الكتاب: الجوهر النقي
المؤلف: المارديني
الجزء: ١
الوفاة: ٧٥٠
المجموعة: فقه المذهب الحنفي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الفكر
ردمك:
ملاحظات:

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
..
الجزء الأول
الجوهر النقي
للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير
بابن التركماني المتوفى سنة خمس وأربعين وسمع مائة
دار الفكر
1

بسم الله الرحمن الرحيم
(قال) شيخنا علاء الدين قاضى القضاة ابن الشيخ الامام العلامة فخر الدين عثمان المارديني الحنفي غفر الله له
(الحمد لله) رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآله وصحبه أجمعين *
(اما عبد) بهذه فوائد على السنن الكبرى للحافظ ابن بكر البيهقي رحمه الله تعالى أكثرها اعتراضات عليه
ومناقشات له ومباحثات معه وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب * * قال البيهقي *
(باب التطهير بماء البحر)
(قلت) كلام القزاز في الجامع يقتضى ان اسم البحر في الأصل للمالح وان العذاب يسمى بذلك للتغليب عند المقارنة
2

كالعمرين فإنه إذا قال اجتمع الملح والعذب سموه باسم الملح أي بحرين قال ومنه قوله تعالى (مرج البحرين يلتقيان) *
وقال ابن سيده في المحكم البحر الماء الكثير ملحا كان أو عذبا وقد غلب على الملح فقول البيهقي (بماء البحر) الظاهر أنه قصد به
التعميم كما قال ابن سيده ولهذا ذكر الآية فان قصد ذلك فقوله فيما بعد (باب التطهير بالعذب منه والأجاج) واعادته
للحديث بعينه تكرار لا فائدة فيه وان قصد الملح خاصة فالضمير في قوله بعد ذلك (بالعذب منه) ينافي ذلك ثم ذكر (هو
الطهور ماؤه) من روية سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة عن ابن هريرة ثم ذكر فيه اختلافا ثم قال (واختلفوا أيضا
في اسم سعيد وهو الذي أراد الشافعي بقوله في اسناده من لا أعرفه أو المغيرة أوهما) قلت ذكر الحاكم في المستدرك هذا
3

الحديث وذكر ما فيه من المتابعات ثم قال اسم الجهالة مرفوع عنهما بهذه المتابعات * وقال ابن مندة وقال ابن مندة اتفاق صفوان والجلاح
يوجب شهرة سعيد بن سلمة واتفاق يحيى بن سعيد وسعيد بن سلمة عن المغيرة يوجب شهرته فصالا الاسناد مشهورا انتهى
كلامه وبهذا ترتفع جهلة عينهما وفي كتاب المزي توثيقهما فزالت جهالة الحال أيضا ولهذا صحح الترمذي هذا الحديث
وحكى عن البخاري تصحيحه وصححه ابن خزيمة وغيره وتصرف البيهقي فيما بعد يدل على ذلك ثم قال (قال الشافعي روى
عبد العزيز بن عمر بن سعيد بن ثوبان عن أبي هند عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يطهره البحر
فلا طهره الله) ثم ذكر البيهقي بسنده وفيه محمد بن حميد هو الرازي عن إبراهيم بن المختار فسكت عنهما وابن حميد قال
فيه البيهقي في باب فرض الجدة والجدتين ليس بالقوى * وابن المختار قال أحمد بن علي الآبار سألت زنيجا أبا غسان عنه
فقال تركته ولم يرضه وقال البخاري فيه نظر وقال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين ليس بذاك * * قال البيهقي *
(باب التطهير بالماء الكثير)
(ذكر فيه) حديث بئر بضاعة وسكت عنه وراويه عن الخدري عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج مختلف في اسمه
اختلافا كثيرا بينه البيهقي فيما بعد في أبواب مى فسد الماء في (باب الماء الكثير ولا ينجس بنجاسة تحديث فيه ما لم بغيره)
4

ومع الاضطراب في اسمه لا يعرف له حال ولا عين ولهذا قال أبو الحسن بن القطان الحديث إذا تبين امره تبين ضعفه
ثم قال البيهقي (فإذا ألقيت فيه نجاسة) يعنى البئر (فمعنى الحديث فيما بلغ قلتين ولم يتغير) * قلت * الحديث مخالف
لهذا التأويل فان مثل هذا الماء إذا وقعت فيه هذه الأشياء فالغالب ان الأوصاف الثلاثة تتغير * قال أبو داود في سننه
ورأيت فيها يعنى بئر بضاعة ماء متغير اللون * (قال البيهقي)
(باب الماء المسخن)
(ذكر) عن عمر (انه كان يسخن له ماء في قمقمة ويغتسل به) ثم نقل عن الدارقطني انه صحح اسناده * قلت * قلده البيهقي
في ذلك وفي اسناده رجلان متكلم فيهما (أحدهما) هشام بن سعد وهو وان اخرج له له مسلم فقد قال الساجي تركه يحيى
وقال عباس عن يحيى فيه ضعف وقال النسائي ضعيف وفي رواية عن أحمد بن حنبل انه ذكر له فلم يرفعه وقال فليس بمحكم
5

للحديث (والثاني) علي بن غراب * قال أبو داود تركوا حديثه وقال الجوزجاني ساقط وقال ابن حبان حدث
بالموضوعات وكان عاليا في التشيع *
* قال * (باب كراهية الماء المشمس)
(ذكر فيه) حديثا ضعيفا واثرا عن عمر بن طريقين في اسناد الأول إبراهيم بن محمد بن عن صدقة بن عبد الله بن فسكت عنهما
وإبراهيم هو ابن أبي يحيى الأسمى مختلف في عدالته قال في باب نزول الرخصة في التميم وقال يحيى القطان كذاب وسألت
مالكا أكان ثقة فقال لا ولا ثقة في دينه وقال ابن حنبل كان قدريا معتزليا جهميا كل بلاء فيه وعن أحمد ترك الناس
حديثه وقال بشر بن المفضل سألت فقهاء المدينة عنه فكلهم يقولون كذاب أو نحوه وقال البخاري جهمي تركه ابن المبارك
والناس وعن ابن معين كذاب في كل ما روى وعنه كان كذابا قدريا رافضيا وقال النسائي متروك وصدقة في هذا هو
السمين ضعفه النسائي وقال احمد ضعيف جدا وقال البيهقي في باب ما ورد في الغسل ضعيف ضعفه ابن حنبل وابن معين ل
وغيرهما وفى اسناد الثاني إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو فسكت عن ابن عياش وهو متكلم فيه (فان قلت) صفوان
ابن عمرو حمصي ورواية ابن عياش عن الشاميين صحيحة كذا قال البيهقي في باب ترك الوضوء من الدم (قلت) قد روى
6

في باب الضب عن ضمضم بن زرعة هو حمصي ومع ذلك قال البيهقي هناك ابن عياش ليس بحجة وأخرج البيهقي في باب
سجود السهو في باب من قال يسجد هما بعد ما يسلم حديث ثوبان لكل سهو سجدتان بعدما يسلم * وليس في اسناده من
ينظر في امره فيما علمت سوى ابن عياش وقد رواه عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي الشامي ومع ذلك قال البيهقي هذا
اسناد فيه ضعف * * قال *
(باب منع التطهير بما عد الماء من المائعات)
(استدل) على ذلك بحديث أبي ذر (فإذا وجدت الماء فامسه جلدك) (قلت) هذا استدلال بمفهوم لقب (1)
ولم يقل به امامه الشافعي ولا أكثر العلماء * * قال *
(باب التطهير بالماء الذي خالطه طاهر لم يغلب عليه)
(ذكر فيه) حديثا عن مجاهد عن أم هانئ ثم قال (وقد قيل عن مجاهد عن ابن فاختة عن أم هانئ والذي رويناه مع ارساله
أصح) * قلت * أي مع انقطاعه لان مجاهدا قال عنه الترمذي لا اعرف له سماعا عن أم هانئ ثم ذكر (عن الأوزاعي
7

عن رجل سماه عن أم هانئ انها كرهت ان يتوضأ بالماء الذي يبل فيه الخبز) وقال وهذا ان صح فإنما أرادت إذا غلب
عليه حتى أضيف إليه * قلت * لا حاجة إلى تأويله هذا الشك بل هو ضعيف لجهالة الراوي عن أم هانئ *
(باب منع التطهير بالنبيذ)
(ذكر فيه) حديث أبي ذر وقد تقدم ما عليه في الاستدلال ثم استدل على ذلك أيضا بحديث (كل شراب اسكر فهو
حرام) * قلت * الأعيان تقبل الحرمة بنفسها بل المختار تحريم ما يردا منها تحريم الميتة تحريم اكلها وتحريم المرأة
8

تحريم الاستمتاع بها وتحريم المسكر تحريم شربه فعلى هذا لا يلزم من حرمة الشرب حرمة غيره من الافعال *
قال البيهقي (وقد روي هذا الحديث يعنى حديث الوضوء النبيذ عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جد عان عن أبي رافع
عن ابن مسعود ولا يصح) * قلت * أخرجه بهذا الطريق الدارقطني ثم قال علي بن زيد ضعيف وأبو رافع لم يثبت سماعه
من ابن مسعود وليس هذا الحديث في مصنفات حماد بن سلمة انتهى كلامه وعلى روى له مسلم مقرونا بغيره وقال العجلي
لا بأس به وفي مواضع اخر قال يكتب حديثه واخرج له الحاكم في المستدرك وقال الترمذي صدوق وقوله لم يثبت
سماعه من ابن مسعود فهو على مذهب من يشترط في الاتصال ثبوت السماع وقد أنكر مسلم ذلك في مقدمته كتابه
انكارا شديدا وزعم أنه قول مخترع وان المتفق عليه انه يكفي للاتصال امكان اللقاء والسماع وأبو رافع هو نفيع الصائغ
جاهلي الكمال صرح بأنه سمع منه وكذا ذكر الصريفيني فيما قرأت بخطه ولم يحك البيهقي عن الدارقطني هذا
الكلام فيحتمل انه لم يرض به ولا يلزم من كونه ليس في مصنفات حماد أن يكون ضعيفا واخرج وأبو بكر البزار في مسنده
هذا الحديث من طريق ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن حنش عن ابن عباس عن ابن مسعود ومقتضى هذا أن يكون
9

الحديث في مسند ابن مسعود وأخرجه ابن ماجة في سننه بهذا الطريق الا أنه قال عن ابن عباس انه عليه السلام قال لابن
مسعود الحديث ومقتضى هذا أن يكون في مسند ابن عباس على حال فهو شاهد لما تقدم وابن لهيعة وان ضعف
لكن روى عنه الأئمة كالثوري والأوزاعي والليث وغيرهم واستشهد به مسلم في موضعين من كتابه واخرج له ابن
خزيمة في صحيحه مقرونا بآخر واخرج له الحاكم في المستدرك وقال الثوري حججت حججا لا لقاه وقال ابن مهدي
وددت انى اسمع منه خمس مائة حديث واني عزمت ماذا وحدث ابن وهب بحديث فقيل من حدثك بهذا قال حدثني
به والله الصادق البار عبد الله بن لهيعة * قال البيهقي وقد أنكر ابن مسعود شهوده مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الجن
* قلت * يعارض ذلك ما روى أنه كان معه من وجوه ذكر البيهقي بعضها والدارقطني وغيره بعضها عن ابن عثمان النهدي
عن ابن مسعود قال صلى الله عليه وسلم العشاء ثم انصرف فاخذ بيد ابن مسعود حتى خرج به إلى بطحاء
مكة فأجلسه ثم خط عليه خطا ثم قال لا تبر حن خطك فإنه ستنهى إليك رجال فلا تكلمهم فإنهم لا يكلمونك فمضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراد فبينا انا جالس في خطى إذا تاني رجال كأنهم الزط فذكر حديثا طويلا
10

أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح غريب من هذا الوجه وسليمان التيمي قد روى هذا الحديث أيضا انتهى كلامه وقال
الطحاوي ما علمنا لأهل الكوفة حديثا في ثبت كون ابن مسعود معه عليه السلام ليلة الجن مما يقبل مثله الا ما حدثنا
يحيى بن عثمان ثنا اصبغ بن الفرج وموسى بن هارون البردي (قالا) حدثنا جرير بن عبد الحميد عن قابوس عن أبيه عن ابن
مسعود قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فخط خطا وادخلني فيه وقال لا تبرح حتى ارجع إليك ثم أبطأ فما جاء
حتى السحر وجعلت اسمع الأصوات ثم جاء فقلت أين كنت يا رسول الله فقال أرسلت إلى الجن فقلت ما هذه
الأصوات التي سمعت قال هو أصواتهم حين ودعوني وسلموا علي * وقرأت في مسند أحمد بن حنبل عارم وعفان
(قالا) حدثنا معتمر قال قال ابن حدثني أبو تميمة عن عمرو البكالي عن عبد الله بن مسعود قال استتبعني رسول الله
صلى الله عليه وسلم فانطلقنا حتى اتيتا مكان كذا وكذا فحط في خطة وقال لي كن بين ظهري هذه لا تخرج منها فإنك
ان خرجت هلكت ثم ذكر حديثا طويلا وهو في المسند واخرج الطحاوي هذا الحديث في كتابه المسمى بالرد على
الكرابيسي وقال البكالي هذا من أهل الشام ولم يروا وهذا الحديث عنه الا أبو تميمة وهذا ليس بالهجيمي بل هو السلمي
11

الصوري " ليس بالمعروف وقد وفق جماعة من المحققين بين الاخبار التي تقتضي انه كان معه وبين الاخبار التي تقتضي
انه لم يكن معه بأنه كان معه وعند مخالطته للجن لم يكن معه وذكر ابن السيد البطليوسي في التنبيه على أسباب الخلاف
انه جاء في بعض الروايات لم يشهده أحد غيري فاسقط بعض الرواة غيري ثم أسند البيهقي (عن عمرو بن مرة قال
سألت أبا عبيدة بن عبد الله أكان عبد الله مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن قال لا وسألت إبراهيم فقال ليت
صاحبنا كان ذاك) * قلت * فهو منقطع لم يسمع أبو عبيدة من أبيه قال البيهقي في باب من كبر بالطائفتين (أبو عبيدة لم يدرك
أباه وإبراهيم أيضا لم يسمع من ابن مسعود) * قال البيهقي (ثم صفة أنبذتهم مذكورة فيما أخبر نا علي فذكر انه كان عليه
السلام ينبذ له غدوة فيشربه عشاء وينبذ له عشاء فيشربه غدوة) وذكر (عن ابن العالية قال ترى نبيذكم هذا الخبيث إنما
كان ما يلقى فيه تمرات فيصير حلوا) * قلت * المفهوم من كلامه ان مثل هذا النبيذ يجوز الوضوء به ومذهب الشافعي
التمر ونحوه إذا غلب وصف منه أو أكثر على الماء فأزال اسمه يمنع الوضوء به والظاهر أن ما ينبذه من غدوة إلى عشية
وصار حلوا صار كذلك ولأنه عليه السلام قال هل معك ماء قال لا فدل ان الماء استحال في التمر حتى سلب عنه اسم الماء
12

والا لما جاز نفيه عنه * * قال *
(باب إزالة النجاسة بالماء دون سائر المائعات)
(استدل) على ذلك بحديث أسماء (ثم اقرصيه بالماء) * قلت * هو أيضا مفهوم لقب ثم ذكر حديث عائشة (ما كان
لإحدانا الا ثوب واحد تحيض فيه فان اصابه شئ من دم بلته بريقها ثم قصعته بظفرها) ثم قال (وهذا في الدم اليسير
الذي يكون معفوا عنه فاما الكثير منه فصحيح عنها انها كانت تغسله) * قلت * الغسل لا يختص بالماء ولو اختص به دل
ذلك على جواز الإزالة بالماء ودل الأول على جواز الإزالة بالريق إذ لا تنافي بين الدليلين فلا حاجة إلى تأويل البيهقي
(ذلك باليسير) من غير دليل على أن قليل النجاسة وكثيرها سواء عند الشافعية في أنه لا يعفى عن شئ منها واستثنوا من
ذلك أشياء ليس دم الحيض منها ثم السند (عن سلمان أنه قال إذا حك أحدكم جلده فلا يمسحه بريقه فإنه ليس بطاهر قال
يعنى الراوي فذكرت ذلك لإبراهيم فقال امسحه ماء) * قال البيهقي * وإنما أراد سلمان والله أعلم (ان الريق لا يطهر
الدم الخارج منه بالحك) قلت * فيه أشياء (أحدها) ان فيه حمادا هو ابن أبي سليمان ضعفه البيهقي في باب الربا لا يحرم
الحلال (الثاني) انه اختلف على حماد فروي عنه عن عمرو بن عطية وروي عنه عن ربعي عن سلمان بين ذلك الرامهرمزي
في كتاب الفاصل (الثالث) ان سلمان لو أراد الريق لا يطهر كما زعم البيهقي لقال فإنه ليس بمطهر بل المفهوم من كلامه انه كان
13

يرى الريق ليس بطاهر في نفسه ويؤيد ذلك ما أسنده صاحب الامام عنه أنه قال إذا أصاب البصاق الثوب أو الجسد
فليغسل بالماء ويروى ذلك عن بعض العلماء ذكره الطحاوي في كتاب الاختلاف وقال أبو بكر بن أبي شيبة في
المصنف حدثنا سعيد بن يحيى الحميري حدثنا أبو العلاء قال كنا عند قتادة فتذاكروا قول إبراهيم وقول الكوفيين في
البزاق يغسل قال فحك قتادة ساقه ثم اخذ من ريقه شيئا ثم امره عليه ليرينا انه ليس بشئ والحميري هذا ثقة خرج له
البخاري وأبو العلاء هو أيوب بن مسكين ويقال ابن أبي مسكين القصاب وثقه ابن حنبل وابن سعود والنسائي * قال
البيهقي * (واما حديث عمر بن ياسر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا عمار يا نخامتك ولا دموع عينيك الا بمنزلة الماء
الذي في ركوتك إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والمني والدم والقئ فهذا باطل لا أصل له وإنما رواه ثابت بن حماد
عن علي بن زيد عن ابن المسيب عن عمار وعلي بن زيد غيره محتج به وثابت بن حماد متهم بالوضع) * قلت * هذا الحديث
14

أخرجه الدارقطني ولفظه عن عمار قال اتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا على بئر أدلو ما في ركوة لي فقال يا عمار ما تصنع
فقلت يا رسول الله بابى وأمي اغسل ثوبي من نخامة اصابته فقال يا عمار إنما يغسل الثوب من خمس من الغائط والبول
والقئ والدم والمني يا عمار ما نخامتك ولاد موع عينيك والماء الذي في ركوتك الا سواء * فسياق الحديث يدل على أنه
عليه السلام جعل النخامة طاهرة فلا يغسل الثوب منها كالماء وكذلك الدموع طاهرة ولم يرد عليه السلام جعلها
كالماء في تطهير الأشياء بهما على أنه لا يلزم من جعل شئ بمنزلة شئ آخر وتسويته به استواؤهما من كل الوجوه فظهر بهذا
ان الحديث غير مناسب لهذا الباب وعلي بن زيد قد تقدم ان مسلما روى له مقرونا بغيره وثابت هذا قال الدارقطني
ضعيف جدا وقال ابن عدي أحاديثه مناكير ومقلوبات واما كونه متهما بالوضع فما رأيت أحدا بعد الكشف التام
ذكره غير البيهقي وقد ذكر أيضا هو هذا الحديث في كتاب المعرفة وضعف ثابتا هذا ولم ينسبه إلى التهمة بالوضع *
* قال * (باب طهارة جلد الميتة بالدبغ)
(ذكر فيه) حديث ابن عباس رضي الله عنهما من طريقين في الأولى (الا أخذوا اهابها فدبغوه فانتفعوا به) وفي الثانية
(الا نزعتم اهابها فدبغتموه فانتفعتم به) لا دلالة فيه من هذين الطريقين على طهارة الجلد بالدباغ فان الانتفاع قد يكون
بما ليس بطاهر (وقد قال مالك) لا بأس بالجلوس على جلود الميتة إذا دبغت ولا بأس ان يغربل عليها وهذا وجه قول البنى
15

صلى الله عليه وسلم الا انتفعتم بجلدها ولا يصلى في جلود الميتة إذا دبغت ولا يستسقى بها حكى ذلك عنه ابن القاسم وإذا
لم يلزم الانتفاع الطهارة انه لا دليل في هذا الحديث من هذين الطريقين على ما عقد البيهقي الباب لا جله * قال البيهقي
(وروام جماعة عن الزهري * فذكرهم ثم قال (ولم يذكروا فيه فدبغوه وقد حفظه سفيان بن عيينة والزيادة من مثله
مفعولة إذا كان لها شواهد) * قلت * لا حاجة إلى هذا القيد بل هي من مثله مقبولة سواء كان لها شواهد أم لا على
ابن عيينة اختلف عنه منهم من ذكر عنه هذه الزيادة ومنهم من لم يذكر ها وكذلك وأخرجه أو داود والنسائي
16

في سننهما عن ابن عيينة بسنده عن ابن عباس عن ميمونة فلم يذكر فيه الدباغ ثم ذكر البيهقي من حديث محمد بن
عبد الرحمن بن ثوبان (عن أمه عن عائشة انه عليه السلام أمران يستمتع بجلود الميتة) الحديث وسكت عنه وعلله الأثرم بان
أمه غير معروفة ولم يسمع أنه روي عنها غير هذا الحديث وسأل عبد الله بن أحمد بن حنبل أباه عن هذا الحديث فقال فيه
أمه كأنه أنكره من اجل أمه ثم ذكر البيهقي حديث الجون بن قتادة عن سلمة بن المحبق وسكت عنه والجون مجهول كذا
عن أحمد بن حنبل وابن المديني وابن عدي *
17

(باب المنع من الانتفاع بجلد الكلب والخنزير وانهما نجسان وهما حيان)
(استدل) على ذلك بحديث عبد الله بن عكيم (لا تستمتعوا من الميتة باهاب ولا عصب) * قلت * قد بين فيما مضى في باب
جلد الميتة رواه عن مجاهيل ثمان البيهقي حمله على ما قبل المدبغ فكيف يستدل به هاهنا على أن المنع من الانتفاع يجلد الكلب
والخنزير بعد الدبغ وعلى تقدير صحة هذا الحديث فهو شامل الغير الكلب والخنزير أيضا وهو لا يقول بذلك ثم.
ذكر حديث النهى عن جلود السباع * قلت * سيأتي في كلام الترمذي ان الأصح ان مرسل ثم الشافعي لم يقبل بعموم
هذا الحديث فان عنده جلود السباع تطهر بالدبا غير الكلب والخنزير وليس في الحديث النهى عن دباغها فقد حكى
الخطابي عما لك انه كره الصلاة في جلود السباع وان دبغت ورأي الانتفاع بها على سائر الوجوه بائزا وقال الخطابي
في باب أهب الميتة تأويل هذا الحديث أصحاب الشافعي ومن ذهب مذهبه ان الدباغ يطهر جلود السباع ولا يطهر
شعورها على أنه إنما نهى عن استعمالها من اجل شعورها لأنها نجسة عندهم وقد يكون النهى من اجل انها مراكب أهل
18

السرف والخيلاء وقد جاء النهى عن ركوب جلد النمر وذكره أبو داود في هذا الباب فاما ما دبغ جلده ونتف شعره فإنه
طاهر على مذهبه ولا ينكر تخصيص العموم بدليل يوجب انتهى كلامه وقد جاء النهى على جلود السباع مخصصا
فروى أبو داود والنسائي من حديث المقدام بن معد يكرب انه عليه السلام نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها
وقد ذكر البيهقي هذا الحديث هذا الباب ببابين وذكر هناك (عن أبي المليح عن أبيه نهى عليه السلام عن جلود السباع
ان تفرش) ثم ذكر البيهقي حديث ولوغ الكلب مستدلا بذلك على نجاسة ومالك يمنع ذلك ويحمل الامر بالغسل على
التعبد وربما رجحه أصحابه بذكر هذا العدد المخصوص وهو السبع فإنه لو كان للنجاسة ولاكتفى بأقل من السبع لأنه ليس
بأغلظ من نجاسة العذرة وقد اكتفى بها بأقل من ذلك لكن الامر بالغسل دليل على التنجس ظاهر كالعذرة والتبعد بالنسبة
إلى الأحكام المعقولة واظهر من ذلك في الدلالة على التنجس ما ورد في بعض الروايات الصحيحة (طهور
اناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب ان يغسل سبعا) فلو استدل البيهقي بهذا الكان اظهر ثم مع تسليم نجاسته لا يلزم من ذلك منع
الانتفاع بجلده بل طاهر إذا دبغ كجلد الميتة عملا بعموم حديث ابن عباس المتقدم * أيما اهاب دبغ فقد طهر * وبحديثه
أيضا الذي صحح البيهقي اسناده فيما تقدم ولفظه ان دباغه ذهب بخبثه أو رجسه أو نجسه وبحديث سلمة المتقدم * دباغها
طهورها * وبهذا يظهر انه لا دليل للبيهقي في هذا الحديث ثم اخرج من حديث (يوسف بن خالد عن الضحاك بن عثمان
عن عكرمة عن ابن عباس انه عليه السلام قال ثمن الكلب خبيث وهو أخبث منه) ثم قال (يوسف بن خالد هو السمتي غيره
19

أوثق منه) * قلت * في هذا الكلام توثيق له لأنه شارك ذلك الغير في الثقة وإن كان الغير أوثق منه فإن كان البيهقي
أراد بذلك تضعيفه أخطأ في عبارته وإن كان أراد توثيقه كما هو المفهوم من كلامه فليس الامر كذلك بل هو قد أغلظ
الناس القول فيه * قال النسائي متروك وقال ابن معين كذاب خبيث عدو الله رجل سوء رأيته بالبصرة ما لا أحصى
لا يحدث عنه أحد فيه وقال في رواية عباس الدوري هو كذاب زنديق لا يكتب عنه وقال أبو حاتم أنكرت قول
يحيى فيه زنديق حمل إلي كتاب فقد وضعه في التجهم ينكر فيه الميزان والقيامة فعلمت ان يحيى كان لا يتكلم الا عن بصيرة
وفهم وهو ذاهب الحديث وقال ابن سعد كانوا يتقون حديثه وضعفه البيهقي فيما بعد في باب قطع الشجر وحرق المنازل
فهو مخالف لظاهر كلامه هنا ثم على تقدير صحة الحديث فالخبيث من حيث هو لا يدل على النجاسة صريحا * قال الجوهري
الخبيث ضد الطيب فكما ان الطيب ليس بمنحصر في الطاهر فكذا الخبيث ليس بمنحصر في النجس ولو كان كذلك لكان
ثمن الكلب ومهر البغي وكسب الحجام نجسة لأنه عليه السلام أطلق اسم الخبيث على هذه الثلاثة كما أخرجه الشيخان من
حديث رافع بن خديج ولم يقل أحد بنجاسة هذه الأشياء *.
* قال *) باب اشتراط الدباغ في طهارة جلد ما لا يؤكل لحمه)
(استدل) على ذلك بحديث (إذا دبغ الاهاب فقد طهر) * قلت * هومن باب مفهوم الشرط وخصمه لا يقول به ولان
صح هذا الاستدلال يلزم منه القول بنجاسة جلد ما يؤكل لحمه فاشتراط الدباغ فيه والبيهقي وأصحابه لا يقولون بذلك.
20

ثم استدل أيضا بحديث عائشة (طهور كل أديم دباغه) وقال (رواته كلهم ثقات) * قلت * في سنده إبراهيم بن الهيثم
لم يخرج له في شئ من الكتب الستة وذكره ابن عدي في الكامل وقال حدث ببغداد فكذبه الناس وأحاديثه مستقيمة
سوى الحديث الذي ردوه عليه وهو حديث الغار ثم قوله (طهور كل أديم دباغه) إن كان البيهقي يرى أنه من باب العالم
زيد وانه يفيد الحصر فمذهب القاضي من المالكية والحنفية انه لا يفيد الحصر ثم استدل بحديث سلمة بن المحيق (ذكاتها
دباغها) وفيه البحث المذكور وتقدم أيضا في سنده الجون وهو مجهول ثم ذكر حديث (النهى عن جلود السباع ان تفرش) وذكر (انه روي عن أبي المليح مرسلا دون ذر أبيه) * قلت * لم يذكر الأصح من المرسل والمسند
وقال الترمذي المرسل أصح ثم إن البيهقي استدل به فيما تقدم على المنع من الانتفاع بجلد الكلب والخنزير والمفهوم
من كلامه في هذا الباب طهارة ما لا يوكل بالدباغ لا بالذكاة والحديث لم يتعرض لذلك *
21

* ثم قال * (باب لد ما يؤكل لحمه إذا كان مذكى)
(مراده) انه طاهر واستدل على ذلك بحديث الخدري (انه عليه السلام مر بغلام شاة وانه عليه السلام
لم يتوضأ ان ادخل يده بين الجلد واللحم) * قلت * لا يلزم من نفى غيره فيحتمل انه غسل يده
ولم يتوضأ (فان قلت) فقد ذكر فيما بعد (ان عمر زاد في حديثه يعنى لم يمس ماء) * قلت * ذكر فيما تقدم ان عمرا وأيوب
لم يجزما في هذا الحديث بل تردد أفق لا اراده عن أبي سعيد وقد روى الحافظ أبو حاتم بن حبان هذا الحديث في صحيحه
بسنده إلى عطاء الليثي عن أبي سعيد وفي آخره ثم انطلق فصلى ولم يتوضأ ولم يمس ماء فلو ذكر البيهقي الحديث من هذا
الطريق كان هو الصواب إذ لا تردد فيه وفي الجمع بين قوله فلم يتوضأ وقوله لم يمس ماء * * قال البيهقي *
(باب المنع من الانتفاع بشعر الميتة)
(ذكر) فيه حديث (لا تركبوا الخز ولا النمار) ثم قال (وهو في الخز محمول على التنزيه) * قلت * إذا جعل
البيهقي في الخز للتنزيه لزم ان يجعل في النمار أيضا كذلك والا لزم استعمال النهي في حقيقته ومجازه ثم لو سلم ان النهى
في النمار للتحريم لا يلزمه من صنع ركوبه صنع الانتفاع بشعره وان أراد البيهقي المنع من الانتفاع بشعر الميتة النجاسة.
فلا نسلم ان تحريم كوبه يدل على نجاسته كالحرير حرم لا لنجاسته بل للفخر والخيلاء ولغير ذلك على حسب ما اختلفوا في
علة حرمته ثم ذكر (ان بعض أصحابهم احتج بحديث ابن عباس المتقدم الا أخذتم اهابها فاستمتعتم به) وانهم قالوا أخص
22

الاهاب بالاستمتاع) * قلت * قد تقدم ان مفهوم القلب ليس بحجة فما خص الاهاب نم لو سلم حص الاهاب فهو
اسم للجلد بشعره فدل على الطهارة شعره أيضا إذ لولا ذلك لقال احلقوا أشعره ثم انتفعوا به *
* قال *
(باب المنع من الادهان في عظام الفيلة وغيرها ممالا يؤكل لحمه)
(ذكر) فيه (نهيه عليه السلام عن كل ذي ناب من السباع) * قلت * ليس ذلك على عمومه فالمراد النهى عن اكله وتبين
25

ذلك بما ورد في الصحيح من حديث أبي ثعلبة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ع اكل كل ذي ناب من السباع وحديث
أبي هريرة كل ذي ناب من السباع فاكله حرام * ثم ذكر حديث ابن عكيم (لا تستمتعوا من الميتة بشئ) وقد بيتا ان فيه
اختلافا واضطرابا ثم إن البيهقي ترك عمومه في جواز الانتفاع بجلد الميتة إذا دبغ ثم ذكر عن ابن عمر (انه كره ان يدهن في
26

عظم فيل) وفي سنده إبراهيم الأسلمي سكت عنه وهو مكشوف الحال وذكر (عن بقية عن عمرو بن خالد عن قتادة
عن انس كان عليه السلام يتمشط من عاج) ثم قال (رواية بقية عن شيوخه المجهولين ضعيفة) وقال في الخلافيات
عمرو بن خالد الوسطى ضعيف والمفهوم من كلامه هاهنا ان الواسطي مجهول وهو ليس كذلك ثم ذكر (ان الخطابي قال
واما العاج الذي تعرفه العامة فهو عظم أنياب الفيلة وهو ميتة لا يجوز استعماله) * قلت * كان الواجب عليه اتباع الحديث
27

وترك رأيه ولم يفعل كذلك بل رد الحديث إلى رأيه وأوهم بقوله (الذي تعرفه العامة) انه ليس من صحيح لغة العرب وليس
كذلك * قال ابن سيدة في المحكم العاج أنياب الفيلة ولا يسمى غير الناب عاجا وكذا قال الليث من المتقدمين فيما حكاه
الأزهري قال الجوهري العاج عظم الفيل الواحدة عاجة *
* قال * (باب النهى عن الاناء المفضض)
(ذكر حديث) ابن عمر (من شرب في إناء فضلة أو ذهب أو اناء فيه شئ من ذلك الحديث) وسكت عنه وفيه زكريا
28

ابن إبراهيم عن أبيه * قال ابن القطان هذا الحديث لا يصح زكريا وأبوه لا يعرف لهما حال ثم ذكر عن ابن عمر (انه اني
بقدح مفضض فأبى ان يشرب) وفيه خصيف الجزري فسكت عنه وقال (في باب كفارة من اتى الحائض) خصيف
غير محتج به *
29

(باب التطهر في أوانيهم يعنى المشركين بعد الغسل)
(ذكر فيه حديثا) من رواية خالد عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن أبي ثعلبة ثم قال (وقد أرسله جماعة عن أيوب وخالد
فلم يذكروا أبا أسماء في اسناده) * قلت * أخرجه الحاكم في المستدرك بدون ذكر أبى أسماء وقال صحيح على شرط الشيخين
البخاري ومسلم وأبو قلابة سمع من أبى ثعلبة انتهى كلامه فلا نسلم انه كذلك مرسل وجعل الحاكم الطريق الذي فيه
أبو أسماء صحيحا أيضا *
33

* قال * (باب فضل السواك)
(أسند فيه) عن الشافعي (أخيرنا ابن عيينة عن محمد بن إسحاق عن ابن أبي عتيق عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم
قال السواك مطهرة للفم الحديث) ثم قال (ورواه محمد بن يحيى بن أبي عمر عن ابن عيينة عن مسعر عن ابن إسحاق)
* قلت * ذكر صاحب الامام انه رآه في مسند ابن أبي عمر وكما رواه الشافعي عن ابن عيينة وكذا ريته انا في نسخة جيدة
34

مسموعة من مسند ابن أبي عمرو رويناه في مسنده الحميدي حدثنا سفيان حدثنا محمد بن إسحاق فصرح ابن عيينة
بالسماع من ابن إسحاق فزالت الواسطة *
* قال * (باب الدليل على أن السواك سنة)
(أسند فيه) (عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة انه عليه السلام قال لولا أن أشق على
أمتي لامرتهم بالسواك مع كل وضوء) ثم قال (وهو في الموطأ بهذا الاسناد موقوف دون ذكر الوضوء) * قلت *
الذي في نسخة ابن يحيى عن مالك بهذا الاسناد عن أبي هريرة أنه قال لولا أن يشق على أمته لا مرهم بالسواك مع
35

كل وضوء وهذا يدخل في المسند لما يدل اللفظ كذا قال أبو عمر * ورواه يحيى وأبو مصعب وابن بكير والقعني وابن القاسم وابن وهب وابن نافع * ثم ذكر البيهقي حديث (تدخلون علي قلحا) ثم قال (مختلف في اسناده) * قلت *
ومع الاختلاف أبو علي الصيقل المذكور في اسناده لا يعرف له حال ولا اسم كذا ذكر ابن القطان وذكر عن ابن أبي
السكن ان تماما كان أصغر ولد العباس وليس يحفظ له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماع من وجه ثابت *
36

* قال * (باب الاستياك عرضا)
(ذكر فيه حديث) ابن المسيب عن ربيعة بن أكثم ثم قال (ربيعة استشهد بخيبر) * قلت * هذا كلام ناقص
وتمامه انا بن المسيب ولد في زمن عمر فلم يدرك ربيعة هذا لأنه استشهد بخيبر *
40

* قال * (باب النية في الطهارة الحكيمة)
(ذكر فيه حديث) (يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال عليه السلام لا صلاة لمن لا وضوء له كمن
لم يذكر اسم الله عليه) * قلت * لا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة ولا ليعقوب من أبيه * حكاه البيهقي في باب
التسمية على الوضوء عن البخاري * ثم إن العلماء المحققين ذكروا هذا الحديث في باب التسمية على الوضوء وكذا
41

فعل البيهقي أيضا وهو المناسب لان الذكر فعل اللسان ولا تعلق له بالنية لأنها فعل القلب فتبين ان هذا الحديث
غير مطابق الباب *
42

* قال * (باب التسمية على الوضوء)
(ذكر فيه) حديث ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده ثم ذكر (عن ابن حنبل أنه قال ربيح
رجل ليس بمعروف) * قلت * روى عنه فليح بن سليمان وعبد العزيز الدراوردي وكثير بن عبد الله بن عمر * ذكر
ذلك البزار في كتاب الطهارة من كتاب السنن وقال أبو زرعة هو شيخ ذكره المزي في كتابه وقال ابن عدي أرجو انه
لا بأس واخرج له الحاكم في المستدرك وهذا يخرجه عن حد الجهالة ثم ذكر (عن أبي ثقال قال سمعت رباح
43

ابن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب الحديث) ثم قال (أبو ثقال ليس بمعروف جدا * قلت * ذكر البزاز انه
مشهور وقال ابن القطان روى عنه جماعة منهم ابن حرملة وسليمان بن بلال وصدقة بن الزبير والدراوردي والحسن
ابن أبي جعفر وعبد الله بن عبد العزيز قاله أبو حاتم *
44

* قال * (باب التكرار في غسل اليدين)
(ذكر فيه) حديث أوس (استوكف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا) قال شعبة قلت للنعمان وما استوكف قال
غسل كفيه ثلاثا * هذا الكلام يوهم انه استوكف مشتق من الكف وليس كذلك بل هو مشتق من وكف
45

البيت إذا قطر فالصواب في الحديث ما قال بعض العلماء ان معنى استوكف استقطر الماء يعنى توضأ ثلاثا وبالغ في صب
الماء حتى وكف فليس بمختص بغسل اليدين وبهذا يظهران هذا الحديث غير مختص بهذا الباب *
46

* قال * (باب صفة غسلهما)
(ذكر فيه) حديث عثمان (انه دعا بماء فتوضأ الخ) * قلت * في سنده عبيد الله بن أبي زياد القدح * قال ابن معين
ليس بشئ * قال أبو داود أحاديثه مناكير *
47

* قال * (باب المضمضة والاستنشاق)
(ذكر فيه) عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن ابن الزبير عن عائشة حديث (عشر من الفطرة) ثم قال رواه مسلم
* قلت * تركه البخاري وهو حديث معلول رواه سليمان التيمي عن طلق عن طلق مرسلا كذا قال ابن مندة ومصعب وان
وصله لكنه متكلم فيه وان اخرج له مسلم * قال ابن حنبل روى أحاديث مناكير وقال أبو حاتم لا يحمدونه وليس بقوي
52

والتيمي اتفق عليه الشيخان * قال شعبة ما رأيت أحدا أصدق منه فهو اجل من مصعب بلا شك ثم ذكر (حديث عمار
ابن ياسر عشر من الفطرة) وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وقد تقدم في باب منع التطهير بالنبيذ انه ذكر تضعيفه *
* قال * (باب التكرار في غسل الوجه)
(ذكر فيه) (عن ابن إسحاق عن محمد بن طلحة عن عبيد الله الخولاني عن ابن عباس دخل علي علي وقد اهراق الماء
الحديث) * قلت * في كتاب الامام ان ابن إسحاق صرح بأنه حدثه في رواية يعقوب الدورقي عن ابن علية عنه
53

فسلم الحديث من احتمال التدليس وقال شيخنا يعين المنذري في مختصر السنن قال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل عنه
يعنى هذا الحديث فضعفه وقال ما أدري ما هذا *
* قال * (باب تخليل اللحية)
(ذكر فيه) حديث عثمان وحكى عن البخاري (أنه قال هو حسن وهو أصح شئ عندي في التخليل) * قلت * في سنده
عامر بن شقيق * قال ابن معين الحديث وقال أبو حاتم ليس بقوي وقد اخرج الشيخان حديث عثمان في الوضوء
من عدة طرق ولا ذكرا للتخليل في شئ منها *
54

* قال * (باب عرك العارضين)
(ذكر فيه) عن ابن أبي العشرين وهو عبد الحميد (قال حدثنا الأوزاعي حدثني عبد الواحد بن قيس عن نافع عن ابن
عمر الحديث) ثم حكى (عن الدارقطني أنه قال ورواه أبو المغيرة عن الأوزاعي موقوفا على ابن عمر وهو الصواب) * قلت *
قال ابن القطان ما ملخصه إنما يصح هذا لو كان رافعه ضعيفا وواقفه ثقة وهنا واقفه أبو المغيرة ورافعه عبد الحميد وكلاهما
ثقة ثم الموقوف لا بد فيه من عبد الواحد فليس إذا بصحيح وقال صاحب الامام وقد يؤخذ ترجيح الوقف من كثرة
الواقفين أو من تقديم مرتبة الواقف ولعل هذا منه قال أبا المغيرة عبد القدوس بن الحجاج احتج به الشيخان وعبد الحميد
مختلف فيه * قلت * أسند البيهقي الوقف من طريق الوليد بن مزيد (حدثنا الأوزاعي اخبرني عبد الله بن عامر
حدثني نافع ان عبد الله بن عمر كان يعرك عارضيه الخ) فوجد في من وقفه الكثرة أيضا *
55

* قال * (باب ادخال المرفقين في الوضوء)
(ذكر فيه) حديث جابر من طريقين في كل منهما ثلاثة متكلم فيهم * اما الطريق الأول ففيه (سويد بن سعيد
حدثنا القاسم بن محمد العقيلي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر) * اما سويد وان اخرج عنه مسلم فقد قال ابن معين
هو حلال وقال ابن المديني ليس بشئ وقال النسائي ليس بثقة وقال أبو حاتم صدوق وكان كثير التدليس وقيل إنه
عمى في آخر عمره فربما لقن ما ليس في حديثه فمن سمع منه وهو بصير فحديثه عنه حسن وسكت عنه البيهقي هنا وقال
في باب (من قال لا يقرأ) تغير بآخره فكثر الخطاء في روايته * واما القاسم العقيلي فقال احمد ليس بشئ وقال أبو حاتم
متروك الحديث وعن أبين زرعة أحاديثه منكرة وهو ضعيف الحديث * واما ابن عقيل وهو جد القاسم المتقدم فسكت
عنه أيضا البيهقي وقال في (باب لا يتطهر الماء المستعمل * لم يكن بالحافظ وأهل العلم يختلفون في الاحتجاج بروايته) *
والطريق الثاني فيه (عباد بن يعقوب حدثنا القاسم بن محمد عن جده) * اما القاسم وجهد فقد تقدما واما عباد
ابن يعقوب هو الرواجني فقد روى عنه البخاري مقرونا بآخر لكن ابن حبان قال فيه هو رافضي داعية ويروى المناكير
عن مشاهير فاستحق الترك *
56

* قال * (باب تحريك الخاتم عند غسل اليدين)
الاعتماد فيه على الأثر عن علي وغيره ثم ذكر اثرين أولهما عن علي وفى سنده عبد الصمد الضبي ضعفه ابن معين
وشيخه مجمع بن عتاب عن أبيه لم اعرف حالهما * والثاني عن ابن عمرو فيه يحيى بن عبد الحميد الحماني * قال البخاري
في (كتاب الضعفاء) يتكلمون فيه روى عن شريك وغيره * وقال ابن حنبل كان يكذب جهارا ما زلنا نعرفه يسرق
الأحاديث وقال محمد بن عبد الله بن نمير كذاب وقال الجوزجاني ترك حديثه *
57

* قال * (باب تحوي الصدغين)
ذكر فيه حديث الربيع بنت معوذ وذكر عنها في باب الذي يليه قريبا من ذلك وفى الحديثين ابن عقيل تقدم ذكره
والراوي عن محمد بن عجلان ذكره البخاري في الضعفاء *
59

* قال * (باب ايجاب المسح بالرأس)
(ذكر) فيه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجوة عن بلال حديث المسح على الخفين والخماو وقال رواه مسلم
60

* قلت * تركه البخاري لاضطرب اسناده فمنهم من رواه ابن إلى ليلى عن بلال بلا واسطة ومنهم من رواه بواسطة
بينهما واختلفوا فيها * فمنهم من ادخل فيها كعب بن عجرة * ومنهم من ادخل بينهما البراء بن عازب وكذا رواه النسائي
ثم ذكر (عن راشد بن سعد عن ثوبان حديث المسح على العصائب) * قلت * ذكر الخلا في علله ان احمد قال لا ينبغي
أن يكون راشد سمع من ثوبان لأنه مات قديما *
61

* قال * (باب مسح الاذنين)
(ذكر) فيه من طريقين عن انس (انه مسح باطن اذنيه وظاهرهما) * قلت * قلت روى الدارقطني باسناد رجاله كلهم ثقات عن
انس انه كان يتوضأ فمسح اذنيه ظاهرهما وباطنهما ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك * والعجب
من البيهقي من شدة تتبعه خصوص الكتاب الدارقطني كيف غفل عن هذا المرفوع وذكر الموقوف *
64

* قال * (باب مسح الاذنين بماء جديد)
(ذكر فيه) (عن ابن وهب اخبرني عمرو بن الحارث عن حبان ان أباه حدثه انه سمع عبد الله بن زيد) فذكر
الحديث وفيه (فاخذ لاذنيه ماء خلاف الماء الذي اخذ لرأسه) ثم قال (وكذلك روي عن عبد العزيز بن عمران
وحرملة بن يحيى) * قلت * ذكر صاحب الامام انه رآه في رواية ابن المقرئ عن حرملة عن ابن وهب بهذا الاسناد
وفيه ومسح بماء غير فضل يديه لم يذكر الاذنين * قال البيهقي (واما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
الأذنان من الرأس فروى ذلك بأسانيد ضعاف ذكرنا ها في الخلاف واشهر اسناد فيه ما أخبرنا) فذكر (عن سنان بن
ربيعة عن شهر بن حوشب قال عن أبي أمامة الحديث) * ثم أسند (عن ابن معين أنه قال سنان بن ربيعة ليس بالقوى واسند
عن ابن عون وشعبة وغير هما تضعيف شهر) * قلت * سنان اخرج له البخاري وشهر وثقه ابن حنبل وأحمد بن عبد الله
65

