الكتاب: حاشية الدسوقي
المؤلف: الدسوقي
الجزء: ٢
الوفاة: ١٢٣٠
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه
ردمك:
ملاحظات: روجعت هذه الطبعة على النسخة الأميرية وعدة نسخ أخرى

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير
للعالم العلامة شمس الدين محمد عرفه الدسوقي
على الشرح الكبير لأبي البركات سيدي احمد الدردير
وبهامشه الشرح المذكور مع تقريرات للعلامة المحقق سيدي الشيخ محمد عليش
شيخ السادة المالكية رحمه الله
(تنبيه: قد وضعنا التقريرات المذكورة على الحاشية وعلى الشرح)
(بأسفل الصحيفة مفصولة بجدول)
(روجعت هذه الطبعة على النسخة الأميرية وعدة نسخ أخرى)
(وإنما الفائدة قد ضبطنا المتن بالشكل)
الجزء الثاني
طبع بدار احياء الكتب العربية
عيسى البابي الحلبي وشركاء
1

بسم الله الرحمن الرحيم
باب في الحج
قوله: (وهو شرعا إلخ) أي وأما لغة فهو مطلق القصد يقال: رجل محجوج أي مقصود.
قوله: (بإحرام) أي حال كون كل من الوقوف وما معه من الطواف والسعي مصاحبا لاحرام.
قوله: (مرة) منصوب على أنه مفعول مطلق معمول للعمرة ويقدر مثله للحج لان الحج والعمرة
مصدران ينحلان إلى أن والفعل أي فرض أن يحج مرة، وسن أن يعتمر مرة ولا يعمل فيه فرض ولا
سنة لأنه يفيد أن الفرض والسنة وقعا من الشارع مرة وليس بمراد لان المفعول قيد في عامله، ويجوز
نصب مرة على التمييز المحول من نائب الفاعل أي فرض المرة من الحج وسنت المرة من العمرة، ويصح
رفع مرة على أنه خبر وفرض وسنت مصدران مبتدآن مؤولان باسم المفعول أي المفروض من الحج
مرة والمسنون من العمرة مرة، هذا حاصل ما في ح. قوله: (راجع لهما) أي للحج والعمرة أي أنه
مرتبط بهما معا لا أنه معمول لهما لما علمت أنه معمول للعمرة ويقدر مثله للحج. قوله: (وما زاد عليها)
أي على المرة من الحج والعمرة. قوله: (أن يقصد) بما زاد على المرة. قوله: (ليقع) أي لأجل أن
يقع الحج فرض كفاية وتقع العمرة سنة كفاية، فإن لم يقصد ذلك كان كل منهما مندوبا. قوله: (وهي
أفضل من الوتر) هذا القول نقله عن مناسك ابن الحاج. وفي النوادر عن مالك: أنها سنة مؤكدة
مثل الوتر. قوله: (وفي فوريته) أي وجوب الاتيان به على الفور. وقوله: وتراخيه أي وجوبه
على التراخي لمبدأ خوف الفوات. قوله: (فيعصي بالتأخير عنه) أي بالتأخير عن أول عام
القدرة ولو لثاني عام. قوله: (ولو ظن السلامة) أي إلى العام الذي قصد التأخير إليه.
قوله: (وتراخيه إلخ) أي على القول بالتراخي لو أخره واخترمته المنية قبل خوف الفوات فقال في الطراز:
لا يعصي، وقال بعض الشافعية: يأثم لأنه إنما جوز له التأخير بشرط السلامة اه‍ ح. قوله: (أي إلى وقت)
2

أي إلى مبدأ وقت. قوله: (باختلاف الناس) أي من ضعف وقوة، فبعضهم يكون كبيرا يقال
فيه: إنه لا يمكث قويا إلا خمس سنين أو ثلاثة أو أربعة وبعدها يضعف فيغتفر له التأخير إلى العام الذي
يظن فيه حصول الضعف له ويحرم عليه التأخير لما بعده. واعلم أن هذا الخلاف يجري في العمرة أيضا
كما هو مفاد ابن الجلاب وابن شاس، فتنظير في ذلك قصور انظر بن، ولا خلاف في الفورية إذا
أفسد حجه سواء قلنا إن الحج على الفور أو التراخي، وسواء كان الأول المفسد فرضا أو نفلا كما
يأتي ذلك عند قوله: ووجب إتمام المفسد. قوله: (خلاف) الأول: رواه ابن القصار والعراقيون عن مالك
وشهره صاحب الذخيرة وصاحب العمدة وابن بزيزة. والثاني: شهره ابن الفاكهاني قال في التوضيح:
الباجي وابن رشد والتلمساني وغيرهم من المغاربة يرون أنه المذهب. قال ح: سوى المصنف هنا بين القولين.
وفي التوضيح قال الظاهر قول من شهر الفورية، وفي كلام ابن حبيب ميل إليه وكأنه ضعف حجة
القول بالتراخي، ولان القول بالفورية نقله العراقيون عن مالك، والقول بالتراخي إنما أخذ من مسائل
وليس الاخذ منها بقوي، وإذا علمت ذلك فقد ظهر لك أن القول بالفورية أرجح، ويؤيد ذلك أن كثيرا
من الفروع التي يذكرها المصنف في الاستطاعة مبنية على القول بالفورية فكان ينبغي للمصنف
الاقتصار عليه اه‍ كلامه. قوله: (وصحتهما بالاسلام) أي لأنه لا بد فيهما من النية. وكل عبادة
كذلك فشرط صحتها الاسلام لأن النية شرط صحتها الاسلام، ومن هذا تعلم أنه لا حاجة لما قاله
المصنف لأنه لا يعد من شروط الشئ إلا ما كان خاصا به. قوله: (فيحرم ندبا إلخ) أي لا وجوبا
لما سيأتي أن غير المكلف يجوز دخوله الحرم بغير إحرام ولو أراد مكة. قوله: (أب أو غيره) أي
كوصي ومقدم قاض وأم وغاصب وإن لم يكن لهم نظر في المال كما نقله الآبي في شرح مسلم وأقره
خلافا للشافعية حيث قالوا: الولي الذي يحرم عن الصبي إنما هو الولي الذي له النظر في المال من أب
أو وصي أو مقدم قاض، ولا يصح إحرام الأم عنه إلا أن تكون وصية أو مقدمة من القاضي، انظر
الزرقاني في شرح الموطأ. قوله: (عن رضيع) المراد به الصغير الغير المميز وإن كان غير رضيع، وإنما
خص الرضيع بالذكر للخلاف في الاحرام عنه، فقد نقل عن مالك لا يحج عن رضيع فلما وقع فيه
الخلاف بين المصنف المعتمد فيه. قوله: (بأن ينوي إدخاله في الاحرام بالحج) أي في حرمات الحج
بأن يقول: نويت إدخال هذا الولد في حرمات الحج أو العمرة سواء كان الولي ملتبسا بالاحرام
عن نفسه أو كان غير محرم أصلا، وليس المراد أن الولي يحرم في نفسه ويقصد النيابة عن الرضيع كما
هو ظاهر العبارة. قوله: (قرب الحرم) تنازعه قوله: فيحرم، وقوله: وجرد ومحل تجريده قرب الحرم
إن لم يخف الضرر على الصبي وإلا أحرم عنه من غير تجريده ويفتدى. قوله: (أي مكة) بيان للحرم
هنا. قوله: (ولا يقدم الاحرام) أي نية الدخول في حرمات الحج. قوله: (كما قيل) قائله ابن عبد السلام،
وقد قررت تبعا للبساطي كلام المصنف بهذا القول بناء على أن قرب الحرم معمول لجرد
وهو غير صواب كما قال بن. قوله: (ويحرم ولي أيضا عن مجنون مطبق) أي ويجري فيه ما تقدم
في الصبي من تأخير إحرامه وتجريده إلى قرب مكة، وأنه إذا كان يخاف بتجريده قربها حصول
الضرر أحرم عنه بغير تجريد ويفتدي. قوله: (فإن خيف على المجنون) أي الذي يفيق.
قوله: (فلا يصح الاحرام عنه) أي لا بفرض ولا بنفل. قوله: (لأنه) أي لان الاغماء مظنة
عدم الطول ويرجى زواله عن قرب. قوله: (ثم إن أفاق) أي المغمى. وقوله: في زمن يدرك الوقوف
فيه أحرم إلخ أي وإن لم يفق من إغمائه إلا بعد الوقوف فقد فاته الحج في ذلك العام ولا عبرة
بإحرام أصحابه عنه ووقوفهم به في عرفة. قوله: (والمميز) عطف على ولي كما أشار له الشارح، وقوله:
3

بإذنه فإن أذن له سواء كان حرا أو عبدا وأراد منعه قبل الشروع في إحرامه، ففي الشامل ليس له المنع بعد
الاذن على الأظهر، ولأبي الحسن له منعه قبل الاحرام لا بعده وهو المعتمد اه‍ عدوي. ومثل المميز في
كونه لا يحرم إلا بإذن وليه السفيه المولى عليه وإن كان الحج واجبا عليه. قوله: (وإلا فقرب الحرم)
المراد به مكة لا ما والاها مما يصدق عليه أنه حرم. قوله: (إن رآه مصلحة) أي وأما إن رأى المصلحة
في إبقائه وأبقاه على إحرامه وإن وجدت المصلحة في كل من إبقائه وتحليله خير الولي، والظاهر أن
التحليل واجب عند وجود المصلحة فيه، كما أن عدم التحليل كذلك عند وجودها فيه، إذا علمت ذلك تعلم
أن اللام في قول المصنف فله التحليل للاختصاص، والمعنى أنه إذا أحرم بغير إذن وليه كان تحليله
مختصا بالولي فليس لغيره أن يحلله، وهذا لا ينافي أن التحليل قد يكون واجبا وقد يكون ممنوعا وقد يخير
فيه وليست اللام للتخيير. قوله: (بالحلاق والنية) أي بأن ينوي خروج ذلك الولد من حرمات الحج وأنه
حلال ثم يحلق له، ولا يكفي في إحلاله رفض الولي نية الصبي الحج، بل لا بد من نية إحلاله والحلق له.
قوله: (بخلاف العبد والمرأة) الفرق أن الحجر على الصغير والسفيه لحقهما، وأما الحجر على العبد والمرأة فإنه
لغيرهما، فالأول حجر قوي لان حق النفس ثابت مع الحجر وبعده فلما كان قويا استمر أثره فلذا سقط
القضاء، وأما الثاني فهو ضعيف لزواله بالتأيم والعتق فلذا وجب القضاء. قوله: (ويقدمه) أي القضاء.
وقوله: فإن قدم حجة الاسلام أي على حجة القضاء. قوله: (إذا أحرمت تطوعا) أي وأما إذا أحرمت
بفرض فليس له أن يحللها منه. قوله: (مقدوره) أي بمقدوره أي بما يقدر عليه من أقوال الحج وأفعاله،
وهذا أي قول المصنف وأمره بمقدوره مرتبط بقوله: ويحرم الصبي المميز بإذنه قوله: (ولا يكون) أي
ذلك الذي يقبل النيابة قوله: (وما بعده) أي من السعي والوقوف. قوله: (وركوع) أي لاحرام وطواف
قوله: (المشاهد) أي أحضرهم الأماكن التي يطلب مشاهدتها والحضور فيها. قوله: (كما لو كانت) أي
النفقة في الحضر إلخ قوله: (إن خيف بتركه ضيعة) أي حقيقة أو حكما، فالأول كما إذا خاف عليه الهلاك
بتركه، والثاني كما إذ خاف عليه إذا تركه صحبة أهل الفساد والاختلاط بهم. قوله: (فوليه الغارم لتلك
الزيادة) أي وأما قدر ما كان ينفق عليه في مقامه فهو في ماله. قوله: (كما إذا لم يكن إلخ) أي أنه إذا خاف
عليه الضيعة بتركه والحال أنه لا مال لذلك المحجور، فإن زيادة النفقة تكون على الولي ولا تكون دينا
في ذمة المحجور. قوله: (فعلى وليه مطلقا) أي سواء خاف عليه الضيعة بتركه أم لا، واعلم أن ما قرر به
شارحنا كلام المصنف مثله لبهرام في الصغير والأقفهسي والبساطي وهو ظاهر المدونة وعزاه ابن
عرفة للتونسي، وحكى في التوضيح عن الكافي أنه الأشهر، وجعل بهرام في وسطه وكبيره التشبيه تاما
وهو قول مالك في الموازية ورجحه ابن يونس وتأول صاحب الطراز المدونة على ما في الموازية،
وبه يعلم أن حمل المصنف على كل منهما صحيح، لكن الذي يظهر من كلام أنه اختار الأول
انظر بن قوله: (فكزيادة النفقة) لأنه لا تأثير للاحرام في جزاء الصيد حينئذ، وإنما الذي أثر فيه
4

الحرم فلذا أجرى فيه التفصيل، بخلاف الصيد في الحل محرما فإن الاحرام هو الذي أثر فيه، فلذا كان
فيه الجزاء على الولي من غير تفصيل لأنه هو الذي تسبب في إحرامه. والحاصل أن كل ما لزمه بسبب
الاحرام فهو على الولي مطلقا ولو خشي ضياعه لأنه لا ضرورة في إدخاله الشك. قوله: (بل وكذا إن
وجبت) أي الفدية لضرورة أي كما إذا استعمل الطيب بقصد المداواة أو لبس الثياب لحر أو برد، وما
ذكره من لزوم الفدية للولي مطلقا سواء لزمته لضرورة أو لغيرها هو ظاهر المدونة وهو المذهب،
وما في تت من أنها إذا كانت لضرورة فهي في مال الصبي تبعا لبهرام والبساطي، ونسبه بهرام للجواهر
فقد رده بأن صاحب الجواهر لم يقل إذا كانت لضرورة ففي مال الصبي انظر بن. قوله: (كوقوعه
فرضا) إن قلت: الشئ إذا لم يجب لم يقع فرضا وإذا وجب وقع فرضا فلم نص على قوله: كوقوعه
فرضا مع قوله: وشرط وجوبه المستلزم لوقوعه فرضا؟ قلت: لا نسلم أنه يلزم من كونه واجبا على الحر
المكلف أن يقع فرضا لجواز أن يكون واجبا عليه ولا يقع فرضا كالمنذور، وكما إذا نوى به النفل فإنه
يجب الشروع فقد تحقق الوجوب ولم يتحقق الوقوع فرضا، ولما كان لا تلازم بين كونه واجبا على
الحر المكلف وقوعه منه فرضا احتاج للتصريح بقوله: كوقوعه فرضا، وكذلك لا نسلم أن الشئ إذا لم
يجب لم يقع فرضا، إلا ترى المرأة والعبد لا تجب عليهما الجمعة؟ وإذا صلياها ونويا بها الفرض وقعت
فرضا، فلو لم يذكر قوله: كوقوعه فرضا لتوهم أن العبد والصبي إذا فعلاه يقع فرضا وليس كذلك.
قوله: (ولا يقع منهم فرضا) أي وإنما يقع منهم نفلا. وقوله: ولو نووه أي بخلاف الجمعة بالنسبة للعبد والمرأة فإنها
لا تجب عليهم لكن لو صلوها ونووا بها الفرض وقعت منهم فرضا. قوله: (قيد في الوقوع) أي فهو راجع
لما بعد الكاف كما أن ما بعده وهو قوله بلا نية نفل كذلك، وفي جعله وقت إحرامه قيدا لوقوعه أيضا
نظرا لاقتضائه أنه قد يقع فرضا في غير وقت الاحرام لكن لا يشترط فيه الحرية والتكليف وليس
كذلك، فالأولى جعل قوله: وقت إحرامه ظرفا لحرية وتكليف من حيث أنهما شرطان لوقوعه
فرضا والمعنى شرط وقوعه فرضا حرية وتكليف وقت إحرامه وليس ظرفا لهما من حيث أنهما
شرطان لوجوبه، لان المعنى شرط وجوبه حرية وتكليف وقت إحرامه وهذا لا يصح لوجوبه على
المتصف بالحرية والاستطاعة والتكليف قبل الاحرام. قوله: (لا يتقيد بكونه وقت إحرام) أي
لا يتقيد بالاتصاف بهما وقت الاحرام، بل متى اتصف الشخص بالحرية والتكليف والاستطاعة
وجب الحج عليه سواء كان اتصافه بما ذكر وقت الاحرام أو قبله. قوله: (لم يقع فرضا) أي وإنما يقع
نفلا ولا ينقلب فرضا إذا عتق أو بلغ أو أفاق. قوله: (ولا يرتفض إلخ) أي لو رفض ذلك الاحرام
الحاصل قبل العتق والبلوغ وأحرم بعد الرفض بنية الفرض كان إحرامه الثاني بمنزلة العدم لان
الأول لم يرتفض. قوله: (أي إحرام) فيه نظر لان فيه مجئ الحال من المضاف إليه والشرط غير موجود
لان المضاف وهو وقت غير صالح للعمل في الحال ولا جزء ولا كجزء من المضاف إليه، فالأولى جعله
حالا من المضاف إليه وهو الهاء لا إحرام أي غير ملابس للنفل لوجود الشرط وهو عمل المضاف لان
الاحرام مصدر، وقد يقال: إن وقت الاحرام كالجزء منه لملازمته له وعدم انفكاكه عنه كملازمة
الجزء لكله. قوله: (وينصرف) أي عند الاطلاق قوله: (وقع نفلا) أي ولا يقع فرضا، وقالت الشافعية:
يقع فرضا ولا عبرة بنية النفل، ويكره تقدم النفل على الفرض بناء على أنه واجب على التراخي، أما على
الفورية فتقديم النفل أو النذر على الفرض حرام. قوله: (لوقع فرضا) أي لأنه إذا وصل كان مستطيعا
فما أحرم إلا بعد وجوبه قاله سند. قوله: (الأولان) أي الحرية والتكليف والاستطاعة، فشروط
5

وجوبه فقط ثلاثة، وشرط صحته واحد، وشرط وقوعه فرضا ثلاثة، وكلها معلومة من المصنف.
قوله: (وفسر الاستطاعة إلخ) هذا يشير إلى أن الباء في قوله بإمكان الوصول للتصوير قوله: (إمكانا عاديا) أي
بأن يقدر على الوصول راكبا أو ماشيا لا طائرا أو بخطوة لأنه إمكان غير عادي، فلا يجب على من قدر
على الوصول بذلك لكن إن وقع أجزأ قطعا. قوله: (بلا مشقة عظمت) أي من غير مشقة عظيمة بأن
لا يكون هناك مشقة أصلا، أو يكون هناك مشقة غير عظيمة، فمطلق المشقة لا يشترط عدمها لان
السفر لا يخلو عنها، فإن كان في الوصول مشقة عظيمة لم يجب عليه، والمشقة العظيمة هي الخارجة عن
المعتاد بالنسبة للشخص وهي تختلف باختلاف الناس والأزمنة والأمكنة، وفي ح: التشنيع على من
أطلق سقوط الحج عن أهل المغرب. واعلم أنه يحرم إعانة غير المستطيع قبل سفره بما لا يكفيه لان
سفره معصية. تنبيه: من غير المستطيع سلطان يخشى من سفره العدو أو اختلال الرعية أو ضررا
عظيما يلحقه بعزله مثلا لا مجرد العدل فيما يظهر انظر ح. قوله: (وأمن على نفس أو مال) من عطف
الخاص على العام. قوله: (من هلاك) أي سواء كان من عدو أو سباع. قوله: (لا سارق) أي فلا يشترط
الامن على المال منه لا يمكن دفعه والتحرز منه بالحراسة. قوله: (إلا لاخذ ظالم) هذا مستثنى من
مفهوم قوله: ومال أي فإن لم يأمن على المال سقط إلا لاخذ ظالم لا ينكث ما قل، فإنه لا يسقط على
ما استظهره ابن رشد من قولين حكاهما ابن الحاجب والآخر سقوطه بأخذ الظالم ما قل ولو لم ينكث،
والحاصل أن الظالم إن أخذ كثيرا كان ينكث أو لا أو أخذ قليلا وكان ينكث كان أخذه مسقطا
للحج اتفاقا، وأما إن أخذ قليلا كان لا ينكث ففيه القولان اللذان قد علمتهما. وقوله: إلا لاخذ ظالم
ما قل ومن باب أولى أخذ أجرة لمن يدل على الطريق ودفعها واجب على الحجاج إن توقف سفرهم
على دليل وتوزع الأجرة على الرؤوس ولا يعتبر كثرة الأمتعة ولا قلتها، وكذا يجب إعطاء الأجرة
للجند إذا كان لا يمكن السير بدونهم بشروط ثلاثة: أن يكون المأخوذ لا يجحف بهم، وأن يذهب
الجند أو خدمهم معهم وإلا كان أخذا على الجاه، وأن لا يكون لهم شئ من بيت المال في مقابلة محافظتهم
على الحجاج وإلا كانوا ظلمة اه‍ عدوي. قوله: (ما قل بالنسبة للمأخوذ منه) أي لو كان كثيرا في
نفسه. قوله: (أي لا يعود) أي علم منه بحسب العادة أنه لا يعود. قوله: (فإن علم أنه ينكث) أي أو كان
يأخذ كثيرا أو شك فيما يأخذه هل هو قليل أو كثير، وظاهر الشارح سقوط الحج إذا كان ينكث
ولو كان مجموع ما يأخذه لا يجحف به وهو كذلك؟ لان أخذ الظالم منه مرارا فيه حطة وإذلال.
قوله: (أو جهل أمره) أي شك في كونه ينكث أو لا. قوله: (لما علمت من سقوطه مع النكث اتفاقا) أي
وحينئذ فيكون اعتبار كونه لا ينكث متفقا عليه، فلو جعل قوله على الأظهر راجعا لقيد عدم النكث
لاقتضى أن مقابل الأظهر يقول: إنه لا يسقط الحج بأخذ الظالم ما قل ولو نكث وهذا لم يقله أحد.
قوله: (ولو بلا زاد) مبالغة في قوله: ووجب باستطاعة أي ولو من غير زاد معه ومن غير راحلة، ورد
بلو على سحنون ومن على القائل باشتراط مصاحبة الزاد والراحلة له ولو كان له صنعة أو قدرة على
المشي قوله: (وقدر على المشي) ظاهره كاللخمي ولو كان المشي غير معتاد له، واشترط القاضي عبد الوهاب
والباجي اعتياده لا إن كان غير معتاد له ويزري به فلا يجب عليه الحج ولو قدر عليه تحقيقا قياسا
على ازدراء الصنعة به. قوله: (كأعمى بقائد) أي قدر على المشي والحال أن له ما لا يوصله وإلا فلا
يجب عليه، وقال اللخمي: يجب عليه حيث قدر على المشي ولو كان يتكفف أي يسأل الناس الكفاف
قوله: (ولو بأجرة) أي وجدها ولا تجحف. وقوله: كأعمى أي رجل لامرأة فإنه يسقط عنها ولو
قدرت على المشي مع قائد بل يكره لها ذلك كما قرره شيخنا العدوي قوله: (وإلا اعتبر إلخ) لو قال:
6

وإلا سقط كان أخصر وأوضح. قوله: (ولا وجد ما يقوم مقامهما) أي من الصنعة والقوة على المشي.
قوله: (فأيهما عجز عنه إلخ) فإذا عجز عن الزاد وما يقوم مقامه من الصنعة سقط عنه الحج ولو وجد
الراحلة أو كان له قدرة على المشي، وكذا إذا عدم الراحلة ولا يقوم مقامها من القدرة على المشي
سقط عنه، ولو وجد الزاد أو ما يقوم مقامه من الصنعة وأولى إذا عجز عن الزاد وما يقوم مقامه، وعن
الراحلة وما يقوم مقامها، فقوله: اعتبر المعجوز عنه منهما أي انفرادا أو اجتماعا، وإنما اعتبر في جانب
السقوط المعجوز عنه منهما لان ما كان وجوده شرطا في الوجوب كان فقده مانعا من الوجوب.
قوله: (وإن بثمن ولد زنى) مرتبط بإمكان الوصول كما يشير لذلك حل الشارح قال ح: ثمن ولد الزنى لا شبهة
فيه، وإثم ولد الزنى على أبويه، وإنما نبه عليه لئلا يتوهم أن كونه ناشئا عن الزنى مانع من الحج بثمنه، ولان
كلام ابن رشد يدل على أن المستحب عند مالك أن لا يحج به من يملك غيره، وأصل المسألة في الموازية
والعتبية، وبه يرد قول البساطي: لو ترك المصنف خشونة هذا اللفظ في مثل الحج كان أحسن.
قوله: (أو ما يباع على المفلس) فيه أن ولد الزنى من جملة ما يباع على المفلس وحينئذ ففيه عطف العام على الخاص
بأو وهو ممنوع إلا أن يقال: المراد أو ما يباع على المفلس غير ولد الزنى، وحينئذ فهو عطف مغاير، على أن
الدماميني أجاز عطف العام على الخاص وعكسه بأو خلافا لابن مالك اه‍ تقرير عدوي. قوله: (أو كان
بافتقاره) أي أو كان إمكان الوصول مصاحبا أو ملتبسا بافتقاره أي بصيرورته في المستقبل فقيرا
أو ترك ولده للصدقة فالباء للمصاحبة أو الملابسة، وحاصله أنه يجب عليه الحج ولو لم يكن عنده وعند
أهله وأولاده إلا مقدار ما يوصله فقط، ولا يراعى ما يؤول أمره وأمر أهله وأولاده إليه في
المستقبل لان ذلك أمره لله تعالى، وهذا مبني على أن القول بأن الحج واجب على الفور، وأما على القول
بالتراخي فلا إشكال في تبدية نفقة الولد والأبوين على الحج، ومثل نفقة الأولاد والأبوين نفقة
الزوجة فتقدم على القول بالتراخي، ويقدم عليها الحج على القول بالفورية ولو خشي التطليق عليه في
غيبته، فإذا كان عنده عشرة ريالات إذا تركها للزوجة لا يقدر على الحج، وإن حج بها طلقت عليه
الزوجة لعدم النفقة فإنه يحج بها على القول بالفور ما لم يخش على نفسه عند مفارقتها الزنى بها أو بغيرها.
قوله: (قيد في المسألتين) أي وهما قوله: أو بافتقاره أو ترك ولده للصدقة وحينئذ فالمعنى إن لم يخش هلاكا
أو شديد أذى على نفسه أو على من تلزمه نفقته من أولاده وأبويه. إن قيل: لم قيدوا هنا بأن لا يخشى هلاكا
عليهم وقالوا في الفلس يؤخذ ماله ولا يترك له ولا لأولاده إلا ما يعيشون به الأيام وإن خشي عليهم
الضعة والهلاك؟ قلت: إن المال في الفلس مال الغرماء والغرماء لا يلزمهم من نفقة أولاده إلا المواساة
كبقية المسلمين، وفي الحج المال ماله وهو يلزمه نفقة أولاده من ماله. واعلم أنه لا يلزم الشخص التكسب
وجمع المال لأجل أن يحصل ما يحج به ولا أن يجمع ما فضل من كسبه مثلا كل يوم حتى يصير مستطيعا،
بل له أن يتصدق به والمعتبر الاستطاعة الحالية اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (لا يجب الحج باستطاعة بدين)
أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف لا بدين عطف على محذوف والأصل ووجب باستطاعة بغير
دين ولا يجب باستطاعة بدين، وحاصله أنه لا يجب على الشخص أن يستدين مالا في ذمته ليحج به
وهو مكروه أو حرام كما في ح. قال تت: وظاهره كانت له جهة وفي منها ذلك الدين أو لا وهو كذلك
باتفاق في الثاني وعلى المشهور في الأول، قال طفي: وما ذكره من التشهير في عهدته ولم أره لغيره وقد قيل
في الشامل بكون الدين لا يرجى وفاؤه وذلك بأن لا يكون عنده ما يقضيه به ولا جهة له يوفى منها
وإلا وجب عليه الحج به، وعلى هذا حمل كلام المصنف وتبعه وشارحنا. قوله: (أو عطية) أي
7

لا يجب عليه قبول عطية توصله لملكه، فإذا أعطى مالا على جهة الصدقة أو الهبة يمكنه به الوصول
إلى مكة فإنه لا يلزمه أن يقبله ويحج به لان الحج ساقط كذا حل ح. فإن وقع ونزل وقبله وجب الحج
عليه. قوله: (أو سؤال) أي لا يجب عليه سؤال مطلقا أي لا يلزمه أن يحج ويسأل الناس ما يقتات
به مطلقا. قوله: (لكن الراجح إلخ) وقد اقتصر ابن عرفة على هذا حيث قال: وقدرة سائل
بالحضر على سؤال كفايته بالسفر استطاعة، وقواه طفي ورجحه، فخلافه لا يعول عليه كما في
حاشية شيخنا عدوي. قوله: (أن من عادته السؤال بالحضر إلخ) أي وأما فقير غير سائل بالحضر
وقادر على سؤال كفايته بالسفر فلا يجب عليه ابن رشد اتفاقا وفي إباحته له وكراهته روايتان:
ابن عبد الحكم وابن القاسم. قوله: (إلى أقرب مكان) أي لمكة. وقوله: إن خشي شرط في اعتبار
ما يرد به إلى أقرب الأمكنة لمكة في الاستطاعة، وأما إن كان لا يخشى عليه الضياع في إقامته بمكة
لامكان تمعشه فيها ربما لا يزرى، فالمعتبر في الاستطاعة، إنما هو مجرد وجود ما يوصله إليها من زاد وراحلة.
قوله: (والبحر كالبر) أي خلافا لمن قال: لا يجب الحج بحرا لقوله تعالى: * (يأتوك رجالا وعلى كل ضامر) * ولم
يذكر البحر، ورد بأن الانتهاء إلى مكة لا يكون إلا برا لبعد البحر منها، وتمسك هذا القائل أيضا
بالحجر على راكب البحر ورد بأن ذلك عند ارتجاجه والكلام عند الامن اه‍ مج قوله: (إلا أن يغلب
عطبه) أي إلا أن يغلب على الظن عطبه بغرق السفينة أي فإن غلب على الظن عطبه فلا يكون كالبر
وحينئذ فلا يجوز ركوبه بل يحرم كما في ح. وأما في غير هذه الحالة وهي ما إذا جزم بسلامة السفينة
أو ظنت سلامتها أو شك في سلامتها من العطب وعدم سلامتها يكون البحر كالبر في وجوب ركوبه
لمن تعين طريقه وجوازه لمن له عنه مندوحة، هذا حاصل كلام المصنف. قوله: (ويرجع في ذلك لقول
أهل المعرفة) يعني أن غلبة العطب تكون بأمور منها ركوبه في غير إبانه وعند هيجانه ويرجع في ذلك
أي في معرفة الأمور التي يكون بها ذلك أي غلبة العطب لأهل المعرفة. قوله: (ومثل غلبة العطب)
أي في كون البحر لا يجوز ركوبه ولا يكون كالبر استواء العطب والسلامة أي خلافا لظاهر المصنف
من أنه في حالة التساوي يكون كالبر فيجب ركوبه إن تعين طريقا وإلا جاز. قوله: (فلو حذف إلخ)
قد يقال: إن البحر لما كان لا يتحقق أمنه بوجه كان المعتبر إنما هو انتفاء غلبة عطبه فلذا بينه
المصنف، والتشبيه في مطلق الوجوب من غير مراعاة شرط. قوله: (ملاحظا فيه) أي في التشبيه الامن
والمعنى والبحر كالبر الذي يؤمن فيه على النفس والمال. قوله: (أو يضيع ركن صلاة) عطف على قوله:
يغلب عطبه أي فإن غلب عطبه أو كان ركوبه يؤدي لتضييع ركن صلاة فلا يجوز ركوبه ولا يكون
كالبر. قوله: (لكميد) في ح عن ابن المعلى واللخمي، أنه إذا علم حصول الميد حرم عليه الركوب وإن علم
عدمه جاز وإن شك كره. وقول المصنف: ركن صلاة يشمل القيام فإن أدى إلى الاخلال به يمنع ركوبه
وهو كذلك خلافا لظاهر اللخمي وسند اه‍ بن قوله: (ومثل ركنها) أي ومثل تضييع ركنها الاخلال إلخ
قوله: (كنجاسة) فيه أن إزالة النجاسة مقيد بالذكر والقدرة وهو إذ ذاك غير قادر على إزالتها.
وقد يجاب بأنه قد نزل قدومه على السفر في البحر منزلة صلاته بها متعمدا وإن كان وقت السفر عاجزا
عن إزالتها اه‍ تقرير عدوي. قوله: (وإخراجها) عطف على الاخلال لا على نجاسة. قوله: (والمرأة
كالرجل في جميع ما تقدم) أي لدخولها في الناس في قوله تعالى: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع
إليه سبيلا) * قوله: (وغير ذلك) أي من وجوب الحج عليها إذا أمكنها الوصول إمكانا عاديا من غير مشقة
عظيمة ولو بلا زاد وراحلة إن كان لها صنعة تقوم بها وقدرة على المشي قوله: (إلا في بعيد مشي) أي إلا
إذا كانت بمكان بعيد من مكة ولا راحلة لها والحال أنها تقدر على المشي فلا يجب عليها المشي بل
8

يكره بخلاف الرجل فإنه يجب عليه المشي، وظاهره أنها ليست كالرجل فيما استثناه من المسألتين ولو كانت
تلك المرأة متجالة وهو قول الجمهور، وقال بعضهم: إنها كالرجل. قوله: (مما لا يكون مسافة قصر) أي
والبعيد الذي فيه الكراهة مسافة القصر. وقال اللخمي: القريب مسافة عشرة مراحل مثل مكة من
المدينة، والبعيد الذي فيه الكراهة ما زاد على ذلك. وقال بعضهم: الظاهر أن القرب يختلف باختلاف
الاشخاص، فنساء البادية لسن كنساء الحاضرة ونساء كل منهما مختلف بالقوة والضعف فهي
ثلاث طرق. قوله: (بل يكره لها) أي لما تحتاجه عند قضاء الحاجة والنوم من زيادة المبالغة في الستر
وهذا غير موجود في حال سفرها في البحر، فلذا كره سفرها فيه بخلاف الرجل فإنه يباح له السفر فيه إن لم
يتعين طريقا وإلا وجب كما مر. قوله: (أن تختص بمكان) أي في السفينة وإلا كانت كالرجل في جواز
سفرها في البحر، ووجوبه مثل اختصاصها بمكان اتساع المركب بحيث لا تخالط الرجل عند النوم
ولا عند قضاء حاجة الانسان. قوله: (وإلا في زيادة محرم) أشار بهذا إلى أن قوله: وزيادة محرم عطف
على قوله بعيد مشي أي أن المرأة كالرجل إلا في بعيد المشي وإلا في ركوب البحر وإلا في اعتبار زيادة
المحرم على ما مر اعتباره في تفسير الاستطاعة في حق الرجل. وحاصله أن الاستطاعة التي هي شرط
في الوجوب عبارة عن إمكان الوصول من غير مشقة عظيمة مع الامن على النفس والمال، ويزاد على
ذلك في حق المرأة أن تجد محرما من محارمها يسافر معها أو زوجا لقوله عليه السلام: لا يحل لامرأة
تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوما وليلة إلا ومعها محرم وأطلق في المحرم فيعم المحرم من النسب
والصهر والرضاع. وقوله: لامرأة نكرة في سياق النفي فتعم المتجالة والشابة، ولا يشترط أن تكون هي
والمحرم مترافقين، فلو كان أحدهما في أول الركب والثاني في آخره بحيث إذا احتاجت إليه أمكنها
الوصول بسرعة كفى على الظاهر اه‍ عدوي. ولا يشترط في المحرم البلوغ بل يكفي التمييز ووجود الكفاية
كما هو الظاهر قاله ح. وهل عبد المرأة محرم مطلقا نظرا لكونه لا يتزوجها فتسافر معه؟ ورجحه ابن
القطان أولا مطلقا وهو الذي ينبغي المصير إليه، ورجحه ابن الفرات أو إن كان رغدا فمحرم فتسافر
معه وإلا فلا، وعزاه ابن القطان لمالك وابن عبد الحكم وابن القصار. قوله: (كرفقة أمنت) هذا تشبيه في
الجواز المفهوم من الاستثناء وكأنه قال: إلا أن تخص بمكان في السفينة فيجوز لها فيه كرفقة أمنت
فيجوز لها أن تسافر معهم بفرض لا بنفل. والحاصل أن السفر إذا كان فرضا جاز لها أن تسافر مع
المحرم والزوج والرفقة، وأما إن كان مندوبا جاز لها السفر مع الزوج والمحرم دون الرفقة، فقوله بفرض
متعلق بمحذوف كما قلنا لا بآمنت لان الامن لا بد من ثبوته في الفرض والنفل على تقدير سفرها فيه
قوله: (أو امتناعهما) أي رأسا وأما لو امتنع الزوج والمحرم من السفر معها إلا بأجرة لزمتها وحرم
عليها حينئذ السفر مع الرفقة المأمونة، ومحل لزوم الأجرة لها إن كانت لا تجحف بها على الظاهر وإن
كان ظاهر كلامهم أنه يلزمها ذلك مطلقا اه‍ عدوي قوله: (ولا بد) أي في جواز سفرها مع الرفقة أن
تكون مأمونة في نفسها أي وإلا منع سفرها مع الرفقة. قوله: (وشمل الفرض إلخ) حاصله أن قول
المصنف بفرض شامل لحجة الاسلام وللحج المنذور كما لو قالت المرأة: لله علي الحج في عام كذا
مثلا، وللواجب بالحنث كما لو قالت: إن فعلت كذا فعلي الحج وفعلت ذلك الامر فيجوز لها أن
تسافر فيما ذكر مع الرفقة المأمونة إن عدمت المحرم حقيقة أو حكما، وكذلك يشمل الخروج من دار
الحرب إذا أسلمت أو أسرت فيجوز لها في حال الخروج منها أن تخرج مع رفقة مأمونة
إن عدمت الزوج والمحرم حقيقة أو حكما، فإن عدمت الرفقة كما عدمت الزوج والمحرم وكان
يحصل لها بكل من إقامتها وخروجها ضرر خيرت أن تساوي الضرران فإن خيف أحدهما ارتكبته.
9

قوله: (أو بالمجموع) المعتمد الاكتفاء بجماعة من أحد الجنسين وأحرى الجماعة من مجموع الجنسين اه‍
عدوي. قوله: (تأويلان) ففي المواق عن عياض اختلف في تأويل قول مالك تخرج مع رجال ونساء هل
المراد مع مجموع ذلك أو في جماعة من أحد الجنسين؟ وأكثر ما نقله أصحابنا اشتراط النساء، ويظهر من
كلام صاحب الاكمال أنها ثلاث تأويلات على المدونة، ولو أراد المصنف موافقته لقال: وفي الاكتفاء
بنساء أو رجال أو لا بد من المجموع أو لا بد من النساء يعني منفردات أو مصاحبات للرجل تأويلات
انظر ح اه‍ بن. قوله: (وعصى) قال ح: الحج الحرام لا ثواب فيه وأنه غير مقبول، واعترضه الشيخ
أبو علي المسناوي بأن مذهب أهل السنة أن السيئة لا تحبط ثواب الحسنة بل يثاب على حجه ويأثم
من جهة المعصية اه‍ كلامه. ابن العربي: من قاتل على فرس غصبه فله الشهادة وعليه المعصية أي له أجر
شهادته وعليه إثم معصيته، وإذا علمت هذا فقول المصنف وعصى معناه أنه لا يثاب عليه كثواب فعله
بحلال فلا ينافي أنه يثاب عليه، وليس المراد نفي الثواب عنه بالمرة كما هو ظاهره وظاهر ح انظر بن.
قوله: (وفضل حج على غزو) والحاصل أن الصور أربع لان الحج والغزو إما فرضان أو متطوع
بهما، وإما أن يكون الحج فرضا والغزو تطوعا وإما عكسه، فإن كان الجهاد متعينا بفجأة العدو
أو بتعيين الامام أو بكثرة الخوف كان أفضل من الحج سواء كان تطوعا أو واجبا، وحينئذ فيقدم
عليه ولو على القول بفورية الحج، وإن كان الجهاد غير متعين كان الحج ولو تطوعا أفضل من الغزو ولو
فرض كفاية وحينئذ فيقدم تطوع الحج على تطوع الغزو وهو الجهاد في الجهات الغير المخيفة، وعلى
فرضه الكفائي كالجهاد في الجهات المخيفة ويقدم فرض الحج على تطوع وفرض الغزو الكفائي
على القول بالفور، وكذا على القول بالتراخي إن خيف الفوات، فإن لم يخف يقدم فرض الغزو الكفائي
على فرض الحج، هذا حاصل ما في المسألة، وقد علمت أن ثمرة الأفضلية تقديم الفاضل على المفضول
في الفعل. قوله: (أو فرض كفاية) احترز بذلك عما إذا كان الغزو واجبا على الأعيان فإنه أفضل من
الحج ويقدم عليه. قوله: (وعلى صدقة) عطف على غزو أي وفضل حج على صدقة والمراد صدقة
التطوع وإلا فالواجبة أفضل من الحج وتقدم عليه ولو كان واجبا. قوله: (وركوب) يعني أن الحج
راكبا على الإبل أو غيرها أفضل من الحج ماشيا لأنه فعله عليه الصلاة والسلام على المعروف، ولما فيه
من مضاعفة النفقة ولأنه أقرب إلى الشكر وكذا العمرة. قوله: (وفضل مقتب) أي ركوب على قتب
فقد حج عليه الصلاة والسلام على قتب عليه قطيفة وهي كساء من شعر تساوي أربعة دراهم وقال: اللهم
اجعله حجا لا رياء فيه ولا سمعة. قوله: (لأنها تقبل النيابة) أي بخلاف الحج. وقوله: ولوصولها
للميت أي ولوصول ثوابها للميت وكذا الحي وهذا من عطف العلة على المعلول. قوله: (وهو ما يقبل
النيابة) أي ما كان وقوعه من النائب بمنزلة وقوعه من المنوب عنه في حصول الثواب. قوله: (فأجازه
بعضهم) أي وهو الذي جرى به العمل وهو ما عليه المتأخرون. وقوله: وكرهه بعضهم أي وهو أصل
المذهب قال ابن رشد: محل الخلاف ما لم تخرج القراءة مخرج الدعاء بأن يقول قبل قراءته: اللهم اجعل
ثواب ما أقرأه لفلان وإلا كان الثواب لفلان قولا واحدا وجاز من غير خلاف. قوله: (وقد
صرح إلخ) قد نقل ح هنا ما للعلماء من الخلاف في جواز إهداء ثواب قراءة القرآن للنبي صلى الله
عليه وسلم أو شئ من القرب قال: وجلهم أجاب بالمنع قال: لأنه لم يرد فيه أثر ولا شئ عمن يقتدى به
10

من السلف انظره، وقد اعترضه ابن ذكرى بحديث ابن عجرة كما في المواهب وغيرها: قلت: يا رسول الله
إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت قلت: الربع؟ قال: ما شئت وإن زدت فهو
خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت وإن زدت فهو خير لك، قال: أجعل صلاتي كلها لك؟ قال: يذهب همك
ويغفر ذنبك اه‍ بن. قوله: (ولما أفهم قوله إلخ) أي من حيث الاندراج في عمومه وذلك لان تطوع الولي
عنه بغير الحج صادق بأن يتطوع عنه بالاستئجار على الحج. قوله: (مضمونة) أي متعلقة بذمة الأجير
كأن يقول الولي لشخص: استأجر من يحج عن فلان بكذا فالقصد تحصيل الحج سواء كان من الأجير
أو من غيره بأن يستأجر ذلك الأجير شخصا يحج عن الميت مثلا. قوله: (أو بعينه) عطف على قوله: بذمة
الأجير وذلك كأن يقول الولي لشخص: أستأجرك على أن تحج أنت بذاتك عن فلان بكذا.
قوله: (وبلاغ) بالرفع عطفا على إجارة وذلك كقول الولي لشخص: حج عن فلان وأنا أنفق عليك بدأ وعودا
وتسمى هذه بلاغا ماليا قوله: (وجعالة) أي وتسمى بلاغا عمليا كأن حججت عن فلان أعطيتك
كذا قوله: (وفي كل إلخ) أي وحينئذ فأقسام الإجارة على الحج ترجع لثمانية. قوله: (فأشار إلى المضمونة)
أي بقسميها وهي المضمونة بذمة الأجير والمضمونة بعينه سواء عين العام في كل منهما أو لا.
قوله: (وفضلت إجارة ضمان) أي سواء كانت مضمونة في الذمة ومتعلقة بها، أو كانت متعلقة بعين الأجير
سواء عين العام فيهما أو لا، واستشكل ابن عاشر ما ذكره المصنف من أفضلية إجارة الضمان على البلاغ
بأن الموصي إذا عين أحدهما وجب وإن لم يعين تعين الضمان بدليل قوله: وتعينت في الاطلاق فما محل
التفضيل؟ قلت: محله إذا أراد الموصي أن يعين فينبغي له إجارة الضمان، وكذا إذا أراد الحي أن يستأجر
عن نفسه اه‍ بن. قوله: (ومعنى كون إجارة الضمان أفضل) أي مع أن الإجارة على الحج بأنواعها
الأربعة مكروهة والمكروه لا أفضلية فيه. قوله: (لكونها أحوط) أي بالنسبة للمستأجر.
قوله: (لوجوب محاسبة الأجير إلخ) أي فيها والمصدر هنا مضاف لمفعوله أي لوجوب محاسبة المستأجر
الأجير فيها بحسب ما سار من الطريق مع مراعاة السهولة والصعوبة. قوله: (فإذا ضاعت منه) أي ولو
بغير تفريط لزمته. قوله: (بخلاف البلاغ) أي فإنه لا يرجع فيه للمحاسبة إذا لم يتم لمانع كموت أو صد
بل ما أنفقه فاز به، وما عجل للأجير من النفقة إذا ضاع فمصيبته من المستأجر ولا يضمن الأجير
منه شيئا. قوله: (وإلا فهما مكروهتان) أي وإلا نقل إن معنى أفضلية الضمان على البلاغ ما ذكر بل قلنا
إن معنى أفضليته منه أنه أكثر منه ثوابا فلا يصح لان كلا منهما مكروه ولا ثواب فيه. قوله: (شرط
التعجيل) أي تعجيل الأجرة. وقوله: إذا تعلقت بمعين فإذا تعلقت بمعين كهذه الدراهم فيمتنع شرط
تعجيل تلك الأجرة المعينة إذا تأخر الشروع في العمل. قوله: (وتأخر شروعه) أي والحال أنه تأخر
شروعه، وأما النقد تطوعا فلا بأس به، كما أنه لا بأس باشتراط التعجيل إذا حصل الشروع في العمل.
قوله: (وجواز التقديم) أي تقديم الأجرة. وقوله: إن تعلقت أي الإجارة. وقوله بالذمة أي بما
في الذمة كالإجارة بمائة دينار لم تعين. قوله: (ويحتمل كغير المضمونة) في الكراهة فيه أن هذا
يقتضي أن الكراهة في إجارة البلاغ قد علمت وليس كذلك ولذا قال بعضهم: هذا الاحتمال
بعيد، ولا يقال إن في الاحتمال الأول إحالة على مجهول لتقرر أحكام الإجارة في غير الحج في
الأذهان فتأمل. قوله: (وتعينت إجارة الضمان) أي سواء كانت متعلقة بذمة الأجير أو بعينه.
11

قوله: (فلا يستأجر الناظر) أي على تركة الموصي وهو الوصي. وقوله بلاغا أي لا ماليا ولا عمليا. وقوله
لأنه تغرير بالمال هذا إنما يظهر في البلاغ المالي دون العملي، فإن خالف الوصي وأجر بلاغا كفى، فإن
سمى الموصي ضمانا ولم يعين ضمان ذمة أو عين فالأحوط ضمان الذمة وإن عين أحدهما تعين. قوله: (كميقات
الميت) حاصله أن الموصي إذا عين موضع الاحرام الذي يحرم منه الأجير فلا نزاع في أنه يتعين إحرامه
منه وإن لم يعين ذلك وأطلق تعين على الأجير أن يحرم من ميقات بلد الميت سواء كان الأجير من بلاد
الميت أو من بلاد أخرى لهم ميقات آخر، كما لو كان الموصي مصريا والأجير مدنيا وظاهره مات
الموصي ببلده أو بغيرها كانت الوصية أو الإجارة ببلد الميت أو بغيرها كالمدينة مثلا وهو المعتمد
خلافا لأشهب حيث قال: إنه عند الاطلاق يعتبر ميقات بلد العقد كانت بلد الميت أو غيرها، واستحسنه
اللخمي وصاحب الطراز قال ح: وهو أقوى. قوله: (ولو بمكة) رد بلو قول ابن حبيب يستحق جميع الأجرة
إن مات بعد دخولها وإن لم يعمل عملا من أعمال الحج غير الاحرام. قوله: (أو بذمته وأبى الوارث) أي
وارث الأجير الذي مات من الاتمام فيه نظر، بل كلام المصنف خاص بما إذا كان العقد متعلقا بعينه،
وأما إن كان متعلقا بذمته ومات فلا يرجع للحساب، بل إن أتمه الوارث فالامر ظاهر وإن أبى فإنه
يؤخذ من تركة ذلك الأجير الميت أجرة من يحج بدله بالغة ما بلغت وجميع الأجرة تركة كما في ح نقلا
عن المتيطي وسند. والحاصل أنه إذا كان ضمانا في عينه تعين الرجوع للحساب أراد الوارث أن يقوم
مقامه أم لا وإن كان ضمانا في ذمته، فإن قام وارثه مقامه أخذ الجميع وإن لم يقم أخذ من تركته أجرة
حجة بالغة ما بلغت انظر بن. قوله: (وله في الصد البقاء لقابل) أي وله فسخ الإجارة ويرجع للحساب
كما تقدم، والظاهر أن جواز البقاء لقابل غير مختص بالمضمونة خلافا لطفي لما في مناسك المصنف من
أن له البقاء لقابل في البلاغ أيضا، وقيده ح نقلا عن سند بما إذا كان العام غير معين لكن لا نفقة له في
مقامه بمكة حتى يأتيه الوقت الذي أمكنه فيه التحلل من العام الأول، وأما إذا كان العام معينا فلا نفقة
له بعد إمكان التحلل منه أصلا اه‍ بن. قوله: (وهذا) أي ثبوت الخيار للأجير في الفسخ والبقاء لقابل، وقوله:
إن شق عليه الصبر لزوال الصد الأولى إن شق عليه البقاء للعام القابل. قوله: (إلا أن يتراضيا على الفسخ
إلخ) فإن طلبه أحدهما دون الآخر لم يجب. قوله: (فإن كان العام معينا) أي وصد فيه وفاته الحج
بالصد. قوله: (فإن تراضيا على البقاء) أي على عقد الإجارة مع تحلل أو بدونه كان لهما ذلك وهذا أحد
قولين، والآخر يقول: إذا كان العام معينا وصد وفاته الحج تعين الفسخ ولا يجوز البقاء لقابل
لأنه لما تعذر الحج في هذا العام صار للمستأجر دين في ذمته يأخذ منه منافع في المستقبل بدله
فمنع لأنه فسخ دين في دين، ووجه الأول أن تراضيهما على البقاء في قوة ابتداء عقد جديد. قوله: (في العام
الغير المعين) أي وهذا يعني قول المصنف واستؤجر من الانتهاء في العام إلخ. وحاصل ما ذكره أنه
لا يتعين على الورثة الاستئجار ثانيا عن الميت الموصي إلا إذا لم يعين الموصي العام مطلقا أو
كان عينه ووقع الصد ونحوه قبل الوقوف بحيث يمكن إعادته في عامه وإلا فلا استئجار، وتعين
فسخ إجارة الأول فيما بقي ورد حصة الباقي للورثة. قوله: (في إجارة الضمان) أي سواء تعلقت بالذمة
12

أو بالعين. وحاصل كلام المصنف أنه لا يجوز للمستأجر في إجارة الضمان أن يشترط على الأجير حين
العقد أن هدي القران أو التمتع عليه على تقدير حصول ذلك منه بإذن المستأجر لما في ذلك من الجهل
بالأجرة، وذلك لان الأجير إذا قرن أو تمتع بإذن المستأجر كان الهدي لازما له أصالة، فإذا شرطه على
الأجير صار ما يدفعه المستأجر من الأجرة للأجير بعضه في قوله: (فهو على مقابلة عمله وبعضه في مقابلة الهدي
وثمن الهدي مجهول إلخ الأجير) مثله ما وجب من فدية وجزاء صيد فإنه على الأجير مطلقا
سواء تعمد سببه أم لا، اشترط عليه أم لا، هذا إذا كانت الإجارة مضمونة، فإن كانت على البلاغ فسيأتي
أن ما تعمد سببه يكون عليه وما لم يتعمده يكون في المال انظر ح. قوله: (عقد الإجارة) أي بقسميها
سواء كانت إجارة ضمان متعلقة بالذمة أو متعلقة بالعين. قوله: (إن لم يعين العام) أي الذي وقعت
الإجارة على الحج فيه خلافا لقول ابن القصار بعدم صحة العقد للجهل. قوله: (فإن لم يفعل فيه
أثم) أي إن تعمد التأخير. وقوله ولزمه فيما بعده نحوه في البيان، ونقله في التوضيح و ح وهو يدل على
أن التعيين الحكمي أي الذي جر إليه الحكم كما هنا ليس بمنزلة التعيين الشرطي ولو كان بمنزلته لفسخ العقد
كما يأتي في قوله: وفسخت إن عين العام أو عدم تأمل اه‍ بن. قوله: (وفضل عام معين على عام مطلق) أي
فضل الاستئجار على الحج في عام معين على الاستئجار على الحج في عام مطلق، فالأول كاستأجرتك
أن تحج عني أو عن فلان في عام كذا. والثاني كاستأجرتك أن تحج عني أو عن فلان في أي عام شئت.
قوله: (لاحتمال موت الأجير ونفاد المال من يده) أي لان العام إذا كان غير معين يجوز للأجير قبض
الأجرة قبل شروعه في العمل، بخلاف المعين فإنه لا يقبض الأجرة إلا إذا شرع في العمل، وقد يقال:
إذا قبض وشرع في العمل يمكن أيضا موته ونفاد المال وعدم وجود تركة له، على أن سياق كلام
المصنف ليس في التفضيل بل في الصحة، ولذا قرر البساطي كلام المتن، على أن المعنى وصح العقد على عام
مطلق أي على أن يحج في أي عام شاء وارتضاه ح وليس هذا بتكرار مع قوله: وصح إن لم يعين العام
لأن هذه مقيدة بالاطلاق كحج عني أو عن فلان إن شئت والأولى مطلقة عن القيد، وشارحنا تبع
بهرام في حله للمتن فرارا من التكرار وقد علمت اندفاعه. قوله: (وفضلت إجارة ضمان على الجعالة) لا وجه
لهذا الحل لان الجعالة أحوط لان المستأجر لا يدفع المال للأجير إلا بعد الحج، فالصواب أن معنى كلام
المصنف وصح العقد على الجعالة كذا في بن، وقد يقال: إن الجعالة وإن كانت أحوط من جهة أن المستأجر
لا يدفع المال للأجير إلا بعد الحج إلا أنه في الجعالة لا يدري هل الأجير يوفي أم لا لكون العقد ليس
بلازم لان عقد الجعالة منحل بخلاف عقد الإجارة فإنه لازم فهي أحوط من هذه الجهة. قوله: (وحج) أي
الأجير وجوبا أي سواء كان في إجارة الضمان بقسميها أو البلاغ بقسميها. قوله: (على ما فهم) أي على فهم
الناس من حال الموصي بالقرائن، ولا عبرة بفهم الأجير المخالف لفهم الناس كما قال اللقاني قوله: (وغيرها)
أي كبغال وحمير، فإن لم تكن قرينة بشئ فينبغي له أن لا يركب إلا ما كان يركبه الموصي. قوله: (عطف إلخ)
أي وليس مستأنفا لبيان الحكم كما قال خش تبعا لبهرام إذ المعنى حينئذ وإذا وفى الأجير دينه بما أخذه
فقد جنى على المال والحكم أنه يمشي وأنت خبير بأن هذا خلاف الفقه لأنه لا يكتفي بالمشي بل إن كان العام
معينا رد المال مطلقا، ولو حج بعد ذلك راكبا أو ماشيا لفوات المعين وإن كان غير معين تعين عليه أن
يأتي بما يفهم من الحج عن الميت من ركوب مقتب أو غيره ولا يكفي مشيه على ما قال الشارح، نعم يوافق
ما قاله ح من أنه يكتفى بالمشي ولا يرجع عليه بشئ فتأمل. قوله: (أو يدفع المال) تبع في ذلك عبق،
والذي استظهره ح أنه لا يرجع عليه بشئ قال بن: ولا أدري ما مستند الشيخ عبق في
الرجوع. والحاصل أنه إما أن يطلع عليه بعد الوفاء والمشي أو بعد الوفاء وقبل المشي، فإن
13

اطلع عليه بعد الوفاء وقبل المشي فلا إشكال أنه يرجع عليه بالمال كان العام معينا أو غير معين ولم يرد أنه
يحج على ما فهم، وإن اطلع عليه بعد الامرين فقال ح: إن كانت الإجارة وقعت على الضمان فالظاهر أنه
لا يرجع عليه بشئ وأن ما فعله يقال له خيانة بالخاء الفوقية، وإن وقعت على البلاغ فالظاهر أنه يقضي له
من المال بقدر نفقة مثله وأجرة ركوبه ويأخذ منه الباقي وظاهره سواء كان العام معينا أم لا، وخالفه
عبق وتبعه شارحنا فجزم بالرجوع عليه إن كان العام معينا مطلقا أو كان غير معين والحال أنه لم يرجع
في عام آخر على ما فهم وعلى ما قال يكون التعبير بالخيانة لا إشكال فيه، وعلى ما قال ح يكون مشكلا كما قال،
والذي في تبصرة اللخمي خيانة بالخاء المعجمة انظر بن. قوله: (فسخت الإجارة) أي للفوات.
قوله: (عقد على إعطاء إلخ) إنما قدر الشارح عقد لأجل صحة الاخبار، إذ إجارة البلاغ ليست
إعطاء ما ينفقه وإنما هي عقد على إعطاء ما ينفقه. وفهم من كلام المصنف أنه لا بد من الاعطاء بالفعل
وأنه إذا دخل معه على أن ينفق على نفسه كل النفقة أو بعضها من عنده ثم يرجع بما أنفق فإنه لا يكون
بلاغا جائزا وهو كذلك لان فيه سلفا وإجارة وسلفا جر نفعا فلا تصح الإجارة قاله سند اه‍ عبق.
قوله: (بدأ وعودا) منصوبان على الظرفية أي ما ينفق منه في الذهاب والاياب. وقوله بالعرف متعلق
بمحذوف أي وتكون تلك النفقة بالعرف، وهذا بيان لما بعد الوقوع، وأما في الابتداء أي في
حالة العقد فينبغي أن يبين له قدر النفقة كل يوم وذلك بأن يقول له: حج عني وأدفع لك مائة دينار مثلا
أنفق على نفسك منها كل يوم عشرة دراهم مثلا، فإن لم يبين له ذلك عند العقد أنفق على نفسه بالعرف.
والحاصل أن مراعاة العرف فيما ينفقه إنما هو بعد الوقوع لا في الابتداء كما هو ظاهر المصنف انظر ح.
قوله: (ويرد الثياب) أي وكذلك الدابة. قوله: (معطوف على مقدر إلخ) لا يخفى ما في هذا الحل
من التكلف، وقرره الفيشي بجعله عطفا على قوله بدأ وعودا وهو أقرب مما للشارح ومما لتت حيث
جعله عطفا على مقدر متعلق بقوله: بنفقة أو إعطاء ما ينفقه على نفسه وفي هدي إلخ. إن قلت: ما لتت
والفيشي يقتضي أن من جملة مسمى البلاغ ما يصرفه في الفدية والهدي بالشرط المذكور وليس كذلك.
قلت: هذا ممنوع بل هو منه تبعا كما يفيده كلام ح انظر بن. قوله: (مقدرين) صفة لجواب وشرط.
قوله: (فإن تعمد موجبهما فلا يرجع) فإن جهل الحال حمل على عدم التعمد حيث يثبت التعمد كما قاله سند
قوله: (ورجع عليه) أي على أجير البلاغ. قوله: (بالبناء للمفعول) ليس بلازم بل يصح قراءته بالبناء
للفاعل أيضا. قوله: (ما لا يليق بحاله) أي وإن كان لائقا بحال الموصي قوله: (واستمر إن فرغ) ضمير
استمر لأجير البلاغ وضمير فرغ للمال الذي أخذه لينفق منه. وحاصله أن أجير البلاغ إذا فرغت
نفقته قبل الاحرام أو بعده وسواء كان العام الذي استؤجر على الحج فيه معينا أم لا فإنه يستمر على
عمله إلى تمام الحج ويرجع بما أنفقه من عند نفسه على من استأجره لا على الموصي لان المستأجر
مفرط بتركه إجارة الضمان إلا أن يكون الموصي وهو الميت أوصى بالبلاغ ففي بقية ثلثه. قوله: (أو أحرم
إلخ) عطف على فرغ أي واستمر إن فرغ ما أخذه واستمر إن أحرم ومرض، وحاصله أنه إذا فاته
الحج لمرض أو صد أو خطأ عدد فإن كان المرض والصد بعد الاحرام استمر على إحرامه إلى
كمال الحج إن كان العام غير معين، وإن كان معينا فإنه يفسخ ويفوز الأجير بما أنفقه ويرجع لمحله وله
النفقة على مستأجره من حالة رجوعه، وإن كان المرض أو الصد قبل الاحرام فإنه يطالب بالرجوع
مطلقا كان العام معينا أم لا. قوله: (بعد إحرامه) راجع لقوله صد، ولقوله أو فاته الحج لخطأ عدد،
وقوله: فإنه يستمر أي إلى تمام الحج ونفقته إلى تمام الحج على مستأجره. وقوله: وإلا فسخ أي وإلا بأن
14

كان العام معينا فسخ. قوله: (وله النفقة على مستأجره في رجوعه) أي فيما إذا كان العام معينا وفسخ
العقد لفوات الحج في ذلك العام بمرض أو صد أو خطأ عدد بعد الاحرام. وقوله: فإن لم يرجع أي وبقي
للعام القابل وأراد تتميم الحج والموضوع بحاله وهو كون العام معينا وفسخ العقد لفوات الحج بمرض
أو صد أو خطأ عدد قوله: (لمحل المرض) أي أو لمحل الصد قوله: (أنه يرجع) أي ولا يستمر إلى تمام
الحج سواء كان العام معينا أو غير معين، فالتفرقة بين العام المعين وغيره إنما هي فيما إذا مرض أو صد
بعد الاحرام. قوله: (في ذهابه) أي من محل المرض أو من محل الصد لمكة. وقوله: ورجوعه لمكان
المرض أي أو الصد. قوله: (وعلم) أي الأجير بالضياع. وقوله: رجع أي لمحله ونفقته على المستأجر في
حال رجوعه ولا يلزم الورثة أن يحجوا غيره ولو كان في بقية ثلث الميت بدل تلك النفقة التي ضاعت
عند ابن القاسم خلافا لأشهب حيث قال: يلزمهم أن يحجوا غيره إن كان في بقية ثلث الميت بدلها ومحل
طلبه بالرجوع إن لم يكن بينهم شرط على أنها إن ضاعت كمل وأخذ ما أنفقه وإلا عمل بالشرط ولا
ضمان على الأجير إن ضاعت والقول قوله بيمين في الضياع لتعذر الاشهاد عليه، وسواء أظهر
الضياع قبل رجوعه أو بعد رجوعه، وهذه المسألة مستثناة من قاعدة كل من قبض شيئا لحق نفسه
وضاع كان ضمانه منه فإن هنا قبض لحق نفسه ولا ضمان عليه للضرورة. قوله: (فإن استمر) أي مع
تمكنه من الرجوع ولم يرجع قوله: (إذا لم يكن إلخ) أي وما ذكرناه من كون الأجير يطالب بالرجوع
ونفقته على المستأجر في حال رجوعه إذا لم يكن إلخ قوله: (أو لم يعلم به) أي أو ضاعت قبله لكن لم
يعلم. قوله: (أو لم يمكنه الرجوع) أي أو ضاعت قبل الاحرام وعلم بضياعها قبله لكنه لم يمكنه
الرجوع. قوله: (لا على الموصي) ولو بقي من ثلثه بقية وذلك لان المستأجر مفرط في ترك إجارة
الضمان، وقد ظهر مما ذكره المصنف أن فراغ النفقة ليس كضياعها لأنه في الفراغ يستمر على عمله حتى
يتم الحج، سواء كان الفراغ قبل الاحرام أو بعده، وأما في الضياع فإنه يفصل بين كونه قبل الاحرام
ويعلم به أو بعد الاحرام أو قبله ولا يعلم به إلا بعده، والسر في ذلك أن الفراغ مدخول عليه بخلاف
الضياع فإنه غير مدخول عليه فلذا جرى فيه التفصيل المذكور. قوله: (إلا أن يوصي) أي الميت
بالبلاغ أي ويضيع المال ففي بقية ثلثه إن كان الباقي فيه كفاية وذلك لأنه إذا
أوصى بالبلاغ فكأنه أوصى بالثلث. وقوله إلا أن يوصي إلخ راجع لقوله: وإن ضاعت قبله رجع وإلا فنفقته على آجره،
وحاصله أن محل رجوع أجير البلاغ إذا ضاعت النفقة قبل الاحرام ما لم يوص الميت بالبلاغ، فإن
أوصى به فلا يرجع بل يكمل الحج ونفقته في بقية ثلثه ومحل كون نفقته على آجره إن ضاعت بعد
الاحرام وما معه إذا لم يوص الميت بالبلاغ وإلا ففي بقية ثلثه، هذا إذا لم يقسم المال بل ولو قسم على
الورثة. قوله: (ولو قسم) رد بلو على قول مخرج لابن راشد أنه إذا قسم المال فلا رجوع له على الثلث بل
على المستأجر قوله: (فإن لم يبق شئ) أي من الثلث فيه الكفاية بأن لم يبق شئ أصلا أو بقي شئ دون
الكفاية والموضوع أنه أوصى بالبلاغ قوله: (فهذه أجرة معلومة) أي وخرجت الإجارة من البلاغ
إلى المضمونة وحينئذ فلا يرجع على أحد بشئ كما في ح. قوله: (لأنه كدين قدم قبل أجله) كذا علل
في المتيطية كما في ح. ويؤخذ منه أنه لا فرق بين أن يكون الشرط من الموصي أو من الوصي ويكون
قوله الآتي: وفسخت إن عين العام وعدم مقيدا بما إذا لم يقدم عليه خلافا لابن عاشر قاله بن.
ويؤخذ من التعليل المذكور أيضا جواز التقديم على عام الشرط ابتداء، ولكن الذي استظهره بعضهم
الكراهة أخذا من قول المصنف أجزأ. قوله: (ومعنى الاجزاء إلخ) جواب عما يقال: لا شك أن الفرض
15

لا يسقط عمن حج عنه، وحينئذ فما معنى إجزاء حج الأجير؟ وقوله براءة ذمة الأجير أي مما ألزمه
ليستحق الأجرة. قوله: (أو ترك إلخ) أي وأجزأ حج الأجير إن ترك الزيارة أو العمرة ولا يطالب بالرجوع
لذلك، نعم يرجع عليه بقسطها، فقوله: ورجع إلخ بيان للحكم أي والحكم أنه يرجع بقسطها أي بعدل مسافتها.
قوله: (وصنع به ما شاء) أي بالقسط المأخوذ في مقابلة تركها. وقوله: ما شاء أي من رده للورثة أو الصدقة
به على الميت. قوله: (ولو كان الترك لعذر) الواو للحال وذلك لان الترك لعذر هو محل الخلاف بين ابن
أبي زيد وغيره، فابن أبي زيد يقول: إذا ترك الزيارة لعذر يجزئه ويرجع عليه بقدر مسافة الزيارة
من الأجرة، وقال غيره: يرجع مرة ثانية حتى يزور، وأما لو تركها عمدا من غير عذر فإنه يؤمر
بالرجوع من غير خلاف كما في المواق والبساطي انظر طفي. قوله: (فإنه يجزئ فيهما) وذلك لاشتمال
القران والتمتع على الافراد المشترط على الأجير. قوله: (فلا يجزئ) أي لان اشتراط الميت له إنما هو
لتعلق غرضه به ففعل غيره كفعل غير ما وقع عليه الشرط، وقوله: وإلا فلا يجزئ غير الافراد أي
وتنفسخ الإجارة إن خالف لقران عين العام أو لا، وإن خالف لتمتع أعاد إن لم يعين العام وفسخت إن
عينه كما سيأتي في قول المصنف: وفسخت إن عين العام وعدم كغيره وقرن وأعاد إن تمتع، وإنما أتى
المصنف بقوله: وإلا فلا مع أنه مفهوم شرط لأجل أن يشبه به ما بعده لان التشبيه مع التصريح أوضح
وإن كان المصنف ينزله منزلة المنطوق. قوله: (كتمتع شرط عليه) أي سواء كان اشتراطه من الميت أو من
الوصي أو من الورثة كما قال الشارح. قوله: (وأحرم من ميقات آخر) أي ولو كان ذلك الميقات الآخر
ميقات الميت قوله: (أو تجاوزه حلالا ثم أحرم بعده) أي بخلاف إحرامه قبله فإنه يجزئه كما قال سند لأنه
يمر على ذلك المشترط محرما. قوله: (وفسخت إن عين العام) أي وأما إذا لم يعين فلا تفسخ لمخالفة الأجير
ما اشترط عليه ويرجع في عام آخر إلى الميقات ويحرم منه على الوجه المشترط، والمراد بالفسخ في المعين
بالفوات ونحوه أن من أراده له ذلك فإن تراضيا على البقاء لقابل جاز، هذا هو مختار ابن أبي زيد وغيره،
وبهذا يوافق ما هنا إطلاقه السابق في قوله: وله البقاء لقابل أي في المعين وغيره لكن برضاهما في المعين كما
تقدم، وليس المراد تعين الفسخ، ولو تراضيا على البقاء لأنه فسخ دين في دين كما يقول اللخمي وغيره
لان المؤلف لم يعرج عليه سابقا، وقد حمل ح ما تقدم على الاطلاق وحمل ما هنا على تحتم الفسخ فعارض
ما بينهما وقد علمت دفع المعارضة قاله طفي. قوله: (معطوف على مقدر) أي والأصل وفسخت إن عين
العام إن خالف ما شرط عليه أو عدم. قوله: (بموت أو كفر إلخ) أشار إلى أن المراد بعدمه ما يشمل موته
حقيقة أو حكما. قوله: (لان تعيين العام مشروط في العدم) أي عدم الحج أو عدم الأجير، أي فلو جعلناه عطفا
على قوله إن عين العام لاقتضى أن الإجارة تنفسخ بعدم الحج وبعد الأجير كان العام معينا أم لا مع أنها
لا تنفسخ عند عدم تعيين العام، بل يؤخذ من مال الأجير أجرة حجة بالغة ما بلغت إن لم يحج الوارث في
حالة عدم الأجير أو إن لم يحج ذلك الأجير ثانيا في حالة عدم الحج قوله: (شامل لاثنتي عشرة صورة من
الأربعة والعشرين) أي وهي ما إذا شرط الموصي إفرادا وخالف الأجير لقران أو تمتع أو شرط الموصي
16

أو غيره قرانا فخالف لتمتع أو العكس أو شرط الموصي أو غيره قرانا أو تمتعا فخالف لافراد، أو خالف
الأجير ميقاتا شرطه الميت أو غيره، والحال أن العام معين في الجميع، فهذه اثنتا عشرة صورة كلها
مندرجة تحت قول المصنف: وفسخت إن عين العام أو خالف الأجير ما شرط عليه. قوله: (على أن فاعل
عدم هو الحج) لأن عدم الحج إما لصد أو لمرض أو خطأ عدد وعدم الأجير إما بموته أو كفره أو
جنونه قوله: (إما بمخالفة الأجير) أي وذلك في اثني عشر. وقوله: وإما بالفوات في ثلاثة قوله: (أو صرفه
لنفسه) أي بالنية، وأما لو أحرم ابتداء عن نفسه ثم صرفه للميت فإنه يجزئ عن نفسه قطعا، ثم إن كان
العام معينا فسخ وإلا فقولان، فقد جزم ابن شاس وابن عبد السلام والتوضيح بعدم الفسخ إذا كان
العام غير معين وقال غيرهم بالفسخ، وإذا نوى الأجير الصرورة الحج عن نفسه وعن الميت أجزأه عن
نفسه وأعاده عن الميت كما رواه أبو زيد عن ابن القاسم، وروى عن أصبغ لا يجزئ عن واحد منهما
ويرجع ثانيا عن الميت انظر بن قوله: (لان الحج إلخ) انظر لعدم إجزائه عن الأجير، وأما العلة في عدم
إجزائه عن الميت لأنه خلاف شرطه حال صرفه لنفسه. قوله: (يمكن الاطلاع عليه) أي فإذا أمرناه
بالإعادة مفردا في الأولى أو قارنا في الثانية كما هو المشترط عليه وخالف وتمتع بطل عليه فيؤمر بالإعادة
ثانيا وهكذا. قوله: (بخلاف القران) أي بخلاف ما لو شرط الميت عليه افرادا أو شرط الميت أو غيره
عليه تمتعا فخالف وقرن فإنه إذا لم تنفسخ الإجارة وأمرناه بالعود في عام قابل ليحج مفردا
في الصورة الأولى ومتمتعا في الثانية يمكن أن يخالف ويعيد قارنا ولا نطلع عليه لان عداءه خفي فلذا
حكموا بفسخ الإجارة. قوله: (ففيه تأويلان أيضا غير تأويلي المصنف) اعلم أن التأويلين في غير المعين
هما المنصوص، والتأويلان اللذان ذكرهما المصنف في العام المعين مخرجان عليهما لان كلام المدونة
مفروض في غير المعين كما في ح والمواق، فمن قال يرجع لبلده في غير المعين وهو بعض شيوخ ابن
يونس قال بالفسخ في المعين مطلقا، ومن قال يرجع للميقات في غير المعين وهو لابن يونس وسند قال
بعدم الفسخ في المعين إن رجع للميقات هذا هو الصواب، وأما ما في خش من العكس في التفريع فهو خلاف
الصواب اه‍ بن. قوله: (ومنع إلخ) أي أنه لا يجوز للمستطيع أن يأذن لغيره في أن يحج عنه حجة الاسلام
بأجرة أو بغيرها ولو على القول بالتراخي إلى خوف الفوات. قوله: (من إضافة المصدر لفاعله) أي
والمفعول محذوف أي ومنع أن يستنيب الصحيح غيره ليحج عنه في الفرض. قوله: (ولذا) أي ولأجل
إضافة المصدر للفاعل لا للمفعول عبر بالاستنابة التي هي وصف للفاعل لا بالنيابة التي هي وصف
المفعول تقول: استناب زيد عمرا في البيع لمتاعه فزيد متصف بالاستنابة وهي طلبه من عمرو أن يقوم عنه
في البيع واذنه له في ذلك، وعمرو متصف بالنيابة وهي قيامه مقام زيد في البيع لمتاعه ذلك. قوله: (لأنها طلب
النيابة) أي طلبك نيابة الغير عنك في أمر أي طلبك من الغير وإذنك له في أن يقوم عنك بفعل.
17

قوله: (فإن إيقاعها إلخ) وكذا يقال هنا أن إيقاع الحج من الغير عنك لا يصح وطلبك حج الغير عنك ممنوع
لا يجوز. قوله: (واستنابتك) أي طلبك فعل الغير عنك. قوله: (في فرض) المراد به حجة الاسلام، وأما
الحج المنذور فالاستنابة عليه مكروهة كالنفل انظر مج. قوله: (دليل على أن المراد) أي بالاستنابة
الممنوعة في الفرض تفويض إلخ أي لأنه لو فوض الحج للنائب مع عزمه على أداء الفرض بعد ذلك
لم تكن الاستنابة حينئذ في فرض. قوله: (وحينئذ) أي وحين إذا كانت الاستنابة في الفرض ممنوعة
تكون الإجارة عليه فاسدة لان الأصل في المنع الفساد. قوله: (إن أتمها) أي وإلا فلا شئ له.
قوله: (وإلا كره) تبع المصنف فيما ذكره من منع استنابة الصحيح غيره في الفرض، وكراهة استنابته في غيره
قول سند اتفق أرباب المذهب على أن الصحيح لا تجوز استنابته في فرض الحج والمذهب كراهة
استنابته في التطوع وإن وقعت صحة الإجارة فيه، وتبعه في ذلك ابن فرحون والتلمساني والقرافي
والتادلي وغيرهم كما في ح، وأطلق غير سند منع النيابة في الحج قاله طفي ونحوه قول التوضيح. فائدة:
من العبادات ما لا يقبل النيابة بإجماع كالايمان بالله، ومنها ما يقبلها إجماعا كالدعاء والصدقة والعتق
ورد الديون والودائع، واختلف في الصوم والحج والمذهب أنهما لا يقبلان النيابة، فظاهره في الفرض
والتطوع، وأما المريض الذي لا يرجى صحته فقد اعتمد فيه المصنف ما لابن الجلاب من أنه يكره
إجارة من يحج عنه فإن فعل مضى، وفسر به ما شهره ابن الحاجب من عدم الجواز خلافا لابن عبد السلام
فإنه حمل عدم الجواز على عدم الصحة، فالحاصل أن المصنف اعتمد في كراهة النيابة عن الصحيح في
التطوع قول سند، وفي كراهة النيابة عن المريض كلام الجلاب والمعتمد منع النيابة عن الحي مطلقا أي
سواء كان صحيحا أو مريضا، كانت النيابة في الفرض أو في النفل، هذا ما يفيده طفي، ولا فرق بين أن
تكون النيابة بأجرة أو تطوعا كما قاله طفي أيضا، وما في شرح العمدة من أن النيابة في الحج إن كانت بغير
أجرة فحسنة لأنه فعل معروف، وإن كانت بأجرة فالمنصوص عن مالك الكراهة لأنه من أكل الدنيا
بعمل الآخرة فالظاهر حمل النيابة عن الميت لا عن الحي فلا يخالف ما قبله، فقول الشيخ عبق ومحل
الكراهة إذا كانت الاستنابة بأجرة وإلا جاز غير صواب اه‍ بن. قوله: (كبدء مستطيع بالحج إلخ)
أي تطوعا قال طفي. هذا لا يتأتى على المشهور من منع النيابة وعدم صحتها عن الحي سواء كان صحيحا
أو مريضا، ولا على ما ذكره المصنف من الكراهة في التطوع على ما فيه وإلا كره الحج عن الغير الحي
مطلقا بدأ أو غير بدء، وإنما هذا مفرع على جواز الوصية بالحج، فهو إشارة لقول مالك: وإن أوصى أن
يحج عنه أنفذ ذلك ويحج عنه من قد حج أحب إلي، ويكره أن يحج عنه الصرورة المستطيع بناء على القول
بالتراخي ويمنع على الفور ونحوه لابن الحاجب اه‍ بن. وحاصله أنه يحمل على الحج عن الميت الموصى
به والداعي لذلك حمل المصنف على الحج بأجرة، وأما حمله على الحج تطوعا بلا استنابة كما قال الشارح
فلا يحتاج لذلك، وكلام المصنف ظاهر تأمل، ومفهوم بدأ أن تطوع المستطيع بالحج عن شخص بعد
سقوط الحج عن ذلك المتطوع لا يكره. قوله: (وإجارة نفسه) أي يكره لشخص أن يؤجر نفسه في عمل
طاعة من الطاعات سواء كان حجا أو غيره لقول مالك: لان يؤجر الرجل نفسه في عمل اللبن وقطع الحطب
وسوق الإبل أحب إلي من أن يعمل عملا لله بأجرة، والقول الشاذ جواز ذلك، ومحل الخلاف في غير تعليم
الأطفال القرآن والأذان لجواز الإجارة عليهما اتفاقا، ثم إن قوله: وإجارة نفسه
مفرع على قوله: ونفذت الوصية به كما لابن الحاجب وابن عبد السلام والتوضيح ونصه: إذا أجيزت
الوصية وأنفذناها بعد الوقوع فهل يجوز لاحد أن يؤجر نفسه أو يكره في ذلك؟
قولان المشهور كراهته لأنه أخذ العوض عن العبادة وليس ذلك من شيم أهل
18

الخير. قوله: (ونفذت الوصية به) أي وإن كان مكروها وإنما نفذت الوصية به عند مالك وإن كان لا
يجيز النيابة فيه مراعاة لخلاف الشافعي القائل بجواز النيابة فيه إذا كان تطوعا هذا هو المشهور، وقال
ابن كنانة: لا تنفذ الوصية به ويصرف القدر الموصي به في الهدايا ومحل نفوذها من الثلث ما لم يعارضها
وصية أخرى غير مكروهة كوصية بمال ولم يسع الثلث إلا إحداهما فتقدم وصية المال على الوصية
بالحج سواء كان لموصى صرورة أو لا كما اختاره ابن رشد. قوله: (سمى مالا أو ثلثا أو أطلق) أي
كأوصيت أن يحج عني بمائة أو بثلث مالي أو يحج عني قوله: (حج عنه حجج) انظر هل في عام واحد
أو أعوام؟ والظاهر الأول كما قاله شيخنا العدوي، ثم إنه إنما يحج عنه تلك الحجج من بلده إن لم يسم بلدا
وإلا فمنه، فإن فضلت فضلة لا يمكن أن يحج بها من بلده فإنه يحج بها عنه من حيث ما يبلغ ولو من
مكة كذا في المواق عن ابن رشد وسيأتي فإن لم يوجد بما سمى من مكانه حج من الممكن اه‍ بن
قوله: (إن سمى الثلث) أي أو سمى قدرا من المال، وقوله: ووسع الثلث أي أو القدر الذي
سماه. قوله: (أي بالثلث) أي أو بالقدر الذي سماه. قوله: (ووسع) ليس المراد بوسع المال إمكان الحج
به أكثر من مرة واحدة فقط، بل المراد كثرته جدا بحيث يزيد على الواحدة عادة، أما لو كان الثلث يشبه
أن يحج به حجة واحدة وأمكن أن يحج به أكثر منها كان الزائد ميراثا هو معنى قول المصنف: كوجوده
بأقل، فقوله كوجوده بأقل في غير الواسع وهو ما يشبه أن يحج به حجة وأمكن أن يحج به أكثر
وهو مما يندرج تحت قوله: وإلا، وإنما صرح به لأجل أن يرجع له التأويلين، هذا هو الصواب في فهم
كلام المصنف كما يدل عليه كلام ابن رشد وغيره، وقول المصنف كوجوده بأقل لا فرق بين أن يوصي
بمال معين أو بالثلث كما حمله عليه بهرام وتت، وحمل بعض الشراح له على ما إذا كان المال الموصى بالحج
به واسعا ووجد من يحج عنه بأقل منه غير صواب إذ ليس الواسع محل التأويلين للاتفاق على أن
يحج عنه حجج حتى ينفد المال وإنما محلهما غير الواسع بالمعنى السابق اه‍ بن. قوله: (أو يرجع ميراثا إلخ)
حاصل هذا التأويل أنه إن قيد بحجة رجع الباقي ميراثا وإن أطلق حج عنه حجج حتى ينفد المال.
قوله: (خلافا لظاهر كلام المصنف) قال بن: فيه نظر بل الظاهر أن التأويلين راجعان للمسألتين كما في ح
وخش وغيرهما وهو ظاهر كلام المصنف هنا، ويفيد ذلك كلامه في المناسك أيضا وساق نقولا تدل على
ذلك فانظره. قوله: (ودفع المسمى إلخ) حاصله أنه إذا سمى قدرا معلوما وقال: ادفعوه لفلان يحج به عني
وفلان غير وارث بالفعل للموصي فإن ذلك القدر يدفع للموصى له ليحج به عن الموصي، ولو كان ذلك
القدر بالمسمى يزيد على أجرة المثل لذلك الشخص المعين إذا فهم من حال الموصي إعطاء ذلك القدر
للموصى له وكان ثلث المال يحمله، وهذا كله ما لم يرض بأقل بعد علمه بالوصية وإلا فالباقي يرجع
ميراثا كما قاله ابن المواز، ومحل وجوب دفع المسمى للمعين ليحج به عن الميت إذا رضي ذلك المعين، فإن
لم يرض به رجع ذلك المسمى ميراثا، فعلم أن وجوب دفع المسمى بتمامه لذلك المعين إذا كان أكثر من
أجرة المثل مشروط بشروط خمسة: أن يرضى ذلك المعين بذلك المسمى، وأن لا يكون وارثا، وأن يفهم
من حال الموصى إعطاء ذلك القدر له، وأن يحمله الثلث وأن لا يرضى بأقل منه. قوله: (وإن زاد على
أجرته) الضمير راجع لمعين لأنه وإن تأخر لفظا فهو متقدم رتبة لان قوله لمعين متعلق بدفع فرتبته
التقديم. قوله: (لا يرث) هذا قيد في المبالغ عليه فقط، وأما قدر الأجرة فيدفع له وإن كان يرث، ولو
حذف المصنف الواو الداخلة على أن كان أحسن إلا أن تجعل للحال والمعتبر كونه وارثا
19

أو غير وارث وقت تنفيذ الوصية لا وقت الايصاء. قوله: (فإن أبى) أي ذلك المعين من أن يحج بالقدر الذي
سمى له. قوله: (وإن عين غير وارث) تقدم أنه إذا عين شخصا غير وارث ليحج عنه وسمى له قدرا فإنه
يدفع له بتمامه، وتكلم هنا على ما إذا عين شخصا غير وارث ليحج عنه إلا أنه لم يسم له قدرا معلوما، فإن رضي
بأجرة مثله فلا كلام، وإن لم يرض بها فإنه يزاد عليها مثل ثلثها إذا كان الثلث يحمل أجرة المثل والزيادة
عليها، فإن رضي فلا كلام وإلا تربص به قليلا لعله يرضى، ثم بعد التربص يرجع ميراثا كله إن كان الحج
غير صرورة وإلا أوجر غيره. قوله: (إن كان الثلث يحمل ذلك) أي أجرة المثل وثلثها. قوله: (تربص قليلا)
أي بالاجتهاد، وقيل إنه يتربص سنة، ثم إن زيادة الثلث والتربص عام في الصرورة وغيره ومحل التربص
إن فهم منه الطمع في الزيادة، وأما إن علم منه الإباية بالكلية فلا فائدة في التربص اه‍ عدوي. قوله: (ولا
يختص بالصرورة قبله) أي المذكورة في فرع المصنف السابق، فالصرورة في غير فرض المصنف لا
يؤجر له من يحج عنه صبي ولا عبد كما أنه في فرض المصنف كذلك. قوله: (وإن كان غيرهما امرأة) أي
واستؤجرت عن رجل صرورة لمشاركتها له في أصل تعلق الخطاب وإن خالفته في صفة الاحرام
والرمل في الطواف والسعي خلافا لمن منع نيابتها عنه لما ذكر من المخالفة. قوله: (ليحجا به عن الصرورة)
أي والحال أنه لم يأذن في استئجارهما، وأما لو دفع الوصي لهما المال ليحجا عن غير
الصرورة أو عن الصرورة الذي أذن في حجمها فإن الوصي لا يضمن ولو دفع لهما بغير اجتهاد. قوله: (حال كون الوصي
مجتهدا) أي فإن دفع لهما غير مجتهد بأن دفع لهما وهو عالم أو ظان أنه عبد أو صبي ضمن لتعديه. قوله: (وتلف
المال) وإنما لم يضمن الوصي لأنه اجتهد حق اجتهاد، وقد حصل الثواب بإنفاق العبد والصبي إن حجا
وبانتفاعهما إن لم يحج. قوله: (ومال الصبي) هذا يقتضي أنه إذا كان معدوما لا يتبع به وليس كذلك، ولذا
قال بن: الصواب أنه في ذمة الصبي، وكذلك مهما تعلق به الضمان ففي ذمته كما في ابن عرفة قوله: (من
بلد الموصي) أي التي مات بها. ابن عرفة: ويحج عنه من محل موته فإن قصر عنه المال فمن حيث أمكن اه‍ بن.
قوله: (ولو سمى مكانا) أي فيتعين الحج منه فإن لم يوجد من يحج منه بما سمى حج من الممكن، ورد بلو على
من قال: إذا سمى مكانا تعين الحج منه فإن قصر المال عن الحج منه رجع ميراثا وهذا القول لأشهب.
وروى أيضا عن ابن القاسم في العتبية وما مشى عليه المصنف رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة ومحل
الخلاف كما في المواق عن ابن رشد إذا قال: حجوا عني من بلد كذا ومات فيه، وأما تسميته غير ما مات فيه
فهو لغو اتفاقا قاله طفي قوله: (ولو بقرينة) أي هذا إذا كان تعيينه بالنص كاستأجرتك للحج بنفسك بل
ولو كان التعيين بقرينة ومفهوم قوله إن عبنه أنه إذا لم ينص على تعيينه ولم تقم قرينة وإنما خصه بالخطاب
كاستأجرتك للحج فقيل إنه كذلك يلزمه أن يحج بنفسه وهو ما شهره المصنف، وقيل إنه في هذه الحالة
يتعلق الحج بذمته ويتخرج على الخلاف ما إذا أراد الأجير أن يستأجر من هو مثله في الحال، وكذا إذا
مات الأجير في أثناء الطريق فهل تنفسخ الإجارة أو يستأجر من ماله من يتم ويكون الفضل له والنقص عليه؟
قوله: (وقبل قوله) أي في أنه أحرم عن فلان. وقوله إن قبض الأجرة أي مطلقا سواء كان متهما أو غير متهم.
20

قوله: (أو كان) أي ولم يقبضها وكان إلخ قوله: (لا ينفسخ بموته) إن قام وارثه مقامه استحق الأجرة
كلها أو ما بقي منها، وإن أبى فإنه يستأجر من تركة ذلك الأجير من يحج بأجرة بالغة ما بلغت، وقولهم: إن
الإجارة تنفسخ بتلف ما يستوفى منه أي إذا كان معينا لا إن كان غير معين. قوله: (ولا يسقط فرض من حج
عنه) أي سواء كان حيا أو ميتا. قوله: (وله أجر الدعاء) أي ثوابه وفيه أن ثواب الدعاء للداعي.
وأجيب بأن المراد ثواب الإعانة على التذلل والخضوع في الدعاء، والأولى كما قال شيخنا جعل
الدعاء عطفا على أجر أي وله الدعاء أي له بركته وهو المدعو به، وهذا ظاهر إذا كان الأجير يقول
في دعائه: اللهم ارحم فلانا أو اغفر له وإلا فلا شئ له، وعبارة ابن فرحون كما في ح: وثواب الحج للحاج
لا للمحجوج عنه وإنما للمحجوج عنه بركة الدعاء وثواب المساعدة. قوله: (وهو أركانهما إلخ) اعلم
أن الركن هو ما لا بد من فعله، ولا يجزئ بدلا عنه دم ولا غيره وهي الاحرام والطواف والسعي
ويزيد الحج على العمرة بالوقوف بعرفة وهي ثلاث أقسام: قسم يفوت الحج بتركه ولا يؤمر بشئ
وهو الاحرام، وقسم يفوت الحج بفواته ويؤمر بالتحلل بعمرة وبالقضاء في العام القابل وهو
الوقوف، وقسم لا يفوت الحج بفواته ولا يتحلل من الاحرام ولو وصل لأقصى المشرق أو المغرب رجع
لمكة ليفعله وهو طواف الإفاضة والسعي. قوله: (وواجباتهما) هي ما يطلب بالاتيان بها فإن ترك شيئا
منها لزمه دم كطواف القدوم والتلبية ورمي العقبة وغير ذلك، وجزم ابن الحاج وابن فرحون بالتأثيم
بترك شئ منها وتردد الطرطوشي في الاثم. قوله: (وسننهما) هي ما يطلب بالاتيان بها ولا يلزمه دم
لتركها. قوله: (ثلاثة) هي الاحرام والطواف والسعي. قوله: (ويختص الحج برابع إلخ) اعلم أن
الأركان الأربعة التي ذكرها المصنف للحج منها ثلاثة مجمع عليها وهي: الاحرام والوقوف والطواف،
وأما السعي فالمشهور أنه ركن في الحج والعمرة. وروى ابن القصار أنه واجب يجبر بالدم وليس بركن
وبه قال أبو حنيفة، وزاد ابن الماجشون في الأركان الوقوف بالمشعر الحرام ورمي العقبة والمشهور أنهما
غير ركنين بل الأول مستحب والثاني واجب يجبر بالدم. وحكى ابن عبد البر قولا بركنية طواف
القدوم وليس بمعروف بل المذهب أنه واجب يجبر بالدم، واختلف في اثنين خارج المذهب وهما:
النزول بالمزدلفة والحلاق، والمذهب عندنا أنهما واجبان يجبران بالدم، فهذه تسعة أركان بين مجمع عليه
ومختلف فيه في المذهب وخارجه. قال ح: ينبغي للانسان إذا أتى بهذه الأشياء أن ينوي الركنية ليخرج
من الخلاف وليكثر الثواب أشار له الشبيبي اه‍ بن. قوله: (والراجح أنه النية فقط) أي نية الدخول في
حرمات الحج أو العمرة المنسحبة حكما لآخر النسك، وأما التلبية والتجرد فكل منهما واجب على حدته
يجبر بالدم. قوله: (ووقته) أي الذي يجوز فيه من غير كراهة. قوله: (لفجر يوم النحر) الأولى إلى قدر
الوقوف قبل الفجر ليلة النحر تأمل. قوله: (ويمتد زمن الاحلال منه لآخر الحجة) أي من فجر يوم النحر
لآخر الحجة. قوله: (وليس المراد أن جميع الزمن الذي ذكره وقت لجواز الاحرام) أي لأنه يكره بعد
فجر يوم النحر لأنه حينئذ إحرام للعام القابل قبل وقته فيكره. قوله: (بل المراد إلخ) هذا المراد وإن
اندفع به الاعتراض على المصنف لكنه لا دليل عليه في كلامه، على أن المقصود بيان الوقت الذي
يبتدأ فيه الاحرام بالحج لا وقت التحلل منه. قوله: (والأفضل لأهل مكة الاحرام من أول الحجة إلخ)
21

أي وحينئذ، فقول المصنف وقته للحج شوال بالنسبة لغيرهم. قوله: (وانعقد) أي على المشهور، وعن مالك
عدم انعقاده كذا في عبق مثله في ح عن ابن فرحون. قوله: (تردد) أي بين شيخي المصنف، فالأول
لسيدي عبد الله ابن الحاج صاحب المدخل، والثاني لسيدي عبد الله المنوفي نقلا عن شيخه الزواوي.
قوله: (وصح الاحرام قبل ميقاته الزماني) أي على المشهور. وقوله: والمكاني أي اتفاقا. وقوله: لأنه
وقت كمال إلخ أي بخلاف الصلاة فإنها تفسد قبل وقتها لأنه وقت وجوب، ثم إن معنى قول المصنف:
وصح لزم وأتى به دفعا لتوهم قطع الاحرام قبل زمانه أو مكانه لأنه منهي عنه كالصلاة بوقت نهي،
فاندفع ما يقال لا حاجة لقوله وصح للعلم به من الكراهة فتأمل. قوله: (فلتحلله) أي فمن وقت تحلله منه.
وقوله بالفراغ إلخ تصوير للتحلل منه ولا مفهوم لقوله بحج، ولو قال إلا لمحرم بنسك كان أولى إذ
لا تنعقد عمرة على حج ولا على عمرة كما يأتي. قوله: (الأصغر والأكبر) أي وهما رمي جمرة العقبة وطواف
الإفاضة. قوله: (والأولى بعده) لان ظاهره أنه إذا أحرم بها بعد جمرة العقبة يوم النحر وبعد طواف
الإفاضة وقبل رمي الرابع أو مضى قدره تكون صحيحة مع الكراهة مع أنها فاسدة كما مر. قوله: (صح
إحرامه بها) أي مع الكراهة قوله: (حتى لو تحلل منها) أي بالفراغ منها، وقوله لكن لا يفعل منها شيئا
إلخ من جملة عملها الدخول للحرم بسببها فإذا دخله قبل الغروب لأجلها أعاده. قوله: (غير قران) أي حالة
كون ذلك الاحرام غير قران، أي وأما لو كان من بمكة أراد الاحرام على وجه القران فلا بد من خروجه
للحل ويحرم منه كما يأتي قوله: (أي الأولى لغير ذي النفس) أي مكانه الأولى لا المتعين. وقوله: لغير ذي
النفس أي وأما ذو النفس فالأولى أن يخرج لميقاته ليحرم منه. قوله: (لغير ذي النفس) أي لغير المقيم
بمكة الآفاقي ذي النفس. قوله: (فلو أحرم) أي المقيم بمكة من الحل. وقوله أو من الحرم أي غير مكة
كمنى ومزدلفة. قوله: (وندب له) أي للمقيم بمكة. وقوله الاحرام بالمسجد أي الاحرام فيه. وقوله
موضع صلاته أي التي يحرم بعدها فرضا أو نفلا. قوله: (أن يقوم من مصلاه) أي ثم يلبي بعد ذلك.
قوله: (الحل) المراد به ما جاوز الحرم. قوله: (ليجمع إلخ) هذا ظاهر في العمرة، وأما في القران فالجمع بالنسبة
للعمرة التي تضمنها القران لان خروجه لعرفة إنما هو للحج فقط، لكن لو لم يخرج القارن للحل لكفاه
خروجه لعرفة لان خروجه للحل ابتداء واجب غير شرط كما سيأتي في الشارح. قوله: (كما هو
الشرط) أي ولا يرد إحرام المفرد للحج من مكة لأنه يخرج لعرفة وهي في الحل فقد جمع في إحرامه
للحج من مكة بين الحل والحرم. قوله: (ثم يليها إلخ) تبع المصنف في ذلك ما في النوادر، لكن الذي عليه
الأكثر كما قال بهرام وابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم أنهما متساويان لا أفضلية
لواحد منهما على الآخر كما في طفي. قوله: (المسمى الآن بمساجد عائشة) قيل: إنما سمى التنعيم بذلك
22

لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج أخته عائشة له لتحرم منه. قوله: (وإن لم يخرج)
أي للحل من أحرم بالعمرة من الحرم أعاد (طوافه وسعيه) بعد خروجه للحل ورجوعه منه، وهذا
بخلاف من أحرم بالقران من الحرم فإنه إذا لم يخرج للحل حتى خرج لعرفة وطاف وسعى فإنه
يجزيه ولا دم عليه كما في ح وشب. قوله: (لفسادهما قبل الخروج) أي لأنهما فعلا بغير شرطهما
قوله: (عن افتدى) أي لان الحلاق لا هدي فيه لان الفدية فيما يترفه به أو يزيل أذى والحلاق يترفه به وقد
يزيل أذى كما لو كان يترتب على بقاء الشعر حصول صداع وكان الحلاق يزيله. قوله: (لكنه لا يطوف
ويسعى بعده) أي بعد خروجه والأولى حذف هذا لان الموضوع في القارن المقيم بمكة، وهذا لا يكون
سعيه إلا بعد الإفاضة إذ لا قدوم عليه، وطواف الإفاضة إنما يكون بعد الخروج لعرفة وإذا كان
كذلك فلا معنى لهذا الاستدراك فالأولى حذفه إلى قوله: فإن لم يخرج إلخ. قوله: (وإنما أجزأ) أي
خروجه لعرفة مع أنه خاص بالحج. قوله: (وهو المقصود) أي والحال أن الحج هو المقصود بالذات.
قوله: (وكذا السعي) أي وكذلك سعيها لما كان مندرجا في سعيه المشتمل على الشرط وهو المقصود
بالذات أغنى عن سعيها. قوله: (وما في حكمها) أي وهو الذي منزله بالحرم كمنى ومزدلفة وغيرهما.
قوله: (دونها) نصب على الظرفية متعلق بمحذوف صفة لمسكن أي مسكن كائن دونها. وقوله: ومسكن عطف
على قوله ذو الحليفة كما أشار له الشارح. وقوله ومسكن دونها أي لجهة مكة بأن يكون الميقات خلف
منزله، وليس المراد أنه دونها جهة الذاهب لمكة بحيث يكون قبل الميقات، وحاصله أن من كان منزله
بين مكة والمواقيت كقديد، وعسفان ومر الظهران المسمى الآن بوادي فاطمة فميقاته منزله أو
مسجده إن أفرد، وتأخير الاحرام عن منزله كتأخيره عن المواقيت في لزوم الدم. قوله: (وحيث
حاذى واحدا) حيث اسم مكان مبني على الضم في محل رفع عطفا على ذو من ذو الحليفة أي ومكان
حاذى فيه واحدا سواء كان ذلك المكان المحاذي مسكنا لذلك المحرم أو كان المحرم مارا في ذلك
المحاذي. قوله: (أي قابل فيه واحدا) الأولى سامت فيه واحدا أي بميامنه أو مياسره، وأما إذا حاذاه
بمقابلة فلا يحرم إلا إذا أتاه بالفعل. قوله: (أو مر) عطف على حاذى أي ومكانه لهما مكان مر به منهما
والحال أنه ليس من أهله فغاير قوله: وإلا فلهما ذو الحليفة إلخ تأمل. قوله: (لكن المعتمد تقييده
إلخ) أي خلافا لمن قال: إن المسافر في البحر يحرم إذا حاذى الميقات ولا يؤخر إلى البر سواء
كان بحر القلزم أو بحر عيذاب. وقوله لكن المعتمد تقييده إلخ، هذا التفصيل لسند نقله في التوضيح
و ح وقال إنه المعتمد. قوله: (حيث يحاذي به) أي فيه في البحر. قوله: (لزمه دم) في بن خلافه، وأن
راكب البحر يرخص له تأخير الاحرام للبر مطلقا سواء كان مسافرا في بحر القلزم أو بحر عيذاب،
نعم إذا أراد الأول أن يقدم الاحرام قبل أن يصل للبر فالمكان الأفضل أن يحرم منه
المكان المحاذي لميقاته الذي هو الجحفة. قوله: (عيذاب) بفتح العين وبالذال المعجمة والباء
الموحدة وقيل إنه بالدال المهملة والنون. قوله: (بمحاذاة الميقات) بل يجوز له التأخير حتى يأتي البر.
قوله: (الجحفة أيضا) فيه أن ميقاته الذي يحاذيه يلملم. قوله: (إن الريح ترده) وذلك لان السفر منه
23

في لجة البحر لا مع الساحل، فإذا خرجت عليه الريح ردته فيبقى محرما ولا يقدر على الخروج للبر، ولذا
لا يلزمه أن يحرم من المكان الذي حاذى فيه الميقات بل يؤخر إحرامه حتى يصل للبر. قوله: (بخلاف
الأول) أي لان السير فيه مع الساحل فيمكنه إذا خرجت عليه الريح النزول إلى البر فلذا تعين إحرامه
من المكان الذي يحاذي فيه الميقات، وقد يقال إنه وإن أمكنه النزول للبر لكن فيه مضرة بمفارقة رحله فلذا
قيل إنه لا يلزمه أن يحرم من المكان الذي حاذى فيه الميقات بل له أن يؤخر إحرامه حتى يصل للبر
فتأمل. قوله: (إلا كمصري) استثناء من قوله أو مر به أي أن محل كون المار من الميقات يتعين أن يحرم منه
ما لم يكن ميقاته أمامه كمصري إلخ قوله: (الآن) أي من الحليفة. قوله: (أوله) أي ويكره تأخير الاحرام
لآخر الميقات. قوله: (من مسجدها) أي لأنه محل إحرامه عليه الصلاة والسلام. قوله: (وكإزالة
شعثه) أي عند التلبس بالاحرام قوله: (بأن يقتصر على النية) أي نية الدخول في حرمات الحج أو
العمرة. قوله: (وفي كل إما أن يكون مخاطبا بالحج إلخ) حاصل ما ذكره المصنف في حكم هذه الأقسام
الستة أن المار بالميقات إن لم يرد مكة سواء كان مخاطبا بالحج أو لا أو أرادها، وكان غير متردد وهو غير
مخاطب بالحج أو أرادها وهو متردد سواء كان مخاطبا به أو لا، ففي هذه الأحوال الخمسة لا يجب عليه
الاحرام ولا دم في مجاوزته حلالا، ومثل ذلك ما إذا خرج من مكة لمكان قريب عازما على عدم العود
لها، ولو أقام به كثيرا ثم عاد لامر عاقه عن السفر أو خرج لمكان قريب وهو يريد العود ولم يقم به كثيرا،
وأما إذا أرادها وهو ممن يخاطب بالحج وكان غير متردد فيجب عليه الاحرام من الميقات وأثم إن
جاوزه حلالا ولا دم عليه إن أرادها لغير نسك كتجارة أو لكونها بلده، فإن كان أرادها لنسك
لزمه الدم بمجاوزة الميقات حلالا إذا لم يرجع له ويحرم منه، فإذا جاوز الميقات حلالا وأحرم
بعده ثم رجع للميقات فلا يسقط الدم عنه ولا ينفعه رجوعه للميقات في سقوط الدم إلا إذا
رجع له قبل أن يحرم من غيره. قوله: (كان ممن يخاطب به) أي بأن كان حرا مكلفا. قوله: (وإن بدا له
دخولها) هذا مبالغة في قوله: ولا دم وهذا راجع لقوله: إن لم يرد مكة. وقوله: أو أذن إلخ راجع لقوله
أو يريدها إلخ فهو لف ونشر مرتب. قوله: (أو أذن الولي للعبد أو الصبي) أي في الاحرام بعد مجاوزته.
قوله: (وأحرم واحد منهم بفرض أو نفل) أي بعد مجاوزة الميقات. قوله: (إلا لصرورة إلخ) هذا مستثنى
من المبالغ عليه وهو ما إذا أحرم بعد مجاوزته للميقات والتأويل بلزوم الدم لابن شبلون، والتأويل
بعدم لزومه لابن أبي زيد، ومحل التأويلين مقيد بقيود أربعة: أن يحصل من مجاوزة الميقات حلالا
إحرام في أشهر الحج، وأن يكون صرورة، وأن يكون مستطيعا، وأن يكون حين مروره غير مخاطب
24

بالاحرام لعدم إرادته دخول مكة، فإن انتفى قيد من هذه القيود فلا دم اتفاقا في الثلاثة الأول ويلزمه
الدم اتفاقا في الأخير. قوله: (نظرا لحال مروره) أي في عدم إرادته الدخول قوله: (ومريدها إن تردد)
اللخمي: يحرم المتردد أول مرة استحبابا كما صرح به ابن عرفة والتوضيح. واعلم أن قول المصنف:
ومريدها إلخ ليس في متعدي الميقات كما هو المتبادر من كلام الشارح وإنما هو في دخول مكة من غير
إحرام من مكان قريب، وأما المار على الميقات إذا أراد مكة فيجب عليه الاحرام من غير تفصيل بين
المتردد وغيره كما تفيده المدونة انظر طفي اه‍ بن. قوله: (ولو أقام به) أي بذلك القريب قوله: (لامر عاقه
عن السفر إلخ) أي فإن خرج منها لا يريد العود لها ورجع من مكان قريب لغير عائق أحرم وإلا وجب
الدم، بخلاف من خرج منها يريد العود، هذا ما حصله ابن رشد انظر ح. وحاصل ما في المقام أنه إذا خرج
من مكة لمحل بعيد زائد على مسافة القصر ثم رجع لها فلا بد من الاحرام أقام بذلك المحل قليلا أو
كثيرا، رجع لامر عاقه عن السفر أم لا، كان حين خروجه ناويا العود لمكة أم لا، فهذه صور ثمانية
زائدة على المتن، وأما إن خرج منها لمحل قريب على مسافة القصر فأقل فإن كان نيته العود لها ورجع
فلا بد من إحرامه إن أقام بذلك المحل كثيرا رجع لامر عاقه أم لا، وإن أقام به قليلا فلا إحرام عليه رجع
لامر عاقه أم لا، فهذه صور أربعة خارجة عن المتن أيضا، فإن خرج منها لمحل قريب وليس نيته العود
إليها ثم عاد إليها فإن كان عوده لامر عاقه عن السفر فلا إحرام عليه مكث في ذلك المحل قليلا أو كثيرا،
وهاتان الصورتان منطوق المصنف، وإن عاد لا لامر عاقه عن السفر بل لكونه بدا له عدم السفر رجع
بإحرام أقام بذلك المحل قليلا أو كثيرا وبقي ما إذا خرج منها ولا نية له بالعود ولا بعدمه، فإن رجع
عن بعد أحرم وإن رجع عن قرب فمحل نظر كذا قرره شيخنا. قوله: (وإلا) أي وإلا يكن مريدها مترددا
إليها ولا عائدا إليها لامر عاقه بأن أرادها لنسك. قوله: (أو عاد عن بعد) أي أو عاد لمكة من مكان بعيد
سواء خرج منها ناويا العود لها أم لا. قوله: (أو عاد بنية الإقامة) أي ولو كان عوده من مكان قريب.
قوله: (وإلا فدونه) أي وإلا أحرم دونه أي قبل الوصول إليه، فإذا خرج من مكة ولم يصل للميقات
ثم عاد إليها فإنه يحرم من ذلك المكان الذي وصل إليه. قوله: (وما في الشراح ممنوع) أي من أن
المراد بالوجوب التأكد الصادق بالندب، وإن قوله: وأساء تاركه أي ارتكب مكروها. قوله: (ولا دم
عليه في تركه) أي في ترك الاحرام من الميقات. قوله: (ولو صرورة) أي هذا إذا كان غير صرورة
بل ولو كان صرورة وسواء أحرم بعد مجاوزة الميقات أو لم يحرم أصلا، وهذا أحد أقوال في المسألة
وهو مذهب المدونة، وقيل يلزمه الدم مطلقا صرورة أم لا أحرم أم لا، وقيل: إن كان صرورة فالدم
أحرم أم لا، وإن كان غير صرورة فلا دم أحرم أم لا، وقيل عليه الدم إن كان صرورة وأحرم، وإن
انتفى الأمران أو أحدهما فلا دم، وذكر بعضهم أن هذا هو المشهور. قوله: (أو مكة) أي أو قصد
مكة فهو عطف على تجارة. قوله: (لا إن فات) أي حجه الذي أحرم له بعد تعدي الميقات حلالا.
25

قوله: (فإن بقي) أي من فاته الحج والحال أنه أحرم بعد تعدي الميقات قاصدا نسكا. قوله: (إن وافقها
لفظه) أي بأن نوى الافراد أو القران وتلفظ بما نواه. قوله: (بل وإن خالفها لفظه) ظاهره ولو عمدا
فليس كالصلاة. وقوله: ولا دم هذا قول مالك المرجوع عنه، والمرجوع إليه أن عليه الدم وقاله ابن القاسم،
لكن قال المصنف في مناسكه: والأول أقيس، وعلى الثاني هل الدم الذي أوجبه اللفظ مقصور على ما إذا
لفظ بقران أو مطلقا؟ احتمالان لابن عبد السلام، وعلى الأول منهما يدل كلام الجواهر. قوله: (أو عكسه)
أي كما لو نوى القران وتلفظ بالافراد. قوله: (وإلا فقد إلخ) أي وإلا نقل المنفي لزوم الدم لهذه المخالفة بل
المنفي لزومه مطلقا فلا يصح لأنه قد إلخ. قوله: (وإن حصلت بجماع) أي وإن حصلت النية مع جماع فالباء
بمعنى مع، وأما لو نوى الاحرام على شرط أنه يجامع وأنه لا يحرم عليه وطئ ولا إنزال فهذا لا ينعقد
إحرامه، وإن لم يجامع بالفعل ولا يكون عليه من أفعال الحج والعمرة ولا من لوازم الاحرام بهما شئ
وذلك لان شرطه مناقض لمقتضى العقد، كذا في ح عن طرر التلقين لكنه خلاف المشهور كما
في البدر القرافي، والمعول عليه الانعقاد وسقوط الشرط كما مر في الاعتكاف، وإن اشترط سقوط
القضاء لم يفده. قوله: (ولا ريب إلخ) جواب عن اعتراض ابن غازي، وحاصله أن قول المصنف: وإنما
ينعقد بالنية وان بجماع يقتضي أن النية وحدها كافية في انعقاده في حالة الجماع، مع أن مذهب المصنف أنه
لا ينعقد بمجرد النية بل لا بد أن يصاحبها قول أو فعل تعلقا به. وحاصل الجواب أن قول المصنف مع
قول أو فعل إلخ مصب الحصر فهو مرتبط بقوله بالنية وبقوله وإن بجماع، ولا ريب أنه يمكنه القول
حالة الجماع بأن يجامع وهو يلبي، ويمكنه الفعل حالة الجماع أيضا بأن يجامع على دابته وهي متوجهة في
الطريق. قوله: (تعلقا به) احترز من غير المتعلق به كالبيع والكتابة والكلام الأجنبي قوله: (ثم إن الراجح
إلخ) أي كما هو نص المدونة وبه صرح في التلقين والمعلم والقبس. قوله: (هو النية فقط) أي بأن ينوي
في قلبه الدخول في حرمات الحج أو العمرة أو هما، وأما التلبية والتجرد بكل منهما واجب على حدته.
قوله: (وما مشى عليه المصنف) أي تبعا لابن شاس وابن بشير واللخمي من أن النية إذا تجردت عن
القول والفعل المتعلق بالحج لا ينعقد الاحرام، وذلك لأنه جعل الاحرام مركبا من النية والقول أو
الفعل بناء على أن الباء في قوله بالنية للآلة، وإن جعلت للتصوير كانت المصاحبة لاحد الامرين شرط
صحة لا شرط كمال كما هو القول المقابل. قوله: (لم يبين شيئا) أي كأن ينوي الدخول في حرمات نسك
ولم يعين شيئا. قوله: (وإن كان) أي إحرامه قبلها أي قبل أشهر الحج. قوله: (وكره لحج) أي وكره صرفه
لحج لأنه إحرام به قبل وقته. قوله: (فإن طاف) أي قبل أن يصرف إحرامه لشئ سواء كان أحرم في
أشهر الحج أم لا. قوله: (وجب صرفه للافراد) أي ويكون هذا الطواف الواقع قبل الصرف والتعيين
طواف القدوم وهو ليس ركنا من الحج فلا يضر وقوعه قبل الصرف، ولا يصح صرف ذلك الاحرام
لعمرة لان الطواف ركن منها وقد وقع قبل تعيينها، واعترض بن ما ذكره الشارح من الوجوب بأن هذا
الفرع الذي وقع فيه الصرف بعد الطواف إنما نقل عن سند والقرافي وهما لم يذكرا فيه وجوب
الصرف لحج وإنما قالا: الصواب أن يجعل حجا وهذا لا يقتضي الوجوب اه‍. وقد يقال: هذا
مسلم إلا أن تعليلهما عدم صرف ذلك الاحرام لعمرة بما عللنا به يقتضي وجوب صرفه للحج.
26

قوله: (والقياس صرفه لقران) أي أن القياس يقتضي صرفه لقران إلا أنه غير معول عليه لمخالفته
للنص لان النص صرفه لافراد إذا أبهم. قوله: (ونوى الحج فقط وجوبا) فيه نظر بل الذي يدل عليه
كلامهم أن من نسي ما أحرم به لزمه عمل القران سواء نوى الحج أي أحدث نيته أم لا، وبراءته من
الحج إنما تكون إذا أحدث نيته، فإذا أراد البراءة منه أحدث نيته، فإن لم ينوه لم تبرأ ذمته من عهدة الحج
ولا من العمرة أيضا إذ ليس محققا عنده حج ولا عمرة انظر ابن غازي و ح اه‍ بن. ومحل إحداثه
لنية الحج إذا شك فيما أحرم به حيث حصل شكه في وقت يصح فيه الارداف كما لو وقع قبل الطواف
أو في أثنائه أو بعده وقبل الركوع، وأما لو حصل بعد الركوع أو في أثناء السعي فلا ينوي الحج إذ لا
يصح إردافه على العمرة إذ ذاك بل يلزمه عمرة فيستمر على ما هو عليه، فإذا فرغ من السعي أحرم
بالحج وكان متمتعا إن كان في أشهر الحج. قوله: (لما مر) وهو قوله: لأنه إن كان أولا إلخ والأولى لنظير
ما مر لأنه يقال هنا لأنه إن كان أولا أحرم بعمرة فقد أردف الحج عليها، وإن كان أحرم أولا بالحج
لم يضره إحداث نية الحج. قوله: (ولغا عمرة عليه كالثاني في حجتين أو عمرتين) المراد بلغوه عدم انعقاده
فلا يلزم في ذلك شئ أصلا خلافا لما يوهمه تفسير الشارح بالبطلان. قوله: (ولو حصل الرفض في الأثناء)
أي في أثناء أفعال الحج فإذا رفض إحرامه في أثنائه قبل أن يأتي ببقية أفعال الحج المطلوبة منه كالسعي
والطواف ثم أتى بها لم يرتفض إحرامه مطلقا أتى بها بنيته أو بغير نيته، وأما إذا وقع الرفض في أثناء
الأفعال الواجبة عليه كالطواف والسعي ارتفض ذلك الفعل فقط ويكون كالتارك له فيطالب
بغيره، وأصل الاحرام لم يرتفض، ونص عبد الحق: فإذا رفض إحرامه ثم عاد للمواضع التي يخاطب
بها ففعلها لم يحصل لرفضه حكم. وأما إن كان في حين الأفعال التي تجب عليه نوى الرفض وفعلها بغير نية
كالطواف ونحوه فإنه يعد كالتارك لذلك انظر بن. قوله: (حقه قولان) أي لان الجواز نقله سند
والقرافي عن أشهب والمنع نقله المازري عن مالك وليس هذا من تردد المتأخرين في النقل عن واحد أو
أكثر من المتقدمين، لان معنى ذلك أن لا يختلف المتأخرون في النقل عن واحد أو أكثر من المتقدمين،
كأن ينقل جماعة عنه أو عنهم الجواز وينقل آخرون عنه أو عنهم المنع، وما هنا ليس كذلك لان هذا
نقل جماعة عن واحد الجواز، ونقل آخرون عن آخر المنع، ثم إن المعتمد من القولين القول بالجواز كما
في المج. فإن قلت: لم جرى هنا خلاف دون الصلاة حيث قال المصنف: وجاز له دخول على ما أحرم به
الامام؟ قلت: لان الابهام هنا أشد لاحتمال أن يكون ما أحرم به حجا أو عمرة والحج يحتمل الافراد
والقران والتمتع بخلاف الصلاة فمعلوم أنها فرض، وإنما الشك في عين الصلاة فخف الابهام فيها واشتد
في الحج. قوله: (فلو تبين إلخ) هذا وما بعده بناء على القول بصحة الاحرام وانعقاده وقوله: ويكون
مطلقا يخير إلخ قيل الحق أنه يجري على الابهام السابق فيصرفه وجوبا للحج خاصة، وإن وقع الصرف
بعد طواف القدوم كان في أشهر الحج أو لا وندبا إن كان قبله ووقع الاحرام في أشهر الحج فإن وقع
في غيرها كره صرفه لحج وندب صرفه لعمرة كما مر. قوله: (أي فضل إلخ) هذا هو المنصوص خلافا لما
رواه أشهب عن مالك في المجموعة أن من قدم مكة مراهقا فالافراد أفضل في حقه، وأما من قدم
وبينه وبين الحج طول زمان وخاف قلة الصبر فالتمتع أولى له، ولما قاله اللخمي من أن التمتع أفضل
من الافراد والقران، ولما قاله أشهب وأبو حنيفة من أن القران أفضل من الافراد لان
27

عبادتين أفضل من عبادة. قوله: (على قران) أي وإن كان القران يسقط به الطلب عنه
بالنسكين والافراد إنما يسقط به الطلب بالحج فقط لأنه قد يكون في المفضول ما لا يكون في الفاضل.
قوله: (ثم إذا فرغ منه أحرم بالعمرة) ظاهره أن الافراد لا يكون أفضل إلا إذا أحرم بالعمرة بعد
فراغه من الحج وهو قول ضعيف، والمعتمد أن الافراد أفضل ولو لم يعتمر بعده، فإذا أحرم بالحج
وترك العمرة فقد ترك سنة وليست داخلة في حقيقة المحكوم له بالأفضلية وهو ظاهر كلام ابن عرفة
وغيره، والمصنف في المناسك حيث قال: الافراد أن يحرم بالحج مفردا ثم إذا فرغ يسن له أن يحرم
بعمرة قوله: (أو نية مرتبة) الأولى أو نيتين مرتبتين في وقت واحد قوله: (نعم يتصور تقديم لفظها)
أي بأن يقول: لبيك بعمرة وحجة قوله: (وهو حينئذ مستحب) أي أن تقديمها في التسمية مستحب إذا
كان أحرم بهما بنية واحدة ولو عكس في التسمية صح قوله: (أو يردفه) إشارة للنوع الثاني من نوعي
القران وهو الارداف وكل منهما تحته أقسام. قوله: (أو بطوافها قبل تمامه) أي عند ابن القاسم خلافا
لأشهب القائل: إذا شرع في الطواف فات الارداف، ولو قال المصنف: ولو بطوافها كان أبين وكان
مشيرا للخلاف في الارداف في الطواف. قوله: (إن صحت) أي وأما إن فسدت فلا يرتدف الحج عليها
عند ابن القاسم ولا ينعقد إحرامه بالحج ولا قضاء عليه فيه قاله سند وهو باق على عمرته ولا يحج حتى
يقضيها، فإن أحرم بالحج بعد تمامها وقبل قضائها صح حجه، ولو فسدت في أشهر الحج ثم حج من
عامه قبل قضائها فمتمتع وحجه تام وعليه قضاء عمرته اه‍ عج. قوله: (وكمله وجوبا) أي على أنه
تطوع، وإنما أوجب إكماله لان الطواف يجب إتمامه بالشروع فيه وليس إكماله شرطا في صحة
الارداف عند ابن القاسم، وما لأبي الحسن أنه لا يجب عليه إكماله قال طفي: إنه خلاف ظاهر كلام أهل
المذهب قوله: (وصار طوافه تطوعا) أي بعد أن كان واجبا فقد انقلبت صفته. قوله: (وهو بمكة)
أي وهو لا قدوم عليه. قوله: (فيؤخر السعي للإفاضة) ويندرج طوافها في الإفاضة
قوله: (وتندرج) أتى بها للرد على أبي حنيفة في إيجابه على القارن طوافين وسعيين، ولا يلزم المحرم القارن
أن يستحضر عند إتيانه بالأفعال التي يشترك فيها الحج والعمرة أنها للحج والعمرة بل لو لم يستشعر
العمرة أجزأه، فلو قصد بذلك العمرة وذكر ذلك وهو بمكة فإنه يؤمر بالإعادة كما في ح، فإن لم يذكر
حتى رجع لبلده أجزأه. قوله: (ويصح إردافه) أي ويركع لذلك الطواف ويسعى بعد الإفاضة
وتنقلب صفة ذلك الطواف فبعد أن كان واجبا صار تطوعا. قوله: (وصح بعد سعي) أي وإن كان
لا يجوز القدوم على ذلك لاستلزامه تأخير حلق العمرة. واعلم أنه إذا أحرم بعد سعيها كان غير قارن،
وفي تسميته ذلك أردافا تسامح لان هذا حج مؤتنف بعد عمرة تمت، ولذا جعل الشارح ضمير صح
راجعا للاحرام بالحج لا للارداف. قوله: (ثم إن أتم) أي ثم إن كان هذا الذي أحرم بالحج بعد سعي
العمرة وقبل حلقها أتم عمرته إلخ قوله: (وأهدى لتأخيره) أي لفراغ الحج وظاهره ولو حلق بالقرب
كمن اعتمر في آخر يوم عرفة ثم أحرم بالحج ولم يحلق حتى وصل لمنى يوم النحر فحلق وهو كذلك فيلزمه
الدم ولا يسقط عنه لان الحلق للنسك الثاني كما في ح عن الطراز. قوله: (ولو فعله) أي الحلق بعد إحرامه
بالحج وقبل فراغه من أعماله رد بلو قول أصحاب ابن يونس أنه لا دم عليه تخريجا على قول ابن القاسم فيمن
28

قام من اثنتين في الصلاة ثم رجع فجلس أنه يسجد بعد السلام ويسقط عنه برجوعه ما كان لازما له
من السجود القبلي. وقوله بأن قدم الحلق أي قبل فراغه من الحج. قوله: (ولا بد من الهدي) أي لترك
الامر الواجب عليه وهو تأخير الحلاق. وقوله: وعليه فدية أي لحلقه الذي فعله. والحاصل أن الواجب
أصالة ترك الاحرام بالحج حتى يحلق للعمرة، فإن خالف ذلك الواجب وأحرم به قبل حلاقها لزمه
تأخير الحلق للفراغ من الحج وأهدى لترك ذلك الواجب الأصلي، فإن قدم الحلق قبل الفراغ من
الحج لزمه هدي لترك التأخير الواجب والفدية لإزالة الأذى. قوله: (بأن يحرم بعمرة ثم يحل منها إلخ)
أي سواء كانت تلك العمرة صحيحة أو فاسدة. قوله: (فيصير متمتعا قارنا) أي ولو تكرر منه فعل العمرة
في أشهر الحج ثم حج من عامه فهدي واحد يجزئه قاله في النوادر. قوله: (لأنه تمتع) أي انتفع. وقوله:
من عمرته أي بعد عمرته وفيه أن كل معتمر يتمتع بعد عمرته بالنساء والطيب سواء حج بعدها أو لم
يحج بعدها تحلل من عمرته في أشهر الحج أو لا، مع أنه لا يسمى متمتعا إلا أن يقال: علة التسمية
لا تقتضي التسمية قوله: (وشرط دمهما إلخ) ظاهره أنها ليست شروط في التسمية وهو أحد قولين، وقيل
إنها شروط في التسمية والدم معا، وتظهر ثمرة الخلاف لو حلف أنه متمتع أو قارن ولم يستوف
الشروط لم يحنث على الأول ويحنث على الثاني. قوله: (عدم إقامة) المراد بها الاستيطان وهو الإقامة
بنية عدم الانتقال، وحاصله أن شرط دمهما أن لا يكون مقيما وقت الاحرام بهما بمكة ولا بما في
حكمها مما لا يقصر المسافر منها حتى يجاوزه. قوله: (مكان معروف ثم) أي هناك وهو ما بين الثنية التي
يهبط منها. المقبرة مكة والثنية الأخرى التي إلى جهة الزاهر، ولا خصوصية لذي طوى بل المراد كل
مكان في حكم مكة مما لا يقصر المسافر منها حتى يجاوزه. قوله: (أي وقت إحرامه بهما) أي بالقران
والتمتع، والمراد وقت الاحرام بالعمرة منه، فلو قدم آفاقي محرما بعمرة في أشهر الحج ونيته السكنى
بمكة أو بما في حكمها ثم حج من عامه وجب عليه هدي التمتع وليس كالمقيم قوله: (بل وإن كانت
بانقطاع) أشار الشارح إلى أن هذه المبالغة راجعة للمفهوم. قوله: (بأن انتقل إلخ) تصوير للانقطاع
بها. قوله: (أو كان متوطنا بها) أي بمكة سواء كان من أهلها أو من غيرهم استوطنها قبل ذلك بأهله أو
بغيرهم. وقوله: أو خرج لحاجة عطف على ما في حيز إن قوله: (لا إن انقطع) أي المكي وحاصله أن المكي
إذا انقطع بغير مكة رافضا سكناها فإن حكمه حكم من قدم من غير أهل مكة فيلزمه دم المتعة والقران،
وأما إن لم يرفض سكناها فهو. قوله: أو خرج لحاجة. قوله: (وقدم بالعمرة) أي في أشهر الحج ويحتمل
أن ضمير بها لأشهر الحج والباء للملابسة على الأول وعلى الثاني بمعنى في، ومعلوم أن من قدم في أشهر
الحج لا يكون متمتعا إلا إذا كان قدومه بعمرة لا إن كان بحج. قوله: (وندب دم التمتع) أي وكذلك
القران قوله: (تأويلان) الاطلاق للتونسي والتقييد للخمي. وقوله المعتمد الأول اعترضه أبو علي
المسناوي قائلا: لم أر من ذكر أن الأول هو المذهب اه‍ بن. قوله: (وشرط دمهما) أي القران والتمتع.
قوله: (وحج من عامه) أي فلو حل من عمرته في أشهر الحج ثم لم يحج إلا من قابل أو فات المتمتع
الحج أو القارن وتحللا بعمرة كما هو الأفضل فلا دم، فلو بقي القارن على إحرامه لقابل لم يسقط
عنه الدم. قوله: (ويشترط للتمتع) أي لدمه، وأشار الشارح بتقدير يشترط إلى أن قوله وللتمتع إلخ
29

من عطف الجمل. قوله: (إذا كان العود لمثل بلده بغير الحجاز بل إلخ) فيه إشارة إلى أن المبالغة راجعة لمثل
بلده، وأما إذا رجع لبلده فلا دم اتفاقا كانت بالحجاز أو بغيره، وكذا رجوعه لمثل بلده وهي بغير الحجاز
وهذا هو الصواب، وجعل تت المبالغة راجعة لكل من بلده ومثله تبعا للشارح بهرام وأصله لابن
عبد السلام واعترضه ح فانظر اه‍ بن. قوله: (ولو بالحجاز) رد بلو على ابن المواز القائل أنه إذا أعاد
لمثل بلده في الحجاز فلا يسقط الدم ولا يسقط إلا بعوده لبلده أو لمثله، وخرج عن أرض الحجاز
بالكلية قوله: (بعد أن حل من عمرته) أي وقبل إحرامه بالحج، وأما لو أحرم بمكة قبل عوده لبلده أو
مثله ثم عاد لها فلا يسقط عنه الدم لان سفره لم يكن لابتداء حج. قوله: (أو بلده) الأولى أي بلده
أي لا إن رجع لأقل من بلده أو أقل من مثل بلده. قوله: (فلا يسقط عنه الدم) أي لان رجوعه لما ذكر
كالعدم قوله: (وفعل بعض ركنها) أي ولو السعي كله أو بعض أشواطه فإذا أحرم بالعمرة آخر
يوم من رمضان أو قبله وأوقع طوافها وسعيها ليلة العيد أو أوقع السعي فقط كله أو بعض أشواطه
ليلة العيد أو يومه كان متمتعا. قوله: (تردد) قال ح: أشار المصنف بالتردد لتردد المتأخرين في النقل،
فالذي نقله الشيخ في النوادر وابن يونس واللخمي عدم اشتراط ذلك، وقال ابن الحاجب: الأشهر
اشتراط كونهما عن واحد، وأنكر ابن عرفة والمصنف في المناسك وجود هذا القول من أصله.
قوله: (لا من رأس ماله ولا من ثلثه) أي فهذا يقتضي أن دم التمتع إنما يجب إذا رمى العقبة لا أنه يجب بمجرد
إحرامه للحج قوله: (وأجيب بأن ما هنا طريقة إلخ) اعترض هذا الجواب العلامة بن بأنه يقتضي
أن أهل الطريقة الأولى يقولون إنه يطالب به إذا مات قبل رمي العقبة وليس كذلك، إذ لو كان
ذلك لسلمها ابن عرفة كعادته في عزو الطرق مع أنه اعترض على ابن الحاجب بقوله: قول ابن
الحاجب فيجب بإحرام الحج بوهم وجوبه على من مات قبل وقوفه، ولا أعلم في سقوطها خلافا
فالصواب في المسألة الجواب الثاني. قوله: (إذ لم يقل به أحد إلخ) فيه نظر فقد قال الآبي في شرح
مسلم على أحاديث الاشتراك في الهدي على قول الراوي: وأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ما نصه عياض في
الحديث حجة لمن يجوز نحر الهدي للتمتع بعد الاخلال بالعمرة وقبل الاحرام بالحج وهي إحدى
الروايتين عندنا، والأخرى أنه لا يجوز إلا بعد الاحرام بالحج لأنه بذلك يصير متمتعا، وذكر بعضهم
أنه يجوز بعد الاحرام بالعمرة اه‍. وبه تعلم أنه يتعين صحة إبقاء كلام المصنف على ظاهره وسقوط
تعقب الشراح عليه وتأويلهم له من غير داع لذلك اه‍ بن. قوله: (مستغنى عنه) قيل: أعاده لطول
الفصل فربما يغفل عنه وأسقطه من السعي لقرب ذكره في الطواف. وثم هنا للترتيب الذكري
والرتبي جميعا، والمراد أن رتبة الطواف متأخرة عن رتبة الاحرام، وأما كون الطواف
في أي وقت فهو شئ آخر سيأتي. قوله: (لهما سبعا) أي لكل واحد منهما سبعا وإلا فظاهر
العبارة أن لكل واحد منهما ثلاثة ونصفا، فإن شك في عدد ما طافه من الأشواط بنى غير
المستنكح على الأقل، فإن نقص شوطا أو بعضه يقينا أو شكا في الطواف الركني رجع له على
تفصيل. وسيأتي في قوله: ورجع إن لم يصح طواف عمرة الحج قال الباجي: ومن سها في طوافه فبلغ ثمانية
أو أكثر فإنه يقطع ويركع ركعتين للأسبوع الكامل ويلغى ما زاد عليه ولا يعتد به وهكذا
حكم العامد في ذلك انظر ح. وبهذا تعلم أن ما في عبق وخش من بطلان الطواف بزيادة مثله
30

سهو أو بمطلق الزيادة عمدا كالصلاة مجرد بحث مخالف للنص وقياسهما له على الصلاة مردود بوجود
الفارق لان الصلاة لا يخرج منها إلا بالسلام، بخلاف الطواف فيظهر أن الزيادة بعد تمامه لغو فتأمل.
قوله: (فإن ابتدأ من الركن اليماني) أي الذي هو قبل الحجر الأسود قوله: (وأتم إليه) أي إلى الحجر
الأسود. وقوله فإن لم يتم إليه أي للحجر بل أتم للركن اليماني الذي ابتدأ منه قوله أعاده أي إن طال
الامر أو انتقض وضوؤه وإلا بنى على ما فعل وهذا كله في الناسي والجاهل، وأما من بدأ من الركن
اليماني عمدا وأتم إليه فإنه لا يبني إلا إذا رجع بالقرب جدا ولم يخرج من المسجد انظر ح، وهذا هو المعول
عليه خلافا لما في بعض الشراح قوله: (وإلا) أي بأن رجع لبلده أجزأه وعليه دم أي هدي يرسله لمكة
قوله: (كان أحسن) أي لان الطهر هو الفعل والطهارة صفة قائمة بالفاعل وهي المرادة هنا لأنها هي
المصاحبة للطواف لا الطهر الذي هو التطهير. قوله: (والستر) أي ستر العورة على ما مر في الصلاة قال بعض:
والظاهر من المذهب صحة طواف الحرة إذا كانت بادية الأطراف وتعيد استحبابا ما دامت بمكة أو
حيث يمكنها الإعادة، وقال بعضهم: الظاهر أنه لا يستجب لها الإعادة ولو كانت بمكة لأنه بمجرد الفراغ
منه يخرج وقته ذكره شيخنا. قوله: (ولو سهوا) أي هذا إذا حصل عمدا أو غلبة بل ولو حصل سهوا
أي حالة كونه ساهيا عن كونه في الطواف. قوله: (وإذا بطل البناء) يعني على ما مضى من الأشواط وجب
استئناف الطواف، وما ذكره المصنف من أنه إذا حدث في أثنائه فلا بناء هو قول ابن القاسم وهو المعتمد.
وقال ابن حبيب عن مالك: إنه إذا أحدث تطهر وبنى على ما معه من الأشواط. قوله: (وتعمد إلخ) راجع
لقوله: أو تطوعا أي فالطواف الواجب يلزم استئنافه من أوله مطلقا، وأما التطوع فإن أحدث عمدا
لزمه استئنافه وإلا فلا يلزمه إعادته. قوله: (فلو قال وبطل بحدث) أي سواء حصل فيه أو بعده وقبل
الركعتين لأنهما كالجزء منه أو كان الحدث حاصلا قبل شروعه فيه. وقوله: ولا بناء أي إذا حصل فيه.
وقوله: لكان أحسن أي وأشمل أيضا. قوله: (وجعل البيت عن يساره) قال ح: حكمة جعل الطائف البيت
عن يساره ليكون قلبه إلى وجه البيت إذ باب البيت هو وجهه، فلو جعل الطائف البيت عن يمينه لأعرض
عن باب البيت الذي هو وجهه ولا يليق بالأدب الاعراض عن وجوه الأماثل. قوله: (لم يجزه) أي
ورجع له ولو من بلده على المشهور خلافا لمن قال: إذا رجع لبلده لا يرجع له، قال في التوضيح: ولعل هذا
القائل لم ير التياسر شرطا في الصحة فهو موافق لأبي حنيفة فإن التياسر عنده سنة في تركه دم إن رجع
لبلده. قوله: (لم يصح) أي لدخول بعض بدنه في هواء البيت، وما ذكره المصنف من أن الشاذروان من
البيت هو الذي عليه الأكثر من المالكية والشافعية، وذهب بعضهم إلى أنه ليس من البيت
قال ح: وبالجملة فقد كثر الاضطراب في الشاذروان، وصرح جماعة من الأئمة المقتدى بهم بأنه
من البيت فيجب على الشخص الاحتراز منه في طوافه ابتداء وأنه إن طاف وبعض
بدنه في هوائه أنه يعيد ما دام بمكة، فإن لم يذكر ذلك حتى بعد عن مكة فينبغي أنه لا يلزم
الرجوع مراعاة لمن يقول إنه ليس من البيت. قوله: (وستة أذرع إلخ) تبع المصنف في ذلك
اللخمي قال ح: والظاهر من قول مالك في المدونة ولا يعتد بالطواف داخل الحجر أنه لا بد من الخروج
عن جميع الحجر الستة أذرع وما زاد عليها وهو الذي يظهر من كلام أصحابنا وجعله بعض أشياخنا
31

أنه المعتمد، قال الأزرقي عن ابن إسحاق: كان الحجر زربا لغنم إسماعيل ثم إن قريشا أدخلت فيه أذرعا
من الكعبة. قوله: (وأما الخروج إلخ) جواب عما يقال: إن وقوعه داخل المسجد شرط سابع لا سادس
إذ السادس خروجه عن الحج. وحاصل الجواب أن خروجه عن الحجر من تمام الخامس لا أنه
شرط مستقل. قوله: (لان حاصله) أي حاصل الشرط الذي قبله الخروج عن البيت ومن جملة
البيت الحجر. قوله: (إن قطع الجنازة) أي لأجل الصلاة عليها ولو صلى عليها في المسجد. قوله: (ولا
يجوز إلخ) حاصله أنها إذ لم تتعين عليه فلا يجوز قطع الطواف لها فإن قطعه لها ابتدأه ولا يبني على ما
فعل ولو كان الطواف تطوعا، وكذا إن تعينت ولم يخش تغيرها فلا يقطع وإذا قطعه لها ابتدأه، وأما إن
خشي تغيرها قطع الطواف لأجلها وجوبا ويبني على ما فعل من الأشواط، كما أنه يجب عليه قطع
الطواف إذا أقيمت عليه الفريضة وبعد إتمامها يبني على ما فعله من الأشواط. قوله: (لأجل نفقة) أي
لأجل طلب نفقة قوله: (إن خرج من المسجد) أي لأجل طلب النفقة وقوله: (وإلا بنى) أي وإلا بأن
طلبها في المسجد ولم يخرج منه بنى قوله: (بعد فراغه) أشار إلى أن السعي لا يعد طولا قوله: (وإلا بنى)
أي وإلا يطل الزمن بنى. قوله: (كالإفاضة) أي إذا كان قدم السعي عقب طواف القدوم. قوله: (أو
صلاها منفردا) أي في بيته أو في المسجد الحرام أو صلاها جماعة في بيته، وأما لو صلاها جماعة في
المسجد الحرام وأقيمت عليه للراتب وهو في الطواف فهل يقطعه ويخرج لان في بقائه طعنا على
الامام ولا يقطعه لان تلبسه بالطواف يمنع من الطعن؟ قال شيخنا العدوي: والظاهر الأول واستظهر
بعض شيوخنا الثاني قوله: (مقام إبراهيم على الرجح) أي بناء على أن الراتب لا يتعدد، وعلى مقابله
فالمراد وقطعه لإقامة الفريضة للراتب بأي محل كان، والمراد بمقام إبراهيم محل هناك يصلى فيه بإمام
راتب وليس المرد به الحجر المعلوم. قوله: (ليبني) أي بعد الفراغ من الفريضة على ما فعله من أول
الشوط. قوله: (وبنى) أي على ما فعل من الأشواط إن رعف وغسل الدم. قوله: (بشرط أن لا يتعدى)
أي في غسل الدم. وقوله: وأن لا يبعد المكان أي الذي يغسل فيه الدم. قوله: (ليفيد البناء في القطع
للفريضة) أي كما هو مذهب الموطأ والمدونة والعتبية. وحكى ابن رشد عليه الاتفاق وقال: لا خلاف
أعلمه في ذلك. قوله: (ويبني قبل تنفله) أي ويبني الشخص الذي قطع لأجل إقامة الفريضة قبل تنفله.
قوله: (وكذا إن جلس طويلا بعد الصلاة) أي ولو كان جلوسه لذكر. قوله: (والراجح أنه لا يبنى)
بل يبطل ويبتدئ أي بعد طرحها إن لم يتعلق به شئ منها وبعد غسلها إن تعلق به شئ منها سواء طال
أو لم يطل، وما ذكره الشارح من الراجح ذكره ابن أبي زيد عن أشهب. واعلم أن المسألة ذات أقوال
ثلاثة ذكرها ابن رشد في سماع القرينين: أحدهما لمالك كراهة الطواف بالثوب النجس قال
32

ابن رشد: وعليه لا تجب الإعادة ولو كان متعمدا. الثاني لابن القاسم إذا لم يعلم بها إلا بعد الطواف فلا
إعادة عليه. الثالث لأشهب إن علم في أثنائه أعاده، فقد علمت أن قول أشهب مقابل لقول مالك وابن
القاسم، وعلى قول ابن القاسم لا إعادة عليه بعد كماله، قال التونسي: يشبه أنه إن علم في أثنائه يبني بعد طرحها
أو غسلها. فالحاصل أن ما قاله المصنف تبعا لابن الحاجب موافق لقول مالك وابن القاسم، إذا علمت
هذا فكيف يكون ضعيفا؟ انظر بن. قوله: (أعاد ندبا ركعتيه) هذا إذا لم يعلم بالنجاسة إلا بعد فراغ
الطواف وركعتيه كما قال الشارح، وأما إذا علم بها بعد فراغه من الطواف فلا يعيده. قوله: (لخروج الوقت
بالفراغ منهما) هذا يقتضي أنه لا يشترط الطول إلا أن يلاحظ أن ما قارب الشئ يعطي حكمه فتأمل.
قوله: (وبنى على الأقل) عطف على المعنى أي بنى على ما طاف إن رعف وبنى على الأقل المحقق إن شك،
والمراد بالشك مطلق التردد الشامل للوهم كما في شب وعبق، قال ح: والمنصوص عن مالك أن الشاك
الغير المستنكح يبني على الأقل سواء شك وهو في الطواف أو بعد فراغه منه بل في الموازية أنه إذا شك
في إكمال طوافه بعد رجوعه لبلده أنه يرجع لذلك من بلده. قوله: (ويعمل) أي الشاك لا بقيد كونه
مستنكحا. وقوله: ولو واحدا أي هذا إذا كان المخبر له متعددا بل ولو كان واحدا بشرط كونه معه في
الطواف كما نقله ابن عرفة عن سماع ابن القاسم خلافا لعبق القائل: يعمل بإخبار غيره ولو واحدا ليس
معه في الطواف. وروى الباجي عن الأبهري أن الطائف الشاك لا يرجع لاخبار غيره ولو كان اثنين
معه في الطواف وهو ضعيف. ونص ابن عرفة وسمع ابن القاسم تخفيف مالك للشاك في قبول خبر
رجلين طافا معه الشيخ، وفي رواية: قبول خبر رجل معه الباجي عن الأبهري القياس لغو قول غيره
وبناؤه على يقينه كالصلاة وقاله عبد الحق اه‍ ح. قوله: (وجاز بسقائف) أي وجاز الطواف تحت
السقائف القديمة وهي محل كان به قباب معقودة قوله: (وقبة الشراب) أي وهي المعروفة الآن بخلوة السمع
حذاء زمزم قوله: (ولا يضر حيلولة الأسطوانات) أي العواميد أي لا يضر حيلولتها بين الطائف وبين
البيت الذي يطوف حوله، ولا حيلولة زمزم وقبة الشراب بين الطائف والبيت. قوله: (انتهت إليها) أي لان
الزحام يصير الجميع متصلا بالبيت فلو طاف في السقائف لزحمة ثم قبل كماله زالت الزحمة وجب كماله
في المحل المعتاد كان الباقي قليلا أو كثيرا، فلو كمل الباقي في السقائف فهل يطالب بإعادة ما فعل بعد
زوال الزحمة عند البيت، ولو كان قليلا كالشوطين وكان الامر بالقرب أو يؤمر بإعادة الطواف
كله والظاهر الأول اه‍ عدوي. قوله: (وإلا تكن زحمة) أي بل طاف تحت السقائف اعتباطا أو لحر
أو لبرد أو مطر كما هو ظاهره، ولكن الظاهر هو أن الحر والبرد الشديدين كالزحمة كما قال شيخنا عدوي.
قوله: (أعاد وجوبا) أي سواء كان الطواف واجبا أو تطوعا، خلافا لمن قال: يعيد الواجب ولو كان
وجوبه بالنذر لا التطوع قاله شيخنا عدوي، ومقتضاه أن التطوع يجوز في السقائف لزحمة وغيرها.
قوله: (ما دام بمكة) أي أو قريبا منها مما لا يتعذر فيه الرجوع قوله: (وأما ما زاد عليها إلخ) اعلم أن السقائف
كانت في الصدر الأول من المسجد الحرام ثم بدلها بعض السلاطين من بني عثمان بعقود، وأما السقائف
الموجودة الآن فهي خارجة عن المسجد مزيدة فيه فالطواف فيها الآن طواف خارج المسجد، فما ذكره
المصنف من جواز الطواف في السقائف لزحمة مراده الطواف في محلها في الزمن الأول لا الطواف تحت
السقائف الموجودة الآن هذا حاصله، وقد يقال: إذا كانت السقائف في الصدر الأول من المسجد
الحرام فلأي شئ اشترط في جواز الطواف فيها لزحمة مع أن الشرط في صحة الطواف كما مر وقوعه
في المسجد؟ قوله: (ووجب كالسعي) فاعل وجب ضمير مستتر عائد على طواف القدوم لأنه وإن لم يتقدم
33

له ذكر لكنه معلوم من قوله قبل عرفة لأنه ليس للحج طواف قبل عرفة إلا طواف القدوم، وأما طواف
الإفاضة والوداع فمؤخران عن عرفة اه‍ عدوي. قوله: (أي تقديمه) أي وأما ذاته فهي ركن
قوله: (قبل عرفة) متعلق بقوله: وجب أي ووجب الطواف عرفة كما يجب تقديم السعي قبل عرفة، فقوله
كالسعي تشبيه في وجوب القبلية فقط وليس تشبيها تاما لان طواف القدوم ليس بركن والسعي
ركن. قوله: (ولذلك) أي لوجوب طواف القدوم قبل عرفة ووجوب تقديم السعي قبلها شروط ثلاثة،
وأشار الشارح بذلك إلى أن هذه الشروط راجعة لما بعد الكاف ولما قبلها لا لما بعدها فقط كما هو عادة
المصنف. قوله: (إن أحرم من الحل) أي إن أحرم من وجب عليه الطواف والسعي من الحل بالفعل كان
إحرامه منه واجبا كالآفاقي القادم من بلده سواء أحرم مفردا أو قارنا، وكالمقيم بمكة إذا أراد
القران وخرج للحل وأحرم منه، أو مندوبا كالمقيم بمكة إذا كان معه نفس من الوقت وخرج للميقات
وأحرم منه مفردا. قوله: (وتركه) أي وأخر السعي للإفاضة. قوله: (ولم يردف بحرم) أي بأن لم يردف
أصلا بأن كان مفردا أو أردف بحل قيل: إن هذا الشرط يغني عنه قوله إن أحرم من الحل لأنه إذا
أردف بالحرم لم يكن محرما بالحج من الحل، وقد يقال: إن المصنف أتى بهذا دفعا لتوهم اعتبار الاحرام
الأصلي فتأمل. قوله: (بأن اختل شرط إلخ) وذلك كما لو أحرم بحرم أو أردف فيه الحج على العمرة أو راهق
أي ضاق الزمن عليه بحيث يخشى فوات الوقوف إن اشتغل بالقدوم. قوله: (سعى بعد الإفاضة) أي لوجوب
إيقاع السعي بعد أحد طوافي الحج وقد سقط عنه طواف القدوم فيجب فعله عقب الباقي من طوافيه
وهو طواف الإفاضة. قوله: (كما لا يجب) أي ما ذكر من طواف القدوم والسعي بعده قبل عرفة.
قوله: (وإلا قدم) تقدم أنه إذا اختل شرط مما مر بأن أحرم بالحج من الحرم أو أردف فيه فإنه يؤخر السعي
لطواف الإفاضة، وذكر هنا أنه لو خالف وقدم السعي على الإفاضة وعلى الوقوف ولم يعده بعد الإفاضة
بأن أوقعه بعد الوقوف بعد طواف تطوع أو واجب بالنذر ولم يعده بعد طواف الإفاضة حتى رجع
لبلده فإن عليه دما لمخالفته لما وجب عليه من تأخيره، ثم إنه لا يدخل في قوله: وإلا قدم إلخ المراهق إذا
تحمل المشقة وطاف وسعى قبل عرفة فإن هذا لا إعادة ولا دم عليه لأنه أتى بما هو الأصل في حقه
بخلاف غيره ممن أحرم بالحرم أو أردف فيه فإنه لم يشرع له طواف قدوم. قوله: (وإلا بأن طاف المردف
بحرم) أي طاف قبل عرفة. وقوله غير المراهق الأولى حذفه. وقوله تطوعا معمول لطاف ولا مفهوم
للتطوع بل مثله ما لو طاف قبل عرفة طوافا واجبا بالنذر. قوله: (ثم السعي لهما) أي للحج والعمرة
قوله: (منه البدء) مبتدأ وخبر. وقوله مرة حال من الضمير في متعلق الخبر أي البدء كائن منه حالة كون ذلك البدء
مرة أو أنه حال من المبتدأ أي البدء حال كونه مرة كائن منه والصفا مذكر لان ألفه ثالثة كألف فتى
وعصا وألف التأنيث لا تكون ثالثة. قوله: (مبتدأ وخبر) هذا يقتضي أن العود مبتدأ وأخرى خبره
وليس كذلك بل العود مبتدأ وخبره محذوف وأخرى صفة لحال محذوفة أي والعود إليه مرة أخرى
أي شوطا آخر. قوله: (أي طواف كان) حاصل الفقه أن صحة السعي لا تحصل إلا بتقدم طواف أي طواف
كان، فإن سعى من غير تقدم طواف كان ذلك السعي باطلا لم يجزه، وأما سقوط الدم فلا يحصل إلا إذا
كان الطواف واجبا ونوى وجوبه، فلو كان الطواف تطوعا أو واجبا ولم يلاحظ وجوبه فالصحة
حاصلة ولكن عليه الدم حيث لم يعده. قوله: (ونوى فرضيته) الواو للاستئناف والجملة مستأنفة لبيان حال
الطواف الذي قال فيه وصحته بتقدم طواف فهي جواب عن سؤال مقدر كأن سائلا سأله: ما حال هذا
الطواف؟ فقال وأكمل أحواله إن كان واجبا ونوى فرضيته فلا دم وإلا فالدم اه‍ عدوي قوله: (إن كان فرضا)
34

