الكتاب: رسالة إبن أبي زيد
المؤلف: القيرواني
الجزء:
الوفاة: ٣٨٩
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: المكتبة الثقافية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

رسالة
ابن أبي زيد القيرواني
جمع الأستاذ المحقق
الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري
بسم الله الرحمن الرحيم
* الحمد لله الذي اصطفى من عباده من وفقه لمعرفة
أحكامه وهدى من اختار لتبيين سننه والتحذير من حرامه والصلاة والسلام
على سيدنا محمد خير خلقه وعلى آله وصحبه ومن تحلى بهديه وعلى خلقه.
أما بعد فيقول الفقير إليه تعالى " صالح عبد السميع الآبي الازوري " عفى عنه:
إني لما رأيت رسالة الإمام ابن أبي زيد القير واني قد كثر الاقبال عليها
والاشتغال بها وقد أكثر المتقدمون والمتأخرون من العناية في بيانها ولكن
إما بكلام طويل تقصر عنه الهمم أو باختصار يعسر على الفهم فأردت أن
أشرحها شرحا بين مرادها ويستخرج دررها بعبارات واضحة ونقول معتمدة
راجحة لا طويل ممل ولا مختصر مخل راجيا من الله القبول واسعافه بالمأمول
المكتبة الثقافية
بيروت - لبنان
1

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
قال أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني رضي الله عنه
وأرضاه:
2

الحمد لله الذي ابتدأ الانسان بنعمته وصوره في الأرحام بحكمته وأبرزه إلى رفقه
وما يسره له من رزقه وعلمه ما لم
يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيما ونبهه بآثار صنعته وأعذر
إليه على ألسنة المرسلين الخيرة من خلقه فهدى من وفقه بفضله
3

وأضل من خذله بعدله ويسر المؤمنين لليسرى وشرح
صدورهم للذكرى فآمنوا بالله بألسنتهم ناطقين وبقلوبهم
مخلصين وبما أتتهم به رسله وكتبه عاملين وتعلموا ما علمهم
ووفقوا عندما حد لهم واستغنوا بما أحل لهم عما حرم عليهم.
(أما بعد) أعاننا الله وإياك على رعاية ودائعه
4

وحفظ ما أودعنا من شرائعه فإنك سألتني أن أكتب
لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانة مما تنطق به
الألسنة وتعتقده القلوب وتعمله الجوارح وما يتصل
بالواجب من ذلك من السنن من مؤكدها ونوافلها ورغائبها
وشئ من الآداب منها وجمل من أصول الفقه وفنونه
5

على مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى وطريقته مع
ما سهل سبيل ما أشكل من ذلك من تفسير الراسخين
وبيان المتفقهين لما رغبت فيه من تعليم ذلك الولدان كما
تعلمهم حروف القرآن ليسبق إلى قلوبهم من فهم دين الله
6

وشرائعه ما ترجى لهم بركته وتحمد لهم عاقبته فأجبتك
إلى ذلك لما رجوته لنفسي ولك من ثواب من علم دين الله
أو دعا إليه * واعلم أن خير القلوب أوعاها للخير وأرجى
القلوب للخير ما لم يسبق الشر إليه وأولى ما عنى به الناصحون
ورغب في أجره الراغبون إيصال الخير إلى قلوب أولاد
المؤمنين ليرسخ فيها وتنبيههم على معالم الديانة وحدود
الشريعة ليراضوا عليها وما عليهم أن تعتقده من الدين قلوبهم
وتعمل به جوارحهم فإنه روى أن تعليم الصغار لكتاب
الله يطفئ غضب الله وأن تعليم شئ في الصغر كالنقش في
7

الحجر وقد مثلت لك من ذلك ما ينتفعون إن شاء الله بحفظه
ويشرفون بعلمه ويسعدون باعتقاده والعمل به وقد جاء أن
يؤمروا بالصلاة لسبع سنين ويضربوا عليها لعشر ويفرق
بينهم في المضاجع فكذلك ينبغي أن يعلموا ما فرض الله
على العباد من قول وعمل قبل بلوغهم ليأتي عليهم البلوغ
وقد تمكن ذلك من قلوبهم وسكنت إليه أنفسهم وأنست
بما يعلمون به من ذلك جوارحهم وقد فرض الله سبحانه
على القلب عملا من الاعتقادات وعلى الجوارح الظاهرة عملا
من الطاعات وسأفصل لك ما شرطت لك ذكره بابا بابا
8

ليقرب من فهم متعلميه إن شاء الله وإياه نستخير وبه
نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله
على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
(باب) ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة
من واجب أمور الديانات
من ذلك الايمان بالقلب والنطق باللسان
9

أن الله إله واحد لا إله غيره، ولا شبيه له، ولا
نظير له، ولا ولد له، ولا والد له، ولا صاحبة له، ولا شريك له. ليس لأوليته
ابتداء ولا لآخريته انقضاء، لا يبلغ كنه صفته الواصفون
ولا يحيط بأمره المتفكرون، يعتبر المتفكرون بآياته
ولا يتفكرون في مائية ذاته، * (ولا يحيطون بشئ من
علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض
10

ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم) *، العالم، الخبير، المدبر، القدير
السميع، البصير، العلي، الكبير، وأنه فوق عرشه المجيد بذاته،
وهو في كل مكان بعلمه، خلق الانسان ويعلم ما توسوس به
نفسه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد، وما تسقط من ورقة
إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس
إلا في كتاب مبين، على العرش استوى، وعلى الملك احتوى،
11

وله الأسماء الحسنى والصفات العلى لم يزل بجميع صفاته
وأسمائه، تعالى أن تكون صفاته مخلوقة وأسماؤه محدثة
كلم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته لا خلق من خلقه،
وتجلى للجبل فصار دكا من جلاله، وأن القرآن كلام الله
ليس بمخلوق فيبيد، ولا صفة لمخلوق فينفد. والايمان بالقدر
خيره وشره، حلوه ومره، وكل ذلك قد قدره الله ربنا ومقادير
12

الأمور بيده ومصدرها عن قضائه، علم كل شئ قبل كونه
فجرى على قدره، لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد
قضاه وسبق علمه به. ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
يضل من يشاء فيخذله بعدله، ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله،
فكل ميسر بتيسيره إلى ما سبق من علمه وقدره من شقي
أو سعيد، تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد، أو يكون
لاحد عنه غنى، أو يكون خالق لشئ إلا هو رب العباد ورب
أعمالهم، والمقدر لحركاتهم وآجالهم، الباعث الرسل إليهم
13

لإقامة الحجة عليهم. ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد
نبيه (ص)، فجعله آخر المرسلين بشيرا ونذيرا
وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وأنزل عليه كتابه
الحكيم
14

وشرح به دينه القويم، وهدى به الصراط المستقيم،
وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من يموت
كما بدأهم يعودون، وأن الله سبحانه ضاعف لعباده المؤمنين
الحسنات، وصفح لهم بالتوبة عن كبائر السيئات، وغفر لهم
15

الصغائر باجتناب الكبائر، وجعل من لم يتب من الكبائر
صائرا إلى مشيئته. إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
ذلك لمن يشاء. ومن عاقبه بناره أخرجه منها بإيمانه فأدخله
به جنته، ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ويخرج منها بشفاعة
النبي (ص) من شفع له من أهل الكبائر من
16

أمته، وأن الله سبحانه قد خلق الجنة فأعدها دار خلود
لأوليائه، وأكرمهم فيها بالنظر إلى وجهه الكريم، وهي
التي أهبط منها آدم نبيه وخليفته إلى أرضه بما سبق في
سابق علمه، وخلق النار فأعدها دار خلود لمن كفر به، وألحد
في آياته وكتبه ورسله وجعلهم محجوبين عن رؤيته، وأن
الله تبارك وتعالى يجئ يوم القيامة والملك صفا صفا لعرض
الأمم وحسابها وعقوبتها وثوابها،
17

وتوضع الموازين لوزن أعمال العباد، فمن ثقلت موازينه
فأولئك هم المفلحون، ويؤتون صحائفهم بأعمالهم، فمن أوتي
كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا، ومن أوتي كتابه
وراء ظهره فأولئك يصلون سعيرا، وأن الصراط حق
18

يجوزه العباد بقدر أعمالهم، فناجون متفاوتون في سرعة النجاة
عليه من نار جهنم، وقوم أوبقتهم فيها أعمالهم. والايمان بحوض
رسول الله (ص) ترده أمته لا يظمأ من شرب
منه ويذاد عنه من بدل وغير. وأن الايمان قول باللسان
19

وإخلاص بالقلب وعمل بالجوارح، يزيد بزيادة الأعمال
وينقص بنقصها فيكون فيها النقص وبها الزيادة، ولا يكمل
قول الايمان إلا بالعمل، ولا قول وعمل إلا بنية، ولا قول
وعمل ونية إلا بموافقة السنة، وأنه لا يكفر أحد بذنب
20

من أهل القبلة، وأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وأرواح
أهل السعادة باقية ناعمة إلى يوم يبعثون، وأرواح أهل الشقاوة
معذبة إلى يوم الدين، وأن المؤمنين يفتنون في قبورهم
ويسألون. * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة
21

الدنيا وفي الآخرة) *. وأن على العباد حفظة يكتبون أعمالهم
ولا يسقط شئ من ذلك عن علم ربهم، وأن ملك الموت
يقبض الأرواح بإذن ربه. وأن خير القرون القرن الذين رأوا
22

رسول الله (ص) وآمنوا به، ثم الذين يلونهم،
ثم الذين يلونهم، وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون
أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين،
وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول إلا بأحسن ذكر
والامساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم
أحسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب. والطاعة لائمة
23

المسلمين من ولاة أمورهم وعلمائهم واتباع السلف الصالح
واقتفاء آثارهم والاستغفار لهم، وترك المراء والجدال في
الدين، وترك كل ما أحدثه المحدثون. وصلى الله على سيدنا
محمد نبيه، وعلى آله وأزواجه وذريته وسلم تسليما كثيرا.
24

(باب) ما يجب منه الوضوء والغسل
الوضوء يجب لما يخرج من أحد المخرجين
25

من بول أو غائط أو ريح، أو لما يخرج من الذكر من مذي مع
غسل الذكر كله منه، وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند اللذة
بالانعاظ عند الملاعبة أو التذكار. وأما الودي فهو ماء أبيض
خاثر
26

يخرج بإثر البول يجب منه ما يجب من البول. وأما
المني فهو الماء الدافق الذي يخرج عند اللذة الكبرى بالجماع،
رائحته كرائحة الطلع. وماء المرأة ماء رقيق أصفر، يجب منه
الطهر فيجب من هذا طهر جميع الجسد كما يجب من طهر
الحيضة، وأما دم الاستحاضة فيجب منه الوضوء، ويستحب لها
27

ولسلس البول أن يتوضأ لكل صلاة. ويجب الوضوء من
زوال العقل بنوم مستثقل أو إغماء أو سكر أو تخبط جنون،
28

ويجب الوضوء من الملامسة للذة والمباشرة بالجسد للذة
والقبلة للذة، ومن مس الذكر.
29

واختلف في مس المرأة فرجها في إيجاب الوضوء بذلك.
ويجب الطهر مما ذكرنا من خروج الماء الدافق للذة في
30

نوم أو يقظة من رجل أو امرأة، أو انقطاع دم الحيضة أو
الاستحاضة أو النفاس، أو بمغيب الحشفة
31

في الفرج وإن لم ينزل، ومغيب الحشفة في الفرج
يوجب الغسل ويوجب الحد ويوجب الصداق، ويحصن
الزوجين، ويحل المطلقة ثلاثا للذي طلقها، ويفسد الحج،
ويفسد الصوم. وإذا رأت المرأة القصة البيضاء تطهرت،
32

وكذلك إذا رأت الجفوف تطهرت مكانها رأته بعد يوم
أو يومين أو ساعة، ثم إن عاودها دم أو رأت صفرة أو كدرة
تركت الصلاة، ثم إذا انقطع عنها اغتسلت وصلت، ولكن
ذلك كله كدم واحد في العدة والاستبراء
33

حتى يبعد ما بين الدمين مثل ثمانية أيام أو عشرة، فيكون
حيضا مؤتنفا، ومن تمادى بها الدم بلغت خمسة عشر يوما ثم
هي مستحاضة تتطهر وتصوم وتصلي ويأتيها زوجها. وإذا
انقطع دم النفساء وإن كان قرب الولادة اغتسلت وصلت،
وإن تمادى بها الدم جلست ستين ليلة ثم اغتسلت وكانت
مستحاضة تصلي وتصوم وتوطأ.
34

(باب) طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من
اللباس في الصلاة والمصلي يناجي ربه، فعليه أن يتأهب
لذلك بالوضوء أو بالطهر إن وجب عليه الطهر، ويكون
ذلك بماء طاهر غير مشوب بنجاسة ولا بماء قد تغير لونه
35

لشئ خالطه من شئ نجس أو طاهر، إلا ما غيرت لونه
الأرض التي هو بها من سبخة أو حمأة أو نحوهما، وماء السماء
وماء العيون وماء الآبار وماء البحر طيب طاهر مطهر
للنجاسات، وما غير لونه بشئ طاهر حل فيه فذلك الماء طاهر
غير مطهر في وضوء أو طهر أو زوال نجاسة، وما غيرته النجاسة
36

فليس بطاهر ولا مطهر، وقليل الماء ينجسه قليل
النجاسة وإن لم تغيره. وقلة الماء مع إحكام الغسل سنة،
والسرف منه غلو بدعة. وقد توضأ رسول الله (ص)
بمد وهو وزن رطل وثلث، وتطهر بصاع وهو
أربعة أمداد بمده عليه الصلاة والسلام وطهارة البقعة للصلاة
37

واجبة، وكذلك طهارة الثوب فقيل: إن ذلك فيهما واجب
وجوب الفرائض، وقيل: وجوب السنن المؤكدة، وينهى
عن الصلاة في معاطن الإبل، ومحجة الطريق، وظهر بيت الله
الحرام،
38

والحمام حيث لا يوقن منه بطهارة، والمزبلة، والمجزرة،
ومقبرة المشركين وكنائسهم. وأقل ما يصلي فيه الرجل
39

من اللباس ثوب ساتر من درع أو رداء والدرع: القميص.
ويكره أن يصلي بثوب ليس على أكتافه منه شئ، فإن
فعل لم يعد، وأقل ما يجزئ المرأة من اللباس في الصلاة
الدرع الحصيف السابغ الذي يستر ظهور قدميها، وخمار
تتقنع به
40

وتباشر بكفيها الأرض في السجود مثل الرجل
(باب) صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه
وذكر الاستنجاء والاستجمار
وليس الاستنجاء مما يجب أن يوصل به الوضوء لا في سنن الوضوء ولا في
41

فرائضه، وهو من باب إيجاب زوال
النجاسة به أو بالاستجمار لئلا يصلي بها في جسده ويجزئ
فعله بغير نية، وكذلك غسل الثوب النجس. وصفة الاستنجاء
أن يبدأ بعد غسل يده فيغسل مخرج البول، ثم يمسح ما في
المخرج من الأذى بمدر أو غيره أو بيده، ثم يحكها بالأرض
ويغسلها، ثم يستنجي بالماء ويواصل صبه ويسترخي قليلا،
42

ويجيد عرك ذلك بيده حتى يتنظف، وليس عليه غسل ما بطن
من المخرجين، ولا يستنجى من ريح، ومن استجمر بثلاثة
أحجار يخرج آخرهن نقيا أجزأه، والماء أطهر وأطيب
وأحب إلى العلماء.
43

ومن لم يخرج منه بول ولا غائط وتوضأ لحدث أو نوم أو
لغير ذلك مما يوجب الوضوء، فلا بد من غسل يديه قبل
دخولهما في الاناء. ومن سنة الوضوء غسل اليدين قبل
دخولهما في الاناء، والمضمضة، والاستنشاق،
44

والاستنثار، ومسح الاذنين سنة وباقيه فريضة فمن قام
إلى وضوء من نوم أو غيره فقد قال بعض العلماء يبدأ فيسمي
45

الله ولم يره بعضهم من الامر بالمعروف، وكون الاناء على
يمينه أمكن له في تناوله، ويبدأ فيغسل يديه قبل أن يدخلهما
في الاناء ثلاثا، فإن كان قد بال أو تغوط غسل ذلك منه ثم
توضأ، ثم يدخل يده في الاناء فيأخذ الماء فيمضمض فاه ثلاثا
46

من غرفة واحدة إن شاء أو ثلاث غرفات، وإن استاك بأصبعه
فحسن، ثم يستنشق بأنفه الماء ويستنثره ثلاثا يجعل يده
على أنفه كامتخاطه، ويجزئه أقل من ثلاث في المضمضة
والاستنشاق وله جمع ذلك في غرفة واحدة والنهاية أحسن،
47

ثم يأخذ الماء إن شاء بيديه جميعا، وإن شاء بيده اليمنى،
فيجعله في يديه جميعا ثم ينقله إلى وجهه فيفرغه عليه غاسلا له بيديه
من أعلى جبهته، وحده منابت شعر رأسه
48

إلى طرف ذقنه ودور وجهه كله من حد عظمي لحييه إلى
صدغيه، ويمر يديه على ما غار من ظاهر أجفانه وأسارير جبهته
وما تحت مارنه من ظاهر أنفه، يغسل وجهه هكذا ثلاثا
ينقل الماء إليه، ويحرك لحيته في غسل وجهه بكفيه ليداخلها
49

الماء لدفع الشعر لما يلاقيه من الماء، وليس عليه تخليلها في
الوضوء في قول مالك، ويجري عليها يديه إلى آخرها. ثم يغسل
يده اليمنى ثلاثا أو اثنتين يفيض عليها الماء ويعركها بيده
اليسرى، ويخلل أصابع يديه بعضها ببعض
50

ثم يغسل اليسرى كذلك، ويبلغ فيهما بالغسل إلى المرفقين
يدخلهما في غسله، وقد قيل: إليهما حد الغسل فليس بواجب
إدخالهما فيه وإدخالهما فيه أحوط لزوال تكلف التحديد. ثم
يأخذ الماء بيده اليمنى فيفرغه على باطن يده اليسرى، ثم
يمسح بهما رأسه
51

يبدأ من مقدمه من أول منابت شعر رأسه، وقد قرن
أطراف أصابع يديه بعضها ببعض على رأسه، وجعل إبهاميه
على صدغيه، ثم يذهب بيديه ماسحا إلى طرف شعر رأسه
مما يلي قفاه، ثم يردهما إلى حيث بدأ ويأخذ بإبهاميه خلف
أذنيه إلى صدغيه، وكيفما مسح أجزأه إذا أوعب رأسه
والأول أحسن. ولو أدخل يديه في الاناء ثم رفعهما مبلولتين
52

ومسح بهما رأسه أجزأه ثم يفرغ الماء على سبابتيه وإبهاميه
وإن شاء غمس ذلك في الماء، ثم يمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما.
وتمسح المرأة كما ذكرنا، وتمسح على دلاليها، ولا تمسح على
الوقاية، وتدخل
53

يديها من تحت عقاص شعرها في رجوع يديها في المسح
ثم يغسل رجليه يصب الماء بيده اليمنى على رجله اليمنى
ويعركها بيده اليسرى قليلا قليلا يوعبها بذلك ثلاثا،
54

وإن شاء خلل أصابعه في ذلك وإن ترك فلا حرج. والتخليل
أطيب للنفس، ويعرك عقبيه وعرقوبيه وما لا يكاد
يداخله الماء بسرعة من جساوة أو شقوق، فليبالغ بالعرك
مع صب الماء بيده فإنه جاء الأثر: ويل للأعقاب من النار
55

وعقب الشئ طرفه وآخره. ثم يفعل باليسرى مثل ذلك.
وليس تحديد غسل أعضائه ثلاثا ثلاثا بأمر لا يجزئ
دونه، ولكنه أكثر ما يفعل، ومن كان يوعب بأقل من
ذلك أجزأه إذا أحكم ذلك، وليس كل الناس في إحكام
56

ذلك سواء، وقد قال رسول الله (ص): من توضأ
فأحسن الوضوء ثم رفع طرفه إلى السماء فقال: أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. وقد استحب
بعض العلماء أن يقول بإثر الوضوء: اللهم اجعلني من التوابين،
واجعلني من المتطهرين. ويجب عليه أن يعمل عمل الوضوء
57

احتسابا لله تعالى لما أمره به يرجو تقبله وثوابه وتطهيره
من الذنوب به، ويشعر نفسه أن ذلك تأهب
58

وتنظف لمناجاة ربه، والوقوف بين يديه لأداء فرائضه
والخضوع له بالركوع والسجود، فيعمل على يقين بذلك
وتحفظ فيه، فإن تمام كل عمل بحسن النية فيه.
59

(باب) في الغسل
أما الطهر، فهو من الجنابة ومن الحيضة والنفاس سواء،
60

فإن اقتصر المتطهر على الغسل دون الوضوء أجزأه، وأفضل له
أن يتوضأ بعد أن يبدأ بغسل ما بفرجه أو جسده من الأذى،
ثم يتوضأ وضوء الصلاة
61

فإن شاء غسل رجليه، وإن شاء أخرهما إلى آخر غسله، ثم يغمس
يديه في الاناء ويرفعهما غير قابض بهما شيئا فيخلل بهما
أصول شعر رأسه، ثم يغرف بهما الماء
62

على رأسه ثلاث غرفات غاسلا له بهن، وتفعل ذلك المرأة
وتضغث شعر رأسها وليس عليها حل عقاصها، ثم يفيض
الماء على شقه الأيمن ثم على شقه الأيسر ويتدلك
63

بيديه بإثر صب الماء، حتى يعم جسده، وما شك أن يكون
الماء أخذه من جسده عاوده بالماء ودلكه بيده حتى
يوعب جميع جسده،
64

ويتابع عمق سرته وتحت حلقه، ويخلل شعر لحيته
وتحت جناحيه وبين أليتيه ورفغيه وتحت ركبتيه وأسافل
رجليه ويخلل أصابع يديه ويغسل رجليه آخر ذلك
65

يجمع ذلك فيهما لتمام غسله ولتمام وضوئه إن كان أخر غسلهما
ويحذر أن يمس ذكره في تدلكه بباطن كفه، فإن فعل
ذلك وقد أوعب طهره أعاد الوضوء، وإن مسه في ابتداء غسله
66

وبعد أن غسل مواضع الوضوء منه، فليمر بعد ذلك بيديه
على مواضع الوضوء بالماء على ما ينبغي من ذلك وينويه.
(باب) فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم
67

التيمم يجب لعدم الماء في السفر إذا يئس أن يجده
68

في الوقت، وقد يجب مع وجوده إذا لم يقدر على مسه في
سفر أو حضر لمرض مانع، أو مريض يقدر على مسه ولا يجد
من يناوله إياه، وكذلك مسافر يقرب منه الماء ويمنعه منه
خوف لصوص
69

أو سباع، وإذا أيقن المسافر بوجود الماء في الوقت أخر إلى
آخره، وإن يئس منه تيمم في أوله، وإن لم يكن عنده منه علم
70

تيمم في وسطه، وكذلك إن خاف أن لا يدرك الماء في
الوقت ورجا أن يدركه فيه، ومن تيمم من هؤلاء ثم أصاب
الماء في الوقت بعد أن صلى،
71

فأما المريض الذي لم يجد من يناوله إياه فليعد، وكذلك
الخائف من سباع ونحوها، وكذلك المسافر الذي يخاف أن لا
يدرك الماء
72

في الوقت ويرجو أن يدركه فيه، ولا يعيد غير هؤلاء. ولا
يصلي صلاتين بتيمم واحد من هؤلاء، إلا مريض لا يقدر
على مس الماء لضرر بجسمه مقيم، وقد قيل يتيمم لكل
صلاة.
73

وقد روي عن مالك فيمن ذكر صلوات، أن يصليها بتيمم
واحد
74

والتيمم بالصعيد الطاهر، وهو ما ظهر على وجه الأرض منها
من تراب أو رمل أو حجارة أو سبخة. يضرب بيديه الأرض،
75

فإن تعلق بهما شئ نفضهما نفضا خفيفا، ثم يمسح بهما وجهه
كله مسحا، ثم يضرب بيديه الأرض فيمسح يمناه بيسراه،
76

يجعل أصابع يده اليسرى على أطراف أصابع يده اليمنى،
ثم يمر أصابعه على ظاهر يده وذراعه وقد حنى عليه أصابعه
حتى يبلغ المرفقين، ثم يجعل كفه
77

على باطن ذراعه من طي مرفقه قابضا عليه حتى يبلغ
الكوع من يده اليمنى، ثم يجري باطن بهمه على ظاهر بهم
يده اليمنى، ثم يمسح اليسرى باليمنى هكذا، فإذا بلغ الكوع
مسح كفه اليمنى بكفه اليسرى إلى
78

آخر أطرافه، ولو مسح اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى
كيف شاء وتيسر عليه وأوعب المسح لأجزأه. وإذا لم يجد
الجنب أو الحائض الماء للطهر تيمما وصليا، فإذا
79

وجدا الماء تطهرا ولم يعيدا ما صليا. ولا يطأ الرجل امرأته
التي انقطع عنها دم حيض أو نفاس بالتطهر بالتيمم حتى
يجد من الماء ما تتطهر به المرأة، ثم ما يتطهران به جميعا. وفي
باب جامع الصلاة شئ من مسائل التيمم
80

(باب) في المسح على الخفين
وله أن يمسح على الخفين في الحضر والسفر
81

ما لم ينزعهما،
82

وذلك إذا أدخل فيهما رجليه بعد أن غسلهما في وضوء تحل
به الصلاة، فهذا الذي إذا أحدث وتوضأ مسح عليهما، وإلا فلا.
وصفة المسح، أن يجعل يد اليمنى من فوق الخف من طرف
الأصابع ويده اليسرى من تحت ذلك، ثم يذهب بيده إلى حد
83

الكعبين، وكذلك يفعل باليسرى ويجعل يده اليسرى من
فوقها واليمنى من أسفلها، ولا يمسح على طين في أسفل
84

خفه أو روث دابة حتى يزيله بمسح أو غسل. وقيل: يبدأ في
مسح أسفله من الكعبين إلى أطراف الأصابع لئلا يصل
إلى عقب خفه شئ من رطوبة ما مسح من خفيه من القشب،
85