العجلي ويعقوب بن شيبة ويحيى بن معين فيما حكاه عنه ابن أبي خيثمة * وعن أبي زرعة قال لا بأس به واخرج له مسلم مقرونا
مع غيره وأخرج الترمذي حديثه عن ابن سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم جلل الحسن والحسين وعليا وفاطمة رضي الله عنهم
كساء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي الحديث ثم قال الترمذي حسن صحيح وقال ابن القطان لم اسمع لمضعفيه حجة
وما ذكره اما لا يصح واما خارج على مخرج لا يضره واخذه الخريطة كذب عليه وتقول شاعر أراد عيبه * ثم قال
البيهقي (والحديث في رفعه شك عن سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن سنان عن شهر عن أبي أمامة انه وصف
وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان إذا توضأ مسح ماقيه بالماء * وقال أبو امامة الأذنان من الرأس) * قلت *
قد اختلف فيه على حماد فوقفه ابن حرب عنه ورفعه أبو الربيع واختلف أيضا على مسدد عن حماد فروي عنه الرفع وروي
عنه الوقف وإذا رفع أحد حديثا ووقفه آخر أو فعلهما شخص واحد في وقتين يرجع في وقتين يرجح الرافع لأنه اتى بزيادة ويجوز ان يسمع
الانسان حديثا فيوقفه في وقت ويرفعه في وقت آخر وهذا أولى من تغليط الرافع ولهذا الحديث اسنادان آخران *
66

أحدهما أخرجه ابن ماجة عن سويد بن سعيد حدثنا يحيى بن زكريا أبى زائدة عن شعبة عن حبيب بن زيد عن
عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذنان من الرأس * فهذا اسناد متصل ورواته
محتج بهم فان يحيى بن أبي زائدة وشعبة وعبادا احتج بهم الشيخان وحبيب ثقة ذكره ابن حبان في الثقات من اتباع التابعين
وسويد احتج به مسلم فهذا مثل اسناد في هذا الباب * والثاني رواه الدارقطني قال حدثنا محمد بن عبد الله بن زكريا
النيسابوري بصر ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزاز حدثنا أبو كامل الجحدري حدثنا غندر محمد بن جعفر عن ابن
جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الأذنان من الرأس * قال الدارقطني
حدثني به أبى حدثنا محمد بن سليمان الباغندي حدثنا أبو كامل الجحدري بهذا مثله * قال ابن القطان ما ملخصه هذا
الاسناد صحيح لثقة رواته واتصاله واعله الدارقطني بان أبا كامل تفرد به عن غندر ووهم فيه ولم يؤيد الدارقطني ذلك
بشئ ولا عضده بحجة غير أنه ذكران ابن جريج الذي مدار الحديث عليه يروى عنه سليمان بن موسى عن النبي صلى الله
67

عليه وسلم مرسلا وما أدري الذي يمنع أن يكون عنده في ذلك حديثان مسند ومرسل انتهى كلامه فاعرض البيهقي
عن حديث ابن ماجة وحديث الدارقطني مع شدة تتبعه لكتابه واشتغل بحديث أبي أمامة مع ما فيه وذكر الاسناد
الذي زعم أنه أشهر اسناد لهذا الحديث وبهذا يظهر تحامله ولمن يقول بمسح الاذنين بماء الرأس حديث أمثل من
هذا كله وهو ما أخرجه ابن مندة وابن خزيمة في صحيحهما من حديث ابن عباس الا أخبركم بوضوء رسول الله
صلى الله عليه وسلم فاخذ غرفة فمسح بها رأسه واذنيه الحديث * وأخرجه ابن حبان أيضا في صحيحه ولفظه ثم غرف
غرفة فمسح برأسه واذنيه وأخرج الحاكم في المستدرك نحو وذكره البيهقي فيما تقدم في آخر باب مسح الرأس *
* قال * (باب الدليل على أن فرض الرجلين الغسل وان مسحهما لا يجزى)
(استدل) على ذلك بعدة أحاديث * أولها (ويل للأعقاب من النار) * قلت * في الاستدلال بها نظر فان من يرى
مسحهما قد يفرض في جميعهما وظاهر الآية يدل على ذلك وهو قوله تعالى وأرجلكم إلى الكعبين * فالوعيد لهما ترتب
68

على ترك تعميم المسح وتدل على ذلك رواية مسلم * فانتهى إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء * فتبين بذلك ان العقب
محل التطهير فلا يكتفى بما دونه فليس الوعيد على المسح بل على ترك التعميم كما مر وهذا الكلام على امر أبي هريرة وعائشة
باسباغ الوضوء وكذا حديث عبد الله بن الحارث وعمر وانس رضي الله عنهم *
69

* قال * (باب قراءة وأرجلكم نصبا)
ذكر فيه (عن ابن مسعود قال رجع الامر إلى الغسل) وفي سنده قيس بن الربيع فسكت عنه البيهقي وقال في باب من زرع
ارض غيره اذنه (ضعيف عند أهل العلم بالحديث ثم ذكر عن عمر بن قيس عن عطاء انه كان يقرأها نصبا)
وعمر هو الملكي سكت عنه أيضا وقال في باب من بنى أو غرس بغير ارضه (ضعيف لا يحتج به) ثم ذكر (عن علي علي اغسلوا
القدمين من رواية الحارث) فسكت عنه وحكى في باب أصل القسامة (عن الشعبي انه كان كذابا) ثم قال (وقد روينا
70

عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم ما دل على وجوب الغسل) * قلت * أراد حديثه المذكور في الباب الذي قبل هذا وقد تقدم
الكلام فيه ثم ذكر (عن ابن عباس قال ما أجد في الكتاب الا غسلتين ومسحتين) ثم قال إن صح يحتمل انه كان يرى القراءة
بالخفض وانها تقتضي المسح ثم لما بلغه انه عليه السلام توعد على ترك غسلهما أو ترك شئ منهما ذهب إلى وجوب غسلهما * قلت *
ما ورد نص صريح انه عليه السلام توعد على ترك غسلهما أو ترك شئ منهما كما مر بيانه ثم ذكر (عن هشام بن سعد ثنا زيد بن
أسلم عن عطاء عن ابن عباس الحديث) وفيه (ثم اغترف غرفة أخرى فرش على رجله وفيها النعل واليسرى مثل ذلك ومسح
بأسفل الكعبين) وذكر (عن عبد العزيز بن محمد عن زيد عن عطاء عن ابن عباس الحديث) وفيه * ثم اخذ حفنة من ماء
فرش على قدميه وهو متنعل) ثم قال (هكذا رواه هشام وعبد العزيز الدراوردي يحتمل أن يكون موافقا لروايتهم بان
71

يكون غسلهما في النعل وهشام بن سعد ليس بالحافظ جدا فلا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات الاثبات وكيف وهم عدد وهو
واحد) * قلت * حديث هشام أيضا يحتمل أن يكون موافقا لها بأن يكون غسلهما في النعل فلا وجه لا فراده بأنه خالف
الثقات * فان قال إنما افرده لان في حديثه قرينة تمنع من التأويل بالغسل وهي قوله ومسح بأسفل الكعبين * قلنا * قد جمعت
بينهما في باب المسح على النعل وأولت الحديثين بهذا التأويل حيث قلت (ورواه عبد العزيز وهشام عن زيد فحكيا في
الحديث رشا على الرجل وفيه النعل وذلك يحتمل أن يكون غسلهما في النعل) ثم قلت (والعدد الكثير أولى بالحفظ من العدد
اليسير) فاحد الامرين يلزمك اما جمعهما بهذا التأويل في كتاب المعرفة في هذا الباب بخلاف ما فعل ههنا (1) ثم حكى عن
الشافعي (قال روي أنه عليه السلام مسح على ظهور قدميه وروى أنه رش ظهورهما) واحد الحديثين من وجه صالح الاسناد
لو كان منفرد أثبت والذي خالفه أكثر وأثبت منه واما الحديث الآخر فليس مما يثبت أهل العلم بالحديث لو انفرد *
72

قال البيهقي (عنى بالأول حديث الدراوردي وغيره عن زيد وعنى بالآخر والله أعلم حديث عبد خير عن علي
في المسح على ظهر القدمين وقد بينا انه ان صح ظهر الخفين وهو مذكور في باب المسح على الخف بعلله) * قلت * الذي
اعل به ذلك الحديث في باب الاقتصار بالمسح على ظاهر الخفين ان عبد خير لم يحتج به صاحبا الصحيح ثم قال (فهذا وما ورد
في معناه انه أريد به قدما الخف) انتهى كلامه وهما لم يلتزما الاخراج عن كل ثقة على ما عرف فلا يلزم من كونهما
لم يحتجا به أن يكون ضعيفا وعبد خير وثقه ابن معين والعجلي واخرج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما وروى له
73

أصحاب السنن الأربعة فتبين بهذا انه لم يذكر الحديث ولا علة واحدة * قال البيهقي (وقد رويناه من أوجه كثيرة
عن علي انه غسل رجليه) * قلت * لا يبطل بغسله رجليه روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح عليهما الان العبرة عند
المحدثين لما روى لا لما رأى والصواب ان يقال قد روينا من أوجه كثيرة عن علي انه حكى عن النبي صلى الله عليه وسلم
غسل رجليه فان الروايات التي ذكرها البيهقي فيما بعد كلها مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهة على وفيها غسل
الرجلين وقد حرر البيهقي عبارته في آخر هذا الباب فقال (ثابت عنه غسل الرجلين وثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم
74

غسل الرجلين والوعيد على تركه) انتهى كلامه وقد قدمنا انه لم يرد الوعيد على ترك غسل الرجلين أيضا فقال (وثبت
في مثل هذه القصة انه مسح وأخبر انه وضوء من لم يحدث) ثم أسند (عن علي انه اخذ حفنة فمسح بها وجهه ويديه
ورأسه ورجليه وقال في آخره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت وقال هذا وضوء من لم يحدث رواه
البخاري في الصحيح عن آدم ببعض معناه * قلت * الذي في صحيح البخاري فغسل وجهه ويديه وذكر رأسه ورجليه
وليس فيه هذا وضوء من لم يحدث وكلام البيهقي يوهم ان فيه هذا والمسح لان ذلك هو المقصود *
75

* قال * (باب كيفية التخليل بين الأصابع)
(ذكر فيه) حديث المستورد وفي سنده ابن لهيعة فسكت عنه وقد تقدم تضعيفه له في باب منع التطهير بالنبيذ فان
قيل ففي السند الذي ذكره ثانيا متابعة الليث وعمرو بن الحارث لابن لهيعة * قلت * في ذلك السند احمد ابن أخي
76

ابن وهب وهو وان خرج عنه مسلم فقال أبو زرعة أدركناه ولم نكتب عنه وقال ابن عدي رأس شيوخ أهل مصر
الذين لحقهم مجمعين على ضعفه *
77

* قال * (باب كراهية الزيادة على الثلاث)
(ذكر) فيه حديث سفيان عن ابن أبي عائشة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثم قال (وكذلك رواه الأشجعي عن
الثوري موصولا) * (1)

(1) لعله هاهنا سقط عبارة التنقيد 12
79

* قال * (باب فضل التكرار في الوضوء)
(ذكر) فيه حديث معاوية بن قرة عن ابن عمر (هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي * قلت * في سنده سلام الطويل
سكت عنه وقال في باب وقت الحجامة (سلام بن سلم الطويل متروك) وفي كتاب العلل لابن أبي حاتم سئل أبو زرعة
عن هذا الحديث فقال هو عندي حديث واه ومعاوية بن قرة لم يلحق ابن عمر *
80

* قال * (باب تفريق الوضوء)
(ذكر) فيه (عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انه عليه السلام رآى رجلا يصلى الحديث)
ثم قال (وهو مرسل) قلت تسميته هذا مرسلا ليس بجيد لان خالدا هذا أدرك جماعة من الصحابة وهم عدول فلا يضرهم
83

الجهالة * قال الأثرم قلت يعنى لابن حنبل إذ قال رجل من التابعين حدثين رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يسمه فالحديث صحيح قال نعم ثم إن في سند الحديث بقية وهو مدلس وقد عنعن والحاكم أورد هذا الحديث في
المستدرك من طريق ولفظه قال حدثني بحير فكان الوجه ان يخرجه البيهقي من طريق الحاكم ليسلم الحديث من تهمة بقية *
* قال * (باب الترتيب في الوضوء)
(احتج) الشافعي بظاهر الكتاب ثم بحديث عبد الله بن زيد في صفة الوضوء * قلت * المذكور في الكتاب بالواو
84

وهي لا تقتضي الترتيب ثم فعله (عليه السلام) في حديث ابن زيد لا يدل على الوجوب وقد اتفق الشافعي وخصومه على أنه
لو بدأ من المرفق إلى رؤس الأصابع جاز فلما لم يجب الترتيب هنا مع أن الظاهر من قوله تعالى * وأيديكم إلى المرافق *
يقتضيه فلما لم يقتضه اللفظ وهو ترتيب الأعضاء أولى ان لا يجب * ثم ساق البيهقي حديث جابر من طريق الأول (نبدأ
بما بدأ الله به فبدأ بالصفا) والثانية (ابدأوا بما بدأ الله به) أوردها من حديث سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر
* قلت * أخرجه الترمذي من جهة سفيان عن جعفر وصيغته نبدأ وكذا رواه مالك ويحيى بن سعيد عن جعفر
وأخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجة من حديث حاتم بن إسماعيل فلفظ مسلم أبدأ على صيغة الاخبار اما بلفظ ابدأ
واما بلفظ نبدأ والحديث مخرجه واحد وافعال النبي صلى الله عليه وسلم لا تدل على الوجوب عند الشافعي وأكثر العلماء
ثم لو صحت الرواية بلفظ الامر كما ذكره البيهقي في الطريق الثانية لكان لفظ الاخبار مرجحا لحفظ رواته وكثر تهم
ثم لا يلزم من ورود ذلك هنا أن يكون واردا في باب الوضوء على ما نقل عن امام البيهقي وهو الشافعي أنه قال العبرة بخصوص
السبب وأيضا فان العموم يخصص بالقرائن نص عليه بعض أكابر أهل الأصول وهنا قرينتان مخصصتان حالية ومقالية
اما الحالية فلانه عليه السلام بين بذلك ما مست الحاجة إليه من البداءة بالصفا والمروة واما المقالية فلانه عليه السلام
تلا عقيب هذا اللفظ قوله تعالى ان الصفا والمروة من شعائر الله * ويؤيد هذا انه خص من وجوب البداءة بما بدأ الله
تعالى به أمورا كثيرة كأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأيضا فلو دل الحديث فإنما يدل على البداءة بالوجه لأنه الذي بدأ الله به
فمن استدل بذلك على وجوب الترتيب بين اليدين والرأس والرجلين يحتاج إلى دليل من خارج * ثم ذكر البيهقي حديث
85

عدي بن حاتم (ان رجلا قال من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال عليه السلام بئس خطيب القوم
أنت قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى) * قلت * لم ينكر عليه ليحصل الترتيب بدليل ان معصية الله ورسوله لا ترتيب
فيهما بل كل منهما يستلزم الآخر وإنما أنكر عليه لتركه افراد اسم الله تعالى لان افراده أكثر تعظيما فلا دليل في ذلك
على أن الواو وتقتضي الترتيب * وفى حديث أبي داود والنسائي ما يدل على أنها لا تقتضي وهو ما أخرجاه عن حذيفة انه
عليه السلام قال لا تقولوا ما شاء الله فلن ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان فلو كانت الواو للترتيب لساوت
ثم ولما فرق عليه السلام بينهما *
* قال * (باب السنة في البداءة باليمين)
(ذكر فيه) حديث أبي هريرة (إذا لبستم وإذا توضأتم فابدأوا بأيمانكم) * قلت * الامر مطلقة الوجوب فكيف يستدل به
على أن ذلك سنة *
86

* قال * (باب الرخصة في البداء باليسار)
(ذكر فيه) (عن زياد مولى بنى مخزوم عن علي بد أبا الشمال قبل اليمين) * قلت * زياد هذا ذكر ابن معين انه لا شئ * قال البيهقي
(ورواه حفص عن إسماعيل عن زياد عن علي فقال ما أبالي إذا بدأت بالشمال قبل اليمين إذا توضأت ورواه عوف عن
عبد الله بن عمرو بن هند قال قال على ما أبالي إذا أتممت وضوئي باي أعضائي بدأت ويحتمل أن يكون مراده بما أطلق
في هذا ما فسره حفص) * قلت * ليس ذلك بمطلق بل هو عام لان أيا من ألفاظ العموم ورواية حفص فرد من افراد
ذلك العام موافق له فلا يخصص العام به هذا مذهب الجمهور من أهل الأصول *
* قال * (باب نهى المحدث عن مس المصحف)
(ذكر فيه) (عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال كان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم ان لا تمس القرآن
الاعلى طهر) * قلت * هذا منقطع وكذا ذكر هو في كتاب المعرفة اثم أسند (عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن
87

عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كتب إلى أهل اليمن
الحديث) * قلت * سليمان هذا مجهول لا يعرف قاله ابن معين * وزاد في رواية ولا يصح هذا الحديث وعنه قال سليمان
ابن داود في حديث الصدقات شيخ شامي ضعيف * وقال الدارمي قلت لابن معين سليمان بن داود الذي يروى حديث
الزهري في الصدقات من هو قال ليس بشئ وسنذكر هذا الحديث في كتاب الزكاة بأبسط من هذا
إن شاء الله تعالى *
88

* قال * (باب الرخصة في ذلك في الأبنية)
(ذكر في آخره) حديث خالد الحذاء (عن خالد بن أبي الصلت عن عراك عن عائشة) ثم ذكره عن الحذاء عن رجل
92

عن عراك) ثم ذكره (عن الحذاء عن عراك) * قلت * ذكر البخاري في تاريخه الوجه الأول ثم ذكره (عن عراك عن عمره
عن عائشة) ثم ذكره (عن عروة ان عائشة كانت تنكر قولهم لا تستقبل القبلة) ثم قال البخاري وهذا أصح *
93

* قال * (باب وضع الخاتم عند دخول الخلاء)
(ذكر فيه) (عن همام عن ابن جريج عن الزهري عن انس كان عليه السلام إذا دخل الخلاة وضع خاتمه) ثم ذكر (عن
ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن انس انه عليه السلام اتخذ خاتما من ورق ثم ألقاه قال البيهقي (هذه هو المشهور
94

عن ابن جريج دون حديث همام) * قلت * همام وثقه ابن معين وغيره وقال احمد ثبت في كل المشائخ واحتج به الشيخان
في صحيحيهما وحديثه هذا قال فيه الترمذي صحيح والحديثان مختلفان متنا وكذا سند الان الأول رواه ابن جريج عن
الزهري بلا واسطة والثاني بواسطة فانتقال الذهن من الحديث الذي زعم البيهقي انه المشهور إلى حديث وضع الخاتم
مع اختلافهما متنا وسندا كما بيناه لا يكون الا عن غفلة شديدة وحال همام لا يحتمل مثل ذلك وقواعد الفقه والأصول
تقتضي قبول حديثه هذا مع أن له شاهد أخرجه البيهقي من حديث (يعقوب بن كعب عن يحيى بن المتوكل عن ابن
جريج عن الزهري عن انس انه عليه السلام خاتما نقشه محمد رسول الله فكان إذا دخل الخلاء وضعه) وقول البيهقي
(هذا شاهد ضعيف) فيه نظر إذ ليس في سنده من تكلم فيه فيما علمت ويحيى بن المتوكل بصرى اخرج له الحاكم في
المستدرك وقال ابن حبان يخطى وليس هذا يحيى بن المتوكل الذي يقال له أبو عقيل ذاك ضعيف ذكره الصريفيني وكذا
الدارقطني في كتاب ان يحيى بن الضريس رواه عن ابن جريج كرواية همام فهذه متابعة ثانية وابن الضريس ثقة
فتبين بذلك ان الحديث ليس له علة وان الامر فيه كما ذكر الترمذي من الحسن والصحة *
95

* قال * (باب نهى عن البول في الثقب)
(ذكر) فيه (عن قتادة عن عبد الله بن سرجس الحديث) * قلت * روى ابن أبي حاتم عن حرب ابن إسماعيل عن ابن حنبل
قال ما اعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الا عن الانس قيل له فابن سرجس فكأنه لم يره سماعا *
* قال * (باب كراهية الكلام عند الخلاء)
(ذكر) فيه حديثا عن الخدري عن طريقين * الأول * (عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض
عن الخدري) * والثاني * (عن عكرمة عن يحيى عن عياض بن هلال) ثم حكى (عن ابن خزيمة أنه قال هذا هو الصحيح
عياض بن هلال روى عنه ابن أبي كثير واحسب الوهم فيه عن عكرمة حين قال عن هلال بن عياض) * قلت * كيف يتعين
99

أن يكون الوهم فيه عن عكرمة وهو مذكور في هذا السند الذي هو فيه على الصحيح بل يحتمل أن يكون الوهم من غيره
وقد ذكر صاحب الامامان أبان بن يزيد رواه أيضا عن يحيى بن أبي كثير فقال هلال بن عياض فتابع ابان عكرمة على
ذلك وابن القطان أحال الاضطراب في اسمه على يحيى بن أبي كثير ثم ذكر البيهقي (عن أبي داود أنه قال لم يسنده
الا عكرمة بن عمار) * قلت * تقدم قريبا ان ابان تابعه ثم إن البيهقي اخرج الحديث (عن ابن أبي كثير عن النبي عليه
السلام مرسلا) وبقى فيه علل لم يذكرها * منها انه سكت عن عكرمة هنا وتكلم فيه كثيرا في (باب مس الفرج بظهر
الكف) وفي (باب الكسر بالماء * ومنها ان راوي الحديث عن الخدري لا يعرف ولا يحصل من امره شئ * ومنها
الاضطراب في متن الحديث كما هم بين في كتاب ابن القطان وأخرجه النسائي من حديث عكرمة عن يحيى بن أبي
كثير عن أبي سلمة عن أبيه هريرة *
* قال * (باب البول قائما)
(ذكر) فيه (عن الأعمش ومنصور عن شقيق عن حذيفة الحديث) ثم ذكر (عن عاصم بن بهدلة وحماد بن أبي سليمان
عن شقيق عن المغيرة) ثم حكى (عن الترمذي وجماعة ان الصحيح ما روى الأعمش ومنصور) * قلت * الذي في كتاب
الترمذي حديث أبين وائل عن حذيفة أصح ويحتمل أن يكون لشقيق في هذا الحديث اسنادان ولهذا اخرج أبو بكر
100

ابن خزيمة في صحيحه رواية حماد ولم يبال بالاختلاف وكذا فعل البيهقي فيما مضى في باب فضل السواك فروى حديثا
عن عبد الرحمن بن أبي عتيق عن أبيه ثم قال (وقيل عن عبد الرحمن عن القاسم) ثم قال (وكأنه سمع منهما جميعا) وروى البيهقي
أيضا فيما تقدم في باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء (عن شعبة وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن انس عن
زيد بن أرقم) ثم قال (ورواه يزيد بن زريع وجماعة عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن القاسم بن عوف الشيباني عن زيد
ابن أرقم) ثم حكى (عن الترمذي لمحمد يعنى البخاري اي الروايات عندك أصح فقال لعل قتادة سمع منهما جميعا
عن زيد بن أرقم) *
101

* قال * (باب وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار)
(ذكر فيه) حديث أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله * قلت * ذكر في باب الدية هي أخماس (ان أبا إسحاق عن علقمة
منقطع لأنه رآه ولم يسمع منه) وقال أحمد بن عبد الله العجلي لم يسمع أبو إسحاق من علقمة شيئا *
102

* قال * (باب الايتار في الاستجمار)
(ذكر فيه) حديث أبي هريرة (من استجمر فيوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج) ثم قال (وهذا ان صح
فإنما أراد وترا يكون بعد الثلاث) ثم استد على هذا التأويل بحديث أبي هريرة (إذا استجمر أحدكم فليوتر فان الله
وتر يحب الوتر اما ترى السماوات سبعا والأرضين سبعا والطواف وذكر أشياء) * قلت * الحديث الذي قال فيه ان صح
103

أخرجه ابن حبان في صحيحه ثم تأويله بوتر يكون بعد الثلاث من غير دليل ولو صح ذلك يلزم منه أن يكون الوتر بعد
الثلاث مستحبا لامره عليه السلام به على مقتضى هذا الدليل وعندهم لو حصل النقاء بعد الثلاث فالزيادة عليها ليست
بمستحبة بل هي بدعة وان لم يحصل النقاء بالثلاث فالزيادة عليها واجبة لا يجوز تركها ثم حديث اما ترى السماوات سبعا *
على تقدير صحته لا يدل على أن المراد بالوتر ما يكون بعد ثلاث لأنه ذكر فردا من افراد الوتر فلو أريد بذلك السبع
بخصوصها لزم بذلك وجوب الاستنجاء بالسبع لأنها المصور به في ذلك الحديث *
104

* قال * (باب الاستنجاء بالماء)
(أسند فيه) (حديث أبي هريرة نزلت هذه الآية في أهل قباء) * قلت في سنده يونس بن الحارث عن
إبراهيم بن أبي ميمونة ويونس ضعيف ضعفه ابن معين واحمد والنسائي * وابن أبي ميمونة قال ابن القطان مجهول الحال
لا يعرف روى عنه غير يونس بن الحارث *
* قال * (باب الجمع بين المسح بالأحجار والغسل بالماء)
(ذكر فيه) (عن أبي أيوب وجابر وانس ان هذه الآية لما نزلت وفي آخره غيران أحدنا إذا خرج من الغائط
أحب ان يستنجى بالماء) * قلت * في سنده عتبة بن أبي حكيم ضعفه ابن معين والنسائي وقال إبراهيم بن يعقوب
السعدي غير محمود في الحديث وقال البيهقي في باب الركعتين بعد الوتر (غير قوى) انه ليس في الحديث ذكر المسح
105

بالأحجار فهو غير مطابق للباب ثم أسند (عن عائشة قال مرن أزواجكن ان يغسلوا عنهم اثر الغائط والبول) وليس
فيه أيضا ذكر الجمع بين الأحجار والماء وحديث عائشة الذي بعد هذا لفظه (فامر تهن ان يستنجين بالماء) وليس
فيه أيضا ذكر الحجر *
* قال * (باب دلك اليد بالأرض بعد الاستنجاء)
(ذكر فيه) (عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن أبي رزعة عن أبي هريرة الحديث) ثم ذكره عن أبان بن عبد الله
106

البجلي عن إبراهيم بن جرير عن أبيه جرير بن عبد الله) ثم حكى عن النسائي (أنه قال هذا أشبه بالصواب من حديث
شريك) * قلت * أبا هذا قال ابن حبان كان ممن فحش خطأوه وانفرد بالمنا كير وشريك القاضي ممن استشهد به
مسلم ورأيت بخط الصريفيني قال الحاكم احتج به مسلم وحديثه هذا أخرجه ابن حبان في صحيحه فلا نسلم ان حديث
ابان أشبه بالصواب منه ولا يمتنع أن يكون لإبراهيم فيه اسناد ان أحدهما عن أبي زرعة والآخر عن أبيه كما مر
نظير ذلك في باب البول قائما ثم أسند البيهقي (عن انس كان يوضع له الماء والأشنان للاستنجاء) * قلت *
ليس هذا بمناسب للباب *
* قال * (باب الاستنجاء بما يقول مقام الحجارة في الانقاء دون ما نهى عن الاستنجاء به)
(ذكر فيه) (عن زهير عن أبي إسحاق قال ليس أبو عبيدة ذكره ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه
انه سمع عبد الله يقول اتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط فأمرني ان آتيه بثلاثة أحجار الحديث) ثم قال (ورواه
107

معمر عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله ورواه إسرائيل عن أبين إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله * قال الترمذي
حديث إسرائيل عندي أثبت وأصح لان إسرائيل أثبت في أبي إسحاق من هؤلاء وتابعه على ذلك قيس بن الربيع
* قلت * فيما تقدم من قول أبي إسحاق ليس أبو عبيدة ذكره نفي لروايته عنه وهذا يبطل قول الترمذي حديث
إسرائيل أصح * والبخاري اخرج الحديث من جهة زهير ولعله لم ير رواية إسرائيل معارضة لروايته أو جعلهما اسنادين
ورجح رواته زهير لكونه احفظ وأتقن من رواية إسرائيل وقيس بن الربيع قال فيه البيهقي في باب من زرع ارض
غيره بغير اذنه (ضعيف عند أهل العلم بالحديث) ثم قال البيهقي (وزهير في أبي إسحاق ليس بذاك لان سماعه من
أبي إسحاق بآخره وأبو إسحاق في آخر امره كان قد ساء حفظه) * قلت * ذكره * العجلي ان زكريا بن أبي زائدة
108

ثقة الان ان سماعه عن أبي إسحاق بآخرة بعدما كبر أبو إسحاق وروايته ورواية زهير وإسرائيل قريب من السواء ويقال إن
شريكا أقدم سماعا من أبي إسحاق من هؤلاء انتهى كلامه فاستوى زهير وإسرائيل في سماعهما من أبي إسحاق بآخرة
والبخاري أخرجه من جهة زهير كما مرو قال في آخره وقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق حدثني عبد الرحمن
بهذا وفي هذا أمران * أحدهما متابعة يوسف لزهير لكونه احفظ * والثاني ان أبا إسحاق قال فيه حدثني عبد الرحمن فزال
بذلك تهمة تدليسه وقد اخرج الإسماعيلي هذا الحديث في المستخرج من جهة يحيى بن سعيد وفيه لا نرضى ان نأخذ
عن زهير عن أبي إسحاق ما ليس بسماع لأبي إسحاق وذكر الدارقطني انه تابع زهيرا ويوسف على روايتهما أبو حماد الحنفي
وأبو مريم عن أبي إسحاق وكذلك الحماني عن شريك وقيل عن يحيى بن أبي زائدة عن أبيه عن أبي إسحاق كذلك
وقال يزيد عن عطاء عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعلقمة والذي أخرجه البخاري أحسن
أسانيد هذا الحديث انتهى كلامه * ومما يقوى رواية أبي إسحاق هذه ان زهير لم يختلف عليه فيها وإسرائيل اختلف
عليه كما بينه الدارقطني وغيره يقويها أيضا ما أسنده البيهقي بعد هذا (عن ليث عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن
عبد الله الحديث (ثم قال (وهذه الرواية ان صحت تقوى رواية أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود الا ان ليث بن
109

أبى سليم ضعيف) * قلت * اخرج له الشيخان كذا ذكره صاحب الكمال وقال الدارقطني صاحب سنة يخرج حديثه وقال
العجلي جائز الحديث فأقل أحواله ان يصلح للاستشهاد به الا يرى أن قيس بن الربيع أسوء حالا من ليس ومع ذلك جعله
الترمذي فيما مر متابعا لإسرائيل في الرواية عن أبي إسحاق والبيهقي حكى ذلك عن الترمذي ولم يعترض عليه واسند (عن أبي
داود عن حياة عن ابن عياش عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن الديلمي عن ابن مسعود قال قدم وفد الجن
الحديث) ثم قال (اسناد شامي غير قوى * قلت * ينبغي أن يكون هذا الاسناد صحيحا فان عبد الله بن فيروز الديلمي وثقه
ابن معين والعجلي وروى له صاحب المستدرك وأصحاب السنن الأربعة ويحيى بن أبي عمرو وثقه يعقوب بن أبي سفيان
والحام العجلي وقال ابن حنبل ثقة ثقة وروى له أيضا صاحب المستدرك وأصحاب السنن الأربعة وهو حمصي ورواية
ابن عياض عن الشاميين صحيحة كذا ذكر البيهقي في بابا ترك الوضوء من الدم وحياة الحمصي اخرج عنه البخاري وأبو داود
وروى عنه أيضا أحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة الدمشقي وغيرهم ثم أسند (عن علي بن رباح عن ابن مسعود الحديث)
ثم قال (لم يثبت سماعه ابن مسعود) * قلت * قدمنا ان مسلما أنكر في ثبوت الاتصال اشتراط السماع وادعى اتفاق
أهل العلم على أنه يكفي امكان اللقاء والسماع وعلي هذا ولد سنة خمس عشرة وكذا ذكر أبو سعيد بن يونس فسماعه عن ابن
مسعود ممكن بلا شك لان ابن مسعود توفى سنة اثنتين وثلاثين وقيل سنة ثلاث وثلاثين *
110

* قال * (باب الاستبراء عن البول)
(ذكر فيه) (عن عائشة انه عليه السلام بال فاتاه عمر بكوز من ماء فقال ما هذا يا عمر قال توضأ به فقال لم أؤمر
كلما بلت ان أتوضأ ولو فعلت كان سنة) * قلت * لا أدري مناسبة هذا الحديث لهذا الباب ثم ذكر حديث (كان
إذا بال نتر ذكره عن عيسى بن يزداد عن أبيه) ثم حكى عن ابن عدي أنه قال (عيسى بن يزداد عن أبيه مرسل) قال
رواه عبد الباقي بن قانع في معجم الصحابة من حديث روح بسنده ولفظه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بال
أحدكم فلينتر ذكره ثلاثا وذكر يزداد هذا ابن مندة في معرفة الصحابة وا بو عمر في الاستيعاب وقال قال ابن معين
لا يعرف عيسى ولا أبوه وهو تحامل منه *
113

* قال * (باب الوضوء من الدم يخرج من أحد السبيلين وغير ذلك من دود أو حصاة)
(ذكر فيه) (حديث عائشة ان فاطمة بنت أبي حبيش استفتت النبي صلى الله عليه ولم) ثم قال (قال مسلم وفي حديث
حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره) قال البيهقي (وهذا لأن هذه الزيادة غير محفوظة إنما المحفوظ ما رواه
أبو معاوية وغيره عن همام عن عروة هذا الحديث وفى آخره قال هشام قال ابن ثم توضأ لكلم صلاة حتى يجيئ ذلك
الوقت) * قلت * المعروف من مذاهب الفقهاء والأصوليين قبول زيادة العلد وحماد بن زيد من أكابرهم وقد
ذكر البيهقي فما بعد في باب الصلاة بأمر الوالي حديثا زاد فيه حماد زيادة ثم قال البيهقي (حفظها حماد بن زيد والزيادة
عن مثله مقبولة) ثم يبعد ان تعلل روايته بقول عروة لان حماد أورد هذه اللفظة بصيغة الامر من ألفاظ النبي صلى الله
عليه وسلم وهو مخالف للصيغة التي ذكرها عروة مخالفة يبعد التعبير بإحداهما عن الأخرى وسيأتي لذلك مزيد بيان
في باب المستحاضة تغسل عنها انثر الدم وقد ذكر البيهقي الحديث هناك وفصل فيه كلام عروة من طريق أبى معاوية
116

ولم يذكر معه غير كما ذكر هاهنا ولم أقف على ذلك من هو كثير التتبع *
* قال * (باب الوضوء من الريح يخرج من أحد السبيلين)
(ذكر فيه) (عن شعبة عن إسماعيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة انه عليه السلام قال لا وضوء الامن صوت
أو ريح) ثم قال (هذا مختصر وتمامه فيما أخبرنا أبو عبد الله فأسند عن جرير عن سهيل بالسند المذكور انه عليه السلام
قال إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه اخرج منه شئ أم لا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا)
* قلت * قال ابن أبي حاتم ذكر أبى يعنى الحديث الأول ثم قال هذا وهم اختصر شعبة متن هذا الحديث ورواه
أصحاب سهيل عن سهيل فذكر الحديث الثاني بسنده انتهى كلامه وفى كلام البيهقي نظر إذ لو كان الحديث الأول
مختصرا من الثاني لكان موجودا في الثاني مع زيادة وعموم الحصر المذكور في الأول ليس في الثاني بل هما
حديثان مختلفان *
* قال * (باب الوضوء من النوم)
(ذكر فيه) عن علي حديث (إنما العين وكاء السه * قلت * في سنده أبو عتبة عن بقية متكلم عن الوضين به
117

عطاء وهو واه عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي عن علي وابن عائذ الأزدي مجهول ولم يسمع من على
ذكره ابن القطان وذكر ابن أبي حاتم في كتاب العلل عن أبي زرعة أنه قال عائذ عن علي مرسل وذكر انه سأل أباه
وأبا رزعة من هذا الحديث فقالا ليس بقوي ثم ذكره البيهقي من حديث بقية آ عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن قيس
عن معاوية مرفوعا * قلت * بقية متكلم فيه وابن أبي مريم أيضا ضعيف عندهم وحكي البيهقي عن الدارقطني تضعيفه في غير
118

موضع ثم ذكره من طريق الوليد بن مسلم عن مروان بن جناح عن عطية عن معاوية موقوفا ثم قال قال الوليد مروان
أثبت من ابن أبي مريم * قلت * ظاهر هذا الكلام ان ابن أبي مريم ثبت وليس كذلك بل هو ضعيف
عندهم كما تقدم *
* قال * (باب ترك الوضوء من النوم قاعدا)
(ذكر فيه) من طرق عن انس (ان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا ينامون ثم يصلون ولا يتوضأون)
119

ومن جملة تلك الطرق عن محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن ضعبة عن قتادة عن انس الحديث ثم قال (قال ابن المبارك
هذا عندنا وهم جلوس وعلى هذا حمله ابن مهدي والشافعي) * قلت * روى قاسم بن اصبغ حدثنا محمد بن عبد الرحيم
الخشني حدثنا محمد بن بشار فذكره بسنده المذكور عن انس قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون
الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة * قال ابن القطان وهو صحيح كما ترى من رواية امام عن شعبة
وهذه الزيادة تمنع من التأويل بأنهم جلوس *
120

* قال * (باب نوم المساجد)
(ذكر فيه) حديثا عن يزيد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس ثم ذكر عن البخاري قال (رواه
ابن أبي عروة عن قتادة عن أبي عباس قوله يذكر أبا العالية ولا أعرف للدالاني سماعا عن قتادة) * قلت * ذكر
صاحب الكمال انه سمع عن قتادة وذهب ابن جرير الطبري إلى أنه لا وضوء الامن نوم أو اضطجاع واستدل
بهذا الحديث وصححه وقال الدالاني لا بد فيه عن العدالة والأمانة والأدلة تدل على صحة خبره لنقل العدول
من الصحابة عنه عليه السلام قال من نام وهو جالس فلا وضوء عليه ومن اضطجع فعليه الوضوء وقال قتادة عن
ابن عباس الذي يخفق برأسه لا يجب عليه الوضوء حتى يضع جنبه وروى هشام بن عرو عن نافع عن ابن عمر انه كان
121

يستقل نوما وهو جالس ثم يقول إلى الصلاة ولا يتوضأ وإذا وضع جنبه توضأ * وروى قتادة عن انس قال كان أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم ينتظرون صلاة العشاء الآخرة حتى تسقط رؤسهم فيقومون فيصلون ولا يعيدون الوضوء * وروى
عبدة عن عبد الملك عن عطاء قال إذا نام الرجل في الصلاة قائما أو قاعدا أو ساجدا أو راكعا فليس عليه وضوء حتى
يضطجع وكنت اسمع ابن المنذر يغط نائما من الليل في المسجد ثم لا يتوضأ وقال عكرمة وإبراهيم لا وضوء حتى يضع
جنبه وقاله الحاكم وحماد الثوري وروى أيوب عن أبين سيرين انه كان ينام وهو قاعدتهم يصلى ولا يتوضأ * وروى عطاف
ابن خالد عن عبد الرحمن بن حرملة انه رأى ابن المسيب ورجلا من قريش جالسين فمال كل برأسه إلى صاحبه حتى
122

التقت رؤسهما فرفعا رؤسهما فضحك كل إلى صاحبه قلت توضئا قال لا ولا هما بذلك وكان سالم ينام يوم الجمة
والامام يخطب *
* قال * (باب انتقاض الطهر بالاغماء)
(ذكر فيه) اغماء النبي صلى الله عليه وسلم ثم اغتساله * قلت * ليس في الحديث ذكر للوضوء واما الاغتسال فقد
قال البيهقي في آخر هذا الباب (هذا شئ استحبه النبي صلى الله عليه وسلم) *
* قال * (باب الوضوء من ملامسة)
(ذكر فيه) ثلاثة آثار (ان اللمس ما دون الجماع ثم قال (فهذا قال عمرو وابن مسعود وابن عمر) * قلت
ذكر صاحب التمهيد اثر عمر ثم قال هذا عندهم خطأ وإنما هو عن ابن عمر صحيح لا عن عمر ثم إن الشافعي لم يوجب
الوضوء بلمس شعرها أو ظفرها مع أنهما منها ثم ذكر البيهقي (عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة عليه السلام
123

قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ) ثم ذكر (ان الثوري زعم أن حبيبا لم يسمع من عروة شيئا) * قلت * تقدم غير
مرة انكار مسلم ثبوت السماع للاتصال وادعى الاتفاق على أنه يكفي امكان اللقاء وما أبو عمر إلى تصحيح الحديث
فقال صحح الكوفيين وثبتوه لرواية الثبات من أئمة الحديث له وحبيب لا ينكر لقاؤه عروة لروايته عمن هوا كبر
من عروة واجل وأقدم ثبوتا وقال في موضع آخر لا شك انه لقى عروة وقال أبو داود في كتاب السنن وقد روى حمزة
الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا انتهى كلامه * وهذا يدل ظاهرا على أن حبيبا سمع
من عروة وهو مثبت فيقدم على ما زعمه الثوري لكونه نافيا والحديث الذي أشار إليه أبو داود هو انه عليه السلام
كأن يقول اللهم عافني في جسدي وعافني في بصرى الحديث رواه الترمذي وقال حسن غريب ثم أسند البيهقي (عن
الأعمش قال اخبر أصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة بهذا الحديث) * قلت * الأصحاب الذين روى الأعمش
ذلك عنهم مجهولون ورآني ذلك عن الأعمش عبد الرحمن بن مغرا متكلم فيه * قال ابن المديني ليس بشئ * كان يروي
عن الأعمش ستمائة حديث تركناه لم يكن بذلك * قال ابن عدي والذي قاله علي هو كما إنما قال أنكر عليه أحاديث يرويها
عن الأعمش لا يتابعه عليها الثقات * ثم ذكر البيهقي عن أبي داود (أنه قال روي عن الثوري أنه قال ما حدثنا حبيب الا
عن عروة المزني يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا يدل على أنه أعني أبا داود لم يرض بما روي
عن الثوري وعلى تقدير صحته عنه فقد صح انه حديث عن ابن الزبير وأيضا قال الدارقطني اخرج حديث القبلة في سننه
124

عن ابن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ الحديث ورجال هذا السند كلهم ثقات *
ثم قال البيهقي (فعاد الحديث إلى رواية عروة المزني وهو مجهول قد تقدم ان في السند الذي فيه عروة لا مزني مجاهيل
وضعفاء وعلى تقدير صحته يحتمل ان حبيبا سمعه من ابن الزبير ومن المزني كما مر نظيره) ثم أسند (عن أبي روق عن إبراهيم
التيمي عن عائشة انه عليه السلام كان يقبل بعد الوضوء ثم لا يعيد الوضوء أو قالت ثم يصلى) ثم قال (هذا مرسل
وإبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة قله أبو داود وأبو روق ليس بقوي ضعفه ابن معين وغيره) * قلت * قال الدارقطني
وقد روى هذا الحديث معاوية بن هشام عن الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة فوصل
اسناده ومعاوية هذا اخرج له مسلم في صحيحه فزال بذاك انقطاعا وأبو روق عطية بن الحارث اخرج له الحاكم
في المستدرك وقال احمد ليس به بأس وقال ابن معين صالح بو قال أبو حاتم صدوق * وقال أبو عمر قال الكوفيون هو ثقة
لم يذكره أحد بجرحة ومراسيل الثقات عندهم حجة * ثم قال البيهقي (وقد روينا سائر ما روي في هذا الباب وبينا
ضعفهما في الخلافيات) * قلت * قد جاء لحديث عائشة طرق جيدة سوى ما مر من رواية حبيب عن عروة عنها * الأولى *
قال أبو بكر البزار في مسنده حدثنا إسماعيل بن يعقوب بن صبيح حدثنا محمد بن موسى بن أعين حدثنا أبي عن عبد الكريم
الجزري عن عائشة انه عليه السلام كان يقبل بعض نسائه ولا يتوضأ وعبد الكريم روى عنه مالك في الموطأ
واخرج له الشيخان وغيرهما ووثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم وموسى بن أعين مشهور وثقه أبو زرعة
وأبو حاتم واخرج له مسلم وابنه مشهور روى له البخاري وإسماعيل روى عنه النسائي ووثقه أبو عوانة الأسفرائيني
واخرج له ابن خزيمة في صحيحه وذكره ابن حبان في الثقات واخرج الدارقطني هذا الحديث من وجه آخره
125

عن عبد الكريم وقال عبد الحق بعد ذكره هذا الحديث من جهة البزار لا اعلم له علة توجب تركه ولا اعلم فيه مع
ما تقدم أكثر من قول ابن معين حديث عبد الكريم عن عطاء حديث ردى لأنه غير محفوظ وانفراد الثقة
بالحديث لا يضره فاما أن يكون قبل نزول الآية الكريمة أو تكون الا ملامسة الجماع كما قال ابن عباس رضي الله عنه
انتهى كلامه واعتل فيه بعضهم بان الدارقطني رواه من جهة ابن مهدي عن الثوري عن عبد الكريم عن عطاء قال ليس
في القبلة وضوء * قلت * الذي رفعه زاد والزيادة مقبولة والحكم للرافع ويحتمل أن يكون عطاء أفتى به مرة ومرة أخرى
رفعه كما مر في باب مسح الاذنين * الطريق الثانية * روى الدارقطني من طريق سعيد بن بشير قال حدثين منصور بن
زاذان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة قالت لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقبلني إذا خرج إلى الصلاة
ولا يتوضأ * قال الدارقطني تفرد به سعيد وليس بالقوى * قلت * وثقه شعبة ودحيم كذا قال ابن الجوزي واخرج له
الحاكم في المستدرك وقال ابن عدي لا أرى بما يروى بأسا والغالب عليه الصدق انتهى كلامه وأقل أحوال مثل هذا
ان يستشهد به * الطريق الثالثة * روى ابن أخي الزهري عن الزهري عن عروة عن عائشة قلت لا تعاد الصلاة من القبلة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ويصلى ولا يتوضأ * أخرجه الدارقطني ولم يعلله بشئ سوى ان منصورا
خالفه وذكر البيهقي في الخلافيات (ان أكثر رواته إلى ابن أخي الزهري مجهولون) وليس كذلك بل أكثرهم معروفون
* الطريق الرابعة * اخرج الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري عن حاجب بن سليمان عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ * والنيسابوري امام مشهور وحاجب
لا يعرف فيه مطعن وقد حدث عنه النسائي ووثقه وقال في موضع آخر لا بأس به وباقي الاسناد لا يسئل عنه الا ان
الدارقطني قال عقيبة تفرد به حاجب عن وكيع ووهم فيه والصواب عن وكيع بهذا الاسناد انه عليه السلام كان يقبل وهو
صائم وحاجب لم يكن له كتاب وإنما كان يحدث من حفظه * ولقائل أن يقول هو تفرد ثقة وتحديثه من حفظه ان أوجب كثيرة
خطائه بحيث يجب ترك حديثه فلا يكون ولكن النسائي وثقه وان لم يوجب خروجه عن الثقة فلعله لم يهم وكان
126