أي إن كان مطلوبا طلبا أكيدا كالإفاضة والقدوم فيلاحظ فيهما فرضيته أو وجوبه قوله: (كما
يوهمه كلامه) فيه نظر بل كلام المصنف لا يوهم شرطيته لقوله: وإلا فدم إذ لو كان شرطا للزم من
فقده عدم صحة السعي وأن يرجع إليه من بلده دون جبره بالدم. قوله: (ولا يريد أن غير الفرض) أي وهو
الطواف النفل. قوله: (والمراد بالفرض ما يشمل الواجب) أي وإنما أطلق المصنف هنا على الواجب
فرضا مع أنه خلاف الاصطلاح هنا تبعا للمدونة، ولم يلتفت لهذا الاصطلاح الحادث وهو التفرقة
بينهما. قوله: (بأن لم يعتقد وجوبه إلخ) الأولى بأن اعتقد عدم وجوبه. وقوله كما يقع لبعض الجهلة أي
فإنه يعتقد عدم لزوم الاتيان بطواف القدوم، وأما إن لم ينو فرضيته والحال أنه ممن يعتقد لزومه فلا دم
عليه. والحاصل أنه متى نوى فرضيته أو وجوبه أو لم ينو شيئا ولكنه ممن يعتقد وجوبه فلا دم عليه،
وأما إن لم ينو شيئا وكان ممن يعتقد عدم لزومه أو اعتقد عدم وجوبه فعليه دم إن لم يعده اه‍ عدوي.
قوله: (وإلا أعاده مع السعي) أي أنه إذا كان في مكة يعيد السعي بعد طواف ينوي فرضيته، فإن لم يكن
وقف بعرفة أعاد طواف القدوم ونوى وجوبه وسعى بعده، وإن كان وقف بعرفة أعاد طواف
الإفاضة ونوى فرضيته وسعى بعده، وفي قول المصنف وإلا فدم مسامحة لان ظاهره عدم الامر
بالإعادة ولو كان قريبا وليس كذلك. قوله: (من حيث هو) أي سواء كان فرضا أو واجبا أو تطوعا
كان في الحج أو في العمرة. وقوله إنما يرجع أي من بلده. قوله: (ورجع) أي ليأتي بطواف وسعي وحلق.
قوله: (إن لم يصح طواف عمرة) ظاهره سواء كان عدم صحة الطواف عن عمد أو سهو وهو كذلك،
ولا يتوهم أنها تفسد في العمد ويقضيها بعد إتمامها لانعقاد إحرامها وعدم طرو ما يفسده. قوله: (كفعله)
أي الطواف بغير وضوء أي سواء كان عمدا أو سهوا أي وكترك بعضه عمدا أو نسيانا. ثم إن قوله:
ورجع إلخ مقيد بما إذا لم يطف طواف تطوع بعد طواف العمرة الفاسدة وسعى بعده وإلا فيجزئ
ولا يرجع لكن عليه دم إن تباعد عن مكة لأنه سعى بعد طواف غير فرض كما مر. قوله: (متجردا عن
المحيط) تفسير لمحرما أي وليس المراد مجرد الاحرام لأنه باق على إحرامه قوله: (كما كان عند إحرامه)
أي كما كان عند ابتداء إحرامه وإلا فهو الآن محرم تأمل. قوله: (فإن كان قد أصاب النساء) أي بعد فراغ
تلك العمرة التي لم يصح طوافها. قوله: (فقارن) أي وحينئذ يلزمه دم القران، ومفهوم قول المصنف
بحج أنه لو أحرم بعمرة كان تحلله من الثانية تحللا من الأولى. قوله: (فلم يبق معه إلا مجرد الاحرام) بهذا
ظهر الفرق بين هذا وبين قوله: وصح الاحرام بالحج بعد سعي العمرة ويكون متمتعا إن حل من
العمرة في أشهر الحج وإلا فمفرد لان ما مر العمرة التي أحرم بعد سعيها صحيحة وهنا فاسدة.
قوله: (فإنه يرجع إليه) أي حلالا محرما فقول المصنف: كطواف القدوم تشبيه في الرجوع لا في صفته لأنه في
الأول يرجع محرما وهنا يرجع حلالا، وحاصل ما ذكره أن طواف القدوم إذا تبين فساده وقد أوقع
السعي بعده واقتصر عليه ولم يعده بعد الإفاضة ولا بعد طواف نفل فإنه يرجع له من بلده حلالا ولا
دم عليه. قوله: (ولم يعده بعد الإفاضة) أي ولا بعد طواف تطوع، وأما لو أعاده بعد طواف تطوع
فإنه لا يرجع له لكن يلزمه دم إن ذهب لبلده، وإن أعاده بعد الإفاضة أجزأه ولا يلزمه رجوع ولا
دم عليه، وهذا إن علم بفساد طواف القدوم فأعاد السعي بعد الإفاضة، وأما إن أعاده بعد الإفاضة مع
35

اعتقاد صحة القدوم وصحة السعي الذي بعده فإنه يجزئه إن رجع لبلده أو تطاول وعليه دم، وأما إن ذكر
ذلك قبل أن يرجع فإنه يعيده لأنه لم ينو بسعيه الركن انظر ح قوله: (فيجزئه إلخ) أي لان هذا الطواف
في الحقيقة هو طواف الإفاضة ولا يضر عدم ملاحظة أنه فرض وملاحظة أنه نفل ومحل إجزائه
على ما استظهره بعضهم حيث كان غير ذاكر لفساد الإفاضة وذهب لبلده ولم يعلم بفساده إلا بعد ذهابه
إليها. قوله: (إن كان بمكة) أي وعلم بفساده بعد طوافه التطوع. قوله: (ولا دم) راجع لقوله: ورجع إن لم
يصح طواف عمرة حرما، ولقوله كطواف القدوم إن سعى بعده واقتصر، ولقوله والإفاضة، وأما
قوله حلا فهو راجع للأخيرين فقط أعني رجوعه للقدوم والإفاضة، وظاهر صنيع الشارح أن قوله: ولا
دم راجع لقوله إلا أن يتطوع بعده أي فإن تطوع بعده أجزأه ولا دم عليه لما تركه من النية لان هذا
التطوع في الحقيقة هو طواف الإفاضة فلا يلزمه دم لملاحظة كونه نفلا وعدم ملاحظة فرضيته وكل
من الحلين صحيح. قوله: (وكان غير ذاكر إلخ) الحاصل أن ظاهر كلام المصنف أنه إذا تطوع بعد طواف
الإفاضة الفاسد بطواف صحيح فإنه يجزئه ولا دم عليه، سواء وقع منه التطوع ناسيا لفساد الإفاضة
أو متذكرا له، وعليه حمله ح واستظهر بعضهم حمله على النسيان لقول الجزولي في باب جمل من الفرائض
لا خلاف فيما إذا طاف ملاحظا أن ذلك الطواف للوداع وهو ذاكر للإفاضة فإنه لا يجزئه اه‍. واعتمد
بعضهم ذلك الاستظهار. قوله: (لان كلا منهما) أي من أفسد طواف قدومه ومن أفسد طواف إفاضته.
قوله: (لأنه باق إلخ) هذا إشارة لجواب اعتراض وارد على قول المصنف: ورجع حلا، وحاصله أن
رجوعه حلا يلزمه عليه دخول مكة حلالا وهو من خصائصه صلى الله عليه وسلم، والجواب أن هذا
حل حكما لأنه تحلل التحلل الأصغر ولم يتحلل التحلل الأكبر لان الإفاضة عليه فهو حلال حكما وغير
حلال حقيقة بدليل منعه من النساء والصيد وكراهة الطيب. قوله: (واعتمر) يعني أن من لم يصح طواف
قدومه أو إفاضته ورجع حلالا وأكمل ما عليه فإنه يطلب منه بعد ذلك الاتيان بعمرة، سواء حصل منه
وطئ قبل إكماله أم لا وهو ظاهر كلام ابن الحاجب. قوله: (والأكثر من العلماء) فسرهم أبو الحسن
بابن المسيب والقاسم بن محمد وعطاء وكان الأولى للمصنف عدم ذكرهم لايهام أنهم من أهل المذهب
انظر بن قوله: (فإنه يأتي بعمرة) أي لأجل الخلل الواقع في الطواف بتقدم الوطئ، فلما كان ذلك
الطواف الذي رجع له حصل فيه خلل بتقدم الوطئ أمر أن يأتي بطواف صحيح لا وطئ قبله وهو
حاصل بالعمرة بخلاف ما إذا لم يطأ. قوله: (هذا قول الأقل) أي وهو مذهب المدونة. وقوله: وقال الأكثر
أي من العلماء من خارج المذهب. قوله: (واختلفوا عند الوطئ) أي فعند الأقل تلزمه العمرة وعند
الأكثر لا تلزمه، فقول المصنف: واعتمر والأكثر إن وطئ ظاهره أن الأقل قائل بوجوب العمرة
مطلقا سواء وطئ أم لا وليس كذلك. قوله: (فكان على المصنف أن يقول ولا عمرة إلخ) أي أو يقول
واعتمر إن وطئ والأكثر عدمها. قوله: (بقدر الطمأنينة) الأولى حذفه ويقتصر على قوله أي
الاستقرار لأجل المبالغة بعد بقوله ولو مر، وقوله بعد هذا إذا استقر بعرفة الأولى أن يزيد فيه بقدر
الطمأنينة. قوله: (في أي جزء) أي وإن كان الوقوف في المكان الذي وقف فيه رسول الله صلى الله عليه
وسلم أفضل وذلك عند الصخرات العظام المفروشة في أسفل جبل الرحمة وهو الجبل الذي وسط
36

أرض عرفة. قوله: (أو راكبا) أي وإن كان الوقوف راكبا أفضل. قوله: (وتدخل) أي ليلة النحر
بالغروب، فمتى استقر بعد الغروب بعرفة لحظة أجزأه سواء دفع منه بدفع الامام أو قبله وإن كان
الأفضل أن يدفع بدفعه ولو نفر شخص قبل الغروب فلم يخرج من عرفة حتى غابت الشمس عليه أجزأ
وعليه الهدي لعدم الطمأنينة فيها بعد الغروب إذ هي واجبة، فالاستقرار في عرفة بعد الغروب ركن
والطمأنينة واجبة كالوقوف جزءا من النهار بعد الزوال اه‍ تقرير شيخنا العدوي. قوله: (وأما
الوقوف نهارا فواجب ينجبر بالدم) أي إذا تركه عمدا لغير عذر لا إن كان الترك لعذر كما لو كان
مراهقا فلا دم، وما ذكره من أن الوقوف نهارا واجب ينجبر بالدم بخلاف الوقوف ساعة بعد الغروب
فركن لا ينجبر بالدم هو مذهب مالك وهو خلاف ما عليه الجمهور، قال ابن عبد السلام: والحاصل أن زمن
الوقوف موسع وآخره طلوع الفجر واختلفوا في مبدئه فالجمهور أن مبدأه من صلاة الظهر، ومالك
يقول: من الغروب، ووافق الجمهور اللخمي وابن العربي ومال إليه ابن عبد البر انظر ح. قوله: (ويدخل
وقته) أي وقت الوقوف الواجب قوله: (ويكفي فيه) أي في تحصيل الوقوف الوقوف الواجب. وقوله: أي
جزء منه أي الوقوف في أي جزء من ذلك الوقت قوله: (هذا إذا استقر بعرفة) بقدر الطمأنينة. قوله: (ولو مر)
أي من غير أن يطمئن وهذا مبالغة في حضور، والضمير المستتر في مر عائد على الحاضر المفهوم من حضور،
وضمير نواه المستتر عائد على الحاضر، وأما البارز فهو عائد على الحضور، وقوله: ولو مر ظاهره أن المقابل
يقول بعدم إجزاء المرور مطلقا سواء علم به أم لا، نوى الوقوف به أم لا، ونحوه قول ابن الحاجب ففي
المار قولان اه‍. واعترضه في التوضيح بقوله: لم أر قولا بعدم الاجزاء مطلقا كما هو ظاهر كلام
المصنف ولذا جعل سند محل الخلاف إذا لم يعرفها فقال: من مر بعرفة وعرفها أجزأه وإن لم يعرفها
فقال محمد: لا يجزئه والأشهر الاجزاء اه‍. وبحث ح في قوله: والأشهر الاجزاء بأن سندا لم يصرح
بأنه الأشهر وإنما قال بعد أن حكى عن مالك الاجزاء وهو أبين اه‍ بن. قوله: (إن نواه) إنما طلبت النية
من المار دون غيره ممن استقر مطمئنا لأنه لما كان فعله لا يشبه فعل الحاج في الوقوف احتاج لنية
لعدم اندراج فعله في نية الاحرام بخلاف من وقف لان نية الاحرام يندرج فيها الوقوف كالطواف
والسعي. قوله: (وعلم بأن المار عليه هو عرفة) إن قلت: إنه يلزم من نية الوقوف بها معرفتها فلا حاجة
للشرط الثاني. قلت: هذا ممنوع لأنه قد ينوي الوقوف بها على فرض أن هذا المحل المار به عرفة، وقد يقال:
إن النية إنما تعتبر إذا كانت جازمة ولا تكون جازمة إلا مع معرفة المحل فتأمل. قوله: (أو كان) أي
الحاضر متلبسا بإغماء أو نوم أو جنون. وأشار الشارح بهذا التقرير إلى أن قوله: أو بإغماء معمول لمقدر
عطف على مر أي ولو كان الحاضر متلبسا بإغماء حصل قبل الزوال واستمر ذلك الاغماء حتى طلع
الفجر وهذا محل الخلاف، أما لو أغمي عليه بعد الزوال واستمر للغروب أو للفجر فإنه يجزئ اتفاقا،
ومثل الاغماء الجنون والنوم كما علمت، قال بعض: وانظر لو شرب مسكرا قبل الزوال أو بعده حتى
غاب أو أطعمه له أحد وفات الوقوف وهو سكران هل يجزئه ذلك الوقوف أم لا؟ لم أر فيه نصا
والظاهر أنه إن لم يكن له في السكر اختيار فهو كالمغمى عليه والمجنون وإن كان له فيه اختيار فلا يجزئه
كالجاهل بل هو أولى. قوله: (فوقفوا بعاشر) أي ثم تبين لهم في بقية يومه أو بعده أنه العاشر، وأما
إذا تبين أنه العاشر قبل الوقوف فلا يذهبوا للوقوف ولا يجزيهم إذا وقفوا كما قال سند وفرق بين
الحالتين بأن الأول أوقع الوقوف في وقته المقدر له شرعا والثاني لو وقف كان وقوفه في غير
وقته المشروع، وهذا الذي قلناه من التفرقة بين الحالتين هو الصواب كما يفيده نقل الشيخ أحمد الزرقاني
خلافا للعج ومن تبعه حيث قال بالاجزاء سواء تبين الخطأ بعد الوقوف أو قبله. قوله: (أي في عاشر) أشار
37

إلى أن الباء بمعنى في لا أنها للسببية، لان الوقوف في اليوم العاشر مسبب عن الخطأ لا سبب له. قوله: (بأن
غم عليهم ليلة الثلاثين من القعدة) أي فكملوا عدته ثلاثين. وقوله: أو نظروا أي أو كانت السماء مصحية
فنظروا فلم يروا الهلال وأكملوا عدة ذي القعدة ثلاثين. قوله: (فأكملوا العدة إلخ) أي ثم وقفوا في تاسع
الحجة في ظنهم فتبين أنه العاشر لرؤية الهلال ليلة الثلاثين. وقول الشارح أو أخطأ الجم في رؤية الهلال،
وأما لو أخطؤا في العدد بأن علموا اليوم الأول من ذي الحجة ثم نسوه فوقفوا في العاشر فإنه لا يجزيهم،
وأما من رأى الهلال وردت شهادته فإنه يلزمه الوقوف في وقته كالصوم قاله سند، وانظر هل يجري
فيه ما تقدم من الصوم من قوله: لا بمنفرد إلا كأهله ومن لا اعتناء لهم بأمره اه‍ شيخنا العدوي. قوله: (عن
خطئهم فوقفوا بالثامن إلخ) ما ذكره من عدم الاجزاء هو المعتمد خلافا لمن قال بالاجزاء. واعلم
أن الخلاف في إجزاء الوقوف في الثامن إنما هو إذا لم يعلموا بذلك حتى فات الوقت، وأما إذا علموا به
قبل فوات الوقت فلا يجزئ اتفاقا ولا بد من إعادته قولا واحدا انظر ح، إذا علمت هذا فإذا
تذكروا في اليوم التاسع فيقفون اتفاقا ليلة العاشر، وأما إن لم يتذكروا في اليوم العاشر فهل يقفون ليلة
الحادي عشر ويجزئهم؟ وبه قيل وعليه مشى عبق أو لا يجزئهم وهو المعتمد؟ وما قاله عبق ضعيف.
قوله: (لا المار الجاهل) أشار بتقدير المار إلى أن الجهل بعرفة إنما يضر المار، وأما من استقر بها واطمأن فإنه لا يضر
جهله بها كما لا يجب عليه نية الوقوف كما مر. قوله: (بكره) ما ذكره المصنف من الكراهة مع الاجزاء أخذه
مما حكاه الجلاب عن المذهب وإن كان ابن عرفة لم يعرج عليه. قوله: (على ما ليس كذلك) أي وهذا قول
صدر به ابن رشد والقرافي وصاحب المدخل وشهره. قوله: (لكن الذي به الفتوى إلخ) أي وهو قول
جل أهل المذهب واختاره اللخمي لان من قواعد الشرع مراعاة ارتكاب أخف الضررين ولان ما لا
يقضى إلا من بعد ينبغي أن يقدم على ما يقضى بسرعة. قوله: (في بيان السنن) أي سنن كل ركن
قوله: (أربع) أي بناء على أن التلبية ليست سنة وأما على أنها سنة فالسنن خمسة لا أربعة قوله: (وهو) أي الاتصال
من تمام السنة. وقوله غدوة أي أول النهار، وما ذكره من أن الاتصال من تمام السنة وأنه إذا اغتسل غدوة
وأخر الاحرام وقت الظهر لم يجزه هو الموافق لكلام المدونة وابن يونس وابن المواز خلافا للبساطي
حيث جعل الاتصال سنة مستقلة انظر بن. قوله: (ولا يضر الفصل) أي بين الغسل والاحرام بشد
رحاله أي لا يكون هذا مبطلا للاتصال. قوله: (وقد أساء) أي ارتكب مكروها. قوله: (وجوبا) أي سواء
كان الاحرام منها واجبا كما إذا كان الشخص من أهل المدينة، وقوله أو ندبا كما لو كان مصريا مر
بالحليفة. قوله: (فيأتي) أي لذي الحليفة بعد غسله في المدينة لابسا لثيابه، فإذا أحرم منها تجرد، قال بن: فيه
نظر بل يتجرد عقب غسله بالمدينة، فإذا أتى بعد ذلك للحليفة أحرم منها كما قال سحنون ونقله ابن
يونس عن ابن حبيب ونصه ابن حبيب، واستحب عبد الملك أن يغتسل بالمدينة ثم يتجرد
مكانه، فإذا وصل لذي الحليفة أحرم منها وذلك أفضل وبالمدينة اغتسل النبي صلى الله عليه
وسلم وتجرد ولبس ثوبي إحرامه، ولما وصل لذي الحليفة ركع وأهل. قوله: (لان الغسل في
الحقيقة للطواف) أي لا لدخول مكة فاللام في قول المصنف لدخول مكة بمعنى عند.
38

قوله: (بطوى) أي إن أتى من جهتها فإن لم يأت من جهتها فيقدر ما بينهما. قوله: (ويتدلك) فيهما أي
لأنه لا يسمى غسلا إلا مع الدلك. وقوله تدليكا خفيفا أي لأنه محرم فيخاف من شدة الدلك قتل شئ
من الدواب أو قلع شئ من الشعر، ومقابل الراجح يقول: إنه لا يتدلك فيهما. وقوله يتدلك فيهما على
الراجح أي وأما الأول وهو غسل الاحرام فيتدلك فيه اتفاقا. قوله: (أي أن السنة هذه الهيئة الاجتماعية
إلخ) هذا الحل أصله لح وتبعه من بعده ومثله في التوضيح، وبحث فيه طفي بأن جعل الهيئة الاجتماعية
سنة يحتاج لنقل وأنه معتمد، والذي يدل عليه كلام ابن عرفة وابن رشد في البيان أن تلك الهيئة
الاجتماعية مستحبة. وما نسبه التوضيح لابن شاس وصاحب الذخيرة من السنية قال طفي: الظاهر
منهما خلافه فالأولى ما حمله عليه بهرام وتت من أن المراد بهذه السنة التجرد، ومثله لعياض وصاحب
الجواهر وغير واحد وبه عبر في مناسكه، وقول ح يبعد أن يريد التجرد من الثياب لأنه واجب
يأثم تاركه غير ظاهر لان اصطلاح أهل المذهب في الأشياء المنجبرة بالدم مختلف، فمنهم من يعبر عنها
بالواجب، ومنهم من يعبر عنها بالسنة كما في التوضيح، ويظهر الفرق بينهما بالتأثيم وعدمه اه‍ بن.
قوله: (وكان مما يقلد) أي كالإبل والبقر. وقوله: وأما ما يجب بعد الاحرام كما إذا لزمه لأجل تمتع أو
قران. وقوله: إنما يقلد بعده أي فإن قلد قبله خالف الأولى فقط. قوله: (بالقيدين) أي كون الهدي
مسوقا لتطوع أو لأجل ما لزمه عن ماض وأن يكون مما يقلد أو يشعر. قوله: (ثم ركعتان) أي فأكثر
فهو اقتصار على الأقل، وليس المراد ظاهره من أن السنة ركعتان فقط، ثم إن محل سنية ركعتي الاحرام
إن كان وقت الاحرام وقت جواز وإلا انتظره بالاحرام ما لم يكن مراهقا وإلا أحرم وتركهما،
كما أن المعذور مثل الحائض والنفساء يتركهما. قوله: (والفرض مجزئ) أي في حصول السنة،
والمستحب أن يكون الاحرام عقب نافلة وحينئذ فللاحرام صلاة تخصه اه‍. والحاصل أن السنة
تحصل بإيقاع الاحرام عقب صلاة ولو فرضا، لكن إن كانت نفلا فقد أتى بسنة ومندوب وإن فعله
بعد فرض فقد أتى بسنة فقط، وانظر هل المراد بالفرض خصوص العيني أو ولو بالعروض كجنازة
تعينت ونذر نفل، وهل السنة المؤكدة كالفرض الأصلي أم لا؟ قوله: (إنه يؤخر الاشعار إلخ) أي إذا
كان الهدي يجوز فيه كل من الامرين كالإبل، وأما ما لا يجوز فيه الاشعار بل يتعين فيه التقليد كالبقر
فلا يظهر فيه الترتيب قوله: (أي ندبا فيهما) حاصله أن السنة في كلام المصنف منصبة على ذات التقليد
والاشعار وصلاة ركعتين وأن التعبير بثم يفيد أن الترتيب بين التقليد والاشعار وبينهما وبين
الركعتين مندوب وهذا ظاهر المدونة، وقوله: لكن النص أي عن مالك في المبسوط وهو المعتمد.
قوله: (ندبا إلخ) فيه إشارة إلى أن قول المصنف: يحرم الراكب إذا استوى والماشي إذا مشى على جهة الأولوية،
فلو أحرم الراكب قبل أن يستوي على دابته وأحرم الماشي قبل مشيه كفاه ذلك مع الكراهة.
قوله: (إلى البيداء) أي الصحراء وبطن الوادي. قوله: (بأن السنة اتصالها) أي وهذا لا ينافي أنها واجبة في
ذاتها وأن تجديدها مستحب. والحاصل أن التلبية في ذاتها واجبة، وعدم الفصل بينها وبين الاحرام
بكثير واجب أيضا، ومقارنتها للاحرام واتصالها به سنة، وتجديدها مستحب، هذا هو أرجح الطرق
المذكورة هنا. قوله: (فإن تركه) أي الاتصال ولم يأت بالسنة. وقوله: لزمه الدم أي لتركه السنة وانضمام
الطول له وإن كان الفصل يسيرا فلا دم إذ لم يحصل سوى ترك السنة وهو يسير الفصل وهو لا يوجب
دما. قوله: (أي واتصال تلبية) أي اتصالها ومقارنتها للاحرام، وما ذكره من أن التلبية واجبة
39

وأن السنة اتصالها بالاحرام مثله إلخ قائلا، وأما التلبية في نفسها فواجبة، ويجب أيضا أن لا يفصل بينها
وبين الاحرام بطويل، وحمله على ذلك ما مر قريبا من أن لزوم الدم ينافي السنية، وتقدم جوابه من أن
اصطلاح أهل المذهب في الأشياء المنجبرة بالدم مختلف، فمنهم من يعبر عنها بالواجب، ومنهم من يعبر عنها
بالسنية، ويظهر الفرق بينهما بالتأثيم وعدمه. قوله: (فيقطع) أي عند دخولها. وقوله حتى يطوف أي
للقدوم قوله: (خلاف) الأول مذهب الرسالة وشهره ابن بشير والثاني مذهب المدونة. قوله: (وإن تركت
أوله) أي عمدا أو نسيانا ومثل الطول ما لو تركها جملة. وقوله: وإن تركت أوله فدم مفهوم الظرف أنه
إذا تركها في أثنائه لا شئ عليه كما في التوضيح، وصرح به عبد الحق والتونسي وصاحب التلقين وابن
عطاء الله قالوا: أقلها مرة وإن قالها ثم ترك فلا دم عليه، قال ح: وشهر ابن عرفة وجوب الدم ونصه: فإن لبى
حين أحرم وترك ففي لزوم الدم ثالثها إن لم يعوضها بتكبير وتهليل للمشهور وكتاب محمد واللخمي اه‍.
وقال ابن العربي: وإن ابتدأ بها ولم يعدها فعليه دم في أقوى القولين، وكأن المصنف اعتمد ما تقدم
وهو ظاهر اه‍ كلام ح. قوله: (فلا يكثر) أي من التلبية. قوله: (وعاودها) أي استحبابا كما قيل.
وفي المج: وعاودها وجوبا بعد سعي فإن لم يعدها أصلا بعده فدم على المعول عليه، والأول مبني على أن
أقل التلبية مرة فإن قالها وترك فلا دم عليه. وقوله: وإن بالمسجد الحرام أي وإن كان جالسا بالمسجد
الحرام. قوله: (بعد الزوال) متعلق برواح أي إلى أن يروح ويصلي لمصلى عرفة بعد الزوال، فإذا وصل
لمصلى عرفة وزالت الشمس فلا يعاودها بعد ذلك هذا هو الذي رجع إليه مالك، والمرجوع عنه أن
يستمر يلبي إلى أن يصلي لمحل الوقوف ولا يقطع إذا وصل لمصلى عرفة، فلو أحرم من مصلى عرفة
فإنه يلبي إلى أن يرمي جمرة العقبة إذا كان إحرامه بعد الزوال، فإن أحرم منها قبله فإنه يلبي للزوال
بمنزلة من أحرم من غيرها قاله شيخنا. قوله: (فإن وصل) أي لمصلى عرفة قبل الزوال لبى للزوال، فإن
زالت عليه الشمس قبل وصوله لبى لوصوله فيعتبر الأقصى منهما، ومصلى عرفة هو مسجد عرفة
المتقدم. قوله: (ولا يكون إلا بحج منفردا) أي ولا يكون المحرم من مكة إلا محرما بحج مفردا لان
المعتمر والقارن يحرمان من الحل قوله: (إلى مصلى عرفة) أي إلى وصولها بعد الزوال. قوله: (وفائت
الحج) هو بالنصب عطف على مقدر أي ومعتمر الميقات مدرك الحج وفائت الحج
قوله: (بل فاته) أي قبل الوصول لمكة وقوله: فتحلل أي فعزم على التحلل. قوله: (للحرم) أي لدخول الحرم
أي المسجد الحرام. وقوله: لا إلى رؤية البيوت أي خلافا لابن الحاجب. قوله: (والمعتمر من الجعرانة)
أي وهو المقيم بمكة كما مر. قوله: (فيه نظر) قد علمت الجواب عنه مما مر. قوله: (إذ هو واجب إلخ)
حاصله أن المشي في كل من الطواف والسعي واجب على القادر عليه، فلا دم على عاجز طاف أو سعى
راكبا أو محمولا، وأما القادر إذا طاف أو سعى محمولا أو راكبا فإنه يؤمر بإعادته ماشيا ما دام
بمكة ولا يجبر بالدم حينئذ، كما يؤمر العاجز بإعادته إن قدر ما دام بمكة، وإن رجع لبلده فلا يؤمر
بالعود لإعادته ويلزمه دم فإن رجع وأعاده ماشيا سقط الدم عنه. قوله: (في الواجب) أي في الطواف
الواجب، وأما الطواف غير الواجب فالمشي فيه سنة وحينئذ فلا دم على تارك المشي فيه قاله عج. قوله: (وأما
العاجز فلا دم عليه) قال بن: ولا يشترط في العاجز عدم القدرة بالكلية بل المرض الذي يشق معه
المشي كما في التوضيح عن ابن عبد السلام. قوله: (وتقبيل حجر بفم) ظاهر إطلاق المصنف أنه سنة
40

في كل طواف سواء كان واجبا أو تطوعا وهو الذي نسبه ابن عرفة للتلقين ولنقل اللخمي عن المذهب،
وقد أطلق ابن شاس وابن الحاجب كالمصنف وذلك كله خلاف قول المدونة وليس عليه استلام أي
تقبيل للحجر الأسود في ابتداء طوافه إلا في الطواف الواجب اه‍ بن. قوله: (بالكراهة والإباحة)
الذي في ح عن زروق أن القول بالإباحة رجحه غير واحد. قوله: (وتمريغ الوجه عليه) أي على الحجر
الأسود. قوله: (وللزحمة) أي وجاز عند الزحمة المانعة من تقبيل الحجر لمس أي للحجر الأسود.
قوله: (والمعتمد إلخ) أي كما يدل عليه كلام التهذيب وأبي الحسن والرسالة خلافا لظاهر المصنف من أنه يكبر
إذا تعذر اللمس باليد والعود وهو الذي فهمه في توضيحه من المدونة معترضا به على كلام ابن الحاجب
من الجمع بينهما، والصواب ما لابن الحاجب كما علمت اه‍ بن. قوله: (ورمل رجل) أي وأما النساء فلا رمل
عليهن والظاهر كراهته لهن اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (في الأشواط الثلاثة الأول) أي من طواف
القدوم والعمرة فقط، وندب الرمل في طواف الإفاضة لمن فاته القدوم كما يأتي. قوله: (وللزحمة الطاقة)
أي والمطلوب في الرمل عند الزحمة الطاقة قوله: (بعد ركعتي الطواف) أي وقبل الشروع في السعي
قوله: (رقيه عليهما) اعلم أن السنة تحصل بمطلق الرقي ولو على سلم واحد، ولكن المستحب أن يصعد على أعلاهما
كما في المدونة، والمراد الرقي على كل منهما في كل مرة فالجميع سنة واحدة، فمن رقى مرة أو مرتين فقط فقد
أتى ببعض السنة اه‍ بن. قوله: (لا مرة فقط) أي لا رقية على كل واحد منهما مرة فقط. قوله: (كامرأة)
أي كما يسن رقي المرأة عليهما. قوله: (السنة القيام) أي الوقوف. قوله: (فلا شئ عليه) أي فلا دم عليه
لأنه إنما ترك سنة ولا دم في تركها. وقوله فلو عبر أي المصنف. وقوله بقيامه أي بدل رقيه. قوله: (وقيل
القيام مندوب) هذا هو المعتمد كما قال شيخنا العدوي. قوله: (فلا اعتراض) أي لان كلام المصنف
في السنن لا في المستحبات. قوله: (وإسراع بين الميلين) ذكر ح عن سند أن ابتداء الاسراع يكون
قبل الميل الأول بنحو ستة أذرع وهو خلاف ما يوهمه كلام المصنف اه‍ بن. لكن ما ذكره المصنف
من أن ابتداء الاسراع من عند الميل الأول الذي من ركن المسجد نحوه في ابن عرفة وفي المواق أيضا
وحينئذ فلا اعتراض على المصنف، وقوله: بين الميلين الأخضرين أي وهما العمودان اللذان في جدار
المسجد الحرام أولهما في ركن المسجد تحت منارة باب علي والثاني بعد قبالة رباط العباس، وهناك
ميلان آخران على يمين الذاهب من الصفا للمروة في مقابلة الميلين الأخضرين. قوله: (حال ذهابه)
أي للمروة. وقوله لا في العود أي لا يسرع في حالة العود منها للصفا. واعلم أن ظاهر كلام سند والمواق
يقتضي أن الاسراع خاص بالذهاب للمروة ولا يكون في حال العود للصفا وهو خلاف ظاهر المصنف
من أن الاسراع ذهابا وإيابا، وارتضى بن ظاهر المصنف وأيده بالنقول فانظره. قوله: (في الأطواف
الأربعة) الأولى في الأشراط الأربعة أعني الذهاب من الصفا للمروة قوله: (عند الصفا إلخ)
الصواب أنه يسن الدعاء لمن يسعى مطلقا في حال رقيه وفي حال سعيه أيضا ولا يتقيد بالرقي عليهما
41

كما قد يتوهم من غالب العبارات، كذا ذكر العلامة النفراوي في شرح الرسالة. قوله: (تردد) الأول
اختاره عبد الوهاب والثاني اختاره الباجي وقال سند: إنه المذهب، وهناك قول آخر للأبهري وهو
أنهما واجب بعد الطواف الواجب وسنة بعد الطواف الغير الواجب، واختاره ابن رشد واقتصر عليه
ابن بشير في التنبيه قال ح: وهو الظاهر، وأما ما حكاه الشارح من المشهور فهو اختيار لعج فقد علمت
مما قلناه أن المقالات أربعة. قوله: (أي خلفه) أي خلف البناء المحيط به لان مقام إبراهيم عبارة عن الحجر
الذي كان يقف عليه إبراهيم عند بناء البيت وكان إسماعيل يناوله الحجارة، وقيل إنه الحجر الذي وقف
عليه إبراهيم حين أذن للناس بالحج، وقد ورد أنه من الجنة وأن فيه أثر أقدام إبراهيم. قوله: (بالملتزم)
عنده فالباء بمعنى عند قوله: (ويسمى بالحطيم) أي لأنه يدعى عنده على الظالم فيحطم أي يهلك أو لأنه
أي تحطم عنده الذنوب بالمغفرة. قوله: (بعد الأول) أي وأما استلامه في الشوط الأول فسنة. وقوله: ولمس
الركن اليماني أي في كل شوط بعد الأول وأما لمسه في الأول فسنة كما مر. قوله: (لبيك) معناه إجابة
بعد إجابة أي أجبتك للحج حين أذن إبراهيم به في الناس كما أجبتك أولا حين خاطبت الأرواح
بألست بربكم كذا قيل، والأحسن أن معناه امتثالا لك بعد امتثال في كل ما أمرتني به. قوله: (إن الحمد)
روي بكسر الهمزة على الاستئناف وبفتحها على التعليل والكسر أجود عند الجمهور، وقال ثعلب: لان
من كسر جعل معناه أن الحمد لك على كل حال ومن فتح قال معناه لبيك لهذا السبب. فائدة: تكره
الإجابة في غير الاحرام بالتلبية لقول التهذيب، كره مالك أن يلبي من لا يريد الحج ورآه خرقا ممن فعله،
والخرق بضم الخاء الحمق وسخافة العقل، وأما إجابة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم بالتلبية فهو من
خصائصه كذا في التوضيح وهو غير مسلم والظاهر كما قال ابن هارون أن الذي كرهه الامام إنما هو
استعمال تلبية الحج في غيره كاتخاذها وردا كبقية الأذكار لما فيه من استعمال العبادة في غيرها، وأما مجرد
قول الرجل لمن ناداه لبيك فلا بأس به بل هو حسن أدب. وفي الشفاء عن عائشة: ما ناداه صلى الله عليه
وسلم أحد من أصحابه ولا أهل ملته إلا قال: لبيك، وبه يرد قول ابن أبي جمرة أنه صلى الله عليه وسلم
لم يفعل ذلك معهم انظر بن. قوله: (نهارا أو ليلا) أي كما هو النقل ولذا قدم المصنف الظرف على المعطوف،
والأصل عدم الحذف من الثاني لدلالة الأول، ثم مقتضى كون ستة أذرع من الحجر من البيت أن من
دخل في ذلك المقدار فقد أتى بهذا المستحب، بل تقدم أن الحجر كله من البيت عند بعضهم وحينئذ
فيقصر عليه إذا اشتدت الزحمة على البيت. قوله: (من كداء) أي وهي الطريق الصغرى التي أعلى مكة
التي يهبط فيها إلى الأبطح والمقبرة بعضها عن يسارك وبعضها عن يمينك، فإذا دخلت منها أخذت كما
أنت للمسجد. قوله: (لمن أتى من طريق المدينة) أي سواء كان من أهلها أو لا، وأما من أتى من غير
طريق المدينة فلا يندب له الدخول منها وإن كان مدنيا. وقال الفاكهاني: المشهور أنه يندب لكل
حاج أن يدخل من كداء وإن لم تكن طريقه لأنه الموضع الذي دعا فيه إبراهيم ربه أن يجعل أفئدة
من الناس تهوي إليهم، ومفاد عج اعتماد ما للفاكهاني كما قاله شيخنا، ومحل ندب دخول مكة
من ذلك المحل إن لم يؤد لزحمة أو ضيق أو أذية أحد، وإلا تعين ترك الدخول منه كما قال
ابن جماعة وغيره. قوله: (ودخول المسجد) أي وندب دخول المسجد من باب بني شيبة أي وإن لم
يكن في طريق الداخل. قوله: (المعروف الآن بباب السلام) أي ويستحب الخروج من
المسجد من باب بني سهم قوله: (من كدى) وهي الطريق التي بأسفل مكة المعروفة بباب شبيكة.
42

قوله: (فمصب الندب على قوله قبل تنفله) أي وأما كونه بعد المغرب فاستحبابه معلوم من كراهة النافلة
قبل صلاة المغرب، وما ذكره المصنف هو المعتمد خلافا لقول ابن رشد: الأظهر أنه يقدم ركعتي الطواف
على صلاة المغرب لأجل اتصالهما بالطواف حينئذ ولا يفوته فضيلة أول الوقت بتقديمهما لخفتهما.
قوله: (وبالمسجد) هذا معلوم من قوله سابقا: وبالمقام وكأنه حاول التنبيه على فضيلة المسجد من حيث
هو مع أنه أمر مقرر فتأمل. قوله: (لفقد شرطه) أي طواف القدوم أو نسيانه. وقوله بل ولو تعمد تركه
أي ترك طواف القدوم، ومثل ذلك من لا قدوم عليه كمن أحرم بالحج من مكة سواء كان مكيا
أو آفاقيا فإنه يرمل ندبا في طواف الإفاضة في الأشواط الثلاثة الأول اه‍ خش قوله: (لكان أحسن)
أي لأجل أن يشمل من فقد شرطه أو نسيه أو تعمد تركه. قوله: (الممكنة) أما غيرها مثل الاستقبال
فلا يستحب لعدم إمكانه. قوله: (من طهارة حدث إلخ) فإن انتقض وضوءه أو تذكر حدثا أو أصابه
حقن استحب له أن يتوضأ ويبني، فإن أتم سعيه كذلك أجزأه واستخف مالك اشتغاله بالوضوء ولم يره
مخلا بالموالاة الواجبة في السعي ليسارته. قوله: (واحدة) بالرفع صفة لخطبة وبالنصب حال منها وإن
كانت نكرة لوصفها بالظرف وما ذكره من ندب تلك الخطبة فهو ضعيف والمعتمد أنها سنة، ثم إن الخطيب
يفتتح تلك الخطبة بالتلبية إن كان محرما وإن كان غير محرم افتتحها بالتكبير، وقيل إنه يفتتحها بالتكبير
مطلقا كان محرما أم لا. قوله: (والراجح إلخ) أي لان ابن عرفة عزاه للمدونة، والقول الأول عزاه
لابن المواز وشهره ابن الحاجب. والحاصل أن المشهور هو الأول ولكن عزو ابن عرفة الثاني
للمدونة يفيد أنه أرجح من الأول. قوله: (يخبر الناس فيها بالمناسك التي تفعل منها إلى الخطبة الثانية) من
خروجهم لمنى في ثاني يوم وصلاتهم بها الظهر في وقتها المختار قصروا صلاتهم أيضا العصر والمغرب
والعشاء ومبيتهم بها ليلة عرفة وصلاتهم الصبح صبيحتها بمنى وذهابهم لعرفة بعد طلوع الشمس
وتحريضهم على النزول بنمرة. قوله: (وخروجه لمنى) أي بعد الزوال ومن به أو بدابته ضعف بحيث
لا يدرك آخر الوقت المختار إذا خرج بعد الزوال يخرج قبله قدر ما يدرك بها الظهر في آخر المختار
إذ لا يجوز تأخيرها للضروري قوله: (ويسمى يوم التروية) أي لأنهم كانوا يحصلون فيه الماء لعرفة
ويسمى أيضا يوم النقلة. تنبيه: يكره الخروج لها بقصد النسك قبل يومها كما يكره الخروج لعرفة
بقصد النسك قبل يومها ويومها هو اليوم الثامن ويوم عرفة هو اليوم التاسع فيكره الخروج لكل
منهما قبل يومه ولو بتقديم الأثقال. قوله: (ولو وافق إلخ) أشار الشارح بهذا إلى أنه إذا وافق يوم
التروية يوم الجمعة فالأفضل صلاة الظهر بمنى لأجل الاسراع بالمناسك، ولا يصلي جمعة بمكة قبل أن
يخرج، وقال بعضهم: يصلي الجمعة قبل أن يخرج لمنى لادراك فضيلة الحرم، وهذا إذا كانوا مسافرين،
وأما المقيمون الذين يريدون الحج سواء كانوا من أهل مكة أو من غيرهم فيجب عليهم صلاة
الجمعة بمكة قبل الذهاب لمنى. قوله: (وبيانه بها) أي ليلة التاسع قوله: (وندب نزوله) أي فإذا وصل
لعرفة ندب نزوله إلخ. قوله: (في خطبتيه) أي التي يخطبهما في مكة في اليوم السابع. قوله: (وخطبتان
بعد الزوال) فلو خطب قبل الزوال وصلى بعده أو صلى بغير خطبة أجزأه إجماعا
43

كما قال أبو عمران. قوله: (يجلس بينهما) المحوج لذلك مع أنهما خطبتان حقيقة دفع توهم أنه يفرق بينهما
في الزمن قوله: (ومبيتهم بها) أي وجمعهم فيها بين المغرب والعشاء ووقوفهم بالمشعر الحرام وإسراعهم
بوادي محسر ورمي جمرة العقبة والحلق والتقصير والنحر وطواف الإفاضة. قوله: (ثم بعد فراغه إلخ)
فيه نظر ولفظ المدونة متى يؤذن المؤذن يوم عرفة أبعد فراغ الامام من خطبته أو وهو يخطبها قال ذلك
واسع إن شاء والامام يخطب وإن شاء بعدما يفرغ من خطبته اه‍. فقول المصنف: ثم أذن يحمل على
أن المراد ثم بعد الشروع في الخطبة أذن وبعد الشروع فيها صادق بكون الأذان في الخطبة أو بعدها
اه‍ بن قوله: (بأذان وإقامة للعصر) أي بأذان ثان كما هو مذهب المدونة قال في الجلاب: وهو الأشهر
وقيل بأذان واحد، وبه قال ابن القاسم وابن الماجشون وابن المواز. قوله: (جمع في رحله) فإن ترك الجمع
بالكلية فعليه دم كما في اللمع قال البدر القرافي: يستغرب أن الدم في ترك سنة فلعله قول ضعيف
اه‍ عدوي قوله: (وندب دعاء) أي وندب حال الوقوف بعرفة دعاء إلخ. قوله: (من بعد الصلاة) أي من
بعد صلاة الظهرين مجموعتين مقصورتين. قوله: (أي حضوره) إنما فسر الوقوف بالحضور لا بالقيام
على أقدامه لئلا ينافي قوله بعد ذلك وركوبه به. قوله: (وركوبه به) أي لوقوفه عليه الصلاة والسلام
كذلك، ولكونه أعون على مواصلة الدعاء وأقوى على الطاعة، ويحمل النهي في قوله عليه الصلاة
والسلام: لا تتخذوا ظهور الدواب كراسي على ما إذا حصل للدابة مشقة أو ان ندب الركوب هنا
مستثنى من النهي في الحديث. قوله: (إلا لتعب) أي من القيام أو للدابة أو من ركوبها أو من إدامة
الوضوء فيكون عدم ذلك أفضل في هذه الأربعة. قوله: (بمزدلفة) سميت بذلك لاخذها من الازدلاف
وهو التقرب لان الحجاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها أي تقربوا بالمضي إليها قاله النووي.
قوله: (والمذهب أن جمعهما بها سنة) أي فإن صلى قبلها أعاد إذا أتاها فإذا أتى المزدلفة قبل الشفق قال
مالك: هذا مما لا أظنه أن يكون ولو كان ما أحببت له أن يصلي حتى يغيب الشفق وقاله ابن القاسم أيضا
وابن حبيب. قوله: (فإن لم يقف معه) أي بأن وقف وحده. وقوله أو تخلف عجزا أي أو وقف مع
الامام ولكن تخلف عن السير معه لعجز. وقوله: فسيأتي حكمه حاصل ما يأتي أن من لم يقف مع الامام
لا يجمع بمزدلفة ولا بغيرها ويصلى كل صلاة لوقتها بمنزلة غير الحاج بالكلية وإن وقف مع الامام
وتأخر عن السير مع الناس لعجز صلاهما بعد الشفق جمعا في أي محل أراد. قوله: (وبياته بها) أي ليلة
العاشر والبيات هو الإقامة ليلا سواء نام أو لا اه‍ عدوي. قوله: (وأما النزول بقدر حط الرحال إلخ)
أي وأما مجرد إناخة البعير فإنه لا يكفي. قوله: (إلا لعذر) أي إلا أن يكون ترك النزول بها لعذر فلا
شئ عليه. قوله: (وجمع الحاج العشاءين) أي بالمزدلفة جمع تأخير استنانا وهذا كالتفسير لقوله: وصلاته
بمزدلفة العشاءين قوله: (وقصر العشاء) أي للسنة وإلا فليس هنا مسافة قصر. قوله: (إلا أهلها)
الاستثناء راجع للقصر فقط، وأما الجمع بين الصلاتين فهو سنة في حق أهلها وغيرهم. والحاصل أن
أهلها يجمعون ويتمون وغيرهم يجمع بينهما ويقصر هذا هو المعول عليه وهو ما في المدونة خلافا لما
في ح من جعل الاستثناء راجعا لقوله: وجمع وقصر أي إلا أهلها فلا يجمعون ولا يقصرون فإنه خلاف
ما في المدونة. قوله: (أي أهلهما يتمون) أي إذا كان كل من الأهلين في بلده، وأما إن كان في غيرها فيقصر.
44

قوله: (لكان أحسن) وذلك لان الشرط في جمعه بين الصلاتين في أي محل شاء إنما هو وقوفه مع
الامام سواء نفر معه أو لا كما هو النقل، وما في عبق من أن الشرط نفوره مع الامام، وأنه لو وقف
مع الامام ولم ينفر معه فإنه يصلي كل صلاة لوقتها فهو خلاف النقل انظر بن. قوله: (وإن قدمتا عليه
إلخ) أي والحال أنه مطالب بالجمع لكونه وقف مع الامام وسار مع الناس. قوله: (أي على النزول)
هذا الحل هو الأولى لأنه محل الخلاف عند ابن عبد السلام وابن عرفة اه‍ بن. قوله: (وندب وقوفه
بالمشعر الحرام) أي فإذا وصل للمشعر الحرام ندب وقوفه به إلخ على ما قال المصنف، والمعتمد أن
الوقوف بالمشعر الحرام سنة كما قال ابن رشد وشهره القلشاني، بل قال ابن الماجشون: أن الوقوف به
فريضة ولذا جعل البساطي الندب منصبا على القيد انظر طفي، قال عج: وهل الندب يحصل بالوقوف
وإن لم يكبر ويدع فهما مستحب آخر أو لا يحصل إلا بالوقوف معهما أو مع أحدهما والثاني ظاهر
المصنف، لكن لا يتوقف الندب على التكبير والدعاء معا بل يكفي مقارنته لأحدهما. واعلم أن المشعر
الحرام هو البناء المعلوم وهو المسجد الذي على يسار الذاهب لمنى الذي بين جبل المزدلفة والجبل
المسمى بقزح وإنما سمي مشعرا لما فيه من الشعائر أي الطاعات ومعالم الدين، ومعنى الحرام أي الذي
يحرم فيه الصيد وغيره كقطع الأشجار لأنه من الحرم، وإذا علمت هذا فقوله بالمشعر الحرام أي
عنده، أو أن المشعر كما يطلق على البناء يطلق على ما قرب منه من الفضاء. قوله: (للأسفار) متعلق بوقوفه.
قوله: (وندب استقباله أي الواقف به) أي ندب استقبال الواقف عنده للقبلة. قوله: (ولا وقوف
مشروع بعده) أي كما كان يفعل الجاهلية من وقوفهم به لطلوع الشمس، وقد يقال إن عدم الوقوف
بعد الاسفار مستفاد من اغيائه أولا بقوله للاسفار وحينئذ فلا حاجة لقوله: ولا وقوف بعده فتأمل.
قوله: (ذهابا) أي في حالة الذهاب من منى لعرفة، وفي حالة الإياب أي الرجوع من عرفة لمنى
قوله: (ببطن محسر) قيل: إنه سمي ذلك الوادي ببطن محسر لمحسر فيل أصحاب الفيل فيه أي إعيائه، وقيل
لأنه نزل العذاب عليهم فيه اه‍ خش. قال شيخنا العدوي: الحق أن قضية الفيل لم تكن بوادي محسر
بل كانت خارج الحرم كما أفاده بعض شيوخنا. قوله: (حين وصوله) هذا مصب الندب وأما رميها
في حد ذاته فهو واجب. واعلم أن محل ندب رميها حين وصوله إذا وصل لمنى بعد طلوع الشمس، فإن
وصل قبل الطلوع كالذي يرخص له في التقديم من مزدلفة لمنى فإنه يدخل منى قبل الفجر ولا يصح
رميه حينئذ فينتظر طلوع الفجر، ويستحب له أن يؤخر الرمي حتى تطلع الشمس، وسيأتي أن وقتها
يدخل بطلوع الفجر ويمتد وقت أدائها إلى الغروب، وأن تأخيرها للطلوع مندوب وأن الليل
وقت لقضائها فإن أخر إليه قدم. قوله: (وإن راكبا) أي هذا إذا وصل إليها ماشيا بل وإن وصل إليها
راكبا، وهذا من تعلقات الندب أي أنه يندب أن يرميها حين وصوله على الحالة التي وصل عليها من
ركوب أو مشي فلا يصبر حتى ينزل إذا وصل راكبا، ولا يصبر حتى يركب إذا وصل إليها ماشيا لان فيه
عدم الاستعجال برميها. قوله: (فيشمل المشي فيها في غير يوم النحر) أي وهو ثلاثة أيام لغير المتعجل
ويومان له. قوله: (غير نساء وصيد) أي إذا كان الحاج رجلا ومثله المرأة فيحل برميها جمرة العقبة
غير رجال وصيد. قوله: (وتكبيره إلخ) ظاهر المدونة أن التكبير مع كل حصاة سنة، وأشعر قوله
مع كل حصاة أنه لا يكبر قبل رميها ولا بعده، ويفوت المندوب بمفارقة الحصاة ليده قبل النطق
بالتكبير. واعلم أنه لا يقف للدعاء بعد فراغه من رمي تلك الجمرة بل الأولى أن ينصرف
45

بمجرد رميها. قوله: (وتتابعها) أي الحصيات أي تتابع الرمي بها بأن يتبع الثانية للأولى في الرمي،
وهكذا من غير تربص إلا بمقدار ما يتميز به كونهما رميتين. قوله: (وذبح قبل الزوال) أي إن لزمه هدي
أو تطوع به وإلا فلا يلزمه ذبح أصلا ويحلق بعد رمي جمرة العقبة. قوله: (ولو قبل الشمس) أي بخلاف
الأضحية لتعلقها بالصلاة ولا صلاة عيد على أهل منى فلذا جاز لهم نحر الهدي قبل الشمس. قوله: (وطلب إلخ)
أي وندب طلب بدنته أي هديه ليذبحه والمراد بطلبها تحصيلها أعم من أن تكون عنده فضلت
فيفتش عليها أو لم تكن عنده فيشتريها. قوله: (ليحلق) أي لأجل أن يحلق بعد الذبح قبل الزوال،
هكذا تمام التعليل كما أشار له الشارح. قوله: (ثم يندب حلقه بعد الذبح) أشار بهذا إلى أن الندب منصب
على الترتيب، وأما الحلق في ذاته فهو واجب. واعلم أنهم أجمعوا على مطلوبية الترتيب بين هذه الأمور
الثلاثة التي تفعل في يوم النحر وهو الرمي ثم الذبح ثم الحلق، ولا فرق بين استحباب إيقاع الحلق عقب
الذبح بين المفرد والقارن إلا أن ابن الجهم من أئمتنا استثنى القارن فقال: لا يحلق حتى يطوف كأنه لاحظ
عمل العمرة، والعمرة بتأخره فيها الحلق عن الطواف، ورد عليه النووي بالاجماع ونازعه ابن دقيق العيد
ابن عرفة ومؤخر السعي لكونه مراهقا كغيره اتفاقا. تنبيه: إطلاقه الحلق يتناول الأقرع فيجر
الموسى على رأسه لأنه عبادة تتعلق بالشعر فتنتقل للبشرة عند عدمه كالمسح في الوضوء ومن برأسه
وجع لا يقدر على الحلاق أهدى، قال بعضهم: فإن صح وجب عليه الحلق. قوله: (ولو بنورة) رد بلو قول
أشهب لا يجزي الحلق بها للتعبد اه‍ بن. واستعمل المصنف الحلق في مطلق إزالة الشعر بدليل قوله:
ولو بنورة لان الحلق حقيقة إنما هو إزالة الشعر بالموسى ولو أريد ذلك ما صحت المبالغة. قوله: (إن عم
الحلق) أي وأما حلق بعضه فكالعدم، وأشار الشارح بقوله: إن عم الحلق بكل مزيل لشعر رأسه إلى أن
قوله: إن عم قيد في الحلق بالنورة وغيرها فهو راجع للمبالغة ولما قبلها لا قيد في قوله: ولو بنورة فقط لئلا
يتوهم أن الحلق بالموسى كاف ولو لم يعم رأسه وليس كذلك أي والفرض أن البعض الآخر الذي لم
يحلقه لم يقصره وإلا كفى مع الكراهة كما يأتي. قوله: (والتقصير مجز) أي إن لم يكن لبد شعره وإلا
تعين الحلق، ونص المدونة: ومن ظفر أو عقص أو لبد فعليه الحلاق ومثله في الموطأ، وعلله ابن الحاجب
تبعا لابن شاس بعدم إمكان التقصير، ورده في التوضيح بأنه يمكن أن يغسله ثم يقصر، وإنما علل علماؤنا
تعين الحلق في حق هؤلاء بالسنة. قوله: (لمن له الحلق أفضل) أي وهو الرجل
قوله: (فالتقصير له أفضل) مثله في التوضيح وهو مقيد بأن يحرم بالحج عقب العمرة كما
نقله ابن عرفة ونصه: سمع ابن القاسم حلق المعتمر أفضل من تقصيره إلا أن يعقبه الحج
بيسير أيام فتقصيره أحب إلي اه‍. والمراد إلا أن يعقبه إحرام الحج بدليل التعليل ببقاء الشعث اه‍ بن.
قوله: (وإلا فهو متعين) أي واجب في حقها ولو لبدت رأسها، فإن حلقت رأسها حرم عليها
لأنه مثلة. قوله: (فتقديم الرمي إلخ) حاصله أن تقديم الرمي على الاثنين الأخيرين واجب يجبر
بالدم، وأما تقديمه على الثانية أو تقديم الثاني على كل واحد من الأخيرين أو تقديم الثالث على
الرابع فمستحب فالمراتب ستة الوجوب في اثنين والندب في أربعة. قوله: (وحل به) أي وجاز
بسببه ما بقي أي مما كان ممنوعا منه قوله: (من نساء) أي من قربان النساء بوطئ ومقدماته ومن
عقد عليهن. قوله: (إن حلق) أي وكان قد رمى جمرة العقبة قبل الإفاضة أو فات وقتها وكان
46

قد قدم السعي عند القدوم، فإن لم يكن فعل السعي فلا يحل ما بقي إلا بفعله بعد الإفاضة، فإن وطئ أو صاد
بعد الإفاضة وقبل السعي فعليه في الأول هدي وفي الثاني الجزاء. وقولنا: وكان قد رمى جمرة العقبة
قبل الإفاضة أو فات وقتها احترازا مما إذا أفاض قبل رميها فإنه إذا وطئ حينئذ فعليه هدي إن
وطئ قبل فوات وقتها، وأما إن وطئ بعد الإفاضة وبعد فوات وقت جمرة العقبة فلا دم عليه، كما لو
وطئ بعد فعل الجمرة والحال أنه أفاض، وتستثنى هذه من قول المصنف الآتي: إن وقع بعد إفاضة وعقبة
يوم النحر وإلا فهدي. قوله: (أي الحلق إلخ) هذا هو الصواب مثل قول ابن الحاجب: فإن وطئ قبل
الحلق فعليه هدي اه‍ خلافا لما فهمه المواق من عود ضمير قبله على طواف الإفاضة لأنه يمنعه قوله
بخلاف الصيد إذ الصيد قبل الإفاضة فيه الجزاء على المشهور اه‍ بن. قوله: (وكذا تأخيره) أي الحلق
حتى خرجت أيام الرمي، هذا خلاف ما تفيده المدونة ونصها والحلاق يوم النحر بمنى أحب إلي وأفضل
وإن حلق بمكة أيام التشريق أو بعدها أو حلق في الحل في أيام منى فلا شئ عليه، وإن أخر الحلاق حتى
رجع إلى بلده جاهلا أو ناسيا حلق أو قصر وأهدى. التونسي: وقولها إن أخر ذلك حتى بلغ بلده فعليه
دم يريد أو طال ذلك، وقيل إن خرجت أيام منى ولم يحلق فعليه دم قاله في التوضيح، فعلم أن قوله وكذا
تأخيره إلخ مقابل لمذهب المدونة خلافا لعج، فلو حذف الشارح قوله وكذا تأخيره حتى خرجت إلخ
وقال بدله وكذا تأخيره طويلا لأفاد مذهب المدونة، وتقييد التونسي وقول خش كتأخير الحلق
لبلده البعيدة تقييده بالبعيدة خلاف الصواب، بل الطول عند التونسي يكفي في لزوم الدم مطلقا
اه‍ بن. وقد أشار شارحنا للرد على خش بقوله: كتأخير الحلق لبلده ولو قربت. قوله: (الأولى حذف كل)
أي وإلا كان نفس قوله أو الجميع إلا أن يجاب بأن كلا بمعنى أي وحينئذ فهو صورة أخرى قوله: (جميع
الحصيات) أي لجمرة أو للجمار كلها. قوله: (إن كان لكبير) أي هذا إذا كان التأخير لكبير يحسن
الرمي بل وإن كان التأخير لصغير إلخ قوله: (وإن لصغير إلخ) وهذا مبالغة في لزوم الدم لتأخير حصاة
أو أكثر عن وقت الأداء، وحاصله أن الصغير الذي لا يحسن الرمي والمجنون يرمي عنهما من أحجهما
كما أنه يطوف عنهما، وتقدم ذلك أول الباب عند قوله: وإلا ناب عنه ان قبلها كطواف لا كتلبية وركوع
فإن لم يرم عنه أو عن المجنون وليهما إلى أن دخل الليل فالدم واجب على من أحجهما، وإن رمى عنهما
في وقت الرمي فلا دم عليه، فرمي الولي كرميه بخلاف رمي النائب عن العاجز فإن فيه الدم، ولو رمى عنه
في وقت الرمي وهو وقت الأداء إلا أن يصح قبل الغروب ويرمي عن نفسه بعد أن رمى عنه نائبه فإنه
يسقط عنه الدم، وأما الصغير الذي يحسن الرمي فإنه يرمي عن نفسه فإن لم يرم حتى دخل الليل لزمه الدم،
فقوله: وإن كان التأخير لصغير أي بالنسبة لولي صغير ففي الكلام حذف لان الفرض أن الصغير لا يحسن
الرمي فكيف يوصف رميه بالتأخير أو بعدمه مع أنه لا يرمي؟ قوله: (والدم على الولي) أي لأنه هو
المخاطب بالرمي في الحقيقة لأنه هو الذي أدخلهما في الاحرام. قوله: (عطف على صغير) أي فهو داخل
في حيز المبالغة أي وإن كان تأخير الرمي بالنسبة لنائب عاجز عنه بنفسه لكبر أو مرض أو إغماء طرأ،
ففي الكلام حذف لان الفرض أن العاجز لا يقدر على الرمي فكيف يوصف رميه بالتأخير أو بعدمه؟
وحاصل الفقه أن العاجز إذا استناب في الرمي فإنه يلزمه الدم ولا إثم، وإن لم يستنب وفاته الرمي بالمرة
لزمه الدم وأثم لتقصيره، ثم إذا استناب وأخر النائب الرمي لليل لزمه دم ثان لكن إن كان التأخير لغير
عذر كان دم التأخير لازما للنائب في ماله، وإن كان لعذر كان لازما للعاجز كدم الاستنابة، فكلام المصنف
بالنسبة للدم الحاصل بسبب تأخير الرمي لا بالنسبة لدم الاستنابة، وعلمت أن قول الشارح:
47

والدم في ماله أي العاجز محمول على ما إذا كان التأخير لعذر كما علمت اه‍ تقرير عدوي. قوله: (والدم
في ماله) أي لأنه هو المخاطب بسائر الأركان ابتداء. قوله: (ويستنيب) جملة مستأنفة لبيان الحكم أي
وحكمه أن يستنيب ولو أسقط الواو لتكون الجملة صفة كان أولى. قوله: (ويكبر لكل حصاة) أي تكبيرة
واحدة قوله: (كي يتحرى إلخ) أي أن النائب عن العاجز إذا وقف بعد الرمي عند الجمرتين الأوليين
للدعاء فإن العاجز يتحرى وقت دعاء نائبه ويدعو. قوله: (وأعاد) أي العاجز كالمريض والمغمى عليه
الرمي، وقوله فإن أعاد أي العاجز الذي رمى عنه جمرة العقبة. وقوله وبعده فالدم أي وإن أعاد بعد
الغروب فالدم، كما أنه لو أعاد رمي اليوم الثاني قبل الغروب فلا دم عليه وبعده فالدم، وكذا يقال في رمي اليوم
الثالث. قوله: (والليل قضاء) فيه أنه لا حاجة له بعد قوله: وقضاء كل إليه لاغنائه عنه لأنه جعل انتهاء وقت
القضاء بغروب الشمس من الرابع، ولا شك في دخول الليل في ذلك الوقت، وقد يقال: أنه وإن كان مغنيا
عنه لكنه صرح به قصدا للرد على القول الضعيف وهو أن الليل أداء وأنه لما كان النهار وقت أداء للرمي
فربما يتوهم أنه لا يقضى إلا في مثل وقت الأداء وهو النهار نبه على أنه يقضي ليلا. قوله: (وحمل مريض)
أي وكذا صبي. وقوله مطيق أي قادر، وحاصله أن المريض والصبي إذا كان كل منهما له إطاقة أي قدرة
على أن يرمي بنفسه فإنه يرمي بنفسه وجوبا إذا وجد حاملا يحمله للجمرة. قوله: (ولا يرمي في كف غيره)
هذا نهي أي انه ينهى عن ذلك والنهي قد يجامع الصحة وقد لا يجامعها وهو الغالب كما هنا فلذا قال الشارح:
فإن فعل لم يجزه، وفي بعض النسخ: ولا يرمي بإثبات الياء على أنه خبر بمعنى النهي. قوله: (لتقديمه) أي الحلق
على التحللين أي رمي جمرة العقبة والإفاضة، وإذا وقع نزول وقدم الحلق على الرمي ورمى بعده أمر
الموسى على رأسه لان الحلق الأول الواقع قبل الرمي وقع قبل محله. قوله: (فدم) أي مع الاجزاء على
المشهور، خلافا لما نقل عن مالك من أنه لا تجزئه الإفاضة قبل الرمي، ولا بد من إعادتها بعده وأنه إن
وطئ بعد الإفاضة وقبل الرمي فسد حجه وأما على المشهور فلا يفسد. قوله: (أن مذهب المدونة
إعادتها) أي طلب إعادتها. قوله: (ولا دم عليه) أي إن أعادها بعد الرمي قوله: (وإن فعله قبل الرمي كلا
فعل لأنه فعل له قبل محله إلخ) قد علمت أن هذا خلاف المشهور وأن المشهور أنه إذا قدم الإفاضة على
الرمي فإنه يجزيه تأمل. ثم ما ذكره المواق اعترضه طفي ونصه: وقد وقع للمواق تورك على المصنف
إذ نسب عدم الاجزاء للمدونة وقبل عج كلامه مقلدا فيه وما نسبه للمدونة غير صحيح، واللفظ الذي
أتى به ليس لفظها ولم أر أحدا نسب إليها عدم الاجزاء، وقد جعل ح القول بعدم الاجزاء مخالفا
لمذهب المدونة انظر بن. قوله: (أو فاض قبلهما) أي قبل الذبح أو قبل الحلق أو قبلهما معا. قوله: (فلا دم) أي في
صورة من هذه الصور الخمس. قوله: (والأفضل الفور) أي والأفضل الرجوع من مكة بعد طواف
الإفاضة لمنى فورا، فالتأخير في مكة حيث يدرك المبيت بمنى خلاف الأفضل. والحاصل أن الرجوع
للمبيت بمنى واجب والفورية في الرجوع مندوب. قوله: (بيان لمنى) أي من قوله: وعاد للمبيت بمنى
لان الذي فوق العقبة هو من منى لان العقبة حد منى من جهة مكة، وعلى كونه بيانا فالأولى للشارح
أن لا يقدر جمرة لان نفس الجمرة من منى. قوله: (جهة مكة) وأولى إذا بات دونها جهة
48

عرفة أو في مكة لكن الشارح التفت للشأن. قوله: (وإن ترك جل ليلة فدم) أي لا نصفها، والمراد أن
ترك غير المتعجل جل ليلة من الليالي الثلاث أو ترك المتعجل جل ليلة من الليلتين، وليس المراد جل ليلة
من أي ليلة من الثلاث للمتعجل وغيره إذ المتعجل لا يلزمه بيات الثالثة. والحاصل أن المقتضى لوجوب
بيات الليلة الثالثة وعدم وجوب بياتها قصد التعجيل وعدم قصده، فإن قصد التعجيل فلا يلزمه بيات
بها، وإن لم يقصد التعجيل لزمه البيات بها، ويلزمه الدم إن ترك البيات جل ليلة، والمراد بالمتعجل من
قصد الذهاب لمكة كان له عذر أو لا. قوله: (فأكثر) أشار بذلك إلى أنه إذا ترك المبيت بمنى ليلة كاملة
أو الثلاث ليالي فاللازم دم واحد ولا يتعدد. قوله: (ولو كان الترك لضرورة) أي كخوف على متاعه
وهو الذي يقتضيه مذهب مالك حسبما رواه عنه ابن نافع فيمن حبسه مرض فبات في مكة فإن عليه هديا.
قوله: (أو ليلتين) أي أو عاد للمبيت بمنى ليلتين. قوله: (والتعجيل جائز) أي جوازا مستوى الطرفين لا
أنه مستحب ولا خلاف الأولى اه‍ عدوي. قوله: (ولو بات المتعجل بمكة) هذا مبالغة في مقدر أشار
له الشارح بقوله: والتعجيل جائز فكأنه قال: والتعجيل جائز هذا إذا أراد المتعجل البيات ليلة رابع النحر
بغير مكة، بل ولو أراد البيات في تلك الليلة بمكة، هذا إذا كان ذلك المتعجل آفاقيا بل ولو كان مكيا، ورد بلو
في الأولى قول عبد الملك وابن حبيب من أن من بات بمكة فقد خرج به عن سنة التعجيل فيلزمه أن يرجع
فيرمي لليوم الثالث وعليه الدم لمبيته بمكة، ورد بلو في الثاني ما رواه ابن القاسم عن مالك لا أرى التعجيل
لأهل مكة ولا يكون لهم عذر من تجارة أو مرض قاله ابن القاسم في العتبية، وقد كان مالك قبل ذلك
يقول: لا بأس بتعجيلهم وهم كأهل الآفاق وهو أحب إلي. قوله: (لكن يكره التعجيل للامام) أي لأمير
الحج وهذا استدراك على قوله: والتعجيل جائز أفاد به أن الجواز بالنسبة لغير الامام وأما هو فيكره له.
قوله: (قبل الغروب إلخ) أشار بهذا إلى أن شرط جواز التعجيل أن يجاوز جمرة العقبة قبل غروب
الشمس من اليوم الثاني من أيام الرمي، فإن لم يجاوزها إلا بعد الغروب لزمه المبيت بمنى ورمى الثالث
وكأنه التزم رميه، ثم إن ما ذكره من شرط التعجيل إذا كان المتعجل من أهل مكة، وأما إن كان من
غيرها فلا يشترط خروجه من منى قبل الغروب من اليوم الثاني، وإنما يشترط نية الخروج قبل الغروب من
الثاني، ثم إن من تعجل وأدركته الصلاة في أثناء الطريق هل يتم أو لا؟ لم أر فيه نصا والاتمام أحوط، وأما
من أدركته الصلاة من الحجاج وهو في غير محل النسك كالرعاة إذا رموا العقبة وتوجهوا للرعي
فالظاهر من كلامهم أن حكمهم حكم الحجاج كذا في كبير خش. قوله: (ورخص لراع) هذا كالمستثنى
من قوله: وعاد للمبيت إلخ. ومن قوله: أو ليلتين إن تعجل. وقوله بعد العقبة متعلق برخص لا براع أي لراع
في المحل الذي بعد العقبة إذ هذا ليس بمراد بل المراد راع في أي محل كان. وقوله ويأتي الثالث أي في
الثالث. وقال محمد: يجوز لهم أن يأتوا ليلا فيرمون ما فاتهم رميه نهارا، واستظهره ح ولكنه ضعيف كما قال
طفي لقصر الرخصة على موردها. قوله: (جوازا) أي مستوى الطرفين. قوله: (لراع الإبل فقط) أي لان
الرخصة كما في الموطأ عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم لرعاة الإبل، ومعلوم أن الرخصة لا تتعدى محلها وفي
القياس عليها نزاع، وظاهر المصنف وابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة الاطلاق. قوله: (ويأتي اليوم
الثالث من أيام النحر) الذي هو ثاني يوم من أيام الرمي قوله: (وإن شاء أقام لرمي الثالث من أيام الرمي) أي
ولا دم عليه لترك المبيت ولا لتأخير رمي اليوم الثاني لليوم الثالث. قوله: (في
ترك المبيت خاصة) أي لا في ترك المبيت وترك الاتيان في اليوم الحادي عشر والاتيان في الثاني عشر كالرعاة. قوله: (ورخص ندبا
تقديم الضعفة) معنى الترخيص لهم في عدم البيات بالمزدلفة أنه يحصل لهم ثواب البيات بها فلا يعترض
49

بأن البيات بها ليس أمرا واجبا حتى يقال: رخص لهم في تركه اه‍ عدوي. قوله: (في الرد) أي في الرجوع،
وأشار الشارح بقوله إلى منى إلى أن متعلق الرد محذوف، وما ذكره الشارح من التأويل هو المتعين،
وأما حمل المصنف على ظاهره فلا يصح بأن يقال: إن الضعفاء يرخص لهم أن ينصرفوا من عرفة إلى
المزدلفة قبل الغروب كما هو قول في المذهب من أن الركن الوقوف نهارا لكن هذا القول غير معول
عليه. قوله: (فيذهبون ليلا للبيات بمنى) أي بعد نزولهم لمزدلفة بقدر حط الرحال. قوله: (وإن لم ينزل
فالدم) أي ولا فرق في ذلك بين الضعفاء وغيرهم. قوله: (ورخص ترك التحصيب) هذه الرخصة بمعنى
خلاف الأولى لأنه يستحب للحجاج إذا لم يتعجلوا أنهم إذا رموا ثالث يوم بعد الزوال أن ينصرفوا
لمكة، فإذا وصلوا المحصب ندب لهم النزول فيه يصلون به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم يدخلون
مكة لفعله عليه الصلاة والسلام وهو ما بين الجبلين منتهيا للمقبرة، سمي بالمحصب لكثرة الحصباء فيه
من السيل قوله: (فلا يرخص له في تركه) أي لأجل إحياء السنة والترك له مكروه وأما لغيره فهو
خلاف الأولى، ومحل ذلك ما لم يكن متعجلا أو يوافق نفره يوم الجمعة وإلا فلا كراهة في تركه.
قوله: (وإذا عاد الحاج) أي من مكة بعد طواف الإفاضة. قوله: (وقت أداء كل من الزوال للغروب) أي
والليل عقيب كل يوم قضاء له كما مر فيلزم الدم بالتأخير إليه ولو بحصاة من جمرة. قوله: (مطلقا)
أي كان رمي جمرة العقبة أو غيرها. قوله: (بحجر) أي كون المرمي من جنس ما يسمى حجرا سواء كان
زلطا أو رخاما أو صوانا أو غير ذلك. قوله: (وهو) أي الخذف بمعجمتين. قوله: (بالأصابع) بأن
تجعل الحصاة بين سبابتك وإبهامك وترمي بها. قوله: (الحذف بالحصى) أي وهو الحذف بالحصى
سواء كان بالأصابع أو باليد بتمامها والأولى إبدال الحذف بالرمي. قوله: (وهو قدر إلخ) الضمير
لحصى الحذف. قوله: (من شروط الصحة) أي صحة الرمي كونه أي الرمي برمي، واعترض بأن الشئ
لا يكون شرطا لنفسه. وأجيب بأن الرمي المشروط فيه المراد منه الايصال للجمرة، والرمي الذي
اعتبر شرطا بمعنى الاندفاع، والمعنى حينئذ شرط صحة الايصال للجمرة الاندفاع، فلا يجزئ وضع
الحصاة بيده على الجمرة ولا طرحها عليها من غير اندفاع، ولا بد من الاندفاع لكل حصاة بانفرادها،
فإن رمى السبع في مرة واحدة احتسب منها بواحدة، ولا بد أن يكون الرمي بيده لا بقوس أو رجله
أو فيه. قوله: (وإن بمتنجس) أي هذا إذا كان الحجر طاهرا بل وإن كان متنجسا فالباء في قوله
بمتنجس زائدة. قوله: (على الجمرة) هذا هو الشرط الثالث فإن رمى على غيرها فلا يجزئ قوله: (وهي
البناء وما تحته) هذا هو المعتمد، وقيل إن الجمرة اسم للمكان الذي يجتمع فيه الحصى. قوله: (على
الثاني) أي الموضع الذي فيه الحصى تحت البناء. قوله: (وعليه) أي على ما قلناه في تفسير
الجمرة. قوله: (إن ذهبت إلى الجمرة بقوة) أي من الرمي لاتصال الرمي بالجمرة.
قوله: (وأما إن وقعت دونها وتدحرجت إلخ) هكذا في التوضيح عن سند ثم قال: ولو
50

تدحرجت في مكان عال فرجعت إليها فالظاهر عدم الاجزاء لان الرجوع ليس من فعله اه‍ بن.
قوله: (تردد) أي بين شيخي المصنف سيدي عبد الله المنوفي وسيدي خليل المكي، فالأول كان يميل إليه المنوفي
والثاني كان يفتي به سيدي خليل المكي. قوله: (فإن نكس أو ترك الأولى مثلا أو بعضها ولو سهوا لم يجزه)
أي ما دام يوم الجمرة ولا بد من إعادة المنكس وهو المقدم عن محله وإعادة ما بعده لوجوب الترتيب، فإن
لم يعد المنكس وما بعده كان بمنزلة تارك الرمي بالكلية فيلزمه الدم. قوله: (ورمي الحاضر) أي وبعد رمي
الحاضر. قوله: (وأعاد ما حضر وقته) أي وأعاد الرمي الذي حضر وقته، وقوله بعد فعل المنسية متعلق
بإعادة. قوله: (وإعادة) أي وبعد إعادة ما بعدها. وقوله في يومها فقط نعت لما بعدها أي وما بعدها الكائن
في يومها. قوله: (الجمرة الأولى) أي كلا أو بعضا، ومثل ذلك ما لو نكس بأن قدم الوسطى على الأولى
فإنه يعيد الوسطى والثالثة وجوبا ويعيد رمي اليوم الحاضر استحبابا. قوله: (وجوبا) أي لان الترتيب
المنسي مع ما بعده في اليوم الواحد واجب مطلقا ولو مع النسيان، فلذا أعاد ما بعد المنسية الكائن في يومها
وجوبا. قوله: (استحبابا) لان إعادة الرابع لأجل الترتيب والترتيب بين المنسي وما حضر وقته واجب
مع الذكر لا مع النسيان فلذا استحب إعادته. والحاصل أن ترتب ما حضر وقته مع الفائت واجب
مع الذكر، وأما ترتيب الفائت مع ما بعده في يومه فواجب مطلقا قوله: (ولا يعيد جمرات اليوم الثالث) أي
لان رميه صحيح وقد خرج وقته اه‍. ونظير ذلك في الصلاة لو نسي الصبح وصلى الظهر والعصر
والمغرب والعشاء ثم تذكر فإنه يصلي الصبح والمغرب والعشاء لبقاء وقتهما ولا يعيد الظهر والعصر
لخروج وقتهما. قوله: (أي الرمي) أي رمي الجمرات الثلاث. قوله: (ثم الثانية بالثالثة) أي ثم أردف الثانية
بالجمرة الثالثة. قوله: (وهو الذي قدمه) أي في درس وللسعي شروط الصلاة في قوله: وتتابعها ولفظها.
قوله: (والأصوب حمله على تتابع الحصيات) فالمعنى وندب تتابع الرمي في حصيات كل جمرة من الجمرات
الثلاث، وما تقدم في قوله وتتابعها فهو في تتابع جمرة العقبة وهذا التقرير لعج، وما تقدم لغيره
فإن رمى بخمس خمس أي فإن رمى كل جمرة من الجمار الثلاث بخمس سواء فعل ذلك عمدا أو نسيانا
قوله: (ولا هدي إن ذكر في يومه) وأما إن ذكر ذلك بعد الغروب أو في ثاني يوم كمل الأولى بحصاتين
ورمى الثانية والثالثة بسبع سبع ولزمه هدي لتأخير الرمي لوقت القضاء. قوله: (وكذا قوله إلخ) أي
فإنه مفرع على قوله: وصحته بترتبهن، وعلى قوله: وندب تتابعه فلأجل ندب التتابع لم تبطل الست
الأولى، ولأجل وجوب الترتيب بطل ما بعدها لعدم الترتيب لان الثانية والثالثة وقعا قبل كمال
الأولى، وما ذكره المصنف من ندب تتابعه طريقة شهرها الباجي وابن بشير وابن راشد، وحمل
أبو الحسن المدونة عليها، وطريقة سند وابن عبد السلام وابن هارون أن الفور شرط مع الذكر
اتفاقا، واختلف فيه مع النسيان وعليها فلا يعتد بشئ. قوله: (وإن لم يدر موضع حصاة إلخ) حاصله
أنه إذا رمى الجمار الثلاث ثم تيقن أنه ترك حصاة من واحدة منها ولم يدر من أيها تركها أو شك في ترك
حصاة من واحدة وعدم تركها، وعلى تقدير تركها لم يدر من أيها تركها فإنه يعتد بست من الجمرة
51

الأولى لاحتمال كونها منها فيكملها بحصاة ثم يرمي الثانية والثالثة بسبع سبع ولا دم عليه إن كمل الأولى
وفعل الثانية والثالثة في يومه، فإن رمى الجمار الثلاث في يومين وتحقق ترك واحدة ولم يدر من أي
الجمار الثلاث تركت، وهل هي من اليوم الأول أو الثاني؟ فإنه يعتد بست من الأولى في كلا اليومين ويكمل
عليها ويعيد ما بعدها ويلزمه دم لتأخير رمي اليوم الأول لليوم الثاني. وقوله موضع حصاة أي
وكذا إن لم يدر موضع حصاتين اعتد بخمس من الأولى وهكذا كلما زاد الشك اعتد بغير المشكوك
فيه، وهذا أيضا مبني على ندب التتابع، وأما على وجوبه فلا يعتد بشئ. قوله: (اعتد بست من الثانية) أي
فيكملها بحصاة ثم يرمي الثالثة بسبع ولا دم عليه إن كمل الثانية وأعاد الثالثة في يومه. قوله: (ونحوه) أي
من كل من يرمي عنه ولو نيابة. قوله: (إن رمى عن نفسه سبعا إلخ) أي هذا إن رمى عن نفسه سبعا لان
غاية الأمر أنه ترك التتابع بين الجمرات الثلاث وهو مندوب، وذلك لفصله بين رمي كل جمرتين بالرمي
عن الغير. قوله: (بل ولو كان يرمي إلخ) رد بلو قول القابسي: إنه يعيد عن نفسه وعن غيره ولا يعتد بذلك
ولا بحصاة واحدة قاله ابن يونس، وردد ذلك القول بأن التفريق بين الحصيات في هذه الحالة يسير،
وتتابع الحصيات وعدم الفصل بينها مستحب فقط كما مر، قال عبق: فإن رمى عن نفسه حصاتين أو أكثر
وعن الصبي مثله أو أقل أو أكثر فالظاهر الاجزاء، وانظر هل هذا من محل الخلاف أيضا أم لا؟
قال: الظاهر أنه منه لان القابسي يمنع التفريق بين الحصيات وهذا منه فتأمل. قوله: (لا إن رمى الحصاة
الواحدة إلخ) أي لا إن رمى حصاة بعد حصاة إلى آخر السبع، وكل واحدة نوى أنها عنه وعن
غيره فإنه لا يجزئ عن واحد منهما اتفاقا. قوله: (وندب رمي العقبة إلخ) الحاصل أن وقت الأداء
لرمي جمرة العقبة في يوم النحر من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وقد أشار لذلك فيما مر وأشار هنا
إلى وقته الأفضل، وأنه بعد طلوع الشمس إلى الزوال من يوم النحر، فيكره قبله أو بعده إذا كان
التأخير عن الزوال لغير عذر، وأما إذا كان لمرض أو نسيان فلا كراهة في فعله بعد الزوال، وقد مر أن
وقت قضائه الذي لا يجوز التأخير له الليل. قوله: (أي بعد طلوعها) أي لا عنده لأنه يصدق بالمقارنة
وليست بمرادة إذ حكمها حكم ما قبل الطلوع من الكراهة. قوله: (وإلا يكن الرمي أول يوم إلخ) أشار إلى
أن النفي في قوله: وإلا راجع لقوله أول يوم كما درج عليه الشارح بهرام لا له، ولقوله طلوع شمس
كما قال تت والبساطي لان المعنى حينئذ وإلا بأن لم يرم العقبة أول يوم طلوع الشمس فيندب رميها
أثر الزوال في اليوم الأول قبل الصلاة وهو غير صحيح، لان ظاهر كلامهم أن وقت استحبابها ينتهي
بالزوال، فإن فعلها بعد الزوال ولو كان بإثره كان فعلا لها في غير وقتها المستحب. قوله: (إنه يتقدم
أمامها بحيث تكون جهة يساره إلخ) تبع في ذلك ح وفيه نظر، والصواب أن المراد بتياسره ذهابه
عنها لجهة يسارها بأن يقف أمامها جهة يسارها، ويلزم من كونه جهة يسارها أن تكون هي
جهة يمينه كما في عبارة ابن المواز ونصها، ثم يرمي الوسطى وينصرف منها إلى الشمال في بطن المسيل
فيقف أمامها مما يلي يسارها، وكما في عبارة ابن عرفة أيضا وابن شاس وابن الحاجب اه‍ بن.
قوله: (وأما الأولى) أي وهي التي تلي مسجد منى قوله: (ولا يقف عندها للدعاء) وذلك لسعة موضع
الأوليين دون جمرة العقبة فإن موضعها ضيق، فالوقوف عندها للدعاء يضيق على الرامين،
ولهذا لا ينصرف الذي يرميها على طريقه لأنه يمنع الذي يأتي للرمي، وإنما ينصرف من
أعلى الجمرة. قوله: (وتحصيب الراجع إلخ) أي إذا كان غير متعجل ولم يكن رجوعه
يوم جمعة وإلا فلا يندب التحصيب، ومحل ندب صلاة الظهر به إذا وصله قبل ضيق وقتها بأن
52

وصله قبل العصر بمقدار ما يصلي صلاة الظهر، أما لو ضاق عليه الوقت جدا بحيث يدخل وقت العصر
قبل أن ينزل به فإنه يصلي الظهر حيث أدركه الوقت ولا يؤخرها للمحصب، وقوله: وتحصيب الراجع
من منى أي سواء كان أفاقيا أو مكيا أو مقيما بمكة ويقصر المكي الصلاة فيه لأنه من تمام المناسك وأولى
غير المكي. قوله: (ليصلي أربع صلوات) اللام للغاية لا للتعليل لأن علة ندب النزول به فعله صلى الله عليه وسلم
أي ندب تحصيب الراجع إلى أن يصلي فيه أربع صلوات لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وإنما فعله
النبي صلى الله عليه وسلم شكرا لله وذلك لان المحصب هو الموضع الذي تحالفت فيه قريش على أنهم لا
يبايعون بني هاشم ولا يناكحونهم ولا يأخذون منهم ولا يعطونهم فنزله النبي وذكر الله فيه شكرا له حيث
أظفره ونصره على أعدائه فكان مجلسا لسوء جعله الله مجلسا لخير اه‍ عدوي. قوله: (أو قدم إليها بتجارة)
أي هذا إذا قدم إليها بنسك بل ولو قدم إلخ. قوله: (وطواف الوداع إلخ) حاصل المسألة: أن الخارج من
مكة إذا قصد التردد لها فلا وداع عليه مطلقا وصل للميقات أم لا، وإن قصد مسكنه أو الإقامة طويلا
فعليه الوداع مطلقا، وإن خرج لاقتضاء دين أو زيارة أهل نظر، فإن خرج لنحو أحد المواقيت ودع
وإن خرج لدونها كالتنعيم فلا وداع هذا محصل كلام ح. قوله: (لا لقريب كالتنعيم والجعرانة) أي ما لم
يخرج ليقيم فيه لكونه مسكنه أو ليقيم فيه طويلا وإلا طلب منه. قوله: (وإن صغيرا) مبالغة في قوله:
وندب طواف الوداع إن خرج لكالجحفة أي وإن كان ذلك الخارج صغيرا وظاهره ولو كان غير
مميز فيفعله عنه وليه. قوله: (وتأدى إلخ) الحاصل أن طواف الوداع ليس مقصودا لذاته بل ليكون
آخر عهده من البيت الطواف، فلذلك يتأدى بطواف الإفاضة أو العمرة ولا يكون
سعيه لها طولا حيث لم يقم عندها إقامة تقطع حكم التوديع، والمراد بتأديه بهما أنه لا يستحب لمن طاف
للإفاضة أو للعمرة، ثم خرج من فوره أن يطوف للوداع بل يسقط عنه الطلب بما ذكر ويحصل له فضل
الوداع إن نواه بما ذكر قياسا على تحية المسجد. قوله: (ولا يرجع إلخ) النهي للكراهة. وحاصله أنه
إذا طاف للوداع أو لغيره وخرج بإثر ذلك فلا يرجع من البيت ووجهه إليه وظهره لخلفه كما يفعله
الأعاجم عند مفارقة عظيم. قوله: (بإقامة بعض يوم بمكة) أي أو بمحل دون ذي طوى، وأما لو أقام بذي
طوى أو بالأبطح يوما أو بعضه لم يبطل وداعه، والمراد ببعض اليوم ما زاد على الساعة الفلكية كما قال
شيخنا العدوي قوله: (إن لم يخف فوات أصحابه) أي الذين يسير بسيرهم، ومثل ذلك ما إذا خاف منعا من
الكراء. قوله: (وحبس الكرى والولي) أي لطواف الإفاضة لا للوداع لأنه يسقط عن الحائض والنفساء.
وحاصله أن المرأة سواء كانت مبتدأة أو معتادة إذا حاضت أو نفست قبل أن تطوف طواف الإفاضة،
فإن كريها ووليها يجبران على الإقامة معها بمقدار حيضها واستظهارها أو مقدار نفاسها، فإذا أزال
المانع بعد مضي زمن الحيض والاستظهار أو بعد مضي أمد النفاس طافت، وسواء علم الكرى بحملها أم لا،
حملت قبل الكراء أو بعده، وليس عليها شئ من نفقته ولا نفقة دوابه، قال ح: ويستحب لها في النفاس أن
تعينه بالعلف لا في الحيض لقصر مدته، فإن مضى قدر حيضها والاستظهار ولم ينقطع الدم فظاهر المدونة
أنها تطوف لأنها مستحاضة ولو قبل خمسة عشر يوما، وتأولها الشيخ بمنعها من الطواف وفسخ كرائها
لرواية ابن وهب بأن المرأة إذا استمر الدم نازلا عليها بعد مضي مدة الاستظهار فإنها تمكث خمسة عشرة
يوما للاحتياط، فظهر أن للفسخ وعدم الطواف وجها وهو مراعاة رواية ابن وهب بالاحتياط، فقول
التوضيح بعد حكاية القولين الظاهر أنها تطوف ولا وجه للفسخ لان مدة الحبس وهي
أمد الحيض قد مضت غير ظاهر فتأمله. قوله: (أي قدر زمنه) أي زمن الحيض والاستظهار
53

إن كانت ممن تستظهر وقدر زمن النفاس. قوله: (وقيد القول بحبس من ذكر إلخ) هذا يفيد أن في حبسهما
خلافا وهو كذلك، ففي الموازية عن مالك قول بعدم حبس الكرى في النفاس أصلا، وفي الجواهر وابن
عرفة ما يفيد أن في حبس الكرى لأجل الحيض خلافا أيضا. تنبيه: قوله: وقيد إلخ هذا التقييد
لابن اللباد وابن أبي زيد والتونسي. قوله: (فسخ الكراء) أي ولا يلزمها جميع الأجرة بل يرجعان
للمحاسبة، وتبع الشارح في حكاية الاتفاق عبق وتت في صغيره نقلا عن عياض وهو خلاف نقل ابن
عرفة عن اللخمي ونصه: قال اللخمي ويختلف هل يفسخ أو يكرى لها شخص آخر والكراء الأول
لازم لها لان المنع جاء منها. والحاصل أنه حيث قلنا إنه لا يحبس الكرى والولي مع الخوف فهي
كالمحصرة بعدو ولا تحل إلا بالإفاضة على الصواب كما يأتي للمصنف في قوله: وإن حصر عن البيت فحجه
تم ولا يحل إلا بالإفاضة، وما في عبق من أنها كالمحصرة بعدو فلها أن تتحلل بنحر هدي فغير صواب،
وحينئذ فإن أمكنها المقام بمكة فسخ الكراء وقيل لا يفسخ ويكرى لها شخص آخر وإن لم يمكنها لم
ينفسخ ورجعت لبلدها ثم تعود في العام القابل انظر بن. قوله: (وحبست الرفقة أيضا) أي كما يحبس
الكرى والولي. قوله: (في كيومين) أي إذا كان عذرها يزول في كيومين قوله: (فلا يحبسون) أي وإنما
يحبس الكرى والولي فقط. قوله: (تشعر بالاستغناء) أي باستغناء الزائر عن المزور قوله: (أي دخوله)
أشار بذلك إلى أن المراد برقي البيت دخوله لا الصعود على درجه الذي يطلع عليه للبيت لأنه لا كراهة إذا
كان لابسا لنعل طاهر أو خف. قوله: (أي على ظهره) أي الصعود على ظهره أو الصعود على منبره عليه
السلام. قوله: (بنعل محقق الطهارة أو خف) بخلاف وضع مصحف على ما ذكر فإنه حرام لعظم حرمة
القرآن على ما ذكر قاله عبق. قوله: (وإن قصد بطواف نفسه مع محموله) سواء كان محموله صغيرا أو مجنونا
أو مريضا أو كبيرا لا عذر له، وقوله لم يجز عن واحد منهما أي وقيل يجزي عنهما، وقيل يجزي عن الحامل
والمحمول إذا كان صبيا فقط فالأقوال ثلاثة كما في بن قوله: (لم يجز عن واحد منهما) تبع المصنف
في ذلك تشهير ابن الحاجب قال في التوضيح: ولم أر من شهره غيره، قال المواق: وظاهر الطراز ترجيح
القول بالاجزاء عنهما، ونسب المواق والتوضيح الاجزاء عن الصبي لابن القاسم اه‍ بن. قوله: (لان
الطواف صلاة وهي لا تكون عن اثنين) أورد على هذا التعليل اجزاء الطواف عن المحمولين فأكثر،
وأجيب بالفرق بأن المحمولين صارا بمنزلة الشئ الواحد تأمل. قوله: (وأجزأ السعي الذي نوى به نفسه
ومحموله) كان مريضا أو صحيحا أو صبيا. قوله: (أي في الطواف والسعي) لكن المعتبر في طوافه عن
المحمول طهارة الحامل وحده إن كان المحمول غير مميز، فإن كان مميزا فالطهارة شرط في المحمول لا
في الحامل اه‍ عدوي.
فصل حرم بالاحرام
قوله: (أي بسببه) أشار إلى أن الباء للسببية ويصح جعلها للظرفية وكل منهما يفيدان مبدأ الحرمة بمجرد
الاحرام، أما إفادة السببية ذلك فظاهر، وأما إفادة الظرفية ذلك فلان المعنى حرم في حال الاحرام، فيفيد
أن مبدأها من الاحرام خلافا لعبق القائل: إن جعلها للظرفية لا يفيد ذلك، وإنما يفيد جعلها
للسببية، وكأن شبهته أن الظرف أوسع من المظروف وفيه أن هذه ظرفية مجازية وهي ترجع
54

للمصاحبة تأمل. قوله: (ولو أمة أو صغيرة) قال عبق: أو خنثى مشكلا وفيه أن مقتضى الاحتياط
إلحاق الخنثى بالرجل لا بالمرأة لان كل ما يحرم على المرأة يحرم على الرجل دون العكس إلا أن يقال:
احتمال الأنوثة يقتضي الاحتياط في ستر العورة، وحينئذ فالاحتياط ستره كالمرأة وفداؤه لاحتمال
ذكورته. قوله: (وكذا ستر أصبع) أي بساتر يستره بخصوصه. قوله: (أو بعضه) جزم في بعض وجه
المرأة بأنه كجميعه تبعا لح، وحكى فيما يأتي في ستر بعض وجه الرجل تأويلين، وكلام التوضيح وابن
عبد السلام يفيد انهما سواء وأن التأويلين في كل منهما واعتمده طفي. قوله: (إلا لستر) هذا الاستثناء
متصل لدخول ما بعد إلا فيما قبلها لولا الاستثناء أي إلا إذا أرادت بستر وجهها الستر عن أعين الناس
فلا يحرم ستره حينئذ حيث كان الستر من غير غرز وربط. قوله: (بل يجب إلخ) حاصله أنه متى أرادت
الستر عن أعين الرجال جاز لها ذلك مطلقا علمت أو ظنت الفتنة بها أم لا، نعم إذا علمت أو ظنت الفتنة بها
كان سترها واجبا، قال عبق: وانظر إذا خشي الفتنة من وجه الذكر بأن جزم بحصول الفتنة أو ظنت عند
نظر وجهه هل يجب ستره في الاحرام كالمرأة أم لا؟ ولا وجه لهذا التنظير لما ذكروا في فصل سترة العورة
عن ابن القطان وغيره أن غير الملتحي لا يلزمه ستر وجهه وإن كان يحرم النظر إليه بقصد اللذة، وإذا لم
يجب عليه ستر وجهه في غير الاحرام ففي الاحرام أولى كما هو ظاهر فالتنظير قصور اه‍ بن. قوله: (إن
طال) أي وأما لو فعلت شيئا مما ذكر ثم أزالته بالقرب فلا فدية لان شرطها الانتفاع من حر أو برد،
وعند إزالة ما ذكر بالقرب لم يحصل الانتفاع المذكور. قوله: (وإن بنسج) أي هذا إذا كانت الإحاطة
بخياطة بل وإن كانت بنسج. قوله: (يقفله) أي يقفل ذلك الزر الثوب عليه. قوله: (لا إن خيط) أي الثوب
بغير إحاطة. قوله: (الثوب المنفتح) أي كالقفطان والفرجية. قوله: (فإن نكسه بأن جعل أسفله على منكبيه
فلا فدية) ظاهره ولو أدخل رجليه في كميه وليس كذلك بل فيه الفدية حينئذ. قوله: (بما يعد ساترا)
إن أريد الساتر لغة كان قوله كطين تمثيلا، وإن أريد الساتر عرفا كان تشبيها. قوله: (كطين) أي
أو دقيق أو جير يجعله على وجهه أو رأسه لان ذلك جسم يدفع الحر. قوله: (مطلقا) أي سواء كان
لباسا أو لا. قوله: (وهو المحيط) أي مما يلبس. قوله: (ولا فدية في سيف) أي تقلد به في عنقه
عربي أو أعجمي ما لم تكن علاقته عريضة أو متعددة وإلا افتدى، والظاهر أن السكين ليست
كالسيف قصرا للرخصة على موردها. قوله: (وإن بلا عذر) أي هذا إذا تقلد به لعذر بل وإن
تقلد به بلا عذر وهذا هو المشهور، ومقابله لزوم الفدية إذا تقلد به لغير عذر، وأما مع العذر فلا فدية
اتفاقا. قوله: (وإن حرم ابتداء) أي وإن حرم تقلده به ابتداء أي إذا كان لغير عذر. والحاصل
أن التقلد به لعذر جائز ولا فدية فيه اتفاقا، وأما التقلد به لغير عذر فحرام اتفاقا، وفي لزوم الفدية
فيه قولان والمعتمد عدمها، وكل هذا إذا كانت علاقته غير عريضة ولم تكن متعددة، وإلا
فالفدية اتفاقا تقلد به لعذر أو لغيره وإن كان لا إثم في حالة العذر. قوله: (وظاهرها وجوب
نزعه) أي فإن لم ينزعه فلا فدية، وهذا مفاد قول ح: كل ما حكم في هذا الفصل بأنه ممنوع ففيه
الفدية ما لم يصرح فيه بأنه لا فدية فيه كمسألة السيف لغير ضرورة اه‍. فلما حكم حينئذ عليه بأنه
55

ممنوع علم أنه يجب نزعه وأنه إذا لم ينزعه فلا فدية للنص على ذلك. قوله: (وكذا بغيره) هذا هو المذهب
لأنه ظاهر قول المدونة، والمحرم لا يحتزم بحبل أو خيط إذا لم يرد العمل فإن فعل افتدى، وإن أراد
العمل فجائز له أن يحتزم اه‍. وعلى ظاهرها حملها أبو الحسن وابن عرفة وغيرهما، وقيد في مختصر الوقار
الاحتزام بكونه بلا عقد واقتصر عليه اه‍ بن. قوله: (ملويا) ظاهره من غير عقد وفيه أنه لا يتصور
العمل معه إلا بالعقد كما قاله ح، ولذا فسره ابن غازي وتبعه تت بقوله: أن يجعل طرفي مئزره بين فخذيه
ملويا مرشوقا في وسطه كالسراويل انظر بن. قوله: (على الثلث) ظاهره أن الثلث من حيز اليسير، وفي بن
عن أبي الحسن أن الثلث كثير، فكان الأولى للشارح أن يقول: بأن يزيد ثمنه بالثلث. قوله: (وإلا فعليه
الفدية) أي وإلا بأن وجد النعل من غير غلو أصلا أو غاليا غلوا غير متفاحش، ولبس الخف مقطوعا
أسفل من كعبه أو من غير قطع أصلا فعليه الفدية. قوله: (بيد) أي من غير إلصاق لها على وجهه أو رأسه
وإلا فعليه الفدية إن طال كذا في خش وعبق، والذي في بن عن ابن عاشر أنه لا فدية في اليد مطلقا
ألصقها أم لا لأنها لا تعد ساترا. تنبيه: كما جاز اتقاء الشمس والريح باليد جاز له أيضا سد أنفه من
الجيفة كما قال سند، واستحب ابن القاسم ذلك إذا مر بطيب انظر ح. قوله: (وكذا ببناء وخباء) أي
وكذا يجوز الاتقاء من الشمس والريح ببناء وخباء أي خيمة ومحارة كالمحمل. قوله: (لا بمرتفع)
أي لا يجوز اتقاء الشمس والريح بثوب يرفعه على عصا وفيه الفدية كما يأتي، خلافا لابن المواز القائل
بجواز ذلك ولا فدية فيه، وقوله عنهما أي عن وجهه ورأسه. قوله: (من ثوب) أي يجعله على عصا
فالذي يتقي بها المطر والبرد أكثر مما يتقى به الحر لان الحر لا يتقي بالثوب المرتفعة على عصا بخلاف
البرد والمطر، وأما البناء والخباء والمحارة فيجوز الاتقاء بها من الحر والبرد والمطر. قوله: (ولا يلصق
يده برأسه) أي إذا اتقى بها الريح أو الشمس أو البرد أو المطر. قوله: (وإلا فعليه الفدية إن طال) قد
علمت أن المعتمد أن اليد يجوز الاتقاء بها مرتفعة أو ملتصقة وأنه لا فدية فيها مطلقا كما نقله بن عن
ابن عاشر، وأن ما قاله الشارح تبعا لخش وعبق هذا ضعيف. قوله: (ومثله الاثنان والثلاثة) قال بعضهم:
وانظر ما زاد على الثلاثة إذا انكسر وقلمه هل في تقليمه الفدية أم لا؟ قال شيخنا العدوي: الظاهر أن
المدار على الحاجة ولو أزيد من ثلاثة فمتى حصل التأذي بالكسر جاز القلم ولو أزيد من ثلاثة ولا فدية.
قوله: (وتأذى بكسره) أي ببقائه مكسورا. قوله: (وإلا) أي وإلا يتأذى ببقائه مكسورا لم يجز قلمه.
قوله: (لا لإماطة الأذى) أي بأن كان عبثا، وحاصله أنه إذا كان التقليم لإماطة الأذى ففدية، وإن كان
عبثا فحفنة وهذا في الظفر الواحد، أما إذا كان ما قلمه أكثر من واحد فالفدية مطلقا. قوله: (وإلا ضمن)
أي وإلا بأن أزال جميع الظفر أو زاد في التقليم على ما يزول به الأذى ضمن ما فيه من الفدية إن فعل ذلك
لإماطة الأذى أو الحفنة إن فعل ذلك عبثا. قوله: (وإلا فحفنة) أي وإلا بأن كان عبثا فحفنة. قوله: (فالفدية
مطلقا) أي سواء كان لإماطة الأذى أو كان عبثا. قوله: (لأنه وإن كان مخيطا لم يلبس لما خيط له) أي
من اللبس والأوضح حذف له أي لأنه لم يكن لابسا للمخيط. قوله: (وفي كره السراويل روايتان)
يعني أن المحرم هل يكره له أن يرتدي بالسراويل لقبح الزي كما يكره لغير المحرم لبس السراويل مع
الرداء أو لا يكره له ذلك بل هو مباح؟ روايتان عن الامام مالك، وأما لبس السراويل للمحرم فلا
56

يجوز ولو لم يجد إزارا على المعتمد، ففي كلام المصنف حذف مضاف أي وفي كره ارتداء السراويل
للمحرم وغيره، وإن ساقه المصنف في المحرم وعدم الكراهة روايتان، وبحث فيه ابن غازي بأن كلام
المصنف في المناسك ونحوه للباجي يفيد أن الجواز قول لغير الامام لا رواية عنه فانظره اه‍ بن.
قوله: (وهي المحمل) هو شقتان على البعير يحمل فيهما العديلان اه‍ بن. وهو المسمى بالحمل المغطى، وأراد
الشارح ما يشمل ذلك وما يشمل التختروان. قوله: (نازلة) أي سواء كانت تلك المحارة نازلة إلخ
قوله: (الذي عليها) أي على وجه الدوام والاستمرار. قوله: (لا فيها) أي لا في المحارة بأن يدخل فيها كما يدخل
الخباء. قوله: (غير مسمر) أي فلا يجوز التظلل فيها فإن لم يكشف ما عليها افتدى، وكذا يقال فيما بعدها
من الموهية. قوله: (كثوب بعصا) أي فيمنع التظلل به، وأما اتقاء المطر به فيجوز كما تقدم اه‍ بن.
قوله: (عند مالك) وهو المعتمد وأجازه ابن المواز. قوله: (وإن استظل في المحارة) أي التي ألقى عليها ثوب
غير مسمر بناء على المعتمد أو مطلقا بناء على الضعيف كما مر. قوله: (خلاف) ذكر المصنف في مناسكه
أن القول بوجوبها ظاهر المذهب، ونقل عن مناسك ابن الحاج أن الأصح استحبابها، فلعل المصنف
اعتمد هذين الترجيحين فعبر بخلاف، وبه تعلم أن الخلاف في الوجوب والاستحباب لا في الوجوب
والسقوط كما هو مقتضى كلام المصنف اه‍ بن. قوله: (لخرج ونحوه) أي كمخلة وجراب،
وقوله على رأسه وأولى على كتفه. قوله: (فيما يحمله) أي لحاجة كائنة في الخرج ونحوه الذي يحمله
كائنة تلك الحاجة لنفسه فهما وصفان لحاجة أو أن قوله لنفسه خبر لكان المحذوفة أي إذا كانت الحاجة
لنفسه ولم يجد إلخ، فإن كانت الحاجة له ووجد من يحمله له مجانا أو بأجرة لا يحتاج لها فلا يجوز حمله
على رأسه وافتدى إن حمله عليها، وإن كانت الحاجة لغيره وحملها له على رأسه بلا أجرة أو بأجرة على
وجه التكسب لزمته الفدية، وإن كان بأجرة لأجل تمعشه فلا فدية. قوله: (ولم يجد من يحمله له إلخ)
على هذا لو كان غنيا وحمله بخلا أو لهضم نفسه فالمنع كذا في عبق، ولكن كلام أبي الحسن يفيد أنه
لا شئ عليه في حمله لهضم نفسه مع قدرته على حمله على غيره اه‍ عدوي. قوله: (كذلك) أي يتمعش
بها قوله: (بلا تجر) أشهب ما لم يكن تجارة لعيشه كالعطارين قال المصنف في مناسكه: والظاهر أن كلام أشهب تقييد، و
كلام ابن بشير يدل على أنه خلاف، ولم يذكر المصنف هنا ما استظهره في
مناسكه. قوله: (وجاز إبدال ثوبه أو بيعه) أي جاز للمحرم أن يبدل ثوبه الذي أحرم فيه بغيره
سواء كان الثوب إزارا أو رداء، ولو كان إبداله الأول بغيره لأجل قمل به آذاه، وكذلك يجوز له
بيع ثوبه الذي أحرم فيه ولو لأذية القمل على المشهور. قوله: (حتى مات) أي حتف
أنفه قوله: (بخلاف غسله) أي ترفها أو لوسخ. قوله: (ويدل له إيجاب الفدية) أي فقد قال الباجي
في المنتقى: ولو جهل فغسل ثوبه أو رأسه حتى انتفع بذلك لكان عليه الفدية، فوجوب الفدية
دليل على التحريم اه‍ عدوي. قوله: (وهذا) أي حرمة الغسل إن شك في دوابه
أو تحقق القمل، أما إن تحقق عدم القمل جاز غسله بما شاء كان الغسل لنجاسة أو ترفها
أو لوسخ. قوله: (أخرج ما فيه) أي وهو ما سيأتي أن في القملة لعشرة حفنة إن كان القتل
57

لا لترفه وإلا ففدية كما أنها فيما زاد على العشرة لغير الترفه. قوله: (دون صابون ونحوه) أي كغاسول
وأشنان. قوله: (فإن فعل) أي فإن غسله بصابون لنجاسة أو وسخ أو ترفها. قوله: (وقد علمت إلخ) وحاصله
أنه إن تحقق نفي الدواب جاز الغسل لنجاسة أو وسخ أو ترفه سواء كان الغسل بماء وحده أو مع غيره
فهذه ستة أحوال، وإن تحقق وجود الدواب أو شك في وجودها وعدمه فإن كان الغسل لوسخ أو ترفه
منع كان الغسل بالماء وحده أو معه غيره فهذه ثمانية أحوال، وإن كان الغسل لنجاسة جاز الغسل إن كان
بالماء وحده وإن كان مع الماء غيره منع فهذه أربعة أحوال تمام الثمانية عشر حالا، ثم إنه في الأحوال
الثمانية إذا قتل شيئا من القمل لزمه ما فيه، وفي الأحوال الأربعة التي بعدها لا شئ عليه في قتل الدواب
في حالتي الجواز وفي حالتي المنع يلزمه اخراج ما فيه. قوله: (وجاز بط إلخ) أي إن احتاج لذلك لأجل
اخراج ما فيه بعصره أو بوضع لزقة عليه، وأما إن لم يحتج لبطه فإنه يكره لما يأتي في قوله وفصد من أنه إذا
كان لغير حاجة كان مكروها اه‍ عدوي قوله: (كرأسه) أي وظهره وما أشبه ذلك. وقوله برفق أي
وأما بشدة فهو مكروه. قوله: (مطلقا) أي برفق أو بغيره ولو أدماه قوله: (وإلا كره) أي وعلى كل حال
لا فدية فيه. قوله: (إن لم يعصبه) فيه أن هذا غير ضروري الذكر مع قوله الآتي كعصب جرحه فهو مغن
عما هنا قوله: (وشد منطقه) المراد بشدها إدخال سيورها أو خيوطها في أثقابها أو في الكلاب أو الابزيم
مثلا، وأما لو عقدها على جلده افتدى كما يفتدي لو شدها فوق الإزار قوله: (وهي حزام) أي سواء كان
من جلد أو من غيره كالخرق. قوله: (على جلده) متعلق بشد. قوله: (وجاز إضافة نفقة غيره لنفقته) أي
لأجل نفقته التي وضعها فيها ظاهره جواز إضافة نفقة الغير لنفقته، ولو كانت الإضافة بمواطأة وهو
ما استظهره في التوضيح وهو ظاهر الجلاب واللخمي كما في ابن عرفة، وظاهر الطراز أيضا كما في ح،
فتقييد عبق جواز الإفاضة بما إذا كانت بغير مواطأة فيه نظر انظر بن. قال شيخنا العدوي: يمكن أن
يقال: إن المواطأة الممنوعة محمولة على ما إذا كان الحامل له على شد المنطقة نفقة الغير، والجائزة على ما إذا
كان الحامل على شدها نفقته، وأما نفقة الغير فبطريق التبع وحينئذ فالخلف لفظي. قوله: (بل فارغة)
أي بل شدها فارغة أو شدها لأجل وضع مال التجارة فيها أو لأجل وضع مال لغيره فقط
قوله: (كعصب جرحه) أي كما أنه يلزمه الفدية إذا عصب جرحه أو رأسه لضرورة أو غيرها، وإن كان عصب
ما ذكر للضرورة جائزا وظاهره لزوم الفدية بالتعصيب مطلقا كانت الخرقة التي عصب بها صغيرة
أو كبيرة وهو ظاهر المدونة، خلافا لابن المواز حيث فرق بين الخرق الصغار والكبار وجعل الفدية
في الثاني دون الأول انظر بن. قوله: (أو لصق خرقة) قال ابن عاشر: هذا خاص بجراح الوجه
والرأس، فلصق الخرقة على الجرح الذي في غير الوجه والرأس لا شئ فيه، والفرق أن الوجه والرأس
هما اللذان يجب كشفهما دون غيرهما من بقية الجسد انظر بن. فقول الشارح: أو رأسه عطف على محذوف
أي على جرحه الذي بوجهه أو رأسه. قوله: (كبرت كدرهم) أما لصق الخرقة الصغيرة فلا شئ فيه. وقوله
ولصق خرقة كبرت كدرهم يعني بموضع أو بمواضع بحيث لو جمعت لكانت درهما وكذا قيل لكن
ظاهر التوضيح وابن الحاجب أنه لا شئ عليه إذا كانت في مواضع بحيث لو جمعت لكانت درهما
وهو المعول عليه. قوله: (لمذي أو بول) أي لأجل التحفظ من إصابتهما. قوله: (ولو صغيرة غير مطيبة)
أي ولو غير مطيبة وسواء جعلها في أذنه لعلة أو لغيرها. قوله: (بلصق خرقة) أي على جرحه الذي بوجهه
58

أو رأسه. وقوله دون درهم أي فإنه لا فدية فيها فكان مقتضاه أن القطنة إذا جعلت في الاذن وكانت
صغيرة لا فدية فيها أيضا. قوله: (أشبه الكبير) أي بخلاف الخرقة فإنه لا ينتفع الجرح بها إلا إذا كبرت.
قوله: (أو قرطاس إلخ) يعني أن المحرم إذا جعل على صدغه قرطاسا لضرورة كصداع أو لغيرها فإنه
يفتدي وإن كان لا إثم مع الضرورة، وظاهره لزوم الفدية في لصق القرطاس بالصدغ سواء كان القرطاس
كبيرا أو صغيرا بأن كان أقل من درهم وهو كذلك، لان انتفاع الصدغ بالقرطاس الصغير كانتفاعه
بالكبير. قوله: (أو ترك ذي نفقة إلخ) حاصله أنه إذا ضم نفقة غيره لنفقته التي وضعها في المنطقة التي
شدها على جسده ثم إنه نفذت نفقته وترك ذا النفقة ذهب لمحل وهو يعلم بذهابه ولم يردها له فإنه تجب
عليه الفدية، فإن لم يعلم بذهابه فلا شئ عليه وتبقى نفقة الغير معه فلا يدفعها لغيره. قوله: (أو ترك ردها)
أشار إلى أن قوله: أو ردها بالجر عطف على ذي المضاف إليه ترك، ثم إن هذه المسألة يغني عنها ما قبلها
لعلم حكمها مما قبلها بالأولى. قوله: (خز) هو ما سداه من حرير ولحمته من غيره بأن كانت من قطن أو كتان
أو صوف أو وبر. قوله: (وحلي) يدخل في الحلي الخاتم فيجوز للمرأة لبسه كما في التوضيح وغيره،
ونقله ح عند قوله فيما تقدم وخاتم خلافا لابن عاشر حيث قال: لا يجوز لها لبسه اه‍ بن. قوله: (وكره
لمحرم شد نفقته بعضده أو فخذه) أي ولم يوسع مالك إلا في شدها في الوسط تحت المئزر، قال
شيخنا العدوي: محل الكراهة في الشد على العضد وما معه ما لم يكن ذلك عادة لقوم وإلا فلا كراهة.
قوله: (وكب رأس إلخ) يعني أنه يكره للشخص المحرم وكذا غيره أن ينام على وجهه، وليست الكراهة خاصة
بالمحرم كما هو ظاهر المصنف لقول الجزولي: النوم على الوجه نوم الكفار وأهل النار والشياطين
اه‍ عدوي. قوله: (أي وجه) أي فهو من تسمية الجزء باسم الكل. قوله: (وبقرينة كب على وسادة) فإن
الذي يكب على الوسادة ينكفي عليها الوجه لا الرأس قوله: (وكره مصبوغ) أي وكره في الاحرام
لبس مصبوغ إلخ، وأما في غير حالة الاحرام فيجوز للمقتدى به وغيره لبس المعصفر ونحوه ما لم
يكن مفدما أي شديد الحمرة وإلا كره لبسه للرجال في غير الاحرام كما في بن، وحرم عليهم في الاحرام
على المشهور كما في عبق، إذا علمت هذا فقول الشارح: وكره لبس مصبوغ بمعصفر لغير مقتدى
به أي إذا كان غير مفدم وإلا حرم كالمطيب، والمفدم بضم الميم وسكون الفاء وفتح الدال المهملة
القوي الصبغ الذي رد في العصفر مرة بعد أخرى. قوله: (بعصفر أو نحوه من كل ما لا طيب فيه) أي
وأما ما صبغ بطيب كزعفران وورس فلا خلاف في حرمة لبسه على الرجال والنساء في الاحرام وتجب
الفدية بلبسه انظر بن. قوله: (ولكنه يشبه ذا الطيب) إنما قيد بذلك لاخراج ما صبغ بغير ذي
الطيب وكان صبغه لا يشبه صباغ ذي الطيب كالأسود ونحوه من الألوان التي لا تشبه لون العصفر،
فإنه يجوز الاحرام فيه للمقتدى به وغيره، خلافا للقرافي القائل بكراهة ما سوى الأبيض للمقتدى
به. قوله: (وهو ما يخفى أثره) أي تعلقه بما مسه من ثوب أو جسد. قوله: (كريحان وورد وياسمين) وأما
ما يعتصر مما ذكر من المياه فليس من قبيل المؤنث بل يكره فقط كأصله كما نص على ذلك في الطراز قال
ح: وهو الجاري على القواعد، وقال ابن فرحون: فيه الفدية لان أثره يقر في البدن، واعتمده طفي
معترضا به على ح وهو غير ظاهر إذ كلام المدونة صريح في كراهته فقط وحينئذ فلا فدية فيه، وبذلك
تعلم أن اعتراض طفي على ح غير صواب اه‍ بن. قوله: (كذا يكره شم مؤنثه بلا مس) هذا هو مذهب
المدونة وبه قال ابن القصار، وعزا الباجي للمذهب المنع، قال القلشاني: واختلف في شم المؤنث كالمسك
دون مس هل هو ممنوع أو مكروه؟ وعن الباجي المذهب الأول وابن القصار قال بالثاني وهو نص
59

المدونة، ونص ابن عرفة في كون شمه أي المؤنث دون مس ممنوعا أو مكروها نقلا الباجي عن
المذهب وابن القصار. قلت: وهو ظاهرها اه‍ بن. قوله: (به طيب) أي على شخص أو في ظرف
كقارورة قوله: (ولا مسه بلا شم) يعني لا كراهة في مس المذكر بدون شم وفيه نظر، بل ظاهر كلامهم
أنه مكروه كشمه، وقد صرح في المدونة بكراهة استعماله كما في ح وهذا مقيد بغير الحناء، وأما هي
فاستعمالها حرام كما يأتي ذلك فيها، قال في التوضيح: المذكر قسمان قسم مكروه ولا فدية فيه كالريحان، وقسم
محرم وفيه الفدية وهو الحناء اه‍ بن. قوله: (علمت أحكامها) أي فالمؤنث يكره شمه واستصحابه
ومكث في المكان الذي هو فيه ويحرم مسه والمذكر يكره شمه، وأما مسه من غير شم واستصحابه
ومكث بمكان هو فيه فهو جائز. قوله: (فإن تحقق نفي الدواب فلا كراهة) قياسه أنه إن تحقق قتل
الدواب حرمت لغير عذر، وتفصيل الشارح أظهر من إطلاق ح الكراهة، ونص ما في ح: أن الحجامة
بلا عذر تكره مطلقا خشي قتل الدواب أم لا زال بسببها شعر أم لا هذا هو المشهور، وأما لعذر فتجوز
مطلقا وهذا الحكم ابتداء، وأما الفدية فتجب إن أزال شعرا أو قتل قملا كثيرا، وأما القليل ففيه الاطعام
وسواء احتجم في ذلك لعذر أم لا اه‍. وفيه أن لزوم الفدية إذا احتجم لغير عذر وأزال شعرا يقتضي
التحريم فالكراهة حينئذ مشكلة انظر بن. قوله: (ومحل الكراهة إلخ) الأولى ومحل الكراهة عند عدم
تحقق نفي الدواب والجواز عند تحقق نفيها إذا لم يزل إلخ. قوله: (وكره غمص رأسه في الماء) فإن فعل أطعم
شيئا من طعام كما هو نص المدونة، واختلف في الاطعام المذكور فقال بعضهم: إنه واجب ومحل الكراهة
على التحريم، واستظهره طفي لعدم ذكر الاطعام في غير ذلك من المكروهات كالحجامة وتجفيف
الرأس بشدة، وحملها سند على كراهة التنزيه فجعل الاطعام مستحبا وتبعه المصنف انظر بن. قوله: (وكره
لبس امرأة قباء) أي لأنه يصفها ومحل الكراهة إذا لبسته وكانت مع غير زوجها وإلا فلا
كراهة. قوله: (وحرم عليهما دهن شعر اللحية والرأس) قدر شعر لان دهن بشرتهما داخل في قوله:
ودهن الجسد فغاير الشارح بين المحلين. قوله: (شعر اللحية) أي إن وجد للمرأة لحية. قوله: (وإن صلعا)
أي هذا إذا كان ذلك الرأس غير أصلع بأن كان شعره نابتا من مقدمه لمؤخره، بل وإن كان ذا صلع
انحسر الشعر عن مقدمه. قوله: (وإبانة ظفر لغير عذر) فإن فعل فسيأتي أن فيه حفنة إن لم يكن لإماطة
الأذى وإلا ففدية وهذا في ظفر نفسه، وأما تقليم ظفر غيره فلغو. قوله: (أو قص) أي أو قرض بأسنان
لكن إن كان شيئا يسيرا أطعم حفنة من طعام وإن كان كثيرا بأن زاد على عشرة فإنه يفتدي كما يأتي. قوله: (أو
وسخ) أي يحرم على المحرم رجلا أو امرأة إزالة الوسخ عنه لان المقصود أن يكون شعثا فإن أزال
الوسخ لزمه فدية. قوله: (إلا ما تحت الظفر) أي من الوسخ فإنه لا تحرم إزالته ولا فدية فيه كما رواه ابن
نافع عن مالك، وحينئذ فيقيد كلام المصنف بما عدا ما تحت الأظفار. قوله: (إن لم يكن المزيل مطيبا)
أي كالأشنان والغاسول والصابون ومفهومه أنه لو كان المزيل مطيبا فإنه يحرم غسل اليدين به وفيه
الفدية وذلك كالرياحين إذا جففت وطحنت لأجل غسل اليد بها. قوله: (ولو مندوبين) أي هذا إذا كان
الوضوء والغسل واجبين بل ولو مندوبين، ومراده بالمندوب من الغسل ما يشمل السنة، وظاهره أن
60

تساقط الشعر للوضوء أو الغسل المباح كالذي يفعل للتبرد لا يغتفر وليس كذلك، نعم إن قتل فيه قملا
كثيرا افتدى، وإن قتل قليلا كعشرة فأقل لزمه قبضة واحدة من الطعام في الجميع. قوله: (وما بعده) أي
باطن الكف والرجل. قوله: (أي وافتدى في دهنها بمطيب) أي سواء كان الادهان لعذر أو لغير عذر،
سواء كان الادهان لكل الجسد أو لبعضه، أو لباطن الكف أو الرجل، كلا أو بعضا، ويجعل قوله
بمطيب متعلقا بالمقدار المذكور لا بقوله: وحرم دهن الجسد ككف ورجل يندفع ما يقال أن كلام
المصنف هنا يخالف قوله الآتي ولم يأثم إن فعل لعذر لان الكلام هنا في الفدية وعدمها لا في الحرمة
وعدمها. وحاصل فقه المسألة أن الجسد وباطن الكف والرجل يحرم دهن كل واحد منها كلا أو
بعضا إن كان لغير علة وإلا فلا حرمة، وأما الفدية فإن كان الدهن مطيبا افتدى مطلقا كان الادهان لعلة
أو لا، وإن كان غير مطيب إن كان لغير علة افتدى أيضا وإن كان لعلة فقولان. قوله: (بل للتزين) أي
والتحسين سواء كان الادهان لكل الجسد أو بعضه، أو لباطن الكف أو الرجل، كلا أو بعضا.
قوله: (لكن في الجسد) أي لكن القولان في دهن ظاهر الجسد بغير مطيب لعلة قوله: (وأما هما) أي وأما باطن
الكف والرجل إذا دهنهما بغير مطيب لعلة فلا فدية اتفاقا. قوله: (فلا فدية اتفاقا) أي خلافا لظاهر
المصنف من جريان الخلاف فيهما كظاهر الجسد. قوله: (اختصرت عليهما) أي فالبراذعي
اختصرها على عدم الوجوب، وابن أبي زمنين اختصرها على وجوب الفدية. قوله: (إن دهن ما ذكر)
أي من الجسد أو باطن الكف أو الرجل. وقوله مطلقا أي لعلة أو غيرها كان الادهان لكل ما ذكر أو
لبعضه. قوله: (فلو عبر المصنف بمثل هذا) أي بأن قال: وافتدى في دهن الجسد ولو بعضا كبعض بطن
كف أو رجل بمطيب مطلقا كبغيره لغير علة لا لها ببطن كفيه ورجليه وفي جسده قولان.
قوله: (وعود) جعله من المؤنث اعتبار دخانه الذي يصدر منه حين وضعه على النار. قوله: (وإن ذهب ريحه)
أي لان حكمه المنع، وقد ثبت له ذلك الحكم في حالة وجوب ريحه والأصل استصحابه. قوله: (أو لضرورة
كحل) عطف على محذوف والأصل وتطيب بكورس وإن ذهب ريحه وافتدى إن استعمله لغير
ضرورة أو لضرورة كحل وليس عطفا على ما قبله من الممنوع إذ لا منع مع الضرورة أو أنه عطف
على ما قبله من الممنوع أي وإن ذهب ريحه وإن استعمله لضرورة كحل ويرتكب التوزيع في
المبالغتين على ما قال الشارح. وحاصل الفقه أن الكحل إذا كان فيه طيب حرم استعماله على المحرم
رجلا أو امرأة إذا كان استعماله لغير ضرورة كالزينة، ولا حرمة إذا استعمله لضرورة حر ونحوه،
والفدية لازمة لمستعمله مطلقا استعمله لضرورة أو لغيرها، وإن كان الكحل لا طيب فيه فلا فدية مع
الضرورة وافتدى في غيرها. قوله: (أو مسه ولم يعلق) أي أو مسه بيد أو نحوها ولم يعلق به أي
فيحرم وفيه الفدية. قوله: (إلا من مس أو حمل قارورة) أي وكذا حمل فأرة المسك إذا كانت غير
مشقوقة على ما قال ابن عبد السلام واستبعده ابن عرفة قائلا: إن الفأرة نفسها طيب. قوله: (فلا فدية)
أي في مسها ولا حرمة أيضا. قوله: (وهو استثناء منقطع) أي إن جعل المستثنى منه مس الطيب،
والمستثنى مس القارورة التي فيها الطيب، والمعنى: حرم مس طيب لم يعلق إلا مس قارورة فيها
طيب وسدت فما بعد إلا غير داخل فيما قبلها، وأما إن جعل المستثنى منه ملابسة الطيب أي وحرم
ملابسة طيب لم يعلق إلا ملابسة قارورة سدت كان الاستثناء متصلا لان الملابسة تعم المس وغيره.
قوله: (ومطبوخا) أي مع طعام. وقوله: إن أماته الطبخ إلخ هذا التفصيل للبساطي وهو قول عبد
الوهاب واعتمده ح والمذهب خلافه. قال في التوضيح ابن بشير المذهب نفي الفدية في المطبوخ مطلقا
لأنه أطلق في المدونة والموطأ والمختصر الجواز في المطبوخ وأبقاه الأبهري على ظاهره، وقيده
61

عبد الوهاب بغلبة الممازج له، وابن حبيب بغلبة الممازج بشرط أن لا يعلق باليد ولا بالفم منه شئ اه‍.
ابن عرفة: وما مسه نار في إباحته مطلقا أو إن استهلك ثالثها ولم يبق أثر صبغه بيد ولا فم الأول للباجي
عن الأبهري والثاني للقاضي والثالث للشيخ عن روية ابن حبيب اه‍. فقول الأبهري: هو للإباحة
مطلقا استهلك أم لا هو المذهب عند ابن بشير وبذلك اعترض طفي على ح اعتماد قول القاضي
بالتفصيل اه‍ بن. قوله: (ولو صبغ إلخ) أي هذا إذا لم يصبغ الفم اتفاقا بل ولو صبغه على المشهور
خلافا لابن حبيب. قوله: (وإلا طيبا يسيرا باقيا في ثوبه أو بدنه مما تطيب به قبل إحرامه) أي بشرط
أن يكون الباقي من ذلك الطيب الذي تطيب به قبل الاحرام أثره أو ريحه مع ذهاب جرمه، والمراد
بأثره لونه هذا مقتضى كلام سند، والذي يظهر من كلام الباجي وابن الحاجب وابن عرفة أنها لا تسقط
الفدية إلا في بقاء الرائحة دون الأثر، فقد اتفق الجميع على أنه إذا كان الباقي مما تطيب به قبل الاحرام
شيئا من جرم الطيب فإن الفدية تكون واجبة وإن كان الباقي رائحته فلا فدية، والخلاف فيما إذا كان
الباقي أثره أي لونه دون جرمه فقيل بعدم وجوبها وقيل بوجوبها إذا علمت هذا فقول شارحنا:
وإلا طيبا يسيرا باقيا إلخ. وقوله بعد: وأما الباقي مما قبل الاحرام فيفتدى في كثيره وإن لم يتراخ في نزعه
على المعتمد غير صواب وهو تابع في ذلك لخش حيث قال بعد تقرير كلام المؤلف: وهذا في اليسير
وأما الكثير ففيه الفدية وإنما كان غير صواب لان التفرقة بين القليل الكثير من الطيب تقتضي أن
الباقي مما تطيب به شئ من جرمه انظر بن. قوله: (فلا فدية) أي بناء على أن الدوام ليس كالابتداء.
وقوله: وإن كره أي إحرامه مع علمه بذلك الطيب. قوله: (أو غيره) أي غير الريح كإلقاء شخص
عليه طيبا وهو نائم أو وهو مستيقظ. قوله: (إلا أن يتراخى) أي في طرحه عنه بعد علمه به، وقوله فيهما
أي في الكثير والقليل في مسألة إلقاء الريح أو غيره. قوله: (من خلوق كعبة) الخلوق طيب مركب يتخذ
من زعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة. قوله: (وخير في نزع يسيره) أي
الخلوق والباقي مما قبل إحرامه إلخ تبع في ذلك عج والشيخ أحمد الزرقاني، وحاصل ما قالاه أن الأقسام
ثلاثة، فالمصيب من إلقاء ريح أو من إلقاء شخص عليه يجب نزعه فورا قليلا أو كثيرا، فإن تراخى
افتدى مطلقا قليلا أو كثيرا، والباقي مما قبل الاحرام إن كان يسيرا خير في
نزعه وإبقائه فلا شئ فيه نزعه بسرعة أو تراخى أو أبقاه، وإن كان كثيرا فالفدية مطلقا نزعه بسرعة أو تراخى في نزعه، وخلوق
الكعبة إن كان يسيرا خير في نزعه وإبقائه فلا شئ فيه نزعه بسرعة أو تراخى في نزعه، وإن كان كثيرا
فالفدية إن تراخى في نزعه، وإن نزعه بسرعة فلا شئ فيه، وجعله الشيخ سالم راجعا لقوله: أو باقيا مما قبل
إحرامه فما بعده فجعل الصور الثلاثة مثل بعضها في أنه إذا كان الطيب يسيرا في الثلاثة لا شئ في نزعه
بسرعة أو بعد تراخ، وإن كان كثيرا افتدى إن تراخى في نزعه وإلا فلا، وتبعه خش وذلك كله غير
صواب، والصواب أنه خاص بالخلوق كما قال ح وتت، وارتضاه ابن عاشر وطفي، لان المصيب من
إلقاء الريح أو الغير يجب نزعه قليلا أو كثيرا، وإن تراخى افتدى مطلقا كما يؤخذ من ابن الحاجب
وغيره وصرح به ح، وحينئذ لا يصح دخوله في قول المصنف: وخير في نزع يسيره وإلا افتدى إن
تراخى كما فعل الشيخ سالم، والباقي مما قبل الاحرام إن كان لونا أو رائحة لم يتأت نزعه لان النزع يقتضي
التجسد. فإن قلت: نزع كل شئ بحسبه فهو في اللون والريح بالغسل. قلنا: قد مر أن اللون والريح لا شئ
فيه مطلقا سواء نزعه بالمعنى المذكور بسرعة أم لا، وإن كان الباقي جرم الطيب ففيه الفدية قل أو كثر،
تراخى في نزعه أم لا، كما يؤخذ من كلام الباجي، وحينئذ فلا يصح دخوله في كلام المصنف كما فعل
الشيخ أحمد والشيخ سالم، واستدلال خش تبعا لعج والشيخ سالم على ما ذكروه بكلام الباجي غير
62

ظاهر اه‍ بن. قوله: (وإلا افتدى إن تراخى) هذا أيضا خاص بالخلوق كما في ح فقول الشارح: وإلا يكن
الخلوق أو الباقي مما قبل إحرامه إلخ غير صواب لما مر أن الباقي من جرم الطيب يجب نزعه وفيه الفدية
قل أو كثر، تراخى في نزعه أم لا، هذا وما ذكره المصنف من لزوم الفدية في الخلوق الكثير إذا تراخى
في نزعه قد تعقبه طفي بأنه لم يره لغير المصنف هنا، وفي التوضيح: والمأخوذ من المدونة ومن كتاب محمد أنه
لا فدية عليه فيما أصابه من خلوق الكعبة قليلا أو كثيرا وأنه يؤمر بغسله استحبابا إن كان كثيرا ولا
قائل بالفدية إلا ما يؤخذ من ظاهر كلام ابن وهب، وحينئذ فقوله: وإلا افتدى إن تراخى غير مستقيم
انظر بن. قوله: (أن بعض المحققين) أراد به العلامة طفي، وحاصل ما ذكره أن المصيب من إلقاء ريح أو
غيره يجب نزعه فورا قل أو كثر، وإن تراخى في نزعه فالفدية، والباقي مما قبل الاحرام إن كان
جرما يجب نزعه فورا قل أو كثر وفيه الفدية مطلقا تراخى في نزعه أم لا قليلا أو كثيرا، ولا يتأتى فيه
قوله: وخير في نزع يسيره، ولا قوله: وإلا افتدى إن تراخى، وأما خلوق الكعبة فإنه يخير في نزعه إن كان
يسيرا، ويؤمر بغسله إن كثر على جهة الندب ولا فدية ولا شئ، وحينئذ فقول المصنف: وخير في نزع
يسيره خاص بخلوق الكعبة. وقوله: وإلا افتدى إن تراخى فهذا غير مستقيم. قوله: (أيام الحج) أي وهي
العشرة الأيام الأول من ذي الحجة قوله: (أي يكره فيما يظهر) أي لكثرة ازدحام الطائفين فيؤدي إلى
مس الطائفين للخلوق. قوله: (بأن لم يتراخ إلخ) أي وأما إن تراخى فالفدية لازمة له ولا شئ على الملقي.
قوله: (بإطعام ستة مساكين) أي لكل مسكين مدان. وقوله: أو نسك أي بأن يذبح شاة تجزئ أضحية.
قوله: (وإن لم يجد فليفتد المحرم) هذه عبارة ابن المواز، قال في التوضيح: وظاهرها الوجوب، وهناك طريقة
لابن يونس وعبد الحق أنه إذا لم يجد الحل الملقى ما يفتدى به لا شئ على المحرم الذي نزع فورا وهي وجيهة
لأنه لم يحصل منه تعد انظر التوضيح. وفي خش قوله: فليفتد المحرم وجوبا وقيل ندبا والأول هو
الراجح اه‍. قال: وانظر من أين أتى له ترجيح الأول، وقد رأيت ما لابن يونس وعبد الحق اه‍ كلامه.
قوله: (لأنه في الحقيقة صام عن نفسه) الأولى لأنه في الحقيقة كفر عن نفسه من حيث ملابسته للطيب أو
الثوب. قوله: (فإن الفدية على الحل) أي فإن الفدية بغير الصوم على الحل قوله: (ورجع) أي المحرم الذي
كفر نيابة عن الحل. قوله: (لم تلزمه) أي لكونه لم يتراخ في نزعه عن نفسه بعد انتباهه قوله: (فديتان على
الأرجح) هذا قول القابسي، وصوبه ابن يونس وسند وابن عبد السلام ومقابله لابن أبي زيد يلزمه فدية
واحدة كما لو طيب نفسه، ولا يقال صوابه تردد كما قال تت لان اصطلاحه أنه إن قال تردد فقد أشار به
للمتأخرين لا انه كلما اختلفوا عبر به اه‍. قوله: (وأحرى لتطييبه) أي للنائم. قوله: (فعلى الملقي
واحدة) أي وعلى المحرم الملقى عليه واحدة وهذا كله إذا كان المحرم الملقي مس الطيب.
قوله: (كأن لم يمس ولم تلزم النائم) أي بأن لم يتراخ ففدية واحدة على الملقي فقط ولا شئ على الملقى
عليه. قوله: (فإن لزمته) أي فإن كان الملقي لم يمس الطيب ولزمت الفدية للنائم بأن تراخى بعد انتباهه
في نزع الطيب عنه. قوله: (فلا شئ على الملقي) أي وعلى الملقى عليه واحدة. قوله: (فالصور أربع)
63

وذلك لان المحرم الملقي إما أن يمس الطيب أو لا يمسه، وفي كل إما أن يبادر الملقى عليه بنزعه عنه أم لا،
فإن مسه الملقي وبادر الملقى عليه بنزعه ففديتان على الملقي، وإن مسه الملقي ولم يبادر الملقى عليه بنزعه فكل
واحد من الملقي والملقى عليه يلزمه فدية، وإن لم يمس الملقي الطيب فإن بادر الملقى عليه بنزعه ففدية واحدة
على الملقي، وإن لم يبادر فالفدية على الملقى عليه ولا شئ على الملقي، وإنما لزمت الملقي في حالة عدم مسه
وعدم لزومها للملقى عليه لأنه كإلقاء الحل على المحرم حيث لم تلزمه التي قدمها المصنف بقوله: وافتدى
الملقي الحل إن لم تلزمه. قوله: (وهذه تكرار) أي قوله: وإلا فعليه تكرار إلخ وقد دفعه ح بأن ما هنا بين
به موضع لزومها للمحرم، وموضع لزومها للحلال وما مر بين به أن حكم الحالق إذا لزمته هو حكم الملقي
طيبا، قال ابن عاشر: وهذه محاولة لا تتم إذ لا مانع من جعل التشبيه تاما حتى يستفاد منه المعنى المراد هنا
اه‍ بن. قوله: (فإن تيقن نفيه فلا) مثله في ح لكنه زاد: وإن قتل قملا كثيرا فعليه الفدية اه‍ بن. فيقتضي أن
محل التأويلين إذا قتل قملا قليلا وليس كذلك لان أصل هذا التفصيل للخمي وسند وهما جعلا محل
الخلاف إذا قتل قملا كثيرا، زاد سند: أو لم يتحقق شئ، ونص سند: إذا حلق المحرم رأس حلال فإن
تبين أنه لم يقتل شيئا من الدواب فلا شئ عليه في المعروف من المذهب وإن قتل يسيرا أطعم شيئا من
طعام وكثيرا أو لم يتبين شئ فقال مالك: يفتدي، وقال ابن القاسم: يطعم، وهذا التفصيل مبني على تعليل
الفدية بقتل القمل وهو قول عبد الوهاب وسند واللخمي، وذهب البغداديون إلى تعليلها بالحلاق
وإليه ذهب ابن رشد، وعليه فلا فرق بين أن يقتل قملا قليلا أو كثيرا أو يتحقق نفيها، وعلى الاطلاق
حمل الشيخ سالم كلام المصنف بناء على التعليل بالحلاق وصوبه طفي وهو غير ظاهر، والصواب حمله
على التفصيل لتعليل ابن القاسم بقتل القمل كما في ابن الحاجب، ولقول المصنف بعد إلا أن يتحقق نفي
القمل. ولما تقدم عن سند من أنه المعروف من المذهب ولقولهم في تقليم المحرم ظفر حلال أنه لا شئ
عليه فإن هذا يرجح قول من قال: إن الفدية ليست للحلق إذ لو كانت للحلق لوجبت الفدية هنا وهو ظاهر
اه‍ بن. قوله: (في قول الإمام افتدى) أي مع قول ابن القاسم: تصدق بشئ من الطعام فقال بعضهم:
قول الإمام افتدى المراد منه تصدق بحفنة من الطعام، وقال بعضهم: قول الإمام افتدى على ظاهره،
والتأويل الثاني بالخلاف للباجي واللخمي والأول بالوفاق وترجيح ما للامام لقول ابن القاسم
لغيرهما اه‍ بن. قوله: (فلو عبر المصنف به بدل أطعم كان أولى) أي لان ظاهره أن الفدية من الاطعام
فقط، وقد يجاب بأن المصنف أطلق الخاص وهو الاطعام في قوله أطعم وأراد العام وهو الافتداء.
تنبيه: تكلم المصنف على ما إذا حلق حل محرما، وعلى ما إذا حلق محرم رأس حل، وسكت عما
إذا حلق محرم رأس محرم. وحاصل ما فيه أنه إذا حلق له بغير رضاه فالفدية على الحالق وإن كان
برضاه وتحقق قتل قمل كثير أو شك في ذلك فعلى المحلوق فدية، وهل على الحالق أيضا فدية أو حفنة؟ قولان
وإن كان برضاه وتحقق نفي القمل فالفدية على المحلوق ولا شئ على الحالق وإن كان برضاه،
وتحقق قتل قمل يسير افتدى المحلوق وأطعم الحالق حفنة. قوله: (وفي قلم الظفر الواحد إلخ) مراد
المصنف ظفر نفسه، وأما لو قلم ظفر غيره فلا شئ على المحرم في قلم ظفر حلال، فإن قلم ظفر محرم مثله
بغير أمره ورضي أو بأمره عمدا أو جهلا أو نسيانا افتدى المقلوم، وإن فعل به مكرها أو نائما فالفدية
على الفاعل. قوله: (ولإماطة الأذى فدية) فيه نظر بل ليس في القملة والقملات إلا حفنة مطلقا سواء
كان القتل لغير إماطة الأذى أو كان لإماطة الأذى، قال في التوضيح: لا يعلم في المذهب قول بوجوب
الفدية في قملة أو قملات اه‍ بن. والقملات جمع قملة فلا ينافي وجوب الفدية في الاثني عشر فما
64

فوقها مطلقا، وأما ما ذكره في الشعر فمسلم لا نزاع فيه. قوله: (في الحالين) أي ما إذا تحقق نفي القمل وما
إذا لم يتحقق. قوله: (وتقريد بعيره) قيده البساطي مما إذا لم يقتله وإلا فالفدية إن كثر وهو تقييد غير
صحيح، وذلك لان ابن الحاجب لما قال: وفي تقريد بعيره يطعم على المشهور تعقبه ابن عبد السلام
والمصنف بأن الذي حكاه غيره أن القولين إنما هما فيما إذا قتل القراد، وأما إذا طرحه ولم يقتله فلا
خلاف أنه يطعم فقط، فتعين حمل كلام المصنف على كل من طرحه وقتله اه‍ بن. وقوله
بعيره وأحرى بعير غيره فالمصنف نص على المتوهم لأنه ربما يتوهم أن بعيره لكونه يحتاج إليه والقراد يضعفه لا شئ
عليه في تقريده. قوله: (وهو قول ابن القاسم) وكلام بعضهم يقتضي أنه الراجح، وقال مالك: يفتدي في
الكثير ويطعم حفنة في اليسير، وكلام البدر يقتضي اعتماده والنفس أميل لقول ابن القاسم اه‍ شيخنا
عدوي قوله: (لا كطرح علقة) أو برغوث جرت عادة المصنف أن يدخل الكاف على المضاف
ومراده المضاف إليه أي لا شئ في طرح كعلقة أو برغوث ونحوهما مما لا يتولد من الجسد كنمل
وذباب وذر وبعوض، سواء طرحها عن جسده أو جسد غيره، سواء كان ذلك المطروح قليلا أو كثيرا،
وقيل بالفدية في العلقة إن كثرت، وقيل بحفنة في البراغيث مطلقا قليلة أو كثيرة، ومفهوم طرح أن
قتلهما أي العلقة والبرغوث، وكذا ما ماثلهما فيه فدية إن كثر ولا شئ فيه إن قل، وقيل لا شئ فيها
لا فدية ولا إطعام قلت أو كثرت، وقيل: الواجب فيها حفنة من الطعام مطلقا قلت أو كثرت. قوله: (فيما
يترفه به) أي منحصرة في فعل ما يترفه به إلخ. قوله: (يصلح أن يكون مثالا لهما) أي لان قص الشارب
إما للترفه وإما لدفع أذاه أو مداواة قرحة تحته. قوله: (لا لإماطة الأذى) أي بأن كان عبثا ولعبا
قوله: (وقتل قمل كثر) هذا قول مالك، قال في البيان: ورآه من إماطة الأذى، وقال ابن القاسم: يطعم كسرة انظر
التوضيح ومثل قتله طرحه كما تقدم اه‍ بن. قوله: (بأن زاد على عشرة) الأولى بأن زاد على اثني عشر لان
ما قارب العشرة كالاحدى عشرة والاثنتي عشرة ملحق بالعشرة في أن فيها حفنة كما قال بعضهم
واختاره شيخنا. قوله: (وخضب بكحناء) أي ولو نزعها مكانه والرجل والمرأة في ذلك سواء.
قوله: (أو غيرهما) أي كيد أو رجل قوله: (لا لجرح) أي أن قوله: وخضب مفهومه أنه لو جعلها في فم جرح
أو استعملها في باطن الجسد كما لو شربها أو حشا شقوق رجليه بها فإنه لا شئ عليه ولو كثرت.
قوله: (ويقتل دوابه) أي فهي بالاعتبار الأول تكون للترفه، وبالاعتبار الثاني وهو قتلها للدواب تكون
لإماطة الأذى. قوله: (وإن رقعة) أي هذا إذا كان المخضوب بها عضوا بتمامه بل وإن كان المخضوب بها
رقعة من العضو. قوله: (إن كبرت) أي فإن صغرت فلا شئ عليه. وقوله كدرهم أي بغلي وهو
الدائرة التي بباطن ذراع البغل. قوله: (ومجرد حمام) أي ومجرد صب ماء على جسده في حمام والمراد
ماء حار، وأما لو صب فيه ماء باردا فإنه لا شئ عليه، كما أنه لو دخله من غير غسل بل للتدفي فلا شئ
عليه كما في ح. وحاصله أن المحرم إذا دخل حماما وجلس فيه وعرق ثم صب على جسده ماء حارا فإنه
يلزمه الفدية لأنه مظنة إزالة الوسخ سواء تدلك أم لا أنقى الوسخ أم لا، وهذه إحدى روايات
ثلاث حكاها اللخمي واختار منها هذه الرواية، والثانية يلزمه الفدية إن تدلك، والثالثة إن تدلك
وأنقى الوسخ وهذه ظاهر المدونة. قوله: (والمعتمد مذهب المدونة) وإنما عدل المصنف عنه
لاختيار عدة من الأشياء لما اختاره اللخمي لا لما فيها، كذا قال بهرام. قوله: (إلا في مواضع أربعة)
أي فإن الفدية فيها تتحد وإن تعدد موجبها. قوله: (إن ظن الإباحة) أي إباحة ما فعله للمحرم.
65

