس) أي بالذكر مع أن مثلها كل ما تلف بسبب
التصادم. قوله: (لان التصادم الخ) كان عليه أن يزيد والغالب أن الذي يتلف عند المصادمة هو المركوب فتأمل.
قوله: (فإن تصادما) أي العبد والحر عمدا أو خطأ فماتا ففيهما ما ذكر ويتقاصان فإن زادت الخ. قوله: (وإن
تعدد المباشر للضرب معا) أي كان ضربهم معا أو مرتبا. قوله: (ففي الممالاة يقتل الجميع) هذا
إذا لم تتميز الضربات بل ولو تميزت وكان بعضها أقوى. قوله: (بل ولو لم يحصل من أحدهم ضرب)
أشار بذلك إلى أنه لا مفهوم لقوله تعدد المباشر وإنما هو فرض مسألة إذ مع التمالؤ على القتل يقتل
الجميع لا فرق بين أن تحصل مباشرة من الجميع أو لا تحصل إلا من واحد ولو حذف المصنف قوله
وإن تعدد المباشر وقال من أول الأمر وفي الممالاة يقتل الجميع كان أولى. قوله: (فمات) أي
فضربوه فمات. قوله: (قدم الأقوى فعلا) أي وهو من مات من فعله بأن أنفذ مقتلا وإن لم يكن
فعله أشد من فعل غيره. قوله: (أو حكما) أي بأن أنفذ مقتله أو رفع مغمورا واستمر مدة ومات
وقوله وإلا فواحد الخ أي وإلا يمت مكانه حقيقة أو حكما بأن رفع حيا غير مغمور ولا منفوذ
المقاتل فيقتل واحد بقسامة، وهذا ما في النوادر وهو المعتمد خلافا لقول اللخمي إذا لم يعلم الأقوى
سقط القصاص سواء مات مكانه أو رفع حيا غير مغور ومات بعد ذلك. قوله: (ولا يسقط
القتل) أي لا يسقط ترتب القتل الكائن عند المساواة. قوله: (ومثل القتل الجرح) أي فلا
يسقط ترتبه عند المساواة بزوالها بعد ذلك فإذا قطع رجل يد حر مسلم مماثل له ثم ارتد المقطوعة يده
فالقصاص في القطع لان حصول المانع بعد ترتب الحكم لا أثر له واعلم أن ما تقدم من قول المصنف
ولا زائد حرية أو إسلام حين القتل شرط في القصاص، وقوله هنا ولا يسقط الخ بيان لعدم سقوطه
بعد ترتبه فما هنا مغاير لما مر بل هو في الحقيقة مفهوم قوله حين القتل. قوله: (وضمن لخ) قد تقدم
249

أنه لا بد في القود من المكافأة في الحالات الثلاث، حالة الرمي وحالة الإصابة وحالة الموت، ومتى فقد
التكافؤ في واحد منها سقط القصاص وبين هنا أنه في الخطأ والعمد الذي فيه مال إذا زالت المكافأة
بين السبب والمسبب أو عدمت قبل السبب وحدثت بعده وقبل المسبب ووجبت الدية كان المعتبر
في ضمانها وقت المسبب وهو وقت الإصابة في الجرح ووقت التلف في الموت ولا يراعي فيه وقت
السبب وهو الرمي على قول ابن القاسم ورجع إليه سحنون خلافا لأشهب. قوله: (فمن رمى عبدا أو
كافرا الخ) المساواة هنا غير موجودة حالة الرمي الذي هو السبب وإنما وجدت قبل الإصابة وهي
المسبب وقوله فمن رمى عبدا أي خطأ فنشأ عنه جرح أو رماه عمدا فنشأ عن الرمي آمة أو منقلة أو غيرهما
من الجراحات التي لا قصاص فيها لكونها من المتالف. قوله: (فإنه يضمن عوض جرح حر أو مسلم)
أي اعتبارا بوقت المسبب لا عوض جرح كافر ولا أرش العبد اعتبارا بوقت السبب كما قال أشهب.
قوله: (ومن جرح من ذكر) أي عبدا أو كافرا فلم تصل الرمية إليه حتى أسلم الكافر وعتق العبد ثم مات
بعد وصول الرمية إليه فالمساواة غير موجودة وقت السبب وهو الرمي ووجدت بعده وقبل المسبب
وهو الموت وترك الشارح مثال ما إذا كانت المساواة موجودة حين السبب وزالت قبل المسبب
وذلك كما لو جرح مسلم مسلما فارتد المجروح ونزا جرحه فمات فلا قود في النفس قطعا لما علمت أن شرط
القود وجود المساواة حين السبب والمسبب معا اتفاقا، وكذا لا قصاص ولا دية في الجرح عند ابن
القاسم لاعتباره وقت المسبب والمجروح وقته غير معصوم فلا قصاص وقال أشهب بثبوت الدية في
الجرح لوجود المساواة حين السبب. قوله: (بضم الجيم) أي وهو أثر فعل الفاعل. قوله: (بأن يقصد
الضرب عدوانا) أي تعديا فنشأ عنه جرح لا لعب ولا للأدب فينشأ عنه جرح فلا قصاص فيه. قوله: (الخ)
أي وغير زائد حرية أو إسلام من حين الرمي إلى حين الجرح. قوله: (بأن يكون معصوما) أي
بأن يكون المحل المجني عليه معصوما. قوله: (للتلف) أي من حين الرمي إلى حين التلف أو إلى حين الإصابة
فالأولى بالنسبة للقطع والثاني بالنسبة للجرح حقيقة. قوله: (وكان الأولى تأخيره) أي تأخير الفاعل
وقوله ليتصل به أي ليتصل المستثني بالمستثنى منه وذلك بأن قول والجرح كالنفس في الفعل والمفعول
والفاعل إلا ناقصا جرح كاملا. قوله: (كما مر) أي في قوله وقتل الأدنى بالأعلى. قوله: (فحكومة) أي في
رقبة العبد وذمة الكافر. قوله: (فليس على الجاني) أي فليس على العبد أو الكافر الجاني إلا الأدب.
قوله: (ولم يمت) وأما إذا مات فقد تقدم أنه يقدم الأقوى فعلا فيقتص منه قتلا بقسامة ويقتص من غيره
جرحا مثل ما فعل فإن لم يكن فيها أقوى قتل الجميع كما إذا لم تتميز. قوله: (ولا ينظر لتفاوت الخ) أي
بل يقتص من كل واحد بمساحة ما جرح ولا يضر كون المساحة قد تكون ثلث عضو المجني عليه ونصف
عضو الجاني وبالعكس. قوله: (فيما إذا لم تتميز) أي والفرض أنهم لم يتمالؤا. قوله: (دية الجميع) أي جميع
الجراحات. قوله: (اقتص من كل بقدر الجميع) فإذا تعدد العضو المجني عليه بأن قلع واحد عينه وواحد
قطع رجله وكانا متمالئين على قلع عينه وقطع رجله فإنه تقلع عين كل واحد منهما وتقطع رجله
250

وإذا اتحد العضو المجني عليه كما إذا تمالا جماعة على قطع شخص فإنه يقطع كل واحد. قوله: (ولا قصاص
فيهما) أي لأنهما من المتالف. قوله: (وما قبلها) أي في الوجود وقوله وهي ستة أي وهي الدامية
والحارصة والسمحاق والباضعة والمتلاحمة والملطأة بالهمزة كما يأتي. قوله: (وفيها القصاص) أي سواء
كانت في الرأس أو الخد. قوله: (وهي ما أوضحت عظم الرأس الخ) أشار الشارح بهذا إلى أن أوضحت
صلة موصول محذوف خبر عن مبتدأ محذوف لا أنه صفة لموضحة لئلا يوهم التخصيص بهذه
الأماكن الثلاثة وأن غيرها يسمى موضحة لكن لا يقتص منه، وليس كذلك قال البساطي إنما
يظهر تعريف الموضحة بما ذكر باعتبار الدية، وأما باعتبار القصاص فلا فرق بين هذه وبين غيرها من
موضحة الحد واللحي الأسفل فمن حقه أن لا يذكر تفسيرها هنا إذ ليس شرطا في القصاص بل يقول
أوضحت العظم وإنما يحسن تفسيرها بما ذكر في الديات وأجاب الشارح عن ذلك بأن ما أوضح عظم
غير ما ذكر ليس موضحة عند الفقهاء، وإن كان يسمى عند اللغويين لأنها عندهم ما أوضح العظم مطلقا
فتفسير المصنف هنا إنما هو لبيان معناها في الاصطلاح وإن كان فيها القصاص مطلقا. قوله: (وإن اقتص
من عمده) أي من عمد ما أوضح عظم غير ما ذكر. قوله: (ولا يشترط في الموضحة) أي لا يشترط في
القصاص في الموضحة. قوله: (قدر مغرزها) أي في أي موضع من المواضع الثلاثة المذكورة في المتن
أو غيرها وكذا كل جرح كان مما يقتص فيه أو تتعين فيه الدية لا يشترط أن يكون له بال بل وإن كان
قدر مغرز إبرة. قوله: (وسابقها) أي السابق عليها في الوجود الخارجي. قوله: (وحارصة) بحاء مهملة
فألف فراء فصاد مهملتين وقوله شقت الجلد صلة لموصول محذوف خبر لمبتدأ محذوف أي وهي التي
شقت الجلد أي قطعته وكذا يقال فيما بعده. قوله: (أي في عدة مواضع) أي بأن أخذت فيه يمينا وشمالا.
قوله: (قربت للعظم ولم تصل له). حاصله أن الملطأة هي التي أزالت اللحم وقربت للعظم ولم تصل إليه
بل بقي بينه وبينها ستر رقيق فإن أزالت ذلك الستر ووصلت للعظم كانت موضحة. قوله: (كضربة
السوط) تشبيه بقوله واقتص من موضحة الخ. قوله: (والضرب بالعصا كاللطمة) أي في عدم
القصاص وذلك لخطرها وعدم انضباطها فربما زادت على الأولى بخلاف السوط. قوله: (إلا أن ينشأ
عما ذكر) أي من اللطمة والضرب بالعصا جرح فإن نشأ عنه جرح فالقصاص. قوله: (واقتص من
جراح الخ) أشار الشارح بذلك إلى أن قول المصنف وجراح الجسد عطف على موضحة. قوله: (غير
الرأس) أي وأما جراح الرأس فقد سبق الكلام عليها. قوله: (وإن منقله) صوابه وإن هاشمة فقد
قال مالك الامر المجمع عليه عندنا أن المنقلة لا تكون إلا في الرأس والوجه انظر المواق ا ه‍ بن.
قوله: (ويعتبر بالمساحة) أي ويعتبر القصاص في هذه الأمور وهي جراحات الرأس المذكورة
والجسد بالمسامحة بكسر الميم. قوله: (وهذا إن تحد المحل) أي واعتبار القصاص بالمساحة إنما يكون
إن اتحد المحل وهذا في الجرح الذي لم يحصل به إزالة عضو وأما إذا حصل به إزالة عضو فلا ينظر
للمساحة بل يقطع العضو الصغير بالكبير المماثل له وعكسه. قوله: (فلا يكمل بقية الجرح من عضوه الثاني)
251

أي بل تسقط تلك البقية قصاصا وعقلا. قوله: (المراد به من باشر القصاص من الجاني) أي وأما
الطبيب بمعنى المداوي فسيذكره المصنف في باب الشرب بقوله كطبيب جهل أو قصر وإنما سمي
المباشر للقصاص طبيبا لان الأصل فيه أن يكون من أهل الطب. قوله: (بقدر ما زاد) أي بقدر مساحة
ما زاد. قوله: (فلو نقص) أي عن المساحة المطلوبة وقوله فلا يقتص ثانيا أي من الجاني وقوله فإن مات
المقتص منه أي الذي زاد الطبيب في جرحه عن الجناية وقوله فلا شئ على الطبيب أي لا يقتص منه
فلا ينافي أن الدية على عاقلته، وقوله إذا لم يزد عمدا أي بل زاد خطأ فإن كان الزيادة عمدا فإنه يقتص
منه. قوله: (وإلا يتحد المحل) أي محل الجناية ومحل القصاص أعني عضو المجني عليه وعضو الجاني بل
اختلفا بأن قطع ذو يمين فقط ذا يسري. قوله: (بل أخطأ) أي بل زاد خطأ. قوله: (فالعقل على الجاني
وسقط القصاص) فلا تقطع يمنى بيسرى حيث كان لا يسرى للجاني ولا وسطى بسبابة حيث كان
لا سبابة له وهكذا لعدم اتحاد المحل. قوله: (فإن كان عمدا) أي فإن كان الجرح عمدا أي والفرض عدم
اتحاد المحل وقوله دون الثلث أي أو كان خطأ وكان عقله دون ثلث الدية الكاملة وقوله ففي ماله أي
فالعقل في ماله وأما إذا زاد الطبيب خطأ ومات الجاني فعقل ذلك على عاقلته. قوله: (كذي شلاء) تشبيه
في لزوم العقل دية أو حكومة وعدم القصاص. قوله: (عدمت النفع) إسناد عدم النفع لليد مجاز عقلي
لان الذي يعدم النفع صاحبها فحق الكلام النفع بها فحول الاسناد إليها. قوله: (فيؤخذ
عقلها) أي عقل الشلاء وهو حكومة من ذي الصحيحة. قوله: (فلا قصاص) أي فلا يقتص من
الشلاء للصحيحة. قوله: (ويتعين العقل) أي عقل الصيحة. قوله: (ويجوز أن يكون الخ) حاصل
هذا الاحتمال جعل الباء في قوله بصحيحة بمعنى على. وحاصل الأول جعلها بمعنى من وفي الكلام
حذف مضاف. قوله: (وظاهره ولو رضي الخ) أي ظاهره أنه لا يقتص من الشلاء بالصحيحة ولو
رضي الخ. قوله: (وهو كذلك) أي كما صرح به ابن شاس. قوله: (لكانت كالصحيحة في الجناية لها
وعليها) أي وحينئذ فتقطع بالصحيحة من غير تقييد برضا المجني عليه وهذا هو الذي نقله المواق عن
ابن شاس لكنه تعقبه بعده بنقله عن ابن يونس أن ذلك مقيد بالرضا فانظره ا ه‍ بن. قوله: (وفي
العكس) أي وهو ما إذا جنى أعمى على ذي عين سالمة فقلعها. قوله: (هي التي) أي الجراحات
التي طار فراش العظم منها لأجل الدواء. قوله: (ما شأنها ذلك) أي وإن لم يحصل نقل بالفعل.
قوله: (وآمة) هي التي تلي المنقلة في الوجود الخارجي. قوله: (وهي ما) أي وهي الجراحة التي أفضت أي
وصلت للدماغ وقوله أي لام الدماغ أشار إلى أن في كلام المصنف حذف مضاف. وحاصله
أن الآمة هي الجراحة التي أفضت أي وصلت لام الدماغ ولو بمغرز إبرة ولم تخرقها وإلا كانت
دامغة كما قال بعد. قوله: (خريطته) هي المعبر عنها سابقا بأم الدماغ. قوله: (وإلا مات) أي وإلا
فالموت يكون يكشفها عنه بالمرة وأما خرقها فلا يوجب الموت. قوله: (لا قصاص فيها) أي سواء كانت
عمدا أو خطأ. قوله: (ما لم يترتب عليها جرح) أي فإن ترتب عليها جرح اقتص منه بالجرح بدون ضرب وأما
252

إذا ترتب عليها ذهاب معنى، فإن أمكن إذهاب ذلك المعنى من الجاني بحيلة بدون ضرب فعل وإلا فالعقل
كما يأتي له في قوله وإن ذهب كبصر والعين قائمة الخ. قوله: (الهدب) أي الشعر النابت بأطراف الجفن من
فوق وأسفل بغير جلد ولا لحم. قوله: (مما لا قصاص فيه) أي سواء كان فيه عقل وهو ما أشار له بقوله وإلا
فالعقل وما ذكره بعده إلى الدامغة أو كان فيه حكومة وهو فتئ صحيح العين عين الأعمى وقطع ناطق
اللسان لسان الأبكم أو كان لا عقل فيه ولا حكومة كاللطمة ونتف هدب العين أو الحاجب أو اللحية
أو حلق ذلك إن عاد ذلك لما كان وإلا كان فيه الحكومة. قوله: (فيجب على المعتمد) أي باجتهاد الحاكم
وكما يجب الأدب في عمد ما لا قصاص فيه يجب الأدب أيضا في عمد ما فيه القصاص فتقطع يد الجاني
مثلا ويؤدب كما في ح. قوله: (وإلا أن يعظم) النسخة التي حل عليها خش وكأن يعظم الخطر في
غيرها كعظم الصدر قال وهذا تشبيه بما قبله في وجوب العقل وعدم القصاص. قوله: (لكان أولى)
لا يقال أنه عطف على قوله وإلا فالعقل لأنا نقول أن إلا فيه شرطية وإلا هنا استثنائية ولا تعطف الجملة
الاستثنائية على الشرطية. قوله: (كعظم الصدر) تمثيل لما قبله أو أنه تشبيه بما قبله في وجوب العقل وعدم
القصاص. قوله: (في رض الأنثيين) أي كسر الأنثيين أو إحداهما. قوله: (فيلزم الخ) أي وحينئذ فلا
يفعل ذلك بالجاني وإنما فيه العقل. قوله: (إن في قطعهما أو جرحهما القصاص) هذا هو المعتمد خلافا
لظاهر الرسالة من جعل ذلك كرضهما. قوله: (للامام الخ) يتعين أن فاعل أخاف ابن القاسم لأنه الذي في
التهذيب لا مالك خلافا لتجويز الشارح ذلك أيضا انظر تت. قوله: (وإن ذهب كبصر) الكاف اسم
بمعنى مثل فاعل ذهب أي إن ذهب مثل بصر أي إن ذهب بصر وما ماثله من المعاني كسمع وشم وذوق
ولمس وكلام ومثل ذلك قوة اليد والرجل كما في بن. قوله: (كالموضحة) أي ما لو جرحه عمدا فأوضحه
فذهب بذلك سمعه أو عقله أو هما. قوله: (اقتص منه) أي من الجاني بمثله أي بأن يوضح بعد برء المجني
عليه. قوله: (فإن حصل للجاني مثل الذاهب الخ) أشار الشارح إلى أن ضمير حصل عائد على الذاهب
على تقدير مضاف وأما ضمير زائد فهو عائد عليه من غير تقدير. قوله: (بأن ذهب شئ آخر مع الذاهب)
أي سواء كان من غير جنس الذاهب أو من جنسه كما لو ذهب بإيضاحه له السمع فاقتص منه فذهب
بصره زيادة على ما سمعه أو ذهب بإيضاحه بعض سمعه فاقتص منه فذهب سمعه بالمرة. قوله: (بأن لم يحصل شئ)
أي أو حصل بعض الذاهب أو حصل غيره أي كما لو ذهب بإيضاحه سمعه بالمرة فاقتص منه فلم يذهب
له شئ أو ذهب بعض سمعه أو ذهب بصره فقط. قوله: (حقه فدية ما ذهب) أي من المجني عليه فيه نظر
لاقتضائه أخذ جميع الدية وإن حصل للجاني بعضه وليس كذلك ا ه‍ بن. قوله: (في ماله) أي الجاني
هذا مذهب ابن القاسم وقال أشهب: إنها على عاقلته. قوله: (فدية مماثل ما لم يذهب) أي ومماثل ما لم يذهب
أي نظيره ما قام بالمجني عليه لا ما قام بالجاني لان الذي لم يذهب هو القائم بالجاني فإن قلت: ما المانع من بقاء
كلام المصنف على حاله ويراد بما لم يذهب من الجاني. قلت: المانع اقتضاؤه أنه إذا كان الجاني
امرأة على رجل فذهب بصر أحد عينيه فاقتص منها فلم يذهب بصر عينها فإنه يؤخذ دية
عينها وليس كذلك إذ دية عينها نصف ديتها ودية عين الرجل نصف ديته. قوله: (أي أمكن كذلك)
253

أي أمكن أن يفعل به كذلك. قوله: (لا خصوص اللطمة أو الضرب) أي لا بخصوص ما فعل الجاني من
الضرب أو اللطمة ويدل لذلك قضية سيدنا علي رضي الله عنه حيث وقع في خلافة عثمان أن رجلا لطم
شخصا فأذهب بصره والعين قائمة فأراد عثمان أن يقتص له منه فأعيا ذلك عليه وعلى الناس فتحيل علي
رضي الله عنه بإدناء مرآة محماة من عين الجاني وقيل استقبل بها الشمس ووضع كرسفا أي قطنا على
الحدقة لئلا تسيل فاختطف بصره. قوله: (وإلا فالعقل) أي وألا يستطاع ذلك فالعقل متعين لأنه بمنزلة
ما سقط فيه لقصاص لعدم إمكانه ويكون العقل في ماله لا على عاقلته. قوله: (ولا نظر) أي في اختلاف
المسألتين لكون العين في الثانية قائمة أي بخلاف الأولى فإنه لم يذكر فيها ذلك لأن العين في المسألتين قائمة
والذاهب فيهما إنما هو المنفعة تأمل. قوله: (كأن شلت يده الخ) قرره الشارح على أنه تشبيه بالمسألة الأولى
وهي قوله وإن ذهب كبصر الخ ويصح جعله تشبيها بما يليه أعني قوله وإلا فالعقل في تعيين العقل وعلى
هذا فيقيد بما إذا حصل الشلل بما لا قصاص فيه وعلى الأول بما فيه قصاص وشلت بفتح الشين أفصح
من ضمها بل قيل إنه خطأ. قوله: (بجرح) أي ملتبسة بجرح فيه القود كموضحة وأما إن ضربه على
رأسه بعصا فشلت يده فلا قود فيه وعليه دية اليد ولا ينظر لكون الضرب يمكن أن يحصل به الشلل
فيضرب على رأسه حتى يحصل أو لا يحصل به الشلل فيحكم بالدية. قوله: (وإلا فالعقل) أي في مال الجاني
لا على عاقلته. قوله: (وإن قطعت يد قاطع الخ) حاصله أن من قطع يد غيره عمدا ثم قطعت يد القاطع قبل
القصاص منه بسماوي أو بسرقة أو قصاص لغير هذا المجني عليه فلا شئ لهذا المجني عليه على ذلك الجاني.
قوله: (بخلاف مقطوع اليد) أي المماثلة لما قطعها وقوله فعليه الدية أي لعدم محل القصاص. قوله: (من
المرفق) احترز بذلك عما إذا قطع أقطع الكف يد غيره من الكوع فإنه تتعين الدية لعدم محل
القصاص. قوله: (فللمجني عليه القصاص أو الدية) قال أبو عمران الفرق بين هذه واليد الشلاء حيث
تعينت الدية على صاحبها إذا كان جانيا أن الشلاء كالميتة بخلاف هذه فإن في الساعد منفعة. قوله: (لأنه)
أي لان الباقي من عضوه. قوله: (مع أخذ الدية) أي مع أخذه باقي دية يده. قوله: (يقطع ذكر غيره) أي
بتمامه. قوله: (وأخذ الدية) أي دية ذكره هو. قوله: (الناقصة إصبعا) أي فقط أو أصبعا وبعض آخر سواء
كان النقص بجناية أو بغيرها وقوله الناقصة أصبعا أي من الجاني وقوله بالكاملة أي من المجني عليه.
قوله: (بلا غرم على الجاني) أي لأرش الإصبع الناقصة من يده. قوله: (في نقص الإصبع) أي بل يتعين قطع
الناقصة لذلك بالكاملة. قوله: (وخير) أي المجني عليه وقوله إن نقصت يده أي الجاني. قوله: (أكثر
من أصبع) المراد بالأكثر أصبعان فما فوقهما وأما الإصبع وبعض آخر فلا خيار فيه بل يتعين قطع
الناقصة لذلك الكاملة لان هذا نقص يسير لا يمنع المماثلة. قوله: (وفي أخذ الدية) أي وليس له أن
يقتص ويأخذ أرش الناقص من تلك اليد المقتص منها. قوله: (أي دية المجني عليها) أي الكاملة وقوله
لا الجاني أي لا دية يد الجاني الناقصة. قوله: (فالقود على الجاني الكامل الأصابع) أي ولا يغرم المجني
254

عليه الناقص الأصابع للجاني أرش إصبعه. قوله: (أكثر من إصبع) أي بأن كان الباقي اثنين أو ثلاثة.
قوله: (لزم أن يأخذ أزيد من حقه) أي فيخالف قوله تعالى والجروح قصاص أي يفعل بالجاني مثل
ما جنى مع الامكان. قوله: (لا يجوز الخ) حاصله أنه لا يجوز أن يقتص لمن قطعت يده من المرفق بأخف
من ذلك بأن يقطع يد الجاني من الكوع ويترك الباقي. قوله: (من مرفق) أي جناية حاصلة من مرفق.
قوله: (ولا يعاد القصاص) أي لأنه بمنزلة العفو يمنع من وقوع قصاص بعده وظاهر قوله فإن وقع أجزأ
ولا يعاد سواء وقع برضا المجني عليه أو بغير رضاه وانظره. قوله: (لان المماثلة مع الامكان حق لله) أي
إذا أراد المجني عليه عقوبة الجاني فلا ينافي أنه يجوز له أن يعفو عنه مجانا والحاصل أن العقوبة أصلها
حق لمخلوق لجواز العفو فإن أريدت فتحديدها حق لله لا يتعدى. قوله: (وتؤخذ العين السليمة) حاصله
أن العين السليمة تؤخذ بالعين الضعيفة سواء كان ضعفها خلقة أو لكبر صاحبها أو لجدري أو لرمية
ونحوها كطرفة ولو أخذ صاحبها لها عقلا حيث كانت الجناية على تلك الضعيفة عمدا كما هو الموضوع،
فإن كانت الجناية خطأ فالدية كاملة إذا كان ضعفها بغير رمية بأن كان خلقة أو لكبر أو لجدري أو كان
برمية ولم يتمكن صاحبها من أخذ عقلها من الرامي الأول وأما إذا تمكن من أخذ عقلها منه ولو لم يأخذه
بالفعل غرم الجاني المخطئ لربها بحساب ما بقي من نورها بعد الرمي الأول. قوله: (بالضعيفة) أي المجني عليها.
قوله: (ولجدري أو لكرمية فالقود) ما ذكره من القود في هذين هو مذهب المدونة ولو أخذ لها
عقلا وقيل لا قصاص فيهما وقيده ابن الماجشون بما إذا كان النقص فاحشا قاله ابن الحاجب
انظر التوضيح ا ه‍ بن. قوله: (للاستغناء عنه) أي عن رجوعه لما قبله. قوله: (وإنما رجعناه للجدري)
أي ولما بعده ولم نرجعه لما بعده فقط ويجعل قوله ولجدري عطفا على ما قبله. قوله: (بما تقدم) أي من
الجدري والرمية والكبر والخلقة. قوله: (وهذا) أي الاخذ من الجاني بحساب ما بقي وقوله إن أخذ
لها أو لا عقلا الأولى إن تمكن من أخذ عقلها أخذه بالفعل أم لا وقوله وإلا فالدية أي وإلا يتمكن من
أخذ عقل لها فالدية كاملة. قوله: (مع إخلال ما هنا) أي لان ظاهره أن الجاني خطأ على العين
الضعيفة بكرمية يغرم بحساب ما بقي من نورها مطلقا سواء كان ربها أخذ لها عقلا أو لا قبل
الجناية أو لا. قوله: (فله القود وله أخذ الدية) ما ذكره المصنف من أن في عين الأعور
القصاص أو الدية كاملة ظاهره مطلقا ولو كان الأعور أخذ دية الأولى وهو كذلك على لصواب
للسنة ولان عين الأعور بمنزلة عينين في الانتفاع بها ثم إن ما ذكره من تخيير الأعور المجني عليه إذا
كان الجاني العينين أو سالم المماثلة للمجني عليها نحوه ابن عرفة عن ابن القاسم وأشهب، ولذا
255

قال المسناوي الفقه صحيح لكن تخيير المجني عليه بين الدية والقصاص مشكل لان مشهور المذهب
تحتم القصاص في العمد وأجيب بأن الموجب للتخيير هو عدم مساواة عين الجاني والمجني عليه في الدية
لان دية عين المجني عليه ألف دينار بخلاف عين الجاني كمن كفه مقطوعة وقطع يد رجل من المرفق ا ه‍.
وهذا الجواب يقوي أشكال التخيير في الصورة الثانية وهي ما إذا فقأ سالم المماثلة للمجني عليها
لوجود المساواة ا ه‍ بن. قوله: (فله القصاص من الأعور) أي بفقء عينه وإنما خير المجني عليه السالم
لعدم المساواة لان عين المجني عليه فيها نصف دية وعين الجاني فيها دية كاملة فلم يتساويا في العقل.
قوله: (ما ترك) أي السالم وقوله من عين الأعور بيان لما تركه السالم. قوله: (لما مر) علة لقوله وهي
دية كاملة والذي مر هو قوله لان عين الأعور بمنزلة عينين. قوله: (فنصف دية فقط) أي وليس للسالم
المجني عليه القصاص من الأعور لانعدام محله. قوله: (فالقود ونصف الدية) أي سواء فقأهما في
مرة واحدة أو إحداهما بعد الأخرى وبدأ بالتي ليس له مثلها أولا أو بالتي له مثلها على المشهور وهو
قول ابن القاسم. وقال أشهب إن بدأ بالتي له مثلها وثنى بالأخرى فالقصاص وألف دينار لتعين
القصاص بالمماثلة وصارت الثانية عين أعور فيها دبة كاملة وان فقأهما معا أو بدا بالتي ليس له مثلها
فالقود في المماثلة ونصف الدية في غيرها. قوله: (فثبتت) أي قبل أخذ عقلها. قوله: (لان المعتبر في القصاص
يوم الجرح) أي ويوم الجرح لم تكن ثابتة. قوله: (وفي الخطأ) أي وفيما إذا قلعها شخص خطأ ثم
أعيدت فثبتت قبل أخذ عقلها. قوله: (فلا يسقط العقل اتفاقا) المناسب لقوله يؤخذ عقله أن يقول
فلا يرد العقل اتفاقا. قوله: (والاستيفاء للعاصب) أي واستيفاء القصاص من الجاني لعاصب المقتول
لا لغيره ولذا قالوا لا يجوز القتل بمجرد ثبوته ولو عاينه الحاكم بأن أقر بالقتل ولم يعين المقتول أو شهدت
بينة بأنه قتل ولم تعين المقتول بل يحبس لاحتمال أن للمقتول عاصبا يعفو وقوله للعاصب أي من النسب
إن وجد وإلا فعاصب الولاء إن وجد وإلا فالامام. قوله: (للعاصب الذكر) أي وهو العاصب بنفسه
خرج العاصب لغيره أو مع غيره. قوله: (فلا دخل فيه لزوج) أي إلا أن يكون ابن عم لزوجته المقتولة.
قوله: (كالولاء) أحال ما هنا على مراتب الولاء ولم يذكرها هناك فالأولى الإحالة على النكاح لقوله
فيه وقدم ابن فابنه فأب فأخ فابنه فجد فعم فابنه الخ ا ه‍ بن. قوله: (لان المراد بالجد في باب الإرث
أي الذي يرث مع الاخوة. قوله: (وفي باب الولاء) أي والمراد بالجد الذي يقدم عليه الاخوة وبنوهم
في باب الولاء الجد دنية. قوله: (أن المراد الجد القريب) أي أن المراد بالجد الذي يساوي الاخوة في
الاستيفاء الجد القريب. قوله: (فإن لم يكن له عاصب أصلا) أي لا من النسب ولا من الولاء.
قوله: (وليس له العفو) أي لا يجوز له أن يعفو عن الجاني بعد ثبوت جنايته كما قال ابن الحاج
إلا أن يكون كل من القاتل والمقتول كافرا ثم يسلم القاتل كما قال ابن رشد.
قوله: (حلف النصف) أي كما يحلف الأخ النصف الثاني لان ميراث كل واحد في تلك الحالة
النصف فيحلف كل واحد منهما بقدر إرثه. قوله: (وهل إن زادت الاخوة على مثليه) أي بأن كانوا
ثلاثة فأكثر. قوله: (مطلقا) أي في العمد والخطأ. قوله: (أو إلا في العمد) أي أو يحلف الثلث إلا في العمد.
256

قوله: (تأويلان) أي لقولها وإن كانوا عشرة أخوة وجدا حلف الجد الجد ثلث الايمان والاخوة ثلثيها
فحملها ابن رشد على ظاهرها من العموم في العمد والخطأ وحمله بعض شيوخ عبد الحق على الخطأ وأما
في العمد فتقسم الايمان بينهم على عددهم. قوله: (فمحلهما في العمد ومعه أكثر من مثليه) أي والحال
أن معه أكثر من مثليه وأما في الخطأ إذا كان معه أكثر من مثليه فإنه يحلف ثلثها اتفاقا كما إذا كان
معه مثلاه إنه يحلف ثلثها في العمد والخطأ اتفاقا. قوله: (وانتظر غائب من العصبة) أي له حق في
الاستيفاء بأن كان مساويا للحاضر في الدرجة ليعفو أو يقتل ويحبس القاتل مدة الانتظار ويحدد لان
العادة الفرار في مثل ذلك ولا يطلق بكفيل إذ لا تصح الكفالة في القود وينفق عليه من ماله إن كان له
مال وإلا فمن بيت المال. فإن انتفيا ففي ح يطلق ولا يحبس حتى يموت جوعا وفي البدر القرافي ينفق
عليه الولي الحاضر ويرجع على أخيه إذا قدم إن قام بحقه. قوله: (لم تبعد غيبته) هذا قول ابن القاسم
في المجموعة وكأن المصنف فهم أنه تقييد للمدونة وظاهر المدونة عند ابن رشد وأبي عمران أن الغائب
ينتظر وإن بعدت غيبته. وقال سحنون ينتظر الغائب إلا أن يبعد جدا أو ييأس منه كالأسير ونحوه
وقيد به ابن يونس المدونة وجرى عليه بن الحاجب واختار ابن عرفة أن كلام سحنون مقابل للمدونة
لا تقييد لها وأنها باقية على إطلاقها كما قال ابن رشد وأبو عمران انظر ح. وبه تعلم ما في قول الشارح
تبعا لعبق إذا لم تبعد غيبته جدا ا ه‍ بن ثم قال ومحل الخلاف المذكور إذا غاب بعض العصبة
دون بعض فلو غابوا كلهم فالظاهر انتظارهم مطلقا ولو بعدت غيبتهم وفي مختصر الوقار ما يشهد لذلك ا ه‍.
والحاصل أنهم إذا غابوا كلهم انتظروا مطلقا قربت الغيبة أو بعدت وأما إذا غاب بعضهم
فظاهر المدونة كذلك ولابن القاسم في المجموعة ينتظر الغائب إذا لم تبعد غيبته فإن بعدت لم ينتظر
وظاهره ولو كان البعد لا جدا وقال سحنون ينتظر الغائب إن لم يبعد جدا ولم ييأس منه فاختلف
الأشياخ هل كلام سحنون تقييد للمدونة، وهو ما قاله ابن يونس وجرى عليه ابن الحاجب أو مقابل
للمدونة والمدونة باقية على إطلاقها وهو ما قاله ابن رشد وأبو عمران واختاره ابن عرفة. قوله: (وإن
أراد الحاضر القصاص) هذا شرط في انتظار الغائب وكذا هو شرط في انتظار من يأتي فيقال أن محل
انتظار المبرسم والمغمى عليه إذا طلب الصحيح القصاص. قوله: (وانتظر مغمى) أي وانتظر إفاقة
عاصب مغمى لقرب إفاقته. قوله: (ومبرسم) أي وانتظر إفاقة عاصب مبرسم. قوله: (يثقل معه
الدماغ) الذي في عبارة غيره يعتل معه الدماغ. قوله: (لا مجنون) أي لا ينتظر إفاقة عاصب مجنون
مطبق لم تعلم إفاقته. قوله: (ولا صغير) أي ولا ينتظر بلوغ عاصب صغير واحد أو متعدد.
قوله: (لم يتوقف الثبوت) أي ثبوت القتل عليه بحلف أيمان القسامة. قوله: (ولو أبعد) أي
هذا إذا كانوا مساوين له في الدرجة بل وإن كانوا أبعد منه في الدرجة. قوله: (وله) أي للابن
الصغير وقوله أولهما أي للابنين الصغيرين وقوله أخوان أو عمان الخ أي فيحلف من ذكر ويثبت
الدم فإن اقتصا فظاهر وإن عفيا أو واحد سقط القتل وللصغير أو الصغيرين دية عمد هذا هو
المرتضى والموافق للمدونة، خلافا لقول ابن رشد بانتظار بلوغ الصغار فالمصنف ماش على كلام المدونة
ومحل الخلاف المذكور فيما إذا كان ثبوت القتل يحتاج لقسامة كما قال الشارح، وأما لو ثبت القتل ببينة
أو إقرار فلا ينتظر بلوغ الصغير اتفاقا ولو تعدد وللكبار القصاص حالا فإن عفا بعضهم فلا قصاص ولمن
لم يعف نصيبه من الدية. قوله: (وأما لو توقف القصاص) الأنسب وأما لو توقف ثبوت القصاص على
بلوغه. قوله: (وكذا إن وجد واحد معه كبير) أي ولم يكن له عاصب يستعين به. قوله: (ويثبت القصاص)
257

أي فإن شاء بعد ذلك اقتص أو عفا. قوله: (ففيه القصاص) أي حالا بلا انتظار. قوله: (أي والاستيفاء
أيضا للنساء بشرطين) اعلم أن الشرطين المذكورين لثبوت أصل الاستيفاء لهن وأما كونهن ينفردن
به عن العصبة من الرجال أو تقع المشاركة بينهم فيه فهذا مبحث آخر سيأتي في قول المصنف ولكل القتل الخ.
قوله: (لأنه أنزل منها بالقوة) أي وإن ساواها في الدرجة لان درجة الاخوة جامعة للكل. قوله: (فكلام
المصنف يشملها) لان قوله ولم يساوهن عاصب صادق بما إذا كان عدم المساواة في الدرجة
أو في القوة فإذا علمت أن الأخت الشقيقة مع الأخ للأب لها حق في الاستيفاء وأن كلام المصنف
يشملها تعلم أن الأولى للشارح أن يقول بعد قول المصنف ولم يساوهن عاصب، أي في الدرجة أو
القوة ولا يقتصر على الدرجة. قوله: (فكان عليه زيادة شرط ثالث) أي بأن يقول وكن لو كان في
درجتهن رجل ورث بالتعصيب فتخرج الأخت للأم والزوجة والجدة للأم. قوله: (ولكل القتل)
هذا إذا كان المستحقون للدم نساء ورجالا أنزل منهن وسيأتي ما إذا كان المستحق للدم فقط
في قوله سقط ان عفا رجل الخ وسيأتي ما إذا كان المستحق الدم نساء فقط في قوله وإن عفت بنت
نظر الحاكم. وحاصل ما يتعلق بالقسم الأول وهو ما إذا كان مع النساء عاصب لم يساوهن أن تقول
أنهن إما أن يحزن الميراث كله أو لا فإن لم يحزنه كالبنات والأخوات فكل من طلب القتل من الفريقين
أجيب له ولا عفو إلا باجتماعهم ثبت القتل بقسامة أو غيرها، وهذا مراده بقوله ولكل القتل ولا
عفو إلا باجتماعهم وإن حزن الميراث كالبنات والأخوات والأعمام، فإن ثبت القتل بقسامة فلا
عفو إلا باجتماعهم أيضا ولكل منهما القصاص إن طلبه، وإن ثبت بغيرها فلا حق للعصبة معهن لا في
عفو ولا في قود باتفاق كما في التوضيح وهذا مراد المصنف بقوله كأن حزن الميراث. قوله: (فلكل
القتل) أي فمن طلبه من الفريقين أجيب لذلك وأما العفو فلا يكون إلا باجتماعهم. قوله: (فإنه لا كلام
للعصبة) أي لا كلام لهم معهن لا في عفو ولا في قود. قوله: (والحق في
القتل) أي وكذلك في العفو. قوله: (فلكل القتل) أي فلكل من النساء والعصبة القتل فكل من طلبه من الفريقين أجيب له. قوله: (سواء
ثبت ببينة أو قسامة) أي أو إقرار. قوله: (وهو داخل في قوله الخ) الأولى أن يقول هذا مراده بقوله
ولكل القتل ولا عفوا لاجتماعهم. قوله: (والوارث) أي لمن له ولاية الاستيفاء ومراده بالوارث من كان
عاصبا بالفعل ومن لو ذكر عصب فلا يدخل الزوج والزوجة في كلامه. قوله: (ينتقل له من الكلام في
الاستيفاء وعدمه ما كان لمورثه) سواء كان ذلك الوارث الذي ورث من لها الاستيفاء ذكرا أو أنثى
حتى لو كان الوارث المذكور ذكرا أو أنثى كان الكلام لهما معا وإن استوت درجتهما كموت ابن المقتول
عن ابن وبنت فلها الكلام مع أخيها ولا يراعي في وارث ولي المقتول الأنثى عدم مساواة عاصب لها كما
روعي ذلك في أولياء المقتول وإذا كان الكلام لبنت المقتول وعمها وماتت عن بنت كان لها الكلام مع
العم. قوله: (وللصغير) أي مع كبار كلهم مستحقون للاستيفاء. قوله: (ولوليه النظر) اللام للاختصاص أي أن
الولي مختص بالنظر في قتل الجاني وأخذ الدية وهذا لا ينافي إن فعل الأصلح منهما واجب عليه فإذا رأى
258

المصلحة في أخذ الدية أخذت من الجاني قهرا عنه ولو أبى من دفعها وقال ليس لكم إلا القصاص أو
العفو مجانا هكذا فهم ابن رشد. وقال إن ابن القاسم خالف أصله وذلك لان المحل ضرورة لأجل الصغير
فقوله القود متعين ما لم تدع الضرورة وهنا دعت الضرورة لعدمه. قوله: (أو غيرهما) أي كمقدم القاضي.
قوله: (إذا استحق الصغير الخ) أي كما لو قتلت أم الصغير وليس لها ولي غيره أما لو كان معا صغير كبير
استقل عن وصي الصغير بالقتل على المعتمد وقيل يتوقف على نظر الوصي معه والفرض أن القتل
ثبت ببينة أو إقرار. قوله: (ولا يجوز له أخذ الخ) أي فإن صالح ولي الصغير الجاني على أقل من الدية مع
ملاء الجاني رجع الصغير بعد رشده على القاتل ولا يرجع القاتل على الولي بشئ. قوله: (أو أخذ ديتها
كاملة) أي ولو أبى القاطع. قوله: (وليس له أن يصالح الخ) أي فإن صالح على أقل منها رجع الصغير بعد
رشده على الجاني ولا يرجع الجاني على الولي بشئ. قوله: (وكذا الصغير) قال بن الصواب حذفه لان
المصلحة لا تقتضي صلحه له بأقل. قوله: (فيجوز بأقل) أي فيجوز صلحه بأقل من الدية أي ويجوز له
القتل في الأولى والقطع في الثانية والموضوع أن المصلحة مستوية في كل من الصلح بالأقل والقصاص.
قوله: (والأحب أخذ المال الخ) أي أنه إذا تعدى شخص على عبد الصغير المولى عليه وكذا السفيه
وقتله أو جرحه وكان الجاني مماثلا فالأولى لولي الصغير وكذا ولي السفيه أن يأخذ القيمة من الجاني
في القتل وأرش نقصه في الجرح ولا يقتص من ذلك الجاني المماثل إذ لا نفع للصغير ولا للسفيه في
القصاص من الجاني. قوله: (أي الأولى) أشار الشارح بذلك إلى أن الأحب ليس صفة لمحذوف وأن
المعنى والقول الأحب المشعر بأن المسألة ذات خلاف إذ لا خلاف فيما ذكره المصنف. قوله: (ويقتص
من يعرف) في بن قال مالك وأحب إلى أن يولي الامام على الجرح رجلين عدلين ينظران ذلك
ويقيسانه فإنه لم يجد إلا واحدا فأرى ذلك مجزيا إن كان عدلا وفي ح لا يطلب أن يكون القصاص بما
جرح به فإذا أوضحه بحجر مثلا أوضح الموسى لا بحجر ا ه‍ وفي عبق شمل قوله ويقتص من يعرف
الجرح والقتل، ومحله في الثاني ما لم يسلم الجاني لولي المجني عليه فله قتله وإن لم يعرف لان الاختلاف في
القتل يسير كذا استظهره الشيخ أحمد الزرقاني وهو ظاهر البساطي ونقل المواق نحوه عن ظاهر المدونة.
قوله: (يدفعها المستحق للقصاص من ماله) هذا هو المشهور وقيل إن أجرة القصاص على الجاني لأنه ظالم
والظالم أحق بالحمل عليه وهذا الخلاف مبني على خلاف آخر وهو هل الواجب على الجاني التمكين
من نفسه فقط وحينئذ فالقطع ونحوه أمر زائد على الواجب فيكون أجر ذلك الزائد على مستحقه
أو الواجب عليه التسليم بمعنى القطع كما تسلم الحقوق المالية وحينئذ فأجرة القصاص عليه. قوله: (بأن
يسلمه له) أي لأجل أن يستوفي منه. قوله: (فلا يشدد عليه) أي بحبس أو تخشيب أو تكتيف قبل الجناية
منه. قوله: (لا يردها الحاكم للمجني عليه الخ) إن قلت أي فرق بين الجرح واقتل قلت الأصل عدم تمكين
الانسان من استيفاء حقه بنفسه لان من وظيفة الحكام تخليص الناس من بعضهم خرج القتل عن
الأصل بدليل خاص وهو تسليمه (ص) القاتل للمستحق وبقي ما عداه على أصله. قوله: (أن
اللام في للحكم للتخيير) أي فالحاكم مخير بين أن يقتل الجاني وأن يسلمه لولي المقتول ليستوفي منه
لكن ظاهر المدونة في غير موضع يدل على طلب ذلك من الحاكم أي يجب عليه رد القتل للولي فالأولى
جعل اللام في كلام المصنف للاختصاص ليوافق ظاهر المدونة. قوله: (وأخر القصاص) أي وجوبا.
قوله: (فيما دون النفس) أي وأما الجاني على النفس فلا يؤخر القصاص منه لما ذكر. قوله: (أي لزوالهما) هذا
259

يقتضي أن اللام في قوله لحر بمعنى إلى التي لانتهاء الغاية، وأن في الكلام حذف مضاف وهو غير متعين بل
يصح جعل اللام للتعليل ولا حذف ولا شئ. قوله: (ويحتمل أن يؤخر القصاص) أي فيما دون النفس
لبراء الجاني ولو تأخر البرء سنة. قوله: (كديته) أراد بها ما يشمل الحكومة فيما ليس فيه شئ مقدر من
الشارع وذلك لان جرح الخطأ إذا لم يكن فيه شئ مقرر يؤخذ أخذ عقله للبرء فإن برئ على شين أخذ
فيه حكومة وإن برئ على غير شين فلا شئ فيه. قوله: (كديته خطأ) ولو كجائفة أي كما تؤخر دية
الخطأ للبرء هذا إذا كانت تلك الدية لا تحملها العاقلة لكونها أقل من الثلث كدية الموضحة بل ولو
كانت تحملها العاقلة كدية الجائفة. وهذا مذهب ابن القاسم في المدونة ورد بلو على أشهب القائل
متى ما بلغ عقل الجرح الخطأ ثلث الدية فلا تأخير لوجوب ذلك على العاقلة ساعة الجرح انظر بن.
قوله: (وموضحة) الأولى إبدالها بالدامغة لان دية الموضحة لا تحملها العاقلة لأنها أقل من الثلث
لما سيأتي من أن في الموضحة نصف عشر الدية إذا كانت خطأ وأما عمدا ففيها القصاص بخلاف
الجائفة والآمة والدامغة فإن في كل ثلث الدية في العمد والخطأ. قوله: (فينتقل إلى القصاص الخ) أي
في جرح العمد وفيه أن موضوع الكلام الجرح الخطأ ولا قصاص فيه وقوله أو إلى ما تحمله العاقلة أي في
الخطأ وفيه أنه يقتضي أنه إذا لم يحصل سريان تكون دية الجائفة وما معها على الجاني مع أنها على العاقلة
فالأولى في التعليل أن يقول خوف السريان إلى النفس فتؤخذ الدية كاملة. قوله: (الجانية على طرف أو
نفس) الأولى حذف قوله على طرف لأنه قوله وإن بجرح مخيف فما قبل المبالغة خصوص الجناية
على النفس إذ المعنى وتؤخر الحامل الجانية هذا إذا كان القصاص منها بسبب نفس بل وإن كان
بسبب جرح يخاف عليها أو على الولد إذا فعل بها مثله. قوله: (وهذا) أي ومحل هذا وهو تأخيرها.
قوله: (إن ظهر حمله بقرينة للنساء) أي كتغير ذاتها وطلبها لما تشتهيه الحامل وقوله وإن لم تظهر حركته أي
هذا إذا ظهر لهم حركة الحمل بل وإن لم تظهر لهم حركته. قوله: (وإذا أخرت) أي لأجل حملها حبست الخ.
قوله: (كالحد الواجب عليها) أي فإنها تؤخر فيه لأجل حملها وتحبس ولا يقبل منها كفيل. قوله: (وتؤخر
المرضع) أي الجناية على نفس عمدا أي أو بجرح مخيف. قوله: (لوجود مرضع) أي حيث كان
يقبل غيرها وإلا وجب تأخيرها لمدة الرضاع وتأخير المرضع لوجود مرضع واجب كما هو حقيقة
الفعل فقول عبق وتؤخر المرضع جوازا فيه نظر قاله شيخنا العدوي. قوله: (وتؤخر الموالاة الخ)
أي أن الجاني إذا قطع طرفين وخيف عليه إذا قطعا منه معا الموت فإنه يقطع أحدهما ويؤخر قطع الثاني
لبرء الأول وليس المراد أنه يؤخر قطعهما معا ثم يقطعان معا إذ لا فائدة في التأخير حينئذ. قوله: (لم يقدر
عليهما) أي لم يقدر من وجبا عليه. قوله: (بأن خيف عليه من إقامتهما في فور) أي فلا يجمع بينهما في وقت
واحد بل يقام عليه أحدهما ثم يؤخر إلى أن يقدر على الثاني فيقام عليه. قوله: (وإلا انتظرت الاستطاعة)
أي قدرته أو يموت. قوله: (فالتبدئة بالقرعة) أي ولا ينظر لشدة ولا لخفة. قوله: (ولو كان أحدهما لله
والآخر لآدمي) أي كما إذا زنى وكان بكرا وقذف آخرا وقطع يده وقوله بدئ بما لله أي ويجمع عليه
أو يفرق إن أمكن وإلا بدئ بما للآدمي مجملا أو مفرقا إن أمكن وإلا انتظرت قدرته أو موته وسكت هما
إذا كان الحقان لشخص واحد كما لو قذفه وقطع يده، والحكم فيه مثل ما إذا كان الحقان لله فيقدم الأشد
260

إن لم يخف عليه على ما تقدم للشارح. قوله: (لا يؤخر جان) أي لا يؤخر قصاص على جان على نفس أو عضو
وكذا متلف لمال بدخول الحرم بل يقتص منه فيه فإن لجأ للمسجد الحرام أو للبيت أخرج منه واقتص
منه خارجه. قوله: (ولو المسجد الحرام) أي هذا إذا كان ذلك الحرم الذي دخله الجاني غير المسجد
الحرام بأن دخل الحرم المحدود وهو الذي لا يجاوز حلا بدون إحرام ولا يصاد منه بل ولو كان ذلك
الحرم الذي دخله الجاني المسجد الحرام أو البيت. قوله: (ويؤخذ من المسجد) أي ويخرج ذلك
الجاني من المسجد الحرام ليقام عليه الحد خارج المسجد ولو في الحرم ولا يقام عليه الحد في المسجد
لئلا يؤدي إلى تنجيسه وإخراجه من المسجد لإقامة الحد عليه مطلقا أي سواء كان فعل موجب ذلك
الحد في الحرم أو فعله خارجه ولجأ إليه. وأما قوله تعالى: * (ومن دخله كان آمنا) * فقيل أنه إخبار عما
كان في زمن الجاهلية بدليل أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم وقيل
أن الآية منسوخة بآية: * (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) * وقيل المراد * (ومن دخله كان آمنا) * من
العذاب في الآخرة وقيل أن الجملة إنشائية معنى أي أمنوه من لقتل والظلم إلا لموجب شرعي. قوله: (ولو
محرما) مبالغة في قوله ويؤخذ من المسجد. قوله: (وسقط القصاص) أي المفهوم من قوله ويقتص من
يعرف. قوله: (إن عفا رجل الخ) حاصله أنه إذا كان القائم بالدم رجالا فقط مستوين في الدرجة
والاستحقاق، فإن اجتمعوا كلهم على القصاص اقتصوا وإن طلب بعضهم القصاص وبعضهم العفو،
فالقول لمن طلب العفو ومتى حصل العفو من أحدهم سقط القصاص ولمن لم يعف نصيبه من دية عمد.
قوله: (والاستحقاق) أي استحقاق الدم. قوله: (إذ لا استحقاق للاخوة للأم) أي في الدم لما تقدم أن
الاستيفاء للعاصب وهم غير عصبة. قوله: (وأشار للمرتبة الثانية) أي وهي ما إذا كان القائم بالدم نساء
فقط وذلك لعدم مساواة عاصب لهن في الدرجة بأن لم يوجد عاصب أصلا أو وجد وكان أنزل منهن
درجة وقد حزن الميراث وثبت القتل بغير قسامة. قوله: (ولا يلزم من مساواتهما لها في الإرث) أي إذا لم
يكن وارث إلا هما. قوله: (عند ابن القاسم) راجع لقول المصنف والبنت أولى من الأخت في عفو وضده.
قوله: (فلا عفو لها) أي والقول للعصب في القصاص. قوله: (فلا عفو لهم) أي والقول قولها في طلب
القصاص. قوله: (على ما تقدم) أي من أن البنات إذا حزن الميراث وثبت القتل بقسامة فالقول لمن طلب
القتل من الرجال أو النساء ولا عفو إلا باجتماعهم وأما إذا ثبت بغيرها فلا حق للعصبة معهن لا في عفو
ولا في قود والحق للنساء. قوله: (أو عاصب لا كلام له) أي لكون القتل ثبت ببينة أو إقرار. قوله: (نظر
الحاكم في العفو وضده) أي أيهما أصلح فعله وذلك لأنه كالعصبة عند فقدها لارثه لبيت المال ما بقي
من مال المقتول، وإذا أمضى الامام بنظره عفو بعض البنات فلمن بقي منهن نصيبه من الدية، ومفهوم
بنت من بنات أنهن لو عفون كلهن أو أردن القتل لم يكن للامام نظر. قوله: (وفي اجتماع رجال) أي
مطلقا سواء كانوا وارثين كبنات وعصبات توقف الثبوت عليهم أم لا أو غير وارثين وتوقف
الثبوت عليهم لأجل القسامة كبنت وأخت وعصبة انظر بن. وشارحنا قصر كلام المصنف على الثاني
حيث قال وكان للرجال كلام بأن ثبت القتل بقسامة ولو قال الشارح وكان للرجال كلام لكونهم
261

وارثين ثبت القتل ببينة أو إقرار أو قسامة أو كانوا غير وارثين ولكن ثبت القتل بقسامة لكان
ذلك أولى وعليه يظهر ما ذكره من التكرار تأمل. قوله: (مكررة مع قوله فيما سبق وللنساء إن ورثن)
الأولى أن يقول مع قوله ولكل القتل ولا عفو إلا باجتماعهم كأن حزن الميراث وثبت القتل بقسامة
إذ قوله وللنساء إن ورثن لا تكرار فيه. قوله: (ومهما أسقط الخ) هذا راجع لجميع ما قدمه من قوله
وسقط إن عفا رجل كالباقي إلى هنا خلافا ما يوهمه ظاهر الشارح من قصره على قوله وسقط
إن عفا رجل كالباقي، ثم إن جواب الشرط محذوف قدره الشارح بقوله سقط القود لان هذا
هو الذي يترتب على الاسقاط يعني العفو وأما قوله فلمن بقي الخ فلا يترتب إلا على السقوط وحينئذ
فهو جواب لشرط مقدر كما أشار له الشارح. قوله: (وله التكلم أو هو مع غيره الخ) يعني
أن من عفا سقط حقه من الدم ومن الدية وما بقي منها يكون لمن بقي ممن له التكلم ولغيره من بقية
الورثة كالزوج أو الزوجة والاخوة للأم. قال في المدونة وإن عفا أحد ابنين سقط حظه
من الدية وبقيتها لمن بقي تدخل فيه الزوجة وغيرها. قوله: (وكذا إذا عفا الخ) كما لو كان للمقتول
بنون وبنات وزوج أو زوجة فعفا بعض البنين ثم بلغ من بقي ممن له التكلم فعفا فلا يضر ذلك من معهم
من أخواتهم والزوج أو الزوجة. قوله: (كولدين وزوج) أي فعفا أحد الوالدين ثم عفا أخوه فلا يضر
ذلك من معهما من الزوجة أو الزوج. قوله: (بخلاف ما لو عفوا) أي جميع من له التكلم. قوله: (كما
إذا كان من له التكلم واحدا الخ) وكما لو كان للمقتول بنون وبنات وزوج أو زوجة فعفا البنون
في فور واحد فيسقط حق البنات والزوج أو الزوجة من الدية. واعلم أن ما ذكره الشارح من
التفصيل محمول على ما إذا وقع الاسقاط مجانا أما إذا وقع على مال فلمن بقي من الورثة نصيبه من الدية
وإن لم يكن له تكلم سواء وقع الاسقاط من بعضهم أو من كلهم مترتبا أم لا. قوله: (ولو قسطا)
أي هذا إذا ورث دم نفسه كله بل ولو ورث قسطا أي جزأ منه. قال في المدونة إن ورث القاتل
أحد ورثة القتيل بطل قوده لأنه ملك من دمه حصة وقال أشهب لا يسقط القود عن الجاني إذا
ورث جزءا من دم نفسه إلا إذا كان من بقي يستقل الواحد منهم بالعفو كما في المثال الذي ذكره الشارح،
وأما إذا كان الباقي لا يستقل الواحد منهم بالعفو ولا بد في العفو من اجتماعهم عليه وكل من طلب القتل
فإنه يجاب فلا يسقط القود عن الجاني الوارث لجزء من دمه كمن قتل أخاه شقيقه وترك المقتول
بنتين وثلاثة أخوة أشقاء غير القاتل فمات أحدهم ولا وارث له إلا إخوته الثلاثة القاتل والأخوين
فقد ورث القاتل قسطا من نفسه ولا يسقط القصاص عنه حتى يعفو البنات والاخوة الباقون أو البعض
من كل. وقد رد المصنف على أشهب بلو ومقتضى رده عليه أن كلام أشهب خلاف لابن القاسم وأن
كلامه باق على إطلاقه لا أنه وفاق له كما قاله بعضهم. قوله: (مات أحدهم) أي ولا وارث له إلا إخوته.
قوله: (فإذا مات ولي الدم) أي كابن المقتول أو أخيه أو عمه. قوله: (ويكون لهن العفو الخ) أي
ولو كان معهن ذكور في درجتهن فليس بنات ولي الدم كبنات القتيل. قوله: (هذا مذهب ابن القاسم)
الإشارة راجعة لارث القصاص كإرث المال وقال أشهب إرث القصاص كالاستيفاء فإذا مات
ولي الدم فالذي ينزل منزلته إنما هو عصبته فيكون لهم العفو والقصاص وأما بناته وأمهاته فلا كلام لهن
في ذلك. قوله: (لزوجة ولي الدم) أي فإذا مات ولي الدم قام ورثته مقامة إلا زوجته. قوله: (ولا لزوج الخ)
262

فإذا ماتت بنت القتيل قام ورثتها مقامها إلا زوجها. قوله: (فيدخلان) أي الزوج والزوجة فيه.
قوله: (ولما قدم الخ) أشار بهذا الدخول إلى عدم معارضة قوله وجاز صلحه الخ لقوله فيما مر فالقود عينا وذلك
لان ما هنا مع تراضيهما أي الجاني وولي الدم وتعين القود فيما مر عند عدم التراضي. قوله: (أن العمد لا عقل
فيه) أي سواء كان قتلا أو جرحا وإنما يتعين فيه القود أي إذا لم يكن الجرح من المتالف وإلا فلا قود
فيه بل فيه الدية كالأمة والدامغة ومنقلة الرأس كما مر. قوله: (وجاز صلحه) من إضافة المصدر
لفاعله أي جاز أن يصالح الجاني ولي الدم أو المجروح في جناية العمد بأقل الخ. قوله: (وقد قدم هذا الخ)
أي وحينئذ فما هنا تكرار مع ما تقدم له في باب الصلح. تنبيه: لو صالح الجاني ولي الدم على شئ بشرط
أن يرحل من البلد ولا يعود إليها أصلا أو بعد مدة فأقوال ابن كنانة الشرط باطل والصلح جائز. وقال
ابن القاسم لا يجوز الصلح وينقض ويرجع لدية كاملة وقال ابن نافع ينقض الصلح ويقتص. وقال
المغيرة الشرط جائز والصلح لازم. وكان سحنون يعجبه قول المغيرة ويراه حسنا فإن التزم القاتل أنه
إن عاد للبلد فلهم القود أو الدية كان لهم ذلك انظر البدر القرافي. قوله: (مال في الذمة) أي فهو دين.
قوله: (فلا يجوز أخذ ذهب) أي مؤجل عن ورق وكذا يقال في العكس. قوله: (ولا أحدهما)
أي ولا يجوز أخذ أحدهما أي الذهب أو الورق حال كونه مؤجلا عن إبل ومثل أخذ أحدهما مؤجلا أخذ عرض
مؤجل عن إبل. قوله: (ويدخل في الصلح بأقل من الدية ضع وتعجل) أي إذا
عجل الأقل. قوله: (وجاز بما حل معجلا الخ) أي وجاز الصلح عن دية الخطأ بحال معجل في جميع
الأقسام المذكورة فيجوز أخذ ذهب معجل عن ورق وعكسه وكذا أخذ أحدهما معجلا عن
إبل والمراد بالتعجيل الدفع بالفعل وإنما اشترط ذلك لان الحلول من غير تعجيل لا يخرجه عن كونه
دينا فيلزم المحذور. قوله: (ولا يمضي على عاقلته) أي بالنسبة لما يلزم العاقلة من الدية لأنه فضولي وقوله
كعكسه أي بالنسبة لما يلزمه منها. والحاصل أن صلحه عنهم فيما يلزمه من دية الخطأ لا يمضي
وصلحهم عن الجاني فيما يلزمه منها لا يمضي ويمضي صلحهم بالنسبة لما ينو بهم وكذا صلحه يمضي
بالنسبة لما ينوبه. قوله: (فإن عفا المجني عليه خطأ) أي عن دية الخطأ وأما لو قال لا تعفوا عن قاتلي
عمدا فإن ثبت بقسامة فلأوليائه العفو ولهم القصاص وإن ثبت ببينة أو إقرار فلا عفو لهم قاله
أصبغ ولو وكل المقتول وكيلا على أن يعفو فإن ثبت القتل بقسامة فالامر للأولياء وإن ثبت ببينة
أو إقرار فالامر للوكيل في العفو كذا في البدر نقلا عن الغرياني على المدونة. قوله: (فتكون في ثلثه)
أي فإذا لم يكن له مال أصلا حط عن الجاني وعن عاقلته ثلثها ودفعوا لورثة المجني عليه ثلثيها.
قوله: (ضمت لماله) فإذا كان ماله ألفي دينار ضمت لهما وحطت عن العاقلة والجاني لان ثلث الجميع يحتملها
وإن كان ماله ألفا حط عنهم منها ثلث الألفين وهو ستمائة وستة وستون وثلثان ولزمهم ثلاثمائة وثلاثة
وثلاثون وثلث. قوله: (وتدخل الوصايا فيه) أي وتدخل الوصايا في دية الخطأ أي في ثلثها مضافا لثلث
ماله إن كان له مال فضمير فيه عائد على دية الخطأ على حذف مضاف كما علمت وإنما ذكر الضمير نظرا
لكونها أمرا واجبا كما أشار له الشارح أو نظرا لكونها مالا. قوله: (فيما وجب من ثلث الدية) أي دية الخطأ.
قوله: (ومنه ثلث الدية) أي لان الدية تضم لماله وتصير مالا وينظر لثلث الجميع فإن حمل الدية الموصى
بها فقط نفذت الوصية بها وإن كان هناك وصايا أخر اشترك الجميع في الثلث فإن حمل الجميع فلا
263

إشكال وإن ضاق عن الجميع وجب المصير لقول المصنف وقدم لضيق الثلث الخ. قوله: (فكان على
المصنف الخ) أصل هذا الاعتراض لابن غازي وهو مبني على أن بعد في كلام المصنف يضبط
بسكون العين ظرفا وأما إن ضبط بضم العين بصيغة الماضي فلا يتوجه هذا الاعتراض على المصنف.
قوله: (قبل السبب) أي أو بعده أيضا. قوله: (فتدخل الوصية في ثلث الدية) أي فإذا لم يكن له مال
أصلا دفع له ثلثها وإن كان له مال ضم للدية ودفع ثلث الجميع للموصى له. قوله: (أو أوصى بشئ) أي معين
كدار أو دابة معينة وأما غير المعين فهو قوله وتدخل الوصايا فيه فقول الشارح كدار الخ ينبغي حمل
ذلك على المعين. قوله: (ومحل دخول الوصية) أي في ثلث الدية وقوله من حيث هي أي سواء كانت
بثلثه أو بشئ معين أو غير معين كالوصية لزيد بعشرة ولعمرو بمائة وأشار الشارح بذلك. إلى أن
قول المصنف إذا عاش الخ شرط في قوله وتدخل الوصايا فيه وفيما بعده بالنظر لما قبل المبالغة.
قوله: (حيث أوصى بها قبل السبب) أي وأما إذا أوصى بعده فإنها تدخل في ثلث الدية من غير شرط.
قوله: (يمكنه فيه التغيير) أي لوصيته. قوله: (فلم يغير) أي الوصية الحاصلة منه قبل الجناية مع تمكنه من تغييرها
فلما عاش بعد السبب مدة يمكنه فيها التغيير ولم يغير نزل ذلك منزلة إحداثها بعده. قوله: (بخلاف العمد)
مخرج من قوله وتدخل وصاياه فيه كما أشار له الشارح. وحاصله أن من قتل عمدا ولم يعف عن قاتله
وله وصايا ثم بعد موته قبل ورثته الدية فإن وصاياه لا تدخل في الدية لأنها مال لم يعلم به الميت قبل موته
والوصايا لا تدخل إلا فيما علم للميت حين موته. قال في كتاب محمد ولو أن الموصى قال إن قبل أولادي
الدية فوصيتي فيها أو أوصى بثلثها لم يجز ولا يدخل شئ من وصايا في ثلثها لعدم علمه بها حين موته وقال ابن رشد ولو قال يخرج ثلثي مما علمت ومما لم اعلم لم يدخل في ذلك الدية لأنها مال لم يكن بل طرأ
للوارث بعد الموت ا ه‍ فظهر لك من هذا أن دية العمد قيل إنها مال من أموال الميت وعدم دخول
الوصايا فيها لعدم علمه بها حين الموت وقيل أنها ليست مالا له وإنما هي إذا قبلت مال طرأ للورثة بعد
الموت. قال بن: وفي الثاني نظر لاقتضائه أنه لا يقضي بها دينه وليس كذلك بل يقضي بها دينه كما في ح
والمواق فالصواب القول الأول وشارحنا قد جنح لما قاله ابن رشد حيث قال لأنها مال طرأ للوارث الخ.
قوله: (وإن عاش بعد الجرح ما يمكنه) أي مدة يمكنه فيها التغيير لوصيته ولم يغيرها. قوله: (فلا
دخل للوصية فيها) أي لأنها ليست بمال للميت. قوله: (إلا أن ينفذ مقتله) أي بقطع نخاع أو ثقب
مصران. وحاصله أن الجاني عمدا إذا أنفذ مقتلا من مقاتل المجني عليه الموصى بوصايا قبل الجناية ثم
إن أولياءه قبلوا الدية من الجاني وعلم المجني عليه بذلك القبول ولم يغير وصاياه الحاصلة منه مع تمكنه
من ذلك فإنها تدخل في ثلث تلك الدية لأنها مال له علم به قبل موته وسكوته عن تغييرها مع تمكنه بمنزلة
إحداثها بعد العلم. قوله: (كإحداثها) أي الوصايا بعده أي بعد العلم. قوله: (فلا يعمل بقوله) ولا عند محمد
ولا عند ابن رشد أما عند ابن رشد فلأنها مال طرأ للوارث إذا قبلها وأما عند محمد فلان الموصي لم يعلم
بكونها مالا له حين الموت. قوله: (ولا يدخل منها) أي من الدية شئ في ثلثه ولو قال ولا تدخل وصيته في
شئ منها كان أحسن. قوله: (فلا تدخل وصيته في دية العمد) أي بغير الشرط المذكور في المصنف وهو
قوله إلا أن ينفذ الخ وذلك لان الدية ليست من ماله وهو إنما أراد ما لم أعلم من مالي ثم إن عدم الدخول مبني
على ما لابن رشد وأما على كلام محمد فتدخل الوصية فيها تقول الشارح كما في النقل أي عن ابن رشد تأمل.
قوله: (أو صالح عنه بمال) أي وأخذه منه. قوله: (فلأوليائه القسامة الخ) أفاد المصنف أن الخيار للأولياء
لا للجاني فإذا أراد الجاني الرجوع فيما أخذ منه صلحا وطلب القسامة من الأولياء والقود فيه وأبى
264

الأولياء من ذلك وطلبوا إمضاء الصلح فلا كلام للجاني والكلام إنما هو للأولياء. قوله: (ورجع
الجاني) أي وإذا نقض الأولياء الصلح الحاصل من وليهم وأقسموا رجع الجاني بما أخذه منه المجني
عليه صلحا أي رجع بذلك على تركة المجني عليه. قوله: (إن صالح عنه) أي عن الجرح.
قوله: (الاستحلاف) أي تحليف الولي أنه لم يعف عنه وهذا قول ابن القاسم وقال أشهب ليس له تحليف
الولي بل إما أن يثبت الجاني ما ادعاه من العفو وإلا قتل وفي بن عن ابن عاشر استشكال تحليف الجاني
لولي الدم مع قولهم كل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها وعدوا من ذلك العفو. قوله: (على
عدم الخ) أشار إلى أن في كلام المصنف حذف مضاف وهو غير متعين لجواز جعل على للتعليل كما في
قوله تعالى: * (ولتكبروا الله على ما هداكم) * قوله: (حلف القاتل يمينا واحدة) أي إن ولى الدم عفا عنه.
قوله: (لا خمسين) أي لان الولي إنما يحلف يمينا واحدة أنه لم يعف وقد ردها على الجاني. قوله: (فإن نكل
قتل بلا قسامة) أي لان دعوى القاتل أن ولي الدم عفا عنه تتضمن اعترافه بالقتل. قوله: (حلفه الحاكم
على ذلك) أي على أن له بينة غائبة تشهد له بعفو الولي عنه. قوله: (وتلوم له بالاجتهاد الخ) أي فإذا مضت
مدة التلوم ولم تأت تلك البينة اقتص منه فإن اقتص الحاكم منه بعد التلوم فقدمت وشهدت بالعفو فينبغي
أن تكون الدية في مال الولي ولا يقتص منه ولا يكون من خطأ الامام فإن اقتص الحاكم من غير تلوم
فعلى عاقلته قطعا وانظر إذا قتله الولي من غير تلوم فهل كذلك على عاقلته أو يقتص منه ا ه‍ عبق.
قوله: (وقتل بما قتل به الخ) فهم منه أن الجراح ليست كذلك إذ يطلب فيها القصاص من الجاني بأرفق
مما جنى به فإذا أوضحه بحجر أو عصا اقتص منه بالموسى. قوله: (ولو نارا) لكن لا يشترط المماثلة في
الصفة ورد بلو على من قال لا يقتص بالنار ممن قتل بها وعلى المشهور يكون القصاص بالنار مستثنى
من النهي عن التعذيب بها. قوله: (إلا أن يثبت القتل بخمر) أي إلا أن يثبت ببينة أو إقراره على أنه
أكرهه على الاكثار من شربه حتى مات فلا يقتل بما قتل به بل يقتل قصاصا بالسيف. قوله: (أو
لواط أقر به) أي أنه إذا أقر بأنه لاط به فمات وثبت ذلك الاقرار بالبينة فلا يقتل بما قتل به بل
بالسيف والفرض أنه لم يستمر على إقراره بل رجع عنه ولا يقال إن من أقر بالزنا ورجع عن إقراره
يقبل رجوعه لان قبول رجوعه من حيث عدم رجمه فلا ينافي أنه يقتل بالسيف لإقراره بالقتل
لان إقراره بالقتل لا ينفع فيه رجوعه، قال البساطي معنى قولهم لا يقتل بلواط أنه لا يجعل له خشبة
تحرك في دبره حتى يموت لفحش ذلك وإلا فللواط لا يقتل عادة وموت المجني عليه فرض اتفاق.
قوله: (وأما لو ثبت بأربعة شهود الخ) أي أو بإقرار واستمر على إقراره. قوله: (ثبت ببينة أو إقرار)
أي فيقتص منه بالسيف ولا يؤمر ذلك الساحر أن يفعل السحر لنفسه بحيث يموت به لان الامر
بالمعصية معصية خلافا للبساطي القائل إنه إذا أقر به يؤمر بفعله لنفسه فإن مات وإلا فالسيف. قوله: (وهل والسم) أي إذا قتل الجاني به شخصا فإنه لا يقتل به وإنما يقتل بالسيف كالمستثنيات الأربع والسم
في كلام المصنف بالجر عطف على خمر. قوله: (أو يجتهد) عطف على مقدر كما أشار له الشارح. قوله: (تأويلان)
الأول لأبي محمد بن أبي زيد والثاني لابن رشد. قوله: (أي إن قتل بحجر قتل به) أي فيضرب به في محل
خطر بحيث يموت بسرعة لا أنه يرمي بالحجارة حتى يموت. قوله: (وكذا ما قبله) أي فمن قتل شخصا
بالتغريق أو بالخنق فإنه يفعل به مثل ذلك. قوله: (كذي عصوين) أي كذي ضربة عصوين وقوله أي
ضربه بالعصا مرتين أي فمات من ذلك. قوله: (ومكن مستحق للقصاص من السيف) يعني أن مستحق
265

الدم إذا طلب أن يقتص من الجاني بالسيف فإنه يجاب لذلك سواء كان الجاني قتل بالسيف أو بغيره
من الوجوه السابقة وسواء قتل بأخف من السيف أم لا. هذا هو المعتمد خلافا لابن عبد السلام القائل
أن محل ذلك ما لم يكن الجاني قتل بأخف من السيد كلحس فص وإلا فعل به ذلك ولا يقتل بالسيف،
وأشعر كلام المصنف هنا أن القتل بما قتل به حق لولي المجني عليه لا لله فلذا كان لولي المجني عليه أن
يختار السيف دون غيره. قوله: (إن تعمده) أي إن تعمد الطرف أي إن تعمد تلفه. قوله: (أي بطرف المجني عليه) أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف لم يقصد مثله راجع لما قبل المبالغة وقد تبع الشارح
في ذلك ابن مرزوق والمواق وكلام التوضيح يقتضي أنه قيد فيهما واستظهره بن. قوله: (ولو قصد المثلة)
أي بصاحب الأطراف التي قطعها. قوله: (كالأصابع تقطع عمدا) أي وأما لو قطعت خطأ فلا اندراج
فإذا قطع أصابع شخص خطأ ثم قطع كفه عمدا أخذ دية الأصابع وفي الكف حكومة. وأما قول
عبق تبعا لتت أخذ دية الأصابع اقتص للكف فقد اعترضه طفي بأن يد المجني عليه إذا كانت
ناقصة أكثر من الإصبع لا قصاص فيها سواء كان النقص بجناية عمدا أو خطأ وسواء كان الجاني ثانيا
هو الجاني أو لا أو غيره. قوله: (تندرج في قطع اليد) أي سواء كانت يد من قطعت أصابعه أو يد غيره
فإذا قطع أصابع شخص عمدا ثم قطع كفه عمدا بعد ذلك قطع الجاني من الكوع أو قطع أصابع
رجل ويد آخر من الكوع ويد آخر من المرفق قطع لهم من المرفق لم يقصد مثلة وإلا لم تندرج
الصورتين بل تقطع أصابعه أولا ثم كفه في الأولى وفي الثانية تقطع أصابعه ثم يده من الكوع ثم من
المرفق. قوله: (شرع في الكلام على الدية) مأخوذة من الودي بوزن الفتى وهو الهلاك سميت بذلك
لأنها مسببة عنها فسميت باسم سببها ودية كعدة محذوفة الفاء وهي الواو وعوض عنها هاء التأنيث.
قوله: (في قتل الذكر الحر المسلم) قيد بذلك لأنه سيأتي في كلام المصنف لزوم القيمة لقاتل الرقيق
وإن زادت على دية الحر ودية غير المسلم وأن الأنثى على النصف من الذكر. قوله: (على البادي) أي على
القاتل البادي من أي إقليم كان. قوله: (مائة من الإبل) أي فإن لم يكن عند أهل البادية إبل بل خيل مثلا
كلفوا بما في حاضرتهم كما قاله بن وقيل يكلفون قيمة الإبل. قوله: (مخمسة) أي تؤخذ من خمسة أنواع.
قوله: (وربعت في عمد) أي على أهل البادية لان الكلام فيهم والمشهور أن دية العمد حالة إلا أن
يشترط الاجل وقيل أنها تنجم في ثلاث سنين كدية الخطأ وأما إذا صالح الجاني على دنانير أو دراهم
أو عروض فلا اختلاف في أنها تكون حالة كما في بن. قوله: (مبهمة) أي بأن قال الأولياء عفونا أو نصالحكم
على الدية وأما إذا قيدوا بشئ بأن قالوا عفونا أو نصالحكم على لدية من كذا تعين أخذه وقوله كأن
يحصل الخ وكذلك العمد الذي سقط فيه القصاص لعدم وجود مثله في الجاني. قوله: (من الأصناف
الأربعة) بنت المخاض وبنت اللبون والحقة والجذعة. قوله: (والأم كذلك) أي وإن علت من مال
كل. قوله: (ولو مجوسيا) أي ولو كان الولد القاتل لولده مجوسيا واعلم أن الخلاف في تغليظها على الأب
المجوسي إنما هو فيما إذا قتل ولده المجوسي فقال عبد الملك لا تغلظ عليه لان دية المجوسي تشبه القيمة
وأنكره سحنون وقال أصحابنا يرون أنها تغلظ عليه إذا حكم بينهم لأن علة التغليظ سقوط القود
وأما إذا قتل ولده المسلم فإنها تغلظ عليه اتفاقا انظر بن. قوله: (وتحاكموا إلينا) لا يحتاج للتحاكم إذا كان
الولد مسلما بل يلزمه ذلك تحاكموا إلينا أو لا بخلاف ما إذا كان الولد غير مسلم فلا نحكم بينهم بذلك إلا إذا
266

ترافعوا إلينا. قوله: (وثلثا خلفة) أي فيكون شريكا لورثة ولده في خلفة بالثلث والثلثين. قوله: (بولده)
أي المسلم أو المجوسي. قوله: (أن لا يقصد إزهاق روحه) أي كرميه بحديدة أو سيف أراد بذلك أدبه
أو لم يرد شيئا (قوله فان قصده) أي حقيقة أو حكما فالحقيقي كأن يرمي عنقه بالسيف أو يضربه بعصا
أو سيف قاصدا بما ذكر إزهاق روحه ولا يعلم ذلك إلا منه والحكمي كما إذا أضجعه وشق جوفه وقال
فعلت ذلك حماقة ولم أقصد إزهاق روحه فلا يقبل ذلك منه ويقتل الأب بن. قوله: (فالقصاص) محله
ما لم يكن المستحق للدم ابنا آخر وإلا فليس له قتله بالأولى من تحليفه انظر بن. قوله: (كجرحه) أي
كجرح العمد أي كما تغلظ في جرح العمد سواء كان لجارح الأب أو كان أجنبيا فإن كان الأب فالدية
مثلثة وإن كان أجنبيا فمربعة. قوله: (كذلك يكون في الجرح) أي عمدا إذا كان لا قصاص فيه لكونه
صادرا من الأب أو من أجنبي وحصل من المجني عليه عفو عنه على الدية مبهمة أو لكونه من المتالف
وعلم من قولنا لكونه صادرا من الأب أو الأب لا يقتص منه في الجرح مطلقا ولو قصد جرح ولده
بخلاف القتل فإنه يقتص منه إذا قصد إزهاق روحه وهذا هو التحقيق. قوله: (من تربيع) أي إذا كان
الجرح من أجنبي وعفا عنه المجني عليه على الدية مبهمة. قوله: (أو تثليث) أي إذا كان الجرح من الأب.
قوله: (كالجائفة) أي فإن فيها ثلث الدية وقوله أم لا أي كالموضحة. قوله: (بنسبة ما لكل جرح الخ)
فالجائفة مثلا فيها ثلث الدية فيؤخذ مغلظا وكيفية تغليظه أن تنسب الأربعين خلفة للمائة تجدها
خمسين فيأخذ خمس الثلث من الخلفات وذلك ثلاثة عشر وثلث وتنسب الثلاثين حقة للمائة تجدها
خمسا وعشرا فيؤخذ خمس وعشر الثلث من الحقاق وذلك عشرة وكذلك الجذعة. قوله: (بلا حد سن)
أي في الخلفة. قوله: (وعلى العراقي الخ) استفيد من المصنف أن الدية إنما تكون من الإبل أو الذهب
أو الفضة فلا يؤخذ في الدية عندنا بقر ولا غنم ولا عرض فإذا لم يوجد في البلد خلاف ذلك فالذي
استظهره بعضهم أنهم يكلفون ما في أقرب البلاد إليهم الموجود فيها شئ من الأصناف الثلاثة، ولا
يؤخذ مما وجد عندهم خلافا لما في عبق حيث قال ولا يؤخذ في الدية عندنا بقر ولا غنم ولا عرض
وحيث لم يوجد في البلاد خلاف ذلك فينبغي التعويل عليه أي ينبغي التعويل على ما وجد عندهم
والاخذ منه. قوله: (إلا في المثلثة) استثناء من مقدر كما أشار له الشارح. قوله: (أي يزاد على قيمة
المخمسة) فيه نظر فإن الزيادة على دية الذهب أو الفضة فالأولى أن يقول أي يزاد على ما يجب عليه
من ذهب أوي فضة بقدر نسبة الخ. قوله: (حذف المستثنى منه) أي وهو قوله ولا يزاد على ذلك
وقوله وحذف مضاف أي وهو قدر وقوله من لأول أي الذي هو قوله بنسبة وقوله والثاني أي
الذي هو قوله الديتين والمضاف المحذوف من الثاني هو قيمة وفيه حذف مضاف أيضا وهو زيادة.
قوله: (وحذف المزيد عليه) أي الذي هو قوله على قيمة المخمسة على ما فيه كما علمت وقوله والمنسوب
إليه أي الذي هو المخمسة. قوله: (ما زادته المثلثة) أي ما زادته قيمة المثلثة وقوله على المخمسة أي على
267

قيمة المخمسة. قوله: (الذمي) أي وأما الحربي فلا قود فيه ولا دية لما تقدم من اشتراط العصمة.
قوله: (والمجوسي المعاهد) أي والذمي. قوله: (والمرتد) أي سواء قتل زمن الاستتابة أو بعدها. قوله: (ثلث
خمس) أي ثلث خمس دية الحر المسلم. قوله: (وقيل الخ) هذا قول سحنون وما مشى عليه المصنف هنا من
أن على عاقلته ثلث خمس دية الحر المسلم فهو قول ابن القاسم وقال أشهب فيه دية أهل الدين الذي
ارتد إليه. قوله: (كمرتد) أي يلزم قاتله الأدب ولا دية عليه مراعاة لمن لا يرى استتابته بل يقتل فورا.
قوله: (ممن ذكر) أي الحر المسلم والكتابي الذمي والمعاهد والمجوسي والمرتد. قوله: (وهكذا) أي فدية
الحرة الكتابية سواء كانت ذمية أو معاهدة ربع دية الحر المسلم ودية الحرة المجوسية أو المرتدة سدس
خمس دية الحر المسلم من الإبل ثلاثة أبعرة وثلث بعير ومن الذهب ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث
دينار ومن الورق أربعمائة درهم. قوله: (وفي الرقيق قيمته) أي إذا قتله حر مسلم عمدا أو خطأ لا إن
قتله مكافئ أو حر كافر عمدا فيقتل به. قوله: (وفي إلقاء الجنين وإن علقة) أي هذا إذا ألقته مضغة أو
كاملا بل وإن ألقته علقة أي دما مجتمعا بحيث إذا صب عليها الماء الحار لا يذوب لا الدم المجتمع الذي
إذا صب عليه الماء الحار يذوب لان هذا ليس فيه شئ خلافا لما يفيده كلام تت. قوله: (أو شم ريح)
أي كشم رائحة مسك أو سمك أو جبن مقلي فإذا شمت رائحة ذلك من الجيران مثلا فعليها الطلب
فإن لم تطلب ولم يعلموا بحملها حتى ألقته فعليها الغرة لتقصيرها وتسببها فإذا طلبت ولم يعطوها
ضمنوا علموا بحملها أم لا وكذا لو علموا به وبأن ريح الطعام أو المسك يسقطها ولم يعطوها وسقطت
فإنهم يضمنون وإن لم تطلب ويضمن من العادة تنبيهه على كالحقنة والسراب إذا لم ينبه عليه.
قوله: (من زوج) أي حالة كون ذلك الجنين ناشئا من زوج حر أو رقيق أو من زنا وكان الأولى للشارح أن
يؤخر هذا البيان عن قول المصنف ولو أمة. قوله: (وأما من سيدها) أي وأما جنين الأمة من سيدها
فسيأتي في قول المصنف والأمة من سيدها أي أن فيه عشر دية الحرة لا عشر واجب أمه لان
الواجب في أمة القيمة وهي قد تكون قدر دية الحرة أو أقل أو أكثر. قوله: (وإن كانت أمة القيمة)
انظر هل تعتبر القيمة يوم الالقاء أو يوم سببه الذي هو الضرب وشم الرائحة والتخويف.
قوله: (معجلا من العين) أي لا من العروض. والحاصل أن عشر واجب الأم المأخوذ في الجنين يكون
حالا ولا يكون منجما كالدية ويكون ذهبا أو ورقا فلا يكون من الإبل ولو كانوا أهل إبل كما قال
ابن القاسم خلافا لأشهب القائل تؤخذ الإبل من أهلها خمس فرائض حالة. قوله: (ويكون) أي عشر
وأحب الأم في مال الجاني أي في العمد مطلقا وكذا في الخطأ إلا أن يبلغ ثلث ديته فأكثر فعلى عاقلته.
قوله: (فألقت جنينا ميتا) أي فديته على عاقلة الجاني لأنها أكثر من ثلث ديته لان دية الجاني المجوسي ستة
وستون دينارا وثلثا دينار ثلثها اثنان وعشرون دينارا وسدس وثلث سدس والأم ديتها خمسمائة
دينار عشرها خمسون دينارا وهي أكثر من ثلث دية الجاني. قوله: (وأما جنين الأمة) أي من زنا أو من
زوج ولو كان حرا مسلما وكذا جنينها من سيدها. قوله: (فيتعين فيه النقد) أي العين ولا غرة فيه لكن
إن كان من زوج أو من زنا ففيه عشر قيمة الأم نقدا وإن كان من سيدها ففيه عشر دية الحرة نقدا.
قوله: (أقل سنها سبع سنين) أي وهي سن الاثغار وإنما اعتبر فيها ما ذكر لأجل أن يصح التفريق
268

قاله شيخنا. قوله: (عشر ديتها) أي عشر دية الحرة المسلمة لا عشر واجب الأمة التي هي أمه ثم إنه
لا مفهوم لقول المصنف من سيدها بل حيث كان ولدها حرا كالغارة للحر وكأمة الجد إذا تزوجها ابن ابنه أو
ابن بنته وحملت منه فحكمها كذلك أي في جنينها عشر دية الحرة المسلمة لا عشر قيمة أمه.
قوله: (والحرة النصرانية) أي وجنين الحرة النصرانية من زوجها العبد المسلم وأولى الحر المسلم كجنين
الحرة المسلمة ففيه عشر دية الحرة المسلمة نقدا أو وليدة تساوي ذلك. قوله: (أي المسلمة) دفع بهذا
ما يقال إن في كلامه تشبيه الشئ بنفسه إذ النصرانية حرة. قوله: (لأنه حر من جهة الخ) أي لان جنين
الحرة النصرانية من زوجها العبد المسلم حر من جهة أمه مسلم من جهة أبيه أي وحينئذ فيكون فيه ما في
جنين الحرة المسلمة وهو عشر دية الحرة المسلمة أو وليدة تساوي ذلك لا عشر واجب أمه واحترز
بقوله من زوجها الخ أي عن جنينها من زنا، ولو كان الزاني بها مسلما فإن الواجب فيه عشر واجب أمه
لا عشر دية الحرة لان ابن الزنا مقطوع النسب عن أبيه وحينئذ فلا ينظر لحاله وإنما ينظر لحال أمه
فقط هذا هو الظاهر كما قرره شيخنا خلافا لعبق. قوله: (ثم استثنى من وجوب الغرة) الأولى ثم استثنى
من وجوب أحد أمرين فقط وهو عشر واجب الأم أو الغرة. قوله: (فالاستثناء منقطع) أي لان
ما قبل إلا انفصل الجنين عن أمه ميتا وهي حية وما بعد إلا انفصل عنها حيا وهي حية أو ميتة.
قوله: (ولو مات عاجلا) رد بلو قول أشهب بنفي القسامة مع لزوم الدية إذا مات عاجلا واستحسنه اللخمي
قائلا أن موته بالفور يدل على أنه من ضرب الجاني مات. قال في التوضيح ووجه ما قاله ابن القاسم أن
هذا المولود لضعفه يخشى عليه الموت بأدنى الأسباب فيمكن أن موته بغير ضرب الجاني ا ه‍ بن.
قوله: (فلا غرة) أي لان الجنين إذا استهل صار من جملة الاحياء فلم يكن فيه غرة وعدم الدية
لتوقفها على القسامة وقد امتنع الأولياء منها وما قاله الشارح هو قول عبد الحق وهو المعتمد، وقال بعض
أشياخه إن لم يقسموا لهم الغرة فقط كمن قطعت يده ثم نزا فمات وأبوا أن يقسموا فلهم دية اليد
ورد بأنه قياس مع الفارق لان من قطعت يده ثم نزا فمات دية اليد قد تقررت بالقطع والجنين إذا
استهل صار من جملة الاحياء فلم يكن فيه غرة. والحاصل أن موجب الغرة مفقود باستهلاله
وموجب الدية في قطع اليد موجود ففرق بينهما فلا يصح قياس أحدهما على الآخر. قوله: (وإن تعمده الخ)
يعني أن ما تقدم من أنه إذا خرج حيا ومات فالدية إن أقسموا محله إذا كانت الجناية خطأ. وأما
إن تعمدها وكانت بضرب ظهر أو بطن فنزل حيا ثم مات فقال أشهب لا قود فيه بل تجب الدية في مال
الجاني بقسامة، قال ابن الحاجب وهو المشهور، وقال ابن القاسم يجب القصاص بقسامة. قال في
التوضيح وهو مذهب المدونة والمجموعة قال وألحق ابن شاس ضرب الرأس بالظهر والبطن في
جريان الخلاف بخلاف الرجل وشبهها ونص ابن أبي زيد في مختصره على أن ضربها في الرأس كضربها
في الرجل في نفي القصاص ووجوب الدية في مال الجاني ولا يجري فيه الخلاف الذي في ضرب البطن
والظهر ورجحه ابن عرفة ا ه‍ بن. قوله: (فنزل مستهلا ثم مات) احترز به عما إذا نزل ميتا فالغرة فقط.
قوله: (كتعمد ضرب يد أو رجل) أي فإن فيه الدية بقسامة قولا واحدا. قوله: (من عشر أو غرة الخ) أي
فأل للعهد الذكري. قوله: (وورث على الفرائض) أي فللأب الثلثان وللأم الثلث ما لم يكن له أخوة وإلا
269

كان للأم السدس خلافا لربيعة حيث قال تختص بها الأم لأنها كالعوض عن جزء منها وخلافا لقول
ابن هرمز للأم والأب على الثلث والثلثين ولو كان له إخوة وكان مالك أولا يقول بذلك ثم رجع
للأول. واعلم أنه إذا كان المنزل للجنين من الأبوين أو الاخوة كان كالقاتل فلا يرث من الواجب
المذكور شيئا. واعلم أيضا أن قول المصنف وورث على الفرائض لا يخالف قولهم أن الجنين إذا لم
يستهل صارخا لا يرث ولا يورث لان مرادهم لا يورث عنه مال يملكه والموروث هنا عوض ذاته.
قوله: (أي أن العامل فيه قيمة) أي لما فيه من معنى الفعل أي وإنما يقوم وقت برئه أي صحته.
قوله: (متعلق بنسبة الخ) أراد بالتعلق الارتباط المعنوي فلا ينافي أنه متعلق بمحذوف حال منه أي بمثل
نسبة نقصان الجناية من قيمته مأخوذ ذلك المثل من الدية ويصح تعلق قوله من الدية بفعل مقدر
أي يؤخذ بتلك النسبة من الدية. وحاصل الكلام أن في الجراح شيئا محكوما به مصورا بمثل نسبة
نقصان الجناية من قيمته حال كونه مفروضا عبوديته ناقصا إلى قيمته مفروضا عبوديته كاملا
مأخوذا ذلك المماثل للنسبة المذكورة من الدية. قوله: (ففيه ما قدره الشارع) أي سواء برئ على شين
أولا ثم إن الذي استحسنه ابن عرفة فيما إذا لم يكن في الجرح شئ مقدر القول بأن على الجاني أجرة
الطبيب وثمن الدواء سواء برئ على شين أم لا مع الحكومة في الأول وأما ما فيه شئ مقدر فليس فيه
سواه ولو برئ على شين سوى موضحة الوجه والرأس فيلزم مع القدر فيها أجرة الطبيب وثمن
الدواء. قوله: (فلا شئ فيه) أي واللازم للجاني الحكومة في الأم فقط. قوله: (مع ما نقص أمه) أي مع
الحكومة التي في نقص أمه. قوله: (منقطعا) لان ما قبل إلا في الجرح الذي ليس في شئ مقدر وما
بعدها فيما فيه شئ مقدر قال بن وفيه نظر بل هو متصل لان لفظ الجرح يشمل ما فيه شئ مقدر وما
ليس فيه شئ مقدر فكأنه قال وكل جرح فيه حكومة إلا الجائفة فما قبل إلا عمومه مراد تناولا
لا حكما مثل قام القوم إلا زيدا. قوله: (وهي مختصة الخ) أي لأنه كما يأتي ما أفضت للجوف أي دخلت
فيه ولو قدر إبرة فما خرق جلدة البطن ولم يصل للجوف فليس فيه إلا حكومة ومراده بالظهر والبطن
ما يشمل الجنب. قوله: (والآمة) أي عمدا أو خطأ إذ لا قصاص فيها وكذا يقال في الدامغة وقد
تقدم أن الآمة هي التي تفضي لخريطة الدماغ ولم تخرقه وإلا كانت دامغة. قوله: (فثلث) أي وهو
على العاقلة إن كانت الجناية خطأ وإلا ففي مال الجاني. قوله: (من الدية المخمسة) اعلم أن الدية مخمسة
في جراحات الخطأ جزما كدية القتل خطأ، وأما جراح العمد الذي لا قصاص فيه لخطره كالأم
والجائفة أو لعدم المماثل أو للعفو على الدية مبهمة أو لكون الجاني الأب فإنها تغلظ بالتربيع
إن كان الجاني غير الأب بالتثليث إن كان الجاني أبا كما مر. قوله: (ومثلهما الدامغة)
أي على المعتمد وقيل فيها حكومة وهو ظاهر المصنف حيث سكت عنها عند ذكر ما فيه
شئ مقدر. قوله: (وإلا الموضحة) تقدم أنها التي توضح عظم الرأس أو الجبهة أو الخدين.
قوله: (وإلا المنقلة) أي عمدا أو خطأ إذ لا قصاص فيها حيث كانت في الرأس وتقدم أنها التي يطير
فراش العظم منها لأجل الدواء. قوله: (عطف مرادف) أي لقول مالك في المدونة لا أراها إلا المنقلة.
270

قوله: (ولا يزاد على ما ذكر في هذه الجراح شئ وإن برئت بشين) يستثنى من هذه الموضحة فإنها إذا
برئت على شين وكانت في الوجه أو الرأس فإنه يدفع مع ديتها حكومة لما حصل بالشين على المشهور.
قوله: (لصح أيضا) أي لكنه اعتنى بالشين فبالغ عليه لان النقص يقتضي المخالفة لما ورد وما ورد لا يتوهم
النقص عنه بخلاف الزيادة فالتوهم فيها أكثر بدليل وجوده في الموضحة. قوله: (في الجراحات المذكورة)
أي وهي الجائفة والآمة والدامغة والموضحة والمنقلة. قوله: (ما ينبت عليه الأسنان العليا) أي وهو
كرسي الخد. قوله: (لا يتأتى في الآمة) بل في الموضحة والمنقلة وقوله لأنها مختصة بالرأس أي وحينئذ
فاشتراطه فيها لبيان الواقع. قوله: (فهو من باب صرف الكلام لما يصلح له) أي فقوله إن كن برأس راجع
للآمة والموضحة والمنقلة وقوله أو لحي أعلى راجع للموضحة والمنقلة لا للآمة. قوله: (وهكذا)
أي ففي منقلته عشر قيمته ونصف عشر قيمته. قوله: (بل في غيرهما كيد الخ) الذي يتأتى من الجراح
المذكورة في غيرهما كاليد والرجل إنما هو الموضحة والمنقلة. قوله: (باجتهاد الحاكم) فيه نظر
لما تقدم أنه يقوم عبدا فرضا ناقصا وكاملا وينظر ما بين القيمتين أي قيمته سالما ومجروحا ويؤخذ
من الدية بنسبة ما بين القيمتين بقول أهل المعرفة لا باجتهاد الامام وأجيب بأن مراد الشارح
باجتهاد الحاكم يعني مع أهل المعرفة في التقويم والنسبة فلا تخالف. قوله: (من جانب للآخر) أي
كأن يضربه في جنبه فتنفذ من الجانب الآخر. قوله: (أو من الظهر للبطن) أي كأن يضربه في بطنه
فتنفذ لظهره وبالعكس. قوله: (دية جائفتين) أي وذلك ثلثا دية النفس. قوله: (كتعدد الموضحة)
أي كما يتعدد الواجب إذا تعددت الموضحة الخ ففي الموضحتين عشر الدية الكاملة وفي المنقلتين
خمسها وعشرها وفي الآمتين ثلثاها. قوله: (إن لم تتصل) أي تلك المذكورات ببعضها وهذا راجع
لما بعد الكاف ولا يتصور رجوعه لما قبلها وهو نفوذ الجائفة لجهة أخرى لأنه لا يتأتى الاتصال.
قوله: (منفصلا عن الآخر) أي بأن يكون ما بين الموضحتين مثلا سالما لم يبلغ العظم سواء انسلخ الجلد
أم لا. قوله: (وإلا بأن اتصل ما بين الموضحتين الخ) اتصال ما بين الموضحتين هو أن يصل ما بينهما
للعظم حتى تصير الموضحتان شيئا واحدا واتصال ما بين المنقلتين أن يطير فراش العظم الذي بينهما
الدواء حتى يصير شيئا واحدا واتصال ما بين الآمتين أن يصل ما بين الآمتين لام الدماغ حتى
تصيرا آمة واحدة. قوله: (فلا يتعدد الخ) ذكر هذا وإن كان مفهوم شرط ليترتب عليه
قوله وأن بفور الخ. قوله: (وأن بفور) أي وإن كان تعددها على وجه الاتصال بفور الخ. قوله: (بل بالعكس) أي
لان الفور وإن كان بمعنى التتابع لكن المراد به الزمن المتتابع فيه فلذا صح جعله ظرفا وقد يجاب عن
المصنف بأن الباء للظرفية وفي للسببية ولامكان الجواب عن المصنف بما ذكر قال الشارح الأولى ولم
يقل الصواب. قوله: (فلكل حكمه) أي فلكل جرح ديته. وحاصل فقه المسألة أن الواجب يتعدد بتعدد
الجرح إن لم تتصل الجراحات أو اتصلت وكانت على التراخي لا إن اتصلت وكانت في فور
سواء كانت بضربة أو ضربات. قوله: (أو الصوت الخالي عن الحروف) أي فيمن ليس له إلا صوت
271

فقط كالأخرس. قوله: (وهو معنى في اللسان) أي قوة منبثة في العصب المفروش على جرم اللسان
يدرك بها الطعوم بمخالطة الرطوبة اللعابية التي في الفم ووصولها للعصب. قوله: (ولا يلزم الخ) هذا
رد على عبق القائل إن فيه حكومة واستدل لذلك بكون المصنف لم يذكره فيما فيه شئ مقدر. قوله: (أو
غيره) أي كإطعام أو سقي أو جرح أو نحو ذلك من الأفعال. قوله: (عمدا أو خطأ) اعلم أن لزوم الدية
في ذهاب ما ذكر بالفعل الخطأ ظاهر، وأما إذا كان الفعل عمدا فيقيد بما إذا كان الفعل لا قصاص فيه
كاللطمة ولم يمكن التحيل على ذهاب المنفعة، وإلا تحيل على ذهابها كما مر فإن كان ذهاب المنفعة
بفعل فيه القصاص كجرح اقتص مثله من الجاني فإن زال المعنى منه فواضح وإلا أخذ منه دية
ما ذهب كما مر. قوله: (فذهب بسببه شئ مما ذكر) أي من العقل وما بعده في كلام المصنف والشارح.
قوله: (بحساب ما ذهب) أي فإذا ضربه فصار يعتريه الجنون في كل شهر يوما مع ليلته كان له جزء من
ثلاثين جزأ من الدية وإن صار يعتريه الجنون في كل شهر يوما فقط أو ليلة فقط كان له جزء
من ستين جزأ من الدية ولا يراعي طول النهار ولا قصره ولا طول الليل ولا قصره حيث كان
يعتريه الجنون في الليل فقط أو في النهار فقط لان الليل الطويل والنهار القصير لما عاد لهما ما يأتي في ليل
قصير ونهار طويل صار أمر الليل والنهار متساويا. قوله: (فعليه واجب كل) أي فيلزمه دية كاملة
للعقل ونصف عشر دية للموضحة. قوله: (على المشهور) أي بناء على المشهور من أن محل العقل القلب
لا الرأس. قوله: (وقيل الخ) هذا مبني على مقابل المشهور من أن محل العقل الرأس وقوله وعليه
دية كاملة للعقل فقط أي لقول المصنف إلا المنفعة بمحلها. قوله: (بأن أفسد الخ) أي بأن فعل به
فعلا فأفسد إنعاظه أي انتصاب ذكره. قوله: (ولا تندرج فيه) أي في إبطال قوة الجماع أي
لا تندرج في ديته. قوله: (وإن كانت قوة الجماع فيه) أي وإن كانت قوة الجماع التي فسدت مندرجة
فيه أي في الصلب الذي أفسده. قوله: (أفسد منيه) أي بحيث صار لا يحصل منه نسل. قوله: (أو
في حصول تجذيمه) أي بأن فعل به فعلا فحصل بسبب ذلك تجذيمه الخ. قوله: (أو تسويده) ظاهره
وإن لم يعم السواد أو البرص جسمه وهو كذلك على الظاهر قاله عج. قوله: (ففيه حكومة)
أي كما أنه لو أذهب بعض كل فالظاهر أن في ذلك حكومة. قوله: (ففي قطعهما الدية) أي ففي مجرد قطعهما
بدون ذهاب سمع الدية. قوله: (ومذهب المدونة أن فيهما حكومة) أي وهو المشهور كما قاله ابن عرفة
وما قاله المصنف من وجوب الدية في مجرد قطعهما فقد تبع فيه تصحيح ابن الحاجب
انظر بن. قوله: (إذا لم يذهب سمعه) أي وإلا فالدية اتفاقا. قوله: (أو الشوي) يعني أن من فعل
بشخص فعلا أذهب به جلد رأسه بتمامه فإنه يلزمه دية كاملة وأما إن أذهب بعضها فعليه بحسابه
من الدية الكاملة وقيل يلزمه حكومة. قوله: (جلد الرأس) بتمامه وقوله جلدة الرأس أي
القطعة من جلدها. قوله: (أي في قلعهما) أي اخراجهما من محلهما وتصييرهما بارزتين كالزر
وقوله أو طمسهما أي فقئهما. قوله: (بأن أغلقت الحدقة) أي بفقئها وهذا تفسير للطمس. قوله: (ليس
فيهما) أي في طمس الحدقة وذهاب البصر دية وحكومة أي بل الواجب فيهما دية فقط.
272

قوله: (للسنة) بحث فيه بعضهم بأن ظاهر السنة مع المخالف القائل في العين الواحدة نصف الدية سواء
كانت عين صحيح أو أعور لعموم ما في كتاب عمرو بن حزم الذي أرسله له النبي (ص)
فإنه ذكر له فيه: أن في العين الواحدة نصف الدية وهذا عام في عين الأعور والصحيح وأجيب بأن
فعل الصحابة خصص عموم الحديث. قوله: (بخلاف كل زوج) فإن في أحدهما نصفه دخل في هذا
الأنثيان أيضا كما دخل ما ذكره الشارح ففي إحداهما نصف الدية سواء قطعها أو سلها أو رضها
والفرق بين عين الأعور والواحد من كل زوج مما ذكر أن العين تقوم مقام العينين في معظم الغرض
بخلاف إحدى اليدين والرجلين مثلا فلذا ألزم في عين الأعور دية كاملة وفي الواحد من كل زوج
نصفها وأيضا عين الأعور وردت السنة بالدية كاملة فيها بخلاف غيرها. قوله: (ولو من آخر الفخذ)
أي هذا إذا قطعهما من الكعبين أو من الركبتين بل ولو قطعهما من آخر الفخذين. قوله: (وفي ما رن
الانف) أي والدية كاملة في مارن الانف وفي الحشفة أي وهي رأس الذكر وفي قطع ما بقي منهما
بعد ذلك حكومة فلو قطع الأنف أو الذكر من أصله ابتداء فدية فقط. قوله: (فيقاس) أي ذلك البعض
الذي قطع منهما أي من المارن والحشفة مما فيه الدية. قوله: (لا يقاس) أي ذلك البعض المقطوع أي
لا ينسب ذلك البعض لأصل المارن والحشفة وإنما ينسب لنفس المارن والحشفة. قوله: (فلو قطعهما
مع الذكر فديتان) أي سواء قطعهما في مرتين أو في مرة واحدة كما في المواق وهذا إن فعل ذلك بحر
فإن فعله بعبد أدب في العمد ولا غرم إن لم ينقصه فإن نقصه غرم أرض نقصه. قوله: (وفي ذكر العنين)
وهو من لا يتأتى له به جماع لصغره أو لعدم اتعاظه لكبر أو علة عن جميع النساء وقوله قولان أي
لمالك قال في الذخيرة للذكر ستة أحوال تجب الدية في ثلاثة وتسقط في حالة وتختلف في اثنتين
فالثلاثة التي تجب فيها الدية قطعه جملة أو قطع الحشفة وحدها أو أبطل النسل منه بطعام أو شراب
وإن لم يبطل الانعاظ وتسقط الدية إذا قطع بعد قطع الحشفة وفيه حكومة ويختلف إذا قطع ممن
لا يصح منه النسل وهو قادر على الاستمتاع أو عاجز عن إتيان النساء لصغر ذكره أو لعلة كالشيخ
الفاني فقيل دية وقيل حكومة والقولان لمالك. قوله: (والراجح الدية) أي وأما ذكر المعترض عن
بعض النساء ففيه الدية اتفاقا وفي ذكر الخنثى المشكل نصف دية ونصف حكومة لأنه على احتمال
ذكوريته فيه دية كاملة وعلى احتمال أنوثته فيه حكومة والمراد بالحكومة هنا ما يجتهد فيه الامام
لهذا العداء لا ما سبق في تقويمه لان قطع ذكر المرأة لا ينقصها. قوله: (وفي ثدييها) أي وفي قطع
ثدييها أي المرأة الدية وأما قطع ثدي الرجل ففيه حكومة لا دية. قوله: (إن بطل اللبن) أي بأن
انقطع وقوله أو فسد أي بأن صار دما وهذا شرط في قطع الحلمتين فإن قطعهما ولم يبطل اللبن
ولم يفسد فحكومة. قوله: (وكذا إن بطل) أي وكذا تلزم الدية كاملة إن بطل اللبن أو فسد
من غير قطع للحلمتين ولا لغيرهما وحينئذ فالدية للبن لا لقطع الحلمتين فمن ثم استظهر ابن عرفة أن
في قطع حلمتي العجوز حكومة كاليد الشلاء. قوله: (فإن عاد) أي اللبن لحاله بعد فساده أو بعد انقطاعه
في مسألة قطع اللبن أو فساده من غير قطع للحلمتين. قوله: (إذا قطع ثدياها الخ) فيه أن الدية في قطع
الثديين مطلقا سواء بطل اللبن أو فسد أولا فلا يحتاج لاستيناء فالأولى الاقتصار على قطع
273

الحلمتين بأن يقول إذا قطع حلمة ثدييها والحاصل أنه يستأني في قطع حلمتي الصغيرة بأخذ الدية إلى
اليأس من حصول اللبن فإن حصل اللبن في مدة الاستيناء فالامر ظاهر وهو عدم الدية لزوم الحكومة
وإلا أخذت الدية. قوله: (في الخطأ كالقود) الأوضح أن يقول بأخذ الدية وفي الخطأ كالقود في
العمد. قوله: (واستؤني في قلع سن الصغير الخ) حاصله أن سن الصغير الذي لم يثغر إذا قلعت عمدا
أو خطأ فإنه يستأني بأخذ ديتها في الخطأ وبالقصاص لها في العمد لأقصى الأجلين وهما اليأس
من عودها والسنة من يوم قلعها فكل ما كان أبعد منهما فإنه يستأني له فإذا حصل اليأس من
عودها قبل السنة انتظر تمامها وإن مضت سنة بعد قلعها قبل اليأس من عودها انتظر اليأس، فقول
المصنف واستؤني بسن الصغير لليأس أي إلى أن يحصل بأي من عودها فإن نبتت ي مدة الاستيناء
قبل اليأس فلا كلام وإن حصل اليأس ولم تنبت انتظر تمام سنة من حين قلعها إذا حصل
اليأس قبل السنة هذا محصل كلام الشارح. قوله: (شرط في مقدر الخ) الأولى مقابل لمقدر هذا
والأحسن أن يقال في حل المتن أن المعنى واستؤني في قلع سن صغير لم يثغر للاياس أي للسن الذي
تنبت فيه وإلا بأن جاوز السن الذي تنبت فيه ولم تنقض سنة انتظرت بقية السنة ووجبت الدية في
الخطأ والقصاص في العمد. قوله: (فينتظر أقصى الأجلين) أي وتجعل الدية في الخطأ حال
الانتظار تحت يد أمين إلا أن يكون الجاني مأمونا كما في بن عن اللخمي. قوله: (فإن مات) أي
الصغير المجني عليه بقلع سنه. قوله: (لم يقتص من الجاني) أي إذا كان متعمدا وأما إن كان مخطئا
فتؤخذ منه الدية. قوله: (وورثا) أي القود والدية إن مات أي الصغير قبل نبات سنه وبعد تمام السنة
واليأس. قوله: (وفي عود السن) أي سن الصغير التي قلعت قبل إثغاره. قوله: (أصغر) أي وأما إذا
عادت أكبر مما كانت فالظاهر أن فيها حكومة قاله عبق. قوله: (وجرب العقل) أي المدعي زواله
بجناية مع الشك في ذلك أي جربه أهل المعرفة باستغفاله في خلواته بأن يتجسس عليه فيها وينظر
هل يفعل أفعال العقلاء أو أفعال غيرهم. قوله: (المشكوك في زواله) أي بجناية. قوله: (ما نقص منه الخ)
أي من عقله من كونه نصفه أو ربعه أو زال كله. قوله: (على الثاني) أي على الأكثر وقوله على الأول
أي وهو الأقل. قوله: (أن المدعي هنا) أي بزوال عقل المجني عليه وقوله مولى المجني عليه أي
أبوه أو وصيه أو من قدمه القاضي للنظر في شأنه وقوله أو من يقوم مقامه أي كولي أبيه إذا
كان أبوه سفيها. قوله: (وجرب السمع) أي المدعي زوال بعضه من إحدى الاذنين مع الشك في
ذلك. قوله: (بدليل ما يأتي) أي وهو قوله مع سد الصحيحة. قوله: (مع سكون الريح) أي فإن كان
الريح غير ساكن صيح عليه من الجهة التي فيها الريح ساكن وأخرت الأخرى إلى أن يسكن. قوله: (من
الجهات الأربع) أي وهي المشرق والمغرب والجنوب والشمال. قوله: (في كل جهة) أي من تلك
274

الجهات الأربع. قوله: (ويصاح به كذلك) أي من مكان بعيد ثم يقرب منه شيئا فشيئا حتى يسمع
أو من مكان قريب ثم يتباعد الصائح شيئا فشيئا حتى لا يسمع وقوله ويصاح به كذلك أي ولو من
جهة واحدة فيما يظهر قاله عبق. قوله: (ويؤخذ من الدية النسبة) أي بتلك النسبة فإن كان الناقص
نصف سمع الصحيحة أعطى ربع دية كاملة وإن كان الناقص ثلث سمع الصحيحة أعطي سدس الدية
الكاملة. قوله: (ولكن فيهما) أي لكن بقي فيهما بقية من السمع أو بقي في إحداهما بقية منه وأما
لو ادعى ذهاب جميعه في الجناية عليهما وأنه لم يبق فيهما بقية فإنه يجرب بالأصوات القوية كالبوق
والطبل بالقرب منه بغفلة فإن انزعج فلا يصدق وإلا صدق. قوله: (ليست صحيحة قبل ذلك) أي قبل
الجناية بل كانت معدومة أو ضعيفة. قوله: (ويصاح عليه) أي من الجهات الأربع. قوله: (وهذا)
أي ما ذكر من أنه يقضي له بالدية بالنسبة لسمع وسط. قوله: (وإلا عمل على ما علم) أي فيعطي من الدية
بنسبة ما نقص لما علم هذا هو المراد. قوله: (لكن بشرطين) أي لكن إعطاؤه من الدية بنسبة سمعه
الصحيح أو بنسبة سمع وسط مشروط بشرطين. قوله: (إن حلف على ما ادعى الخ) هذه اليمين يمين
تهمة فلا ترد على الجاني إذا نكل المجني عليه وإنما كانت يمين تهمة لان الجاني لم يحقق كذب المجني
عليه وإنما يتهمه. قوله: (ولم يختلف قوله في ذلك اختلافا بينا) أي بأن لم يختلف قوله أصلا أو اختلف
اختلافا متقاربا. قوله: (وجرب البصر) أي المدعي ذهاب بعضه من إحدى العينين فإن ادعى
ذهاب جميعه من إحداهما أو منهما معا اختبر بالأشعة التي لاثبات البصر معها أو يشار إلى عينه
على حين غفلة ا ه‍ بن. قوله: (بإغلاق الصحيحة) أي وينظر إلى انتهاء ما أبصرت به المصابة من
أماكن مختلفة. قوله: (وتعرف النسبة) أي بين ما انتهى إليه بصر المصابة وما انتهى إليه بصر الصحيحة
وبتلك النسبة يعطي من الدية. قوله: (المدعي زواله) أي بتمامه. قوله: (لا يكاد يصبر الخ) أي
فإن صبر كان صادقا في دعواه وإلا كان كاذبا. قوله: (ونسب لشم وسط) فإذا قال أشم لعشرة أذرع
فقط صدق بيمين من غير اختبار بمشموم حاد الرائحة ونسب لشم وسط فإذا كان من مسافة
عشرين ذراعا أعطي نصف الدية وهكذا، وإنما لم يمتحن هنا بمثل ما مر في البصر والسمع لأنه
لا يعقل سد الجزء الباقي من لشم حتى يختبر ما ذهب من الشم من أماكن مختلفة ولشدة تفريق
الريح للرائحة فليست كالصوت والاجرام المبصرة. قوله: (وجرب النطق) ي المدعي ذهاب بعضه
بالجناية. قوله: (من ثلث الخ) أي فإذا كان قبل الجناية يقرأ ربع القرآن مرتلا في ساعة وبعدها
صار لا يقدر إلا على قراءة ثمنه مرتلا في الساعة فإنه يقضي له بنصف الدية وهكذا. قوله: (فإن شكوا)
أي في أن الذاهب بالجناية ربع نطقه أو ثلثه وقوله أو اختلفوا أي بأن جزم بعضهم بأن الذاهب
بالجناية ثلث نطقه وجزم بعضهم بأن الذاهب ربعه وقوله عمل بالأحوط أي وهو الحمل على الكثير
275

فيعطي ثلث الدية في المثال المذكور. قوله: (والظالم أحق الخ) علة لما قبله من العمل بالأحوط وهو الحمل
على الكثير وهذا التعليل ظاهر فيما إذا كانت الجناية عمدا وأما إذا كانت خطأ فإنه يحمل على الأقل
كالربع في المثال المذكور لان الدية لا تلزم بمشكوك فيه. قوله: (وجرب الذوق) أي المدعي ذهاب
كله بالجناية مع الشك في ذلك فإن ادعى زوال بعضه صدق بيمينه ونسب لذوق وسط مثل ما مر في الشم.
قوله: (أي بالشئ المر الذي لا صبر عليه عادة) أي كالحنظل والصبر فإذا أكل الحنظل ونحوه ولم يحصل
له من ذلك تأثر صدق في دعواه وإلا حمل على الكذب. قوله: (مما مر) أي من السمع والبصر
والشم ولا يشمل كلام المصنف العقل لان من ذهب عقله لا دعوى له فإن قلت: يراد بالمدعي ما يشمل
المجني عليه ووليه كما في مسألة العقل قلت: وليه لا يمين عليه إذ لا يحلف الشخص ليستحق غيره. قوله: (ولم
يكن اختباره بما تقدم) قد علمت أن ذهاب السمع كله يختبر بالأصوات المزعجة على غفلة كالبوق
والطبل وذهاب البصر كله يختبر بالأشعة التي لا ثبات للبصر معها وذهاب جميع الشم يختبر بالرائحة
الحادة وهذا قد تقدم دون الأولين فلم يتقدما لا للمصنف ولا للشارح فتأمل. قوله: (والضعيف) أي
والعضو الضعيف الذي لم يذهب جل نفعه حالة كون ضعفه ليس بجناية بل خلقة. قوله: (في القاص)
أي إذا كانت الجناية عليه عمدا وقوله والدية كاملة أي إذا كانت الجناية عليه خطأ وإنما قيدنا العضو
الضعيف بكونه لم يذهب حل نفعه لان الذاهب جل نفعه ليس فيه الدية إلا بحساب ما بقي فيه من
المنفعة. قوله: (على الجناية في النفس) أي وما هنا على الأطراف. قوله: (المجني عليها خطأ) أي جناية لم
تذهب جل منفعتها وقوله قبل ذلك أي قبل الجناية الثانية. قوله: (في القود) أي إن كانت الجناية الثالثة
عمدا وقوله والعقل كاملا أي إن كانت الجناية الثانية خطأ وقوله إن لم يأخذ لها عقلا راجع لقوله
والعقل كاملا. قوله: (فليس له من ديتها إلا بحسب ما بقي منها) أي كما أنه لو أذهبت الجناية الأولى جل
منفعتها ليس له من الدية إلا بحسب ما بقي منها. قوله: (وأما المجني عليها) أي أو لا عمدا. قوله: (أو لكرمية)
صادق بكون الرمية عمدا أو خطأ وقوله وإلا فبحسابه أي وألا يتعمده فبحسابه. قوله: (أي حيث
أخذ) أي أو لا عقلا أي فإن لم يأخذه فالدية كاملة. قوله: (أي لم يجب لها عقل بأن كان عمدا الخ) فيه
أن هذا يقتضي أن الجناية الأولى عمد وهو مخالف لما ذكره في أول الحل فالأولى أن يقول وقوله إن لم
يأخذ لها عقلا أي إن لم يتمكن من أخذ عقلها فإن أخذ لها عقلا بالفعل أو عفا عنه فله بحساب ما بقي.
وحاصل كلام المصنف هنا وفيما مر مع زيادة أربع صور الأولى ما إذا كانت الجناية الثانية عمدا. وحاصل
القول فيها أنه يقتص من الجاني مطلقا سواء كانت الأولى عمدا أو خطأ أخذ لها عقلا أم لا ما لم تكن
الأولى أذهبت جل المنفعة وإلا فلا قود. كما قال ابن رشد. وله من الدية بحساب ما بقي الثانية أن
تكون الثانية خطأ والأولى كذلك وأخذ لها عقلا فله في الجناية الثانية بحساب ما بقي وهذه مفهوم
الشرط هنا الثالثة أن يكون كل خطأ ولم يأخذ عقلا للأولى فإن كان لتعذر الاخذ من الجاني استحق
بالجناية الثانية كل الدية وهذه داخلة في منطوق المصنف إلا أن تذهب الأولى جل المنفعة فله بالجناية
الثانية بحساب ما بقي وإن كان عدم أخذه عقلا للأولى لعفوه عن الجاني فله بحساب ما بقي لأنه تبرع به
للجاني فكأنه أخذه الرابعة أن تكون الجناية الثانية خطأ والأولى عمدا، فإن كانت الجناية الأولى
أذهبت جل المنفعة فله بالجناية الثانية بحساب ما بقي وإن كانت الجناية الأولى لم تذهب جل المنفعة فإن
لم يصالح عنها بشئ فله في الثانية العقل كاملا وإن صولح عنها بشئ فله بالجناية الثانية بحساب ما بقي.
قوله: (والدية كاملة) أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف وفي لسان الخ عطف على قوله سابقا في العقل أي
276

والدية في العقل والسمع الخ وفي لسان الناطق. قوله: (في قطع لسان الناطق) أي كله أو بعضه. قوله: (وإن
لم يمنع النطق ما قطعه) أي وأما إن منع ما قطعه بعض النطق فله من الدية الكاملة بحسابه وكلام
المصنف فيما إذا كان القطع خطأ وأما إن كان عمدا ففي المدونة أن اللسان إذا كان يخشى فيه التلف
فلا قصاص فيه وإلا كان فيه القصاص ا ه‍ وظاهرها أنه لا فرق في ذلك بين أن يمنع النطق أو لا انظر بن
وقولها فلا قصاص فيه أي وإنما فيه حكومة. قوله: (كلسان الأخرس ففي قطعه الحكومة) أي إذا
لم يذهب بذل صوت الأخرس وإلا فالدية أي وأما لسان الصغير قبل نطقه فهل كذلك فيه حكومة
لان الدية لا تلزم بمشكوك فيه أو فيه الدية كاملة ويكون من مشمولات قول المصنف والدية في
لسان الناطق بناء على أن المراد الناطق ولو بالقوة لان الغالب نطقه بعد والخرس أمر نادر ولأنهم لم
يذكروا الحكومة إلا في لسان الأخرس واستظهر بعضهم الثاني. قوله: (واليد الشلاء أو الرجل الخ)
كانت الجناية عمدا أو خطأ وظاهره كغيره أن في كل من لسان الأخرس واليد والرجل الشلاء حكومة
ولو كان الجاني متعمدا مماثلا للمجني عليه في الخرس أو الشلل خلافا لما يؤخذ من كلام تت عند قول
المصنف وفي الإصبع الزائدة الخ من لزوم القصاص حينئذ. قوله: (دخلت في قوله والضعيف الخ)
أي فإن كان النفع الذي بها جل نفعها كانت كالسليمة ففيها القصاص في العمد والدية كاملة في الخطأ
وإن كان النفع الذي بها أقل من جل نفعها فله من الدية الكاملة بحساب ما كان فيها. قوله: (وهو ما عدا
الأصابع الخ) يعلم من هذا أن الساعد من المنكب إلى الأصابع باخراج الغاية. قوله: (وسواء ذهب
الكف الخ) أي وقطع ما عداه من الذراع أو قطعه مع الذراع فاللازم حكومة واحدة على كل حال.
قوله: (وقال أشهب فيهما) أي أليتي المرأة خطأ الدية أي لأنهما أعظم عليها من ثدييها والخلاف إنما
هو في أليتي المرأة خطأ وأما أليتا الرجل خطأ ففيهما حكومة اتفاقا. قوله: (وفي العمد) أي وفي قطع
الأليتين عمدا من رجل أو امرأة. قوله: (وسن مضطربة جدا بحيث لا يرجي ثبوتها) أي إذا تركت
فإذا جنى عليها انسان فقلعها ففيها حكومة ولو كان أخذ أولا لاضطرابها عقلا وذلك لان
قلعها ينقص الجمال هذا هو الصواب كما في بن. قوله: (ففيها العقل) أي إذا جنى عليها انسان
وقلعها. قوله: (وعسيب ذكر بعد ذهاب الحشفة) إطلاق العسيب على الباقي بعد الحشفة مجاز
باعتبار ما كان إذ قصبة الذكر إنما يقال لها عسيب مع وجود الحشفة وما ذكره المصنف من أن في
عسيب الذكر حكومة نحوه في المدونة. قال في التوضيح وقد يقال الظاهر لزوم الدية لأنه يجامع به
وتحصل به اللذة انظر بن. قوله: (فيه حكومة) أي قلعه عمدا أو خطأ. قوله: (وكذا شعر الرأس
واللحية) أي في قلع كل الحكومة سواء كان عمدا أو خطأ كان قلعه بحلق أو نتف إن لم ينبت فإن
نبت وعاد لهيئته فلا شئ فيه إلا الأدب في العمد وقوله وكذا شعر الرأس أي بالنسبة لرجال غير
معتادين لحلقها أو لنساء وأما بالنسبة لرجال معتادين لحلقها فالذي يظهر أنه لا شئ فيه. قوله: (بخلاف
عمد غيره) أي غير الظفر وهو الحاجب وما بعده وقوله ففيه الأدب أي مع الحكومة إن لم ينبت
وأما إن نبت فالأدب فقط. قوله: (وإفضاء) أي فيه حكومة ابن الحاجب في الافضاء قولان
حكومة ودية قال في التوضيح والقول بالحكومة مذهب المدونة وأقول بالدية لابن القاسم
277

وهو الأقرب وعلله ابن شعبان بأنه يمنعها من اللذة ولا تمسك الولد ولا البول إلى الخلاء ولان مصيبتها
أعظم من الشفرين وقد نصوا على وجوب الدية فيهما ا ه‍ بن. قوله: (ولا يندرج الافضاء تحت مهر)
يعني أن الزوج أو الغاصب إذا أفضاها بالجماع فإنه يلزمه حكومة للافضاء زيادة على المهر ولا تندرج
حكومة الافضاء في المهر اللازم بالوطئ. قوله: (أو من أجنبي اغتصبها) مفهومه أنه لو فعله أي الوطئ
بها الأجنبي طائعة لم يكن لها شئ في الافضاء وهو الذي نقله في التوضيح والمواق عن المدونة ونحوه
في ابن عرفة، ثم قال الصقلي الفرق بين الزوجة والأجنبية أن طوع الزوجة واجب لا تقدر على
منعه والأجنبية يجب عليها منعه فطوعها كما لو أذنت له أن يوضحها ا ه‍ بن. قوله: (إلا بإصبعه)
كتب شيخنا العدوي أنه حرام ويؤدب. قوله: (إن طلق قبل البناء) أشار بهذا إلى أن لزوم الأرش في
الزوج مقيد بما إذا طلقها قبل الدخول وإلا اندرج لابن رشد وقيد به ح وعج ا ه‍ بن
ويتصور إزالتها بإصبعه قبل البناء بأن يفعل بها ذلك بحضرة نساء لا في خلوة اهتداء. قوله: (اندرجت)
أي سواء أزالها بإصبعه كما هو الموضوع أو بذكره. قوله: (وفي قطع كل إصبع) أي خطأ أو عمدا
وكان لا قصاص فيه إما لعدم المماثلة أو للعفو على الدية. قوله: (من ذكر أو أنثى) لا يقال الشمول
للأنثى ينافي ما سيأتي للمصنف من قوله وساوت المرأة الرجل لثلث ديته فترجع لديتها لان ما سيأتي
كالاستثناء مما هنا. قوله: (والمربعة) أي في العمد الذي لا قصاص فيه وقوله والمخمسة أي في القطع
خطأ لكن الذي في ح نقلا عن النوادر أن دية الأصابع والأسنان والجراح تؤخذ مخمسة ولا تربع
دية العمد إلا في النفس وما قاله الشارح هو الموافق لما مر في المصنف. قوله: (بخلاف قراءته بالفتح) أي
فإنه خاص بدية الذكر الحر المسلم من الإبل. قوله: (إلا في الايهام) أي خلافا لبقية الأئمة حيث قالوا في
الأنملة ثلث العشر ولو في الابهام. قوله: (فنصفه) أي العشر. قوله: (أو خمسون دينارا لأهل الذهب)
أي وستمائة درهم لأهل الفضة. قوله: (عشر) أي عشر دية من قطعت منه. قوله: (لعدم المساواة)
أي فلو كان للجاني زائدة مماثلة لما جنى عليها لاقتص منها في العمد. قوله: (أو مع غيرها) أي من الأصلية.
قوله: (وإلا فلا شئ فيها) أي وإلا تفرد بالقطع بل قطعت مع الكف أو مع غيرها من الأصابع
الأصلية فلا شئ فيها. قوله: (هو المفهوم) أي وليس شرطا في المنطوق لما علمت أن الزائدة
القوية فيها عشر الدية المجني عليه مطلقا سواء أفردت بالقطع أو قطعت مع غيرها. والحاصل أن هذا
الشرط إن رجع للمنطوق كما هو ظاهر المصنف فلا مفهوم له وإن رجع للمفهوم كان مفهومه معتبرا.
قوله: (مطلقا) أي قطعت عمدا أو خطأ قطعت وحدها أو مع غيرها. قوله: (خمس من الإبل)
أي أو خمسون دينارا على أهل الذهب أو ستمائة درهم على أهل الورق وإذا أخذت دية السن
والأصابع والجراح فتؤخذ مخمسة قاله في النوادر انظر ح قاله بن. قوله: (نصف عشر) أي نصف
عشر دية المجني عليه سواء كان ذكرا أو أنثى مسلما أو كافرا ويخصص عموم ما هنا بقوله فيما يأتي
وساوت المرأة الخ كما مر في الأصابع. قوله: (ليشمل الخ) أي بخلاف قوله خمس من الإبل فإنه
قاصر على الحر المسلم. قوله: (لفساده) أي لأنه يقتضي أن على صاحب الذهب إذا جنى على حر مسلم
278

فقلع سنه مائتي دينار وإذا كان الجاني على من ذكر من أهل الإبل فعليه عشرون بعيرا وهذا باطل لأنه
ليس على الجاني على من ذكر إلا خمسون دينارا إن كان من أهل الذهب وخمس من الإبل إن كان من
أهلها فتعين قراءة المتن بفتح الخاء، وإن كان ذلك قاصرا على دية الحر المسلم من الإبل والقصور أخف
من الفساد. قوله: (وإن كانت السن سوداء) هذا في الجناية عليها خطأ وأما لو تعمد قلع سن سوداء أو
حمراء أو صفراء خلقة وكان عرفا كالسواد فهل كذلك فيها خمس من الإبل لكونها غير مساوية لسن
الجاني أو فيها القصاص للتعمد قال بن وظاهر الثاني بدليل وجوب العقل فيها في الخطأ.
قوله: (بقلع) أي فإذا كانت الجناية عليها بقلع. قوله: (أو اسوداد فقط) أي مع بقائها لان ذلك يذهب جمالها.
قوله: (بأن جنى عليها فاسودت) كذا صور في التوضيح الجناية بهما وصوره ابن عبد السلام بما إذا
كسر البعض وسود الباقي قال بن وهو مسلم فقها. قوله: (ثم انقلعت) أي بنفسها من غير جناية أخرى
عليها فليس فيها إلا دية واحدة كما اختاره المصنف في التوضيح لا ديتان خلافا لبعضهم انظر بن.
قوله: (وإلا فبحساب ما نقص) أي وإلا بأن كان لا يذهب بذلك جمالها بل ينقصه فقط فيلزم الجاني
بحساب ما نقص من جمالها. قوله: (أو باضطرابها) عطف على قوله بقلع أي أو كانت الجناية عليها
باضطرابها أي بصيرورتها مضطربة جدا فيلزم خمس من الإبل لذهاب منفعتها. قوله: (فإن ثبتت الخ)
بالمثلثة أي بعد اضطرابها وهذا بخلاف من قلع سنا لشخص كبير أي بدل أسنانه ثم ردها صاحبها
فثبتت قبل أن يأخذ عقلها فإنه يأخذه. قوله: (فليس فيها إلا الأدب الخ) أي فليس فيها شئ لا في العمد
ولا في الخطأ إلا الأدب في العمد. قوله: (فإنه يلزمه بحساب ما نقص منها) أي فإن طرحها الجاني أو غيره
بعد ذلك ففيها حكومة بقدر ما نقص من جمالها كما قاله ابن عرفة انظر بن. قوله: (بخلاف ثبوتها بعد
اضطرابها) أي فإنه لا يأخذ عقلها. قوله: (فثبتت الخ) أي فالقود في العمد وديتها خمس من الإبل في
الخطأ. قوله: (أحروي) أي فلا يرد صاحبها ما أخذه من الجاني إذا ثبتت بعد أخذ عقلها هذا وما ذكره
المصنف من أن السن إذا ثبتت بعد قلعها يؤخذ عقلها ولا يسقط بثبوتها هو مذهب ابن القاسم خلافا
لمن قال أن السن إذا ثبت بعد قلعها فلا شئ فيها، وأما الجراحات الأربع فيؤخذ عقلها ولو برئت
على غير معين اتفاقا كذا قرر شيخنا العدوي رحمه الله. قوله: (فيها العقل وإن برئت الخ) أي وحينئذ
فلا يرد ما أخذه من ديتها إذا برئت بعد أخذها وإذا برئت قبل أخذها فله أخذها. قوله: (ورد
العقل الخ) أي سواء كان المجني عليه أخذه بحكم حاكم أم لا وقوله ورد العقل في عود البصر الخ هذا
في الجناية خطأ أو عمدا ولم يمكن التحيل على زوال المعنى من الجاني وأما لو كانت الجناية عمدا أو
اقتص من الجاني ثم عاد للمجني عليه ما ذكر بعد ذهابه منه ولم يعد ذلك للجاني فما حصل للجاني يكون
هدرا لامن خطأ الامام بحيث تكون دية ذلك على عاقلته وأما إن عاد ذلك للجاني دون المجني عليه
فلم يقتص منه ثانيا فيما يظهر. قوله: (وفي رد عقل الاذن الخ) حاصله أنه إذا قطع أشراف الاذنين فردهما
صاحبهما فثبتا فهل يرد المجني عليه ما أخذه من الجاني أو لا يرده تأويلان قال بن فعلى أن في
أشراف الاذنين حكومة كما هو المعتمد يرد ما أخذه ولا شئ له وعلى أن فيهما الدية وهو ما تقدم
المصنف تبعا لابن الحاجب لا يرد ما أخذه ويكون له الدية كالسن. قوله: (بمحلها) مراده بمحلها التي
279