وإن كان في أسفله طين فلا يمسح عليه حتى يزيله.
(باب) في أوقات الصلاة وأسمائها
86

أما صلاة الصبح فهي الصلاة الوسطى عند أهل المدينة
وهي صلاة الفجر، فأول وقتها انصداع الفجر المعترض بالضياء
في أقصى المشرق ذاهبا من القبلة إلى دبر القبلة حتى يرتفع
فيعم الأفق،
87

وآخر الوقت الاسفار البين الذي إذا سلم منها بدا حاجب
الشمس، وما بين هذين وقت واسع
88

وأفضل ذلك أوله.
ووقت الظهر إذا زالت الشمس عن كبد السماء، وأخذ الظل
في الزيادة، ويستحب أن تؤخر في الصيف إلى أن يزيد ظل
كل شئ ربعه بعد
89

الظل الذي زالت عليه الشمس. وقيل: إنما يستحب
ذلك في المساجد ليدرك الناس الصلاة، وأما الرجل
في خاصة نفسه فأول الوقت أفضل له. وقيل: أما في
شدة الحر فالأفضل له أن يبرد بها وإن كان وحده لقول
النبي (ص): أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من
فيح جهنم.
90

وآخر الوقت أن يصير ظل
كل شئ مثله بعد ظل نصف النهار. وأول وقت العصر آخر وقت الظهر، وآخره أن
يصير ظل كل شئ مثليه بعد ظل نصف النهار. وقيل: إذا
استقبلت الشمس بوجهك وأنت قائم غير منكس رأسك ولا
91

مطأطئ له، فإن نظرت إلى الشمس ببصرك، فقد دخل
الوقت، وإن لم ترها ببصرك فلم يدخل الوقت، وإن نزلت
عن بصرك فقد تمكن دخول الوقت، والذي وصف مالك
رحمه الله أن الوقت فيها ما لم تصفر الشمس.
ووقت المغرب وهي صلاة الشاهد - يعني الحاضر - يعني أن
المسافر لا يقصرها ويصليها كصلاة
92

الحاضر، فوقتها غروب الشمس، فإذا توارت بالحجاب وجبت
الصلاة لا تؤخر، وليس لها إلا وقت واحد لا تؤخر عنه.
ووقت صلاة العتمة وهي صلاة العشاء وهذا الاسم أولى بها
93

غيبوبة الشفق، والشفق الحمرة الباقية في المغرب من بقايا
شعاع الشمس، فإذا لم يبق في المغرب صفرة ولا حمرة فقد
وجب الوقت، ولا ينظر إلى البياض في المغرب فذلك لها
وقت إلى ثلث الليل ممن يريد تأخيرها لشغل أو
94

عذر والمبادرة بها أولى، ولا بأس أن يؤخرها أهل المساجد
قليلا لاجتماع الناس، ويكره النوم قبلها والحديث لغير
شغل بعدها.
95

(باب) في الأذان والإقامة
والاذان واجب في المساجد والجماعات الراتبة
96

فأما الرجل في خاصة نفسه فإن أذن فحسن ولا بد له من
الإقامة، وأما المرأة فإن أقامت فحسن، وإلا فلا حرج. ولا
يؤذن لصلاة قبل وقتها
97

إلا الصبح فلا بأس أن يؤذن لها في السدس الأخير من
الليل. والاذان: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا
الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله
أشهد أن محمدا رسول الله، ثم ترجع بأرفع من صوتك
أول مرة فتكرر التشهد فتقول: أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد
98

أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على
الفلاح حي على الفلاح. فإن كنت في نداء الصبح زدت ههنا:
الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم، لا تقل ذلك
في غير نداء الصبح. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
مرة واحدة. والإقامة وتر: الله أكبر الله أكبر،
99

أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على
الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر،
لا إله إلا الله.
(باب) صفة العمل في الصلوات المفروضة
وما يتصل بها من النوافل والسنن
100

والاحرام في الصلاة أن تقول الله أكبر لا يجزئ غير
هذه الكلمة،
101

وترفع يديك حذو منكبيك أو دون ذلك،
102

ثم تقرأ، فإن كنت في الصبح قرأت جهرا بأم القرآن
لا تستفتح ب‍ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * في أم القرآن ولا في
السورة التي بعدها،
103

فإذا قلت: * (ولا الضالين) *، فقل آمين إن كنت وحدك أو
خلف إمام وتخفيها، ولا يقولها الإمام فيما جهر فيه ويقولها
فيما أسر فيه، وفي قوله إياها في الجهر اختلاف. ثم تقرأ سورة
104

من طوال المفصل، وإن كانت أطول من ذلك فحسن بقدر
التغليس وتجهر بقراءتها.
105

فإذا تمت السورة كبرت في انحطاطك للركوع، فتمكن
يديك من ركبتيك،
106

وتسوي ظهرك مستويا، ولا ترفع رأسك ولا تطأطئه
وتجافي بضبعيك عن جنبيك، وتعتقد الخضوع بذلك
بركوعك وسجودك، ولا تدعو في ركوعك
107

وقل إن شئت: سبحان ربي العظيم وبحمده، وليس في ذلك
توقيت قول ولا حد في اللبث. ثم ترفع رأسك وأنت قائل: سمع
108

الله لمن حمده ثم تقول: اللهم ربنا ولك الحمد إن كنت
وحدك ولا يقولها الإمام، ولا يقول المأموم سمع الله لمن
حمده ويقول: اللهم ربنا ولك الحمد. وتستوي قائما مطمئنا
مترسلا، ثم
109

تهوي ساجدا لا تجلس، ثم تسجد وتكبر في انحطاطك
للسجود فتمكن جبهتك وأنفك من الأرض
110

وتباشر بكفيك الأرض باسطا يديك مستويتين إلى
القبلة
111

تجعلهما حذو أذنيك أو دون ذلك، وكل ذلك واسع، غير
أنك لا تفترش ذراعيك في الأرض، ولا تضم عضديك إلى
جنبيك ولكن تجنح بهما تجنيحا وسطا، وتكون رجلاك
في سجودك قائمتين وبطون إبهاميهما إلى الأرض وتقول إن
112

شئت في سجودك: سبحانك ربي ظلمت نفسي وعملت سوءا
فاغفر لي أو غير ذلك إن شئت، وتدعو في السجود إن شئت
وليس لطول ذلك وقت، وأقله أن تطمئن مفاصلك متمكنا.
113

ثم ترفع رأسك بالتكبير فتجلس فتثني رجلك اليسرى في
جلوسك بين السجدتين، وتنصب اليمنى وبطون أصابعها
إلى الأرض، وترفع يديك عن الأرض على ركبتيك،
114

ثم تسجد الثانية كما فعلت أولا، ثم تقوم من الأرض
كما أنت معتمدا على يديك لا ترجع جالسا لتقوم من
جلوس، ولكن كما ذكرت لك، وتكبر في حال قيامك.
ثم تقرأ كما قرأت في الأولى أو دون ذلك،
115

وتفعل مثل ذلك سواء، غير أنك تقنت بعد الركوع، وإن
شئت قنت قبل الركوع بعد تمام القراءة،
116

والقنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل
عليك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد
ولك نصلي ونسجد
117

وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخاف عذابك
الجد إن عذابك بالكافرين ملحق. ثم تفعل في السجود
والجلوس كما تقدم من الوصف، فإذا جلست بعد السجدتين
نصبت رجلك اليمنى وبطون أصابعها إلى الأرض، وثنيت
اليسرى وأفضيت بأليتك
118

إلى الأرض، ولا تقعد على رجلك اليسرى، وإن شئت حنيت
اليمنى في انتصابها فجعلت جنب بهمها إلى الأرض فواسع.
ثم تتشهد والتشهد: التحيات لله الزاكيات لله الطيبات
119

الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة ا لله وبركاته،
السلام علينا وعلى عباد ا لله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فإن
سلمت بعد هذا أجزأك، ومما تزيده إن شئت: وأشهد أن
الذي جاء به محمد حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق،
120

وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث
من في القبور، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وارحم
محمدا وآل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت
ورحمت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين
إنك حميد مجيد، اللهم صل على ملائكتك والمقربين، وعلى
أنبيائك والمرسلين، وعلى أهل طاعتك أجمعين. اللهم اغفر لي
ولوالدي ولأئمتنا
121

ولمن سبقنا بالايمان مغفرة عزما، اللهم إني أسألك من كل
خير سألك منه محمد نبيك، وأعوذ بك من كل شر استعاذك
منه محمد نبيك، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا
وما أعلنا وما أنت أعلم به منا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وأعوذ بك من فتنة المحيا
122

والممات، ومن فتنة القبر، ومن فتنة المسيح الدجال،
123

ومن عذاب النار وسوء المصير. السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. ثم
تقول: السلام عليكم تسليمة واحدة عن يمينك
124

تقصد بها قبالة وجهك وتتيامن برأسك قليلا، هكذا
يفعل الإمام والرجل وحده، وأما المأموم فيسلم واحدة
125

يتيامن بها قليلا ويرد أخرى على الإمام قبالته يشير بها إليه،
ويرد على من كان سلم عليه على يساره، فإن لم يكن سلم عليه
أحد لم يرد على يساره شيئا،
126

ويجعل يديه في تشهده على فخذيه، ويقبض أصابع يده اليمنى،
ويبسط السبابة يشير بها وقد نصب حرفها إلى وجهه، واختلف
في تحريكها فقيل يعتقد بالإشارة بها أن الله إله واحد، ويتأول
127

من يحركها أنها مقمعة للشيطان، وأحسب تأويل ذلك أن
يذكر بذلك من أمر الصلاة ما يمنعه إن شاء الله عن السهو
فيها والشغل عنها ويبسط يده اليسرى على فخذه الأيسر
ولا يحركها ولا يشير بها، ويستحب الذكر بإثر الصلوات
يسبح الله ثلاثا وثلاثين، ويحمد الله
128

ثلاثا وثلاثين، ويكبر الله ثلاثا وثلاثين، ويختم المائة بلا
إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على
كل شئ قدير. ويستحب بإثر صلاة الصبح التمادي في
الذكر والاستغفار والتسبيح والدعاء إلى طلوع الشمس أو
قرب طلوعها
129

وليس بواجب. ويركع ركعتي الفجر قبل صلاة الصبح
بعد الفجر، يقرأ في كل ركعة بأم القرآن يسرها. والقراءة
في الظهر بنحو القراءة في الصبح من الطوال أو دون
130

ذلك قليلا ولا يجهر فيها بشئ من القراءة، ويقرأ في الأولى
والثانية في كل ركعة بأم القرآن وسورة سرا، وفي
الأخيرتين بأم القرآن وحدها سرا. ويتشهد في الجلسة الأولى
إلى قوله: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم يقوم فلا يكبر
131

حتى يستوي قائما. هكذا يفعل الإمام والرجل وحده، وأما
المأموم فبعد أن يكبر الإمام يقوم المأموم أيضا، فإذا استوى
قائما كبر ويفعل في بقية الصلاة من صفة الركوع
والسجود والجلوس نحو ما تقدم ذكره في الصبح. ويتنفل
بعدها، ويستحب له أن يتنفل بأربع ركعات يسلم من
كل ركعتين،
132

ويستحب له مثل ذلك قبل صلاة العصر. ويفعل في العصر كما
وصفنا في الظهر سواء، إلا أنه يقرأ في الركعتين الأوليين مع
أم القرآن بالقصار من السور مثل: والضحى، وإنا أنزلناه
ونحوهما. وأما المغرب فيجهر بالقراءة في الركعتين الأوليين
منها، ويقرأ في كل ركعة
133

منهما بأم القرآن وسورة من السور القصار، وفي الثالثة
بأم القرآن فقط ويتشهد ويسلم. ويستحب أن يتنفل بعدها
بركعتين
134

وما زاد فهو خير، وإن تنفل بست ركعات فحسن، والتنفل
بين المغرب والعشاء مرغب فيه، وأما غير ذلك من شأنها
135

فكما تقدم ذكره في غيرها. وأما العشاء الأخيرة وهي العتمة
واسم العشاء أخص بها وأولى، فيجهر في الأوليين بأم القرآن
وسورة في كل ركعة وقراءتها أطول قليلا من قراءة
العصر، وفي الأخيرتين بأم القرآن في كل ركعة سرا، ثم
يفعل في سائرها كما تقدم من الوصف، ويكره النوم قبلها
136

والحديث بعدها لغير ضرورة. والقراءة التي يسر بها في الصلاة
كلها هي بتحريك اللسان بالتكلم بالقرآن، وأما الجهر فأن
يسمع نفسه ومن يليه إن كان وحده،
137

والمرأة دون الرجل في الجهر وهي في هيئة الصلاة مثله
، غير أنها تنضم ولا تفرج فخذيها ولا عضديها وتكون
منضمة منزوية
138

في جلوسها وسجودها وأمرها كله. ثم يصلي الشفع والوتر
139

جهرا، وكذلك يستحب في نوافل الليل الاجهار، وفي نوافل
النهار الاسرار، وإن جهر في النهار في تنفله فذلك واسع،
وأقل الشفع ركعتان، ويستحب أن يقرأ في الأولى بأم
القرآن، وسبح اسم ربك الاعلى، وفي الثانية بأم القرآن، وقل
يا أيها الكافرون، ويتشهد ويسلم ثم يصلي الوتر ركعة يقرأ
فيها بأم القرآن، وقل هو الله أحد، والمعوذتين،
140

وإن زاد من الاشفاع جعل آخر ذلك الوتر، وكان
رسول الله (ص) يصلي من الليل
اثنتي عشرة ركعة ثم
يوتر بواحدة، وقيل: عشر ركعات ثم
يوتر بواحدة.
141

وأفضل الليل آخره في القيام فمن أخر تنفله ووتره إلى آخره
فذلك أفضل إلا من الغالب عليه أن لا ينتبه فليقدم وتره
مع ما يريد من النوافل أول الليل، ثم إن شاء إذا استيقظ
142

في آخره تنفل ما شاء منها مثنى مثنى، ولا يعيد الوتر، ومن
غلبته عيناه عن حزبه فله أن يصليه ما بينه وبين طلوع
الفجر وأول الاسفار، ثم يوتر ويصلي الصبح
143

ولا يقضي الوتر من ذكره بعد أن صلى الصبح.
144

ومن دخل المسجد على وضوء فلا يجلس حتى يصلي ركعتين
إن كان وقت
145

يجوز فيه الركوع، ومن دخل المسجد ولم يركع الفجر
أجزأه لذلك ركعتا الفجر، وإن ركع الفجر في بيته ثم أتى
المسجد فاختلف فيه فقيل: يركع، وقيل: لا يركع. ولا
صلاة نافلة بعد الفجر إلا ركعتا الفجر
146

إلى طلوع الشمس.
(باب) في الإمامة وحكم الإمام والمأموم
ويؤم الناس أفضلهم وأفقههم، ولا تؤم المرأة في فريضة
147

ولا نافلة لا رجالا ولا نساء.
148

ويقرأ مع الإمام فيما يسر فيه، ولا يقرأ معه فيما يجهر فيه،
ومن أدرك ركعة فأكثر فقد أدرك الجماعة
149

فليقض بعد سلام الإمام ما فاته على نحو ما فعل الإمام في
القراءة، وأما في القيام والجلوس ففعله كفعل الباني المصلي
وحده،
150

ومن صلى وحده فله أن يعيد في الجماعة للفضل في ذلك
إلا المغرب
152

وحدها، ومن أدرك ركعة فأكثر من صلاة الجماعة فلا
يعيدها في جماعة،
153

ومن لم يدرك إلا التشهد أو السجود فله أن يعيد في جماعة.
والرجل الواحد مع الإمام يقوم عن يمينه
154

ويقوم الرجلان فأكثر خلفه، فإن كانت امرأة معهما
قامت خلفهما، وإن كان معهما رجل صلى عن يمين الإمام
والمرأة خلفهما ومن صلى بزوجته قامت خلفه، والصبي إن
صلى مع رجل واحد خلف
155

الإمام قاما خلفه إن كان الصبي يعقل لا يذهب ويدع من
يقف معه. والإمام الراتب إن صلى وحده قام مقام الجماعة،
156

ويكره في كل مسجد له إمام راتب أن تجمع فيه الصلاة
مرتين. ومن صلى صلاة فلا يؤم فيها أحدا، وإذا سها الإمام
وسجد لسهوه فليتبعه من لم يسه معه ممن خلفه،
157

ولا يرفع أحد رأسه قبل الإمام
158

، ولا يفعل إلا بعد فعله، ويفتتح بعده
159

ويقوم من اثنتين بعد قيامه ويسلم بعد سلامه، وما سوى
ذلك فواسع أن يفعله معه وبعده أحسن، وكل سهو سهاه
المأموم فالإمام يحمله عنه إلا ركعة أو سجدة أو تكبيرة
160

الاحرام أو السلام أو اعتقاد نية الفريضة، وإذا سلم الإمام
فلا يثبت بعد سلامه، ولينصرف إلا أن يكون في محله
فذلك واسع
161

. (باب) جامع في الصلاة
وأقل ما يجزئ المرأة من اللباس في الصلاة الدرع الحصيف
162

السابغ الذي يستر ظهور قدميها وهو القميص والخمار
الحصيف، ويجزئ الرجل في الصلاة ثوب واحد ولا يغطي
أنفه أو وجهه في الصلاة أو يضم ثيابه
163

أو يكفت شعره، وكل سهو في الصلاة بزيادة
164

فليسجد له سجدتين بعد السلام يتشهد لهما
165

ويسلم منهما، وكل سهو بنقص فليسجد له قبل السلام
إذا تم تشهده ثم يتشهد ويسلم، وقيل: لا يعيد التشهد.
166

ومن نقص وزاد سجد قبل السلام، ومن نسي أن يسجد بعد
السلام فليسجد متما ذكره وإن طال ذلك،
167

وإن كان قبل السلام سجد إن كان قريبا،
168

وإن بعد ابتدأ صلاته إلا أن يكون ذلك من نقص شئ
خفيف كالسورة مع أم القرآن أو تكبيرتين أو التشهدين
وشبه ذلك
169

فلا شئ عليه. ولا يجزئ سجود السهو لنقص ركعة
170

ولا سجدة، ولا لترك القراءة في الصلاة كلها أو في ركعتين
منها، وكذلك في ترك القراءة في ركعة من الصبح،
171

واختلف في السهو عن القراءة في ركعة من غيرها فقيل:
يجزئ فيه سجود السهو قبل السلام، وقيل: يلغيها ويأتي
بركعة، وقيل: يسجد قبل السلام ولا يأتي بركعة ويعيد
الصلاة احتياطا،
172

وهذا أحسن ذلك إن شاء الله تعالى.
173

ومن سها عن تكبيرة، أو عن سمع الله لمن حمده مرة
أو القنوت فلا سجود عليه، ومن انصرف من الصلاة ثم
ذكر أنه بقي عليه شئ منها، فليرجع إن كان بقرب ذلك
174

فيكبر تكبيرة يحرم بها ثم يصلي ما بقي عليه،
175

وإن تباعد ذلك أو خرج من المسجد ابتدأ صلاته، وكذلك
من نسي السلام.
176

ومن لم يدر ما صلى أثلاث ركعات أم أربعا بنى على
اليقين وصلى ما شك فيه وأتى برابعة وسجد بعد سلامه.
ومن تكلم ساهيا
177

سجد بعد السلام، ومن لم يدر أسلم أم لم يسلم سلم ولا
سجود عليه، ومن استنكحه الشك في السهو فليله عنه
ولا إصلاح عليه،
178

ولكن عليه أن يسجد بعد السلام وهو الذي يكثر ذلك
منه يشك كثيرا أن يكون سها زاد أو نقص ولا يوقن
فليسجد بعد السلام
179

فقط، وإذا أيقن بالسهو سجد بعد إصلاح صلاته، فإن كثر
ذلك منه فهو يعتريه كثيرا أصلح صلاته ولم يسجد لسهوه،
180

ومن قام من اثنتين رجع ما لم يفارق الأرض بيديه
وركبتيه، فإذا فارقها تمادى ولم يرجع وسجد قبل السلام،
181

ومن ذكر صلاة صلاها متى ما ذكرها على نحو ما فاتته
182

ثم أعاد ما كان في وقته مما صلى بعدها، ومن عليه صلوات
كثيرة صلاها في كل وقت من ليل أو نهار، وعند طلوع
الشمس وعند غروبها
183

وكيفما تيسر له، وإن كانت يسيرة أقل من صلاة يوم
وليلة بدأ بهن، وإن فات وقت ما هو في وقته،
184

وإن كثرت بدأ بما يخاف فوات وقته. ومن ذكر صلاة
في صلاة فسدت هذه عليه،
185

ومن ضحك في الصلاة أعادها ولم يعد الوضوء وإن كان
مع إمام تمادى
186

وأعاد، ولا شئ عليه في التبسم والنفخ في الصلاة كالكلام،
والعامد لذلك مفسد لصلاته.
187

ومن أخطأ القبلة أعاد في الوقت، وكذلك من صلى بثوب
نجس أو على مكان نجس، وكذلك من توضأ بماء نجس
188

مختلف في نجاسته، وأما من توضأ بماء قد تغير لونه أو طعمه
أو ريحه أعاد صلاته أبدا ووضوءه. ورخص في الجمع بين
المغرب والعشاء ليلة المطر، وكذلك في طين وظلمة
189

يؤذن للمغرب أول الوقت خارج المسجد، ثم يؤخر قليلا
في قول مالك،
190

ثم يقيم في داخل المسجد ويصليها ثم يؤذن للعشاء في
داخل المسجد ويقيم ثم يصليها ثم
191

ينصرفون وعليهم إسفار قبل مغيب الشفق. والجمع بعرفة
بين الظهر والعصر عند الزوال سنة واجبة بأذان وإقامة
لكل صلاة، وكذلك في جمع المغرب والعشاء بالمزدلفة إذا
192

وصل إليها. وإذا جد السير بالمسافر فله أن يجمع بين الصلاتين
في آخر وقت الظهر، وأول وقت العصر، وكذلك المغرب
193

والعشاء، وإذا ارتحل في أول وقت الصلاة الأولى جمع حينئذ،
وللمريض أن يجمع إذا خاف أن يغلب على عقله عند الزوال
194

وعند الغروب، وإن كان الجمع أرفق به لبطن ونحوه جمع
وسط وقت الظهر وعند غيبوبة الشفق،
195

والمغمى عليه لا يقضي ما خرج وقته في إغمائه، ويقضي
ما أفاق في وقته مما يدرك منه ركعة فأكثر من الصلوات،
196

وكذلك الحائض تطهر فإذا بقي من النهار بعد طهرها بغير
توان خمس ركعات صلت الظهر والعصر، وإن كان الباقي
من الليل أربع
197

ركعات صلت المغرب والعشاء، وإن كان من النهار أو
من الليل أقل من ذلك صلت الصلاة الأخيرة، وإن
حاضت لهذا التقدير لم تقض ما حاضت في وقته، وإن
حاضت لأربع ركعات من النهار فأقل إلى ركعة أو لثلاث
ركعات من الليل
198

إلى ركعة قضت الصلاة الأولى فقط، واختلف في حيضها
لأربع ركعات من الليل فقيل مثل ذلك، وقيل: إنها حاضت
في وقتهما فلا تقضيهما. ومن أيقن بالوضوء وشك في الحدث
ابتدأ الوضوء.
199

ومن ذكر من وضوئه شيئا مما هو فريضة منه، فإن
كان بالقرب أعاد ذلك وما يليه،
200

وإن تطاول ذلك أعاده فقط، وإن تعمد ذلك ابتدأ الوضوء
إن طال ذلك وإن كان
201

قد صلى في جميع ذلك أعاد صلاته أبدا ووضوءه. وإن ذكر
مثل المضمضة والاستنشاق ومسح الاذنين، فإن كان قريبا
فعل ذلك ولم يعد ما بعده، وإن تطاول فعل ذلك لما يستقبل
202

ولم يعد ما صلى قبل أن يفعل ذلك. ومن صلى على موضع
طاهر من حصير وبموضع آخر منه نجاسة فلا شئ عليه
203

والمريض إذا كان على فراش نجس فلا بأس أن يبسط عليه
ثوبا طاهرا كثيفا ويصلي عليه، وصلاة المريض إن لم يقدر
على القيام
204

صلى جالسا إن قدر على التربع، وإلا فبقدر طاقته، وإن لم يقدر
على السجود فليومئ بالركوع والسجود ويكون سجوده
205

أخفض من ركوعه، وإن لم يقدر صلى على جنبه الأيمن إيماء، وإن
لم يقدر إلا على ظهره فعل ذلك، ولا يؤخر
206

الصلاة إذا كان في عقله، وليصلها بقدر ما يطيق، وإن لم يقدر
على مس الماء لضرر به أو لأنه لا يجد من يناوله إياه تيمم،
فإن لم يجد من يناوله ترابا تيمم بالحائط إلى جانبه إن كان
طينا أو عليه طين، فإن كان عليه جص أو جير فلا يتيمم به.
207

والمسافر يأخذه الوقت في طين خضخاض لا يجد أين يصلي
فلينزل عن دابته ويصلي فيه قائما يومئ بالسجود أخفض من
الركوع، فإن لم يقدر أن ينزل فيه
208

صلى على دابته إلى القبلة، وللمسافر أن يتنفل على دابته في سفره
حيثما توجهت به
209

إن كان سفرا تقصر فيه الصلاة، وليوتر على دابته إن شاء
ولا يصلي الفريضة وإن كان مريضا إلا بالأرض إلا أن
يكون إن نزل صلى جالسا إيماء لمرضه، فليصل على الدابة بعد
أن توقف له ويستقبل بها القبلة. ومن رعف
210

مع الإمام خرج فغسل الدم ثم بنى ما لم يتكلم أو يمش
على نجاسة،
211

ولا يبني على ركعة لم تتم بسجدتيها وليلغها ولا ينصرف
لدم خفيف، وليفتله بأصابعه إلا أن يسيل أو يقطر
213

ولا يبني في قئ ولا حدث، ومن رعف بعد سلام الإمام سلم
وانصرف وإن رعف قبل سلامه انصرف وغسل الدم
ثم رجع فجلس
214