قوله: (ويحل منها) أي ثم يفعل أمورا كل واحد منها يوجب الفدية ظانا أنه يباح له فعلها لتحلله كلبس
محيط ودهن بمطيب وتقليم أظفار لترفه وحلق شعر كثير. قوله: (أو للإفاضة) أي أو يطوف
للإفاضة على غير وضوء معتقدا أنه على طهارة، ثم بعد تحلله بالإفاضة يفعل أمورا كل واحد يوجب
الفدية، والأولى حذف قوله: أو للإفاضة لما تقدم عند المصنف أنه في فساد الإفاضة يرجع حلا إلا من
نساء وصيد، فإذا فعل غيرهما فلا فدية عليه اتحد أو تعدد تأمله اه‍ بن. ولعل الشارح فرض الكلام
فيما إذا خالف الواجب وقدم الإفاضة على الرمي وطاف لها على غير وضوء معتقدا الطهارة، ثم بعد
تحلله فعل أمورا كل واحد منها يوجب الفدية. قوله: (فيفعل إلخ) راجع لكل من المسائل الثلاث
قوله: (وهي الطواف) أي للعمرة أو للإفاضة. قوله: (لا يتأتى فيها شك الإباحة) أي الشك في إباحة
ما فعله مما هو محرم على المحرم بل الذي يتأتى فيها الجزم بالإباحة. قوله: (والثانية والثالثة) أي ما إذا رفض
حجه أو أفسده بوطئ. قوله: (تعدد الفدية) أي إذا شك في إباحة ما فعله. والحاصل أن الصورة الأولى
لما كان لا يتأتى فيها الشك في إباحة ما فعله اتحدت الفدية فيها، وأما الصورة الثانية والثالثة فإن ظن فيهما
الإباحة اتحدت أيضا وإن شك فيهما تعددت. قوله: (في شئ خاص) أي وهو هذه المسائل الثلاثة.
قوله: (أو أن كلا) أي أو فعل أفعالا متعددة وظن أن كلا إلخ. قوله: (بفور) أي دفعة من غير تراخ بأن
تكون تلك الأفعال في وقت واحد فالفور على حقيقته وهذا ما يفيده ظاهر المدونة وأقره ابن عرفة،
خلافا لما اقتضاه كلام ابن الحاجب واقتصر عليه تت من أن اليوم فور وأن التراخي يوم وليلة لا أقل.
قوله: (من إحرامه) أي بنية الحج أو العمرة. قوله: (أو إرادته) أي أو عند إرادة الفعل الأول. وقوله نوى
التكرار أي ولو بعدما بين الفعل الأول والثاني. قوله: (ولو اختلف الموجب) أي هذا إذا اتحد الموجب،
كما لو تداوى بطبيب لقرحة ونوى تكرار التداوي لها كلما احتاج للتداوي بل ولو اختلف الموجب.
قوله: (كاللبس مع الطيب) أي كأن ينوي اللبس في المستقبل عند استعماله للطيب حالا. قوله: (أن ينوي
فعل كل إلخ) أي أن ينوي عند فعله موجبا معينا فعل كل ما أوجب الفدية. قوله: (أو ينوي) أي عند
فعله موجبا معينا فعل كل ما احتاج إليه من الموجبات في المستقبل ثم إنه فعل ما احتاج إليه. قوله: (أو
ينوي متعددا معينا) أي عند تلبسه بفعل واحد معين أي ثم فعل في المستقبل ما نواه. قوله: (ما لم يخرج
إلخ) يعني أن ما ذكره المصنف من اتحاد الفدية عند تراخي الفعلين إذا نوى التكرار مقيد بما إذا فعل
الموجب الثاني قبل اخراج كفارة الموجب الأول وإلا تعددت. قوله: (إلا أن يكون للخاص) أي
الذي أخره عن العام الذي فعله أولا، وهذا تقييد لاتحاد الفدية إذا قدم العام على الخاص.
قوله: (أو دفع حر أو برد) قال بن: هذا هو الذي يقتضيه النظر وإن لم نجد فيه نصا. قوله: (فقدم السراويل
على الثوب) أي أو قدم الجبة على الثوب أو قدم العمامة على القلنسوة. قوله: (أو غيرهما) أي
كجبة أو سروال أو قلنسوة أو عمامة أو بابوج. قوله: (انتفاع من حر أو برد) أي باعتبار العادة
66

العامة لا باعتبار عادة بعض الاشخاص اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (في الجملة) الأولى ولو في الجملة أي هذا
إذا كان الانتفاع كثيرا كما لو لبس ثوبا كثيفا يقي من البرد أو الحر ثم نزعه بعد التراخي، بل ولو كان
الانتفاع في الجملة أي قليلا كما لو لبس إلخ. قوله: (وتراخى في نزعه) أي كاليوم كما في خش وعبق
قوله: (لا إن نزع مكانه) مفهومه غير معتبر إذ كلام الجواهر يفيد أن لبسه دون اليوم لا شئ فيه حيث لم
ينتفع اه‍ خش. قوله: (وفي الفدية بلبسه) أي بانتفاعه بلبسه إلخ. قوله: (قولان) في ح عن سند بعد ذكره
القولين من رواية ابن القاسم عن مالك قال: فرأى مرة حصول المنفعة في الصلاة ونظر مرة إلى الترفه
وهو لا يحصل إلا بالطول قال ح: وهذا هو التوجيه الظاهر لا ما ذكره في التوضيح من أن الصلاة
هل تعد طولا أو لا؟ وتبعه تت والمواق وغيرهما، إذ ليست الصلاة بطول لما قدمه هو من أن الطول
كاليوم كما في ابن الحاجب وابن شاس وغيرهما، وبهذا يعلم أن القولين جاريان سواء طول في الصلاة
أم لا، خلافا لما ذكره الشارح تبعا لعبق وخش انظر بن، وفيه أيضا أنه لو لبس رداء فوق رداء أو إزارا
فوق إزار فلا فدية في الأول بخلاف الثاني أي حيث لم يبسطهما معا لأنه كالحزام والربط فانظره.
قوله: (إن فعل) أي ذلك الموجب لعذر أي كمرض أو حر أو برد. قوله: (حاصل أو مترقب) هذا هو
الذي استظهره عبق وسلمه له بن وهو قول التاجوري، وظاهر نقل المواق أنه لا بد من أن يكون العذر
حاصلا بالفعل، وأن خوف حصوله لا يكون كافيا في عدم الاثم، ومفهوم قوله إن فعل لعذر أنه إن فعل
لغير عذر فإنه يأثم ولا يرتفع ذلك الاثم بالفدية، كما أن العذر لا يرفع الفدية كذا قرر شيخنا. قوله: (وهي
أي الفدية) أي الواجبة أي لالقاء التفت وطلب الرفاهية. وقوله نسك أي عبادة. قوله: (بالإضافة) أي
البيانية. قوله: (بالباء) أي التي للتصوير أي نسك مصور بواحد من ثلاثة أشياء. قوله: (ويشترط فيها
من السن إلخ) أي ويشترط أيضا ذبحها فلا يكفي اخراجها غير مذبوحة. قوله: (والشاة أفضل من
الإبل إلخ) هذا هو الذي ارتضاه أبو الحسن في مناسكه كما في ح اه‍ بن. قوله: (قياسا على الهدي)
وهذا قول الباجي، وقال الآبي: إنه المذهب اه‍ بن. قوله: (لكل مدان) أي فجملة الامداد اثنا عشر
مدا وهي ثلاثة آصع لان كل صاع أربعة أمداد. قوله: (ولو أيام منى) وهي ثاني النحر وثالثه ورابعه.
قوله: (لمن قال بالمنع) أي بمنع الصوم فيها. قوله: (ولم يختص بزمان أو مكان) أي فيجوز الصوم في أي
زمان يصح صومه وفي أي مكان، وكذلك يجوز له الاطعام في أي زمان وفي أي مكان، وكذا يجوز له
ذبح الشاة وإعطاؤها للفقراء في أي زمان وفي أي مكان. قوله: (يختص بهما) أي بزمان ومكان فيختص
الصوم بأيام منى والذبح في منى أو مكة. قوله: (بمعنى المذبوح) أي إلا أن ينوي بالمذبوح من الفدية
الهدي. قوله: (لا حقيقة النية) أي لان نيته بالمذبوح من الفدية الهدي كالعدم كذا قال عج، واعترضه
العلامة طفي قائلا: مجرد النية كاف في كون حكمه كالهدي كما يفيده كلام الباجي وابن شاس وابن
الحاجب وهو ظاهر المصنف، نعم ما ذكره من أن التقليد والاشعار بمنزلة النية وإن لم ينو صحيح كما يفيده
نقل المواق عن ابن المواز وصرح به الفاكهاني، ولا يدخل في قوله: فكحكمه الأكل فلا يؤكل منها بعد
المحل ولو جعلت هديا كما يأتي اه‍ بن. قوله: (غداء وعشاء) أي وكذا غداءان وعشاءان.
67

قوله: (إن لم يبلغ ما ذكر) أي من الغداء والعشاء مدين لكل واحد وإلا أجزأ، وينبغي الاجزاء إذا بلغ
لكل واحد مدين على انفراده ولو حصل غداء فقط وعشاء فقط. قوله: (ولو علمت السلامة) الذي
استظهره عج كراهة المقدمات إذا علمت السلامة كالصوم لكن يقيد بما إذا قلت. قوله: (كان بالغا أو لا)
هذا غير صواب ولم أر لاحد ما يوافقه، وقول ابن الحاجب والجماع والمني في الافساد على نحو موجب
الكفارة في رمضان اه‍ يدل على خلافه، وكذا قول التوضيح، وكأن المصنف يشير إلى أن ما يوجب الكفارة
هناك يوجب الفساد هنا اه‍. وقد تقدم أن موجب الكفارة في الصوم هو الجماع الموجب للغسل،
وعبارة ابن عرفة: ويفسد الحج مغيب الحشفة كما مر في الغسل اه‍. وبه يرد قول الشيخ عبق ويدخل
تحت الاطلاق كونه موجبا للغسل أو لا اه‍ بن وعلى ما قاله من أن المفسد للحج إنما هو الجماع الموجب
للغسل لو حصل الجماع من صبي أو في غير مطيقة أو في هوى فرج أو مع لف خرقة كثيفة على الذكر
والحال أنه لم ينزل لم يكن مفسدا. قوله: (كاستدعاء مني) تشبيه في قوله وأفسد أي كما يفسد الحج بالجماع
يفسد باستدعاء المني، هذا إذا استدعاه بيد أو قبلة أو ملاعبة أو حضن، بل وإن استدعاه بنظر أو فكر أي
دائم حتى أنزل، وقوله كاستدعاء مني أي عمدا أو جهلا أو نسيانا للاحرام. قوله: (بمجرد فكر) أي
بفكر مجرد عن الاستدامة. وحاصله أنه إذا استدعاه بالفكر أو النظر فحصل ولم يستدم الاستدعاء
أهدى ولا إفساد، وأما إن استدعاه بغيرهما كقبلة أو حضن أو ملاعبة فحصل فالافساد وإن لم يدم
الاستدعاء. قوله: (في غير النظر) أي كالقبلة والحضن. قوله: (فعليه الهدي) أي عند عدم حصول
الانزال كما هو الموضوع. قوله: (أخر) أي أو بعده وقبل سعي أخر عن الوقوف قوله: (يوم النحر)
ظرف لقوله إن وقع. قوله: (أو قبله) أي قبل يوم النحر قال ح: لا بد من هذه اللفظة لئلا يتوهم اختصاص
الفساد بيوم النحر اه‍ بن. قوله: (وإلا فهدي) هذا يشمل بظاهره ما إذا وقع بعدهما يوم النحر أو بعده
مع أنه لا هدي في هذه، وكأن الشارح إنما ترك التنبيه على ذلك اعتمادا على قول المصنف فيما مر وحل به
ما بقي قوله: (بأن وقع قبلهما) أي قبل الإفاضة وقبل رمي جمرة العقبة. قوله: (أو بعد أحدهما) أي أو وقع
بعد الرمي وقبل الإفاضة أو بعد الإفاضة وقبل الرمي أي والحال أنه قدم السعي. قوله: (كإنزال ابتداء)
أي كإنزال المني بمجرد نظر أو فكر من غير إدامة لهما ولو قصد بهما اللذة. قوله: (وإن بمجرد نظر) أي
هذا إذا خرج بعد مداومة نظر أو فكر، بل وإن خرج بمجرد نظر أو فكر أو قبلة أو مباشرة فليس
لزوم الهدي في المذي مقصورا على ما إذا خرج ابتداء وأنه إذا خرج عن إدامة شئ مما ذكر
فإنه يفسد. قوله: (وقبلته) أي بغير إنزال أو مذي وهذا إذا كانت على الفم وكانت لغير وداع أو رحمة،
فإن كانت على غير الفم فلا شئ فيها إلا إذا أمذى أو كثرت، وكذا إن كانت لوداع أو رحمة فلا
شئ فيها ما لم يخرج معها مني أو مذي وإلا فالهدي. قوله: (وإلا فسدت) سكت المصنف عما لو فعل في
العمرة أمرا غير مفسد للحج مما يوجب هديا فيه وذلك كالمذي والقبلة وطول الملامسة والملاعبة قبل
تمامها، والظاهر كما قال الشيخ سالم أن فيه الهدي وأن العمرة كالحج في ذلك، وهذا مما يشهد له عموم كلام
الباجي الذي نقله ح والتوضيح، وظاهر كلام الشارح بهرام وغيره أنه لا هدي فيما ذكر في العمرة
لقولهم: إن الذي يوجب الهدي في العمرة ما أوجب فساد الحج في بعض الأحوال من وطئ وإنزال،
وإما ما يوجب الهدي في الحج فلا يوجب في العمرة لان أمرها أخف من حيث إنها ليست فرضا وهو واضح.
68

قال شيخنا العدوي: وينبغي التعويل على الأول وإن كان ظاهر النقل خلافه. قوله: (إذا أدرك الوقوف
فيه) أي سواء كان الفساد قبل الوقوف أو بعده وإتمامه حيث أدرك الوقوف برمي العقبة وطواف
الإفاضة والسعي إن لم يكن قدمه. قوله: (وإلا فهو باق) أي وإلا يتمه ظنا منه أنه خرج منه
بإفساده وتمادى للسنة القابلة فهو باق على ذلك الحج أو العمرة المفسدة هذا إذا لم يحرم في العام الثاني
بشئ، بل وإن أحرم فيه بحج القضاء أو بعمرته أو بغير ذلك فإحرام الثاني لم يصادف محلا وما زال باقيا
على إحرامه الفاسد ولا يكون ما أحرم به قضاء عنه بل يكون فعله في القابل متمما للفاسد. قوله: (ولم
يقع قضاؤه إلا في ثالثة) أي إنه إذا لم يتمه ظنا منه أنه خرج منه بإفساده ثم أحرم بالقضاء في سنة
أخرى وقلنا إنه باق على ما أفسد ولا يكون ما أحرم به قضاء بل يكون ما فعله في السنة الأخرى متمما
للفاسد فلا يتأتى له القضاء إلا في سنة ثالثة اه‍. وأعلم أن حجة القضاء تنوب عن حجة الاسلام إذا كان
المفسد حجة الاسلام كما قال الشيخ سالم. وذكر عج أن من أفسد حجة الاسلام يجب عليه إتمامها
وقضاؤها ويجب عليه حجة الاسلام بعد ذلك، بخلاف الحج الفائت الذي تحلل منه بفعل عمرة فقضاؤه
كاف عن حجة الاسلام، قال شيخنا العدوي: واعتمد بعض شيوخنا ما قاله الشيخ سالم. قوله: (وإلا)
أي وإلا يطلع عليه في العام الثاني بعد الوقوف بل اطلع عليه قبله. قوله: (إذ الفرض إلخ) لما تقدم أن
محل وجوب إتمام المفسد إذا كان أدرك الوقوف في عام الفساد. قوله: (وجب فورية القضاء) أي
بعد إتمام المفسد إن كان أدرك الوقوف عام الفساد وبعد التحلل من الفاسد إن كان لم يدرك الوقوف
عام الفساد. قوله: (وإن تطوعا) أي لتعينه عليه بالشروع فيه قوله: (ووجب قضاء القضاء) أي على
المشهور بخلاف قضاء القضاء في رمضان فالمشهور أنه لا يجب، والفرق بينهما أن الحج لما كانت
كلفته شديدة شدد فيه بقضاء القضاء سدا للذريعة لئلا يتهاون به ولان القضاء في الحج على الفور،
فلما كان على الفور صارت حجة القضاء كأنها حجة معينة في زمن معين فلزمه القضاء في فسادها
كحجة الاسلام، وأما زمن قضاء الصوم فليس بمعين انظر بن. قوله: (في زمن القضاء) أي للحجة
المفسدة أو العمرة المفسدة. قوله: (ولا يقدمه زمن الفساد) أي على المشهور وقيل ينحره في زمن
الفاسد قبل قضائه. قوله: (وإن كان وجوبه للفساد) أي لكن لما كان هدي الفساد جابرا للفساد أخر
لزمن القضاء الجابر للفساد أيضا لأجل أن يجتمع له الجابر المالي والجابر النسكي قوله: (واتحد الهدي)
أي هدي الفساد وإن تكرر موجب الفساد كوطئه لامرأة مرارا متعددة أو لنساء لان الحكم للوطئ
الأول. قوله: (فيتعدد بتعدد الصيد) أي لان جزاء الصيد عوض عما أتلف والأعواض تتكرر
بحسب تكرر الاتلاف وسواء قتله عمدا أو جهلا أو نسيانا قوله: (فتتعدد بتعدد موجبها) أي لأنها
عوض عن الترفه وهو يقبل التكرار. قوله: (ووجب هدايا) أي نحر هدايا ثلاثة قوله: (قارنا) أي أو
متمتعا، وقوله ثم فاته أي الوقوف. قوله: (وأولى إلخ) أي لان الفوات الواقع بعد الافساد إذا كان فيه
هدي فمن باب أولى إذا كان الفوات قبل الافساد لان الفوات حصل لحج لا ثلم فيه تأمل.
قوله: (وقضى) عطف على محذوف أي وتحلل بعمرة وقضى، وقوله قارنا أي أو ممتعا. قوله: (ويسقط هدي
القران الفاسد) أي وهو الأول وكذا التمتع الفاسد وذلك لأنه لم يتمه بل آل أمره لفعل
69

عمرة. قوله: (وحيث قلنا لا فساد) أي إذا حصل الجماع قبل الإفاضة ورمي جمرة العقبة بعد النحر أو
بعد أحدهما وقبل الآخر يوم النحر. قوله: (ويجب مع الهدي عمرة) أي جابرة لما فعله وهذه العمرة
لا تكفي عن العمرة التي هي سنة في العمر فهو حينئذ يأتي بعمرتين. قوله: (ووجب إحجاج مكرهته)
أي لتقضي حجها الذي أفسده عليها، وقوله مكرهته أي التي أكرهها على أن يطأها، ولو أكره رجل
امرأة على أن يطأها غيره فلا شئ عليها ولا على مكرهها وعلى واطئها إحجاجها، ويمكن إدخالها في كلام
المصنف بأن يكون المراد بقوله مكرهته أي مكرهة له أعم من أن يكون هو الذي أكرهها أو غيره
انظر بن. قوله: (مكرهته) إشارة إلى أن الكلام فيما إذا كان المكره أنثى، وأما لو كان ذكرا فهل يجب على
مكرهه إحجاجه أو لا؟ لا نص والظاهر أنه يجب عليه إحجاجه، وأما إن طاع فلا يجب إحجاجه على
الفاعل قاله شيخنا العدوي قوله: (ما لم تطلبه أو تتزين له) أي فلا يلزمه حينئذ إحجاجها قوله: (ويجبر
الزوج الثاني على الاذن لها) أي في الخروج مع ذلك الزوج الأول الذي كان أكرهها. قوله: (تشبيه
في الرجوع إن لم تصم بالأقل بالنظر للهدي والفدية إذ هو المتقدم إلخ) فيه أن الهدي لم يتقدم وأن الذي
تقدم إنما هو الرجوع بالأقل في الفدية، وبعد هذا فالأولى جعل التشبيه في مطلق الرجوع بالأقل
المتحقق في الجميع والأقل في كل شئ بحسبه. واعلم أن المعتبر القلة يوم رجوعها لا يوم الاخراج خلافا
لما استظهره عبق، ففي التوضيح ما نصه التونسي: لو كان النسك بالشاة أرفق بها حين نسكت وهو معسر
ثم أيسر وقد غلا النسك ورخص الطعام فإنها ترجع عليه بالطعام إذ هو الآن أقل قيمة من قيمة النسك
الذي نسكت به فقد اعتبر يوم الرجوع لا يوم الاخراج انظر بن. قوله: (معه) متعلق بأفسد أي من
وقع الافساد معه يجب عليه مفارقتها لا غيرها فلا يجب عليه مفارقتها بل يجوز له الخلوة بها. قوله: (من
حين إحرامه بالقضاء) مفاده أن عام الفساد لا يجب عليه فيه مفارقة من أفسد معها حالة إتمامه لذلك
المفسد وهو ظاهر الطراز. وذكر ابن رشد أن عام الفساد كعام القضاء في وجوب مفارقة من أفسد
معها فيهما وهو واضح، بل ربما يقال عام الفساد أولى بالمفارقة لكثرة التهاون فيه مع وجوب إتمامه
تأمل اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (بخلاف ميقات) أراد به مطلق مكان الاحرام لمقابلته به الزمن لا
الميقات الشرعي وإلا لم يحتج لقوله: إن شرع. قوله: (تعين إحرامه بالقضاء منها) فإن تعداها في القضاء
لزمه دم كما قال المصنف. قوله: (كما لو استمر بعد الفساد) هذا أي لزوم الدم لذلك الذي أحرم من مكة
يفيد أن إحرامه من الميقات واجب إذ لا يجب الدم في ترك سنة ولا مندوب وهذا يخصص قوله
سابقا ومكانه له للمقيم بمكة مكة، وندب من المسجد كخروج ذي النفس لميقاته. قوله: (وأما لو تعداه
في عام الفساد) أي لغير عذر أما لو كان تعداه في عام الفساد لعذر كأن يجاوز الميقات حلالا لعدم إرادته
دخول مكة، ثم بعد ذلك أراد الدخول وأحرم بحج ثم أفسده فإنه في عام القضاء يحرم مما أحرم منه
أولا كما قال الباجي والتونسي، ويصدق عليه قول المصنف إن شرع لأنه مع العذر مشروع انظر خش.
قوله: (وأجزأ تمتع) هذا يشعر بعدم الجواز ابتداء وهو كذلك اه‍ عدوي قوله: (وعكسه) مثله
70

في التوضيح عن النوادر والعتبية ونقله اللخمي وابن يونس قال: وهو الظاهر خلافا لابن الحاجب تبعا
لابن بشير من عدم الاجزاء اه‍ بن. قوله: (وهو إفراد عن تمتع) أي بأن يقع الافساد في الحج الذي
أحرم به بعد أن فرغت العمرة فإذا قضاه مفردا فإنه يجزئه، ففي الحقيقة أجزأ إفراد عن إفراد وعليه
هديان: هدي للتمتع يعجله وهدي للافساد يؤخره. قوله: (ولا عكسهما) قد علم مما ذكره ست صور
اثنتان مجزئتان وأربعة غير مجزئة وأصل الصور تسع أسقط المصنف منها ثلاثة وهي قضاء الشئ
بمثله لظهوره. قوله: (الذي هو حجة الفرض) في خش عبر المصنف بقوله واجب دون فرض الذي
يتبادر منه اللازم بالأصالة ليشمل النذر أيضا، فإذا نوى بقضاء التطوع القضاء والنذر معا فلا ينوب
عن النذر كما لا ينوب عن حجة الفرض إذا نوى بالقضاء القضاء وحجة الفرض. قوله: (إذا نوى عند
إحرامه بالقضاء القضاء والفرض إلخ) أي وأحرى إذا لم ينو إلا القضاء فلا ينوب عن الواجب قال
عبق: ويفهم من قوله قضاء تطوع أن قضاء النذر المفسد إذا نوى به القضاء والفرض معا فإنه ينوب
عن الفرض وفيه نظر كما قال بن، بل قضاء التطوع وقضاء النذر متساويان في أن كلا منهما واجب
لا بالأصالة فكيف يجزئ الثاني عن الواجب؟ وأيضا قول المصنف: وإن حج ناويا نذره وفرضه
أجزأ عن النذر فقط إلخ يرد كلامه إذ كل من النذر وقضائه واجب فتأمله. قوله: (للمحمل) بكسر الميم
وهو ما يحمل فيه على ظهور الدواب. قوله: (وأما محرمها) أي كأبيها فلا يكره له حملها ولو كان محرما
وهذا هو الصواب كما يظهر من نقل المواق عن الجواهر من اختصاص الكراهة بالزوج خلافا لما في
خش من أن الكراهة في المحرم أيضا اه‍ بن. قوله: (فظاهر أنه يمنع) أي سواء كان محرما أو لا. قوله: (ويكره
له رؤية ذراعيها) أي يكره للزوج إذا كان محرما رؤية ذراعيها لا شعرها، وينبغي حرمة مسه
لذراعيها لكونه مظنة اللذة أكثر من الرؤية وكراهة مسه لشعرها. قوله: (وفيه نظر) إذ لم يحك
المصنف في مناسكه إلا الكراهة. قوله: (ولا يكره الفتوى إلخ) أشار الشارح إلى أنه عطف على قوله:
لا شعرها وهذا هو ظاهر المصنف وهو الصواب لقول الجواهر: ويكره أن يحملها للمحمل، ولا
بأس أن يفتي المفتي في أمور النساء ونحوه لابن الحاجب قال طفي: والمراد بلا بأس هنا الإباحة بدليل
مقابلة الأئمة لها بالمكروه، وما في الجواهر هو لفظ الموازية كما في مناسك المؤلف، ونقله ابن عرفة عن
النوادر، وبذلك تعلم أن عطف خش له على المكروه غير صواب اه‍ بن. قوله: (ولو في حيض ونفاس)
أي ونحو ذلك مما يتعلق بفروجهن. قوله: (وحرم به وبالحرم) الباء الأولى للسببية والثاني للظرفية.
قوله: (على الخلاف في ذلك) هذا الخلاف مبني على الخلاف في قدر الميل وفي قدر الذراع هل هو
ذراع الآدمي أو ذراع البز المصري؟ والثاني أكبر من الأول اه‍ عدوي. قوله: (ينتهي) أي الحرم للتنعيم
بخروج الغاية لان التنعيم من الحل لما مر من أن مريد العمرة يحرم منه، وما في التوضيح عن النوادر من
أن حد الحرم مما يلي المدينة نحو أربعة أميال إلى منتهى التنعيم اه‍ معناه إلى منتهاه لمن أتى من ناحية المدينة
وهو مبدؤه للخارج من مكة فهي خارجة عن الحرام اه‍ بن. والحاصل أن الخارج من مكة للمدينة يحرم
عليه التعرض للصيد إلى مبدأ التنعيم والخارج من المدينة لمكة يجوز له التعرض للصيد إلى منتهى التنعيم
من جهة مكة فيحرم عليه التعرض للصيد، فالتنعيم يجوز فيه الصيد لمن خرج من مكة يريد المدينة ولمن
71

جاء من المدينة يريد مكة. قوله: (للمقطع) بفتح الميم وسكون القاف وفتح الطاء وبضم الميم وفتح
القاف وتشديد الطاء وهو جبل قيل سمي ذلك الجبل بالمقطع لقطع الحجر منه لبناء البيت. قوله: (وينتهي
للجعرانة) هذا غير صحيح إذ ليست الجعرانة من جهة عرفة وصوابه لو قال: وينتهي إلى عرفة كما في
ابن غازي، وأما حد الحرم من جهة الجعرانة فهو كما في مناسك المؤلف تسعة أميال أيضا إلى موضع سماه
التادلي شعب آل عبد الله بن خالد اه‍ بن. قوله: (لآخر الحديبية) أي من جهة الحل وإلا فالحديبية من
الحرم وهي قرية صغيرة بينها وبين مكة مرحلة واحدة وهي المعروفة الآن بحدة بالحاء المهملة.
قوله: (ويقف سيل الحل دونه) أي وأما سيله إذا جرى لجهة الحل فإنه ينزل فيه. قوله: (تعرض لحيوان بري)
أي والحال أنه متوحش فلا يجوز اصطياده ولا التسبب في اصطياده، وقولنا والحال أنه متوحش
خرج الإوز والدجاج وخرج بالبري الحيوان البحري فإنه يجوز للمحرم اصطياده لقوله تعالى:
* (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة) * قوله: (ويدخل فيه) أي في الحيوان البري الذي يحرم
التعرض له السلحفاة إلخ. قوله: (لا الكلب) أي ولا يدخل في الحيوان البري الذي يحرم
التعرض له الكلب الانسي لأنه وإن كان حيوانا بريا لكن ليس مما يحرم التعرض له لا على المحرم ولا
في الحرم لان قتله جائز بل يندب على المشهور مطلقا فاندفع ما يقال: كان الأولى أن يقول وليس من الصيد
الكلب إلخ وإلا فهو حيوان بري قطعا تأمل. قوله: (وإن تأنس) أي هذا إذا استمر على توحشه بل وإن
تأنس. قوله: (أو لم يؤكل) عطف على ما في حيز إن أي وإن لم يؤكل، وفيه رد على الشافعي القائل انه
إنما يحرم التعرض للمأكول. قوله: (ويقوم) أي غير المأكول قوله: (ويعيش في البر) أي لكونه من
حيوانات البر وليس المراد بطير الماء ما يطير من حيوانات البحر لان هذا سمك يجوز صيده للمحرم
قوله: (وجزئه) عطف على حيوان بري قوله: (أي بعضه) أشار الشارح بهذا إلى أن جزء في المتن يقرأ
بالزاي المعجمة وهو الذي ارتضاه ح واستدل له بقول المناسك: ويحرم التعرض لأبعاض الصيد
وبيضه اه‍. وقد يبحث في هذه النسخة بأن الجزء مستغنى عن ذكره لأنه إن فرض متصلا فالتعرض
له تعرض للكل أي الحيوان البري، وإن فرض منفصلا فإما ميته بأن كان ذكاه محرم أو حلال في حرم
أو كان بلا ذكاة فهذا يأتي، وإما أن لا يكون ميته فلا يحرم التعرض له أي أكله، وضبطه ابن غازي
وجروه بالراء والواو أي أولاده، وقد يقال: ذكر الجرو مستغنى عنه بقوله وبيضه لأنه إذا حرم
التعرض للبيض فأولى جروه تأمل. قوله: (وليرسله) جملة مستأنفة لا معطوفة لئلا يلزم عطف الانشاء
على الخبر وهي جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل له: أنت قد ذكرت حرمة التعرض للبري إذا لم يكن معه
قبل الاحرام فما حكمه إذا كان معه؟ فقال: وليرسله إلخ. قوله: (في قفص) راجع لقوله: وكان بيده، ولقوله:
أو كان بيد رفقته قوله: (وتلف) أي قبل إرساله ديته أي وبعد إحرامه. قوله: (وداه) أي دفع ديته أي جزاءه
قوله: (فلو أخذه أحد) أي بعد إفلاته، وقوله قبل لحوقه بالوحش إلخ وأولى لو أخذه بعد لحوقه بها وهذا مفرع
على زوال ملكه عنه مآلا ويتفرع على زوال ملكه عنه حالا أنه لو أفلته أحد من يده لم يضمن قوله: (وليس
لربه الأصلي) أي إذا فرغ من إحرامه وخرج للحل. قوله: (أو محله إن لم يحرم منه) أي بأن أحرم
من الميقات. قوله: (وإلا وجب إرساله) أي وزوال ملكة عنه قوله: تأويلان الأول للتونسي وابن يونس،
والثاني نقله ابن يونس عن بعض الأصحاب وهما على قولها ومن أحرم وفي بيته صيد فلا شئ عليه فيه ولا
72

يرسله ولا يزول ملكه عنه اه‍ بن، والمعتمد من التأويلين الأول كما قال الشارح. قوله: (والفرق إلخ)
جواب عما يقال: لأي شئ قلتم إذا كان الصيد في بيته حال إحرامه فلا يرسله مطلقا وإن كان معه في
قفص حال إحرامه وجب عليه إرساله؟ وأي فرق بين كونه في البيت وكونه في القفص؟
قوله: (وينتقل بانتقاله) أي وحينئذ فالصيد الذي فيه كالصيد الذي في يده. قوله: (فلا يستجد إلخ) مفرع
على قوله: حرم تعرض بري كما أشار له الشارح، لا على قوله: وليرسله بيده ولا على قوله: وزال ملكه عنه لأنه
لا فائدة فيه، لان وجوب الارسال وزوال الملك كاف في إفادة النهي عن تجدد ملكه وحينئذ فلا حاجة
لتفريعه عليه، بخلاف النهي عن التعرض له فلا يفيد النهي عن تجدد الملك فلهذا فرعه عليه اه‍ عدوي. ثم إن
السين والتاء زائدتان لتأكيد النهي، والمعنى أنه ينهى نهيا مؤكدا عن تجديد ملك الصيد أي إحداث ملكه
ما دام محرما لا للطلب، لان المراد النهي عن تجدد الملك لا عن طلب تجدده، ومحل النهي عن استحداث
المحرم ملك المصيد بشراء أو قبول هبة إلخ إذا كان الصيد حاضرا، وأما إن كان غائبا فإنه يجوز
قوله: (فإنه يدخل إلخ) حاصله أنه إذا مات مورث المحرم عن صيد فإن ذلك الصيد يدخل في ملك المحرم جبرا
ويجب عليه إرساله بعد دخوله في ملكه بالحكم، وكذا إذا باع صيدا قبل إحرامه فرده عليه المشتري
بعد إحرامه بعيب فإنه يرد إليه إلزاما بالحكم ويجب عليه إرساله، وأما لو وجد المحرم عيبا في صيد اشتراه
قبل إحرامه فإنه يرجع بالأرش على البائع ويرسله وإحرامه يفيت رده. قوله: (أي لا يقبله من الغير
وديعة) أي سواء كان ذلك الغير حلالا أو محرما. قوله: (رده لصاحبه) أي وجب عليه رده لصاحبه.
واعلم أن ما ذكره الشارح من التفصيل هو المتعين كما في ح وكلام التوضيح يوهم أنه إذا قبله يوجب
إرساله بلا تفصيل، ونقله ابن غازي والشارح بهرام وسلماه وليس كذلك انظر بن. تنبيه: قوله:
رده لصاحبه فإن أبى ربه من قبوله كان محرما أو لا أرسله المحرم بحضرته ولا شئ
عليه سواء تيسر رفعه للحاكم أم لا. قوله: (وإلا أودعه) أي وإلا بأن كان غائبا أودعه إلخ
قوله: (وضمن قيمته) أي لربه ومحل هذا التفصيل إذا كان ربه حلالا حين الايداع ولو طرأ إحرامه
بعد مفارقة المودع وذلك لان الاحرام لا يزيل الملك عما غاب من الصيد، وأما لو كان ربه محرما حين
الايداع فإن المودع يرسله ولو مع حضوره لزوال ملكه عنه ولا يطلب برده ليرسله اه‍ عدوي.
قوله: (إن وجد مودعه) أي حلالا أو محرما. قوله: (فليس قوله ورد مفرعا على ما قبله) أي بحيث يقال إن
المعنى فإن ارتكب الحرمة وقبله وهو محرم رده إن وجد صاحبه وإلا فلا. قوله: (لتغاير التصوير) لان إبقاءه
من غير إرسال إذا لم يجد ربه ولم يجد من يودع له عنده إنما هو فيما إذا قبله قبل إحرامه، وأما إذا قبله
بعد إحرامه ولم يجد ربه ولم يجد من يودعه عنده وجب إرساله ولا يجوز له إبقاؤه. واعلم أن صور هذه المسألة
تسع، وذلك لأنه إما أن يودعه حلال عند حلال ثم يحرم المودع بالفتح أو يودعه حلال عند محرم
أو يودعه محرم عند محرم فهذه ثلاثة أحوال، وفي كل منها إما أن يجد المودع بالفتح رب
الصيد وإما أن لا يجده لكن يجد حلالا يودعه عنده، وأما أن لا يجد ربه ولا من يودعه عنده فالمجموع
تسع تفهم أحكامها مما تقدم. قوله: (وفي صحته شرائه إلخ) حاصله أنه تقدم أنه لا يجوز للمحرم أن يستجد
ملكا للصيد، فلو وقع واشترى المحرم صيدا من حلال فهل العقد صحيح وهو قول ابن حبيب أو فاسد
وهو ما في الموازية؟ وعلى الأول فيضمن ثمنه لبائعه ويجب عليه إرساله، وعلى الثاني فلا يلزمه ثمنه
ولا إرساله ويلزمه رده لبائعه لأنه بيع فاسد لم يفت. قوله: (من حلال) أي وأما من محرم فهو فاسد
اتفاقا فلا يلزمه ثمنه ويلزمه رده لبائعه ليرسله. قوله: (على الأظهر) أي كما قاله ح خلافا لما قاله سند
من أنه على القول بالصحة يضمن المشتري المحرم للبائع قيمته لا ثمنه، وعليه فيقال لنا بيع صحيح يضمن
73

بالقيمة. قوله: (إلا الفأرة إلخ) أي فإنه يجوز قتلها للمحرم وفي الحرم إذا كان بغير نية الذكاة وإلا لم يجز
كما يأتي قوله: (مطلقا) راجع للثلاثة قبله. قوله: (وفي جواز قتل صغيرهما) أي وعدم الجواز فالقول
بالجواز نظرا للفظ غراب الواقع في الحديث فإنه مطلق يتحقق الكبير والصغير، والقول بالمنع نظرا
للعلة في جواز القتل وهي الايذاء وذلك منتف في الصغير. قوله: (خلاف) الأول شهره ابن راشد
والثاني شهره ابن هارون. قوله: (كعادي سبع) أي كما يجوز قتل العادي من السباع إن كان كبيرا وكان
قتله لدفع شره وإلا فلا يجوز قتله وفيه الجزاء. قوله: (كطير) أي كما يجوز قتل الطير الذي يخاف منه
على النفس أو المال ولا يندفع إلا بالقتل إذا كان قتله لدفع شره لا بقصد ذكاته فلا يجوز وفيه الجزاء.
قوله: (وأما المحرم فلا يجوز له قتله) أي يحرم كما صرح به الجزولي في شرح الرسالة، وما في المناسك من
الكراهة قال طفي: المراد بها التحريم بدليل قوله: فإذا قتلها المحرم أطعم كسائر الهوام إذ لو كانت للتنزيه
ما قال أطعم كسائر الهوام اه‍ بن. وقد يقال: الاطعام على جهة الاستحباب فلا ينافي أن الكراهة على
بابها للتنزيه تأمل. قوله: (ثم شبه في عدم الجزاء المستفاد من الاستثناء) أي فكأنه قال: ولا جزاء في
هذه المستثنيات كأن عم الجراد. قوله: (والواو للحال) أي فالمعنى على التقييد أي ولا جزاء عليه ولا
حرمة إذا كان قد اجتهد في التحفظ من قتله ومات منه شئ بعد ذلك بدفعه. قوله: (وإلا فقيمته طعاما)
ظاهر المصنف تعين الحفنة في الواحدة للعشر والقيمة طعاما فيما زاد، وقال الباجي: ولو شاء الصيام
لحكم عليه بصوم يوم انظر طفي والمواق اه‍ بن. قوله: (من غير تفصيل) أي بين قليل وكثير.
وقوله لكن النص إلخ أجاب طفي بأن القبضة والحفنة متقاربان والخطب سهل. قوله: (قبضة) أي
بضاد معجمة كما في حاشية خش وهي دون الحفنة، وقد علم من كلامه أن الجراد والدود ليسا كالقملة
والقملات لان القملة والقملات لعشرة فيها حفنة وما زاد فيه الفدية وفي الجرادة الواحدة لعشرة
حفنة وما زاد فيه القيمة والدود في قليله وكثيره قبضة. قوله: (والجزاء بقتله) جملة مستأنفة استئنافا
بيانيا جوابا لسؤال مقدر تقديره: فإن تعرض للحيوان البري فماذا يلزمه؟ وحاصل الجواب أنه
تارة يقتله وتارة لا يقتله فإن قتله فالجزاء بقتله. قوله: (وجهل ونسيان) أي خلافا لابن عبد الحكم
حيث قال: لا شئ في غير العمد ولا فيما تكرر. قوله: (ولا إثم في هذين إلخ) قال بن في سقوط
الاثم بالجهل نظر لجزاء الاقدام قبل الحكم ولم أرهم ذكروا سقوط الاثم إلا في النسيان وهو
ظاهر. قوله: (كالمخمصة) قال خش في كبيره: ويجوز الاصطياد للمخمصة وعليه الجزاء، وحينئذ
فلا منافاة بين الجواز والجزاء، كما أنه لا منافاة بين الحرمة ونفي الجزاء. قوله: (وتكرر الجزاء بتكرر
قتل الصيد) ظاهره أن تكرر فعل ماض والجملة مستأنفة، والذي ذكره غيره أنه مصدر عطف على
مخمصة وأن اللام بالنسبة له بمعنى مع أي وإن كان القتل مصاحبا لتكرر لا للتعليل لان التكرر ليس
74

علة للقتل، وحاصله أنه إذا قتل صيودا فإن الجزاء يتكرر عليه بتكرر القتل سواء نوى التكرر أم لا
خلافا لمن قال بعدم تكرر الجزاء بتكرر القتل. قوله: (وكسهم وكلب) هذا تشبيه في لزوم الجزاء
قوله: (ففيه الجزاء) أي ولا يؤكل عند ابن القاسم سواء قرب محل الرامي من الحرم أو بعد عنه وخالفه أشهب
وعبد الملك، فأشهب يقول: يؤكل ولا جزاء عليه مطلقا، وعبد الملك يوافق أشهب على الأكل وعدم
الجزاء بشرط البعد، فإن كان بين محل الرامي والحرم قرب كان ميتة وفيه الجزاء، والمراد بالبعد أن
يكون بين الرامي والحرم مسافة لا يقطعها السهم غالبا فوافق في مقدور الله أنه قطعها ومر بطرف
الحرم لقوة حصلت للرامي اه‍ عدوي. وقد جعل اللخمي هذا الخلاف الذي في مسألة السهم جاريا
في مسألة الكلب الذي مر من الحرم واختار من الخلاف في المسألتين الأكل وعدم الجزاء كما في بن.
قوله: (وإلا فلا) أي وإلا يكن طريقه متعينة من الحرم إلا أنه ذهب إليه من الحرم فقتله أكل ولا جزاء
لان للكلب فعلا فعدوله للحرم من نفسه بخلاف السهم فمن الرامي على كل حال، فقول المصنف تعين طريقة
من الحرم قيد في الكلب فقط، وقد تبع المصنف في تقييد الكلب بما ذكر ابن شاس وابن الحاجب،
وهذا قول رابع في مسألة الكلب وحاصله: أنه إذا أرسل حل كلبا وهو في الحل على صيد فيه فمر الكلب
في الحرم فلما جاوزه قتل الصيد في الحل ففيه الجزاء ولا يؤكل عند ابن القاسم مطلقا، وقال أشهب:
يؤكل ولا جزاء مطلقا، وقال عبد الملك: يؤكل ولا جزاء ان بعد محل الارسال من الحرم وإلا فالجزاء،
وقال ابن شاس وابن الحاجب: إن تعين الحرم طريقا له فالجزاء ولا يؤكل وإلا فلا، وعلى ذلك مشى
المصنف. قوله: (أو أرسل بقربه إلخ) اعلم أنه اختلف في حكم الاصطياد قرب الحرم فقال مالك: إنه
مباح إذا سلم من قتله في الحرم، وقال في التوضيح: المشهور أنه منهي عنه إما منعا أو كراهة بحسب فهم
قوله صلى الله عليه وسلم: كالراتع يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه، قال ح: والظاهر الكراهة، ثم إن
قتله في الحرم أو بعد أن أخرجه منه ففيه الجزاء ولا يؤكل، وإن قتله بقرب الحرم قبل أن يدخل فيه
فالمشهور أنه لا جزاء عليه وهو قول مالك وابن القاسم والتونسي، ويؤكل حيث كان الصائد حلالا،
وقال ابن عبد الحكم وابن حبيب: عليه الجزاء انظر ح، والمتبادر من كلام المؤلف هو الصورة الأخيرة
لكن لضعف القول بالجزاء فيها تعين حمله على الثانية، وبجعل قوله خارجا حالا من فاعل قتل أي فقتل
في حال كونه خارجا منه تأمل. قوله: (ولا يؤكل في الكل) أي لانتهاك حرمة الحرم. قوله: (وأما لو
أرسله من بعيد) هذا مفهوم قول المصنف: أو أرسل بقربه قوله: (وطرده من حرم) أي وأما طرده
عن طعامك ورحلك فلا بأس به إلا أنه إذا هلك بسببه فالجزاء كما في بن. قوله: (فصاده صائدا إلخ)
حاصل ما في ح أنه إن طرده من الحرم إلى الحل، فإن عاد إلى الحرم فلا جزاء، وإن صاده من الحل
صائد فالجزاء وإن استمر باقيا في الحل، فإن كان في محل ممنع تحقق منعته فيه فلا جزاء وإلا فالجزاء
اه‍ بن. قوله: (وهو لا ينجو إلخ) هذا القيد لابن يونس قيد به مسألة الطرد، وحينئذ فيعتبر في جميع ما ذكره
من قوله فصاده صائد، ولقوله أو هلك قبل عوده، ولقوله أو شك في هلاكه كما في حاشية شيخنا
على خش قوله: (على طارده في ذلك) أي ولو حصل له التلف بعد ذلك أو صيد. قوله: (فالجزاء ولا يؤكل)
أي على المشهور نظرا لابتداء الرمية وهو قول ابن القاسم، ومقابله قول أشهب وعبد الملك أنه
يؤكل ولا جزاء فيه نظرا لمحل الإصابة. قوله: (ولا يؤكل في هذه اتفاقا) أي لأنه يصدق عليه أنه قتل
صيدا في الحرم قوله: (وتعريضه) أي تعريض من يحرم عليه الصيد من محرم وحلال في الحرم، وليس
من تعريضه للتلف كون الغير يقدر عليه بسبب جرحه له خلافا لما استظهره البساطي
وسلمه تت، لأنه مهما علم أنه لا يموت من الجرح أو برئ منه بنقص والتحق
75

بجنسه فلا شئ فيه وإن كان الغير يقدر عليه وهو مذهب المدونة ويدخل في قول المصنف ولو
بنقص
اه‍ بن. قوله: (كنتف ريشه) أي الذي لا يقدر معه على الطيران وإلا فلا جزاء، كما أنه لو نتف ريشه الذي
لا يقدر على الطيران إلا به وأمسكه عنده حتى نبت بدله وأطلقه فلا جزاء عليه. قوله: (ولم تتحقق سلامته
فيهما) أي في التعريض للتلف والجرح فهو قيد في المسألتين. قوله: (ولو بنقص) مبالغة في المفهوم كما
أشار له الشارح والباء في قوله: بنقص بمعنى مع. قوله: (يلزمه ما بين القيمتين) فإذا كانت قيمته سليما ثلاثة
أمداد ومعيبا مدين لزمه مد وهو ما بين القيمتين. قوله: (إن أخرج لشك) أي لأجل شك نشأ عن رمي
الصيد قوله: (ثم تحقق موته) أي حصول موته بعد الاخراج حالة الشك ولو كانت الرمية أنفذت
مقاتله. قوله: (لأنه أخرج الجزاء قبل وجوبه) أي بحسب نفس الامر لا بحسب الظاهر لما تقدم أنه
يجب عند الشك أي انه كشف الغيب أنه أخرج قبل الوجوب. قوله: (مع أنه لا جزاء عليه) أي ثانيا
كما أنه لو استمر باقيا على شكه لم يتكرر عليه الجزاء، والحاصل أنه إذا رمى صيدا فشك في موته فأخرج
جزاءه فإن استمر على شكه أو غلب على ظنه أن موته قبل الاخراج لم يلزمه الاخراج ثانيا، وإن
غلب على ظنه أن موته بعد الاخراج لزمه اخراج الجزاء ثانيا. قوله: (ككل من المشتركين) إما بالتثنية
وهو بيان لأقل ما يتحقق به الاشتراك أو بالجمع وأل للجنس وهو يصدق باثنين فأكثر. قوله: (فيتعدد
الجزاء بتعددهم) أي سواء كانوا محلين في الحرم أو محرمين ولو بغيره، وأما لو اشترك حل ليس بالحرم
ومحرم في قتل الصيد كان الجزاء على المحرم فقط. تنبيه: قال عج ما نصه: ومفهوم المشتركين أنه لو تمالا
جماعة على قتله فقتله واحد منهم فجزاؤه على من قتله فقط كما هو ظاهر كلامهم، وظاهر كلام المؤلف أنه
لا ينظر إذا قتله جميعهم لمن فعله أقوى في حصول الموت وهذا إذا لم تتميز الضربات، وأما إذا تميزت
الضربات وعلم أو ظن أن موته من ضربة معينة فالظاهر أن الجزاء عليه وحده لأنه اختص بقتله، إلا
أن تكون ضربة غيره هي التي عاقته عن النجاة فإن كل واحد منهما عليه جزاء بمثابة المشتركين.
قوله: (فقتل غيره) أي وترك السبع المرسل إليه قوله: (فوقع فيه صيد) أي فيلزم الجزاء على المشهور، وقال
سحنون: لا جزاء فيه، وقال أشهب: إن كان المحل يتخوف فيه على الصيد من الوقوع في الشرك وداه وإلا
فلا شئ عليه اه‍ عدوي قوله: (وبقتل غلام إلخ) حاصله أن المحرم إذا كان معه صيد فأمر الغلام أن
يرسله فظن الغلام أنه أمره بقتله فقتله الغلام فعلى سيده جزاؤه ولا شئ على الغلام إلا أن يكون
محرما فعلى الغلام جزاء آخر. قوله: (أي أمره سيده بإفلاته) أي أمره بالقول أو أشار له إشارة ظن منها
القتل وإن كانت تلك الإشارة لا يفهم غيره منها القتل. قوله: (فظن القتل) مفهومه أنه لو شك في أمره له
بالقتل أو بالافلات ثم قتله كان الجزاء على العبد وحده كما يفيده كلام اللخمي اه‍ عدوي. قوله: (وعلى
العبد جزاء أيضا إن كان محرما) أي ولا ينفعه خطؤه وحينئذ فإما أن يصوم العبد عن نفسه وإما أن يطعم
عنه سيده إن شاء وإن شاء أمره به من ماله، وكذا يقال في الهدي فإما أن يهدي عنه السيد أو يأمره بذلك
من ماله كما قال سند. قوله: (أو لا) نفي راجع لقوله إن تسبب السيد فيه أي أو لا يشترط في لزوم الجزاء
للسيد تسببه فيه بل الجزاء لازم له مطلقا، سواء تسبب فيه بأن أذن في اصطياده أو لم يتسبب فيه بأن
76

صاده العبد بغير إذن سيده فقال له: أفلته فقتله لظنه أنه أمره بقتله. قوله: (تأويلان) الأول لابن الكاتب
والثاني لابن محرز اه‍ بن. قوله: (وبسبب) عطف على محذوف أي والجزاء بقتله مباشرة، وبسبب هذا
إذا كان السبب مقصودا بل ولو كان اتفاقيا. قوله: (إن قصد) أي ذلك السبب بأن حفر حفرة بقصد
وقوع الصيد فيها فوقع فيها ومات فالجزاء لازم باتفاق ابن القاسم وأشهب. قوله: (ولو اتفق كونه سببا)
أي من غير قصد جعله سببا وذلك بأن لا يقصد الصيد مع السبب أصلا لكن أدى ذلك لهلاك
الصيد وأخذ من كون السبب الاتفاقي يوجب جزاء الصيد أنه لو فتح انسان بابه وكان قبل فتحه
مستندا عليه جرة عسل مثلا فانكسرت فإنه يضمنها لان فعله قارن الاتلاف كما قال ابن عرفة، بخلاف
ما لو أطلق نارا في محل فأحرقت دار جاره فلا ضمان على المطلق لان الفعل لم يقارن التلف اه‍ شيخنا
عدوي. قوله: (والأظهر عند ابن عبد السلام إلخ) فيه أن من ذكر من ابن عبد السلام ومن معه مندرج
في الأصح فلا حاجة لذكر الأظهر، والأولى إبدال الأظهر بالأرجح بأن يقول: والأرجح والأصح
خلافه لان ابن يونس رجح هذا الثاني كما في المواق. قوله: (أنه لا جزاء) أي في السبب الاتفاقي قوله: (وشبه
في عدم الجزاء) أي وعدم أكل الصيد أيضا قوله: (فمات) أي فإنه لا جزاء فيه ولا يؤكل، وكذا
يقال في قوله: وبئر لماء ودلالة محرم أو حل كما هو ظاهر كلام ح. قوله: (وحفر بئر لماء) أي سواء كان
الحفر في محل يجوز له الحفر فيه أو لا كالطريق فليس ما هنا كما في الديات، ولعل الفرق أن الصيد ليس
شأنه لزوم طريق معين بخلاف الآدمي اه‍ عدوي. هذا وقد وافق ابن القاسم أشهب في سقوط
الجزاء في مسألة حفر البئر لماء وخالفه في مسألة فزعه فمات وقال بالجزاء كما مر، قال ح: وهي مناقضة لا شك
فيها، وحكى بعضهم قولا عن ابن القاسم بوجوب الجزاء في مسألة البئر وهو ضعيف اه‍ بن.
قوله: (ودلالة محرم أو حل) أي لا جزاء في أن يدل محرم محرما أو حلالا على صيد في الحل أو في الحرم
ولو صاده المحرم أو الحلال المدلول، وحاصله أنه إذا دل محرم محرما أو حلالا على صيد في الحل أو في
الحرم فقتله فلا جزاء على ذلك المحرم الدال فهذه أربع صور، وكذلك إذا دل حل محرما أو حلالا
على صيد في الحل أو في الحرم فقتله فلا جزاء على ذلك الحل الدال فهذه أربعة أيضا، والجزاء إنما هو
على المدلول إن كان محرما أو كان حلالا وكان الصيد في الحرم. قوله: (فلا جزاء على الدال) أي على
المحرم الدال قوله: (على فرع في الحل) أي خارج عن حد الحرم لداخل الحل، وأما لو كان الفرع مسامتا
لحد الحرم والطير فوقه فالظاهر أن فيه الجزاء كما لو كان الطير على حد الحرم نفسه. قوله: (فلا جزاء
ويؤكل نظرا إلى محله) أي على المشهور وهو مذهب المدونة، وقال عبد الملك: يلزمه الجزاء نظرا لأصل
الفرع. قوله: (ولا نزاع إلخ) أي كما أنه لا نزاع في لزوم الجزاء والحرمة وعدم الأكل إذا كان كل من
الفرع وأصله في الحرم. قوله: (أو بحل) عطف على فرع أو ورميه حال كونه بحل أي والصائد بحل
أيضا، وقوله فمات به أي في الحرم ولا يصح أن يكون عطفا على بالحرم وإلا لكان المعنى ورميه على فرع
أصله بالحل وهو فاسد لاقتضائه أنه إذا كان الأصل في الحل والفرع في الحرم ورمى على الصيد
الذي فوق الفرع فإنه لا جزاء عليه مع أن عليه الجزاء. قوله: (على المختار) أي على ما اختاره اللخمي من
أقوال ثلاثة: الأول قول التونسي بلزوم الجزاء ولا يؤكل. والثاني: قول أصبغ بعدم الجواز ولا يؤكل.
والثالث: قول أشهب بعدم الجزاء ويؤكل، اختار اللخمي منها الثالث فاختياره منصب على نفي
77

الجزاء خلافا للأول وعلى الأكل خلافا للثاني والأول. قوله: (وإلا فعليه) اختار التونسي واللخمي
هنا قول سحنون لا شئ عليه ولم ينبه المؤلف عليه اه‍ بن. قوله: (فقتله محرم آخر) أي وأما لو قتله
حلال فإما أن يقتله في الحرم أو في الحل، فإن قتله في الحرم فعلى كل واحد منهما جزاء كامل، وإن قتله
في الحل فجزاؤه على المحرم الذي أمسكه، ويغرم الحلال له قيمته طعاما إن كانت قيمته أقل من جزائه،
والحاصل أنهما إذا كانا حلالين في الحرم أو كان أحدهما محرما والآخر حلالا بالحرم فعلى كل واحد
منهما جزاء كامل مثل صورة المصنف وهي ما إذا كانا محرمين، فإن كان أحدهما محرما أو حلالا بالحرم
والآخر ليس كذلك فالجزاء على المحرم أو من في الحرم ولا جزاء على الآخر، وإن كان كل منهما غير محرم
ولا بالحرم فلا شئ عليه اه‍ عدوي. قوله: (وعلى كل واحد منهما جزاء كامل) أي نظرا إلى التسبب
والمباشرة. قوله: (أو في الحرم) أي أو صاده حلال في الحرم. قوله: (فمات بصيده) راجع لكل من صيد
المحرم ولما صاده الحلال في الحرم، وقوله أو ذبحه ولو بعد إحلاله عطف على قوله بصيده، وقوله أو ذبحه
وإن لم يصده عطف على ما صاده محرم. قوله: (ولو بإشارة) أي أو مناولة سوط قوله: (أو صيد له) أي
لأجله صاده حلال أو حرام، كان المحرم الذي صيد لأجله معينا أو غير معين بأمره أو بغير أمره، ليباع
له أو يهدى له أو ليضيف به. قوله: (وذبح حال إحرامه) أي سواء أكل المحرم منه شيئا أو لا، واحترز
بقوله: وذبح حال إحرامه عما إذا ذبح بعده فإنه يكره أكله فقط كما في ح، بخلاف ما صاده فإنه
ميتة ولو ذبح بعد إحلاله كما مر. قوله: (أو ذبحه حلال إلخ) عطف على قوله: أو صيد له أي أو ذبحه حلال
ليضيف به محرما والحال أن ذلك الحلال لم يصده. قوله: (ميتة) أي حكمه حكم الميتة. وقوله على كل أحد
أي بالنسبة لكل أحد فلا يجوز أكله لحلال ولا لمحرم. قوله: (لأنه) أي لان البيض بمنزلة الجنين أي
جنين الصيد لكونه نشأ عنه، فلما كان الجنين نشأ عن البيض نزل البيض منزلته. قوله: (وقشره نجس)
أي بالنسبة للمحرم وغيره لأنهم لما نزلوا البيض منزلة ما نشأ عنه وهو الجنين وحكموا عليه بحكم الميتة
صار حكم قشره النجاسة بمنزلة البيض المذر أو ما خرج بعد الموت، وإذا علمت السبب في نجاسة
البيض وجعله كالميتة تعلم أن بحث سند خلاف المذهب حيث قال: أما منع المحرم من البيض فبين، وأما
منع غيره ففيه نظر لان البيض لا يفتقر لذكاة حتى يكون بفعل المحرم ميتة، ولا يزيد فعل المحرم فيه
في حق الغير على فعل المجوسي وهو إذا شوى بيضا أو كسره لم يحرم بذلك على المسلم، بخلاف الصيد
فإنه يفتقر لذكاة مشروعة والمحرم ليس من أهلها. والحاصل أن البيض يمنع من أكله المحرم وغيره
وقشره نجس بالنسبة لهما، هذا على ما ذكره المصنف كغيره من أن البيض ميتة، وأما على ما ذكره سند
فيمنع من أكله المحرم دون غيره وقشره طاهر حتى للمحرم. قوله: (وأما إن لم يعلم) أي والحال أنه
أكل منه. قوله: (فلا شئ عليه) وكذا إن علم أنه صيد لمحرم وكان الآكل منه غير محرم بأن كان حلالا.
والحاصل أن الجزاء إنما يلزم الآكل مما صيد للمحرم له بقيدين: الأول أن يكون الآكل محرما وإن
لم يعلم أنه صيد لمحرم، فلو كان الآكل حلالا فلا جزاء عليه وإن حرم أكله منه لأنه ميتة، وكذا
لا جزاء عليه إن كان محرما ولكن لا يعلم أنه صيد لمحرم. قوله: (وأما لو صاده محرم) أي مات بصيده أو
ذبحه وإن لم يصده. قوله: (فالجزاء عليه) أي على المحرم الصائد ولا شئ على من صيد لأجله ولو كان
معينا. قوله: (عالما) أي بأنه صيد لمحرم. قوله: (لا في أكلها) أي لا جزاء على المحرم في أكل ميتة الصيد
الذي صاده هو أو صاده محرم غيره أو صاده حلال في الحرم، وأولى من المحرم في عدم الجزاء الحلال
إذا أكل ميتة الصيد الذي صاده المحرم أو ذبحه، وسواء علم ذلك الآكل المحرم أو الحلال أن
78

ذلك الصيد مصيد محرم أو لا. قوله: (أو في الحرم) أي أو الحلال الذي صاده في الحرم. قوله: (أو غيره)
كان ذلك الغير محرما صيد لأجله أم لا. قوله: (كل منهما) أي من الصائد والمصيد له. قوله: (وإن سيحرم)
مبالغة في جواز أكل المحرم من لحم الصيد المذكور. قوله: (إن تمت إلخ) شرط في الجواز إن كان سيحرم،
فإن لم تتم ذكاته قبل الاحرام بل بعده كان ميتة لا يحل لاحد أكله لأنه يصدق عليه أنه صيد لمحرم إذا
كان تمام ذكاته بعد إحرام المصيد له الذي كان حلالا ويصدق عليه أنه صاده محرم إذا لم تتم ذكاته إلا
بعد إحرام الصائد. قوله: (أي الحلال) أي وأما المحرم فلا يجوز له ذبح الصيد مطلقا لا في الحل ولا في
الحرم، وبهذا تعلم أن قول بعض الشراح: وجاز ذبحه أي الشخص سواء كان حلالا أو محرما فيه نظر.
قوله: (ما صيد بحل) أي ما صاده حلال بحل، وأما ما صاده المحرم في الحل ودخل به في الحرم فلا يجوز
أكله لا لحل ولا لمحرم، فقول عبق صاده حلال أو محرم فيه نظر والصواب اسقاط محرم. قوله: (وأما
الآفاقي الداخل في الحرم) أي سواء دخله محرما أو غير محرم. قوله: (ويجب عليه إرساله) فإن أبقاه
عنده حتى خرج من الحرم وذبحه بعد خروجه من الحرم وداه سواء كان حين دخوله الحرم بالصيد
محرما أو حلالا، أما المحرم فواضح، وأما الحلال فلانه لما أدخله الحرم صار من صيد الحرم كذا قيل،
وفيه أن هذا التعليل يجري في الحلال المقيم بمكة تأمل. قوله: (وليس الإوز بصيد) أي إذا كان بريا
وأما الإوز العراقي فهو صيد كبقر الوحش. قوله: (فيجوز للمحرم ذبحه وأكله) أي كما يجوز له أكل
بيضهما وكما يجوز له ذبح بهيمة الأنعام من غنم وبقر وإبل إذا كانت متأنسة لا متوحشة لأنها صيد.
قوله: (ولو روميا) أي هذا إذا كان وحشيا بل ولو كان روميا. قوله: (متخذا للفراخ) هذا بيان للحمام
الرومي فهو الذي يتخذ للولادة لا للطيران، وقوله فلا يؤكل أي لا هو ولا بيضه. قوله: (حرم به قطع
إلخ) الجار والمجرور متعلق بينبت أي حرم على كل أحد محرما أو غير محرم آفاقيا أو من أهل مكة قطع
ما ينبت في الحرم بنفسه أي ولو كان قطعه لاطعام الدواب على المعتمد، ولا فرق بين الأخضر واليابس.
قوله: (وشجر الطرفاء) أي وكذا شجر أم غيلان. قوله: (إلا الإذخر) نبت معروف كالحلفاء طيب
الرائحة واحده أذخرة، وجمع أذخر أذاخر كأفاعل، وقوله: إلا الإذخر والسنا أي فيجوز قطعهما.
وقوله: ومثلهما أي في جواز القطع. قوله: (كما يستنبت) أي كما يجوز قطع ما يستنبت قوله: (ونحوها) أي
كالحنطة والقثاء والعناب والعنب والنخل. قوله: (وإن لم يعالج) أي هذا إذا استنبت بمعالجة بل وإن لم
يعالج إن نبت بنفسه. قوله: (كصيد المدينة) أي كما يحرم صيد حرم المدينة ولا جزاء فيه فهو تشبيه في
الحرمة وعدم الجزاء. قوله: (ولا جزاء إلخ) قال ابن رشد في رسم الحج من سماع القرينين ما نصه: اعلم أن
أهل العلم اختلفوا فيما إذا صاد صيدا في حرم المدينة فمنهم من أوجب فيه الجزاء كحرم مكة سواء
وبذلك قال ابن نافع وإليه ذهب عبد الوهاب، وذهب مالك إلى أن الصيد فيها أخف من الصيد في حرم
مكة فلم ير على من صاد في حرمها إلا الاستغفار والزجر من الامام فقيل له: هل يؤكل الصيد الذي يصاد
في حرم المدينة؟ فقال: ما هو مثل ما يصاد في حرم مكة وإني لأكرهه، فروجع في ذلك فقال: لا أدري
اه‍ بلفظه. فعلم منه أن عدم الجزاء في صيد حرم المدينة قول مالك وأنه لخفة أمر المدينة عن مكة وأن الامام
توقف في أكل ما صيد بحرمها، وبه تعلم ما في قول شارحنا تبعا لغيره وهو خش ويحرم أكله، وفي
التوضيح وهل عدم جزاء الصيد بالمدينة لان الكفارة لا يقاس عليها أي والجزاء كفارة فلا يقاس
الجزاء في صيد المدينة على الجزاء في صيد مكة أو لان حرمة المدينة عندنا أشد كاليمين الغموس؟
قولان اه‍. وكلام ابن رشد المذكور يخالفه لأنه يقتضي أن عدم الجزاء لخفة أمر المدينة فتأمل
79

انظر بن. قوله: (وبين حرمها) أي بالنسبة للصيد قوله: (وكحرمة قطع شجرها) المراد به كل ما شأنه أنه
ينبت بنفسه وما استثنى فيما مر في النابت في حرم مكة يستثنى هنا. قوله: (أي بريدا مع بريد) هذا
جواب عما يقال: إن في كلام المصنف قلقا وذلك لان البريد في البريد بريد فيكون الحرم ربع بريد من
كل جهة لان البريد إذا فرق على الجهات الأربع ناب كل جهة ربع بريد مع أن الحرم بريد من كل
جهة. وحاصل الجواب أن في بمعنى مع علي حد قوله تعالى: * (ادخلوا في أمم) * والمعنى بريدا مصاحبا لبريد
حتى تستوفى جميع جهاتها. قوله: (بحكم عدلين) فلا يكفي اخراجه وحده بدون حكمين يحكمان عليه به،
واشتراط العدالة في الحكمين يستلزم اشتراط الحرية والبلوغ فيهما. قوله: (ولا بد من لفظ الحكم)
أي في كل نوع اختاره من الأنواع الثلاثة بأن يقولا له: حكمنا عليك بشاة مثلا قدرها كذا أو بكذا مدا
من الطعام أو بصوم كذا بعد أن يختار النوع الذي يكفر به، خلافا لابن عرفة حيث قال: إن الصوم
لا يشترط فيه حكم، وانظر هل يشترط في العدلين أن لا يكونا متأكدي القرابة؟ اه‍ عدوي. وفي ح:
ولا أعلم خلافا في اشتراط الحكم في الامرين الأولين، وأما الصوم فصرح ابن الحاجب باشتراط
ذلك فيه، وظاهر كلام ابن عرفة بل صريحه أن الصوم لا يشترط فيه الحكم، ونقله في الطراز أيضا عن
الباجي قال طفي عقب ما تقدم من كلام ح: قلت أطلق رحمه الله تعالى الخلاف فظاهره من غير تفصيل
وليس كذلك بل لا بد من بيان محله، قال الفاكهاني في شرح الرسالة: إن أراد ابتداء أن يصوم
فلا بد أن يحكما عليه فينظر لقيمة الصيد لأنه لا يعرف قدر الصوم إلا بمعرفة قدر الطعام، ولا يكون
الطعام إلا بحكم وإن أراد الاطعام فلما حكما به أراد الصيام، فقال جماعة من أصحابنا: لا يحتاج لحكمهما
بالصوم لأن الصوم بدل من الطعام لا من الهدي، وكأن الصوم متقرر بالطعام بتقرير الشرع
فلا حاجة للحكمين اه‍. فينزل كلام ابن الحاجب على الأول، وينزل كلام الطراز وابن عرفة
والباجي على الثاني وحينئذ فالخلاف لفظي اه‍ بن. قوله: (فلا يكفي الفتوى) أي بأن يقولا له حيث
قلت كذا يلزمك كذا. قوله: (ولا واحد) أي ولا يكفي حكم واحد فقط. قوله: (أي بأحكام
الصيد) أي لا بجميع أبواب الفقه إذ لا يشترط ذلك. قوله: (وهذا هو خبر المبتدأ) أي أن
الجزاء مبتدأ ومثله خبره، وقوله بحكم إلخ حال إما من المبتدأ أو من الخبر، ويصح أن يكون الجزاء
مبتدأ وخبره بحكم ومثله بدل من المبتدأ لان الجزاء اسم بمعنى المجازى به والمكافأ به وهو مثله يكون
بحكم إلخ. قوله: (لان كفارة الجزاء ثلاثة أنواع على التخيير) اعلم أن النقل يدل على التخيير بين
الأنواع الثلاثة في جميع الصيد: ما ورد فيه شئ وما لم يرد فيه شئ وإنه متى أختار المكفر نوعا من
الأنواع الثلاثة فلا بد من حكم الحكمين به، هذا كله إذا كان للصيد مثل، فإن لم يكن له خير بين الاطعام
والصيام ومتى اختار نوعا منهما ألزماه به، وكل هذا في غير حمام مكة والحرم ويمامهما فإن الواجب
فيهما شاة تجزئ ضحية فإن لم يجدها صام عشرة أيام كما يأتي. قوله: (أي يقوم حيا كبيرا بطعام)
بأن يقال: كم يساوي هذا الصيد لو كان حيا كبيرا من أغلب طعام هذا المحل الذي قتل به؟ فيقال كذا
فيحكمان عليه بذلك. قوله: (لا بدراهم ثم يشتري بها طعام) أي فلو فعل ذلك أجزأه، وأما لو قومه بدراهم
أو عرض وأخرج ذلك فإنه لا يجزئ ويرجع به إن كان باقيا قوله: (ويعتبر كل من الطعام والتقويم
بمحله) حاصله أنه إذا أخرج الجزاء من النعم اختص بالحرم وإن صام فحيث شاء، وإن أراد أن يخرج
80

طعاما فلا بد من اعتبار القيمة طعاما بمحل التلف وإن كان التقويم بغيره ولا بد من دفع ذلك الطعام
لفقراء ذلك المحل. قوله: (لا يوم تقويم الحكمين) أي لأنه قد يتأخر وتختلف القيمة. وقوله: ولا يوم
التعدي أي لأنه قد يتقدم على يوم التلف. قوله: (ويكون) أي الطعام الذي يقوم به الصيد.
قوله: (لعدم المساكين فيه) أي الذين تدفع لهم القيمة. قوله: (فيقوم أو يطعم بقربه) أي فتعتبر قيمته في المحل
الذي بقربه ويطعم فقراء المحل الذي بقربه. قوله: (ولا يجزئ تقويم) أي اعتبار القيمة ولا الاطعام
بغيره هذا هو المراد، وهو لا ينافي جواز التقويم بغيره لكن مع اعتبار القيمة فيه. قوله: (ويكمل
الناقص) أي من الامداد وجوبا. قوله: (وله نزع الزائد) أي بالقرعة كما في خش وعبق وهو غير
صحيح إذ لا تتصور القرعة مع الزيادة على مد لمسكين بل الزيادة تنزع حيث كانت سواء كانت عند
البعض أو الجميع، ولا محل للقرعة وإنما محلها فيما إذا أعطى عشرة أمداد لعشرين مثلا فإنه ينزع من عشرة
بالقرعة ويكمل للآخرين اه‍ بن. قوله: (إن بين) أي للفقير عند الدفع أن هذا جزاء أي وكان ذلك
الزائد باقيا عنده، فإن تخلف شرط من الشرطين فلا ينزع منه شئ. قوله: (فتأويلان) قال في التوضيح:
وتحصيل المسألة أنه يطلب ابتداء أن يخرج الطعام بمحل التقويم أي اعتبار القيمة وهو محل التلف، فإن
أخرجه في غيره فمذهب المدونة عدم الاجزاء. وقال ابن المواز: إن أصاب الصيد بمصر فأخرج
الطعام في المدينة فإنه يجزئ لان سعرها أعلى، وإن أصاب الصيد بالمدينة فأخرج الطعام بمصر لم يجزه
إلا أن يتفق سعراهما. ابن عبد السلام: وقد اختلف الشيوخ في كلام ابن المواز فمنهم من جعله تفسيرا
للمدونة ومنهم من جعله خلافا وهو الذي اعتمده ابن الحاجب اه‍ بن. فقول الشارح في الاجزاء
أي بناء على أن بين ابن المواز والمدونة وفاقا، وقوله: وعدم الاجزاء أي بناء على أن بينهما خلافا،
والمعتمد كلام المدونة من الاطلاق، وذلك لان الجزاء حق تقرر لفقراء مكان الصيد، فإذا كانت
قيمة الصيد بمحل التلف عشرة أمداد وأراد أن يخرجها بغير محل التلف فإن كانت قيمة الامداد
في محل الاخراج مساوية لقيمتها في محل التلف بأن كانت قيمتها في كل من المحلين دينارا، أو كانت قيمتها
في محل الاخراج أكثر من قيمتها في محل التلف بأن كانت قيمتها في محل الاخراج دينارا وفي محل
التلف نصف دينار فهاتان الصورتان من محل الخلاف، فعلى الوفاق يجزي فيهما، وعلى الخلاف لا
يجزئ على المعتمد وهو مذهب المدونة خلافا لابن المواز، وأما إن كانت قيمة الامداد العشرة
في محل الاخراج أقل من قيمتها في محل التلف بأن كانت قيمتها في محل الاخراج نصف دينار وفي محل
التلف دينارا فلا يجزئ اتفاقا، إذا علمت هذا فقول المصنف: وهل إلا أن يساوي سعره أي وهل عدم
الاجزاء إذا أخرج الطعام في غير محل التلف أو قربه مطلقا سواء كان سعر الطعام في بلد الاخراج
مساويا لسعره في بلد التلف أو أقل أو أكثر وهو تأويل الخلاف فيكون بين المدونة وابن المواز
خلاف أو محل عدم الاجزاء إذا كان السعر في بلد الاخراج أقل منه في بلد التلف، أما لو كان السعر
في بلد الاخراج أكثر أو مساويا فإنه يجزئ وهذا تأويل الوفاق. قوله: (وهما في الاطعام) أي فيما إذا
أخرج طعاما. وقوله: الذي قوم به أي الذي اعتبرت القيمة فيه. قوله: (وليسا جاريين في التقويم)
أي وليسا جاريين فيما إذا اعتبرت قيمته بغير محل التلف ولكن أرسل الطعام لمحل التلف
قوله: (ولكل مد صوم يوم) لو قال: أو صوم يوم لكل مد كان أولى إلا أن يجعل قوله لكل مد مقدما
من تأخير متعلقا بصوم وتقديم معمول المصدر الظرفي جائز عند المحققين. قوله: (وكمل لكسره
إلخ) فإذا قيل: ما قيمة هذا الظبي؟ فقيل: خمسة أمداد ونصف، فإن أراد الصوم ألزماه ستة أيام، وإن
أراد الاطعام ألزماه خمسة أمداد ونصف مد وندب له كمال المد السادس. قوله: (فالنعامة بدنة) أي
81

حيث أراد اخراج المثل المخير فيه وفي الاطعام والصيام فالنعامة مثلها وجزاؤها بدنة، وكذا يقال
فيما بعد. والحاصل أن الصيد إن كان له مثل سواء كان مقررا عن الصحابة أم لا فإنه يخير فيه بين المثل
والاطعام والصيام وما لا مثل له لصغره، فقيمته طعاما أو عدله صياما على التخيير، فقول المصنف:
فالنعامة بدنة بيان لما له مثل مخير فيه وفي الاطعام والصوم، وقوله: وللحل وضب إلخ بيان لما لا مثل له،
وقوله القيمة طعاما يعني أو عدله صياما، هذا حاصل ما قرر به البدر القرافي والشيخ سالم وتبعهما
شارحنا، وقال عج: الذي يفيده النقل أنه يتعين في النعامة وما بعدها ما ذكره المصنف، فإن لم يوجد
فعدله طعاما، فإن لم يوجد صام لكل مد يوما، وحينئذ فقوله فالنعامة بدنة هذا كالاستثناء من التخيير
فكأنه قال: إلا النعامة فجزاؤها بدنة أي تعيينا، وإن قوله: والجزاء بحكم عدلين مثله من النعم فيما لم يرد فيه
شئ بعينه قال طفي: وما قاله عج خطأ فاحش خرج به عن أقوال المالكية كلهم، والصواب ما قاله
شيخه البدر إذ كتب المالكية مصرحة بذلك انظر بن. قوله: (والفيل إلخ) قال ابن الحاجب: ولا نص
في الفيل. وقال ابن بشير: بدنة خراسانية ذات سنامين. وقال القرويون: القيمة طعاما، وقيل وزنه طعاما
لغلو عظمه وكيفية وزنه أن يجعل في سفينة وينظر إلى حيث تنزل في الماء ثم يخرج منها وتملا بالطعام
حتى تنزل في الماء ذلك القدر. قوله: (أي جزاؤه) أي المخير فيه وفي الاطعام والصوم. قوله: (والضبع
والثعلب) يتعين حمل كلام المصنف على غير ما إذا لم ينج منهما لا بقتلهما وإلا فلا جزاء عليه أصلا كما
صرح به القاضي عبد الوهاب في التلقين. ونقل في التوضيح عن الباجي أنه المشهور من المذهب فيمن
عدت عليه سباع الطير أو غيرها فقتلها اه‍ بن. قوله: (كحمام مكة والحرم ويمامهما) أي فجزاؤهما شاة فإن
لم يجدها صام عشرة أيام من غير أن يحكم عليه بشئ من ذلك. واعلم أن حمام الحرم القاطن به إذا خرج
منه للحل وخرج له حلال للحل وقتله فلا شئ عليه فيجوز اصطياده في الحل للحلال. أبو الحسن:
ظاهر الكتاب أنه يجوز صيده وإن كان له فراخ في الحرم. ابن ناجي: إن كان له فراخ فالصواب تحريم
صيده لتعذيب فراخه حتى يموتوا قاله ح. قوله: (أي ما يصاد بهما) أشار إلى أن الإضافة في حمام مكة
ويمامها لأدنى ملابسة. قوله: (أي وجزاؤهما) يعني الحمام واليمام في اصطيادهما في الحل. قوله: (على
المذهب) أي وهو ما قرر به الشيخ سالم والبدر وارتضاه طفي خلافا لما قاله عج وقد علمته.
قوله: (وأما ما ليس له مثل إلخ) هذا التفصيل الذي ذكره فيما ليس له مثل خلاف الصواب وأن الذي عليه
أهل المذهب أن ما كان من الصيد لا مثل له لصغره سواء كان طيرا أو غيره غير حمام الحرم ويمامه، فإنه
يخير فيه بين الاطعام والصيام، وما له مثل يخير بين الثلاثة المثل والاطعام والصيام ولم يفصل أحد
فيما ليس له مثل بين الطير وغيره. والحاصل أن الصيد إما طير أو غيره، والطير إما حمام الحرم ويمامه وإما
غيرهما، فإن كان الصيد حمام الحرم ويمامه تعين فيه شاة تجزي ضحية، فإن عجز عنها صام عشرة أيام، وإن كان
الطير غير ما ذكر خير بين القيمة طعاما وعدله صياما، وإن كان الصيد غير طير فإما أن يكون له مثل يجزئ
ضحية أم لا، فإن كان الأول خير بين المثل والاطعام والصوم كان فيه شئ مقرر أم لا، وإن كان
ليس له مثل يجزئ ضحية خير بين الاطعام والصوم فقط كجميع الطير، هذا حاصل المعول
عليه من المذهب كما يفيده كلام بن. قوله: (كالدية) أي كما أن دية الرجل الكبير كدية الرضيع،
ودية الجميل كدية القبيح، ودية المريض كدية الصحيح. قوله: (ولا يلاحظ الوصف القائم به) أي
82

الموجب لنقص قيمته، فالصغير يقوم على أنه كبير، والمريض يقوم على أنه صحيح، والقبيح يقوم على
أنه جميل وهكذا. قوله: (من تقويمه بكبير صحيح يجزي ضحية) أي فالنعامة الصغيرة أو القبيحة أو
المريضة إذا قتلها المحرم واختار مثلها من الانعام يحكم عليه ببدنة صحيحة كبيرة تجزئ ضحية، وكذا
يقال في غيرها، وإن اختار أن يدفع قيمتها طعاما فإنها تقوم بطعام على أنها صحيحة كبيرة، ويقطع النظر عما فيها
من وصف الصغر أو المرض أو القبح ويدفع القيمة للفقراء أو يصوم لكل مد يوما إن اختار. قوله: (وإذا كان
مملوكا) أي وإن كان السيد الذي قتله المحرم مملوكا إلخ قوله: (قيمة لربه ملحوظ إلخ) أي فيقوم لربه
بدراهم على الحالة التي هو عليها من صغر أو كبر أو مرض أو صحة، ويقوم لحق الله بالطعام على أنه كبير
صحيح إن لم يخرج مثله من النعم، فإذا كان الصيد صغيرا لم يصل لسن الاجزاء ضحية كثعلب صغير
لم يكمل سنة فإنه يقوم بطعام على أنه كبير يجزئ ضحية، وكذا يقال فيما إذا كان مريضا. والحاصل أنه
يقوم لحق الله بالطعام على أنه كبير صحيح ولو كان مريضا أو صغيرا كما في خش. قوله: (فيما لهما فيه دخل)
بأن كان الصيد غير حمام مكة والحرم ويمامهما قوله: (وإن روى فيه إلخ) الحاصل أن الصيد إن كان لم يرو
فيه شئ عن النبي ولا عن السلف الصالح كالدب والقرد والخنزير فإن الحكمين يجتهدان في الواجب فيه
وفي أحواله، وإن كان فيه شئ مقرر كالنعامة والفيل فإنه ورد في الأول بدنة ذات سنام وفي الثاني
بدنة ذات سنامين، فالاجتهاد في أحوال ذلك المقرر من سمن وسن وهزال بأن يريا أن في هذه النعامة
المقتولة بدنة سمينة أو هزيلة مثلا كسمن النعامة أو هزالها. قوله: (هل يكفي أول الأسنان) أي من
الإبل وهي بنت مخاض. قوله: (أو لا) أي أو سمينة لا جدا. قوله: (وله أن ينتقل) أي في غير ما يتعين عليه
كالنعامة ونحوها مما ذكر أنه ليس فيه تخيير قاله عبق، وقد تقدم أن ما ذكره غير صحيح إذ التخيير في
الجميع ما ذكر وغيره اه‍ بن. قوله: (وحكما عليه إلخ) فيه إشارة إلى أنهما لا يحكمان عليه إلا بعد أن
يخيراه بين الأمور الثلاثة واختياره واحدا منها، وقوله فله أن يختار غيره ويحكمان به عليه محل حكمهما
عليه إذا انتقل لغير الأول إذا انتقل من المثل للاطعام أو إلى الصوم، وأما لو انتقل من الاطعام
للصوم فلا يحتاج لحكم كما مر لان صومه عوض عن الاطعام لا عوض عن الصيد أو مثله. قوله: (إلا
أن يلتزم إلخ) الظاهر أن الالتزام يكون باللفظ بأن يقول التزمت ذلك لا بالجزم القلبي قاله شيخنا
قوله: (فتأويلان) محلهما إذا علم ما حكما به عليه والتزمه لا إن التزمه من غير معرفة به كما هو ظاهر المصنف،
والتأويل الأول وهو الانتقال للأكثر، والتأويل الثاني وهو عدم الانتقال لابن الكاتب وابن محرز
اه‍ بن. والحاصل أن التأويل الأول يقول له الانتقال مطلقا سواء عرف ما حكم به عليه أم لا التزمه أم لا،
والثاني يقول له: الانتقال ما لم يعرف ما حكم به عليه ويلتزمه وإلا لم ينتقل. قوله: (في قدر ما حكما به) بأن
قال أحدهما: حكمنا بشاة بنت ثلاثة سنين، وقال الآخر: بل بنت سنتين، وقوله أو نوعه أي بأن قال أحدهما
حكمناه بشاة، وقال الآخر حكمنا ببقرة، وكذا إذا اختلفا في أصل الحكم. قوله: (ابتدئ الحكم) أي أعيد
ثانية وثالثة حتى يقع في الاجتماع على أمر لا خلف فيه، وسواء وقع الحكم ثانيا وثالثا منهما أو من غيرهما
أو من أحدهما مع غير صاحبه. قوله: (تبينا واضحا) أي وأما لو كان الخطأ غير بين فإنه لا ينقض كما لو
حكم في الضبع بعنز ابن أربعة أشهر فلا ينقض حكمه لان بعض الأئمة يرى إجزاء ذلك، وحكم الحاكم
لا ينقض إذا وقع بمختلف فيه، وما ذكره الشارح من التفصيل قول لابن عبد الحكم وهو ضعيف،
والمعتمد أنه متى تبين الخطأ في الحكم فإنه ينقض سواء كان واضحا أو غير واضح كما هو ظاهر المصنف،
83

إذ لا بد في جزاء الصيد من كونه يجزئ ضحية اه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (وفي الجنين والبيض
عشر دية الأم) أي في الجنين بضرب محرم أو حلال في الحرم أمه فتلقيه ميتا، وفي كل واحدة من
البيض غير المذر إذا كسرها المحرم أو الحلال في الحرم من أي طائر عشر دية الأم، والمراد بدية الأم
قيمتها طعاما أو عدله صياما فيما في جزاء أمه طعام وقيمة مثلها من النعم طعاما إذا لم يكن في جزائها طعام.
وحاصل ذلك أنه يخير في الجنين والبيض بين عشر قيمة أمه من الطعام وبين عدل ذلك صياما يصوم
مكان كل مد يوما إلا بيض حمام مكة والحرم وجنينهما ففيه عشر قيمة الشاة طعاما، فإن تعذر صام يوما
انظر ح، وغير هذا مما في عبق وعج فغير صحيح اه‍ بن. ثم إن ظاهر قوله: والبيض أن فيه العشر من
غير حكومة كان بيض حمام حرم أو غيره، وذكر سند أنه لا بد من حكم عدلين في البيض مطلقا ولو
كان بيض حمام الحرم قال: لأنه من باب الصيد والصيد لا بد فيه من حكمين اه‍. ولعل الفرق بينه وبين
أصله الذي هو حمام الحرم أن الأصل في الجزاء الحكومة لوروده في القرآن، وإنما خرج حمام الحرم
لقضاء عثمان فيه بالشاة وبقي ما عداه ومنه البيض على حكم الأصل. قوله: (إذا كسرها المحرم) أي
ولو بضربات أو ضربات في فور، وكذا يقال في الجنين أي أن في كل جنين عشر دية أمه، ولو قتل المتعدد
منها بضرب الأم ضربة واحدة أو ضربات في فور. قوله: (وهو الفدية) أي والتخيير فيها بين النسك
بشاة فأعلى وإطعام ستة مساكين لكل واحد مدان وصيام ثلاثة أيام. قوله: (وجزاء الصيد) أي
والتخيير فيه بين ثلاثة أشياء إن كان له مثل من النعم وهي المثل والاطعام بقدر قيمة الصيد والصوم عن
كل مد يوما وإن لم يكن له مثل خير بين أمرين: القيمة طعاما والصوم إلا حمام الحرم ويمامه فإنه يتعين فيه
شاة فإن عجز صام عشرة أيام. قوله: (لترك واجب) أي كترك الجمار ومبيت ليلة من ليالي منى وطواف
القدوم وغير ذلك من واجبات الاحرام أو الوقوف أو واجبات الطواف أو السعي قوله: (هدي)
خبر عن قوله: وغير الفدية، وقوله مرتب خبر عن محذوف، والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر لبيان الحكم
أي وغير الفدية والصيد هدي إلخ وهو مرتب أي واجب ترتيبه. قوله: (فضأن) إنما سكت المصنف
عنها لانحصار الهدي في الثلاثة، ولو قال المصنف: فغنم لأشعر أن هناك مرتبة أخرى يستحب تقديم
الغنم عليها. قوله: (صيام ثلاثة أيام) أي ويندب فيها التتابع كما يندب في السبعة الآتية أيضا اه‍ عدوي.
قوله: (وأول وقته) أي صوم الأيام الثلاثة. قوله: (ويكره على المعتمد إلخ) أي أن المعتمد من المذهب
كما قال الباجي أن صيامها قبل يوم النحر مستحب لا واجب، وحينئذ فتأخيرها لأيام منى من غير عذر
مكروه وهو ظاهر المدونة أيضا وبه صرح ابن عرفة، فما وقع لعبق تبعا لعج والشيخ أحمد من أن
صيامها قبل يوم النحر واجب، ولا يجوز تأخيرها لأيام منى بلا عذر ضعيف انظر بن. قوله: (قاصر)
لأنه لا يشمل النقص في العمرة فيقتضي أنه ليس فيه ذلك الغير الكائن من هدي أو صوم وليس
كذلك. قوله: (شرطا في قوله من إحرامه) أي أن محل جواز صيام الأيام الثلاثة من إحرامه أن تقدم
84

النقص على الوقوف. قوله: (ويحتمل أنه إلخ) قال عبق: والأظهر أنه تنازع فيه المصدر والفعل، فيكون
مراده أن تقدم النقصان على الوقوف بعرفة شرط في أمرين: أحدهما كون صوم الثلاثة من إحرامه
إلى يوم النحر، والثاني كونه إذا فاته صومها قبل يوم النحر صام أيام منى قوله: (أو وقع يوم الوقوف) أي
كمذي أو قبلة بفم حصل يوم الوقوف قوله: (متى شاء) أي بعد أيام منى الثلاثة فلو صامها لم تجزه اه‍
شيخنا عدوي. قوله: (وصيام سبعة) أشار الشارح إلى أن سبعة بالجر عطف على ثلاثة وهذا هو
الصواب، أي على العاجز عن الهدي صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع من منى وإن لم يصلها
بالرجوع، ولا يصح عطفه على معمول صام لأنه يقتضي تقييد السبعة بالقيود التي قيد بها قوله صام
وليس كذلك بل السبعة تصام في الحج والعمرة تقدم النقص على الوقوف أو تأخر، نعم قوله: إذا رجع
من منى يقتضي اختصاص السبعة بالحج وليس كذلك اه‍ بن. قوله: (إذا رجع من منى) المراد بالرجوع
من منى الفراغ من أفعال الحج سواء رجع لمكة أو رجع لأهله من منى أو أقام بمنى لكونه من أهلها مثلا
قوله: (ليخرج من الخلاف) حاصله أنه وقع الخلاف في الرجوع في قوله تعالى: * (وسبعة إذا رجعتم) *
ففسره مالك في المدونة بالرجوع من منى سواء كان لمكة أو لبلده وهو المشهور، وفسره في الموازية
بالرجوع للأهل إلا أن يقيم بمكة، فإذا أخر صيامها إلى أن يرجع لأهله أجزأ على القولين، وإن أخر
للرجوع لمكة من منى فتجزئ على الأول دون الثاني. قوله: (ولم تجز إن قدمت على وقوفه) وهل
يجتزى منها بثلاثة أيام أو لا قولان: الأول للتونسي والثاني لابن يونس، والموضوع أنه لم يصم الأيام
الثلاثة بل قدم السبعة أيام على الوقوف وأراد تأخير الصلاة بعده، وأما لو قدم العشرة فإنه يجتزي منها
بثلاثة ويصير مطالبا بالسبعة بعد الرجوع من منى. قوله: (أو على رجوعه) أي كما لو صام بعضها في أيام
منى. ابن عاشر: انظر لو أوقع بعضها في أيام منى والظاهر عدم الاجزاء لقوله في الصوم: لا سابقية إلا
لمتمتع. قوله: (وندب الرجوع له بعد يومين إلخ) نحوه لابن الحاجب وابن شاس وأصله قول اللخمي
استحب مالك لمن وجد الهدي قبل أن يستكمل الأيام الثلاثة أن يرجع للهدي قال طفي: وانظر هذا
مع قول المدونة في كتاب الظهار: وإن صام ثلاثة في الحج ثم وجد ثمن الهدي وفي اليوم الثالث
فليمض على صومه فإن وجد ثمنه في اليوم الأول فإن شاء أهدى أو تمادى على صومه اه‍. فقد أمره بعد
يومين بالتمادي وخيره في أول يوم، وكل هذا مخالف لما هنا من ندب الرجوع للهدي إذا وجده بعد يومين.
قلت: قد يقال يصح حمل ما ذكره المصنف ومتبوعاه على ما في المدونة بأن يراد باستحباب الرجوع بعد
يومين أي وقبل الشروع في الثالث كما نقله تت عن ابن ناجي خلافا للخمي، وأن المراد بالتخيير الذي
فيها عدم اللزوم فلا ينافي الاستحباب تأمله والله أعلم. وبما ذكر تعلم أن قول الشارح بوجوب
الرجوع للهدي إذا وجده بعد الشروع وقبل كمال يوم غير صحيح اه‍ بن فتحصل أن المعتمد أنه يندب
الرجوع للهدي إن أيسر بثمنه قبل كمال صوم الثالث سواء أيسر في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث،
وأما إن أيسر بعد كمال الثالث فإنه لا يندب له الرجوع له لكن لو رجع له جاز لأنه الأصل. قوله: (فمصب
الندب على الجميع) نحوه في ح وتت وتعقبه ابن عاشر وطفي بأن كلام المؤلف لا يحتاج لتأويل بل
هو على ظاهره من أن وقوفه به بكل موقف مستحب لان وقوفه بعرفة جزءا من الليل إنما هو شرط
لنحره بمنى، وليس شرطا في كونه هديا بحيث لو ترك بطل كونه هديا، ولا منافاة بين استحباب وقوفه
بعرفة وبين كونه شرطا في نحره بمنى لان النحر بمنى ليس بواجب بل إن شاء وقف به بعرفة
85

ونحره بمنى، وإن شاء لم يقف به ونحره بمكة قاله في المدونة اه‍ بن. قوله: (الجمع بين الحل والحرم) أي
ولا يندب أن يقف به المواقف قوله: (وندب النحر للهدي) أي سواء كان واجبا بأن كان لنقص أو كان
تطوعا. قوله: (بالشروط الثلاثة) أي المشترطة في ذبحه بمنى لا في كونه هديا، فإن ذبح بمنى مع فقد واحد
منها لم يجز. قوله: (لكن المعتمد إلخ) وهو ما صرح به عياض في الاكمال وما قاله ح من الندب فغير ظاهر
ولا دليل له في قول المدونة، ومن وقف بهدي أو جزاء صيد أو متعة أو غيره بعرفة ثم قدم به مكة
فنحره بها جاهلا أو ترك منى متعمدا أجزأه اه‍. لان الاجزاء لا يدل على الندب اه‍ طفي. قوله: (إن
كان) أي الهدي وكذا جزاء الصيد سيق في إحرام حج، وقوله: ولو كان موجبه نقصا في عمرة أي
قدمها على ذلك الحج كانت في عامه أو في غيره. قوله: (ووقف به) أي ووقف به ربه المحرم بعرفة جزءا من
ليلة النحر. قوله: (أي كوقوفه) أي كوقوف ربه، وأشار الشارح بقوله: أي كوقوفه إلى أن الكاف داخلة
على مضاف مقدر فحذف فانفصل الضمير، وليس كلام المصنف من القليل وهو جر الكاف للضمير.
قوله: (واحترز بقوله أو نائبه إلخ) أي كما احترز بقوله كهو عما إذا وقف به النائب بعرفة في غير ليلة النحر.
قوله: (أن يكون النحر بأيامها) أي أن يكون أراد النحر في أيامها قوله: (في عمرة) أي في إحرامها سواء
كان نذرا أو جزاء صيد أو تطوعا أو عن نقص في حج قوله: (مكة) أي البلد لا ما يليها من منازل الناس
وأفضلها المروة لقوله عليه الصلاة والسلام في المروة: هذا المنحر وكل فجاج مكة - أي طرقها - منحر فإن
نحر خارجا عن بيوتها إلا أنه من لواحقها فالمشهور أنه لا يجزئ كما هو قول ابن القاسم، وأما الذبح بمنى
فالأفضل أن يكون عند الجمرة الأولى، ولا يجوز النحر دون جمرة العقبة مما يلي مكة لأنه ليس من منى.
قوله: (فلا يجزئ بمنى ولا غيرها) أي ويتعين ذبحه بمكة، فإن لم يرد الذبح بها بأن حلف ليذبحنه بمنى ولم
يقيد بهذا العام، والفرض أنه انتفى بعض شروط الذبح بها صبر للعام القابل وذبح بمنى مع مراعاة شروط
الذبح بها قوله: (وأجزأ إن أخرج لحل إلخ) حاصله أن الهدي إذا فاته الوقوف بعرفة أو سيق في إحرام
عمرة أو خرجت أيام منى وتعين ذبحه بمكة فلا يخلو إما أن يكون اشتراه صاحبه من الحل أو من الحرم،
فإن كان اشتراه من الحل فإدخاله للحرم أمر ضروري لان الفرض تعين ذبحه بمكة، فإن ذبحه في الحل
فلا يجزئ، وإن كان اشتراه من الحرم فلا بد أن يخرجه للحل من أي جهة كانت. قوله: (إذ شرط كل
هدي إلخ) ولو كان تطوعا قوله: (كأن وقف به) بفتح الهمزة أي كوقوفه به فكاف التشبيه داخلة
على اسم تأويلا وبكسرها على أن إن شرطية وجوابها ما في الكاف من التشبيه، لا يقال: إن حرف الجر
لا يدخل إلا على اسم صريح أو مؤول وما هنا ليس كذلك إذا كسرت الهمزة. لأنا نقول: هي داخلة على
محذوف والتقدير كالحكم إن وقف به فضل مقلدا ونحر أجزأ قوله: (فضل) أي بعد ذلك قوله: (تنازعه
الفعلان) أي فكل منهما يطلبه على أنه حال من الضمير المعمول له وهذا بناء على جواز التنازع في الحال، وأما
على منعه فهو من الحذف من الأول لدلالة الثاني أو العكس. قوله: (ونحر) أي لكونه مقلدا وأما لو ضل
غير مقلد ووجده مذبوحا في محل يجزئ فيه الذبح أو في غيره فإنه لا يجزيه. قوله: (فيجزيه) أي ولو كان
الذابح له نوى به الهدي عن نفسه قوله: (فإن وجده منحورا في محل لا يجزي إلخ) أي كأن وجده منحورا
بغيرهما من الأماكن. قوله: (ولم يعلم إلخ) جملة حالية مقيدة لعدم الاجزاء إذا ضل ولم
86

يجده أصلا أي وأما إن لم يجده أصلا مع تحقق نحره ولا يدري مع ذلك في أي محل نحر كما لو أخبره شخص بأنه نحر وذهل ربه
عن سؤاله في أي محل نحر فظاهر كلام المصنف أنه يجزي، ولو ضل قبل الوقوف به ووجده قد ذبح
بمكة أجزأ حيث جمع فيه بين الحل والحرم بأن ضل في الحل، وأما إن لم يجمع فلا يجزي كما أنه لا يجزئ
إذا ضل قبل الوقوف ووجده مذبوحا بمنى إلا أن يعلم أن الذي أصابه وقف به وإلا أجزأه لأنه
صدق عليه أنه وقف به نائبه حكما. قوله: (والمسوق في العمرة) أي والهدي المسوق في إحرام العمرة
وهذا مبتدأ خبره قوله ينحر بمكة، وقوله: وأعاد هذه أي المسألة. قوله: (فلا يجزئ قبله) أي لأنهم نزلوا
سعيها منزلة الوقوف في هدي الحج في أنه لا ينحر إلا بعده. قوله: (أو لحيض إلخ) عطف على محذوف
كما أشار له الشارح لا على قوله لخوف الفوات. قوله: (أو لحيض أو نفاس) أي طرءا عليها بعد الاحرام
بالعمرة وخافت فوات الحج إذا انتظرت الطهر منهما وتممت العمرة. قوله: (ومعه هدي تطوع) أي
والحال أنه ساق معه في إحرام العمرة قبل الارداف هدي تطوع سواء قلده أو أشعره أو لم يقلده ولم
يشعره. قوله: (بل كذلك إذا أردف لغيره) أي فالمدار على كونه أردف بمحل يصح فيه الارداف.
قوله: (يجزيه عن تمتعه) هذا أحد قولي مالك في المدونة. ابن القاسم: وهو أي الاجزاء أحب إلي وقد
تأول سند الاجزاء مطلقا كما هو ظاهر الكتاب، وتأولها عبد الحق، على أن محل الاجزاء إذا كان
ذلك الهدي ساقه في إحرام العمرة على أن يجعله في تمتعه ولكن قلده أو أشعره قبل وجوبه الذي هو
إحرام الحج، وأما لو ساقه بنية التطوع فإنه لا يجزيه. قوله: (بما إذا سيق للتمتع) أي بما إذا ساقه ليجعله
في تمتعه إلا أنه لما قلده أو أشعره قبل وجوبه بإحرام الحج سماه تطوعا لذلك فهو تطوع حكما. قوله: (ثم
جعله) أي قبل الاحرام بالحج قوله: (والمندوب بمكة) أي وأما ما ينحر بمنى فيندب أن يكون نحره
عند جمرة العقبة وهي الجمرة الأولى. قوله: (المروة) أي لقوله عليه السلام في العمرة عند المروة: هذا هو المنحر
قوله: (وأجزأ في جميع أزقتها) وأما ما نحر خارجا عن بيوتها فإنه لا يجزئ ولو كان من توابعها كذي طوى على
قول ابن القاسم. قوله: (نحر غيره) أي أو ذبحه ومفهوم تخصيص الكراهة بالذكاة أن الاستنابة على
السلخ وتقطيع اللحم جائزة من غير كراهة وهو كذلك، والظاهر أن محل كراهة الاستنابة على الذكاة
ما لم يكن عذر ككثرة الهدايا وإلا فلا كراهة، فقد أهدى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمائة بدنة نحر بيده
الشريفة منها ثلاثا وستين ونحر علي سبعا وثلاثين استنابة. قوله: (استنابة) أي وأما إن ذكى الغير
من غير استنابة لم يكره لربه ويجزئ عنه. قوله: (وإلا لم يجزه) أي وعلى ذلك المستنيب البدل كما
في المدونة. قوله: (وإن مات متمتع) أي وأما لو مات قارن الهدي من رأس ماله حيث أحرم بالحج
على وجه يرتدف على العمرة ثم مات اه‍ عدي. قوله: (ولم يكن قلد هديه) أي بأن مات من غير هدي
أو عن هدي غير مقلد. قوله: (إن رمى العقبة) أي إن كان رمي العقبة يوم النحر قبل موته، وقوله: أو فات
وقتها أي بفوات يوم النحر ثم مات قبل رميها بالفعل، وقوله أو طاف الإفاضة أي أو كان طاف للإفاضة
قبل رميها ثم مات قبل رميها فالهدي من رأس ماله في هذه الأحوال الثلاثة. قوله: (فإن انتفت الثلاثة)
أي بأن مات قبل رمي العقبة وقبل فوات وقتها ولم يطف طواف الإفاضة، وقوله: فلا هدي عليه
أي ما لم يكن قلد الهدي قبل موته وإلا وجب اخراجه لوجوبه بالتقليد. قوله: (جميع دماء الحج)
87

أي من فدية أو جزاء صيد أو هدي كان عن نقص أو كان نذرا أو تطوعا قوله: (حين وجوبه إلخ) أي
لا يوم نحره على المشهور. قوله: (وتمييزه عن غيره) أي بسوقه لمكة أو نذره. قوله: (ولا حقيقة التقليد)
أي الآتية بل المراد به هنا أعم مما يأتي لان المراد به هنا تعيينه للهدي سواء كان بالتقليد الحقيقي أو
بالتمييز عن غيره من الانعام، وإنما كان المراد بالتقليد هنا ما ذكر لان هذا الحكم أعني اعتبار السن
والعيب حين التعيين يعم الانعام كلها ما يقلد منها وما لا يقلد. واعلم أن ما قلد من الهدايا يباع في الديون
السابقة ما لم يذبح ولا يباع في اللاحقة كما قاله شيخنا. قوله: (فلا يجزئ مقلد إلخ) هذا مفرع على قوله:
والمعتبر إلخ. وقوله: هدي واجب أي ولا نذر مضمون. وقوله: بعيب أي ملتبسا بعيب أي حقيقة أو
حكما فيدخل الصغر لأنه عيب حكما يمنع الاجزاء. قوله: (أو منذور معين) أي إذا قلد كل منهما وهو معيب
عيبا يمنع الاجزاء قوله: (بخلاف عكسه) أي فإنه يجزئ وهذا مقيد بما إذا كان تعيبه من غير تعديه
ولا تفريطه، فإن كان بتعديه أو تفريطه ضمن كما في ح عن الطراز، ومقيد أيضا بما إذا لم يمنع التعيب
بلوغ المحل، فلو منعه كعطب أو سرقة لم يجزه الهدي الواجب والمنذور والمضمون كما يأتي اه‍ بن.
قوله: (المرجوع به على بائعه) أي أو المأخوذ من الجاني على ذلك الهدي. قوله: (فإن لم يمنعه فكالتطوع)
هذا يشمل العيب الخفيف مطلقا والعيب الشديد الطارئ بعد التقليد لأنه لطروه لا يمنع الاجزاء،
ويتحصل من كلامهم أربع صور لان الهدي إما تطوع ومثله النذر المعين، وإما واجب ومثله النذر
المضمون وكل منهما إما أن يمنع العيب الذي فيه الاجزاء أو لا، فإن كان تطوعا جعل الأرش والثمن في
هدي إن بلغ وإلا تصدق به كان العيب يمنع الاجزاء بأن كان شديدا متقدما على التقليد، أو كان لا يمنع
الاجزاء بأن كان خفيفا أو كان طارئا على التقليد، وإن كان الهدي واجبا اشترى بالثمن أو الأرش
هدي آخر إن بلغ ذلك ثمن هدي وكمل عليه إن لم يبلغ، هذا إن كان العيب يمنع الاجزاء، وإن
كان العيب لا يمنع الاجزاء جعل الأرش أو الثمن في هدي آخر إن بلغ وإلا تصدق به مثل التطوع.
وقول المصنف يستعين به في غير ظاهره كالمدونة وجوبا، والذي لابن يونس واقتصر عليه ابن عرفة أنه
يستعين به في البدل إن شاء اه‍ بن. قوله: (وسن في هدايا الإبل إشعار سنمها) هذا ظاهر إذا كان لها سنام،
فإن كانت لا سنام لها فظاهره أنها لا تشعر وهو رواية محمد، والذي في المدونة أن الإبل يسن إشعارها
مطلقا ولو لم يكن لها سنام وما لها سنامان يسن إشعارها في واحد منهما كما هو ظاهر كلامهم قوله: (من
الجانب الأيسر) قال عبق: وانظر ما حكم كون الاشعار في الأيسر اه‍. قال بن: هذا قصور منه
ففي ابن عرفة ما نصه: وفي أولويته أي الاشعار في الشق الأيمن أو الأيسر ثالثها أنه
السنة في الأيسر ورابعها هما سواء. قوله: (والأولى تقديم التقليد على الاشعار) أي في الذكر.
وقوله: لأنه السنة أي لان السنة تقديم التقليد على الاشعار فعلا خوفا من نفارها لو أشعرت أو لا
وفعلهما بوقت واحد أو لا، وفائدة التقليد إعلام المساكين أن هذا هدي فيجتمعون له، وقيل
88

لئلا يضيع فيعلم أنه هدي فيرد. قوله: (أي الإبل) أي وأما البقر والغنم فلا تجلل كما في التوضيح عن
المبسوط. قوله: (فهو قيد لقلدت) أي لا للبقر لما تقدم أن الإبل يسن تقليدها أيضا. قوله: (إلا بأسنمة)
ما ذكره المصنف هو قول المدونة وتقلد البقر ولا تشعر إلا أن تكون لها أسنمة فتشعر اه‍. وعزا ابن
عرفة لها أن البقر لا تشعر مطلقا وتعقبه طفي بقولها المذكور قال عبق: وإذا كان لها أسنمة وأشعرت
هل تجلل حينئذ أم لا؟ اه‍. وهذا قصور منه، والذي نقله الباجي عن المبسوط أنها لا تجلل، ونقل الآبي
عن المازري أنها تجلل فهما قولان اه‍ بن قوله: (من دماء الحج) أي وهي الهدي وجزاء الصيد وفدية
الأذى وما سيق بعد الاحرام تطوعا أو نذرا. وقوله: أربعة أقسام أي ما لا يؤكل منه مطلقا وما يؤكل منه مطلقا وما يؤكل
منه قبل المحل لا بعده وعكسه. قوله: (ولم يؤكل) الأولى ولا يؤكل لان لم لنفي
الماضي والمقصود النهي عن الأكل في المستقبل. قوله: (أي يحرم على رب الهدي) أي وكذا على رسوله
الذي أرسله معه كما يأتي وعلى مأمورهما أي من أمره أن يأكل منه ما لم يكن ذلك المأمور فقيرا قوله: (من
نذر مساكين) أي من هدي منذور للمساكين. قوله: (عين لهم) أي سواء عين المساكين أيضا أو لا.
قوله: (بأن قال هذا نذر لله إلخ) هذا مثال لنذر المساكين المعين لهم بالنية، وأما المعين لهم باللفظ فكأن
يقول: هذا نذر علي للمساكين. قوله: (أو لم يبلغ) بأن عطب قبله أما عدم الأكل منه إذا لم يبلغ المحل بأن
عطب فلانه غير مضمون، وأما بعد المحل فلانه قد عين آكله وهم المساكين ولأجل أن نذر المساكين
المعين غير مضمون إذا مات أو سرق قبل المحل لا يلزم ربه بدله. قوله: (ومثل نذر المساكين المعين هدي
التطوع إذا نواه للمساكين أو سماه لهم) أي هدي التطوع الذي جعله للمساكين بالنية أو باللفظ كما
إذا قال: هذا الهدي تطوع لله أو علي هدي تطوع لله ونوى به المساكين أو عينهم باللفظ كهذا تطوع
للمساكين أو علي هدي تطوع للمساكين، وقوله عين أم لا أي عين ذلك الهدي أم لا، وسواء عين
المساكين أيضا أم لا. قوله: (فهذه الثلاثة يحرم إلخ) أما حرمة الأكل من نذر المساكين المعين مطلقا فقد
علمت وجهه، وأما حرمة الأكل من هدي التطوع الذي جعله للمساكين باللفظ أو النية فهو ظاهر لأنه
قيده بالمساكين، وأما الفدية إذا لم تجعل هديا فعدم الأكل منها مطلقا لأنها عوض عن الترفه، فالجمع بين
الأكل منها والترفه كالجمع بين العوض والمعوض، قال بن: والأولى حذف قوله: وكذا الفدية إذا لم تجعل
هديا لأنها لا تختص بمكان كما تقدم، بل أينما ذبحت فذلك محلها، وحينئذ فلا يتصور
فيها ذبح إلا بعد المحل، فهي داخلة في قول المصنف: والفدية والجزاء بعد المحل فلذلك أطلق المصنف فيها. واعلم أن النذر قسمه
الشارح إلى أربعة أقسام: لأنه إما أن يسميه للفقراء باللفظ أو النية أو لا يسميه لهم، وفي كل إما
أن يكون معينا أو لا، فإن سماه لهم باللفظة أو النية وكان معينا فلا يأكل منه مطلقا لا قبل المحل ولا بعده،
وإن لم يعينه ولم يسمه للمساكين كان له الأكل منه مطلقا، وإن لم يعينه وسماه للمساكين فلا يأكل منه
بعد المحل بل قبله، وإن عينه ولم يجعله للمساكين فلا يأكل منه قبل المحل بل بعده. قوله: (مطلقا) أي سواء
بلغت المحل أو عطبت قبله. قوله: (عكس الجميع) أي وهذا المتقدم عكس جميع هدايا الحج فله أن يأكل
منها ويتزود ويطعم الغني والفقير، وسواء بلغت المحل أو عطبت قبله. قوله: (من تطوع أو واجب)
عمم في كلام المصنف لأجل الاستثناء الذي بعده اه‍ بن. قوله: (من ترك واجب) أي كالتلبية والنزول
بعرفة نهارا أو النزول بالمزدلفة ليلا، وكالجمار وطواف القدوم إلى غير ذلك من الواجبات. قوله: (أو
نذر لم يعين) أي ولم يسمه للمساكين. قوله: (فله إطعام إلخ) أي فبسبب هذه الإباحة المطلقة له إطعام إلخ.
89

قوله: (وكره) أي عند ابن القاسم، وقال اللخمي: يجوز قوله: (بأن كان مضمونا وسماه للمساكين أو
نواه لهم) فالأول كما لو قال: لله علي هدي للمساكين، والثاني كقوله: لله علي هدي ونوى أنه للمساكين،
واحترز بقوله سماه للمساكين أو نواه لهم عن النذر المضمون الذي لم يعين ولم يجعله للمساكين لا
باللفظ ولا بالنية فإن هذا يجوز الأكل منه قبل المحل وبعده كما تقدم. قوله: (والفدية إذا جعلت هديا) أي
وفدية الأذى إذا جعلها هديا بالنية بأن ينوي بها الهدي كما تقدم في قول المصنف: إلا أن ينوي بالذبح
الهدي فكحكمه. قوله: (فلا يأكل من هذه الثلاثة بعد المحل) أي ولو كان فقيرا قوله: (لان عليه بدلها) أي
يبعثه إلى المحل فهو لم يأكل مما وجب عليه وامتنع الأكل من الثلاثة المذكورة بعد بلوغها للمحل لان
النذر المضمون المجعول للمساكين قد وصل إليهم، والفدية بدل عن الترفه، فالجمع بين الأكل منها والترفه
كالجمع بين العوض والمعوض والجزاء قيمة متلف. قوله: (إن عطب قبل محله فلا يأكل منه) أي ولو
كان فقيرا وذلك لأنه غير ضامن له لو تلف، فلو أكل منه قبل المحل لاتهم على عطبه. قوله: (فتلقى إلخ) أي إن
هدي التطوع إذا عطب قبل المحل فإن صاحبه ينحره ويلقي قلادته وخطامه وجلاله بدمه ويخلي
بينه وبين الناس يأكلونه، وإنما خص إلقاء القلادة بهدي التطوع ولم يجعل عاما في كل ذبح يحرم الأكل
منه قبل المحل لعموم قوله: ويخلي بينه وبين الناس الشامل للفقير والمسلم وغيرهما بخلاف غيره من
الهدايا التي يحرم على ربها الأكل منها فإن إباحة الأكل منها مخصوصة بالمسلم الفقير. قوله: (ولو أغنياء
وكفارا) أي فإباحته لا تختص بالفقير قال ح: وهو ظاهر قول المدونة: خلى بين الناس وبينه، وصرح
به ابن عبد السلام والتوضيح خلافا لما ذكره سند من أن هدي التطوع مختص بالفقراء ونقله ح
عنه فانظره. قوله: (الأولى أنه تشبيه في جميع ما تقدم) أي من الأقسام الأربعة فالرسول فيها كربه،
فالرسول في القسم الأول لا يأكل منه لا قبل المحل ولا بعده، وفي الثاني يجوز له الأكل مطلقا، وفي الثالث
يجوز له قبل لا بعد، وفي الرابع يجوز له بعد لا قبل، وفي هدي التطوع يجب عليه أن يلقي قلادته بدمه
ويخلي بينه وبين جميع الناس كما أن ربه يجب عليه ذلك. قوله: (فحكمه في الأكل وعدمه حكم ربه) هذا
إذا كان ذلك الرسول غير فقير، أما لو كان فقيرا جاز له الأكل مما لا يجوز لربه الأكل منه، قال سند: وكل
هدي لا يأكل منه صاحبه لا يأكل منه نائبه إلا أن يكون بصفة مستحقة بأن كان فقيرا، وقال بعضهم:
لا يجوز له الأكل ولو كان فقيرا مثل ربه، وجعل طفي هذا القول هو النقل انظر بن. قوله: (إلا إذا عطب
الواجب) أراد به النذر المضمون الذي جعله للمساكين والفدية التي جعلها هديا وجزاء الصيد وهو
القسم الثالث. قوله: (فلا يجوز له الأكل) أي لا يجوز للرسول وإن جاز لربه. قوله: (فيما بينه وبين الله
تعالى) أي وأما في الظاهر فيحكم بعدم الجواز للتهمة إلا لبينة إلى آخر ما ذكره الشارح. قوله: (وضمن
في غير الرسول إلخ) هذه الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا جواب عن سؤال اقتضته الجملة السابقة، وذلك
لأنه لما ذكر أنه يمتنع الأكل من الهدي على صاحبه ورسوله ابتداء فكأن سائلا قال: وما الحكم لو وقع
وأكل رب الهدي منه أو أكل منه رسوله أو أمر أحدهما بأخذ شئ أو بأكله؟ فأجاب بقوله: وضمن
إلخ. قوله: (في غير الرسول) اعترضه البساطي بأن الأولى حذف في أي ضمن غير الرسول وهو ربه،
وأجاب الشارح بأن المراد في غير مسألة الرسول وغيرها المسألة المتعلقة برب الهدي. قوله: (يأمره
بأخذ شئ) أي سواء كان المأمور مستحقا كفقير أو غير مستحق كغني، وهذا خاص بهدي التطوع
الذي عطب قبل المحل، وأما غير هدي التطوع إذا أمر إنسانا بأخذ شئ منه فإنه يضمن هديا كاملا
90

إذا أمر غير مستحق، وإن أمر مستحقا فلا شئ عليه. قوله: (كأكلة من ممنوع) أي سواء كان ممنوعا من
الأكل منه قبل وبعد، أو بعد لا قبل، أو قبل لا بعد، فمتى أكل من ممنوع لزمه هدي كامل، وهل ضمان
بدل الهدي في الممنوعات مطلقا حتى في أكله من نذر المساكين المعين أو إلا في هذه الصورة؟ فإنما
يلزمه قدر أكله فقط خلاف والمعتمد الثاني. والحاصل أن رب الهدي الممنوع من الأكل منه إن
أكل لزمه هدي كامل إلا في نذر المساكين المعين إذا أكل منه فقولان في قدر اللازم له وإن أمر أحدا
بالأكل منه، فإن أمر غنيا لزمه هدي كامل إلا في نذر المعين للمساكين فلا يلزمه إلا قدر أكله كذا
ينبغي، ويحتمل أن يجري فيه القولان الجاريان في أكله هو، وإن أمر فقيرا فإن كان لا تلزمه نفقته فلا
يلزمه شئ اتفاقا إلا في هدي التطوع إذا عطب قبل محله فيلزمه بدله هدي كامل على المرتضى، وقال
اللخمي وسند: لا يلزمه شئ وإن كان ذلك الفقير تلزمه نفقته كان بمنزلة أكل صاحبه، هذا كله إذا كان
الأكل أو الامر من ربه، وأما الرسول فإن أمر فلا شئ عليه مطلقا أمر مستحقا أو غيره وإن كان عليه
الاثم إذا أمر غير مستحق وإن أكل ضمن قدر ما أكل وعليه الاثم، هذا إذا كان غير مستحق، فإن كان
مستحقا فلا ضمان ولا إثم، هذا حاصل ما في كبير خش، وظاهره أنه لا فرق في الرسول بين هدي
التطوع وغيره، ولكن ظاهر النقول يقتضي أن الرسول مثل ربها في هدي التطوع ولو فقيرا ورجحه
بعضهم، وذكر الأجهوري أنه لو أخذ ربه أو وكيله قدرا مما يمنع الأكل منه أو أمرا غيرهما بالأخذ
منه ثم رد كل منهما عين ما أخذ ولو مطبوخا ينبغي أنه لا ضمان عليه في شئ من ذلك. قوله: (وأما الرسول
إلخ) ما ذكره شارحنا في الرسول من أنه إن أكل أو أمر بالأخذ وكان هو أو مأموره غير مستحق فإنه
يضمن قدره وإلا فلا ضمان، هذا هو الصواب لا ما في خش انظر بن. قوله: (فقدر أكله) أي فقدر
ما أكله من اللحم إن عرف وزنه وقيمته إن لم يعرف. قوله: (خلاف في التشهير) أي فالأول شهره
ابن عبد البر في الكافي والثاني شهره ابن الحاجب. قوله: (ضمن قيمة) أي ويلزمه صرفها على المساكين
وهذا فيما ليس له الأكل منه، وأما ما له الأكل منه فلا يطالب بقيمة الخطام والجلال إذا أخذهما ويفعل
بهما ما شاء كما نقله ح عن سند خلافا لما يقتضيه كلام عبق من صرفها لهم مطلقا. قوله: (غير تام) لان
في أخذ ربه من لحم الممنوع الأكل منه، وكذا في أمره بالأخذ منه هديا كاملا، وفي أخذه الخطام والجلال
أو أمره بأخذهما قيمة ما أخذ. قوله: (وإن سرق الهدي الواجب) أي كجزاء الصيد وفدية الأذى
والنذر المضمون للمساكين وما وجب لقران أو تمتع. قوله: (لأنه بلغ محله) أي وقد وقع التعدي في
حق المساكين وله المطالبة بقيمته ممن ثبت أنه سرقه وصرفها للمساكين فيما ليس له الأكل منه، وأما ما له
الأكل منه فله أن يفعل بالقيمة ما شاء كما ذكره ح عن سند خلافا لما يقتضيه كلام عبق من تعين
صرفها للمساكين مطلقا. قوله: (فلا يجزيه) أي ويلزمه بدله. قوله: (وجوبا) أي سواء كانت أمه هديا
واجبا أو تطوعا أو نذرا معينا لوجوب ذبحه فيها كأصله. قوله: (وندب حمله على غير أي غير أمه)
أي وأجرة المحل إن اقتضاها الحال من مال ربه. قوله: (ولا يجب حمله) أي لمكة. وقوله: وهل يندب؟ أي
حمله لمكة لينحر مع أمه. قوله: (محل نظر) قال بن: عبارة الامام في الموازية كما في نقل ح تقتضي
استحباب حمله معها ونصه: قال مالك في الموازية وأحب إلي أن ينحره معها إن نوى ذلك قال محمد:
يعني إن نوى به الهدي اه‍ ومثله في التوضيح. قوله: (على إيصاله بوجه) مثل سوقه
91

أو حمله على غير أمه أو على أمه. وقوله: فعليه هدي أي كبير تام كما في التوضيح اه‍ بن. قوله: (فكالتطوع)
هذا جواب أن الثانية وهي وجوابها جواب الأولى. قوله: (فعليه بدله) أي هدي كبير تام قوله: (ولا
يشرب من اللبن) أي من لبن الهدي سواء كان مما يمنع الأكل منه أو مما يجوز الأكل منه، كذا حمل
بعض الشراح كلام المصنف على إطلاقه وهو الموافق لاطلاق أهل المذهب في المدونة وغيرها كما قاله
طفي، وتعليلهم النهي بخروج الهدي عن ملكه بالتقليد والاشعار وبخروجه خرجت المنافع فشربه
نوع من العود في الصدقة يدل على أن النهي للكراهة لان العود في الصدقة مكروه على المعتمد، ومحل
الكراهة إن لم يضر شرب اللبن بالأم أو بولدها بأن أضعفهما أو أحدهما وإلا كان شربه ممنوعا.
قوله: (وإن فضل عن ري فصيلها) أي هذا إذا لم يفضل عن ري فصيلها بل وإن فضل فيكره الشرب على كل
حال، والفرض أنه لا يضر بها ولا بولدها وإلا حرم كما تقدم. قوله: (وغرم إن أضر بشربه) أي أو
بحلبه وإن لم يشربه أو بإبقائه بضرعها. قوله: (فإن ركب حينئذ) أي حين إذ كان مضطرا فلا يلزم
النزول بعد الراحة وإنما يندب فقط، فإن نزل بعد الراحة فلا يركبها ثانيا إلا إذا اضطر كالأول، فإن
ركبها لغير عذر وتلفت ضمنها، وإن ركبها لعذر وتلفت فلا ضمان عليه، كذا قال عبق وفيه نظر، بل متى
أتلفها بركوبه ضمنها وإنما ثمرة العذر عدم الاثم كما نقله ح عن سند انظر بن. قوله: (غير معقولة) أي
بل مقيدة فقط. قوله: (فأو للتنويع) أي لان نحرها قائمة غير معقولة إذا لم يكن هناك عذر ونحرها
قائمة معقولة مقيد بما إذا كان هناك عذر كضعفه عنها وامتناعها من الصبر. قوله: (متعلق بأجزأ)
لا يذبح وإلا بطلت المبالغة وكان الأولى تقديمه فيقول: وأجزأ عنه إن ذبحه أو نحره غير مقلدا أو
مشعرا ولو نوى عن نفسه، ومحل الاجزاء إذا كان ذلك الغير مسلما لا إن كان كافرا فلا يجزئ وعلى
ربه بدله. قوله: (ولو نوى الغير الذبح عن نفسه إن علط) أي لأنه ناو للقربة. قوله: (فإن تعمد لم يجز
عن الأصل) أي ولربه أخذ القيمة منه. قوله: (في هذين الامرين) أعني الذبح عن نفسه عمدا والاستنابة،
والحاصل أن الهدي إذا ذبحه الغير عن نفسه عمدا فإنه لا يجزي صاحبه سواء وكله صاحبه على ذبحه
أم لا، وأما الضحية إذا ذبحها الغير عن نفسه عمدا فإنها تجزي صاحبها بشرط أن يكون صاحبها وكله
على ذبحها. قوله: (وأو لا الفدية والجزاء) أي فلو قال المصنف في دم لكان أشمل. قوله: (لا في الذات) أي
بأن يحصل الاشتراك في الثمن. قوله: (في ذلك سواء) أي فالهدي يخالف الأضحية في أنه يجوز
الاشتراك فيها في الاجر بالشروط الآتية في بابها، والفرق أن الهدي قد خرج عن ملك ربه ولم يبق
له فيه تصرف حتى بالاشتراك في الاجر بخلاف الأضحية اه‍ خش. قوله: (الهدي الضال إلخ) أي
أو جزاء الصيد الضال أو المسروق. قوله: (نحر الموجود أيضا) أي ويصير تطوعا لان البدل ناب عن
الواجب الموجود، وقوله نحر الموجود أي وجوبا فلا يجوز له رده لماله لتعينه بالتقليد. قوله: (بيع واحد
منهما) لا مفهوم للبيع بل المراد أنه يتصرف في أحدهما بسائر أنواع التصرفات.
92

فصل في ذكر موانع الحج
قوله: (أو حبس) يصح كونه مصدرا عطفا على عدو، وكونه فعلا مبنيا للمجهول عطفا على منعه.
قوله: (فخرج حبسه بحق ثابت مع عدم ثبوت عسره) أي فهو كالمنع لمرض فلا يتحلل إلا بفعل عمرة، وظاهر
كلام ابن رشد أن المعتبر في الحبس بحق ظاهر الحال وإن لم يكن حقا في نفس الامر حتى أنه إذا حبس
لتهمة ظاهرة فهو كالمرض وإن كان يعلم من نفسه أنه برئ، وهذا هو ظاهر المدونة والعتبية كما نقله ح.
قال ابن عبد السلام: وفيه عندي نظر، وكان ينبغي أن يحال الامر على ما يعلم من نفسه لان الاحلال
والاحرام من الاحكام التي بين العبد وربه وقبله في التوضيح وظاهر الطراز يوافقه اه‍ بن. وذكر
شيخنا العدوي أن الريح إذا تعذر على أصحاب السفن لا يكون تعذره كحصر العدو بل هو مثل
المرض لأنهم يقدرون على الخروج للبر فيمشون. قوله: (أي فيه) أشار إلى أن الباء بمعنى في أي حالة كونه
في حج أو عمرة، ويصح جعلها للملابسة أي متلبسا بذلك، والأولى جعلها بمعنى عن متعلقة بمنعه أي إن منعه
ما ذكر عن إتمام حج بأن أحصر عن الوقوف والبيت معا، أو عن إكمال عمرة بأن أحصر عن البيت أو السعي.
وقوله: فله التحلل أي بالنية مما هو محرم به في أي محل كان قارب مكة أو لا، دخلها أو لا، وله البقاء لقابل
أيضا إلا أن تحلله أفضل، وما ذكرناه من أنه يتحلل بالنية هو المشهور خلافا لمن قال: لا يتحلل إلا بنحر
الهدي والحلق. قوله: (قارب مكة أو دخلها) ما ذكره الشارح من أفضلية التحلل على البقاء على إحرامه
مطلقا قارب مكة أو لا دخلها أو لا هو الصواب كما يأتي. وأما قول خش: وله البقاء لقابل إن كان على بعد
ويكره له إن قارب مكة أو دخلها فغير صواب غره كلام المصنف الآتي، مع أن ما يأتي إنما هو في الذي
لا يتحلل إلا بفعل عمرة فجاز له البقاء لقابل إن كان على بعد لمشقة السير للعمرة، وأما هذا فإنه يتحلل
بالنية في أي محل كان. قوله: (فليس له التحلل) أي ويبقى على إحرامه حتى يحج في العام القابل.
قوله: (إلا أن يظن أنه لا يمنعه فمنعه) أي فله أن يتحلل حينئذ بالنية كما وقع له صلى الله عليه وسلم أنه أحرم
بالعمرة عام الحديبية عالما بالعدو ظانا أنه لا يمنعه فمنعه فلما منعه تحلل بالنية، فقول المصنف: إن لم
يعلم في مفهومه تفصيل. قوله: (وأيس من زواله) أي بأن علم أو ظن أن المنع لا يزول إلا بعد فوات الحج،
والحال أن إحرامه بوقت يدرك فيه الحج لولا الحصر، وأما لو أحرم بوقت لا يدرك فيه الحج فليس له
التحلل. وإن أحصر لأنه داخل على البقاء على إحرامه، وقوله: وأيس من زواله هذا خاص بالحج، وأما
العمرة فالمدار في التحلل منها على ظن حصول الضرر له إذا بقي على إحرامه لزوال الحصر. قوله: (لا إن
شك) أي في أن ذلك المنع يزول قبل فوات الحج أو بعد فواته أي فليس له التحلل، وظاهره ولو شرط
أنه إن حصل له مانع تحلل بالنية وهو المذهب خلافا للخمي حيث قال: إذا شك في زوال المانع فليس له
التحلل إلا بشرط الاحلال. قوله: (قبل فوته) يحتمل أنه متعلق بقوله: فله التحلل ردا لقول أشهب: إن
التحلل لا يكون إلا يوم النحر، ويحتمل أن يتعلق بزواله، وعليه فظاهره أنه يحل إذا أيس من زوال المانع
قبل فوات الحج ولو بقي من الوقت ما لو زال المانع لأدرك فيه الحج وهو ظاهر أول كلام المدونة،
والذي اختاره ابن يونس وسند ما في آخر كلامها وهو أنه لا يحل حتى يكون في زمن يخشى فيه فوات
الحج، وقالا: إن كلامها الثاني مفسر لكلامها الأول، قال ح: إذا علم أن هذا هو الراجح فينبغي أن يحمل
كلام المصنف عليه، فيكون معنى قوله: وأيس من زواله أنه لم يبق بينه وبين ليلة النحر زمان يمكن فيه السير
لو زال العذر اه‍ بن. قوله: (ولا دم) أي خلافا لأشهب حيث قال بوجوب الهدي واستدل بآية: * (فإن
أحصرتم فما استيسر من الهدي) * وأجيب عن دليله بأن الهدي في الآية لم يكن لأجل الحصر وإنما
93

ساقه بعضهم تطوعا فأمروا بذبحه فلا دليل فيها على الوجوب كما يقول أشهب. قوله: (ولا بد من نية
التحلل) أي فلو نحر الهدي وحلق ولم ينو التحلل لم يتحلل كما نقله ح على الطراز. قوله: (بل هي كافية) أي
وحدها ولا يشترط انضمام حلق أو هدي لها خلافا لظاهر المصنف من أن التحلل لا يحصل إلا بنحر
هديه وحلق رأسه وليس كذلك بل الحلق والنحر سنة وليسا شرطا، فقصد الشارح بقوله بل هي كافية
التورك على المصنف، وقد يجاب عن المصنف بأن الباء في قوله: بنحر هديه وحلق رأسه للمصاحبة وفي
كلامه حذف والأصل فله التحلل بالنية مع نحر هديه أي المصاحبة لنحر هديه وحلق رأسه وحينئذ
فيفيد أن النية كافية. قوله: (إذ القصد إلخ) أي أن الحلاق لما لم يقع في زمانه ومكانه لم يكن نسكا بل تحللا
وحينئذ فلا دم في تأخيره لرجوعه لبلده. قوله: (ولا يلزمه طريق مخوف) أي لا يلزم المحصر سلوك
طريق يدرك منها الحج حيث كانت مخوفة يخاف السالك فيها على نفسه أو ماله الكثير أو القليل إذا
كان العدو ينكث بل سلوكها حرام. قوله: (وكره لمن يتحلل إلخ) حاصله أن قول المتن: وكره إبقاء إحرامه
إن قارب مكة أو دخلها إنما يكون فيمن فاته الوقوف لخطأ عدد أو لمرض أو حبس بحق أو عدو أو
فتنة وكان متمكنا من البيت فهؤلاء يتحللون بفعل عمرة، ويكره لهم البقاء على الاحرام لقابل إن قاربوا
مكة ودخلوها، وأما إن لم يدخلوا مكة ولم يقاربوها كان لهم البقاء لقابل، وأما المحصور عن البيت
والوقوف معا فالأفضل له التحلل بالنية قارب مكة أو لا دخلها أو لا، ويكره له البقاء لقابل مطلقا، ووجه
التفصيل الذي ذكره المصنف أنه لما كان لا يتحلل إلا بعمرة خير في حالة البعد لتعارض مشقة البقاء على
الاحرام ومشقة الوصول للبيت، وكره البقاء مع القرب لتمكنه من البيت والحال أنه لا يأمن على نفسه
من مقاربة النساء والصيد فإحلاله أولى له وأسلم، وإذا بقي على إحرامه أجزأه على المشهور خلافا لابن
وهب ولا هدي عليه خلافا للعتبية انظر التوضيح. قوله: (ولا يتحلل) أي ولا يجوز أن تحلل إلخ،
وحاصله أن من حصر عن البيت والوقوف معا تقدم أن الأفضل له أن يتحلل بالنية وله البقاء لقابل،
فلو استمر على إحرامه مرتكبا للمكروه حتى دخل وقت الاحرام من العام القابل وزال المانع فلا
يجوز له أن يتحلل بالعمرة ليسارة ما بقي، وكذا يقال فيمن فاته الوقوف مع تمكنه من البيت وبقي على
إحرامه حتى دخل وقته سواء بعد من مكة أو كان قريبا منها، فلا يجوز له أن يتحلل بفعل عمرة ليسارة
ما بقي، فهذا أي قول المصنف: ولا يتحلل إن دخل وقته يجري فيمن يتحلل بعمرة وفيمن يتحلل بالنية.
قوله: (متمتع) تمتعه إنما هو باعتبار العمرة التي وقع بها الاحلال كما في التوضيح. قوله: (بناء على أن
الدوام) أي بناء على أن العمرة التي آل إليها الامر في التحلل كإنشاء عمرة ابتداء بنية مستقلة على
الحج، وقد تقدم أن إنشاء العمرة على الحج لغو في قوله: ولغا عمرة عليه فلذا قيل: لا يمضي تحلله بالعمرة
وهو باق على إحرامه، وأما القول الأول والثاني فمبنيان على أن الدوام ليس كالابتداء أي أن
العمرة التي آل إليها الامر في التحلل وهي مراده بالدوام ليست كإنشاء عمرة ابتداء بنية مستقلة على
الحج وإلا كانت لاغية لما سبق ولغا عمرة عليه، فلذا قيل: إن تحلله بفعل العمرة يمضي. واعلم أن الأقوال
الثلاثة لابن القاسم في المدونة ولم يختلف قوله فيها ثلاثا إلا في هذه المسألة، وأما مالك فقد اختلف قوله
فيها ثلاثا في مواضع متعددة. قوله: (ولا يسقط عنه الفرض) أي خلافا لعبد الملك وأبي مصعب وابن
سحنون قالوا: لأنه فعل مقدوره وبذل وسعه واعترض عليهم بلزوم الاسقاط إذا حصل الحصر قبل
94

الاحرام وهم لا يقولون به، وقد يفرق بأن المشقة التي تحصل بعد الاحرام أعظم من المشقة التي تحصل
قبله. قوله: (من حجة إسلام إلخ) أي وأما التطوع من حج أو عمرة فلا قضاء على من صد فيه إذا كان
التحلل قبل الفوات، وأما إن تحلل بعد الفوات لزمه القضاء، وكذلك النذر المعين من حج أو عمرة
لا قضاء على من صد فيه لفوات زمانه. قوله: (ولم يفسد إلخ) يعني أنه إذا أحصر وقلنا يجوز له أن يتحلل
فتارة ينوي البقاء على إحرامه للعام القابل وتارة لا ينوي ذلك، فإن نوى البقاء ثم أصاب النساء
فقد أفسد حجه ويلزمه إتمامه وقضاؤه على الفور، وإن لم ينو البقاء على إحرامه للعام القابل بأن نوى
عدم البقاء وإنه يتحلل من إحرامه أو لم ينو شيئا إلا أنه في هاتين لم يتحلل حتى أصاب النساء فإنه
لا يكون حكمه حكم من أفسد حجه فلا يلزمه إتمام حجه ولا قضاؤه، هذا حاصل كلامه. قوله: (وإن
وقف وحصر عن البيت إلخ) ظاهره أنه لم يمنع من غيره، وقوله بعد: وعليه للرمي يدل على أنه منع من
ذلك، فلو قال: وإن وقف وحصر عما بعده لأفاد المنع من ذلك، والجواب أن المراد بقوله: وحصر عن
البيت أي سواء حصر عما قبله بعد الوقوف أم لا. وقوله: وعليه الرمي إلخ أي حيث منع مما قبله بعد
الوقوف. قوله: (أو حبس ولو بحق) أي أو فتنة فالممنوع به هنا أعم مما سبق لزيادة ما هنا بالحبس بحق.
قوله: (فحجه تم) أي ويجزيه عن حجة الاسلام كما في نقل المواق عن ابن القاسم. قوله: (فالمراد) أي
بتمامه أنه أدركه أي الحج والأوضح أن يقول: والمراد بتمامه أمنه من الفوات لان ما بقي عليه لا يتقيد
بزمن، وإذا علمت أن المراد بتمامه ما ذكره فلا يشكل على قوله بعد: ولا يحل إلا بالإفاضة. قوله: (ولا يحل
إلا بالإفاضة) هذا إذا كان قدم السعي عند القدوم ثم حصر بعد ذلك، وأما إن كان قد حصر قبل سعيه فلا
يحل إلا بالإفاضة والسعي قوله: (ونزول إلخ) إنما قدره لان ظاهر المصنف أن الهدي لترك المبيت بالمزدلفة
مع أن الهدي إنما هو لترك النزول بها بقدر حط الرحال، وحاصل الجواب أن قوله ومزدلفة عطف
على مبيت على حذف مضاف. قوله: (عند ابن القاسم) وقال أشهب: يتعدد الهدي بتعدد ذلك
قوله: (بأمر من الأمور الثلاثة) أي العدو والفتنة والحبس ظلما. قوله: (يعني عرفة) أي فسماها إفاضة
مجازا من إطلاق اسم المسبب على السبب، وذلك لان طواف الإفاضة يتسبب عن الدفع من عرفة
قاله عبق قوله: (أو فاته الوقوف بغير) قال ح: هذا وإن كان كالمحصر عن الوقوف في كونه لا يحل إلا بفعل عمرة
لكن يخالفه المحصر من جهة أنه لا قضاء عليه للتطوع كالمحصر عنهما المتقدم بخلاف من فاته الوقوف
فعليه القضاء ولو كان تطوعا كما في النوادر وغيرها اه‍ بن. قوله: (أو خطأ عدد) صورته كما قال ابن
عبد السلام أن يعلموا أول الشهر ثم إنهم سهوا ووقفوا في الثامن ولم يتبين لهم الخطأ إلا بعد مضي العاشر.
قوله: (أو حبس بحق) قيد بقوله بحق لان هذا من أمثلة قوله بغير ومفهومه دخل في قوله: وإن حصر
بأمر من الأمور الثلاثة عن الإفاضة. قوله: (إن شاء التحلل) أي وإن شاء بقي على إحرامه للعام القابل،
لكن إن دخل مكة أو قاربها فالأفضل له التحلل ويكره بقاؤه لقابل وإن كان بعيدا عنها فيخير بين
البقاء والاحلال على حد سواء. قوله: (بالمعنى السابق) أي وهو نية الدخول في حرمات العمرة. قوله: (ولا
يكفي إلخ) أي ولا يكفي طواف القدوم والسعي بعده الحاصلين قبل الفوات عن طواف وسعي العمرة
التي ينوي بها التحلل بعد الفوات قال خش: لعل هذا مبني على القول بأن إحرامه لا ينقلب عمرة من أوله
95

بل من وقت نية فعل العمرة، وقد ذكر ح الخلاف في هذا فقال: قال في العتبية عن ابن القاسم: إن أتى عرفة
بعد الفجر فليرجع إلى مكة ويطوف ويسعى ويحلق وينوي بها عمرة، وهل ينقلب عمرة من أصل
الاحرام أو من وقت ينوي فعل العمرة؟ مختلف فيه اه‍. فقد ذكر الخلاف وبين أن محله إذا نوى العمرة.
قوله: (وحبس إلخ) حاصله أن المريض والمحبوس بحق إذا فات كلا منهما الوقوف وكان معه هدي
ساقه في إحرامه تطوعا أو لنقص، فلا يخلوا إما أن يخاف عليه العطب إذا بقي عنده لطول زمن المرض
والحبس أو لا يخاف عليه العطب، وفي كل إما أن يجد من يرسله معه لمكة أو لا، فإن كان لا يخاف عليه
إذا بقي فإنه يحبسه عنده رجاء أن يخلص وينحر هديه في محله أمكنه إرساله لمكة أو لا، وإن كان يخاف
عليه إذا بقي عنده إن أمكنه إرساله لمكة أرسله وإلا ذبحه في أي محل كان، وأما إن كان المانع له من
الوقوف عدوا أو فتنة أو حبسا ظلما فمتى قدر على إرساله لمكة بأن وجد من يرسله معه إليها أرسله كأن
يخاف عليه العطب إذا بقي عنده أم لا، وإن لم يجد من يرسله معه ذبحه في أي محل كان كأن يخاف
عليه العطب إذا بقي عنده أم لا، فعلم أن الهدي لا يحبس معه إلا إذا كان الفوات لمرض أو حبس بحق
وكان لا يخاف عليه إذا بقي عنده ولا يحبس في غير ذلك. واعلم أن حبس هدي المريض والمحبوس
بحق مندوب سواء كان الهدي واجبا أو تطوعا كما في نقل ح عن سند، وقال الشيخ سالم: الحبس
واجب في الهدي الواجب ومندوب في هدي التطوع، وجعل الشيخ أحمد الزرقاني الحبس واجبا
وأطلق، ولكن حمل عج كلامه على الهدي الواجب وحينئذ فيكون موافقا للشيخ سالم، وشارحنا مشى
على كلام سند، والأظهر ما قاله الشيخ سالم كما قرره شيخنا. قوله: (ولم يجزه عن فوات) حاصله أن من
أحصر عن الوقوف حتى فاته الحج وكان عنده هدي تطوع قلده أو أشعر وساقه في إحرامه قبل
فوات الحج فإنه لا يجزئه عن دم الفوات سواء بعثه إلى مكة أو تركه عنده حتى أخذه معه لينحره
بمكة إذا تحلل بالعمرة وأخذه معه في حجة القضاء لان ذلك الهدي بالتقليد أو الاشعار وجب لغير
الفوات فلا يجزئ عنه بل يلزمه هدي آخر للفوات مع حجة القضاء. قوله: (حتى أخذه معه) أي لينحره
بمكة إذا تحلل بالعمرة أو أخذه معه في حجة القضاء. قوله: (من غير إنشاء إحرام) أي نية الدخول في
حرمات العمرة. قوله: (إن أحرم بحرم) أي إن أحرم بالحج مفردا من الحرم لكونه مقيما بمكة أو كان
آفاقيا ودخل مكة محرما بعمرة ثم أردف الحج على العمرة في الحرم قبل طواف العمرة أو فيه.
قوله: (ليجمع في إحرامه إلخ) علة لقوله: وخرج للحل إلخ. قوله: (ويقضي حجه في العام القابل) أي ويقضي
ذلك الذي فاته الوقوف وتحلل بعمرة حجه في العام القابل إذا كان الفوات لمرض أو خطأ عدد أو
حبس بحق، وأما لو كان فوات الوقوف لعدو أو فتنة أو حبس ظلما فلا يطالب بالقضاء وهذا
في التطوع، وأما حجة الفرض فلا بد من قضائها مطلقا. قوله: (ما إذا حصره العدو) أي أو الفتنة أو الحبس
ظلما قوله: (فتمادى) أي على ذلك الاحرام الفاسد ليتمه قوله: (تحلل وجوبا) أي بعمرة فيغلب الفوات
على الفساد سواء كان ذلك الفساد سابقا على الفوات أو كان لاحقا له، ولا يغلب الفساد بحيث يطالب
بإتمام المفسد. قوله: (وخرج إلى الحل) أي وإذا أراد أن يتحلل خرج إلى الحل إلخ
قوله: (في الصورة الثانية) أي ما إذا حصل منه الافساد بعد أن شرع في عمرة التحلل. قوله: (لأنها في
الحقيقة تحلل لا عمرة) أي بدليل ما مر من عدم تجديد بإحرام لها. قوله: (وعليه هديان) أي إن
96

قضى مفردا سواء كان أحرم أولا مفردا أو متمتعا، وأما لو كان أحرم أولا متمتعا وقضى متمتعا، أو كان
أحرم أولا قارنا وقضى قارنا، أو كان أحرم أولا مفردا وقضى متمتعا فعليه ثلاث هدايا في كل صورة
من هذه الصور الثلاث هدي للفساد وهدي للفوات وهدي للقران، أو التمتع الحاصل في القضاء
ولا شئ عليه في القران أو التمتع الفاسد الذي فات كما أشار له المصنف بقوله: لا دم قران أو متعة
للفائت، وهذا حاصل قول الشارح وعليه دم ثالث إلخ. قوله: (يؤخره أيضا) الذي ذكره شيخنا أن
هدي الفساد يقدمه وهدي الفوات يؤخره إلى القضاء وكذلك في شرح العمروسي قوله: (لأنه آل
أمره) أي أمر كل منهما. قوله: (ولا يفيد إلخ) حاصله أن الانسان إذا نوى عند إحرامه أو شرط باللفظ
أنه متى حصل له مرض أو حصر من عدو أو من فتنة أو حبس ظلما أو بحق أو غير ذلك من كل ما يمنعه
من تمام نسكه كان متحللا من غير تجديد نية التحلل في الحصر عن الامرين معا، ومن غير فعل عمرة في
الحصر عن الوقوف فإن تلك النية وذلك الاشتراط لا يفيده، ولو حصل له ذلك المانع بالفعل فهو عند
وجوده باق على إحرامه حتى يحدث نية التحلل أو يتحلل بعمرة على ما مر تفصيله، وإنما كان ذلك
لا يفيده لأنه شرط مخالف لسنة الاحرام وهذا هو المذهب خلافا لمن قال: إن تلك النية السابقة أو
الشرط السابق يفيده، وحينئذ فلا يحتاج لنية تحلل أو لاحداث عمرة. قوله: (لان وهن الرجوع بصده
أشد من إعطائه) قال ح: قد لا يسلم هذا لان دفع المال رضا بالذل كالجزية، وأما الرجوع فهو كسجال
الحرب لا يوهن الدين، ويؤيد هذا أن الرجوع وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه دون دفع المال.
قوله: (جواز الدفع لمسلم) أي سواء كان قليلا أو كثيرا، لكن القليل يجب دفعه إذا كان لا يمكث
بخلاف الكثير فإنه لا يجب دفعه مطلقا وإنما يجوز فقط. قوله: (تردد) أي للمتأخرين أي في
النقل عن أهل المذهب، ابن عرفة: وفي جواز قتال غير باد نقلا عن سند وابن الحاجب مع ابن شاس عن
المذهب والأول وهو الجواز هو الصواب إن كان الحاصر في غير مكة من الحرم فإن كان بها فالأظهر
نقل ابن شاس من المنع لحديث: إنما أحلت لي ساعة من نهار اه‍ كلام ابن عرفة اه‍ بن. قوله: (إذا كان
الحاصر) بالحرم أي سواء كان بمكة أو بغيرها. وقوله: وإلا جاز أي وإلا بأن كان في الحل أو كان في
الحرم وبدأنا بالقتال جاز اتفاقا. قوله: (فداخلة فيما قبله) أي فالذي يمنعها في الفرض وليها وإن كان
زوجها وليها كان له منعها من حيث أنه ولي لا من حيث أنه زوج. قوله: (فله التحلل لهما) أي فله أن
يأمرهما بأن يتحللا بالنية، وليس المراد أن الولي أو الزوج هو الذي يتحلل لهما بأن ينوي تحليل امرأته
أو محجوره كما هو ظاهره لان هذا لا يكفي كما يدل لذلك ما يأتي عن بن، لكن الذي ذكره بعض الشراح
وقرره شيخنا أيضا أن قوله: فله التحلل أي فله أن يحللهما بالنية بأن ينوي تحللهما ورفض
إحرامهما وهذا هو الحق، ويدل له ما تقدم في أول الباب عند قوله: فيحرم ولي عن رضيع إلخ
قوله: (كتحلل المحصر) أي عن الوقوف والبيت من جهة أن كلا بالنية. قوله: (بخلاف
السفيه إلخ) هذا هو الذي نقله المصنف عن سند وهو خلاف ما صرح به ابن رشد في البيان من
لزوم القضاء في السفيه والزوجة والعبد، وعزاه لمذهب ابن القاسم وروايته عن مالك وعزا القول
97