لا توجد إلا به فإن وجدت المنفعة به وبغيره ولو كان الموجود فيه أكثرها تعددت الدية كما لو كسر
صلبه فأقعده وذهبت قوة الجماع فعليه دية لمنع قيامه ودية لعدم قوة الجماع وإن كان أكثرها في الصلب.
قوله: (أو قلع عينيه الخ) أي أو قطع أنفه فزال شمه وما ذكره من لزوم دية واحدة فيما إذا قطع أذنه
فزال سمعه أو قطع أنفه فزال شمه أو قلع عينيه فزال بصره هو الصواب، كما هو المنقول في ابن
الحاجب وابن عبد السلام والتوضيح وابن عرفة والمواق وابن غازي و ح وأما ما في عبق في آخر
العبارة المقتضى للزوم ديتين فغير صواب. قوله: (في قطع أصابعها مثلا) أي أو منقلاتها أو بقية
جراحاتها. قوله: (ففيها ثلاثون من الإبل الخ) أي وإذا قطع لها ثلاثة أصابع ونصف أنملة كان لها أحد
وثلاثون وثلثان وإن قطع لها ثلاثة أصابع وثلث أصبع أي أنملة أو قطع لها أربعة أصابع رجعت
لديتها فلها في الأربعة أصابع عشرون من الإبل كما قال الشارح، ولها في الثلاثة أصابع وثلث ستة عشر
بعيرا وثلثان لأنها لبلوغها ثلثه رجعت لديتها وهي على النصف من دية الرجل من أهل دينها. وقد
روى مالك عن ربيعة أنه قال قلت لابن المسيب كم في ثلاثة أصابع المرأة قال ثلاثون قلت وأربعة
قال عشرون فقلت سبحان الله لما عظم جرحها قل عقلها فقال أعراقي أنت قلت: لا بل جاهل متعلم
أو عالم متثبت فقال تلك السنة يا ابن أخي. قوله: (وهي كالرجل في منقلتها وهاشمتها) أي لان في كل
منهما عشرا ونصف عشر وذلك خمسة عشر من الإبل وهو أقل من الثلث وقوله وموضحتها أي
لان فيها نصف العشر وذلك خمسة من الإبل وهو أقل من ثلث دية الرجل فإذ تعددت الموضحات
أو المناقل أو الهواشم فإنها تساوي الرجل إلى ثلث ديته ثم ترجع لديتها. قوله: (فترجع فيهما لديتها)
أي فيعتبر فيهما ديتها منن أول الأمر. قوله: (أي ما ينشأ عن الفعل المتحد) فيه إشارة إلى أن قول
المصنف متحد الفعل من إضافة الصفة للموصوف أي الفعل المتحد وأن في الكلام حذف مضاف
أي ضم أثر الفعل المتحد أي ما ينشأ عنه وهو الجراحات إذ الفعل نفسه لا يضم وقوله وضم أثر
الفعل المتحد أي في كل شئ من الأصابع والأسنان والمواضح والمناقل فيضم الأصابع بضعها
لبعض وكذا تضم مع الأسنان والمواضح والأسنان تضم بعضها لبعض وتضم مع غيرها وكذا
المناقل الخ. قوله: (أو ما في معناها) أي كضربات في فور واحد فالأول مثال للفعل المتحد والثاني لما في
حكمه. قوله: (من يدين) مثال لاتحاد المحل وقوله أو من يد ورجل مثال لما إذا تعدد المحل وقوله من يدين
صادق بما إذا كان من كل يد إصبعان وبما إذا كان من يد ثلاثة أصابع ومن الأخرى إصبعان.
قوله: (فلها في الأربعة عشرون) أي ولها في الثلاثة ثلاثون. قوله: (وكذا الأسنان) أي وكذا يقال في
الأسنان فلها في الستة ثلاثون ولها في السبعة سبعة عشر ونصف من الإبل وكذا يقال في الواضح
ولها في المنقلتين ثلاثون من الإبل وفي الثلاثة اثنان وعشرون ونصف. قوله: (وفائدة الضم
رجوعها) أي المرأة لديتها إذا بلغت الجراحات ثلث دية الرجل أي ومساواتها للرجل إذا لم تبلغ
ثلث ديته. قوله: (ولو تراخى الفعل) الجملة حالية أي وضم متحد المحل والحال أنه تراخى الفعل.
قوله: (في الأصابع) راجع للمحل واعترض طفي على المصنف في تخصيصه المحل بالأصابع بأن السمع
والبصر وما قطع من الانف ونحوه كالأصابع كما يفيده اللخمي وأبو الحسن فإذا قطع لها من أنفها
ما يجب فيه سدس الدية فأخذته ثم قطع لها بعد ذلك ما يجب فيه سدس الدية فإنها ترجع لعقلها لأنها
بلغت الثلث وكذلك الحكم في السمع والبصر ا ه‍ بن. قوله: (ففيها ثلاثون أيضا) أي ولا تضم الثلاثة
280

الثانية للأولى لاختلاف المحل لان كل يد محل مستقل. قوله: (كان لها في كل أصبع) أي بالنسبة لما
يستقبل لا بالنسبة للماضي فلا ترد ما أخذت. قوله: (خمس من الإبل) أي فيضم المقطوع ثانيا للأول
لاتحاد الخ. قوله: (لا يضم متحد المحل في الأسنان) قال ابن يونس قال ابن المواز اختلف قول ابن القاسم
في الأسنان فجعلها مرة كالأصابع تحاسب بما تقدم إلى ثلث دية الرجل ثم ترجع لديتها، وقوله
الأول في كل سن خمس من الإبل ولا تحاسب لما تقدم وإن أتى على جميع الأسنان ما لم يكن
في ضربة واحدة بخلاف الأصابع، وإلى هذا القول الأول رجع ابن القاسم أصبغ وهو أحب إلي، وعلى
هذا القول اقتصر المصنف والفرق بين الأصابع والأسنان على هذا القول المعتمد على الأصابع
لما كانت أجزاء من اليد صارت بمثابة العضو الواحد بخلاف الأسنان وأيضا اشتباك الأسنان
ببعضها ليس كاشتباك الأصابع لان قطع بعض الأصابع قد يبطل منفعة بقيتها بخلاف الأسنان
فلذا صارت بمثابة أعضاء. قوله: (فلها في كل سن) أي قلعت من تلك الضربات المتراخية
خمس من الإبل فإذا ضربها ضربات متراخية وبعضها أذهبت لها سنا وبعضها سنين وبعضها ثلاثا
وبعضها أربعا وبعضها خمسا فلها في كل سن خمس من الإبل. قوله: (في فور) أي أذهبت لها أسنانا
وقوله فيضم أي بعضها لبعض حتى تبلغ ثلث دية الرجل ثم ترجع لديتها. قوله: (ومحل الأسنان متحد
ولو كانت من فكين) أي خلافا للشيخ أحمد الزرقاني القائل إن الفكين محلان وأنت خبير بأن هذا
لخلاف لا ثمرة له على ما مشى عليه المصنف من عدم الضم وإنما تظهر فائدته على قول ابن
القاسم بالضم الذي رجع عنه كما تقدم. قوله: (أي فلا يضم بعضها لبعض) أي حيث كان الضرب
متراخيا. قوله: (كالرجل) أي ولو بلغت ثلث ديته أو زادت عنه. قوله: (إذا لم يكن الخ) أي وأما إذا كانت
في فور واحد وبلغت ثلث دية الرجل فإنها ترجع لديتها. قوله: (أن الفعل المتحد أو ما في حكمه يضم
في الأصابع الخ) أي سواء اتحد المحل أو لا. قوله: (وأما إذا اتحد المحل) أي دون الفعل لكونه
ليس فورا. والحاصل أن الفعل المتحد وما في حكمه يضم أثره اتحد المحل أو تعدد وغير المتحد وما في
حكمه وهو المتراخي لا يضم أثره إن تعدد المحل مطلقا وإن اتحد ضم في الأصابع دون غيرها
من الأسنان والمواضح وبقية الجراحات. قوله: (وعمد لخطأ) عطف على الأسنان. قوله: (كما إذا لم تعف)
أي بأن اقتصت أو أخذت دية. قوله: (ثم قطع لها ثلاثة أخرى) أي خطأ. قوله: (وسواء اتحد المحل
كيد واحدة أو تعدد) أي وسواء كان الفعل الثاني متراخيا عن الأول أو كان الفعلان في حكم
المتحد فليس هذا كالذي قبله في الضم حينئذ لاختلاف الفعلين هنا بالعمد والخطأ.
قوله: (ونجمت دية الحر) قد تسمح المصنف فأراد بالدية مطلق الواجب لان الواجب في العبد قيمة لا دية.
وحاصل كلام المصنف أن الجناية على الحر إذا كانت خطأ ثابتة ببينة أو لوث سواء كن ذكرا
أو أنثى مسلما أو كافرا تنجم ديتها على عاقلة الجاني والجاني كواحد منهم واعلم أن مثل الدية في التنجيم
الحكومة والغرة حيث بلغ كل منهما الثلث أو كان كل منهما أقل من الثلث ولكن وجب مع دية وكذا
موضحة ومنقلة مع دية. قوله: (كما يأتي) أي في قول المصنف إلا ما لا يقتص منه من الجراح لاتلافه فعليها.
281

قوله: (فلا تحمل الخ) أي ولذا تراهم يقولون لا تحمل العاقلة عبدا ولا عمدا ولا اعترافا. قوله: (فلا تحمل
ما اعترف به) أي دية ما اعترف به من قتل أو جرح أي خطأ. قوله: (وكلام الطخيخي الخ) أي حيث قال
إن كان المقر بالقتل خطأ مأمونا ثقة وليس بذي قرابة للمقتول ولا صديقا ملاطفا له ولم يتهم في إغناء
ورثة مقتوله ولا رشوة منهم على إقراره فإن إقراره لوث يحلف بسببه أولياء المقتول خمسين يمينا
وتحملها العاقلة فحملها للقسامة مع اللوث لا لمجرد إقراره. قوله: (ضعيف) أي والمعتمد أنه يلزمه بذلك
الاقرار الدية في ماله ولا قسامة على أولياء المقتول كما قال شيخنا. قوله: (والجاني الذكر البالغ العاقل) أي
وأما المرأة والصبي والمجنون فلا يعقلون عن أنفسهم ولا عن غيرهم هذا هو الصواب كما في بن خلافا لما
في عبق من أنهم يعقلون عن أنفسهم ولا يعقلون عن غيرهم ومثل المرأة ومن معها المعدم فلا يعقل عن
نفسه ولا عن غيره. قوله: (وشرط تنجيمها الخ) فيه نظر هذا شرط في حمل العاقلة في التنجيم كما قرر
شيخنا. قوله: (فلو جنى مسلم على مجوسية الخ) قد تقدم أن دية المجوسي ثلث خمس دية الحر المسلم فهي ستة
وستون دينار وثلثا دينار والمجوسية على النصف من ذلك فديتها ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار،
فقوله ما يبلغ ثلث ديتها أي بأن أجافها أو أمها فيلزم العاقلة أحد عشر دينارا وتسع دينار وقوله أو ثلث
ديته أي بأن جنى عليها جنايات تبلغ ثلث ديته بأن أذهب حواسها الخمسة وصلبها وقوة جماعها ويديها
ورجليها وشفريها فإن في هذه ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثا. قوله: (ما يبلغ ثلث دية الجاني) أي وإن لم يبلغ
ثلث دية المجني عليه الذي هو الحر المسلم وقوله وما لم يبلغ الخ هذا مفهوم الشرط الذي قبله وصرح به
لأنه لا يعلم عند عدم التصريح به هل هو أي الذي لم يبلغ الثلث حال عليه عليهم أو ينجم عليه فقط فدفع
احتمال ذلك بالتصريح بالمفهوم وحكمه. قوله: (أي كدية عمد) هذا شامل للمثلثة والمربعة لان التغليظ
سواء كان بالتربيع أو التثليث خاص بالعمد دون الخطأ لان ديته دائما مخمسة وحينئذ فقول المصنف
ودية غلظت أراد بها المغلظة بالتثليث فهو من عطف الخاص على العام والتغليظ بالتثليث إنما يكون
في قتل الأب لولده أو جرحه له من غير قصد لإزهاق روحه كما مر. قوله: (صار كالخطأ) أي في كون
الدية على العاقلة. قوله: (وشمل) أي قوله كدية العمد وقوله جرح عمد أي دية جرح عمد
لا قصاص فيه لكونه من المتالف وقوله وقتل أي وشمل أيضا دية قتل لا قصاص فيه.
قوله: (كالجائفة والمأمومة) أي والدامغة وكذا كسر الفخذ وعظم الصدر إذا بلغت الحكومة فيهما الثلث.
قوله: (فالاستثناء من قوله كعمد) أي لما علمت من شموله لما ذكر. قوله: (أي العاقلة) أي التي تحمل الدية
وتنجم عليها وأشار الشارح بقوله عدة أمور إلى أن خبر المبتدأ محذوف وأن قوله العصبة بدل من ذلك
الخبر وفي الكلام حذف الواو مع ما عطفت أي العصبة وأهل الديوان الخ والمحوج لذلك صحة
الاخبار لان العاقلة ليست هي العصبة فقط بل العصبة ومن عطف عليها. قوله: (وبدئ بالديوان الخ)
نحوه لابن الحاجب وابن شاس وهو لمالك في الموازية والعتبية قال اللخمي والقول بأن الدية
تكون على أهل الديوان ضعيف والمعتمد أنهم ليسوا من العاقلة وإنما يراعي عصبة القاتل كانوا أهل
ديوان أم لا كما هو مذهب المدونة انظر بن. قوله: (إذ الديوان اسم الخ) أي وإنما قدرنا أهل لان
الديوان اسم الخ أي ولا معنى للبداءة به في حمل الدية. قوله: (اسم للدفتر الذي يضبط فيه أسماء
282

الجند وعددهم وعطاؤهم) أي فينزل ضبط عددهم وعطائهم بدفتر بمنزلة النسب لما جبلوا عليه من
التعاون والتناصر واعلم أن البلد إذا كان جندها طوائف كل طائفة مكتوب عددها وإعطاؤها بدفتر
هل يكون جند تلك البلد كلهم أهل ديوان أو كل طائفة منهم أهل ديوان فذهب بعضهم للأول قائلا
المراد بأهل الديوان أهل ديوان إقليم، واستظهر غيره الثاني فجند مصر أهل ديوان واحد وإن كانوا
طوائف سبعة عرب وانكشارية الخ، فعلى الأول تعقل الطوائف السبعة عمن جنى من أي طائفة وعلى
الثاني لا يعقل عن الجاني إلا طائفته ا ه‍ تقرير شيخنا. قوله: (لأنهم عاقلة مطلقا) أي سواء أعطوا أو لم
يعطوا فعلى فرض أنهم لم يعطوا يعقلون ولكن تعينهم عصبة الجاني ولا يبدأون عليهم هذا كلامه
وفيه نظر بل الحق أن الاعطاء شرط في كون أهل الديوان عاقلة يؤدي بعضهم عن بعض كما قرر به
ابن مرزوق والشارح بهرام وهو صريح التوضيح ونص ابن شاس في الجواهر فإن لم يكن عطاء فإنما
يحمل عنه قومه انظر بن. تنبيه: إذا لم يكن في أهل الديوان من يحمل لقلتهم ونقصهم عن
السبعمائة بناء على أن أقل العاقلة سبعمائة أو على الألف بناء على مقابله ضم إليهم عصبة الجاني الذين
ليسوا معه في الديوان، هذا هو الصواب المنقول في المذهب لا عصبة أهل الديوان كما فهمه عج
من كلام ابن الحاجب انظر بن. قوله: (ثم بها الأقرب فالأقرب) يعني أن الجاني إذا لم يكن من
أهل ديوان فعصبته يعقلون عنه ويبدأ بالعشيرة وهم الاخوة ثم بالفصيلة ثم بالفخذ ثم بالبطن ثم بالعمارة
ثم بالقبيلة ثم بالشعب ثم أقرب القبائل قاله ابن الحاجب وهو مراد المصنف بقوله الأقرب فالأقرب.
واعلم أن أسماء طبقات قبائل العرب ستة الشعب بالفتح ثم القبيلة ثم العمارة بالفتح والكسر ثم
البطن ثم الفخذ ثم الفصيلة وزاد بعضهم العشيرة ويتضح ذلك بذكر نسبه (ص) فهو سيدنا محمد
ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن
لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر
ابن نزار بن معد بن عدنان، فأولاد الجد الرابع عشر كخزيمة شعب، وأولاد الجد الثالث عشر
مثل كنانة قبيلة، وأولاد الجد الثاني عشر مثل النضر الملقب بقريش عمارة، وأولاد الجد الرابع مثل
قصي بطن، وأولاد أبي الجد كهاشم يقال لهم فخذ وأولاد العم كأولاد العباس فصيلة والاخوة يقال
لهم عشيرة. قوله: (الأعلون) أي وهم المعتقون بكسر التاء ولا يدخل فيهم المرأة المباشرة للعتق.
قوله: (الأسفلون) أي ولا يدخل فيهم المرأة العتيقة أخذا من كلام المصنف الآتي. قوله: (بقدر قوته) الأولى
بقدر ما ينو به أن لو كان هناك عاقلة سبعمائة ا ه‍ بن وقوله أو لا أي أو لا شئ على الجاني والدية كلها
تؤخذ من بيت المال. قوله: (فعلى الجاني في ماله) أي وتنجم عليه على الظاهر لان الكلام في القتل الخطأ
فهو في هذه الحالة قائم مقام العاقلة ا ه‍ شيخنا. قوله: (راجع لجميع ما قبله) أي كما قال المواق لا أنه شرط
في بيت المال فقط كما قال ابن مرزوق حيث قال وإلا بأن كان الجاني كافرا والفرض أنه لا عصبة له ولا
ديوان ولا موالي فأهل دينه يعقلون عنه وعليه فالذمي كالمسلم في أن عاقلته أهل ديوانه وعصبته إن
وجد له ذلك ثم الموالي الأعلون ثم الأسفلون فإن لم يكن له أحد ممن ذكر فأهل دينه كما أن المسلم إذا لم
يكن له أحد ممن ذكر يعقل عنه بيت المال. قوله: (بل كافرا) أي كان المجني عليه مسلما أو كافرا.
قوله: (ذوو دينه) أي سواء كانوا عصبة أم لا أهل ديوان أم لا فلا يفصل في الذمي تفصيل المسلم
وهذا ما قرر به المواق. قوله: (الذي معه في بلده) أي لعلة التناصر. قوله: (ولا يعقل نصراني عن
يهودي الخ) أي لعدم التناصر وإن كان الكفر كله ملة واحدة من حيث القصاص. قوله: (فيشمل
المرأة إذا جنت) أي فيشمل الجاني المذكور المرأة الكافرة إذا جنت فإنها يعقل عنها أهل دينها
283

الذين يحملون معها الجزية على فرض لو ضربت عليها وإن كانت المرأة لا تؤدي الجزية. قوله: (ولا أهل
دينه) خلافا لعبق. قوله: (فإن لم يكتف بأهل بلده) أي من أهل دينه وذلك لقلتهم ونقصهم عن
السبعمائة بناء على أن أقل العاقلة سبعمائة أو عما زاد عن الألف بناء على أن أقلها ما زاد على الألف.
قوله: (ضم إليهم أقرب القرى إليهم) أي ضم إليهم أهل دينه من أقرب القرى إليهم. قوله: (من تمام العدد
الآتي بيانه) أي وهو السبعمائة أو الزيادة على الألف. قوله: (بضم الكاف وسكون الواو) أي
لقول الخلاصة. وفعل جمعا لفعلة عرف وأما قول عج أنه جمع كورة بفتح الكاف
فتحريف. قوله: (البلد التي يسكنها الناس) أي وعلى هذا فالمراد بكور مصر هنا البلاد التي تحت
عملها وكذا المراد بكور الشام. قوله: (أن يحمل كلامه) أي قوله وضم ككور مصر. قوله: (فقد علمت
المراد منه) أي وهو أن من في بلد الذمي من أهل دينه إذا لم يوفوا بعدد العاقلة فإنه يضم إليهم ما في
أقرب البلاد إليه من أهل دينهم وهكذا حتى يحصل تمام عددها. قوله: (فإن كان فيهم الكفاية) أي
بعدد العاقلة. قوله: (من أهل بولاق) أي من أهل ديوان بولاق وكذا قوله كمل من أقرب البلاد إليها
أي من أهل ديوان أقرب البلاد إليها. قوله: (وكذا يقال في العصبة) أي أنه إذا كان الجاني ليس من
أهل ديوان فإنه يعقل عنه عصبته ويبدأ بعصبته من أهل بلده فإن لم يكن فيهم كفاية كمل العدد
من العصبة التي بأقرب البلاد إليه وهكذا حتى يتم العدد. وقوله والموالي أي فإذا كان الجاني لا ديوان له
ولا عصبة فالذي يعقل عنه مواليه ويبدأ بالموالي الذين في بلده فإن لم يكن فيهم كفاية كمل العدد
من مواليه الذين بأقرب البلاد إليه وهكذا حتى يتم العدد. قوله: (أهل صلحه) أي سواء كانوا
عصبة له أو لا كانوا أهل ديوانه أم لا كانوا مواليه أم لا. قوله: (ولا بيت مال) يعني لنفس الصلحي كما
هو سياقه لان بيت مال المسلمين لا يعقل عن كافر وقوله إن كان لهم أي لأهل صلحه ذلك أي بيت مال.
قوله: (كالذمي) أي كما أن الذمي يعقل عنه أهل دينه ولا يعتبر فيهم كونهم عصبة ولا أهل ديوان ولا موالي
ولا يعقل عنهم بيت ما لهم إن كان لهم ذلك كما مر. قوله: (وذمي وصلحي) أي تحاكم كل إلينا. قوله: (وامرأة) أي وكذلك خنثى مشكل وإنما لم يجروه على إرثه فيغرم نصف ما يطيق لان شأنه أنه لا ينصر كالمرأة.
قوله: (أخص من الفقير) اعلم أن المراد بالفقير من لا يقدر على غير قوته والغارم من عليه الدين بقدر
ما في يديه أو يفضل بعد القضاء ما يكون به من عداد الفقراء فإن بقي بعد القضاء ما لا يعد به فقيرا فهذا
يعقل عن غيره ا ه‍ بن وعلى هذا فالغارم أعم من الفقير لا أخص منه تأمل. قوله: (ولا عن أنفسهم) أي
خلافا لما في عبق تبعا للشيخ أحمد الزرقاني من أن كل واحد منهم يعقل عن نفسه أن كل واحد
من العاقلة في الغرم لمباشرته للاتلاف ولا مستند له في ذلك كما قال طفي. قوله: (والمعتبر وقت الضرب)
المعتبر مبتدأ ونائب الفاعل ضمير عائد على أل ووقت الضرب بالرفع خبره وفي الكلام حذف مضاف
أي والوصف المعتبر وصف وقت الضرب أي الوصف الموجود وقت الضرب. قوله: (وضدهما)
أي البلوغ والعقل. قوله: (أي التوزيع على العاقلة) أي فمتى كان وقت توزيعها صبيا
284

أو مجنونا أو غارما أو غائبا غيبة انقطاع فلا شئ عليه ولو بلغ الصبي بعد ضربها أو عقل المجنون أو استغنى
الفقير بعد ضربها أو قدم الغائب غيبة انقطاع بعد ضرها وقبل قبضها فلا يجعل عليه شئ، وإن كان
وقت ضربها بالغا عاقلا موسرا حاضرا ضرب عليه ولا يسقط عنه ما ضرب عليه بطرو عسر أو جنون
أو موت أو سفر. قوله: (لا إن قدم غائب غيبة انقطاع وقت الضرب) أي فلا تضرب عليه لأنه
صار بالغيبة المذكورة كأهل إقليم آخر واحترز بغيبة الانقطاع من غائب لحج أو غزو أو فرارا منها
وقت الضرب فإنه إذا قدم يجعل عليه ما يخصه وهذا التفصيل في العاقلة وأما الجاني فانتقاله غير معتبر
فتضرب عليه مطلقا والحاصل أن الجاني تضرب عليه مطلقا سواء انتقل من البلد قبل ضربها أو
بعده سواء كان انتقاله بقصد الفرار منها أو لرفض سكني بلده التي انتقل منها وأما انتقال أحد من
العاقلة فإن كان بعد ضربها فلا يسقط عندما ضرب عليه سواء كان فارا أو رافضا سكنى بلده وإن كان
قبل ضربها ضربت عليه إن كان فارا أو كان انتقاله لحاجة كحج أو غزو لا إن كان رافضا سكنى
البلد المنتقل منها. قوله: (لعسره) أي الطارئ بعد الضرب وحينئذ فينتظر ويحبس لثبوت عسره
لأجل الانظار وقوله أو موته أي الطارئ بعد الضرب وتحل عليه بموته أو فلسه. قوله: (ولا شامي
مع مصري) أي ولا دخول لشامي من عصبة الجاني مع مصري من عصبته أيضا ولا عكسه لان
العلة في توزيعها على العاقلة التناصر والشامي لا ينصر من في مصر وعكسه فلو كانت إقامة الجاني في أحد
القطرين أكثر أو مساوية فينظر لمحل جنايته كما هو ظاهر المصنف ثم إن قول المصنف ولا دخول
لبدوي الخ كالتقييد لقوله ثم بها الأقرب فالأقرب أي ممن هو مقيم معهم في الحاضرة أو البادية أو في
قطر. قوله: (الكاملة في ثلاث سنين) هذه الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا جوابا لسؤال مقدر نشأ من
قوله ونجمت دية الخطأ على العاقلة والجاني فكأنه قيل في كم من الزمن تنجم وجملة تحل بأواخرها صفة
أولى لثلاث سنين وقوله من يوم الحكم صفة ثانية. قوله: (لذكر أو أنثى مسلم أو كافر) أي سواء
كانت لنفس أو طرف كقطع يدين أو قلع عينين أو ذهاب عقل خطأ. قوله: (أولها) أي السنين
الثلاثة. قوله: (من يوم الحكم) أي بتنجيمها. قوله: (والثلث) أي وينجم الثلث. قوله: (فالثلث
في سنة) أي فالثلث ينجم في سنة. قوله: (وفي الثلاثة الأرباع) أي كيد وخمسة أسنان. قوله: (بالتثليث)
أي باعتبار التثليث في الكاملة بأن يجعل للثلث سنة كاملة. قوله: (وللسدس الباقي سنة أخرى)
أي فيكون حكم النصف حكم الثلثين. قوله: (والراجح الخ) هذا القول هو ظاهر المدونة وانظر
إذا زاد النصف نصف عشر كدية عين وسن أو زادت الثلاثة الأرباع عشرا كدية يد وخمسة
أسنان وإصبع هل يكون لذلك الزائد سنة على هذا القول أو بالاجتهاد وهو الظاهر كما في عج.
قوله: (كحكم العاقلة الواحدة) أي كحكم ما وجب على العاقلة الواحدة من حيث التنجيم في ثلاث
سنين. قوله: (ما ينوب كل عاقلة) أي من دية ذلك المقتول. قوله: (وإن كان دون الثلث) أي ولو
اختلفت دياتهم التي يؤدونها بأن كانت إحدى العواقل من أهل الإبل والأخرى من أهل الورق وهذا
كالمخصص لما مر من أن العاقلة لا تحمل ما دون الثلث ومن أن الدية لا تكون من صنفين كذهب
وإبل أو ورق فإن هنا تدفع كل عاقلة القدر الذي لزمها ولو أقل من الثلث من نوع ما عندها.
285

قوله: (كتعدد الجنايات) هذا مشبه بقوله وحكم ما وجب الخ. وحاصله أنه شبه الجنايات المتعددة
الواجب عقلها على عاقلة بالجناية الواحدة الواجب عقلها على عواقل في أن كلا ينجم عقله في ثلاث
سنين بجامع أن المتعدد كالمتحد في كل. قوله: (كتعدد الجنايات عليها) أي الواجب عقلها عليها. قوله: (تنجم
في ثلاث سنين) أي تنجم تلك الديات الثلاث في ثلاث سنين. قوله: (أي أقل حدها) أي الذي يمنع
من ضم من بعدهم إليهم بعد بلوغهم له فإذا وجد هذا العدد في أهل الديوان فلا يضم إليهم عصبة
الجاني، وإن لم يبلغ أهل الديوان ذلك العدد ضم إليهم العصبة فإن لم يكن الجاني من أهل ديوان وقلنا أن
العصبة يعقلون عنه، فإذا وجد هذا العدد في العشيرة فلا يضم إليهم الفصيلة وإلا ضمت إليهم، فإن لم يكمل
العدد بذلك ضم إليهم الفخذ وهكذا وليس المراد أن هذا العدد حد لمن يضرب عليهم بحيث إذا
قصروا عنه لم يضرب عليهم وإذا زادوا عليه فلا يضرب على الزائد. قوله: (أو الزائد على ألف) أي
مع زيادة عشرين عليه كما قال ابن مرزوق أو مع زيادة أربعة كما قال عج. قوله: (قولان) سكت
المصنف عن القول بأنه لا حد لها وظاهر ابن عرفة أنه المذهب لأنه صدر به. ونصه روى الباجي لاحد
لمن تقسم عليه الدية من العاقلة وإنما ذلك بالاجتهاد. وقال سحنون سبعمائة رجل ابن عات المشهور عن
سحنون إذا كانت العاقلة ألفا فهم قليل فيضم إليهم أقرب القبائل إليهم ا ه‍ بن. قوله: (لعدم صحة عتقه)
أي لأنه لا ولاء له وهذا التعليل قاصر على عدم تكفيره بالعتق ولا مانع من تكفيره بالصوم كالظهار
وفي كلام ابن عبد السلام ما يفيد أنه يكفر بالصوم كالظهار انظر بن. قوله: (لان الكفارة) أي لان
الخطاب بالكفارة الخ. قوله: (من خطاب الوضع) أي جعل الشئ سببا فالشارع جعل القتل خطأ
سببها ولو من صبي أو مجنون والوجوب على الولي واعترضه في التوضيح بأن جعل الصوم أحد قسميها
يقتضي أنها من باب خطاب التكاليف لاشتراط التكليف في الصوم إلا أن يقال إنها من خطاب الوضع
بالنسبة للقسم المالي فيعتق عنه وليه فإن عجز أخر الصوم لبلوغه انظر بن. قوله: (كعوض المتلفات)
أي لأنها كعوض المتلفات لكونها عوضا عن النفس. قوله: (أو كان القاتل شريكا لصبي الخ) بل لو كان
القاتل صبيين أو مجنونين لوجب على كل منهما كفارة كاملة. قوله: (فعلى كل كفارة كاملة) أي لأنها
لا تتبعض. قوله: (إذا قتل مثله) لا حاجة للجمع بين قاتل وقتل فكأن الأولى أن يقول وعلى الحر إذا
قتل أو وعلى القاتل الحر لمثله ويكون لمثله معمولا للقاتل. قوله: (خرج المرتد) أي لان المراد بقوله مثله
أي في الحرية والإسلام فقوله خرج المرتد أي وكذلك العبد. قوله: (خطأ) من ذلك كما في ح لو انتبهت
المرأة فوجدت ولدها ميتا فيلزمها الكفارة وديته على عاقلتها لأنها انقلبت عليه وهي نائمة ثم ذكر ما يفيد
أنهما إذا انتبها فوجداه ميتا بينهما كان هدرا. قوله: (لا عمدا عفى عنه) إنما لم تجب الكفارة في العمد
ووجبت في الخطأ مع أن مقتضى الظاهر العكس لأنهم رأوا أن العامد لا تكفيه الكفارة لجنايته لأنها
أعظم من أن تكفر كما قالوا في اليمين الغموس وأيضا فقد أوجبوا عليه ضرب مائة وحبس سنة ا ه‍ بن.
286

قوله: (عتق رقبة) مبتدأ خبره على القاتل. قوله: (كالظهار) أي حالة كون الرقبة والشهرين كالظهار
أي حالة كون حالهما هنا كحالهما في الظهار. قوله: (ما يشترط فيهما في كفارة الظهار) أي من إسلام
الرقبة وسلامتها من العيوب وخلوها عن شوائب الحرية وتتابع الصوم إلى آخر ما ذكر في الظهار.
قوله: (لا صائلا) عطف على معصوما أي لا تجب الكفارة على من قتل صائلا عليه أي قاصدا الوثوب
عليه ولو لاخذ ماله (قوله ولا قاتل نفسه) أي لا تجب الكفارة على قاتل نفسه بحيث تخرج الكفارة من
تركته. قوله: (لعدم الخطاب) أي بها بسبب موته. قوله: (كديته) أي كما لا تجب ديته. قوله: (فلا دية
على عاقلته) أي لأنه لا يؤدي عقل نفسه فكذا غيره لا يعقل عنه. قوله: (لأنه التوهم) أي بخلاف
الصائل وقاتل نفسه عمدا فإن كلا منهما مقتول عمدا ولا دية في العمد. قوله: (ورقيق) أي وندبت
الكفارة للحر المسلم في قتله رقيقا مملوكا لغيره وفي قتله لشخص عمدا. قوله: (لم يقتل به) أي وأما إذا قتل
به فلا كفارة. قوله: (ذمي) أي وندبت الكفارة للحر المسلم في قتله ذميا. قوله: (فيعمم في قوله ورقيق) أي
بحيث يقال تندب الكفارة للحر في المسلم في قتله رقيقا سواء كان مملوكا لغيره أو مملوكا له. قوله: (أحسن)
أي لإفادتها حكما زائدا على النسخة الأولى وهو ندب الكفارة في قتل الذمي. قوله: (جلد مائة وحبس
سنة) أي من غير تغريب كما في الزنا واختلف في المقدم منهما فقيل الجلد وقيل الحبس ولم يشطروها
بالرق لأنها عقوبة والرق والحر فيها سواء ا ه‍ بن. قوله: (أن الجارح عمدا يؤدب) أي وإن اقتص
منه أو أخذت منه الدية في المتالف. قوله: (على ذي اللوث) أي على القاتل الذي قام عليه اللوث بأن
شهد عليه بالقتل واحد مثلا. قوله: (لكونه داخلا تحت المبالغة) أي لكونه من المبالغ عليه والمبالغ عليه
إنما يكون متوهما والمدعى عليه إذا حلف ربما يتوهم عدم ضربه وعدم حبسه وأما إذا نكل فلا يتوهم فيه
عدم ذلك بل يجزم فيه بالحكم المذكور. قوله: (وأولى إن لم يحلفها) سيأتي للمصنف أن المدعى عليه بالقتل
إذا ردت عليه أيمان القسامة ولم يحلفها لا يقتل بل يحبس حتى يحلفها. قوله: (والقسامة سببها قتل الحر الخ)
من إضافة المصدر لمفعوله أي سببها أن يقتل القاتل الحر المسلم فلا قسامة في جرح ولا في قتل عبد ولا كافر.
قوله: (بجرح) أي لا خصوص جز الرقبة. قوله: (وهو الامر الذي ينشأ عنه الخ) هذا التعريف في
التوضيح واعترض بأنه غير مانع لصدقة بالبينة وقد يجاب بأن قرينة السياق تخرجها إذ لا تحتاج لايمان
معها فالمراد غير البينة على أن مذهب المتقدمين جواز التعريف بالأعم. قوله: (وفي بمعنى لام العلة) فيه
نظر لان الذي يقتل لقيام اللوث القاتل وكلا منا في قتل المقتول فالأولى جعل في بمعنى مع أي سببها قتل
الحر المسلم المصاحب للوث أي الامر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بصدق المدعي بالقتل. قوله: (خمسة
أمثلة) أولها قول المدمي البالغ العاقل الحر المسلم دمي عند فلان مع وجود الجرح أو أثر الضرب ومثله.
287

وقوله: قتلني فلان الثاني شهادة عدلين على معاينة الضرب أو الجرح أو على إقرار المدمي بأن فلانا ضربه
أو جرحه مع وجود الجرح أو أثر المضرب الثالث شهادة واحد على معاينة الجرح، أو الضرب الرابع
شهادة واحد على معاينة القتل الخامس أن يوجد القتيل وبقربه شخص عليه أثر القتل. قوله: (وإن
وجبت فيه) أي في الصبي أي في قتله وقوله بغير قوله أي كمعاينة شاهد للجرح أو الضرب أو القتل.
قوله: (حر مسلم) إنما أتي بذلك مع أنه يغنى عنه قوله سببها قتل الحر المسلم لأنه لا يلزم من كون المقتول حرا
مسلما حين القتل أن يكون كذلك حين القول مع أنه لا بد منه وقوله حر أي وأما العبد فلا يقيل قوله
لأنه ليس من أهل الشهادة كالصبي والمجنون والكافر وأما المسخوط والمرأة فهما من أهلها في الجملة
فلذا قبل قولهما. قوله: (عند فلان) سواء كان فلان هذا حرا أو عبدا بالغا أو صبيا ذكرا أو أنثى عدلا أو
مسخوطا مسلما أو كافرا. قوله: (ولو قال قتلني خطأ) أي هذا إذا قال قتلني عمدا بل ولو قال قتلني خطأ
قال في المقدمات: إن قال قتلني خطأ ففي ذلك روايتان عن مالك إحداهما أن قوله يقبل ويكون معه
القسامة ولا يتهم وهذه أشهر والثانية لا يقبل قوله لأنه يتهم على أنه أراد إغناء ورثته فهو شبيه بقوله عند
الموت لي عند فلان كذا وكذا، وهذه الرواية أظهر في القياس وقد أشار المصنف لردها بلو انظر بن.
قوله: (واستمر على اقراره) أي للموت. قوله: (أو ادعى ولد على والده أنه أضجعه الخ) أي ادعى الولد
على أبيه أن دمه عنده أضجعه وذبحه أو دمه عند أبيه رماه بحجر أو بحديدة. قوله: (ويقتل الوالد) أي
في الصورة الأولى وتجب الدية مغلظة في الثانية. قوله: (إن كان جرح به) قد ألغى كثير من أهل
العلم العمل بالتدمية الحمراء ورأوا أن قول المقتول دمي عند فلان دعوى من المقتول والناس لا يعطون
بدعواهم والايمان لا تثبت الدعاوى وإنما تردها من المنكر، ورأي علماؤنا أن الشخص عند موته لا
يتجاسر على الكذب في سفك الدم كيف وهو الوقت الذي يندم فيه النادم ويقلع فيه الظالم ومدار
الاحكام على غلبة الظن وأيدوا ذلك بكون القسامة خمسين يمينا مغلظة احتياطا في الدماء ولان الغالب
على القاتل اخفاء القتل على البينات فاقتضى الاستحسان ذلك ا ه‍. قوله: (وأما التدمية البيضاء)
أي وهي التي ليس معها جرح ولا أثر ضرب فالمشهور عدم قبولها فإذا قال الميت في حال مرضه وليس
به جرح ولا أثر ضرب قتلني فلان أو دمي عند فلان فلا يقبل قوله إلا بالبينة على ذلك على
المشهور خلافا للسيوري وعبد الحميد الصائغ القائلين بقبول قوله ويكون لوثا يحلف الولاة معه
أيمان القسامة ابن عرفة في التدمية البيضاء التي ليس بها أثر ضرب ولا جرح اضطراب، وقال
المتيطي: الذي عليه العمل وبه الحكم قول ابن القاسم إنه إذا لم يكن به أثر جرح أو ضرب لا يقبل
قوله قتلني فلان إلا ببينة على ذلك انظر بن. قوله: (قوله المذكور) أي دمي عند فلان أو قتلني
فلان. قوله: (الجرح) أي وجود الجرح ووجود نحوه وهو أثر الضرب. قوله: (أي لا إن قيد
وخالفوا) أي كلهم أو بعضهم فإنهم لا يقسمون ويصير الدم هدرا. قوله: (فيبطل الدم) أي لأنه في
الصورة الأولى أبرأ العاقلة وهم أبرؤا القاتل وفي الثانية عكسه القتيل أبرأ القاتل وهم أبرؤا عاقلته.
قوله: (لقول الميت) أي بقوله قتلني عمدا أو خطأ. قوله: (بخلاف ذي الخطأ) أي والموضوع أن المدمي قال:
288

دمي عند فلان وأطلق فلم يقيد بعمد ولا خطأ. قوله: (وبعض لا نعلم) أي صفة قتله هل قتله عمدا أو خطأ
ومثله أيضا ما إذا قال بعضهم خطأ والبعض الآخر قال لا علم لنا بعين قاتله كما في بن عن أبي الحسن. قوله: (ولا
شئ لمن قال لا نعلم) أي لا نعلم صفة قتله أو لا نعلم عين قاتله. قوله: (ونكل البعض الخ) أي وحلف
البعض الثاني جميع أيمان القسامة. قوله: (ولا شئ لمن نكل) أي إذا حلفت عاقلة القاتل أيمان القسامة
كلها فإن نكل بعضهم دفعت حصته للناكل من أولياء المقتول وأما لو قالوا كلهم خطأ ونكلوا كلهم
عن جميع الايمان ردت على عاقلة القاتل، فإن حلفوها كلهم سقطت الدية، وإن نكل بعضهم دفعت
حصته لأولياء المقتول الناكلين. قوله: (أي البعضان) هذا جواب عما يقال لم ثني الضمير أولا في قوله
اختلفا وجمعه ثانيا في قوله واستووا مع أن مقتضى الظاهر مطابقة الثاني للأول بأن يقال واستويا.
وحاصل الجواب أنه ثناه أولا باعتبار كونهما طائفتين إحداهما تدعى العمد والأخرى تدعى الخطأ
وجمع ثانيا نظرا لتعدد أفراد كل من الطائفتين كما في قوله تعالى: * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) * قوله: (وقد
أطلق الميت) أي والحال أن الميت أطلق. قوله: (واستووا) أي المتخالفان وقوله في الدرجة أي في
درجة القرابة للميت وإن لم يستو عدد ذي العمد وذي الخطأ وقوله استووا في الدرجة أي وفي كون كل
واحد له التكلم كما مثل الشارح، ومفهوم قوله استووا في الدرجة أنهم لو اختلفوا في العمد والخطأ
واختلفت مرتبتهم قربا وبعدا وكان الجميع له التكلم كبنات وأعمام، فإن قالت العصبة عمدا والبنات خطأ
كان الدم هدرا لا قسامة فيه ولا دية ولا قود وذلك لان البنات يدعين الخطأ ولهن الحلف فيه ففي أعمال
قول أحدهما تحكم، وإن قالت العصبة خطأ والبنات عمدا حلفت العصبة خمسين يمينا وكان لهم نصيبهم
من الدية ولا عبرة بقول البنات لأنه لا يحلف في العمد أقل من رجلين عصبة كما يأتي، فإن اختلفا في العمد
والخطأ واستوت درجتهم ولم يكن للجميع التكلم كبنات مع بنين فالعبرة بكلام البنين كما أنه لا عبرة
بكلام الأعمام مع البنين. قوله: (وبطل حق ذي العمد) أي في القسامة والدية والموضوع أنهم مستوون
في الدرجة. قوله: (بنكول غيرهم الخ) انظر لو حلف بعض مدعي الخطأ ونكل الباقي فهل لمدعي العمد
الحلف تبعا لحلق بعض مدعي الخطأ أم لا وبالأول جزم الشيخ يوسف الفيشي وتبعه بعضهم وربما
يشمله التعليل بالتبعية لحف ذوي الخطأ فإذا كان مدعو الخطأ اثنين ومدعو العمد اثنين وحلف واحد
من مدعي الخطأ كان لمدعي العمد الحلف معه وتأخذ الثلاثة نصف الدية يقسم عليهم فيدخل مدعي
العمد في حصة من حلف من مدعي الخطأ ويبطل حقهم في حصة من نكل منهم. قوله: (لأنه لدعواه الدم
إنما يحلف) أي ليأخذ من الدية تبعا لذي الخطأ والأوضح لأنهم إما كانوا يأخذون من الدية بطريق
التبع لمدعي الخطأ لان من ادعى العمد إنما يدعي الدم فيصيرون الخ. قوله: (فتحلف عاقلة الجاني) أي
جميع أيمان القسامة. قوله: (من نكل منهم غرم) أي ما ينو به ويقسم ما غرم الناكل من العاقلة على مدعي
العمد والخطأ من ورثة المقتول وعلى هذا فقول المصنف وبطل حق ذي العمد أي في القسامة والدية
المرتبة على قسامتهم كذا ذكر شيخنا. قوله: (لحر مسلم) أي كما يفيده قول المصنف والقسامة سببها قتل
الحر المسلم. قوله: (أي على معاينة ذلك) أي الجرح أو الضرب وإن لم يكن هناك أثر لهما. قوله: (مطلقا) حال
من جرح وضرب أي حالة كون كل منهما مطلقا عن التقييد بالعمد أو الخطأ. قوله: (أو بإقرار المقتول)
عطف على جرح أي كشاهدين بجرح أو بإقرار المقتول أي على إقراره بأن فلانا جرحه أو ضربه أي
والحال أن أثره موجود وإلا لم يعمل بشهادتهما على إقراره واعلم أن هذا غير مكرر مع قوله بأن يقول بالغ الخ
لان ما تقدم شهدت البينة على قول المدعي قتلني فلان وكان هناك جرح أو أثر ضرب موجود وما
289

هنا شهدت البينة على قوله إن فلانا جرحني أو ضربني والحال أن أثر ذلك موجود فما تقدم شهادة على
إقرار المقتول بالقتل وما هنا شهادة على إقراره بالجرح أو الضرب. قوله: (فقوله الخ) مفرع على قوله
وأشار للمثال الثاني الخ. قوله: (راجع لمسألة الشاهدين) أي أنه راجع لقوله وكشاهدين شهدا على
معاينة الجرح أو الضرب. قوله: (لا لمسألة الشهادة بإقرار المقتول بذلك) أي بالجرح أو بالضرب المشار
لهما بقول المصنف أو شهدا بإقرار المقتول بأن فلانا جرحه أو ضربه. قوله: (وهذا في شهادة الشاهدين)
أي على معاينة الضرب أو الجرح أما شهادتهما على إقرار المجني عليه فيحلفون لقد ضربه ولمن ضربه
مات إن شهدا على إقراره بالضرب أو لقد جرحه ولمن جرحه مات إن شهدا على إقراره بالجرح.
قوله: (وأما في الشاهد) أي وأما كيفية القسامة في مثال ما إذا كان اللوث شاهدا واحدا شهد بمعاينة
القتل. قوله: (لأنه أخر قوله أو بشاهد بذلك عنه) أي عن قوله يقسم لمن ضربه مات وهذا علة لسكوته
عنه. قوله: (وأما في المثال الأول) أي وأما كيفية القسامة في المثال الأول. قوله: (فيحلفون لقد قتله) أي
بأن يقول الولي أقسم بالله لقد قتله فلان. قوله: (مشتمل على ست مسائل) أي لان الشاهد الواحد وإما أن
يشهد على معاينة القتل مع إقرار المقتول بالقتل وشهادة الشاهدين على إقراره، وإما أن
يشهد على معاينة القتل خطأ مع إقرار المقتول بالقتل وشهادة الشاهدين على إقراره واما ان يشهد على معاينة
القتل الخطاء مع اقرار القاتل بالقتل خطأ. قوله: (أو بشاهد) عطف على قوله وكشاهدين والباء زائدة
وكان الأولى حذفه. قوله: (أي عمدا أو خطأ) أي سواء كان المجروح أو المضروب بالغا أم لا تأخر
الموت أم لا. قوله: (إنهم يحلفون على الجرح والموت عنه في كل يمين) هذا بناء على أن اليمين المكملة تجمع
مع أيمان القسامة وهو المشهور كما في المج. قوله: (مكملة للنصاب) أي نصاب الشهادة التي جعلت لوثا
وقوله أنهم لا يحلفون قبل الخمسين يمينا مكملة أي بل تجمع المكملة مع أيمان القسامة ولا تفرد فيحلفون
خمسين يمينا فقط لقد ضربه ولمن ضربه مات أو لقد جرحه ولمن جرحه مات فقوله لقد ضربه أو
لقد جرحه ناظر لليمين المكملة للنصاب وقوله ولمن ضربه أو جرحه مات ناظر ليمين القسامة فقوله أي
يحلف واحد منهم يمينا مكملة أي فيقول فيها بالله الذي لا إله إلا هو لقد ضربه أو جرحه وأيمان
القسامة بعدها بالله الذي لا إله إلا هو لمن ضربه أو لمن جرحه قد مات انظر بن. وانظر على هذا
القول أي فرق بين ما هنا حيث قيل أن اليمين المكملة يحلفها واحد وما تقدم من أنه إذا ادعى ورثة
ميت على شخص بدين لمورثهم وشهد به شاهد واحد فلا يأخذ واحد حقه إلا إذا حلف فتأمل.
قوله: (إن ثبت الموت) أي وإنما تكون القسامة إن ثبت الموت في جميع صور اللوث وقوله
لا قبله أي لا تكون القسامة قبله أي قبل ثبوت الموت. قوله: (وأما التي قبلها) أي وهي قوله وكشاهدين
بجرح أو ضرب مطلقا الخ. قوله: (أو بشاهد بإقرار المقتول البالغ) أي أن شهادة الشاهد على
إقرار المقتول أن فلانا ضربه أو مجرحه عمدا إنما تكون لوثا إذا كان المقر بالضرب أو الجرح بالغا
بخلاف شهادة الشاهد على معاينة الضرب أو الجرح فإنها لوث مطلقا كان المقتول بالغا أم لا كما مر.
290

قوله: (ولا بد من يمين مكملة للنصاب مع الشاهد أو لا) أي قبل أيمان القسامة ظاهره أن اليمين المكملة
تفرد عن أيمان القسامة وهو أحد قولين وقيل إنما يحلفون خمسين يمينا يجمع معها اليمين المكملة وهو
المشهور كما مر. قوله: (ولا بد من الشاهدين) والفرق بين العمد والخطأ حيث كانت شهادة الواحد
على الاقرار بالجرح عمدا لوثا دون شهادته على الاقرار به خطأ أن قول الميت في الخطأ جار مجرى
الشهادة لأنه شاهد على العاقلة والشاهد لا ينقل عنه إلا اثنان بخلاف العمد فإن المنقول عنه وهو المقر
إنما يطلب ثبوت الحكم لنفسه وهو القصاص فلم يكن شاهدا على العاقلة فصح أن ينقل عنه واحد.
قوله: (والحاصل أن الشاهدين بالاقرار) أي على الاقرار أنه جرحه أو ضربه أو قتله. قوله: (وأن
الواحد) أي وأن الساهد الواحد على الاقرار بأنه جرحه أو ضربه أو قتله. قوله: (مطلقا في العمد
والخطأ) أي وشهادة الواحد على الاقرار بالضرب أو الجرح لا تكفي لا في العمد ولا في الخطأ.
قوله: (أو الاكتفاء بالشاهد) أي بشهادة الشاهد على إقرار الميت بالضرب والجرح وقوله مطلقا
أي في العمد والخطأ. قوله: (كإقراره مع شاهد مطلقا) يعني أن المقتول إذا قال قتلني فلان عمدا أو
خطأ وشهد على إقراره عدلان وشهد مع هذا الاقرار شاهد على معاينة القتل فإن ذلك يكون لوثا يحلف
الولاة معه خمسين يمينا ويستحقون القود في العمد والدية في الخطأ. قوله: (وثبت إقراره بشاهدين)
أي أو بشاهد واحد على الظاهر لان شهادة واحدة على معاينة القتل لوث كما سيأتي وانضم لذلك شهادة
واحد على الاقرار خفا لعبق. قوله: (ولم يستغن هذا بالمثال الأول) وهو أن يقول المقتول قتلني
فلان وشهد على قوله عدلان لأنه إذا كان هذا بمجرده لوثا فأولى إذا انضم له شاهد على معاينة القتل.
قوله: (أو إقرار القاتل في الخطأ فقط بشاهد) حاصله أنه إذا أقر القاتل أنه قتل خطأ وشهد
شاهد على معاينة القتل خطأ كان ذلك لوثا يحلف ولاة الدم معه خمسين يمينا ويستحقون الدية، وقد
يقال لا حاجة لذكر هذا الفرع للاستغناء عنه بقوله سابقا أو بشاهد بذلك مطلقا لأنه إذا كان
شهادة الواحد بمعاينة الجرح أو الضرب لوثا فأولى شهادته بمعاينة القتل، وقد انضم لذلك إقرار
القاتل إلا أن يقال نص عليه دفعا لتوهم إن أخذ الدية هنا لا يحتاج لقسامة، واحترز بقوله في الخطأ عما لو أقر
القاتل بالقتل عمدا فإن استمر على إقراره أو رجع عنه وشهد عليه بذلك الاقرار
عدلان فإنه يقتل من غير قسامة، وإن رجع عنه وشهد عليه به واحد فهو لوث كما في ابن غازي.
قوله: (وتكون الدية عليه في ماله) أي لان العاقلة لا تحمل عبدا ولا عمدا ولا اعترافا. قوله: (وإن اختلف
شاهداه) أي اختلف الشاهدان بمعاينته في صفته. قوله: (بطل الدم) أي سواء تأخر موته
المختلف في صفته عن ضربه أو مات بفوره فليس للأولياء أن يقسموا على شهادة أحدهما لتعارض
الشهادتين فلما تعارضتا سقطتا. قوله: (وكالعدل الواحد) أي من غير إقرار المقتول وإلا كان
تكرارا مع قوله كإقراره مع شاهد مطلقا لان موضوعه أنه قال قتلني فلان وشهد واحد على
معاينة القتل بخلاف ما هنا فإنه وإن شهد عدل على معاينة القتل إلا أن المقتول لم يقل قتلني
فلان. قوله: (فيقسم الأولياء) أي ما لم يقل الشاهد أنه قتله غيلة وإلا فلا يقسمون معه
لأنها لا يقبل فيها إلا عدلان على المعتمد ولا يكفي العدل والقسامة بخلاف العمد الذي ليس
بغيلة فإنه يكفي فيه ما ذكر. قوله: (ويستحقون الدم) أي في العمد وقوله أو الدية في الخطأ.
291

قوله: (وهذا المثال يفهم من قوله أو بشاهد بذلك مطلقا بالأولى) لأنه إذا كانت شهادة العدل على معاينة
الضرب أو الجرح لوثا فأولى شهادته على معاينة القتل وقد يقال لما كان ربما يتوهم أن شهادة العدل
بمعاينة القتل ليست لوثا وأنه إنما يحلف الولي مع ذلك الشاهد يمينا واحدة لتكملة الشهادة ويستحق
الدم أو الدية بخلاف شهادته بمعاينة الجرح أو الضرب تعرض لذكر الحكم في هذا الفرع دفعا للتوهم.
قوله: (أي رأى العدل المقتول) أي رآه ببصره فرأى هنا بصرية تتعدى لمفعول واحد وحينئذ فجملة
يتشحط حال وأشار الشارح إلى أن فاعل رأي ضمير العدل ولا خصوصية للعدل بذلك بل كذلك
إذا رآه على هذه الحالة عدلان أو أكثر إذ ليس الموجب للقسامة انفراد العدل كما توهمه عبارة المصنف
بل قوة التهمة وعدم التحقق كما يفيده ابن عرفة ا ه‍ بن. قوله: (والمتهم قربه) أي أو خارجا من مكان
المقتول ولم يوجد فيه غيره ثم إنه لا مفهوم لقوله يتشحط ولا للجمع في قوله آثاره بل متى رآه العدل بقرب
المقتول وعليه أثر القتل كان لوثا. قوله: (ووجبت الخ) المراد بالوجوب أن الأولياء إذا أرادوا
القصاص أو الدية فلا يمكنون إلا بالقسامة أما إذا أرادوا الترك فلا يكلفون أيمانها وأن في كلام
المصنف لدفع التوهم لا لرد قول لان وجوب القسامة عند تعدد اللوث متفق عليه، ثم إن قول المصنف
ووجبت وإن تعدد اللوث يستغنى عنه بما مر من قوله كإقراره مع شاهد مطلقا لان المعنى كم مر كإقراره
بالقتل وثبت الاقرار بشاهدين مع معاينة شاهد على القتل ولا شك في تعدد اللوث في ذلك إلا أن
يقال القصد مما مر إفادة أن اجتماع الامرين لوث والقصد مما هنا إفادة أن تعدد اللوث لا يغني عن
القسامة كذا قيل وفيه نظر فتأمل. قوله: (وهذا) أي كون وجود القتيل بقرية قوم سواء كانوا مسلمين
أو كفارا ليس لوثا إذا كانوا الخ. قوله: (فجعل النبي (ص) فيه القسامة لابني عمه) أي فنكلا
عن أيمانها فوداه النبي (ص) من عنده وقوله حويصة ومحيصة كل منها مصغر بحاء مهملة وصاد
كذلك وياء مشددة على الأشهر وقد تخفف كذا في شرح الموطأ. قوله: (لجواز الخ) أي ولان الغالب
أن من قتله لا يدعه في مكان يتهم هو به وليس الموت في الزحمة لوثا يوجب القسامة بل هو هدر وعند
الشافعي يجب فيه القسامة والدية على جميع الناس بذلك الموضع. قوله: (كل منهم) أي من الجماعة
الذين دخل فيهم القاتل. قوله: (لتناول التهمة كل فرد منهم) أي ويمين الدم لا تكون إلا خمسين.
قوله: (والدية عليهم الخ) إنما كان الغرم على جميعهم للقطع بكذب أحدهم وهو غير معين. قوله: (أو على
من نكل الخ) يعني أنه لو حلف بعضهم ونكل الباقون فالدية بتمامها على من نكل بلا قسامة من أولياء
المقتول. قوله: (لكانت على عواقلهم) أي إن حلفوا كلهم أو نكلوا كلهم فإن حلف بعض فالدية على
عاقلة من نكل. قوله: (أنه لو شهد واحد) أي على شخص أنه قتل عمدا أو خطأ ودخل في جماعة.
قوله: (والحكم أنهم) أي أولياء المقتول. قوله: (ويستحقون الدية على الجميع) أي بعد حلفهم
كلهم أو نكولهم كلهم وإلا فعلى الناكل كما سبق في الشاهدين انظر بن. قوله: (وإن كانوا تحت طاعة الامام) أي هذا إذا
كانوا خارجين عن طاعة الامام بل وإن كانوا تحت طاعته. قوله: (عن قتلي) أي من الطائفتين
292

أو من إحداهما أو من غيرهما. قوله: (ولم يعلم) أي بشهادة عدلين لقاتل لهم من الفريقين. قوله: (فيكون هدرا) نحوه في عبق
وخش ونقله بعضه عن أبي الحسن في شرح الرسالة ونقله طفي عن الفاكهاني واعترضه طفي
قائلا لم أر من صرح به من أهل المذهب ممن يعتمد عليه والذي حمل عليه عياض والآبي قول المدونة
لا قسامة ولا قود في قتيل الصفين أنه فيه الدية على الفئة التي نازعته وإن كان من غير الفئتين فديته عليهما
فقول المصنف فهل لا قسامة ولا قود يعني وتكون الدية على الفئة نازعته كما حملت المدونة على
ذلك لا أنه هدر ا ه‍ بن. قوله: (إذ لو كان) أي الشاهد من غيرهم وهذا تعليل لتقييد الشاهد بكونه
من البغاة. قوله: (وهو قول الإمام) أي القول بأنه لا قسامة ولا قود هو قول الإمام في المدونة وقد
علمت أنه محتمل لكون المقتول هدرا أو فيه الدية. قوله: (أو لا قسامة ولا قود إن تجرد عن تدمية
وشاهد) هذا القول هو الذي رجع إليه ابن القاسم كما صرح به ابن رشد وهو قول الأخوين وأصبغ
وأشهب وتأويل الأكثر فكان ينبغي للمصنف الاقتصار عليه ا ه‍ بن. قوله: (أو شهد بالقتل شاهد)
قيده في البيان بكونه من الطائفتين أما إن كان من غيرهما فهو لوث بلا خلاف انظر بن ومفهوم شاهد
أنه لو شهد بمعاينة القتل شاهدان فالقول بلا خلاف. قوله: (المذهب الأول) فيه نظر بل المذهب الثاني
لا الأول كما قال بن وقال شيخنا أنه هو المفتى به. قوله: (تقتضي جواز المقاتلة) أي تقتضي جواز مقاتلتها
للأخرى ككونها أخذت مالها وأولادها ونحو ذلك. قوله: (والأخرى هدر) أي ودم الأخرى وهي
غير المتأولة هدر. قوله: (كزاحفة على دافعة) الكاف للتشبيه لان ظاهر قوله تأولوا أن التأويل من الفريقين
كما حمل الشارح وتقدير كلامه كإهدار دماء طائفة أو جماعة زاحفة باغية على دافعة فقوله على دافعة
متعلق بمحذوف وهو باغية كما قررنا. قوله: (فدم الزاحفة هدر ودم الدافعة قصاص) انظر لو قتل
أحد من الجماعة الدافعة هل يقتل به جميع الجماعة الباغية لأنهم متمالئون وهو الظاهر أم لا ا ه‍ بن.
قوله: (متوالية) أي في نفسها لأنه أوهب وأوقع في النفس فلا تفرق على الأيام لا في أوقات ولكن في
العمد يحلف هذا يمينا وهذا يمينا حتى تتم أيمانها ولا يحلف واحد جميع حظه قبل حظ أصحابه لان
العمد إذا نكل فيه واحد بطل الدم، وإذا بطل بنكول واحد فلو حلف كل حصلته ونكل ذاك ذهبت
أيمانهم بلا فائدة، فلذا قلنا هذا يمينا وهذا يمينا، وأما في الخطأ فيحلف كل واحد جميع ما ينوبه قبل حلف
أصحابه لان من نكل لا يبطل على أصحابه ولكن في العمد إن وقع وحلف كل ما ينو به قبل أصحابه صح،
لكن في ابن مرزوق لم أقف على قيد التوالي لاحد غير ابن شاس وابن الحاجب وتبعهما المصنف انظر بن.
قوله: (بتا) أي لا على نفي العلم. قوله: (واعتمد البات) أي الحالف بتا في جزمه في اليمين. قوله: (على ظن
قوي) أي ناشئ من قرائن الأحوال. قوله: (ولا يكفي قوله أظن) أي لا يكفي قوله بالله الذي لا إله إلا هو
أظن أنه مات من ضربه أو أنه مات من ضربه في ظني أو لا أعلم أن أحدا قتله غير هذا. قوله: (وإن أعمى
أو غائبا) أي وإن كان الولي الحالف أعمى أو كان غائبا. قوله: (لاعتماد كل على اللوث الخ) أي والعلم كما يحصل
بالمعاينة يحصل بسماع الخبر وحينئذ فالغيبة والعمي لا يمنعان حصول العلم. قوله: (وتوزع الخ) أي إذا
293

تعدد الوارث. قوله: (لتعذر الحلف من بيت المال) فيه أن المراد ببيت المال لشخص المتولي عليه وهذا
لا يتعذر حلفه فالأولى أن يقول ولا يطالب متولي بيت المال بالحلف لان القاعدة أن الشخص لا يحلف
ليستحق غيره ومتولي بيت المال إنما يحوز لغيره. قوله: (وجبرت اليمين الخ) هذا أعني قوله وجبرت إلى قوله
فعلى الجميع كالتخصيص لقوله وهي خمسون يمينا أي ما لم يكن كسر وإلا فتزيد في بعض الصور وذلك
إذا تساوت الكسور. قوله: (على أكثر كسرها) أي على ذي أكثر. قوله: (كبنت مع ابن) أي فعلى الابن
ثلاثة وثلاثون وثلث وعلى البنت ستة عشر وثلثان فتحلف سبعة عشر يمينا والابن ثلاثة وثلاثين كما
قال الشارح، وهذا مثال لما إذا وزعت الايمان على عدد وحصل فيها كسران. قوله: (وكأم) أي للمقتول
وزوجة وأخ لأم وعاصب هذا مثال لما إذا وزعت الايمان على عدد وحصل فيها كسور. قوله: (على
الزوجة اثنا عشر يمينا ونصف) أي وهي ربع أيمان القسامة وعلى الأخ للأم ثمانية وثلث أي وهي
سدسها وعلى الأم ستة عشر وثلثان أي وهي ثلثها وما بقي من أيمان القسامة وذلك اثنا عشر ونصف
يحلفه العاصب. قوله: (فتحلف) أي الأم سبعة عشر الخ وقوله ويسقط الكسر الذي على الأخ أي
لأنه تكملة لكسر الأم وقد كملته. قوله: (ويكمل كل من الزوجة والعاصب يمينه) أي لان كلا من نصف
الزوجة ونصف العاصب يكمله صاحبه لأنهما كسران متساويان من يمين واحدة كما أن كسرى
الأم والأخ للأم من يمين واحدة أخرى فالانكسار وقع في يمينين في هذا المثال والحاصل أن الانكسار
إذا وقع في يمينين فكل يمين ينظر لها على حدتها، فمتى كان فيها كسور مختلفة بالقلة والكثرة كمل أكثرها
وترك أقلها، ومتى كانت كسورها متساوية كمل كل من كسورها، وكذا إذا وقع الانكسار في يمين
واحدة فإنه يكمل كل من كسورها إذا كانت متساوية فإن لم تستو كمل الأكثر ويسقط ما عداه ولو
تعدد، كمثال المدونة فيها إن لزم واحدا نصف اليمين وآخر ثلثها وآخر سدسها حلفها صاحب
النصف فصورت ببنت وأم وزوج وعاصب وبيانه أن على الأم سدس الايمان وهو ثمانية وثلث
وعلى الزوج الربع اثنا عشر ونصف وعلى العاصب نصف السدس أربعة أيمان وسدس فيكمل
النصف على الزوج ويسقط الكسران وهما الثلث والسدس عن الأم والعاصب لان الانكسار إنما
وقع في يمين واحدة. قوله: (أي على كل منهم تكميل ما انكسر عليه) أي فيحلف كل واحد منهم
سبعة عشر يمينا في مثاله ولو كان للميت ثلاثون ابنا كان على كل واحد يمين وثلثا يمين فيحلف كل
واحد منهم يمينين فالجملة ستون يمينا بجبر الكسور كلها لتساويها. قوله: (أي بعد حلف جميعها)
أي من الورثة الحاضرين أو ممن كان حاضرا منهم لو غاب بعضهم وذلك لان العاقلة لا يلزمها
شئ من الدية إلا بعد ثبوت الدم وهو لا يثبت إلا بعد حلف جميعها. قوله: (حلف من حضر حصته)
أي ما ينوبه من أيمان القسامة فقط وأخذ نصيبه من الدية وظاهره ولو رجع الأول عن دعوى
الدم، وهو كذلك، كما في نقل ابن عرفة لان حلفه قبل ذلك حكم مضى فإن مات الغائب أو الصبي قبل
قدومه وبلوغه وكان الحالف الذي حلف جميع أيمانها قبل ذلك وارثه فهل لا بد من حلفه ما كان
يحلفه مورثه أو يكتفي بأيمانه السابقة قولان رجح ابن رشد ثانيهما كما في بن. قوله: (وإن نكلوا)
أي ورثة المقتول خطأ. قوله: (ولو كثروا جدا) أي كعشرة آلاف مثلا. قوله: (غرم) أي حصته
إن وجد بيت المال الذي يغرمها معه وإلا غرم الدية بتمامها وما غرمه الجاني يكون للناكلين من ورثة
المقتول واعلم أن محل حلف العاقلة إذا نكل جميع الورثة أو بعضهم مقيد بما إذا لم يكن على المقتول
294

دين ولا وصية له أما إذا كان عليه دين أو له وصية فلرب الدين أو الموصى له عند نكول الأولياء حلف
أيمان القسامة وأخذ دينه أو الوصية من العاقلة كما نص على ذلك ابن فرحون في التبصرة. ولا يلزمها
ما زاد على الدين أو الوصية من باقي الدية للورثة الناكلين. قوله: (يغرمها للناكلين) أي سواء كانوا كل
الورثة أو بعضهم بأن حلف بعضهم ونكل بعضهم وأما من حلف جميعها وأخذ حصته فلا يدخل
ثانيا فيما رد على الناكلين بسبب نكول العاقلة كلا أو بعضا. قوله: (وهو راجع الخ) أي أن قول المصنف
على الأظهر راجع لقوله وإن نكلوا أو بعض حلفت العاقلة لأنه محل الخلاف والاستظهار وليس
راجعا لقوله ون نكل فحصته وعبارة ابن رشد فإن نكل الأولياء عن الايمان أو نكل واحد منهم
ففي ذلك خمسة أقوال: أحدها: أنها ترد الايمان على العاقلة فيحلفون كلهم ولو كانوا عشرة آلاف والقاتل
كواحد منهم فمن حلف لم يلزمه شئ، ومن نكل لزمه ما يجب عليه، وهو أحد قولي ابن القاسم، وهذا
القول أبين الأقاويل وأصحها في النظر. الثاني: يحلف من العاقلة خمسون رجلا كل واحد منهم يحلف
يمينا، فإن حلفوا برئت العاقلة من الدية كلها، وأن حلف بعضهم برئ ولزم بقية العاقلة الدية كلها حتى
يتموا خمسين يمينا. وهو قول ابن القاسم. الثالث: أنهم إن نكلوا فلا حق لهم أو نكل بعضهم فلا حق لمن
نكل ولا يمين على العاقلة لان الدية لم تجب لهم إلا إذا حلفوا وهو قول ابن الماجشون. الرابع: أن اليمين ترد
على المدعى عليه وحده فإن حلف برئ وإن نكل غرم ولا يلزم العاقلة بنكوله شئ لان العاقلة
لا تحمل الاقرار والنكول كالاقرار وهو رواية ابن وهب. الخامس: أن الايمان ترد على العاقلة فإن
حلفت برئت وإن نكلت غرمت نصف الدية قاله ربيعة اه‍ بن. قوله: (عصبة) أي للمقتول أو عصبة
له ولعاصب المقتول بدليل قول المصنف وللولي الاستعانة بعاصبه. قوله: (سواء ورثوا أم لا) الأول
كأخوين للمقتول ولا وارث له غيرهما والثاني كعمين للمقتول والحال أنه يرثه بنت وأخت مثلا.
قوله: (فإن انفردن) أي أو كان له عاصب واحد ولم يجد من يستعين به أو وجد لكن لم يحلف ذلك
المستعان به. قوله: (فترد الايمان على المدعى عليه) أي فإن حلف برئ وإلا حبس حتى يحلف ولو طال
سجنه. قوله: (فموالي أعلون) المراد بالموالي الأعلون معتق القتيل وعصبته وأشار الشارح بقوله اثنان
فأكثر إلى أن مراد المصنف بالجمع ما فوق الواحد فيحلف الاثنان أو الأكثر إيمان القسامة بتمامها
وما ذكره المصنف من الترتيب بين عصبة النسب والموالي لا يخالف قول الموطأ قال مالك في الرجل
يقتل عمدا إذا قام عصبة المقتول أو مواليه فقالوا نحلف ونستحق دم صاحبنا فذلك لهم ا ه‍ لان كون
الموالي لهم التكلم لا ينافي تأخيرهم عن عصبة النسب فليس المراد بقوله فذلك لهم أي على وجه
الاستواء في الحكم بل المراد على طريق البدلية المقيدة بالترتيب. قوله: (وللولي الاستعانة بعاصبه)
هذا في العمد وأما في الخطأ فيحلفها وأن واحدا بشرط كونه وارثا والحاصل أنه لا يحلفها
في الخطأ إلا الورثة ذكورا كانوا أو إناثا اتحد الوارث أو تعدد وأما في العمد فلا يحلفها
إلا العدد من العصبة سواء كانوا كلهم عصبة المقتول أو بعضهم عصبة المقتول والبعض عصبة
عصبة المقتول سواء كان عاصب المقتول وارثا له أو غير وارث له. قوله: (فيستعين بهم أو ببعضهم أو
يستعين بعمه) هذا لا يخالف قولهم الانسان لا يحلف ليستحق غيره لان قولهم المذكور في الأموال
وقول المصنف وللولي الاستعانة بعاصبه ولو أجنبيا من المقتول في الدماء (قوله إن كان واحدا)
أي لان الولي إذا كان واحدا كانت استعانته بعاصبه واجبة وإن كان الولي متعددا جاز لذلك المتعدد
أن يحلف جميع أيمان القسامة ولا يستعين بأحد وجاز له أن يستعين بعاصبه في حلفها.
قوله: (وللولي فقط إذا استعان بعاصبه الخ) حاصله أن الولي إذا استعان بعصبته فإنه يجوز له أن يحلف
295

من أيمان القسامة أكثر من غيره إن لم تزد الايمان التي يحلفها على نصف القسامة فإذا وجد الولي عاصبا
فقط من عصبته حلف كل واحد منهما خمسة وعشرين يمينا، فإن أراد أحدهما أن يحلف أكثر من حصته
لم يكن له ذلك وإن وجد رجلين أو أكثر قسمت الايمان بينهم على عددهم فإن أرادوا أن يحملوا عنه
أكثر مما يخصهم لم يجز، وإن أراد هو أن يحمل منها أكثر مما يخصه فذلك له، وإن لم يرضوا بشرط أن
لا يزيد عن خمسة وعشرين إذ لا يجوز أن يحلف أكثر منها، وهذا كله إذا ستعان بعاصبه، وأما إذا لم
يكن هناك استعانة بأن كانوا كلهم عصبة للمقتول فليس لواحد منهم أن يحلف أكثر مما يخصه إلا أن
يرضى الباقي بشرط أن لا يزيد على نصفها خمسة وعشرين. قوله: (وأما من حصة مستعان به آخر) أي
فيما إذا كان المستعان بهم اثنين أو أكثر فله ذلك فإذا استعان الولي باثنين فللولي سبعة عشر يمينا ولكل
منهما سبعة عشر ولهما أن يحلف أحدهما عشرين والثاني أربعة عشر وظاهر قول الشارح فله ذلك ولو لم يرض
المستعان به الآخر. وانظر هل هو كذلك أو لا بد من رضاه ا ه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (على مستحق
الدم) أي على عدد الرؤوس وهذا في العمد وأما في الخطأ فتوزع على قدر الإرث. قوله: (اجتزى منهم
بخمسين) فإذا طلب كل واحد منهم الحلف دخلت القرعة فيمن يحلفها منهم عند المشاحة. قوله: (خلاف
سنة القسامة) أي من تحديدها بالخمسين والتحديد بذلك تعبدي. قوله: (غير ناكلين) أي حالة كون
الأكثر غير ناكلين. وحاصل الفقه أن أولياء المقتول إذا كانوا أكثر من اثنين والحال أنهم في درجة
كإخوة أو أعمام فطاع منهم اثنان يحلف جميع أيمان القسامة فإنه يجتزئ بذلك بشرط أن يكون الذي
لم يحلف غير نأكل، فلو كان ناكلا بطل الدم ولا يجتزى بحلف من أطاع والموضوع أن الجميع في درجة
واحدة، وإلا فلا عبرة بنكول من نكل إن كان بعيدا وإن كان الناكل قريبا بطل الدم. قوله: (ونكول
المعين) أي وكذا تكذيبه. قوله: (غير معتبر) أي وحينئذ فله إن وجد غيره أن يستعين به وإلا سقط الدم
حيث كان الولي واحدا فإن رجع المعين بعد نكوله ليحلف برض الولي فالظاهر عدم تمكينه كما يفيده
قول المصنف في الشهادات ولا يمكن منها إن نكل. قوله: (ولو بعدوا) مبالغة في قوله بخلاف غيره. قوله: (ولا
عبرة بنكول أبعد) أي كابن عم وقوله مع أقرب أي كأخ أو م أي مع إطاعة الأقرب بالحلف. قوله: (أو
بموت في السجن) هذا هو الذي استظهره المصنف في التوضيح خلافا لما في الجلاب من أنه إذا أردت
الايمان على المدعى عليهم ونكل منهم واحد فإنه يحبس حتى يحلف فإن طالب حبسه بالزيادة عن سنة
ضرب مائة وأطلق ما لم يكن متمردا وإلا خلد في السجن. قوله: (ولا استعانة لمن ردت عليه بغيره
ولو واحدا) أي بخلاف عاصب المقتول فإن له ذلك كما مر وعدم استعانة من ردت عليه هو قول مطرف
واستظهره ابن رشد وعزاه لظاهر ما في المدونة من قول ابن القاسم وروايته عن مالك نقله ح وبه
سقط اعتراض المواق وابن مرزوق على المصنف ا ه‍ بن. قوله: (ورجح بعضهم) المراد به المواق
وابن مرزوق. قوله: (بعد الحلف) أي بعد تمام حلف القسامة وقوله أو قبله أي قبل تمام حلف أيمان القسامة
بأن كذب نفسه في دعواه أن هذا قاتل قبل الحلف أصلا أو كان التكذيب بعد حلف بعض الايمان
وقول المصنف وإن أكذب بعض الخ أي والحال أن القسامة في عمد، وأما إن كانت القسامة في خطأ
وأكذب بعض نفسه بعد أن حلف حظه من الايمان فيستحق غيره نصيبه من الدية بعد أن يحلف مقدار
ما ينوبه من الايمان فقط كما في ابن عرفة بناء على عدم إلغاء الايمان الصادرة من المكذب نفسه وهو
الظاهر ويحتمل أنه إنما يستحق بعد تتميمه الخمسين بناء على إلغاء أيمان المكذب نفسه وانظر إذا
كذب بعض نفسه بعد القسامة والاستيفاء بالقود فهل يقتص ممن كذب نفسه أو حكمه حكم من رجع
296

عن الشهادة فيغرم الدية ولو متعمدا وهو المستفاد من كلام بعضهم قاله عبق. قوله: (ولا دية)
أي لواحد منهم. قوله: (وأما قبل القسامة) أي وأما العفو قبل تمام القسامة. قوله: (فلا شئ لغير العافي)
أي ولا للعافي بالأولى. قوله: (ولا ينتظر صغير). حاصله أن الأولياء إذا كانوا في درجة واحدة
وفيهم صغير لا يتوقف عليه الثبوت للاستغناء عنه ولو بالاستعانة بأحد العصبة فإن ذلك الصغير
لا ينتظر لا في القسامة ولا في القود بل للكبار أن يقسموا ويقتلوا. قوله: (بخلاف المغمى عليه والمبرسم)
أي بخلاف ما إذا كان في الأولياء المتساوين في الدرجة مغمى عليه أو مبرسم أي لا يتوقف عليه
الثبوت كما هو الموضوع للاستغناء عنه ولو بالاستعانة بأحد العصبة فإنهما ينتظران وظاهر المصنف
أنهما ينتظران في حلف بعض القسامة ولو وجد من يحلف غيرهما كما هو الموضوع، وهو غير صحيح
لم يقل به أحد، إذ لا معنى لانتظارهما مع وجود من يحلف غيرهما وحمله المواق وعج على الانتظار
للقتل إذا أراده غيرهما وهو صواب إلا أنه تكرار مع قوله سابقا وانتظر غائب لم تبعد غيبته ومغمى
ومبرسم انظر بن. قوله: (أي غير الصغير) يعني مع الكبير). قوله: (ولا معين) أي فينتظر بلوغه وإذا
انتظر فيحلف الكبير الخ. قوله: (لا شرط) أي في الاعتداد بأيمان الكبير. قوله: (لان هذا) أي حضور
الصغير حين حلف الكبير منكر من أصله في المذهب فعلى فرض صحته يحمل على الندب إذ لا مقتضى
للوجوب ويحتمل لان هذا أي القول بالشرطية منكر من له في المذهب والاحتمال الأول أظهر
لأنه المستفاد من كلام بعض الشراح. قوله: (ولا يؤخر حلف الكبير إلى بلوغ الصغير) أي بحيث
يحلف هو وأخوه في وقت واحد لاحتمال موت الكبير أو غيبته قبل بلوغ الصغير فيبطل الدم. قوله: (فإن
مات) أي الصبي قبل البلوغ ولم يجد الكبير من يحلف معه وقوله بطل الدم أي وردت الايمان على
الجاني فأما أن يحلف أو يحبس. قوله: (أي بالقسامة) يعني على جميع المتهمين وذلك لان القسامة
في الخطأ تقع على جميع المتهمين وتوزع الدية على عواقلهم في ثلاث سنين كما مر وأما في العمد فيعينون
واحدا من القاتلين ويقسمون عليه. قوله: (على جماعة استووا في العمد) أي سواء اتحد نوع الفعل أو
تعدد واختلف والحاصل أن المعتمد أنه لا يقتل بالقسامة في العمد إلا واحد ولو تعدد نوع الفعل
واختلف كما هو ظاهر المواق، وأما ما قيل من أنه إذا تعدد نوع الفعل واختلف فيقتل بالقسامة أكثر
من واحد فهو ضعيف انظر بن. ومعلوم أن القسامة بلوث كقوله قبل موته قتلني فلان وفلان
وأما مع ثبوت ما ذكر بالبينة فيقتلان معا اتفاقا بلا قسامة. قوله: (ولا غير معين) أي ولا واحد غير
معين. قوله: (خطأ أو عمدا) الأولى قصره على الخطأ لقول المصنف حلف وأخذ الدية إذ جرح
العمد إذا أقام به شاهدا حلف معه واقتص. قوله: (فيه شئ مقدر شرعا) أي كالجائفة والآمة والدامغة.
قوله: (كان القاتل) أي لكل من الكافر والعبد. قوله: (أو لا) أي بأن كان كافرا حرا لأنه لا
يقتل بشاهد ويمين. قوله: (أو جنين) أي أقام شاهدا على ضرب جنين حر عمدا أو خطأ وقد
نزل ميتا، وأما لو نزل الجنين حيا ومات بعد ذلك فإن شهد الشاهد أنه مات من ضربه خطأ فالدية
بقسامة وإن شهد أنه مات من ضربه عمدا فالقود بقسامة. قوله: (يمينا واحدة الخ) هذا إذا كان
مقيم الشاهد واحدا فإن تعدد ولي الكافر أو الجنين حلف كل واحد يمينا كما قال ابن عرفة والظاهر
297

أن سيد العبد كذلك إذا تعدد ا ه‍ عبق. قوله: (ومراده بالدية الخ) أي فمراده بالدية اللغوية لا الشرعية.
قوله: (وإن نكل المدعي) أي مدعي الجرح وقتل الكافر والعبد والجنين. قوله: (ومن معه) أي وهو
المدعى عليه بقتل الكافر أو العبد أو الجنين وقوله إن حلف أي يمينا واحدة. قوله: (وإلا يحلف) أي هذا
المدعى عليه. قوله: (غرم ما وجب عليه في جميع الصور) أي من غير حبس سنة ولا ضرب مائة. قوله: (عوقب
وأطلق) أي ما لم يكن متمردا وإلا خلد في السجن. قوله: (توهم خلاف المراد) أي لان ظاهر عبارته
أن المدعى عليه إذا لم يحلف يحبس في جميع الصور ولا يغرم شيئا. قوله: (ولو استهل) أي حيا ثم مات. قوله: (وذلك
ملغى في فلان) أي وذلك القول ملغى من المرأة في فلان بخلاف العدل المعاين للضرب إذا قال دمها
ودم جنينها عند فلان فلا يكون لغوا بل إن كان خطأ كانت القسامة متعددة في النفس والجنين وتؤخذ
دية المرأة والجنين.
باب ذكر في البغي
لما فرغ من الكلام على القتل والجرح أتبع ذلك بالكلام على ما يوجب الحد والعقوبة بسفك الدم
ما دونه وهي سبع البغي والردة والزنا والقذف والشرقة والحرابة والشرب وبدأ بالبغي لأنه أعظمها
مفسدة إذ فيه إذهاب النفس والأموال غالبا. قوله: (وبغي فلان) أي لأنه يقال بغي فلان الخ وقوله
استطال عليه أي تعدى عليه. قوله: (ولو تأولا) أي هذا إذا كان ذلك الامتناع غير متأول فيه بل ولو
كان متأولا فيه. قوله: (متعلق بطاعة) أي كما أن قوله بمغالبة متعلق بالامتناع. قوله: (يكون باغيا)
أي لان طاعته فيما أمر به من مندوب أو مكروه واجبة. قوله: (فالممتنع) أي من إطاعته في المكروه
وقوله لأنه أي المكروه. قوله: (من الاحداث في الدين) أي من الأمور المحدثة على الدين التي ليست
منه وقوله وهو رد أي مردود على فاعله غير مقبول منه. قوله: (واستغنى المصنف عن تعريفه) أي
تعريف البغي وقوله لاستلزامه أي لاستلزام تعريف الباغية تعريف البغي وذلك لان الباغي مشتق
من البغي ومعرفة المشتق تستلزم معرفة المشتق منه لان المشتق ذات ثبت لها المشتق منه فالمشتق منه
جزء من مفهوم المشتق ومعرفة الكل تستلزم معرفة الجزء. قوله: (خالفت الامام) اعلم أن الإمامة
العظمى تثبت بأحد أمور ثلاثة، إما بإيصاء الخليفة الأول لمتأهل لها، وإما بالتغلب على الناس
لان من اشتدت وطأته بالتغلب وجبت طاعته ولا يراعى في هذا شروط الإمامة إذ المدار
على درء المفاسد وارتكاب أخف الضررين، وأما بيعة أهل الحل والعقد. وهم من اجتمع
فيهم ثلاثة أمور العلم بشروط الامام والعدالة والرأي وشروط الامام الحرية والعدالة
والفطانة وكونه قريشيا وكونه نجدة وكفاية في المعضلات انظر بن. وبيعة أهل الحل كما
في ح بالحضور والمباشرة بصفقة اليد وإشهاد الغائب منهم ويكفي العامي اعتقاد أنه تحت أمره،
فإن أضمر خلاف ذلك فسق ودخل تحت قوله عليه الصلاة والسلام: من مات وليس في عنقه
بيعة مات ميتة جاهلية. قوله: (ويزيد الخ) جواب عما يقال إن الإمام الحسين خالف اليزيد وخرج
عن طاعته والحال أن اليزيد هو الامام في وقته فيلزم أن يكون الإمام الحسين وأتباعه بغاة وهو باطل.
قوله: (ونائب الامام مثله) أي في كون مخالفته تعد بغيا. قوله: (كزكاة) أي أمرهم
298

بأدائها فامتنعوا. قوله: (مما جبوه لبيت مال المسلمين) أي وكأن يأمرهم بوفاء ما عليهم من الدين
فيمتنعون. قوله: (كخراج الأرض) أي العنوية الذي أمرهم بدفعه لبيت المال فامتنعوا ويؤخذ من
تعريف المصنف أن الامام إذا كلف الناس بمال ظلما فامتنعوا من إعطائه فأتى لقتالهم فيجوز لهم أن
يدفعوا عن أنفسهم ولا يكونون بغاة بمقاتلته لأنهم لم يمنعوا حقا ولا أرادوا خلعه. قوله: (لحرمة ذلك
عليهم) أي وإنما كانوا بغاة إذا خالفوه لأجل إرادة خلعه لحرمة خلعه وإن جار. قوله: (إذ لا يعزل الخ)
بل ولا يجوز الخروج عليه تقديما لأخف المفسدتين اللهم إلا أن يقوم عليه إمام عدل فيجوز الخروج
عليه وإعانة ذلك القائم. قوله: (وعدم المبالاة) هذا عطف تفسير أي أنه لا بد أن يكون الخروج على
وجه المغالبة والمراد بها إظهار القهر وعدم المبالاة وإن لم يقاتل كما استظهره بعض. قوله: (لا على سبيل
المغالبة كاللصوص) أي وكمن يعتزلوا الأئمة ولا يبايعهم ولا يعاندهم كما اتفق لبعض الصحابة أنه مكث
شهرا لم يبايع الخليفة ثم بايعه. قوله: (فللعدل قتالهم) اللام بمعنى على أو أنها للاختصاص. قوله: (وإن
تأولوا الخروج عليه لشبهة) أي بدليل قتال أبي بكر ما نعى الزكاة لزعم بعضهم أنه عليه الصلاة والسلام
أوصى بالخلافة لعلي وزعم بعضهم أن المخاطب بأخذها المصطفى بقوله تعالى: * (خذ من أموالهم صدقة) *
الآية. والمبالغة راجعة لقوله خالفت الامام ولقوله فللعدل قتالهم. قوله: (كما أنه لا يجوز له قتالهم) أي مع
إصراره على الفسق بل يجب عليه أن يتوب ويقاتل. قوله: (بأن يدعوهم أولا للدخول تحت طاعته)
أي وموافقة جماعة المسلمين. قوله: (ما لم يعاجلوه) أي وإلا فلا تجب الدعوى. قوله: (والمنجنيق) هذا هو
المعتمد خلافا لابن شاس القائل لا تنصب عليهم الرعادات أي المجانيق. قوله: (وقطع الميرة) الميرة في
الأصل الإبل التي تحمل الطعام أريد بها هنا نفس الطعام. قوله: (لكن لا نسبي ذراريهم الخ) خلافا لظاهر
تشبيه المصنف قتالهم بقتال الكفار فإنه يفيد سبيهم ويفيد أنهم إذا تترسوا بذرية تركوا إلا أن يخاف
على أكثر المسلمين وهو مسلم في الثاني دون الأول. قوله: (ولا يسترقوا) أي إذا ظفر نابهم لأنهم أحرار
مسلمون وحذف المصنف النون مع لا النافية وهو جائز على قلة ومنه خبر لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا
ولا تؤمنوا حتى تحابوا وليست لا في كلام المصنف ناهية لان النهي من الشارع والمصنف مخبر بالحكم
لا ناه ا ه‍ عبق. قوله: (ولا غيره) أي كزرعهم وبيوتهم. قوله: (ولا ترفع رؤوسهم بأرماح) أي لا بمحل
قتلهم ولا بغيره هذا ظاهر الشارح تبعا لعبق وتت قال بن وفيه نظر بل إنما يمنع حمل رؤوسهم
على الرماح لمحل آخر كبلد أو وال وأما رفعها على الرماح في محل قتلهم فقط فجائز كالكفار فلا فرق بين
الكفار والبغاة في هذا ولهذا لم يذكره ابن شاس في الأمور التي يمتاز فيها قتالهم عن قتال الكفار ونصه
يمتاز قتال البغاة عن قتال الكفار بأحد عشر وجها، أن يقصد بالقتال ردعهم لا قتلهم، وأن يكف عن
مدبرهم، ولا يجهز على جريحهم، ولا تقتل أسراهم، ولا تغنم أموالهم، ولا تسبى ذراريهم، ولا
يستعان عليهم بمشرك، ولا يوادعهم على مال، ولا تنصب عليهم الرعادات، ولا تحرق مساكنهم
ولا يقطع شجرهم. قوله: (فإنه يجوز بمحلهم فقط) أي ولا يجوز حمل رؤوسهم لبلد أخرى أو لوال.
قوله: (بفتح الدال) كذا ضبطه ابن غازي ومعناه أنهم إذا انكفوا عن بغيهم بعد دعوتهم للدخول تحت
299

طاعة الامام أو بعد مقاتلتهم وطلبوا الأمان فلا يجوز تركهم في محلهم على مال يؤخذ منهم بل يتركون
مجانا وضبطه ابن مرزوق بسكون الدال مضارع دعا فقال أي لا يعطيهم السلطان أو نوابه مالا على
الدخول تحت طاعته لان خروجهم معصية. قوله: (من سلاح وكراع) أي وغيرها فلو قاتلونا على
إبل أو بغال أو فيلة وظفرنا بهم وأخذناها منهم لجاز الاستعانة بها عليهم إن احتيج لذلك. قوله: (على
فرض لو حيز عنهم) أي لان الامام إذا ظفر لهم بمال حال المقاتلة فإنه يوقفه حتى يرد إليهم كما في المواق
عن عبد الملك. قوله: (فلذا عبر بالرد) أي فاندفع ما يقال الرد فرع الاخذ وهو منتف فأين الرد. قوله: (أي
حصل الأمان للامام) الأوضح أي حصل الامن الامام والناس منهم. قوله: (بالظهور عليهم) أي بسبب
ظهورنا عليهم وانهزامهم. قوله: (قتل أبيه) أي دنية حالة كون ذلك الأب من البغاة سواء كان مسلما
أو لا بارز ولده بالقتال أم لا ومثل أبيه أمه بل هي أولى لما جبلت عليه من الحنان والشفقة ولضعف
مقاتلتها عن مقاتلة الرجال. قوله: (أتلف نفسا الخ) أي كلا أو بعضا فلا دية عليه لنفس أو طرف ولا
يقتص منه بعد انكفافه عن البغي والدخول تحت طاعة الامام ولا يضمن أيضا مهر فرج استولى
عليه حال خروجه ولحق به الولد ولا حد عليه لأنه متأول ا ه‍ بن وفهم من قوله أتلف أنه لو كان
المال موجودا لرده لربه وهو كذلك، والدليل على أن الباغي المتأول لا يضمن أن الصحابة أهدرت
الدماء التي كانت في حروبهم ومن المعلوم أنهم كانوا متأولين فيها فدل ذلك على عدم ضمان المتأول النفس
وأولى المال. قوله: (قاضيه) الضمير للباغي المتأول أي أن الباغي المتأول إذا أقام قاضيا فحكم بشئ فإنه
ينفذ ولا تتصفح أحكامه بل تحمل على الصحة وأما غير المتأول فأحكامه التي بها قاضيه تتعقب
فما وجد منها صوابا مضى وإلا رد ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (فلا يعاد على المحدود) أي فلا يعاد الحد ثانيا
على المحدود. قوله: (ورد ذمي) أي بعد القدرة عليه وانكفافه عن البغي. قوله: (معه) أي خرج على
الامام مع ذلك الباغي المتأول مستعينا به. قوله: (فلا يغرم) أي بل يوضع عنه ما يوضع عن المتأول.
قوله: (من نفس) أي أو جرح أو طرف أو يراد بالنفس كلا أو بعضا. قوله: (والمال) أي فيرده إن
كان قائما وإن كان قد فات فيضمن قيمته إن كان مقوما ومثله إن كان مثليا. قوله: (والذمي معه) أي
والذمي الخارج على الامام مع ذلك الباغي. قوله: (ناقض للعهد) أي ناقض لعهده ومحله ما لم يكن المعاند
أكره ذلك الذمي على الخروج معه على الامام وإلا فلا يكون ناقضا لكن إن قتل ذلك الذمي أحدا
قتل به ولو كان مكرها انظر بن. قوله: (كالمتأول) أي والذمي الخارج على الامام معه غير ناقض
لعهده. قوله: (يجوز قتلها) أي إذا ظفر بها حال المقاتلة ولو لم تقتل أحدا كانت متأولة أو لا. قوله: (بخلاف
ما لو قاتلت بغير سلاح) أي كما لو قاتلت بالحجارة. قوله: (ما لم تقتل أحدا) أي بخلاف الرجل فإنه يقتل
حال قتاله سواء قاتل بالسلاح أو بغيره قتل أحدا أو لا. قوله: (هذا في حال القتال) أي هذا إذا ظفرنا
بها حال القتال وظاهره كانت متأولة في قتالها أم لا. قوله: (فلا تضمن شيئا) أي لا نفسا ولا مالا.
قوله: (وإن كانت غير متأولة ضمنت) أي المال والنفس فيقتص منها.
300

باب في الردة وأحكامها
قوله: (المتقرر إسلامه بالنطق بالشهادتين) ظاهره أن الاسلام يتقرر بمجرد النطق بالشهادتين مختارا
ولو لم يقف على الدعائم، وليس كذلك بل لا بد في تقرر الاسلام من الوقوف على الدعائم والتزامه
الاحكام بعد نطقه بالشهادتين فمن نطق بالشهادتين ثم رجع قبل أن يقف على الدعائم فلا يكون
مرتدا وحينئذ فيؤدب فقط. قوله: (ويكون) أي كفر المسلم بأحد أمور ثلاثة أشار الشارح بذلك
إلى أن قول المصنف بصريح الخ ليس من تمام التعريف بل متعلق بمحذوف مستأنف أي ويكون
بصريح الخ وإلا لزم أن يكون التعريف غير جامع لأنه لا يشمل الشك في قدم العالم وبقائه مثلا إلا
أن يقال إن الشك إما أن يصرح به أو لا، فإن كان الأول كان داخلا في قوله أو لفظ يقتضيه
وإن كان الثاني كان داخلا في قوله أو فعل يتضمنه لأن الشك من أفعال القلب، وعلى الأول
يكون قول المصنف الآتي أو شك في ذلك عطفا على قوله قدم العالم وعلى الثاني يكون عطفا على إلقاء
مصحف. قوله: (بصريح) أي بقول صريح في الكفر. قوله: (أو لفظ يقتضيه) أي يقتضي الكفر
أي يدل عليه سواء كانت الدلالة التزامية كقوله الله جسم متحيز فإن تحيزه يستلزم حدوثه لافتقاره
للحيز والقول بذلك كفر أو تضمنية كما إذا أتى بلفظ له معنى مركب من كفر وغيره كقوله زيد
خداي إذا استعمله في الاله المعبود بحق ولأجل هذا التعميم عبر بيقتضيه دون يتضمنه لإيهامه أن
المعتبر في اللفظ دلالة التضمن فقط. قوله: (كقوله الله جسم متحيز) أي وكقوله العزير أو عيسى ابن الله.
قوله: (أو فعل يتضمنه) إسناد التضمن للفعل يدل على أن المراد هنا الالتزام لا حقيقة التضمن الذي
هو دلالة الفظ على جزء المعنى الموضوع له. قوله: (ويستلزم الخ) أي وأما قولهم لازم المذهب ليس
بمذهب فمحمول على اللازم الخفي. قوله: (كإلقاء مصحف بقذر) أي فيما يستقذر وظاهره
ولو كان الالقاء لخوف على نفسه وهو كذلك إذا كان بدون القتل لا به فإذا سرق مصحفا وخشي
على نفسه من بقائه عنده فألقاه في القذر فيكفر بذلك إذا كان خوفه بدون القتل لا به.
قوله: (أو تلطيخه به) أي بالقذر ولو طاهرا وهذا بخلاف تلطيخ الحجر الأسود أو البيت فإنه لا يكون ردة
إلا إذا كان التلطيخ بالنجاسة وما ذكره من أن تلطيخ المصحف بالقذر ولو طاهرا ردة ظاهر إذا لم
يفعل ذلك لضرورة، أما إن بل أصابعه يريقه بقصد قلب أوراقه فهو وإن كان حراما لكن لا ينبغي أن
يتجاسر على القول بكفره وردته بذلك لأنه لم يقصد بذلك التحقير الذي هو موجب للكفر في مثل
هذه الأمور، ومثل هذا من رأي ورقة مكتوبة مطروحة في الطريق ولم يعلم ما كتب فيها فإنه يحرم
عليه تركها مطروحة في الطريق لتوطأ بالاقدام وأما إن علم أن فيها آية أو حديثا وتركها كان ذلك
ردة كما قاله المسناوي اه‍ بن. قوله: (ومثل ذلك) أي مثل إلقاء المصحف في القذر في كونه ردة تركه أي
المصحف به أي بالقذر. قوله: (إن وجده به) أي وحينئذ فيجب ولو على الجنب رفعه منه. قوله: (ومثل
القرآن) أي مثل إلقاء القرآن في كونه ردة إلقاء أسماء الله الخ وأسماء الأنبياء إذا كان ذلك بقصد
التحقير والاستخفاف بها بأن يلقيها من حيث كونها اسم نبي لا مطلقا وقوله وأسماء الأنبياء أي المقرونة
بما يدل على ذلك مثل عليه الصلاة والسلام لا مطلقا. قوله: (وإن كان على وجه صيانته)
أي أو كان حرقه لأجل مريض فلا ضرر فيه كما في المج. قوله: (والمراد به ملبوس الكافر الخاص به)
أي فيشمل برنيطة النصراني وطرطور اليهودي. قوله: (إذا فعله حبا فيه وميلا لأهله) أي سواء
سعى به للكنيسة ونحوها أم لا سواء فعله في بلاد الاسلام أو في بلادهم فالمدار في الردة على فعله
حبا فيه وميلا لأهله كما في بن عن ابن مرزوق خلافا لمن قيد كلام المصنف بالسعي به للكنيسة وبفعله
301

في بلاد الاسلام كعبق. قوله: (وليس بكفر) أي وإن فعل ذلك لضرورة كأسير عندهم يضطر إلى
استعمال ثيابهم فلا حرمة عليه فضلا عن الردة كما قاله ابن مرزوق. قوله: (وسحر) أي ومباشرة سحر
سواء كانت تلك المباشرة من جهة تعلمه أو تعليمه أو عمله. قوله: (ظاهر في الغاية) أي في غاية الظهور
خلافا لاستشكال عبق له. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا يكن إبطاله بسحر بل بآيات أو دعوات نبوية
فلا يكون كذلك. قوله: (ويجوز الاستئجار على إبطاله حينئذ) أي حين إذ كان إبطاله بغير سحر.
قوله: (تغيير أحوال) أي كتغيير حال الشخص من الصحة للمرض. قوله: (وقلب حقائق) أي كقلب
الانسان حمارا أو تمساحا. قوله: (فإن وقع ما ذكر) أي من تغيير الأحوال والصفات. قوله: (فظاهر أن
ذلك ليس بكفر) أي لأنه ليس بسحر وإن حصل بها ما يحصل بالسحر. قوله: (إن أدى إلى عداوة)
أي بين الزوجي أو الصديقين مثلا وفرقة بينهما. قوله: (أو ضرر في نفس) أي كتسليط حمى أو رمد
أو ضارب أو ربط زوج عن زوجته. قوله: (أو مال) أي كتسليط رجم على البيت بكسر أوانيه مثلا
ومفهوم قوله إن أدى لعداوة الخ أنه إن أدى لعطف ومحبة بين الزوجين ونحوهما فلا حرمة فيه. قوله: (ما لم
يتب) أي فإن تاب فلا يقتل ولا يؤخذ ماله. قوله: (كالزنديق) أي فإنه تقتل ولا يقبل له توبة. قوله: (وقول
بقدم العالم) أي سواء قال أنه قديم بالذات أو بالزمان كما يقول الفلاسفة. والحاصل أن القدم عند الفلاسفة
قسمان دم بالذات وهو الاستغناء عن المؤثر وهذا لا يكون إلا الله تعالى وقدم زماني وهو عدم المسبوقية
بالعدم كان هناك استناد لمؤثر أم لا فالثاني أعم من الأول فالمولى عندهم قديم بالذات والزمان وإلا فلاك
والعناصر وأنواع الحيوانات والنباتات والمعادن قديمة بالزمان لا بالذات وإنما كانت هذه عندهم غير
مسبوقه بالعدم لان ذات الواجب أثرت فيها بالعلة فلا أول لها. قوله: (لأنه) أي قدم العالم وقوله يؤدي
إلى أنه ليس له صانع أي أصلا إن كان القدم ذاتيا وقوله أو أن الخ أي أو يؤدي إلى أن واجب الوجود
الذي هو صانعه علة فيه إن كان القدم زمانيا ألا ترى أن الفلاسفة القائلين بقدم العالم قدما زمانيا
يقولون أن واجب الوجود علة فيه. قوله: (وهو يستلزم الخ) أي لان الفاعل بالعلة عندهم غير مختار
فيجب وجود معلوله مع وجوده البتة. قوله: (أو بقائه) أي أو قول ببقائه وأنه لا يفنى كما تقول الدهرية
وإنما عطف بقائه بأو وإن استلزمه القدم لأنه يكفر بقول أحدهما ولو مع عدم ملاحظته للآخر وإنما
كان القدم مستلزما للبقاء لان كل ما ثبت قدمه استحال عدمه وكل ما استحال عدمه وجب بقاؤه، وأما
البقاء فلا يستلزم القدم إذ الجنة والنار باقيتان مع أنهما مخلوقتان. قوله: (أو شك في ذلك) أي سواء كان ممن
يظن به العلم أولا لان الحق أنه لا يعذر في موجبات الكفر بالجهل كما صرح به أبو الحسن في شرح الرسالة.
قوله: (بمعنى إن مات الخ) هذا تفسير لتناسخ الأرواح. قوله: (وهكذا إلى غير نهاية) أي فيستوفي
الروح جزاءها من خير أو شرفي القالب الذي انتقلت إليه ولا حشر ولا نشر ولا جنة ولا نار على هذا
القول وهو تكذيب للشريعة. قوله: (وقيل) أي في معنى تناسخ الأرواح. قوله: (إلى أن تصل الأولى)
أي روح المطيع أي أنها تنتقل بعد موت صاحبها لمماثل له أو أعلى وهكذا إلى أن تصل للجنة
وقوله والثانية أي روح العاصي تنتقل بعد موت صاحبها لمماثل أو أدنى وهكذا إلى أن تصل إلى النار وقوله
302

فهم أي القائلون بتناسخ الأرواح على القول الثاني ينكرون البعث والحشر أي ولا ينكرون الجنة والنار
وهذه طريقة من ينكر البعث الجسماني ويثبت الروحاني، وأما على القول الأول فينكرون البعث
والحشر والجنة والنار وهي طريقة من ينكر البعث من أصله سواء كان روحانيا أو جسمانيا ولا شك
أن ذلك تكذيب لما ثبت عن الشارع. قوله: (وهو خلاف الاجماع) أي أن إجماع المسلمين على خلافه
فيكون خلافه معلوما من الدين بالضرورة فيكفر القائل بذلك وإن ادعى عدم العلم. قوله: (وإلى أن
توصف الخ) فيه أن هذا التعليل يقتضي القتل بلا استتابة والمصنف جعله مرتدا يقتل إن لم يتب إلا أن
يقال لازم المذهب ليس بمذهب كذا قيل وفيه أن هذا في اللازم غير البين ولا يخفى أن اللازم هنا بين
فلينظر ذلك. قوله: (مع نبوته) مع بمعنى في أو أنها على بابها أي ادعى شريكا مصاحبا لنبوته. قوله: (كدعوى
مشاركة على) أي ادعى أن النبوة شركة بينهما وأنهما بمثابة نبي واحد وقوله أو أنه كان
يوحي إليهما معا أي ادعى أن كل واحد منهما نبي مستقل جمعهما زمن واحد. قوله: (أي قال بجوازها)
أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف أو بمحاربة نبي عطف على بقدم العالم وأن في الكلام حذف
مضاف ومثل القول بجواز المحاربة في كونه ردة اعتقاد جوازها. قوله: (أو جوز اكتساب النبوة) أي
قال ذلك أو أعتقد جواز اكتسابها بالبلوغ لمرتبتها بصفاء القلب بالمجاهدات. قوله: (لأنه خلاف إجماع
المسلمين) أي لانعقاد إجماعهم على أنها لا تكتسب بحال وأما الولاية فإنها قد تحصل بالكسب وقد
تكون وهبية كذا قال عج. وقال الشيخ إبراهيم اللقاني الولاية لا تكتسب بحال كالنبوة. قوله: (أو
ادعى أنه يصعد للسماء) أي وكذا إذا ادعى مجالسة المولى سبحانه وتعالى أو مكالمته فهو كافر كما في
الشفاء وهذا إذا أراد بالمكالمة المعنى المتبادر منها وكذلك المجالسة لا المكالمة عند الصوفية من إلقاء
النور في قلوبهم وإلهامهم سرا لا يخرج عن الشرع، فدعوى المكالمة بهذا المعنى لا يضر ومن ثم كان
الشاذلي يقول قيل لي كذا وحدثت بكذا أي ألهمته وكذا إذا أريد بالمجالسة التذلل والخضوع
وملاحظة أنه بين يدي الله فلا يضر. قوله: (بجسده) أي وأما لو ادعى صعود روحه للسماء فلا يكفر
بذلك. قوله: (أو يدخل الجنة) أي أو النار كما بحثه الشعراوي. قوله: (فتأمل) كأنه أمر بالتأمل للإشارة
إلى أنه لا وجه للقول بكفر من ادعى أنه يصعد للسماء أو يعانق الحور العين لكن النقل متبع. قوله: (أو
استحل كالشرب) أي اعتقد بقلبه حل كالشرب. قوله: (مجمع على إباحته) أي كأكل العنب
وقوله مجمع على وجوبه أي كالزكاة والصلوات الخمس. قوله: (فلو قال أو جحد حكما) الأولى أمرا
علم الخ لأجل المخرجات الآتية فإن بعضها حكم وبعضها غير حكم. قوله: (علم من الدين
ضرورة) أي علم ضرورة حالة كونه من الدين أي علم علما يشبه العلم الضروري في معرفة العام والخاص له لان أحكام
الدين نظرية في الأصل لا ضرورية. قوله: (ولا يتضمن) أي جحده تكذيب قرآن الخ. قوله: (أو
وجود بغداد الخ) أي فإن هذه الأمور معلومة بالضرورة وليست من الدين إذ لا يتضمن
جحدها تكذيب قرآن ولا نبي. قوله: (أو فرعون) أي أو غزوة بدر أو أحد أو صحبة أبي
بكر. قوله: (لأنه تكذيب للقرآن) أي فوجود ما ذكر معلوم بالضرورة من الدين يجب الايمان
به لان إنكاره يؤدي لتكذيب القرآن لا يقال هذا ظاهر في إنكار غير صحبة أبي بكر لا فيها لان قوله
تعالى: * (إذ يقول لصاحبه لا تحزن) * وليس فيه تعيين له لأنا نقول انعقد إجماع الصحابة على أن المراد به أبو بكر
والحق أن إنكار وجود أبي بكر ردة لأنه يلزم من إنكار وجوده إنكار صحبته لزوما بينا وقد علمت
303

أن قولهم لازم المذهب ليس بمذهب في اللازم غير البين كذا قرر شيخنا. قوله: (يكون كفرا) أي لأنه إنما
دعا على نفسه بذلك لرضاه به. قوله: (وهو مما لا ينبغي أن يتوقف فيه) أي بل الذي ينبغي الجزم بكفره
ولا وجه لتوقف البساطي في ذلك، لكن الذي قاله العلمي أن دعاءه على نفسه بذلك كدعائه على غيره
في أنه ليس بكفر واقتصر على ذلك في المج لارتضائه له وهذا كله إذا دعا على نفسه في غير يمين وإلا لم
يكفر قطعا كما قدمه المصنف في بابه. قوله: (وفصلت الشهادة فيه) يعني أن من شهد بكفر شخص فلا بد
أن يفصل ويبين الوجه الذي كفر به ولا يجمله بأن يقول كفر بقوله كذا أو بفعله كذا فقوله وفصلت
أي وجوبا صونا للدماء. قوله: (واستتيب المرتد) أي يجب على الامام أو نائبه استتابته ثلاثة أيام وإنما
كانت الاستتابة ثلاثة أيام لان الله أخر قوم صالح ذلك القدر لعلهم أن يتوبوا فيه فكون أيام الاستتابة
ثلاثة واجب، فلو حكم الامام بقتله قبلها مضى لأنه حكم بمختلف فيه لان ابن القاسم يقول يستتاب ثلاث
مرات ولو في يوم واحد. قوله: (ثلاثة أيام) أي كل يوم يطلب منه التوب مرة واحدة. قوله: (من يوم
الثبوت) أي من يوم ثبوت الكفر عليه. قوله: (ويلغي يوم الثبوت الخ) أي ولا يلفق الثلاثة الأيام
احتياطا لعظم الدماء، خلافا للشيخ أحمد الزرقاني القائل أن يوم الثبوت يكمل من الرابع ولا يلغي إذا
كان الثبوت مسبوقا بالفجر. قوله: (لأنه يوقف) أي لان ماله يوقف ولا يمكن من التصرف فيه. قوله: (وإن
لم يتب) مبالغة في قوله واستتيب ثلاثة أيام بلا جوع أي هذا إذا وعد بالتوبة بل وإن لم يعد بها وليس المراد
هذا إذا تاب حقيقة بل وإن لم يتب لاقتضائه أنه تطلب منه التوبة ثلاثة أيام إن تاب بالفعل وليس
كذلك. قوله: (أو أن الواو للحال) وعلى هذا فالمراد بالتوبة المنفية التوبة الحقيقية. قوله: (فإن تاب) أي في أي
وقت من الأيام الثلاثة ترك. قوله: (وإلا قتل) أي بعد غروب شمس يوم الثالث. قوله: (واستبرئت ذات
زوج أو سيد وهي من ذوات الحيض بحيضة) أي إن مضى للماء ببطنها أربعون يوما ولو رضي الزوج
أو السيد بإسقاط حقه أو لم يمض له أربعون ولكن لم يرضيا بإسقاط حقهما وإلا لم تؤخر وهذا التفصيل
كما يجري في ذات الزوج والسيد يجري كذلك في المطلقة ولو بائنا، كما كتبه الشيخ عبد الله المغربي عن
شيخه ابن عبق وكان استبراء الحرة حيضة لان ما عداها تعبد لا يحتاج إليه هنا لأنها بردتها صارت
ليست من أهل التعبد، وظاهره أنها تستبرأ بحيضة وكانت ممن تحيض في كل خمس سنين مرة فإن كانت
ممن لا تحيض لضعف أو إياس مشكوك فيه استبرئت بثلاثة أشهر إن كانت ممن يتوقع حملها إلا أن
تحيض أثناءها فلا تكمل الأشهر الثلاثة، فإن كانت ممن لا يتوقع حملها قتلت بعده الاستتابة بثلاثة أيام فإن
لم يكن لها زوج ولا سيد بأن كانت مطلقة طلاقا بائنا أو مات زوجها وكان مدة بعد عنها أربعين يوما
فأكثر أو لم تتزوج لم تستبرأ بحيضة إلا إن ادعت حملا واختلف أهل المعرفة أو شكوا فيه فتستبرأ بها.
قوله: (تمامها) أي تمام أيام الاستتابة وهي الأيام الثلاثة. قوله: (ومال العبد) أي المرتد إذا قتل أو مات
زمن الاستتابة. قوله: (ولو كان مبعضا) أي هذا إذا كان قنا بل ولو بشائبة حرية كمبعض قال الأقفهسي
في شرح الرسالة ولو ارتد المكاتب وقتل على ردته وترك ولدا كان معه في عقد الكتابة أو حدث له بعدها
فهل ينتفع الولد بذلك المال الذي خلفه أبوه فيخرج به حرا أو لا ينتفع به. ويسعى في نجوم الكتابة
فإن أدى خرج حرا وإن عجز رجع رقيقا قولان وعلى أنه لا ينتفع به فهل يكون ذلك المال لسيده بناء على
أنه مات عبدا أو لبيت المال بناء على أنه مات حرا قولان. قوله: (لسيده) أي ملكا لا إرثا. قوله: (وإلا يكن)
أي المرتد المقتول أو الميت زمن الاستتابة عبدا. قوله: (قبل القتل) أي في زمن الاستتابة. قوله: (ففئ)
أي فماله فئ. قوله: (محله بيت المال) أي ولا ترثه ورثته ولو كانوا كفارا ارتد لدينهم ولا يتهم أحد
304

أنه ارتد لئلا يرثه أحد من ورثته كزوجته أو عمه مثلا. قوله: (وبقي الخ) أي وإذا قتل المرتد وله ولد
صغير ولده حال إسلامه أو حال ردته بقي ذلك الصغير مسلما أي حكم بإسلامه وحينئذ فيجبر عليه إن
أظهر خلافه. قوله: (ولا يتبعه) أي لان تبعية الولد الصغير لأبيه في الدين إنما تكون في دين يقر عليه فإذا
أسلم الكافر حكم بإسلام ولده الصغير بتبعيته له في الدين. قوله: (كأن ترك ولده) أي المولود له حال ردته.
قوله: (أي لم يطلع عليه حتى بلغ) أي وأولى إذا اطلع عليه قبل البلوغ وكان مظهرا لخلاف الاسلام.
قوله: (ويجبر عليه ولو بالسيف) أي على المعتمد وفاقا للجواهر وخلافا لقول النوادر وابن يونس إن ولد له
حال كفره ولم يطلع عليه إلا بعد بلوغه لم يجبر بخلاف من اطلع عليه قبل بلوغه فيجبر. قوله: (وأخذ منه
ما جنى الخ) ي وكذلك ما عليه من الديون الثابتة وما ذكره المصنف من أنه يؤخذ منه أرش ما جنى
على العبد والذمي مبني على أن المرتد لا يقتل بعبد ولا كافر قال ابن مرزوق وفي قتله بهما اضطراب ا ه‍
بن. وحاصل ما ذكره المصنف أن المرتد الحر إذا جنى على غيره ومات أو قتل على ردته فتلك الجناية
إما في ماله وإما هدر وإما على بيت المال فإن جنى عمدا على ذمي أو جنى عمدا أو خطأ على عبد زمن ردته
أو قبلها فإنه يؤخذ من ماله قيمة العبد ودية الذمي، وأما لو جنى عمدا على حر مسلم فإنه لا يؤخذ شئ لذلك
من ماله لان حده القود وهو يسقط بقتله لردته، وأما لو جنى خطأ على ذمي أو مسلم كانت دية ذلك على
بيت المال. قوله: (على عبد) أي كانت الجناية على كله أو بعضه وكذا يقال في الذمي وفي الحر المسلم.
قوله: (بالنسبة للذمي) أي إنما يظهر بالنسبة إليه فكان الأولى أن يؤخر قوله عمدا بعده. قوله: (لان حده القود
الخ) فلو رجع المرتد الجاني عمدا على الحر المسلم للاسلام فإنه يقتص منه كما في بن. قوله: (كأن هرب
لمرتد لدار الحرب) تشبيه في عدم الاخذ من ماله وقوله بعد أن قتل حرا مسلما أي وبقي فيها غير مقدور
عليه وقوله فلا تؤخذ من ماله شئ أي كما قال ابن القاسم. وقال أشهب لهم إن عفوا الدية قال في التوضيح
وهذا الخلاف مبني على أن الواجب في العمد هو هل القود فقط أو التخيير ا ه‍ فيؤخذ منه كما قال بن
أن المسألة مفروضة عند عدم القدرة عليه وأن هذا محل الخلاف وأما لو هرب لدار الحرب بعد قتله
حرا مسلما ثم أسر فلا خلاف أنه لا يؤخذ من ماله شئ وأنه يقتل بردته إن لم يسلم وإن أسلم قتل قودا.
قوله: (أي القذف) أشار بهذا إلى أن المراد بالفرية القذف والفرية في الأصل الكذب سمي القذف
فرية لأنه كذب عند الشارع وإن احتمل كونه حقا في نفس. وحاصله أن المرتد إذا قذف شخصا
في بلد الاسلام قبل ردته أو في زمن ردته فإنه لا بد من حده للقذف مطلقا عاد للاسلام أم لا، فإن
عاد للاسلام حد وإن لم يعد حد ثم قتل هذا إذا لم يهرب لبلد الحرب بل ولو هرب لها ثم أسر وأما
إن قذفه وهو في بلاد الحرب ثم أسر سقط عنه الحد سواء أسلم أو لم يسلم. قوله: (فإنه لا يسقط عنه) أي لما
يلحق المقذوف من المعرة فيحد قبل قتله وأما عكسه وهو ارتداد المقذوف فإنه يسقط الحد عن قاذفه
كما في عج. قوله: (هرب لبلد الحرب أم لم يهرب) أشار الشارح بذلك إلى أن الاستثناء راجع لما قبل
الكاف أيضا وهو قوله لا حر مسلم والمعنى لا إن جنى على حر مسلم والمعنى لا إن جنى على حر مسلم فلا يؤخذ منه شئ إلا حد الفرية وإن
هرب لدار الحرب فلا يؤخذ منه شئ إلا حد الفرية فإنه يستوفي منه إذا أسر. قوله: (والخطأ على بيت
المال) أي سواء كانت الجناية على نفس أو طرف. قوله: (كأخذه جناية عليه) أي أرش
جناية عليه ممن
جنى عليه ولا يقتص منه ولو كان ذلك الجاني عبدا كافرا لان شرط القصاص أن يكون المجني عليه
معصوما كما مر أول باب الدماء وتقدم أن على قاتله الأدب والدية وهي ثلث خمس دية الحر المسلم سواء
قتله زمن الاستتابة أو بعدها وقبل قتل الامام له. قوله: (وإن تاب المرتد) أي الحر وأما العبد فلسيده نزع
305

ماله بنفس الارتداد وإن شاء تركه كما في ابن الحاجب وابن عبد السلام انظر بن. قوله: (من أن المرتد
يكون محجورا عليه بالارتداد) هذا بيان للراجح وظاهره أن المقابل للراجح أنه لا يكون محجورا
عليه بنفس الارتداد وأنه لا ينزع منه ماله وفيه نظر فإن وقف ماله بمجرد الردة متفق عليه وإنما الخلاف
هل يرجع له إذا تاب وهو المشهور أو يكون فيئا مطلقا كالمأخوذ من الحربي، والأول مذهب المدونة
والثاني لسحنون. وفائدة الوقف عليه مع أنه لا يعود إليه مطلقا احتمال أن تظهر عليه ديون فتؤخذ منه
ولأنه إذا رأى ماله موقوفا لعله يتوهم أننا وقفناه له فيعود للاسلام انظر بن. قوله: (وقدر المرتد الجاني
عمدا أو خطأ حال ردته كالمسلم) أي كالجاني المسلم الذي صدرت منه الجناية عمدا أو خطأ أي وأما لو جنى
عليه حال ردته فلا يقدر مسلما بل مرتدا فيه ثلث خمس دية الحر المسلم كانت الجناية عليه عمدا أو
خطأ. قوله: (إذا تاب) الأولى حذفه لأنه الموضوع كما أشار له الشارح أولا فموضوع هذه المسألة أنه
جنى حال ردته وتاب وما مر في جنايته على عبد أو ذمي أو حر مسلم عمدا أو خطأ فموضوعه أنه مات
على ردته. قوله: (أي من أسر الكفر وأظهر الاسلام) أي وهو المسمى في الصدر الأول منافقا
ويسميه الفقهاء زنديقا. قوله: (بلا استتابة) أي بلا طلب توبة منه. قوله: (إلا أن يجئ تائبا) أي عما
كان عليه من غير خوف. قوله: (ثم ثبتت زندقته) أي ولو بشهادة بينة على إقراره بها. قوله: (أو قتل بعد
الاطلاع عليه وبعد توبته) أي وكذا إذ قتل بعد الاطلاع عليه وأنكر ما شهد به عليه من استسرار
الكفر فماله لوارثه فإنكاره لا يدفع قتله وإنما يثبت ماله لوارثه. قوله: (ثم رجع) أي عنه بعد الوقوف
على الدعائم والتزامه لاحكام الاسلام فهذا هو الموضوع. قوله: (وقال أسلمت عن ضيق) أي ثم رجعت
بعد زوال ضيقي. قوله: (وإلا لم يقبل) أي ذلك الاعتذار. قوله: (كأن توضأ) أي شخص كافر أسلم من
الكفار. قوله: (وأعاد مأمومه) أي مأموم من قبل عذره ولو أسلم بعد ذلك حقيقة وظاهره أن مأموم
من لم يقبل عذره لا إعادة عليه والذي استظهره في التوضيح أن عليه الإعادة أيضا لأنه لا يؤمن
أن يكون غير متحفظ على ما تتوقف صحة الصلاة عليه فراجعه وهو الحق ا ه‍ بن. قوله: (كما قدمه الخ)
أي حيث قاله وبطلت باقتداء بمن بان كافرا ومن لوازم البطلان طلب الإعادة. قوله: (وأدب
من تشهد) أي ثم رجع عن الاسلام والحال أنه لم يوقف على الدعائم. قوله: (أي لم يلتزم الخ) هذا
الحل قريب من قول ابن مرزوق أن معنى كلام المصنف ولم يوقف أي لم يعلم بالدعائم حين التشهد
فلما علم بها بعد التشهد أبي من التزامها ورجع عن الاسلام فيؤدب ولا يحكم عليه بحكم المرتد. قوله: (وهو
كذلك) أي لان نطقه بعد علمه بها بعد التزاما لها كما في بن. قوله: (إن لم يدخل ضررا على
مسلم) أي إن سحر مسلما ولم يدخل عليه ضررا فإن أدخل عليه ضررا خير الامام بين قتله
واسترقاقه ما لم ير المصلحة في قتله، وإلا تحتم قتله إن لم يسلم، وأما إن سحر كافرا فإن لم يدخل عليه
ضررا فلا أدب وإن أدخل عليه ضررا أدب ما لم يقتل أحدا بسحره وإلا قتل. قوله: (وإلا قتل)
أي وإلا بأن أدخل عليه ضررا قتل أي قتله الامام إن شاء بدليل قوله وللامام استرقاقه فهو مخير بين
الامرين، وقوله إلا أن يتعين قتله أي لكون المصلحة في قتله وقوله فيقتل أي فيتحتم قتله إلا أن يسلم.
306

قوله: (فإن أدخل ضررا على أهل الكفر أدب) أي كما يؤدب لو سحر مسلما ولم يدخل عليه ضرر. قوله: (وأسقطت
صلاة وصوما وزكاة) أي أسقطت قضاءها إن لم يكن فعلها قبلها لعدم مطالبته بها حينئذ
وأسقطت ثوابها إن كان فعلها قبلها لبطلانها حينئذ. قوله: (وحجا) أي فرضا فلو ارتد في إحرام نفل
لأفسده ولا يجب عليه قضاؤه إذا رجع للاسلام كالصوم والصلاة. قوله: (بمعنى أبطلت) أي فقد استعمل
المصنف الاسقاط في معنى عدم المطالبة وفي معنى الابطال وهذا الاستعمال الثاني بالنظر للحج
والاحصان والوصية. قوله: (ونذرا) أي فإذا قال لله علي التصدق بدينار أو إن فعلت كذا فعلي
التصدق بدينار ثم ارتد سقط عنه النذر فلا يطالب به بعد إسلامه. قوله: (وكفارة) أي سواء كانت
كفارة صوم أو يمين أو ظهار. قوله: (أو بعتق أو ظهار) أي بأن علق العتق أو الظهار أو الطلاق. قوله: (أي
أنه لا يطالب بها) أي بالمذكورات من النذر واليمين والكفارة مطلقا فإذا حلف بالله أو بالعتق أو
بالظهار ثم ارتد فتسقط نفس اليمين إن كان لم يحنث قبل الردة وكفارته إن حنث قبلها، وظاهره سقوط
اليمين بالعتق ولو كان العبد الذي علق عتقه على أمر وفعله زمن الردة معينا وهو ظاهر المدونة وعليه
حملها ابن يونس وهو المعتمد خلافا لحمل ابن الكاتب لها على غير المعين، وأما المعين فلا يسقط الحلف به
وقوله وكذا يسقط الظهار تشبيه في الحكم وليس تمثيلا للمصنف لان الظهار في كلام المصنف معلق
وهذا منجز لا تعليق فيه كما قال. قوله: (ثم فعله بعد ردته وتوبته) أي وأما لو فعله قبل الردة فقد لزمه الطلاق
قبل الردة وهي لا تسقطه كما سيقول المصنف. قوله: (وأسقطت إحصانا) أي فإذا عقد مسلم بالغ عاقل
على امرأة عقدا صحيحا ووطئها وطأ مباحا ثم ارتد فقد زال إحصانه فإذا زنى فإنه يجلد ولا يرجم. قوله: (ووصية)
أي فإذا أوصى بوصية ثم ارتد فإنها تبطل ولو رجع للاسلام كما في ح وفي المواق عن المدونة
أن محل بطلان الوصية إذا مات على ردته لا إن عاد للاسلام وأقره بن. قوله: (أن تقيد هذه الأمور) أي
من قوله وأسقطت صلاة وصوما إلى هنا. قوله: (لا طلاقا) أي ثلاثا أو أقل منه ولا عتقا حصلا بغير تعليق
وقوله فيما تقدم ويمينا بالله أو بعتق أو ظهار أي أو بطلاق ففيه احتباك لكن بتعليق. تنبيه: قد علم أن
عتقه الصادر منه قبل الردة لا يبطل بها بسائر أنواعه كان تدبيرا أو منجزا أو مؤجلا عاد للاسلام
أو قتل على ردته ومثل الطلاق والعتق في عدم البطلان بهما الهبة والوقف إذا حيزا قبلها عاد للاسلام
أو مات على ردته وأما لو تأخر الحوز حتى ارتد وقتل على ردته بطلا وانظر لو تأخر الحوز بعدها وعاد
للاسلام هل يحكم بالبطلان أو بعدمه. قوله: (فلا تحل مبتوتة) أي بتها قبل الردة. قوله: (ولو زمن ردته)
أي ولو كان دخول الزوج بها في زمن ردته. قوله: (وإلا حلت بعد إسلامهما) ولا يتوقف حلها
على نكاحها لزوج آخر وهذا مذهب ابن القاسم وهو المعتمد خلافا لابن المواز حيث قال لا تحل إلا بعد
زوج، ولو ارتدا معا ثم عادا للاسلام ووجه ما قال ابن القاسم أن الطلاق نسبة بينهما فالزوج
مطلق والزوجة مطلقة فإذا ارتد أحدهما زال وصفه وبقي على الآخر وصفه فإن ارتدا معا زال وصفهما معا وبطل بالمرة
ومحل الخلاف إذا لم يقصدا بردتهما التحليل وإلا لم تحل اتفاقا كما هو ظاهر فتوى ابن عرفة. قوله: (بخلاف
ردة المرأة فإنها تبطل تحليلها) وذلك لان الردة إنما تبطل وصف من تلبس بها لا وصف غيره وإن نشأ عن
وصف من تلبس بها فردة الزوج إنما تبطل إحصانه لا إحصانها وكذلك العكس وردة المحلل إنما تبطل
وصفه وهو كونه محللا ولا تبطل وصفها وهو كونها محللة بالفتح وإن كان ناشئا عن وصفه وكذا العكس.
307

قوله: (وأقر كافر) أي بكفر خاص كاليهودية مثلا وقوله انتقل أي علانية أو سرا وقوله لكفر
آخر كالنصرانية أو المجوسية أو لمذهب المعطلة أو الدهرية، ولا مفهوم لكفر آخر بل لو انتقل
للاسلام فإنه يقر بالأولى، فالمصنف نص على المتوهم ومفهوم كافر أن المسلم لا يقر إذا انتقل للكفر.
قوله: (وحكم بإسلام من لم يميز الخ) أي حيث لم يغفل عنه حتى راهق وكذا يقال في قوله كأن ميزكما
يأتي بعد وحاصله أن الكافر إذا أسلم وله ولد غير مميز أو مميز ولم يراهق فإنه يحكم بإسلامه تبعا لاسلام
أبيه فإن كان مراهقا حين إسلام أبيه أو غير مراهق وغفل عن الحكم بإسلامه تبعا لاسلام أبيه حتى
راهق فإنه لا يجبر بالقتل على الاسلام إن امتنع منه بل يجبر بغيره كالتهديد والضرب. قوله: (إذا كان
جنونه قبل البلوغ) أي وأما إذا كان جنونه بعد البلوغ فلا يحكم بإسلامه تبعا لاسلام أبيه إذا كان
إسلام ذلك الأب طارئا. قوله: (بإسلام أبيه) الباء للسببية وأما الباء الأولى فهي للتعدية وكلاهما متعلق
بحكم فلم يتعلق حرفا جر متحدا اللفظ والمعنى بعامل واحد. قوله: (كأن ميز) أي من أسلم أبوه
وذكر المصنف هذا مع أنه مفهوم ما قبله لأنه مفهوم غير شرط وليرتب عليه ما بعده. قوله: (أي عقل
أنه دين الخ) أي وإن لم يميز الثواب والعقاب والقربة والمعصية فلا يشترط ذلك. قوله: (المراهق)
أي المقارب للبلوغ. قوله: (فلا يحكم حينئذ بإسلامه) أي لأجل إسلام أبيه كالمراهق حين إسلام
أبيه. قوله: (وإذا لم يحكم به) أي بإسلام كل منهما وأشار الشارح بذلك إلى أن قول المصنف فلا
يجبر الخ جواب شرط مقدر. قوله: (أن محل الحكم بإسلام المميز أو غيره) أي المشار له بقوله المصنف
وحكم بإسلام من لم يميز لصغر أو جنون بإسلام أبيه كأن ميز. قوله: (وإن مات الخ) حاصله أن الكافر
إذا أسلم وكان له ولد مراهق أو غير مراهق وغفل عن الحكم بإسلامه تبعا لاسلام أبيه حتى راهق ثم مات
ذلك الأب الذي أسلم، فإن أرث من ذكر من المراهق ومن ترك المراهقة من أبيه يوقف لبلوغه، فإن أسلم
بعده أخذه وإلا لم يأخذه وكان لبيت المال، فإن أسلم قبل البلوغ لم يدفع له حتى يبلغ ويستمر على الاسلام
فقد ألغوا إسلامه قبل البلوغ هنا ولم يعتبروه. قوله: (أو المتروك لها) أي للمراهقة وقوله الذي أسلم نعت
لأبي المراهق. قوله: (وقف إرثه) أي إرث من ذكر من المراهق والمتروك لها لبلوغه ولو قال الآن لا أسلم
إذا بلغت. قوله: (مجوسي صغير) أي غير مميز كما في عبق والظاهر أن المراد به غير المراهق وأن المراد
بسابيه مالكه مطلقا سواء كان سابيا له أو مشتريا له مثلا وإنما حكم بإسلامه تبعا لاسلام مالكه لان
له جبره على الاسلام اتفاقا، ومفهوم صغير أنه لا يحكم بإسلام المجوسي الكبير تبعا لاسلام مالكه وهو
كذلك بناء على أنه ليس له جبره على الاسلام أما على الراجح من أن له جبره على الاسلام فإنه يحكم
بإسلامه تبعا لاسلام سابيه، فتحصل أن المجوسي يحكم بإسلامه تبعا لاسلام سابيه مطلقا سواء كان
صغيرا أو كبيرا لكن الأول اتفاقا والثاني على الراجح، ومفهوم مجوسي أن الكتابي لا يحكم بإسلامه تبعا
لاسلام مالكه مطلقا سواء كان صغيرا أو كبيرا لكن الأول على الراجح والثاني اتفاقا. قوله: (أنه لا يحكم
بإسلامه) أي الصغير. قوله: (لحمله) أي لحمل ما في الجنائز على الكتابي الصغير أي لأنه لا يجبر على الاسلام
308

على الراجح. قوله: (فلا يحكم بإسلامه) أي تبعا لاسلام سابيه اتفاقا. قوله: (يجبر على الاسلام) أي يجبره
مالكه. قوله: (وعلى الراجح إن كان كبيرا) مقتضاه أنه يحكم بإسلام المجوسي تبعا لاسلام سابيه ولو
كان كبيرا بناء على ذلك الراجح تأمل. قوله: (يحمل على الطوع) أي لأنه الأصل والاكراه خلافه
وقوله فله حكم المرتد أي فلا يرث ولا يورث وماله الذي عندنا يكون فيئا لبيت المال وقوله إن لم يثبت
إكراهه على الكفر أي بأن جهل الحال. قوله: (وإن سب الخ) السب هو الشتم وهو كل كلام قبيح
وحينئذ فالقذف والاستخفاف بحقه وإلحاق النقص به كل ذلك داخل في السب ومكرر معه قاله شيخنا
العدوي. وقوله مكلف أي سواء كان مسلما أو كافرا واحترز بالمكلف عن المجنون وعن الصغير الغير
المميز فلا يقتلان بسبب السب وكذا إن كان الصغير مميزا حيث تاب بعد بلوغه. قوله: (أو عرض) أي
قال قولا وهو يريد خلافه اعتمادا على قرائن الأحوال من غير واسطة في الانتقال للمراد. قوله: (بأن
قال عند ذكره الخ) أي كما لو قال له شخص النبي أمر بكذا فقال دعني ما أنا بساحر ولا كاذب.
قوله: (أي نسبة لعيب) العيب خلاف المستحسن شرعا أو عرفا أو عقلا وقوله أي نسبه لعيب أي سواء كان في
خلقه بأن قال أنه أسود أو أعور أو في خلقه بأن قال إنه أحمق أو جبان أو بخيل أو في دينه بأن قال أنه
قليل الدين تارك الصلاة مانع الزكاة. قوله: (أو قذفه) أي نسبه للزنا أو نفاه عن أبيه بأن قال أنه زان
أو ابن زنا. قوله: (كأن قال) أي لمن قال له النبي أمرك بكذا أو نهاك عن كذا. قوله: (أو غير صفته)
الضمير لمن ذكر من نبي أو ملك. قوله: (كأسود الخ) أي كأن يقول النبي فلان كان أسود أو كان قصيرا
جدا أو جبريل كان ينزل على المصطفى في صفة عبد أسود أو في صفة شخص قصير جدا. قوله: (أو ألحق
به نقصا) أي هذا إذا كان النقص الذي ألحقه به في دينه كتارك الصلاة بل وإن كان في بدنه.
قوله: (أو غض من مرتبته) أي بأن قال تربى يتيما أو مسكينا أو كان خادما عند الناس. قوله: (أو من
وفور علمه) أي بأن قال لم يكن على غاية من العلم أو الزهد. قوله: (أو أضاف له) أي نسب له ما لا يجوز عليه
وعبر أولا بأضاف وثانيا بنسب تفننا ولو حذف قوله أو نسب إليه وقال أو أضاف إليه ما لا يجوز
أو ما لا يليق بمنصبه أي كالطمع في الدنيا وعدم الزهد فيها والطفالة وشراهة النفس كان أخصر.
قوله: (على طريق الذم) رجعه بعض الشراح للمسائل الثلاثة وهي أو غض من مرتبته أو أضاف له ما لا يجوز أو
نسب له ما لا يليق ولا مفهوم لقوله على طريق الذم بل وكذا إن لم يكن على طريق الذم بأن صدر منه
ذلك لجهل أو سكر أو تهور في الكلام لان المصنف لم يعتبر مفهوم غير الشرط ويدل له ما يأتي في قوله وإن
لم يرد ذمه. قوله: (بخلاف تربي الخ) أي بخلاف قوله تربي يتيما للإشارة الخ وأما لو قال تربي يتيما فقط
فهذا يقتل ولا يقبل قوله أردت بقولي تربي يتيما الإشارة إلى أنه كالدرة اليتيمة، فقد صرح
شيخنا العلامة السيد محمد البليدي في حاشيته على عبق أنه لا يقبل منه في مسكين إرادة المعنى
المراد في حديث: اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين. والمراد بالمساكين
في الحديث المتواضعون فتأمل. قوله: (فلا يقبل قوله) راجع لقوله أردت لعقرب وإنما لم يقبل منه
ذلك لظهور لحوق السب بذلك. قوله: (أو بلا قبول توبة) أي إذا حصلت من غير طلب بأن جاء تائبا قبل
الاطلاع عليه. قوله: (إن تاب) أي أو أنكر ما شهدت به عليه البينة. قوله: (إلا أن يسلم الكافر فلا يقتل)
309