وسلم، وللراعف أن يبني في منزله إذا يئس أن يدرك
بقية صلاة الإمام، إلا في الجمع فلا يبني إلا في الجامع.
215

ويغسل قليل الدم من الثوب، ولا تعاد الصلاة إلا من كثيره،
216

وقليل كل نجاسة غيره وكثيرها سواء، ودم البراغيث ليس
عليه غسله إلا أن يتفاحش.
(باب) في سجود القرآن
217

وسجود القرآن إحدى عشرة سجدة وهي العزائم ليس
في المفصل منها شئ في المص عند قوله: * ويسبحونه وله
يسجدون) * (الأعراف: 206) وهو آخرها.
218

فمن كان في صلاة فإذا سجدها قام وقرأ من الأنفال
أو من غيرها ما تيسر عليه، ثم ركع وسجد. وفي الرعد
عند قوله: * (وظلالهم بالغدو والآصال) * (الرعد: 15) وفي النحل: * (يخافون ربهم
من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) * (النحل: 5) وفي بني إسرائيل: * (ويخرون
للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا) * (الاسراء: 109) وفي مريم: * (إذا تتلى عليهم
آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا) * (مريم: 58) وفي الحج أولها: * (ومن
219

يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء) * (الحج: 18) وفي
الفرقان: * (أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا) * (الفرقان: 60) وفي الهدهد:
* (الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم) * (النمل: 26) وفي ألم تنزيل * (وسبحوا
بحمد ربهم وهم لا يستكبرون) * (السجدة: 15) وفي ص * (فاستغفر ربه وخر
راكعا وأناب) * (ص: 24) وقيل عند قوله: * (لزلفى وحسن مآب) * (ص: 25) وفي حم
تنزيل * (واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون) * (فصلت: 37).
220

ولا يسجد السجدة في التلاوة إلا على وضوء ويكبر لها
ولا يسلم منها، وفي التكبير في الرفع منها سعة، وإن كبر
فهو أحب إلينا ويسجدها من قرأها في الفريضة والنافلة.
221

ويسجدها من قرأها بعد الصبح ما لم
222

يسفر، وبعد العصر ما لم تصفر الشمس.
(باب) في صلاة السفر
ومن سافر مسافة أربعة برد، وهي ثمانية وأربعون
223

ميلا، فعليه أن يقصر الصلاة فيصليها ركعتين إلا المغرب
فلا يقصرها
224

، ولا يقصر حتى يجاوز بيوت المصر وتصير خلفه ليس بين
يديه ولا بحذائه منها شئ، ثم يتم حتى يرجع إليها أو
يقاربها بأقل من الميل.
225

وإن نوى المسافر إقامة أربعة أيام بموضع أو ما يصلي فيه
عشرين صلاة أتم الصلاة حتى يظعن من مكانه ذلك،
226

ومن خرج ولم يصل الظهر والعصر وقد بقي من النهار قدر
ثلاث ركعات صلاهما سفريتين، فإن بقي قدر ما يصلي فيه
227

ركعتين أو ركعة صلى الظهر حضرية والعصر سفرية، ولو
دخل لخمس ركعات ناسيا لهما صلاهما حضريتين، فإن كان
بقدر أربع ركعات فأقل إلى ركعة صلى الظهر سفرية
والعصر حضرية، وإن قدم في ليل وقد بقي للفجر ركعة
فأكثر ولم
228

يكن صلى المغرب والعشاء صلى المغرب ثلاثا والعشاء
حضرية، ولو خرج وقد بقي من الليل ركعة فأكثر صلى
المغرب ثم صلى العشاء سفرية.
(باب) في صلاة الجمعة
والسعي إلى الجمعة فريضة،
229

وذلك عند جلوس الإمام على المنبر وأخذ المؤذنون في الاذان،
230

والسنة المتقدمة أن يصعدوا حينئذ على المنار فيؤذنون،
231

ويحرم حينئذ البيع وكل ما يشغل عن السعي إليها، وهذا
الاذان الثاني أحدثه بنو أمية.
232

والجمعة تجب بالمصر والجماعة، والخطبة فيها واجبة قبل
الصلاة،
233

ويتوكأ الإمام على قوس أو عصا، ويجلس في أولها وفي وسطها،
234

وتقام الصلاة عند فراغها، ويصلي الإمام ركعتين يجهر
فيهما بالقراءة، يقرأ في الأولى: بالجمعة ونحوها.
235

وفي الثانية: ب‍ * (هل أتاك حديث الغاشية) * ونحوها. ويجب السعي
إليها على من في المصر وعلى ثلاثة أميال منه فأقل، ولا تجب
على مسافر، ولا على أهل منى، ولا على عبد، ولا امرأة، ولا صبي،
236

وإن حضرها عبد أو امرأة فليصلها، وتكون النساء خلف
صفوف الرجال ولا تخرج إليها الشابة، وينصت للإمام في
خطبته
237

ويستقبله الناس والغسل لها واجب، والتهجير حسن،
238

وليس ذلك في أول النهار، وليتطيب لها، ويلبس أحسن ثيابه،
وأحب إلينا أن ينصرف بعد فراغها، ولا يتنفل في المسجد،
239

وليتنفل إن شاء قبلها، ولا يفعل ذلك الإمام، وليرق المنبر
كما يدخل.
240

(باب) في صلاة الخوف
وصلاة الخوف
241

في السفر إذا خافوا العدو أن يتقدم الإمام بطائفة ويدع
طائفة مواجهة العدو، فيصلي الإمام بطائفة ركعة ثم يثبت
قائما، ويصلون لأنفسهم ركعة ثم يسلمون فيقفون مكان
أصحابهم، ثم يأتي أصحابهم فيحرمون
242

خلف الإمام فيصلي بهم الركعة الثانية، ثم يتشهد ويسلم،
ثم يقضون الركعة التي فاتتهم وينصرفون، هكذا يفعل
في صلاة الفرائض كلها، إلا المغرب فإنه يصلي بالطائفة
الأولى ركعتين وبالثانية ركعة.
243

وإن صلى بهم في الحضر لشدة خوف صلى في الظهر والعصر
والعشاء بكل طائفة ركعتين، ولكل صلاة أذان وإقامة،
وإذا اشتد الخوف عن ذلك صلوا وحدانا بقدر طاقتهم، مشاة
244

أو ركبانا، ماشين أو ساعين، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها.
(باب) في صلاة العيدين والتكبير أيام منى
وصلاة العيدين سنة واجبة
245

يخرج لها الإمام والناس ضحوة بقدر ما إذا وصل حانت
الصلاة
246

وليس فيها أذان وإقامة، فيصلي بهم ركعتين، يقرأ فيهما
جهرا بأم القرآن، وسبح اسم ربك الاعلى، والشمس
وضحاها ونحوهما،
247

ويكبر في الأولى سبعا قبل القراءة يعد فيها تكبيرة
الاحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات لا يعد فيها تكبيرة القيام،
248

وفي كل ركعة سجدتان ثم يتشهد ويسلم، ثم يرقى المنبر
ويخطب ويجلس في أول خطبته ووسطها
249

ثم ينصرف، ويستحب أن يرجع من طريق غير الطريق
التي أتى منها والناس وإن كان في الأضحى خرج
بأضحيته إلى المصلى فذبحها أو نحرها ليعلم ذلك كذلك الناس
فيذبحون بعده. وليذكر الله في خروجه من بيته
250

في الفطر والأضحى جهرا حتى يأتي المصلى الإمام والناس
كذلك، فإذا دخل الإمام للصلاة قطعوا ذلك ويكبرون
بتكبير الإمام في خطبته، وينصتون له
251

فيما سوى ذلك. فإن كانت أيام النحر فليكبر الناس
دبر الصلوات من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة
الصبح من اليوم الرابع منه وهو آخر أيام منى، يكبر
إذا صلى الصبح ثم يقطع، والتكبير دبر الصلوات الله أكبر الله
أكبر الله أكبر، وإن جمع مع التكبير تهليلا وتحميدا فحسن
252

يقول إن شاء ذلك: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا
الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وقد روي عن مالك
هذا والأول والكل واسع، والأيام المعلومات أيام النحر
الثلاثة، والأيام المعدودات أيام منى وهي ثلاثة أيام بعد
يوم النحر. والغسل للعيدين حسن وليس بلازم،
253

ويستحب فيهما الطيب والحسن من الثياب.
(باب) في صلاة الخسوف
وصلاة الخسوف سنة واجبة
254

إذا خسفت الشمس خرج الإمام إلى المسجد فافتتح الصلاة
بالناس بغير أذان ولا إقامة، ثم قرأ قراءة طويلة سرا بنحو
سورة البقرة، ثم يركع ركوعا طويلا نحو ذلك، ثم يرفع
رأسه يقول سمع الله لمن حمده، ثم يقرأ دون قراءته الأولى،
255

ثم يركع نحو قراءته الثانية ثم يرفع رأسه يقول: سمع
الله لمن حمده، ثم يسجد سجدتين تامتين، ثم يقوم فيقرأ
دون قراءته التي تلي ذلك، ثم يركع نحو قراءته، ثم يرفع
كما ذكرنا، ثم يقرأ دون قراءته هذه، ثم يركع نحو ذلك، ثم
256

يرفع رأسه كما ذكرنا، ثم يسجد كما ذكرنا، ثم يتشهد
ويسلم. ولمن شاء أن يصلي في بيته مثل ذلك أن يفعل. وليس
في صلاة خسوف القمر جماعة، وليصل الناس عند ذلك
أفذاذا والقراءة فيها جهرا كسائر ركوع النوافل،
257

وليس في إثر صلاة خسوف الشمس خطبة مرتبة، ولا بأس
أن يعظ الناس ويذكرهم.
258

(باب) في صلاة الاستسقاء
وصلاة الاستسقاء سنة تقام يخرج لها الإمام
259

كما يخرج للعيدين ضحوة فيصلي بالناس ركعتين يجهر فيهما
بالقراءة، يقرأ ب‍ * (سبح اسم ربك الاعلى) *، * (والشمس وضحاها) *،
وفي
260

كل ركعة سجدتان وركعة واحدة ويتشهد ويسلم، ثم يستقبل
الناس بوجهه فيجلس جلسة، فإذا اطمأن الناس قام متوكئا
على قوس أو عصا فخطب ثم جلس ثم قام فخطب، فإذا فرغ
استقبل القبلة فحول رداءه يجعل ما على منكبه الأيمن على
الأيسر وما على
261

الأيسر على الأيمن، ولا يقلب ذلك، وليفعل الناس مثله وهو
قائم وهم قعود، ثم يدعو كذلك، ثم ينصرف وينصرفون. ولا
يكبر فيها ولا في الخسوف غير تكبيرة الاحرام والخفض
والرفع،
262

ولا أذان فيها ولا إقامة.
(باب) ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت
وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه
ويستحب استقبال القبلة بالمحتضر
263

وإغماضه إذا قضى، ويلقن لا إله إلا الله عند الموت، وإن
قدر على أن يكون طاهرا وما عليه طاهر فهو أحسن،
264

ويستحب أن لا يقربه حائض ولا جنب وأرخص بعض
العلماء في القراءة عند رأسه بسورة يس، ولم يكن ذلك
عند مالك أمرا معمولا به، ولا بأس بالبكاء بالدموع حينئذ
وحسن التعزي، والتصبر أجمل
265

لمن استطاع وينهى عن الصراخ والنياحة. وليس في غسل
الميت حد، ولكن ينقى ويغسل وترا بماء وسدر
266

ويجعل في الأخيرة كافور، وتستر عورته، ولا تقلم أظفاره،
ولا يحلق شعره، ويعصر بطنه عصرا رفيقا، وإن وضئ وضوء
الصلاة فحسن
267

وليس بواجب، ويقلب لجنبه في الغسل أحسن، وإن أجلس
فذلك واسع. ولا بأس بغسل أحد الزوجين صاحبه من
غير ضرورة، والمرأة تموت في السفر لا نساء معها ولا محرم
من الرجال،
268

فلييمم رجل وجهها وكفيها، ولو كان الميت رجلا يمم النساء
وجهه ويديه إلى المرفقين إن لم يكن معهن رجل يغسله
ولا امرأة من محارمه، فإن كانت امرأة من محارمه غسلته
وسترت عورته، وإن كان مع الميتة ذو محرم غسلها من فوق
ثوب يستر جميع جسدها
269

ويستحب أن يكفن الميت في وتر ثلاثة أثواب أو خمسة
أو سبعة، وما جعل له من وزرة وقميص وعمامة فذلك محسوب
في عدد الأثواب الوتر، وقد كفن النبي (ص)
في ثلاثة أثواب بيض سحولية أدرج فيها إدراجا (ص).
ولا بأس أن يقمص الميت ويعمم،
270

وينبغي أن يحنط ويجعل الحنوط بين أكفانه وفي جسده
ومواضع السجود منه ولا يغسل الشهيد في المعترك ولا
يصلى عليه
271

ويدفن بثيابه،
272

ويصلى على قاتل نفسه، ويصلى على من قتله الإمام في حد أو
قود، ولا يصلي عليه الإمام. ولا يتبع الميت بمجمر، والمشي
أمام الجنازة أفضل، ويجعل الميت في قبره على شقه الأيمن،
273

وينصب عليه اللبن ويقول حينئذ: اللهم إن صاحبنا قد نزل
بك، وخلف الدنيا وراء ظهره، وافتقر إلى ما عندك، اللهم
ثبت عند المسألة منطقه ولا تبتله
274

في قبره بما لا طاقة له به، وألحقه بنبيه محمد (ص).
ويكره البناء على القبور وتجصيصها. ولا يغسل المسلم أباه
الكافر ولا يدخله قبره إلا أن يخاف أن يضيع فليواره.
واللحد
275

أحب إلى أهل العلم من الشق وهو أن يحفر للميت تحت
الجرف في حائط قبلة القبر، وذلك إذا كانت تربة صلبة
لا تتهيل ولا تتقطع، وكذلك فعل برسول الله (ص).
(باب) في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت
276

والتكبير على الجنازة أربع تكبيرات
277

يرفع يديه في أولاهن، وإن رفع في كل تكبيرة فلا بأس
وإن شاء دعا بعد الأربع ثم يسلم، وإن شاء سلم بعد الرابعة
مكانه،
278

ويقف الإمام في الرجل عند وسطه، وفي المرأة عند منكبيها،
والسلام من الصلاة على الجنائز تسليمة واحدة خفية للإمام
والمأموم.
279

وفي الصلاة على الميت قيراط من الاجر، وقيراط في حضور
دفنه وذلك في التمثيل مثل جبل أحد ثوابا. ويقال في الدعاء
على الميت غير شئ محدود، وذلك
280

كله واسع، ومن مستحسن ما قيل في ذلك أن يكبر ثم يقول
: الحمد لله الذي أمات وأحيا، والحمد لله الذي يحيي الموتى، له
العظمة والكبرياء والملك والقدرة والسناء وهو على كل شئ
قدير، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت ورحمت
وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك
حميد مجيد، اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك، أنت
خلقته ورزقته،
281

وأنت أمته وأنت تحييه وأنت أعلم بسره وعلانيته،
جئناك شفعاء له فشفعنا فيه، اللهم إنا نستجير بحبل جوارك
له إنك ذو وفاء وذمة، اللهم قه من فتنة القبر ومن عذاب
جهنم، اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه وأكرم
نزله ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد
282

ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله
دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه،
اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه،
اللهم إنه قد نزل بك وأنت خير منزول به فقير إلى رحمتك
وأنت غني عن عذابه، اللهم ثبت عند المسألة منطقه ولا تبتله في
283

قبره بما لا طاقة له به، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا
بعده. تقول هذا بإثر كل تكبيرة وتقول بعد الرابعة:
اللهم اغفر لحينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا
وذكرنا وأنثانا، إنك تعلم متقلبنا ومثوانا، ولوالدينا ولمن
سبقنا بالايمان وللمسلمين والمسلمات
284

والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والأموات، اللهم من أحييته
منا فأحيه على الايمان، ومن توفيته منا فتوفه على الاسلام،
وأسعدنا بلقائك وطيبنا للموت وطيبه لنا واجعل فيه راحتنا
ومسرتنا ثم تسلم. وإن كانت امرأة قلت اللهم إنها أمتك ثم
تتمادى بذكرها على التأنيث غير أنك لا تقول: وأبدلها زوجا
خيرا من زوجها لأنها قد تكون زوجا في الجنة لزوجها في الدنيا،
285

ونساء الجنة مقصورات على أزواجهن لا يبغين بهم بدلا،
والرجل قد يكون له زوجات كثيرة في الجنة، ولا يكون
للمرأة أزواج. ولا بأس أن تجمع الجنائز في صلاة واحدة،
286

ويلي الإمام الرجال إن كان فيهم نساء وإن كانوا رجالا جعل
أفضلهم مما يلي الإمام وجعل من دونه النساء والصبيان من
وراء ذلك إلى القبلة. ولا بأس أن يجعلوا صفا واحدا ويقرب
إلى الإمام أفضلهم. وأما دفن الجماعة في قبر واحد فيجعل
أفضلهم مما يلي القبلة.
287

ومن دفن ولم يصل عليه وووري فإنه يصلى على قبره، ولا
يصلى على من قد صلي عليه، ويصلى على أكثر الجسد، واختلف
في الصلاة على مثل اليد والرجل.
288

(باب) في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله
تثني على الله تبارك وتعالى، وتصلي على نبيه محمد (ص)
ثم تقول: اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك
أنت خلقته ورزقته وأنت
289

أمته وأنت تحييه، اللهم فاجعله لوالديه سلفا وذخرا وفرطا
وأجرا، وثقل به موازينهم، وأعظم به أجورهم، ولا تحرمنا
وإياهم أجره، ولا تفتنا وإياهم بعده، اللهم ألحقه بصالح
سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم، وأبدله دارا خيرا من داره،
وأهلا خيرا من أهله، وعافه من فتنة
290

القبر ومن عذاب جهنم. تقول ذلك في كل تكبيرة وتقول
بعد الرابعة: اللهم اغفر لاسلافنا وأفراطنا ولمن سبقنا
بالايمان، اللهم من أحييته منا فأحيه على الايمان، ومن توفيته
منا فتوفه على الاسلام، واغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين
والمؤمنات الاحياء منهم والأموات، ثم تسلم. ولا يصلى على
من لم يستهل صارخا
291

ولا يرث ولا يورث، ويكره أن يدفن السقط في الدور.
ولا بأس أن يغسل النساء الصبي الصغير ابن ست سنين أو
سبع، ولا يغسل الرجال الصبية، واختلف فيها إن كانت
لم تبلغ أن تشتهى
292

والأول أحب إلينا.
(باب) في الصيام
وصوم شهر رمضان فريضة يصام لرؤية الهلال
293

ويفطر لرؤيته، كان ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما، فإن غم
الهلال فيعد ثلاثين يوما من غرة الشهر الذي قبله ثم يصام،
وكذلك في الفطر. ويبيت الصيام في أوله
294

وليس عليه البيات في بقيته، ويتم الصيام إلى الليل ومن
السنة تعجيل الفطر
295

وتأخير السحور، وإن شك في الفجر فلا يأكل ولا يصام
يوم الل يحتاط به من رمضان، ومن صامه كذلك لم
يجزه وإن وافقه من رمضان،
296

ولمن شاء صومه تطوعا أن يفعل. ومن أصبح فلم يأكل
ولم يشرب ثم تبين له أن ذلك اليوم من رمضان لم يجزه،
وليمسك عن الاكل في بقيته ويقضيه. وإذا قدم المسافر
مفطرا أو طهرت الحائض نهارا فلهما الاكل في بقية يومهما.
ومن أفطر في تطوعه عامدا أو سافر فيه فأفطر لسفره
297

فعليه القضاء، وإن أفطر ساهيا فلا قضاء عليه بخلاف
الفريضة. ولا بأس بالسواك للصائم في جميع نهاره، ولا تكره
له الحجامة إلا خيفة التغرير
298

ومن ذرعه القئ في رمضان فلا قضاء عليه، وإن استقاء فقاء
فعليه القضاء وإذا خافت الحامل على ما في
299

بطنها أفطرت ولم تطعم، وقد قيل تطعم. وللمرضع إن خافت
على ولدها ولم تجد من تستأجر له أو لم يقبل غيرها أن
تفطر وتطعم.
300

ويستحب للشيخ الكبير إذا أفطر أن يطعم والاطعام في
هذا كله مد عن كل يوم يقضيه. وكذلك يطعم من فرط
في قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر،
301

ولا صيام على الصبيان حتى يحتلم الغلام وتحيض الجارية
وبالبلوغ لزمتهم أعمال الأبدان فريضة قال الله سبحانه:
* (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا) * (النور: 59). ومن أصبح
302

جنبا ولم يتطهر أو امرأة حائض طهرت قبل الفجر، فلم
يغتسلا إلا بعد الفجر أجزأهما صوم ذلك اليوم. ولا يجوز
صيام يوم الفطر ولا يوم النحر، ولا يصوم اليومين اللذين
بعد يوم النحر إلا المتمتع الذي لا يجد هديا،
303

واليوم الرابع لا يصومه متطوع ويصومه من نذره أو
من كان في صيام متتابع قبل ذلك. ومن أفطر في نهار
رمضان ناسيا فعليه القضاء فقط، وكذلك من أفطر فيه
لضرورة من مرض.
304

ومن سافر سفرا تقصر فيه الصلاة فله أن يفطر وإن لم تنله
ضرورة وعليه القضاء، والصوم أحب إلينا. ومن سافر أقل
من أربعة برد فظن أن الفطر مباح له فأفطر فلا كفارة
عليه وعليه القضاء، وكل من أفطر متأولا فلا كفارة عليه،
305

وإنما الكفارة على من أفطر متعمدا بأكل أو شرب أو جماع
306

مع القضاء، والكفارة في ذلك إطعام ستين مسكينا لكل
مسكين مد بمد النبي (ص)، فذلك أحب إلينا.
307

وله أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين. وليس
على من أفطر في قضاء رمضان متعمدا كفارة ومن أغمي عليه
ليلا فأفاق بعد طلوع الفجر فعليه قضاء الصوم،
308

ولا يقضي من الصلوات إلا ما أفاق في وقته. وينبغي للصائم
أن يحفظ لسانه وجوارحه ويعظم من شهر رمضان ما عظم الله
309

سبحانه، ولا يقرب الصائم النساء بوطئ ولا مباشرة ولا
قبلة للذة في نهار رمضان، ولا يحرم ذلك عليه في ليله. ولا
بأس أن يصبح جنبا من الوطئ،
310

ومن التذ في نهار رمضان بمباشرة أو قبلة فأمذى لذلك فعليه
القضاء، وإن تعمد ذلك حتى أمنى فعليه الكفارة. ومن قام
رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنب، وإن قمت
311

فيه بما تيسر فذلك مرجو فضله، وتكفير الذنوب به والقيام
فيه في مساجد الجماعات بإمام، ومن شاء قام في بيته وهو
أحسن لمن قويت نيته وحده، وكان السلف الصالح يقومون
فيه في المساجد بعشرين ركعة، ثم يوترون بثلاث، ويفصلون
312

بين الشفع والوتر بسلام، ثم صلوا بعد ذلك ستا وثلاثين
ركعة غير الشفع والوتر وكل ذلك واسع، ويسلم من كل ركعتين. قالت عائشة رضي الله عنه: ما زاد رسول الله (ص)
في رمضان ولا في غيره على اثنتي عشرة ركعة بعدها الوتر.
313

(باب) في الاعتكاف
والاعتكاف من نوافل الخير، والعكوف: الملازمة.
314

ولا اعتكاف بصيام، ولا يكون إلا متتابعا، ولا يكون
إلا في المساجد كما قال الله سبحانه: * (وأنتم عاكفون في
المساجد) * (البقرة: 187). فإن كان بلد فيه الجمعة فلا يكون إلا في الجامع
إلا أن ينذر أياما لا تأخذه فيها الجمعة،
315

وأقل ما هو أحب إلينا من الاعتكاف عشرة أيام، ومن
نذر اعتكاف يوم فأكثر لزمه، وإن نذر ليلة لزمه يوم
وليلة. ومن أفطر فيه متعمدا فليبتدئ اعتكافه، وكذلك
من جامع فيه ليلا أو نهارا ناسيا أو متعمدا،
316

وإن مرض خرج إلى بيته فإذا صح بنى على ما تقدم، وكذلك
إن حاضت المعتكفة، وحرمة الاعتكاف عليهما في المرض
وعلى الحائض في الحيض، فإذا طهرت الحائض أو أفاق
المريض في ليل أو نهار رجعا ساعتئذ
317

إلى المسجد. ولا يخرج المعتكف من معتكفه إلا لحاجة
الانسان، وليدخل معتكفه قبل غروب الشمس من الليلة
التي يريد أن يبتدئ فيها اعتكافه، ولا يعود مريضا،
318

ولا يصلى على جنازة، ولا يخرج لتجارة. ولا شرط في
الاعتكاف.
319

ولا بأس أن يكون إمام المسجد. وله أن يتزوج أو يعقد
نكاح غيره. ومن اعتكف أول الشهر أو وسطه خرج
320

من اعتكافه بعد غروب الشمس من آخره، وإن اعتكف
بما يتصل فيه اعتكافه بيوم الفطر فليبت ليلة الفطر في
المسجد حتى يغدو منه إلى المصلى.
(باب) في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من
المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين
321

وزكاة العين والحرث والماشية فريضة، فأما زكاة الحرث
322

فيوم حصاده والعين والماشية ففي كل حول مرة، ولا
زكاة من الحب والتمر في أقل من خمسة أوسق
323

وذلك ستة أقفزة وربع قفيز والوسق ستون صاعا بصاع
النبي (ص)، وهو أربعة أمداد بمده عليه الصلاة والسلام
ويجمع القمح والشعير والسلت في الزكاة،
324

فإذا اجتمع من جميعها خمسة أوسق فليزك ذلك، وكذلك
تجمع أصناف القطنية وكذلك تجمع أصناف التمر،
325

وكذلك أصناف الزبيب والأرز والدخن والذرة كل واحد
مصنف لا يضم إلى الآخر في الزكاة، وإذا كان في
الحائط أصناف من التمر أدى الزكاة عن الجميع من وسطه.
ويزكى الزيتون إذا بلغ حبه خمسة أوسق أخرج من زيته
326