نسبته إلى الوهم نسبة مخالفة الأكثر ين له * الطريق الخامسة * روى الدارقطني عن علي بن عبد العزيز الوراق عن عاصم
ابن علي عن أبي أويس حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة انه بلغها قول ابن عمر في القبلة الوضوء فقالت كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ثم لا يتوضأ * قال الدارقطني لا اعلم حدث به عن عاصم هكذا غير علي بن عبد العزيز
انتهى كلامه وعلي هذا مصنف مشهور مخرج عنه في المستدرك وعاصم اخرج له البخاري وأبو أويس استشهد به
مسلم * قال البيهقي (والحديث الصحيح عن عائشة في قبلة الصائم فحمله الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها) * قلت *
هذا تضعيف للثقات من غير دليل والمعنيان مختلفان فلا يعلل أحدهما بالآخر *
(باب لمس الصغار وذوات المحارم)
(ذكر فيه) صلاته صلى الله عليه وسلم وامامة بنت أبي العاص على عاتقه * قلت * ذكر صاحب الامام ان الاستدلال
بهذا الحديث على هذا المعنى لا يقوى *
127

* قال * (باب الوضوء من مس الذكر)
(ذكر فيه) حديث بسرة من طرق * منها عن الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة * قلت * الرواية فيه عن
الزهري مضطربة رواه البيهقي فيما بعد في باب الوضوء من مس المرأة فرجها عن الزهري عن عروة وأخرجه
الطحاوي في كتاب الرد على الكرابيسي فقال حدثنا سليمان بن شعيب حدثنا بشر بن بكر حدثني الأوزاعي حدثني
ابن شهاب حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم حدثني عروة عن بسرة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يتوضأ
الرجل من مس الذكر * قال الطحاوي ولم يسمعه الزهري عن عروة بل عن عبد الله بن أبي بكر أو عن أبيه أبى بكر
عن عروة * ثم ذكر * حديثا عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة * ثم قال (بلغني عن الترمذي قال سألت
128

أبا زرعة عن هذا الحديث فاستحسنه ورأيته كان يعد هذا الحديث محفوظا * قلت * في كتاب الترمذي قال محمد
ابن إسماعيل يم يسمع مكحول من عنبسة وروى عن رجل عنه غير هذا الحديث وكأنه لم ير هذا لا حديث صحيحا
وفي الام عن ابن معين قال هذا أضعف أحاديث هذا الباب واخرج النسائي حديثا من رواية مكحول عن عنبسة
عن أم حبيبة ثم قال مكحول لم يسمع من عنبسة شيئا * ثم أسند البيهقي (عن إسحاق بن محمد الفروي حدثنا يزيد بن عبد الملك
النوفلي عن المقبري عن أبي هريرة) * قلت * فيه رجلان متكلم فيهما إسحاق بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة ويزيد النوفلي
وسنبسط الكلام في امره عن قريب انشاء الله تعالى فان قيل روى أو عمر سنده في الاستذكار عن عبد الرحمن
أبى القاسم حدثنا نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبد الملك عن سعيد عن أبي هريرة فذكره مخرج الفروي من الوسط
129

وقرن بيزيد نافع القاري وقد وثقه ابن معين * قلنا * خالفه ابن حنبل فقال ضعيف منكر الحديث وروى سحنون عن ابن
القاسم هذا الحديث فلم يذكر فيه نافعا وحكى ابن معين أنه قالا دخلوا بين يزيد والمقبري رجلا مجهولا وبين ذلك البيهقي
فأسند الحديث في الخلافيات وادخل بين يزيد والمقبري وأبا موسى الحناط وهو مجهول فأعادت هذه الزيادة بالنقص
لجهالة الواسطة * ثم أسند البيهقي (عن جماعة من الصحابة انهم رأوا في مس الذكر الوضوء) واسند ذلك آخر (عن
ابن عمرو ابن عباس) * قلت * في هذا لا سند الأخير عبد الرحمن بن زياد ضعفه البيهقي في باب عتق أمهات الأولاد ونقل
تضعيفه في باب فرض أتشهد عن القطان وابن مهدي وابن حنبل وابن معين وغيرهم والصحابة الذين ذكرهم البيهقي
معارضون بما ذكر أبو عمر فإنه قال واما الذي لم يروا في مس الذكر الضوء فعلى وعمار و ابن مسعود وابن عباس وحذيفة
وعمران بن حصين وأبو الدرداء رضي الله عنهم والأسانيد بذلك صحاح عن نقل الثقات * زاد في الاستذكار لم يختلف
130

هؤلاء في ذلك وقد رواه البيهقي فيما بعد في باب ترك الضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث عن معاذ
ابن جبل أيضا وفي الاستذكار عن عبد الرحمن بن حرملة ان ابن المسيب أوجب الوضوء منه وروى عنه قتادة والحارث
ابن عبد الرحمن أنه لا وضوء منه * قالا أبو عمرو هذا أصح عند ى لان قتادة حافظ وقد تابعه الحارث واما ابن حرملة
فليس بالحافظ عندهم كثيرا وقال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف حدثنا وكيع عن إسماعيل عن قيس قال سأل رجل
سعدا يعني ابن أبي وقال عن مس الذكر فقال إن علمت بضعة منك نجسة فاقطعها وهذا سند صحيح وقال الطحاوي
لا نعلم أحدا أفتى بالوضوء من مس الذكر غير ابن عمر وقد خالفه في ذلك أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى
الاستذكار اسقط الوضوء منه ربيعة والثوري وشريك والحسن حي وعبيد الله بن الحسن وأبو حنيفة وأصحابه *
131

* قال * (باب الوضوء من مس المرأة فرجها)
(ذكر فيه) حديثا في سنده المثنى بن الصباح فقال (ليس بالقوى) * قلت * قد ضعفه في باب النهى عن ثمن الكلب *
132

* قال * (باب ترك الوضوء من مس الفرج بظهر الكف)
(ذكر فيه) حديث أبي هريرة وفي سنده يزيد بن عبد الملك فقال (تكلموا فيه) ثم أسند (عن ابن حنبل أنه قال
ليس به بأس) * قلت * أغلظ القول العلماء فيه فقال أبو زرعة واهي الحديث وأغلظ القول فيه جدا وقالا نسائي متروك
الحديث وقال الساجي ضعيف منكر الحديث واختلط بآخرة والبيهقي اخفى ما قيل فيه على أن الذي حكاه عن ابن حنبل
لم أر أحد ذكره عنه غير بل قد حكي عنه خلاف ذلك فذكر البخاري وغيره عنه أنه قال عنده مناكير وفي الميزان
للذهبي ضعفه احمد وغيره وقد منا في باب الوضوء من المس الذكران في الحديث انقطاعا * ثم قال البيهقي (قال الشافعي
الافضاء باليد إنما ببطنها) * قلت * في المجلى قولا شافعي لا دليل عليه من قرآن ولا سنة ولا اجماع ولا قول صاحب قياس
ولا رأي صحيح ولا يصح في الآثار من أفضى يده إلى فرجه ولى صح فالافضاء يكون بظهر اليد كما يكون ببطنها ثم أسند
133

البيهقي (عن ملازم بن عمرو وعن عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه الحديث) ثم قال قال أبو بكر أحمد بن إسحاق
الصبغي ملازم فيه نظر * قلت * وثقه ابن حنبل وابن معين وأبو زرعة وأحمد بن عبد الله العجلي وقال أبو حاتم لا بأس به
صدوق واخرج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم في المستدرك ثم قال البيهقي (ورواه عكرمة بن عمار عن
أقيس ان طلقا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأرسله وعكرمة أمثل من رواه عن قيس وقد اختلفوا في تعديله يعنى عكرمة)
* قلت * احتج به مسلم واستشهد به البخاري واخرج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم في المستدرك وقال
محمد بن عثمان بن أبي شيبة سمعت علي بن المديني وسئل عن عكرمة بن عمار فقال كان عند أصحابنا ثقة ثبتا وثقه وكيع العجلي
وقال ابن معين صدوق ليس به بأس وفى رواية كان أمويا وكان حافظا ثم ذكر البيهقي عن الشافعي (أنه قال سألنا عن قيس
فلم نجد من يعرفه) * قلت * هو معروف روى عنه تسعة أنفس ذكرهم صاحب الكمال وروى هو وابن أبي حاتم توثيق
ابن معين له وذكره ابن حبان في الثقات واخرج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم في المستدرك وروى
له أصحاب السنن الأربعة وأخرج الترمذي من طريق ملازم وقيس هذا حديث لا وتران في ليلة وحسنه وقال
عبد الحق وغير الترمذي صححه ثم ذكر البيهقي عن ابن معين (أنه قال قد أكثر الناس في قيس بن طاق ولا يحتج بحديثه)
* قلت * ذكر البيهقي ذلك بسند فيه محمد بن الحسن النقاش المفسر وهو من المتهمين بالكذب وقال البرقاني كل حديثه
134

مناكير وليس في تفسيره حديث صحيح ورويا لنقاش كلام ابن معين هذا عن عبد الله بن يحيى القاضي، السرخسي وعبد الله
هذا قال فيه ابن عدي كان متهما في روايته عن قوم انه لم يلحقهم وقد ذكرنا عن ابن معين انه وثق قيسا بخلاف ما ذكر عنه
في هذا السند الساقط وصحح حديثه ابن حبان وابن حزم وأخرجه الترمذي ثم قال هذا الحديث أحسن شئ في هذا
الباب وقد رواه أيوب بن عتبة ومحمد بن جابر عن قيس وقد تكلم بعض أهل الحديث في أيوب ومحمد وحديث ملازم عن
عبد الله بن بدر أصح وأحسن وذكر ابن مندة في كتابه ان عمرو بن علي الفلاس قال حديث قيس عندنا أثبت من حديث
بسرة * ثم أسند البيهقي (عن طلق انه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينبي المسجد) * قلت * استدل بذلك على أن حديثه
متقدم وفى سنده هذا محمد بن جابر ضعفه البيهقي في هذا الباب وأيضا فقد اختلف عليه فرواه البيهقي عنه عن قيس بن
طلق عن أبيه وأخرجه الحازمي في الناسخ والمنسوخ عن عبد الله بن بدر عن طلق ثم أسند البيهقي عنه أي عن طلق (قال
بينما أصلي فذهبت أحك فخذي فأصابت يدي ذكرى) ثم قال (والظاهر من حال من يحك فخذه فأصابت يده ذكره انه إنما
يصيبه بظهر كفه) * قلت * لو كان لفظه فحككت فخذي فأصابت يدي ذكرى كان الظاهر كما قال فاما وقد قال فذهبت أحك
فخذي فأصبت يدي ذكري فلا نسلم ان الظاهر كما قال ثم على تقدير تسليم هذا فقوله عليه السلام في جوابه إنما هو منك
يشمل المس بظهر الكف وبطنها ثم في هذا السند أيضا محمد بن جابر * ثم أسند البيهقي (ان ابن حنبل وابن معين
135

وابن المديني تناظروا في مس الذكر وفي سنده عبد الله السرخسي تقدم قريبا انه كان متهما وذكر في هذه القضية (ان
ابن المديني احتج برواية أبى قيس عن هذيل عن ابن مسعود انه كان تقول لا يتوضأ منه فقال ابن حنبل وأبو قيس الأودي
لا يحتج به) * قلت * وقال البيهقي في باب الانكاح الا بولي (مختلف في عدالته انتهى كلامه) وأبو قيس هذا وثقه ابن معين وقال
العجلي ثقة ثبت واحتج به البخاري واخرج له ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك * ثم ذكر البيهقي في هذه القضية
(ان ابن المديني احتج برواية عمير بن سعيد عن عمار قال لا أبالي مسسته أو انفى فقال ابن معين بين عمير وعمار مفازة)
* قلت * في مصنف ابن أبي شيبة حدثنا ابن فضيل ووكيع عن مسعر عن عمير بن سعيد قال كنت جالسا في مجلس فيه عمار
ابن ياسر فسئل عن مس الذكر في الصلاة فقال ما هو الا بضعة منك وهذا سند صحيح وفيه تصريح بأنه لا مفازة بينهما *
ثم ذكر البيهقي عن ابن حنبل (أنه قال عمار وابن عمر استويا فمن شاء اخذ بهذا ومن شاء اخذ بهذا) * قلت * مع عمار ابن
مسعود وغيره من الصحابة والأسانيد بذلك صحاح كما ذكر ابن عبد البر وقد تقدم عن الطحاوي انه لم يفت بالوضوء منه
من الصحابة غير ابن عمر فلا نسلم الاستواء * ثم أسند البيهقي (ان ابن جريج والثوري تذاكرا مس الذكر فقال ابن جريج
يتوضأ منه فقال سفيان أرأيت لوان رجلا امسك بيده منيا ما كان عليه فقال ابن جريج يغسل يده فقال أيهما أكبر المنى
136

أو مسا لذكر فقال ما القالها على لسانك الا الشيطان) قال البيهقي (وإنما أراد ابن جريج ان السنة لا تعارض بالقياس)
ثم ذكر (ان الشافعي قال الذي قال من الصحابة لا وضوء فيه إنما قاله بالرأي) * قلت * قد تقدم ان هذا قول أكثرهم وكيف
يقال هذا عنهم وقد صح الحديث فيه كما مر *
* قال * (باب مس الأنثيين)
ذكر فيه حديث هشام عن أبيه عن بسرة (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مس ذكره أو أنثييه أو رفغيه
فليتوضأ) * ثم حكى عن الدارقطني أنه قال كذا رواه الحميد بن جعفر ووهم في ذكر الأنثيين والرفغ وادراجه
ذلك في حديث بسرة والمحفوظ ان ذلك من قول عروة كذا رواه الثقات عن هشام منهم السختياني حماد بن زيد)
ثم قال البيهقي (وروى ذلك ع هشام من وجه آخر مدرجا في سفر في الحديث وهو وهم الصواب انه من قول
عروة) * قلت * عبد الحميد هذا وثقه جماعة واحتج به مسلم وقد زاد الرفغ وتقدم الحكم للرافع لزيادته كيف
وقد تابعة على ذلك غيره فروى الدارقطني هذا الحديث في بعض طرقه من جهة ابن جريج عن هشام وفيه ذكر
الأنثيين وكذا رواه الطبراني الا انه ادخل بين عروة وبسرة مروان ولفظه من مس ذكره أو أنثييه فليتوضأ وتابع
ابن جزير عبد الحميد ثم إن الغلط في الادراج إنما يكون في لفظ يمكن استقلاله عن اللفظ السابق فيدرجه الراوي
137

ولا يفصل فاما ان يسمع قول عروة فيجعله في أثناء كلام النبي صلى الله عليه وسلم فبعيد من مثبت وابعد منه عن الغلط
ما أخرجه الطبراني من طريق محمد بن دينار عن هشام عن أبيه عن برة قالت قال عليه السلام من مس رفغه أو أنثييه
أو ذكره فلا يصل حتى يتوضأ فبدأ بذكر الرفغ والأنثيين والأنثيين وفى هذا أيضا متابعة ابن دينار لعبد الحميد ووضح بهذا
ما قلنا غير مرة ان الراوي قد يسمع شيئا فيفتى به مرة ويرويه أخرى * ثم قال البيهقي (القياس ان لا وضوء في المس
وإنما اتبعنا النساء في ايجابه بمس الفرج بغيره) * قلت * الدبر ليس بفرج ومع ذلك أوجب الشافعي الوضوء
بمسه ذكره ابن حزم *
138

* قال * (باب ترك الوضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث)
(ذكر فيه) عن ابن إسحاق عن عقيل بن جابر الأنصاري عن أبيه حديث الأنصاري الذي رمي وهو يصلي فمضى
* قلت * ابن إسحاق معروف الحال وفى (الضعفاء) للذهبي ان عقيلا هذا لا يعرف ثم في الاستدلال بهذا نظر فإنه فعل واحد
من الصحابة ولعله كان مذهبا له أو لم يعلم بحكم له ومما يقوى هذا ان ظاهر ما رأى المهاجر ما بالأنصاري من الدماء
يدل على أن الدم أصاب ثوبه أو بدنه أو كليهما ولم يصب الأرض وكانت ثلاثة اسمه فالظاهر أنها أصبت ثلاثة
مواضع وذلك يدل على كثرة الدم ولهذا رآه صاحبه الليل وهاله فكلما لم يدل مضيه على جواز الصلاة مع النجاسة
كذلك لا يدل على أن خروج الدم لا ينقض الوضوء * قال الخطابي أكثر الفقهاء على انتقاض الوضوء بسيلان الدم
وقول الشافعي قوي في القياس ومذاهبهم أقوى في الاتباع ولست أدري كيف يصح الاستدلال بالخبر والدم إذا سال
140

يصيب بدنه جلده وربما أصاب ثيابه ومع إصابة شئ من ذلك وإن كان يسير الا تصح الصلاة عند الشافعي الا ان يقال إن
الدم كان يخرج على سبيل الزرف فلا يصيب شيئا من بدنه ولئن كان كذلك فهو امر عجيب * ثم ذكر البيهقي عن ابن عمر
(انه كان إذا احتجم غسل محاجمه) * قلت * لا يدل ذلك على ترك الوضوء الا ممن باب مفهوم اللقب وتقدم انه ليس
بحجة وانه أكثر العماء لا يقولون به وقد صحح البيهقي في باب من قال ينبى من سبقه الحدث (عن ابن عمر انه كان إذا رعف
انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى على ما صلى ولم يتكلم) * ثم ذكر البيهقي عدم الوضوء عن جماعة * قلت * لم يذكر سنده إليهم
لينظر فيه فمن ذكر عنه عدم الضوء سالم وقد صح عنه خلاف ذلك * قال ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا معمر عن
عبيد الله بن عمر قال أبصرت سالم بن عبد الله صلى صلاة الغداة ركعة ثم رعف فخرج فتوضأ ثم بنى على ما بقي من صولته
* ومنهم سعيد بن المسيب وقد قال ابن أبي شيبة حدثنا هشيم حدثنا عبد الحميد المدني هو ابن جعفر عن يزيد بن عبد الله
ابن قسيط قال رأين سعيد بن المسيب رعف وهو في صلاته فاتى دار أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ولم يتكلم
وبنى على صولته * ومنهم طاوس وقد اخرج ابن أبي شيبة أيضا عن ابن عيينة أيضا عن عمرو بن دينار عن طاؤس قال إذا رعف
الرجل في صلاته انصرف فتوضأ ثم بنى على ما بقي من صلاته * ومنهم الحسن وقد قال ابن أبي شيبة حدثنا أبو عبد الله
ابن إدريس عن هشام عن الحسن ومحمد بن سيرين كانا يقولان في الرجل يحتجم يتوضأ ويغسل المحاجم وقال أيضا
حدثنا هشيم عن يونس عن الحسن انه كان لا يرى الوضوء من الدم الا ما كان سائلا والأسانيد الثلاثة صحيحة * ثم ذكر
البيهقي عن معاذ (قال الوضوء من الرعاف الخ) وفى سنده مطرف بن مازن فقال في هذا الباب (تكلموا فيه) وقال
في باب سهم ذوي القربى (ضعيف) * ثم أسند (عن إسماعيل بن عياش عن ابن جرج حدثني ابن أبي مليكة عن عائشة
141

حديث إذا قال أحدكم في صلاته الحديث) * ثم ذكر عن ابن حنبل (قال ما روى ابن عياش عن الشاميين صحيح ما روى
عن أهل الحجاز فليس بصحيح وإنما روى ابن جريج هذا الحديث عن أبيه ليس فيه ذكر عائشة) * ثم أسند البيهقي كذلك
مرسلا (وقال هو المحفوظ) * قلت * رواه الدارقطني من جهة محمد بن المبارك حدثنا ابن عياش حدثني ابن جريج
هو عبد العزيز عن أبيه قال عليه السلام إذا قاء أحدكم في صلاته اوقلس فلينصرف فليتوضأ وليبن علي صلاته ما لم يتكلم
وقال ابن جريج وحدثني ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله واسند الدارقطني أيضا من جهة محمد
ابن الصباح حدثنا ابن عياش بهذين الاسناد ين جميعا ونحوه وممن رواه بالاسناد جميعا عن ابن عياش الربيع بن نافع وداود
ابن رشيد * فهذا الروايات التي جميع فيها ابن عياش بين الاسنادين أعني المرسل والمسند في حالة واحدة مما يبعد الخطاء عليه
فإنه لو رفعه ما وقفه الناس تطرق الوهم إليه فاما إذا وافق الناس على المرسل وزاد عليهم المسند فهو يشعر بتحفظ وتثبت
وإسماعيل وثقه ابن معين وغيره وقال يعقوب بن سفيان ثقة عدل وقال يزيد بن هارون ما رأيت احفظ منه * ثم حكى البيهقي
عن الشافعي (انه حمل الوضوء المذكور في هذا الحديث وفيما روي عن أبين عمر وغيره على غسل بعض الأعضاء) * قلت *
يمنع من ذلك ما تقدم من رواية البيهقي (إذا قاء أحدكم أو قلس أو وجد مذيا وهو في الصلاة فلينصرف فيتوضأ
الحديث) فان الذي يوجب الوضوء الشرعي ولا يكفي فيه غسل بعض الأعضاء بالاجماع * ثم قال (قال الشافعي
روينا عن ابن عمرو ابن المسيب انهما لم يكونا يريان في الدم وضوءا) * قلت * قد تقدم عنهما خلاف هذا وكذا
عن ابن سير ين أيضا وروى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن أيوب عن ابن سير ين في الرجل يبصق دما
قال إذا كان الغالب عليه الدم توضأ وفى الاستذكار لابن عبد البر المعروف من مذهب ابن عمر ايجاب الوضوء من
الرعاف وانه حدث من الاحداث الناقضة للوضوء إذا كان سائلا وكذا كل دم سائل من الجسد وقالا بن أبي شيبة
142

حدثنا هشيم أخبرنا ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر قال من رعف في صلاته فلينصرف فليتوضأ فإن لم يتكلم
بنى على صلاته وإذا تكلم استأنف وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزي عن سالم عن ابن عمر قال إذا رعف
الرجل في الصلاة أو ذرعه القئ أو وجد مذيا فإنه ينصرف فليتوضأ ثم يرجع فيتم ما يبقى على ما مضى ما لم يتكلم وقال
الزهري الرعاف والقئ سواء يتوضأ منهما ويبنى ما لم يتكلم * وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جعفر
عن عبد الحميد بن جبير سمع ابن المسيب يقول إن رعفت في الصلاة فاسدد منخريك وصل كما أنت فان خرج من الدم
فتوضأ وتم على ما مضى ما لم تتكلم * قال أبو عمر ذكر ابن عمر للمذي المجتمع علي أن فيه الوضوء مع القئ والرعاف يوضح
لك مذهبه * وروي مثل ذلك عن علي وابن مسعود وعلقمة والأسود والشعبي وعروة النخعي وقتادة والحكم وحماد
كلهم يرى الرعاف وكل دم سائل من الجسد حدثنا وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي وعبيد الله
ابن الحسن والأوزاعي وابن حنبل وابن راهويه في الرعاف وكل نجس خارج من الجسد يرونه حدثا فإن كان يسيرا
غير سائل لم ينقض الوضوء عند جماعتهم * ثم ذكر البيهقي حديث أبي الدرداء (قاء عليه السلام فاطرا الخ) ثم قال
(اسناده مضطرب واختلفوا فيه اختلافا شديدا) * قلت * أخرجه الترمذي ثم قال جوده حسين المعلم عن يحيى
ابن أبي كثير وحديث حسين أصح شئ في هذا الباب * وقال ابن مندة هذا اسناد متصل صحيح انتهى كلامه وإذا أقام
ثقة اسناد اعتمد ولم يبلا بالاختلاف وكثر من أحاديث الصحيحين لم تسلم من مثل هذا الاختلاف وقد فعل البيهقي
مثل هذا في أول الكتاب في حديث هو الطهور ماؤه حيث بين الاختلاف الواقع فيه ثم قال (الا ان الذي أقام
اسناده ثقة أودعه مالك في الموطأ وأخرجه أبو داود في السنن) وفي سند حديث هذا الباب يعيش بن الوليد بن
هشام عن أبيه وثقهما أحمد بن عبد الله العجلي ووثق إياه ابن معين أيضا واخرج له مسلم ومما يدل على أن الرعاف حدث
143

ان ابن جريج وابن المبارك وعمر بن علي المقدمي والفضل بن موسى رووه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا احدث أحدكم فليضع يده على أنفه ثم لينصرف، ورواه نعيم بن حماد عن الفل بن
موسى بسنده المذكور ولفظه إذا احدث أحدكم في صلاته على أنفه ولينصرف فليتوضأ ذكره البيهقي فيما بعد
في باب من احدث في صلاته قبل الاحلال منها *
* قال * (باب الوضوء من القهقهة)
(ذكر فيه) عن حميد بن هلال عن ابن موسى (قال من ضحك منكم فليعد الصلاة) ثم ذكر عن جماعة من التابعين (انهم
أوجبوا فيه إعادة الصلاة لا الوضوء) ثم قال (وروينا نحو قولهم عن الشعبي) * قلت * في أدرك حميد لأبي موسى نظر
والأغلب على لأظن أنه لم يدركه وقال ابن حزم روينا ايجاب الوضوء من الضحك عن أبي موسى الأشعري والنخعي
والشعبي والثوري والأوزاعي * ثم ذكر البيهقي مرسل أبى العالية (ان أعمى جاء الخ) ثم قال (مراسيل أبى العالية
ليست بشئ كان لا يبالي عمر اخذ حديثه كذا قال محمد بن سيرين) * قلت * أسنده الدارقطني عن رجل عن عاصم قال قال ابن
سيرين ما حدثني فلا تحدثين عن رجلين من أهل البصرة أبى العالية والحسن فإنهما كانا لا يباليان عمن اخذا حديثهما وفيه هذا
144

الرجل المجهول واسند أيضا من طريق داود بن إبراهيم حدثين وهيب حدثنا ابن عون عن محمد قال كان أربعة
يصدقون من حدثهم فلا يبالون ممن يسمعون الحديث الحسن وأبو العالية وحميد بن هلال ولم يذكر الرابع (1) وداود
ابن إبراهيم قاضى قزوين روى عن شعبة ووهيب ذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل قال سمعت أبي يقول
متروك الحديث كان يكذب قدمت قزوين مع خالي فحملا لي خالي مسنده فنظرت في أول مسند أبى بكر فإذا حديث
كذب عن شعبة فتركته وجهد بي خالي ان اكتب منه شيئا فلم تطاوعني نفسي ورددت الكتاب عليه * ثم قال البيهقي
(وقد روي عن الحسن وإبراهيم والزهري مرسلا) * قلت * روى عن ابن سيرين أيضا مرسلا على ما ذكره البيهقي
بعد * ثم ذكر رواية أبي حنيفة من منصور بن زاذان عن الحسن عن معبد الجهني مرسلة * قلت * قرأته في مسند
أبي حنيفة من رواية ثلاثة عنه فرواه الحسن بن زياد عنه عن منصور عن الحسن مرسلا وراه أسد عنه من عن منصور
عن الحسن عن معبد بن صبيح قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله ورواه مكي بن إبراهيم عنه عن الحسن
عن معقل بن يسران معبدا قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وليس في شئ منها انه الجهني والطريق الثالثة
جيدة متصلة وعلل البيهقي رواية أبي حنيفة عن منصور (برواية غيلان عن منصور عن ابن سيرين عن معبد وبان معبدا
لا صحبة له وهو أول من تكلم بالبصرة في القدر) * قلت * في معرفة الصحابة لابن مندة معبد بن أبي معبد وهو ابن
أم عبد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير ثم ذكر ابن مندة بسنده مرور النبي صلى الله عليه وسلم بنخباء
أم معبد وانه بعث معبدا وكان صغيرا الحديث * ثم قال روى أبو حنيفة عن منصور بن زاذان عن الحسن عن معبد بن أبي
145

معبد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قهقه في صلاته أعاد الوضوء والصلاة ثم ذكر ذلك بسنده عن معن عن أبين حنيفة
ثم قال وهو حديث مشهور عنه رواه أبو يوسف القاضي واسد بن عمرو وغيره ما * فظهر بهذا ان معبدا المذكور في هذا الحديث ليس هو الذي تكلم في القدر كما زعم البيهقي ولم يذكر ذلك بسند لينظر فيه ثم لو سلمنا انه الجهني المتكلم في القدر
فلا نسلم انه لا صحبة له * قال ابن عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب ذكره الواقدي في الصحابة وقال أسلم
قديما وهو أحد الأربعة الذين حملوا ألوية جهية يوم الفتح * قال وقال أبو أحمد في الكنى وابن أبي حاتم كلاهما
له صحبة وذكر ابن حزم انه روى مرسلا عن الحسن عن معبد بن صبيح أيضا وقال ابن عدي قال لنا ابن حماد
هو معبد بن هوذة الذي ذكره البخاري في كتاب تسمية الصحابة * ثم للحسن في هذا الحديث رواية أخرى
أخرجها الحافظ أبو أحمد بن عدي من طريق بقية عن محمد الخزاعي هو ابن راشد عن الحسن عن عمران بن حصين
ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل ضحك في الصلاة أعد وضوءك وابن راشد هذا وثقه ابن حنبل وابن معين وقال
عبد الرزاق ما رأيت أحد أورع الحديث منه وذكره البيهقي في الخلافيات من طريق إسماعيل بن عياش عن عمرو
ابن قيس عن الحسن عن عمران مرفوعا بمعناه * ثم ذكر البيهقي عن ابن مهدي (أنه قال حديث الضحك في الصلاة كله يدور
على إلى العالية فقال له ابن المديني قد رواه الحسن مرسلا فقال ابن مهدي حدثنا حماد بن يزيد عن حفص بن سليمان قال
146

انا محدث به الحسن عن حفصة عن أبين العالية) * قلت * قد تقدم ان الحسن رواه عن جماعة غير حفصة * (ثم قال ابن
المديني قد رواه إبراهيم فقال ابن مهدي حدثنا شريك عن أبي هاشم قالا نا حدثت به إبراهيم عن العالية) * قلت *
شريك هذا هو النخعي تكلموا فيه وقال البيهقي في باب من زرع ارض غيره بغير اذنه (شرك مختلف فيه كان يحيى
القطان لا يروى عنه ويضعف حديثه جدا) وقال في باب اخذ الرج حقه مم يمنعه (لم يحتج به أكثر أهل العلم بالحديث) ثم
قال (ابن المديني قد رواه الزهري مرسلا فقال ابن مهدي قرأت هذا الحديث في كتاب ابن أخرى الزهري عن الزهري
عن سليمان بن أرقم عن الحسن) * قلت * ابن أخي الزهري ضعيف كذا قاله ابن معين رواه عنه عثمان الدارمي * ثم ذكر البيهقي
عن عبن عدي (أنه قال وأكثر ما نقم على أبى العالية هذا الحديث وكل من رواه غيره فاما مدارهم ورجوعهم إليه) * قلت
العجب منه كيف يقول هذا وقد تقدم انه أخرجه هومن طريق الحسن عن عمران بن الحصين وقد أخرجه هو أيضا
من طريق ابن عمر فقال حدثنا ابن جوصا حدثنا عطية بن بقية حدثني أبي حدثنا عمرو بن قيس السكوني عن عطاء
عن ابن عمر قل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك في الصلاة قهقهة فليعد الوضوء والصلاة فان قيل في العلل
المتناهية لابن الجوزي هذا لا يصح فان بقية من عادته التد ليس فلعله سمعه من بعض الضعفاء فحذف اسمه * قلنا *
هو صدوق وقد صرح بالتحديث والمدلس الصدوق إذا صرح بذلك زالت تهمة تدليسه وقد روى أيضا (عن
147

ابن سير بن مرسلا عن بقية وعن معبد) كما تقدم ومع هذا كله كيف يكون مداره على أبى العالية * وذكر البيهقي في الخلافيات
(انه روى عن مهدي بن ميمون عن هشام بن حسان عن حفصة عن أبي العالية عن إلى العالية عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم)
ثم اعله (بان جماعة من الثقات رووه عن هشام عن حفصة عن أبي العالية عن النبي عليه السلام) * قلت * مهدي ثقة روى
له الجماعة وقد زاد في الاسناد ذكر أبى موسى * ثم قال البيهقي قال الإمام أحمد (ولو كان عند الزهري والحسن فيه حديث
صحيح لما استجاز القول بخلافه) * قلت * مذهب المحدثين ان مخالفة الراوي للحديث ليس بجرح فيه وقد روى الدارقطني
بسند صحيح عن ابن هريرة انه إذا ولغ الكلب في الاناء فأهرقه ثم اغسله ثلاث مرات ولم يجعلوا ذلك جرحا في روايته
مرفوعا للغسل سبعا وسيمر عليك من هذا القبيل أشياء كثيرة إن شاء الله تعالى * ثم ذكر البيهقي عن الشافعي (انه لو ثبت
حديث الضحك في الصلاة لقلنا به) * قلت * مذهبه ان المرسل إذا ارسل من وجه آخر أو أسند يقول به وهذا الحديث ارسل من جوه واسند كما مر فيلزمه أن يقول به * قال ابن حزم كان يلزم المالكيين والشافعيين لشدة تواتره عن عدد
من أرسله * قلت * ويلزم الحنابلة أيضا لأنهم يحتجون بالمرسل وعلى تقدير انهم لا يحتجون به فأقل أحواله أن يكون
ضعيفا والحديث الضعيف عندهم مقدم على القياس الذي اعتمدوا عليه في هذه المسألة *
* قال * (باب الدليل على أن الكلام وان عظم لم يكن فيه وضوء)
(ذكر فيه) حديث (من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق) * قلت * الاستدلال بهذا الحديث من باب مفهوم
148

اللقب وقد تقدم انه ضعيف *
* قال * (باب السنة في الاخذ من الأظفار والشارب وان لا وضوء في شئ من ذلك)
(ذكر) فيه (عن ابن عمر انه قص أظفاره فقيل له الا تتوضأ الخ) * قلت * في سنده أيوب بن سويد ضعفه ابن حنبل وقال
النسائي ليس ثقة وقال الترمذي ترك ابن المبارك حديثه وعن ابن معين ليس بشئ يسرق الأحاديث *
149

* قال * (باب كيف الاخذ من الشارب)
(ذكر) فيه (عن عبد العزيز الأويسي قال ذكر مالك احفاء بعض الناس شواربهم فقال ينبغي ان يضرب من صنع ذلك
فليس حديث النبي عليه السلام في الاحفاء ولكن يبدي حرف الشفتين والفم * قال مالك حلق الشارب بدعة ظهرت
150

في الناس * قال البيهقي) كأنه حمل الاحفاء المأمور به في الخبر على الاخذ من الشارب بالجز دون الحلق وانكاره وقع للحلق
دون الاحفاء والوهم وقع من الراوي عنه في إنكار الاحفاء مطلقا) * قلت * قول مالك ولكن يبدي حرف الشفتين
والفم معناه يترك الباقي وذلك دليل على أنه أنكر الاحفاء مطلقا سواء كان بالحلق أو بالجز فلا وهم من الراوي ويدل
عليه أيضا ما حكى ابن القاسم عنه أنه قال احفاء الشارب عندي مثلة وقوله في الموطأ يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف
الشفة وهو الاطار ولا يجزه فيمثل بنفسه *
151

* قال * (باب ترك الوضوء مما مست النار)
(ذكر فيه) حديثا عن ابن عباس وفيه (لقد رأيتني في هذا البيت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد توضأ
ثم لبس ثيابه فجاءه المؤذن فخرج إلى الصلاة حتى إذا كان الحجرة خارجا من البيت لقيته هدية عضو من شاة
فاكل منها لقمة أو لقمتين ثم صلى وما مس ماءه رواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب عن أبي أسامة وفيه دلالة على أن
أبا عباس شهد ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم) * قلت * الذي في كتاب مسلم انه ساق الحديث
بسنده إلى محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن عباس انه عليه السلام جمع عليه ثيابه ثم خرج إلى
الصلاة فاتى بهدية خبز ولحم فاكل ثلاث لقم ثم صلى بالناس وما مس ماء * ثم قال وحدثناه عن أبي كريب حدثنا أبو أسامة
153

عن الوليد بن كثير حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء كنت مع ابن عباس وساق الحديث بمعنى حديث ابن حلحلة وفيه ان ابن
عباس شهد ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم * انتهى كلام مسل * وفيه التصريح بأنه شهد ذلك فلا حاجة إلى قول البيهقي
(وفيه دلالة على أنه شهد ذلك) ثم حكى البيهقي عن الشافعي (أنه قال حديث ابن عباس من أبين الدلالات على أن الوضوء
فيه منسوخ لأنه؟؟ صحب النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفتح) * قلت * يجوز أن يكون حديث الذين رووا الوضوء
منه بعد حديث ابن عبسا ولو صحبه عليه السلام بعد الفتح وحديث سلمة بن سلامة الذي ذكره البيهقي بعد هذا يدل
على ذلك وهو انه عليه السلام خرج من دعوة بعد ان اكل ثم توضأ فقيل له ألم تكن على وضوء قال بلى ولكن الأمور
154

تحدث وهذا مما حدث * فليس حديث ابن عباس من أبين الدلالات على النسخ كما زعم الشافعي وما حاكه البيهقي بعد
هذا عن الدارمي من قوله (فهذه الأحاديث قد اختلف في الأول والآخر منها ولم نقف على الناسخ والمنسوخ منها
ببيان بين نحكم به) يخالف أيضا ما ذكره الشافعي ثم لو سلمنا تأخر حديث ابن عباس فحديث الوضوء مما مست النار عام
وحديث ابن عباس ليس بناسخ بل مخصص ومخرج فردا من افراده * قال البيهقي (وذهب بعض أهل العلم إلى الطريقة
الثانية وزعموا أن حديث أبي هريرة معلول) * قلت * أراد بالطريقة الثانية تأويل الامر بالوضوء مما مست النار
155

بغسل اليد التنظيف وأراد بحديث أبي هريرة حديثه في ترك الوضوء ثم قال (وان رواية شعيب بن أبي حمزة عن
محمد بن المنكدر اختصار من الحديث الذي أخبرنا أبو زكريا الخ) * قلت * هذا عطف على قوله (وزعموا أن حديث
أبي هريرة معلول) أي وزعموا أيضا ان رواية شعيب المذكورة أولا اختصار من الحديث الذي ذكره ثانيا ويفهم
من كلام البيهقي انهم إنما ذهبوا إلى الطريقة الثانية لكونهم زعموا ان رواية شعيب اختصار من الحديث الذي ذكره
ودعوى الاختصار في غاية البعد وذكر في كتاب المعرفة فقال (رواه الشافعي في سنن حرملة وقال لم يسمع ابن المنكدر
156

هذا الحديث من جابر إنما سمعه من عبد الله حديث محمد بن عقيل عن جابر) * ثم قال البيهقي في الكتاب المذكور
أولا (انه قد روى عن حجا بن محمد وعبد الرزاق ومحمد بن بكر عن ابن جريج عن ابن المنكدر قال سمعت جابر بن
عبد الله الحديث) فإن لم يكن ذكر السماع فيه وهما من ابن جريج فالحديث صحيح على شرط صاحبي الصحيح * ثم قال
157

البيهقي (وقد روى في حديث آخر ما يوهم أن يكون الناسخ ايجاب الوضوء منه ثم ذكر الحديث) * قلت * في سنده
زيد بن جبيرة عن أبيه وزيد هذا قال ابن معين لا شئ وقال ابن أبي حاتم والبخاري منكر الحديث *
158

* قال * (باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين)
(ذكر فيه) حديثا (عن أبي بردة عن أبي موسى) ثم قال (ورواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي موسى الا انه
لم يرفعه) * قلت * رواه كذلك مرفوعا أبو قرة موسى بن طارق الزبيدي بفتح الزاي وكسر الباء وهو ثقة متحرز
163

عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي موسى عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا جاوز الختان
الختان وجب الغسل * قال الدارقطني في الغرائب لم يوره عن مالك غير أبى قرة ثم ذكر البيهقي (ان زيد بن خالد الجهني
164

سأل عثمان عن الرجل يجامع فلا ينزل فقال ليس عليه غسل سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قال فسألت عليا والزبير وطلحة
وأبى بين كعب فقالوا مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري في الصحيح) * قلت * الذي في صحيحه
165

(فأمروه بذل) فهذا يقتضى انهم أفتوه بذلك فهو مخالف للرواية التي عماها إلى البخاري لأنها تقتضي انهم
رفعوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم *
166

* قال * (باب وجوب الغسل بخروج المنى)
(ذكر فيه) حديث الخدري (قال عليه السلام الماء من الماء) * ثم قال (رواه مسلم في الصحيح) * قلت * لفظ مسلم إنما الماء
من الماء * ثم إن البيهقي ادعى فيما تقدم (ان هذا الحديث منسوخ) فكيف يستدل به ههنا ويمكن ان يقال أفاد الحديث
حكمين * أحدهما * وجوب الغسل بخروج المنى * والثاني * انحصار وجوب الغسل في خروجه بحيث لا يجب بدون
الخروج وقد نسخ هذا الحكم وهو انحصار الوجوب في خروجه كما مر بيانه فبقي الحكم الأول وهو والوجوب من
خروجه على حاله * ثم الحديثان اللذان ذكرهما البيهقي بعد هذا أولهما يقتضى اشتراط النضح والثاني يقتضى انه لا يجب
الغسل الامن الدفق لان إنما تفيد الحصر على ما عرف فوجب ان يخصص بهما عموم حديث الماء من الماء أو يقيد بهما
ان لم يفد العموم فيلزم على الشافعي ان لا يوجب الغسل الا بقيد الفق وتبويب البيهقي يخالف هذا فإنه يقتضي
وجوب الغسل بخروجه كيف ما كان *
167

* قال * (باب الحائض تغتسل إذا طهرت)
(ذكر فيه) حديثين أولهما فيه امر المستحاضة بالغسل والصلاة * قلت * لا ذكر فيه الاغتسال الحائض فهو غير
مناسب للباب *
170

(باب الكافر يسلم فيغتسل)
أسند فيه (عن وكيع عن سفيان عن الأغر عن خليفة بن حصين ان جده قيس بن عاصم اتى النبي صلى الله عليه وسلم
يردان يسلم الحديث) * قلت * ذكر أبو علي بن السكن ان وكيعا رواه مجردا عن سفيان عن خليفة بن حصين عن أبيه
عن جده قيس * قال ابن القطان فعادت هذه الزيادة بالنقص فان ابان مجهول الحال * ثم ذكر البيهقي في آخر الباب
(عن ابن جريج أخبرت عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده انه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد أسملت فقال
النبي صلى الله عليه وسلم الق عنك شعر الكفر * يقول احلق * قال وأخبرني آخر انه عليه السلام قال لآخر معه الق عنك
171

شعر الكفر واختتن) * قلت * هذا الحديث غير مناسب للباب وفيه أيضا مجهول وهو الذي أخبر ابن جريج فقال ابن
عدي في الكامل هذا الذي قاله ابن جريج في الاسناد أخبرت عن عثيم إنما حدثه إبراهيم بن يحيى وكنى عن اسمه وقد
ذكر البيهقي ذلك فيما بعد في الحدود في باب السلطان يكره على الاختتان *
172

* قال * (باب الوضوء قبل الغسل)
(ذكر فيه) عن عائشة حدثنا في صفة غسله عليه السلام وفيه (ثم يتوضأ وضوءه للصلاة * إلى أن قال * ثم أفاض على
سائر جسده ثم غسل رجليه غريب صحيح رواه مسلم في الصحيح وقوله ثم غسل رجليه حفظه أبو معاوية دون غيره من
أصحاب هشام ن الثقات وذلك التنظيف إن شاء الله) * قلت * اختلف العلماء في تأخير غسل الرجلين في
وضوء السغل فأبو حنيفة اختار ذلك والشافعي اختار اكمال الوضوء عملا بظاهر حديث عائشة المتقدم وترد عليه
173

رواية أبى معاوية المذكورة فكأن البيهقي أجاب عن ذلك بان غسلهما أولا ثم كرر غسلهما للتنظيف فيقال له حديث
ميمونة الصحيح الذي ذكر في الباب بعد هذا صرح فيه بأنه عليه السلام توضأ وضوء للصلاة غير قدميه
ثم أفاض عليه الماء ثم نحى قدميه فغسلهما وهذا نص في التأخير وحديث عائشة يحتمل اطلاق اسم الأكثر على
الكل فكان الاخذ بحديث ميمونة أولى أو نقول حديث عائشة مطلق أطلقه فيه انه توضأ ولم يقيد بتأخير
القدمين أو تقديمهما وحديث ميمونة بتأخيرهما ومذهب الشافع يحمل المطلق على المقيد في حادثتين فكيف
في حادثة واحدة والبيهقي خالف هذه القاعدة هاهنا وعمل بها في باب مسح الرأس حيث ذكر حديث (توضأ عثمان
رضي الله عنه ثلاث ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ) * قال البيهقي (على هذا اعتمد
الشافعي في تكرار المسح وهذه رواية مطلقة والروايات الثابتة المفسرة عن حمران تدل على أن التكرار وقع
فيما عد الرأس من الأعضاء) *
* قال البيهقي (باب الرخصة في تأخير غسل القدمين عن الوضوء)
(قلت) لا أدري ما الذي دل على أن تقديمهما عزيمة حتى يجعل البيهقي تأخير هما رخصة غاية ما عنده حديث عائشة
وهو محتمل وحديث ميمونة نص في التأخير فالعمل به أولى كما مر *
174

* قال * (باب فرض الغسل)
(ذكر فيه) حديث أبي هريرة (تحت كل شعرة جنابة) ثم قال (تفرد به الحارث بن وجيه) ثم ضعفه ثم قال (وإنما يروى
عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا أو عن أبي هريرة موقوفا) * قلت * رواية الحسن ذكرها
عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري عن يونس هو ابن عبيد عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت كل شعرة
جنابة فبلوا الشعر واتقوا البشر وقد ذكر جماعة منهم البيهقي في كتاب المعرفة وغيره من كتبه ان الشافعي يقبل
مراسيل كبار التابعين إذا اعتضد بمسند آخر أو ارسل من وجه آخر أو عضده قول صحابي أو فتى عوام من أهل العلم
* وقد ذكر البيهقي (ان هذا الحديث ارسل من جهة الحسن) وقد عضده قول أبي هريرة وعضده أيضا حديث
على سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال من ترك موضع شعرة من جسده من جنابة لم يصبها الماء فعل به كذا وكذا
من النار * قال على فمن ثم عاديت رأسي * أخرجه البيهقي فيما مضى في باب تخليل أصول الشعر ولم يتكلم عليه بشئ وأخرجه
أبو داود أيضا برجال مسلم وسكت عنه فهو حسن عنده على ما عرف فوجب أن يقول الشافعي بذلك ويدل عليه
أيضا حديث أبي ذر فإذا وجدت الماء فامسه جلدك مسياتي إن شاء الله تعالى * وفى تهذيب الآثار للطبري قتادة
عن يونس بن جبير عن أبي الدرداء قال تحن كل شعرة جنابة *
178