أي ولو كان إسلامه لأجل أن لا يقتل. قوله: (مطلقا) أي سواء كان مسلما أو كافرا وإنما لم يجعل سبه من
جملة كفره بحيث أنه لا يقتل بذلك السب إذا لم يتب لأنا لم نعطهم العهد على ذلك ولا على قتل أحد منا
فلو قتل أدا منا أو سب نبيا قتلناه به وإن كان في دينه استحلال ذلك. قوله: (وإن ظهر أنه لم يرد ذمه)
ما ذكره المصنف هنا من المبالغة هو المعول عليه دون قوله قبل على طريق الذم فإن مفهومه غير معول
عليه ا ه‍ عبق. قوله: (أو سكر) أي أدخله على نفسه ولا يرد قول حمزة للنبي (ص): هل أنتم
إلا عبيد أبي كما في البخاري لأنه كان قبل تحريم الخمرة كما في الشفاء والسكران إذ ذاك يحكم عليه
بحكم المجنون. قوله: (وفي من قال لا صلى الله على من صلى عليه الخ) أي وأما لو قال لا صلى الله عليه فإنه
يقتل قولا واحدا بلا استتابة كما أنه يقتل قولا واحدا إذا قال وهو غير غضبان لا صلى الله على من
صلى عليه. قوله: (لم يكن قاصدا إلا نفسه) أي الدعاء على نفسه بعدم صلاة الله عليه نفسه إن صلى على
النبي. قوله: (لبشاعة اللفظ) أي من حيث نسبة النقص للأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقوله وإن لم
يكن على طريق الذم أي قصدا أي بأن لم يكن قاصدا ذمهم. قوله: (أو لا) أي أو لا يقتل. قوله: (لان قصده الخ)
الأولى لاحتمال أن يكون قصده الاخبار عما وقع من اتهام الكفار لهم وهو لا يعتقد ذلك كما هو
ظاهر من حال المسلم. قوله: (لكنه يعاقب) أي بالضرب وطول السجن. قوله: (نظرا لظاهر اللفظ) أي
لان ظاهره لحوق النقس للأنبياء عموما والنبي خصوصا بالاغياء. قوله: (لاحتمال الخ) قال الشيخ أحمد بابا
في هذا التعليل بعد ولذا قال الشارح بهرام الأظهر من القولين في الفرع الأخير القتل. قوله: (لكنه
ينكل) أي بالضرب ويطال سجنه بعده. قوله: (قولان في كل من الفروع الثلاثة) أي والظاهر من القولين
في الفروع الثلاثة القتل بل استتابة كما في المج. قوله: (وإنما فيه العقوبة) أي بالضرب وطول السجن.
قوله: (واستتيب في هزم) هذا قول ابن المرابط والعجب من ابن المرابط في قوله ذلك مع قوله من قال هزمت
بعض جيوشه يقتل ولا تقبل توبته والمراد بهم من كان فيهم وإنما قتل قائل ذلك لان غاية ما هناك أن
بعض الافراد فر يوم أحد وهذا نادر والنبي (ص) وغالب الجيش لم يفر وقد جمع بعضهم بين
كلامي ابن المرابط بحمل هذا على قائله بقصد التنصيص والأول الذي عليه المصنف لم يقصد تنقيصا
فيستتاب، فإن تاب وإلا قتل لكن الذي عليه مالك وعامة أصحابه أن من قال إن النبي هزم يقتل ولا تقبل
توبته وهو المذهب وظاهر الاطلاق أي قصد القائل بذلك التنقيص أم لا وإنما قتل لان الله عصمه من
الهزيمة فنسبة الهزيمة إليه فيه إلحاق نقص به. قوله: (والحق أن الاعلان الخ) هذا هو الذي اختاره ابن
مرزوق كما يأتي وقوله مطلقا أي سواء تاب أو لم يتب. قوله: (إلا أن يجئ تائبا قبل الظهور عليه) أي وإلا
قبلت توبته ولا يقتل. قوله: (من حيث الحكم) أي وذلك لأنه إذا أعلن بالتكذيب يستتاب فإن لم يتب
قتلت وإن أسر به قتل بلا استتابة إلا أن يجئ تائبا كما أنه إذا ادعى النبوة كذلك. قوله: (في هذا الفرع)
310

أي وهو قوله أو تنبأ والذي قبله هو قوله أو أعلن بتكذيبه. قوله: (كما في الأولى) أي وهو قوله هزم بناء
على المعتمد وهو قول مالك وأصحابه. قوله: (راجعا لهما) أي لقوله أو أعلن بتكذيبه أو تنبأ. قوله: (أد) أي
إلى العشرة مثلا. قوله: (بخلاف لو قال) أي العشار زيادة على ما قال المصنف. قوله: (فيقتل) أي ولا تقبل له
توبة كما أفتى به ابن عتاب لأجل ما زاده على ما قاله المصنف. قوله: (أو قوله) أي القائل. قوله: (فيؤدب
بالاجتهاد) أي ولا يقتل. قوله: (لأنه لم يقع منه سب وإنما علقه على شئ لم يقع) يستفاد من هذا أن من قال
لآخر لو جئتني بالنبي على كتفك ما قبلتك أنه يؤدب ولا يقتل لأنه دون قوله لسببته في إيهام التنقيص
فإذا كان لا يقتل فيما هو أشد في إيهام التنقيص، فمن باب أولى لا يقتل فيما هو دونه في إيهام التنقيص نعم إن
قامت قرينة على قصد التنقيص فإنه يقتل في المسألتين وأما لو قال لو جئتني بالنبي على كتفك ما قبلته
فالظاهر تعين قتله لأنه لفظ فيه تنقيص وإن لم يرده انظر عبق. قوله: (لأنه لم يقصد دخول نبي في نسبه)
أي فإن علم أنه قصد الدخول كان سابا فيقتل ولا تقبل له توبة وإنما لم يقتل مع عدم قصده مع أن لفظه
لا يخلو من دخول نبي لاحتمال أن بريد المبالغة والكثرة لا حقيقة الألف، وأما لو قال لعن الله آباءك إلى
آدم فإنه يقتل كما نقله عياض عن ابن شاس لان في آبائه نبيا وهو نوح إذ هو أب لمن بعده ولم يعتبروا
إرادة التخصيص في هذا الفرع كما في حاشية الشيخ الأمير على عبق. قوله: (فقال لمن عيره به) أي قال
له بقصد رفع نفسه ودفع النقص عنه وكذا إذا لم يكن له قصد أصلا وأما إذا قال ذلك بقصد التنقيص فإنه
يقتل كما قال الشارح. قوله: (والنبي قد رعى الغنم) أي وشأن رعي الغنم الفقر ومثل قد رعى الغنم قد رعى بدون
ذكر الغنم كما في المواق. قوله: (ما لم يقله تنقيصا وإلا قتل) أي ولا تقبل توبته كما لو قال يتيم أبي طالب
أو ولد من مخرج البول وإنما قتل بذلك وإن كان الواقع أنه كذلك أي ولد من مخرج البول لما في هذا اللفظ
من الاستخفاف بحقه. قال سيدي محمد الزرقاني في شرح المواهب لم يثبت من طريق صحيح
ولادته (ص) أو ولادة غيره من الأنبياء من السرة. قوله: (أو قال لغضبان الخ)
أي وكذا إذا قال لقوم جبارين كأنهم الزبانية. قوله: (لأنه جرى مجرى التحقير لمخاطبة) أي بتهويل
أمره بغضبه. قوله: (وليس فيه تصريح بسب الملك) أي وإنما السب الواقع على المخاطب.
قوله: (أو استشهد) أي على فعله أو فعل غيره ببعض جائز عليه. قوله: (ولا تأسيا) أي تسليا.
قوله: (لا على التأسي) أي لا على وجه التأسي بل لرفع نفسه من لحوق النقص. قوله: (فقد كذبوا)
أي الأنبياء وكقوله كيف أسلم من ألسنة الناس ولم يسلم منهم أنبياء الله ورسله أو إن قيل في المكروه فقد
قيل في النبي المكروه أو أنا في قومي غريب كصالح أو أنا صبرت على البلاء
كأيوب. قوله: (ومسألة الحجة) أي ومسألة الاستشهاد للحجة ومسألة التشبيه يرجعان
لشئ واحد. قوله: (ولكنه أراد الخ) الأولى في الجواب أن يقال إلى أن الاحتجاج يكون على خصم مثلا
والتشبيه أعم فتدبر. قوله: (أدب بالاجتهاد) أي ويسجن أيضا كما في الشفاء وهذا إذا أراد
رفعة نفسه ودفع النقص عنه لا تنقيص النبي ولا التأسي. قوله: (أو أراد التنقيص قتل) قد
311

علم أن كلا من الاستشهاد والتشبيه له أحوال ثلاثة. إما أن يقصد به رفع نفسه ودفع النقص عنها، وإما أن
يقصد به التأسي والتسلي، وإما أن يقصد به التنقيص. ففي الحالة الأولى يؤدب ويسجن وفي الثانية
لا شئ عليه وفي الثالثة يقتل، وبقي ما إذا لم يكن له قصد لشئ مما ذكر والذي ينبغي كما في عبق أن
يحمل على قصد ترفع نفسه فيؤدب كما أنه يحمل على ذلك في مسألة أو عير بالفقر. قوله: (فإن لم يقل
أردت الخ قتل) أي فإن لم يقل ذلك في المسألتين تل كذا في ابن مرزوق والشفاء وظاهره من غير
استتابة وقال الشيخ أحمد الزرقاني يكون مرتدا ولم يدعمه بنقل. قوله: (قرنان) أي معرص لأنه يقرن
بين الأجنبي وبين زوجته مثلا. قوله: (في نسبة شئ قبيح الخ) أي كما إذا نسبه للتعريص أو للعوانة عند
الظلمة أو للكذب مثلا. قوله: (مع العلم به) أي مع العلم بأنه من ذريته. قوله: (بالقول) أي بأن يقول
أنا شريف من ذريته عليه السلام. قوله: (كأن يتعمم بعمامة خضراء) فإذا تعمم بها غير شريف فإنه
يؤدب لان ذلك استخفاف بحقه عليه الصلاة والسلام. واعلم أن لبس العمامة الخضراء في الأصل لمن
كان شريفا من أبيه وقد قصرها عليه السلطان الأشرف وحينئذ فلا يجوز لمن هو شريف من أمه لبسها
وأدب إلا أن العرف الآن قد جرى بلبسه لها وعمت البلوى بذلك فلا أدب عليه وإن كان لا ينبغي له
لبسها كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (أو احتمل قوله الانتساب) أي له عليه الصلاة والسلام وقوله
كأن يقول الخ أي جوابا لمن قال له أنت شريف وإنما كان قوله المذكور محتملا لا صريحا في الانتساب
له (ص) لاحتمال أن يكون قصد القائل هضم نفسه وأن ذريته عليه السلام هم الذين
لهم مزيد الشريف ولم يقصد الانتساب له. قوله: (أو سب من لم يجمع على نبوته) مثله من لم يجمع على
ملكيته كهاروت وماروت، وأما قول القرافي يقتل سابهما ولا تقبل توبته فهو خلاف المذهب كما في
عبق. قوله: (وخالد بن سنان) الراجح نبوته وكذلك الخضر، وأما لقمان ومريم فالراجح عدم نبوتهما
كما ذكر شيخنا. قوله: (أنه نبي أهل الرس) هو اسم بئر كانوا قعودا حولها فانهارت بهم وبمنازلهم وقوله
الذي قيل فيه أنه نبي أهل الرس أي وقيل أن نبيهم شعيب وأما خالد بن سنان فكان نبيا غير رسول
بين عيسى وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام. قوله: (أو سب صحابيا) قال عج أي جنسه فيشمل
سب الكل ومثل السب تكفير بعضهم ولو من الخلفاء الأربعة بل كلام السيوطي في شرحه على مسلم
المسمى بالاكمال يفيد عدم كفر من كفر الأربعة وأنه المعتمد فيؤدب فقط خلافا لقول سحنون أنه
يرتد وأما من كفر جميع الصحابة فإنه يكفر كما في الشامل لأنه أنكر معلوما من الدين بالضرورة
وكذب الله ورسوله. قوله: (بما برأها الله به) أي منه وهو الزنا وقوله فيقتل أي فإذا سبها بما برأها
الله منه بأن قال زنت فيقتل لردته لتكذيبه للقرآن وأما لو سبها بغير ما برأها الله منه فإنه يؤدب
فقط. قوله: (وفي استتابة المسلم الخ) هذا كالاستثناء من التشبيه أي وسب الله كسب النبي صريحه
كصريحه ومحتمله كمحتمله إلا أن في قبول توبة المسلم الساب له صريحا وعدم قبول توبته
خلاف والمشهور قبولها. قوله: (كمن قال لقيت الخ) من هذا القبيل كما قال بعض ما لو قال لو بلي نبي بهذا
312

المرض الذي ابتليت به أو ابتلى به فلان ما صبر ا ه‍ قال العلامة الأمير في حاشية عبق وفيه أن هذا
تنقيص بمرتبة الأنبياء فالظاهر القتل في هذا من غير خلاف وانظره. قوله: (لنسبة البارئ تعالى للجور)
أي وهو كفر وقد كفر إبليس بذلك حيث أمره الله بالسجود لآدم فخالف وقال أنا خير منه.
قوله: (وفي استتابته الخ) أي أنه يتفرع على القول بأنه يقتل خلاف وهو أنه هل تقبل توبته أو لا والظاهر
الأول كما قال شيخنا.
باب ذكر فيه حد الزنا
قوله: (وهو بالقصر لغة أهل الحجاز) وبه جاء القرآن وعليه فيكتب بالياء لانقلاب الألف عنها.
قوله: (وبالمد لغة أهل نجد) أي وهم تميم وعليه فيكتب بالألف ولكون الزنا يمد ويقصر جعل يا ابن
المقصور والممدود من صيغ القذف. قوله: (الزنا شرعا) خرج الزنا الذي لا حد فيه كالنكاح بدون ولي ومن
لاط بنفسه ووطئ الصبي والمجنون، فإن كل هذا وإن كان زنا في اللغة لكن لا يسمى زنا شرعا، وكل هذه
خارجة من المصنف بذكر الشروط وحين إذ كان لا يسمى ما ذكرنا شرعا فلا يعترض على المصنف
بذكر الشروط بحيث يقال أن المصنف ذكر أمرا عاما وهو الزنا ثم بينه بخاص. وحاصل الجواب
أن المصنف لم يذكر أمرا عاما بل خاصا بقرينة ذكر الشروط فذكرها قرينة على أن أل في الزنا للعهد
العلمي أي الزنا المعهود عند أهل الشرع. قوله: (وهو ما فيه الحد الآتي) أي أعم من كونه رجما أو جلدا.
قوله: (مكلف) أي ولو سكران حيث أدخل السكر على نفسه وإلا فكالمجنون. قوله: (ولا كافر) أي
سواء وطئ كافرة أو مسلمة وإن كانت المسلمة تحد لأنه يصدق عليها وطئ مسلم كما أنها تحد إذا مكنت
مجنونا أو أدخلت ذكر نائم في فرجها ورجم النبي (ص) لليهوديين حكم بينهم بما في التوراة
لعدم دخولهم إذ ذاك تحت الذمة. قوله: (فرج آدمي) أي غير خنثى مشكل فلا حد على واطئه في قبله
لأنه كثقبة فإن وطئ في دبره فالظاهر أنه يقدر أنثى فيكون فيه الجلد كإتيان أجنبية بدبر ولا يقدر
ذكرا ملوطا به بحيث يكون فيه الرجم ولا حد عليه إن وطئ وهو غيره للشبهة إذ ليس ذكرا محققا إلا
أن يمني فلا إشكال. قوله: (قبلا أو دبرا) أي لان المراد بالزنا هنا ما يعم اللواط. قوله: (كبين فخذين) أي أو في
هوى الفرج وكما خرج ما ذكر بقوله فرج آدمي خرج أيضا من لاط بنفسه فلا حد عليه ووجه
خروجه به أن آدمي نكرة ومكلف نكرة والنكرة بعد النكرة غيرها. قوله: (إن تصور بصورة غير
آدمي) أي وأولى إن لم يتصور بصورة شئ لان ذلك مجرد تخيل وأما إذا تصور بصورة الآدمي كان
وطؤه زنا شرعا ويحد الواطئ وكذا يقال في وطئ الجني لآدمي. قوله: (شرعا) أي من حيث ذاتها
خرج بذلك من حرم وطؤها لعارض كحيض ونحوه فإن وطأها لا يسمى زنا شرعا لأن هذه لزوجها
أو سيدها تسلط عليها شرعا من حيث ذاتها لولا العارض. قوله: (لا تسلط له) أي للمالك عليه من جهة
الوطئ وحينئذ فإذا وطئ مملوكه الذكر حد حد اللواط لا حد الزنا. قوله: (باتفاق) راجع للنفي أي
انتفى تسلطه عليه شرعا باتفاق العلماء. قوله: (فخرج النكاح المختلف فيه) أي كبلا ولي فإذا وطئ فيه فلا يسمى
زنا شرعا فلا حد فيه وخرج أيضا وطئ الرجل أمته وزوجته بدبرها فيه قولا بالإباحة وإن كان
شاذا أو ضعيفا فلا حد فيه ويؤدب. قوله: (لكان أحسن) أي لأنه أعم تأمل. قوله: (وطئ حليلته) أي
زوجته أو أمته. قوله: (خرج به الغالط) أي وهو من قصد زوجته فوقع على غيرها غلطا. قوله: (والجاهل)
313

أي جاهل العين وجاهل الحكم فالأول من يعتقد أنها زوجته أو أمته ثم تبين له أنها أجنبية وجاهل
الحكم من يعتقد وطئ حل الأجانب لكونه حديث عهد بالاسلام وهو طارئ من بلاد بعيدة عن
بلاد الاسلام، ولا يخفى أن الغالط هو عين جاهل العين فأحدهما مكرر مع الآخر، فإن أن يقصر الجاهل
على جاهل الحكم، وإما أن يحمل الغالط على الشاك لما يأتي من أن من وطئ امرأة شاكا في كونها زوجته
فتبين أنها أجنبية إنه لا حد عليه وكما خرج من ذكر بقوله تعمدا خرج أيضا المكره على القول بأنه
لا حد عليه كما يأتي. قوله: (وبالغ الخ) قال المسناوي لو حذف المصنف هذه المبالغة كان أولى لأنها
تقتضي اشتراط الاسلام في حد اللواط الذي هو الرجم وليس كذلك كما يأتي والقول بأنه مبالغة
فيما قبل قوله مسلم بعيد ا ه‍ بن. والحاصل أن المشترط في حد اللواط وهو الرجم بالنسبة للفاعل
تكليفه، وأما بالنسبة للمفعول فتكليفه وتكليف الفاعل معا وأما الاسلام فلا يشترط في واحد
منهما كما يأتي في قول المصنف وإن عبدين أو كافرين. قوله: (وإن لواطا) أي لان الفرج يشمل الدبر.
قوله: (فيسمى زنا شرعا وفيه الحد) أي خلافا لمن قال ليس فيه إلا الأدب كالمساحقة وفاقا لأبي حنيفة
وداود وقد أفاد المصنف بالمبالغة الرد على من ذكر وأنه يقال له زنا لكن بالمعنى الأعم وقد يقابل به.
قوله: (فلا يحد بل يؤدب) أي لان له التسلط على دبرها شرعا عند بعضهم وإن كان قولا شاذا. قوله: (بخلاف
لو كانت زوجا) أي وبخلاف إدخال امرأة ذكر ميت غير زوج في فرجها فلا تحد فيما يظهر
لعدم اللذة كالصبي. قوله: (يمكن وطؤها عادة لواطئها) أي وإن لم يمكن لغيره وأما ما لا يمكن وطؤها
إذا وطئها المكلف فلا حد عليه. قوله: (ولا يكون الاستئجار شبهة الخ) أي سواء كان الاستئجار
من نفسها حرة أو أمة أو من ولي الحرة للوطئ أو للخدمة أو من سيد الأمة للخدمة وقال أبو حنيفة
لاحد في وطئ المستأجرة للوطئ لان الإجارة عنده عقد شبهة يدرأ الحد وإن حرم عنده الاقدام
على ذلك العقد وبذلك يندرج في قول المصنف لا ملك له فيه باتفاق وإلا لكان خلاف أبي حنيفة شبهة
تدرأ عنه الحد. قوله: (نظرا لقول عطاء) أي بجواز نكاح الأمة المحللة أي التي أحل سيدها وطأها
للواطئ وهو صادق بما إذا كان بعوض وبدونه وحينئذ المستأجرة منن سيدها محللة فلا حد فيها ا ه‍ بن.
قوله: (أو إتيان مملوكة تعتق عليه بنفس الملك) أي إلا أن يكون مجتهدا يرى أن عتق القرابة
إنما يكون بالحكم لا بنفس الملك أو قلد من يرى ذلك وإلا فلا حد عليه نقله في التوضيح عن
اللخمي وانظر لم لم يدرأ عنه الحد إذا لم يكن مجتهدا ولا مقلدا لمن يرى ذلك مراعاة للقول
بذلك وقد استشكله ابن مرزوق وكذا المصنف في التوضيح عن شيخه ا ه‍ بن. قوله: (أو إتيان
من يعلم حريتها) أي أو إتيان أمة بملك لا بنكاح من يعلم حريتها وحرمتها عليه والحال أنها ممن لا تعتق
عليه سواء كانت من أقاربه كعمته وخالته أو أجنبية. قوله: (فيحد) أي لأنه وطئ من ليست زوجة
ولا مملوكة. قوله: (وكذا إن وطئها) أي وكذا يحد إن وطئها بملك والحال أنه يعلم أنها ملك للغير
بخلاف ما إذا تزوجها وهو يعلم أنها ملك للغير فلا يحد لاحتمال أن سيدها وكل مزوجها فزوجها فيدرأ
الحد بذلك. قوله: (واختلف في حدها هي الخ) أي إذا علمت بحرية نفسها دون المشتري على قولين فقيل
بعدم حدها لأنها تقول قد أكذب إذا قلت أنا حرة ولا بينة لي فهي معذورة في تمكينها وقيل بحدها
نظرا إلى أنه قد يصدقها إذا ادعت الحرية والأول للأبهري والثاني لابن القاسم. قوله: (أو إتيان محرمة
بصهر مؤبد بنكاح) أي ومن باب أولى وطئ المحرمة بنسب أو رضاع بنكاح لأنهما لا يكونان إلا
مؤبدين بخلاف الصهر فاقتصر عليه لأجل تقييده بمؤبد وأما لو وطئ المحرمة بالنسب أو الرضاع
314

بالملك فلا يحد وإنما يؤدب إذا كان عالما. وحاصل المسألة أن المحرمة بسبب الرضاع، إن وطئها بنكاح
حد، وإن وطئها بملك أدب والمحرمة بالنسب إن كانت ممن تعتق عليه بالملك حد لوطئها بالملك وأولى
بالنكاح، وإن كانت لا تعتق بالملك حد لوطئها بالنكاح لا بالملك فيؤدب فقط، وأما المحرمة بسبب
الصهارة فإن كان تحريمها مؤبدا حد إن وطئها بنكاح لا بملك فيؤدب، وإن كان تحريمها غير مؤبد فلا
حد سواء وطئها بنكاح أو بملك وإنما يؤدب فقط إن وطئها بنكاح. قوله: (بصهر مؤبد) أي مؤبد
تحريمها لان الذي يتصف بالتأبيد نفيا وإثباتا إنما هو التحريم لا الصهارة لأنها متى حصلت لا تكون
إلا مؤبدة وزاد مؤبد لان تحريم الصهر منه مؤبد ومنه غير مؤبد، فالأول كالعقد على البنت فإنه يؤبد
تحريم الأم فإذا عقد على الأم ودخل بها حد، والثاني كالعقد على الأم فإنه لا يؤبد تحريم البنت فله
طلاق الأم قبل مسها والعقد على البنت فإذا عقد على البنت ودخل بها بعد أن عقد على الأم وقبل أن
يمسها لم يحد وبعد مسها يحد. قوله: (بعد العقد على بنتها) ظاهره سواء دخل بالبنت أم لا وهو ظاهر
المدونة في النكاح الثالث وأنه نص فيها على الحد وأطلق وفصل اللخمي في باب القذف فقال وكذلك
إذا تزوج بأم زوجته فإن كان دخل بالبنت حد وإلا فلا لاختلاف الناس في العقد على البنت هل يحرم
الأم أو بمنزلة العدم لا يحرمها واعتمد ابن عرفة كلام اللخمي منكتا به على ابن الحاجب وشارحيه
ا ه‍ بن. قوله: (بخلاف لو وطئها بملك وهي لا تعتق عليه) أي كأم زوجته التي هي عمته أو خالته
أو أجنبية منه. قوله: (أو إتيان خامسة) أي أو وطئ خامسة بنكاح. قوله: (ولا التفات الخ) يعني أن
القول بحل الخامسة بعقد ضعيف جدا لا أثر له فلا يجعل شبهة تدرأ الحد. قوله: (وإلا لم يحد) أي
لأنها أمة محللة. قوله: (أو إتيان أمة ذات مغنم) أي أو إتيان من له سهم في الغنيمة أمة ذات مغنم. قوله: (بناء
على أنها لا تملك الخ) أي بناء على القول بأن الغنيمة لا يملكها الجيش إلا بالقسم أي وأما على القول بأن
الغنيمة يملكها الجيش بمجرد حصولها فلا يحد لأنه شريك وظاهر المصنف حد الواطئ قبل الجيش
أو كثر وقيده ابن يونس بالجيش العظيم دون السرية اليسيرة فلا يحد اتفاقا واقتصر عليه المصنف في
توضيحه. وقال القلشاني تبعا للخمي الأظهر أن الخلاف في كون الغنيمة تملك بمجرد الحصول أو لا
تملك إلا بالقسم جار في الجيش الكثير واليسير وهذا كله فيما إذا كان الواطئ له سهم في الغنيمة وأما
من لا سهم له فيها فإنه يحد اتفاقا مطلقا قل الجيش أو كثر. قوله: (أو مبتوتة) أي مطلقة بلفظ البت
وكذا بلفظ ثلاثا في مرة أو مرات بدليل المقابل. قوله: (أو بعد العدة) أي بنكاح أو بدونه.
قوله: (وهل يحد مطلقا) أي هذا إذا أبتها في مرات متفرقات بأن قال أنت طالق أنت طالق أنت
طالق ولم ينو تأكيدا أو طلق ثم راجع ثم طلق ثم راجع ثم طلق بل وإن أبت في مرة. قوله: (أو إنما يحد
إذا أبتها في مرات) أي فهذه الصورة محل اتفاق وسواء وطئها في العدة بعقد أو بغيره أو وطئها
بعدها بعقد نكاح وسواء كانت في الثلاث صور حرة أو أمة. قوله: (تأويلان) أي على المدونة وهما
قولان في المذهب والمعتمد منهما الأول ولذا ذكره المصنف أولا ثم بين ما في المسألة بعد ذلك
من الخلاف. قوله: (دون الغاية) أي دون الثلاث. قوله: (بلا عقد فيهما) أي إذا كان وطؤه غير مستند
لعقد في المسألتين مسألة وطئ المطلقة قبل البناء ووطئ المعتقة ومحل الحد في المسألتين إلا أن يعذر
بجهل كما يأتي وليس عليه لهما صداق مؤتنف لأجل الوطئ وأما صداقها الذي وجب نصفه بالطلاق
فإنه يكمل كما في المدونة. قوله: (لا فيها) محل عدم حده في وطئ البائن في العدة إذا كانت البينونة بلفظ
الخلع بغير عوض مراعاة لمن يقول إنه رجعي كذا في بن نقلا من كبير خش ثم قال وهو حسن
والله أعلم. قوله: (أو يطؤها مجنون أو كافر) أي إذا كان بالغا ومثلهما ما لو أدخلت ذكر نائم
315

بالغ في فرجها. قوله: (لأنها لا تنال الخ) مثل الصبي في عدم لزوم الحد للمرأة بوطئه إدخالها ذكر ميت
بفرجها لما ذكره من العلة. قوله: (إلا أن يجهل العين) هذا راجع لجميع ما تقدم وقوله أو الحكم كذلك
راجع لجميع النساء المتقدمات غير المرهونة. وحاصله أن ما ذكر من وجوب الحد بوطئ النساء
المتقدمات محله إذا كان عالما بالتحريم وبعين الموطوءة وأما إن جهل الحكم أو العين فلا حد ويقبل
قوله بدعوى جهله العين أو الحكم بشرط أن يظن به ذلك الجهل وأما إذا كان الزنا واضحا فلا يقبل
قوله. قوله: (بأن يظن أنها حليلته) أي زوجته أو أمته وقوله فتبين خلافها أي فتبين بعد وطئها أنها
أجنبية ومفهوم يظن أنه لو قدم عليها وهو شاك ثم تبين بعد الوطئ أنها أجنبية فظاهره أنه يحد
وليس كذلك بل ظاهر كلامهم أنه لا حد عليه مع الحرمة عليه انظر عبق. قوله: (إن جهل مثله) أي
إن كان مثله يجهل الحكم والعين. قوله: (كقريب عهد) أي أو كان الوقت ليلا مظلما والنساء مختلطات
والمرأة التي وطئها مماثلة لحليلته في النحافة أو السمن. قوله: (إلا الزنا الواضح) أي من العين أو الحكم.
قوله: (كإتيانه لكبيرة الخ) أي أو كانت حليلته في غاية النحافة والتي ادعى أنه ظن أنها هي في
غاية السمن أو العكس. قوله: (فلا يعذر فيه بجهل) أي وحينئذ فيحد. قوله: (يغني عنه قوله إن جهل مثله)
أي لان قوله إن جهل مثله يفهم منه أنه إذا لم يجهل مثله يحد ومن المعلوم أن الواضح من العين أو الحكم
لا يجهل مثله. قوله: (وأدب) أي فاعل المساحقة ولو وقعت بين رجل وامرأة أو بين رجلين ا ه‍ أمير.
قوله: (أو مدخلة ذكر بهيمة بفرجها) أي وكذا مدخلة ذكر ميت بالغ بفرجها. قوله: (ويثبت
الجميع) أي جميع ما ذكر حتى المساحقة بعدلين لا بأربعة لان هذا ليس زنا ولا بشاهد وامرأتين
أو أحدهما مع يمين لان ذلك ليس بمال ولا آيل له. قوله: (كغيرها في الذبح) أي في جواز الذبح والأكل
ولا تقتل وللشافعي قول بقتلها بغير ذبح وتحرق قيل لان بقاءها يذكر الفاحشة فيعير بها، وأنت
خبير بأن هذه العلة لا تنتج قتلها بل إزهاق روحها ولو بذكاة تأمل. قوله: (فلا تحرم) أي أكلها ولا يكره
أي حيث كانت مباحة. قوله: (فيؤدب أحد الشريكين وسيد المبعضة الخ) أي وكذا يؤدبن
إلا أن لا يقدرن على المنع. قوله: (أو واطئ مملوكة له) أي من محارمه لا تعتق عليه بنفس الملك. قوله: (أو
صهر) أي كعمة زوجته وخالتها وبنت أخيها وبنت أختها. قوله: (ويلحق به الولد) أي وتباع عليه
خشية أن يعود لوطئها ثانية ولا تكون أم ولد بذلك الولد لأنه من شبهة. قوله: (بنكاح أو ملك) أي
سواء كان الملك طارئا أو أصليا، فالأول وهو وطؤها بنكاح كأن يتزوج معتدة من غيره ويطأها زمن
العدة، والثاني وهو ما إذا وطئها بملك طارئ كما لو اشترى أمة معتدة من طلاق أو وفاة ووطئها في
عدتها، والثالث وهو ما إذا وطئها بملك أصلي كما إذا كانت مملوكة له فزوجها ثم طلقت أو مات زوجها
فلما شرعت في العدة وطئها في العدة ومثل وطئ أمته المعتدة في عدم الحد وطئ أمته المتزوجة كما في ابن غازي.
قوله: (والفرق الخ) حاصله أن وطئ المعتدة فيه شبهة فلذا أسقط عنه الحد وانتشرت الحرمة ووطئ
الخامسة لما لم يكن فيه شبهة لزم الحد ولم ينشر حرمة لكونه زنا محضا وأصل المعارضة بينها للخمي
316

والجواب بالفرق المذكور لابن يونس واعترضه في التوضيح بأن نشر التحريم في وطئ المعتدة مبني
على ثبوت الشبهة المسقطة للحد وحينئذ فلا يحسن التفريق بذلك بينهما لان فيه رائحة مصادرة، ولعل
الأحسن في الفرق أن تحريم الخامسة أشهر من تحريم المعتدة فلذا كان وطئ الأولى زنا موجبا للحد
دون الثانية ا ه‍ بن. قوله: (وتقدم الكلام على المعتدة منه) حاصل ما مر أنها إن كانت مبتوتة ووطئها
في العدة أو بعدها فإنه يحد كان الوطئ بنكاح أولا وإن كانت غير مبتوتة فلا حد عليه كان الطلاق
رجعيا أو بائنا بدون الثلاث. قوله: (فالوجه حمله على ذات سيد أو زوج معتدة) فيه أن هذا هو الحمل الأول المعترض عليه فالأولى أن يقول فالوجه حمله على ذات سيد أو على معتدة منه وهي غير
مبتوتة تأمل. قوله: (على ذات سيد) أي بأن وطئ السيد أمته المعتدة. قوله: (أو على معتدة منه وهي غير
مبتوتة) أي بأن كانت رجعية أو بائنا ووطئها في العدة ولم ينو بوطئه الرجعية الرجعة وكان وطؤه
للبائن بغير عقد جديد فلا حد عليه وإنما يؤدب فقط. والحاصل أن المعتدة منه إن كانت رجعية
ونوى بوطئه لها الرجعة أو غير رجعية ونكحها بعقد جديد فلا حد ولا أدب ولا حرج وإن وطئ
الرجعية أو البائن ولم ينو الرجعة في الرجعية وبغير عقد جديد في البائن ففي الرجعية الأدب، وكذا في
البائن ولا حد عليه وطئها في العدة أو بعدها، لان العصمة باقية في الجملة كذا في عبق والصواب أن
عدم الحد إن كان وطؤه في العدة وأما إن وطئ بعدها فإنه يحد كما في ابن مرزوق وتقدم ذلك
لشارحنا حيث قال، وأما المطلقة بعد البناء بائنا دون الغاية فيحد إن وطئها بعد العدة لا فيها انظر بن.
قوله: (وأما عكسه) أي وهو وطؤه الأم مع كونه قد عقد على بنتها ولم يدخل بها وقوله فيحد أي كما
هو ظاهر المدونة، وجعل اللخمي أن هذا العكس لا حد فيه كذلك لوجود الخلاف في كون مجرد
العقد على البنت يؤبد تحريم الأم أو هو بمنزلة العدم فلا يؤبد إلا إذا انضم له دخول، وقد تقدم عن بن
أن ابن عرفة اعتمد ما قاله اللخمي خلافا لما في عبق من تضعيفه. قوله: (فلو دخل بالأم ثم عقد على بنتها
ووطئها حد) أي اتفقا وكذا عكسه وهو ما إذا دخل بالبنت ثم عقد على أمها ودخل بها فيحد اتفاقا
ولا يجري فيه خلاف اللخمي لان موضوعه ما إذا عقد على الأم ودخل بها بعد عقده على البنت ولم
يدخل بها. قوله: (أو وطئ أختا على أختها) أي وكذا امرأة على عمتها أو على خالتها اتفاقا نسبا أو
رضاعا فلا حد فيه وإنما فيه الأدب حيث كان الوطئ بالنكاح كما قال الشارح، وأما إن كان بالملك فلا
شئ فيه ويمنع من وطئها بعد ذلك حتى يحرم فرج الأولى كما مر في باب النكاح. قوله: (أو إلا أخت
النسب) أي أو عدم الحد إلا إذا كانت تلك الأخت التي وطئها أخت زوجته من النسب وحينئذ
فيحد. قوله: (لتحريمها بالكتاب) أي وهو * (وأن تجمعوا بين الأختين) * قوله: (فتحريما بالسنة) أي
وهو قوله عليه الصلاة والسلام: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. أي والتحريم بالكتاب أقوى
من التحريم الثابت بالسنة أما قوله تعالى: * (وأخواتكم من الرضاعة) * فمعناه أخت الشخص نفسه
رضاعا وكلام المصنف في أخت الزوجة. قوله: (إذ هذه المسألة) أي وهي الجمع بين الأختين باعتبار
الحد وعدمه. قوله: (ليست في المدونة) أي وحينئذ فما الذي يؤول. قوله: (وكأمة محللة) الكاف
للتشبيه لا تدخل شيئا وسواء كانت تلك الأمة قنا أو كان فيها شائبة حرية كمدبرة ومعتقة لأجل
وقوله حللها سيدها أي سواء كان ذلك السيد المحلل زوجة الواطئ أو قريبه أو أجنبيا.
قوله: (فيؤدب اجتهادا ولا يحد) أي سواء كان ذلك الواطئ يعلم تحريمها على مذهب الجمهور
أم لا وسواء كان عالما بالتحليل أو جاهلا به كما لو وطئ أمة زنا فظهر بعد ذلك أن سيدها كان حللها له
قبل الزنا ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (يوم الوطئ) أي وتعتبر القيمة يوم الوطئ لأجل أن تتم له الشبهة
317

ويقدر أنه وطئ ملكه. قوله: (وإن أبيا) مبالغة في محذوف أي ويلزم التقويم وإن أبيا. قوله: (وله
الفضل) أي ما زاد من الثمن الذي بيعت به على القيمة التي قومت بها عليه فإن فلس المحلل له الواطئ
لها قبل دفع القيمة كان ربها أحق بها وبيعت عليه لئلا يعود لتحليلها، وإن مات ذلك الواطئ قبل
أداء قيمتها فصاحبها الذي حللها أسوة الغرماء كما قاله أبو عمران. قوله: (وتكون به أم ولد) أي وتستثني
هذه من قول المصنف في باب أم الولد لا بولد من وطئ شبهة. قوله: (وقد بانت من زوجها) أي البائع
لها. قوله: (ومثل البيع) أي في عدم الحد وعدم الأدب إذا كان ذلك لجوع والبينونة من زوجها.
قوله: (ويرجع المشتري على زوجها البائع بالثمن) أي وكذا يرجع عليه الزوج الذي يتزوجها
بالصداق إن وجده وإلا رجع به عليها إلا ربع دينار فيترك لها لئلا يخلو البضع عن عوض.
قوله: (لأنها غرته قولا وفعلا) أي لأنها قالت أنا أمة ومكنت المشتري أو المتزوج لها من نفسها.
قوله: (نظرا للشراء) أي نظرا لكون المشتري تملكها بشرائه كالأمة فتكون مكرهة في وطئه
لها إذ لو امتنعت لأكرهها. قوله: (واستظهر) أي استظهر ابن رشد هذا القول ووجهه بما ذكر
وتعقبه ابن عرفة بأن كون أصل فعلها في البيع طوعا ينفي عنها كونها مكرهة وأجاب ابن مرزوق
بأن أصل البيع وإن كان طوعا لكن بعد انعقاده صارت مكرهة. قوله: (والأظهر والأصح) أي
وهو قول ابن القاسم في المدونة ومقابله لأشهب إن كانت الأمة بيد المشتري فلا حد عليه وإن
كانت بيد البائع حد ا ه‍ عدوي. قوله: (فإن نكل الواطئ) أي كما نكل البائع. قوله: (كما لو حلف)
أي كما يحد لو حلف البائع وقوله حينئذ أي حين إذا حلف البائع. قوله: (وعدمه في صورة المصنف)
أي وعدم الحد في صورة المصنف وهو ما إذا نكل البائع وحلف الواطئ لأنه قد تبين بحلفه
مع نكول البائع أنه إنما وطئها وهي على ملكه فالصور ثلاث ولا يتصور هنا خلفهما لأنه متى
حلف البائع ثبت قوله ولا يتوجه على الواطئ يمين كما قال الشارح. قوله: (والمختار) أي عند اللخمي
وهو مذهب المحققين كابن العربي وابن رشد كما في خش. قوله: (والأكثر على خلافه وأنه يحد)
أي مطلقا سواء انتشر أم لا كما في ابن عرفة والشامل وظاهره أنه يحد على قول الأكثر ولو كانت
هي المكرهة له على الزنا بها، وهو كذلك، إلا أنه لا صداق لها عليه إذا كانت هي المكرهة له وإن
أكرهه غيرها غرم لها الصداق ورجع به على مكرهه ومحل الخلاف إذا أكرهه على الزنا بها وكانت
طائعة ولا زوج لها ولا سيد وإلا حد اتفاقا نظرا لحق الزوج والسيد وإلى أنها مسكينة لا يجوز أن
يقدم عليها ولو بسفك دمه. قوله: (وهو المشهور) أي لكن الذي به الفتوى ما قاله اللخمي
وهو الأظهر في النظر ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (بإقرار مرة) لم يأت المصنف بلو لأنه يشير بها للخلاف
المذهبي وليس في ذلك خلاف في المذهب بل الخلاف في ذلك لأبي حنيفة والإمام أحمد حيث قالا
لا يثبت الزنا بالاقرار إلا إذا أقر أربع مرات. قوله: (إلا أن يرجع الخ) استثناء من مقدر أي فإذا أقر به
حد إلا الخ. قوله: (رجع لشبهة أو لا) أي بأن كان رجوعه لتكذيب محض فإذا قال كذبت ولم يبد
318

عذرا فإنه لا يحد عند ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم ورأوا أن ذلك شبهة لاحتمال صدقه ثانيا،
وقال أشهب لا يعذر إلا إذا رجع لشبهة وروي عن مالك وبه قال عبد الملك انظر بن واعلم أن رجوعه
عن الاقرار بالزنا إنما يقبل بالنسبة لسقوط الحد لا بالنسبة لعدم لزوم الصداق فلا يسقط عنه مهر
المغصوبة التي أقر بوطئها برجوعه. قوله: (يعني أن هروبه في حال الحد يسقط عنه الحد) اعلم أن
سقوط الحد بالهروب إنما هو إذا كان ثبوت الزنا عليه بإقراره أما لو كان ثبوته ببينة أو حمل فلا
يسقط عنه الحد بهروبه مطلقا بدليل ذكرهما بعد. قوله: (ومن تبعه) أي وهو عج وعبق والشيخ
أحمد الزرقاني. قوله: (وعدم الحط مطلقا) أي سواء كان هروبه قبل الحد أو في أثنائه وحينئذ فالمبالغة
على حقيقتها لئلا يتوهم أن فراره في الحد من شدة الألم لا رجوعا منه عن الاقرار كما قرره ابن مرزوق
والحق كما يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام في حديث ماعز بن مالك لما هرب في أثناء الحد فاتبعوه
فقال ردوني إلى رسول الله (ص) فلم يردوه ورجموه حتى مات ثم أخبروا النبي بقوله فقال:
هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه. أن الهارب سواء كان قبل الحد أو في أثنائه يستفسر
فإن كذب إقراره ترك لا إن كان لمجرد الخوف أو الألم انظر بن. قوله: (برؤيا) أي يشهدون له برؤية
واحدة في وقت واحد. قوله: (وإذا ثبت بها) أي وإذا ثبت الزنا بشهادة البينة المذكورة وادعت
المرأة أنها بكر أو رتقاء ونظر إليها أربع نسوة وصدقتها على ذلك فلا يسقط الحد المترتب عليها
بشهادة الرجال الأربع. قوله: (فلا يسقط الحد بشهادة أربع نسوة ببكارتها) بل ولا بشهادة أربع
رجال بها كما هو مذهب المدونة لاحتمال دخول البكارة فلا تمنع من تغييب الحشفة وللرجال النظر
إليها كما يقيده ابن مرزوق عن ابن القاسم وأسقط اللخمي الحد بشهادة الرجال وشهادة النساء
بالبكارة لان شهادتهم شبهة كما في بن نقلا عن التوضيح وابن عرفة، فقد علمت أن من أسقط
الحد بالرجال أسقطه بالنساء ومن لم يعتبر شهادة النساء وقال بالحد لم يعتبر شهادة الرجال فما في عبق
وخش من اعتبار شهادة الرجال بالبكارة وسقوط الحد دون شهادة النساء فهو تلفيق لم
يقل به أحد. قوله: (تقديما لشهادة الرجال على النساء) فيه أنه حيث علل عدم قبول شهادة
النساء بالعذرة بضعف شهادتهن فلا تقاوم شهادة الرجال يقال عليه شهادتهن وإن لم تقاوم شهادة
الرجال فلا أقل من أن تكون شبهة تدرأ الحد تأمل فالأولى التعليل بما قلناه من احتمال دخول البكارة
فلا معارضة بين الشهادتين. قوله: (أي بظهوره في امرأة) أي سواء كانت حرة أو أمة وقوله
غير متزوجة أي لا يعرف لها من زوج يلحق به الولد بأن لا يعرف لها زوج أصلا أو يعرف لها زوج
لكن لا يلحق به. قوله: (وغير ذات سيد الخ) أي وفي أمة غير ذات سيد مقربه. قوله: (لدون ستة
أشهر) أي بكثير من يوم العقد. قوله: (ولم يقبل الخ) يعني أن المرأة إذا ظهر بها حمل ولم يعرف لها زوج
أو كانت أمة وكان سيدها منكرا لوطئها فإنها تحد ولا يقبل دعواها الغصب على ذلك بلا قرينة تشهد
لها بذلك ولا دعواها أن هذا الحمل من منى شربه فرجها في الحمام ولا من وطئ جنى إلا لقرينة
مثل كونها عذراء وهي من أهل العفة. قوله: (كتعلقها بالمدعى عليه) أي سواء كان صالحا
أو مجهول الحال أو فاسقا والمراد بالتعلق أن تأتي مستغيثة منه أو تأتي البكر تدمي عقب
الوطئ وإن لم تستغث وتقول أكرهني فلان. قوله: (أنواع الحد) أي المترتب على الثبوت. قوله: (وجلد
بلا تغريب) هذا خاص بالنساء والعبيد. قوله: (وجلد بتغريب) أي وهذا خاص بالبكر الحر الذكر.
319

قوله: (يرجم المكلف الخ) أي يرجمه الامام وليس له أن يرجم نفسه لان من فعل موجب القتل لا يجوز
له أن يقتل نفسه بل ذلك للامام والأولى له أن يستر على نفسه ولا يقر وأعاد المصنف هذه الأوصاف
وإن تقدمت غير الحرية في تعريف الزنا لأجل قوله إن أصاب بعدهن وقوله يرجم بمثناة تحتية على
أن الجملة مستأنفة وجوز بعضهم قراءته بباء موحدة وهي متعلقة بقوله أول الباب الزنا وهي
للمصاحبة أي الزنا مصحوب برجم المكلف وجلد البكر وتغريب الحر الذكر أي هذا الحكم
مصحوب بهذا الحكم. قوله: (أي وطئ) أي إن حصل منه قبل الزنا وبعد اتصافه بالأوصاف
المذكورة وطئ لزوجته التي عقد عليها عقدا لازما وكان ذلك الوطئ مباحا وعبر بأصاب إشارة إلى أنه
لا يشترط في الاحصان كمال الوطئ للزوجة بل يكفي مغيب الحشفة أو قدرها من مقطوعها.
قوله: (ابتداء أو دواما) هكذا بأو على الصواب لا بالواو لأجل أن يشمل الفاسد الذي يمضي بالدخول ففي
المواق قال ابن عمر ما يفسخ بعد البناء لا يحصن وطؤه بخلاف الذي لا يفسخ بعد البناء فإن الوطئ فيه
إحصان انظر بن. قوله: (فخرج) أي بقوله بنكاح من أصاب أي قبل الزنا بملك أو بزنا أي قبل زناه
ثانيا وقوله وخرج نكاح غير لازم أي وخرج بقوله لازم من أصاب زوجته قبل الزنا بنكاح غير
لازم. قوله: (كنكاح عبد) أي فلا تكون زوجته محصنة بوطئه لها فإذا زنت لم ترجم أما إذا كان نكاح
العبد لتلك الحرة بإذن سيده أو أجازه السيد ووطئها بعد إجازته فإن ذلك النكاح يكون محصنا لموطوأته
الحرة والعبد لا يرجم إذا زنى على كل حال لان العبد نفسه لا يكون محصنا مطلقا لان من شروط
الاحصان الحرية. قوله: (ومعيب) عطف على عبد أي كنكاح عبد ونكاح شخص معيب.
قوله: (وفاسد يفسخ أبدا) عطف على قوله غير لازم أي خرج نكاح صحيح غير لازم ونكاح فاسد يفسخ أبدا
أي فلا يكون الوطئ المستند لذلك النكاح محصنا لواحد من الزوجين وكذا يقال فيما بعده (قوله أو بعد
طول) لعل الأولى أو قبل طول. قوله: (صح) فاعله ضمير عائد على النكاح بمعنى الوطئ على طريق
الاستخدام. قوله: (فإذا زنى بعده جلده) أي ولا يرجم لعدم حلية الوطئ الواقع بعد العقد الصحيح
اللازم. قوله: (وبقي من شروطه الانتشار) أي على المعتمد خلافا للشاذلي. والحاصل أنه لا بد في
الاحصان من الانتشار على المعتمد كما أنه لا بد منه في الاحلال بخلاف الزنا فإنه لا يشترط فيه كما مر.
قوله: (وإصابة) أي ووطئ بعد هذه الأوصاف. قوله: (ووطئ مباح) أي وكون ذلك الوطئ مباحا.
قوله: (وعدم مناكرة) أي بين الزوجين في الوطئ بأن يعترفا بحصوله لا إن أقر أحدهما بحصوله
وأنكره الآخر. قوله: (معتدلة بين الصغر والكبر) أي لا بحجارة عظام خشية التشويه ولا
بحصيات صغار خشية التعذيب بل بقدر ما يحمل الرامي بلا كلفة كما قال ابن شعبان لسرعة
الاجهاز عليه، ويخص بالرجم المواضع التي هي مقاتل من الظهر وغيره من السرة إلى فوق ويتقي
الوجه والفرج، والمشهور أنه لا يحفر للمرجوم حفرة وقيل يحفر للمرأة فقط وقيل للمشهود
عليه دون المقر لأنه يترك إن هرب ويجرد أعلى الرجل دون المرأة لأنه عورة ولا يربط المرجوم
ولا بد من حضور جماعة قيل ندبا وقيل وجوبا لقوله تعالى وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين
فإنه في مطلق الزاني وأقل الطائفة أربعة على أظهر الأقوال قيل ليشتهر الزجر وقيل ليدعوا لهما
بالرحمة والتوبة وقيل ليشهدوا بزوال العفة لئلا يقذف الزاني بعد. قوله: (بداءة البينة بالرجم) أي يرجم
الزاني قبل الحاكم والمراد أنه لم يعرف ذلك في حديث صحيح ولا سنة معمول بها. قوله: (كلائط)
320

تشبيه في الرجم. قوله: (وإن عبدين أو كافرين) أي هذا إذا كان غير المحصنين حرين مسلمين بل وإن
عبدين أو كافرين وإنما صرح بهذا مع دخوله تحت الاطلاق للرد على من يقول أن العبد اللائط يجلد
خمسين وأن الكافر يرد إلى حكام ملته. قوله: (حتى يحتاج الخ) أي لان لائط اسم فاعل قاصر على الفاعل
فيحتاج لتقدير وملوط به لأجل صحة المبالغة بقوله وأن عبدين أو كافرين. قوله: (وإنما يشترط
التكليف فيهما الخ) أي وحينئذ فلا يدخل في الاطلاق بالغين أو غير بالغين طائعين أو مكرهين
والحاصل أنه يشترط في رجم الفاعل كونه مكلفا فمتى كان مكلفا رجم سواء كان المفعول به مكلفا
أم لا ويشترط في رجم المفعول تكليفه وطوعه وكون واطئه بالغا كما قال الشارح. قوله: (ويزاد في المفعول
طوعه) أي وأما الفاعل فلا يشترط فيه ذلك بل متى كان مكلفا رجم ولو مكرها بناء على المشهور المتقدم
لا على ما اختاره اللخمي. قوله: (وأدب المميز الطائع) أي اللائط فاعلا أو مفعولا. قوله: (كحد الفرية)
الكاف اسم بمعنى مثل فاعل يسقط أي ولا يسقط عن الكافر بإسلامه حد الفرية والسرقة والقتل وما
ماثلها في كونه حقا لمخلوق لأنها لازمة له كالدين وقوله بخلاف حد الزنا والشرب أي فإنه يسقط عنه
بإسلامه لان الحق لله وأراد بالزنا المعنى الأعم الشامل للواط وبالحد ما يشمل الأدب لان
الكافر إذا شرب أو زنى زنا غير لواط إنما يؤدب ولا يحد، ولو حذف الشارح الكاف من قوله كحد
الفرية لكان أوضح لايهام عبارته أن فاعل يسقط ضمير عائد على الرجم وليس كذلك كما يدل له
عبارة ابن يونس التي نقلها عبق. قوله: (البكر) المراد به غير المحصن وهو من لم يتقدم له وطئ مباح في
نكاح لازم بأن لم يتقدم له وطئ أصلا أو تقدم له وطئ في أمته أو في زوجته لكن في حيضها أو في نكاح
فاسد لم يفت وفسخ. قوله: (الحر) أي الكائن من أفراد جنس الحر فيشمل الذكر والأنثى كما قال الشارح
والمراد الحر المتقدم وهو المكلف المسلم. قوله: (بالرق) أي ذكرا كان الرقيق أو أنثى فيلزم كلا منهما
خمسون جلدة إذا زنى. قوله: (وإن قل) أي الرق في تلك الرقبة. قوله: (فإذا عتق) أي الزوج الذكر المكلف
المسلم. قوله: (وزوجته مطيقة) أي حرة مسلمة مطيقة. قوله: (وأصابها) أي بعد عتقه. قوله: (تحصن) أي
ولو كانت مجنونة وقوله فإن عتقت أي الزوجة المسلمة المكلفة وقوله تحصنت دونه إن أصابها أي بعد
عتقها ولو كان مجنونا فوطئ المجنون يحصن الزوجة العاقلة كما أنه يحلها لمبتها ووطئ المجنونة يحصن
زوجها العاقل وإن كان لا يحلها لمبتها لأنه يشترط في الاحلال علم الزوجة بالوطئ. قوله: (والحاصل) أي
حاصل ما استفيد من كلام المصنف هنا ومن قوله سابقا يرجم المكلف الخ. قوله: (بتحصن بوطئ
زوجته) أي وطأ مباحا بانتشار في نكاح لازم وكذا يقال فيما بعد. قوله: (والأنثى) أي الحرة المسلمة
المكلفة. قوله: (أطاقه موطوأته) قد يقال هذا يغني عنه اشتراط كون الوطئ مباحا إذا وطئ غير المطيقة
ليس مباحا تأمل. قوله: (زيادة على العشرة) أي وأما البلوغ المذكور في العشرة فبلوغ من اعتبر تحصينه
كالمرأة فعلى هذا لا بد في تحصينها من بلوغها وبلوغ واطئها هذا وقد يقال لا نسلم أن بلوغ واطئها زائد
على العشرة المتقدمة لان المراد بالبلوغ المتقدم في الشروط ما يشمل بلوغ من اعتبر تحصينه وبلوغ غيره
فبالنسبة لتحصين الرجل يعتبر بلوغه فقط وبالنسبة لتحصين المرأة يعتبر بلوغ كل منهما تأمل. قوله: (وغرب
الحر الذكر) أي بعد الجلد مائة وإنما غرب عقوبة له لأجل أن ينقطع عن أهله وولده
321

ومعاشه وتلحقه الذلة ومحل تغريب الحر الذكر إذا كان متوطنا في البلد التي زنى فيها، وأما الغريب
الذي زنى بفور نزوله ببلد فإنه يجلد ويسجن بها لان سجنه في المكان الذي زنى فيه تغريب له وأشعر
قوله غرب أنه لو غرب نفسه لا يكفي لان تغريبه نفسه قد يكون من شهواته فلا يكون زجرا له. قوله: (دون
العبد والأنثى) أي فلا يغربان ولا يسجن واحد منهما ببلد الزنا لان السجن تبع للتغريب وهما
لم يغربا وهذا هو المعتمد لأنه قول مالك وعامة أصحابه كما قاله ابن رشد في المقدمات. قوله: (ولو رضيت
هي وزوجها) أي لما يخشى عليها من الزنا بسبب ذلك التغريب وظاهره أنها لا تغرب ولو مع محرم وهو
المعتمد خلافا لقول اللخمي تنفي المرأة إذا كان لها ولي أو تسافر مع جماعة رجال ونساء كخروج
الحج فإن عدم جميع ذلك سجنت بموضعها عاما لأنه إذا تعذر التغريب لم يسقط السجن هذا كلامه
وقد علمت ضعفه. قوله: (عاما كاملا من يوم سجنه) ظاهره ولو كان عليه دين وهو كذلك لان الدين
يؤخذ من ماله إن كان له مال وإلا فهو معسر ينظر على كل حال. قوله: (ومؤنته) أي وثمن مؤنته من طعام
وشراب وفي هذا إشارة إلى أن المصنف استعمل الأجرة فيما يشمل ثمن المأكل والمشرب من استعمال
اللفظ في حقيقته ومجازه أو من عموم المجاز. قوله: (فيسجن) أي بعد الجلد سنة من حين سجنه في البلد
الذي نفي إليه كما مر فذكر العام فيما مر لا فائدة فيه على أن سجنه قد يتأخر بعد دخول بلد التغريب
فيكون التغريب حينئذ أكثر من عام فلو اقتصر على ما هنا أو ذكر السجن فيما تقدم وحذف ما هنا كان
أنسب. قوله: (غرب لموضع آخر) أي سنة كاملة وألغى ما مضى من الأولى فلا يكمل عليه ولا
يحتسب منها بشئ فقول الشارح ويستأنف لمن زنى في السجن أي سواء غرب لموضع آخر أو لم
يغرب. قوله: (لحيضة) أي إن مكث ماء الزنا ببطنها أربعين يوما هذا إذا كان الزوج أو السيد لم
يستبرئها قبل الزنا بل وإن كان استبرأها قبله وسواء قام بحقة من الوطئ بأن قال يمكن أنها حملت مني أو لم
يقم بحقه فهذه أربع صور يجب فيها تأخيرها للحيضة وكذا يجب تأخيرها لها إذا مكث ماء الزنا
ببطنها أقل من أربعين يوما حيث لم يستبرئها قبل الزنا وقام بحقه في الوطئ خشية أن يكون بها حمل لا إن
استبرأها أو لم يستبرئها، لكن لم يقم بحقه فلا تؤخر إذا لم يمض لمائه هو أربعون يوما وانتقل طوره عن النطفة
وإلا أخرت لان اعتبار مائه أولى من اعتبار ماء الزنا ويقوم مقام الحيضة فيمن لم تحض ثلاثة أشهر
حيث لم تحض فيها وكل هذا إذا لم يظهر حملها. قوله: (اعتدال الهواء) أي وكذا زوال مرض كنفاس.
قوله: (بأن تزوج) أي الرقيق بحر أي بشخص حر كما لو تزوج العبد بحرة أو الأمة بحر. قوله: (أو بمملوك الخ)
أي أو تزوج الرقيق بشخص مملوك لغير سيده كأن تزوج العبد بأمة مملوكة لغير سيده أو تزوجت
الأمة الزانية بعبد مملوك لغير سيدها. قوله: (ومحل الخ) أشار الشارح إلى أن إقامة الحاكم الحد له
شرط واحد وهو ثبوت موجبه بغير علمه وإقامة السيد الحد له شرطان أن لا يكون الرقيق
متزوجا بغير ملكه والثاني أن لا يكون موجب الحد ثابتا بعلمه والأول منهما قيد في إقامة السيد
فقط والثاني قيد فيه وفي الحاكم. قوله: (بغير علمه) أي إذا كان موجبه وهو الزنا ثابتا بغير علمه.
322

قوله: (وتكفي الخ) يعني أنه إذ ثبت الزنا بعلم السيد فليس له أن يقيم الحد على العبد وإنما يقيمه
الحاكم وتكفي شهادة السيد عند الحاكم وكذا إذا ثبت الزنا على شخص بعلم الحاكم فلا يقيم الحاكم
الحد على ذلك الزاني بل يرفع الامر لحاكم آخر أو لجماعة المسلمين أو للسيد إذا كان له حده وتكفي
شهادة الحاكم يعني مع غيره من العدول. قوله: (ومثل حد الزنا في ذلك) أي في إقامة الحاكم أو السيد له.
قوله: (فلا يقيمها إلا الحاكم) أي لئلا يمثل الناس برقيقهم ويدعون سرقتهم وهذا لا يتأتى في غير
السرقة لان حد السرقة فيه تمثيل بالقطع بخلاف غيره. قوله: (وإن أنكرت الخ) حاصله أن المرأة الثابت
زوجيتها إذا أقامت مع زوجها عشرين سنة ثم وجدت تزني وقالت ما جامعني زوجي في هذه المدة
وكذبها زوجها، وقال بل وطئتها فإنها ترجم لأنها محصنة ولا عبرة بإنكارها الوطئ. قوله: (أي الامام)
صوابه أي ابن القاسم كما في المواق ا ه‍ بن. وحاصله أنه روي عن ابن القاسم أن الرجل إذا تزوج
امرأة وطال مكثه معها ثم شهدت العدول عليها بالزنا فقال ما جامعت زوجتي منذ تزوجتها وأنا الآن
غير محصن، فإنه يقبل قوله ولا يرجم بل يحد حد البكر ما لم يقر بوطئها أو يظهر بها حمل فإنه يرجم.
قوله: (ما لم يقر به) أي مدة كونه لم يقر بوطئ زوجته بل قال عند شهادة البينة عليه بالزنا لم أطأ زوجتي
منذ تزوجتها. قوله: (ولو بعد الجلد) أي ولو كان إقراره بوطئها أو بظهور حملها بعد الجلد. قوله: (إذ قبل
قوله دونها) أي والحال أنه لا فرق وحينئذ فله قولان متقابلان عامان في الرجل والمرأة الأول عدم
قبول قولهما والثاني قبول قولهما ولا يرجمان بل يجلدان فقط. قوله: (أو الخلاف الخ) حاصله أنه إنما
رجمت الزوجة في مسألتها لضعف إنكارها مخالفة الزوج وتكذيبه لها لأنها تقول ما جامعني زوجي في
هذه المدة وهو يقول بل جامعتها ولم يرجم الزوج في المسألة الثانية لعدم ضعف إنكاره وذلك لعدم
تكذيب الزوجة له، فلو لم يكذبها في مسألتها فإنها لا ترجم وصارت مسألة المرأة موافقة لمسألة الرجل
في عدم الرجم ولو كذبته المرأة في مسألته فإنه يرجم وتصير مسألة الرجل موافقة لمسألة المرأة في الرجم.
قوله: (أو لأنه يسكت الخ) حاصله أنه إنما قبل قول الزوج في مسألته ولم يقبل قول الزوجة في مسألتها
لان الزوج إذا حصل له ما يمنع الجماعة لزوجته الشأن أنه يسكت عنه بخلاف الزوجة إذا حصل لها عدم
الوطئ من زوجها، فالعادة أنها لا تسكت عنه بل تظهر ذلك وتبديه فسكوتها وعدم ابدائها إلى الآن
دليل على تكذيبها، والأنسب بالتأويل قبله أن يقول المصنف أو لأنها لا تسكت أي أنها إنما رجمت
المرأة في مسألتها لمخالفة الزوج لها أو لان الشأن أنها لا تسكت هذه المدة عن إبداء عدم وطئها. قوله: (أو
لان الثانية لم تبلغ الخ) حاصله أن كلا من المسألتين وقع فيه تكذيب من أحد الزوجين لصاحبه لكن حكم
الامام في مسألة الرجل بقبول قوله لان موضوعها أن المدة لم تبلغ عشرين سنة وحكم بعدم قبول قول
المرأة في مسألة زناها لان موضوعها أن مدة اقامتها تحت زوجها عشرون سنة، فلو كانت المدة في مسألة
الرجل عشرين أو في مسألة المرأة أقل لاتفق المسألتان في الحكم. قوله: (تأويلات) قال ابن غازي
323

يغنى عن قوله تأويلات قوله وأولا على الخلاف أو لخلاف الزوج لان قوله أو لخلاف الزوج بمثابة
الوفاق، فلو لم يأت بتأويلات كان المعنى أو لا على الخلاف والوفاق وتعداد وجه الوفاق يدل على أنها ثلاث
وأجاب شيخنا العلامة العدوي بأنه لو حذف تأويلات لتوهم أنهما تأويلان اثنان أحدهما بالخلاف
والثاني بالوفاق بأحد تلك الأوجه لا بعينه تأمل. قوله: (والمذهب تأويل الخلاف) أي لان ممن قال به
سحنون ويحيى بن عمر وأبو عمران الفاسي واللخمي وابن رشد. قوله: (في تعيين المذهب) أي من القولين
هل هو القول بعدم قبول قول كل من المرأة والرجل وحينئذ فيرجمان وهو قول سحنون أو القول
بقبول قول كل منهما وحينئذ فلا يرجمان بل يجلدان وهو قول يحيى بن عمر واستظهره في المح.
قوله: (في حكم الثانية) أي وهو الموافق لما سبق من اشتراطهم في الاحصان عدم المناكرة في الوطئ.
قوله: (وعينه سحنون في حكم الأولى) لعله يرى أن اشتراط عدم المناكرة إذا لم يطل الزمان فإن طال الزمان
فلا تضر المناكرة في ثبوت الاحصان وانظره ا ه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (فادعى الوطئ) الأولى
حذفه لأنهما متفقان عليه فالأحسن أن يقول فاعترف بالوطئ وادعى الزوجية فكذبته فيها
وصورته أن المرأة إذا قالت زنيت مع هذا الرجل فأقر بوطئها وادعى أنها زوجته فكذبته ولا بينة
له على الزوجية فإنهما يحدان، أما حدها فظاهر لاقرارها بالزنا وأما حده فلأنها لم توافقه على النكاح
والأصل عدم السبب المبيح ويأتنفان نكاحا بعد الاستبراء إن أحبا وظاهره ولو كانا طارئين ولو
حصل فشو وهو كذلك كما في عبق وخش. قوله: (أو وجدا معا ببيت). حاصله أنه إذا وجد
رجل وامرأة في بيت أو طريق والحال أنهما غير طارئين وأقرا بالوطئ وادعيا النكاح والاشهاد عليه
ولا بينة لموتها أو غيبتها ولا فشو يقوم مقامها فإنهما يحدان لان الأصل عدم السبب المبيح للوطئ
ويأتنفان نكاحا بعد الاستبراء إن أحبا فإن حصل فشو أو كانا طارئين قبل قولهما ولا حد عليهما
لأنهما لم يدعيا شيئا مخالفا للعرف. قوله: (أو ادعاه فصدقته) صورته أن الرجل ادعى وطئ امرأة وأنها
زوجته فصدقته المرأة ووليها على الزوجية ولما طلبت منهما البينة قالا عقدنا النكاح ولم
نشهد ونحن نشهد الآن والحال أنه لم يحصل فشو يقوم مقام الاشهاد، فإن الزوجين يحدان لدخولهما بلا إشهاد.
قوله: (وأما الثالثة الخ) أي وأما الأولى فيحدان فيها ولو طارئين أو حصل فشو كما في عبق وخش.
خاتمة: إذا أقر الرجل بعد ولادة زوجته منه بمفسد لوطئه من غير ثبوت له كأن قالت عقدت عليها
عالما بأنها رقيقة أو أنها خامسة فإنه يحد لحق الله ويلحق الولد به مع عدم البينة قال النفراوي على الرسالة
وحده ولحوق الولد به مستغرب لان مقتضى الحد أنه زنا ومقتضى اللحوق أنه ليس زنا انظر المج.
باب في أحكام القذف
قوله: (ونحوها) أي كالحصباء وقوله ثم استعمل أي على جهة المجاز لعلاقة المشابهة بين الحجارة والمكاره
في تأثير الرمي بكل. قوله: (ويسمى) أي الرمي بالمكاره وقوله أيضا أي كما يسمى قذفا. قوله: (كأنه من
الافتراء والكذب) أي والقذف محكو عليه بأنه كذب شرعا وإن احتمل المطابقة المواقع. قوله: (الأعم)
أي الصادق بما يوجب الحد وما لا يوجبه وذلك لان الآدمي الناسب صادق بكونه مكلفا أو لا
ولا حد في الثاني والغير صادق بكونه حرا مسلما بالغا عفيفا وصادق بغيره ولا حد
في الثاني. قوله: (نسبة آدمي مكلف) من إضافة المصدر لفاعله أي أن ينسب الآدمي
المكلف سواء كان حرا أو عبدا مسلما أو كافرا غيره. قوله: (حرا عفيفا) أي حالة كون ذلك
الغير المنسوب حرا عفيفا وأو رد على التعريف المذكور بأنه غير مانع وذلك لصدقه بما إذا نسب
324

المكلف حرا عفيفا بالغا للزنا والحال أنه مجنون فيقتضي أن الناسب المذكور يحد وليس كذلك
وغير جامع لعدم صدقه بما إذا نسب المكلف ذكرا حرا مسلما عفيفا غير بالغ بل مطيق للزنا فيه فيقتضي
أن ذلك الناسب لا يحد وليس كذلك، فلو قال مسلما عاقلا بالغا ومطيقا للزنا لكان أولى ويكون قوله
بالغا فيما إذا قذفه بكونه فاعلا وقوله أو مطيقا فيما إذا قذفه بكونه مفعولا سواء كان ذكرا أو أنثى
وقوله أو قطع نسب مسلم عطف على قوله نسبة آدمي وأو للتنويع، فلا ضرر في دخولها في التعريف
لا للشك والتردد وكان عليه أن يزيد حر بد قوله مسلم، وإلا لو رد عليه أنه غير مانع لصدقه بما
إذا قطع نسب المسلم العبد عن أبيه فيقتضي أنه يحد مطلقا وليس كذلك بل لا حد عليه
إلا إذا كان أبوه حرا مسلما كما يأتي. قوله: (المكلف) أي البالغ العاقل سواء كان حرا أو عبدا مسلما
أو كافرا فالشرط في حد القاذف التكليف. قوله: (ولو كافرا) أي إذا كان القذف صادرا منه
ببلد الاسلام وأما الكافر ببلاد الحرب إذا قذف مسلما فيها ثم أسلم أو أسر فلا حد عليه اتفاقا.
قوله: (أو سكران) أي بسكر أدخله على نفسه وإلا فلا حد عليه لأنه كالمجنون. قوله: (ولو تاب) أي ذلك المقذوف
بأن رجع للاسلام. قوله: (كما لا حد على قاذف عبد) أي بزنا أو بنفي نسبه إلا أن يكون أبواه حرين
مسلمين فيحد لهما اتفاقا وكذا إن كان أبواه حرا مسلما وأمه كافرة، أو أمة عند ابن القاسم لأنه إذا قال له
لست ابنا لفلان فقط قذف فلانا بأنه أحبل أمه في الزنا قبل نكاحها فيصدق عليه أنه قذف حرا مسلما.
وقد توقف مالك في الحد هذه الصورة نظرا لاحتمال اللفظ أم ذلك المقذوف حملت به من غير
أبيه فلان فيكون القاذف قذف كافرة أو أمة. قوله: (أو جد) أي فإذا قال شخص لآخر لست ابن فلان
الذي هو جده فإنه يحد ولو قال أردت لست ابنه من صلبه لان بينك وبينه أبا فلا يصدق كما قاله في المدونة
إلا لقرينة تعين أن مراده ذلك كما في المج. قوله: (من جهة الأب) أي حالة كون الجد كائنا من جهة
الأب لامن جهة الأم فان نفاه عن جده لامه فإنه يؤدب فقط قوله (كما في المدونة) أي فقول خش
قوله حرا مسلما ما لم يكن أبواه رقيقين أو كافرين مخلف للمدونة قال بن ولم أر من صرح بذلك غير.
قوله: (صريحا) أي كقوله له لست ابنا لفلان. قوله: (أو تلويحا) أي مفهما لنفي النسب بالقرائن كالخصام
وكذا يقال في قوله أو إشارة أي بعين أو حاجب أو يد. قوله: (كما يأتي) راجع للتصريح والتلويح. قوله: (لان
الأمومة محققة لا تنتفي) أي فقول القاذف له لست ابنا لفلانة مقطوع بكذبه فلا يلحق المقذوف
معرة بذلك فلذا لم يحد القاذف. قوله: (فلا يعلم كذبه في نفيه) أي لا يعلم هل هو كاذب في نفيه عن أبيه
أوليس بكاذب في نفيه عنه فيلحقه بذلك المعرة فلذا حد القاذف. قوله: (ولا إن نبذ) أي ولا إن نفى
نسب من نبذ أي طرح فلم يدر له أب ولا أم فلا يحد وفيه صورتان الأولى أن ينفيه عن أب معين كلست
ابن فلان ولا حد عليه في هذه اتفاقا الثانية أن يقول له يا ابن الزنا وفيها قولان قال اللخمي لا يحد لان
الغالب في المنبوذ أن يكون ابن زنا. وقال ابن رشد يحد لاحتمال أن يكون نبذ مع كونه من نكاح صحيح.
ومعلوم أن قول ابن رشد هو المقدم وظاهر المصنف خلافه فينبغي استثناء هذه من كلام المصنف، وأما
لو قال له يا ابن الزاني أو يا ابن الزانية فهذا قذف بزنا أبويه لا ينفى النسب فلا حد على القاذف اتفاقا، وعلله
ابن رشد بجهل أبويه وهذه الصورة لا تدخل في كلام المصنف إذ ليس فيها قذف بنفي نسب وكلا منا
فيه، وبذلك تعلم ما في قول شارحنا تبعا لعبق وخش وأما لو نفى نسبه مطلقا كابن الزانية أو الزاني
أو ابن الزنا فيحد من أن الصواب حذف قوله كابن الزانية أو الزاني والاقتصار على قوله أو ابن الزنا وتعلم
أن الحد فيه قول ابن رشد وهو المعتمد انظر بن. قوله: (مطلقا) أي من غير تعيين للمنفي عنه. قوله: (لأنه
لا يلزم الخ) أي لجواز ان ينبذ وهو من نكاح صحيح. قوله: (ضعيف) قد علمت أنه هو النقل ولا خلاف
325

فيه. قوله: (حد قطعا) لاولى على المعتمد لما علمت أن المسألة ذات خلاف وأن القائل بالحد ابن رشد
واللخمي قائل بعدم الحد وأشار الشارح بقوله والأوجه ما قاله بعضهم لما قاله العلامة عج قال شيخنا
في حاشية خش الذي في عج وهو الحق عدم الحد في الأولين لكون أبويه غير معينين، وفي الثالث
قولان بناء على الغالب أنه ابن زنا أو عدم لزوم ذلك. قوله: (وحد قاذفه حينئذ) أي بنفي نسبه عنه.
قوله: (وأن الشروط) أي المعتبرة في لزوم حد القاذف. قوله: (مطلقا) أي قذف بنفي نسبه عنه.
قوله: (وأن الشروط) أي المعتبرة في لزوم حد القاذف. قوله: (مطلقا) أي قذ بنفي نسبه أو زنا.
قوله: (أي المقذوف بالزنا) أي دون المقذوف بنفي النسب. قوله: (أي كان عفيفا عن الزنا) أي سالما منه قال ابن
عرفة وعفاف المقذوف الموجب لحد قاذفه كلام المدونة وغيرها واضح في أنه السلامة من فعل الزنا قبل
القذف وبعده ومن ثبوت حده لاستلزامه إياه هذا هو المعتمد كما في ح وارتضاه شيخنا وبن أن كل
مسلم محمول على العفة ما لم يقر بالزنا أو يثبت عليه بأربعة عدول أو ظهور حمل إذا علمت ذلك تعلم أنه
إذ قذفه بالزنا فالمطالب باثبات الزنا وعدم العفة هو القاذف لقوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات ثم لم
يأتوا بأربعة شهداء) * الآية. وأما المقذوف فلا يطالب باثبات العفاف لان الناس محمولون على العفاف حتى
يثبت القاذف خلافه. وما في عبق من أن على المقذوف أن يثبت العفاف ففيه نظر وفي النفراوي لا ينفع
القاذف عدلان بل يحد هو والشاهدان وإنما ينفعه أربعة يشهدون على الفعل وفيه أيضا أنه إذ
شهد شاهد بأنه قذف يوم الجمعة وآخر بأنه قذفه يوم الخميس لفق كالعتق والطلاق انظر المج.
قوله: (لإقامة الحد على قاذفه) أي فإن زنى الشخص بعد أن قذف وقبل إقامة الحد لم يحد قاذفه. قوله: (عن وطئ
لا يوجبه) أي فلا يشترط العفة والسلامة منه. قوله: (كوطئ بهيمة) أي قبل القذف أو بعده وقيل
الحد. قوله: (لأنه غير عفيف) أي وإذا أقر شخص بالزنا فقذفه آخر ثم رجع لم يحد قاذفه بخلاف ما لو
قذفه بعد رجوعه فيحد. قوله: (فإن رماه بالزنا قبل الجب حد كما هو ظاهر) قال عج والظاهر أن قذف الخنثى
المشكل تابع لحده كما سبق فإذا رماه شخص بالزنا بفرجه الذكر أو في فرجه الذي للنساء فلا حد عليه
لأنه إذا زنى بهما فلا حد عليه وإن رماه بأنه أتى في دبره حد راميه لأنه إذا زنى به حد حد الزنا لما مر أنه
يقدر أنثى فيكون اتيانه أجنبية بدبر لأجل درء حد اللواط وهو الرجم بالشبهة ولا يحد حد اللواط
بتقدير ذكورته. قوله: (فاعلا أو مفعولا به) الأولى حذف قوله أو مفعولا به والاقتصار على قوله إذا
كان فاعلا لان المقذوف إذا كان مفعولا فلا يشترط بلوغه بل إطاقته الوطئ كما يأتي للشارح عن قرب.
قوله: (يغني عنه قوله كلف) أي لان التكليف يستلزم البلوغ. قوله: (فعلم أن المفعول به) أي المقذوف بكونه
مفعولا به وقوله شرطه أي شرط حد قاذفه إطاقة ذلك المقذوف للوطئ سواء قذف بزنا أو لواط فيه
أي وأما المقذوف بكونه فاعلا فشرط حد قاذفه بلوغ ذلك المقذوف سواء قذف بكونه فاعلا للزنا أو
اللواط. قوله: (والصحيح) أي كما في التوضيح حيث قال المحمول هو المسبي وأما المجهول النسب فهو
326

أعم منه فيشمل المسبى والمنبوذ والغريب. وحاصل ما في الجميع من التفصيل أنه إن نفى شخص واحدا
ممن ذكر عن أب معين فلا حد عليه، وإن نفاه عن أب مطلقا بأن قال له يا ابن الزنا فإنه يحد قاذفه بذلك عند
ابن رشد قائلا لأنا إنما منعناهم من التوارث بالنسب لجهلنا بآبائهم لا لأنهم أبناء زنا، وقال اللخمي: لا يحد
قاذفه بذلك لان أنسابهم لم تثبت ولا يتوارثون بها واما إذا رمى واحد ممن ذكر بالزنا فيحد قاذفه
اتفاقا إذا علمت هذا فقول الشارح أو نفي نسب أي عن أب مطلقا لا عن أب معين. قوله: (فمن قذف
واحدا منهم) أي حالة كونه حرا مسلما لان شرط حد القاذف أن يكون المقذوف كذلك. قوله: (وإن
ملاعنة) هذا مبالغة في قوله سابقا أو زنا فالمعنى قذف المكلف حرا مسلما بزنا يوجب ثمانين جلدة
هذا إذا كان المقذوف بالزنا غير ملاعنة بل وإن كانت ملاعنة. قوله: (وابنها) الواو بمعنى أو وهو
مبالغة في قوله بنفي نسب والمعنى هذا إذا كان المقذوف بنفي النسب ليس ابن ملاعنة بل وإن كان
ابنها. قوله: (فمن قذفها بالزنا حد) محل حد قاذف الملاعنة إذا كان غير زوج أو كان زوجا وقذفها بغير
ما لاعنها به وأما لو قذفها ولو بعد اللعان بما لاعنها به فلا يحد قاله ابن الحاجب. قوله: (أو قذف ابنها بنفي
النسب) أي عن أبيه الذي لاعنها فيه وإنما حد القاذف له بذلك لأنه لم يجزم بنفي نسبه لصحة استلحاق
أبيه الذي لاعن فيه له وأما لو قال لابن الملاعنة يا منفي أو يا ابن الملاعنة أو يا ابن من لوعنت فلا حد
عليه كما ذكره ح عن مختصر الوقار فإن قال له لا أب لك حد إن كان على وجه المشاتمة
لا الاخبار كقوله أبوك نفاك إلى لعانه قاله في المدونة وشرحها وإن قال لغير ابن الملاعنة يا منفي
حد. قوله: (أو عرض بالقذف) أي بأحد الأمور الثلاثة المتقدمة وهي الزنا واللواط ونفي النسب
عن الأب أو الجد. قوله: (غير أب) أي ولو زوجا عرض بزوجته. قوله: (أما أنا فلست بزان) أي أو
لست بلائط. قوله: (والمراد به) أي بالأب الجنس أي جنس الوالد. قوله: (الشامل للجد) أي وللجدة
سواء كان من جهة الأب أو من جهة الأم. قوله: (فلا حد فيه) أي ولا أدب لبعده عن التهمة في ولده.
قوله: (والراجح أنه لا حد عليه) أي في التصريح وقوله أيضا أي كما أنه لا حد عليه في التعريض.
قوله: (وإن كرر القذف مرارا لواحد) أي قبل إقامة الحد عليه كان القذف المكرر بكلمة
واحدة أو بكلمات ابن الحاجب ولو قذف قذفان لواحد فحد واحد على الأصح وهو مذهب
المدونة ومقابله يحد بعدد ما قذف سواء كان بكلمة أو كلمات ا ه‍ بن. قوله: (أو جماعة) أي أو كان
القذف لجماعة فهو عطف على كرر وسواء قذفهم في مجلس أو في مجالس بكلمة أو كلمات فلا يتكرر
الجلد بتكرر القذف على الأصح. قال في المدونة من قذف جماعة في مجلس أو مفترقين في مجالس
شتى فعليه حد واحد، فإن قام به أحدهم وضرب له كان ذلك الضرب لكل قذف كان عليه ولا حد
لمن قام منهم بعد ذلك، ومقابل الأصح أنه يحد بعدد من قذف سواء كان بكلمة أو كلمات. قوله: (وصورته
في الجماعة) أي وصورة القذف للجماعة أن يقول الخ احترز بذلك عما إذا لم يقذف الجميع بل
قذف واحدا منهم لا بعينه كما إذا قال لجماعة أحدكم زان فإنه لا حد عليه كما يأتي. قوله: (فإن كرر في أثناء
الجلد) أي قبل مضي أكثره الغي الخ. قوله: (إلا أن يكون ما بقي الخ) أي إلا أن يكون كرر القذف بعد
مضي أكثر الجلد بحيث صار الباقي من الجلد قليلا فيكمل الأول ثم يبتدأ بالثاني. تنبيه: لا يندرج
حد القذف في قتل لردة كما مر ولا في قتل لغيرها كحرابة أو زنا محصن أو قصاص للحوق المعرة
327

بالمقذوف ولو كان المقتول ظلما هو المقذوف فيحد له قاذفه ثم يقتل به. قوله: (ذكرا أو أنثى) سواء كان
خالص الرقية أو كان فيه شائبة حرية وإن قل رقه. قوله: (وإن تحرر قبل إقامة الجلد عليه) أي فالمدار
في جلده أربعين على رقيته حين القذف سواء استمر على ذلك حتى جلد أو تحرر قبل إقامة الجلد عليه
فتحريره لا ينقله لحد الحر، كما أن تحرير الأمة بعد حصول موجب عدتها لا ينقلها لعدة الحرة، أما إن
قذفه وهو عبد فتبين أنه حين القذف كان حرا فإنه يعمل بما تبين. قوله: (أو زنت عينك) أي العضو
المخصوص وأما لو أراد بالعين الذات بتمامها كان هذا من التصريح كزنى فرجك وما ذكره المصنف
من الحد إذا قال له زنت عينك أي أو يدك أو رجلك هو المعتمد من المذهب هو قول ابن القاسم، وقال
أشهب بعدم الحد لأنه أضاف الزنا للأعضاء مع احتمال تصديق الفرج لذلك وتكذيبه
واستظهره ابن عبد السلام انظر المج. قوله: (أو قال لامرأة أجنبية زنيت مكرهة) أي وكذبته.
قوله: (فيحد) أي سواء قامت قرينة على أن قصده نسبتها للزنا أو لم تقم لأنه لما قدم قوله أنت
زنيت عد قوله مكرهة من باب التعقيب برفع الواقع فلا يعتبر، فإن قامت قرينة على أن قصده الاعتذار
عنها لم يحد فإن قدم الاكراه بأن قال لها أنت أكرهت على الزنا حد إن قامت قرينة على أن قصده
نسبتها للزنا فإن لم تقم بشئ أو قامت بالاعتذار فلا حد. قوله: (وإلا حد) أي ما لم يقم بينة
بالاكراه وإلا فلا حد عليه. قوله: (فإن لم يذكر لفظ الفرج أدب) أي لكثرة جهات العفة ما لم تقم
قرينة على القذف أو يجري العرف باستعمال ذلك في القذف وإلا حد. قوله: (لأنه نفي نسبه) أي
فيحد لأنه نفي نسبه ابن مرزوق انظر هذا مع صحة الرقية في العرب وأنهم كغيرهم على المشهور من
صحة استرقاقهم وضرب الجزية عليهم قال ولم أر من ذكر ما أنت بحر من صيغ القذف سوى المصنف
وابن الحاجب، وأجاب ابن عاشر بأن كلام المصنف محمول على زمان لا يسترق فيه العرب والقذف مما
يراعي فيه العرف بحسب كل زمن أنظر بن. قوله: (من كان من أولاد العرب) أي الذين يتكلمون
بالعربية سجية سواء كنوا عرب عرباء أو مستعربة. قوله: (لان القصد أنه عربي الخصال) أي لان
القصد وصفه بصفات العرب وخصالها المحمودة من الجود والشجاعة لا قطع نسبه. قوله: (على أنه
قصد) أي بنسبته لعلمه. قوله: (بخلاف نسبه إلى جده) أي لأبيه أو لامه سواء كان في مشاتمة أم لا
لا يحد كما قال ابن القاسم في المدونة، وقال أشهب إذا نسبه لجده فإنه يحد ابن عرفة قال محمد وقول ابن
القاسم أحب إلي ومحل الخلاف ما لم يعرف أنه أراد القذف مثل أن يتهم الجد بأم ذلك الولد المقذوف
وإلا حد اتفاقا كما في التوضيح ا ه‍ بن. قوله: (فللأم القيام) أي فلام المعرض به القيام ولو عفا هو
عنه فإن لم يعف حد لأم المعرض به وعوقب للمعرض به. قوله: (إلا إذا قاله لغيره) أي في حق غيره
لا على جهة الخطاب. قوله: (وكذا) أي يكون من الصريح. قوله: (أو قال لامرأة كيا قحبة)
أي فيحد بهذه الألفاظ الثلاثة إذا قال شيئا منها لامرأة سواء كانت زوجة له أو أجنبية منه
وكذا إذا قالها لأمرد وأما إن قال ذلك لرجل كبير نظر للقرائن فإن دلت على أن القصد
رميه بالابنة حد وإلا فلا هذا ما استحسنه شيخنا العدوي. قوله: (كيا قحبة) المراد بها
الزانية والقحب في الأصل فساد الجوف أو السعال أطلق هذا اللفظ على الزانية
328

لأنها ترمز لأصحابها بالقحب الذي هو السعال. قوله: (بينه) أي بين نفسه. قوله: (فالقيام بالحد لزوجته)
أي لأنه قذف لها. قوله: (لذلك) أي لفعلها الفاحشة بها. قوله: (وقد كانت الخ) أي ولم يزل ذلك الامر في
بعض البلاد الآن كالقصير. قوله: (للنزول) أي لأجل النزول عندها بالفعل بها. قوله: (في امرأة) أي في
حق امرأة. قوله: (فعلت بها في عكنها) أي فيحد لأنه أشد من التعريض ولا يخالف هذا ما ذكروه في
شهود الزنا من أنه إذا قال ثلاثة رأيناه كالمرود في المكحلة حدوا حيث قال الرابع رأيته يجامعها في
عكنها أو طيات بطنها أو بين فخذيها وعوقب ذلك الرابع فقط لحمل ما هنا من حده على ما إذا قاله في
مشاتمة فإن هذا قرينة على قصد الرمي بالزنا فإن قاله على وجه الشهادة عوقب فقط قاله ابن مرزوق. قوله: (المراد
بالجنس الصنف) أي لان الانسان نوع من الحيوان فما تحته كالعرب والروم والبربر والزنج
أصناف أو المراد بالجنس الجنس العرفي لأنه يقال في عرف الناس لكل صنف جنس فيقال الروم
جنس والبربر جنس والمغاربة جنس وهكذا. قوله: (ولو أبيض لاسود) أي هذا إذا نسب جنسا أبي
أبيض لابيض أو أسود لاسود بل ولو نسب جنسا أبيض لاسود وعكسه. قوله: (والمراد أن ينسب الخ)
أشار بهذا إلى أن في كلام المصنف حذف مضاف والأصل لا إن نسب ذا جنس لغيره أي
صاحب جنس وهو الفرد أي وليس المراد ما يعطيه ظاهر المصنف من أنه نسب جنسا لجنس آخر
كقوله الروم بربر أو الفرس روم أو بربر. قوله: (إن لم يكن من العرب) هذا شرط فيما قبل المبالغة وما بعدها.
قوله: (ولو كان كل منهما من العرب) أي ولو كان كل من المنسوب والمنسوب إليه من العرب كما لو نسب
فردا من قبيلة من العرب لقبيلة أخرى منهم، وظاهره ولو نسبه لأعلى من قبيلته إلا إذا كان العلو في الشرف.
قوله: (فإن كان منهم حد) أي فإذا نسب واحدا منهم لغيرهم حد ولو تساويا لونا وظاهره ولو قصد بقوله
للعربي يا رومي أو يا بربري أي في البياض أو السواد في مشاتمة أم لا. قوله: (والفرق بين العرب) أي
حيث حد من نسب واحدا منهم لغير قبيلته وقوله وغيرهم أي حيث لم يحد من نسب واحدا منهم لغير
جنسه. قوله: (أن العرب أنسابهم محفوظة) أي لأنهم يعتنون بمعرفتها حتى جعل الله ذلك سجية فيهم
فتجد الواحد منهم يعد من الآباء العشرة أو أكثر فمن نسب واحدا منهم إلى غير قبيلته حد لأنه قطع
نسبه، وأما غيرهم فلا يلتفت لمعرفة نسبه فإذا نسب لغير جنسه أو قبيلته فلا يحد ناسبه لأنه لم يتحقق أنه
قطعه عن نسبه فيحتمل أنه في نفس الامر كما نسبه والحدود تدرأ بالشبهة. قوله: (أو قال
مولى الخ) ابن الحاجب لو قال مولى لعربي أنا خير منك فقولان ا ه‍ التوضيح لو قال ابن عم
لابن عمه أنا خير منك أو قال ذلك مولى لعربي فقولان، وقد ذكرهما ابن شعبان واختار وجوب الحد
فيهما والأقرب خلافه لان الأفضلية قد تكون في الدين أو في الخلق أو الخلق أو في المجموع أو
في غير ذلك إلا أن يدل البساط على إرادة النسب ا ه‍ بن. قوله: (لان وجوه الخير كثيرة)
وذلك لان الخيرية تصدق بالخيرية في الدين أو الخلق أو الخلق أو المجموع أو نحو ذلك. قوله: (فيحد)
أي لأنه قذف المخاطب بأن نسبه لا خير فيه وحينئذ فيكون ابن زنا. قوله: (أو قال لغيره) أي ولو
كان ذلك الغير عربيا. قوله: (لان القصد نفي الشرف) أي لان العرف استعمال ذلك اللفظ في ذم
الأفعال. قوله: (في كل ما لا حد فيه) أي كقول المولى لغيره أنا خير منك أو نسب فرد جنس لجنس آخر
فمتى قامت قرينة على أن قصده نفي النسب حد وكذلك قوله الآتي يا ابن الفاسقة أو الفاجرة أو يا حمار أو
يا ابن الحمار فمتى قامت قرينة على أن القصد القذف حد. قوله: (حلف) أي أنه ما أراد القذف ولا يحد.
329

قوله: (وأنه لو اشتهر الخ) أي مثل علق فإنه في الأصل الشئ النفيس واشتهر الآن في القذف بالمفعولية
ففيه الحد ولو حلف أنه لم يقصد قذفا. قوله: (ولو قاموا كلهم) فإن ادعى أحد منهم أنه أراده فلا يقبل
منه إلا ببيان أنه أراده قاله في الجواهر وما ذكره من عدم الحد ولو قاموا هو ما في الموازية، وقال ابن
رشد ما حكاه ابن المواز من أنه لا يحد إذا قاموا كلهم بعيد لأنه معلوم أنه قاله لأحدهم فلا حجة له
إذا قام به كلهم انظر التوضيح اه‍ بن. قوله: (لعدم تعيين المعرة) أي لواحد منهم إذ لا يعرف من أراد
والحد إنما هو للمعرة. قوله: (أو قام بعضهم) أي وعفا الباقي. قوله: (إلا أن يحلف ما أراد القائم)
أي فإن حلف والحال أن غيره قد عفا لم يحد لسقوط حق الباقي بعفوه وسقوط حق القائم بحلفه أنه لم يرد
القائم، وإن لم يحلف حد ومثل ما إذا قال لاثنين أو ثلاثة أحدكم زان أو ابن زانية أو لا أب له ما إذا قال
لذي زوجتين أو ثلاث يا زوج الزانية وقامتا أو إحداهما وقد عفت الأخرى ولم يحلف ما أراد القائمة
فيحد، فإن حلف ما أراد القائمة فلا حد لسقوط حق الباقية بعفوها وسقوط حق القائمة بحلفه أنه لم يرد
القائمة. قوله: (وإلا) أي وإلا بأن كان يتأنث في كلامه كالنساء لم يحد. قوله: (والذي في النقل) أي كما
قال ابن مرزوق. قوله: (أنه يحد مطلقا) أي سواء كان يتأنث في كلامه أو لا وما قاله المصنف من التفصيل
ضعيف بل لا وجود له كما قال ابن مرزوق. قوله: (وحد في قوله لآخر) أي سواء كان ذلك الآخر عربيا
أم لا. قوله: (ونحو ذلك) كيا ابن الأسود أو الأعور أو الأعمى. قوله: (إن لم يكن في آبائه الخ) أي إن
لم يثبت أن في آبائه من هو كذلك لأنه نسب أمه للزنا وهذا صادق بما إذا ثبت خلاف ذلك أو جهل
الامر كما في بن. قوله: (فإن كان لم يحد) أي فإن ثبت وجود أحد من آبائه كذلك لم يحد القائل
فالنافي للحد إنما هو الثبوت. قوله: (لان القصد) أي بهذه الألفاظ التشديد في الشتم أو في الذم والتوبيخ
ولم تشتهر عرفا في القذف بنفي النسب. قوله: (إن لم يحلف أنه لم يرد الخ) أي فإن حلف أنه لم يرد القذف
فلا حد عليه. قوله: (وإنما أراد الخ) أي الذي هو المعنى الأصلي لذلك اللفظ. قوله: (مطلقا) أي
سواء حلف أو لم يحلف. قوله: (مثله) أي مثل قحبة في لزوم الحد. قوله: (إلا أن يحمل ما مر على ما إذا كان
العرف فيه القذف) أي وما هنا على خلافه. قوله: (أو يا ابن الحمار) أي ويا خنزير أو يا ابن الخنزير
أو يا كلب أو يا ابن الكلب. قوله: (أو أنا عفيف أو ما أنت بعفيف) أي إذا قال ذلك لامرأة وأما إن قال ذلك لامرأة وأما إن قال
ذلك لرجل فإنه يحلف فإن نكل عن اليمين حد كما في التوضيح فقول عبق أو قال لرجل فيه نظر ا ه‍ بن.
قوله: (بدون ذكر الفرج) أي فيؤدب ولو في مشاتمة. قوله: (لان العفة تكون في الفرج وغيره) أي
كالمطعم ونحوه فلما أسقط الفرج احتمل العفة في المطعم والفرج ولم يكن نصا في الفرج. قوله: (أو يا فاسق الخ)
أي وإن كان متصفا بالفسق بمعنى الخروج عن الطاعة. قوله: (إلا لقرينة إرادة الزنا) أي
وذلك كما لو قال له يا فاجر بفلانة فإنه يحد لان ذكرها قرينة القذف إلا لقرينة تدل على عدم
إرادة الفاحشة كمطلة بحق امرأة أو جحد حقها فقال له يا فاجر بفلانة أتريد أن تفجر علي أيضا فيحلف
ما أراد فاحشة وإنما أراد ذلك ولا شئ عليه كما في المدونة زاد اللخمي فإن نكل عن اليمين لم يحد لأنها
يمين استظهار. قوله: (أو يا يهودي) أي أو يا آكل الربا. قوله: (وإن قالت امرأة) أي أجنبية أي وأما
الزوجة إذا قال لها أنت زنيت أو يا زانية فقالت له زنيت بك فلا حد عليها باتفاق لأنها قد تريد
النكاح والخلاف في الزوج، فقال ابن القاسم يحد إلا أن يلاعن، وقال عيسى لا حد عليه ولا لعان كذا
330

في ابن عرفة والتوضيح والمعتمد كلام ابن القاسم انظر بن. قوله: (حدث) أي ولا يحد الرجل لأنها
صدقته قاله في المدونة ا ه‍ بن. قوله: (ما لم ترجع عنه) أي فإن رجعت عن قولها حدث لقذف الرجل فقط.
قوله: (والقذف للرجل) أي وحدث لقذف الرجل أيضا وظاهره ولو رجعت عن إقرارها وقالت
لم أرد إقرارا ولا قذفا وإنما أرت بقولي زنيت بك بمجرد المجاوبة وهو كذلك عند ابن القاسم. ونص
ابن عرفة من قال لامرأة يا زانية فقالت له بك زنيت فقال مالك تحد للرجل وللزنا ولا يحد لأنها صدقته
إلا أن ترجع عن قولها فتحد للرجل فقط وقال أشهب إن رجعت. وقالت ما قلت ذلك إلا على وجه
المجاوبة ولم أر قذفا ولا إقرارا فلا تحد ويحد الرجل ا ه‍. فأنت تراه جعل كلام أشهب مقابلا لمذهب
المدونة انظر بن. تنبيه: لو قال شخص لآخر يا زاني فقال له الآخر أنت أزنى مني لم يحد القائل
الأول لأنه قذف غير عفيف وحد الثاني للزنا والقذف فإن قال له يا معرص فقال له أنت أعرص مني
حد الأول لزوجة الآخر وأدب وحد الثاني لزوجته ولزوجة الأول حدا واحدا وأدب له هذا
إذا لم يلاعن الثاني لزوجته فإن لاعن لها حد لزوجة الأول إن قامت به بعد ما لاعن زوجته فإن قامت به
قبل فحده لها حد لزوجته. قوله: (القاذف كل منهما له) أي تصريحا وأما قذفهما له بالتعريص فلا حد فيه
ولا أدب كما مر. قوله: (وفسق) أي الولد المقذوف بحده أي لأبيه أو أمه. قوله: (فكيف يكون فاسقا)
أي مع أنه غير عاص. قوله: (وهو قد يحصل بالمباح) أي المخل بالمروءة. قوله: (ليس للابن حد أبيه ولا
تحليفه) أي وكذلك أمه ليس له حدها ولا تحليفها فلا يمكن من ذلك إن طلبه. قوله: (وإن علمه من نفسه)
أي وإن علم أن ما رماه به صدر من نفسه بل له القيام به ولو علم بأن القاذف رآه يزني لأنه مأمور بالستر
على نفسه ولأنه وإن كان في الباطن غير عفيف فهو عفيف في الظاهر قاله أبو الحسن وليس للقاذف
أن يحلف المقذوف أنه ليس بزان كما في المدونة. قوله: (كوارثه له القيام بحق مورثه المقذوف الخ)
مثل وارث المقذوف في القيام بحق الميت وصى الميت المقذوف الذي أوصاه بالقيام باستيفاء الحد كما في
الشامل. قوله: (وبين الوارث) أي الذي له القيام بحق مورثه. قوله: (من ولد وولده) أي سواء كان كل من
الوالد أو ولده ذكرا أو أنثى. قوله: (وهكذا) أي باقي الورثة من العصبة والأخوات والجدات إلا
الزوجين فإن المذهب أنه لا حق لهما في ذلك كما هو ظاهر كلام المدونة انظر بن. قوله: (ولكل من
الورثة) أي الذين ذكرهم المصنف وغيرهم على الظاهر. قوله: (وإن حصل) أي وجد من هو أقرب منه
هذا يدل على أن المراد بالوارث في قوله كوارثه الوارث بالقوة لا الفعل لان ابن الابن لا يرث بالفعل
مع وجود الابن وحينئذ فيشمل ما لو كان الوارث قاتلا أو عبدا أو كافرا له القيام بحد من قذف مورثه
الحر المسلم سواء كان ذلك المورث أصلا لذلك الوارث أو فرعا له أو غيرهما. قوله: (خلافا لأشهب)
أي القائل يقدم الأقرب فالأقرب في القيام بحق المورث المقذوف كالقيام بالدم. قوله: (وللمقذوف
العفو الخ) أي وأما الوارث القائم بقذف مورثه فليس له العفو إذا كان الميت أوصاه بالقيام بالحد
وإلا فله العفو قال ابن عرفة اللخمي إن مات المقذوف وقد عفا فلا قيام لوارثه وإن أوصى بالقيام
لم يكن لوارثه عفو فإن لم يعف ولم يرض فالحق لوارثه إن شاء قام وإن شاء عفا ا ه‍ بن. قوله: (إن أراد
سترا على نفسه) قيد في قوله أو بعده ومفهوم الشرط أن المقذوف إذا كان عفيفا فاضلا لا يخشى
331

من إقامة بينة تشهد عليه بما رماه به القاذف ولا يخشى من لغط الناس والتكلم فيه إذا حد قاذفه فإنه
لا يجوز عفوه بعد بلوغ الامام ويستثنى من قوله إن أراد سترا ما إذا كان القاذف أباه أو أمه أو جده
فله العفو، وإن لم يرد سترا ويجوز العفو عن التعزير والشفاعة فيه ولو بلغ الامام كما في ح، وظاهره ولو
كان التعزير لمحض حق الله انظر عبق. قوله: (وألغي ما مضى) أي من الحد قبل القذف الثاني. قوله: (إلا
أن يبقى يسير) حدوه كما قال شيخنا العدوي بما دون الثلث.
باب ذكر فيه أحكام السرقة
قوله: (تقطع يد السارق) أي المكلف سواء كان مسلما أو كافرا حرا أو عبدا ذكرا أو أنثى وقطعها
بواحد من ثلاثة أشياء سرقة طفل أو ربع دينار أو ثلاثة دراهم كما يأتي ذلك. قوله: (اليمنى) ظاهر ولو
كان أعسر قال عبق وهو كذلك وقال اللخمي إن الأعسر تقطع يسراه واقتصر عليه في كفاية الطالب
وتحقيق المباني والتوضيح وابن غازي ولم يذكروا مقابلا له وكتب الشيخ عبد الله عن شيخه سيدي
محمد الزرقاني أن ما قاله اللخمي هو المذهب ا ه‍. والظاهر أن كلام اللخمي محمول على أعسر لا يتصرف
باليمين إلا نادرا بدليل ما يأتي في الشلل وأما الأضبط فتقطع يمناه اتفاقا. قوله: (من الكوع) أي كما
بينته السنة بسبب الاجمال في قوله تعالى: * (فاقطعوا أيديهما) * لاحتمال أن القطع من الكوع أو من المرفق
أو من المنكب. قوله: (فيكون واجبا على الامام) أي فإن تركه أثم. قوله: (ويحتمل الخ) الذي استظهره ح
أنه واجب على لامام والمقطوعة يده أي وجوبا كفائيا فمتى فعله أحدهما سقط عن الآخر أي وأما
من قطعت يده ظلما كمسألة وإن تعمد إمام الآتية فلا خلاف أن الحسم واجب على لامام ولا يلزم
صاحب اليد المقطوعة ظلما التداوي كما نقله الآبي عن ابن عرفة. ونصه قال ابن عرفة من قطعت
يده بحق لا يجوز له ترك المداواة ومن ترك حتى مات فهو في معنى قتل النفس بخلاف من قطعت
يده ظلما فله ترك المداواة حتى يموت واثمه على قاطعه انظر ح اه‍ بن. قوله: (أو غيرهما) أي فمتى
قام به أحد سقط عن الباقي. قوله: (إلا لشلل باليمنى) أي إلا لفساد فيها وظاهره ولو كان ينتفع بها
وهو كذلك خلافا لابن وهب لكنه مقيد بما إذا كان الشلل بينا وأما إن كان خفيا فلا يمنع القطع
قاله ح. قوله: (لا بسرقة الخ) إنما قيد القطع بكونه بغير سرقة لأجل الخلاف المشار له بقوله ومحا الخ
إذ ما قطعت بسرقة يتفق على أنه إذا سرق ثانية تقطع رجله اليسرى بخلاف من سرق وفي يمناه شلل
أو قطعت في قصاص أو سقطت بسماوي فإن فيه خلافا هل تقطع رجله اليسرى أو يده اليسرى.
قوله: (ومحا الامام الخ) ضمن المصنف محا معنى فلذا عداه باللام أي وغير الامام القول بقطع
رجله اليسرى للقول بقطع يده اليسرى. قوله: (فيمن لا يمين له) أي أن المحو إنما وقع فيمن لا يمين له
لقطعها بقصاص أو سقوطها بسماوي أو له يمين شلاء وقيس على ما ذكر ناقصة أكثر الأصابع فهي
لا محو فيها صراحة خلافا لظاهر المصنف وبهذا اندفع الاعتراض على المصنف. وحاصله أن ظاهره
أن المحو وقع في الشلل والنقص معا مع أن المدونة لم تذكر في النقص محوا ولا رجوعا ولا خلافا ونصها
وإن لم يبق من يمين يديه إلا إصبعا أو إصبعين قطعت رجله اليسرى ا ه‍. وحاصل الجواب أن مسألة
النقص وإن كان لا محو فيها صراحة لكنه فيها قياسا وحينئذ فلا اعتراض على المصنف هذا وظاهر كلام
ابن مرزوق أن المحو إنما وقع صراحة في الشلل ولم يقع في ناقصة أكثر الأصابع ولا فيمن لا يمين له
ونصه ظاهر كلام المصنف أن المحو في الشلل ونقص أكثر الأصابع، وظاهر كلام التهذيب أنه فيمن لا يمين له
وفي اليد الشلاء وليس كذلك فيهما وإنما المحو في الشلل خاصة كما في الأمهات لكن الحكم واحد انظر بن.
قوله: (ولذا) أي لأجل ضعف المثبت وقوله رتب المصنف كلامه الآتي على المحو أي لكونه المعتمد.
332

قوله: (على المستثنى فقط) أي وهو قوله إلا لشلل. قوله: (لا على المستثنى منه) أي وهو سالم اليمنى. قوله: (ليكون
القطع من خلاف) وأما لو سرق ثانية على القول المرجوع إليه وهو قطع يده اليسرى ابتدأ فيمن لا
يمين له أو له يمين شلا أو ناقصة أكثر الأصابع فهل تقطع رجله اليسرى لأنها ثانية في صحيح
الأعضاء وهو الظاهر كما قال بهرام أو تقطع رجله اليمنى ليحصل القطع من خلاف ينظر في ذلك كذا
في عبق وغيره من الشراح. قوله: (ثم إن سرق) أي سالم الأربعة بعد قطع جميعها بسرقات أربعة مرة
خامسة أو سرق الأشل أو ناقص أكثر الأصابع مرة رابعه عزر الخ. قوله: (وحبس) أي ونفقته وأجرة
الحبس عليه إن كان له مال وإلا فمن بيت المال إن وجد وإلا فعلى المسلمين. قوله: (كذا يظهر) أي لا أنه
يحبس مدة معينة باجتهاد الحاكم كما قال بعضهم لاحتمال أنه لا يرجع بحبسها عن أذية الناس ولا تظهر
توبته فلا تحصل الثمرة المقصودة من حبسه. قوله: (ليشمل جميع الصور في أول سرقة) أي وهي العدول
عن قطع اليد اليمنى ابتداء لقطع الرجل اليسرى أو لقطع اليد اليسرى أو لقطع الرجل اليمنى. قوله: (وثاني
سرقة) أي وهي العدول عن قطع الرجل اليسرى أو لا لقطع اليد اليسرى أو لقطع الرجل اليمنى.
قوله: (وثالث سرقة) أي وهي العدول عن قطع اليد اليسرى أو لا لقطع الرجل اليمنى. قوله: (وخطأ) المراد به
ما يشمل الجهل كما في المدونة. قوله: (فلا يجزئ) أي ويقطع للعضو الذي ترتب عليه القطع ويؤدي
القاطع دية الآخر. قوله: (وأما إذا كان أجنبيا فلا يجزئ) أي سواء وقع الخطأ بين عضوين متساويين
أو لا وقوله والحد باق أي فيقطع العضو الذي ترتب عليه القطع وعلى القاطع الدية. قوله: (واعترض
ابن مرزوق على المصنف) أي في قوله وإن تعمد إمام أو غيره يسراه أو لا فالقود والحد باق وخطأ
أجزأ. قوله: (لم يصرحوا بالتفصيل بين العمد والخطأ) أي والذي صرح به إنما هو الغزالي من الشافعية
في وجيزه وتبعه في ذلك تلميذه ابن شاس وقد تبع ابن شاس في ذلك ابن الحاجب المختصر لكتابه
الجواهر والمصنف تبع ابن الحاجب المختصر لكتابه. قوله: (الاجزاء مطلقا ولو عمدا) أي ولا قود في العمد
كالخطأ. قوله: (وإذا قلنا بالاجزاء) أي باجزاء قطع يده اليسرى أولا خطأ أو عمدا بناء على ما قال
ابن مرزوق. قوله: (قطعت يده اليمنى) أي فإذا سرق مرة رابعة فرجله اليسرى. قوله: (حر) قيد به مع أن
العبد مثله لدخوله في قول المصنف الآتي أو ما يساويها. قوله: (وكذا المجنون) أي وسواء انتفع السارق
بكل من الطفل والمجنون أم لا ولو قال المصنف بدل طفل غير مميز لكان أولى لشموله للمجنون.
قوله: (أو مع كبير) أي سواء كان ذلك الكبير خادما له أو لا كما لو كان ذلك الكبير سارقا له كما يأتي من عموم
السرقة من السارق والانسان حرز لما معه ا ه‍ شيخنا. قوله: (أو ثلاثة دراهم شرعية) مثلها أقل منها إن كان
التعامل بالوزن وكانت القل لاختلاف الموازين فإن نقصت بغير اختلاف الموازين لم يقطع وإن
كان التعامل بالعدد، فإن لم يرج المسروق الناقص ككامل لم يقطع كان النقص لاختلاف الموازين
أم لا، وإن راج ككاملة قطع أي إن كان النقص لاختلاف الموازين وإلا فلا فالقطع
في صورتين وعدمه في باقيها، ولم يجر هذا التفصيل في الربع دينار لعدم حصول التعامل به
غالبا كما في عبق. قوله: (خالصة من الغش) وصف للدراهم ويشترط ذلك أيضا في الربع
دينار فلعل المصنف حذف من الأول لدلالة الثاني. قوله: (ما يساويها) أي ما يساوي الثلاثة
333

دراهم. قوله: (أو أفسده في حرزه) أي كما لو خرق الثوب في داخل الحرز ثم أخرجها مخروقة. قوله: (وتعتبر
القيمة) أي بالدراهم وقوله بالبلد التي بها السرقة أي سواء كان التعامل فيها بالدراهم أو الدنانير أو
العروض أو كان التعامل فيها بالثلاثة حالة كونها أغلب من العروض أو من غير غلبة، وفائدة اعتبار القيمة
ببلد السرقة أن المسروق إن كانت قيمته في البلد ثلاثة دراهم فالقطع ولو كانت قيمته أقل منها فيغير
بلد السرقة إن كانت قيمته فيها أقل منها فلا قطع ولو كانت قيمته في غيرها ثلاثة دراهم أو أكثر.
قوله: (وقيمته دون اللهو) أي ودون ما معه من السبق والإجابة. قوله: (ومعها) أي ومع اعتبار المذكورات
من اللهو والسبق والإجابة. قوله: (هو المشهور) قال في التوضيح وأما إن سرق غيرهما أي غير الربع
دينار والثلاثة دراهم فالمشهور أنه يقوم بالدراهم لأنه أعم إذ قد يقوم بها القليل والكثير وهكذا
صرح الباجي وعياض بمشورية هذا القول، فإن ساوى المسروق ثلاث دراهم قطع سارقه، وإن لم
يساو ربع دينار وإن لم يساو ثلاثة دراهم لم يقطع، ولو ساوى ربع دينار ا ه‍ بن. قوله: (اللهم إلا أن
لا يوجد في بلدهم إلا الذهب فيقوم به) كذا في عبق استظهارا قال بن وفيه نظر بل ظاهر كلامهم
أن مذهب المدونة أن التقويم لا يكون إلا بالدراهم ولو عدمت ولم يوجد إلا غيرها. قوله: (كبلاد
السودان) أي فإنهم إنما يتعاملون بالعرض وليس عندهم ذهب ولا فضة. قوله: (اعتبر التقويم) أي
تقويم العرض المسروق بالدراهم في أقرب بلد إليهم يتعامل فيها بالدراهم كذا قال عبد الحق نقلا عن
بعض شيوخ صقلية. وقال ابن رشد تعتبر قيمة المسروق في بلد السرقة لا في أقرب البلاد وصوب ابن
مرزوق ما قاله عبد الحق. واعلم أنه يكفي في التقويم واحد إن كان موجها من القاضي لأنه من باب
الخبر لا الشهادة فإن لم يكن المقوم موجها من طرف القاضي فلا بد من اثنين ويعمل بشهادتهما وإن
خولفا بأن قال غيرهما لا يساويها كما هو مذهب المدونة ولا يقال مقتضى درء الحد بالشبهات عدم
القطع إذا خولفا لان النص متبع ولان النص متبع ولان المثبت مقدم على النافي. قوله: (وإن كماء) هذا مبالغة في القطع فيما
قيمته ثلاثة دراهم أي وإن كان ما يساوي الثلاثة دراهم محقرا في نظر الناس كماء وحطب أي لأنه
متمول ويجوز بيعه وسواء كان ذلك المحقر مباحا للناس وحازه شخص في حوزه الخاص به كالماء
والحطب أو لم يكن مباحا كالتبن وسواء كان يسرع له التغير والفساد بابقائه كالأشياء الرطبة المأكولة
كالفاكهة أم لا خلافا لأبي حنيف فيهما وخلافا للشافعي في الأول. قوله: (أو جارح) أي من الطير
كالصقر وقوله لتعليمه الصيد أي وإن كان لا يساويها بالنظر للحمه وريشه فإن لم يكن معلما
قطع سارقه إن ساوى لحمه فقط أو ريشه فقط أو لحمه وريشه معا نصابا وإلا فلا. تنبيه:
مثل تعليم الجارح الصيد تعليم الطير حمل الكتب للبلدان قال ابن عرفة اللخمي إن كان القصد من
الحمام ليأتي بالاخبار لا للعب قوم على ما علم من الموضع الذي يبلغ المكاتبة إليه ومثله للتونسي ا ه‍ بن.
قوله: (أو سرق سبعا) أي حيا أو بعد ذبحه. قوله: (ولا يراعى قيمة لحمه) أي فإذا سرق سبعا حيا
وكان جلده بعد ذبحه لا يساوي ثلاثة دراهم وقيمة لحمه أكثر من ذلك فإنه لا يقطع.
قوله: (فسارق لحمه فقط) أي بعد زكاته وقوله لا يقطع وإن ساوى الخ أي لما مر من النظر لكراهته
أو من مراعاة القول بالحرمة. قوله: (أو جلد ميتة) أي للانتفاع به بعد الدبغ في اليابسات والماء
وإن كان الدبغ لا يطهره على المعتمد. قوله: (فإذا كان قيمته الخ) قال في التوضيح أبو عمران
وينظر إلى قيمته يوم دبغ ولا ينظر إلى ما ذهب منه بمرور الأيام لان الدباغ هو الذي أجاز للناس
334

الانتفاع به واختار اللخمي النظر إلى قيمته يوم سرق وهو الأظهر ا ه‍ ن. قوله: (فإن لم يزد دبغه
نصابا) أي بأن كانت قيمته بعد دبغه أربعة. قوله: (فإذا هو أحدهما فيقطع) أي ولا يعذر بطنه أي وأما
إن ظن السارق أن المسروق فلوس فسرقها فتبين أنها فلوس كما ظن فإنه لا يقطع ولو على القول بجريان
الفلوس مجرى النقود إلا أن تبلغ قيمتها نصابا. قوله: (أو ظن الثوب المسروق) أي الذي لا يساوي
نصابا. قوله: (يوضع فيه ذلك) أي فيقطع سواء أخذها ليلا أو نهارا. قوله: (إلا إذا كان خلقا) أي فإذا كان
خلقا ليس الشأن أن يوضع فيه وقال السارق لا أعلم بما فيه حلف ولم يقطع أخذه ليلا أو نهارا ا ه‍ بن.
قوله: (فلا قطع) أي لان مثل ذلك لا يجعل فيه ذلك. قوله: (إلا أن تكون قيمة تلك الخشبة ونحوها نصابا)
أي فإنه يقطع في قيمتها دون ما فيها ومثل الثوب التي يظنها فارغة فإذا فيها نصاب في القطع العصا إذا كانت
مفضضة بما يعدل ثلاثة دراهم حيث سرقت نهارا من محل غير مظلم لا من مظلم أو ليلا فيصدق السارق
أنه لم يعلم بما فيها من الفضة. قوله: (ومثل الصبي المجنون) أي ولو كان ذلك المجنون المصاحب للسارق
صاحب النصاب المسروق أو أبا لصاحبه وإنما قطع السارق المصاحب لصاحبه المجنون لان المجنون
كالعدم. قوله: (فلا قطع على شريكه) أي ولا عليه ولو سرقا من محل حجره الفرع عن أصله لان الحجر
المذكور لا يقط شبهة الأصل في مال فرعه. قوله: (حيث تعدد قصده الخ) هذا التقييد مبني على قول
ابن رشد حيث جعل قول سحنون وفاقا لابن القاسم. وتوضيح ذلك أن ابن القاسم قال لا قطع على من
أخرج النصاب في مرات. وقال سحنون إن كان اخراجه النصاب على مرات في فور واحد قطع فحمله
اللخمي على الخلاف لقول ابن القاسم، وحمل ابن رشد قول سحنون على ما إذا قصد السارق أخذ
النصاب كله ابتداء عند دخوله الحرز ثم أخرجه شيئا فشيئا سواء كان يمكنه اخراجه دفعة وأخرجه
على مرات أو كان لا يمكنه اخراجه دفعة كالقمح والتبن وأخرجه على مرات لأنه سرقة واحدة
وحمل قول ابن القاسم على ما إذا لم يقصد أخذ النصاب ابتداء وأنه إنما عاد مرارا لينظر كل مرة ما يسرقه فما
أخذه كل مرة مقصود على حدته كذا في بن عن التوضيح. قوله: (ويعلم ذلك) أي قصد أخذه كله
ابتداء. قوله: (أو من قرائن الأحوال) أي كما إذا أخرج من المجتمع ما لا يقدر إلا على اخراج ما أخرجه
منه فقط. قوله: (في حمل النصاب) أي مسروق لأجل اخراجه من الحرز. قوله: (له قدر على حمله) أي
لاخراجه من الحرز. قوله: (فإن لم يستقبل الخ) أي فإذا لم يقدر كل واحد على اخراجه. قوله: (ولو ناب
كل واحد نصاب قطعا الخ) فحاصله أنه إن ناب كل واحد نصاب قطعا استقل كل واحد باخراجه أم
لا وإن لم ينب كل واحد نصاب بل ناب كل وحد أقل من نصاب فإن استقل كل وحد باخراجه من
الحرز فلا قطع وإلا فالقطع عليهما، وكذا القطع على جماعة رفعوه على ظهر أحدهم في الحرز ثم خرج
به إذا لم يقدر على اخراجه إلا برفعه معه ويصيرون كأنهم حملوه على دأب فإنهم يقطعون إذا تعاونوا
على رفعه عليها، وأما لو حملوه على ظهر أحدهم وهو قادر على حمله على ظهره دونهم كالثوب قطع
وحده ولو خرج كل واحد منهم من الحرز حاملا لشئ دون الآخر وهم شركاء فيما أخرجوه لم يقطع
منهم إلا من أخرج ما قيمته ثلاث دراهم، ولو دخل اثنان الحرز فأخذ أحدهما دينارا وقضاه لآخر في
دين عليه أو أودعه إياه قطع الخارج به إن علم أن الذي دفعه له سارق وإلا لم يقطع، ولو باع
السارق ثوبا في الحرز لآخر فخرج به المشتري ولم يعلم أنه سارق فلا قطع على واحد منها قاله
الباجي. قوله: (ملك غيره) أي مملوك لغير السارق كان ذلك الغير واحدا أو متعددا فلا يشترط اتحاد
المالك للنصاب واحترز بذلك ملكه كما أشار له المصنف بقوله لا بسرقة ملكه من مرتهن الخ.
335

قوله: (وشمل من سرق من سارق) قالوا ولا يقبل قول السارق الثاني أنه سرقه ليرده لربه ا ه‍ أمير. قوله: (أو
من أمين) أي كالوكيل والوصي والمودع والمرتهن. قوله: (ونحو ذلك) أي وشمل نحو ذلك كالسرقة
من آلة المسجد وسرقة بابه وبناء على أن الملك للواقف كما للمصنف تبعا للنوادر لا على ما للقرافي من أن الملك
لله فلا يقطع السارق لما ذكر. قوله: (ولو كذبه ربه) يعني أن السارق إذا أقر بالسرقة من مال شخص أو
قامت عليه بينة بذلك وكذبه ذلك الشخص فإنه يقطع ولا يفيده تكذيبه ذلك الشخص للمقر أو
للبينة. قوله: (ويبقى المسروق بيد السارق) أي على وجه الحيازة واستظهر بعضهم أنه يجعل في بيت المال
لان كلا من السارق وربه ينفيه عن ملكه ومن المعلوم أن المال المجهول أربابه محله بيت المال ا ه‍ تقرير
شيخنا عدوي. قوله: (ما لم يدعه ربه) أي بعد ذلك. قوله: (أو أخذ) أي قبض عليه وأمسك. قوله: (إلا
لقرينة تصدقه) أي في دعواه الارسال فإنه لا يقطع. قوله: (وصدق) أي آخذ المتاع في دعواه
الارسال أي والحال أن ربه صدقه على ذلك. قوله: (إن أشبه) أي بأن كان من عياله أو من خدمه. قوله: (من
مرتهن ومستأجر) يصح فتح الهاء والجيم ويكون بيانا للمسروق ويصح كسرهما على أن من ابتدائية
وقوله من مرتهن ومستأجر علم من هذا أن سرقة الراهن والمؤجر ملكه من المستأجر والمرتهن لا
يوجب القطع وأما عكسه وهو سرقة والمرتهن الرهن من الراهن قبل قبضه منه والمستأجر من المؤجر
قبل قبضه فإنه يوجب القطع. قوله: (بخلاف ملكه بعد خروجه به) أي فإنه يقطع فإذا سرق نصابا
وأخرجه من حرزه ثم وهبه له صاحبه فإن القطع لا يرتفع عنه لكن قيد هذا بعضهم بما إذا وهبه
له صاحبه بعد أن بلغ الامام، وإلا فلا قطع كما وقع لصفوان فإنه سرق درعا وقال صاحبه هو صدق
عليه فقال عليه الصلاة والسلام: هلا كان ذلك قبل أن يأتينا. قوله: (محترم) هو الذي يجوز تملكه وبيعه
فالخمر وما بعده ليس بمحترم إذ لا يجوز بيعها ولا تملكها. قوله: (فلا قطع) أي عليه ولو كثرت قيمتها
عندهم إلا إذا ساوت الوعاء نصابا وإلا قطع لذلك كما في المج. قوله: (ويغرم) أي السارق مسلما كان أو
كافرا. قوله: (قيمتها لذمي) أي إن كانت مملوكة لذمي. قوله: (لا إن كانت لمسلم) أي لا إن كانت مملوكة
لمسلم وأتلفها السارق فلا يغرم قيمتها. قوله: (وطنبور) هو بضم الطاء ويقال طنبار أيضا وهو فارسي
معرب ا ه‍ بليدي. قوله: (تقديرا) أشار بهذا إلى أنه يكفي في اعتبار قيمته تقدير كسره وإن لم
يكسر بالفعل إذ قد تفقد عينه وهذا هو الذي يفيده ظاهر كلام ابن شاس كما قال بن. قوله: (ولا
بسرقة كلب مطلقا) وهذا هو مذهب المدونة خلافا لأشهب القائل بالقطع في المأذون في اتخاذه
وأن عدم القطع إنما هو فيما لا يملك فقط. قوله: (والفرق) أي بين الكلب وغيره من الجارح المعلم. قوله: (لا قبله
فيقطع) أي إن ساوت نصابا. قوله: (أو مهدى له) أي أو من غنى مهدى له وقوله لجواز بيعه له
أي لجواز بيع ذلك لمن أعطيه. قوله: (فيقطع) أي إن ساوى المسروق نصابا. قوله: (تام الملك لا شبهة له فيه)
الحق أنهما شرطان كما في التوضيح وذكر أنه احترز بأولهما عن سرقة ماله فيه شركة واحترز
بثانيهما من سرقة الأب ونحوه ا ه‍ بن. والحاصل أنه لا بد في القطع من كون النصاب مملوكا لغير
السارق وأن يكون ذلك الغير يملكه بتمامه وأن لا يكون للسارق فيه شبهة قوية بأن لا يكون له فيه شبهة
أصلا أو يكون فيه شبهة ضعيفة ومن هذا يعلم أن من ورث بعض النصاب قبل خروجه من الحرز
336

وورث أخوه مثلا باقيه لم يقطع ولا وجه لتنظير عبق في ذلك تأمل. قوله: (وإن من بيت المال) أي
سواء كان منتظما أو غير منتظم. قوله: (إن عظم الجيش) أشار بهذا لما قاله العلامة بن الصواب أن
جماعة الجيش إذا كثروا قطع السارق إن أخذ نصابا وإن قلوا لا يقطع إلا إذا سرق نصابا فوق حقه
كالشريك الآتي. كما قال ابن يونس، خلافا لما يقتضيه ظاهر المصنف من أن السارق من الغنيمة نصابا
يقطع مطلقا عظم الجيش أو قل ومشى عبق على ظاهر المصنف وقد علمت ما فيه. قوله: (لضعف
الشبهة) أي إذا كان السارق من الجيش وإلا فلا شبهه له أصلا. قوله: (إن حجب عنه) أي إن حجب
السارق عن مال الشركة أي لم يكن له فيه تصرف. قوله: (بأن أودعاه عند أمين) أي أجنبي منهم.
قوله: (أو جعل المفتاح الخ) أي أو جعل السارق المفتاح بيد الآخر للحفظ والاحراز. قوله: (أو قال له
لا تدخل المحل إلا معي) أي والحال أن المفتاح بيد السارق. قوله: (وسرق فوق حقه نصابا) عطف
على قوله حجب عنه فهو شرط ثان في القطع بالسرقة من مال الشركة وحاصله أنه لا بد أن يسرق فوق
حقه نصابا من جميع مال الشركة ما سرق وما لم يسرق إن كان مثليا كما إذا كان جمل جملة المال المشترك
بينهما اثني عشر لكل منهما ستة وسرق منه تسعة دراهم، وأما إذا كان مقوما كثياب يسرق منها ثوبا
فالمعتبر أن يكون فيما سرق نصاب فوق حقه في المسروق فقط فإذا كانت الشركة في عروض ككتب
جملتها تساوي اثني عشر فسرق منها كتابا معينا يساوي ستة فيقطع لان حقه في نصفه فقط فقد سرق
فوق حقه فيه نصابا. والفرق بين المثلي والمقوم حيث اعتبروا في المثلى كون النصاب المسروق فوق حقه
في جميع المال المشترك ما سرق وما لم يسرق واعتبروا في المقوم كون النصاب المسروق فوق حقه فيما
سرق فقط أن المقوم لما كان ليس له أخذ حظه منه إلا برضا صاحبه لاختلاف الأغراض في المقوم
كان ما سرقه بعضه حظه وبعضه حظ صاحبه وما بقي كذلك، وأما المثلى فلما كان له أخذ حظه منه وإن
أبى صاحبه لعدم اختلاف الأغراض فيه غالبا فم يتعين أن يكون ما أخذه منه مشتركا بينهما وما بقي
كذلك. قوله: (لا الجد ولو لام) قال ابن الحاجب وفي الجد قولان قال في التوضيح اختلف الأجداد
من قبل الأب والأم فقال ابن القاسم أحب إلى أن لا يقطع لأنه أب ولأنه ممن تغلظ عليه الدية وقد
ورد ادرؤا الحدود بالشبهات وقال أشهب يقطعون لأنهم لا شبهة لهم في مال أولاد أولادهم ولا نفقة
لهم عليهم وتأول بعضهم قول ابن القاسم أحب إلي على الوجوب ولا خلاف في قطع باقي القرابات ا ه‍
وقد تبين به أن الخلاف في الجد مطلقا لا في خصوص الجد للأم خلافا لظاهر المصنف ا ه‍ بن.
قوله: (ولذا) أي لأجل ضعف شبهة الولد في مال أبيه حد الولد إن وطئ جارية أبيه أو أمه. قوله: (بخلاف
الأب يطأ جارية ابنه) أي فإنه لا يحد لقوة شبهة الأصل في مال فرعه. تنبيه: لو سرق العبد من مال
ابن سيده قطع لعدم شبهة العبد في مال ابن سيده وإن سرق من مال سيده فلا يقطع لأنه مال لسيده فلو
قطع لزادت مصيبة السيد لا أن عدم قطعه لشبهته في مال سيده إذ لا شبهة له في مال سيده كما أنه لا شبهة له
في مال ابن سيده. قوله: (ولا إن سرق قدر حقه) أي ولو من غير جنس شيئه. قوله: (من مال جاحد لحقه)
أي سواء كان ذلك الحق الذي جحده وديعة أو غيرها كدين من قرض أو بيع كما هو مقتضى الفقه
وإن كان النص في الوديعة كما قاله ابن مرزوق وصورة المسألة أنه إذا كان له مال على انسان من دين أو
وديعة فجحده أو ماطله فيه وأخذ منه بقدره وثبت الاخذ عليه فقال الآخذ إنما أخذت حقي الذي
جحده أو ماطلني فيه وثبت أن له عنده مالا وجحده أو قال المأخوذ منه أنه أخذ حقه وأنا كنت جاحدا
له كاذبا في جحدي فيعتبر اقرار رب المال ولا قطع وليس هذا مخالفا لقوله ولو كذبه ربه لان ذاك كان
الآخذ مقرا بالسرقة ورب المال ينفيها وههنا اتفقا على نفيها. قوله: (وليس) أي اقرار المالك بذلك أي بكون
337

الآخذ إنما أخذ ماله الذي كنت جاحدا له مما طلا له فيه وقوله من أفراد قوله فيما مر ولو كذبه أي حتى
يقصر الثبوت هنا على الثبوت بالبينة ولا يعمم فيه بحيث يجعل شاملا للثبوت بالبينة أو باقرار رب
المال حتى يلزم مخالفة هنا من عدم القطع لما تقدم من القطع. قوله: (بعد ثبوت السرقة) أي بل أقر بأنه
سرق فقط. قوله: (مخرج من محرز) أي واحد فلو أخرج النصاب من حرزين لم يقطع سواء كان
الحرزان لمالك واحد أو لأكثر. والحاصل أن النصاب متى كان مخرجا من حرز واحد قطع مخرجه
ولو تعدد مالكه وإن أخرج من حرزين أو أكثر فلا قطع فيه ولو اتحد المالك ومن هذا يعلم أن آخذ
النصاب من مجموع غرائر بسوق لا يقطع لان كل غرارة حرز بالنسبة لما فيها وبذلك أفتى الامام
مالك، وخالفه الفقهاء ثم رجعوا إليه وأول من رجع إليه ربيعة ا ه‍ من ح. قوله: (ولا يشترط دخول
السارق الخ) أي كما لا يشترط بقاء النصاب خارج الحرز فإذا أخرجه منه فتلف بنار أو أتلفه حيوان
أو كان زجاجا فانكسر فإنه يقطع. قوله: (وفسره الخ) أشار بذلك إلى أن الباء في قوله بأن لا يعد الخ
للتصوير أي مصور بما لا يعد الخ. قوله: (وإن لم يخرج هو) أي السارق من الحرز وأبرز الضمير لجريان
هذه الحال على غير من هي له بيان ذلك أن قوله مخرج من أوصاف المسروق وقوله وإن لم يخرج حال من
ضميره مع أن هذه الحال من أوصاف السارق وقد جرت على المسروق فلذلك أبرز الضمير لكن مع
عدم اللبس على مذهب البصريين. قوله: (فالمدار) أي في القطع على اخراج النصيب من الحرز حتى إن
السارق لو أخرج النصاب من الحرز ثم عاد به فأدخله فيه فإنه يقطع كما في البدر عن الذخيرة وفيه بعد
ذلك نقلا عن التبصرة أن رب الدار إذا قتل السارق وهو يخلص متاعه منه فهدر وإلا فالدية فإن قتله
بعد انفصاله عن البيت وبعده عنه فإنه يقاد له من رب الدار. قوله: (أو غيره) أي كدينار.
قوله: (ويؤدب) أي زيادة على الضمان. قوله: (فلو أكل الخ) أي فلو أخرج النصاب الكائن من الطعام من الحرز
وأكله أو حرقه خارجه قطع. قوله: (أو ادهن في الحرز) أي أو دهنه غيره فيه باختياره. قوله: (إذا سلت)
مثل السلت الغسل فيطفو منه عل الماء فإذا ادهن بما يحصل منه بعد غسله خارج الحرز ما قيمته نصاب
قطع. قوله: (أو كان) أي السارق خارج الحرز. قوله: (أو أشار إلى شاة) أي واقفة في الحرز. قوله: (مثلا)
أي فالمراد الدابة مطلقا وفي ابن مرزوق أن اخراج الباز بغير علف كاخراج الشاة به ا ه‍ وهو يفيد
أن اخراج الدابة بغير العلف كاخراجها به كنداء بعض البقر باسمه فلو قال المصنف أو أشار لحيوان
فخرج لكان أحسن. قوله: (فأخذها) أي فإن لم يأخذها فلا يقطع فأخذها قيد معتبر في القطع لان الإشارة
ليست كالاخراج الحقيقي كما ذكره بن مرزوق نقلا عن اللخمي وذكر في النوادر ما يفيد عدم اعتباره،
وهو الذي ينبغي التعويل عليه لموافقته لقول المصنف مخرج من حرز وإن لم يخرج هو فإن ظاهره
التعويل في القطع على خروج النصاب من الحرز أخذه بعد ذلك أم لا. قوله: (والمراد باللحد غشاء القبر الخ)
بهذا المراد يندفع ما في المواق وغيره من البحث. وحاصله أن المراد بقوله أو
اللحد أي أو سرق ما في اللحد والذي فيه هو الكفن لان اللحد هو القبر وحينئذ فيكون ما هنا مكررا مع ما يأتي لكن بحث ابن
مرزوق في هذا الجواب بأن يتوقف على صحة تسمية غشاء القبر لحدا وأشار الشارح لجوابه بقوله
سماه لحدا مجازا الخ، ومعلوم أن المجاز لا يشترط فيه سماع الشخص بل يكفي فيه سماع نوع العلاقة. ونص
ابن مرزوق هكذا رأيت هذه اللفظة فيما رأيت من النسخ ولا أتحقق معناها لان اللحد بفتح اللام ضد
الشق فإن أراد حقيقته وأنه حرز لما فيه كان مكررا مع ما يأتي وإن أراد اللبن التي تنصب على الميت
فيصح لكن يتوقف على صحة تسميتها بذلك لغة وعلى صحة الحكم المذكور، وما رأيت في ذلك
نصا إلا ما اقتضاه قول النوادر القبر حرز لما فيه كالبيت ا ه‍ أي ومن جملة ما فيه اللبن التي تنصب
338