ويخرج من الجلجلان وحب الفجل من زيته، فإن باع ذلك
أجزأه أن يخرج من ثمنه إشاء الله. ولا زكاة في الفواكه
والخضر،
327

ولا زكاة من الذهب في أقل من عشرين
دينارا، فإذا بلغت عشرين دينارا ففيها نصف دينار ربع العشر فما زاد فبحساب ذلك وإن
قل. ولا زكاة من الفضة في أقل من مائتي درهم وذلك خمس
أواق والأوقية أربعون درهما من وزن سبعة أعني أن السبعة
دنانير وزنها عشرة دراهم،
328

فإذا بلغت هذه الدراهم مائتي درهم ففيها ربع عشرها خمسة
دراهم فما زاد فبحساب ذلك ويجمع الذهب والفضة في
الزكاة، فمن كان له مائة درهم وعشرة دنانير فليخرج من
كل مال ربع عشره. ولا زكاة في العروض
329

حتى تكون للتجارة، فإذا بعتها بعد حول فأكثر من يوم
أخذت ثمنها أو زكيته ففي ثمنها الزكاة لحول واحد
330

أقامت قبل البيع حولا أو أكثر، إلا أن تكون مديرا لا
يستقر بيدك عين ولا عرض، فإنك تقوم عروضك كل عام
وتزكي ذلك مع ما بيدك من العين. وحول ربح المال
331

حول أصله، وكذلك حول نسل الانعام حول الأمهات. ومن له مال
تجب فيه الزكاة وعليه دين مثله أو ينقصه عن مقدار مال
الزكاة
332

فلا زكاة عليه، إلا أن يكون عنده مما لا يزكى من عروض
مقتناة أو رقيق أو حيوان مقتناة أو عقار أو ريع ما فيه وفاء
لدينه،
333

فليزك ما بيده من المال، فإن لم تف عروضه بدينه حسب
بقية دينه فيما بيده، فإن بقي بعد ذلك مفيه الزكاة زكاه
ولا يسقط الدين زكاة حب ولا تمر ولا ماشية.
334

ولا زكاة عليه في دين حتى يقبضه وإن أقام أعواما فإنما يزكيه
لعام واحد بعد قبضه وكذلك العرض حتى يبيعه، وإن كان
الدين أو العرض من ميراث
335

فليستقبل حولا بما يقبض منه. وعلى الأصاغر الزكاة في
أموالهم في العين والحرث والماشية
336

وزكاة الفطر. ولا زكاة على عبد ولا على من فيه بقية رق
في ذلك كله، فإذا أعتق فليأتنف حولا من يومئذ بما يملك
من ماله ولا زكاة على أحد في عبده وخادمه وفرسه وداره
ولا ما يتخذ للقنية من
337

الرباع والعروض، ولا فيما يتخذ للباس من الحلي. ومن ورث
عرضا أو وهب له أو رفع من أرضه زرعا فزكاه فلا زكاة
عليه في شئ من ذلك حتى يباع ويستقبل به حولا من يوم
يقبض ثمنه.
338

وفيما يخرج من المعدن من ذهب أو فضة الزكاة إذا بلغ
وزن عشرين دينارا أو خمس أواق فضة، ففي ذلك ربع العشر
يوم خروجه،
339

وكذلك فيما يخرج بعد ذلك متصلا به وإن قل، فإن انقطع
نيله بيده وابتدأ غيره لم يخرج شيئا حتى يبلغ ما فيه الزكاة.
وتؤخذ الجزية من رجال أهل الذمة الأحرار البالغين ولا
تؤخذ من نسائهم وصبيانهم وعبيدهم،
340

وتؤخذ من المجوس ومن نصارى العرب، والجزية على أهل
الذهب أربعة دنانير، وعلى أهل الورق أربعون درهما، ويخفف عن
341

الفقير، ويؤخذ ممن تجر منهم من أفق إلى أفق عشر ثمن ما يبيعونه،
وإن اختلفوا في السنة مرارا وإن حملوا الطعام خاصة إلى مكة
والمدينة خاصة أخذ منهم نصف العشر من ثمنه.
342

ويؤخذ من تجار الحربيين العشر إلا أن ينزلوا على أكثر
من ذلك. وفي الركاز وهو دفن
343

الجاهلية الخمس على من أصابه.
344

(باب) في زكاة الماشية
وزكاة الإبل والبقر والغنم فريضة، ولا زكاة من
الإبل في أقل من خمس ذود وهي خمس من الإبل، ففيها شاة
جذعة أو ثنية من جل غنم
345

أهل ذلك البلد من ضأن أو معز إلى تسع، ثم في العشر شاتان
إلى أربعة عشر، ثم في خمسة عشر ثلاث شياه إلى تسعة عشر،
فإذا كانت عشرين فأربع شياه إلى أربع وعشرين، ثم في
خمس وعشرين بنت مخاض وهي بنت سنتين، فإن لم تكن
فيها فابن لبون ذكر
346

إلى خمس وثلاثين، ثم في ست وثلاثين بنت لبون وهي بنت
ثلاث سنين إلى خمس وأربعين، ثم في ست وأربعين حقة وهي
التي يصلح على ظهرها الحمل ويطرقها الفحل وهي بنت أربع
سنين إلى ستين، ثم في إحدى وستين جذعة وهي بنت خمس
سنين إلى خمس وسبعين، ثم في ست وسبعين بنتا لبون إلى تسعين،
347

ثم في إحدى وتسعين حقتان إلى عشرين ومائة، فما زاد
على ذلك ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون.
ولا زكاة من البقر في أقل من ثلاثين، فإذ بلغتها ففيها
تبيع عجل جذع قد أوفى سنتين، ثم كذلك حتى تبلغ أربعين
فيكون فيها مسنة ولا تؤخذ إلا أنثى وهي بنت أربع سنين
348

وهي ثنية، فما زاد ففي كل أربعين مسنة، وفي كل
ثلاثين تبيع. ولا زكاة في الغنم حتى تبلغ أربعين شاة، فإذا
بلغتها ففيها شاة جذعة أو ثنية إلى عشرين ومائة، فإذا بلغت
إحدى وعشرين ومائة ففيها
349

شاتان إلى مائتي شاة، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى
ثلاثمائة فما زاد ففي كل مائة شاة. ولا زكاة في الأوقاص
وهي ما بين الفريضتين من كل الانعام ويجمع الضأن والمعز
في الزكاة
350

والجواميس والبقر والبخت والعراب، وكل خليطين فإنهما
يترادان بينهما بالسوية،
351

ولا زكاة على من لم تبلغ حصته عدد الزكاة. ولا يفرق بين
مجتمع ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة، وذلك إذا قرب
الحول، فإذا كان ينقص أداؤهما بافتراقهما أو باجتماعهما
أخذا بما كانا عليه قبل ذلك.
352

وتؤخذ في الصدقة السخلة وتعد على رب الغنم، ولا تؤخذ
العجاجيل في البقر، ولا الفصلان في الإبل وتعد عليهم، ولا
يؤخذ تيس، ولا هرمة، ولا الماخض، ولا فحل الغنم، ولا
شاة العلف، ولا التي تربي
353

ولدها، ولا خيار أموال الناس، ولا يؤخذ في ذلك عرض ولا
ثمن، فإن أجبره المصدق على أخذ الثمن في الانعام وغيرها
أجزأ إن شاء الله. ولا يسقط الدين زكاة حب ولا تمر ولا
ماشية.
354

(باب) في زكاة الفطر
وزكاة الفطر سنة واجبة فرضها رسول الله (ص) على
كل كبير أو صغير، ذكر أو أنثى، حر أو عبد من المسلمين، صاعا
355

عن كل نفس بصاع النبي (ص)، وتؤدى من جل عيش أهل
ذلك البلد من بر أو شعير أو سلت أو تمر أو أقط أو زبيب
أو دخن أذرة أو أرز، وقيل: إن كان العلس قوت قوم
أخرجت منه، وهو حب صغير يقرب من خلقة البر.
356

ويخرج عن العبد سيده، والصغير لا مال له يخرج عنه
والده، ويخرج الرجل زكاة الفطر عن كل مسلم تلزمه
نفقته، وعن مكاتبه وإن كان لا ينفق عليه لأنه عبد له
بعد. ويستحب إخراجها إذا طلع الفجر من يوم الفطر،
357

ويستحب الفطر فيه قبل الغدو إلى المصلى، وليس ذلك
في الأضحى، ويستحب في العيدين أن يمضي من طريق
ويرجع من أخرى
(باب) في الحج والعمرة
358

وحج بيت الله الحرام الذي ببكة فريضة على كل من
استطاع إلى ذلك سبيلا من المسلمين الأحرار البالغين
359

مرة في عمره، والسبيل الطريق السابلة، والزاد المبلغ إلى
مكة، والقوة على الوصول إلى مكة إما راكبا أو راجلا مع
صحة البدن.
360

وإنما يؤمر أن يحرم من الميقات، وميقات أهل الشأم
ومصر والمغرب الجحفة، فإن مروا بالمدينة
361

فالأفضل لهم أن يحرموا من ميقات أهلها من ذي الحليفة،
وميقات أهل العراق ذات عرق، وأهل اليمن يلملم، وأهل
نجد من قرن، ومن مر من هؤلاء بالمدينة فواجب عليه
أن يحرم من ذي الحليفة إذ لا يتعداه إلى ميقات له. ويحرم
الحاج أو المعتمر
362

بإثر صلاة فريضة أو نافلة يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك
لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك
لك، وينوي ما أراد من حج أو عمرة.
363

ويؤمر أن يغتسل عند الاحرام قبل أن يحرم ويتجرد من
مخيط الثياب، ويستحب له أن يغتسل لدخول مكة، ولا يزال
يلبي دبر الصلوات وعند كل شرف، وعند ملاقاة الرفاق،
وليس عليه كثرة الالحاح بذلك
364

فإذا دخل مكة أمسك عن التلبية حتى يطوف ويسعى،
ثم يعاودها حتى تزول الشمس من يوم عرفة ويروح إلى
مصلاها. ويستحب أن يدخل مكة من كداء الثنية التي
بأعلى مكة، وإذا خرج خرج من كدى وإن لم يفعل في
الوجهين فلا حرج. قال: فإذا دخل مكة فليدخل المسجد الحرام،
365

ومستحسن أن يدخل من باب بني شيبة فيستلم الحجر
الأسود بفيه إن قدر وإلا وضع يده عليه، ثم وضعها على فيه
من غير تقبيل، ثم يطوف
366

والبيت على يساره سبعة أطواف ثلاثة خببا ثم أربعة مشيا،
367

ويستلم كلما مر به كما ذكرنا ويكبر، ولا يستلم
الركن اليماني بفيه، ولكن بيده ثم يضعها على فيه من
غير تقبيل، فإذا تم طوافه ركع عند المقام ركعتين، ثم استلم
368

الحجر إن قدر، ثم يخرج إلى الصفا فيقف عليه للدعاء، ثم يسعى
إلى المروة ويخب في بطن المسيل، فإذا أتى المروة وقف
عليها للدعاء، ثم يسعى إلى الصفا يفعل ذلك سبع
369

مرات فيقف بذلك أربع وقفات على الصفا وأربعا على المروة.
ثم يخرج يوم التروية إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر
370

والمغرب والعشاء والصبح، ثم يمضي إلى عرفات، ولا يدع
التلبية في هذا كله حتى تزول الشمس من يوم عرفة
ويروح إلى مصلاها، وليتطهر قبل رواحه فيجمع بين الظهر
والعصر مع الإمام،
371

ثم يروح معه إلى موقف عرفة فيقف معه إلى غروب الشمس،
ثم يدفع بدفعه
372

إلى المزدلفة فيصلي معه بالمزدلفة المغرب والعشاء والصبح،
ثم يقف معه بالمشعر الحرام يومئذ بها، ثم يدفع بقرب طلوع
الشمس إلى منى ويحرك دابته ببطن
373

محسر، فإذا وصل إلى منى رمى جمرة العقبة بسبع
حصيات مثل حصى الخذف، ويكبر مع كل حصاة.
374

ثم ينحر إن كان معه هدي ثم يحلق ثم يأتي البيت فيفيض
ويطوف سبعا ويركع ثم يقيم بمنى ثلاثة أيام،
375

فإذا زالت الشمس من كل يوم منها رمى الجمرة التي تلي
منى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم يرمي الجمرتين
كل جمرة بمثل ذلك، ويكبر مع كل حصاة، ويقف للدعاء
بإثر الرمي في الجمرة الأولى والثانية، ولا يقف عند جمرة
العقبة ولينصرف،
376

فإذا رمى في اليوم الثالث وهو رابع يوم النحر انصرف
إلى مكة وقد تم حجه، وإن شاء تعجل في يومين من أيام
منى فرمى وانصرف، فإذا خرج من مكة طاف للوداع
وركع
377

وانصرف والعمرة يفعل فيها كما ذكرنا أولا إلى
تمام السعي بين الصفا والمروة، ثم يحلق رأسه وقد تمت
عمرته، والحلاق أفضل في الحج والعمرة، والتقصير يجزئ.
وليقصر من جميع شعره، وسنة المرأة التقصير.
378

ولا بأس أن يقتل المحرم الفأرة والحية والعقرب وشبهها
والكلب العقور، وما يعدو من الذئاب والسباع ونحوها
ويقتل من الطير ما يتقى أذاه من الغربان والأحدية فقط.
ويجتنب في حجه وعمرته النساء
379

والطيب ومخيط الثياب
380

والصيد وقتل الدواب وإلقاء التفث، ولا يغطي رأسه في الاحرام
ولا يحلقه إلا من ضرورة، ثم يفتدي بصيام ثلاثة أيام
أو إطعام ستة مساكين مدين لكل مسكين بمد النبي (ص)،
أو ينسك بشاة
381

يذبحها حيث شاء من البلاد. وتلبس المرأة الخفين والثياب
في إحرامها، وتجتنب ما سوى ذلك مما يجتنبه الرجل، وإحرام
المرأة في وجهها وكفيها، وإحرام الرجل في وجهه ورأسه،
ولا يلبس الرجل الخفين في الاحرام إلا أن لا يجد نعلين
382

فليقطعهما أسفل من الكعبين. والافراد بالحج أفضل
عندنا من التمتع ومن القران، فمن قرن أو تمتع من
غير أهل مكة فعليه هدي يذبحه أو ينحره بمنى إن أوقفه
383

بعرفة، وإن لم يوقفه بعرفة فلينحر بمكة بالمروة بعد
أن يدخل به من الحل، فإن لم يجد هديا فصيام ثلاثة أيام
في الحج يعني: من وقت يحرم إلى يوم عرفة،
384

فإن فاته ذلك صام أيام منى وسبعة إذا رجع. وصفة التمتع
أن يحرم بعمرة ثم يحل منها في أشهر الحج ثم يحج من عامه
قبل الرجوع أفقه أو إلى مثل أفقه في البعد،
385

ولهذا أن يحرم من مكة إن كان بها، ولا يحرم منها من أراد
أن يعتمر حتى يخرج إلى الحل. وصفة القران: أن يحرم بحجة
وعمرة معا، ويبدأ بالعمرة في نيته، وإذا أردف الحج على العمرة
قبل أن يطوف ويركع فهو قارن. وليس على أهل مكة هدي
في تمتع ولا قران. ومن حل من عمرته قبل أشهر الحج
ثم حج من عامه فليس بمتمتع.
386

ومن أصاب صيدا فعليه جزاء مثل ما قتل من
النعم يحكم به ذوا عدل من فقهاء المسلمين،
387

ومحله منى إن وقف به بعرفة وإلا فمكة ويدخل به من
الحل، وله أن يختار ذلك أو كفارة طعام مساكين أن ينظر
إلى قيمة الصيد طعاما فيتصدق به، أو عدل ذلك صياما أن
يصوم عن كل مد يوما ولكسر المد يوما كاملا.
388

والعمرة سنة مؤكدة مرة في العمر. ويستحب لمن انصرف
من مكة من حج أو عمرة أن يقول: آيبون تائبون عابدون
لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب
389

وحده. (باب) في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان
وما يحرم من الأطعمة والأشربة
والأضحية سنة واجبة على من استطاعها، وأقل ما يجزئ
فيها من الأسنان الجذع من الضأن وهو ابن سنة، وقيل
390

ابن ثمانية أشهر، وقيل: ابن عشرة أشهر، والثني من المعز وهو
ما أوفى سنة ودخل في الثانية، ولا يجزئ في الضحايا من
المعز والبقر والإبل إلا الثني. والثني من البقر ما دخل
في السنة الرابعة، والثني من الإبل ابن ست سنين، وفحول
الضأن في الضحايا أفضل من خصيانها، وخصيانها أفضل من
إناثها، وإناثها أفضل من ذكور المعز ومن إناثها،
391

وفحول المعز أفضل من إناثها، وإناث المعز أفضل من الإبل
والبقر في الضحايا. وأما في الهدايا فالإبل أفضل ثم البقر ثم الضأن
ثم المعز، ولا يجوز في شئ من ذلك عوراء، ولا مريضة،
392

ولا العرجاء البين ضلعها، ولا العجفاء التي لا شحم فيها ويتقى
فيها العيب كله، ولا المشقوقة الاذن إلا أن يكون يسيرا،
وكذلك القطع، ومكسورة القرن إن كان
393

يدمي فلا يجوز، وإن لم يدم فذلك جائز. وليل الرجل ذبح
أضحيته بيده بعد ذبح الإمام أو نحره يوم النحر ضحوة،
ومن ذبح قبل أن يذبح الإمام أو ينحر أعاد أضحيته، ومن
لا إمام لهم فليتحروا صلاة أقرب الأئمة إليهم وذبحه، ومن
ضحى ليل
394

أو أهدى لم يجزه. وأيام النحر ثلاثة يذبح فيها أو ينحر
إلى غروب الشمس من آخرها، وأفضل أيام النحر أولها،
ومن فاته الذبح في اليوم الأول إلى الزوال فقد قال بعض
أهل العلم: يستحب له أن يصبر إلى ضحى اليوم الثاني.
395

ولا يباع شئ من الأضحية جلد ولا غيره. وتوجه الذبيحة عند
الذبح إلى القبلة، وليقل الذابح: بسم الله والله أكبر، وإن
زاد في الأضحية: ربنا تقبل منا، فلا بأس بذلك ومن نسي
التسمية في ذبح أضحية أو غيرها فإنها تؤكل، وإن تعمد
ترك التسمية لم تؤكل، وكذلك عند إرسال الجوارح
396

على الصيد. ولا يباع من الأضحية والعقيقة والنسك لحم ولا جلد
ولا ودك ولا عصب ولا غير ذلك، ويأكل الرجل من
أضحيته ويتصدق منها أفضل له وليس بواجب عليه. ولا
يأكل من فدية الأذى
397

وجزاء الصيد ونذر المساكين وما عطب من هدي التطوع
قبل محله ويأكل مما سوى ذلك إن شاء. والذكاة قطع
الحلقوم والأوداج، ولا
398

يجزئ أقل من ذلك، وإن رفع يده بعد قطع بعض ذلك ثم أعاد يده
فأجهز فلا تؤكل. وإن تمادى حتى قطع الرأس أساء ولتؤكل،
ومن ذبح من القفا لم تؤكل.
399

والبقر تذبح فإن نحرت أكلت، والإبل تنحر فإن ذبحت
لم تؤكل، وقد اختلف في أكلها. والغنم تذبح فإن نحرت
لم تؤكل، وقد اختلف أيضا في ذلك، وذكاة ما في البطن
ذكاة أمه إذا تم خلقه ونبت شعره.
400

والمنخنقة بحبل ونحوه، والموقوذة بعصا وشبهها،
والمتردية والنطيحة وأكيلة السبع إن بلغ ذلك منها
في هذه الوجوه مبلغا لا تعيش معه لم تؤكل بذكاة.
ولا بأس للمضطر أن يأكل الميتة
401

ويشبع ويتزود، فإن استغنى عنها طرحها ولا بأس
بالانتفاع بجلدها إذا دبغ ولا يصلى عليه ولا يباع. ولا بأس
بالصلاة
402

على جلود السباع إذا ذكيت وبيعها، وينتفع بصوف الميتة
وشعرها وما ينزع منها في حال الحياة، وأحب إلينا أن يغسل
ولا ينتفع بريشها ولا بقرنها وأظلافها وأنيابها، وكره
الانتفاع بأنياب الفيل،
403

وقد اختلف في ذلك. وما ماتت فيه فأرة من سمن أو زيت
أو عسل ذائب طرح ولم يؤكل ولا بأس أن يستصبح
بالزيت وشبهه في غير المساجد، وليتحفظ منه، وإن كان
جامدا طرحت وما حولها وأكل ما بقي.
404

قال سحنون: إلا أن يطول مقامها فيه فإنه يطرح كله. ولا
بأس بطعام أهل الكتاب وذبائحهم، وكره أكل شحوم
اليهود منهم من غير تحريم ولا يؤكل ما ذكاه المجوسي،
405

وما كان مما ليس فيه ذكاة من طعامهم فليس بحرام.
والصيد للهو مكروه، والصيد لغير اللهو مباح، وكل ما قتله
كلبك المعلم أو بازك المعلم فجائز أكله إذا أرسلته عليه،
406

وكذلك ما أنفذت الجوارح مقاتله قبل قدرتك على ذكاته
وما أدركته قبل إنفاذها لمقاتله لم يؤكل إلا بذكاة، وكل
ما صدته بسهمك أو رمحك فكله، فإن أدركت ذكاته
فذكه وإن فات بنفسه فكله إذا قتله سهمك ما لم يبت عنك،
407

وقيل: إنما ذلك فيما بات عنك مما قتلته الجوارح،
وأما السهم يوجد في مقاتله فلا بأس بأكله. ولا تؤكل
الانسية بما يؤكل به الصيد. والعقيقة سنة مستحبة، ويعق
عن المولود يوم سابعه بشاة مثل ما ذكرنا من سن
الأضحية وصفتها، ولا يحسب
408

في السبعة الأيام اليوم الذي ولد فيه وتذبح ضحوة، ولا
يمس الصبي بشئ من دمها ويؤكل منها ويتصدق
وتكسر عظامها، وإن حلق شعر رأس المولود وتصدق
بوزنه من ذهب أو فضة فذلك مستحب حسن،
409

وإن خلق رأسه بخلوق بدلا من الدم الذي كانت تفعله
الجاهلية فلا بأس بذلك. والختان سنة في الذكور واجبة
والخفاض في النساء مكرمة.
410

(باب) في الجهاد
والجهاد فريضة يحمله بعض الناس عن بعض، وأحب
إلينا أن لا يقاتل العدو حتى يدعوا إلى دين الله
411

إلا أن يعاجلونا، فإما أن يسلموا أو يؤدوا الجزية وإلا قوتلوا.
وإنما تقبل منهم الجزية إذا كانوا حيث تنالهم أحكامنا فأما
إن بعدوا منا فلا تقبل منهم الجزية إلا أن يرتحلوا إلى بلادنا
وإلا قوتلوا. والفرار من العدو من الكبائر إذا كانوا مثلي عدد
المسلمين فأقل،
412

فإن كانوا أكثر من ذلك فلا بأس بذلك. ويقاتل العدو
مع كل بر وفاجر من الولاة. ولا بأس بقتل من أسر من
الاعلاج، ولا يقتل أحد بعد أمان،
413

ولا يخفر لهم بعهد، ولا يقتل النساء والصبيان، ويجتنب
قتل الرهبان والأحبار إلا أن يقاتلوا، وكذلك المرأة تقتل
إذا قاتلت، ويجوز أمان أدنى المسلمين على بقيتهم،
414

وكذلك المرأة والصبي إذا عقل الأمان. وقيل: إن أجاز
ذلك الإمام جاز. وما غنم المسلمون بإيجاف فليأخذ الإمام
خمسه ويقسم الأربعة الأخماس بين أهل الجيش، وقسم ذلك
ببلد الحرب أولى.
415

وإنما يخمس ويقسم ما أوجف عليه بالخيل والركاب وما غنم
بقتال، ولا بأس أن يؤكل من الغنيمة قبل أن يقسم الطعام
والعلف لمن احتاج إلى ذلك، وإنما يسهم لمن حضر القتال
أو تخلف عن القتال في شغل المسلمين من أمر جهادهم،
416

ويسهم للمريض وللفرس الرهيص، ويسهم للفرس سهمان
وسهم لراكبه، ولا يسهم لعبد ولا لامرأة ولا لصبي إلا
أن يطيق الصبي الذي لم يحتمل القتال، ويجيزه الإمام ويقاتل
فيسهم له،
417

ولا يسهم للأجير إلا أن يقاتل. ومن أسلم من العدو على
شئ في يده من أموال المسلمين فهو له حلال، ومن اشترى
شيئا منها من مال العدو لم يأخذه ربه إلا بالثمن، وما وقع في
المقاسم منها فربه أحق به بالثمن
418

، وما لم يقع في المقاسم فربه أحق به بلا ثمن. ولا نفل إلا
من الخمس على الاجتهاد من الإمام، ولا يكون ذلك قبل
القسم، والسلب من النفل.
419

والرباط فيه فضل كبير، وذلك بقدر كثرة خوف أهل
ذلك الثغر وكثرة تحررهم من عدوهم، ولا يغزى بغير
إذن الأبوين إلا أن يفجأ العدو مدينة قوم ويغيرون عليهم،
ففرض عليهم دفعهم، ولا يستأذن الأبوان في مثل هذا.
420

(باب) في الايمان والنذور
ومن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت،
421

ويؤدب من حلف بطلاق أو عتاق ويلزمه، ولا
ثنيا ولا كفارة إلا في اليمين بالله عز وجل أو بشئ من أسمائه وصفاته،
422

ومن استثنى فلا كفارة عليه إذا قصد الاستثناء وقال: إن شاء الله،
ووصلها بيمينه قبل أن يصمت وإلا لم ينفعه ذلك والايمان
بالله أربعة: فيمينان تكفران وهو أن يحلف بالله إن فعلت
423

أو يحلف ليفعلن، ويمينان لا تكفران. إحداهما لغو اليمين
وهو أن يحلف على شئ يظنه كذلك في يقينه، ثم يتبين له
خلافه فلا كفارة عليه ولا إثم،
424