بسقوطه في الجميع لأشهب وابن المواز انظر ح اه‍ بن. والحاصل أن المسألة ذات أقوال ثلاثة: لزوم
الزوجة والسفيه والعبد القضاء، وعدم لزوم واحد منهم القضاء، ولزوم الزوجة والعبد دون السفيه،
وهذا هو الذي مشى عليه المصنف تبعا لسند، ثم إن الفرق بين الزوجة وغيرها على طريقة سند أن
الحجر على السفيه والصغير قوي لأنه لحق نفسه فلذا لم يطلب بالقضاء والحجر على الزوجة ضعيف
لأنه لحق الغير فلذا طلبت بالقضاء. واعلم أن الخلاف المذكور محله إذا كان التحلل من غير حجة
الاسلام بأن كان من حج التطوع أو المنذور سواء كان معينا أو مضمونا، وأما إذا كان التحلل من حجة
الاسلام فلا يطالب واحد منهم بزائد عن حجة الاسلام قضاء عما وقع التحلل فيه. قوله: (مباشرتها)
قال خش: وينوي بتلك المباشرة التحلل وتكفي نية الزوج عنها، فإن لم ينو تحللها بالمباشرة فسد عليها
وعليها إتمامه وهدي للفساد، ويجب على الزوج تمكينها من إتمام المفسد اه‍. ومثله في المج، قال بن:
وفيه نظر فإن ظاهر كلامهم أن نية الزوج تحليلها لا يكفي وأنه لا بد من نية المحرم، ويدل على هذا قول
المصنف كغيره: وأثم من لم يقبل، قال في التوضيح: أي إن لم تقبل ما أمرها به من التحلل أثمت لمنعها حقه،
فهذا صريح في أن التحلل إنما يقع من المحرم لا من غيره اه‍ كلامه. وهذا الاعتراض مبني على أن المراد
بقوله: وأثم من لم يقبل أي ما أمر به من التحلل كما حل به شارحنا تبعا للتوضيح، أما على ما قاله بعض
الشراح من أن المراد وأثم من لم يقبل ما أمر به من عدم الاحرام فلا اعتراض، وحاصله أن السفيه
والعبد والمرأة إذا أمروا بعدم الاحرام فخالفوا وأحرموا فإن الاثم عليهم لعدم قبولهم ما أمروا به. قوله:
(كفريضة) أي كما أن له تحليلها ومباشرتها إذا أحرمت بفريضة قبل الميقات الزماني، ولو كان
إحرامها من الميقات المكاني أو قبل الميقات المكاني، ولو كان إحرامها في الميقات الزماني بقيود ثلاثة
أن يكون إحرامها قبل الميقات بغير إذنه، وأن يكون محتاجا إليها للجماع، وأن لا يحرم هو أيضا، فإن
تخلف قيد من القيود الثلاثة لم يكن له تحليلها كما أشار له بقوله: وإلا لم يحللها. قوله: (وإلا) أي بأن لم يحتج
لها أو كان يحتاج لها وأذن لها أو أحرم فالنفي راجع للقيود الثلاثة. وقوله: فإن حللها أي فإن أحرمت قبل
الميقات بغير إذنه وكان محتاجا إليها ولم يحرم وحللها، وقوله: لم يلزمها غير حجة الفريضة أي لم يلزمها أن
تقضي إلا إذا كانت تلك الحجة حجة الاسلام ومثل ما إذا حللها ما إذا أفسده عليها بأن باشرها ولم ينو
بها التحلل فيجب عليها إتمامها ولا يلزم قضاؤها إلا إذا كانت تلك الحجة حجة الاسلام كما نقله المواق
عن ابن رشد وصرح به اللخمي خلافا لما في عبق من أنه يلزمها حجتان: إحداهما قضاء للمفسدة
والأخرى حجة الاسلام. قوله: (فلا رد) قال في المدونة: وإن باع عبده أو أمته وهما محرمان جاز بيعه
وليس للمبتاع أن يحللهما وله إن لم يعلم بإحرامها الرد كعيب بهما إلا أن يقربا من الاحلال اه‍. فقد
علمت أن مذهبها جواز بيع العبد محرما سواء قرب الاحلال أو لا، قال المصنف في مناسكه: وهذا
هو المشهور. قال في التوضيح: وقال سحنون لا يجوز بيعه ويفسخ، ألا ترى أن ابن القاسم يقول: إذا
آجر عبده شهرا لم يجز له بيعه. اللخمي: وقد يفرق بين المسألتين بأن العبد المحرم منافعه لمشتريه وفي
الإجارة منافعه لغير المشتري مدة الإجارة، وقيد ابن بشير خلاف سحنون بأن يبقى من مدة
الاحرام زمن كثير، قال في التوضيح: وظاهر ما حكاه اللخمي عنه العموم انظر بن.
قوله: (لم يلزمه إذن ثان إلخ) أي لان القضاء عبادة ثانية غير التي أذن فيها، وهذا القول قول
أشهب ومقابله لأصبغ، والأول صححه ابن المواز حيث قال: والأول أصوب ولذا قال المصنف:
على الأصح. قوله: (وما لزمه عن خطأ) أي من هدي أو فدية. وقوله: وما لزمه مبتدأ خبره الجملة
98

الشرطية. وقوله: فإن أذن إلخ جواب الشرط محذوف تقديره فعل كما قدر الشارح. قوله: (إن أضر به) أي
فإن لم يضر به في عمله لم يكن له منعه منه والله أعلم.
باب الذكاة
قوله: (بمعنى التذكية) أشار إلى أن الذكاة اسم مصدر بمعنى المصدر، والمراد الذكاة المتحققة في الذبح،
فلا يرد أن العقر والنحر من أفراد الذكاة، ولا يشترط فيهما قطع الحلقوم والودجين، وخرج عن قوله
قطع الخنق والنهش فلا يسمى ذبحا. وقوله لا غيره أي لا قطع غيره. قوله: (تنكح أنثاه) أي يجوز لنا
نكاح أنثاه. وقوله: فدخل الكتابي أي وخرج المجوسي لان الكتابي يجوز لنا نكاح أنثاه بخلاف
المجوسي قوله: (ليست على بابها) أي بحيث يصير المعنى يجوز له نكاح أنثانا ويجوز لنا نكاح أنثاه وإلا
لخرج الكتابي مع أن ذبحه صحيح. قوله: (فلو بقي إلخ) هذا مفرع على كلام المتن. قوله: (في الاكتفاء إلخ)
لف ونشر مرتب، فالاكتفاء راجع لابن القاسم وعدمه راجع لسحنون. قوله: (فلا يؤكل ما ذبح من
القفا) أي ولا من إحدى صفحتي العنق لأنه نخع قبل تمام الذكاة أي لأنه قطع النخاع قبل تمام الذكاة،
والنخاع مخ أبيض في فقار العنق والظهر، وقوله فلا يؤكل ما ذبح من القفا أي سواء كان الذبح في ضوء
أو ظلام قال في التوضيح: لو ذبح من القفا في ظلام وظن أنه أصاب وجه الذبح ثم تبين أنه خلاف ذلك
لم تؤكل نص عليه في النوادر، وقوله من المقدم المراد أنه ليس من إحدى صفحتي العنق ولا من المؤخر،
فلا يضر انحراف القطع من المقدم للحلقوم حيث لم يصدق عليه أن الذبح من الصفحة كما في بن.
قوله: (ولا مفهوم لقوله لم تساعده) أي بل لو فعل ذلك ابتداء مع كون السكين حادة لم تؤكل على المعتمد
لمخالفة سنة الذكاة. قوله: (فإن عاد عن قرب أكلت رفع يده اختيارا أو اضطرارا) أي والفرض أنه رفع
يده بعد إنفاذ مقاتلها بحيث لو تركت لم تعش، وما يأتي من أن منفوذ المقاتل لم تعمل فيه ذكاة هو في
منفوذها بغير ذكاة وما هنا بذكاة، وهذا التفصيل أحد أقوال خمسة وهو قول ابن حبيب ورجحه
ابن سراج قياسا على من سلم ساهيا وعاد عن قرب وأصلحها كما في المواق. الثاني: قول سحنون لا تؤكل
إذا رفع يده قبل التمام عاد عن قرب أو بعد وهو ظاهر المصنف لان ظاهره أنه متى رفع الذابح يده قبل
التمام لم تؤكل عاد لها عن بعد أو قرب واقتصر عليه ح، وقيل: يكره أكلها مطلقا عاد لها عن قرب أو عن
بعد، وقيل إن رفع معتقدا التمام لم تؤكل أو مختبرا أكلت وقيل عكسه اه‍ بن. قوله: (أو بعد)
أي رفع اختيارا أو اضطرارا فعلم أن أقسام المسألة ثمانية وذلك لان رفع يده قبل تمام التذكية
99

إما أن يكون بعد إنفاذ شئ من المقاتل أو قبل إنفاذ شئ منها، وفي كل إما أن يعود عن قرب أو بعد وفي
كل إما أن يكون الرفع اختيارا أو اضطرارا فتؤكل في ستة منها دون اثنين وهما ما إذا كان الرفع بعد إنفاذ
شئ من المقاتل وعاد عن بعد كان رفعه اختيارا أو اضطرارا، ولا فرق بين أن يكون الراجع ثانيا هو
الأول أو غيره، ولا بد من النية والتسمية إن عاد عن بعد مطلقا أو عن قرب وكان الثاني غير الأول وإلا
لم يحتج لذلك كما قاله الطخيخي. قوله: (فلا بد من النية) أي وأما إن عاد عن قرب فلا يحتاج لتجديد النية
والتسمية إن كان الراجع ثانيا هو الأول، أما إن كان غيره فلا بد من تجديدهما. قوله: (ولا يحد القرب إلخ)
أي الذي لا يحتاج فيه إلى تجديد نية وتسمية عند عدم إنفاذ المقاتل وتؤكل فيه عند إنفاذها، وهذا
مرتبط بقوله سابقا: والقرب والبعد بالعرف قوله: (كما قيل) أي كما قال بعضهم أخذا من فتوى ابن قداح
في ثور أضجعه الجزار وجرحه فقام هاربا والجزار وراءه ثم أضجعه ثانيا وكمل ذبحه فأفتى ابن قداح
بأكله وكانت مسافة الهروب ثلاثمائة باع فقال بعضهم: فتوى ابن قداح بالأكل في هذه النازلة تقتضي أن
حد القرب ثلاثمائة باع، فيرد عليه بما قال الشارح من أن هذا التحديد لا يوافقه عقل ولا نقل، على أن فتوى
ابن قداح هذه لا دلالة فيها على التحديد لمسافة القرب لاحتمال أن تكون الذبيحة في تلك النازلة لو
تركت لعاشت، وقد علمت أنها تؤكل مطلقا عاد عن قرب أو عن بعد فتأمل ذلك. قوله: (بطل التحديد)
أي بطل تحديد القرب بما ذكر من الثلاثمائة باع. قوله: (والذكاة في النحر) أي المتحققة في النحر من
تحقيق الكلي في جزئيه. قوله: (من مميز يناكح) استغنى المصنف عن ذكر التمييز وكونه يناكح هنا لذكرهما
في الذبح فلعل أصله طعنه أي طعن من تقدم فحذف فاعل المصدر اتكالا على ما تقدم. قوله: (وشهر أيضا
إلخ) لما قدم القول المعتمد عليه من أنه لا بد من قطع الحلقوم والودجين وهو مذهب سحنون
والرسالة أتبعه بذكر قول ابن القاسم في العتبية من الاكتفاء بنصف الحلقوم والودجين.
قوله: (والودجين) عطف على نصف الحلقوم أي الاكتفاء بنصف الحلقوم وتمام الودجين كذا
قرر ابن غازي وتبعه شارحنا فجعلا الكلام مسألة واحدة، وقد حكى ابن بزيزة في شرح التلقين التشهير
في ثلاث صور: نصف الحلقوم فقطع مع تمام الودجين وفي تمام الحلقوم مع نصف كل ودج وفي نصف
كل من الثلاثة، وأما قطع الحلقوم مع أحد الودجين فقط فلم يشهر الأكل وقد قرر الشارح بهرام
كلام المصنف على هذا الذي قاله ابن بزيزة فقال: وشهر الاكتفاء بنصف الحلقوم هذه مسألة يعني
مع تمام الودجين. وقوله: والودجين مسألة أخرى يعني نصف الودجين مع تمام الحلقوم أو مع نصفه،
ومن هذا تعلم أن ما قرر به الشارح بهرام كلام المصنف هو الأولى انظر بن. قوله: (أو انتقالا) أي
كالمجوسي إذا تنصر. قوله: (فهو عطف على يناكح) أي لا على تنصر أي لإيهامه قصر هذه الشروط
على المجوسي مع أنها شروط في إباحة ذبيحة الكتابي. قوله: (يعني أنه يصح ذبحه) أي الكتابي والأولى أن
يقول: يعني أنه يجوز ذبحه بدليل قوله الآتي فإن وجدت الشروط الثلاثة جاز ذبحه أي جاز أكل مذبوحه،
وبدليل قوله: لا إن كان مملوكا لمسلم فإنه يكره أكله فإن الكراهة تجامع الصحة، وحينئذ فلا يصح جعل
قوله لنفسه شرطا في الصحة. قوله: (لا إن كان مملوكا لمسلم) أي أو كان مشتركا بينه وبين مسلم. قوله: (على
أرجح القولين الآتيين) أي في قوله: وفي ذبح كتابي لمسلم قولان، وفيه أن كلامه هنا يقتضي أن القولين
الآتيين بالكراهة والمنع وهو مخالف لما حل به كلام المصنف فيما يأتي فإنه حمل القولين على الجواز
100

والمنع، نعم كل من الحلين صحيح لان المسألة ذات أقوال ثلاثة كما سيأتي بيانه. قوله: (لا إن ذبح اليهودي
إلخ) وأما لو ذبحه نصراني فإنه يحل لنا أكله، فقول المصنف مستحله خاص باليهودي، والشرط الذي
قبله وهو قوله لنفسه وما يأتي من عدم الذبح للصنم عام في اليهودي والنصراني قوله: (إن لم يغب على
الذبيحة) أي فإن غاب عليها لم تؤكل وهذا التفصيل هو المشهور من المذهب. ابن راشد: القياس أنه إذا
كان يستحل أكل الميتة أنه لا تؤكل ذبيحته ولو لم يغب عليها لان الذكاة لا بد فيها من النية، وإذا استحل
الميتة فكيف ينوي الذكاة؟ وإن ادعى أنه نواها فكيف يصدق وقبله الباجي وابن عرفة؟ واعلم أن
ما ذكره المصنف من أن المشهور أكل ذبائحهم وإن أكلوا الميتة إن لم يغيبوا عليها بناء على المعتمد من
أن نية الذكاة لا تشترط من الكافر، وما قاله غيره من عدم الأكل مطلقا غابوا عليها أم لا بناء على أن نية
الذكاة لا بد منها في حق كل مذك وسيأتي ذلك الخلاف. قوله: (لا صبي ارتد) عطف على يناكح أي قطع
صبي مميز يناكح لا قطع صبي مميز ارتد، لأنه لا يجوز لنا نكاح أنثاه أو أنه عطف على مقدر، أي قطع مميز
باق على دينه لا قطع صبي مميز ارتد وإنما ذكره، وإن علم من قوله يناكح لئلا يتوهم أنه لما كان لا يقتل
حالا بردته كانت ردته غير معتبرة وان ذكاته صحيحة تأمل. قوله: (وعدم مناكحته) أي وعدم جواز
نكاح أنثاه. قوله: (لصنم) أراد به كل ما عبد من دون الله بحيث يشمل الصنم والصليب وغيرهما كعيسى.
قوله: (بأن قصد التقرب له) أي وأما ما ذبحوه بقصد أكلهم منه ولو في أعيادهم ولكن سمى عليه اسم
عيسى أو الصنم تبركا فهذا يكره أكله وهو الآتي في المصنف. والحاصل أن ذبح أهل الكتاب إذا
قصدوا به التقرب لآلهتهم بأن ذبحوه لآلهتهم قربانا وتركوه لها لا ينتفعون به فإنه لا يحل لنا أكله
إذ ليس من طعامهم لأنهم لا ينتفعون به وهذا هو المراد هنا، وأما ما يأتي من الكراهة في ذبح لصليب
فالمراد ما ذبحوه لأنفسهم بقصد أكلهم منه ولو في أعيادهم، لكن سموا عليه اسم آلهتهم مثلا تبركا فهذا
يؤكل بكره لأنه تناوله عموم: * (وطعام الذين أوتوا الكتاب) * هذا حاصل ما ذكره بن، فلم يعول على ذكر
الله ولا على ذكر آلهتهم، والذي عليه أشياخنا المصريون أن المراد بذبح الكتابي للصنم الذي لا يؤكل
هو الذي ذكر اسم الصنم عند ذبحه بأن قيل باسم الصنم مثلا بدل بسم الله، والحال أنه جعل ذلك محللا
كالله أو متبركا به تبرك الألوهية، وأما ما ذبح للصنم قاصدا إهداء ثوابه له كذبح المسلمين لأوليائهم
والحال أنه ذكر اسم الله عليه فهو المكروه الآتي في قوله: وذبح لصليب أو عيسى، وكلام شارحنا
يميل فيما يأتي لما قاله المصريون ولعل كلامهم هو الأظهر، لان أهل الكتاب لا يتركون ما يذبحونه
قربانا لآلهتهم هدرا بل يطعمونه لفقرائهم، على أن كلام بن يقتضي عدم الأكل من الأول ولو
ذكر اسم الله عليه وهو خلاف عموم ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل كما أنه يقتضي الأكل من
الثاني ولو ذكر اسم آلهتهم فقط وهو خلاف عموم أو فسقا أهل لغير الله به. قوله: (وهي الإبل) أي
وكذا حمار الوحش، والمراد بذي الظفر كل ما كان ليس بمشقوق الخف ولا منفرج الأصابع فخرج
الدجاج لانفراج أصابعها، وقال البيضاوي: كل ذي ظفر أي كل ذي مخلب وحافر ويسمى الحافر
ظفرا مجازا ولذلك دخلت حمر الوحش. قوله: (وشراؤه منهم) ما ذكره الشارح من كراهة شراء ذلك
منهم هو الصواب خلافا لما في خش من الحرمة. قوله: (كجزارته) الضمير للمميز الذي يناكح أي
يكره للامام أن يجعله جزارا أي ذباحا يذبح ما يستحله ليبيعه في أسواق المسلمين. قوله: (وفي البيوت)
أي بناء على كراهة استنابته. وقوله: وكذا بيعه أي للحم أو غيره. قوله: (من كل ما يعظم به شأنه)
101

أي مثل صبغ البيض في أيام أعيادهم. قوله: (فلا يكره الشراء من المسلم المذبوح له) فيه أن هذا موضوع
الخلاف الآتي في قول المصنف: وفي ذبح كتابي لمسلم قولان: وتقدم للشارح أن الراجح منهما الكراهة.
قوله: (وتسلف ثمن خمر من كافر) أي وأما لو كان الخمر لمسلم فباعه فيحرم تسلف ثمنه لأنه لا يملكه
إذ يجب على البائع رد ثمنه للمشتري وإراقته. قوله: (لكن هذا) أي لكن تسلف هذا الثمن الذي باعه به
للمسلم أشد كراهة مما إذا كان باعه به لكافر. قوله: (ولو كان أصله) أي الدين. وقوله بيعا أي من بيع.
قوله: (وشحم يهودي) أي بناء على أن الذكاة لا تتبعض أي لا تتعلق ببعض الشاة مثلا دون بعض،
فلما صحت ذكاته في اللحم شملت الكل فلم يحرم الشحم عندنا لأنه جزء مذكى. وقد ذكر ابن رشد
في البيان أن في شحوم اليهود ثلاثة أقوال: الإجازة والكراهة والمنع، وأنها ترجع لقولين: المنع والإجازة
لان الكراهة من قبيل الإجازة قال: والأصل في هذا اختلافهم في تأويل قول الله سبحانه وتعالى:
* (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * هل المراد بذلك ذبائحهم أو ما يأكلون؟ فمن ذهب إلى أن المراد
بذلك ذبائحهم أجاز أكل شحومهم لأنها من ذبائحهم، ومحال أن تقع الذكاة على بعض الشاة دون بعض
قال: ومن ذهب إلى أن المراد ما يأكلون لم يجز أكل شحومهم لان الله سبحانه حرمها عليهم في التوراة
على ما أخبر به القرآن العظيم فليست مما يأكلون. قوله: (أي لأجل التقرب بنفعهما) أي بثوابه والحال
أنه لم يذكر عليه غير اسم الله بل ذكر عليه اسم الله فقط أو لم يذكر عليه اسم الله ولا غيره. قوله: (لذلك)
أي لأجل ذلك أي لأجل أن يعود ثواب الصدقة لمن ذكر. قوله: (وفاسق) أي سواء كان فسقه
بالجارحة كتارك الصلاة أو بالاعتقاد كبدعي على القول بعدم كفره. قوله: (بخلاف المرأة والصبي
إلخ) ما ذكره من جواز ذكاتهما قال ح: هو المشهور ومذهب المدونة وفي الموازية كراهة ذبحهما،
وعليه اقتصر ابن رشد في سماع أشهب، وصرح في آخر سماع ابن القاسم بالجواز فيهما، وقوله بخلاف
المرأة إلخ أي وبخلاف الأغلف فلا تكره ذكاته كما جزم به ح قال: وحكى في البيان كراهة ذكاته.
قوله: (ولو جنبا أو حائضا) مثل الحائض النفساء في جواز ذبحها كما استظهره بعضهم. قوله: (والكافر
إن ذبح لنفسه إلخ) أي فلا يكره لنا أكله لان المكروه كونه جزارا في أسواق المسلمين على العموم،
وأما جزره لنفسه فلا كراهة فيه. قوله: (وفي حل إلخ) عبارة ابن شاس: وفي إباحة ما ذبحوه لمسلم ومنعه
قولان، وعبارة التوضيح: ففي جواز أكلها ومنعه قولان، وجعل ابن عرفة الكراهة قولا ثالثا ولم
يعرج عليه في التوضيح ونص ابن عرفة وفي حل ذبيحة الكتابي لمسلم ملكه بإذنه وحرمتها ثالثها
يكره اه‍. والراجح من تلك الأقوال القول بالكراهة. واعلم أن الخلاف المذكور جار في ذبح
الكتابي ما يملكه المسلم بتمامه أو جزءا منه بأن كان شركة بينه وبين الكتابي الذابح، أما ذبح
الكتابي لكافر آخر وهو مفهوم قول المصنف أسلم فحكمه أنه إن ذبح ما لا يحل لكل منهما اتفق على
عدم صحة ذبحه وإن ذبح ما يحل لكل منهما اتفق على صحة ذبحه، فإن ذبح ما يحل لأحدهما دون
الآخر فالظاهر اعتبار حال الذابح كما قال بعضهم. قوله: (مسلم مميز) المراد مسلم حال إرسال
السهم أو الحيوان، وكذا يقال في التمييز فإن تخلف واحد منهما بعد الارسال وقبل الوصول فإنه
لا يؤكل قياسا على قولهم في الجناية معصوما من حين الرمي للإصابة، ويحتمل أن يقال: يأكله لان
ما هنا أخف، ألا ترى الخلاف هنا في اشتراط الاسلام من أصله فإن أشهب وابن وهب لا يشترطان
102

الاسلام قوله: (أي إدماؤه ولو بإذن) والحال أنه مات من الجرح. قوله: (ولو شق الجلد إلخ) وهذا إذا
كان الصيد صحيحا، وأما لو كان مريضا فشق الجلد من غير إدماء كاف قوله: (عجز عنه) أي عجز عن
تحصيله في كل حال إلا في حال العسر والمشقة قوله: (لا إن قدر عليه) كما لو أمسك صيدا بحبالة مثلا
وصار تحت يده ثم رماه آخر بسهم فقتله فلا يؤكل. قوله: (لأنه صار أسيرا مقدورا عليه) أي وحينئذ
فلا يؤكل إلا بذكاة كالشاة ويضمن هذا الذي رماه فقتله للأول قيمته مجروحا. قوله: (بالجر) أي
بمضاف مقدر بدليل كلامه بعد وذلك المضاف المقدر معطوف على جرح مسلم فحذف المضاف
وبقي المضاف إليه على جره، ويمكن الرفع على أنه حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع
ارتفاعه وهو أظهر. قوله: (وأراد به) أي بالنعم قوله: (فيشمل الإوز) أي والبقر والغنم والإبل المتأنسة،
والحاصل أن جميع الحيوانات المتأنسة إذا ندت فيها فإنها لا تؤكل بالعقر عملا بالأصل وهذا هو
المشهور، ومقابله ما لابن حبيب أنه إن ند غير البقر لم يؤكل بالعقر، وإن ند البقر جاز أكله بالعقر لان
البقر لها أصل في التوحش ترجع إليه أي لشبهها ببقر الوحش انظر التوضيح. قوله: (والحمام البيتي) فيه
نظر فقد تقدم في آخر باب الحج أن الحمام كله صيد، وحينئذ إذا توحش أكل بالعقر بخلاف النعم فإنها
لا تؤكل بالعقر ولو توحشت عملا بالأصل فيها، وقد نقله المواق عن ابن حبيب اه‍ بن. ورد عليه بأن
ما ذكره ابن حبيب من أكل حمام البيوت بالعقر إذا توحشت قول ضعيف كما قال البدر القرافي، ولا
يلزم من كونه صيدا في الحج أن يكون صيدا هنا عملا بالأحوط في البابين فالحق مع الشارح تأمل.
والحاصل أن الحيوان إما وحشي أصالة أو إنسي أصالة وكل منهما ثلاثة أقسام: فالأول إن كان
توحشه دائما أو تأنس ثم توحش يؤكل بالجرح وإن تأنس واستمر على تأنسه كالنعامة في القرى لا يؤكل
بالجرح بل بالذبح وإلى الأولين أشار المصنف بقوله: وحشيا وإن تأنس، وإلى الثالث أشار المصنف
بقوله فيما يأتي وذبح غيره النوع الثاني الانسي أصالة إن استمر دائما على تأنسه أو توحش ثم تأنس أو
توحش واستمر على توحشه لا يؤكل بالجرح بل بالذبح وإلى هذا أشار المصنف بقوله: لا نعم شرد فإن
ظاهره ولو توحش دائما. قوله: (بكوة) أي بسبب إدخال رأسه في كوة وقوله هلك أي أشرف على
الردى والهلاك، وقوله: أو نعم تردى الأولى أو حيوان تردى أعم من كونه وحشيا أو غير وحشي،
ففي المواق عن ابن المواز وأصبغ ما اضطره الجارح لحفرة لا خروج له منها أو انكسرت رجله
فكنعم أي لا يؤكل إلا بالذكاة ولا يؤكل بالعقر. قوله: (في حفرة) أي بسبب وقوعه في حفرة. وقوله
كالطاقة أي يدخل رأسه فيها. وقوله فلا يؤكل بالعقر أي بالطعن بحربة مثلا في غير محل الذكاة، ولا بد
من ذكاته بالذبح أو النحر إن كان مما ينحر، وما ذكر من عدم أكل المتردي بالعقر هو المشهور، وقال ابن
حبيب: يؤكل الحيوان المتردي المعجوز عن ذكاته مطلقا بقرا أو غيره بالعقر صيانة للأموال.
قوله: (بسلاح محدد) متعلق بقوله: وجرح مسلم. قوله: (عن نحو العصا والبندق) أي لأنه لا يجرح وإنما
يرض ويكسر. قوله: (فيؤكل به) أي فيؤكل ما صيد به قوله: (لأنه أقوى من السلاح) أي في أنهار الدم
والاجهاز بسرعة الذي شرعت الذكاة من أجله. قوله: (كذا اعتمده بعضهم) الحاصل أن الصيد
ببندق الرصاص لم يوجد فيه نص للمتقدمين لحدوث الرمي به بحدوث البارود في وسط المائة
الثامنة، واختلف فيه المتأخرون فمنهم من قال بالمنع قياسا على بندق الطين، ومنهم من قال بالجواز
كأبي عبد الله القوري وابن غازي والشيخ المنجور وسيدي عبد الرحمن الفاسي والشيخ عبد القادر الفاسي
103

لما فيه من الأنهار والاجهاز بسرعة الذي شرعت الذكاة لأجله، وقياسه على بندق الطين فاسد
لوجود الفارق وهو وجود الخرق والنفوذ في الرصاص تحقيقا وعدم ذلك في بندق الطين، وإنما شأنه
الرض والكسر، وما كان هذا شأنه لا يستعمل لأنه من الوقذ المحرم بنص القرآن اه‍ بن. ثم إن محل
الاحتراز عن العصا وبندق الطين إذا لم يؤخذ الصيد حيا غير منفوذ مقتل ويذكى ويسمى ثانيا عند
ذكاته وإلا أكل، فإذا نفذ مقتل من مقاتله لم يؤكل عندنا، ولو أدرك حيا وذكى، وعند الحنفية: ما أدرك
حيا ولو منفوذ جميع المقاتل وذكى يؤكل ولا خلاف بيننا وبينهم في أن ما مات به لا يؤكل، وفي أن ما لم
ينفذ بسببه مقتل من مقاتله وأدرك حيا وذكى يؤكل فالأقسام ثلاثة. قوله: (وإذا زجر انزجر) هذا
الشرط غير معتبر في الباز لأنه لا ينزجر بل رجح بعضهم عدم اعتبار الانزجار مطلقا لان الجارح
لا يرجع بعد استيلائه. واعلم أن عصيان المعلم مرة لا يخرجه عن كونه معلما كما لا يكون معلما بإطاعته
مرة بل المرجع في ذلك العرف. قوله: (بإرسال له من يده إلخ) الباء للملابسة أي أو حيوان علم متلبس
بإرسال من يده أي من يد المسلم المميز والمراد باليد حقيقتها، ومثلها إرساله من حزامه أو من تحت قدمه
لا القدرة عليه أو الملك فقط، ثم إن ما مشى عليه المصنف من اشتراط الارسال من يده ونحوها وأنه لو
كان مفلوتا فأرسله لم يؤكل هو قول مالك الذي رجع إليه، وكان يقول: أو لا يؤكل ولو أرسله من غير يده
وبه أخذ ابن القاسم والقولان في المدونة، واختار غير واحد كاللخمي ما اختاره ابن القاسم قاله ابن
ناجي، وكان حق المصنف أن يذكره لقوته اه‍ بن. قوله: (وكفت نية الآمر) أي سيد الغلام
قوله: (ولا يشترط حينئذ أن يكون الغلام مسلما) أي لان الناوي المسمى هو سيده فالارسال منه حكما.
قوله: (بلا ظهور ترك) الباء للملابسة أي ملتبس ذلك الحيوان بعدم ظهور الترك منه لما أرسل
عليه، بل لا بد أن يكون منبعثا من حين الارسال إلى حين أخذه الصيد. وحاصله أنه يشترط في جواز
أكل الصيد إذا قتله الجارح أن يكون منبعثا من حين الارسال إلى حين أخذ الصيد، فلو
ظهر فيه تشاغل بغير الصيد ثم انبعث ثانيا فلا يؤكل، وظاهره كالمدونة أنه لا فرق بين قليل التشاغل
وكثيره، ورأي اللخمي أن قليل التشاغل لا يضر. قوله: (قبل الوصول) أي للصيد. قوله: (بشئ
قبله) أي قبل الوصول إليه. قوله: (ولو تعدد مصيده) مبالغة في قوله: وحشيا أي هذا إذا كان
المصيد الوحشي واحدا بل ولو تعدد ذلك المصيد أي إن نوى الجميع كذا قال في التوضيح
وهذا قول ابن القاسم. وقال ابن المواز: لا يؤكل إلا الأول وهو الذي أشار له المصنف بلو،
قال عج: فإن لم يكن له نية في واحد ولا في الجميع لم يؤكل شئ، وقال جد عج: يؤكل جميع ما جاء
به في هذه أيضا فأدخلها في تصوير المصنف وهذا هو الصواب ومحل قوله الآتي أو قصد ما وجد
عدم الرؤية والموضوع هنا تحققها، فلو نوى واحد بعينه لم يؤكل إلا إياه وإن عرف، وإن نوى واحدا
لا بعينه لم يؤكل إلا الأول أيضا فالصور أربع، ولو شك في الأول لم يأكل شيئا قاله اللخمي اه‍ بن.
قوله: (فلو صاد شيئا لم ينوه) أي بأن نوى معينا فأتى بغيره قوله: (لم يؤكل بصيده) أي وإنما يؤكل بذكاة
قوله: (ألم يرى الخ) حاصله أنه إذا أرسل كلبه أو بازه المعلم على على غار أو غيضة لم يعلم أن فيها صيدا ونوى ذكاة
ما وجده فيها فدخل ذلك الكلب أو الباز الغار أو الغيضة فوجد صيدا فقتله فإنه يؤكل تنزيلا للغالب
منزلة المعلوم، ومن باب أولى إذا علم أن في الغار أو الغيضة صيدا ولم يره ببصره وما قبل المبالغة علمه
وإبصاره أو أحدهما فقط والمبالغ عليه انتفاؤهما، فالمعنى إذا كان الصائد الذي هو المسلم المميز
عالما بالصيد ورآه أو علم به بدون رؤية بأن أخبره به مخبر بل ولو انتفى كل من الامرين حالة كونه
بغار أو غيضة في نفس الامر بأن لم يعلم أن فيه شيئا لكن نوى إن أتى منه بشئ فهو مذكى فأرسل الجارح
فوجد صيدا فقتله، ومحل جواز أكل الصيد في حالتي العلم وعدمه إذا لم يكن للغار أو الغيضة منفذ آخر
104

وإلا لم يؤكل ما أتى به من الصيد ميتا. قوله: (أو لم يظن إلخ) صورته: أرسل جارحه أو سهمه على صيد وهو
يعلم أنه مباح ولكن لم يظن نوعه أي لم يترجح عنده أي نوع هو من أنواع المباح بأن شك فيه وتردد
هل هو بقر وحش أو حماره فإن أخذ الجارح صيدا وقتله جاز أكله فلا يشترط في جواز أكل الصيد
العلم بنوعه حين الارسال عليه. قوله: (بأن شك) أي في أن الصيد من أي نوع مع علمه بأنه نوع من أنواع
المباح أي التي تؤكل بالعقر كما إذا جزم بأنه مباح وتردد في كونه حمار وحش أو بقر وحش أو ظبيا
فأرسل الجارح فقتل ذلك فإنه يؤكل حيث ظهر أنه من أنواع المباح التي تؤكل بالعقر، فإن جزم
بأنه مباح وتردد هل هو نعم أو حمار وحش أو غزال؟ لم يؤكل لان الأول لا يباح بالعقر قوله: (لم يؤكل)
أي ما لم يدرك ما ظنه حراما غير منفوذ المقاتل ويذكيه معتقدا أنه حلال وإلا أكل، بخلاف ما لو أدركه
غير منفوذ المقاتل مع اعتقاد حرمته وإن الذكاة تعمل في محرم الأكل، فلما ذكاه تبين أنه حلال فإنه
لا يؤكل. قوله: (لا إن ظنه حراما) عطف على قوله: ولو تعدد مصيده ومثل ظنه حراما ظنه حجرا أو
خشبة. قوله: (أو أخذ الجارح أو السهم غير مرسل عليه تحقيقا) بأن صاد ما نواه وما لم ينوه أو ما لم ينوه
فقط تحقيقا. وقوله: أو شك كما لو نوى واحدا معينا من جماعة من الصيد ثم بعد وقوعه ميتا شك في أنه هل
هذا هو الذي نواه أو غيره؟ قوله: (فلم يتحقق الذي مات منه هل هو الجرح أو الماء) محل عدم الأكل
حيث لم ينفذ شئ من المقاتل، وأما إذا نفذت مقاتله ثم شارك المبيح غيره فإنه لا يضر. قوله: (فمات قبل
ذكاته) أي فلم يتحقق هل مات من الجرح أو السم. قوله: (أو شركة كلب مجوسي) أي كلب أرسله
مجوسي. وقوله لكلب المسلم أي للكلب الذي أرسله المسلم كان ملكا له أو لا. قوله: (كان أحسن) أي لان
التقييد بمجوسي يقتضي أنه يؤكل إذا شارك كلب الكتابي كلب المسلم وليس كذلك. قوله: (أو شركة
نهش) أي أنه لا يؤكل إن شارك نهش الجارح الذكاة كما لو نهش الجارح صيدا قدر الصائد على
خلاصه منه فترك تخليصه منه حتى مات، والحال أنه جرحه أو لا قبل النهش ولم يعلم هل مات من نهشه
له بعد الجرح أو لا أو مات من الجرح الذي حصلت له به الذكاة أو لا؟ وكذا لو ذبحه في حال نهش
الجارح له والحال أنه قادر على خلاص الصيد ولم يتحقق أنه إذا ذكاه وهو مجتمع الحياة، فإن لم يقدر
على خلاصه من الجارح حتى مات من نهشه أكل إن كان الجارح قد جرحه. قوله: (بنهشه) أي وذلك
عند نهش الجارح صيدا قدر إلخ. قوله: (عطف على ظنه إلخ) أي فالمعنى لا إن ظنه حراما ولا إن أغرى
الصائد جارحه في الوسط أي فإنه لا يؤكل سواء زاده الاغراء قوة واستيلاء أم لا، وقد علمت أن
هذا مبني على القول الذي رجع إليه مالك من أنه لا بد في حل الصيد من إرسال الصائد الجارح من
يده أما على مقابله من عدم اشتراط ذلك فإنه يؤكل ولو أرسله من غير يده أو أغراه في الوسط بعد
انبعاثه بنفسه. قوله: (مما يستدعي طولا) أي في اخراجها منه. قوله: (حتى وجده ميتا) ظاهره ولو
وجد السهم في مقاتله وقد أنفذها وهو ما في المدونة وذلك لاحتمال غوص السهم في المقاتل
بحركات الصيد، لكن قال ابن المواز: لا بأس بأكل ما أنفذ السهم مقاتله وإن بات قاله أصبغ قال:
105

لأنه أمن عليه مما يخاف عليه الفقهاء أن يكون موته بسببه من غير سبب السهم قال: ولم نجد لرواية ابن
القاسم هذه عن مالك ذكرا في كتاب السماع ولا رواها عنه أحد من أصحابه ولم نشك أن ابن القاسم وهم
فيها ابن المواز وبه أقول ابن يونس وهو الصواب ابن رشد وهو أظهر الأقوال، قال سليمان الباجي:
وقاله سحنون وعليه جماعة من أصحابنا اه‍ مواق. قوله: (ثم وجده من الغد ميتا) الغد ليس بقيد وإن كان
ظاهر المصنف، بل المراد أنه خفى عليه مدة من الليل فيها طول بحيث يلتبس الحال ولا يدري هل مات
من الجارح أو أعان على قتله شئ من الهوام التي تظهر فيه كالأفاعي؟ فلو رماه فغاب عنه يوما كاملا ثم وجده
ميتا فإنه يؤكل حيث لم يتراخ في اتباعه وهذا مفهوم قوله بات، والفرق بين الليل والنهار أن الصيد
يمنع نفسه من الهوام في النهار دون الليل، فإذا غاب ليلا احتمل مشاركة الهوام التي تظهر فيه للسهم
بخلاف ما إذا غاب نهارا فإنه لا يحتمل ذلك. قوله: (لاحتمال موته) كذا عللوا عدم الأكل وحينئذ
فالأحسن لو قدم المصنف هذا الفرع وجعله من أفراد قوله ولم يتحقق المبيح في شركة. قوله: (أو
صدم) أي بأن ضربه فرماه وصار يمرغه حتى مات. قوله: (بلا جرح فيهما) أي ومات الصيد بذلك،
وليس مفهوم قوله بلا جرح هنا مكررا مع منطوق قوله سابقا وجرح مسلم لأنه مفهوم غير شرط
وهو لا يعتبره، فاندفع ما يقال الأولى اسقاط قوله بلا جرح، ويكون قوله: أو صدم أو عض معناه من غير
جرح لأنه محترز قوله وجرح مسلم. قوله: (على غير مرئي) أي فذهب الجارح فأتى بصيد ميت فلا يؤكل
لان شرط الأكل رؤية الصيد وقت الارسال، أو كون المكان الذي أرسل فيه الجارح محصورا ولم
يوجد واحد منهما. قوله: (وقتل الثاني) إنما لم يؤكل لان الثاني قتل الصيد وهو مقدور عليه حين إرساله،
وتقدم أن شرط أكل الصيد بالعقر أن يكون معجوزا عنه حين الارسال، فلو أرسل ثانيا بعد مسك
الأول له فقتله الأول قبل وصول الثاني إليه فلا شك أنه يؤكل للعجز عنه حين إرسال قاتله، وكذلك
لو أرسل الثاني قبل مسك الأول فقتله الثاني قبل مسك الأول أو بعده أو قتلاه معا. قوله: (لم
يؤكل لاحتمال أن يكون إلخ) هذا أحد القولين لمالك والثاني يؤكل بناء على أن الغالب كالمحقق، إذ
الغالب أن الجارح إنما أخذ ما اضطرب عليه، والقول الذي مشى عليه المصنف من عدم الأكل وهو
ما في العتبية حيث قالت: ولو رأى الجارح مضطربا ولم ير الصائد شيئا فأرسله فصاد شيئا فلا أحب أكله
وكلامها هو محل التأويلين لان ابن رشد حملها على ما إذا نوى المضطرب عليه فقط قال: فإن نواه وغيره
أكل لقول المدونة إن نوى جماعة وما وراءها مما لم يره أكل الجميع، وحملها بعضهم على خلاف المدونة،
وبهذا تعلم أن التأويلين ليسا على إصلاح المصنف لأنهما ليسا على المدونة، وإنما هما على قول العتبية لا أحب
أكله هل هو على إطلاقه فيكون بين المدونة والعتبية خلاف؟ أو هو مقيد فيكون بينهما وفاق؟ قوله: (أي
المضطرب عليه) أشار الشارح بهذا إلى أن قوله: إلا أن ينوي المضطرب هو من باب الحذف
والايصال فنائب الفاعل ضمير مستتر لا محذوف. قوله: (ووجب نيتها) أي وجوبا مطلقا
غير مقيد بذكر ولا غيره. وقوله بأنواعها أي الأربعة. وأشار بقوله: وإن لم يلاحظ حلية الأكل إلى
أن الواجب نية الفعل لا نية التحليل. قوله: (عند التذكية) أي في الذبح والنحر. قوله: (فلا تجب على ناس إلخ)
أي وحينئذ فيقيد بذلك قوله تعالى: * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) * أي لا تأكلوا مما
تركت التسمية عليه عمدا مع القدرة عليها، وأما ما تركت التسمية عليه نسيانا أو عجزا فإنه يؤكل،
106

والجاهل بالحكم كالعامد كما هو ظاهر المدونة. وقال ابن رشد في البيان: وليست التسمية بشرط في صحة
الذكاة لان معنى قول الله عز وجل: * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) * أي لا تأكلوا الميتة التي لم تقصد
ذكاتها لأنها فسق، ومعنى قوله عز وجل: * (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) * أي كلوا مما قصدت ذكاته، فكنى
عز وجل عن التذكية بذكر اسمه كما كنى عن رمي الجمار بذكره حيث قال: * (واذكروا الله في أيام
معدودات) * للمصاحبة بينهما، وحينئذ فالآية المذكورة لا تدل على وجوب التسمية في الذكاة بل
تصدق ولو بالسنية. قوله: (فلا بد منها إلخ) اعلم أن النية المطلوبة في الذكاة قيل هي قصد الفعل أي قصد
الذكاة احترازا عن قصد القتل وإزهاق الروح، وعلى هذا فالنية لا بد منها حتى في الكتابي لأن النية بهذا
المعنى متأتية منه، وهذا القول هو ما مشى عليه الشارح، ونسب عج لحفيد ابن رشد عدم اشتراط النية
من الكتابي، ومذهب الحفيد كما كتب السيد البليدي نقلا عن البدر أن النية المطلوبة نية التحليل وهو
قول القرطبي وجنح له البدر فهو الذي لا يشترط في الكتابي، وأما المسلم فمتى قصد الفعل أي الذكاة
الشرعية كان ناويا للتحليل حكما إذ لا معنى لكون الذكاة شرعية إلا كونها السبب المبيح لأكل
الحيوان والنية الحكمية كافية. والحاصل أن المسلم لا بد فيه من نية التحليل ولو حكما فإن شك في
التحليل ارتد وإن نفاه عمدا عن قصده مع اعتقاده فمتلاعب، وكلاهما لا تؤكل ذبيحته، ويدل على أنه
لا بد في المسلم من نية التحليل ما مر من أنه إذا شك في إباحة الصيد لم يؤكل لعدم الجزم بالنية، وأما
الكتابي فيكفي منه قصد الفعل المعهود وإن لم ينو التحليل في قلبه لأنه إذا اعتقد حل الميتة أكلت
ذبيحته حيث لم يغب عليها انتهى عدوي قوله: (ولكنه الأفضل وكذا زيادة إلخ) الأولى أن يقول:
ولكنه الأفضل مع زيادة إلخ ونص التوضيح ابن حبيب وإن قال باسم الله فقط أو الله أكبر فقط أو
لا حول ولا قوة إلا بالله، أو لا إله إلا الله أو سبحان الله من غير تسمية أجزأه، ولكن ما مشى عليه الناس
أحسن وهو باسم الله والله أكبر. قوله: (فإن نحرت ولو سهوا) أي مع علمه بصفة الذبح قوله: (أو عدم آلة
ذبح أو نحر) أي وكجهل صفة الذبح لا نسيانها أو جهل حكمها. قوله: (إلا البقر فيندب فيها الذبح) أي
ونحوها خلاف الأولى، ومن البقر الجاموس وبقر الوحش إذا قدر عليه فيجوز كل من الذبح والنحر
فيهما، ومثل البقر في جواز الامرين، وندب الذبح ما أشبهه من حمار الوحش والتيتل والخيل على القول
بحل أكلها، وكذلك البغال والحمير الانسية على القول بكراهة أكلها كما قال الطرطوشي قوله: (وأجزأ
بحجر) أي أجزأ سائر أنواع الذكاة بحجر إلخ. قوله: (وإحداده) إنما ندب لأجل سرعة قطعه فيكون
أهون على المذبوح لخروج روحه بسرعة فتحصل له الراحة. قوله: (وتوجهه) أي ما يذكى
قوله: (وإيضاح لمحل) أي بنتف أو غيره. قوله: (وفري) أي قطع قوله: (فلو عبر بها إلخ) قد يقال: إنما عبر بفري
إشارة إلى تحقق الذكاة الشرعية أولا بإنفاذ مقتله، وإنما المراد مجرى الفري والقطع تسهيلا قوله: (أو
محل الجواز بهما إن انفصلا) أي وأما إن اتصلا بأن كانا مركبين فيكره الذبح بهما قوله: (مطلقا) أي
سواء كان متصلا أو منفصلا، وكذا يقال في السن بعد ذلك. قوله: (خلاف) الأقوال الأربعة لمالك، والأول
اختاره ابن القصار، والثاني صححه ابن رشد، والثالث شهره صاحب الاكمال، والرابع صححه الباجي
انظر التوضيح. قوله: (محله إن وجدت آلة غير الحديد) أي معهما كحجر محدود وقزاز وهذا الكلام لعبق،
107

واعترضه بن بأن هذا التفصيل لم يقله أحد، بل محل الخلاف إذا فقد الحديد ولو وجدت آلة غيرهما،
فمن قال بالجواز بهما يسويهما مع غيرهما غير الحديد، وحاصله أنه إن وجد الحديد تعين الذبح به أي
ندب ندبا مؤكدا، وإن لم يوجد حديد سواء وجدت آلة غيرهما أو لم توجد فالخلاف خلافا لعبق في أنه
إذا لم توجد آلة غيرهما أنه يجوز الذبح بهما في هذه الحالة اتفاقا، وقد أشار الشارح إلى التبري من هذا
الكلام لما علمت من البحث فيه بقوله كذا قيل. قوله: (بل بلا نية شئ) أي أو بنية قتله قوله: (أو نية حبسه)
أي بقفص ولو لذكر الله أو لسماع صوته كدرة وقمري وكروان، والظاهر أنه يمنع شراء درة أو
قمري أو كروان أو بلبل معلم ليحبسها لذكر الله أو لسماع صوتها كالاصطياد لذلك، ولا يحرم عتقها
خلافا لما ذكره عبق وفي تعليله بأنها من السائبة نظر لان السائبة مخصوصة بالانعام. قوله: (أو الفرجة
عليه) أي أو بنية الفرجة عليه كغزال أو قرد أو نسناس، لكن في ح ما يفيد جواز اصطياد الصيد بنية
الفرجة عليه حيث لا تعذيب، وأن بعضهم أخذ الجواز من حديث: يا أبا عمير ما فعل النغير كما في شمائل
الترمذي وغيرها. قوله: (ومثل نية الذكاة) أي مثل اصطياده بنية الذكاة في الجواز اصطياده بنية القنية
لغرض شرعي كتعليمه الذهاب لبلد بكتاب يعلق بجناحه، أو لينبه على ما يقع في البيت من مفسدة،
أو تعليم البازي أو غيره الاصطياد. قوله: (وكره) أي الاصطياد للهو وهو عطف على قول المصنف:
وحرم اصطياد مأكول إلخ. قوله: (مما لا يؤكل) أي فيجوز اصطياده لا بنية ذكاته بل بنية قتله وهذا
الاستثناء منقطع لان ما قبل إلا في اصطياد المأكول وما بعدها غير مأكول، وأدخل بالكاف في قوله:
إلا بكخنزير الفواسق الخمس فإنه يجوز صيدها بنية قتلها لا ذكاتها وإن جاز أكلها. قوله: (وليس من
العبث) أي وليس صيده بنية قتله من العبث. قوله: (على القول بجواز أكله) الذي ذكره شيخنا
العدوي أن القرد على القول بجواز أكله يجوز التمعش به بتلعيبه والفرجة عليه وإن كان يمكن التمعش
بغير ذلك، وهو موافق لما تقدم عن ح. قوله: (كذكاة إلخ) هذا تشبيه في الجواز، وقد استعمل المصنف
الذكاة هنا بمعنى الذبح لا بمعناها الشرعي، وهو السبب المبيح لأكل الحيوان بعد خروج روحه لان
الفرض أنه غير مأكول. قوله: (ما لا يؤكل) أي من الحيوان وهذا في غير الآدمي كالخيل والبغال
والحمير وأما الآدمي فلا يجوز لشرفه. قوله: (إن أيس منه) أي أيس من الانتفاع به حقيقة لمرض أو
عمى أو حكما بأن كان في مغارة من الأرض لا علف فيها ولا يرجى أخذ أحد له. قوله: (بدور إلخ) أي
كره ذبح اجتمعوا فيه على دور حفرة، ونص المدونة بلغ مالكا أن الجزارين يجتمعون على الحفرة
يدورون بها فيذبحون حولها فنهاهم عن ذلك وأمرهم بتوجيهها للقبلة. قوله: (ولنظر بعضها بعضا) أي
فالكراهة لاحد أمرين فتشتد الكراهة عند اجتماعهما وتنتفي عند انتفائهما. قوله: (وكره سلخ أو قطع)
أي وكذا حرق بالنار. قوله: (قبل الموت) أي قبل خروج الروح لما في ذلك من التعذيب، وقد ورد في
الخبر النهي عن ذلك وأن تترك حتى تبرد إلا السمك فيجوز تقطيعه وكذلك إلقاؤه في النار قبل موته
عند ابن القاسم لأنه لما كان لا يحتاج لذكاة صار ما وقع فيه من الابقاء وما معه بمنزلة ما وقع في غيره بعد
تمام ذكاته. قوله: (أي من فضلك وإحسانك) أي لا من حولي وقوتي. وقوله: وإليك التقرب به أي
لا إلى من سواك. قوله: (لا إن قصد الدعاء والشكر) أي وعلى هذا يحمل قول الإمام علي بن أبي طالب.
قوله: (وتعمد إبانة رأس إلخ) حاصله أنه إذا تعمد إبانة الرأس وأبانها فهل تؤكل تلك الذبيحة مع
الكراهة لذلك الفعل أو لا تؤكل أصلا؟ قولان في المدونة: أولهما لابن القاسم وإنما حكم بكراهة ذلك
108

الفعل لان إبانة الرأس بعد تمام الذكاة بمثابة قطع عضو بعد انتهاء الذبح وقبل الموت وهذا مكروه.
والقول الثاني لمالك، واختلف الأشياخ هل بين القولين خلاف أو وفاق؟ فحمل بعضهم القولين على
الخلاف والمعتمد كلام ابن القاسم وحملهما بعضهم على الوفاق، ورد قول ابن القاسم لقول مالك فحمله
على ما إذا لم يتعمد الإبانة ابتداء بل تعمدها بعد الذكاة، وأما لو تعمدها ابتداء فلا تؤكل كما يقول مالك
فقول المصنف وتعمد إبان رأس هذا قول ابن القاسم بناء على الخلاف، وقوله: وتؤولت هذا إشارة
للقول بالوفاق. قوله: (لا إن لم يتعمد أو لم يبنها) أي فلا كراهة. قوله: (بمعنى انفصالها) أشار إلى أنه ذكر
الضمير العائد على الإبانة نظرا لكونها بمعنى الانفصال. قوله: (ودون نصف إلخ) الصواب أن دون
هنا للمكان المجازي وأنه يجوز فيها الرفع والنصب، فإن رفع كان مبتدأ وإن نصب فالظاهر أنه صلة
لموصول مقدر أي وما هو دون نصف ميتة اه‍ بن. ومفهوم قوله ودون نصف أنه لو قطع الجارح
الطير نصفين من وسطه أكل لان فعله كذلك فيه إنفاذ مقتل كذا قالوا، ومنه يعلم أنه ليس الأكل
للنصف من حيث أنه نصف، بل من حيث أنه لا يخلو عن إنفاذ مقتله فالمدار على إنفاذ المقتل، فعلى هذا
لو أبان الجارح أو السهم دون النصف وأنفذ مقتلا أكل ذلك الدون كالباقي كما قال الشارح، فلو أبان
الجارح أو السهم ثلثا ثم سدسا فهل يؤكلان أو الأخير أو يطرحان؟ لا نص، وقد يقال: المدار على إنفاذ
المقاتل، فالذي نفذ به مقتل يؤكل وإلا فلا. ثم إن الفرع مقيد بما له نفس سائلة، أما الجراد مثلا إذا قطع
جناحه فمات أكل الجميع لأن هذه ذكاته. قوله: (لا الرأس) أي وحده أو مع غيره أو نصف الرأس كذلك.
قوله: (وملك الصيد) أي الذي لم يسبق عليه ملك لاحد. قوله: (أو كسر رجله) أي أو قفل مطمورة أو
سد جحره عليه، فلو سد جحره عليه ثم ذهب ليأتي بما يحفر به فجاء آخر ففتحه وأخذه فهو لمن سده، كما
أن ما في الحبالة بغير طرد أحد يكون لمالكها إلا لمن سبق بالأخذ منها بعد أن صار محجورا عليه.
قوله: (وإن رآه غيره قبله إلخ) فإن أخذ الصيد انسان فنازعه آخر وادعى أنه واضع يده عليه قبل أن يأخذه
فعلى مدعي وضع اليد إثبات ذلك فإن لم يثبت فالظاهر أنه يقسم بينهما لأنه كمال تنازعه اثنان كذا
قاله تت. وقال بن: المطابق للقواعد أنه يكون للآخذ فقط لحيازته وإنما عليه اليمين لمن ادعى أنه
واضع اليد أو يردها عليه تأمل. قوله: (وإن تنازع قادرون) أي على المبادرة فبينهم يقسم قطعا للنزاع
قاله المصنف، قال ابن عرفة: هذا إذا كان الصيد بمحل غير مملوك وأما بمملوك فلربه اه‍. وهذا ما لم يقع
في حجر شخص جالس في ذلك المكان المملوك وإلا كان له لان حوزه أخص وصاحب الحوز
الأخص وهو ما انتقل المحوز بانتقاله يقدم على صاحب الحوز الأعم اه‍ شيخنا عدوي. قال عبق:
وأخص من تعليل المصنف المذكور مسألة وهي ما تكررت شكوى شخص لآخر فإن للمشكو أن
يرفع الشاكي للحاكم ويقول: إن كان له عندي شئ فيدعي به فإن أبى ذلك حكم عليه بأنه لا حق له بعد
ذلك وليس له عليه بعد ذلك شكوى قطعا للنزاع، وقد حكم بها البدر القرافي والبرموني وقالا: هي مشهورة
في المحاكم بمسألة قطع النزاع المختصة بمذهب المالكية. قوله: (لا التنازع بالقول) أي بأن رآه اثنان فحازه
أحدهما وتنازعا فصار الحائز يدعي أنه أحق به لحوزه والثاني يدعي أنه أحق لأنه رآه أولا وكان هاما
على أخذه. قوله: (بخلاف المسابقة بلا تدافع) أي بخلاف ما إذا تسابقوا من غير تدافع، فإن وضع يد
أحدهما عليه قبل الآخر من المبادرة. قوله: (من صاحبه) أي الذي ملكه بوضع يده عليه أولا.
قوله: (ولو من مشتر) رد بلو قول ابن الكاتب إنه للأول أي المشتري قياسا على من أحيا أرضا بعد اندراس
بناء الأول، فإن كان الأول ملكها بإحياء فللثاني، وإن كان ملكها باشتراء عمن أحياها فهي لذلك المشتري،
109

واندراسها لا يخرجها عن ملكه اه‍ بن. قوله: (ولو لم يلتحق بالوحش) أي هذا إذا التحق في حال
ندوده بالوحش بأن تطبع بطباعها، بل ولو لم يلتحق بالوحش، والأولى اسقاط هذا التعميم لان
الموضوع كما قال بعد أنه لم يتأنس، وإذا كان لم يتأنس كان باقيا على تطبعه بطباع الوحش فتأمل.
قوله: (واشترك طارد إلخ) أي ولو كان طرده لها بغير إذن ربها. قوله: (وأيس الطارد منه أي من الصيد) أي
وذلك بأن أعيا الصيد الطارد وانقطع الطارد عنه فهرب حيث شاء فسقط في الحبالة فهو لربها، ولو
كان الطارد قصدها فلا مفهوم لقول المصنف: وإن لم يقصدها. قوله: (وإن كان الطارد إلخ) وذلك بأن
أعيا الصائد الصيد وصار الصائد على تحقيق أو غلبة ظن من إمساكه بغير الحبالة فقدر الله أنه وقع فيها
بقصده أو بغير قصده فهو للطارد خاصة ولا شئ عليه لصاحب الحبالة، نعم إذا قصد الطارد إيقاعه فيها
لأجل إراحة نفسه من التعب لزمه أجرتها لصاحبها. والحاصل أن قول المصنف: ولولاهما لم يقع
مفهومه أمران: الأول ما لو كان السبب في الوقوع الحبالة فقط وهذه هي المشار لها بقوله: وإن أيس إلخ.
والثاني: أن لا تكون الآلة متوقفا عليها الوقوع وهو ما أشار له المصنف هنا بقوله: وعلى تحقيق إلخ.
قوله: (كالدار) تشبيه في اختصاص الطارد كالتي قبلها. قوله: (ولا شئ لرب الدار) أي لا يلزم الطارد
أجرتها نظرا لما خففته عنه من التعب خلافا لابن رشد لأنها لم توضع لأجل الصيد ولم يقصد بانيها
تحصيله بها. قوله: (أي مالك ذات الدار) أراد المالك ولو حكما ليشمل الواقف وناظر الوقف في البيوت المرصدة
على عمل فما يقع من الطير فيها والحال أنه غير مطرود إليها من أحد يكون للواقف أو الناظر يصرفه
في مصالح الوقف، ولا يكون للمرصد عليهم البيت من إمام ومؤذن مثلا كذا ينبغي قاله عج. قوله: (أو
خالية) بل ولو خرابا كما في بن قوله: (خلافا لبعضهم) أي حيث قال: فلمالك الدار أي مالك منفعتها
سواء ملك الذات أيضا أم لا. قوله: (وضمن مار) أي تعلق ضمان الصيد بالمار إذا أمكنه ذكاته وتركها
وهذا هو المشهور من المذهب بناء على أن الترك فعل أي ان الترك كفعل التفويت، وقيل لا ضمان عليه
بناء على أن الترك ليس فعلا ولا تكليف إلا بفعل وعلى نفي الضمان فيأكله ربه، وعلى المشهور من الضمان
فلا يأكله ربه، ولا ينتفي الضمان عن التارك ولو أكله ربه غفلة عن كونه ميتة أو عمدا أو ضيافة لأنه غير
متمول، وهذا بخلاف ما لو أكل انسان ماله المغصوب منه ضيافة فإنه لا يضمنه الغاصب كما استظهره
عج، واستظهره بعض مشايخ الشيخ أحمد الزرقاني عدم ضمان المار إذا أكله ربه، واعتمد
الأول اللقاني. قوله: (أمكنته ذكاته) أنث الفعل وجعل الفاعل الذكاة وضمير المار مفعولا ولم يجرد
الفعل من التاء ويجعل الذكاة مفعولا وضمير المار فاعلا لما تقرر من أنه إذا دار الامر بين الاسناد
للمعنى والذات فالاسناد للمعنى أولى من الاسناد للذات فيقال: أمكنني السفر دون أمكنت
السفر. قوله: (بوجود آلة) أي بوجوده ما يذكى به، فإذا كان ليس معه ما يذكى به إلا الظفر
أو السن وترك التذكية بهما ضمن. قوله: (وهو ممن تصح إلخ) أي وإلا فلا ضمان عليه إذا ترك، نعم إذا
ذكاه يضمن لأنه يفوته بذكاته. قوله: (ولو كتابيا) أي فالكتابي كالمسلم في وجوب ذكاة ما ذكر
لأنها ذكاة لا عقر، ولا يأتي الخلاف المتقدم في قوله: وفي ذبح كتابي لمسلم قولان لان هذا من باب حفظ
مال الغير وهو واجب عليه يضمن بتركه. قوله: (لتفويته على ربه) وذلك لان المار لما أمكنته ذكاته نزل
110

منزلة ربه وهو لو أمكنته ذكاته فتركه حتى مات لم يؤكل بل يكون ميتة. قوله: (لأن الضمان من خطاب
الوضع) أي لان الشارع جعل الترك سببا في الضمان فيتناول البالغ وغيره. قوله: (وإلا ضمنه) أي وإلا
يذكه ضمنه. قوله: (على خوف موته) أي فالواجب تركه من غير ذكاة وضمنه إن ذكاه ولا فرق بين
المار والوديع. قوله: (فإنه يصدق) أي في دعواه أنه خاف عليه الهلاك فذبح لذلك، وقوله مطلقا أي قامت
قرينة على صدقه أم لا. قوله: (كترك تخليص مستهلك) أي متوقع للهلاك ولو كان التارك للتخليص
صبيا لأن الضمان من باب خطاب الوضع كما علمت. واعلم أنه يجب تخليص المستهلك من نفس أو مال
لمن قدر عليه ولو بدفع مال من عنده ويرجع به على ربه حيث توقف الخلاص على دفع المال ولو لم يأذن
له ربه في دفع المال لخلاصه وهو من أفراد قول المصنف الآتي والأحسن في المفدى من لص أخذه
بالفداء اه‍ شيخنا عدوي. وقد علم منه أن من دفع غرامة عن انسان بغير إذنه كان للدافع الرجوع بما
دفعه على المدفوع عنه إن حمى بتلك الغرامة ماله وإلا فلا رجوع له عليه بما دفعه عنه. قوله: (فيضمن في
النفس إلخ) أي أنه إذا ترك تخليص المال مع قدرته على خلاصه بجاهه أو ماله حتى ضاع ذلك المال على
ربه فإنه يضمن له قيمة ذلك المال إن كان مقوما، ومثله إن كان مثليا، وأما إذا ترك تخليص النفس
حتى قتلت فإنه يضمن الدية في ماله إن ترك التخليص عمدا، وعلى عاقلته إن تركه متأولا ولا يقتل
به ولو ترك التخليص عمدا هذا مذهب المدونة، وحكى عياض عن مالك أنه يقتل به، قال الآبي في شرح
مسلم: ما زال الشيوخ ينكرون حكايته عن مالك ويقولون إنه خلاف المدونة نقله ح. وفي التوضيح
عن اللخمي: أنه خرج ذلك على الخلاف فيمن تعمد الزور في شهادته حتى قتل بها المشهود عليه قال:
فقد قيل يقتل الشاهد، ومذهب المدونة لا قتل عليه اه‍. وبذلك تعلم أن قول خش: ولو كان متعمدا
لاهلاكه بترك تخليصه قتل غير صواب اه‍ بن. قوله: (أو علم) أي ولم تطلب منه ولكن علم إلخ.
وقوله: يؤدي للهلاك أي هلاك الحق أو النفس. قوله: (أو تقطيعها) قال طفي: تقطيع الوثيقة وقتل
شاهدي الحق ليسا من المسائل التي يجري فيها هل الترك يوجب الضمان أو لا؟ وهو ظاهر، فالأولى
تأخيرهما كما فعل ابن شاس وابن الحاجب، ولا يخلل بهما المسائل الجارية على القانون المذكور.
قوله: (عمدا أو خطأ) أي لان العمد والخطأ في أموال الناس سواء. قوله: (ويعلم كونهما شاهدي حق
بإقرار القاتل بذلك) أي وكذا بشهادة اثنين بأنهما شاهدا حق حيث لا يشهد الاثنان به لعدم
علمهما بقدره. قوله: (ومثل قتلهما) أي في جريان التردد قتل من عليه الحق أي والحال أنه لم يخلف
تركة لأنه كان يمكن اكتسابه، ففي تضمين القاتل له الحق وعدم تضمينه تردد والأظهر تضمينه، قالوا:
ومثل قتلهما قتل أحدهما حيث كان الحق لا يثبت إلا بشاهدين أي فيكون الأظهر غرمه جميع الحق
انظر بن. قوله: (كل جرح إلخ) أي فإذا جرح انسان جرحا يخشى منه الموت سواء كان جائفة أفضت
لجوفه أو غير جائفة واقتضى الحال خياطته بفتلة خيط أو حرير وجب على من كان معه ذلك
إذا كان مستغنيا عنه حالا ومآلا، أو كان محتاجا له الثوب، أو لجائفة دابة لا يموت بموتها أو كان معه
الإبرة وكان مواساة المجروح بذلك، فإن ترك مواساته بما ذكر ومات فإنه يضمن، ومحل الضمان
ما لم يكن المجروح منفوذ المقاتل وإلا فلا ضمان بترك المواساة وإنما يلزم الأدب بتركها والدية أو
القصاص على الجارح، كما أنه لو كان رب الخيط محتاجا له في نفسه أو دابة يموت بموتها وترك الاعطاء
111

حتى مات فإنه لا ضمان عليه لعدم وجوب المواساة عليه حينئذ. قوله: (وترك فضل إلخ) أي وترك
إعطاء طعام فاضل وزائد عما يمسك صحته، وحاصله أن الشخص إذا كان عنده من الطعام أو الشراب
زيادة على ما يمسك صحته وكان معه مضطر فإنه يجب عليه مواساته بذلك الزائد، فإن منع ولم يدفع له
حتى مات ضمن. قوله: (عما يمسك الصحة) قال خش: أي فاضلا عما يمسك الصحة حالا ومآلا إلى محل
يجد فيه الطعام هذا هو الظاهر، كما أن الظاهر اعتبار الفضل عنه وعمن تلزمه نفقته ومن في عياله لا عنه
فقط. قوله: (لا فاضل عن العادة) أي عن عادته في الأكل وهو الفاضل بعد شبعه. قوله: (لمضطر) أي
سواء كان آدميا أو حيوانا غير آدمي، ولا مفهوم لطعام أو شراب بل وكذا فضل لباس أو ركوب بأن
كان لو لم يدفئه أو يركبه بموت، وانظر هل لا بد في الضمان من سؤال المضطر أو يكفي العلم باضطراره؟
وهذا هو الظاهر. قوله: (فيضمن) هذا يقال في هذه المسألة والتي تقدمت، وقوله دية خطأ إن تأول في
المنع أي انه إذا تأول في المنع لزمه دية خطأ فتكون على عاقلته والمانع كواحد منهم. قوله: (وإلا اقتص
منه) أي وإلا يتأول في المنع بل منع عمدا قاصدا قتله اقتص منه وهذه الطريقة هي المعتمدة، وقال
اللخمي: لا فرق بين التأويل وعدمه وأن على المانع الدية في الحالتين. قوله: (فيضمن ما بين قيمته إلخ)
وكذا يضمن رب العمد والخشب ما تلف بسقوط الجدار من نفس أو مال لكن بشرطين: أن ينذر
عند حاكم أو غيره، وأن يكون الوقت من حين الانذار إلى حين سقوط الجدار يمكن فيه إسناد الجدار
لو مكن رب العمد والخشب منها. قوله: (من خيط وما بعده) أي من فضل الطعام والشراب الذي
دفعه للمضطر والعمد والخشب التي دفعها لمن طلبها منه لاسناد جداره المائل. قوله: (إن وجد الثمن
عند المضطر إلخ) أي ولو كان الموجود معه عروضا أو حيوانات. قوله: (وإلا لم يلزمه) أي وإلا
يوجد الثمن عند المضطر للخيط أو الإبرة أو لفضل الطعام أو الشراب أو العمد أو الخشب وقت
اضطراره لم يلزمه شئ، ولو أيسر بعد ذلك لا يحاسب على ما مضى، أما من وقت اليسار فقد زالت
الضرورة فتلزمه أجرة العمد والخشب أخذا من قوله: وله الثمن إن وجد، كذا ذكر بعض
الأشياخ، والذي ذكره عبق تبعا لشيخه عج أنه إذا لم توجد الأجرة عنده وقت الاضطرار لم يلزمه
شئ أصلا ولو أيسر لا عن مدة الاعسار ولا عن مدة اليسار، نظرا لكونه أخذه مجانا بوجه مأذون
فيه. قوله: (وإن أيس من حياته) دخل فيما قبل المبالغة محقق الحياة ومرجوها ومشكوكها، ولو عبر
بلو لأفاد رد قول مختصر الوقار لا تصح ذكاة الميؤوس من حياته التوضيح والأول أحسن.
قوله: (بحيث لو ترك) أي من غير تذكية لمات. قوله: (بتحرك قوي) الباء للسببية أو بمعنى مع وقوله مطلقا أي
سواء كان التحرك من أعاليها أو من أسافلها، سواء سال دم أم لا، وسواء كان التحرك قبل الذبح أو
معه أو بعده على ما لابن غازي، وسواء كانت صحيحة أو مريضة. قوله: (فلا عبرة به) أي على المشهور
سواء كان معه سيلان دم أو لا، والفرض أنه ميؤوس منها. وقوله بعد: بل قيل إلخ مقابل للمشهور وإن كان
هو الأظهر. قوله: (وسيل دم إلخ) أشار بذلك لما في العتبية ونصه: وسئل ابن القاسم وابن وهب عن شاة
وضعت للذبح فذبحت وسال دمها فلم يتحرك منها شئ هل تؤكل؟ قالا: نعم تؤكل إذا كانت حين تذبح
حية فإن من الناس من يكون ثقيل اليد عند الذبح حتى لا تتحرك الذبيحة، وآخر يذبح فتقوم
الذبيحة تمشي. ابن رشد: وهذا في الصحيحة. قوله: (ولو بلا شخب) الشخب خروج
الدم بصوت، والأولى للشارح أن يحذف قوله ولو لأنه يقتضي أن سيلان الدم بالشخب في المريضة لا يكفي
في المريضة الميؤوس منها وليس كذلك إلا أن تجعل الواو للحال ولو زائدة.
قوله: (إن صحت) المراد بها غير الميؤوس منها، فالمريضة إذا كانت غير ميؤوس منها فهي كالصحيحة
تؤكل بسيلان الدم أي وإن لم تتحرك، وإذا كانت ميؤوسا منها ففي أعمال الذكاة فيها خلاف، وعلى
112

القول المعتمد بأن الذكاة تعمل فيها وهو المشار له بقول المصنف: وأكل المذكى وإن أيس من حياته
فإن شخب دمها أكلت كما تؤكل بالحركة القوية، وإن كان السيلان فقط لم تؤكل لأنه قد يسيل منها
بعد الموت انظر التوضيح. قوله: (فلا يكفي فيها سيل الدم) أي بل لا بد معه من التحرك القوي.
والحاصل أن كلا من الحركة القوية وشخب الدم يكفي في الصحيحة والمريضة كان مرجوا حياتها
أو مشكوكا في حياتها أو مأيوسا من حياتها والحال أنها غير منفوذة المقاتل، وأما سيلان الدم وكذلك
الحركة غير القوية اجتماعا وانفرادا لا يكفي ذلك إلا في الصحيحة والملتحق بها وهي المريضة غير
الميؤوس منها ولا يكفي ذلك في المريضة الميؤوس منها. قوله: (المنفوذة المقاتل) صفة للموقوذة وما معها
وجمع المقاتل نظرا للموقوذة وما معها فهو من مقابلة الجمع بالجمع فتقتضي انقسام الآحاد على الآحاد.
قوله: (فإن لم تكن منفوذة مقتل عملت فيها) أي اتفاقا إن كانت مرجوة الحياة، وكذا إن كانت مأيوسا
منها أو مشكوكا فيها على قول ابن القاسم وروايته، وقال ابن الماجشون وابن عبد الحكم: لا تعمل فيها
الذكاة ثالثها تعمل في المشكوك فيها دون المأيوس منها وهو الذي يفهم من العتبية اه‍ بن.
قوله: (وذهب الشافعي إلخ) أي وعليه فالاستثناء في قوله تعالى: * (إلا ما ذكيتم) * متصل أي إلا ما ذكيتم منها
وعندنا الاستثناء يجوز أن يكون متصلا أي إلا ما كانت ذكاتكم عاملة فيه منها، والذي تعمل فيه
الذكاة منها هو الذي لم تنفذ مقاتله، ويجوز أن يكون منقطعا والمعنى: لكن ما ذكيتم من غيرها فلا يحرم
عليكم إذا كان ذلك الغير ليس منفوذ المقاتل، واعلم أن هذا المنسوب للشافعي من أنها تعمل فيها الذكاة
مطلقا هو مذهبه حقيقة خلافا لما يقع في بعض الشراح من نسبة غير ذلك له، وعلامة الحياة المستقرة
انفتاح العين وحركة الأطراف، وأما الحياة المستمرة فهي التي لو ترك صاحبها بلا ذكاة لعاش.
قوله: (بحيث لا يقدر على رده في موضعه على وجه يعيش معه) أي بأن يزيل التزاق بعضها ببعض أو يزيل
التزاقها بمقعر البطن، وأما مجرد شق البطن وظهور الأمعاء فليس بمقتل لحصول الحياة إذا خيطت
البطن. قوله: (وثقب مصران) خلافا لما في المواق عن ابن لبابة من أن ثقب المصران وشقه ليس بمقتل
لأنه قد يلتئم وإنما المقتل فيه قطعه وانتشاره، هذا وكان الأولى للمصنف أن يقول: وثقب مصير لان
مصرانا جمع مصير كما قال الشارح، فتعبيره بالجمع يقتضي أن خرق الواحد لا يضر. والحاصل أن اللية
الواحدة يقال لها مصير والليتان يقال لهما مصيران بالتثنية والثلاثة يقال لها مصران، وخرق المصير
مضر مطلقا كان من أسفله أو من أعلاه أو من وسطه. قوله: (عن ثقب الكرش) أي خرقها وأولى
شقها قوله: (وأنه في الواحد غير مقتل) أي وإن كان الخلاف موجودا في الواحد أيضا كما في المواق
عن ابن لبابة، وهذا بخلاف القطع في الودج الواحد فقد مر أنه مقتل قولا واحدا. والحاصل أن في شق
الودجين قولين وكذا في شق الودج، والأظهر من الخلاف في كل منهما ما علمته من الشارح
وهو أن الشق في الودجين مقتل وفي الواحد غير مقتل، بخلاف القطع فإنه مقتل اتفاقا ولو في ودج واحد،
وفي المعيار ولم يعدوا جرح القلب من المقاتل، والذي انفصل البحث عنه أنه منها، فإذا وجدت
الذبيحة مجروحة القلب فإنها لا تؤكل، والكليتان والرئة في معنى القلب فإذا وجد شئ منها مجروحا
113

أو منقطعا أو مفرقا لم تؤكل. قوله: (أكل ما دق عنقه) أي بضرب بعصا أو بترد من شاهق جبل. وقوله: أو
ما علم أي أو أصابه ما علم أنه لا يعيش منه. قوله: (شاهد للثاني) فأول الكلام دليل لمنطوقه للجواز
وآخره دليل لمفهومه للمنع. قوله: (لا إن كان ميتا من قبل) أي من قبل ذكاة أمه فلا يؤكل. قوله: (فذكاة
أمه ذكاة له) أي وحينئذ فيؤكل بغير ذكاة اكتفاء بذكاة أمه، وفي المشيمة وهي وعاؤه ثلاثة أقوال
ثالثها أنها تبع للولد إن أكل الولد أكلت وإلا فلا، وأما بيض الدجاجة المذكاة فإنه يؤكل ولو لم يتم
قوله: (إن تم) أي وإلا فلا يؤكل قوله: (أي مع نبات شعره) أشار بذلك إلى أن الباء بمعنى مع والقيد لبيان
الواقع لأنه متى تم خلقه نبت شعره عادة، فاندفع ما يقال جعل الباء للمعية يؤذن بأنه يمكن انفراد تمام
الخلق عن نبات الشعر وانفراد نبات الشعر عن تمام الخلق مع أنه متى نبت شعره لزم تمام خلقه
والعكس. قوله: (وإن خرج حيا) أي بعد ذكاة أمه قوله: (حياة محققة أو مشكوكة) لو قال كغيره حياة
محققة أو مشكوكا فيها أو مأيوسا منها كان أولى. وقوله ذكى وجوبا أي في المرجو والمشكوك
واستحبابا في المأيوس منه، وقوله وإلا أي وإلا يذك لم يؤكل أي في الأولين كما علمت. قوله: (إلا أن
يبادر) أي إلا أن يبادر إليه فهو من الحذف والايصال، وهذا فيما إذا كانت حياته ضعيفة بأن كانت
مأيوسا منها. قوله: (ما لو وجد ميتا) أي بمنزلة ما نزل ميتا من بطن أمه بعد ذكاتها فيحكم عليه بأن ذكاته
بذكاة أمه. قوله: (لم يدرك) أي وأما لو كان بحيث لو بودر لأدرك فلا يؤكل وذلك في حالة الرجاء والشك.
والحاصل أن الجنين إذا خرج حيا بعد ذكاة أمه فإما أن تكون حياته مرجوا بقاؤها أو مشكوكا
في بقائها أو ميؤوسا من بقائها، ففي الأولين تجب ذكاته ولا يؤكل إذا مات بدونها، وفي الثالث تندب
ذكاته كما قال ابن رشد في البيان، وقال في المبسوط نقلا عن عيسى: متى خرج حيا لا يؤكل إلا بذكاة
والمعتمد الأول، فقول المصنف: وإن خرج حيا شامل للأحوال الثلاث أي إن خرج حيا حياة
مرجوا بقاؤها أو مشكوكا في بقائها أو مأيوسا من بقائها. وقوله: ذكى أي وجوبا في الأولين وندبا
في الثالث. وقوله: إلا أن يبادر خاص بالميؤوس منه أي إلا أن يبادر لذكاته فيموت قبل أن يذكى فيفوت
ندب ذكاته ويؤكل بدونها فإن لم يبادر إليه حتى مات كره أكله. قوله: (إن حيي إلخ) أي فإن كان مثله
لا يحيا أو شك في أمره هل تستمر حياته أم لا؟ لم يؤكل ولو ذكي لان موته يحتمل أن يكون من الازلاق.
وقوله: وكانت حياته محققة أو مظنونة لا مشكوكة يعني أنه تحقق استمرار حياته أو ظن ذلك لا إن
شك في استمرارها وعدمه وأولى إذا توهم استمرارها فلا يؤكل ولو ذكي قوله: (ولا يؤكل ما قطع منه)
أي لأنه دون نصف أبين إلا أن يكون الرأس فإنه يؤكل، لكن ذكر العلامة السيد في حاشية عبق
أن قول المصنف ودون نصف أبين ميتة مخصوص بما له نفس سائلة. قوله: (ولكن لا بد من تعجيل
الموت به) أي بما شأنه أن يعجل الموت كذا قال الشارح تبعا لعبق، قال بن: وفيه نظر إذ لم ير من ذكر
هذا القيد وظاهر كلامهم الاطلاق اه‍ كلامه. وقد يقال إنه لم يرد التعجيل الحقيقي بل أن يعلم
أن الموت منه لا من انزائه. قوله: (كذا قيدها) أي بقوله: ولكن لا بد من تعجيل الموت. باب المباح
114

قوله: (حال الاختيار) أي المباح تناوله حال الاختيار من جهة الأكل أو الشرب، وقدر الشارح ذلك
لأجل عطف قول المصنف الآتي وللضرورة ما يسد إلخ عليه. قوله: (لم يتعلق إلخ) أخرج المغصوب
فإنه وإن كان طاهرا لكنه غير مباح لتعلق حق المالك به، والأولى اسقاط هذا القيد لان المقصود بيان
المباح في نفسه لا المباح باعتبار شخص معين والمغصوب مباح في ذاته وحرمته عارضة اه‍ بن.
قوله: (مستعملا للنجاسة) أي كالرخم فإنها تأكل العذرة قوله: (إلا الوطواط) استثناء من قول المصنف: وطير.
قوله: (فلذا لم يقل إلخ) أي ولو عبر به ما صح وذلك لان الذي لا يعدو قد يكون مفترسا فيقتضي إباحته
وليس كذلك. قوله: (بناء) أي فليس مراده بالوحش مطلق وحش بل نوع منه، وقد يقال: لا مانع من
إرادة مطلق الوحش ويكون من تشبيه الخاص بالعام كذا قيل، وفيه أن الأخصية تقتضي التمثيل
لا التشبيه. قوله: (يكره على المشهور إلخ) فيه نظر والذي في كتاب الطهارة من التوضيح أن في الفأر
والوطواط ثلاثة أقوال وأن القول بالتحريم هو المشهور ونقله ح. وذكر عن ابن رشد أيضا أنه
استظهر التحريم اه‍ بن. وقوله: أن في الفأر ظاهره مطلقا سواء كان يصل للنجاسة أو لا،
وأما بنت عرس فذكر الشيخ عبد الرحمن الأجهوري أنه يحرم أكلها لان كل من أكلها عمي أي
فحرمتها عارضة وقضيته أنها تحل للأعمى وانظره اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (سمها) بفتح السين
وضمها وكسرها والفتح أفصح وجمعه سمام وسموم اه‍ عدوي. قوله: (إن ذكيت إلخ) الذي يفيده
كلام أهل المذهب أنه لا بد في الذكاة التي يؤمن بها السم أن تكون في حلقها وفي قدر خاص من ذنبها
بأن يترك قدر أربعة قراريط من ذنبها ورأسها ولا بد أن تطرح حال ذكاتها على ظهرها، وأما لو
طرحت على بطنها وقطع حلقها فلا يجزئ لان شرط الذكاة أن تكون من المقدم انتهى خش.
قوله: (وأمن سمها) أي واعتبار أمن سمها بالنسبة إلخ. وقوله: فيجوز أكلها بسمها لمن يضره ذلك أي كمن
به داء الجذام أي ولا يجوز أكلها بسمها لمن يضره ذلك. قوله: (وخشاش أرض) أضيف لها لأنه يخش
أي يدخل فيها ولا يخرج منها إلا بمخرج ويبادر برجوعه إليها. قوله: (بالرفع عطف على طعام) أي لا بالجر
عطفا على يربوع لأنه ليس من أمثلة الوحش الذي لم يفترس. واعلم أن الخشاش وإن كان مباحا وميتة
طاهرة لكنه يفتقر أكله لذكاة كما تقدم قوله: (شراب يميل إلى الحموضة) أي يتخذ من القمح أو من الأرز.
قوله: (ويذهب إسكاره) أي الذي حصل فيه عند غليانه على النار قبل انعقاده لا إنه كان فيه ابتداء.
قوله: (فلا يتصور فيه سكر) أي حتى تقيد إباحته بالأمن من سكره. قوله: (وللضرورة ما يسد الرمق)
115

أي ما يحفظ الحياة فالمراد بالرمق الحياة وبسدها حفظها، قال المواق: انظر هذا فإنه مذهب أبي حنيفة
والشافعي ولم يعزه أبو محمد لاحد من أهل المذهب، ونص الموطأ: ومن أحسن ما سمعت في الرجل يضطر إلى
الميتة أنه يأكل منها حتى يشبع ويتزود منها فإن وجد عنها غنى طرحها اه‍. وبه تعلم أن عزو تت
وخش ما ذكره المصنف لمالك فيه نظر اه‍ بن. لكن ابن ناجي في شرح الرسالة نقل عن عياض أن
عبد الوهاب نقله رواية عن مالك وحينئذ فلا نظر وتناول قوله وللضرورة ما يسد المتلبس بالمعصية
كما هو مختار ابن يونس وشهره القرافي خلافا لمن قال: لا يباح له تناول الميتة وتمسك بظاهر قوله تعالى: * (فمن
اضطر غير باغ ولا عاد) *. * (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم) *. وأجاب المشهور بأن المراد غير باغ في
نفس الضرورة بأن يتجانف ويميل في الباطن لشهوته ويتمسك في الظاهر بالضرورة كأنه قيل: فمن
اضطر اضطرارا صادقا فإذا عصى في نفس السبب المبيع كان كذب في الضرورة وبغى وتعدى فيها
وتجانف الاثم كانت كالعدم. قوله: (وضالة الإبل) ودخل أيضا جميع الحيوانات الميتة قوله: (نعم تقدم
الميتة عليها) أي على ضالة الإبل عند اجتماعهما ويعلم منه أن ضالة الإبل تتعين عند انفرادها وتقدم
عليها الميتة عند اجتماعهما وهذا ما يفيده نقل المواق عن ابن القاسم قوله: (وأما الآدمي فلا يجوز تناوله)
أي سواء كان حيا أو ميتا ولو مات المضطر هذا هو المنصوص لأهل المذهب، وتقدم آخر الجنائز
أن بعضهم صحح أكله للمضطر إذا كان ميتا ولا فرق بين المسلم والكافر فيما ذكر. قوله: (عند عدم
ما يسيغها به) ويصدق في أنه فعل ذلك للغصة إن كان مأمونا وإلا فلا إلا لقرينة فيعمل عليها اه‍ خش.
قوله: (على خنزير) أي سواء كان ذلك الخنزير حيا أو ميتا انظر بن. قوله: (وصيد لمحرم) المراد
بالصيد هنا المصيد يعني الحي بدليل قوله: إلا لحمه، وأما الاصطياد فهو أحرى بتقديم الميتة عليه، وحاصل
كلام المصنف أن المضطر إذا كان محرما ووجد ميتة وصيدا حيا صاده محرم أو أعان على صيده فإنه
يجب عليه أن يقدم الميتة على الصيد الحي الذي صاده المحرم أو أعانه عليه، ومحله ما لم تكن الميتة متغيرة
يخاف على نفسه من أكلها وإلا قدم الصيد المذكور انظر التوضيح، كما أنه لو كان حلالا فإنه يقدم
صيد المحرم عليها. قوله: (ولم يذك الصيد) أي لأنه بذكاته يكون ميتة. قوله: (لا لحمه) أي إذا وجد
المضطر المحرم ميتة وصيدا قد صاده محرم أو صيد له وصار لحما فلا يقدم الميتة عليه بل يقدمه عليها، وعلم
مما ذكرنا أن الصور ثلاث: الأولى الاصطياد تقدم الميتة عليه لما فيه من حرمة الاصطياد وحرمة ذبح
الصيد. الثانية: الصيد الحي الذي صاده المحرم قبل اضطراره تقدم الميتة أيضا عليه ولا يجوز له ذبحه
لأنه إذا ذبحه صار ميتة فلا فائدة في ارتكاب هذا المحرم. الثالثة: إذا كان عنده صيد صاده هو أو غيره
لمحرم وذبح قبل اضطراره فهذا مقدم على الميتة ولا تقدم الميتة عليه لان لحم صيد المحرم حرمته عارضة
لأنها خاصة بالاحرام بخلاف الميتة فحرمتها أصلية، وهذه الصورة هي المشار لها بقوله: لا لحمه هذا
أحسن ما يقرر به كلامه. قوله: (بل يقدم) أي طعام الغير ندبا على الميتة هذا عند اجتماعهما، وأما عند
الانفراد فيتعين ما وجد، قال في الذخيرة: وإذا أكل مال مسلم اقتصر على سد الرمق إلا أن يعلم طول
الطريق فليتزود لان مواساته تجب إذا جاع. واعلم أن اشتراط عدم خوف القطع إنما هو إذا وجد
الميتة وإلا أكله ولو خاف القطع كما في عج لان حفظ النفوس مقدم على حفظ العضو خلافا لما في
عبق، وحيث أكل طعام الغير فلا يضمن قيمته كما نقله المواق عن الأكثر، وقال ابن الجلاب: يضمن،
ومحل الخلاف إذا كان المضطر معدما وقت الأكل أما إن وجد معه الثمن أخذ كما مر. قوله: (إن لم يخف
القطع) أي فيما في سرقته القطع كتمر الجرين وغنم المراح. وقوله: أو الضرب أو الأذى أي فيما لا قطع في
سرقته. فإن قلت: المضطر إذا ثبت اضطراره لا يقطع ولا يضرب ولو كان معه
116

ميتة فكيف يخاف القطع؟ قلت: القطع قد يكون بالتغلب والظلم. قوله: (ولو مسلما) أي ولو كان ربه المقاتل
بفتح التاء مسلما. قوله: (ولو وحشيا دجن) أي فلا يؤكل نظرا لتلك الحالة العارضة وهي حالة التأنس
وهذا قول مالك، وقال ابن القاسم بالجواز ورده المصنف بلو، وأما الحمار الانسي إذا توحش فتوحشه
لا ينقله وحينئذ فيجري فيه الخلاف قبل التوحش وهو التحريم على المعتمد والكراهة على مقابله.
قوله: (والمكروه سبع إلخ) ابن عرفة الباجي في كراهة أكل السباع ومنع أكلها ثالثها حرمة عاديها
كالأسد والفهد والنمر والذئب وكراهة غيره كالدب والثعلب والضبع والهر مطلقا، الأول: لرواية
العراقيين معها. والثاني: لابن كنانة مع ابن القاسم. والثالث: لابن حبيب عن المدنيين. قوله: (وفيل) تشهيره
الكراهة في الفيل فيه نظر فقد ذكر ابن الحاجب فيه قولين بالإباحة والتحريم، وصحح في التوضيح
الإباحة فيه وفي كل ما قيل أنه ممسوخ كالقرد والضب ولذا قال الشارح بهرام: لا أعرف من شهر
الكراهة كما هو ظاهر كلامه، وقال البساطي: تشهير الكراهة في الفيل في عهدة المصنف. قوله: (ما عدا
الهر) فيه أنه من جملة المفترس لافتراسه نحو الفأر. قوله: (وقيل حرام) الذي حصله ح في الكلب قولان:
الحرمة والكراهة وصحح ابن عبد البر التحريم قال ح: ولم أر في المذهب من نقل إباحة أكل الكلاب اه‍.
لكن نقل قبله القول بإباحته واعترضه فانظر اه‍ بن. قوله: (شرب شراب خليطين) إنما قدر
الشارح شرب لأنه لا تكليف إلا بفعل، ومن جملة الخليطين المكروه شربه ما يبل للمريض إذا كان
نوعين كزبيب وتين نحوهما، فقوله: وشرب شراب خليطين أي لصحيح أو لمريض، وكما يكره شرب
شراب الخليطين يكره أيضا نبذهما معا خلافا لما في عبق من الحرمة، والخلاف في نبذهما معا للشرب،
وأما للتخليل فلا كراهة في نبذهما معا على المشهور كما نص عليه ابن رشد وغيره، ونص في الجلاب على
الكراهة خيفة التطرق لخلطهما معا لغيره قاله شيخنا. قوله: (خلطا عند الانتباذ أو الشرب) أما الكراهة
إذا كان الخلط عند الشرب فلا كلام فيها، وأما إذا كان عند الانتباذ فهو مبني على أحد التأويلين في
قول المدونة، ولا يجوز شرب شراب الخليطين إن نبذهما معا قال الباجي: ظاهرها التحريم وحملها قوم
على الكراهة فعلى الثاني يعمم في كلام المصنف اه‍ بن. والثاني هو المعول عليه كما قال شيخنا. فعلم أنه إن
وقع الخلط عند الشرب كان كل من الخلط والشرب مكروها، وإن وقع عند الانتباذ كان كل منهما
فيه خلاف بالكراهة والحرمة والمعتمد الأول. قوله: (حيث أمكن الاسكار) أي لطول المدة فإن لم
يمكن لقصر مدة الانتباذ فلا كراهة، وهذا يقتضي أن علة النهي احتمال الاسكار. وقال ابن رشد: ظاهر
الموطأ أن النهي عن هذا تعبد لا لعلة وعليه فيكره شرب شراب الخليطين سواء أمكن إسكاره أم لا
انظر المواق، واستظهر شيخنا القول الأول وإن استصوب بن الثاني. تنبيه: إذا طرح الشئ
في نبيذ نفسه كطرح العسل في نبيذ نفسه أو التمر في نبيذ نفسه كان شربه جائزا وليس من شراب
الخليطين الذي يكره شربه كما أن اللبن المخلوط بالعسل كذلك انظر عبق. قوله: (وأدخلت الكاف
الحنتم والنقير إلخ) تبع الشارح في ذلك تت واعترضه طفي قائلا: الصواب قصر الكاف على إدخال
المزفت فقط وهو المقير وعدم إدخال الحنتم والنقير ليوافق مذهب المدونة والموطأ وإدخالهما يوجب
إجراء كلام المصنف على غير المعتمد لأنهما لا تعرف كراهتهما إلا من رواية ابن حبيب، وفي المواق عن
المدونة: لا ينبذ في الدباء والمزفت ولا أكره غير ذلك من الفخار وغيره من الظروف انتهى، وقد
قرره خش على الصواب اه‍ بن. قوله: (فلا يكره) أي نبذ الشئ الواحد فيها وقوله: وإن طالت مدته
117

مبالغة في محذوف أي فلا يكره نبذ الشئ الواحد فيها ولا يكره شرب شرابه وإن طالت إلخ.
قوله: (أرجحهما في الطين المنع) أي ومثله التراب والعظام والخبز المحرق بالنار ففيها الخلاف بالكراهة
والحرمة والراجح الحرمة، ومحل منع الطين ما لم تكن المرأة حاملا وتشتاق لاكله وتخاف على ما في
بطنها وإلا رخص لها أكله. قوله: (وأظهرهما في القرد الكراهة) أي وهو قول مالك وأصحابه، وأما
القول بالمنع فهو قول ابن المواز محتجا بأنه ليس من بهيمة الأنعام، قال الباجي: والأظهر عندي قول
مالك وأصحابه بأنه مكروه واحتج لذلك بعموم قوله تعالى: * (قل لا أجد فيما أوحي إلي) * الآية ومراعاة
خلاف العلماء، فالآية تدل على عدم حرمته مراعاة قول المخالف بالمنع تقتضي كراهته. قوله: (وقيل بإباحته) أي مطلقا وقيل
بإباحته إن أكل الكلأ وإلا كان مكروها، فجملة الأقوال فيه أربعة حكاها
في الشامل قوله: (بل صحح قول بالإباحة) أي مطلقا كان يرعى الكلأ أو لا في توضيحه قوله: (على
القول بجواز أكله) أي ويكره على القول بكراهته ويحرم على القول بحرمته كذا ذكره عبق وغيره،
وقد حمل الشيخ أحمد النفراوي وغيره التكسب على الصيد به مثلا، وأما اللعب المعلوم فهو مكروه وفيه
أنه لا رابط بين الأكل والصيد ألا ترى أنه يصاد بالكلب إجماعا؟ فالظاهر أن المراد الاكتساب
بلعبه قاله شيخنا العدوي. قوله: (وكانت الذكاة من متعلقات الأضحية) أي من الأمور التي
تتعلق بالأضحية.
باب في الضحايا
قوله: (سن) أي على المشهور وقيل إنها واجبة. قوله: (عينا) أي عن كل أحد بعينه. قوله: (لان نية
الادخال) أي لان نية دخول الغير معه في الاجر كفعلها عن ذلك الغير. قوله: (الأولى حذفه) أي
سواء جعلته حالا من غير حاج أو صفة لحاج وذلك لأنه إذا جعل صفة لحاج انحل المعنى لقولنا سن
لحر غير حاج كائن في منى وهذا صادق بما إذا كان غير حاج أصلا أو حاجا في غير منى، ومفهومه أنه
لو كان حاجا بمنى لا تسن في حقه وهذا فاسد لان الحاج لا يطالب بها كان بمنى أو بغيرها، وإن جعل
حالا من غير حاج انحل المعنى لقولنا: سن لحر غير حاج حالة كون ذلك الغير في منى فيرد عليه أن مقتضاه
أن غير الحاج إذا كان في غير منى لا تسن في حقه وليس كذلك إذ غير الحاج تسن في حقه مطلقا
كان بمنى أو غيرها، وإن كان قد يجاب على هذا بأن مفهوم بمنى أحرى بالحكم، وقد يقال: الظاهر أنه
متعلق بمحذوف صفة الحاج أي غير حاج مطلوب كونه بمنى فيشمل غير الحاج صلا ولو معتمرا
والحاج الذي لا يطلب كونه بمنى وهو من فاته الحج وتحلل منه قبل يوم النحر، ويخرج الحاج الباقي
على إحرامه سواء كان بمنى يومئذ أم لا كذا قرره المسناوي قوله: (ضحية) هي بمعنى التضحية إذ
لا تكليف إلا بفعل وضمير لا تجحف يعود عليها بهذا المعنى، إذ الذي يوصف بكونه يجحف أو لا
يجحف إنما هو الفعل لا الذات، والمعنى: لا تتبعه ولا تكلفه فوق وسعه، والاجحاف الأتعاب.
قوله: (حتى يبلغ الذكر ويدخل بالأنثى زوجها) ظاهره سقوطها عنه بمجرد احتلام الذكر ولو فقيرا
عاجزا عن الكسب، وبمجرد دخول الزوج بالأنثى وإن طلقت قبل البلوغ، والظاهر أنه يجري على
النفقة، فكما أن النفقة على الابن الذي بلغ فقيرا عاجزا على الكسب لازمة لأبيه، وكذا نفقة الأنثى التي
طلقت قبل البلوغ فكذا الضحية عنهما مطلوبة من أبيهما خلافا لما في عبق من سقوطها فإنه لا يظهر،
ونص التوضيح عن ابن حبيب: يلزم الانسان أن يضحي من تلزمه نفقته من ولد أو والد وهذا
يفيد أنها لا تسقط إلا بسقوط النفقة. واعلم أنه يخاطب بها فقير قدر عليها في أيامها، وكذا يخاطب بها
118

عمن ولد يوم النحر أو في أيام التشريق لا عمن في البطن، وكذا يخاطب بها من أسلم يوم النحر أو بعده في أيام
التشريق لبقاء وقت الخطاب بالتضحية بخلاف زكاة الفطر نقله اللخمي اه‍ عدوي. قوله: (متعلق
بضحية) ويصح تعلقه أيضا بسن أي التضحية تسن بجذع إلخ. قوله: (بالسنة العربية) أي وهي ثلاثمائة
وأربعة وخمسون يوما لا بالسنة القبطية وقدرها ثلاثمائة وخمسة أو ستة وستون يوما. قوله: (ودخل
في السادسة) أي ولو كان الدخول غير بين. قوله: (بلا شرك في ثمنها أو لحمها) هذا حل بالنظر للفقه وليس مراده
بيان أن الاستثناء منقطع لان الحق أنه متصل وحينئذ فما قبل الا يجعل عاما، وقوله بلا شرك حال من ضحية
أي حالة كونها ملتبسة بعدم الاشتراك فيها. قوله: (فلا تجزئ عن واحد منهم) أي والظاهر أنه لا يجوز
بيعها مثل ما إذا ذبح معيبا جهلا. قوله: (وعن كل من أدخله معه) أي ولو كان غنيا، وهل يشترط في سقوط
الطلب عمن أشركهم معه إعلامه لهم بالتشريك أو لا؟ قولان، الباجي: وعندي أنه يصح له التشريك وإن لم يعلمهم
بذلك ولذلك يدخل فيها صغار ولده وهم لا يصح منهم قصد القربة. قوله: (بشروط ثلاثة) أي فإن اختل شرط منها
فلا تجزئ عن المشرك بالكسر ولا عن المشرك بالفتح والظاهر عدم جواز بيعها كما مر. قوله: (وهذا إلخ) مثله
في عبق وخش قال بن: وانظر من أين لهما هذا القيد ولم أر من ذكره غير ما نقله الطخيخي عن العوفي مستدلا
بكلام ابن حبيب الذي في المواق ولا دلالة فيه أصلا، والظاهر من كلام المدونة والباجي واللخمي
وغيرهم أن السكنى معه شرط مطلقا اه‍. واعلم أن ما ذكره المصنف من اشتراط المساكنة هو ظاهر المدونة
وقاله الباجي واللخمي والمازري وعزاه ابن حبيب وخالف ابن بشير فجعل المساكنة لغوا انظر بن.
قوله: (ومثل القريب الزوجة وأم الولد) قال شيخنا: الأولى حذف أم الولد لأنها رقيقة لا يطالب بالضحية
عنها والكلام فيمن يسقط عنه الطلب بالضحية، وقد يقال: إن الشارح أراد التنبيه على صحتها عنها وأن
لها مجرد ثواب قال بن: وما ذكره من جواز إدخال الزوجة وأم الولد هو الصواب خلافا لتت وبهرام
في اخراجها وإخراج ما فيه بقية رق، وقد اعترضه ح بقوله ابن عرفة روى عياض للزوجة وأم
الولد حكم القريب ابن حبيب: ذو الرق كأم الولد في صحة إدخالها اه‍. ولم يذكر له مقابلا وقال في البيان
ما نصه: وأهل بيت الرجل الذين يجوز له أن يدخله معه في أضحيته على مذهب مالك أزواجه ومن
في عياله من ذوي رحمه كانوا ممن تلزمه نفقتهم أو ممن لا تلزمه نفقتهم، غير أن من كان ممن تلزمه
نفقته يلزمه أن يضحي عنه إن لم يدخله في أضحيته حاشا الزوجة اه‍ منه انظر بن. قوله: (وأجزأت)
أي التضحية. قوله: (وإن جماء إلخ) اعلم أنها إذا كانت جماء من أصل الخلقة فإنها تجزئ باتفاق، وقد
نقل الاجماع على إجزائها ابن مرزوق وغيره، وأما إن كانت مستأصلة القرنين غير خلقة ففيها
قولان بالاجزاء وهو نقل الشيخ عن كتاب محمد، وعدم الاجزاء وهو قول ابن حبيب،
والفرض أنه ليس هناك إجماع وإلا فلا تجزئ اتفاقا انظر بن. قوله: (كالبقر) أي والغنم.
119

قوله: (أي لم يبرأ) أشار الشارح إلى أن المراد بالادماء عدم البرء وإن لم يسل منه دم لا سيلان الدم، ولو
قال المصنف: إن برئ ويدخل لا على قوله كبين مرض لكان أحسن وأخصر. قوله: (وبين جرب إلخ)
أشار الشارح إلى أن قيد البينية معتبر في المعطوفات فلا يضر الخفيف من جميعها كما ذكره الشيخ سالم.
قوله: (وبين جنون) قال ح: كان الأولى أن يقول: ودائم جنون لان الجنون غير الدائم لا يضر كما في
التوضيح. قوله: (وفائت جزء) هذا عطف على قوله كبين مرض، فأولا ذكر المعطوفات على المضاف إليه ثم
شرع في ذكر المعطوفات على المضاف. وقوله أصالة أي سواء كان فوات الجزء أصالة أي خلقة أو كان
طارئا بقطع، وسواء كان الجزء الفائت بالقطع أصليا أو زائدا. قوله: (وأما بخصية) أي وأما فوات
الجزء بخصية فيجزئ سواء كان فواته خلقة أو كان بقطع. وقوله: وإنما أجزأ أي فائت الخصية.
قوله: (جدا) أي بأن تقبح بها الخلقة اه‍ خش. قوله: (فإن كان) أي الشق. وقوله ثلثا أجزأ أي بالأولى
من مقطوعه ثلث الاذن كما يأتي قوله: (وأما لهما فتجزئ) حاصله أن قلع الأسنان كلا أو بعضا لا يضر
إذا كان لاثغار أو كبر وأما لغيرهما فقلع الواحدة لا يضر ويضر قلع ما زاد عليها. قوله: (وهل هو العباسي
إلخ) الأولى إمام الطاعة إلا أنه تبع في التعبير بالعباسي اللخمي وابن الحاجب فإنهما عبرا بذلك لأنهما كانا
في زمن ولاية بني العباس بخلاف المصنف، وقد أوهمت عبارة المصنف الشارح بهرام في باب القضاء فقال:
يستحب في الامام الأعظم كونه عباسيا وتبعه عج وقد خرجا بذلك عن أقوال المالكية فإن الامام
الأعظم يشترط فيه كونه قرشيا وأما كونه عباسيا فلا يشترط ولا يستحب اه‍ طفي. قوله: (أو نائبه) أي
كالباشا في بلد ليس فيها إمام الطاعة بل نائبه. والحاصل أنه على القول الأول يتعين إمام الطاعة أو
عامله على البلد. قوله: (قولان) صوابه تردد لان الخلاف بين اللخمي وابن رشد فالأول للخمي والثاني
لابن رشد فهو من تردد المتأخرين لعدم نص المتقدمين، ثم إنه على ما قال ابن رشد من أن المعتبر إمام الصلاة
فإن كان واحدا في البلد فالامر ظاهر، وإن تعدد فيعتبر كل واحد بالنسبة لأهل الناحية التي صلى فيها
إماما. قوله: (ومحلهما إلخ) أي أن محل الخلاف إذا وجدا معا في البلد ولم يخرج إمام الطاعة ضحيته للمصلي
وإلا اعتبر هو كما أنه إذا لم يكن في البلد إمام الطاعة ولا نائبه كان المعتبر إمام الصلاة قولا واحدا، فإن
كانت البلد ليس فيها واحد من الإمامين تحروا ذبح إمام أقرب البلاد إليهم وهو واضح إن كان في
أقرب البلاد إمام واحد فإن تعدد تحروا أقرب الأئمة لبلدهم كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (أي
سابق الامام بالذبح) أي بابتدائه سواء ختم الذبح قبل ختم الامام أو بعد ختمه أو معه فلا تجزئ
حيث ابتدأ قبل الامام قوله: (وكذا مساويه) أي في ابتداء الذبح فلا تجزيه، هذا إذا ختم قبله أو معه
120

بل ولو ختم بعده. قوله: (أو معه لا بده إلخ) ما ذكره من عدم الاجزاء في صورة ما إذا ابتدأ بعده وختم
معه فيه نظر إذ قد تقدم صحة الصلاة فيما إذا ابتدأ بعده وختم معه فالاجزاء في الضحية أولى اه‍ بن.
قوله: (أقرب إمام) أي أقرب إمام بلد يذبح إمامها بعد خطبته، وليس المراد أقرب بلد لها إمام وإن لم
يذبح بحيث يتحرون ذبحه أن لو ذبح لان هذا بمنزلة العدم فلا يعتبر. قوله: (ولا على كفرسخ) أي ولم يكن
هناك إمام خارج عن بلده على كفرسخ أي ثلاثة أميال وربع بل الموجود إمام خارج عن بلده بأزيد
من ذلك فتحرى ذبحه وذبح فتبين أنه سبقه، وأما لو كان هناك إمام خارج عن بلده بكفرسخ فقط
فأقل فإنه كإمام البلد لمخاطبة أهل تلك البلد الخالية من الامام بالسعي لذلك الامام والصلاة خلفه،
وحينئذ فإذا تحرى وتبين خطؤه لم تجز. والحاصل أن من على ثلاثة أميال حكمه كالبلد الذي له إمام
فلا يذبح إلا بعد تحقق ذبحه لأنه مطالب بالصلاة معه على وجه السنية، وإنما المتحري ويجزئه
تحريه إذا تبين أنه سبق الامام من كان على أبعد من ذلك. قوله: (وإن توانى) أي الامام قوله: (بسبب
عذر) أي كقتال عدو أو إغماء أو جنون، وهل من العذر طلب الامام للأضحية بشراء ونحوه أو لا؟
ينظر في ذلك، وقد علم من المصنف أن التحري لذبح الامام حيث لم يبرز أضحيته، وأما إن أبرزها فلا
يعتبر التحري من أحد من أهل البلد سواء علم بإبرازها أو لا، وتحريه وعدمه على حد سواء في عدم
الاجزاء إن بان سبقه لا إن بان تأخره. قوله: (ولا يكره عدم الابراز لغير الامام) أي وأما عدم الابراز
له فيكره. قوله: (فأنثاه) كان عليه أن يزيد بعد ذلك فخنثاه فمراتب الضأن أربعة، وكذا المعز والبقر والإبل.
قوله: (خلاف) ابن غازي: صرح ابن عرفة بمشهورية الأول ولا أعلم من شهر الثاني، ونقل عن المؤلف
بطرة نسخته وشهر الرجراجي الأول وشهر ابن بزيزة الثاني اه‍. ونص ابن عرفة: وفي فضل البقر
على الإبل وعكسه ثالثها لغير من بمنى الأول للمشهور مع رواية المختصر والقابسي والثاني لابن شعبان
والثالث للشيخ عن أشهب اه‍ بن. قوله: (وهو خلاف في حال إلخ) الحق أن ذلك يختلف باختلاف
البلاد، فالإبل في بلاد الحجاز أطيب لحما من البقر وفي مصر بالعكس. قوله: (ومراده التسع) أي مراده
بعشر ذي الحجة التسعة أيام قبل يوم النحر فهو مجاز من إطلاق اسم الكل على الجزء وليس هذا تغليبا
كما في عبق وإنما يظهر التغليب في عكسه. قوله: (وضحية على صدقة) ظاهره أن المعنى: وندب
تقديم ضحية على صدقة بثمنها وأورد عليه أن الضحية سنة فتقديمها على الصدقة التي هي مندوبة
سنة، وقد أجاب الشارح بأن ضحية فاعل لمحذوف أي وفضلت ضحية والجملة عطف على جملة
وندب إبرازها وليس قوله وضحية عطفا على إبرازها كالذي قبله. قوله: (ولو زاد ثمن الرقبة إلخ)
وذلك لان إحياء السنن أفضل من التطوع، وإنما نص المصنف على ذلك مع العلم بأن السنة أفضل
من المستحب دفعا لتوهم أن المستحب هنا أفضل من السنة لان السنة والمندوب قد
يكونان أفضل من الفرض كالتطهر قبل الوقت والابتداء بالسلام وإبراء المعسر،
وإذا كان المندوب قد يكون أفضل من الفرض فربما يتوهم أنه هنا أفضل من السنة تأمل.
121

قوله: (وتكره الاستنابة مع القدرة على الذبح) أي فإن كان لا يحسن الذبح أو لا يقدر عليه استناب من
غير كراهة ويندب له أن يحضر عند نائبه. قوله: (وندب للوارث إنفاذها) أي إذا عينها مورثه قبل موته
بغير النذر وإلا وجب عليه إنفاذها كما لو مات بعد ذبحها، وإذا أنفذها الوارث فلا تجزئ عنه.
قوله: (حيث لا دين عليه) أي على الميت، أما إذا كان عليه دين يستغرقها فإنها تباع فيما عليه من الدين. قوله: (وجمع
أكل إلخ) ظاهره أن الجمع بين الثلاثة أفضل من الصدقة جميعها وإن كان أشق على النفس وهذا هو
المشهور، وحديث أفضل العبادات أحمزها ليس كليا، وقال عج: القول بأن التصدق بجميعها أفضل
متجه إذ أفضل العبادات أحمزها أي أشقها على النفس. قوله: (ولا يجب) أي بناء على المعتمد من أنها
لا تتعين إلا بالذبح ولا تتعين بالنذر، وإذا عمل بالمندوب وذبح ذلك الولد مع أمه فحكم لحمه وجلده
حكمها من جواز الأكل والتصدق والاهداء، وندب الجمع بين الثلاثة ومنع البيع، وإذا لم يعمل بالمندوب
وأبقى ذلك الولد من غير ذبح لعام آخر صح أن يضحي به. قوله: (وكره جز صوفها) أي سواء جزه
ليتصرف فيه أو لا خلافا لعبق حيث قيده بما إذا كان الجز ليتصرف فيه التصرف الممنوع وإلا جاز مطلقا،
ونسب ذلك لتت و ح ورد عليه بأنه ليس فيهما ذلك. قوله: (فإن نبت مثله للذبح أو نواه حين الاخذ لم
يكره) أي كما أنه لا يكره الجز إذا تضررت ببقاء الصوف لحر ونحوه. واعلم أن ظاهر منطوق المصنف
ومفهومه سواء كانت الضحية منذورة أم لا وارتضاه عج وقيده بعض شيوخ الشيخ أحمد الزرقاني
بغير المنذورة، وأما المنذورة فيحرم جزها سواء نواه أم لا وارتضاه اللقاني قوله: (ولم يكن لها ولد)
أي ولو لم يكن إلخ قوله: (والانسان لا يعود) أي يكره له العود على المعتمد. قوله: (كما قال ابن حبيب)
الأولى كما قال ابن الحاجب لان ابن حبيب من المتقدمين فلا يشير المصنف للخلاف الواقع بينه
وبين غيره بالتردد، فالصواب أن المصنف أشار بالتردد لطريقة ابن رشد وطريقة ابن الحاجب، وبيان
ذلك أن الامام روى عنه إباحة أكل الكافر منها ثم رجع عنها إلى الكراهة وهي الأشهر فقال ابن رشد:
اختلاف قولي مالك إذا لم يكن في عياله، أما إن كان فيهم أو غشيهم وهم يأكلون فلا بأس به دون خلاف.
وقال ابن الحاجب: الخلاف المروي عن الامام مطلق أي سواء كان في عياله أو بعث إليه، وأما ابن
حبيب فله قول آخر حاصله أنه لا خلاف بين قولي مالك فالقول بالكراهة محمول على ما إذا لم يكونوا
في عياله وبعث إليهم، والقول بالإباحة محمول على ما إذا كانوا في عياله انظر بن. قوله: (لان شأن ذلك
المباهاة) أي وحينئذ فيخاف منه قصدها فإن تحقق قصدها بالتغالي حرم، وإن تحقق من نفسه عدم
قصدها، وإنما قصد كثرة اللحم أو الاجر كان التغالي مندوبا للحديث فالصور ثلاث: خوف قصد
المباهاة وقصدها بالفعل وتحقق عدم قصدها وهي جارية في التغالي فيها وفي زيادة عددها. قوله: (وفعلها
عن ميت) فإن فعلت عنه وعن الميت لم يكره قاله عبق وفيه أن هذا غير صواب لأنهم قد عللوا كراهة
فعلها عن الميت بعدم الوارد في ذلك، وهذا شامل لصورة الافراد والتشريك، وأيضا شروط التشريك
122

المتقدمة غير مجتمعة هنا اه‍ بن. قوله: (وإلا ندب) أي وإلا بأن كان عينها ندب إلخ أي والمراد أنه عينها
بغير الذبح والنذر، أما لو عينها بالنذر أو بالذبح بأن ذبحها ثم مات تعين على الوارث إنفاذها كما مر، وقوله:
إن لم يكن عينها أي ولم يكن وقف وقفا وشرطها فيه وإلا وجب فعلها عنه لما يأتي من أنه يجب
اتباع شرط الواقف إن جاز أو كره. والحاصل أن كراهة فعلها عن الميت مقيدة بقيدين كما علمت.
قوله: (شاة كانت تذبح في الجاهلية) أي يتقربون بها لأصنامهم. قوله: (وكانت أول الاسلام) أي
تذبح لله سبحانه وتعالى على جهة الندب كما صرحوا به. قوله: (وإبدالها) أي وكره
إبدالها بدون فإذا أبدل الشاة ببقرة تعلقت الكراهة بأخذ الشاة بدلا عن البقرة ويستحب لها إبدالها بالأفضل
وإن بزائد شئ في ثمنها، ومحل الكراهة إذا لم تكن معينة بالنذر وإلا كان الابدال ممنوعا، ولا ينافي
هذا ما يأتي من أن المشهور أنها لا تتعين بالنذر لأنه محمول على عدم إلغاء العيب الطارئ، فلا ينافي أن
تعينها بالنذر يمنع من البدل ومن البيع اه‍ بن. قوله: (وكذا بمساو على الراجح) سنده في هذا قول الإمام
ولا يبدلها إلا بخير منها ولأنه لا موجب للمعاوضة مع التساوي، لكن في بن عن التوضيح
أن إبدالها بمثلها جائز كما هو ظاهر المصنف. قوله: (إلا بقرعة فلا يكره) كذا في ح وهو مشكل إذ
القرعة لا تجوز مع التساوي فتأمل اه‍ بن إلا أن يقال: إنها قرعة في الجملة لضرورة الالتباس.
قوله: (فيه كراهتان) أي وأما أخذ الدون بقرعة وذبحه ففيه كراهة واحدة. قوله: (وجاز أخذ العوض)
أي من دراهم أو دنانير أو عروض مثلا، ولا إشكال في إجزائها عن ربها مع أخذ العوض لأنه أمر
جر إليه الحال. قوله: (ومقابل الأحسن) أي وهو القول بعدم جواز أخذ العوض من غير الجنس،
وقوله الظاهر أي لان أخذ القيمة عنها بيع لها وهو ممنوع، وعلى هذا القول فيتعين عند الاختلاط
أخذ إحداهما إما بالقرعة أو بدونها وأجزأت الضحيتان عن صاحبيهما، وفي وجوب تصدقهما
بهما وجواز أكلهما منهما قولا يحيى بن عمر واللخمي. قوله: (وتجزئ عن ربها) أي سواء كانت معينة
بالنذر أو مضمونة على الصواب خلافا لما في عبق، وسواء كان النائب ذبحها عن نفسه عمدا أو خطأ
لان المعتبر نية ربها كما في ح عن ابن رشد لا نية الذابح، فهو كمن أمر رجلا أن يوضئه فالمعتبر نية الآمر
المتوضئ لا نية المأمور الموضئ، وما ذكره المصنف من إجزائها عن ربها إذا نوى النائب ذبحها عن
نفسه قول مالك وصوبه ابن رشد، وقيل لا تجزئ ربها وتجزئ النائب الذابح لها ويضمن قيمتها
لربها كمن تعدى على أضحية رجل وذبحها عن نفسه، وقيل لا تجزئ واحدا منهما، وهذه الأقوال
الثلاثة تجري في الضحية مطلقا سواء كانت مضمونة أو معينة. قوله: (أو بعادة) عطف على قوله بلفظ.
قوله: (أو أجنبيا) أي أو كان الذابح لها أجنبيا له عادة أي كجار وأجير وغلام لهم عادة بالقيام بأموره.
قوله: (فتردد) أي طريقتان إحداهما تحكي الاتفاق على الاجزاء في القريب وأن الخلاف في غير القريب
وهو مقتضى كلام ابن بشير، والأخرى تحكي اتفاق على عدم الاجزاء في غير القريب والخلاف في
123

القريب ونقلهما ابن عرفة وغيره عن اللخمي. قوله: (فلا تجزئ عن واحد منهما) ثم إن أخذ المالك
قيمتها ممن ذبحها غلطا فقال ابن القاسم في سماع عيسى: ليس للذابح في اللحم إلا الأكل أو الصدقة لان
ذبحه على وجه التضحية وإن أخذ المالك اللحم فقال ابن رشد: يتصرف فيه كيف شاء لأنه لم يذبحه على
التضحية به، قال شيخنا في حاشية خش نقلا عن الشيخ سالم: ومحل كونها لا تجزئ عن واحد إذا ذبحت
غلطا إذا لم يكن ربها ناذرا لها وإلا أجزأت عن نذره سواء كانت معينة أو مضمونة اه‍. بقي ما إذا
ذبح أضحية غيره عمدا عن نفسه من غير استنابة وفيها تفصيل، فإن كان ربها نذرها وكانت معينة
أجزأته وسقط النذر، وإن كانت مضمونة فالنذر باق في ذمته، وإن كان ربها لم يحصل منه نذر فقيل
لا تجزئ واحدا منهما بالأولى من الغالط. وروى ابن محرز عن ابن حبيب عن أصبغ إجزاءها عن
الذابح وضمن قيمتها لربها، والفرق على هذا بين العامد والغالط أن المتعمد داخل على ضمانها فكأنه
ملكها قبل الذبح بالاستيلاء عليها، والحاصل أن الضحية إذا ذبحها غير ربها فإما بوكالته أو لا، الأول
هو قول المصنف وصح إنابة إلى قوله ولو نوى عن نفسه. والثاني: إما أن ينوي عن ربها أو عن نفسه
الأول هو محل التفصيل في قوله أو بعادة كقريب إلخ، والثاني وهو ما إذا نوى عن نفسه فإما غلطا وهو
قوله لا إن غلط، وإما عمدا وهو ما ذكرناه لك بقولنا بقي إلخ. قوله: (وذبحها) أي عالما بالعيب وحكمه
وليس المراد أنه ذبحها غير عالم بالعيب ولم يطلع عليه إلا بعد الذبح وإلا كان مكررا مع قوله: أو ذبح
معيبا جهلا. قوله: (وإلا فعل بها ما شاء) أي وإلا يذبحها والفرض أنها تعيبت فعل بها ما شاء. قوله: (فلا
يبيع منها شيئا في ذلك) أي فيما ذكر من المسائل المشار لها بقوله: وإن ذبح قبل الامام إلى هنا.
قوله: (والمعتمد الجواز) أي جواز إجارتها قبل الذبح، وأما إجارة جلدها بعد الذبح فالمذهب المنع عند ابن
شاس كما في المواق، وجعل قول سحنون بالجواز مقابلا، ولكن المعتمد ما قاله سحنون من الجواز.
قوله: (والبدل) عطف على البيع فيقتضي المغايرة فالبدل ليس بيعا لكنه يشبهه. واعلم أن البدل بعد
الذبح ممنوع مطلقا سواء أوجبها بالنذر أو لا، وأما قبل الذبح فليس بممنوع ما لم تكن منذورة كما مر.
قوله: (فلا يمنع) ما ذكره المصنف من الجواز هو قول أصبغ وشهره ابن غلاب قال اللخمي: وهو
الأحسن ومقابله المنع لمالك وشهره في التوضيح في باب السرقة. قوله: (ولو علم ربها) هذا مبالغة في
محذوف أي ولا إثم على ربها ولو علم حال التصدق عليه بذلك أي بأنه يبيع ما يعطيه له خلافا لابن المواز.
قوله: (وإلا) أي وإلا بأن فات اللحم أو الجلد المبيع تصدق بالعوض وجوبا أي وقضى به على الظاهر
قال عج: ويستفاد من جعلهم تغير السوق فوتا أن الدبغ للجلد والطبخ للحم ولو من غير أبزار فوت
إذ هو أشد. قوله: (من غير تفصيل) أي سواء تولى البيع المضحي أو غيره بإذنه أو بغير إذنه قوله: (أي
ببدله) أي من قيمة أو مثل. قوله: (وحملناه على ذلك) أي على التصدق ببدل العوض في فوات العوض
أي ولم نحمله على التصدق بالعوض في فوات المبيع وقيام العوض، وقوله للقيد إلخ أي فإن قوله وبلا
صرف فيما لا يلزم يقتضي أن العوض صرف فيما يلزم ولم يكن باقيا هذا كلامه، وفيه أن قوله وبلا صرف
فيما لا يلزم صادق بما إذا لم يصرف أصلا وبما إذا صرف فيما يلزم، فالأولى جعل كلام المصنف عاما
للتصدق بالعوض إذا فات المبيع وكان العوض باقيا، وللتصدق ببدل العوض إذا فات العوض كما فعل
بن وغيره بجعل العوض شاملا لعوض المبيع ولبدل العوض. قوله: (إن لم يتول إلخ) أي إن عدمت
124

تولية غيره للعقد الملتبسة بعدم الاذن، وبعدم الصرف فيما لا يلزم، ولا شك أن انتفاء تولية الغير الملتبسة
بعدم الاذن وبعدم الصرف فيما لا يلزم صادق بما إذا تولى العقد بنفسه أو تولاه غيره بإذنه أو بغير إذنه
وصرفه فيما يلزم، ولو قال المصنف: إن تولى العقد بنفسه أو تولاه غيره بإذنه أو صرف العوض فيما يلزمه
لكان مفيدا للمراد بلا كلفة. قوله: (وصرفه في غير لازمه) أي وحال عدم صرفه في غير إلخ. قوله: (لا يمنع
الاجزاء) هذه النسخة التي فيها إثبات لا نسخة ابن غازي قال ح: والذي في غالب النسخ وشرح عليه
البساطي وبهرام اسقاط لا، فعلى الأولى يكون تشبيها بمنطوق قوله: وتصدق بالعوض، وعلى الثانية
يكون تشبيها بمفهوم قوله: إن لم يتول إلخ في عدم وجوب التصدق لان المنقول عن ابن القاسم وهو
المعتمد أن الأرش إن منع عيبه الاجزاء صنع به ما شاء وإلا تصدق به، وأما الشاة فإن لم يمنع العيب الاجزاء
فواضح وإن منع فالمذهب عدم جواز بيعها كما في التوضيح. قوله: (لكن اعتمدوا أنها لا تجب بالنذر
وإنما تجب بالذبح فقط) هذا صحيح ونحوه قول المقدمات: لا تجب الأضحية إلا بالذبح وهو
المشهور في المذهب اه‍. وهذا في الوجوب الذي يلغى طرو العيب بعده كما ذكره ابن رشد وابن
عبد السلام، فإذا نذرها ثم أصابها عيب قبل الذبح فإنها لا تجزئ كما قال ابن عبد السلام لان تعيين
المكلف والتزامه لا يرفع ما طلب منه الشارع فعله يوم الأضحى من ذبح شاة سليمة من العيوب اه‍
بخلاف طرو العيب في الهدي بعد التقليد، وليس المراد عدم وجوب الضحية بالنذر مطلقا بل نذرها
يوجب ذبحها ويمنع بيعها وبدلها اه‍. وكان على المؤلف اسقاط النذر والاقتصار على وجوبها بالذبح
فقط كما فعل غيره، لان كلامه في الوجوب الذي لا يعتبر طرو العيب بعده وقد علمت ما في النذر وكأنه
غره ما في التوضيح عن الذخيرة المشهور تجب بالنذر والذبح، مع أن كلام الذخيرة يحمل على
الوجوب الذي منع البيع لا طرو العيب، وبما تقدم تعلم أن قول ح فلو نذرها ثم تعيبت قبل الذبح لم أر
فيه نصا قصور انظر بن. قوله: (قبل شئ مما ذكر) أي من النذر والذبح. قوله: (وصنع بها ما شاء) أي
من بيع وغيره. قوله: (فما مر) أي من قوله: ومنع البيع وإن ذبح قبل الامام أو تعيبت حالة الذبح أو قبله
قوله: (ولو منذورا) فيه نظر فقد نظر ح في المنذورة إذا ضلت أو حبسها حتى فات الوقت ما يفعل بها.
ونقل ابن عرفة عن الجلاب أنه يلزمه ذبحها ونقله طفي ويفيده ما تقدم من أن النذر يمنع البدل والبيع اه‍ بن.
قوله: (إلا أن هذا) أي الذي حبسها اختيارا حتى فات الوقت آثم. وقوله دون الأول أي وهو
من عيبها قبل الذبح. وقوله آثم أي مرتكب للإثم قبل ذلك وحبسه لها حتى فات الوقت دليل على ذلك أو
المراد بآثم إنه فات ثواب السنة، فعبر عن المكروه بالإثم لأنه عرض نفسه له كما قالوا: إن المكروه حجاب
بين العبد وربه، وهذا الجواب الثاني أحسن من الأول الذي ذكره الشارح لأنه يبعد قصد الفقيه
إليه، على أنه يقال أيضا في الأول فلا يصح قول دون الأول. قوله: (وجاز للوارث القسم) أي وبعد
القسمة فلا يجوز لاحد من الورثة البيع ولا البدل على ما مر. ثم اعلم أن في المسألة ثلاثة أقوال
ذكرها ابن رشد ولخصها ابن عرفة فقال ابن رشد في أكلها أهل بيته على نحو أكلهم في حياته
وقسمتها على الميراث ثالثها يقسمونها على قدر ما يأكلون سماع ابن القاسم وسماع عيسى
وظاهر الواضحة. قلت: والأول هو الذي استظهره ابن رشد قال ح: والظاهر أن
المصنف مشى على القول بأنهم يقسمونها على الرؤوس والذكر والأنثى والزوجة سواء لا على
الميراث لأنه قول ابن القاسم وقال التونسي إنه أشبه قولي ابن القاسم اه‍. وهذا القول الذي اختاره
التونسي وعزاه ح لابن القاسم هو ثالث الأقوال المتقدمة الذي عزاه ابن رشد لظاهر
125

الواضحة انظر بن. قوله: (لأنها بيع) أي والبيع لا يجوز في الأضحية لا في كلها ولا بعضها قوله: (ولو
ذبحت) يعني أن للورثة القسم سواء مات بعد أن ذبحت أو مات قبل أن تذبح والحال أنه أوجبها قبل
موته أو مات قبل أن يوجبها، وفعل الورثة ما يستحب لهم من الذبح، وأما إن مات قبل أن يوجبها
ولم يفعل الوارث المستحب فهي كمال من أمواله. قوله: (لا بيع بعده في دين) يعني أن الضحية لا تباع
بعد الذبح في دين على مفلس حي أو ميت فلا مفهوم للميت في كلام الشارح ومفهوم قوله بعده أنها
إذا لم تذبح فللغرماء أخذها في الدين ولو كانت منذورة، ولا فرق بين كون الدين سابقا على نذرها
أو طارئا عليه. قوله: (وندب ذبح واحدة) أي سواء كان المولود ذكرا أو أنثى خلافا لمن كان يعق عن
الأنثى بواحدة وعن الذكر باثنين، فلو ولد توأمان في بطن واحد عق عن كل واحد منهما بواحدة.
قوله: (وسقطت بمضي زمنها إلخ) أي ولو كان الأب موسرا فيه، وقيل إنها لا تفوت بفوات الأسبوع
الأول بل تفعل في الأسبوع الثاني فإن لم تفعل ففي الأسبوع الثالث ولا تفعل بعده. قوله: (من طلوع
الفجر) في ح نقلا عن أبي الحسن: جعل ابن رشد الوقت ثلاثة أقسام: مستحب وهو من الضحوة
للزوال، ومكروه بعد الزوال للغروب وبعد الفجر لطلوع الشمس، وممنوع وهو الذبح بالليل فلا
تجزئ إذا ذبحت فيه قوله: (إن سبق) أي المولود بالفجر. قوله: (وندب التصدق بزنة شعره) أي في
سابع الولادة ويفعل ذلك في اليوم السابع قبل العقيقة فيمن يعق عنه. قوله: (لمخالفة الجاهلية) فيه أن المخالفة
تحصل بجواز الكسر، نعم في الندب شدة مخالفة، وقوله مخافة ما يصيب الولد أي من كسر عظامه. وقوله
بنقيض ذلك أي وهو جواز الكسر. قوله: (وكره عملها وليمة) أي وأما ذبح شاة أخرى وغيرها وعملها
وليمة فلا كراهة فيه. قوله: (وغيرهم) أي سواء كانوا فقراء أو أغنياء جيرانا أو لا. قوله: (ويتصدق
ويهدي بما شاء) أي نيا أو مطبوخا والجمع بين الثلاثة أولى، فلو اقتصر على أكلها في البيت كفى. قوله: (من
تلطيخ رأسه) أي تفاؤلا بأنه يصير شجاعا سفاكا للدماء. قوله: (وهو) أي الختان. قوله: (في قطعها
الجلدة) أي لأجل تمام اللذة.
باب الايمان
قوله: (لم يجب) أي لم يجب وقوعه. قوله: (إذ لا يتصور هنا إلخ) فيه أن العزم على الضد يصور كأن يعزم على
عدم شرب البحر وعلى عدم صعود السماء لكنه لا ينفعه فالأولى حذف ذلك ويقول من أول الأمر
لعدم قدرته على الفعل. قوله: (بمعنى إزهاق روحه) أي لان قتله بهذا المعنى ممتنع عقلا لأنه تحصيل
126

للحاصل، وأما قتله بمعنى حز رقبته فهو ممكن عادة. قوله: (وخرج الواجب) أي خرج ما وقوعه واجب
عقلا أو عادة، فلا يكون تحقيق وقوعه بذكر اسم الله أو صفته يمينا لان الواجب محقق في نفسه والمراد
تحقيق وقوع ما لم يجب في المستقبل خاصة. وأورد تت على المصنف عدم شموله للغو والغموس إذا تعلقا
بغير المستقبل مع أن كلا منهما يمين، ورده طفي بأن تعريفه المذكور لليمين الموجبة للكفارة لا لمطلق
اليمين، واللغو والغموس إذا تعلقا بغير المستقبل كالماضي لا كفارة فيهما قوله: (وشمل كل اسم من أسمائه
تعالى) لان اسم في كلامه مفرد مضاف يعم، وأراد بالاسم ما دل على الذات العلية سواء دل عليها وحدها
كالجلالة أو مع صفة كالخالق والقادر والرازق إلخ. قوله: (غير مقصود به القربة) أي بل المقصود به
امتناع النفس من الفعل، وخرج بقوله غير مقصود به القربة النذر كلله علي دينار صدقة فإن المقصود به
القربة بخلاف اليمين نحو: إن دخلت الدار فعبدي حر فإنه إنما قصد الامتناع من دخول الدار. قوله: (وما
يجب بإنشاء) هذا يشمل المندوب نحو: أنت حر إن فعلت كذا وقد تقدم، فيقيد الانشاء بما ليس بمندوب
بأن يقال: وما يجب بإنشاء أي والحال أنه ليس بمندوب وإلا تداخل مع ما قبله، وقوله: وما يجب بإنشاء
حال كونه معلقا على أمر مقصود عدمه. قوله: (كأن دخلت الدار فأنت طالق) أي فإذا دخلت وجب
الطلاق بسبب إنشاء اليمين وليس للطلاق كفارة. قوله: (لا إن أريد به حقه) أي لا إن أراد الحالف به
الحقوق التي له على عباده من العبادات فلا يكون يمينا، وأما إذا لم يرد به شيئا ففي عبق أنه يكون يمينا مثل
ما إذا أراد به الصفة كالعظمة أو استحقاقه الألوهية، والذي في عج إنه إذا لم يرد شيئا لا يكون يمينا وتبعه
شب. واعلم أن أيمن الله قسم مطلقا سواء ذكر معه حرف القسم وهو الواو أو لا، بخلاف حق الله وما
أشبهه فلا يكون يمينا لا إذا ذكر معه حرف القسم لان أيمن تعورف في اليمين بخلاف حق الله قاله
بعضهم وهو الظاهر، وفي بن: الظاهر أنه لا فرق بين حق الله وأيم الله في جواز إثبات الواو وحذفها
فتكون مقدرة. قوله: (وعظمته وجلاله) هاتان الصفان راجعتان للقدرة وقيل إنهما من الصفات
الجامعة للصفات السلبية والوجودية وهذا هو الأولى. واعلم أنه لا ينعقد اليمين بعظمة الله وجلاله إلا
إذا أريد بهما المعنى القديم القائم به تعالى، وأما لو أراد الحالف بهما العظمة والجلال أي المهابة اللتين
جعلهما الله في خلقه فلا ينعقد بهما يمين. قوله: (أو هي مع الأوراق) واعلم أنه لا خلاف في تسمية الحادث
من الأصوات والحروف قرآنا وإنما ذكروا الخلاف في تسمية القديم قرآنا. قوله: (فيلزمه اليمين)
أي ولو تحقق سبق لسانه. قوله: (كما في قوله تعالى إلخ) الأولى كأن يريد بالعزة المنعة والقوة التي خلقها في
السلاطين والجبابرة، ويريد بأمانة الله أمانته التي خلقها في زيد المضادة للخيانة، ويريد بالعهد ما عاهدهم
عليه كتطهير البيت الذي عاهد عليه إبراهيم وإسماعيل. قوله: (إنا عرضنا الأمانة إلخ) فيه أنهم فسروا
127

الأمانة بالتكاليف الشرعية التي هي الالزامات نحو الايجاب والتحريم إلخ. وهي ترجع لكلامه تعالى
القديم الذي ينعقد به اليمين وكذا قوله: * (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا) * إلخ إذ معناه ألزمناهما
بالتطهير، وحينئذ ففي الاستدلال بذلك نظر، وقد يقال: إن الاستدلال مبني على أن المراد بالأمانة
الاعمال المكلف بها أو الشهوة كما هو أحد التفاسير، وأن المراد بالعزة القوة والشدة التي خلقها في بعض
خلقه أو أنها حية عظيمة محيطة بالعرش أو بجبل قاف، وأن المراد بالعهد الأمور التي عاهدهم عليها
وأمرهم بها كما قيل. قوله: (إن نوى بالله) أي وأولى إذا نطق به والمراد بنيته تقديره أي إن قدر هذا اللفظ
ومفهومه أنه إذا لم يقدره ويلاحظه فلا يمين عليه. قوله: (لا إن لم يقل ولو نوى) أي بخلاف ما قبله فإن
النية فيه كافية، وأشار الشارح للفرق بينهما بقوله: لان معنى أعزم إلخ. وحاصله أن أعزم لما كان معناه
اسأل وهو غير موضوع للقسم احتاج في كونه قسما إلى التصريح بلفظ الجلالة، بخلاف ما قبله فإنه لما
كان موضوعا للقسم كانت نية الجلالة وما يقوم مقامها بمنزلة التصريح بها فتأمل. قوله: (وعلى كل فليس
بيمين) ظاهره ولو نوى بهما اليمين وبه قيل، وفي التوضيح عن النوادر محل كونهما غير يمين إلا أن
يريد بهما اليمين. قوله: (وهو صادق) أي وإلا يكن صادقا كان حراما قطعا. قوله: (وكالخلق والرزق)
عطف على مدخول الباء في قوله: لا بلك على عهد وفصله بالكاف لأنه نوع غير ما سبق والمعنى: أن اليمين
تحقيق ما لم يجب بذكر اسم الله أو صفته لا بلك على عهد ولا بالخلق والرزق ونحوهما من صفات
الأفعال، فتحقيق ما لم يجب بها ليس يمينا وقد تقدم أن ما دل على صفات الأفعال من الأسماء كالخالق
والرازق يمين. قوله: (فلا شئ عليه) أي ولا يرتد بذلك ولو كان كاذبا فيما علق عليه لقصده بذلك إنشاء
اليمين لا اخباره بذلك عن نفسه. قوله: (فإن كان في غير يمين فردة) أي لأنه في هذه الحالة يخبر عن نفسه
بأنه على هذه الحالة. وقوله: ولو هازلا أي أو جاهلا. قوله: (وغموس) قال اللقاني: مخرج مما فيه الكفارة
وكأنه قال: اليمين الموجبة للكفارة بذكر اسم الله أو صفته لا بلك على عهد ولا بغموس. قوله: (تعلقت
بماض) أي وأما إن تعلقت بالحال أو بالمستقبل ففيها الكفارة وعلى كل حال تسمى غموسا. والحاصل
أن ظاهر المصنف أن الغموس تطلق على هذا المفهوم سواء وجبت فيها كفارة أم لا وهو ظاهر كلام
ابن عرفة أيضا، وكذلك اللغو اسم للمفهوم الآتي وجبت فيه كفارة أم لا كما هو ظاهر المصنف
وابن عرفة، كذا نقل شيخنا عن عج قوله: (بأن شك أو ظن) أي كما لو شك في مجئ زيد أمس وعدم
مجيئه ثم حلف مع شكه أنه قد جاء أو ظن أنه جاء وحلف أنه جاء ولم يتبين صدقه بأن تبين أن
الامر على خلاف ما حلف وأنه لم يجئ أو بقي على شكه، ومن باب أولى ما إذا علم عدم مجيئه
وحلف أنه قد جاء. قوله: (فإن تبين صدقه لم يكن غموسا) أي ولا إثم عليه مستمر قال عج: وهو
المتبادر من المدونة وعليه حملها ابن الحاجب، قال ابن عبد السلام: وعليه حمل ابن عتاب لفظ العتبية
فيما يشبه مسألة المدونة وحمل غير واحد المدونة على أنه وافق البر في الظاهر لا أن إثم الجرأة يسقط
عنه لان ذلك لا يزيله إلا الثوبة قال: وهو ظاهر من جهة الفقه إلا أنه بعيد من لفظ المدونة اه‍ بن. فقول
الشارح: لم تكن غموسا أي فلا حرمة عليه مستمرة بل تنقطع. وقوله وفيه نظر أي فإن إثم الجرأة
128

لا يسقط عنه إذا تبين صدقه وإنما تزيله التوبة. قوله: (وكذا إن قوي الظن) أي لم يكن غموسا والفرض
أنه لم يتبين صدقه فيما حلف عليه قوله: (وكذا إذا قال إلخ) أي وكذا لا يكون غموسا إذا لم يقو ظنه
ولم يتبين صدقه ولكن قال في يمينه في ظني، وقد علم من كلام الشارح أن قوله بأن شك مقيد بقيد وهو
تعلقها بماض. وقوله: أو ظن مقيد بثلاث قيود تعلقها بماض وعدم قوة الظن وعدم قوله في يمينه في ظني.
قوله: (وإن قصد بكالعزى التعظيم إلخ) أدخل بالكاف كل ما عبد من دون الله مثل اللات والمسيح
والعزير وما نسب له فعل كالأزلام وهي الأقداح واحدها زلم كجمل فكانوا إذا قصدوا فعلا ضربوا
ثلاثة أقداح مكتوب على أولها: أمرني ربي، وعلى الثاني: نهاني ربي. وعلى الثالث: غفل. والمراد بضربها
تحريكها في كيس من جلد، فإن خرج الأول مضى، وإن خرج الثاني ترك، وإن خرج الثالث أعادوا
الضرب. قوله: (من هذه الحيثية) وأما إن قصد بالحلف بها تعظيمها لا من هذه الحيثية فالظاهر أنه
كفر في الأصنام. قوله: (ولم يفد في غير الحلف بالله والنذر المبهم) المراد به النذر الذي لم يسم له مخرجا فإذا
قال: إن لم يكن زيد في الدار فعلي نذر والحال أن الحالف معتقد أنه في الدار وتبين خلافه فلا شئ عليه.
قوله: (فإذا حلف بشئ من ذلك) أي من الطلاق وما بعده على شئ يعتقده فظهر خلافه لزمه. ابن رشد:
من حلف بطلاق لقد دفع ثمن سلعته لبائعها فبان أنه إنما دفعه لأخيه فقال: ما كنت ظننت أني دفعته
إلا للبائع قال مالك: يحنث بخلاف اليمين بالله فيفيد اللغو فيها فقول الله تعالى: * (لا يؤاخذكم الله باللغو
في أيمانكم) * المراد بها الايمان الشرعية وهي الحلف بالله، وأما الطلاق والعتق والمشي والصدقة فليست
أيمانا شرعية وإنما هي إلزامات، ولذلك لا تدخل عليهما حروف القسم وكان الحلف بها ممنوعا.
قوله: (كالاستثناء بأن شاء الله) إطلاق الاستثناء على إن شاء الله حقيقة عرفية وإن كان مجازا في الأصل
لأنه شرط. قوله: (ويفيد في الله) أي ولو كان اليمين بالله غموسا وفائدته رفع الاثم. قوله: (إن قصده)
هذا شرط في المفهوم وهو الإفادة في اليمين بالله. قوله: (في الأخيرين) خلافا لمن قال: إلا أن يريد الله
أو يقضي الله لا ينفع في اليمين بالله ولا في غيره. قوله: (بكإلا) أي بإلا وما ماثلها من بقية أدوات
الاستثناء نحو: لا أدخل دار زيد إلا أن يشاء الله أو ما خلا الله، أو ما حاشا الله، أو ما عدا الله،
أوليس الله، أو لا يكون الله. قوله: (من شرط) نحو: لا أدخل دار زيد إن كان فيها، أو لا أدخل
داره الفلانية أو مدة غيبته أو مرضه أو في هذا الشهر. قوله: (مستقبلة) أي نحو: والله لا تطلع
129

الشمس غدا إلا أن تكون السماء مصحية. قوله: (كان مشيئة) أي كان الاستثناء مشيئة أي كان بأن شاء
الله أو بإلا وأخوتها. قوله: (لا لتذكر) أي لا إن فصل لتذكر. قوله: (ولو بعد فراغه إلخ) أي هذا إذا
قصد حل اليمين من أول النطق باليمين أو في أثنائه، بل ولو قصد حل اليمين بعد فراغه باتفاق في الأولين
وعلى المشهور في الأخير كما قال ابن عرفة ونصه في اشتراط نيته قبل تمامه نقلا ابن رشد مع اللخمي
والباجي عن محمد والمشهور اه‍. واعلم أنه بقي من شروط الاستثناء أن لا ينوي أولا إدخال ما أخرجه
آخرا بالاستثناء فإن نوى إدخاله أولا ثم اخراجه ثانيا فإنه لا ينفعه كما ذكره عبد الحق ونصه: لو قصد
أولا إدخال الزوجة مع غيرها لم يفد استثناؤه إياها بحال. قوله: (من غير فصل ولو بتذكير غيره) أي ولو
كان قوله بتذكير إلخ أي كما يقع لمن يقول للحالف قل إلا أن يشاء الله فيوصل النطق بها عقب فراغه
من المحلوف عليه من غير فصل امتثالا للامر فينفعه ذلك. قوله: (وإن سرا) لو قال: ولو سرا إشارة إلى
الخلاف كان أولى. قوله: (ومحل نفعه) أي الاستثناء بحركة اللسان. قوله: (وإلا لم ينفعه) أي عند سحنون
وأصبغ وابن المواز وتلزمه الكفارة. وقوله لان اليمين حينئذ على نية المحلف عند هؤلاء وهو لا
يرضى باستثنائه، وخالف ابن القاسم في العتبية وقال: ينفع الاستثناء فيما ذكر فلا تلزمه الكفارة وإن كان
يحرم عليه بمنعه حق الغير، وما قاله ابن القاسم خلاف المشهور كما قال البرموني. قوله: (إلا أن يعزل) أي
إلا أن يخرج بنيته قبل حلفه شيئا من يمينه فلا يحتاج للنطق بما أخرجه بنيته وتكفي النية في الاخراج
ولو مع قيام البينة، واختلف هل يحلف على ما ادعاه من العزل والاخراج أو لا يحلف ويصدق بمجرد
دعواه العزل. ثم اعلم أنه يتعين في هذا الاستثناء الانقطاع إذ لو كان متصلا لكان المراد بالمحاشاة
اخراجه أو لا بأداة الاستثناء لكن نية لا نطقا وليس بمراد بل المراد اخراجه بالقلب ولذا قال ابن
عرفة: ولو كانت المحاشاة بأداة الاستثناء لم تكف النية على المشهور أي فمتى نوى الاخراج بالأداة فلا بد
من النطق على المشهور خلافا للخمي في جعل الاستثناء قبل اليمين محاشاة. قوله: (في يمينه أولا) اعلم
أن ما فسر به المصنف المحاشاة أصله لابن محرز وتبعه اللخمي وفسر به عبد الحق المدونة وقبله ابن ناجي
عليها واقتصر عليه ح. وحاصله أن النية المخصصة إن كانت أولا نفعت وإن كانت في الأثناء لم تنفعه
ولا بد من لفظ الاستثناء، واعترضه طفي بأن ما ذكروه من اشتراط الأولية خلاف المذهب بل
ظاهر كلامهم أن النية إذا كانت في الأثناء فإنها تنفع، قال القرافي: والمحاشاة هي التخصيص بعينه من غير
زيادة ولا نقصان فليست المحاشاة شيئا غير التخصيص، وقال ابن رشد: شرط النية المخصصة حصولها
قبل تمام اليمين وهي بعده لغو ولو وصلت به بخلاف الاستثناء به، وقد جعل ابن عبد السلام قول ابن
محرز مقابلا للمشهور، وأن المشهور أن النية تنفعه إن وقعت أولا أو في الأثناء، ونسب ابن هارون
هذا المشهور للمدونة وسلم ابن عرفة لها ذلك، ونقل شيخنا في حاشية خش هذا القول عن عبد الحق
وقول الشارح واحترز بقوله أولا عما إذا طرأت إلخ فيه ميل لذلك القول. قوله: (لان اللفظ العام)
أي وهو الحلال عليه. وقوله أريد به الخصوص أي وهو ما عدا الزوجة فهو كلي استعمل ابتداء
في جزئي. قوله: (كما يأتي) أي في قوله: وتحريم الحلال في غير الزوجة والأمة لغو. قوله: (فالكاف
في كالزوجة زائدة) أي والأصل إلا أن يعزل في يمينه أولا الزوجة في حلفه بقوله: الحلال علي
حرام وهذا مبني على أن مسألة المحاشاة خاصة بمسألة الحلال على حرام ولكن الزيادة للكاف
خلاف الأصل، فالظاهر أنها للتمثيل وأن مفعول يعزل وهو الممثل له محذوف، والأصل إلا أن يعزل
130