على الميت. قوله: (أي ما يسد به اللحد) أي ما يسد به القبر على الميت. قوله: (وأما ما فيه) أي وأما سرقة ما فيه
من الكفن. قوله: (أو سرق الخباء أو ما فيه) هذا مقيد بما إذا ضرب الخباء في مكان لا يعد ربه بضربه فيه
مضيعا له قاله ابن مرزوق اه‍ بن. قوله: (بل كل محد اتخذ منزلا) أي كخص من بوص أو من طين
أو غير ذلك، وهكذا نقل المصنف في التوضيح عن اللخمي وكذا ابن عرفة ونصه والرفقة في السفر ينزل
كل واحد على حدته إن سرق أحدهم من الآخر قطع ومن ألقى ثوبه في الصحراء وذهب لحاجة وهو
يريد الرجعة لاخذه فسرقه رجل فإن كان منزلا له قطع سارقه وإلا لم يقطع ا ه‍ بن. قوله: (أو ظهر دابة)
أي سواء كانت سائرة أو نازلة في ليل أو نهار ومحل القطع بسرقة ما على ظهر الدابة إذا كانت الدابة بحرز
مثلها وإن لم تكن حرزا لما عليها كأن كانت في قطار مثلا فإن لم تكن الدابة في حرز مثلها فلا قطع. قوله: (ونحو
ذلك) أي كالبرذعة. قوله: (وما بعده) أي من الحانوت والمحمل وظهر الدابة. قوله: (بجرين) أي كائن
في جرين سواء كان قريبا من العمران أو بعيدا منه وفي المدونة قال ابن القاسم وإذا جمع في الجرين
الحب أو التمر وغاب ربه وليس عليه باب ولا غلق ولا حائط قطع من سرق منه اه‍. بن وفي حاشية
شيخنا السيد البليدي على عبق سرقة الفول ونحوه من الساحل مغطى بحصير فيها القطع ليلا أو نهارا
غاب عنه ربه أم لا كما في المدونة. وقال محمد لا قطع ثم قال راجع التوضيح ا ه‍ أمير. قوله: (بالنسبة لأجنبي)
أي حالة كون السرقة معتبرة بالنسبة لأجنبي. قوله: (فغير الساكن أجنبي) ولو شريكا في الذات إذا كان
لا يدخل إلا بإذن أي وحينئذ فيقطع ذلك الأجنبي فيما سرقه من الساحة وأخرجه من جميع الدار
سواء كان مما يوضع في الساحة أولا كالثوب. قوله: (إن حجر عليه) أي بأن كان لا يدخل إلا بإذن.
قوله: (ولو أخرجه من الدار) أي لأنه في غير حرز بالنسبة للشريك في السكنى. قوله: (اتفاقا في الشريك)
لان ما أخرجه للساحة صار في غير حرز بالنسبة إليه وبهذا يظهر وجه الخلاف في الأجنبي ا ه‍ أمير.
قوله: (وأما المختصة الخ) في حاشية السيد البليدي ما صورته. فرع: في التوضيح عن ابن
عبد البر أن السوق المجعول عليه قيسارية تغلق بأبواب ويحيط بها ما يمنع وذلك كالجملون والشرب
والتربيعة بمصر لا يقطع سارق من حوانيته إلا إذا أخرجه خارج القيسارية لأنه حرز واحد لجميع ما فيه
قال وهو فرع مهم ا ه‍ أمير. قوله: (كالسفينة) أي كما يقطع من سرق منها وأما سرقتها نفسها فسيأتي للمصنف.
قوله: (إن كان السارق أجنبيا) أي من غير ركابها. قوله: (وأخرجه منها الخ) فهذه خمس صور فيها القطع.
قوله: (لم يقطع مطلقا) أي ولو أخرجه منها لأنه أخذه من غير حرز عند غيبة ربه عنه وهذه ثلاث صور
لا قطع فيها. قوله: (إذا أخرجه منه) أي وإن لم يخرجه من السفينة لأنه كبيت مستقل فالاخراج منه
لظاهرها كالاخراج من الحرز. قوله: (في الصور الثمانية) أي كانت السرقة بحضرة ربه أولا كان السارق
أجنبيا أو من الركاب أخرج المسروق من السفينة أم لا ومثل الخن في القطع بالسرقة منه مطلقا كل
339

مكان حجر عليه في السفينة كالقمرة والطارمة. قوله: (ولو لم يخرجها منها) أي من ساحة الخان. قوله: (إذا
كانت) أي الأثقال تباع فيها أي في ساحة الخان وهذا شرط في قطع الأجنبي بإزالتها من محلها. قوله: (وإلا
فبإخراجها) أي وإلا تكن الأثقال تباع في الساحة فلا يقطع ذلك الأجنبي حتى يخرجها عن الساحة
ولا يقطع بمجرد إزالتها عن مكانها. قوله: (كالسفينة) أي فإنه لا يقطع السارق منها حيث كان أجنبيا
من الركاب وكان رب المتاع غير حاضر إلا إذا أخرج المسروق منها. قوله: (ليست حرزا له) أي
للثوب وقوله لا لأجنبي أي لا بالنسبة لأجنبي ولا بالنسبة لساكن. قوله: (والسرقة من بيوته) أي الخان
وقوله كالسرقة من خن السفينة أي فيقطع إذا أخرجه من البيت ولو لم يخرجه من الخان. قوله: (يقطع
كل بسرقته من مال الآخر) أي وحكم أمة الزوجة في السرقة من مال الزوج كالزوجة وحكم عبد الزوج
إذا سرق من مال الزوجة كالزوج. قوله: (فيما حجر عنه) في بمعنى من أي من المكان الذي حجر عن
السارق حالة كون ذلك السارق من أحد الزوجين وسواء كان ذلك المكان الذي حجر عن السارق منهما
خارجا عن مسكنهما أو كان فيه بلا خلاف في الأول كما في التوضيح عن عياض، وعلى قول ابن القاسم
في الثاني خلافا لما في الموازية اللخمي وعدم القطع أحسن إن كان القصد بالغلق التحفظ من أجنبي وإن
كان لتحفظ كل منهما من الآخر قطع ا ه‍ بن. قوله: (وقفت لبيع) أي بالسوق أو غيره كانت
مربوطة أم لا كان ربها معها أم لا. قوله: (كمكان بزقاق اعتيد) هذا مثال للغير وإنما قطع لان ذلك حرز
لها وأما آخذها من موقف غير معتاد وقوفها وربطها به فلا قطع فيه ما لم يكن معها ربها أو خادمه هذا وسيأتي
للمصنف الكلام على أخذ الدابة الواقفة بباب المسجد والواقفة في السوق لغير بيعها بل لانتظار ربها
فلذا حمل الشارح قول المصنف هنا أو غيره على خصوص الدابة الواقفة في الزقاق. قوله: (بإبانتها عن
موقفها) متعلق بقوله يقطع سارقها. قوله: (لكفن) أي كل منهما حرز بالنسبة للكفن لا بالنسبة للميت
فلا يقطع سارق الميت نفسه بغير كفن وظاهر قوله لكفن ولو كان غير مأذون فيه شرعا وهو ظاهر
المدونة والرسالة والجلاب والتلقين وقيد بعضهم الكفن بكونه مأذونا فيه شرعا فغير المأذون فيه لا
يكون ما ذكر حرزا له، فمن سرق من كفن شخص كفن بعشرة أثواب ما زاد على الشرعي يقطع على
الأول لا على الثاني، واقتصر في المج على الثاني واعلم أن القبر سواء كان قريبا من العمران أو بعيدا
عنه حرز للكفن ولو فنى الميت وبقي الكفن وأما البحر فظاهر كونه حرز للكفن ما دام الميت فيه فإن
فرقه الموج عنه ودلت قرينة على أنه كفن به فانظر هل يكون البحر حرزا له أم لا. قوله: (بفتح الميم) أي
من الثلاثي المجرد ويجوز أيضا ضمها من الرباعي المزيد كما في القرآن والمراد بها محل الرسي. قوله: (يقطع
سارقها به) أي منه وكما يقطع إذا سرق السفينة من المرساة يقطع إذا سرق المرساة بكسر الميم أي الآلة
كانت السفينة سائرة أو راسية. قوله: (قريبا من العمران أم لا) هذا قول ابن القاسم وقال أشهب في الموازية
لا يقطع إذا كانت راسية في محل بعيد من العمران كالدابة إذا ربطت بمحل لم تعرف بالوقوف فيه
انظر التوضيح. قوله: (بحضرة صاحبه) أي الحي المميز ولو نائما لا إن كان صاحبه الحاضر ميتا أو مجنونا
أو غير مميز ويشير لما ذكر من الشروط قول المصنف بحضرة صاحبه لان الحضرة تقتضي الشعور ولو حكما
كالنائم لسرعة انتباهه ولذا لم يقل أو كل شئ معه صاحبه مع أنه أخصر ولاقتضائه قطعه إذا سرق المال
وصاحبه كالدابة براكبها والسفينة بأهلها وهم نيام مع أنه لا يقطع لأنه لم يخرجه عن حرزه وهو مصاحبة
ربه. وذكر ابن عاشر أن قول المصنف وكل شئ بحضرة صاحبه محله إذا لم يكن صاحبه في حرز وإلا فلا
يقطع السارق إلا بعد خروجه به من الحرز فحرز الاحضار إنما يعتبر عند فقد حرز الأمكنة ا ه‍ بن
واعلم أنه يستثنى مما قاله المصنف المواشي إذا كانت بالمرعى فإنه لا قطع على من سرق منها بحضرة
340

صاحبها كما هو ظاهر الرسالة والنوادر بل صرح بذلك أبو الحسن نقلا عن اللخمي. ونصه عند قول
المدونة ولا قطع في شئ من المواشي إذا سرقت في مراعيها حتى يأويها المراح الخ اللخمي إذا كانت في
المرعى لم يقطع وإن كان معها صاحبها وإن أواها المراح قطع وإن لم يكن معها أحد واختلف إذا سرق منها
وهي سائرة إلى المرعى أو راجعة منها للمراح ومعها من يحرسها فقيل يقطع سارقها لأنها ليست في المرعى
وقيل لا يقطع لقوله عليه الصلاة والسلام: فإذا أواها المراح الحديث فلم يجعل فيها قطعا حتى تصل
للمراح ا ه‍ فقد علمت أن الأحوال ثلاثة انظر بن. ومثل المواشي في المرعى الثياب ينشرها الغسال
وتسرق بحضرته فلا قطع كما في أبي الحسن على المدونة ونصه ابن يونس اختلف النقل عن
مالك فيما ينشر على حبل الصباغ أو القصار الممدود على قارعة الطريق يمر الناس من تحته
فقال لا قطع فيه وروي عنه أن فيه القطع وقال في الغسال يخرج الثياب للبحر يغسلها وينشرها
وهو معها فيسرق منها فلا قطع عليه وهو بمنزلة الغنم في مرعاها اللخمي وأظن ذلك لما كانت العادة أن
الناس يمشون فيما بين المتاع فيصيرون بذلك كالامناء على التصرف فيما بينها فيرجع إلى الخيانة.
قوله: (وإلا فلا) أي وألا يكن المطمر قريبا من المساكن بل كان بعيدا عنه فلا يقطع السارق منه لعدم
الحرز ا ه‍. ولعل الفرق بين المطمر والجرين حيث لم يشترط فيه القرب أن الجرين مكشوف فيكون
أقوى من الحرزية ولو بعد والفرق بين المطمر والقبر حيث جعل القبر حرزا مطلقا أن القبر تأنف
النفوس في الغالب عن سرقة ما فيه بخلاف المطمر لأنه مأكول وحينئذ فلا يكون في البعد حرزا. قوله: (أو
سرق بعيرا من قطار) أي فيقطع سواء سرقه من القطار وهو سائر أو نازل. قوله: (وهو ربط الإبل)
أي وهو الإبل أو غيرها المربوط بعضها ببعض فإضافة ربط للإبل من إضافة الصفة للموصوف.
قوله: (فالأظهر اعتباره) أي اعتبار قيد الإبانة في قطع السارق من القطار وأولى اعتباره في السرقة من
الإبل المجتمعة. قوله: (أو أزال باب المسجد) أي عن مكانه. قوله: (وإن لم يخرج به) أي عن
المسجد أو الدار. قوله: (أو أخرج قناديله أو حصره) أي ليلا أو نهارا كان على المسجد غلق أم
لا وهذا قول مالك وهو استحسان فيما يظهر ولابن القاسم قول لا قطع إلا إذا تسور عليه بعد غلقه
كما في ح وهو أقيس لأنه في غير ذلك خائن ا ه‍ بن. قوله: (على الأرجح) أي وهو قول مالك وقال أشهب
لا يقطع لسرقة بلاطه أصبغ وقطعه لسرقة بلاطه أولى من قطعه لسرقة حصره وهذا يفيد ترجيح
قول مالك. قوله: (كالذي قبله) أي وهو القناديل والحصر فإزالتها عن محلها كاف في القطع وإن لم يخرج
بها على الراجح ومحل الخلاف في القناديل إذا لم تكن مسمرة وإلا قطع بإزالتها من محلها اتفاقا. قوله: (وأما
لو كانت ترفع فتركت مرة فسرقت فلا قطع) أي على سارقها وإن كان على المسجد غلق لأنه لم يكن
لأجلها كما أنه لا قطع على من سرق متاعا نسيه ربه بالمسجد ومن سرق شيئا من داخل الكعبة إن كان
في وقت أذن له بالدخول فيه لم يقطع وإلا قطع إذا أخرجه لمحل الطواف ومما فيه القطع حليها
وما علق بالمقام ونحو الرصاص المسمر في الأساطين انظر ح. قوله: (فإن سرقت) أي البسط أو
الحصر من خزانتها. قوله: (قطع بمجرد اخراجها منها) أي لأنه أخرجها من حرزها. قوله: (إن دخل
للسرقة أو نقب أو تسور) أي وسواء في هذه الثلاثة خرج منه بما سرقه أم لا وسواء كان له حارس أم لا
فهذه اثنتا عشرة صورة يقطع فيها وقوله أو بحارس يحمل على ما إذا دخل من بابه بقصد التحمم وحاصل
ما فيه أنه إذا دخل من بابه بقصد التحمم وسرق، فإما أن يكون في الحمام حارس لم يأذن له في التقليب
أو بأذن له فيه أو لا يكون فيه حارس أصلا، وفي كل إما أن يخرج المسروق من الحمام أو لا يخرجه فهذه
ستة أحوال يقطع في واحد منها فإن كان في حارس لم يأذن له في التقليب فإنه يقطع إن أخرج المسروق
341

فإن لم يخرجه فلا يقطع كما أنه لا يقطع إذا كان فيه حارس وأذن له في التقليب أو لم يكن فيه حارس أصلا
ولو خرج بالمسروق فيهما لان خائن هذا حاصل الفقه كما قال شيخنا العدوي. قوله: (باعترافه) أي
باعترافه بدخوله للسرقة لأنه إذا اعترف أنه لم يدخل الحمام إلا للسرقة فقد اعترف بأنه لا إذن له في
الدخول فاندفع ما يقال أن الموضع المأذون فيها لكل أحد لم يفصلوا في السرقة منها بل نفوا القطع
مطلقا وقالوا في الحمام إذا دخل للسرقة قطع فأي فرق. قوله: (وإلا وفق بالمذهب الخ) فيه نظر فإن الذي
في التوضيح عن ابن رشد أنه إذا دخل للسرقة فأخذ قبل أن يخرج بالشئ المسروق فإنه يجري على
الخلاف في سرقة الأجنبي من بعض بيوت الدار المشتركة إذا أخرجه لساحتها فقط ولم يخرج به منها
وتقدم أن الراجح القطع فيكون الأوفق بالمذهب ما ذكره أولا من التعميم. قوله: (لم يأذن له في تقليب
الثياب) أي لم يأذن له في أخذ ثيابه بل أمره أن يصبر حتى يناولها له فخالف وأخذ غير ثيابه. قوله: (فإن
أذن له في التقليب) أي في أخذ ثيابه فقط فسرق ثيابا آخر فلا قطع ولو أوهم الحارس أنها ثيابه لأنه
خائن لا سارق فإن ناوله الحارس ثيابه فمد يده لغيرها بغير علم الحارس قطه لأنه آخذ للشئ بحضرة
نائب صاحبه. قوله: (وإنما لم يقطع) أي إذا أذن له الحارس في التقليب. قوله: (وصدق مدعي الخطأ)
حاصله أنه إذا دخل الحمام من بابه وأخذ ثياب غيره وادعى أنه إنما وقع منه ذلك خطأ فإنه يصدق
كان للحمام حارس أم لا إذن له في أخذ ثيابه أم لا وهل بيمين أم لا محل نظر. قوله: (إن دخل من بابه)
أي وأما لو نقب أو تسور فلا يصدق في دعواه الخطأ. قوله: (وأشبه) أي وأما إذا لم يشبه كما لو كان
ثوبه جبة فأخذ فروا أو كشميرا فلا يصدق في دعوى الخطأ. قوله: (أو حمل عبدا) عطف على قوله أو
ابتلع درا فهو داخل في حيز المبالغة وقوله لم يميز أي لصغره أو عجمته أو جنونه وحيث كان لم يميز فلا
يتأتى أنه خدعه لان الخداع إنما يكون للمميز. قوله: (أو خدعه) أي أو لم يحمله لكنه خدعه والضمير للعبد
لا بقيد عدم التمييز لان الخدع إنما يكون لمميز فقول الشارح ولو مميزا الواو للحال ولو زائدة لا للمبالغة
لفساد ما قبلها. واعلم أن في كلام المصنف احتباكا حيث حذف قيد التمييز في الثاني لدلالة ذكر مقابله
وهو عدم التمييز في الأول عليه وحذف قيد الاكراه في الأول لدلالة ذكر ما يدل على مقابله في
الثاني لان الخدع يدل على خروجه معه طوعا. قوله: (في بيوت ذي الاذن العام) في بمعنى من
وهو حال من بيت الذي قدره الشارح أي أخرجه من بيت محجور عن الناس حالة كون ذلك
البيت من بيوت المحل ذي الاذن العام. قوله: (فإن لم يخرجه من بابها) أي بأن ألقاه في عرصتها
أو قبض عليه به وهو في عرصتها فلا يقطع. قوله: (فلو سرقه من ظاهرها) هذا محترز قوله
أو أخرجه من بيت محجور عن الناس في دخوله ومثل السرقة من ظاهرها في عدم القطع
السرقة من بيت منها غير محجور عليه، وقوله لم يقطع أي ولو أخرجه من بابها وظاهره ولو
جرت العادة بوضع ذلك المسروق في المحل العام. قوله: (لا دار ذات إذن خاص) أي لا إن سرق من دار
ذات إذن خاص أي مختص ببعض الناس. قوله: (ولو خرج به) أي بالمسروق وقوله من جميعه أي من
جميع الدار. قوله: (ولا إن نقله) أي ولا قطع إن نقل النصاب من مكان لآخر حالة كونه باقيا
342

في الحرز ولم يخرجه منه. قوله: (أو معه) أي في جيبه أو كمة. قوله: (بشرط أن لا يكون الخ) بهذا ينتفي التعارض
بين ما تقدم من القطع في سرقة ما على الدابة وبين ما هنا من عدم القطع في سرقة ما على الصبي غير المميز
مع أن الصبي المذكور والدابة اشتركا في عدم التمييز. وحاصل الجواب أن ما ذكر هنا من عدم القطع
مقيد بما إذا لم يكن معه أحد يحرسه ولم يكن بدار أهله وإلا فالقطع وما مر من القطع في سرقة ما على
الدابة مقيد بما إذا كان معها أحد أو كانت في حرز مثلها وإلا فلا قطع كما هنا. قوله: (وإلا قطع) أي سارق
ما عليه أو معه. قوله: (فهو داخل في قوله وكل شئ بحضرة صاحبه) وذلك لان الحضرة تقتضي الشعور
ولو حكما كالنائم. قوله: (ولذا) أي لأجل كون المراد بالصاحب المصاحب المميز وإن لم يكن مالكا.
قوله: (ومثل الصبي) أي في كونه لا قطع في سرقة ما عليه وما معه المجنون وكذلك السكران إذا كان
سكره بحلال لأنه كالمجنون وأما بحرام فوقع فيه حيث لم يميز وباع تردد في صحة بيعه وعدم صحته فعلى
الأول يقطع من سرق منه لا على الثاني. قوله: (تناول منه) أي من الداخل وقوله الخارج عنه أي عن
الحرز. قوله: (بأن مد) أي ذلك الخارج. قوله: (ولا قطع إن اختلس) قال ابن مرزوق الاختلاس أن
يستغفل صاحب المال فيخطفه بهذا فسره الفقهاء ا ه‍ وهو معنى ما في الشارح. قوله: (على غفلة من
صاحبه) أي المصاحب له فيشمل القائم مقام ربه كمن يترك حانوته مفتوحا ويذهب لحاجته ويوكل
أحدا يمنع من يأخذ منه فيغافله انسان ويأخذ منه ويفر بسرعة جهرا. قوله: (بأن ادعى أنه ملكه) ليس
هذا بلازم بل ولو اعترف بالغصب. والحاصل أن المكابر هو الآخذ للمال من صاحبه بقوة من
غير حرابة سواء ادعى أنه ملكه أو اعترف بأنه غاصب فقول المصنف وكابر أي في أخذه بأن أخذه
من صاحبه بقوة من غير حرابة، وأما لو كابر وادعى أنه ملكه بعد ثبوت أخذه له من الحرز فإنه يقطع
كما في التوضيح. قوله: (بعد أخذه) أي بعد أخذ السارق وقوله في الحرز متعلق بأخذ أي أنه بعد أن قدر
على مسكه في الحرز بالمال هرب منهم بالمال المسروق. قوله: (أي بعد القدرة عليه) يشير إلى أنه ليس
المراد بالأخذ الاخذ والمسك بالفعل بل يكفي القدرة على ذلك بدليل المبالغة بعده إذ ليس فيها أخذ
بالفعل كما هو ظاهر. قوله: (ولو تركه ربه) أي هذا إذا هرب من غير أن يرى أن رب المال خرج ليأتي
بشاهد بل ولو الخ وما مشى عليه المصنف من عدم القطع لمالك وابن القاسم بناء على إن أخذه على الوجه
المذكور اختلاس وأشار المصنف بلو لخلاف أصبغ القائل بالقطع بناء على أنه سرقة، وهناك قول ثالث
نسبه ابن شاس لبعض المتأخرين ولعله ابن يونس. وحاصله أن السارق إن رأى رب المال
خرج ليأتي له بالشهود فأخذ المال وهرب كان مختلسا لا يقطع وإن هرب بالمال من غير أن يرى رب
المال خرج ليأتي بشاهد فهو سارق يجب قطعه ابن عبد السلام وهذا هو التحقيق انظر بن.
قوله: (أو سوق) يحتمل عطفه على باب أو مسجد. قوله: (وبغير حافظ) سكت المصنف عن التقييد
به للعلم به من قوله أو كل شئ بحضرة صاحبه. قوله: (وكذا إن أخذ دابة بمرعى) أي فلا
قطع عليه ولو بحضرة الراعي أو مالكها كما مر واحترز بقوله بمرعى عما إذا أخذها من المراح
فإنه يقطع ولو لم يكن معها أحد وإن أخذ منها وهي سارحة للمرعى أو مروحة للمراح ومعها من
343

يحرسها فقولان بالقطع وعدمه كما مر. قوله: (كذلك) أي بعضه بداخل الدار وبعضه بالطريق.
قوله: (فلا قطع) أي إذا جذبه من الطريق بدليل قوله وأما جذبه من داخل الدار فيقطع به. قوله: (معلق
على شجره خلقة) أي فلا قطع في سرقة هذا اتفاقا إن لم يكن عليه غلق وإلا فقولان كما قال بعد وان قطع
ثم علق فلا قطع اتفاقا ولو بغلق كما قال الشارح (قوله وهو المنصوص) أي ان القول بعدم القطع
المنصوص وأما القول بالقطع فهو غير منصوص بل مخرج للخمي على السرقة من لشجرة التي في الدار
فكان من حق المصنف أن لا يساويه بمقابله. قوله: (لشبهه بما فوقها) أي وما فوقها لا يقطع سارقه كما مر.
قوله: (والأول الخ) اعلم أن هذه الأقوال الثلاثة التي ذكرها المصنف في الثمر تجري فيما حصد من قمح
مصر وفولها وقرطها ووضع في موضعه لييبس ثم ينقل الجرين فإذا سرق منه قبل نقله للجرين ففيه
الأقوال المذكورة، فقد نقل بن عن ابن رشد في البيان إن في الزرع بعد حصده ثلاثة أقوال كالثمر
الأول: يقطع من سرقه بعد أن حصل ضم بعضه لبعض أم لا، والثاني: لا يقطع ضم بعضه لبعض أم لا
حتى يصل للجرين. والثالث: الفرق بين أن يسرق بعد ضم بعضه لبعض أو قبل ذلك وهذا الاختلاف
محله إذا لم يكن حارس وإلا فلا خلاف في قطع سارقه انظر بن. قوله: (حال حمله للجرين) أي فإنه
يقطع لأجل كونه محمولا على ظهر الدابة سرق ليلا أو نهارا كما مر. قوله: (نص عليه ابن رشد) أي
وكذلك ابن فرحون في التبصرة. قوله: (إن لم يكن معه ربه) أي فإن كان معه ولو نائما فلا ضمان عليه كما
يفيده قول المصنف في الغصب عطفا على ما فيه الضمان أو فتح بابا على غير عاقل إلا بمصاحبة ربه.
قوله: (والقطع على الغير المخرج له) صوابه ولا قطع على الغير المخرج له أيضا. وحاصل المسألة كما في خش
وأقره شيخنا في حاشيته واقتصر عليه في المج أن السارق إذا نقب الحرز فقط ولم يخرج النصاب
منه فإنه لا يقطع فلو أخرج غيره النصاب من ذلك النقب فلا قطع على ذلك الغير أيضا لان النقب يصير
المال في غير حرز وهذا إذا لم يتفقا على أن أحدهما ينقب والآخر يخرجه من الحرز، فإن اتفقا على ذلك
قطع المخرج فقط على مذهب المدونة، ولا يقال إنه أخرج المال من غير حرز لان النقب يبطل حرزية
المكان. لأنا نقول قطع المخرج في هذه الحالة معاملة له بنقيض مقصوده حفظا لمال الناس، ومقابل
مذهب المدونة أنهما يقطعان عند الاتفاق، وعليه ابن شاس وتبعه ابن الحاجب حيث قال فلو نقب
وأخرج غيره فإن كنا متفقين قطعا وإلا فلا قطع على واحد منهما قال ابن عرفة ولا أعرف هذا القول
لاحد من أهل المذهب وإنما ذكره الغزالي في وجيزه بناء على أصلهم من أن النقب لا يبطل حرزية
المكان فتبعه تلميذه ابن شاس في كتابه الجواهر على ذلك، وابن الحاجب تبع ابن شاس انظر بن.
قوله: (ولا مجنون) أي مطبق أو يفيق أحيانا وسرق في حال جنونه فإن سرق في حال إفاقته فجن فإنه يقطع
إلا أنه تنتظر إفاقته فإن قطع قبل إفاقته اكتفى بذلك فإن شك في سرقة مجنون يفيق أحيانا هل سرق
حال جنونه أو إفاقته فالظاهر كما في عبق حمله على الأول لدرء الحد بالشبهة. قوله: (ولا مكره) أي على
السرقة. واعلم أن القطع يسقط بالاكراه مطلقا ولو كان بضرب أو سجن لأنه شبهة تدرأ الحد
وأما الاقدام على السرقة أو على الغصب فلا ينفع فيه الاكراه ولو بخوف القتل كما صرح
به ابن رشد وحكى عليه الاجماع، وكذا صرح به في معين الحكام ونقل ذلك عن ح في
باب الطلاق خلافا لما ذكره عبق هنا من جواز القدوم عليها إذا كان الاكراه بخوف القتل انظر بن
344

وأما الاكراه على أن يقر بأنه سرق فيكون بالقتل والضرب والسجن والقيد فإذا خوف
بشئ من ذلك فأقر بها فلا تلزمه السرقة على ما يأتي. قوله: (ولا سكران بحلال) أي لأنه كالمجنون
وأما السكران بحرام إذا سرق حال سكره أو قبله فإنه يقطع لكن ينتظر صحوه فإن قطع قبل صحوه
اكتفى بذلك والظاهر حمله على أنه بحرام حيث شك لأنه الأغلب إلا أن تكون حالته ظاهرة في
خلاف ذلك حمل على الأول لدرء الحد بالشبهة. قوله: (فيقطع الخ) أي فإذا وجد التكليف فيقطع
الشخص الحر الخ ذكرا كان أو أنثى. قوله: (وإن لمثلهم) اعترض بعدم صحة المبالغة بالنسبة لسرقة الحر
من مثله إذ لا يتوهم عدم القطع حتى يبالغ عليه والشأن أنه إنما يبالغ على الحكم المتوهم خلافه وأجيب
بأن المبالغة غير راجعة للحر بل للعبد والمعاهد، وحينئذ فجمعه للضمير باعتبار إفراد المعاهد والعبد.
قوله: (والحق في القطع لله تعالى) أي لا للمسروق منه. قوله: (إلا الرقيق) استثناء من عموم قوله
فيقطع العبد فظاهره ولو سرق من سيده. قوله: (فلا يقطع) أي لا يجوز قطعه. قوله: (ولو رضي السيد)
أي بقطعه ولا يضمن المال الذي سرقه ليده إذا أعتقه لان قدرته على استثناء ماله عند عتقه
وتركه دليل على براءته له منه. قوله: (من مال رقيق سيده) أي من مال رقيق آخر لسيده. قوله: (لان
مال العبد للسيد) هذا تعليل لكلام المصنف. قوله: (وهو كذلك) أي لان العبد لا شبهة له في مال
فرع سيده ولا في مال أصله وكذا لا شبهة له في مال سيده وعدم قطعه بسرقته من ماله لئلا يجتمع على
السيد عقوبتان كما قال الشارح لا لكونه له شبهة في ماله. قوله: (ولا فرق بين العبد القن وغيره) هذا
تعميم في قول المصنف إلا الرقيق الخ والمراد بغير القن من فيه شائبة حرية كأم ولد ومكاتب وسواء
سرق من محل حجر عليه فيه أم لا. قوله: (كما تثبت بالبينة) ترك المصنف هذا لوضوحه فلو قالت قبل
القطع وهمنا بل هو هذا لم يقطع واحد منهما للشك واعلم أن القطع يثبت بشهادة البينة ولو لم يقم رب
المتاع وترك متاعه وذلك لتحقيق السبب لان الشهادة بالسرقة سبب في لزوم القطع ويلزم من وجود
السبب وجود المسبب. قوله: (فلا يلزمه شئ) أي إذا أقر بها وقوله ولو أخرج السرقة أي التي أقر
بها مكرها. قوله: (بإكراهه) متعلق بإقرار والباء للسببية. قوله: (وبه الحكم) أي القضاء كما في معين
الحكام ومتن التحفة لابن عاصم ونسبه فيها لمالك حيث قال:
إن يكن مطالبا من يتهم فما لك بالسجن والضرب حكم
وحكموا بصحة الاقرار من ذاعر يحبس لاختبار
والذاعر بالذال المعجمة الخائف. قال عبق واعتمد ما لسحنون وحمل ما في المدونة على غير
المتهم على أنه وقع فيها محلان أحدهما صريح في عدم العمل بإقراره لمكره ثانيهما حلف المتهم
وتهديده وسجنه فاستشكله البرزلي بأنه لا فائدة في سجنه لعدم العمل بإقرار المكره كما هو
مفاد المدونة أولا قال ويجمع بينهما يحمل أول كلامها على غير المتهم وآخره على المتهم كقول
سحنون وجمع الغرياني أيضا بحمل أول كلامها على ما إذا كان المسروق لا يعرف بعينه لاحتمال أن يأتي
بشئ غير المسروق من خوفه، وحمل آخر كلامها على ما إذا كان المسروق يعرف بعينه فيهدد المتهم
ويسجن رجاء أن يقر وبهذا علم أن ما لسحنون موافق للمدونة على أحد التأويلين انظر عج فإذا
أقر مكرها على ما للمصنف وأخرج بعض المسروق أخذ بما أقر به من السرقة إن كان مما يعرف
345

بعينه بناء على تأويل الغرياني ويؤاخذ بما أقر به من السرقة مطلقا أي سواء كان مما يعرف بعينه
أم لا إن كان متهما بناء على تأويل البرزلي. قوله: (وقبل رجوعه ولو بلا شبهة) قال ابن رشد في
المقدمات إن كان إقراره بعد الضرب والتهديد فلا يقطع بمجرد الاقرار واختلف إذا عين على قولين
قائمتين من المدونة وغيرها فعلى القطع إن رجع عن إقراره يقبل قولا واحدا وعلى القول بعدم القطع
إن تمادى على إقراره بعد أن عين ففي المدونة يقطع وقال ابن الماجشون لا يقطع وأما إذا كان إقراره
بعد الاخذ من غير ضرب ولا تهديد، فقيل يقطع بمجرد إقراره وإن لم يعين السرقة وهو ظاهر ما في
السرقة من المدونة، وقيل لا يقطع حتى يعينها وهو قول ابن القاسم في سماع عيسى، وقول مالك في سماع
أشهب فعلى ما في المدونة له أن يرجع عن إقراره وإن لم يأت بوجه، وهو ظاهر ما في المدونة ولا خلاف
عندي في هذا الوجه، وعلى القول الثاني اختلف هل له أن يرجع عن إقراره لغير التعيين أم لا على
قولين عن مالك والقولان إنما هما إذا قال أقررت لوجه كذا، وأما إن رجع عن الاقرار
بعد التعيين فلا يقبل قولا واحدا ا ه‍ بن. قوله: (في إقراره) لو قال في رجوعه كان أوضح.
قوله: (كما لو رجع) هذا بيان لما قبل المبالغة. قوله: (ويلزمه المال الخ) أشار بهذا إلى أن رجوع
السارق عن إقراره إنما يقبل بالنسبة لحق الله فينتفي الحد عنه الذي هو حق لله لا بالنسبة
لغرم المال الذي هو حق لآدمي إذا عينه ومثل السارق المحارب إذا أقر بها ثم رجع عن إقراره
فيقال فيه ما قيل في السارق. قوله: (أخذت دابة زيد) أي سرقة أو حرابة ثم رجع عن إقراره
وقال كذبت في إقراري. قوله: (أي وقع مني ذلك) أي السرقة أو سرقة دابة ثم رجع عن إقراره
وقال كذبت في إقراري فلا يلزمه قطع ولا غرم. قوله: (ولو ادعى شخص الخ) هذا شرط
جوابه قوله الآتي فاليمين الخ. قوله: (على أحد قولين) أي في سماع الدعوى بالسرقة أو الغصب
عليه وعدم سماعها والفرض أنها دعوى مجردة عن البينة. قوله: (أو أقر السيد بسرقة عبده)
أي سواء حلف الطالب مع إقرار السيد أو لا كما في بن، خلافا لما يفيده كلام عبق من أن الغرم في
هذه المسألة والقطع في التي بعدها متوقف على حلف الطالب. والحاصل أن مجرد إقرار السيد كاف
في غرم العبد ومجرد إقرار العبد كاف في قطعه سواء حلف الطالب أولا خلافا لما يفيده عبق. قوله: (وإن
أقر العبد) أي فقط أو أقر مع شهادة واحد عليه بالسرقة ولم يحلف معه المدعي. قوله: (فهو داخل في
قوله أو شهد رجل الخ) أي فاللازم في هاتين الحالتين الغرم فقط. قوله: (ولو شهد عليه شاهدان)
أي أو أقر بها العبد وشهد عليه بها شاهد وحلف الطالب معه فيقطع لإقراره ويلزم الغرم أيضا
لشهادة واحد مع يمين الطالب. والحاصل أن القطع والغرم في صورتين ما إذا شهد عليه
شاهدان أو أقر بها وشهد بها عليه شاهد أو امرأتان وحلف الطالب معه القطع فقط
في صورتين ما إذا أقر بها العبد فقط وما إذا أقر بها مع شهادة واحد عليه بالسرقة ولم يحلف
معه المدعي والغرم فقط في ثلاث صور ما إذا شهد على العبد بها شاهد وحلف معه المدعي أو شهد
346

عليه رجل وامرأتان أو أقر بذلك سيده. قوله: (كعدم كمال النصاب) أي نصاب الشهادة.
قوله: (أو سقط العضو بسماوي) أي سقط بعد ثبوت السرقة بسماوي أو جناية عليه عمدا أو خطأ وإنما
حملنا السقوط على كونه بعد ثبوت السرقة لان سقوط العضو بسماوي أو جناية قبل السرقة
لا يسقط القطع كما مر. قوله: (أو جناية) أي على العضو عمدا أو خطأ. قوله: (أو تلف) أي كان التلف
باختياره أو بغير اختياره. قوله: (فلم يجتمع عليه عقوبتان) أي وهما القطع واتباع ذمته. قوله: (وجب
رده لربه إجماعا) أي وليس للسارق أن يتمسك به ويدفع له غيره وقوله بلا تفصيل أي سواء قطع
السارق أم لا. قوله: (وإن تلف) أي باختياره أو بغير اختياره وقوله فإن أيسر أي فإن استمر
يساره من حين الاخذ لحين القطع فكذلك يجب الرد سواء قطع أم لا. قوله: (وإن أعسر) أي
في كل المدة بل ولو في بعضها. قوله: (فكذلك) أي يجب رده. قوله: (بعد السرقة) أي بعد ثبوتها.
قوله: (وليس على الجاني إلا الأدب) أي لافتيائه على الامام. قوله: (كما مر) أي في قوله إلا لشلل.
قوله: (لا يسقط الحد) أي حد السرقة وكذلك الزنا والقذف. قوله: (بتوبة) لو حذف ذلك ما ضر
إذ يعلم من عدم سقوطه بالعدالة عدم سقوطه بالتوبة إذ لا عدالة إلا لمن تاب إذ تأخير التوبة كبيرة
يقدح في العدالة. قوله: (وعدالة) أي وكذلك لا يسقط بإتيان الامام طائعا. قوله: (زمانهما) أي
التوبة والعدالة. قوله: (وينبغي الخ) أي وينبغي عدم الرفع للامام حيث تاب السارق وحسنت
حالته لأنه إذا رفع له حده. قوله: (وهو الحد) فيه إشارة إلى أن المصنف قد وضع الظاهر موضع
المضمر فكان الأولى حذف ذلك الظاهر ويقول وتداخلت الحدود إن تحدت وأجيب بأن
الموجب بالفتح وإن كان هو الحد إلا أن المراد به القدر الواجب مجازا وحينئذ فالمعنى وتداخلت
الحدود إن اتفق القدر الذي أوجب سبب كل منهما ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (أي كحد قذف الخ)
إنما قدر حد أولا وثانيا لأنهما الموجبان بالفتح المتحدان وأما القذف والشرب فموجبان بالكسر.
قوله: (إذ موجب كل منهما) أي كل من القذف والشرب. قوله: (فإذا أقيم عليه أحدهما) أي
حد أحدهما وقوله سقط الآخر أي حد الآخر. قوله: (ولو لم يقصد إلا الأول) بل ولو
قال هذا لهذا لا لهذا لأنه خلاف ما جعله الشارع فليس كإخراج الحدث في نية الوضوء وأما
الضرب بلا نية حد أصلا فلا يصح صرفه لحد بعد فتدبر ا ه‍ أمير. قوله: (لأحدهما) أي الجناية والسرقة.
قوله: (كما لو سرق وشرب) أي أو سرق وزنى أو سرق وقذف وكما لو شرب وهو رقيق ثم قذف وهو حر
أو عكسه فلا تداخل. قوله: (وكل حد يدخل في القتل الخ) فإذا زنى وكان بكرا أو سرق أو شرب وترتب
347

عليه القتل لردة أو لقصاص أو لحرابة قتل ولا يقام عليه قبل القتل حد الزنا أو الشرب أو السرقة
لاندراج حده في القتل وهذا كقول المدونة وكل حق لله اجتمع مع القتل فالقتل يأتي على ذلك كله
إلا حد القذف ا ه‍. وقوله وكل حق لله يشمل حد السرقة والشرب والزنا وقوله اجتمع مع القتل أي
لردة أو حرابة أو قصاص، وأنت خبير بأن كلام المدونة هذا وارد على المصنف لان الحدود تداخلت
مع اختلاف الموجب والمخلص من ذلك أن يقال كلامه ف بالحدود غير المجتمعة مع القتل قاله طفي اه‍ بن.
باب في الحرابة
قوله: (وهو مطلق القطع) أي لان الذي يقطع في الحرابة عضوان وفي السرقة عضو واحد.
قوله: (فيعلم منه تعريفها) أي لان الحرابة جزء من مفهوم المحارب ويلزم من معرفة الكل معرفة كل جزء
من أجزائه. قوله: (لمنع سلوك) خرج قطعها لطلب إمرة أو لثائرة أي عداوة بينه وبين جماعة كما يقع
في بعض عسكر مصر مع بعضهم فليس بمحارب. قوله: (والمراد بالقطع الإخافة) أي وحينئذ فالمعنى
أن المحارب وهو من أخاف الطريق لأجل أن يمنع الناس من سلوكها أي من أخاف الناس في الطريق
لأجل أن يمنعهم من السلوك فيها والانتفاع بالمرور فيها، وإن لم يقصد أخذ مال من السالكين
بل قصد مجرد منع الانتفاع بالمرور فيها سواء كان الممنوع من الانتفاع بالمرور فيها خاصا
كفلان أو كان كل مصري أو عاما كما إذا منع كل أحد يمر فيها إلى الشام مثلا قاله شيخنا العدوي. قوله: (أو
أخذ مال مسلم أو غيره) والبضع أحرى من المال كما للقرطبي وابن العربي فمن خرج لإخافة
السبيل قصدا للغلبة على الفروج فهو محارب أقبح ممن خرج لإخافة السبيل لاخذ المال انظر بن.
قوله: (يتعذر معه الغوث) أي لعدم الناس المغيثين منه وظاهره وإن لم يقصد قتله وهو كذلك فقد
صرح في المدونة بأنه إذا خرج بدون سلاح بل خرج متلصصا لكنه أخذ مكابرة يكون محاربا.
قوله: (أي شأنه تعذر الغوث) أي وإن أمكن تخليصه منه بقتال لان شأنه تعذر الغوث وفي البدر
القرافي أن من أخذ وظيفة أحد لا جنحة فيه بتقرير سلطان فهو محارب لأنه يتعذر الغوث منه ما دام
معه تقرير السلطان قال البدر سمعته من شيخنا الصالح سيدي محمد البنوفري ثم ذكر ترددا بعد
في كون الذين يأخذون المكوس محاربين بمنزلة قطاع الطريق أو غاصبين فانظره. قوله: (ولو سلطانا) أي
لان العلماء وهم أهل الحل والعقد ينكرون عليه ذلك ويأخذون عليه. قوله: (من قراءته مصدرا)
أي عطفا على منع والمعنى أن المحارب هو قاطع الطريق. لمنع سلوك أو لأجل أخذ مال. قوله: (لإفادة أنه)
أي آخذ المال على الوجه المذكور محارب. قوله: (وجبابرة أمراء مصر) أي ويشمل
جبابرة أمراء مصرفهم محاربون لاغصاب لأنهم يسلبون الخ. قوله: (وإن انفرد بمدينة) هذا مبالغة
على كون قاطع الطريق وآخذ المال على الوجه المذكور محاربا أي وإن كانت حرابته خاصة بأهل
المدينة أي بأن يقصد بمنع السلوك في الطريق أو أخذ المال كل واحد من أهلها أو يقصد
بعضهم فقط، والذي يشير إليه قول الشارح ولا يشترط الخ أن في كلام المصنف مبالغتين
أي هذا إذا لم ينفرد بأن كانوا جماعة بل وإن انفرد هذا إذا كانت حرابته أي قطعه
للطريق وأخذه للمال على الوجه المذكور لعموم الناس بل وإن كانت خاصة بأهل مدينة كلهم
أو بعضهم. قوله: (نبت معلوم) أي وهو المسمى بالحشيشة يؤكل حبه وهو المسمى بالشرانق.
348

قوله: (ليأخذ ما معه) أي على وجه يتعذر معه الغوث سواء قتله أم لا وبتقييد الصبي هنا بالمميز تندفع
المعارضة بين ما هنا، وبين قوله في السرقة ولا فيما على صبي ومعه لأنه في غير المميز أو فيه وأخذ ما معه
سرقة وما هنا في المميز وأخذ منه على وجه يتعذر معه الغوث، وكذا لا يعارضه قوله أو حمل عبدا لم يميز
أو خدعه أي المميز لأنه فيهما لا يتعذر معه غوث وما هنا فيمن يتعذر. قوله: (وقتله) أي قتل ذلك
المخادع لاخذ ما معه من قتل الغيلة أي وقتل الغيلة من الحرابة ونص الجواهر قتل الغيلة من الحرابة
وهي أن يغتال رجلا أو صبيا فيخدعه حتى يدخله موضعه فيأخذ ما معه فهو كالحرابة ا ه‍ قال
طفي تفسيرها الغيلة بما ذكر يدل على أن القتل ليس شرطا فيها وأن قتل الغيلة من الحرابة ا ه‍ بن.
قوله: (وأخذه الخ) تصوير لكونه محاربا فإن لم يأخذه لم يكن محاربا. قوله: (فقاتل لينجو به)
أي ومن ذلك من قتل شخصا بعد أن أخذ ماله خوفا من شكايته فليس محاربا كما صرح به عج.
قوله: (إن علم به خارج الحرز) أي لأنه في هذه الحالة يقال إنه قاتل لينجو به لا لاخذه.
قوله: (لا قبله فمختلس الخ) فيه أنه إذا اطلع عليه قبل الخروج به من الحرز فقاتل لينجو به يقال له محارب
لأنه قاتل لاخذه فتأمل كذا بحث شيخنا العدوي نعم إن علم به وهو في الحرز وقدر عليه فخرج
فارا بالمال من غير قتال كان مختلسا. قوله: (والمناشدة مندوبة) أي وأما المقاتلة فهي واجبة على من
تعرض له إذا خاف على نفسه أو أهله القتل أو الجرح والفاحشة بأهله وإلا كان جائزا.
قوله: (إلا ما خليت الخ) ما مصدرية والاستثناء من محذوف أي ناشدتك بالله أن لا تفعل شيئا إلا تخلية
سبيلنا. قوله: (فإن عاجل) أي المحارب بالقتال. قوله: (أنه يقتل) أي لأنه لا فائدة لقتاله إلا قتله.
قوله: (والقاتل له إما رب المال) الأولى والقاتل للمحارب إما من تعرض له لاخذ ماله أو لمنعه من سلوك
الطريق وفي غاية الأماني لو قتل المحارب أحد ورثته فقيل يرثه وقيل لا يرثه ا ه‍ قال عبق قلت
ينبغي أن يكون الراجح الأول قياسا على ما مر في الباغية من قوله وكره للرجل قتل أبيه
وورثه. قوله: (عطف على مقدر) أي بعد قوله فيقاتل بعد المناشدة. قوله: (أو يصلبه على خشبة)
أي بأن يربط جميعه بها لا من أعلى فقط كإبطيه ووجهه أو ظهره لها. قوله: (ثم يقتله مصلوبا)
أي ثم ينزل إذا خيف تغيره ويصلى عليه غير فاضل. قوله: (على الأرجح) أي خلافا لمن قال أنه
يصلب مدة بالاجتهاد ثم ينزل فيقتل بعد نزوله. قوله: (أو ينفي الخ) أي وأجرة حمله للمحل الذي ينفي
فيه ونفقته عليه فإن لم يكن له مال فمن بيت المال فإن لم يكن فعلى جماعة المسلمين. قوله: (حتى
تظهر توبته) ظاهره وإن قبل سنة وقال بعضهم ينتظر لأقصى من سنة وظهور التوبة
واعتمده شيخنا واقتصر عليه في المج. قوله: (فلعله أخذ منه) أي من القرآن وقوله من
المعنى أي بالنظر للمعنى أي العلة في جزائه ذلك الجزاء وهي التشديد عليه من أجل إفساده في الأرض.
قوله: (ومجرد صلب بلا قتل) أي ونفي بلا ضرب ليس الخ. قوله: (أنه لا بد من قتله بعده) أي بعد الصلب
349

أي وأنه لا بد من ضربة قبل النفي. قوله: (فإن كان مقطوع اليمنى) أي في جناية أو سرقة أو خلق ناقصها
أو سقطت بسماوي. قوله: (قطعت اليد اليمنى فقط) أي إذا لم يكن له إلا يدان وقوله أو الرجل اليسرى
فقط أي إذا لم يكن له إلا رجلان ففي كلامه لف ونشر مرتب. قوله: (وبالقتل يجب قتله) أي ما لم
تكن المصلحة في إبقائه بأن يخشى بقتله فساد أعظم من قبيلته المتفرقين فلا يجوز قتله بل يطلق ارتكابا
لأخف الضررين كما أفتى به الشبيبي وأبو مهدي وتلميذهما ابن ناجي ا ه‍ عبق. قوله: (بل ولو بكافر)
لو قال المصنف ولو بغير مكافئ لكان أحسن لشموله للعبد والكافر معا. قوله: (أو بإعانة) يعني
أن أحد المحاربين إذا أعان غيره على قتل شخص بمسكه له أو إشارة له فإنه يتعين قتلهما ولو كان المقتول
غير مكافئ لهما. قوله: (بل ولو بتقو بجاهه) أي وإن لم يأمر بقتله ولا تسبب فيه وذلك كما لو
انحاز شخص لقاطع الطريق وقتل ذلك الشخص المنحاز أحدا فيقتلان معا. قوله: (ولو جاء تائبا)
هذا مبالغة في وجوب قتل المحارب إذا قتل أي هذا إذا ظفرنا به قهرا عنه بل ولو جاء تائبا.
قوله: (ولي المقتول) أي الذي قتله ذلك المحارب. قوله: (قبل مجيئه تائبا) أشار الشارح بذلك إلى أن قول
المصنف وليس للولي العفو راجع لما قبل المبالغة. قوله: (لان قتله حينئذ قصاص الخ) أنت خبير بأنه إذا
كان قصاصا يكون ما أفاده المصنف من تعين قتله إذا جاء تائبا قبل القدرة عليه محمولا على ما إذا طلب
الولي قتله وإلا فله العفو. واعلم أنه حيث كان القتل في هذه الحالة قصاصا فإن قتل من لا يقتل به
كذمي أو عبد لم يقتل به عند مجيئه تائبا بل عليه دية الأول وقيمة الثاني. قوله: (وندب للامام النظر) أي
في حال المحارب الذي لم يصدر منه قتل. وحاصله أن الحدود الأربعة واجبة لا يخرج الامام عنها
مخيرة لا يتعين واحد منها إلا أنه يندب للامام أن ينظر ما هو الأصلح واللائق بحال ذلك المحارب فإذا
ظهر له ما هو اللائق ندب له فعله فإن خالف وفعل غير ما ظهر له أنه الأصلح أجزأ مع الكراهة.
قوله: (لذي التدبير) أي في الحروب وفي الخلاص منها. قوله: (ولذي البطش) أي القوة والشجاعة.
قوله: (ولغيرهما) أي من لا تدبير له ولا بطش. قوله: (ولمن وقعت منه فلتة) وذلك بأن أخذ بفور خروجه
ولم يقتل ولا أخذ مالا وإنما حصل منه إخافة الطريق وما ذكره المصنف من أن ما حصلت منه
الحرابة فلتة يجري عليه أحكام المحاربين هو الذي في المدونة على اختصار ابن يونس خلافا لقول
اللخمي أنه يؤدب فقط ولا يجري عليه شئ من أحكام الحرابة. قوله: (وما ذكره المصنف من
الندب) أي من ندب فعل ما هو الأصلح والأليق بالمحارب من أنواع الحد وقوله هو المذهب أي
ومقابله قول القرافي إذا تبين للامام الأصلح بالمحارب من أنواع الحد وجب على الامام فعله ولا
يجوز له العدول عنه. قوله: (والتعيين الخ) حاصله أن الامام هو الذي يعين ما يفعله بالمحارب غير
القاتل من العقوبات الأربع، وأما من قطعت يده ونحوها بجناية المحارب فلا تعيين له في ذلك إذ
لا حق له في ذلك لان ما يفعله الامام بالمحارب ليس عن شئ معين وإنما هو عن جميع ما فعله في حرابته
من إخافة وأخذ مال وجرح. قوله: (وغرم كل عن الجميع) اعلم أن محل غرمه عمن عداه حيث لزم
350

من عداه الغرم إما لعدم إقامة الحد عليه بأن سقط عنه الحد لمجيئه تائبا أو هرب ولم يظفر به أو أقيم عليه
الحد وكان يساره متصلا من حين أخذ المال لوقت الحد، فإن كان من عداه أقيم عليه الحد أو كان
معسرا بعد الحرابة وقبل الحد فلا يغرم عنه هذا المأخوذ، وذلك لان المأخوذ إنما يغرم عن غيره
بطريق الضمان والضمان يقتضي لزوم المضمون. قوله: (من الأموال) أي المحترمة سواء كانت
لمسلم أو لذمي أو لمعاهد. قوله: (ومثلهم البغاة) أي مثل المحاربين في أنه إذا ظفر بواحد يغرم
عن الجميع بغاة والغصاب واللصوص كما في الرسالة، ومشى عليه ابن رشد في سماع عيسى
ونقله ح ومثله في التوضيح، وقال بعضهم حكم المحارب مخالف لحكم السارق وأن الواحد
من السراق لا يضمن ما سرقه من معه ابن عبد السلام وهو ما حكاه بعض الشيوخ انظر بن.
قوله: (واتبع كالسارق) أي اتبع بغرم مثل المال حيث لم يكن موجودا وأما إذا كان موجودا
تعين أخذه مطلقا سواء سقط عنه الحد أم لا. قوله: (أغرم مطلقا) أي سواء تلف المال باختياره
أم لا كان موسرا أو معسرا. قوله: (وإلا فلا غرم) أي وإلا بأن أعسر فيما بين الاخذ وإقامة الحد
فلا غرم عليه ولو أيسر بعد ذلك. قوله: (على الراجح) أي لأن النفي حد من جملة الحدود كالقطع.
قوله: (فيغرم فيه مطلقا) أي سواء كان موسرا أو معسرا. قوله: (إن وصفه الخ) الحاصل أن مدعي
المال الذي بأيدي المحاربين إذا أخذ منهم لا يدفع له إذا لم يثبته بالبينة إلا بشروط ثلاثة بعد الاستيناء
وبعد اليمين وبعد وصفه كاللقطة والشرط الأخير أهمله المصنف هنا وذكره في توضيحه تبعا
لأبي الحسن واللخمي ومحل أخذ المدعي له بتلك الشروط كما قاله ابن شاس نقلا عن أشهب إذا
أقر اللصوص أن ذلك المتاع مما قطعوا فيه الطريق، فإن قالوا هو من أموالنا كان لهم وإن كان كثيرا
لا يملكون مثله ونقله ابن عرفة مقتصرا عليه انظر بن. قوله: (خوف الخ) علة للاستيناء. قوله: (ولا
يؤخذ منه حميل) قال في التوضيح هو ظاهر المدونة وقال سحنون بل بحميل وقال في مختصر الوقار
إن كان من أهل البلد فبحميل وإن كان من غيرهم فبلا حميل لأنه لا يجد حميلا ا ه‍ بن. قوله: (ويشهد
عليه) أي عند دفعه له بأنه بيده على وجه الحوز لا الملك. قوله: (نزعه منه) أي إن كان
موجودا وضمنه قيمته إن تلف. قوله: (أو بشهادة رجلين) اشترط في المدونة عدالتهما كما في المواق
وغيره قول التحفة: ومن عليه وسم خير قد ظهر الخ يقتضي أن العمل على الاكتفاء بتوسم
الخير ا ه‍ بن. قوله: (من الرفقة) أي المقاتلين للمحاربين. قوله: (أو نحوهما) أي كعبده مكاتبا أم لا.
قوله: (لا لأنفسهما) في ح إلا أن يكون ما لأنفسهما يسيرا فتجوز شهادتهم لأنفسهم بذلك
القليل ولغيرهم بكثير أو قليل ولعله قياسا على الوصية وهذا هو المعول عليه خلافا لما في عبق
من المنع مطلقا انظر بن. قوله: (على رجل اشتهر بالحرابة) أي ثم رفع للحاكم. قوله: (عند الناس)
أي لمعرفتهما له بعينه. قوله: (ثبتت) أي كما تثبت بإقراره بها وبشهادة العدلين على معاينة صدورها
منه. قوله: (وسقط حدها) أي ولو كان قتل أحدا لان قتله حينئذ إذا جاء تائبا إنما هو للقصاص لا أنه
351

حد للحرابة. قوله: (بإتيان الامام طائعا) أي ملقيا سلاحه وإن لم تظهر توبته وفهم منه أن إقراره بأنه يأتي
طائعا ويترك ما عليه من الحرابة أي وعده بذلك لا يسقط عنه حدها وهو كذلك. قوله: (وإنما عليه الخ)
مرتبط بقوله وسقط حدها بإتيان الامام أو ترك ما هو عليه.
باب ذكر فيه حد الشارب
قوله: (بشرب المسلم الخ) لفظ شرب يفيد أن الحد مختص بالمائعات أما اليابسات التي تؤثر في العقل فليس
فيها إلا الأدب كما أنها لا يحرم منها إلا القدر الذي يؤثر في العقل لا ما قل كما أنها طاهرة قليلها وكثيرها
بخلاف الخمر في جميع ذلك ا ه‍ بن. قوله: (ولو لم يصل لجوفه) أي بأن رده بعد وصوله لحلقه. قوله: (لا
الانف) أي إن وصل من الانف ونحوه كالاذن والعين هذا إذا وصل لحلقه مما ذكر بل ولو وصل
لجوفه وظاهره ولو أسكر بالفعل. قوله: (وخرج بالمسلم الكافر) أي فلا يحد ولو كال ذميا. قوله: (إن
أظهره) أي إن أظهر شرب المسكر المفهوم من المقام. قوله: (لا ما لا يسكر جنسه) أي فإذا شرب شيئا
يعتقد أنه خمر فتبين أنه غير خمر فلا يحد وعليه إثم الجرأة. قوله: (طوعا) حال من فاعل المصدر
أي حالة كون ذلك المسلم المكلف طائعا. قوله: (فلا حاجة لذكر الطوع) أي للاستغناء عنه بالمكلف.
قوله: (فلا حد على من شربه غلطا) هذا يشير إلى أن المراد بالعذر الغلط أي مع خلو الذهن عن
ظنه غيرا لئلا يتكرر مع ما يأتي وبهذا تعلم أن العذر غير الضرورة لان المراد بها إزالة الغصة وحينئذ
فلا يستغنى عن قوله بلا عذر بقوله بعد ولا ضرورة ولا ظنه غيرا، فقول الشارح والأولى حذف
قوله بلا عذر للاستغناء عنه بالضرورة فيه نظر نعم الاستغناء إنما يظهر على أن المراد بالعذر إزالة الغصة
وأن الضرورة كذلك كما حل به عبق. قوله: (وإن حرم) أي شربه لإساغة الغصة على قول ضعيف
وهو لابن عرفة. قوله: (والراجح) عدمها أي عدم حرمة شربه لإساغة الغصة. قوله: (بأن ظنه خلا مثلا)
أي أو لبنا أو ماء أو عسلا وقوله فلا حد عليه أي ولو سكر منه قال عبق والظاهر كراهة قدومه
على شربه مع ظنه غيرا وأما مع شكه في كونه غبرا فيحرم والظاهر أنه لا يحد لدرئه بشبهة الشك.
قوله: (كمن وطئ) أي كعذر من وطئ أجنبية. قوله: (ويصدق) أي شارب الخمر في دعواه أنه ظن
أنه غير وكذا يصدق واطئ الأجنبية في دعواه أنه ظنها زوجته إن كان يتأتى الاشتباه على ما مر
في الزنا بأن كان كل من زوجته والأجنبية رفيعة أو سمينة لا إن اختلفا. قوله: (بل قد قيل الخ) هذا القول
ذكره ح في شرح الرسالة عن الفاكهاني في شرح العمدة وارتضاه عج وقال الشيخ إبراهيم
اللقاني أنه لا حد في ذلك لان مثل هذا لا يسمى شربا والقول بحده من التعمق في الدين. قوله: (أي
يرى حل شربه) أي يرى حل شرب القدر الذي لا يسكر منه. وحاصل الفقه أن الخمر وهو ما اتخذ
من عصير العنب ودخلته الشدة المطربة شربه من الكبائر وموجب للحد ولرد الشهادة إجماعا
لا فرق بين شرب كثيره وقليله الذي لا يسكر، وأما النبيذ وهو ما اتخذ من ماء الزبيب أو البلح ودخلته
الشدة المطربة فشرب القدر المسكر منه كبيرة وموجب للحد وترد به الشهادة إجماعا، وأما شرب
القدر الذي لا يسكر منه لقلته فقال مالك أنه كبيرة وموجب للحد ولرد الشهادة وقال الشافعي أنه
352

صغيرة فلا يوجب حدا ولا ترد به الشهادة وعند أبي حنيفة لا إثم في شربه بل هو جائز فلا حد فيه ولا
ترد به الشهادة فإذا كان لا يسكر الشخص إلا أربعة أقداح فلا يحرم عنده إلا القدح الرابع وقيد
بعض الحنفية الجواز بما إذا كان الشرب للتقوى على الجهاد ونحوه لا لمجرد اللهو. قوله: (فيحد إذا رفع
لمالكي) وذلك لضعف مدرك حله. قوله: (فيحد فيه عنده) أي عند أبي حنيفة وقوله أيضا أي كما أنه
يحد عندنا. قوله: (وقيل لا حد الخ) أي عندنا وإن كان حراما فهذا القول عندنا موافق لمذهب الشافعي.
قوله: (على الحر) في المسلم المكلف كما مر وظاهر المصنف كظاهر المدونة أنه لا يزاد مع الحد سجن ولا
غيره كحلق رأس أو لحية أو طواف به في السوق ابن ناجي وبه العمل وفي ابن عرفة عن ابن حبيب أنه
لا يزاد مع الضرب غيره إلا المد من المعتاد المشهور بالفسق فلا بأس أن ينادى به ويشهر واستحب مالك
أن يلزم السجن ا ه‍. قوله: (وإلا أعيد عليه) أي الحد من أوله وهذا إذا لم يحصل له إحساس حال الضرب
أصلا وأما إن لم يحس في أوله وأحس في أثنائه حسب له من أول ما أحس كذا قال اللخمي ونحو لأبي
الحسن وظاهر التوضيح أن تفصيل اللخمي تقييد للمذهب لا أنه مقابل له كما قال بعضهم. والحاصل
أن عبارات أهل المذهب أنه إن حد طافحا أعيد عليه الحد فظاهرها الاطلاق فقيدها اللخمي بما إذا لم
يحصل إحساس حال الضرب أصلا. قوله: (وتشطر) أي حد الشرب. قوله: (وإن قل الرق بذكر أو أنثى)
أي فحد الرقيق في الشرب أربعون جلدة سواء كان ذكرا أو أنثى. قوله: (إذ قد يعرف الخ) جواب عما
يقال أنه لا يعرف رائحتها إلا من شربها ومن شربها لا تقبل شهادته فيها لأنه إن لم يتب كان فاسقا وإن
تاب وحد فلا تقبل شهادته فيما حد فيه وحاصل الجواب أنا لا نسلم أنه لا يعرف رائحتها إلا من
شربها بل قد يعرف رائحتها من لم يكن شربها فقط كمن رآها مراقة مع علمه بها أو رأى إنسانا يشربها
مع علمه بها فشم رائحتها وعلمها. قوله: (وإن خولفا) وكذا إن خالفهما الشارب ولو حلف بالطلاق
ما شربها فيحد ولا طلاق عليه إن حلف بالله أنه ما حلف بالطلاق كاذبا. قوله: (أي خالفهما غيرهما من
العدول) أي فيما شربه بأن قالا شرب خلا لا خمرا أو في رائحة فمه بأن قالا رائحته رائحة خل لا خمر
فقول المصنف وإن خولفا راجع لكل من المسألتين قبله أعني الشهادة بالشرب والشهادة بالرائحة
لا للثانية فقط كما يوهمه كلام الشارح. قوله: (وأراد بالجواز في هذا لازمه وهو عدم الحد) أي فكأنه
قال لا حد في إكراه فعبر بالملزوم وهو جواز الشرب وأراد لازمه وهو عدم الحد. قوله: (والاكراه
يكون بالقتل) أي بخوفه وخوف ما بعده والمراد بالخوف مما ذكر ظن حصوله أو الجزم به. قوله: (وإساغة
لغصة) إنما جاز شرب الخمر لذلك ولم يجز شربه لخوف موت بجوع أو عطش لزوال الغصة بالخمر
تحقيقا أو ظنا قويا بخلاف الجوع والعطش فإنهما لا يزالان به بل يزيدان لما في طبعه من الحرارة
والهضم. قوله: (في عدم الجواز) أي وإن كان لا حد عنده أيضا. قوله: (الصادق بالوجوب)
أي لان إساغة الغصة بالخمر واجبة إذا خاف على نفسه الهلاك ولم يجد غيره واعلم أنه تقدم
الإساغة بالنجس على الإساغة بالخمر لحرمة استعماله دواء للضرورة وحد شاربه بخلاف النجس
فيهما. قوله: (لا يجوز استعمال الخمر لأجل دواء ولو لخوف الموت) أي فإن وقع ونزل وتداوى
به شربا حد ابن العربي تردد علماؤنا في دواء فيه خمر والصحيح المنع والحد ا ه‍ وما ذكره من الحد
353

إذا سكر بالفعل وإلا لم يحد ولا يرد قول المصنف ما يسكر جنسه وإن لم يسكر بالفعل فإن هذا يقتضي
حده لان كلام المصنف في غير المخلوط بدواء. قوله: (ولو طلاء) أي هذا إذا تداوى به شربا بل ولو
تداوى به طلاء ولكنه لا يحد إذا تداوى به طلاء بخلاف ما إذا تداوى به شربا فإنه يحد. قوله: (ولو
خلط بشئ من الدواء الجائز) أي هذا إذا طلي به منفردا بل ولو طلي به مخلوطا بشئ من الدواء
الجائز ومحل منع الطلاء به منفردا أو مختلطا بدواء جائز ما لم يخف الموت بتركه وإلا جاز كما في عبق. قوله: (للزنا)
أي الكائنة للزنا وما عطف عليه فهو من مقابلة الجمع بالجمع فيفيد أن لكل واحد منهما حدا واحدا.
قوله: (لا بقضيب) أي ولا يكون بقضيب وهو الغصن المقضوب من الشجر أي المقطوع منه كالنبوت
والشراك أي السير من الجلد والدرة سوط رفيع مجدول من الجلد فإن وقع وضرب في الحد بقضيب أو
شراك أو درة لم يكف وأعيد. قوله: (إنما كانت للتأديب) أي وكانت من جلد مركب بعضه فوق بعض.
قوله: (بظهره وكتفيه) أي بخلاف التعزير فينبغي أن يوكل محله للامام. قوله: (لا على غيرهما) أي فلو جلد
على أليتيه أو على رجليه لم يكف والحد باق يعاد ثانيا فإن تعذر الجلد بظهره وكتفيه لمرض نحوه أخر
ولو فعل بهما شيئا فشيئا فإن تعذر فعله بهما دفعة واحدة سقط وإن لم يتعذر فإنه يعاد ولا يسقط قاله
شيخنا العدوي. قوله: (وجرد الرجل) أي من كل شئ فلا يبقى عليه شئ إن لم يجرد الرجل مطلقا ولا
المرأة مما يقي الضرب فانظر هل يجتزى بذلك حيث أحس به أو إن أحس به كما يحس المجرد أو قريبا منه
اعتبر وإلا فلا قاله عبق والظاهر كما قال شيخنا الثاني. قوله: (لكل أحد) أي فلا ينظر في الحدود لشرف
ولا لغيره ومن قذف جماعة كمن قذف واحدا ومن يشرب كأسا كمن شرب قنطارا تعبدا. قوله: (بل
تختلف باختلاف الناس) أي المستحقين لها وقوله وأقوالهم الخ الأولى من جهة أقوالهم وأفعالهم
الموجبة للعقوبة وقوله وذواتهم أي قوة وضعفا وضعفا وقوله وأقدارهم أي ومن جهة أقدارهم وسفالتهم.
قوله: (أو نائبه) أي أو السيد بالنسبة لعبده ووالد الصغير ومعلمه وقوله أو نائبه ولو بواسطة فيدخل
مشايخ الحرف كما عندنا بمصر. قوله: (وتأخير الصلاة) أي عن وقتها ولو اختياريا. قوله: (إلا أن يجئ
تائبا) أشار بهذا إلى أن التعزير المتمحض لحق الله يسقط عن مستحقه إذا جاء تائبا بخلاف التعزير
لحق الآدمي فإنه لا يسقط بذلك نعم يسقط لعفو صاحب الحق عنه. قوله: (وإن كان فيه) أي فيما ذكر من
السب وما بعده. قوله: (أو غيره) أي ممن له التأديب وقوله لعن أي التعزير باللعن وما بعده. قوله: (بما) أي
بمدة أي في مدة يظن حصول الأدب له به فيها. قوله: (وبالإقامة من المجلس) يحتمل أن المراد بالإقامة من
المجلس إيقافه فيه أي أمر الحاكم له بوقوفه على قدميه ثم مقعده ويحتمل أن المراد أمره بالذهاب من المجلس.
354

قوله: (وضرب بسوط أو غيره) أي بخلاف الحد فإنه لا يكون إلا بالسوط فإن حد بغير السوط
فإنه لا يجزي كما مر. قوله: (وقد يكوي) أي التعزير. قوله: (بالاخراج من الحارة) أي وبيع ملكه عليه.
قوله: (وقد يكون بغير ذلك) أي كإتلافه لما يملكه كإراقة اللبن على من غشه حيث كان يسيرا ولا يجوز
التعزير بأخذ المال إجماعا، وما روي عن الامام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة من أنه جوز للسلطان
التعزير بأخذ المال فمعناه كما قال البزازي من أئمة الحنفية أن يمسك المال عنده مدة لينزجر ثم يعيده إليه لا أنه
يأخذه لنفسه أو لبيت المال كما يتوهمه الظلمة إذ لا يجوز أخذ مال مسلم بغير سبب شرعي أي كشراء أو هبة.
قوله: (وإن زاد على الحد الخ) أي وإن زاد الضرب بالسوط على الحد المصور بالجلد. والحاصل أن الامام
إذا أداه اجتهاده إلى أن يعزره بما يزيد على الحد ولا يأتي على النفس كمائتي سوط أو بما يأتي على هلاكه
كألف كرباج مثلا فإنه يفعله ويجوز له القدوم على ذلك ولا ضمان عليه إذا مات حيث لم يظن الهلاك
ابتداء بل ظن سلامته أو جزم بها وأما إن لم يظنها ولم يجزم بها فإنه يمنع من التأديب بما يأتي على النفس فإن
فعل ضمن النفس قودا إن جزم بعدمها أو ظن عدمها وإن شك في السلامة وعدمها فالدية على عاقلته.
قوله: (فإن ظن عدم السلامة أو شك منع) أي تأديبه بما يأتي على النفس. قوله: (أنه إن ظن السلامة) أي
ابتداء وقوله فخاب ظنه أي بأن مات وقوله وإذا ظن عدمها أي ابتداء وأولى إن جزم بعدمها ابتداء.
قوله: (شهد العرف بالتلف) أي بأن قال أهل المعرفة أن هذا الفعل ينشأ عنه التلف ولا تنافي بين ظن
الامام السلامة مع قول أهل المعرفة أنه ينشأ عنه تلف أو عيب لأنه قد يخيب ظنه. قوله: (في زعمه)
أشار بهذا الدفع إلى ما يقال أن في كلامه تنافيا إذ مقتضى كونه طبيبا أن يكون عالما بالطب لا جاهلا به.
قوله: (إذا جهل علم الطب في الواقع) أي وعالج مريضا فمات بسبب معالجته. قوله: (أو قصر في المعالجة)
أي كأن أراد قلع سن فقلع غيرها خطأ أو تجاوز بغير اختياره الحد المعلوم في الطب عند أهل المعرفة كأن
زلت أو ترامت يد خاتن أو سقي عليلا دواء غير مناسب للداء معتقدا أنه يناسبه وقد أخطأ في اعتقاده.
قوله: (فإنه يضمن) إنما لم يقتص من الجاهل لان الفرض أنه لم يقصد ضررا وإنما قصد نفع العليل أو
رجا ذلك وإما لو قصد ضرره فإنه يقتص منه والأصل عدم العداء إن ادعى عليه ذلك.
قوله: (كما في النقل) فيه أن الذي يفيده النقل إن في كل من الجاهل والمقصر قولين قبل الضمان عليه
لا على عاقلته وقيل أن الضمان على العاقلة انظر بن. قوله: (إذا لم يقصر وهو عالم) أي بأن فعل ما يناسب
المرض في الطب ولكنه نشأ عنه عيب أو تلف. قوله: (بأن كان بلا إذن أصلا) كما لو ختن صغيرا قهرا
عنه أو كبيرا وهو نائم أو أطعم مريضا دواء قهرا عنه فنشأ عن ذلك تلف. تنبيه: مثل المداواة
بلا إذن معتبر في الضمان إذن الرشيد في قتله لانتقال الحق لوليه لا إن أذن في جرحه أو
إتلاف ماله فلا ضمان إلا الوديعة إذا أذن ربها من هي عنده في إتلافها فإنه يضمن إذا
أتلفها لالتزامه حفظها بالقبول. قوله: (أو ختان) أي فنشأ من ذلك عيب أو تلف. قوله: (وكتأجيج
نار) أي إشعالها. قوله: (شديد الريح) أشار الشارح بذلك إلى أن إسناد العصف لليوم من قبيل المجاز
العقلي لان العصف عبارة عن الهبوب والتصويت وهذا إنما يتصف به الريح لا اليوم ويجوز
أن يكون عاصف صفة لمضاف إلى يوم مقدر أي في يوم ريح عاصف وحينئذ فلا تجوز في الاسناد.
355

قوله: (فيضمن المال) أي الذي أحرقته النار وقوله والدية أي دية من مات بالنار. قوله: (إلا أن يكون)
أي تأجيج النار وقوله لا يظن فيه الوصول أي وصول النار للشئ المحروق فتخلف الظن ووصلت
إليه فأحرقته. قوله: (فيضمن صاحبه) أي المال والدية في ماله كما قال الشارح بعد وهذا رواية عيسى عن
ابن القاسم وهو المعتمد زوزان عن ابن وهب أن العاقلة تحمل من ذلك ما بلغ الثلث وهو قول
مالك ورواه عنه أشهب وابن عبد الحكم واقتصر عليه أبو القاسم الجزيري في وثائقه. قوله: (بشروط
ثلاثة) ما ذكره المصنف من ضمان صاحبه بالشروط المذكورة هو مذهب المدونة وقيل لا يضمن
صاحب الجدار إلا إذا قضى عليه الحاكم بالهدم فلم يفعل وهذا قول عبد الملك وابن وهب وقيل إن بلغ
حدا كان يجب عليه عدمه لشدة ميلانه فتركه فهو ضامن وإن لم يكن إشهاد ولا حكم وهو قول أشهب
وسحنون انظر ح والتوضيح. قوله: (وأنذر صاحبه) المراد به مالكه المكلف أو وكيله الخاص أو العام
الوكيل العام هو الحاكم إذ كان رب الجدار غائبا ولم يكن له وكيل خاص ومن الوكيل الخاص ناظر
الوقف ووصي الصغير والمجنون، فإذا سقط الجدار مع وجود الشروط الثلاثة ضمن وصي غير المكلف
في ماله ولو كان لغير المكلف مال وضمن ناظر وقف ووكيل خاص مع غيبة صاحبه حيث كان له مال
يصلح منه لتقصيرهما فإن لم يكن له مال وأمكنهما السلف على ذمته وهو ملئ وتركا حتى سقط ضمنا
فيما يظهر انظر عبق. قوله: (بذلك) أي بالانذار. قوله: (كما للجيزي) قال الشيخ كريم الدين البرموني
وينبغي التعويل عليه خلافا لمن قال لا بد في ضمانه من الاشهاد بالانذار عند الحاكم وأما الاشهاد
بالانذار عند جماعة المسلمين مع إمكان الحاكم فلا يكفي في الضمان. قوله: (ومفهوم إنذار أنه إذا لم ينذر)
الأوضح أنه إذا انتفى الانذار والاشهاد. قوله: (إلا أن يعترف بذلك) أي بالميلان فما ذكر من قيد
الانذار والاشهاد عليه محله إذا كان منكرا للميلان وأما إذا كان مقرا به فلا يشترط ذلك. قوله: (فيضمن
الدية) أي فيضمن المعضوض دية أسنان العاض. قوله: (قلعها) أي قلع أسنان العاض له. قوله: (وهو
محمل الحديث) وهو أن رجلا عض آخر فنزع المعضوض يده فقلع سنه فقال عليه الصلاة والسلام:
أيعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية له. قوله: (فقصد عينه) أي فقصد المنظور إليه رمي عين
الناظر ففقأها وقوله اقتص منه على المعتمد أي خلافا لبهرام وتت حيث قالا بلزوم الدية إن قصد
بالرمي فق ء عينه وإن قصد به الزجر فلا شئ عليه أخذا بظاهر المصنف. قوله: (لكن على العاقلة على
المعتمد) أي كما يفيده ح فإن ادعى المرمى أن الرامي قصد عينه وادعى الرامي عدم قصدها ولا بينة
ولا قرينة تصدق الرامي فإنه يعمل بدعواه لان القصد لا يعلم إلا من جهته ولأنه لا قصاص بالشك.
قوله: (ومثله الظلة) أي وكذلك البئر والسرب للماء في داره أو أرضه فإذا سقطت الظلة أو سقط البئر
أو السرب أي محل جريان الماء على من يحرفهما مثلا فلا ضمان على صاحب الظلة ولا على من استأجر
لحفر البئر أو السرب. قوله: (قال المصنف) أي في التوضيح وقوله ينبغي عدم الضمان أي في مسألة
سقوط الميزاب. قوله: (بما في مسألة الجدار) أي بما إذا انتفى بعض الشروط المعتبرة في الضمان في مسألة
الجدار بأن يقال عدم الضمان هنا حيث انتفى ميلان الميزاب أو أنه مال ولم يحصل إنذار لصاحبه
356

وإشهاد عليه بذلك أو مال وحصل الانذار لكن لم يمكن تدارك إصلاحه بأن سقط قبل مضي زمن
يمكن فيه التدارك وأما لو مال وأنذر صاحبه وأشهد عليه بالانذار وأمكن تدارك إصلاحه لاتساع
الزمان فلم يصلح وسقط على شئ فأتلفه فإنه يضمن الدية والمال. قوله: (مصدر مجرور) أي عطفا على
سقوط ميزاب. قوله: (وظاهره سواء الخ) أي وظاهره أنه هدر سواء كان الخ لأنه ذهب لها بنفسه
قال شيخنا العدوي والظاهر الضمان إذا كان هيجها في يوم عاصف. قوله: (وجاز دفع صائل) أي
سواء كان مكلفا أو صبيا أو مجنونا أو بهيمة والمراد بالصائل مريد الصول. قوله: (فيصدق بالوجوب)
أي لان دفع الصائل واجب كما في بهرام وتت والتوضيح ونصه قد يقال ينبغي أن يكون الدفع
هنا واجبا لأنه يتوصل به إلى نجاة نفسه لا سيما إن كان الصائل غير آدمي ا ه‍ وذكر القرطبي وابن
الغرس في الوجوب قولين. قالا: والقول بالوجوب أصح وابن العربي صرح بأن الدفع جائز لا واجب
فإن شاء أسلم نفسه وإن شاء دفع عنها ونقله ابن شاس والقرافي قائلا الساكت عن الدفع عن
نفسه حتى يقتل لا يعد آثما ولا قاتلا لنفسه انظر طفي وفي بن القول بالوجوب أظهر القولين
والخلاف المذكور في دفع الصائل على النفس أو على الحريم وأما على المال ترتب على أخذه هلاك
أو شدة أذى كان كدفع الصائل على النفس فيه الخلاف وإلا لم يجب اتفاقا وقولهم حفظ المال واجب
أي عن إتلافه بلا انتفاع أحد. قوله: (بعد الانذار) أي التخويف بوعظه وزجه وإنشاد الله عليه لعله
ينكف. والحاصل أن الصائل إذا كان ممن يفهم فإنه يناشده أولا ثم بعد المناشدة يدفعه شيئا فشيئا أي
يدفعه بالأخف فالأخف فإن أبى إلا الصول قتله وأما إن كان ممن لا يفهم كالبهيمة فإنه يعالجه بالدفع
من غير إنذار ويدفعه بالأخف فالأخف فإن أبى إلا الصول قتله وكان هدرا. قوله: (كما في المحارب)
أي كما في مناشدة المحارب فإنها مندوبة كما مر. قوله: (أي إن أمكن الخ) أي وإنما يندب إنذار الفاهم إن
أمكن إنذاره. قوله: (فإن لم ينكف) أي بالانذار وأبى إلا الصول. قوله: (أو لم يمكن) أي إنذاره لمبادرته
بالصول والحرب. قوله: (جاز دفعه بالقتل) المراد بالجواز الاذن كما ذكر الشارح. قوله: (وإن عن مال) أي
هذا إذا كان دفع الصائل عن نفسه أو حريم بل وإن عن مال. قوله: (ابتداء) أي بدون إنذار ومدافعة
بالأخف فالأخف. قوله: (إن علم أنه لا يندفع إلا به الخ) أي إن علم المصول عليه أن الصائل لا يندفع
إلا بالقتل وظاهره كابن الحاجب أنه إذا لم يعلم ذلك بأن شك في كونه لا يندفع إلا بالقتل أو يندفع بغيره
لا يجوز قتله ابتداء مع أن المناشدة أولا عند إمكانها والمدافعة أولا بالأخف مندوبة وأصل المسألة
لابن العربي غير أنه إنما عبر بينبغي كما في ابن عرفة وابن شاس ا ه‍ بن. قوله: (ويثبت ذلك) أي كون
الصائل لا يندفع إلا بالقتل. قوله: (إلا إذ لم يحضره أحد الخ) فإذا صال جمل مثلا على أحد فخاف منه على
نفسه فقتله فلا شئ عليه إن قامت له بينة أنه صال عليه وأنه لم يندفع عنه إلا بقتله فإن لم تقم له بينة ضمن
ولا يصدق في دعواه أنه صال عليه ولم يندفع عنه إلا بقتله إلا إذا كان بموضع ليس بحضرة الناس
فإنه يصدق بيمينه. قوله: (لا يجوز للمصول عليه جرح للصائل الخ) أي حيث كان ذلك الصائل غير
محارب وإلا جاز للمصول عليه جرحه وقتله ولو قدر على الهرب من غير مشقة كما في المج. قوله: (جاز له
ما ذكر) أي من الجرح والقتل. قوله: (من الزرع والحوائط) أي وأما لو أتلفت غيرهما كآدمي أو عضو
منه أو مال كدمته بفمها أو رمته برجلها فإن كانت عادية ضمن ربها ما أتلفته ليلا أو نهارا حيث فرط في
حفظها وإن كانت غير عادية، فلا يضمن ما أتلفته بذنبها أو قرنها أو برجلها ليلا أو نهارا ولو لم يربطها
أو يغلق عليها بابا وهذا إذا لم يكن من فعل واحد معها وإلا ضمن كما يضمن الساقط من فوقها المال في ماله
357

والدية على عاقلته ففي المدونة من قاد قطارا فهو ضامن لما وطئ البعير في أول القطار أو في آخره، وإن
نفحت رجلا أي ضربته بيدها أو رجلها لم يضمن القائد إلا أن يكون ذلك من شئ فله بها وقول الرسالة
والسائق والقائد والراكب ضامنون لما وطئت الدابة أي كل واحد منهم ضامن معناه إن جاء العطب
من فعل المذكور، فوافق ما مر عن المدونة، فإن شك في كون التلف من فعل الدابة أو من فعل من معها
ممن ذكر فالتالف هدر كما في المج ومثل ما أتلفته بوطئها في كون ضمانه على من معها ممن ذكر إذا جاء
العطب من فعله ما أتلفته بحجر أطارته حال سيرها فيضمنه القائد أو السائق أو الراكب ولو أنذر لعدم
لزوم التنحي إذ من سبق لمباح كطريق لا يلزمه التنحي لغيره، فإن اجتمع الثلاثة قدم السائق. وإن اجتمع
السائق أو القائد مع الراكب قدم الأولان حيث لم يحصل من الراكب فعل كنخس وإلا فالضمان
منه فقط إن لم يعيناه وإلا شاركاه في الضمان، فإن ركبها اثنان فإن كانا على ظهرها فالضمان من المتقدم وإن
كانا على جنبها اشتركا في الضمان. قوله: (ولم يقفل عليها بما يمنعها) أي والحال أنها مما يمكن التحرز منه
لا كطير ونحل. قوله: (وإن زاد الخ) رد بهذه المبالغة على يحيى بن يحيى القائل إنما يلزم ربها الأقل من
قيمتها وقيمة ما أفسدت. قوله: (معتبرا) أي ما أتلفته. قوله: (أي يقوم مرتين الخ) هذا التقرير لابن مرزوق.
قوله: (على فرض عدم تمامه) أي بأن رعي من الآن. قوله: (وإلا صح الخ) هذا التقرير للشيخ
أحمد بابا وأيده عج قال بن وهو الصواب وهو ظاهر قول المصنف كابن الحاجب على الرجاء والخوف
إذ معناه أن يقال ما قيمة هذا الزرع على فرض جواز بيعه على تقدير تمامه سالما وعدم تمامه
بأن يجاح ولا شك أن هذا نظر تنقص القيمة بسببه وهكذا عبارة أهل المذهب وبه يعلم أن ما ذكره
ابن مرزوق غير صواب، ثم اعلم أنه لا خلاف في وجوب تقويمه إذا أيس من عوده لهيئته وأما إن رعي
صغير ورجى عوده لهيئته فاختلف هل يستأنى به أم لا فقال مطرف إنه يقوم ولا يستأنى به. وذهب
سحنون إلى أنه يستأنى به واختلف إن حكم بالقيمة ثم عاد لهيئته فقال مطرف مضت القيمة لرب
الزرع وقيل ترد والراجح قول مطرف كما في التوضيح انظر بن. قوله: (أو عجز عن دفعها) أي أو
كان معها راع وعجز عن دفعها. قوله: (وسرحت بعد المزارع) أي بأن أخرجها لمكان بعيد عن الزرع
بحيث يغلب على الظن أنها لا ترجع منه للزرع. قوله: (قرب المزارع) أي في مكان قريب من الزرع بحيث
يغلب على الظن رجوعها منه إلى الزرع. قوله: (فعلى الراعي) أي قيمة ما أتلفت على الرجاء والخوف.
قوله: (إن كان له قدرة على منعها) أي وفرط في حفظها وسواء كان الراعي مكلفا أو صبيا. قوله: (وعلى
ربها) أي قيمة ما أتلفت. قوله: (في الثاني) أي وهو ما إذا سرحها قرب المزارع بلا راع معها. قوله: (كما لو
سرحت بعد المزارع الخ) كل هذا إذا كانت البهيمة مما يمكن التحرز منها فإن كانت مما لا يمكن التحرز
منها ولا الحراسة منه كحمام ونحل ودجاج يطير ففي منع أربابها من اتخاذها إن آذى الناس وهو قول
ابن حبيب ورواية مطرف عن مالك وعدم منعهم من اتخاذه ولا ضمان عليهم فيما أتلفه من الزرع وعلى
أرباب الزرع والشجر حفظها وهو قول ابن القاسم وابن كنانة وأصبغ قولان. وصواب ابن عرفة
الأول لامكان استغناء ربها عنها وضرورة الناس للزرع والشجر ويؤيده قاعدة ارتكاب أخف
الضررين عند التقابل ولكن المعتمد كما قال شيخنا قول ابن القاسم واقتصر عليه في المج. باب في العتق
358

قوله: (إما وجوبا) أي في قتل الخطأ وقوله أو ندبا أي في قتل العمد كما مر. قوله: (لتكون له كفارة) أي لما
جناه. قوله: (كما في الحديث) أي الوارد عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: من أعتق رقبة
أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج كذا في الصحيحين.
قوله: (وأركانه) أي العتق الذي هو تحرير مكلف رقيقا لم يتعلق به حق لازم والمراد بأركانه ما تتوقف عليها
حقيقته المذكورة لا ما كان داخلا في ماهيته وإلا لكان كل من المعتق والمعتق جزأ للعتق وهو باطل إذ
لا يحملان عليه كما يحمل الحيوان والناطق على الانسان. قوله: (أي إنما يلزم الخ) دفع الشارح بهذا
بحث ابن مرزوق حيث قال لو قال المصنف إنما يلزم كان أولى لصحة عتق بعض المحجور عليهم إذا
أجازه من له الحق ولو كان غير صحيح ابتداء لما تم اه‍ قال ح. ويرد على كون يصح بمعنى يلزم
الكافر فإنه إذا أعتق عبده الكافر لا يلزمه عتقه مع أنه يصدق عليه أنه مكلف لا حجر عليه لأن الصحيح
أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة انظر بن. والحاصل أن الذي يلزمه عتقه إنما هو
المكلف المسلم الذي لا حجر عليه وأما الكافر فله الرجوع في عتق عبده الكافر إلا إذا بان منه العبد أو
أسلم أحدهما وإلا لزم العتق. قوله: (ويدخل في المكلف السكران) أي بحرام لا بحلال لأنه كالمجنون اتفاقا.
قوله: (فيصح عتقه على المشهور) أي وقيل لا يصح والخلاف في السكران المختلط الذي عنده ضرب
من العقل وأما الطافح الذي لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فهذا لا خلاف في أنه
كالمجنون في جميع أحواله وأقواله فيما بينه وبين الله وفيما بينه وبين الناس إلا ما ذهب وقته من الصلوات فإنه
لا يسقط عنه بخلاف المجنون كما نقل ذلك ح عن ابن رشد أول البيوع وذكر ح أيضا أن التفصيل
الذي في قول القائل:
لا يلزم السكران إقرار عقود بل ما جنى عتق طلاق وحدود
إنما ذكره ابن رشد في السكران المختلط الذي معه ضرب من العقل قال وهذا مذهب مالك وعامة
أصحابه وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب انظر بن. قوله: (وتقدم أنه يلزم طلاقه) أي كما يلزمه
عتقه ويلزمه أيضا الجنايات والحدود. قوله: (ولا تصح هبته) أي وكذا سائر عقوده وإقراراته.
قوله: (وخرج بالمكلف الصبي والمجنون فلا يصح عتقهما) أي فلو علق الصبي العتق على شئ وحصل المعلق
عليه بعد بلوغه فلا يلزمه العتق قطعا نظرا لكونه حين التعليق غير مكلف. قوله: (ووصف المكلف الخ)
أي وحينئذ فالمعنى إنما يصح إعتاق مكلف ملتبس بعدم الحجر عليه فيما يعتقه فلو غلق السفيه العتق على
شئ فحصل المعلق عليه وهو رشيد بخلاف والأظهر لا يلزمه. قوله: (فالزوجة والمريض الخ) أشار
الشارح بهذا إلا أنه ليس مراد المصنف بقوله بلا حجر نفي الحجر من كل وجه وإلا كان قوله وإحاطة
دين مكررا معه لان الحجر أعم من إحاطة الدين إذ كل من أحاط الدين بماله فهو محجور عليه في التبرعات
ويلزم من نفي الأعم نفي الأخص، وإنما المراد نفي الحجر الخاص بالسفيه والزوجة والمريض فيما
زاد على ثلثهما حينئذ فلا يغني قوله بلا حجر عن قوله وإحاطة دين. قوله: (فيصح عتقهما في الثلث)
أي يلزم فيه وأما فيما زاد عليه فلزومه متوقف على الإجازة وإن كان صحيحا بدونها. قوله: (ولا
يصح عتق السفيه) أي لا يلزم وإن كان صحيحا فله إمضاؤه إذا رشد ما لم يكن رده وليه قبله.
قوله: (لأنه ليس له فيها الخ) أي وحينئذ فهو غير محجور عليه في عتقها. قوله: (بمعنى لم يلزم) أي وإن كان
صحيحا فإن كانت الديون التي استغرقت ذمته من تبعات لا يعلم أربابها بمضي العتق ولا يرد ويكون
359

الاجر لأرباب الديون والولاء لجماعة المسلمين كذا في بن عن ابن رشد. قوله: (إن استغرق الدين
جميعه) أي جميع العبد المعتق. قوله: (إن لم يستغرق الجميع) أي جميع العبد من هذا تعلم أن قول المصنف
وبلا إحاطة دين معناه وبلا إحاطة دين بالعبد أو بعضه وأن قوله ولغريمه رده أو بعضه على التوزيع
من باب صرف الكلام لما يصلح له. واعلم أن الإحاطة به وعدمها تعتبر يوم العتق كما يفيده كلام المدونة
لا يوم رده خلافا لعبق انظر بن. قوله: (فيباع من الرقيق بقدر العشرة) أي ويعتق الباقي. قوله: (قل)
أي ما قابل العشرة من العبد أو كثر. قوله: (ولم يرده) أي حين علمه فلا رد له بعد ذلك. قوله: (أو يطول
زمن العتق) أي مع حضور رب الدين وعدم غيبته. قوله: (وإن لم يعلم) أي والحال أنه لم يعلم أي الغريم
فالطول وحده كاف ولا ينظر لقول الغرماء لم نعلم كما في ابن عرفة وغيره إما لان الطول مظنة للعلم وإما
لاحتمال أن السيد استفاد مالا في تلك المدة. قوله: (بخلاف هبة المدين وصدقته) أي ومثلهما وقفه.
قوله: (ولو كانت إفادة المال قبل نفوذ البيع) أي فليس للغريم رد العتق بل يمضي. قوله: (فقبل مضي أيام الخيار الخ)
وأما لو استفاد المال بعد نفوذ البيع بأن استفاده بعد مضي أيام الخيار فلا يرد البيع ويرد العتق
وهذا كله إذا كانا لبائع السلطان كما صور به الشارح ومثله إذا كان البائع المفلس أو الغرماء
بإذن السلطان، وأما لو كان البائع المفلس أو الغرماء بغير إذنه فيرد البيع حتى بعد نفوذه أيضا حيث استفاد
المدين مالا كما في ح. قوله: (وهذا) أي ما ذكره المصنف من رد البيع ونفوذ العتق حيث استفاد
المدين ما لا قدر الدين قبل نفوذ البيع مبني على أن رد الحاكم أي لتبرع المدين رد إيقاف وقد أشار ابن
غازي لضبط جميع أقسام الرد بقوله:
أبطل صنيع العبد والسفيه برد مولاه ومن يليه
وأوقفن رد الغريم واختلف في الزوج والقاضي كمبدل عرف
قوله: (وكذا رد الغرماء) أي لتبرع المدين. قوله: (وأما رد الوصي) أراد به ولي
السفيه أي وأما رد ولي السفيه لتبرعه وليس المراد به وصي الصغير لان تبرع الصغير باطل من أصله فلا يحتاج لرد نم الوصي.
قوله: (وأما رد الزوج الخ) ومثل رد الوارث تبرع المريض بزائد الثلث إذا كان الرد قبل الموت.
قوله: (لورد عتقها) أي لورد الزوج عتقها لعبدها. قوله: (أي فلو كان الخ) حاصله أنه لو كان رد
الزوج إبطالا لعتقها لم يقض عليها بالعتق بعد طلاقها وكان لها تملك ذلك العبد ولو كان إيقافا
لقضي عليها بالعتق ولم يكن لها تملكه فلما حكم بعد القضاء عليها بالعتق وبعدم التملك
علم أن ذلك الرد ليس إبطالا ولا إيقافا. قوله: (أو تعلق به) أي برقبته وقوله حق للسيد الخ
الأوضح أو تعلق برقبته حق غير لازم بأن كان للسيد إسقاطه وذلك كما لو أوصى به سيده لفلان
ثم نجز عتقه فإن عتقه صحيح ماض لأنه وإن تعلق به حق للغير وهو الموصى له به إلا أن هذا الحق
غير لازم لان للموصي أن يرجع في وصيته وتنجيز العتق هنا يعد رجوعا عن الوصية. قوله: (واحترز
بذلك عما إذا تعلق حق بعينه قبل عتقه) الأنسب أن يقول واحترز به عما إذا تعلق
360

برقبته حق لازم قبل عتقه. قوله: (أي وربه) أي الذي أعتقه معسر في الثلاثة أي فلا يلزم عتقه.
قوله: (إلا أن التمثيل) أي لما تعلق برقبته حق لازم. قوله: (يغني عنه ما قدمه بقوله وبلا إحاطة دين)
وذلك لان العبد المرهون إذا أعتقه سيده وكان معسرا فالعتق غير ماض لإحاطة الدين بمال السيد،
وكذلك المدين المعسر إذا أعتق عبده كان عتقه غير ماض لإحاطة الدين بماله وقد تقدم أن شرط صحة
عتق المالك أن يكون ملتبسا بعدم إحاطة الدين بماله وإذا علمت أن التمثيل بالأولين يغني عنه ما قدمه
بقوله وبلا إحاطة دين فالأولى عدم التمثيل لما تعلق برقبته حق لازم بذلك وإنما يمثل لذلك بالعبد
الجاني كما في المدونة، وأورد على قوله لم يتعلق به حق لازم المدبر والمكاتب والمقاطع فإنه قد تعلق بعينهم
حق لازم ومع ذلك يصح عتقهم، وأجيب بأن المراد لم يتعلق به حق لازم لآدمي غير سيده والمكاتب
ومن ذكر معه قد تعلق به حق لازم لسيده لا لغيره. قوله: (ما لا ينصرف عنه) أي عن العتق لغيره بنية
صرفه وكان الأولى أن يقول ما لا ينصرف عنه إلى غيره ولو بنية صرفه وقوله إلا بقرينة استثناء منقطع
أي لكن ينصرف عنه لغيره بالقرينة. قوله: (ما لا تنصرف عنه) أي لغيره وقوله إلا بنية أي أو قرينة
بالأولى. قوله: (متعلق بإعتاق) أي وهو محط الحصر لأنه هو المعمول المؤخر مثل له تعالى: * (إنما أشكوا
بثي وحزني إلى الله) *، ولا يلزم من كونه محط الحصر أن يكون هو المقصود بالذكر بل المعمولات كلها
مقصودة بالذكر نعم الآخر منها هو المقصود بالحصر فاندفع ما يقال إن جعل الأخير مقصودا بالحصر
يقتضي أن المقصود بالذكر ركنية الصيغة وإلغاء ركنية المعتق والمعتق لأنهما وإن ذكرا قبل لكن
ذكرهما بطريق التبعية لا بالذات مع اتفاق الشراح على أن المصنف أشار لكونهما ركنين. قوله: (وأتى
بالمصدر) أي وأتى المصنف بضمير المصدر ليفيد أن سائر الخ. قوله: (وبفك الرقبة) أي فكها عن
الرقبة. قوله: (فحر أبدا) أي ولو قيده بفقط كما لو قال فككت رقبتك في هذا اليوم فقط أو بهذا العمل كما
لو قال فككت رقبتك من هذا العمل إلا أن يحلف حين تقييده بفقط أو بهذا العمل إذا أراد فك
رقبته في هذا اليوم فقط أو فك رقبته من هذا العمل الخاص ولم يرد بذلك عتقه فلا يعتق عليه ثم لا يستعمله
في هذا اليوم ولا في هذا العمل. قوله: (بلا قرينة مدح) أي حالة كون التصريح بالعتق وما معه
ملتبسا بعدم القرينة الدالة على مدح ذلك الرقيق. قوله: (قاصدا بذلك تهديده) أي لا حريته
وعتقه. قوله: (فلا يعتق عليه) أي لا في الفتوى ولا في القضاء. قوله: (ولو حلفه) أي المكاس
بأن قال له لا أدعك من أخذ المكس إلا أن تقول إن كان رقيقا فهو حر فقال ذلك بغير نية العتق
فلا يلزمه شئ في الفتوى والقضاء لقرينة الاكراه وأما إن نوى به العتق وهو ذاكر أن له إن لا ينويه
فهو حر لأنه لم يكره على النية. قوله: (لقرينة الاكراه) أي أن الاكراه قرينة على أنه لم يرد بقوله هو
حر فك رقبته من الرق وإنما أراد غير ذلك أي أنه كالحر في أنه لا مكس عليه ونحو ذلك. قوله: (ولا
يصدق في عدم إرادة العتق) ظاهره أنه لا يصدق في نيته عدم إرادة العتق بهما وفيه أنه يخالف ما مر له
من أن الكناية الظاهرة يصرفها عن العتق النية والقرينة فلعل الأولى ولا يعتبر عدم إرادته للعتق فتأمل.
قوله: (فقال له أحد هذين اللفظين) أي جوابا لكلامه والمراد باللفظين المتقدمين لا ملك لي عليك
361

ولا سبيل لي عليك. قوله: (ولا يحتاج في هذا إلى نية) أي تصرف تلك الألفاظ للعتق بل متى قال لفظا من
هذه الألفاظ لعبده لزمه العتق نواه أو لم ينوه قبل العبد أو لم يقبل فإن نوى بشئ من هذه الألفاظ غير
العتق لم يلزمه العتق. قوله: (أو أعزب) بضم الزاي المعجمة قال تعالى: * (لا يعزب عنه مثقال ذرة) *
قوله: (ودخل بالكاف كل كلام) ظاهره حتى صريح الطلاق فإذا قال لرقيقه أنت طالق ونوى به العتق فإنه
يلزمه إذ هو أولى من اسقني الماء لكن يعكر على ذلك قولهم كل ما كان صريحا في باب لا يكون كناية
في غيره وانظره. قوله: (لان الكناية الظاهرة كالصريح في عدم الاحتياج للنية) أي وإنما يفترقان من
جهة أن الصريح لا ينصرف للغير ولو بالنية بل بالبساط والقرينة وأما الكناية الظاهرة فتنصرف عنه
للغير بالنية أو القرينة ولا فرق في ذلك بين بابي الطلاق والعتق والحاصل أن الصريح في بابي الطلاق
والعتق هو ما لا ينصرف للغير ولا بالنية بل بالقرينة والبساط والكناية الظاهرة في البابين ما لا ينصرف
عنه إلا بالنية أو القرينة ولا يتوقف صرفهم له على نية والكناية الحنفية في البابين ما لا تنصرف له إلا
بالنية، هذا هو التحقيق خلافا لما في عبق من مخالفة الكناية الظاهرة هنا للكناية الظاهرة في الطلاق
تأمل. قوله: (وعتق على البائع) ظاهره ولو كان البيع فاسدا أو بخيار بعد مضيه. قوله: (والمشتري) أي
مريد الشراء. قوله: (فيعتق على البائع) أي بمجرد قوله بعت ولو قبل أن يقول المشتري اشتريت وإن كان
العقد يتوقف على الطرفين الايجاب والقبول لان البائع إنما علق على فعل نفسه وما ذكره المصنف من
عتقه على البائع هو المشهور وقيل أنه يعتق على المشتري، قال اللخمي وهو القياس لان العتق إنما يقع بتمام
البيع وهو حينئذ قد انتقل لملك المشتري انظر بن ومحل الخلاف إذا حصل التعليق من كل من البائع
والمشتري كما قال المصنف، فإن علق البائع فقط عتق بالبيع ولو فاسدا اتفاقا وينقض البيع ويرد البائع الثمن
وأما لو قال إن بعت السلعة الفلانية فهي صدقة فالأظهر وجوب التصدق بثمنها وقيل يندب وعلى كل
حال لا ينتقض البيع بخلاف العتق. قوله: (وأتبع به في ذمته إن أعسر) أي ولا يرد العتق. قوله: (الفاسد)
أي وأولى الصحيح. قوله: (في قوله لعبد إن اشتريتك فأنت حر) أي فبمجرد شرائه يعتق عليه ولو كان
الشراء فاسدا ولو مجمعا على فساده. قوله: (وعليه) أي على المشتري لبائعه قيمته وظاهره كان الشراء متفقا
على فساده أو مختلفا في فساده مع أن القاعدة أن البيع المختلف في فساده إذا فات يمضي بالثمن فلعل كلام
الشارح محمول على المتفق على فساده أو أنه من جملة المستثنى من القاعدة كالبيع وقت نداء الجمعة فتأمل.
قوله: (شراء بعضه) أي في كونه يعتق عليه بمجرد الشراء. قوله: (لان الحقائق الشرعية تطلق على فاسدها
الخ) فإذا قال إن اشتريتك فأنت حر اشتراه شراء فاسد صدق عليه أنه اشتراه شرعا وإن قلت: البيع
الفاسد لا ينتقل به الملك فمقتضاه عدم لزوم العتق للمشتري شراء فاسدا لعدم دخول العبد في ملكه
قلت: روعي تشوف الشارع للحرية مع تسليط البائع للمشتري على إيقاع العتق فأوقعه. قوله: (ويأخذ
السيد من العبد ما اشترى به نفسه) أي إذا كان غير خمر ونحوه وأما إذا كان الذي اشترى به نفسه خمرا أو
خنزيرا فإن كان مضمونا في ذمة العبد عتق وغرم قيمة رقبته لسيده يوم عتقه وإن كان معينا أريق الخمر
وسرح الخنزير أو قتل ولزم العتق ولا يتبع العبد بقيمة ولا غيرها. قوله: (والشقص الخ) أي أنه إذا قال
إن فعلت كذا فكل عبيدي أحرار أو كل مماليكي أحرار أو كل عبد أو مملوك أملكه حر أو كل
حر أو كل عبد لي أو مملوك حر وفعل ذلك الشئ فإنه يعتق عليه كل عبد يملكه ويعتق عليه أيضا الشقص
362

الذي يملكه من عبد وينجز عليه عتق مدبره وأم ولده ومكاتبه ويعتق عليه أيضا ولد عبده الكائن من
أمة العبد أو من أمة السيد. قوله: (أي أمة العبد) أي وأولى من أمة السيد واحترز بقوله من أمته عن ولد
عبده من حرة أو من أمة أجنبي. قوله: (وأما في صيغة البر) أي كإن دخلت الدار فعبيدي أحرار. قوله: (فهو
علي بر) أي حتى يدخل فإذا دخل حنث بخلافه بصيغة الحنث فإنه على حنث حتى يدخل إذا دخل بر.
قوله: (كما لو حدث ملكه بعد) أي بعد يمينه فإنه لا يلزم فيه شئ أصلا سواء كانت الصيغة صيغة بر
أو حنث كما في المدونة ولا يقاس على الأولاد الحادث حملها بعد اليمين فيفرق فيها بين صيغة الحنث
والبر كما قال الشيخ كريم الدين البرموني لان الفروع تعد كامنة في الأمهات انظر بن. قوله: (بخلاف
الحمل السابق الخ) حاصله أن ما كان حملا حين اليمين يعتق فيكل من صيغة البر والحنث وإنما يفترقان
فيما حدث الحمل به بعد اليمين فيعتق في صيغة الحنث لان الأمهات مرتهنات باليمين لا يستطيع وطأهن
ولا بيعهن ولا تعتق في صيغة البر على الأصوب الذي رجع إليها بن القاسم. قوله: (عطف على مقدر) أي
وهو في التعليق إن قلت: عطف الانشاء على التعليق يوهم أن التعليق ليس من الانشاء مع أنه منه قلت:
هو من عطف العام على الخاص أو يراد بالانشاء ما قابل التعليق. قوله: (كل مملوك الخ) هذا مثال للانشاء
وأما مثال التعليق فنحو إن دخلت الدار فكل مملوك أملكه حر. قوله: (لا عبيد عبيده) عورضت هذه
المسألة بما في نذور المدونة فيمن حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبده، فإنه يحنث ورأي بعضهم
أنه اختلاف قول وفرق اللخمي بأن الايمان يراعي فيها النيات والقصد في هذه اليمين عرفا دفع المنة
والمنة تحصل بركوب دابة العبد انظر بن. قوله: (إذا قال واحدا مما ذكر) أي من قوله كل مملوك أملكه
حر الخ. قوله: (لعدم تناوله) أي كل واحد من هذه الألفاظ المذكورة. قوله: (كقوله كل امرأة أتزوجها
طالق) أي فلا يلزمه طلاق فيمن تحته ولا فيمن يتزوجها وسواء كان هناك تعليق أو لا. قوله: (أو لم
يعلق) أي كل مملوك أملكه أبدا أو في المستقبل فهو حر فهذه أربعة وذلك لأنه إما أن يقيد بأبدا أو في
المستقبل أو لا يقيد وفي كل منهما إما أن يعلق أو لا يعلق فإن قيد فلا يلزمه فيها عتق لا لمن في ملكه
ولا لمن يتجدد ملكه اتفاقا، وأما إذا لم يقيد بأبدا ولا بقوله في المستقبل فلا يلزمه شئ فيمن يتجدد
اتفاقا سواء علق أو لا، كقوله كل مملوك أملكه حر، أو إن دخلت الدار فكل مملوك أملكه حر، وأما من
عنده وفي ملكه فيلزمه عتقه سواء كان لحلف تعليقا أم لا على أحد قولين حكاهما ابن عرفة فيهما
والثاني عدم لزوم عتقه فيهما وعليه مشي الشارح فيما يأتي وهو المعتمد فالخلاف إنما هو فيمن عنده
لا فيمن يتجدد هذا هو الصواب كما في بن خلافا لما في عبق. قوله: (كأن فعلت كذا فلله علي عتق رقبة)
أي أو عتق عبدي مرزوق مثلا. قوله: (كقوله لله علي عتق رقبة) أي أو عتق عبدي فلان. والحاصل
أن العتق يجب بالنذر سواء كان معينا أم لا سواء كان هناك تعليق أولا بأن كان بتا. قوله: (ولم
يقض إلا ببت معين) أي ولم يقض عليه بالعتق إلا إذا كان النذر ملتبسا ببت أي بعتق معين سواء
كان هناك تعليق أم لا وأما لو كان النذر ملتبسا ببت غير المعين كلله علي عتق رقبة أو إن فعلت كذا
363

فعلي عتق رقبة وفعل المعلق عليه فلا يقضي عليه به بل هو في ذمته. قوله: (بأن يحكم عليه القاضي بتنجيزه)
أي بوقوعه حالا إذا لم يكن هناك تعليق أو بعد وقوع المعلق عليه إذا كان هناك تعليق. قوله: (إن
دخلت الدار فأنت حر) أي أو فهذا العبد حر أو فعبدي حر ولا عبد له إلا واحد معين أو عبدي زيد حر
أو عبدي الذي فعل كذا حر. قوله: (فيلزمه عتق من ملكه من ذلك) أي فيلزمه عتق من هو في ملكه ومن
يتجدد له بعد ذلك وسواء علق أو لا هذا إذا لم يقيد بالآن ولا بأبداكما في أمثلة الشارح فإن قيد بالآن ككل
مملوك أملكه من الصقالبة الآن فهو حر لزمه فيمن عنده وقت اليمين فقط علق أم لا لا فيمن يتجدد
ملكه من الصقالبة مثلا، وإن قيد بأبدا ونحوه فالعكس أي يلزمه فيمن يتجدد لا فيمن عنده معلقا
فيهما أم لا. والحاصل أنه إما أن يقيد بأبدا أو الآن أو لا يقيد وفي كل منهما إما أن يعلق أو لا
فالصور ست. قوله: (لم يلزمه شئ) أي لا فيمن عنده ولا فيمن يتجدد ملكه ومثل كل عبد أملكه
فهو حر كل رقيق أملكه فهو حر بخلاف كل مملوك أملكه فهو حر فإنه يلزمه عتق من عنده حين اليمين
كذا فرق عبق وخش بين رقيق ومملوك وكأنه نظر إلى أن مملوك وصف حقيقته الحال فلا يعم إلا
إذا قال أبدا بخلاف رقيق وعبد فعام بذاته وهو ظاهر ولكن الذي استصوبه بن أن رقيق كمملوك
في أنه يلزمه عتق ما في ملكه لا ما تجدد. قوله: (في صيغة حنث) أي مطلقة غير مقيدة بأجل. قوله: (فيمنع
من وطئ الأمة ومن بيعها) أي لأنه لما كان على حنث حتى يفعل ومن الجائز أن لا يفعل فيحكم عليه
بالعتق والبيع مخرج للعبد عن ملكه والوطئ قد ينشأ عنه حمل منع من البيع والوطئ. قوله: (فله البيع
والوطئ) أي وإن مات لم يخرج العبد ولا الأمة من ثلث ولا من غيره بل يكون ميراثا والظاهر أن الحالف
إذا مات في صيغة الحنث المقيدة بأجد كذلك. قوله: (فيمنع أيضا) أي فإما أن يفعل أو يحلف. قوله: (والفرق)
أي بين الوطئ وبين البيع حيث منع من الثاني دون الأول. قوله: (أن البيع يقطع العتق) أي لأنه يخرج عن
الملك وقوله ويضاده أي مع احتمال وقوعه بالحنث. قوله: (ويأتي قوله في الطلاق وأدب المجزئ هنا
أيضا) في بن أن التجزئة في العتق مكروهة فقط ولا أدب فيها وأما قول التلقين ولا يجوز تبعيض
العتق ابتداء، فقد قال ابن شاس ليس عدم الجواز على حقيقته من التحريم بل معناه الكراهة وحينئذ
فلا أدب. قوله: (أو تفويضه) أي له أمر نفسه. قوله: (وفي جوابه) أي إذا ملكه أمر نفسه أو فوض له
أمرها كذا فهم الشارح قال بن يحتمل أن المصنف أشار به لقوله في باب الطلاق أو قال يا حفصة
فأجابته عمرة فطلقها فالدعوى وفي العتق أربعة أقوال يعتقان، لا يعتقان، تعتق المدعوة، تعتق المجيبة
وخرجها الأئمة في باب الطلاق. قوله: (فيعتق إن قال) أي العبد جوابا لقول سيده ملكتك
أمر نفسك أو فوضت لك أمر نفسك كما أن الزوجة تطلق إذا قالت طلقت نفسي أو قبلت طلاقي
جوابا لقول الزوج ملكتك أمر نفسك أو فوضت لك أمر نفسك. قوله: (فقال أشهب كذلك)
364

أي يعتق بقوله اخترت نفسي وإن لم يرد به العتق كالطلاق لأنه لا معنى لاختياره لنفسه إلا إرادة
العتق في نفس الامر. قوله: (قد يكون بالعتق وغيره كالبيع) أي فيتحمل أن يكون قوله اخترت نفسي
بمعنى اخترت مفارقتك بالبيع أو الهبة. قوله: (الجواب الصريح) أي كقوله أعتقت نفسي أو قبلت
عتقي. قوله: (حتى يأتي الاجل) أي وإن كان يمنع من البيع ومن وطئ الأمة بذلك لأجل. قوله: (فينجز
عليه من وقته) لأن عدم تنجيزه يشبه نكاح المتعة وهو النكاح لأجل. قوله: (ولا نية له) أي بعتق واحدة
بعينها. قوله: (فله الاختيار) أي في عتق واحدة وإمساك الأخرى فإن ماتت إحداهما قبل أن يختار
عتقت الثانية فإن امتنع من الاختيار سجن فإن أصر على الامتناع من الاختيار أعتق الحاكم عليه
أدناهما. قوله: (فإذا قال) أي لزوجتيه. قوله: (فيطلقان معا عليه) أي الآن وليس له اختيار واحدة
وخيره المدنيون كالعتق وهو ضعيف وعلى المذهب وهو طريقة المصريين فالفرق بين الطلاق
والعتق أن الطلاق فرع النكاح وهو لا يجوز فيه الاختيار فلا يجوز أن يتزوج بنتا من بنات رجل
بمائة على أن يختار منهن واحدة بعد العقد والعتق فرع الملك وهو يجوز فيه الاختيار فيجوز أن
يشتري أمة بمائة على أن يختارها من إماء. قوله: (أو نسيها) أي فإذا نوى واحدة معينة ونسيها فإنهما
يطلقان معا حالا وكذلك يعتقان فالمخالفة بين الطلاق والعتق على طريقة المصريين إنما هي عند عدم النية.
قوله: (وإلا إذا قال لامته إن حملت الخ) أي والحال أنها كانت غير حامل وأما إذا قال لها وهي
حامل إن حملت فأنت حرة لم تعتق إلا بحمل مستأنف وأما إذا قال لزوجته الحامل إن حملت فأنت
طالق ففي بهرام عن ابن القاسم ينجز طلاقها، وذكر ابن الحاجب أن الطلاق كالعتق أي فلا تطلق
إلا بحمل مستأنف. قوله: (بخلاف قوله لزوجته الخ) حاصله أنه إذا قال لزوجته إن حملت فأنت
طالق فإنه يجوز له وطؤها مرة إذا كان لم يحصل منه وطئ لها في الطهر الذي حلف فيه، ومتى
وطئها نجز عليه طلاقها كما أنه ينجز عليه إذا كان وطئها قبل يمينه في الطهر الذي حلف فيه لاحتمال
حملها ولا يجوز البقاء على عصمة مشكوك فيها. قوله: (فله) أي فيجوز له وطؤها مرة خلافا لما في عبق من
حرمة وطئها. قوله: (حنث وتطلق عليه) أي ينجز طلاقها عليه لاحتمال حملها ولا يجوز البقاء على عصمة
مشكوك فيها. قوله: (ولو عزل) أي خلافا للخمي القائل بعدم الطلاق مع العزل. قوله: (بل لا بد أن
يجتمعا عليه) أي على العتق سواء كان اجتماعهما عليه في المكان الذي فيه العبد أو في غيره فلا يشترط
أن يذهبا إليه في مكانه ويبلغاه أنهما أعتقاه. قوله: (وكذا الطلاق) أي إذا جعله الزوج لاثنين
تفويضا لم يستقل به أحدهما ولا يقع إلا باجتماعهما معا عليه وأشار الشارح بهذا إلى أن الطلاق مثل
العتق في هذه المسألة والتي بعدها فلو ذكرهما المصنف في مسائل الموافقة كان أولى. قوله: (بأن خاطب
كلا منهما بما يفيد الاشتراك) كما لو قال لكل واحد على انفراده جعلت لك ولفلان عتق عبدي.
365

قوله: (في الأمتين) أي التي دخلت والتي لم تدخل. قوله: (حتى يدخلا جميعا) أي مجتمعين بأن يدخلا معا
أو تدخل الثانية على الأولى بحيث يحصل اجتماعهما في الدار لا مترتبين في الدخول بأن تدخل الثانية
بعد خروج الأولى على الراجح كما يأتي في آخر العبارة عن أبي الحسن. وقوله حتى يدخلا الخ أي فإن
دخلتا عتقتا وإن دخلت واحدة فقط فلا تعتق واحدة منهما أما الداخلة فلظهور أن مراد الحالف
إن اجتمعتما في الدخول، وأما غيرها فلعدم دخولها وهذا بخلاف ما لو قال لامته إن دخلت هاتين
الدارين فأنت حرة فدخلت واحدة منهما، فإنها تعتق على قاعدة التحنيث بالبعض، وكذلك الحكم إذا
قال لزوجته إن دخلت هاتين الدارين فأنت طالق فتطلق عليه إذا دخلت إحداهما. قوله: (لاحتمال
إن دخلت أنت) أي لاحتمال أن قصده إن دخلت كانت حرة وإن دخلت أنت فأنت حرة فاختصر
اللفظ وقال إن دخلتما فأنتما حرتان. قوله: (كأنه) أي الحالف إنما كره اجتماعهما أي الأمتين وكذا
يقال في الزوجتين فيما يأتي وقوله فيها أي في الدار. قوله: (فيكون الخلف لفظيا) وذلك لان قول ابن
القاسم لا شئ عليه إذا دخلت واحدة محمول على ما إذا كانت يمينه لكراهة اجتماعهما في الدار لامر
وقول أشهب تعتق وتطلق الداخلة محمول على ما إذا لم تكن اليمين لكراهة اجتماعهما في الدار بل
لكراهة صاحبها أو جيرانها مثلا ولا شك أن كلا من الشيخين يقول بقول الآخر في مسألته. قوله: (بعد
أخرى) أي بعد أن دخلت الأخرى وخرجت. قوله: (والزوجتان الخ) أي فإذا قال لزوجتيه إن
دخلتما الدار فأنتما طالقتان فدخلت واحدة فلا يلزمه طلاق في طلاق في واحدة منهما حتى يدخلا معا فيطلقان.
قوله: (بكاف التمثيل) أي وحينئذ فالولد شامل للذكر والأنثى ويصح جعل الكاف للتشبيه وعلى هذا
فيكون الولد خاصا بالذكر لتشبيه البنت به والمعنى حينئذ والولد الذكر وإن سفل ولده كبنت وإن
سفل ولدها. قوله: (للنص على المتوهم) أي ويصح جعل قوله لبنت على نسخة اللام مبالغة ثانية أي
والولد وإن سفل هذا إذا كان الولد السافل لابن بل وإن كان لبنت. قوله: (والحاشية القريبة) أي لا
عماته وخالاته إلا أن يولد محرما جاهلا فينجز عليه عتقها لان القاعدة أن كل أم ولد حرم وطؤها
نجز عتقها لان يسير الخدمة لغو كما في خش عند قول المصنف في باب النكاح وملك أب جارية
ابنه بتلذذه بالقيمة. قوله: (إن كان المالك رشيدا) فيه نظر بل لا فرق بين الرشيد وغيره في العتق بالقرابة
وسيقول المصنف أو قبله ولي صغير أو لم يقبله انظر بن. قوله: (وإن حصل بهبة الخ) أي هذا إذا حصل
الملك بميراث أو بمعارضة كالبيع بل وإن حصل بغيرهما كهبة أو صدقة أو وصية ولا يشترط في البيع
أن يكون صحيحا بل يعتق بالفاسد ويكون فوتا وفيه القيمة كما قاله أشهب وابن القاسم. قال اللخمي
يحمل كلام ابن القاسم على ما إذا كان البيع مختلفا في فساده وأما المجمع على فساده فإنه لا يعتق إذ لا ينقل
ملكا ولا ضمانا وليس كمثل عتق المشتري لأجنبي منه فإنه ماض ولو مجمعا على فساده لان البائع سلطه على
إيقاع العتق فأوقعه وهذا لم يوقع عتقا وإنما يقع حكما إذا ملكه وهو لم يملكه بهذا الشراء نقله العوفي اه‍ بن.
قوله: (على المالك) أي الذي هو الموهوب له أو الموصى له أو المتصدق عليه. قوله: (إن علم المعطي)
ظاهر المصنف إن علم المعطي شرط في عتق القريب مطلقا أي سواء كان المعطي دين أم لا وليس
كذلك وإنما هو شرط في عتقه إذا وهب له وعليه دين كما ذكره في التوضيح وبذلك اعترض ابن
مرزوق على المصنف، وأشار الشارح للجواب بتقديره قبله ولا يباع في دين على المالك فجعله
شرطا في مقدر. والحاصل أنه إذا وهب له قريبه أو تصدق به عليه أو أوصى له به فإن لم يكن على
366

المعطي بالفتح دين نجز عتق ذلك العبد علم المعطي بالكسر أنه يعتق على المعطي بالفتح أم لا بل المعطى
له العبد أو لم يقبله وإن كان على المعطي دين، فإن علم المعطي بالكسر أنه يعتق على المعطي عتق ذلك العبد
ولا يباع في ذلك الدين قبل المعطي العطية أو لم بقبلها لان الواهب لم يهبه له ولم يتصدق عليه به حينئذ
إلا ليعتق لا ليباع في الدين الذي عليه، وإن لم يعلم المعطي أنه يعتق على المعطي فإنه لا يعتق ويباع في الدين
ولو علم المعطي بالقرابة هذا إذا قبل المعطي بالفتح العطية فإن لم يقبلها لم يعتق ولم يبع في الدين لعدم
دخوله في ملك المعطي، فتحصل أنه إذا كان على المعطي دين فللعبد أحول ثلاثة تارة يعتق وتارة
يباع في الدين وتارة لا يباع ولا يعتق. قوله: (فيكفي) أي في عتقه على عامل القراض وعلى الوكيل
على شراء عبد وعلى الزوج. وقوله العلم بالقرابة أي علم العامل والوكيل الزوج بالقرابة لرب المال
والموكل والزوجة وإن لم يعلم بالعتق فإن لم يعلموا بالقرابة عتق على رب المال والموكل والزوجة. قوله: (فالأولى
تأخيره) أي تأخير قوله ولو لم يقبل وقوله هنا أي بعد قوله وولاؤه له. قوله: (وإن لم يقبل لم يعتق)
أي إذا كان لا دين عليه وقوله ولم يبع فيما إذا كان عليه دين. قوله: (وهو) أي التعليل بعدم دخوله
في ملكه حيث لم يقبله ظاهر. قوله: (إلا أن النقل الخ) استدراك على قوله وإن لم يقبل لم يعتق. قوله: (عتق
ذلك الجزء) أي إذا لم يكن عليه دين مطلقا أو كان عليه دين وعلم المعطي بالكسر أنه يعتق على
المعطي فإن لم يعلم وقبله المعطي بيع في دينه فإن لم يقبله لم يعتق عليه ولم يبع في دينه. قوله: (ولا يكمل الخ).
حاصله أن الشخص الكبير الرشيد إذا وهب له جزء من عبد يعتق عليه أو تصدق به عليه أو أوصى له
به فإن قبله قوم عليه باقيه وإن لم يقبله فلا يقوم عليه باقيه ويعتق ذلك الجزء على كل حال سواء علم
المعطي أنه يعتق عليه أم لا، قبله أو لم يقبله كما في بن. خلافا لما في عبق من التفصيل فيه وهو العتق مطلقا
إن علم المعطي، وكذا إن لم يعلم وقبله المعطي وعدم العتق إن لم يقبله وإن وهب ذلك الجزء لصغير
أو سفيه فإنه لا يقوم عليه باقيه قبله الصغير أو السفيه أو لا قبله وليه أو لا والجزء حر على كل حال أي
سواء علم المعطي أنه يعتق عليه أم لا، قبله الصغير والسفيه أو وليهما أو لم يقبلاه، هذا كله إذا لم يكن
عليه دين فإن كان عليه دين فيجري على ما مر من التفصيل إن علم المعطي بأنه يعتق على المعطي فلا يباع
ويعتق وإن لم يعلم وقبله المعطي بيع للدين وإن لم يقبله لم يعتق ولم يبع للدين. قوله: (أو لم يقبله)
لو حذف قوله أو لم يقبله كان أخصر لفهمه من قوله أو قبله ولي صغير بالأولى. قوله: (إذ لا يلزمه القبول الخ)
هذا ظاهر حيث لم يكن على المحجور دين أو كان عليه دين وكان بحيث لا يباع فيه الجزء
المعطي لكون المعطي عالما بأنه يعتق على المعطي وأما لو كان الدين بحيث يباع فيه الجزء المعطي
لكون المعطي لا يعلم بعتقه فإنه يلزم الولي قبوله لما فيه من المصلحة المالية لمحجوره من قضاء دينه أو
بعضه. قوله: (والجزء المعطي حر) أي والولاء للمعطي بالفتح. قوله: (لتقييد ما قبل المبالغة) أي
هذا إذا كان الملك بشراء أو إرث بل وإن كان بهبة أو صدقة أو وصية. قوله: (وعتق بالحكم) أي
وعتق العبد على السيد بالحكم إن تعمد الجناية عليه وقصدها لأجل شينه إذا كان ذلك السيد رشيدا
حرا مسلما أو ذميا لم يمثل بمثله وكان صحيحا غير زوجة أو كان مريضا أو زوجة وقيمة العبد الممثل
به ثلث مالهما ولا يتبع العبد ماله على أحد قولين في الشارح بهرام والذي اقتصر عليه الأقفهسي
أنه يتبعه. قوله: (ويدل على قصد المثلة) أي ويدل على أن السيد قصد بالجناية عليه المثلة.
367

قوله: (واحتر بالعمد) الأولى أن يقول واحترز بالعمد لشين عن الخطأ الخ. قوله: (أو مكاتبه) أي
ويرجع المكاتب على سيده بما يزيده أرش الجناية على الكتابة فإن زادت الكتابة على أرش الجناية
سقط الزائد لعتق المكاتب على سيده. قوله: (لا رقيق مكاتبه) أي إلا إن مثل برقيق رقيقه الذي لم ينتزع
ماله كعبد مكاتبه فلا يعتق عليه ولمه أرش جنايته إلا أن تكون مثلة مفيتة للمقصود من ذلك العبد
فيضمن قيمته ويعتق عليه. قوله: (أو لولد صغير) عطف على المضاف إليه من قوله أو رقيق رقيقه وصرح
مع المعطوف باللام المقدرة في المعطوف عليه لان الإضافة فيه على معنى اللام. قوله: (والولد الكبير الخ)
أي فإذا مثل الأب برقيق ولده الكبير أو مثل شخص برقيق أجنبي أو برقيق زوجته فلا يعتق عليه
ويغرم لصاحبه أرش الجناية إلا أن يبطل منافعه فيعتق عليه ويغرم لصاحبه يمته واعلم أن المثلة
ليست من خواص العتق فإذا مثل بزوجته كان لها الرفع للحاكم فتثبت ذلك ويطلق عليه فقد سبق
أن لها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره وما في عبق هنا ففيه نظر. قوله: (مثل بمثله) أي مثل
ذلك الذمي بمثله. قوله: (ومنطوقه) أي منطوق غير ذمي مثل بذمي ثلاث صور وهي ما إذا مثل
مسلم بمسلم أو بكافر أو مثل كافر بمسلم فيصدق على السيد في كل صورة منها أنه غير ذمي مثل بذمي
فيعتق العبد في هذه الصور الثلاث. قوله: (ومفهومه صورة واحدة) أي فلا يعتق فيها. قوله: (وكأنه قال الخ)
فيه أن منطوق هذا صورتان، وهما ما إذا مثل الرشيد الحر المسلم بمثله أو بكافر ولا يشمل
ما إذا مثل الرشيد الحر الكافر برقيقه المسلم، مع أن كلام المصنف صادق بالثلاث صور كما
علمت، فكان الأولى للشارح أن يقول وكأنه قال إن مثل الحر الرشيد المسلم برقيقه ولو كافرا
أو مثل الرشيد الحر الكافر برقيقه المسلم عتق عليه تأمل. قوله: (وكذا الذمي بذمي) أي وكذا
لا عتق على الذمي إذا مثل بعبده الذمي بخلاف ما إذا مثل بعبده المسلم واعلم أن المعاهد ليس
كالذمي في التفصيل المذكور بل إذا مثل بعبده سواء كان مسلما أو كافرا فإنه لا يعتق عليه لأنه
ليس ملتزما لاحكامنا فلا نتعرض له. قوله: (إذا كان متصفا بالصفات المتقدمة) أي بأن كان
رشيدا حرا غير ذمي مثل بذمي. قوله: (في محمل الثلث) أي في عبد يحمل الثلث قيمته بأن كان ذلك
العبد الممثل به قيمته قدر ثلث مالهما فأقل. قوله: (فيما زاد عليه) أي في عبد قيمته أزيد من الثلث.
قوله: (ويعتق عليهما) أي من ذلك العبد الممثل به الذي قيمته أزيد من الثلث ولم يجز الورثة أو الزوج
عتقه وحاصل كلام الشارح أن العبد الذي مثل به المريض أو الزوجة إذا كانت قيمته أزيد من
ثلث مالهما فإنه يعتق على المريض والزوجة من ذلك العبد محمل ثلث مالهما لا أزيد سواء كان محمل ثلث
المال من ذلك العبد ثلثه أو أقل من ثلثه إلا أن يجيز الورثة أو الزوج عتقه وإلا عتقه وظاهره أن
الزوج إذا لم يرض بعتقه بتمامه ليس له إلا رد ما زاد على الثلث فقط لتشوف الشارع للحرية، وليس
له رد الجميع كابتداء عتقها ورجح هذا القول بعض الأشياخ لكن الذي في ابن عرفة عن ابن القاسم
أن له ردا الجميع موجها له بأنه لما كان أزيد من ثلثها حمل تمثيلها به على أن قصدها إضرار الزوج فيكون
له رد الجميع انظر عبق. قوله: (لم يعتق عليه) أي ويباع في الدين. قوله: (فلغرمائه) أي إذا حكم الحاكم
بعتقه وقوله رده أي رد الحكم بعتقه وبيعه في الدين. قوله: (على مقتضى كلام أبي الحسن) أي حيث
قال إنه أي العبد الذي مثل به يورث بالرق قبل الحكم ويرد الحكم بعتقه الدين فظاهره كان الدين قبل
368

المثلة أو بعدها. قوله: (لأنه لا يخلف غالبا إلا بعضه وهو شين) كذا نسخة الشارح بخطه والأولى
كما في عبارة غيره لأنه لا يخلفه غالبا وهو شين لا بعضه أي فليس قلعه مثلة. قوله: (ولو قصد بذلك
استزادة الثمن) أي على المعتمد كما هو ظاهر إطلاق المدونة وابن أبي زمنين في المقرب والمنتخب وابن
أبي زيد في مختصره كذا قال ح ثم ذكر أنه يفهم من كلام اللخمي أنه إذا خصاه ليزيد ثمنه لا بقصد
التعذيب أنه لا يعتق عليه وإن كان ذلك لا يجوز بإجماع انظر بن. قوله: (فيعتق بالحكم) أي على المعتمد
خلافا لأشهب حيث قال إذا خصي عبده أوجبه فإنه يعتق عليه بغير حكم. قوله: (أي يردها بالمبرد)
أي حتى أزال منفعتها وقوله ويسمى أي المبرد. قوله: (وما ذكره في السن) أي من أن قلعها أو سحلها مثلة
يوجب الحكم بالعتق ومثله السنان هو الراجح أي وهو قول مالك في كتاب محمد. وقال أصبغ أنه
لا يوجب الحكم بالعتق هذا وظاهر الشارح أن الخلاف مصرح به في قلع السن وبردها وفيه نظر إذ لم
يذكر اللخمي وعياض وابن عرفة والتوضيح الخلاف إلا في قلع السن أو السنين ولم يتعرضوا
لذلك في السحل في الواحدة أو الاثنين انظر بن. قوله: (لكن المعتمد الخ) كذا قال الشارح تبعا
لعبق قال بن انظر من أين أتى له أنه المعتمد وقد اقتصر ابن الحاجب وابن عرفة على ما عند
المصنف ونص ابن عرفة ابن رشد روى ابن الماجشون حلق لحية العبد النبيل ورأس الأمة الرفيعة
مثلة لا في غيرهما ولم يذكرا مقابلا له ا ه‍ كلامه. قوله: (أو وسم وجه بنار) ظاهره سواء كان
كتابة أو كيا لأنه يشين وهو ظاهر ابن الحاجب أيضا واختاره شيخنا لكن اعترضه
في التوضيح بأن ظاهر النقل أن التفصيل بين الوجه وغيره إنما هو فيما كان كتابة ظاهرة وأما
ما كان مجرد علامة بالنار في الوجه أو غيره فليس بمثلة وهذا أيضا ظاهر نقل ابن عرفة عن اللخمي
اه‍ بن. وحاصله أن الوسم بالنار إذا كان مجرد علامة فلا يكون مثلة سواء كان في الوجه أو غيره
وأما إن كان كتابة ظاهرة أو كان غير كتابة وكان متفاحشا فإن كان في الوجه فهو مثلة اتفاقا وإن
كان في غيره فقولان ظاهر المصنف أنه غير مثلة ومذهب المدونة أنه مثلة وهو الراجح.
قوله: (لا غيره) أي ولا وسم غيره من الأعضاء بالنار. قوله: (وفي غيرها) أي وفي الوسم بغيرها.
قوله: (والراجح أنه مثلة) قال بن انظر من أين جاء هذا الترجيح وظاهر ابن الحاجب والتوضيح
وابن عرفة عن اللخمي أنهما قولان متساويان. قوله: (وإلا فلا) أي وألا يكن بالوجه بل كان
بغيره فليس بمثلة اتفاقا. قوله: (والقول للسيد في نفي العمد) أي وكذا القول قوله نفي قصد
الشين إذا اتفقا على العمد واختلفا في قصده لان الشأن أن الناس لا يقصدون المثلة بعبيدهم.
قوله: (وادعت العمد) أي وأرادت الطلاق عليه للضرر أو أرادت تأديبه. قوله: (بجامع الاذن)
أي في الأدب لكل منهما. قوله: (فلا يصدق) أي وحينئذ فيحكم عليه بعتق الرقيق وطلاق
الزوجة. قوله: (لان الأصل الخ) أي لان السيد مقر بالعتق والأصل فيه عدم المال.
قوله: (وعتق بالحكم الخ) ما ذكره من توقف العتق على الحكم إذا أعتق جزأ من عبد وكان الباقي له أو
لغيره هو المشهور من المذهب كما قال ابن رشد وقال اللخمي هو الصحيح من المذهب وقيل يكمل الباقي
369