والأخرى الحالف متعمدا للكذب أو شاكا فهو آثم ولا
تكفر ذلك الكفارة، وليتب من ذلك إلى الله سبحانه
وتعالى. والكفارة إطعام عشرة مساكين من المسلمين
الأحرار مدا لكل مسكين بمد النبي (ص)،
425

وأحب إلينا أن لو زاد على المد مثل ثلث مد أو نصف
مد، وذلك بقدر ما يكون من وسط عيشهم في غلاء
أو رخص، ومن أخرج مدا على كل حال أجزأه. وإن
كساهم كساهم للرجل قميص وللمرأة قميص وخمار
426

أو عتق رقبة مؤمنة. فإن لم يجد ذلك ولا إطعاما فليصم ثلاثة
أيام يتابعهن، فإن فرقهن أجزأه. وله أن يكفر قبل الحنث
أو بعده وبعد الحنث أحب إلينا.
427

ومن نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا
يعصه ولا شئ عليه، ومن نذر صدقة مال غيره أو عتق عبد غيره
لم يلزمه شئ، ومن قال إن فعلت كذا فعلي نذر كذا وكذا
لشئ يذكره من فعل البر من صلاة أو صوم أو حج أو عمرة
أو صدقة شئ سماه،
428

فذلك يلزمه إن حنث كما يلزمه لو نذره مجردا من غير يمين،
وإن لم يسم لنذره مخرجا من الأعمال فعليه كفارة يمين ومن
نذر معصية من قتل نفس أو شرب خمر أو شبهه أو
429

ما ليس بطاعة ولا معصية فلا شئ عليه وليستغفر الله وإن حلف
بالله ليفعلن معصية فليكفر عن يمينه ولا يفعل ذلك وإن
تجرأ وفعله أثم ولا كفارة عليه ليمينه. ومن قال: علي
عهد الله وميثاقه فيمين فحنث فعليه كفارتان وليس على من
وكد اليمين فكررها في شئ واحد غير كفارة واحدة،
430

ومن قال: أشركت بالله أو هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا
فلا شئ عليه ولا يلزمه غير الاستغفار، ومن حرم على نفسه
شيئا مما أحل الله له فلا شئ عليه
431

إلا في زوجته، فإنها تحرم عليه إلا بعد زوج. ومن جعل ماله
صدقة أو هديا أجزأه ثلثه، ومن حلف بنحر ولده، فإن
ذكر مقام إبراهيم أهدى هديا يذبح بمكة وتجزئه شاة
432

وإن لم يذكر المقام فلا شئ عليه، ومن حلف بالمشي إلى
مكة فحنث فعليه المشي من موضع حلفه فليمش إن شاء
في حج أو عمرة، فإن عجز عن المشي ركب ثم يرجع ثانية إن
قدر فيمشي أماكن ركوبه، فإن علم أنه لا يقدر قعد وأهدى.
433

وقال عطاء: لا يرجع ثانية وإن قدر ويجزئه الهدي، وإذا كان
صرورة جعل ذلك في عمرة، فإذا طاف وسعى وقصر أحرم من
مكة بفريضة وكان متمتعا، والحلاق في غير هذا أفضل، وإنما
يستحب له التقصير في هذا استبقاء للشعث في الحج. ومن نذر
مشيا إلى المدينة أو إلى بيت المقدس أتاهما راكبا
434

إن نوى الصلاة بمسجديهما وإلا فلا شئ عليه. وأما غير هذه
الثلاثة مساجد فلا يأتيها ماشيا ولا راكبا لصلاة نذرها
وليصل بموضعه، ومن نذر رباطا بموضع من الثغور فذلك
عليه أن يأتيه.
(باب) في النكاح والطلاق والرجعة والظهار
والايلاء واللعان والخلع والرضاع
435

ولا نكاح إلا بولي وصداق وشاهدي عدل،
436

فإن لم يشهدا في العقد فلا يبني بها حتى يشهدا. وأقل الصداق
437

ربع دينار، وللأب إنكاح ابنته البكر بغير إذنها وإن بلغت،
وإن شاء شاورها، وأما غير الأب في البكر وصي أو غيره
فلا يزوجها حتى تبلغ وتأذن وإذنها صماتها،
438

ولا يزوج الثيب أب ولا غيره إلا برضاها وتأذن بالقول.
ولا تنكح المرأة إلا بإذن وليها، أو ذي الرأي من أهلها
كالرجل من عشيرتها أو السلطان،
439

وقد اختلف في الدنية أن تولي أجنبيا. والابن أولى من الأب
والأب أولى من الأخ، ومن قرب من العصبة أحق،
440

وإن زوجها البعيد مضى ذلك. وللوصي أن يزوج الطفل
في ولايته ولا يزوج الصغيرة إلا أن يأمره الأب بإنكاحها،
وليس ذوو الأرحام من الأولياء، والأولياء من العصبة.
441

ولا يخطب أحد على خطبة أخيه، ولا يسوم على سومه، وذلك إذا
ركنا وتقاربا. ولا يجوز نكاح الشغار وهو البضع بالبضع،
442

ولا نكاح بغير صداق، ولا نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل،
443

ولا النكاح في العدة، ولا ما جر إلى غرر في عقد أو
صداق، ولا بما لا يجوز بيعه. وما فسد من النكاح لصداقه
فسخ قبل البناء، فإن دخل بها مضى وكان فيه صداق المثل،
444

وما فسد من النكاح لعقده وفسخ بعد البناء ففيه المسمى
وتقع به الحرمة كما تقع بالنكاح الصحيح، ولكن لا تحل
به المطلقة ثلاثا، ولا يحصن به الزوجان.
445

وحرم الله سبحانه من النساء سبعا بالقرابة وسبعا بالرضاع
والصهر، فقال عز وجل: * (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم
وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات
الأخت) * (النساء: 23) فهؤلاء من القرابة واللواتي من الرضاع والصهر.
قوله تعالى:
446

* (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة
وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من
نسائكم
447

اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا
جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم، وأن
تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) *
448

وقال تعالى: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * (النساء 22). وحرم
النبي (ص) بالرضاع ما يحرم من النسب، ونهى أن تنكح المرأة
على عمتها أو خالتها فمن نكح امرأة حرمت بالعقد دون أن تمس
449

على آبائه وأبنائه، وحرمت عليه أمهاتها، ولا تحرم عليه بناتها
حتى يدخل بالام أو يتلذذ بها بنكاح أو ملك يمين أو
بشبهة من نكاح أو ملك. ولا يحرم بالزنى حلال.
450

وحرم الله سبحانه وطئ الكوافر ممن ليس من أهل الكتاب
بملك أو نكاح، ويحل وطئ الكتابيات بالملك، ويحل وطئ
حرائرهن بالنكاح،
451

ولا يحل وطئ إمائهن بالنكاح لحر ولا لعبد، ولا تتزوج المرأة
عبدها ولا عبد ولدها، ولا الرجل أمته ولا أمة ولده، وله أن
يتزوج أمة والده وأمة أمه،
452

وله أن يتزوج بنت امرأة أبيه من رجل غيره، وتتزوج المرأة
ابن زوجة أبيها من رجل غيره. ويجوز للحر والعبد نكاح
أربع حرائر مسلمات أو كتابيات، وللعبد نكاح أربع
إماء مسلمات،
453

وللحر ذلك إن خشي العنت ولم يجد للحرائر طولا. وليعدل
بين نسائه، وعليه النفقة والسكنى بقدر وجده،
454

ولا قسم في المبيت لامته ولا لام ولده ولا نفقة للزوجة
حتى يدخل بها أو يدعى إلى الدخول، وهي
455

ممن يوطأ مثلها. ونكاح التفويض جائز وهو أن يعقداه ولا
يذكران صداقا، ثم لا يدخل بها حتى يفرض لها فإن فرض
لها صداق المثل لزمها،
456

وإن كان أقل فهي مخيرة، فإن كرهته فرق بينهما إلا أن
يرضيها أو يفرض لها صداق مثلها فيلزمها. وإذا ارتد أحد
الزوجين انفسخ النكاح بطلاق، وقد قيل بغير طلاق،
457

وإذا أسلم الكافران ثبتا على نكاحهما، وإن أسلم أحدهما
فذلك فسخ بغير طلاق فإن أسلمت هي كان أحق بها إن أسلم
في العدة، وإن أسلم هو وكانت كتابية ثبت عليها،
458

فإن كانت مجوسية فأسلمت بعده مكانها كانا زوجين، وإن
تأخر ذلك فقد بانت منه، وإذا أسلم مشرك وعنده أكثر
من أربع فليختر أربعا ويفارق باقيهن.
459

ومن لاعن زوجته لم تحل له أبدا، وكذلك الذي يتزوج
المرأة في عدتها. ويطؤها في عدتها. ولا نكاح لعبد ولا لامة
إلا أن يأذن السيد. ولا تعقد امرأة ولا عبد ولا من على
460

غير دين الاسلام نكاح امرأة. ولا يجوز أن يتزوج
الرجل امرأة ليحلها لمن طلقها ثلاثا ولا يحلها ذلك
461

ولا يجوز نكاح المحرم لنفسه ولا يعقد نكاحا لغيره، ولا
يجوز نكاح المريض ويفسخ وإن بنى بها فلها الصداق
في الثلث مبدأ
462

ولا ميراث لها، ولو طلق المريض امرأته لزمه ذلك وكان
لها الميراث منه إن مات في مرضه ذلك. ومن طلق امرأته
ثلاثا لم تحل له بملك ولا نكاح حتى تنكح زوجا غيره.
463

وطلاق الثلاث في كلمة واحدة بدعة
464

ويلزمه إن وقع وطلاق السنة مباح وهو أن يطلقها في طهر
لم يقربها فيه طلقة، ثم يتبعها طلاقا حتى تنقضي العدة
وله الرجعة في التي تحيض ما لم تدخل في الحيضة الثالثة
في الحرة أو الثانية في الأمة. فإن كانت ممن لم تحض أو ممن
قد يئست من المحيض طلقها متى شاء،
465

وكذلك الحامل وترتجع الحامل ما لم تضع، والمعتدة بالشهور
ما لم تنقض العدة والأقراء هي الأطهار. وينهى أن يطلق في
الحيض فإن طلق لزمه
466

ويجبر على الرجعة ما لم تنقض العدة، والتي لم يدخل بها
يطلقها متى شاء والواحدة تبينها. والثلاث تحرمها إلا بعد
زوج، ومن قال لزوجته أنت طالق فهي واحدة حتى
467

ينوي أكثر من ذلك. والخلع طلقة لا رجعة فيها وإن
لم يسم طلاقا إذا أعطته شيئا فخلعها به من نفسه. ومن قال
لزوجته: أنت طالق البتة فهي ثلاث دخل بها أو لم يدخل،
وإن قال برية أو خلية أو حرام أو حبلك على غاربك فهي
ثلاث في التي دخل بها وينوى في التي لم يدخل بها. والمطلقة
468

قبل البناء لها نصف الصداق إلا أن تعفو عنه هي إن كانت
ثيبا، وإن كانت بكرا فذلك إلى أبيها، وكذلك السيد في
أمته. ومن طلق فينبغي له أن يمتع ولا يجبر والتي لم يدخل
بها وقد فرض لها فلا متعة لها ولا للمختلعة. وإن مات
عن التي لم يفرض لها
469

ولم يبن بها فلها الميراث ولا صداق لها، ولو دخل بها كان
لها صداق المثل إن لم تكن رضيت بشئ معلوم. وترد
المرأة من الجنون والجذام والبرص وداء الفرج، فإن دخل بها
ولم يعلم ودي صداقها ورجع به على أبيها،
470

وكذلك إن زوجها أخوها، وإن زوجها ولي ليس بقريب
القرابة فلا شئ عليه، ولا يكون لها إلا ربع دينار.
ويؤخر المعترض سنة فإن وطئ وإلا فرق بينهما إن شاءت.
والمفقود يضرب له أجل أربع سنين
471

من يوم ترفع ذلك وينتهي الكشف عنه، ثم تعتد كعدة
الميت ثم تتزوج إن شاءت ولا يورث ماله حتى يأتي عليه
من الزمان ما لا يعيش إلى مثله. ولا تخطب المرأة في عدتها
ولا بأس بالتعريض بالقول المعروف. ومن نكح بكرا فله
472

أن يقيم عندها سبعا دون سائر نسائه وفي الثيب ثلاثة أيام،
ولا يجمع بين الأختين في ملك اليمين في الوطئ فإن شاء
وطئ الأخرى فليحرم عليه فرج الأولى ببيع أو كتابة
أو عتق وشبهه مما تحرم به. ومن وطئ أمة بملك لم تحل له
أمها ولا ابنتها وتحرم على آبائه
473

وأبنائه كتحريم النكاح. والطلاق بيد العبد دون السيد. ولا
طلاق لصبي. والمملكة والمخيرة لهما أن يقضيا ما دامتا في
المجلس وله أن يناكر المملكة خاصة فيما فوق الواحدة
474

وليس لها في التخيير أن تقضي إلا بالثلاث ثم لا نكرة له
فيها. وكل حالف على ترك الوطئ أكثر من أربعة أشهر
فهو مول، ولا يقع عليه الطلاق إلا بعد أجل الايلاء، وهو
أربعة أشهر للحر وشهران للعبد حتى يوقفه السلطان.
475

ومن تظاهر من امرأته فلا يطؤها حتى يكفر بعتق رقبة
مؤمنة سليمة من العيوب ليس فيها شرك ولا طرف من
حرية، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم
476

يستطع أطعم ستين مسكينا مدين لكل مسكين،
ولا يطؤها في ليل أو نهار حتى تنقضي الكفارة، فإن
فعل ذلك فليتب إلى الله عز وجل، فإن كان وطؤه
بعد أن فعل بعض الكفارة بإطعام أو صوم فليبتدئها
وبأس بعتق الأعور في الظهار وولد الزنى ويجزئ الصغير
ومن صلى وصام أحب إلينا.
477

واللعان بين كل زوجين في نفي حمل يدعى قبله الاستبراء
أو رؤية الزنى كالمرود في المكحلة، واختلف في اللعان في
القذف، وإذا افترقا باللعان لم يتناكحا أبدا
478

ويبدأ الزوج فيلتعن أربع شهادات بالله، ثم يخمس
باللعنة، ثم تلتعن هي أربعا أيضا، وتخمس بالغضب كما
ذكر الله سبحانه وتعالى، وإن نكلت هي
479

رجمت إن كانت حرة محصنة بوطئ تقدم من هذا الزوج أو
زوج غيره، وإلا جلدت مائة جلدة، وإن نكل الزوج جلد حد
القذف ثمانين، ولحق به الولد. وللمرأة أن تفتدي من زوجها
بصداقها أو أقل أو أكثر إذا لم يكن عن ضرر بها، فإن كان
عن ضرر بها رجعت بما أعطته ولزمه الخلع، والخلع طلقة لا
480

رجعة فيها إلا بنكاح جديد برضاها. والمعتقة تحت العبد لها
الخيار أن تقيم معه أو تفارقه. ومن اشترى زوجته انفسخ نكاحه.
وطلاق العبد طلقتان وعدة الأمة حيضتان.
481

وكفارات العبد كالحر بخلاف معاني الحدود والطلاق.
وكل ما وصل إلى جوف الرضيع في الحولين من اللبن، فإنه
يحرم وإن مصة واحدة، ولا يحرم ما أرضع بعد الحولين إلا
ما قرب منهما كالشهر ونحوه. وقيل والشهرين، ولو فصل
قبل الحولين
482

فصالا استغنى فيه بالطعام لم يحرم ما أرضع بعد ذلك
ويحرم بالوجور والسعوط، ومن أرضعت صبيا فبنات تلك
المرأة وبنات فحلها ما تقدم أو تأخر إخوة له ولأخيه
نكاح بناتها.
(باب) في العدة والنفقة والاستبراء
483

وعدة الحرة المطلقة ثلاثة قروء كانت مسلمة أو
كتابية، والأمة ومن فيها بقية رق قرءان كان الزوج
في جميعهن حرا أو عبدا، والأقراء هي الأطهار التي بين الدمين،
فإن كانت ممن لم تحض أو ممن قد يئست من المحيض
فثلاثة أشهر في الحرة والأمة،
484

وعدة الحرة المستحاضة أو الأمة في الطلاق سنة، وعدة
الحامل في وفاة أطلاق وضع حملها كانت حرة أو أمة
أو كتابية، والمطلقة التي لم يدخل بها لا عدة عليها، وعدة
الحرة من الوفاة أربعة أشهر وعشر كانت صغيرة أو
كبيرة دخل بها أو لم يدخل
485

مسلمة كانت أو كتابية، وفي الأمة ومن فيها بقية رق
شهران وخمس ليال ملم ترتب الكبيرة ذات الحيض
بتأخيره عن وقته فتقعد حتى تذهب الريبة، وأما التي لا تحيض
لصغر أو كبر وقد بنى بها فلا تنكح في الوفاة إلا بعد
ثلاثة أشهر. والاحداد أن لا تقرب المعتدة من الوفاة شيئا
من الزينة بحلي أو كحل
486

أو غيره، وتجتنب الصباغ كله إلا الأسود، وتجتنب الطيب
كله ولا تختضب بحناء ولا تقرب دهنا مطيبا ولا تمتشط بما
يختمر في رأسها، وعلى الأمة والحرة الصغيرة والكبيرة الاحداد،
واختلف في الكتابية. وليس على المطلقة إحداد وتجبر
الحرة الكتابية على العدة من المسلم في الوفاة والطلاق،
487

وعدة أم الولد من وفاة سيدها حيضة، وكذلك إذا أعتقها فإن
قعدت عن الحيض فثلاثة أشهر. واستبراء الأمة في انتقال
الملك حيضة انتقل الملك ببيع أو هبة أو سبي أو غير ذلك.
ومن هي في حيازته قد حاضت عنده ثم إنه اشتراها فلا
استبراء عليها إن لم تكن تخرج، واستبراء الصغيرة في البيع
488

إن كانت توطأ ثلاثة أشهر، واليائسة من المحيض ثلاثة
أشهر والتي لا توطأ فلا استبراء فيها. ومن ابتاع حاملا من غيره
أو ملكها بغير البيع فلا يقربها ولا يتلذذ منها بشئ حتى
تضع. والسكنى لكل مطلقة مدخول بها، ولا نفقة إلا للتي
طلقت دون الثلاث، وللحامل كانت مطلقة واحدة أو ثلاثا،
489

ولا نفقة للمختلعة إلا في الحمل، ولا نفقة للملاعنة وإن كانت
حاملا، ولا نفقة لكل معتدة من وفاة، ولها السكنى إن كانت
الدار للميت أو قد نقد كراءها، ولا تخرج من بيتها في طلاق
أو وفاة حتى تتم العدة إلا أن يخرجها رب الدار ولم يقبل
من الكراء ما يشبه كراء المثل فلتخرج
490

وتقيم بالموضع الذي تنتقل إليه حتى تنقضي العدة. والمرأة
ترضع ولدها في العصمة إلا أن يكون مثلها لا يرضع،
وللمطلقة رضاع ولدها على أبيه ولها أن تأخذ أجرة رضاعها إن
شاءت. والحضانة للام بعد الطلاق إلى احتلام الذكر ونكاح
الأنثى ودخول بها،
491

وذلك بعد الام إن ماتت أو نكحت للجدة ثم للخالة،
فإن لم يكن من ذوي رحم الام أحد فالأخوات والعمات،
فإن لم يكونوا فالعصبة. ولا يلزم الرجل النفقة إلا على زوجته
492

كانت غنية أو فقيرة، وعلى أبويه الفقيرين، وعلى صغار
ولده الذين لا مال لهم على الذكور حتى يحتلموا، ولا زمانة
بهم، وعلى الإناث حتى ينكحن ويدخل بهن أزواجهن، ولا
نفقة لمن سوى هؤلاء من الأقارب.
493

وإن اتسع فعليه إخدام زوجته، وعليه أن ينفق على عبيده
ويكفنهم إذا ماتوا، واختلف في كفن الزوجة فقال ابن
القاسم: في مالها، وقال العبد الملك في مال الزوج، وقال سحنون:
إن كانت ملية ففي مالها وإن كانت فقيرة ففي مال الزوج.
494

(باب) في البيوع وما شاكل البيوع
* (وأحل الله البيع وحرم الربا) *، وكان ربا الجاهلية في
الديون إما أن يقضيه وإما أن يربي له فيه، ومن الربا في غير
النسيئة بيع الفضة بالفضة يدا بيد متفاضلا، وكذلك الذهب
495

بالذهب، ولا يجوز فضة بفضة ولا ذهب بذهب
إلا مثلا بمثل يدا بيد،
والفضة بالذهب ربا إلا يدا بيد، والطعام من الحبوب والقطنية وشبهها مما يدخر من قوت
أو إدام لا يجوز الجنس منه بجنسه إلا مثلا بمثل يدا بيد،
ولا يجوز فيه تأخير، ولا يجوز طعام
496

بطعام إلى أجل كان من جنسه أو من خلافه كان مما يدخر
أو لا يدخر، ولا بأس بالفواكه والبقول وما لا يدخر
متفاضلا وإن كان من جنس واحد يدا بيد، ولا يجوز
التفاضل في الجنس الواحد فيما يدخر من الفواكه اليابسة
وسائر الادام والطعام والشراب إلا الماء وحده، وما اختلفت
أجناسه من ذلك ومن سائر الحبوب والثمار والطعام فلا
بأس بالتفاضل فيه يدا بيد،
497

ولا يجوز التفاضل في الجنس الواحد منه إلا في الخضر
والفواكه. والقمح والشعير والسلت كجنس واحد فيما
يحل منه ويحرم، والزبيب كله صنف والتمر كله صنف
والقطنية أصناف في البيوع، واختلف فيها قول مالك، ولم
يختلف قوله
498

في الزكاة أنها صنف واحد. ولحوم ذوات الأربع من الانعام
والوحش صنف، ولحوم الطير كله صنف، ولحوم دواب الماء
كلها صنف، وما تولد من لحوم الجنس الواحد من شحم
فهو كلحمه، وألبان ذلك الصنف وجبنه وسمنه صنف. ومن
ابتاع طعاما فلا يجوز بيعه قبل أن يستوفيه إذا كان
شراؤه
499

ذلك على وزن أو كيل أو عدد بخلاف الجزاف، وكذلك
كل طعام أو إدام أو شراب إلا الماء وحده، وما يكون
من الأدوية والزراريع التي لا يعتصر منها زيت فلا يدخل
ذلك فيما يحرم من بيع الطعام قبل قبضه أو التفاضل في الجنس
الواحد منه.
500

ولا بأس ببيع الطعام القرض قبل أن يستوفيه، ولا بأس
بالشركة والتولية والإقالة في الطعام المكيل قبل قبضه.
وكل عقد بيع أو إجارة أو كراء بخطر أو غرر في ثمن أو
مثمون أو أجل فلا يجوز، ولا يجوز بيع الغرر ولا بيع شئ
مجهول ولا إلى أجل مجهول. ولا يجوز في البيوع التدليس
501

ولا الغش ولا الخلابة ولا الخديعة ولا كتمان العيوب ولا
خلط دنئ بجيد، ولا أن يكتم من أمر سلعته ما إذا ذكره
كرهه المبتاع أو كان ذكره أبخس له في الثمن. ومن ابتاع عبدا
فوجد به عيبا فله أن يحبسه ولا شئ له أو يرده ويأخذ ثمنه
إلا أن يدخله عنده عيب مفسد، فله أن يرجع بقيمة العيب
502

القديم من الثمن أو يرده ويرد ما نقصه العيب عنده. وإن رد عبدا
بعيب وقد استغله فله غلته. والبيع على الخيار جائز إذا ضربا
لذلك أجلا قريبا إلى ما تختبر فيه تلك السلعة أو ما تكون
فيه المشورة، ولا يجوز النقد في الخيار ولا في عهدة الثلاث
503

ولا في المواضعة بشرط، والنفقة في ذلك والضمان على البائع.
وإنما يتواضع للاستبراء الجارية التي للفراش في الأغلب
أو التي أقر البائع بوطئها وإن كانت وخشا، ولا تجوز البراءة
من الحمل إلا حملا ظاهرا، والبراءة في الرقيق جائزة
504

مما لم يعلم البائع. ولا يفرق بين الام وولدها في البيع حتى
يثغر. وكل بيع فاسد فضمانه من البائع، فإن قبضه المبتاع
فضمانه من المبتاع
505

من يوم قبضه، فإن حال سوقه أو تغير في بدنه فعليه
قيمته يوم قبضه ولا يرده، وإن كان مما يوزن أو يكال
فليرد مثله ولا يفيت الرباع حوالة الأسواق. ولا يجوز
سلف يجر منفعة، ولا يجوز بيع وسلف، وكذلك ما قارن
السلف من إجارة أو كراء
506

والسلف جائز في كل شئ إلا في الجوافي، وكذلك تراب
الفضة، ولا تجوز الوضيعة من الدين على تعجيله ولا التأخير
به على الزيادة فيه،
507

ولا تعجيل عرض على الزيادة فيه إذا كان من بيع ولا بأس
بتعجيله ذلك من قرض إذا كانت الزيادة في الصفة. ومن رد في
القرض أكثر عددا في مجلس القضاء فقد اختلف في ذلك
إذا لم يكن فيه شرط ولا وأي ولا عادة، فأجازه أشهب
508

وكرهه ابن القاسم ولم يجزه. ومن عليه دنانير أو دراهم
من بيع أو قرض مؤجل فله أن يعجله قبل أجله، وكذلك
له أن يعجل العروض والطعام من قرض لا من بيع. ولا
يجوز بيع ثمر أو حب لم يبد صلاحه، ويجوز بيعه إذا بدا
صلاح بعضه وإن نخلة من نخيل كثيرة.
509

ولا يجوز بيع ما في الأنهار والبرك من الحيتان، ولا بيع الجنين
في بطن أمه، ولا بيع ما في بطون سائر الحيوانات، ولا بيع
نتاج ما تنتج الناقة، ولا بيع ما في ظهور الإبل، ولا بيع الآبق
510

والبعير الشارد، ونهي عن بيع الكلاب، واختلف في بيع
ما أذن في اتخاذه منها، وأما من قتله فعليه قيمته. ولا يجوز
بيع اللحم بالحيوان من جنسه، ولا بيعتان في بيعة، وذلك
511