بنيته قبل حلفه شيئا من يمينه كالزوجة في حلفه بقوله: الحلال إلخ. قوله: (وهي المحاشاة) ظاهر كلام
المصنف وابن محرز أن المحاشاة قاعدة مطردة وأن مسألة الحلال علي حرام فرد من أفرادها قال طفي:
وليس كذلك بل ظاهر كلامهم أنها خاصة بمسألة الحلال علي حرام، واستدل لذلك بإطلاقهم في أن
النية المخصصة لا تقبل مع المرافعة وقالوا في الحلال علي حرام تقبل المحاشاة ولو رفعته النية، قلت: قد يرد
استدلاله هذا بقول ابن رشد في سماع أصبغ القياس أنه لا يصدق القائل الحلال علي حرام إن ادعى
محاشاة زوجته مع قيام البينة لادعاء خلاف ظاهر لفظه كحالف لا كلمت زيدا وقال: نويت شهرا
وتصديقه في الزوجة استحسان لمراعاة الخلاف في أصل اليمين اه‍. فانظر قوله لمراعاة الخلاف في أصل اليمين
فإنه ربما يفيد قبول النية المخصصة في كل يمين. وقوله لمراعاة الخلاف إلخ إشارة لما قلناه سابقا
من أن الحالف إذا عزل في يمينه أولا هل يحلف ما ادعاه من العزل أو لا يحلف ويصدق بمجرد
دعواه العزل؟ قولان، والحاصل أن ما أفاده ابن محرز ومن تبعه من أن المحاشاة قاعدة مطردة في المحلوف
به والمحلوف عليه ليس بظاهر لاطلاقهم قبول المحاشاة، وتفصيلهم في النية المخصصة كما يأتي وما ادعاه
طفي من تخصيصها بالحلال علي حرام فلم يقم عليه دليل وإن ادعى اطرادها في المحلوف به لم يبعد انظر
بن. قوله: (أي الذي لم يسم له مخرجا) أي لم يعين فيه المنذور، أما لو عين مخرجه باللفظ أو النية لزمه ما عينه.
قوله: (كعلي نذر إلخ) اعلم أن لله علي صيغة نذر مطلقا سواء علق أو لم يعلق وعلي كذا صيغة نذر إن لم
يعلق أو علق على أمر غير مكتسب للشخص، فإن علق على مكتسب للشخص فهو نذر ويمين باعتبارين
فهو نذر من حيث أنه التزام مندوب ويمين من حيث أنه غير مقصود به القربة بل الامتناع من الفعل
والأربعة داخلة في قول المصنف: وفي النذر المبهم. وقوله: واليمين والكفارة أي وفي نذر اليمين ونذر
الكفارة فيندرج في كل منهما الصور الأربعة المذكورة في النذر المبهم، ويحتمل أن المراد وفي الحلف
باليمين والكفارة. واعلم أن محل لزوم الكفارة في الحلف باليمين ما لم يكن العرف في اليمين الطلاق
وإلا لزمه طلقة رجعية كما في بن عن الوانشريسي وغيره، والحق أنه يرجع لعرف البلدان الذي تعارفوه
في الطلاق فإن كان عرفهم البتات لزمه الثلاث وإن كان عرفهم استعماله في الطلاق فقط حمل على الرجعي.
وعرف مصر إذا قال يمين سفه كان طلاقا، فلو جمع الايمان كلله علي أيمان تعددت الكفارة، وفي المواق
نقلا عن ابن المواز قول باتحادها لتكرر صيغة اليمين بالله، فإن ادعى أنه أراد بقوله علي أيمان يمينا
واحدة لم يقبل لان الجمع نص، وإن أراد اثنين فتردد باعتبار أقل الجمع. قوله: (أو إن لم أفعل كذا ما أقمت
في هذه الدار) ظاهر صنيع الشارح أن إن نافية في صيغة البر وشرطية في صيغة الحنث وليس
كذلك بل هي نافية في الصيغتين إن لم يذكر لها جواب نحو: والله إن كلمت
زيدا، أو والله إن لم أكلم زيدا، ومعنى الصيغة الأولى لا أكلمه ومعنى الثانية لا كلمته لان إن نافية ولم نافية ونفي النفي إثبات،
فالفعل في الصيغتين وإن كان ماضيا لكن معناه الاستقبال لان الكفارة إنما تتعلق بالمستقبل، والذي
صرف الماضي للاستقبال الانشاء إذا الحلف إنشاء وإن ذكر لها جواب فهي شرطية فيهما نحو: والله
إن كلمت زيدا فلا أقيم في هذه البلدة ولم أضرب زيدا ما أقمت في هذه الدار. قوله: (إن لم يؤجل)
هذا شرط في كون الصيغتين المذكورتين صيغتي حنث لا شرط في تنجيز الحنث عليه، ولا في قوله
إطعام عشرة مساكين لان وجوب الاطعام في لأفعلن أو إن لم أفعل ليس مشروطا بعدم التأجيل.
وحاصل ما أراد المصنف أن الحالف بهاتين الصيغتين إنما يكون على حنث إذا لم يضرب ليمينه
أجلا أي بأن أطلق في يمينه نحو: والله لا كلمت زيدا، أو والله إن لم أكلمه لكن لا يحنث إلا بالموت،
ومن هذا ما نقله المواق: والله لأطلقنك فلا يجبر على الكفارة ولا يمنع من وطئها ولا يحنث إلا بموتها.
131

قوله: (حتى يمضي الاجل) أي فإذا مضى الاجل ولم يفعل فإنه يحنث، هذا إن لم يكن هناك مانع يمنع
من الفعل بل ولو كان هناك مانع يمنع منه شرعي أو عادي لا إن كان عقليا فلا حنث. قوله: (عشرة مساكين)
أي فإن انتهبوها فإن علم ما أخذ كل فظاهر وإلا فإن كانوا عشرة فأقل بنى على واحد اه‍ شب.
قوله: (وشرطه الحرية إلخ) أي ولا يشترط كونهم من محل الحنث وقد نظر في ذلك عج، والظاهر أن المدار على
أي مساكين كانوا. قوله: (وعدم لزوم نفقته على المخرج) أي وحينئذ فلا يجوز أن يدفع منها الرجل لزوجته
أو ولده الفقير، ويجوز أن تدفع الزوجة منها لزوجها وولدها الفقيرين قوله: (مما يخرج في زكاة الفطر) وهي
الأنواع التسعة: القمح والشعير والسلت والزبيب والدخن والذرة والأرز والعلس والتمر انتهى.
وهذه طريقة لبعضهم. والطريقة الثانية أن المد إنما يعتبر إذا أخرج من البر قال أبو الحسن: وأما إذا
أخرج من الشعير أو التمر أو غير ذلك فليخرج وسط الشبع منه اه‍. ونقل ابن عرفة عن اللخمي أن هذا
هو المذهب انظر طفي. قوله: (بغير المدينة) أي وأما أهل المدينة فلا تندب لهم الزيادة لقلة القوت فيها. وقوله بغير
المدينة شامل لمكة أيضا. قوله: (وعند الامام إلخ) لكن ظاهر المدونة أن مالكا يقول بوجوب الزيادة.
قوله: (متساوين في الأكل أم لا) واشترط التونسي تقاربهم في الأكل كذا في البدر لا تساويهم فيه
خلافا لما في عبق. قوله: (ويكفي الملبوس إلخ) أي فلا يشترط في الكسوة أن تكون جديدة. قوله: (ثوب يستر
جميع جسده) عبارة ح عن ابن فرحون: يعطى للرجل ثوب وفي معنى الثوب الإزار الذي يمكن الاشتمال
به في الصلاة اه‍، فقول شارحنا لا إزار أو عمامة أي زائد على الثوب أو المراد لا إزار فقط يعني لا يمكن
الاشتمال به في الصلاة. قوله: (ولو غير إلخ) أي ولو كانت تلك الكسوة ليست من كسوة وسط أهل بلده
بل دون كسوتهم، وهذا بخلاف الطعام فإن المعتبر فيه عيش أهل البلد على المعتمد،
وقيل المعتبر عيش المكفر، وقيل المعتبر الأعلى منهما إن قدر على الأعلى. قوله: (ولا يكفي إشباعه المرتين إلا إذا استغنى عن اللبن إلخ)
صوابه ولو استغنى عن اللبن ففي طفي قال ابن حبيب: ولا يجزئ أن يغدي الصغار ويعشيهم. وفي التوضيح
عن المدونة: يعطى الرضيع في الكفارة إذا كان قد أكل الطعام بقدر ما يعطى الكبير ثم قال: وحكى
بعض المتأخرين قولا بأن الصغير يعطى ما يكفيه خاصة اه‍. ونحوه لابن عبد السلام، واعترضه
ابن عرفة فقال: نقله عن بعض المتأخرين إعطاء الصغير ما يكفيه لا أعرفه بل توجيه الباجي كون
كسوته ككبير بالقياس على كون إطعامه كذلك دليل على الاتفاق عليه في الاطعام. قوله: (ويعطى
كسوة كبير) هذا هو المعتمد، وعزاه في التوضيح لمالك في العتبية وهو قول ابن القاسم ومحمد، وقيل
إن الصغير يعتبر في نفسه فيعطى ثوبا بقدره ونقله ابن المواز عن أشهب، والحاصل أن في كسوة الصغير
قولين كما علمت، وأما الاطعام فإن كان يستغنى به عن اللبن كفى إشباعه، وإن كان لا يستغنى به عن اللبن
فلا يكفي إشباعه بل لا بد من المد أو رطلين خبزا كذا قال الشارح، والنقل كما في التوضيح خلافه كما
علمت وهو أن الصغير إذا أكل الطعام سواء استغنى به عن اللبن أو لا فيه قولان: الأول مذهب المدونة
أنه يعطى ما يعطاه الكبير. الثاني: ما حكاه بعض المتأخرين من أن الصغير يعطى ما يكفيه خاصة
132

قوله: (وفي الأعجمي تأويلان) المراد بالأعجمي من لا يحسن الايمان. قوله: (ثم إذا عجز وقت الاخراج)
أي لا وقت اليمين ولا وقت الحنث. قوله: (تتابعها) بمعنى أنه لا يشترط تتابعها فلا ينافي وجوب الفورية
في أصل الكفارة من حيث هي وذلك يستلزم وجوب التتابع لكن لا لخصوص الصوم.
قوله: (كإطعام مع كسوة) أي كالتلفيق من إطعام مع كسوة كان يطعم خمسة مثلا ويكسو خمسة مثلا فلا تجزئ
من حيث التلفيق وإن صح التكميل على إحداهما. قوله: (وأما من صنفي نوع) أي وأما التلفيق من
صنفي نوع وقوله في الطعام خاصة قيد لبيان الواقع لان غير الطعام لا يتأتى فيه أصناف وجميع أفراد
الكسوة صنف أحد. قوله: (ولا يجزئ مكرر) أي تكفير مكرر لمسكين عند الأئمة الثلاثة لوجوب
العدد لتصريح الآية به، وأجاز أبو حنيفة دفعها لواحد لان المقصود منها سد الخلة لا محلها، فمتى سد عشر
خلات ولو في واحد فقد أتى بالمطلوب. قوله: (وهل إن بقي تأويلان) الراجح منهما كما قال عياض عدم
اشتراط البقاء بأيديهم لوقت التكميل كما يفيده إجزاء الغداء والعشاء. قوله: (في مسألة النقص) أي وأما
النزع في مسألة التلفيق من الطعام والكسوة فلا يحتاج لقرعة لان نزعه الكسوة ليبني على الطعام أو
العكس فهو موكول إلى اختياره لا يحتاج لقرعة، وكذا نزعه في مسألة التكرير كما لو دفع لخمسة مساكين
عشرة أمداد ثم كمل بإعطاء خمسة مساكين خمسة أمداد، فإن رجوعه على الخمسة الأولى بخمسة أمداد
لا يحتاج لقرعة بل لا تتأتى فيه. قوله: (وإلا يخرج الأولى) أي واستمر عدم اخراجها لوقت اخراج
الثانية قوله: (لئلا تختلط النية) أي فتكون العشرة أمداد التي عن الكفارة الثانية غير معينة لها فهي في مقابلة
الكفارتين كالعشرة الأولى فهو بمثابة من أعطى عشرة أشخاص عشرين مدا كل خمسة عشر عن
كفارة. قوله: (مبالغة في الكراهة) دفع بها ما يتوهم من الجواز وعدم المنع لاختلاف الموجب.
قوله: (وأجزأت قبل حنثه) أي سواء كان حلفه بنذر مبهم أو باليمين أو بالكفارة أو كان الحلف بالله كانت
الصيغة صيغة بر أو حنث، اللهم إلا أن تكون الصيغة صيغة حنث مقيدة بأجل فلا يكفر إلا بعد الاجل
كما في المدونة ونصها ومن قال: والله لأفعلن كذا فإن ضرب أجلا فلا يكفر حتى يمضي الاجل وهو
مشكل فإن الحنث المقيد على بر قبل ضيق الاجل فإذا ضاق تعين للحنث فهو متردد بين البر والحنث وكلاهما
يجوز فيه التكفير قبل الحنث، ولذا حاول أبو الحسن في شرح التهذيب إن قال هذا مشهور مبني على
ضعيف من عدم التكفير قبل الحنث كما في البدر القرافي، والأظهر أن يقال: إن قول المدونة لا يكفر حتى
يمضي الاجل أي على وجه الأحبية كالمنعقدة على بر لان الأحب فيها عند مالك أن لا يكفر إلا بعد
الحنث وإن أجزأ قبله بخلاف المنعقدة على حنث فإنه يخير إن شاء فعل وإن شاء كفر ولم يفعل.
قوله: (ووجبت به) أي ووجبت الكفارة بالحنث على الفور فيما يظهر وظاهره أن موجبها أي شرطها الحنث
133

وهو كذلك، وإنما أجزأت قبله كما مر نظرا لتقدم سببها وهو اليمين لان سبب الحكم إذا تقدم على شرطه
جاز ترتب الحكم عليه كالعفو عن القصاص قبل زهوق الروح لتقدم السبب الذي هو الجرح وتقديم
الزكاة قبل الحول لتقدم ملك النصاب واليمين هنا سبب والحنث شرط فجاز تقديم الكفارة قبل الشرط
وبعد السبب، ولا يجوز ذلك قبل السبب اتفاقا كما في الاكمال كتقديم العفو عن الجرح، وتقديم اسقاط
الشفعة على البيع وإجازة الورثة قبل الايصاء. قوله: (إن لم يكره ببر) أي انتفى الاكراه في صيغة البر
المطلق. قوله: (أو أكره في حنث) كوالله لأضربن زيدا أو لأدخلن الدار فأكره على عدم الضرب أو
عدم الدخول ومنع منه قهرا. قوله: (إن أكره على الحنث ببر) كوالله لا دخلت الدار فأدخلها كرها ولو
من غير عاقل. قوله: (وأن لا يكون الاكراه شرعيا) أي وإلا حنث لان الاكراه الشرعي كالطوع
كوالله لا دخلت السجن ثم إنه حبس فيه لدعوى توجهت عليه، وكحلفه أن لا يدفع ما عليه من الدين في هذا
الشهر فأكرهه القاضي على الدفع لكونه موسرا بقي ما لو حلف على زوجته بالطلاق مثلا أن
لا تخرج من الدار فخرجت لسيل أو هدم أو لامر لا قرار لها معه أو أخرجها صاحب الدار وهي
بكراء قد انقضى، أو نودي على فتح قذر وهي حامل أو مرضع فخرجت لخوفها على ما في بطنها أو رضيعها،
ففي سماع ابن القاسم عن مالك لا حنث عليه واستصوبه بن لخروجه عن نيته حكما لو سئل على قاعدة
البساط قال عبق: ويحتمل الحنث لأنه كالاكراه الشرعي لان الخروج واجب شرعا في مثل هذا، ورده بن
بأنه غير صحيح لمخالفته للنص. قوله: (وأن لا يكون الحالف إلخ) أي وإلا حنث كما لو حلف
زيد على عمرو أنه لا يدخل الدار ثم إنه أكرهه على دخولها فيحنث الحالف بدخولها على وجه
الاكراه، وقيل إنه لا يحنث والقولان ذكرهما ابن عرفة. قوله: (عند المصنف) أي وأما عند غيره كابن
عرفة ومن تبعه فهي غير مختصة بالحلف بالله وصفاته بل من جملتها التزام مندوب لا بقصد القربة، وما
يجب بإنشاء معلقا على أمر مقصود عدمه كما مر. قوله: (أشد ما أخذ إلخ) أي أشد الايمان وأقوالها التي
يأخذها أحد على أحد، ولا مفهوم لأشد بل مثله أشق وأعظم كذا ينبغي قاله عج. قوله: (بت من يملك
عصمتها) فلو حكم حاكم فيما ذكر وكذا فيما يأتي بطلقة واحدة نقض حكمه. قوله: (وعتقه) أي عتق من
يملك رقبته حال اليمين قال ابن غازي: ظاهره أنه إن لم يكن له رقيق حال اليمين لم يلزمه عتق، وبه قال ابن
زرقون وقبله ابن عرفة. وقال الباجي: إذا لم يكن له رقيق حين اليمين لزمه عتق رقبة، ورجحه المصنف
في توضيحه لما في الجواهر عن الطرطوشي أن المتأخرين أجمعوا على أنه إذا لم يكن له رقيق فعليه عتق
رقبة واحدة انظر بن. قوله: (إلا أن ينقص) أي إلا أن يصير ماله وقت الحنث ناقصا عن ماله وقت
الحلف فاللازم له التصدق بثلث ما بقي. قوله: (لا عمرة) أي لأنه يلزمه من كل نوع من الايمان أو عبها
ولذا جعل عليه الحج ماشيا دون العمرة، كذا في التوضيح نقلا عن أبي بكر بن عبد الرحمن، وحكى فيه
أيضا نقلا في البيان عمن أدرك من الشيوخ أنه يلزمه المشي في حج أو عمرة. واعلم أنه إذا لم يقدر على
المشي حين اليمين لا شئ عليه ولا هدي كمن نذر المشي كذا ذكر شيخنا. قوله: (ولو بالنية) أي هذا إذا كان
اخراجهما بالأداة بل ولو بالنية، لكن إن كان بالنية فلا بد من كونها قبل تمام الحلف، وإن كان بالأداة
فلا بد من النطق بها بعد اليمين متصلة به كما مر. قوله: (أي بكل ما يلزم مما تقدم) أي سواء جرى العرف
بالحلف بالايمان تلزمني وما قبله أو لا، وليس الضمير في قوله به راجعا للايمان تلزمني وما قبله
134

خلافا لعبق، فالصواب ما قاله شارحنا تبعا لعج والشيخ أحمد الزرقاني كما قال بن، قال الطرطوشي:
وليس لمالك في أيمان المسلمين كلام وإنما الخلاف فيه للمتأخرين فقال الأبهري: يلزمه الاستغفار
فقط، وقيل كفارة يمين، وقيل ثلاث كفارات ما لم ينو به طلاقا وإلا لزمه، وقيل بت من يملك وعتقه
وصدقة بثلث ماله ومشى بحج وكفارة يمين وصوم سنة كما قال المصنف كذا في البدر والمواق.
قوله: (والعبرة بعادة أهل بلده) استظهر شيخنا السيد البليدي اعتبار العادة ولو في الجملة يعني بعض أهل
البلد فلا يشترط كلهم، والظاهر أن العادة لا يكفي فيها الواحد والاثنان بل جمع من الناس تحصل به
الشهرة. قوله: (وإلا عمل بنيته) أي فإذا جرى العرف بالحلف بكل مما تقدم وحلف بأيمان المسلمين ونوى
غير الطلاق أو غير العتق أو غيرهما أو غير المشي عمل بنيته إذا كانت تلك النية قبل تمام الحلف بأن كانت
أولا أو في أثنائه، وأما إذا نوى ذلك بعد الحلف فلا بد من اخراجه بالأداة متصلا باليمين كما مر
في المحاشاة. قوله: (وفي لزوم شهري ظهار) أي في لزوم شهرين متتابعين مثل كفارة الظهار زيادة على
صوم السنة ولو كان غير متزوج وهو رأي الباجي، وعدم لزومه وهو رأي ابن زرقون وابن عات
وابن رشد تردد لهؤلاء المتأخرين، ومحل التردد إذا كان الحلف بهما معتادا وإلا لم يلزمه شئ بالأولى
مما قبله قاله بن. قوله: (في كل شئ أحله الله) أي من طعام وشراب ولباس وأم ولد وعبد وغير ذلك وهو
متعلق بقوله لغو، وقوله لغو أي خلافا لأبي حنيفة القائل يلزمه كفارة يمين وإنما كان لغوا لان ما
أباحه الله للعبد ولم يجعل له فيه تصرفا فتحريمه لغو، بخلاف ما جعل له فيه التصرف كالزوجة فلا يكون
تحريمها لغوا بل طلاقا ثلاثا في المدخول بها وغيرها إلا أن ينوي أقل كما قال الشارح، لكن الذي
جرى به العمل في المغرب لزوم طلقة بائنة حيث لا نية. قوله: (عطف على غير) أي والمعنى وتحريم الحلال
لغو في غير الزوجة ولغو في الأمة، ويقيد هذا بما إذا لم يقصد بتحريمها عتقها وإلا لم يكن لغوا،
وعلى هذا الجواب فيقال: إنما نص على الأمة مع دخولها فيما قبلها للرد على من قال: يلزمه فيها كفارة يمين
ولا يطؤها حتى يكفر، وعلى من يقول: إنها تعتق. قوله: (وتقدم إلخ) أي فمحل كون تحريم الزوجة
لا يكون لغوا ما لم يحاشها فإن حاشاها بأن أخرجها قبل تمام يمينه لم تحرم. والحاصل أنه إذا قال الحلال
علي حرام إن فعلت كذا وفعله فإن أخرج الزوجة بالنية قبل تمام يمينه لا يلزمه شئ لا فيها ولا في
غيرها، وإن لم يخرجها لزمه طلاقها ثلاثا إلا أن ينوي أقل، وقيل يلزمه واحدة بائنة حيث لا نية له وإلا
لزمه ما نواه، وأما الأمة فلا يلزمه فيها شئ إذا لم يكن له نية فإن نوى عتقها لزمه، وهذا إذا جمع بأن قال:
الحلال علي حرام فإن أفرد بأن قال الشئ الفلاني علي حرام إن فعلت كذا وفعله فإن كان غير الزوجة
والأمة لم يلزمه شئ وإن كانت الزوجة طلقت ثلاثا إن لم ينو أقل وقيل طلقة بائنة وإن كانت الأمة
فلا شئ عليه إلا أن ينوي عتقها. قوله: (أو نوى كفارات) أي أو نوى كفارات متعددة بعدد ما ذكر
من اليمين كان المحلوف عليه واحدا أو متعددا قوله: (والله لا أدخل) فإذا دخل لزمه ثلاث كفارات
حيث نوى تعدد الكفارات بتعدد اليمين. قوله: (ولا آكل) عطف على ادخل أي ووالله لا آكل ووالله
لا ألبس فالمقسم به متعدد في المثال الثاني كالأول فإذا دخل وأكل ولبس لزمه ثلاث كفارات. قوله: (في الأول)
135

أي التأكيد. وقوله في الثاني المراد به الانشاء وسواء اتحد المجلس الذي كرر فيه اليمين أو تعدد.
قوله: (حيث إلخ) أي لكن الثاني وهو التأكيد إنما يتأتى حيث كان المحلوف عليه واحدا نحو:
والله لا أدخل، والله لا أدخل، وقوله: أما لو تعدد أي كقوله: والله لا أدخل والله لا آكل والله لا ألبس. قوله: (ولا من
فلان) أي فباعها لهما أو باعها لأحدهما فردت له فباعها للآخر فكفارة واحدة وذلك لتعدد القسم
واختلاف المقسم عليه في الأولى بخلاف الثانية فإن القسم فيها غير متعدد، وما ذكره فرض مسألة ففيها
من قال: والله لا أكلم فلانا ولا أدخل دار فلان ولا أضرب فلانا ثم فعل ذلك أو بعضه فإنما عليه كفارة
واحدة وكأنه قال: والله لا أقرب شيئا من هذه الأشياء، ولو قال: والله لا أكلم فلانا والله لا أدخل دار
فلان والله لا أضرب فلانا فعليه هنا لكل صنف فعله كفارة لأن هذه ثلاثة أيمان بالله على أشياء مختلفة اه‍
نقله المواق وقال: وكان ينبغي للمصنف أن يقول: أو قال لا والله ولا وأما لا ولا فليس فيه إلا كفارة
واحدة. قوله: (لم يقصد تكرر الحنث) أي بتكرر الفعل، وأما لو نوى تكرر الحنث بتكرر الفعل
تعددت كما لو حلف بالثلاثة أنه لا يفعل كذا ونوى أنه كلما فعله حنث فإنه كلما فعله تلزمه الكفارة.
قوله: (وإن قصده) أي هذا إذا لم يقصد إنشاء يمين ثانية بأن قصد تأكيد الأولى أو لا قصد له بل وإن
قصد الانشاء ليمين ثانية. قوله: (فكفارة واحدة لان) أي سواء قصد التأكيد أو التأسيس ما لم يقصد
تكرر الحنث وما لم ينو كفارات. قوله: (فكفارة واحدة بخلاف) أي ثم لا شئ عليه إن كلمه بعد لانحلال
اليمين، وكذا يلزمه كفارة إن كلمه أو لا بعد غد، ومحل اتحادها إذا كلمه في اليومين معا حيث لم يقصد
تعدد الكفارة. قوله: (فكفارتان) لزوم الكفارتين في غد في هذه لوقوعه ثانيا مع الغير فكأنه غير الأول
لان الشئ مع غيره في نفسه، ومسألة المصنف وقع الغد ثانيا وحده فكان كالتأكيد للأول.
قوله: (المجمل) أي المشترك اشتراكا لفظيا كالمثال الذي مثل به وكحلفه لينظرن لعين ويريد أحد معانيها
فتقبل نيته في الفتوى والقضاء. قوله: (يستغرق الصلح له إلخ) أي يتناول جميع الافراد الصالح لها ذلك
اللفظ دفعة، وبهذا يخرج المطلق لأنه لا يتناول ما يصلح له دفعة بل على سبيل البدل، فعموم العام
شمولي وعموم المطلق بدلي، وصلاحية اللفظ لتلك الافراد من جهة اندراجها في معناه الموضوع له،
فتكون دلالة العام على افراده دلالة كلي على جزئيات معناه لا دلالة كل على أجزاء معناه.
قوله: (من غير حصر) أي حالة كون الافراد الصالح لها ذلك اللفظ غير محصورة. قوله: (على بعض افراده)
أي فمن حلف لا آكل اللبن ونوى لبن الإبل جاز له أكل لبن البقر والغنم، وكذا لو قال: إن فعلت كذا
136

فعبيدي أحرار ثم فعل ذلك وقال: أردت بعبيدي غير زيد فإنه يقبل منه ذلك، وكحلفه لا ألبس
الثياب ونوى الكتان فينفعه ذلك ويجوز له لبس الثياب من غير الكتان كالقطن والصوف.
قوله: (بلا قيد) أي من غير تقييد لتحققها في فرد مبهم أو معين فهو مرادف لاسم الجنس، بخلاف النكرة فإنه
ما دل على الماهية بقيد الوحدة الشائعة أي بقيد وجودها في فرد مبهم، واعلم أن اللفظ في المطلق والنكرة
واحد يفرق بينهما بالاعتبار، فإن اعتبر في اللفظ دلالته على الماهية بلا قيد فهو المطلق واسم الجنس وإن
اعتبر مع قيد الوحدة الشائعة سمي نكرة كما قاله ابن السبكي. وقال القرافي والآمدي وابن الحاجب:
إنهما واحد ذاتا واعتبارا وهو ما دل على الماهية بقيد وجودها في فرد مبهم، لكن الأول هو
الذي عليه أسلوب المناطقة والأصوليين. قوله: (فمن حلف إلخ) وكذا لو حلف ليكرمن رجلا ونوى
زيدا فلا يبر بإكرام غيره لان رجلا مطلق قيده بخصوص زيد فصار معنى اليمين: لأكرمن زيدا.
قوله: (أي خالفت لفظه العام) أشار بهذا إلى أن المراد بمنافاة النية للعام مخالفتها لمقتضى لفظه ولو بالعموم
والخصوص، سواء كانت منافية له حقيقة بأن كان اللفظ يقتضي ثبوت الحكم لامر والنية تنفيه عنه
أو بالعكس أو كانت غير منافية له، فالأول كما لو حلف لا آكل سمنا ونوى سمن الضأن وإباحة سمن
غير الضأن، والثاني كما لو حلف لا يأكل سمنا ونوى سمن الضأن أي انه قصد هذا المعنى الخاص معبرا
عنه باللفظ العام ولم يلاحظ إباحة سمن غيره فنية سمن الضأن ليست منافية لعموم السمن بل فرد منه
وإن كانت مغايرة له، فالنية نافعة للحالف في الصورتين على المعتمد فله أكل سمن غير الضأن فيهما.
واشترط القرافي في تخصيص النية للعام منافاتها له حقيقة فجعلها مخصصة في المثال الأول دون الثاني،
ورد عليه بأن المنافاة إنما تشترط في المخصص المنفصل عن العام المستقل لا المتصل به كالتخصيص
بالوصف، وحينئذ فنية الضأن في حكم ما لو قال: والله لا آكل سمنا ضأنا فلا يحنث بغيره، هذا ولا يصح
كون نافت من ناف ينيف بمعنى يزيد لأن النية التي تنيف أي تزيد على مقتضى العام لا تخصص ولا
تقيد، نعم هي تعمم المطلق كما يؤخذ من الفروع الآتية نحو: والله لأكرمن أخا لك وتريد جميع إخوته،
فأخا مطلق فإذا أراد جميع إخوته كانت تلك النية زائدة على المطلق ومعممة له فلا يبرأ إلا بإكرام الجميع.
قوله: (إذ لا معنى لتخصيصها) أي للعام وقول إلا منافاتها أي له أي مخالفتها ومغايرتها له لان تخصيصها له
قصره على بعض أفراده، وبعض أفراده مغاير ومخالف لعمومه، وحيث كان لا معنى لتخصيصها للعام
إلا مخالفتها له فاشتراط المنافاة في تخصيصها من اشتراط الشئ في نفسه تأمل. قوله: (والأظهر رجوعه لهما)
أي وذلك لأنه إذا حلف لا يكلم رجلا ونوى جاهلا فالجاهل ليس موافقا لظاهر اللفظ بل الموافق له
أي رجل كان، والحاصل أن المراد بمنافاة النية مخالفتها لظاهر اللفظ وهذا متأت في كل من العام والمطلق. قوله: (على
السواء) أي بالنظر للعرف بأن يكون احتمال لفظ الحالف لما نواه ولغيره متساويين عرفا، وليس احتماله
لما نواه أبعد احترازا عن النية البعيدة لا جدا وهي قوله: كأن خالفت ظاهر لفظه إلخ. وعن شديدة البعد
وهي قوله: لا إرادة ميتة قوله: (ومثل للمساوية) أي للنية المساوية المخصصة للعام وذلك لان قوله حياتها
مفرد مضاف يعم كل وقت من أوقات حياتها الشامل ذلك لوقت كونها معه في عصمته وغيره، فإذا أراد
بحياتها كونها معه في عصمته كان قصرا للعام على بعض أفراده وهو تخصيص له. قوله: (ثم طلقها) أي
طلاقا بائنا، وأما لو طلقها طلاقا رجعيا ثم تزوج وقع عليه الطلاق في التي تزوجها ولا تنفعه نيته بكونها
معه لان الرجعية زوجة ما دامت في العدة، فلو طلق المحلوف لها طلاقا بائنا ثم تزوج وعادت المحلوف
لها بعقد جديد عادت عليه اليمين في المحلوف لها حتى تنقضي عصمتها على ما يأتي. قوله: (إنه نوى)
137

أي بحياتها. قوله: (فيما عدا الطلاق والعتق المعين) أي انها تقبل عند المفتي مطلقا، وكذا عند القاضي إن
كانت اليمين بالله، وأما إن كانت بطلاق أو عتق معين فلا تقبل عند القاضي فيهما. قوله: (للاحتمال) أي
نظرا للاحتمال. قوله: (كسمن ضأن إلخ) جعل هذا المثال مما خالفت فيه النية ظاهر اللفظ صحيح
حيث يكون سمن البقر مثلا أغلب وعند العكس وهو ما إذا كان الأغلب سمن الضأن تكون النية قرينة
مساوية لظاهر اللفظ كذا في بن، وحاصله: أنه إذا حلف لا يأكل سمنا وقال: أردت سمن الضأن
كانت تلك النية مخصصة ليمينه فلا يحنث بأكل سمن غيره سواء لاحظ اخراج غير الضأن أو لا بأن
ينوي إباحة ما عدا سمن الضأن أو لا أو لم يلاحظ ذلك لأنه لا معنى لنية الضأن إلا اخراج غيره وهذا
ما قاله ابن يونس. وقال القرافي: أن نية سمن الضأن لا تكون مخصصة لقوله: لا آكل سمنا إلا إذا نوى
اخراج غيره أو لا بأن ينوي إباحة ما عدا سمن الضأن، وأما لو نوى عدم أكل سمن الضأن فقط في
لا آكل سمنا من غير نية اخراج غيره أو لا فإنه يحنث بجميع أنواع السمن لان ذكر فرد العام بحكمه
يؤيده ولا يخصصه لعدم منافاته له، وما لابن يونس هو قول الجمهور وهو الراجح كما في طفي وبن.
قوله: (في لا يبيعه أو لا يضربه) لو قال في لا يفعل كذا كان أخصر وأشمل لصدقه بالبيع والضرب
وغيرهما. قوله: (إلا لمرافعة) أي إلا عند مرافعة للقاضي لدعواه عدم الحنث بسبب تخصيص نيته
أو تقييده ليمينه، فإذا رفعه من ادعى عليه الحنث وأقام بينة تشهد بأنه قد فعل ضد ما حلف عليه فادعى
التخصيص أو التقييد فإن القاضي يحكم بعدم قبول نيته إذا كان الحلف بطلاق أو عتق معين، أما لو كانت
اليمين بالله أو بعتق مبهم فإنه يقبل النية. فالحاصل أن الحالف لم ينكر الحلف وإنما يدعي عدم الحنث
لاعتقاده أن نيته تنفعه، والذي رفعه للقاضي يدعي عليه أنه قد حنث في يمينه لأنه فعل ضد ما حلف عليه
ويقيم عليه بينة تشهد بحلفه وبفعله ضد ما حلف عليه أو يقر المدعى عليه بذلك، أما لو أنكر الحلف وجلبت
عليه البينة لم تقبل نيته تخصيص العام وتقييد المطلق ولو كانت يمينه بغير طلاق وعتق معين كما أفاده عج
(قوله إلا لمرافعة) اللام بمعنى عند والمرافعة بمعنى الرفع فالمفاعلة ليست على بابها لان الرفع من جانب غيره
والمعنى: إلا عند رفع للقاضي، فلو ذهب للقاضي من غير أن يرفعه أحد وذكر ذلك له كان من قبيل الفتوى
كما في التوضيح. تنبيه: مما يقبل في الفتوى أن يقول الشخص: حلفت بالطلاق أني لا أفعل كذا ثم
يزعم أنه كاذب في ذلك القول وأنه لم يحلف فلا يقبل في القضاء إلا أن يشهد قبل الاخبار بأنه يستخلص
بذلك كما في ح. قوله: (أو استحلف) كان الأولى أو استحلاف إذ لا يعطف الفعل على الاسم إلا إذا كان
ذلك الاسم مشبها للفعل، وإن أجيب عنه بأن قوله أو استحلف عطف على معنى قوله إلا لمرافعة أي لا إن
روفع أو استحلف أي خصصت وقيدت إلا إن روفع فلا تقبل نيته في الطلاق والعتق المعين، أو استحلف
في حق فلا تنفعه مطلقا، وحاصله أنه إذا استحلف في وثيقة فلا تقبل نيته مطلقا كانت تلك النية مساوية
لظاهر اللفظ أو كانت مخالفة له، قريبة من التساوي لا في الفتوى ولا في القضاء، كانت اليمين بالله
أو بطلاق أو بعتق معين أو غير معين منجزا أو معلقا وظاهره عدم القبول ولو كان الحلف عند غير حاكم
وهو كذلك. وقوله: أو استحلف إلخ أفهم تعبيره بسين الطلب أنه لو طاع باليمين في وثيقة حق لنفعته نيته
وهو أحد قولين، والمعتمد أنها لا تنفعه وأن العبرة بنية المحلف مطلقا وحينئذ فتجعل السين والتاء زائدتين.
قوله: (أو بطلاق) فإذا حلف بالطلاق ليقضين غريمه في أجل كذا فمضى الاجل ولم يقضه فقال الحالف:
أردت طلقة واحدة. وقال المحلف: إنما نويت الثلاث فالعبرة بنية المحلف اه‍ خشن. ومثله في عبق نقلا عن
ابن القاسم وهو محمول على ما إذا صرح بذلك رب الحق تشديدا لأنه يقول: الرجعية لا يبالي بها، فاندفع قول بن:
138

إن الواحدة هي مقتضى لفظه فتقبل نيته. قوله: (أي توثق في حق) المراد بالتوثق قطع النزاع،
فالمعنى: إن استحلف لأجل قطع نزاع متعلق بحق. قوله: (من دين) كأن يدعي أن له عليه عشرة دنانير
من بيع فيحلف بالله أو بالطلاق أو بعتق عبيده أو عبده فلان ما لك عندي عشرة وينوي من قرض.
قوله: (أو غيره) أي كأن يدعي عليه بأن الشئ الفلاني وديعة فينكر ذلك ويحلف بالله أو بالطلاق أو
العتق ما له عندي وديعة وينوي حاضرة. قوله: (فلا تقبل نية الحالف) أي إذا تزوج عليها غير مصرية
وادعى أنه نوى أنه لا يتزوج عليها مصرية. والحاصل أن العبرة بنية الحالف إلا أن يحلف لذي حق
فالعبرة بنية المحلف فلا ينفع الاستثناء من الحالف كما لا تعتبر نيته. قوله: (في قوله: زوجتي طالق) حاصله
أنه إذا قال: زوجته طالق وقال أردت زوجتي التي ماتت قبل الحلف أو التي طلقتها قبل الحلف فلا تقبل
منه تلك النية، وكذلك إذا قال: أمتي حرة وقال أردت أمتي التي ماتت منذ مدة أو التي أعتقتها منذ
مدة فإنه لا تقبل منه تلك الإرادة، وكذا إذا قال لزوجته أو أمته هي حرام وقال: أردت أن كذبها
حرام فإنه لا يصدق ويلزمه الطلاق في الزوجة والعتق في الأمة. قوله: (لف ونشر مرتب) أي فقوله في
طالق وحرة راجع لميتة، وقوله أو حرام راجع للكذب. قوله: (في طلاق) أي إذا قال ذلك لزوجته وقوله
وعتق أي إذا قال ذلك للأمة وهذا مرتبط بقوله: ولا يصدق في دعواه إرادة حرمة الكذب في قوله:
أنت حرام. قوله: (إلا لقرينة تصدق دعواه) أي في إرادة الميتة ونحوها وإلا عمل عليها، ومثله إذا قامت
قرينة على إرادة الكذب وليس هذا من باب العمل بالنية فقط بل بها وبالقرينة. قوله: (ثم إن عدمت
النية) أي الصريحة وإنما قلنا ذلك لان البساط نية حكمية لقول ابن رشد أنه تحويم على النية. قوله: (أو لم
تضبط) أي أو لم تعدم النية الصريحة لكن عدم ضبط الحالف لها. قوله: (وهو السبب الحامل على اليمين)
هذا تعريف له باعتبار الغالب وإلا فهو المعبر عنه في علم المعاني بالمقام وقرينة السياق، وقد لا يكون سببا كما
في بعض الأمثلة الآتية كذا في حاشية السيد. واعلم أن البساط يجري في جميع الايمان سواء كانت
بالله أو بطلاق أو بعتق كما قال بعضهم:
يجري البساط في جميع الحلف وهو المثير لليمين فاعرف
إن لم يكن نوى وزال السبب وليس ذا لحالف ينتسب اه‍.
وقوله: وهو المثير أي السبب الحامل على اليمين. وقوله: إن لم يكن نوى، وأما إن نوى في مثال الشارح
لا أشتري لحما زالت الزحمة أو بقيت فإنه يحنث إذا اشتراه عند زوال الزحمة. وقوله: وزال السبب أما إن
لم يزل السبب فإنه يحنث. وقوله: وليس ذا أي السبب ينتسب للحالف أي أنه يشترط في نفع البساط
أن لا يكون للحالف مدخل في السبب الحامل على اليمين، فلو تنازع مع ولده أو زوجته أو أجنبي فحلف
عليه أن لا يدخل داره ثم زال النزاع واصطلح الحالف والمحلوف عليه فإنه يحنث بدخوله لان الحالف
له مدخل في السبب فالبساط هنا غير نافع، كما أنه لا ينفع فيما نجز بالفعل، كما لو تشاجرت زوجته مع أحد
فطلقها ثم زالت المشاجرة فلا يرتفع الطلاق لان رفع الواقع محال، كذا ذكر شيخنا السيد البليدي.
قوله: (بل هو نية ضمنا) أي فعطفه على النية باعتبار أن تلك نية صريحة وهذا نية ضمنية، والتحقيق أن
البساط من باب القرائن فهو أقوى من النية المخالفة، ولا ينافي ما تقدم عن ابن رشد من أنه تحويم على
النية لان المراد أنه تحويم على التصريح بها، وإذا علمت أنه من باب القرائن فالعطف ظاهر.
قوله: (لا حنث عليه) أي لا في الفتوى ولا في القضاء. والحاصل أن ظاهر المصنف ككلامهم اعتبار
البساط ولو مع مرافعة في طلاق أو عتق إلا أن المفتي يدين الحالف في دعواه، وأما في القضاء
فلا بد من ثبوت كون الحالف عند وجود البساط يعني بأن تشهد البينة عند المرافعة بالبساط فيحمل
139

عليه حينئذ كانت يمينه مما ينوي فيه أم لا، وأما إن شهدت البينة باليمين وادعى هو البساط فلا يعمل
عليه عند المرافعة، وقد صرح ابن رشد بهذا التفصيل ونقله عنه طفي. قوله: (يقول لحم البقر داء إلخ) أي
وكذا إذا قيل له: أنت تزكي الناس لأجل شئ تأخذه منهم فحلف بالطلاق أنه لا يزكي ولا نية فلا
يحنث باخراج زكاة ماله وإنما يحنث بتزكيته للناس، ومن جملة أمثلته كما في المج أن يحلف ليشترين دار
فلان فلم يرض ربها بثمن مثلها فأقوى القولين عدم الحنث كما في ح. وكذا إذا حلف ليبيعن فأعطى
دون الثمن. ومن جملة أمثلته كما في البدر القرافي ما إذا حلف أن زوجته لا تعتق أمتها وكانت أعتقتها
قبل ذلك فلا يحنث لأنه لو علم لم يحلف، ومنها لو حلف أنه ينطق بمثل ما تتكلم به زوجته فقالت: أنت طالق
فلا يحاكيها، ومنها لو حلفت زوجة أمير أنها لا تسكن بعد موته دار الامارة ثم تزوجت بعده أميرا آخر
فأسكنها بها لم تحنث لان بساط يمينها انحطاط درجتها بعد موته وقد زال ذلك. ومنها من ضاع صكه
فقال للشهود: اكتبوا لي غيره امرأته طالق لا يعلمه في موضع ولا هو في بيته ثم وجده في بيته فلا حنث
عليه عملا بمقتضى لفظه بل هذا من البساط على المشهور. ومنها لو حلف بطلاق زوجته أنه لا يأكل
بيضا ثم وجد في حجر زوجته شيئا مستورا فقالت: لا أريكه حتى تحلف بالطلاق لتأكل منه فحلف
فإنه لا شئ عليه إذا كان الذي في حجرها بيضا ولا يأكل منه لان بساط يمينه أنه يأكل منه ما لم يمنع
من الأكل مانع ولان علمه باليمين الأول يتضمن نية اخراجه. قوله: (خصص وقيد عرف قولي) أي
مدلول متعارف من القول أي لأنه غالب قصد الحالف واحترز بالعرف القولي من الفعلي فإنه لا
يخصص كما إذا حلف لا يأكل خبزا والحال أن الخبز اسم لكل ما يخبز فإذا كان بلد الحالف لا يأكلون
إلا الشعير فأكل الشعير عندهم عرف فعلي فلا يعتبر مخصصا، فإذا أكل الحالف خبز القمح فإنه يحنث،
وما ذكره المصنف هنا وفي التوضيح من عدم اعتبار العرف الفعلي فقد تبع فيه القرافي، وذكر ابن
عبد السلام أن ظاهر مسائل الفقهاء اعتبار العرف وإن كان فعليا. ونقل الوانوغي عن الباجي أنه صرح
بأن العرف الفعلي يعتبر مخصصا ومقيدا قال: وبه يرد ما زعمه القرافي وصرح اللخمي باعتباره أيضا،
وفي القلشاني: لا فرق بين القولي والفعلي في ظاهر مسائل الفقهاء. قوله: (لا يشتري ما ذكر) أي دابة أو
مملوكا أو ثوبا قوله: (ولا ثوب معين إلخ) بل لفظ الدابة يطلق عندهم على معناه لغة وهو كل ما دب على
الأرض، وكذلك الثوب يطلق عندهم على معناه لغة وهو كل ما يلبس فإنه يحنث حينئذ بركوبه ولو
لتمساح ولبسه ولو لعامة اه‍. ومن حلف لا يصلي ولفظ الصلاة إنما يطلق عندهم على المعنى اللغوي فإنه
يحنث بالدعاء إذ هو الصلاة لغة، وإنما قدم العرف القولي على المقصد اللغوي لان العرف القولي بمنزلة
الناسخ والقاعدة أن الناسخ مقدم على المنسوخ. قوله: (فلعلهم أرادوا مطلق الحمل) أي فلعلهم أرادوا
بكون المقصد اللغوي مخصصا ومقيدا أن اللفظ يحمل عليه وإن كان ليس ذلك تخصيصا ولا تقييدا
حقيقة. قوله: (بعد المقصد اللغوي) أي بعد وجوده وعدم معرفته، وليس المراد بعد عدمه لان المقصد
اللغوي لا يعدم ويوجد الشرعي لان الشرعي إما فرد من أفراد اللغوي أو مرادف له كما في الظلم فإنه تجاوز
الحد في كل من اللغة وعرف الشرع. لا يقال: المدلول الشرعي مدلول عرفي فيتكرر مع المدلول العرفي. لأنا
نقول: المدلول العرفي يطلق على العرفي الخاص وهو ما تعين ناقله كالشرعي واللغوي، والعرفي العام وهو
الذي لم يتعين ناقله، والمراد به هنا الثاني لا الأول. قوله: (والراجح تقديمه) أي المقصد الشرعي عليه أي على
140

اللغوي، بل الذي في سماع سحنون والذي في المواق تقديم المقصد الشرعي على العرفي، وبه جزم الشيخ
ميارة اه‍ بن. قوله: (بفوت ما حلف عليه لغير مانع) أي كما لو حلف ليطأن الليلة فتركه اختيارا حتى فاتت
الليلة. قوله: (ولو لمانع إلخ) رد بلو في الشرعي على ابن القاسم في مسألة الحيض، وعلى سحنون في مسألة بيع
الأمة. وفي العادي على نقل الشيخ عن أشهب من عدم الحنث. قوله: (لمن حلف ليطأنها الليلة) فبان بها
حيض يحنث عند مالك وأصبغ وقال ابن القاسم لا حنث عليه. قوله: (لمن حلف ليبيعنها) فبان بها حمل منه
فإنه يحنث خلافا لسحنون. قوله: (ومحل الحنث إن لم يقيد إلخ) أي أن الحنث في هذه المسائل التي فات
فيها المحلوف عليه لمانع شرعي أو عادي محله إذا أطلق الحالف في يمينه ولم يقيد بإمكان الفعل ولا بعدمه
وأولى لو قيد بالاطلاق كما لو قال: لأفعلنه مطلقا قدرت على الفعل أو لا، أما إن قيد بإمكان الفعل فلا
حنث بفواته. قوله: (لا يحنث لمانع عقلي) من جملة أمثلته ما إذا حلف ضيف على رب دار أنه لا يذبح له
فتبين أنه ذبح له أو حلف ليفتضن زوجته فوجد عذرتها سقطت فلا حنث لان رفع الواقع وتحصيل
الحاصل محال عقلا. قوله: (وإلا حنث) أي وإلا بأن فرط حتى فات حنث إلخ. قوله: (وهذا) أي ما ذكر
من الحنث مع التفريط إذا لم يوقت. والحاصل أن المحلوف عليه إذا فات لمانع عقلي فإما أن يكون
الحالف قد عين وقتا لفعله أو لا، فإن كان قد وقت وفات المحلوف عليه في ذلك الوقت لم يحنث إن لم يضق
الوقت ويفرط، وإن كان لم يوقت فلا حنث إن حصل المانع عقبه أو تأخر بلا تفريط، فإن فرط مع
التأخير حتى فات فالحنث. قوله: (فيشمل الموت ونحوه) أي كالحرق فإذا حلف ليلبسن هذا الثوب في
هذا اليوم فأخذه منه انسان وحرقه حتى صار رمادا فلا حنث عليه حيث وقت ما لم يضق الوقت
ويفرط، وأما إذا لم يوقت فلا حنث إلا أن يفرط. قوله: (والحاصل إلخ) قد نظم ذلك عج بقوله:
إذا فات محلوف عليه لمانع * فإن كان شرعيا فحنثه مطلقا
كعقلي أو عادي إن يتأخرا * و فرط حتى فات دام لك البقا
وإن أقت أو قد كان منه تبادر * فحنثه بالعادي لا غير مطلقا
وإن كان كل قد تقدم منهما * فلا حنث في حال فخذه محققا
قوله: (ولو تقدم على اليمين) انظر كيف يتصور التفريط في المانع المتقدم وقد يقال تفريطه بإمكان
الكشف عنه قريبا فتركه وحلف. قوله: (والعفو في القصاص) كما لو حلف انسان من أولياء المقتول أنه
ليقتصن من الجاني فعفا عنه بعض آخر من المستحقين أو تبين أنه عفا عنه قبل الحلف. قوله: (لا في نحو
الحيض) أي لان الحنث في مسألة الحيض مقيد كما في النقل بما إذا حلف ليطأنها الليلة أي فبان أنها
حائض أو طرأ لها الحيض بعد اليمين في تلك الليلة قبل وطئها، وأما إذا لم يقيد بالليلة فلا يحنث بحيضها
بل ينتظر طهرها في المستقبل ويطؤها حينئذ هذا هو الصواب كما في بن وطفي، خلافا لما يفيده كلام
عبق من الحنث مطلقا تأمل. قوله: (وبعزمه على ضده) ظاهره تحتم الحنث بذلك وهو طريقة ابن
المواز وابن شاس في الجواهر وابن الحاجب والقرافي، وقال غيرهم: غاية ما في المدونة أن الحالف
بصيغة الحنث المطلق له تحنيث نفسه بالعزم على الضد ويكفر، ولا يتحتم الحنث إلا بفوات المحلوف
عليه فله أن يرجع ليمينه ويبطل العزم كما إذا قال: إن لم أتزوج فعلي كذا ثم عزم على ترك الزواج فله
الرجوع للزواج وإبطال عزمه ولا يلزمه شئ مما حلف به ما لم يكن المحلوف به طلاقا وإلا لزمه بمجرد
141

العزم على الضد وتحنيث نفسه ولا يتأتى له الرجوع، انظر حاشية مج، واختار طفي هذه الطريقة
انظر بن. قوله: (فلا حنث بالعزم على الضد) أي وإنما يحنث بعدم فعل المحلوف عليه إذا فات الاجل
وبفعل المحلوف على تركه. قوله: (وحنث بالنسيان) أي على المعتمد خلافا لابن العربي والسيوري
وجمع من المتأخرين حيث قالوا بعدم الحنث بالنسيان وفاقا للشافعي كذا في البدر القرافي قوله: (أي
بفعل المحلوف عليه نسيانا) أي فإذا حلف أنه لا يأكل في غد فأكل فيه نسيانا فإنه يحنث على المعتمد، ولو
حلف بالطلاق ليصومن غدا فأصبح صائما فأكل ناسيا فلا حنث عليه كما في سماع عيسى وذلك لأنه
حلف على الصوم وقد وجد والذي فعله نسيانا هو الأكل، وهذا الأكل غير مبطل لصومه لان الأكل
في التطوع لا يبطله وهذا الصوم تطوع بحسب الأصل فلما لم يبطل صومه لم يحنث. قوله: (ما لم أنس)
أي أولا أفعله عمدا وأما لو قال: لا أفعله عمدا ولا نسيانا فإنه يحنث اتفاقا قوله: (فمن حلف لا يفعل كذا)
هذا مثال للخطأ. وحاصله أنه إذا حلف لا يدخل دار فلان فدخلها معتقدا أنها غيرها فإنه يحنث، ومن أمثلة الخطأ أيضا ما إذا حلف انه لا يتناول منه دارهم فتناول منه ثوبا فتبين ان فيه دراهم فإنه يحنث
وقيل بعدم الحنث، وقيل بالحنث إن كان يظن أن فيه دراهم قياسا على السرقة وإلا فلا حنث انظر ح.
قوله: (لكن في الحنث بالغلط) أي اللساني نظر والصواب عدم الحنث فيه، وما وقع في كلامهم من
الحنث بالغلط فالمراد به الغلط الجناني الذي هو الخطأ كحلفه أنه لا يكلم زيدا فكلمه معتقدا أنه
عمرو، وكحلفه لا أذكر فلانا فذكره لظنه أنه غير الاسم المحلوف عليه انظر بن. قوله: (وبالبعض) أي
وحنث بالحلف على ترك ذي أجزاء بفعل البعض منه، فمن حلف أنه لا يأكل رغيفا حنث بأكل لقمة
منه، ومن حلف أنه لا يلبس هذا الثوب حنث بإدخال طوقه في عنقه، وإن حلف لا يصلي حنث
بالاحرام، أو لا يصوم حنث بالاصباح ناويا ولو أفسد بعد ذلك فيهما بل في ح إن حلف لا يركب
حنث بوضع رجله في الركاب ولو لم يستقر على الدابة حيث استقل عن الأرض، وإن حلف إن
وضعت ما في بطنك فوضعت واحدا وبقي واحد حنث بوضع أحدهما قال: ولو حلف لا يطؤها حنث
بمغيب الحشفة وقيل بالانزال ولم يلتفتوا في هذا للبعض كأنه لتعويل الشارع في أحكام الوطئ على
مغيب الحشفة، ولو حلف أنه لا يدخل الدار لم يحنث بإدخال رأسه بخلاف رجله والأظهر إن اعتمد
عليها انظر البدر. قوله: (ولو قيد بالكل) أي بأن قال: لا آكل كل الرغيف وهذا هو المشهور، واستشكل
هذا بأنه مخالف لما تقرر من أن إفادة كل للكلية محله ما لم تقع في حيز النفي وإلا لم تستغرق غالبا بل يكون
المقصود نفي الهيئة الاجتماعية الصادق بثبوت البعض كقوله:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
ومن هنا من هذا القبيل ومن غير الغالب استغراقها نحو قول الله تعالى: * (والله لا يحب كل مختال فخور) * فتأمله،
إلا أن يقال: روعي في هذا القول المشهور الوجه القليل حيث لا نية ولا بساط لان الحنث يقع بأدنى
وجه فتأمله. قوله: (عكس البر) أي إذا كانت الصيغة صيغة حنث وحلف على فعل شئ ذي اجزاء فلا
يبر بفعل البعض، وذكر شيخنا وغيره أن من حلف عليه بالأكل فإن كان في آخر الأكل فلا يبر الحالف
إلا بأكل المحلوف عليه ثلاث لقم فأكثر، وإن لم يكن الحلف عليه في آخر أكله فلا يبر الحالف إلا بشبع
مثله. قوله: (لا بشرب ماء) أي لا يحنث بشرب ماء في حلفه لا آكل طعاما في هذا اليوم أو لفلان.
قوله: (والعرف يقدم) أي والعرف القولي يقدم على المقصد الشرعي، هذا وما ذكره من أن ماء زمزم طعام شرعا
فيه نظر لان غاية ما ورد فيه أنه لما شرب له فلا يلزم من قيامه قيام الطعام أن يكون طعاما بل هو ماء مطلق.
142

قوله: (لم يصل جوفه) أي لو وصل لحلقه قوله: (وبوجود أكثر) أي كما لو سأله خمسة عشر فحلف أنه ليس
معه إلا عشرة معتقدا ذلك فوجد ما معه أحد عشر فيحنث حيث كانت اليمين لا لغو فيها بأن كانت
اليمين بغير الله، أما إذا كانت اليمين مما ينفع فيها اللغو كاليمين بالله فلا حنث، وأما لو وجد معه أقل مما
حلف عليه فلا حنث سواء كان يمينه مما ينفع فيه اللغو أم لا لان المراد بقوله: ليس معي غيره ليس معي
ما يزيد على ما حلفت عليه كما يدل على ذلك بساط يمينه. قوله: (وبدوام ركوبه) أي ولا يتقيد ذلك بمدة
حيث أطلق بل ولو لحظة. قوله: (في حلفه لا أركب ولا ألبس) أي وأما لو حلف لأركبن وألبسن بر
بدوام الركوب واللبس أي بدوام الركوب في المدة التي يظن الركوب فيها ودوام اللبس في المدة التي
يظن اللبس فيها، فإذا كان مسافرا مسافة يومين وقال: والله لأركبن الدابة والحال أنه راكب لها فلا يبر
إلا إذا ركبها المسافة بتمامها ولا يضر نزوله ليلا ولا في أوقات الضرورات، وكذا يقال في حلفه لألبسن.
قوله: (واستمر داخلا فيحنث) أي وذلك لان استمراره على ذلك كالدخول ابتداء والسفينة كالدابة
فيما إذا حلف لا أركبها، وكالدار فيما إذا حلف لا يدخلها فإذا حلف لا يركب هذه السفينة فيحنث بدوام
ركوبه وإذا حلف لا يدخلها فلا يحنث بدوام المكث فيها. قوله: (وبدابة عبده في دابته) قال فيها: ومن حلف
أنه لا يركب دابة فلان فركب دابة عبده حنث إلا أن يكون له نية لان ما في يد العبد لسيده، ألا ترى أنه لو
اشترى من يعتق على سيده لعتق عليه؟ وهذا التعليل يقتضي عدم الحنث بركوب دابة مكاتبه وهو
ما ارتضاه البدر القرافي واختار غيره الحنث بركوبها نظرا للحوق المنة بها كلحوقها بدابة سيده الذي
هو المحلوف عليه. قوله: (ولذا) أي لأجل هذا التعليل لا يحنث بدابة ولده لان مال الولد ليس مالا لأبيه.
قوله: (ولو كان له اعتصارها) أي بأن كان قد وهبها له لكن القول بعدم الحنث في دابة الولد ولو كان
لوالده اعتصارها ذكر في المدونة أنه قول أشهب وهذا يدل على ضعفه كما قال الشيخ سالم، وأن المذهب
أنه يحنث بدابة الولد إن كانت موهوبة من والده وله اعتصارها لتحقق المنة فيها لا ما
لا اعتصار له. قوله: (بمعنى إلخ) أي انه ليس المراد بحنثه بذلك لزوم الكفارة بذلك الفعل بل المراد بحنثه
أنه لا يبر بذلك لان قصد الحالف زيادة الايلام وهو مفقود عند جمعها، فلو حلف لأضربنه
عشرين سوطا فجمع الأسواط وضرب بها مرة حنث لان الحنث يقع بأدنى سبب. قوله: (لصدق
اللحم عليهما) أي كما في قوله تعالى: * (لتأكلوا لحما طريا) * وقال أيضا: * (ولحم طير مما يشتهون) *
وما ذكره من الحنث بلحم الحوت إذا حلف لا آكل لحما عرف مضى، وأما عرف زماننا
خصوصا بمصر فلا يحنث بأكل لحم الحوت لأنه لا يسمى لحما عرفا قاله شيخنا. قوله: (وهريسة) هي أن
يطبخ اللحم مع القمح طبخا جيدا حتى يعزل العظم عن اللحم فيؤتى بعصا فيها غلظ ويعركون بها
ذلك حتى يصير كالعصيدة. قوله: (وما ذكره المصنف) أي من الحنث بأكل الكعك والخشكنان
143

والهريسة والإطرية إذا حلف لا آكل خبزا. قوله: (وديكة) هي ذكور الدجاج والدجاجة هي
إناث الدجاج قوله: (اختصاص الغنم بالضأن) أي وحينئذ إذا حلف لا آكل غنما إنما يحنث بأكل
الضأن لا بأكل المعز. قوله: (وحنث بسمن) أي انه إذا حلف لا يأكل سمنا فأكله مستهلكا في سويق
فإنه يحنث إلا أن ينويه خالصا وسواء وجد طعمه أم لا، قال في المدونة: وإن حلف لا يأكل سمنا فأكل
سويقا لت بسمن حنث وجد طعمه أو ريحه أم لا اه‍. ولابن ميسر: لا يحنث إذا لم يجد طعمه. قوله: (لأنه
يمكن استخلاصه بالماء الحار) أي فإن انتفى ذلك التعليل بأن لا يمكن استخلاصه بالماء الحار من
السويق فلا حنث. قوله: (لأنه لا يؤكل إلا كذلك) يؤخذ منه إذا انتفى هذا التعليل بأن كان
الزعفران يؤكل في غير الطعام فإنه لا يحنث بأكله مستهلكا في الطعام. قوله: (لا بكحل طبخ) أي
طرح في الطبيخ وأما بأكله موضوعا فوق الطعام فإنه يحنث لان شأن الخل أن لا يؤكل إلا في طعام
ولذا قال بعضهم: إن كلام المصنف ضعيف والمعتمد أنه يحنث ومع ضعفه هو مقيد بما إذا لم يعين، وأما
إذا عين بأن قال: لا آكل هذا الخل فإنه يحنث بأكله ولو استهلك في طعام قولا واحدا كذا قرر
شيخنا العدوي، ودخل بالكاف ماء الورد والزهر وماء الليمون وماء النارنج، وأما ذاتها فيحنث بها ولو
طبخت لبقاء عينها فهي أحرى من السمن والزعفران، ولا يدخل بالكاف العسل إذا طبخ في طعام
لنقل ابن عرفة الحنث فيه عن سحنون. قوله: (المعتمد أنه يحنث في هذه مطلقا استرخى لها أم لا) أي
لأنه حلف على فعلها وهي مختارة فيه وإن كان مكرها. وقوله: المعتمد أي خلافا لظاهر المصنف،
وأجاب بعضهم عنه بأن مفهوم وباسترخاء لها فيه تفصيل وهو عدم الحنث في الأولى والحنث في
الثانية. قوله: (وبفرار غريمه) لا يقال: الفرار إكراه وهذه الصيغة صيغة بر لأنا نقول: لا نسلم أن الفرار
إكراه سلمنا أنه إكراه فلا نسلم أن الصيغة صيغة بر بل صيغة حنث لان المعنى لألزمنك انظر
التوضيح اه‍ بن. قوله: (لا بحقي) أي إلا بعد أخذ حقي، ومثله حتى أستوفي حقي أو حتى أقبض حقي.
قوله: (وفرط) أي في القبض عليه حتى فر منه. قوله: (فبمجرد قبول الحوالة يحنث) أي ولو لم تحصل
مفارقة من الغريم لأنها بمنزلة المفارقة ولو قبض الحق بحضرة الغريم، وما ذكره المصنف من الحنث
بالحوالة وعدم الاكتفاء بها خلاف عرف مصر الآن من الاكتفاء بها، ومعلوم أن الايمان مبنية على
العرف. قوله: (إلا أن ينوي) أي بقوله: إلا بحقي، وكذا إذا صرح به بأن قال: لا فارقتك أو فارقتني ولي
عليك حق فإنه يبر بالحوالة. قوله: (وحنث إن لم يكن له نية) أي ولا قرينة ولا بساط. قوله: (نشأ بعد اليمين)
أي وأما الفرع السابق عليه فقد فارق قبل الحكم. قوله: (من هكذا الطلع) ليست من متعلقة بآكل بل
الجار والمجرور صفة لمحذوف للعلم به أي لا آكل شيئا من هذا الطلع، والشئ شامل للطلع وما تولد منه، وحينئذ
ظهر الفرق بين الاتيان بمن وعدم الاتيان بها وقد أشار الشارح لذلك في حله للمتن. قوله: (فيحنث بكل
فرع تقدم عن اليمين أو تأخر عنه) أي فيحنث بكل فرع تقدم لتلك النخلة أو الشاة بكل ما نشأ عنهما
لأنه لم يخص اللبن أو الطلع الحاضر بالإشارة بل أطلق فيهما وجعل الإشارة للنخلة والشاة، وليس المراد أنه
144

يحنث بكل فرع للطلع وكل فرع للبن وإن لم يكن ناشئا عن تلك النخلة أو تلك الشاة. والحاصل أنه
ليس المنظور له الفرعية من حيث كونها للطلع واللبن بل من حيث كونها للنخلة والشاة وإن كان فرع
الشاة والنخلة فرعا للطلع واللبن. قوله: (لكن الراجح) أي كما هو قول ابن القاسم خلافا للمصنف تبعا
لابن بشير القائل بالحنث في الفرع، وقد شهره ابن الحاجب واعترضه في التوضيح بأنه لم ير من ذكره
إلا ابن بشير. قوله: (في الخمس) أي ما إذا جمع بين من واسم الإشارة، أو حذف من أو اسم الإشارة أو
حذفهما معا وعرف الأصل أو نكره. قوله: (فظاهر) أي لكونه حلف على عدم الأكل منه ثم أكل.
قوله: (وأعاد هذه) أي مع أنه ذكرها أولا بقوله: وبالشحم في اللحم قوله: (كأن قال له إلخ) أي فحلف أنه لا يأكل
من حنطته هذه فيحنث بالأكل منها ومما أنبتته وبالأكل مما اشتراه بثمنها. قوله: (وهذا إذا كانت المنة
في شئ معين) أي وهذا إذا كان القصد باليمين قطع المنة بشئ معين أي كالمنة عليه بالأكل من حنطته.
قوله: (فيحنث بكل شئ وصله منه) سواء كان طعاما أو شرابا أو لباسا أو شيئا يستعين به على تحصيل
معاشه كدابة لحرث عليها. والحاصل أنه إذا من عليه بشئ معين فحلف عليه فإنه يحنث به وبما تولد
منه وبما اشتراه من ثمنه، ولا يحنث بما أعطى له من غيره سواء نوى ذلك عند يمينه أو لم ينو شيئا،
وأما إذا نوى عند يمينه أنه لا ينتفع منه بشئ أو نوى قطع منته مطلقا فإنه يحنث بكل ما وصل منه.
قوله: (لا يطلقون على الحمام اسم البيت) أي ولا على الحانوت والخان ومحل القهوة، وحينئذ فلا يحنث
بدخول الحمام ولا الخان ولا الحانوت ولا محل القهوة في حلفه: لا أدخل بيتا وإن كان كل واحد مما
ذكر يقال له بيت لغة لتقدم المدلول العرفي على المدلول اللغوي كما مر. قوله: (في دار جاره) أي جار المحلوف
عليه كان جارا للحالف أيضا أو لا. قوله: (والظاهر في هذا) أي الفرع عدم الحنث بدخوله عليه في بيت
جاره لان العرف الآن أنه لا يقال لبيت جارك أنه بيتك، وإنما يقال بيتك لما تملك ذاته أو منفعته، والايمان
مبناها العرف. قوله: (أو بيت شعر) العرف الآن يقتضي عدم الحنث فيه، إذ لا يقال للشعر في العرف
الآن أنه بيت وإن كان يقال له لغة، والمدلول العرفي يقدم على اللغوي كما مر. قوله: (إلا لنية أو بساط)
أي كأن يسمع بقوم انهدم عليهم المسكن فحلف عند ذلك أنه لا يسكن بيتا فلا يحنث بسكنى بيت
الشعر. قوله: (في حبس) أي بسبب حبس. وقوله بحق أي وأما لو حبس عنده ظلما فلا حنث.
قوله: (عام) احترز به عن المسجد المحجور فيحنث بدخوله عليه. قوله: (فلا حنث) أي عليه
145

في حلفه: لا أدخل على فلان بيتا أو لا اجتمع معه في بيت. قوله: (وبدخوله عليه ميتا) أي قبل الدفن. وقوله:
في بيت يملكه أي ذاتا أو منفعة. وقوله في حلفه لا أدخل عليه بيتا الأولى بيته ولو قال حياته أو
ما عاش لأنهما عرفا بمعنى أبدا. وقوله: لان له فيه حقا أي لان للميت في البيت الذي يملك ذاته أو منفعته
حقا وهو تجهيزه به فجرى ذلك مجرى الملك. قوله: (ولو استمر إلخ) أي خلافا لما نقله ابن يونس حيث
قال بعض أصحابنا: وينبغي على قول ابن القاسم أنه لا يجلس بعد دخول المحلوف عليه فإن جلس
وتراخى حنث ويصير كابتداء دخوله هو عليه اه‍. قال ح: وفيه نظر لأنه قد تقدم أنه لا يحنث
باستقراره في الدار إذا حلف لأدخلها وكذلك هنا لأنه إنما حلف على الدخول فتأمله اه‍ بن.
قوله: (إن لم ينو المجامعة) أي إن لم ينو الحالف بدخوله عليه بيتا اجتماعه معه في البيت لا حقيقة الدخول. وقوله:
وإلا حنث أي الحالف بدخول المحلوف عليه وإن لم يحصل جلوس. قوله: (أي إدراجه في كفنه) أي
خلافا لما استظهره البدر من عدم الحنث به، وأولى من التكفين في الحنث شراء الكفن له ولو لم يكن
الثمن من عنده لأنه نفع في الجملة. قوله: (فيما يظهر) أي لان هذا كله من توابع الحياة وهذا الذي استظهره
هو ما اختاره بن والمسناوي خلافا لعبق حيث قال: إنه لا يحنث ببقية مؤن التجهيز، وأما إذا لم
يقل حياته أو قال أبدا فإنه يحنث بفعل ما عاد منه منفعة له بعد الموت من مؤن التجهيز والدفن والصلاة
والصدقة عليه والدعاء له من غير خلاف، وفي كبير خش: إذا حلف لا ينفع فلانا فإنه يحنث بنفع
أولاده الذين تجب نفقتهم عليه. قوله: (إن أوصى أو كان مدينا) أي لأنه في تلك الحالة كان له حقا باقيا
في التركة فصدق عليه أنه أكل من طعامه. قوله: (بشئ معلوم غير معين) أي كمائة دينار مثلا
وحنث الحالف أي الذي حلف لا كلمهم فلانا. قوله: (كان عازما حين الكتابة) أي على كلامه أو كان
غير عازم على ذلك. قوله: (إن وصل) أي وكان الوصول بأمر الحالف، وأما لو دفعه الحالف للرسول
ثم بعد ذلك أمره بعدم إيصاله للمحلوف عليه فعصاه وأوصله فلا يحنث الحالف لا بإيصاله ولا
بقراءته على المحلوف عليه كما يأتي. قوله: (يستقل به الزوج) أي فلا يتوقف على حضور الزوجة ولا على
مشافهتها. قوله: (لا يستقل به الحالف) أي فيتوقف على حضور المخاطب ومشافهته. قوله: (أو أرسل له)
أي أو أرسل الحالف للمحلوف عليه. قوله: (وبلغه الرسول) أي وبلغ الرسول المحلوف عليه الكلام
أي وأما مجرد وصول الرسول فلا يوجب الحنث. قوله: (فينوي في الرسول مطلقا) أي لموافقة نيته
لظاهر لفظه ولم ينو في الكتاب والعتق والطلاق أي لان نيته مخالفة لظاهر لفظه لان الكلام شامل
للغوي والعرفي، بخلاف كلام الرسول فإنه لم يحصل به كلام لا لغة ولا عرفا. قوله: (وبالإشارة إلخ) أي
سواء كان سميعا أو أصم أو أخرس أو نائما، لكن الذي في ح أن الراجح عدم الحنث مطلقا خلافا
لظاهر المصنف إذ هو قول ابن القاسم واستظهره ابن رشد وعزاه لظاهر الايلاء من المدونة، ونص ابن
عرفة وفي حنثه بالإشارة إليه ثالثها في التي يفهم بها الأول لابن رشد عن أصبغ مع ابن الماجشون.
146

والثاني لسماع عيسى عن ابن القاسم وابن رشد مع ظاهر إيلائها. والثالث لابن عبدوس عن ابن القاسم اه‍ بن.
قوله: (والواو حالية) أي فالمعنى وحنث الحالف بكلامه للمحلوف عليه والحال أن المحلوف عليه لم
يسمع الحالف وإنما لم تجعل للمبالغة لان صورة ما لو سمعه لا يتوهم عدم الحنث فيها، وقد يقال: كل مبالغة
لا يتوهم نفي الحكم عما قبلها تأمل. تنبيه: لو كلم الحالف غير المحلوف عليه بحضرة المحلوف عليه يريد
إسماعه فسمع حنث وإن لم يسمعه ففي حنثه وعدمه قولا. ابن رشد مع نقله عن ابن زياد وسماع ابن
زيد عن ابن القاسم. قوله: (لا بقراءته بقلبه إلخ) معناه المطابق لسياق كلامه أن من حلف لا كلم فلانا
فإنه لا يحنث بكتاب وصل للمحلوف عليه من الحالف وقرأه المحلوف عليه بقلبه وإنما يحنث إذا قرأه
بلسانه وهو قول أشهب، لكن حمله على هذا يخالف قوله السابق وبكتاب إن وصل فإن ظاهره الحنث
بمجرد الوصول وهو ظاهر المدونة. وقال اللخمي: إنه المذهب وهو الراجح كما في ابن غازي فلذا عدل
الشارح تبعا لعبق عن حمله على ظاهره إلى قوله: لا يحنث من حلف لا يقرأ الكتاب إلخ وإن كان هذا
الحمل بعيدا من كلامه انظر بن. قوله: (أو قراءة أحد إلخ) كما لو قلت: والله لا أكلم زيدا ثم كتبت كتابا
لزيد ودفعته لعمرو ليوصله لزيد ثم بعد ذلك نهيت عمرا عن إيصاله لزيد فعصاك وأوصله له وقرأه
عليه أو قرأه أحد آخر عليه بغير إذنك فلا حنث عليك أيها الحالف بل لا حنث ولو قرأه المحلوف عليه
حيث كان وصوله له بغير إذن الحالف خلافا لما يوهمه قول المصنف أو قراءة أحد فإنه يوهم أن قراءته
هو ليست كذلك. قوله: (ولا بسلامه عليه بصلاة) يعني أن من حلف لا كلم زيدا فصلى المحلوف عليه
بقوم من جملتهم الحالف فسلم عليهم فردوا عليه السلام من الصلاة فإن الحالف لا يحنث بذلك، أو صلى
الحالف إماما بجماعة منهم المحلوف عليه وسلم الامام قاصدا التحليل والسلام على من خلفه فإنه لا يحنث
بذلك، وظاهره ولو كانت التسليمة التي قصد بها الامام الجماعة التي من جملتهم المحلوف عليه ثانية على اليسار
كما قال ابن ميسر خلافا لمحمد بن المواز حيث قال بالحنث في هذه. وظاهر كلام المصنف عدم الحنث
بالسلام عليه في صلاة سواء كان ذلك السلام في آخرها أو في أثنائها معتقدا إتمامها، وإنما لم يحنث بسلامه
عليه في الصلاة لأنه ليس كلاما عرفا بخلاف السلام خارج الصلاة وإن كان كل مطلوبا. قوله: (ولا بوصول
كتاب المحلوف عليه) أي أنه لو حلف لا كلمت فلانا ثم إن المحلوف عليه أرسل للحالف كتابا قرأه لم
يحنث لأنه إنما حلف لا كلمته لا كلمني قوله: (على الأصوب) أي على ما صوبه ابن المواز وعلى ما اختاره
اللخمي من قولي ابن القاسم وهما عدم الحنث والحنث. قوله: (وحنث بسلامه عليه) أي في غير صلاة.
وقوله معتقدا أنه غيره أي جازما أنه غيره فتبين أنه هو. لا يقال: هذا من اللغو فلا يحنث فيما يجري فيه
اللغو. لأنا نقول اللغو الحلف على ما يعتقد فيظهر نفيه والاعتقاد هنا ليس متعلقا بالمحلوف عليه
حتى يكون لغوا بل بغيره وذلك لان الاعتقاد تعلق بزيد فتبين أنه غيره وزيد ليس محلوفا عليه
بل المحلوف عليه عدم الكلام، وقوله معتقدا أنه غيره أي وأولى ظانا أو شاكا أو متوهما أنه غيره.
قوله: (فلا تنفعه) أي وإنما ينفعه الاخراج بالأداة متصلا بالكلام بأن يقول: السلام عليكم إلا فلانا، والحاصل
أنه إذا أخرجه من الجماعة قبل السلام فلا حنث عليه سواء كان الاخراج بالنية أو باللفظ، وإن
حدثت المحاشاة بعد السلام أو في أثنائه فلا ينفعه إلا الاخراج باللفظ لا بالنية، هذا وما ذكره الشارح
من أن نية الاخراج إذا حدثت في أثناء السلام لا تنفعه أحد قولين، والمعتمد أن الاخراج بالنية حال
السلام ينفع، فقد تقدم في مسألة المحاشاة أن الاخراج بالنية حال اليمين هل ينفعه أو لا؟ قولان والمعتمد أنه
ينفع، والاخراج حال السلام هنا كالاخراج حال اليمين. قوله: (وحنث بفتح إلخ) أي حنث من حلف
147

لا كلمت فلانا بفتح عليه سواء كان في غير الصلاة أو فيها ولو كان الفتح واجبا بأن كان المحلوف عليه إماما
وفتح الحالف عليه في الفاتحة. إن قلت: إذا لم يحنث بسلام الرد في الصلاة مع أنه مطلوب استنانا فأولى
أن لا يحنث بالفتح على إمامه إذا وجب. قلت: الفتح في معنى المكالمة إذ هو في معنى قل كذا واقرأ كذا
بخلاف سلام الصلاة، وما ذكرناه من الحنث بالفتح مطلقا هو المعتمد خلافا لمن قال: إنه يحنث بالفتح في
السورة ولا يحنث بالفتح عليه في الفاتحة. قوله: (وبلا علم إلخ) يعني أن من حلف على زوجته بالطلاق أو
بغيره أنها لا تخرج إلا بإذنه فأذن لها وخرجت بعد إذنه لكن قبل علمها بالاذن فإنه يحنث سواء أذن لها
وهو حاضر أو في حال سفره أشهد على الاذن أم لا. قوله: (لا تخرجي إلا بإذني) حذف منه النون لغير جازم
وهو لغة شاذة لأنه لكونه جوابا للقسم يتعين أنه خبر لا نهي قوله: (إلا بسبب إذني) أي وليس قصده
لا تخرجي إلا مصاحبة لاذني وإلا فلا حنث لان خروجها مصاحب لاذنه، فلو أذن لها ثم رجع في إذنه
فخرجت فمذهب ابن القاسم يحنث وقال أشهب: لا يحنث. قوله: (وبعدم علمه) حاصله أنه إذا حلف أنه
إن علم بالشئ الفلاني ليعلمن به زيدا فعلم به ولم يعلم به زيدا حتى علمه زيد من غير الحالف فإن الحالف
يحنث بذلك حتى يعلم زيدا، والمراد بحنثه بذلك أنه يصير على حنث ويطلب بما يبر به والذي يبر به إعلامه
زيدا مشافهة أو برسول أو كتاب، وليس المراد بحنثه أنه وقع في ورطة اليمين وتلزمه الكفارة. قوله: (فهو
مبالغة في المفهوم) والمعنى فإن أعلمه بر وإن كان الاعلام برسول وبالغ على الرسول لأنه قد يزيد أو
ينقص. قوله: (وهل الحنث إلا أن يعلم أنه علم بالخبر من غيره) فإن علم أنه علم بالخبر من غيره لم يحنث لتنزيل
علمه بإعلام غيره منزلة إعلامه هو لحصول المقصود بكل منهما. قوله: (تأويلان) الأول للخمي والثاني
لأبي عمران الفاسي. قوله: (أو بعدم علم وال ثان) حاصله أنه حلف طوعا لوال أو لمتول شيئا من أمور
المسلمين أنه إن رأى الشئ الفلاني الذي فيه ظفر المسلمين ومصلحة لهم ليخبرنه به فمات ذلك
الوالي المحلوف له أو عزل وتولى غيره، ثم إن ذلك الحالف رأى الامر فعليه أن يخبر به الوالي
الثاني فإن لم يخبره به فإنه يحنث أي لم يبر، وأما إعلام الأول والحال ما ذكر فلا يعتبر، وأما إذا حلف
للوالي أنه إذا رأى الامر الفلاني الذي فيه مصلحة لك لأخبرنك به ثم إنه عزل الوالي وتولى غيره
ورأي الحالف ذلك الامر فلا يبر إلا بإخبار الوالي الأول به دون الثاني ويكفي إعلام الأول
وإن برسول، فإن مات الأول قبل أن يعلمه الحالف والحال أن الحالف لم يفرط لم يحنث لان المانع
عقلي ولا يلزم الحالف إعلام وارثه أو وصيه بذلك الامر. قوله: (فلو كانت المصلحة للوالي) أي
الأول. وقوله: بل بعدم إعلام الأول أي بل يحنث بعدم إعلام الأول المعزول.
قوله: (وحنث بمرهون في حلفه لا ثوب لي) أي سواء زادت قيمته على الدين المرهون فيه
أم لا. قوله: (إلا أن ينوي غير المرهون) أي فإن نوى ذلك فلا حنث مطلقا اتفاقا، فإن
نوى لا ثوب لي تمكن إعارته لم يحنث إن كانت قيمته قدر الدين، وإن كان فيها فضل على
الدين فقولان بالحنث وعدمه والمعتمد عدمه، ومحل الخلاف إن كان قادرا على فك الرهن، فإن كان
لا يقدر عليه لعسره أو لكون الدين مما لا يعجل فلا حنث اتفاقا. قوله: (وفهم منه) أي من كلام
المصنف نظرا للعلة المذكورة. قوله: (ونوى) راجع لقوله: والعكس. وحاصله أنه إذا حلف أنه
148

لا يهبه أو لا يتصدق عليه وادعى أنه قصد الهبة والصدقة حقيقة لا عدم نفعه مطلقا فإنه لا يحنث
بالعارية وتقبل نيته عند القاضي حتى في الطلاق والعتق المعين مع المرافعة. قوله: (فتصدق عليه) أي فيحنث
ولا يقبل قوله: إنما أردت خصوص الهبة لا نفعه مطلقا إذا روفع في طلاق وعتق معين. قوله: (فإنه
لا ينوي) أي فيحنث ولا تقبل نيته أنه أراد خصوص العارية. قوله: (إلا فيما علمت) أي في الطلاق
والعتق المعين إذا حصلت مرافعة عند القاضي قوله: (وببقاء) يعني أن من حلف لا يسكن في هذه الدار
وهو فيها فإنه يجب عليه أن ينتقل منها فورا لان بقاءه سكنى عرفا، فإن بقي فيها بعد يمينه مدة تزيد على مدة
إمكان الانتقال حنث ولو كان البقاء ليلا وهذا مذهب المدونة، ومقابله قول أشهب: لا يحنث حتى يكمل
يوما وليلة، وقول أصبغ: لا يحنث حتى يزيد عليها اه‍ بن. وفي عج: أن هذا الذي مشى عليه المصنف
مبني على مراعاة الألفاظ ومن راعى العرف والعادة أمهله حتى يصبح فينتقل لما ينتقل إليه مثله
اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (لم يحنث) أي ولو كان في مدة النقل ساكنا. قوله: (
وكذا خوف ظالم) أي وكذا لا يحنث ببقائه ليلا لخوف ظالم أو سارق لأنه مكره على البقاء ويمينه صيغة بر ولا حنث فيها
بالاكراه كما مر. قوله: (بخلاف لأنتقلن) أي فإنه يجوز له العود للدار بعد الانتقال منها بعد نصف
شهر ولا بقيت ولا أقمت مثل لأنتقلن على المعتمد، وقيل مثل لا سكنت انظر بن، فعلى المعتمد يجوز له
الرجوع بعد نصف شهر إذا حلف لا بقيت في هذه الدار أو لا أقمت فيها، ولا يحنث بالبقاء إلا أن يقيد
بزمن. قوله: (لا في لأنتقلن) القلشاني قال ابن رشد في حمل يمينه: لأفعلن على الفور فيحنث بتأخيره أو على
التراخي فلا يحنث به قولان ثم قال: والقول بأنه على التراخي هو المشهور من المذهب ومثله في المواق.
قوله: (ولا يطأ امرأته) أي إذا كانت يمينه بطلاق حتى ينتقل فإن لم ينتقل ورافعته ضرب له أجل إيلاء
من يوم الرفع. قوله: (في لا سكنه إلخ) حاصله أنه إذا حلف لا ساكنه في هذه الدار وأحرى لو قال في دار
وكانا ساكنين بدار فإنه لا يبر إلا بالانتقال الذي يزول معه اسم المساكنة عرفا كان الانتقال منهما
أو من أحدهما، أو بضرب جدار بينهما سواء كان وثيقا كما لو كان من حجر أو آجر، أو كان غير وثيق
بأن كان من جريد، وهذا صورة المتن على الحل الأول الآتي للشارح وهو جعل قوله في هذه الدار
متعلقا بساكنه. وحاصل الحل الثاني أنه إذا حلف لا ساكنه وكانا ساكنين في دار فلا يبر إلا بالانتقال
عرفا أو بضرب جدار بينهما ولو غير وثيق، هذا إذا قال: لا ساكنه في دار بل ولو قال في هذه الدار
بقي ما لو قال: والله لا ساكنه وكانا بحارة أو بحارتين في قرية أو مدينة فالحكم أنهما إذا كانا بحارة
فلا بد من الانتقال سواء كانت يمينه لا ساكنه أو لا ساكنه في هذه الحارة، وإن كانت يمينه لا ساكنه
ببلدة أو في هذه البلدة فيلزمه الانتقال لبلد لا يلزم أهلها السعي لجمعة الأخرى بأن ينتقل لبلد على
كفرسخ، وإن حلف لا ساكنه والحال أنهما بحارتين لزمه الانتقال لبلدة أخرى على كفرسخ
إن صغرت البلدة التي هما بها لان القرية الصغيرة كمحلة، فإن كانت البلدة كبيرة فلا يلزمه
الانتقال وتلزمه المباعدة عنه وعدم سكناه معه، فإن سكن معه حنث قال اللخمي: إن كان
حين حلفه بمحلة انتقل لأخرى ومحلتين في مدينة لا شئ عليه إلا أن يساكنه وفي قرية انتقل
لأخرى لان القرية كمحلة، والذي في ح عن ابن عبد السلام ما نصه: وإن كانا حين اليمين في قرية
واحدة انتقل عنه إلى قرية أخرى ولم يفصل بين صغيرة وكبيرة. قوله: (بأن ينتقلا معا) أي من البيت
أو ينتقل أحدهما منه ويبقى الآخر ساكنا فيه. قوله: (اسم المساكنة عرفا) احترز بذلك عما إذا انتقل
149

كل واحد منهما لمكان لآخر وسكن فيه، فهذه الحالة لا يزول معها اسم المساكنة عرفا فلا يبر بها. وفي ح
عن ابن عبد السلام أنهما إذا كانا بمحل واحد وفوقهما محل خال، فإن انتقل أحدهما للعلو وبقي الآخر
في الأسفل أجزأه بشرط أن يكون لكل منهما مرافق مستقلة ومدخل مستقل، ورأي بعض الشيوخ
أن هذا إنما يكفي إذا كان سبب اليمين ما يقع بينهما من أجل الماعون، وأما العداوة فلا يكفي.
قوله: (وأحرى إن لم يعين) أي كما لو حلف لا ساكنه في دار والحال أنهما ساكنان في دار قوله: (ردا على ما قيل)
أي على ما قاله ابن رشد. قوله: (في المعينة) أي في الدار المعينة باسم الإشارة كما لو قال: والله لا ساكنته في
هذه الدار، وعلى هذا فالمصنف أشار بلو لخلافين والمعنى أو ضربا جدارا هذا إذا كان وثيقا بل وإن
كان جريدا خلافا لابن الماجشون، هذا إذا لم يعين الدار بأن قال: لا أساكنه، بل وإن عينها بأن قال:
لا أساكنه في هذه الدار خلافا لما نقله ابن رشد عن سماع أصبغ. قوله: (وكذا إن كان لا نية له) أي فالمعول
عليه مفهوم الشرط لا مفهوم قوله: لا لدخول. والحاصل أن مفهوم الشرط ومفهوم قوله لا لدخول
تعارضا فيما إذا كان لا نية له في يمينه، فمفهوم الشرط يقتضي عدم حنثه، ومفهوم الثاني يقتضي حنثه والمعول
عليه مفهوم الشرط. قوله: (فإن أكثرها حنث إلخ) إلا أن يشخص إليه من بلد آخر فلا بأس أن يقيم اليوم
واليومين والثلاثة. قوله: (بالعرف) أي وهو الأظهر. قوله: (بلا مرض) أي من غير أن يحصل مرض
للمحلوف عليه فيجلس ليعلله كذا في بن، وذكر غيره أن المراد من غير حصول مرض للحالف فعجز
عن الانتقال والظاهر اعتبار كل منهما كما قال شيخنا. قوله: (فمنطوقه عدم الحنث بانتفاء الامرين) بأن لم
تحصل كثرة الزيارة نهارا ولا البيات بلا مرض. وقوله: ومفهومه الحنث بوجودهما أي بأن أكثر
الزيارة نهارا وبات من غير مرض. وقوله: أو وجود أحدهما ذلك بأن أكثر الزيارة نهارا ولم يبت لغير
مرض بأن لم يبت أصلا أو بات لمرض أو أنه بات لغير مرض من غير إكثار للزيارة. قوله: (فإن بات
لمرض المحلوف عليه) أي أو لمرض الحالف كما علمت. قوله: (وهذا ظاهر) أي حنثه بوجودهما أو
بوجود أحدهما ظاهر إلخ. قوله: (حملا له على المقصد الشرعي) هذا يؤيد ما مر من أن المعتمد تقديم
المقصد الشرعي على اللغوي قوله: (أنه لا يرجع لمكان دون المسافة) أي قبل نصف الشهر. وقوله:
بعد المسافة أي وهي الأربعة برد. قوله: (كفى الانتقال لأخرى) أي ولا يشترط كونها على
مسافة القصر قال في التوضيح: وهذا إذا قصد إرهاب جاره ونحوه، وأما إن كره مجاورته فلا يساكنه
أبدا اه‍ بن. قوله: (فإن أطلق) أي فإن حلف لأنتقلن وأطلق ولم يقيد بالبلد أو الدار أو الحارة
لا لفظا ولا نية. وقوله: فالقياس أن لا يبر إلخ أي وحينئذ فيلزمه سفر مسافة القصر ومكث نصف
150

شهر وندب كماله. قوله: (فالمعنى بالنسبة للأول أنه يحنث إلخ) وذلك لان المعنى إذا حلف لا أسكن هذه
الدار فإنه يجب عليه أن يرتحل بجميع أهله وولده ومتاعه فورا، فإن ارتحل بأهله وولده وأبقى من
متاعه ما له بال فإنه يحنث، لا إن ترك نحو مسمار أو خشبة مما لا يحمل الحالف على العود إليه فإنه لا يحنث
بترك ذلك مطلقا سواء تركه ليعود إليه أم لا، وقيل: إن نوى العود إليه حنث لا إن نوى عدم العود أو
لا نية له فالتردد إنما هو فيمن نوى العود له. قوله: (إنه لا يبر) أي وذلك لان المعنى أن من حلف لينتقلن
يجب عليه الانتقال، فإذا نقل أهله وولده وأبقى رحله فلا يبر بذلك إلا إذا كان الباقي شيئا قليلا كمسمار
أو خشبة فإنه يبر. قوله: (وهل عدم الحنث) أي بإبقاء المسمار ونحوه. قوله: (تردد) التردد هنا للمتأخرين
في فهم قول ابن القاسم في الموازية، فإن ترك من النقل مثل الوتد والمسمار والخشبة مما لا حاجة له
به أو ترك ذلك نسيانا فلا شئ عليه اه‍. هل يقيد بما لم ينو عوده له فإن نوى عوده إليه حنث
أو يبقى على إطلاقه في عدم الحنث؟ ولما لم يكن اختلافهم في فهم المدونة عبر بالتردد دون التأويلين اه‍ بن.
وفي عج: ان التعبير بالتردد في محله وأن النقل اختلف عن ابن القاسم، فابن رشد في البيان نقل عنه
أنه يحنث فيما إذا نوى العود، ونقل عن أشهب ما يفيد أنه لا يحنث، وغير ابن رشد نقل عن ابن القاسم
عدم الحنث إذا نوى العود له. قوله: (خلافا لابن وهب) فإنه يقول بالحنث إذا لم يكن له نية أصلا أو نوى
العود إليه، فإن نوى عدم العود له فلا حنث. قوله: (وأولى كله) أي وقام رب الدين به وهذا القيد مصرح
به في المدونة، وظاهرها أنه يجري في العيب والاستحقاق كما نقله أبو الحسن اه‍ بن. قوله: (ولو
كان البعض الباقي يفي بالدين) وذلك لأنه ما رضي في حقه إلا بالكل فلما ذهب البعض انتقض الرضا،
وهذا في القضاء بغير الجنس وظاهره الحنث بالاستحقاق، ولو أجاز المستحق أخذ رب الحق ذلك
الشئ المقضى به الدين الذي استحقه وهو كذلك. قوله: (بعد الاجل) متعلق بمحذوف أي وكان
القيام بما ذكر من العيب والاستحقاق بعد الاجل، فعلم مما ذكر أن الحنث في مسألة الاستحقاق مقيد
بقيدين: أن يقوم رب الدين به وأن يكون قيامه بعد الاجل، وفي مسألة ظهور العيب مقيد بقيود ثلاثة
بزيادة كون العيب موجبا للرد فإن لم يكن موجبا للرد أو لم يقم رب الدين به بل سامح لم يحنث الحالف،
وإن قام رب الدين به قبل الاجل فلا حنث إن أجاز، وكذا إن لم يجز واستوفى حقه قبل مضي الاجل
وإلا حنث انظر ح اه‍ بن. قوله: (وببيع فاسد إلخ) صورتها حلف ليقضينه حقه إلى أجل كذا
فباعه عرضا قيمته أقل من الدين بيعا فاسدا بمثل الدين وقاصصه بالثمن وفات المبيع في يد صاحب
الحق قبل الاجل فإن مضى الاجل حنث لان المعاوضة الشرعية لم تحصل إلا أن يكون في القيمة وفاء
بالدين فإنه يبر. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا بأن كان في القيمة وفاء بالدين أو كمل الحالف للغريم بقية حقه
قبل مضي الاجل فلا حنث. قوله: (كأن لم يفت) هذا تشبيه بما قبله تام في منطوقه ومفهومه
ومنطوقه إن لم تف القيمة بالدين ومفهومه وفاؤها بالدين. قوله: (فإن لم يفت المبيع قبله ولا بعده إلخ) فيه نظر
لان ظاهر اللخمي كظاهر المصنف في أن الخلاف والاختيار جاريان فيما إذا لم يفت قبل الاجل سواء
فات بعده أم لا، ونص اللخمي: فإن مضى الاجل وهو قائم فقال سحنون: يحنث، وقال أشهب: لا يحنث
وأرى بره إن كان فيه وفاء اه‍ نقله المواق. وقد شرح ح كلام المصنف على ظاهره ولم يتعقبه، وقال
151

ابن عاشر: مفهوم قبله مندرج في قوله: كأن لم يفت لان هذا صادق بما إذا لم يفت أصلا وبما إذا فات
لكن بعد الاجل اه‍ بن. قوله: (لأنه لم يدخل في ملك المشتري) فيه نظر وذلك لدخوله في ضمان المشتري
بالقبض كما هو الموضوع وسيأتي للمصنف: وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض. قوله: (وقيل يحنث
مطلقا) أي سواء كان في القيمة وفاء بالدين أم لا، والفرض أن المبيع لم يفت قبل الاجل، فهذا مقابل
لاختيار اللخمي الواقع في المتن وكذا القول بعده، وتحصل مما ذكر أنه إذا حلف ليقضين فلانا حقه
إلى أجل كذا ثم باعه عرضا بيعا فاسدا وقاصصه بالثمن من حقه فلا يخلو إما أن يفوت ذلك المبيع
في يد المشتري الذي هو صاحب الحق قبل الاجل المحلوف إليه أو لا يفوت قبله، فإن فات قبله حنث
إن كانت القيمة لا تفي بالدين ولم يكمل الحالف للغريم بقية حقه قبل الاجل، وإن كانت القيمة تفي
بالدين أو أكمل الحالف للغريم بقية حقه قبل الاجل فلا حنث وهذا باتفاق، وإن لم يفت المبيع قبل
الاجل سواء فات بعده أو لم يفت أصلا فالمسألة ذات أقوال ثلاثة، قال سحنون: يحنث مطلقا، وقال
أشهب: لا يحنث مطلقا، واختار اللخمي التفصيل وهو الحنث إن لم يكن في القيمة وفاء بالدين وعدم
الحنث إن كان فيها وفاء به، واعترض على المصنف في قوله على المختار بأن الأولى أن يعبر بالفعل
لان هذا اختيار اللخمي من عند نفسه. وأجيب عنه بأن هذا التفصيل لما كان لا يخرج عن القولين
كان مختارا من الخلاف. قوله: (وبهبته له) يعني أنه إذا حلف ليقضينه حقه لأجل كذا فوهبه له رب
الدين وقبل الحالف الهبة فإنه يحنث. قوله: (ولا ينفعه إلخ) قال في التوضيح: وعلى الحنث فهل يحنث
بنفس قبول الهبة وإن لم يحل الاجل وإليه ذهب أصبغ وابن حبيب أو لا يحنث حتى يحل
الاجل ولم يقضه الدين ولو قضاه إياه بعد القبول وقبل حلول الأجل لم يحنث وهو ظاهر
قول مالك وأشهب؟ اه‍. قال ح: وعلى قول مالك وأشهب حمل بهرام كلام المصنف اه‍. وذكر
تت في كبيره عن ابن ناجي أنه المشهور، فالصواب حمل المصنف عليه بأن يقال معناه وحنث المدين
الحالف لأقضين حق فلان إلى أجل كذا فوهبه له رب الدين وقبل الحالف الهبة ومضى الاجل
ولم يقضه الدين خلافا لعبق وتبعه شارحنا، وبهذا تعلم أن قول الشارح: ولا ينفعه دفعه له بعد
القبول لا يسلم بل الحق أنه ينفعه دفعه له بعد القبول قبل الاجل ثم يرجع به عليه. قوله: (أو دفع
قريب عنه) يعني أنه إذا حلف لأقضينك حقك فدفع الحق لربه قريب الحالف بغير إذنه فإن الحالف
لا يبر سواء دفع ذلك القريب من مال نفسه أو من مال الحالف، وهذا محمول على قريب غير وكيل أو
وكيل تقاض له أو ضيعة أو بيع أو شراء، أما لو كان وكيل قضاء أو مفوضا فإنه يبر بدفعه أمره أم لا
علم بذلك وسكت أم لا انظر بن. قوله: (إلا بدفعه ثم أخذه) حاصله أنه إذا حلف لأقضين فلانا حقه
ثم تذكر أن ربه قبضه أو قامت له بينة بالقضاء فإنه لا يبر بذلك ولا يبر إلا بدفع الحق، وإذا دفعه
فإن شاء رجع به وإن شاء لم يرجع فقوله ثم أخذه يقرأ فعلا ماضيا أي والحكم أنه إذا دفعه أخذه أو
يقرأ بالرفع على أنه مبتدأ والخبر محذوف أي ثم له أخذه ولا يقرأ بالجر لئلا يوهم توقف البر على الدفع
والاخذ معا وليس كذلك بل البر بمجرد الدفع. ابن عاشر: وهذا إن قبل المحلوف له قبض المال، فإن أبى
وقال: لا حق لي لم يجبر على قبضه ويقع الحنث. وقال بن: إن أبى له أن يدفع للحاكم ليبر ثم يأخذه واستظهر
عج جبر رب الحق على قبوله إن أبى منه لأجل أن يبر الحالف. قوله: (وإلا لم يبر بدفع الحاكم) بل
بدفع وليه قال بعضهم: إنه يبر بدفع الحاكم ولو كان للمجنون ولي أو وكيل لأنه انعزل بجنونه،
وينبغي أن محل بره حيث لم يفق قبل الاجل وإلا فلا بد من دفعه له ثم أخذه اه‍ شيخنا عدوي.
قوله: (فقولان بالحنث وعدمه) الأول قول أصبغ نظرا إلى حين اليمين. والثاني قول ابن حبيب نظرا إلى حين
152

النفوذ. قوله: (لتعلق الحنث بالغد) أي الذي هو اليوم التالي ليومه. وقوله: لا بتسميته اليوم أي لا بتسمية
يوم الجمعة أو غيره. قوله: (لان الطعام قد يقصد به اليوم) قال أبو إبراهيم: حمل في الطعام على مقتضى
اللفظ وفي الدين على المقصد ولذا لو قصد في الدين اللدد بالتأخير وفي الطعام الرغبة في أكله لكونه
مريضا لانعكس الحكم. قوله: (وكان دنانير إلخ) أي وكان الحق دنانير إلخ. قوله: (وكانت قيمته قدر الحق)
رده اللقاني قائلا: ولا يشترط في هذا المبيع أن تساوي قيمته الدين لان الفرض أن البيع صحيح وتقييد
تت له بذلك أي بما إذا كانت قيمته قدر الحق غير ظاهر اه‍ عدوي. قوله: (لا أقل) أي بأن كانت قيمته
العرض أقل من الدين لم يبر ولو قدر أنه باعه بأزيد من قيمته بأن باعه بقدر الدين. قوله: (إن غاب المحلوف له)
أي أو كان حاضرا ولكن اختفى واجتهد الحالف في طلبه فلم يجده. قوله: (لان الإضافة تمنع منه) أي لان
إضافة وكيل إليه تمنع منه، وقد يقال: يمكن عطف مفوض على وكيل أي أو وكيل مفوض فحذف
الموصوف وأقيمت صفته مقامه فلا حاجة لجعل مفوض بمعنى تفويض. قوله: (وكيل ضيعة) أي
وهو الذي وكله على قبض خراجها والضيعة في الأصل هي العقار كما في القاموس. وذكر ابن مرزوق أن
وكيل الضيعة هو الذي يتولى شراء النفقة للبيت من لحم وخضار وصابون وغير ذلك وهو المشار له
بقول شارحنا: والمراد بوكيل الضيعة إلخ. قوله: (تأويلان) الأول لابن رشد والثاني لابن لبابة وعليه
الأكثر اه‍ بن. قوله: (فعلم أن وكيل الضيعة إلخ) اعلم أن ما ذكره المصنف محتمل لما قاله الشارح من
مساواة الحاكم ووكيل الضيعة ومن تقديم وكيل الضيعة على الحاكم لان قوله: وهل ثم وكيل ضيعة إنما
يفيد أن مرتبة وكيل الضيعة بعدما قبله، وهل الحاكم مساو له أو مؤخر عنه؟ محتمل ولكن النقل كما في
المواق هو ما ذكره الشارح من أن التأويل الأول يقول بتساويهما، والتأويل الثاني يقول بتقديم
الحاكم على وكيل الضيعة، وقول الشارح لا أنه مقدم عليه أي وإن كان كلام المصنف محتملا لذلك.
قوله: (من الأربعة) أي وكيل التقاضي والمفوض ووكيل الضيعة والحاكم. قوله: (بالأولين) أي بالدفع
لهما وهما وكيل التقاضي والمفوض. قوله: (دون الثالث) أي وهو وكيل الضيعة أي دون الدفع له. وقوله وفي
الرابع أي وفي الدفع للرابع وهو الحاكم تفصيل. قوله: (وأراد بجماعة المسلمين اثنين) ظاهره أن الواحد
من العدول لا يكفي، والذي في كبير خش وشب نقلا أن الواحد من جماعة المسلمين الذين يشهدهم
يكفي قوله: (فإن لم توجد عدالة فالجمع على أصله) أي لان زيادة العدد تجبر خلل الشهود، وظاهره أنه
يكتفي بثلاثة من غير العدول ولا يسلم هذا بل إذا عدمت العدول يستكثر من الشهود بحيث يغلب
على الظن الصدق المتأتي بالعدول كما هو القاعدة، وأشعر قوله جماعة يشهدهم أنه لا يبر بجعله عند عدل من
غير إشهاد عدلين وليس كذلك، بل الذي في ح عن اللخمي أنه لو دفع الحق لرجل من المسلمين
فأوقفه على يديه فإنه يبر إذا لم يكن لرب الحق وكيل ولا سلطان، ومثله في بهرام عن مالك في كتاب
محمد فقول الشارح بعد: ولا يبر بلا إشهاد إما أن يحمل على ما إذا أبقاه تحت يده أو أنه مقابل لما في ح.
153

قوله: (ولا يبر بلا إشهاد) أي لا يبر بإحضار جماعة المسلمين أو إخبارهم بأنه حلف ليقضين فلانا
حقه لأجل كذا، وأنه أحضر الحق قبل الاجل فلم يجده ولم يشهدهم على إحضار الحق وعدده ووزنه.
قوله: (الأولى) أي لان ليلة كل يوم مقدمة عليه. قوله: (من الشهر) أي الثاني فإذا مضى ذلك ولم يوفه
حقه كان حانثا. قوله: (وله في حلفه إلخ) حاصله أنه إذا حلف ليقضينه حقه إلى رمضان أو إلى استهلال
رمضان فظرف القضاء شعبان لا غير، فبمجرد انسلاخ شعبان واستهلال رمضان ولم يوفه حقه كان
حانثا، وأما لو قال: لأقضينه حقه لاستهلال رمضان فله يوم وليلة من رمضان فلا يحنث إلا إذا مر أو لم
يوفه، فقول المصنف: أو لاستهلاله ضعيف. قوله: (ومثله) أي مثل إلى رمضان. قوله: (بين جره) أي
الاستهلال باللام وجره بإلى. قوله: (ولبسه على هذه الحالة) أشار بذلك إلى أنه ليس مراد المصنف
مجرد الجعل وإن لم يلبس إذ لا حنث بذلك. قوله: (لا إن كرهه لضيقه) عطف على مقدر أي إن كرهه
لذاته لا إن كرهه لضيقه أي لا إن كان الحامل على حلفه على عدم لبسه ضيقه أو سوء صنعته فقطعه
وجعله قباء أو عمامة ولبسه فإنه لا يحنث بذلك، وهذا إذا كالمحلوف عليه مما يلبس كأن كان قميصا
أو قباء وما أشبه ذلك. وأما إن كان مما لا يلبس بوجه مثل الشقة فإذا حلف لا يلبسها ثم قطعها ولبسها
فإنه يحنث ولا ينوي أنه أراد ضيقها قاله أبو عمران. قوله: (ولا وضعه إلخ) أي أنه إذا حلف لا يلبس
الثوب الفلاني فوضعه على فرجه من غير لف ولا إدارة فإنه لا يحنث. قوله: (لفساد المعنى) أي لان
المعنى حينئذ لا يحنث بجعله قباء أو عمامة إن كان قد وضعه على فرجه. قوله: (أي لا أدخل منه للدار)
أشار بذلك إلى أن كلام المصنف من باب الحذف والايصال أي أنه حذف منه الجار وأوصل الضمير
بالفعل. قوله: (كراهة ضيقه أو نحوه) أي كمروره على ما لا يحب الاطلاع عليه. وقوله: فلا حنث أي
بدخوله من ذلك الباب بعد تغييره. قوله: (وبقيامه على ظهره) يعني أنه إذا حلف لا أدخل على فلان
بيتا يسكنه فإنه يحنث بقيامه أي علوه ولو مرورا على ظهر ذلك البيت الذي سكنه فلان المحلوف عليه
من غير دخول بأن نزل على سطحه من سطح الجار، لان الاستقرار على ظهره ولو مرورا يعد دخولا.
وأما لو حلف ليدخلن على فلان بيته فاستعلى على ظهره من غير دخول فإنه لا يبر بذلك احتياطا كما في
حاشية السيد لان الحنث يقع بأدنى سبب والبر يحتاط فيه. قوله: (وبمكتري إلخ) أي أنه إذا حلف
لا أدخل على فلان بيتا أو بيته الذي يسكنه فإنه يحنث بدخوله عليه في بيت ساكن فيه، سواء كان
مالكا لرقبته أو منفعته فقط بكراء أو إعارة لان البيت لساكنه وهذا إذا لم يقيد بملكه، وأما لو قال:
لا أدخل لفلان بيتا يملكه فلا حنث بدخول بيت الكراء أو الإعارة. قوله: (وبأكل إلخ) أي وحنث
الحالف بأكله من ولده طعاما دفعه له المحلوف عليه أنه لا يأكل له طعاما، وكذا لو دفعه لولد الحالف غير
المحلوف عليه والفرض أنه من عند المحلوف عليه بأن أرسله الولد مع الرسول. قوله: (وإن لم يعلم) أي خلافا
لسحنون القائل بعدم الحنث عند عدم لعلم. قوله: (إن كانت نفقته عليه) هذا شرط أول في الحنث. وقوله:
ولا بد إلخ شرط ثان فيه فإن اختل شرط منهما فلا حنث، وهذان القيدان قيد بهما بعض القرويين قول الإمام
بالحنث. قوله: (ولا بد من كون المدفوع للولد يسيرا) أي وهو الذي لا ينتفع به إلا في الوقت كالكسرة.
154

قوله: (إذ ليس للأب رد الكثير) أي لأنه لا مصلحة في رده، بخلاف اليسير فإن له أن يقول: نفقة ولدي علي
فليس لأحد أن يحمل عني منها شيئا. قوله: (على ملك ربه) أي الذي هو المحلوف عليه. قوله: (والعبد كالولد)
أي فكما يحنث الحالف بالأكل من طعام المحلوف عليه المدفوع لولده يحنث بأكله منه إذا كان مدفوعا
لعبده. قوله: (والعبد كالولد) ظاهره ولو كان مكاتبا قال شيخنا: والظاهر اعتبار ما يؤول إليه. قوله: (إلا أنه يحنث
بأكله مما دفع له ولو كان كثيرا) أي لان للسيد رد ما وهب لعبده سواء كان كثيرا أو قليلا إلا أن يكون على
العبد دين كذا عللوا، لكن انظره مع قول المصنف الآتي في الهبة ولغير من أذن له القبول بلا إذن فالأولى
التعليل بأن ما بيد العبد ملك للسيد لان له انتزاعه منه. قوله: (بخلاف الوالدين) أي اللذين تجب نفقتهما
على الحالف فلا يحنث بالأكل مما دفع لهما سواء كان قليلا أو كثيرا لأنه ليس له رده لان الوالدين ليسا
محجورا عليهما للولد، فاندفع ما يقال العلة الجارية في إعطاء اليسير للولد الفقير تجري في إعطاء اليسير
للوالدين الفقيرين فما الفرق؟ وحاصل الفرق أن الولد محجور عليه للوالد دون العكس اه‍ عدوي.
تنبيه: قوله: بخلاف الوالدين أي وكذا ولد الولد لعدم وجوب نفقته عليه. قوله: (مثلا) أشار بهذا إلى
أنه لا مفهوم للكلام بهذا الحكم بل مثله لا ألبسه أو لا أركبه الأيام إلخ. قوله: (لا أكلمه الأيام إلخ) مثله لا
أكلمه فقط حيث لا بساط ولا نية إلخ. قوله: (في حلفه على كأيام) أي بأن حلف لا أكلمه أياما أو شهورا أو
سنينا. قوله: (لأنها أقل الجمع) أورد عليه أن النكرة في سياق النقي تعم فمقتضاه أنه لا يكلمه أبدا وان التنكير
كالتعريف، ويجاب بأن العرف جرى في التنكير على عدم الاستغراق فإنه يتبادر منه أن معنى لا أكلمه
أياما لا تركن كلامه أياما. قوله: (ولا يحسب يوم الحلف) أي لا يحسب يوم الحلف من الأيام الثلاثة
حيث سبق اليمين بالفجر لكنه لا يكلمه فيه فإن كلمه فيه حنث، وكذا يقال فيما بعد من كلام المصنف،
وقيل إن يوم الحلف لا يلغى بل تكمل بقيته من اليوم الذي يلي اليومين الصحيحين، وظاهر ما في كتاب
النذور ترجيحه، وكلام بعض الشراح يقتضي ترجيح القول الأول، فإن وقع الحلف ليلا اعتبرت
صبيحة ذلك اليوم من الأيام الثلاثة قولا واحدا اه‍ عدوي. قوله: (قولان) الأول للعتبية والواضحة،
والثاني لابن القاسم في الموازية، والأول مبني على تقديم المقصد الشرعي على العرف القولي، والثاني
بالعكس والراجح من القولين والأول كما في المج. قوله: (وسنة في حين إلخ) لعل هذا إذا اشتهر استعمال
هذه الألفاظ عرفا في السنة وإلا فيلزمه أقل ما يصدق عليه لغة اه‍ بن. قوله: (في حين) أي في حلفه
لا أكلمه حينا أو زمانا أو عصرا أو دهرا. قوله: (بخلاف الأخيرة) أي بخلاف الثلاثة الأخيرة وهي
زمان وعصر ودهر فإنه يلزم في تعريفها الأبد رعيا للعرف وإن كان الزمان هو الحين لغة، فإن جمع بين هذه
الألفاظ بالواو في يمين واحدة بأن قال: والله لا أكلمه حينا وزمانا وعصرا ودهرا حمل على التأكيد على
الظاهر وإن جمع بينها بالفاء أو ثم فللمغايرة، وإن قال: أحيانا أو زمانا أو عصرا أو دهورا لزمه ثلاث سنين.
قوله: (أو بتزوجه بغير نسائه إلخ) أي ولو دخل بها. قوله: (لدناءتها عنهن) أي بالنظر للعرف كالكتابية
والفقيرة والزانية. قوله: (ومعنى حنثه أنه لم يبر) أي أو يحمل حنثه على ما إذا عزم الضد. قوله: (بأنواع
الضمان كلها) أي سواء كان ضمان غرم أو ضمان وجه أو ضمان طلب، وبهذا قيد التكفل في كلام
المصنف بالمال كما قيدت به المدونة. والحاصل أنه إذا حلف لا أتكفل بمال فإنه يحنث بضمان
الغرم أو بضمان الوجه إن لم يشترط عدم الغرم ولا يحنث بضمان الطلب، وأما إذا حلف لا أتكفل
155

وأطلق فإنه يحنث بأنواع الضمان الثلاثة كلها. قوله: (وحنث به إلخ). حاصله أنه إذا حلف
لا أضمن فلانا فإنه يحنث بضمانه لوكيله فيما اشتراه أو اقترضه للمحلوف عليه والحال أنه لم يعلم بوكالته له
بشرط أن يكون ذلك الوكيل المضمون في الواقع من ناحية الموكل صديقا ملاطفا أو قريبا، فإن لم يكن
من ناحيته فلا حنث، وأشار المصنف بهذا لقول المدونة: ومن حلف أن لا يتكفل لفلان بكفالة
فتكفل لوكيله ولم يعلم بوكالته عنه، فإن لم يكن الوكيل من سبب فلان وناحيته لم يحنث الحالف اه‍.
ومفهوم الشرط أن الوكيل لو كان من سبب فلان وناحيته فإن الحالف يحنث. قوله: (تأويلان) سببهما
أن ابن المواز قيد الحنث نقلا عن مالك وأشهب بما إذا علم الحالف أنه من ناحيته بأن علم بقرابته أو
صداقته له، فذكر عياض عن ابن يونس أنه حمل المدونة عليه وحملها هو على ظاهرها علم أنه من ناحيته
أم لا، وعلى التأويل الأول إذا ادعى الحالف أنه لم يعلم أن ذلك الوكيل من ناحية المحلوف عليه فإنه يصدق
كانت يمينه بالله أو بالطلاق أو العتق إن كان غير مشهور بأنه من ناحيته، فإن كان مشهور بأنه من ناحيته
لم تقبل دعواه إذا كانت يمينه بطلاق أو عتق مع الرافعة وتقبل إذا كانت اليمين بغيرهما أو بهما مع الفتوى
اه‍ بن. قوله: (أما إن علم أنه وكيل فالحنث اتفاقا) الأولى مطلقا أي سواء كان من ناحيته أو لا علم بأنه من
ناحيته أو لا. والحاصل أنه إن علم بالوكالة فالحنث مطلقا، وإن لم يعلم بها فلا يحنث إلا إذا كان من
ناحيته في الواقع. وهل يشترط علمه بأنه من ناحيته أو لا؟ خلاف، وكل هذا إذا ضمن الوكيل فيما اشتراه
أو اقترضه للمحلوف عليه، وأما لو ضمن الحالف الوكيل فيما اشتراه أو اقترضه لنفسه فإنه لا يحنث ولو علم
حين الضمان أنه وكيل المحلوف عليه. قوله: (وبقوله إلخ) صورتها: أعلم زيد خالدا بأمر واستحلفه على كتمانه ثم إن
زيدا أسره لغير خالد فأسره ذلك الغير لخالد وأخبره به فقال خالد للمخبر له: ما ظننت أن زيدا قال ذلك
الامر لغيري فإنه يحنث بذلك لتنزيل قوله ما ظننته قاله لغيري منزلة الاخبار. قوله: (وباذهبي إلخ)
صورتها: قال لزوجته إن كلمتك قبل أن تفعلي الشئ الفلاني فأنت طالق ثم قال لها: اذهبي فإنه يحنث
الآن بذلك لان قوله اذهبي كلام قبل أن تفعل المحلوف على فعله وهذا هو المشهور، ومقابله لابن كنانة
أنه لا يحنث، ومثل ما ذكره المصنف ما إذا حلف لا كلمتيني حتى تقولي أحبك فقالت له: عفا الله عنك
إني أحبك فيحنث بقولها عفا الله عنك لأنه كلام صدر منها قبل قولها أحبك. قوله: (ظرف لحنث
المقدر) أي انه يحنث من الآن عقب قوله: اذهبي ولا يتوقف الحنث على كلام آخر خلافا لابن كنانة
والظاهر أنه ظرف لاذهبي تأمل. قوله: (وليس قوله لا أبالي إلخ) صورته: حلف بالطلاق أو غيره أنه
لا يكلم زيدا مثلا حتى يبدأه بالكلام فقال له زيد: إذا والله لا أبالي بك فإن هذا لا يكون تبدئة معتدا بها
في حل اليمين، فإن كلمه قبل صدور كلام غير هذا حنث وإنما لم يجعل قوله: لا أبالي بك كلاما لأنه في جانب البر
وهو لا يحصل إلا بكلام معتد به، وجعل قوله: اذهبي كلاما لأنه في جانب الحنث وهو يحصل بأدنى
سبب. ثم إن ظاهره أن لا أبالي لا يعد بدأ معتدا به ولو كرر، ولو قال: والله لا أبالي وهو كذلك كما في التوضيح
نقلا عن ابن القاسم في العتبية. قوله: (وبالإقالة إلخ). حاصله أن من باع سلعة لشخص بثمن لم يقبضه من
المشتري، ثم إن المشتري سأله في حط شئ من الثمن فحلف البائع لا ترك من حقه شيئا فتقايلا في السلعة
المبيعة فإن كانت قيمتها حين الإقالة قدر الثمن الذي بيعت به فأكثر تحقيقا فلا حنث، وإن كانت أقل
منه حنث إلا أن يدفع له المشتري ما نقصته القيمة وإلا فلا حنث ما لم يكن الدفع على وجه الهبة وإلا
156

فيحنث اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (أنها إن وفت إلخ) اشتراط الوفاء في عدم الحنث مبني على أن الإقالة
بيع، وأما على أنها رد للبيع الأول فلا حنث مطلقا ولو كانت القيمة حين الإقالة أقل من الثمن الذي حصل
به البيع لان بساط يمينه إن ثبت لي حق فلا أضع منه شيئا، وحيث انحل البيع ورد فلم يثبت للبائع حق
عند المشتري. قوله: (لا إن أخر الثمن) عطف بحسب المعنى على قوله: وبالإقالة أي لا بتأخير الثمن.
قوله: (إذا وقع ابتداء) أي إذا اشترط في صلب العقد. وقوله: وأما بعد تقرره أي الثمن. وقوله: فليس أي الاجل
من الوضيعة. قوله: (ولا إن دفن مالا) لا مفهوم للدفن بل مثله الوضع بلا دفن. قوله: (فلم يجده حال طلبه)
أي لنسيانه المكان الذي دفنه أو وضعه فيه. قوله: (ثم وجده مكانه) أي ثم أمعن فيه النظر ثانيا فوجده
في مكانه الذي دفنه فيه. قوله: (وأولى في غيره) وجه الأولوية عذره في الجملة إذا نقل عن مكانه واحتمل
أنها الناقلة له، وما ذكره الشارح من تساوي الحالتين في عدم الحنث هو ما للخمي، ومقتضى كلام ابن
عرفة خلافا لابن بشير حيث قال بالحنث في الثانية لتفريطه انظر التوضيح. وحاصل ما في
المقام أنه لا حنث إذا وجده في محله أو تبين أنها أخذته لوجوده في مكان من متعلقاتها، وسواء كان حين
الحلف معتقدا أنها أخذته أو ظانا أو شاكا، وسواء كان الحلف بطلاق أو غيره فهذه اثنتا عشرة صورة
لا حنث فيها، وذلك لان معنى يمينه أنه إن كان قد أخذ لم يأخذه غيرك أي وقد ظهر أنه لم يؤخذ أو أنها
أخذته، وأما إذا كان حين الحلف جازما بعدم الاخذ والحال أنه قد وجد في موضعه أو تبين أنها
أخذته فإن كانت اليمين طلاقا حنث وإن كانت بالله كانت غموسا لا كفارة فيها فهذه أربع صور تضم
للاثني عشر المتقدمة فالجملة ستة عشر، وأما إن تبين أن غيرها أخذه أو لم يتبين شئ فإن كان حين اليمين
جازما بعدم أخذها له أو ظانا عدمه أو شاكا في ذلك فإن كانت اليمين بغير الله حنث، وإن كانت بالله كانت
غموسا لا كفارة فيها فهذه اثنتا عشرة صورة، وإن كان حين اليمين جازما بأخذها له أو ظانا له فإن لم يتبين
أخذ أحد له فلا حنث كانت اليمين بالله أو بغيره، وإن تبين أن غيرها أخذه حنث إن كانت اليمين بغير
الله ولا حنث إن كانت اليمين بالله لأنها لغو. والحاصل أن الأحوال أربعة: تارة يوجد المال في
مكانه، وتارة يوجد عندها، وتارة يوجد عند غيرها، وتارة لا يوجد أصلا، وفي كل إما أن يكون حين
الحلف جازما بأنها أخذته أو بأنها لم تأخذه أو ظانا أخذها له أو شاكا فيه فهذه ستة عشر، وفي كل إما أن
يكون الحلف بالطلاق أو بغيره فالجملة اثنتان وثلاثون صورة وقد علمتها. قوله: (من متعلقاتها) أي
من متعلقات المرأة المحلوف عليها بأنها أخذته. قوله: (إن كانت يمينه بطلاق إلخ) أي لا إن كانت يمينه
بالله أو بصفته لان هذا من لغو اليمين، واللغو لا يفيد في غير الله والموضوع أنه حلف معتقدا أخذها
أو ظانا له. قوله: (وبتركها عالما). حاصله أنه إذا حلف لا خرجت أو لا فعلت كذا إلا بإذني فإنه
يحنث بخروجها بغير إذنه سواء علم بخروجها ولم يمنعها أو لم يعلم بخروجها، أما حنثه إذا لم يعلم بخروجها
فظاهر، وأما حنثه إذا علم بخروجها ولم يمنعها فلان علمه بخروجها وعدم منعها منه ليس إذنا في
الخروج فلا بد من الإذن الصريح ولا يكفي العلم لان الاذن هنا في جانب البر والبر يحتاط فيه، فلذا
كان العلم بخروجها غير كاف فيه، ولا بد فيه من الإذن الصريح بخلاف الاذن في المسألة الآتية فإنه
في جانب الحنث وهو يقع بأدنى سبب فالعلم فيه بمثابة الاذن فلذا حنث به. قوله: (فإن أذن اشترط)
أي في بره علمها بإذنه قبل خروجها. قوله: (لا إن أذن لامر إلخ) صورته أنه حلف لا يأذن
لزوجته في الخروج إلا لبيت أبيها مثلا فأذن لها في ذلك فزادت عليه بأن ذهبت لغيره قبله أو بعده
أو اقتصرت على غيره من غير علم حال الزيادة فلا شئ عليه، وأما لو زادت وهو عالم بزيادتها ولم يمنعها فإنه
157

يحنث لان علمه كإذنه وقد حلف أنه لا يأذن لها في ذلك الزائد. قوله: (وقيل لا يحنث مطلقا) أي
علم بالزيادة أو لم يعلم بها، والقول الأول سماع ابن أبي زيد من ابن القاسم وهو المعتمد، والقول الثاني
نقل الواضحة عن ابن القاسم وهو ضعيف. واعلم أن محل الخلاف إذا خرجت ابتداء لما أذن لها فيه
ثم زادت عليه، وأما لو ذهبت لغير ما أذن لها فيه ابتداء ثم ذهبت لما أذن لها فيه بعد ذلك فإنه يحنث
اتفاقا سواء علم بالزيادة أم لا، ومحله أيضا ما لم يقل لها لا آذن لك في غيره وإلا حنث مطلقا اتفاقا.
قوله: (وبعوده لها) أي طائعا لا مكرها لان الصيغة صيغة بر ولا حنث فيها بفعل المحلوف على تركه كرها
بالقيود المتقدمة، واعترض على المصنف في تعبيره بالعود لان الحنث لا يتقيد بما إذا كان ساكنا ثم عاد،
وأجيب بأن العود قد يطلق بمعنى الدخول أو لا كما في قوله تعالى: * (أو لتعودن في ملتنا) * أي لتدخلن وهو
المراد هنا. وحاصله أنه إذا حلف لا أسكن هذه الدار أو الدار الفلانية والحال أنها في ملكه أو ملك
غيره ثم انتقلت لملك شخص آخر فسكنها بعد انتقالها لملك الآخر فإنه يحنث إن لم ينو ما دامت في
ملكي أو في ملك فلان، وإلا فلا حنث في سكناها بعد انتقالها لملك آخر. قوله: (أي للدار) أي المفهومة
من قوله: لا سكنت هذه الدار. قوله: (أي بعد خروجها عن ملكه) أي أو ملك صاحبها غيره بدليل
ما يأتي. قوله: (فباعها) أي صاحبها وسكنها الحالف. قوله: (أو دار فلان هذه) أي فباعها فلان
صاحبها وسكنها الحالف وهي في ملك ذلك المشتري، وإنما حنث في هاتين المسألتين لما في اسم الإشارة
من التعيين فلا يزيله انتقال الملك وإتيانه باسم الإشارة يقوي أنه إنما كره تلك. قوله: (أي
ما دامت للمالك) أي وهو فلان في الثانية أو الحالف أو غيره في الأولى، وإنما احتيج لذلك التكلف
لان المتبادر رجوعه للثانية، إذ مقتضى رجوعه للأولى أن يقال ما دامت في ملكي أو له. واعلم أن المسألة
الثانية الحنث فيها إلا أن ينوي ما دامت له قولا واحدا، وكذا الأولى الحنث فيها ما لم ينو ما دامت لي
اتفاقا إن كانت الدار له، فإن كانت لغيره فقيل يحنث مطلقا ولو نوى ما دامت له، وقيل يحنث ما لم ينو ذلك
وإلا فلا حنث وهذا هو المعتمد، إذا علمت هذا تعلم أن هذا القيد وهو قول المصنف: ما دامت له يصح
رجوعه للأولى مطلقا ولو كانت في ملك الغير على المعتمد. قوله: (ولا إن دخلها بعد أن خربت) أي
لزوال اسم الدار عنها، ومن هذا إذا خرب المسجد لا يطلب له تحية كما في ح، ومقتضاه زوال
أحكام المسجدية لا أصل الحبس تأمل. قوله: (وصارت طريقا) هذا فرض مثال وزيادة بيان
لا شرط كما أشار له الشارح، وذكر ح الخلاف فيمن ترك داره طريقا مدة طويلة هل تصير وقفا
عليه أم لا؟ قوله: (أو بنيت مسجدا) أي بعد خرابها. واعلم أن محل عدم الحنث إذا دخلها بعد أن
خربت وصارت طريقا أو بنيت مسجدا مقيد بما إذا كان حلفه أنه لا يدخلها كراهية في صاحبها
أو في بنائها الذي قد زال، وأما لو كان حلفه كراهية في البقعة من الأرض فإنه يحنث بدخولها مطلقا ولو
خربت وصارت طريقا أو بنيت مسجدا. قوله: (إن هذا الحكم) أي وهو الحنث إذا دخلها بعد
التخريب والحال أنه قد أمر به. قوله: (وإن كان الامر في المدونة متعلقا بالاكراه) أي لا
بالتخريب كما هو ظاهر المصنف، ويمكن جعل الضمير في كلام المصنف عائدا على الاكراه بارتكاب
تقدير في الكلام والأصل ولا إن خربت وصارت طريقا أو بنيت ودخلها مكرها إن لم
يأمر به أي بالاكراه، وحينئذ فيكون كلام المصنف موافقا لكلام المدونة. قوله: (لقولها إلخ)
نصها: وإن حلف أن لا يدخل هذه الدار فهدمت أو خربت حتى صارت طريقا لم يحنث،
فإن بنيت بعد ذلك فلا يدخلها، فإن دخلها مكرها لم يحنث إلا أن يأمرهم بذلك فيقول: احملوني
ففعلوا به ذلك فإنه يحنث. قوله: (إن كان ذلك الوكيل من ناحيته) أي في نفس الامر بأن
158

كان ذلك الوكيل قريبا للمحلوف عليه أو صديقا ملاطفا له، فإن كان ذلك الوكيل ليس من ناحيته فلا
يحنث، وهل يتوقف الحنث على علم البائع أنه من ناحيته أو لا يتوقف؟ قولان، واستغنى المصنف
بذكرهما فيما تقدم عن ذكرهما في هذه المسألة لموافقتها لها في المعنى وإن كانت غيرها. قوله: (ويحنث) أي
وإذا كان الوكيل من ناحية المحلوف عليه فإن البائع يحنث، وإن قال إلخ فهو مبالغة في الحنث.
قوله: (بالبينة) احترازا عما لو قال الوكيل: اشتري لنفسي، ثم بعد الشراء قال: اشتريت لفلان المحلوف عليه فينبغي
أن لا يحنث الحالف بذلك لكون الوكيل غير مصدق فيما يدعيه، كذا في خش وعبق نقلا
عن أبي إسحاق التونسي، ومثله كما نقله شيخنا السيدي البليدي عن شيخه سيدي محمد الزرقاني إذا حلف على
زوجته بطلاق أنها لا تدخل حماما مثلا فقالت له بعد ذلك دخلته فلا تصدق ولا يحنث إلا إذا ثبت
بالبينة. قوله: (على المعتمد) وهو قول اللخمي والتونسي، ومقابله أن البيع لازم والشرط باطل ويحنث
وهو الموافق لقول المدونة في البيع الفاسد: وإن قال البائع أي في حال البيع إن لم تأت بالثمن إلى أجل
كذا فلا بيع بيني وبينك كان البيع ماضيا والشرط باطلا انظر بن. قوله: (قبل الاجل) أي وأخره
الوارث أجلا ثانيا فلا يحنث بفراغ الاجل الأول، فلو لم يؤخره الوارث فإنه يحنث بفراغ الاجل
الأول من غير قضاء على المعتمد، خلافا لما نقله ابن حارث عن المجموعة من أنه إذا حلف لأقضينك
حقك إلى أجل كذا ومات ربه قبل الاجل فقضى الحالف ورثته بعد الاجل لم يحنث، ثم إن ما ذكره
المصنف من إجزاء تأخير الوارث مقيد بما إذا كان ذلك الوارث رشيدا وكان الميت ليس عليه
دين وإلا كان تأخيره غير مجز. قوله: (لأنه إلخ) أي لان تأخير الدين حق يورث، فللوارث أن يؤخر
قبضه كما كان لمورثه. قوله: (لا إذنه) أي لا يجزئ إذن الوارث في دخول دار حلف لا يدخلها إلا بإذن
زيد وهو غير ربها فمات زيد فأذن له وارثه في الدخول، فإذا دخلها مستندا لاذن الوارث حنث
إلا لبساط، كما لو كانت أمتعة زيد في الدار فحلف لذلك فكفى إذنه وارثه الذي ورث الأمتعة.
قوله: (كفى إذن وارثه) أي لأنه لما ورثها صار الاذن حقا يورث فيكفي إذنه. قوله: (ولا مفهوم للدخول)
أي بل المراد سائر الحقوق التي لا تورث. قوله: (وأجزأ تأخير وصي بالنظر إلخ) يعني لو حلف
ليقضينه حقه إلى أجل كذا إلا أن يؤخره فمات رب الحق قبل أن يؤخره وورثته صغار فأخره
الموصي عليهم فإنه يجزئ الحالف ولا يحنث بشرط أن لا يكون على الميت دين محيط وإلا فالعبرة
بتأخير الغرماء، وسواء كان تأخير الوصي لنظر كخوف لدد أو خصام أو كان لغير نظر غايته أن تأخير
الوصي إن كان لغير نظر كان موجبا لإثمه فقط، وينبغي أن يؤخذ الدين حالا، فتقييد المؤلف تأخير
الوصي بالنظر لأجل جواز الاقدام على التأخير لا لاجزائه ولو حذف المؤلف قوله بالنظر لوافق
النقل. قوله: (أي محيط) أي فليس المراد نفي الدين أصلا بل نفي المحيط، فإن كان غير محيط فالكلام
للوارث أو الوصي، وإن كان محيطا فالكلام للغرماء فقط كما أشار لذلك الشارح. قوله: (وتأخير غريم إلخ)
صورته حلف ليقضينه حقه إلى أجل كذا إلا أن يؤخره فمات رب الدين قبل أن يؤخره وعليه دين
محيط بماله فأخره بذلك لحق الغرماء فإن ذلك يجزئ إن أبرأوا ذمة الميت من القدر الذي أخروا به
الحالف، ومحل إجزاء تأخير الغريم إذا وقع التأخير من جميع الغرماء، وأما لو أخر بعضهم دون بعض وجب
التعجيل لمن لم يؤخره وكذا الورثة ومن غاب فالحاكم يقوم مقامه. قوله: (حتى يكون كالقابض من المدين الحالف)
159

الأولى من الميت المحلوف له أي فيتمحض الحق للغريم فيعتبر إذنه وتأخيره. قوله: (في حلفه
لأطأنها) أي سواء قيد بالليلة مثلا أو أطلق. وقوله: فوطئها حائضا أي فوطئها وطئا حراما مثل أن
تكون حائضا إلخ. وقوله: والمعدوم شرعا أي لان المعدوم شرعا إلخ فهو من عطف العلة على المعلول
قوله: (قولان) القولان في هذه المسألة الأولى لابن القاسم الأول نقل محمد بن المواز في المجموعة عنه. والثاني
سماع عيسى عنه. قوله: (وحينئذ) أي حين إذا حلف ليطأنها الليلة فوجدها حائضا واستمر الحيض حتى
فات الوقت حنث قطعا فالحنث إذا قيد، وأما إذا أطلق فإنه يطأ في المستقبل بعد انقطاع الحيض ولا
حنث. قوله: (كما قدمه إلخ) أي فيما تقدم تكلم على ما إذا لم يفعله مع المانع وفات، وهنا تكلم على ما إذا فعله
مع المانع قبل الفوات فكأنه يقول فيما تقدم حنث إن لم يطأ في حالة الحيض، وأما إن وطئ فقولان.
قوله: (لنأكلنها) أصله لتأكليننها حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال ثم الياء لالتقاء الساكنين.
قوله: (فخطفتها) بكسر الطاء كما هو الأجود قال تعالى: * (إلا من خطف الخطفة) * وفيه لغة رديئة كضرب قاله
في الصحاح. قوله: (قولان) أي بالحنث لابن القاسم وعدمه لابن الماجشون، وصحح ابن رشد الأول
لجريانه على المشهور من حمل الايمان على المقاصد، والثاني جار على مراعاة الألفاظ كذا في ح.
قوله: (مع التواني) أي مع تواني المرأة في أخذها منه حتى خطفتها الهرة، والمراد به أن يكون بين يمينه وبين
أخذ الهرة البضعة قدر ما تتناولها المرأة وتحوزها دونها، فإن كان بينهما أقل فهو عدم التواني، هذا هو
الذي في سماع أبي زيد كما في نقل ح وغيره، وبه يعلم بطلان ما فسره به خش من أن المراد بالتواني
أن يكون بين يمينه وبين أخذ الهرة البضعة ما يزيد على قدر ما تتناولها المرأة، وعدم التواني أن يكون
بين اليمين وأخذ الهرة قدر ما تتناولها المرأة قائلا كما يفيده المواق، مع أن الذي نقله المواق سماع أبي زيد
المتقدم. قوله: (فإن لم تتوان لم يحنث اتفاقا) أي ولو لم تشق جوف الهرة وتخرجها. قوله: (قولان) القولان
في المسألة الثالثة لابن القاسم ووافقه على الحنث مالك وعلى القول بعدم الحنث سحنون. قوله: (ومحل
القولين في الثانية إلا أن تتوانى إلخ) أشار الشارح لما هو الصواب من رجوع الاستثناء للمسألة
الثانية أعني مسألة الهرة، لكن ليس المراد بالتواني هنا التواني بالمعنى المتقدم لأنه يقتضي أن الخلاف مع
عدم التواني بالتفسير المذكور وليس كذلك، إذ عدم الحنث حينئذ متفق عليه كما اعترض بذلك
الشارح و ح على المصنف، وإنما المراد هنا التواني في شق جوف الهرة لان محل قول ابن الماجشون
بعدم الحنث هو فيما إذا لم تتوان البضعة في جوف الهرة حتى تحلل بعضها وإلا حنث عنده أيضا كما
يقوله ابن القاسم فسقط اعتراض الشارح و ح. والحاصل أن المسألة على طرفين وواسطة إن لم
تتوان المرأة في أخذها لم يحنث اتفاقا ولو توانت في شق جوفها أو تركته من غير شق، وإن توانت
في أخذها وتوانت في شق جوف الهرة حنث اتفاقا وإن توانت في أخذها لكن لم تتوان في شق جوف
الهرة فقولان، ولا يصح أن يكون قوله: إلا أن تتوانى راجعا للمسألة الثالثة وهي مسألة الفساد خلافا
لخش وعبق لقول التوضيح، وحكى اللخمي وغيره فيمن حلف ليأكلن هذا الطعام فتركه حتى فسد
ثم أكله قولان فحكى القولين مع التواني لا مع عدم التواني. قوله: (وفيها الحنث بأحدهما) أي
بكسوتها أحدهما. قوله: (ونيته الجمع بينهما) الجملة حالية وأولى في الحنث إذا لم يكن له نية أصلا.
قوله: (أي عدمه) أي ونيته عدم الجمع بينهما في الكسوة لا في الزمان بأن نوى أنه لا يكسوها بهما معا
في زمن واحد أو زمنين. قوله: (بأنه مخالف لنيته) ظاهره لان كسوتها أحدهما مخالف لنيته،
وفيه أن نيته أن لا يجمع بين الثوبين في كسوتها وإذا كساها أحد الثوبين صدق عليه أنه لم يجمع بين
الثوبين في كسوتها فأين المخالفة؟ فالأولى أن يقول بأنه موافق لنيته وتوضيحه أنه استشكل عدم
160

قبول نيته بأنها مساوية للفظه والنية المساوية للفظ تقبل مطلقا في الفتوى والقضاء ولو بطلاق وعتق
معين مع المرافعة، وأجيب بأنا لا نسلم مساواة نيته للفظه بل نيته مخالفة للفظه لان قوله: لا كسوتها
إياهما كما يحتمل لا كسوتها إياهما جميعا يحتمل لا كسوتها لكل واحد منهما على انفراده، فبهذا الاعتبار
صارت النية مخالفة لظاهر اللفظ والنية إذا كانت كذلك تقبل عند المفتي مطلقا كانت اليمين بالله أو
بغيره، ولا تقبل عند القاضي مع المرافعة إذا كانت اليمين بطلاق أو عتق معين والحنث في المدونة
محمول على ما إذا كانت يمينه بطلاق أو عتق معين ورفع للقاضي، وأما لو جاء مستفتيا قبلت نيته اتفاقا.
فصل في النذر أي في أركانه وهي ثلاثة: الصيغة وستأتي عند قوله: كلله علي أو علي ضحية، والشئ
الملتزم وسيأتي عند قوله: وإنما يلزم به ما ندب، والشخص الملتزم وهو ما أشار له بقوله: النذر التزام مسلم إلخ.
قوله: (وشمل المكلف الرقيق) أي فيلزمه الوفاء بما نذره مالا كان أو غيره. قوله: (وللسيد منعه منه)
أي من تعجيل الوفاء به. وقوله: في غير المال أي بأن كان صلاة أو صوما وإنما نص على غير المال لأجل قوله:
إن أضر به في عمله، وأما المال فله منعه من غير شرط، ولو قال الشارح: ولربه منعه من الوفاء به إن كان
مالا أو كان غيره إن أضر به في عمله كان أظهر. وحاصل ما لابن عرفة أن الرقيق إذا نذر ما يتعلق بجسده
من صلاة أو صوم، فإن لم يضر بالسيد لم يمنعه من تعجيله وإن أضر به فله منعه من تعجيله ويبقى في ذمته،
وإن نذر مالا كان للسيد منعه من الوفاء به في حال الرق، فإن عتق وجب عليه الوفاء بما نذره، فإن رده
السيد وأبطله لم يلزمه كما في كتاب العتق من المدونة خلافا لما في كتاب الاعتكاف منها، فقول الشارح:
وليس للسيد إبطاله أي فإن أبطله بطل ولا يلزمه الوفاء به، وقيل لا يبطل ويلزمه الوفاء به بعد العتق
على ما علمت من الخلاف. قوله: (بخلاف غير النذر) أي كالدين فإن للسيد إبطاله. قوله: (وشمل السفيه)
أي وشمل أيضا الزوجة والمريض فيجب عليهم الوفاء بما نذراه إذا كان غير مال أو مالا. ولم يزد على
الثلث، فإن زاد على الثلث كان للزوج رد الجميع، فإن لم يزد لزمها وكان للوارث رد ما زاد على الثلث.
والحاصل أن نذر الزوجة والمريض في زائد الثلث لازم لهما ما لم يرد الزوج والوارث وردهما إبطال
والعبد يلزمه ما نذره سواء كان مالا أو غيره فان منعه منه السيد فعليه ان عتق مالا أو غيره والسفيه لا
يلزمه ما نذره إذا كان مالا ولوليه رده وله هو أيضا رده بعد رشده. قوله: (فيلزمه غير المال) أي وأما
ما نذره من المال فلا يلزمه لأنه محجور عليه فيه وسواء كان المال قليلا أو كثيرا. قوله: (ولو غضبان) مبالغة
في محذوف أي وهو لازم ولو غضبان. قوله: (خلافا لمن قال إلخ) أي وهو ابن القاسم قوله: (ومنه نذر
اللجاج) أي ومن نذر الغضبان نذر اللجاج فيكون لازما ونذر اللجاج ما يحصل لأجل قطع لجاج نفسه
فأراد بالغضب أو لا غير ذلك. والحاصل أن الغضبان ما كان نذره من أجل غضبه من غيره، واللجاج ما
كان من نفسه، وقد ذكر ح ما يفيد أنه مكروه، وقد علم منه أن النذر المكروه لازم بخلاف نذر المكروه فلا
يلزم لقول المصنف فيما يأتي: وإنما يلزم به ما ندب. قوله: (وإن قال إلخ) عطف على المبالغ عليه فهو داخل
في حيز المبالغة. قوله: (بخلاف إن شاء فلان فبمشيئته إلخ) حاصل ما لهم في الطلاق أن التقييد فيه بمشيئة
الله لا ينفع وأنه يلزمه سواء كان شرطا نحو: إن شاء الله، أو كان استثناء نحو: إلا أن يشاء الله، وأن التقييد فيه
بمشيئة الغير نافع لتوقف لزومه على مشيئة ذلك الغير سواء كان شرطا نحو: إن شاء فلان، أو كان استثناء نحو:
إلا أن يشاء فلان، وأن التقييد فيه بمشيئته هو غير نافع إن كان استثناء نحو: إلا أن يبدو لي هذا إذا كان
الطلاق معلقا أو مطلقا، وجعل الاستثناء راجعا للمعلق أو لكل من المعلق والمعلق عليه، أما إن جعل
راجعا للمعلق عليه فقط فإنه ينفعه كما ينفعه إن كان شرطا نحو: إن شئت فيتوقف لزومه على مشيئته على
المنصوص في المدونة كما نقله ح في الطلاق عند قوله بخلاف إلا أن يبدو لي إلخ. ومثل الطلاق في ذلك
161

التفصيل العتق ولم أر نصا مصرحا بذلك في باب النذر، والظاهر أن جميع التفصيل المذكور في الطلاق
والعتق يجري هنا في النذر خلافا لما يظهر من كلام عبق من الفرق بينهما فالمسألة في كل من البابين على
طرفين وواسطة اه‍ بن. قوله: (وإنما يلزم به) أي بالنذر بالمعنى المصدري ما ندب ابن عاشر يعني مما لا
يصح أن يقع إلا قربة وأما ما يصح وقوعه تارة قربة وتارة غيرها فلا يلزم بالنذر وإن كان مندوبا كالنكاح
والهبة اه‍ بن وما ذكره المصنف من لزوم المندوب بالنذر ظاهره مطلقا سواء أطلق في نذره أو علق فيه
على واجب أو حرام أو مندوب أو مكروه أو مباح كقوله: إن صليت الظهر مثلا أو إن شربت الخمر أو إن
صليت ركعتين قبل الظهر أو إن صليت ركعتين بعد العصر أو إن مشيت إلى محل كذا فعلي صدقة بدينار
مثلا فإنه يلزمه إذا وجد المعلق عليه، وأما إذا لم يوجد فلا يلزمه، فقول المصنف ما ندب أي في المعلق
لا في المعلق عليه فالعبرة بالمسبب لا بالسبب ولا تفهم من لزوم المنذور أنه يقضي به إذ لا يقضى به ولو لمعين
ولو عتقا بل يجب على الشخص تنفيذ المنذور من نفسه وما وقع في التزامات ح من القضاء بالمنذور إذا
كان لمعين دون غيره ففيه نظر لان هذا إنما هو في الهبة والصدقة والعتق، كذا ذكر شيخنا العدوي.
قوله: (كلله علي أو علي ضحية) أتى بكاف التمثيل إشارة إلى عدم انحصار الصيغة في لله علي أو علي كذا، فيلزم
بكل لفظ فيه إلزام مثل: إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي أو نجوت من أمر كذا وكذا فأنا أصوم يومين
أو أصلي كذا أو أتصدق بكذا قاله طفي قال: ونبهت على ذلك لان بعض القاصرين توهم أن النذر لا
يكون إلا بقوله: لله علي أو علي كذا اغترارا منه بظاهر المصنف. قوله: (أو علي ضحية) إن قلت:
جعله الضحية هنا تلزم بالنذر ينافي ما تقدم من أنها لا تلزم بالنذر ولا تجب إلا بالذبح. قلت: كلامه هنا
مبني على أحد القولين من أنها تجب بالنذر وتتعين به وما تقدم مبني على المشهور من أنها لا تجب عليه إلا
بالذبح، وعلى المشهور يقال في قوله: وإنما يلزم به ما ندب أي غير الضحية كذا قرر شيخنا العدوي. وفي بن:
الحق أن الضحية تجب بالنذر في الشاة المعينة وغيرها، لكن معنى وجوبها بالنذر في المعينة منع البيع
والبدل فيها بعده لا أن الوجوب باعتبار العيب الطارئ بعد النذر لأنه يمنع الاجزاء فيها، وقولهم انها لا
تجب بالنذر المنفي وجوب تعيين يؤدي إلى إلغاء العيب الطارئ. قوله: (وكذا المكروه والمباح) أي
نذرهما حرام أيضا لأنه عظم ما لم يعظمه الشرع. قوله: (وقيل مثلهما) أي نذر كل واحد منهما مثل نفسه،
فنذر المكروه مكروه ونذر المباح مباح وهو ظاهر المقدمات، بقي شئ آخر وهو القدوم على نذر
الواجب هل هو مكروه أو خلاف الأولى اه‍ عدوي. قوله: (وندب المطلق) أي ندب القدوم عليه كما
في المواق عن ابن رشد خلافا لما في عبق تبعا لح من إباحة القدوم عليه قوله: (وكذا ما ليس شكرا على
شئ حصل) أي فالقدوم عليه مندوب كالذي قبله. قوله: (وفي كره المعلق) أي في كره القدوم عليه
وإباحته تردد الكراهة للباجي وابن شاس والإباحة لابن رشد. قوله: (كما مثلنا) أي بأن شفى الله مريضي
أو نجوت من الامر الفلاني قوله: (فإن كان من فعله) أي فإن كان المعلق عليه من فعله بأن يقول: إن فعلت
كذا فعلي كذا. وقوله كره اتفاقا أي فيوافق ابن رشد غيره على الكراهة. قوله: (ولزم البدنة بنذرها) بأن
قال: لله علي بدنة أو إن شفى الله مريضي أو إن نجوت من كذا فعلي بدنة، ولا فرق بين كون النذر مطلقا
أو معلقا فإنه يلزمه هدي بدنة في المطلق بمجرد نذرها وفي المعلق إذا حصل المعلق عليه، وكلام
162