من غير حكم وقيل إن كان الباقي لغيره فبالحكم وإلا فبدونه والأقوال الثلاثة لمالك وفي قول المصنف
جميعه مسامحة وذلك لان المتوقف على الحكم بقيته لا جميعها ه‍ بن. قوله: (والباقي له) جملة حالية من فاعل
عتق. قوله: (موسرا أو معسرا) أي والحال أنه لا دين عليه يستغرق الباقي منه وإلا فلا يعتق عليه الباقي
بالحكم. قوله: (فيعتبر يعتق عليه بالسراية) أي فيعتبر في السيد الذي يعتق عليه بالسراية ما يعتبر في
السيد الذي يعتق عليه بالمثلة من كونه رشيدا حرا مسلما أو ذميا لم يعتق جزأ من مثله وكونه صحيحا
غير زوجة أو مريضا أو زوجة وقيمة المعتق منه الجزء ثلث مالهما. قوله: (لم يكمل عليه) أي وإنما يكمل
عليه إذا كان كل من السيد والعبد مسلما أو كان السيد مسلما والعبد كافرا أو بالعكس. قوله: (في زائد
الثلث) أي فإذا أعتق كل منهما جز أو كان تكميل العتق يزيد على ثلث كل منهما فلا يكمل. قوله: (فأعتق
أحد الشركاء نصيبه) أي أو أعتق بعضا من نصيبه وصار الباقي بلا عتق له ولغيره كعبد بين اثنين
مناصفة فيعتق أحدهما ربعه فيكمل عليه بالحكم ربعه الباقي من نصيبه ونصف شريكه. قوله: (إن
دفع القيمة يومه) أي حالة كونها معتبرة يومه. قوله: (لا يوم العتق) أي لحصته. قوله: (أنه لا يشترط الدفع
بالفعل) أي وإنما الشرط دفعها بالقوة بأن يكون موسرا بها ولا يقال إن قول المصنف إن دفع القيمة
معناه إن أيسر بها دفعها بالفعل أم لا لأنه يصير قوله الآتي وأيسر بها مكررا مع ما هنا ولو حذف
المصنف قوله إن دفع وقال بالقيمة يومه إن كان المعتق مسلما الخ كان أولى لمروره على ما هو
الأظهر من عدم اشتراط دفع القيمة الفعل. قوله: (وإن كان السيد المعتق للجزء مسلما) سواء كان
العبد مسلما أو كافرا وكذلك الشريك. قوله: (إلا أن يرضى الشريكان بحكمنا) فإن رضيا به نظر فإن أبان
المعتق العبد أي أبعده عنه ولم يؤوه عنده حكم بالتقويم كما في عتق الكافر عبده الكافر ابتداء وإن لم
يبنه فلا يحكم بتقويمه عليه وليس المراد أن الشريكين إذا رضيا بحكمنا فإنه يحكم بالتقويم مطلقا كما
هو ظاهر الشارح. قوله: (وإن أيسر بها) لا يقال هذا يغني عنه قوله إن دفع القيمة بناء على ما هو ظاهره
من اعتبار الدفع بالفعل شرطا لان دفعه لها يستلزم يساره بها لأنا نقول الاستلزام ممنوع إذ قد يدفعها
من مال غيره لكونه غير موسر بها، فإن كان معسرا بها فلا يكمل عليه ويعرف عسره بأن لا يكون له مال
ظاهر ويسئل عنه جيرانه ومن يعرفه، فإن لم يعلموا له ما لا حلف ولم يسجن قاله عبد الملك وسحنون
وقاله جميع أصحابنا إلا اليمين فلا يستحلف انظر بن. قوله: (أو ببعضها) أي وإن أيسر ببعض
القيمة فمقابلها أي فمقابل قيمة البعض التي أيسر بها تعتق عليه وهذا أي قوله أو ببعضها فمقابلها
كلام مستأنف مذكور في خلال الشروط، ولو قرنه بأن وأسقطها من جميع المعطوفات كان أخصر
وأبين. قوله: (ما أعسر به) أي البعض الذي أعسر بقيمته. قوله: (تفسير لما قبله) أي وهو قوله إن
أيسر بها. قوله: (ويدل على هذا) أي على كون المصنف قصد به تفسير ما قبله ولم يجعله شرطا مستقلا.
قوله: (وإن حصل عتقه) أي الجزء وقوله باختياره أي باختيار المعتق. قوله: (ولو مليئا) أي ولو كان
ذلك الذي دخل الجزء في ملكه بالميراث مليئا. قوله: (خمسة) أي بإسقاط قوله وفضلت عن متروك
المفلس لما علمت أنه تفسير لما قبله وليس شرطا مستقلا بل الشروط أربعة على ما حققه ابن مرزوق
370

من أن الدافع بالفعل لا يشترط والمدار على يسره بها دفعت بالفعل أولا. قوله: (ولو أعتق الأول
فالثاني) أي لو أعتق كل منهما نصيبه وكان العتق مرتبا وكان كل منهما موسرا وأما لو كان الأول
معسرا فإنه لا يقوم حصة الثالث لا على الأول لعدم يسره ولا على الثاني ولو موسرا لأنه لم يبتدئ
العتق. قوله: (نصيب الثالث على الأول) أي جبرا عليه. قوله: (ولو طلب الأول التقويم على نفسه)
هذا مبالغة في تقويمه على الثاني إذا رضي بذلك. قوله: (ولا مقال له) أي لأنه لا حق للأول في الاكمال
وإنما الحق في الاستكمال للعبد وقوله نص عليه المصنف أي في توضيحه. قوله: (يقوم الجميع) أي جميع
نصيب الثالث. قوله: (وعجل في ثلث مريض الخ) حاصله أن المريض إذا أعتق جزءا من عبد وباقيه له
أو لغيره فمن المعلوم أن تبرع المريض إنما ينفذ من ثلثه فإن كان ماله مأمونا وثلثه يحمل العبد المذكور
عجل عتق العبد من الآن وقوم عليه حصة شريكه وإن كان لا يحمل إلا بعضه عجل عتق ذلك البعض
كان قدر الجزء الذي أعتقه أو أقل أو أكثر ووقف باقيه، فإن صح المريض أو مات وظهر له مال يحمل
ذلك الباقي عتق ذلك الباقي وإلا فلا وإن كان مال المريض غير مأمون لم يعجل عتق الجزء الذي
أعتقه بل يؤخر مع التقويم لموته، فإن حمل الثلث العبد بتمامه عتق كله وإلا عتق محمله ورق الباقي.
قوله: (ويقوم عليه الباقي) أي يقوم عليه حالا قبل موته ليخرج حرا من الآن. قوله: (أي إن شرط تعجيل
العتق) أي مع التقويم بالنسبة للصورة الأولى أو وحده بالنسبة للصورة الثانية. قوله: (لم يعجل عتق
الجزء الذي أعتقه) أي من العبد الذي يملك بعضه أو يملك جميعه. قوله: (فإن حمله الثلث) أي فإن حمل الثلث
كل العبد عتق وقوله وإلا عتق منه أي من العبد محمله أي محمل الثلث سواء كان محمل الثلث قدر الجزء الذي
أعتقه فقط أو أكثر أو أقل. قوله: (ولم يقوم على ميت الخ) حاصله أن من أعتق في حال صحته أو مرضه
شقصا له في عبد وباقيه لغيره ولم يطلع على ذلك إلا بعد موته ولم يوص بتقويم باقي ماله فإنه لا
يقوم عليه حينئذ لأنه بمجرد الموت انتقلت التركة للورثة فصار كمن أعتق جزء أو لا مال له والمعسر
لا يقوم عليه هكذا صوره المواق وصوره ابن مرزوق بما إذا أوصى بعتق شخص له في عبد وباقيه لغيره
أوله ولم يوص بتقويم باقي العبد في ماله فإنه لا يقوم عليه باقيه والجزء الذي أوصى بعتقه ينفذ من
الثلث. قوله: (لأنه بموته) علة لقول المصنف ولم يقوم على ميت لم يوص. قوله:
(فلو أوصى بالتقويم) أي فلو أوصى بتكميل ما أعتقه في صحته أو مرضه ولم يطلع عليه إلا بعد موته فيهما كمل عليه من الثلث فقط.
قوله: (وأما لو اطلع عليه قبل الموت) أي بأن أعتق في حال مرضه أو في حال صحته واطلع على ذلك في
مرضه قبل موته وهذا مفهوم قوله ولم يطلع الخ. وحاصل فقه المسألة أنه لو أعتق جزأ في حال صحته
واطلع على ذلك في مرضه فإنه يمضي ما أعتقه من الجزء حالا من رأس المال ويكمل عليه عتق الباقي
حالا من الثلث إن كان المال مأمونا وإلا أخر تقويم باقي العبد لبعد الموت فيعتق من ذلك محمل الثلث
سواء كان الباقي أو بعضه، ولو أعتق جزأ في حال مرضه قبل موته فإنه يعجل عتق ذلك الجزء الذي
أعتقه في المرض من ثلثه وكذلك يعجل تقويم الباقي الآن عليه من ثلثه إن كان ماله مأمونا وإلا
أخر عتق الجزء وتقويم الباقي من العبد لبعد الموت فيعتق منه محمل الثلث. فقول الشارح
371

فهو ما قبله أي في الجملة يعني بالنظر لما إذا أعتق في المرض واطلع عليه في المرض قبل موته، وأما حكم
ما إذا أعتق في صحته واطلع على ذلك في مرضه فهو مغاير لما تقدم كما علمت وفي قول الشارح، وأما لو
اطلع عليه قبل الموت فهو ما قبله إشارة لجواب اعتراض وارد على المصنف وحاصله أن بين مفهوم
قول أمن وبين منطوق قوله ولم يقوم على ميت نوع تخالف إذ مفاد الأول التقويم بعد الموت وإن لم
يوص ومفاد الثاني خلافه. وحاصل الجواب أن الأول فيما إذا اطلع عليه قبل الموت والثاني فيما إذا
اطلع عليه بعد الموت كما قرر الشارح وحينئذ فلا مخالفة. قوله: (وقوم كاملا) أي على أنه رقيق لا عتق
فيه وما ذكره المصنف من أن المعتق بعضه يقوم على المعتق كاملا مطلقا أي سواء أعتق بعضه بإذن
شريكه أم لا هو الذي عليه اتفاق الأصحاب وهو المشهور من المذهب وقيل يقوم عليه نصفه مثلا على
أن النصف الآخر حر وهو قول أحمد بن خالد وفصل بعضهم فقال إن أعتق بإذن شريكه فكقول
أحمد وإن أعتق بغير إذنه فكالمشهور. قال ابن عبد السلام وينبغي على القول الأول أن يكون للشريك
الرجوع على المعتق بقيمة عيب نقص المعتق إذا منع الاعسار من التقويم عليه نقله في التوضيح ا ه‍ بن،
ثم إن محل تقويمه كاملا إن اشترياه معا ولم يبعض الثاني حصته بالعتق، فإن اشترياه في صفقتين بأن
اشترى كل واحد حصته مفردة لم يقوم كاملا بل تقوم حصته الشريك على انفرادها وكذا لو أعتق
الشريك بعض حصته بعد عتق الأول جميع حصته أو بعضها فإنه يقوم على الأول ما بقي من حصة
الثاني فقط ولا يقوم كاملا. قوله: (بماله) أي لأنه بعتق بعضه يمنع انتزاع ماله لأنه تبع له فلذا وجب
تقويمه مع ماله ولا يقوم بغيره إن لم يلتزم المعتق حصة شريكه من ماله ويعتبر من ماله يوم تقويمه على المعتق
الكائن في محل العتق، فإذا كان له حين التقويم مال موجود بمصر ومال بمكة اعتبر المال الموجود في
محل العتق فيقوم معه دون غيره. قوله: (ضررا على الشريك) أي بكساد حصته بتقويمها مفردة لان قيمة
نصف العبد أقل من نصف قيمته لقلة الرغبة في شراء الحصة وكثرة الرغبة في شراء الكامل.
قوله: (ونقض الخ) علة النقض ما فيه من الغرر لان التقويم قد وجب فيه قبل البيع فدخل المشتري على حالة
مجهولة ومفهوم قوله بيع أن الصدقة والهبة لا ينقضان ويقوم على المعتق ويكون الثمن للمعطي بالفتح
إلا أن يحلف الواهب أنه ما وهب لتكون للموهوب له القيمة، فإن حلف كان أحق بها كذا قالوا هنا
ا ه‍ عبق. قوله: (ولو تعددت البياعات) لا يقال البيع من مفوتات البيع الفاسد لأنا نقول لا يكون
البيع مفوتا إلا إذا كان صحيحا وهنا لا يكون إلا فاسدا للغرر كما علمت. قوله: (سواء علم الشريك) أي
الذي قد باع بالعتق قبل بيعه أم لا. قوله: (إلا أن يعتقه المشتري) أي أو يفوت بيده بمفوت من
مفوتات البيع الفاسد كنقص في سوق أو بدن أو زيادة مال أو حدوث ولد له من أمته فإذا حصل
في العبد مفوت مما ذكر فلا ينقض البيع في الجزء ويلزم المشتري بقيمته يوم قبضه ثم يدفع المعتق القيمة
له ليكمل عليه عتق جميعه. قوله: (ويقوم قنا في الثلاثة على المعتق الموسر بتلا) أي على المعتق الذي أعتق
في الحال ويكون لسيده حصته من القيمة لأنه لما نقض عتقه وما بعده فكأنه لم يحصل منه ذلك.
قوله: (ما لم يرض الآخر) أي وهو الشريك المعتق بانتقاله. قوله: (فليس له رجوع إليه) أي على المعتمد.
قوله: (إلا برضا صاحبه) أي وهو الشريك المعتق. قوله: (لم يكن له اختيار التقويم ثانيا بلا خلاف) أي ما لم
يرض به صاحبه وإلا كان له اختياره. قوله: (وفي نسخة ببيعه) أي وعليها فالمعنى وإذا حكم الحاكم ببيع
372

الشريك حصته لغير المعتق لعسر المعتق مضي ولا ينقض الحكم بيسر المعتق بعد الحكم ولو لم يبع بالفعل.
قوله: (كقبله) تشبيه في عدم التقويم على المعتق وحاصله أن المعتق إذا أعسر بقيمة حصة شريكه يوم
العتق لم يقومها الشرع عليه لعسره ثم حصل له يسار بعد ذلك فإنها لا تقوم عليه بشرطين إن كان
المعتق لحصته بين العسر يوم العتق وكان العبد حاضرا إذا علمت ذلك تعلم أن قول المصنف كقبله
الأولى أن يقول كنفيه أي كنفي الحكم أي أنه إذا انتفى الحكم رأسا وكان معسرا وقت العتق ثم
أيسر فلا تقويم إن كان بين العسر وحضر العبد. قوله: (وكان العبد حاضرا حين العتق) أي حين
عتق العتق لنصيبه والقيام عليه. قوله: (لاحتمال أن يكون هذا اليسر الذي ظهر) أي حين القيام
عليه وقوله هو الذي كان حين العتق الأولى أن يحذف قوله الذي بأن يقول لاحتمال أن يكون هذا
اليسر الذي ظهر كان موجودا حين العتق وأخفاه لأنه ليس ثم يسر معهود حين العتق وإنما يحتمل
أنه كان موجودا وأخفاه تأمل. قوله: (بخلاف الغائب) أي غيبة بعيدة فإنه يتعذر تقويمه لأنه
لا بد من نقد قيمته على ما مر للمصنف والنقد في الغائب لا يجوز سواء علم بموضعه وصفته أو كان
مفقودا. قوله: (ومثل حضوره) أي حين العتق أي في كونه يمنع من التقويم إذا حصل اليسار
بعد العتق ما إذا كان غائبا حين العتق غيبة يجوز فيها اشتراط النقد لقربها. وقوله قال ابن القاسم الخ
الأولى حذفه لان كلام ابن القاسم في حال اليسر بدليل قوله لزم تقويمه ولو حمل على العسر كما هو
موضوع كلام المصنف لم يناسب قوله لزم تقويمه بل حقه لزم عدم تقويمه إلا أن يقال كلام ابن القاسم
أفاد أن قرب الغيبة مع اليسر كالحضور في لزوم التقويم فيؤخذ منه أن قرب الغبة مع العسر
كالحضور في منع التقويم تأمل. قوله: (واستمر إعساره) أي فلم يحصل له يسار أصلا بعد العتق.
قوله: (أو حكما) أي بأن كان غائبا قريبة يجوز فيها اشتراط النقد. قوله: (وإلا قوم عليه) أي وإلا يكن
حاضرا حقيقة أو حكما بأن كان غائبا حين العتق غيبة بعيدة قوم عليه بعد حضوره. قوله: (من شهادة)
أي من رد شهادة. قوله: (وغيرها) أي كعدم صحة إمامته في الجمعة. قوله: (فلا يجوز) أي فإن وطئها
لم يحد كما في المدونة في كتاب القذف ونصها فإذا أعتق أحد الشريكين في الأمة حصته وهو ملئ ثم
وطئها المتمسك بالرق التقويم لم يحد لان حصته في ضمانه قبل التقويم. قوله: (فما له لمالك بعضه)
أي ولا يكون منه شئ للمعتق ولا لورثته كما في المدونة قال ابن عرفة فيها وإذا أعتق أحد الشريكين
وهو موسر فلم يقوم عليه حتى مات العبد على مال فالمال للمتمسك بالرق دون المعتق لأنه يحكم
عليه بحكم الأرقاء حتى يعتق جميعه ا ه‍ بن. قوله: (أي لا يلزمه أن يسعى الخ) أي وكذا إن طلب
العبد السعي لا يلزم السيد إجابته لذلك وكلام المصنف محتمل للوجهين الوجه الذي قاله الشارح
والوجه الذي قلناه، وذلك لان الاستسعاء فاعل على كلا الوجهين والمفعول على الأول العبد وعلى
الثاني السيد فالمعنى على الأول لا يلزم العبد استسعاؤه وعلى الثاني لا يلزم السيد استسعاء العبد أي
373

الإجابة لاستسعائه وإنما لم يلزم العبد السعاية في مسألة المصنف عند طلب السيد ولزمه المال إذا أيسر
والاتباع به إن أعسر في قوله أنت حر على أن عليك ألفا أو وعليك ألف فإنه يلزم العتق والمال كما يأتي
للمصنف لان العتق في هذه ناجز بخلاف ما هنا فإنه لا يعتق ناجزا قبل السعي. قوله: (ولا يلزم من أعتق
حصته) أي وكان معسرا. قوله: (وكذا لا يلزم شريكه) أي قبول مال الغير ليعتق به العبد. قوله: (ولا
العبد) أي لا يلزمه قبول مال الغير ولو صدقة ليعتق به نفسه. قوله: (ولا يلزم تخليد القيمة) أي لا يلزم
الشريك المعتق أن يخلد قيمة نصيب شريكه الذي لم يعتق في ذمته لأجل معلوم حالة كون التخليد برضا
شريكه الذي لم يعتق وحاصله أن الشريك الذي أعتق حصته من العبد إذا كان معسرا فإنه لا يلزمه أن
يخلد قيمة نصيب شريكه في ذمته لأجل معلوم برضا شريكه باتباع ذمته لان من شرط وجوب
التقويم أن يكون المعتق موسرا كما مر. قوله: (قوم عليه) أي ذلك العبد من الآن. قوله: (إذ القصد
تساوي الحصتين) أي في العتق في وقت واحد فلا يعجل عتق نصيب المعتق الآن لأنه خلاف الواقع
ولا نصيب شريكه لأنه تابع وظاهر المصنف كظاهر المدونة أنه يقوم عليه الآن ولو بعد الاجل
ونصها على ما في بن، فإن أعتق أحد الشريكين حظه لأجل قوم عليه الآن ولم يعتق حتى يحل
الاجل ا ه‍. وفي تت وروى أصبغ عن ابن القاسم أن بعد الاجل أخر التقويم لانتهائه قال عبق
وانظر هل هو وفاق فيقيد به ظاهر المدونة والمصنف أم لا. قوله: (إلا أن يبت) بكسر الباء وضمها من
باب ضرب وقتل. قوله: (فنصيب الأول على حاله) أي باق على حاله من كونه لا يعتق إلا عند أجله
ولا يقوم على الثاني الذي عجل عتق حصة نصيب الأول لأجل أن تتساوى الحصتان في العتق في وقت
واحد. قوله: (بطل أجل الثاني عند أجل الأول الخ) أي أنه يمهل للأجل الأول فإذا جاء الاجل
الأول قومت حصة شريكه المعتق لأجل أبعد على المعتق الأول قال بن بل الظاهر أنه يبطل
تأجيله الآن ويقوم عليه من الآن ليعتق عند أجله كما قال المصنف. قوله: (وإن دبر حصته)
أي بإذن شريكه أو بغير إذنه تقاوياه أي ولا يقوم على من دبر نصيب شريكه ليكمل عليه تدبيره
وليس لشريكه الرضا بذلك التدبير والتمسك بحظه بل لا بد من المقاواة وهذا القول هو المشهور كما
في التوضيح. ورواه ابن حبيب عن الأخوين ورواه أيضا محمد عن أشهب عن مالك. قال في التوضيح
وروي عن مالك أيضا أنه يقوم على المدبر ليكون مدبرا كله تنزيلا للتدبير منزلة العتق وكل من
القولين في المدونة في كتاب التدبير وفيها أيضا في العتق الأول إن دب بإذن شريكه جاز وبغير إذنه
قوم عليه نصيب شريكه ولزمه تدبير جميعه ولا يتقاوياه انظر بن. قوله: (تقاوياه) أي تزايدا فيه
حتى يقف على حد يلتزمه أحدهما به والتقاوي مأخوذ من القوة لان كل واحد من الشريكين يظهر
قوته. قوله: (ولا يقوم على من دبر) أي نصيب شريكه ليكمل عليه. قوله: (معناه) أي التقاوي. قوله: (أتسلمه
لصاحبك) أي المتمسك بالرقية. قوله: (حتى يقف على حد) أي يلتزمه أحدهما به. قوله: (ليرق
كله) أي إن وقف على الشريك الذي لم يدبر وقوله أو يدبر كله أي إذا وقف على من دبر ثم إنه إذا
وقف على الشريك الذي لم يدبر وبقي كله رقيقا جاز لمدبره أخذ ثمن حصته ويفعل به
ما شاء. قوله: (وهذا ضعيف) أي لقول المدونة في كتاب العتق الأول إن دبر بإذن شريكه جاز وبغير
إذنه قوم عليه نصيب شريكه ولزمه تدبير جميعه ولا يتقاوياه وكانت المقاواة عند مالك ضعيفة
ولكنها شئ ذكر في كتبه ا ه‍. وإنما كانت ضعيفة لان فيها نقض التدبير إذا وقف على الذي لم يدبر
وكذا في طفي فقد اقتصر على هذا القول في النسبة للمدونة وأما بن فقد نسب الأقوال
374

الثلاثة لها وحكي عن التوضيح تشهير القول بالمقاواة ولذا اقتصر المصنف عليه هنا. قوله: (والراجح
أن المدبر الموسر الخ) أي وأما لو دبر أحد الشريكين حصته وهو معسر خير شريكه إن شاء أمضى
صنيعه وإن شاء رد تدبيره وهذا قول ابن الماجشون وسحنون وذكره بهرام وذكر أقوالا أخر
لكنه صدر بهذا القول. قوله: (فيسري العتق) أي لذلك الاجل في جميع العبد وكان الأولى أن يعبر
بباقيه بدل الجميع لان سريان التدبير والعتق لأجل إنما هو لباقيه. قوله: (وادعى أن شريكه يعلم ذلك)
هكذا فرض المسألة في التوضيح وكذا هي في الجواهر ولم يفرضها ابن عرفة كذلك بل ظاهره
كظاهر المصنف سواء ادعى علم شريكه بالعيب أم لا ونصه الباجي لو ادعى المعتق عيبا بالعبد
وأنكره شريكه، ففي وجوب حلفه قولان الأول ثاني قولي ابن القاسم مع أصبغ وابن حبيب والثاني
أول قوليه اه‍ بن. قوله: (ولم يصدقه) أي في العلم بعيبه بأن أنكر علمه بالعيب. قوله: (فله استحلافه)
أي على المعتمد وقيل ليس له تحليفه ولا يحلف ذلك المدعي أيضا ويقوم العبد سليما. قوله: (في عتق عبد)
أي في عتق جزء من عبد مشترك الخ. قوله: (قوم في مال السيد الأعلى) أي فلو قال ذلك السيد قوموه في
مال العبد المعتق بالكسر فإنه لا يجاب لذلك إذا خص التقويم بمال العبد المعتق بحيث لا يكمل من عنده
إذ احتيج لتكميل وأما إذا قال قوموه في مال العبد المعتق وكان ماله يفي بالقيمة أو لا يفي وكمل السيد
من ماله فإنه يجاب لذلك لان قوله قوموه بمال العبد انتزاع له انظر بن. قوله: (وإن احتيج لبيع
العبد المعتق بيع ليوفي منه قيمة شريكه) أي قيمة الجزء الذي لشريكه ويجوز للعتيق شراؤه إذا
بيع وهذه المسألة كثيرا ما تقع في المعاياة فيقال في أي موضع يباع السيد في عتق عبده وفي هذا
المعنى قال بعضهم:
يحق لجفن العين إرسال دمعه على سيد قد بيع في عتق عبده
وما ذنبه حتى يباع ويشترى وقد بلغ المملوك غاية قصده
ويملكه بالبيع إن شاء فاعلمن كذا حكموا والعقل قاض برده
فهذا دليل أنه ليس مدركا لحسن ولا قبح فقف عند حده
قوله: (لان عبده من جملة ماله) أي ولا فرق بينه وبين غيره. تنبيه: مفهوم المصنف أنه إذا لم يعلم
السيد حتى عتق العبد الذي أعتق الجزء فإن كان ذلك السيد لم يستثن مال ذلك العبد الذي أعتق الجزء
نفذ عتق العبد للجزء وكان الولاء للعبد دون السيد وإن كان ذلك السيد استثنى ماله بطل عتق العبد
للجزء. قوله: (وإن أعتق شخص أول ولد الخ) حاصله أنه إذا قال لامته أول ولد تلدينه من غيري فهو
حر فولدت من غيره أولادا مترتبين في بطن أو بطون فإن أول ولد منهم يكون حرا ولو نزل ميتا ولا
يعتق الثاني ولو مات الأول حال نزوله من بطنها. قوله: (فولدت ولدين) أي أحدهما بعد الآخر سواء
كانا في بطنين أو بطن. قوله: (ولو مات الأول) أي ولو نزل أول التوأمين ميتا ورد بلو قول ابن شهاب
الزهري وهو من أشياخ مالك وخلافه خارج المذهب وإنما أشار لرده بلو لأنه مذكور في المدونة
والقاعدة أنه لا يذكر في المدونة إلا ما له أصل في المذهب. وقد قال ابن حبيب قد ارتضاه غير واحد من
أشياخ المذهب ا ه‍ بن. قوله: (ولا يصح عوده للثاني) أي وإن كان أقرب مذكور لان المعنى يأبى ذلك
إذ لا يتوهم عتق الثاني إذا نزل ميتا حتى يبالغ عليه. قوله: (عتقا معا) أي لوصف كل منهما بالأولية.
قوله: (كما إذا لم يعلم الأول) أي كما إذا ترتبا ولم يعلم الأول. قوله: (وإن أعتق جنينا الخ) حاصله أن صور
375

هذه المسألة ثمانية لان تلك الأمة التي أعتق سيدها جنينها أو دبره، إما أن يكون لها زوج مسترسل عليها
أولا وفي كل، إما أن تكون ظاهرة الحمل حين العتق أو التدبير أو لا، وفي كل إما أن تلد الأمة ذلك الولد
لأقل أمد الحمل أو لأكثره، فإن كانت ظاهرة الحمل فيلزمه العتق أو التدبير فيما تلده بمجرد الولادة
مطلقا أي سواء كان لها زوج مرسل عليها أم لا، ولدته لأقل الحمل أو لأكثره، وكذا إذا كانت خفية
الحمل وليس لها زوج مرسل عليها بأن مات أو كان غائبا فإنه يلزمه العتق أو التدبير فيما تلد بمجرد
الولادة ولو لأقصى أمد الحمل وأما إن كانت خفية الحمل ولها زوج مرسل عليها فلا يلزم العتق أو
التدبير إلا فيما تلده لأقل من أقل أمد الحمل، وهذه الصورة هي التي استثناها المصنف والاستثناء في
كلامه متصل لان ما قبل إلا لا يقيد بظاهرة الحمل وما بعدها يجب أن يقيد بخفيته. قوله: (في بطن
أمته) أي التي ليست بفراشه بأن كانت متزوجة بأجنبي أو بعبده أو اشتراها حاملا من زنا أو زنت
عنده. قوله: (ظاهرة الحمل أم لا) لكن إن كانت ظاهر الحمل حين العتق أو التدبير فلا فرق بين أن يكون
لها زوج مرسل عليها أم لا وإن كانت خفية الحمل فتقيد بما إذا لم يكن لها زوج مرسل عليها كما علمت.
قوله: (ولا يتحقق وجوده حال قوله المذكور الخ) من هذا يعلم أنه إذا مات شخص وولدت أمه بعد
موته من غير أبيه ولدا فهو أخوه لامه فإن وضعته لستة أشهر من موته أو أكثر أو أقل من الستة
بخمسة أيام لم يرثه إن لم يكن الحمل به ظاهرا حين موته وإلا ورث كما لو وضعته لأقل من ستة أشهر
بستة أيام لتحقق وجوده حال حياة أخيه في هاتين الحالتين دون الأولى. قوله: (وبيعت إن سبق العتق)
حاصله أنه إذا أعتق ما في بطن أمته من غيره في حال صحته وعليه دين وقام عليه غرماؤه فإما أن يقوموا
عليه قبل وضعها أو بعده، فإن قاموا عليه قبل الوضع بيعت الأمة بجنينها إذا لم يكن له مال غيرها
مطلقا سواء كان الدين سابقا على العتق أو كان العتق سابقا على الدين والجنين رقيق في الحالتين
وسواء كان ثمنها وحدها يفي بالدن أم لا، وإن قاموا عليه بعد الوضع فإن كان العتق سابقا
على الدين بيعت الأم وحدها وولدها حر سواء وفى ثمنها وحدها بالدين أم لا لكن الولد
لا يفارقها، وإن كان الدين سابقا على العتق بيع الولد معها في الدين إن لم يوف ثمنها
بالدين فإن وفى به ثمنها وحدها بيعت وحدها والولد حر. قوله: (حيث بيعت الخ) أي فمتى قام عليه
الغرماء وبيعت قبل وضعها رق جنينها وبيع معها مطلقا سواء كان ثمنها وحدها يفي بالدين أم لا
سواء كان العتق سابقا على الدين أو كان الدين سابقا على العتق. قوله: (بيعت وحدها والولد حر من
رأس المال) أي يعتق من رأس المال سواء كان ثمنها يفي بالدين أم لا. قوله: (ولو ولدته بعد موته) أي
هذا إذا ولدته قبل موت السيد في حال صحته أو مرضه بل ولو ولدته بعد موته. قوله: (ولا يستثنى
ببيع) أي لا يصح استثناء الجنين ببيع أو عتق فإذا باع حاملا أو أعتقها واستثنى جنينها كان الاستثناء
باطلا لا يعتد به ويكون الجنين معها للمشتري في البيع ويكون حرا معها في العتق هذا هو
المراد وليس المراد بطلان البيع والعتق كما يوهمه كلام الشارح. قوله: (بخلاف الوصية الخ) أي فإذا
376

أوصى بأمة لإنسان وهي حامل أو وهبها له أو تصدق بها عليه فيصح استثناء جنينها. قوله: (فإن أعتقها
المعطي) أي في الصور الثلاث. قوله: (وهي من مسائل المعاياة) أي بأن يقال امرأة حرة حاملة برقيق.
قوله: (لم يتم البيع) أي فيرد ولا يعتق على الولي ولا على المحجور وسواء كان الولي عالما بأنه يعتق على
المحجور أم لا فالولي ليس كالوكيل على شراء عبد ما وبعضهم أجرى الولي على الوكيل وحينئذ فيعتق
على المحجور إذا لم يعلم الولي بالقرابة أم علم بها وجهل لزوم العتق فإن علم الولي أنه يعتق على المحجور عتق
على الولي ومثل الوكيل على الشراء في هذا التفصيل عامل القراض والزوج كما مر. قوله: (من يعتق على
سيده) أي لو ملكه. قوله: (فإن اشتراه لم يعتق عليه) أي على سيده ولا على العبد أيضا وسواء علم العبد بقرابة
ذلك العبد الذي اشتراه لسيده وبعتقه عليه أم لا وسواء كان على العبد دين أم لا. قوله: (إلا أن
يجيزه) أي إلا أن يجيز سيده شراءه لذلك العبد فإنه يعتق على سيده. قوله: (أنه إن أذن له في شرائه بعينه
عتق على سيده) أي من غير تفصيل وقوله كالوكيل أي على شراء عبد بعينه. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا
بأن اشتراه عالما بعتقه على سيده كان على ذلك العبد دين محيط بماله أم لا أو اشتراه غير عالم بعتقه على
سيده وكان عليه دين محيط فلا يعتق على السيد في هذه الأحوال الثلاثة ولا على العبد أيضا. قوله: (عالما)
أي وأما إن كان غير عالم فإن كان ليس على المأذون دين محيط عتق على السيد وإلا لم يعتق عليه. قوله: (كالذي
قبله) أي وهو قوله وإن كان الاذن له في التجارة فيجري فيه تفصيله من أنه إذا اشتراه غير
عالم بالعتق على السيد وليس على المأذون دين محيط بماله عتق على سيده وإلا فإن كان عالما بعتقه على
سيده أو غير عالم، لكن عليه دين محيط فلا يعتق على السيد إلا إن أجازه. قوله: (فلا شئ عليه إن استثنى
ماله وإلا غرمه) ما ذكره من لزوم البيع وعدم غرم المشتري للثمن مرة ثانية إن استثنى مال العبد وغرمه
ثانيا إن لم يستثنه محله إذا كان الثمن عينا أو عرضا موصوفا وأما إن كان عرضا معينا ولم يستثن المشتري
مال العبد فلسيد العبد أن يرجع في عين عبده إن كان قائما فإن فات فعلى المشتري قيمته وذلك لان
المشتري قد اشترى سلعة بسلعة فاستحقت السلعة التي دفعها للسيد فله أن يرجع في عين عبده إن كان
قائما وبقيمته إن فات، وهذه من أفراد قول المصنف سابقا وفي عرض بعرض بما خرج من
يده أو قيمته أي ورجع في استحقاق عرض بيع بعرض بما خرج من يده أو قيمته. قوله: (بمال
السيد) أي الذي دفعه العبد له ليشتريه به من سيده. قوله: (لا يتبعه ماله في البيع) أي بل يبقى لسيده
الذي باعه. قوله: (بخلاف العتق) أي فإنه يتبعه ويكون له دون سيده. قوله: (إن لم يوجد عند
المشتري) لا مفهوم له بل وكذا لو وجد الثمن معه لان العبد صار مملوكا له وللمالك أن يتصرف في ملكه
بما أراد. قوله: (فإن لم يوف الخ) أي وأما إن تساوى الثمنان فالامر ظاهر وإن وفى بعض ثمنه الآن
بثمنه الأول بقي الباقي ملكا للمأمور بالشراء. قوله: (لان هذا شئ لا يتوهم) وذلك لان الموضوع
377

أنه قال له اشترني لنفسك فاشتراه كذلك فهو ملك له وحينئذ فلا يتوهم أنه يرجع عليه بما دفعه فيه من
الثمن حتى يحتاج للنص على نفيه. قوله: (إذ العبد ملك لمشتريه) أي ولذا احتاج الشارح إلى حمل قوله ولا
رجوع له والولاء له على ما إذا أعتقه بعد ذلك. قوله: (وقد تم عتقه بمجرد الشراء) هذا ضعيف وسيأتي أن
المعتمد أن عتقه يتوقف على تجديد العتق بعد الشراء. قوله: (يرجع للصورتين) هذا ظاهر في الأولى وأما
في الثانية فلا يظهر إلا على القول المعتمد من أنه لا يكون حرا بمجرد الشراء بل يتوقف على إنشاء العتق
ثم إنه إذا بيع وفضل عن الثمن الأول قدر كان للمشتري في مسألة اشترني لنفسك وعتق منه ما زاد على
الثمن في مسألة اشترني لتعتقني. قوله: (وولاؤه لبائعه) أي لا للمشتري. قوله: (وكيل عن العبد الخ) أي
فهو لم يشتر لنفسه بل لغيره وهو العبد والعبد لا يستقر ملكه على نفسه فلذا كان الولاء للبائع. قوله: (فيما
يصح مباشرته له) أي لان العبد يجوز له أن يشتري نفسه من سيده فيجوز له أن يوكل على ذلك فاندفع
ما يقال هذه وكالة من العبد وتوكيله باطل فبطل الشراء من أصله. وحاصل ما أشار له الشارح من
الجواب أن توكيل العبد ليس باطلا مطلقا بل هو صحيح فيما تصح مباشرته فيه كما هنا. قوله: (أي بتل
عتقهم) أي نجز عتقهم في الحال. قوله: (وأوصى بعتقهم) بأن قال أوصيت بعتق عبيدي سواء سماهم أي
عينهم بأسمائهم بأن قال فلان وفلان أو لم يسمهم ورد المصنف بلو قول سحنون إذا سماهم ولم يحملهم
الثلث فإنه يعتق من كل واحد جزء بقدر محمل الثلث من غير قرعة. قوله: (أو أوصى بعتق ثلثهم) أي ولم
يعين من يعتق ولا مفهوم للثلث بل مثل قوله أوصيت بعتق ثلث عبيدي أوصيت بعتق نصفهم مثلا.
قوله: (ومثله إذا بتل الخ) أي بأن قال في مرضه ثلث عبيدي أو نصفهم أحرار فلا مفهوم لثلثهم. قوله: (أي
في مرضه) أي وأما إذا بتل عتق ثلثهم في صحته فله الخيار في التعيين ولا قرعة كما إذا أعتق عددا من
أكثر في صحته فإن لم يعين حتى مات انتقل الخيار لورثته كما كان له وقيل يعتق ثلثهم بالقرعة انظر
التوضيح ا ه‍ بن. قوله: (أو أوصى بعدد سماه من أكثر) بأن قال أوصيت بعتق ثلاثة من عبيدي
والحال أن عنده تسعة. قوله: (ويكتب قيمة كل واحد مع اسمه في ورقة) لا حاجة لكتابة القيمة في
الورقة مع الاسم ولم يذكر ابن عرفة إلا كتابة الاسم انظر بن. قوله: (عتق) المناسب تأخيره بعد قوله
فإن كانت قدر ثلث الميت والأوضح أن يقول فمن وجد فيها اسمه نظر إلى قيمته مع ثلث الميت فإن
كانت قدر ثلث الميت عتق وإن زادت عتق منه بقدر الثلث وإن نقصت عن الثلث عتق ويخرج
ورقة أخرى فمن وجد فيها اسمه نظر إلى قيمته مع ما بقي من الثلث ويعتق منه بقدر ما بقي من
الثلث ورق الباقي. قوله: (وينظر إلى قيمته) أي وإلى ثلث الميت أيضا. قوله: (وإن زادت)
أي قيمته عن الثلث. قوله: (وإن نقصت) أي قيمته عن الثلث. قوله: (فمن خرج له حر) أي
378

فالثلث الذي خرجت له الورقة التي فيها حر. قوله: (نظر فيه) أي نظر إلى قيمته مع الثلث. قوله: (وإلا
عمل فيه ما تقدم) أي بأن يكتب اسم كل واحد من ذلك الثلث مع قيمته في ورقة وتخلط الأوراق ثم
تخرج ورقة بعد أخرى على نحو ما مر. قوله: (فإن عين العدد) بأن قال أوصيت بعتق ثلاثة من عبيدي
وهم زيد وعمرو وبكر وعبيده تسعة مثلا. قوله: (وإلا سلك فيه ما تقدم) أي من كتابة كل واحد مع
قيمته في ورقة على ما قال الشارح ويفعل بهم ما مر. قوله: (وإن لم يعين) أي ذلك لعدد بأسمائهم وإنما سمي
العدد فقط ولم يحمله الثلث. قوله: (ويعمل مثل ما تقدم الخ) أي بأن تخلط الأوراق ثم يرمي كل ورقة
منها على جزء فمن وقعت عليه ورقة الحرية من الاجزاء عتق كله إن حمله الثلث فإن لم يحمله عتق منه محمله
بالطريق المتقدمة بأن يكتب اسم كل واحد من ذلك الجزء مع قيمته في ورقة وتخلط الأوراق ثم تخرج
ورقة بعد أخرى على نحو ما تقدم. قوله: (إلا أن يرتب) الظاهر أنه راجع للصورتين الأوليين وقال
ابن عاشر الظاهر رجوعه للأولى. قوله: (والترتيب إما بالأداة كأعتقوا فلانا الخ) هذا مثال للترتيب في
الصورة الثانية ومثاله في الأولى عبدي فلان حر ثم فلان وهكذا إلى آخرهم أو فلان حر الآن وفلان
في غد وفلان بعد غد. قوله: (كالأعلم فالأعلم) أي بأن يقول أعتقوا من عبيدي الأعلم فالأعلم أو الأصلح
فالأصلح وهكذا. قوله: (إن حمله الثلث) أي بتمامه وقوله أو محمله أي وأما حمله منه إن لم يحمله كله. قوله: (وهكذا)
أي فإن بقيت من الثلث بقية أيضا عتق من الثالث محمل الثلث أو جميعه وهكذا. قوله: (أو يقول)
أي في وصيته وهذا عطف على المستثنى وهو يرتب. قوله: (ما ذكر) أي وهو ثلث كل أو نصف كل. قوله: (ولو قل)
أي ولو كان أقل مما سماه الموصى كما إذا كان الثلث يحمل عشر قيمتهم فإنه يعتق من كل عشره. قوله: (وتبع
العبد سيده بدين) يعني أنه إذا أعتق عبدا أو أعتق عليه بالحكم لتمثيله به وللعبد دين على سيده فإن
العبد يتبع سيده بدينه الذي له عليه إن لم يستثن السيد ماله حين العتق فإن استثناه سقط الدين الذي
على السيد للعبد. قوله: (وهو يدعي الحرية) أي أصالة أو أنه عتيق لغيره. قوله: (إن شهد شاهد برقه) أي
فإن لم يشهد شاهد برقه وإنما كانت من المدعي مجرد دعوى فإنه لا يتوجه على العبد يمين عند ابن القاسم
وهذه تخصص مفهوم قوله وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها. قوله: (ومعناه الخ) الحق أن
كلام المصنف محتمل للصورتين كلفظ المدونة إحداهما أن يكون الدين ثابتا فيشهد شاهد بتقدمه على
العتق والثانية أن يكون الدين غير ثابت فيشهد شاهد بدين متقدم على العتق وشارحنا قصر كلام المصنف
على الصورة الأولى ولا وجه له انظر بن. قوله: (وكان القول له) فإن نكل العبد في الأولى رق وهذا حيث
لم يكن أعته آخر وإلا فاليمين على المعتق عند نكول مدعي الرق فإن نكل المعتق رد العتق ولا يحلف العبد
379

كما في ابن مرزوق. قوله: (واستؤني بالمال إن شهد بالولاء شاهد أو بالنسب) هذا قول ابن القاسم وقال
أشهب لا يدفع له الشاهد الواحد قال في التوضيح وهما مبنيان على القاعدة المختلف فيها بينهما وهي
الشهادة بما ليس بمال إذا أدت إليه كما لو أقامت المرأة بعد الموت شاهدا على الزوجية هل يثبت بتلك
الشهادة المال أو لا. فابن القاسم يقول بالأول وأشهب يقول بالثاني لان الشهادة بغيره لا به. قوله: (ولا
يثبت بذلك نسب) أي وحينئذ فلا يتفرع عليه حرمة ما ثبت تحريمه من النسب. قوله: (كما سيأتي له ذلك
في باب الولاء) أي وكما هو مستفاد من قوله واستؤني بالمال إذ لو ثبت الولاء أو النسب لما استؤني بالمال
إذ لا وجه للاستيناء. قوله: (أحد الورثة) أي سواء كان ابنا أو غيره وأما لو شهد عدلان من الورثة
بذلك كانت شهادتهما مقبولة. قوله: (أو أقر) أي عند غير حاكم والأول وهو الشاهد يشترط فيه
العدالة دون الثاني وهو المقر وإنما يشترط رشده. قوله: (بل يلغي) أي لأنه في الأولى شهادة واحد
وهي لا تكفي في العتق وفي الثانية إقرار على الغير. قوله: (تكون رقا له) أي ولا تكون حرة ويقوم
عليه الباقي لأنه ليس هو المعتق حتى يلزمه التقويم وإنما هو المقر على غيره. قوله: (وإن شهد شريك) أي
فقط. وحاصله أنه إذا شهد أحد الشريكين في عبد أن شريكه أعتق حصته وكذبه الآخر لم تعتق
حصة المشهود عليه اتفاقا، وأما الشاهد ففيه تفصيل فإن كان شريكه المشهود عليه معسرا لم تعتق
حصته أيضا اتفاقا، وإن كان موسرا فالذي عليه الأقل أنها تعتق حصته وهو الراجح والذي عليه
الأكثر أنها لا تعتق، وأما لو شهد أحد الشريكين مع عدل آخر على شريكه بعتق نصيبه فإنه يعتق
نصيب المشهود عليه ونصيب الشريك الشاهد أيضا ولا يرجع بقيمته لدعواه لنفسه أنه يستحق
قيمته على المشهود عليه كذا قيل وبحث فيه بعضهم بأن مقتضى القياس أنه يحلف ويأخذ قيمة حصته
لان معه شاهدا عدلا. قوله: (بعتق نصيبه) أي نصيب المشهود عليه. قوله: (حر) أي يعتق مجانا.
قوله: (كعسره) أي كما اتفق على عدم عتق نصيب الشاهد في عسر المشهود عليه.
باب في التدبير
قوله: (تعليق مكلف) أي ولو كان سكران بحرام إذا كان عنده نوع تمييز وأما إذا كان طافحا فهو
كالبهيمة لا يلزمه شئ اتفاقا وما في عبق ففيه نظر وأما السكران بحلال فكالمجنون. قوله: (خرج
الصبي والمجنون والمكره) أي فإن تدبيرهم باطل من أصله وكذا يقال في تدبير العبد والسفيه فيما يأتي
أما بطلانه من المجنون والمكره والعبد فباتفاق وأما بطلانه من الصغير والسفيه فعلى الراجح كما في
حاشية شيخنا على خش وقال بعضهم أنه من الصغير والسفيه وصية بلفظ التدبير فإطلاق
التدبير عليه مجاز لا حقيقة، وحينئذ فيخرج من الثلث ولهما الرجوع فيه بعد البلوغ والرشد
واستظهره في المج. قوله: (خرج العبد) أي لان تدبيره باطل لأنه محجور عليه بالأصالة وقوله
والسفيه أي سواء كان مولى عليه أو كان مهملا فلا يصح تدبيره من حيث كونه تدبيرا وإن
صح على أحد القولين السابقين من جهة أنه يكون وصية يخرج من الثلث بالأولى من الصغير انظر بن
380

وعدم صحته من المهمل هو قول ابن القاسم وأما عند مالك فيصح لان تصرفه قبل الحجر
محمول على الإجازة عنده. قوله: (وأن زوجة دبرت في زائد الثلث) أي دبرت عبدا قيمته أزيد من ثلث
مالها ولو عبر المصنف بلو لرد قول سحنون أن قول ابن القاسم يصح من الزوجة في زائد الثلث خطأ
كان أحسن ابن رشد. وروي عن مالك مثل قول سحنون انظر المواق اه‍ بن وقوله وأن زوجة الخ
أي هذا إذا كان المكلف الرشيد غير زوجة أعم من كونه رجلا أو امرأة أو كان زوجة دبرت في ثلثها
بل وإن كان زوجة دبرت الخ. قوله: (فيمضي) أي التدبير أو يمضي عقده من الآن وإن كان لا يخرج
حرا إلا بعد موتها من ثلثها. قوله: (بخلاف العتق) أي ولو لأجل. قوله: (وسائر التبرعات) أي فإن لزوجها
ردها حيث زاد التبرع على الثلث. قوله: (لان العبد في رقها إلى الموت) أي فلها استخدامه والتجمل به
وفي هذا منفعة للزوج فلم يخرج العبد بالتدبير عن تمتع الزوج به إلى موتها وبعد الموت الزوج كبقية
الورثة بخلاف العتق فإن العبد يخرج به عن تمتع الزوج. قوله: (بموته) أي على موته فالباء بمعنى على لان
التعليق يتعدى بعلي أو على حالها لكن مع تقدير عامل تتعلق به أي رابطا له أي للعتق بموته. قوله: (أو
زمن) أي كأن مضت سنة فأنت حر أو إن مات زيد فأنت حر. قوله: (لا على وصية) أي لا على وجه
الوصية ولما شمل تعريفه الوصية بالعتق كأنت حر بعد موتي أو إن مت فأعتقوا عبدي فلانا أخرجها
بهذا القيد فهو من تتمة التعريف لئلا يكون غير مانع. قوله: (بخلاف التدبير) أي فإنه عقد لازم ثم إن من
المعلوم أن الفرق بين الوصية والتدبير باللزوم وعدم اللزوم فرع عن افتراق حقيقتهما. وحاصل الفرق
بينهما الذي نقله بن عن المعيار أن العتق في التدبير ألزمه ذمته وأنشأه من الآن وإن كان معلقا على
الموت فوجب أن لا يرجع فيه والوصية أمر بالعتق بعد موته ولم يعقد على نفسه عتقا الآن فالعتق
إنما يقع على العبد بعد موت الموصي فلذا كان له أن يرجع كمن وكل رجلا ليبيع عبده أو يهبه فله أن يرجع
عن ذلك بما شاء من قول أو فعل ما لم ينفذ الوكيل ما أمره به. قوله: (كإن مت من مرضي أو سفري هذا) إنما
يكون هذا وصية إن جعل الجواب فأنت حر كما فعل الشارح فإن جعل الجواب فأنت مدبر كان وصية
أيضا على قول ابن القاسم وفي الموازية إنه تدبير لا رجوع فيه ووجه الأول أعني كونه وصية أنه لما علقه
على أمر محتمل لان يكون أو لا يكون لم يلتزمه انظر بن. قوله: (ولا غيره) أي مما يدل على التدبير كما يأتي.
قوله: (وأما إن قال أنت مدبر بعد موتي) أي أو قال أنت حر بعد موتي بالتدبير فهو تدبير فيهما قطعا.
قوله: (ما كان على وجه الانبرام واللزوم) أي من الآن كدبرتك أو أنت مدبر أو أنت حر عن دبر
مني وإن كان معلقا على الموت كأنت مدبر بعد موتي أو أنت حر بعد موتي بالتدبير. قوله: (لا
على وجه الانحلال) أي لا ما كان على وجه الانحلال وقوله كأن يكون على وجه أي معلقا
على وجه وقوله يكون أي محتمل لان يكون أو لا يكون. قوله: (ولو أتى الخ) أي بأن قال إن مت من
مرضي هذا أو من سفري هذا فأنت مدبر. قوله: (إذا لم يقيد بلفظ التدبير) أي كأن قال أنت حر بعد
موتي أي وأما إن قيد به كأنت مدبر بعد موتي بالتدبير كان تدبيرا. قوله: (ومحل
كونه) أي ما ذكر من الصيغ الثلاثة. قوله: (ما لم يرده) أي مدة كونه لم يرده بأن خلا لفظه عن نية أو
قرينة فإن أراده بنية أو قرينة لزمه هذا محصل كلام الشارح وفي بن إن لم يرده أي بالنية وأما إذ أتى
بما يدل عليه كقوله إذا مت فعبدي فلان حر لا يغير الخ فهذا من قبيل التدبير الصريح لا بالإرادة.
381

قوله: (ومثل ذلك) أي مثل ما إذا أتى بما يدل على التدبير. قوله: (وما لم يعلقه) أي وما لم يعلق ما ذكر من
الصيغ الثلاث على شئ فإن علق واحدة منها على شئ كان تدبيرا. قوله: (فأنت حر إن مت من مرضي أو
من سفري هذا) أي وإن كلمت أو دخلت الدار فأنت حر بعد موتي. قوله: (لزم المعلق) أي وهو
الحرية بعد الموت من هذا المرض. قوله: (واللازم تدبير لا وصية) فيه أن الحرية معلقة في الصيغتين
الأولتين من صيغ الوصية فلم لم يقل إنها تلزم بحصول المعلق عليه واللازم تدبير لا وصية وأجيب
بأن المعلق عليه هنا اختياري والمعلق على الاختياري يلزم بحصوله على قاعدة الحنث، بخلاف قوله
إن مت من مرضي هذا أو من سفري هذا فأنت حر، فإن المعلق عليه فيهما الموت من هذا المرض
أو من هذا السفر فإنه غير اختياري فلا يلزم فيهما التدبير إلا بإرادته. قوله: (أو نحو ذلك) أي أو شهرين
أو نصف شهر. قوله: (وظاهره ولو أراده الخ) أي ظاهره أن هذا وصية غير لازمة سواء أراد بذلك التدبير
أو لم يرده علقه أو لم يعلقه وإنما كان ظاهره ذلك لتأخيره قوله أو أنت حر بعد موتي بيوم عن قوله إن لم
يرده أو لم يعلقه إلا أنه إن أراد بذلك التدبير كان وصية التزم عدم الرجوع فيها والوصية إذا التزم عدم
الرجوع فيها فيها قولان باللزوم وعدمه وهذا القول هو ما اختاره الشيخ إبراهيم اللقاني. قوله: (وقيل
حذف الخ) هذا التقرير هو ما اختاره عج وحاصله أنه إذا قال أنت حر بعد موتي بيوم أو بشهر أو
بأكثر من ذلك أو أقل فهو وصية غير لازمة إن لم يرد بذلك التدبير أو يعلقه وإلا كان تدبيرا فالمصنف
حذف إن لم يرده أو يعلقه من هنا لدلالة ما قبله عليه. قوله: (أو حر عن دبر مني) لما كان هذا اللفظ صريحا
في الباب لم يحتج إلى الإرادة بخلاف حر بعد موتي فإنه لما كان غير صريح في التدبير لم ينصرف له
إلا بالنية أو القرينة. قوله: (والجارحة) أي والدبر بمعنى الجارحة بالضم أكثر من الاسكان. قوله: (إذا
لم يصرفه للوصية) أي ولم يعلقه على إن مت من مرضي هذا أو سفري كما مر وقوله إذا لم يصرفه
للوصية أي بما يدل عليها كما مثل أو بالنية وقوله وإلا كان وصية أي وإلا بأن صرفه لها بما يدل عليها
أو بالنية كان وصية، وإنما انصرف صريح التدبير لغيره وهو الوصية لقوة شبهه بها. قوله: (إذا أراد به
التدبير) أي بالنية أو بالقرينة الدالة عليه كما مر. قوله: (أو بعده) بأن دبره وهو كافر فأسلم وهذا
يشمله قول المصنف لمسلم لأنه مسلم مآلا. قوله: (لزومه وعدم فسخه) أي لأنه نوع من العتق وعتق
الكافر للمسلم لازم. قوله: (أي عليه) أشار إلى أن اللام بمعنى على لا أنها على حالها للتعدية أي لان ملك
الشخص لا يؤاجر له أي وأوجر عليه لمسلم وكلام المصنف يشعر بأنه لا يتولى الايجار وهو كذلك بل
يتولى الحاكم إيجاره ويدفع له ما أوجر به شيئا فشيئا لان منتهى أجل السيد لا يعلم. قوله: (عتق
من ثلثه) أي من ثلث ماله ولو خمرا وخنزيرا إذا كانت ورثته نصارى فلو ترك ولدين فأسلم أحدهما بعد موته وقيمة
المدبر مائة وترك مائة ناضة وخمرا قيمته مائة عتق نصف المدبر على الذي لم يسلم لأنه أخذ خمسين ناضة
وخمسين خمرا ونصف المدبر خمسون فخرج نصف المدبر من ثلث ما ناب النصراني، والذي أسلم
لم يتم له إلا خمسون ناضة وقيمة نصف المدبر خمسون وأهريق نصيبه من الخمر فيعتق من النصف الثاني
ما قابل ثلث المائة وذلك سدسا العبد فصار جميع ما يعتق منه خمسة أسداسه ويرق منه سدس للولد
الذي أسلم. قوله: (وولاؤه للمسلمين) أي على تفصيل وحاصله أن الكافر إذا اشترى مسلما ثم دبره أو
أسلم عنده ثم دبره فالولاء للمسلمين مطلقا ولو كان لذلك السيد عصبة مسلمون ولو أسلم ذلك سيد بعد
التدبير فلا يعود له الولاء واما ان دبره في حال كفره ثم أسلم فالولاء للمسلمين ما لم يسلم سيده أو يكون له
عصبة مسلمون وإلا كان الولاء لسيده أو لعاصمه. قوله: (الحمل معها) أي الحمل المصاحب لها يوم تدبيرها
382

وهو الذي حملت به قبل التدبير. قوله: (وأولى إن حملت الخ) أي بخلاف ما انفصل عنها قبل تدبيرها فإنه
رقيق للسيد. قوله: (وأما إن حملت به قبل تدبير أبيه الخ) أي سواء وضعته قبل تدبيره أيضا أو وضعته
بعده والحاصل أن ما انفصل قبل التدبير فهو رقيق سواء كان التدبير للأمة أو للعبد المسترسل على
أمته وما حملت به بعد التدبير فهو مدبر سواء كان التدبير للأمة أو للعبد، وأما ما كان حملا حين التدبير
فهو مدبر إن دبرت أمه لا إن دبر أبوه وإنما دخل ولد المدبرة الذي حملت به قبل
تدبيرها في عقد تدبيرها دون حملها من أبيه قبل تدبيره لان الولد كجزء منها حتى تضع، فإذا دبرها فقد دبره وإذا دبر
الأب لم يدخل تدبير الأم ولا حملها حتى تحمل به بعد تدبير الأب. قوله: (وصارت به أم ولد) يعني أن
العبد المدبر إذا عتق ولده الذي حملت به أمته بعد التدبير وذلك العتق بعد موت السيد الذي دبر أباه بأن
حمله الثلث هو وأبوه وعتقا معا فإن الأمة التي حملت به تصير أم ولد بذلك الولد فتعتق من رأس مال
سيدها وهو المدبر المذكور. قوله: (وقدم الأب عليه في الضيق) هذا هو الذي استظهره ابن عبد السلام
فجرى عليه المصنف هنا مع اعتراضه في التوضيح على ابن عبد السلام بأن مذهب المدونة وغيرها
أنهما يتحاصان وقد اعترضه ح وعج ومن تبعه بذلك اه‍ بن. قوله: (فلا يلزم من عتق الأب عتق
الولد) أي ويلزم من عتق الولد عتق الأب. قوله: (بعتقه) أي بعتق الولد من ثلث السيد. قوله: (بل
يتحاصان عنده) أي فإذا كان ثلث مال السيد عشرة وكانت قيمة الولد والأب معا ثلاثين فإنه يعتق
من كل بمقدار خمسة وهو سدسه. قوله: (إذ يلزم من عتقه عتق ولده) أي وكذا يلزم من عتق الولد
عتق أبيه. قوله: (فلا تكون أمه أم ولد) هذا هو المتعين خلافا لما جزم به الشيخ أحمد الزرقاني من كونها
أم ولد. قوله: (وللسيد نزع ماله إن لم يمرض) أراد المصنف بماله ما وهب له أو تصدق به عليه أو اكتسبه
بتجارة أو بخلع زوجة وأما ما نشأ من عمل يده وخراجه أي غلته وأرش جناية عليه فللسيد نزعه ولو
مرض مرضا مخوفا من غير احتياج لشرط على أن إطلاق الانتزاع عليه مجاز إذ هو للسيد أصالة. قوله: (ما لم
يشترط السيد عند التدبير انتزاعه) أي وإن مرض مرضا مخوفا. قوله: (ليباع للغرماء) أي عند العجز
عن وفاء الدين. قوله: (ليباع بعد موت السيد) أي لا في حال حياته وقول المصنف في باب الرهن
لا رقبته محمول على هذه الصورة أي لا يجوز رهن رقبته على أن تباع في حياة السيد في الدين الطارئ على
التدبير فلا تخالف بين ما هنا وما مر في الرهن. قوله: (وللسيد كتابته) أي سواء قلنا إن الكتابة من قبيل
العتق أو من قبيل البيع أما جواز كتابته على الأول فظاهر وأما على الثاني فلان مرجعها للعتق. قوله: (فإن
أدى) أي نجوم الكتابة. قوله: (عتق من ثلثه) أي فإن لم يحمله الثلث عتق منه محمله وأقر ما له
بيده ووضع عنه من كل نجم عليه بقدر ما عتق منه فإن عتق منه نصفه وضع عنه نصف كل نجم وإن
لم يترك غيره عتق ثلثه ووضع عنه ثلث كل نجم ولا ينظر لما أداه قبل موت السيد ولو لم يبق عليه غير
نجم عتق ثلث المدبر وحط عنه ثلث ذلك النجم ويسعى فيما بقي فإن أداه خرج حرا. قوله: (لا يجوز
للسيد اخراجه) أي اخراج المدبر عن التدبير. قوله: (بغير حرية) الباء بمعنى اللام كما في نسخة.
قوله: (كبيع وهبة وصدقة) أي ورجوع عن تدبيره وما ذكره المصنف من عدم جواز اخراج
المدبر عن التدبير لغير الحرية قال ابن عبد السلام هو المشهور من المذهب. وقال ابن عبد البر كان
بعض أصحابنا يفتي ببيعه إذا تخلف على مولاه وأحدث أحداثا قبيحة لا ترضى اه‍ وأراد
بالبعض ابن لبابة كما قال ابن عرفة قال في التكميل وقد أفتى شيخنا القوري مرة بما نقله ابن عبد
البر اه‍ بن. قوله: (لان فيه إرقاقه بعد جريان شائبة الحرية فيه) أي والشارع متشوف للحرية.
383

قوله: (إن لم يعتق) أي قبل الفسخ. قوله: (فإن أعتقه المشتري) أي ولو كان العتق لأجل. قوله: (ولا يرجع
المشتري إذا أعتقه بالثمن على من دبره) أي لان عتقه له فوت للبيع والبيع المختلف في فساده إذا فات
يمضي بالثمن. واعلم أن محل مضي عتق المشتري وثبوت الولاء له ما لم يتأخر عتقه إلى موت المدبر بالكسر
فإن تأخر فإنه يمضي عتقه لان الولاء قد انعقد لمدبره أما لحمل الثلث لكله فيعتق كله أو لبعضه فيعتق
بعضه وحيث كان الولاء قد انعقد لمدبره قبل عتق المشتري أو الموهوب له صار عتق المشتري لم يصادق
محلا وحينئذ فلذلك المشتري الذي لم يمض عتقه أن يرجع بالثمن على تركة المدبر. قوله: (دفع فيها) أي
دفع ماله في تلك الجناية. قوله: (ولا خيار له) أي لا خيار لسيده بين فدائه وإسلام خدمته للمجني عليه
ليستوفي منها أرش الجناية تقاضيا. قوله: (خلافا لظاهر المصنف الخ) أي فإن ظاهر إطلاقه يقتضي
أن لسيد مخير في إسلامه وفدائه مطلقا كان له مال يفي بالجناية أم لا. قوله: (وإن لم يكن له مال يفي الخ) أي
بأن لم يكن له مال أصلا أو له مال لكن لا يفي بجنايته. قوله: (أسلم خدمته للمجني عليه) أي ليستوفي منها
أرش الجناية. قوله: (حتى تستوفي الجناية) أي أرشها وبعد أن يستوفي المجني عليه أرشها ترد الخدمة
لسيده على أنه مدبر وما ذكره المصنف من أن السيد يسلم خدمة المدبر للمجني عليه تقاضيا هو المشهور
وقيل أنه يسلمها له ملكا لموت السيد. قوله: (فلو جنى جناية ثانية على شخص) أي قبل أن يستوفي
الأول من الخدمة أرش جنايته. قوله: (وحاصه مجني عليه ثانيا) أي وحاص مجنيا عليه أو لا مجني جنى
عليه العبد ثانيا. قوله: (فيما بقي من الخدمة) متعلق بقوله وحاصه مجني عليه. قوله: (من يوم ثبوت الخ) صفة
لمحاصة الثاني أي الكائنة من يوم الخ. قوله: (القسمة نصفين) أي ولو كانتا على الثلث والثلثين. قوله: (الظاهر
الثاني) بل قال بن هو الصواب فإذا كان أرش كل جناية من الجنايتين عشرين إلا أن
صاحب الأولى أخذ من خدمته عشرة قبل أن تحصل الجناية الثانية وبقيت له عشرة فإنهما
يتحاصان خدمته أثلاثا على ظاهر كلام المدونة وبه جزم ابن مرزوق لا أن الخدمة يقتسمانها مناصفة
انظر بن. قوله: (ورجع مدبرا) أي كما كان قبل الجناية. قوله: (إن وفى أرش الجناية) أي أو الجنايتين.
قوله: (وإن عتق هذا الجاني بموت سيده) أي لحمل الثلث له. قوله: (بعد إسلامه) احترز بذلك عما لو مات
سيده قبل إسلامه وفدائه فإنه لا شئ للمجني عليه كما إذا جنى وهو صغير لا خدمة له وانتظرت
قدرته على الخدمة فمات سيده وحمله الثلث وكذلك المدبرة التي لا عمل عندها ولا صنعة كما في ابن
مرزوق. قوله: (وقبل استيفاء أرش الجناية) أي من خدمته. قوله: (اتبع) أي المعتق بعضه بالأرش
وقوله فيما عتق منه أي بالنظر لما عتق منه. قوله: (بحصته) أي بمقابل حصته أي بمقابل الجزء
الحر منه فالباء في قوله بحصته على حالها وفي الكلام حذف مضاف أي أو أنها بمعنى في ولا حذف أي
يتبع بالأرش في حصته أي الحصة التي صار بها حرا. قوله: (وخير الوارث في إسلام ما رق منه
ملكا للمجني عليه الخ) إنما خير الوارث بين الفداء والتسليم للرقبة ملكا مع أن مورثه إنما خير بين
الفداء والإسلام للخدمة لان المورث لا يملك الرقبة وهي الآن ملك للوارث. قوله: (وقوم بماله) محل
هذا إذا كان السيد لم يستثن ماله عند تدبيره وإلا قوم بدونه. قوله: (والعبرة بالتقويم يوم النظر) أي
سواء كان المال يوم النظر مساويا له يوم الموت أو أزيد أو أنقص. قوله: (على أن له من المال كذا وكذا)
384

أي سواء كان المال عينا أو عرضا أو هما. قوله: (لحمل الثلث له) أي مع ماله. قوله: (وبقي ماله كله بيده
ملكا) هذا هو مذهب المدونة والموطأ والوثائق المجموعة والذي في التوضيح أنه لا يبقى بيده شئ
من المال إلا مقدار ما عتق منه لأنه لو بقي المال كله بيده لكان فيه غبن على الورثة لأنه حينئذ يكون عتقه
قد خرج من أكثر من الثلث فالقياس أنه لا يأخذ من المال إلا بقدر ما عتق منه واعترضه ح بمخالفته
لمذهب المدونة قائلا ونقله ابن عرفة وغيره وأن ما في التوضيح سهو اه‍ وشبهة ما في التوضيح
جوابها أن بقاء نصف المدبر مثلا رقا للورثة مع كل ماله أكثر خطأ لهم إذا باعوه مما إذا كان نصفه
رقا لهم مع بعض ماله لان قيمته إذا كان ماله مائة أكثر من قيمته إذا كان ماله خمسين. قوله: (فإن لم يترك)
أي فإن لم يترك إلا ذلك العبد فقط ولم يترك مالا سواه. قوله: (ووجه العمل فيه) أي فيما إذا لم يحمل
الثلث المدبر أي بأن كان أقل من قيمته. قوله: (أن تنظر نسبة الخ) الأوضح أن يقول أن تنسب ثلث
المال لقيمة المدبر وبتلك النسبة يعتق من العبد. قوله: (من قيمة العبد) أي التي هي مائة. قوله: (أربعة
أخماسه) أي لان خمس المائة عشرون فالثمانون أربعة أخماس للمائة. قوله: (نسبتها لقيمة العبد خمسان)
أي لان قيمة العبد خمسون وخمسها عشرة فالعشرون خمسان للخمسين. قوله: (وإن ضاق الثلث) أي
عن عتق المدبر بتمامه. قوله: (مؤجل) أي لأجل قريب أو بعيد. قوله: (بيع الدين) مراد المصنف بالبيع
التقويم. قوله: (معجلا) أي لا مؤجلا وأشار الشارح إلى أن مراد المصنف بالنقد المعجل لا العين لان
الدين إذا كان عينا إنما يقوم بالعرص. وحاصله أن الدين إذا كان على حاضر ملئ فإنه يقوم حالا
إلا أنه إن كان عينا قوم بعرض وإن كان عرضا قوم بعين. قوله: (استؤني قبضه) أي انتظر بعتق العبد
إلى قبض الدين. قوله: (بيع للغرماء) الأولى لأجل القسم على الورثة لان الدين يبطل التدبير مطلقا
إذا مات السيد. قوله: (عتق منه أي من ثلث السيد بنسبة ذلك) مثلا لو كان ترك السيد مالا حاضرا مائة
والمدبر يساوي مائة وكان الدين الذي على المعسر أو على بعيد الغيبة أو قريبها وبعد أجله مائة قطع
النظر عن تلك المائة فصار كأن السيد إنما ترك مائتين فيعتق من المدبر محمل الثلث وهو ثلثا المدبر لان
ثلث مال السيد ستة وستون وثلثان وهي ثلثا قيمة المدبر وبيع ثلث المدبر الذي لم يحمله الثلث لأجل
القسم على الورثة، فإن حضر المدين الغائب أو أيسر المعدم ودفع المائة بتمامها عتق ثلث المدبر الذي قد بيع
ونقض بيعه وإن دفع منها ستين عتق من ذلك الثلث المبيع خمس المدبر فيصير المعتق منه أربعة أخماسه
وثلث خمسه وثلثا خمسه رقيقان. تنبيه: قوله عتق منه بنسبه ذلك أي ولو أعتقه المشتري والفرق بينه
وبين قوله وفسخ بيعه إن لم يعتق أنه هناك يرجع من عتق لتدبير وهو أضعف وهنا يرجع من عتق
لآخر وهو واضح إن كان يعتق جميعه بما حضر من المال فإن كان يعتق بعضه وكان قد أعتق المشتري
385

جميعه نقض من عتقه بقدر ما عتق مما حضر ومضى عتقه في الباقي ويحل للمشتري ما أخذه في نظير ما
نقض من العتق وإن أراد المشتري رد عتق ما بقي لانتقاض البيع في بعض ما عتق جرى على استحقاق
بعض المبيع ا ه‍ عبق. قوله: (لكن موته غير معلوم) أي وحينئذ أول السنة التي قبل موته الذي
يعتق عندها غير معلوم وقوله فالواجب النظر الخ الأولى فالمخلص من تلك الورطة أن ينظر الخ.
قوله: (ونائبه ضمير السيد) أي اتبعت تركته بأجرة خدمة السنة التي خدمها له العبد قبل موته فيأخذ تلك
الأجرة من رأس المال. قوله: (فهو) أي العبد مالك الخ. قوله: (من رأس المال) تنازعه عتق واتبع
فيعمل فيه عتق ويعمل في ضميره اتبع أي اتبعه بالخدمة منه أي من رأس المال كما ذكره ابن عرفة
وابن شاس اه‍ بن. قوله: (ولا يضره الخ) أي لأنه معتق قبل الدين من أول السنة نعم يضره الدين
السابق على أول السنة وقوله ولا يضره أي من جهة عتقه من رأس المال وإن كان ذلك الدين يضره من
جهة قيمة خدمته في السنة لأنه يحاصص بها مع الغرماء ولا يقدم عليهم كما قال ابن رشد انظر بن.
قوله: (اتبعه الوارث الخ) أي ويتقاصان فإن زاد للعبد شئ من خدمة السنة على نفقته رجع بها وانظر إذا
زادت النفقة على قيمة خدمته هل يسقط ذلك الزائد أو تتبعه الورثة به كما يتبع هو بما زاد له من خدمة
السنة على قيمة السنة. قوله: (لأنه تبين أنه أعتقه في المرض) أي الذي هو في أول السنة ومن المعلوم
أن المعتق في المرض يخرج من الثلث لا من رأس المال. قوله: (على يد عدل) أي لا على يد السيد ولا
على يد العبد. قوله: (ما خدم نظيره) أي أجرة خدمة زمن خدم العبد نظيره أي مداره من السنة
الثانية. وحاصله أنه إذا تمت السنة فإنه يوقف ما يحدث من الخارج في السنة الثانية ويعطي السيد
نظيره أي مقداره من خراج السنة الماضية سواء كان خراج شهر أو جمعة أو يوم سواء تساوي الخراج
فيها مع المستقبلة أو تخالف وهكذا في سنة ثالثة ورابعة وخامسة إلى ما لا نهاية له كلما حصل خراج
بعد السنة أخذ السيد نظيره أي مقداره من الموقوف ووقف الخراج الحاصل بعد السنة ليبقى
للعبد خراج سنة محفوظا لاحتمال أن يكون السيد في أول السنة التي اتصلت بموته صحيحا بحيث
يخرج من رأس المال ويكون له خراج تلك السنة. قوله: (نظير) أي أجرة نظير القدر الخ. قوله: (في
السنة الثانية) أي ويوقف أجرة ما خدمه في السنة الثانية. قوله: (وإن شهرا فشهرا)
أي وما حدث من خراج المستقبلة يوقف عوضا عما أخذ من خراج الماضية. قوله: (فإن مات
السيد نظر الخ) هذا ظاهر فيما إذا مات السيد بعد سنة فأكثر من يوم قال له أنت حر قبل موتي بسنة
وأما لو مات قبل مضي سنة من قوله فهل يراعي كونه صحيحا أو مريضا حال القول ويعتق من رأس
المال في الأول ومن الثلث في الثاني أو لا يعتق أصلا لأنه علقه في المعنى على شئ لم يحصل وذلك لان قوله
أنت حر قبل موتي بسنة في معنى قوله إن مضت سنة قبل موتي من هذا الوقت فأنت حر ولم تمض
386

السنة قبل موته من هذا الوقت والثاني هو ما استظهره عج والأول هو ما استظهره غيره. قوله: (وبطل
التدبير بقتل سيده) أي بخلاف ما لو علق السيد عتق عبده على موت شخص أو دابة فقتل العبد ذلك
الشخص أو الدابة فلا يبطل عتقه بل يعتق كذا قرر ا ه‍ عبق. قوله: (لا في باغية) محترز قوله عدوانا
أي لا إن قتله حالة كونه من جملة جماعة باغية فلا يبطل تدبيره ويعتق من ثلث مال سيده. قوله: (ويقتل به)
أي إذا قتله عمدا عدوانا. قوله: (التي تؤخذ منه) أي من المدبر بعد عتقه. قوله: (وليس على عاقلته)
أي المدبر وقوله منها أي من دية السيد. قوله: (وهو مملوك) أي والعاقلة لا تحمل جناية الرقيق. قوله: (وللتركة)
عطف عام على خاص لان المدبر من جملة التركة إلا أن يقال المراد وللتركة سواه ولو حذفه
واقتصر على قوله له كان أحسن لأنه لا يستغرقه الدين إلا إذا استغرق التركة. قوله: (إن مات السيد)
أي وقام الغرماء بعد موته. قوله: (وأما في حياته) أي وأما إذا قام الغرماء على السيد في حال حياته.
قوله: (فإنما يبطله السابق) أي فإن كان الدين سابقا على التدبير فان المدبر بياع للغرماء لبطلان التدبير وإن كان
التدبير سابقا على الدين فإنه لا يباع في ذلك الدين. قوله: (بطل التدبير) أي لاستغراق الدين للمدبر
وللتركة لان الدين مقدم على كل ما يخرج من الثلث. قوله: (كما لو كانت قيمته خمسة الخ) أي وكما لو ترك السيد
عشرة وقيمة المدبر عشرة فثلث التركة ستة وثلثان هي قيمة ثلثي المدبر فيعتق ثلثاه ويرق ثلثه لمجاوزة
ذلك الثلث ثلث الميت أي زيادته عليه. والحاصل أن ثلث التركة إذا كان أقل من قيمة المدبر فإنك
تنسب ذلك الثلث لقيمة المدبر وبتلك النسبة يعتق منه ويرق باقيه كما تقدم. قوله: (وحدوده) أي
فيحد في القذف والشرب أربعين جلدة وفي الزنا خمسين. قوله: (وغير ذلك) أي كعدم قتل قاتله إذا
كان حرا مسلما. قوله: (في حياة سيده) متعلق بقوله وله حكم الرق أي هذا إذا كان سيده حيا بل وإن
مات. قوله: (وما ينوب المدبر) أي وبعد معرفة ما ينوب المدبر من ذلك. قوله: (وعتق من الثلث) أي إن
حمله. وحاصله أنه إن مات السيد أو لا قوم ونظر هل يحمله الثلث أم لا فإن حمله الثلث كان كالمعتق
لأجل فيستمر للورثة في الخدمة إلى أن يموت فلان فيعتق كله وإن لم يحمله الثلث كانت الورثة بالخيار
في الجزء الذي لم يحمله الثلث بين الرق والعتق وإن مات فلان أولا استمر يخدم السيد حتى يموت وعتق
من الثلث كله إن حمله وإن حمل بعضه عتق محمل الثلث ورق الباقي. قوله: (أي كما يعتق المدبر) أي غيره
وإلا فهذا مدبر أيضا لأنه لما علق عتقه على موت الأجنبي لم يكن وصية إذ لا تعلق الوصية عليه ولم يجعل
من باب العتق لأجل لأنه علقه على موته هو وهو لا يعلق عليه انظر بن. قوله: (ولا رجوع له) قد
رجعه الشارح للمدبر في هذه المسألة لا للمدبر في الباب للاستغناء عن ذلك بقوله سابقا ولا يجوز
اخراجه لغير حرية تأمل. قوله: (في صحته) إنما لم يقيد المصنف بذلك اتكالا على ما اشتهر من أن
التبرعات في المرض مخرجها الثلث. قوله: (يعتق عند وجود المعلق عليه) أي وهو انقضاء الشهر بعد
موت فلان في صورة المصنف وموت فلان في صورة الشارح وسواء استمر السيد حيا مدة الاجل
أو مات إلا أنه إن استمر السيد حيا كانت الخدمة للأجل له فإن مات كانت الخدمة للأجل لورثته.
387

قوله: (فإن قال ما ذكر في مرضه) حاصله أنه إذا قال في مرضه لعبده أنت حر بعد موت فلان ثم مات نظر
هل يحمله الثلث أم لا فإن حمله كان كالمعتق لأجل فيستمر يخدم الورثة إلا أن يموت فلان فيعتق كله
وإن لم يحمله الثلث كانت الورثة بالخيار في الجزء الذي لم يحمله الثلث بين استرقاقه وعتق محمل الثلث
بتلا وبين عتق ذلك الجزء وإنفاذ الوصية. قوله: (من الثلث) أي بعد موت السيد فإن لم يحمله الثلث خير
الورثة في إنفاذ الوصية وعتق محمل الثلث بتلا. قوله: (ما لم يرد به التدبير أو يعلقه) أي وإلا كان تدبيرا
على ما اختاره عج خلافا للقاني. قوله: (كما تقدم) أي في قول المصنف أو حر بعد موتي بيوم.
باب في الكتابة
قوله: (والعبد التزم الخ) هذا تعليل لقوله أو من الكتب بمعنى الالزام أي لان العبد الخ وكان الأنسب أن
يقول لان العبد ألزم نفسه أداء النجوم لسيده. قوله: (عتق على مال) قال ابن مرزوق صوابه عقد يوجب
عتقا على مال الخ لان الكتابة سبب في العتق لا نفسه اه‍ بن. قوله: (فقطاعة) أي نهي مغايرة للكتابة
ولذا قال في المدونة لا يجوز كتابة أم الولد ويجوز عتقها على مال معجل وقد كانت الكتابة متعارفة قبل
الاسلام فأقرها النبي (ص) بعده. قاله ابن التين وابن خزيمة وقول الرماني الكتابة إسلامية
ولم تعرف في الجاهلية خلاف الصحيح قيل: أول من كوتب في الاسلام أبو المؤمل فقال النبي
(ص): أعينوا أبا المؤمل فأعين فقضى كتابته وفضلت عنده فضلة فقال له النبي (ص): أنفقها في
سبيل الله وقيل أول من كوتب في الاسلام سلمان الفارسي ثم بريرة انظر الزرقاني على الموطأ. قوله: (ندب
مكاتبة أهل التبرع بكل ماله الخ) أي ندب لمن هو أهل لان يتبرع بكل ماله أو ببعضه أن يكاتب
عبده فالأول هو الرشيد غير الزوجة والمريض والثاني الزوجة والمريض. قوله: (وإلا لم تندب)
أي مكاتبته بل تباح فقط. فإن قلت: ظاهر قوله تعالى: * (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت
إيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) * يقتضي وجوبها إذا طلبها الرقيق. قلت: الامر ليس للوجوب
لان الكتابة إما بيع أو عتق وكلاهما لا يجب والامر جاء في القرآن لغير الوجوب قال تعالى: * (وإذا
حللتم فاصطادوا) * والصيد بعد الاحلال لا يجب إجماعا وقال تعالى: * (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في
الأرض وابتغوا من فضل الله) * والانتشار والابتغاء لا يجبان بعد انقضاء الصلاة إجماعا فالامر فيهما
للإباحة وكذا قوله فكاتبوهم، وذلك لان الكتابة عقد غرر فالأصل أن لا تجوز فلما أذن المولى فيها
للناس بقوله فكاتبوهم الخ كان أمرا بعد منع والامر بعد المنع للإباحة ولا يرد أنها مستحبة لان
استحبابها ثبت بأدلة أخرى كعموم قوله تعالى: * (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) *. قوله: (لا تندب مكاتبته)
أي ولو طلب الرقيق منه ذلك. قوله: (وما وراء ذلك) أي هل هي صحيحة أو باطلة شئ آخر. قوله: (أو
زوجة) أي في زائد الثلث. قوله: (كالعتق) تشبيه في المنفي. قوله: (وأما على أنها بيع فتكون صحيحة)
أي كما أنها تصح من السكران بناء على أنها عتق لتشوف الشارع للحرية وتبطل منه بناء على
أنها بيع على ما مر في باب البيع فالسكران على العكس من الصبي والسفيه. واعلم أن ما ذكره الشارح
من مساواة السفيه للصبي هو المعول عليه كما لشيخنا وبن خلافا لما في عبق. قوله: (وندب أن يكون
آخرا) أشار الشارح إلى أن آخرا خبر لكان المحذوفة مع اسمها والأصل وحط جزء يكون آخرا ويصح
جعله حالا من جزء وإن كان مجئ الحال من النكرة بلا مسوغ قليلا أو تمييزا محولا عن المفعول مفسرا
388

لاجمال نسبة حط إلى جزء أي وحط السيد آخر جزء. قوله: (ليحصل به) أي بحط الجزء الأخير
الاستعانة على العتق أي لان به يخرج حرا بخلاف ما قبله من النجوم فإنه قد يعجز بعد حطه فيرق
وأشار المصنف بقوله وندب الخ لقوله تعالى: * (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) * فقد أمر المولى سبحانه
وتعالى الموالي أن يبذلوا لهم شيئا من أموالهم. قال مالك سمعت من بعض أهل العلم أن ذلك أن يكاتب
الرجل غلامه ثم يحط عنه من آخر كتابته شيئا يسمى والامر للندب عند مالك وجماعة لان ذلك في معنى
صدقة التطوع والإعانة على العتق وكل منهما لا يجب والوجوب عند بعضهم. قوله: (ولم يجبر الخ)
أي عند ابن القاسم وهو المشهور من المذهب وبه القضاء كما في بن وكان الأولى للمصنف أن يقول ولا
يجبر بلا لأنه ليس الموضع للم وذلك لان الفقيه إنما يتكلم على الاحكام المستقبلة لا الماضية إلا أن يقال
أنه عبر بلم نظرا لسابق تقرر الاحكام تأمل. قوله: (وقيل إذا جعل الخ) أي وقيل يجبر على الكتابة إذا
جعل الخ وهذا قول ثالث للخمي غير مأخوذ من المدونة لان المأخوذ منها الجبر مطلقا كما في بن خلافا
لما في عبق. قوله: (إذا جعل عليه سيده مثل خراجه) أي مثل أجرته التي يقدر على تحصيلها في أجل
الكتابة كما لو كاتبه على عشرين دينارا في عشرين شهرا وكان العبد يقدر على الخدمة في كل شهر بدينار،
وأما إن جعل عليه أزيد من ذلك بكثير فليس له جبره عليها لأنه يتكلف مشقة ذلك ثم يعجز فيذهب
سعيه باطلا. قوله: (لأنه كما أخذ منها الخ) والذي أخذ منها الجبر هو أبو إسحاق التونسي والذي أخذ
منها عدم الجبر هو ابن رشد ومحل الخلاف إن لم يكن العبد غائبا كوتب مع حاضر وإلا لزمت الغائب
اتفاقا وإن كره ذلك ففي المدونة ومن كاتب عبده على نفسه وعلى عبد للسيد غائب لم العبد الغائب
وإن كره لان هذا الحاضر يؤدي عنه. قوله: (وكلامه يفيد الحصر) أي لان تعريف المبتدأ بلام الجنس
يفيد انحصاره في الخبر فالمعنى حينئذ المأخوذ منها إنما هو الجبر قال خش ولعل أخذ ابن رشد عدم
الجبر منها لم يقو عند المصنف وإلا كأن يقول وأخذ منها الجبر حتى لا ينافي أنه أخذ منها أيضا عدمه.
قوله: (بكذا) انظر لو ترك قوله بكذا هل تبطل الكتابة بناء على أنها بيع وهو يبطل بجهل الثمن أو تصح
ويكون على العبد كتابة مثله بناء على أنها عتق والعتق لا يشترط فيه تسمية عوض ولا يقال لم لم يجزم
بالأول لان المكاتب به ركن من أركانها والماهية تنعدم بانعدامه لأنا نقول يمكن أن المراد بر كنيته أنه
لا يشترط عدمه أعم من أن يذكر أو يسكت عن ذكره كركنية الصداق مع صحة نكاح التفويض لا
أن يشترط ذكره فتأمل. قوله: (واختلف في لزوم تنجيمه) أي وعدم لزوم تنجيمه والضمير راجع
للعوض المكاتب به والمراد بلزومه وجوبه وتنجيمه تأجيله لأجل معين فكأنه قال واختلف
في وجوب تأجيل العوض لأجل معين وعدم وجوب تأجيله. قوله: (فإذا وقعت الكتابة بغير تنجم الخ)
أي بأن سكت العبد وسيده عن بيان حلول العوض وتأجيله. قوله: (فهي صحيحة) أي مع الاثم
وقوله وتنجم أي بعد ذلك لزوما لان العرف فيها كونها مؤجلة. قوله: (ولا يجب التنجيم) أي إذا
وقعت بغير تنجيم. قوله: (فقطاعة) أي فيقال لها قطاعة كما يقال لها كتابة فالقطاعة عنده من
أفراد الكتابة. قوله: (بل هي صحيحة) أي إذا وقعت غير منجمة. قوله: (لأنه لابن رشد) ذكر ابن عاشر
أن هذا القول لبعض الأصحاب وصححه عبد الوهاب وغيره وحينئذ فلا اعتراض على المصنف
في تعبيره بصحح انظر بن. قوله: (لا جعلها نجوما الخ) أي لاقتضائه أنه لا يجوز أن يجعل نجما واحد مع
أن ذلك جائز. قوله: (ثم محل لزوم التنجيم) أي على القول الراجح إذا وقعت بغير تنجيم. قوله: (وإلا فلا) أي
389

وإلا ما بأن قامت قرينة على أن مراد السيد القطاعة فلا يلزم تنجيمها إذا وقعت حالة وتكون في هذه الحالة
قطاعة لا كتابة، وظهر لك من هذا أن الخلاف بين القولين معنوي وذلك، لان الأول يرى أن التنجيم
ابتداء واجب وأنها إذا وقعت بدونه لزم تنجيمها بعد ذلك حيث لم تقم قرينة على القطاعة، والثاني
يرى أن التنجيم ابتداء ليس بواجب وإذا وقعت غير منجمة لم يلزم تنجيمها في المستقبل وفي هذه
الحالة يقال لها قطاعة كما يقال لها كتابة وما تقدم في أول الباب من مغايرتهما فهو مبني على القول الأول.
قوله: (بغرر) أي حالة كونه ملتبسا بعوض ذي غرر أي محتمل لان يتم أو لا يتم. قوله: (وثمر لم يبد صلاحه الخ)
لا بد من كون الآبق وما بعده وهو البعير والثمر في ملك المكاتب وإلا لم يجز ولا يعتق المكاتب
إلا بعد قبض السيد لما ذكر من الآبق وما معه. قوله: (وجنين) أي أمه في ملك المكاتب وإلا لم يجز
وظاهر قوله جنين أنه سبق له وجود قبل الكتابة لأنه قبل وجوده لا يسمى جنينا فلو كاتبه على ما تحمل
به أمته لمنع وانظر هل الجنين لا يحصل العتق إلا بقبض السيد له أو يقال أنه دخل في ملك السيد بالعقد
فضمانه منه ولو نزل ميتا واستظهر بعضهم الأول. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا فلا يجوز ولم يصح وإذا
كان غير آبق فعلى المكاتب تحصيله من فلان ولا يعتق إلا بعد قبض السيد له. قوله: (لا لؤلؤ لم يوصف)
أي وأولى منه في عدم الجواز كتابته على ما في يده من غير أن يعلم هل هو متمول أم لا لان الغرر في هذا
أشد من الغرر في اللؤلؤ الذي لم يوصف ولا وجه لتنظير عبق في ذلك انظر بن. قوله: (ولا تصح الكتابة
عليه) أي فإذا وقع ونزل فسخت كما هو ظاهر المدونة خلافا لأشهب القائل لا تجوز الكتابة بلؤلؤ
لم يوصف وإذا وقعت به مضت بكتابة المثل قاله ابن مرزوق وحينئذ فقول المصنف الآتي ورجع الخ
ليس راجعا لهذه. قوله: (أو كخمر الخ) أي سواء كان الخمر مما يتملكه العاقدان عند عقد الكتابة
كمكاتبة ذمي عبده الذمي بخمر ثم أسلما أو أسلم أحدهما أو كان لا يتملكه العاقدان ككونهما أو أحدهما
مسلما عند عقدها. قوله: (ورجع لكتابة مثله) محل ذلك إذا كانت الكتابة بالخمر من كافرين ثم أسلما
أو أحدهما وأما إن وقعت بالخمر وأحدهما مسلم أو هما بطلت بالكلية ولا يرجع لكتابة المثل ومحله
أيضا إذا وقعت على خمر موصوف في الذمة فإن وقعت على معين بطلت بالكلية ولا يرجع لكتابة المثل لكن
عزا بعضهم لأبي الحسن أنه يخرج حرا في هذه ولا يتبع بشئ وانظره ومحله أيضا إذا كان العبد لم يؤد
شيئا من الخمر قبل الاسلام وأما إن أدى بعضه قليلا كان أو كثيرا قبل الاسلام ثم أسلما أو أحدهما فإن
السيد إنما يرجع عليه بنصف كتابة مثله، فإن أداه كله قبل إسلام أحدهما ثم أسلما أو أحدهما خرج حرا
ولا يتبع بشئ. قوله: (على الأرجح) أي خلافا لأشهب كما علمت. قوله: (وجاز لسيده فسخ ما عليه
في مؤخر) أي فليست الكتابة كغيرها من الديون الثابتة في الذمة فإنه يمتنع فسخها في شئ يتأخر
قبضه وقد أشار الشارح للفرق بقوله لتشوف الشارع للحرية. قوله: (مؤجلا) أي وأما إن أراد
السيد أن يأخذ منه حالا في نظير ما عليه من المؤجل فلا فرق بين الكتابة وغيرها في الجواز. قوله: (وكذا
يجوز ضع الخ) وذلك بأن يتعجل ما على العبد من نجوم الكتابة على أن يضع عنه بعض ذلك. قوله: (وبيع
طعام الخ) أي بأن يبيع السيد الطعام الذي كاتبه به قبل أن يقبضه منه وكما يجوز ما ذكر في
الكتابة يجوز فيها أيضا سلف جر نفعا للمقرض كأن يسلف المكاتب شيئا لسيده لأجل أن يسقط
عنه شيئا من الكتابة وظاهر المصنف والشارح جواز ما ذكره كل منهما وإن لم يعجل السيد
العتق وهو قول مالك وابن القاسم وقال سحنون لا يجوز شئ مما ذكر إلا إذا عجل عتقه. قوله: (أو غيره)
أي كوصي ومقدم قاض. قوله: (ما لمحجوره) أي بما التي لغير العاقل تنزيلا للرقيق منزلة ما لا يعقل لعدم
تمام تصرفه. قوله: (بالمصلحة) أي المستوية في الكتابة وعدمها فإن انفردت المصلحة في أحدهما وجب.
390

قوله: (برضاها) التقييد بذلك مبني على القول المشهور من عدم العبد عليها أما على الجبر
فلا يشترط رضاها. قوله: (ومكاتبة صغير ذكر أو أنثى) أي وإن لم يبلغ عشر سنين عند ابن القاسم كما
هو ظاهر نقل الباجي عنه وقال أشهب يمنع مكاتبة ابن عشر سنين كذا في بن نقلا عن ابن عرفة.
قوله: (لا على عدمه) أي وتقدم أن هذا هو المشهور. قوله: (غير معتبر) أي وحينئذ فلا يجوز مكاتبته على
القول بعد جبر العبد على الكتابة. قوله: (فهو مشهور) أي فما قاله المصنف من جواز كتابة الصغير
مشهور مبني على ضعيف وهو القول بجبر العبد على الكتابة. قوله: (وهي معلومة) أي للمشتري كما لو
كانت الكتابة أربعين واشترى الشخص ربعها حالة كونه عالما بقدرها. قوله: (لا لأجل) أي ولا
يجوز بيع النقد بعرض لأجل ولا بيع العرض بعرض أو عين لأجل. قوله: (لئلا يلزم الدين بالدين)
أي بيع الدين بالدين. قوله: (ولا بد) أي في جواز بيع الكتابة أو جزء منها لأجنبي من حضور
المكاتب الخ أي وقول ابن عبد السلام لا يشترط حضوره وإقراره لان الغرر في الكتابة مغتفر فيه
نظر لان الاغتفار إنما هو في عقدها لأنه طريق للعتق لا في بيعها. قوله: (كما في الدين) أي فإنه يكفي في
جواز بيعه حضور المدين أو قرب غيبته. تنبيه: لو اطلع مشتري الكتابة على عيب في المكاتب
نظر فإن أدى فلا رجوع للمشتري بشئ لأنه قد حصل له ما اشتراه وإن عجز كان له رد البيع ويرد جميع
ما أخذه من الكتابة ولو لم يكن له ذلك كالغلة هذا ما اختاره ابن يونس وقيل أنه لا يرد ذلك بل يفوز
به كالغلة. قوله: (لا بيع نجم) أي كأن يقول شخص لسيد المكاتب أشتري منك النجم الذي يدفعه العبد
في شهر كذا أو النجم الأول أو الوسط أو الأخير مثلا. قوله: (لكثرة الغرر) أي لأنه إذا عجز عن
اقتضاء ذلك النجم أخذ ما يقابله من الرقبة وإذا كان النجم لم يعلم قدره أو جهلت نسبته لم يعلم ما يقابله
من الرقبة. قوله: (حيث لم يعلم قدره) أي لكون النجوم مختلفة القدر أو متفقته لكن جهل المشتري
قدر النجم منها لعدم علمه بقدرها. قوله: (أو علم وجهلت نسبته لباقي النجوم الخ) أي بأن لم يعلم
المشتري أن ذلك النجم الذي اشتراه ربع الكتابة أو ثلثها الخ. قوله: (وقع على معين) أي وهو النجم
أو ما يقابله من الرقبة. قوله: (وإلا يوف) أي بأن عجز قبل أن يوفي المشتري ما اشتراه. قوله: (وقدر
ما يقابل الخ) أي ورق قدر ما يقابل الخ فهو بالرفع عطف على الضمير المستتر في رق أي رق هو أي
كله وقدر الخ. قوله: (وعجز) أي عن الثمن الذي اشتراها به وأما إن وفاه لسيده خرج حرا وكان الولاء
لسيده. قوله: (وإقرار مريض بقبضها) قال في المدونة قال ابن القاسم وإن كاتب في صحته وأقر في
مرضه بقبض الكتابة منه جاز ذلك ولم يتهم إن ترك ولدا وإن كانت ورثته كلالة أي غير ولد والثلث
لا يحمله لم يصدق إلا ببينة وإن حمله الثلث صدق لأنه لو أعتقه جاز عتقه، وقال غيره إن اتهم بالميل معه
والمحاباة لم يجز إقراره حمله الثلث أم لا قال العوفي محل الخلاف بين ابن القاسم وغيره إذا اتهم الميل له، وحمله
الثلث فابن القاسم يراه كأنه الآن أوصى له بالثلث وهو ممن تجوز له الوصية فلذا قال يصدق وغيره يرى
أن إقراره بقبضه لم يكن على وجه الوصية بل إنما هو على معنى اخراجه من رأس المال فلا يكون من الثلث
إلا ما أريد به الثلث، فلذا قال أنه لا يصدق وقد اتفق ابن القاسم وغيره فيما إذا اتهم ولم يحمله الثلث
أنه لا يصدق في إقراره ولا يجوز من ثلث ولا غيره ويبطل إقراره ولا يصدق إلا ببينة، هكذا فسر
التونسي. كلام ابن القاسم ونقله الطخيخي فقول المصنف وإلا ففي ثلثه يحتمل عوده للمسألة الثانية
391

خاصة ويكون مفهوم الشرط في الأولى لا يجوز إقراره ولو حمله الثلث ويكون مشى على قول غير ابن
القاسم ويحتمل أن يعود إلى المسألتين لكن عوده للأولى فيما إذا حمله الثلث وفي الثانية حله كله أو
بعضه، لان ابن القاسم وغيره يتفقان على أنه إذا لم يحمله الثلث في الأولى لا يجوز إقراره ويختلفان فيما
إذا حمله الثلث كما علمته من كلام العوفي، وهذا كله إذا كاتبه في الصحة وأقر في المرض أنه قبضها منه
وأما إذا كاتبه في المرض وأقر بقبضها فيه فإنه في الثلث مطلقا ورثه ولد أم لا، فإن حمله الثلث عتق سواء
ورث كلالة أم لا، وإن لم يحمله الثلث خير ورثته إما أن يمضوا كتابته وإما عتقوا منه محمل الثلث انظر بن.
قوله: (لعدم التهمة) أي لأنه لا يحرم أولاده لأجل عبده. قوله: (ما ليس فيها ولد) أي الفريضة التي ليس
فيها ولد. قوله: (وغيرها ما فيها ولد) أي الفريضة التي فيها ولد. قوله: (لأنه يجوز له أن يعتقه حينئذ) أي
مجانا لأنه لا يحجر على المريض في تبرعه في الثلث. قوله: (ومكاتبته بلا محاباة) هذا مقيد بما إذا قبض
الكتابة كما فرضها في المدونة وحاصل المسألة أنه إذا كاتبه في مرضه وقبض الكتابة ثم مات السيد
ولم يحاب فقولان لابن القاسم أحدهما أن الكتابة مثل البيع فيكون حرا ولا كلام للورثة وعلى هذا
درج المصنف والثاني أنها كالعتق، فإن حمله الثلث مضى وإن كانت قيمته أكثر من ثلث الميت خير
الورثة بين أن يمضوا الكتابة أو يعتقوا منه ما حمله الثلث بتلا، وأما إذا حاباه وقبضها فقال عبد الحق
عن بعض شيوخه تجعل قيمة الرقبة كلها في الثلث. فإن كان الثلث يحمل قيمة رقبته جاز ذلك وخرج
حرا، وإن كان لا يحملها خير الورثة بين ردهم النجوم المقبوضة إلى يد العبد ثم أعتق محمل الثلث من رقبته
بماله بتلا وبين إجازة ما فعله المريض، وأما إذا مات السيد قبل قبض الكتابة فذلك في ثلثه مطلقا
كان فيها محاباة أم لا فإن حمل الثلث قيمته مضى عقد الكتابة، وإن كانت قيمته أكثر من الثلث خير
الورثة بين إمضاء كتابته أو عتق محمل الثلث بتلا فقد علمت الأقسام الأربعة المتعلقة بكتابة المريض
وهي إما أن تكون بمحاباة أو بدونها وفي كل إما أن يموت السيد بعد قبض الكتابة أو قبل قبضها انظر بن.
قوله: (فإن حمل الثلث تلك المحاباة الخ) هذا يقتضي أن الذي يكون في ثلثه محاباته وفيه نظر فقد
علمت مما سبق عن عبد الحق أن الذي في ثلثه في هذه المسألة قيمة رقبته لا محاباته ا ه‍ بن. قوله: (لأنه
إذا لم يحمله الثلث فيها) أي في المسألة الأولى لم يعتق قد يقال أنه إذا حمله الثلث فيها فإنه يعتق كما تقدم
له وحينئذ فقوله وإلا راجع للصورتين لكن رجوعه للأولى فيما إذا حمله كله الثلث وللثانية حمله
كله أو بعضه فتأمل. قوله: (لمالك واحد) مفهومه أنه لو تعدد المالك للجماعة من العبيد ولم
يكن بينهم شركة فيجوز معهم بعقد إن لم يشترط حمالة بعضهم عن بعض وتوزع على قوتهم ويأخذ
كل واحد منها قدر قوة عبده، فإن شرط حمالة بعضهم عن بعض منع ومضى بعد الوقوع عند سحنون
وهو المعتمد وبطل الشرط، وقال بعضهم لا يجوز جمعهم بعقد إذا تعدد المالك لأنه إذا عجز أحد
العبيد أو مات أخذ سيده ما للآخر بغير حق فيكون من أكل أموال الناس بالباطل وظاهره اشتراط
حمالة بعضهم عن بعض أم لا لما علمت أنهم يحملون على الحمالة سواء اشترط ذلك عليهم في صلب العقد
أم لا وسحنون يرى أن محل حملهم على الحمالة مطلقا إذا كانوا لمالك واحد. كذا قرر شيخنا.
قوله: (ولا على عددهم) أي ولا توزع على عددهم ولا على قيمتهم وهذا مقابل لقول المصنف فتوزع على
قدر قوتهم على الأداء. قوله: (فلو انعقدت) مفرع على قوله وتعتبر القوة يوم العقد لا بعد يوم العقد.
392

قوله: (وهم وإن زمن أحدهم حملاء مطلقا) فإن وقع عقد الكتابة على أنه لا يضمن بعضهم بعضا فهل
يقدح ذلك في العقد أو يصح العقد ويبدل الشرط انظره. قوله: (فيؤخذ من الملئ الجميع) أي فيأخذ
السيد أو وارثه من الملئ جميع نجوم الكتابة. قوله: (إلا بأداء الجميع) أي إلا بتمام الأداء عن الجميع.
قوله: (زوجا) أي ذكرا أو أنثى وإنما يؤتى بالتاء عند خوف الالباس كما في الميراث. قوله: (وإلا لم يرجع) أي
وإلا بأن كان المدفوع عنه زوجا لم يرجع عليه الدافع وظاهره ولو أمره بالدفع عنه فهو مخالف لفداء
أحد الزوجين للآخر من الكفار فإنه إذا دفع عنه بإذنه رجع عليه وإن دفع عنه بغير إذنه فلا يرجع
عليه. قوله: (أو عجزه) أي أو أسره أو غصب أحد لذاته وأما لو استحق واحد منهم بملك أو حرية فإنه
يسقط عنهم نصيب من استحق لكشف الغيب أن السيد كاتب من لا يملك. قوله: (فإنه يغرم الجميع)
أي جميع النجوم. قوله: (وللسيد عتق قوي منهم) أي من الجماعة الذين كاتبهم دفعة واحدة بعقد
وحاصل أقسام هذه المسألة ثلاثة إن كان ذلك العبد الذي نجز السيد عتقه له قوة على الأداء ولا
يقدرون على وفاء الكتابة إلا به لم يجز عتقه مطلقا سواء رضوا بعتقه أم لا وإن كان لا قوة له جاز
عتقه مطلقا رضوا بعتقه أم لا وإن كان له قوة ويقدرون على وفاء الكتابة بدونه جاز عتقه إن رضوا
وإلا فلا يجوز. قوله: (فإن لم يكن لهم قوة) أي على الوفاء بدونه سواء ساواهم في القوة أو كان أقوى
منهم أو أقل عند ابن القاسم. قوله: (ولو طرأ الخ) أي هذا إذا كان عجزه وضعفه سابقا على عقد الكتابة
بل ولو طرأ عجزه وضعفه بعد عقدها. قوله: (نعم إن طرأ عليه العجز سقط عنهم منابه الخ) الذي في
الخرشي وعبق عن الشيخ أحمد الزرقاني أنه إذا أعتق القوي منهم بالشرطين المذكورين سقطت
حصته عن أصحابه وأما إذا أعتق من حدث له الضعف لم تسقط حصته عن أصحابه ووزعت عليهم
على قدر قوتهم كمن مات منهم وسلم وذلك شيخنا العدوي وبن. قوله: (الشرط الأول) أي وهو إن
رضي الجميع. قوله: (لكشف الغيب الخ) أي لأنهم إنما ردوا لحقهم وقد كشف الغيب أنه لا حق لهم
فإن كان هذا الذي ردوا عتقه أدى عنهم شيئا قبل الحكم بعتقه فهل يرجع به على سيده أو لا قولان
والصواب الأول كما قال أبو حفص بن العطار لأنه تبين أنه إنما أدى في حال عتقه. قوله: (لأحدهما)
أي السيد والمكاتب وقوله لصاحبه راجع لقوله لأحدهما وقوله أو لأجنبي راجع لقوله أولهما على
سبيل اللف والنشر المرتب. قوله: (بخلاف البيع) أي فإنه لا يجوز فيه الخيار إلا إذا كان أمده قريبا على
التفصيل السابق في البيوع وقوله بخلاف البيع أي لأنه يخاف فيه أن يكون المشتري زاد في الثمن
لوجود ضمان البائع المبيع مدة الخيار فيكون ضمانا يجعل وهو ممنوع لأن الضمان لا يكون إلا لله.
قوله: (ومكاتبة شريكين الخ) وذلك بأن يكاتباه بمائة محبوب لكل واحد خمسون منها منجمة ثلاثة نجوم
في ثلاث سنين كل نجم في سنة فالعقد واحد وكذلك المال متحد جنسا وصفة وأجلا وقدرا ودخلا على
اتحاد الاقتضاء أي القبض فلو تعدد العقد بأن عقد كل شريك على حصته بخمسين أو اختلف القدر بأن
عقدا معا على أن لأحدهما خمسين والآخر مائة لم يجز وهذا معنى قوله الآتي أو بمالين. قوله: (واقتضاء) أي لا بد
393

أن يدخلا على اتحاد الاقتضاء أي القبض أي كل ما يقبض من العبد فهو بينهما ولا يختص به أحدهما
وهذا لا ينافي أن لهما تركة بعد ذلك وهو قول المصنف الآتي ورضي أحدهما الخ. قوله: (فسد الشرط) أي
والعقد صحيح كما هو مذهب ابن القاسم في المدونة. قوله: (وما قبضه بينهما) أي وما قبضه أحدهما
لنفسه يقسم بينهما. قوله: (في القدر) أي كما لو كاتباه بخمسين دينارا عشرون منها لزيد وثلاثون منها
لعمرو. قوله: (أو الجنس) أي كما لو كاتباه على عشرين دينارا لزيد وعشرة أثواب لعمرو. قوله: (أو في
الصفة) أي كما لو كاتباه على عشرة خمسة يزيدية لزيد وخمسة محمدية لعمرو. قوله: (أو بمتحد بعقدين) أي
بأن يكاتبه كل منهما بخمسين دينارا لكن كل واحد كاتبه بعقد. قوله: (لأنه يؤدي الخ) أي أنه لو قيل
بالجواز لما ذكر وهو مخالف لقوله عليه الصلاة والسلام من أعتق شركا له في عبد قوم عليه قيمة
العدل كذا في الموطأ وهذا التعليل ظاهر في المسألة الأولى وأما فيما بعدها فلانه ربما أدى لعتق بعض
العبد وهو حصة من قبض نجومه دون أن يقوم عليه حصة شريكه. والحاصل أن التعليل محقق
بالنسبة للمسألة الأولى وبالمظنة بالنسبة لما بعدها. قوله: (دون من أنشأ سببه وهو الكتابة) أي كما في
مسألتنا. قوله: (وجاز رضا أحدهما الخ) أي جاز بعد دخولهما على الاتحاد في الاقتضاء رضا أحدهما
بتقديم الآخر ويلزم من جواز الرضا بالتقديم جواز قدوم الآخر على الآخذ فالمصنف تكلم على
الطرفين أحدهما صراحة والآخر التزاما وقوله بتقديم الآخر أي بتقديمه الآخر فهو من المتعدي
أو بتقديمه للآخر فهو منن اللازم. قوله: (على أن يأخذ الآخر نظير حصته فيه مما بعده) أي بحيث يأخذ
ما بعده كله إن كان العبد بينهما مناصفة أو يأخذ ثلثيه إن كان له ثلثه ولمن أخذ النجم الأول ثلثاه.
قوله: (وفسد) أي الشرط لا العقد وقوله كما قدمه الأولى كما قدمناه لأنه إنما تتقدم ذلك للشارح لا
للمصنف. قوله: (فالمضر الدخول على ذلك) أي على تقديم أحدهما. قوله: (فإن وفى العبد) أي الشريك الذي
لم يتقدم فواضح. قوله: (ورجع لعجز بصحته الخ) اعلم أن الكتابة إذا حلت كلها فأخذ أحد الشريكين
جميع حظه منها بإذن شريكه ثم عجز المكاتب فلا رجوع للشريك على القابض كما في المدونة لأنه
إنما قبض الذي له بإذن شريكه وتركه له خلافا لاطلاق المصنف، وإذا حل نجم واحد وأتى المكاتب
بجميعه فقال أحد الشريكين للآخر آثرني به وخذ أنت النجم المستقبل فآثره به ثم عجز المكاتب
فللآذن الرجوع على الآخر بحصته لأنه مسلف له، وإذا حل نجم واحد وأتى المكاتب ببعضه ففيه
تفصيل فإن قال الشريك آثرني به وخذ أنت حقك من النجم الثاني فهذا سلف يرجع به الشريك على شريكه
إن عجز المكاتب و، وإن قال آثرني به وانظر المكاتب بحقك الباقي من هذا النجم الحال أو طلب المكاتب
ذلك ففعل الشريك فلا رجوع له على شريكه إن عجز المكاتب كذا في التوضيح عن ابن يونس وبه
يتضح لك في كلام المصنف من الاجمال وفي كلام عبق وخش من التخليط انظر بن. قوله: (ورجع
من رضي بتقديم صابه) أي على صاحبه الذي قد أخذ. قوله: (وشبه في الجواز) أي دون الرجوع
لان الرجوع هنا ليس كالرجوع في المسألة السابقة ولذا صرح المصنف به بقوله فإن عجز خير ا ه‍ بن.
قوله: (في كتابة منجمة) صفة لعشرين أي كائنة في كتابة منجمة. قوله: (كأن قاطعه الخ) حاصل هذه
المسألة أن العبد إن كان شركة بين اثنين وكاتباه بأربعين مؤجلة ثم إن أحدهما استأذن شريكه في أن
يقاطع العبد على عشرة معجلة عوضا عن عشرينه المؤجلة فأذن له شريكه في ذلك فدفعها له العبد ثم عجز
394

فلا يخلو حال العبد إما أن يعجز قبل أن يدفع للآذن شيئا أو بعد أن دفع له أقل مما دفع أو بعد
أن دفع له مثله أو أكثر ففي هذه الأولى يخير الشريك المقاطع إما أن يدفع للآذن نصف العشرة التي
قبضها ويكون العبد رقا بينهما أو يسلم حصته رقا للآذن فيكون العبد كله رقا للآذن، وفي الحالة الثانية
يخير المقاطع، إما أن يدفع للآذن مما أخذ على ما قبض حتى يتساويا ويكون العبد رقا لهما، وإما أن يسلم
حصته للآذن فيكون العبد كله رقا له والتخيير في هذه الحالة هو ما في الموطأ وشب وعبق والمج،
خلافا لما يفده كلام خش من أنه لا تخيير في هذه الحالة وأنه يتعين على المقاطع أن يدفع للآذن مما
أخذ على ما قبض حتى يتساويا وفي هذه الحالة الثالثة والرابعة لا خيار للمقاطع ولا رجوع له على الآذن
بشئ والعبد رق بينهما أما عدم رجوعه عليه في الثالثة بشئ فظاهر لان الذي قبضه الآذن قدر ما
قبضه المقاطع وعدم رجوعه عليه في الرابعة مع أن الآذن قد قبض أكثر مما قبضه المقاطع لان المقاطع
قد رضي ببيع نصيبه بأقل مما عقد عليه الكتابة وهذا كله إذا قاطع أحد الشريكين بإذن شريكه،
فإن قاطع بغير إذنه فلا يجوز وتبطل القطاعة إن اطلع عليها قبل عجز المكاتب فإن لم يطلع عليها إلا بعده،
فإن قبض شريكه الذي لم يقاطع مثله فواضح، وإن قبض أقل أو لم يقبض شيئا خير بين أن يساوي المقاطع
فيما قبضه وبين أن يتملك حصته، فإن اختار الثاني انقلب الخيار للآخر الذي قاطع بين أن يسلم له ذلك
وبين أن يدفع له حصته مما قبضه والاشتراك في العبد. قوله: (ما فضل به شريكه) أي ما زاد به على
شريكه. قوله: (فإن قبض) أي الآذن وقوله دون المأذون أي أقل مما قبضه المأذون. قوله: (دفع له
المأذون مما قبضه ما يساويه) أي إن أحب ذلك وإن شاء لم يدفع وسلم حصته للآذن خلافا لما يفيده
كلام خش من أنه لا خيار للمأذون في هذه الحالة ويتعين أن يدفع للآذن مما أخذ على ما قبض حتى
يتساويا. قوله: (وكان الأولى حذف الواو) أي من قوله وإن قبض الأكثر لان المتبادر من الكلام
جعلها للمبالغة وجعلها للمبالغة فاسد وذلك لشمولها لقبض الأقل الذي فيه التخيير والمساوي ومن
المعلوم أنه لا يصح نفي الرجوع النظر لهما لان نفي الشئ فرع عن صحة ثبوته. قوله: (بأنها للحال)
أي والمعنى لا رجوع للمقاطع على الآذن في المقاطع. قوله: (وإن مثل قبض
الأكثر قبض المساوي بالأولى) فيه أنه لا يتوهم رجوع المقاطع على الآذن عند المساواة حتى ينفي
تأمل. قوله: (فإن مات الخ) الموضوع بحاله وهو أن المكاتب كاتبه سيداه على أربعين ثم إن أحدهما
قاطعه على عشرة بدل عشرينه بإذن شريكه وقبضها منه إلا أن المكاتب قد مات عن مال بعد أداء
القطاعة فالحكم ما ذكره المصنف من أن الآذن يأخذ من ذلك المال جميع ماله من الكتابة فإن فضل
بعد ذلك شئ قسم بين المقاطع والآذن على قدر حصصهما، وأما لو مات قبل أداء القطاعة عن مال
أخذ المقاطع ما قطع به وأخذ الآذن حصته من النجوم واشتركا فيما بقي، فإن لم يف مال
المكاتب الذي تركه بما للمقاطع، وما للآذن تحاصصا فيه بحسب ما لكل فيحاصص المقاطع بعشرة
القطاعة والآخر بعشرينه. قوله: (عن مال) متعلق بقوله فإن مات. قوله: (وعتق
أحدهما) أي وإتيان أحدهما بصيغة العتق وقوله وضع لماله أن يحمل على وضع ما ينو به من النجوم فإذا قال نصيبي
من المكاتب حر أو قال أعتقت نصيبي في عبدي فلان وهو مكاتب فإنه يحمل على وضع ما ينو به
من نجوم الكتابة وهذا إذا لم يقصد بذلك العتق وفك الرقبة من الرقية بل قصد وضع المال
395

أو لا قصد له أصلا أما إذا قصد بذلك العتق وفك الرقية من الرقية فسيأتي أنه يعتق عليه نصفه ويقوم
عليه حصة شريكه إن عجز وكان موسرا بقيمتها. قوله: (في صحته) أي وأما لو أعتق أحدهما نصيبه
في مرضه فإنه يكون عتقا حقيقة لا وضعا لأنه لو عجز ورق للورثة لم ينفذوا وصية الميت وهو قد أراد
إنفاذها وأن لا يعود لهم شئ منه وأما الصحيح فإنما أراد التخفيف عن المكاتب وأنه إن عجز كان رقا
له قاله ابن يونس ا ه‍ عبق. قوله: (وتظهر فائدة ذلك) أي كونه ليس عتقا حقيقة. قوله: (فإنه يرق كله)
أي لهما. قوله: (وقد حل له) أي للشريك الذي لم يعتق حصته ما أخذه من المكاتب فلا رجوع لمن أعتق
عليه بشئ. قوله: (إلا إن قصد) أي بصيغة العتق العتق حقيقة. قوله: (ويقوم عليه حصة شريكه بشرطه)
أي وهو يساره بقيمتها وإنما تقوم عليه إذا عجز عن أداء ما للشريك كلا أو بعضا كما قال اللخمي
لان الولاء قد انعقد لشريكه الآخر بالكتابة وإن توقف على أداء النجوم فلو قومناه الآن لكان
فيه نقل للولاء وهو لا يصح انظر التوضيح. قوله: (كأن فعلت الخ) أشعر قوله كأن فعلت إلى أن
محل وضع نصف الكتابة عن المكاتب الذي علق عتق نصفه على أمر ثم كاتبه ثم حصل المعلق عليه إذا كانت
الصيغة صيغة بر فإن كانت صيغة حنث كنصفك حر لأفعلن أو إن لم أفعل كذا فنصفك حر ثم كاتبه
ولم يفعل أي عزم على عدم الفعل، فإنه يكون عتقا قاله اللخمي أي أنه يعتق كله بعضه عملا بالصيغة وبعضه
بالسراية. قوله: (فيما قبل الاستثناء) في بمعنى الباء أي أن هذا مشبهه بما قبل الاستثناء في مطلق وضع
النصف عن العبد. قوله: (وضع النصف) أي حمل ذلك على وضع نصف الكتابة ولم يحمل على عتق
نصفه وإن كان قاصدا به العتق. قوله: (لافادته بالجواب الخ) أي ولو تركه لاقتضى تمام التشبيه لأنه
الأصل فيه. قوله: (إذ يوضع النصف في هذا) أي ولا يعتق منه شئ ولو قصد الخ أي وأما في الشبه به فإنه
يوضع عنه ولا يعتق منه شئ إذا لم يقصد فك الرقبة. قوله: (ولو قصد فك الرقبة) الواو للحال إذ لا يتأتى
هنا إلا قصد العتق لا قصد وضع المال إذ هو لم يكاتبه إلا بعد. قوله: (لأنه في حال النفوذ الخ) حاصله أن
العبد وإن كان حال الصيغة في ملك سيده قطعا ونية العتق حصلت حينئذ إلا أنه حال النفوذ الذي هو
المعتبر لم يكن في ملك سيده فلم يكن لنية العتق تأثير في حال النفوذ فلذا حملت الصيغة على الوضع لا على
العتق. قوله: (ولما كانت تصرفات المكاتب) أي بالبيع والشراء مثلا. قوله: (كالحر) أي في عدم
الحجر عليه فيها. قوله: (فما كان بعوض جاز) أي فما كان من تصرفاته بعوض جاز لأنه يعين
على العتق. قوله: (ومالا فلا) أي وما كان من تصرفاته بلا عوض فلا يجوز لأنه يؤدي لعجز.
قوله: (بلا إذن) متعلق بما بعده أعني قوله بيع واشتراء الخ. قوله: (ومقارضة) بالقاف والراء
هذا هو الصواب وأما نسخة ومفاوضة بالفاء والواو فيغني عنها قوله ومشاركة ونسخة
ومعاوضة بالعين يغني عنها بيع واشتراء. قوله: (لابتغاء الفضل) أي لأجل طلب الزيادة كأن
يكاتبه بأكثر من قيمته. قوله: (وعتق) أي ذلك الأسفل. قوله: (وولاؤه له) أي للسيد الأعلى.
قوله: (واستخلاف الخ) الأولى وتزويج أمته أي واستخلف عاقدا لها لان المخير فيه تزويجها وأما
396

الاستخلاف فهو واجب خلافا لظاهر المصنف. والحاصل أنه يخير إن شاء زوجها وإن شاء لم يزوجها
وإذا أراد أن يزوجها فيجب عليه الاستخلاف. قوله: (وهو) أي المكاتب محمول عليه أي على النظر
فلا يحتاج لاثباته ببينة. قوله: (فلا بد من إثباته) أي النظر ببينة وإلا رد سيده نكاحها. قوله: (وله سفر قريب
بغير إذن لا يحل فيه نجم) أي وليس للسيد منعه منه لا بعيد مطلقا حل فيه نجم أو لا أو قريب حل فيه
نجم فليس له السفر ولسيده منعه منه. قوله: (أي ذمته) هذا تفسير مراد وقد صوب ابن غازي
كلام المصنف به لأنه الذي يختص به المكاتب دون القن وأما الاقرار في الرقبة فإن كان بحد وقطع فيقبل
حتى من القن أيضا وإن كان بمال كالجناية خطأ فلا يقبل منهما كما يأتي. والحاصل أن الأقسام ثلاثة ما يرجع
للمال في الذمة كالدين وهذا يقبل الاقرار به من المكاتب دون القن وما يرجع للمال في الرقبة وهذا
لا يقبل من واحد منهما وما يرجع للرقبة فقط من حد وقطع وهذا يقبل منهما معا ا ه‍ بن. قوله: (كدين)
أي كالاقرار بدين لمن لا يتهم وإلا ألغى كما يلغي إقراره بالقتل عمدا إذا استحياه ولي المقتول على أن
يأخذه لان العبد يتهم على تواطئه مع الولي على الفرار من سيده بإقراره المذكور وحينئذ فلا يمكن
الولي من أخذه ويبطل حق ذلك الولي المقر له من القصاص إذا طلبه بعد أن منع من أخذه ما لم يكن مثله
يجهل ذلك ويدعي الجهل فيحلف ويقتص له منه كما مر. قوله: (وله اسقاط شفعته) أي بالنظر كما في المدونة
فإذا أسقط الاخذ بالشفعة وكان في الاخذ بها نظر كان لسيده الاخذ ولا عبرة بإسقاطه انظر بن.
قوله: (وإن قريبا) أي لان المكاتب لا يلزمه عتق قريبه لان شرط العتق بالقرابة كون المالك حرا كما مر.
قوله: (وللسيد رده) أي رد عتقه ولو لقريبه. قوله: (ولا تزويج بغير إذن) أي سواء كان نظرا أو غير نظر لان
ذلك يعيبه. قوله: (ولسيده رده) أي التزويج بطلقة بائنة أي وله إجازته وإذا أجازه جاز إن لم يكن
معه أحد في عقد الكتابة فإن كان معه غيره لم يجز إلا برضاهم فإن كانوا صغارا فسخ تزوجه على كل حال
رضوا أم لا أجازه السيد أم لا ولا عبرة برضاهم ولا بإجازة السيد. قوله: (ولها حينئذ) أي حين رده
السيد بعد الدخول ربع دينار أي وأما إن رده قبله فلا شئ لها. قوله: (ولا تتبعه بما زاد إن عتق) أي إذا
كان لم يغرها وإلا تبعته به بعد العتق ما لم يسقطه عنه السيد أو السلطان كما مر في النكاح. قوله: (والتزوج فعله
لنفسه) أي وهو المراد هنا. قوله: (ولا إقرار الخ) أي وليس للمكاتب إقرار بجناية خطأ فإن أقر بها فلا
يلزمه شئ سواء عتق أو عجز ولو لمن لا يتهم عليه كما هو الصواب كما في بن خلافا لما قاله بهرام من أنه
إذا أقر بجناية خطأ لمن لا يتهم عليه فإنه يتبع بالدية إذا عتق. قوله: (وله) أي للمكاتب المسلم تعجيز
نفسه أي إظهار العجز وعدم القدرة على الكتابة وذلك بأن يقول عجزت نفسي لكن إنما يقول ذلك
بعد اتفاقهما على فك الكتابة والرجوع رقا وعند عدم ظهور مال له وإذا علمت أن المراد بالتعجيز
الذي يتفرع عليه الرقية ما ذكر تعلم أن قوله بعد ذلك فيرق ليس تكرارا مع قوله وله تعجيز نفسه. قوله: (بعد حلول
الخ) إنما قيد بذلك لأجل قوله كأن عجز عن شئ. قوله: (إن اتفقا) أي تراضيا. قوله: (عليه) أي على
التعجيز وفك الكتابة والرجوع رقا. قوله: (ولم يظهر له مال) الواو للحال أي إن اتفقا عليه في حال
عدم ظهور مال للمكاتب ولا بد أيضا أن لا يكون معه ولد في الكتابة وإلا فلا تعجيز له ويؤمر بالسعي
عليهم قهرا عنه وإن تبين لدده وامتناعه من السعي عوقب. قوله: (ولا يحتاج في ذلك) أي في تعجيز
العبد نفسه عند اتفاقهما عليه. قوله: (وإن اختلفا) هذا مفهوم قوله إن اتفقا على التعجيز أي وإن
اختلفا بأن طلب العبد التعجيز وامتنع السيد أو بالعكس. قوله: (فليس لمن أراد تعجيز) أي سواء كان
ذلك المريد الذي أراده السيد أو العبد. قوله: (وإنما ينظر الحاكم) أي فإن وجد المصلحة في تعجيزه حكم به وإن
وجد المصلحة في عدمه حكم بعدمه وهذا ما في التوضيح وهو الموافق لظاهر إطلاق قوله هنا إن اتفقا عليه.
397

قوله: (وفصل ابن رشد الخ) تفصيل ابن رشد هذا هو ما اعتمده الشيخ إبراهيم اللقاني وكذا غير
واحد من الأشياخ كما قال شيخنا العدوي. قوله: (فيرق) أي فيصير رقيقا لا شائبة فيه بعد أن كان فيه
شائبة حرية فاندفع ما يقال أنه رق في الأصل فلا معنى لقوله فيرق ا ه‍. وقوله فيرق بالنصب عطف على
تعجيز الذي هو اسم خالص من التأويل بالفعل. قوله: (ولو ظهر له مال) أي ويستمر على رقيته بعد التعجيز
ولو ظهر له مال سواء كان ذلك العبد عالما بذلك المال وأخفاه عن السيد أو لم يكن عالما به. قوله: (على من قال
يرجع مكاتبا) أي إذا ظهر له مال بعد التعجيز لتشوف الشارع للحرية. قوله: (كأن عجز عن شئ) أي عند
حلوله والحال أنه حاضر فإنه يرق ويفسخ الحاكم كتابته وكذا إن غاب عند حلول الكتابة من غير إذن
سيده والحال أنه لا مال له ظاهر فإنه يرق ويحكم الحاكم بفسخ كتابته لكن محل حكم الحاكم بفسخ كتابته
في الأولى إذا طلب سيده التعجيز وأبى العبد لا أن الحاكم يحكم بفسخها مطلقا لأنه لو رضي العبد بالتعجيز
كالسيد فلا يحتاج لفسخ الحاكم هذا حاصل كلامه. قوله: (عند المحل) هو بكسر الحاء بمعنى الحلول
وأما بفتحها فمكان الحلول والمراد هنا المعنى الأول وحذف المصنف قوله عند المحل من التي قبلها أعني
قوله كأن عجز عن شئ لدلالة هذا عليه. قوله: (لم يعجزه بذلك) الأولى لم يرق بذلك. قوله: (فلا بد في التعجيز
من الحكم) أي لان تعجيزه لا يتوقف على قدومه على الصواب بل يعجز ولو في غيبته فلا بد من الحكم به.
قوله: (وتلوم) أي الحاكم لمن يرجوه أي لمن يرجو يساره في مدة التلوم بالنسبة للحاضر أو يرجى قدومه
ويسره بالنسبة للغائب غيبة قريبة. وحاصله أن الحاضر العاجز عن شئ من نجوم الكتابة إنما يحكم
الحاكم بفسخ كتابته إذا طلب سيده ذلك وأبى العبد بعد التلوم له إن كان يرجى يساره في مدة التلوم وإن
كان لا يرجي يساره فيها حكم بالفسخ من غير تلوم، وأما الغائب عند الحلول بلا إذن فقيل يحكم الحاكم
بفسخ كتابته من غير تلوم مطلقا وقيل إن قربت الغيبة لا يحكم بالفسخ إلا بعد التلوم إن كان يرجى قدومه
ويسره في مدة التلوم فإن لم يرج ذلك حكم بالفسخ من غير تلوم كبعيد الغيبة ومجهول الحال.
قوله: (كالقطاعة) أي كما يتلوم ويحكم بالفسخ في القطاعة وصورته أن يقول السيد لعبده إن أتيتني بعشرة
حالة فأنت حرا ويكاتبه على مائة مثلا على ثلاثة نجوم مثلا ثم يقاطعه على ثلاثين مثلا حالة أو مؤجلة
لأجل أقرب من الأول فعجز عن أداء ما قاطعه به، فإن الحاكم يفسخ عقد القطاعة بعد التلوم لمن
يرجى يسره وإنما سمي العقد على الوجه المذكور مقاطعة لان العبد قطع طلب سيده
عنه بما أعطاه له أو لان سيده قطع له تمام حريته بذلك أو قطع له بعض ما كان له عنده قاله عياض.
قوله: (وهو تشبيه تام) أي أنه تشبيه في مجموع الامرين التلوم والفسخ بعده. قوله: (ولا بد منهما) أي
من التلوم والفسخ بعده. قوله: (وقبض الحاكم إن غاب سيده) أي ويخرج المكاتب حرا بمجرد
إقباضها له. قوله: (وإن قبل محلها) أي هذا إذا أتى بها المكاتب بعد الاجل بل وإن أتى بها قبل أجلها.
398

قوله: (لان الاجل فيها) أي في الكتابة. قوله: (من حق المكاتب) أي فله أن يسقط حقه في الاجل
ويعجلها. قوله: (وفسخت إن مات المكاتب قبل الوفاء الخ) أي بأن مات قبل إتيانه بها للسيد أو بعد
إتيانه بها له فلم يقبلها منه ولم يحكم عليه حاكم بقبضها ولم يشهد العبد بينة على أنه أحضرها له وأبى من قبولها
وحاصله أن العبد إذا مات قبل إتيانه بالكتابة أو بعد إتيانه بها فلم يقبلها السيد ولم يجبره الحاكم على
قبولها لعدم وجوده بالبلد ولم يشهد العبد على سيده أنه أحضرها له وأبى من أخذها ومات العبد فإن
الكتابة تفسخ فتكون وصاياه باطلة وماله للسيد لا لوارثه لأنه مات رقيقا حينئذ وفي الصورتين
يصدق عليه أنه مات قبل الوفاء وقبل حكم الحاكم على السيد بقبضها وقبل الاشهاد على الاتيان بها.
قوله: (بأن أتى بها لسيده) أي بأن أتى العبد بالنجوم للسيد ولم يقبلها منه ببلد لا حاكم بها يجبره على
قبولها فمات العبد ولم يشهد عليه أنه أحضرها له وأبى من قبولها وكان على الشارح أن يقول بأن أتى بها
لسيده الخ أو مات الخ قبل الاتيان بها لما علمت أن كلامه السابق صادق بصورتين. قوله: (وماله لسيده)
أي لأنه مات قبل حصول الحرية له. قوله: (فأشهد عليه بذلك) أي بأنه أحضرها له وأبى من قبولها.
قوله: (إلا لولد أو غيره الخ) أي فإذا دخل معه في عقد الكتابة ولد أو أجنبي بشرط أو بغير شرط فلا
تنفسخ كتابته بل تحل كتابته بموته ويتعجلها من ماله حيث ترك ما يفي بالكتابة ويعتق بذلك من معه
في عقد الكتابة كما قال المصنف. قوله: (بإذن سيده) هذا هو الصواب خلافا لقول خش تبعا
للفيشي بغير إذن سيده لأنه إذا اشتراهم بغير إذن سيده لم يدخلوا معه في كتابته وله بيعهم انظر بن.
قوله: (فتؤدي حالة) أي يؤدي جميع ما بقي من النجوم على الميت وعلى من معه وإنما حل الجميع بموته
وحده لأنه مدين بالجميع بعضه بالأصالة عن نفسه وبعضه بالحمالة عن غيره لأنهم حملاء وحيث أدى
جميع ما بقي من النجوم ما على الميت وما على غيره ممن معه في عقد الكتابة رجع وارث المكاتب بما أدى
من تركته على غير من يعتق على ذلك المكاتب كما يرجع هو عليه لو كان حيا كما سبق، وأما من يعتق
عليه فلا يرجع عليه الوارث كما لا يرجع عليه المكاتب لو كان حيا، فلو كان الوارث هو السيد
تبع الأجنبي بالحصة المؤداة عنه من مال الميت وحاص به غرماءه بعد عتقه كما في بن عن ابن عرفة.
قوله: (ولو ابنا) أي حرا أو في عقد كتابة أخرى. قوله: (ولو كان معه في عقد الكتابة جماعة كلهم
ممن يعتق عليه) أي بأن كان معه ابنه وابن ابنه وأبوه وجده وأمه وجدته وأخوه. قوله: (وهكذا)
أي ويحجب ابن الابن بالابن والجدة بالأم. قوله: (وإن لم يترك وفاء) أي وإن مات ولم يترك وفاء.
قوله: (الذي معه في الكتابة) أي وحده أو مع أمه. قوله: (ولا مفهوم لولده) أي وإنما يفترق الولد
وغيره في إعطاء ما تركه مما لا يفي فلا يعطي للأجنبي وإنما يعطي لولده وأمه كما أشار له بقوله وترك
متروكه للولد الخ. قوله: (وترك متروكه) أي الذي لا يفي بما على ذلك الميت وبما على من معه وقوله
للولد أي خاصة فلا يعطي لغيره ولو قريبا بل يتعجله السيد من الكتابة ويسعون في بقيتها خلافا
399