أن يشتري سلعة إما بخمسة نقدا أو عشرة إلى أجل قد لزمته
بأحد الثمنين، ولا يجوز بيع التمر بالرطب، ولا الزبيب
بالعنب، لا متفاضلا ولا مثلا بمثل، ولا رطب بيابس من
جنسه من سائر الثمار والفواكه،
512

وهو مما نهي عنه من المزابنة، ولا يباع جزاف بمكيل
من صنفه، ولا جزاف بجزاف من صنفه إلا أن يتبين الفضل
بينهما إن كان مما يجوز التفاضل في الجنس الواحد منه، ولا
بأس ببيع الشئ الغائب على الصفة،
513

ولا ينقد فيه بشرط إلا أن يقرب مكانه أو يكون مما يؤمن
تغيره من دار أو أرض أو شجر فيجوز النقد فيه. والعهدة
جائزة في الرقيق إن اشترطت أو كانت جارية بالبلد، فعهدة
الثلاث الضمان فيها من البائع من كل شئ
514

وعهدة السنة من الجنون والجذام والبرص. ولا بأس
بالسلم في العروض والرقيق والحيوان والطعام والإدام
بصفة معلومة وأجل معلوم،
515

ويعجل رأس المال أو يؤخره إلى مثل يومين أو ثلاثة وإن
كان بشرط، وأجل السلم أحب إلينا أن يكون خمسة عشر
يوما أو على أن يقبض ببلد آخر
516

وإن كانت مسافته يومين أو ثلاثة. ومن أسلم إلى ثلاثة أيام
يقبضه ببلد أسلم فيه فقد أجازه غير واحد من العلماء وكرهه
آخرون، ويجوز أن يكون رأس المال من جنس ما أسلم
فيه، ولا يسلم شئ في جنسه أو فيما يقرب منه إلا أن يقرضه
شيئا في مثله صفة ومقدارا
517

والنفع للمتسلف. ولا يجوز دين بدين، وتأخير رأس المال
بشرط إلى محل السلم أو ما بعد من العقدة من ذلك، ولا يجوز
فسخ دين في دين وهو أن يكون لك شئ في ذمته فتفسخه في
شئ آخر لا تتعجله. ولا يجوز بيع ما ليس عندك على أن
يكون عليك حالا.
518

وإذا بعت سلعة بثمن مؤجل فتشترها بأقل منه نقدا أو
إلى أجل دون الاجل الأول ولا بأكثر منه إلى أبعد من أجله
، وأما إلى الاجل نفسه، فذلك كله جائز وتكون مقاصة. ولا
بأس بشراء الجزاف فيما
519

يكال أو يوزن سوى الدنانير والدراهم ما كان
مسكوكا، وأما نقار الذهب والفضة فذلك فيهما جائز،
ولا يجوز شراء الرقيق والثياب جزافا، ولا ما يمكن
عده بمشقة جزافا. ومن باع نخلا قد أبرت فثمرها للبائع
إلا أن يشترطه المبتاع، وكذلك غيرها من الثمار والآبار
التذكير، وإبار الزرع خروجه
520

من الأرض. ومن باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه
المبتاع. ولا بأس بشراء ما في العدل على البرنامج بصفة معلومة،
ولا يجوز شراء ثوب لا ينشر ولا يوصف أو في ليل مظلم لا
يتأملانه ولا يعرفان ما فيه، وكذلك الدابة في ليل مظلم.
521

ولا يسوم أحد على سوم أخيه وذلك إذا ركنا وتقاربا لا
في أول التساوم. والبيع ينعقد بالكلام وإن لم يفترق
المتبايعان. والإجارة جائزة إذا ضربا لها أجلا وسميا الثمن ولا
522

يضرب في الجعل أجل في رد آبق أو بعير شارد أو حفر بئر
أو بيع ثوب ونحوه، ولا شئ له إلا بتمام العمل. والأجير
على البيع إذا تم الاجل ولم يبع وجب له جميع الاجر، وإن
باع في نصف الاجل فله نصف الإجارة. والكراء
523

كالبيع فيما يحل ويحرم. ومن اكترى دابة بعينها إلى بلد
فماتت انفسخ الكراء فيما بقي، وكذلك الأجير يموت والدار
تنهدم قبل تمام مدة الكراء. ولا بأس بتعليم المتعلم القرآن
على الحذاق
524

ومشارطة الطبيب على البرء. ولا ينتقض الكراء بموت
الراكب أو الساكن ولا بموت غنم الرعاية وليأت بمثلها،
ومن اكترى كراء مضمونا فماتت الدابة فليأت بغيرها،
وإن مات الراكب لم ينفسخ الكراء وليكتروا مكانه
غيره. ومن اكترى ماعونا أو غيره فلا ضمان عليه في هلاكه
بيده وهو مصدق
525

إلا أن يتبين كذبه. والصناع ضامنون لما غابوا عليه عملوه
بأجر أو بغير أجر، ولا ضمان على صاحب الحمام، ولا ضمان
على صاحب السفينة، ولا كراء له إلا على البلاغ.
526

ولا بأس بالشركة بالأبدان إذا عملا فموضع واحد عملا
واحدا أو متقاربا، وتجوز الشركة بالأموال على أن يكون
الربح بينهما بقدر ما أخرج كل واحد منهما، والعمل عليهما
بقدر ما شرطا من الربح لكل واحد،
527

ولا يجوز أن يختلف رأس المال ويستويا في الربح. والقراض
جائز بالدنانير والدراهم، وقد أرخص فيه بنقار الذهب
والفضة، ولا يجوز بالعروض ويكون إن نزل أجيرا في بيعها
وعلى قراض مثله في الثمن،
528

وللعامل كسوته وطعامه إذا سافر في المال الذي له بال وإنما
يكتسي في السفر البعيد، ولا يقتسمان الربح حتى ينض
رأس المال. والمساقاة جائزة
529

في الأصول على ما تراضيا عليه من الاجزاء والعمل كله على
المساقى، ولا يشترط عليه عملا غير عمل المساقاة ولا عمل شئ
ينشئه في الحائط إلا ما لا بال له من شد الحظيرة وإصلاح
الضفيرة، وهي
530

مجتمع الماء من غير أن ينشئ بناءها والتذكير على العامل وتنقية
مناقع الشجر وإصلاح مسقط الماء من الغرب وتنقية العين
وشبه ذلك جائز أن يشترط على العامل. ولا تجوز المساقاة على
إخراج ما في الحائط من الدواب وما مات منها فعلى ربه
خلفه ونفقة الدواب
531

والاجراء على العامل وعليه زريعة البياض اليسير. ولا
بأس أن يلغى ذلك للعامل وهو أحله، وإن كان البياض
كثيرا لم يجز أن يدخل في مساقاة النخل إلا أن يكون
قدر الثلث من الجميع فأقل. والشركة في الزرع جائزة
إذا كانت الزريعة منهما جميعا
532

والربح بينهما، وإذا كانت الأرض لأحدهما والعمل على الآخر أو
العمل بينهما واكتريا الأرض أو كانت بينهما أما إن كان
البذر من عند أحدهما ومن عند الآخر الأرض والعمل عليه
أو عليهما والربح بينهما لم يجز، ولو كانا اكتريا الأرض
والبذر من
533

عند واحد وعلى الآخر العمل جاز إذا تقاربت قيمة ذلك
. ولا ينقد في كراء أرض غير مأمونة قبل أن تروى. ومن
ابتاع ثمرة في رؤوس الشجر فأجيح ببرد أو جراد أو جليد
أو غيره، فإن أجيح قدر الثلث فأكثر وضع عن المشتري
قدر ذلك من الثمن وما نقص عن الثلث فمن المبتاع،
534

ولا جائحة في الزرع ولا فيما اشتري بعد أن يبس من الثمار
وتوضع جائحة البقول وإن قلت. وقيل: لا يوضع إلا قدر
الثلث. ومن أعرى ثمر نخلات لرجل من جنانه فلا بأس
أن يشتريها إذا أزهت بخرصها
535

تمرا يعطيه ذلك عند الجذاذ إن كان فيها خمسة أوسق فأقل،
ولا يجوز شراء أكثر من خمسة أوسق إلا بالعين والعرض.
(باب) في الوصايا والمدبر والمكاتب والمعتق
وأم الولد والولاء
ويحق على من له ما يوصي فيه أن يعد
536

وصيته ولا وصية لوارث، والوصايا خارجة من الثلث ويرد
ما زاد عليه إلا أن يجيزه الورثة، والعتق بعينه مبدأ عليها
537

والمدبر في الصحة مبدأ على ما في المرض من عتق وغيره، وعلى
ما فرط فيه من الزكاة فأوصى به فإن ذلك في ثلثه مبدأ على
الوصايا ومدبر الصحة مبدأ عليه. وإذا ضاق الثلث تحاص أهل
الوصايا التي لا تبدئة فيها. وللرجل الرجوع عن وصيته
من عتق وغيره. والتدبير أن يقول الرجل
538

لعبده أنت مدبر أو أنت حر عن دبر مني، ثم لا يجوز له بيعه
وله خدمته وله انتزاع ماله ما لم يمرض وله وطؤها إن كانت
أمة، ولا يطأ المعتقة إلى أجل ولا يبيعها وله أن يستخدمها
539

وله أن ينتزع مالها ما لم يقرب الاجل. وإذا مات فالمدبر من
ثلثه والمعتق إلى أجل من رأس ماله. والمكاتب عبد ما بقي
عليه شئ والكتابة جائزة على ما رضيه العبد، والسيد من
المال منجما قلت النجوم أو كثرت،
540

فإن عجز رجع رقيقا وحل له ما أخذ منه ولا يعجزه إلا
السلطان بعد التلوم إذا امتنع من التعجيز. وكل ذات رحم
فولدها بمنزلتها من مكاتبة أو مدبرة أو معتقة إلى أجل
أو مرهونة وولد أم الولد من غير السيد بمنزلتها، ومال العبد
له إلا أن ينتزعه السيد
541

فإن أعتقه أو كاتبه ولم يستثن ماله فليس له أن
ينتزعه، وليس له وطئ مكاتبته، وما حدث للمكاتب
والمكاتبة من ولد دخل معهما في الكتابة وعتق بعتقهما،
وتجوز كتابة الجماعة ولا يعتقون إلا بأداء الجميع. وليس
للمكاتب عتق ولا إتلاف ماله حتى يعتق، ولا يتزوج ولا
542

يسافر السفر البعيد بغير إذن سيده، وإذا مات وله ولد قام
مقامه وودي من ماله ما بقي عليه حالا وورث من معه من
ولده ما بقي وإن لم يكن في المال وفاء فإن ولده يسعون
فيه ويؤدون نجوما إن كانوا كبارا وإن كانوا صغار وليس
في المال قدر النجوم إلى بلوغهم السعي رقوا وإن
543

لم يكن له ولد معه في كتابته ورثه سيده. ومن أولد أمة فله
أن يستمتع منها في حياته وتعتق من رأس ماله بعد مماته، ولا
يجوز بيعها ولا له عليها خدمة ولا غلة وله ذلك في ولدها
من غيره وهو بمنزلة أمه في العتق يعتق بعتقها، وكل
ما أسقطته مما يعلم أنه ولد فهبه أم ولد، ولا ينفعه العزل
544

إذا أنكر ولدها وأقر بالوطئ فإن ادعى استبراء لم
يطأ بعده لم يلحق به ما جاء من ولد. ولا يجوز عتق من
أحاط الدين بماله، ومن أعتق بعض عبده استتم عليه وإن
كان لغيره معه فيه شركة قوم عليه نصيب
545

شريكه بقيمته يوم يقام عليه وعتق فإن لم يوجد مال بقي
سهم الشريك رقيقا، ومن مثل بعبده مثلة بينة من قطع جارحة
ونحوه عتق عليه. ومن ملك أبويه أو أحدا من ولده أو ولد ولده
أو ولد بناته أو جده أو جدته أو أخاه لام أو لأب أو لهما
جميعا عتق عليه، ومن أعتق حاملا كان جنينها حرا معها
546

ولا يعتق في الرقاب الواجبة من فيه معنى من عتق
بتدبير
أو كتابة أو غيرهما ولا أعمى ولا أقطع اليد وشبهه ولا من
على غير الاسلام. ولا يجوز عتق الصبي ولا المولى عليه.
والولاء لمن أعتق، ولا يجوز بيعه ولا هبته ومن أعتق عبدا
عن رجل فالولاء
547

للرجل، ولا يكون الولاء لمن أسلم على يديه وهو
للمسلمين، وولاء ما أعتقت المرأة لها وولاء من يجر من
ولد أو عبد أعتقته ولا ترث ما أعتق غيرها من أب
أو ابن أو زوج أو غيره. وميراث السائبة لجماعة المسلمين.
والولاء للأقعد من عصبة الميت الأول، فإن ترك ابنين
فورثا ولاء مولى لأبيهما ثم ما ت أحدهما وترك بنين رجع
548

الولاء إلى أخيه دون بنيه، وإن مات واحد وترك ولدا ومات
أخوه وترك ولدين فالولاء بين الثلاثة أثلاثا.
(باب) في الشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن
والعارية والوديعة واللقطة والغصب
وإنما الشفعة في المشاع
549

ولا شفعة فيما قد قسم ولا لجار ولا في طريق ولا عرصة
دار قد قسمت بيوتها ولا في فحل نخل أو بئر إذا قسمت
النخل أو الأرض ولا شفعة إلا في الأرض وما يتصل بها
من البناء والشجر.
550

ولا شفعة للحاضر بعد السنة والغائب على شفعته وإن طالت
غيبته، وعهدة الشفيع على المشتري، ويوقف الشفيع فإما
أخذ أو ترك، ولا توهب الشفعة ولا تباع وتقسم بين
الشركاء بقدر الانصباء.
551

ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات
قبل أن تحاز عنه فهي ميراث إلا أن يكون ذلك في المرض
فذلك نافذ من الثلث إن كان لغير وارث. والهبة لصلة
الرحم أو لفقير كالصدقة لا رجوع فيها،
552

ومن تصدق على ولده فلا رجوع له وله أن يعتصر ما وهب
لولده الصغير أو الكبير ما لم ينكح لذلك أو يداين أو
يحدث في الهبة حدثا. والام تعتصر ما دام الأب حيا، فإذا
مات لم تعتصر، ولا يعتصر من يتيم واليتم من قبل الأب.
وما وهبه لابنه الصغير فحيازته له جائزة إذا لم يسكن ذلك
553

أو يلبسه إن كان ثوبا، وإنما يجوز له ما يعرف بعينه، وأما
الكبير فلا تجوز حيازته له. ولا يرجع الرجل في صدقته
ولا ترجع إليه إلا بالميراث. ولا بأس أن يشرب من
لبن ما تصدق به. ولا يشتري ما تصدق به. والموهوب
للعوض إما أثاب القيمة أو رد الهبة
554

فإن فاتت فعليه قيمتها، وذلك إذا كان يرى أنه أراد
الثواب من الموهوب له. ويكره أن يهب لبعض ولده
ماله كله، وأما الشئ منه فذلك سائغ. ولا بأس أن يتصدق
على الفقراء بماله كله لله. ومن وهب هبة فلم يحزها
الموهوب له حتى مرض الواهب
555

أو أفلس فليس له حينئذ قبضها، ولو مات الموهوب له
كان لورثته القيام فيها على الواهب الصحيح. ومن حبس دارا
فهي على ما جعلها عليه إن حيزت قبل موته
556

ولو كانت حبسا على ولده الصغير جازت حيازته له إلى أن
يبلغ وليكرها له ولا يسكنها، فإن لم يدع سكناها حتى
مات بطلت، وإن انقرض من حبست عليه رجعت حبسا
على أقرب الناس بالمحبس يوم المرجع. ومن أعمر رجلا
حياته دارا رجعت بعد موت الساكن ملكا لربها، وكذلك
إن أعمر عقبه
557

فانقرضوا بخلاف الحبس، فإن ما ت المعمر يومئذ كانت لورثته
يوم موته ملكا. ومن مات من أهل الحبس فنصيبه على من بقي،
ويؤثر في الحبس أهل الحاجة بالسكنى والغلة، ومن
سكن فلا يخرج لغيره
558

إلا أن يكون في أصل الحبس شرط فيمضي، ولا يباع
الحبس وإن خرب ويباع الفرس الحبس يكلب ويجعل
ثمنه في مثله أو يعان به فيه، واختلف في المعاوضة بالربع
الخرب بربع غير خرب.
559

والرهن جائز ولا يتم إلا بالحيازة ولا تنفع الشهادة في حيازته
إلا بمعاينة البينة، وضمان الرهن من المرتهن فيما يغاب عليه
ولا يضمن ما لا يغاب عليه
560

وثمرة النخل الرهن للراهن، وكذلك غلة الدور والولد رهن
مع الأمة الرهن تلده بعد الرهن، ولا يكون مال العبد
رهنا إلا بشرط، وما هلك بيد أمين فهو من الراهن.
والعارية مؤداة يضمن ما يغاب عليه
561

ولا يضمن ما لا يغاب عليه من عبد أو دابة إلا أن يتعدى.
والمودع إن قال: رددت الوديعة إليك صدق إلا أن يكون
قبضها بإشهاد، وإن قال:
562

ذهبت فهو مصدق بكل حال، والعارية لا يصدق في هلاكها
فيما يغاب عليه، ومن تعدى على وديعة ضمنها وإن كانت
دنانير فردها في صرتها ثم هلكت فقد اختلف في تضمينه،
ومن أتجر بوديعة فذلك مكروه والربح له إن كانت عينا،
وإن باع الوديعة وهي عرض فربها مخير في الثمن
563

أو القيمة يوم التعدي. ومن وجد لقطة فليعرفها
سنة بموضع يرجو التعريف بها، فإن تمت سنة ولم يأت
لها أحد فإن شاء حبسها وإن شاء تصدق بها وضمنها لربها
إن جاء، وإن انتفع بها
564

ضمنها، وإن هلكت قبل السنة أو بعدها بغير تحريك
لم يضمنها، وإذا عرف طالبها العفاص والوكاء أخذها، ولا
يأخذ الرجل ضالة الإبل من الصحراء وله أخذ الشاة
وأكلها إن كانت بفيفاء لا عمارة فيها. ومن استهلك عرضا
565

فعليه قيمته وكل ما يوزن أو يكال فعليه مثله. والغاصب
ضامن لما غصب، فإن رد ذلك بحاله فلا شئ عليه، وإن
تغير في يده فربه مخير بين أخذه بنقصه
566

أو تضمينه القيمة، ولو كان النقص بتعديه خير أيضا في أخذه
وأخذ ما نقصه، وقد اختلف في ذلك. ولا غلة للغاصب ويرد
ما أكل من غلة أو انتفع، وعليه الحد إن وطئ وولده رقيق
لرب الأمة، ولا يطيب لغاصب المال ربحه حتى يرد رأس
المال على ربه،
567

ولو تصدق بالربح كان أحب إلى بعض أصحاب مالك، وفي
باب الأقضية شئ من هذا المعنى.
(باب) في أحكام الدماء والحدود
ولا تقتل نفس بنفس إلا ببينة عادلة أو باعتراف أو
بالقسامة إذا وجبت،
568

يقسم الولاة خمسين يمينا ويستحقون الدم ولا يحلف في
العمد أقل من رجلين، ولا يقتل بالقسامة أكثر من رجل
واحد، وإنما تجب القسامة بقول الميت: دمي عند فلان أو
بشاهد على القتل أو بشاهدين على الجرح ثم يعيش بعد ذلك
569

ويأكل ويشرب، وإذا نكل مدعو الدم حلف المدعى
عليهم خمسين يمينا، فإن لم يجد من يحلف من ولاته
معه غير المدعى عليه وحده حلف الخمسين، ولو ادعي القتل
على جماعة حلف كل واحد خمسين يمينا، ويحلف
570

من الولاة في طلب الدم خمسون رجلا خمسين يمينا
وإن كانوا أقل قسمت عليهم الايمان، ولا تحلف امرأة في
العمد وتحلف الورثة في الخطأ بقدر ما يرثون من الدية
من رجل أو امرأة، وإن انكسرت يمين عليهم حلفها
أكثرهم نصيبا منها، وإذا حضر بعض ورثة دية الخطأ
571

لم يكن له بد أيحلف جميع الايمان ثم يحلف من يأتي
بعده بقدر نصيبه من الميراث. ويحلفون في القسامة قياما
ويجلب إلى مكة والمدينة وبيت المقدس أهل أعمالها للقسامة،
ولا يجلب في غيرها إلا من الأميال اليسيرة.
572

ولا قسامة في جرح ولا في عبد ولا بين أهل الكتاب ولا
في قتيل بين الصفين، أو وجد في محلة قوم. وقتل الغيلة لا عفو فيه
573

وللرجل العفو عن دمه العمد إن لم يكن قتل غيلة
وعفوه عن الخطأ في ثلثه، وإن عفا أحد البنين فلا قتل
ولمن بقي نصيبهم من الدية ولا عفو للبنات مع البنين، ومن
عفي عنه في العمد ضرب مائة وحبس عاما. والدية
574

على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى
أهل الورق اثنا عشر ألف درهم، ودية العمد إذا قبلت خمس
وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون
بنت لبون وخمس وعشرون بنت مخاض، ودية الخطأ مخمسة
عشرون من كل ما ذكرنا وعشرون بنو لبون ذكورا،
575

وإنما تغلظ الدية في الأب يرمي ابنه بحديدة فيقتله فلا
يقتل به ويكون عليه ثلاثون جذعة وثلاثون حقة
وأربعون خلفة في بطونها أولادها، وقيل ذلك على عاقلته،
وقيل ذلك في ماله. ودية المرأة على النصف من دية الرجل،
576

وكذلك دية الكتابيين ونساؤهم على النصف من ذلك، والمجوسي ديته ثمانمائة
درهم ونساؤهم على النصف من ذلك، ودية جراحهم
كذلك. وفي اليدين الدية وكذلك في الرجلين أو العينين
وفي كل واحدة منهما نصفها، وفي الانف يقطع مارنه الدية،
وفي السمع الدية،
577

وفي العقل الدية، وفي الصلب ينكسر الدية، وفي الأنثيين
الدية، وفي الحشفة الدية، وفي اللسان الدية، وفيما منع منه
الكلام الدية، وفي ثديي المرأة الدية، وفي عين الأعور الدية،
وفي الموضحة خمس من الإبل، وفي السن خمس، وفي كل إصبع
عشر، وفي الأنملة
578

ثلاث وثلث، وفي كل أنملة من الابهامين خمس من الإبل،
وفي المنقلة عشر ونصف عشر، والموضحة ما أوضح العظم
والمنقلة ما طار فراشها من العظم ولم تصل إلى الدماغ
وما وصل إليه فهي المأمومة ففيها ثلث الدية، وكذلك الجائفة
579

وليس فيما دون الموضحة إلا الاجتهاد وكذلك في
جراح الجسد. ولا يعقل جرح إلا بعد البرء وما برئ على غير
شين مما دون الموضحة فلا شئ فيه. وفي الجراح القصاص
في العمد إلا في المتالف مثل المأمومة والجائفة والمنقلة
والفخذ والأنثيين والصلب ونحوه، ففي كل ذلك الدية.
580

ولا تحمل العاقلة قتل عمد ولا اعترافا به وتحمل من جراح
الخطأ ما كان قدر الثلث فأكثر وما كان دون الثلث ففي
مال الجاني، وأما المأمومة والجائفة عمدا فقال مالك: ذلك على
العاقلة، وقال أيضا: إن ذلك في ماله إلا أن يكون عديما
فتحمله العاقلة لأنهما لا يقاد من عمدهما، وكذلك ما بلغ ثلث
الدية مما لا يقاد منه لأنه متلف، ولا تعقل العاقلة من قتل
581

نفسه عمدا أو خطأ. وتعاقل المرأة الرجل إلى ثلث
دية الرجل فإذا بلغتها رجعت إلى عقلها. والنفر يقتلون
رجلا فإنهم يقتلون به، والسكران إن قتل قتل وإن قتل
مجنون رجلا فالدية على عاقلته، وعمد الصبي كالخطأ
582

وذلك على عاقلته إن كان ثلث الدية فأكثر وإلا ففي ماله، وتقتل
المرأة بالرجل والرجل بها ويقتص لبعضهم من بعض
في الجراح. ولا يقتل حر بعبد ويقتل به العبد، ولا يقتل مسلم
بكافر ويقتل به الكافر، ولا قصاص بين حر وعبد في جرح
583

ولا بين مسلم وكافر، والسائق والقائد والراكب
ضامنون لما وطئت الدابة، وما كان منها من غير فعلهم
أو وهي واقفة لغير شئ فعل بها فذلك هدر، وما مات في
بئر أو معدن من غير فعل أحد فهو هدر. وتنجم الدية على
العاقلة في ثلاث سنين
584

وثلثها في سنة ونصفها في سنتين، والدية موروثة على
الفرائض. وفي جنين الحرة غرة عبد أو وليدة تقوم بخمسين
دينارا أو ستمائة درهم وتورث على كتاب الله. ولا يرث
قاتل العمد من مال ولا دية، وقاتل الخطأ يرث من المال دون
الدية. وفي جنين الأمة من سيدها
585

ما في جنين الحرة وإن كان من غير ففيه عشر قيمتها.
ومن قتل عبدا فعليه قيمته. وتقتل الجماعة بالواحد في
الحرابة والغيلة وإن ولي القتل بعضهم. وكفارة القتل في الخطأ
واجبة عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين،
586

ويؤمر بذلك إن عفي عنه في العمد فهو خير له. ويقتل
الزنديق، ولا تقبل توبته وهو الذي يسر الكفر ويظهر
الاسلام، وكذلك الساحر ولا تقبل توبته، ويقتل من ارتد
إلا أن يتوب ويؤخر للتوبة ثلاثا وكذلك المرأة، ومن لم يرتد
587

وأقر بالصلاة وقال: لا أصلي أخر حتى يمضي وقت صلاة
واحدة فإن لم يصلها قتل. ومن امتنع من الزكاة
أخذت منه كرها، ومن ترك الحج فالله حسبه ومن
ترك الصلاة جحدا لها فهو كالمرتد يستتاب ثلاثا فإن لم
يتب قتل. ومن سب رسول الله (ص) قتل ولا تقبل توبته،
588