* قال * (باب غسل المرأة من الجنابة والحيض)
(ذكر فيه) عن عائشة (ان أسماء بنت شكل إلى آخره) ثم قال (رواه مسم عن عبيد الله بن معاذ) * قلت * الذي
في صحيحه حدثنا محمد بن مثنى وابن بشار ثم ساق الحديث بسنده الخ ثم قال وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا
شعبة بهذا الاسناد نحوه وقال قال سبحان الله تطهري بها واستتر * قال البيهقي (في كتابنا شئن وأهل اللغة يقولون
سور وشوى وقالوا سوره أعلاه وشواه جلده) * قلت * هذا الكلام يوهم ان اهلا للغة لم يذكروا الشؤون وليس
كذلك وقلا الجوهري الشأن واحد الشؤون وهي مواصل قبائل الرأس وملتقاها ومنها تجئ الدموع وفى كتاب
(خلق الانسان) لثابت وفى الرأس القبائل وهي أربع قطع متقابلات متشعب بعضها في بعض وقال الأصمعي والشعب
الذي يجمع بين كل قبيلتين يقال له شأن مهموز والجمع شؤون * وذكر ابن الجوزي بمعنى ما قال ثابت * ثم قال ومراد
الحديث ان يبلغ الماء إلى أصول الشعر * ثم ذكر البيهقي حديث عائشة (كان عليه السلام يتوضأ وضوء للصلاة) * قلت *
في سنده رجلان أحدهما صدقة بن سعيد الحنفي قال البخاري عنده عجائب وقال الساجي ليس بشئ والثاني جميع بن
عمير في كتاب ابن الجوزي قال ابن نمير من اكذب وقال ابن حبان كان يضع الحديث *
180

* قال * (باب ترك المرأة نقض قرونها)
(ذكر فيه) حديث أيوب بن موسى (عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة انى امرأة أشد
ضفر رأسي الحديث) ثم قال (رواه مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق) * قلت * لسنده مسلم عن جماعة عن ابن عيينة
بمعنى رواية البيهقي ثم قال وحدثنا عمر والناقد حدثنا يزيد بن هارون وحدثنا عبد بن حميد انا عبد الرزاق قالا
أخبرنا الثوري عن أيوب بن موسى في هذا الاسناد وفي حديث عبد الرزاق فأنقضه للحيضة والجنابة فقال لاثم ذكر
بمعنى حديث ابن عيينة * هذا الفظ مسلم ثم أخرجه البيهقي من طريق أسامة بن زيد (ان سعيدا حدثه انه سمع
181

اسم سلمة تقول جاءت امرأة فقالت يا رسول الله انى امرأة أشد ضفر رأسي الحديث) * ثم قال (رواية أيوب أصح
وحقد حفظ في اسناده ما لم يحفظ أسامة) * قلت * الروايتان مختلفتان فلا ينبغي ان تعلل إحداهما بالأخرى بل هما
حديثان وذلك أن أم سلمة هي سائلة في رواية أيوب وفى رواية أسامة السائلة امرأة غيرها وفي بعض الروايات
في هذا الباب عن أم سلمة قالت جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا عنده فقالت
الحديث ولو كان الحديث واحد الحمل على أن سعيدا سمعه من أم سلمة فرواه لأسامة كذلك وسمعه أيضا من ابن
رافع عنها فرواه لا يوب كذلك *
182

* قال * (باب التمسح بالمنديل)
(ذكر فيه) حديثا (عن ابن معاذ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة) ثم قال (أبو معاذ هذا سليمان بن أرقم) * قلت
روى الحديث عن شيخه الحاكم ثم خالفه فان الحاكم قال في مستدركه عقب هذا الحديث أبو معاذ هذا هو الفضل بن
ميسرة بصرى وروى عنه يحيى بن سعيد وأثنى عليه كذا رأيته في المستدرك الفضل مكبرا وكذا رأيته أيضا في كتاب
الصريفيني في أبواب الكنى وعزاه إلى الحاكم وذكر البخاري في التاريخ الكبير في باب فضيل مصغرا * فضيل بن ميسرة
184

أبو معاذ الأزدي ويقال العقيلي ختن بديل بن ميسرة العقيلي سمع أبا حريز روى عنه معتمر * وذكره ابن حبان أيضا
في كتاب الثقات في باب فضيل بمعنى ما ذكره البخاري وزاد في آخره مستقيم الحديث والترمذي ذكر هذا الحديث
في كتابه موافقا للبيهقي فقال حديث عائشة ليس بالقائم ولا يصح في هذا الباب شئ وأبو معاذ يقولون هو سليمان بن
أرقم * ثم ذكر البيهقي (عن معاذ رأيته عليه السلام إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه * قال وقد ذكرناه في باب طهارة
الماء المستعمل) * قلت * الصواب أن يقول وسنذكره انشاء الله تعالى * ثم ذكر حديثا من طريق محمد بن عبد الرحمن
185

ابن سعيدا عن قيس بن سعد ثم قال (ورواه ابن أبي ليلى عن محمد بن عبد الرحمن عن محمد بن عمرو بن شر حبيل عن قيس)
* قلت * أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة من طريق ابن أبي ليلى عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد عن عمرو بن شرحبيل
عن قيس وأخرجه ابن ماجة في الطهارة وفى اللباس من طريق ابن أبي ليلى عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد عن محمد بلن
شرحبيل عن قيس وليس في الكتب المشهور فيما علمنا محمد بن عمرو بن شرحبيل كما ذكر البيهقي *
* قال * (باب الدليل على طهارة عرق الحائض والجنب)
(ذكر فيه) حديث عائشة (كنت اغتسل انا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف أيد ينافيه) ثم قال
(وعندي ان معنى تختلف أيدينا فيه ادخالهما أيديهما فيه لاخذ الماء) * قلت * ادخالهما أيديهما قد يكون مشروعهما معا
186

وليس هذا معنى الاختلاف بل معناه التعاقب وان كلا منهما تخلف الأخرى كقوله تعالى جعل الليل والنهار خلقه أي
يجئ هذا اثر هذا وفى المحكم لابن سيدة خلفه يخلفه صار خلفه ويؤخذ من الحديث جواز الاغتسال بفاضل المرأة
ولا يؤخذ ذلك من مجرد الادخال *
187

* قال * (باب النهى عن ذلك أي فضل المحدث)
(أسند فيه) (عن داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن عبد الرحمن لقيت رجلا صحب النبي صلى الله عليه وسلم
كما صحبه أبو هريرة أربع سنين قال نهى عليه السلام) ثم قال (رواته ثقات الا ان حميد ألم يسم الصحابي الذي لقيه فهو
بمعنى المرسل الا انه مرسل جيد لولا مخالفته الأحاديث الثابتة الموصولة قبله وداود بن عبد الله الأودي لم يحتج به الشيخان
البخاري ومسل) * قلت * قد قدمنا في باب تفريق الوضوء ان مثل هذا ليس بمرسل بل هو متصل لان الصحابة كلهم عدول فلا تضرهم الجهالة * فان قلت * لم نجعله مرسلا بل بمعنى المرسل في كون التابعي لم يسم الصحابة لا غير * قلنا * فحينئذ لا مانع
من الاحتجاج به على أن قول البيهقي بعد ذلك الا انه مرسل جيد تصريح بأنه مرسل عنده وكذا قوله لولا مخالفته
190

الأحاديث الثابتة الموصولة يفهم منه ان هذا منقطع عنده بل قد صرح بذلك في كتاب المعرفة فقال (واما حديث
داود الأودي عن حميد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه منقطع) وأيضا فقد حكم في باب تفريق
الوضوء من هذا الباب على هذا الحديث بأنه مرسل ولم يقل بمعنى المرسل وهذا كله مخالف لاصطلاح أهل
الحديث كما تقدم تقريره وقد اخرج البخاري في صحيحه حديث ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم الحديث واخرج أيضا حديث صالح بن خوات
عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وآله يوم ذات الرقاع واخرج مسلم في صحيحه حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان
ابن يسار عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر القسامة
على ما كانت عليه في الجاهلية ثم اخرج من حديثهما أيضا من ناس من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك ولو كان
هذا وأشباهه مرسلا لم يحتج به الشيخان في صحيحهما وقد اخرج البيهقي فيما بعد في أبواب العيدين حديث أبي عمير بن
انس بن مالك * (قال حدثني عمومة لي من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الحديث) * ثم قال (اسناده صحيح
وعمومته من الأنصار من أصحاب النبي عليه السلام لا يكونون الا ثقات) وأخرج البيهقي أيضا في كتاب المعرفة من
حديث محمد بن أبي عائشة (عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلكم تقرؤن
والامام تقرء الحديث) ثم قال (اسناده صحيح وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم ثقات فترك ذكر
أسمائهم في الاسناد لا يضر إذا لم يعارضه ما هو أصح منه) فكلام البيهقي في هذين الموضعين يؤيد ما قلنا ويخالف
191

كلامه هاهنا ثم داود بن عبد الله الأودي وثقه ابن معين وابن حنبل والنسائي كذا ذكره القطان ووثقه أيضا البيهقي
بقوله وهذا الحديث رواته ثقات فلا يضره كون الشيخين لم يحتجا به فإنهما لم يلتزما الاخراج عن كل ثقة على ما عرف
فلا يلزم من كونهما لم يحتجا به أن يكون ضعيفا * وقد قال البيهقي في كتاب المدخل (وقد بقيت أحاديث صحاح لم يخرجاها
وليس في تركهما إياها دليل على ضعفها) فإن كان قصد البيهقي بقوله (لم يحتجا به) تضعيفه كما هو المفهوم من ظاهر كلامه
فعليه ثلاثة أمور * أحدها * انه ناقض نفسه كما تقدم * ثانيها * انه قصد تجريح من وثقه الناس * ثالثها * تجريحه بما ليس
يجرحه ذكر الحافظ أبو بكر الأثرم صاحب ابن حنبل الأحاديث من الطرفين ثم قال ما ملخصه الذي يعمل به انه
لا بأس ان يتوضيا أو يغتسلا جميعا من إناء واحد يتنازعانه على حديث عائشة وميمونة وغيرهما ولا يتوضأ الرجل بفضل
طهور المرأة على حديث الحكم بن عمرو فقول البيهقي لولا مخالفته الأحاديث لخصمه ان يمنع المخالفة ويأول تلك
الأحاديث كما مرو يقول متى أمكن الجمع لا يرد أحد الحديثين بالآخر * ثم ذكر البيهقي حديث الحكم بن عمرو (نهى
عليه السلام انه يتوضأ الرجل بفضل المرأة) ذكر (انه مضطرب وان الدارقطني قال روى موقوفا من قول الحكم)
* قلت * والحكم للرافع لأنه زاد والراوي يفتى بالشئ ثم يرويه غيره مرة أخرى ولهذا اخرج أبو حاتم بن حبان
هذا الحديث في صحيحه مرفوعا * ثم ذكر البيهقي حديث عبد الله بن سر جس (نهى عليه السلام عن فضل وضوء المرأة)
ثم حكى عن البخاري أنه قال (الصحيح انه موقوف ومن رفعه فهو خطأ) * قلت * هذا نظير ما تقدم ومن تقدم المرفوع
على الموقوف ويجعل الموقوف فتوى لا يعارض المرفوع وعبد العزيز بن المختار اخرج له الشيخان وغيرهما ووثقه
192

ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة فلا يضره وقف من وقفه وقد فعل البيهقي مثل هذا في باب الجمع بين الحجر والماء
في الاستنجاء فذكر عن قتادة عن معاذة عن عائشة حديثا مرفوعا * ثم قال (ورواه أبو قلابة وغيره عن معاذة عن عائشة
فلم يسنده إلى فعل النبي عليه السلام) ثم قال (وقتادة حافظ) *
* قال * (باب لا وقت فيما يتطهر به)
(ذكر فيه) (ان حنبل سئل فمن قال الصاع ثمانية أرطال فقال ليس ذلك بمحفوظ) * قلت * غيره حفظه * قال
النسائي حدثنا محمد بن عبيد حدثنا يحيى بن زكريا عن موسى الجهني قال اتي مجهد بقدح جرزته ثمانية أرطال فقال
حدثتني عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا وهذا سند جيد * مجاهد ويحيى بن زكريا هو
193

ابن أبي زائدة امامان اخرج لهما الجماع وموسى بن عبد الله الجهني اخرج له مسلم ووثقه ابن معين وغيره ومحمد بن
عبيد هو المحاربي قال النسائي لا بأس به وعن أمية بن خالد قال لما ولى خالد القسري أضعف الصاع فصار الصاع
ستة عشر رطلا أخرجه أبو داود وسكت عنه *
194

* قال * (باب النهى عن الاسراف في الوضوء)
(ذكر فيه) حديث الحسن (عن عتى السعدي عن أبي كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن للوضوء
شيطانا يقال له الولهان) ثم قال (معلول برواية الثوري بعضه عن بيان عن الحسن وباقيه عن يونس بن عبيد من
196

قولهما انه غير مرفوع) ثم ذكر ذلك باسناد فيه سفيان بن محمد * قلت * سفيان بن محمد هذا لا أدري من هو
فإن كان الفزاري المصيضي فقد قال ابن عدي يسرق الحديث وفيه أيضا ابن الوليد العدنى متكلم فيه وإذا كان
كذلك لا يعلل ذلك الحديث بهذا الرواية *
197

* قال * (باب الجنب يريد النوم فيغسل فرجه ويتوضأ)
(ذكر فيه) (عن عائشة انه عليه السلام ربما أوتر وربما اخره وربما أسر وربما جهر وربما اغتسل فنام وربما توضأ
فنام الحديث مطولا) ثم قال (رواه مسلم عن قتيبة عن الليث الا انه ذكر قصة الغسل دون ما قبله) * ثم أسند البيهقي
قصة الغسل من حديث عائشة * ثم قال (رواه مسلم عن قتيبة عن الليث) * قلت * هذا تكرار لا فائدة فيه *
199

* قال * (باب كراهية نوم الجنب من غير وضوء)
(ذكر) فيه حديث) لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا جنب) * قلت * الحديث غير مطابق للباب إذ ليس فيه
ذكر وضوء الجب وضوءه لا يخرجه عن كونه جبنا فامتناع دخول الملائكة للبيت الذي هو فيه باق ولو توضأ *
* قال * (باب ذكر الخبر الذي ورد في الجنب ينام ولا يمس ماء)
(ذكر) فيه هذا الخبر والخبر الذي فيه كان يتوضأ ثم ينام * ثم قال (ووجه الجمع بين الروايتين على وجه يحتمل وقد جمع بينهما
أبو العباس بن شريح * ثم أسند عنه (أنه قال ما ملخصه ان حديث عائشة كان لا يمس ماء اي للغسل وحديث عمر
مفسر ذكر فيه الوضوء وبه نأخذ) * قلت * هذا الكلام ظاهره يعطى وجوب الوضوء للجنب إذا أراد ان ينام لأنه
201

اخذ بحديث عمرو فيه الامر بالوضوء وهو للوجوب ظاهرا وهو خلاف مذهب الشافعي وقول البيهقي (وجه
الجمع بين الروايتين وقد وجمع بينهما ابن شريح) يقتضى انه رضى بهذا الجمع مع مخالفته لمذهب الشافعي فان الوضوء عنده
مستحب وكان يمكنه الجمع علي وجه لا يخالف امام وهوان يحمل الامر بالوضوء على الاستحباب وفعله
عليه السلام على الجوز فلا تعارض ويؤيد ذلك ما في صحيح ابن حبان عن عمر انه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أينام
أحدنا وهو جنب فقال نعم ويتوضأ ان شاء *
* قال * (باب الجنب يريد الاكل)
(ذكر فيه) (عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة كان عليه السلام إذا كان جنبا فأراد ان يأكل
202

أو ينام توضأ) * ثم ذكر الاكل وحده مرفوعا وموقوفا * ثم قال (حديث الأسود عن عائشة أصح) * قلت *
في كتاب الخلال عن أحمد قال يحيى بن سعيد رجع شعبة عن هذا الحديث عن قوله يأكل *
203

* قال * (باب كيف التميم)
(ذكر فيه) (عن محمد بن ثابت العبدي حدثنا نافع انطلقت مع ابن عمرو في حاجة فكان من حديثه قال بينما النبي
صلى الله عليه وسلم في سكة إلى أن قال ثم ضرب بكفيه الثانية فسم ذراعيه إلى المرفقين) * ثم قال البيهقي (وقد ذكر
بعض الحفاظ رفع هذا الحديث على محمد بن ثابت فقد رواه جماعة عن نافع من فعل ابن عمرو الذي رواه غيره عن نافع
من فعل ابن عمر إنما هو التيمم فقط فاما هذه القصة فهي عن النبي صلى الله عليه وسلم مشهورة برواية أبى الجهيم وغيره)
* قلت * المنكر على محمد بن ثاب هو البخاري وقال أبو أتم الرازي روى حديثا منكرا وإنما أنكر عليه رفع المسح إلى
المرفقين لا أصل القصة وقد صرح بذلك البيهقي في كتاب المعرفة (فقال وإنما ينفرد محمد بن ثابت من هذا الحديث
بذكر الذراعين فيه دون غيره) وإذا كان المنكر عليه هو هذا الا ينفعه كون أصل القصة مشهور إبل قد عده خصومه
سببا للتضعيف فان الذي في الصحيح في قصة أبى الجهيم * ويديه * وليس فيه * وذراعيه * ثم قال البيهقي
205

(وثابت عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمران رجلا مرو رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم عليه فلم يرد عليه
الا انه قصر في روايته) * قلت * الضحاك لم يذكر القصة بتمامها وإنما يقوى بها رواية محمد بن ثابت إذا أنكر أصل
القصة فيقال روايته وان قصرت تدل على صحة القصة في الجملة فاما إذا أنكر على محمد بن ثابت رفع المسح إلى
المرفقين لي يقوه رواية الضحاك * ثم قال البيهقي (ورواية يزيد ين الهاد عن نافع أتم من ذلك) * ثم اخرج تلك الرواية
ثم قال (فهذه شهادة لرواية محمد بن ثابت الا انه حفظ فيها الذارعين) * قلت * فيقال له كما تقدم إنما تشهد روايته لرواية
محمد بن ثابت إذا أنكر أصل الرواية عن ابن عمرو واما إذا أنكر رفع الذارعين فلا شهادة لرواية ابن الهاد ولا لرواية الضحاك
وقوله (الا انه حفظ فيها الذارعين) المنكر يرى لم يحفظ ذلك بمخالفة غيره له في ذلك ولو قال الا انه ذكر فيها
الذارعين لكان أسلم وأصول لان لفظة حفظ ونحوها يذكر كثيرا عند تصحيح ما خولف فيه الراوي * ثم قال البيهقي
206

وفعل ابن عمر التيمم على الوجه والذارعين إلى المرفقين شاهد لصحة رواية محمد بن ثابت غير مناف لها) * قلت * يقال له
اما انه غر مناف فصحيح واما انه شاهد ففيه انظر لأنه لم يوافق رواية ابن ثابت في رفع الذارعين بل هذا هو علة من
علل الرافع فكيف يكون المقتضى التعليل وهو الوقف مقتضيا للتصحيح * ثم أسند البيهقي (عن الدارمي عن ابن معين قال
محمد بن ثابت العبد ليس به بأس) * قلنا * هو معارض برواية عباس عن ابن معين أنه قال ليس بشئ وقال أبو حاتم ليس
بالمتين وقال النسائي ليس بالقوى وكذا قالا بن المديني وغيره ذكره صاحب الميزان أي المذهبي وقال ابن عدي عامة
أحاديثه مما لا يتابع عليه * ثم قال البيهقي (وهو في هذا الحديث غير مستحق للتنكير بالدلائل التي ذكرتها) انتهى كلامه
وقد تقدم ما عليه في تلك الدلائل * ثم قال (وأثنى عليه مسلم بن إبراهيم ورواه عنه) وأشار البيهقي بذلك إلى أن مسلما
207

لما رواه عنه قال حدثنا محمد بن ثابت العبد وكان صدوقا وصدقه لا يمنع ان ينكر عليه رفع على وجه الغلط لمخالفة
غيره له على عادة كثر مناهل الحديث أو أكثر هم ثم ذكر حديث (الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عن الأسلع)
ثم قال (الربيع ضعيف الا انه غير منفرد به) انتهى كلامه ولم يذكر من وافقه على ذلك ولا يكفي في الاحتجاج انه غير
منفرد حتى ينظر مرتبته ومرتبة مشاركه فليس كل من واقفه غيره يقوى ويحتج به *
208

* قال * (باب رواية عمار في التميم)
ذكر فيه حديثا (عن سلمة بن كهيل عن ذر عن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن مار ثم رواه سلمة بن كهيل
عن أبي مالك حبيب بن صهبان الكاهلي عن عبد الرحمن) * قلت * اضطرب اسناده إذ الحديث فأخرجه أبو داود
من حديث سلمة كذلك وأخرجه أيضا عنه عن ابن أبزي ولم يذكر أبا مالك روى عنه سملة بن كهيل وكذا
في الكمال لعبد الغنى والكاشف للذهبي *
* قال * (باب الدليل على أن الصعيد هو التراب)
استدل على ذلك بحديث (وجعلت لي الأرض مسجد وطهورا وانه زاد بعض الرواة وجعلت تربتها لنا طهورا)
* قلت * وجهه بعضهم بان هذا خاص فينبغي ان يحمل عليه العام وتختص الطهورية بالتراب وأجيب عن ذلك
بمنع كون التربة مرادفة للتراب وادعى ان كل تربة مكان ما فيه من تراب أو غيره مما يقاربه ثم لو سلم انها مرادفة
للتراب ففردا افراد ذلك العام موافق له فلا يخص به العام كما قررنا في باب البداءة باليمين ثم هو مفهوم لقب وهو
ضعيف عند أرباب الأصول ولو سلم ان المفهوم معمول به فمنطوق حديث * وجعلت لي الأرض مسجد وطهورا *
يدل على طهورية بقية اجزاء الأرض وإذا تعارض في غير التراب دلالة المفهوم الذي يقتضى عدم طهوريته دلالة
المنطوق تقتضي طهوريته فالمنطوق أولى * فان قيل إذا سلمتم ان له مفهوما فيخص العموم بمفهومه * قلنا *
213

مذهب الغزالي وغيره انه لا يخص العموم بالمفهوم فلنا ان نمنع ذلك * ثم أسند عن علي حديثا وفيه (وجعل
لي التراب طهورا) قلت * فيه ما تقدم من المباحث ان في سنده عبد الله بن محمد بن عقيل وقد تقدم في باب
لا يتطهر المستعمل قول البيهقي (أهل العلم مختلفون بالاحتجاج برواياته) ثم أسند (عن ابن عباس أنه قال
أطيب الصعيد أرضا لحرث) * قلت * هذا يدل على جواز التيمم بغير الحرث لأنه إذا كان أطيب الصعيد دل
على أن غيره طب وهو المأمور به نصا * ثم استدلال البيهقي بهذا الأثر يقتضي انه لا تيمم بالسبخة ذكر النووي
ان السبخة هي التراب الذي فيه ملوحة ولا ينبت والتيمم به جائز *
* قال * (باب من لم يجد ماء ولا ترابا)
ذكر فيه حديث (ما أمرتكم به فاتوا منه ما استطعتم) * قلت * هذا يقتضى فعل بعض المأمور به وما وقع بغير *
214

طهارة فليس ببعض الصلاة عملا بقوله عليه السلام لا يقبل الله صلاة بغير طهور
215

* قال * (باب الرجل يعزب عن الماء)
ذكر فيه حديثا عن معاوية بن حكيم عن عمه * ثم قال (يقال عمه حكيم بن معاوية * قلت * يبعد أن يكون أبو وعمه
217

كلاهما اسمه حكيم وفى أطراف المزي روى أي هذا الحديث عن معاوية عن أبيه وهذا أقرب *
218

* قال * (باب رؤية الماء خلال صلاة افتتحها بالتيمم)
ذكر فيه حديث الخدري (لا يقطع الصلاة شئ) وحديث أبي هريرة (لا وضوء الام ن صوت أريح * ثم ذكر
(ان الاستدلال بهما في هذه المسألة لا يصح) * ثم ذكر حديث على (لا يقطع الصلاة الا الحدث والحدث ان يفسو
ويضرط) ثم قال (تفرد به حبان بن علي العنزي) * قلت) * الاستدلال بهذا الحديث أيضا في هذه المسألة لا يصح
إذ يقطع الصلاة غير الحدث كالكلام عمدا والاكل من الاعمال النافية للصلاة مع أن حبان هذا ضعفه
220

ابن المديني والنسائي والدارقطني وقال مرة متروك وقال ابن معين ليس حديثه بشئ وقال ابن غير في حديثه
وحديثا أخيه مندل بعض الغلط وصاهر قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا انه متى وجد الماء لزم استعماله سواء ان
في الصلاة أو خارجها ولان وجود الماء مانع من التيمم فكذا نمنعه ابتداء وبقاء كالحدث وكمعتدة بالأشهر
إذا رأيت الحيض في أثناء المدة تعتد به كما لو رأته ابتداء وكما سح انقضت مدة مسحه في الصلاة يلزمه بالأشهر
إذا رأت الحيض في أثناء المدة تعتد به كما لو رأته ابتداء وكما سح انقضت مدة مسحه في الصلاة يلزمه الغسل
وكعريا وجد ثوبا في الصلاة يلزمه الستر ولان التميم بدل الماء لي في الأصول بقاء حكم البدل مع وجود
المبدل وفى قواعد ابن رشد مذهب أي حنفية واحمد وغيرهما أنقاض التيمم وهو احفظ للأصل لأنه غير مناسب
للشرع ان يوجد شئ لا ينقض الطهارة في الصلاة وينقضه ما في غيرها وفى الاستذكار هو مذهب أبي حنفية
وأصحابه والثوري والحسين صالح وجماعة أهل العراق من اهلا لرأى والحديث منهم ابن حنبل واليه ذهب
المزني وابن علية *
* قال * (باب التيمم لكل فريضة)
ذكر فيه اثرا عن ابن عمرو صحح سنده * قلت * فيه عامر الأحول عن نافع وعامر ضعفه ابن عيينة وابن حنبل وفي
سماعه من نافع نظر وقال بن حزم والرواية فيه عن ابن عمر لا تصح * ثم ذكر البيهقي اثرا عن علي وفى سنده رجلان
سكت عنهما هاهنا * أحدهما الحجاج بن أرطأة * قال البيهقي في باب المنع من التطهير بالنبيذ (لا يحتج به) وضعفه في باب
الوضوء من لحوم الإبل وقال في باب الدية أرباع (مشهور بالتدليس وانه يحدث عمن لم يلقه ولم يسمع منه
221

قال الدارقطني) والئاني الحارث وهو الأعور ضعفه في باب منع التطهير بالنبيذ وقال في باب أصل القسامة
(قال الشعبي كان كذبا) * ثم ذكرا اثرا (عن ابن عباس وضعفه) * قلت * قد روي عن ابن عباس بخلاف ذلك وانه
يصلى تميم واحد ما شاء * ذكره ابن حزم ثم هذه الآثار كلها على تقدير صحتها تشتمل النافلة أيضا فهي مطابقة للتبويب
وأي فرق بين الفريضة والنافلة وقد جعل الله تعالى التيمم طهارة بقوله تعالى ولكن يريد ليطهر كم وكذا النبي صلى الله
عليه وسلم بقوله التيمم طهور المسلم الحديث فيصلى به ما شاء ما لم يحدث أو يجد الماء * وفي الاستذكار هو مذهب
أبي حنيفة وأصحابه والثوري والليث والحسن بن صالح وداود *
* قال * (باب التيمم بعد دخول الوقت)
* قلت * مذهب الشافعي اشتراط الوقت لجواز التيمم ودلالة الحديثين المذكورين في هذا الباب على ذلك ليست
بواضحة وعموم قوله تعالى وان كنتم مرضى إلى قوله تعالى فلم تجدوا ماء * يدل على جوازه قبل الوقت وكما
جاز الوضوء قبله فكذا التيمم لأنه بدله * ثم إن البيهقي قال عقيب الحديث الأول (لفظ حديث أبي الأشعث)
وليس معه في الاسناد غيره فلا أدري ما معنى جعل اللفظ لحديثه الا أن يكون الكاتب اسقط شيئا
222

من الاسناد (1) *
* قال * (باب اعواز الماء بعد طلبه)
ذكر فيه حديث حذيفة (وجعل ترابها لنا طهور إذا لم نجد الماء) * قلت * ليس في هذا الحديث
طلب الماء *

(1) ولكن في النسخ الموجودة عندنا لم يسقط شئ من الاسناد والراوي الآخر مسدد 12
223

* قال * (باب الجريح والقريح والمجدور يتيمم إذا خاف أو شدة الظمأ)
* قلت * اطلاق تعالى وان كنتم مرضى * وما رواه البيهقي في آخر هذا الباب من قول ابن عباس (رخص
للمريض التيمم) يدل على جوازه لمن خاف زيادة المرض وان لم يخف التلف وشدة الظمأ فلا معنى لاشتراطهما
ولا لاشتراط خوف الموت والعلة في الباب الذي يأتي إن شاء الله تعالى وما ذكر البيهقي في ذاك الباب من
تيمم عمرو بن العاص حين أشفق اغتسل ان يهلك واقعة لا يدل على اشتراط الهلاك للتيمم * ثم ذكر
البيهقي (عن ابن عباس رفعه في قوله تعالى وان كنتم مرضى أو على سفر) * قلت * في سنده جرير عن عطاء
224

ابن السائب وقد ذكر أبو أحمد بن عدي عن ابن معين ان ما روى جرير عن عطاء بعد الاختلاط *
* قال * (باب التيمم في السفر إذا خاف الموت أو العلة من شدة البرد)
* قلت * وفي الحضر أيضا إذا خاف ذلك جاز له التيمم وصار كالمريض وقد ذكر البيهقي في الخلافيات ان عبد الرحمن
225

ابن جبير لم يسمع الحديث من عمرو بن العاص *
* قال * (باب الجرح إذا كان في بعض جسده)
ذكر فيه (عن ابن عباس ان رجلا أجنب في شتاء الخ) ثم قال (حديث موصول) أخرجه ثانيا من رواية
الأوزاعي (قال بلغني عن عطاء عن ابن عباس الحديث) * قلت * في سند الأول الوليد بن عبد الله بن أبي رباح
سكت عنه هنا وضعفه في باب النهى عن ثمن الكلب وجعل الدارقطني الرواية الثانية وهي المرسلة هي الصواب *
226

ثم ذكر البيهقي (عن عطاء عن جابر خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر الحديث) ثم قال (هذه رواية
موصولة الا انها تخالف الروايتين الأوليين في الاسناد) * قلت * وتخالفهما في المتن أيضا الا ان عبد الحق ذكر
انه لم يرو هذا الحديث عن عطاء غير الزبير بن خريق وليس بقوي وكذا قال عنه الدارقطني وقال البيهقي
في الباب الذي بعد هذا (ليس هذا الحديث بالقوى وقال الدارقطني الصواب انه عن عطاء عن ابن عباس)
* قلت * روايته عن ابن عباس تترجح على روايته عن جابر من وجهين * أحدهما * مجيئها من طرق ذكرها
الدارقطني والرواية عن جابر لم تأت الامن وجه واحد كما تقدم * الثاني * ضعف سند هذه الرواية من جهة الزبير
والرواية عن ابن عباس رجال سندها ثقات * ثم قال البيهقي (ظاهر الكتاب يدل على استعمال ما يجد من
الماء ثم الرجوع إلى التيمم إذا لم يجده) * قلت * ذكر تعالى الامرين في حالتين مختلفتين وامر بالصلاة بأحدهما
227

فمن جمع بينهما فقد خالف ظاهر القرآن *
228

* قال * (باب الصحيح المقيم يتوضأ للمكتوبة والعيد والجنازة ولا يتيمم)
ذكر فيه حديث (لا يقبل الله صلاة أحدكم حتى يتوضأ) وحديث (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) * قلت * من
يجوز التيمم للعيد والجنازة يقول التيمم طهور بنص الشارع فلم يصل بغير طهارة والآتي ببدل الوضوء وهو
التيمم للضرورة كأنه توضأ كما قلتم في تيمم المريض والمسافر * ثم ذكر (ان أبا سلمة وعبد الرحمن بن أبي بكر خرجا
229

إلى جنازة سعد بن أبي وقاص فدعا عبد الرحمن بوضوء الحديث) * قلت * في سنده عكرمة بن عمار تقدم
ان البيهقي قال في باب مس الفرج بظهر الكف (غمره يحيى القطان وابن حنبل وضعفه البخاري جدا) وقال في باب
الكسر بالماء (اختلط في آخر عمره وساء حفظه فروى ما لم يتابع عليه) * ثم في القضية اشكال وهو ان عبد الرحمن توفي
سنة ثلاث وخمسين كذا ذكر أكثر العلماء ولم يذكروا اختلافا وفي الاستيعاب هذا الأكثر ولم يختلفوا
ان سعد بن أبي وقاص توفى بعد هذا التاريخ فلم يدرك عبد الرحمن وفاته، * ثم ذكر حديث حذيفة (وجعلت لي
تربتها طهور وإذا لم يجد الماء) * قلت * المراد بالوجود القدرة الا ترى ان المريض يتيمم لأنه غير قادر على
استعمال الماء وإن كان واجدا له والذي يخشى فوات صلاة الجنازة لو اشتغل بالوضوء ينزل بمنزلة غير القادر على
استعمال الماء * ثم أسند (عن ابن عمر أنه قال لا يصلى على الجنازة الا وهو طاهر) * قلت * الذي يصلى عليها
بالتيمم طاهر فلم يخالف قوله ولم يرد ابن عمر انه لا يصلى عليها بالتيمم وإنما أراد انه لا يصلى عليها بلا طهارة ردا على
من يزعم أنه لا ركوع لها ولا سجود فلا يشترط لها الطهارة والى هذا اذهب الشعبي ذكره عبد الرزاق وابن أبي
شيبة في مصنفيهما ثم قال البيهقي (والذي روي عنه يعين ابن عمر في التيمم لصلاة الجنازة يحتمل أن يكون في
السفر عند عدم الماء وفى اسناد حديث ابن عمر في التيمم ضعف ذكرناه في كتاب المعرفة) * قلت * الذي في
كتاب المعرفة أنه قال (أخبرنا أبو عبد الرحمن وأبو بكر بن الحارث قالا أخبرنا علي بن عمر الحافظ أخبرنا الحسين بن
إسماعيل حدثنا محمد بن عمرو بن ابن مذعور حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا إسماعيل بن مسلم عن عبيد الله عن نافع عن ابن
عمرانه اتى بجنازة وهو على وضوء فتيمم ثم صلى عليهما ثم قال وهذا الا أعلمه الامن هذا الوجه فإن كان محفوظا فإنه
230

يحتمل أن يكون ورد في صفر وإن كان الظاهر بخلافه) فقد صرح البيهقي هناك بان الظاهر بخلاف التأويل الذي
ذكره هنا ولم يذكر في سنده ضعفا كما التزمه هنا بل تشكك في كونه محفوظا ولو صرح بأنه غير محفوظ
لم يلزم من ه الضعف * قال البيهقي (والذي روى مغيرة بن زياد عن عطاء عن ابن عباس في ذلك لا يصح عنه إنما
هو قول عطاء كذلك رواه ابن جريج عن عطاء وهذا أحد ما أنكر ابن حنبل وابن معين على المغيرة) * قلت * المغيرة
اخرج له الحاكم في المستدرك وأصحاب السنن الأربعة ووثقه وكيع وابن معين وعنه ليس وعنه له حديث
واحد منكر ووثقه أحمد بن عبد الله ويعقوب بن سفيان وابن عمار حكاه الحسين بن إدريس في الفصول التي
علقها عنه وقال ابن عدي عامة ما يرويه مستقى الا انه يقع في حديثه كما يقع في حديث من ليس به بأس من الغلط
ثم رواية ابن جريج لا تعارض روايته لان عطاء كان فقيها فيجوز أن يكون أفتى بذلك فسمعه ابن جريج ورواه
مرة أخرى عن ابن عباس فسمعه المغيرة وهذا ولى من تغليط المغيرة والانكار عليه وقد تقدم نظير هذا *
231

* قال * (باب تعجيل الصلاة بالتيمم إذا لم يكن على ثقة من جود الماء في الوقت)
ذكر فيه (حديث عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة الحديث) * قلت * بعض أمهاته مجهولة
وعبد الله هو العمري تكلموا فيه وضعفه ابن المديني وكان القطان لا يحدث عنه وقال ابن حنبل كان يزيد في الأسانيد
وقال ابن حبان غلب عليه التعبد حتى غفل عن ذكر الاخبار فوقعت المناكير في روايته فلما فحش خطأوه استحق الترك
والقاسم بن غنام قال العقيلي في حديثه اضطراب وذكر الترمذي هذا الحديث ثم قال اضطربوا فيه وقد ذكر
البيهقي هذا الحديث فيما بعد في باب الترغيب في التعجيل بالصلوات من حديث القاسم عن جدته الدنيا عن جدته
أم فروة وهذا يدل على أن أم أنصارية لان القاسم من الأنصار وكذا صرح بعضهم انها أنصارية وقوله في ذلك
الباب وكانت من المهاجرات الأول يخالف ذلك ولهذا صحح ابن عبد البر وغيره انها من المهاجرات وانها بنت أبي
قحافة ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه * وقد ذكر أبو حاتم الرازي حديث ابن عباس كان عليه السلام يخرج فيتمسح
بالتراب فيقال يا رسول الله منك قرب فقال ما أدري لعلى لا أبلغ * ثم قال أبو حاتم لا يصح هذا الحديث
ولا يصح في هذا الباب حديث *
* قال * (باب من تلوم بينه وبين آخر الوقت)
(ذكر فيه) اثر علي ثم ضعفه بالحارث * قلت * ترك في هذا الباب اثرا عن عمرو رواه عبد الرزاق في مصنفه عن
معمر وابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ان أباه اخبره انه اعتمر مع عمران
232

عمر عرس في بعض الطريق قريبا من بعض المياه فاحتلم فاستيقظ فقال ما ترون ندرك الماء قبل طلوع الشمس
قالوا نعم فاسرع السير حتى أدرك الماء فاغتسل وصلى * وعبد الرحمن بن حاطب ذكره ابن حبان في ثقات التابعين
وباقي السند على شرط الصحيح *
* قال * (باب ما روي في طلب الماء وحد الطلب)
ذكر فيه حديث عائشة) حضرت الصلاة فالتمس الماء فلم يجد فنزلت آية التيمم) * قلت * في الاستدلال به نظر
لأنه لم يكن التيمم مشروعا في ذلك الوقت فالتمسوا الماء إذا لم يكن له بدل فلم يلزم من التماسه حينئذ التماسه وقد
صار له بدل *
233

* قال * (باب طهارة الماء المستعمل)
ذكر فيه حديث أبي جحيفة (فجعل الناس يتمسحون بوضوئه) وحديث جابر (انه عليه السالم توضأ وصب علي
235

من وضوئه) * قلت * لا دلالة في الحديثين على طهارة الماء المستعمل فان الوضوء يحتمل ان يراد به مطلق الماء
أو الماء المعد للوضوء أو فضلة مائة الذي توضأ ببعضه أو ما استعمله في أعضائه فلا يتعين هذا الأخير الا بدليل *
* قال * (باب الدليل على أنه يأخذ لكل عضو ماء جديدا ولا يتطهر بالمستعمل)
ذكر فيه حديث ابن عباس (ثم غرف غرقه أخرى) * قلت * وليس فيه بيان ان تلك الغرفة كانت من غير الماء المستعمل أولا
236

ثم ذكر (عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع الخ) * ثم قال (ابن عقيل لم يكن بالحافظ وأهل العلم مختلفون في جواز
الاحتجاج برواياته) * قلت * ذكر الترمذي في أبواب الفرائض حديثا في سنده ابن عقيل ثم حكم على الحديث بالحسن
237

والصحة وذكر الترمذي فيما بعد في باب المبتدئة لا تميز بين الترمذي حديث حمنة في الاستحاضة وفى سنده أيضا ابن
عقيل فلم يتعرض له بشئ بل حكى عن البخاري انه حسن الحديث وعن ابن حنبل انه صححه *
238

* قال * (باب الدليل على أن سور الكلب نجس) ذكر فيه حديث (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه وليغسله سبع مرات) * قلت * قد قدمنا ان مالكا يحمل الامر
بالغسل على التعبد وربما رجحه أصحابه بذلك العدد المخصوص كما تقدم بيانه والاعتذار عنه * ثم ذكر حديث أبي هريرة
في (الكلب يلغ في الاناء يغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا) وفي سنده إسماعيل بن عياش فقال (لا يحتج به خاصة إذا
روى عن أهل الحجاز) * قلت * ظاهر هذا الكلام اطلاق القول بأنه لا يحتج به وإذا روى عن أهل الحجاز كان
أشد في عدم الاحتجاج به وعلى هذا قد خالف البيهقي ما ذكر هنا في باب ترك الوضوء من الدم فيما مضى فقال
ما روى عن الشاميين صحيح) *
239

* قال * (باب ادخال التراب في احدى غسلاته)
ذكر عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة حديث (إذا ولغ الكلب في
الاناء فاغسلوه سبع مرار أولا هن بالتراب) * ثم قال (غريب إن كان حفظه معاذ فهو حسن لان التراب في هذا
الحديث لم يروه ثقة غير ابن سيرين عن أبي هريرة إنما رواه غير هشام عن قتادة عن ابن سيرين كما سبق
ذكره) * قلت * لقائل أن يقول كان ينبغي له أن يقول إن كان هشام حفظه لأنه هو الذي انفرد به عن قتادة كما بينه
البيهقي ولعله إنما عدل إلى ابنه معاذ الجلالة هشام وهو الدستوائي وابنه معاذ وان روى له الجماعة لكنه ليس
240

بحجة كذا قال ابن معين وقال أبو أحمد بن عدي ربما يغلط في الشئ وأرجو انه صدوق * ثم ذكر البيهقي حديث
عبد الله بن مغفل (وعفروه الثامنة بالتراب) * ثم قال (أبو هريرة احفظ من روى في دهره فروايته أولى)
* قلت * بل رواية ابن مغفل أولى لأنه مزاد الغسلة الثامنة والزيادة مقبولة خصوصا من مثله * قال الحسن البصري
كان ابن مغفل أحد العشرة الذين بعثهم الينا عمر يفقهون الناس فكان الاخذ برواياته أحوط واليه ذهب الحسن
وحديثه هذا أخرجه ابن مندة من طريق شعبة وقال اسناد مجمع علي صحته * قال البيهقي (وقد روى حماد بن
زيد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة فتواه بالسبع كما رواه وفي ذلك دلالة على خطأ رواية عبد الملك
ابن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة في الثلاث وعبد الملك لا يقبل منه يخلف فيه الثقات) * قلت * رواه
الدارقطني بسند صحيح من رواية عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة قال إذا ولغ الكلب في الاناء فاهرقه ثم اغسله
ثلاث مرات وروي أيضا من حديث عطاء عن أبي هريرة انه كان إذا ولغ الكلب في الاناء اهراقه وغسله ثلاث
مرات * وقال ابن عدي حدثنا أحمد بن الحسن الكرخي من كتابه حدثنا الحسين الكرابيسي حدثنا إسحاق الأزرق
وليغسله ثلاث مرات * قال ابن عدي قال أحمد بن الحسن كان الكرابيسي يسئل عنه وهذا لا يرويه غير الكرابيسي
241

مرفوعا النبي صلى الله عليه وسلم والكرابيسي له كتب مصنفة ذكر فيها اختلاف الناس من المسائل وذكر فيها
اخبارا كثيرة وكان حافظا لها ولم أجد له منكرا غير ما ذكرت من الحديث والذي حمل أحمد بن حنبل عليه فإنما هومن
اجل اللفظ بالقرآن فاما في الحديث فلم أر به بأسا انتهى كلامه وعبد الملك هذا اخرج له مسلم في صحيحه وقال ابن
حنبل والثوري هو من الحفاظ وعن سفيان الثوري هو ثقة متين فقيه وقال أحمد بن عبد الله ثقة ثبت في الحديث ويقال
كان سفيان الثوري يسميه الميزان *
* قال * (باب نجاسة ما ماسه الكلب بسائر بدنه إذا كان أحدهما رطبا)
أراد بذلك اثبات نجاسة الكلب بجميع اجزائه وعلته في هذا التبويب أمران * أحدهما * انه أطلق لفظ سائر
على الجميع * قال الشيخ تقى الدين بن الصلاح وهو مردود عند أهل اللغة معدود من غلط العامة وأشباههم من الخاصة
ولا يلتفت إلى قول الجوهري انه بمعنى الجميع وقال الزهري في التهذيب اتفق أهل اللغة على أن معنى
سائر الباقي * ثانيهما * انه أثبت نجاسة ما ماسه جميع بدنه فيخرج من ذلك ما ماسه بجزء من بدنه والظاهر أنه
لم يقصد ذلك * ثم إنه استدل على ذلك (بأنه عليه السلام اخرج من تحت فسطاطه جرو كلب فنضح
مكانه) ثم قال (وفى هذا والذي قبله من اخبار الولوغ دلالة على نسخ ما أنبأ أبو عبيد الله الحافظ فذكر
242

حديث * كانت الكلاب تبول وتدبر في المسجد الحديث) * قلت * دعوى النسخ محتاج إلى تاريخ
ولا تاريخ معه لم يجزم البيهقي بالنسخ في آخر كلامه بل ذكره على وجه الاحتمال فقال (فكأن ذلك
كان قبل امره بقتل الكلام وغسل الإناء من ولوغها) * ثم ذكر عن البخاري (انه لم يذكر قوله تبول) * قلت ذلك
مذكور في بعض نسخ البخاري فان اعتذر عن البيهقي معتذر بأنه لم يقف على تلك النسخ * قلنا * بل وقف عليها
حيث ذكر هذا الحديث فيما بعد في باب من قال بطهور الأرض إذا يبست ثم قال (وليس في بعض النسخ عن أبي
عبد الله البخاري ذكر البول) فاختلف كلام البيهقي في البابين وغفل عما ذكره أولا * ثم قال البيهقي (وقد اجمع
المسلمون على نجاسة بولها) * قلت * مذهب مالك انه طاهر ذكره ابن رشد في القواعد وغيره قال البيهقي
(أو كأن علم مكان بولها يخفى عليهم فمن علمه وجب عليه غسله) * قلت * يأبى هذا التأويل أو يبعده تحفظ
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه واحترازهم من النجاسة بل اظهر من هذين التأويلين الذين ذكرهما البيهقي
ان الشمس أنت تجفف تلك الأبوال فتطهر الأرض وقد ترجم البيهقي على ذلك فيما بعد فقال (باب من قال بطهور
243

الأرض إذا يبست) وذكر هذا الحديث وكذا فعل أبو داود في السنن وغيره *
* قال * (باب الدليل على أن الخنزير أسوأ حالا من الكلب)
ثم استدل على ذلك بحديث نزلوا ابن مريم وكسره الصليب وقتله الخنزير * قلت * لم يذكر في هذا الباب شيئا
غير هذا الحديث ودلالته على نجاسة الخنزير ليست بظاهرة فكيف على أنه أسوأ حالا من الكلب *
244