لقول خش مراد المصنف بالولد مطلق الوارث ولدا أو غيره انظر بن. قوله: (وإلا رق) أي وإلا
يؤمن ولم يقو على السعي رق وكذلك إذا لم يقو على السعي وأمن على المال وأما إذا قوي على السعي ولم
يؤمن على المال فإن السيد يأخذ المال من الكتابة ويؤمر الولد بالسعي ولا يرق. قوله: (ولا يدفع لهما شئ)
أي مما تركه ذلك الميت المكاتب. قوله: (فتباع الأم الخ) أي بخلاف ما لو كان مع أم الولد أجنبي في
الكتابة فلا تباع هي لأجله وتفسخ الكتابة في الأجنبي وأم الولد إذا عجز عن السعي ويرقان.
قوله: (أم لا) أي أو لم يترك شيئا. قوله: (وإلا استوفاه الخ) أي وإلا بأن انتفت القوة والأمانة من الولد ومن أمه
استوفى ذلك المتروك سيد المكاتب. قوله: (فإن لم يوف ثمنها) أي بالنجوم. قوله: (فالكل) أي فكل من
الولد وأمه. قوله: (فسيده يأخذ الخمسين) أي من الكتابة. قوله: (ولا يتركها لاحد) أي ممن معه في عقد
الكتابة يستعين بها على أداء الكتابة. قوله: (فاسعوا) أي لتحصيل الخمسين الباقية. قوله: (وإلا فرقيق)
أي وإلا فكل منكم رقيق. قوله: (وإن وجد العوض معيبا) حاصل ما قرر به الشارح كلام المصنف أنه
إذا أعتق عبده على مال أو كاتبه على مال أو قاطعه على مال فوجد السيد العوض معيبا أو استحق منه
فإن كان موصوفا في الذمة رجع السيد على العبد بمثله سواء كان مقوما أو مثليا وإن كان ذلك
العوض معينا رجع السيد بمثله إن كان مثليا وبقيمته إن كان مقوما ولا فرق بين أن يكون العبد
له شبهة فيما دفعه أولا وهذا كله إذا كان العبد موسرا له مال، فإن كان معسرا لا مال له فكذلك إن كان
له شبهة فيما دفعه معينا كان أو موصوفا، فإن لم يكن له شبهة فيما دفعه رجع لما كان عليه من رق أو كتابة
وبطلت القطاعة سواء كان ذلك العوض الذي دفعه من غير شبهة معينا أو موصوفا.
قوله: (على مال) تنازعه أعتق وكاتب وقاطع. قوله: (فهو حال منهما) أي وأفرده لان العطف بأو.
قوله: (ولو مقوما) أي هذا إذا كان مثليا بل ولو كان مقوما. قوله: (على المعتمد) أي وهو نص المدونة وأيضا
القاعدة أن الموصوف يرجع بمثله مطلقا كما في السلم وغيره. قوله: (لا بقيمة المقوم الموصوف) أي
كما ذكره بهرام وتت و ح وهو قول ابن رشد واعتمده المصنف في التوضيح وهو مشكل إذ
الفرض أنه غير معين فكيف يرجع بقيمته. قوله: (وقع عقد العتق أو الكتابة الخ) حقيقة الكتابة
أن تكون على غير معين وما على معين فقطاعة لا كتابة كما في التوضيح وغيره انظر بن وانظر
هذا مع ما مر من جواز الكتابة بالعبد الآبق والبعير الشارد فإنه معين وجعلوه كتابة إلا أن يقال هذا
الجعل تسمح. قوله: (بل في مطلق الرجوع) أي لا في المرجوع به. قوله: (وهذا كله) أي ما ذكر من
الرجوع بالمثل في الموصوف مطلقا مثليا أو مقوما استحق أو وجد معيبا ومن الرجوع بالمثل في
المثلى والقيمة في المقوم إذا كان معينا استحق أو وجد معيبا. قوله: (إن كان للعبد مال) أي سواء كان له
فيما دفعه شبهة أم لا. قوله: (فإن كان له فيما دفعه شبهة) أي كما لو كان مستأجرا له أو مستعيرا له وقوله
فكذلك أي يرجع عليه بمثل الموصوف مثليا أو مقوما وبقيمة المقوم المعين وبمثله. قوله: (عند ابن
القاسم وأشهب) أي وقال ابن نافع يرجع لما كان عليه من كتابة أو رق مثل ماذا لم يكن له شبهة فيما دفعه.
400

قوله: (إن لم يكن له مال) أي إن ثبت أنه لم يكن له مال فلم يجتمع أداتا مضى واستقبال ولم يتوارد
عاملا جزم على مجزوم واحد. قوله: (وهذا قيد في المبالغ عليه وهو الشبهة) فيه نظر بل المبالغ عليه هو
قوله إن لم يكن له مال وقوله وإن بشبهة قيد فيه والأصل وإن لم يكن مال أي هذا إن كان له مال بل وإن
لم يكن له مال إن كان دفع العبد له بشبهة فيه. قوله: (رجع لما كان عليه) أي سواء كان العوض الذي دفعه
موصوفا أو معينا. قوله: (ويرجع سيده عليه بعوضه) أراد بعوضه المثل في الموصوف ولو مقوما
والمثل في المعين إن كان مثليا والقيمة إن كان مقوما وقوله في حال عدم الشبهة أي كما أنه يرجع به في
حال وجودها. قوله: (فالتفصيل بين ماله فيه شبهة وما لا شبهة له فيه) أي بالنظر لمن لا مال له لان
التفصيل إنما هو فيه. وحاصله أنه إذا كان له شبهة فيما دفعه رجع عليه بمثل الموصوف مطلقا وبمثل
المثلى وقيمة المقوم إن كان المدفوع معينا وإن لم يكن له شبهة يرجع لما كان عليه كان المدفوع
موصوفا أو معينا. قوله: (على الراجح) قال شيخنا بل هذا خلاف الراجح والراجح أنه إن لم يكن له
شبهة ففي المعين يرجع لما كان عليه له مال أو لا وفي الموصوف يتبعه السيد بمثله. قوله: (هذا ما عليه
أكثر الشراح) أي كح وغيره وذكر الشيخ شرف الدين الطخيخي أن الموصوف سواء كان مثليا
أو مقوما يتبعه بمثله ولو كان لا شبهة له فيه ولا مال له بخلاف المعين فإنه يرجع لما كان عليه من رق أو
كتابة حيث كان لا شبهة له فيما دفعه كان له مال أو لا وحاصل كلامه أنه إذا كان موصوفا اتبعه بمثله
كان له مال أو لا كان له شبهة فيما دفعه أولا وإن كان معينا رجع بمثله إن كان مثليا أو قيمته إن كان
مقوما إذا كان له شبهة فيما دفعه كان له مال أو لم يكن، فإن لم يكن له شبهة رجع لما كان عليه من
كتابة أو رق كان له مال أو لا فقول المصنف وإن بشبهة إن لم يكن له مال راجع لما بعد الكاف
وهو المعين أي كما يرجع عليه بالمعين إن كان له شبهة فيما دفعه هذا إذا كان له مال بل وإن لم
يكن له مال ومفهوم إن كان له شبهة أنه لم يكن له شبهه رجع لما كان عليه كان له مال أو لا قال
شيخنا العدوي والنقل ما قاله شرف الدين الطخيخي. قوله: (ومضت الخ) معناه أنه ليس له نقضها
بل يمضيها عليه قهرا عنه ويبيعها له من مسلم وليس المراد أنه لا يجوز له ابتداء بل هو جائز لان
الراجح خطاب الكفار بفروع الشريعة. قوله: (ولا يرجع لسيده إن أسلم) أي ولا يكون لأولاد سيده
المسلمين وذلك لان الولاء لم ينعقد لسيده حين عتقه إذ لا ولاية لكافر على مسلم. قوله: (كأن كاتبه كافرا
وأسلم) أي كما أنها تمضي إن كاتبه كافرا وأسلم قهرا عنه ولا تمكنه من نقضها والرجوع فيها وأما إن
كاتبه كافرا وأسلم السيد دون العبد فقال اللخمي له فسخ كتابته عند ابن القاسم دون غيره.
قوله: (فإن لم يكونوا فللمسلمين) أي فولاؤه للمسلمين والمراد بالولاء هنا الميراث وأما الولاء الذي هو
لحمة كلحمة النسب فلا ينتقل عمن ثبت له وهو السيد المعتق فلا يلزم من انتقال المال انتقال الولاء
وفائدة ثبوت الولاء بمعنى اللحمة للسيد الكافر أنه إذا أسلم كان له حق في تغسيل العتيق والصلاة
عليه وتولى عقد نكاحه إن كان أنثى. قوله: (لأنه قد كان الخ) أي لان الولاء قد ثبت له حين عقد كتابته
في حال كفر العبد. تنبيه: قد علم من كلامه حكم ما إذا أسلم العبد بعد كتابة سيده الكافر وأما
لو أسلمت أم ولد الكافر فهل ينجز عتقها وإليه رجع مالك أو تبقى إلى إسلامه أو يموت وكأن
يقول تباع لان إيلاد الكفر ليس له حرمة، كذا في البدر القرافي وأما إن وطئ الكافر أمة مسلمة
وأولدها نجز عتقها لقاعدة كل أم ولد حرم وطؤها نجز عتقها ويكون الولد كافرا تبعا لأبيه كذا
في البدر عن شيخه الجيزي في آخر باب الجهاد. قوله: (كتابة من دخل معه) أي وإن لم يسلم ذلك الداخل
401

وقوله فإن عجز أي ذلك المكاتب المسلم وقوله رق أي الداخل معه لمشتريها كما يرق هو. قوله: (وإن
أدى فولاؤه على ما تقدم) أي وإن أدى المكاتب المسلم عتق وعتق من دخل معه وولاؤهم يجري على
ما تقدم في تفصيل المكاتب المسلم أي أنه ينظر في ذلك المسلم الذي دخل معه غيره في الكتابة إن كان
أسلم قبل الكتابة فيكون ولاؤهم للمسلمين لا لسيدهم ولا لأقاربه المسلمين وإن كان أسلم بعد الكتابة
فيكون ولاؤهم لأقارب سيده المسلمين فإن لم يكن له أقارب مسلمون فالولاء لجميع المسلمين. قوله: (كفر
بالصوم) أي فهو كالقن في الكفارات وقوله لا عتق أي ولو بإذن السيد له فيه وقوله ولا بإطعام أي
ما لم يأذن له فيه السيد. قوله: (واشتراط وطئ المكاتبة حال كتابتها) أي اشتراط السيد ذلك عند عقد
الكتابة أو بعده وقوله لغو أي لا يوفي به. قوله: (وكذا وطئ المعتقة لأجل) أي اشتراطه عليها
للأجل لغو. قوله: (ببطنها) أي من زوجها. قوله: (لا يفيده) أي وحينئذ يكون حرا. قوله: (ولا يعمل
بشرطه في الجميع) أي وتبقى الكتابة على حالها. قوله: (ولكن ظاهر المدونة الخ) نصها وكل خدمة
اشترطها السيد بعد أداء الكتابة فباطل وإن اشترطها في زمن الكتابة فأدى العبد قبل تمامها سقطت
ا ه‍ عبد الحق عن بعض الأشياخ إنما ذلك في الخدمة اليسير لأنها في حيز التبع، وحملها الأكثر على
ظاهرها قليلة أو كثيرة ا ه‍ وعلى ما لعبد الحق درج المصنف ولم يرتضه ابن مرزوق فلو أسقط
لفظ قليل لكان مطابقا لما عليه الأكثر انظر بن. قوله: (وإن عجز عن شئ) أي مما كوتب به وأعاد
المصنف هذا مع تقدمه في قوله كأن عجز عن شئ ليرتب عليه ما بعده. قوله: (أو عجز عن دفع أرش
جناية) حاصله أن المكاتب إذا جنى على سيده أو على أجنبي إن دفع أرش الجناية فهو باق على كتابته
وإن عجز عنه رق ثم إن كان المجني عليه سيده رق له ولا كلام وعجزه عن أرش الجناية عليه كعجزه عن
الكتابة وإن كانت الجناية على أجنبي وعجز عن أرشها خير السيد إما أن يدفع أرش الجناية ويرق له
العبد أو يدفعه في الجناية فيرق للمجني عليه. قوله: (وإن على سيده) أي هذا إذا صدرت منه على أجنبي
بل وإن صدرت منه على سيده. قوله: (كالقن) فائدة قوله كالقن بعد قوله رق إفادة التخيير أي رق وكان
كالقن إذا جنى. قوله: (فيخير سيده في فدائه) أي بأرش الجناية ويرق لسيده وقوله وإسلامه للمجني
عليه فيكون رقا له هذا في جنايته على أجنبي وأما إذا جنى على سيده فإنه بمجرد عجزه عن أرش الجناية
عليه يرق له لان عجزه عن ذلك كعجزه عن الكتابة وإن أدى أرش الجناية إليه استمر مكاتبا على
ما كان عليه قبل الجناية. قوله: (فإن أدى الأرش) هذا مفهوم قول المصنف وإن عجز. قوله: (لأنه
ماله) أي وقد جنى عليه. قوله: (وأدب إن وطئ مكاتبته) أي زمن كتابتها لارتكابه أمرا محرما
وإنما منع من وطئ مكاتبته دون مدبرته مع أنه أن كلا من الكتابة والتدبير عقد يؤدي لحرية
لان الاجل في الكتابة معلوم والوطئ لأجل معلوم غير جائز قياسا على نكاح المتعة والمحللة
وأجل الحرية في التدبير موت السيد، فإذا مات زال ملكه فكانت الحرية تقع في وقت لا ملك
له فيها. قوله: (بلا مهر عليه لها) أي لا يلزمه مهر لها في وطئه إياها سواء كانت بكرا أو ثيبا طائعة أو
مكرهة نعم إذا كانت بكرا وأكرهها على الوطئ فإنه يلزمه ما نقصها كما أشار له المصنف بعد بقوله
وعليه نقص الكراهة بخلاف ما إذا كانت ثيبا فلا شئ عليه وكذا لو كانت بكرا ووطئها طائعة، ثم
إن قوله بلا مهر ليس راجعا لأدب ولا لوطئ وإنما هو مستأنف لبيان حكم المسألة بعد الوقوع فكأن
قائلا قال له ما حكمه بعد الأدب فقال حكمه لا مهر فيقف القارئ على وطئ ويبتدئ بقوله بلا مهر.
402

قوله: (إلا أن يعذر بجهل) أي بجهل الحكم وهو حرمة الوطئ ومثل الجهل في العذر به الغلط. قوله: (للشبهة)
أي لخبر المكاتب عبد ما بقي عليه درهم. قوله: (خيرت في البقاء الخ) أي لصيرورتها مستولدة
ومكاتبة. قوله: (فإن أدت) أي ولو قبل وضعها عتقت أي وتستمر نفقتها على السيد حينئذ لوضعها
كالبائن. قوله: (وإن عجزت صارت أم ولد الخ) أي وحينئذ فله وطؤها عند عجزها. قوله: (وفي انتقالها
عن الكتابة إلى أمومة الولد) أي بأن تعجز نفسها وتنتقل إلى أمومة الولد. قوله: (وحط حصتها) أي
كما يحط عنها ما لزمها بطريق الحمالة عمن معها إذا عجز عن الأداء. قوله: (لبطلان كتابته) أي بموته قبل
الوفاء. قوله: (يختص بها) أي ولا تكون لوارثه لموته على الرق. قوله: (إلا أن يكون) أي من معه في
الكتابة ولدا الخ. قوله: (عتق فيها) في بمعنى من أي عتق منها أي عتق عتقا ناشئا منها. قوله: (ولا يرجع
عليه بشئ) أي ولا يرجع على من معه في عقد الكتابة بشئ عوضا عن القيمة التي عتق منها. قوله: (إذا
كان) أي من معه وقوله ممن لا يجوز له أي للمكاتب ملكه كفرعه وأصله وحاشيته القريبة.
قوله: (تأويلان) أي عن المدونة وروايتان أيضا عن الامام. قوله: (أي ويكون الأرش له) أي
للمكاتب يستعين الخ هذا استظهار لعج وتعقبه طفي بنص المدونة على أن السيد يأخذه
ويقاصصه به في أحد النجوم وحينئذ فالاستظهار قصور ونصها ومن اغتصب أمة فإن نقصها
غرم ما نقصها وكان ذلك للسيد إلا في الكتابة فإن سيدها يأخذها ويقاصصها به في أحد نجومه
انظر بن. قوله: (صح) الصحة أعم من الجواز وعدمه وحينئذ فلا تقتضي أحدهما بعينه فلا يقال
مقتضى قوله صح أنه لا يجوز له ابتداء إذا كان عالما بأنه يعتق على سيده مع أنه قد صرح في التوضيح
بالجواز. قوله: (ولو اشتراه عالما) أي بأنه يعتق على سيده. قوله: (إن عجز عن الأداء) أي إن عجز المكاتب
عن أداء كتابته لا قبل عجزه فلا يعتق على واحد منهما كما تقدم للشارح فليس المكاتب كالمأذون له في
التجارة لما تقدم أنه إذا اشترى من يعتق على سيده غير عالم ولا دين عليه محيط فإنه يعتق على سيده، وإن
كان عالما لم يعتق على واحد منهما وإن كان عليه دين محيط وهو غير عالم فإن غرماءه يبيعونه في دينهم،
والفرق أن المكاتب أحرز نفسه وماله فلا ينتزع ماله بخلاف المأذون له في التجارة. قوله: (للعلة
المذكورة) أي وهي أن الكتابة من قبيل العتق وهو لا يثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجرها وفيه
أن هذه العلة لا تأتي هنا لان المدعي هنا هو السيد والعتق بيده فدعواه الكتابة إقرار بالعتق
ودعوى بعمارة ذمة العبد بالمال فليس هنا دعوى العتق أصلا وإذا علل بعضهم كون القول قول
العبد بقوله لان السيد مدع يريد عمارة ذمة العبد بمجرد قوله إلا أن مقتضى هذا التعليل أن يكون
القول قول العبد بيمين لا بلا يمين وذلك لأنها دعوى بمال فتتوجه اليمين على المدعى عليه بمجردها.
قوله: (خلافا لمن قال القول للسيد) أي في شأن الكتابة سواء ادعى نفيها أو ثبوتها وهذا القول
403

مشى عليه خش تبعا للفيشي وسلمه شيخنا العلامة العدوي ولم يتعقبه والذي اقتصر عليه في المج
ما مشى عليه شارحنا تبعا لشب وعبق ذكر القولين وصدر بما مشى عليه الشارح. قوله: (وفي نفي
الأداء) أي والقول للسيد في نفي الأداء ككل النجوم أو بعضها إن ادعى العبد الأداء كلا أو بعضا.
قوله: (كما جزم به ابن عرفة) أي لان دعوى العبد الأداء دعوى بمال وهي تثبت بشاهد ويمين فتتوجه
اليمين على المدعى عليه وهو السيد هنا بمجردها ومحل حلف السيد ما لم يشترط في صلب عقد الكتابة
التصديق بلا يمين وإلا عمل به كما في وثائق الجزيري. قوله: (فالقول لسيده) أي فالقول قوله إذا حلف
أو نكل. قوله: (أم لا) أي بأن انفرد العبد بالشبه. قوله: (حلفا) أي حلف كل واحد منهما على إثبات
دعواه ونفي دعوى الآخر. قوله: (ولا الجنس) فإذا قال العبد وقعت الكل بعشرة ريالات وقال
السيد بل بعشرة أرادب قمح فليس القول قول السيد بل القول قول العبد بيمين وكذا إذا ادعى أحدهما
أنها بثوب مثلا والآخر بكتاب فالقول قول العبد بيمين. قوله: (وظاهره مطلقا) أي سواء انفرد
العبد بالشبه أو أشبها معا أو أشبه السيد فقط. قوله: (ويرد إلى كتابة المثل) أي من العين وهذا إذا اتفقا
على أن الكتابة وقعت بعرض واختلفا في جنسه بأن قال أحدهما بثوب والآخر قال بكتاب مثلا
وأما إذا قال أحدهما وقعت بعين وقال الآخر إنها وقعت بعرض فعند المازري كذلك وقال اللخمي
القول قول مدعي العين ما لم ينفرد الآخر بالشبه وإلا كان القول قوله بيمين هذا محصل كلام الشارح.
قوله: (أنهما يتحالفان) أي يحلف كل على ثبوت دعواه ونفي دعوى صاحبه. قوله: (أي إذا اختلفا)
أي السيد والعبد في قدره وانقضائه وكذا في أصله وعدمه فالقول للعبد سواء انفرد العبد بالشبه
أو أشبها معا فإن انفرد السيد بالشبه فالقول قوله بيمين فإن لم يشبه واحد منهما حلفا ورجعا لأجل
المثل ونكولهما كحلفهما ويقضي للحالف على الناكل. قوله: (على اختلاف المتبايعين) أي عند
فوات المبيع من الرجوع للشبه في الاختلاف في القدر والأجل لا في الاختلاف في الجنس.
قوله: (إن القول للعبد مطلقا) أي سواء انفراد بالشبه أو أشبها معا أو انفرد السيد بالشبه. قوله: (وإن
أعانه جماعة) أي على العتق. قوله: (رجعوا بالفضلة على العبد) أي رجعوا على العبد بالفضلة الباقية
بيده بعد أداء كتابته وظاهره سواء كانت يسيرة أو كثيرة وقيدت بالكثير واستشهد له بما قالوه
في رد فضلة الطعام والعلف المأخوذ من الغنيمة في الجهاد وتقدم للمصنف فيه رد الفضل إن كثر
فاليسير لغو يتساهل فيه وكذا فضلة من دفع لامرأة نفقة سنة وكسوتها ثم مات أحدهما وفضلة
مؤنة عامل القرض. قال الجزولي فإن دفع إليه اثنان فدفع مال أحدهما وخرج حرا فإنه يرد
مال الآخر إليه، فإن لم يعلم مال من بقي فإنهما يتحاصان فيه على قدر ما دفعا إليه. وقال
الجزولي أيضا وكذا من دفع له مال لكونه صالحا أو عالما أو فقيرا ولم يكن فيه تلك الخصلة
حرم أخذه ا ه‍ بن. وفي حاشية شيخنا العدوي وهو في البدر القرافي أيضا ما صورته من وهب
لرجل شيئا ليستعين به على طلب العلم فلا يصرفه إلا في ذلك. وأما من دفع لفقير زكاة فبقيت
عنده حتى استغنى فلا تؤخذ منه بل تباح له لأنه ملكها بوجه جائز. قوله: (وإلا فلا رجوع لهم
بالفضلة) أي بما فضل عنده بعد أداء النجوم وكان الأولى للمصنف حذف قوله وإلا فلا إذ لا حاجة
له لظهوره مع أنه مفهوم شرط ولا نكتة في التصريح به فإن تنازع العبد مع من أعطاه فقال العبد هو
404

صدقة وقال المعطي ليس صدقة بل إعانة على فك الرقبة فإن كان عرف عمل به وإن جرى عرف بالامرين
أو لم يكن عرف أصلا فالقول قول المعطي لأنه لا يعلم إلا من جهته. قوله: (وإن أوصى السيد) أي في
صحته أو في مرضه إذ الوصية إنما تنفذ بعد الموت انظر بن. قوله: (إن حمله الثلث) أي إن حمل قيمة
رقبته على أنه من الثلث كما لو كانت قيمة الرقبة ثلاثين وخلف السيد ستين فثلث الجميع ثلاثون قدر
قيمة العبد. واعلم أنه إذا حمله الثلث وكوتب كتابة أمثاله إن أدى النجوم خرج حرا وإن عجز عن
البعض فهل يرجع كله قنا لان المكاتب عبد ما بقي عليه درهم أو يعتق منه بقدر ما أدى ويرق مقابل
المعجوز عنه تنفيذا لغرض الموصى بقدر الامكان فليحرر النقل في ذلك كذا نظر بعضهم ا ه‍ واقتصر
شيخنا العدوي على الأول. قوله: (قيمة رقبته) أي على أنه قن. قوله: (لا الكتابة) أي أن ضمير حملها
راجع لقيمة الرقبة لا للكتابة كما قال تت لأنه خلاف النقل ففي المدونة ومن أوصى بكتابة عبد
والثلث يحمل رقبته جاز. قوله: (وإنما اعتبروا كون الثلث يحمله) أي مع أن الكتابة فيها عوض فليست
من التبرع. قوله: (فهذا مبني على هذا القول) أي وأما على القول بأن الكتابة بيع فيلزم الوارث أن يكاتبه
كتابة مثله مطلقا حمل الثلث قيمته أو لم يحملها. قوله: (فإن لم يحمله الثلث الخ) أي كما لو كانت قيمة
العبد ثلاثين وخلف ثلاثين غير العبد فالجملة ستون ثلثها عشرون نسبتها لقيمة العبد ثلثاها فقد حمل
الثلث ثلثي قيمة العبد فيخير الورثة إما أن يكاتبوا هذا العبد كتابة مثله، وإما أن يعتقوا ثلثيه حالا ويكون
ثلثه رقيقا لهم وإذا كاتبوه كتابة مثله فإن أدى خرج حرا وإن عجز ولو عن البعض رق للورثة. قوله: (وهو
مريض) راجع لقوله أو وهبه أو تصدق عليه وأما الوصية فلا فرق بين كونها في صحته ومرضه لأنها
إنما تنفذ بعد الموت على كل حال. قوله: (بنجم معين) أي كالنجم الأول أو الثاني. قوله: (أو كانت
النجوم الخ) أي أوصى له بنجم مبهم إلا أن النجوم متساوية كما لو كان كل نجم عشرين وهي ثلاثة
وأوصى له بنجم منها غير معين. قوله: (إذ تقويمه الخ) أي وإنما كان قوله فإن حمل الثلث قيمته دليلا
على أن النجم الموصى به له معين أو من نجوم متساوية لان تقويمه فرع معرفته. قوله: (فإن حمل الثلث
قيمته جازت) وذلك كما لو كانت قيمة النجم الأول ثلاثين وقيمة الثاني عشرين وقيمة الثلث
عشرة فالجملة ستون وترك السيد ثلاثين وأوصى له بالنجم الأول فلا يخفى أن ثلث السيد ثلاثون فقد
حمل قيمة ذلك النجم ثلث التركة ونسبته للنجوم بتمامها النصف فيعتق من العبد نصفه هذا معنى
قوله فإن حمل الثلث قيمة النجم جازت الوصية أي نفذت وعتق ما يقابله أي ما يقابل ذلك النجم.
قوله: (ما عدا ما حمله الثلث) أي وهو النصف في المثال. قوله: (وإلا بأن لم يحمل الثلث قيمة ذلك النجم)
وذلك كما لو كانت قيمة النجم الأول ثلاثين وقيمة الثاني عشرين وقيمة الثالث عشرة ولم يترك
السيد شيئا غير نجوم الكتابة وقيمتها ستون فثلث السيد عشرون حينئذ وهي لا تحمل قيمة
النجم الأول ونسبة ثلث السيد لقيمة العبد وهي مجموع قيمة النجوم الثلث وحينئذ فيعتق ثلث
العبد ويسقط من كل نجم ثلثه وبعد الاسقاط إن أدى ما بقي عليه بعده خرج حرا وإن عجز
عن شئ منه رق ما عدا محمل الثلث وهو ثلثاه في المثال المذكور، هذا إذا لم تجز الورثة الوصية
وأما إن أجازتها فيعتق منه ما يقابل ذلك النجم وهو نصفه لان قيمة ذلك النجم بالنسبة لقيمة
النجوم بتمامها التي هي قيمة العبد النصف هذا محصله. قوله: (الإجازة للوصية) أي وحينئذ فيعتق
منه ما قابل ذلك النجم. قوله: (وحط من كل نجم بقدر ما عتق منه) وذلك لان العبد حيث عتق ثلثه
405

مثلا كما في المثال الذي قلناه فقد سقط عنه ثلث الكتابة المقابل لما عتق ولا يتوصل لاسقاطه إلا بما
ذكر وكان مقتضى الظاهر أن يحط ثلث جميع الكتابة من النجم المعين الموصى به ويبقى غيره من
النجوم على حاله لكنه خولف ذلك لان الوصية قد خرجت عن وجهها لما لم يجزها الورثة. قوله: (وأما
لو كان النجم غير معين واختلفت النجوم) وذلك كما لو كانت قيمة النجم الأول ثلاثين وقيمة الثاني
عشرين وقيمة الثالث عشرة وقد أوصى بنجم غير معين فانسب واحدا هوائيا لثلاثة تجده ثلثا فيحط
عنه من كل نجم ثلثه فتكون الوصية بعشرين وهي ثلث قيمة الجميع فقد حمل الثلث الوصية فيعتق منه
ثلثه ويسقط عنه من كل نجم ثلثه فإن أدى ما عليه بعد الاسقاط خرج حرا وإلا رق ثلثاه. قوله: (فإنه
يحط عنه من كل نجم بنسبة واحد) أي هوائي إلى عددها أي النجوم وهذا ظاهر إذا حمل الثلث قدر
النسبة كما في المثال المتقدم فإن لم يحمل الثلث قدر النسبة فإن أجاز الورثة الوصية فحكمه حكم ما لو حمله
الثلث وإلا عتق من العبد محمل الثلث وحط من كل نجم بقدر ما عتق منه وإذا عجز عن أداء ما بقي رق منه
ما عدا ما عتق منه بموجب الوصية، مثلا لو كانت قيمة النجم الأول ثلاثين والثاني عشرين والثالث
عشرة وأوصى بنجم غير معين ولا مال للموصى سوى ذلك وعليه دين قدره عشرون فيكون ما خلفه
السيد أربعين ثلثها ثلاثة عشر وثلث، فإن أجاز الورثة الوصية فالامر ظاهر من أنه يعتق ثلثه وإن لم
يجيزوها عتق منه مقدار ثلاثة عشر وثلث من قيمة النجوم التي هي ستون ونسبة ثلاثة عشر وثلث
للستين سدس وثلث سدس فيعتق منه سدسه وثلث سدسه ويسقط من كل نجم ذلك القدر، فإن أدى
ما عليه بعد الاسقاط خرج حرا وإلا رق ثلثاه وثلثا سدسه. قوله: (أو بما عليه) أي أوصى لرجل بما
عليه فهو عطف على قوله بمكاتبه. قوله: (ويرجع لما قبله في المعنى) أي فالقصد ذكر الصيغ التي تقع من
الموصى وإن اتحد معناها. قوله: (أو بعتقه) أي أوصى بعتقه أو بوضع ما عليه فهو عطف على لرجل
وليس المراد أنه أوصى لرجل يعتقه كما يقتضيه العطف على قوله بمكاتبه. قوله: (أو قيمة الرقية) أي وإن
لم يذكرها في صيغته لتشوف الشارع للحرية. قوله: (جازت لحمل الثلث الخمسة) أي وحينئذ فالنجوم في
المسألتين الأوليين للموصى له فإن أدى العبد النجوم له خرج حرا وإلا رق له وفي المسألتين الأخيرتين
يخرج حرا. قوله: (إذ هي مع العشرة ثلث) أي أن الخمسة قيمة الرقبة إذا اعتبرتها من العشرة قيمة
الكتابة أو مع العشرة المتروكة تكون ثلث المجموع وهو خمسة عشر. قوله: (فإن لم يحمل الثلث الأقل
من الامرين) أي كما لو كانت قيمة الكتابة ثلاثين وقيمة الرقبة ثلاثين ولم يترك شيئا سوى ذلك فجملة
ما تركه الموصي ثلاثون ثلثها عشرة فالثلث إنما حمل ثلث الرقبة وثلث الكتابة. قوله: (بين إجازة ذلك)
أي الذي أوصى به الموصي وقوله وبين اعطاء الموصي له من الكتابة محمل الثلث أي وهو ثلثها لكن
لا يعتق من العبد شئ الآن بل ينتظر لأدائه الكتابة فإن أدى عتق وإلا رق كما أشار لذلك بعد بقوله:
فإن عجز الخ. قوله: (وعتق محمله في الوصية بعتقه) أي أو بوضع ما عليه ويوضع عنه من النجوم بقدر
ما عتق كما في خش. قوله: (فإن عجز رق منه للموصى له قدر محمل الثلث) أي في مسألة ما إذا أوصى
لمعين بمكاتبه أو بما عليه. قوله: (ويعتق منه محمله فيما إذا أوصى بعتقه) أي أو بوضع ما عليه والحال أنه قد
عجز عن أداء ما عليه وكان الأولى أن يقدم قوله ويعتق منه محمله فيما الخ قبل قوله وإن أدى الخ وحاصله
أنه إن عجز رق منه للموصى له محمل الثلث في المسألتين الأوليين والباقي للوارث وعتق منه محمل الثلث
في المسألتين الأخيرتين ورق باقيه للوارث وإن أدى خرج حرا في المسائل الأربع. قوله: (لزم العتق
والمال) أي سواء زاد مع قوله أنت حر الساعة أو اليوم أو لم يقل بل أطلق كما في أبي الحسن على المدونة.
406

قوله: (وخير العبد في الالتزام والرد الخ) محل التخيير إذا لم يقل الساعة أو ينوها وإلا لزم
العتق والمال كما قاله ح وما ذكره من لزوم العتق والمال إذا قيد بالساعة أو نواها إذا جعل الساعة ظرفا
للحرية فإن جعلها ظرفا لتدفع أي تؤدى خير كما إذا لم يذكرها ويعلم ذلك من قوله كما يعلم أنه نواها من
قوله. قوله: (ولكن لا يطال في الزمن لئلا يضر بالسيد) أي ولا يضيق فيه لئلا يضر بالعبد. قوله: (بعد
أداء المال جبرا على السيد) أي إذا أراد الرجوع فيما قال.
باب في أحكام أم الولد
قوله: (وهي الحر حملها) هذا جنس في التعريف صادق بالأمة التي حملت من سيدها الحر وبالأمة التي
أعتق سيدها حملها من زوج أو زنا بأمة الجد يتزوجها ابن ابنه وتحمل منه فإن الحمل حر يعتق على الجد
وبالأمة الغارة لحر فيتزوجها فإن حملها حر وبأمة العبد إذا أعتق سيده حملها وقوله من مالكها متعلق بحر
مخرج لما عدا الصورة الأولى أي التي نشأت الحرية لحملها من وطئ مالكها وإن جعل قوله من
مالكها نعتا لحملها أي حملها الكائن من مالكها احتيج لزيادة جبرا عليه لأجل اخراج أمة العبد إذا
أعتق السيد حملها وذلك لأنه يصدق عليها أنها حر حملها الكائن من مالكها وهو العبد لكن ذلك العتق لا
لا يجبر عليه المالك الذي هو العبد. قوله: (بأمرين) أي بمجموعهما وهما إقرار السيد بوطئها مع الانزال
وثبوت إلقائها علقة. قوله: (إن أقر السيد بوطئ) يعني أن السيد إذا أقر في صحته أو مرضه بوطئ أمته وأنه
أنزل وأتت بولد كامل لستة أشهر فأكثر من يوم الوطئ وادعت أنه منه وإن لم تثبت ولادتها له أو ثبت
القاؤها علقه فإنها تصير به أم ولد وتعتق من رأس المال. قوله: (مع الانزال) أي لا مع عدمه فكالعدم كما
يأتي. قوله: (فلا عبرة بدعواها المجردة) أي عن اقراره بالوطئ والانزال. قوله: (ولا يمين عليه إن أنكر
وطأها) أي وادعت أنه وطئها وإن هذا الولد أو الحمل منه بعد وطئها أي بعد اقراره بوطئها وقوله أي
الولد الأولى أي الوطئ وحاصله أن السيد إذا أقر بوطئ أمته وادعى أنه استبرأها بحيضة واحدة ولم
يطأها بعد ذلك وادعت الأمة أنه وطئها بعد ذلك وأتت بولد لستة أشهر فأكثر من يوم الاستبراء فإنه لا
يلحق به ولا يلزمه يمين على عدم الوطئ وينتفي عنه بلا لعان ولا حد عليها. قوله: (من يوم الاستبراء كما في
المدونة) أي لا من يوم ترك وطئها السابق على الاستبراء ولو لم يكمل من يوم الاستبراء ستة أشهر كما قال عج
وتعقبه بن بأنه يعلم بذلك أن الحيض الذي استبرأت به أتى في أثناء الحمل لان الحامل عندنا تحيض
وحينئذ فيكون الاستبراء لغوا فهي بمنزلة من لم تستبرئ فيكون الولد لاحقا به. قوله: (ولا يلزمه يمين)
أي على عدم الوطئ بل يصدق في دعواه عدم الوطئ من غير يمين وألزمه عبد الملك اليمين وهو ضعيف.
قوله: (وإلا لحق به) أي وإلا بأن فقد واحد من الأمور الثلاثة السابقة وذلك بأن أقر بوطئها ولم يستبرئها
أي وادعى أنه لم يستبرئها أو أقر بوطئها وأقر أنه استبرأها ولم ينف الوطئ بعد الاستبراء أو أقر أنه
وطئها وأنه استبرأها ونفى الوطئ بعده لكنها أتت بولد لأقل من ستة أشهر أي لأقل من أقل من ستة
أشهر بأن أتت به لستة أشهر إلا ستة أيام فأقل من يوم الاستبراء، فإنه يلحق به
في الصور الثلاث إلا أنه في الصورتين الأولين يلحق به ولو أتت به لأكثر أمد الحمل فقول المصنف ولو لأكثره مبالغة على غير
الأخيرة ثم إن ظاهر كلام المصنف أنها إذا وضعته لأقل من ستة أشهر يلحق به، ولو كان على طور لا يمكن
أن يكون عليه حال وضعه من مدة وطئه لها كوضعها علقة بعد خمسة أشهر من وطئه، وهو خلاف
ما عليه القرافي من أنه في هذه الصورة ونحوها لا يلحق به ويوافقه إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه
أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم ينفخ فيه الروح الحديث فنفخ
407

الروح فيه بعد أربعة أشهر فكيف تضعه علقة بعد خمسة أشهر. قوله: (إن ثبت القاء علقة ففوق) أشعر
كلام المصنف أن النساء إذا قلنا أنه قد مات في بطنها ولم ينزل فإنها لا تكون به أم ولد ا ه بدر. قوله: (ولو
بامرأتين) أي هذا إذا ثبت الالقاء برجلين بل ولو بامرأتين ويتصور ثبوت الولادة برجلين فيما إذا
كانت معهما في موضع لا يمكنها أن تأتي فيه بولد تدعيه كسفينة وهي بوسط البحر فيحصل لها التوجع
للولادة ثم يرى أثر ذلك ورد بلو على سحنون القائل أنها لا تكون أم ولد إلا إذا ثبت الالقاء
برجلين انظر حاشية شيخنا. قوله: (إذا لم يكن معها الولد) أي واشتراط ثبوت الالقاء ولو بامرأتين
محله إذا لم يكن الولد معها والحال أن سيدها مقر بوطئها أو منكر له وقامت البينة على اقراره به.
قوله: (فإن لم يثبت القاؤها الخ) حاصل الفقه أن السيد إذا أقر بوطئها واستمر على اقراره أو أنكر وقامت
عليه بينة به فإن كان الولد موجودا فلا حاجة إلى إثبات الولادة بل يكفي في ثبوت أمومتها أن تأتي
بولد ولو ميتا وتنسبه له بأن تقول هو منك، ولو لم تثبت ولادتها إياه وإن كان الولد معدوما فلا بد من
إثبات الولادة ولو بامرأتين فالاقرار والانكار مع البينة حكمهما واحد، هذا ما يفيده كلام ابن عرفة
والتوضيح والمدونة. إذا علمت هذا فقول الشارح فإن لم يثبت القاؤها بامرأتين أي والحال أن الولد
ليس معها كان الأولى أن يقول فإن لم يثبت القاؤها ولو بامرأتين وقوله بأن كان أي الالقاء بمجرد
دعوى من الأمة وقوله أو شهد لها أي بالالقاء امرأة فقط. وقوله فلا تكون أم ولد أي سواء كان السيد
مستمرا على الاقرار بوطئها أو أنكر وقامت عليه بينة بالاقرار وقوله إلا أن يكون الولد معها وسيدها
مقر بالوطئ لا مفهوم له بل مثل ما لو كان مقرا بالوطئ ما لو أنكر الاقرار وقامت عليه بينة به.
قوله: (فتكون أم ولد) أي ولو لم تثبت ولادتها. قوله: (ففي مفهوم الشرط) أي وهو إذا لم يثبت الالقاء تفصيل
بين كون الولد معها أوليس معها ففي الأول تثبت أمومتها دون الثاني. قوله: (والسيد مقر بوطئها)
أي وأنه لم يستبرئها وينكر كونه منه وقالت بل هو منك. قوله: (لصدقت باتفاق) أي لما علمت
أن الولد إذا كان حاضرا وكان السيد مستمرا على اقراره بالوطئ أو أنكر، وقامت عليه البينة
كفى في ثبوت أمومتها نسبتها الولد إليه ولا يشترط ثبوت الولادة. قوله: (لم تكن أم ولد) أي كان
السقط موجودا معها أم لا ولو أبدل الشارح قول باتفاق في المحلين بقوله مطلقا كان أولى ومعناه في
الأول ثبتت ولادتها له أم لا ومعناه في الثاني كان الولد موجودا معها أم لا ووجه الأولوية أن المحل ليس
محل خلاف فتأمل. قوله: (وذكر جواب الشرط الأول وهو إن أقر بقوله عتقت الخ) هو في الحقيقة
لازم الجواب لان الجواب صارت أم ولد ومن لازمه عتقها فاستغنى المصنف باللازم عن الملزوم.
قوله: (عتقت بموت سيدها) أي ولو قتلته وتقتل به. قوله: (فهو قيد في الأول) أي كما هو المرتضى
من أقوال في توالي شرطين مع جواب واحد كقوله:
إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا * منا معاقد عز زانها كرم
أي أن تستغيثوا بنا مذعورين أي خائفين تجدوا الخ. قوله: (كأنه قال: إن أقر السيد بوطئ مع ثبوت
الالقاء) أي حالة كون اقراره مصاحبا لثبوت الالقاء عتقت ومثل ثبوت القاء العلقة مع الاقرار بوطئها
في ثبوت أمومة الولد لها موت السيد وهي حامل وكان أقر بوطئها فتعتق بمجرد موته عند ابن القاسم.
وقال ابن الماجشون وسحنون لا تعتق حتى تضع والمشهور الأول كما قال ابن رشد وعليه فلا نفقه لها
ولا سكنى في التركة كأم الولد الثابت أمومتها بموت سيدها وهي حامل وعلى الثاني نفقتها وسكناها
408

من تركته حتى تضع وأما إذا لم يقر بوطئها وظهر حملها بعد موته فلا تعتق به لاحتمال أنه لو كان حيا لنفاه
وهذا مستفاد من قول المصنف إن أقر السيد بوطئ الخ فإنه يفيد أن عتقه موقوف على اقرار السيد بالوطئ
مع ثبوت القاء علقة أو ما يقوم مقامه من موت السيد وهي حامل، وأما لو مات السيد وهي حامل ولم يقر
بوطئها ولم ينكره فمفاد عبق أنها تكون به أم ولد وقال ابن عاشر مقتضى قول خليل كالمدونة وغيرهما إن
أقر السيد الخ أن الأمة لو حملت ولم يقر سيدها ولم ينكر لمعاجلة الموت لم يلحق به ولا تكون به أم ولد.
قوله: (وولدها من غيره) أي وعتق أيضا ولدها الحاصل من غير سيدها بعد ثبوت أمومتها بولدها من
سيدها. قوله: (حيث وطئها) أي ونشأ عن ذلك الوطئ حمل قبل قيام الغرماء ولو قال حيث أحبلها قبل قيام
الغرماء كان أولى. قوله: (وأولى الدين اللاحق) أي لاستيلادها. قوله: (بخلاف من أفلس الخ) هذا محترز
قوله: إن أحبلها قبل قيام الغرماء. قوله: (إن سيد حيا) أي أنه إذا كان السيد حيا فلا يبطل الدين التدبير إلا
إذا كان سابقا عليه لا إن طرأ بعده وقوله وإلا أي وإلا يكن السيد حيا بل مات فإن الدين يبطله مطلقا
سواء كان سابقا عليه أو طارئا بعده. قوله: (كاشتراء زوجته حاملا منه فإنها تكون أم ولد له) أي ولو كان
سيدها الذي باعها له قد أعتق ذلك الحمل قبل بيعها له ولا تحتاج للاستبراء كما مر في النكاح خلافا لأشهب
ومحل عتق الأمة التي اشتراها زوجها وهي حامل منه من رأس ماله بأمومة الولد ما لم يكن الحمل يعتق
على سيدها البائع لها فلا تعتق من رأس المال بشراء زوجها لها وهي حامل منه، فإذا تزوج بأمة جده
وأحبلها ثم اشتراها منه حاملا فلا تكون به أم ولد كما قال الشارح بعد. والفرق بين ما إذا اشتراها
حاملا وأعتق البائع حملها أي فإنها تكون أم ولد وما إذا اشتراها حاملا والحال أن حملها يعتق على بائعها
أن حملها لما كان يدخل معها في البيع وليس للبائع استثناؤه لأنه لم يتم عتقه له إلا بالوضع وقد اشتراه
الزوج قبله كان عتقه له كلا عتق فكان حملها حرا من وطئ مالكها بخلاف أمة الجد فليس له بيعها حاملا
لغير زوجها لتخلقه على الحرية. قوله: (لا بولد سبق) أي لا تكون الأمة أم ولد بولد من الزوج سبق
شراءه لها. قوله: (أو ولد من وطئ شبهة) أي ولا تكون الأمة أم ولد بولد من وطئ شبهة من المشتري
سبق شراءه لها هذا معناه. قوله: (صوابه أو حمل) أي عليه فالمعنى لا تكون الأمة أم ولد بحمل من وطء
شبهة من المشترى سبق شراءه لها بخلاف أمة المكاتب وأمة ولده فإنها تصير أم ولده بالحمل الصادر من
وطئ سيد المكاتب ومن الوالد. قوله: (يعني أن من اشترى أمة حاملا الخ) هذا التقرير يرتبع فيه الشارح
ابن غازي وهو الصواب وانظره مع قول ابن مرزوق الذي يتحصل من نصوص أهل المذهب أنها
تصير أم ولد إذا اشتراها حاملا من وطئ الشبهة وقبله ابن عاشر انظر بن. قوله: (لان هذا يغني عنه
قوله لا بولد سبق) أي لان قوله لا بولد سبق شامل لما إذا كان الولد ناشئا عن نكاح صحيح أو زنا أو
وطئ شبهة أو اكراه. قوله: (معناه تكون) أي أمة المكاتب أو أمة الولد أم ولد إن ولدت أي من سيد
المكاتب أو من الوالد فظاهره أنها لا تكون أم ولد بمجرد الحمل منهما بل لا بد من الولادة
وليس كذلك. قوله: (ويغرم قيمتها يوم حملت لمكاتبه) أي فإن لم تحمل فلا يغرم قيمتها
ولا يملكها. قوله: (وإن قيمة أمة المكاتب) أي التي وطئها سيده وحملت منه.
409

قوله: (وأمة الولد يوم الوطئ) أي والفرق أن أمة الولد بمجرد وطئ أبيه حرمت على الولد وأمة المكاتب
لا يحصل تلفها عليه إلا بحملها من سيده فإن لم تحمل لم تقوم على السيد لعدم تلفها على سيدها. قوله: (ومثل
أمة المكاتب) أي في صيرورتها أم ولد بالحمل. قوله: (الأمة المشتركة) أي إذا حملت من أحد الشريكين
وقوله والمحللة أي إذا حملت ممن حللها له سيدها وقوله والمكاتبة أي إذا وطئها سيدها وحملت منه
واختارت الانتقال عن الكتابة لأمومة الولد. قوله: (إذا استبرأها سيدها ووطئها) أي مرتكبا للحرمة
لأنه متى زوجها فلا يحل له وطؤها ما دامت في عصمة ذلك الزوج فإن طلقها أو مات عنها حلت لسيدها
بعد استبرائها بحيضة. قوله: (من يوم الاستبراء والوطئ) الواو بمعنى أو التي لتنويع الخلاف أي من يوم
الاستبراء كما في المدونة أو من يوم ترك الوطئ السابق على الاستبراء كما اختاره عج وتقدم ذلك أول
الباب. قوله: (ولا يدفعه عزل) أي فإذا كان يطأ أمته ويعزل عنها فحملت وادعت أنه منه وأنكر ذلك
مدعيا أنه كان يعزل عنها فإن الولد يعتق به وتصير به أم ولد ولا يدفعه عنه العزل. قوله: (أو وطئ بدبر)
أي فإذا وطئ الأمة بدبرها وأنزل فأتت بولد وادعت أنه منه وأنكر ذلك فإنه يلحق به ولا يدفعه
كون الوطئ الذي حصل منه كان بدبرها لأن الماء قد يسبق للفرج فحمل على أنه ناشئ من ماء سبق
للفرج لخبر الولد للفراش. قوله: (أو وطئ بين فخذين) أي فإذا كن يطأ أمته بين فخذيها وينزل فحملت
وادعت أنه منه وأنكر أن يكون منه مع اعترافه بالانزال فإن الولد يلحق به وتصير به أم ولد. قوله: (إن
أنزل) راجع الجميع ما تقدم وينبغي أن يكون مثل الانزال ما إذا أنزل في غيرها أو من احتلام ولم
يبل حتى وطئها ولم ينزل واعلم أن الانزال لا بد منه في كونها أم ولد ولو بالوطئ في الفرج، كما نقله
بهرام عن ابن القاسم وهو في ح والتوضيح وأخذه من عبارة المصنف صراحة منتف وارجاع قوله
إن أنزل لجميع الباب استبعده شيخنا العلامة العدوي. قوله: (وجاز إجارتها) أي لخدمة أو رضاع. قوله: (فإن
لم تفسخ الخ) أي أن الإجارة إذا حصلت بغير رضاها ولم تنفسخ واستوفيت المنافع فإن الأجرة
يفوز بها السيد ولا ترجع أم الولد ولا المستأجر عليه بشئ. وما في عج من أن الأجرة تكون لأم
الولد تأخذها من مستأجرها وإن قبضها السيد ورجع المستأجر بها عليه إن كان قبضها فقد تعقبه طفي
بأنه لم يره لغيره. وقد نص اللخمي على أن السيد يفوز بالأجرة وكذا ذكر في التوضيح عن ابن الجلاب.
قوله: (وجاز برضاها عتق على مال) أي بأن يقول لها أنت حرة من الآن على مائة دينار مؤجلة
لشهر كذا أو معجلة الآن أي وأما عتقها على اسقاط حضانتهما وأن الولد يكون عنده فقيل
لا يلزمها ذلك لأنه وقع الشرط عليها في حالة يملك السيد فيها جبرها وقيل يلزم كالحرة وهما روايتان عن
ابن القاسم انظر بن. قوله: (والعتق على مال) مبتدأ وقوله غير الكتابة خبره أي مغاير له وقوله مطلقا أي
مؤجلا أو معجلا. قوله: (ولعدم تنجيز العتق) أي لتوقفه على أداء المال. قوله: (فلا ينافي الخ) قد
يقال إن المنافاة لا تتوهم لان قوله ولا يجوز كتابتها يعني بغير رضاها وما وهنا من جواز العتق على مال
مؤجل فمقيد برضاها تأمل. قوله: (وله قليل خدمة) نبه على ذلك دفعا لتوهم منعه من منع إجارتها بغير
رضاها. قوله: (ذكره ابن رشد) أي وما في عبق من أن ولد أم الولد كأمه لا تصح إجارة السيد لواحد منهما
إلا برضاه فهو خلاف النقل انظر بن والظاهر فسخ اجارته لعتقه بموت السيد وأما أمه إذا أوجرت
برضاها ففي حاشية السيد الظاهر عدم الفسخ لرضاها بذلك وقال أيضا ويفسخ إجارة عبد بعتقه ا ه‍ أمير.
410

قوله: (وولدها من غيره) أي الحادث بعد ايلادها. قوله: (الراجح لأم الولد) أي والمعنى وللسيد
أرش الجناية على أم ولده وإذا قتلت لزم الجاني قيمتها قنا عند ابن القاسم. قوله: (وإن مات الخ) أي
وأما إن أعتقهما السيد بعد الجناية عليهما وقبل قبض أرشها كان أرش الجناية لهما وقيل للسيد
والأول هو المذهب كما قال بعض وقال محمد بن المواز هو الاستحسان والثاني قول أشهب. قوله: (أن
يكون هو الراجح) أي وقول ابن المواز في المرجوع عنه أنه القياس لا يقتضي ترجيحه وحينئذ فما
مشى عليه المصنف خلاف المعتمد. قوله: (وله الاستمتاع بها) فإن منعت الاستمتاع فالظاهر أنها
لا تسقط نفقتها لأنها تجب لها بشائبة الرق، كما قاله الشيخ أحمد الزرقاني ولعدم سقوط نفقة الرقيق
ولو كان فيه شائبة حرية بالعسر بخلاف الزوجة. قوله: (وكره له تزويجها من غيره) أي لأنه ليس
من مكارم الأخلاق لمنافاته للغيرة. قوله: (لا يجوز على الراجح الخ) مقابله قول عياض لسيدها
جبرها على التزويج. قوله: (ومصيبتها إن بيعت) أي إذا باعها سيدها مرتكبا للحرمة وماتت عند
المشتري فمصيبتها منه وقوله فيرد الثمن له أي للمشتري الخ هذا ثمرة كون مصيبتها من البائع وما ذكره
من أن مصيبتها من البائع محله إذا ثبتت أمومة الولد لها بغير إقرار المشتري وإلا فمصيبتها منه كما في
المدونة لا من البائع. قوله: (ولا يطالب المشتري به إن لم يقبضه) أي ولا يلزم البائع شئ مما أنفقه
المشتري عليها وليس له من قيمة خدمتها شئ على المعتمد وقال سحنون يرجع المشتري على بائعها
بنفقتها ويرجع البائع على المشتري بقيمة الخدمة ويتقاصان انظر بن. قوله: (ورد عتقها) أي بخلاف
المدبرة والمكاتبة والفرق أن أم الولد أدخل في الحرية لان المدبرة قد يردها ضيق الثلث والمكاتبة قد
تعجز. قوله: (ويستحق سيدها) أي الأول وهو البائع الثمن في الوجهين والولاء له فيهما. قوله: (فإن
اعتقد أنها قن) أي والموضوع أنه اشتراها بشرط العتق وأعتقها. قوله: (فالثمن له) أي للمشتري لا
للبائع أي والعتق ماض لا يرد. قوله: (على كل حال) أي في الصور كلها. قوله: (أو أتلفت شيئا) أي
بيدها أو بدابتها أو بحفر في مكان لا ملك لها فيه. قوله: (لان الشرع الخ) علة لمحذوف أي ولا يجوز له
أن يسلمها للمجني عليه لان الشرع الخ. قوله: (وفديت إن جنت بأقل الامرين الخ) هذا حكم أم الولد
إذا جنت وأما ولدها من غير السيد إذا جنى فجنايته في خدمته فيبقى على حاله وتسلم خدمته في الأرش
فإن وفى رجع لسيده فإن مات سيده قبل أن يفي عتق واتبع بما بقي من الأرش وإنما سلمت خدمته في
الجناية لأنها كثيرة بخلاف خدمة أمه فإنها قليلة ا ه‍ بن. قوله: (وإن قال سيدها الخ) اعلم أن صور
الاقرار في المرض اثنا عشر لأنه إما أن يقول في مرض أولدتها في المرض أو في الصحة أو يطلق وفي كل
إما أن يكون له ولد منها أو من غيرها أو منها ومن غيرها أو لم يكن له ولد أصلا فإن كان له ولد منها فقط
أو منها ومن غيرها عتقت من رأس المال مطلقا كأن كان له ولد من غيرها فقط على الأصح وهو قول
ابن القاسم، خلافا لأكثر الروايات لا إن لم يكن له ولد أصلا فلا تعتق لا من ثلث ولا من رأس مال بل تبقى رقا.
411

قوله: (فإن لم يكن له ولد) أي لا منها ولا من غيرها. قوله: (ولا تعتق من رأس مال ولا ثلث) أي وتبقى
رقا. قوله: (وهو معنى قول المصنف بعده وإن أقر الخ) أشار الشارح بهذا للجمع بين هذه المسألة والتي
بعدها. وحاصله أن الثانية مقيدة بما إذا لم يرثه ولد فهي مفهوم قوله في الأولى إن ورثه ولد، وبهذا جمع
ابن غازي والشيخ أحمد الزرقاني واختار الشيخ أحمد بابا وطفى أن موضوعهما واحد وأن قوله في
الأولى صدق قول ابن القاسم. وقوله في الثانية لا يصدق قول الأكثر فهما قولان في المدونة في هذه
المسألة فكان على المصنف أن يقول فيما يأتي، وفيها أيضا إن أقر مريض بإيلاد وإن ورثه ولد لان
المصنف تبع المدونة في ذكر هذه المسألة والقولان فيها انظر بن. قوله: (وسواء في هذا القسم) أي
وهو ما إذا كان لها ولد وقوله ورثه ولد أي من غيرها أيضا وقوله أولا بأن كان الوارث له ولدها فقط.
قوله: (بالنسبة للايلاد) أي لقوله إن ورثه ولد أي لا بالنسبة للقول في المرض إذ موضوع هذه كالتي
قبلها القول في المرض. قوله: (وإن أقر مريض) أي مرضا مخوفا. قوله: (ولو مع ولد) أي له على المعتمد
وحاصله أن المريض لا يصدق في إقراره بالعتق في صحته سواء ورثه ولد أم لا وهذا قول أكثر الرواة في
المدونة، وقال ابن القاسم فيها إن ورثه ولد صدق وعتق من رأس المال وإلا لم يصدق مثل ما ذكر في
الاقرار بالايلاد، فالخلاف في المدونة فيهما سواء كما سوى بينهما ابن مرزوق ونقل التسوية بينهما
في التوضيح انظر بن. وبهذا تعلم أن المصنف مشى في المسألة الأولى على قول ابن القاسم وفي هذه
على قول أكثر الرواة. قوله: (لأنه لم يقصد به) أي بهذا الاقرار الوصية حتى يعتق من الثلث. قوله: (وصرح
المصنف بهذه المسألة) أي وهي قوله وإن أقر مريض بإيلاد. قوله: (لئلا يتوهم عتقها) أي مع أنها لا
تعتق من رأس مال ولا من ثلث. قوله: (ومفهوم قوله أو بعتق في صحته) أي ومفهوم أو أقر المريض
بعتق في صحته أنه لو أقر المريض أنه أعتقها في مرضه أو أطلق عتقت من ثلثه وإن لم يرثه ولد وقد
تحصل مما تقدم أن إقرار المريض بالايلاد لا فرق فيه بين أن يسنده للصحة أو المرض بأن يقول كنت
أولدتها في صحتي أو أولدتها في مرضي في جريان التفصيل المتقدم والخلاف، وأما إقراره بالعتق فإن
أسنده للصحة فالحكم ما ذكره المصنف من عدم العتق وإن أسنده للمرض فهو تبرع مريض يخرج
من الثلث بلا إشكال بخلاف الايلاد فإنه ليس بتبرع، وبهذا تعلم أن إقرار المريض بالعتق في الصحة
مخالف لإقراره بإيلادها في الصحة لان الأول لا يعتق ولو كان له ولد بخلاف الثاني فإنها تعتق إذا كان
له ولد على ما مر وسكت الشارح عن مفهوم إقرار المريض. وحاصله أنه إذا شهدت بينة على إقراره
في صحته أنه أولدها أو أعتقها فإنها تعتق من رأس المال كان له ولد أم لا. قوله: (إن أقر بعتقها) أي بعتق
الذات القن ذكرا كانت أو أنثى. قوله: (لان غرم نصيب الآخر) أي من غير ضرر يتضمن الخ فاندفع
ما يقال أن نصف القيمة أكثر من قيمة النصف لان تبعيض الصفقة ينقص فأين التضمن تأمل.
قوله: (قومت أيضا) أي لأجل أن تتم له الشبهة. قوله: (وإن لم يأذن له لم تقوم عليه) أي لم يتعين تقويمها
عليه بل للشريك الآخر إبقاؤها للشركة أو مقاواتها والمزايدة فيها حتى يأخذ أحدهما.
قوله: (في الصور الثلاث) أي وهي ما إذا وطئها فحملت أذن له في وطئها أم لا أو لم تحمل وأذن
له في وطئها. قوله: (وهذا كله) أي تغريمه القيمة عاجلا إذا أذن له شريكه في وطئها سوا حملت
412

أو لم تحمل أو وطئها بغير إذن شريكه وحملت إن أيسر. قوله: (خير) أي الشريك وهو غير الواطئ.
قوله: (فالقيمة تعتبر يوم الحمل) أي على كل حال تعدد الوطئ أم لا. قوله: (وإلا بيع له من حصته بقدر الخ) أي
ولا تباع الحصة أو شئ منها إلا بعد الوضع كما في المدونة. قوله: (وإن نقص ثمنها) أي الحصة وقوله عما
وجب له أي من القيمة. قوله: (بما بقي له من حصته) لعل الأولى بما بقي له من القيمة. قوله: (سواء أمسكها
للشركة الخ) هذا بيان لكل حال. قوله: (أو اتبعه بالقيمة) أي بقيمة حصته منها بلا بيع للحصة. قوله: (أو
اختار بيعها لذلك) أي لأجل القيمة التي وجبت له منها وتعتبر قيمة الولد يوم الوضع في هذه
الأحوال الثلاثة المذكورة أي ما إذا أبقاها للشركة، وما إذا اتبعه بقيمة حصته منها وما إذا بيعت الحصة
التي وجبت قيمتها لغير الواطئ. قوله: (لان الولد الخ) أي وإنما كان يتبعه بنصيبه من قيمة الولد ولم يبع
نصيبه منه لان الولد الخ. قوله: (وقد علمت) أي من تخيير الشريك أولا وثانيا أن قوله الخ. قوله: (وإن
وطئاها بطهر) أي وأما لو وطئاها بطهرين وحملت فالحمل لاحق بالثاني حيث أتت بالولد لستة أشهر
من وطئه فإن أتت به لأقل من ستة أشهر من وطئ الثاني كان لاحقا بالأول إن أتت به لستة أشهر
من وطئه، وإلا فلا يلحق به واحد منهما ولا تدعي القافة في هذه الحالة. قوله: (بأن لم يستبرئها كل منهما) أي
بأن وطئها البائع وباعها قبل أن يستبرئها ووطئها المشتري بمجرد شرائه ولم يستبرئها قبل وطئه. قوله: (فمن
ألحقته به فهو ابنه) أي فإن مات أحدهما قبل أن تدعي القافة فإن كانت تعرفه معرفة تامة فهو كالحي
فتلحقه بأحدهما أو بهما فإن لم تكن تعرفه معرفة تامة فانظر هل يلحق بالحي أو يكون بلا أب أو يكون
كمن إذا لم توجد قافة وهو الظاهر قاله شيخنا. قوله: (ولو كان أحدهما) أي أحد الواطئين ذميا أو عبدا
أي فإذا ألحقته بالحر كان حرا وإن ألحقته بالعبد كان رقا وإن ألحقته بالذمي كان كافرا وقوله ولو كان
أحدهما ذميا أو عبدا خلافا لمن قال يكون ولدا للمسلم أو الحر حينئذ ولا يحتاج لقافة أصلا ولا عبرة بإلحاقها
إن ألحقته بذمي أو عبد هذا ظاهر مبالغته بلو لكن ذكر ابن مرزوق أنه لا يعلم خلافا في لحوقه للذمي أو
العبد إذا ألحقته القافة به فلعل لو هنا لمجرد دفع التوهم على غير الغالب لا أنها للإشارة إلى خلاف مذهبي.
قوله: (فإن أشركتهما فيه) أي بأن قالت هو ابن لهما معا. قوله: (وعلى كل نصف نفقته وكسوته) أي إلى أن
يبلغ ويوالي واحدا. قوله: (لعتق نصفه عليه) أي بالبنوة. قوله: (ويغرم لسيد العبد ذلك) أي قيمة
نصف الولد لأنه رقيق للسيد. قوله: (ووالى إذا بلغ أحدهما) يعني إن شاء وله أن لا يوالي أحدهما ولا
غيرهما عند ابن القاسم وقال غيره والى أحدهما لزوما. وحاصله أن الصغير الذي ألحقته القافة بالشريكين
أو بالبائع والمشتري إذا بلغ فإنه يوالي واحدا منهما أي يتخذه وليا يأوي إليه ولا يواليهما معا لان
الشركة لا تصح في الولد فإذا امتنع من موالاة أحدهما أجبر عليها عند غير ابن القاسم وقال ابن القاسم إذا
بلغ كان له موالاة أحدهما وله أن لا يوالي واحدا لا منهما ولا من غيرهما وحينئذ إذا مات ورثاه معا
ميراث أب واحد يقسم بينهما والولد يرث كل واحد منهما ميراث نصف بنوة. قوله: (إذا بلغ) أي وأما
413

قبل البلوغ فإنه يوالي كلا منهما لان نفقته عليهما. قوله: (فإن والى الكافر فمسلم ابن كافر) لما علمت أنها
إذا كان ما أشركت فيه مسلما وكافرا فإنه يحكم بإسلامه تغليبا للأشرف ولا يخرج بموالاته للكافر
عما ثبت له من الاسلام. قوله: (وإن والى العبد فحر ابن عبد) أي لما علمت أنه يعتق على الأب الحر بعضه
بالبنوة وبعضه بالتقويم وعتقه عليه لا يمنع من موالاته للأب الرقيق وبالجملة لا يخرج الولد بموالاته
لأحدهما عما ثبت له من الحرية والإسلام وسكت الشارح عما إذا والى الحر المسلم لظهور أنه حر مسلم
ابن حر مسلم. قوله: (فإن استمر الكافر) أي الأب الكافر الذي والاه الولد على كفره. قوله: (أو العبد)
أي أو استمر الأب العبد الذي والاه الولد على رقه. قوله: (بعد أن أسلم أبوه الكافر) أي الذي والاه.
قوله: (دون الآخر) أي دون الأب الآخر الذي لم يواله وهو الحر المسلم. قوله: (كأن لم توجد قافة)
أي أو وجدت ولم تعين أبا ولم تشركهما فيه كما قرر شيخنا العدوي. قوله: (وله إذا بلغ موالاة أحدهما) أي
وله موالاة غيرهما بخلاف ما إذا ألحقته القافة بهما فليس له أن يوالي غيرهما بل إما أن يوالي واحدا
منهما أو لا يوالي أحدا لا منهما ولا من غيرهما كما مر عند ابن القاسم لان القافة لما أشركتهما فيه فليس
له أن يوالي غيرهما وأما قبل البلوغ فنفقته عليهما فيوالي كلا منهما. قوله: (ما تقدم) أي من جهة
الميراث وعدمه. قوله: (المشتركان فيه بحكم القافة الخ) فيه إشارة إلى أن قوله وورثاه إن مات أولا راجع
لما قبل الكاف ولما بعدها كما قال بعضهم. قوله: (إن مات أولا) أي قبل موالاته أحدهما سواء كان
موته قبل بلوغه أو بعده وأما إذا مات الأبوان قبل أن يبلغ ففي نوازل سحنون يوقف له ميراثه منهما
جميعا حتى يبلغ فيوالي من شاء منهما فيرثه وينسب إليه ويرد ما وقف له من ميراث الآخر إلى ورثته
كما في بن، هذا إذا ماتا بعد إلحاقه بهما وقبل بلوغه وأما إذا ماتا معا قبل أن تدعي القافة فقال أصبغ
هو ابن لهما فيرثهما وقال ابن الماجشون يبقى لا أب له فلا يرث واحدا منهما، وإن ماتا معا بعد بلوغه
وقبل موالاته واحدا فإنه يرث كل واحد منهما ميراث نصف بنوة. قوله: (وحرمت على مرتد أم
ولده) أي فتنزع من تحت يده بالردة كماله ولا يمكن من وطئها ولو ارتدت بعده فإن عاد للاسلام حلت
له حيث أسلمت ومثله ما إذا ارتدت أم الولد دون سيدها فإنها تحرم عليه فإن عادت للاسلام
حلت له كعوده للاسلام. قوله: (فإن أسلم حلت له) أي بخلاف الزوجة فإن حرمتها لا تزول بإسلامه
وهذا هو مذهب المدونة. قوله: (وقيل تعتق بمجرد ردته) أي ولا تحل له إذا أسلم كالزوجة وهذا
القول لأشهب وهو مقابل لمذهب المدونة الذي مشى عليه المصنف ابن يونس وهذا أقيس لان أم
الولد إذا حرم وطؤها وجب عتقها كنصراني أسلمت أم ولده. قوله: (ووقفت كمدبره) يعني أن الشخص
إذا ارتد وفر لدار الحرب وتعذرت استتابته فإن أم ولده ومدبره يوقفان فإن أسلم عادا له وإن مات
على ردته عتقت أم الولد من رأس ماله والمدبر من ثلثه. قوله: (وكذا مدبره) أي فإن أسلم عاد له وإن مات
عتق من الثلث وهذا إذا كان تعلم موته وحياته وكان له مال ينفق عليهما منه فيعمل بذلك ولو زاد
على أمد التعمير وأما إذا جهل حاله فإن أم الولد تبقى لأمد التعمير إذا كان له مال ينفق عليها منه
ثم يحكم بعتقها من رأس المال، فإن لم يكن له مال ينفق عليها منه فقولان قيل ينجز عتقها من الآن،
وقيل إنها تسعى في النفقة على نفسها إلى التعمير انظر بن. وكذلك المدبر يبقى لأمد التعمير إن كان
لسيده مال ينفق عليه منه ثم يحكم بعتقه من الثلث فإن لم يكن له مال فانظر ماذا يفعل فيه. قوله: (ونص على
أم الولد) أي مع أن أمته القن كذلك تحرم عليه بردته حتى يسلم وإذا فر لدار الحرب فإنها توقف فإن
414

أسلم عادت له وإن مات كانت فيئا. قوله: (ومن قال) أي للرد على من قال بتعجيل عتقها بالحكم إذا فر لدار
الحرب ولا توقف حتى يسلم أو يموت وأما قوله يعتق بمجرد الردة أي من غير توقف على حكم.
قوله: (لأنه لو دخل دار الحرب) أي مكرها على دخولها. قوله: (فالمدار) أي في الوقف على عدم التمكن من
استتابته فمتى ارتد ولم يتمكن من استتابته فإن أم ولده وكذا أمته القن توقف وسواء كانت كل منهما
مسلمة أو كافرة للحجر عليه بردته. قوله: (أي بغير رضاها) اعلم أنه قال في المدونة وليس للسيد أن يكاتبها
فظاهره برضاها أو بغير رضاها قال أبو الحسن وعليه عبد الحق وحملها اللخمي على عدم رضاها ويجوز
برضاها ونحوه في التوضيح وعلى ذلك حمل الشارح تبعا لغيره كلام المصنف الموافق للمدونة في
الاطلاق انظر بن. قوله: (وعتقت إن أدت نجوم الكتابة) أي قبل الاطلاع على تلك الكتابة الفاسدة.
فصل في أحكام الولاء قوله: (لحمة كلحمة النسب) أي نسبة وارتباط بين العتيق ومعتقه وقوله
كلحمة النسب الإضافة بيانية أي كالارتباط الذي هو النسب أي كالنسب الذي بين الأب وابنه
ووجه الشبهة أن العبد حين كونه رقيقا كالمعدوم في نفسه لكونه لا تقبل شهادته ولا يعامل معاملة
الأحرار والمعتق صيره موجودا كما أن الولد كان معدوما والأب تسبب في وجوده. قوله: (وارتباط
النسب) الإضافة بيانية. قوله: (الولاء لمعتق) أي ولو نفاه عن نفسه فنفيه عنه لغو كأن قال أنت حر
ولا ولاء لي عليك خلافا لقول ابن القصار أن الولاء حينئذ للمسلمين كذا في حاشية شيخنا. واعلم أن
المبتدأ إذا كان معرفا بأل الجنسية وكان خبره ظرفا أو جارا ومجرورا أفاد الحصر أي حصر المبتدأ في
الخبر كالكرم في العرب والأئمة من قرش أي لا كرم إلا في العرب ولا أئمة إلا من قريش وحينئذ
فمعنى كلام المصنف لا ولاء إلا لمعتق لا لغيره ويرد على ذلك الحصر ثبوت الولاء لعصبة المعتق ومن أعتق
عنه غيره بلا إذن ويجاب بأن المراد بالعتق والمعتق حقيقة أو حكما ومن أعتق عنه غيره بلا إذن والمنجر
إليه الولاء من عصبة المعتق في حكم المعتق أو الحصر إضافي أي الولاء لمن أعتق لا لغيره ممن كان أجنبيا،
فإذا باع شخص عبدا وشرط على مشتريه أن يعتقه ويجعل الولاء له فلا يلزم ذلك الشرط والولاء لمن
أعتقه لا للبائع الذي لم يعتقه وكون الأجنبي لا ولاء له لا ينافي ثبوت الولاء لمن أعتق عنه غيره ولمن أنجر له
من عصبة المعتق ويستثنى من قوله الولاء لمعتق مستغرق الذمة بالتبعات فولاء من أعتقه للمسلمين وأجر
العتق لأرباب التبعات وهذا إذا جهل أرباب التبعات فإن علموا إن أجازوا عتقه مضى وكان الولاء
لهم وإن ردوه رد واقتسموا ماله. قوله: (لمعتق) أي ذكرا أو أنثى. قوله: (أو بسراية) أي كما في عتق الجزء.
قوله: (أو غير ذلك) أي كقرابة أو استيلاد. قوله: (وإن كان) أي العتق بسبب بيع للعبد من نفسه فإذا باع
السيد العبد من نفسه بمال وخرج ذلك العبد حرا فالولاء لسيده الذي باعه لأنه قد أعتقه بسبب بيعه
من نفسه وإنما بالغ المصنف على ذلك دفعا لما يتوهم أنه لما أخذ منه المال فلا ولاء له عليه فأفاد بالمبالغة أن
له الولاء عليه لقدرته على نزعه منه وبقائه رقيقا. قوله: (أو مؤجل) أي سواء رضي به العبد أم لا
وما في عبق من تقييد المؤجل بكون العبد رضي به فهو سهو كما قال بن لان اشتراط الرضا إنما هو في
خصوص أم الولد تعتق على مال مؤجل وأما القن فعتقه على مال مؤجل أو معجل لا يتوقف على رضاه.
قوله: (فهذا داخل الخ) أي أن قوله بلا إذن داخل في الاغياء وبجعله داخلا في الاغياء لم يأت المصنف
بأن وحينئذ فيندفع قول البساطي. قوله: (بلا إذن) ليس بجيد والأحسن لو قال وإن بلا إذن ا ه‍. واعلم
أن الخلاف موجود فيما قبل المبالغة وما بعدها أي سواء كان بإذنه أو بغير إذنه كما يفيده كلام ابن عرفة
خلافا لما في عبق من أنه إذا أعتق عن غيره بإذنه فالولاء للمعتق عنه اتفاقا ونص ابن عرفة أبو عمر
415

من أعتق عن غيره بإذنه أو بغير إذنه فمشهور مذهب مالك عن أصحابه أن الولاء للمعتق عنه. وقال
أشهب الولاء للمعتق وقاله الليث والأوزاعي وسواء في قولهم أمره بذلك أم لا انظر بن وقرر
شيخنا العدوي أن قوله بلا إذن أي خلافا للشافعي القائل الولاء للمعتق بالكسر إن كان بلا إذن
فتحصل أن المشهور من مذهب مالك أن الولاء للمعتق عنه أعتق الغير عنه بإذنه أو لا. ومذهب أشهب
والليث والأوزاعي الولاء للمعتق فيهما ومذهب الشافعي الولاء للمعتق إن أعتق بلا إذن وإن أعتق
بإذن فالولاء للمعتق عنه. قوله: (وشرطا لمعتق عنه) أي وشرط كون الولاء للمعتق عنه الحرية والإسلام
أي حريته وإسلامه. قوله: (عند ابن القاسم) أي خلافا لمن قال يعود الولاء للعبد المعتق عنه إذا عتق.
قوله: (وأن بإعتاق عبد) أي وإن كان العتق بسبب إعتاق عبد الخ. قوله: (ولم يعلم سيده) أي سيد العبد
الذي صدر منه العتق. قوله: (حتى عتق للعبد) أي الذي صدر منه العتق. قوله: (لسيده الذي أعتقه) أي
وهو العبد الأعلى. قوله: (وكان) أي ذلك العبد الأسفل رقيقا لسيد سيده. قوله: (ما لو علم وسكت الخ)
أي ما لو علم السيد الأعلى بعتق عبده لعبده وسكت فلم يرده ولم يجزه حتى أعتق عبده المعتق فالولاء
للعبد المعتق لا لسيده. قوله: (وأما لو أذن الخ) يؤخذ من كلام الشارح أن في مفهوم قول المصنف لم
يعلم سيده بعتقه حتى عتق تفصيلا وذلك لصدقه بما إذا علم بعتقه علما مصاحبا لاذنه له في ذلك وبما إذا
أعتقه بغير علمه فلما علم به أجازه بعد وقوعه وقبل عتقه لعبده المعتق وبما إذا أعتقه بغير علمه فلما علم
به سكت فلم يرده ولم يجزه حتى أعتق عبده المعتق ففي الأوليين الولاء للأعلى وفي الأخيرة الولاء
للأسفل، وهذا كله إذا كان العبد المعتق ممن ينتزع ماله وأما غيره كمدبر وأم ولد مرض سيدهما مرضا
مخوفا ومكاتب ومعتق لأجل وقرب الاجل فولاء من أعتقه له مطلقا لا لسيده بدليل قول المصنف
بعده أو رقيقا إن كان ينتزع ماله. قوله: (سواء ملكه مسلما) أي ثم أعتقه وقوله أو أسلم عنده أي ثم أعتقه.
قوله: (أو أعتق عنه) أي أو أعتقه انسان عن ذلك الكافر بإذنه أو بغير إذنه. قوله: (فلا ولاء للكافر على
المسلم) أي ولا لأقاربه المسلمين. قوله: (بل ولاؤه للمسلمين) أي لقوله تعالى: * (ولن يجعل الله للكافرين
على المؤمنين سبيلا) *. والمراد بالولاء هنا بمعنى الميراث لا بمعنى اللحمة إذ هو ثابت لمن أعتق ولو
كافرا ولا يلزم من انتقال المال انتقالها. قوله: (ولا يعود) أي الولاء له إن أسلم بعد العتق
على المذهب وعليه فلا يجر عتقه ولاء ولده. قوله: (كذلك) أي يكون ولاء العتيق الكافر للمسلمين.
قوله: (فإن أسلم عاد الولاء الخ) لعل الفرق بين عوده في هذه وعدم عوده في مسألة المصنف بإسلام
سيده قوة الاسلام الأصلي في هذه دون مسألة المصنف. قوله: (في كتابته) أي في كتابة السيد
المسلم لعبده الكافر. قوله: (ولا فرق) أي بين المكاتب وغيره. قوله: (فلا ولاء له عليه) أي فلا ولاء لذلك
الرقيق على من أعتقه ولو عتق ذلك. قوله: (إن كان سيده الخ) هذا شرط أول في كون
الرقيق لا ولاء له أبدا وإن عتق بعد ذلك وإنما الولاء لسيده وبقي شرط ثان أشار له
الشارح بقوله وهذا إن أذن الخ. وحاصله أن محل كون الرقيق لا ولاء له على من أعتقه وإنما
الولاء لسيده إذا كان عتقه بإذن سيده أو أجاز فعله حين علم به وكان ذلك الرقيق ممن ينتزع
ماله ومفهوم الشرط الأول أنه لو كان عتقه بغير علم سيده ولم يعلم به حتى أعتقه أو علم به وسكت
416

كان الولاء للرقيق المعتق لا لسيده، ومفهوم الشرط الثاني لو كان الرقيق لا ينتزع ماله فالولاء له لا لسيده
مطلقا أذن له سيده في العتق أم لا أجازه أم لا. قوله: (فالولاء له) أي للسيد الأسفل لا للأعلى. قوله: (فالولاء
للمعتق بالكسر) أي سواء أذن له السيد في العتق أو أجاز فعله حين علم أو لم يعلم حتى عتق أو علم
ولم يجز فعله ولم يرده حتى عتق. قوله: (من ذكر) أي المكاتب والمعتق لأجل والمدبر وأم الولد. قوله: (وأما
ما دام رقيقا فالولاء لسيده) أي لان فائدة ولاء الإرث والعبد لا يرث. قوله: (ومن قال لرقيقه الخ)
أشار الشارح إلى أن قول المصنف وعن المسلمين فيه حذف أي وفي العتق عن المسلمين الولاء لهم
والجملة مستأنفة وليس هو واقعا في حيز الاستثناء لأنه موافق لما قبل الاستثناء لا مخالف له والواقع في
حيز الاستثناء يجب مخالفته لما قبله وإنما كان ما هنا موافقا لما قبل الاستثناء لان من أعتق عن المسلمين
بمثابة من أعتق من الغير وقد مر أن الولاء للغير كما أنه هنا للمسلمين. قوله: (والولاء لهم) أي سواء شرط
ذلك أو شرط أنه لا ولاء لاحد عليه أصلا أو شرط لنفسه وذكر هذه المسألة وإن استفيدت من قوله
أو أعتق غير عنه بلا إذن لأجل أن يشبه بها ما بعدها في كون الولاء للمسلمين وهي قوله كسائبة.
قوله: (فيرثونه) أي يرثه بيت المال لذي منفعته لعامة المسلمين وقوله ويعقلون عنه أي يدفعون دية من جنى
عليه ذلك العتيق خطأ والمراد أن ديته تؤخذ من بيت المال. قوله: (ويلون عقد نكاحه) أي أنه يتولى
عقد نكاحه واحد من المسلمين وإذا تولى القاضي عقده فإنما هو لكونه واحدا من المسلمين لا لكونه
قاضيا. قوله: (ويحضنونه) المراد أن نفقة ذلك المحضون تكون على بيت المال ا ه‍ عدوي. قوله: (كما لو
أعتقه عن نفسه) أي عن نفس السيد وقوله فالولاء له أي للسيد وقوله ولو اشترطه للمسلمين بل ولو
قال ولا ولاء لي عليك ولا لاحد وذلك لأنه بعتقه استحق ولاءه شرعا فقوله ولا ولاء لي عليك ولا
لاحد كذب باطل. قوله: (وقصد به العتق) أي فإن لم يقصد به العتق فلا يعتق بخلاف ما لو قال له أنت
حر سائبة فإنه يكون حرا وولاؤه للمسلمين وإن لم يرد العتق. قوله: (وكره له ذلك) أي العتق بلفظ
سائبة. قوله: (وقال أصبغ يجوز) أي سواء قال أنت سائبة أو قال أنت حر سائبة أو معتوقي سائبة والسائبة
المنهى عنه في سورة المائدة في الانعام خاصة. قوله: (وقال ابن الماجشون يمنع) أي العتق بلفظ السائبة
مطلقا سواء قال سائبة فقط أو حر سائبة وانظر هل يلزمه العتق على هذا القول إذا نواه مع حرمة
الاقدام على ذلك أو لا يلزم. قوله: (وإلا فالولاء لهم) أي ولا ولاء للسيد ما دام كافرا إذ لا يرث الكافر
مسلما. قوله: (عاد الولاء بإسلام السيد) المراد بالولاء الموصوف بالعود الميراث وأما الولاء بمعنى اللحمة
فهو ثابت للمعتق لا ينتقل عنه كالنسب فكما لا تزول الأبوة إن أسلم ولده فكذلك الولاء. قوله: (وكذا)
أي يكون الولاء للمعتق إن أسلم الخ. قوله: (وجر العتق أو الولاء) أشار الشارح إلى أن فاعل جر ضمير
عائد على العتق أو الولاء فالمعنى على الأول جر العتق ولاء ولد المعتق والمعنى على الثاني وجر الولاء لعتيق
ولاء ولد المعتق. قوله: (ولد المعتق) أي ولو كان ذلك الولد حرا بطريق الأصالة كمن أمه حرة وأبوه
رقيق ثم عتق الأب فالولد حر بطريق الأصالة لأنه يتبع أمه في الرق والحرية وولاء ذلك الولد ولد المعتق
أبيه. قوله: (ذكرا أو أنثى) حال من ولد المعتق. قوله: (وولده ولده) أي وجر العتق ولاء ولد ولد
المعتق حالة كون ولد الولد ذكرا أو أنثى وقوله وهكذا أي يجر العتق ولاء ولد ولد ولده ذكرا أو
أنثى وإن سفل الأولاد الذكور والإناث جدا إلا أن جر العتق لولاء أولاد أولاد المعتق بالفتح
وأولادهم مقيد بما إذا لم يكن لهم نسب من حر، فإن كان لهم نسب من حر فلا يجر عتق المعتق بالفتح
الولاء عليهم لأنهم من أولاد قوم آخرين والحاصل أن الولاء ثابت للمعتق على من أعتقه وكذا على ولده
417

ثم من كان من ولده أنثى فيوقف عندها ولا يتعداها الولاء لأولادها إن كان لهم نسب من حر ومن كان
منهم ذكرا تعدى الولاء لأولاده ثم يقال من كان منهم أنثى وقف الولاء عندها ولا يتعداها الولاء
لأولادها إن كان لهم نسب من حر وإلا تعدى ومن كان منهم ذكرا تعدى الولاء لأولاده وهكذا يقال
فيهم وفيمن بعدهم. قوله: (كأولاد المعتقة) أي كما يجر ولاء أولاد المعتقة الذين حدثوا لها بعد عتقها.
قوله: (إن لم يكن لهم الخ) هذا الشرط راجع لما بعد الكاف ولما قبلها أيضا باعتبار أولاد بنت المعتق
بالفتح، لما علمت أن للمعتق الولاء عليهم إن لم يكن لهم نسب من حر فقول الشارح بأن كانوا أي أولاد
المعتقة بالفتح وأولاد بناتها وكذا أولاد بنت المعتق بالفتح وأولاد بنات ابنه. قوله: (إن كان لهم نسب
من حر) أي بأن كان لهم أب شرعي حر. قوله: (فمن أعتق أمة الخ) أي وكذا من أعتق عبدا فولد له
بنت من أمة أو حرة ثم زوج بنته بحر فأتت منه بأولاد فأولاد بنت ذلك العتيق ولاؤهم لأبيهم وعصبته
لا لمعتق ذلك العتيق لان لهم نسبا من حر. قوله: (فتزوجها حر) أي أصالة أو عروضا بأن كان عتيقا.
قوله: (لم ينجر الولاء عليهم له) أي بل ولاؤهم لعصبة الأب إن كان الأب حرا أصالة أو لمعتق الأب
وعصبته إن كان حرا عروضا فإن لم يكونوا فبيت المال. قوله: (إلا المنسوب لرق) أي إلا الولد
المنسوب لرق فلا يجر ولاء المعتق ولا ولاء المعتقة ولاءه. قوله: (كمن زوج الخ) هذا المثال ظاهر في
رجوع قوله إلا لرق لما قبل الكاف وهو أولاد المعتق بالفتح، وأما رجوعه لما بعدها وهو أولاد المعتقة
فيتصور بما إذا أعتق جارية فحدث لها ولد بعد العتق من زنا أو غصب ثم تزوج ذلك الولد بأمة آخر
وولدت منه فلسيد الأمة التي أعتقها الولاء عليها وعلى ولدها لا على ولد ولدها لأنه لسيد أمه. قوله: (ثم
أعتقه وهي ظاهرة الحمل) أي وأما هي فلم يعتقها سيدها. قوله: (أو أتت به لدون ستة أشهر من
عتقها) الأولى حذفه والاقتصار على ما قبله لأنه لا ينبغي أن يصور كلام المصنف إلا بما إذا لم يعتقها
سيدها وأما إذا أعتقها سيدها كان من صور قوله الآتي أو عتق لآخر كما أشار لذلك الشارح بعد بقوله:
فلو أعتقها سيدها وهي حامل الخ. قوله: (لأنه) أي قبل العتق قد مسه الرق الخ. قوله: (وهذا) أي
كون الولد رقا لسيد أمه ظاهر أيضا إذا كان الأب حرا أصالة فإذا تزوج الحر بأمة فولدت منه
ولدا فهو رق لسيدها ولا يكون ولاؤه لأبيه ولا لعصبة أبيه. قوله: (أو عتق لآخر) أي وإلا
الولد الذي مسه عتق من شخص آخر غير المعتق لأبيه فلا يجر ولاء أبيه ولاءه. قوله: (كهذه
الصورة) الكاف بمعنى مثل فاعل دخل وهي ما إذا زوج عبده بأمة آخر ثم أعتقه والأمة حامل
ثم أعتقها سيدها فولدت لأقل من ستة أشهر من حين عتقها فولاء ولدها لسيدها لا لمعتق أبيه لان
ذلك الولد قد مسه العتق من شخص آخر غير معتق أبيه وهو معتق أمه. قوله: (أن يعتق انسان الخ)
أي كما مثلنا وكما لو كان العبد متزوجا بأمة رجل غير سيده وأتى منها بأولاد ثم إن سيد العبد
أعتقه وسيد الأمة أعتقهم فإن ولاء الأب لا يجر ولاء أولاده لمعتقه بل ولاء الأولاد لسيد أمهم.
قوله: (لكونه يملكهم) أي من حيث أنهم أولاد أمته. قوله: (وجر معتقهما) أي وجر ولاء المعتق
والمعتقة ولاء معقتهما. قوله: (وكذا أولاده) أي أولاد الأسفل. قوله: (وإن سفلوا) أي ينجر
ولاؤهم لمن أعتق الأعلى. قوله: (إن لم يكن لهم نسب من حر) أي فإن كان لأولاد الأسفل نسب من
حر فلا ينجر ولاؤهم لمن أعتق الأعلى كما لو تزوجت بنت العتيق الأسفل بحر أصالة أو عروضا
وأتت بأولاد فلهم نسب من حر فلا ينجر ولاؤهم لمن أعتق الأعلى بل ولاؤهم لعصبة الأب أو لمعتق
الأب وعصبته فإن لم يكونوا فبيت المال. قوله: (بالبناء للمفعول) وذلك لان أعتق الرباعي
418

متعد دائما فلا رداءة في بنائه للمجهول، وأما عتق الثلاثي فيستعمل تارة لازما وهو الأكثر وتارة متعديا
وهو قليل فبناؤه للمجهول لغة رديئة. قوله: (لان الأولاد صار لهم حينئذ نسب من حر) أي وقد قال
المصنف كأولاد المعتقة إن لم يكن لهم نسب من حر. قوله: (رجع الولاء لمن أعتقه) أي لكونه أقرب
من معتق الجد. قوله: (فلو كان الخ) هذا شروع في حال قول المصنف أو استلحق وقوله فلو كان أبوهم من
الرقيق الخ أي والموضوع بحاله أن الأم معتقة قبل أن تلد إذ لو تأخر عتقها عن الولادة لكان الولد قد
مسه رق وهو يمنع جر ولائه لمعتق جده أو أبيه. والحاصل أن ولاء الولد إنما يرجع في المسألتين
لمعتق الجد أو لمعتق الأب إذا كان لم يمسه الرق في بطن أمه بأن تزوجت الأمة بعد عتقها أو قبله
وعتقت قبل أن تحمل وأما إذا مسه الرق في بطن أمه كما لو تزوجت وهي قن ثم حملت وهي كذلك ثم
عتقت بعد الولادة أو وهي حامل فلا ينتقل الولاء عن معتق الأم إذا عتق الجد ثم الأب أو استلحق
الأب الولد بعد اللعان لما مر أن الولد المنسوب لرق أو مسه عتق لآخر لا يجر ولاء أبيه ولاءه. قوله: (أو
قبله) أي أو قبل عتق الجد يعني ثم عتق الجد حتى ينجر الولاء لسيده. قوله: (ولو كان الأب حرا
وهو عتيق) أي وتزوج بعتيقة وأتت منه بأولاد. قوله: (فالولاء يرجع لسيده من سيد الأم الذي
أعتقها) الحاصل أن هؤلاء الأولاد المذكورين ولاؤهم قبل اللعان لسيد أبيهم وبعده ينتقل لسيد أمهم
فإذا كذب الأب نفسه واستلحقهم انتقل الولاء لسيد الأب من سيد الأم. قوله: (والقول لمعتق الأب)
أي وهل بيمين أو بدونه احتمالان والظاهر الأول كما قال شيخنا العدوي. قوله: (والقول عند تنازع الخ)
حاصله أن العبد المعتق إذا تزوج بأمة وحملت منه وأعتقها سيدها فتنازع معتق الأب ومعتق الأم في
حملها هل هو بعد عتقها أو قبله فقال معتق الأب: إنه بعد عتقها وقال معتق الأم: إنه قبله ولا بينة لواحد
منهما فالقول لمعتق الأب. قوله: (فقال سيده حملت بعد عتقها) أي فالولاء لان أولاد العتيق ولاؤهم
لمعتق أبيهم حيث لم يمسهم رق لغيره. قوله: (وقال سيدها بل قبله) أي فالولاء لي لان الرق قد مسه في
بطنها. قوله: (لان الأصل عدم حملها وقت عتقها) أي إذ ما كل وطئ يكون عنه حمل. قوله: (وما
تنقصها عادة) أي وهو خمسة أيام وحينئذ فدون الستة وما نقصها ستة أشهر إلا ستة أيام فأكثر. قوله: (علم
أنه كان في بطنها وقت العتق فيكون الولاء له) أي لان الرق مسه في بطن أمه وعلم من هذا أن ما هنا
من ثمرات قول المصنف سابقا إلا لرق أي إلا الولد المنسوب لرق فلا يجر ولاء المعتق ولاءه وأنه لا
يكون ولاء الولد لمعتق الأم إلا إذا تحقق مس الرق له ببطن أمه فإن شك فالقول لمعتق الأب كما قال
المصنف. قوله: (بالولاء) أي بأن شهد أن المدعي مولى لهذا الميت أي أعتقه هو أو أعتقه أبوه مثلا أو
أن الميت ابن معتقه أو معتق معتقه. قوله: (أو بالنسب) أي بأن شهد ذلك الشاهد أنه أخوه
أو عمه أو ابن عمه. قوله: (ويأخذ المال) أي على وجه الحوز لا على وجه الإرث. قوله: (بعد
الاستيناء) أي الاحتمال أن يأتي أحد بأثبت مما أتى به. قوله: (وتقدم الجواب) أي عن المعارضة
بين ما هنا وبين ما ذكره في الشهادات وبعضهم أجاب بجواب آخر وحاصله أن المصنف مشى هنا
419

وفي العتق على طريقة ومشى في الشهادات على طريقة أخرى وبعضهم أجاب بأن ثبوت النسب
والولاء بشهادة السماع إذا كان السماع ببلد المشهود عليه وإلا فلا يثبتان بها. قوله: (إذا كان فاشيا) أي
سواء كان السماع ببلد المشهود عليه أو بغير بلده. قوله: (وقدم في الإرث به الخ) أي بالولاء وفيه
أن عاصب النسب ليس وارثا به فالأولى أن يقول وقدم في إرث المعتق بالفتح إذا مات عاصب النسب
على عاصب الولاء فعاصب النسب مثل ابن العتيق وأبيه وأخيه وعمه وأبنائهما وعاصب الولاء
هو المعتق بالكسر وعصبته. واعلم أن عصبة الولاء كما يقدم عليهم عصبة العتيق من النسب كذلك
يقدم عليهم من يرث العتيق بالفرض بطريق الأولى لكن لما كان عصبة النسب مشاركين لعصبة
الولاء في كونهم عصبة ربما يتوهم مشاركتهم لهم ذكر المصنف أن عاصب النسب يقدم عليهم وترك
أصحاب الفروض لعدم توهم دخول عصبة الولاء معهم لتقديمهم على العصبة مطلقا فلا يقال لم لم
يتعرض المصنف لأصحاب الفروض مع عصبة الولاء وهلا قال وقدم أصحاب الفروض وعاصب
النسب على عاصب الولاء. قوله: (ثم عصبته) أي المتعصبون بأنفسهم وأما العاصب بغيره أو مع غيره
فلا شئ له. قوله: (ترتيب) أي للعصبة. قوله: (فيقدم الأخ وابنه على الجد) أي ولا يكون الجد مساويا
للأخ ومقدما على ابنه كما في الميراث. قوله: (وهكذا) أي ثم ابنه وهو عم العم ثم ابن ابنه ثم جد الجد
ثم ابنه ثم ابن ابنه. قوله: (وأما عصبة عصبة المعتق) هذا مفهوم قوله ثم إذا لم يوجد المعتق مباشرة ورثه
عصبته. قوله: (لم ينتقل الولاء لأبيه) أي ولا يقال من مات عن حق فلوارثه لأنا نقول هذا الخبر
غير معروف أو أنه ليس عاما في كل حق بل مخصوص ببعض الحقوق. قوله: (عند الأئمة الأربعة) أي
ونص عليه أيضا مالك في المدونة وغيرها. قوله: (معتق معتقه) أي معتق المعتق لذلك العتيق. قوله: (فإذا
اجتمع الخ) التفريغ غير منصب لان هذا الفرع من أفراد قوله سابقا أو عتق لآخر من أفراد
قوله ثم معتق معتقه فالأولى التعبير بالواو أو يقول فلو اجتمع معتق العتيق أو عصبة معتقه ومعتق
معتقه قدم الأول. قوله: (قدم معتق المعتق على معتق أبيه) أي لما تقدم من أن الولد إذا مسه عتق لآخر
لا يجر ولاؤه ولاء أبيه ولان معتق العتيق يدلي له بنفسه بخلاف معتق أبيه فإنه يدلي له بواسطة. قوله: (ولا
ترثه أنثى إن لم تباشره بعتق) أي إن لم تباشر الشخص العتيق بعتق أورد على المصنف بأن كون
هذا شرطا فيما قبله فيه نظر لأنها مع مباشرتها للعتيق بالعتق لا ترث الولاء أيضا لان الولاء لا يورث
أصلا نعم يورث المال به. وأجاب شارحنا بجواب وحاصله أن المراد بقوله لا ترثه أنثى أي
لا تستحقه أنثى إن لم تباشر العتيق بعتق وإلا كان الولاء لها وأجاب غيره بجواب آخر. وحاصله أن
كلام المصنف من باب الحذف والايصال والمعنى والولاء لا ترث به أنثى إن لم تباشر الشخص
العتيق بعتق وإلا ورثته به. قوله: (فأرثه) أي العتيق للمسلمين ولا حق فيه لبناته أي لبنات من أعتق.
قوله: (ولو مات) أي المعتق عن ابن وبنت فالولاء للابن وحده وكذا إذا مات عن أخ وأخت فالولاء
للأخ وحده. قوله: (إن لم تباشره) أي إن لم تباشر الأنثى العتيق بعتق. قوله: (أو جره) أي الإرث
أي إرث الولاء بمعنى استحقاقه. قوله: (أو عتق له) الأولى أو عتق منه أي صدر ممن أعتقه
420

وقوله فإنها ترثه أي تستحق ولاء ذلك الشخص الذي أبحر إليها بالولادة أو العتق. قوله: (مدخول
النفي من حيث المعنى) أي لا من حيث اللفظ لأن لم لا تدخل على الماضي. قوله: (ذكورا وإناثا) تعميم
في ولد من أعتقته وإنما جمع نظرا لكونه اسم جنس وما ذكره ظاهر في ولد الذكر الذي أعتقته وأما
أولاد الأمة التي أعتقتها إن كان لهم نسب من حر فلا ولاء لها عليهم وإن لم يكن لهم نسب من حر ثبت
لها الولاء عليهم ذكورا وإناثا وقوله وولد الولد كذلك أي لها الولاء عليهم إلا أن يكون ولد الولد أنثى.
وحاصل فقه المسألة أن أولاد من أعتقته المرأة إذا كان ذكرا لها ولاؤهم ذكورا كانوا أو إناثا وكذلك
أولاد ولد من أعتقته لها ولاؤهم ذكورا كانوا أو إناثا إذا كان ولد العتيق ذكرا وأما إذا كان ولد العتيق
أنثى فلا ولاء لها على أولاده إن كان لهم نسب من حر فإن لم يكن لهم نسب من حر فلها ولاؤهم وهذا كله إذا
كان من أعتقته المرأة ذكرا وأما إن كان أنثى فلا ولاء للمرأة على أولاد العتيقة إن كان لهم نسب من حر
وإلا كان لها الولاء عليهم ذكورا أو إناثا. قوله: (لأنه عصبة المعتق من النسب) أي لان الابن عصبة المعتق
من النسب والحاصل أن الابن والبنت اشتركا في أن كلا منهما معتق المعتق وزاد الولد على البنت بكونه
عصبة للمعتق وعصبة المعتق تقدم في الإرث بالولاء على معتق المعتق قد غلط في هذه المسألة جماعة منهم
أربعمائة قاض حيث جعلوا إرث العبد بين الابن والبنت سوية وهما منهم أن ذلك العبد جره لهما الولاء
بسبب عتق أبيهما له ناسين أن عاصب المعتق نسبا مقدم على معتق المعتق. قوله: (بل لو اشترته) أي
الأب وحدها أي ثم عتق عليها واشترى الأب عبدا وأعتقه ومات الأب عن ابن وبنت ثم مات العبد
وقوله لكان الحكم ما ذكر أي، وهو اختصاص الابن بميراث العبد ولا ترث البنت منه شيئا وأشار
الشارح بذلك إلى أن كون الأب مشتركا ليس شرطا في اختصاص الأب بميراث العبد. قوله: (وكذا
لو مات الخ) أشار بهذا إلى أن مثل الابن في إرثه العبد المذكور دون البنت سائر عصبة الأب كعمه وابن
عمه. قوله: (وكان للأب عم الخ) راجع لكل من الحالتين قبله. قوله: (لما علمت من أن الإرث بالنسب الخ)
فيه أنه ليس هنا إرث بالنسب لان العم وابن العم المذكورين لا نسب لهما بالعبد فالأولى أن يقول
لما علمت أن عصبة المعتق تقدم في الإرث بالولاء على معتق المعتق تأمل. قوله: (للذكر مثل حظ
الأنثيين) أي لا بالسوية لان إرثهما له بالنسب لا بالولاء لما علمت أن الإرث بالنسب يقدم على
الإرث بالولاء. قوله: (وإن مات الابن أولا) أي بأن مات الأب أولا ثم الابن ثم العبد وبقيت البنت.
قوله: (فللبنت من مال العبد ثلاثة أرباعه) أي والربع الرابع لموالي أم أخيها إن كانت معتقة ولبيت
المال إن كانت حرة. قوله: (لعتقها نصف أبيها الخ) أي فلما أعتقت نصف أبيها جر عتقها له الولاء
لنصف العبد الذي أعتقه أبوها. قوله: (والربع) أي ولها الربع أيضا لان لها نصف ولاء أخيها انجر
إليها بعتقها لنصف أبيه. قوله: (إنها بعد أن أخذت النصف) أي من مال العبد. قوله: (نصف من
أعتقه) أي من أعتق العبد. قوله: (لموالي أبيها) أي لبقية موالي أبيها. قوله: (فلها نصفه) أي نصف
421

النصف الآخر وهو الربع وذلك لأنه لما مات أخوها ولا وارث له بالنسب انتقل إرثه لموالي أبيه
وأخته من جملة موالي أبيه إذ لها نصف ولائه وهي ترث من أخيها نصف ما ترك. قوله: (وأجيب
أيضا الخ) حاصله أن القياس أن البنت ليس لها شئ من النصف الباقي ولكنه قدر حياة أخيها بعد
موت العبد وارثه للنصف الباقي فلذا ورثت نصف ذلك النصف. قوله: (ثم مات الأب) أي وقد كانت
اشترته هي وأخوها وعتق عليهما بنفس الملك وسواء اشترى الأب عبدا في هذه وأعتقه أو لم يشتر
عبدا كما في ابن غازي وعلى تقدير أنه اشترى فتصور المسألة أن العبد مات أولا ثم الابن ثم الأب ولم
يبق إلا البنت. قوله: (سبعة أثمانها) أي والثمن الباقي لموالي أم أخيها إن كانت معتقة ولبيت المال إن
كانت حرة. قوله: (لأنها أعتقت نصفه) أي فلما أعتقت نصفه أخذت نصف ما بقي للعاصب ونصف
الباقي للعاصب ربع والربع الثاني لأخيها المشارك لها في عتق الأب ينجر لها نصفه بعتقها لنصف
أبيه. قوله: (ترث منه نصفه) أي ينجر لها نصفه بعتقها النصف أبيه لقوله سابقا وجر ولد المعتق. قوله: (وفيه
الاشكال المتقدم) أي وحاصله أن الابن هنا مات قبل الأب فكيف ترث منه البنت ما لم يرثه وجوابه ما مر.
باب فيه أحكام الوصايا
هي جمع وصية مأخوذة من وصيت الشئ بالشئ إذا وصلته به كأن الموصي لما أوصى بها وصل ما بعد
الموت بما قبله في نفوذ التصرف يقال أوصيت له أي بمال وأوصيت إليه أي جعلته وصيا فهما مختلفان
ابن عرفة الوصية في عرف الفقهاء لا الفراض عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموته أو نيابة
عنه بعده ا ه‍ وقوله أو نيابة عنه بالنصب عطف على حقا وقوله لا الفراض أي لأنها عندهم خاصة
بالأول. قوله: (مع شروطه) أي وهي ثلاثة. قوله: (مميز) في حاشية السيد على عبق أن الموصي مدع
فعليه إثبات أن الوصية في حالة التمييز. قوله: (مالك للموصى به) أي وليس المراد مالكا لامر
نفسه لئلا يناقضه قوله بعده وإن كان سفيها. قوله: (فمستغرق الذمة الخ) تعقبه شيخنا بأن
مستغرق الذمة من أفراد غير المالك وليس خارجا بقيد التمام وإنما خرج به العبد لان ملكه غير
تام وهو قد خرج بالحرية وحينئذ فلا حاجة لقيد التمام وقد يقال بل مستغرق الذمة مالك لما بيده وإلا
لما وفيت منه ديونه وتقدم أن عتقه ماض حيث جهل أرباب التبعات نعم يمنع من التصرف ولو رزق بما
يفي لم يتعرض له تأمل. قوله: (وإن سفيها) أي سواء كان مولى عليه أو غير مولى عليه كما في ح قال في
التوضيح وإذا تداين المولى عليه ثم مات لم يلزمه ذلك إلا أن يوصي به فيجوز من ثلثه ولابن القاسم إذا
باع المولى عليه فلم يرد بيعه حتى مات يلزمه بيعه ابن زرقون فعلى هذا يلزمه الدين بعد موته فتأمله
ونحوه لابن مرزوق انظر بن. قوله: (لان الحجر الخ) أي وإنما صحت وصيتهما لان الحجر الخ.
قوله: (إن لم يتناقض قوله) اعلم أن هذا الشرط لا بد منه في وصية البالغ أيضا وكأنه إنما خصص
الصبي بذلك نظرا لشأنه من حصول التناقض منه ا ه‍ بن. قوله: (بأن تبين أنه لم يعرف الخ)
أي كأن يقول أوصيت لزيد بخمسة أوصيت له بعشرة. قوله: (أو محل الصحة إن أوصى بقربة) ظاهره
ولو تناقض في وصيته وليس كذلك إذ لا يقول بذلك أحد إذ مع التناقض لا يلتفت للوصية ولو من بالغ.
قوله: (إن أوصى بقربة) المراد بها ما يشمل المباح بدليل المقابلة بالمحرم كما أفاده بعضهم وهذا ظاهر على
422

ما قاله اللقاني لا على ما قاله غيره كما سيتضح لك. قوله: (فالتأويلان في تفسير الاختلاط) أي هل المراد به
التناقض وعدم معرفة ما أوصى به أو المراد به الايصاء بغير قربة والأول تأويل أبي عمران والثاني
للخمي وأما قولها إن أصاب وجه الوصية فمعناه أن لا تزيد على الثلث باتفاقهما وأشار الشارح بقوله
فالتأويلان في تفسير لفظ الاختلاط إلى أنه ليس خلافا واقعا في المذهب بل هو خلاف لفظي راجع
لفهم لفظ المدونة وإن كان الأمران لا بد منهما في الواقع، فإذا أوصى بقربة ولم يحصل منه تناقض كانت
صحيحة اتفاقا، وإذا تناقض أو أوصى بغير قربة فباطلة اتفاقا كذا قرر الشيخ إبراهيم اللقاني تبعا
لشيخه الشيخ سالم السنهوري. وذكر شيخنا وبن أن الحق أن التأويلين على قولها أصاب وجه الوصية
هل معناه أوصى بقربة وهو ما قاله اللخمي أو أن ما بعده تفسير له وعلى هذا فالخلاف حقيقي لاتفاق
القولين على أنه لا بد من عدم التناقض في قوله واختلافهما في اشتراط كون الوصية بقربة، فإذا أوصى
لسلطان مثلا فالوصية صحيحة على ما لأبي عمران وغير صحيحة على ما قال اللخمي، كذا قرر العلامة عج
تبعا لغيره وعلى هذا التقرير فكان الأولى للمصنف أن يقول وهل إن لم يتناقض قوله أو أوصى
بقربة تأويلان أي وهل إن لم يتناقض قوله فقط أو إن لم يتناقض ويوصي بقربة تأويلان. قوله: (إن
كلا منها) أي من معرفة ما أوصى به والايصاء بما فيه قربة. قوله: (إلا أن يوصي بكخمر) أي من كل ما لا
يصح تملكه للمسلم فإن أوصى الكافر بذلك لكافر صحت الوصية لصحة تملكه لذلك وثمرة الصحة الحكم
بإنفاذها إذا ترافعوا إلينا. قوله: (ولو في ثاني حال) أي هذا إذا كان يصح تملكه لما أوصى له به حال الوصية
بل ولو كان يصح تملكه لما أوصى له به في ثاني حال كما إذا كان غير موجود أو غير ظاهر حينها وإليه أشار
المصنف بقوله كمن سيكون فهو مثال لمن يصح تملكه في ثاني حال والحاصل أنه لا يشترط في صحة الوصية
كون الموصي له ممن يصح تملكه ابتداء أي حين الوصية بل ولو في ثاني حال. قوله: (كمن سيكون) أي فإذا
قال أوصيت لمن سيكون من ولد فلان فيكون لمن يولد له سواء كان موجودا بأن كان حملا أو كان غير
موجود من أصله فيؤخر الموصى به لحمل والوضع أو للوضع فإذا وضع واستهل أخذ ذلك الشئ
الموصى به ومثله أوصيت لمن يولد لفلان فيكون لمن يولد له لا لولده الموجود بالفعل سواء علم أن له
حين الوصية ولدا أم لا. وحيث تعلقت الوصية بمن يولد له في المستقبل كما في المثالين المذكورين فإن
كان حملا فإنه يؤخر الموصى به لوضعه فإن وضع واستهل أخذه وإلا رد لورثة الموصي وإن كان غير
موجود من أصله انتظر بالوصية إلى اليأس من الولادة ثم بعده ترد لورثة الموصي. قوله: (فيستحقه إن
استهل الخ) أشار الشارح إلى أن قوله استهل شرط في الاستحقاق لا في صحة الوصية وقرره عج
على أنه شرط في الصحة وإلا بطلت فعلى التقرير الأول الصحة حاصلة بمجرد الوصية والموقوف
على الاستهلال هو استحقاق الموصى به وأما على الثاني فالصحة لم تحصل بمجرد الوصية بل هي موقوفة
على الاستهلال. قوله: (وغلة الموصى به قبل الوضع تكون لورثة الموصي) هذا أحد قولين والثاني أنها
توقف فتدفع للموصى له إذا استهل كالموصى به والظاهر أن هذا الخلاف مبني على الخلاف
السابق من كون الاستهلال شرطا في الاستحقاق أو في الصحة واختلف أيضا إذا أوصى
لولد فلان ومن يولد لولده فدخل الموجود من الأحفاد يوم الوصية ومن سيوجد منهم
هل يستبد الموجود بالغلة إلى أن يوجد غيره فيدخل معه وبه أفتى أكثر الأئمة أو يوقف
الجميع إلى أن ينقطع ولادة الولد وحينئذ يقسم الأصل والغلة فمن كان حيا أخذا حصته
ومن مات أخذ ورثته حصته على قولين للشيوخ انظر بن. قوله: (بلفظ يدل) أي يدل عليها صراحة
كأوصيت أو كان غير صريح في الدلالة عليها لكنه يفهم منه إرادة الوصية بالوصية بالقرينة كأعطوا الشئ الفلاني
لفلان بعد موتي وقوله إشارة مفهمة دخلت الكتابة بالطريق الأولى فاندفع قول بعضهم بقي على
423

المصنف الكتابة فكان عليه أن يذكرها. قوله: (ولو من قادر على النطق) أي خلافا لابن شعبان. قوله: (وقبول
المعين) أي لغير عتقه وأما العتق فلا يحتاج لقبول. قوله: (قبل موت الموصي) أي ولم يستمر على القبول
بعده. قوله: (حتى لو رد الموصى له قبل موت الموصي) أي ولو كان رده لها حياء من الموصي كما يقع كثيرا
وأما إن ردها بعد موت الموصي فليس له قبولها بعد ذلك. قوله: (ولو مات المعين قبل قبوله) صادق بما
إذا كان موته قبل موت الموصي أو بعد موته. قوله: (فوارثه يقوم مقامه) أي في القبول سواء مات المعين
قبل علمه بالوصية أو بعد علمه بها اللهم إلا أن يريد الموصي الموصى له بعينه فليس لوارثه القبول.
قوله: (كما يقوم مقام غير الرشيد) أي في القبول وليه فهو الذي يقبل له ولا عبرة بقبوله هو خلافا لظاهره
فالقبول هنا مخالف للحوز في الوقف والهبة إذ يكفي حوز الصغير والسفيه كما مر. قوله: (فالملك له بالموت)
الفاء واقعة في جواب شرط مقدر كما أشار لذلك الشارح وقيل إن الملك له بالقبول ولما ذكر ابن شاس
هذا الخلاف قال ويتخرج عليه احكام الملك كصدقة الفطر إذا وجبت بعد الموت وقبل القبول وكما
إذا أوصى له بزوجته الأمة ومات فأولدها ثم علم فقبل هل تصير أم ولد أو لا وكالنفقة على الوصي إذا
كانت حيوانا في المدة التي بين الموت والقبول إذا تأخر عنه انظر بن فعلى الأول تجب زكاة الفطرة في المسألة
الأولى وتصير الزوجة أم ولد في الثانية وتجب النفقة على الموصى له بالحيوان في الثالثة وعلى الثاني
لا تجب زكاة الفطر ولا تصير أم ولد ولا تجب النفقة على الحيوان (قوله وكذا سائر الغلات) أي الحادثة بعد الموت وقبل القبول (قوله تكون للموصى له) أي بنا على أن الملك بالموت اما على أن الملك بالقبول
فالغلة الحادثة بعد الموت وقبل القبول كالحادثة قبل الموت في كونها من جملة مال الموصي. قوله: (ينافي
مقتضى قوله الخ) وجه المنافاة أن مقتضى كون الملك له بالموت أن الغلة الحادثة بعد الموت كلها للموصى له
ومقتضى قوله وقوم بغلة الخ انه ليس للموصى له من الغلة الحادثة بعد الموت إلا محمل الثلث منها.
قوله: (وقوم بغلة حصلت) أي قوم حالة كونه ملتبسا بغلة حصلت. قوله: (فإذا أوصى له بحائط الخ) هذا
الكلام يتوقف فهمه على تقديم مقدمة. وحاصلها أن غلة الموصى به الحادثة بعد الموت وقبل القبول قيل
كلها للموصي له وقيل كلها للموصي وقيل له ثلثها فقط وهو المشار له بقول المصنف وقوم بغلة الخ وسبب
هذا الخلاف الواقع في الغلة المذكورة الخلاف في أن المعتبر في تنفيذ الوصية هل هو وقت قبول المعين
لها إذ مقتضى كون قبول المعين بعد الموت شرطا في تنفيذ الوصية أن يكون المعتبر في تنفيذها وقت
القبول، فإذا تأخر القبول حتى حدثت الغلة بعد الموت فلا يكون شئ منها للموصى له بل كلها للموصي
أو المعتبر في تنفيذها وقت الموت لان الملك للموصى له بالموت ومقتضى كون الملك له بالموت أو الغلة
المذكورة كلها للموصى له أو المعتبر في تنفيذها الأمران معا وهما وقت القبول ووقت الموت لكون
القبول شرطا في تنفيذها والملك بالموت أقوال ثلاثة، فمن اعتبر في تنفيذها وقت قبول المعين لها فقط قال
العلة كلها للموصي، ومن اعتبر في تنفيذها وقت الموت فقط قال كلها للموصى له، ومن راعى الامرين
معا أعطى للموصى له منها ثلثها ومراعاة الامرين معا هو المشهور. وأعدل الأقوال عند سحنون وهو
معنى قول المج العبرة بيوم النفوذ فالغلة قبله بعد الموت تركة تسري الوصية لثلثها، إذا علمت هذا
فقول الشارح فلا يكون للموصى له إلا خمسة أسداس الحائط المراد بالخمسة الأسداس الأصول بتمامها
لا خمسة أسداس منها كما هو المتبادر منه وهذا القول أي أخذ الموصى له الأصول فقط مبني، على أن
المراعي في الوصية وقت قبول المعين فقط فقول الشارح بناء على المشهور الخ فيه نظر لما علمت
أن المشهور مراعاتهما والمراد بالأقوال الأقوال الثلاثة المتقدمة المبني عليها الخلاف في الغلة الحادثة بعد
424

الموت وقبل القبول وقوله بل له على هذا القول أي القول المشهور الذي هو أعدل الأقوال القائل
بمراعاة الامرين وقت القبول ووقت الموت وأما على القول بمراعاة يوم الموت فقط فيكون الحائط
كله بغلته للموصى له. قوله: (إلا خمسة أسداس الحائط) أي فقط لا مع الغلة لأنه الذي حمله الثلث لان الثلث
إنما حمل ألفا. قوله: (بناء على المشهور) مرتبط بقوله لم يكن للموصى له إلا خمسة أسداس أي لم يكن له إلا ذلك
بناء على المشهور وقد علمت ما في هذا الكلام من النظر لان القول بأنه لا يأخذ إلا خمسة أسداس الحائط
ولا يأخذ شيئا من الغلة مبني على القول باعتبار وقت القبول فقط وقد علمت أنه خلاف المشهور.
قوله: (ومقدار ثلث لمائتين) أي وهو ستة وستون واحد أو ثلثا واحد إن قلت أن الغلة لم تكن معلومة للميت
والوصية إنما تكون فيما علم كما يأتي. وأجيب بأن الغلة لما كانت كامنة في الأصول فكأنها معلومة عادة
فإذا لم يعط الموصى له ثلثها لزم نقصه من ثلث الميت يوم التنفيذ. قوله: (على قول) أي وهو أن العبرة بيوم
الموت وقوله على المذهب أي من اعتبار يوم القبول والموت معا. قوله: (المراد به) أي بقولهم المذكور
الأصول بتمامها أي جميع أصول الحائط التي هي الأشجار بتمامها وقوله لا خمسة أسداس منها أي من
الأصول. قوله: (بالنسبة لمجموعها مع الثمرة) وذلك لان الجملة ألف ومائتان بالغلة والألف خمسة
أسداس الجميع. قوله: (أو هي للورثة كما هو مقتضى القول بالتقويم بغلة حصلت) فيه أن مقتضى التقويم
بغلة حصلت أن يكون ثلث الغلة للموصى له وثلثاها للورثة لا أنها كلها للورثة وحينئذ فكلام بهرام
وجيه واعتراض الشارح ساقط. قوله: (وتقدمت هذه المسألة) أي مسألة عدم احتياج الرقيق لاذن
في قبول الوصية وقوله بما هو أشمل مما هنا أي حيث قال ولغير من أذن له في التجر القبول بلا إذن وهذا
شامل لقبول الوصية والهبة والصدقة. قوله: (كإيصائه) تشبيه في نفي مطلق الاحتياج لاذن وإن كان
الأول نفيا لاحتياج إذن السيد والثاني نفيا لاحتياج إذن الرقيق. قوله: (وأما من أوصى بعتقها فلا تخير الخ)
هذا مذهب المدونة خلافا لأصبغ القائل بأنها تخير كالموصي ببيعها للعتق. قوله: (من جارية الخدمة)
أي الموصي ببيعها للعتق. قوله: (ومثلها) أي في نفوذ الوصية وعدم الخيار العبد الموصى ببيعه للعتق.
قوله: (ما لم ينفذ فيها الخ) أي بالحكم وكذا إن أوقفها الحاكم فاختارت أحد الامرين أو شهدت عليها الشهود
باختيارها أحد الامرين فليس لها الانتقال انظر بن. قوله: (لعبد وارثه) أي وارث الموصي.
قوله: (ولو بكثير) أي إلى الثلث وقوله إن اتحد الوارث أي بأن لم يكن لذلك الموصي وارث إلا سيد هذا
العبد وقوله وحاز جميع المال أي بالعصوبة فصح اخراج البنت لان حورها لجميع المال بالفرض
والرد على أن أصل المذهب عدم الرد وتوريث بيت المال وإنما صحت الوصية لرقيق الوارث
بما ذكر من الشرطين لأنه لما كان جميع المال لسيده لم يتهم الموصي على أنه أراد نفع وارثه
الذي هو سيده. قوله: (وإلا لم تصح) أي وألا يكن مشتركا بينهما بالسوية أو كان مشتركا
بالسوية ولم يرثوا جميع المال كابنتين فلا تصح لأنها كوصية لوارث. قوله: (وإذا صح)
425

أي الايصاء لعبد الوارث بأن اتحد للوارث وحاز جميع المال. قوله: (إبطالا لها) أي لان الموصي إنما
أوصى للعبد ولم يوص للسيد ومثل الايصاء لعبد الوارث الايصاء لعبد الأجنبي فلا ينتزع كما في بن
لجريان التعليل المذكور فيه (قوله أو بتافه أريد به العبد) أي لخدمته للموصي مثلا. قوله: (وإلا لم تصح)
أي وإلا بأن أريد بها نفع سيده والفرض أنها بتافه لم تصح كما أنها لا تصح إذا كانت بكثير مطلقا أريد
بها العبد أو نفع سيده ولا فرق في ذلك بين كون العبد قنا أو فيه شائبة حرية إلا مكاتب ولده
فله الوصية له بما يزيد على التافه إلى مبلغ ثلث الموصي لأنه أحرز نفسه وماله ولان القصد بذلك
تحرير العبد قاله أبو الحسن. قوله: (وصح الايصاء لمسجد) أي لصحة تملكه للوصية بخلاف
الحيوان والحجر مثلا فلا تصح له. قوله: (كرباط وقنطرة) أي وسور على البلد. قوله: (وصرف
في مصالحه) أي إن اقتضى العرف صرفها في ذلك فإن اقتضى العرف صرفها للمجاورين به كالجامع
الأزهر صرف لهم لا لمرمته وحصره ونحوهما. قوله: (ونحو ذلك) أي ككناس وفراش وبواب
ووقاد. قوله: (كما لو لم يحتج لما مر) أي كما أنها تصرف بتمامها على من ذكر من الخدمة والامام
والمؤذن إذا لم يحتج لما مر من المرمة والحصر والزيت. قوله: (ففي دينه الخ) ظاهره سواء علم
الموصي أن على الموصى له دينا أو له وارث أو لا وهو كذلك فالمدار في الصحة على العلم بموته.
قوله: (أو وارثه) أي الخاص بدليل قوله ولا تعطي لبيت المال. وأشار الشارح بقوله إن لم يكن
عليه دين إلى أن أو للتنويع لا للتخيير وقوله فإن لم يكن وارث أي ولا دين بطلت كما تبطل إذا لم
يعلم الموصي بموته حين الوصية. قوله: (ولا تعطي لبيت المال) أي على ما اختاره عج وهو الظاهر
بناء على أن بيت المال حائز وقال الشيخ سالم تدفع له بناء على أنه وارث قاله شيخنا العدوي.
قوله: (ولذمي الخ) اعلم أن كلام المصنف في الصحة وأما الجواز وعدمه فشئ آخر. وحاصله أن ابن
القاسم يقول بالجواز إذا كانت على وجه الصلة بأن كانت لأجل قرابة وإلا كرهت وأجازها
أشهب مطلقا لكن في التوضيح ما نصه وقيد ابن رشد إطلاق قول أشهب بجوازها للذمي بكونه
ذا سبب من جوار أو قرابة أو يد سبقت لهم فإن لم يكن ذا سبب فالوصية لهم محظور إذ لا يوصي
للكافر من غير سبب ويترك المسلم إلا مسلم مريض الايمان انظر بن. قوله: (لا لحربي) أي لا تصح له
على ما قاله أصبغ وهو المعتمد خلافا لما يقتضيه كلام عبد الوهاب في الاشراق من الصحة.
قوله: (إلى قاتل له) سواء قتله عمدا أو خطأ. قوله: (علم بالسبب) أي بالسبب الفاعل وهو عين القاتل.
قوله: (في المال) أي مال الموصي وقوله والدية أي المأخوذة من عاقلة القاتل أي فتكون الوصية فيثلثهما
وقوله في المال فقط أي في ثلثه. قوله: (فتأويلان في صحة إيصائه) أي لان الوصية بعد الضرب فلا يتهم
على الاستعجال وقوله وعدمها أي عدم الصحة أي لان الموصي لو علم أن هذا القاتل له لم يوص له لان
الشأن أن الانسان لا يحسن لمن أساء إليه، والظاهر من التأويلين الثاني وهو عدم الصحة كما في المج ولا يدل
في التأويلين أعطوا من قتلني لصحتها اتفاقا على ما يفيده قصر المواق وبهرام التأويلين على ما صور به
شارحنا. قوله: (وشمل الخ) الذي يفيده كلام التوضيح على ما نقله بن البطلان قطعا في هذه الصورة
لتهمة الاستعجال كالإرث وأما لو وهب في مرضه لأجنبي فقتله لم تبطل الهبة قبض الموهوب له الهبة
قبل موته أو لا علم الواهب به أو لا عمدا أو خطأ فليس حكمه كالوصية في هذا وإن كان يخرج من الثلث
مثلها وذلك أنه أصر بنفسه لأنه لو صح كان له ذلك من رأس المال. قوله: (ولم يغيرها) أي فإن علم بذي
السبب صحت وإلا فتأويلان هذا مفاده وقد علمت ما فيه. قوله: (أي الموصي) أي والحال أنه مات عليها.
426

قوله: (فقال أصبغ الخ) ما قاله أصبغ هو المأخوذ من لفظ المدونة كما في بن ولا يقال كلام أصبغ هذا
مخالف لقول المصنف في الردة وأسقطت صلاة إلى أن قال وإيصاء ون السقوط عند الردة لا ينافي
العود عند الاسلام. قوله: (وكذا تبطل بردة الموصى له) مثل ذلك في المسائل الملقوطة واستبعد ذلك
طفي بأن الوصية ليست من فعله حتى تبطل بردته قال بن وهو ظاهر. قوله: (ولا تبطل بردة موصى
به) أي بأن كان عبدا. قوله: (وبطل إيصاء بمعصية) أشار الشارح إلى أن قوله إيصاء بالرفع عطفا على
الضمير الفاعل لبطلت وصح العطف للفصل والمراد بالمعصية الامر المحرم والوصية بالمكروه والمباح
يجب تنفيذها كما قال عج قال طفي وهو غير ظاهر بل تنفيذ الوصية بالمكروه مكروه وفي تنفيذ
الوصية بالمباح وعدم تنفيذها قولان وكأن عج قال ما قام على اتباع شرط الواقف وإن كره
وأما الوصية بالمندوب فتنفذ وجوبا وما في تت من ندب تنفيذها فهو مردود ا ه‍. وعلى هذا
فالمراد بالمعصية ما ليس بقربة. قوله: (ومنه الايصاء الخ) أي ومنه أيضا الوصية بنياحة عليه أو بلهو
محرم في عرس والوصية بضرب قبة على قبر مباهاة فكل ذلك تبطل الوصية به ولا ينفذ ويرجع ميراثا
قال بن ومن أمثلته أيضا أن يوصي ببناء قبة عليه وهو ليس من أهلها أو يوصي بإقامة مولد
على الوجه الذي يقع في هذه الأزمنة من اختلاط النساء بالرجال والنظر للمحرم ونحو ذلك من المنكر،
وكأن يوصي بكتب جواب سؤال القبر وجعله معه في كفنه أو قبره اللهم إلا أن يجعله في صورة من
نحاس ويجعل في جدار القبر لتناله بركته كما قاله المسناوي. قوله: (لمن يصلي عنه أو يصوم) أي بخلاف
الوصية لمن يقرأ على قبره فإنها نافذة كالوصية بالحج عنه. قوله: (وللورثة أن يفعلوا به ما شاءوا) أي فلا
يلزمهم تنفيذها بل تنفيذها حرام. قوله: (وبطل الايصاء لوارث) أي ولو بقليل زيادة على حقه فإن
أوصى للوارث ولغيره بطلت حصة الوارث فقط. قوله: (كغيره بزائد الثلث) أي كما تبطل الوصية
لغير الوارث بزائد الثلث فإذا أوصى لأجنبي بنصف ماله أو بقدر معين يبلغ نصف ماله نفذت الوصية
بالثلث ورد ما زاد عليه ولم يكن له وارث لحق بيت المال وهذا هو مذهب مالك والجمهور. وذهب
أبو حنيفة وأحمد في أحد قوليه إلى صحتها بجميع ماله إذا كان الموصي له أجنبيا وكان لا وارث للموصي
ا ه‍ بدر. قوله: (فعطية) هذا هو المشهور وهو مذهب المدونة قال في التوضيح وذهب ابن القصار
وابن العطار إلى أنه ليس ابتداء عطية وإنما هو تنفيذ لما فعله الميت وهو الذي نقله أبو محمد والباجي عن
المذهب. والحاصل أن الوصية بزائد الثلث أو لوارثه على هذا القول صحيحة متوقفة على الإجازة
وعلى هذا فقولهم إن أجيزت فعطية أي فهي كعطية من حيث الافتقار لحوز ولا تحتج لقبول ثان على
هذا القول وتحتاج له على الأول وعلى القول الأول يكون فعل الميت محمولا على الرد حتى يحاز وعلى
الثاني يكون محمولا على الصحة حتى يرد، وعلى الأول لا يحسن أن يقال الوصية صحيحة ويحسن
أن يقال ذلك على الثاني ومن ثمرات الخلاف أيضا لو أوصى بعتق جارية ليس له غيرها فأجاز
الوارث فهل الولاء كله للميت أو ثلثه، وكذلك إذا أوصى بجارية لوارثه وهي زوجة للوارث فأجاز
الوارث الوصية فهل ينفسخ النكاح بالموت أو بعد الإجازة كذا في حاشية شيخنا السيد على عبق.
قوله: (فلا بد من قبول الموصى له) أي ثانيا بعد الإجازة وأما القبول الأول فهو كالعدم قال
طفي أما الافتقار إلى القبول فلم أره لغير عج وأما الافتقار إلى الحوز فهو في التوضيح وغيره ا ه‍ بن
وما قاله عج أوفق بالقواعد لان العطية تفتقر لقبول ولم تتحقق إلا بعد الإجازة فتأمل.
قوله: (من هل التبرع) أي بأن يكون رشيدا لا دين عليه. قوله: (فإنها تكون باطلة وترجع ميراثا)
427

أي لأنه لما بدأ بذكر الوارث دل على قصد الضرر وما قصد به لاضرار لا يمضي لقوله تعالى في حق
الموصى غير مضار. ولخبر لا ضرر ولا ضرار وظاهره البطلان في هذه الصورة سواء أجازوا أولا وهو
قول ابن القاسم وذلك لأنه لما وقعت الوصية منهيا عنها لقصده الضرر حكم بفسادها فلا يبيحها
إجازتهم بل إجازتهم ابتداء عطية فيعتبر شروطها ككونهم رشداء بلا دين والقبول والحيازة.
قوله: (لبدئه الخ) أي وإنما صحت الوصية في هذه الحالة لوارثه إذا أجازها له الورثة لبدء الموصي بالمساكين
الذين تصح الوصية لهم. قوله: (وهو الذي به العمل) أي كما صرح بذلك ابن ناجي في شرح المدونة
وصرح غيره بمشهوريته. قوله: (وصحح) فقد ذكر القوري في جواب له أن الذي به الفتوى ومضى به
القضاء عند المتأخرين عدم الرجوع قال وبه كان يفتي شيخنا العبدوسي وتبعه من بعده انظر بن. قوله: (أو
بيع لما أوصى به) أي ولم يشتره بعده بدليل قوله الآتي أو بثوب فباعه ثم اشتراه. قوله: (وكتابة) أي
فإن عجز رجعت الوصية وعمل بها ولم يستغن عن ذكر الكتابة مع أنها إما بيع أو عتق فهي داخلة في
أحدهما لكونها ليست بيعا محضا ولا عتقا محضا ولما كان البيع مع ما بعده مستويا في أنه فعل مغاير لما
قبله من القول عطفه بأو وعطف مشاركه في الفعل بالواو. قوله: (أي ودرسه وصفاه) أي سواء أدخله
بيته أم لا. قوله: (بل لا بد من التذرية على المعتمد) أي لزوال الاسم حينئذ وأما قبلها فلم يزل عنه اسم
الزرع. قوله: (ونسج غزل) أي موصى به لان الاسم انتقل عما كان عليه حال الوصية وكذا يقال فيما
بعده. قوله: (أوصى بها بلفظ شقة) أي وليس مراد المصنف أنه إذا أوصى بما يسمى شقة ولم يسمه
بذلك بل سماه بثوب مثلا ثم فصله أن ذلك يكون رجوعا. قوله: (كمقطع) أي أو بفتة أو طاقة. قوله: (لزوال
الاسم) أي لزوال اسم الشقة ونحوه كالمقطع والبفتة والطاقة بالتفصيل. قوله: (فإن أوصى بها بلفظ ثوب)
أي أو قميص أو سروال بأن أشار لمقطع أو بفتة وقال أوصيت له بهذا الثوب أو القميص ثم فصله بعد ذلك.
قوله: (لعدم زوال الاسم) أي لعدم زوال اسم الثوب بالتفصيل. قوله: (قيد بمرض) أي قيد بموت بمرض
أو سفر والحال أنه انتفى حصوله فيهما. قوله: (يعني انتفى الموت يهما) أشار بذلك إلى أن تثنية المصنف
للضمير وإن كان مرجعه واحدا وهو الموت نظرا لتعدد محله. قوله: (إن قال إن مت فيهما) ظاهره أنه
لا بد من التصريح بالقيد وليس كذلك بل متى أشهد على وصيته في مرضه أو سفره وكانت بغير كتاب
فلا تنفذ إلا إذا مات فيه سواء صرح بذلك كما لو قال إن مت من مرضي أو سفري هذا فلفلان كذا أو لم
يصرح به كما قال إن مت فلفلان كذا أو قال يخرج من مالي لفلان كذا، ولم يقل إن مت أو لم يقل شيئا من
ذلك بل أشهد أن لفلان كذا وصية لان المعنى عليه حيث لم يصرح بالتعميم كمتى مت انظر بن.
قوله: (بالموت) أي على الموت. قوله: (ومات بعدهما) أي فتبطل إلا أن يشهد على
428