ومن سبه من أهل الذمة بغير ما به كفر، أو سب الله عز
وجل بغير ما به كفر وقتل إلا أن يسلم. وميراث المرتد
لجماعة المسلمين. والمحارب لا عفو فيه إذا ظفر به، فإن
قتل أحدا فلا بد من قتله وإن لم يقتل فيسع الإمام فيه
اجتهاده بقدر جرمه وكثرة مقامه في فساده فإما قتله أو
صلبه ثم قتله، أو يقطعه من خلاف أو ينفيه إلى بلد يسجن
بها حتى يتوب،
589

فإن لم يقدر عليه حتى جاء تائبا وضع عنه كل حق هو
لله من ذلك وأخذ بحقوق الناس من مال أو دم، وكل واحد
من اللصوص ضامن لجميع ما سلبوه من الأموال، وتقتل
الجماعة بالواحد في الحرابة والغيلة، وإن ولي القتل واحد
منهم، ويقتل
590

المسلم بقتل الذمي قتل غيلة أو ومن زنى من
حر محصن رجم حتى يموت. والاحصان أن يتزوج امرأة
نكاحا حرابة صحيحا ويطأها وطأ صحيحا، فإن لم يحصن جلد مائة
جلدة وغربه الإمام إلى بلد آخر وحبس فيه عاما وعلى العبد
في الزنى خمسون جلدة
591

وكذلك الأمة وإن كانا متزوجين ولا تغريب عليهما ولا
على امرأة. ولا يحد الزاني إلا باعتراف أو بحمل يظهر أو
بشهادة أربعة رجال أحرار بالغين عدول يرونه كالمرود في
المكحلة ويشهدون في وقت واحد وإن لم يتم أحدهم الصفة
592

حد الثلاثة الذين أتموها، ولا حد على من لم يحتلم
ويحد واطئ أمة والده ولا يحد واطئ أمة ولده وتقوم عليه
وإن لتحمل. ويؤدب الشريك في الأمة يطؤها ويضمن قيمتها
إن كان له مال فإن لم تحمل فالشريك بالخيار بين أن يتماسك
593

أو تقوم عليه. وإن قالت امرأة بها حمل استكرهت
لم تصدق وحدت إلا أن تعرف بينة أنها احتملت حتى
غاب عليها أو جاءت مستغيثة عند النازلة أو جاءت تدمي.
والنصراني إذا غصب المسلمة في الزنى قتل وإن رجع المقر
بالزنى أقيل وترك.
594

ويقيم الرجل على عبده وأمته حد الزنى إذا ظهر حمل أو قامت
بينة غيره أربعة شهداء أو كان إقرار، ولكن إن كان للأمة
زوج حر أعبد لغيره فلا يقيم الحد عليها إلا السلطان.
ومن عمل عمل قوم لوط بذكر بالغ أطاعه رجما أحصنا
أو لم يحصنا.
595

وعلى القاذف الحر الحد ثمانون وعلى العبد أربعون في القذف
وخمسون في الزنى والكافر يحد في القذف ثمانين. ولا حد
على قاذف عبد أو كافر ويحد قاذف الصبية بالزنى إن كان
مثلها يوطأ ولا يحد قاذف الصبي
596

ولا حد على من لم يبلغ في قذف ولا وطئ. ومن نفى رجلا
من نسبه فعليه الحد وفي التعريض الحد ومن قال لرجل:
يا لوطي حد، ومن قذف جماعة فحد واحد يلزمه لمن قام
به منهم ثلا شئ عليه. ومن كرر شرب الخمر أو الزنى
فحد واحد في ذلك
597

كله، وكذلك من قذف جماعة ومن لزمته حدود وقتل
فالقتل يجزئ عن ذلك إلا في القذف فليحد قبل أن يقتل
. ومن شرب خمرا أو نبيذا مسكرا حد ثمانين سكر أو
لم يسكر ولا سجن عليه، ويجرد المحدود
598

ولا تجرد المرأة إلا مما يقيها الضرب ويجلدان قاعدين،
ولا تحد حامل حتى تضع، ولا مريض مثقل حتى يبرأ. ولا
يقتل واطئ البهيمة وليعاقب. ومن سرق ربع دينار ذهبا
أو ما قيمته يوم السرقة ثلاثة دراهم من العروض
599

أو وزن ثلاثة دراهم فضة قطع إذا سرق من حرز،
ولا قطع في الخلسة ويقطع في ذلك يد الرجل والمرأة
والعبد، ثم إن سرق قطعت رجله من خلاف، ثم إن سرق فيده،
ثم إن سرق فرجله، ثم إن سرق جلد وسجن. ومن أقر بسرقة
600

قطع وإن رجع أقيل وغرم السرقة إن كانت معه وإلا اتبع
بها، ومن أخذ في الحرز لم يقطع حتى يخرج السرقة من
الحرز وكذلك الكفن من القبر، ومن سرق من بيت أذن
له في دخوله لم يقطع ولا يقطع المختلس. وإقرار العبد
فيما يلزمه في بدنه من حد أو قطع يلزمه
601

وما كان في رقبته فلا إقرار له. ولا قطع في ثمر معلق ولا في
الجمار في النخل ولا في الغنم الراعية حتى تسرق من مراحها
وكذلك التمر من الأندر. ولا يشفع لمن بلغ الإمام في السرقة
والزنى واختلف في ذلك في القذف. ومن سرق من الكم
602

قطع، ومن سرق من الهري وبيت المال والمغنم فليقطع،
وقيل إن سرق فوق حقه من المغنم بثلاثة دراهم
قطع. ويتبع السارق إذا قطع بقيمة ما فات من
السرقة في ملائه، ولا يتبع في عدمه ويتبع في عدمه بما لا
يقطع فيه من السرقة.
603

(باب) في الأقضية والشهادات
والبينة على المدعي واليمين على من أنكر، ولا يمين
حتى تثبت الخلطة أو الظنة،
604

كذلك قضى حكام أهل المدينة، وقد قال عمر بن عبد العزيز:
تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور. وإذا
نكل المدعى عليه لم يقض للطالب حتى يحلف فيما يدعي
فيه معرفة، واليمين بالله
605

الذي لا إله إلا هو، ويحلف قائما وعند منبر الرسول
(ص) في ربع دينار فأكثر وفي غير المدينة يحلف في
ذلك في الجامع وموضع يعظم منه، ويحلف الكافر بالله
حيث يعظم. وإذا وجد الطالب بينة بعد يمين المطلوب لم
يكن علم بها قضي له بها، وإن كان علم بها فلا تقبل منه
606

وقد قيل تقبل منه. ويقضى بشاهد ويمين في الأموال ولا
يقضى بذلك في نكاح أو طلاق أو حد ولا في دم عمد
أو نفس إلا مع القسامة في النفس، وقد قيل يقضى
607

بذلك في الجراح. ولا تجوز شهادة النساء إلا في الأموال ومائة
امرأة كامرأتين وذلك كرجل واحد يقضى بذلك مع رجل
أو مع اليمين فيما يجوز فيه شاهد ويمين، وشهادة امرأتين
فقط فيما لا يطلع عليه الرجال من الولادة والاستهلال
وشبهه جائزة، ولا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ولا يقبل
إلا العدول،
608

ولا تجوز شهادة المحدود ولا شهادة عبد ولا صبي ولا
كافر، وإذا تاب المحدود في الزنى قبلت شهادته إلا في الزنى،
ولا تجوز شهادة الابن للأبوين
609

ولا هما له ولا الزوج للزوجة ولا هي له، وتجوز شهادة
الأخ العدل لأخيه، ولا تجوز شهادة مجرب في كذب أو مظهر
لكبيرة، ولا جار لنفسه نفعا ولا دافع عنها ضررا
610

ولا وصي ليتيمه، وتجوز شهادته عليه، ولا يجوز تعديل
النساء ولا تجريحهن. ولا يقبل في التزكية إلا من يقول
عدل رضا، ولا يقبل في ذلك ولا في التجريح واحد. وتقبل
شهادة الصبيان في الجراح قبل أن يفترقوا أو يدخل بينهم كبير.
وإذا اختلف المتبايعان استحلف البائع
611

ثم يأخذ المبتاع أو يحلف ويبرأ. وإذا اختلف المتداعيان
في شئ بأيديهما حلفا وقسم بينهما وإن أقاما بينتين قضي
بأعدلهما فإن استويا حلفا وكان بينهما. وإذا رجع الشاهد
بعد الحكم أغرم ما أتلف بشهادته إن اعترف أنه شهد
612

بزور قاله أصحاب مالك. ومن قال: رددت إليك
ما وكلتني عليه أو على بيعه أو دفعت إليك ثمنه
أو وديعتك أو قراضك فالقول قوله، ومن قال: دفعت إلى
فلان كما أمرتني فأنكر فلان فعلى الدافع البينة وإلا
ضمن وكذلك على ولي الأيتام البينة أنه أنفق عليهم أو
613

دفع إليهم، وإن كانوا في حضانته صدق في النفقة فيما يشبه.
والصلح جائز إلا ماجر إلى حرام، ويجوز على الاقرار
والانكار. والأمة الغارة تتزوج على أنها حرة فلسيدها
أخذها وأخذ قيمة الولد يوم الحكم له،
614

ومن استحق أمة قد ولدت فله قيمتها وقيمة الولد يوم الحكم،
وقيل يأخذها وقيمة الولد، وقيل له قيمتها فقط إلا أن يختار
الثمن فيأخذه من الغاصب الذي باعها ولو كانت بيد غاصب
فعليه الحد وولده رقيق معها لربها. ومستحق الأرض بعد أن
عمرت يدفع
615

قيمة العمارة قائما فإن أبى دفع إليه المشتري قيمة البقعة
براحا فإن أبى كانا شريكين بقيمة ما لكل واحد. والغاصب
يؤمر بقلع بنائه وزرعه وشجره وإن شاء أعطاه ربها قيمة
ذلك النقض والشجر ملقى بعد قيمة أجر من يقلع ذلك
616

ولا شئ عليه فيما لا قيمة له بعد القلع والهدم. ويرد
الغاصب الغلة ولا يردها غير الغاصب. والولد في
الحيوان وفي الأمة إذا كان الولد من غير السيد يأخذه
المستحق للأمهات من يد مبتاع أو غيره، ومن غصب أمة
ثم وطئها فولده رقيق وعليه الحد. وإصلاح السفل على
صاحب السفل
617

والخشب للسقف عليه وتعليق الغرف عليه إذا وهي السفل
وهدم حتى يصلح ويجبر على أن يصلح أو يبيع ممن يصلح.
ولا ضرر ولا ضرار فلا يفعل ما يضر بجاره من فتح كوة
قريبة يكشف جاره منها أو فتح باب قبالة بابه
618

أو حفر ما يضر بجاره في حفره، وإن كان في ملكه.
ويقضى بالحائط لمن إليه القمط والعقود. ولا يمنع فضل
الماء ليمنع به الكأ، وأهل آبار الماشية أحق بها حتى
يسقوا ثم الناس فيها سواء، ومن كان في أرضه عين أو بئر
فله منعها إلا أن تنهدم بئر جاره وله زرع يخاف عليه فلا
يمنعه فضله
619

، واختلف هل عليه في ذلك ثمن أم لا. وينبغي أن لا يمنع
الرجل جاره أن يغرز خشبه في جداره ولا يقضى عليه وما
أفسدت الماشية من الزرع والحوائط بالليل فذلك على أرباب
الماشية، ولا شئ عليهم في فساد النهار. ومن وجد سلعته
620

في التفليس فإما حاصص وإلا أخذ سلعته إن كانت
تعرف بعينها وهو في الموت أسوة الغرماء. والضامن غارم،
وحميل الوجه إن لم يأت به غرم حتى يشترط أن لا يغرم.
ومن أحيل بدين فرضي فلا رجوع له على الأول وإن أفلس
هذا إلا أن يغره منه وإنما الحوالة على أصل دين وإلا
621

فهي حمالة، ولا يغرم الحميل إلا في عدم الغريم أو غيبته. ويحل
بموت المطلوب أو تفليسه كل دين عليه ولا يحل ما كان
له على غيره. ولا تباع رقبة المأذون فيما عليه ولا يتبع به
622

سيده ويحبس المديان ليستبرأ ولا حبس على معدم وما
انقسم بلا ضرر قسم من ربع وعقار، وما لم ينقسم بغير
ضرر فمن دعا إلى البيع أجبر عليه من أباه، وقسم القرعة
لا يكون إلا في صنف واحد
623

ولا يؤدي أحد الشركاء ثمنا، وإن كان في ذلك تراجع لم يجز
القسم إلا بتراض. ووصي الوصي كالوصي وللوصي أن يتجر
بأموال اليتامى ويزوج إماءهم، ومن أوصى إلى غير مأمون
فإنه يعزل. ويبدأ بالكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث.
ومن حاز دارا
624

على حاضر عشر سنين تنسب إليه وصاحبها حاضر عالم لا يدعي
شيئا فلا قيام له ولا حيازة بين الأقارب والأصهار في مثل
هذه المدة. ولا يجوز إقرار المريض لوارثه بدين أو بقبضه.
ومن أوصى
625

بحج أنفذ والوصية بالصدقة أحب إلينا، وإذا مات أجير
الحج قبل أن يصل فله بحساب ما سار ويرد ما بقي وما هلك
بيده فهو منه إلا أن يأخذ المال على أن ينفق على البلاغ،
فالضمان من الذين واجروه ويرد ما فضل إن فضل شئ.
626

(باب) في الفرائض
ولا يرث من الرجال إلا عشرة: الابن وابن الابن وإن
سفل، والأب والجد للأب وإن علا، والأخ وابن الأخ وإن
بعد، والعم وابن العم وإن بعد، والزوج ومولى النعمة. ولا
يرث من النساء غير سبع، البنت وبنت الابن والام والجدة
والأخت والزوجة ومولاة النعمة. فميراث الزوج من
الزوجة إن لم تترك ولدا
627

ولا ولد ابن النصف، فإن تركت ولدا أو ولد ابن منه أو من
غيره فله الربع. وترث هي منه الربع إن لم يكن له ولد
ولا ولد ابن، فإن كان له ولد أو ولد ابن منها أو من غيرها
فلها الثمن. وميراث الام من ابنها الثلث إن لم يترك ولدا
أو ولد ابن أو اثنين من الاخوة ما كانوا فصاعدا إلا في
فريضتين في زوجة وأبوين فللزوجة الربع وللأم
628

ثلث ما بقي وما بقي للأب، وفي زوج وأبوين فللزوج
النصف وللأم ثلث ما بقي وما بقي للأب ولها في غير
ذلك الثلث إلا
629

ما نقصها العول إلا أن يكون للميت ولو أو ولد ابن أو اثنان من الاخوة ما
كانا فلها السدس حينئذ. وميراث الأب من ولد إذا انفرد
ورث المال كله ويفرض له مع الولد الذكر أو ولد الابن
السدس فإن لم يكن له ولد ولا ولد ابن فرض للأب السدس
وأعطي من شركه من أهل السهام سهامهم ثم كان له ما بقي.
وميراث الولد الذكر جميع المال إن كان وحده
630

أو يأخذ ما بقي بعد سهام من معه من زوجة وأبوين أو جد
أو جدة. وابن الابن بمنزلة الابن إذا لم يكن ابن فإن كان
ابن وابنة فللذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك في كثرة البنين
والبنات وقلتهم يرثون، كذلك جميع المال
631

أو ما فضل منه بعد من شركهم من أهل السهام. وابن الابن
كالابن في عدمه فيما يرث ويحجب. وميراث البنت الواحدة
النصف والاثنتين الثلثان فإن كثرن لم يزدن على الثلثين
شيئا، وابنة الابن كالبنت إذا لم تكن بنت، وكذلك بناته
كالبنات في عدم البنات، فإن كانت ابنة وابنة ابن فللابنة
النصف ولابنة الابن السدس تمام الثلثين، وإن كثرت بنات
الابن
632

لم يزدن على ذلك السدس شيئا إن لم يكن معهن ذكر وما بقي
للعصبة، وإن كانت البنات اثنتين لم يكن لبنات الابن شئ
إلا أن يكون معهن أخ فيكون ما بقي بينهن وبينه للذكر
مثل حظ الأنثيين، وكذلك إذا كان ذلك الذكر تحتهن
كان ذلك بينه وبينهن كذلك، وكذلك لو ورث بنات
الابن مع الابنة السدس وتحتهن بنات ابن معهن أو تحتهن
633

ذكر كان ذلك بينه وبين أخواته أو من فوقه من عماته،
ولا يدخل في ذلك من دخل في الثلثين من بنات الابن.
وميراث الأخت الشقيقة النصف والاثنتين فصاعدا الثلثان،
فإن كانوا إخوة وأخوات شقائق أو لأب فالمال بينهم
للذكر مثل حظ الأنثيين قلوا أو كثروا، والأخوات مع
البنات كالعصبة لهن يرثن ما فضل عنهن ولا يربى لهن
معهن.
634

ولا ميراث للاخوة والأخوات مع الأب ولا مع الولد
الذكر، أو مع ولد الولد. والإخوة للأب في عدم الشقائق
كالشقائق ذكورهم وإناثهم، فإن كانت أخت شقيقة
وأخت أو أخوات لأب فالنصف للشقيقة ولمن بقي من
الأخوات للأب السدس، ولو كانتا شقيقتين لم يكن للأخوات
635

للأب شئ إلا أن يكون معهن ذكر فيأخذون
ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين. وميراث الأخت للأم
والأخ للام سواء السدس لكل واحد وإن كثروا فالثلث
بينهم الذكر والأنثى فيه سواء، ويحجبهم عن الميراث الولد وبنوه
والأب والجد للأب. والأخ يرث المال إذا انفرد كان شقيقا أو
636

لأب والشقيق يحجب الأخ للأب وإن كان أخ
وأخت فأكثر شقائق أو لأب فالمال بينهم للذكر مثل
حظ الأنثيين، وإن كان مع الأخ ذو سهم بدئ بأهل السهام
وكان له ما بقي، وكذلك يكون ما بقي للاخوة والأخوات
للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن لم يبق شئ فلا شئ لهم
إلا أن يكون في أهل السهام إخوة لام قد ورثوا الثلث
637

وقد بقي أخ شقيق أو إخوة ذكور أو ذكور وإناث
شقائق معهم فيشاركون كلهم الاخوة للام في ثلثهم،
فيكون بينهم بالسواء وهي الفريضة التي تسمى المشتركة.
ولو كان من بقي إخوة لأب لم يشاركوا الاخوة للام
لخروجهم عن ولادة الام، وإن
638

كان من بقي أختا أو أخوات لأبوين أو لأب أعيل لهن
، وإن كان من قبل الام أخ واحد أو أخت لم تكن
مشتركة وكان ما بقي للاخوة إن كانوا ذكورا
أو ذكورا وإناثا، وإن كن إناثا لأبوين أو لأب أعيل لهن والأخ للأب كالشقيق في عدم الشقيق إلا في
المشتركة، وابن الأخ كالأخ في عدم الأخ كان شقيقا أو لأب،
ولا يرث ابن الأخ للام
639

والأخ للأبوين يحجب الأخ للأب، والأخ للأب أولى
من ابن أخ شقيق وابن أخ شقيق أولى من ابن
أخ لأب، وابن أخ لأب يحجب عما لأبوين، وعم لأبوين
يحجب عما لأب، وعم لأب يحجب ابن عم لأبوين،
وابن عم لأبوين يحجب ابن عم لأب. وهكذا يكون
الأقرب أولى. ولا يرث بنو الأخوات ما كن ولا بنو البنات
ولا بنات الأخ ما كان ولا بنات العم ولا جد لام ولا عم
أخو أبيك لامه، ولا يرث عبد ولا من فيه بقية رق، ولا
640

يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ولا ابن أخ لام ولا
جد لام ولا أم أبي الام، ولا ترث أم أبي الأب مع ولدها
أبي الميت، ولا ترث إخوة لام مع الجد للأب ولا مع الولد
وولد الولد ذكرا كان الولد أو أنثى، ولا ميراث للاخوة
مع الأب ما كانوا، ولا يرث عم مع الجد، ولا ابن أخ مع
الجد. ولا يرث قاتل العمد من مال ولا دية،
641

ولا يرث قاتل الخطأ من الدية ويرث من المال. وكل من
لا يرث بحال فلا يحجب وارثا. والمطلقة ثلاثا في المرض
ترث زوجها إن مات من مرضه ذلك ويرثها، وكذلك إن
كان الطلاق واحدة وقد مات من مرضه ذلك بعد العدة، وإن
طلق الصحيح امرأته طلقة واحدة فإنهما يتوارثان
642

ما كانت في العدة فإن انقضت فلا ميراث بينهما بعدها، ومن
تزوج امرأة في مرضه لم ترثه ولا يرثها. وترث الجدة للأم السدس
وكذلك التي للأب فإن اجتمعا فالسدس بينهما إلا
أن تكون التي للام أقرب بدرجة فتكون أولى به لأنها التي
فيها النص، وإن كانت التي للأب أقربهما فالسدس بينهما نصفين.
ولا يرث عند مالك أكثر من جدتين أم الأب وأم الام
وأمهاتهما. ويذكر عن زيد بن ثابت أنه ورث ثلاث جدات
643

واحدة من قبل الام واثنتين من قبل الأب أم الأب وأم أبي الأب.
ولم يحفظ عن الخلفاء توريث أكثر من جدتين. وميراث
الجد إذا انفرد فله المال وله مع الولد الذكر أو مع ولد
الولد الذكر السدس، فإن شركه أحد من أهل السهام غير
الاخوة والأخوات فليقض له بالسدس، فإن بقي شئ من
المال كان له، فإن كان مع أهل السهام إخوة
644

فالجد مخير في ثلاثة أوجه يأخذ أي ذلك أفضل له إما مقاسمة
الاخوة أو السدس من رأس المال أو ثلث ما بقي، فإن لم يكن
معه غير الاخوة فهو يقاسم أخا وأخوين أو عدلهما أربع
أخوات فإن زادوا فله الثلث فهو يرث الثلث مع الاخوة
إلا أن تكون المقاسمة أفضل له، والإخوة للأب معه في
عدم الشقائق كالشقائق، فإن اجتمعوا عاده الشقائق بالذين
للأب
645

فمنعوه بهم كثرة الميراث، ثم كانوا أحق منهم بذلك
إلا أن يكون مع الجد أخت شقيقة ولها أخ لأب أو أخت لأب
، أو أخ وأخت لأب فتأخذ نصفها مما حصل وتسلم ما بقي
إليهم، ولا يربى للأخوات مع الجد إلا في الغراء وحدها
وسنذكرها بعد هذا. ويرث المولى الاعلى إذا انفرد جميع
646

المال كان رجلا أو امرأة فإن كان
معه أهل سهم كان للمولى ما بقي بعد أهل السهام، ولا يرث المولى مع العصبة
وهو أحق من ذوي الأرحام الذين لا سهم لهم في كتاب
الله عز وجل، ولا يرث من ذوي الأرحام إلا من له سهم
في كتاب الله. ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو
جره
647

من أعتقن إليهن بولادة أو عتق. وإذا اجتمع من له
سهم معلوم في كتاب الله وكان ذلك أكثر من المال أدخل
عليهم كلهم الضرر وقسمت الفريضة على مبلغ سهامهم.
648

ولا يعال للأخت مع الجد إلا في الغراء وحدها، وهي امرأة
تركت زوجها وأمها وأختها لأبوين أو لأب وجدها فللزوج
النصف وللأم الثلث وللجد السدس، فلما فرغ المال أعيل
للأخت بالنصف ثلاثة ثم جمع إليها سهم الجد فيقسم
جميع ذلك بينهما على الثلث لها والثلثين له، فتبلغ سبعة
وعشرين سهما.
649

(باب) جمل من الفرائض والسنن الواجبة والرغائب
الوضوء للصلاة فريضة، وهو مشتق من الوضاءة إلا
المضمضة والاستنشاق ومسح الاذنين منه فإن ذلك سنة،
والسواك مستحب مرغب فيه، والمسح على الخفين رخصة
وتخفيف، والغسل من الجنابة ودم الحيض والنفاس فريضة،
وغسل الجمعة
650

سنة، وغسل العيدين مستحب، والغسل على من أسلم
فريضة لأنه جنب، وغسل الميت سنة. والصلوات
الخمس فريضة، وتكبيرة الاحرام فريضة، وباقي التكبير
سنة، والدخول في الصلاة بنية الفرض فريضة، ورفع اليدين
سنة، والقراءة بأم القرآن في الصلاة فريضة، وما زاد عليها
651

سنة واجبة، والقيام والركوع والسجود فريضة، والجلسة
الأولى سنة والثانية فريضة، والسلام فريضة والتيامن به
قليلا سنة، وترك الكلام في الصلاة فريضة، والتشهدان
سنة، والقنوت في الصبح حسن وليس بسنة، واستقبال القبلة
فريضة، وصلاة الجمعة والسعي إليها فريضة، والوتر سنة واجبة،
652

وكذلك صلاة العيدين والخسوف والاستسقاء وصلاة
الخوف واجبة أمر الله سبحانه وتعالى بها وهو فعل يستدركون
به فضل الجماعة. والغسل لدخول مكة مستحب. والجمع
ليلة المطر تخفيف وقد فعله الخلفاء الراشدون، والجمع
بعرفة والمزدلفة سنة واجبة وجمع المسافر في جد السير
رخصة،
653

وجمع المريض يخاف أن يغلب على عقله تخفيف
وكذلك جمعه لعلة به فيكون ذلك أرفق به. والفطر
في السفر رخصة والاقصار فيه واجب وركعتا الفجر من
الرغائب، وقيل من السنن. وصلاة الضحى نافلة، وكذلك
قيام رمضان نافلة وفيه فضل كبير، ومن قامه إيمانا واحتسابا
غفر له ما تقدم من ذنبه،
654

والقيام من الليل في رمضان وغيره من النوافل
المرغب فيها. والصلاة على موتى المسلمين فريضة
يحملها من قام بها وكذلك مواراتهم بالدفن وغسلهم
سنة واجبة. وكذلك طلب العلم فريضة عامة يحملها من
قام بها إلا ما يلزم الرجل في خاصة نفسه. وفريضة الجهاد
عامة يحملها من قام بها إلا أن يغشى العدو محلة قوم
655