المصنف فيمن نذر بلفظ البدنة كما هو واضح، وأما لو نذر بلفظ الهدي كلله علي هدي أو إن نجوت من
كذا فعلي هدي فإن نوى نوعا لزمه وإلا فالأفضل البدنة اه‍. وانظر من نذر بقرة وعجز عنها هل
يلزمه سبع شياه كما هنا وهو الظاهر أو يجزئه دون ذلك لان البقرة التي تقوم مقامها الشياه السبع هي التي
وقعت عوضا عن البدنة بخلاف ما إذا وقع النذر بالبقرة اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (وذكر البدنة) أي
خصها بالذكر مع أن غيرها كالشاة والبقرة كذلك تلزم بنذرها. قوله: (فلا يجزئ إطعام إلخ) أي خلافا
لمن قال: إذا عجز عن السبع شياه وما قبلها صام عشرة أيام وقيل شهرين قوله: (بل يصير لوجود الأصل)
فلو قدر على دون السبعة من الغنم فإنه لا يلزمه اخراج شئ من ذلك كما هو ظاهر كلام المؤلف والمواق، بل
يصبر لوجود الأصل أو بدله أو بدل بدله بتمامه، وقال بعضهم: يلزمه اخراج ما هو قادر عليه ثم يكمل
ما بقي عند اليسر وهو ظاهر لأنه ليس عليه أن يأتي بها كلها في وقت واحد، وعلى هذا الثاني فلو قدر على
باقي الشياه والبدنة أو البقرة أو وجدها كلها فهل يكمل على الشياه وهو الظاهر أو يرجع للأصل وهو
البدنة أو البقرة؟ اه‍ عج. قوله: (يلزمه عشرة) أي من الشياه عند عجزه على البقرة مع القدرة على
أكثر من السبع. قوله: (وصيام بثغر) أي من نذر صوما بثغر من الثغور كما قال: لله علي صوم ثلاثة
أيام بدمياط فإنه يلزمه الاتيان إليه وإن من مكة أو المدينة لان صومه لا يمنع من عبادة الرباط ويأتي
إليه راكبا، ومفهوم الثغر أنه لو نذر الصوم بموضع غير ثغر لا يلزمه الاتيان لذلك الموضع ويصوم في
مكانه إذ لا قربة في صومه بذلك الموضع. قوله: (ومثل الصوم الصلاة) أي فيلزمه إتيان الثغر لفعلها،
وهذا محمول على ما إذا نذر صلاة يمكن معها الحراسة كما إذا نذر الاتيان للثغر لصلاة قيام رمضان مدته،
وأما إذا نذر إتيان الثغر لصلاة واحدة ثم يعود من فوره فليصل بموضعه ولا يأتيه كما نص عليه اللخمي
انظر طفي، وعلى الثاني يحمل كلام خش وتت. قوله: (وأولى الرباط) أي وأولى في لزوم
الاتيان للثغر من نذر الاتيان للثغر من نذر رباطا فيه. قوله: (ثلث ماله الموجود حين يمينه) أي من عين
وعدد دين حال وقيمة مؤجل مرجوين وقيمة عرض وقيمة كتابة مكاتب. قوله: (لا ما زاد بعده) أي
بهبة أو نماء أو ولادة. قوله: (إلا أن ينقص يوم الحنث) أي ولو كان النقص بإنفاق أو بتلف بتفريط.
قوله: (بعد أن يحسب إلخ) متعلق بما بقي قوله: (بما لي في كسبيل الله) لم يتكلم المصنف على جواز الاقدام
على ذلك، وقال ابن عرفة ما نصه: وفي جواز الصدقة بكل المال نقلا اللخمي ورواية محمد وقول سحنون
في العتبية: من تصدق بكل ماله ولم يبق ما يكفيه ردت صدقته اه‍. ثم اعترض ابن عرفة القول
الثاني فانظره. وقال ابن عمر: المشهور أن ذلك جائز وإن لم يبق لنفسه شيئا اه‍ بن. قوله: (وإن كان
بإنفاق لزمه ثلث ما أنفقه أيضا) ما ذكره من أنه يلزمه ثلث ما أنفقه في النذر دون اليمين أصله للشيخ
أحمد الزرقاني وتبعه عج قال طفي: ولم أر هذا التفريق لغيرهما، وظاهر كلام المدونة وابن
رشد وابن عرفة وغيرهم التسوية بينهما فلا يلزمه ثلث ما أنفقه لا في النذر ولا في اليمين اه‍ بن.
قوله: (وسبيل الله) أي الذي يدفع له ثلث مال الحالف أو الناذر المتقدم هو الجهاد. وقوله بمحل خيف إلخ هذا
تحقيق للرباط لا أنه أمر زائد عليه ابن رشد لا يعطى منه مقعد ولا أعمى ولا امرأة ولا صبي ولا قاتل ولا
مريض ميئوس منه ولا مفلوج ولا شبهه ولا أقطع إحدى الرجلين أو اليد اليسرى اه‍. والظاهر أولوية
اليمين اه‍ عدوي. قوله: (بمحل خيف منه العدو) ظاهر المصنف أن الإقامة بمحل يخاف فيه من العدو رباط
163

ولو كانت الإقامة بالأهل وهو الذي اختاره الباجي وقال مالك: ليس برباط اه‍ بن. قوله: (فإنه
ينفق عليه منه) أي على ذلك الثلث في إيصاله للمجاهدين والمرابطين. قوله: (أي بماله التقدم) أي في قوله
مالي فإذا قال مالي صدقة لزيد أو لبني فلان لزمه اخراج جميع ماله لزيد لا ثلثه فقط. وقوله: إلا لتصدق إلخ
استثناء منقطع أي لكن إذا تصدق به على معين فيلزمه جميع المال لا ثلثه فقط. قوله: (وناذر الصدقة
بجميع ماله إلخ) كالقائل مالي في سبيل الله أو ثلث مالي في سبيل الله. وقوله: أو الحالف بذلك أي بكل ماله
أو ثلثه كالقائل: إن فعلت كذا فمالي كله أو ثلثه صدقة. قوله: (ثم ثلث الباقي) أي لليمين الثانية
قوله: (فقولان) الأول نقله ابن رشد عن سماع يحيى من ابن القاسم، ونقل ابن رشد الثاني أيضا عن سماع أبي
زيد وهو يحتمل كونه عن ابن القاسم أو ابن كنانة قاله ابن عرفة اه‍ بن قوله: (ولزم ما سمى) تقدم أنه
إذا قال: مالي في سبيل الله أو صدقة للفقراء أو نحو ذلك فإنه يجزئه اخراج ثلثه، وأما إذا سمى شيئا بأن قال:
سدس مالي صدقة للفقراء أو عينه بأن قال: علي مائة دينار صدقة للفقراء أو عبيدي أو داري أو فرسي
صدقة للفقراء فإنه يلزمه اخراج ما سماه أو عينه وإن استغرق الذي سماه جميع ماله على المشهور خلافا
لما روي عن مالك من أنه إذا سمى معينا وأتى على جميع ماله لا يلزمه إلا ثلث ماله، ولما حكاه اللخمي عن
سحنون من أنه لا يلزمه إلا ما لا يجحف به. قوله: (وإن معينا) المراد بالمعين في كلامه ما قابل الشائع فقول
المصنف: وما سمى يشمل ثلاث صور الجزاء الشائع كالنصف والثلث والعدد المعين كمائة أو ألف وما
عين بالذات كالعبد والدار، والثاني والثالث يمكن أن يأتيا على جميع ماله فلذا بالغ عليهما بقوله: وإن معينا
أي لزمه ما سماه، هذا إذا كان شائعا بل وإن كان معينا، هذا إذا لم يأت ذلك المعين على جميع ما له بل وإن
أتى ذلك المعين على جميع ماله. قوله: (نذرهما) بأن قال: فرسي أو سيفي أو غير ذلك من آلات الحرب
في سبيل الله أو نذر لله تعالى. قوله: (أو حلف بهما وحنث) أي بأن قال: إن كلمت زيدا ففرسي أو سيفي
في سبيل الله ثم كلمه. قوله: (أي لم يمكن وصوله) أي بأن لم يوجد من يبلغه وجه الأمانة قوله: (بيع) أي هنا
وأرسل ثمنه لمحل الجهاد يشتري بثمنه مثله هناك ولا يشتري بثمن الفرس سلاح ولا عكسه لاختلاف
منفعتهما كما قاله الشيخ أحمد، وإن لم يبلغ ثمن ما بيع شراء مثله اشترى بالثمن أقرب شئ للمبيع، فإن لم يبلغ
ذلك دفع ثمنه للغازي ولا يجعل في شقص مثله بخلاف الوقف. قوله: (كهدي نذره) تشبيه في لزوم
الارسال فإذا قال: هذه البدنة هدي أو لله علي الاهداء بهذه البقرة أو الخروف أو البعير، وكذا إذا حلف
به وحنث كأن كلمت فلانا فعلي الاهداء بهذا الخروف أو بهذه البقرة، أو فعلي بدنة
أو خروف هديا ثم كلمه ولزمه إرساله لمكة أو منى ولا يجوز إرسال قيمته إن أمكن وصوله.
قوله: (ولزمه بعثه ولو معيبا) أي هذا إذا كان سليما بل ولو كان معيبا على الأصح
وهذا قول أشهب، ومقابله ما لابن المواز من أنه يبيعه هنا ويرسل ثمنه يشتري به هناك سالما،
ومحل الخلاف بينهما في المعين أما غير المعين كما إذا قال: لله علي هدي معيب أو بدنة عوراء ولم يعينه فإنه
يلزمه شراء هدي سالم باتفاقها كذا في عبق، والذي في التوضيح عن التونسي الأشبه في المعيب غير
المعين أنه لا يلزمه شئ لأنه نذر هدي ما لا يصح هديا كمن نذر صلاة في وقت لا يجوز، وما ذكره أشهب
من لزوم إرسال الهدي المعيب المعين إذا كان يمكن وصوله، فإن لم يمكن وصوله وجب إبداله بالسليم بأن
164

يباع هنا ويرسل ثمنه ثم يشتري به سليم. قوله: (المطلق) أي غير المعين. قوله: (وجاز له فيه) أي في الهدي
سواء كان سليما أو معيبا إذا بيع لتعذر إرساله الابدال بالأفضل أي بنوع أفضل من نوعه، وهذا
بخلاف ما إذا قال: فرسي أو سيفي في سبيل الله وتعذر إرساله لمحل الجهاد فإنه يباع هنا ويعوض بثمنه في
محله مثله من خيل أو سلاح، ولا يجوز أن يعوض به من غير جنسه، والفرق أن المطلوب في الهدي شئ
واحد وهو اللحم توسعة للفقراء ولحم الإبل أكثر، بخلاف منفعة الفرس والسلاح فإنهما متنافيان،
وما ذكره المصنف من جواز الابدال بالأفضل هو ما صححه ابن الحاجب، وقال ابن بشير: يتعين
الشراء من نوع الأول ولا يخالف إلى الأفضل. قوله: (دون الأدنى) أي فلا يجوز ما لم يعجز الثمن عن
شراء هدي من نوع الأول ومن الأفضل منه وإلا اشترى هدي أدنى من الأول في الجنس، فإن قصر
الثمن عن شراء الأدنى دفع لخزنة الكعبة يصرفونها في مصالحها إن احتاجت وإلا تصدق به في أي
محل كان كما سيأتي. قوله: (بأن يشتري بقرا أو إبلا بدل غنم) هذا تصوير للابدال بالأفضل إشارة إلى أن
المراد الأفضلية من حيث النوع. قوله: (كثوب وعبد) بأن قال: ثوبي أو عبدي هدي قوله: (وإخراج
قيمته) أي ليشتري بها هدي قوله: (أو ما لا يهدى) أي أو قصر ثمن ما لا يهدى. وقوله: عوض الأدنى
أي عوض بالأدنى. قوله: (ثم لخزنة الكعبة) هذا قول مالك في المدونة. ابن الحاجب: فإن قصر عن
التعويض فقال ابن القاسم: يتصدق به حيث شاء، وفيها أيضا يبعثه لخزنة الكعبة ينفق عليها، وقيل
يختص أهل الحرم بالثمن اه‍. وهذا الثالث قول أصبغ وهو موافق لابن القاسم في أنه يتصدق به
ابتداء، لكن خالفه في تخصيصه الصدقة بمساكين مكة، والمصنف لم يتبع قول ابن القاسم ولا أصبغ
وإنما تبع قول مالك وقيده ابن المواز بقوله: إن احتاجت. قوله: (أن يشرك معهم غيرهم) أي في خدمتها
والقيام بمصالحها والتصرف فيها والحكم عليها، وأما نزعها منهم بالكلية فقد نص الحديث على منعه.
قوله: (لأنها) أي خدمتهم إياها ولاية أي بتولية وتمكين منه عليه الصلاة والسلام وذلك لان النبي صلى الله
عليه وسلم أعطى مفاتيحها لجدهم عبد الله بن طلحة وقال: لا ينزع هذا المفتاح منكم يا بني عبد الدار إلا
ظالم، ونص الامام على منع التشريك لئلا يتوهم أن الممنوع إنما هو نزعها منهم بالكلية. تنبيه: أجمع
العلماء على حرمة أخذ خدمة الكعبة أجرة على فتحها لدخول الناس خلافا لما يعتقده بعض
الجهلة من أنه لا ولاية عليهم وأنهم يفعلون بالبيت ما شاؤوا قاله ح. قوله: (في حج أو عمرة) متعلق
بالمشي أي لزم المشي في حج أو عمرة لمن نذر المشي لمسجد مكة أو حلف به وحنث، هذا إذا نذر
165

المشي أو حلف به لذلك بل ولو نذره أو حلف به لصلاة. قوله: (ولو لصلاة) أشار بلو لخلاف القاضي
إسماعيل القائل: إن من نذر المشي إلى المسجد الحرام للصلاة لا للنسك لا يلزمه المشي ويركب إن شاء، وقد
اعتمده ابن يونس ولم يحك له مقابلا، ونقله المواق معترضا به كلام المؤلف وقال ابن بشير: أنه المشهور
وتبعه ابن الحاجب، لكن لما تعقبه في التوضيح على ابن الحاجب بقوله: وكلام صاحب الاكمال
يقتضي أن قول إسماعيل القاضي مخالف للمذهب تبع هنا ما قاله في التوضيح قال طفي: وما ذكره
المصنف هو الصواب كما في الاكمال، ونقل الآبي عن المازري أن المشهور أن من نذر الصلاة بأحد
المساجد الثلاثة ماشيا إنما يلزمه المشي في المسجد الحرام، ولقول ابن عرفة: إن قول إسماعيل مخالف
لظاهر الروايات، ونص كلام الآبي عن المازري اختصت المساجد الثلاثة لعظمها على غيرها بأن من
كان في غيرها ونذر الصلاة بأحدها أتاها فإن قال ماشيا فقال إسماعيل القاضي: لم يلزمه ويأتي راكبا في الجميع.
وقال ابن وهب: يلزمه المشي في الجميع والمشهور أنه يلزمه المشي في المسجد الحرام فقط اه‍، فقد تبين مما
تقدم تشهير كل من القولين وأن على المؤلف أن يعبر بخلاف اه‍ بن. قوله: (وخرج من نذر المشي
لمكة) أي أو نذر المشي لمسجدها أو للبيت أو لجزئه المتصل. قوله: (كمكة) أي كما أن من نذر المشي
لمكة أو للمسجد أو للبيت أو لجزئه كلله علي المشي لباب البيت أو ركنه والحال أنه ليس بمكة يلزمه
المشي لمكة في حج أو عمرة. قوله: (ومحل عدم اللزوم) أي محل عدم لزوم المشي لمن نذر المشي للمنفصل
عن البيت أو حلف به وحنث إذا لم ينو نسكا. قوله: (ومحل إجزاء المثل إلخ) الأولى ومحل إجزاء المشي
من محل الحلف والمثل عند عدم النية إلخ. قوله: (إذا لم يجر عرف بالمشي) أي إن لم يجر عرف الحالفين
بالمشي والناذرين له من محل خاص. قوله: (ولا يمكنه الوصول لمكة إلا بركوبه) ظاهره أنه إذا
أمكنه الوصول بالتحليق فإنه لا يجوز له الركوب ويتعين عليه التحليق، والظاهر أن محل ذلك ما لم
يحصل له مشقة فادحة بالتحليق وإلا جاز الركوب اه‍ عدوي. قوله: (لا اعتيد على الأرجح) حاصل
كلام ابن يونس كما نقله طفي: أن أبا بكر بن عبد الرحمن يجيز ركوب البحر المعتاد للحجاج مطلقا
الحالفين وغيرهم، وأن أبا محمد يمنع الركوب المعتاد، وأن ابن يونس قيد الجواز بما إذا كان معتادا للحالفين
اعتيد لغيرهم أيضا أم لا، فإن اعتيد لغيرهم فقط لم يجز على هذا، فعلى المصنف الدرك في نسبة إطلاق المنع
لابن يونس وتعبيره عن ترجيحه بالاسم اه‍ بن. وأجاب شارحنا عن الاعتراض الأول بما قرر به
كلام المصنف. قوله: (ثم لزوم المشي منه) أي من المحل الذي نوى المشي منه أو من المعتاد للحالفين المشي
منه أو الذي حلف فيه أو مثله. قوله: (لتمام طواف الإفاضة) أي وحينئذ فيركب في رجوعه من مكة
إلى منى وفي رمي الجمار، وأما إن أخر طواف الإفاضة بعد الرمي فإنه يمشي في حال الرمي قوله: (لمن لم
يقدمه) أي وعلى هذا الاحتمال يكون المصنف ساكتا عن غاية لزوم المشي في العمرة.
قوله: (ويحتمل عود ضمير سعيها للعمرة) أي المفهومة من الكلام وعلى هذا الاحتمال يكون المصنف
ساكتا عن غاية المشي إذا أخر السعي عن الإفاضة في الحج. قوله: (وعلى كل) أي من جعل الضمير
166

للإفاضة أو للعمرة. قوله: (ورجع وجوبا) ولا يلزم أن يكون الرجوع على الفور. وقوله من بعض المشي
أي بأن مشى بعض الطريق وركب بعضها وكان ما ركبه كثيرا في نفسه. قوله: (فيمشي الأماكن التي
ركبها) أي فقط ولو كانت جل الطريق على المشهور. وقال ابن الماجشون: أنه يرجع فيمشي جميع
الطريق إن كان ركب الجل أو لا، وقيل: لا يرجع ولو ركب كثيرا، ولا يجوز أن يمشي عدة أيام ركوبه
إذ قد يركب أماكن ركوبه أو لا وحينئذ فلا معنى لرجوعه، فلا بد من مشيه أماكن ركوبه، وهذا
إذا علم أماكن الركوب وإلا مشى الطريق كلها عام رجوعه. قوله: (وأخر هديه) أي ندبا. وقوله بعد
أجزأه أي مع الكراهة. قوله: (الجابر النسكي) أي وهو رجوعه للعمرة أو الحج والجابر المالي وهو
الهدي قوله: (إن ركب كثيرا) أي في غير المناسك وسواء كان مختارا في ركوبه أو مضطرا. قوله: (في
نفسه) أي وليس المراد بكثيرا أكثر المسافة فقط لاقتضائه أن النصف من حيز اليسير وليس كذلك.
قوله: (فيهدى فقط) أي ولا يمشي ما ركبه قوله: (أي ان الكثرة والقلة) يعني في النفس منظور فيها
لاعتبار المسافة سهولة وصعوبة. قوله: (ومساحة) أي أو مساحة فقط، فإذا اختلفت الطرق صعوبة
وسهولة اعتبرت الكثرة فيهما مع المساحة، وإن كانت كلها صعبة أو سهلة اعتبرت الكثرة في المساحة
فقط، وإذا علمت أن كثرة الركوب في نفسه منظور فيها لصعوبة المسافة وقلتها فقد يكون الركوب
كثيرا في نفسه بالنظر لمسافة، وقليلا بالنظر لمسافة أخرى كالركوب للعقبة بالنسبة للمصري
والإفريقي قوله: (أو المناسك والإفاضة) هذا قول الإمام مالك وهو المعتمد، وقال ابن يونس: الصواب
أنه لا رجوع عليه لان بوصوله لمكة بر واليها كانت اليمين انظر المواق اه‍ بن. قوله: (إلى رجوعه
لمنى) أي لرمي جمرة العقبة. قوله: (بمعنى مع) أي لا بمعنى أو لئلا ينافيه قوله الآتي كالإفاضة فقط قوله: (وكذا
المناسك) أي وكذا إذا ركب المناسك فقط. قوله: (فيرجع) أي وجوبا في العام القابل ليمشي ما ركبه
في العام الأول من المناسك مع الإفاضة أو المناسك فقط، ومحل وجوب الرجوع للمشي المذكور
إن كان قد ذهب لبلده وعليه الهدي هنا استحبابا، وأما إذا مكث في مكة للعام القابل فحج ومشى
المناسك التي ركبها أو لا فإنه يجزيه. قوله: (فلا رجوع) أي إذا ذهب لبلده. قوله: (ففي مفهومه تفصيل)
أي ان قوله: أو ركب المناسك مع الإفاضة مفهومه أنه إذا ركب المناسك فقط فعليه الرجوع إذا ذهب
لبلده وإن ركب الإفاضة فقط فلا رجوع أصلا. قوله: (نحو المصري) أي وكذا المتوسط بين مصر
وأفريقية وأولى القريب من مصر، وأما القريب من أفريقية فيعطى حكمها أفاده عج. قوله: (توسطت
داره) أي كانت داره بعيدة من مكة بعدا متوسطا. قوله: (فيلزمه الهدي فقط) أي ولا يلزمه الرجوع،
فناذر المشي أحواله ثلاثة: إما أن تكون بلده قريبة من مكة كالمدني، أو بعيدة عنها بعدا متوسطا كالمصري
ومن ألحق به، وإما أن تكون بعيدة جدا كالإفريقي. قوله: (أي زمنا قابلا) ولا يلزم أن يكون الرجوع
فورا. قوله: (وعينه) أي والحال أنه عينه. قوله: (ومحل الرجوع) أي محل رجوع من ركب كثيرا ليمشي
أماكن ركوبه. قوله: (إن ظن أو لا أي حين خروجه) أي في المرة الأولى القدرة أي أو جزم بها، وقوله
فخالف ظنه أي أو جزمه وتبين عجزه فركب كثيرا وهاتان الحالتان تضربان في حالات النذر أو اليمين
الخمسة وهي أن يكون حين النذر أو اليمين معتقدا القدرة على مشي جميع المسافة أو ظانا القدرة أو شاكا
فيها أو متوهما لها أو جازما بعدمها، فهذه عشرة أحوال يتعين فيها الرجوع ليمشي أماكن ركوبه والهدي.
167

قوله: (وإلا مشى مقدوره) أي وإلا يكن ظانا القدرة ولا جازما بها حين خروجه بل كان متوهما لها أو
شاكا فيها أو جازما بعدمها، وقد كان حال اليمين أو النذر جازما بالقدرة أو ظانا لها فهذه ستة يمشي فيها
مقدوره ويهدي ولا رجوع عليه، ومفهوم قولنا: قد كان حين اليمين أو النذر جازما بالقدرة أو ظانا لها
أنه لو كان حين اليمين أو النذر شاكا في القدرة أو توهمها أو جزم بعدمها، والموضوع أنه في حال الخروج
شك في القدرة أو توهمها أو جزم بعدمها فإنه يمشي أول عام مقدوره ولا رجوع ولا هدي في هذه
الصور التسع فجملة صور المسألة خمسة وعشرون. قوله: (أما من ظن العجز حين يمينه) أي بأن توهم القدرة
على المشي، وكذا إذا شك فيها أو جزم بعدمها والموضوع أنه حين الخروج علم أو ظن العجز وعدم
القدرة على مشي الجميع أو شك في ذلك. قوله: (بحسب مسافته) أي ولو كان له بال في نفسه كما عزاه ابن عرفة
للمدونة. قوله: (كالإفاضة) تشبيه في عدم الرجوع والهدي وإن كان الهدي في الأول واجبا وفي الثاني
مندوبا، وإنما عدل عن العطف للتشبيه لأجل أن يرجع قوله فقط إلى ما بعد الكاف ويعطف ما بعده
عليه. قوله: (وأما المناسك فقط) أي وأما إذا ركب المناسك فقط دون الإفاضة. وقوله فيلزمه الرجوع أي
ولا يجب عليه الهدي بل يستحب فقط مراعاة لمن يقول: إن من نذر المشي لمكة إنما يلزمه الاتيان لها
ماشيا ولا يلزمه الاتيان بالمناسك ولا بحج ولا عمرة. قوله: (وكعام إلخ) هذا تشبيه في لزوم الهدي فقط
وعدم الرجوع فإذا قال: لله علي الحج ماشيا في عام كذا فركب فيه وأدرك الحج أو ركب فيه وفاته لعذر
كمرض أو لم يخرج أصلا لعذر فإنه لا يلزمه الرجوع في عام آخر وإنما يلزمه الهدي فقط، فلو ترك الحج
في هذا العام المعين عمدا من غير ضرورة أو خرج له ولو ماشيا وتراخى حتى فاته فإنه يأثم ويلزمه قضاؤه
ولو راكبا وهو معنى قول المصنف: وليقضه. قوله: (أو لم يقدر إلخ) ليس هذا معارضا لقوله سابقا وإلا
مشى مقدوره إلخ لان ما مر ظن أو لا أي حين خروجه في العام الأول عدم
القدرة وما هنا ظن عدم القدرة في العام الثاني كما قال الشارح. قوله: (وكأن فرقه) وذلك بأن ينزل بمحلات ويقعد في كل محل مدة
من الزمان، وقد جرت عادة الناس بعدم النزول بها، ثم إن ما ذكره المصنف من الاجزاء قال ابن
عبد السلام: هو الذي في الموازية ومقابله عدم الاجزاء في كتاب ابن حبيب، وصوب ابن رشد القول
بالاجزاء وصوب ابن عبد السلام عدمه انظر بن. قوله: (واعترض ح إلخ) أي على المصنف في قوله
بالاجزاء ولزوم الهدي بأنه لم ير من قال بلزوم الهدي أي على من فرق المشي في الزمان تفريقا غير معتاد
ولو بغير عذر كما قال المصنف وفيه نظر، فقد صرح ابن رشد في البيان بلزوم الهدي وحينئذ فلا اعتراض
انظر بن. قوله: (وركوب عقبة أخرى) أي وهكذا طول الطريق، وقوله لما حصل له من الراحة
علة لقوله وفي لزوم مشي الجميع في رجوعه. واعلم أن هذا الخلاف المذكور في التنصيف أي ما إذا
كان أماكن ركوبه نصف الطريق وأماكن مشيه نصفها، وأما إن ركب كثيرا رجع ومشى
أماكن الركوب اتفاقا وأهدى أو قليلا أهدى فقط. قوله: (تأويلان) سببهما قول المدونة:
168

وليس عليه في رجوعه ثانية وإن كان قويا أن يمشي الطريق كله، وفي الموازية عن مالك ما يعارضها
ونصها: وإن كان ما ركب متناصفا كأن يركب عقبة ويمشي أخرى فلا يجزيه إلا أن يمشي الطريق كلها،
فجعل بعضهم ما في الموازية مخالفا لما في المدونة والمعتمد كلام المدونة، وجعل أبو الحسن كلام الموازية
تقييدا للمدونة بحمل كلام المدونة على من ركب دون النصف، وحمل المصنف في التوضيح وكذا
ابن عرفة ما في الموازية على من لم يتحقق ضبط مواضع مشيه من أماكن ركوبه، وما في المدونة على من
تحقق ضبط أماكن مشيه من أماكن ركوبه فهما تأويلان كلاهما بالوفاق: الأول لأبي الحسن والثاني
للمؤلف وابن عرفة اه‍ طفي. فقول المصنف: وفي لزوم مشي الجميع بمشي عقبة وركوب أخرى بناء
على أن بينهما وفاقا، وقول الشارح: وعدم لزوم مشي الجميع أي بناء على أن بينهما خلافا وأن المعتمد
كلام المدونة. قوله: (ولو مشى الجميع إلخ) رد بلو قول ابن المواز: إن مشى الطريق كله فلا هدي عليه لأنه
لم يفرق مشيه، قال ابن بشير وتعقبه الأشياخ بأنه كيف يسقط ما تقرر من الهدي في ذمته بمشي غير
واجب. قوله: (أتمه فاسدا) أي ولو راكبا لان إتمامه ليس من النذر في شئ وإنما هو لاتمام الحج.
قوله: (ومشى في قضائه من الميقات) أي إن كان أحرم منه عام الفساد، وقوله: إلا أن يكون أحرم قبله
أي قبل الميقات في عام الفساد، وقوله: وإلا فمن حيث أحرم أي وإلا مشى في قضائه من المكان الذي
أحرم منه أولا عام الفساد لتسلط الفساد على ما بعد الاحرام وإن كان يؤخر الاحرام عام القضاء
للميقات، وبعد هذا فالظاهر أن كلا من الاحرام والمشي يؤخر في عام القضاء للميقات لان المعدوم
شرعا كالمعدوم حسا والاحرام قبل الميقات منهي عنه. قوله: (أي تحلل منه بفعلها) أي ماشيا لتمام
سعيها ليخلص من نذر المشي بذلك لأنه لما فاته الحج وجعله في عمرة فكأنه جعله فيها ابتداء وقد أدى
ما عليه بذلك، وقوله: أي جاز الركوب يعني جميع الطريق في قضائه، وهل يلزمه المشي في المناسك أو لا؟
قولان لابن القاسم مع سحنون ومالك. قوله: (لان النذر قد انقضى) أي بمشيه في العمرة التي تحلل بها
من الحج الفائت. قوله: (وإن حج ناذر المشي مبهما) أي وإن حج من نذر المشي لمكة ولم يعين حجا
ولا عمرة ثم جعله في حج، وقوله أو من عين الحج بمشيه أي أو حج من عين الحج بمشيه. قوله: (الذي
في ضمن إحرامه) أي لان القارن محرم بهما فالحج وحده يصدق عليه أنه في ضمن إحرامه بالقران.
قوله: (أجزأ عن النذر فقط) أي وعليه قضاء الفرض وهذا مذهب المدونة، وقيل أنه يجزئ عنهما
وقيل لا يجزئ عن واحد منهما كما في الشامل. قوله: (للتشريك) أي لأنه شرك في الحج بين النذر
والفرض وفيه أن التشريك موجود حال الاطلاق، فالأولى أن يقول لقوة النذر بالتعيين فشابه
الفرض الأصلي قوله: (تأويلان) الأول لابن يونس والثاني لبعض الأصحاب. قوله: (وعلى الصرورة
جعله في عمرة) أي عليه ذلك على جهة الوجوب كما قال الشارح بناء على أن الحج واجب على الفور،
وكلام أبي الحسن والجلاب يفيد أن جعله في عمرة مستحب وهو مبني على القول بأن وجوب الحج
على التراخي، ومفهوم الصرورة أن غيره مخير إن شاء جعل مشيه الذي قصد به أداء نذره في عمرة، وإن
شاء جعله في حج وسواء كان مغربيا أو لا. قوله: (إذا نذر مبهما) أي مشيا مبهما قوله: (أي جعل
مشيه) أي الذي قصد به أداء نذره. قوله: (ويكون متمتعا بشرطه) أي وهو كون حجه في العام
الذي اعتمر فيه. قوله: (وعجل الاحرام) أي بحج أو عمرة، وقوله: ناذره أي ناذر الاحرام
والمراد بتعجيله إنشاؤه. قوله: (لفظا أو نية) هذا صحيح كما صرح به في التوضيح قائلا: وقد
169

صرح في المدونة بأن النية مساوية للفظ خلافا لما يوهمه ابن الحاجب من قصره على اللفظ اه‍ بن.
قوله: (أو من بركة الحج) أي إذا أتيتها قوله: (كذلك) أي أول يوم من رجب أو من بركة الحج
قوله: (وجب عليه أن ينشئ الاحرام إلخ) سواء وجد صحبة يسير معها أو عدمها قوله: (ولا يؤخر للميقات)
أي ولا لوجود رفقة لان القيد قرينة على الفورية. قوله: (وليس المراد إلخ) أي بل المراد إنشاؤه إذا
حصل الوقت أو الفعل الذي قيد به. قوله: (كالعمرة) أي كما يعجل الاحرام بالعمرة ناذرها حالة كونه
مطلقا أي غير مقيد لها بوقت إن وجد صحبة فإذا قال: إن كلمت فلانا فأنا محرم بعمرة وكلمه عجل
الاحرام بها من يوم الحنث، وإذا قال: لله علي أن أحرم بعمرة فإنه يعجل الاحرام بها من حين نذره
إن وجد صحبة وإلا لم يلزمه تعجيل الاحرام بها. قوله: (بالكسر) أي لأنه على فتح اللام يكون المراد
بالاطلاق سواء قيدت بالزمن أو لا، والتشبيه يقتضي تخصيصها بغير المقيدة لدخول المقيدة فيما قبله،
وأيضا الاطلاق يقتضي أن قوله إن لم يعدم صحابة يجري في العمرة المقيدة بالزمان، وما قبل الكاف
يقتضي عدم جريانه فيها لشموله الحج والعمرة فتناقضا ولا يصح الاطلاق على أن يكون ما قبل
الكاف خاصا بالحج لان قوله: إن لم يعدم صحابة إنما هو منصوص في العمرة المطلقة دون المقيدة
فلذلك تعين كسر اللام في مطلقا. قوله: (أي أو غير مقيد لها بوقت أو مكان) أي والموضوع أنها مقيدة
بلفظ الاحرام كما فرضها في المدونة، وأما إذا لم يقيدها نحو قوله في نذر أو يمين على عمرة فلا يلزمه تعجيل
الاحرام بل يستحب فقط كما في ابن عرفة، وكذا قوله لا الحج المطلق يعني مقيدا بالاحرام وإلا فلا يلزمه
تعجيل الاحرام بل يستحب فقط، وكذا فرضه في المدونة والجواهر وابن عرفة في المقيد بالاحرام قاله طفي.
والحاصل أن النذر على ثلاثة أقسام: مقيد بالزمان والاحرام، ومقيد بالاحرام فقط، وغير مقيد
بالاحرام ولا بالزمان، فالأول كان فعلت كذا فأنا محرم بحج أو عمرة أو أحرم يوم كذا بحج أو عمرة،
ومثله غير المعلق كأنا محرم أو أحرم يوم كذا أو من مكان كذا إذا أتيته فهذا يلزم فيه تعجيل الاحرام
إذا حصل الوقت أو الفعل الذي قيد به ولو عدم صحبة، والثاني: إن فعلت كذا فأنا محرم أو أحرم
بعمرة أو حج فهذا يلزمه في العمرة تعجيل الاحرام بها إن وجد صحبة وإلا فلا، وفي الحج
يؤخر الاحرام لأشهره إن وصل وإلا فمن حيث يصل. والثالث كما لو قال: علي عمرة أو حج إن
كلمت فلانا وكلمه فلا يلزمه تعجيل الاحرام بل يستحب فقط كان الاحرام بحج أو عمرة، وجد
صحبة أو لا، كان في أشهر الحج أو لا. قوله: (إن لم يعدم) أي فإن عدم الصحبة أخر الاحرام لوجودها.
قوله: (فالمقيدة) أي بالزمان أو المكان قوله: (لا ناذر الحج المطلق) أي الذي لم يقيد بوقت ولا بمكان
قوله: (في الصورتين) أي صورة نذر الحج المطلق وصورة نذر المشي المطلق، فالأول كأنا محرم أو أنا
أحرم لله بحج أو إن كلمت فلانا فأنا محرم أو أحرم بحج وكلمه. والثانية كلله علي المشي لمكة أو إن كلمت
فلانا فعلي المشي لمكة وكلمه. قوله: (وفي المشي المطلق من الميقات) أي وفي نذر المشي المطلق يحرم من
الميقات فإن أحرم قبله أجزأ قوله: (حقه إلخ) أي لان الذي اختار ذلك ابن يونس لا ابن رشد
إذ لا اختيار له هنا. وحاصل ما في المقام أن الذي قال يحرم من حيث يصل ابن أبي زيد، وقال القابسي:
يخرج من بلده غير محرم وأينما أدركته أشهر الحج أحرم، قال ابن يونس: والراجح مذهب أبي محمد،
وقال ابن عبد السلام: انه الظاهر فإن كان المصنف أراد ترجيح ابن يونس فكان الأولى أن يقول
على الأرجح، وإن أراد استظهار ابن عبد السلام فكان الأولى أن يعبر بالمستحسن أو المصحح.
قوله: (ولا يلزم النذر في مالي في الكعبة حيث أراد صرفه في بنائها) أي وحينئذ فلا يلزم الناذر شئ من ماله
ولا كفارة يمين على المشهور، خلافا لما روي عن مالك من لزوم كفارة يمين وإنما كان النذر باطلا لأنه
170

نذر لا قربة فيه لأنها لا تنقض فتبنى كما في المدونة. قوله: (إن احتاجت) أي وإلا تصدق به على الفقراء
حيث شاء، ومثل ما إذا قال مالي في الكعبة وأراد صرفه في كسوتها في لزوم ثلث ماله للحجبة ما إذا قال مالي
في كسوتها أو طيبها. قوله: (أو كل ما أكتسبه في الكعبة أو بابها) أي أو في سبيل الله أو للفقراء وإنما لم
يلزمه شئ للمشقة الحاصلة بتشديده على نفسه فهو كمن عمم في الطلاق وهذا إذا لم يقيد بزمان أو مكان،
وأما إذا قيد بزمان أو مكان بأن قال: إن فعلت كذا فكل ما أكتسبه أو أستفيده في مدة كذا أو في بلد كذا فهو في الكعبة أو في بابها أو صدقة على الفقراء أو في سبيل الله وفعل المحلوف عليه فقولان: قيل
لا يلزمه شئ وهو لابن القاسم وأصبغ، وحكى ابن حبيب عن ابن القاسم وابن عبد الحكم أنه يلزمه
اخراج جميع ما يستفيده أو يكتسبه بعد قوله في ذلك الاجل أو في تلك البلد، والأول ضعيف والثاني هو
الراجح لقول ابن رشد: هو القياس، ولقول ابن عرفة: إنه الصواب، انظر بن هذا كله إذا كانت
الصيغة يمينا، فإن كانت نذرا بأن قال لله علي التصدق بكل ما أكتسبه أو أستفيده فإن لم يقيد بزمن أو
بلد لزمه ثلث جميع ما يكتسبه بعد قوله لا ثلث ماله وإن قيد لزمه جميع ما يكتسبه وهذا كله في صيغتي
النذر واليمين إذا لم يعين المدفوع له، وأما إن عينه كلله علي التصدق على فلان بكل ما أكتسبه أو إن
فعلت كذا فكل ما أكتسبه لفلان لزمه جميع ما يكتسبه سواء عين زمانا أو مكانا أو لا كانت الصيغة
نذرا أو يمينا. قوله: (أو نذر هدي) أي لا يلزم نذر حيوان كعجل أو خروف نذره بلفظ الهدي أو بلفظ البدنة
لغير مكة كأن يقول: لله علي عجل هديا للمدينة أو لله علي بدنة لطندتا. قوله: (كلفظ بعير إلخ) أي بأن يقول: لله
علي عجل أو خروف أو جزور للولي الفلاني أو للنبي أو للمدينة. قوله: (فلا يبعثه) أي ولو قصد به الفقراء
الملازمين لقبر الولي أو لقبر النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (بل يذبحه) أي الناذر أو الحالف بموضعه
ويتصدق به على فقراء محله وكما له ذبحه له أن يبيعه ويدفع لفقراء موضعه بدله مثل ما فيه من اللحم.
قوله: (وبعثه أو استصحابه) وكذا بعث لحمه من الضلال أيضا هذا هو المشهور، ومذهب المدونة قال
في التوضيح لان في بعثه شبها بسوق الهدي وقد علمت أن سوق الهدي لغير مكة من الضلال، ومقابله
لمالك في الموازية وبه قال أشهب جواز بعثه أو استصحابه لان إطعام المساكين بأي بلدة طاعة، ومن
نذر أن يطيع الله فليطعه اه‍ بن. قوله: (وأما نذر جنس ما لا يهدي) أي نذره لغير مكة كلله علي للنبي
أو للولي الفلاني دينار صدقة أو ستر أو أردب حنطة، أو إن فعلت كذا فعلي ما ذكر وحنث، وأما نذر
ذلك بمكة فقد تقدم أنه يباع ويشترى بثمنه هدي. قوله: (ولا يلزم بعث شمع ولا زيت) أي نذره أو
حلف به وحنث. قوله: (يوقد على القبر) أي قبر الولي أو على قبر النبي صلى الله عليه وسلم لان إيقاده على
القبر حرام لأنه إتلاف مال ما لم يكن هناك من ينتفع بالوقيد وإلا فلا حرمة ويلزم إرساله. قوله: (لتزيين
باب) أي سواء كان باب الكعبة أو باب ولي قوله: (فيما يظهر) الظاهر كما قاله شيخنا أن ربه إذا أعرض عنه
كان لبيت المال وليس له الرجوع فيه. قوله: (أو مال غير) عطف على مالي من قوله ولا يلزم في مالي في الكعبة
أي لا يلزمه في مالي ولا يلزم في مال غير أي لا يلزم في مال غير كلله علي عتق عبد فلان أو التصدق
بماله أو داره على الفقراء. قوله: (فعليه هدي) أي إذا قصد بقوله: علي هدي فلان القربة وكذا إذا كان لا نية
له على المشهور، وأما إذا قصد المعصية يعني ذبحه لم يلزمه شئ وكل هذا إذا كان فلان الذي نذر نحره هديا
171

حرا، وأما لو كان عبدا لغيره فلا يلزمه شئ، والفرق بين الحر وعبد الغير أن العبد يصح ملكه فيخرج
عوضه وهو قيمته، وأما الحر فليس مما يصح ملكه ولا يخرج عوضه فجعل عليه فيه هدي إذا قصد القربة
انظر بن. قوله: (أو لم يذكر مقام إبراهيم) أي فإن ذكره لزمه هدي وذلك بأن يقول: لله علي نحر فلان
عند مقام إبراهيم أو في مكة أو في منى والمراد بمقام إبراهيم مقام الصلاة وهو الحجر الذي وقف عليه
عند بناء البيت كذا قيل، وكلام المدونة يدل لذلك، وعليه فالمراد بالذكر الذكر اللساني، وقيل إن المراد
بمقام إبراهيم قصته مع ولده وأن المراد بذكرها ملاحظتها فمن لاحظ ذلك لزمه الهدي، وقول الشارح
أو ينوه أو يذكر مكة إنما يتأتى على التقرير الأول لا على الثاني اه‍ عدوي. قوله: (وأو في كلامه بمعنى الواو)
أي ان أو في قول المصنف أو لم ينوه أو لم يذكر مقام إبراهيم بمعنى الواو لأن عدم لزوم الهدي عند انتفاء
الأمور الثلاثة لا عند انتفاء أحدها واللزوم عند واحد منها كذا قال الشارح ولا حاجة له لان أو
بعد النفي لنفي الأحد الدائر ونفيه بانتفاء الجميع. ثم اعلم أن ظاهر المصنف أنه لا فرق بين الأجنبي
والقريب في عدم لزوم الهدي عند انتفاء الأمور الثلاثة ولزومه إن وجد أحدها وهذه طريقة الباجي،
وذكره أبو الحسن عن ابن المواز عن ابن القاسم وخص ابن الحاجب ذلك التفصيل بالقريب، وأما
الأجنبي فلا يلزمه فيه شئ ولو ذكر مقام إبراهيم، وأما إذا تلفظ بالهدي أو نواه فلا فرق بين القريب
والأجنبي في لزوم الهدي وهي طريقة ابن بشير وابن شاس، وقد رد المصنف عليها بلو في قوله: ولو قريبا
انظر ح. قوله: (فلا يبريه) أي من لزوم النذر. قوله: (وإلا فالهدي في نفسه واجب) أي إن لفظ بالهدي
أو نواه أو ذكر مقام إبراهيم أو نواه. قوله: (كنذر الحفاء) تشبيه بقوله: ولا يلزم بمالي إلخ.
قوله: (وإلا ركب وحج به) إنما يحمل هذا على ما إذا لم ينو شيئا أما إذا نوى إحجاجه فإن الحالف لا يلزمه
حج بل يدفع للرجل ما يحتاج إليه من مؤنة الحج فقط كما في أبي الحسن. وحاصل كلامه أن المسألة
على ثلاثة أوجه: تارة يحج الحالف وحده وهذا إذا أراد المشقة على نفسه بحمله على عنقه، وتارة يحج
المحلوف به وحده إذا أراد إحجاجه من ماله، وتارة يحجان جميعا إذا لم يكن له نية وهذا مما لا يختلف فيه،
وبهذا تعلم ما في كلام الشارح تبعا لعبق انظر بن. قوله: (فيهما) أي فيما إذا رضي بالحج معه أو لم يرض
وحج الناذر وحده. قوله: (وإنما لغا ما ذكر دون المشي) أي مع أن المسير والذهاب مساويان له في المعنى
المقصود وهو مطلق الوصول. قوله: (لان العرف إلخ) يؤخذ من هذا أنه لو جرى عرف بهذه
الألفاظ لم يكن لغو قاله شيخنا، ويؤيده أن أصل الالغاء مختلف فيه فقد اعتبرها أشهب، وبه أخذ
ابن المواز وسحنون واللخمي، وعن ابن القاسم اعتبار الركوب، وقول المصنف لمكة يقتضي أنه
إذا قيد بالكعبة لزم وهو فهم ابن يونس لكلام ابن القاسم كما في التوضيح. قوله: (ولغا مطلق المشي)
أي لان المشي بانفراده لا طاعة فيه وألزمه أشهب المشي لمكة. قوله: (من غير تقييد بمكة) أي فإن قيد بها
لزمه المشي سواء نوى صلاة أو صوما أو اعتكافا أو حجا أو عمرة أو لم ينو شيئا بل نوى مطلق المشي لمكة.
قوله: (ومشى لمسجد إلخ) يعني أن من نذر المشي لمسجد غير المساجد الثلاثة لاعتكاف أو صلاة فإنه لا
يلزمه الاتيان لذلك المسجد ويفعل تلك العبادة بمحله لخبر: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي
172

هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى. وحاصل فقه المسألة أن من نذر الاتيان لمسجد من المساجد
الثلاثة لأجل صوم أو صلاة أو اعتكاف فإنه يلزم الاتيان إليه ن. وكذا إذا نذر إتيان ثغر لأجل صلاة أو
صوم لزمه إتيانه لا لاعتكاف على ما مر، وأما إذا نذر إتيان مسجد غير الثلاثة لأجل صلاة أو صوم أو
اعتكاف فإن كان بعيدا من الناذر فلا يلزمه الاتيان إليه، وإن كان قريبا منه فقولان: قيل يلزمه الاتيان
إليه ماشيا واستقر به ابن عبد السلام لأنه جاء في المشي إلى المسجد من الفضل ما لم يأت مثله في الراكب،
وقيل: لا يلزمه الاتيان إليه أصلا، وإذا نذر الاتيان لمسجد من الثلاثة لصلاة أو اعتكاف لزمه الاتيان
إليه وإن كان مقيما ببعضها، وهل مطلقا أو إلا أن يكون ما هو فيه أفضل فلا يلزم؟ قولان. قوله: (ولغا مشي
للمدينة أو إيلياء) يعني أن من نذر المشي أو السير أو الذهاب للمدينة أو لايلياء أو حلف بذلك وحنث
فلا يلزمه الاتيان إليهما لا ماشيا ولا راكبا، ومحل عدم لزوم الاتيان إليهما إن لم ينو أو ينذر صلاة ولو
نفلا أو صوما أو اعتكافا بمسجديهما أو يسم المسجدين لا البلدين، فإن نوى صلاة أو صوما أو اعتكافا
في المسجدين أو سماهما لزمه الاتيان إليهما. قوله: (والمدينة أفضل) أي لما رواه الطبراني والدارقطني من
حديث رافع بن خديج: المدينة خير من مكة نقله في الجامع الصغير، وحيث كانت المدينة أفضل
فيكون الثواب المترتب على العمل في مسجدها من صلاة أو اعتكاف أكثر من الثواب المترتب على
العمل في مسجد مكة.
باب في الجهاد
قوله: (فرض كفاية) ظاهره مع الامن والخوف وهو ما نقله الجزولي عن ابن رشد والقاضي عبد
الوهاب وذلك لما فيه من إعلاء كلمة الله وإذلال الكفر، ونقل عن ابن عبد البر أنه فرض كفاية مع
الخوف ونافلة مع الامن والقول الأول أقوى انظر بن. قوله: (ويكون في أهم جهة) أي والمطلوب
على جهة الوجوب أن يكون في أهم جهة إذا كان العدو في جهات وكان ضرره في بعضها أكثر من
ضرره في غيرها، فإن أرسل الامام لغير الأهم أثم كما صرح به اللقاني، فإن استوت الجهات في الضرر
خير الامام في الجهة التي يذهب إليها إن لم يكن في المسلمين كفاية لجميع الجهات وإلا وجب
في الجميع وإن كان في جهة واحدة يعين القتال فيها، وأشار الشارح بتقدير يكون إلى أن قوله:
في أهم جهة متعلق بمقدر لا بالجهاد كما هو ظاهر المصنف لأنه يقتضي أنه لا يقع فرض كفاية إلا إذا
تعددت الجهة وفيها أهم وغيره ووقع في الأهم منها مع أنه فرض كفاية، ولو كان الخوف في جهة
واحدة أو جهات ولم يكن فيها أهم أو فيها أهم وجاهد في غيره، وقد يقال: لا داعي لذلك التقدير فالمصنف
نص على المتوهم إذ ربما يتوهم أنه في الأهم فرض عين فلا ينافي أنه فرض كفاية أيضا إذا كان
الخوف في جهة أو جهات لم يكن فيها أهم أو فيها وجاهد في غيره. قوله: (كل سنة) أي بأن يوجه
الامام كل سنة طائفة ويزج بنفسه معها أو يخرج بدله من يثق به ليدعوهم للاسلام ويرغبهم
فيه ثم يقاتلهم إذا أبوا منه. قوله: (فلا يسقط الجهاد) أي لان قتال الكفار أهم من قتال المحاربين.
وقال ابن عبد السلام: قتال المحاربين أفضل من قتال الكفار، وصوب ابن ناجي المشهور أنه ليس
بأفضل. والحاصل أن المسألة في تقديم أحدهما على الآخر وأفضليته عليه خلافية والنظر ارتكاب
أخف الضررين فإن استويا قوتل الكفار. قوله: (أي إقامة الموسم إلخ) أي وليس المراد زيارتها
173

لطواف فقط أو عمرة، وأفرد هذا عن نظائره الآتية لمشاركته للجهاد في الوجوب كل سنة بخلاف
الأمور الآتية فإنها واجبة في كل وقت لا في كل سنة. واعلم أن فرضية إقامة الموسم تحصل بمجرد
حصول الشعيرة وإن لم يلاحظوا فرض الكفاية نعم ثواب الفرض يتوقف على نيته قاله شيخنا. قوله: (ولو
مع وال جائر) رد بلو على ما روي عن مالك من أنه لا يغازي معه. قوله: (إلا أن يكون غادرا ينقض
العهد) أي ولو مع كافر على الظاهر قاله شيخنا قوله: (على كل حر إلخ) هذا يشمل الكافر فيجب عليه
الجهاد بأن يقتل غيره بناء على أن الكفار مخاطبون بالفروع كذا قيل وفيه نظر إذ كيف يكون الجهاد
واجبا على الكافر وقد عد ابن رشد الاسلام من شروط الوجوب كما نقله المواق اه‍ بن. وقد يقال:
لا يرد هذا لأن الظاهر أن مراد ابن رشد الوجوب الذي يطالب بسببه الامام وولاة الأمور والكفار
لا نتعرض لهم وإن قلنا بخطابهم بالفروع وأنهم يعذبون عليها عذابا زائدا على عذاب الكفر. قوله: (وهي
الفقه) أي العلوم الشرعية غير العيني الفقه إلخ. وأما الواجب العيني فاعلم أنه لا ينحصر في معرفة
باب معين بل يجب على كل مكلف أن لا يقدم على أمر من طهارة وصلاة وغيرهما حتى يعلم حكم الله فيه
ولو بالسؤال عنه. قوله: (على الأصح) فقد نهى عن قراءته الباجي وابن العربي وعياض خلافا لمن
قال بوجوب تعلمه لتوقف العقائد عليه وتوقف إقامة الدين عليها، ورد ذلك الغزالي بأنه ليس عند
المتكلم من عقائد الدين إلا العقيدة التي يشارك فيها العوام وإنما يتميز عنهم بصفة المجادلة. قوله: (وهي
الاخبار بالحكم الشرعي على غير وجه الالزام) لا شك أن هذا من جملة القيام بعلوم الشرع فهو من
عطف الخاص على العام. قوله: (ودفع الضرر عن المسلمين) أي بإطعام جائع وستر عورة حيث لم تف
الصدقات ولا بيت المال بذلك وبالمعاونة على رد ما أخذه اللص لصاحبه وبرد الظالم على المظلوم
وبغير ذلك. قوله: (وهو الاخبار) فيه نظر والحق أن القضاء إنشاء الاخبار بالحكم على وجه الالزام.
قوله: (معرفة كل) أي من المطلوب شرعا والمنهي عنه شرعا. قوله: (وأن يظن الإفادة) لا يخفى أن ظن
الإفادة يستلزم عدم التأدية إلى منكر أكبر منه، لكن ثمرة التعداد تظهر عند اختلال القيود لأنه
إذا اختل الثاني يحرم وإذا اختل الثالث يجوز أو يندب. قوله: (وآكل) الذي ذكره ح في باب
الأذان أنه يكره السلام على الآكل ولا يرد انظره، وذكر عج أن السلام كما يطلب من القادم
يطلب من المفارق للجماعة كما يدل عليه الحديث، وأنه يكره تنزيها السلام على الكفار فإن
سلموا علينا باخلاص وجب علينا الرد. قوله: (كشابة) أي سلم عليها بالغ غير محرم وإلا وجب
عليها الرد. قوله: (ولو أتى على جميع إلخ) أي إذا كان لا يحصل لهم ضرر بذلك وإلا ارتكب أخف
الضررين. قوله: (وإن توجه الدفع على امرأة ورقيق) فيه إن توجه الدفع هو عين فرضية الجهاد
عليهم فكأنه قال: وتوجه الدفع بفج ء العدو على كل أحد وإن كان التوجه على امرأة وهذا غير
معقول، فالأحسن أن يجعل قوله وإن على امرأة مبالغة في محذوف والمعنى وتعين بفج ء العدو على كل
أحد وإن كان ذلك الأحد امرأة كذا قرر شيخنا، قال الجزولي: ويسهم إذ ذاك للمرأة والعبد والصبي
174

لان الجهاد صار واجبا عليهم، وأما حيث لم يفاجئهم العدو فلا يجب عليهم ولذا لا يسهم لهم اه‍ بن.
قوله: (ورقيق) وكذا صبي له قدرة على القتال. قوله: (وعلى من بقربهم) أي وتعين على من بمكان مقارب لهم
أن يقاتلوا معهم إن عجز من فاجأهم العدو عن الدفع عن أنفسهم، ومحل التعيين على من بقربهم إن لم يخشوا
على نسائهم وبيوتهم من عدو بتشاغلهم بمعاونة من فجأهم العدو وإلا تركوا إعانتهم. قوله: (وبتعيين
الامام) أي أن كل من عينه الامام للجهاد فإنه يتعين عليه ولو كان صبيا مطيقا للقتال أو امرأة
أو عبدا أو ولدا أو مدينا ويخرجون ولو منعهم الولي والزوج والسيد ورب الدين، والمراد بتعيينه على الصبي
بفج ء العدو، وبتعيين الامام إلجاؤه عليه وجبره عليه كما يلزم بما فيه إصلاح حاله لا بمعنى عقابه على تركه
كذا ذكر طفي، فلا يقال إن توجه الوجوب للصبي خرق للاجماع اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (ولو امرأة
وعبدا) أي أو صبيا مطيقا للقتال كما في النوادر كذا في عبق. قوله: (بعد التعيين) أي من الامام أو بفج ء
العدو محلة قوم وهذا خارج مخرج المبالغة وكأنه قال: وسقط بمرض وجنون إلخ، ولو طرأ ذلك بعد
التعيين والسقوط هنا مستعمل في حقيقته بالنسبة للمانع الطارئ كالمرض والجنون والعمى والعرج
والعجز عما يحتاج إليه، وفي مجازه إذا كان المانع غير طارئ كالصبا والأنوثة لان الجهاد لم يترتب عليهما
أولا حتى يسقط، فالسقوط بالنسبة إليهما بمعنى عدم اللزوم فالمعنى حينئذ ولا يلزم الصبي والأنثى، وهذا
إذا لم يعينا أو عينا غير مطيقين وإلا لزمهما كما مر. قوله: (وعجز عن تحصيل إلخ) أي ومن باب أولى
اختلاف كلمة المسلمين فإذا اختلف سقط الوجوب، وسواء كان بتعيين الامام أو بفج ء العدو محلة كما
في النفراوي على الرسالة قوله: (مع قدرته على الوفاء) أي ببيع ما عنده وكان ذلك لا يحصل إلا في زمان
يلزم على انقضائه فوات الجيش له ولا يقدر على إدراكه بعد سفره. قوله: (وإلا خرج بغير إذن ربه)
أي وإلا يقدر على وفائه أو كان غير حال ولا يحل في غيبته خرج بغير إذن ربه، فإن حل في غيبته وعنده
ما يوفى منه وكل من يقضيه عنه. قوله: (كوالدين إلخ) هذا تشبيه في السقوط وهو على حذف مضاف
أي كمنع والدين دنية أي وسقط الجهاد بسبب مرض ونحوه كما يسقط كل فرض كفاية بمنع الوالدين
أو أحدهما مع سكوت الآخر أو إجازته على الظاهر. قوله: (ببحر إلخ) متعلق بمحذوف مرتبط بقوله
فرض كفاية أي كوالدين في كل فرض إذا كان السفر لتحصيله في بحر أو بر خطر، وحاصل كلام
المصنف أن كل فرض كفاية للوالدين أو أحدهما المنع منه إذا كان السفر لتحصيله في البحر أو البر
الخطر لا إن كان في بر آمن، قال الشارح: يستثنى من ذلك الجهاد فإن لها منع الولد منه مطلقا ولو كان السفر
له في بر آمن، ويستثنى أيضا طلب العلم الكفائي إذا خلا محلهما عمن يفيده فليس لهما منعه من السفر له مطلقا
كان في بحر أو بر خطر أو آمن، وأما إذا كان في البلد من يفيده فلهما المنع من السفر له مطلقا، وما ذكره
الشارح من أن للأبوين أو أحدهما المنع من السفر لطلب العلم الكفائي إن كان في بلدهما من يفيده
وإلا فليس لهما منعه من السفر طريقة للطرطوشي ونصه: ولو منعه أبواه من الخروج للفقه والكتاب
والسنة ومعرفة الاجماع والخلاف ومراتبه ومراتب القياس، فإن كان من يفيد ذلك موجودا ببلده
لم يخرج إلا بإذنهما وإلا خرج ولا طاعة لهما في منعه لان تحصيل درجة المجتهدين فرض
كفاية، واعترض هذا القرافي بأن طاعة الأبوين فرض عين فلا يسقط لأجل فرض
الكفاية فلذا قال في التوضيح: إن للأبوين أن يمنعا من فرض الكفاية مطلقا جهادا أو علما
كفائيا أو غير ذلك كان السفر لذلك في البحر أو في البر الخطر أو المأمون، وتبعه على ذلك ابن
غازي وقال: صواب قوله ببحر كتجر ببحر أو بر خطر ليصير تشبيها في المنع وليس له تعلق بالجهاد،
وأورد عليه بأنه أي فرق بين فرض الكفاية لهما منعه منه مطلقا وبين التجارة لمعاشه لهما منعه
منها إذا كان السفر لها ببحر أو بر خطر لا ببر آمن. وأجيب بأن فرض الكفاية لما كان يقوم به
175

الغير كان لهما منعه منه مطلقا بخلاف التجارة، ولكن الحق أن فرض الكفاية الذي لهما منعه منه
مطلقا حتى في البر المأمون خصوص الجهاد وأن غيره من فروض الكفاية كالعلم الزائد على الحاجة
فهو كالتجارة فلهما منعه من السفر لتحصيله إذا كان ليس في بلدهما من يفيده حيث كان السفر في
البحر أو البر الخطر وإلا فلا منع اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (لا جد) عطف على والدين أي يسقط فرض
الجهاد بمنع والدين لا بمنع جد أو جدة وإن كان برهما واجبا فيسترضيهما ليأذنا له فإن أبيا خرج بلا
إذن. قوله: (كغيره) أي كالأب المسلم. وقوله: فله المنع في غيره أي في كل فرض كفاية غيره. قوله: (إلا
لقرينة تفيد الشفقة) أي وإلا كان له منعه من الجهاد وهذا التفصيل لسحنون واقتصر عليه المواق
وارتضاه اللقاني، والذي في التوضيح أن الوالد الكافر ليس له منع ولده من الجهاد مطلقا سواء علم
أن منعه كراهة إعانة المسلمين أو شفقة عليه. وفي كبير خش: لو طلبت أم المسلم الكافرة حملها للكنيسة
هل يحملها أو لا؟ قولا ابن القاسم وسحنون: فإن طلبت دراهم للقسيس فلا يعطيها اتفاقا. قوله: (ثلاثة
أيام) أي كل يوم مرة فإذا دعوا أول الثالث قوتلوا في أول الرابع بعد دعوتهم فيه لأداء الجزية
وامتناعهم ولا يدعون للاسلام لا في بقية الثالث ولا في أول الرابع. قوله: (بلغتهم الدعوة) أي دعوة
النبي صلى الله عليه وسلم أم لا وهذا هو المشهور، وقيل إنهم لا يدعون للاسلام أولا، إلا إذا لم تبلغهم دعوة
النبي صلى الله عليه وسلم، أما من بلغتهم فلا يدعون إلى الاسلام. قوله: (ما لم يعاجلونا بالقتال)
أي أو يكون الجيش قليلا ومن هذا كانت إغارة سراياه عليه الصلاة والسلام. قوله: (ثم جزية) أي
مرة واحدة في أول اليوم الرابع. قوله: (متعلق بالاسلام والجزية) أي أنه مرتبط بهما معنى فلا ينافي
أنه متعلق اصطلاحا بمحذوف أي فإن أجابوا لذلك اكتفى به منهم إذا كانوا بمحل يؤمن غدرهم فيه لكونهم تنالهم
فيه أحكامنا. قوله: (وإلا بأن لم يجيبوا) أي بواحد من الامرين. قوله: (قوتلوا) أي
أخذ في قتالهم وجاز قتلهم إن قدر عليهم. قوله: (إلا المرأة إلا في مقاتلها) الاستثناء الأول من الواو
من قوتلوا، والثاني من مقدر دل عليه الاستثناء الأول أي فلا تقتل إلا في مقاتلتها وفي سببه أي
إلا بسبب مقاتلتها فتقتل حال مقاتلتها وبعده، وليس المراد أنها لا تقتل إلا في حال مقاتلتها فقط
كما هو ظاهره. واعلم أن للمرأة ثمانية أحوال لأنها إما أن تقتل أحدا أو لا، وفي كل إما أن تقاتل بسلاح
أو غيره، وفي كل إما أن تؤسر أو لا، فإن قتلت أحدا بالفعل جاز قتلها سواء كانت مقاتلتها بسلاح أو بغيره
كالحجارة سواء أسرت أم لا، وإن لم تقتل أحدا فإن قاتلت بالسلاح كالرجال جاز قتلها أيضا أسرت
أم لا، وإن قاتلت برمي الحجارة فلا تقتل بعد الأسر اتفاقا ولا في حال المقاتلة على الراجح، وهاتان
الحالتان مستثناتان من قول المصنف: إلا في مقاتلتها. قوله: (ولو بعد أسرها) ما ذكره من جواز قتلها
بعد الأسر إذا قتلت أحدا وقاتلت بالسلاح هو قول ابن القاسم في رواية يحيى وهو مذهب كما قال
الفاكهاني، وقال سحنون: لا تقتل المرأة إذا أسرت مطلقا وصححه ابن ناجي وهو ظاهر المصنف، وقيل
إن قتلت أحدا جاز قتلها وإلا فلا انظر بن. قوله: (ويجري فيه ما جرى في المرأة من التفصيل) أي فيجوز
قتله في ستة أحوال كالمرأة ويمتنع قتله في حالتين، وهذا بخلاف الرجل فإنه يجب قتله حال المقاتلة وبعد
أسره يتعين ما يراه الامام فيه أصلح كما يأتي. قوله: (فالمجنون أولى) أي إذا كان مطبقا فإن كان يفيق
أحيانا قتل. قوله: (أي عاجز) يعني عن القتال لكونه مريضا بإقعاد أو شلل أو فلج أو جذام أو نحو
ذلك. قوله: (لأنهم صاروا كالنساء) أي وأما رهبان الكنائس المخالطون لهم فإنهم يقتلون. وقوله:
لأنهم صاروا كالنساء عبارة ابن عرفة: إنما نهى عن قتلهم لاعتزالهم أهل دينهم وتباعدهم عن
محاربة المسلمين لا لفضل ترهبهم بل هم أبعد من الله من غيرهم لشدة كفرهم. وقول المصنف:
وراهب وأولى في عدم القتل الراهبة لأن المرأة لا تقتل سواء اعتبر ترهبها أو الغي،
176

وإنما فائدة الخلاف بين سحنون وسماع القرينين في لغو ترهبها واعتباره صيرورتها حرة بالترهب
فلا تسترق وعدم ذلك، ثم إن اقتصار المصنف على استثناء السبعة المذكورة يفيد قتل الاجراء والحراثين
وأرباب الصنائع منهم وهو قول سحنون وهو خلاف المشهور من أنهم لا يقتلون بل يؤسرون كما
هو قول ابن القاسم في كتاب محمد وابن الماجشون وابن وهب وابن حبيب، وحكاه اللخمي عن مالك
قائلا: وهو الأحسن لان هؤلاء في أهل دينهم كالمستضعفين كذا في بن، والظاهر أنه خلاف لفظي
في حال وأن المدار على المصلحة بنظر الامام. قوله: (قيد إلخ) أي أن محل كون الشيخ الفاني وما بعده
لا يقتلون ما لم يكن لهم رأي وتدبير في الحروب لقومهم وإلا قتلوا، وإنما لم يعتبر رأي المرأة لان الرأي
في ترك رأيها قوله: (وإذا لم يقتلوا ترك لهم الكفاية) أي وإذا لم يقتلوا ولم يؤسروا ترك إلخ لان ترك
الكفاية إنما هو لمن لا يقتل ولا يؤسر سواء كان لا يجوز أسره كالراهب أو كان أسره جائزا، ولكن ترك
من غير أسر كالباقي، وما ذكره من أنه يترك لهم الكفاية فقط أي لا كل ما لهم هو الأشهر عند ابن
الحاجب، وحاصله أن هؤلاء الذين لا يقتلون ولا يؤسرون يترك لهم ما يتمعشون منه كالبقرة والغنيمات
والبغلة والنخيلات وما يقوم بمعاشهم ويؤخذ الباقي أو يخرب أو يحرق كما هو ظاهر المدونة، وقيل: يترك لهم
أموالهم كلها وهو ضعيف قوله: (وقدم مالهم) أي إن كان لهم مال. قوله: (مواساتهم) أي من مالهم.
قوله: (واستغفر قاتلهم) ولا شئ عليه من كفارة ولا دية لا فرق بين الراهب والراهبة وبين غيرهم ممن
لا يقتل كما هو ظاهر الشارح وهو مفاد النقل عن الباجي كما في طفي، وما في خش من أن الراهب
والراهبة يلزم قاتلهما ديتهما لأهل دينهما لأنهما حران فهو خلاف النقل، انظر حاشية شيخنا العدوي.
قوله: (إلا الراهب والراهبة) أي فإنه لا يجوز أسرهما لأنهما حران، وأما غيرهما من المعتوه والشيخ
الفاني والزمن والأعمى فإنهم وإن حرم قتلهم يجوز أسرهم ويجوز تركهم من غير قتل ومن غير
أسر وحينئذ يترك لهم الكفاية كما مر. قوله: (فليس على قاتله سوى الاستغفار) أي سواء قتله في
غير جهاد أو في جهاد قبل أن يدعوا للاسلام أو الجزية، وسواء كان ذلك المقتول المذكور غير متمسك
بكتاب أو كان متمسكا بكتاب مؤمنا بنبيه خلافا لمن قال بلزوم الدية لقاتل هذا الأخير. قوله: (سوى
الراهب والراهبة) أي وأما هما فلا يحازان لأنهما لا يؤسران كما قال المصنف بعد: والراهب والراهبة
حران. قوله: (والراهب والراهبة المنعزلان بلا رأي حران) التقييد بلا رأي خاص بالراهب لما مر أن
رأي المرأة غير معتبر لان الرأي في ترك رأيها قوله: (إن لم يمكن غيرها وقد خيف منهم) ما ذكره من التقييد
بالخوف فهو غير صواب بل مذهب المدونة أنه إذا لم يمكن غيرها فإنهم يقاتلون بها ولو لم يخف منهم على
المسلمين إن تركناهم انظر بن. قوله: (أو كان فيهم مسلم لم يحرقوا بها) ظاهره ولو خفنا منهم وهو كذلك
كما لابن الحاجب التوضيح هو المذهب خلافا للخمي. قوله: (بناء على أن المبالغة راجعة للمنطوق) قيل:
الأولى جعلها راجعة للمفهوم أي أنه إذا أمكن غير النار أو كان فيهم مسلم فإنهم لا يقاتلون بالنار ولو
بسفن، وذلك لأنه إذا اجتمع الشرطان جاز قتلهم بالنار اتفاقا في السفن كالحصن فلا محل للمبالغة على
السفن، وقد يقال: المصنف لم يأت بلو التي لرد الخلاف وإنما أتى بأن والمبالغة يكفي في صحتها مجرد دفع
التوهم وقد يتوهم أن النار تتلف حق الغازين في السفن. قوله: (وبالحصن) عطف على مقدر أي وقوتلوا في
غير الحصن بقطع ماء وآلة وفي الحصن بغير تحريق إلخ. قوله: (وهذا كالتخصيص إلخ) هذا غير صواب
177

لما علمت من أن قوله: وبالحصن عطف على مقدر. قوله: (مع ذرية) أي ونساء ومن باب أولى إذا كان
عندهم في الحصن مسلم. قوله: (حال كونهم مع ذرية) أي فإن لم يكن معهم ذرية جاز رميهم بالنار وتغريقهم،
ففي المواق: الحصون إذا لم يكن فيها إلا المقاتلة أجاز في المدونة أن يرموا بالنار. قوله: (ما لم يخف منهم على
المسلمين) أي وإلا قوتلوا بما ذكر من النار والماء ولو كان فيهم الذرية والنساء والأسارى. قوله: (وإن
تترسوا) أي الكفار لا بقيد كونهم في الحصن. وقوله: تركوا أي من غير قتال. قوله: (إلا لخوف على
المسلمين) أي من تركهم بغير قتال فيقاتلون حينئذ. وقوله: إلا لخوف على المسلمين أي جنسهم
ولو كان واحدا اه‍ عدوي. قوله: (وإن تترسوا بمسلم قوتلوا) أي وأولى إذا تترسوا بأموال المسلمين
فيقاتلون ولا يتركون، وينبغي ضمان قيمته على من رماهم قياسا على ما يرمى من السفينة للنجاة من الغرق
بجامع أن كلا إتلاف مال للنجاة قاله شيخنا. قوله: (وإن خفنا على أنفسنا) أي جنس أنفسنا المتحقق
في بعض الجيش. قوله: (إن لم يخف على أكثر المسلمين) هذا شرط في عدم قصد الترس أي أن محل
كونهم إذا تترسوا بمسلم يقاتلون ولا يقصد الترس إذا لم يخف على أكثر المسلمين أي بأن لم يخف عليهم
أصلا أو خيف على أقل المسلمين أو على نصفهم، فإن خيف على أكثرهم جاز رمي الترس، والمراد
بالمسلمين هنا جماعة الجيش المقاتلين للكفار دون المتترس بهم، وظاهره أنه إذا خيف على أكثر الجيش
يجوز أن يرمى الترس ولو كان المسلمون المتترس بهم أكثر من المجاهدين وهو كذلك كما قاله شيخنا.
قوله: (أي حرم علينا) ظاهره ولو رمونا به أو لا. قوله: (كذا عللوا) أي وهو لا ينتج الحرمة، والذي
في النوادر عن مالك الكراهة ونحوه لابن يونس فحملها المؤلف على التحريم. قوله: (بمشرك) المراد به
مطلق الكافر لا خصوص من يشرك مع الله إلها آخر فهو من إطلاق الخاص وإرادة العام.
قوله: (لم يمنع على المعتمد) أي كما هو سماع يحيى خلافا لأصبغ حيث قال بالمنع في هذه أيضا، ثم إنه على المعتمد
إذا اختلطوا بالمسلمين في طلائعهم وسراياهم وأذن لهم الامام وأصابوا مغنما قسم بينهم وبين المسلمين،
وما أصاب المسلمين يخمس دون ما أصابهم، فإن خرجوا وحدهم فما أصابوه فهو لهم ولا يخمس.
قوله: (إلا لخدمة) اللام بمعنى في أي إلا إذا كانت الاستعانة به في خدمة لنا فلا تحرم والمحرم إنما هو الاستعانة
به في القتال. قوله: (أو لهدم حصن) أي أو حفر بئر أو متراس أو لغم. قوله: (ما قابل إلخ) أي وحينئذ
فيشمل الجزء، وكذا يقال فيما بعده، ولا بأس أن يرسل الكتاب لدار الحرب وفيه الآيات من القرآن
القليلة والأحاديث ندعوهم بذلك للاسلام كما سيأتي. وقوله: وأراد إلخ جواب عما اعترض به اللقاني
وهو أن قوله: وإرسال مصحف يقتضي أن إرسال ما دونه كالجل لا يحرم وهو يعارض مفهوم قوله
الآتي فيما يجوز وبعث كتاب فيه كالآية، إذ مفهومه أن ما زاد على الآية لا يجوز، وحاصل الجواب: أن
مراد المصنف هنا بالمصنف ما قابل الكتاب الذي فيه الآية ونحوها فيشمل الجزء بدليل ما يأتي.
قوله: (وسفر به لأرضهم) أي مخافة أن يسقط منا ولا نشعر به فيأخذونه فتناله الإهانة. قوله: (إلا في
جيش آمن) راجع لما بعد الكاف وهو المرأة المسلمة، وأما المصحف فيحرم السفر به لأرضهم مطلقا
ولو كان الجيش آمنا وذلك لأن المرأة المسلمة تنبه على نفسها عند فواتها، والمصحف قد يسقط ولا
يشعر به. قوله: (وحرم فرار) أي في الجهاد مطلقا سواء كان كفائيا أو عينيا كما قرره شيخنا
العدوي. قوله: (إن بلغ المسلمون النصف) أي فإذا بلغ المسلمون نصف العدو فلا يجوز
لهم الفرار ما لم يكن مدد الكفار حاصلا ولا مدد للمسلمين. قوله: (ولو كثر الكفار)
أي ولو كان مددهم متصلا ولا مدد للمسلمين. قوله: (ما لم تختلف إلخ) الحاصل أنه متى
178

اختلفت كلمتهم جاز الفرار مطلقا ولو بلغوا اثني عشر ألفا، فإن لم تختلف حرم الفرار إن بلغوا نصف
العدو، فإن كانوا أقل من نصفه جاز لهم الفرار إن لم يبلغوا اثني عشر ألفا وإلا فلا يجوز، فعلمت من هذا أن
قوله: ولم يبلغوا إلخ قيد في المفهوم لا في المنطوق فكأنه قال: وحرم فرار إن بلغ المسلمون النصف وجاز
إن نقصوا ولم يبلغوا إلخ. قوله: (إلا تحرفا) استثناء متصل باعتبار الصورة لأنه صورة فرار منقطع نظرا
للحقيقة لان التحرف ليس فرارا في الحقيقة. قوله: (وهذا) أي جواز التحيز إلى فئة يتقوى بها.
قوله: (وقرب المنحاز إليه) أي بأن يكون انحيازه إلى فئة خرج معها، أما لو خرجوا من بلد والأمير مقيم في بلدة
فلا يجوز لاحد الفرار حتى ينحاز إليه كذا في ح. وقوله: وقرب المنحاز إليه أي ولم يكن المتحيز أميرا
لجيش، فأمير الجيش لا يجوز له الفرار ولو على سبيل التحيز ولو أدى لهلاك نفسه، وبقاء الجيش من غير
أمير ما لم يفر جميع الجيش عند هلاكه. قوله: (وحرم بعد القدرة عليهم) أي وأما قبل القدرة عليهم
فيجوز لنا أن نقتلهم بأي وجه من وجوه القتل ولو كان في ذلك الوجه تمثيل. قوله: (وإلا جاز) أي وإلا جاز
التمثيل بهم بعد القدرة عليهم. قوله: (وحمل رأس كافر) أي على رمح. وقوله: لبلد أي ثان سواء كان الوالي
ماكثا فيها أم لا. وقوله: أو إلى وال أي ولو كان في بلد القتال نفسها. قوله: (وأما
في البلد) أي وأما حملها في بلد القتال لا للوالي فهو جائز بخلاف البغاة فإنه لا يجوز، والظاهر أن محل حرمة حمل رأس الحربي لبلد
ثان ما لم يكن في ذلك مصلحة شرعية كاطمئنان القلوب بالجزم بموته وإلا جاز، فقد حمل للنبي رأس كعب
بن الأشرف من خيبر للمدينة. قوله: (حرم خيانة أسير) أي فيما أمن عليه خاصة. قوله: (طائعا) أي
بالائتمان سواء كان الائتمان مصرحا بهذا مثل أن يقال له: أمناك على مالنا أو على كذا، أو كان غير مصرح به
كما إذا أعطى الأسير ما يخيطه فلا يجوز له السرقة منه لعموم خبر: أد الأمانة لمن ائتمنك إن قلت: الفرض
أنه أسير فكيف يتأتى منه طوع؟ قلت: يمكن ذلك فيمن أسر ابتداء فلما وصل لبلادهم أحبوه وأطلقوه
وأعجبته بلادهم لكثرة المآكل والمشارب. قوله: (بعهد منه) أي بأن قال لهم: عاهدتكم على أني لا أخونكم
في مالكم أو على أني لا أهرب بعد أن قالوا له: أمناك على نفسك أو على أموالنا. قوله: (أو بلا عهد) أي
أو اؤتمن على نفسه أو على أموالهم من غير أخذ عهد منه على ذلك بأن قالوا له: أمناك على نفسك أو على
أموالنا أو على حريمنا وأولادنا، ولم يقل لهم: عاهدتكم على أني لا أخون في ذلك. قوله: (فله الهروب) فإن
تنازع الأسير ومن أمنه هل وقع الائتمان على الطوع أو الاكراه؟ فالقول قول الأسير قاله عج.
قوله: (ولو بيمين) أي أخذوه منه على ذلك بأن قال لهم بعد أن أمنوه مكرها: والله لا أخونكم في مالكم أو والله
لا أهرب. وفي حاشية السيد: أن الأسير إذا عاقدهم على الفداء لا يجب عليه الرجوع إذا عجز بل يسعى
جهده ويوصله لهم إلا أن يشترط عليه الرجوع، وذكر خلافا في وجب الوفاء إذا اقترض الفداء من
حربي فانظره. قوله: (إلا إن جاء تائبا) أي وأتى بما سرق فلا يؤدب. قوله: (ولو بعد القسم وتفرق الجيش) فيه
نظر بل الحق أنه إن جاء تائبا قبل القسم فلا يؤدب، وإن جاء بعده وبعد تفرق الجيش فإنه يؤدب ويتصدق
بما أخذه لقول ابن رشد كما في ح والتوضيح: ومن تاب بعد القسم وافتراق الجيش أدب عند جميعهم
قياسا على الشاهد يرجع بعد الحكم لان افتراق الجيش كنفوذ الحكم بل هو أشد لقدرته على الغرم
للمحكوم عليه وعجزه عن ذلك في الجيش اه‍ بن. قوله: (وجاز أخذ محتاج) أي من المغنم قبل قسمه. قوله: (ما لم
يمنع من ذلك) أي من الاخذ فإن منعه الامام من الاخذ فلا يجوز له أن يأخذ، لكن الذي في المدونة: ولو
179

نهاهم الامام ثم اضطروا إليه جاز لهم أخذه ولا عبرة بنهيه أبو الحسن لان الامام إذ ذاك عاص فلا يلتفت
إليه اه‍ بن. قوله: (ولم يكن الاخذ على وجه الغلول) حال من قول المصنف محتاج أي جاز أخذ محتاج
حيث كان أخذه على وجه الاحتياج لا إن كان أخذه على وجه الغلول والخيانة فلا يجوز له الاخذ.
قوله: (معتادا) أي وأما إذا كان مثل أحزمة الملوك فلا يجوز أخذه. قوله: (وإن كان) أي المحتاج له نعما قوله: (إن
لم يحتج إليه) أي وأما إن احتاج إليه ليجلس عليه أو ليجعله قربة مثلا فلا يرده. قوله: (ليرد) ليست
اللام للتعليل لان العلة في أخذ ما ذكر الانتفاع ولا للصيرورة لان عاقبة أخذ ما ذكر وثمرته المترتبة
عليه الانتفاع وإنما هي بمعنى على كما في قوله تعالى: * (ويخرون للأذقان) * إنما هي المعنى وأخذ ما ذكر على أن يرده
تأمل. قوله: (أي أن جواز ما ذكر) أي أخذ ما ذكر من الثوب والسلاح والدابة. قوله: (مما بعد الكاف
وما قبلها) فيه نظر بل يتعين صرفه لما قبل الكاف فقط دون ما بعدها لأنه يرد بعينه كالدابة والثوب
والسلاح، ولا معنى للقلة والكثرة فيما يرد بعينه وهو ظاهر اه‍ بن. قوله: (فإن تعذر رد ما أخذه) أي سواء
كان أخذه ليرده أم لا خلافا لما في عبق اه‍ بن. قوله: (بعد اخراج الخمس) الذي في التوضيح أنه يتصدق
بجميعه واختار شيخنا ما قاله الشارح، وقوله على المشهور متعلق بقوله تصدق به كله، ومقابله قول ابن
المواز أنه يتصدق منه حتى يبقى اليسير فإذا صار الباقي يسيرا جاز لذلك الآخذ أكله كما لو كان الباقي بعد
الحاجة يسيرا من أول الأمر. قوله: (بل ويجوز ابتداء) هذا هو الصواب كما عبر به ابن الحاجب خلافا
لظاهر المؤلف من كراهته ابتداء ومضيه بعد الوقوع وعليه مشى تت. قوله: (ولو بتفاضل) أي وكذا
تمضي لهم المبادلة مع غيرهم وتجوز، لكن إن سلمت من الربا في هذه وإلا منعت لان الربا إنما هو مغتفر
للغزاة فيما بينهم ابن عرفة المازري لو كان أحدهما من غير الجيش منع الربا قال شيخنا: والظاهر جواز
اجتماع ربا الفضل والنساء هنا لأنها ليست معاوضة حقيقية. ثم إن محل جواز التفاضل فيما بين الغزاة
إنما هو فيما استغنى عنه من صنف واحتيج لغيره، وأما إن لم يكن عند كل واحد إلا ما يحتاج إليه فلا يجوز
فيه الربا بل يمنع، وبهذا قيد الجواز أبو الحسن في شرح المدونة واعتمده الشيخ أحمد وعج وقيد
به كلام المؤلف وتبعه عبق، وظاهر كلام ابن عبد السلام عدم اعتماده وتبعه في التوضيح اه‍ بن.
قوله: (قبل القسم) متعلق بقوله: جاز لهما المبادلة. قوله: (وببلدهم إلخ) أي انه إذا صدر موجب
حد كزنا أو سرقة أو قتل أو شرب خمر من أحد سواء كان من الجيش أو كان أسيرا أو ممن أسلم فإنه
يجب إقامة الحد عليه ببلدهم ولا يؤخر حتى يرجع لبلدنا، والظاهر أنه إذا خيف من إقامة الحد
ببلدهم حصول مفسدة فإنه يؤخر ذلك للرجوع لبلدنا لا سيما إن خيف عظمها قاله شيخنا.
قوله: (ورجيت) أي قبل التخريب والقطع والجملة حالية. قوله: (والمذهب ما قدمناه) أي من وجوب
التخريب وما معه إذا كان فيه انكاء ولم يرج بقاء الشجر والزرع والعقار للمسلمين، وما قاله ابن رشد
من الندب فهو ضعيف. قوله: (وإن كان المصنف لا يفيده) أي لا يفيد ما قلناه من الوجوب لأنه
180

إنما تعرض أولا لصورتي الجواز، وما ذكره الشارح من حمل قول المصنف والظاهر أنه مندوب كعكسه
على الحالة التي يجب فيها التخريب والتي يجب فيها الابقاء هو الصواب، لان نص ابن رشد إنما هو
فيهما وإن كان المعول عليه الوجوب، وما وقع في بعض الشراح من حمل قول المصنف: والظاهر أنه
مندوب على الصورة الثانية من صورتي الجواز وحمل قوله كعكسه على الصورة الأولى منهما بغير
صواب كما قال شيخنا وذكره في البدر أيضا. قوله: (ووطئ أسير) أي بدار الحرب. قوله: (إن أيقن أنهما
سلمتا من وطئ الكافر) فإن لم يتيقن ذلك بأن شك أو ظن في وطئ الكافر لهما بأن غاب عليهما فلا يجوز له
وطؤهما إلا بعد الاستبراء، ولا تصدق المرأة في دعواها عدم وطئ الكافر لها عند الغيبة عليها. وقول
الشارح: إن أيقن أنهما سلمتا مثل تيقن السلامة ظن سلامتهما من وطئ السابي فيجوز وطؤهما من
غير احتياج لاستبراء على الظاهر كما قال شيخنا. قوله: (وإلا فهو) أي وطئ الأسير لزوجته أو أمته بدار
الحرب مكروه. قوله: (وذبح حيوان إلخ) قال في التوضيح: إذا عجز المسلمون عن حمل مال الكفار أو
عن حمل بعض متاعهم فإنهم يتلفونه لئلا ينتفع به العدو وسواء الحيوان وغيره على المشهور المعروف، ثم
قال: وعلى المشهور فاختلف ماذا يتلف به الحيوان فقال المصريون من أصحاب مالك تعرقب أو تذبح
أو يجهز عليها، وقال المدنيون: يجهز عليها وكرهوا أن تعرقب أو تذبح اه‍. ومثله للباجي وأبي الحسن
وابن عبد السلام، وبه تعلم أن المصنف هنا درج على قول المصريين وهو مذهب المدونة، وأن الواو في
كلامه بمعنى أو أو لا، وثانيا كما في كلام التوضيح وغيره إذ ليس المراد اجتماع الثلاثة أو اثنين منها إذ لم أر
من قال ذلك ولا معنى له حينئذ، وحينئذ فقول بعض الشراح: وأجهز عليه عقب عرقبته غير صواب إذ
لو كان يجهز عليه فما فائدة عرقبته؟ فالجمع بينهما عبث، والصواب أن معناه ويجوز الاجهاز عليه فهو
عطف على ذبح وإن كان تغييره الأسلوب يشعر بما قالوه لكن يتعين ما قلنا ليطابق النقل اه‍ بن.
قوله: (قيل إلخ) فيه أنه يصير مكررا مع الاجهاز عليه، فالحق أن المراد بالذبح الشرعي. قوله: (ولم يقصد
إلخ) جملة حالية. قوله: (فيجوز) أي اتفاقا قلت أو كثرت. قوله: (وكراهته إلخ) أي والفرض أنها كثيرة،
والحاصل أن الصور أربع إن قصد بإتلافها أخذ عسلها كان إتلافها جائزا اتفاقا قلت أو كثرت وإن
لم يقصد أخذ عسلها فإن قلت كره إتلافها اتفاقا، وإن كثرت فروايتان بجواز إتلافها وكراهته،
والصورة الأخيرة هي صورة المصنف. قوله: (بعد إتلافه) أي بالاجهاز عليه أو العرقبة أو الذبح.
وقوله: إن أكلوا الميتة أي إن استحلوا أكلها ولو ظنا لئلا ينتفعوا به، فإن كانوا لا يستحلون أكل الميتة
لم يطلب التحريق في هذه الحالة وإن كان جائزا والأظهر طلب تحريقه مطلقا سواء استحلوا أكل
الميتة أم لا لاحتمال أكلهم له حال الضرورة. قوله: (وقال اللخمي إلخ) هذا جمع بين القولين. قوله: (بأن
يجعل الامام ديوانا) أي كأن يجعل دفترا تكتب فيه أسماء العساكر المصرية أو الشامية أو الحلبية
إلخ، وما لكل واحد من العطاء الذي يجعله له من بيت المال. قوله: (اسم للدفتر إلخ) أي كالدفتر
الذي يكتب فيه أسماء عساكر مصر وجندها الذين يخرجون إلى الجهاد بعطاء أي
جامكية من بيت المال فإنهم أنواع عرب وانكشارية وجملية وجاويشية ومتفرقة
وجراكسة واسباهية، وقد كتب بذلك الدفتر أسماء جند كل نوع مما ذكر وما لكل
واحد من الجامكية. واعلم أنه لا يجوز لاحد من العسكر أن يأخذ من الجامكية إلا بقدر
حاجته المعتادة لأمثاله، وأما أخذه زيادة عنها فيحرم بخلاف مرتب تدريس ونحو فيجوز لمن
هو من أهل العلم وقام بشرط الواقف أخذه ولو كان غنيا لان قصد الواقف إعطاؤه للمتصف بالعلم
وإن كان غنيا دون الديوان كذا في عبق، وتعقبه شيخنا وغيره بأن الحق أن للعسكر الاخذ
181

من جعل الديوان ولو كانوا أغنياء فتأمل. قوله: (بعطاء) أي بسبب عطاء. قوله: (وجاز جعل من قاعد)
يعني أنه إذا عين الامام طائفة للجهاد وأراد أحدهم أن يجعل جعلا لمن يخرج بدلا عنه فإنه يجوز بشروط
أربعة ذكر المصنف منها واحدا وذكر الشارح ثلاثة. قوله: (هو عطاء الجاعل) أي جامكيته التي
يأخذها من الديوان. قوله: (أو قدرا معينا) سواء كان قدر عطائه من الديوان أو أقل أو أكثر. قوله: (إن
كانا بديوان) وذلك لان الأصل منع هذه الإجارة لكونها إجارة مجهولة العمل إذ لا يدري هل يقع
لقاء أم لا ولا كم مدة اللقاء؟ وإنما أجيزت إذا كانا من ديوان واحد لان على كل واحد منهما ما على الآخر،
فخروج المجعول له كأنه لم يكن لأجل الجعل ولأنه ربما خرج وربما لم يخرج. قوله: (وأهل الشام أهل
ديوان) أي وإن اختلفت أنواعهم الانكشارية وغيرهم. قوله: (ويشترط أيضا) أي في جواز دفع الجعل
عن القاعد لمن يخرج بدلا عنه أن تكون الخرجة أي للجهاد بدلا عنه التي يجاعله عليها واحدة
كأجاعلك بكذا على أن تخرج بدلا عني في هذه السنة، وأما لو تعاقد معه على أنه كلما حصل الخروج للجهاد
خرج نائبا عنه فلا يجوز لقوة الغرر فالمراد بالخرجة المرة من الخروج للغزو كذا قرر شيخنا. قوله: (ولم
يعين الامام شخص الخارج) الأولى شخص القاعد أي وإنما عينه بالوصف كأن يقول الإمام أو نائبه
يخرج من الجاويشية بمصر أو من الانكشارية مائة فيجوز لواحد منهم قبل تعيينه بالشخص أن
يجعل لنفسه بدلا ويقعد، وكأن يقول الإمام: يخرج أصحاب فلان أو أهل النوبة الصيفية أو الشتوية
فيجوز لواحد منهم أن يستنيب فإن عينه الامام بالشخص فظاهر المدونة جواز الاستنابة، وقال
التونسي: إنما يجوز بإذن الامام. قوله: (وأن يكون الجعل) أي دفعه للخارج بدلا عنه عند حضور
الخرجة أي عند صرف الجامكية لأهل الديوان. قوله: (والسهم) أي من الغنيمة. قوله: (وجاز رفع
صوت مرابط بالتكبير) ظاهر المصنف كان المرابط واحدا أو جماعة كان التكبير عقب الصلاة أو لا،
والذي في المدخل أن هذا إذا كان المرابط جماعة وكان التكبير عقب الصلاة فإن كان واحدا كره له
رفع صوته بالتكبير وحينئذ فينبغي أن يقيد كلام المصنف بما إذ كان المرابط جماعة وكان التكبير
عقب الصلاة. قوله: (في حرسهم) أي في أماكن حرسهم قوله: (وكذا التهليل) أي أن مثل التكبير في
ندب رفع الصوت به التهليل والتسبيح الواقع عقب الصلاة قوله: (أي من الجماعة) هذا راجع لقول
المصنف ورفع صوت مرابط بالتكبير ولما ماثله من التسبيح والتهليل. قوله: (والسر في غير ذلك) أي
في غير ما ذكر من تكبير المرابط والعيد والتلبية وتسبيح الجماعة وتهليلها بعد الصلاة أفضل أي من
الجهر، وأما ما ذكر فالجهر فيه أفضل أي وحينئذ فالجواز هنا برجحانية على الصواب لا بمرجوحية
خلافا لعبق. قوله: (ووجب) أي إسرار المرابط بالتكبير وإسرار الجماعة بالتسبيح قوله: (وجاز قتل
عين) أي كافر قال سحنون: ما لم ير الامام استرقاقه وهو مشكل لان استرقاقه لا يدفع إذايته تأمل.
قوله: (وإن أمن) أي هذا إذا لم يؤمن بأن دخل بلادنا بلا أمان مستخفيا وصار عينا بل وإن
أمن. قوله: (ولا يجوز عقد عليه) أي لا يجوز عقد الأمان على التجسس فضمير عليه لوصف
الشخص. قوله: (وجاز قبول الامام) أي في حالة الجهاد وقيام الحرب. قوله: (لا إن ضعفوا
إلخ) أي فلا تقبل حينئذ لكن مع العمل بما قصدوه وإلا فلا مانع من قبولها كذا قرر شيخنا.
182

قوله: (وهي له إلخ) حاصل صور هذه المسألة ستة عشر لان المهدي إما الطاغية أو بعض جنده، وفي كل
إما لكقرابة أو لا، وفي كل إما قبل دخول بلده أو بعده فهذه ثمانية، والمهدى له إما الامام أو بعض جنده،
فإن كانت الهدية للامام من غير الطاغية فهي للامام إن كانت لكقرابة كانت قبل دخول بلد العدو أو
بعد دخولها، وإن كانت لغير قرابة فإن كانت قبل دخول بلدهم ففئ، وإن كانت بعد فغنيمة فهذه أربعة،
وإن كانت للامام من الطاغية فإن كانت قبل دخول بلدهم ففئ وإن كانت بعد فغنيمة وسواء كانت
لكقرابة أم لا فهذه أربعة أيضا فالجملة ثمانية، وإن كانت الهدية لغير الامام فهي له سواء كانت من
الطاغية أو من غير لكقرابة أو لا بعد دخول بلدهم أو قبله فهذه ثمانية أيضا. قوله: (وإنما نص على من
ذكر) أي على جواز قتال من ذكر دون غيرهم مع أن غيرهم كالحبشة والقبط والزنج كذلك يجوز قتالهم
أيضا. قوله: (محمول على الارشاد) أي أن الامر في الحديث محمول على الارشاد لما هو الأفضل في ذلك
الوقت لا انه للوجوب كأقيموا الصلاة ولا للإهانة نحو: كونوا حجارة أو حديدا فالنبي عليه الصلاة
والسلام أرشدنا ودلنا على أنه يجوز لنا أن نترك مقاتلتهم ونشتغل بمقاتلة غيرهم في ذلك الزمان لكونه
أولى لقوة ذلك الغير من غير أن يكون ذلك الترك واجبا علينا، وإذا كان ترك مقاتلتهم
جائزا كان قتالهم جائزا كما أفاده المصنف فلا معارضة بين كلام المصنف والحديث. قوله: (وإن كان النوب غيرهم في
الأصل) أي لان النوب في الأصل صنف من السودان. قوله: (لموافقتها الحديث) أي وللإجماع على
جواز قتال الروم فلا وجه لذكرهم بخلاف الحبشة فقد قيل بمنع قتالهم هم والترك. تنبيه: الروم أولاد
روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم سموا باسم أبيهم وهم الذين تسميهم أهل هذه البلاد بالإفرنج
وهم فرق كثيرة كالإنجليز والفرنسيس ودبره ونيمسه وموسقه وغير ذلك. وأما الترك فهم جيل من الناس
لا كتاب لهم من أولاد يافث بن نوح تركوا من يأجوج ومأجوج خلف السد لا يكادون يفقهون
قولا تولد لسانهم من الفارسي مع شئ من العربي. قوله: (وإلا حرم) ظاهره ولو كان الاحتجاج به
عليهم مع السب نافعا وهو الصواب كما في بن خلافا لما في عبق من الجو حينئذ قوله: (والمراد) أي
بالاحتجاج عليهم بالقرآن تلاوته عليهم أي لعلهم يرجعون. قوله: (على الأظهر) راجع لقوله: واقدام
الرجل كما يفيده نقل المواق لا إلى الشرط كما يوهمه ظاهره اه‍ بن. قوله: (وإن يظن إلخ) عطف على قوله:
إن لم يكن، والحاصل أن جواز إقدام الواحد على الكثير مقيد بأمرين: أن يكون قصده إعلاء كلمة الله،
وأن يظن تأثيره فيهم، والظاهر أن الشرط الأول للكمال لما يأتي من جواز الافتخار في الحرب فمفهومه
الكراهة فقط خلافا لما يفيده كلام خش من الحرمة كذا قرر شيخنا. واعلم أنه إذا علم أو ظن تأثيره
فهم جاز له الاقدام ولو علم ذهاب نفسه كما في عبق، ومقابل الأظهر ما قاله بعضهم من المنع لقوله تعالى:
* (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * قوله: (من سبب إلخ) إنما قدر الشارح سبب لان الموت لا تعدد فيه
والتعدد إنما هو في أسبابه:
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد
قوله: (وإن طرح نفسه في البحر هلك) أي فيجوز له طرح نفسه في البحر وهذا هو المشهور، ومقابله
183

ما في كتاب محمد من عدم الجواز وفرض المسألة استواء الامرين أي يعلم أنه إن مكث مات حالا، وإن
رمى نفسه في البحر مات حالا، وأما إن علم أنه إن نزل البحر مكث حيا ولو درجة أو ظن ذلك أو شك فيه
وإن مكث مات حالا وجب عليه النزول في البحر، وهو معنى قول المصنف: ووجب إن رجى حياة إلخ.
قوله: (ووجب الانتقال) أي من سبب الموت لسبب آخر. وقوله: إن رجى به أي بالانتقال بمعنى
المنتقل إليه ولو كان الرجاء على جهة الشك. قوله: (ويحسب) أي قيمة الأسير المقتول من رأس الغنيمة
أي وحينئذ فيضيع على الجميع. قوله: (بأن يترك سبيلهم) أي مجانا من غير أخذ شئ منهم لا عاجلا ولا
آجلا. قوله: (ويحسب) أي من من عليه الامام وأعتقه من الخمس الذي لبيت المال. قوله: (أو فداء من
الخمس إلخ) أي أنه إما أن يحصل الفداء بمال يأخذه منهم ويضمه للغنيمة أو يحصل الفداء برد الأسرى
الذين عندهم، وحينئذ فيحسب القدر الذي يفك به الأسرى من عندهم من الخمس. قوله: (ويحسب
المضروب عليهم) أي ويحسب قيمة الأسرى الذين ضربت عليهم الجزية من الخمس أيضا، والجزية
التي تؤخذ منهم كل عام محلها بيت المال، وما ذكره الشارح من أن هذه الثلاثة تحسب من الخمس هو ما
نقله ح عن اللخمي، والذي لابن رشد أن الثلاثة تحسب من رأس المال انظر بن. قوله: (وأما رقه) أي
رق الحمل. قوله: (فحر) أي وحينئذ فلا ملك لاحد عليه لا سابي أمه ولا غيره. قوله: (ببلد إلخ) أي كان ذلك
الامام حين أعطى الأمان للحربي في بلد من بلاده أو كان في بلد من بلاد سلطان آخر من المسلمين قوله: (أمنه)
أمن الامام الحربي. قوله: (أو غيره) أي كنفسه وأهله. قوله: (أو عدد محصور) أي وسواء كان
الأمان بعد الفتح أو قبله. قوله: (كالمبارز) أي فإذا برز للميدان واحد من شجعان المسلمين وطلب ان
قرينه فلان الكافر يبرز له فقال ذلك الكافر بشرط أن نتقاتل ماشيين أو راكبين على خيل أو إبل أو
نتقاتل بالسيوف أو الرماح فيجب على المسلم أن يوفي لقرنه بما شرطه عليه، فإن خيف على المسلم المبارز
القتل من قرنه الكافر فنقل الباجي عن ابن القاسم وسحنون أن المسلم لا يعان بوجه لأجل الشرط، وقال
أشهب وابن حبيب: يجوز إعانة المسلم ودفع المشرك عنه بغير القتل لان مبارزته عهد على أن لا يقتله إلا
من بارزه، قال المواق: وهذا هو الذي تجب به الفتوى، ألا ترى أن العلج المكافئ لو أراد أن يأسره لوجب
علينا إنقاذه منه فإن لم يكن دفعه عنه إلا بالقتل قتل كما في البساطي. قوله: (بكسر الكاف) أي وجمعه
اقران. وقوله: المكافئ أي المماثل. قوله: (في الشجاعة) أي أو العلم أو البطش والقتال، وأما الذي
يقارنك في سنك فهو قرن بالفتح وقرين وجمعه قرناء كما في المشارق. قوله: (قتل المعين فقط)
أي وترك المعان لمبارزه يتقاتلان حتى يحصل ما يريده الله لان مبارزته عهد على أنه لا يقتله إلا من بارزه،
فإن جهل الحال ولم يعلم هل أعانه بإذن أو بغير إذن حمل على الاذن إن دلت القرينة عليه كما إذا راطنه
بلسانه ولم يعلم ما يقول فجاء عقب ذلك وإلا فالأصل عدم الإذن. قوله: (وأجبروا أي أهل الحصن إلخ)
184

أي أنه إذا حاصر الجيش حصنا وأرادوا قتل من فيه فقال أهل الحصن: ننزل لكم منه على حكم فلان أو
راضين بحكم فلان فينا الذي هو من جملة الجيش، فلا يجوز للامام إنزالهم من الحصن أو القلعة على حكم
غيره بل على حكمه، ثم إذا كانوا مترجين أن فلانا يحكم فيهم بحكم هين كفداء فلما نزلوا حكم فيهم بالقتل
أو الأسر لما رآه من المصلحة أجبروا على ذلك الحكم ولا عبرة بقولهم بعد نزولهم وحكم فلان فيهم
لا نرضى بحكمه لأننا كنا نظن أنه يرأف بنا فوجدناه ليس كذلك. قوله: (أو من قدم إلخ) أي فإذا قدم
بلادنا حربيون بتجارة وطلبوا الدخول بأمان وقالوا: نرضى بما يحكم به علينا فلان من أخذ ما يرضيه
من الأموال التي بأيدينا فإذا دخلوا وقال: حكمت بالعشر فأبوا من ذلك فإنهم يجبرون على ما حكم به فلان
من أخذ العشر أو غيره. قوله: (كذا قيل) أي وفيه نظر بل هو غير صحيح إذ العدالة لا بد منها في كل
حاكم وهي لا تتجزأ، فلا يصح كونه عدلا فيما حكموه فيه دون غيره سواء كان الحاكم عاما أو خاصا،
والصواب أن المراد عدل الشهادة وهو الحر الذكر البالغ العاقل السالم من الفسق انظر بن.
قوله: (كتأمين غيره) أي فإذا أمن غير الامام إقليما وجب نظر الامام في ذلك فإن كان صوابا أمضاه وإلا
رده وتولى الحكم بنفسه وذلك لان تأمين الإقليم من خصائص الامام. قوله: (وإن لم يكن أحد الأقاليم
السبعة) أي التي هي: الهند والحجاز ومصر وبابل والروم والترك ويأجوج ومأجوج والصين، وأما
المغرب والشام فمن مصر بدليل اتحاد الدية والميقات واليمن والحبشة من الحجاز وكل إقليم من هذه
الأقاليم سبعمائة فرسخ في مثلها من غير أن يحسب من ذلك جبل ولا واد والبحر الأعظم محيط بذلك
ومحيط به بجبل قاف. قوله: (والأولى حذف مؤمن) هذا إذا جعل مؤمن مأخوذا من الأمان أو
من التأمين وهو غير متعين لجواز أن يكون مأخوذا من الايمان فيكون قوله لا ذميا محترزه وهو عطف
على من مؤمن لأنه واقع في محل الحال. قوله: (تأويلان) سببهما قول المدونة قال مالك: أمان المرأة
جائز. ابن القاسم: وكذا عندي أمان العبد والصبي إذا كان الصبي يعقل الأمان. وقال ابن الماجشون:
ينظر فيه الامام بالاجتهاد. ابن يونس: جعل عبد الوهاب قول ابن الماجشون خلافا وجعله غيره وفاقا
فقولها أمانها جائز أراد بالجواز بعد الوقوع لا إباحة الاقدام عليه ابتداء. قوله: (ولو خارجا على الامام
إلخ) الحاصل أن من كملت فيه ستة شروط وهي: الاسلام والعقل والبلوغ والحرية والذكورية
وعدم الخوف منهم إذا أعطي أمانا كان كأمان الامام في الجواز ابتداء ولا يتعقب ولو كان خسيسا
لا يسأل عنه إذا غاب ولا يشاور إن حضر ولو كان خارجا على الامام، فإن وقع الأمان من صبي مميز أو
رقيق أو أنثى ففيه الخلاف، وإن صدر من كافر أو من غير مميز أو من خائف منهم كان غير منعقد اتفاقا.
قوله: (وإنما الخلاف في الصغير) أي في جوازه ابتداء وعدم جوازه ابتداء بل إن أمضاه الامام
مضى وإن رده رد. قوله: (إذا أمضاه) هذا شرط فيما يحتاج لامضاء كتأمين المرأة والعبد والصبي لعدد
محصور على أحد القولين السابقين، وكتأمين الذكر الحر البالغ إقليما، أما تأمين الذكر الحر البالغ لمسلم
العدد المحصور فإنه يسقط به القتل ولا يتوقف على إمضاء الامام لأنه ماض في نفسه. قوله: (ولو بعد الفتح)
185

وأولى بعد الاشراف على فتح الحصن وهذا قول ابن القاسم وابن المواز، ورد المصنف بلو على
ما قاله سحنون لا يجوز لمؤمنه قتله ويجوز لغيره لعدم صحة أمانه بالنسبة لغير مؤمنه، فمحل الخلاف في
سقوط القتل بالتأمين بعد الفتح إنما هو بالنسبة لغير المؤمن، وأما هو فليس له اتفاقا كذا في التوضيح
و ح. ومقتضى نقل المواق عن ابن بشير أن محل الخلاف في تأمين غير الامام بعد الفتح، وأما تأمين
الامام فإنه يسقط به القتل اتفاقا بالنسبة للامام ولغيره اه‍ بن. قوله: (إن وقع) أي الأمان قبله أي
قبل الفتح. قوله: (وإن قصد إلخ) كفتحنا لهم المصحف وحلفنا أن نقتلهم فظنوا ذلك أمانا. ومعنى
كون هذا أمانا أنه يعصم دمه وماله، لكن يخير الامام بين إمضائه ورده لمأمنه، وبهذا يجمع بين ما في
التوضيح من اشتراط قصد الأمان وبين ما في المواق من عدم اشتراطه، فحمل ما في التوضيح على
الأمان المنعقد الذي لا يرد وما في المواق على ما يشمل تخيير الامام اه‍ بن. قوله: (بخلاف الامام)
أي فإنه يثبت الأمان بقوله: كنت أمنتهم. قوله: (بأن يكون فيه مصلحة أو استوت إلخ) فالشرط في
لزوم الأمان عدم الضرر لا وجود المصلحة. قوله: (فإن أضر بالمسلمين) أي كما لو أمن جاسوسا أو
طليعة أو من فيه مضرة. قوله: (من غير إشارة) أي أو بإشارة لم يقصد بها المؤمن الأمان كما في بن.
قوله: (أو خاطب حربيا بكلام إلخ) كقول المسلم لرئيس مركب العدو: أرخ قلعك أو لشخص منهم بالفارسية
مترس أي لا تخف فظنوا ذلك أمانا. قوله: (أو جهل إسلامه) هذا أحد قولي ابن القاسم واختاره
ابن المواز، والقول الآخر أنهم فئ واختاره اللخمي انظر ح اه‍ بن. قوله: (وجهل إمضاءه) أي حكم
إمضائه وهو عدم اللزوم. وقوله: فلا يمضي أي ولا يعذر بذلك الجهل. قوله: (أو رد لمحله) أو للتخيير أي
أن الامام مخير بين إمضائه أو رده إلى المحل الذي كان فيه قبل التأمين سواء كان يأمن فيه أو يخاف فيه فلا
يتعرض له في حال مكثه عندنا ولو طالت إقامته، ولا في حال توجهه إلى المكان الذي كان فيه. قوله: (أو
أخذ بينهما) ما ذكره المصنف من أنه يرد في هذه لمأمنه أحد قولين، وقيل إنه يخير فيه الامام ويرى فيه
رأيه كما في ح. ومحل هذا الخلاف إذا أخذ بحدثان مجيئه وإلا خير فيه الامام باتفاق انظر التوضيح.
قوله: (وإن قامت قرينة على صدقه) أي كعدم وجود سلاح معه. وقوله: أو كذبه أي كوجوده معه.
وقوله: فعليها العمل أي في المسائل الثلاث. قوله: (فعلى أمانه الأول) أي وله بعد رده نزوله بمكانه
الذي كان به قبل السفر، وليس للامام أن يلزمه الذهاب لأنه على أمانه. قوله: (فإن رجع إلخ)
نص ابن عرفة: ولو رجع بعد بلوغه مأمنه ففي حل أخذه وتخيير الامام في إنزاله آمنا ورده ثالثها إن
رجع اختيارا الأول للصقلي عن ابن حبيب عن ابن الماجشون، والثاني لمحمد، والثالث لابن حبيب
عن عبد الملك. قوله: (وقيل إن رجع اختيارا) أي أخذ فيئا وإلا رده الامام لمأمنه.
قوله: (وإنزاله) أي عندنا بأمان. قوله: (وإن مات عندنا إلخ) الذي يدل عليه كلام
ابن عرفة أن الصور أربع: لان الحربي إما أن يموت عندنا، وإما أن يموت في بلده ويكون له مال
186

عندنا نحو وديعة، وإما أن يؤسر، وإما أن يقتل في معركة. فأشار المصنف إلى الأولى بقوله: وإن مات عندنا إلخ
مع قوله: وإلا أرسل مع ديته. وأشار للثانية بقوله: كوديعته فالتشبيه تام كما في خش والشيخ سالم
ويدل عليه كلام ابن عرفة. وأشار للثالثة بقوله: ولقاتله إن أسر فهو قسيم لما قبله فلا يتوهم
رجوعه لهما خلافا لما توهمه عبق عن شيخه وتبعهما الشارح. وأشار للرابعة بقوله: وهل إن قتل في معركة
قولان، هذا تحقيق كلام المصنف، وبه تعلم ما في كلام عبق من الخلل وتبعه الشارح، قال ابن عرفة الصقلي
عن محمد عن ابن القاسم وأصبغ: حكم ماله عندنا في موته ببلده كموته عندنا وماله في موته بعد
أسره لمن أسره ولو قتل في معركة ففي كونه لوارثه أو فيئا لا يخمس نقلا الصقلي عن محمد وابن حبيب مع نقله عن
ابن القاسم وأصبغ اه‍. وبه تعلم أن المراد بقوله: كوديعته المال المتروك عندنا لا خصوص الوديعة العرفية.
قوله: (ولم يدخل على التجهيز) أي لم يدخل على أنه يقضي حاجته ثم يذهب لبلاده. قوله: (وطالت إقامته
عندنا فيهما) أي ففي هذه الصور الخمس يكون ماله وديته فيئا. قوله: (فإنه) أي مع ماله يكون لمن أسره إذا
لم يقتل. وقوله: وماله لمن قتله أي إذا قتل. قوله: (أي أو لم يقتل) أي أو حارب وأسر ولم يقتل بل مات
حتف أنفه فماله لمن أسره. قوله: (فلا مفهوم للقتل) إلا أنه إذا لم يقتل بل مات حتف أنفه فماله لمن أسره
وإن قتل فماله لقاتله. قوله: (وكان الأولى تأخير هذه عن قوله إلخ) أي بحيث يقول وإن مات عندنا فماله
فئ إن لم يكن معه وارث ولم يدخل على التجهيز وإلا أرسل مع ديته لوارثه كوديعته. وهل وإن قتل في
معركة أو فئ؟ قولان ولقاتله إن أسر ثم قتل. قوله: (لأنها جارية إلخ) أي فكأنه قال: وإن مات عندنا فماله
فئ إن لم يكن معه وارث ولم يدخل على التجهيز ما لم يؤسر حيا ثم يموت وإلا كان ماله لآسره وإن دخل
على التجهيز أرسل ماله لوارثه ما لم يؤسر حيا ثم يموت وإلا كان ماله لآسره ووديعته ترسل لوارثه ما لم
يؤسر عندنا ويموت وإلا كانت لآسره. هذا حاصل كلام الشارح، وقد علمت أن الصواب أن قوله:
ولقاتله إن أسر ثم قتل ليس راجعا لما قبله ولا لما بعده بل هو كلام مستقل على حدة. قوله: (ولم تطل
إقامته) أي ومات عندنا. قوله: (أو في معركة) الصواب حذف ذلك إذ لا دية له إن قتل في معركة اه‍ بن.
قوله: (لوارثه) فإن لم يكن له وارث في بلده أرسل لأساقفتهم من أهل دينه. قوله: (وهل مطلقا إلخ) أي
وهل يرسل ماله ووديعته لوارثه حيث دخل على التجهيز ومات عندنا وإن قتل في معركة فهذا راجع
لقوله: وإلا أرسل ماله لوارثه ولقوله: كوديعته، فالقولان لا يختصان بالوديعة العرفية كما زعمه عبق بل
موضوعهما المال المتروك عندنا مطلقا كما تقدم عن ابن عرفة ومن فرضهما في الوديعة كما في التوضيح
وغيره، فالظاهر أن مرادهم بالمال المستودع المتروك عند المسلمين كما يؤخذ من كلامهم لا خصوص
الوديعة العرفية اه‍ بن. قوله: (وهي في هذه الحالة فئ) ظاهره أن الضمير للوديعة والأولى أو هما أي المال
والوديعة إلا أن يقال: أراد بالوديعة المال المتروك عند المسلمين لا خصوص الوديعة العرفية قوله: (ولم
تطل إقامته) أي بل مات عندنا بقرب دخوله عندنا أو رجع لبلده ومات فيها. قوله: (فإن طالت) أي
ومات عندنا. قوله: (ووديعته كذلك) أي تكون لآسره يختص بها إن لم يكن جيشا ولا مستندا إليه وإلا
خمست. قوله: (ولو قدم حربي بأمان إلخ) أي وأما لو دخلوا بلادنا بالقهر ونهبوا منها أمتعة وأرادوا بيعها
فيها فلا يجوز الشراء منهم وهي باقية على ملك أربابها فلهم أخذها ممن اشتراها بقصد التملك مجانا، وأما إن
187

اشتراها بقصد الفداء لربها فالأحسن أخذها بالفداء لان بلاد الاسلام لا تصير دار حرب بأخذ
الكفار لها بالقهر ما دامت شعائر الاسلام قائمة فيها. قوله: (اشتراء سلعه) أي من الحربي الذي دخل بها
بلادنا بأمان. قوله: (أو لأنه بشرائها يفوتها على المالك) هذا التعليل هو الظاهر، وأما ما قبله فيأتي أيضا
فيما إذا كان المشتري هو المالك مع أنه لا يكره له شراؤها ولذا رده أبو الحسن انظر بن. قوله: (وبهبتهم
لها) أي بعد دخولهم بها بلادنا بأمان، وأما ما أخذوه من بلادنا نهبا ووهبوه فيها فلا يملكه الموهوب له
ولا يفوت على مالكه بالهبة. ثم إن ظاهر المصنف أنه لا كراهة في قبول الهبة كالشراء وإلا كان يقول:
وكره لغير المالك اشتراء سلعة واتهابها أي قبول هبتها وبعضهم سوى بينهما في الكراهة، وبالجملة فالمسألة
ذات خلاف، والتعليل الثاني في كراهة الشراء موجود في الهبة قاله شيخنا. قوله: (أو لأنه) أي الحربي
قوله: (لا أحرار مسلمون قدموا بهم) سواء كانوا ذكورا أو إناثا فلا تنزع منهم جبرا عليهم لا بالقيمة
ولا بدونها، ولا يمنعون من الرجوع بهم بلادهم كما لا ينزع منهم شئ من أموال المسلمين التي قدموا بها
عندنا بأمان وقد كانوا أخذوها غصبا أو نهبا لا سرقة كما مر، وأما ما أخذوه من بلادنا بعد استيلائهم
عليها بالقهر وقدرنا على نزعه منهم قبل أن يذهبوا به لبلادهم فإنه ينزع منهم لان بلاد الاسلام لا تصير
دار حرب بمجرد استيلائهم عليها بل حتى تنقطع إقامة شعائر الاسلام عنها، وأما ما دامت شعائر
الاسلام أو غالبها قائمة فيها فلا تصير دار حرب. قوله: (القول الآخر) يعني لابن القاسم وهذا العزو
فيه نظر فإن هذا القول لغير ابن القاسم من أصحاب مالك، وأما قول ابن القاسم الآخر فهو أن ينتزع منهم
بالقيمة الإناث دون الذكور هكذا في التوضيح والمواق اه‍ بن. قوله: (انهم ينتزعون منه جبرا) أي
سواء كانوا ذكورا أو إناثا. قوله: (وملك بإسلامه غير الحر لمسلم) أي سواء قدم إلينا في حال كفره بأمان
أو لم يقدم حال كفره لكن قدم حال إسلامه، وأما إذا أسلم وأقام ببلده فسيأتي في آخر الباب في قول
المصنف وماله وولده إلخ. فقول خش: قدم بأمان وأقام ببلده غير ظاهر اه‍ بن لأنه يقتضي أنه إذا قدم
بذلك حال إسلامه لا يملكه وليس كذلك ولأنه إذا قام ببلده فله حكم آخر وليس له هذا الحكم.
قوله: (وغيرهما) أي غير الرقيق والذمي من أنواع العروض كالكتب والسلاح والأموال، وإذا ملك ما ذكر
بإسلامه جاز الشراء منه من غير كراهة. قوله: (ولا حبسا) أي ولا يملك حبسا إلخ قوله: (ولا ما سرقه زمن
عهده) أي لان شبهة الملك لهم إنما هي ظاهرة فيما أخذوه على طريق القهر والغلبة، ومثل المسروق اللقطة
فلا يملكها وتؤخذ منه مجانا. قوله: (ولا دينا ترتب في ذمته) أي من شئ اشتراء من مسلم أو استأجره
منه واقترضه منه ولو وقع الشراء والإجارة والسلف في أرض الحرب حال كفره. قوله: (بقيمتها) أي
على أنها قن ومحل وجوب فدائها ما لم تمت أو يمت سيدها وإلا فلا فداء لموتها في الأول وخروجها حرة
في الثاني قوله: (رق باقيه لمن أسلم عليه) أي عتق ما حمله الثلث منه ورق باقيه إلخ. قوله: (ورق كله) أي
لعدم حمل الثلث لشئ منه بأن كان مدينا دينا يستغرق التركة بتمامها هي وذلك العبد. وقوله: أو بعضه أي لحمل
188

الثلث بعضه. قوله: (لمن أسلم عليه) أي سواء جاء إلينا مسلما أو دخل بأمان ثم أسلم. قوله: (كما في المدبر
الجاني) أي فإذا مات السيد عن مدبر جان خير وارثه إما أن يدفع أرش الجناية ويأخذ المدبر أو يسلمه
للمجني عليه. قوله: (وحد زان بحربية) أي زنى بها قبل حوز المغنم. وقوله: أو ذات مغنم أي زنى بها بعد
حوز المغنم. وقوله: إن حيز المغنم شرط في قوله وسارق وكان الأولى أن يقول: وكسارق بالكاف لأجل
أن يظهر رجوع الشرط لما بعدها، هذا والصواب قول عبد الملك: عدم الحد للشبهة وعدم القطع حتى
يسرق نصابا فوق حظه انظر ح اه‍ بن. قوله: (إن حيز المغنم) أي جمع في مكان بالفعل بحيث صار معينا
بين أيدي المجاهدين قبل قسمه. قوله: (على المشهور) خلافا لمن قال: إن الامام يقسم الأرض بين
المجاهدين كغيرها من الغنيمة. قوله: (بمجرد الاستيلاء عليها) متعلق بقوله: وقفت قال طفي: لم أر من قال
أنها تصير وقفا بمجرد الاستيلاء عليها إذ كلام الأئمة فيما يفعله الامام فيها هل يقسمها كغيرها أو
يتركها لنوائب المسلمين؟ وحينئذ فمعنى وقفها تركها غير مقسومة لا الوقف المصطلح عليه وهو الحبس
وأقره بن، وقد يقال: هذا المعنى هو مراد الشارح بوقفها بمجرد الاستيلاء عليها فإنها تترك للمصالح،
ولا معنى للوقف والتحبيس إلا ذلك، فإن أراد بالمصطلح عليه ما كان بصيغة مخصوصة فالشارح قد قال:
إن هذا الوقف لا يحتاج لصيغة تأمل. قوله: (ولا يؤخذ للدور كراء) أي بل هي كالمساجد لمن سبق، وفي بن
عن بعض الشيوخ أنه ينبغي أن يؤخذ للدور كراء ويكون في المصالح كخراج أرض الزراعة.
قوله: (وأولى لو تجددت بلد) أي أولى في جواز الكراء والبيع والاخذ بالشفعة. قوله: (قريبا) أي بقوله:
فخراجها والخمس والجزية. قوله: (والكلام فيها) أي في أرض الزراعة للسلطان أي فيمكن منها من شاء،
وإذا مات شخص وتحت يده أرض يزرعها ويؤدي خراجها فالنظر في تلك الأرض للسلطان أو نائبه
يعطيها لمن يشاء ولا تورث عن ذلك الميت، نعم وارثه أولى وأحق بها من غيره وهذا على المشهور من
وقف الأرض، وأما على مقابله من أرض للمجاهدين كالغنيمة فإنها تورث عمن مات عن شئ منها.
قوله: (وقد جرت إلخ) جملة حالية قوله: (فإنه يجب إلخ) جواب الشرط من قوله: ولو مات إلخ.
قوله: (ومقتضى ما تقدم) أي من الكلام للسلطان أو نائبه. قوله: (نوع استحقاق) أي من جهة تحريكه للأرض
المدة الطويلة الذي لولاه لخرست الأرض وتلفت فهو شبه الخلو في الأرض الموقوفة. قوله: (للملتزم) أي
الذي هو نائب السلطان فله أن يعطيها لمن يشاء. قوله: (لمنافاتها ما تقدم) أي من أنها وقف وقد يقال القول
بوقفية أرض الزراعة ليس متفقا عليه بل غاية الأمر أنه المشهور، ومقابله أنها تقسم على الجيش، فلعل تلك
189

الفتوى بناء على ذلك القول وهو وإن كان ضعيفا لكن نظر للمصلحة ودفع الهرج أو يقال الأرض
وإن كانت موقوفة على المشهور، لكن قد ثبت للمزارعين فيها حق يشبه الخلو من جهة تحريكهم
الأرض والعلاج فيها والخلو يورث كما سيأتي في الوقف تأمل. قوله: (أحد القولين) ذكرهما ابن
عرفة وهذا القول ضعيف، والقول الآخر وهو المذهب أنه لا يخمس بل هو فئ يصرف بتمامه في
مصالح المسلمين ولا يخمس إلا ما أوجف عليه بالفعل، قال المازري في المعلم: لا خلاف في أن الغنيمة
تخمس، وأما ما انجلى عنه أهله دون قتال فعندنا لا يخمس ويصرف في مصالح المسلمين، وقال الشافعي:
يخمس كالغنيمة، ونقله الآبي وأقراه فأنت ترى المازري لم يعز القول بالتخميس إلا للشافعي مع سعة
حفظه قاله طفي. قوله: (أي الأرض) أي المأخوذة عنوة وقهرا بالمقاتلة عليها. قوله: (والخمس) أي
خمس الغنيمة وهو ما نيل بالقتال عليه من أموال الحربيين، وكذا خمس الركاز المتقدم في قوله: وفي ندرته
الخمس كالركاز. قوله: (العنوية والصلحية) أي المضروبة على أهل العنوية وأهل الصلح. قوله: (وخراج
أرض الصلح) وذلك إذا صالحونا على أن كل فدان عليه كذا، وقوله: وما صولح عليه أهل الحرب وذلك
كما إذا صالح أهل البلد على دفع قدر معين في كل سنة من غير أن يعين القدر الذي على كل رأس أو كل فدان
من الأرض، وإلا كان ذلك الجزية الصلحية وخراج أرض الصلح تأمل. قوله: (وما أخذ من تجارهم)
ويزاد أيضا على ذلك مال المرتد إذا مات على ردته والمال الذي جهلت أربابه ومال من لا وارث له
فهذه جهات بيت المال. قوله: (ويوفر) أي يكثر ويعظم. قوله: (ومن ذلك) أي مما ذكر من مصالح
المسلمين، وقوله الصرف أي صرف الامام على نفسه وعياله بالمعروف ولو استغرق جميعه كما قال عبد
الوهاب، وظاهر الشرح أن الامام لا يبدأ من ذلك بنفسه وعياله وبه قال ابن عبد الحكم، وقال عبد
الوهاب: إنه يبدأ بنفسه وعياله. قوله: (بعد الآل) أي فالبداءة هنا إضافية بخلاف البداءة بالآل فإنها
حقيقية. قوله: (ونقل للأحوج الأكثر) أي ونقل الامام عمن فيهم المال لغيرهم الأكثر إذا كان ذلك
الغير أحوج منهم. وحاصله أنه إذا كان غير فقراء البلد التي جبى فيها المال أكثر احتياجا منهم فإن
الامام يصرف القليل لأهل البلد التي جبى فيها المال ثم ينقل الأكثر لغيرهم. قوله: (ونفل منه السلب) اعلم
أن النفل هو ما يعطيه الامام من خمس الغنيمة لمستحقها لمصلحة وهو جزئي وكلي، فالأول ما يثبت
بإعطائه بالفعل كأن يقول: خذ يا فلان هذا الدينار أو البعير مثلا. والثاني ما ثبت بقوله: من قتل قتيلا فله
سلبه اه‍ بن. قوله: (ما يسلب) أي ما ينزع من المقتول. وقوله: ويسمى أي ما يسلب من المقتول. وقوله:
النفل بفتح الفاء. وقوله: الكلي أي لعدم اختصاصه بشئ بعينه. قوله: (وغيره) عطف على قول
المصنف السلب أي ونفل منه من غير السلب. وقوله: ويسمى الجزئي أي النفل الجزئي قوله: (كان أشمل)
أي لشموله للنفل الكلي وهو السلب، والجزئي وهو ما يعطيه له بفعل، وقد يجاب بأن تنفيل غير
السلب معلوم بالأولى من تنفيل السلب لأنه إذا جاز العام مع كثرته فالخاص القليل أولى. وحاصله
أن الامام إذا قال لشخص لما علم من شجاعته أو تدبيره: إذا قتلت قتيلا فلك سلبه أو
أعطاه دينارا أو بعيرا فإنه يحسب سلب القتيل أو الدينار أو البعير من الخمس لا من أصل الغنيمة.
قوله: (بأن لم يقدر على العدو) هذا تفسير لعدم انقضاء القتال تفسير مراده. وقوله: أن يقول أي
190

الامام. وقوله: من قتل قتيلا فاعل يجز أي لم يجز هذا اللفظ، وكذا ما كان بمعناه قبل القدرة على العدو،
وحاصله أنه لا يجوز للامام أن يقول للمجاهدين من قتل قتيلا فله سلبه لأنه يؤدي لفساد نيتهم. قوله: (إذ
لا محذور فيه) أي ويكون معنى قوله: من قتل قتيلا أي من كان قتل قتيلا فاندفع ما يقال: إذا كان
القتال قد انقضى كيف يقول لهم: من قتل قتيلا فله سلبه؟ والجواب أن المراد من كان قتل قتيلا في الماضي.
قوله: (فإن أبطله) أي أظهر الرجوع عنه قبل حوز المغنم. قوله: (فيما بعد الابطال) أي فإن قتل قتيلا بعد
الابطال فلا يستحق سلبه، وإن كان قتل قتيلا قبل الابطال استحق سلبه. قوله: (ولا يعتبر إبطاله بعد
المغنم) أي بعد حوزه قوله: (ولو كان من أقل الغنيمة) أي هذا إذا كان ما رتبه من الخمس بل ولو كان
من الغنيمة كمن قتل قتيلا فله سلبه أو فله دينار من الخمس أو من الغنيمة. قوله: (وللمسلم فقط) أي إذا
قال الامام: من قتل قتيلا فله سلبه. قوله: (ما لم ينفذه له الامام) يعني أنه لا يجوز ابتداء ولكن إن حكم به
مضى لأنه حكم بمختلف فيه فلا يتعقب فيه اه‍ بن. قوله: (اعتيد وجوده مع المقتول) ويثبت كونه
قتيله بعدلين إن شرط الامام البينة وإلا فقولان انظر ح اه‍ بن. قوله: (وله المعتاد) أشار بذلك إلى أن
قوله: وإن لم يسمع مبالغة في استحقاق القاتل السلب المعتاد. قوله: (وإن لم يسمع قول الإمام) أي قوله:
من قتل قتيلا فله سلبه. قوله: (كاف) أي في استحقاق السلب المعتاد. قوله: (أنه قال ذلك) أي وإذا كان
موضوع المسألة أنه قال ذلك فكيف يجعل عدم قوله ذلك شرطا مع أنه مناف للموضوع؟ قوله: (وإلا
فالأول) والتفريق بين إن قتلت قتيلا وبين من قتل قتيلا مشكل إذ في كليهما النكرة في سياق الشرط
وهي تعم. وأجيب بأنه إذا عين الامام الفاعل كان غير داخل على اتساع العطاء، وحينئذ فيقتصر على ما
يتحقق به العطاء ولو واحدا، بخلاف ما إذا قال: من قتل قتيلا فإن العموم يقوي العموم كذا قرره شيخنا.
قوله: (وقيل له الأقل) أي الأقل من السلبين فيما إذا تعدد المقتول في الفرع الأول وهو ما إذا قتلهما على
الترتيب. وقوله: والأكثر أي من السلبين. وقوله: في الثاني أي في الفرع الثاني وهو ما إذا قتلهما معا. قوله: (ولم
يكن لكمرأة) حال من قوله: سلب اعتيد أي والحال أنه لم يكن ذلك السلب المعتاد من كمرأة، فإن
كان من كمرأة فلا يكون سلبها لقاتلها إذ لا يجوز قتلها ولا قتل من ذكر معها، هذا إذا لم تقاتل قتال
الرجال، وقد علمت من هذا أن اللام في قوله: لكمرأة بمعنى من. قوله: (تشبيه في قوله: وللمسلم فقط
سلب إلخ) أي فكما أن سلب المقتول المعتاد يكون لقاتله المسلم إذا قال الامام: من قتل قتيلا فله سلبه
كذلك يكون سلبه لقاتله إذا كان هو الامام. قوله: (إن لم يقل منكم) أي إن لم يقل: من قتل قتيلا منكم
فله سلبه بأن قال: من قتل قتيلا فله سلبه بدون منكم. قوله: (وإلا فلا يدخل) أي وإلا بأن قال
منكم فلا يدخل في كلامه. قوله: (غير ممسوكة للقتال عليها) أي فليست لقاتله. وقوله: وإلا أي
بأن كانت ممسوكة بيد غلامه للقتال عليها وما هنا فيما إذا قال: من قتل قتيلا فله فرسه أو بغله، وما مر
191

في قوله: أو دابة فيما إذا قال فله سلبه فلا تكرار، وقوله: لا إن كانت بيد غلامه أي وأما لو كانت بيده أو
مربوطة بمنطقته فهي لقاتله كما قال تت وظاهره ولو كان راكبا لغيرها. قوله: (ذكر) أي فالمرأة لا
يسهم لها ولو قاتلت إلا إذا تعين الجهاد عليها بفج ء العدو وإلا أسهم لها كما قال الجزولي. قوله: (حاضر
للقتال) أي ولو لم يقاتل بالفعل. قوله: (إن قاتلا إلخ) وقيل يكفي في الاسهام للتاجر والأجير شهود
القتال، وقيل بعدم الاسهام للأجير مطلقا، ولو قاتل ففي الأجير ثلاثة أقوال وفي التاجر قولان انظر بن.
والموضوع أن خروج التاجر بقصد التجارة وخروج الأجير بقصد الخدمة. قوله: (أو خرجا
بنية غزو) ظاهره كانت نية الغزو تابعة أو متبوعة، والذي في التوضيح أن المعتمد أنه إذا
كانت نية الغزو تابعة أنه لا يسهم لهما، فيقيد كلام المصنف بما إذا كانت متبوعة أو كانتا
مقصودتين معا اه‍ بن. قوله: (ولو قاتلوا) الضمير للجماعة الذين شملهم لفظ الضد والمبالغة
راجعة لما عدا ضد حاضر إذ لا يتصور القتال مع الغيبة، ورد بالمبالغة على من قال بالاسهام لكل
واحد من تلك الأضداد إذا قاتل، والخلاف موجود في الذمي إذا قاتل كما في التوضيح وابن عرفة.
قوله: (خلاف) أما القول بأنه لا يسهم له فهو ظاهر المدونة وشهره ابن عبد السلام، وأما القول بأنه
يسهم له إن أجيز وقاتل فلم أقف على من شهره وهو وإن اقتصر عليه في الرسالة لكنها لا تتقيد بالمشهور،
نعم شهر الفاكهاني القول بأنه يسهم له إذا حضر صف القتال كما في التوضيح وهو قول ثالث لم يعرج
عليه المؤلف ويلزم من تشهيره تشهير ما حكاه المصنف اه‍ بن. قوله: (ولا يرضخ لهم) الضمير
للجماعة الذين شملهم لفظ الضد أي لا يعطى هؤلاء الجماعة الذين لا يسهم لهم شيئا من الخمس.
قوله: (والرضخ) أي في عرف الفقهاء، وأما في اللغة فهو إعطاء الشئ اليسير. قوله: (وأعمى وأعرج) أي
كذلك لا يسهم لهم ولا يرضخ. وقوله: إلا أن يقاتل أي الأعرج راكبا وراجلا فيسهم له على المعتمد
كما في المواق خلافا لما يفيده كلام تت من أنه لا يسهم للأعرج مطلقا ولو قاتل، وينبغي جريان هذا
القيد في الأعمى أيضا. قوله: (إن لم تتعلق بالجيش) أي إن لم يعد عليه منها نفع. وقوله: وإلا أسهم له أي
وإلا بأن تعلقت بالجيش بأن عاد عليه أو على أمير الجيش منها نفع أسهم له، فالأول كإقامته في بلد المسلمين
لأجل تسوق طعام أو سلاح للجيش، والثاني كتخلفه في بلاد الاسلام لأجل تمريض ابن أو أخ
أمير الجيش. قوله: (وضال عن الجيش ببلدنا) أي ولم يجتمع عليه أصلا أو اجتمع عليه بعد الفتح
وفراغ الجهاد. قوله: (لكن الراجح أنه يسهم له) أي لمن ضل عن الجيش ببلدنا ولمن رد بريح قال مالك
في المدونة: ومن ردتهم الريح لبلد الاسلام فإنه يسهم لهم مع أصحابهم الذين وصلوا وغنموا. وقال ابن
القاسم فيها: ولو ضل رجل من العسكر فلم يرجع حتى غنموا فله سهمهم لقول مالك في الذين ردتهم
الريح اه‍. والمصنف تبع تشهير ابن الحاجب تبعا لابن شاس وهو غير ظاهر لما علمت من كلام
المدونة. قوله: (شهد القتال ولم يمنعه مرضه عنه) أي سواء كان المرض حصل له بعد الاشراف على
الغنيمة أو حصل له في ابتداء القتال أو حصل له قبل دخول بلدهم. وقوله: فإن منعه لم يسهم له أي على
أحد القولين إذا كان المرض طرأ له قبل دخول بلدهم أو في ابتداء القتال فإن طرأ له بعد الاشراف
على الغنيمة أسهم له اتفاقا كما يأتي. قوله: (أو مرض بعد أن أشرف إلخ) عطف على شهد فهو في موضع
الصفة لمريض، ومعناه أنه إذا حضر القتال صحيحا ثم طرأ له مرض بعد الاشراف على حوز الغنيمة
192

أوجب منعه عن القتال فإنهم يسهم له، وإذا علمت هذا فالأولى قصر قوله: أو مرض إلخ على الآدمي لان
الفرس المريض لا يشترط في الاسهام له شهود القتال بل المدار على كونه يرجى برؤه كما يأتي.
قوله: (والمرض) أي ونظرا للمرض المانع من القتال فمن نظر لذلك قال بعدم الاسهام له، ومن نظر لدخوله
بلاد الحرب وتكثيره لسواد المسلمين فيها قال يسهم. والحاصل أن المريض إذا شهد القتال مع مرضه
فإنه يسهم له سواء حصل له المرض قبل دخول بلاد العدو أو بعد دخولها في ابتداء القتال أو حصل له
بعد الاشراف على الغنيمة، وهذه الصور الثلاثة داخلة تحت قول المصنف: ومريض شهد، وأما إذا منعه
المرض من شهود القتال فإن طرأ له بعد الاشراف على الغنيمة فإنه يسهم له، وهذا ما أشار له المصنف
بقوله: أو أشرف على الغنيمة، وأما إذا طرأ له قبل القتال أو بعد الشروع فيه وقبل الاشراف على
الغنيمة فقولان بالاسهام له وعدمه. قوله: (ويسهم لفرس مريض رجى إلخ) هذا الحل يشير إلى أن
قول المصنف: ومريض بالجر عطف على فرس رهيص. وفي بعض النسخ: ومريضا بالنصب عطفا على
مدخول المبالغة وهو أنسب، وقول الشارح: وقد شهد به القتال فيه نظر إذ لا يشترط فيه شهود القتال
بل الفرس إذا رجى برؤه يسهم له على قول مالك خلافا لأشهب وابن نافع وهو مفروض، فيما إذا لم
يمكن القتال عليه لمرضه لكنه يرجى برؤه، وأما إذا كان يمكن القتال عليه أو قاتل عليه بالفعل فإنه يسهم
له بلا خلاف ولا يأتي فيه التفصيل السابق في الانسان ولذا أطلق المصنف اه‍ بن. قوله: (سهماه
للمقاتل عليه وحده) أي فإن قاتلا عليه معا فالسهمان بينهما إن تساويا في القتال عليه وإلا فلكل
ما خصه من ذلك ويتراجعان في الأجرة، فلو فرض أن لكل واحد منهما نصف الفرس وقاتل كل
واحد منهما عليها يومين فكل واحد يأخذ سهما، ولو قاتل أحدهما أربعة أيام والآخر يومين فالأول
يأخذ ثلثي السهمين والآخر يأخذ ثلثهما ويدفع أجرة المثل بنسبة ما لغيره من الفرس، فإذا كانت
أجرة الفرس اثني عشر درهما يدفع الذي ركبه أربعة أيام لمن ركبه يومين درهمين. قوله: (والغانم المستند
للجيش) أي المتقوى به بأن كان حال انفراده سائرا تحت ظله ولا استقلال له. قوله: (في غيبة) أي غيبة ذلك
المستند عن الجيش. قوله: (فيقسم) أي ما غنمه في حال غيبته بنفسه. قوله: (لان استناده للجيش)
الأولى لأنه لاستناده للجيش لا يخرج عنه. قوله: (إلا إذا كان مكافئا) أي إلا إذا كان ذلك
المستند الذي لا يسهم له مكافئا للجيش في القوة. وقوله: أو يكون هو أي المستند الغالب أي الذي
غلب على الكفار وهزمهم قوله: (فتقسم الغنيمة) أي مناصفة ولو كان المستند طائفة قليلة اه‍ عدوي.
قوله: (وبين الأحرار) أي الذين هم الجيش. وقوله: ثم يخمس سهم المسلمين أي الجيش
193

وأما سهم المستند المكافئ أو الغالب فلا يخمس وهو ظاهر إذا كان ذميا فإن كان عبدا فهل كذلك كما
هو ظاهره أو يخمس سهمه كما يأتي في العبد المتلصص وهو الظاهر؟ انظره. قوله: (يختص به) أي دون
الجيش فلا ينافي أنه يخمسه. قوله: (ما أخذه) أي من الحربيين على وجه التلصص. قوله: (ولو عبدا)
أي هذا إذا كان المسلم حرا بل ولو عبدا، ورد بلو قول من قال: إن المسلم لا يخمس ما أخذه من الحربيين
على وجه التلصص إلا إذا كان حرا لا إن كان عبدا. قوله: (على الأصح) قال ابن عاشر: لم أر من صححه
ولعل الذي صححه المؤلف اه‍ بن. قوله: (ولو لم يخرج للغزو) أي جهارا بل خرج لمجرد التلصص
خفية. قوله: (وحمله بعضهم) أي وهو البدر القرافي قوله: (على ما إذا خرج له) أي خرج للغزو جهارا.
وقوله: وإلا أي بأن خرج لأجل التلصص خفية فلا يخمس. قوله: (استند للجيش أو لا) فيه أن الذمي
المستند للجيش إن كان مكافئا للجيش قسم ما غنمه بينه وبين المسلمين مناصفة، وإن كان غير مكافئ
كان ما غنمه للجيش خاصة ولا شئ له منه وحينئذ فأين الاختصاص؟ فالأولى حمل قوله لا ذمي على
ما إذا كان غير مستند للجيش بأن كان متلصصا تأمل. وقد يقال: يصح حمله أيضا على ما إذا كان
مستندا للجيش ويقيد بما إذا كانوا مكافئين للمسلمين فنصف الغنيمة الذي يخصهم لا يخمس
والنصف الذي يخص المسلمين يخمس. قوله: (ولا من عمل إلخ) أي فلا يخمس ذلك بل يختص به.
قوله: (والشأن القسم ببلدهم) أي ويكره تأخيره لبلد الاسلام وهذا إذا كان الغانمون جيشا وأمنوا
من كر العدو عليهم، فإن خافوا كرة العدو عليهم وكانوا سرية أخروا القسم حتى يعودوا للجيش أو لمحل
الامن. قوله: (وهل الامام يبيع سلع الغنيمة) أي وجوبا كما في عبق تبعا لعج وفيه نظر، بل الذي
لابن عرفة والفاكهاني عن سحنون وهو صاحب القول الأول أنه ينبغي له أن يبيع لا أنه يجب عليه،
والقول الثاني بالتخيير لمحمد ابن المواز انظر طفي. ولذا قال الشارح النقل هل ينبغي له بيعها ليقسم
أثمانها أو لا ينبغي له البيع بل يخير؟ إلخ. قوله: (إذا أمكن البيع) أي بأن وجد مشتر يشتري بالقيمة
لا بالغبن. قوله: (وأفرد) أي وإذا اختار الامام قسمة الأعيان أفرد كل صنف وجوبا في القسم
على حدته أي ولا يضم بعضها إلى بعض وقيل يضم بعضها لبعض، والأول لابن المواز والثاني لغيره،
ومحل الخلاف إذا أمكن الافراد وإلا ضمت الأصناف بعضها لبعض اتفاقا. قوله: (الأولى إلخ)
أي لان ابن يونس لم يرجح هنا شيئا وإنما نقل كلام ابن المواز ولم يزد عليه، والذي اختار هذا
هو اللخمي كذا قال المواق، ورده البدر القرافي بأنه قد وقف على ذلك الترجيح لابن يونس وذكر
نصه فانظره. قوله: (حاضر) أي لقسم الغنيمة. قوله: (وإن ذميا) أي لمشاركته للمسلم في عصمة
المال. قوله: (إن كان المعين غائبا) أي عن محل قسمة الغنيمة. قوله: (ويحلف أيضا أنه باق على ملكه
ما باعه إلخ) تبع الشارح في ذلك عبق نقلا عن البساطي وفيه نظر، إذ النقل أن الغائب الذي يحمل
له لا يمين عليه لان حمله له إنما هو برضا الجيش بخلاف الحاضر فإنه يحلف لمنازعة الجيش له انظر
بن. قوله: (وإلا بيع له) أي لأجل ربه فاللام للتعليل لا صلة بيع لان الشئ لا يباع لمالكه ولو جعلت
اللام بمعنى على كان أولى لإفادة لزوم البيع وأنه ليس له نقضه بعد كما في المواق. قوله: (وإذا قسم) أي
194

وإذا قسم الامام على الجيش الشئ الذي علم مالكه قبل القسم سواء كان حاضرا حين القسم كما فرض
ابن بشير أو غائبا كما فرض ابن يونس لم يمض قسمه. قوله: (إلا لتأول) أي من الامام الذي قسم الغنيمة.
قوله: (كالأوزاعي) ما قاله الأوزاعي مثله، رواه ابن وهب عن مالك ونقله ابن زرقون اه‍ بن. قوله: (أو
قصدا للباطل) أي على مقتضى مذهبه قوله: (غير مخلص) أي لأنه لا يفيد الجواز ابتداء لصدقه
بالوقف مع أن المقصود جواز قسمه ابتداء. قوله: (والمخلص إلخ) حاصله أن قوله: إن لم يتعين ان جعل
مخرجا من قوله: وأخذ معين إلخ يكون المعنى وأخذ معين وإن ذميا ما عرف له لا إن لم يتعين فلا يأخذه.
وهل يقسم على الجيش أو يوقف؟ يحتمل وإن جعل مخرجا من قوله: ولم يمض قسمه كان المعنى لا إن لم
يتعين فإنه يمضي قسمه، وهل يجوز ابتداء قسمه أو لا يجوز؟ يحتمل، فالجواز ابتداء غير معلوم من كلام
المصنف، على كل حال فالمخلص أن يجعل عطفا على معنى قوله: وحمل له إن كان خيرا إذ معناه وحمل ما كان
خيرا لربه إن تعين لا إن لم يتعين ربه فلا يحمل له بل يقسم، وقد يقال: إن قوله: لا إن لم يتعين ربه فلا يحمل
له صادق بأن يقسم أو يوقف فهو مثل اخراجه من قوله: وأخذ معين. قوله: (فتأمل) أمر بالتأمل لأنه
يمكن أن يقال: أن اخراجه من قوله وحمل له مماثل لاخراجه من قوله: وأخذ معين في احتماله للقسم
والوقف فلم يتم الجواب، وأصل الاشكال لبهرام والجواب للشيخ أحمد الزرقاني وقد علمت ما فيه.
قوله: (توجد عندهم مكتوبا عليها ذلك) أي انها لقطة قال طفي: هذا التقرير لبهرام وهو غير صحيح
ومخالف للمذهب لان مذهب مالك أن كل ما أخذه المشركون من أموال المسلمين لهم فيه شبهة الملك
من أي وجه حصل لهم سواء أخذوه على وجه القهر أو غيره، وإنما المراد بخلاف اللقطة الآتية في بابها
فإنها توقف، فالمراد التفرقة بين ما هنا وبين اللقطة فإن المالك غير معين فيهما وقالوا هنا أي إذا وجد مال
لمسلم غير معين بالقسم وعدم الايقاف على المشهور، واتفقوا على الايقاف في اللقطة الآتية فهو كقول
ابن بشير: وإن علم أنه لمسلم على الجملة فهل يقسم أو يوقف لصاحبه كاللقطة؟ المشهور أنه يقسم على ملك
الغانمين اه‍. ومثله في عبارة ابن الحاجب وابن عبد السلام وابن عرفة انظر طفي اه‍ بن. قوله: (أو
حيث لم يكن حملهما) أي أو لمعين ولم يكن حملهما خيرا له وفي هذه الحالة يحمل الثمن للسيد. قوله: (ثم إن
جاء السيد فله فداؤهما إلخ) هذا صحيح بالنسبة للصورة الأولى، وأما في الثانية وهي بيعه حيث لم يكن
حمله خيرا فغير صواب لان البيع حينئذ لازم ليس للسيد نقضه انظر بن. قوله: (فله فداؤهما) أي ممن
اشترى خدمتهما بثمن الخدمة. وقوله: في الخدمة إظهار في محل الاضمار، والمراد فيصير حق مشتري
الخدمة فيها، فإن استخدمه مشتريه للأجل خرج حرا ولا شئ لربه لأنه ليس له فيه إلا الخدمة
للأجل وقد استوفاها المشتري، وإن جاء ربه بعد نصف خدمته مثلا خير في فدائه عما بقي ببقية الثمن.
قوله: (ثم ما زاد من الخدمة عن ذلك) أي عن الثمن الذي دفعه المشتري يكون كاللقطة. وحاصله أنه
بعد انقضاء مدة الإجارة إذا عاش المدبر وسيده بعدها تكون الخدمة الزائدة عليها كاللقطة توضع في
بيت المال لافتراق الجيش وعدم العلم بأعيان من يستحقها. قوله: (فإن جهل السيد) أي
بحيث لا يمكن ظن الزمان الذي يعيش إليه. وقوله: فالخمسة عشر أي فليؤجر الخمسة عشر عاما.
195