ذلك الكتاب فقولان في بطلانها وعدمه كما في بهرام. قوله: (إن رده قبلهما) أي قبل صحته وقدومه من
السفر بأن رده حالة المرض أو حالة السفر. قوله: (فيهما) أي في المرض أو السفر والحال أنه رد الكتاب.
قوله: (لم تبطل لأنه علق الخ) هذا ظاهر كلام التوضيح. قوله: (وقيل الخ) هذا ما نقله عج عن بعض
أشياخه تبعا لابن مرزوق. قوله: (لان الرد علامة الرجوع) أي عن الوصية فقد خلف وجود المعلق
عليه هنا مانع وهو ما رد على إرادة رجوعه عنها من رد الكتاب. قوله: (ولو أطلقها عن التقييد) أي أنه لم
يقيدها بمرض أو سفر معين ولا غير معين. قوله: (كقوله إن مت) أي كقوله في غير مرضه أو سفره إن مت
فلفلان كذا ولم يقيد بمرض أو سفر معين أو غير معين. قوله: (بقطع النظر عن الموضوع) أي لأنه إذا قطع
النظر عنه احتمل الاطلاق والتقييد فتصح المبالغة. قوله: (بل هو) أي قوله ولو أطلقها. قوله: (أي تبطل)
يعني إن كانت بكتاب أخرجه ثم استرده. قوله: (ولا تبطل إلا إذا استرده) فصور المطلقة أربعة الصحة
في ثلاث والبطلان في واحدة. قوله: (بخلاف المقيدة) أي فصورها أربعة البطلان في ثلاث وهي ما إذا
كانت بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو بكتاب وأخرجه ثم استرده والصحة في واحدة وهي
ما إذا كانت بكتاب وأخرجه ولم يسترده. قوله: (ومفهوم الخ) لما تكلم على صور المنطوق في المقيدة
وأفاد أنها أربعة شرع في بيان صور المفهوم فيها فذكر أنها أربعة أيضا. قوله: (فعلم أن صور المقيدة)
أي بالموت في المرض أو السفر وقوله ثمانية أي وذلك لأنه إما أن ينتفي القيد أو يتحقق وفي كل
إما أن يكون بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو أخرجه ولم يسترده أو يسترده، فإن انتهى
القيد بأن صح من مرضه أو قدم من سفره بطلت إن كانت بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو
أخرجه واسترده، وأما لو أخرجه ولم يسترده فهي صحيحة وإن تحقق القيد بأن مات في مرضه أو
سفره كانت صحيحة إن كانت بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو أخرجه ولم يسترده، فإن أخرجه
واسترده فقولان بالصحة والبطلان. قوله: (وهي استرداده) أي وهي ما إذا كانت بكتاب وأخرجه
ثم استرده. قوله: (ومن المطلقة ما أشار له لخ) أي لان من المعلوم أنه لا وصية إلا بعد موت فالتقييد به
لا يصيرها مقيدة. قوله: (فتصح إن لم يكن بكتاب أو به ولم يخرجه أو أخرجه ولم يرده) على هذه
الصور الثلاث يحمل كلام المصنف هنا لكن الصورة الثالثة مكررة مع قوله سابقا لا إن لم يسترده إن جعل
راجعا للمطلقة والمقيدة كما فعل الشارح لا إن جعل راجعا للمقيدة فقط وقوله لا إن لم يسترده هي معنى
قول المصنف ولو أطلقها فقد استوفى المصنف صور المطلقة الأربعة كما استوفى صور المقيدة. قوله: (أو
بنى العرصة) مثل البناء الغرس والظاهر أن مثل ذلك وصيته بورق ثم كتبه كما قرره شيخنا. قوله: (فلا
تبطل) وقال أشهب تبطل قال في التوضيح وهو أظهر لانتقال الاسم. قوله: (بقيمة بنائه قائما)
429

أي يوم التنفيذ. قوله: (إن صرح) أي بالرجوع عن الوصية الأولى. قوله: (وخلاصه على الورثة) أي
إذا ترك الميت ما يفي بالدين وإلا بيع الرهن في الدين وبطلت الوصية. قوله: (ووقفت) أي عند جهل
الحال بأن وطئها ومات ولم يعلم هل حملت منه أم لا فإن قتلت حال الوقف فقال ابن القاسم قيمتها للورثة
لان الايصاء سبب ضعيف لا يعارض الملك المتقدم، وقال ابن عبدوس للموصى له لان الوطئ ليس
بمانع من أخذها لها والمانع إنما هو الحمل وقد تعذر الاطلاع عليه. قوله: (أي باع جميع المال) الأنسب
أي باع ماله جميعه إشارة إلى أن الضمير راجع للمضاف إليه. قوله: (ثلث ما يملكه عند الموت) الأولى
ثلث ما وجد وقت تنفيذ الوصية كما مر من أن العبرة بالموجود يوم التنفيذ سواء زاد على الوجود يوم
الوصية أو الموت أو نقص. قوله: (عائدا على جميع) الأولى عائدا على ماله جميعه لا على المضاف الذي
هو ثلث ماله. قوله: (فلا يتوهم فيه ذلك) أي لا يتوهم فيه أنه رجوع عن الوصية. قوله: (كثيابه الخ)
مثل ذلك ما لو كان له في الواقع ثوب وقال أوصيت لزيد بثوبي ثم باع تلك الثوب واستخلفها.
قوله: (واستخلف غيرها) أي من جنسها أو من غير جنسها. قوله: (وإلا بطلت) أي وإلا بأن
عينها بأن قال أوصيت له بثيابي هذه أو بثوبي هذه فباعها واستخلفها وإلا بطلت ببيعها أي كما قال
المصنف بعد بخلاف مثله. قوله: (بخلاف مثله) أي بخلاف بيعه للثوب المعين وشراء أو هبة أو إرث
مثله. قوله: (فهو فيما إذا لم يعينها) أي وحينئذ فلا تناقض في كلامه وقد علمت أنه ليس من التعيين أنه
يوصي بثوب وليس له غيره كما يفيده نقل المواق. قوله: (ولا تبطل الخ) أي لان زيادة هذه الأمور
لا تعد رجوعا في الوصية. قوله: (كان أوضح) وذلك لان العرصة اسم للأرض الخالية من البنيان
وقد أطلقها المصنف هنا على الأرض مع ما فيها من البنيان تجوزا. قوله: (خلاف مستو) لكن الذي
استظهره شيخنا العلامة العدوي ثانيهما وهو أنه للموصي له ا ه‍ هذا والأوفق باصطلاح المصنف
في تساوي القولين أن يضبط قوله وفي نقض العرصة بضم النون أي وفي منقوض العرصة الموصى
بها مع بقائها إذا هدمه الموصي قولان بل جعل عج ذلك متعينا انظر بن. قوله: (فالوصيتان له) أي
بتمامهما إن حملهما الثلث أو ما حمله منهما وسواء كانتا بكتاب أو بدونه. قوله: (من نوع واحد) أي حالة
كونهما من نوع واحد سواء اتحد صنفهما كما مثل الشارح أو اختلف كقمح وشعير وصيحاني
وبرني. قوله: (من نوعين) أي سواء عين كل من الوصيتين كعبدي فلان وداري الفلانية أو لم يعين كدينار
من مالي وثوب من ثيابي كما مثل الشارح. قوله: (وذهب معلوم) أي معلوم العدد وقوله وفضة كذلك أي
سبائك. قوله: (تفسير لنوعين) أي أن العطف للتفسير بناء على ما قاله من أن السبائك من ذهب لا من فضة.
430

قوله: (ولا متساويين) أي لا من نوعين متساويين. قوله: (أو عكسه) أي بأن أوصى له أولا بخمسة
عشر ثم أوصى له ثانيا بعشرة حالة كونها من صنف واحد. قوله: (ولا يكون) أي الأقل المتأخر وقوله
ناسخا أي للأكثر المتقدم وإنما لم تلزم الوصيتان احتياطا لجانب الموصي ولان الأقل كالمشكوك فيه
والذمة لا تلزم بمشكوك فيه ا ه‍ عبق. قوله: (وسواء كانتا بكتاب أو بكتابين) أتى بهذا التعميم
ردا على المخالف إذ قد روي عن مالك ومطرف إن تقدم الأكثر فله الوصيتان وإلا فله الأكثر فقط
وحكى اللخمي عن مطرف إن كانا في كتابين فله الأكثر منهما تأخر أو تقدم وإن كانا في كتاب واحد
وقدم الأكثر فهما له معا وإن تأخر الأكثر فهو له فقط. وحكى ابن زرقون عن عبد الملك إذا كانا في
كتابين فله الأكثر وإلا فهما له معا تقدم الأكثر أو تأخر ا ه‍ شيخنا العدوي. قوله: (أو عكسه) بأن
أوصى له أولا بجزء ثم أوصى له بعدد كامل. قوله: (وإن أوصى لعبده بثلثه) أي بأن قال لعبده
أوصيت لك بثلث مالي وقوله أو بجزء من ماله أي غير الثلث كأن يقول لعبده أوصيت لك
بربع مالي أو سدسه. قوله: (إن حمله الثلث) هذا إن أوصى له بالثلث كما مر عن المصنف فإن أوصى له
بجزء غير الثلث كالربع فكذلك يعتق العبد من ذلك الجزء وباقيه له كماله فإن كان الجزء لا يحمله عتق
من العبد محمل الجزء ويكمل باقيه من ماله وكذلك إذا أوصى له بعدد كمائة فإنه يعتق من ذلك العدد
وباقيه له كماله فإن لم يحمله ذلك العدد عتق منه محملة وكمل من باقيه من ماله. قوله: (والا قوم في ماله) أي
والا قوم تقويما منظورا فيه لماله أي مال نفسه فليست في بمعنى مع وذلك بأن يقال ما قيمته على أن له من
المال كذا وكذا بحيث يجعل ماله كصفة من صفاته ويجعل تلك لقيمة مع ماله من جملة مال السيد
والحاصل أن معنى المصنف على ما قيل أنه يقوم تقويما منظورا فيه لماله حال كون تلك القيمة معدودة
مع ماله من جملة أموال السيد. قوله: (فلو كان للعبد مال) أي ولا مال للسيد أصلا غير العبد أو له مال لا
يحمل ثلثه العبد كله. قوله: (وقيمته مائة) أي والحال أنه لا مال للسيد. قوله: (ولا شئ له من ماله) بل المائتان
الباقيتان للوارث. قوله: (وكذا لو ترك الخ) أي وكذا يعتق جميعه ولا شئ له من ماله لو ترك الخ.
قوله: (كذا قرر) أي قرره جماعة من الشراح كعبق وغيره وقوله واعترض الخ الاعتراض المذكور لطفي وبن.
قوله: (بأن مقتضى نص ابن القاسم) أي على ما نقله المواق وقوله أنه لا يجعل الخ أي إذا كان له مال
وكان ثلث السيد لا يحمله. قوله: (ثم يعتق باقيه من ماله) أي وهذا هو المراد بتقويمه
في ماله فالمراد بتقويمه في ماله جعل قيمته في ماله لأجل ماله من جملة مال السيد كما قيل فظهر لك أنه يقوم بدون ماله سواء
حمله الثلث أو لا وكونه يقوم بدون ماله لا ينافي أنه يقوم في ماله لان تقويمه بدون ماله أن يقال ما قيمة
هذا العبد على أنه لا مال له وتقويمه في ماله أن تجعل قيمته في ماله كما قلنا ولذا عبر المصنف
بفي دون الباء. قوله: (ففي المثال الأول) أي وهو ما إذا كان العبد له مائتان وقيمته مائة ولا مال
للسيد. قوله: (وهو مائة) أي وهو قيمته مائة. قوله: (ثم ثلثاه) أي ثم يعتق ثلثاه. قوله: (ويأخذها) أي
الستة والستين والثلثين. قوله: (وما بقي) أي من مال العبد وهو مائة وثلاثة وثلاثون وثلث. قوله: (وفي
المثال الثاني) أي وهو ما إذا ترك السيد مائة وكانت قيمة العبد مائة وماله الذي بيده مائة. قوله: (وما بقي) أي
431

وهو ستة وستون وثلثان. قوله: (ودخل الفقير الخ) فإذا أوصى للمساكين دخل الفقراء وإذا أوصى للفقراء
دخل المساكين فكل منهما يدخل في لفظ الآخر فيشتركان في الوصية والدخول نظرا للعرف من
أنهما إذا افترقا اجتمعا أي في الحكم مبني على القول بعدم ترادفهما أما على القول بترادفهما فهو عينه
فلا معنى للدخول ومحل الدخول حيث لم يقع من الموصي النص على المساكين دون الفقراء وعكسه
أو جرى العرف بافتراقهما. قوله: (لان العرف) أي وإن كان الأصل أن المسكين ما لا يملك شيئا والفقير
ما يملك شيئا لا يكفيه قوت عامه. قوله: (وفي الأقارب الخ) حاصله أنه إذا قال أوصيت لأهلي أو لأقاربي
أو لذوي رحمي بكذا اختص بالوصية أقاربه لامه لأنهم غير ورثة للموصي ولا يدخل أقاربه لأبيه
حيث كانوا يرثونه هذا إن لم يكن له أقارب لأبيه لا يرثونه وإلا اختصوا بها ولا يدخل معهم أقاربه
من جهة أمه، وإن قال أوصيت لأقارب فلان أو لأهله أو لذوي رحمه اختص بها أقاربه لامه إن لم يكن
له أقارب من جهة أبيه وإلا اختصوا بها مطلقا كانوا ورثة لفلان أو ولا ولا يدخل معهم أقاربه من جهة
أمه. قوله: (أو لأهله) أي فلان أو أهله هو. قوله: (أقاربه لامه) أي أقارب الموصي إن كانت الوصية
لأقاربه أو أقارب فلان لامه إن كانت الوصية لأقارب فلان. قوله: (إن لم يكن أقارب لأب) هذا هو
قول ابن القاسم هنا وفي الحبس وقال غيره بدخول أقارب الأم مع أقارب الأب هنا وفي الحبس
والمصنف فرق بين المسألتين فدرج في الحبس على قول غير ابن القاسم ولكن تقدم في الحبس عن
المتيطي ما يفيد ترجيح ما مشى عليه المصنف في الحبس في قوله وأقاربي جهتيه مطلقا اه‍ بن.
قوله: (إن لم يكن لفلان) الأولى إن لم يكن له ولا لفلان أقارب لأب. قوله: (كغيره) أي كغير الوارث
منهم وقوله فيدخل الجميع أي في قول الموصي لأقارب فلان أو لذوي رحم فلان أو أهل فلان. قوله: (كما لا
يدخل أقارب أمه) هذا هو نفس كلام المصنف السابق في مفهوم الشرط. قوله: (بل تختص) أي
الوصية بهم أي بأقارب الأب. قوله: (وأوثر المحتاج الخ) حاصله أنه إذا أوصى لأهله أو أقاربه أو ذوي
رحمه أو لأهل فلان أو أقاربه أو ذوي رحمه واختص بالوصية الأقارب من جهة الأم حيث لم يكن
هناك أقارب من جهة الأب أو اختص بها الأقارب من جهة الأب عند وجودهم فإن استووا في
الحاجة سوى بينهم في الاعطاء وإن كان منهم محتاج أو أحوج فإنه يجب إيثاره على غيره بدفع زيادة له
عن غير سواء كان ذلك المحتاج أقرب أو أبعد قال المسناوي انظر هذا مع ما ذكروه في مفهوم قول
المصنف الآتي، ولم يلزم تعميم كغزاة من أنه إذا أوصى لمن يمكن حصره إلا أنه لم يسمهم فإنه يسوي
بينهم في القسمة ا ه‍ قال بن قد يقال محل ما يأتي إذا استووا في الحاجة وإلا أوثر المحتاج كما هنا. قوله: (فالأقرب
المحتاج أولى) أي فلا مفهوم للأبعد من كلام المصنف لكنه نص على المتوهم. قوله: (كأعطوا الأقرب
فالأقرب) أي كقوله أوصيت لأقارب فلان بكذا يعطي منه الأقرب فالأقرب. قوله: (بالتفضيل)
أي بالإيثار والزيادة. قوله: (وحينئذ) أي وحين إذ بين بأن قال أعطوا الأقرب فالأقرب.
قوله: (فيقدم الأخ وابنه) قد أشار عج لضبط المواضع التي يقدم فيها الأخ وابنه على الجد بقوله:
بغسل وإيصاء ولاء جنازة نكاح أخا وابنا على الجد قدم
وعقل ووسطه بباب حضانة وسوه مع الآباء في الإرث والدم
قوله: (ويقدم الشفيق على غيره) المراد بغيره الأخ للأب وأما الأخ للأم فلا دخول له أصلا حيث كان هناك
432

أحد من الأقارب من جهة الأب. قوله: (ولا يختص الخ) لما كان يتوهم من الايثار الاختصاص نفاه
وبين أن معناه أن يعطي ما يستحقه ولا يحرم غيره وليس هذا راجعا لقوله فيقدم بل هو راجع لأول
المسألة وهو قوله وأوثر المحتاج ا ه‍ بن وهو خلاف المتبادر من كلام الشارح من رجوعه لقوله فيقدم
وكتب بعضهم أنه راجع لهما وهو أولى. قوله: (فإن لم يكن أقارب أب) أي والحال أنه أوصى
لأقارب فلان واختص بالوصية أقارب الأم دخل فيهم الجد للأم والأخ للأم. قوله: (وقدم) أي
الأخ للأم على الجد أي عند قوله أعطوا الأقرب فالأقرب. قوله: (ودخلت الزوجة الخ) أي أنه إذا
أوصى لجيرانه فإنه يعطي الجار وزوجته الساكنة معه بجوار الموصي لا الساكنة بمحل غير مجاور له،
وأما زوجة الموصي فلا تدخل كانت وارثة أم لأنها غير جارة في العرف. قوله: (من أي جهة) أي من
جهة العلو أو السفل أو اليمين أو اليسار أو الامام أو الخلف. قوله: (أو المقابلون الخ) لعل الأولى أو
والمقابلون له الخ وهذه التفاسير للجار الذي يستحق الوصية التي الكلام فيها وأما حديث: ألا إن
أربعين دارا جار ففي التكرمة والاحترام. قوله: (إذا كان بها مانع من الإرث) أي كالأمة والكافرة
وكذلك الوارثة لا تدخل في الوصية للجيران للعلة المذكورة ولعلة الإرث أيضا. قوله: (مع سيده) أي
ساكن مع سيده. وحاصله أنه إذا أوصى لجيرانه فلا يعطي عبد الجار الساكن مع سيده. قوله: (إلا
ينفرد) أي العبد ببيت مجاور للموصي أي فإن انفرد دخل في الوصية وإن لم يكن سيده جارا.
قوله: (وظاهره وإن كانت نفقة كل على نفسه) قال شيخنا العدوي النقل الاطلاق ولكن الظاهر أنه يقيد
بما إذا لم تكن نفقة كل منهما على نفسه وإلا دخل كل منهما اتفاقا. قوله: (فإن انتقل بعضهم) أي أو كلهم
بعد الموت وقبل الاعطاء وكذا يقال فيما بعده. قوله: (ولو أوصى لشخص بجارية) احترز بذلك من
الموصي بعتقها وهي حامل فإنه يدخل الحمل ولا يأتي فيه قول المصنف إن لم يستثنه لعدم صحة
الاستثناء ا ه‍ بن فالموصي بعتقها مثلها مثل من أعتقها بالفعل فلا يصح منهما استثناء الحمل وإنما صح
استثناؤه من الموصى بها لشخص ولم يصح استثناؤه مع عتقها، لان الشرع كمل عليه العتق إذا أعتق
جزءا منها ولم يكمل عليه الهبة إذا وهب جزءا منها والوصية كالهبة. قوله: (وهي حامل) أي من زوج أو
من زنا. قوله: (دخل الحمل) أي حيث وضعته بعد موت السيد. قوله: (ودخل الموالي الأسفلون) أي مع
الأعلين. قوله: (هذا ظاهر المصنف) أي وهو قول أشهب. قوله: (والمذهب أنها تختص بالأسفلين) أي
ولا يدخل الأعلون معهم وهذا قول ابن القاسم ولا فرق بين الوصية لموالي زيد أو لموالي نفسه كما في بن
خلافا لعبق. قوله: (لأنهم مظنة الحاجة) أي ولغلبة إطلاق الموالي على الأسفلين. قوله: (أو بما ولدت
أبدا) إنما قيد الشارح بقوله أبدا إشارة إلى أنه لا بد أن يأتي مع اللفظ الماضي بقرينة تدل على قصد
الاستقبال مثل أن يقول بما ولدت جاريتي أبدا كما في المواق والتوضيح وإلا لم يدخل في لفظ الماضي
إلا ما ولدته قبل الوصية ا ه‍ بن. قوله: (فإنه يدخل في ذلك حملها) أي الموجود قبل الوصية والحادث
بعدها وإذا مات السيد والأمة حامل فإن كان الثلث يحملها وقفت حتى تضع فيأخذ الموصي له الولد
ثم يتقاوون الأم والجنين ولا يفرق بينهما ولم يجز أن يعطي الورثة الموصى له شيئا على أن يترك وصيته
433

في الولد كما في المدونة وغيرها لأنه من بيع الأجنة وإن لم يحملها الثلث فللورثة أن يوقفوها حتى تضع
وإن كرهوا لم يجب ذلك عليهم وسقطت الوصية لأنها وصية فيها ضعف قاله ابن حبيب. واختلف إن
أعتق الورثة الأمة والثلث يحملها قيل يعتق ما في بطنها بعتقها وتبطل الوصية وهو الذي في المدونة
وقيل لا يعتق، وهو قول أصبغ في الواضحة وإن لم يحملها الثلث فعتقهم فيها غير جائز اه‍ بن.
قوله: (وظاهره ولو وضعته الخ) أي وظاهره دخول الحمل في الوصية بالولد ولو وضعته بعد موت السيد أي
وأولى قبله سواء كان الحمل موجودا قبل الوصية أو حدث بعدها وفي بن الذي يفيده كلام ابن رشد
أن الحمل الموجود يوم الوصية يكون للموصى له مطلقا وضعته في حياة الموصي أو بعد موته وما
حملت به بعد الوصية من الأولاد لا يكون له منهم إلا ما ولدته في حياة الموصي. قوله: (ولو في يومها) أي
ولو كان إسلامه بعدها في يومها. قوله: (وقرر بعضهم الخ) أي وعلى هذا فقول المصنف والمسلم الخ معناه
وتعين المسلم يوم الوصية في وصيته بعبيده المسلمين. قوله: (فإنما يدخل في
الوصية الخ) فإن لم يكن له حين الوصية عبيد أصلا فأشتري مسلمين أو كان له حينها كفار فقط فأسلموا فهل يدخلون لان فيه إعمال
الوصية ما أمكن أو تبطل الوصية قولان والراجح الأول وظاهر المصنف الثاني. قوله: (لا يدخل
الموالي الأسفلون) في وصيته إلى تميم أو بنيهم أو وأما الأرقاء منهم فالظاهر دخولهم كأن يتزوج تميمي
بأمة آخر منهم ويأتي منها بولد. قوله: (دخل مواليهم) أي لان الشأن في الموالي المسكنة ولأنهم يضافون
لبني تميم وإن لم يكونوا منهم. قوله: (ولم يلزم تعميم كغزاة) أي ولا التسوية بينهم واجتهد متولي التفرقة في
القدر الذي يعطيه لمن حضر منهم القسم ولا شئ لمن مات قبله. تنبيه: من قبيل المجهول غير المحصور
فقراء الرباط والمدارس والجامع الأزهر فقد ذكر عبق في باب الوقف نقلا عن العتبية عند قول
المصنف أو لمجهول وإن حصر أن أهل مسجد كذا من غير المحصور وأن قول الشيخ أحمد الزرقاني أن
المجاورين بالمسجد الفلاني من المحصور فيه نظر. قوله: (بخلاف خدمة مسجد الخ) هذا مفهوم قوله
كغزاة وذلك لان قوله كغزاة مفهومه قسمان أحدهما الايصاء لمعين كفلان وفلان وأولاد فلان
ويسميهم فيقسم المال الموصى به بينهم بالسوية، ومن مات منهم بعد موت الموصي وقبل قسم المال
الموصى به فنصيبه لوراثه ثانيهما أن يوصي لمن يمكن حصره ولكن لم يسمهم كأوصيت لأولاد فلان
أو لاخوته أو لأولاد أخوته أو لأخوالي وأولادهم أو لخدمة المسجد الفلاني أو لخدمة الولي
الفلاني، وهذا القسم اختلف فيه على قولين كما في ح قيل أنهم كالمعينين يقسم بينهم بالسوية ومن
مات منهم قبل الموصي فلا شئ له، ومن مات بعده استحق ويقوم وارثه مقامه إذا مات قبل قسم
المال ومن ولد بعد موت الموصي لم يدخل وقيل أنهم كالمجهولين من مات قبل قسم المال
لم يستحق ومن ولد بعد موت الموصي استحق ويقسم بينهم بالاجتهاد لا بالسوية والأول قول مالك
وهو مذهب ابن القاسم في المدونة وعليه مشى الشارح فقوله بخلاف خدمة مسجد أو ولي أي
فيجب تعميمهم لحصرهم ويسوي بينهم في القسم إذا استووا في الحاجة. قوله: (في القسمين)
أي ما إذا كانت الوصية على مجهول غير محصور كالغزاة أو على مجهول يمكن حصره كخدمة
المسجد. قوله: (واجتهد متولي التفرقة) فيمن حضرها من المجهول الغير المحضور كالغزاة أي
اجتهد في القدر الذي يعطيه لكل واحد فلا يلزم أن يسوي بينهم كما لا يلزم تعميمهم. قوله: (فيما يعطيه)
434

أي في قدر ما يعطيه له وكذا يجتهد في تقديمه في الاعطاء أو تأخيره. قوله: (قبل القسم) أي قبل قسم لمال
الموصى به وبعد موت الموصي وأما من مات منهم قبل موت الموصي فلا شئ له حتى يكون لوارثه.
قوله: (وضرب الخ) لو قال وجعل لمجهول الثلث وحذف الباء من بالثلث كان أظهر وأخصر ولا يلزم
من جعل الثلث له إعطاؤه الثلث بتمامه لأنه يسلك فيه مسلك العول كما قال الشارح. قوله: (لمجهول) أي
واحد فأكثر كمجهولين أو ثلاثة وقوله لمجهول دائم أي موصى به وقوله مع معلوم أي موصى به أيضا.
قوله: (أي مع معلوم أيضا) أي كما يشعر به قول المصنف وضرب لان المضاربة والمحاصصة إنما تكون
في متعدد. وحاصله أنه إذا أوصى بمجهول أو أكثر على الدوام وأوصى بمعلوم فإن أجاز الوارث
الوصية فالامر ظاهر وإن أبى من تنفيذها كلها تعين تنفيذها من الثلث وطريق ذلك أن يجعل ثلث مال
الميت للمجهول ويضم إليه الموصى به المعلوم وينسب المعلوم لمجموعهما وبتلك النسبة يعطي الموصى له
بالمعلوم من الثلث وما بقي منه فهو للمجهول فإذا كان مال الميت كله تسعمائة ولم تجز الورثة
الوصايا وتعينت في الثلث أخذ ثلث المال وهو ثلاثمائة وضم إليها المعلوم وفعل ما ذكرنا. قوله: (فكأنها
عالت بمثلها) وذلك لأنه إذا أريد معرفة ما عالت به المسألة ينسب ما عالت به إليها بدون العول وأما إذا
أريد معرفة ما يخص الموصى له بالمعلوم من الثلث فأنسب المعلوم لمجموع الثلث والمعلوم وبتلك النسبة
يعطي الموصى له بالمعلوم من الثلث. قوله: (ولو كان المعلوم مائة) أي كما لو أوصى لزيد
بخمسين ولعمروا بخمسين. قوله: (ربع الثلثمائة) أي وهو خمسة وسبعون قوله يفض عليه أي على المعلوم أي على
أصحابه يأخذ كل واحد منهما سبعة وثلاثين ونصفا. قوله: (ويبقى الباقي) أي وهو مائتان وخمسة
وعشرون ولو كان المعلوم مائة وخمسين لزيدت على الثلثمائة فكأنها عالت بمثل نصفها ونسبة المائة والخمسين للأربعمائة
والخمسين ثلث وحينئذ فيعطي الموصى له بالمعلوم ثلث الثلثمائة وذلك مائة وما بقي
وهو مائتان للمجهول. قوله: (وهل يقسم على الحصص) أي على قدر الحصص. قوله: (فيجعل لجهة
المصباح الثلث) أي لأنه أوصى له بدرهم وللخبز بدرهمين ونسبة الدرهمين للثلاثة ثلثان ونسبة
الدرهم لها ثلث وإذا جعل لو قيد المصباح ثلث ما بقي فيصرف منه كل يوم القدر المسمى وهو درهم حتى
يفرغ. قوله: (ولجهة الخبز الثلثان) أي ويصرف منهما كل يوم القدر المسمى وهو درهمان حتى يفرغ
الثلثان. قوله: (فيجعل لجهة المصباح نصفه) أي ويشتري منه كل يوم بالقدر المسمى حتى يفرغ. قوله: (قولان)
الأول منهما لابن الماجشون والثاني للموازية واختاره التونسي واستظهره بعضهم ومحل
القولين إذا عين ما لكل مجهول مع التخالف كما إذا أوصى بوقيد مصباح كل ليلة بدرهم وبخبز
يفرق على الفقراء كل يوم بدرهمين وأما إذا عين ما لكل مجهول مع التساوي فإنه يقسم على عدد
الجهات قولا واحدا. قوله: (وأجيب الخ) حاصله أن كلا من القليل والكثير إذا انفرد اختص بالثلث
فلما اشتركا في أن كل واحدا منهما إذا انفرد اختص بالثلث كانا إذا اجتمعا متساويين فيه وهو
جواب ظاهر ولا نظر فيه أصلا تأمل. قوله: (ولو انفرد) أي عن المجهول الآخر. قوله: (بأن قال أوصيكم
باشتراء عبد فلان وأعتقوه) أي فإن باعه صاحبه بقيمته فلا كلام وقوله وإن أبى من بيعه فيزاد الخ
435

أي إن أبى طلبا للزيادة لا بخلا وإلا بطلت الوصية قياسا على ما يأتي قريبا للمصنف. قوله: (بالتدريج) أي
كما يشعر به قول المصنف لثلث قيمته ولم يقل يزاد ثلث قيمته لئلا يوهم أن الثلث يزاد دفعة واحدة
وإنما طلب زيادة ثلث القيمة لان الناس لما كانوا يتغابنون في البيع ولم يجد الميت شيئا يوقف عنده وجب
أن يقتصر على ثلث ذلك لان الثلث حد بين القليل والكثير. قوله: (بالثمن المذكور) أي وهو القيمة
وما زيد عليها من ثلثها. قوله: (أو للفوات) أي لفوات بيعه بموت أو عتق والتعبير الأول هو الواقع
في المدونة والثاني هو الواقع في رواية ابن وهب وقد حمل ابن يونس ذلك على الوفاق لان الإياس من
بيع العبد يحصل بالعتق والموت بغير ذلك انظر بن والذي في عبق عن ابن مرزوق وهل الاستيناء
سنة أو بالاجتهاد قولان. والحاصل أن المالك إذا لم يرض بزيادة الثلث فإنه يستأني بالثمن المذكور
لظن اليأس من بيعه بحصول موته أو عتقه أو مضي مدة حدها بعضهم بسنة وبعضهم باجتهاد الحاكم
ثم بعد الاستيناء يورث. قوله: (وإلا لم يزد على قيمته شئ) أي وبطلت الوصية. قوله: (وببيع ممن
أحب) حاصله أنه إذا أوصى ببيع عبده فلإن لمن أحبه العبد فأحب شخصا فإنه يباع له فإن اشتراه
بقيمته فالامر ظاهر وإن أبى فإنه ينقص له من قيمته قدر ثلثها فإن لم يشتره بعد ذلك فإنه يورث من غير
استيناء على الراجح قال في التوضيح ومحل كونه يصير ميراثا بعد النقص والإباية إذا لم يوجد من
يشتريه بالكلية وأما لو أحب العبد شخصا وأبى من شرائه فله أن ينتقل إلى ثان وإلى ثالث ما لم يطل
ذلك حتى يضر بالورثة قاله أشهب اه‍ بن. قوله: (بعد النقص) أي للمشتري الذي أحبه العبد. قوله: (ولا
استيناء في هذه) أي على الراجع خلافا لخش. قوله: (واشتراه لفلان الخ) حاصله أنه إذا أوصى
أن يشتري عبد زيد من ماله ويعطي لعمرو مثلا فإن باعه صاحبه بقيمته فلا كلام وإن أبى أن
يبيعه بذلك، فإن كانت إبايته لأجل البخل ببيع العبد فإن الوصية تبطل ويرجع الثمن ميراثا، وإن كانت
إبايته من بيعه لأجل الزيادة في الثمن فإنه يزاد على قيمته ثلثها، فإن أبى أن يبيعه بذلك فإن الثمن أي
القيمة والزيادة يدفعان للموصى له. قوله: (وإن أبى من بيعه) أي من أول طلبه بثمنه أو بعذر زيادة ثلثه.
قوله: (ويرجع الثمن ميراثا) أراد بالثمن القيمة التي أشار لها بقوله فإن باعه صاحبه بقيمته الخ. قوله: (والفرق الخ)
حاصله أنه إذا امتنع بخلا لم يتيسر الاتيان بالعبد فهو بمنزلة موته فتعذر تنفيذ
الوصية فلذا بطلت بخلاف الا باية لزيادة فإنه قد وجد طريقا لتنفيذ الوصية لان الشارع
التفت لإلزام قدر معين والورثة قادرون على دفعه فلم تبطل. قوله: (أي أو لفلان) أشار إلى أن في
كلام المصنف حذف أو مع ما عطفت. قوله: (خير الوارث في بيعه بما طلب المشتري) أي
في الصورتين. قوله: (لأنه) أي عتق الثلث هو الذي أوصى به الميت في المعنى وذلك لان إيصاءه
ببيعه للعتق يقتضي شرعا وضع قيمة ثلثه إن أبى المشتري فكأنه أوصى بعتق ثلثه بتلا مجانا والثلثان
436

الآخران جعل للمشتري عتقهما. قوله: (وبين تمليك ثلث العبد له) اعلم أن ما ذكره المصنف محله
إذا حمل ثلث الميت جميع العبد الموصى ببيعه للعتق أو لفلان أما إذا لم يحمله فإن الورثة يخيرون بين
بيع جميع العبد ويحط عن المشتري مقدار ثلث الميت وبين أن يعتقوا منه مبلغ ثلث الميت من
جميع ما ترك في مسألة العتق لان الوصية به، وأما في مسألة البيع لفلان فيخيرون بين بيع
جميع العبد ويحط عن المشتري مقدار ثلث الميت وبين إعطاء فلان ثلث جميع ما ترك
الميت من العبد وغيره مما يملكه من عرض ودار وغيرهما مثلا إذا كانت قيمة العبد ثلاثين
وخلف الموصي ثلاثين غيره فالجملة ستون ثلثها عشرون فلم يحمل ثلث الميت العبد
فيخير الورثة بين أن يبيعوا جميع العبد ويسقطوا عن المشتري عشرين أو يعتقوا ثلثه في مسألة
العتق، وأما في مسألة البيع فيخيرون بين أن يبيعوا جميع العبد لفلان ويسقطوا الثلث
عنه وبين أن يدفعوا لفلان عشرين ثلث المال كله هكذا ذكره الطخيخي عن العوفي.
قوله: (وقف عتقه) أي وتجري عليه أحكام الرقية حتى يعتق ولو طلب العبد عتق ما يحمله
ثلث الحاضر ويؤخر عتق بقيته لم يجب لذلك. قوله: (فيعتق من كل ما حضر محمله) فإذا كانت
قيمة العبد مائة وثلث الحاضر خمسين وثلث الغائب كذلك خمسين وكان لا يرجى حضوره
إلا بعد سنة عتق نصف العبد حالا وكل ما يأتي من الغائب ثلاثون يعتق من العبد عشرة. قوله: (ليس
مراده أنه) أي الوارث يلزمه أن يجيز وصية مورثه. قوله: (فتلزمه الإجازة) ظاهره مطلقا سواء
تبرع الوارث بها بأن أجاز قبل أن يطلبها منه الموصي أو طلبها منه الموصي وهو ما ذهب إليه غير
واحد من شيوخ عبد الحق واختاره بعض الصقليين وقال بعض القرويين إن أجاز الوارث قبل أن
يطلبها منه الموصي لم يكن له رجوع مطلقا كان في عياله الموصي أو لم يكن في عياله وإن جاز بعد أن
طلب الموصي منه الإجازة كان له الرجوع وإليه نحا ابن يونس انظر بن. قوله: (وليس له رجوع
بعد ذلك) أي بعد موت الموصي. قوله: (لم يصح بعده) أي بعد ذلك المرض الذي أجاز فيه الوارث.
قوله: (لم يلزم الوارث ما أجازه) أي في الصحة أو في المرض الأول. قوله: (أن لا يكون معذورا)
أي فإن كان الوارث معذورا فلا تلزم إجازته. قوله: (في نفقته) أي سواء كانت واجبة أو متطوعا
بها. قوله: (أو لأجل دينه) أي فيخاف أن يطالبه به ويسجنه إذا لم يجز. قوله: (أن لا يكون المجيز ممن
يجهل أن له الرد والإجازة) أي فإن كان ممن يجهل ذلك لم تلزمه الإجازة وكان له الرد إن حلف أنه يجهل
أن له رد تلك الوصية وأنه إنما أجازها لاعتقاده لزومها له. قوله: (معمول الخ) خبر لمحذوف أي هذا
معمول يحلف والمشار إليه قول المصنف إن جهل الخ. قوله: (كالذي يعلم الخ) أي كما أنها تلزم بالشروط
المتقدمة الذي يعلم الخ. قوله: (وأنها في الثلث) أي وأن يعلم أن الوصية إنما تكون في الثلث
437

لا في زائد عليه. قوله: (وأن له) أي ويعلم أن للوارث إجازة الوصية للوارث وبزائد الثلث وله ردها.
قوله: (وبقي شرط خامس الخ) قد يقال هو المأخوذ من قول المصنف ولزم إجازة الوارث لان اللزوم
إنما يكون للرشيد. قوله: (لا بصحة) هذا قول مالك في الموطأ والعتبية قال لا يلزمهم ذلك لأنهم أذنوا في
وقت لا منع لهم فيه أبو عمر هذا هو المشهور من المذهب وخرج ابن الحاج في نوازله عليه إن رد
ما أوصى له به في صحة الموصي ثم قبله بعد موته صح قبوله لأنه لم تجب له الوصية إلا بموت الموصي ا ه‍ بن.
قوله: (فلا تلزمه الإجازة) أي سواء كانت الوصية لوارث أو لأجنبي بأكثر من الثلث وإذا كانت
تلك الإجازة الواقعة في الصحة لا تلزم فللوارث الرد بعد موت الموصي ولا عبرة بقول الموثق واطلع
الوارث على ذلك وأجازه. قوله: (ولو بكسفر) هذا قول ابن وهب قال أصبغ وهو الصواب خلافا
لابن القاسم في العتبية. قوله: (ما يؤول إليه الحال) أي حال الموصى له عند موت الموصي فإن آل أمر الموصى
له عند موت الموصي لكونه غير وارث نفذت الوصية له وإن آل أمره لكونه وارثا عند موت
الموصي بطلت الوصية له. قوله: (فلا شئ له) كذا قال ابن القاسم وهو ضعيف والمعتمد نفوذ الوصية
سواء علمت بطلاقها قبل موتها ولم تغير الوصية أو لم تعلم. قوله: (لعدم وجود الخلاف فيها) بل بطلان
الوصية فيها باتفاق فإذا كان له ابن وأوصى لأخيه ثم مات الابن فصار الأخ وارثا بطلت الوصية باتفاق
سواء علم الموصي بموت ابنه ولم يغير الوصية أو لم يعلم بموته. قوله: (واجتهد في ثمن عبد) أي قلة وكثرة
بقدر المال فإن كان المال كثيرا اشترى العبد من عالي الرقيق وإلا فمن دينه فليس من ترك مائة دينار كمن
ترك ألف دينار الخ. قوله: (ولا بد أن يكون غير معيب في الأولى) أي فإن ظهر أنه معيب فيها رد لا إن
ظهر أنه معيب في الثانية. قوله: (بحيث لا يسع) أي الثلث ما سماه وقوله ولا يفي أن الثلث برقبته كما لو
سمي مائة والثلث عشرة فهي لا تسع المائة ولا تفي برقبته. قوله: (فآخر نجم مكاتب) هذا مبتدأ خبره
محذوف أي يعان به فيه. قوله: (كفى) أي فإن عجز بعد الدفع له رجع على السيد فأخذ منه ما دفع لمكاتبه
وورث لأنه إنما دفع له إعانة على العتق ولم يحصل ا ه‍ بن. قوله: (ورث) أي ورثه ورثة الموصي والضمير
في ورث راجع للقدر الذي سماه إذا كان يسيرا أو الثلث إذا كان ما سماه كثيرا لا يسعه الثلث. قوله: (لو كان
المسمى فيه عتقا عن ظهار الخ) مثل العتق على الظهار العتق عن غيره من الكفارات ككفارة القتل
وقول اللخمي كفارة القتل كالتطوع ضعيف لمخالفته تقييد المصنف كابن يونس بالتطوع فإنه لما قال في
المدونة فإن سمي قيده ابن يونس بالتطوع وجعل التسمية خاصة بالتطوع اللهم إلا أن يحمل كلام
اللخمي على كفارة قتل العمد لأنها مندوبة انظر عج. قوله: (فلا يشارك) أي فيه لأنه لا يعتق فيه إلا
رقبة كاملة. قوله: (ويطعم بما لم يبلغ شراء رقبة) أي ويشتري طعام بما لم يبلغ شراء رقبة ويعطي للمساكين
سواء وفى بالاطعام كله أي ستين مدا أو وفى ببعضه. قوله: (فإن فضل الخ) يعني أنه إذا اشترى بما
438

لم يبلغ شراء الرقبة طعاما فأطعم منه ستين مدا وبقي من ذلك الطعام بقية فإنها تورث هذا هو القياس
والاستحسان أن يتصدق بالباقي كذا قال اللخمي. قوله: (فظهر دين يرده أي العتق كله) أي بأن أحاط
الدين بمال الموصي حتى العبد وقوله أو بعضه أي بأن كان الدين الذي يستغرق جميع المال غير
العبد ويستغرق نصف العبد أيضا فيعتق ثلث النصف الباقي ويرث ثلثاه للورثة لان الوصية إنما
تكون في الثلث كذا في المدونة. إذا علمت هذا فقول الشارح والبعض في الثانية وعتق الباقي نحوه
في عبق وخش وفيه نظر وصوابه وعتق ثلث الباقي وثلثاه للورثة لان الوصية إنما تنفذ في الثلث
والدين يبدأ به وما بقي بعده كأنه التركة انظر بن. قوله: (بخلاف الظهار الخ) أي أنه إذا أعتق في الظهار
وظهر دين يرد بعض العبد فإنه يرق جميعه ويقال لمتولي التركة أطعم عنه بما زاد على الدين ولا يقال
إن الصوم مقدم على الاطعام فيكون الموالي للعتق هو الصوم لا الاطعام لأنا نقول الصوم هنا متعذر
لأنه إنما يعتبر ذلك يوم التنفيذ وهو قطعا بعد موت الموصي ا ه‍ عج. قوله: (لأنه لا يعتق بمجرد الشراء)
هذا إذا لم ينص الموصي على عتقه بمجرد الشراء أما إن نص على ذلك كاشتروا بعد موتي عبدا وإن
اشتريتموه فهو حر فإن مات لم يلزم شراء غيره لحصول الحرية. قوله: (اشترى غيره لمبلغ الثلث) أي
ثلث جميع مال الميت وقيل ثلث ما بقي أبدا وكأنه لم يكن مال إلا ما بقي والأول مذهب المدونة والثاني
لابن القاسم في الموازية فإذا أوصى بشراء عبد يعتق تطوعا أو عن ظهاره أو كفارة اليمين وقتل ومات
وكانت التركة ثلاثمائة مثلا فاشترى عبدا بخمسين فمات قبل عتقه، فإنه يشتري عبدا آخر بخمسين بقية
الثلث ولو قسمت التركة فإن اشترى بالخمسين الباقية من الثلث فمات قبل عتقه لم يؤخذ من الورثة شئ
لتمام الثلث هذا على القول الأول وعلى الثاني يؤخذ ثلث المائتين اللتين عند الورثة مطلقا مات بعد
القسم أو قبله. قوله: (ولو قسمت التركة) هذا مبالغة في قول المصنف اشترى غيره أي اشترى غيره
ولو قسمت التركة على المشهور وعن ابن القاسم قول بالفرق بين أن يكون المال قد قسم فلا يشتري
أو لم يقسم فيشتري، وهو قول أصبغ ورده ابن رشد بأن الحقوق الطارئة على التركة لا يسقطها قسمة
المال انظر ح. قوله: (وهذا فيما إذا لم يسم ثمنا في ظهار أو تطوع) أي غير أن قوله لمبلغ الثلث يجري في
الثاني مطلقا سواء كان مبلغ الثلث يسع رقبة كاملة أو بعض رقبة وفي الأول إن كان مبلغ الثلث يشتري
به رقبة كاملة فإن كان لا يشتري به رقبة كاملة اشترى به طعام وأخرج للفقراء سواء كان قدر ستين
مدا أو أقل ومفهوم قوله لم يسم ثمنا أنه لو سمي ثمنا فاشترى به العبد ومات قبل عتقه لم يشتر غيره لا في
ظهار ولا في غيره. قوله: (أو بعبد من عبيده) أي أو ببعير من إبله. قوله: (غنما أو غيرها) أشار الشارح
بهذا إلى أن المراد بماله في قوله أو عدد بماله ما أوصى ببعضه لا جميع ماله كما هو ظاهر.
قوله: (كان شريكا بالثلث) أي سواء كانت غنم الموصي ضأنا أو معزا أو ضأنا ومعزا كله ذكور أو إناث
أو منهما كانت كلها صغارا أو كبارا أو مختلفة أي ويعتبر الثلث بالقيمة لا بالعدد فيأخذه بالقرعة
بعد التقويم وكذا يقال فيما بعد. قوله: (ولو كان) أي للميت يوم التنفيذ عشرة. قوله: (كان شريكا
بالعشر) أي ولو كان للميت يوم التنفيذ مائة كان شريكا بعشر العشر وكذا يقال في العبيد والإبل.
قوله: (وله) أي للميت عشرون يوم التنفيذ. قوله: (والعبرة بيوم التنفيذ) أي والعبرة بعدد الغنم ونحوها كالإبل
والعبيد يوم التنفيذ للوصية سواء زاد الموجود يوم التنفيذ عن الموجود يوم الوصية أو نقص الموجود
يوم التنفيذ عن الموجود يوم الوصية فلو أوصى له بعشرة وكان له يوم الوصية خمسون فزادت بولادة
وبلغت مائة يوم التنفيذ كان شريكا بالعشر لا بالخمس وكذا إن أوصى له بعشرة وكان له مائة يوم
الوصية واستمرت الباقية باقية إلى يوم التنفيذ كان شريكا بالعشر، وإن هلك منها خمسون وبقي منها
439

خمسون ليوم التنفيذ كان شريكا بالخمس لان الذاهب كالعدم وإن بقي منها ثلاثون ليوم التنفيذ كان
شريكا بالثلث يأخذه بالقرعة بأن تجعل العبيد الثلاثون ثلاثة أكوام بالقيمة ولا يلتفت للعدد بل
يقابل الواحد بالخمسة مثلا إن اقتضت القيمة ذلك ويكتب في ورقة اسم الموصى له وفي ورقتين اسم
الورثة ثم ترمي الأوراق على الأكوام. قوله: (فهو له) أي ولو كانت قيمته تقابل جميع مال الموصي الذي
هلك وهو الغنم مثلا. قوله: (فمات منهم عشرون قبل التقويم) أي قبل تنفيذ الوصية واستمر ثلاثون منها
باقية لوقت التنفيذ. قوله: (عتق منهم عشرة أجزاء من ثلاثين جزأ) أي وذلك ثلثهم وقوله بالسهم متعلق
بقوله عتق منهم والمراد بالسهم القرعة وقوله خرج عدد ذلك أي العشرة أجزاء وقوله إلا
عشرة أي فإنها بقيت لوقت التنفيذ. قوله: (لا إن قال له ثلث غنمي) أي لا إن قال في وصيته ثلث غنمي
وأشار الشارح بهذا الحل إلى أن ثلث في كلام المصنف يقرأ بالرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف والجملة
مقول قول محذوف. قوله: (مثلا) راجع لكل من ثلث وغنمي فمثل الثلث غيره من الاجزاء كالربع
والخمس ومثل الغنم غيرها من البقر والإبل والعبيد. قوله: (فتموت) قال تت والاستحقاق كالموت
أي فإذا استحق بعضها فليس للموصي له إلا ثلث ما بقي وإذا استحق كلها فلا شئ للموصي له وفي عج
ينبغي أن الغصب مثله أي إذا لم يقدر على الغاصب وإنما حمل الشارح قوله فتموت على موت بعضها
مع أنه خلاف ظاهر كلام المصنف لإفادة الفرق بين مسألة ما إذا أوصى بعدد من ماله فمات بعضه
ولم يبق إلا ما سمي فأقل، وبين ما أوصى بثلث غنمه فمات بعضها ففي الأولى يعطي جميع ما بقي
إن حمله الثلث وفي الثانية يعطي ثلث ما بقي ولو كان الباقي واحدة أعطي ثلثها أي وإذا لم يبق
شئ فلا شئ له. قوله: (يوم وجوب الوصية) أي وهو يوم القبول بعد الموت وقوله فيعطي الثلث أي
فيعطي يوم التنفيذ ذلك العدد ما دام أكثر منه. قوله: (لان الفرق الخ) علة لقوله فليس له إلا ثلث ما بقي
أي لاكله كما في المسألة السابقة. قوله: (أن الوصية في هذه بجزء معين) أي شائع في جميع الغنم وحينئذ
فليس له إلا ثلث الباقي. قوله: (وفي السابقة بعدد معين) أي فلذا أخذه إذا لم يبق إلا هو. قوله: (وإن أوصى
له بشاة) أي سواء قال من مالي أو أطلق ولا مفهوم للشاة بل مثلها الوصية بعدد كعشرة شياه سواء
قال من مالي أو أطلق. قوله: (تعطي له تلك القيمة) أي ولا يشتري له بها شاة وهذا ما في الموازية واقتصر
عليه المواق وقال ابن الحاجب له شاة وسط تشتري له من ماله وكلام المصنف وإن كان ظاهرا في
موافقته لكن يتعين حمله على ما في الموازية بتقدير مضاف كما فعل الشارح لأنه المعتمد. قوله: (وإن قال
شاة) أي وإن قال في وصيته له شاة من غنمي أو له عشر شياه من غنمي مثلا. قوله: (ولا غنم له) أي حين
الوصية وقوله بطلت أي ولا ينظر لما يحدث له من الغنم بعد الوصية ا ه‍ عدوي. قوله: (بخلاف ما لو قال
من مالي أو أطلق) أي فإن له قيمة شاة وسط كما مر. والحاصل أنه إن أوصى له بشاة مثلا ولا غنم له
فإن قال من مالي أو أطلق قضى للموصى له بشاة وسط وإن قال من غنمي كانت الوصية باطلة ولو حدث
له غنم بعد الوصية ومات عنها. قوله: (كعتق عبد) أي غير معين. قوله: (فماتوا قبل التنفيذ) أي بأن ماتوا في
حياته أو بعد موته وقبل النظر في ثلثه ومثل موتهم استحقاقهم وغصبهم إذا لم يقدر على الغاصب.
440

واعلم أن الوصية بالعتق يجري فيها جميع ما مر في قوله وبشاة الخ فإذا أوصى بعتق عبد من ماله ولا عبيد له
أخذ من ماله قيمة عبد وسط واشترى وأعتق وإذا قال أعتقوا عبدا من عبيدي ولا عبيد له حين
الوصية بطلت وإذا أوصى بعتق ثلث عبيده فيموت بعضهم لزمه عتق ثلث من بقي منهم ولو واحدا،
فإن ماتوا كلهم لم يلزم عتق وإذا أوصى بعتق عدد من عبيده ولم يبق يوم التنفيذ إلا العدد الذي سماه
يوم الوصية تعين عتقه إن حمله الثلث وإن بقي يوم التنفيذ أكثر مما سماه يوم الوصية شارك بالجزء.
قوله: (ثم ذكر أمورا) أي أحكام أمور أي ثم ذكر أحكام الأمور التي تخرج من الثلث إذا ضاق عنها
من تقديم بعضها على بعض. قوله: (أو لزمه أمور الخ) أو مانعة خلو فتجوز الجمع لأنه قد يوصي بوصايا
ويضيق الثلث عنها وقد تلزمه أمور تخرج من الثلث وإن لم يوص بها ويضيق الثلث عنها وقد يوصي
بوصايا وتلزمه أمور تخرج من الثلث يضيق عن جميعها. قوله: (وصية أو غيرها) أي كان ما يجب اخراجه
منه وصية أو غيرها. قوله: (فك أسير أوصى به) أي بفكه وظاهره سواء عين الموصي قدر ما يفك به أولا
وظاهر إطلاق المصنف كان الأسير الموصى بفكه مسلما أو كافرا وهو كذلك كما قال الشيخ إبراهيم اللقاني
خلافا للشيخ أحمد الزرقاني حيث قيد كلام المصنف بالمسلم وجعل الوصية بفك الأسير الذمي
من جملة الصدقة الآتية في قوله ومعين غيره وجزئه. قوله: (ولم يتعين عليه قبل موته) أي لوجود غيره
من الأغنياء وقوله وإلا فمن رأس المال أي وإلا بأن تعين عليه لكونه ليس غنيا غيره أوليس متمكنا
من الأغنياء من فكه غيره. قوله: (ثم مدبر صحة) أي سواء أوصى بعتقه أم لا وكذا يقال في صداق
المريض أي سواء أوصى بدفعه أم لا وما ذكره من تقديم مدبر الصحة على صداق المريض هو المشهور
من أقوال ثلاثة وذلك لان النكاح يحدث في المرض اختيارا وليس للانسان أن يحدث في مرضه
شيئا يبطله المرض وقيل يبدأ بصداق المريض عن مدبر الصحة لأنه أشبه بالمعاوضة ومن الناس من
يراه من رأس المال وقيل أنهما يتحاصان لان لكل منهما وجها. قوله: (من الثلث) أي فإن كان
الثلث أقل منهما دفع لها الثلث فمحصله أن الواجب للزوجة الأقل من الأمور الثلاثة. قوله: (ثم زكاة
لعين أو غيرها) أي وجبت عليه لعام ماض وفرط فيها وأوصى بإخراجها في المرض أي أو أشهد
في مرضه ببقائها في ذمته فإن لم يوص باخراج تلك الزكاة التي فرط فيها ولم يشهد ببقائها في ذمته لم تخرج
في الثلث ولا من رأس المال لحمله على أنه كان أخرجها ما لم يتحقق عدم اخراجه لها وإلا أخرجت من
رأس ماله، فإذا قال وجب على عشرة ريال أو شاة أو إردب قمح زكاة في سنة كذا ولم أخرجه
أوصيتكم باخراجه أو أشهدوا أن ذلك باق في ذمتي إلى الآن أخرج من ثلثه لأنه لا يدري أصدق في
بقائها أم لا، وإذا قال وجب علي كذا وكذا زكاة عن السنة الفلانية الماضية ولم أخرجه ولم يوص
باخراجه ولم يشهد ببقائه في ذمته لم يخرج من ثلث ولا من رأس مال لحمله على أنه كان أخرجها ما لم
يتحقق عدم اخراجه لذلك وإلا أخرجت من رأس المال كما مر قوله: (إلا أن يعترف بحلولها الخ) أي
وببقائها في ذمته من غير اخراج لها وذلك بأن يقول وجب علي في هذه السنة زكاة عشرة دنانير وهي باقية
في ذمتي أوصيكم بإخراجها. وحاصل ما في المقام أن زكاة العين في عام الموت لها أحوال أربعة، إن
اعترف بحلولها وبقائها في ذمته وأوصى بإخراجها فمن رأس المال جبرا على الورثة، وإن اعترف بحلولها
ولم يعترف ببقائها ولم يوص بإخراجها فلا يجبرون على اخراجها لا من ثلث ولا من رأس مال وإنما
يؤمرون من غير جبر إلا أن يتحقق الورثة عدم اخراجها فتخرج من رأس المال جبرا، وإن لم يعترف
ببقائها وأوصى بإخراجها أخرجت من الثلث جبرا، وإن اعترف ببقائها ولم يوص بإخراجها لم يقض
عليهم بإخراجها وإنما يؤمرون من غير جبر لاحتمال أن يكون أخرجها فإن علموا عدم اخراجه أجبروا
441

عليها من رأس المال ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (وإن لم يوص بهما) أي باخراج زكاتهما وسواء اعترف
ببقائهما في ذمته أم لا. قوله: (مطلقا) أي زكاة عين أو ماشية أو حرث وقوله إن أوصى بها أي أو أشهد
على بقائها في ذمته وقوله إن اعترف أي بحلولها وببقائها في ذمته. قوله: (فإن اعترف الميت بحلول حولها)
أي وببقاء زكاتها في ذمته فلا بد من هذا أخذا مما تقدم. قوله: (أي زكاته الماضية) أي التي اعترف بها
والحال أنه أوصى بإخراجها فإن اعترف بها فقط ولم يوص بإخراجها أمر ورثته بإخراجها من
رأس المال من غير جبر هذا إن لم يشهد في حال صحته أنها في ذمته وإلا أخرجت من رأس المال جبرا.
قوله: (تخرج من رأس المال) أي جبرا. قوله: (إن أوصى بها) أي أو أشهد في صحته أنها في ذمته.
قوله: (أحسن من نسخة ثم عتق ظهار) أي لأنه يفوت عليها إطعام الظهار. قوله: (ويدخل في قوله
الآتي) أي ويدخل في مرتبة قوله الآتي الخ وهذا تفسير لآخر المراتب كأنه قال ويدخل
في آخر المراتب وهي مرتبة الوصية لشئ معين غير العتق. قوله: (أقرع بينهما أيهما يقدم) أي
في الاخراج من الثلث. واعلم أن محل اخراجهما من الثلث إن فرط فيهما بمضي مدة بعد تحتم
كفارة الظهار وبعد وجوب كفارة القتل وأوصى بإخراجهما ولم يعلم هل أخرجهما أم لا ولم يشهد
في صحته أنهما في ذمته فإن لم يفرط فيهما أو علم أنه لم يخرجهما أو شك ولكن أشهد في صحته ببقائهما
عليه فإنهما يخرجان من رأس المال جبرا. قوله: (ثم لفطر رمضان) إنما أخرت عن كفارة اليمين لان
كفارة اليمين واجبة بالقرآن وكفارة فطر رمضان واجبة بالسنة. قوله: (ثم الكفارة للتفريط) إنما
أخرت عن كفارة الفطر في رمضان لان كفارة الفطر لخلل حصل في ذات الصوم وكفارة التفريط
لتأخير قضائه عن وقته ولا شك أن الأولى آكد. قوله: (ثم محل الثلاثة) أي كفارة اليمين وكفارة فطر
رمضان عمدا وكفارة التفريط أي محل كون هذه الثلاثة تخرج من الثلث على الترتيب المذكور.
قوله: (حيث لم يعلم الخ) أي إذا أوصى بها والحال أنه لم يعلم الخ. قوله: (فإن علم بأنه لم يخرجها) أي
فإن أوصى والحال أنه علم أنه لم يخرجها. قوله: (ثم يلي كفارة التفريط النذر) إنما أخر النذر عنها
لان النذر أوجبه على نفسه وكفارة التفريط وجبت بنص السنة فهي أقوى. قوله: (سواء نذره
في صحته أو مرضه) لكن إن كان في الصحة فلا بد من الايصاء به حتى يخرج من الثلث وإلا كان من
قبيل الهبة لا يتم إلا بالحوز قبل المانع وإن كان النذر في المرض فإنه يخرج من الثلث وإن لم يوص
به لان التبرعات في المرض تخرج من الثلث وإن لم يوص بها كذا قرر شيخنا وقوله وسواء نذره
في صحته أو مرضه الخ نحوه لتت قائلا أنه ظاهر كلام المصنف. قوله: (وخصه بعضهم) أي وهو
442

المواق وابن مرزوق تبعا لأبي الحسن. قوله: (فرتبته رتبة ما يليه) أي من الامرين وهما المبتل عتقه في
المرض ومدبر المرض وحينئذ فيقع التحاصص عند الضيق بين هذه الثلاثة. قوله: (وإلا قدم ما يقع
أولا) أي وإلا بأن كانا بلفظين بينهما سكوت قدم ما وقع منهما أو لا. قوله: (فيقدمان على الوصية
العتق) الأوضح على الموصي بعتقه ثم لا مفهوم له بل يقدمان على سائر الوصايا حتى على فك الأسير عند
مالك وعامة أصحابه كما في عج. قوله: (عليهما) أي على الصدقة والعطية المبتلتين في المرض. قوله: (ويؤخذ
من هذا) أي من تقديم الموصي بعتقه على الصدقة والعطية المبتلتين في المرض على ما قال ابن القاسم. قوله: (يقدم على
الصدقة المبتلة فيه) وذلك لان العتق المبتل في المرض مقدم على الموصي بعتقه الذي هو مقدم على
الصدقة المبتلة في المرض ومعلوم أن المقدم على المقدم على شئ مقدم على ذلك الشئ. قوله: (في
الصورتين الخ) يعني أن الايصاء بعتقه عنه حالا أو بعد شهر من موته يجري فيما إذا أوصى بعتق معين
عنده أو يشتري بعد موته فهذه أربعة. قوله: (أو بمال) أي كما لو قال للورثة أوصيكم أن تأخذوا من
عبدي فلان عشرة وتعتقوه حالا أو بعد شهر من موتي أو أطلق فعجل العبد ذلك المال عقب موت
السيد. قوله: (وهذه الخمسة) أي وهي الموصي بعتقه حال كونه معينا عنده حالا أو بعد شهر من موته أو
يشتري بعد موته ويعتق حالا أو بعد شهر والخامس المعين عنده الموصى بعتقه على مال وعجله وكان
الأولى أن يقول وهذه السبعة لان المعين الموصى بعتقه على مال إما أن يقيد عتقه بالحال أو بقوله بعد
شهر أو يطلق أو يقول وهذه الثلاثة أي الموصي بعتقه حالة كونه معينا عنده أو يشتري والموصي
بعتقه على مال فعجله لكن الشارح جعلها خمسة مجاراة للمتن تأمل. قوله: (لان له الرجوع فيهم)
الأولى فيها أي الخمس صور إلا أن يقال المراد لان له الرجوع في الوصية بعتقهم أي بعتق كل واحد
من هؤلاء الخمسة بخلاف مدبر المرض والمبتل عتقه فيه فإنه لا يمكن من الرجوع في العتق والتدبير
فيهما. قوله: (ثم الموصي بكتابته بعد موته) أي ولم يعجل الكتابة كأن يقول أوصيكم أن تكاتبوا عبدي
فلانا بعد موتي بكذا فكاتبوه بعد موته ولم بعجل الكتابة أما إن عجل الكتابة عقب موت السيد
كان في مرتبة الموصي بعتقه على مال وعجله كما لابن رشد هذا هو الصواب في تقرير المتن كما في بن
خلافا لما في عبق من حمل قوله ثم الموصي بكتابته على ما إذا عجل الكتابة بعد موته. قوله: (والمعتق
بمال) أي والذي أعتقه الميت على مال. قوله: (والمعتق إلى أجل بعد الخ) أي فهذه الثلاثة في مرتبة
ويقع التحاصص فيها عند الضيق. قوله: (أي زاد على شهر) أي بدليل ما مر من قوله أو لكشهر
وقوله أو أقل من سنة أي بدليل قوله ثم المعتق لسنة. قوله: (وقبل السنة) أي ولم يبلغ سنة.
قوله: (لم أره لاحد) أي أنه لم يقف على من زاد هذه الزيادة. قوله: (فكان يجب حذفه) أي حذف
قوله والمعتق لأجل بعد لاندراجه في المعتق لشهر إذ المراد به ما نقص عن السنة. قوله: (ثم إن
الراجح ما قاله الخ) وأما ما قاله المصنف من تقديم الموصي بكتابته والموصي بعتقه على
مال ولم يعجله على الموصي بعتقه لسنة ولأكثر فقد تبع فيه ابن عبد الحكم وهو قول
ضعيف. قوله: (أي العتق لسنة) أي الموصي بعتقه بعد سنة والموصي بعتقه يعد أكثر من سنة.
443

قوله: (والموصي بكتابته) أي ولم يعجلها بعد موت السيد. قوله: (ثم المعتق إلى أجل) أي سواء كان
سنة أو أكثر. قوله: (ثم وصيته بعتق) أي ثم يلي الموصي بعتقه لأكثر من سنة الموصي بعتقه حال كونه
غير معين. قوله: (أي ثم وصيته بحج عنه) أي إن لم يكن ذلك الحج حج صرورة أي حجة الاسلام. قوله: (إلا
لصرورة) أي إلا إذا كان ذلك الحج الموصى به لشخص صرورة أي لم يحج حجة الاسلام. قوله: (كعتق
لم يعين) أي كوصيته بعتق لعبد لم يعينه كأعتقوا عبدا. قوله: (وجزئه أي المعين) يصح أن يجعل
ضمير وجزئه لغير المعين كما في ح ويراد بجزء غير المعين كربع المال أو ثلثه ففي المدونة من أوصى
بثلث ماله لقوم وبشئ بعينه لقوم نظر لقيمة المعين وإلى ما أوصى به من الثلث ويتحاصان. قوله: (فالثلاثة الخ)
أي الوصية بعتق غير المعين والوصية بمعين غير العتق والوصية بجزء معين أو غير معين
كالوصية بربع ماله كما علمت. قوله: (في مرتبة واحدة) أي وفيها التحاصص عند الضيق. قوله: (الأول
زاحمه حج) الأولى أن يقول الأول لم يزاحمه شئ أو زاحمه حج. قوله: (والثاني زاحمه معين
غيره) أي غير العتق. قوله: (وللمريض اشتراء من يعتق عليه) أي سواء كان يعتق على وارثه أيضا كأن
يشتري المريض ابنه مع وجود ابن له آخر أو كان لا يعتق على وارثه كأن يشتري المريض أخاه
وكان الوارث له ابن عمه. قوله: (ويرث) أي كل المال أو بعضه واعترض على المصنف بأن في
اشترائه من يعتق عليه في حال مرضه إدخال وارث وهو منهي عنه فمقتضاه عدم إرثه لان المعدوم
شرعا كالمعدوم حسا، وأجيب بأن المنهي عنه إدخال وارث بسبب من أسباب الإرث التي تطرأ
كتزوج المريض فإن الزوجة المنكوحة في المرض وارثة بسبب النكاح الطارئ وما هنا ليس كذلك
إذ المشتري وارث قطعا والشراء إنما أوجب رفع المانع من الإرث. قوله: (وخير الوارث إن كان) أي
ذلك العبد المشتري في المرض لا يعتق عليه أي على الوارث بل يعتق على المريض فقط كما لو اشترى
المريض أخاه وكان الوارث له ابن عمه. وقوله فإن أجازه أي فإن أجاز الشراء بزائد على الثلث
وقوله فظاهر أي فعتقه ظاهر وإن كان لا يرث وذلك لان إجازة الوارث إنما تكون معتبرة بعد الموت
وحينئذ فما زاد على ثلث المريض من ذلك العبد لا يعتق إلا بعد الإجارة الكائنة بعد الموت فيكون
بعض ذلك العبد رقيقا حين الموت فلا يرث، واعترض بأن إجازة الوارث في المرض لازمة من
حين الإجازة وحينئذ فمقتضاه أنه يرث وأجيب بأنا لما لم نقطع باستمرار تلك الحالة لاحتمال صحة
المورث أو تغير الوارث المجيز قبل موت الموصي لم يحكم بالإرث بالإجازة الأولى وقد يقال على هذا
الجواب إذا مات الموصي بمرض موته ولم يتغير الوارث فما المانع من الإرث حينئذ بالإجازة
الأولى لانتفاء موانعه. قوله: (وإن رده) أي رد ما زاد على الثلث. قوله: (فإن كان) أي ذلك العبد
المشتري في المرض. قوله: (يعتق عليه) أي على الوارث. قوله: (كالابن والأخ) أي كما لو اشترى
المريض ابنه مع وجود ابن آخر أو أخاه مع وجود أخ آخر هذا هو المراد وليس المراد أنه اشترى ابنه
مع وجود أخيه أو اشترى أخاه مع وجود ابنه لان العبد المشتري لا يعتق على الوارث حينئذ بل على
الميت فقط تأمل. قوله: (فلا خيار له) أي فلا خيار للوارث فيما زاد على الثلث ويعتق ما زاد
على الثلث مطلقا سواء أجاز أو لم يجز. قوله: (وعلى كل حال) أي سواء أجاز الوارث أم لا.
قوله: (ولا يرث) وذلك لان المريض إذا اشترى من يعتق عليه وعلى وارثه بماله كله مثلا فإنه
يعتق عليه بمجرد الشراء ثلثه وما زاد على الثلث لا يعتق إلا بعد الموت ودخوله في ملك الوارث وحينئذ
فذلك العتيق كان بعضه وقت الموت رقا فلا يرث. قوله: (وقيل بل إذا أجاز الوارث في المرض)
444

أي ما زاد على الثلث سواء كان العبد المشتري في المرض يعتق على ذلك الوارث المجيز أم لا. قوله: (لان
إجازته في المرض) أي لان إجازة الوارث ما زاد على الثلث في المرض لازمة إذا كان لا عذر له في
الإجازة وكان لا يجهل أن له الإجازة والرد كما مر وقوله فقد تحقق عتقه قبل الموت أي وحينئذ فيرث.
قوله: (لم يرث) أي لان بعضه وقت الموت كان رقا وهذا القول ظاهر لسلامته من الاعتراض
بخلاف القول الأول لكن ظاهر كلامهم اعتماد الأول وعليه اقتصر في المج. قوله: (وعتق) أي
بمجرد شرائه فلا يفتقر إلى صيغة عتق من الموصي لان الأب لما أوصى بشرائه فكأنه اشتراه.
قوله: (لان عتقه بعد الموت) أي ووقت الموت كان غير وارث لأنه كان رقيقا والرق حين الموت مانع من
الإرث. قوله: (يعني أنه إذا اشترى ابنه أو من يعتق عليه في المرض الخ) أشار الشارح بهذا التقرير
إلى أن قول المصنف وقدم الابن على غيره من تتمة قوله وللمريض الخ وأنه لا مفهوم للابن ونحوه
لابن مرزوق وقرره بهرام والبساطي وتت على أنه من تتمة قوله لا إن أوصى بشراء ابنه أي أنه إذا
أوصى بشراء ابنه ومن يعتق عليه وضاق الثلث عن حملهما فيقدم الابن سواء وقعت الوصية بشرائهما
في وقت واحد أو وقتين تقدمت الوصية بشراء الابن أو تأخرت، وفيه نظر بل الذي ينبغي أن الحكم
في هذه كالحكم فيما إذا اشتراهما أي ابنه ومن يعتق عليه في المرض المذكور في الشارح وحينئذ
فيتحاصان إن أوصى بشرائهما صفقة واحدة وإلا قدم صاحب الوصية الأولى. قوله: (ممن يعتق
عليه) أي وضاق الثلث عن حملهما فيتحاصان. قوله: (وإلا قدم الأول) أي وإلا بأن اشتراهما
مترتبين قدم الأول على الراجح ومقابله أنه يقدم الابن مطلقا أي سواء اشتراهما صفقة أو مترتبين.
والحاصل أن الصور ثلاثة الأولى أن يشتري في المرض من يعتق عليه ويبتل عتق غيره فيه والثانية
أن يشتري في المرض ابنه ومن يعتق عليه غيره والثالثة أن يوصي بشرائهما وفي كل أي إما يتحمل
الثلث الامرين أو يضيق عنهما فإن تحمل الثلث كلا من الامرين في كل مسألة نفذا وإن ضاق عن
تحمل الامرين قدم في الأولى من يعتق عليه وفي الثانية يتحاصان إن اشتراهما صفقة وإلا قدم الأول
وفي الثالثة يتحاصان إن أوصى بشرائهما صفقة وإلا قدم الموصي بشرائه أو لا على الراجح فيهما
وقيل يقدم الابن فيهما مطلاقا وهو ضعيف. قوله: (تعرف عند الأصحاب بمسألة خلع الثلث) أي
لان الوارث في الغالب لا يسلم إلا الأقل وهو الثلث. قوله: (سواء كان فيها دين أو عرض الخ)
أي أن التخيير بين الامرين الآتيين ولو كان في التركة دين أو عرض غائب خلافا لما قاله
شرف الدين الطخيخي من أنهم لا يخيرون بين الامرين إذا كان فيها دين أو عرض غائب. قوله: (مدة
معينة) أي وأما لو أوصى بمنفعة المعين ولم يعين لذلك مدة معينة فإنه يجعل لذلك الثلث وكأنه أوصى
له بالثلث فيعطاه بلا تخيير كما مر من أنه يضرب للمجهول بالثلث. قوله: (أو سكنى داره) أي المعينة
بالإشارة أو الوصف. قوله: (أو أوصى بعتق عبده فلان) أي بأن قال أوصيكم أن تعتقوا عبدي
فلانا بعد موتي بشهر أو قال هو حر بعد موتي بشهر. قوله: (والحال أنه لا يحمل الثلث قيمته)
أي والحال أن ثلث الموصي أي ثلث التركة كلها إن كانت حاضرة أو ثلث ما حضر منها
حيث كان بعضها حاضرا وبعضها غائبا لا يحمل قيمة المعين الموصى بمنفعته في الأول ولا
يحمل قيمة ما أوصى بشرائه للموصي له مما ليس في التركة بأن كان ثلث التركة لا يحمل قيمة
عبد مثلا وسط في الثاني ولا يحمل قيمة العبد الموصي بعتقه بعد موته بشهر هذا ظاهر كلام
الشارح فكلامه يقتضي أن قول المصنف ولا يحمل الثلث قيمته شرط في تخيير الوارث بين
الامرين المذكورين في الفروع الثلاثة وليس كذلك وإنما هو شرط في الأول والثالث فقط دون
445

الثاني فإن الحكم فيه ما ذكره المصنف من التخيير وإن حمل الثلث الموصى به كما نبه عليه ح وغيره انظر بن
وأما إن حمل الثلث قيمته في الأول والثالث تعين تسليم الموصى به. قوله: (أي قيمة المعين الموصي
بمنفعته) لعل وجهه مع أن القياس النظر للمنفعة الموصى بها أن لانتفاع مظنة تلف العين. قوله: (بل
المراد بها) أي بقيمة منفعة المعين المتبادرة من لفظه. قوله: (أنه لو أوصى بشراء معين) أي كاشتروا له فلانا
عبد فلان وأعطوه له. قوله: (فهو ما قدمه) أي فهذا لا تخيير فيه وهو ما قدمه بقوله الخ والحاصل أن قول
المصنف هنا أو بما ليس فيها يعني مما ليس معينا وأما لو أوصى بشراء ما ليس في التركة من المعينات فهذا
لا خيار فيه بل تطلب الورثة شراءه من غير تخيير كما تقدم فإن لم يقيد كلام المصنف هنا بما ليس معينا
تناقض مع ما تقدم. قوله: (أو يخلع الخ) أي أو يدفع للموصى له ثلث جميع التركة من المال الحاضر
والغائب عينا كان أو عرضا أو غير ذلك كالحيوان والطعام. قوله: (عرضا أو عينا) أي سواء كان كل من
الحاضر والغائب عرضا أو عينا ناضا أو دينا. قوله: (الأوليين) أي وهما النوعان الأولان من أنواع
مسألة خلع الثلث. قوله: (فإطلاق خلع الثلث عليها) أي على المسألة الثالثة أي مع أنه ليس فيها خلع
ثلث وإنما فيها العتق من العبد بقدر الثلث. قوله: (مثل ما تقدم) أي من تخيير الوارث بين الإجازة أو
تسليم ثلث من كل شئ من التركة. قوله: (من ذلك المعين) أي أنه لا يدفع له ثلث جميع التركة من جميع
التركة كما هو القول الأول بل يدفع له ثلث جميع التركة من ذلك المعين فقط فلو كان ثلث التركة يحمل
ثلاثة أرباع العبد المعين أو الدار المعينة فإنه يدفع للموصى له ثلاثة أرباعه. قوله: (وبنصيب ابنه أو
مثله الخ) اعلم أنه إذا جمع بين مثل ونصيب فظاهر أن له الجميع كما قاله المصنف وأما إن حذف
مثل واقتصر على نصيب فقال ابن مرزوق لم أر ما للمصنف فيها إلا عند ابن الحاجب وابن
شاس تبعا لو جيز الغزالي والذي صرح به اللخمي فيه أنه يجعل الموصي له زائدا وتكون التركة
بينه وبين الابن نصفين اتفاقا وقد نقل ابن عرفة كلام اللخمي اه‍ بن. قوله: (فالجميع) أي بشرط
أن يكون الابن موجودا وأن يكون معينا أي كونه ذكر كما هو لفظه أو أنثى كما لو نطق بها
وعدم قيام مانع به فخرج بالموجود وصيته بنصيب أو بمثل نصيب ابنه ولا ابن له فتبطل
إلا أن يقول لو كان موجودا أو يحدث له بعد الوصية وقبل الموت، وخرج بالمعين ما لو قال
أوصيت له بنصيب أو بمثل نصيب أحد ورثتي ولم يعينه وكان له ورثة يختلف إرثهم فسيذكره
بقوله وبنصيب أحد ورثته الخ وخرج بالقيد الثالث من قام به مانع فتبطل الوصية إلا أن يقول
أوصيت له بنصيب ابني لو كان يرث فيعطي نصيبه حينئذ. قوله: (إن انفرد الابن) أي عن ابن
آخر لم يكن هناك صاحب فرض وقوله أو الباقي بعد ذوي الفروض أي إن انفرد الابن
وأجاز الوصية وكان معه صاحب فرض. قوله: (أو نصف المال) أي إن لم يكن هناك صاحب
فرض وقوله أو نصف الباقي أي إن كان هناك صاحب فرض. قوله: (لكان كرابع مع الذكور)
أي إذا كانت الوصية لذكر. قوله: (أي على مماثله) أي فإن كان الموصى له ذكرا قدر ذكرا زائدا
446

على الأولاد الذكور وإن كان أنثى قدر زائدا على الأولاد الإناث فلو كان الموصى له خنثى مشكلا
فالظاهر أنه يعطي نصف نصيبي ذكر وأنثى كما نقله شيخ شيخنا الشيخ عبد الله المغربي عن شيخه
سيدي محمد الزرقاني. قوله: (وبنصيب أحد ورثته) أي وكان له ورثة ولو مختلفا إرثهم وكذا بنصيب
أحد بنيه إذا كان له أولاد ولو مختلفا إرثهم قال ح واختلف إذا أوصى بنصيب أحد بنيه وترك
رجالا ونساء على أربعة أقوال الأول: قول مالك يقسم المال على عدد رؤوسهم الذكر والأنثى فيه سواء
ويعطي حظ واحد منهم ثم يقسم ما بقي على فرائض الله، ثم ذكر بقية الأقوال، ثم قال والمعتمد الأول
لكونه مذهب المدونة اه‍ وهو يفيد أنه لا فرق بين أحد ورثتي وأحد بني خلافا لما ذكره عج من
الفرق بينهما قائلا أنه يعطي في أحد بنيه حظ واحد من بنيه سواء كان مع بنيه أنثى فأكثر أم لا وهو غير
صواب والصوب ما في ح فإنه تكلم في المدونة على المسألتين وأفاد أن حكمهما واحد انظر بن.
قوله: (أي فيحاسبهم بجزء) وذلك بأن يقسم المال على عدد رؤوسهم الذكر والأنثى فيه سواء ويعطي
حظا من ذلك ثم يقسم الباقي على فرائض الله أما إن لم يترك إلا ابنا واحدا فهو قوله وبنصيب ابنه.
قوله: (رؤوسهم) أي الورثة فقط وسواء كانوا كلهم عصبة أو كلهم أصحاب فروض أو كان بعضهم
عصبة وبعضهم أصحاب فروض. قوله: (ولا نظر لما يستحقه كل وارث) أي وإنما ينظر لعدد الرؤوس
في حد ذاتها من غير جعل الذكر برأسين ولو حذف رؤوسهم كان أولى وعند الشافعي له مثل نصيب
أقلهم لأنه المحقق. قوله: (ثم يقسم الخ) أي ثم بعد أخذه الجزء من عدد رؤوسهم يقسم الخ وذلك بأن يجعل
للورثة مسألة ويقسم ذلك الباقي عليها وهو تارة يباينها أو يوافقها ويحتاج ذلك لعمل مذكور في كتب
الفرائض. قوله: (فبسهم من أصل فريضته) هذا ظاهر إن كان له فريضة فإن لم يكن له فريضة بأن لم
يكن له وارث حين الموت فهل له سهم من ستة وهو قول ابن القاسم لأنه أقل عدد يخرج منه الفرائض
المقدرة لأهل النسب لان الستة مخرج للسدس، وهو أقل سهم مفروض لأهل النسب أو من ثمانية
وهو قول أشهب لأنها مخرج أقل السهام التي فرضها الله واستقر به ابن عبد السلام. قوله: (فله جزء من
سبعة وعشرين) أي ثم تقسم الستة والعشرون على الورثة لان يجعل للورثة مسألة مستقلة وتقسم
الستة والعشرون عليها وهي تارة تباينها وتارة توفقها ويحتاج لعمل مذكور في كتب الفرائض.
قوله: (ولا ينظر الخ) هذا راجع لقول المصنف فبسهم من فريضته أي أن الموصى له بجزء من ماله أو
بسهم منه يحاسب بسهم من أصل فريضة الميت سواء صحت من أصلها أم لا ولا ينظر لما تصح منه إن
انكسرت ولم تصح من أصلها كما هو قول ابن القاسم خلافا للعوفي والتلمساني حيث قالا يحاسب بجزء
من أصل الفريضة إن صحت من أصلها ولو عائلة وإلا فله جزء مما تصح منه. قوله: (مثله) أي كما هو الموافق
للغة وقوله أو مثليه أي كما هو العرف يقدم على اللغة في الوصايا. قوله: (تردد لابن القصار ولشيخه)
الأول لشيخه والثاني لابن القصار. قوله: (أو معه أم وزوجة) أي أو إحداهما أو أب فقط أو أب
وأم أو أب وزوجة أو أب وأم وزوجة فكل من وجد من ذلك الابن فهو بمنزلة ابن ثان فإذا كان له
ابن واحد ومعه أم الميت أو أبوه فعلى القول الأول يعطي نصيب الابن فقط وهو الباقي
بعد ذوي الفروض وعلى الثاني يعطي جميع المتروك لان جميع من وجد مع الابن بمنزلة ابن
ثان والابن ومن معه يأخذان المال كله وقد قلنا أنه يعطي مثلي نصيب الابن ومثلا نصيب الابن
هو المال كله. قوله: (فيعطي نصف المال المتروك) أي إذا تعدد الابن حقيقة ويجعل الباقي تركة يقسم
على الولدين وقوله أو الباقي بعد ذوي الفروض أي ويعطي الباقي بعد ذوي الفروض أي إذا
447

تعدد الابن حكما بأن كان معه ذو فرض ثم بعد أن يأخذ الموصى له ذلك يجعل الباقي نفس التركة ويقسم
على مسألة الورثة. قوله: (بشرط الإجازة) راجع لاخذه نصف المتروك أو الباقي على القول الأول
وأخذه جميع المتروك على القول الثاني فإن لم تكن إجازة فليس له إلا الثلث على كل من القولين. قوله: (إن
أجاز) أي وإلا فثلث المال فقط. قوله: (وبمنافع) عطف على منفعة معين وقوله ورثت جواب الشرط
المأخوذ من العطف. وحاصله أنه إذا أوصى بخدمة عبد من عبيده لفلان ولم يحددها بزمن بدليل ما
بعده بل حددها بحياة العبد أو أطلق فإنه يخدمه طول حياته وإن مات الموصى له فإن ورثته يرثونها
بعده لان الموصي لما لم يحدده علم أنه أراد خدمته حياة العبد. قوله: (قد يحدد بوقت) أي وسيأتي الكلام
عليه. قوله: (على أن المراد) أي مراد الموصي. قوله: (وإن حددها بزمن) أي وقبضه الموصي له ومات.
قوله: (ولسيده) أي وهو وارث الموصي بالكسر. قوله: (ويجوز كسر الجيم) أي فوارث الموصي له أي
كالشخص المستأجر. قوله: (فإن قتل العبد) أي الموصي بمنافعه لزيد سنين معينة أو حياة زيد الموصي له.
قوله: (فللوارث له) أي فلمن ورث ذلك العبد من سيده. قوله: (أو القيمة) أي إن كان القاتل حرا وقوله
فللوارث القصاص أو القيمة أي وله العفو مجانا فشق التخيير الثاني محذوف للعلم به. قوله: (فالكلام
للوارث) أي لوارث سيده الموصى وقوله في إسلامه أو فدائه أي فإن فداه استمرت الخدمة على
ما كانت عليه قبل الجناية وإن أسلمه خير المخدم أو وارثه بين إمضاء ما فعله وارث الموصي ويبطل
حقهم في الخدمة أو يفدونه وتستمر الخدمة إلى موت العبد في المطلقة وإلى آخر المدة المقيدة. قوله: (وبطلت
الخدمة) أي إذا سلمه الوارث لأرباب الجناية أي والحال أن المخدم أو وارثه رضي بذلك
الاسلام. قوله: (إلا أن يفديه المخدم بالفتح أو وارثه) أي فليس لوارث سيده حينئذ إسلامه ولا
تبطل الخدمة وتستمر. قوله: (أو الوارث له) أي للسيد وكان الأولى حمله على وارث المخدم لئلا يكون
فيه ركة مع ما حل به قوله كأن جنى. قوله: (أن الكلام أولا للوارث) أي وارث الموصى بالكسر. قوله: (فإن
فداه استمرت) أي الخدمة لموت العبد في المطلقة وإلى آخر المدة في المقيدة. قوله: (قبل استيفاء
ما فاده) أي قبل أن يستوفي المخدم أو وارثه من الخدمة قدر ما فداه به. قوله: (بقية الفداء) الصواب
حذف لفظ بقية والذي في المدونة فإن تمت خدمته فإن دفع له سيده ما فداه به أخذه وإلا أسلمه
رقا ا ه‍ بن ولا فرق بين كونها تمت قبل استيفاء ما فداه به أو بعد استيفائه كما هو ظاهرها ا ه‍ أمير.
قوله: (وإن لم يسلمه الوارث) أي وارث سيده الموصي وهذا مقابل لقوله وإن أسلمه
للمجني عليه. قوله: (وهي ومدبر إن كان بمرض فيما علم) أي في ثلث ما علم به الموصى
والمدبر من المال قبل موته لا فيما جهله فإن تنازع الورثة والموصي له في العلم وعدمه فالقول للورثة
بيمين فإن نكلوا فللموصي له بيمين وانظر لو نكل. قوله: (ولو بعد الوصية) أي ولو كان علمه به بعد
الوصية أو التدبير. قوله: (وأما مدبر الصحة الخ) مثله صداق المريض. قوله: (فإن صح من مرضه) أي
448

الذي دبر فيه عبده. قوله: (كمدبر الصحة) أي فيكون في المال المعلوم والمجهول. قوله: (ودخلت الخ)
فإذا أوصى بمائة لفك أسير أو أوصى بفك أسير وكان فكه إنما يكون بمائة وخلف مائتين ومدبرا
يساوي مائة اعتبر المدبر من جملة مال الميت الذي يؤخذ ثلثه ويفك به الأسير فيكون ماله ثلاثمائة ويفك
الأسير ويبطل التدبير، وكذا إذا ترك خمسين ومدبرا يساوي مائتين وخمسين وأوصى بمائة لفك أسير
بيع المدبر وأخذ من ثمنه خمسون وبطل التدبير وكذا يقال في كل مرتبة من الوصايا تأخرت فإنها
تبطل عند الضيق ويدخل السابق فيها. قوله: (المقدمة على التدبير) إنما حمل كلام المصنف على الوصية
المقدمة على التدبير لان الوصية المساوية له في الرتبة يقع التحاصص بينها وبينه في الثلث والوصية
المتأخرة عنه في الرتبة المدبر نافذ قبلها فلا يتأتى دخولها فيه وقد يقال دخول الوصية المقدمة عليه
فيه معلوم مما تقدم في المراتب فلا يحتاج للنص عليه وإلا لاحتيج للنص على ذلك في جميع المراتب.
قوله: (لأجلها عند الضيق) أي وتدخل تلك الوصية المقدمة عليه رتبة في قيمته. قوله: (أنه يبطل لأجلها
التدبير) أي ويعتبر أن المدبر من جملة مال الموصي ويؤخذ للوصية ثلث الجميع أي ثلث المدبر وغيره
من المال. قوله: (وتدخل الوصية في العمرى) أي الشئ المعمر كما لو أوصى لزيد بمائة ووجد ماله بعد
موته مائتين ودار معمرة ترجع إليه بعد موته ولو سنين تساوي مائة فالوصية تدخل في العمرى بمعنى
أنه يلاحظ أن قيمة تلك الدار المعمرة من جملة مال الميت الذي يؤخذ ثلثه ويدفع للموصى له وحينئذ
فيعطي للموصي له المائة بتمامها ولو قيل بعدم دخول الوصية في العمرى لم يعط المائة بتمامها. قوله: (في
الحبس الراجع الخ) كأن يقول هذه الدار وقف على الفقراء أو على عمرو مدة حياتي ثم بعد موتي
ترجع ملكا لورثتي فإذا أوصى لزيد بثلث ماله وترك مائة وهذه الدار الراجعة ملكا بعد موته فإن
الوصية تدخل في تلك الدار بمعنى أنه يلاحظ أن قيمتها من جملة ماله. قوله: (ثم رجعا) أي بعد موته.
قوله: (وفي دخول الوصية في سفينة أو عبد) بمعنى أنه يلاحظ أن قيمتها من جملة ماله الذي يؤخذ ثلثه ويدفع
للموصي له نظرا لظهور كذب ما اشتهر. قوله: (وعدم دخولها) أي وعدم دخولها فيهما نظرا لكون
الموصي قاطع النظر عن ذلك. قوله: (قولان) أي لمالك رواهما عنه أشهب. قوله: (ولا مفهوم للسفينة والعبد)
أي بل مثلهما في ذلك البضاعة والقراض يرسلهما ويشتر تلفهما قبل الوصية ثم تظهر السلامة بعد
موته. قوله: (أو أوصى به لوارث) عطف على أقربه أي لا تدخل الوصية فيما أقر به في مرضه ولا تدخل
فيما أوصى به لوارث لقصد الموصي اخراج ذلك بخلاف مدبر الصحة فإنه يدخل فيهما كما يفيده كلام
ابن يونس واستظهر ح أن فك الأسير كذلك بالأولى لتقدمه على مدبر الصحة ولا يقال فك الأسير من
جملة الوصايا وقد صرح المصنف بعدم دخولها فيهما لأنا نقول كونه من الوصايا لا ينافي ذلك وإلا بطلت
ثمرة كونه مقدما قاله طفي. قوله: (بطل ورجع ميراثا) الأولى وإذا لم تدخل الوصية في ذلك وبطل رجع
ميراثا. قوله: (والرد وقع بعد الموت) أي والفرض إن رد الورثة للوصية للوارث وقع بعد الموت.
قوله: (قد يكون باطلا) أي كما لو أقر في الصحة بدين لشخص وكذبه المقر له. قوله: (فالمراد الاقرار الباطل)
أي فمراد المصنف بقوله لا تدخل الوصية فيما أقر به في مرضه أنها لا تدخل فيما أقر به إقرارا باطلا كان
في الصحة أو المرض. قوله: (إن عقدها) أي أن ما في عقدها. قوله: (أو قرأها) أي أو ثبت أنها غير خطه
والحال أنه قرأها على غيره. قوله: (أو لم يقل أنفذوها) أي أو قرأها ولم يقل الخ أو كانت خطه ولم يقل الخ
449

فقوله ولم يقل الخ أي في الصورتين كالذي قبله وقوله أو يقل أنفذوها الخ من المعلوم أو في حيز النفي
تفيد نفي الأحد الدائر بين الامرين ونفيه بنفيهما فكأنه قال لم تنفذ إذا انتفى الأمران أما إذا وجدا أو
أحدهما فهي صحيحة بأن يقول للورثة أنفذوها أو يقول أشهدوا أن هذه وصيتي وأما كتابته في الوثيقة
أنفذوها فلا عبرة به ففرق بين قوله ذلك وكتابته. قوله: (لاحتمال رجوعه عنها) أي لان كلا من كتابتها
أو قراءته لها لا يفيد عزمه عليها إذ قد يكتبها أو يقرؤها غير عازم بل ليتروى. قوله: (ومفهومه أنه لو
أشهد بها) أي في الصورتين أعني ما إذا كانت خطه أو غير خطه وقرأها على غيره وكذا يقال في قوله أو
قال أنفذوها اه‍. وفي تبصرة ابن فرحون إذا أشهد عليها ثم كتب تحتها أبطلت وصيتي إلا كذا لم تنفذ
لكونه بلا إشهاد. قوله: (وندب فيه تقديم التشهد) أي أنه يستحب للانسان إذا كتب وصيته أن
يبدأ بالشهادتين بأن يكتب أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وكذا إذا أوصى
بالقول من غير كتابة فإنه يندب له البداءة بالشهادتين قولا بأن يقول أشهد أن لا إله إلا الله الخ. قوله: (ذكر
الشهادتين) أي إن كان الايصاء بالقول وإن كان بالكتابة فالمراد كتابة الشهادتين. قوله: (ولهم
الشهادة الخ) حاصله أن الموصي إذا كتب وصيته بخطه أو أملاها لمن كتبها وقال للشهود اشهدوا على
أن ما في هذه الوثيقة وصيتي أو على أني أوصيت بما فيها ولم يقرأها عليهم فإنه يجوز لهم القدوم على
الشهادة بأنه أوصى بما انطوت عليه هذه الوثيقة فقول المصنف ولهم الشهادة يعني أنه يجوز للشهود
القدوم على الشهادة بما انطوت عليه وصية الموصي بأن يقولوا نحن نشهد بأن أوصي بما انطوت عليه
هذه الوصية أي الوثيقة وإن لم يقرأها عليهم ولا فتح الكتاب لهم ولو بقي الكتاب عنده إلى أن مات
بشرط أن يشهدهم بما في كتاب وصيته أو يقول لهم أنفذوه وبشرط أن لا يوجد في الوثيقة محو
ولا تغيير وأن يعرفوا الوثيقة بعينها كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (حيث أشهدهم بما في كتاب
وصيته أو قال أنفذوه) أي بأن قال لهم إذا مت فأشهدوا بما في كتاب وصيتي هذا أو أنفذوا ما في كتاب
وصيتي هذا. قوله: (وتنفذ حينئذ) أي وتنفذ وثيقته حين إذ شهدوا بما فيها. قوله: (وإن شهدا بما فيها)
حاصله أن كتاب الوصية إذ كان مطبوعا عليه وقال الموصي للشهود اشهدوا بما في كتاب وصيتي من الوصايا وأن ما بقي من ثلثي بعد
الوصايا المكتوبة في الوثيقة فلفلان الفلاني فإنه يجوز لهم الشهادة بذلك وإذا شهدوا
بذلك بعد موته ففتحت وثيقة الوصية فوجد فيها وما بقي من الثلث بعد الوصايا
فهو للفقراء أو للمساكين مثلا فإن ما بقي من الثلث بعد الوصايا يقسم بين فلان الفلاني وبين
المساكين نصفين لأنه مال تنازعه اثنان. قوله: (وإن قال كتبتها) أي بخطي. قوله: (ولو كان الذي
فيها لابنه) أي ولو كان الذي فيها وصية لابن فلان الموضوعة عنده بكثير قوله ويحتمل أن المراد الخ)
أي يحتمل أن المراد بقوله كتبتها عند فلان أمرت فلانا بكتبها وهي موضوعة عنده فصدقوه
فيصدق في قوله هذه وصيته التي أمرني بكتبها إن لم يكن فيها إيصاء لابنه بكثير وتنفذ الوصية في
مسألة وكتبتها على كلا الاحتمالين وإن لم يقل أنفذوها والفرق بينها وبين قوله وإن ثبت إن عقدها
خطه الخ أن هذه وكلها لغيره وأمر بتصديقه. قوله: (أو قال أوصيته بثلثي الخ) يعني أنه إذا قال لورثته
أوصيت فلانا بتفرقة ثلثي فصدقوه في محل صرفه فإنه يصدق فيمن ينفذه له إن لم يقل إنما أوصيت بإعطاء
الثلث أو أكثره لابني فإن قال ذلك لم يصدق حينئذ لأنه يتهم وأما القليل وهو ما دون نصف الثلث فينبغي
أنه يصدق. قوله: (وكذا في الأولى الخ) لكن القول بالنسبة للثانية حقيقي وأما بالنسبة للأولى فهو مجاز
لان المراد أن يأتي بالورقة مكتوبا فيها وصيته لابنه بكثير ولم يثبت أنه خط الميت. قوله: (جعلها) أي جعل
450

الموصي الوصية كلها بالثلث لابني. قوله: (لاحتمال أن يكون غير فيها) هذا ظاهر إذا كانت بغير خط
الموصي، وأما إذا ثبت أنها بخطه فلا تهمة وتنفذ حينئذ ولو كان فيها وصية لابنه بكثير كما قال أولا.
قوله: (وإن قال) أي الموصي فلان وصيي فقط يعم هذا أول الكلام على الأوصياء واعلم أن طريقة ابن رشد
أن الوكالة كالوصية فإذا قال فلان وكيلي فإنه يعم قال في المقدمات وهذا هو قولهم في الوكالة إذا قصرت
طالت وإن طالت قصرت ومشى المصنف في الوكالة على خلاف هذه الطريقة إذ قال لا بمجرد وكلتك
وهي طريقة ابن بشير وابن شاس فهي عندهم باطلة حتى يعم أو يخص وكأنهم لاحظوا أن الموكل حي
يمكنه الاستدراك بخلاف الموصي اه‍ بن. فرع: لو قال فلان وصيي وتبين أن فلانا ميت وله
وصي فإن علم بموته كان وصيه وصيا وإلا فلا وبطلت كما تبطل إن علم بموته ولم يكن له وصي ا ه‍ عج.
قوله: (حتى تزويج بناته البالغات بإذنهن) أي ويقدم على العاصب كالأخ والعم وحتى تزويج صغار بنيه.
قوله: (بشروطها) أي إذا خيف عليها الفساد في مالها أو حالها والمراد بالشروط الجنس لان المعول
عليه أن المدار على هذا الشرط فقط. قوله: (إن أمره به) أي بالاجبار أو عين له الزوج أي فله حينئذ
جبرهن سواء كن صغارا أو كبارا. قوله: (وإلا فخلاف) أي وإلا يأمره الأب بالاجبار ولا عين له الزوج
فخلاف والراجح الجبر إن ذكر البضع أو النكاح أو التزويج بأن قال له الأب أنت وصيي على بضع بناتي
أو على نكاحهن أو على تزويجهن أو على بنتي تزوجها أو تزوجها ممن أحببت وإن لم يذكر شيئا من الثلاثة
فالراجح عدم الجبر كما إذا قال وصيي على بناتي أو على بعض بناتي أو على بنتي فلانة، وأما لو قال أنت وصيي
فقط أو على مالي أو على بيع تركتي أو على قبض ديوني فلا جبر له اتفاقا، وهذه الصورة غير داخلة في قول
المصنف وإلا فخلاف فلو زوج جبرا فاستظهر عج الامضاء، وتوقف فيه الشيخ أحمد النفراوي
وإن زوج من غير جبر فسيأتي في قول المصنف وإن زوج موصى على بيع تركته وقبض ديونه صح.
قوله: (كما قدمه في النكاح) أي وحينئذ فيبين إجمال ما هنا بما مر في النكاح. قوله: (ويمكن أن يدخل هذا
في الخلاف) أي فقوله يعم أي كل شئ حتى الجبر بناء على أحد القولين والصواب حذف هذا الكلام
لما علمت أنه إذا قال له أنت وصيي فلا جبر له اتفاقا وأن هذه غير داخلة تحت قوله وإلا فخلاف.
قوله: (كوصيي حتى يقدم فلان) هذا تشبيه في العموم والخصوص فالعموم من حيث الموصى به
والخصوص من حيث الزمن أي زمن قدوم فلان فهذا الفرع مشابه للمسألة الأولى في العموم
وللثانية في الخصوص. قوله: (ولو لم يقبل) أي فلان الوصية. قوله: (إلا لقرينة) أي دالة على اعتبار
القبول في العزل وأن المراد أنت وصيي حتى يقدم زيد ويقبل الوصية فإن وجدت فلا ينعزل إلا إذا
قدم وقبلها. قوله: (فإنه يعمل به) أي وكذا إذا أوصى لها أو لأم ولده بسكنى أو بغلة إلى
أن تتزوج أو إلا أن تتزوج فإنه يعمل بما شرط فإذا عقد لها فلا سكنى لها ولا غلة بعد ذلك ولا ينزع منها الماضي من الغلة
بزواجها ومثل الوصية ما شرطه لها من غلة وقفه إلى أن تتزوج أو إلا أن تتزوج فلا فرق بينهما خلافا لما في
عبق انظر حاشية شيخنا السيد البليدي. قوله: (وقبض ديونه) أي أو على أحدهما. قوله: (بإذنهن) أي مع
وجود عاصب أو الحاكم. قوله: (ولم يجز ابتداء) أي فالواجب أنه لا يزوجها حتى يعرض الامر على العصبة
فإما أن يتولوا عقدها بأنفسهم أو يوكلوه. قوله: (ولو شريفة) أشار الشارح بهذا إلى أن الصحة هنا
أي في تزويج الوصي المذكور مطلقة بخلاف الأجنبي إذا زوج امرأة بولاية الاسلام مع وجود
عاصبها فإن الصحة بعد الوقوع مقيدة بما إذا كانت المرأة دنيئة أو شريفة وحصل طول
بعد الدخول. قوله: (وإلا فسخ أبدا) أي وإلا بأن جبرهن فسخ أبدا هذا ما استظهره
451

الشيخ أحمد النفراوي وتقدم أن عج استظهر الامضاء. قوله: (وأن ذلك خاص بالأب أو وصيه دون
الأجداد والأعمام) ما ذكره من أن الايصاء خاص بمن ذكر دون غيرهم إنما هو بالنسبة للموروث عن
الموصي أو عن غيره أما إن تبرع شخص على محجور عليه فله أن يجعل تبرع به من شاء ناظرا ولو كان
للمحجور عليه أب أو وصي فقول الشارح دون الأجداد والأعمام والاخوة أي فلا يصح الايصاء
منهم بالنسبة لما يورث عنهم أو عن غيرهم كما علمت انظر التوضيح. قوله: (أو سفه) هو عدم حسن تصرف
البالغ العاقل في المال. قوله: (أب رشيد) أي وأما الأب السفيه فليس له أن يوصي على ولده وإنما ينظر له
الحاكم. قوله: (أو وصيه) محل كون وصي الأب له أن يوصي إن لم يمنعه الأب من الايصاء كما لو قال له
أوصيتك على أولادي وليس لك أن توصي عليهم فلا يجوز لوصي الأب حينئذ إيصاء. قوله: (ولا كلام الخ)
أي في الايصاء فليس له أن يوصي أحدا ينظر في شأن المحجور عليه بعد موته وهذا لا ينافي أن له
النظر بنفسه إن لم يكن وصي من طرف الأب، فلو قدم القاضي ناظرا على يتيم ثم ظهر له وصي من قبل أبيه
كان له رد أفعال المقدم من طرف القاضي كما في فتاوى البرزلي. قوله: (إن قل المال) أي بالعرف فالمنظور له
القلة بحسب العرف ولا خصوصية للستين دينارا كما في بن. قوله: (وورث عنها) أي وأما لو وهبت مالا
لأولادها الصغار أو تصدقت به عليهم فلها أن تجعل ناظرا على ذلك من شاءت سواء كان المال قليلا
أو كثيرا ولو كان للأولاد أب أو وصي. قوله: (ثم ذكر شروط الوصي) أي على المحجور عليه لصغر
أو سفه وهذه الشروط كما تعتبر في الوصي على المحجور عليه تعتبر في الوصي على اقتضاء الدين أو إقضائه
واشترط فيه العدالة خوف أن يدعي غير العدل الضياع وأما الوصي على تفريق الثلث أو على العتق فلا
يشترط فيه العدالة بل يجوز إسناد الوصية المذكورة لغير العدل كما في التوضيح نعم لا بد فيه أن يكون
مسلما مكلفا قادرا على القيام بما أوصى عليه. قوله: (وهي أربعة) أي التكليف والإسلام والعدالة والقدرة
على القيام بأمور الموصى عليه. قوله: (لمكلف) متعلق بقوله وإنما يوصي لتضمن يوصي معنى يسند الوصية
وإلا فيوصي متعد بنفسه. قوله: (فلا يصح لخائن الخ) أشار الشارح بذلك إلى أن مراد المصنف بالعدالة
الأمانة والرضا فيما يشرع فيه ويفعله بأن يكون حافظا لمال الصبي ويتصرف فيه بالمصلحة ومعلوم أن
هذا لا يستلزم الاسلام فاندفع ما يقال أنه يستغني بذكر العدالة عن الاسلام. وحاصله أن الاستغناء
إن أريد بالعدالة عدالة الشهادة أو عدالة الرواية والمراد بها هنا غيرهما كما علمت. قوله: (قادر على القيام
بالموصى عليه) احترازا من العاجز. قوله: (وإن أعمى) مبالغة في قوله لمكلف مسلم الخ. قوله: (وإن عبدا)
شمل القن ومن فيه شائبة حرية وعبد الموصي وعبد غيره وقوله وتصرف بإذن سيده فيما إذا كان
عبد غيره. قوله: (وتصرف العبد بإذن سيده إن وقعت الخ) حاصله أنه إذا وقعت الوصية بغير
إذن سيده فلا بد في تصرفه من إذنه وإن وقعت إذنه فلا يحتاج العبد في تصرفه لاذنه فإذا
جعل قوله بإذن سيده متعلقا بتصرف فيتعين حمله على ما إذا أوقعت الوصية بغير إذن سيده.
قوله: (أي وقبل الخ) أي وجاز للعبد أن يقبل الوصية إذا أذن له سيده في قبولها. قوله: (والأولى التصريح)
452

أي لعدم القرينة الدالة عليه. قوله: (للعلم به من قوله كاف) أي لاستلزام على القيام بالموصى
عليه التصرف في أموره. قوله: (أي الكبار) المراد بهم البالغون. قوله: (أي يشتري حصة الأكابر لهم) أي
بالقيمة فإن بيعت لغير الأصاغر فهل يرد البيع أولا قاله البدر. قوله: (يحملها) أي يحمل حصة الكبار
أي يحمل قيمتها. قوله: (إلا أن ينقص ثمنها) أي ببيعها مفردة وأبوا ذلك. قوله: (وإلا بطلت) أي فإن
عتق لم يرجع وصيا عليهم إلا أن يراه القاضي فيجعله مقدما انظر بن. قوله: (وطرو الفسق) أي بمعنى
عدم العدالة فيما ولى فيه ومثل طرو الفسق طرو العداوة ابن رشد يعزل الوصي إذا عادى المحجور إذ لا
يؤمن عدو على عدوه في شئ من أحواله. قوله: (على الوصي) في بن وكذلك طروه على الأب يعزله عن
التصرف في متاع ولده والنظر فيه، كما قاله يوسف بن عمر ا ه‍ فعلم منه أن طرو الفسق كما يوجب عزل
الوصي يوجب عزل الأب. قوله: (أي يكون موجبا لعزله) أي لعزل الحاكم له. قوله: (لا أنه ينعزل
بمجرده) أي وهذا بخلاف القاضي فإنه ينعزل بمجرد طرو الفسق لشرف منصب القضاء ا ه‍ شيخنا عدوي.
قوله: (أي لا يجوز له ذلك) أي ويرد البيع إن وقع على الظاهر لان الأصل فيما نهى عنه الرد
والفساد قاله شيخنا. قوله: (ولا يجوز له) أي لوصي الميت الذي أوصاه وصاية مطلقة أو أوصاه بقضاء
دينه أو تنفيذ وصيته وقوله ولا يجوز له أن يبيع التركة الخ هذا إذا كان في الحضر وأما إذا كان في السفر
فله البيع ففي ح ما نصه فرع لو قامت شخص في سفر فلوصيه بيع متاعه وعروضه لأنه يثقل حمله قاله في
النوادر بل ذكر البرزلي في كتاب السلم عن أبي عمران أن من مات في سفره بموضع لا قضاء به ولا
عدول ولم يوص واجتمع المسافرون وقدموا رجلا فباع هناك تركته، ثم قدموا بلد الميت فأراد الورثة
نقض البيع إذ لم يبع بإذن حاكم أن ما فعله جماعة الرفقة من بيع أو غيره جائز وقد وقع هذا لعيسى بن
عسكر وصوب فعله وأمضاه. قوله: (إذ لا تصرف للوصي في مال الكبير) أي لأنه لا نظر له عليه. قوله: (فإن
غاب الكبير) أي غيبة قريبة أو بعيدة. قوله: (أو أبى من البيع) أي أو كان حاضرا وأبى من حضور
البيع. قوله: (نظر الحاكم) أي فإما أن يأمر الوصي بالبيع أو يأمر من يبيع معه للغائب أو يقسم ما ينقسم فإن لم
يرفع الامر للحاكم وباع رد بيعه إن كان المبيع قائما فإن فات بيد المشتري بهبة أو صبغ ثوب أو نسج غزل
أو أكل طعام وكان قد أصاب وجه البيع فهل يمضي وهو المستحسن أو لا يمضي وهو القياس قولان
انظر ح. قوله: (ولا يقسم الوصي على غائب) يعني إذا كان العقار مثلا مشتركا بين صغير وكبير فلا
يجوز لوصي الصغير أن يقسمه من غير حضور الكبير أو وكيله أو القاضي. قوله: (والمشترون) أي
للتركة أو لبعضها التي باعها الوصي من غير حضور الكبير أو وكيله ومن غير رفع للحاكم فهذا مرتبط
بقوله ولا يبيع التركة إلا بحضرة الكبير فكان الأولى أن يقدمه قبل قوله ولا يقسم على غائب. قوله: (إلا
أن يكون البيع سدادا) أي وفات بيد المشتري. قوله: (وإن أوصى لاثنين الخ) أي وأما لو أوصى واحدا
وجعل آخر ناظرا ومشرفا عليه فإنما لذلك المشرف المشورة والنظر وليس له رد السداد من تصرف
الوصي ولا نزع المال منه كما في ح. قوله: (فلا يستقل أحدهما الخ) أي فإن تصرف دونه
كان له رده ولو كان التصرف سدادا. قوله: (أو غير ذلك) أي كترشيد. قوله: (ولم يجعلوا
وصيته للثاني ناسخة للأول) بل قالوا إن قيد باجتماعهما في التصرف أو انفراد كل واحد في
التصرف عمل بذلك وإن أطلق ولم يقيد ولو كانت كل من الوصيتين عامة وكانا في زمنين حمل على قصد
453

التعاون احتياطا لمال اليتيم بخلاف الوكالة فإن الثانية تكون ناسخة للأولى إذا أطلق وكانت كل منهما
عامة وكانتا بزمنين. قوله: (وإن مات أحدهما فالحاكم) يريد إذا مات من غير أن يوصي لصاحبه أو لغيره
بإذنه وإلا فلا نظر له حينئذ. قوله: (أو تزويج) أي للمحجور عليه وقوله أو غير ذلك أي كترشيده وقوله
هل يبقى الحي منهما أي مستقلا. قوله: (ولا يجوز الخ) أي لا يجوز لأحدهما أن يوصي في حال حياته
وصيا يقوم بأمر الأولاد بدله إذا مات وفهم من قوله لأحدهما أنهما لهما معا أن يوصيا وهو كذلك
وفهم أيضا من قوله لأحدهما المفيد أنهما وصيان أن الوصي الواحد له الايصاء وهو كذلك. قوله: (وأما
بإذنه فيجوز) أي كما يجوز لأحدهما أن يوصي لصاحبه بقيامه مقامه إذا مات. قوله: (ولا يجوز لهما قسم
المال بينهما) ظاهره ولو اقتسما الصبيان وهو كذلك فإذا اقتسما الصبيان فلا يأخذ كل واحد حصة من
عنده من المال. قوله: (فيضمن كل ما تلف منه) أي لاستقلاله بالنظر فيه مع أن الموصي أشركه مع غيره
في النظر فيه فهو مقيد باستقلاله ويضمن أيضا كل ما تلف من صاحبه وذلك لتعديه برفع يده عما
كان يجب وضعها عليه وما ذكره الشارح من مضان كل ما تلف منه أو من صاحبه هو المعتمد وقيل أن
كل واحد يضمن ما هلك بيد صاحبه فقط دون ما هلك بيده، ودرج عليها بن الحاجب والقولان
لعبد الملك وكلام المصنف محتمل لكل من القولين والحاصل أن القولين متفقان على أن كل واحد
يضمن ما سلمه لصاحبه، والخلاف إنما هو في ضمان كل منهما ما تلف بيده وفائدة ذلك أن كل واحد
غريم بجميع المال أو بما قبضه صاحبه فقط. قوله: (فقد يكون التأخير هو الصواب) أي كخوف
تلفه إن اقتضاه أو ضياعه، ولا يقال إن التأخير حينئذ ممنوع لأنه سلف جر نفعا وهو الضمان لان المنع
إنما هو مع المواطأة وإلا فلا منع كما في بن. قوله: (فلا ينافي أن اقتضاء الدين مثلا) أي وكذا ما بعده إلا في
الأخير وهو قوله ودفع مال قراضا فإنه لا يجب. قوله: (وله النفقة على الطفل) وليس لوارث الطفل أن
ينكشف على ما بيد الوصي ويأخذ وثيقة بعلم عدده عليه محتجا بأنه إذا مات صار المال إليه فلا مخاصمة
له في ذلك مع الوصي وعلى الوصي أن يشهد ليتيمه بماله الكائن بيده فإن أبى من ذلك أخذه الحاكم
لبيانه نقله ح عن ابن رشد. قوله: (بحسب قلة المال وكثرته) فلا يضيق على صاحب المال
الكثير دون نفقة مثله ولا يوسع على قليله. قوله: (وفي ختنه) عطف على مقدر أي والنفقة على الطفل
بالمعروف في مؤنته وكسوته وفي ختنه وعرسه فقيد العرف معتبر فيهما أيضا وقد أشار الشارح لذلك
بقوله فينظر لما يقتضيه الحال بالمعروف فيما ذكر أي من الأكل والكسوة وفي ختنه. قوله: (ولا حرج
على من دخل فأكل) أي لا حرج على من دخل بدعوة من الوصي وإلا كان آثما. قوله: (فلا يجوز
الأكل منه) أي ومن أكل شيئا ضمن قيمة ما أكله كذا قيل وقيل بجواز الأكل لان ما أسرف من
مال اليتيم ضمانه من الوصي بمجرد إتلافه بالطبخ فالآكل إنما أكل ملك الوصي نظير ما مر في الغصب.
قوله: (ودفع نفقته له) تنازع قوله له دفع ونفقة وربما أشعر قوله له بأن الوصي لا يدفع للمحجور نفقة
زوجته وولدها وأم ولده ورقيقه وهو كذلك على الراجح الذي أقامه ابن الهندي من المدونة
بل يسلم نفقة كل واحد منهم له في يده وقال ابن القصار نفقة أم ولده ورقيقه يدفعان إليه دون
نفقة زوجته وولدها. قوله: (وعمن تلزمه نفقته) أي كزوجته وعبيده وأولاده الصغار. قوله: (وزكاته الخ)
أي للوصي أن يخرج زكاة محجوره إن كان الوصي مالكيا كان الولد كذلك أم لا فإن كان
454

الموصى حنفيا لم يجب عليه اخراجها ولو كان الولد مالكيا فالعبرة بمذهب الوصي لا بمذهب الطفل أو
أبيه. قوله: (ورفع الوصي) أي إذا كان مالكيا وقوله للحاكم الذي يرى الزكاة في مال الصبي أي مطلقا
العين والماشية المعلوفة والعاملة وغيرهما والحرث الكائن بأرض خراجية أو بغيرها. قوله: (إن كان هناك
حنفي) أي وكان لا يخفى عليه أمر اليتيم أو يخشى من رفعه إليه وإلا أخرج من غير رفع. قوله: (والمراد
وجد بالفعل أو يخشى توليته) أي فإن لم يوجد ولم يخش توليته كبعض بلاد المغرب وبلاد السودان
أخرج زكاته من غير رفع. قوله: (لمن يعمل فيه قراضا الخ) أي ولو كان عمل القراض أو شراء البضاعة
لا يحتاج لسفر في البر أو البحر ولا يجوز للوصي تسليفه لاحد على وجه المعروف ولو أخذ رهنا إذ
لا مصلحة لليتيم في ذلك وأما تسلف الوصي نفسه فقد قيل بالترخيص فيه إذا كان له مال فيه وفاء انظر ح.
ونص فيه على منع تسليف مال اليتيم بنفع كما يقع الآن من دفع مال اليتيم قرضا العشرة أحد عشر
ولو بنذر من المقترض وللوصي الصلح بالنظر ولا يجوز إقراره على المحجور ولا إبراؤه عنه الابراء
العام وإنما يبرئ عنه في المعينات. قوله: (على المذهب) أي وقول عائشة: اتجروا في أموال اليتامى
لا تأكلها الزكاة حمله ابن رشد على الندب. قوله: (ولا يعمل هو به) أي بجزء من الربح له أي ولو كان
ذلك الجزء يشبه قراض مثله لغيره كما هو مقتضى تعليل الشارح. قوله: (فإن عمل الوصي به) أي قراضا
أو بضاعة. قوله: (بل هو من المعروف) أي وحينئذ فلا ضمان عليه إذا تلف. قوله: (ولا يجوز له اشتراء الخ)
أشار الشارح إلى أنه عطف على المعنى أي ليس له عمل به ولا اشتراء الخ. قوله: (وتعقب بالنظر)
جعله الشارح تبعا لعبق مرتبطا بقوله ولا يعمل هو به وبقوله ولا اشتراء من التركة فإذا عمل فيه
قراضا بجزء من الربح نظر الحاكم فيه فإن كان في ذلك القراض مصلحة لليتيم بأن كان ذلك الجزء الذي
جعله لنفسه يشبه الجزء في قراض الناس أمضاه وإلا رده، وإذا اشترى شيئا من التركة نظر الحاكم فإن
وجد في شرائه مصلحة لليتيم بأن اشترى ذلك المبيع بقيمته أمضاه وإلا رده وجعله غيره من الشراح
كالخرشي مرتبطا بالثاني فقط، وهو الموافق لقول التوضيح عقب قول ابن الحاجب وتعقب بالنظر
أي في قيمة المبيع الذي اشتراه من التركة هل تزيد على ما اشتراه به فيرده أولا فيمضيه ا ه‍. وهل تعتبر
القيمة يوم الشراء أو يوم الرفع أو الحكم أقوال ثلاثة وقيل أن التعقب بالنظر ليس في قيمة المبيع بل
يرفع المبيع للسوق فإن لم يزد أحد على الوصي فيما دفعه ثمنا في السلعة التي اشتراها أخذها الوصي بذلك
الثمن وإن زاد أحد عليه فهل يأخذها الوصي بما وقفت عليه أو حتى يزيد كغيره وهو الظاهر انظر بن.
قوله: (لسؤال وقع فيه) أي فهو فرض مسألة لا مفهوم له فالمدار على الرفع للسوق وشهرته للبيع
بالمناداة عليه إلى أن تنتهي الرغبات ولو كان في الحضر فقط أو في السفر فقط. قوله: (فالمراد
إلا شيئا قليلا الخ) الأولى أن يقول فالمراد إلا شيئا قليلا اشتراه بالثمن الذي انتهت إليه
الرغبات به بعد شهرته للبيع في سوقه. قوله: (ولو قبل الخ) أي هذا إذا امتنع من قبول الايصاء بل
ولو قبله ورد بلو ما قاله عبد الوهاب وبعض المغاربة من أنه إذا قبل لم يجز له عزل نفسه ولو في حال حياة
الموصى لأنها كهبة بعض منافعه ا ه‍ عدوي. قوله: (وفي جعله) أي الامتناع من القبول عزلا تسامح
لان عزله فرع عن تحقق وصايته وتحقق ذلك فرع عن قبوله الوصاية. قوله: (بأن يراد به) أي
455

بالعزل الرد أي وله ذلك إن لم يقبل بل وإن قبل. قوله: (لا بعدهما) هذا هو الأشهر وأطال ح الخلاف في
ذلك فانظره. قوله: (فليس له عزل نفسه) أي إلا أن يطرأ له عجز ا ه‍ خش. قوله: (فيصير النظر للحاكم)
أي فإن شاء جعله مقدما من طرفه وإن شاء قدم غيره. قوله: (إذا تنازع فيها مع المحجور) الأولى فيه أي
في قدر النفقة إلا أن يقال أنث الضمير لاكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه. قوله: (أو تنازعا
في أصل الانفاق أو فيهما) أي فكذلك القول قول الوصي بالشروط الثلاثة المذكورة وهي كون
المحجور في حضانته وأن يشبه فيما يدعيه ويحلف. قوله: (بل لا بد من بينة) أي سواء كان الحاضن مليئا
أو معدما كما في ابن عمر وهذا هو الذي عليه الأكثر وظاهر ما في زكاة الفطر من المدونة قبول قول
الوصي في أصل النفقة وفي قدرها سواء كان الولد في حضانته أولا وللجزولي تفصيل آخر.
وحاصله أنه يصدق الوصي إذا كانت الحاضنة فقيرة وسكتت لآخر المدة والحال أن الولد يظهر
عليه النعمة والخير لان هذا قرينة مصدقة له وأما إن كانت الحاضنة غنية فلا يصدق الوصي وهذا
التفصيل استحسنه اللخمي. قوله: (إذا لم يشبه أو لم يحلف) أي والحال أنه في حضانته. قوله: (فالقول
للصغير الخ) إنما لم يقبل قول الوصي في تاريخ الموت وإن كان يرجع لقلة النفقة وكثرتها لان الأمانة
التي أوجبت صدقه لم تتناول الزمان المتنازع فيه. قوله: (إلا لبينة) أي ولا يقبل قول الوصي إلا بينة.
قوله: (بعد بلوغه) متعلق بدفع وكذا لو دفع له قبل البلوغ فلا يصدق ولو وافقه الولد ويضمنه ولو مات بينة
بذلك لتفريطه. قوله: (على المشهور) أي وهو قول مالك وابن القاسم خلافا لعبد الملك بن الماجشون وابن
وهب القائلين أنه يقبل قول الوصي في ذلك بيمين. قوله: (وظاهر المصنف كظاهر المدونة) أن عدم
تصديق الوصي في الدفع ولو طال الزمان. قوله: (وهو المعروف الخ) لأنه لا حيازة فيما في الذمة على
المعتمد ولو تطاول الزمان وكان صاحب الحق حاضرا ساكتا عن الطلب بلا مانع. قوله: (وقيل ما لم يطل
كثمانية أعوام) هذا قول ابن زرب وقوله وقيل عشرون هذا قول ابن المواز. خاتمة: للوصي أن يرشد
محجوره ولو بغير بينة على رشده لكن لو قامت بينة باتصال سفهه رد فعله إلى الحجر لكن إلى وصي آخر
ويعزل الأول لكن لا يضمن لأنه فعل ذلك اجتهادا قاله في المعيار وفي البدر آخر باب القضاء أن
الوارث إذا كان بغير بلد الميت فإن الوصي أو القاضي يرسل يعلمه بالمال ولا يرسله إليه فإن جهل
القاضي وأرسله إليه قبل استئذانه فتلف فلا ضمان عليه ويضمن غير القاضي إذا أرسله من غير استئذان وتلف.
باب في الفرائض
قوله: (وهو علم) أي قواعد يعرف بها ويصح أن يراد بالعلم الملكة الحاصلة من مزاولة القواعد.
قوله: (وموضوعة التركات) أي لأنها التي يبحث فيه عن عوارضها الذاتية أي التي تلحقها لذاتها لا بواسطة
أمر خارج عنها ككون نصفها للزوج عند عدم الفرع الوارث وكون ثمنها للزوجة عند وجود الفرع
الوارث وهكذا والمراد بالبحث عن عوارضها الذاتية في ذلك العلم حمل تلك العوارض عليها فتحصل
مسائل العلم بحيث يقال التركة ربعها للزوج عند وجود الفرع الوارث وهكذا ووصف العوارض
بالذاتية للتخصيص، مثلا كون ربع التركة للزوج أمر عارض ذاتي لها لأنه إنما لحق التركة من حيث
كونها تركة لا بواسطة شئ بخلاف ما يعرض لها من حرق مثلا فإنه عارض غريب عنها بواسطة النار
456

فلا يبحث عنه في ذلك العلم. قوله: (حق) هذا جنس يتناول المال وغيره كالخيار والشفعة والقصاص والولاء
والولاية فإذا اشترى زيد سلعة بالخيار ومات قبل انقضاء أمده انتقل الخيار لوارثه وإذا
كانت دار شركة بين زيد وعمرو فباع زيد حصته وثبتت الشفعة لعمرو ومات عمرو قبل أخذه بها انتقل
الحق في الشفعة لوارثه وإذا قتل زيد عمرا وكان بكر أخا لعمرو ومات بكر انتقل الحق في القصاص
لوارثه وإذا أعتق شخص عبدا كان له الولاء عليه فإذا مات ذلك الشخص المعتق انتقل الولاء لولده
وكذلك إذا كانت امرأة لها أخ كان له الولاية عليها فيزوجها فإن مات الأخ انتقلت الولاية لابنه.
قوله: (يقبل التجزي) خرج الولاء وولاية النكاح لعدم قبولهما للتجزي. إن قلت: القصاص والشفعة
والخيار من جملة التركة فيجب صدق تعريفها عليها مع أنها خارجة لأنها لا تقبل التجزي. قلت:
هذا إنما يرد إذا أراد بالتجزي الافراز أي التمييز بأن يقال لزيد هذا الجزء ولعمرو هذا الجزء وليس
هذا مرادا بل المراد بالتجزي أن يقال لزيد نصفه ولهذا نصفه وهذه الثلاثة كذلك إذ يقال لزيد
نصف القصاص ولعمرو نصفه الآخر وكذا يقال في الشفعة والخيار كذا قالوا والظاهر أن الولاء
يقال فيه ذلك فما وجه اخراجه فتأمل. قوله: (يثبت لمستحق) أي بقرابة أو نكاح أو ولاء ولا بد من
هذا القيد لاخراج الوصية وقوله بعد موت الخ خرج به الحقوق الثابتة بالشراء والايهاب ونحوهما
فلا تسمى تركة. قوله: (حق تعلق بعين) أي كالمرهون والعبد الجاني وقوله وحق تعلق بالميت أي وهو
مؤن تجهيزه وقوله حق تعلق بالذمة أي بذمة الميت وهي الديون المرسلة أي المطلقة عن الرهن الخالية
عنه وقوله وحق تعلق بالغير أي من الميت وهو الوصية وقوله وحق تعلق بالوارث وهو الميراث.
قوله: (أو لا) أي أو لا يتعلق بالعين بل بالذمة. قوله: (الأول الحقوق العينية) أي المتعلقة بعين شئ
كالدين المرتهن عليه شئ والجناية الصادرة من العبد. قوله: (الدين المطلق) أي الذي ليس مقيدا برهن
يكون في مقابلته بل في الذمة. قوله: (وهو الذي ذكره المصنف) أي ثالثا بقوله ثم تقضي ديونه. قوله: (وثلث
بها المصنف) صوابه وثنى بها المصنف. قوله: (وإما لغيره لسبب) هذا التعبير أحسن من قول عبق
وإما لغيره بسببه وهو الميراث لأنه غير صواب لان الميراث حق لغير الميت بغير سببه والحق
الذي لغيره بسببه إنما هو الوصية. قوله: (ولو أتى على جميعها) أي كما لو كانت التركة كلها مرهونة في دين
فتباع فيه ويدفع ثمنها بتمامه لرب الدين إن لم يزد على دينه. قوله: (حق تعلق بعين) في العبارة قلب والأصل
عين تعلق بها حق كالشئ المرهون وعبد جنى فهما من جملة التركة ويبدأ بهما بمعنى أن الشئ المرهون
يسلم للمرتهن أو يدفع العبد الجاني للمجني عليه أي إذا لم يفده السيد في حال حياته بدفع أرش الجناية.
قوله: (كالمرهون) أي المحوز بيد المرتهن أو بيد أمين وهذا وما بعده مثال للعين التي تعلق بها الحق. قوله: (لتعلق
حق المرتهن بذاته) متعلق بقوله مبدأ على غيره أي وإنما بدئ بالحق المتعلق بالمرهون لتعلق حق
المرتهن بذاته فصار أحق به ولو كان ذلك المرهون كفن الميت الذي ليس له ما يكفن به غيره. قوله: (لأنه
صار بجنايته كالمرهون) أي لتعلق حق الجناية بذاته. قوله: (فإن أسلمه مرتهنه) أي للمجني عليه ورضي
ببقاء دينه بلا رهن وقوله فللمجني عليه أي فهو للمجني عليه مع ماله ويصير الدين بلا رهن. قوله: (وإن
فداه) أي مرتهنة بدفع أرش الجناية للمجني عليه وقوله بغير إذنه أي بغير إذن الراهن. قوله: (في رقبته
فقط) أي لا فيها وفي ماله إن لم يرهن بماله فإن رهن معه ماله كان الفداء فيهما كالدين والحاصل أنه إن لم يرهن
457

بماله كانت رقبته رهنا في شيئين الدين والفداء ولا يكون الفداء في رقبته وماله وإن رهن معه ماله كان الفداء
في رقبته وماله كالدين. قوله: (وبإذنه) أي وإن فداه المرتهن بإذن الراهن فليس رهنا في الفداء بل في الدين
فقط والفداء في ذمة الراهن. قوله: (زكاة الحرث والماشية) أي فالزكاة قد تعلقت بعين الحرث والماشية
فإذا مات المالك بعد الطيب أو الحول أخرجت زكاتهما أولا قبل الكفن وقبل وفاء الدين والميراث
وهذا إذا كان الحرث غير مرهون فإن كان مرهونا والدين يستغرق جميعه فاستظهر عج أن رب
الدين يقدم بدينه على الزكاة مستندا في ذلك لقول ابن رشد أن حق الآدمي يقدم على حق الله فإن مقتضاه
تقديم رب الدين بدينه على الزكاة. قال بن وفي هذا الاستناد نظر لان كلام ابن رشد فيما يتعلق بالذمة وأما
الحب فالفقراء شركاء في عينه فلا ملك للميت في حظهم حتى يؤخذ منه دينه. قوله: (ودخل أيضا أم
الولد والمعتق لأجل) أي فيبدأ بعتقهما من رأس المال على الكفن وعلى الدين إن كان هناك دين وعلى
الميراث إن لم يكن دين. قوله: (وسلعة المفلس) اعترض بأن هذا مخالف لما تقدم في باب الفلس من قوله
وللغريم أخذ عين ماله المجاز عنه في الفلس لا الموت ويمكن الجواب بحمل ما هنا على ما إذا قام بائعها
بثمنها على المشترى قبل موته فوجده مفلسا وحكم له بأخذها ثم مات قبل أخذ صاحبها لها بالفعل
فيأخذها ويقدم بها على مؤن التجهيز لأنه حق تعلق بعين أو يجاب بجعل المفلس صفة لصاحبها وهو
البائع ويكون معناه أنه تصرف فيها بعد فلسه فقام عليه الغرماء فوجدوا المشتري قد مات فإنهم
يأخذونها من رأس المال، وليست هذه قول المصنف السابق في الفلس لان كلامه المتقدم المفلس
والميت هو المشتري. قوله: (وهدي قلد) هذا ظاهر فيما يقلد وأما ما لا يقلد كالغنم فينزل سوقها في الاحرام
للذبح منزلة التقليد. قوله: (تعينت بذبحها) وأما لو مات صاحبها قبل الذبح فإنها تباع بالكفن والدين
ولو كانت منذورة. قوله: (ثم بعد اخراج ما ذكر) أي من الحقوق المتعلقة بعين. قوله: (يخرج من رأس
المال مؤن الخ) أي حق تعلق بالميت وهو مؤن تجهيزه. قوله: (من كفن) أي من ثمن كفن. قوله: (وغسل)
أي أجرة ذلك. قوله: (وكذا مؤن تجهيز من تلزمه نفقته برق) هذا وارد على قول المصنف ثم مؤن تجهيزه
واحترز بقوله برق عمن كانت تلزمه نفقته بقرابة فإنه لا يلزم بعد موته مؤن تجهيزه في ماله وقول
المصنف في الجنائز وهو على المنفق بقرابة أو رق في المنفق الحي والمنفق عليه ميت وكلامنا هنا فيما إذا
ماتا معا. قوله: (فإن لم يكن له) أي لمن مات هو وعبده. قوله: (كانت بضامن أم لا) كانت حالة أو مؤجلة لأنها
تحل بموته. قوله: (أشهد في صحته أنها بذمته) الضمير راجع لزكاة الفطر والكفارات. وحاصله أن زكاة
الفطر التي فرط فيها وكذلك الكفارات مثل كفارة اليمين والصوم والظهار والقتل إذا أشهد في صحته
أنها بذمته فإن كلا منهما يخرج من رأس المال سواء أوصى بإخراجها أو لم يوص لما صرح به ابن عرفة
وغيره أن حقوق الله متى أشهد في صحته بها خرجت من رأس المال أوصى بها أم لا. قوله: (فإن أوصى بها
ولم يشهد) أي في حال صحته أنها بذمته ففي الثلث فما مر من أن زكاة الفطر التي فرط فيها تخرج من
الثلث إذا أوصى بإخراجها محمول على ما إذا لم يشهد في صحته ببقائها بذمته. قوله: (ومثل كفارات أشهد
بها) أي في صحته سواء أوصى بها أم لا. قوله: (زكاة عين حلت) أي مات عند حلولها. قوله: (وأوصى بها)
أي سواء اعترف ببقائها في ذمته أم لا. قوله: (ولم يوجد السن الذي يجب فيها) كأن كان الواجب بنت
مخاض ولم تكن موجودة فيما عنده من الماشية. فائدة: يجوز للانسان إذا لم يكن له وارث معين ولا
بيت مال منتظم أن يتحيل على اخراج ماله بعد موته في طاعة لله وذلك بأن يشهد في صحته بشئ من
حقوق الله تعالى كزكاة أو كفارات لأنه متى أشهد في صحته بحق وجب اخراجه من رأس المال ولو أتى على
458