* قال * (باب سور الهرة)
ذكر فيه حديث (إسحاق بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك ان أبا قتادة
الحديث ثم قال هكذا رواه مالك في الموطأ) * قلت * الذي الموطأ من رواية يحيى بن يحيى عن حميدة بنت أبي
عبيدة بن فروة (1) وقال ابن مندة أم يحيى حميدة وخالتها كبشة لا يعرف لها رواية الا في هذا الحديث ومحلهما محل
الجهالة ولا يثبت هذا الخبر بوجه من الوجوه * ثم أسند البيهقي من طريق أبى قتادة عن أبيه * ثم أسند (عن
عكرمة قال لقد رأيت أبا قتادة يقرب إلى الهر فشرب منه ثم يتوضأ بسورها * قال * وكل ذلك شاهد
لصحة رواية مالك) * قلت * كيف تكون رواية عكرمة الموقوفة على أبى قتادة شاهدا لرواية مالك المرفوعة
ثم أسند من طريق المعتمر وحماد بن زيد (عن أيوب عن محمد بن أبي هريرة قال إذا ولغ الهر غسل مرة)
* قلت * روى الترمذي من طريق المعتمر بسنده هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يغسل الإناء إذا ولغ

(1) لكن في حاشية الموطأ والصواب ما قاله سائر رواة الموطأ حميدة بنت عبيد بن رفاعة 12
245

فيه الكلب سبع مرات أولاهن قال أو اخراهن بالتراب وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة * ثم قال حسن صحيح
فاعتمد على عدالة الرجال عنده ولعله لم يلتفت للوقوف مع رواية الرفع وهو مخالفا لما رواه البيهقي من طريق
المعتمر * ثم قال البيهقي بعد ان روى ذلك عن جماعة موقوفا (رواية الجماعة أولى) * قلت * قد تقدم
رواية الترمذي للرفع من طريق المعتمر عن أيوب وانه صححها ورواها البيهقي فيما مضى من طريق عبد الوارث
عن أيوب ومن طريق أبى عاصم عن قرة ومن طريق ابن عون كلهم عن ابن سيرين وهؤلاء أيضا جماعة وقد
زاد والرفع وزيادة الثقة مقبولة على ما عرف ولا تسلم ان ذلك مدرج فان الراوي تارة ينشط فيرفع
الحديث وتارة يفتى به فيقفه وهذا أولى من تخطئة الرافعين وقد مر لهذا نظائر وقد أسند الطحاوي عن
ابن سيرين انه كان إذا حدث عن أبي هريرة فقيل له عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل حديث عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم * ثم أسند البيهقي (عن محمد بن إسحاق الصغاني اخبرني سعيد بن عفير حدثنا يحيى
246

ابن أيوب عن ابن جريج عن ابن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال يغسل الإناء من الهر كما يغسل من الكلب)
ثم قال (وروي عن رويح بن الفرج عن ابن عفير مرفوعا وليس بشئ) * قلت * روح هذا روى عنه جماعة
من الأئمة كالمحاملي والحاكم في المستدرك والطبراني والأصم وغيرهم ووثقه أبو بكر الخطيب فوجب قبول
زيادته كيف وقد تابعه على ذلك غيره فاخرج الطحاوي هذا الحديث عن ربيع الجيزي عن سعيد بن كثير
ابن عفير بسنده والجيزي وثقه أيضا الخطيب وروى له أبو داود النسائي كذا ذكر صاحب الامام
عن الطحاوي والذي رأيته في كتابه شرح الآثار ومشكل الحديث انه أخرجه بالسند المذكور موقوفا على
أبي هريرة قال البيهقي (وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما هو حجة عليه في فتياه في الهرة ان صح ذلك فهو محجوج
بما تقدم من حديث أبي قتادة وعائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم) * قلت * كأنه أراد بقوله وقد يروى عن
أبي هريرة عنه عليه السلام ما ذكر عنه في آخر الباب وسنتكلم عليه إن شاء الله تعالى وقوله (فهو حجة عليه في فتياه)
247

* قلت * لم يكن ذلك فتيا بل هو مرفوع من جهات قد صحح الترمذي بعضها كما تقدم وحديث أبي قتادة اسناده
مضطرب اضطرابا كثيرا قد بين البيهقي بعضه وفيه امرأتان مجهولتان وقد تقدم ان ابن مندة قال لا ثبت بوجه
من الوجوه وحديث عائشة فيه امرأة مجهولة عند أهل العلم وهي ادم داود بن صالح ولهذا قال البزار لا ثبت من جهة النقل
والبيهقي أورده شاهد الحديث أبي قتادة محتجا به فكيف يكون أبو هريرة محجوجا بمثل هذين الحديثين *
ثم (أسند البيهقي حديث أبي هريرة السنور سبع) * قلت * عزاه صاحب الامام إلى الدارقطني وقال اسناده إلى
عيسى بن المسيب صحيح وحكي عن الدارقطني أنه قال في عيسى هذا صالح الحديث وكذا حكى عنه البيهقي فيما بعد في باب
سور الحيوانات سوى الكلب والخنزير وقال الحاكم صدوق واخرج له في المستدرك واخرج له ابن حبان
في صحيحه وقال ابن عدي صالح فيما يرويه ذكر ذلك البيهقي في الباب المذكور فإذا كان السنور سبعا فقد ثبت
نهيه عليه السلام عن اكل كل ذي ناب من السباع فيكون لحم السنور ممنوعا فكذا سوره كالكلب والخنزير
248

فالحديث حجة على البيهقي فذكره هنا نظر وصار حديث أبي هريرة هذا مؤيد الحديثة في غسل الإناء من ولوغ
الهرة وفى المحلى لابن حزم وممن امر بغسل الإناء من ولوغ الهرة أبو هريرة وسعيد بن المسيب والحسن وطاؤس
وعطاء جعلوه بمنزلة ما لو ولغ فيه الكلب * ثم أسند البيهقي (عن حفص بن عمر هو العدني حدثنا الحكيم يعنى
ابن أبا عن عكرمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الهر من متاع البيت) * قلت *
الحكم هذا وثقه جماعة وقال ابن المبارك ارم به وحفص العدني قال أبو حاتم لين الحديث وقال النسائي ليس
بثقة وقال ابن عدي عامة حديثه غير محفوظ وأخاف أن يكون ضعيفا كما ذكره النسائي *
* قال * (باب سور سائر الحيوانات سوى الكلب والخنزير)
ذكر فيه حديث جابر (أنتوضأ بما أفضل الحمر قال نعم وبما أفضلت السباع) وفى سند إبراهيم الأسلمي
فقال البيهقي (ضعفه أكثر أهل العلم) * ثم أسند (عن الشافعي كأن يقول لان يخر إبراهيم من بعد أحب إليه
من أن يكذب وكان ثقة في الحديث) * قلت * بل كذبه مالك وابن معين والقطان وقال ابن حنبل والبخاري
والنسائي والدارقطني والأزدي وغيرهم متروك وقال القطان سألت مالكا كان ثقة فقال لا ولا في دينه ورواه
الأسلمي عن داود بن الحصين وهو أيضا متكلم فيه * قال أبو زرعة لين وقال أبو حاتم ليس بالقوي ولولا أن مالكا
249

روى عنه لترك حديثه وقال سفيان بن عيينة كنا نتقي حديثه وقال ابن حبان حدث عن الثقات بما لا يشبه حديث الاثبات
تجب مجانبة روايته وقال ابن عدي إذا روى عنه ثقة فهو صالح الرواية الا ان يروى عنه ضعيف فيكون البلاء منه
مثل ابن أبي حبيبة وإبراهيم بن أبي يحيى * قلت * صرح ابن عدي هنا ان البلاء من ابن أبي يحيى وذكر
في ترجمة ابن أبي يحيى خلاف هذا فقال نظرت في أحاديثه يعنى ابن أبي يحيى فليس فيها منكر وإنما يروى
المنكر إذا كانت العهدة من قبل الراوي عنه فكأنه اتى من قبل شيخه لا من قبله قال البيهقي (وتابعه
عن داود بن الحصين إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة) ثم أسنده من حديث سعيد بن سالم (عن ابن أبي
حبيبة عن داود بسنده) * قلت * سعيد هو القداح تكلم فيه * قال البخاري عن ابن جريج كان يرى الارجاء
وقال عثمان بن سعيد يقال القداح ليس بذاك في الحديث وفى انساب السمعاني التي اختصرها ابن الأثير كان
مرجئا يهم في الحديث وابن أبي حبيبة تقدم تضعيف ابن عدي له وضعفه النسائي وقال البخاري منكر الحديث
وقال ابن معين ليس بشئ وقال الدارقطني متروك وروينا هذا الحديث في مسند الشافعي من رواية الأصم
عن الربيع عن الشافعي حدثنا سعيا عن ابن أبي حبيبة وابن أبي حبيبة عن داود عن جابر ولا ذكر لأبيه فقد اضطرب
سنده مع ضعف رواته وقد ذكر البيهقي فيما بعد (انه عليه السلام سئل من الماء وما ينوبه فقال إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل
الخبث) وظاهر هذا يدل على نجاسة سور السباع إذ لولا ذلك لم يكن لهذا الشرط فائدة ولكان التقييد به ضائعا *
250

* قال * (باب ما لا نفس له سائلة إذا مات في الماء القليل)
أسند فيه (عن بشر بن المفضل عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة حديث إذا وقع الذباب)
ثم قال (ورواه عمرو بن علي عن ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة) * قلت * ذكر صاحب الامام
ان عمرو بن علي رواه عن يحيى بن محمد بن قيس عن ابن عجلان عن القعقاع * قال البزاز هذا الحديث لا نعلم رواه عن
ابن عجلان عن القعقاع الا يحيى بن محمد بن قيس وقد خولف فيه عن ابن عجلان * ثم أسند البيهقي (عن بقية عن
سعيد بن أبي سعيد الزبيدي عن بشر بن منصور فذكر بسنده حديث سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه
دابة ليس لها دم ثم حكى عن ابن عدي (أنه قال الأحاديث التي يرويها سعيد الزبيدي عامتها ليست بمحفوظة) وقال
252

البيهقي في باب الصائم يكتحل (سعيد الزبيدي من مجاهيل شيوخ بقية ينفرد بما لا يتابع عليه) * ثم أسند في هذا
الباب أعني باب ما لا نفس له سائلة عن الدارقطني أنه قال لم يروه يعنى حديث سلمان غير بقية عن سعيد الزبيدي
وهو ضعيف * قلت * الظاهران البيهقي فهم من قول الدارقطني (وهو ضعيف) انه أرد الزبيدي لأنه ذكر
عقيب كلام ابن عدي فيه ذكر في الخلافيات كلام الدارقطني ثم قال (وقد ذكرنا ان ما يرويه بقية عن الضعفاء
والمجهولين فليس بمقبول منه) وقال صاحب الامام ذكر الحافظ أبو بكر الخطيب سعيد بن أبي سعيد هذا فقال
واسم أبيه عبد الجبار وكان ثقة * قال صاحب الامام وقل الدارقطني وهو ضعيف لا يريده ويريد بقية وذكر
ابن حبان في كتاب الثقات سعيدا هذا فقال سعيد بن عبد الجبار الزبيدي من أهل الشام يروى عن عمرو بن روية
الثعلبي عن أبي أمامة روى عنه أهل بلده وهذا ينفى عنه الجهالة وذكر صاحب الميزان سعيد بن أبي سعيد الزبيدي
وسعيد بن عبد الجبار الزبيدي في ترجمتين والله أعلم *
* قال * (باب الحوت يموت في الماء والجراد)
ذكر فيه (عن إسحاق بن حازم عن عبيد الله بن مقسم عن جابر سئل عليه السلام عن ماء البحر الحديث) * قلت *
ذكر ابن مندة ان هذا الحديث لا يثبت ويمكن أن يكون علله بالاختلاف في اسناده فان عبد العزيز بن عمران وهو
253

أبى أبى ثابت رواه عن إسحاق بن حازم الزيات مولى آل نوفل عن وهب بن كيسان عن جابر عن أبي بكر
الصديق رضي الله عنه أخرجه الدار قطين وقال عبد العزيز ليس بالقوى وقال عبد الحق في أحكامه إسحاق
ابن حازم شيخ مدني ليس بالقوى * ثم ذكر البيهقي (عن ابن وهب حدثنا سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن
ابن عمر قال أحلت لنا ميتتان ودمان الخ) ثم قال البيهقي (هو في معنى السند) * قلت * رواه يحيى بن حسان عن
سليمان بن بلال مرفوعا كذا قال ابن عدي في الكامل ثم إن البيهقي جعل قول ابن عمر أحلت في معنى المسند
ثم خالف ذلك في كتاب الحيض في باب غسل المستحاضة فذكر ما يدل على أن قول الراوي (فأمرت ان تؤخر
الظهر الخ) موقوف * ثم أسند البيهقي الحديث (عن عبد الرحمن وأسامة وعبد الله بنى زيد بن أسلم عن أبيهم
عن ابن عمر قال عليه السلام أحلت لنا ميتتان الحديث) ثم قال (أولاد زيد كلهم ضعفاء جرحهم ابن معين وكان
ابن حنبل وابن المدني يوثقان عبد الله الا ان الصحيح من هذا الحديث هو الأول) قلت * إذا كان عبد الله
ثقة على قولهما دخل حديثه فيما رفعه الثقة ووقفه غيره على ما عرف لا سيما وقد تابعه على ذلك أخواه فعلى هذا
لا نسلم ان الصحيح هو الأول *
254

* قال * (باب الماء القليل ينجس بنجاسة تحدث فيه)
ذكر فيه آخره (حديث جابر غطوا الاناء واوكوا السقاء وحديث أبي هريرة في الامر بتغطية الوضوء) * قلت *
الأظهر انه عليه السلام إنما امر بتغطية الاناء ليكون ذلك حرزا من الشيطان كما بينه في حديث جابر بقوله فان
الشيطان لا يحل سقاء ولا يكشف اناء وأيضا في ذلك أمان من الضرر ويدل على ما جاء في رواية لمسلم في حديث
256

جابر فان في السنة ليلة ينزل فيه وباء لا يمر بالماء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء الا نزل فيه من ذلك الوباء
فثبت بذلك ان الامر بالتغطية لهذا المعنى لا لتنجيس الماء فالحديثان ليسا بمطابقين للباب *
* قال * (باب الماء الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه ما لم تغيره)
* قلت * الأحاديث التي ذكرها في هذا الباب فيها ان الماء لا ينجسه شئ من غير تقييد بكثرة ولا عدم تغير وذكر
في الباب حديثا فيه طريف فقال (هو أبو سفيان وليس هو بالقوى الا انى أخرجته شاهدا لما تقدم) * قلت *
الان القول فيه وقد ضعفه ابن معين وأبو حاتم وقال ابن حنبل ليس بشئ ولا يكتب حديثه وقال النسائي متروك
257

وفى الكاشف للذهبي متروك عندهم وقال عمرو بن علي ما سمعت يحيى بن سعيد ولا عبد الرحمن بن مهدي
يحدثان عنه بشئ قط فعلى لا يصح ان يستشهد به * ثم أسند البيهقي (عن محمد بن أبي يحيى عن أمه قالت
دخلت على سهل بن سعد الخ) * ثم قال (اسناد حسن موصول) * قلت * هكذا ذكره أيضا عن محمد عن أمه
أبو الحسن الدارقطني ولم نعرف حال أمه ولا اسمها بعد الكشف التام ولا ذكر لها في شئ عمن الكتب الستة
258

وقد ذكر الطبراني في معجمة الكبير هذا الحديث في ترجمة أبى يحيى عن سهل فذكر بسنده عن محمد بن أبي يحيى
عن أبيه عن سهل الحديث فظهر ان في سنده اضطرابا ومع هذا كيف يكون اسناده حسنا *
* قال * (باب الماء الكثير إذا غيرته النجاسة)
ذكر في آخره عن الشافعي (أنه قال وما قلت من أنه إذ تغير طعم الماء وريحه ولونه كان نجسا يروى عن النبي صلى الله
عليه وسلم من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله وهو قول العامة لا اعلم بينهم فيه خلافا * قلت * أطلق
259

الشافعي ذلك وينبغي ان يقيد بما إذا كان الواقع نجسا والا فلو تغيرت الأوصاف الثلاثة بشئ طاهر فالمشهور من
مذهب الحنفية انه لا ينجس *
260

* قال * (باب قدر القلتين)
أسند فيه (عن الشافعي انا مسلم بن خالد عن ابن جريج باسناد لا يحضرني ذكره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إذا كان قلتين لم يحمل خبثا وقال في الحديث بقلال هجر * قال ابن جريج وقد رأيت قلال هجر فالقلة تسع
قربتين أو قربتين وشيئا * قال الشافعي كان مسلم يذهب إلى أن ذلك أقل من نصف القربة أو نصف القربة فيقول
خمس قرب أكثر ما يسمع قلتين وقد تكون القلتان أقل من خمس قرب فالاحتياط أن تكون القلة قربتين ونصفا فإذا كان
الماء خمس قرب لم يحمل نجسا في جر كان أو غيره الا ان يظهر في الماء منه ريح أو طعم أو لون قال وقرب الحجاز كبار
فلا يكون الماء الذي لا يحمل النجاسة الا يقرب كبار) * قلت * في هذا الحديث أشياء * أحدها ان مسلم بن خالد
ضعفه جماعة والبيهقي أيضا في باب من زعم أن التراويح بالجماعة أفضل * الثاني * ان الاسناد الذي لم يحضره ذكره
مجهول الرجال فهو كالمنقطع ولا تقوم به حجة * الثالث * ان قوله وقال في الحديث بقلال هجر يوهم انه من لفظ النبي
صلى الله عليه وسلم والذي وجد في رواية ابن جريج انه قول يحيى بن عقيل كما بينه البيهقي فيما بعد ويحيى هذا ليس
263

بصحابي فلا تقول بقوله حجة * ثم أسند البيهقي (عن محمد عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر انه عليه السلام قال إذا كان
الماء قلتين يحمل نجسا ولا بأسا قال فقلت ليحيى بن عقيل قلال هجر قال قلال هجر * قال فأظن ان كل قلة تأخذ الفرقين
زاد أحمد بن علي في روايته والفرق ستة عشر رطلا) * قلت * في هذا أيضا أشياء * أحدها * انه مرسل
* الثاني *) ان محمد المذكور فيه وهو ابن يحيى على ما قاله أبو أحمد الحافظ يحتاج إلى الكشف عن حاله * الثالث
انه ظن من غير جزم * الرابع * انه إذا كان الفرق ستة عشر رطلا يكون مجموع القلتين أربعة وستين رطلا
وهذا لا يقول به البيهقي وامامه وقد جاء ذكر الفرق من طريق آخر أخرجه ابن عدي من جهة المغيرة بن سقلان
عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين من قلال هجر
لم ينجسه شئ وذكر انهما فرقان وهذا يقتضي أن يكون القلتان اثنين وثلاثين رطلا * والمغيرة هذا ضعفه ابن عدي
وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه انه صالح وعن أبي رزعة جزري لا بأس به * ثم ذكر البيهقي عن محمد بن يحيى المذكور
(قال فرأيت قلال هجر فأظن ان كل قلة تأخذ قربتين) قال البيهقي (كذا في كتاب شيخي قربتين وهذا أقرب
مما قال مسلم بن خالد) * قلت * فعلى هذا يكون القلتان أربع قرب * ثم أسند البيهقي (عن مجاهد قال
القلتان الجرتان وعن وكيع ويحيى بن آدم مثله وعن هشيم قال الجرتان الكبار وعن محمد بن إسحاق الجرار التي
264

يستقى فيها الماء والدواريق وعن عاصم بن المنذر قال القلال الخوابى العظام * قلت * قد اختلف في تفسير القلتين اختلافا
شديدا كما ترى ففسرنا بخمس قرب وبأربع وبأربع وستين رطلا وباثنين وثلاثين وبالجرتين مطلقا وبالجرتين
تقيد الكبر وبالخابيتين والخابية الحب فظهر بهذا جهالة مقدار القلتين فتعذر العمل بها * وقال أبو عمر في التمهيد وما ذهب
إليه الشافعي من حديث القلتين مذهب ضعيف من جهة النظر غير ثابت في الأثر لأنه حديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم
ولان القلتين يوقف على حقيقة مبلغهما في اثر ثابت ولا اجماع وذكر ابن جرير الطبري في التهذيب معنى
هذا الكلام *
* قال * (باب صفة بئر بضاعة)
* قلت * الأولى ان يذكر هذا الباب تلو (باب الماء الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه ما لم تغيره) ثم إن البيهقي
ذكر في هذا الباب عن الشافعي (أنه قال بئر بضاعة كثيرة الماء واسعة كان يطرح فيها من الأنجاس مالا يغرلها
لونا ولا طعما ولا يظهر له فيها ريح فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم تتوضأ من بئر بضاعة وهي يطرح فيها كذا وكذا
فقال عليه السلام مجيبا الماء لا ينجسه شئ وبين انه في الماء مثلها إذا كان مجيبا عليها * قلت * قد قدمنا في أوائل
هذا الكتاب ان الماء الراكد إذا وقعت فيه تلك الأشياء أعني النتن والحيض والكلاب فالا ظهران
الأوصاف الثلاثة تتغير ويؤيد هذا ما أسنده البيهقي فيما بعد (عن أبي داود السجستاني من قوله ورأيت
فيها ماء متغير اللون) *
265

* قال * (باب ما جاء في نزح زمزم)
أسند فيه (عن ابن سيرين ان زنجيا وقع في زمزم فمات فأمر به ابن عباس فاخرج وامر بها ان تنزح إلى آخره) ثم
قال (وراه ابن أبي عروبة عن قتادة ان زنجيا وقع في زمزم فامر هم ابن عباس بنزحه وهذا بلاغ
بلغهما فإنهما لم يلقيا ابن عباس ولم يسمعا منه) * قلت * ذكر البيهقي في الخلافيات عن شعبة (أنه قال أحاديث
ابن سيرين عن ابن عباس إنما من عكرمة ولم يسمع من ابن عباس) وفي الكمال لعبد الغنى وروى ابن
سيرين عن ابن عباس والصحيح ان بينهما عكرمة انتهى كلامه فإذا ارسل ابن سيرين عن ابن عباس وكان
الواسطة بينهما ثقة وهو عكرمة كان الحديث محتجا به * وفي التمهيد لابن عبد البر مراسيل ابن سيرين صحاح
كمر أسيل سعيد بن المسيب * ثم إن البيهقي أخرجه في كتاب المعرفة من طريق (ابن لهيعة عن عمرو بن دينار
عن ابن عباس) وعمرو سمع من ابن عباس وذكر في كتابيه السنن والمعرفة (ان جابر الجعفي رواه مرة عن أبي
الطفيل عن ابن عباس ومرة عن أبي الطفيل نفسه ان غلاما وقع في زمزم) وابن لهيعة والجعفي متكلم فيهما
لكن ذكر تهما استشهاد لرواية ابن سيرين وقتادة * قال ابن عدي ابن لهيعة حسن الحديث يكتب حديثه وقد
حدث عنه الثقات الثوري وشعبة وعمرو بن الحارث والليث بن سعد للجعفي حديث صالح وقد روى عنه
الثوري الكثير مقدار خمسين حديثا وشعبة أقل رواية عنه من الثوري وقد احتمله الناس ورووا عنه ولم يختلف
أحد في الرواية عنه * وعن الثوري قال ما رأيت أو رع في الحديث من الجعفي * وعن شعبة قال وهو صدوق
266

في الحديث وعن الثوري أنه قال لشعبة لان تكلمت في جابر لا تكلمن فيك وقد روي نزح زمزم من
طريق آخر صحيح فروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن هشيم عن منصور عن عطاء ان حبشيا وقع في زمزم فمات
فامر ابن الزبير ان ينزف ماء زمزم فجعل الماء لا ينقطع فنظروا فإذا عين تنبع من قبل الحجر الأسود فقال
ابن الزبير حسبكم * وعطاء سمع من ابن الزبير بلا خلاف * ثم حكى البيهقي عن الشافعي (أنه قال لا نعرفه عن
ابن عباس وزمزم عندنا ما سمعنا بهذا وعن ابن عيينة قال إنا بمكة منذ سبعين سنة لم أر صغيرا ولا كبيرا يعرف
حديث الزنجي وعن أبي عبيد قال وكذلك لا ينبغي لان الآثار جاءت في نعتها انها لا تنزح ولا تذم * قلت * قد عرف
هذا الامر وأثبته أبو الطفيل وابن سيرين وقتادة ولو أرسلاه وعمر وبن دينار وعطاء والمثبت مقدم على النافي خصوصا
مثل هؤلاء الاعلام ولا يلزم من عدم سماع من لم يدرك ذلك الوقت وعدم من يعرفه عدم هذا الامر في نفسه وليس
فيه ان ابن عباس وابن الزبير قدرا على استيصال الماء بالنزح حتى يكون مخالفا للآثار التي ذكرها أبو عبيد بل صرح في
رواية ابن أبي شيبة بان الماء لم ينقطع وفى رواية البيهقي بان العين غلبتهم حتى دست بالقباطي والمطارف وقد قال السهيلي
في روض الانف نحو هذا وجع لحديث الحبشي مؤيد لما روى في صفتها انها لا تنزف لا مخالفا فقال وقيل لعبد
المطلب في صفة زمزم لا تنزف ابدا ولا تذم وهذا برهان عظيم لأنها لم تنزف من ذلك الحين إلى اليوم فقط وقد وقع
فيها حبشي فنزحت من اجله فوجدوا ماء هايثور من ثلاث أعين أفواها وأكثرها عين من ناحية الكعبة * ثم ذكر
البيهقي (عن الشافعي أنه قال لمخالفيه وقد رويتم عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه
267

قال الماء لا ينجسه شئ * افترى ان ابن عباس يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر اثم يتركه * قلنا * لم يتركه
بل خصصه كما خصصته أنت أيها الشافعي بنجاسة ما دون القلتين بالنجس ولو لم يتغير وبنجاسة ما بلغ قلتين
فصاعدا بالتغير * ثم حكي البيهقي (عن الشافعي انه أول نزح زمزم ان صح بأنه كان للتنظيف لا للنجاسة) * قلت يمنع
ذلك ان ابن عباس وابن الزبير امر بالنزح ومطلق الامر للوجوب وليس ذلك الا بالتنجيس ويبعد هذا التأويل أيضا
انهم بالغوا في المنزح وسعد العين كما مر ولو كان للتنظيف لم يبالغوا هذا المبالغة العظيمة * ثم حكى البيهقي
عن الشافعي (أنه قال وقد يكون الدم ظهر على وجه الماء حتى رئي) * قلت * الغالب ان من يقع في الماء يموت
خنقا ولا يخرج منه دم ولو خرج كان قليلا لا يصل إلى أن يظهر على وجه الماء الكثير ويرى فيه لما مر ان زمزم
لا تذم * قال الهروي وابن الأثير ويغر هما قيل معناه لا يوجد ماؤها قليلا من قولهم بئر ذمة إذا كانت قليلة الماء
وقال السهيلي هو من إذ ممت البئر إذا وجدتها ذمة كما تقول أجنبت الرجل إذا وجدته جبانا وأكذبته
إذا وجدته كاذبا وفى التنزيل * فإنهم لا يكذبونك * انتهى كلامه وأيضا فان الراوي جعل علة نزحها موته دون غلبة دمه
لقوله مات فامر ان تنزح كقوله زنى ماعز فرجم ثم حكى البيهقي عن الشافعي (أنه قال يعنى لمخالفيه زعمت أن ابن عباس
نزح زمزم من زنجي وقع فيها وأنت تقول يكفي من ذلك أربعون أو ستون دلوا) * قلت * الأظهر ان الشافعي
يريد بذلك محمد بن الحسن وليس هذا الذي ألزمه به مذهبه بل مذهب أبي حنيفة وسائر أصحابه محمد وأبي يوصف
وغيرهما انه يجب نزح جميعها الا ان يتعذر كما ورد عن ابن عباس في زمزم *
268

* قال * (باب الرخصة في المسح على الخفين)
ذكر فيه أحاديث ثم قال (وإنما بلغنا كراهية ذلك عن علي وعائشة وابن عباس اما لرواية فيه عن علي أنه قال سبق
الكتاب المسح على الخفين فلم يرو باسناد موصول يثبت مثله) * قلت * على تقدير ثبوته يحتمل ان يريد ان الكتاب
269

سابق والمسح مسبوق متأخر فيكون ناسخا للكتاب ويكون في معنى حديث جرير فلا يلزم من ذلك كراهية المسح
على الخفين * قال (واما ابن عباس فإنما كرهه حين لم يثبت له مسح النبي عليه السلام بعد نزول المائدة فلما ثبت له رجع
اما بصحة ذلك) فذكر بسنده ما يدل على كراهيته له هو (ان عباس قال إنا عند عمر حين سأله سعد وابن
270

عمر عن السمح عن الخفين فقضى لسعد فقلت لسعد علمنا أنه عليه السلام مسح على خفيه ولكن اقبل المائدة أم بعدها
لا يخبرك أحد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح بعد المائدة فسكت عمر) * قلت * قوله اما بصحة ذلك يقتضى
أن يكون بسند صحيح وفيه خصيف وقد قال البيهقي في باب كفارة من اتى الخائض (غير محتج به) وقال في باب
من كبر بالطائفتين (ليس بالقوى) * ثم ذكر ما يدل على تجويزه له فأسند (عن ابن عباس قال إنا عند عمر حين
271

سأله سعد وابن عمر بن المسخ فقضى لسعد فقلت لسعد لو قلتم بهذا في السفر البعيد والبرد الشديد قال فهذا
تجويز منه للمسح في السفر البعيد والبرد الشديد بعد إن كان ينكره على الاطلاق) * قلت * من أين له ان
الانكار ان سابقا حتى يقطع بذلك وكان الصواب ابن يذكره على وجه الاحتمال كما فعل فيما بعد فذكر (عن عطاء
272

انه روى عن ابن عباس المسح وكذب عكرمة في روايته عنه أنه قال سبق الكتاب المسح) * ثم قال (ويحتمل
أن يكون ابن عباس قال ما روى عنه عكرمة ثم لما جاء التثبت عن النبي عليه السلام انه مسح بعد نزول المائدة
قال ما قال عطاء) *
273

* قال * (باب مسحه عليهم السلام في السفر والحضر)
(ذكر فيه) حديث دخوله عليه السلام الأسواف ومسحه على الخفين ثم قال (قال الشافعي فيه دليل على أنه
عليه السلام مسح في الحظر لان بلا لا حمل في الخطر) * قلت * وكذا حكى البيهقي عن الشافعي هذا اللفظ بعينه (1).
في كتاب المعرفة ولا اعرف ما معناه ولعله تصحيف من الكاتب وذكر أبو عمر في التمهيد عن أسامة انه عليه السلام
دخل دار جمل فتوضأ ومسح على خفيه * ثم ذكر عن أبي المصعب قال دار جمل بالمدينة *

لكن في نسخ البيهقي التي عندنا الحضر بالضاد المعجمة وهو صحيح الحظر بالظاء المعجمة تصحيف بلا شك 12
274

* قال * (باب ما ورد في ترك التوقيت)
ذكر فيه (عن إبراهيم التيمي بنا عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت الحديث) * ثم قال
(رواه سلمة بن كهيل عن التيمي فادخل بين عمرو بن ميمون وبين التيمي الحارث بن سويد) * ثم أسند ذلك من
جهة (شعبة عن سلمة) * قلت * قد تقدم ان التيمي صرح بالتحديث عن عمرو بن ميمون فيحتمل انه سمعه عنه
ومن الحارث عنه * ثم قال البيهقي (ورواه الثوري عن سلمة فخالف شعبة في اسناده) * ثم أسنده عن الثوري عن
277

سلمة عن التيمي عن الحارث عن عبد الله قال يمسح المسافر ثلاثا) قال (ورواه يزيد بن أبي زياد عن التيمي فخالفهم
جميعا) * ثم أسنده (عن يزيد عن التيمي عن الحارث عن عمر قال يمسح المسافر عن الخفين) * قلت * إنما تعلل رواية
برواية إذا ظهر اتحاد الحديث والذي ذكره عن الثوري فتوى لا بن مسعود في توقيت المسح للمسافر والذي ذكره
عن يزيد فتوى لعمرو هما موقوفان فكيف يعلل بها حديث خزيمة المرفوع الدال على ترك التوقيت كما زعم * ثم
قال البيهقي (قال الترمذي سألت محمد سألت محمدا يعنى البخاري عن هذا الحديث فقال لا يصح عندي حديث خزيمة في المسح
278

لأنه لا يعرف لأبي عبد الله الجدلي سماع من خزيمة) * قلت * هذا أيضا بناء على ما حكى عن البخاري انه يشترط
ثبوت سماع الراوي عمن روى عنه ولا يكتفى بامكان اللقاء وحكى مسلم عن الجمهور خلاف هذا وانه يكتفى بالامكان
وقد خالف الترمذي في جامعه ما حكاه البيهقي ههنا عنه عن البخاري فحكم هناك على هذا الحديث بأنه حسن صحيح
وقال فيه وذكر عن ابن معين انه ثبته وعلله ابن حزم بالجدلي نفسه وانه لا يعتمد على روايته وأجاب عنه صاحب الامام
بأنه ما قدح فيه احمد من المتقدمين ولا قال فيه ما قاله ابن حزم علمه ووثقه ابن حنبل وابن معين وصحح
279

الترمذي حديثه * قال (ورواه ذواد بن علبة الحارثي وهو ضعيف عن مطرف عن الشعبي عن أبي عبد الله
الجدلي عن خزيمة عن النبي صلى الله عليه السلام قال يمسح المسافر ثلاثة أيام ولو استزدناه لزادنا) * قلت * ذواد قال
البخاري يخالف في بعض حديثه وذكر ابن أبي حاتم عن محمد بن عبد الله بن نمير كان شيخا صالحا وقال كوفيا وقال
موسى بن داود الضبي ثنا داود اثنى عليه خيرا وقال ابن عدي وهو في جملة الضعفاء ممن يكن حديثه فهو على
هذا صالح للاستشهاد قال فروايته مقوية للرواية التي صححها الترمذي *
280

* قال * (باب الخف الذي مسح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم)
ذكر فيه حديث بردة) اهدى النجاشي إلى النبي عليه السلام خفين ساذجين أسودين) * قلت * في سنده
دلهم بن صالح عن حجير بن عبد الله ودلهم قال فيه البيهقي في باب من ترك القصر (ضعيف) وفى الضعفاء للذهبي
282

حجير مجهول ثم أسند البيهقي (عن الشعبي عن المغيرة انه عليه السلام مسح وان النجاشي اهدى له خفين) ثم قال
(والشعبي إنما روى حديث المسح عن عروة بن المغيرة عن أبيه) * قلت * هذا الكلام يوهم ان حديث الشعبي
هذا أعني هذا الحصر عن المغيرة مرسل وقد اخرج مسلم في صحيحه حديث الشعبي عن المغيرة وأخرج الترمذي حديثه
هذا وحسنه فد على أن روايته عنه متصلة فلا يلزم من روايته عن أبيه عنه حديث المسح أن تكون روايته عن
المغيرة نفسه مرسلة بل يحمل على أنه سمع منهما ثم ذكر (قول معمر والثوري في الخرق) وفى مناسبة ذلك
لهذا الباس تعسف * ثم ذكر حديث ابن عمر في المحرم (يقطع الخفين أسفل من الكعبين) ثم قال (قال أبو الوليد
الفقيه فيه دلالة على أن الخف إذا لم يغط جميع القدم فليس يخف يجوز المسح عليه) * قلت * فيه دلالة على أنه إذا قطع
أسفل من الكعبين فلم يغط ذلك القدر فليس بخف بل يبقى حكمه حكم النعل ولا يلزم من ذلك أنه إذا لم يغط ما هو أقل من ذلك فليس بخف *
* قال * (باب ما ورد في الجوربين والنعلين)
ذكر فيه (عن أبي قيس عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة انه عليه السلام مسح على جوربه ونعليه) * ثم ذكر (عن
مسلم انه ضعف الخبر وقال أبو قيس الأودي وهزيل لا يحتملان مع مخالفتهما الأجلة الذين رووا هذا الخبر عن
283

المغيرة * فقالوا مسح على الخفين) وذكر أيضا (تضعيف الخبر عن جماعة وان الاعتماد في ذلك على مخالفة الناس) * قلت *
هذا الخبر أخرجه أبو داود سكت عنه وصححه ابن حبان وقال الترمذي حسن صحيح وأبو قيس عبد الرحمن
ابن ثروان وثقه ابن معين وقال العجلي ثقة ثبت وهزيل وثقه العجلي واخرج لهما معا البخاري في صحيحه ثم إنهما
لم يخالفا الناس مخالفة معارضة بل رويا امر زائدة على ما ورده بطريق مستقل غير معارض فيحمل على أنهما
حديثان ولهذا صحح الحديث كما مره * ثم أسند البيهقي (عن عيسى بن سنان عن الضحاك بن عبد الرحمن عن أبي
موسى رأيته عليه السلام يمسح على الجروبين النعلين) * ثم قال (الضحاك لم يثبت سماعه من أبى موسى وعيسى
ابن سنان ضعيف لا يحتج به) * قلت * هذا أيضا كما تقدم انه على مذهب من يشترط للاتصال ثبوت السماع
ثم هو معارض بما ذكره عبد الغنى فإنه قال في الكمال سمع الضحاك من أبى موسى وابن سنان وثقه ابن معين
وضعفه غيره وقد اخرج الترمذي في الجنائز حديثا في سنده عيسى بن سنان هذا وحسنه * ثم ذكر البيهقي
(عن الاسناد أبى الوليد انه كان يؤول حديث المسح على الجوربين والنعلين على أنه مسح على جور بين منعلين
284

لأنه جورب على انفراد ونعل على انفراد * قال البيهقي (وقد وجدت لانس اثرا يدل على ذلك) فأسند
عنه (انه مسح على جوربين أسفلهما جلود وأعلاهما خز) * قلت * الحديث ورد بعطف النعلين على الجور بين وهو
يقتضى المغايرة فلفظه مخالف لهذا التأويل وكون انس مسح على جور بين منعلين لا يلزم منه أن يكون النبي
عليه السلام فعل كذلك فلا يدل فعل انس على تأويل الحديث بما لا يحتمله لفظه *
285

* قال * (باب ما ورد في المسح على النعلين)
ذكر فيه حديثا (عن رواد بن الجراح عن الثوري عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عياش ثم قال رواه
ينفرد عن الثوري بمناكير هذا اخذها والثقات ورووه عن الثوري دون هذه اللفظة) * يعنى مسح على نعليه
قال (وروى عن زيد بن الحباب عن الثوري هكذا وليس ومحفوظ) * ثم أسند من طريق زيد بن الحباب
عن الثوري بسنده المذكور (انه عليه السلام مسح على النعلين) * قلت * في الكامل لابن عدي رواد يكتب
حديثه وقال ابن أبي حاتم ادخله البخاري في كتاب الضعفاء فسمعت أبي يقول تحول من هناك وقال ابن حنبل
لا بأس به صاحب سنة الا انه حديث عن سفيان أحاديث مناكير وقال ابن معين ثقة مأمون ثم إنه لم ينفرد بهذا
الحديث بل رواه كرواية ابن الحباب كما ذكر البيهقي فعلى هذا لا ينبغي ان يعد هذا الحديث من مناكير رواد
ثم العجب من البيهقي كيف يجعله مما الفرد به عن الثوري * ثم يذكر هو (ان ابن الحباب رواه عن الثوري كروايته)
وزيد بن الحباب ثقة مشهور وثقة ابن المديني وابن معين واخرج له مسلم وقال ابن حنبل كان صاحب حديث
كيسا رحل إلى خراسان ومصر والأندلس كتبت عنه بالكوفة وهاهنا وقال ابن عدي هو من اثبات مشائخ الكوفة
ممن لا يشك في صدقه * قلت * فإذا كان كذلك فهذا الحديث لو انفرد به قبل فكيف وقد تابعه عليه غيره
كما مرو جاءت له متابعة أخرى وهي ان عبد الرزاق قال في مصنفه انا معمر عن يزيد بن أبي زياد بن أبي ظبيان قال
ريت عليا بال قائما * ثم ذكر بمعنى ما رواه البيهقي عنه في أواخر هذا الباب وفيه انه مسح على نعليه ثم قال
286

قال معمر وأخبرني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل صنيع علي هذا * ثم
قال البيهقي (ورواه عبد العزيز الدراوردي وهشام بن سعد عن زيد بن أسلم فحكيا في الحديث رشا على الرجل
وفيها النعل وذلك يحتمل أن يكون غسلها في النعل إلى آخره) * قلت * قد خالف البيهقي كلامه ها هنا بعض
مخالفة فيما مر في باب قراءة (وأرجلكم) نصبا وقد تكلمنا معه هناك ثم أسند (عن يعلي بن عطاء عن أبيه اخبرني
أوس بن أبي أوس رايته عليه السلام توضأ ومسح على نعليه وقدميه) ثم قال (ورواه حماد بن سلمة عن يعلى عن
أوس وهو منقطع) * ثم ذكر هذا الوجه بسنده * ثم قال (وهذا الاسناد غير قوى) * قلت * الوجه
الأول وأخرجه الحازمي في الناسخ والمنسوخ وقال لا يعرف مجردا متصلا الا من حديث يعلي بن عطاء
وخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه فالاحتجاج به كاف * ثم قال البيهقي (وهو يحتمل ما احتمل الحديث
الأول) * ثم استدل على أن المراد به غسل الرجلين في النعلين بما أسنده من حديث ابن عمر (انه رأى النبي صلى الله
عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها ويتوضأ فيها * قلت * ذكر صاحب الامام ان في الاستدلال به على ما أراد
نظر إذ يحتاج إلى أن يكون لفظه يتوضأ لا يطلق الا على الغسل * ثم قال البيهقي (والأصل وجوب غسل الرجلين
287

الا ما خصته ثابتة أو اجماع لا يختلف فيه وليس على المسح على النعلين ولا على الجوربين واحد منهما) * قلت * هذا
ممنوع فقد تقدم ان الترمذي صحح المسح على الجوربين والنعلين وحسنه من حديث هزيل عن المغيرة وحسنة
أيضا من حديث الضحاك عن أبي موسى وصحح ابن حبان المسح على النعلين من حديث أوس وصحح ابن
خزيمة حديث ابن عمر في المسح على النعال السبتية وما ذكره البيهقي من حديث زيد بن الحباب عن الثوري
في المسح على النعلين حديث جيد وقال أبو بكر البزاز ثنا إبراهيم بن سعد ثنا روح بن عبادة عن ابن أبي
ذئب عن نافع عن ابن عمر كان يتوضأ ونعلا في رجليه ويمسح عليهما ويقول كذلك كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يفعل وصححه ابن القطان وحكى ابن حزم عن الشافعي قال لا يمسح على الجوربين الا أن يكونا مجلدين ثم قال
ابن حزم اشتراط التجليد لا معنى له لأنه لم يأت به قرآن ولا سنة ولا قياس ولا قول صاحب والمنع من المسح
على الجوربين خطأ لأنه خلاف السنة الثابتة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلاف الآثار *
* قال * (باب المسح على الموقين)
(والموق هو الخف الا ان من أجاز المسح على الجرموقين احتج به) * قلت * الظاهر يريد ان الموق هو الخف المعتاد
لا الجر موق رد أعلى يقول الموق هو الجرموق وهذا يرده قول الجوهري الموق خف قصير يلبس فوق الخف
وكذا قال للطرزي وقال الجوهري أيضا الجرموق خف قصير يلبس فوق الخف فدل ذلك على أنهما سواء ومن
قال الموق هو الخف فإنما قال ذلك لأنه نوع من الخفاف ولم يرد انه غير الجر موق كما هو المفهوم من ظاهر
288

كلام البيهقي وذكر في هذا الباب حديثا (عن أبي عبد الله مولى بنى تيم بن مرة يحدث عن أبي عبد الرحمن أنه
شهد عبد الرحمن بن عوف يسأل بلا لا الحديث) * قلت * ذكر صاحب الامام انه لم يسم أبو عبد الله ولا
أبو عبد الرحمن قال ولا رأيت في الرواة عن كل واحد منهما الا واحد وهو ما ذكر في الاسناد وفى الأطراف للمزي
ذكرهما الحاكم أبو أحمد ولم يسمهما ورواه عبد الرزاق وأبو عاصم النبيل عن ابن جريج عن أبي بكر بن حفص عن أبي
عبد الرحمن عن أبي عبد الله عن بلال وقلبه *
* قال * (باب خلع الخفين)
ذكر فيه حديثا عن المغير ثم قال (تفرد به عمر بن رديح وليس بالقوى) * قلت * عمر هذا ذكره ابن عدي
في الكامل وقال يخالفه الثقات في بعض ما يرويه وفى الضعفاء للذهبي قال ابن معين صالح الحديث وفى كلا الكتابين
وقع رديج بتقديم الراء كما في سنن البيهقي وقال صاحب الامام ذريج بفتح الذال المعجمة وكسر المراء
المهملة وآخره ماء مهملة *
289

* قال * (باب كيف على الخفين)
ذكر فيه (عن الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن رجاء بن حياة عن كاتب المغيرة عن المغيرة انه عليه السلام
ان يسمح أعلى الخف وأسفله) ثم أسنده (عن داود بن رشيد ثنا الوليد عن ثور ثنا رجاء عن كاتب المغيرة عن
المغيرة) * ثم أسند عن الدارقطني (أنه قال رواه ابن المبارك عن ثور قال حدثت عن رجاء عن كاتب المغيرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم مرسلا ليس فيه المغيرة) * قلت * حاصله انه ذكر في الحديث علتين * إحداهما * ان ثورا
290

لم يسمعه من رجاء * الثانية * ان كاتب المغيرة أرسله * ويمكن ان يجاب عن الأولى بما تقدم من رواية داود بن رشيد
فإنه صرح فيها بان ثورا قال ثنا رجاء وإن كان داود فقد روى أنه قال عن رجاء * ويجاب عن الثانية بان
الوليد بن مسلم زاد في الحديث ذكر المغيرة وزيادة الثقة مقبولة وتابعه على ذلك ابن أبي يحيى كذا أخرجه عنه البيهقي
في كتاب المعرفة وبقى في الحديث علتان اخريان لم ينبه عليهما البيهقي * إحداهما * ان كاتب المغيرة مجهول * الثانية *
ان الوليد مدلس وقد رواه عن ثور بالعنعنة * ويجاب عن الأولى بان المعروف بكتابة المغيرة هو مولاه وراد وهو
مخرج له في الصحيحين فالظاهر أنه هو المراد وقد ادرج بعض الحفاظ هذا الحديث في ترجمة رجاء عن وراد
وذكره المزي في أطرافه في ترجمة وراد عن المغيرة واصرح من هذا ان ابن ماجة أخرجه في سننه فقال عن رجاء
عن وراد كاتب المغيرة فصرح باسمه وقال المزي في أطرافه رواه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عبد الملك بن عمير
عن وراد عن المغيرة * ويجاب عن الثانية بان أبا داود اخرج هذا الحديث في سننه فقال عن الوليد اخبرني ثور
فامن بذلك تدليسه *
* قال * (باب الاقتصار بالمسح على ظاهر الخفين)
ذكر فيه حديث على (لو كان الدين بالرأي وفى سنده عبد خير فقال لم يحتج به صاحبا الصحيح) * قلت *
291