قوله: (جهل ربه) أي وجد في الغنيمة وعلم أنه لمسلم وجهل ربه وحاصله أنه إذا وجد في الغنيمة قبل
قسمها مكاتب وعلمنا أنه لمسلم أو ذمي ولم يعلم عينه فإنه تباع كتابته وتقسم على الجيش إذ لم يبق لسيده
الذي كاتبه فيه إلا الكتابة وليس له فيه خدمة لأنه أحرز نفسه وماله فلا تباع رقبته ولا تؤاجر.
قوله: (فإن علم سيده) أي بعد بيع الكتابة وأدائها للمشتري وعتقه فولاؤه إلخ. قوله: (أي لاتباع خدمة أم ولد)
أي وجدت في الغنيمة. قوله: (وهو لغو) أي ويسير الخدمة لغو والاستمتاع لا يقبل المعاوضة.
قوله: (فينجز عتقها) تبع في ذلك الشيخ سالم السنهوري قال: ولم أره لغيره ولا يخفى ما فيه من التفويت على
السيد إذا ظهر فالظاهر أنه يخلى سبيلها وتترك على حالها، فلو بيعت جهلا وجاء ربها أخذها مجانا قاله
شيخنا. قوله: (أن تقول) أي البينة، وقوله: يسمونهم أي يذكرون أسماءهم بأن يقولوا: أشهدنا فلان
وفلان. قوله: (وله بعده أخذه) هذا مفهوم قوله سابقا وأخذ معين وإن ذميا ما عرف له قبله مجانا ثم إن هذا
يشمل ما قسم جهلا أنه لمسلم أو علم بأنه لمسلم غير معين أو معين وقسم متأولا اه‍ بن. قوله: (وبقيمته) أي
وتعتبر القيمة يوم القسم على ما لابن رشد ويوم أخذ ربه له على ما لابن عبد السلام انظر التوضيح، ومثل
ما قسم ما بيع من خدمة مدبر ومعتق لأجل وكتابة فإن له أخذه بثمنه، وأما ما قسم بلا تأول فيأخذه
ربه مجانا كما مر. قوله: (أو جهل الثمن) أي وكذا على القول بالبيع ليقسم وبيع ولكن جهل الثمن
قوله: (وأخذ بالأول من الأثمان إن تعدد البيع) هذا المشهور من قولي سحنون وقيل إنه يخير في الاخذ
بأي ثمن شاء كالشفيع قاله شيخنا. قوله: (في أم الولد) أي التي وجدت في الغنيمة لمعين. قوله: (وأما لو
قسمت) أي بعد تقويمها أي أو بيعت وقسم ثمنها. قوله: (مع العلم بأنها أم ولد) أي ولو كان جاهلا بالحكم
بأن ظن أنها تباع مع العلم أم ولد كما في التوضيح انظر بن. وقوله: فيأخذها ممن اشتراها أي وكذا
ممن قومت عليه. قوله: (قبل الفداء) أي قبل الحكم بالفداء كما في نقل الباجي وابن عبد السلام عن
سحنون وذلك بأن يموت أحدهما قبل العلم بها أو بعده وقبل الحكم عليه بالفداء، هذا هو المراد من عبارة
الشارح، وأما لو مات أحدهما بعد الحكم بالفداء وجب الفداء بدفع الثمن. قوله: (فلا شئ عليه في موتها)
أي لان القصد من الفداء تخليص الرقبة وقد تعذر بموتها، وقوله: ولا في تركته إن مات أي لأنها تصير
حرة بموته والفداء ليس دينا ثابتا عليه وإنما هو لتخليص الرقبة وقد فات. قوله: (وله فداء معتق لأجل)
قد يقال: إنه يستغنى عن هذا بقوله: وله بعده أخذه بثمنه إلا أن يقال أنه ذكر هذا ليرتب عليه قوله
مسلما لخدمتهما لأجل الخلاف في ذلك. قوله: (على ما مر) أي من أنه إذا وجد في المقاسم مدبر أو معتق
لأجل لمسلم غير معين فإنه تباع خدمتهما. قوله: (وله تركهما للمشتري) أي الذي اشترى خدمتهما أو
ذاتهما جهلا. قوله: (مسلما لخدمتهما) على وجه التمليك لا على وجه التقاضي كما قيل، والأول لابن القاسم
والثاني لسحنون، وينبني على الأول أنه لا يرجع لسيده إن استوفى من الخدمة بقدر الثمن قبل الاجل
بل يملك المشتري الخدمة للأجل وإن كثرت وإن انقضى الاجل قبل أن يستوفى لا يتبع بشئ بعده،
وينبني على الثاني الرجوع والاتباع والأول هو المعتمد. قوله: (في الأول) أي المعتق لأجل قوله: (وإلى
استفاء ما) أي الخدمة التي أخذها بالثمن. وقوله: في الثاني أي وهو المدبر، فالمراد الأول والثاني في كلام المصنف.
196

قوله: (قبل الاستيفاء) أي قبل أن يستوفي المشتري من الخدمة بقدر الثمن الذي اشترى به.
وقوله: واتبع أي المدبر بما بقي إنما يأتي هذا على قول سحنون من أن الترك للمشتري على وجه التقاضي،
وأما على قول ابن القاسم من أنه تمليك إذا حمله الثلث وعتق لم يتبع بشئ، والحاصل أن القولين جاريان
في المدبر والمعتق لأجل إذا بيعت خدمتهما لعدم تعيين مالكهما أو بيعت ذاتهما جهلا بحالهما كما في
بن وخش. قوله: (ولم يعذرا) أي والحال أنهما لم يعذرا في سكوتهما بأمر أي ولم يكن لهما عذر في سكوتهما.
قوله: (فإن عذرا إلخ) فإن تنازعا مع من اشتراهما فقالا: إنما كان السكوت لعذر، وقال المشتري: بل لغير
عذر والحال أنه لا قرينة على صدق واحد فالظاهر أنهما يصدقان دون المشتري. قوله: (وهذا) أي عدم
الخيار للوارث. قوله: (وأما لو بيعت خدمته) أي ومات سيده وحمل الثلث بعضه ورق باقيه وسكت
المصنف عما إذا لم يحمل الثلث شيئا منه، والظاهر رق جميعه لمن هو بيده ولا خيار للوارث كما إذا رق
بعضه. قوله: (أو قسمت كذلك) أي والحال أنه عرف لمعين بعد البيع أو القسم. قوله: (لمبتاعه) أي
لمشتريه. وقوله: أو آخذه أي في سهمه. قوله: (يرجع مكاتبا) أي لسيده يؤدي إليه كتابته ويخرج حرا
وإن عجز رق له قوله: (فأداها) أي للمشتري خرج حرا. والحاصل أن المكاتب إذا بيعت رقبته فأدى
ثمنه رجع مكاتبا وإذا بيعت كتابته فأداها خرج حرا. قوله: (وأما لو بيع مع العلم) أي وأما لو بيعت
رقبته مع العلم بكونه مكاتبا فلا يغرم سيده لمشتريه شيئا لا ثمنا ولا كتابة ويرجع مكاتبا لسيده قهرا عن
المشتري، فإن أدى له نجوم الكتابة خرج حرا وإلا رق له قوله: (وإلا بأن عجز عن الأداء) أي عن أداء
الثمن لمشتريه. قوله: (سواء أسلم) أي أسلمه سيده لصاحب الثمن وهو المشتري. قوله: (أو دار الحرب)
عطف على قوله المقاسم وليس للسيد إذا فداه أن يحاسب المشتري بما أخذه منه لان فداءه كالاستحقاق
والمستحق منه يفوز بالغلة قاله شيخنا. قوله: (وعلى الآخذ إلخ) أي ويجب على من أخذ شيئا من الغنيمة
بوجه من الوجوه المسوغة لاخذه منها بأن اشتراه منها أو قوم عليه في سهمه لعدم تعين ربه عند القسم
سواء كان رقيقا أو غيره إن علم بعد القسم أنه جار في ملك شخص معين ترك التصرف فيه حتى يخير ربه
بين أخذه بالثمن أو تركه له، فإن تصرف باستيلاد ونحوه قبل أن يخيره مضى تصرفه هذا إذا كان أخذه من
الغنيمة بنية تملكه، وإن أخذه منها بنية رده لربه وتصرف فيه فقولان في إمضاء تصرفه وعدم إمضائه.
قوله: (إن علم أنه جار بملك شخص) أي في ملك شخص معين أي إن علم ذلك بعد القسم سواء كان حين القسم
لم يعلم أنها سلعة مسلم أو ذمي أو كان يعلم أنها سلعة واحد منهما لكن لم يعلم عينه وإنما علمت بعد القسم كذا
قرر شيخنا. قوله: (بوجه) متعلق بالأخذ. وقوله المسوغة لقسمه الأولى لاخذه. قوله: (أو لكونه يرى قسمه
لو تعين ربه) الجملة حالية أي والحال أنه تعين ربه وفيه نظر لأنه إذا رأى الامام قسمه مع العلم بمالكه المعين
فإنه يجوز التصرف فيه لمن صار إليه كما في التوضيح، فلا يصح إدخال هذه الصورة في كلامه هنا، فالصواب
أن يصور كلام المؤلف كما في ح بما إذا علم أنه لمعين بعد أن حصل القسم اه‍ بن. قوله: (كالمشتري من
197

حربي في دار الحرب إلخ) أي وأما من اشترى من الحربي في بلاد الاسلام بعد أن دخلها بأمان فليس
عليه ترك التصرف فيه لأنه ليس لربه أخذه كما مر في قول المصنف: وكره لغير المالك اشتراء سلعة
وفاتت به وبهبته. قوله: (فإن تصرف باستيلاد مضى) المراد بالاستيلاد أن يطأ الجارية التي اشتراها
ويولدها، وأما مجرد وطئها فلا يفيتها على ربها بل يخير فيها. قوله: (بعتق ناجز) أي خالص عن التعليل
على دفع دراهم أو مضى أجل. قوله: (بخلاف مأخوذ من الغنيمة فلا يمضي) أي التصرف فيه بالبيع على
المعتمد لقول المصنف سابقا: وبالأول إن تعدد، قال: والفرق بين المسألتين ما ذكره عبد الحق عن
بعض القرويين أن ما وقع في المقاسم قد أخذ من العدو على وجه القهر والغلبة فكان أقوى في رده
لربه، والمشترى من دار الحرب إنما دفعه الحربي الذي كان في يده طوعا ولو شاء ما دفعه فهو أقوى في
إمضاء ما فعل به من البيع. قوله: (إن لم يأخذ إلخ) أي أن محل فوت ما أخذ من الغنيمة بالاستيلاد
وما معه إن لم يأخذه بنية رده لربه. قوله: (فهو راجع لما قبل الكاف على خلاف قاعدته) أي لان
المشتري من الحرب في دار الحرب لا يتصرف إلا بعد أن يخير ربه فإن تصرف بدون تخييره مضى
تصرفه اتفاقا، سواء كان اشتراه من الحربي بنية تملكه أو رده لربه أو لم يكن له نية أصلا. قوله: (فقولان)
بفواته على ربه وإمضاء التصرف بالعتق وما معه وعدم فواته على المالك ولا يمضي العتق ولا ما معه
من التصرف لأنه أخذه ليرده لربه، والأول للقابسي وأبي بكر بن عبد الرحمن، والثاني لابن الكاتب،
وعلى هذا فالمحل للتردد اه‍ بن. قوله: (وفي المؤجل إلخ) أي أن من اشترى عبدا من الغنيمة أو من حربي
بدار الحرب وعرف ذلك العبد لمعين فتصرف فيه ذلك المشتري بالعتق لأجل قبل أن يخبر سيده، فهل
يمضي ذلك العتق أو لا تردد للخمي وابن بشير وهو فيما إذا أخذه لا ليرده لربه، فكان حق المصنف أن
يقدمه على قوله: إن لم يأخذه إلخ وقد قدمه خش هناك وهو حسن، غير أنه خلاف النسخ انظر بن.
قوله: (وإذا كان يمضي التدبير) أي ويفوته على ربه. قوله: (والمسلم إلخ) صورتها: رجل دخل
بلاد الحرب فوهبه حربي سلعة أو عبدا هرب لدار لحرب وأغار عليه الحربي وأخذه فإذا قدم
الموهوب له بذلك فإن ربه المسلم أو الذمي يأخذه منه بغير عوض. قوله: (وكذا بدارنا قبل تأمينهم)
أي وأما ما باعوه أو وهبوه بدارنا بعد تأمينهم فقد تقدم أنه يفوت على ربه. قوله: (بمثل المثلي وقيمة
المقوم) فيه نظر، والذي في التوضيح و ح أن الواجب مثل العوض في محله ولو كان مقوما كمن
أسلف عرضا فلا يلزمه إلا مثله في موضع السلف، نعم إن عجز عن المثل في محله اعتبرت القيمة في
العوض ولو كان مثليا، ونص التوضيح: إنما يأخذه ربه بالثمن فإن كان عينا دفع إليه مثله حيث لقيه،
فإن كان مثليا أو عرضا دفع إليه مثل ذلك ببلد الحرب إن كان الوصول إليها يمكن كمن أسلف ذلك
فلا يلزمه إلا مثله بموضع السلف. ابن يونس: فإن لم يمكن الوصول إليها فعليه هنا قيمة ذلك المكيل
ببلد الحرب اه‍ بن. والحاصل أنه يلزم ربه إذا أراد أخذه أن يرد مثل الثمن سواء كان عينا أو غيرها،
لكن إن كان عينا دفعه في أي محل، وإن كان غير عين دفعه بمحل المعاوضة إن أمكن وإلا فبغيره إن
ساوت قيمته بموضع الدفع قيمته بموضع المعاوضة، وإلا فالواجب اعتبار قيمته بدار الحرب ولو
زادت على قيمته هنا. قوله: (في المسألتين) أي مسألة أخذه من الحربي بهبة ومسألة أخذه منه
بمعاوضة. قوله: (والأحسن) أي والقول الأحسن بمعنى الأرجح من القولين. عن ابن عبد السلام
في المفدي من لص أخذه بالفداء قياسا على ما فدى من دار الحرب، ولأنه ولو أخذه
ربه ممن فداه وخلصه بغير شئ مع كثرة اللصوص لسد هذا الباب مع كثرة حاجة
198

الناس إليه. ابن ناجي: وبه كان يفتي شيخنا الشبيبي. قوله: (مفدوي) اجتمعت الواو والياء وسبقت
أحدهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وقلبت ضمة الدال كسرة لمناسبة الياء.
قوله: (كمحارب وغاصب وظالم) قال السيد البليدي: من ذلك الكاشف الذي يمسك زرع أو بهائم انسان
ظلما فيفديه انسان. قوله: (من كل مال أخذ) الأولى من كل آخذ مال إلخ. قوله: (إذا لم يفده ليتملكه) هذا
القيد لابن هارون، فإن فداه ليتملكه أخذ منه مجانا. ابن ناجي: لا يبعد أن يكون هذا مراد من ذهب
للقول الثاني فيرجعان للوفاق اه‍. بن: قال في التوضيح: ولا يجوز دفع أجرة للفادي إن كان قد دفع الفداء
من عنده لأنه سلف وإجارة، وأما إن كان الدافع للفداء غيره ففي جواز دفع الأجرة له مجال للنظر انظر بن.
قوله: (مطلقا) أي سواء فداه ليتملكه أو فداه بقصد دفعه لربه. قوله: (وإن أسلم إلخ) حاصله أن
الانسان إذا اشترى مدبرا أو معتقا لأجل من اللصوص أو من حربي في دار الحرب غير عالم بكونه
مدبرا أو معتقا لأجل ثم قدم به فعرفه ربه فأسلمه لمشتريه ولم يدفع العوض ويأخذه فإن المشتري
يستوفي خدمته في مقابلة ما دفعه من الثمن ولو زادت عليه فيخدم المدبر لموت سيده الذي دبره والمعتق
لأجل يخدم إلى ذلك الاجل، فإذا مات سيده الذي دبره والثلث يحمله أو جاء الاجل في المعتق لأجل
وقد وفيا ما فديا به فلا كلام أنهما يعتقان ولا يتبعان بشئ، وإن لم يوفيا ذلك فهل يتبعهما الذي عاوض
عليهما بجميع ما عاوض عليهما به ولا يحسب عليه ما اغتله منهما لأنه كالفائدة أو لا يتبعهما إلا بما بقي
عليهما فقط؟ قولان. قوله: (أي يستوفيها المعاوض) أي في مقابلة ما دفع من الثمن، قال ابن عاشر: ولا
يرجع لسيده بعد استيفاء العوض لقول المصنف: استوفيت خدمته. قوله: (قبل التوفية) أي قبل أن
يستوفي من الخدمة بقدر ما دفع من الثمن. قوله: (بناء على أنه أخذه تمليكا) أي بناء على أن إسلام السيد له
على وجه التمليك. قوله: (بناء على أنه أخذه تقاضيا) أي بناء على أن إسلام السيد له على وجه التقاضي، فكل
بعض من الخدمة في مقابلة بعض من الثمن الذي دفعه. قوله: (وهو الراجح) اعتمد في ترجيحه القول
الثاني ما يظهر من كلام المواق كما قال عج، والذي يفيده كلام ابن الحاجب أن الأول هو الراجح
لتصديره الأول وعطف الثاني عليه بقيل اه‍ بن. فإن قلت: إنه قد تقدم أنه إذا أسلم السيد المدبر
والمعتق لأجل لمن وقعا في سهمه وقوما عليه أو اشتراهما من المغانم ثم مات سيد المدبر أو حل
الاجل ولم يوفيا ما وقعا به في المغانم فإنه لا يتبعهما بشئ بناء على أن التسليم تمليك وعلى أنه
تقاض فإنهما يتبعان بما بقي فما الفرق بين ما هنا وما تقدم؟ والجواب أن المدبر والمعتق
لأجل في المسألة المتقدمة وقعا في المغانم يعني لم يؤخذا من العدو بمعاوضة بل بطريق
الغلبة فقوي أمر المالك الأصلي وضعف أمر الآخذ كما سبق، بخلاف المدبر هنا فإنه
مشترى من العدو ولم يؤخذ قهرا عنهم إذا لو شاؤوا ما دفعوه فقوي أمر الآخذ منهم
باختيارهم كما سبق قوله: (قولان) الأول لسحنون والثاني لمحمد وعليهما لو استوفى من الخدمة فداءه
قبل أجله ففي كون باقيها له أو لربه قولاهما. قوله: (وكذا إن لم يسلم) أي فلا مفهوم لقول المصنف
يسلم لكنه أتى به لأجل قوله: أو بقي حتى غنم فإن قيد الاسلام معتبر فيه. والحاصل أن عبد الحربي
إذا فر إلينا قبل إسلام سيده كان حرا لأنه غنم نفسه سواء أسلم أو لم يسلم، وسواء كان فراره
قبل نزول الجيش في بلادهم أو كان بعد نزوله فيها، ولا ولاء لسيده عليه، ولا يرجع له إن أسلم،
وكذا يكون حرا إذا أسلم وبقي حتى غنم قبل إسلام سيده، وأما إذا فر إلينا بعد إسلام سيده
أو مصاحبا لاسلامه فإنه يحكم برقه لسيده. قوله: (أو بمجرد إسلامه أي السيد) ما قرر به الشارح
199

تبع فيه تت، قال طفي: وهو ركيك والصواب أن الضمير راجع للعبد، وأن المراد لا يكون العبد حرا
بمجرد إسلامه بل حتى يفر أو يغنم، فالمؤلف أراد اختصار قول ابن الحاجب ولا يكون حرا بمجرد
إسلامه خلافا لأشهب وسحنون، وعليه فقوله: بمجرد إسلامه عطف على معنى قوله: إن خرج لا على بعد
أي لا بخروجه ولا بمجرد إسلامه وهو وإن كان تكرارا مع مفهوم قوله: إن فر أو بقي لكن أتى به
لنكتة وهي الرد على مخالفة سحنون وأشهب حيث قال: لا يكون حرا بمجرد الاسلام. قوله: (وهذم)
بالمعجمة بمعنى قطع وبالمهملة بمعنى أسقط ونقض كما في المصباح. قوله: (أو سبيت هي فقط قبل إسلامه)
أي وقبل قدومه بأمان أو قبل إسلامه وبعد قدومه بأمان. قوله: (أو سبي هو فقط) أي قبل إسلامها
وقبل قدومها بأمان أو قبل إسلامها وبعد قدومها بأمان، وظاهر الشارح أنهما إذا سبيا مرتبين ينهدم
نكاحهما سواء حصل إسلام من أحدهما بين سبيهما أو حصل بعده، والثاني كما لو سبي أو لا وبقي على
كفره ثم سبيت وأسلما بعد ذلك أو بالعكس، والأول كما لو سبى هو وأسلم ثم سبيت هي بعد إسلامه
وأسلمت أو بالعكس فينهدم النكاح على كل حال، ولا تدخل هذه الصورة الأولى تحت قوله: إلا أن
تسبى وتسلم بعده لان هذا المستثنى مقيد بأن يكون الزوج أسلم من غير سبي وهو في دار الحرب أو
مؤمن كما في ابن الحاجب وقرره الشارح بذلك. قوله: (وعليها الاستبراء) أي في هذه الصور الأربع
التي انهدم فيها النكاح إذا أراد السابي وطأها. قوله: (والظرف متعلق بالفعلين) أي لتنازعهما فيه فهما
طالبان له من حيث المعنى وإن كان العامل فيه أحدهما. قوله: (فلا يهدم سبيها النكاح) وحينئذ فيكون
أحق بها وتصير أمة مسلمة تحت حر، والراجح كما قال ابن محرز أنه لا يشترط في إقراره عليها ما اشترط
في نكاح الأمة من عدم الطول وخوف العنت، لأن هذه شروط في نكاح الأمة في الابتداء والدوام
ليس كالابتداء على المعتمد خلافا للتوضيح و ح اه‍ بن. قوله: (إن أسلمت قبل حيضة) مفهومه أنها لو
أسلمت بعد حيضة انهدم نكاحها لخروجها من الاستبراء بتلك الحيضة. قوله: (وماله فئ) أي ماله الذي
في بلاد الحرب والموجب لكونه غنيمة كونه في بلاد الحرب، وأما قول المصنف سابقا وملك
بإسلامه غير الحر المسلم فمحمول على مال قدم به إلينا لا على الذي أبقاه. قوله: (وماله فئ) ظاهره أن ماله
يكون غنيمة مطلقا سواء كان عندنا وترك ماله في بلده أو كان باقيا بدار الحرب مع ماله، وفي الثانية
خلاف مذهب ابن القاسم وروايته أنه يكون غنيمة أيضا. وقال التونسي: أنه يكون له وهما تأويلان
على المدونة أشار لذلك في التوضيح اه‍ بن. قوله: (وأما زوجته) أي الحربي المذكور وهو الذي أسلم
وفر إلينا. وقوله فغنيمة اتفاقا أي وكذا مؤخر صداقها لان صداق الزوجة مال لها والزوجة رقيقة
للجيش ومال الرقيق لسيده. قوله: (تأويلان) قال فيها: وأما الكبار إذا بلغوا وقاتلوا فهم فئ، فحملها
ابن أبي زيد على ظاهرها، ورأي ابن شبلون أن الشرط لا مفهوم له، وأن المقصود أن يكونوا على حال يمكنهم
القتال انظر التوضيح. قوله: (لمالكها) أي لتبعية الولد لامه في الرق والحرية ولأبيه في الدين وأداء الجزية.
فصل عقد الجزية قوله: (عقد الجزية إلخ) الإضافة على معنى اللام أي العقد المنسوب للجزية،
فاندفع ما يقال الجزية اصطلاحا هي المال المأخوذ منهم، فلا معنى لإضافة العقد إليه وإضافة العقد للجزية
من إضافة المشروط للشرط، لان المراد بالعقد كما في الجواهر التزام تقريرهم في دارنا وحمايتهم والذب
200

عنهم بشرط بذل الجزية، والجزية العنوية ما لزم الكافر من مال لأمنه باستقراره تحت حكم الاسلام
وصونه. قوله: (إذن الإمام) لا بد في الكلام من حذف لأجل صحة الاخبار أي سبب عقد الجزية
إذن الإمام أو عقد الجزية سببه إذن الإمام أو نائبه بلفظ أو إشارة مفهمة. قوله: (ولو قرشيا) أي
فتؤخذ الجزية منهم على الراجح، قال المازري: إنه ظاهر المذهب وهو مقتضى إطلاق المصنف وهذه
طريقة، ولابن رشد طريقة أخرى لا تؤخذ منهم إجماعا إما لمكانتهم من رسول الله أو لان قريشا
أسلموا كلهم، فإن وجد منهم كافر فمرتد وإذا ثبتت الردة فلا تؤخذ منهم. قوله: (فلا يصح عقدها منه إلا
بإذن الامام) أي لكنه وإن كان غير صحيح بغير إذن الإمام إلا أنه يمنع القتل والأسر وحينئذ فيرد
لمأمنه حتى يعقدها معه الامام أو نائبه. قوله: (فلا يصح سباؤه) علة لمحذوف أي فلا تؤخذ منه لأنه
لا يصح إلخ. قوله: (والمعاهد) أي وخرج المعاهد وهو الذي دخل بلادنا بأمان لقضاء غرض ثم يرجع
لبلاده فلا تؤخذ منه الجزية لأنه لا يصح سباؤه وكذلك الراهب. قوله: (حر) لعل المصنف استغنى
بتذكير الأوصاف عن اشتراط الذكورية وإلا فالأنثى لا تضرب الجزية عليها خلافا لظاهره. قوله: (ولا
ينتظر حول) أي تمام الحول. قوله: (وكذا ما بعده) أي ولا بعد الإفاقة ولا بعد العتق. قوله: (ومحل
أخذها منهم) أي من الصبي إذا بلغ والمجنون إذا أفاق والعبد إذا عتق ولا ينتظر حول بعد ذلك إن
تقدم إلخ، فإن اختل شرط من الشرطين انتظر الحول بعد البلوغ والإفاقة والعتق. قوله: (وإلا قتل) أي
وإلا بان كان له رأي قوله: (ولا يبقى إلخ) فيه نظر بل للامام الاجتهاد فيه بالقتل وغيره كما تقدم اه‍ بن.
قوله: (لم يعتقه مسلم) اعلم أن العبد الكافر إذا عتق لا يخلو إما أن يعتق بدار الحرب وهذا تضرب
عليه الجزية لأنه كواحد منهم سواء أعتقه حربي أو ذمي أو مسلم، وإما أن يعتق بدار الاسلام، وهذا
إذا أعتقه مسلم لا تضرب عليه إلا إذا حارب وأسر، وهذا خارج بقوله: صح سباؤه وإن أعتقه ذمي
ضربت عليه تبعا لسيده وإن كان لا يصح سباؤه وهذا وارد على المصنف، فلو قال: صح سبيه أو أعتقه
ذمي لوفى به، إذا علمت هذا فقوله لم يعتقه مسلم لا حاجة إليه بعد قوله: صح سباؤه لاغنائه عنه بل هو مضر
لاقتضائه أن عتيق المسلم إذا حارب لا تضرب عليه اه‍ بن. قوله: (وأخذت منه) أي وأما لو أعتقه
مسلم ببلد الاسلام فلا تضرب عليه إلا إذا حارب وأسر. قوله: (لأنه) أي اليمين قوله: (ولهم الاجتياز)
أي المرور وظاهره ولو لغير حاجة ككون طريقه من غيرها أقرب. قوله: (وكذا لهم إقامة ثلاثة أيام)
ليس هذا تحديدا بل لهم إقامة الأيام القلائل بنظر الامام إن احتاجوا لذلك وكان دخولهم لمصلحة
كما لو دخلوا بطعام واحتاجوا لإقامة الأيام لاستيفاء ثمنه وقضاء حوائجهم. قوله: (للعنوي) أي على
العنوي وهو نسبة للعنوة وهي القهر والغلبة. قوله: (أربعة دنانير شرعية) أي وهي أكبر من دنانير مصر
لان الدينار الشرعي أحد وعشرون حبة خروب وسبع حبة ونصف سبع حبة، وأما الدينار
المصري فثمان عشرة حبة، فتكون الأربعة دنانير الشرعية أربعة دنانير مصرية وثلثي دينار وثلاثة
أسباع تسع دينار. قوله: (أو أربعون درهما شرعيا) أي وهي أقل من دراهم مصر لان
الدرهم الشرعي أربعة عشرة خروبة وثمانية أعشار خروبة ونصف عشر خروبة، والمصري ست
عشرة خروبة فزيادة الأربعين المصرية على الأربعين الشرعية ست وأربعون خروبة وهي
201

درهمان بالمصري وسبعة أثمان درهم فيكون الأربعون درهما شرعية سبعة وثلاثين مصرية وثمن درهم.
قوله: (في كل سنة قمرية) أي لا شمسية لئلا تضيع على المسلمين سنة في كل ثلاث وثلاثين سنة.
قوله: (ونقص الفقير) أي عند الاخذ لا عند الضرب لأنها لا تضرب إلا كاملة قاله شيخنا. قوله: (مبهمة) أي
غير معين وقتها فإنها تؤخذ آخر السنة. قوله: (لم يؤخذ منه ما نقص لضيقه) أي ما نقصناه أولا لأجل
ضيقه. قوله: (وللصلحي) أي وعلى الصلحي فاللام بمعنى على. وقوله: ما شرط يحتمل جعل ضمير شرط
راجعا للامام أي على الصلحي المال الذي شرطه الامام، وعلى هذا فلا يحتاج لزيادة ورضي به الامام
ويحتمل رجوعه للصلحي، وعليه فلا بد من ذلك القيد، ولا قرينة في كلام المصنف عليه فالاحتمال
الأول أولى كما قال اللقاني. قوله: (فله مقاتلته) أي على المذهب كما قال البدر وهو قول ابن حبيب.
قوله: (وإن أطلق في صلحه) أي لم يعين قدرا معلوما بأن وقع الصلح على الجزية مبهمة. وقوله: فعليه بذل ما
يلزم العنوي أي وهو أربعة دنانير أو أربعون درهما في كل سنة. قوله: (والمعتمد الأول) أي وهو أنه
إذا لم يرض الامام بما بذله فله مقاتلته سواء بذل القدر الأول أو أكثر منه. والحاصل أن الامام
تارة يصالحهم على الجزية مبهمة من غير أن يبين قدرها، وفي هذه الحالة يلزمه قبول جزية العنوي إذا
بذلوها، وتارة يتراضى معهم على قدر معين وفي هذه الحالة يلزمهم ما تراضوا عليه معه، وتارة لا يتراضون
معه على قدر معين ولا على الجزية مبهمة وفي هذه الحالة إذا بذلوا الجزية العنوية هل يلزمه قبولها أو لا؟
قولان: الأول لابن رشد ورجحه بن، والثاني لابن حبيب ورجحه البدر القرافي. قوله: (ولا يقبل)
أي إعطاؤها من النائب. قوله: (وسقطتا بالاسلام إلخ) وفي سقوطها بالترهب الطارئ وعدم سقوطها
قولا ابن القاسم والأخوين، قال ابن شاس: قال القاضي أبو الوليد: ومن اجتمعت عليه جزية سنين فإن
كان ذلك لفراره بها أخذت منه لما مضى، وإن كان لعسره لم تؤخذ منه ولا يطالب بها بعد غناه انظر ح.
قوله: (الفاروق) هو عمر بن الخطاب. قوله: (والحيرة) بكسر الحاء وسكون الياء المثناة مدينة بقرب
الكوفة. قوله: (مديان) تثنية مدي وهو مكيال يسع خمسة عشر صاعا ونصف صاع كما في بن نقلا عن
النهاية. قوله: (على كل واحد مع كسوة) أي في كل شهر. قوله: (وإضافة المجتاز) أي المار عليهم بمصر خاصة
كما في المواق. قوله: (وإنما سقطت عنهم) أي الأرزاق وإضافة المجتاز عليهم من المسلمين. قوله: (للظلم)
فقد قال مالك: أرى أن توضع عنهم اليوم الضيافة والأرزاق لما حدث عليهم من الجور، قال البساطي:
واعلم أنه لا يؤخذ بأقوال لائمة مع قطع النظر عن المقاصد لأنه إذا انتفى الظلم وكانوا هم الظلمة كما في
نصارى مصر فالواجب أن يغلظ عليهم وأن يزاد على ما كان مقررا عليهم اه‍. وما قاله صواب صحيح
قاله شيخنا. قوله: (والعنوي حر) أي لأنه أحرز بضرب الجزية عليه نفسه وماله ولان إقراره في
الأرض لعمارتها من ناحية المن الذي ذكره الله تعالى بقوله: * (فإما منا بعد) * والمن العتاقة. قوله: (فعلى قاتله إلخ)
202

أي إذا كان ذلك المقتول ذكرا وكان كتابيا. قوله: (إلا إذا لم يكن لهم وارث إلخ) أما إذا لم يكن لهم وارث
فلا يمكن من الوصية بجميع ماله بل بالثلث فقط. قوله: (الأولى التفريع بالفاء) أي لان هذا مفرع
على ما قبله والتفريع باعتبار مفهوم قوله فقط. قوله: (فالأرض المعهودة) أي وهي أرض الزراعة التي
في بلاده المفتوحة عنوة بالقهر والغلبة. قوله: (دون ماله) أي فإنه ليس للمسلمين بل هو له إن أسلم
ولوارثه إن مات كان المال عينا أو عرضا أو حيوانا، لا فرق بين المال الذي اكتسبه بعد الفتح أو قبله كما
هو قول ابن القاسم وابن حبيب وظاهر المدونة، وقال ابن المواز: المال الذي يكون للعنوي إذا أسلم
ولوارثه إذا مات ما اكتسبه بعد الفتح، وأما ما اكتسبه قبل الفتح فهو للمسلمين كالأرض، واعترضه
ابن رشد بأن إقرارهم في بلادهم على أن يؤدوا الجزية إن كانت من ناحية المن فمالهم لهم ولورثتهم
مطلقا إذا ماتوا أو أسلموا وإلا فليس لهم ذلك المال مطلقا، وحينئذ فلا وجه لتلك التفرقة.
قوله: (للمسلمين) أي لأنها صارت وقفا بمجرد الفتح، وإنما أقرت تحت يده لأجل أن يعمل فيها إعانة على
الجزية. قوله: (لا يخلو من أربعة أقسام) أي وفي الجميع لهم أرضهم ومالهم فيهبون ويقسمون ويبيعون
ويورث عنهم، إلا أن القسم الأول يفترق من غيره من جهة أن من مات منهم بلا وارث، فأرضه وماله
لأهل دينه وله الوصية حينئذ بجميع ماله وإن لم يكن له وارث بخلافه في غير الأول، فإن من مات بغير
وارث فماله وأرضه للمسلمين ووصيتهم في الثلث إن لم يكن وارث، وإذا فصلت الجزية على الأرض
والرقاب أو على الأرض دون الرقاب فاختلف في بيع الأرض فقيل يمنع من بيعها وقيل بجوازه
وخراجها يكون على المشتري، والمشهور قول ابن القاسم في المدونة وهو جواز بيعها والخراج على
البائع وعليه مشى المصنف هذا حاصل المسألة. قوله: (ولا نتعرض لهم فيها) أي لا بضرب خراج ولا
بأخذ عشر الزرع ولا غيره. قوله: (ولا يزاد في الجزية بزيادتهم إلخ) وكذا لا يبرأ أحد منهم إلا بأداء الجميع
لأنهم حملاء. قوله: (ولهم الوصية بمالهم كله وأولى ببعضه) أي وإن لم يكن وارث. قوله: (ووصيتهم في
الثلث فقط) أي لان لنا حظا في مالهم من حيث أن الباقي بعد الثلث يكون لنا فيحجر عليهم فيما زاد على الثلث،
بخلاف ما إذا أجملت أو فصلت وكان لهم وارث فلا كلام لنا معهم لأنه لا حق لنا حينئذ في مالهم.
قوله: (وما بقي) أي بعد الثلث الذي خرج وصية. قوله: (فلهم بيعها) وقيل ليس لهم بيعها. وقوله: وخراجها على
البائع أي وقيل على المشتري، والمراد بخراجها ما ضرب عليها من الجزية في كل سنة.
قوله: (إحداث كنيسة ببلد العنوة) أي التي أقربها سواء كان فيها مسلمون أم لا، وأما القديمة الموجودة
203

قبل الفتح فإنها تبقى ولو بلا شرط كما هو مذهب ابن القاسم، ولو أكل البحر كنيستهم فهل لهم أن ينقلوها
أو يفصل بين كونهم شرطوا ذلك أم لا؟ وهو الظاهر، كذا في حاشية شيخنا عن كبير خش. قوله: (والمعتمد إلخ)
تبع فيما قاله البساطي وفيه نظر، بل الصواب ما قاله المصنف لان قول ابن القاسم في المدونة انظر ح
والمواق اه‍ بن. قوله: (فيمنع من الرم مطلقا) في بن ما ذكره من منع ترميم المنهدم وإن كان ظاهر
المصنف غير صحيح لتصريح أبي الحسن في العنوي بجواز رم المنهدم وظاهره مطلقا شرط ذلك أم
لا، وذلك لان المدونة قالت ليس لهم شرط ذلك أم لا، وذلك لان المدونة قالت: ليس لهم أن يحدثوا
الكنائس في بلاد العنوة لأنها فئ ولا تورث عنهم فقال أبو الحسن: قوله ليس لهم الاحداث في بلد
العنوة مفهومه أن لهم أن يرموا ما كان قبل ذلك، وكذا يجوز الترميم للصلحي على قول ابن القاسم خلافا
لمن قال: يمنعون من الترميم إلا بشرط فتبين أن للصلحي الاحداث ورم المنهدم مطلقا شرط ذلك أم لا
على قول ابن القاسم، فلعل ناسخ المبيضة قدم قوله كرم المنهدم وأصله أن يكون بعد قوله: وللصلحي
الاحداث انظر طفي والمواق. قوله: (شرط) أي الترميم أي استأذن الامام في ذلك وأذنه أو لا.
قوله: (لكن في بلد إلخ) أي وأما لو كانت تلك البلد اختطها المسلمون معهم ففي جواز إحداثها وعدمه
قولا ابن القاسم وابن الماجشون كما في ابن عرفة. والحاصل أن العنوي لا يمكن من الاحداث في بلد
العنوة سواء كان أهلها كفارا أو سكن المسلمون معهم فيها إلا بشرط، وأما رم المنهدم فجائز مطلقا،
وأما الصلحي فيمكن من الاحداث في بلد ليس معه أحد فيها من المسلمين مطلقا بشرط وبغيره، وكذا
إن كان معهم فيها أحد من المسلمين على ما قاله ابن القاسم خلافا لابن الماجشون، وكذا يمكنون من رم
المنهدم على ما قاله ابن القاسم مطلقا. قوله: (ولو اختطها) أي أنشأها مع المسلم الكافر عنويا أو صلحيا
وهذا ما لابن الماجشون، وأما على ما لابن القاسم إذا اختطها الصلحي فيجوز له الاحداث ولو كان
معه مسلم، هذا وكان الأولى للشارح حذف المبالغة ويقول في حل المتن: لا يجوز للكفار الاحداث
ببلد انفرد المسلمون باختطاطها ثم انتقل الكفار إليها وسكنوا فيها مع المسلمين. قوله: (وأريقت الخمر)
ظاهره أنه لا تكسر أوانيها، وفي ابن عرفة أنها تكسر وهو الصواب وقد اقتصر عليه كأنه المذهب وكذلك
المواق، وكذلك صرح البرزلي في نوازله نقله عن ابن رشد بكسرها، وإنما أريقت الخمر دون غيرها من
النجاسات لان النفس تشتهيها، وظاهر المصنف أن كل مسلم له إراقتها ولا يختص ذلك بالحاكم، وقول
الشارح إن أظهرها أي أو حملها من بلد لآخر فإن لم يظهرها وأراقها مسلم ضمن له قيمتها لتعديه عليه.
قوله: (إن أظهروه) أي كما في الجواهر ولا شئ على من كسره وكذلك الصليب كما في المواق.
قوله: (وينتقض عهده) أي أمانه. وقوله: بقتال عام أي غير مختص بواحد قوله: (ومنع جزية) يقيد كما قال البدر
بمنعها تمردا أو نبذا للعهد لا لمجرد بخل فيجبر عليها. قوله: (وبغصب حرة) وأما زناه بها طائعة فإنما يوجب
تعزيره وحدت هي، وكذا لو زنى بأمة مسلمة أو بحرة كافرة طوعا أو كرها فلا يكون ذلك ناقضا لعهده.
204

قوله: (وقيل يكفي هنا اثنان) أي يشهدان على الغصب وإن لم يعاينا الوطئ. وقوله: على نقض العهد أي
لا على الزنا. قوله: (فتزوجها ووطئها) وأما لو تزوجها مع علمها بكفره من غير غرور فلا يكون نقضا
لعهده ويلزمه الأدب فقط. قوله: (كأن يكتب لهم كتابا إلخ) ففي المواق عن سحنون إن وجدنا في أرض
الاسلام ذميا كاتبا لأهل الشرك بعورات المسلمين قتل ليكون نكالا لغيره. قوله: (مجمع على نبوته
عندنا) أي معشر المسلمين وإن أنكرها اليهود كنبوة داود وسليمان، واحترز بقوله مجمع إلخ عما اختلف
في نبوته عندنا كالخضر ولقمان فلا ينتقض عهده بسبه. قوله: (بما لم يكفر به) أي بما لم يكفر به الكفر
الذي يقر عليه بأن كفر به الكفر الذي لا يقر عليه كذا ذكر بعضهم، وذكر غير واحد أن المراد بما لم
يكفر به ما لا يقر عليه والمراد بما كفر به ما أقررناه عليه. قوله: (يريد عضته في ساقيه) فيه أنه لا حاجة
لهذا التفسير إذ لا حقيقة لهذا الكلام حتى يبين، وإنما وقع من ملعون من نصارى مصر أنه قال: مسكين
محمد يخبركم بأنه في الجنة ماله لم ينفع نفسه إذ كانت الكلاب تأكل ساقيه فأرسل لمالك الاستفتاء فيه
فقال: أرى أن يضرب عنقه فقال له ابن القاسم: يا أبا عبد الله اكتب ويحرق بالنار فقال: إنه لحقيق بذلك،
قال ابن القاسم: فكتبتها ونفذت الصحيفة بذلك ففعل به ذلك، قال عياض: ويجوز إحراق الساب حيا
وميتا. قوله: (وقتل إن لم يسلم) ضمير قتل راجع للناقض. قوله: (وفي غصب المسلمة وغرورها) أما تعينه
أي القتل في السب فقد اقتصر عليه في الرسالة وصدر به في الجواهر. وحكى عياض في الشفاء عليه
الاتفاق، وأما تعينه في غصب الحرة وغرورها فهو في نقل ابن شاس وغيره لما فيهما من انتهاك حرمة
الاسلام، وقد قتل عمر رضي الله عنه علجا نخس بغلا عليه امرأة فسقطت فانكشفت عورتها.
قوله: (وأما في قتاله فينظر فيه إلخ) ومثل القتال التمرد على الاحكام ومنع الجزية من كونه ينظر فيه الامام
بالأمور الخمسة، وما قاله شارحنا هو الصواب خلافا لما ذكره بعض الشراح من أن الضمير في قوله: وقتل
إن لم يسلم راجع للساب خاصة وأما غيره من بقية النقض فالامام مخير فيه بفعل واحد من الأمور
الخمسة السابقة وذلك لان نقض العهد يوجب الرجوع للأصل من التخيير بين الأمور السابقة.
قوله: (إذ الامام مخير فيه بين المن إلخ) أي عند ابن القاسم. قوله: (القائل بأن الحر إلخ) أي القائل
أن الامام مخير فيه بين أمور أربعة ما عدا الاسترقاق لان الحر لا يرجع رقيقا، ومنشأ الخلاف أن
الذمة هل تقتضي الحرية بدوام العهد فقط أو أبدا؟ قوله: (ويصدق في دعواه أنه خرج لظلم)
أي سواء قامت قرينة على صدقه أم لا. قوله: (كمحاربته) أي قطعه الطريق لاخذ مال أو منع
سلوك فلا يسترق وإنما يحكم عليه بحكم الاسلام في المحارب. قوله: (فإن حكمه حكم المسلم المحارب)
أي المشار له بقوله تعالى: * (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا) *
الآية، وإذا كان حكمه حكم المحارب المسلم فلا يسترق. قوله: (فكالمرتدين) أي كما هو قول ابن القاسم لا
كالحربيين كما قال أصبغ. قوله: (وينبغي أو نائبه) أي أو يقال قوله وللامام أي حقيقة أو حكما فيدخل
نوابه فالحصر المستفاد من تقديم الخبر بالنسبة لآحاد الناس، فإن وقعت المهادنة من غير الامام
205

ونوابه مضت على ما قاله سحنون إن كانت صوابا فليست كالجزية لما تقدم أنها وقعت من غير الامام
ونوابه كانت باطلة. قوله: (أي صلح الحربي) أي على ترك القتال والجهاد قوله: (إن خلا إلخ) الحاصل
أن المهادنة لا تجوز إلا بشروط أربعة: الأول أن يكون العاقد لها الامام أو نائبه. الثاني: أن تكون لمصلحة.
الثالث: أن يخلو عقدها عن شرط فاسد. الرابع: أن تكون مدتها معينة يعينها الامام باجتهاده وندب
أن لا تزيد على أربعة أشهر. قوله: (وإن كانت المصلحة في عدمها امتنعت) أي وإن استوت المصلحة
فيها وفي عدمها جازت. وقوله: فاللام للاختصاص أي وحينئذ، فكلام المصنف شامل للأقسام الثلاثة.
وقوله: لا للتخيير أي وإلا كان قاصرا على الأخير منها، كما أنها إذا كانت بمعنى على كان قاصرا على الأول
فقط. قوله: (أو قرية) أي أو شرط بقاء قرية لنا حالة كونها خالية منا لهم يسكنون فيها. قوله: (وإن
بمال يدفعه أهل الكفر لنا) أي وإن كان الشرط الفاسد مصاحبا لمال يدفعه أهل الكفر لنا، ولا يغتفر
ذلك الشرط الفاسد لأجل المال الذي يدفعونه لنا، أو وإن كان الفساد بسبب إعطاء مال من المسلمين
لهم. قوله: (وأما في منطوقه) أي وهو الخلو عن الشرط الفاسد والمعنى: وجاز للامام المهادنة إن خلت عن
شرط فاسد وإن بمال يدفعه الامام لهم، وهذا الاحتمال فيه نظر لاقتضائه جواز عقدها على إعطاء مال
لهم من غير ضرورة وليس كذلك، وأيضا متى دفع لهم مال لم تخل عن الشرط الفاسد فلا تصح المبالغة،
فلعل الأولى أن يقول: وإما في شئ من متعلقات المنطوق وهو الشرط الفاسد في حد ذاته أي وإن
كان الشرط الفاسد مصورا إلخ بسبب مال. قوله: (إلا لخوف مما هو أشد إلخ) أي كاستيلائهم على
المسلمين فيجوز دفع المال لهم أو منهم، فقد شاور النبي صلى الله عليه وسلم لما أحاطت القبائل بالمدينة سعد بن معاذ
وسعد بن عبادة في أن يترك للمشركين ثلث الثمار لما خاف أن يكون الأنصار ملت القتال فقالا: إن
كان هذا من الله فسمعنا وأطعنا وإن كان هذا رأيا فما أكلوا منها في الجاهلية ثمرة إلا بشراء أو
قرى فكيف وقد أعزنا الله بالاسلام، فلما رأى النبي عزمهم على القتال ترك ذلك، فلو لم يكن الاعطاء عند
الضرورة جائزا ما شاور رسول الله فيه. قوله: (ولا حد واجب لمدتها) لا يقال: هذا يخالف ما مر من أن
شرط المهادنة أن تكون مدتها معينة. لأنا نقول: المراد أن شرطها أن يكون في مدة بعينها لا على التأبيد
ولا على الابهام، ثم تلك المدة لا حد لها بل يعينها الامام باجتهاده. قوله: (وهذا) أي ندب عدم الزيادة على
أربعة أشهر. قوله: (نبذه) أي العهد الواقع بينه وبينهم على المهادنة وترك الجهاد. قوله: (للضرورة) أي
خوف الوقوع في الهلاك بالتمادي على العهد. قوله: (ووجب الوفاء إلخ) يعني إذا عاهدناهم على المهادنة وترك
القتال مدة وأخذنا منهم رهائن واشترطوا علينا أنه إذا فرغت مدة المهادنة نرد لهم رهائنهم فإنه يجب
علينا الوفاء بذلك فنردهم لهم ولو أسلموا عندنا. قوله: (وإن لم يشترطوا إلخ) أي كما هو رواية ابن القاسم
عن مالك لجواز أن يفر من عندهم ويرجع لنا أو نفديه منهم. وقال ابن حبيب: لا نرد لهم الرهائن ولا
الرسل إذا أسلموا ولو اشترطوا ردهم، وقيل: إن اشترطوا ردهم ولو أسلموا ردوا وإلا فلا. قوله: (كمن أسلم)
أي كشرطهم رد من جاء إلينا منهم وأسلم فإنه يوفى به، هذا إذا كان غير رسول، بل وإن كان رسولا
جاءنا باختيارهم وبالغ على الرسول لمخالفة ابن الماجشون فيه، ولئلا يتوهم أن شرطهم قاصر على من
206

جاء منهم هاربا لا طائعا أو رسولا فأفاد أن الحكم عام. قوله: (أو ممن أسلم) أي أو ممن جاء منهم إلينا وأسلم.
قوله: (فإن كان أنثى لم ترد) أي لعموم قوله تعالى: * (فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار) * ولعله
إلا لمفسدة أعظم وينبغي عدم الرد لعموم الآية ولو كان لنا عندهم مسلمة وأسروها وتوقف تخليصها
على رد التي أسلمت منهم. قوله: (وأولى المسلم الأصلي الأسير) أي سواء كان أسره ابتداء أو انتهاء،
فيشمل من ذهب إليهم طوعا فقبضوا عليه سواء كان حرا أو عبدا كما قال شيخنا. قوله: (وفدى بالفئ
إلخ) هذه طريقة ابن رشد وقيل يبدأ بماله، فإن لم يكن فمن بيت المال، فإن لم يكن أو تعذر الوصول إليه
فمال جماعة المسلمين، وهذه طريقة ابن حارث عن ابن عبدوس عن سحنون واختاره اللخمي اه‍ بن.
قوله: (ثم بمال المسلمين) أي الذين يمكن الاخذ منهم من أهل قطره فيقدم الأقرب فالأقرب، ويؤخذ
من كل واحد بقدر وسعه ويتولى الامام أو نائبه جباية ذلك. وقال أشهب: يفدى بأموال المسلمين
ولو أتى جميعها ابن عرفة ما لم يخش استيلاء العدو عليهم بسبب ذلك بأن لا يوجد عندها ما يشترون
به سلاحا ولا بارودا، وكل من دفع شيئا من جماعة المسلمين فلا رجوع له به على الأسير المفدى ولو دفع
بقصد الرجوع بخلاف الفادي المعين. قوله: (ورجع بمثل المثلى وقيمة غيره إلخ) مثله للباجي وابن بشير.
وقال ابن عبد السلام: الأظهر المثلي مطلقا لأنه قرض. وقال ابن عرفة: الأظهر إن كان الفداء بقول
المفدى افدني وأعطيك الفداء فالمثل مطلقا لأنه قرض وإن كان بغيره، فقول الباجي لان السلعة
المفدى بها لم يثبت لها تقرر في الذمة ولا التزام قبل صرفها في الفداء فصار دفعها في الفداء هلاكا لها فيرجع
لقيمتها اه‍ بن. قوله: (إذا علم أو ظن إلخ) متعلق برجع، وأما إذا علم أو ظن أو شك أن الامام يفديه من
بيت المال أو مما يجمعه من المسلمين وفداه بقصد الرجوع فإنه لا رجوع له لحمله على التبرع والتفريط.
والحاصل أن الرجوع الفادي مقيد بما إذا كان معينا وكان غير بيت المال وكان عالما أو ظانا أن
الامام لا يفديه من بيت المال ولا مما يجبيه من المسلمين وأن لا يقصد بذلك الفداء صدقة، وأن لا يمكن
الخلاص بدونه، فإن اختل شرط من هذه الشروط فلا رجوع له. قوله: (أو لا قصد له) أي لان الشأن
أن الانسان لا يدفع ماله إلا بقصد الرجوع. قوله: (الواو بمعنى أو) لا داعي لذلك فقد ذكر ابن رشد
في المسألة خلافا هل لا بد في الرجوع من الالتزام مع الامر بأن يقول له: افدني وأعطيك الفداء أو
يكفي في الرجوع الامر بالفداء وإن لم يلتزمه؟ ونسب الأول لفضل والثاني لابن حبيب، فبان بهذا
أن الواو على بابها وأن المصنف مشى على قول فضل، وعبارة ابن الحاجب فلا رجوع إلا أن يأمره
ملتزما اه‍ وهي تفيد أن الواو للجمع على بابها وقرره في التوضيح على ظاهره ونسبه لنقل الباجي
عن سحنون انظر بن. قوله: (وقدم على غيره) يعني أن من فدى أسيرا من العدو وعلى ذلك الأسير دين
فإن الفادي يقدم على أرباب الديون لان الفداء آكد من الديون، لان الأسير لما جبر على الفداء دخل
دين الفداء في ذمته جبرا عليه فيقدم على دينه الذي دخل في ذمته طوعا، ولا فرق بين مال الأسير الذي
قدم به من بلاد الحرب وماله الذي ببلد الاسلام في أن الفادي يقدم على أرباب
الديون في الجميع، وظاهره ولو كان دين غيره فيه رهن وهو كذلك على الظاهر
قوله: (ويفض الفداء على العدد) فإذا فدى شخص جماعة كخمسين أسيرا بقدر معين وفيهم
207

الغني والفقير والشريف والوضيع، فيقسم الفداء على العدد من غير تفاضل بينهم إن جهل الكفار قدر
الأسارى. قوله: (وآخر بخمسة) أي فالجملة خمسة وثلاثون، فإذا فدى هؤلاء الثلاثة بمائة فإنها توزع
عليهم كل واحد بحسب عادته، فعلى من عادته عشرة سبعا المائة لان سبعي الخمسة والثلاثين عشرة، وعلى
من عادته عشرون أربعة أسباعها لان العشرين أربعة أسباع الخمسة والثلاثين، وعلى من عادته خمسة
سبع المائة لان الخمسة سبع الخمسة والثلاثين. قوله: (والقول للأسير بيمينه أشبه أم لا في إنكار الفداء
أو بعضه) هذا قول ابن القاسم، وإن كان كما قال ابن رشد ليس جاريا على قواعدهم والجاري عليها
أنهما إذا اختلفا في مبلغ الفداء صدق الأسير إن أشبه وإلا صدق الفادي إن انفرد بالشبه وإلا حلفا
ولربه فداء المثل، وكذا إن نكلا وقضى للحالف على الناكل. قوله: (أي ولو كان بيده) هذا قول ابن
القاسم. وقوله: فالقول للفادي أي لان الأسير في يده بمنزلة الرهن. قوله: (وجاز الفداء بالخمر والخنزير)
أي عند أشهب وعبد الملك وسحنون. وقوله: على الأحسن أي عند ابن عبد السلام. وقال ابن القاسم:
يمنع الفداء بما ذكر. قوله: (فإن لم يمكن ذلك) أي بأن امتنع أهل الذمة من دفع ذلك إليهم أو لم يوجد
ذلك عندهم. وقوله: جاز شراؤه أي لأجل أن يدفعه لهم فداء للأسرى، ثم إن محل جواز الفداء بالخمر
والخنزير إذا لم يرضوا إلا بذلك، وأما إذا رضوا بغيره فلا يجوز الفداء به كذا ذكر بن خلافا لما ذكره
عبق من الجواز مطلقا، ويفهم من جواز الفداء بما ذكر جوازه بالطعام بالطريقة الأولى. قوله: (ولا
يرجع الفادي المسلم) أي وأما الفادي الذمي فإنه يرجع على الأسير مسلما أو كافرا بقيمة الخمر وما معه
إن كان أخرجه من عنده وبثمنه إن كان اشتراه هذا هو الصواب. قوله: (اشتراه أو كان عنده) قال بن:
هذا هو المعتمد كما في ابن عرفة ومقابله لا يرجع به إن كان من عنده، أما إن اشتراه فإنه يرجع بما
اشتراه به، وعلم مما ذكر أن الصور ثمانية لان الفادي بخمر أو خنزير إما مسلم أو ذمي، وفي كل إما أن
يخرجه من عنده أو يشتريه، وفي كل من هذه الأربع إما أن يفدي به مسلما أو ذميا وقد علمت أحكامها.
قوله: (وفي الخيل) أي وفي جواز فداء الأسير بالخيل وآلة الحرب أي وعدم جوازه قولان لابن القاسم وأشهب فالمنع
لابن القاسم والجواز لأشهب. فإن قلت: حيث جاز الفداء بالأسرى المقاتلة
فكان مقتضاه الجزم بجواز الفداء بالخيل وآلة الحرب أو يذكر القولين في الفداء بالأسرى المقاتلة
لأنهم أحق مما ذكر. والجواب أن جواز الفداء بالمقاتلة محله إذا لم يرض الكفار إلا بذلك ولم يخش منهم
وإلا فلا يجوز. وأما الخيل وآلة الحرب فالخلاف فيهما عند إمكان الفداء بغيرهما وإلا تعينت قولا
واحدا قاله شيخنا. قوله: (إذا لم يخش إلخ) تبع في هذا التقييد عج قال طفي: وفيه نظر فإن هذا التقييد
لابن حبيب وقد جعله ابن رشد قولا ثالثا ونصه: فظاهر قول أشهب إجازة ذلك وإن كثر وهو معنى
قول سحنون خلاف ما ذهب إليه ابن حبيب من أنه إنما يجوز ذلك ما لم يكن الخيل والسلاح أمرا كثيرا
يكون لهم به القدرة الظاهرة. وقد روي عن ابن القاسم أن المفاداة بالخمر أخف منها بالخيل وهو كما قال
إذ لا ضرر على المسلمين في المفاداة بالخمر بخلاف الخيل، وكذا ابن عرفة جعل قول ابن حبيب خلافا
لا تقييدا، قال طفي: ولم أر من ذكره تقييدا، وقد تردد ابن عبد السلام في ذلك ولم يجزم بشئ اه‍ بن.
باب المسابقة
قوله: (وبفتحها) أي والسبق بفتحها. قوله: (المال الذي يوضع) أي يجعل إلخ قوله: (جائزة
208

في الخيل) أشار الشارح إلى أن قوله: في الخيل متعلق بمحذوف خبر المبتدأ الذي هو المسابقة، وأما قوله:
بجعل فهو حال من المبتدأ أو من ضمير الخبر. واعلم أن المسابقة مستثناة من ثلاثة أمور كل منها يقتضي المنع:
القمار وتعذيب الحيوان لغير مأكلة وحصول العوض والمعوض عنه لشخص واحد اه‍.
والقمار بكسر القاف المقامرة والمغالبة، وقولنا لغير مأكلة أي لغير أكل إذ لا يعذب الحيوان إلا لاكله
بالعقر والذبح وحصول العوض والمعوض عنه لشخص واحد في بعض الصور وهي ما إذا أخرجه
غير المتسابقين ليأخذه السابق. قوله: (وأولى في الجواز بغير جعل) أي وأولى في الجواز المسابقة على
الثلاثة المذكورة بغير جعل. قوله: (وأما غير هذه الثلاثة) أي كالمسابقة على البغال والحمير والفيلة.
قوله: (شرط في جواز المسابقة) أي بجعل قوله: (فلا تصح بغرر) أي بذي غرر كعبد آبق أو بعير شارد.
قوله: (ولا مجهول) أي كالذي في الجيب وفي الصندوق والحال أنه لا يعلم قدره أو جنسه، فلو وقعت
المسابقة بممنوع مما ذكر فالظاهر أنه لا شئ فيها لأنه لم ينتفع الجاعل بشئ حتى يقال عليه جعل المثل
خلافا لما في البدر القرافي بل تكون كالمجانية كذا قرر شيخنا. قوله: (وعين المبدأ) عطف على قوله: صح
بيعه وهو بالبناء للمفعول ليشمل ما إذا كان التعيين منهما بتصريح أو كان بعادة، والمراد بالمبدأ
المحل الذي يبتدأ منه بالرماحة أو الرمي بالسهم، والمراد بالغاية المحل الذي تنتهي إليه الرماحة أو الرمي.
قوله: (ولا تشترط المساواة فيهما) أي في المبدأ ولا في الغاية بل إذا دخلا على الاختلاف في ذلك جاز
كأن يقول لصاحبه: أسابقك بشرط أن أبتدئ الرماحة من المحل الفلاني القريب من آخر الميدان
وأنت من المحل الفلاني الذي هو بعيد من آخر الميدان وكل من وصل لآخر الميدان قبل صاحبه عد
سابقا، أو يقول لصاحبه: نبتدئ الرماحة من المحل الفلاني وأنت تنتهي لمحل كذا وأنا لمحل كذا الذي هو
أقرب من نهايتك وكل من وصل لنهايته قبل صاحبه عد سابقا. قوله: (وعين المركب) أي بالإشارة
الحسية بأن يقول: أسابقك على فرسي هذه أو بعيري هذا وأنت على فرسك هذه أو بعيرك هذا، ولا يكتفي
بالتعيين بالوصف كأسابقك على فرس أو بعير صفته كذا وكذا كما يدل عليه قول ابن شاس: من شروط
السبق معرفة أعيان السباق انظر المواق، وأحرى أن لا يكتفي بذكر الجنس كأسابقك أنا على فرس وأنت
على فرس من غير ذكر وصف خلافا للقاني. قوله: (ولا بد أن لا يقطع إلخ) يعني أنه يشترط أن يجهل كل
واحد من المتسابقين سبق فرسه وفرس صاحبه فإن قطع أحدهما أن أحد الفرسين يسبق الآخر لم تجز.
قوله: (وعين الرامي) أي أنه لا بد من معرفة شخصه كزيد وعمرو، فلو وقع العقد على أن شخصا يسابق
شخصا في الرمي لم يجز. قوله: (وعدد الإصابة) أي بمرة أو بمرتين من عشرة. قوله: (ولا يثبت السهم فيه)
أي وهو أن يثقب السهم الغرض ولا يثبت فيه. قوله: (وهو أن يثقب ويثبت فيه) أي أن يثقب
السهم الغرض ويثبت فيه. قوله: (وأخرجه متبرع) المسابقة في هذه جائزة اتفاقا، وأما في الثانية
وهي قوله أو أحدهما فهي جائزة على المشهور كما في عبق، وفي المواق: أنها جائزة اتفاقا عند ابن رشد.
قوله: (فلمن حضر) أي المسابقة على الظاهر ويحتمل لمن حضر العقد، ويحتمل لمن حضرهما، وهل
لمخرج الجعل الأكل معهم منه أم لا قياسا على الصدقة تعود إليه؟ قولان. قوله: (ولا يشترط في صحة
العقد التصريح إلخ) هذا هو الصواب خلافا لما في خش من اشتراط ذلك قائلا: كان الأولى للمصنف
أن يقول: على أن من سبق إلخ اه‍ بن. قوله: (ويحمل عليه) أي على ذلك الذي ذكره المصنف.
209

قوله: (إن سبق عاد إليه) أي الجعل الذي أخرجه. قوله: (لا إن أخرجا ليأخذه السابق) أي وأما لو
أخرجا وسكتا عمن يأخذه منهما فظاهر المصنف أنه لا يمتنع، والظاهر أنه يكون لمن حضر، فإن كان
ليأخذه المسبوق جاز كما هو ظاهر كلامهم. ثم إن قول المصنف: لا إن أخرجا يقتضي أن الممنوع
اخراجهما بالفعل، وأنهما لو اتفقا من غير اخراج على أن من سبق فله على الآخر قدر كذا لا يمتنع
وليس كذلك بل الصواب المنع كما في بن لان التزام المكلف كإخراجه. قوله: (ليأخذه السابق) أي
ليأخذ السابق الجعل الذي أخرجه غيره مع بقاء جعله له. قوله: (لم يستحقه السابق) أي لم يستحق
السابق جعل غيره بل هو لربه. قوله: (ولو بمحلل) أي ولوقع عقد المسابقة على الوجه المتقدم مع محلل
ورد بلو على من قال بالجواز مع المحلل وهو ابن المسيب وقال به مالك مرة، ووجهه أنهما مع المحلل صارا
كاثنين أخرج أحدهما دون الآخر قاله بن وفيه أنه إذا أخرج أحدهما ليأخذ إذا سبق ممنوع، والذي
في ح عن الجزولي توجيه ذلك القول بأن دخول الثالث يدل على أنهما لم يقصدا القمار وإنما قصدا
القوة على الجهاد فتدبر، وعلى ذلك القول إذا سبق المحلل أخذ الجعل منهما، وإذا سبق أحدهما مع المحلل
أخذ ذلك الأحد ماله وقسم المال الآخر مع المحلل إذ ليس له عليه مزية اه‍ بن. قوله: (من المتبرع) بل
وكذا إن كان الجعل منهما معا وكان بينهما محلل بناء على القول بالجواز المشار له بلو فيجوز أن يخرج
أحدهما خمسة والآخر عشرة كما قال ابن يونس. قوله: (أو موضع الإصابة) بالجر عطفا على الجعل
قوله: (بل يجوز اشتراط إلخ) أي كأن يقول أحدهما: أنا أصيب الغرض أربعة من عشرة خرقا في أدناه أي في
أسفله، وأنت تصيبه أربعة من عشرة خرقا أو خسقا من وسطه أو من أعلاه. قوله: (في
المسافة فيهما) أي في المسابقة والمناضلة. وقوله في الثاني أي في المناضلة. قوله: (أو نزع سوط) أي
بأن نزع انسان السوط الذي يسوق به الفرس من يده تعديا فخف جريه. قوله: (بخلاف
تضييع السوط) أي كما لو نسيه قبل ركوبه أو سقط من يده وهو راكب. قوله: (أو حرن
الفرس) أي أو سقوطه من فوقه فإذا تعطل بذلك صار مسبوقا. قوله: (لذلك) أي لايصال الخبر
بسرعة. قوله: (مما ينتفع به) أي وغير ذلك مما ينتفع به إلخ فهو بيان لمحذوف. قوله: (للمغالبة) هذا
محترز قوله مما ينتفع به في نكاية العدو أي وبعد أن يكون مجانا يشترط أن يقصد به الانتفاع في
نكاية العدو لا المغالبة كذا في الجواهر اه‍ بن. إذا علمت ذلك فالأولى للشارح أن يقول بشرط أن
يقصد به الانتفاع في نكاية إلخ. والحاصل أن المسابقة بغير الأمور الأربعة المتقدمة جائزة بشرطين:
أن يكون مجانا وأن يقصد بها الانتفاع في نكاية العدو. قوله: (وإلا منع) أي حرم وقيل أنه يكره، وقد
حكى الزناتي قولين بالكراهة والحرمة فيمن تطوع باخراج شئ للمتصارعين أو المتسابقين على
أرجلهما أو على حماريهما أو غير ذلك مما لم يرد فيه نص السنة. قوله: (والرجز) أي وإنشاد الرجز من
210

المتسابقين والمتناضلين، وكذا في الحرب عند الرمي، والمراد إنشاد الشعر مطلقا لا خصوص الشعر
الذي من بحر الرجز وإن كان أكثر ما يقع في الحرب الانشاد منه كقوله عليه الصلاة والسلام يوم
حنين: أنا النبي لا أكذب أنا ابن عبد المطلب لأنه موافق للحركة والاضطراب. قوله: (وكذا في
الحرب) أي وكذا يجوز الافتخار والرجز في الحرب عند الرمي. قوله: (والتسمية لنفسه) أي حال
الحرب وكذا في حال المسابقة. قوله: (التشجيع) أي تحصيل الشجاعة. قوله: (ولزم العقد) أي إذا
كانا رشيدين طائعين. قوله: (كالإجارة) أي في غير المتسابقين فاندفع ما يقال: إن فيه تشبيه الشئ بنفسه
لان عقد المسابقة من الإجارة أو أنه من تشبيه الجزئي بالكلي.
باب الخصائص
قوله: (بعد ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم) أشار بذلك إلى أن المصنف لم يذكر في هذا الباب
جميع ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم بل بعضه. قوله: (على هذا القول) أي القائل بوجوب
الضحى عليه. قوله: (والأضحى) هو لغة في الضحية ومحل وجوبها عليه إذا كان غير حاج وإلا كان
مساويا لغيره في وجوب الهدي وعدم وجوبها. قوله: (والتهجد) أي لقوله تعالى: * (ومن الليل فتهجد
به نافلة لك) * أي فتهجد به حالة كونه زيادة لك في الافتراض على الفرائض الخمسة. قوله: (وقيل يسمى)
أي صلاة الليل تهجدا مطلقا سواء كانت بعد نوم أو قبله. قوله: (راجع للثلاثة) الضحية والتهجد
والوتر فكل من الثلاثة لم يجب عليه إلا إذا كان حاضرا لا مسافرا، والدليل على أن الوتر في السفر غير
واجب عليه إيتاره على راحلته، فلو كان فرضا ما فعله عليها لان الفرض لا يفعل على الدابة حيث
توجهت. قوله: (لكل صلاة) أي سواء كانت حضرية أو سفرية، وانظر هل المراد كل صلاة فريضة
أو ولو نافلة؟ كذا نظر ابن الملقن في قولهم: يجب السواك عليه لكل صلاة، وكذا في قوله: لولا أن أشق على
أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة. قوله: (بانت بمجرد ذلك) فيه نظر بل الأصح أن من اختارت
الدنيا يطلقها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كما استظهره في التوضيح في فصل التخيير والتمليك لقول
الله تعالى: * (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن
سراحا جميلا) * اه‍ بن. والحق أنه لم يثبت أن امرأة من نسائه صلى الله عليه وسلم اختارت الدنيا بل كلهن
اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، وما قيل أن فاطمة بنت الضحاك اختارت الدنيا فكانت
تلتقط البعر وتقول هي الشقية فقد رده العراقي بأنها استعاذت بالله منه، ولم يثبت أنها قالت:
اخترت الدنيا، وأن آية التخيير إنما نزلت وفي عصمته التسع اللاتي مات عنهن. قوله: (لكنه لم
يقع ذلك) أي وأما تزوجه بزوجة غيره بأمر الله له بزواجها إذا طلقها فواقع لقوله تعالى: * (فلما قضى
211

زيد منها وطرا زوجناكها) *. قوله: (الأظهر عدم البطلان) أي سواء أجابه المصلي بنحو نعم يا رسول
الله أو بنحو ما فعلت الشئ الفلاني يا رسول الله جوابا لقوله عليه الصلاة والسلام: هل فعلته؟ قوله: (في
الآراء والحروب) الأولى في الآراء في الحروب وغيرها من المهمات، وأفاد بهذا أن النبي صلى الله عليه
وسلم إنما كان يشاور في الآراء في الحروب وغيرها مما ليس فيه حكم بين الناس، وأما ما فيه حكم فلا
يشاور لأنه إنما يلتمس العلم منه، ولا ينبغي أن يكون أحدهم أعلم بما أنزل عليه منه، وقد قال قوم: إن له أن
يشاور في الاحكام، وهذه غفلة عظيمة منهم لان الله سبحانه وتعالى يقول: * (وأنزلنا إليك الذكر
لتبين للناس ما نزل إليهم) * الآية، أما غير الاحكام فربما رأوا بأعينهم أو سمعوا بآذانهم شيئا لم يره النبي
صلى الله عليه وسلم ولم يسمعه. فإن قلت: ما ذكرته من أنه إنما كان يشاور في الآراء لا في الاحكام
يرد عليه مشاورته في الأذان وفعله قبل الوحي به. لأنا نقول: إن مشاورته في الشرائع كان جائزا
في صدر الاسلام ثم نسخ ذلك بالمشاورة في غير الشرائع فقط وذلك لان الأذان كان في السنة الأولى من
الهجرة ونزول قوله تعالى: * (وشاورهم في الامر) * كان في السنة الثالثة، والمشاورة في الشرائع كانت أولا
جائزة ثم نسخت في السنة الثالثة بالأمر بالمشاورة في غيرها فقط كذا قرر شيخنا. قوله: (أو الحي) نحوه
في خش وعبق، قال: وهو في عهدتهما إذ لم أر من ذكر أن الحي كالميت، وظاهر نصوصهم
وظاهر الأحاديث التي في ح والمواق وغيرهما أنه خاص بالميت كالمصنف، ومن جملة الأحاديث
المذكورة: من ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي أي فعلي قضاؤه وإلي كفالة عياله. قوله: (المعسر المسلم) وهذا
كان في صدر الاسلام قبل فتح الفتوحات ثم نسخ ذلك بوجوب قضائه من بيت المال. قوله: (ومصابرة
العدو) أي والصبر على مقاتلة العدو الكثير بخلاف أمته فإنه إذا زاد العدو على الضعف لم يجب الصبر
قوله: (إذ منصبه الشريف يجل إلخ) أي لان الله تعالى وعده بالعصمة بقوله: * (والله يعصمك من الناس) *
أي من قتلهم لك، فلا ينافي أنهم شجوا وجهه وكسروا رباعيته، أو أن العصمة نزلت بعد الشج وكسر
الرباعية، وعلى هذا فالمراد بالعصمة من القتل وغيره. قوله: (والمعتمد إلخ) قال ح: مذهب ابن القاسم
أنها لا تحرم عليهم، قال ابن عبد البر: وهو الذي عليه جمهور أهل العلم وهو الصحيح عندنا، والذي في
التوضيح عن ابن عبد السلام أن المشهور المنع مطلقا اه‍ انظر بن. قوله: (وإمساك كارهته) أي
إذا كانت كارهة بقاءها تحته لغيره، وأما كراهة ذاته فهو كفر تبين بمجرده. قوله: (لقد استعذت
بمعاذ) أي بمن يستعاذ به ويلجأ إليه وهو الله سبحانه وتعالى، وقوله بمعاذ بفتح الميم مصدر
أو اسم مكان كما في النهاية أي تحصنت بملاذ وملجأ، وضبطه القسطلاني بضم الميم أي بالذي
يستعاذ به والحقي بأهلك ثلاثي همزته وصل من لحق كفر ح. وقال القسطلاني: كونه رباعيا بقطع
الهمزة وكسر الحاء من ألحق بمعنى لحق لغة فيه اه‍ بن. قوله: (لخبر العائذة) راجع لحرمة إمساك
الكارهة وجعلها كارهة بالنظر للفظها وإلا فهي معذورة لا كراهة عندنا وإنما خدعت لغفلة رأيها
وكانت جميلة جدا فغارت أمهات المؤمنين أن تحظى برسول الله صلى الله عليه وسلم فتفوتهن كثرة
مشاهدة طلعته ورؤية عبادته عندهن ليلا وما يتلى في بيوتهن من آيات الله والحكمة * (وفي ذلك فليتنافس
المتنافسون) * فسألتهن ماذا يعجبه؟ فقلن لها: يعجبه أن يقال له: أعوذ بالله منك، فلما دخل عليها حجرتها
212

قالت له ذلك. قوله: (وتبدل أزواجه) أي يحرم عليه أن يبدل أزواجه اللاتي خيرهن فاخترنه بغيرهن
مكافأة لهن لقوله تعالى: * (ولا أن تبدل بهن من أزواج) * قال ابن عباس: أي لا يحل لك أن تطلق امرأة من
أزواجك وتنكح غيرها وهذا لم ينسخ. وقال غيره: إنه نسخ بقوله تعالى: * (إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي
آتيت أجورهن) * أي إنا أحللنا لك كل زوجة دفعت صداقها لأجل أن يكون لك المنة عليهن بترك
التزوج عليهن مع كونه حلالا لك، وعلى هذا فحرمة تبدل الأزواج من خصوصياته أولا قبل النسخ.
قوله: (ونكاح الكتابية الحرة) وكذا الأمة فلا مفهوم للحرة إذ الكتابية يحرم نكاحها مطلقا حرة
أو أمة، لكن حرمة نكاح الحرة من خصوصياته وحرمة نكاح الأمة ليس مختصا به بل وكذلك أمته.
قوله: (والأمة المسلمة) أي نكاح الأمة المسلمة. واعلم أنه اختص بحرمة نكاحها على الدوام لانتفاء
شرطي جواز نكاحها بالنسبة له وهما: خشية العنت وعدم وجود طول الحرة لأنه معصوم، وله أن
يتزوج بغير مهر ومنع نكاحها في حقنا فليس أبديا إذ يجوز مع وجود الشرطين ويمنع مع فقدهما، وأما
وطؤه لها بالملك فجائز، وأما وطئ الأمة الكتابية بالملك ففي عبق أنه جائز له، وذكر شيخنا أنه حرام
عليه أيضا. قوله: (فلا مفهوم إلخ) وذلك لان كل من مات عنها فلا تحرم على غيره بنى بها أو لا، وأما التي
طلقها فإن كان قد وطئها حرمت على غيره وإن لم يكن وطئها لا تحرم على غيره لا في حال حياته ولا بعد
موته، وذلك كالعائذة فإنه طلقها قبل البناء بها وتزوجت بعد وفاته بالأشعث بن قيس، هذا وفي ح:
الصحيح أن مدخولته التي طلقها لا تحرم على غيره كما للقرطبي وابن شاس قاله عج، وهذا محمول على
التي اختلى بها ولم يمسها، وأما من مسها فلا خلاف في حرمتها على غيره. قوله: (أو يحكم الله بينه وبين عدوه)
أي يصلح على شئ يؤخذ من العدو كل سنة كالجزية أو يحكم الله بهزم العدو وقوله: فلا يتعين القتال
بالفعل أي كما هو ظاهر المصنف. قوله: (ليستكثر) لقوله تعالى: * (ولا تمنن تستكثر) * فقد قيل: إن معناه لا تعط
عطية لتطلب أكثر منها. وقيل معناه لا تعط عطية مستكثرا لها أي تعدها كثيرة أي لا تستكثر ما تمن به.
قوله: (بأن يظهر خلاف ما يضمر) أي فشبه ما يضمره المظهر لخلافه بالخيانة لاخفائه، وحرمة إظهار
خلاف ما يبطن في حقه عليه الصلاة والسلام بالنسبة لغير الحروب، وأما فيها فقد أبيح له أنه إن أراد
سفرا لغزو محل يوري بغيره بأن يسأل عن طريق محل آخر وعن سهولتها وعن حال الماء فيها ليوهم أنه
مسافر لذلك المحل الذي يسأل عن طريقه والحال أنه عازم على السفر لغيره. قوله: (والحكم بينه وبين
محاربه) هذا شروع في المحرم علينا لأجله. وحاصله أنه إذا كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين غيره
عداوة أي خصومة فلا يجوز لاحد من الأمة أن يدخل بينهما بالصلح بحيث يحكم على أحدهما بشئ أي
يصلح بينهما من غير حكم بشئ على أحد منهما، لان الشأن أن الذي يسعى بالصلح بين اثنين يكون له
شأن عليهما. قوله: (من غير إفطار) أي بأكل أو شرب ويدل لإباحة الوصال له وكراهته لغيره قوله عليه
الصلاة والسلام حين نهى عنه وفعله وسئل عن ذلك: لست كأحدكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني اه‍.
وهي عندية مكانة لا عندية مكان، وهل أكله وشربه حقيقة أو كناية عن إعطاء القوة؟ والأول
للسيوطي فقال: إنه يطعم من طعام الجنة ويسقى من مائها وطعامها لا يفطر. قوله: (ودخول مكة بلا إحرام)
أي من غير عذر كحصر عدو بأن يدخلها لتجارة مثلا، وأما جواز دخولها بلا إحرام لعذر فلا يختص به.
213

قوله: (وبقتال) أي سواء فجأه العدو أم لا، وأما غيره فلا يجوز له دخولها بقتال إلا إذا فجأه العدو.
قوله: (والخمس) ابن العربي: من خواصه عليه الصلاة والسلام صفى المغنم والاستبداد بخمس الخمس أو
بالخمس، ومثله لابن شاس وكأنه إشارة إلى القولين، والثاني منهما الاستبداد بالخمس بتمامه فاقتصر
المصنف على الثاني ولو اقتصر على الأول كان أولى لأنه أشهر عند أهل السير قاله ابن غازي اه‍ بن.
قوله: (أي بلا هذه الثلاثة مجتمعة) أي حالة كونها مجتمعة في النفي أي فلا يقال: إن قوله وبلا مهر
يغني عنه قوله: وبلفظ الهبة. قوله: (وبلفظ الهبة) أي بأن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: وهبتك يا فلانة لنفسي
أو لفلان قاصدا بذلك إنكاحه إياها من غير صداق ابتداء ولا انتهاء. قوله: (وبإحرام) أي من
خصائصه عليه الصلاة والسلام أن يعقد نكاحه في حال إحرامه بالحج أو العمرة أو في حال إحرام
المرأة التي يريد نكاحها أو في حال إحرامهما معا. قوله: (وبلا وجوب قسم) أي أنه خص بعدم وجوب
القسم عليه بين أزواجه فيجوز له أن يفضل من شاء منهن على غيرها في المبيت والنفقة والكسوة.
قوله: (ويحكم لنفسه وولده بحق على الغير) أي ولو كان ذلك الغير عدوا له لأنه معصوم من الجور، فلا
يخشى وقوع الجور منه على المحكوم عليه ولو كان عدوا له، وهذا بخلاف القاضي فإنه إذا كان له أو لولده
حق عند انسان فإنه لا يحكم به لنفسه ولا لولده وحكمه به باطل ولا بد من رفع الدعوى عند قاض آخر.
قوله: (وبأن يحمي الموات لنفسه) أي فقد ثبت أنه حمى البقيع وحمى ثلاثة أميال من الربذة للقاحة
بخلاف غيره من الأئمة فلا يجوز له أن يحمي لنفسه وإنما يحمي القليل المحتاج إليه لدواب الجهاد.
قوله: (ولا يورث) أي لان نسبة المؤمنين له واحدة فإنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فكان ما تركه صدقة
لعموم فقرائهم، وقيل لئلا يتمنى وارثه موته فيهلك، وقيل لان الأنبياء لا ملك لهم مع الله حتى قال ابن عطاء
الله: لا زكاة عليهم إلا أنه خلاف ظاهر قوله تعالى: * (وأوصاني بالصلاة والزكاة) * وإذا علمت أن ما تركه
الأنبياء صدقة كان لهم الوصية بجميع مالهم كذا في المج، ومقتضى اقتصار المصنف على كونه لا يورث
أنه يرث وهو الراجح كما في ح، وقد ثبت أنه ورث من أبيه أم أيمن بركة الحبشية وبعض غنم وغير ذلك،
وقيل إن الأنبياء كما أنهم لا يورثون لا يرثون لئلا يستشعر مورثه أنه يحب موته فيكرهه فيهلك
والله أعلم.
باب في النكاح
قوله: (فالراغب إن خشي على نفسه الزنى) أي إذا لم يتزوج قوله: (وإن أدى إلى الانفاق عليها من حرام)
أي أو أدى إلى عدم الانفاق عليها والظاهر وجوب إعلامها بذلك اه‍ خش. وقوله: وإن أدى إلى
الانفاق عليها من حرام هذا ربما يفيده قول ابن بشير: يحرم على من لم يخف العنت وكان يضر بالمرأة
لعدم قدرته على الوطئ أو على النفقة أو كان يكتسب في موضع لا يحل فإنه يقتضي أنه إذا كان يخاف
على نفسه العنت وجب عليه النكاح ولو أدى لضرر الزوجة بعدم النفقة عليها أو كان ينفق عليها من
حرام، ومثله قول الشامل ومنع لضرر بامرأة لعدم وطئ أو نفقة أو تكسب بمحرم ولم
يخف عنتا اه‍. ولكن اعترضه ابن رحال بأن الخائف من العنت مكلف بترك الزنى لأنه في
طوقه كما هو مكلف بترك التزوج الحرام فلا يحل فعل محرم لدفع محرم. والحاصل أنه لا يحل محرم
لدفع محرم لأنه مكلف بترك كل منهما، وحينئذ فلا يصح أن يقال: إذا خاف الزنى وجب النكاح
214

ولو أدى للانفاق من حرام، وقد يقال: إذا استحكم الامر فالقاعدة ارتكاب أخف الضررين حيث
بلغ الالجاء ألا ترى أن المرأة إذا لم تجد ما يسد رمقها إلا بالزنى جاز لها الزنى كما يأتي. قوله: (إلا أن يؤدي
إلى حرام) كأن يضر بالمرأة لعدم قدرته على الوطئ أو لعدم النفقة أو التكسب من حرام أو تأخير
الصلاة عن أوقاتها لاشتغاله بتحصيل نفقتها. قوله: (ما لم يؤد إلى حرام وإلا حرم) علم مما قاله أن
الراغب له تارة يكون واجبا عليه، وتارة يكون مندوبا، وتارة يكون حراما عليه، وأما غير الراغب له
فهو إما مكروه في حقه أو حرام أو مباح أو مندوب. قوله: (وإلا حرم) يقيد المنع بما إذا لم تعلم المرأة
بعجزه عن الوطئ وإلا جاز النكاح إن رضيت وإن لم تكن رشيدة، وكذلك الرشيدة في الانفاق، وأما
الانفاق من كسب حرام فلا يجوز معه النكاح وإن علمت بذلك قاله أبو علي المسناوي اه‍ بن. قوله: (والأصل
فيه الندب) أي وأما بقية الاحكام فهي عارضة له. قوله: (أو فيمن يقوم بشأنه) أي أو لراغب
في امرأة تقوم بشأنه. قوله: (ونظر وجهها وكفيها) أي حين الخطبة، ثم إن ظاهر المصنف أن
النظر مستحب والذي في عبارة أهل المذهب الجواز، ولم يحك ابن عرفة الاستحباب إلا عن ابن
القطان انظر طفي. ويمكن حمل الجواز في كلام أهل المذهب على الاذن، وكما يندب نظر الزوج
منها الوجه والكفين يندب أن تنظر المرأة ذلك كما في المج. وقوله: وكفيها أي ظاهرهما وباطنهما
فالمراد يديها لكوعيها وإنما أذن للخاطب في نظر الوجه والكفين لان الوجه يدل على الجمال وعدمه،
واليدان يدلان على خصابة البدن وطراوته وعلى عدم ذلك. قوله: (هذا هو المراد) أي خلافا لظاهر
المصنف من أن المعنى دون غيرهما فلا يندب نظره وهو صادق بالجواز. قوله: (بعلم) متعلق بنظر. وقوله:
وكره استغفالها أي لئلا يتطرق أهل الفساد لنظر محارم الناس ويقولون: نحن خطاب ومحل كراهة
الاستغفال إن كان يعلم أنه لو سألها في النظر لما ذكر تجيبه: إن كانت غير مجبرة أو إذا سأل وليها يجيبه
لذلك إذا كانت مجبرة أو جهل الحال، وأما إذا علم عدم الإجابة حرم النظر كما قال ابن القطان: إن خشي
فتنة وإلا كره، وإن كان نظر وجه الأجنبية وكفيها جائزا لان نظرهما في معرض النكاح مظنة قصد
اللذة. قوله: (وله توكيل رجل أو امرأة في نظرهما) فإذا وكلهما على ذلك ندب لهما النظر كما يندب
لموكلهما وهو الخاطب، وما ذكره من جواز التوكيل على النظر صرح به ح عن البرزلي، ونص البرزلي:
انظر هل له أن يفوض لوكيله في النظر إليهما على حسب ما كان له؟ ثم قال: والظاهر الجواز ما لم يخف عليه
مفسدة من النظر إليهما، واعترضه بعض الشيوخ بأن نظر الخاطب مختلف فيه فكيف يسوغ لوكيله وهو
ظاهر؟ اه‍ بن. قوله: (لا مندوب) أي لا أن نظرها للزائد منه مندوب من حيث أنها وكيلة. قوله: (في نكاح
صحيح) أي بمجرد النكاح الصحيح. وقوله: مبيح للوطئ احترازا عما قبل الاشهاد مثلا، وعن نكاح العبد
فإنه وإن كان صحيحا إلا أنه غير مبيح للوطئ لان لسيده الخيار كما يأتي. قوله: (حتى نظر الفرج) أي
فيحل لكل من الزوجين نظر فرج صاحبه سواء كان في حالة الجماع أو في غيرها، وما ذكره المصنف
من الجواز قال الشيخ زروق في شرح الرسالة: وهو وإن كان متفقا عليه لكن كرهوا ذلك للطب لأنه
يؤذي البصر ويورث قلة الحياء في الولد. قوله: (وما ورد إلخ) لفظ الحديث كما في الجامع: إذا جامع
أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها لان ذلك يورث العمى فهذا الحديث موضوعه النهي
حالة الجماع لأنها مظنة النظر وأحرى في غير الجماع. قوله: (منكرا) أي فهو موضوع كما قال ابن الجوزي.
قوله: (المستقل به) أي الذي استقل وانفرد به واحد. قوله: (دون مانع) أي من محرمية ونحوها
كتزويج الأمة والمعتقة لأجل والمكاتبة. قوله: (بخلاف معتقة لأجل ومبعضة) المبعضة
215

محترز التام والمشتركة محترز المستقل به والمعتقة لأجل والمحرم والذكر محترز بلا مانع. قوله: (فيجوز التمتع
بظاهره) أي ولو بوضع الذكر عليه والمراد بظاهره فمه من خارج، وما ذكره الشارح من جواز التمتع
بظاهر الدبر هو الذي ذكره البرزلي قائلا: ووجهه عندي أنه كسائر جسد المرأة وجميعه مباح إذ لم يرد
ما يخص بعضه عن بعض بخلاف باطنه اه‍. واعتمده ح واللقاني خلافا لتت تبعا للبساطي والأقفهسي
حيث قالوا: لا يجوز التمتع بالدبر لا ظاهرا ولا باطنا انظر بن. قوله: (بلا استمناء) قد تبع الشارح
في ذلك عبق قال بن: وفيه نظر بل ظاهر كلام البرزلي وابن فرحون كما في ح خلافه وهو أنه يجوز التمتع
بظاهره على وجه الاستمناء به. قوله: (والشأن) أي المندوب. قوله: (أن يكون البادئ) أي بالخطبة
بالضم. وقوله عند الخطبة أي التماس النكاح وذلك بأن يقول الزوج أو وكيله: الحمد لله والصلاة والسلام
على رسول الله: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * * (واتقوا الله الذي
تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) * * (اتقوا الله وقولوا قولا سديدا) * الآية. أما بعد فإني
أو فإن فلانا رغب فيكم ويريد الانضمام إليكم والدخول في زمرتكم وفرض لكم من الصداق كذا وكذا
فأنكحوه. فيقول ولي المرأة بعد الخطبة المتقدمة: أما بعد فقد أجبناه لذلك. قوله: (وعند العقد) أي والبادئ
بالخطبة بالضم عند العقد. قوله: (هو الولي) أي ولي المرأة. قوله: (فهي أربع خطب) اثنتان عند التماس
النكاح واحدة من الزوج وواحدة من ولي المرأة واثنتان عند عقد النكاح واحدة من ولي المرأة أو
وكيله وواحدة من الزوج. قوله: (بين الايجاب) أي من ولي المرأة. قوله: (والقبول) أي من الزوج أو من
وليه. قوله: (بالخطبة) الصادرة من الزوج أو من وليه. قوله: (أي الخطبة) قال عج: ذكر بعض الأكابر أن
أقلها أن يقول: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فقد زوجتك بنتي مثلا بكذا. ويقول
الزوج أو وكيله بعد ما مر من الحمد والصلاة: أما بعد فقد قبلت نكاحها لنفسي أو لموكلي بالصداق
المذكور. قوله: (وإعلانه) أي وندب إعلانه أي إظهاره وإشهاره بإطعام الطعام عليه لقوله عليه الصلاة
والسلام: أفشوا النكاح واضربوا عليه بالدف قوله: (بخلاف الخطبة بالكسر فينبغي إخفاؤها) أي
خشية كلام المفسدين قوله: (أي العروس) أي المأخوذ من المقام. قوله: (فغير العدل إلخ) هذا
عند وجود العدول، وأما عند عدمهم فيكفي اثنان مستور حالهما، وقيل يستكثر من الشهود.
قوله: (ولو كان وكيله) أي هذا إذا كان من له ولاية العقد تولاه بنفسه بل ولو تولاه وكيله بإذنه. وقوله
فشهادته أي فشهادة من ذكر ممن له ولاية العقد ووكيله عدم وشمل كلامه الولي البعيد الذي لم يتول العقد
لتولي من هو أقرب منه فلا تقبل شهادته كما في ح. قوله: (هذا هو مصب الندب) حاصله أن الاشهاد على
النكاح واجب وكونه عند العقد مندوب زائدا على الواجب، فإن حصل الاشهاد عند العقد فقد حصل
الواجب والمندوب وإن لم يحصل عند العقد كان واجبا عند البناء. قوله: (وفسخ النكاح) أي إن لم يحكم حاكم
حنفي بصحته. وقوله: ويحدان إذا أقرا إلخ أي وإلا عزرا فقط. قوله: (لصحة العقد) أي لان الاشهاد
ليس شرطا في صحة العقد عندنا بل واجب مستقل مخافة أن كل اثنين اجتمعا في خلوة على فساد يدعيان
سبق عقد بلا إشهاد فيؤدي لرفع حد الزنى. قوله: (بائنة) بالرفع أي وهي بائنة لا بالجر صفة لطلقة لان
الحاكم يقول: طلقتها عليه ولا يقول طلقة بائنة وإذا قال الحاكم طلقتها عليه وقع ذلك طلقة بائنة. قوله: (من
الحاكم) أي وكل طلاق أوقعه الحاكم كان بائنا إلا طلاق المولى والمعسر بالنفقة فإنه يكون رجعيا. قوله: (لأنه
فسخ جبري من الحاكم) الأولى أن يقال: إنما كان بائنا لأنه يشترط في الرجعى تقدم وطئ صحيح ولم
216

يحصل ذلك هنا، ولذا كان الطلاق هنا بائنا حكم به حاكم أو لا كذا قرر شيخنا. قوله: (إن لم يحصل
فشو) شرط في قوله: ويحدان. قوله: (إن فشا النكاح) جعل الشرح فاعل فشا ضمير النكاح وهو
ما لابن عرفة وابن عبد السلام، وجعله عبق ضمير الدخول، وبه صرح ابن رشد، قال طفي:
والكل صحيح إذ القصد نفي الاستتار. قوله: (أو كان على العقد أو على الدخول شاهد واحد) كذا قال
الشرح تبعا لعبق، والذي لابن رشد في البيان ما نصه: وحدا إن أقرا بالوطئ إلا أن يكون الدخول
فاشيا أو يكون على العقد شاهد واحد فيدرأ الحد بالشبهة اه‍. ومثله في نوازل ابن سهل فانظر قوله:
أو على الدخول فقد تبع فيه عج وهو غير ظاهر اه‍ بن. وهذا عجيب من بن فإن ح نقل
ما ذكره عج عن اللباب وكذا غيره. قوله: (وإلا فالعبرة بمجبرها) أي بركونه وعدم ركونه فإذا رد
ولي المجبرة لم تحرم خطبتها وكذا إذا ردت غير المجبرة خطبة الأول لم تحرم خطبتها فعلم أنه لا يعتبر
ركون المجبرة مع رد مجبرها ولا ردها مع ركونه وأنه لا يعتبر ركون أمها أو وليها غير المجبر مع ردها
ولا رد أمها أو وليها غير المجبر مع رضاها. واعلم أن رد المرأة أو وليها بعد الركون للخاطب لا يحرم
ما لم يكن الرد لأجل خطبة الثاني، فإن تزوجت الخاطب الثاني وادعت هي أو مجبرها أنها كانت رجعت
عن الركون للأول قبل خطبة الثاني وادعى الأول أن الرجوع بسبب خطبة الثاني ولا قرينة
لأحدهما فالظاهر كما قال عج أنه يعمل بقولها وقول مجبرها لان هذا لا يعلم إلا من جهتهما ولان
دعواهما موجب للصحة، بخلاف دعوى الخاطب الأول فإنها موجبة لفساد العقد والأصل في العقود
الصحة. قوله: (ولو كان الخاطب إلخ) أي هذا إذا كان الخاطب الثاني فاسقا أو مجهولا حاله بل ولو
كان صالحا. قوله: (فهذه ست صور) وذلك لان الخاطب الأول الذي حصل الركون إليه إما صالح أو مجهول
الحال، والخاطب الثاني إما صالح أو مجهول الحال أو فاسق، والحاصل من ضرب اثنين في ثلاثة ستة.
قوله: (والحرمة في سبعة) أي والجواز في اثنين وهما خطبة صالح أو مجهول الحال على فاسق. قوله: (خلافا
لابن نافع) أي القائل لا حرمة في هذه الصور السبع إلا إذا قدر الصداق وهو ظاهر الموطأ كما في
التوضيح، وفي المواق: مقتضى نقل ابن عرفة أن كلا من القولين مشهور وعليه فكان على المؤلف أن
يعبر بخلاف بأن يقول: وهل ولو لم يقدر صداق؟ خلاف. قوله: (وفسخ إن لم يبن إلخ) هذا أحد أقوال
ثلاثة وحاصلها الفسخ مطلقا بنى أو لم يبن وعدم الفسخ مطلقا والفسخ إن لم يبن لا إن بنى. ونص ابن
عرفة أبو عمر في فسخه ثالث الروايات قبل البناء ولم يذكر ترجيحا أصلا مع أن أبا عمر شهر الفسخ
قبل البناء لكنه قيده بالاستحباب، والمصنف تبع تشهيره كما في التوضيح لكن حذف منه الاستحباب
هنا وفي التوضيح، ونص أبي عمر في الكافي: والمشهور عن مالك وعليه أكثر أصحابه أنه يفسخ
نكاحه قبل الدخول استحبابا لأنه تعدى ما ندب إليه وبئس ما صنع فإن دخل بها مضى النكاح ولم
يفسخ اه‍ نقله أبو علي المسناوي. قوله: (فيما يظهر) هذا مبني على ما قاله من أن الفسخ على جهة
الوجوب، أما على أنه مستحب كما هو الصواب فإنما يكون عند عدم مسامحة الأول له، فإن سامحه فلا
فسخ كما يأتي في قوله: وعرض راكنة إلخ. قوله: (وإلا مضى) أي وإلا بأن بنى بها مضى، ومحل الفسخ
أيضا ما لم يحكم حاكم بصحة نكاح الثاني وإلا لم يفسخ كالحنفي فإنه يرى أن النهي في الحديث للكراهة.
قوله: (إرخاء الستور) أي الخلوة سواء حصل إمساس أو لا. قوله: (وحرم صريح خطبة امرأة معتدة)
أي سواء كانت مسلمة أو كتابية حرة أو أمة. وقوله: أو طلاق أي ولو كان رجعيا. وقوله: فيجوز له
تزويجها في عدتها منه المناسب فيجوز له أن يصرح لها بالخطبة في العدة بل له تزوجها فيها حيث كان
الطلاق بغير الثلاث. قوله: (بأن يعدها وتعده) أي بأن يتوثق كل من صاحبه أنه لا يأخذ غيره.
قوله: (وظاهره ولو غير مجبر) أي وهو قول ابن حبيب. وقوله لكن المعتمد أي وهو الذي حكى ابن رشد
217

الاجماع عليه. قوله: (تشبيه في حرمة الخطبة) الأولى أن يقول تشبيه في حرمة الخطبة والمواعدة لها أو
لوليها. وحاصل فقه المسألة أن المستبرأة من زنى منه أو من غيره أو من غصب أو من ملك
أو شبهة ملك أو من شبهة نكاح حكمها حكم المعتدة من طلاق أو وفاة في تحريم التصريح لها أو لوليها بالخطبة في زمن
الاستبراء وفي تحريم المواعدة لها أو لوليها بالنكاح. قوله: (ولو منه) أي ولو كان الزنى أو الغصب منه. وقوله:
لا ينسب إليه ما تخلق منه أي فهو كماء الغير. قوله: (ولو قال وإن من زنى ليشمل الغصب وغيره) أي ليشمل
المستبرأة من غصب وغيره كالمستبرأة من ملك أو من شبهة ملك أو من شبهة نكاح، وقد يقال: إذا حرم
ما ذكر في الاستبراء من الزنى فأحرى غيره من الاستبراءات لان الاستبراء من الزنى أخفها كما صرح
به في المقدمات، وحينئذ فلا يحتاج لما ذكروه من التصويب اه‍ بن. قوله: (من موت أو طلاق غيره) هذا
في معنى قول غيره أي المعتدة من نكاح. قوله: (بائنا) وأما الرجعية فلا يتأبد تحريمها لأنها زوجة فكأنه زنى
بزوجة الغير ولا يحرم بالزنى حلال، وهل يحد الواطئ لأنه زان حينئذ أو لا؟ وكلامهم في باب الحد
يدل على أنه يحد اه‍ عدوي. وفي بن: إن القول بعدم التأبيد في الرجعية هو الذي يظهر ترجيحه من كلام
أبي الحسن، وفي الشامل أنه الأصح، ولعل المصنف أطلق لقول ابن عبد السلام: الأقرب في الرجعية
التحريم. قوله: (والمستبرأة من غيره) أي سواء كانت هذه المستبرأة حاملا أو غير حامل، وسواء كان
استبراؤها من غيره بسبب زنى ذلك الغير أو اغتصابه لا إن كانت مستبرأة من زناه أو اغتصابه هو فلا
يتأبد تحريمها عليه بذلك كما في خش، وما ذكره من تأبيد التحريم بوطئ المحبوسة من زنى غيره أو
اغتصابه هو قول مالك ومطرف وهو ظاهر، والقول بعدم تأبيد التحريم لابن القاسم وابن الماجشون.
قوله: (بأن يعقد عليها) أي في زمن العدة أو زمن الاستبراء. وقوله: ويطأها فيها أي في العدة أو الاستبراء.
قوله: (وشمل كلامه ثماني صور) أي يتأبد فيها التحريم على الواطئ ولها الصداق ولا ميراث بينهما
لأنه عقد مجمع على فساده. قوله: (أو من غصب كذلك) أي من غيره. قوله: (إلا أنه يتكرر مع قوله أو بملك)
أي يتكرر مع قوله كعكسه من قوله الآتي أو بملك كعكسه. قوله: (ولو بعدها) أي هذا إذا كان الوطئ
بالنكاح واقعا في العدة بل وإن كان واقعا بعدها أي بعد العدة من النكاح أو شبهته، وأراد بالعدة ما يشمل
الاستبراء من الزنى أو الغصب. وقوله: ولو بعدها رد بلو قول المغيرة أن الوطئ بالنكاح كالوطئ بشبهة
النكاح لا يحرم إلا إذا كان في العدة لا إن كان بعدها. والحاصل أن المحبوسة بعدة النكاح أو بشبهته
أو بسبب الاستبراء من زنى غيره أو غصبه إذا عقد عليها في زمن العدة أو الاستبراء ووطئت بالنكاح
في العدة أو الاستبراء أو بعد انقضائهما تأبد تحريمها. وأما إذا وطئت تلك المرأة المحبوسة للعدة أو
الاستبراء بشبهة نكاح تأبد تحريمها على الواطئ إن كان وطؤه لها زمن العدة أو الاستبراء لا إن كان
بعد انقضائهما. قوله: (وتأبد تحريمها) أي المعتدة من نكاح أو من شبهته. وقوله: بمقدمته أي
المستندة لعقد فإذا كانت معتدة من نكاح أو من شبهته وعقد عليها ثم قبلها أو باشرها في العدة حرمت
عليه لا إن كان ذلك بعد العدة، وكذلك إذا كانت مستبرأة من زنى غيره أو غصبه أو لانتقال ملك
أو لشبهة ملك وعقد عليها زمن الاستبراء وقبلها في زمن الاستبراء مستندا لذلك العقد فإنه
يتأبد تحريمها عليه لا إن كان ذلك بعد فراغ الاستبراء فصور المقدمات التي يتأبد التحريم فيها ستة وهي
ما إذا طرأت مقدمات النكاح على معتدة من نكاح أو شبهته أو مستبرأة من ملك أو شبهته أو زنى
أو غصب والحال أن تلك المقدمات حصلت في العدة مستندة لنكاح أي عقد لا إن حصلت فيها
مستندة لشبهة النكاح أو حصلت بعدها كانت مستندة لنكاح أو لا. قوله: (أو كان إلخ) أي أن الوطئ
218

المستند للملك أو لشبهته إذا طرأ على نكاح أو شبهته فإنه يحرم. قوله: (بأن يطأها) تصوير لشبهة الملك.
قوله: (بوطئ) أي وأما صور تأبيد التحريم بالمقدمات فستة كما مر. قوله: (ست عشرة صورة) أي وهي
ما إذا وطئت المرأة بنكاح أو شبهة وكانت معتدة من نكاح أو شبهته أو كانت مستبرأة من زنى
غيره أو غصب أو من ملك أو شبهته أو وطئت بملك أو شبهته وكانت معتدة من نكاح أو شبهته.
قوله: (لا بعقد) ابن الحاجب: فإن لم توطأ ففي التأبيد أي بمجرد العقد قولان. ابن عبد السلام: والأظهر
عدم التأبيد، واعتمد المصنف هنا هذا الاستظهار اه‍ بن. قوله: (من هذه الستة) أي وهي المعتدة من
نكاح أو شبهته والمستبرأة من زنى أو غصب أو ملك أو شبهته. قوله: (فصوره اثنتا عشرة) حاصلة من
طرو الزنى أو الغصب على كل واحدة من الستة. قوله: (عن ملك) أي لأجل انتقال ملك كما لو كانت
تستبرأ من سيدها فاستبرأها شخص ووطئها. قوله: (فالمجموع ست وثلاثون) يتأبد التحريم في ست
عشرة كما تقدم وهي ما إذا طرأ نكاح أو شبهة نكاح على معتدة من نكاح أو شبهته أو مستبرأة من زنى
من غصب أو من ملك أو شبهته أو طرأ الملك أو شبهته على النكاح أو شبهته، وما عدا هذه لا يتأبد فيها
التحريم، وهي ما إذا طرأ وطئ بزنى أو غصب على المعتدة من نكاح أو شبهته أو المستبرأة من زنى أو
غصب أو ملك أو شبهته أو طرأ الوطئ بملك أو شبهته على المستبرأة لأجل الملك أو شبهته أو الزنى أو
الغصب فهذه عشرون. قوله: (عن صور المقدمات) أي الستة المتقدمة. قوله: (أو وطئ مبتوتة) عطف على
بعقد أي لا يتأبد التحريم بعقد ولا بوطئ مبتوتة قبل زوج. قوله: (لم يتأبد تحريمها) أي ويحد إن كان قد
تزوجها عالما بالتحريم ولا يلحق به الولد فإن تزوجها غير عالم بالتحريم فلا حد عليه ولحق به الولد،
فإن أقر بعد النكاح أنه كان قبله عالما بالتحريم ولم يثبت ذلك بالبينة فإنه يحد لإقراره ويلحق به الولد
لعدم ثبوت ذلك وهذه إحدى المسائل التي يجتمع فيها الحد ولحوق الولد. قوله: (لأن الماء ماؤه) أي
فلا يحتاط فيه ما يحتاط في غيره ولذا لو وطئها في عدتها من زوج بعده تأبد تحريمها ما أفاده الظرف
في كلام المصنف. قوله: (كالمحرم إلخ) مثل ذلك الذي يفسد المرأة على زوجها حتى يتزوجها فقيل يتأبد
فيها التحريم وقيل لا يتأبد فيها التحريم، وإنما يفسخ نكاحه، فإذا عادت لزوجها وطلقها أو مات عنها
جاز لذلك المفسد نكاحها وهذا هو المشهور انظر بن. قوله: (في الوطئ) أي الوطئ المحرم المستند
لنكاح. قوله: (في عدة إلخ) الأولى في عدة من نكاح أو شبهته، وكذا يجوز التعريض للمستبرأة مطلقا.
قوله: (من يميز بينهما) أي بين التعريض والتصريح. قوله: (وسيأتيك من قبلنا خير إلخ) فكل هذه
الألفاظ تعريض بنكاحها لان التعريض لفظ استعمل في معناه ليلوح بغيره فهو حقيقة أبدا،
وهذه الألفاظ كذلك بخلاف الكناية فإنها التعبير عن الملزوم باسم اللازم، كقولنا في وصف
شخص بالطول إنه طويل النجاد فطول القامة يلزمه طول حمائل السيف الذي هو النجاد، وكقولنا
في وصف شخص بالكرم أنه كثير الرماد فالكرم يلزمه كثرة الرماد. قوله: (لا النفقة عليها) أي لا
إجراء النفقة عليها في العدة فلا يجوز بل يحرم. قوله: (لم يرجع عليها بشئ) أي سواء كان الرجوع عن
زواجها من جهته أو من جهتها وهذا هو أصل المذهب. قوله: (والأوجه إلخ) هذا التفصيل ذكره
الشمس اللقاني عن البيان، وأجاب به صاحب المعيار لما سئل عن المسألة وصححه ابن غازي في تكميل التقييد.
219

قوله: (إذا كان الامتناع من جهتها) أي لان الذي أعطى لأجله لم يتم، أما إن كان الرجوع من جهته فلا
رجوع له قولا واحدا. قوله: (تفويض الولي) أي ولي المرأة قوله: (وأولى الزوج) فيه أنه لا وجه
للأولوية والأولى أن يقول: ومثله الزوج. قوله: (لفاضل) أي وأما تفويض العقد لغير فاضل فهو
خلاف الأولى. قوله: (وذكر المساوي) أي انه يجوز لمن استشاره الزوج في أن قصده التزوج بفلانة أن
يذكر له ما يعلمه فيها من العيوب ليحذر منها، ويجوز لمن استشارته المرأة في أن قصدها التزوج بفلان أن يذكر
لها ما يعلمه فيه من العيوب لتحذر منه. واعلم أن محل كون ذكر المساوي جائزا لمن استشاره إذا كان هناك
من يعرف حال المسؤول عنه غير ذلك المسؤول وإلا وجب عليه الذكر، لأنه من باب النصيحة لأخيه المسلم
وهذه طريقة الجزولي وهناك طريقة للقرطبي. وحاصلها أنه إذا استشاره وجب عليه ذكر المساوي
كان هناك من يعرف تلك المساوي غيره أم لا وإلا فيندب له ذكرها فقط، وطريقة عج: أن محل الجواز
إذا لم يسأله عما فيها من العيوب وإلا وجب عليه الذكر لأنه من باب النصيحة، وعلى هذه الطريقة مشى
شارحنا تبعا لعبق، واستبعد بن الوجوب خصوصا إذا كان ذلك المسؤول لم ينفرد بمعرفة المسؤول
عنه. قوله: (عن ذلك) أي عما فيها من العيوب قوله: (وكره عدة من أحدهما) أي مخافة أن لا يحصل ما وعد
به فيكون من باب إخلاف الوعد. قوله: (وإن لم يثبت عليها ذلك) أي هذا إذا ثبت عليها ذلك بالبينة
أم لا، وأما من يتكلم فيها وليست مشهورة بذلك فلا كراهة في زواجها، ومحل كراهة تزوج المرأة التي
ثبت بالبينة زناها إذا لم تحد، أما إذا حدت فلا كراهة في زواجها، بناء على أن الحدود جوابر، ولا يقال: إن
قوله تعالى: * (الزانية لا ينكحها إلا زان) * يفيد حرمة نكاحها. لأنا نقول: المراد لا ينكحها في حال زناها أو انه
بيان للأليق بها أو أن الآية منسوخة. قوله: (أي يكره للمصرح) أي للذي صرح لها بالخطبة في العدة.
قوله: (وندب فراقها) وإذا فارق الزانية المبيحة لفرجها للغير فلا صداق لها، وينبغي أن يقيد بما إذا تزوجها
غير عالم بذلك. قوله: (وعرض راكنة إلخ) أي أن من عقد على امرأة كانت ركنت لغيره فإنه يندب له
أن يعرضها على من كانت ركنت له أولا، فإن عرضها عليه وحلله وسامحه منها فلا كلام وإن لم يحلله فإنه
يستحب له فراقها. قوله: (وهذا مقابل لقوله فيما تقدم وفسخ إن لم يبن) أي لان الموافق لما تقدم من
وجوب فسخ النكاح أن عرضها واجب لا مندوب. قوله: (فهو مبني على الضعيف إلخ) الحق أن
قول المصنف فيما مر وفسخ إن لم يبن أي استحبابا كما نص عليه ابن عبد البر في الكافي، وحينئذ
فلا يكون ما هنا مبنيا على الضعيف المقابل لكلام المصنف فيما مر انظر بن. وقال شيخنا العدوي:
يمكن حمل كلام المصنف هنا على استحباب العرض فيما بعد البناء. وأما قبله فهو واجب،
وحينئذ فيأتي كلامه هذا على ما تقدم للشارح من وجوب الفسخ قبل البناء، وقد يقال
حيث كان الفسخ قبل البناء واجبا فأي تمرة في العرض مع كون النكاح يفسخ مطلقا طلبه
الأول أو لم يطلبه بل سامحه تأمل. قوله: (وركنه) مفرد مضاف يعم بمعنى وكل أركانه ثم يراد الكل
المجموعي أي مجموع أركانه ولي إلخ، وحينئذ فلا يلزم عليه الاخبار عن المفرد بالمتعدد، والضمير
في ركنه راجع للنكاح بمعنى العقد، ومرادهم بالركن ما تتوقف عليه حقيقة الشئ فيشمل الزوج
والزوجة والولي والصيغة. قوله: (إن الصداق كذلك) إذ لا يشترط ذكره عند عقد النكاح
لجواز نكاح التفويض. قوله: (جعلهما) أي الصداق والشهود إلا أن يقال: جعل الشهود شرطا والصداق
ركنا مجرد اصطلاح لهم. قوله: (بأنكحت وزوجت) ومضارعهما كماضيهما كما في التوضيح.
220

واعترضه الناصر اللقاني قائلا فيه نظر إذ العقود إنما تحصل بالماضي دون المضارع لان الأصل فيه الوعد
وفي الماضي اللزوم. قوله: (وصح بتسمية صداق) أي حقيقة كأن يقول: وهبتها لك بصداق قدره كذا،
أو حكما كأن يقول: وهبتها لك تفويضا قوله: (أو تصدقت إلخ) فيه نظر بل كلامه هنا مقصور على لفظ
وهبت إذ هو الذي في المدونة وجميع ما عدا هذا اللفظ داخل في التردد الآتي. والحاصل أن تردد ابن
القصار وابن رشد في جميع ما عدا أنكحت وزوجت ووهبت بصداق انظر بن. قوله: (يقتضي البقاء)
أي تمليك الذات. قوله: (فينعقد به النكاح) وهو قول ابن القصار وعبد الوهاب في الاشراق والباجي
وابن العربي في أحكامه. قوله: (أو لا ينعقد ولو سمى صداقا) أي وهو قول ابن رشد في المقدمات.
قوله: (ككل لفظ لا يقتضي إلخ) تحصل من كلامه أن الأقسام أربعة: الأول ما ينعقد به النكاح مطلقا سواء
سمي صداقا أو لا وهو أنكحت وزوجت. والثاني: ما ينعقد به إن سمى صداقا وإلا فلا وهو وهبت فقط.
والثالث: ما فيه التردد وهو كل لفظ يقتضي البقاء مدة الحياة قيل ينعقد به إن سمي صداقا وقيل لا ينعقد
به مطلقا. والرابع: ما لا ينعقد به مطلقا اتفاقا وهو كل لفظ لا يقتضي البقاء مدة الحياة. قوله: (من الولي)
أي ولي المرأة. قوله: (فيفعل) أشعر إتيانه بالفاء باشتراط الفور بين القبول والايجاب، وصرح به في
القوانين فقال: والنكاح عقد لازم لا يجوز فيه الخيار ويلزم فيه الفور من الطرفين فإن تأخر القبول يسيرا
جاز، ولكن الذي في المعيار عن الباجي ما يقتضي الاتفاق صحة النكاح مع تأخر القبول عن الايجاب
وبذلك أفتى العبدوسي والقوري انظر بن. قوله: (إذ لا يشترط تقديم الايجاب) أي من الولي على
القبول أي من الزوج. قوله: (وإن لم يرض الآخر) أي بعد حصول الصيغة منهما، وظاهره أن خيار
المجلس غير معمول به عندنا في النكاح وليس كذلك بل هو معمول به. وأجيب بأن محل العمل به إذا
اشترط قرره شيخنا، وما ذكره المصنف من لزوم النكاح وإن لم يرض هو المعتمد ولو قامت قرينة على
إرادة الهزل من الجانبين خلافا لقول القابسي: أنه إذا علم الهزل في النكاح فإنه لا يلزم. قوله: (كالطلاق
والعتق) أي وكذلك الرجعة. قوله: (لقوته) أي في التصرف بسبب تزويجه الأمة مع وجوب الأب وله
أن يجبر الثيب والبكر والكبيرة والصغيرة والذكر والأنثى لأنهما مال من أمواله، وله أن يصلح ماله
بأي وجه شاء. قوله: (وجبر المالك) أي لكل الرقيق أخذا مما بعده. قوله: (المسلم) وأما الكافر فلا
نتعرض له. قوله: (الحر) أي وأما المالك الرقيق فلا جبر له والجبر لسيده والمزاد الحر المالك لامر
نفسه وإلا كان الجبر لوليه، ومثل الحر المالك لامر نفسه العبد المأذون له في التجارة فإنه يجبر رقيقه.
قوله: (من ذي عاهة) أي ممن فيه أمر موجب للخيار كجذام أو برص أو جنون لا قبح منظر وفقر.
قوله: (ولو حصل لهما الضرر بعدمه) بل ولو قصد إضرارهما بعدمه على المعتمد ولا يؤمر حينئذ ببيع ولا
تزويج لان الضرر إنما يجب رفعه إذا كان فيه منع حق واجب ولا حق لهما في النكاح، وما في التوضيح
من أن محل عدم جبرهما له على التزويج إذا قصد بمنعهما منه المصلحة ولم يقصد الضرر، أما إذا
قصد الضرر أمر إما بالبيع أو التزويج فهو ضعيف. قوله: (ذلك الرقيق) مفعول يجبر.
قوله: (وله) أي لمالك البعض الولاية أي على ذلك المبعض فلا يتزوج إلا بإذنه. وحاصله أن مالك
221

البعض وإن لم يكن له جبر لكن الولاية ثابتة له، فإن تزوج المبعض بغير إذنه كان له الإجازة والرد إن كان
ذلك المبعض ذكرا، وإن كان أنثى فإن كان بعضها رقا له والبعض الآخر حرا كان للسيد الذي هو مالك
البعض الإجازة والرد أيضا، وإن كان بعضها رقا للسيد والبعض الآخر رقا لغيره تحتم الرد، كذا قرر طفي.
والذي ذكره ح أن المبعضة بالحرية كالمبعضة بالشركة في تحتم الرد واختاره بن. قوله: (وله أيضا الرد
والإجازة) أشار بذلك إلى أن الرد ليس قسيما للولاية كما هو ظاهر المصنف، بل قسم من ثمرتها
والقسم الآخر الإجازة، فكان الأولى للمصنف أن يقول: وله الولاية فله الرد والإجازة، وأشار الشارح
إلى أن تخييره بين الإجازة والرد في المملوك الذكر دون الأنثى. قوله: (وأما في الأمة) أي المتزوجة بغير
إذنه. قوله: (وعقد لها أحد الشريكين) هذا ظاهر في المشتركة، وأما المبعضة فقد جزم ح فيها بتحتم
الرد كالمشتركة، ونازعه طفي بأن ظاهر كلامهم عدم تحتم الرد فيها بل يخير، ورده بن وقوى ما قاله ح بما
يعلم بالوقوف عليه كما مر. قوله: (والمختار) مبتدأ والخبر محذوف أي والمختار ما يذكر بعد من الحكم وهو
ولا أنثى أي لا يجبر أنثى ملتبسة بشائبة. وقوله: والمختار إلخ لفظ اللخمي في التبصرة اختلف هل للسيد أن
يجبر من فيه عقد حرية بتدبير أو كتابة أو عتق لأجل أو استيلاد؟ فقيل له إجبارهم، وقيل ليس له إجبارهم،
وقيل ينظر لمن ينتزع ماله فيجبره ومن لا فلا، وقيل له إجبار الذكور دون الإناث ثم قال: والصواب منعه
من إجبار المكاتبة والمكاتب بخلاف المدبر والمتعلق لأجل فله جبرهما إلا أن يمرض السيد أو يقرب
الاجل ويمنع من إجبار الإناث كأم الولد والمدبرة والمعتقة لأجل اه‍ بلفظه. إذا علمت هذا تعلم أن قوله:
والمختار حقه واختار إلخ لأنه اختيار له من عند نفسه لا من خلاف. وقد يجاب بأن تفصيل اللخمي
لما كان غير خارج عن الأقوال التي نقلها عبر المصنف بالاسم اه‍ بن. قوله: (كأم ولد) أي ومكاتبة
ومدبرة ومعتقة لأجل. قوله: (وتعين رده) أي النكاح إن جبرها هذا بناء على إحدى الروايتين في أم
الولد بمنع الجبر وهي التي اختارها اللخمي. وقوله: الراجح كراهته أي كراهة جبرها وهذه رواية يحيى
عن ابن القاسم وعليها مشى المصنف في قوله الآتي في باب أم الولد وكره تزويجها وإن برضاها بناء على
أن الواو للمبالغة كما هو الحق لا للحال كما قيل. قوله: (ذكر أو أنثى) الأولى قصره على الذكر لان الأنثى
دخلت في عموم قوله ولا يجبر أنثى بشائبة. قوله: (أو معتق لأجل ولو أنثى) الصواب قصره على الذكر، أما
الأنثى المدبرة أو المعتقة لأجل فيمنع جبرها عند اللخمي وهي داخلة في عموم قوله: ولا أنثى بشائبة كما يعلم
ذلك من كلام اللخمي المتقدم انظر بن. قوله: (وإلا فوليه) أي وإلا يكن رشيدا بل كان سفيها فالذي
يجبرها وليه نحوه في عبق وخش قال بن: وفيه نظر لما سيأتي في قوله: وعقد السفيه ذو الرأي أنه
لا جبر لولي الأب إذا كان سفيها بل السفيه إذا كان ذا عقل ودين فله جبر بنته، وإن كان ناقص التمييز
خص وليه بالنظر في تعيين الزوج وتزويج بنته واختلف فيمن يلي العقد هل الولي أو الأب؟
ولو عقد حيث يمنع منه نظر، فإن حسن إمضاؤه أمضى وإلا فلا فرق بينهما انظر المواق فيما يأتي اه‍.
ويمكن حمل ما قاله الشراح ومن وافقهم على ناقص التمييز فإن وليه يجبر فيوافق ما في بن
تأمل. تنبيه: لو كان الأب سفيها ولا ولي له جرى في جبر ابنته الخلاف الآتي في باب
الحجر من قول المصنف: وتصرفه قبل الحجر محمول على الإجازة عند مالك لا ابن القاسم كذا ينبغي
قاله عبق. قوله: (فتنتظر إفاقتها إن كانت ثيبا) أي فإذا أفاقت فلا تزوج إلا برضاها، وأما إن كانت
بكرا فإنه يجبرها ولا تنتظر إفاقتها. قوله: (ولو عانسا) أي ولو طالت إقامتها عند أبيها وعرفت
مصالح نفسها قبل الزواج، وما ذكره من جبر البكر ولو عانسا هو المشهور خلافا لابن وهب حيث
قال: للأب جبر البكر ما لم تكن عانسا لأنها لما عنست صارت كالثيب، ومنشأ الخلاف هل العلة في
222

الجبر البكارة وهي موجودة أو الجهل بمصالح النساء وهي مفقودة؟ وقد أشار المصنف للرد على قول ابن
وهب بلو. قوله: (حيث كان لا يمني) أي وأما إذا كان يمني فله جبرها على نكاحه أي لأنها تلتذ بنزول
المني منه. قوله: (على الأصح) هذا قول سحنون واختاره اللخمي والباجي كما في التوضيح، فلو قال على
المختار والأصح كان أولى. قوله: (ودخل تحت الكاف إلخ) محصله أنه أراد بكالخصي من قام به موجب
الخيار. تنبيه: كما أن الأب ليس له جبر بنته البكر على التزويج بذي عاهة موجبة لخيارها ليس له
جبرها على التزويج بعبد ولو كان عبده وإنما تزوج به برضاها به بالقول كما سيأتي في الابكار السبعة.
قوله: (ولو بنكاح صحيح) أي هذا إذا كانت ثيوبتها بنكاح فاسد أو بعارض أو بزنى بل ولو بنكاح
صحيح. قوله: (إن صغرت) ظاهره أنه إنما يجبرها قبل البلوغ، فإن تثيبت وتأيمت قبله ثم بلغت قبل النكاح
فلا تجبر، وهو كما في التوضيح قول ابن القاسم وأشهب واستحسنه اللخمي وصوبه ومقابله لسحنون
يجبرها مطلقا اه‍ بن. قوله: (وهو الأرجح) أي وهو ظاهر المدونة والتقييد لعبد الوهاب. قوله: (لا بفاسد)
عطف على قوله: أو بعارض كما أفاده تقريره. وقوله: لا إن ثيبت بنكاح فاسد أي وأولى صحيح.
قوله: (ولا يلزم إلخ) أي لا يلزم من كونها مولى عليها من جهة المال أن تكون مولى عليها من جهة
النكاح، وبالغ المصنف عليها دفعا لتوهم مساواتهما وأنها تجبر على النكاح كما يحجر عليها في المال. قوله: (ولا
يجبر بكرا رشدت) أي كما لا يجبر الأب ثيبا بنكاح فاسد لا يجبر بكرا رشدت أي رشدها أبوها، وثبت
ترشيدها بإقراره أو ببينة إن أنكر وحيث كانت لا تجبر فلا بد من نطقها وإذنها، وما ذكره المصنف
من عدم جبر الأب للمرشدة هو المعروف من المذهب، وقال ابن عبد البر: له جبرها، ومثل البكر التي
رشدها أبوها في كونه لا جبر له عليها البكر إذا رشدها الوصي وفي بقاء ولايته عليها قولان: والراجح
بقاء ولايته كما هو نقل المتيطي عن سماع أصبغ من ابن القاسم لكن لا يزوجها إلا برضاها، وأما لو رشد
الوصي الثيب فلا ولاية له عليها والولاية لأقاربها. تنبيه: إذا رشد البكر أبوها كما لا يجبرها على
النكاح لا يحجر عليها في المعاملة، وما في خش وعبق من أنه لا يجبرها على النكاح ويحجر عليها في
المعاملة فهو غير صواب إذ الرشد لا يتبعض فلا يكون في أمر دون أمر كما ذكره الوانشريسي في طرر
الفشتالي انظر بن. قوله: (ولو رشدها قبله) هذا غير صحيح إذ الرشد من لوازمه البلوغ، وقد قال ح:
كبكر رشدت يعني بعد البلوغ انظر بن. قوله: (أو أقامت إلخ) أي لا يجبر الأب من أقامت في بيتها
الساكنة فيه مع زوجها سنة من حين دخول الزوج بها كما هو ظاهر كلامهم لا من حين بلوغها كما قال
عبق. وقوله: وأنكرت أي والحال أنها أنكرت بعد فراقها الوطئ مع العلم بخلوتها، هذا إذا كذبها
الزوج، بل ولو وافقها على عدمه أو جهلت خلوته بها وأنكرت المس أيضا، وأولى في عدم الجبر إقرارها
بمسه لكن مع الاقرار لا يجبرها حتى فيما دون السنة، وأما إن علم عدم الخلوة بها وعدم الوصول إليها فلا
يرتفع إجبار الأب عنها ولو أقامت على عقد النكاح أكثر من سنة. قوله: (منزلة الثيوبة) أي في تكميل
الصداق. قوله: (وجبر وصي) أي كل من يجبرها الأب وهي المجنونة مطلقا والبكر ولو عانسا والثيب
إن صغرت مطلقا والثيب البالغة إن ثيبت بعارض أو بحرام كالزنا. قوله: (أو عين له الزوج) أي وكان غير
فاسق إذ لا عبرة بتعيين الفاسق كما في المج. قوله: (ولكن لا جبر للوصي) أي فيما إذا عين له الأب الزوج
أو أمره بالجبر. قوله: (إلا إذا بذل الزوج مهر المثل إلخ) ما ذكره من أن الوصي لا يزوج إلا بمهر المثل فأكثر
223

لا يعارضه ما يأتي في نكاح التفويض من أنه يجوز الرضا بدونه للوصي قبل الدخول لان ما هنا قبل العقد
وما يأتي بعده مصلحة عدم الفراق. قوله: (والراجح الجبر) الحق كما قال شيخنا العدوي: إن الراجح الجبر إن
ذكر البضع أو النكاح أو التزويج بأن قال له الأب: أنت وصي على بضع بناتي أو على نكاح بناتي أو على
تزويجهن، أو وصي على بنتي تزوجها أو تزوجها ممن أحببت وإن لم يذكر شئ من الثلاثة فالراجح عدم
الجبر، كما إذا قال: وصيي على بناتي أو على بعض بناتي أو على بنتي فلانة، وأما لو قال: وصيي فقط أو على مالي أو
على بيع تركتي أو قبض ديني فلا جبر اتفاقا، وهذه غير داخلة في كلام المصنف، فلو زوج جبرا فاستظهر
عج الامضاء وتوقف فيه النفراوي، وأما إن زوجها بلا جبر صح كما يأتي في قول المصنف: وإن زوج
موصى على بيع تركته وقبض ديونه صح. قوله: (لا قبله) أي ولا بعده ببعد. قوله: (تأويلان) أي والمعتمد
منهما الثاني وهو الصحة مطلقا أي قبل بعد الموت بقرب أو بعد. قوله: (إلا ما استثنى) أي من الابكار
السبعة فلا بد من إذنها بالقول. قوله: (وأذنت لوليها بالقول) هذا يقتضي أنها لا تجبر ولا تزوج
إلا برضاها وهو ما في المواق عن اللخمي، وعزاه ابن عرفة للمعروف من المذهب وحكى عليه الاتفاق
وسلمه ابن سلمون وهو ظاهر عد المصنف لها من الابكار التي تعرب عن نفسها كالثيب. قوله: (وشوور
القاضي) هذا القول لم يذكره ابن رشد ولا المتيطي ولا ابن شاس ولا ابن الحاجب ولا أبو الحسن
ولا غيرهم ممن تكلم على هذه المسألة أعني جواز نكاح اليتيمة القاصر، وإنما نقله المصنف عن ابن عبد
السلام قائلا: العمل عليه عندنا، ثم إنه إن أراد بمشاورة القاضي الرفع له لأجل إثبات الموجبات المذكورة،
قال عج وتبعه شارحنا: فذلك صحيح ومعنى ورفع وجوبا للقاضي لاثبات ما ذكر، وإن كان المراد أنه
لا بد في تزويجها من مشاورته فلا يصح بدونها فهذا غير ظاهر إذ لم يقل بذلك أحد انظر بن.
قوله: (يرى ذلك) أي جواز نكاحها. قوله: (ما ذكر) أي من خوف الفساد وبلوغها عشرا. قوله: (وأنه كفؤها
في الدين) أي في التدين والتمسك بالأحكام الشرعية. قوله: (والنسب) أي بأن كان معلوم الأب لا إن كان
لقيطا أو من زنى. قوله: (كفى جماعة المسلمين) أي في ثبوت ما ذكر لديهم والواحد منهم يكفي. قوله: (وإلا
بأن زوجت مع فقد الشروط الثلاثة أو بعضها) الذي يفيده نقل المواق وحلولو اختصاص قوله:
والأصح إن دخل وطال بمفهوم القيد الأول وهو خيف فسادها قالا: ولم نر من ذكره في باقي مفاهيم
القيود السابقة اه‍. أقول: فحينئذ معناه أن المطلوب أن تكون بلغت عشرا، فعلى فرض إذا لم تبلغها
وزوجت صح النكاح اه‍ عدوي. والحاصل أن بلوغها عشرا مطلوب لمراعاة القول الآخر وهو
مذهب المدونة والرسالة أنها أي اليتيمة لا تزوج إلا إذا بلغت وليس شرطا يتوقف عليه تزويجها
على القول الذي جرى به العمل بتزويجها، وكذلك مشاورة القاضي وإن كانت واجبة ليس شرطا
على ما علمت، فلذا قال شيخنا العلامة العدوي: المعتمد في هذه المسألة ما ارتضاه المتأخرون من أن
المدار على خيفة الفساد، فمتى خيف عليها الفساد في مالها أو في حالها زوجت بلغت عشرا أو لا
رضيت بالنكاح أم لا فيجبرها وليها على التزويج، ووجب مشاورة القاضي في تزويجها، فإن
لم يخف عليها الفساد وزوجت صح إن دخل وطال، وإن خيف فسادها وزوجت
من غير مشاورة القاضي صح النكاح إن دخل وإن لم يطل. قوله: (أو مضت مدة تلد فيها ذلك)
224

أي وأقلها ثلاث سنين. قوله: (على المشهور) هذا القول شهره في العتبية والمتيطي، ومقابله ما رواه
ابن حبيب عن مالك وأصحابه أنه يفسخ وإن ولدت الأولاد وشهر هذا القول أبو الحسن وما روى
عن ابن القاسم من أنه لا يفسخ اه‍ عدوي. قوله: (وقدم ابن) أي وجوبا على الراجح وقيل ندبا،
وعليهما يتخرج ما يأتي في قوله: وصح بأبعد مع أقرب إن لم يجبر ولم يجز فروعي القول بوجوب
الترتيب فحكم بعدم الجواز عند فقده وروي القول بالندب فحكم بالصحة كذا قيل، وقد يقال إنه
واجب غير شرط وهو المناسب لقوله: ولم يجز وحينئذ فالصحة على كلا القولين تأمل. قوله: (ولو من
زنى) أي بأن ثيبت البالغ بنكاح صحيح ثم زنت وأتت بولد فيقدم على الأب، وأما إذا ثيبت بزنى
وأتت منه بابن فإن الأب يقدم عليه لأنها في تلك الحالة مجبرة للأب كما يفهم مما مر إذا لم يفرق في الحرام
بين أن ينشأ عنه ابن أم لا. قوله: (وإن لم تكن مجبرة) أي وإلا قدم المجبر على الابن سواء كان المجبر أبا
أو وصيا. قوله: (فأب) أي شرعي أي وأما الأب الزاني فلا عبرة به كالأب من الرضاع. قوله: (فأخ لأب)
صادق بأن يكون شقيقا أو لأب فقط وخرج الأخ للأم فإنه لا ولاية له خاصة وإن كان له ولاية من
جهة أنه من أفراد عامة المسلمين. قوله: (فأخ فابنه فجد) ما ذكره من تقديم الأخ وابنه على الجد هنا
كالولاء وإمامة الجنازة هو المشهور ومقابله أن الجد وأباه وإن علا يقدمان على الأخ وابنه قال عج:
بغسل وإيصاء ولاء جنازة نكاح أخا وابنا على الجد قدم
وعقل ووسطه بباب حضانة وسوه مع الآباء في الإرث والدم
ثم يلي ابن العم أبو الجد فعم الأب وهكذا يقدم الأصل على فرعه وفرعه على أصل أصله، وقيل: إن الجد
وإن علا يقدم على العم أي على عمها وابنه وعلى عم أبيها وابنه وعلى عم جدها وابنه. قوله: (على الأصح)
أي عند ابن بشير والمختار أي عند اللخمي وهو قول مالك وابن القاسم وسحنون، ومقابله ما رواه
علي بن زياد عن مالك أن الشقيق من الاخوة وغيره في مرتبة واحدة فيقترعان عند التنازع فتبين أن
الخلاف إنما هو منصوص في الأخوين كما قاله شيخنا. قوله: (وهو من أعتقها) أي وعصبته المتعصبون
بأنفسهم، وكذا يقال فيمن أعتق من أعتقها أو أعتق أباها لان كلا من الثلاثة المذكورين وعصبته
المتعصبين بأنفسهم يصدق عليه أنه مولى أعلى، وترتيب عصبة كل واحد من المتعصبين بأنفسهم
كترتيب عصبتها. قوله: (إنما تستحق بالتعصيب) أي والعتيق ليس من عصبتها، وإما لم يعبر المصنف
بقولين لان الثاني أصح من الأول ولم يقل خلاف لأنه إنما يعبر به إذا كان كل من القولين قد
شهر وما هنا ليس كذلك. قوله: (فكافل) المراد بالمكفولة كما قال شيخنا: من مات أبوها وغاب أهلها.
وحاصله أن البنت إذا مات أبوها وغاب أهلها وكفلها رجل أي قام بأمورها حتى بلغت عنده
سواء كان مستحقا لحضانتها شرعا أو كان أجنبيا فإنه يثبت له الولاية عليها ويزوجها بإذنها، فإن مات
زوج المكفولة أو طلقها فهل تعود ولاية الكافل أو لا تعود؟ ثالثها تعود إن كان فاضلا، ورابعها
تعود الولاية إن عادت المرأة لكفالته، وأشعر إتيان المصنف بالوصف مذكرا أن المرأة الكافلة
لا ولاية لها وهو المذهب، وقيل لها ولاية لكنها لا تباشر العقد بل توكل من يعقد لمكفولتها.
قوله: (بشروطها) أي بالشروط التي بلغت عشرا. قوله: (وأظهره الأخير) قال أبو محمد صالح: أقل
الكفالة التي تثبت بها الولاية أربع سنين وقيل عشر سنين، والأولى أن لا تحد إلا بما يوجب
الحنان والشفقة اه‍ أبو الحسن. قوله: (وإلا) أي بأن كان لها قدر بأن كانت ذات مال أو جمال.
قوله: (من جملة عامة المسلمين) أي فلا يزوجها إلا عند عدم الحاكم حقيقة أو حكما. قوله: (والمعتمد
ظاهرها) أي وقيل إنه لا يشترط في ولاية الكافل الدناءة بل ولايته عامة للدنيئة والشريفة،
225

وما ذكره الشارح من أن المعتمد ظاهرها تبع فيه عج، وقد اعتمد الشيخ إبراهيم اللقاني والبدر
القرافي مقابله فكل من القولين قد رجح. قوله: (إن ثبت عنده صحتها) أي خلوها من المرض. وقوله
وخلوها من مانع أي كالاحرام والعدة. قوله: (وإنه كفؤها في الدين) أي التدين والعمل بالأحكام الشرعية
بحيث لا يكون شريبا ولا فاسقا. قوله: (والحال) أي السلامة من العيوب ولو من غير
ما يوجب الخيار، وقيل: إن المراد مساواته لها فيما هي عليه من صفات الكمال فهما تقريران والظاهر أن
المراد ما هو أعم. قوله: (والمهر) أي وأن يثبت أن المهر مهر مثلها. قوله: (في غير المالكة إلخ) أي وإثبات
الكفاءة في الأمور المذكورة إنما يحتاج له في غير المالكة إلخ. قوله: (وأما الرشيدة) أي وهي المالكة
لامر نفسها، وقوله فلها اسقاط إلخ أي فلا يحتاج في حقها لاثبات الكفاءة فيما ذكر لان لها اسقاط إلخ.
قوله: (فيما ذكر) أي من الدين والحرية والحال ومهر المثل. تنبيه: لو عقد الحاكم من غير بحث
عن هذه الأمور صح ما لم يثبت ما يبطل العقد. قوله: (فولاية عامة مسلم) المراد بالمسلم الجنس وإضافة
عامة له من إضافة المؤكد بالكسر للمؤكد بالفتح أي فولاية المسلمين عامتهم أي كلهم، فلا يختص
بتلك الولاية شخص دون آخر بل لكل واحد فيها مدخل كانت المرأة شريفة أو دنيئة لقوله تعالى: * (
والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) * ومتى قام بها واحد سقط عن الباقي على طريق الكفاية.
قوله: (وصح بها إلخ) ظاهره عدم الجواز ابتداء وإن صح بعد الوقوع والحق الجواز كما هو نص
المدونة وابن فتوح وابن عرفة وغيرهم. قوله: (كمسلمانية ومعتقة) ظاهره ولو كانت كل منهما ذات مال
وجمال وحسب وهو ما قاله عج، قال بن: وهو غير صحيح إذ الذي في كلام زروق أن المسلمانية والمعتقة
إنما تكون دنيئة إذا كانت غير معروفة بالمال والجمال والحسب ونصه: فإن زوج بالولاية العامة مع وجود
الخاصة فإن كانت دنيئة كالسوداء والمسلمانية ومن في معناهما ممن لا يرغب فيه لحسب ولا مال ولا جمال
صح اه‍. ومقتضاه أن من يرغب فيها منهن لواحد مما ذكر فشريفة وهو ظاهر. قوله: (ولا حسب)
هو ما يعد من مفاخر الآباء كالكرم والصلاح. قوله: (والظاهر أنها) أي المرأة، وقوله: إن عدمت النسب
أي علو النسب، وقوله فدنيئة ولو كانت جميلة ذات مال أي وأما إن كانت ذات نسب وحسب كانت
شريفة ولو فقيرة غير جميلة وهذا غير معول عليه بل المعول عليه ما قاله زروق. قوله: (لم يجبر) أي وأما لو
عقد النكاح بالولاية العامة مع وجود الولي الخاص المجبر كالأب في ابنته والسيد في أمته كان النكاح
فاسدا ويفسخ أبدا ولو أجازه المجبر. قوله: (فللأقرب الرد) أي وله الإجازة قال عبق: فإن سكت الولي
عند عقد الأجنبي لها مع حضوره العقد فهو إقرار له قال بن: وفيه نظر فقد ذكر ابن لب عن ابن الحاج
أنه لا اعتبار برضا الأقرب إذا لم يتول العقد ولا قدم من تولاه ولا يعد هذا إقرارا للنكاح، ذكره في نوازله
في عقد النكاح الخال مع حضور الأخ الشقيق ورضاه دون تقديم منه. قوله: (قبل الدخول) أي وبعد
العقد أي إن طال ما بين العقد والبناء، وحاصله أنه إذا عقد للشريفة بالولاية العامة مع وجود الولي الخاص
غير المجبر وطال الزمان بعد العقد وقبل الدخول دخل أم لا فهل يتحتم الفسخ أو لا يتحتم؟ ويخير الولي بين
الإجازة والرد تأويلان، وعلى التأويل الأول من تحتم الفسخ فانظر هل بطلاق أو بغيره؟ قوله: (تأويلان)
الأول لابن التبان والثاني لابن سعدون. قوله: (وصح) أي مراعاة للقول بندب الترتيب المتقدم أو أن
226

الوجوب غير شرطي. قوله: (بأبعد) أي ولو كان ذلك الأبعد هو الحاكم كما قاله ح، فإذا لم ترض المرأة بحضور
أحد من أقاربها وزوجها الحاكم كانت من أفراد هذه المسألة، ولو لم ترض إلا بوكالة واحد أجنبي من آحاد
المسلمين غير الحاكم جرى فيه قوله سابقا وصح بها في دنيئة، ثم إن المراد بالأبعد المؤخر عن الآخر في
المرتبة وبالأقرب المتقدم عليه في الرتبة ولو كانت جهتهما متحدة فيشمل تزويج الأخ للأب مع وجود
الشقيق، وليس المراد الأقرب والأبعد في الجهة وإلا لأوهم أن تزويج الأخ للأب مع وجود
الشقيق جائز ابتداء لاتحاد جهتهما مع أنه ليس كذلك. قوله: (راجع لقوله وصح بها وما بعده) فيه نظر
بل عدم الجواز خاص بقوله: وبأبعد مع أقرب إلخ لما تقدم في قوله: وصح بها في دنيئة إلخ اه‍ بن. والذي
تقدم فيها هو أن المشهور الجواز ابتداء، وانظر ما الفرق بين المسألتين حيث حكم بالجواز في الأولى
دون الثانية بل كان القياس العكس. قوله: (في الصحة فقط) أشار إلى أن الكاف للتشبيه لا للتمثيل لعدم
شمول ما قبلها لما بعدها خلافا لعبق حيث جوز جعلها للتمثيل فانظره. قوله: (كأحد إلخ) أي كما يصح
العقد إذا تولاه أحد المعتقين. قوله: (بينه) أي بين أن رضاها يكون بأي شئ. قوله: (يعني صمتها إلخ) أشار
إلى أن في كلام المصنف قلبا لان المقصود الاخبار عن الصمت بكونه رضا لا الاخبار عن الرضا
بالصمت. قوله: (رضا) أي بالزوج والصداق. قوله: (ولا يقبل إلخ) يعني إذا قيل لها: فلان يريد
تزوجك وجعل لك من الصداق كذلك فسكتت فقيل لها: هل تفوضين لفلان في العقد فسكتت فعقد
لها فلان ذلك على الرجل بالصداق الذي سمي لها فبعد العقد ادعت أنها لم ترض بذلك الزوج أو
الصداق أو الولي الذي عقد لها وادعت أنها تجهل أن الصمت رضا فلا تقبل دعواها وتم النكاح وهذا
عند الأكثر، وتأويل الأقل أنه يقبل دعواها أنها تجهل أن الصمت رضا وهو مبني على وجوب
إعلامها به، وقال حمد يس: إن عرفت بالبله وقلة المعرفة قبل دعواها الجهل وإلا فلا تقبل دعواها
فالمسألة ذات أقوال ثلاثة. قوله: (كتفويضها للولي في العقد) فيكفي صمتها أي سواء كانت غائبة عن
مجلس العقد أو حاضرة فيه والموضوع أنها بكر، وأما الثيب فلا يكفي سكوتها في التفويض للولي في العقد
إلا إذا كانت حاضرة، وأما إن كانت غائبة فلا بد من نطقها وهذا مذهب ابن القاسم. وقال ابن حبيب:
يكفي صمت الثيب في الاذن للولي حضرت أو غابت فهي كالبكر في ذلك، وإنما يختلفان في تعيين
الزوج والصداق، ففي البكر يكفي الصمت، وأما الثيب فلا بد فيها من النطق. قوله: (دعوى جهله) من
إضافة المصدر لمفعوله كما أشار له الشارح. قوله: (لشهرته) أي لشهرة أن صمتها رضا. قوله: (وإن
منعت) أي بالقول حين عرض عليها الصداق أو الزوج بأن قالت: لا أتزوج، وقوله: أو نفرت أي
بالفعل بأن قامت أو غطت وجهها حتى ظهر كراهتها، وقوله: لم تزوج لعدم رضاها فإن زوجت
فسخ نكاحها أبدا ولو بعد بناء وطول ولو أجازته وهي أولى من المفتات عليها لأنه اشترط
في المفتات عليها أن لا يظهر منها منع وهذه قد أظهرته. قوله: (فتزوج) أي لدلالة الأول
على الرضا صريحا ولدلالة الثاني عليه ضمنا لاحتمال أن بكاها على فقد أبيها وتقول
في نفسها: لو كان أبي حيا لم أحتج لاستئذان. قوله: (عما في نفسها) أي من الرضا بالزوج والصداق وعدم
الرضا بهما أو بأحدهما، وأما إذنها في العقد فيكفي فيه الصمت كذا قال عبق وفيه نظر، بل لا بد من
إذنها في التفويض كما يفيده نقل المواق عن المتيطي وهو قول ابن القاسم، وأما ما قاله عبق فهو قول
ابن حبيب وهو ضعيف. قوله: (ولو قبل بلوغها إلخ) صوابه بعد بلوغها لان الرشد لا يصح إلا بعد البلوغ كما مر.
227

قوله: (فلا بد من نطقها) أي بأنها راضية بذلك الزوج والصداق ولا يكون سكوتها إذنا منها. قوله: (أو
زوجت بعرض) أي سواء كان كل الصداق أو بعضه فلا بد من أن ترضى به بالقول، وأما الزوج فيكفي
في الرضا به صمتها كما يظهر كذا قرر شيخنا. قوله: (وليست مجبرة) أي بأن كانت يتيمة لا أب لها ولا
وصي ينظر في حالها، فلا بد من نطقها بالرضا بذلك العرض لأنها بائعة مشترية والبيع والشراء لا يلزم
بالصمت، ومفهوم قوله وهي من قوم لا يزوجون به أنها لو كانت من قوم تزوج به فلا يحتاج لنطقها
ويكفي في رضاها بالصداق صمتها. قوله: (برق) أي بزوج ذي رق ولو كان عبد أبيها وزوجها أبوها به
لما في تزويجها به من زيادة المعرة التي لا يحصل مثلها في تزويجها بغير عبد أبيها اه‍ خش. قوله: (فلا بد من
نطقها) أي بالرضا به ولو مجبرة. قوله: (وتقدم أن المعتمد أنه يكفي صمتها) أي بناء على القول أنها لا
تجبر وقد علمت أن المعول عليه أنها تجبر إذا خيف فسادها. قوله: (أو أفتيت عليها) أي بالعقد ولو رضيت
بالخطبة قبل ولم تأذن في العقد لان الخطبة غير لازمة لجواز الرجوع عنها فلا تكفي عن عرض العقد
عليها والاستئذان فيه وتعيين الصداق. قوله: (وصح إلخ) هذا شروع في شروط صحة العقد على المفتات
عليها إذا رضيت بعقد وليها عليها افتياتا. قوله: (حينئذ) أي حين إذ رضيت بالقول. قوله: (واليوم بعد)
لا يخفى معارضة مفهوم هذا مع مفهوم قوله: ويسار إليها بالخبر في وقته، والظاهر أن العبرة بمفهوم هذا
اه‍ عدوي. قوله: (فلا يصح رضاها به) أي بالنكاح، وقوله معه أي مع تأخر وصول الخبر إليها يوما وقيل
يصح، وسبب الخلاف هل الخيار الحكمي كالشرطي أم لا؟ أي أهل الخيار الذي جر إليه الحكم وهو
الخيار الذي في المدة التي بين العقد ورضاها كالخيار الحاصل بالشرط وحينئذ فيفسخ النكاح، ولا
عبرة بذلك الرضا الواقع بعد اليوم أوليس مثله. قوله: (بالبلد) أي الذي وقع فيه العقد افتياتا ولو بعد
طرفاه لأنه لما كان البلد واحدا نزل بعد الطرفين منزلة القرب بخلاف البلدين ولو تقاربا فإن شأنهما بعد
المسافة اه‍ عدوي قوله: (أي المكانان) أي المكان الذي فيه الزوجة والمكان الذي وقع فيه العقد افتياتا.
قوله: (ولم يقر الولي به) فإن أقر الولي الواقع منه الافتيات بالافتيات حال العقد فسخ اتفاقا وإن قرب
رضاها كما قال ابن رشد اه‍ خش. قوله: (وبقي شرط رابع) في الحقيقة هو شرط خامس في صحة
عقد المفتات عليها. وحاصل المسألة أن المفتات عليها سواء كانت بكرا أو ثيبا إنما يصح نكاحها
إذا رضيت بذلك العقد بالنطق، وأن يكون رضاها قريبا زمنه من العقد، وأن تكون المرأة في البلد التي
وقع فيها العقد افتياتا، وأن لا يقر الولي الذي وقع منه الافتيات بالافتيات حالة العقد، وأن لا يقع منها
رد قبل الرضا، والشارع جعل الشروط أربعة نظرا لكون المشروط فيه صحة نكاح المفتات
عليها التي رضيت بالقول. قوله: (فلا عبرة برضاها بعده) أي بعد الرد ولو قرب الرضا. قوله: (كالافتيات
عليها) أي فيصح العقد إن رضي الزوج به نطقا بالشروط الأربعة المتقدمة. قوله: (مطلقا)
أي وجدت كل الشروط أو بعضها أو عدمت رأسا. قوله: (أشخاصا ثلاثة) جعلها ثلاثة باعتبار
استثنائه وإن كان في الواقع لا خصوصية لهؤلاء الثلاثة بل كل ولي كذلك على ما يأتي للشارح.
قوله: (وإن أجاز مجبر إلخ). حاصله أن المجبر إذا كان له ابن أو أخ أو أب أو جد ثم إنه زوج ابنة ذلك المجبر
أو أمته بغير إذنه والحال أنه حاضر، فلما اطلع المجبر على ذلك أجازه فإن النكاح يمضي إذا كان ذلك المجبر
228