جميعه بعد الحقوق المتعلقة بالعين نقله ح عن البرزلي. قوله: (إن وسع الجميع) أي إن وسع ثلث
الباقي جميع الوصايا. قوله: (على ما قدمه في بابها) أي بقوله وقدم لضيق الثلث فك أسير الخ. قوله: (فرضا
أو تعصيبا) أي بالفرض أو التعصيب أو بهما فأو مانعة خلو تجوز الجمع. قوله: (والأخ مطلقا) أي
شقيقا أو لأب أو لأم. قوله: (فلا إرث إلا لثلاثة الخ) أي ومسألتهم من اثني عشر لتوافق مخرج
ربع الزوج وسدس الأب بالنصف فتضرب نصف أحد المخرجين في كامل الآخر باثني عشر للزوج
ربعها ثلاثة وللأب سدسها اثنان والباقي وهو سبعة للابن تعصيبا. قوله: (فلا إرث إلا للزوجة الخ)
أي ومسألتهن من أربعة وعشرين لتوافق مخرج ثمن الزوجة وسدس الأم بالنصف فتضرب نصف
أحد المخرجين في كامل الآخر بأربعة وعشرين للبنت نصفها اثنا عشر ولبنت الابن سدسها أربعة
وللزوجة ثمنها وللأم سدسها أربعة وللأخت الشقيقة واحد تعصيبا فإن اجتمع الذكور
والإناث ورث منهم خمسة الأبوان والابن والبنت وأحد الزوجين فإن ماتت الزوجة كانت المسألة
من اثني عشر وإن مات الزوج فمن أربعة وعشرين. قوله: (ومن بيانية) مقتضى ما ذكره من الاعراب
أن المبين الزوج وما عتق عليه وفيه نظر بل الظاهر أن المبين قوله لوارثه أي والباقي لوارثه الذي هو
صاحب النصف والربع الخ وعلى هذا فقوله الزوج خبر لمبتدأ محذوف أي وهو الزوج وما عطف عليه
فلو قال الشارح أو أن من بيانية والزوج خبر لمبتدأ محذوف ويجعل هذا إعرابا ثانيا كان أولى
تأمل. قوله: (فرع وارث ذكر) أي وهو ابنها وابن ابنها وقوله أو أنثى أي وهي بنتها وبنت ابنها.
قوله: (وبنت ابن كذلك) أي منفردة وقوله إن لم يكن للميت بنت أي وإلا كان لبنت الابن السدس.
قوله: (معها) أي مع الأخت التي للأب فإن كان معها شقيقة كان للأخت للأب السدس فقط تكملة الثلثين.
قوله: (وإن كانت القاعدة عندهم) أي عند الفرضيين للميت أي تقتضي أن المراد الخ للميت وذلك
لان القاعدة عندهم أن نسبة الوارث مهما أطلق فإنها تكون للميت. قوله: (يساويها في الدرجة)
الأولى يساويها في القوة بأن يكونا شقيقين أو لأب لا في الدرجة كما قال الشارح تبعا لتت إذ لا
يمكن أن يكون لواحدة الخ وهو دونها في الدرجة وقول الشارح احترازا عن أخ لأب مع شقيقة ففيه
نظر إذ هو مساو لها في الدرجة وعدم مساواته لها إنما هو في القوة. قوله: (فلا اعتراض عليه
بعدم شموله الخ) أي على أن المصنف لم يدع الحصر ولم يذكر أن كلا من النسوة الأربع لا يعصبها
إلا أخوها المساوي لها بل ذكر أن أخاها المساوي لها يعصبها وهذا لا ينافي أن بنت الابن
كما يعصبها أخوها يعصبها ابن عمها. قوله: (وعصب الجد والأوليان الأخريين) يعني أن الجد والبنت
وبنت الابن يصير كل منهم الأخت الشقيقة والتي للأب عصبة بعد أن كانتا يرثان بالفرض
والحاصل أن الأخت الشقيقة والأخت للأب كما يعصب كلا منهما أخوها المساوي لها يعصبها
الجد والبنت وبنت الابن. قوله: (فالأخت) سواء كانت شقيقة أو لأب ترث مع الجد تعصيبا وقوله:
459

فتأخذ أي الأخت مطلقا ما فضل عن فرضهما أي فرض البنت وبنت الابن. قوله: (أي المتعدد منهن)
فيه أن هذه العبارة تصدق بغير المراد إذ تصدق على نحو بنت وأخت وأجيب بأن في الكلام حذفا
والأصل وللمتعدد من كل نوع منهن كما أشار الشارح أولا. قوله: (ليخرج الزوج) إذ لو كان داخلا
لأتى بضمير المذكر على أن خروج معلوم من استحالة تعدد الزوج هنا. قوله: (جنس الثانية)
أي الصادق بثانية الأوليين وثانية الأخريين. قوله: (مع الأولى) أي مع جنس الأولى الصادق بأولى
الأوليين وبأولى الأخريين والداعي لإرادة الجنس شمول كلام المصنف لصورة بنت الابن مع
البنت وصورة الأخت للأب مع الشقيقة وبعض الشراح قصر كلام المصنف على الصورة الأولى
فجعل المراد بالثانية بنت الابن وبالأولى البنت بدليل قوله بعد وحجبها الخ إذ الأصل موافقة أول
الكلام لآخره وأيضا صورة الأخت للأب مع الشقيقة سينص عليها في قوله وأخت لأب الخ. قوله: (ابن
فوقها) سواء كان ولد الصلب أولا كما مثل الشارح والمراد به الجنس كما أن المراد بقوله وحجبها أي
بنت الابن بمعنى جنسها. قوله: (يستقل بالسدس) الأنسب يستقل بما بقي عن البنت. قوله: (أي أعلى منها)
بمعنى أقرب منها للميت. قوله: (وسواء فضل الخ) الصواب عدم تفسير الاطلاق بهذا لان المستثنى منه
قوله وحجبها بنتان فوقها ومتى كان بنتان فوقها لم يفضل من الثلثين شئ فالأولى الاقتصار في تفسير
الاطلاق على قوله سواء كان أخا أو ابن عمها. قوله: (أن يكون أعلى منها) أي كبنت وابن ابن وبنت
ابن ابن. قوله: (مطلقا) أي سواء كان أخاها أو ابن عمها وسواء كان لها شئ في الثلثين كبنت وبنت ابن
وابن ابن أو لم يكن لها فيهما شئ كبنتين وبنت ابن وابن ابن. قوله: (فيعصب من ليس لها شئ من الثلثين)
أي كبنتين وبنت ابن وابن ابن ابن وأما إن كان لها شئ من الثلثين فلا يعصبها كبنت وبنت ابن وابن
ابن ابن أنزل. قوله: (ما لم يكن لها أخ لأب) أي وإلا أخذ الثلث معها. قوله: (ويحجبها أيضا) أي كما يحجبها
الأختان الشقيقتان. قوله: (بفتح الهمزة) أي لأنه معمول لما قبله وهو إلا والمعمولة لعامل غير قول يجب
فتح همزتها وأما قوله تعالى: * (إلا أنهم ليأكلون الطعام) * بكسر إن فلوجود لام الابتداء المبطلة لعمل إلا أو
أنه على تقدير القول أي إلا مقولا فيهم إنهم ليأكلون الطعام والاستثناء هنا من مقدر أي كذلك في كل
شئ إلا أنه الخ. قوله: (بخلاف ابن الابن وإن سفل فإنه يعصب من معه فكان يعصب من فوقه بالأولى) أي
لان جهة البنوة أقوى من جهة الاخوة وابن الابن للميت ابن للميت بواسطة أبيه فلم تنقطع النسبة وابن
الأخ لا يرث بإخوته للميت بل ببنوة إخوة الميت فانقطعت النسبة بينه وبين أخوات الأب في الأبوة فلا
460

يعصبهن. قوله: (عطف على النصف) أي ثم الباقي لوارثه من ذي النصف وذي الربع وقوله الزوج وزوجة
خبر لمبتدأ محذوف أي وهو أي صاحب الربع الزوج وزوجة. قوله: (لها أو لهن) لما قابل قوله لها بقوله
لهن علم أنه أطلق الجمع على ما فوق الواحد بناء على أن أقل الجمع اثنان فلم يحتج إلى أن يقول لها أولهما
أولهن. قوله: (بفرع لاحق) أي مع فرع لاحق وفيه أن الفرع اللاحق بالزوج يصدق بمن قام به مانع
الإرث من كفر أو رق أو قتل وهو لا يحجب الزوجة من الربع للثمن لان من لا يرث لا يحجب وارثا
فالأولى التعبير بوارث بدل لاحق لان المعتبر في الحجب الإرث الذي هو أخص من اللحوق إذ لا يلزم
من اللحوق الإرث كما علمت. قوله: (والثلثين) هو بالجر عطف على النصف في قول المصنف من
ذي النصف وما بعده خبر لمبتدأ محذوف أي وهو أي الفرض المذكور وهو الثلثان لذي النصف.
قوله: (والثلث) بالجر عطف على النصف من قوله سابقا من ذي النصف وقوله الأم بالرفع خبر لمبتدأ
محذوف بيان لصاحب الفرض الذي هو الثلث وأما ما ذكره الشارح فهو حل معنى لأجل إعراب.
قوله: (وولداها) أي مطلقا كانوا ذكورا أو إناثا أو خناثى أو مختلفين. قوله: (أخوان أو أختان) قال
في التوضيح هذا مذهب الجمهور وأخذ ابن عباس رضي الله عنهما بظاهر الآية الكريمة أعني قول الله
سبحانه: * (فإن كان له إخوة فلأمه السدس) * فلم يحجبها بالاثنين وقد احتج على عثمان بأن الأخوين ليسا
إخوة فقال له عثمان رضي الله عنه حجبها قومك يا غلام أو أجمع قومك على حجبها بالأخوين يا غلام.
قوله: (أشقاء أو لأب أو لأم) أي فلا فرق بين أن يكون الاخوة أدلوا للميت بها أولا ولا تحجب من
أدلى بها عكس القاعدة ولذلك يقولون كل من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة إلا الاخوة للأم.
والحاصل أن المتعدد منهم يحجبها حجب نقصان وهي لا تحجب أحدا منهم وإن أدلوا بها عكس
القاعدة. قوله: (كمن مات عن أم الخ) أي وكذا من مات عن أبوين وأخوين مطلقا فللأم السدس
لوجود الأخوين مع حجبهما بالأب. قوله: (فهما) أي الاخوان للأم هذا ظاهره وأنت خبير بأن
قولهم كل من لا يرث لا يحجب وارثا إلا الاخوة للأم فإنهم قد يحجبون الأم للسدس ولا يرثون يقال
عليه لا خصوصية للاخوة للأم بل كذلك الاخوة الأشقاء أو لأب قد يحجبونها ولا يرثون
وذلك مع وجود الأب تأمل. قوله: (وفيهم) أي الاخوة لا بقيد كونهم لأم بل الاخوة مطلقا
أشقاء أو لأب أو لأم أو مجتمعين خلافا لما يوهمه صنيع الشارح حيث ساق البيت عقب تمثيله بالاخوة
للأم وإن كان المثال لا يخصص. قوله: (كذلك) أي ليس فيها مع الأب ولد للميت ولا ولد ابن ولا عدد
من إخوته. قوله: (تكون ستة) أي فالستة تصحيح لا تأصيل فقول تت أصلها ستة الأولى التعبير
بتصحيحها إذ ليس فيها سدس أصلي لا للأب ولا للأم وإن كان ثلث الباقي الذي تأخذه الأم سدسا
461

في الواقع قاله عبق. قوله: (لكان لها الثلث من رأس المال) أي لأنها ترث مع الجد بالفرض ومع الأب
بالقسمة أي وحينئذ يكون أصل المسألة ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث اثنان وللجد السدس
واحد. قوله: (ثلث الباقي) أي وهو في الحقيقة ربع. قوله: (إلى مخالفة القواعد) لأنها إذا أخذت في مسألة
الزوج الثلث من رأس المال لاخذت اثنين وأخذ الأب واحدا لان المسألة حينئذ من ستة فتكون قد
أخذت مثلي الأب ولو أخذته في مسألة الزوجة لاخذت أربعة وأخذ الأب خمسة لان المسألة
حينئذ من اثني عشر ولا شك أن هذا مخالف للقواعد إذ القاعدة أنه إذا اجتمع ذكر وأنثى يدليان
للميت بجهة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين. قوله: (فالسدس مبتدأ) أي خبره قوله الواحد الخ على
حذف مضاف أي فرض الواحد الخ. قوله: (بالعطف على النصف) أي وقوله الواحد بالرفع خبر
لمحذوف أي وهو الواحد الخ. قوله: (وإن سفلت) بفتح الفاء أفصح من ضمها. قوله: (أو ابن الابن) عطف
على محذوف أي للميت أو كان الولد ابن الابن. قوله: (وإن كان أنثى) أي وإن كان الولد للميت أو لابنه
أنثى. قوله: (فلكل منهما) أي من الأبوين السدس فرضا. قوله: (وللبنت) أي بنت الميت أو بنت ابنه.
قوله: (مع ما تقدم) أي وهو قوله وحجبها للسدس ولد وإن سفل. قوله: (من جدتين الخ) أي فهما المراد بالأكثر
في كلام المصنف. قوله: (وإن علت) أي إن أدلت بإناث خلص وكذا يقال في قوله وأم الأب وأمها
وهكذا. قوله: (فمن أدلت بذكر من جهة الأم) أي كأم أبي الأم وأمهاتها وقوله أو من جهة الأب أي
أو أدلت بذكر من جهة الأب غير الأب كأم أبي الأب وأمهاتها والحاصل أن الجدات أربع أم الأم
وأمها وإن علت وأم الأب وأم أمه وإن علت وهذان يرثان إجماعا وأم الجد من جهة الأب كأم أبي
الأب وأمهاتها وهذه لا ترث عند مالك لان بينها وبين الميت ذكرين وترث عند زيد وأم الجد من جهة
الأم كأم أبي الأم وأمهاتها وهذه لا ترث إجماعا لإدلائها بغير وارث. قوله: (مطلقا) الاطلاق راجع
للاسقاط فكان الأولى تقديمه على الأم. قوله: (عن الجد من جهة الأم) أي كأبي الأم وأبي أبيها.
قوله: (وعن جد من جهة الأب) أي كأبي أم الأب. قوله: (كزوج وأخت الخ) وكزوج وأختين وجدة وجد.
قوله: (أو مع الاخوة الخ) اعلم أن إرث الجد مع الاخوة مذهب زيد وعلي وبه قال مالك والشافعي وأحمد
ومذهب عمر وابن عباس وأبي حنيفة أنه لا ميراث للاخوة مع الجد فأقاموه مقام الأب وحجبوا به
الاخوة. قوله: (فأطلق) أي المصنف الجمع في قوله أحد فروض الجد. قوله: (أو أراد بالفروض الأحوال)
هذا هو الظاهر وأحوال الجد خمسة أحدها أن يكون مع الابن وحده أو معه ومع غيره من ذوي
الفروض الثانية أن يكون مع بنت أو بنتين وحدهما أو معهما ومع غيرهما من ذوي الفروض الثالثة أن
462

يكون مع الاخوة لغير أم الرابعة أن يكون مع الاخوة وذوي الفروض وهاتان الحالتان تكلم المصنف
عليهما هنا الخامسة أن لا يكون معه ولد ولا إخوة فله المال كله أو ما بقي منه بالتعصيب وسيأتي ذلك ا ه‍ بن.
قوله: (فأمره ظاهر) أي فإن كان معه ابن فقط أو ابن وغيره من أصحاب الفروض فله السدس فرضا
فقط وإن كان معه بنت أو بنتان فقط أو معهما غيرهما من أصحاب الفروض كان له السدس فرضا وأن تبقى
له شئ بعد فرض من معه أخذه تعصيبا وإن لم يكن معه أحد من الأولاد ولا من الاخوة أخذ المال كله
تعصيبا إن لم يكن معه صاحب فرض وإلا أخذ ما فضل عنه تعصيبا فهو كالأب في هذه الأحوال الثلاثة.
قوله: (فإذا لم يكن معهم) أي مع الجد والاخوة صاحب فرض أي بأن كان الإرث منحصرا في الجد
والاخوة فقط. قوله: (وما بقي فبين الاخوة الخ) فإذا مات الميت عن جد وثلاث أخوة كانت المسألة من
ثلاثة لان للجد ثلث جميع المال ومخرج الثلث ثلاثة فإذا أخذ واحدا من ثلاثة فإن الباقي منها وهو اثنان
لا ينقسم على الاخوة الثلاثة ويباين عددهم فتضرب عدد رؤوس الاخوة الثلاثة في أصل المسألة بتسعة
يأخذ الجد ثلثها ثلاثة والباقي ستة على الاخوة الثلاثة كل واحد اثنان. قوله: (وهذا) أي إرث الجد مع
الاخوة الخير من الامرين. قوله: (إلى حكمهم) أي إلى حكم اجتماع الأشقاء والذين للأب معه. قوله: (وعاد)
أي حسب وإنما عبر بالمفاعلة لان الأشقاء يعدون على الجد الإخوة للأب وهو يعد عليهم الاخوة للأم
كما يأتي في المسألة الآتية الملقبة بالمالكية فقد حصل من الجد عد أيضا في الجملة كذا قيل وقيل إنما عبر
بالمفاعلة لان الأشقاء يعدون الإخوة للأب على الجد وهو يسقط عددهم ويعد الشقائق خاصة
فحصل منه عد لكن للشقيق دون من للأب. قوله: (سواء كان معهم ذو سهم أم لا) فيه إشارة إلى أن
الأولى للمصنف أن يؤخر مسألة المعادة عن قوله وله مع ذي فرض الخ لان المعادة تجري في الوجهين
أي ما إذا كان معهم ذو فرض أم لا قال ابن عبد البر تفرد زيد من بين الصحابة بمعادته الجد بالاخوة
للأب مع الاخوة الأشقاء وخالفه كثير من الفقهاء القائلين بقوله في الفرائض في ذلك لان الاخوة
من الأب لا يرثون مع الأشقاء فلا معنى لادخالهم معهم لأنه حيف على الجد في المقاسمة قال وقد سأل
ابن عباس زيدا عن ذلك فقال إنما أقول في ذلك برأيي كما تقول أنت برأيك. قوله: (ما صار له) أي
ما صار للذي للأب. قوله: (السدس) أي سدس جميع المال. قوله: (من ثمانية عشر) أي عند المتأخرين
من الفراض وذلك لان كل مسألة عندهم فيها سدس وثلث ما بقي وما بقي فهي من ثمانية
عشر لان أقل عدد له سدس وثلث ما بقي وما بقي ثمانية عشر وأما المتقدمون فيقولون أن
463

الثمانية عشر تصحيح لا تأصيل فأصل هذه المسألة عندهم ستة للأم سدسها واحد وإن قاسم الجد
الاخوة أخذ خمسة أجزاء من أحد عشر جزءا وإن أخذ سدس المال أخذ سهما واحدا وإن أخذ ثلث
الباقي أخذ واحدا وثلثين فهو خير له لكن الخمسة لا ثلث لها صحيح فتضرب مخرج الثلث في ستة أصل
المسألة بثمانية عشر. قوله: (كجدة الخ) أي وكزوجة وجد وأخ أصلها أربعة للزوجة واحد يبقى ثلاثة
إن أخذ الجد سدسها كان له ثلثان وإن أخذ ثلث الباقي كان له واحد وإن قاسم الأخ كان له نصف
الثلاثة فهو خير له ولا نصف لها صحيح اضرب مخرج النصف اثنين في أصل المسألة بثمانية للزوجة
واحد في اثنين باثنين وللجد ثلاثة وللأخ ثلاثة ومن صور المقاسمة كما في التوضيح ما لو ترك أما وأختا
وجدا أصلها من ثلاثة فتأخذ الأم ثلثها ومقاسمة الجد الأخت خير له فيكون له ثلثا ما بقي وللأخت
ثلثه فتصح المسألة من تسعة وهذه المسألة تسمى بالخرقاء لأنه اختلف فيها خمسة من الصحابة ولذلك
تلقب أيضا بالخمسية وهم أبو بكر وعمر وعثمان وابن مسعود وزيد بن ثابت وبيان مذاهبهم في
المطولات من كتب الفرائض وإنما ذكرناها للتنبيه على المعمول به من الخلاف ا ه‍ كلام التوضيح.
قوله: (وأصلها من ثلاثة) أي مخرج فرض ثلثي البنتين ثلثا الثلاثة يبقى منها واحد إن قاسم الجد
الأخ أخذ نصفه وإن أخذ سدس جميع المال أخذ نصفه وإن أخذ ثلث الباقي أخذ ثلثه فالمقاسمة أو
سدس المال خير له من ثلث الباقي والواحد لا نصف له صحيح اضرب مخرج النصف اثنان في أصل
المسألة ثلاثة فالحاصل ستة ومنها تصح للبنتين ثلثاها أربعة يبقى اثنان لكل من الجد والأخ واحد.
قوله: (تستوي المقاسمة وثلث الباقي) أي لان أصلها ستة للأم السدس واحد يبقى خمسة إن قاسم الجد
الأخوين أخذ واحدا وثلثين وإن أخذ ثلث الباقي كان له واحد وثلثان وذلك خير له من سدس المال
وهو واحد والباقي لا ثلث له صحيح اضرب مخرج الثلث في أصل المسألة بثمانية عشر. قوله: (وتصح من ثمانية
عشر) جعله الثمانية عشر تصحيحا مبني على مذهب المتقدمين كما علمت. قوله: (يستوي ثلث الباقي
والسدس) وذلك لان أصل المسألة اثنان للزوج نصفها واحد يبقى واحد إن أخذ الجد ثلث
الباقي أو سدس المال كان له ثلث وهو خير له من المقاسمة لأنه إن قاسم أخذ ربعا والواحد
لا ثلث له صحيح اضرب مخرج الثلث في أصل المسألة بستة للزوج نصفها وللجد ثلث الباقي أو
السدس واحد يبقى اثنان لا تنقسم على الاخوة الثلاثة وتباينها اضرب عدد رؤوس الاخوة الثلاثة
في ستة بثمانية عشر للزوج ثلاثة من الستة في ثلاثة عدد رؤوس الاخوة بتسعة وللجد واحد في
ثلاثة بثلاثة وللاخوة اثنان في ثلاثة بستة يأخذ كل واحد منهم اثنين. قوله: (تستوي الثلاثة) وذلك لان
أصل المسألة اثنان للزوج نصفها واحد يبقى واحد إن قاسم الجد الأخوين أخذ ثلثه وإن أخذ ثلث
الباقي أخذ ثلثه وإن أخذ سدس المال أخذ ثلثه والواحد لا ثلث له صحيح اضرب مخرج الثلث في
اثنين أصل المسألة بستة للزوج نصفها ثلاثة ولكل من الجد والأخوين واحد. قوله: (أو الاخوة)
أي أو مع غيرها من الاخوة. قوله: (فحكم الجد ما تقدم) أي من أن له الأفضل من ثلاثة أمور سدس
جميع المال وثلث الباقي والمقاسمة في الحالة الأولى والأفضل من الامرين المقاسمة وثلث المال
في الحالة الثانية. قوله: (إلا في الأكدرية والغراء) لقبت هذه المسألة بالأكدرية لان عبد
الملك بن مروان طرحها على رجل يقال له أكدر كان يحسن الفرائض فأخطأ فيها وسميت بالغراء
لشهرتها في الفرائض كغرة الفرس. قوله: (العطف للتفسير) وإنما لم يسقط المصنف الواو لئلا يتوهم
أن الأكدرية غراء وغير غراء لان الأصل في الوصف التخصيص وإن كان قد يكون كاشفا.
464

قوله: (المسألة من ستة) أي لان فيها نصفا وثلثا ومخرجهما متباينان. قوله: (يأخذ الجد ثمانية والأخت
أربعة) وبها يلغز ويقال أربعة ورثوا ميتة وأخذ أحدهم ثلث المال وانصرف وأخذ الثاني ثلث ما بقي
وانصرف وأخذ الثالث ثلث ما بقي وانصرف وأخذ الرابع ما بقي. قوله: (وللأختين فأكثر السدس)
الحاصل أن أصل المسألة لان فيها سدسا للأم فللزوج النصف وللأم السدس وللجد السدس
وللأختين ما بقي وهو السدس ولا يعال لهما بشئ لأنه قد بقي لهما من المال بقية وتنقسم من اثني عشر قال
الفاكهاني وهنا إشكال وهو أن الأختين فأكثر إذا أخذن السدس فعلى أي وجه يأخذنه لا جائز
أن يكون فرضا لان فرضهما الثلثان ولا تعصيبا لان الجد لا يعصبهما هنا إذ هو صاحب فرض
وصاحب الفرض لا يعصب إلا أن يكون بنتا مع أخت أو أخوات على أن أخذهما له لو كان تعصيبا
فيشكل فيما إذا زاد عدد الأخوات على اثنتين. قوله: (وإن كان محلها) أي بدلها أخ لأب ومعه أخوة
لأم أي بأن ماتت المرأة عن زوج وأم وجد وأخ لأب وأخوة لأم فالمسألة من ستة للزوج نصفها
ثلاثة وللأم السدس واحد والثلث الباقي للجد ولا شئ للأخ للأب. تنبيه: ما ذكره المصنف
من سقوط الأخ للأب بالجد قال في التوضيح هو المعروف من المذهب وقال ح هو المشهور وقال
ابن يونس الصواب أن يرثوا مع الجد كانوا أشقاء أو لأب وذلك لان من جهتهم أن يقولوا له أنت
لا تستحق شيئا من الميراث إلا إذا شاركناك فيه. قوله: (ولم يخالف مالك زيدا) أي وحده وما سبق
في الجدة أم الجد فالمخالفة لزيد وغيره مع احتمال أنه لم يبلغه قول زيد بتوريثها كذا ذكر بعضهم
لكن لا يخفى أن حكاية هذا القول بقيل يغني عنه. قوله: (ولو لم يكن الخ) أي لأنه إذا لم يكن
معه أخوة لأم تأخذ الأم الثلث والزوج النصف والباقي سدس يأخذه الجد فرضا ولا يعال للأخ
لأنه عاصب فيسقط لاستغراق أصحاب الفروض التركة. قوله: (فما أبقت الورثة) أي فما أبقته الورثة
زائدا على فروضهم. قوله: (فلأولى رجل ذكر) أي فلأقرب رجل ذكر والمراد به العاصب وفائدة
وصف الرجل بالذكر التنبيه على سبب استحقاقه وهو الذكورة التي هي سبب العصوبة والترجيح على
الأنثى ولذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين. قوله: (لا يشمل ابن المعتقة) أي لأنه يدلي للميت بواسطة أنثى.
465

قوله: (إذا اجتمع كل مع أخيه) أي ولو حكما فدخلت الأخت شقيقة أو لأب مع الجد في غير الأكدرية
فتأمل. قوله: (إلى أن ما بعدها) أي ما بعد ثم. قوله: (مؤخر في الرتبة عما قبلها) أي وحينئذ فما قبلها يحجب
ما بعدها. قوله: (إلا الأب) أي وكذلك الجد. قوله: (وإلا الأم أو الجدة) أي فإن لها معه السدس وقوله
وإلا الزوج أو الزوجة أي فإن للزوج معه الربع وللزوجة معه الثمن كما مر. قوله: (وعصب كل أخته)
لا يقال هذا مكرر مع قوله سابقا وعصب كلا أخ يساويها لأنه في تعصيب الأخ الشقيق أو لأب
لأخته فقط أو لان الغرض فيما سبق بيان تخصيص أنها تستحق النصف إذا لم يكن معها من يساويها
ولا من يغصبها والغرض هنا بيان أنها عصبة بالغير فلا تكرار لان الفرضين مختلفان. قوله: (ثم الجد)
أي عند عدم الابن وابنه وإلا ورث بالفرض لا بالتعصيب وعند عدم الأب وإلا حجب حجب
حرمان. قوله: (ويحجب الأقرب الأبعد) أي يحجب الأقرب من الأجداد الأبعد منهم. قوله: (ولما كان)
أي عطف الاخوة على الجد بالواو يوهم مساواتهم له من كل وجه. قوله: (لبيان التفصيل) أي لان قوله
الشقيق ثم للأب بدل من قوله الاخوة يدل مفصل من مجمل. قوله: (إلا الحمارية) أي فليس الأخ للأب
فيها كالشقيق عند عدمه لان الأخ للأب يسقط فيها دون الشقيق. قوله: (لأنهم) أي الاخوة الأشقاء.
قوله: (لاشتراكهم الخ) أي فيرثون هنا بالفرض لا بالعصوبة. قوله: (ويختلف التصحيح الخ) أي فلو كان
الاخوة للأم اثنين والشقيق واحدا صحت من ثمانية عشر ولو كان كل من الاخوة للأم والأشقاء اثنين
صحت من اثني عشر ولو كان الأشقاء ثلاثة والذين للأم اثنان أو بالعكس صحت من ثلاثين وهكذا.
قوله: (وتسقط الإخوة للأب) أي لو كانوا بدل الأشقاء. قوله: (وإلى هذا) أي لمشاركة الأشقاء للاخوة
للأم رجع الخ. قوله: (فقال له الشقيق) أي فقال الشقيق لعمر في ثاني عام من خلافته هؤلاء إنما ورثوا
بأمهم وهي أمنا هب أن أبانا كان حمارا أو حجرا ملقي في اليم أليست الأم تجمعنا فأشرك بينهم فقيل له إنك
قضيت في عام أول بخلاف هذا فقال تلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي ولم ينقض أحد الاجتهادين
بالآخر. قوله: (وقيل قائله) أي القول المتقدم لعمر زيد بن ثابت أي وهو ما ذكره الحاكم
466

في مستدركه كما في شرح الترتيب. قوله: (لسقط جميع الاخوة) أي الأشقاء والذين للأم. قوله: (فاللام
بمعنى مع) أي أو إنها للتعليل متعلقة بلفظ العاصب. قوله: (فأكثر) راجع للبنتين قبله أي أسقط الأخ
للأب الأخت الشقيقة إذا كانت مع بنت أو مع بنات للميت أو كانت مع بنت ابن أو مع بنات ابن
للميت. قوله: (فابن الأخ الشقيق يقدم على ابن الأخ للأب) أشار بهذا إلى أن تنزيل أبناء الاخوة
منزلة آبائهم إنما هو في أصل التعصيب لا فيما يأخذونه فلا ينافي أنه إذا مات شقيقان أو لأب أحدهما
عن ولد واحد والآخر عن خمسة ثم مات جدهم عن مال فإنهم يقتسمونه على ستة أسهم بالسواء
لاستواء رتبتهم ولا يرث كل فريق منهما ما كان يرثه أبوه لأنهما إنما يرثان بأنفسهما لا بآبائهما قال تت
وقد وقعت هذه المسألة في عصرنا فأفتى فيها قاضي قضاة الحنفية ناصر الدين الأخميمي بأنه يرث
كل فريق منهما ما كان لأبيه فيقسم المال نصفين وغلطه في ذلك العلامة بدر الدين سبط المارديني وشنع
عليه في ذلك. قوله: (ثم العم الشقيق) أي ثم عم الميت الشقيق وهو أخو أبيه شقيقه وقوله
ثم العم للأب أي ثم عم الميت للأب وهو أخو أبيه لأبيه. قوله: (ثم عم الجد) ظاهره ثم عم جد الميت فيقتضي أن
رتبته بعد رتبة عم الميت لأبيه وليس كذلك فكان عليه أن يقول ثم بنوهما ثم عم الأب ثم عم الجد تأمل. قوله: (الأقرب
فالأقرب) أي ويقدم الأقرب ممن ذكر من بني الابن ومن بني الاخوة ومن بني الأعمام فالأقرب.
قوله: (فيقدم الابن على ابن الابن) الأولى فيقدم ابن الابن على ابن ابن الابن. قوله: (والأخ
على ابن الأخ) الأولى وابن الأخ على ابن ابن الأخ لان ما ذكره الشارح مستفاد من تعبير المصنف بثم
لا من قوله وقدم الأقرب فالأقرب. قوله: (وعصبة الابن) كبنيه وبني بنيه وإن سفلوا وقوله على عصبة
الأب وهم إخوته وأبوه وقوله على عصبة الجد أي وهم الأعمام وأبو الجد وكان الأولى حذف قوله
وتقدم عصبة الابن الخ لان هذا مستفاد من قول المصنف وهو الابن ثم ابنه ثم الأب ثم الجد والاخوة
الخ تأمل. قوله: (مطلقا) دخل في الاطلاق الإرث بالفرض والإرث بالتعصيب وحينئذ فيستفاد
منه تقديم الأخ الشقيق على الأخت للأب. قوله: (فالأخ الشقيق يقدم على غيره) أي وهو الأخ للأب
والأخت للأب لان الشقيق يدلي للميت بقرابتين والذي للأب يدلي للميت بقرابة واحدة. قوله: (الأقرب
فالأقرب) أي فإذا اجتمع شخصان من جهة كابن وابن ابن أو ابن أخ وابن ابن أخ أو ابن
عم وابن ابن عم فيقدم بالقرب كما أشار له الشارح بقوله الأقرب فالأقرب. قوله: (فإن لم يكن أقرب)
أي بأن اجتمع شخصان من جهة ولم يكن أحدهما أقرب كأخوين شقيق ولأب وكابن أخ شقيق
وابن أخ لأب وكعم شقيق وعم لأب وكابني عم كذلك فالتقديم بالقوة وقد أشار المصنف للتقديم
بالجهة بقوله وهو ابن ثم ابنه الخ وللتقديم بالقرب بقوله وقدم الأقرب فالأقرب وللتقديم بالقوة
بقوله وقدم مع التساوي الشقيق مطلقا. قوله: (أي على الوجه الذي تقدم ذكره هناك) أي من تأخير
467

المعتق عن عصبة القرابة وأنه إن عدم المعتق فعصبته فإن عدمت عصبته فمعتقه فإن عدم معتقه فعصبة
معتق المعتق إلى حيث تنتهي. قوله: (ثم يليه بيت المال) أي ثم يليه في الإرث بالعصوبة بيت المال الذي
لوطنه مات به أو بغيره من البلاد كان ماله به أو بغيره كما في ح وانظر إذا لم يكن له وطن هل المعتبر
محل المال أو الميت وكلام المصنف ظاهر في أن بيت المال عاصب فهو كوارث ثابت النسب وهو
المشهور كان منتظما أو غير منتظم وقيل إنه حائز للأموال الضائعة لا وارث وهو شاذ وعليه
فيجوز للانسان أن يوصي بجميع ماله إذا لم يكن له وارث من النسب لا على الأول وعليه أيضا
يجوز الاقرار بوارث وليس ثم وارث ثابت لا على الأول. قوله: (بل يدفع الباقي) أي من التركة
بعد ذوي الفروض لبيت المال أي لما مر أنه من جملة العصبة. قوله: (وقال على يرد الخ) أي وتجعل
مسألة الرد من عدد ما فيها من السهام فإذا مات عن أم وبنت كانت مسألة الرد من أربعة للأم الربع
وللبنت ثلاثة أرباع ومسائل الرد للتي لا زوج فيها كلها مقتطعة من ستة كما هو مبسوط في كتب
علم الفرائض. قوله: (وقيد بعض أئمتنا ذلك) أي عدم الرد وعدم الدفع لذوي الأرحام. قوله: (بما
إذا كان الامام عدلا) أي يصرف بيت المال في مصارفه الشرعية. قوله: (ويدفع لذوي
الأرحام) أي إن لم يكن هناك ذو سهام يرد عليهم فالرد على ذوي السهام مقدم على توريث
ذوي الأرحام. قوله: (وهذا القيد هو المعول عليه عند الشافعية) ونقله ابن عرفة عن أبي عمر
ابن عبد البر وعن الطرطوشي وعن الباجي عن ابن القاسم وكذا ذكره ابن يونس وابن رشد
وابن عسكر في العمدة والارشاد وقاله ابن ناجي وغير واحد وذكر الشيخ سليمان البحيري
في شرح الارشاد عن عيون المسائل أنه حكى اتفاق شيوخ المذهب بعد المائتين على توريث
ذوي الأرحام والرد على ذوي السهام لعدم انتظام بيت المال، وقيل أن بيت المال إذا كان غير
منتظم يتصدق بالمال عن المسلمين لا عن الميت وهو كما في بن لابن القاسم والقياس صرفه في
مصاريف بيت المال إن أمكن وإن كان ذوو رحم الميت من جملة مصاريف بيت المال فهو أولى. واعلم
أن في كيفية توريث ذوي الأرحام مذاهب أصحها مذهب أهل التنزيل، وحاصله أن ننزلهم منزلة
من أدلوا به للميت درجة درجة فيقدم السابق للميت فإن استووا فاجعل المسألة لمن أدلوا به كما سبق
ثم لكل نصيب من أدلى به كأنه مات عنه إلا أولاد ولد الأم يستوون وإلا أخوال إخوة
الأم من أمها فللذكر مثل حظ الأنثيين. قوله: (ثم الجد) ثم للترتيب الاخباري وإلا فلا محل لثم
لان الاحكام لا ترتيب فيها. قوله: (كابن عم الخ) أشعر إفراده ابن العم بأنه لو كان ابنا عم أحدهما
أخ لأم فالسدس للأخ للأم ثم يقسم ما بقي نصفين بينهما عند مالك وقال أشهب يأخذ الأخ للأم
جميع المال كالشقيق مع الأخ للأب. قوله: (أخ لأم) يجر أخ بدلا من ابن عم ويصح رفعه خبر مبتدأ
محذوف أي هو أخ لأم. قوله: (والباقي) أي ويأخذ الباقي تعصيبا حيث لا شريك له في التعصيب. قوله: (وإن
اتفق الخ) أي هذا إذا اتفق ذلك في المجوس بل وإن اتفق في المسلمين وحاصله أن من اجتمع
468

فيه جهتان يرث بكل منهما فرضا وإحداهما أقوى فإنه يرث بالأقوى منهما وهذا يتفق في المسلمين
على وجه الغلط تزوجا أو وطأ وفي المجوس على وجه العمد. قوله: (أن يطأ مجوسي ابنته عمدا) أي
أو يطأ مسلم ابنته غلطا فولدت منه بنتا الخ. قوله: (والباقي بالتعصيب) أي لما مر أن الأخت
مع البنت عصبة. قوله: (ولا شئ لها بالاخوة) أي ومن ورثها بالجهتين قال لها النصف بالاخوة
والثلث بالأمومة. قوله: (كأن يطأ مجوسي أمه) أي عمدا أو يطأ مسلم أمه غلطا. قوله: (فترثه
بالأمومة) أي ولا ترثه بالجدودة اتفاقا لما مر أن الإرث بالجدودة لا يكون مع الأمومة. قوله: (كأن يطأ
مجوسي بنته) أي أو يطأ مسلم بنته غلطا. قوله: (فالكبرى جدتها) أي أم أمها. قوله: (دون الأختية) أي
فلا ترث بها. قوله: (فلو كانت محجوبة بالقوية) الأولى فلو كانت القوية محجوبة ورثت بالضعيفة. قوله: (ومال
الكتابي الخ) لا مفهوم للكتابي بل المجوسي كذلك كما في بن عن ابن مرزوق. قوله: (يعني الصلحي الخ)
حمل كلام المصنف هنا على الصلحي وإن كان فيه تكرار مع ما قدمه في باب الجزية أولى من
حمله على العنوي لان فيه تمشية على ضعيف إذ المعتمد أن مال العنوي إذا مات عندنا وليس معه وارث
فإنه يكون للمسلمين سواء كانت الجزية المضروبة عليهم مجملة أو مفرقة على الأرض أو الرقاب لا أنه
لأهل دينه كما قيل. قوله: (الحر) يغني عنه قوله المؤدي للجزية لان الرقيق من الكفار
لا جزية عليه. قوله: (المؤدى للجزية) أي الصلحية حالة كونها مجملة على الأرض والرقاب والميت
عندنا بلا وارث وأما لو كان معه وارث كان له ماله. قوله: (أو أهل إقليمه الخ) فهذه احتمالات ثلاثة في
المراد بأهل كورته. قوله: (على الحربي) أي إذا دخل بلادنا محاربا ومات عندنا وأما الحربي المستأمن
أي الذي دخل بلادنا بأمان فماله لوارثه إن كان معه أو دخل على التجهيز ولم تطل إقامته فيرسل
ماله مع ديته لوارثه، كما تقدم في الجهاد فإن لم يكن له وارث فصريح نصوصهم أنه لا حق فيه للمسلمين
بل يبعث ماله وديته لأهل بلاده فإن لم يكن له وارث ودخل على الإقامة أو على التجهيز وطالت
إقامته ومات عندنا فماله فئ. قوله: (كالعنوي) أي فإن ماله إن مات عندنا للمسلمين كانت الجزية
المضروبة عليهم مجملة أو مفرقة وهذا إن لم يكن معه وارث وإلا فلوارثه. قوله: (والصلحي)
أي وكالصلحي إذا وقعت الجزية عليهم مفرقة على الجماجم أي أو على الأرض أو عليهما ومحل
كون ماله للمسلمين إن مات عندنا وليس معه وارث وإلا كان ماله لوارثه. قوله: (والمراد بالأصل
العدد الذي يخرج منه سهام الفريضة صحيحا) أي وذلك العدد هو مقام الفرض أي مخرجه
469

أو مقام الفروض التي في المسألة وعبر عن ذلك بالأصل لان الانكسار والعول فرعان لذلك.
قوله: (وإنما لم تكن) أي مخارج هذه الفروض الست ستة كأصلها أي وهي الفروض. قوله: (وكلها)
أي الفروض المقدرة وقوله إلا الأول أي إلا الفرض الأول وهو النصف فإنه ليس مأخوذا من
لفظ العدد الذي هو مخرجه إذ لو أخذ منه لقيل فيه ثني بضم أوله وفتح ثانيه مكبرا لا مصغرا. قوله: (من
مادة عددها) أي من مادة العدد الذي هو أسماء مخارجها فالثلث مأخوذ من ثلاثة والربع مأخوذ
من أربعة والسدس مأخوذ من ستة ولا شك أن الثلاثة والأربعة والستة أسماء لمخارج تلك
الفروض. قوله: (وزاد بعضهم) منهم من الشافعية إمام الحرمين والنووي ومنهم من المالكية
ابن رشد وابن أبي زيد كما في العصنوني. قوله: (وهما ثمانية عشر وضعفها ستة وثلاثون) فالثمانية
عشر أصل لكل مسألة من مسائل الجد والاخوة فيها سدس وثلث ما بقي والستة والثلاثون أصل
لكل مسألة من مسائل الجد والاخوة فيها سدس وثلث ما بقي ابن عرفة من إلغاء هذين
الأصلين جعل مناط عدد أصول الفرائض مقام الجزء المطلوب وجوده في الفريضة من حيث هو
مضاف لكل التركة، وقد وقع التردد في كون هذا الخلاف لفظيا أو معنويا فله ثمرة وهي دخول الجد في
الشفعة وعدم دخوله لكون سهمه خاصا وكذلك من أوصى بسهم من أصل مسألته هل يعطي
سهما من ستة أو من ثمانية عشر. قوله: (للجد ثلث الباقي) لأنه واحد وثلثان وأما إذا قاسم أو أخذ
سدس المال لكان له واحد. قوله: (الأفضل للجد ثلث الباقي) أي لان ثلث الباقي اثنان وثلث وهو
خير من سدس المال وهو اثنان ومن المقاسمة لأنه يخصه بالمقاسمة واحد وخمسان. قوله: (واعلم أن
المخرج والمقام الخ) أي أن مخرج الفرض ومقامه وكذا أصله وقوله شئ واحد أي وهو أقل عدد يخرج منه
ذلك الفرض صحيحا. قوله: (لتماثل مخرجهما) علة لمحذوف والأصل وليس أصلها أربعة لتماثل مخرجهما أي
والقاعدة أنه يكتفي بمخرج أحد المتماثلين. قوله: (وتسمى هاتان) أي المسألتان وهما زوج وأخت شقيقة أو
أخت لأب. قوله: (بالنصفيتين) أي لاشتمال كل منهما على نصفين. قوله: (وباليتيمتين) أي
لشبه كل منهما بالدرة اليتيمة لقلة وجودها. قوله: (وأخوات لأب) أي سواء كانوا أشقاء أولا.
470

قوله: (وعاصب) أي كابن أخ أو عم. قوله: (وما لا فرض فيها) أي والمسألة التي لا فرض فيها. قوله: (أعيلت
الفروض) لعل الأولى أعيلت المسألة أو أنه أراد بالفروض المسائل فالمراد بالفروض الأولى
غير الثانية لان المسألة يقال فيها فريضة كما أن النصيب المقدر لوارث يقال له فرض وفريضة
تأمل. قوله: (بأن تجعل الفريضة بقدر السهام) أي بأن تجعل المسألة بقدر السهام كلها. قوله: (فتنتهي
إلى سبعة أسهم) أي وحينئذ فينقص كل واحد من الورثة سبع ما يستحقه. قوله: (أول ما ظهر في زمن
عمر) الذي في العصنوني عن ابن يونس أن المسألة التي نزلت في زمن عمر امرأة تركت زوجا وأختا
لغير أم وأخا لأم والذي في عبق أن المسألة التي نزلت في زمن عمر زوج وأختان لغير أم فلما سئل
عمر عنها قال لا أدري من أخره الكتاب فأؤخره ولا من قدمه فأقدمه، ولكن قد رأيت رأيا فإن يكن صوابا فمن الله وإن
يكن خطأ فمن عمر وهو أن يدخل الضرر على جميعهم وينقص كل واحد من
سهمه ويقال أن الذي أشار عليه بذلك العباس أولا وقيل علي وقيل زيد وقيل أنه لما سئل عنها جمع جمعا
من الصحابة وقال لهم فرض الله للزوج النصف وللأختين الثلثان، فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين
حقهما وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه فأشيروا علي فأشار العباس بالعول وقال أرأيت لو
مات رجل وترك ستة دراهم ولرجل عليه ثلاثة ولرجل عليه أربعة أليس يجعل المال سبعة أجزاء؟
فأخذت الصحابة بقوله. قوله: (فلم يقل به) قد علل ابن عباس عدم إظهار مخالفته لعمر في زمنه بأن
عمر كان رجلا مهابا وقال لو أن عمر نظر فيمن قدمه الكتاب فقدمه أو أخره فأخره لما عالت فريضة
قيل وكيف تصنع قال ينظر أسوأ الورثة حالا وأكثرهم تغيرا فيدخل عليه الضرر يريد فيسقط سهمه
أو من سهمه ما زاد على سهام المسألة قال ابن يونس ومراده بأسوأ الورثة حالا وأكثرهم تغيرا البنات
والأخوات لا الزوج في مسألة عمر ونحوه الأم والجدة وولد الأم. قوله: (ثم أجمعت الأمة
عليه) أي على قول عمر بالعول. قوله: (كمن ذكر) أي زوج وأختين شقيقتين أو لأب وأم مع
471

أخ لأم فللزوج النصف ثلاثة وللأختين الشقيقتين أو لأب الثلثان أربعة وللأم السدس واحد
وكذلك الأخ للأم له السدس واحد فهذه تسعة أسهم. قوله: (كمن ذكر) أي زوج وأختين لغير أم وأم
مع إخوة لأم فللزوج النصف ثلاثة وللأختين لغير الأم الثلثان أربعة وللأم السدس واحد
وللاخوة للأم الثلث اثنان فهذه عشرة أسهم. قوله: (وكأم الفروخ الخ) المسمى بهذا الاسم هو الفريضة
العائلة لعشرة مطلقا لا هذا المثال الذي ذكره الشارح فقط كما يوهمه لفظه اه‍ بن ثم إن ظاهر قوله
وكأم الفروخ أم وزوج الخ يوهم أن هذا مغاير لما قبله وهو قوله كمن ذكر مع أخوة لأم وليس كذلك
بل هو عينه فكان الأولى أن يقول بعد قوله ولعشرة وتسمى المسألة حينئذ أم الفروخ كمن ذكر مع
أخوة لأم. قوله: (فقد يكون الميت ذكرا) أي ويكون أنثى كالمثال الذي تقدم للشارح. قوله: (ولا يمكن
أن تعول) أي الاثنا عشر وقوله لها أي للسبعة عشر إلا والميت ذكر أي وأما عولها لثلاثة عشر
أو الخمسة عشر فقد يكون الميت ذكرا وقد يكون أنثى. قوله: (وتسمى أيضا بأم الفروخ) سميت بذلك
لكون النساء ورثن فيها خاصة دون الرجال وفيها يقول الشاعر:
ألم تسمع وأنت بأرض مصر * بذكر فريضة في المسلمينا
بسبع ثم عشر من إناث * فخرت بهن عند الفارضينا
فقد حزن الوراثة ثم قسم حق * سواء في حقوق الوارثينا
قوله: (ولا يمكن أن تعول لها إلا والميت ذكر) بل لا تكون الفريضة من أربعة وعشرين إلا
والميت ذكر لوجود الثمن. قوله: (لبيان النسبة) أي لان ترك ذلك يوهم أن تسميتها منبرية لوجود
قول علي وليس كذلك. قوله: (صار ما كان ثمنا) أي بالنسبة للأربعة والعشرين وهو الثلاثة.
قوله: (فصار) أي ما عالت به سبعا. قوله: (وهكذا) أي فيقال إذا عالت لثمانية إنها عالت
472

بمثل ثلثها ونقص من نصيب كل وارث بالعول ربعه وفيما إذا عالت لتسعة أنها عالت بمثل نصفها
ونقصت من نصيب كل وارث ثلثه فيما إذا عالت لعشرة أنها عالت بمثل ثلثيها ونقص من نصيب
كل وارث خمسا. قوله: (أن السهام إن انقسمت على الرؤس) أي على رؤس الورثة بأن كانت السهام أكثر
من الرؤس إلا أنها منقسمة عليها قسمة صحيحة من غير كسر أو كانت قدرها فهو أعم مما بعده.
قوله: (كثلاثة بنين) أي فإن أصل المسألة ثلاثة كما أن رؤس أصحاب السهام ثلاثة. قوله: (أو تداخلت كزوج الخ)
ظاهره أو تداخلت السهام مع الرؤس أي دخل أحدهما في الآخر وفيه أن المثال المذكور ليس فيه
تداخل بين السهام والرؤس بل بين مخارج الفروض التي في المسألة فالأولى اسقاط هذا الكلام ويقتصر
على قوله إن انقسمت على الرؤس كزوجة وثلاثة أخوة فالامر واضح وإن لم تنقسم الخ. قوله: (وإن
باين) أي عدد الصنف سهامه. قوله: (بهذين النظرين) أي وهما الموافقة والمباينة فقط وإنما لم ينظر
بينهما بالتماثل لأنه لا انكسار فيه ولم ينظر بينهما بالتداخل لان الداخل إن كان هو الصنف في السهام فلا
انكسار أيضا وإن كانت السهام داخلة في الصنف فهو داخل في الموافقة وراجع لها. قوله: (وأما النظر
بين كل فريق وفريق) أي بعد النظر بين كل فريق وسهامه بالموافقة والمباينة. قوله: (معلوم من المقام)
أي وهو الحاسب أو القاسم. قوله: (كل صنف) يقال لكل جماعة اتصفت بوصف صنف وفريق
وحي وطائفة ونوع فكلها مترادفة. قوله: (إلى وفقه) أي وإن وافق سهامه التي انكسرت عليه. قوله: (ثم
يضرب الوفق) أي وهو الاثنان. قوله: (وألا يوافق) أي وألا يوافق ذلك الفريق سهامه المنكسرة عليه.
قوله: (بأن باينت السهام الرؤس) أي رؤس ذلك الصنف. قوله: (بستة) أي فللبنت واحد في ثلاثة بثلاثة
وللأخوات الثلاث واحد في ثلاثة بثلاثة كل واحدة تأخذ واحدا. قوله: (قابل) أي بعد أن ينظر بين
كل فريق وسهامه بالموافقة والمباينة فيرد الفريق لوفقه عند الموافقة ويبقى الفريق على حاله عند المباينة
وقوله قابل بين اثنين أي بين ذات الصنفين إن كان كل صنف باينته سهامه وبين وفق الصنفين إن كان كل
473

صنف وافقته سهامه وبين وفق أحد الصنفين وذات الآخر إن كان أحدهما باينته سهامه والآخر
وافقته سهامه. قوله: (فأخذ أحد المثلين إن تماثلا) دخل في هذا ثلاث صور كما يأتي للمصنف لأنه إما أن
يوافق كل صنف سهامه ومثاله دون عول ما ذكره الشارح من أم وأربعة أخوة لأم وستة أخوة لأب
ومثاله بالعول أم وستة أخوة لأم وثنتا عشرة أختا لأب وإما أن يباين كل فريق سهامه ومثاله دون عول
زوجتان وأخوان لأب ومثاله مع العول أم وثلاثة أخوة لأم وثلاث أخوات لأب وإما أن يوافق
أحدهما ويباين الآخر سهامه ومثاله دون عول أم وست بنات وثلاثة بني ابن ومع العول أم وستة
أخوة لأم وثلاثة أخوات لأب ا ه‍ بن. قوله: (وأكثر المتداخلين) فيه ثلاث صور أيضا كما يأتي
للمصنف لأنه إما أن يوافق كل صنف سهامه ومثاله دون عول ما ذكره الشارح من أم وثمانية أخوة
لأم وستة أخوة لأب ومع العول أم وأربعة أخوة لأم وست عشرة أختا لأب، وأم أن يباين كل
صنف سهامه ومثاله دون عول زوجتان وبنت وأربعة أخوة لأب ومع العول أم وثلاث أخوات
لأب وتسعة أخوة لأم، وإما أن يوافق أحدهما ويباين الآخر ومثاله دون عول أربع زوجات وستة
أخوة لأب المسألة من أربعة ووفق الاخوة داخل في عدد الزوجات ومع العول أم وستة أخوة لأم
وتسع أخوات لأب ا ه‍ بن. قوله: (وأخذ حاصل ضرب أحدهما في وفق الآخر إن توافقا) فيه أيضا
كما يأتي للمصنف ثلاث صور لأنه إما أن يوافق كل صنف سهامه ومثاله دون عول ما مثل به الشارح وهو
أم وثمانية أخوة لأم وثمانية عشر أخا لأب ومع العول أم واثنا عشر أخا لأم وست عشرة أختا لأب وإما
أن يباين كل صنف سهامه مثاله دون عول تسع بنات وستة أخوة لأب أصلها من ثلاثة، ومع العول أم وتسع
أخوات لأب وخمسة عشر أخا لأم وإما أن يوافق أحدهما ويباين الآخر ومثاله دون عول ثمان بنات
وستة بني ابن أصلها من ثلاثة ومع العول أم واثنا عشر أخا لأم وتسع أخوات لأب ا ه‍ بن. قوله: (وإلا ففي
كله إن تباينا) فيه أيضا ثلاث صور كما يأتي للمصنف لأنه إما أن يوافق كل فريق سهامه ومثاله دون عول
أم وأربعة أخوة لأم وتسعة أخوة لأب ومثاله مع العول كما في مثال الشارح وهو أم وأربعة أخوة لأم
وست أخوات لأب وإما أن يباين كل فريق سهامه ومثاله بدون عول ثلاث زوجات وعاصبان
أصلها من أربعة ومع العول أم وخمس أخوات لأب وثلاث أخوة لأم وإما أن يوافق أحدهما سهامه
ويباين الآخر سهامه ومثاله بدون عول أربع أخوات لأب وثلاث أخوة لأم أصلها من ثلاثة
للأخوات الأربع اثنان موافقان لهن بالنصف وواحد للاخوة للأم الثلاثة مباين لهم ومع العول أم
474

وثلاث إخوة لأم وثمان أخوات لأب وبهذا يتم صور الأربع والعشرين من ضرب الاثني عشر صورة
التي حصلها المصنف في حالتي العول وعدمه والعمل فيها ظاهر من كلام المصنف ا ه‍ بن.
قوله: (وست أخوات) أي أشقاء أو لأب. قوله: (وبين الصنف الثالث) الأولى وبين الحاصل من النظر
في الصنف الثالث وسهامه بالموافقة والمباينة. قوله: (بين السهام) أي بين سهام الصنف الثالث
ورؤوسه. قوله: (فإن تماثلت الخ) هذا مرتبط بكلام المصنف أي فإن تماثلت الفرق الثلاثة التي
انكسر عليها سهامها وكان الأولى أن يقول فإن تماثل الحاصل من الصنفين والحاصل من النظر في
الصنف الثالث وسهامه أو دخل أحدهما في الآخر أخذت أحد المتماثلين أو أكثر المتداخلين
وتضربه في أصل المسألة وإن توافق الحاصل من الصنفين. والحاصل من النظر في الصنف
الثالث وسهامه ضربت وفق أحدهما في كل الآخر وما حصل فهو جزء السهم تضربه في أصل
المسألة وإن باين الحاصل من الصنفين الحاصل من النظر في الصنف الثالث وسهامه
فاضرب كامل أحدهما في كامل الآخر فما حصل فهو جزء السهم اضربه في أصل المسألة يحصل
ما تصح منه. قوله: (بثلاثين) أي لكل واحدة منهما خمسة عشر. قوله: (بستين) أي لكل واحد
منهم عشرون سهما. قوله: (بتسعين) أي لكل واحد منهم ثمانية عشر. قوله: (في هذا المثال أربعة)
بأن ترك الميت جدتين وأربعة إخوة لأم وخمسة إخوة لأب. قوله: (بستين) للجدتين من
أصل المسألة سهم في عشرة بعشرة لكل واحدة منهما خمسة وللاخوة للأم من أصل المسألة
سهمان في عشرة بعشرين لكل واحد خمسة وللاخوة للأب ثلاثة في عشرة بثلاثين لكل واحد منهم
ستة. قوله: (مع كون الاخوة للأم أربعة) بأن ترك الميت جدتين وأربعة أخوة لأم وستة أخوة لأب.
قوله: (لما علمت أن غاية ما تنكسر فيه الفرائض) أي السهام وفي بمعنى على أي لما علمت أن غاية ما تنكسر
عليه السهام من الأصناف ثلاثة أصناف. قوله: (وصنف رابع) أي والحاصل من النظر في الصنف
475

الرابع وسهامه بالموافقة والمباينة. قوله: (مثال الأول) أي الانكسار على أربعة أصناف في أصل
اثني عشر. قوله: (من ضرب أحدهما في الآخر) أي من ضرب الاثني عشر في الخمسة.
قوله: (بمائة وعشرين) لكل جدة منها أربعون. قوله: (ومثال الثاني) أي الانكسار على أربعة
أصناف في أصل أربعة وعشرين. قوله: (من أربعة وعشرين) أي لان فيها ثمنا وثلثين.
قوله: (من له شئ الخ) أي فللجدات الثلاث أربعة في ستة بأربعة وعشرين لكل واحدة منهن ثمانية
وللزوجتين ثلاثة في ستة بثمانية عشر لكل واحدة منهما تسعة وللثلاث بنات ستة عشر في ستة بستة
وتسعين لكل واحدة اثنان وثلاثون وللأعمام الثلاثة واحد في ستة بستة لكل واحد منهم اثنان.
قوله: (ثم الحاصل الخ) راجع للمسألتين. قوله: (الأربعة المتقدمة) أي وهي التداخل
والتوافق والتباين والتماثل. قوله: (وضابطه إلى آخره) قال في التوضيح وربما عرف التداخل
بأنه يكون الكثير ضعفي القليل أو أضعافا له أو يكون القليل جزأ من الكثير قال ابن علاق
وكل متداخلين متوافقان إلا أنه إذا ضرب وفق أحدهما في كامل الآخر يكون الخارج من
الضرب مساويا للأكثر وكل ما انقسم على أكبرهما يقسم على الأصغر فلذلك يستغني بالأكبر عن
الأصغر ا ه‍ بن. قوله: (كما في اثنين مع الثلاثة) مثال للمنفي. قوله: (في التسليط الأول) أي تسليط
العدد الأول ولو تعدد ذلك التسليط كما في الاثنين مع الثمانية لا في التسليط الثاني كما في الستة
476

مع الثمانية. قوله: (أو السبعة) أي أو التسعة أو الأحد عشر. قوله: (وكالخمسة مع الستة) أي أو مع السبعة
لأنك إذا سلطت الخمسة على السبعة يبقى اثنان سلطهما على الخمسة يبقى واحد وكذا مع الثمانية والتسعة
فإذا سلطت الخمسة على الثمانية يبقى ثلاثة سلطها على الخمسة يبقى اثنان سلطها على الثلاثة يبقى واحد
وإذا سلطت الخمسة على التسعة يبقى أربعة سلطها على الخمسة يبقى واحد. قوله: (فبينهما) أي التسعة
والاثني عشر. قوله: (كما يجري في العدد المنطق) أي وهو الذي ينسب له بغير لفظ الجزئية والأصم
عكسه أي ما ينسب له بلفظ الجزئية. قوله: (وهكذا) مثل ثلاثة وثلاثين وأربعة وأربعين أو خمسة
وخمسين. قوله: (شرع في بيان قسمة التركة) أي وهو المقصود بالذات من عمل الفرائض لان
تصحيح المسائل كالقالب الذي تقاس به الأشياء وقسمة التركة كالشئ الذي يفرغ في قالبه. قوله: (المعلومة
القدر) أي فإن كانت مجهولة القدر كالعروض والعقار والمكيل والموزون جرت الطرق
المذكورة في قسم قيمتها أو ثمنها كما في الجواهر والحوفي ا ه‍ بن وإن شئت جعلت العقار وكذا
غيره أربعة وعشرين قيراطا وأجريت الطرق المذكورة فيها. قوله: (على طريقتين) وهناك طريقة
ثالثة وهي أن تضرب سهام كل وارث في التركة إذا كانت معلومة القدر أو في الأربعة والعشرين عدد
القراريط إذا كانت التركة عقارا وتقسم الحاصل على ما صحت منه المسألة يخرج ما يخص كل وارث
ففي المثال الذي ذكره المصنف تضرب سهام الزوج في التركة التي هي عشرون يحصل ستون أقسمها على
المسألة يحصل سبعة ونصف وهكذا الشأن في الأربعة الاعداد المتناسبة وهي التي نسبة أولها لثانيها
كنسبة ثالثها إلى رابعها، فإنك إذا جهلت الثالث ضربت الأول في الرابع وقسمت الحاصل على الثاني
يحصل الثالث المطلوب فما صحت منه المسألة عدد أول وما يخص كل وارث منه عدد ثان والتركة عدد رابع
وما يخص كل وارث منها عدد ثالث ونسبة ما يخص كل وارث لما صحت منه المسألة كنسبة ما يخصه من
التركة للتركة وبقي طريقة رابعة وهي أن توفق بين المسألة والتركة فتأخذ وفقيهما وتضرب سهام كل
وارث في وفق التركة وتقسم الخارج على وفق المسألة فإن تباينا كان الضرب في الكل على ما تقدم في
الطريق الثالث ا ه‍ بن. قوله: (إذا قلت سهام الفريضة) أي بأن كانت سهامها أقل من التركة كما لو
477

كانت المسألة من ثمانية كزوجة وبنت وأخت لأب والتركة ثمانون دينارا. قوله: (وأما إن كثرت) أي
سهام الفريضة بأن زادت على التركة وقوله قسمة القليل أي وهو التركة وقوله على الكثير
هو سهام المسألة وذلك كما لو كانت المسألة من أربعة وعشرين كزوجة وبنتين وأخت لأب والتركة
خمسة عشر دينارا فتأخذ البنتان منها ثلثيها عشرة وتأخذ الزوجة ثمنها واحدا وسبعة أثمان وتأخذ
الأخت للأب منها بنسبة ما تأخذه من المسألة وذلك سدس وربع سدس وهو ثلاثة وثمن.
قوله: (أو تقسم) هو بالنصب عطفا على نسبة بتقدير أن لقول الخلاصة:
وإن على اسم خالص فعل عطف تنصبه أن ثابتا أو منحذف
قوله: (أي على السهم) أي جنس السهم الصادق بمتعدد الذي هو المراد ولو قال الشارح أي على العدد
الذي صحت منه المسألة لكان أوضح. قوله: (للزوج ثلاثة كالأخت) أي وللأم اثنان. قوله: (من الثمانية
ربع وثمن) أي نسبتها للثمانية ربع وثمن فقد نقص بالعول ربع ما يستحقه وكذا غيره من بقية الورثة لما
مر من أنك إذا أردت معرفة ما نقصه كل وارث بسبب العول فانسب ما عالت به المسألة للمسألة بعولها
وبتلك النسبة ينقص نصيب كل وارث. قوله: (بسبعة ونصف) أي لان ثلاثة في اثنين بستة وثلاثة
في نصف بواحد ونصف لان ضرب الكسر في الصحيح يخرج نصف الصحيح إن كان الكسر
نصفا لان ضرب الكسور على حذف في. قوله: (بخمسة) لان الحاصل من ضرب الاثنين في الاثنين
أربعة والحاصل من ضرب الاثنين في النصف واحد فالجملة خمسة. قوله: (وإن أخذ الخ) حاصله أن
الميت إذا خلف عرضا مجهول القيمة وعينا معلومة القدر وأراد أحد الورثة أخذ ذلك العرض في نظير
ما يخصه من غير تعيين لقيمته وأن العين يأخذها بقية الورثة وتراضوا على ذلك وأردت قسمة العين على
باقيهم فاجعل المسألة سهام غير الآخذ للعرض بأن تسقط سهامه مما صحت منه المسألة وتقسم العين على
سهام غيره من الورثة فما خرج بالقسمة فهو جزء السهم اضرب فيه نصيب كل وارث مما صحت
منه المسألة يحصل مقدار ما يخصه من العين وإن أردت معرفة قيمة العرض لأجل أن تعلم جملة التركة من
العين وقيمة العرض فاضرب سهام آخذ العرض مما تصح منه المسألة في جزء السهم المذكور يحصل
قيمة العرض ضمها للعين يكن المجموع هو التركة وإن استحق العرض من آخذه وأردت معرفة قدر
العين التي يرجع بها على غيره ممن أخذها من الورثة فاقسم العين على ما صحت منه المسألة فما حصل فهو
جزء السهم يضرب فيه سهام كل وارث ممن أخذ العرض وغيره. قوله: (ولا حاجة لقوله فأخذه) أي فلو
قال المصنف وإن أخذ أحدهم عرضا بسهمه فاجعل المسألة سهام غير الآخذ وإن أردت معرفة قيمته
فاجعل لسهامه من تلك النسبة كان أوضح. قوله: (وأردت معرفة قيمته) أي لأجل أن تعرف جملة
التركة من العين وقيمة العرض ولأجل أن يرجع الآخذ للعرض على الورثة بقدر نصيبه من العين إذا
478

استحق منه الغرض لان العرض إذا استحق دخل نقصه على الكل. قوله: (وتجعل القسمة) أي قسمة
العين من التركة. قوله: (على الباقي) أي من السهام وهي سهام غير الآخذ للعرض. قوله: (من تلك النسبة)
من بمعنى الباء أي بتلك النسبة أي نسبة ما حصل من ضرب نصيبه في جزء السهم الذي حصل من قسمة
العين على نصيب غير الآخذ للعرض. قوله: (في المثال المتقدم) أي وهو زوج وأم وأخت والحال أن
التركة عشرون دينارا وعرض مجهول القيمة. قوله: (العرض) أي في نظير نصيبه. قوله: (فأسقط نصيبه)
أي وهو ثلاثة. قوله: (الذي تضرب فيه المسألة) الأولى الذي يضرب فيه نصيب كل وارث من المسألة
فإذا ضربت ما للأخت من المسألة وهو ثلاثة في أربعة كان الحاصل اثني عشر وذلك ما يخصها من الدنانير
وإذا ضربت ما للأم من المسألة وهو اثنان في أربعة كان الحاصل ثمانية وذلك ما يخصها من الدنانير
فهذا جملة العشرين دينارا. قوله: (فتكون جملة التركة) أي وهي العين وقيمة العرض. قوله: (ثلاثة
وثلث هي جزء السهم) فإذا ضربت ما للزوج وهو ثلاثة من أصل المسألة في ثلاث وثلث كان الخارج
عشرة وكذلك الأخت وهذا هو ما يخص كل واحد منهما من الدنانير وإذا ضرب ذلك الجزء في سهمي
الأم خرج ستة وثلثان هي قيمة العرض. قوله: (من عنده) أي دفعها للورثة. قوله: (ليأخذ العرض بحصته)
أي عوضا عن حصته. قوله: (والمسألة بحالها) أي من كون التركة عشرين دينارا وعرضا مجهول القيمة
والورثة زوج وأم وأخت. قوله: (تضرب في سهام الزوج الخ) أي وإذا ضربت الخمسة المذكورة في
سهام الأخت وهي ثلاثة كان الخارج خمسة عشر وذلك ما يخصها من الدنانير وإذا ضربتها في سهمي
الأم كان الخارج عشرة وذلك ما يخصها من الدنانير فهذه جملة الخمسة والعشرين دينارا.
قوله: (يخرج جزء السهم أربعة وسدسا) فإذا ضربتها في سهام الزوج الثلاثة كان الخارج اثني
عشر ونصفا وذلك قدر ما يخصه من الدنانير وكذا يقال في الأخت فهذا جملة الخمسة والعشرين.
قوله: (ومن يرث بها إلى آخره) عطف على الفروض وقوله ومن يرث بالتعصيب عطف على بيان
الفروض. قوله: (وهذا اللفظ) أي لفظ المناسخة. قوله: (واحد) أي مات واحد بعد واحد واحترز
بذلك عما لو ماتوا بفور واحد بهدم أو غرق فلا تسمى مناسخة واحترز بقوله قبل قسم تركة الأول
عما لو مات الثاني بعد قسمة تركة الأول فإنه ليس من المناسخة لان هذا الثاني مستقل
بنفسه من غير نظر لمن مات قبله. قوله: (قبل قسم تركة الأول) أي ولما كانت مسألة الميت الأول
قد انتقل حكمها لمسألة الميت الثاني سميت بذلك. قوله: (وإن مات بعض من الورثة) أي المستحقين
لمال الميت الأول. قوله: (قبل القسمة) أي قبل قسمة تركة أبيهم. قوله: (وورثه الباقون) أي من ورثة الأول.
قوله: (بالوجه الخ) أي بأن كان إرثهم لكل من الميت الأول والثاني بالتعصيب فقط أو بالفرض
فقط. قوله: (أو بنات) هذا ظاهر على القول بالرد حيث لا عاصب أو المراد ثلاث بنات وعاصب.
479

قوله: (ولا وارث) الأحسن ولا وارث للميت الثاني غير الباقين من ورثة الأول. قوله: (على الولدين
الباقيين) أي وكان الأول مات عن ولدين فتكون المسألة من اثنين لكل واحد من الابنين نصفها.
قوله: (فإن التركة تقسم بين الأخ الباقي والأختين الباقيتين الخ) أي وتكون المسألة من أربعة عدد
رؤسهم للأخ سهام ولكل أخت سهم. قوله: (احترازا عمن ماتت عن ثلاثة بنين الخ) فيه نظر بل
هذا خارج بقول المصنف وورثه الباقون لان الميت الثاني في هذا المثال ورثه غير الباقين لعدم حصر
الإرث في الأخوين للأم وإنما يحترز بالقيد المنكدر عما لو انحصر إرث الميت الثاني في بقية ورثة الميت
الأول لكن اختلف قدر الاستحقاق كميتة عن أم وزوج وأخت لأب وأخت شقيقة ثم نكح الزوج
الشقيقة وماتت عنهم أصلهما من ستة ويعولان معا لثمانية ويصحان من أربعة وستين لمباينة سهام
الثاني لمسألته ومن له شئ من الأول أخذه مضروبا في الثانية ومن له شئ في الثانية أخذه مضروبا في
سهام الثاني. قوله: (فلا يقال موت الثاني كالعدم) أي بحيث يأخذ من بقي تركة الأول كلها بل يأخذون
من تركة الأول ثلثيها ومن حظ من مات ثلثه والباقي لوارثه إن كان وإلا فلبيت المال وحينئذ فيجعل
لكل من الميتين مسألة على حدتها فمسألة الميت الأول من ثلاثة عدد رؤوس الأبناء الثلاثة لكل ابن سهم
ومسألة الميت الثاني من ثلاثة مخرج فرض الأخوين للأم وتصح من ستة لكل أخ سهم والسهام
الأربعة الباقية لبيت المال وتصحان من ثمانية عشر للمباينة بين سهام الميت الثاني من الأولى ومسألته
فللابنين من الأولى سهمان مضروبان فيما صحت منه الثانية باثني عشر ولهما من الثانية سهمان في سهم
باثنين ولبيت المال من الثانية أربعة في سهم بأربعة. قوله: (وارث فقط من الأولى) أي وبقيتهم ورثة
للأول والثاني معا. قوله: (أو ورثه) أي الميت الثاني وقوله بعض من الباقين أي الذين ورثوا الأول.
قوله: (فكالعدم) أي فالميت الثاني وهو أحد البنين كالعدم. قوله: (وكأنه في الثانية) أي في المسألة الثانية
وهي ما إذا مات الزوج عن زوجته وعن ثلاث بنين من غيرها ثم مات أحد البنين عن أخويه.
قوله: (إذ للزوج الربع) أي من زوجته وما بقي فلأولادها الثلاث إن لم يمت منهم أحد أو لمن بقي من أخوة
ولدها الميت إن مات منهم أحد من غير احتياج لعمل مسألة أخرى فقوله إذ للزوج الخ علة لقول
المصنف فكالعدم. قوله: (على كل حال) أي مات أحد الأولاد أو بقي حيا. قوله: (فتخرج
المسألة عما ذكر) أي من موضوع القسم الثاني وهو أن يكون من الورثة واحد فقط من ورثة
الأول وباقيهم من ورثة الأول والثاني. قوله: (وتدخل في قوله وإلا الخ) فإذا ماتت عن زوجها
وعن ثلاثة أبناء منه ثم مات أحد الأبناء الثلاثة عن أبيه وعن أخويه فالمسألة الأولى من أربعة للزوج
الربع واحد ولكل ابن سهم وما تركه الميت الثاني يأخذه الأب الذي هو زوج في الأولى ولا شئ
للأخوين لحجبهما بالأب. قوله: (من النوعين الخ) أي وهما أن يرثه الباقون أو بعضهم. قوله: (وألا
يرثه) أي الميت الثاني وقوله الباقون أي من ورثة الأول. قوله: (ولا بعض منهم) أي من الباقين.
قوله: (صحتا) أي مما تصح منه الأولى وحينئذ فتقسم سهام الميت الثاني من المسألة الأولى على ورثته
480

فيكون للبنت سهمان من الأولى والثانية وللعاصب سهم. قوله: (وكذا لو مات الابن عن ابنين والبنت
عن ابن) أي فتصح المسألتان مما صحت منه الأولى وهو ثلاثة لابني الابن سهمان ولابن البنت سهم.
قوله: (فمنه تصح) أي المناسخة أو المسألتان. قوله: (كابنين) أي كميت مات عن ابنين الخ فلا بد من هذا
حتى تتحقق المناسخة. قوله: (وإن أقر أحد الورثة فقط بوارث) سكت المصنف عن حكم إقرار أحد
الورثة بدين وحكمه أنه يثبت ويؤخذ من التركة بشهادة الوارث أو امرأتين من الورثة مع اليمين فلو
نكل أو كان المقر غير عدل فإن كان الدين مثل التركة فأكثر أخذ المقر له بالدين جميع ما بيد المقر باتفاق
وإن كان أقل من التركة كما لو كان الدين عشرة والتركة خمسة وأربعون فعلى قول ابن القاسم يؤخذ
من المقر ثلاثة وثلث من العشرة حيث كان الوارث ثلاثة من الأولاد أقر أحدهم وقال أشهب بل يأخذ
جميع العشرة من المقر قال بعضهم سبب الخلاف هل ما بيد المنكر كالقائم أو كالتالف ا ه‍ طفي
وقوله وإن أقر أحد الورثة ما لو أقر اثنان غير عدول وإنما قصد المصنف مقابلة تعدد الاقرار
الآتي كذا في حاشية السيد ا ه‍ أمير. قوله: (كان المقر عدلا أم لا) ظاهره ولو حلف المقر به مع إقرار
العدل وهو المعتمد وقول المصنف في الاستلحاق وعدل يحلف معه ويرث ضعيف. قوله: (فله ما نقصه
الاقرار) عبر بقوله فله دون ورث لقول العصنوني هذا النقصان لا يأخذه المقر له على جهة
الإرث بل على جهة الاقرار فهو كالاقرار بالدين. قوله: (ثم انظر ما بينهما) أي لترددهما
لعدد واحد يصح منه الاقرار والانكار فإن كان بين العددين تداخل اكتفيت بأكبرهما
481

وصحتا معا منه وإن تباينا ضربت كامل أحدهما في كامل الآخر وإن تواقفا ضربت وفق أحدهما
في كامل الآخر وصحتا معا من الخارج وإن تماثلا اكتفيت بأحدهما. قوله: (أقرت واحدة بشقيقة)
هذا مثال للتداخل وقوله بشقيق مثال للتباين. قوله: (يفضل الخ) أي فالاقرار قد نقص المقرة سهما
يدفع للمقر بها ولو قال الشارح فقد نقص الاقرار المقرة واحدا فيدفع للمقر بها كان أوضح.
والحاصل أن الأخت المنكرة تأخذ ثلاث وكذلك العاصب والمقرة تأخذ سهمين والمقر به يأخذ
واحدا فهذه هي التسعة. قوله: (فلكل أخت في الانكار الخ) حاصله أن للأخت المنكرة أربعة وكذلك
العاصب وللأخت المقرة ثلاثة والمقر به واحد فهذه هي الاثنا عشر. قوله: (فتضرب نصف أحدهما
في الآخر باثني عشر) ومن له شئ في فريضة الانكار أخذه مضروبا في وفق مسألة الاقرار ومن له
شئ في مسألة الاقرار أخذه مضروبا في وفق مسألة الانكار. قوله: (يفضل عنها سهمان تدفعهما للمقر
بها) أي فقد صار بيد الأم سهمان وبيد العاصب سهم وكذلك الأخت المقرة وصار بيد المقر بها
سهمان. قوله: (ولو أقرت بهما الأم الخ) أي فمسألة الانكار من ستة وكذلك الاقرار للأم في الانكار
اثنان ولها في الاقرار واحد فقد نقصها الاقرار واحدا تأخذه المقر بها وللأخت المعلومة ثلاثة
وللعاصب واحد. قوله: (ولا يلتفت للعم في الاقرار) أي في إقراره بالشقيقة وإنكاره لها لان
نصيبه سهم واحد فيهما فلم ينقصه الاقرار شيئا عن الانكار. قوله: (وهي من خمسة) أشار
الشارح إلى أن الأصل وإقرارها من خمسة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فانفصل
الضمير وارتفع ارتفاعه. قوله: (والفرائض الثلاثة) أي الثلاثة والأربعة والخمسة. قوله: (وعلى
إقرار البنت) أي وإن قسمتها أي الستين على إقرار البنت. قوله: (تأخذ من العشرين)
أي التي تخصها في مسألة الانكار اثني عشر أي والباقي منها وهو ثمانية تدفعها لمن أقرت به.
482

قوله: (وأقر أحد أخويه أيضا) أي أن الزوجة الحامل وأحد أخوي الميت أقر بأنها ولدت ولدا
حيا. قوله: (مع اتفاقهما على صحة نسبه) أي فليست هذه المسألة من قبيل ما قبلها لان النزاع فيها في ثبوت
النسب. قوله: (فإنه من ثمانية) أي وحينئذ فيستغني بمسألة الاقرار عن مسألة الانكار للتماثل. قوله: (لكن
تأصيلا) لان الورثة على الاقرار زوجة وابن للزوجة واحد وللابن سبعة. قوله: (بعد استقرار
حياته) أي على زعم من أقر به. قوله: (يفضل عن المقر الخ) يعني أن الأخ المقر قد نقصه الاقرار سهمين
لان له في الانكار تسعة وفي الاقرار سبعة فيدفع هذين السهمين للأم لكونه صدقها على إقرارها
وقد علم مما ذكره الشارح أن الأم لم تأخذ من فريضة الاقرار شيئا وإنما أخذت ما يخصها في حالة الانكار
وما نقصه إقرار الأخ المصدق لها عن إنكاره. والحاصل أن الزوجة لو أنكر الاخوان وضعها حيا
كان الواجب لها ستة من مسألة زوجها ولو أقر الأخوات بوضعها حيا كان لها عشرة ثلاثة من زوجها
وسبعة من ابنها فلما أقر أحدهما وأنكر الآخر نقصها المنكر اثنين وزادها المقر على ما تستحقه في
الانكار اثنين وهما ما نقصه إقراره فصار لها ثمانية. قوله: (وإن أوصى بشائع) أي بجزء شائع غير متميز.
قوله: (لا يحتاج لعمل) أي في كيفية اخراجه. قوله: (أو تسعة عشر) أي أو ثلاثة عشر أو سبعة عشر. قوله: (فلذا
مثل بمثالين) أي واختار التمثيل للمنطق بالربع لأنه جزء لأول العدد المركب الذي يتحصل
بالضرب واختار التمثيل للأصم بالجزء من أحد عشر لأنه أول الاعداد الصم. قوله: (ما يعبر عنه بعير
لفظ الجزئية) أي كما يعبر عنه بها فكما يقال ثلث أو ربع أو سدس يقال جزء من ثلاثة أو من أربعة أو
ستة. قوله: (أخذ مخرج الوصية) لو قال أخذ من مخرج الوصية ويكون ضمير أخذ للشائع كان أولى
وقصد المصنف بيان كيفية العمل في اخراج الوصايا من فريضة الموصي بعدد واحد وبقي عليه
طريقة أخرى وهي أن تزيد على الفريضة ما قبل مخرج الوصية أبدا فإن كانت الوصية بالثلث
زدت على الفريضة نصفها لان مخرج الوصية ثلاثة والعدد الذي قبل الثلاثة اثنان وجزء الاثنين
النصف وهكذا إذا كانت بالربع زدت على الفريضة ثلثها وإذا كانت الوصية بالخمس زدت على
الفريضة ربعها وهكذا ا ه‍ بن. قوله: (ويجعل المخرج كأنه فريضة) أي فتخرج منه الوصية ثم
انظر الخ. قوله: (على أصحاب الفريضة) أي على أصحاب الميراث. قوله: (كابنين وقد أوصى
بالثلث) أي وكثلاثة أولاد وقد أوصى بالربع. قوله: (فإن كان بينهما) أي بين الباقي من مخرج
الوصية ومسألة الورثة. قوله: (فاضرب وفق مسألة أصحاب الفريضة) الأوضح مسألة الميراث.
483

قوله: (أي مسألة أصحاب الفريضة) الأولى مسألة الورثة أو مسألة أصحاب الفرائض لان الفريضة
تطلق على المسألة وعلى السهم الذي لوارث تأمل. قوله: (واضرب الوفق) أي الجزء الموافق من
مسألة الميراث. قوله: (في وفق المسألة) أي مسألة الميراث. قوله: (ومن له شئ من الفريضة) أي
مسألة الميراث. قوله: (وأوصى بالثلث مثلا) أي فإذا كانت الوصية بجزء من أحد عشر مثلا فتقول
مسألة الميراث أربعة ومخرج الوصية أحد عشر يخرج منه واحد يبقى عشرة لا تنقسم على الأولاد
الأربعة لكن توافق مسألتهم بالنصف ونصف مسألتهم اثنان يضربان في مخرج الوصية باثنين
وعشرين للموصى له واحد في اثنين وفق مسألة الميراث باثنين ولكل ولد من مسألة الميراث واحد في
خمسة وفق الباقي بخمسة فجملة ما للأولاد حينئذ عشرون. قوله: (لكن يوافقان مسألتهم) أي التي هي
أربعة وقوله ونصفها أي نصف مسألتهم وقوله يضربان في مخرج الوصية أي وهو ثلاثة. قوله: (بين
الباقي) أي من مخرج الوصية. قوله: (والمسألة بحالها) أي من كون الميت أوصى بالثلث وكذلك إذا كانت
الأولاد ثلاثة وأوصى بجزء من أحد عشر جزأ لان مخرج الوصية أحد عشر والمسألة من ثلاثة والباقي
بعد اخراج جزء الوصية من مخرجه عشرة لا تنقسم على الأولاد الثلاثة وتباين مسألتهم فتضرب
كامل مسألتهم في مخرج الوصية بثلاثة وثلاثين للموصى له واحد في ثلاثة بثلاثة وللأولاد الثلاثة ثلاثة
من مسألة الإرث في عشرة كامل الباقي بثلاثين لكل واحد منهم عشرة. قوله: (وتركه المصنف)
أي لظهوره. قوله: (فإن تباين) أي كسدس وسبع. قوله: (وإن توافقا) أي كربع وسدس. قوله: (وأقسم
الباقي على الفريضة) أي على أصحاب الفريضة يعني على الورثة ولو عبر به كان أوضح. قوله: (بين
الفريضة) أي مسألة الورثة. قوله: (ضربت ما اجتمع من الوصيتين) الأولى ضربت مخرج الوصيتين.
قوله: (فاضرب الوفق) أي وفق الباقي بعد اخراج الوصيتين وقوله في أصلها أي في أصل مسألة الورثة.
قوله: (على ثلاثة) أي وهم الأولاد الورثة. قوله: (فاضرب الحاصل) أي من ضرب مخرج السدس في
مخرج السبع الذي هو مخرج الوصيتين ولو عبر به كان أوضح. قوله: (وللوصية ثلاثة عشر سهما الخ) المناسب
لكلامه أن يقول فللموصي له بالسدس سبعة في ثلاثة بواحد وعشرين وللموصى له بالسبع ستة في
ثلاثة بثمانية عشر فالمجموع تسعة وثلاثون. قوله: (في تسعة وعشرين) أي التي هي الباقي بعد اخراج
484

جزأي الوصية من مخرجهما. قوله: (أو ضربت الحاصل) أي من ضرب مخرج السدس في مخرج السبع.
قوله: (أن يكون البنون ثمانية وخمسين) أي والوصية بالسدس والسبع. قوله: (فتضرب جزء المسألة) أي
تضرب وفق المسألة في مخرج الوصيتين أو تضرب مخرج الوصيتين في وفق المسألة. قوله: (وهو اثنان)
وذلك لان الثمانية والخمسين تسعة وعشرون زوجا فلها جزء صحيح وهو اثنان والتسعة والعشرون
لها جزء صحيح هو واحد. قوله: (أو عكسه) أي وهو أن تضرب الحاصل من الوصية وهو اثنان
وأربعون في وفق المسألة وهو اثنان. قوله: (كما هو سياق المصنف) أي حيث قال أو في وفقها. والحاصل
أنه إذا وافق الباقي من مخرج الوصية مسألة الورثة فإما أن تضرب وفق المسألة في مخرج الوصية أو
تضرب مخرج الوصية في وفق المسألة وأما ضرب وفق الباقي في كامل المسألة فلا يصح خلافا لما في عبق.
قوله: (شرع في ذكر موانع الميراث فقال الخ) ما ذكره الشارح من أن اللعان بين الزوجين مانع للحكم
الذي هو الميراث فهو خلاف التحقيق والحق أن اللعان بين الزوجين مانع من سبب الميراث الذي هو
الزوجية لا مانع من الحكم وهو الميراث فعدم الإرث لانتفاء السبب وهو الزوجية لا لذات اللعان
لأنهم إنما يعللون نفي الحكم بقيام مانعه إذا كان السبب موجودا وأما مع عدمه فلا والسبب هنا وهو
الزوجية معدوم نعم اللعان بالنظر لما بين الزوج وولده مانع للحكم وهو الميراث لأنه لو استلحقه للحق
وورث تأمل. قوله: (إذا التعنت بعده بمجرد الخ) أي إذا التعنت بعده ثم ماتت ولو بمجرد الخ. قوله: (على
الوجه الشرعي) أي بأن التعن الرجل أولا والتعنت بعده. قوله: (سواء التعنت أم لا) أي سواء التعنت
بعده أو لم تلتعن بأن التعن وحده لان مجرد لعان الأب قاطع لنسبه. قوله: (وتوأماها شقيقان) فهم من قوله
توأماها أن ولديها غير التوأمين ليسا شقيقين وهو كذلك وإنما هما أخوان لأم فقط فإذا ولدت
المرأة ولدين كل واحد في بطن وادعى الرجل أنهما ليسا منه ولاعن منهما فإنهما يتوارثان من
بعضهما على أنهما أخوان لأم ولو كان اللعان من أبيهما فقط لان لعانه يقطع نسبه. قوله: (كالمستأمنة)
وهي المرأة الحربية تدخل بلادنا بأمان وهي حامل ولا يدري هل حملها من زوج أو من زنا فتلد ابنين
هذا صورته وصورة المسبية امرأة سبيت من الكفار وهي حامل ولا يدري هل حملها من زوج أو من
زنا فتلد اثنين. قوله: (ولسيد العبد المعتق بعضه جميع إرثه) أي ولا شئ لمن أعتق بعضه وفهم
منه أن مات القن الخالص لسيده بالأولى إن كان السيد مسلما كان العبد مسلما أو كافرا فإن كان
السيد كافرا والعبد كافرا فكذلك إن قال أهل دينه أنه لسيده وإلا فللمسلمين، كما قاله ابن مرزوق
فإن أسلم عبد لكافر ولم يبن عنه ومات قبل بيعه عليه فماله لسيده الكافر كما قاله المتيطي فإن مات
بعد بيعه عليه فماله لمشتريه لا للمسلمين فإن بان منه بعد إسلامه ومات فماله للمسلمين. قوله: (فإن كان
البعض الرق بين جماعة الخ) فإذا مات العبد وترك مالا ولرجل فيه الثلث ولآخر فيه السدس ونصفه
485

حر فماله المخلف عنه يقسم بينهما بقدر مالهما فيه من الرق فلصاحب الثلث ثلثاه ولصاحب السدس
ثلثه. قوله: (إلا المكاتب الخ) إنما استثناه مع أنه ترك وفاء كتابته لان موته قبل أداء النجوم لا يوجب
حريته بل مات وهو باق على الكتابة ولذا كان وارثه نوعا خاصا ولو كان إرثه بالحرية لورثه كل من
يرث الحر قاله ابن مرزوق. قوله: (ولا يرث قاتل لمورثه عمدا الخ) أي لا يرث من المال ولا من الدية.
قوله: (أو صبيا أو مجنونا) تبع في ذلك عج وقال طفي ولا قاتل عمد ولو عفى عنه ولو كان القاتل
مكرها ولا بد من كونه عاقلا بالغا أما الصبي فعمده كالخطأ وكذلك المجنون وقاله الفارسي في شرح
التلمسانية ونحوه في الذخيرة وهو الظاهر خلافا لما حكاه عج عن الأستاذ أبي بكر من أن قاتل
العمد لا يرث من مال ولا من دية بالغا أو صغيرا أو مجنونا اه‍ لكن ما ذكره عج اقتصر عليه
ابن علاق ولم يذكر مقابله إلا عن أبي حنيفة انظر بن. قوله: (لا يرث من الدية ويرث من المال). فائدة:
المشهور من المذهب أن القاتل مطلقا عمدا أو خطأ يرث الولاء خلافا لأصبغ القائل إن كان القاتل
قاتلا عمدا فلا يرث الولاء وإن كان قاتلا خطأ ورثه ومعنى إرث الولاء أن من قتل شخصا
له ولاء عتيق والقاتل وارث للشخص المذكور فإنه يرث ماله من الولاء سواء قتله عمدا أو خطأ وليس
معناه أن المعتق بالكسر إذا قتل عتيقه عمدا يرثه بل حكمه من قتل مورثه كما مر. قوله: (وألحق بالخطأ
ما لو قصد الخ) أي وكذا كل قتل كان عمدا غير عدوان كقتل الشخص لمورثه إذا كان من البغاة
فإنه يرثه. قوله: (فإنه يرث من المال لا من الدية) فيه أنه إذا كان لا يندفع إلا بالقتل وقتله فإنه
لا دية له أصلا كما تقدم في دفع الصائل. فرع: إذا تقاتلت طائفتان وكانتا متأولتين فإنه يرث بعضهم
بعضا كيوم الجمل وصفين فإنه وقع التوارث بينهم فهو دليل ا ه‍ طفي وفي البدر قاعدة كل
قتل مأذون فيه لا دية فيه ولا كفارة ولا يمنع ميراثا كفحت بئر وعكسه وهو غير المأذون فيه
فيه الثلاثة كسائق وقائد. قوله: (أو غيره) لا يدخل في الغير الزنديق إذا أنكر ما شهدت به عليه البينة
أو تاب بعد الاطلاع عليه لأنه إذا قتل يكون ماله لوارثه المسلم على المعتمد لان قتله حد من الحدود يقام
عليه لا أنه لكفره. قوله: (وسواهما كله ملة واحدة) وقيل إن ما سواهما ملل أيضا والقولان مرجحان
والأول رواية المدنيين وصوبه ابن يونس والثاني هو ظاهر المدونة والأمهات واعتمده ابن مرزوق
انظر بن وذكر في المج أن القول الثاني هو المشهور. قوله: (وحكم بين الكفار) أي إذا ترافعوا إلينا
في الإرث. قوله: (إن رضوا بأحكامنا ولم يأب بعض) أي من الورثة ولا عبرة بإباية أساقفتهم. قوله: (إلا أن
يسلم بعضهم) استثناء من مفهوم الشرط كما أشار له الشارح وقوله إن لم يكونوا كتابيين مخرج من قوله
إلا أن يسلم بعضهم قال ابن مرزوق لو قال المصنف وحكم بين الكفار بحكم المسلمين إن رضي الجميع أو
أسلم البعض والباقي غير كتابي وإلا فبحكمهم لكان أخصر وأسلم من التعقيد اه‍ وقوله وإلا أي وإلا
يرض الجميع بأن أبى أحدهم وكلهم كفار أو أسلم بعضهم والباقي كتابي. تنبيه: لو أسلم كل الورثة قبل
قسم مال مورثهم الكافر فأبوا من حكم الاسلام فالراجح أنهم إن كانوا أهل كتاب حكم بينهم بحكم أهل
الكتاب وإلا حكم بينهم بحكمنا قهرا عنهم وعلى هذا فإسلام الكل كإسلام بعضهم. قوله: (وأشار للمانع الخامس الخ)
اعلم أن عدم موجب الميراث هنا هو حصول الشك في الشرط الذي هو التقدم بالموت فإطلاق
486

الشارح كابن الحاجب وابن شاس عليه مانعا فيه تجوز وأما المصنف فلم يعبر بمانع غاية ما فيه أنه نفى
الإرث. قوله: (بأن ماتا تحت هدم مثلا) أي أو بغرق أو بحرق وشمل كلام المصنف أيضا ما إذا ماتا معا
أو مترتبين وجهل السابق. قوله: (زوجة أخرى) أي وعاصب كعم مثلا. قوله: (وباقيه) أي باقي مال البنين.
قوله: (وسقط) أي ذلك الأخ بمن يسقط به الأخ للأم كابن وابن ابن للميت وبنت وبنت ابن له وجد
للميت. قوله: (ووقف القسم للحمل) هذا شروع من المصنف في مسائل الاشكال وهي ثلاثة لأنه
إما بسبب احتمال الذكورة والأنوثة وهي مسألة الخنثى الآتية وإما بسبب احتمال الحياة والموت
وهي مسألة المفقود وإما أن يكون بسبب احتمالهما وهي مسألة الحمل هذه وقوله بين الورثة أي وكذا
بين أصحاب الوصايا فلا فرق في وقف القسم بين نصيب الورثة الوصايا، وما ذكره المصنف من وقف
القسم هو المشهور من المذهب. وقال أشهب يتعجل أدنى السهمين وهو القدر الذي لا شك فيه فيعطي
أحد الزوجين أو الأبوين أدنى سهميه فإذا مات عن زوجة حامل وعن أبوين فالمسألة من أربعة
وعشرين يعجل للزوجة الثمن ثلاثة ولكل من الأبوين السدس أربعة ويوقف ثلاثة عشر للوضع
فإن وضعت أنثى أخذت من الموقوف اثني عشر ورد الواحد الباقي للأب تعصيبا وإن وضعت ذكرا
أخذ الثلاثة عشر الموقوفة كلها وإن مات الحمل رد للزوجة من الموقوف ثلاثة تكملة الربع ورد للأم
أربعة تكملة الثلث ورد للأب ستة ورد ذلك القول لأنه يحتمل تلف التركة قبل الوضع فتأخذ الزوجة
مثلا دون غيرها وهو ظلم ولا يمكن الرجوع عليها بما أخذته لأنها تقول أخذته بوجه جائز.
قوله: (وفيهم حمل) أي يرث الميت ولو احتمالا كان حمل من زوجة الميت أو من أمته أو من زوجة أخيه أو من
أمته أو من زوجة الابن المنتسب لهذا الميت أو من أمته أو كان من أمه إن لم يكن هناك من يحجب
ذلك الحمل فقوله من زوجة أي كان ذلك الحمل من زوجة أو من أمه بل ولو كان من أم الميت بأن كان
أخاه لأمه. قوله: (كما فعلوا في المفقود) أي إذا مات مورثه. قوله: (فيظن فيها عدم تغير التركة) أي لو
وقفت فلذا أخر القسم لوضع الحمل فلو تعدى الورثة وقسموا وأبقوا للحمل أوفر الحظين ثم هلك
ما أبقوه له رجع على الملئ منهم ثم الملئ يتبع المعدم ولو هلك مالهم لم يرجعوا عليه ولو نما ما لهم رجع فيه
دون العكس انظر طفي. قوله: (فلطولها يظن الخ) أي فلذا عجل القسم للوارث المحقق. قوله: (ووقف مال المفقود) أي وحينئذ فلا يورث. قوله: (للحكم من الحاكم بالفعل) أي ولا يكفي مضي
مدة التعمير من غير حكم للخلاف فيها حتى إن من مات من ورثة المفقود بعد مضيها وقبل الحكم فلا
شئ له من مال المفقود كما أفتى به المازري وغيره انظر بن ومحل الاحتياج في إرث ماله للحكم ما لم
يثبت موته ببينة أو يمضي له من الزمان مائة وعشرون سنة من ولادته وإلا ورث ماله ولا يحتاج
لحكم كما قاله شيخنا. قوله: (بعد زمن التعمير) أي بعد مضي زمن التعمير من ولادته. قوله: (أو إرث
شركائه فيه) أي في ذلك المورث. قوله: (وتنقص الأم) أي ويحصل للزوج زيادة. قوله: (وأعطى
الوارث) عطف على قول المصنف قدر حيا وميتا. قوله: (وما اختلف فيه حاله) أي بحياة المفقود
487

وموته وهو ما زاد على أقل النصيبين. قوله: (وإن لم يثبت ذلك) أي ببينة واستمر المال موقوفا. قوله: (فإن
مضت مدة التعمير) أي وحكم الحاكم بموته فلا بد من الامرين. قوله: (فلا إرث له) أي من مورثه ولو
كان الحكم بموت ذلك المفقود بعد موت ذلك المورث بسنين. قوله: (وترثه إحياء ورثته) أي وترث
ذلك المورث أحياء ورثته غير المفقود. قوله: (والفريضتان) أي فريضة حياة الأب المفقود وهي
ستة وفريضة موته وهي ثمانية. قوله: (من أحدهما) فإما أن يضرب أربعة في ستة أو ثلاثة في ثمانية.
قوله: (في وفق الثانية) أي وهو أربعة. قوله: (وفق الأولى) أي وهو ثلاثة. قوله: (للزوج تسعة) أي تعجل له
وكذا يقال فيما بعده وهو الأم وحاصله أن للزوج في مسألة الموت ثلاثة تضرب في ثلاثة وفق مسألة
الحياة بتسعة وله من مسألة الحياة ثلاثة تضرب في وفق مسألة الموت وهو أربعة باثني عشر فيعطي
أقل النصيبين وهو تسعة ويوقف له ثلاثة. قوله: (من ضرب ثلاثة) أي حاصلة له من مسألة
الموت في ثلاثة وفق مسألة الحياة. قوله: (لأنه على حياة الأب له اثنا عشر) لان له من مسألة الحياة
ثلاثة تضرب في وفق مسألة الموت وهو أربعة باثني عشر. قوله: (وهذا على تقدير حياة الأب) أي
لان لها في مسألة حياته واحدا يضرب في وفق مسألة موته وهو أربعة بأربعة وأما على تقدير
موته فلها ستة لان لها في مسألة موته اثنين يضربان في وفق مسألة حياته وهو ثلاثة بستة فتعطي أقل
النصيبين وهو أربعة ويوقف لها اثنان. قوله: (ثلاثة من حصة الزوج الخ) الأولى وهي إما ثلاثة من
حصة الزوج وثمانية الأب وأما اثنان من حصة الأم وتسعة الأخت تأمل. قوله: (ولا شئ للأخت
لحجبها بالأب) أي ولا شئ للأم سوى الأربعة التي أخذتها أولا لأنه لا عول في المسألة على تقدير
حياته كما مر. قوله: (أو مضى مدة التعمير) أي أو لم تظهر حياته ولا موته ولكن حكم الحاكم
بموته بعد مضي مدة التعمير وقوله أو مضى الخ يصح قراءته فعلا عطفا على فعل الشرط ومصدرا
عطفا على فاعل ظهر أي ظهر مضي مدة التعمير وحكم الحاكم بموته. قوله: (على إرث الخنثى الخ)
هو مأخوذ من الانخناث وهو التثني والتكسر لان شأن الخنثى التثني في كلامه والتكسر
فيه بأن يلينه بحيث يشبه كلامه كلام النساء وفي أفعاله بأن يهز معاطيفه إذا مشى أو
مأخوذ من قولهم خنث الطعام إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه المقصود منه وشارك طعم
غيره لاشتراك الشبهين فيه من حيث أنه يشبه الذكر بآلة والأنثى بآلة واعلم أن الخنثى خاص
488

بالآدمي والإبل كالبقر على ما أخبر به جماعة الامام النووي عام حجه سنة أربع وسبعين وستمائة
وسألوه عن إجزاء التضحية به فأفتاهم بالاجزاء لأنه إما ذكر أو أنثى وكلاهما مجزئ وليس فيه
ما ينقص اللحم ا ه‍ وقول النووي لأنه إما ذكر أو أنثى يشير إلى أنه ليس خلقا مستقلا وإنما إشكاله
ظاهري فقط. قوله: (لتوقف معرفة ميراثه) أي معرفة قدر ميراثه أي فقدم المتوقف عليه لأنه سبب
والمتوقف مسبب والمسبب متقدم على المسبب. قوله: (من له آلة ذكر وآلة امرأة) أي لا من
ليس له ذلك وإنما له ثقبة ولا من له أنثيان وفرج امرأة أو ذكر وفرج امرأة بغير أنثيين فيما
يظهر ا ه‍ عبق. قوله: (وقيل يوجد منه إلى آخره) هذا هو الحق فقد نقل ابن علاق عن الطرطوشي
ما نصه الخنثى هو الذي له ذكر وفرج أو لا يكون له واحد منهما ولكن له ثقب يخرج منه البول اه‍
وقال ح الخنثى أصله من خنث الطعام إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه المقصود منه وهو نوعان نوع له
الآلتان ونوع ليس له واحدة منهما وإنما له ثقب يبول منه انتهى إلا أنه قيل أن النوع الثاني نادر
الوجود ا ه‍ بن. قوله: (ولا يتصور) أي غالبا وإلا فقد وقع أنه ولد من ظهره ومن
بطنه كما في مسألة الملفوف المشهور. قوله: (والموالي) أي المعتقون بكسر التاء لان الكلام
في إرثه من الغير. قوله: (وللخنثى إلى آخره) بين خنثى وأنثى من المحسنات البديعية الجناس
اللاحق كما أن بين ذكر وأنثى صنعة الطباق. قوله: (الذي لم تتضح إلى آخره) أي
فإن اتضحت ذكورته أخذ ميراث ذكر وإن اتضحت أنوثته أخذ ميراث أنثى. قوله: (نصف نصيبي
ذكر وأنثى) ينبغي أن يراعي العطف سابقا على الإضافة ثم يرتكب التوزيع وإلا لزم على
الأول أن النصيبين للذكر وحده وعلى الثاني أن لكل من الذكر والأنثى نصيبين وإلى ما
489

ذكرنا من المراعاة أشار الشارح بقوله أي يأخذ إلى آخره. قوله: (نصف نصيبه) أي نصيب نفسه.
قوله: (لا أنه يعطي إلى آخره) أي كما فهمه ابن خروف واعترض على المتقدمين في عملهم الآتي وإعطائهم
الخنثى خمسة أسهم والذكر المحقق سبعة في مثال المصنف الآتي. قوله: (وهذا) أي أخذه نصف نصيبي
ذكر وأنثى. قوله: (نصفها) أي نصف الذكورة أي نصف ما يرثه بها. قوله: (إذ لو قدر
عمة) أي أو بنت عمة. قوله: (كالأخت في الأكدرية) وهي زوج وأم وجد وأخ خنثى وطريق العمل فيها أن تقول إن
مسألة الذكورة من ستة ولا عول والأنوثة تعول لتسعة وتصح من سبعة وعشرين توافق الستة
بالثلث فيرجعان لأربعة وخمسين اضربها في حالتي الخنثى بمائة وثمانية فعلى التذكير للزوج أربعة
وخمسون وللأم ستة وثلاثون وللجد ثمانية عشر وعلى التأنيث للزوج ستة وثلاثون وللأم أربعة
وعشرون يبقى ثمانية وأربعون تقسم على الجد والخنثى للجد ثلثاها وللخنثى ثلثها فللجد اثنان وثلاثون
وللخنثى ستة عشر فيجتمع للزوج من المسألتين تسعون لان له من مسألة التذكير أربعة وخمسين وله
من مسألة التأنيث ستة وثلاثون فالجملة تسعون له نصفها وللأم من المسألتين ستون لان لها من مسألة
التذكير ستة وثلاثين ولها من مسألة التأنيث أربعة وعشرون فالجملة ستون لها نصفها وللجد من
المسألتين خمسون لان له من مسألة التذكير ثمانية عشر ومن مسألة التأنيث اثنان وثلاثون فالجملة خمسون
له نصفها وللخنثى من مسألة التأنيث ستة عشر له نصفها. قوله: (بالقيدين المذكورين) أي إرثه بالذكورة
والأنوثة واختلاف نصيبه على كل منهما. قوله: (عكسه) أي إرثه على أنه أنثى لا على أنه ذكر كما في
الأكدرية. قوله: (أي جنس الخنثى الخ) هذا التقرير للشيخ إبراهيم اللقاني قصد به الرد لما قاله الشيخ
أحمد الزرقاني أن كلام المصنف فيما إذا اتحد الخنثى وأما إن تعدد فله ربع أربعة أنصبة ذكور وإناث
كما يأتي للمصنف أن الأحوال أربع. قوله: (يحصل لكل) أي لكل واحد من الخناثى. قوله: (وللخنثى
خبر مقدم الخ) أي وحينئذ فالواو للاستئناف إما النحوي وهو ظاهر وإما البياني فالجملة جواب لسؤال
مقدر كأن قائلا قال له قد ذكرت قدر ميراث الذكر المحقق والأنثى المحققة وأما الخنثى فما قدر ميراثه
وهذا بناء على ما ارتضاه بعض المحققين من جواز اقتران البياني بالواو وجعل من ذلك قوله تعالى: * (وما
كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) * فإنها جواب عن سؤال نشأ من قوله قبل ما كان للنبي
والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين الآية تقديره قد استغفر إبراهيم لأبيه فتأمل. قوله: (فيفيد الخ)
أي وأما لو جعل قوله نصف نصيبي الخ عطفا على نائب فاعل وقف القسم للحمل وأن المعنى وقف القسم
للحمل ووقف نصف نصيبي ذكر وأنثى للخنثى أي لاتضاح حاله لأفاد وقف القسم لاتضاح حاله وهو
490

إشكاله وهو خلاف المشهور. قوله: (وهو المشهور) مقابله ما ذكره ابن شاس وابن الحاجب وصاحب
التلمسانية أن القسم يوقف لاتضاح حال الخنثى أهو مشكل أم لا فاتضاح حاله غير اتضاح إشكاله.
قوله: (واستأنف الخ) ما ذكره من جعل جملة تصحح المسألة مستأنفة استئنافا بيانيا غير متعين إذ يصح
جعلها مفسرة لقوله نصف نصيبي ذكر وأنثى أي بأن تصحح المسألة وعلى الأول فالجملة خبرية بمعنى
الانشاء وعدل عن صحح إلى تصحح إشارة إلى أن التصحيح كأنه حاصل ويخبر عنه فهو إشارة
إلى الحث على امتثال ذلك الامر. قوله: (أيها القاسم) أشار إلى أن الفعل مبني للفاعل والمسألة مفعوله
بدليل قوله الآتي ثم تأخذ لا أنه مبني للمفعول والمسألة نائب فاعل. قوله: (المسألة) أي جنسها
المتحقق في متعدد بدليل قوله ثم تضرب الوفق أو الكل إذ هذا إنما يكون في مسألتين. قوله: (أي تعملها
على وجه التصحيح) أي خالية من الكسر. قوله: (فيشمل التقديرين) ألا يقال الجنس يتحقق في واحد
كما هو مشهور ولا يصح هنا لأنا نقول المراد الجنس المتحقق في متعدد بقرينة المقام. قوله: (أي تصححها
على تقدير أنه ذكر الخ) اعلم أنه لا حرج في تقديم أي التقديرات قدمت أو أخرت غير أن المصطلح
عليه تقديم تصحيح مسألة التذكير. قوله: (تنظر بين المسألتين) أي إن كان في الورثة خنثى واحد
وقوله أو المسائل أي إن كان في الورثة خنثى. قوله: (وتأخذ من كل نصيب) في الكلام حذف والأصل
ثم تقسم الحاصل على مسألتي التذكير والتأنيث وتعرف ما يخص كل وارث من المسألتين وتأخذ الخ وكان
الأولى عطفه بما يقتضي الترتيب لان هذا من جملة العمل كالذي قبله. قوله: (مما اجتمع) أي على التقديرين
تقدير الذكورة والأنوثة. قوله: (من الاثنين النصف) يحتمل أن يكون مستأنفا جوابا عن سؤال مقدر
تقديره ما كيفية الاخذ؟ فقال تأخذ من الاثنين أي من النصيبين الكائنين في الحالتين المشتمل عليهما
الخنثى الواحد النصف وتأخذ من الأربعة أنصباء الكائنة على التقادير الأربعة إذا كان في المسألة
خنثيان الربع وعلى هذا فمفعول تأخذ في المصنف محذوف وقوله النصف مفعول لتأخذ مقدرا وهذا
ما ذكره الشارح ويحتمل أن يكون قوله من الاثنين بدلا من قوله من كل نصيب بدل مفصل من مجمل
لا عطف بيان لأنه لا يعاد معه حرف الجر بخلاف البدل، ويحتمل أن يكون صفة لنصيب أي كان ذلك
النصيب من مسألة الاثنين أي التقديرين وعلى هذين الوجهين فقوله النصف مفعول لتأخذ
المذكور. قوله: (أي الحالين) الأولى أي من النصيبين الكائنين في الحالين الخ لان الاخذ
491

إنما هو من النصيبين لا من الحالين. قوله: (وتأخذ من أربعة من التقادير) الأولى وتأخذ من أربعة
أنصباء كائنة على التقادير الأربعة إذا كان الخ. قوله: (إلى أربعة) أي أحوال الخنثيين لأنهما إما ذكران
أو أنثيان أو هذا ذكر وذاك أنثى أو العكس. قوله: (وفي كلامه عطف الخ) أي وهو ممنوع عند المحققين إذا
لم يكن أحد العاملين جارا متقدما كما في قولك في الدار زيد والحجرة عمرو وقد يجاب عن المصنف بأن
يقدر عامل قبل قوله وأربعة ومن أربعة ويكون مجموع الجار والمجرور عطفا على من اثنين المعمول
لتأخذ والربع عطف على النصف المعمول لتأخذ أيضا فيكون من باب العطف على معمولي عامل واحد
ولا يقال إنه يلزم على هذا حذف الجار وإبقاء عمله وهو ممنوع لأنا نقول قد دل عليه دليل فهو جائز ولك
أن تقدر تأخذ قبل الربع ويكون من عطف الجمل. قوله: (فما اجتمع من النصف) أي نصف النصيبين
في الحالين وقوله أو أربع أي ربع الأربعة أنصباء في الأحوال الأربعة. قوله: (من المجموع) أي مجموع
النصيبين أو مجموع الأربعة أنصباء. قوله: (ما حصل لكل وارث) أي من المسألتين أو المسائل وقوله مما
حصل له أي من المسألتين أو المسائل. قوله: (فإن كان بيدك حالان) أي فإن كان الملحوظ عندك حالين
لكون المسألة فيها خنثى واحد. قوله: (نصف ما بيده) أي نصف ما حصل له من المسألتين. قوله: (وإن كان
أربعة) أي وإن كان الملحوظ عندك أربع حالات لكون المسألة فيها خنثيان. قوله: (فربع ما بيده)
أي فيأخذ كل وارث ربع ما حصل له في المسائل الأربع. قوله: (وإن كانت الأحوال ثمانية) أي وإن
كانت الأحوال الملحوظة عندك ثمانية لكون المسألة فيها ثلاث خناثى وقوله فثمن ما بيده أي أخذ
كل واحد ثمن ما حصل له من المسائل الثمانية. قوله: (أو عكسه) أي الآخران ذكران وزيد أنثى وقوله
ثانيا أو عكسه أي الآخران ذكران وعمر أنثى. قوله: (ثالثا أو عكسه) أي الباقيان ذكرين وخالد
أنثى. قوله: (كتأنيثهم) أي والمسألتان متماثلتان يكتفي بإحداهما. قوله: (وتذكير أحدهم من
أربعة) وذلك في ثلاث مسائل فهي متماثلة وقوله وتذكير اثنين من خمسة وذلك في ثلاث
مسائل فهي متماثلة يكتفي منها بواحدة كالتي قبلها. قوله: (ثم تضرب) أي الستون في ثمانية
الأحوال يحصل أربعمائة وثمانون ثم تقسم ذلك الحاصل على التقادير الثمانية فما حصل
لكل واحد من الأنصباء فله ثمنه ففي كلام الشارح حذف. قوله: (وكذلك غيره) هذا غير مستغني
عنه بقوله ساقا فما اجتمع فنصيب كل من الورثة لان هذا من جملة التمثيل لما تقدم فلا يقال
492

ما تقدم مغن عن هذا فإن قلت: قوله وكذلك غيره ينافيه ما مر من أن قوله وللخنثى خبر مقدم وقوله نصف
نصيبي ذكر وأنثى مبتدأ مؤخر لان تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر أي لا غيره. قلت: معناه لا غيره ممن
ليس معه وأما من معه فإنه يعطي كهو أي نصف نصيبه على تقدير أنوثة الخنثى ونصف نصيبه على تقدير
ذكورة الخنثى كما أشار له المصنف بقوله وكذلك غيره. قوله: (ومجموعهما أربعة عشر يعطي نصفها سبعة)
هذا عمل المتقدمين واعترض عليهم ابن خروف بأنه إذا كان للذكر المحقق بمقتضى عملهم سبعة وجب
أن يكون نصيب الأنثى ثلاثة ونصفا فنصفهما الذي يستحقه الخنثى خمسة وربع فقد غبن الخنثى بمقتضى
عملهم بربع سهم وبالنظر لمراعاة القياس وقطع النظر عن عملهم قد غبن في سبع سهم لا في ربع سهم وذلك
لان للخنثى ثلاثة أرباع نصيب الذكر لان نصيب الأنثى نصف نصيب الذكر وهو يأخذ نصف نصيب
كل منهما ونصيب نصيب الذكر ربعان ونصف نصيب الأنثى ربع فإذا قسمت المال وهو اثنا
عشر على واحد وثلاثة أرباع الواحد للذكر والثلاثة أرباع للخنثى فالقياس بقطع النظر عن العمل
السابق أن تبسط المقسوم عليه سبعة أرباع، وإذا قسمت اثني عشر على سبعة أرباع خرج لكل ربع
واحد فللذكر أربعة وللخنثى ثلاثة ويفضل من الاثني عشر المقسومة خمسة بخمسة وثلاثين سبعا تقسم
على السبعة فللذكر عشرون سبعا باثنين وستة أسباع وللخنثى خمسة عشر سبعا باثنين وسبع يكمل للذكر
ستة وستة أسباع وللخنثى خمسة وسبع ا ه‍. وما ذكره ابن خروف من اعتراضه على القدماء بأن الخنثى
قد غبن بربع سهم على مقتضى عملهم وبسبع بالنظر للقياس وقطع النظر عن عملهم مبني على أن معنى
قولهم نصف نصيبي ذكر وأنثى أي ذكر محقق غيره وأنثى محققة غيره وقد علمت مما مر في كلام
الشارح أن هذا ليس بمراد وإنما معناه نصف نصيب نفسه حال فرضه ذكرا وحال فرضه أنثى وحينئذ
فلا غبن على الخنثى أصلا لا بربع ولا بسبع. قوله: (وكخنثيين) عود الألف في التثنية ياء لا يوجب أن
أصلها ياء بل لارتقائها عن ثلاثة وإن كانت غير مبدلة أصلا وقول الشاطبي: وتثنية الأسماء تكشفها
ليس كليا ألا ترى لقول الخلاصة:
آخر مقصور تثني اجعله يا * إن كان عن ثلاثة مرتقيا * كذا الذي اليا أصله نحو الفتى
وأراد المصنف بالخنثيين ولدين وأراد بالعاصب عاصبا يحجب بالابن كالأخ والعم. قوله: (فأربعة
أحوال) مبتدأ خبره محذوف أي في ذلك أربعة أحوال. قوله: (في الأحوال الأربعة) أي في أحوال
الخناثى الأربعة وهي تذكيرهما وتأنيثهما وتذكير الأصغر وتأنيث الأكبر وعكسه. قوله: (ثم تجمع
ما لكل منهما) أي وهو اثنا عشر في تذكيرهما وثمانية في تأنيثهما ثم ثمانية على تقدير كونه
أنثى وتقدير كون الآخر ذكرا ثم ستة عشر على تقدير كونه ذكرا والآخر أنثى. قوله: (لكل
من الخنثيين أحد عشر) اعترض هذا الشيخ أحمد الزرقاني بأن هذا لا يلتئم مع قوله وللخنثى المشكل
نصف نصيبي ذكر وأنثى لأنك إذا ضممت ما نابه في الذكورة على تقدير ذكورتهما وهو اثنا عشر
لما نابه في الأنوثة وهي ثمانية على تقدير أنوثتهما كان مجموعهما عشرين ونصفها عشرة وإذ ضممت
493

ما نابه في الذكورة على تقدير كونه ذكرا والآخر أنثى وهو ستة عشر إلى أنوثته وهي ثمانية كان مجموعهما
أربعة وعشرين نصفها اثنا عشر وأجاب عن ذلك بأن قوله سابقا نصف نصيبي ذكر وأنثى خاص بما
إذا كان الخنثى واحدا، وأما إن تعدد فله ربع أربعة أنصباء ذكور وإناث، وقال الشيخ إبراهيم اللقاني
بل قوله وللخنثى المشكل نصف نصيبي ذكر وأنثى المراد بالخنثى الجنس الصادق بالواحد والمتعدد أما
أخذ الواحد نصف نصيبي ذكر وأنثى فظاهر، وأما أخذ المتعدد لما ذكر فلانه إذا تعدد تضاعفت أحواله
وبتضعيفها يحصل لكل واحد نصف نصيبي ذكر وأنثى بيان ذلك أنه في المثال المذكور لما تضاعفت
الأحوال الأربعة ذكورتين وأنوثتين كان مجموع ما حصل لكل واحد من الخنثيين أربعة وأربعين
نصفها اثنان وعشرون نصيب ذكورة وأنوثة ونصفها أحد عشر نصف نصيبي ذكر وأنثى أو يقال
أنه لما تضاعفت الأحوال الأربعة ذكورتين وأنوثتين اجتمع له من الذكورتين ثمانية وعشرون
فنصفها وهو أربعة عشر نصيب ذكورة واحدة واجتمع له من الأنوثتين ستة عشر فنصفها وهو ثمانية
نصيب أنوثة واحدة ونصف النصيبين أحد عشر. قوله: (ثم ذكر ما يزول به إشكال الخنثى من العلامات)
قيل أن المصنف أخرها وإن كان من قبيل التصور إذ بضدها تتميز الأشياء لأجل أن يتحقق
حسن الاختتام بقوله فلا إشكال وهذه نكتة لفظية وأحسن منها أن يقال أنه اهتم بذكر نصيبه
أولا خصوصا والبحث له ثم استطرد علامة الايضاح المفيدة لتصوره بوجه ما ومثل هذا غرض لا يبالي
معه بتقديم التصديق على التصوير في الذكر على أنه ربما يكون فيه تشويق للتصوير فيرسخ في النفس
عند ذكره وإنما الذي لا يصح تخلفه تقديم التصور في الذهن بوجه ما وأما في الوضع فأولوي يجوز
تركه لنكتة فقولهم: وقدم الأول عند الوضع ليس كليا اه‍ أمير. قوله: (فإن بال) كأنه
قال هذا إن لم يبل من أحد فرجيه فإن بال الخ وفاعل بال ضمير الخنثى لا بقيد بكونه مشكلا إذ
لا إشكال حينئذ ففيه استخدام على حد قوله:
فسقي الغضا والساكنيه وإن هموا * شبوه بين جوانحي وضلوعي
أطلق الغضا أولا بمعنى الشجر الأخضر لأنه الذي يسقي وأعاد عليه ضمير ساكنيه بمعنى المكان
وضمير شبوه بمعنى الخشب اليابس الذي يوقد فيه النار وإنما عبر بأن التي للشك دون إذا التي للتحقيق
لان بول الخنثى من واحد من فرجيه غير محقق فالموضع لان وقدم البول على بقية العلامات لأنه
الذي ورد في الحديث وإن كان ضعيفا كما في ح سئل (ص) عن الخنثى من أين يورث،
فقال يورث من حيث يبول وهذا من قبيل الافتاء فلا ينافي أن أول من قضى فيه إسلاما علي بن
أبي طالب رضي الله عنه ثم إن البول في الأصل مصدر بال استعمل في العين حقيقة لغوية وشرعية
فالضمير في قوله أو كان أكثر راجع للبول بمعنى العين فلم يكن المرجع متقدما لا لفظا ولا
حكما ولا معنى فهو ليس مثل اعدلوا هو أقرب للتقوى لان الضمير عائد على العدل الذي هو الحدث
المفهوم من اعدلوا ويمكن أن يقال أنه من قبيل اعدلوا مع حذف المضاف أي أو كان البول بمعنى
الحدث المفهوم من بال أي متعلقه وهو البول بمعنى العين ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (فلا إشكال فيه)
494

ظاهره كان البول قليلا أو كثيرا لان الفعل في قوة النكرة فكأنه قال فإن حصل بول فلا إشكال فيه كان
قليلا أو كثيرا. قوله: (أو كان أكثر) المعطوف محذوف أي أو بال منهما وكان البول من أحدهما أكثر
من الآخر فلا إشكال. قوله: (كما قال الشعبي) هو الامام عامر الشعبي نسبة لشعب حي من اليمن وهو
من جملة المجتهدين وما ذكره من عدم اعتبار الكثرة بالكيل أو الوزن لا يوافق المذهب إذ الكثرة معتبرة
عندنا مطلقا كما قرره شيخنا العدوي ونقله ح عن اللخمي. فقول المصنف أو كان أكثر أي خروجا
أو قدرا فعند الاختلاف في عدد الخروج فالمعتبر أكثرهما خروجا ولو كان أقل قدرا وإن تساوى
عدد الخروج فالمعتبر أكثرهما قدرا، وعلى هذا فأكثر يصدق بمائين قليلين أحدهما زائد عن الآخر
فيقال في الزائد أنه أكثر وإن لم يشتركا في كثرة بل كل منهما قليل عرفا فإن صح صدق الأكثر بهذا
فلا تفصيل، وإن لم يصح صدقه بهذا بل قلنا أنه يفيد الكثرة فيهما ولكن أحدهما أكثر فيقال ويقاس
على ذلك ما إذا كانا قليلين وكان أحدهما زائدا على الآخر ا ه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (أو كان
يخرج من المحلين) أي على حد سواء في قدر الخروج لكن خروجه من أحدهما أسبق فإن تعارض
السبق والكثرة ففي المقدم منهما خلاف كما يأتي. قوله: (أسبق) يصح أن يكون أفعل تفضيل ويفهم غيره
وهو ما إذا وجد السبق من أحدهما فقط بالطريق الأولى في حصول الاتضاح وهو عطف على
أكثر ويصح عطفه على بال ولا يقال يمنع من هذا عدم صحة دخول إن على أسبق لأنه
ليس فعلا لأنا نقول يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع. قوله: (اعتبر الأكثر) أي في القدر. قوله: (ثم
الاختبار بالبول) أي مع النظر لعورته لأجل أن يعلم هل بال منهما أو من أحدهما وهل بوله من
أحدهما أكثر أو أسبق أولا. قوله: (حيث يجوز النظر لعورته) أي بأن كان غير مراهق. قوله: (وأما في حال
الكبر) أي بأن كان مراهقا ففوق. قوله: (بأن يبول إلى حائط) أي متوجها إليها. قوله: (أو عليها) أي أو
جالسا عليها. قوله: (فذكر) أي لان هذا دليل على أنه بال من ذكره. قوله: (ثم مات) لا مفهوم له بل ولو
استمر حيا. قوله: (فإن تساوى بوله منهما) أي في الخروج والقدر والسبق. قوله: (انتظر الخ) هذا
يقتضي أنه يوقف القسم لاتضاح حاله وقد تقدم أن المعتمد أنه لا يوقف فما ذكره هنا من انتظار
البلوغ مبني على ما لابن الحاجب وابن شاس من القول بالوقف وعلى المعتمد يعطي نصف نصيبي ذكر
وأنثى حالا ولا ينتظر بلوغه تأمل. قوله: (أو نبتت له لحية) عطف على بال ففي العطف بأو تشتيت من جهة
إن أسبق عطف على أكثر ونبت عطف على بال وقوله لحية بكسر اللام أي لحية عظيمة كلحية الرجال.
قوله: (لان الأصل) أي الكثير الغالب ومن غير الغالب قد ينبت شعر اللحية من غير البيضة المذكورة
كما في لحية المرأة. قوله: (من البيضة اليسرى) أي فعملها في الشعر دليل على صحة الذكورة وأنها ليست
بيضة فاسدة. قوله: (قد ينبت لها لحية) أي فكيف يجعل نبات اللحية من علامات اتضاح الذكورة.
قوله: (أو ثدي) أي عظيم كثدي النساء والظاهر أن استعمال نبت في الثدي مجاز كما أنه في نبت زيد نباتا
حسنا مجازا قطعا وفي نبت الزرع حقيقة قطعا وأما في الشعر فيحتمل الحقيقة والمجاز ا ه‍ شيخنا عدوي.
قوله: (فإن نبتا) أي الثدي واللحية. قوله: (عند الأكثر) نحوه قول ابن عرفة النظر إليها ضعيف لاطباق
495

علماء التشريح على خلافه بالغين عدد التواتر ا ه‍ أي فهم يقولون الرجل والمرأة متساويان في عدد
الأضلاع. قوله: (وعليه فالمرأة الخ) القول الأول لابن يونس والقول الثاني للحوفي ومحصل
ما قالاه إن المرأة تزيد ضلعا على الرجل من جهة اليسار باتفاقهما والخلاف بينهما في أن أضلاع
الرجل من جهة اليسار ستة عشر وهي سبعة عشر أو هو سبعة عشر وهي ثمانية عشر، وقيل أن
زيادة المرأة الضلع على الرجل من جهة اليمين وقد علمت أن أهل التشريح يقولون إنهما سيان
فلا تزيد امرأة على الرجل شيئا. قوله: (وسبب ذلك) أي سبب نقص الرجل ضلعا عن المرأة
على كلا القولين. قوله: (ثم استل الخ) أي فجرت الذكور على منواله. قوله: (فخلق منه
حواء) أي وكانت على طول آدم ستين ذراعا وهل خلقت بهذا الطول ابتداء وهو الظاهر ولا
ينافيه قول الشارح فخرجت منه كما تخرج النخلة من النواة أو تدريجي قال شيخنا العلامة العدوي
لا نص وكانت حواء ألين من آدم وأجمل صوتا وهكذا النساء مع الرجال قيل سميت حواء لأنها
خلقت من حي قال تعالى: * (خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها) * أو لان لونها كان حوة وهو
البياض الذي يميل لحمرة وفي خلقها من آدم إشارة للألفة بينهما لما بين الكل والجزء من الائتلاف أو
إلى أن الرجل أصل وألقى عليه النوم عند سل الضلع منه مع قدرة المولى على سله منه يقظة ولا يؤلمه
لئلا يرى ما يهوله ولتزول عنه الوحشة بأمنة النعاس ولينتبه فيجد المؤنس الذي طلبه فجأة
وذلك أسر منه بعد الانتظار. قوله: (فخرجت منه) أي فخرجت حواء أي من ذلك الضلع
وقوله أي بلا تألم مرتبط بقوله ثم استل الخ لا أنه تفسير لما قبله كما يفيده كلام بعضهم. قوله: (مه) أي
اكفف يدك عنها. قوله: (حتى تؤدي الخ) لا يقال المهر لا بد أن يكون متمولا لان الذي زوج حواء لآدم
هو المولى وهو يفعل ما شاء. قوله: (ينظر إلى شهوته) أي عند إشكاله بنبات اللحية والثدي معا وبعدم
نباتهما وبتساوي المخرجين في البول منهما فالشهوة والميل من جملة العلامات التي يزول بها إشكاله وهذا
القول نقل عن مالك والشافعي وأبي حنيفة وصاحبيه قال ويصدق في ذلك لأنه أمر لا يعلم إلا من جهته
فلا نظر للتهمة. قوله: (أو حصل حيض) لم يعطف حيض على اللحية بل ذكر له عاملا لعدم صحة تسلط
العامل الذي هو نبت عليه كذا قيل وفيه أنه يصح العطف ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع
ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (أو مني) أي أو خرج مني أي من فرج الرجال بصفة مني الرجل أو من فرج
النساء بصفة مني المرأة. قوله: (فلا إشكال) أي فلا لبس فيه بل هو خنثى غير مشكل وقول تت بل هو
ذكر محقق أو أنثى محققة أراد محكوم بذكورته وأنوثته فلا ينافي وجود الفرجين وكل من له ذلك فهو
خنثى إلا أنه تارة يكون مشكلا وتارة غير مشكل وقوله فلا إشكال جواب أن باعتبار قوله بال الذي
هو الشرط الأول وحذف جواب ما عداه لدلالة هذا عليه أو باعتبار الشرط الأخير وحذف
جواب ما عداه لدلالته عليه أو باعتبار أحد المتوسطات وحذف جواب ما عداه، ثم إن
لا في كلام المصنف نافية للجنس لان المسموع فتح لام لا إشكال فهي لنفي أفراد الجنس على سبيل
الاستغراق والخبر محذوف لظهوره أي لا إشكال في ذلك الخنثى بل هو خنثى غير مشكل محكوم
496

بذكورته إن وجدت فيه علامة الذكورة أو محكوم بأنوثته إن وجد فيه علامتها ثم إن في قوله فلا
إشكال براعة مقطع وهو أن يأتي المتكلم في آخر كلامه بما يؤذن بانتهائه ولو بوجه دقيق كقول
أبي العلاء المعري:
بقيت بقاء الدهر يا كهف أهله وهذا دعاء للبرية شامل
وبراعة المقطع تسمى عندهم بحسن الانتهاء والانتهاء مما يتأكد التأنق فيه عند البلغاء لأنه آخر ما
يعيه السمع ويرتسم في النفس فإن كان مستلذا جبر ما قبله من التقصير كالطعام اللذيذ بعد الأطعمة
التفهة وفيه أيضا تعريض بأنه لا إشكال ولا إلباس في هذا الكتاب بحسب ما ظهر له أو بحسب التفاؤل
أو في المذهب بعد تأليفه، وهذا المعنى لم يستعمل فيه اللفظ أي لفظ فلا إشكال لا على طريق الحقيقة
ولا المجاز ولا الكناية لان المعنى المراد من قوله فلا إشكال في هذا الخنثى بل هو خنثى غير مشكل فهذا
المعنى التعريض إنما أخذ من عرض الكلام وليس للكلام دلالة عليه بالمطابقة ولا التضمن ولا الالتزام
كما قرره شيخنا العدوي والدلالة المحصورة في هذه الثلاثة إنما هي الدلالة على المقصود الأصلي المسوق
لأجله الكلام كما أشار لتحقيقه العلامة السيد في حواشي المطول وجعل بعضهم قوله فلا إشكال تورية،
أي لا إشكال في كتابه والتورية إطلاق اللفظ الذي له معنيان قريب وبعيد ويراد البعيد اعتمادا
على قرينة خفية لان لا إشكال قريب في المعاني بعيد في الخنثى وجعله جوابا عن بال الذي ضميره عائد
على الخنثى قرينة خفية، فصح أن يكون تورية وفيه أن هذا بعيد غاية البعد كما أن جعله من التوجيه
وهو اللفظ المحتمل لاحد معنين على السواء أي لا إشكال في الخنثى أو لا إشكال في ذلك الكتاب
بقطع النظر عن الشرط بعيد أيضا. واعلم أنه إذا تعارض البول من أحد المخرجين مع نبات اللحية
أو مع ما بعده يحصل صور أربعة ففي تلك الصور الأربعة يكون مشكلا وإذا تعارضت
الأكثرية مع ما بعدها يحصل خمس صور والحكم أنه في تعارض الأكثرية مع الأسبقية
قولان. قال اللخمي ترجح الأسبقية وقال ابن شاس ترجح الأكثرية والظاهر ما للخمي وأما في
الأربعة الباقية وهي تعارض الأكثرية مع النبات وما بعده فيقدم النبات وما بعده على الأكثرية
وإذا تعارضت الأسبقية مع الأربعة بعدها فترجح الأربعة التي بعدها عليها في تلك الصور الأربع
وإذا تعارض نبات اللحية مع ما بعده حصل ثلاث صور، والحكم فيها أنه إذا تعارض نبات اللحية مع
الثدي بأن نبتا معا في آن واحد كان مشكلا ولا ترجيح لأحدهما وإن تعارض نبات اللحية مع المني
من الفرج أو مع الحيض فهو مشكل فيهما على ما استظهره عج ولكن الظاهر أنه يقدم الحيض
والمني من الفرج على نبات اللحية كما قال شيخنا. وإذا تعارض الثدي الذي يدل على الأنوثة
مع المني من الذكر كان مشكلا كذا قيل وقد يقال المني أقوى في الدلالة على الذكورة من دلالة
الثدي الكبير على الأنوثة والظاهر أنه لا تعارض ويرجح بالمني من الذكر على نبات الثدي كما
أنه لا تعارض بين نبات الثدي والحيض، وإذا تعارض المني من ذكر والحيض كان مشكلا. واعلم أن
هذا كله إذا حدثت العلامتان في آن واحد، وأما إن حكم بأنه ذكر لعلامة ظهرت فيه ثم ظهرت فيه
علامة أخرى تدل على أنه أنثى أو بالعكس كأن يبول من الذكر ثم يأتيه الحيض أو يبول من الفرج ثم
نبتت له لحية فقال العقباني عن بعض شيوخه لم يغير الحكم لأجل العلامة الثانية وارتضاه ح. وقال عج
الذي ينبغي اعتبار الثانية إن كنت أقوى من الأولى كما إذا كانت الأولى كثرة البول أو سبقه والثانية الحمل
497

أو الحيض أو نبات اللحية ثم لا يخفى أنه إن ولد من ظهره أو من بطنه فأمره واضح وإن ولد منهما معا
فهو مشكل على ما اختاره بعضهم وهذا مقيد بما إذا كانت ولادته من ظهره وبطنه في آن واحد، وإلا
فالعمل بما ثبت له بالمتقدم ولا ميراث بين ما ولد له من ظهره وما ولد له من بطنه لأنهم لم يجمعهم أب ولا أم
وكذلك يمتنع النكاح بينهم لان ما خلق من مائه بمنزلة ولده في النكاح وهل لا يعتق أحدهما على الآخر
نظرا لقولنا لأنهم لم يجمعهم أب ولا أم أو يعتق انظر في ذلك ولو وطئ فرجه بذكره فولد له فهو
مشكل وترثه أولاده بالأبوة والأمومة وهو يرثهم وهم إخوة أشقاء. قاله شيخنا العلامة العدوي
رحمه الله، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وقد تم هذا الكتاب التعليق في غرة ربيع الأول سنة تسع عشرة بعد المائتين والألف من هجرة المبعوث
رحمة للعالمين، عليه وعلى اله وصحبه وصلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين
498

(بسم الله الرحمن الرحيم)
الحمد لله الذي فقه في دينه الحنيف من اصطفاهم لسلوك طرق السعادة * وشرح صدور العاملين لوجهه
الكريم من جعلهم للخير فاده * وأوضح بهم مسالك الإفادة * وهدى بهم إلى طريقه الأقوام *
وأضاء بهم حوالك ظلمات الليل الود لهم * وأنقذهم من الجهالة * وأزاح بهم غياهب الضلالة *
وصلاة وسلاما على القائل " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " * سيدنا محمد واله الهادين
المهديين * وصحابته الثقات المرشدين * ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين * آمين
(وبعد) فقد تم طبع حاشية العلامة المحقق * الفهامة المدقق * سيدي الشيخ محمد عرفة الدسوقي
على الشرح الكبير * للامام الولي العارف بربه سيدي أبى البركات الشيخ احمد الدرير *
على مختصر الامام الجليل * سيدي أبى الضياء خليل * في فروع الفقه على مذهب امام
الأئمة * ونبراس هذه الأمة * الامام مالك بن انس رضي الله عنهم وأرضاهم *
وجعل دار الخلد متقلبهم ومثواهم * مذيلة بتقريرات شائقة لوحيد
دهره * ومحقق مذهب مالك في عصره * العلامة شيخ
المالكية سابقا المرحوم سيدنا الشيخ محمد عليش
المالكي نفعنا الله تعالى به وبعلومه وأسكنه
فراديس الجنان * انه كريم حليم
رؤوف منان * وذلك بمعطيه
دار إحياء الكتب
العربية بمصر
499