ذكر هذه العبارة في حق جماعة وكأنه يريد بذلك تضعيفهم وقد ذكرنا انه لا يلزم من كونهما لم يحتجا يشخص
أن يكون ضعيفا وعبد خير ثقة وقد تقدم ذكره *
292

* قال * (باب الدلالة على أن الغسل للجمعة سنة اختيار)
ذكر فيه حديث الحسن عن سمرة * ثم قال (وروي من وجه آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم وفى اسناده نظر)
ثم ساقه من حديث انس * قلت * ذكر هنا في اسناده نظروا أورد في كتاب المعرفة ما يقضى فساق
294

حديث انس هذا ثم قال (وفيه أسناد آخر أصح من ذلك) فساق حديث سمرة فإن لم يرد الاشتراك في الصحة
ففيه ما فيه ثم ذكره من حديث الخدري وفي سنده أسيد الجمال ثنا شريك * قلت * شريك متكلم فيه وأسيد
كذبه ابن معين وقال النسائي متروك وقد ذكره أبو عمر في التمهيد بسند أجود من هذا فقال ثنا عبد الوارث
295

ابن سفيان ثنا قاسم بن اصبغ ثنا إبراهيم بن عبد الرحيم ثنا صالح بن مالك ثنا الربيع بن بدر عن الجريري عن
أبي نضرة عن الخدري فذكره *
296

* قال * (باب الغسل على من أراد الجمة دون من لم يردها)
ذكر فيه حديث ابن عمر (إذا أراد أحدكم يأتي الجمعة فليغتسل) ثم قال (رواه مسلم عن يحيى بن يحيى ولم يذكر (1) عن
ابن عمر أنه قال الغسل على من تجب عليه الجمعة) * قلت * لم يذكر هذا الكلام في الرواية التي ساقها البيهقي
أولا فكيف ينفيه عن رواية مسلم * ثم ذكر (عن ابن عمرانه كان لا يغسل في السفر يوم الجمعة) قال (وقد استحب
غيره ان يغسل في كل أسبوع مرة تنظيفا) وذكر (انه احتج بحديث أبي هريرة قال عليه السلام على كل مسلم
حق ان يغتسل في كل سبعة أيام يوما) * قلت * استدل به على الاستحباب وظاهره للوجوب ثم قال (يشبه
أن يكون أراد به أيضا غسل يوم الجمعة) ثم استدل على ذلك بحديث أبي هريرة (عن النبي عليه السلام قال نحن

(1) وفي نسخ البيهقي التي موجودة عندنا ويذكر بذل يذكر 12.
297

الآخرون السابقون) إلى أن قال (فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له فغدا لليهود وبعد غد للنصارى
فسكت وقال حتى على كل مسلم في كل سبعة أيام يوما يغسل رأسه وجسده) * قلت * المستدل به والمستدل عليه كلاهما
حديث واحد وليس فيهما الا قوله في كل سبعة أيام يوما مطلقا من غير تقييد بأنه يوم الجمعة الا ان يؤخذ
ذلك من كونه عليه السلام ذكر عقيب قوله فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فقرينة السياق يقيد بيوم الجمعة
وربما ينازع في ذلك فكان الأولى ان يستدل عليه بما أخرجه البزار من طريق طاؤس عن أبي هريرة رفعه قال على
كل مسلم في كل سبعة أيام غسل وهو يوم الجمعة وبما أخرجه الطحاري والنسائي واللفظ له من حديث ابن أبي هند
عن أبي الزبير عن جابر النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل رجل مسلم في سبعة أيام غسل يوم وهو يوم الجمعة *
* قال * (باب الاغتسال للجنابة والجمة جميعا)
أسند فيه (عن جرير عن ليث عن نافع عن ابن عمرانه كان يغتسل للجنابة والجمعة غسلا واحدا) * قلت * جرير هو ابن
عبد الحميد ه قال البيهقي في باب اقرار الوارث لوارث (نسب في آخر عمر ه إلى سوء الحفظ) وليث هو ابن أبي سليم
ضعفه البيهقي فيما مضى في باب الاستنجاء بما يقوم مقام الحجارة *
* قال * (باب هل يكتفى يغسل الجنابة عن غسل الجمعة)
* قلت * لم يذكر الحكم فيه وما ذكره عن أبي قتادة يقتضى عدم الجواز ومذهب الشافعي انه يجزيه عنهما جميعا
298

وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والليث بن سعد والطبري فان اغتسل للجمعة دون الجنابة لم يخره عند الشافعي
كذا في الاستذكار *
* قال * (باب الغسل من غسل الميت)
ذكر فيه حديث (مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة الحديث) * ثم قال
(اخرج مسلم في الصحيح حديث مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن ابن الزبير عن عائشة عن النبي عليه السلام
299

عشر من الفطرة وترك هذا الحدث فلم يخرجه ولا أراه تركه الا لطعن بعض الحفاظ فيه) ثم ذكر للحديث طرقا
ثم حكى عن الترمذي (سألت البخاري عنه فقال إنا بن حنبل وعلي بن عبد الله قالا لا يصح في هذا الباب شئ
وليس بذاك) وحكى البيهقي في كتاب المعرفة عن أحمد انه ضعف حديث عائشة وعن الترمذي أنه قال قال
البخاري حديث عائشة في هذا الباب ليس بذاك وقال البيهقي الخلافيات في اسناد هذا الحديث كلهم ثقات
فان طلقا ومصعبا اخرج لهما مسلم وسائر رواته متفق عليهم * قلت * كلام هذا يخالف ما تقدم عنه في الكتابين
السابقين وقال الأثرم سمعت أبا عبد الله يعنى ابن حنبل يتكلم في مصعب ويقول أحاديثه مناكير وسمعت يتكلم
في هذا الحديث بعينه وقد صح عن عائشة انكار الغسل عن غسل الميت فكيف ترويه عن النبي صلى الله عليه وسلم
وتنكره وأيضا كانت ترخص في الغسل للجمعة وفي هذا ما يقتضى الامر به وأيضا أجمعت الأمة على أن الحجامة
لا يجب فيها غسل وأجاب صاحب الامام عن هذا بان اجماعهم لا يقتضى تضعيف الخبر الجواز ان يحمل على الاستحباب
300

وذكر البيهقي الاختلاف فيه من طرق أبي هريرة ثم قال (قال الشافعي وإنما منعني من ايجاب الغسل من غسل الميت
ان في اسناده رجلا لم أقع من معرفة من ثبت حديثه إلى يومى على ما يقنعني فان وجدت من يقنعني أوجبته) * قلت
وكذا حكى البيهقي في المعرفة عن الشافعي * ثم قال (وقال في غير هذه الرواية وإنما لم يقو عندي ان بعض الحفاظ
يدخل بين أبى صالح وأبي هريرة إسحاق مولى زائدة فيدلك على أن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة وليست معرفتي
بإسحاق مثل معرفتي بابى صالح ولعله أن يكون ثقة) * قلت * ظهر بهذا ان إسحاق هو المراد بقوله في اسناده
رجلا لم أقع من معرفة من ثبت حديثه على ما يقنعني وإسحاق وثقه ابن معين واخرج له مسلم والحاكم في المستدرك *
301

ثم ذكر البيهقي أبي هريرة من وجه آخر وفي سنده زهير بن محمد فحكى عن البخاري (أنه قال روى عنه
أهل الشام أحاديث مناكير وقال النسائي ليس بالقوى) * قلت * اخرج له الشيخان في صحيحهما ووثقه ابن معين وغيره
ثم ذكره أيضا وفي سنده صالح مولى التوأمة فقال (ليس بالقوى) * قلت * رواه عن صالح بن أبي ذئب وقد قال
ابن معين صالح ثقة حجة ومالك والثوري أدركاه بعد ما تغير وابن أبي ذئب منه قبل ذلك وقال السعدي
حديث ابن أبي ذئب عنه مقبول لتثبته وسماعه القديم منه وقال ابن عدي لا اعرف لصالح حديثا منكرا قبل
الاختلاط * ثم أسند البيهقي (عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال من غسل الميت فليغسل إلى آخره) * ثم قال
302

(وقد قيل عن ابن المسيب قوله) ثم ساق بسنده (عن الزهري حدثني سعيد بن المسيب قال إن من السنة ان يغتسل
من غسل ميتا إلى آخره) * قلت * في مصنف ابن أبي شيبة ثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب
قال من السنة من غسل ميتا اغتسل * وروى عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج اخبرني ابن شهاب قال السنة
ان يغتسل الذي يغسل الميت * وأكثر علماء الحديث على أن الصحابي إذا قال أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا أو من السنة
كذا فهو من قبيل المرفوع وهو الصحيح عندهم وقال أبو بكر الخطيب في الكفاية ما ملخصه وإذا قال من بعد
الصحابة أمرنا فلا يمتنع ان يعنى امر الأئمة وأمرهم اجماع يحتج به كامره عليه السلام وأيضا فقد ثبت امره
303

عليه السلام بما أجمعت الأمة عليه فأمرهم تضمن امره * قلت * فعلى هذا قول ابن المسيب من السنة يحتمل ان يريد
سنة الأئمة أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الثاني يكون من قبيل المرفوع المرسل وعلى التقديرين ليس هذا
في المعنى قول ابن المسيب مقصورا عليه * ثم إن البيهقي رد كلام ابن المسيب هذا فقال (وقد مضى عن ابن المسيب
أنه قال لو علمت أنه نجس لم أمسه) * قلت * هذا في أبو واقد صالح بن محمد ضعفه ابن معين والدارقطني
وقال البخاري منكر الحديث وقال ابن حبان كان يقلب الأسانيد وينسد المراسيل ولا يعلم فكثر ذلك منه فاستحق
الترك * ثم ذكر حديث ناجية بن كعب الأسدي عن علي في وفاة أبى طالب * ثم قال (ناجية لم يثبت عدالته عند
304

صاحبي الصحيح) * قلت * قد تقدم غير مرة ان هذا ليس بجرح وقد قال ابن معين فيه صالح وقال أبو حاتم شيخ وقرأت
في كتاب الصريفيني بخطه انه اخرج له الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه * وفى الميزان للذهبي توقف ابن
حبان في توثيقه وقواه غيره انتهى كلامه ولم يذكره ابن عدي في كامله فهو عنده اما ثقة أو صدوق على مقتضى شرطه *
ثم حكى البيهقي عن ابن المديني (أنه قال في اسناده بعض الشئ ولا نعلم أحدا روى عن ناجية غير أبي إسحاق * قلت *
305

ذكر صاحب الكمال عنه روابين آخرين وهما أبو حسان الأعرج ويونس بن أبي إسحاق * قال البيهقي (وقد روي
من وجه آخر ضعيف عن علي) ثم أسنده وفيه الحسن بن يزيد الأصم عن السدى ثم ذكر عن ابن عدي (أنه قال الحسن
ابن يزيد الكوفي ليس بالقوى وحديثه عن السدى ليس بالمحفوظ) * قلت * الحسن هذا قال عبد الله بن أحمد بن حنبل
سألت أبى عنه فقال ثقة ليس به بأس الا انه حدث عن السدى عن أوس بن ضمعج وقال أبو زرعة سألت ابن معين عنه
306

فقال لا بأس به كان ينزل الرصافة وقال أبو حاتم لا بأس به سئل ابن معين فأثنى عليه خيرا ذكر ذلك كله المزي في
كتابه وفى الميزان وثقه ابن معين والدارقطني ثم ذكره البيهقي من وجه آخر وفي سنده صالح بن مقاتل فقال (يروي
المناكير) * قلت * اخرج له الحاكم في مستدركه *
(كتاب الحيض)
أسند فيه عن زيد بن بابنوس قلت لعائشة ما تقولين في العرك قالت الحيض تعنون قلنا نعم قالت سموه كما سماه الله
عز وجل) * قلت * يزيد هذا قال الذهبي في كتاب الضعفاء مجهول وقال في الكاشف قال الدارقطني لا بأس به وقد جاء
عن عائشة ما يخالف هذا فروى العباس بن محمد الدوري وهو امام ثقة بطريق صحيح على شرط مسلم عن عائشة سئلت
أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشرك وأنت حائض قالت وانا عارك الحديث * أسند البيهقي هكذا في باب
مباشرة الحائض فيما فروق الإزار واسند النسائي عن عائشة كان عليه السلام يدعوني فآكل معه وانا عارك *
307

* قال * (باب الحائض لا تمس المصحف)
ذكر فيه عمرو بن حزم (انه عليه السلام كتب إلى أهل اليمن) * قلت * تقدم الكلام عليه في باب نهى
المحدث عن مس المصحف *
* قال * (باب الحائض لا توطأ حتى تطهر وتغتسل)
أسند فيه (عن عبد الله بن صالح ان معاوية بن صالح حدثه عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى فاعتزلوا النساء
في المحيض) * قلت * عبد الله بن صالح قال عبد الله بن أحمد سألت أبى عنه فقال كان أول امره متما سكا ثم فسد
بآخر وليس هو بشئ وسمعت أبي ذكره فذمه وكرهه وقال ابن معين لا تكتبوا عنه فإنه لم يسمع كتاب
هشام وقال ابن المديني ضربت على حديثه ولا أروى عنه شيئا وقال النسائي ليس بثقة ومعاوية بن صالح
309

وان خرج له مسلم فقد قال ابن معين ليس بمرضى وقال أبو حاتم لا يحتج به وابن طلحة وان روى له الشيخان
فقد قال معاوية بن صالح هو ضعيف منكر ليس بمحمود المذهب * وقال أبو حاتم سمعت دحيما يقول يم يسمع ابن
ابن طلحة من ابن عباس التفسير وسئل الصالح بن محمد ممن سمع التفسير فقال من لا أحد * ثم أسند البيهقي (عن
مجاهد في قوله تعالى حتى يطهران حتى ينقطع الدم فإذا تطهرن قال إذا اغتسلن) * قلت * على هذا التفسير صدر الآية يقتضى
جواز القربان بعد الانقطاع قبل الاغتسال من باب مفهوم الغاية لأنه جعل الانقطاع غاية للمنع من القربان وما
بعد الغاية لما قبلها وعجز الآية يقتضى حرمته قبل الاغتسال من باب مفهوم الشرط فتعارضت دلالتا
المفهومين وقد قال بمفهوم الغاية جماعة لم يقولوا بمفهوم صفة ولا شرط فعلى هذا ينبغي ان تقدم دلالة مفهوم الغاية
وبهذا يظهر انه لا دليل للبيهقي في تفسير مجاهد هذا ثم ذكر حديث أبي هريرة (جاء اعرابي فقال إنا نكون بالرمل
الحديث) * قلت * دلالته على مدعاه ليست بظاهرة *
310

* قال * (باب ما روى في كفارة من اتى امرأته حائضا)
ذكر فيه (حديث شعبة عن الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
في الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار) * قلت * أخرجه أبو داود والنسائي وابن
ماجة ومقسم اخرج له البخاري وعبد الحميد اخرج له الشيخان وكل من الاسناد قبله من رجال الصحيحين
فلهذا أخرجه الحاكم في مستدركه وصححه وصححه أيضا ابن القطان وذكر الخلال عن أبي داود ان احمد قال ما أحسن
314

حديث عبد الحميد يعنى هذا الحديث قيل له تذهب إليه قال نعم إنما هو كفارية واعله البيهقي بأشياء * منها (ان جماعة
رووه عن شعبة موقوفا عن ابن عباس وان شعبة وجع عن رفعه) وأجيب عن هذا على تقدير تسليم رجوعه
عن رعفه بان غيره رواه عن الحكم مرفوعا وهو عمرو بن قيس الملائي الا انه اسقط عبد الحميد كذا أخرجه من
طريق النسائي وعمر وهذا ثقة وكذا رواه قتادة عن الحكم مرفوعا كما ذكره البيهقي فيما بعد ومما اعله به البيهقي
(ان أبا عبد الله الشقري أيضا رواه عن الحكم موقوفا الا انه أيضا اسقط عبد الحميد) * ثم ذكر البيهقي عن أبي
داود السجستاني (أنه قال وروى الأوزاعي عن زيد بن أبي مالك عن عبد الحميد بن عبد الرحمن أظنه عن عمر
ابن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال امره ان يتصدق بخمسي دينار) قال البيهقي (وهذا اختلاف ثالث
في اسناد ومتنه) واعترض عليه من جين * أحدهما * ان ابن القطان صحح حديث مقسم المذكور أولا
315

كما قد مناه * ثم قال (وان تقدم عنه فيه وقفا وارسالا وألفاظا اخر لا يصح منها شئ عما ذكرناه) واما ما روي فيه
من خمس دينار أو عتق نسمة فما منها شئ يعول عليه فلا يطعن به على حديث مقسم * والثاني * ان هذه الرواية
عن عمر لو سلم رواتها من الكلام لم يجزم بها الراوي بل قال أظنه عن عمر فلا يعترض بها على المتيقن * ثم أسنده البيهقي
من وجه شريك (عن خصيف عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا وقع الرجل باهله الحديث) * ثم رواه
من وجه الثوري (حدثني علي بن بذيمة وخصيف عن مقسم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا) * قلت * أسنده صاحب
الامام من طريق الطبراني بسنده عن الثوري عن عبد الكريم وعلي بن بذيمة وخصيف عن مقسم عن ابن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبى أمرائه الحديث * ثم أسند البيهقي (عن ابن جريج عن أبي أمية عبد الكريم البصري
عن مقسم عن ابن عباس انه عليه السلام قال إذا اتى أحدكم امرأته في الدم فليتصدق بدينار وإذا وطيها وقد رأت
316

الطهر ولم تغتسل فليتصدق ينصف دينار) * ثم رواه (عن سعيد بن أبي عروبة عن عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس
انه عليه السلام امره ان يتصدق بدينار ان نصف دينار وفسر ذلك مقسم فقال إن غشيها في الديم فدينار غشيها
بعد انقطاع الدم قبل تغتسل فنصف دينار) * قلت * هذا شاهد لرواية الحكم عن عبد الحميد المذكورة أول
الباب * ثم أسنده البيهقي من طريق أبى جعفر الرازي (عن عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله
عليه وسلم الحديث) * قلت * في هذا بعض تقوية لرواية ابن جريج عن عبد الكريم * ثم ذكره من طريق (هشام
الدستوائي ثنا عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس موقوفا) * ثم قال (هذا أشبه بالصواب) * قلت * مقتضى
قواعد الفقه وأصوله ان رواية الرفع أشبه بالصواب لأنها زيادة ثقة وكذا مقتضى صناعة الحديث لأنه روايته
أكثر وفيهم ابن جريج وناهيك به * ثم قال البيهقي (وعبد الكريم بن أبي مخارق أبو أمية غير محتج به) * قلت *
ذكر صاحب الامام عن الوخشي أنه قال عبد الكريم هذا هو ابن مالك أبو سعيد الجزري وكذا ذكر المزي هذا
الحديث في ترجمة عبد الكريم الجزري عن مقسم ويشكل على هذا ان في رواية ابن جريج عن أبي أمية عبد الكريم
البصري وكذا في رواية روح عن سعيد بن أبي عروبة عن عبد الكريم أبى أمية وقد ذكرهما البيهقي فيما تقدم ثم لو سلمنا
انه ابن أبي المخارق فقد روى عنه مالك وابن جريج والسفيانان وغيرهم واخرج له الحاكم في المستدرك واحتج
به مسلم فيما ذكره صاحب الكمال واستشهد به البخاري في الصحيح التهجد فقال قال سفيان وزاد عبد الكريم
317

أبو أمية ولا حول ولا قوة الا بالله وروايته هذه تأيدت بروية عبد الحميد التي صححها الحاكم وابن القطان كما تقدم *
ثن أسند البيهقي من حديث عكرمة (عن ابن عباس قال قال عليه السلام في الذي يقع على امرأته وهي حائض يتصدق
بدينار أو نصف دينار) وفي سنده يعقوب بن عطاء فقال البيهقي (لا يحتج به) * قلت * اخرج له ابن حبان في صحيحه والحاكم
في المستدرك وذكر ابن عدي انه ممن يكتب حديثه فأقل أحواله ان يتابع بروايته ما تقدم * ثم أسند البيهقي (عن أبي
بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أنه قال هذه الأخبار مرفوعها وموقوفها ترجع إلى عطاء العطار وعبد الحميد وعبد الكريم
أبى أمية وفيهم نظر) * قلت * في هذا الكلام أشياء * أحدها * انها ترجع إلى ثلاثة آخرين غير من ذكرهم أحمد بن إسحاق
وقد ذكر البيهقي أسانيد رواياتهم وهم خصيف ويعقوب بن عطاء وروايتهما عن مقسم عن ابن عباس مرفوعة والثالث
أبو الحسن الجزري وروايته عن مقسم عن ابن عباس موقوفه * الثاني * منع كون عبد الكريم هو أبو أمية وادعاء انه
الجزري كما مر وهو ثقة بلا شك * الثالث * ان عبد الحميد ليس فيه نظر بل هو ثقة مأمون اخرج له الشيخان في صحيحهما
ووثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات من اتباع التابعين فذكره مع عطاء وعبد الكريم ليس يجيد وأي دليل على العدالة
أعظم من تولية عمر بن عبد العزيز وتقديمه على الحكم في أمور المسلمين * قال صاحب الامام ولم يبلغنا فيه شئ يكدر
الا قول الخلال وقال غير الميموني عنه يعنى احمد لو صح الحديث كنا نرى عليه الكفارة قيل له في نفسك منه شئ قال نعم
318

لأنه من حديث فلان أظنه قال عبد الحميد وهذا لا يلزم الرجوع لوجهين * أحدهما * ان ذلك الغير مجهول وقد
تقدم عن أبي داود ان احمد قال ما أحسن حديث عبد الحميد فيه قيل له أتذهب إليه قال نعم * الثاني * ان ذلك الغير
لم يجزم بان فلانا هو عبد الحميد بل قال أظنه بالظن لا يقدم فيمن تيقنا عدالته * ثم قال البيهقي (وقد قيل عن ابن جريج
عن عطاء عن ابن عباس موقوفا فإن كان محفوظا فهو من قول ابن عباس يصح) * ثم ذكر ذلك باسناد رجاله
ثقات فلا وجه لتمريضه بقوله فاه كان محفوظا * ثم قال (وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال ليس
عليه الا ان يستغفر الله) وكان البيهقي يشير بذلك إلى استضعاف روايته عن ابن عباس بمخالفته له وذلك مفتقر
إلى صحة الرواية عن عبد الرزاق وبعد الصحة فقد عرف ما في مخالفة الراوي لروايته * ثم قال (والمشهور عن ابن جريج
عن عبد الكريم أبى أمية عن مقسم عن ابن عباس كما تقدم) وكأنه يقصد بذلك أيضا الاستضعاف لرواية ابن جريج
عن عطاء وليست تلك الرواية معارضا لهذه فيحمل على أن ابن جريج روى عنهما أعني عبد الكريم وعطاء وقد فعل
مثل ذلك البيهقي في باب فضل السواك وغيره من الأبواب * ثم حكى عن الشافعي (أنه قال في كتاب أحكام
القرآن فيمن اتى امرأته حائضا أو بعد تولية الدم ولم تغتسل يستغفر الله تعالى ولا يعود حتى تطهر وتحل لها
الصلاة وقد روي فيه شئ لو كان ثابتا أخذنا له ولكنه لا يثبت) * قلنا * قد ثبت من حديث عبد الحميد وغيره وقد
تقدم انى الحاكم وابن القطان صححاه *
* قال * (باب السنن التي وجدت المرأة حاضت فيا)
أسند فيه (عن الشافعي قال رأيت بصنعاء جدة بنت احدى وعشرين سنة) * قلت * في سنده أحمد بن طاهر بن حمر ملة
319

قال الدارقطني كذاب وقال ابن عدي حدث عن جده عن الشافعي بحكايات بواطيل يطول ذكرها كذا في الميزان *
* قال * (باب أقل الحيض)
ذكر فيه (عن عطاء أدنى وقت الحيض يوم وعن محمد بن مصعب سمعت الأوزاعي يقول عندنا امرأة تحيض غدوة
وتطهر عشية) * قلت * قولهما ليس بحجة ولو كان حجة فالصحيح من مذهب الشافعي ان أقل الحيض يوم وليلة وابن
مصعب هو القرفسائي ضعفه أو حاتم وقال يحيى ليس حديثه بشئ وقال ابن حسان ساء حفظه فكان يقلب الأسانيد ويرقع
المراسيل لا يجوز الاحتجاج به ثم ذكر (عن علي وشريح انهما جوزا ثلاث حيض في شهر وخمس ليال) ثم قال (قال الشافعي
ونحن نقول بما وي عن علي لأنه موافق لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لم يجعل للحيض وقتا) * قلت * هذا
يقتضى انه لا حد لا قل الحيض وقد تقدم ان الصحيح من مذهبه ان أقله يوم وليلة ولم يرد بهذا نص واجماع والعادة
مختلفة كما تقدم عن عطاء وغيره *
320

* قال * (باب أكثر الحيض)
ذكر فيه (عن عطاء قال أكثر الحيض خمس عشرة) ثم ذكر (عن ابن حنبل وابن مهدي انهما ذهبا إليه) * قلت *
في المحلى لابن حزم روى من طريق ابن مهدي ان الثقة اخبره ان امرأته كانت تحيض سبعة عشر يوما وروينا
عن ابن حنبل قال أكثر ما سمعنا سبعة عشر يوما * ثم أسند البيهقي قول انس (قرء الحائض خمس ست سمع ثمان
عشر ثم تغتسل وتصوم وتصلى (وفي سنده الجلد بن أيوب فذكر (عن جماعة تضعيفه وعن ابن علية قال الجلد
اعرابي لا يعرف الحديث وقال قد استحيضت امرأة من آل انس فسئل عن ابن عباس عنها فأفتى فيها وانس
حي فكيف يكون عند انس ما قلت من علم الحيض ويحتاجون إلى مسألة غيره فيما عنده فيه علم قال الشافعي ونحن
وأنت لا نثبت حديث مثل الجلد ونستدل على غلط من هو احفظ منه بأقل من هذا) * قلت * روى هذا
الحديث عن الجلد جماعة من الأئمة منهم سفيان الثوري وعمل به وإسماعيل بن علية وحماد بن زيد وهشام
321

ابن حسان وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم وقال ابن عدي لم أجد للجلد حديثا منكرا جدا وقد جاء لروايته
هذه متابعات وشواهد * منها * ما أخرجه الدارقطني من حديث الربيع بن صبيح عمن سمع أنسا يقول لا يكون
الحيض أكثر من عشرة والربيع هذا عن ابن معين انه ثقة وقال ابن حنبل لا بأس به رجل صالح وقال شعبة هو
من سادات المسلمين وقال ابن عدي له أحاديث صالحة مستقيمة ولم أر له حديثا منكرا وأرجو انه لا بأس به
ولا برواية وقوله سمع عمن سمع أنسا وإن كان مجهولا الأظهر انه معاوية بن قرة لأنه هو الذي روى ذلك عن
انس وما عرض به بعضهم من أن الربيع اخذه عن الجلد توهم بعيد لان الجلد لم يسمع من أنس بل رواه عن معاوية عنه
وللحديث وجوه ذكر البيهقي بعضها في الخلافيات وذكر الخلال في علله ابن حنبل شعف حديث الجلد (قيل)
له فان محمد بن إسحاق رواه عن أيوب بن قلابة (قال) لعله دلس هذا حديث الجلد ما أره سمعه الامن الحسن
ابن دينار واخرج الدارقطني عن عثمان بن أبي العاص أنه قال الحائض ذا جاوزت عشرة أيام فهي بمنزلة
المستحاضة تغتسل وتصلى * قال البيهقي هذا الأثر لا بأس باسناده * ثم في الاستدلال على ضعف رواية
322

الجلد بان ابن عباس سئل عنها نظر لأنه إنما يقوى بعض القوة لو رواه الجلد عن انس مرفوعا فيقال حينئذ قد علم
الحكم من النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يسأل غيره واما الذي رواه فموقوف على أنس وفتوى منه * ثم إنما يتوجه
هذا لو سأل ابن عباس بعد ما أفتى فيقال كيف سأل وعنده العلم وان لم يكن هذا بالشديد القوة ويتعذر
اثبات هذا التاريخ ويمكن أن يكون السؤال قبل الفتيا وهذا كله لو كان السائل انسا وليس في اللفظ ما يقتضيه
بل في لفظ المعترض ما ينفيه ويقتضي ظاهره ان المسائل غيره وهو قوله ويحتاجون إلى مسألة غيره بل قد صرح
أبو داود ان السائل انس بن سيرين ذكره البيهقي فيما بعد في باب المرأة تحيض يوما وتطهر يوما *
* قال * (باب المستحاضة إذا كانت مميزة)
ذكر فيه حديث (هشام بن عروة عن عائشة عن فاطمة بنت أبي حبيش) * قلت * ليس هذا الحديث بمناسب
للباب إذ ليس فيه انها كانت مميزة بل قد يستدل بما في بعض رواياته في الصحيح من قوله على الصلاة قدر الأيام
التي كنت تحيضين فيها من يرى الرد إلى أيام العادة سواء كانت مميزة أو غير مميزة وهو اختيار أبي حنيفة
323

واحد قولي الشافعي والتمسك به يبتنى على قاعدة أصولية وهي ما يقال إن ترك الاستفصال في قضايا الأحوال
يتنزل منزلة عموم المقال فلما لم يستفصلها النبي عليه السلام عن كونها مميزة أولا كان ذلك دليلا على أن هذا
الحكم عام فيهما وعلى هذا يحمل اقبال الحيضة على وجود الدم في أول أيام العادة وادبارها على انقضاء أيام
العادة وفى قوله فإذا ذهب قدرها إشارة إلى ذلك إذا الأشبه انه يريد قدر أيامها وقد اتفق الجميع على ابن من لها
أيام معروفة اعتبر أيامها لا لون الدم وان النفاس لا يعتبر فيه اللون مع أن كالحيض في الأحكام كالغسل
وسقوط الصلاة وحرمة الوطي فثبت ان هذا الحديث لا يدل على التمييز * ثم قال البيهقي (وابن عيينة زاد فيه
الاغتسال بالشك) * قلت * قد رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن محمد بن المسندي عن ابن عيينة وقال فيه
اغتسلي وصلى من غير شك وكذا رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر والعدني في مسنده وقد ذكر ذلك البيهقي في الباب
الذي بعد هذا الباب وكذا رواه محمد بن الصباح عن ابن عيينة ولفظه فإذا أدبرت فلتغتسل ولتصل أخرجه الإسماعيلي
في صحيحه وأبو العباس السراج في مسنده فهؤلاء جماعة رووه عن ابن عيينة وفيه الامر بالاغتسال من غير شك *
324

ثم إن البيهقي بين الشك في الباب الذي بعد هذا فأخرجه من طريق الحميدي عن ابن عيينة وفيه (فاغتسلي وصلى
وقال اغسلي عنك الدم) * قلت * أورد ابن مندة رواية الحميدي عن ابن عيينة وفيها غسل الدم والصلاة من غير
شك فترك البيهقي رواية الجماعة الذين رووا الاغتسال من غير شك ونسب إلى ابن عيينة انه زاد الاغتسال بالشك
معتمدا على رواية الحميدي وحده مع أن ابن مندة ذكرها عنه بخلاف ذلك * قال البيهقي (ورواه مالك عن هشام وقال
في الحديث فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلى) * قلت * رواه الحافظ أبو عوانة يعقوب بن إسحاق في مسنده
من حديث ابن وهب حدثني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ومالك بن انس وعمرو بن الحارث والليث بن سعد
ان هشام بن عروة أخبرهم عن أبيه عن عائشة الحديث وفيه فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلى وظاهر هذا
موافقة من ذكر مع ذلك في قوله فإذا ذهب قدرها إلى آخره ويحتمل أن يكون ابن وهب اللفظ لمالك واتبع
بالباقيين ولم يعتبر اللفظ ولكن في هذا الاحتمال بعد * قال البيهقي (ورواه البخاري عن أحمد بن أبي رجاء عن أبي أسامة عن
هشام فخالفهم في متنه فقال ولكن دعي الصلاة قد الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلى) * قلت * ليس هذا
اللفظ مخالفا من حيث المعنى لقوله فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة إلى آخره كما ذكرنا * قال البيهقي (وقد روي عن أبي
أسامة ما دل على أنه شك فيه فأسند عن عبد الله بن نمير وأبي أسامة ومحمد بن كناسة وجعفر بن عون عن هشام الحديث *
وفيه ولكن دعى الصلاة الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصل أو كما قال) * قلت * قد قرن مع أبي أسامة في هذا
325

الاسناد جماعة وفيه أيضا هشام فلا أدري من أين البيهقي ان أبا أسامة هو المتعين لكونه شك فيه * ثم الأظهر ان الشك
ليس براجع إلى قوله دعى الصلاة الأيام التي كنت تحيضين فيها بل هو راجع إلى قوله ثم اغتسلي لقربه وظاهر كلام
البيهقي في الباب الذي يلي هذا الباب يدل على هذا وأيضا فقد تبين ذلك في رواية الحميدي عن ابن عيينة فان فيها فاغتسلي
وصلى أو قال غسلي عنك الدم كما سيذكره البيهقي في الباب الذي بعد هذا قال (وانا أظن أن الحديث على لفظ أبي أسامة على اللفظ الذي رواه الجماعة في اقبال الحيض وادباره) ثم أسند (عن ابن كرامة عن أبي أسامة) فذكره بسنده وفيه (فإذا
أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلى) * ثم قال (هذا أولى أن يكون محفوظا لموافقته رواية الجماعة
الا أنه قال فاغتسلي وقد قاله أيضا ابن عيينة بالشك) * قلت * بل الحديث على اللفظ الأول لأنه رواه مع أبي أسامة
جماعة رواه عنهم اثنان فرواه ابن كرامة عن بعضهم ورواه هارون بن عبد الله عن بعضهم فكان ما رواه ابن كرامة
عن أبي أسامة وغير مع متابعة هارون لابن كرامة أولى مما رواه ابن كرامة وحده عن أبي أسامة وحده وليست هذه الرواية
مخالفة لرواية الجماعة كما قررناه وقد قدمنا ما على قوله وقد قاله أيضا ابن عيينة بالشك * ثم ذكر حديث (دم الحيض
اسود) وذكر الاضطراب في اسناده * قلت في العلل لابن أبي حاتم سألت أبى عنه فقال منكر وقال ابن القطان
هو في رأيي منقطع * ثم ذكر حديثا (عن عبد الملك عن العلاء عن مكحول عن أبي أمامة ثم أسند (عن الدارقطني
قال العلاء هو ابن كثير ضعيف الحديث) * قلت * لم ينسب العلاء في هذه الرواية وقول الدارقطني هو ابن كثير
يعارضه ان الطبراني روى هذا الحديث وفيه العلاء بن الحارث وقال ابن أبي حاتم سألت أبى عن العلاء بن الحارث
فقال ثقة لا اعلم أحدا من أصحاب مكحول أوثق منه قال وحدثني أبي سمعت دحيما وذكر العلاء بن الحارث فقدمه
وعظم شانه وقال روى الأوزاعي عنه ثلاثة أحاديث وروى له مسلم في صحيحه *
326

* قال * (باب غسل المستحاضة المميزة عند ادبار حيضها)
* قلت * لا فائد لقوله (المميزة) لان المستحاضة تغتسل عند ادبار حيضها سواء كانت معتادة أو مميزة غيران ادبار حيض المميزة
بتغير اللون وادبار حيض المعتادة بانقضاء أيامها والصواب ان يقال باب غسل المستحاضة كما فعل في كتاب المعرفة
وكما بوب في آخر كتاب الحيض من هذا الكتاب أعني كتاب السنن وإن كان أساء في ذلك من حيث إنه اخر ذلك
الباب عن موضعه الأليق به ومن حيث إنه كرر ذكر غسل المستحاضة في ثلاثة أبواب كما سنبينه هناك إن شاء الله تعالى
تم انه ذكر في هذا الباب حديث فاطمة بنت أبي حبيش وقد تقدم انه ليس فيه تصريح بأنها كانت مميزة وذكر فيه أيضا
حديث أم حبيبة وقال قال (هو الصحيح انها كانت معتادة) فلا ذكر للتمييز في هذا الباب وذكر في هذا الباب رواية
ابن عيينة وأبى أسامة عن هشام وشكهما وقد تقدم البحث معه في ذلك في الباب الذي قبل هذا * ثم ذكر حديث
عائشة (استحيضت أم حبيبة بنت جحش وهي تحت عبد الرحمن بن عوف الحديث) * ثم قال (قوله إذا
أقبلت الحيضة وإذا أدبرت تفرد به الأوزاعي من بين ثقات أصحاب الزهري والصحيح ان أم حبيبة كانت
معتادة وان هذه اللفظة إنما ذكرها هشام عن أبيه في قصة فاطمة وقد وراه بشر بن بكر عن الأوزاعي كما رواه
غيره من الثقات) * ثم أسنده ولفظه (ان هذه ليست بالحيضة ولكن هذا عرق فاغتسلي وصلى) * قلت ذكر
أبو عوانة في صحيحه حديث بشر هذا على موافقة ما رواه الأوزاعي أولا بخلاف ما ذكره البيهقي فاخرج أعني
أبا عوانة من جهة عمرو بن أبي سلمة وبشر بن بكر عن الأوزاعي عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة وفيه ان
327

هذه ليست بالحيضة ولكن هذا عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي ثم صلى الحديث ثم قال
عقبه ثنا إسحاق الطحان انا عبد الله بن يوسف نا الهيثم بن حميد ثنا النعمان بن المنذر والأوزاعي وأبو معبد عن الزهري
بنحوه فظهر من هذا ان النعمان وأبا معبد وافقا الأوزاعي على روايته في الاقبال والادبار وقد وثق أبو زرعة النعمان واما
أبو معبد حفص به غيلان فقد وثقه ابن معين ودحيم وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن حبان من ثقات
أهل الشام وفقهائهم وهذا مخالف لقول البيهقي (قوله إذا أقبلت الحيضة واما إذا أدبرت تفرد به الأوزاعي من بين
ثقات أصحاب الزهري) * فان قلت * أبو عوانة لم يسق اللفظ بعينه بل قال بنحوه فيحتمل ان تقع الموافقة في غير لفظ الاقبال والادبار * قلت * الظاهر بخلاف هذا بخلاف هذا على أن الرواية وقعت تامة اللفظ بما يقتضى موافقتها للأوزاعي في لفظ
الاقبال والادبار فروى الطحاوي والنسائي واللفظ له من جهة الهيثم اخبرني النعمان والأوزاعي وأبو معبر عن الزهري
اخبرني عروة وعمرة عن عائشة استحيضت أم حبيبة الحديث وفيه فإذا أديرت الحيضة فاغتسلي وصلى وإذا أقبلت
فاتركي لها الصلاة *
* قال * (باب صلاة المستحاضة واعتكافها وإباحة ايتانها)
ذكر فيه (عن الشعبي عن قمير " 2 عن عائشة قالت المستحاضة لا يغشاها زوجها) * ثم ذكر (عن الشعبي أنه قال ذلك
ثم ذكر (عن الشعبي عن قمير عن عائشة قالت المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وقال

(1) قمير بفتح القاف على وزن فعيل اسم امرأة مسروق 12 تقريب
328

الشعبي لا تصوم ولا يغشاها زوجها) قال البيهقي (فماد الكلام في غشيانها إلى قول الشعبي) * قلت يحتمل ان
الشعبي سمع ذلك من قمير عن عائشة فرواه مرة كذلك ومرة أخرى أفتى به وقد مر لذلك نظئر وهذا أولى من
تخصئة من ذكره عن عائشة *
329

* قال (باب المعتادة لا تميز بين الدمين)
ذكر فيه من طرق حديث عائشة (ان أم حبيبة إلى آخره) * ثم قال (ورواه سهيل بن أبي صالح عن الزهري عن
عروة مخالفهم في الاسناد والمتن) * ثم أسند (عن عروة حدثني فاطمة بنت أبي حبيش انها أمرت أسماء أو أسماء
حدثني انها امرتها إلى آخره) * ثم قال (ورواه خالد بن عبد الله بن سهيل عن الزهري عن عروة عن أسماء)
330

* قلت * حديث سهيل حديث آخر مخالف لذلك الحديث فكيف يجعل من جملة طرقه * قال (ورواه محمد بن عمرو
عن الزهري عن عروة عن فاطمة فذكر استحاضها وامر النبي عليه السلام إياها بالا مساك عن الصلاة إذا رأت الدم
الأسود) * ثم قال * (وفيه وفي رواية هشام عن أبيه عن عائشة دلالة على أن فاطمة كانت تميز بين الدمين) * قلت *
رواية هشام ليست بظاهرة الدلالة على ذلك بل حوالتها في الصحيح على الأيام التي كانت تحيض فيها تدل على
خلاف ذلك وكذا ما أخرجه أبو داود من حديث سليمان بن يسار عن أم سلمة ان فاطمة بنت أي حبيش
كانت تستحاض وفيه فقال عليه السلام لتنظر عدة الأيام والليالي التي كانت تحيضهن وقد رهن من الشهر
331

فتترك الصلاة الحديث وقد ذكره البيهقي فيما بعد فوجب ان يرد الاقبال والادبار في رواية هشام إلى ذلك
بالتأويل الذي ذكرناه في أول باب المستحاضة إذا كانت مميزة * ثم قال البيهقي (وقد بين هشام ان أباه إنما سمع
قصة فاطمة بنت أبي حبيش من عائشة) * قلت * رواه هشام عن أبيه عنها وليس في روايته هذا الحصر الذي ذكره
البيهقي وهوانه بين ان أباه إنما سمع القصة منها وقد زعم أن حزم ان عروة أدرك فاطمة ولم يستبعدان يسمعه من فاطمة
ومن عائشة * قال البيهقي (واما رواية حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة في شان فاطمة فإنها ضعيفة وسيرد بيان
ضعفها إن شاء الله تعالى وكذلك حديث عثمان بن سعد الكاتب عن ابن أبي مليكة عن فاطمة ضعيف) * قلت * سيأتي
332

ذلك والكلام عليه في باب غسل المستحاضة إن شاء الله تعالى * ثم أسند البيهقي عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار
عن أم سلمة ان امرأة كانت تهراق الدم الحديث) * ثم قال (الا ان سليمان لم يسمعه من أم سلمة) * قلت أخرجه
أبو داود في سننه من حديث أيوب السختياني عن سليمان عن أم سلمة كرواية مالك عن نافع وقد ذكره البيهقي
فيما بعد * قال صاحب الامام وكذلك رواه أسيد عن الليث ورواه أسيد أيضا عن أبي خالد الأحمر سليمان بن
حيان عن الحجاج بن أرطأة كلاهما عن نافع عن سليمان بن يسار عن سلمة وذكر صاحب الكمال ان سليمان سمع
من أم سلمة فيحتمل انه سمع هذا الحديث منها ومن رجل عنها * ثم أسند البيهقي (عن يحيى بن بكير ثنا الليث
عن نافع عن سليمان بن يسار ان رجلا اختره عن أم سلمة) ثم قال (تابعه عبيد الله بن عمر) ثم ذكر جماعة
333

آخرين * ثم ذكر له (من طريق انس بن عياض عن عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن رجل من الأنصار)
* قلت * اختلف على عبيد الله بن عمر فيه فرواه عنه انس بن عياض كذلك ورواه ابن نمير وأبو أسامة عنه كرواية
مالك أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عنهما في المصنف وكذا أخرجه النسائي وابن ماجة والدارقطني من حديث أبي
أسامة وحده عنه أبو أسامة اجل من أنس بن عياض وقد تابعه عبد الله بن نمير فروايتهما مرجحة بالحفظ
والكثرة * ثم قال البيهقي (وروي عن موسى بن عقبة عن نافع عن سليمان بن يسار عن مرجانة عن أم سلمة) * قلت *
ذكر صاحب الامام ان السراج رواه في مسنده عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي قرة موسى بن طارق عن موسى بن
عقبة عن نافع عن سليمان عن أم سلمة وليس بينهما أحد * قال البيهقي (وحديث هشام عن أبيه عن عائشة فيه
دلالة على أن التي استفتت لها أم سلمة غير فاطمة بنت أبي حبيش ويحتمل إن كانت تسميتها صحيحة انها كان لها
334

حالتان حالة تميز فيها بين الدمين فأفتاها بترك الصلاة عند اقبال الحيض وبالصلاة عند ادباره وحالة لا تميز فيها
بين الدمين فأمرها بالرجوع إلى العادة) * قلت * الأصل ان الا يتعدد الحال ولا تنافي بين الروايتين حتى يحمل
على ذلك بل رواية الاقبال والادبار أيضا تحمل على الرجوع إلى العادة فالا قبلا وجود الدم في ابتداء أيامها
والادبار في انتهائها كما مر *
* قال * (باب الصفرة وكدرة في أيام الحيض حيض)
ذكر فيه (عن الحسن قال إذا رأت المرأة التريئة فإنها تمسك عن الصلاة فإنها حيض) وذكر أيضا (عن أبي سلمة
335

بمعناه) ثم قال (الصواب الترية وهو الشئ الخفي اليسير) * قلت * ليس ذلك على اطلاقه وقد أسند الدارقطني عن أم عطية
قالت كنا لا ترى الترية بعد الطهر شيئا وهي الصفرة والكدرة وقد جمع الجوهري بين القولين فقال الترية الشئ
الخفي اليسير من الصفرة والكدرة تراها المرأة بعد الاغتسال من الحيض فاما كان في أيام الحيض فهو
حيض وليس بتربة ذكره في باب (رأى) فهو دليل على أن التاء زائدة وان أصل الكلمة تريئة قال الفارسي
في مجمعه التاء بدل من الواو واصلها اما من لفظ وراء لأنها ترى وراء الحيض أو من ورأت الزيد لأنها تسقط
سقوط النار من الزند وفي شرح مسلم للنووي قال البيهقي وابن الصباغ وغيرهما من أصحابنا الترية ورطوبة خفية
لا صفرة فيها ولا كدرة تكون على القطنة اثر الا لون قالوا وهذا يكون قبل انقطاع الحيض وذكر القزاز في ألفاظها خمسة
أوجه فلتكشف من جامعه *
336

* قال * (باب ما روي في الصفرة إذا رأت في غير أيامها المعتادة)
أسند فيه (عن أم سلمة قالت إن كانت إحدانا لتبقى صفرتها حين تغتسل) * قلت * في صحيح مسلم وغيره عن
أم سلمة قالت يا رسول الله اي امرأة أشد ضفر رأسي افأنقضه للجنابة والحيضة وهو دليل على أن الذي
337