فيجب فرضا عليهم قتالهم إذا كانوا مثلي عددهم، والرباط في
ثغور المسلمين وسدها وحياطتها واجب يحمله من قام به.
وصوم شهر رمضان فريضة والاعتكاف نافلة والتنفل
بالصوم مرغب فيه، وكذلك صوم يوم عاشوراء ورجب
وشعبان ويوم عرفة والتروية، وصوم يوم عرفة لغير الحاج
أفضل منه للحاج
656

وزكاة العين والحرث والماشية فريضة، وزكاة
الفطر سنة فرضها رسول الله (ص). وحج البيت فريضة،
والعمرة سنة واجبة، والتلبية سنة واجبة، والنية بالحج
فريضة، والطواف للإفاضة فريضة، والسعي بين الصفا والمروة
فريضة، والطواف المتصل به واجب، وطواف الإفاضة آكد
منه والطواف للوداع سنة، والمبيت بمنى ليلة يوم عرفة
سنة، والجمع بعرفة واجب، والوقوف
657

بعرفة فريضة، ومبيت المزدلفة سنة واجبة، ووقوف المشعر
الحرام مأمور به، ورمي الجمار سنة واجبة وكذلك الحلاق
وتقبيل الركن سنة واجبة، والغسل للاحرام سنة، والركوع
عند الاحرام سنة، وغسل عرفة سنة، والغسل لدخول مكة
مستحب. والصلاة في الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع
وعشرين درجة، والصلاة في المسجد الحرام ومسجد الرسول
(ص) فذا أفضل من الصلاة في سائر المساجد، واختلف في
مقدار
658

التضعيف بذلك بين المسجد الحرام ومسجد الرسول عليه
الصلاة والسلام، ولم يختلف أن الصلاة في مسجد الرسول
(ص) أفضل من ألف صلاة فيما سواه وسوى المسجد الحرام
من المساجد، وأهل المدينة يقولون: إن الصلاة فيه أفضل
من الصلاة في المسجد الحرام بدون الألف، وهذا كله في
الفرائض. وأما النوافل ففي البيوت أفضل. والتنفل بالركوع
659

لأهل مكة أحب إلينا من الطواف والطواف للغرباء أحب
إلينا من الركوع لقلة وجود ذلك لهم. ومن الفرائض غض
البصر عن المحارم وليس في النظرة الأولى بغير تعمد حرج،
ولا في النظر إلى المتجالة، ولا في النظر إلى الشابة لعذر من
شهادة عليها وشبهه، وقد أرخص في ذلك
660

للخاطب. ومن الفرائض صون اللسان عن الكذب والزور
والفحشاء والغيبة والنميمة والباطل كله. قال الرسول عليه
الصلاة والسلام: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا
661

أو ليصمت وقال عليه السلام: من حسن إسلام المرء تركه مالا
يعنيه. وحرم الله سبحانه دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم
إلا بحقها ولا يحل دم امرئ مسلم إلا أن يكفر بعد إيمانه
662

أو يزني بعد إحصانه أو يقتل نفسا بغير نفس أو فساد
في الأرض أو يمرق من الدين، ولتكف يدك عما لا
يحل لك من مال أو جسد أو دم، ولا تسع بقدميك فيما
لا يحل لك، ولا تباشر بفرجك أو بشئ من جسدك ما لا يحل
لك قال الله سبحانه: * (والذين هم لفروجهم حافظون) * إلى قوله:
* (فأولئك هم العادون) * (المؤمنون: 5). وحرم الله سبحانه الفواحش
663

ما ظهر منها وما بطن، وأن يقرب النساء في دم حيضهن أو
نفاسهن، وحرم من النساء ما تقدم ذكرنا إياه، وأمر بأكل
الطيب وهو الحلال فلا يحل لك أن تأكل إلا طيبا ولا تلبس
إلا طيبا ولا تركب إلا طيبا ولا تسكن إلا طيبا وتستعمل
سائر ما تنتفع به طيبا، ومن وراء ذلك
664

مشتبهات من تركها سلم ومن أخذها كان كالراتع حول الحمى
يوشك أن يقع فيه. وحرم الله سبحانه أكل المال بالباطل،
ومن الباطل الغصب والتعدي والخيانة والربا والسحت
والقمار والغرر والغش والخديعة
665

والخلابة. وحرم الله سبحانه أكل الميتة والدم ولحم الخنزير
وما أهل لغير الله به وما ذبح لغير الله وما أعان على موته
ترد من جبل أو وقذة بعصا أو غيرها
666

والمنخنقة بحبل أو غيره إلا أن يضطر إلى ذلك كالميتة، وذلك إذا صارت بذلك إلى
حال لا حياة بعده فلا ذكاة فيها، ولا بأس للمضطر أن يأكل
الميتة ويشبع ويتزود فإن استغنى عنها طرحها، ولا بأس
بالانتفاع بجلدها إذا دبغ، ولا يصلى عليه ولا يباع،
667

ولا بأس بالصلاة على جلود السباع إذا ذكيت وبيعها وينتفع
بصوف الميتة وشعرها وما ينزع منها في الحياة، وأحب إلينا
أن يغسل ولا ينتفع بريشها ولا بقرنها وأظلافها وأنيابها،
وكره الانتفاع بأنياب الفيل. وكل شئ من الخنزير حرام،
وقد أرخص في الانتفاع بشعره. وحرم الله سبحانه شرب
الخمر قليلها وكثيرها وشراب العرب
668

يومئذ فضيخ التمر، وبين الرسول عليه السلام أن كل ما
أسكر كثيره من الأشربة فقليله حرام، وكل ما
خامر العقل فأسكره من كل شراب فهو خمر. وقال
الرسول عليه السلام: إن الذي حرم شربها حرم بيعها. ونهى
عن الخليطين من الأشربة وذلك أن يخلطا عند الانتباذ
669

وعند الشر ب، ونهى عن الانتباذ في الدباء والمزفت، ونهى
عليه السلام عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن أكل
لحوم الحمر الأهلية ودخل مدخلها لحوم الخيل والبغال لقول
الله تبارك وتعالى: * (لتركبوها وزينة) * (النحل: 8) ولا ذكاة في شئ منها إلا
670

في الحمر الوحشية. ولا بأس بأكل سباع الطير وكل
ذي مخلب منها. ومن الفرائض بر الوالدين وإن كانا
فاسقين وإن كانا مشركين فليقل لهما قولا لينا وليعاشرهما
بالمعروف ولا يطعهما في معصية كما قال الله سبحانه وتعالى.
وعلى المؤمن أن يستغفر لأبويه المؤمنين وعليه موالاة
671

المؤمنين والنصيحة لهم، ولا يبلغ أحد حقيقة الايمان حتى يحب
لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، كذلك روي عن رسول الله
(ص) وعليه أن يصل رحمه. ومن حق المؤمن على المؤمن
أن يسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض،
672

ويشمته إذا عطس، ويشهد جنازته إذا مات ويحفظه إذا غاب
في السر والعلانية، ولا يهجر أخاه فوق ثلاث ليال والسلام
يخرجه من الهجران، ولا ينبغي لا أن يترك كلامه بعد السلام،
والهجران الجائز هجران ذي البدعة أو متجاهر بالكبائر
لا يصل إلى عقوبته،
673

ولا يقدر على موعظته أو لا يقبلها، ولا غيبة في هذين في ذكر
حالهما ولا فيما يشاور فيه لنكاح أو مخالطة ونحوه ولا في
تجريح شاهد ونحوه. ومن مكارم الأخلاق أن تعفو عمن
ظلمك وتعطي من
674

حرمك وتصل من قطعك. وجماع آداب الخير وأزمته
تتفرع عن أربعة أحاديث: قول النبي عليه السلام:
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت،
وقوله عليه السلام: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه،
وقوله عليه السلام للذي اختصر له في الوصية: لا تغضب.
675

وقوله عليه السلام: المؤمن يحب لأخيه المؤمن ما يحب
لنفسه. ولا يحل لك أن تتعمد سماع الباطل كله، ولا أن تتلذذ
بسماع كلام امرأة لا تحل لك، ولا سماع شئ من الملاهي
والغناء،
676

ولا قراءة القرآن باللحون المرجعة كترجيع الغناء،
وليجل كتاب الله العزيز أن يتلى إلا بسكينة ووقار، وما
يوقن أن الله يرضى به ويقرب منه مع إحضار الفهم لذلك.
ومن الفرائض الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على
كل من بسطت يده في الأرض
677

وعلى كل من تصل يده إلى ذلك فإن لم يقدر فبلسانه، فإن
لم يقدر فبقلبه. وفرض على كل مؤمن أن يريد بكل قول
وعمل من البر وجه الله الكريم، ومن أراد بذلك غير الله
لم يقبل عمله، والرياء الشرك الأصغر. والتوبة فريضة من
كل ذنب من غير إصرار والاصرار
678

المقام على الذنب واعتقاد العود إليه، ومن التوبة
رد المظالم واجتناب المحارم والنية أن لا يعود، وليستغفر
ربه ويرجو رحمته ويخاف عذابه ويتذكر نعمته لديه
ويشكر فضله عليه بالاعمال بفرائضه وترك ما يكره
فعله ويتقرب إليه بما تيسر له من نوافل الخير وكل ما ضيع من
فرائضه فليفعله الآن، وليرغب إلى الله في تقبله ويتوب إليه من
679

تضييعه، وليلجأ إلى الله فيما عسر عليه من قياد نفسه
ومحاولة أمره موقنا أنه المالك لصلاح شأنه وتوفيقه
وتسديده، لا يفارق ذلك على ما فيه من حسن أو قبيح ولا
ييأس من رحمة الله، والفكرة في أمر الله مفتاح العبادة
فاستعن بذكر الموت والفكرة فيما بعده
680

وفي نعمة ربك عليك وإمهاله لك وأخذه لغيرك بذنبه، وفي
سالف ذنبك وعاقبة أمرك ومبادرة ما عسى أن يكون
قد اقترب من أجلك.
(باب) في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس
وستر العورة وما يتصل بذلك
681

ومن الفطرة خمس: قص الشارب وهو الإطار وهو
طرف الشعر المستدير على الشفة لا إحفاؤه والله أعلم، وقص
الأظفار، ونتف الجناحين، وحلق العانة ولا بأس بحلاق
غيرها من شعر الجسد، والختان للرجال سنة، والخفاض للنساء
682

مكرمة. وأمر النبي (ص) أن تعفى اللحية وتوفر ولا تقص. قال
مالك: ولا بأس بالأخذ من طولها إذا طالت كثيرا وقاله غير
واحد من الصحابة والتابعين. ويكره صباغ الشعر بالسواد
من غير تحريم، ولا بأس به بالحناء والكتم، ونهى الرسول
عليه السلام الذكور عن لباس الحرير وتختم الذهب
وعن
683

التختم بالحديد، ولا بأس بالفضة في حلية الخاتم
والسيف والمصحف ولا يجعل ذلك في لجام ولا سرج ولا
سكين ولا في غير ذلك، ويتختم النساء بالذهب، ونهي عن
التختم بالحديد، والاختيار مما روي في التختم التختم في
اليسار لأن تناول الشئ
684

باليمين فهو يأخذه بيمينه ويجعله في يساره. واختلف في
لباس الخز فأجيز وكره. وكذلك العلم في الثوب من الحرير
إلا الخط الرقيق. ولا يلبس النساء من الرقيق ما يصفهن
إذا خرجن، ولا يجر الرجل إزاره بطرا ولا ثوبه من الخيلاء،
وليكن إلى الكعبين فهو أنظف لثوبه
685

وأتقى لربه، وينهى عن اشتمال الصماء وهي على غير
ثوب يرفع ذلك من جهة واحدة ويسدل الأخرى، وذلك
إذا لم يكن تحت اشتمالك ثوب. واختلف فيه على ثوب.
ويؤمر بستر العورة
686

وإزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، والفخذ عورة وليس كالعورة
نفسها. ولا يدخل الرجل الحمام إلا بمئزر، ولا تدخله
المرأة إلا من علة، ولا يتلاصق
687

رجلان ولا امرأتان في لحاف واحد. ولا تخرج امرأة إلا مستترة
فيما لا بد لها منه من شهود موت أبويها أو ذي قرابتها
أو نحو ذلك مما يباح لها، ولا تحضر من ذلك ما فيه نوح نائحة
أو لهو من مزمار أو عود أو شبهه من الملاهي الملهية إلا
الدف في النكاح، وقد اختلف في الكبر. ولا يخلو رجل
بامرأة
688

ليست منه بمحرم، ولا بأس أن يراها لعذر من
شهادة عليها أو نحو ذلك أو إذ خطبها، وأما المتجالة فله
أن يرى وجهها على كل حال. وينهى النساء عن وصل الشعر،
وعن الوشم. ومن لبس خفا أو نعلا بدأ بيمينه وإذا نزع بدأ
بشماله، ولا بأس بالانتعال قائما ويكره المشي في نعل واحدة.
689

وتكره التماثيل في الأسرة والقباب والجدران والخاتم،
وليس الرقم في الثوب من ذلك وتركه أحسن.
(باب) في الطعام والشراب
وإذا أكلت أو شربت فواجب عليك أن تقول
بسم الله وتتناول بيمينك، فإذا فرغت فلتقل الحمد لله،
وحسن أن تلعق يدك قبل مسحها،
690

ومن آداب الاكل أن تجعل بطنك ثلثا للطعام وثلثا
للشراب وثلثا للنفس، وإذا أكلت مع غيرك أكلت مما
يليك ولا تأخذ لقمة حتى تفرغ الأخرى، ولا تتنفس في
الاناء عند شربك ولتبن القدح عن فيك ثم تعاوده إن
شئت، ولا تعب الماء عبا ولتمصه مصا
691

وتلوك طعامك وتنعمه مضغا قبل بلعه، وتنظف فاك
بعد طعامك، وإن غسلت يدك من الغمر واللبن فحسن
وتخلل ما تعلق بأسنانك من الطعام، ونهى الرسول
عليه السلام عن الأكل والشرب بالشمال، وتناول إذا
شربت من على يمينك، وينهى عن النفخ في الطعام والشراب
والكتاب
692

وعن الشرب في آنية الذهب والفضة، ولا بأس
بالشرب قائما، ولا ينبغي لمن أكل الكراث أو الثوم
أو البصل نيئا أن يدخل المسجد، ويكره أن يأكل
متكئا، ويكره الاكل من رأس الثريد، ونهي عن القران
في التمر، وقيل
693

إن ذلك مع الأصحاب الشركاء فيه، ولا بأس بذلك
مع أهلك أو مع قوم تكون أنت أطعمتهم، ولا بأس
في التمر وشبهه أن تجول يدك في الاناء لتأكل ما تريد
منه، وليس غسل اليد قبل الطعام من السنة إلا أن يكون بها
694

أذى وليغسل يده وفاه بعد الطعام من الغمر، وليمضمض
فاه من اللبن، وكره غسل اليد بالطعام أو بشئ من القطاني
وكذلك بالنخالة، وقد اختلف في ذلك، ولتجب إذا دعيت
إلى وليمة المعرس إن لم يكن هناك لهو مشهور ولا منكر بين وأنت
695

في الاكل بالخيار، وقد أرخص مالك في التخلف
لكثرة زحام الناس فيها.
(باب) في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة
والدعاء وذكر الله والقول في السفر
ورد السلام واجب والابتداء به سنة
696

مرغب فيها، والسلام أن يقول الرجل السلام عليكم،
ويقول الراد وعليكم السلام أو يقول سلام عليكم كما
قيل له، وأكثر ما ينتهي السلام إلى البركة أن تقول في
ردك وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ولا تقل
في ردك سلام الله عليك. وإذا سلم واحد من الجماعة أجزأ
عنهم
697

وكذلك إن رد واحد منهم، وليسلم الراكب على الماشي
والماشي على الجالس، والمصافحة حسنة. وكره مالك المعانقة
وأجازها ابن عيينة، وكره مالك تقبيل اليد وأنكر ما روي
فيه، ولا تبتدأ اليهود والنصارى بالسلام فمن سلم على
ذمي فلا يستقيله
698

وإن سلم عليه اليهودي أو النصراني فليقل: عليك، ومن
قال: عليك السلام بكسر السين وهي الحجارة فقد
قيل ذلك والاستئذان واجب فلا تدخل بيتا فيه أحد
حتى تستأذن ثلاثا فإن أذن لك وإلا رجعت. ويرغب
في عيادة المرضى.
699

ولا يتناجى اثنان دون واحد وكذلك جماعة إذا
أبقوا واحدا منهم وقد قيل: لا ينبغي ذلك إلا بإذنه،
وذكر الهجرة قد تقدم في باب قبل هذا. قال معاذ بن جبل:
ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله.
وقال عمر: أفضل من ذكر الله باللسان ذكر الله عند أمره
ونهيه. ومن
700

دعاء رسول الله (ص) كلما أصبح وأمسى اللهم بك
نصبح وبك نمسي وبك نحيا وبك نموت ويقول
في الصباح: وإليك النشور وفي المساء: وإليك المصير.
وروي مع ذلك اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا
ونصيبا في كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور
تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه
أو ذنب تغفره أو شدة تدفعها أو فتنة تصرفها
701

أو معافاة تمن بها برحمتك إنك على كل شئ قدير. ومن دعائه
عليه السلام عند النوم أنه كان يضع يده اليمنى تحت خده
الأيمن واليسرى على فخذه الأيسر ثم يقول: اللهم باسمك
وضعت جنبي وباسمك أرفعه، اللهم إن أمسكت نفسي
فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من
عبادك، اللهم إني أسلمت نفسي إليك، وألجأت ظهري إليك،
وفوضت
702

أمري إليك ووجهت وجهي إليك، رهبة منك ورغبة
إليك، لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك، أستغفرك
وأتوب إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي
أرسلت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما
أعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت، رب قني عذابك يوم تبعث
عبادك.
703

ومما روي في الدعاء عند الخروج من المنزل اللهم إني
أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم،
أو أجهل أو يجهل علي. وروي في دبر كل صلاة، أن يسبح
الله ثلاثا وثلاثين، ويكبر الله ثلاثا وثلاثين، ويحمد الله
ثلاثا وثلاثين، ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك
له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير. وعند الخلاء
تقول: الحمد لله الذي رزقني لذته وأخرج عني مشقته
704

وأبقى في جسمي قوته. وتتعوذ من كل شئ تخافه وعندما تحل
بموضع أو تجلس بمكان أو تنام فيه تقول: أعوذ بكلمات
الله التامات من شر ما خلق ومن التعوذ أن تقول: أعوذ
بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن
بر ولا فاجر، وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم
أعلم من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء،
705

ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر
ما يخرج منها، ومن فتنة الليل والنهار، ومن طوارق الليل
والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن، ويقال في ذلك أيضا:
ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها إن ربي على صراط
مستقيم. ويستحب لمن دخل منزله أن يقول: ما شاء الله لا قوة
إلا بالله. ويكره العمل في المساجد من خياطة
706

ونحوها، ولا يغسل يديه فيه ولا يأكل فيه إلا مثل الشئ
الخفيف كالسويق ونحو ولا يقص فيه شاربه ولا يقلم فيه أظفاره،
وإن قص أو قلم أخذه في ثوبه، ولا يقتل فيه قملة ولا برغوثا،
وأرخص في مبيت الغرباء في مساجد البادية. ولا ينبغي أن
يقرأ في الحمام إلا الآيات اليسيرة ولا يكثر، ويقرأ الراكب
والمضطجع والماشي من قرية إلى قرية، ويكره ذلك
للماشي إلى السوق،
707

وقد قيل إن ذلك للمتعلم واسع، ومن قرأ القرآن في
سبع فذلك حسن والتفهم مع قلة القراءة أفضل. وروي
أن النبي عليه السلام لم يقرأه في أقل من ثلاث.
ويستحب للمسافر أن يقول عند ركوبه: بسم الله، اللهم
أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ
بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل
والمال،
708

ويقول الراكب إذا استوى على الدابة: سبحان الذي
سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون.
وتكره التجارة إلى أرض العدو وبلد السودان. وقال النبي
عليه السلام: السفر قطعة من العذاب. ولا ينبغي أن تسافر
المرأة مع غير ذي محرم منها سفر يوم وليلة فأكثر إلا
في حج الفريضة خاصة في قول مالك في رفقة مأمونة، وإن
لم يكن معها ذو محرم فذلك لها.
709

(باب) في التعالج وذكر الرقي والطيرة والنجوم
والخصاء والوسم والكلاب والرفق بالمملوك
ولا بأس بالاسترقاء من العين وغيرها، والتعوذ، والتعالج،
وشرب
710

الدواء، والفصد، والكي، والحجامة حسنة، والكحل للتداوي
للرجال جائز وهو من زينة النساء، ولا يتعالج بالخمر
ولا بالنجاسة ولا بما فيه ميتة ولا بشئ مما حرم الله سبحانه
وتعالى. ولا بأس بالاكتواء والرقى بكتاب الله وبالكلام
الطيب،
711

ولا بأس بالمعاذة تعلق وفيها القرآن. وإذا وقع الوباء
بأرض قوم فلا يقدم عليه، ومن كان بها فلا يخرج فرارا
منه. وقال الرسول عليه السلام في الشؤم إن كان ففي المسكن
والمرأة والفرس، وكان عليه السلام يكره سيئ الأسماء
ويحب الفأل الحسن.
712

والغسل للعين أن يغسل العائن وجهه ويديه ومرفقيه
وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم يصب
على المعين. ولا ينظر في النجوم إلا ما يستدل به على القبلة
وأجزاء الليل، ويترك ما سوى ذلك.
713

ولا يتخذ كلب في الدور في الحضر ولا في دور البادية إلا
لزرع أو ماشية يصحبها في الصحراء ثم يروح معها أو لصيد
يصطاده لعيشه لا للهو. ولا بأس بخصاء الغنم لما فيه من
صلاح لحومها، ونهي عن خصاء الخيل، ويكره الوسم
في الوجه، ولا بأس به في غير ذلك ويترفق بالمملوك ولا
يكلف من العمل إلا ما يطيق.
714

(باب) في الرؤيا والتثاؤب والعطاس واللعب بالنرد
وغيرها والسبق بالخيل والرمي وغير ذلك
قال رسول الله (ص): الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح
جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، ومن رأى منكم
ما يكره في منامه، فإذا استيقظ فليتفل عن يساره ثلاثا
وليقل: اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت في منامي أن يضرني
715

في ديني ودنياي. ومن تثاءب فليضع يده على فيه، ومن
عطس فليقل الحمد الله، وعلى من سمعه يحمد الله أن يقول
له يرحمك الله، ويرد العاطس عليه يغفر الله لنا ولكم،
أو يقول يهديكم الله ويصلح بالكم. ولا يجوز اللعب
بالنرد ولا بالشطرنج، ولا بأس أن يسلم على من يلعب بها،
716

ويكره الجلوس إلى من يلعب بها والنظر إليهم. ولا بأس
بالسبق بالخيل وبالإبل وبالسهام بالرمي وإن أخرجا شيئا
جعلا بينهما محللا يأخذ ذلك المحلل إن سبق هو وإن سبق
غيره لم يكن عليه شئ. هذا قول ابن المسيب. وقال مالك:
إنما يجوز أن يخرج الرجل سبقا فإن سبق غيره أخذه وإن
سبق هو كان للذي يليه من المتسابقين، وإن لم يكن غير
جاعل السبق
717

وآخر فسبق جاعل السبق أكله من حضر ذلك. وجاء
فيما ظهر من الحيات بالمدينة أن تؤذن ثلاثا وإن فعل
ذلك في غيرها فهو حسن ولا تؤذن في الصحراء ويقتل ما ظهر
منها. ويكره قتل القمل والبراغيث بالنا، ولا بأس إن شاء
الله بقتل النمل إذا آذت ولم يقدر على تركها ولو لم تقتل
718

كان أحب إلينا، ويقتل الوزغ ويكره قتل الضفادع وقال
النبي عليه السلام: إن الله أذهب عنكم غبية الجاهلية وفخرها
بالآباء مؤمن تقي أو فاجر شقي أنتم بنو آدم وآدم من تراب.
وقال النبي عليه السلام في رجل تعلم أنساب الناس: علم لا ينفع
وجهالة لا تضر وقال عمر: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به
أرحامكم. وقال مالك: وأكره أن
719

يرفع في النسبة فيما قبل الاسلام من الآباء. والرؤيا الصالحة
جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، ومن رأى في منامه
ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثا وليتعوذ من شر ما رأى،
ولا ينبغي أن يفسر الرؤيا من لا علم له بها ولا يعبرها على
الخير وهي عنده على المكروه. ولا بأس بإنشاد الشعر وما
خف من الشعر أحسن، ولا ينبغي أن يكثر منه ومن
الشغل به، وأولى العلوم وأفضلها وأقربها إلى الله علم دينه
720

وشرائعه مما أمر به ونهى عنه ودعا إليه وحض عليه في كتابه
وعلى لسان نبيه، والفقه في ذلك والفهم فيه والتهمم برعايته
والعمل به، والعلم أفضل الأعمال وأقرب العلماء إلى الله تعالى
وأولاهم به أكثرهم له خشية وفيما عنده رغبة والعلم دليل
إلى الخيرات وقائد إليها، واللجأ إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيه
721

واتباع سبيل المؤمنين، وخير القرون من خير أمة أخرجت للناس
نجاة، ففي المفزع إلى ذلك العصمة، وفي اتباع السلف الصالح
النجاة وهم القدوة في تأويل ما تأولوه واستخراج ما استنبطوه،
وإذا اختلفوا في الفروع والحوادث لم يخرج عن جماعتهم.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي
722

لولا أن هدانا الله.
(قال أبو محمد عبد الله بن أبي زيد)
قد أتينا على ما شرطنا أن نأتي به في كتابنا هذا مما
ينتفع به إن شاء الله من رغب في تعليم ذلك من الصغار،
ومن احتاج إليه من الكبار، وفيه ما يؤدي الجاهل إلى علم
ما يعتقده من دينه ويعمل به من فرائضه ويفهم كثيرا من
أصول الفقه وفنونه ومن السنن والرغائب والآداب.
وأنا أسأل الله عز وجل أن ينفعنا وإياك بما علمنا ويعيننا
723

وإياك على القيام بحقه فيما كلفنا، ولا حول وقوة إلا بالله
العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وصحبه
وسلم تسليما كثيرا.
724