وقع في الكتاب تصحيف وان الصواب لتبقى ضفرتها بالضاد المعجمة أي تبقيها فلا تنقضها وان ادخال هذا
الحديث في هذا الباب وهم وقد ذكره الإسماعيلي في النسخة العتيقة من جمعه لحديث مسعر وكتب الكاتب
في الخاشية بالصادق يعنى غير معجمة في قوله صفرتها وبعد سياقه الحديث قال وإنما هو ضفرتها بالضاد ولعله أصح
وكلهم يعنى الرواة الذين ذكره عنهم قال بالصاد يعنى غير معجمة * ثم رواه أيضا (عن أم سلمة قالت إن كانت
إحدانا لتغتسل فتبقى الصفرة *
* قال * (باب المبتدئة لا تميز بين الدمين)
ذكر فيه (حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش
إلى آخره) * ثم قال (قال أبو داود رواه عمرو بن ثابت عن ابن عقيل) * ثم قال البيهقي (عمرو بن ثابت غير محتج
به) * قلت * الان الكلام فيه جدا وقد قال فيه ابن معين ليس بشئ وعنه ليس بثقة ولا مأمون وقال النسائي
متروك وقال ابن حبان يروى الموضوعات وقال ابن المبارك لا تحدثوا عنه فإنه كان يسب السلف وسأل
الآجري أبا داود عنه فقال رافضي خبيث * ثم قال البيهقي (بلغني عن الترمذي انه سمع البخاري يقول
حديث حمنة حسن الا ان إبراهيم قديم لا أدري سمع منه ابن عقيل أم لا وكان ابن حنبل يقول هو حديث
صحيح) * قلت * وأخرجه الترمذي وقال حسين صحيح وسكوت البيهقي عقيب كلام البخاري وابن حنبل يفهم
منه ان هذا الحديث حسن عنده أو صحيح وفى ذلك نظر فان في هذا الحديث أمرين * أحدهما * ان ابن عقيل
تفرد به وهو مختلف في الاحتجاج به كذا ذكر البيهقي في كتاب المعرفة وقال فما مضى من هذا الكتاب في باب
لا يتطهر بالماء المستعمل (أهل العلم مختلفون في جواز الاحتجاج برواياته) وفى الضعفاء لابن الجوزي قال يحيى
338

ضعيف وقال ابن حبان كان ردى الحفظ يحدث على التوهم فيجئ بالخبر على غير سنة فوجب مجانبة اخباره
* الأمر الثاني * ان البخاري شك في سماع ابن عقيل من إبراهيم ويمكن ان يجاب عن هذا بان ابن عقيل سمع من
ابن عمرو جابر وانس وغيرهم وهم نظراء شيوخ إبراهيم فكيف ينكر سماعه منه فالمعتمد إذا في
تضعيف هذا الحديث الاختلاف في امر ابن عقيل ولهذا حكى أبو داود عن أحمد قال في هذا الباب
حديثان وثالث في النفس منه شئ وفسر أبو داود الثالث بأنه حديث حمنة هذا وقال ابن مندة حديث حمنة
لا يصح عندهم من وجه من الوجوه لأنه من رواية ابن عقيل وقد اجمعوا على ترك حديثه * واعلم أن هذه من ابن
مندة عجيب فان احمد وإسحاق والحميدي كانوا يحتاجون بحديثه وحسن البخاري حديثه وصححه ابن حنبل
والترمذي كما تقدم وقد ذكرنا فيما مران الترمذي صحيح في أبواب الفرائض حديثا آخر وحسنه وفى سنده
ابن عقيل * قال البيهقي (وحديث ابن عقيل يدل على أنها يعنى حمنة غير أم حبيبة) * قلت * ليس في حديثه شئ مما يدل على
ذلك بل في حديثه ان حمنة وجدت النبي عليه السلام في بيت أختها زينب وزينب أخت أم حبيبة وقد بين ذلك ما رواه
البيهقي فيما مر في آخر باب غسل المستحاضة المميزة ان أم حبيبة كانت تقعد في مركن لأختها زينت الحديث فلا دليل في حديث ابن عقيل على أن حمنة غير أم حبيبة بل قد صرح جماعة من الحفاظ وعلماء النسب انها أم حبيبة
قال ابن الكلبي في جمهرته حمنة وتكنى أم حبيبة وكذا في جمهرة ابن حزم وكذا عند ابن عساكر وقد حكى البيهقي
ذلك عن ابن ابن المديني فيما تقدم وقال المزي في الكنى أم حبيبة هي حمنة بنت جحش أخت زينب وكذا ذكر في
أطرافه ثم ذكر هذا الحديث وذكر في أطرافه أيضا ان اباد أود أخرجه من وجهين ولفظه في أحدهما عن أم حبيبة
وهي حمنة وان ابن ماجة أخرجه من وجهين * أحدهما من حمنة والآخر عن أم حبيبة * قال البيهقي (وكان ابن عيينة ربما
339

قال في حديث عائشة عبيبة بنت جحش وهو خطأ إنما هي أم حبيبة كذلك قاله أصحاب الزهري سواه) * قلت *
قد ذهب جماعة إلى أن اسمها حبيبة وكان شيخنا الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خالف الدمياطي يقول زينب وحمنة
وأم حبيب حبيبة وعبد الله وعبيد الله وأبو احمد الأعمى بنو جحش وكان ينكر على من يقول أم حبيبة بالهاء وكذا
هو عند أبي سعد عن الواقدي بغير هاء وفى أطراف المزي قال الواقدي بعضهم يغلط فيروى ان المستحاضة حمنة
بنت جحش ويظن ان كنيها أم حبيبة وهي يعنى المستحاضة أم حبيب حبيبة وقال الحربي الصواب أم حبيب بغير هاء
واسمها حبيبة حكاه عنه الدارقطني ثم قال وقوله صحيح وكان من اعلم الناس بهذا الباب * قال البيهقي (وحديث
والمبتدئة ترجع إلى أقل الحيض ويحتمل أن يكون في المبتدئة فترجع إلى الأغلب من حيض النساء) * قلت * ذكر
الاحتمالين على السواء ورجح في كتاب المعرفة احتمال كونها معتادة فقال المبتدأ أو المعتادة الشاكة في قدر عاتها
على اختلاف التأويل في حديث حمنة وهي في المعتادة اظهر وبها وقال في الخلافيات الظاهران هذا الحديث
ورود في المعتاد وظهر من هذا إن كان الحديث غير مناسب لما بوبه ههنا أعني في كتاب السنن وان تبوبيه
في كتاب المعرفة أصوب * ثم إن كان الحديث في المبتدئة فهو حجة على امامه الشافعي على الأصح من مهذبه وهو
ردها إلى أقل الحيض عنده وهو يوم الجمة وليلة *
* قال * (باب المرأة تحيض يوما وتطهر يما)
ذكر فيه (عن ابن عباس قال إذا رأت الدم البحراني فلا تصل وإذا رأت الطهر ولو ساعة من النهار فلتغتسل
ولتصل) * قلت * الأصح من مذهب الشافعي في مثل هذا ان الدم إذا انقطع على خمسة عشر أوما دونها فاكل حيض
340

* قال * (باب النفاس)
أسند فيه (حديث أم سلمة كانت النفساء تجلس أربعين يوما وفى سنده أبو سهل كثير بن زياد وذكر عن
البخاري انه ثقة) * قلت * وذكر في الخلافيات انه لا ذكر له في الصحيح وهذا لا يعارض توثيق البخاري * ثم ذكر
(عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال تنتظر الفساء أربعين يوما ثم تغتسل) * ثم أسند (عن الحسن قال إذا رأت
النفساء أقامت خمسين ليلة) * ثم قال (وفى ذلك دليل على أنه تأويل ما رواه عن ابن أبي العاص في الأربعين على
341

ابن أبي العاص كان يذهب فيما دون الأربعين إلى أنها وان طهرت لم يغشها زوجها تبلغ أربعين) * قلت *
هذه الدلالة غير ظاهرة وقد ذكر جماعة من العلماء ان مذهب الحسن أكثر مدة النفاس خمسون * حكى
ابن المنذر عنه انها إذا جاوزت الخمسين فهي مستحاضة وقال الترمذي أكثر أهل العلم على أنها إذا رأت الدم
بعد الأربعين لا تدع الصلاة * ويروى نع الحسن البصري أنه قال تدع الصلاة خمسين يوما الا ان ترى الطهر
وظاهر كلام البيهقي يخالف ما ذكرناه ثم أسند حديث معاذ (إذا مضى للنفساء سبع إلى آخر) * ثم قال (اسناده
342

ليس بالقوى) * قلت * إن كان ذلك لأجل مدلس فهو ملدس وقد صرح بالتحديث والمدلس إذ أصرح
بذلك فهو مقبول *
* قال * (باب المستحاضة تغسل عنها اثر الدم إلى آخر)
أسند فيه (حديث خلف بن هشام ثنا حماد بن زيد عن هشام عن أبيه عن عائشة الحديث) * ثم قال (رواه مسلم
في الصحيح عن خلف بن هشام دون قوله توضئ وكأنه ضعفه لمخالفته سائر الرواة عن هشام) * قلت *
ذكر هذا الباب ههنا من سوء الترتيب * ثم المفهوم من كلامه ان مسلما ساق حديث حماد بلفظه دون قوله
وتوضئ ومسلم لم يفعل ذلك وإنما ساق الحديث من رواية وكيع عن هشام ثم ذكر جماعة ثم قال وثنا خلف
ابن هشام ثنا حماد بن زيد كلهم عن هشام بمثل حديث وكيع حماد زيادة حرف تركنا ذكره
وحديث حماد أخرجه بتمامه النسائي وابن ماجة ولم ينفرد حماد بذلك عن هشام بل رواه عنه أبو عوانة أخرجه
343

الطحاوي في كتاب الرد على الكرابيسي من طريقه بسند جيد ورواه عنه أيضا حماد بن سلمة أخرجه الدارمي من
طريقه ورواه عنه أيضا أبو حنيفة كما ذكر البيهقي وأخرجه الطحاوي من طريق أبى نعيم وعبد الله بن يزيد المقري عن أبي
حنيفة عن هشام وأخرجه الترمذي وصححه من طريق وكيع وعبدة وأبى معاوية عن هشام وقال في آخره وقالا أبو معاوية
في حديثه وقال توضئي لكل صلاة وقد جاء الامر بالوضوء أيضا فيما أخرجه البيهقي في باب المستحاضة إذا كانت
مميزة من حديث محمد بن عمرو عن ابن شهاب عن عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش إلى آخره على أن حماد بن زيد لو انفرد
بذلك لكان كافيا لثقته وحفظه لا سيما في هشام ولا نسلم ان هذه مخالفة بل زيادة ثقة وهي مقبولة لا سيما في مثله *
ثم اخرج البيهقي الحديث من طريق أبى معاوية (عن هشام قال قال أبى ثم توضأ لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت) *
مستدلا بذلك على أن الصحيح ان هذه الكلمة من قول عروة * قلت * قد وصلها الحمادان وغيرهما بكلامه صلى الله
عليه وسلم كما ذكرنا فان صح هذا السند الذي جعلت فيه من كلام عروة يحمل على أنه سمعها فرواها مرة كذلك
ومرة أخرى أفتى بها وهذا أولى من تخطئة من وصلها بكلامه عليه السلام كيف وقد جاء ذلك مرفوعا من رواية
344

غير هشام عن عروة كما مر * ثم أسند البيهقي من طريق وكيع (عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة
عن عائشة جاءت فاطمة الحديث) وفى آخره (انه عليه السلام قال لها ثم اغتسلي وتوضئ لكل صلاة
وان قطر الدم على الحصير) * ثم قال (وهكذا رواه علي بن هاشم وقرة بن عيسى ومحمد بن ربيعة وجماعة عن
الأعمش) * ثم علله بأشياء * منها * (ان حفص بن غياث وأبا أسامة وأسباط بن محمد رووه عن الأعمش فوقفوه
على عائشة) * قلت * رواه أيضا كرواية وكيع مرفوعا عن الأعمش الجرير وسعيد بن محمد الوراق وعبد الله
ابن نمير ذكر ذلك الدارقطني وأشار إليه البيهقي بقوله (وجماعة) فهؤلاء سبعة أكثرهم أئمة كبار زاد وأعن
الأعمش الرفع فوجب على مذاهب الفقهاء وأهل الأصول ترجيح روايتهم لأنها زيادة ثقة وكذا على مذاهب
أهل الحديث لأنهم أكثر عددا وتحمل من وقفه على عائشة انها سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم
فروته مرة وأفتت به مرة أخرى كما مر نظائره * ثم علله أيضا قول الثوري وغيرهم (لم يسمع حبيب من عروة
شيئا) * قلت * قد ذكرناه في باب الوضوء
من الملامسة من كلام أبى داود ما يدل ظاهره على صحة سماعه من
عروة * ثم قودى هذا الحديث غير حبيب عن عروة وواه غير عروة عن عائشة ذكره الطحاوي وخرجه
345

هو وغيره من المصنفين وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم * قال البيهقي (ودل على ضعف حديث حبيب هذا
ان رواية الزهري عن عروة عن عائشة فكانت تغتسل لكل صلاة) * قلت * في معالم السنن للخطابي رواية الزهري
لا تدل على ضعف حديث حبيب لان الاغتسال لكل صلاة في حديث الزهري مضال إلى فعلها ويحتمل
أن يكون اختيارا منها والوضوء لكل صلاة في حديث حبيب مروي عنه عليه السلام ومضاف إليه والى امره
ثم ذكر البيهقي عن الشافعي (انه قيل له روينا انه عليه السلام امر المستحاضة تتوضأ لكل صلاة قال نعم قد رويتم
ذلك وبه نقول قياسا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء مما خرج من دبرا وذكرا وفرج
ولو كان هذا محفوظا عندنا كان أحب الينا من القياس) * قلت * يظهر من مجموع ما تقدم من الأحاديث صحة
امر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة وسيأتي تصحيح الحاكم لحديث عثمان الكاتب إن شاء الله تعالى وفيه لتغتسل
لكل يوم غسلا واحدا ثم الطهور عند كل صلاة وذكر ابن رشد في قواعده حديث عائشة جاءت فاطمة إلى
آخره * ثم قال وفى بعض رواياته وتوضئ لكل صلاة وصحح قوم من أهل الحديث هذه الزيادة وقال في موضع
آخر صححها أبو عمر بن عبد البر * ثم إنه يلزم على قياس الشافعي ان لا تختص المستحاضة بفرض واحد كالوضوء
مما يخرج من أحد السبيلين فان قال الفرق حديث المستحاضة بعد الفرض موجود قائم * قلنا * فوجب ان لا تصلى
346

بعد ذلك نافلة وفى كون الشافعي لم يجوز زلها ان تصلى فريضتين بطهارة واحدة دليل على أنه عمل بحديث
المستحاضة تتوضأ لكل صلاة لا بالقياس على ما ذكر * ثم إنه خصص العموم وجوز من النوافل ما شاءت وجعل
التقدير لكل صلاة فرض فكما اضمر ذلك فلخصمه ان يضمر الوقت ويقول التقدير لوقت كل صلاة لقوله عليه
السلام ان للصلاة أولا وآخرا وأينما أدركتني الصلاة تيممت وذلك لان ذهاب الوقت عهد مبطلا للطهارة
كذهاب مدة المسح والخروج من الصلاة لم يعهد مبطلا للطهارة وكذا الحديث يعم الفريضة والنافلة وكذا القياس
الذي ذكره الشافعي فعل انه لم يطرد القياس * ثم ذكر البيهقي قوله عليه السلام (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى
الصلاة) * ثم حكى عن أبي بكر الفقيه أنه قال أخبر عليه السلام ان الله امره بالوضوء إذا قام إلى الصلاة لا دخول
وقت الصلاة أو خروجه) * قلت * ظاهره متروك بالاجماع بين الفقهاء وإنما يؤمر بالوضوء من قام إلى الصلاة وهو
محدث ومن يقول بانتقاض طهارتها عند خروج الوقت أو دخوله لا يأمر ها بالوضوء عند ذلك وإنما يقول طهارتها
معيدة بالقوت على مقتضى ما مر فإذا خرج للوقت أو دخل على حسب اختلافهم عمل حكم الحديث السابق فإذا أرادت
الصلاة بعد ذلك فقد ارادتها وهي محدثة فتومر بالوضوء عملا بذلك الحديث ونظير هذا الماسح على الخف
347

إذا انقضت مدته فان ينتقض طهارته بلا خلاف وإن كان لم يقم إلى الصلاة وكما أبقى الشافعي طهارتها في حق النوافل
وإن كان في ذلك مخالفة لطرف هذا الحديث أعني قوله عليه السلام إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة فكذلك
خصمه يبقى طهارتها في حق الصلاة كلها ما دام الوقت باقيا عملا بحديث المستحاضة تتوضأ لكل صلاة باضمار
الوقت كما مر بيانه *
* قال * (باب غسل المستحاضة)
* قلت * قد تقدم هذا الباب في قوله (باب غسل المستحاضة المميزة) إذ لا فائدة لقوله المميزة كما مر وتقدم
أيضا في قوله (باب المستحاضة تغسل عنها اثر الدم وتغتسل) وذكر البيهقي في هذا الباب من حديث (ابن أبي
حازم عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة ان أم حبيبة الحديث) * ثم أسند
(عن الشافعي أنه قال روى فيه يعنى ابن لهاد شيئا يدل على أن الحديث غلط قال تدع الصلاة قدر أقرائها
وعائشة تقول الأقراء الأطهار) * قلت * قد عرف انه لا تملل روايتها برأها وقد جاء لهذه الرواية شاهد من حديث
عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش انه عليه السلام قال لها إذا اتاك قرءك فلا تصلى وقد مر تخريج البيهقي له
348

في (باب المعتادة لا تميز بين الدمين) واسند أيضا في ذلك الباب (من حديث جابر تقعد المستحاضة أيام
أقرائها ثم تغتسل) وقول الشافعي وعائشة تقول الأقراء الأطهار لم يذكر سنده وقد خرج البيهقي عن عائشة
في الأقراء ما يخالف ذلك فذكر في باب المستحاضة تغسل عنها اثر الدم (من حديث أبي يوسف عن إسماعيل
ابن أبي خالد عن الشعبي عن قمير عن عائشة انه عليه السلام قال لفاطمة فانظري أيام أقرائك فإذا جاوزت
فاغتسلي) ثم قال (قال الدارقطني الذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الاسناد موقوفا المستحاضة تدع الصلاة
أيام أقرائها إلى آخره) فقد صرحت عائشة ان الأقراء هي الحيض وأخرج البيهقي في ذلك الباب أيضا (من
349

حديث أم كلثوم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها الحديث)
وجاء أيضا في حديث عثمان الكاتب عن ابن أبي مليكة لتدع الصلاة في كل شهر أيام قرئها وسيأتي تصحيح الحاكم
له وأخرج البيهقي فيما بعد في باب من قال الأقراء الحيض (من حديث إسماعيل بن علية عن سليمان بن يساران
فاطمة بنت أي حبيش سألت النبي عليه السلام فأمرها ان تدع الصلاة أيام أقرائها) * ثم قال (وكذلك
رواه عبد الوارث وحماد بن زيد عن أيوب) * قال (وزعم ابن علية ان سفيان بن عيينة رواه عن أيوب
هكذا) وسيجئ في ذلك الباب إن شاء الله تعالى زيادة بيان في أن الأقراء هي الحيض * ثم قال البيهقي (قال
350

أبو بكر يعنى الفقيه قال بعض مشائخنا خر ابن الهاد غير محفوظ) * قلت * ان أراد غير محفوظ عنه فليس كذلك
فان البيهقي أخرجه فيما مر من طريق ابن أبي حازم عنه وأخرجه النسائي من طريق بكر بن مضر عنه وأخرجه
أبو عوانة في صحيحه من طريق عبد العزيز الدر لو ردى عنه * فهؤلاء ثلاثة ورووه عنه وان أراد انه غير محفوظ
منه فليس كذلك أيضا لان ابن الهاد من الثقات المحتج بهم في الصحيح وقد ورد اطلاق لفظ القرء على الحيض
في حديث رواه عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش ذكره البيهقي فيما بعضي في باب المعتادة لا تميز بين الدمين
وأخرجه أبو داود النسائي ولفظه إذا اتاك فلا تصلى فإذا مر القرء فتطهري ثم صلى ما بين القرء
351

إلى القرء ثم أسند البيهقي من طريق أبى داود بسنده (عن ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة
استحيضت أم حبيبة فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل لكل صلاة) * ثم قال البيهقي (رواية ابن إسحاق عن
الزهري غلط لمخالفها سائر الرواة عن الزهري) * قلت * المخالفة عن وجهين مخالفة ترك ومخالفة تعارض
وتناقض فان أراد مخالفة الترك فلا تناقض في ذلك وان أراد مخالفة التعارض فليس كذلك إذا لا كثر
فيه السكوت عن امر النبي صلى الله عليه وسلم لها بالغسل كل صلاة وفى بعضها انها فعلته هي وقد تابع
ابن إسحاق سليمان بن كثير كما ذكره البيهقي قريبا وخبر ابن الهاد المتقدم شاهد لذلك * ثم قال البيهقي
352

(وكيف يكون الامر بالغسل عند كل صلاة ثانيا من حديث عروة وقد أخبرنا أبو أحمد) فذكر بسنده (عن عروة
قال ليس على المستحاضة الا ان تغتسل غلا واحد اثم توضأ بعد ذلك للصلاة) واسند عن عائشة نحوه
* قلت * كأنه ضعف الامر بالغسل لكل صلاة بمخالفة فتوى عروة وعائشة له وقد عرف من مذهب المحدثين
ابن المغيرة لما روى الراوي لا لرأيه * ثم ذكر من طريق الحسين المعلم (عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أخبرتني زينب
بنت أبي سلمة ان امرأة كانت تهراق الدم وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف فأمرها النبي عليه السلام ان تغتسل
عند كل صلاة) * ثم قال (خالفه هشام الدستوائي فأرسله) * ثم ذكره من جهة هشام عن يحيى (عن أبي سلمة ان أم حبيبة
سألت) إلى آخره * قلت * في تسمية هذا مرسلا نظر وعلى تقدير تسليمه قد عرف ما في الارسال مع زيادة الثقة
للاسناد * ثم ذكر من طريق عكرمة (ان أم حبيبة استحيضت فأمرها النبي عليه السلام إلى آخره) * ثم قال
(وهذا أيضا منقطع أقرب من حديث عائشة في باب الغسل) * قلت * وفي تسمية هذا أيضا مقطعا نظر وكيف
يكون المنقطع الذي لا تقوم به الحجة أقرب من المسند برواية الثقة * ثم قال (وروينا عن أبي سلمة انها تغتسل غسلا
353

واحد أو هو لا يخالف النبي عليه السلام فيما يرويه عنه) * قلت * قد تقدم مرارا ان العبرة لما روى الراوي
لا لرأيته * ثم أسند من طريق الحسن بن سهل (ثنا عاصم ثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة
ان امرأة استحيضت) الحديث * ثم قال (هكذا رواه جماعة عن شعبة وذكر جماعة امتناع عبد الرحمن من
رفع الحديث) * ثم أسند من طريق أبى داود الطيالسي عن شعبة بسنده المذكور ولفظه (فأمرت قلت من
أمرها النبي صلى الله عليه وسلم قال لست أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم بشئ
قال (ورواه محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن فخالف شعبة في رفعه وسمى المستحاضة) * ثم أخرجه من هذا الطريق
(عن عائشة ان سهلة بنت سهيل استحيضت فأمرها يعنى النبي صلى الله عليه وسلم ان تغتسل عند كل صلاة الحديث)
ثم قال (قال أبو بكر بن إسحاق فان بعض مشائخنا ينسد هذا الخبر غير ابن إسحاق وشعبة لم يذكر النبي عليه
السلام وانكر أن يكون الخبر مرفوعا) * قلت * امتنع عبد الرحمن من اسناد الامر إلى النبي عليه السلام صريحا
354

ولا شك انه إذا سمع فأمرت ليس له أن يقول فأمرها النبي عليه السلام لان اللفظ الأول مسند إلى النبي صلى الله
عليه وسلم بطريق اجتهادي لا بالصريح فليس له ان ينقله إلى ما هو صيح ولا يلزم من امتناعه من صريح النسبة
إلى النبي عليه السلام ان لا يكون مرفوعا بلفظ أمرت على ما عرف من ترجيح أهل الحديث والأصول في هذه
الضيغة انها مرفوعة فتأمله فقد يتوهم من لا خبرة له من كلام البيهقي وغيره انه من الموقوف الذي لا تقوم له الحجة
وبهذا يعلم أن ابن إسحاق لم يخالف شعبة في رفعه بل رفعه ابن إسحاق صريحا ورفعه شعبة دلالة ورفعه هو أيضا صريحا
في رواية الحسن بن سهل عن عاصم عنه وقد تقدم ان البيهقي قال بعد ذكر رواية عاصم (وهكذا رواه جماعة عن شعبة) *
ثم ذكر حديث عثمان بن سعد الكاتب * ثم قال (ليس بالقوي كان يحيى بن سعيد وابن معين يضعفان امره) وقال في
باب المعتادة لا تميز بين الدمين (حديث عثمان الكاتب ضعيف) * قلت * خالف في ذلك شيخه الحاكم فإنه اخرج
355

حديث عثمان هذا في المستدرك وقال صحيح ولم يخرجاه بهذا اللفظ وعثمان الكاتب بصرى ثقة عزيز الحديث بجمع
حديثه * ثم ذكر حديثا في سنده جعفر بن سليمان فقال (قال أبو بكر بن إسحاق فيه نظر) * قلت * اخرج له مسلم في
صحيحه وبن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في مستدركه ووثقه ابن معين وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة سألت
علي بن المديني عن جعفر بن سليمان الضبعي فقال ثقة عندنا *
356

* قال * (باب فرائض الخمس)
* قلت * هذا باب إضافة الموصوف إلى الصفة وهو غير جائز واصله الفرائض الخمس ذكر البيهقي فيه حديث
الاسراء من طريق ابن وهب (انا سليمان بن بلال ثنا شريك بن أبي فر عن انس) إلى آخره ثم قال (أخرجه البخاري
من حديث سليمان بن بلال وأخرجه مسلم عن هارون الأيلي عن ابن وهب) * قلت * يفهم من هذا ان مسلما
أخرجه باللفظ الذي ساقه البيهقي وليس كذلك وإنما ذكر مسلم حديث ثابت عن انس ثم ادرج عليه حديث شريك
360

فقال ثنا هارون بن سعد الأيلي ثنا ابن وهب اخبرني سليمان وهو ابن بلال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر
قال سمعت انس مالك يحدثنا عن ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة انه جاءه ثلاثة
نفر قبل ان يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق الحديث بقصته نحو حديث ثابت البناني قدم فيه شيئا
واخر وزاد ونقص هذا الفظ مسلم *
361

* قال * (باب آخر وقت الظهر)
قال فيه (كان الشافعي يذهب إلى أن أول وقت العصر ينفصل من آخر وقت الظهر) * قلت * كان على هذا
الكتاب حاشية نصها قال الشيخ تقى الدين بن الصلاح ومن خطه نقلت يعنى بقوله ينفصل انه ليس بين
الوقتين وقت مشترك كما قاله مالك لا ان بينهما فاصلا ليس من واحد منهما * ثم إن البيهقي ذكر في هذا الباب حديثين
365

ثانيهما عزاه إلى مسلم وفيه (وقت الظهر ما لم يحضر العصر) ثم قال البيهقي (وفيه البيان انه إذا جاء وقت العصر
ذهب وقت الظهر) وقال أبو عمر في التمهيد وهو شئ ينقض ما بنى عليه الشافعي مذهبه في الحائض تطهر والغمى
عليه يفيق والكافر يسلم والضبي يحتلم لأنه يوجب على كل منهم إذا أدرك ركعة قبل الغروب الظهر والعصر
وفى بعض أقاويله إذا أدرك مقدار تكبيرة * وقول الشافعي لا يدخل وقت العصر حتى يزيد الظل على القامة
366

زيادة تظهر مخالف لحديث امامة جبريل عليه السلام لأنه يقتضى أن يكون آخر وقت الظهر هو أول
وقت العصر بلا فصل *
* قال * (باب آخر وقت الاختيار للعصر)
ذكر فيه حديث امامة جبريل (وفيه انه صلى العصر في الثانية حين صار ظل كل شئ مثليه) * قلت * في التمهيد
وهذا أيضا فيه شئ لان الشافعي وغيره من العلماء يقولون من صلى العصر والشمس بيضاء نقية فقد صلاها في وقتها
المختار لا أعلمهم يختلفون في ذلك *
* قال * (باب آخر وقت الجواز للعصر)
ذكر فيه حديث عبد الله بن عمرو وفيه (وقت العصر ما لم تصفر الشمس) * قلت ليس ذاك وقت الجواز
367

وغيره مطابق للباب وذلك أن العصر من الاصفرار إلى الغروب تجوز وإن كانت مكروهة ذكره النووي
وغيره عملا بما ذكره البيهقي في هذا الباب من حديث من أدرك ركعة من العصر قبل ان تغرب الشمس
فقد أدرك العصر *
368

* قال * (باب السنة في الاذان لصلاة الصبح قبل الفجر)
ذكر فيه حديث (ان بلا لا يؤذن بليل) * قلت * هذا مطلق وما في الصحي انه لم يكن بينهما الا ان يصعد هذا
وينزل هذا مقيد فوجب حمل ذلك المطلق على هذا المقيد وان يمنع التقديم الا بهذا القدر فمن جوز الاذان من نصف
الليل أو من الثلث الأخير فقد خالف هذه القاعدة ولا دليل معه ولئن حمل ذلك على اطلاقه فليجوز الاذان من أول
الليل لأنه ليل وفي قوله البيهقي باب السنة نظر وكان الأولى أن يقول باب جواز الاذان لصلاة الصبح قبل الفجر *
ثم ذكر حديث زياد بن الحارث الصدائي * قلت * في سنده عبد الرحمن الإفريقي سكت عنه هنا وقال في باب فرض التشهد
380

ضعفه القطان وابن مهدي وابن معين وابن حنبل وغيرهم وقال في باب عتق أمهات الأولاد ضعيف وأخرج الترمذي
الحديث وقال إنما نعرفه من حديث عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وهو ضعيف عند أهل الحديث ضعفه
القطان وغيره قال احمد لا كتب حديث
* قال * (باب قدر الذي كان بين اذان بلال وابن أم مكتوم)
ذكر في آخره عن حبان (اتيت عليا وهو معسكر بدير أبى موسى) إلى آخر * قلت * فيه دليل على الاذان قبل
الفجر لكنه غير مناسب لهذا الباب *
381

* قال * (باب ما روى النهى عن الاذان قبل الوقت)
ذكر فيه حديث إبراهيم بن عبد العزيز أبين محذورة (عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر)
موصولا وحك عليه (بأنه ضعيف لا يصح) * قلت * إبراهيم روى له الترمذي وصحح حديثه وذكره البيهقي فيها
بعد في باب الترغيب في التعجيل بالصلوات وقال هو مشهور وذكره ابن حبان في الثقات وباقي السند صحيح
أيضا * ثم قال (ورواه عمر بن مدرك عن عبد العزيز موصولا وهو وهم) * قلت * عامر اخرج له الحاكم
في المستدرك وابن حبان في صحيحه * قال (وقد روي من أوجه اخر كلها ضعيفة قد بينا ضعفها في كتاب الخلاف)
* قلت * من جملة وجوهه ما رواه سعد بن أبي عروبة عن قتادة عن انس ان بلا لا اذن قبل الفجر فأمره النبي صلى الله
383

عليه وسلم ان يصعد فينادى ان العبد نام الحديث رواه الدارقطني وقال تفرد به أبو يوسف عن سعيد وغيره
يرسله * ثم اخرج من طريق عبد الوهاب يعنى الخفاف عن سعيد عن قتادة ان بلا لا اذن ولم يذكر انسا * ثم قال
الدارقطني والمرسل أصح * قلت * أبو يوسف قد وثقه البيهقي في باب المستحاضة تغسل عنها اثر الدم ووثقه
أيضا ابن حبان وقد زاد الرفع فوجب زيادته * ثم حديث حماد بن سلمة الذي ذكره البيهقي آنفا في
هذا الباب شاهد لحديثه ويشهد له أيضا حديث عبد الكريم الجزري عن نافع عن ابن عمر عن حفصة بنت عمر
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اذن المؤذن بالفجر قام فصلى ركعتي الفجر ثم خرج إلى المسجد فحرم الطعام
وكان لا يؤذى حتى يصح * أخرجه البيهقي (وقال هو محمول ان صح على الاذان الثاني) وقال الأثرم رواه الناس
عن نافع فلم يذكروا فيه ما ذكره عبد الكريم * قلت * هو ثقة ثبت كذا قال أحمد بن حنبل وابن معين وغيرهما
واخرج له الشيخان وغيرهما ومن كان بهذه المثابة لا ينكر عليه إذا ذكر ما لم يذكره غيره واشتغال البيهقي
بتأويله يدل ظاهرا على جودة سنده * وروى الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأول من صلاة الفجر قام وركع ركعتين خفيفتين * قال الأثرم ورواه الناس
عن الزهري فلم يذكروا فيه ما ذكره الأوزاعي وأجيب عن ذلك بان الأوزاعي من أئمة المسلمين فلا يعلل ما ذكره
بعدم ذكر غيره * وقال ابن أبي شيبة في المصنف ثنا جرير عن منصور عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت
ما كانوا يؤذنون حتى ينفجر الفجر وهذا سند صحيح وفى التمهيد ورى زبيد الأيامى عن إبراهيم قال كانوا
384

إذا اذن المؤذن بليل اتوه فقالوا له اتق الله واعد اذانك * ثم لا تنافي بين هذه الأحاديث وبين ما روي أن بلا لا
كان يؤذن بليل * قال ابن القطان لان ذلك كان في رمضان وقال الطحاوي ويحتمل أن يكون بلا لا كان يؤذن
في وقت يرى أن الفجر قد طلع فيه ولا يتحقق ذلك لضعف بصره ثم ذكرا عنى الطحاوي بسند جيد عن انس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغرنكم اذان بلال فان في بصره شيئا *
385

* قال * (باب الصبي يبلغ والكافر يسلم والحائض تطهر فيدرك من وقت الصلاة شيئا)
ذكر فيه حديث (من أدرك ركعة من الصبح والعصر) * قلت * قوله في الترجمة فيدرك من الوقت شيئا
يقتضى انه لو أدرك تكبيرة ما يكون مدركا * قال الشافعي في الكتاب المصري لو افاق المغمى عليه وقد بقي من النهار
قدر تكبيرة أعاد الظهر والعصر وكذا الحائض والكافر والحديث قيد بادراك الركعة فهو غير مطابق للباب * قال
صاحب التمهيد حديث من أدرك ركعة يقتضى بفساد قول من قال من أدرك تكبيرة لان دليل الخطاب انه من
لم يدرك ركعة فقد فاته الوقت وسقط عنه الصلاة وزعم بعض أصحاب الشافعي انه أرد بالركعة البعض
من الصلاة وهذا ينتقض عليه بالجمعة فإنه لم يختلف قول الشافعي فيها انه من لم يدرك منها ركعة تامة لم يدركها *
* قال * (باب قضاء الظهر والعصر بادراك وقت العصر)
ذكر فيه حديثين لا دليل له فيهما * ثم ذكر اثرا عن مولى لعبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عوف * قلت * هذا
386

المولى مجهول * ثم ذكر عن طاؤس (أنه قال نحو ذلك) * قلت * في سنده يزيد بن أبي زياد وليث بن أبي سليم
فسكت عنهما وضعف يزيد في غير موضع من كتابه هذا وتقدم في باب الاستنجاء بما يقوم مقام الحجارة تضعيفه
لليث وقوله عليه السلام وقت الظهر ما لم يحضر العصر نص على بطلان الاشتراك وكذا قوله عليه السلام ليس في النوم
تفريط إنما التفريط في اليقظة ان تؤخر صلاة حتى يدخل وقت الأخرى *
* قال * (باب المغمى عليه يفيق بعد ذهاب الوقتين فلا يكون عليه قضاؤهما)
ذكر فيه عن عمار (انه أغمي عليه أربع صلاة فقضاها) * قلت * سكت عنه وسنده ضعيف وهو مخالف للباب *
387

* قال * (باب المرأة تدرك من أول الوقت مقدار الصلاة ثم حاضت)
أسند فيه (عن أبي الجوزاء ان عمر بن الخطاب نهى النساء ان يبتن عن العشاء مخافة يحضن يريد صلاة العشاء) * قلت *
لا دلالة في هذا الكلام على القضاء بل دلالته على عدمه اظهر ثم في اتصال الاسناد بين أبى الجوزاء وعمر نظر وذكر
أبو بكر الرازي عن الشافعي انها لو طهرت آخر الوقت لزمتها الصلاة ولو قدم مسافر آخر الوقت يتم قال فيلزمه انها
لو حاضت آخر الوقت سقط عنها الصلاة ولو سافر مقيم آخر الوقت جاز له القصر *
388

* قال * (باب الترجيع)
ذكر فيه حديث (عثمان بن السائب عن أبيه وأم عبد الملك بن أبي محذورة) * قلت * عثمان وأبوه وأم عبد الملك
مجهول حالهم * ثم ذكر حديث (الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن وجده) * قلت *
الحارث هذه هو أبو قدامة ضعفه ابن معين وقال أيضا هو وابن حنبل مضطرب الحديث وقال البيهقي في باب
392

سجود القرآن احدى عشرة * ضعفه ابن معين ومحمد بن عبد الملك * هذا مجهول الحال ذكره ابن القطان وقال محمد
ابن عثمان بن أبي شيبة سمعت علي بن المديني يقول بنو أبى محذورة الذين يحدثون كلهم ضعيف ليس بشئ ولهذا قال
عبد الحق لا يحتج بهذا الاسناد * ثم ذكر البيهقي حديث (عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ عن عبد الله
ابن محمد بن عمار وعمار عمر ابني حفص بن عمر بن سعد عن عمار بن سعد القرظ عن عبد الله
ابن محمد بن عمار وعمار وعمر ابني حفص بن عمر بن سعد عن عمار بن سعد عن أبيه سعد القرظ) * قلت * عبد الرحمن
393

هذا ضعفه ابن أبي حاتم وقال ابن القطان هو وأبوه وجده مجهولو الحال وقال صاحب الميزان عبد الله بن محمد
ابن عمار ضعفه ابن معين وذكر عن عبد الرحمن بن سعد حدثني عبد الله بن محمد وعمار وعمر ابنا حفص عن آبائهم عن
أجدادهم انه عليه السلام كبر في العيدين الحديث قال عثمان بن سعيد قلت ليحيى كيف حال هؤلاء قال ليسوا بشئ
وقال ابن الجوزي لا يختلف في أن بلا لا كان لا يرجع *
394

* قال * (باب الالتواء في حي على الصلاة حي على الفلاح)
ذكر فيه حديث أبي جحيفة (ورأيت بلا لا اذن فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا
ولم يستدر) * قلت * في سنده قيس بن الربيع سكت عنه هنا وقال في باب من زرع ارض غيره بغير اذنه ضعيف
عند أهل العلم بالحديث وضعفه ابن معين وقال مرة ليس بشئ وضعفه وكيع وابن المديني والدارقطني
وقال النسائي متروك وقال السعد ساقط واسند أبو الفتح الأزدي ان أبا جعفر استعمله على المدائن فكان
يعلق النساء باثدائهن ويرسل عليهن الزنابير وفى الفصول التي علقها الحسين بن إدريس عن ابن عمارة قال ابن
عمار كان قيس عالما بالحديث والكتب فلما ولى المدائن قتل رجلا فيما بلغني فنفر الناس عنه ثم أسند البيهقي هذا
الحديث وفيه (انه استدار في اذنه) وفى سنده الحجاج بن أرطأة فقال (الحجاج ليس بحجاج) * قلت * العجب
منه كيف سكت عن قيس وتكلم في الحجاج وقيس أسوء حالا منه بلا شك فان الحجاج روى له ابن حبان في صحيحه
ومسلم مقرونا بغيره وقال الثوري ما رأيت احفظ منه وعن حماد بن زيد كان الحجاج عندنا أمهر لحديثه من الثوري
وقال أبو بكر الخطيب الحجاج أحد العلماء بالحديث والحفاظ له ثم إن الحجاج لم ينفرد بذلك بل جاءت الاستدارة
من جهة غيره فروى الطبراني من حديث إدريس الأودي عن عون عن أبيه الحديث وفيه وجعل يستدير وروى
أبو الشيخ الأصبهاني الحديث من جهة حماد بن سلمة وهشيم عن عون عن أبيه وفيه فجعل يستدير يمينا وشمالا وروي
395

ذلك من حديث الثوري عن عون على ما ذكره البيهقي قال (ورواه عبد الرزاق عن ثور عن عون مدرجا في الحديث)
* قلت * أخرجه الترمذي من حديث عبد الرزاق عن الثوري عن عون عن أبيه قال رأيت بلا لا يؤذن ويدور الحديث
ثم قال حسن صحيح وقال الحاكم في المستدرك صحيح على شرطهما وهذا حكاية فعسل حكاه أبو جحيفة عن بلال
فلا أدري ما معنى قول البيهقي مدرجا في الحديث وقد وقعت لهذه الرواية متابعة فأخرجه أبو عوانة الأسفرائيني في صحيحه
من حديث مؤمل عن سفيان عن عون عن أبيه وروى أبو نعيم الحافظ فس مستخرجه على كتاب البخاري من حديث
عبد الرزاق عن سفيان عن عون عن أبيه قال رأيت بلا لا يؤذن ثم قال وثنا أبو أحمد ثنا المطرز ثنا بندار ويعقوب قالا
ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن عون أسامة رأى بلا لا يؤذن ويدور إلى آخره * قال البيهقي (وسفيان إنما
روى هذه اللفظة في الجامع رواية العدني عنه عن رجل لم يسمه عن عون) * قلت * العدني هذا هو عبد الله بن الوليد
قال عبد الله بن علي بن المدينة سمعت أبي يقول لا يكتب حديثه وضعفه جدا * قال البيهقي (وروي عن حماد بن سلمة
عن عون مرسلا لم يقل عن أبيه) * قلت * قد تقدم ان أبا الشيخ أخرجه من جهة حماد بن سلمة عن عون عن أبيه *
396

(باب الرجل يؤذن ويقسم غيره)
ذكر فيه حديث زياد بن الحارث ثم قال (وله شاهد بن حديث ابن عمرو في اسناده ضعف) * قلت * في اسناد الأول
أيضا ضعف قد بيناه في باب الاذن للصبح قبل الفجر *
399

* قال * (باب الأذان والإقامة للجمع بين الصلاتين)
ذكر في آخر حديث أبي أيوب * قلت * قد روي من وجه آخر قال أبو حنيفة في مسند ثنا أبو إسحاق السبيعي عن
عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب الأنصاري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بجمع باذان وإقامة
وذكر الطبري في تهذيب الآثار انه عليه السلام صلاهما بإقامة واحدة من حديث ابن مسعود وابن عمر وأبي
ابن كعب وخزيمة بن ثابت وأسامة بن زيد رضي الله عنهم *
400

* قال * (باب الأذان والإقامة للفائتة)
ذكر فيه حديث أبي هريرة وقال (لم يذكر فيه الاذان أحد مع الوصل غير ابان العطار عن معمر) * قلت * ذكر
أبو داود في سننه عن جماعة انهم رووه عن معمر لم يذكر أحد منهم الاذان ولم يسنده الا الأوزاعي
وابان العطار عن معمر *
403

* قال * (باب من قال بافراد قد قامت الصلاة)
ذكر فيه عن ابن المسيب عن عبد الله بن زيد الحديث * قلت * هو مرسل نصل عليه البيهقي فيما بعد * ثم ذكر عن
الشافعي والحميدي ما ملخصه (انهم صاروا إلى تثنية قوله قد قامت الصلاة لان الرواية الواردة فيها زيادة على رواية
من افردها) * قلت * فيلزمهم على هذا أن يقولوا بتثنية كلمات الإقامة لأنها زيادة صحيحة على ما سيأتي في الباب الذي
بعد هذا إن شاء الله تعالى *
414

* قال * (باب من قال بتثنية الإقامة وترجيح الاذان)
ذكر فيه حديث همام (عن عامر الأحول عن مكحول عن مكحول عن ابن محير يزان أبا محذورة حدثه انه عليه السلام علمه
الاذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة) * ثم قال (ورواه عفان عن همام وفسر الإقامة مثنى مثنى)
* قلت * هذه الحديث رجاله على شرط الصحيح أخرجه الترمذي باللفظ الذين ذكره البيهقي أولا وقال حسن
صحيح أخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه ولفظه وعلمه الإقامة مثنى مثنى * ثم ذكره البيهقي
416

من طريق آخر عن همام بسنده المذكور ولفظه (قال قل الله أكبر) الحديث وفى آخره (والإقامة مثل ذلك) * ثم قال
(واجمعوا على أن الإقامة ليست كالاذان في عدد الكلمات إذا كان بالترجيع فدل على أن المراد جنس الكلمات
وان تفسيرها وقع عن بعض الرواة) * قلت * في هذه نسبة الوهم إلى الرواة من غير دليل وفى عدد كلمات الإقامة
سبع عشرة كما تقدم دليل على أن المراد انها مثل الاذان في الجنس مع تثنية الكلمات وهذا قرب إلى الحقيقة وهي
كونها مثل الاذان وفى جعل كلماتها سبع عشرة ما ينفى الغلط ويضعف تأويل البيهقي * ثم قال (ورواه هشام
الدستوائي عن عامر دون ذكر الإقامة وذلك القدر أخرجه مسلم ولعله ترك رواية همام للشك في سند الإقامة
المذكورة فيه) * قلت * ذكر من ذكر مقدم على ترك من ترك بل لو نفاه لكان قول المثبت مقد ما على قول النافي
على ما عرف ولا أدري ما الشك الذي في سند الإقامة التي في حديث همام وهو وان لم يخرجه مسلم فقد خرج عن
رجاله وقد ترك مسلم رواية حماد بن زيد في امر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة مع أنه من الأئمة الحفاظ لأنه رأى
417

ذلك غير محفوظ وإن كان غيره يصححه وكذا ههنا يجوز أن يكون مسلم ترك حديث همام لاعتقاده انه غير محفوظ
لمخالفته عمل أهل الحجاز ولان هشاما أتقن منه وقد وجد لهمام فيه متابع فأخرجه الطبراني من رواية سعيد بن أبي
عروبة عن عامر بسنده ولفظه علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة
ثم ذكر البيهقي حديث روح بن عبادة (عن ابن جريج عن عثمان بن السائب عن أم عبد الملك بن أبي محذورة
لا إله إلا الله اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة
حي على الفلاح حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله) ثم أخرجه
من طريق الدارقطني (عن أبي بكر النيسابوري ثنا أبو حميد المصيصي نا حجاج قال ابن جريج) فذكره بالسند المذكور
وفيه (وعلمني الإقامة مرتين الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان محمد رسول الله حي على الصلاة حي على
418

الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا اله الله) ثم قال (فذكر الإقامة مفرد كما ترى
فصار قوله عائد كلمة الإقامة) * قلت * ذكره الدارقطني في سننه بالسند المذكور بتثنية الشهادتين
وهذا مخالف لما ذكره البيهقي من طريقه وأخرجه النسائي في سننه فقال اخبرني إبراهيم بن الحسن حدثنا حجاج
فذكره بالسند المذكور بتثنية كلمات الإقامة كلها وهذا مخالف لما ذكره البيهقي من طريق الدارقطني
ومخالف أيضا لما ذكره الدارقطني في سننه وأخرجه الحازمي في الناسخ والمنسوخ كما أخرجه النسائي
وقال حديث حسن وإبراهيم بن الحسن النسائي وكتب عنه أبو حاتم وقال صدوق * ثم قال البيهقي (وفى صحة التثنية
في كلمات الإقامة سوى التكبير وكلمتي الإقامة نظر ففي اختلاف الروايات ما يوهم أن يكون الامر بالتثنية عاد
إلى كلمتي الإقامة) * قلت * قد تقدم ما يدل على بطلان هذا التأويل وهو عد كلمات الإقامة سبع عشرة كلمة
وأيضا فان روح بن عبادة في روايته عن ابن جريج عد الكلمات كلها مثناة وكذا حجاج عن ابن جريج فيما رواه
419

النسائي وحسنه الحازمي فكيف تعود التثنية إلى كلمتي الإقامة فقط مع هذا التصريح * ثم قال البيهقي (وفي دوام
أبى محذورة وأولاده على ترجيح الاذان وافراد الإقامة ما يوجب ضعف رواية من روى تثنيتهما) * قلت *
دوامهم على ذلك بعد صحته يقتضى الترجيح لا ضعف رواية من روى تثنيتهما إذ ترك العمل بالحديث لوجوه
ما هو أرجح منه لا يلزمه تضعيفه الا ترى ان الأحاديث المنسوخة كلها إذا كانت رواتها عدولا حكمنا يصحتها ولم يعمل
بها لو جود الناسخ *
* قلت * (باب ما روي في تثنية الأذان والإقامة)
ذكر فيه حديث ابن أبي ليلى (ثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ان عبد الله بن زيد الحديث) * ثم رواه من
حديث ابن أبي ليلى عن معاذ ومن حديثه عن عبد الله بن زيد ومن حديثه مرسلا ثم قال (والحديث مع
الاختلاف في اسناده مرسل لان ابن أبي ليلى لم يدرك معاذا ولا عبد الله بن زيد فغير جائز ان يحتج بخبر
غير ثابت على اخبار ثابتة) * قلت * الطريق الأول الذي ذكره البيهقي رجاله على شرط الصحيح وقد صرح
فيه ابن أبي ليلى بان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حدثوه فهو متصل لما عرف من مذاهب أهل السنة
420

في عدالة الصحابة رضي الله عنهم وان جهالة الاسم غير ضارة وقال ابن حزم هذا اسناد في غاية الصحة وإذا صح هذا
الطريق فبعد ذلك إنما يعلل بالاختلاف إذا كان ممن هو غير مستضعف والا فرواية الضعيف لا تكون سببا لضعف رواية
الحافظ والطريقان اللذان ذكرهما البيهقي بعد ذلك ليبين الاختلاف الواقع في السند لا يخلوان عن تكلم فيه ثم الاسناد
مقدم على الارسال لان فيه زيادة وابن أبي ليلى سمع الحديث من الصحابة فرواه عنهم مرة وأرسله مرة أخرى
كما مر نظائره على أنه يمكن سماع ابن أبي ليلى من عبد الله بن زيد لان عبد الله توفى سنة ثنتين وثلاثين على ما سنذكره
إن شاء الله تعالى وابن أبي ليلى ولد سنة سبع عشرة فظهر بذلك ضعف قول البيهقي (فغير جائزان يحتج بخير غير ثابت
إلى آخره) * ثم قال (وقد روي في هذا الباب أخبرا من أوجه اخر كلها ضعيفة قد بينت ضعفها في الخلافيات)
* قلت * من جملة ما روى في هذا الباب حديث أبي محذورة من طريق همام الذي صححه الترمذي وابن حزيمة
421

وغيرهما وحديث أيضا من طريق ابن جريج الذي حسنه الحازمي كما مر وروى الطحاوي عن محمد بن خزمية عن يزيد بن
سناف ثنا شريك عن عبد العزيز رفيع سمعت أبا محذورة يؤذن مثنى مثنى ويقيم مثنى مثنى * وعبد العزيز بن رفيع أبو العوام
الباهلي ثقة قاله ابن معين وقد صرح بسماعه من أبى محذورة واعله الحاكم بان عبد العزيز لم يدرك اذان أبى محذورة فإنه
ولد بعد ذلك بسنتين * قلت * يحمل على أنه اذن بعد النبي عليه السلام فسمعه عبد العزيز وأبو محذورة توفي سنة تسع
وخمسين وقيل سنة تسع وسبعين وعبد العزيز توفى سنة ثلاثين ومائة قال ابن منجوبة اتى عليه نيف وتسعون سنة
فهو قد أدرك زمان أبى محذورة بلا شك وروى أبو عوانة يعقوب ابن إسحاق الحافظ في صحيحه عن عمر بن شبة عن
عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة عن المغيرة عن الشعبي عن عبد الله بن زيد الأنصاري سمعت اذان رسول الله
صلى الله عليه وسلم فكان اذانه وقامته مثنى مثنى واخرج أبو الشيخ الأصبهاني وأبو حفص بن شاهين في الناسخ
والمنسوخ ورجاله عندهم ثقات وإنما النظر في اتصاله بين الشعبي وعبد الله بن زيد واعله الحاكم بان عبيد الله بن عمر
قال دخلت ابنة عبد الله بن زيد بن عبد ربه على عمر بن عبد العزيز فقالت إنا ابنة عبد الله بن زيد أبى شهد بدرا
وقتل يوم أحد فقال عمر *
شعر تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبو الا
422

قال الحاكم فهذه الرواية الصحيحة تصرح بان أحدا من هؤلاء لم يلق عبد الله بن زيد واعترض عليه صاحب الامام
بما ملخصه ان الحاكم نظر إلى عدالة الرواة والشانى في الاتصال بين عبيد الله وعمر فان عبيد الله ليس من طبقة من يروى
عن عمر مشافهة ولقاء وقد روى ابن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن زيد حدثني أبي فصرح بسماع محمد من أبيه وقد ذكر
البيهقي فيما مضى (عن محمد بن يحيى الذهلي انه ليس في اخبار عبد الله بن زيد في قصة الاذان أصح من هذا لان محمدا سمع
من أبيه فمع التصريح بالسماع كيف يحكم عليه بتلك الرواية المنقطعة * وقد ذكر البيهقي (ان الواقدي ذكر بسنده
عن محمد بن عبد الله بن زيد قال توفي أبي بالمدينة سنة اثنين وثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان) واسند ابن أبي الدنيا في كتاب
الاشراف عن الشعبي قابل ولدت عام جلولاء واسند أيضا عن قتادة كانيوم جلولاء في سبع عشرة فعلى هذا يمكن سماع
الشعبي من عبيد الله بن زيد وروى الطبري والدارقطني وابن عدي من عدة أسانيد عن زياد بن عبد الله البكائي عن إدريس
الأودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه ان بلا لا كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى ويقيم مثنى مثنى
وفى رواية اذن صوتين صوتين وأقام مثل ذلك واعلت هذه الرواية بزياد فان ابن معين قال لا بأس به في المغازي واما في
423

غير ها فلا ويجاب عن ذلك بان مسلما اخرج عنه وروى له ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وسئل عنه وكيع
فقاله وأشرف من أن يكذب وقال ابن عدي قد روى عنه الثقات من الناس وما أرى برواياته بأسا وروى الحاكم ثم البيهقي
في الخلافيات من حديث شريك عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة ان بلا لا كان يثنى الأذان والإقامة وعلله الحاكم
بأنه مرسل وان سويد ألم يدرك اذان بلال وإقامته في عهد النبي عليه السلام وان شريكا وعمران غير محتج بهما
في الصحيح وأجيب عن ذلك بان سويد أدرك الجاهلية ولم ير النبي عليه السلام وادى الزكاة لمصدق رسول الله
صلى الله عليه وسلم فهو ان لم يدرك اذان بلال وإقامته في عهده عليه السلام فلا مانع من ادراكه لهما في عهد أبى بكر فقد
ذكر ابن أبي شيبة وغيره ان بلا لا اذن حياة النبي عليه السلام ثم اذن لأبي بكر حياته ولم يؤذن في زمن عمر فقال له عمر
ما يمنعك ان تؤذن فقال إني اذنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض واذن لأبي بكر حتى قبض لأنه كان ولي
نعمتي وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا بلال ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله فخرج فجاهد وفي
الخلافيات للبيهقي أيضا انه اذان لأبي بكر وروى الطحاوي حديث سويد هذا من طريقين عن شريك ولفظه عن سويد
424

سمعت بلا لا يؤذن مثنى ويقيم مثنى وهذا تصريح بالسماع وشريك صحح الحاكم في المستدرك روايته واخرج له مسلم
متابعة وعمران بن مسلم الجعفي وثقه يحيى وأبو حاتم وغيرهما فلا يعارض ذلك بعدم الاحتجاج بهما في الصحيح
وروى عبد الرزاق في مصنفه انا الثوري عن أبي معشر هو زياد عن إبراهيم عن الأسود عن بلال قال كان
اذانه وإقامته مرتين مرتين وهذا سند جيد وهو متابع لرواية سويد وروى عبد الرزاق أيضا عن الثوري عن فطر عن
مجاهد ذكر له الإقامة مرة مرة فقال هذا شئ استخفته الامراء الإقامة مرتين مرتين وقال ابن أبي شيبة ثنا وكيع
ثنا فطر فذكره ورواه الطحاوي عن يزيد بن سنان ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا فطر بن خليفة عن مجاهد فذكر بمعناه
425

وروى البيهقي في الخلافيات من جهة ابن إسحاق الحنظلي السمرقندي نا محمد بن ابان ثنا حماد عن إبراهيم قال أول
من نقض الإمامة معاوية بن أبي سفيان ثم حكى عن الحاكم أنه قال ما ملخصه نقض الإقامة تثنيتها ومن ذكره بالصاد
المهملة فقد وهم وأجيب عن ذلك بان ما تقدم عن مجاهد يقتضى ان التغير بالنقص بالمهملة وروى أبو حنيفة في مسنده عن علقمة
ابن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه ان رجلا من الأنصار رأى في منامه ان قائلا قال له مر رسول الله صلى الله عليه وسلم
ان يأمر بلا لا بالاذان الله أكبر مرتين اشهد ان لا إله إلا الله مرتين اشهد ان محمدا رسول الله مرتين حي على الصلاة
مرتين حي على الفلاح مرتين الله أكبر الله أكبر لا الا الله ثم علمه الإقامة كذلك ثم قال قد قامت الصلاة مرتين كاذان الناس
426

وإقامتهم فأخبر النبي عليه السلام فامر بلا لا بذلك * وقال الأثرم سمعت يقول من أقام مثنى مثنى لم أعنفه وليس به
بأس قيل له فحديث أبي محذورة صحيح فقال اما انا فلا ادفعه وقال أبو عمر ذهب ابن حنبل وابن راهويه وداود ومحمد
ابن جرير إلى إجازة القول بكل ما روي عن النبي عليه السلام في ذلك وحملوه على الإباحة والتخيير لأنه ثبت عن
النبي عليه السلام جميع ذلك وعمل به أصحابه فمن شاء ثنى الإقامة ومن شاء افردها الا قوله قد قامت الصلاة فان ذلك
مرتان * قال البيهقي (وامثل اسناد روى في تثنية الإقامة حديث ابن أبي ليلى وهو ان صح فكل اذان روى ثنائية
فهو بعد رؤيا عبد الله بن زيد فيكون أول مما روي في رؤياه مع الاختلاف في كيفية رؤياه في الإقامة فالمدنيون يروونها
427

مفردة الكوفيون يروونها مثنى واسناد المدنيين موصول واسناد الكوفيين مرسل ومع موصول المدنيين مرسل
سعيد وهو أصح التابعين ارسالا ثم ما رويناه من الامر بالافراد بعده) * قلت * يظهر من مجموع ما تقدم ان في تثنية
الإقامة أحاديث جيدة ومنها ما هو بعد رؤيا عبد الله بن زيد وهو حديث أبي محذورة في عد كلمات الإقامة سبع عشرة
وما في بعض رواياته وعلمني الإقامة مثنى مثنى فان ذلك كان بعد رجوع النبي عليه السلام من حنين كما ذكره البيهقي
فيما تقدم وقد بينا ان اسناد الكوفيين في حديث رؤيا عبد الله بن زيد موصول أيضا ومن نظر في طرق حديث رؤياه
وحديث انس في الامر بافراد الإقامة يظهر له انهما كانا في وقت واحد فكيف يقول البيهقي * (ثم الامر بالافراد
بعده) بل حديث أبي محذورة بعد الامر بالافراد *
428

* قال * (باب عدد المؤذنين)
ذكر في آخر زيادة عثمان التأذين يوم الجمعة * ثم قال (الخبر ورد في التأذين لا في المؤذن) * قلت * يظهر بهذا ان الخبر
ليس بمطابق للباب لان الذي زاده هو الاذان لا عدد المؤذنين *
429

* قال * (باب فضل التأذين على الإمامة)
ذكر فيه حديث إبراهيم بن طهمان (عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر قال المؤذن يغفر له مدى صوته ويصدقه
كل رطب ويابس وسمعته يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الامام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم
430

ارشد الأئمة واغفر للمؤذنين) * ثم قال (كذا رواه ابن طهمان وقد رواه عمار بن رزيق عن الأعمش عن مجاهد
عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يفغر للمؤذن مدى صوته ويشهد له كل رطب ويابس سمع
صوته هذا القدر مرفوعا دون الحديث الآخر * ثم أسنده كذلك من حديث ابن عمرو من حديث أبي هريرة
أيضا * قلت * إن كان البيهقي قصد بذلك تعليل رواية ابن طهمان وهو الظاهر فترك بعض الرواة لا يعارض
431

زيادة غير لا سيما مع انفصال أحد المتنين عن الآخر في المعنى فهما حديثان مستقلا فبعض الرواة روى أحدهما
وبعضهم شارك في ذلك وانفرد بالحديث الآخر *
432

* قال * (باب الترغيب في التعجيل بالصلوات)
ذكر فيه حديث أم فروة * قلت * الكلام عليه تقدم في أبواب التيمم ثم ذكر حديث عثمان بن عمر (عن مالك
433

ابن مغول عن الوليد بن الميزار عن أبي عمر والشيباني عن ابن مسعود سألت النبي صلى الله عليه وسلم اي العمل أفضل
قال الصلاة في أول وقها) * قلت اختلف فيه على ابن مغول فواه عثمان بن عمر عنه كذلك ورواه عنه محمد بن
سابق ولفظه الصلاة على ميقاتها أخرجه من طريقه البخاري في صحيحه * قال البيهقي (وكذلك رواه بندار عن
عثمان بن عمر) * قلت * الذي رواه مسلم في صحيحه عن بندار عن غندر عن شعبة خلاف هذا وسنذكره إن شاء الله
تعالى * قال البيهقي (وكذلك رواه علي بن حفص المدائني عن شعبة عن الوليد بن العيزار) * قلت المدائني هذا
قال أبو حاتم لا يحتج به والمشهور عن شعبة الصلاة على وقتها وكذلك أخرجه الشيخان من رواية جماعة عنه * قال
(وروى غندر عن شعبة عن عبد المكتب عن أبي عمرو عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بمثله) * قلت قد تقدم
ان المشهور عن شعبة على وقتها وقد ذكر مسلم حديث شعبة كذلك ثم قال ثنا محمد بن بشار نا محمد بن جعفرنا شعبة بهذا
الاسناد مثله فهذه الرواية الصحيحة عن غندر خلاف ما ذكره البيهقي عنه وقال ابن حبان في صحيحه الصلاة في أول
وقتها تفرد بها عثمان بن عمر * ثم ذكر البيهقي حديث أبي مسعود (ثم صلى بغلس) * قلت حديثه الطويل في الأوقات
مخرج في الصحيحين بدون هذه الزيادة وفى اسناد هذا الحديث الذي ذكره البيهقي أسامة بن زيد الليثي خرج له
مسلم ومع ذلك تكلم فيه قال احمد ليس بشئ وعنه تركه يحيى بن سعيد بآخره وعنه قال روى عنه نافع أحاديث
مناكير فقال له ابنه عبد الله أراه حسن الحديث فقال إن تدبرت حديثه فستعرف فيه النكرة وعن ابن معين كان يحيى
434

ابن سعيد يضعفه وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به وقال النسائي ليس بالقوى * ثم ذكر البيهقي حديثا (عن
هاشم بن القاسم ثنا الليث عن أبي النضر عن عمرة عن عائشة ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الآخر حتى
قبضه الله) * ثم قال وكذلك رواه معلى بن عبد الرحمن عن الليث * قلت * لا يلزم من كونه صلى الله عليه وسلم لم يصل
في آخر الوقت أن يكون أوله أفضل إذ بينهما واسطة ومعلى بن عبد الرحمن الواسطي كذاب حكاه الذهبي عن
435

الدارقطني * ثم أسند البيهقي (عن إسحاق بن عمر بن عائشة قالت ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة لوقتها الاخر
مرتين حتى قبضه الله) ثم قال (وهذا مرسل إسحاق لم يدرك عائشة) * قلت * في الميزان إسحاق هذا تركه
الدارقطني وذكر أبو حاتم وجماعة انه مجهول فكيف عرف البيهقي انه لم يدرك عائشة *
* قال * (باب تعجيل الظهر في غير شدة الحر)
ذكر في آخره حديث عائشة * قلت * فيه شيئان أحدهما * ان في سنده حكيم بن جبير * قال احمد ضعيف منكر
الحديث وقال الدارقطني متروك وقال الجوزجاني كذاب وتركه شعبة ذكر ذلك صاحب الميزان وذكر هذا
الحديث من منكراته * والثاني * في سنده اختلافا أيضا ذكره البيهقي بعد * ثم ذكر سندا في أثنائه (انا محمد بن
الفضل بن جابر أبو عبد الرحمن الأذرمي) * قلت * كذا رأيته في نسختين جيدتين وأبو عبد الرحمن هذا اسمه عبد الله
436

ابن محمد بن إسحاق والصواب انا محمد بن الفضل بن جابر أخبرنا أبو عبد الرحمن *
* قال * (باب تأخير الظهر في شدة الحر)
* قلت * اطلاق هذا الباب والأحاديث التي فيه تدل على التأخير في شدة الحر مطلقا والشافعي قيده * قال
الترمذي في جامعه قال الشافعي إنما الابراد بصلاة الظهر إذا كان مسجدا ينتاب أهله من البعد فاما المصلى وحده
والذي يصلى في مسجد قومه فالذي أحب له ان لا يؤخر في شدة الحر * قال أبو عيسى ومعنى من ذهب
إلى تأخير الظهر في شدة الحر أولى وأشبه بالاتباع واماما ذهب إليه الشافعي ان الرخصة لمن ينتاب من البعد وللمشقة
437

على الناس فان في حديث أبي ذر ما يدل على خلاف ما قال الشافعي * قال أبو ذر كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم
في سفر فاذن بلال بالصلاة الظهر فقال عليه السلام يا بلال أبرد فلو كان الامر على ما ذهب إليه الشافعي لم يكن للابراد
في ذلك الوقت معنى لاجتماعهم في السفر وكانوا لا يحتاجون ينتابون من البعد *
438

* قال * (باب تعجيل العصر)
ذكر فيه حديث مالك (عن ابن شهاب عن انس قال كنا نصلى العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء الحديث) * قلت *
في علل الصحيحين للدار قطني هذا مما ينتقد به على مالك لأنه وقفه فيه إلى قباء وخالفه عدد كثير منهم صالح
ابن كيسان وشعيب وعمرو بن الحارث ويونس والليث ومعمر وابن أبي ذئب وإبراهيم بن علية وابن أخي الزهري
والنعمان وأبو أويس وعبد الرحمن بن إسحاق وقد أخرجا قول من خالف مالكا أيضا وقال أبو عمر في التمهيد قال فيه
جماعة أصحاب ابن شهاب عنه يذهب الذاهب إلى العوالي وهو الصواب عند أهل الحديث وقول مالك عندهم
440

إلى قباء وهم لا شك فيه ولم يتابع أحد عليه في حديث ابن شهاب هذا وذكر البيهقي في هذا الباب والطحاوي
وابن عبد البر وغيرهم ان أقرب العوالي المدينة ميلان أو ثلاثة فيمكن ان يصلى في وسط الوقت ثم يوتى
العوالي ثم ذكر حديث عبد الواحد بن نافع (عن عبد الله بن رافع عن أبيه انه عليه السلام كان يأمرهم بتأخير هذه
الصلاة) ثم حكى عن الدارقطني (أنه قال الصحيح عن رافع وغيره ضد هذا) * قلت * ذكر ابن حبان في ثقات
التابعين عبد الله بن رافع وذكر في ثقات اتباع التابعين عبد الواحد بن نافع * وعن علي بن شيبان قال قدمنا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم المدنية فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية أخرجه أبو داود وسكت عنه واخرج
441

الحاكم وقال صحيح على شرط البخاري عن العباس بن ذريج عن زياد بن عبد الله النخعي قال كنا جلوسا مع علي في المسجد
الأعظم والكوفة يومئذ اخصاص (1) فجاء المؤذن فقال الصلاة يا أمير المؤمنين للعصر فقال اجلس فجلس ثم عاد فقال
ذلك له فقال علي هذا الكلب يعلمنا بالسنة فقام فصلى بنا العصر ثم انصرفنا إلى المكان الذي كنا فيه فجثونا للركب
لنزول الشمس للمغيب نتراءاها * والعباس ثقة وزياد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين * وأخرج الترمذي انا على
ابن حجر انا إسماعيل بن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد
تعجيلا للظهر منكم وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه * قال الترمذي وقد روي هذا الحديث عن ابن جريح عن ابن أبي
مليكة عن أم سلمة نحو وسكت الترمذي عن الحديث ورجاله على شرط الصحيح وفى مصنف عبد الرزاق

(1) اخصصا جمع خص بالضم هو بيت يعمل من الخشب والقصب 12 مجمع
442

عن ثوري عن من صور عن إبراهيم قال كان من كان قبلكم أشد تعجيلا للظهر وأشد تأخير للمصر منكم، وعن الثوري
عن الأعمش كان أصحاب ابن مسعود يعجلوني الظهر ويؤخروني العصر * وعن الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن
ابن يزيد ان ابن مسعود كان يؤخر العصر * وعن معمر عن خالد الحذاء ابن الحسن وابن سيرين وأبا قلابة كانوا
يمسون بالعصر *
* قال * (باب كراهية تأخير العصر)
ذكر فيه حديث انس (سمعته صلى الله عليه وسلم يقول تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت
بين قرني قال فنقرها أربعا) * قلت * هذا الحديث يدل على كراهية تأخيرها إلى هذا الوقت لا كراهة
443

تأخيرها إلى ما قبل اصفرار الشمس ثم ذكر حديث (كان عليه السلام في بعض غزواته فقال بكروا بالصلاة
في يوم الغيم فإنه من ترك الصلاة العصر حبط عمله) * قلت * مفهوم هذا الحديث تأخير المصر في غير يوم الغيم
ومثل هذا المفهوم حجة عند الشافعي * ثم ذكر حديث (من فانته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله) من
طريق ابن عمر عن النبي عليه السلام ثم ذكره من حديث نوفل بن معاوية عن النبي عليه السلام ثم قال وهو مخرج
444

في الصحيحين فالحديث محفوظ عنهما) * قلت * ظاهر كلامه انه في الصحيحين من حديث نوفل أيضا وليس حديثه
فيهما ولا في واحد منهما بل هو في سنن النسائي ثم الحديث غير مناسب للباب ثم ذكر (عن عروة عن عمر كتب إلى
أبى موسى ان صل العصر والشمس بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب ثلاث فراسخ) * قلت من صلى قبل الاصفرار
445

يصدق عليه انه صلى كذل فهو ان دل على كراهة التأخير فإنما يدل على كراهته إلى آخر الوقت لا على كراهة كل تأخير
على أن رواية عروة عن عمر مرسلا لأنه لم يدركه *
قال * (باب تعجيل المغرب)
ذكر فيه حديث يحيى بن معين عن بشر بن السرى بسنده عن أبي طريف (انه كان شاهد النبي عليه السلام وهو محاصر
لأهل الطائف فكان يصلى بنا صلاة البصرة حتى لوان انسانا رمى بنبله أبصر مواقع نبله) ثم قال (أراد صلاة المغرب وإنما
سمت صلاة البصر لأنها تؤدى قبل ظلمة الليل) * قلت * الأظهر ان صلاة البصر صلاة الفجر وكذا جاء مفسرا
في رواية الطحاوي عن ابن أبي داود عن ابن معين بسنده المذكور ولفظه فكان يصلى بنا صلاة الفجر الحديث ذكره
446

الطحاوي في الوقت الذي يصلى فيه الفجر واسند الهروي في الغربيين عن أحمد بن سعيد الدارمي قال صلاة البصر
صلاة الفجر وقال فارسي في مجمع الغرائب أراد به صلاة الفجر لأنها إنما تصلى عند أسفار الظلام واثبات البصر
الأشخاص وقيل إنها صلاة المغرب لأنها تؤدى قبل ظلمة الليل الحائلة بين الابصار والمرئيات والأول أظهر انتهى
كلامه وعلى هذا ففي الحديث دليل على أن الاسفار بالفجر أفضل وذكر الطبراني هذا الحديث في معجمه الكبير من
طريقين ولفظه فكان يصلى بنا صلاة العصر * كذا رأيته في أصل جيد من أصول هذا الكتاب وعلى هذا ففيه دليل على
أفضلية تأخير العصر *
447

* قال * (باب تعجيل العشاء)
ذكر فيه حديث أبي عوانة (عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير كان عليه السلام
صلاها يعنى العشاء السقوط القمر الثالثة) * قلت * في هذا الحديث ثلاثة أمور * أحدها * انه مضطرب الاسناد والمتن
448

رواه هشيم عن أبي بشر عن حبيب عن النعمان وليس فيه بشير بن ثابت كذا أخرجه الحاكم وتابع رقبة هشيما
فرواه كذلك عن أبي بشر هكذا أخرجه النسائي من طريق رقبة ورواه الخلال عن مهنأ عن أحمد ثنا يزيد هارون
عن شعبة عن أبي بشير عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يصلى العشاء الآخرة لسقوط القمر ليلة رايعة * قال يزيد بن هارون قلت لشعبة هشيم عن أبي بشر عن حبيب
ابن سالم عن النعمان بن بشير كان عليه السلام يصلى العشاء الآخرة القمر ليلة ثالثة فقال حينئذ أو لليلة ثالثة *
449

والأمر الثاني * ان حبيبا فيه نظر كذا قال البخاري وقال ابن عدي قد اضطرب في أسانيد ما يرى عنه * والثالث *
ان القمر في الليلة الثالثة يسقط بعد مضى ساعتين ونصف ساعة ونصف سبع ساعة من ساعات تلك الليلة المجزاة على
اثنتا عشرة ساعة والشفق الأحمر يغيب قبل ذلك بز من كثير فليس في ذلك دليل على التعجيل عند الشافعية ومن يقول
بقولهم * ثم ذكر البيهقي حديث حماد بن سلمة (ثنا علي بن زيد عن الحسن عن أبي بكرة اخر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء
تسع ليال إلى ثلث الليل فقال أبو بكر يا رسول الله انك عجلت هذه الصلاة لكان أمكن لقائمنا أو لقيامنا من الليل
450

فعجل ذلك) * ثم قال (تفرد به علي بن زيد وليس بالقوى) * قلت * كذا قال هنا وحكى في باب منع التطهير بالنبيذ
(عن الدارقطني أنه قال ضعيف) وقال البيهقي في باب منادى زكاته فليس عليه أكثر (حماد بن سلمة ساء حفظه
في آخر عمره فالحافظ لا يحتجون بما يخالف فيه) وقال في باب من صلى وفى ثوبه أو نعله اذى (حماد بن سلمة عن أبي
نعامة السعدي عن أبي نضرة كل منهم مختلف في عدالته) ثم الحديث إنما يدل على التعجيل قبل الثلث لا على كل
تعجيل بل استدل به جماعة على التأخير منهم صاحب الامام *
* قال * (باب كراهية النوء قيل العشاء)
ذكر فيه حديث خيثمة عن رجل من جعفي عن عبد الله بن مسعود (قال عليه السلام لا سمر بعد العشاء الا لمصل
أو مسافر) ثم قال (وقيل عن علقمة عن عبد الله وهو خطأ) ثم أسند عن علقمة عن عمر حديث طويلا وفيه (كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر في الامر من امر المسلمين) ثم قال (وفى ذلك دليل على أن رواية السمر
451

من عمر لا من عبد الله في رواية علقمة) * قلت * هما حديثان مختلفان فلا يلزم من رواية علقمة هذا الحديث عن عمر
ان لا يكون روي عن ابن مسعود حديث لا سمر بعد العشاء ثم قال البيهقي (وهذا الحديث لم يسمعه علقمة من عمر إنما
رواه عن القرئع عن قيس عن عمر) * قلت * علقمة سمع عن عمر حديث الأعمال بالنيات خرجه الجماعة من روايته
عنه فيحمل على أنه سمع منه حديث السمر بلا واسطة مره وبواسطة مرة أخرى ويدل على ذلك ان الترمذي
452

خرج الحديث من طريق علقمة عن عمرو حسنه فدل على أنه متصل عنده ثم ذكر البيهقي حديث الحسن (عن عمران
ابن حصين عن ابن مسعود كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى أكثر بالحديث إلى آخره * قلت *
فيه أمران * أحدهما * انه منقطع قال البيهقي في باب من عجل في النذر كفارة يمين (قال ابن المديني لم يصح للحسن
سماع عن عمران بن حصين بن وجه يثبت) * الثاني * انه ليس في الحديث ان ذلك كان بعد الصلاة *
* قال * (باب تعجيل الصبح)
ذكر فيه حديث أبي مسعود والكلام عليه تقدم في باب الترغيب في التعجيل بالصلاة ثم ذكر حديث انس
453

انه عليه السلام وزيد بن ثابت تسحرا فلما فرغا سحورهما قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فصلى قلت
لانس كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة قال قدر ما يقرأ الرجل خمسين وفى رواية خمسين أو ستين آية)
* قلت * ليس في ذلك دليل على أنه كان يدخل أول الوقت لأنه مكث قدر قراءة خمسين أو ستين آية مرسلة * ثم
ذكر (عن حبان بن الحارث اتيت علي وهو معسكر بدير مكرم (1) فوجدته يطعم فقال ادن فكل قلت انى أريد الصوم
قال وانا أريده فدنوت فأكلت فلما فرغ قال ابن التياح أقم الصلاة) * قلت * ابن الحارث هذا لا أدري ما حاله
وقد جاء عن علي بسنده جيد خلاف هذا * قال ابن أبي شيبة في مصنفه ثنا شريك عن سعيد بن عبيد هو الطائي عن علي
ابن ربيعة ان عليا قال يا ابن التياح أسفر بالفجر * ورجال هذا السند على شرط مسلم الا شريكا فإنه اخرج له في المتابعات
454

وصح الحاكم روايته كما مر وقد تابع شريكا على هذا الأثر الثوري * قال صاحب التمهيد ذكر عبد الرزاق عن الثوري
عن سعيد بن عبيد الطائي عن علي سمعت عليا يقول لمؤذنه اسفرا سفر يعنى بصلاة الصبح * ثم ذكر البيهقي (عن أبي عبيدة
عن ابن مسعود كان يصلى بنا الصبح حين يطلع الفجر إلى آخره) * قلت * فيه شيئان * أحدهما * انه منقطع لان
أبا عبيدة لم يدكر أباه كذا ذكره البيهقي فيما بعد في باب من كبر بالطائفتين * والثاني * ان الحديث الصحيح عن ابن مسعود
يدل على أن الاسفار أفضل وهو ما خرجاه من حديث عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود قال ما رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها الا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء بجمع وصلى الفجر يومئذ فبميقاتها ولمسلم قبل
وقتها بغلس ومعناه قبل وقتها المعتاد فعلها قبل طلوع الفجر غير جائز فدل على أن تأخيرها كان معتادا للنبي صلى الله
455

عليه وسلم وانه عجل بها يومئذ قبل وقتها المعتاد وابن مسعود أيضا كذلك كانت عادته * قال ابن أبي شيبة
في مصنفه ثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال كان ابن مسعود ينور بالفجر وهذا
سند صحيح ورواه أيضا عبد الرزاق في مصنفه عن سفيان الثوري بسنده ولفظه كان عبد الله يسفر بصلاة الغداة
وقال صاحب التمهيد على مذهب على وعبد الله جماعة أصحاب ابن مسعود وهو قول النخعي وطاؤس وسعيد بن
جبير واليه ذهب فقهاء الكوفيين قال البيهقي وروينا عن الفرافصة بن عمير قال ما اخذت سورة يوسف الامن
قراءة عثمان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها قال (وذلك يدل على أنه كان يدخل بها مغلسا) * قلت *
يحتمل انه كان يقرؤها في الركعتين ويحتمل انه كان يقرء فيهما ببعضها ولكنه كان يرددها فيقرء في صبح يوم
456

آخر ببعضها فيتكرر على الراوي سماعها على أنه فقد اختلف في هذا الأثر فقال ابن أبي شيبة ثنا أبو أسامة ثنا عبيد الله
هو العمرى اخبرني ابن الفرافصة عن أبيه قال تعملت سورة يوسف خلف عمر في الصحيح *
* قلت * (باب خير أعمالكم الصلاة)
ذكر فيه حديث ثوبان (استقيموا ولن تحصوا واعلموا ان خير أعمالكم الصلاة) * قلت * في دلالته على التعجيل
نظر ولو دل عليه ينبغي ان يذكر في باب الترغيب في التعجيل بالصلوات فذكره بين التغليس بالصبح وباب الاسفار
بها من سوء الترتيب *
* قال * (باب الاسفار بالفجر حتى يتبين طلوع الفجر الآخر)
* قلت * مقصود بذلك تأويل حديث أسفر وأبا الفجر وقد بين هذا التأويل ما حكاه البيهقي في كتاب المعرفة
عن الشافعي انه عليه السلام لما حض على قديم الصلاة وأخبر بالفضل فيها احتمل أن يكون من الراغبين من يقدمها
قبل الفجر الآخر فقال أسفروا بالفجر حتى يتبين الفجر الآخر معترضا فأراد عليه السلام الخروج من الشك حتى يصلى
457

المصلى بعد اليقين بالفجر فأمرهم بالاسفار اي بالتبيين * قلت * في بعض ألفاظ هذا الحديث ما يبعد هذا التأويل
أو ينفيه كما سنذكره إن شاء الله تعالى ولان الصلاة قبل التبين والتيقن لا تجوز والصلاة الفاسدة لا يوجر عليها ويبقى
الفرض ذمته وقوله أعظم للاجر افعل التفضيل فيقتضى أجرين أحدهما أكمل من الآخر فان صيغة افعل تقتضي
المشاركة في الأصل مع رجحان أحد الطريقين ثم ذكر البيهقي الحديث وهو حديث ابن إسحاق (عن عاصم بن عمر بن
محمود بن لبيد عن رافع بن خديج سمعت رسول الله صلى عليه وسلم أسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر) * قلت *
أخرجه الترمذي من هذا الوجه وقال حسن صحيح كذا ذكر ابن عساكر والمنذري والمزي ورواه أيضا عن عاصم
محمد بن عجلان أخرجه من طريقه ابن حبان في صحيحه ولفظه أصبحوا بالصبح فإنكم كلما أصبحتم بالصبح كان أعظم
لاجوركم وأخرجه أيضا أبو داود وابن ماجة ولفظ الطحاوي أسفروا بالفجر فكلما أسفرتم فهو أعظم للاجر أو قال
لاجوركم وله طريق آخر أخرجه النسائي عن إبراهيم بن يعقوب ثنا ابن أبي مريم انا أبو غسان حدثني زيد بن أسلم
على عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن رجال من قومه من الأنصار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أسفرتم
بالصبح فهو أعظم للاجر * ورجال هذا السند ثقات وفى الخلافيات للبيهقي عن أبي الزاهرية عن أبي الدرداء عن
458

النبي عليه السلام قال أسفر وأبا الفجر وهو مرسل وروي من وجه آخر أيضا مرسلا بسند صحيح فروى عبد الرزاق
في مصنفه عن معمر عن زيد بن أسلم انه عليه السلام قال أسفروا بصلاة الصبح فهو أعظم للاجر *
* قال * (باب من قال هي العصر يعنى الوسطى)
ذكر فيه حديث البراء (نزلت حافظوا على الصلوات وصلاة العصر فقرأنا ها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما شاء الله ثم إن الله نسخها فأنزل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فقال رجل أهي صلاة العصر فقال قد أخبرتك
كيف نزلت وكيف نسخها الله) ثم أخرجه من طريق آخر ولفظه (قرأنا ها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمانا
طويلا حافظوا على الصلاة والصلاة العصر قرأنا ها بعد حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فلا أدري أهي
العصر أم لا) * قلت * في هذا الباب أحاديث ظاهرها الدلالة على أنها العصر فأخرها البيهقي وقدم هذا الحديث
العصر أم لا) * قلت * في هذا الباب أحاديث ظاهرها الدلالة على أنها العصر فاخرها البيهقي وقدم هذا الحديث
وهو يحتمل ان يراد بالوسطى فيه العصر وان يراد غيرها ولهذا شك الراوي وهذا بناء على أن النسخ ههنا هل هو
متوجه إلى اللفظ دون المعنى أو إليهما معا وقال الطحاوي في كتاب الرد على الكرابيسي نا إبراهيم بن أبي داود ثنا
459

أبو مسهر نا صدقة بن خالد حدثني خالد بن دهقان اخبرني خالد سبلان عن كهيل بن حرملة النميري عن أبي هريرة انه
اقبل حتى نزل دمشق على ابن كلثم الدوسي فاتى المسجد فجلس في غريبة فتذاكروا الصلاة الوسطى فاختلفوا فيها
فقال اختلفنا فيها كما اختلفتم ونحن بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة
ابن عبد شمس فقال إنا اعلم لكم ذلك فاتى رسول الله صلى اله عليه وسلم وكان جريئا عليه فدخل ثم خرج فأخبرنا
انها صلاة العصر وذكر ابن حبان كهيلا هذا في الثقات من التابعين ثم قال ثنا محمد بن الهمداني ثنا ابن زنجويه ثنا
أبو مسهر فذكره بسنده وقال الطحاوي في الكتاب المذكور ثنا إبراهيم بن أبي داود ثنا أحمد بن جناب ثنا عيسى
ابن يونس عن محمد بن أبي حميد عن موسى بن وردان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة
الوسطى صلاة العصر * ثم قال البيهقي (وهذا قول علي في أصح الروايتين عنه) * قلت * هذا الكلام يدل على
460

أو الرواية الأخرى عن علي صحيحة وليس كذلك على ما ذكره في الباب الذي يلي هذا الباب إن شاء الله تعالى
وقال أبو عمر لا خلاف عن علي من وجه صحيح انها العصر وفي الاستذكار المحفوظ المعروف عن علي انها العصر *
* قال * (باب من قال هي الصبح)
ذكر فيه (عن مالك بلغه ابن عليا وابن عباس كانا يقولان هي الصبح) * قلت * في التمهيد قد روي من حديث حسين بن
عبد الله بن ضمرة عن أبيه عن جده عن علي قال هي صلاة الصبح وحسين هذا متروك الحديث ولا يصح حديثه هذا
وقال قوم ما أرسله مالك في موطأه عن علي انه الصبح اخذه من حديث ابن ضمرة هذا لأنه لا يوجد عن علي
الا من حديثه واخرج الطحاوي وأبو العباس السراج في مسنده من حديث جماعة عن هلال بن خباب عن
عكرمة عن ابن عباس قال قاتل النبي صلى الله عليه وسلم عدوا له فلم يتفرغ حتى نأى العصر عن وقتها فلما نظر فرأى
ذلك قال اللهم من حبسنا عن صلاة الوسطى فاملا بيوتهم وقبورهم نارا * وهلال هذا وثقه ابن معين وابن حنبل
وروى له أصحاب السنن الأربع فابن عباس قد روى مرفوعا انها العصر والعبرة عند المحدثين لرواية الراوي
461

لا لرأيه وقد ذكر البيهقي في آخر الباب السابق (ان أحد قولي ابن عباس انها العصر) * وقالا ابن أبي شيبة لي المصنف
ثنا وكيع ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عمير بن سعد صمعت ابن عباس يقول حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
صلاة العصر وهذا السند على شرط الشيخين ثم ذكر البيهقي (عن ابن عباس انه قنت في الصبح ثم قال هذه الصلاة التي
ذكرها الله حافظوا على الصلاة والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) * قلت * في الصحيح عن زيد بن أرقم
كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا
عن الكلام فدل على القنوت هو السكوت لا القنوت في الصبح كما جاء في هذا الأثر عن ابن عباس
وقال ابن شيبة ثنا حسين بن علي هو الجعفي عن زائدة عن منصور حدثني مجاهد وسعيد بن جبير ان
ابن عباس كان لا يقنت في صلاة الفجر وهذا مسند صحيح على شرط الشيخين فلو كانت القنوت في آية هو
القنوت في الصبح كما في هذا لاثر لما تركه ابن عباس لان الله تعالى امر به وقال الطبري في التهذيب لا دليل
في قوله تعالى وقوموا لله انها الصبح إذا القنوت الطاعة فكل مصل لله تعالى قانت سواء كان في الصبح
462

أو بقية الصلاة قال تعالى مؤمنات قانتات * والصواب قول من قال إنها العصر لصحة الخبر بذلك *
ثم ذكر البيهقي (عن ابن عمر انها الصبح) * قلت * قد ذكر هو في الباب السابق عنه ان أحد قوليه انها العصر وهذا
القول أخرجه الطحاوي عن عبد الله بن صالح وعبد الله بن يوسف عن الليث عن ابن الهاد عن ابن شهاب
عن سالم عن أبيه قال الصلاة الوسطى صلاة العصر وهذا سند صحيح وفي التمهيد روي عن ابن أيضا انها العصر ورواه
شعبة عن أبي حبان سمعت ابن عمر يسئل عن الصلاة الوسطى فقال العصر ثم قال البيهقي (ومن قال به يعنى
انها أصبح احتج بما أخبرنا به أبو عبد الله) فساق بسنده (عن أبي يونس مولى عائشة قال امرتني عائشة ان
اكتب لها مصحفا فقالت إذا بلغت هذا الآية فأذني حافظوا على الصلوات فلما بلغتها اذنتها فاملت علي * (حافظوا
على الصلوات والصلاة الوسطى غير العصر) * قلت * هذه قراءة شاذة والشافعي ومالك لا يجعلان القراءة
الشاذة قرآنا ولا خبرا ويسقطان الاحتجاج بها ولو سلمنا انه يحتج بها لا نسلم ان العطف هنا يقتضى المغايرة بل
463

يحتمل أن يكون للعصر اسمان أحدهما الوسطى والآخر العصر ويؤيد هذا ما ذكره الطحاوي قال ثنا إبراهيم
ابن مرزوق ثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي عن محمد بن أبي حميد حدثتني حميدة بنت أبي يونس مولاة عائشة
وكانت عائشة أوصت لها بمتاعها قالت فوجدت في مصحفها حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي العصر
وذكر البيهقي في الباب السابق (عن جماعة منهم عن عائشة انهم قالوا الوسطى هي العصر) ورواه ابن أبي شيبة
في المصنف عن عائشة من طريقين وقال ابن حزم صحت الرواية عنها انها العصر * وذكر البيهقي بعد من حديث
ابن إسحاق (عن محمد بن علي ونافع عن عمرو بن رافع عن حفصة الحديث) وفي آخره (اكتب حافظوا على الصلوات
والصلاة الوسطى هي صلاة العصر) وله شاهد سنذكره إن شاء الله تعالى ثم لو سلمنا المغايرة وان الوسطى
غير العصر لا يلزم من ذلك أن تكون الصبح بعينها فالعجب من البيهقي كيف يقول (من قال إنها الصبح يحتج
بهذا الحديث) * ثم يقول (وفيه دلالة ان الوسطى غير العصر) ثم ذكر (عن زيد بن أسلم عن عمرو بن رافع
قال كنت اكتب مصحفا لحفصة فقالت إذا بلغت هذا الآية فأذني فلما بغلتها آذنتها فاملت على حافظوا على
464

الصلوات والصلاة العصر) * قلت * المباحث الثلاثة التي ذكرنا ها في حديث عائشة نذكرها هنا * ثم ذكر البيهقي
من جهة نافع (قال أمرت حفظة بمصحف يكتب لها) فذكره بمثله الا انه رفعه * ثم قال البيهقي (فيه ارسال من
جهة نافع) ثم ذكره من طريق ابن إسحاق (عن أبي جعفر محمد بن علي ونافع مولى ابن عمر كلاهما عن عمر بن
رافع مولى عمر قال كنت اكتب المصاحف) فذكر الحديث مرفوعا وفى آخره (فقالت اكتب حافظوا
على الصلوات والصلاة الوسطى هي صلاة العصر) ثم ذكر (انه خالف ما تقدم في قوله عمر بن رافع وإنما هو عمر و
وفى قوله هي صلاة العصر وإنما هو وصلاة العصر) * قلت * فد جاء لهذا الحديث شاهد فروى الطحاوي
عن علي بن شيبة نا يزيد بن هارون ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عمرو بن رافع قال مكتوب في مصحف
حفصة بنت عمر حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر * قال صاحب الامام وهذا
شاهد قوى ويزيد بن هارون ومحمد بن عمرو وأبو سلمة من رجال الصحيح * قال البيهقي (وقد جاء
الكتاب ثم السنة بتخصيص الصبح بزيادة الفضيلة) * قلت * خصوص الفضيلة لا يدل على خصوص هذا
الحكم وهو كونها الوسطى وإنما هو ترجيح بوجه لا نسبة له في القوة إلى التصريح بأنها العصر ثم ما ذكره
من فضيلة الصبح معارض بالفضيلة المختصة بالعصر وهو ما ذكره البيهقي فيما مضى في باب كراهية تأخير العصر
وعزاه إلى البخاري من حديث بريدة (انه عليه السلام قال من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله) بل هذه
الفضيلة أبلغ في التأكيد فان فضيلة الصبح من باب الترغيب وهذه الفضيلة من باب الوعيد باحباط العمل
ولم يرد مثله في الصبح فإن كان ولابد من الترجيح بأمر عام فهذا أقوى * ثم ذكر البيهقي من جملة فضائل
الصبح حديث أبي هريرة (تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر الحديث) * قلت * هذه
الفضيلة غير مختصة بالصبح بل هي مشتركة بينها وبين العصر وذلك فيما أخرجه البيهقي بعد وعزاه إلى الشيخين
من حديث أبي هريرة (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر
الحديث) * قال (وقد جاء الكتاب ثم السنة بزيادة فضيلة الصبح والعصر جميعا) * قلت * قد تقدم ان زيادة
فضيلة الصبح لا تدل على أنها الوسطى وعلى تقدير ثبوت هذه الدلالة فذكر فضيلة الصلاتين لا تدل على أنها
الصبح بعينها فهذا من البيهقي اشتغال بما لا ينفعه في مدعاه *
465