فوض لذلك العاقد أموره وثبت التفويض ببينة. قوله: (صدر) أي ذلك النكاح. قوله: (لأنه نص
المدونة إلخ) قال في التوضيح وألحق بهم ابن حبيب سائر الأولياء: إذا قاموا هذا المقام الأبهري
وابن محرز وكذلك الأجنبي لأنه إذا كانت العلة تفويض المجبر فلا فرق، وكلام المدونة يحتمل أن
يكون موافقا لهما، ويحتمل أن يكون مخالفا لهما، ويحتمل أن يكون موافقا لابن حبيب خاصة
اه‍ كلامه. فظاهره أن هذه احتمالات فقط وظاهر عبق أنها تأويلات للشيوخ اه‍ بن. قوله: (في ولي)
أي في صورة عقد ولي. قوله: (وثبت التفويض ببينة) أي تشهد على أن المجبر نص له على التفويض
بأن قال له: فوضت إليك جميع أموري، أو أقمتك مقامي في جميع أموري، أو تشهد على أنهم يرونه
يتصرف له تصرفا عاما كتصرف الوكيل المفوض له، وظاهر المصنف أن التفويض إنما يثبت بالبينة
لا بقول المجبر وهو كذلك. قوله: (جاز) أي مضي قوله: (وهل محل الجواز) أي المضي والصحة.
قوله: (تأويلان) الأول لحمد يس والثاني لأبي عمران الفاسي. قوله: (وفسخ إلخ) حاصله أن المجبر إذا
كان غائبا غيبة قريبة كعشرة أيام أو كان حاضرا ثم إن الحاكم أو غيره من الأولياء زوج ابنته أو أمته بغير
إذنه ولم يفوض له أموره فإن النكاح يفسخ أبدا ولو أجازه المجبر بعد علمه ولو ولدت الأولاد.
قوله: (وهذا) أي ما ذكره من تحتم الفسخ ولو أجازه المجبر إذا كانت النفقة جارية إلخ أي ومحله أيضا ما لم يتبين
إضراره بها بغيبته بأن قصد تركها من غير زواج، فإن تبين ذلك كتب له الحاكم إما أن تحضر تزوجها أو
توكل وكيلا يزوجها وإلا زوجناها عليك، فإن لم يفعل زوجها الحاكم عليه ولا فسخ كما قال الرجراجي.
قوله: (وإلا زوجها القاضي) أي سواء كانت بالغة أو لا ولو لم تبلغ عشرا، ولو لم تأذن بالقول كما قال ابن
رشد واللخمي، فعلم من هذا أن الصغيرة غير اليتيمة تزوج إذا خيف عليها الضيعة أو عدمت النفقة وأنه
يزوجها الحاكم لا وليها خلافا لابن وهب فليست كاليتيمة من كل وجه، ألا ترى أن هذه لا يزوجها
إلا الحاكم واليتيمة يزوجها وليها بعد مشورة الحاكم؟ قاله شيخنا العدوي قوله: (وزوج الحاكم إلخ) يبقى
الكلام في الغيبة المتوسطة، والظاهر أن ما قارب الشئ يعطي حكمه ويبقى الكلام في النصف والظاهر
أنه يحتاط فيه ويلحق بالغيبة القريبة فيفسخ. قوله: (في كإفريقية) أي في كل غيبة بعيدة كإفريقية، ومحل
جواز تزويج الحاكم لها إذا كانت بالغا وإلا فلا يزوجها ما لم يخف عليها الفساد وإلا زوجها كما قال
ابن حارث. قوله: (ولو دامت نفقتها) هذا هو الراجح كما في ح خلافا لما اعتمده طفي من اشتراط
قطع النفقة وخوف الضيعة لان الأول ظاهر المدونة والثاني قول الإمام مالك في كتاب محمد. قوله: (وإذنها
صمتها) هذا هو الصواب خلافا لقول عبق، لا بد من إذنها بالقول إذ لم يعدها فيما مر. قوله: (ولو جبرا
على المعتمد) هو ما قاله اللخمي ورجحه بعضهم خلافا لما في عبق. قوله: (وظهر من مصر) استبعد
هذا ابن عبد السلام. قوله: (وقال الأكثر إلخ) استظهر هذا ابن عبد السلام لان المسألة لمالك لا لابن
القاسم، وقد يقال: إن المسألة وإن كانت لمالك لكن ابن القاسم لما قررها بمصر ولم يعين المبدأ
فقد أفاد أن أفريقية بعيدة من البلدين وهذا هو الذي ينبغي قاله شيخنا. قوله: (وتؤولت أيضا
بالاستيطان) أي كما أنها تؤولت على أن للحاكم أن يزوجها في غيبته البعيدة كإفريقية سواء كان متوطنا
بها أم لا تؤولت على أنه لا يزوجها إلا إذا كان متوطنا بالفعل بإفريقية ونحوها، وأخر هذا التأويل
لان ابن رشد ضعفه وقال: لا وجه له انظر بن. قوله: (وأما من خرج لتجارة) أي لإفريقية ونحوها.
229

قوله: (ونيته العود) الأولى ويرجى عوده، وقوله فلا يزوج الحاكم ابنته أي على هذا التأويل الثاني.
قوله: (كغيبة الأقرب إلخ) حاصله أن الولي الأقرب غير المجبر إذا غاب غيبة مسافتها من بلد المرأة
ثلاثة أيام ونحوها ودعت لكف ء وأثبتت ما تدعيه من الغيبة والمسافة والكفاءة فإن الحاكم يزوجها
لا الأبعد، فلو زوجها الأبعد في هذه الحالة صح كما يدل عليه قوله: وبأبعد مع أقرب، فلو كان لهذا الغائب
وكيل مفوض لتولى التزويج لان الغائب نزله منزلة نفسه، وليست الثيب مستثناة من الوكالة كالبكر.
قوله: (وإن أسر أو فقد فالأبعد من الأولياء) أي يزوجها برضاها لو جرت النفقة عليها ولم يخف
عليها ضيعة، قال المتيطي: وبه القضاء ولا يزوجها الحاكم، قال بن: وقد تبع المصنف في هذا ما رجحه
المتيطي، والذي لابن رشد الاتفاق على أن الأسير والمفقود كذي الغيبة البعيدة لا يزوج ابنتهما
إلا الحاكم ولا ينقل الامر للأبعد، وصوبه بعض الموثقين قائلا: أي فرق بين الفقد والأسر وبعد الغيبة انظر
المواق، لكن في حاشية شيخنا أن المشهور ما قاله المتيطي وذلك لتنزيل أسر الأقرب وفقده منزلة موته
وهو إذا مات تنتقل الولاية للأبعد بخلاف بعيد الغيبة فإن حياته معلومة فتأمل. قوله: (من فقد شرط
الولي) أي من فقد شرطا من شروطه فشرط في كلامه مفرد مضاف يعم قوله: (كذي رق) أي ما ينتقل
الحق في العقد للأبعد إذا كان الأقرب ذا رق كما لو كان الأب أو المالك رقيقا. قوله: (على وليته) أي التي
هي بنته أو أمته، وقوله: أو كانت دنيئة أي ولو كانت دنيئة ولو كان أذن له سيده فهما داخلان في حيز
المبالغة. قوله: (بطلقة) متعلق بقوله: فسخ أبدا. قوله: (ذكرا) مفعول لقوله: وكلت، وقوله: مستوفيا
للشروط أي الستة المعتبرة في الولي المباشر لعقد الأنثى. وقوله في عقد الأنثى متعلق بوكلت وإنما وكلت
من ذكر لان لكل منهن حقا في ولاية النكاح ولا يصح مباشرتها له. قوله: (فكل واحدة ممن ذكر تلي
تزويجه على المشهور) أي وهو قول ابن القاسم في العتبية والواضحة، وقيل لا تقبل المرأة للذكر نقله
عبد الوهاب. قوله: (كبعض الإناث) أي وهو المالكة والوصية والمعتقة المتقدم ذكرهن فإنهن يمنعن
المباشرة للعقد وإن كانت الولاية ثابتة لهن. قوله: (لعدم) أي ولا يباشر العقد لعدم أهليته لمباشرته.
قوله: (طلب فضلا) أي فإن لم يطلب فضلا بزواجها فليس له أن يوكل من يعقد عليها بل المتولي لعقدها
إنما هو سيده وتوكيله باطل، وإن أجازه السيد جاز، فلو جهل الامر ولم يعلم هل طلب بزواجها فضلا أم لا
حمل على عدم طلب الفضل حتى يثبت خلافه. قوله: (بأن يزيد) أي ما طلبه. قوله: (لأنه أحرز) علة
لمحذوف أي وإنما جاز للمكاتب تزويج أمته إذا طلب فضلا في مهرها. قوله: (ولا يوكلون) أي لا يوكل
الزوج ولا المرأة ولا الولي المحرم كل منهم، ويستمر المنع إلى تمام الاحلال بالرمي والطواف والسعي في
230

الحج والعمرة. قوله: (ولا يجيزون) أي إذا أفتيت على واحد منهم فالاحرام كما يمنع من عقد النكاح يمنع من
التوكيل عليه ويمنع من إجازته. قوله: (ويفسخ أبدا) أي قبل البناء وبعده ولو ولدت الأولاد لكنه
لا يتأبد به التحريم. ابن عرفة: ومن قدم سعيه وأفاض ونسي الركعتين وعقد فإن نكح بالقرب
فسخ وإن تباعد جاز نكاحه، ونقله ابن رشد وقال: القرب أن يكون بحيث يمكنه أن يرجع فيبتدئ
طوافه ويعلم منه أن القرب والبعد منظور فيهما لترك الركعتين مع ابتداء العقد لأنه منظور فيهما للعقد
مع وقت الاطلاع عليه، فإذا عقد قبل أن يصل لبلده كان ذلك قربا، وإن عقد بعد الوصول لبلده كان بعدا.
قوله: (فلا يكون المسلم وليا لقريبته الكافرة) أي وأولى غيرها فلو وقع وتولى نكاحها فإن كان لمسلم
فسخ وإن كان لكافر ترك كما قاله المصنف بعد. قوله: (فيزوجها سيدها المسلم لكافر فقط) أي لعبد كافر له
أو لغيره لا لمسلم وتوقف الشيخ سالم السنهوري في تزويجها لحر كافر وقال: لا أعرف فيه شيئا والظاهر أنه
لا يصح لوجود علة عدم تزويج الحر الأمة وهو استرقاق الولد، وقال الشيخ إبراهيم اللقاني: عمومات
كلامهم تشمل عقده للكافر حرا أو رقيقا فليحرر اه‍ شيخنا. قوله: (من غير نساء الجزية) أي حالة كون
تلك المعتقة ليست من نساء أهل الجزية، وإنما قدرنا أهل لأن النساء لا جزية عليهن مطلقا، وإنما
هي على الرجال الأحرار أصالة، أو المعتقين بفتح التاء إذا كان عتقهم من كافر مطلقا أي ببلد الحرب
أو ببلد الاسلام، أو كان عتقهم من مسلم بدار الحرب فقط، واحترز المصنف بقوله: من غير نساء
أهل الجزية عما لو كانت من نساء أهل الجزية بأن عتقها مسلم ببلد الحرب أو أعتق كافر
أمته ببلد الحرب أو الاسلام ثم أسلم فإنه لا يزوجها إذ لا ولاية له عليها اللهم إلا أن تسلم.
قوله: (على كافرة) أي هذا إذا كانت قريبة له بل ولو إلخ. قوله: (ترك) أي وأما لو زوجها المسلم فإنه يفسخ أبدا
خلافا لأصبغ القائل بعدم الفسخ. قوله: (وقد ظلم المسلم نفسه) أي لإعانته الكافر على ذلك العقد.
قوله: (لينظر فيه) أي فإن وجده صوابا أمضاه وإلا رده. قوله: (فإن لم يفعل) أي فإن لم ينظر فيه لولي. قوله: (كمن
لا ولي له) أي والحال أنه ذو رأي فإنه يجوز إنكاحه اتفاقا. قوله: (فيفسخ عقده) أي إن لم يكن نظرا وإلا
مضى أي أنه يكون معرضا للفسخ بحيث يجب على الولي النظر فيه، فإن وجده نظرا أمضاه وإلا رده،
كذا قرره شيخنا العدوي. وفي المواق: وإن كان ناقص التمييز خص وليه بالنظر في تعيين الزوج
وتزوج بنته كيتيمة، ويختلف فيمن يلي العقد هل الأب أو الولي؟ ولو عقد حيث يمنع منه نظر فإن
كان حسن النظر أمضاه وإلا فرق بينهما اه‍ بن. قوله: (وصح توكيل زوج الجميع) اعلم أن توكيل
الزوج للجميع جائز ابتداء، وإنما عبر المصنف بالصحة لأجل قوله: لا ولي إلا كهو اه‍ بن. ويدل لجوازه
ابتداء ما في سماع عيسى ونصه: لا بأس أن يوكل الرجل نصرانيا أو عبدا أو امرأة على عقد نكاحه اه‍.
وقول الشارح: والصبي أي المميز وأما غيره فهو كالمعتوه. قوله: (إلا كهو) أدخل الكاف على الضمير على
مذهب ابن مالك القائل بجوازه على قلة، ومذهب غيره لا يجوز إلا في الضرورة. قوله: (وعليه الإجابة
لكف ء رضيت به) أي سواء طلبته للتزوج به أو لم تطلبه بأن خطبها ورضيت به لأنه لو لم يجب لذلك مع
كونها مضطرة لعقده كان ذلك ضرارا بها، وأما الأب المجبر فلا يجب عليه الإجابة لكفئها لأنه يجبرها إلا
لكخصي إلا أن يتبين عضله وإلا وجب عليه الإجابة لكفئها، ومحل كلام المصنف ما لم تكن كتابية وتدعو
لمسلم وإلا فلا تجاب له حيث امتنع أولياؤها لان المسلم غير كف ء لها عندهم فلا يجبرون على تزويجها به قاله
شيخنا. قوله: (وكفؤها أولى) أي لأنه أقرب لدوام العشرة. قوله: (فيأمره الحاكم) أي فإن امتنع الولي من
231

تزويجها بالكف ء الذي رضيت به في المسألتين أمره الحاكم إلخ. قوله: (في المسألتين) الأولى: ما إذا
طلبها كف ء ورضيت به طلبت التزويج به أولا. والثانية: ما إذا دعت لكف ء ودعا وليها لكف ء آخر.
قوله: (ولم يظهر له إلخ) أي وأما إن سأله عن وجه امتناعه فأبدى له وجهه ورآه صوابا ردها إليه.
قوله: (ثم إن امتنع) أي بعد أمر الحاكم زوجها الحاكم. وحاصل الفقه أنه إذا امتنع الولي غير المجبر
من تزويجها بالكف ء الذي رضيت به في المسألتين فإن الحاكم يسأله عن وجه امتناعه، فإن أبدى
وجها ورآه صوابا ردها إليه وإن لم يبد وجها صحيحا أمر بتزويجها، فإن امتنع من تزويجها بعد الامر
زوجها الحاكم، هذا حاصل كلام الشارح وهو الصواب خلافا لما في عبق فانظره. قوله: (ولا ينتقل)
أي بسبب امتناعه من تزويجها لكفئها الحق للأبعد مثله في التوضيح ونصه قال في العمدة: المزوج
مع عضل الأب الحاكم بلا إشكال كما نص عليه المتيطي وغيره من الموثقين وهو ظاهر في أنه إذا امتنع
الولي الأقرب انتقلت الولاية للحاكم لا للأبعد، وخالف في ذلك ابن عبد السلام فقال: إنما يزوجها
الحاكم عند عدم الولي غير العاضل، وأما عند وجوده فينتقل الحق للأبعد لان عضل الأقرب
واستمراره على الامتناع صيره بمنزلة العدم فينتقل الحق للأبعد، وأما الحاكم فلا يظهر كونه وكيلا له
إلا إذا لم يظهر منه امتناع كما لو كان غائبا مثلا، وما في التوضيح تبعا للمدونة استصوبه بن، وما
لابن عبد السلام استصوبه شيخنا في حاشية خش. قوله: (لان الولي إلخ) علة لقوله: ثم زوج الحاكم أوكل
من يعقد لها. قوله: (ولا يعضل أب) أي لا يعد الأب المجبر عاضلا لمجبرته برده لكفئها ردا متكررا وذلك
لما جبل عليه الأب من الحنان والشفقة على بنته ولجهلها بمصالح نفسها، فربما علم الأب من حالها أو من
حال الخاطب ما لا يوافق، فلا يعد عاضلا بما ذكر حتى يتحقق عضله. وفي البدر القرافي عن
ابن حبيب: منع مالك بناته وقد رغب فيهن خيار الرجال وفعله العلماء قبله وبعده وحاشاهم أن يقصدوا
به الضرر. قوله: (ومثله وصية المجبر) وقيل: إن الوصي المجبر يعد عاضلا برد أول كف ء وهو ظاهر
المصنف. قوله: (الأولى مجبرة) أي وأما غير المجبرة سواء كانت ثيبا أو بكرا مرشدة فيعد الأب عاضلا
برد أول كف ء كما أن غيره من الأولياء كذلك. قوله: (أو اتحد) أي ولكنه رده ردا متكررا.
قوله: (ولو بمرة) بل ولو بدون مرة أصلا كما قال شيخنا. وقوله: أمره الحاكم أي بالتزويج. وقوله: ثم زوج
أي إذا امتنع منه بعد أمره به ولا يسأله الحاكم عن وجه امتناعه إذ لا معنى للسؤال مع تحقق العضل،
وقد تقدم أن من عضلت لا بد من إذنها بالقول. قوله: (أن يزوجها ممن أحب) أي بأن قالت لوليها: زوجني
ممن أحببت وأولى إذا لم تقل ممن أحببت بأن قالت: وكلتك على أن تزوجني فلا بد أن يعين لها الزوج
قبل العقد. قوله: (وإلا يعين) أي وإلا يعينه لها قبل العقد بل زوجها من غير تعيين له معتمدا على عموم
إذنها. قوله: (فلها الإجازة والرد) أي سواء زوجها من نفسه أو من غيره، هذا قول مالك في المدونة، وفيها
لابن القاسم إن زوجها من غيره لزمها ومن نفسه خيرت اه‍ بن. وسواء زوجها بمهر المثل أو بدونه
فالخيار لها مطلقا. قوله: (ولو بعد) المبالغة راجعة للإجازة فقط لان الخلاف إنما هو فيها وظاهره ولو
كان البعد جدا ولأجل كون المبالغة راجعة للإجازة فقط اقتصر المصنف عليها. وحاصله أن لها الرد
في حالة القرب والبعد اتفاقا، وكذلك لها الإجازة في حالة القرب اتفاقا، وفي حالة البعد على المعتمد خلافا
لابن حبيب القائل: إنه يتحتم الرد في حالة البعد وإنما كان لها الإجازة في حالة البعد لأنها وكلت بخلاف
المفتات عليها فإنها لما لم توكل اشترط قرب رضاها وإجازتها. تنبيه: تكلم المصنف
على حكم ما إذا وكلته على أن يزوجها ممن أحب وسكت عن حكم ما إذا وكلته على أن يزوجها ممن أحبت هي فزوجها
من غير تعيين له قبل العقد والحكم أنها كالمفتات عليها فيصح النكاح إن قرب رضاها بالبلد ولم يقربه
232

حال العقد، وذلك لشدة الافتيات عليها في هذه أكثر من مسألة المصنف لاسنادها المحبة لها فيها.
قوله: (إذا كانت ممن تليق به) أي لان الرجل إذا كره النكاح قدر على حله لان الطلاق بيده بخلاف
المرأة، ولا عبرة بضياع المال وهو نصف الصداق لأنه داخل عليه بتوكيله، ومفهوم قوله: إن كانت ممن
تليق به أنه إن زوجه ما لا تليق به والحال أنه لم يعينها له قبل العقد فإن النكاح لا يلزم، وظاهر كلام
المصنف أنه لا فرق في هذه المسألة بين أن تكون صيغة الزوج للوكيل زوجني ممن أحببت أنت أو أنا
أو زوجني وأطلق، وقول الشارح يعني إذا وكل إلخ لا شك أن هذا عكس للمسألة السابقة في الحكم وفي
التصوير في الجملة، أما كون العكس في الحكم فظاهر، وأما في التصوير فلان الموكل في الأولى امرأة
وكلت رجلا وهنا الموكل رجل وكل رجلا فلذا قلنا في الجملة، فإذا كان الرجل وكل امرأة كان عكسا
في الحكم والتصوير حقيقة، وإن حمل العكس على هذا صح، إلا أنه يستثنى ما إذا زوجته الوكيلة من
نفسها وإلا خير بين الإجازة والرد، لان الوكيل على شئ لا يسوغ له أن يفعله مع نفسه، فليس لمن وكل
على بيع أو شراء أن يبيع أو يشتري من نفسه. قوله: (ومن يزوج بولاية الاسلام) أي والمعتق
الأعلى والوصي والمولى الأسفل على القول بولايته. قوله: (فرضيت بالقول) أي إن كانت ثيبا أو ما في
حكمها من الابكار السبعة. قوله: (أو الصمت) أي إن كانت بكرا ليست من السبعة المتقدمة.
قوله: (بتزوجتك بكذا) أي ولا يحتاج لقوله قبلت نكاحك بنفسي بعد ذلك لان قوله: تزوجتك فيه قبول قاله
الشيخ سالم وبهرام في كبيره. قوله: (عطف على تزويج) أي عطف مرادف أو تفسير وكان الأولى
للمصنف أن يذكره بعد تزوجها من نفسه لأنه تفسير أو مرادف له. قوله: (وإن استفيد مما قبله) أي
وهو قوله تزوجها من نفسه. قوله: (وقال بل عقدت) أي لك على فلان. قوله: (إن ادعاه الزوج)
أي المعهود وهو الذي عينه الوكيل. قوله: (فلها أن تتزوج غيره) أي فلو صدقته على وقوع العقد وادعت
عزله قبله وقال الوكيل بل العزل إنما حصل بعده، فحكى ابن بشير في أيهما يصدق قولين، والراجح
منهما أن القول قوله: إلا أن يطول ما بين التوكيل وعقد النكاح نحو ستة أشهر وإلا فيقبل قولها ويحمل
على العزل. قوله: (بأن قال كل منهم: أنا الذي أتولاه) هذا محمول على ما إذا فوضت أمر العقد لأي واحد
من أعمامها مثلا، وأما لو عينت واحدا من الاخوة مثلا فلا كلام لغيره من بقية الاخوة ولا يسوغ له
منازعته قاله شيخنا. قوله: (ولم تعين المرأة) بل قالت: كلهم خيار وبركة. قوله: (نظر الحاكم فيمن يزوجها
منه) فيه نظر بل ينظر الحاكم فيمن يراه أحسنهم رأيا من الأولياء فيحكم بأنها إنما تزوج بفلان، والذي
يباشر العقد الولي لا أن الحاكم يتولى العقد له كما يوهمه كلام الشارح. قوله: (وإن أذنت لوليين) هذا
فرض مثال، إذ لو أذنت لأولياء فالحكم كذلك، وأما إذا أذنت لولي واحد في أن يزوجها فعقد لها على
اثنين فلا بد من فسخ نكاح الثاني ولو دخل بها. واعلم أن مسألة ذات الوليين على ثلاثة أقسام وذلك
لأنهما إما أن يعقدا لها بزمنين ويعلم السابق أو يجهل أو بزمن واحد، ففي القسم الأول تكون للأول على
التفصيل الذي ذكره المصنف ويفسخ نكاح الاثنين في القسم الثاني والثالث، وما ذكره المصنف من
التفصيل في القسم الأول محله إذا كانت حين عين لها الثاني ناسية للأول أو اتحد اسم الزوجين أو
اعتقدت أن الثاني هو الأول فاندفع ما يقال ما ذكره المصنف لا يتصور لان أشهر القولين لا بد أن يعين
لها الزوج وإلا فلها الخيار، فإن عين كل من الوليين الزوج فلا يتصور هذا التفصيل فيها لأنها تكون للأول
مطلقا لعلمها بالثاني، وإن لم يعين كل منهما الزوج فلها البقاء على من اختارت البقاء عليه سواء كان الأول
أو الثاني من غير نظر لتلذذ من الأول أو الثاني اه‍ عدوي. قوله: (فعقدا لها على الترتيب) أي بدليل قوله:
233

فللأول. وقوله: وعلم الأول والثاني أي بدليل قوله: أو جهل الزمن. قوله: (فللأول) أي فهي للأول أي
فهي للمعقود له أولا. قوله: (أي وإن انتفى إلخ) أي إن كان تلذذه بها في حال عدم العلم بأنه ثان منتفيا.
قوله: (عالما) أي بأنه ثان. قوله: (ببينة إلخ) أي وثبت ذلك العلم ببينة على إقراره به قبل التلذذ بأن أقر قبل
أن يتلذذ أنه يعلم أنه ثان وشهدت عليه البينة بذلك الاقرار ثم تلذذ، وأما لو أقر بذلك فقط بعد التلذذ
أي بأن أقر بعده أنه يعلم قبله أنه ثان فلا تكون للأول لاحتمال كذبه وتكون للثاني ولكنه يفسخ
نكاحه بطلاق عملا بإقراره لأنه مختلف فيه. والحاصل أنه إذا ادعى كل من الزوج الثاني أو الزوجة
بعد التلذذ أو ادعى الولي بعد العقد أنه كان عالما عند العقد أو قبله بأنه ثان فإنه يفسخ النكاح في المسائل
الثلاث وتكون للأول فيها إن ثبت ذلك العلم ببينة وإن لم يثبت ما ذكر ببينة، فإن كانت الدعوى من
الزوجة أو الولي بما ذكر فلا أثر لها، وإن كانت من الزوج فسخ نكاح كل من الأول والثاني بطلاق، أما
الأول فلاحتمال كذبه، وأما الثاني فعملا بإقراره قاله شيخنا. قوله: (وقيل بطلاق) هذا القول للقوري
قال شيخنا: لا يخفى أن هذا هو الظاهر لأنه نكاح مختلف فيه، وعليه فلا حد على الثاني بدخوله عالما بالأول
كما في المعيار. قوله: (ومفهومه أنه لو تلذذ إلخ) المراد بالتلذذ إرخاء الستور وإن لم يحصل مقدمات كما هو
ظاهر نصوصهم خلافا للشارح تبعا لخش من أن المراد التلذذ بمقدمات الوطئ فما فوقها قاله شيخنا العدوي.
قوله: (كانت له) أي للثاني لا للأول ولو طلقها الثاني ويلزمه ما أوقعه من الطلاق ويفسخ نكاح
الأول بطلاق لان ابن عبد الحكم يقول: لا تفوت على الأول بحال. قوله: (تفويضه) مصدر مضاف
لمفعوله أي تفويضها له. قوله: (ردا على من قال إلخ) أي وهو الباجي قوله: (دون الثاني ولو دخل) أي
الثاني بها قوله: (إن لم تكن حال تلذذه إلخ) يرد على هذا الحل من عقد في عدة وفاة الأول ووطئ بعدها
فإن منطوقه يقتضي أنها تكون للثاني مع أنه يجب الفسخ ويتأبد التحريم لقوله فيما مر بوطئ ولو بعدها،
فينبغي أن يقرر كلامه بأن المعنى إن لم تكن حين عقد الثاني أو تلذذه في عدة وفاة من الأول لأجل أن
يشمل هذه الصورة تأمل. قوله: (في عدة وفاة) بيان للواقع لا للاحتراز إذ لا تكون العدة هنا إلا عدة
وفاة لان الطلاق الواقع من الأول إنما يكون قبل الدخول والمطلقة قبل الدخول لا عدة عليها، ولا
يتأتى أن يكون الأول دخل بها وتكون للثاني. قوله: (وإلا لم تكن له) أي وإلا بأن تلذذ بها الثاني في حال
عدتها من وفاة الأول لم تكن له، كما لو مات الأول عنها قبل دخول الثاني بها ثم دخل بها الثاني بعد موته
وقبل انقضاء عدة الأول فيفسخ نكاحه وترد لاكمال عدة الأول كان العقد بعد وفاة الأول أو قبل
وفاته كما أشار له المصنف بقوله: ولو تقدم العقد على الأظهر. قوله: (فهو شرط ثان) أي والأول أن
يتلذذ بها وهو غير عالم بالأول. قوله: (فإن كانت إلخ) أشار بهذا إلى أن قول المصنف: ولو تقدم
العقد مبالغة في مفهوم ما قبله وهو الشرط الثاني. وقوله: فإن كانت في عدة وفاة أي حال تلذذ
الثاني. قوله: (ولو تقدم إلخ) أي هذا إذا تأخر عقد الثاني على موت الأول بل ولو تقدم عقده على
موته فيفسخ نكاح الثاني على الأظهر. قوله: (على الأظهر) قال ح: الأليق بقاعدة المؤلف
أن يشير لابن رشد بالفعل بأن يقول على ما ظهر لأنه من عند نفسه مقابلا لقول ابن
المواز لا أنه اختيار له من خلاف. وأجاب الشيخ أحمد الزرقاني بما حاصله: إنه لما كان ما قاله
ابن رشد هنا لم يخرج عن إطلاقات الأقوال كأنه اختيار من خلاف لان ابن عبد الحكم يقول
إنها للأول مطلقا ولا تفوت عليه بحال، والباجي يقول: إذا تقدم التفويض للثاني فهي له بالتلذذ مطلقا
ولو في عدة وفاة الأول. قوله: (وقال ابن المواز إلخ). حاصل كلامه أن عقد الثاني المتلذذ بها في عدة
234

وفاة الأول إن كان واقعا بعد وفاة الأول فإنه يفسخ، وإن كان قبل وفاة الأول فإنه يقر ولا ميراث لها
من الأول. قوله: (وعلى استظهار ابن رشد يتأبد تحريمها عليه) وترث الأول قال في المقدمات: لأنها بمنزلة
امرأة المفقود فتزوج بعد ضرب الاجل وانقضاء العدة ويدخل بها زوجها فينكشف أنها تزوجت
قبل وفاة المفقود ودخلت بعد وفاته في العدة وقد جزموا بتأبيد حرمتها ولا فرق بين المسألتين اه‍.
والحاصل أنه إن وقع العقد عليها بعد الوفاة يتأبد تحريمها باتفاق وإن كان قبل وفاة الأول، فتأبيد تحريمها
عند ابن رشد نظرا لوقوع الوطئ في العدة لا عند ابن المواز لأن العقد وقع على ذات زوج. قوله: (أو
لبينة) أي وكذا يفسخ نكاح الثاني فقط بلا طلاق لأجل بينة شهدت عليه بأنه أقر قبل الدخول أنه
يعلم أنه ثان، والحال أن العقد لهما وقع على الترتيب وعلم الأول والثاني. قوله: (فإنه يفسخ نكاحه بلا
طلاق) فيه أنه نكاح مختلف فيه لان بعضهم يقول: إنها للثاني ولو مع علمه بالأول، فقضية ذلك أن يكون
الفسخ بطلاق. قوله: (وترد إلخ) وهل يتأبد تحريمها على الثاني إذا وطئ في العدة والحال أنه قد عقد
قبل وفاة الأول أم لا لأن العقد قد وقع على ذات زوج؟ والظاهر الأول نظرا لوقوع الوطئ في العدة
كما هو الذي جزموا به في مسألة المفقود كذا قرر وأظنه لعج اه‍ عدوي. قوله: (بأنه دخل عالما) أي
قبل الدخول أنه ثان. وقوله: لاحتمال إلخ الأولى عملا بإقراره ويجعل قوله: لاحتمال إلخ علة لقوله: ولا
تكون للأول والحال أنه يفسخ نكاح كل منهما بطلاق بائن. قوله: (مع تحقق وقوعهما في زمنين) أي
وأما مع احتمال اتحاد زمنهما فهو داخل في قوله: إن عقدا بزمن فالفسخ للنكاحين بلا طلاق حينئذ.
قوله: (إذا لم يدخلا إلخ) هذا التفصيل هو المعول عليه وهو ما في الشيخ سالم وشب و ح نقلا عن
الرجراجي، خلافا لما في عبق من فسخ النكاحين مطلقا دخلا أو أحدهما أو لم يدخل واحد منهما.
قوله: (وإن ماتت) أي قبل الفسخ لعدم الاطلاع عليه. وقوله: وجهل الأحق جملة حالية أي والحال أنه
جهل الأحق بها منهما أي جهل المستحق لها منهما فأفعل ليس على بابه وهو الذي يقضي له بالزوجية
لو علم به وهو إما الأول قبل دخول الثاني أو الثاني بعد دخوله. قوله: (قولان) القول الأول لابن محرز
وأكثر المتأخرين واختار التونسي الثاني، والذي يظهر من كلام بهرام والمواق ترجيحه وكان الأولى
أن يقول تردد لان هذا تردد للمتأخرين لعدم نص المتقدمين، وقد علمت أن محل الخلاف إذا كان
العقدان مترتبين تحقيقا ولم يعلم السابق منهما، وأما إن وقعا في زمن ولو وهما وماتت قبل الفسخ فلا
إرث اتفاقا لأنه يفسخ بلا طلاق للاتفاق على فساده. قوله: (إلا الصداق) أي وإن كان لها مال غير
الصداق وقع الإرث في كل منهما. قوله: (أي فعلى كل واحد منهما ما زاد من الصداق على إرثه إلخ)
أي من التركة وهي مجموع ما خلفت والصداق الذي عليه ولا ينظر للصداق الذي على صاحبه، فلو كان
ما يرثه من التركة المذكورة أزيد من صداقها لا يكون له شئ ولا عليه شئ كما إذا كان ما يرثه مساويا
لصداقها، وإن لم يكن لها مال أصلا غرم الصداق كله وإن كان لها مال وورث منه أقل من الصداق
لزمه الزائد من الصداق على ما يرثه لورثتها، فإذا خلفت خمسين وأصدقها أحدهما خمسين
وأصدقها الآخر مائة فلا شئ على ذي الخمسين لأنها قدر إرثه من مجموع صداقها وما خلفته
ويغرم صاحب المائة خمسة وعشرين لان ما خلفته مع صداقه مائة وخمسون يرث من ذلك خمسة
وسبعين حيث لا ولد وزيادة صداقه على إرثه خمسة وعشرون. والحاصل أن القول الأول يقول
بالإرث من مالها كان قليلا أو كثيرا ويدفع الصداق ويرث منه قليلا أو كثيرا حتى لو لم يكن لها مال أصلا
235

إلا الصداق فإنه يرث منه، بخلاف القول الثاني فإنه إذا لم يكن لها مال غرم الصداق بتمامه ولا إرث وإن
كان لها مال، فإن كان ما يرث منه أزيد من الصداق أو مساويا له فلا شئ له ولا عليه، وإن ورث منه أقل
من الصداق غرم ما زاد من الصداق. قوله: (فمن لم يزد الصداق على إرثه) أي بأن كان إرثه أزيد من الصداق
أو مساويا له. قوله: (وهو محل اختلاف القولين) حاصله أن القولين متفقان على عدم أخذ شئ حيث
كان الإرث أقل من الصداق أو مساويا له، أما على الأول فلانه إذا كان الصداق قدر الميراث فيتقاصان
فيهما، وإن كان ميراثه أقل من الصداق فإنهما يتقاصان في قدر الميراث ويدفع للورثة ما زاد من
الصداق على ميراثه، وأما على القول الثاني فظاهر أنه لا يأخذ شيئا لان من عليه الغرم له الغنم وهو
لا صداق عليه في هاتين الحالتين فلا يأخذ شيئا، ويختلف القولان حيث كان إرثه زائدا على صداقه
فله أخذ الزائد على القول الأول دون الثاني. واعلم أن محل الخلاف في لزوم غرم الصداق أو زائده
إذا ادعى كل واحد أنه الأول وإلا فلا غرم لشئ اتفاقا. قوله: (أو على أحدهما إن مات فقط) وذلك لان
سبب الإرث والصداق الزوجية ولم تثبت لأنا نشك في زوجية كل منهما. والحاصل أن الفرق
بين موته وموتهما أن الزوجية في موتها محققة وكل يدعيها وفي موتهما لا يمكنها تحقيقها على كل منهما
إذ لا تتزوج المرأة باثنين ولم يتعين واحد تدعي عليه. قوله: (وأعدلية إحدى بينتين إلخ) أي كما لو أقام
أحدهما بينة أن نكاحه سابق ونكاح غيره لاحق وأقام غيره بينة على عكسه وكانت أحداهما أعدل من
الأخرى فإن زيادة العدالة كغيرها من المرجحات الآتية في باب الشهادة غير معتبرة هنا ولو صدقتها
المرأة لقيام زيادة العدالة مقام شاهد وهو ساقط في النكاح دون غيره، وحينئذ فتسقط البينتان
لتناقضهما وعدم مرجح وحينئذ فيقيد قوله فيما يأتي في الشهادات وبمزيد عدالة بغير النكاح. قوله: (ولو
صدقتهما المرأة) رد بلو قول أشهب من اعتبارها إذا صدقتها المرأة. قوله: (وبدأ بنكاح السر) أي
بحكمه حيث قال: وفسخ إن لم يدخل ويطل. وقوله: وفي ضمنه معناه أي معنى نكاح السر لان قوله: موصى
بكتمه عن امرأة أو منزل أو أيام هو معنى نكاح السر. قوله: (وفسخ موصى بكتمه) لا يخفى أن بكتمه
نائب الفاعل فهو عمدة لا يحذف إلا أن يقال إنه حذف الجار ثم المضاف فاتصل الضمير واستتر في
عامله، وإنما فسخ لان الكتم من أوصاف الزنى، فلما كان نكاح الموصي بكتمه شبيها بالزنى فسخ قاله
شيخنا. قوله: (عن امرأة الزوج) أي القديمة. قوله: (والموصى إلخ) جملة حالية. قوله: (الواو للحال وإن
زائدة) أي والحال أن الموصي بكتمه الشهود وهذا جواب عما يقال: إن المتبادر من المصنف أن
الواو للمبالغة وأن المعنى هذا إذا كان المتواصى بكتمه الزوجة أو وليها أو هما معا، بل ولو كان
المتواصى بكتمه الشهود فقط وهذا لا يصح لأنه إذا كان المتواصى بكتمه الزوجة أو الولي أو هما
لم يكن نكاح سر لان نكاح السر هو ما أوصى فيه الزوج الشهود بكتمه عن امرأته أو عن جماعة.
قوله: (إذا لم يكن الكتم خوفا من ظالم) أي يأخذ منه مالا. وقوله: أو نحوه أي كالسحر فالوصية
على الكتم خوفا من ذلك لا تضر. قوله: (أو اتفق الزوجان والولي على الكتم) أي وكذا لو
أوصى الزوج الولي والزوجة معا أو أحدهما على الكتم لم يضر. قوله: (على الكتم) أي على كتمه عن امرأة
الزوج أو عن جماعة. قوله: (وأجيب إلخ) هذا مرتبط بقوله: الواو للحال وإن زائدة فهو جواب ثان،
236

وحاصله أنا نجعل الواو في قوله: وإن بكتم شهود للمبالغة لكن مصب المبالغة ليس قوله بكتم شهود
بل قوله عن امرأة، وحينئذ فالمعنى وفسخ نكاح موصى بكتمه، هذا إذا أوصى الشهود بكتمه دائما عن
كل أحد، بل وإن أوصى الشهود بكتمه عن امرأة الزوج أو عن أهل منزل أو مدة أيام، هذا وقد تبع
الشارح فيما قاله المواق بناء على أن ما أوصى بكتمه غير الشهود ليس بنكاح سر، واستدل عليه ح بقول
ابن عرفة: نكاح السر باطل، والمشهور أنه ما أمر الشهود حين العقد بكتمه وفيه نظر، والصواب إبقاء
عبارة المصنف على ظاهرها، وأن استكتام غير الشهود نكاح سر كما التوضيح عن الباجي، ومثله في ح.
ونص الباجي: إن اتفق الزوجان والولي على كتمه ولم يعلموا البينة بذلك فهو نكاح سر اه‍. وفي
المعونة إذا تواصوا بكتمان النكاح بطل العقد خلافا للشافعي وأبي حنيفة اه‍ بن. وذكر شيخنا
العدوي ما حاصله: الأولى إبقاء كلام المتن على ظاهره، وان المعنى وفسخ موصى بكتمه هذا
إذا كان المتواصى بكتمه الشهود والزوجة والولي، بل ولو كان المتواصى بكتمه الشهود فقط دون
الزوجة والولي، أي والذي يوصى بكتمه هو الزوج فقط أو هو مع الزوجة، فالمدار على إيصاء الشهود
بالكتم أوصى غيرهم أيضا أو لا، وعلى كون الموصى بالكتم هو الزوج سواء انضم لذلك أمر غيره أم لا،
فلو استكتمت الزوجة والولي الشهود دون الزوج لم يؤثر شيئا أو اتفق الزوجان والولي على كتمه ولم
يوصوا الشهود بذلك فكذلك. والحاصل أن في نكاح السر طريقتين: طريقة الباجي وهي أن
استكتام غير الشهود نكاح سر أيضا كما لو تواصى الزوجان والولي على كتمه ولم يوصوا الشهود بذلك
ورجحها البدر القرافي وبن، وطريقة ابن عرفة ورجحها المواق و ح هي أن نكاح السر ما أوصى
الشهود على كتمه أوصى غيرهم أيضا على كتمه أم لا، ولا بد أن يكون الموصى الزوج انضم له أيضا غيره
كالزوجة أم لا، وكلام المصنف ممكن تمشيته على كل من الطريقتين، فيحتمل أن المعنى وفسخ موصى
بكتمه، هذا إذا كان المتواصى بكتمه الزوجة أو الولي أو هما معا، بل ولو كان المتواصى بكتمه الشهود
وهي طريقة الباجي، ويحتمل وفسخ موصى بكتمه هذا إذا كان المتواصى بكتمه الزوجة والولي
والشهود، بل ولو كان المتواصى بكتمه الشهود فقط وهي طريقة ابن عرفة. قوله: (عن امرأة) ظاهره
امرأة الزوج أو غيرها وهو ظاهر ما حكاه المصنف عن الواضحة، وفي كلام ابن عرفة امرأة له.
قوله: (مدة أيام) أي ثلاثة فأكثر كما رواه ابن حبيب. قوله: (مقابل) أي للمذهب حيث عبر بأيام ولم يعبر
بيومين كما قال اللخمي، وقد يقال: يمكن أن الجمع في أيام في كلام المصنف لما فوق الواحد فيكون موافقا
للخمي لا لما رواه ابن حبيب فتأمل. قوله: (أي انتفيا معا) أشار إلى أن الواو بمعنى مع وأن النفي
منصب على المجموع فيصدق بالصورتين اللتين ذكرهما الشارح. قوله: (أو دخل ولم يطل) أي ففي
هاتين الحالتين يفسخ بطلاق لأنه مختلف فيه لان الشافعي وأبا حنيفة يريان جوازه وبه قال جماعة من
أصحاب مالك. قوله: (لم يفسخ) أي على المشهور خلافا لابن الحاجب حيث قال: يفسخ بعد البناء ولو
طال. قوله: (وهو) أي الطول بالعرف ما يحصل إلخ. قوله: (وعوقبا) أي الزوجان ظاهره وإن لم
يحصل دخول لارتكابهم العصيان، لكن قال ابن ناجي: أن المعاقبة إنما تكون بعد الدخول وإن لم
يحصل فسخ بأن طال الزمان فتقيد الشارح بالدخول تبعا له. قوله: (ولم يعذرا) أي والحال أنهما لم
يعذرا بجهل فإن عذرا بالجهل لم يعاقبا. وقوله: ولم يكونا إلخ أي والحال أنهما لم يكونا مجبورين أما إن كانا
مجبورين فالذي يعاقب وليهما. قوله: (والشهود) الأرجح فيه النصب على أنه مفعول معه لضعف رفعه
عطفا على ضمير الرفع لعدم الفصل، وكلام الشارح يؤذن أنه مرفوع. قوله: (كذلك) أي إن حصل دخول
ولم يعذرا بجهل ولم يكونا مجبورين على الكتمان. قوله: (وجوبا) إنما قال ذلك لئلا يتوهم أن هذا النكاح لما كان
237

يمضي بالدخول ويكون الفسخ فيه استحبابا فدفع ذلك التوهم بقوله: وجوبا. قوله: (ويثبت بالدخول) أي
عند ابن القاسم وهو المعتمد خلافا لمن قال: يفسخ ولو دخل. قوله: (ولها مهر المثل) أي لا المسمى وإن كان
فاسدا لعقده، والقاعدة أن ما فسد لعقده يمضي بالدخول بالمسمى لان محلها ما لم يؤثر الشرط الموجب
لفساد العقد خللا في الصداق وإلا مضى بعد الدخول بصداق المثل. قوله: (لأنه يزيد إلخ) أي لأنه إن
كان الشرط منه كان الصداق كثيرا وإن كان منها كان قليلا فقوله لذلك أي لأجل ذلك شرط. قوله: (أو غير)
أي سواء كان واليا أو أجنبيا. قوله: (إلا خيار المجلس إلخ) بحث فيه بعضهم بأن اشتراطه في البيع
يفسده فأولى النكاح بل البيع أولى بالصحة لان الخيار عهد فيه وأجاب بأن النكاح مبني على المكارمة
فتسومح فيه ما لا يتسامح في غيره. تنبيه: لا إرث في النكاح بخيار إذا حصل الموت قبل الدخول
بخلاف المفتات عليها فإنها ترثه وإن كان لها الخيار لان الخيار لها من جهة الشرع لا من جهة المتعاقدين
كما هنا ذكره خش في كبيره. قوله: (أو وقع إلخ) أي كما لو قال الولي: زوجتك موكلتي بصداق قدره كذا
تأتي به آخر الشهر فإن لم تأت به فيه فلا نكاح بيننا فقال: قبلت النكاح على ذلك. قوله: (وجاء به قبل الاجل
أو عنده) أي فيفسخ قبل الدخول لا بعده على المشهور فيها، وقيل يفسخ فيهما أبدا دخل أو
لم يدخل. وفي قول مالك يفسخ دليل على انعقاد ذلك النكاح، وعليه فهم اللخمي والأكثر. المدونة:
وفهمها بعضهم على أنه منحل وإنما ينعقد عند مجئ الاجل وهو غير صحيح قاله شيخنا
قوله: (وعطف ما فسد إلخ) أي فقوله: وما فسد لصداق عطف على موصى بكتم شهود والأحسن
أنه عطف على قوله: على أن لا تأتيه إلخ أي وفسخ قبل الدخول على شرط أن لا تأتيه وفسخ قبل
الدخول نكاح فسد لصداقه كما يشير لذلك الشارح. قوله: (أو على شرط إلخ) عطف على قوله: على
أن لا تأتيه إلا نهارا لأنه مما فسد لعقده وأعاد العامل وهو على للبعد. قوله: (يناقض المقصود)
أي ويلزم من ذلك أن العقد لا يقتضيه. قوله: (كأن لا يقسم) أي كشرط أن لا يقسم لها
قوله: (على ولدها) أي من غيره أو على أمها أو أختها. قوله: (كحسن إلخ) أي كشرط حسن العشرة
وإجراء النفقة وأن لا يضر بها في عشرة وكسوة. قوله: (كالنكاح إلخ) الكاف بمعنى مثل نائب فاعل
فسخ ومطلقا حال أي فسخ مثل النكاح لأجل حالة كون ذلك النكاح مطلقا أي مدخولا فيه أو
غير مدخول فيه. فإن قلت: ما المراد بشبه النكاح لأجل؟ قلت: المراد بشبهه ما لم يصرح فيه بالتأجيل
كأن يعلم الزوج الزوجة عند العقد أنه يفارقها عند سفره كما في تزويج أهل الموسم من مكة. والحاصل
أن النكاح لأجل له صورتان: الأولى زوجني بنتك عشر سنين بكذا. والثانية: زوجني بنتك مدة إقامتي في
هذا البلد فإذا سافرت منه فارقتها فالعقد فاسد فيهما ويفسخ أبدا. قوله: (عين الاجل) أي كأتزوجك
سنة كذا أو شهر كذا بصداق قدره كذا. وقوله أو لا كأتزوجك سنة أو شهرا بكذا وظاهر
المصنف كالمدونة وغيرها كما لابن عرفة قرب الاجل أو بعد بحيث لا يدركه عمر أحدهما، وظاهر
كلام أبي الحسن أن الاجل البعيد الذي لا يبلغه عمرهما لا يضر، بخلاف ما يبلغه عمر أحدهما
238

فيضر. قوله: (وهو المسمى بنكاح المتعة) قال المازري: قد تقرر الاجماع على منعه ولم يخالف فيه إلا طائفة
من المبتدعة، وما حكي عن ابن عباس من أنه كان يقول بجوازه فقد رجع عنه. قوله: (ويفسخ بغير
طلاق) أي وعليه المسمى إن دخل لان فساده لعقده، وقيل صداق المثل لان ذكر الاجل أثر خللا في
الصداق واختار اللخمي الأول، والقول بأن الفسخ بلا طلاق ناظر إلى أن الخلاف الموجود في المسألة
غير معتبر لمخالفته للاجماع، والقول بأنه بطلاق ناظر لوجود الخلاف في الجملة وإن كان غير قوي والمعتمد
القول الأول. قوله: (ويعاقب فيه الزوجان على المذهب) أي ويلحق فيه الولد بالزوج ولا يبلغ الحاكم
بعقابهما مبلغ الحد. قوله: (وقيل يحدان) أي وهو ضعيف. قوله: (فإنه لا يضر) هذا هو الراجح كما
يفهم من اقتصار عج وجده عليه وإن كان بهرام صدر في شرحه وفي شامله بالفساد إذا فهمت منه
ذلك الامر الذي قصده في نفسه، فإن لم يصرح للمرأة ولا لوليها بذلك ولم تفهم المرأة ما قصده في نفسه
فليس نكاح متعة اتفاقا فالأقسام ثلاثة. قوله: (فرضيت هي) أي إذا كانت غير مجبرة. وقوله: أو وليها
أي إذا كانت مجبرة قوله: (قدم فيه الاجل) أي على الوطئ. قوله: (وجعلا ذلك اللفظ هو الصيغة) أي
وأما لو قال الزوج ذلك لها أو لوليها على سبيل الوعد فإنه لا يضر. قوله: (وهل الفسخ) أي لكل نكاح فاسد
سواء كان فساده لعقده أو لصداقه. قوله: (بعقده) أي يحصل بعقد النكاح الفاسد ووطئه. وقوله: أم لا
أي أو يحصل بوطئه فقط. قوله: (وهل فيه الإرث؟) أي وهل يحصل به أي بالنكاح الفاسد الإرث؟
قوله: (وهو طلاق) إشارة لقاعدة كلية قائلة كل نكاح فاسد مختلف في فساده فإن فسخه يكون طلاقا
أي إن الفسخ نفسه يحكم عليه بأنه طلاق أي يكون طلقة بائنة سواء لفظ الحاكم أو الزوج بالطلاق
أو لا. قوله: (أي الفسخ) أي للنكاح الفاسد كان فساده لعقده أو لصداقه. وقوله: إن اختلف فيه أي
في صحته وفساده لا في جوازه وعدم جوازه إذ لا قائل بجواز نكاح الشغار وإنكاح العبد. قوله: (ولو
خارج المذهب) أي ولو كان الخلاف خارج المذهب بأن كان مذهبنا يقول بعدم الصحة ومذهب
غيرنا يقول بالصحة ولو بعد العقد وإن لم يجز ابتداء. قوله: (ولا بد) أي في فسخ النكاح المختلف
فيه من حكم حاكم به كذا قال الشارح تبعا لعبق. قال بن: وهو غير صحيح بل لا يحتاج لحكم الحاكم
إلا إذا امتنع الزوج كما في ح ونصه: والظاهر أن فسخ النكاح الفاسد لا يفتقر إلى حكم حاكم، قال في
المدونة في النكاح الذي عقده الأجنبي مع وجود الولي وأراد الولي فسخه قال ابن القاسم: وإذا أراد
الولي أن يفرق بينهما فعند الحاكم إلا أن يرضى الزوج بالفراق دونه، ثم نقل عن اللخمي مثله من أن
تفاسخهما يكفي ومن وقت المفاسخة تكون العدة اه‍. والحاصل أن محل الاحتياج لحكم الحاكم
بالفسخ إذا حصل نزاع فإن تراضيا على الفسخ لم يحتج لحكم ويكفي قول الزوج طلقتها أو فسخت
نكاحها. قوله: (فهو بائن) أي وحيث حكم الحاكم به فهو بائن، وأما إذا أوقعه الزوج من غير حكم
فهل يكون بائنا كالحكم وهو ما ارتضاه شيخنا العدوي قائلا: لان الرجعى إنما يكون في نكاح صحيح
لازم أو يكون رجعيا وهو ما ذكره السيد البليدي في حاشيته على عبق قائلا وفائدته ارتداف
طلاق ثان عليه وإن لم يكن له عليها رجعة. قوله: (فإن عقد عليها شخص) أي فإن فرقنا بينهما وعقد
عليها شخص قبل الحكم بالفسخ أي وقبل فسخ الزوج لأنه كطلاقه. وقوله: لم يصح أي ولو كان
عقده عليها بعد التفرقة بمدة طويلة. وقوله: لو عقد عليها شخص أي غير الزوج الأول، وأما لو
جدد الزوج الأول عليها عقدا فهو صحيح قطعا لأنه إما تراض على فسخ الأول أو تصحيح له. وانظر
هل يلزم طلقة نظرا للعلة الأولى أو لا؟ تأمل قوله: (والتحريم بعقده) أي فيمن تحرم بالعقد وهي الأم.
239

وقوله: ووطئه أي فيمن تحرم بالوطئ ومثله التلذذ أي وهي البنت، وبهذا التقرير علم أنه لا يستغنى
عن قوله: ووطئه بقوله: بعقده لان لكل واحد منهما موضوعا. قوله: (فالحاصل أن المختلف فيه
كالصحيح) أي وحينئذ فالعقد الفاسد المختلف فيه يحرم المنكوحة على أصوله وفصوله، ويحرم عليه
أصولها لأن العقد على البنات يحرم الأمهات ولا يحرم عليه فصولها لأن العقد على الأمهات لا يحرم
البنات. قوله: (إلا نكاح المريض فلا إرث فيه) أي إذا مات أحدهما قبل الفسخ ولو بعد الدخول.
قوله: (وإن كان مختلفا في فساده) أي لان مذهب الشافعي صحته ومذهبنا أنه فاسد يفسخ قبل الدخول
وبعده إلا أن يصح المريض منهما فلا يفسخ. قوله: (إدخال وارث) أي وقد نهى النبي صلى الله
عليه وسلم عنه، والأصل في النهي الفساد. وقوله: إدخال وارث أي وهذا متحقق إذا مات المريض
أو الصحيح. قوله: (ومثله نكاح الخيار) أي فإنه لا إرث فيه إذا حصل الموت قبل الدخول وقبل
الفسخ. وأما لو حصل دخول فقد لزم. قوله: (وعطف على كمحرم إلخ) إنما جعله عطفا عليه لان
إنكاح العبد والمرأة فيه الإرث، ولو جعله عطفا على المريض لاقتضى أنه لا إرث في انكاحهما
وهو قول ضعيف لأصبغ، وكان من حق المصنف أن يقدم قوله: وإنكاح العبد بعد قوله: وشغار
لان إنكاح العبد والمرأة من جملة المختلف فيه الذي يفسخ بطلاق فلعل ناسخ المبيضة أخره عن
محله، كذا قال المواق وابن غازي وعبق، قال بن: وفيه نظر والظاهر أن قوله: وإنكاح العبد
بالنصب عطفا على قوله: الانكاح المريض وكأنه اعتمد قول أصبغ كما اعتمده ابن يونس
ونصه: ما عقده العبد على ابنته أو على غيرها أو عقدته المرأة على بنتها أو بنت غيرها أو على
نفسها يفسخ قبل البناء وبعده وإن ولدت الأولاد أجازه الولي أو لا بطلقة ولها المسمى إن دخل
أصبغ ولا إرث فيما عقدته المرأة والعبد وإن فسخ بطلاق لضعف الاختلاف فيه، وفي التوضيح
أيضا أصبغ ولا ميراث في النكاح الذي تولى العبد عقدته وإن فسخ بطلقة لضعف الاختلاف فيه اه‍،
فقد اعتمد قول أصبغ رحمه الله. قوله: (وإن اتفق على منعه) أي والعبد وإن لم يقل أحد بجواز
ولايته إلا أنه قيل بصحتها بعد الوقوع. قوله: (بل بلا طلاق إلخ) أي بل فسخه ملتبس بعدم الطلاق.
قوله: (وإن عبر) أي الزوج قوله: (ولا يحتاج لحكم إلخ) أي بخلاف المختلف فيه فإنه يحتاج للحكم
إن حصل تنازع، وأما إن تراضيا عليه فلا يحتاج لحكم ويكفي فسخ الزوج له بقوله: طلقتك أو فسخت
نكاحك كما مر. قوله: (وحرم وطؤه) يعني أن العقد في النكاح المتفق على فساده لا ينشر الحرمة
بل إنما ينشرها الوطئ إن درأ الحد كأن يجهل الحكم في الخامسة، وأما لو علم الحكم كأن زنى فيحد ولا يكون
وطؤه ناشرا للحرمة، إذ لا يحرم بالزنى حلال على المعتمد، ومقدمات الوطئ كالوطئ، فإذا عقد على خامسة
جاهلا للحرمة حل له أن يتزوج بأمها وبنتها ولا تحرم على أصوله وفصوله ولا أثر للعقد فإن وطئها أو
تلذذ بها نشر الحرمة، ويحرم عليه أصولها وفصولها وتحرم على أصوله وفصوله. قوله: (وما
فسخ بعده) أي سواء كان متفقا على فساده أو مختلفا في فساده. قوله: (ويكون إلخ) أي لان
ما فسد لصداقه فقط يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده بصداق المثل كما مر. قوله:
(وسقط بالفسخ قبله) هذا إشارة لقاعدة كلية قائلة كل نكاح فسخ قبل الدخول فلا شئ فيه كان
متفقا على فساده أو مختلفا فيه، كان الفساد لعقده أو لصداقه أو لهما، فليس الفسخ قبل الدخول
مثل الطلاق قبل البناء في النكاح الصحيح قوله: (إن فسد لصداقه مطلقا) هذا التفصيل راجع لقوله:
240

وكذا بالموت قبله فهو مختص بالموت قبل الدخول ولا يرجع للفسخ قبله. قوله: (مطلقا) أي سواء
كان متفقا على الفساد به كالخمر أو كان مختلفا فيه كالآبق. قوله: (كنكاح المتعة) أي ونكاح المرأة
على عمتها أو خالتها. قوله: (فإن لم يؤثر فيه) أي فإن كان مختلفا فيه ولم يؤثر فيه. قوله: (فنصفهما) هذا
أحد قولين مشهورين، والثاني لا يلزمه شئ، والأول نقله الباجي عن محمد وجماعة من أصحابنا، والثاني
نقله الجلاب عن ابن محرز وجماعة من المتأخرين، وصوب القابسي الأول وابن الكاتب الثاني، قال
طفي: وإنما اقتصر المصنف على القول الأول لقول المتيطي أنه قال به غير واحد من القرويين.
قوله: (ولها قبل البناء نصف الصداق) وهذا معنى قولهم: كل نكاح فسخ قبل الدخول فلا شئ فيه إلا نكاح
الدرهمين وفرقة المتراضعين وفرقة المتلاعنين أي قبل البناء ففيها نصف المسمى، وإنما لازمه نصف
المسمى في الأخيرتين لان الزوج يتهم على أنه إنما ادعى الرضاع أو لاعنها لأجل أن ينفسخ النكاح
فيسقط عنه النصف فعومل بنقيض قصده، أما لو ثبت الرضاع ببينة أو إقرارهما أو ثبت الزنى فلا
يلزمه شئ لعدم اتهامه. قوله: (ويلحقه الطلاق) أي أنه إذا طلق اختيارا في النكاح المختلف فيه فإنه
يلحقه الطلاق. قوله: (ولا شئ فيه قبله) أي فقد أفاد بالتشبيه أحكام الفسخ الثلاثة. قوله: (وتعاض
إلخ) يعني أن النكاح الفاسد سواء كان متفقا على فساده أو كان مختلفا فيه إذا فسخ أو حصل فيه طلاق
اختيارا بعد التلذذ بالمرأة بشئ دون الوطئ فإنها تعطى شيئا وجوبا بحسب ما يراه الحاكم أو جماعة
المسلمين من غير تقدير على ما لابن القاسم، وهل اجتهاد جماعة المسلمين في قدره إنما يكون عند عدم
الحاكم الشرعي وبه قيل أو ولو كان موجودا واختاره شيخنا. قوله: (فسخ عقده) أي بطلاق لأنه
نكاح صحيح غاية الأمر أنه غير لازم قاله ح والتوضيح. قال ابن المواز: وإذا لم يرد الولي نكاح الصبي
والحال أن المصلحة في رده حتى كبر وخرج من الولاية جاز النكاح. ابن راشد: وينبغي أن ينتقل النظر
إليه فيمضي أو يرد اه‍ بن. قوله: (أي ان الشارع جعل له ذلك إلخ) أشار إلى أن اللام للاختصاص
لا للتخيير أي أنه مختص بالإجازة والفسخ، وهذا لا ينافي أنه إن وجد المصلحة في إبقائه تعينت إجازته،
وإن وجد المصلحة في رده تعين فسخه، وإن استوت المصلحة فيهما خير. قوله: (فلا مهر) أي وإذا
فسخه فلا مهر لها. قوله: (ينبغي أن يكون لها في البكر ما شأنها) جزم بهذا أبو الحسن ولم يقل ينبغي، ومثله
في نقل المواق إن كانت صغيرة اه‍ بن. وما قاله ابن عبد السلام ظاهر في الصغيرة لان تسليطها له عليه
كالعدم، وأما في الكبيرة فكأنه نظر إلى أنها إنما سلطته في نظير المهر ولم يتم فرجع للأرش تدبر.
قوله: (وليه) أي سواء كان أبا أو غيره ذكرا أو أنثى. قوله: (أي عليها) أي على شروط شرطت لها عليه
حين العقد. قوله: (وكانت تلزم إلخ) أي لكونها ملتبسة بتعليق، وأما لو كانت لا يلزم المكلف إذا
وقعت منه كقوله لها في العقد: لا أتزوج عليها ولا أتسرى عليها فالعقد صحيح كما مر ولا يلزم الوفاء
بذلك وحينئذ فلا خيار له. قوله: (وكره بعد بلوغه تلك الشروط) أي والحال أنه لم يدخل بها لا قبل
البلوغ ولا بعده، وأما إن رضي بها أو دخل بعد بلوغه فالامر واضح وهو لزومها له، وإن دخل بها قبل
البلوغ سقطت عنه الشروط كما قال الشارح. قوله: (أي فعليه جبرا إلخ) فيه اخراج للمصنف عن ظاهره
بلا موجب، والظاهر أن اللام للتخيير أي مخير بين التزامها وثبوت النكاح وبين عدم التزامها وفسخ
241

النكاح، وبهذا شرح ح وغيره. واعلم أنه إذا لم يلتزمها وفسخ النكاح فإن تلك الشروط تسقط عنه
ولا تعود عليه إذا تزوجها بعد ذلك ولو بقي من العصمة المعلق فيها شئ بخلاف من تزوج على شروط
وهو بالغ ثم طلقها ثم تزوجها فإن الشروط تعود عليه إن بقي من العصمة المعلق فيها شئ لا إن عادت
بعصمة جديدة وهذا فائدة التخيير فمعنى كلامه فله التطليق لأجل أن يسقط عن نفسه الشروط بالمرة
بحيث لا تعود بعودها له. قوله: (وإلا فكل إلخ) أي وإلا نقل أن المعنى فعليه التطليق جبرا بل أبقينا
الكلام على ظاهره من كونه يخير بين الطلاق وعدمه فلا يصح لان كل زوج له التطليق وله الابقاء
وحينئذ فلا فائدة في النص على التخيير. قوله: (وإلا فلا تطليق) أي وإلا بأن رضيت بإسقاطها فلا تطليق
وفيه أن الشروط حاصلة بتعليق وحينئذ فلا يتأتى اسقاطها. وأجيب بأن الاسقاط محمول على صورة
ما إذا شرط لها أن أمرها بيدها لان هذا هو الذي يتأتى فيه الاسقاط. قوله: (قولان) حاصله أنه إذا كره
الشروط وقلنا أنه يخير كما قال ابن القاسم، فإن التزمها ثبت النكاح وإن كرهها فسخ النكاح، وهل هذا
الفسخ بطلاق فيلزمه نصف الصداق أو بغير طلاق فلا يلزمه شئ؟ قولان مفرع عليهما قولان في
لزوم نصف الصداق وعدم لزومه. قوله: (والراجح اللزوم عليه) فيه نظر بل الذي يفيده النقل أن
الراجح عدم اللزوم انظر بن. قوله: (والموضوع) أي موضوع كلام المصنف أنه لم يدخل، أما إن
دخل بعد بلوغه عالما بالشروط لزمته الشروط ولزمه الصداق كاملا إذا طلق، وإن دخل بها قبل
البلوغ سقطت عنه الشروط ولزمه الصداق كاملا أيضا كما قاله الشارح، فإن دخل بعد بلوغه وادعى
أنه غير عالم بالشروط صدق بيمينه وفي لزوم الشروط له وسقوطها عنه وتخييره بين أن يلتزمها فيثبت
النكاح أو لا يلتزمها فيفسخ النكاح ويلزمه كل الصداق أقوال ثلاثة كما في المج. قوله: (وهو كبير) أي بالغ
فهي لازمة له. قوله: (وادعى هو أنها وقعت) أي وحينئذ فله الخيار بين أن يلتزمها ويثبت النكاح،
أو لا يلتزمها ويفسخ النكاح بطلقة. قوله: (وعليه) أي وعلى الزوج إثبات ما ادعاه بالبينة. قوله: (وللسيد إلخ)
اللام هنا للتخيير أي فله الرد ولو كانت المصلحة في الإجازة لان السيد لا يجب عليه فعل المصلحة مع
عبده. قوله: (الذكر) أي وأما الأمة فإن نكاحها بغير إذن سيدها يتحتم رده إلا المبعضة التي بعضها رق
وبعضها حر فإن له الخيار على ما قاله طفي، وقال بن: يتحتم الرد فيها أيضا قوله: (وله الامضاء ولو طال
الزمن بعد علمه) أي وليس قول المصنف الآتي وله الإجازة إن قرب أحد شقي التخيير هنا كما يأتي
للشارح. قوله: (بطلقة) أي بأن يقول: طلقت زوجة عبدي فلان منه. قوله: (أي وهي بائنة) أشار بذلك
إلى أن بائنة في كلام المصنف يقرأ بالرفع على أنه خبر لمحذوف لا بالجر صفة لطلقة لأنه يوهم أنه من جملة
مقول السيد، وقد يقال لا داعي لذلك إذ قوله بطلقة فقط بائنة ليس هو مقول السيد عند الرد حتى يحتاج
لما ذكره، وإنما هو من كلام المصنف لبيان الحكم، ويدل على ذلك قوله فقط إذ السيد لا يقول فقط
فيتعين أن بائنة بالجر على الوصفية والقطع في نعت النكرة غير سائغ دون تقدم نعت تابع لما قبله كما عند
ابن هشام وغيره. قوله: (وهذا ليس بلازم) أي بل هو منحل وإن كان صحيحا. قوله: (فإن باعه)
أي عالما بتزوجه أو غير عالم به. قوله: (وليس للمشتري إلخ) أي بل يقال له: إن كنت علمت
بالتزويج قبل الشراء فهو عيب دخلت عليه وإلا فلا فلك رد العبد لبائعه ولك أن تتماسك به، وإذا تمسكت
به فليس لك رد نكاحه. قوله: (فله الرد) أي والإجازة، فلو اختلف الورثة في الرد وعدمه والحال أن
مورثهم مات قبل علمه بتزوجه أو بعد أن علم وقبل أن ينظر في ذلك فالقول لمن طلب الرد. قوله: (إلا
أن يرد به) مفهومه أنه لو رد بغيره بأن كان المشتري لم يطلع على عيب التزويج ورده بغير كان للبائع
242

رد نكاحه، وإن كان المشتري اطلع على عيب التزويج ورضيه ورده بغيره فقولان: أحدهما أن البائع يرجع
على المشتري بأرشه لأنه لما رضي به فكأنه حدث عنده وليس للبائع رد نكاحه لاخذه أرشه من
المشتري، والثاني ليس للبائع الرجوع على المشتري بأرشه وللبائع حينئذ رد نكاحه، والقول الأول مبني
على أن الرد بالعيب ابتداء بيع، والثاني مبني على أن الرد بالعيب نقض للبيع من أصله وهو المعتمد.
قوله: (وإلا فلا شئ لها) أي وإلا بأن لم يدخل بها أصلا أو دخل بها وهو غير بالغ فلا شئ لها. قوله: (وترد) أي
فإن كانت معدمة اتبعت به. قوله: (غير مكاتب) أي فيشمل القن والمدبر والمعتق لأجل قوله: (بما بقي)
أي من المسمى بعد الربع دينار وإنما تبعتهما بعد عتقهما وذلك لان الحجر لحق السيد وقد زال بالعتق
بخلاف السفيه فيما يأتي فإن الحجر عليه لحق نفسه. قوله: (فإن لم يغرا بأن أخبراها بحالهما أو سكتا فلا
تتبعهما) هذا هو المعتمد، وقيل إنهما تتبعهما بباقي المسمى إذا عتقا مطلقا غرا أو لا والقولان في المدونة،
لكن البرادعي وابن أبي زيد وابن أبي زمنين لما اختصروا المدونة اقتصروا على القول الأول ولم يذكروا
الثاني فدل ذلك على اعتماد القول الأول دون الثاني. قوله: (ومحل اتباعهما) أي إن غراها بالحرية.
قوله: (أو سلطان) أي إذا رفع له الامر عند غيبة السيد لان السلطان يذب عن مال الغائب. قوله: (قبل عتقه)
فإن أسقطه عنه بأن قال: أسقطت عنك ما بقي من الصداق فلا تتبعه المرأة إذا عتق بشئ، وإنما جاز للسيد
إبطاله عنهما لان الدين بغير إذن السيد يجوز له إبطاله. قوله: (فامتنع ابتداء من غير إلخ) أي بأن قال:
لا أجيزه فقط أو لا أمضي ما فعله. قوله: (والأيام) أي الثلاثة فما فوقها طول فلا تصح الإجازة بعدها.
قوله: (وأما إذا لم يحصل منه امتناع) أي بأن كلم في إجازة النكاح فسكت. قوله: (فليس هذا قسيم إلخ)
بل فرغ مقتضب وإنما قسيم قوله وللسيد رد إلخ هو الإجازة ابتداء من غير تقدم امتناع وهو لا يتقيد
بالقرب. والحاصل أن المسائل ثلاث رده ابتداء من غير تقدم امتناع، والثانية إجازته ابتداء من غير
سبق امتناع وهي قسيمة للرد ابتداء، وهاتان المسألتان هما المشار لهما بقوله: وللسيد رد نكاح عبده أي
وله إجازته، والثالثة إجازته بعد الامتناع إما ابتداء من غير سبق سؤال أو بعد سؤال من غير رد فيهما
وهذا قول المصنف وله الإجازة إن قرب إلخ، فموضوع ما هنا أنه امتنع أولا من الإجازة ثم أجاز
وما تقدم موضوعه عدم الامتناع وحينئذ فلا يكون ما هنا قسيما لما مر. قوله: (ولم يرد بامتناعه الفسخ)
أي فإن أراد ذلك فلا تصح إجازته بعد ذلك. قوله: (ففسخ) أي فامتناعه فسخ. قوله: (فاللام
للاختصاص) أي لا للتخيير إلا أن يحمل كلامه على ما إذا استوت المصلحة في الإجازة والرد.
قوله: (ولا تتبع) أي بباقي الصداق. قوله: (ولا ينتقل له) أي انه إذا رشد قبل نظر وليه في
نكاحه فليس له فسخه بل يثبت النكاح ولا ينتقل له ما كان لوليه من الإجازة والرد على الأصح
وقيل ينتقل. قوله: (ولو ماتت) أي ويرثها إن أجازه لكون الإرث أكثر من الصداق، وإن رده
لكون الصداق أكثر فلا يرثها، فإن فسخ بعد الإرث رد المال فيما يظهر، وقوله: ولو ماتت هذا قول
ابن القاسم ومقابله ما نقل عن ابن القاسم من أن النظر يفوت بالموت ويتوارثان فإن لم يكن للسفيه ولي
فيأتي فيه قوله وتصرفه قبل الحجر محمول على الإجازة عند مالك لا ابن القاسم. قوله: (وتعين بموته)
243

أي لان في إمضائه ترتب الصداق والميراث بدون فائدة تعود على ورثته فعظم الضرر فلذا تعين الفسخ،
وأما إن ماتت كان في إمضائه الصداق يأخذه ورثتها من الزوج ويأخذ الزوج الميراث فأشبها المعاوضة
فخف الضرر ولذا قيل: يجوز الفسخ والامضاء. واعلم أن الفسخ يحصل بمجرد موت السفيه ولا
يتوقف على حكم حاكم خلافا للشيخ كريم الدين البرموني حيث قال: ويفسخه الحاكم لا الولي لأنه
بموت السفيه قد انقطعت ولايته. قوله: (ولا ميراث) أي للزوجة منه لان فعل السفيه محمول على الرد
حتى يجاز وحينئذ فلا تكون زوجة حتى يجاز النكاح وبموته انقطعت الولاية والإجازة فكان النكاح
باطلا فلا ميراث لها، بخلاف ما إذا ماتت الزوجة فإنه لم يبطل نظر الولي، فإذا أجاز النكاح مضى فيرثها
حينئذ، وقوله: فلا صداق لها يعني كاملا فلا ينافي أن لها ربع دينار إن دخل. قوله: (وإن بلا إذن) بالغ على ذلك
لئلا يتوهم في المكاتب أنه لا بد من الاذن خوف عجزه كالتزويج، وفي المأذون لأنه في ماله كالوكيل.
قوله: (وكان للمأذون مال) أي اشترى منه تلك السرية. قوله: (وأما من مال السيد) أي وأما تسريهما من
مال السيد فلا يجوز لا للمأذون له في التجارة ولا للمكاتب ولو أذن لهما في التسري إلا أن يأذن لهما في
شرائهما من ماله أو يهبهما أو يسلفهما الثمن. قوله: (وأما غيرهما) أي إذا اشترى بمال نفسه جارية، وقوله:
ولو أذن له السيد أي في شرائها أو وهبها له وهذا إحدى طريقتين، ولابن رشد جوازه إذا أذن له السيد
في شرائها أو وهبها له انظر بن. قوله: (لأنه يشبه إلخ) أي لان للسيد أن ينتزعها منه فإذا أذن له في وطئها
فقد أشبه تحليلها له. قوله: (ونفقة زوجة العبد) أي إذا تزوج بإذن سيده أو بغير إذنه وأجازه، وأشار
الشارح بتقدير زوجة إلى أن الكلام على حذف مضاف أو أن نفقة بمعنى إنفاق فهو مصدر مضاف
للفاعل، وقوله ونفقة زوجة العبد أي وأما نفقة أولاده فعلى سيد أمهم إن كانت رقيقة، وإن كانت حرة
فعلى بيت المال إن أمكن الوصول إليه والاخذ منه وإلا فعلى جماعة المسلمين. قوله: (وأما المكاتب فكالحر)
أي لأنه انفصل عن سيده بماله فإن عجز طلق عليه. قوله: (وأما المأذون إلخ) حاصله أنه يوافق
غير المأذون في أن نفقة زوجته لا تكون في غلته أي فيما اكتسبه من عمل يده، وأما ربح المال الذي في
يده فتكون فيه فهو مخالف في ذلك لغير المأذون، ومخالف أيضا في أنها تكون فيما بيده من المال الذي
أذن له سيده في التجر فيه. قوله: (إلا لعرف بالانفاق من الخراج والكسب) أي فإن جرى العرف
بالانفاق منهما عمل به وإذا لم يجد من أين ينفق ولم يكن العرف الانفاق من خراجه وكسبه فرق بينهما
إلا أن ترضى بالمقام معه بلا نفقة أو يتطوع بها متطوع ولا يباع العبد في نفقته وحكم المهر كالنفقة لا
يكون من خراجه وكسبه إلا إذا جرت العادة بذلك كما قال المصنف. قوله: (أو جار) أي أو لعرف جار
بالنفقة على السيد. قوله: (ولا يضمنه سيد) أي لا يكون السيد ضامنا لنفقة زوجة العبد ولا لمهرها
بسبب إذنه كما في التزويج بل هما على العبد إلا أن يشترطهما على السيد، فقوله بإذن التزويج أي بإذنه للعبد
في التزويج. قوله: (على الراجح) أي وحينئذ فليس السيد كالأب فإنه إذا جبر ولده على النكاح كان
الصداق عليه إن كان الولد معدما حين العقد كما يأتي، بل كالوصي والحاكم فإنهما وإن جبرا لا يلزمهما
صداق. قوله: (ولو لم يكن له جبر الأنثى) أي هذا إذا كان له جبر الأنثى بأن أمره الأب بإجباره أو عين له
الزوجة أو لم يكن له جبر الأنثى بأن قال له: أنت وصيي على ولدي، وما ذكره من أن الوصي مطلقا له جبر من
ذكر هو الصواب كما في طفي، وما في عبق تبعا لح من تقييده بكونه له جبر الأنثى ففيه نظر انظر بن.
244

قوله: (دون غيرهم) أي كأخ وعم وغيرهما من الأولياء فلا يجبروا واحد منهم صغيرا ولا مجنونا على المشهور،
فإن جبر فقيل يفسخ النكاح مطلقا ولو دخل وطال وقيل بالفسخ ما لم يدخل ويطل، فإن دخل وطال
ثبت. قوله: (ذكرا مجنونا) أي وأما الأنثى فلا يجبرها إلا الأب والوصي على تفصيل تقدم فيه، وأما الحاكم
فلا يجبرها ولا غيرها على التزويج. قوله: (احتاج للنكاح) أي وإن لم يكن فيه غبطة قوله: (ومحل جبر
الثالث) أي وهو الحاكم أن عدم الأولان أي إن كان جنونه قبل البلوغ وعدم الأولان. قوله: (لمصلحة)
أي لا لغيرها فلا يجبرونه حينئذ ولا بد من ظهورها في الوصي والحاكم، وأما الأب فهو محمول عليها، قال
ابن رجال: قيد المصلحة إنما هو حيث يكون الصداق من مال الولد وإلا فلا يعتبر كما يدل عليه كلامهم اه‍ بن.
قوله: (خلاف) الجبر لابن القاسم مع ابن حبيب وصرح الباجي بأنه المشهور وعدم الجبر والوقف
على رضاه هو مذهب المدونة وصححه صاحب النكت وهو الصحيح قاله في التوضيح، وبالجملة فكل
من القولين قد شهر لكن الأظهر من القولين عدم جبره كما في المج لان له أن يطلق. قوله: (وصداقهم) أي
إذا أجبروا على النكاح. وحاصله أنه إن جبرهم الوصي أو الحاكم كان الصداق عليهم أي على المجنون
والصغير والسفيه سواء كانوا معدمين أو موسرين، لكن إن كانوا معدمين اتبعوا به ما لم يشترط ذلك
على الوصي أو الحاكم وإلا عمل به، وإن كان الذي جبرهم الأب فصداقهم عليه إن كانوا معدمين حين
العقد ولو مات الأب ولو أيسروا بعد العقد ولو شرط الأب أن الصداق عليهم وإن كانوا موسرين
حين العقد فعليهم ولو أعدموا بعد العقد إلا لشرط على الأب فيعمل به. قوله: (أي المجنون والصغير إلخ)
قال بهرام: هذا الحكم بالنسبة للصغير منقول، وقال اللخمي: إن السفيه مثله ولم أر في كون المجنون كذلك
نصا، والظاهر أن المجنون أحرى من السفيه لان السفيه يصح طلاقه بخلاف المجنون كما يأتي في الحجر.
قوله: (إن أعدموا) إن بمعنى لو أو على بابها وكان مقدرة مع اسمها أي صداقهم لو
أعدموا أو إن كانوا أعدموا، فاندفع ما يقال إن تخلص الفعل للاستقبال فظاهره أن العدم ليس حاصلا وقت العقد بل بعد
وأنهم في حال العقد أغنياء مع أنهم في تلك الحالة الصداق عليهم لا على الأب، والشارح أشار للجواب
الثاني بقوله أي كانوا معدمين إلخ. قوله: (أو كان) أي ولو كان معدما كالولد الذي جبره فهو عطف على
ما في حيز المبالغة. قوله: (لأنه لزم ذمته) أي ولا يقال إنها صدقة لم تقبض لأنها عوض. قوله: (أي بعد العقد
عليهم) أي الحاصل حين عدمهم. قوله: (انه ليس عليه) أي والموضوع بحاله من كونهم معدمين حين
العقد. قوله: (تطارحه) أي طرحه كل منهما على الآخر. قوله: (بأن قال الرشيد) أي لأبيه ومفهوم قوله
وإن تطارحه رشيد وأب أنه إن تطارحه سفيه وأب ففيه تفصيل، فإن كان الولد السفيه مليا حين العقد
لزمه الصداق ولا فسخ لأنه إذا كان يلزمه الصداق في حالة جبر الأب له فأولى في حالة عدم الجبر، وإن كان
الوالد السفيه معدما حالة العقد فقد مر أن الصداق على الأب في حالة الجبر وهل كذلك في حالة عدم الجبر
أم لا؟ قاله شيخنا. قوله: (أو قال كل للآخر: أنا شرطته عليك) هذا إنما يتصور إذا مات الشهود أو غابوا أو
حضروا أو نسوا ووقع العقد من غير إشهاد وإلا سئلوا عما وقع عليه العقد. قوله: (إن لم يرض به واحد منهما)
245

أي فإن رضي أحدهما به لزمه وثبت النكاح. قوله: (فعلى كل نصفه) أي وثبت النكاح. قوله: (أو الفسخ
وعدم المهر مطلقا إلخ) حقه كما قال بن أو الفسخ غير مقيد بحلف لأنه على هذا القول لا يتوجه يمين
أصلا ولا يشرع وليس إلا الفسخ. قوله: (تردد) في التوضيح قال مالك: يفسخ النكاح ولا شئ على
واحد منهما. محمد بعد أن يحلفا: ومن نكل كان الصداق عليه. ابن بشير: وهذا يحتمل أن يكون تفسيرا
لقول مالك ويحتمل أن يكون خلافا اه‍. وأشار المصنف بالتردد لتردد ابن بشير في قول محمد هل هو
تفسير لقول مالك فليس في المذهب إلا قول واحد أو هو خلاف فيكون في المذهب قولان؟ وقد تقدم
أن التردد ولو من واحد اه‍ طفي. ولما لم يكن هذا القول لمالك في المدونة لم يعبر المصنف بالتأويل انظر بن.
قوله: (ومحله قبل الدخول) أي محل هذا الخلاف في كون النكاح يفسخ مطلقا أو إن حلفا إذا طارحاه
قبل الدخول. قوله: (فإن دخل الرشيد بها) أي وتطارحاه بعد الدخول. قوله: (ولها على الزوج صداق
المثل) إنما غرم الزوج ذلك مع أنه نكاح صحيح لان المسمى الغي لأجل المطارحة وصار المعتبر قيمة ما
استوفاه الزوج فلا يقال لأي شئ دفع للزوجة ما لم تدعه. قوله: (حلف) أي وغرمه. قوله: (ليدفع عن
نفسه غرم الزائد) أي غرم ما زاده المسمى. إن قلت: إن المسمى قد الغي. قلت: هو وإن الغي لكن لما كان
يحتمل أنه رضي بأن المسمى عليه ألزمناه اليمين لأجل اسقاط الزائد. قوله: (وحلف رشيد إلخ) حاصل
ما ذكره المصنف والشارح أن الأب إذا عقد لابنه الرشيد على امرأة وادعى أنه أمره بالعقد له عليها
ووكله على ذلك أو قال: ابني راض بالأمر الذي أفعله والولد حاضر للعقد ثم إن الابن أنكر الامر
والوكالة أو الرضا فلا يخلو إنكاره من ثلاثة أوجه: إما أن يكون فورا عندما فهم أنه يعقد له أو بعد مدة يسيرة
كعلمه وسكوته لتمام العقد أو بعد مدة كثيرة كبعد تمام العقد وتهنئة من حضر وانصرافه على ذلك، فإن
كان إنكاره فورا عندما فهم أن العقد له كان القول قوله من غير يمين عليه، وإن كان إنكاره بعد علمه أنه
نكاح يعقد له وسكت ثم أنكر بعد الفراغ من العقد حلف كما قال المصنف إن لم يكن سكوته على الرضا
بذلك، وإذا أنكر بعد تمام العقد وانصرافه على ذلك وادعى حسب عادات الناس لم يقبل قوله لأن الظاهر
فيه الرضا ويلزم النكاح ويعد إنكار الزوج طلاقا ومزيلا للنكاح فلا تحل له إلا بعقد جديد
ويلزم نصف الصداق. قوله: (وادعى) أي بعد العقد أنه أذنه في العقد ووكله عليه أو أنه راض بفعله.
قوله: (مع يمينه) أي وسقط النكاح والصداق عنه وعن الأب. قوله: (سقط النكاح) أي ولا يمين على
الابن إن ادعى أبوه أنه أذن له في أن يعقد له. قوله: (كذلك) أي وادعى إذنها له في العقد عليها أو رضاها
بما فعله. قوله: (حضورا) وصف طردي لا مفهوم له، فإن الغائب كالحاضر في التفصيل المذكور لأنه
إما أن يبادر بالانكار بأن ينكر في حال انتهاء الخبر إليه، وإما أن لا يبادر بالانكار بأن علم وسكت زمنا
غير طويل ثم أنكر، وإما أن يعلم ويسكت زمنا طويلا ثم ينكر، ففي الحالة الأولى يقبل قوله بلا
يمين، وفي الثانية القول قوله بيمين، وفي الثالثة لا يقبل قوله ويلزمه النكاح انظر بن. قوله: (حال العقد)
أي قبل تمامه، وقوله عالما أي بأن العقد له. قوله: (وسقط الصداق عنهم) فإن نكلوا فقيل يلزم النكاح
246

الرشيد والأجنبي والمرأة ويلزم الزوج الصداق كاملا ولا يعد نكوله في هذه الحالة طلاقا بل له وطؤها
ولا أدب عليه ولا شئ، وقيل لا يلزم شئ لا نكاح ولا صداق لان اليمين إنما هي استظهار لعله أن
يقر، وقيل تطلق عليه فيلزمه نصف الصداق، والقول الأول عزاه في التوضيح لابن يونس وعليه
اقتصر عبق، والثاني لأبي محمد وصوبه أبو عمران، والثالث حكاه ابن سعدون عن بعض شيوخه.
قوله: (ولو رجع عن إنكاره) اعلم أن هذه المسألة إنما ذكرها اللخمي ونقلها عنه أبو الحسن وابن عرفة،
ونص اللخمي بعد أن ذكر الأوجه الثلاثة التي ذكرها المصنف، فإن رضي الزوج في هذه الأوجه الثلاثة
بالنكاح بعد إنكاره فإن قرب رضاه من العقد ولم يكن منه إلا مجرد الانكار بأن لم يقل رددت ذلك
ولا فسخته فله ذلك لان إنكاره الرضا لا يقتضي الرد واستحسن حلفه أنه لم يرد بإنكاره فسخا، فإن
نكل لم يفرق بينهما وإن رضي بعد طول أو كأن قال: رددت العقد لم يكن له ذلك إلا بعقد جديد اه‍ من
أبي الحسن اه‍ بن. قوله: (ورجع لأب وذي قدر زوج غيره وضامن لابنته النصف بالطلاق) هذا
بناء على أنها تملك بالعقد النصف، وأما على أنها تملك بالعقد الجميع والطلاق قبل الدخول يشطره
فالقياس رجوع النصف للزوج لا للضامن قاله ابن عبد السلام وأصله لابن رشد، ونص ابن عرفة:
فلو طلق قبله ففي كون النصف للضامن أو للزوج قول ابن القاسم فيها مع سماعه سحنون وتخريج
ابن رشد على وجوب كله للزوج بالعقد اه‍ بن. قوله: (لان الضامن) أي وهو الأب وذو القدر.
قوله: (وتأخذ الزوجة النصف الثاني) أي فلو طلق الزوج قبل دفع الأب شيئا من الصداق لكان عليه
نصف المهر للزوجة تتبعه به في حياته ومماته كما في الطراز، ولا يقال: إنها عطية وهي تبطل بموت المعطي
إذا لم تحز عنه. لأنا نقول: لما كانت في مقابلة عوض أشبهت المعاوضة وكأنه اشترى شيئا في ذمته فتأمل.
قوله: (بالفساد) أي الفسخ الحاصل قبل الدخول. قوله: (قبل الدخول) أي إن طلقت قبل
الدخول، وقوله أو الكل بعده أي إن فسخ النكاح بعده. قوله: (بالحمالة) هي أن يدفع المهر من عنده على
أن يرجع به بعد ذلك والتصريح بها كأن يقول على حمالة صداقك كما قال الشارح. قوله: (فيرجع به)
أي فيرجع الدافع بما تستحقه الزوجة على الزوج. قوله: (كان قبل العقد) أي كان التصريح بالحمالة
قبل العقد أو فيه أو بعده. قوله: (أو يكون الضمان بعد العقد) سواء وقع بلفظ الضمان أو بلفظ علي
أو عندي كأن يقول بعد العقد: ضمان صداقك مني أو صداقك عندي أو علي، وقوله فيرجع على الزوج
أي لأنه يحمل على الحمالة. قوله: (وإن كان قبل العقد) أي وإن كان الضمان قبل العقد أو فيه، وقوله فلا
يرجع أي لحمله على الحمل كما أنه لا رجوع له إذا صرح بالحمل مطلقا كأنا أحمل عنك الصداق سواء وقع
منه ذلك حال العقد أو قبله أو بعده. والحاصل أن الدافع إما أن يصرح بلفظ الحمل أو الحمالة أو الضمان،
وفي كل إما قبل العقد أو بعده أو فيه فالتصريح بالحمالة يرجع فيه مطلقا، وبالحمل لا يرجع مطلقا،
والتصريح بالضمان إن كان قبل العقد أو فيه لم يرجع، وإن كان بعده رجع، ومثل الحمل في عدم الرجوع
الدفع كأنا أدفع صداقك أو أدفع الصداق عنك. وقد نظم أبو علي المسناوي أقسام هذه المسألة:
انف رجوعا عند حمل * مطلقا حمالة بعكس ذا فحققا
لفظ ضمان عند عقد لا * ارتجاع وبعده حمالة بلا نزاع
وكل ما التزم بعد عقد * فشرط هذا الحوز فافهم قصدي
قوله: (تدل على خلافه) أي كما لو جرى العرف بأن من دفع عن انسان صداقه أو تحمل به عنه
بأي لفظ يرجع به فإنه يعمل بذلك، وكذا إذا قامت قرينة تدل على ذلك. قوله: (إن تعذر أخذه) المراد
247

بالتعذر التعسر أي تعذر الاخذ منه لكونه معسرا، وأما لو كان لا يتعذر الاخذ منه لكونه مليا لم يكن
لها الامتناع. قوله: (من الزوج) سيأتي أن للمرأة أن تمنع نفسها من الدخول والوطئ بعد الدخول حتى
تأخذ ما حل من الصداق فيحمل ما يأتي على ما إذا كان الصداق على الزوج، وما هنا على ما إذا كان على
غيره، وتعذر أخذه من المتحمل به سواء كان يرجع به على الزوج أم لا، وأما تعميم الشارح فيما هنا فيلزم
عليه التكرار فيما يأتي. قوله: (حتى يقرر لها) أي لان الزوجة وإن دخلت على اتباع غير الزوج لم تدخل
على تسليم سلعتها مجانا، وقوله: حتى يقرر لها صداقا في نكاح التفويض ظاهر العبارة وإن لم تقبضه، وإليه
ذهب بعض الشراح، وقال عج عن الشيخ كريم الدين: حتى يعين وتقبضه وهو ظاهر كلام
ابن الحاجب وهو ظاهر لأنه إذا كان الاخذ متعذرا فلا فائدة في تقدير الصداق وحده، وعلى هذا
فيختلف نكاح التفويض الذي فيه الصداق على الزوج والذي فيه الصداق على غيره فإنه يكفي في
الأول مجرد التقرير وإن لم تقبضه كما يفيده قول المصنف فيما يأتي ولها طلب التقدير اه‍ عدوي. قوله: (أو
بعد أجله) أي بأن كان مؤجلا فحل أجله وتسويته بين الحال ابتداء وبين ما حل بعد التأجيل من أن
لها الامتناع حتى تقبضه فيه نظر، بل إنما يكونان سواء لو كان الصداق على الزوج، وأما إذا كان على
المتحمل به فليس لها المنع من التمكين إلا بالنسبة للحال أصالة دون ما حل بعد أجله كما قاله اللخمي ونقله
ابن عرفة عنه. قوله: (وله) أي للزوج حيث امتنعت من الدخول وتعذر الاخذ من المتحمل به. قوله: (الترك)
أي وله أن يدفع لها من عنده ويتبع به الحامل ولا يجبر على الدفع ولو كان له مال لأنه لم يدخل
على غرم شئ، ولو كان الحامل عديما فمكنته من نفسها. ثم مات فلا شئ على الزوج اه‍ عدوي قوله: (حيث
لا يرجع إلخ) قيد في قوله: ولا شئ عليه، والحاصل أنها إذا امتنعت من الدخول لتعذر خلاص
الصداق من الملتزم فإن الزوج يخير بين أن يدفع الصداق من عنده أو يطلقها، فإن دفعه من عنده رجع
به على الملتزم إن كان التزامه به على وجه الحمل مطلقا أو على وجه الضمان وكان قبل العقد أو فيه، وإن كان
على وجه الحمالة أو الضمان بعد العقد فلا رجوع له عليه، وإن طلقها فلا شئ عليه إذا كان الملتزم التزمه على
وجه الحمل أو على وجه الضمان وكان قبل العقد أو حينه، وأما إن كان التزامه على وجه الحمالة أو الضمان
بعد العقد فإنه إن طلقها يغرم لها نصف الصداق وإن دخل غرم الجميع. قوله: (وبطل إلخ) قد سبق أن
التزام المهر حمل وحمالة وضمان، فإن كان حملا فلا يرجع بما دفعه مطلقا، وإن كان حمالة رجع مطلقا، وإن كان
ضمانا رجع إن كان بعد العقد لا إن كان قبله أو حينه إذا علمت ذلك فاعلم أنه إذا ضمن مهرا في مرضه
المخوف على وجه الحمل لوارث كان الضمان باطلا لأنها وصية لوارث والنكاح صحيح، فإذا كانت
المرأة قبضته من الضامن ثم مات ردته، وإن كان الزوج كبيرا وقد دخل أو أراد الدخول أو صغيرا
ودخل بعد بلوغه اتبعته الزوجة، وأما لو كان المريض ضمن المهر للوارث أو لأجنبي على وجه الحمالة
فإنه يصح من الثلث نظرا لكونه تبرعا في الصورة، ولو لاحظوا أن فيه الرجوع لأجازوه من رأس المال.
وفهم من قول المصنف عن وارث صحته أي الضمان على وجه الحمل عن غير وارث أجنبي أو قريب
ويكون وصية من الثلث، فلو كان أزيد من الثلث ولم يجز الوارث الزائد خير الزوج إما أن يدفع
الزائد ويدخل وإما أن يفك عن نفسه ولا شئ عليه كما أشار له المصنف بقوله: لا عن زوج ابنة إلخ.
قوله: (عن زوج ابنة) أي رجل يريد أن يتزوج ابنته. قوله: (لأنه وصية لغير وارث) أي ولا
ينظر لكون المال تأخذه بنته التي هي وارثة له. قوله: (مطلوبة) أي لأجل دوام المودة بين الزوجين.
قوله: (والكفاءة) أي المطلوبة في النكاح. وقوله الدين والحال فيه حذف أي المماثلة في الدين والحال
فهي لغة مطلق المماثلة أو المقاربة، وأما اصطلاحا فهي المماثلة فيما ذكر قوله: (والمقاربة) الواو بمعنى أو
248

قوله: (والمعتبر إلخ) الحاصل أن الأوصاف التي اعتبروها في الكفاءة ستة أشار لها بعض بقوله:
نسب ودين صنعة حرية فقد العيوب وفي اليسار تردد
فإن ساواها الرجل في الستة فلا خلاف في كفاءته وإلا فلا، واقتصر المصنف على ما ذكر لقول القاضي
عبد الوهاب إنها المماثلة في الدين والحال، ولا يشترط فيها المماثلة في غير ذلك من باقي الأوصاف، فمتى
ساواها الرجل فيهما فقط كان كفؤا. قوله: (الحسب) هو ما يعد من مفاخر الآباء كالكرم والعلم
والصلاح. وقوله النسب أي بأن يكون كل منهما معلوم الأب لا كون أحدهما لقيطا أو مولى إذا
لا نسب له معلوم. قوله: (وإنما تندب) أي المماثلة فيهما فقط. قوله: (أي لهما معا) أي فإن تركتها المرأة بأن
رضيت بغير كف ء ولم يرض الولي بتركها فللأولياء الفسخ ما لم يدخل فإن دخل فلا فسخ. والحاصل
أن المرأة إن تركتها فحق الولي باق والعكس. قوله: (من فاسق) أي وذلك لان الحق لهما في الكفاءة فإذا
أسقطا حقهما منها وزوجها من فاسق كان النكاح صحيحا على المعتمد. وحاصل ما في المسألة أن ظاهر
ما نقله ح وغيره واستظهره الشيخ ابن رحال منع تزويجها من الفاسق ابتداء وإن كان يؤمن عليها منه
وأنه ليس لها ولا للولي الرضا به وهو ظاهر، لان مخالطة الفاسق ممنوعة وهجره واجب شرعا فكيف
بخلطة النكاح؟ فإذا وقع ونزل وتزوجها ففي العقد ثلاثة أقوال: لزوم فسخه لفساده وهو ظاهر اللخمي
وابن بشير وابن فرحون وابن سلمون. الثاني أنه صحيح وشهره الفاكهاني. الثالث لأصبغ إن كان
لا يؤمن منه رده الامام وإن رضيت به، وظاهر ابن غازي أن القول الأول وهو الراجح، وعليه فيتعين
عود ضمير تركها للحال فقط لأنه أقرب مذكور اه‍ بن. والذي قرره شيخنا أن المعتمد القول
بالصحة كما شهره الفاكهاني. قوله: (حفظا) أي لوجوب حفظ النفوس. قوله: (وليس لولي إلخ) يعني أن
الولي إذا رضي بغير كف ء وزوجها منه ثم طلقها طلاقا بائنا أو رجعيا وانقضت العدة وأراد عودها
فرضيت الزوجة وامتنع الولي منه فليس له الامتناع حيث لم يحدث ما يوجب الامتناع ويعد عاضلا،
أما إذا كان الطلاق رجعيا ولم تنقض العدة فهي زوجة فلا كلام لها ولا لوليها. قوله: (من فقير) أي
سواء كان ابن أخ له أو غيره، وأسقط المصنف ابن أخ الواقع في الرواية لأنه وصف طردي مخرج
على سؤال سائل وحينئذ فلا مفهوم له، كما أنه أسقط المطلقة من قوله: وللأم لما ذكرنا، وقوله
في تزويج الأب أي وغير الأب أولى بذلك، وأما الأم فخاص بها مطلقة أم لا، ومثل الفقير من يغربها
عن أمها مسافة خمسة أيام، ويشكل على هذا الفرع ما تقدم في قوله: إلا لكخصي أي فليس للأب
أن يجبر بنته على التزوج بخصي ونحوه من العيوب الموجبة للخيار، وأما الفقر فلم يذكروه فله
جبرها ولا كلام لاحد حتى الأم فكيف يحكم هنا لها بالتكلم إلا أن يقال ما هنا مبني على أن اليسار معتبر
في الكفاءة ولا مانع من بناء مشهور على ضعيف اه‍ عدوي. قوله: (أو غيره) أي أو غير ابن الأخ.
قوله: (هل هو صواب) أي فيمكنه مما أراد أو غير صواب فيمنعه مما أراده قوله: (بالاثبات) أي على
أنه تأكيد لقوله نعم، قال بعضهم: ورواية الاثبات أصح ولذا قدمها المصنف على رواية النفي، كما أنه قدم
قول مالك على قول ابن القاسم إشعارا بترجيحه عليه اه‍. لكن قضية ما تقدم من الاشكال أن الراجح
كلام ابن القاسم وأنه لا تكلم لها إلا لضرر اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (ورويت أيضا بالنفي) أي قال نعم
إني لا أرى لك متكلما، وفيه أن النفي لم يستقم مع قوله نعم ويختل المعنى ويتناقض كلامه بعضه مع بعض،
249

وأجيب بأنه يستقيم لان قوله نعم معناه أجيب سؤالك اه‍ تقرير عدوي. قوله: (بعد ما تقدم) أي بعد
أن ذكر لسحنون ما تقدم نقلا عن مالك. قوله: (وأنا أراه) أي ما يفعله الأب. قوله: (إلا لضرر بين) أي
لحصول ضرر بين لها بسبب الفقر. وأشار الشارح بقوله: وأنا أراه ماضيا إلخ إلى أن قوله إلا لضرر
استثناء من مقدر. قوله: (هل هو) أي كلام ابن القاسم وفاق أي لكلام مالك أو مخالف له، قال
ابن حبيب: قول ابن القاسم خلاف، وقال أبو عمران وفاق، وقد ذكر الشارح للوفاق وجهين: الأول
منهما نقله ابن محرز عن بعض المتأخرين والثاني منهما لأبي عمران كما نقله في التوضيح. قوله: (لكن
هذا الثاني) أي التوفيق الثاني قوله: (وقيل خلاف) أي وعليه فالراجح قول ابن القاسم اه‍ تقرير عدوي.
قوله: (والمولى وغير الشريف إلخ) هذا يفيد أنه لا يشترط في الكفاءة المماثلة في النسب
والحسب. قوله: (وفي العبد تأويلان) المذهب أنه ليس بكفء كما في الشارح تبعا لشب، وفي عبق
أن الراجح أنه كف ء وهو الأحسن لأنه قول ابن القاسم. أقول: والظاهر التفصيل فما كان من جنس
الأبيض فهو كف ء لان الرغبة فيه أكثر من الأحرار وبه الشرف في عرف مصرنا، وما كان من
جنس الأسود فليس بكفء لان النفوس تنفر منه ويقع به الذم للزوجة اه‍ عدوي. وظاهر
المصنف جريان الخلاف في عبد أبيها وغيره. قوله: (ولو خلقت) أي هذا إذا خلقت الفصول من مائه
الغير المجرد عن عقد بل ولو خلقت من مائه المجرد عن العقد، ففي الكلام حذف الصفة وهي قوله المجرد،
ورد بلو على ابن الماجشون في قوله: لا تحرم البنت التي خلقت من الماء المجرد عن العقد وعما يشبهه من
الشبهة على صاحب الماء، قال سحنون: وهو خطأ صراح، قال في التوضيح: وقول سحنون خطأ
ليس بظاهر لأنها لو كانت بنتا لورثته وورثها وجاز له الخلوة بها وإجبارها على النكاح وذلك كله
منتف عندنا. قوله: (من مائه) ومثل من خلقت من مائه من شربت من لبن امرأة زنى بها انسان فتحرم
تلك البنت على ذلك الزاني الذي شربت من مائه وهذا هو ما رجع إليه مالك وهو الأصح، وبه قال
سحنون وغيره وهو ظاهر المذهب قاله ابن عبد السلام ونقله في التوضيح. قوله: (فإنها) أي تلك
البنت. قوله: (فروع أبيه من الزنى) أي الكائن ذلك الأب من الزنى. قوله: (وزوجتهما) ضمير التثنية
راجع لأصل الشخص وفصله يعني أنه يحرم على الشخص أن يتزوج امرأة تزوجها أحد من آبائه
وإن علوا، أو أحد من بنيه وإن سفلوا، ويجوز أن يتزوج بأم زوجة أبيه وابنة زوجة أبيه من غيره إذا ولدتها
أمها قبل التزوج بأبيه فتحل له إجماعا، وأما إذا ولدتها أمها بعد أن تزوجت بأبيه وفارقته فقيل بحلها وهو
المعتمد وقيل بحرمتها، وثالثها يكره نكاحها الأول رواية عيسى عن ابن القاسم، والثاني سماع أبي زيد
عن ابن القاسم، والثالث نقله ابن حبيب عن طاوس. قوله: (وكذا يحرم زوج الأصول الإناث إلخ) أي
فلا يجوز للمرأة أن تتزوج بزوج أمها ولا بزوج أمهات أمها ولا بزوج أم أبيها ولا بزوج أمهات أم
أبيها ولا بزوج أم جدها ولا بزوج أمهاتها. قوله: (وزوج الفروع الإناث إلخ) أي فلا تتزوج المرأة بزوج
بنتها ولا بزوج بنات بنتها وإن سفلن. قوله: (فلو حذف التاء لشمل هاتين إلخ) فيه نظر إذ لو حذفها وشمل
250

الصورتين لكان قوله بعد وأصول زوجته وبتلذذه إلخ تكرارا مع هذا، ويكون كلامه هنا موهما أن
فصول الزوجة يحرمن بمجرد العقد عليها وليس كذلك كما يأتي فما فعله المصنف هو عين الصواب اه‍ بن.
قوله: (وفصول أول أصوله) يعني أنه يحرم فصول أبيه وأمه وهم إخوته أشقاء أو لأب أو لأم.
قوله: (وأول فصل من كل أصل) أي ما عدا الأصل الأول لان الأصل الذي عدا الأصل الأول هو الجد
الأقرب والجدة القربى وابن الأول عم أو خال وابنته عمة أو خالة وأما أولادهم فحلال. قوله: (لا إن
قصد) أي التلذذ فقط أي من غير أن تحصل لذة. قوله: (ولا مفهوم إلخ) أي فمتى تلذذ بالمرأة حرمت
عليه بنتها كانت في حجره وكفالته أم لا. قوله: (كالملك) إن جعل تشبيها في قوله: وبتلذذه وإن بعد
موتها ولو بنظر فصولها لا يستثنى شئ لأنه متى تلذذ بأمة ولو مجوسية حرم عليه بناتها وبنات بناتها،
وإن جعل تشبيها في جميع ما مر من قوله: وحرم أصوله إلى هنا يستثنى العقد، فإن عقد الأب في النكاح
يحرم على الابن، وعقد الابن يحرم على الأب، وعقد الشراء لا يحرم شيئا لان الملك ليس المبتغى منه
الوطئ بل الخدمة والاستعمال بخلاف النكاح، فالتحريم في الملك إنما يكون بالتلذذ كما قال الشارح.
قوله: (في جميع ما تقدم) أي وهو قوله: وحرم أصوله إلى هنا فإذا تلذذ بأمة حرمت على أصوله وإن علوا وعلى
فصوله وإن سفلوا، وكذا تحرم عليه الجارية التي تلذذ بها أحد آبائه أو من أبنائه، كذا يحرم عليه
التلذذ بجارية من فصول أول أصوله أو بجارية من أول فصل من أكل أصل من أصوله، وإذا تلذذ
بجارية ولو بنظر حرم عليه أصولها وفصولها. قوله: (ولا بد في التحريم من بلوغه) أي لا بد في التحريم
الحاصل بالتلذذ من بلوغه فوطئ الصغير للأمة لا ينشر الحرمة ولو كان مراهقا على الراجح، فلا تحرم
موطوءته على أصوله ولا على فصوله ولا تحرم بناتها عليه، وأما التحريم الحاصل بالعقد فإنه يكون
بعقد الصغير ولو لم يقو على الوطئ. قوله: (وأما الأمة فلا يشترط إلخ) أي وحينئذ فوطئ الأمة الصغيرة
ينشر الحرمة كالكبيرة فتحرم على أصول واطئها وعلى فصوله وتحرم عليه بناتها اللاتي ستلدهن.
قوله: (وحرم العقد) أي ونشر العقد الحرمة فإذا عقد على امرأة حرمت على أصوله وعلى فصوله وحرم عليه
أصولها، هذا إذا كان العقد صحيحا بل وإن كان مختلفا في فساده، وقوله وحرم العقد أي عقد النكاح لكبير
أو صغير لان عقد الصغير محرم، بخلاف وطئه الأمة فإنه لا يحرم على الراجح ولو كان مراهقا كما مر،
وأما عقد الرقيق بغير إذن سيده إذا رده فلا يحرم لأنه ارتفع من أصله بالرد، وانظر هل مثله عقد الصبي
والسفيه بغير إذن وليهما لكونه غير لازم كعقد الرقيق وهو الظاهر وليس هذا كالعقد الفاسد المختلف
فيه لان الفاسد المختلف فيه لازم عند بعض الأئمة فهو غير متفق على حله، بخلاف نكاح الصبي والعبد
والسفيه فإنه متفق على حله، وقيل إنه محرم لأنه عقد صحيح، وإن كان غير لازم فلا يشترط في العقد المحرم
كونه لازما اه‍ تقرير عدوي. والذي صوبه بن هذا القول الأخير وذكر أنه نص في التهذيب على تحريم
عقد الرقيق بغير إذن سيده فانظره. قوله: (فالمحرم وطؤه) في كبير خش أن المراد بالوطئ ما يشمل إرخاء
الستور ولو تقارروا على عدم الوطئ ومثل الوطئ مقدماته كما قال الشارح، وإنما اقتصر المصنف على الوطئ
لأجل قوله: إن درأ الحد. قوله: (غير عالم) قيد في عدم الحد عن الثلاثة، ومثل الثلاثة الخامسة، وقوله: فإن لم يدرأ
251

الحد أي فإن علم بأنها ذات محرم أو ذات رضاع أو أنها معتدة وأنها خامسة وقوله إلا المعتدة فقولان
أي إلا العالم بأنها معتدة ففي حده قولان. قوله: (فالتذ بابنتها) أي وبأمها ولو كان الالتذاذ بمجرد
اللمس كما في المج، وأما لو قصد التلذذ ببنت زوجته لظنها زوجته ولم يلتذ فلا ينشر الحرمة على
الصحيح، واللواط بابن زوجته لا ينشر الحرمة عند الأئمة الثلاثة خلافا لابن حنبل. قوله: (ظانا إلخ)
أي وأما لو تلذذ بالبنت عمدا جرى فيه الخلاف السابق في قوله: وفي الزنى خلاف والمعتمد عدم الحرمة.
قوله: (فتردد) لا يقال: إن التلذذ ببنت الزوجة غلطا هذا وطئ شبهة ووطئ الشبهة يحرم اتفاقا فلم جرى
التردد هنا؟ لأنا نقول: لا نسلم أن هذا وطئ شبهة إذ وطئ الشبهة هو الوطئ غلطا فيمن تحل في المستقبل،
ولذا كان وطئ أخت الزوجة غلطا محرما بناتها على زوج أختها الواطئ لها لأنها تحل له في المستقبل
فوطؤها وطئ شبهة، وأما لو وطئ ببنت الزوجة غلطا فليس وطئ شبهة لأنها لا تحل في المستقبل فلذا
جرى فيه التردد اه‍ خش، لكن ما ذكره من أن وطئ الشبهة يحرم اتفاقا فيه نظر، فقد ذكر المواق فيه
ثلاثة أقوال: قيل إنه يحرم، وقيل لا يحرم، والثالث الوقف، والأول هو المشهور كما في القلشاني
وابن ناجي اه‍ بن. قوله: (وعدمه) اعلم أن التردد جار في كل من التلذذ بالوطئ والمقدمات وأن المعتمد
التحريم فيهما كما قال الشارح ومثله في تت والشيخ سالم وعج. قوله: (وإن قال أب) أي أو جد
فالمراد بالأب كل من يحرم على الولد نكاح زوجته. قوله: (ندب التنزه) أي التباعد عنها، قال الشيخ
كريم الدين: وينبغي إذا صدقت الحرة الأب أن تؤخذ بإقرارها فلا يجوز أن تتزوج الولد وظاهره
أنه لا ينظر لما تقوله الأمة لاتهامها في محبة الولد أو ضدها اه‍ عدوي. تنبيه: من ملك جارية أبيه
أو ابنه بعد موته ولم يعلم هل وطئها أم لا فقال ابن حبيب: لا تحل وبه العمل واستحسنه اللخمي
في العلى وقال: يندب التباعد عنها في الوخش ولا تحرم الإصابة، وكذا إن باعها الأب لابنه أو
بالعكس ثم غاب البائع أو مات قبل أن يسأل فلا تحل مطلقا أو إن كانت من العلى فلو أخبر البائع
منهما الآخر بعدم الإصابة صدق، فإن باعها الأب لأجنبي والأجنبي باعها للولد والحال أن الأب
البائع أخبر الأجنبي بعدم إصابتها والأجنبي أخبر الولد بذلك فهل يصدق أو لا؟ والظاهر أن
هذا الأجنبي إن كان شأنه الصدق في أخباره صدق وإلا فلا اه‍ تقرير عدوي. قوله: (تأويلان)
الأول لعياض والثاني لأبي عمران. قوله: (الأظهر الأول) أي لان قول الأب ذلك قبل العقد
وفشوه عنه دليل على صدقه. قوله: (جمع خمس من النساء) أي في عقد أو عقود لكن إن جمعهن في عقد
فسخ نكاح الجميع وإن كان في عقود فسخ نكاح الخامسة إن علم وإلا فالجميع. قوله: (وجاز للعبد
الرابعة) أي لان النكاح من العبادات والحر والعبد فيها سواء بخلاف الطلاق فإنه في معنى الحدود
فكان طلاقه نصف طلاق الحر كما في الحدود. قوله: (كما يوهمه كلامه) وهو وإن قال به ابن وهب
إلا أنه ضعيف فلا يحمل المصنف عليه لأنه مبين لما به الفتوى. قوله: (أو جمع ثنتين إلخ) أي
كالأختين والمرأة وعمتها أو خالتها أو بنت أخيها أو أختها، وكالمرأتين اللتين كل منهما عمة للأخرى
أو كل منهما خالة للأخرى، فالأولى كما إذا تزوج كل من رجلين بأم الآخر وأتى كل واحد منهما
ببنت فكل من البنتين عمة للأخرى والثانية كما لو تزوج كل من رجلين ببنت الآخر وأولدها
بنتا فكل من البنتين خالة للأخرى. قوله: (لو قدرت أية) الظاهر أن أية هنا موصولة حذف
منها المضاف إليه والصلة والتقدير قدرت أيتهما أردت ذكرا أي لو قدرت التي أردت
منهما ذكرا حرم وطؤه للأخرى. قوله: (كوطئهما بالملك) علم أن الجمع بين المرأتين
252

اللتين لو قدرت كل منهما ذكرا والأخرى أنثى حرم عليه نكاحها لأجل الوطئ، إما أن يكون بنكاح
وهو ما مر، وإما أن يكون بنكاح وملك وسيأتي، وإما أن يكون بالملك فقط وهو ما ذكر هنا. قوله: (ولو
جمع بين محرمتي الجمع) أي وأفرد كلا منهما بعقد، وأما لو جمعهما في عقد فسيأتي بعد في قوله: كأم وبنتها
بعقد. قوله: (أو خالتها) أي أو بنت أخيها أو بنت أختها أو أمها أو بنتها. قوله: (وأولى إن علم ببينة) أي
انها ثانية وسواء دخل بها أم لا إلا أنه إن دخل لزمه المسمى وإلا فسخ قبل البناء ولا شئ لها لاقرارها
بأنه لا حق لها ولا يمين على الزوج حينئذ والفسخ بلا طلاق لأنه مجمع على فساده. قوله: (وإلا تصدقه
إلخ) حاصله أنها إذا لم تصدقه بأن قالت: أنا الأولى أو لا علم عندي فإن اطلع على ذلك قبل الدخول فسخ
بطلاق ولا شئ لها من الصداق وحلف أنها ثانية لأجل اسقاط النصف الواجب لها بالطلاق قبل
المسيس على تقدير أنها الأولى وأن نكاحها صحيح، فإن نكل غرم لها النصف بمجرد نكوله إن قالت:
لا علم عندي لأنها شبه دعوى الاتهام وبعد يمينها إن قالت: أنا الأولى فإن نكلت فلا شئ لها أصلا وإن
اطلع على ذلك بعد الدخول فسخ النكاح بطلاق وكان لها المهر كاملا بالبناء ولا يمين عليه، وبقي على
نكاح الأولى بدعواه من غير تجديد عقد. قوله: (بأن قالت أنا الأولى) أي وقال الزوج بل أنت
الثانية، وقوله أو قالت لا علم عندي أي وقال لها الزوج أنت ثانية. قوله: (الواجب لها) أي بالطلاق قبل
المس على تقدير إلخ قوله: (ولذا) أي ولأجل أن حلفه لأجل سقوط نصف الصداق عنه لا يمين إلخ.
قوله: (ولا بد من الفسخ) أي بطلاق لاحتمال أنها الأولى. قوله: (فلو نكل) أي في حالة ما لو اطلع عليه قبل
الدخول فهذا بيان لمفهوم قوله وحلف. قوله: (فهو راجع لما قبل وإلا) أي وليس راجعا لما بعدها وهو
ما إذا لم يصدق لان فسخه بطلاق دخل أو لا. قوله: (لأنه) أي ما قبل إلا وهو ما إذا صدقت الزوج على
أنها ثانية. قوله: (أو كل محرمتي الجمع) أي كالمرأة أو عمتها أو خالتها أو بنت أخيها أو بنت أختها. قوله: (فيفسخ)
أي أبدا. قوله: (لكن تختص الأم وبنتها) أي عن بقية محرمتي الجمع. قوله: (إلا أن لتأبيده) أي
تأبيد تحريم الأم وابنتها المجموعتين في عقد. قوله: (إما أن يدخل بهما) المراد بالدخول مطلق التلذذ.
قوله: (وتأبد تحريمهما) أي أنه إذا عقد على أم وابنتها ووطئهما فإنهما يحرمان عليه أبدا يريد إذا كان
جاهلا بالتحريم بأن كان حديث عهد بالاسلام يعتقد حل نكاح الأم وابنتها، وإن كان عالما بالتحريم
فإنه ينظر إلى نكاحه هل يدرأ الحد عن الواطئ بأن كان يجهل أنها بنتها أو لا يدرأ الحد عنه بأن كان
يعلم أنها بنتها ويجري على ما مر من تحريمها إن كان يدرأ الحد وإلا كان زنى فلا يحرمان على المعتمد.
قوله: (وعليه صداقهما) أي وعليهما الاستبراء بثلاث حيض. قوله: (إن مات) أي قبل الفسخ. قوله: (لأنه
مجمع على فساده) أي وقد تقدم أن المجمع على فساده لا يوجب الميراث ولو حصل الموت قبل الفسخ.
قوله: (وإن ترتبتا) لا يصح أن يكون هذا مبالغة وأن المعنى هذا إذا عقد عليهما معا، بل وإن ترتبتا
في العقد وتكون المبالغة في الفسخ بلا طلاق، وتأبيد التحريم إن دخل بهما ولزوم الصداق وعدم
الميراث بل يتعين أن تكون إن شرطية والجواب محذوف كما اقتصر عليه الشارح لان شرط
المبالغة أن يكون ما بعدها داخلا فيما قبلها، وهنا ليس كذلك لان ما قبلها العقد عليهما واحد
253

وما بعدها مترتب. قوله: (وكانتا بعقد إلخ) احترازا عما إذا عقد عليهما عقدين مترتبين ولم يدخل بواحدة
فيفسخ عقد الثانية فقط بلا خلاف ويمسك الأولى كانت الأم أو البنت، ثم إن كانت التي فسخ نكاحها
الأم فهي حرام أبدا، وإن كانت البنت كان له أن يطلق الأولى وهي الأم ويتزوجها وهذا مع علم
الأولى والثانية، وأما مع جهل ذلك فقد مر نحوه في قوله: وفسخ نكاح ثانية صدقت إلخ. قوله: (وحلت
الأم) أي على المشهور خلافا لعبد الملك القائل بعدم حلها إجراء للفاسد مجرى الصحيح. قوله: (للاجماع
على فساده) أي ومحل كون العقد على البنات يحرم الأمهات إذا كان العقد صحيحا أو مختلفا في
فساده. قوله: (فأولى إذا كان فاسدا) أي فالحاصل أن حلية البنت لا خلاف فيها لأن العقد الصحيح
على الأم لا يحرم البنت فالأولى الفاسد، والخلاف إنما هو في حلية الأم وعدم حليتها والمشهور حليتها
ولذا اقتصر المصنف على حليتها. قوله: (وقد كان جمعهما بعقد) أي وأما لو جمعهما في عقدين مترتبين
ودخل بواحدة فإن كانت تلك التي دخل بها الأولى ثبت عليها بلا خلاف إن كانت البنت وفسخ نكاح
الثانية وتأبدت وإن كان المدخول بها الأم فكذلك على المشهور أي يثبت نكاح الأم، وقيل إنهما
يحرمان لأن العقد على البنت ينشر الحرمة ولو كان فاسدا، وإن دخل بالثانية وكانت البنت فرق بينهما
وبينه وكان لها صداقها وله تزويجها بعد الاستبراء، وإن كانت الأم حرمتا أبدا، أما الأم فلان العقد على
البنات يحرم الأمهات، وأما البنت فلان الدخول بالأمهات يحرم البنات ولو كان العقد فاسدا كما هنا
ولا ميراث. قوله: (ولم تعلم السابقة إلخ) يعني أنه إذا عقد على الأم وابنتها مترتبين ومات ولم يدخل بواحدة
ولم تعلم السابقة في العقد فإن الإرث بينهما لثبوت سببه وجهل مستحقه، ويجب لكل واحدة نصف
صداقها لان بالموت تكمل عليه الصداق وكل منهما الوارث يناكرها فيؤخذ منه نصف الصداقين
فيعطى لكل واحدة نصف صداقها سواء اختلف الصداقان أو استويا في القدر. قوله: (وكل تدعيه)
أي تدعي أنها تستحقه لكونها الأولى فنكاحها صحيح. قوله: (والوارث يناكرها) أي ويقول لها:
أنت ثانية فلا صداق لك لفساد نكاحك. قوله: (فيقسم) أي كل صداق من الصداقين بينهما أي
بين الزوجة والوارث لأنه مال تنازعه اثنان. قوله: (كأن تزوج خمسا في عقود) أي ثم مات، وقوله أو
أربعة في عقد وأفرد الخامسة أي أو جمع اثنتين أو ثلاثة في عقد وأفرد ما بقي كل واحدة بعقد. قوله: (فإن
دخل بالجميع) أي والحال أنه لم يعلم الخامسة، وقوله فلهن خمسة أصدقة أي والميراث يقسم بينهن
أخماسا. قوله: (تدعي أنها ليست بخامسة) أي فنكاحها صحيح ويتكمل لها الصداق بالموت،
وقوله: والوارث يكذبها أي فيقول إنها خامسة فنكاحها مجمع على فساده فلا ميراث لها. قوله: (وللباقي
صداق ونصف) وذلك لان واحدة منهما رابعة قطعا، والأخرى يحتمل أنها غير خامسة،
وأن الخامسة غيرها من المدخول بهن والوارث ينازعها فيقسم الصداق المتنازع فيه
بينهما فيكون للباقيتين صداق ونصف. قوله: (فللباقي صداقان ونصف) لان لاثنتين منهن صداقهن
قطعا، وصداق الثالثة ينازع فيه الوارث لأنه يقول: واحدة من اللاتي لم يدخلن خامسة فلا شئ لها
وهن يقلن الخامسة ليست واحدة منا بل من اللتين دخل بهما قلنا ثلاثة أصدقة كوامل فيقسم ذلك
الصداق الذي وقع فيه التنازع بين الوارث وبينهن فيصير صداقان ونصف، وإذا
قسم ذلك على ثلاثة خص كل واحدة ثلاثة أرباع صداقها وثلث ربعه، وإن شئت قلت
خمسة أسداس صداقها، وقوله ثلاثة أرباع صداقها وثمنه أي وإن شئت قلت كما قال ابن عرفة لكل
واحدة سبعة أثمانه والمعنى واحد. قوله: (وإن لم يدخل بواحدة فأربعة أصدقة إلخ) هذا قول محمد
254

وسحنون وهو المشهور، وقال ابن حبيب: لكل واحدة نصف صداقها لاحتمال أنها الخامسة، وظاهر
التشبيه أن المصنف مشى على هذا القول المقابل للمشهور، وأجاب الشارح فيما مر بأن التشبيه في الإرث
والصداق لا من كل وجه بل من جهة قسمة المحقق وجوبه وهو صداق واحد في المسألة الأولى وهي
قوله: وإن مات ولم تعلم السابقة إلخ يقسم على امرأتين فيكون لكل واحدة نصف صداقها والمحقق
وجوبه في الثانية وهو أربعة أصدقة يقسم على خمسة اه‍ بن. قوله: (وحلت الأخت إلخ) يعني أنه إذا
عقد على امرأة أو تلذذ بأمته فلا يحل له التلذذ بأختها أو عمتها مثلا بنكاح أو ملك إلا إذا أبان الأولى
إن كانت منكوحة أو أزال ملكها إن كانت أمة. قوله: (أو بانقضاء عدة الرجعى) والقول قولها في
عدم انقضاء عدتها لأنها مؤتمنة على فرجها، فإن ادعت احتباس الدم صدقت بيمينها لأجل النفقة
لانقضاء سنة، فإن ادعت بعدها تحريكا نظرها النساء فإن صدقنها تربص لأقصى أمد الحمل وإلا لم
يلزمه تربص لأقصى أمد الحمل، وهل منع الرجل من نكاح كالأخت في مدة عدة تلك المطلقة يسمى
عدة أو لا؟ قولان، وعلى الأول فهي إحدى المسائل التي يعتد فيها الرجل ثانيها من تحته أربع زوجات
فطلق واحدة وأراد أن يتزوج واحدة فلا بد من تربصه حتى تخرج الأولى من العدة إن كان طلاقها
رجعيا كما يأتي، والثالثة إذا مات ربيبه وادعى أن زوجته حامل فيجب أن يتجنب زوجته حتى تستبرأ
بحيضة لينظر هل زوجته حامل فيرث حمله أو غير حامل ولا يقال إنه قد يتجنبها في غير هذا كاستبرائه
من فاسد لان المراد التجنب لغير معنى طرأ على البضع. قوله: (يؤخذ منه) أي لأنه لو لم يمتنع الوطئ
بالتأجيل لما أبيح له وطئ الأخت. قوله: (أو كتابة) أي للأمة السابقة فيحل بها من يحرم جمعها معها لان
المكاتبة أحرزت نفسها ومالها وليس للسيد وطؤها والأصل عدم عجزها خلافا للخمي حيث قال:
لا تحل محرمة الجمع بكتابة الأولى. قوله: (لم تحرم الأخرى) أي بل له الاسترسال عليها وترك الأولى
التي عجزت وله ترك الأخرى والاسترسال على التي عجزت، واقتصاره على العتق والكتابة يقتضي عدم
حلية الأخت بتدبير السابقة وهو كذلك، نعم مثل العتق لأجل عتق البعض وإن لم يكمل عليه عتقها
لدين. قوله: (أو إنكاح إلخ) أي أنه إذا وطئ أمة وأراد أن يتزوج أختها أو يطأها بالملك فلا تحل له إلا
إذا حرم فرج الأولى بإنكاح يحل وطأه المبتوتة بأن يكون صحيحا لازما أو فاسدا يمضي بالدخول
فتحل الأخت بمجرد العقد الفاسد المذكور لأنه يصدق عليه أنه عقد يحل وطأه المبتوتة. قوله: (وليس
مراده بحل المبتوتة إلخ) الأولى وليس مراده بالنكاح الذي يحل المبتوتة الدخول بها لأنه يقتضي
أنه لا يحللها إلا الدخول لا العقد وليس كذلك. قوله: (لأنها مظنة اليأس) أي، ولذا لم يقيد المصنف
الأسر باليأس بخلاف الإباق فإنه لما كان غير مظنة للاياس قيده به. قوله: (وهذا في موطوأة بملك)
أي وأما من توطأ بالنكاح فلا يحل من يحرم الجمع معها بأسرها أو إباقها فإن طلقها في حال أسرها طلاقا
بائنا حل من يحرم جمعه معها، وأما إن طلقها طلاقا رجعيا لم تحل كأختها إلا بمضي خمس سنين من أسرها
لاحتمال حملها وتأخره لأقصى أمد الحمل، وثلاث سنين من يوم طلاقها لاحتمال ريبتها وحيضها في كل
سنة مرة، هذا إذا كان الإباق أو الأسر ليس بفور ولادتها وإلا حلت بمضي ثلاث سنين من طلاقها.
قوله: (أو بيع دلس فيه) يعني أن بيع السيد لامته المبيعة بيعا صحيحا كاف في حلية من يحرم اجتماعها معها ما لم يكن
اشترط في ذلك البيع مواضعة أو خيارا وعهدة، وإلا فلا تحل الأخت إلا إذا خرجت من المواضعة،
وكذا من أمد الخيار والعهدة لأن الضمان في مدة المواضعة والعهدة والخيار من البائع، ولو كان السيد عالما
بالعيب وكتمه عن المشتري لان للمشتري التمسك بها وأحرى إن لم يعلم البائع به. قوله: (وأولى إن لم
يدلس) وإنما نص على المدلس لان فيه خلافا هل يكون بمجرده كافيا في حل الأخت أم لا؟ اه‍ بن.
255

قوله: (لا بيع أو نكاح فاسد لم يفت) مقتضى كلام بن عند قول المصنف أو إنكاح يحل المبتوتة أن
يقصر قول المصنف: لا فاسد لم يفت على خصوص البيع لان النكاح الفاسد إذا كان يمضي بالدخول
تحل به الأخت ولو لم يحصل دخول بالفعل. قوله: (ولا حيض) أي لا يحل كالأخت حرمة الأولى
عليه لحيض أو نفاس أو استبراء من وطئ شبهة. قوله: (وعدة شبهة) تقييده العدة بالشبهة حسن لا بد منه
لأنها لو كانت من نكاح صحيح لكان النكاح وحده محرما والعدة من توابعه. قوله: (أي استبراء من
وطئ شبهة) أشار بهذا إلى أن مراده بالعدة الاستبراء لان ما يوجبه وطئ الشبهة من التربص يسمى
استبراء لا عدة وإطلاق العدة عليه مجاز. قوله: (وإنما لم تحل) أي الأخت، وقوله في الحيض أي حيض
الأولى. قوله: (الرجوع للاسلام) أي لخوف القتل. قوله: (وظهار) مثله الحلف على ترك وطئ السابقة
ولو بحريتها فلا تحل به الأخرى كما قاله ح. قوله: (وقيل مراده به المواضعة) حاصله أن بعض الشراح
جعل قوله: واستبراء وخيار وعهدة ثلاث مرتبطة بقوله: وبيع دلس فيه على أنها قيد فيه، وحينئذ
فيكون المراد بالاستبراء المواضعة وكأنه قال: محل كون البيع الصحيح ولو دلس فيه كافيا بمجرده في
حلية الأخت ما لم يكن فيه مواضعة أو خيار أو عهدة ثلاث، وإلا فلا يكون بمجرده كافيا بل لا بد من
الخروج منها. قوله: (أو سنتين) أخذ ذلك من قول المصنف الآتي بخلاف خدام سنين فإن مقابلته
للسنة يقتضي أن المراد بها ما قابل السنين الكثيرة. قوله: (وهبة لمن يعتصرها منه) المراد بالهبة هنا هبة
غير الثواب بدليل الاعتصار لان هبة الثواب بيع ولا اعتصار في البيع فجعل بعضهم هبة الثواب
داخلة في كلام المصنف غير ظاهر. قوله: (كولده) أي سواء كان صغيرا أو كبيرا ومفهوم لمن يعتصرها
منه أن الهبة لغيره تحل به كالأخت. قوله: (بخلاف صدقة عليه إن حيزت) أي لأنه لا اعتصار في
الصدقة قاله ابن عبد السلام. قوله: (أي على من يعتصرها منه) أي وهو عبده وابنه الكبير والصغير
واليتيم الذي في حجره. وقوله بأن حازها له إلخ ناظر لما إذا كان المتصدق عليه صغيرا في حجره. وقوله
ويكفي إلخ ناظر لما إذا كان المتصدق عليه كبيرا. قوله: (إن حيزت) هذا شرط بالنسبة لحلية الأخت،
وأما بالنسبة لصحة الصدقة فيكفي حوزه لمحجوره. قوله: (والمعتمد) أي كما في ح نقلا عن ابن فرحون.
قوله: (كالهبة) أي في كونها لا تحل بها الأخت. وقوله: لان له إلخ أي وحينئذ فلا يتم ما قاله المصنف.
قوله: (لان له أخذها منه) أي سواء كان صغيرا أو كبيرا. لا يقال: إن شراء الولي مال محجوره
لا يجوز فكيف يكون له نزعها بالبيع من محجوره اليتيم؟ قلت: إن الممتنع شراء مال محجوره
الذي لم يهبه له، وأما ما وهبه له فيكره له شراؤه ولا يكون ممنوعا منع تحريم اه‍ عدوي.
قوله: (وبخلاف اخدام سنين) في كلام المصنف إشعار بمنع وطئ المخدمة ولو قل زمن الخدمة لأنه
لو لم يمتنع وطؤها ما حلت الأخت، وبهذا صرح أبو الحسن، وحاصل المعتمد أن الأمة المخدمة
لا يحل وطؤها قل زمن الخدمة أو كثر، إلا أنه لم تحل الأخت إذا قل زمن الخدمة لقصر الزمان
256

كالاحرام والحيض، بخلاف ما إذا كثر زمن الخدمة فإن حلها ظاهر. قوله: (وطأ) أي الثانية من حيث
الوطئ. قوله: (أو عقد إلخ) هذا العقد لا يجوز لقول المدونة لا يعجبني، وحمل على التحريم ونصها: من كانت
له أمة يطؤها بالملك ثم إنه تزوج أختها فإنه لا يعجبني نكاحه ولا أفسخه ويوقف إما أن يطلق أو يحرم
الأمة، وقوله يطلق أي قبل البناء فهو بائن وهو محرم كما تقدم اه‍ بن. قوله: (بعد تلذذه بأختها) مفهومه
أنه لو كان قبل تلذذه بأختها بملك بأن عقد نكاح إحدى أختين بعد شرائه للأخرى وقبل تلذذه بها فلا
يكون الحكم كذلك، والحكم أنه إن أبقى الأولى وهي التي اشتراها للوطئ لا للخدمة أبان الثانية التي عقد
عليها وإن أبقى الثانية وقف عن الأولى أي كف عنها ويوكل لأمانته، ولا يؤمر بزوال ملكها بعتق أو
بيع ولا بكتابتها أو إنكاحها. قوله: (كحكم الفرع الأول) أي فيجب عليه أن يوقف عنهما حتى يحرم
أيتهما شاء، أما المنكوحة بفراقها بالبينونة أو بفراق المملوكة بزوال الملك. قوله: (أي المطلقة ثلاثا للحر)
أي سواء كانت الزوجة حرة أو أمة، وكذا يقال فيما بعده، وسواء وقع الطلاق الثلاث في مرات أو وقع
مرة واحدة على المعتمد خلافا لمن قال بلزوم طلقة واحدة إذا وقع الثلاث في مرة واحدة، ونسب في
النوادر هذا القول لابن مغيث كما في الشامل، ونسبه بعضهم أيضا لأشهب وهو قول ضعيف جدا
لمخالفته للاجماع. قوله: (ولو علقه على فعلها إلخ) كإن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فدخلتها قاصدة
حنثه فتحرم عليه عند ابن القاسم وغيره، خلافا لأشهب القائل بعدم وقوع الطلاق معاملة لها بنقيض
قصدها، قال أبو الحسن على المدونة: وهذا القول شاذ والمشهور قول ابن القاسم، وكذا ذكر ابن رشد
في المقدمات. قوله: (أو في نكاح مختلف فيه وهو فاسد عندنا) أي كنكاح المحرم والشغار وإنكاح العبد
والمرأة فإن هذه الأنكحة مختلف في صحتها وفسادها ومذهبنا فسادها، فإذا طلق الزوج في هذه الأنكحة
ثلاثا حرمت عليه، خلافا لابن القاسم القائل أنه يقع عليه ذلك الطلاق نظرا لصحة النكاح على
مذهب الغير ولا يزوجها إلا بعد زوج، فلو تزوجها قبل زوج لم يفسخ نكاحه نظرا لمذهبه من فساد
النكاح وعدم لزوم الطلاق فيكون هذا النكاح الثاني صحيحا. قوله: (حتى يولج بالغ) أي سواء كان حرا
أو عبدا فإذا عقد عليها عبد ولو ملكا للزوج بإذن سيده وكان بالغا وأولج فيها حشفته فقد حلت، فلو كان
ملكا للزوج ووهبه لها انفسخ النكاح وكان لمطلقها العقد عليها بعد العدة. قوله: (ولا بد أن يكون مسلما)
هذا القيد مأخوذ من قول المصنف الآتي لازم لان اللزوم يستلزم الصحة والصحة تستلزم الاسلام.
قوله: (بلا منع) أي حالة كون ذلك الايلاج ملتبسا بعدم المنع منه شرعا. قوله: (فيخرج الايلاج في دبر)
أي فلا فيكون الايلاج فيه ولا فيما بعده كافيا في حليتها لمبتها، ويؤخذ من قوله بلا منع شرط كونها مطيقة
لان وطئ من لا تطيق جناية وهي ممنوعة انظر ح. قوله: (وصوم) أي سواء كان واجبا أو كان تطوعا
كما هو ظاهر المدونة والموازية عند الباجي وغيره واختاره ابن رشد، وقال ابن الماجشون: الوطئ في
الحيض والاحرام والصيام يحلها، وقيل: إن محل القولين في الوطئ في صوم رمضان والنذر المعين، وأما
الوطئ فيما عداهما كصيام التطوع والقضاء والنذر وغير المعين فإنه يحلها اتفاقا واختاره اللخمي
انظر التوضيح اه‍ بن. ووجه ما قاله اللخمي أنه يفسد بمجرد الملاقاة فبقية الوطئ لا منع فيه بخلاف رمضان
257

والنذر المعين فإن للزمن المعين حرمة. قوله: (أو لم يعلم منهما إقرار ولا إنكار) أي لان الأصل
الصدق، يدل له ما يأتي في حلها بالمجنون خلافا لما في البدر القرافي، نعم إذا سئلا حاضرين فلا بد من
إقرارهما. قوله: (فإن أنكرا أو أحدهما لم تحل) أي سواء كان ذلك قبل الطلاق الثاني أو بعده ولو بعد
طول ما لم يحصل تصادق عليه قبل الانكار وإلا فلا عبرة بالانكار، وأما لو كان تصادقهما بعد الانكار
فلا عبرة به. قوله: (بانتشار) أي ملتبسا ذلك الايلاج بانتشار للذكر. قوله: (ولو بعد الايلاج) أي هذا إذا
كان الانتشار حاصلا عند الايلاج أي إدخال الذكر في الفرج بل ولو حصل الانتشار بعد الايلاج
أي دخوله فيه. تنبيه: لا بد في حلية المبتوتة أن لا يكون الايلاج في هواء الفرج وأن لا يلف على
الذكر خرقة كثيفة وفي حليتها مع الخرقة الخفيفة خلاف فظاهر عبق الحلية، وفي البدر أنها لا تحل
معها لمنع العسيلة وكلام عبق أظهر كما قرر شيخنا. قوله: (أو بعد الإجازة) وذلك في كل نكاح فيه
خيار لأحدهما كما مثل، وقوله والمغرورة أي بحرية قوله: (وعلم زوجة فقط) هذا هو المعتمد خلافا
لمن قال: لا بد من علم الزوج أيضا. قوله: (إن علمت به حال الوطئ) أي إن علمت بكونه خصيا حال
الوطئ لأنها إذا علمت بذلك وسكتت حتى أتم الوطئ كان النكاح لازما ولا خيار لها. قوله: (فهو
نكاح معيب) أي وحينئذ فلا يحلها لأنه غير لازم قوله: (فتزوج بدنيئة) أي وأولج فيها حشفته
أو قدرها. قوله: (لا بفاسد) أي لا تحل بوطئ مستند لنكاح فاسد. قوله: (بوطئ ثان) متعلق بمقدر
مرتبط بالمفهوم وهو ثبوته بعده كما أشار لذلك الشارح. قوله: (تردد) أي التردد للباجي، قال في التوضيح:
بناء على أن النزع وطئ أم لا اه‍ بن. قوله: (ثم مثل للفاسد إلخ) إنما جعل قوله كمحلل تمثيلا للفاسد
لا تشبيها به لإيهامه أنه غير فاسد لان الشئ لا يشبه بنفسه. قوله: (كمحلل) أي أن من تزوج امرأة
أبتها زوجها بنية إحلالها له أو بنية الاحلال مع نية الامساك إن أعجبته فإن نكاحه يفسخ قبل
الدخول وبعده ولا تحل بوطئه لمبتها لانتفاء نية الامساك المطلقة المشترطة شرعا في الاحلال
لما خالطها من نية التحليل إن لم تعجبه. قوله: (مع الاعجاب) بأن نوى التحليل إن لم تعجبه وإمساكها
إن أعجبته. قوله: (لانتفاء نية الامساك إلخ) أي ولها المسمى بالبناء على الأصح وقيل مهر المثل
نظرا إلى أن العقد على وجه التحليل أثر خللا في الصداق وهذا القول الثاني ضعيف وإن كان
موافقا للقواعد كما قال شيخنا، قال ابن رشد: وهذا الاختلاف في الصداق إنما يكون إذا تزوجها
بشرط أن يحلها ولو نوى أن يحلها دون شرط كان بينه وبينها أو بينه وبين أوليائها علم ذلك الزوج
أو لم يعلم لكان لها الصداق المسمى قولا واحدا اه‍ بن. قوله: (بطلقة بائنة) اعلم أنه إن تزوجها
بشرط التحليل أو بغير شرط لكنه أقر به قبل العقد فالفسخ بغير طلاق، وإن أقر به بعده فالفسخ
بطلاق كما في التوضيح وابن عرفة، قال الباجي: وعندي أنه يدخله الخلاف في النكاح الفاسد
المختلف فيه هل بطلاق أم لا وهو تخريج ظاهر انظر بن، وما قاله الباجي هو الذي مشى عليه الشارح.
قوله: (إذا لم يقصده المحلل) أي فالمعتبر في تحليلها وعدم تحليلها نية المحلل دون غيره لان الطلاق
بيده، ومحل فساد النكاح إذا قصد المحلل تحليلها ما لم يحكم بصحته من يراه كشافعي وإلا كان
صحيحا لان حكم المحاكم في المسائل الاجتهادية يرفع الخلاف ويصير المسألة كالمجمع عليها.
258

قوله: (وقبل دعوى طارئة إلخ) أي من غير يمين. قوله: (الأولى التزوج) أي لان الذي تدعيه الامر
القائم بها وهو التزوج، وأما التزويج فهو فعل الولي وقد يقال إنهما متلازمان، اللهم إلا أن يكون المراد
الأولوية من حيث الاختصار بقلة الحروف. قوله: (فإن قربت البلد التي طرأت منها لم تصدق إلا بما
ذكر) أي من شهادة شاهدين على التزويج وامرأتين على الخلوة وهذا إذا لم يطل الزمان من يوم
طلاقها ودعواها التزويج، أما إذا طال الزمان بحيث يمكن فيه موت شهودها واندراس العلم بتزويجها
فإنها تصدق إن كانت مأمونة من غير يمين، فإن لم تكن مأمونة مع الطول فهل تصدق كالمأمونة أو لا
تصدق في ذلك؟ قولان، وبالجملة الطارئة من بلد قريبة كالحاضرة في البلد. قوله: (قولان) الأول منهما
لابن عبد الحكيم والثاني لابن المواز وعلى الأول فالظاهر تحليفها. قوله: (أما في الثاني) أي أما تنافي
الحقوق في الثاني وهو تزوج المرأة بعبدها. قوله: (فظاهر) أي لأنها تطالبه بحقوق الزوجية وهو
يطالبها بحقوق الرقية ومن جملة الحقين النفقة فيحصل التنازع فيها كذا قيل، وقد يقال إنه لا ضرر في
ذلك ككل حقين يقع فيهما مقاصة أو لا فلعله أراد التنافي من حيث أن كلا منهما صار عائلا ومعولا
وآمرا ومأمورا فتأمل. قوله: (وأما في الأول) أي وأما تنافي الحقوق في الأول وهو تزوج الرجل
أمته. قوله: (بخلاف الزوجة) أي وحينئذ فيحصل التنازع بينهما في ذلك فإذا طالبته بالوطئ أو القسم
لأجل ذلك طالبها برفع ذلك عنه بالملك. قوله: (ليست كنفقة الزوجة) أي بل أقل منها فمقتضى كونها
أمته أن تكون نفقتها قليلة، ومقتضى كونها زوجة أن تكون نفقتها كثيرة فإذا أراد تقليل نفقتها نظرا
لكونها أمة طالبته بكثرتها نظرا لكونها زوجة ويقع التنازع بينهما. قوله: (وليست خدمة الزوجة إلخ)
أي وحينئذ فيحصل التنازع فيما ذكر. قوله: (كالكتابة) أي كذي الكتابة وذي التدبير وذي
أمومة الولد. قوله: (أو كانت الأمة لولده) أي انه يحرم على الأب أن يتزوج بأمة ولده لقوة الشبهة
التي للأب في مال ولده وسواء كان الأب حرا أو عبدا. قوله: (أي لفرعه) أي سواء كان ابنه أو بنته أو
ابن بنته أو ابن ابنه. والحاصل أن المراد بولده ما يشمل ولد البنت وهو ما يفيده كلام عج والقلشاني
وزروق وصوبه بن خلافا لعبق من أن المراد بالولد غير ولد البنت لأنه ابن رجل آخر كما قال:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
ونحوه لتت قوله: (وإن طرأ) أي هذا إذا كان الملك سابقا على النكاح، بل وإن طرأ الملك بعد التزويج.
قوله: (بلا طلاق) أي وهل له بعد فسخ النكاح وطؤها بالملك قبل الاستبراء أو لا بد من الاستبراء
قبل وطئها؟ قولان لابن القاسم وأشهب، وسبب الخلاف ما يأتي من أنها هل تصير أم ولد بالحمل
السابق على الشراء ولا تصير به أم ولد فقال ابن القاسم: تصير به أم ولد فلا حاجة للاستبراء، وقال
أشهب: لا تصير به أم ولد وحينئذ فيحتاج للاستبراء فتأمل. قوله: (كمرأة) أي كما يفسخ بلا طلاق نكاح
امرأة متزوجة إلخ. قوله: (من وجوه الملك) أي وهو الشراء والهبة والصدقة والإرث. قوله: (ولو بدفع
مال) أي خلافا لأشهب القائل إنه لا ينفسخ النكاح لان العبد لم يستقر ملك عليه حقيقة وليس لها
فيه إلا الولاء كما لو أعتقه السيد عنها من غير سؤال، وهذا القول هو الذي رد عليه المصنف بلو اه‍ بن،
259

وما مشى عليه المصنف من فسخ النكاح هو قول ابن القاسم وهو المشهور. قوله: (لدخوله) أي لأنه يقدر
دخوله في ملكها ثم عتقه عنها بعد ذلك، وإنما قدر ذلك لان الولاء لها وهو إنما يكون لمن أعتق والمعتق
إنما يكون مالكا. قوله: (أو دفعت مالا ليعتقه عن غيرها) أي أو أعتقه عنها من غير سؤال، وقوله فلا
ينفسخ أي في صور المفهوم كلها لعدم دخوله في ملكها تحقيقا وتقديرا والولاء لها إن أعتقه عنها
وكانت حرة بالغة، وإن خالف القاعدة من كون الولاء لمن ملك وأعتق فإن أعتقه عنها وكانت أمة
كان الولاء لسيدها. قوله: (لا إن رد سيد إلخ) يعني أن الأمة التي لم يأذن لها سيدها في شراء زوجها إذا
اشترته بغير إذن سيدها فلما بلغه ذلك رد شراءها فإن نكاحها لا يفسخ بذلك لعدم تمام الشراء، بخلاف
المأذون لها في شرائه إذنا ملتبسا بالخصوص أو بالعموم كإذنه لها في التجارة كان ذلك الاذن بنص أو
بتضمن ككتابته لها فإنه يفسخ النكاح. قوله: (ولو في عموم إلخ) أي هذا إذا كان الاذن لها ملتبسا
بخصوص شرائه بل ولو كان الاذن لها في عموم تجارة. قوله: (أي السيد) أي سيد العبد، وقوله
والزوجة أي مع الزوجة. قوله: (فلا ينفسخ) أي النكاح وأما البيع فإنه يرد. قوله: (لغو) أي بمنزلة العدم
وأنه يفسخ النكاح وبذلك قال ابن عبد السلام، وقوله وفيه نظر أي بل قصد السيد مثل قصدهما في أنه
لا يوجب فسخ النكاح قال ح: والحق ما قاله ابن عرفة وأنه لا يفسخ كما في مسألة الهبة فإنه ليس في
كل منهما إلا قصد السيد وحده فلا فرق بينهما، وقصدها وحدها لا ينفسخ معه النكاح عند ابن عرفة
وشيخه ابن عبد السلام. والحاصل أنه إذا قصدت الزوجة والسيد بالبيع فسخ النكاح أو قصدت
الزوجة ذلك وحدها لم ينفسخ النكاح ويرد البيع باتفاق ابن عرفة وشيخه، وأما إن قصد ذلك السيد
وحده فكذلك عند ابن عرفة خلافا لابن عبد السلام القائل بفسخ النكاح في هذه الحالة.
قوله: (كهبتها للعبد إلخ) هذا تشبيه في عدم الفسخ، وحاصله أن من زوج عبده من أمته ثم إن ذلك السيد وهب
الزوجة لزوجها قاصدا بذلك التوصل إلى انتزاعها منه والحال أن العبد لم يقبل الهبة بل ردها فإن الهبة
لا تتم وترد كرد البيع فيما مر ولا يفسخ النكاح معاملة للسيد بنقيض قصده من إضرار العبد بفسخ
النكاح، وسواء كان العبد يملك مثله مثلها بأن كان ذا مال أم لا، وسواء قصد بانتزاعها منه إزالة عيب
عبده أو قصد إحلالها لنفسه فإن وهبها له ولم يقصد انتزاعها منه والحال أن العبد لم يقبل
الهبة لزمت الهبة وفسخ النكاح لدخولها في ملكه جبرا عليه، وأما لو قبل العبد الهبة لفسخ نكاحه سواء قصد السيد
انتزاعها منه أم لا وإنما تفترق إرادة السيد انتزاعها وعدم إرادته ذلك إذا لم يقبل الهبة. قوله: (أي وهبها
سيدها) هذا يشير إلى أن قول المصنف: كهبتها مصدر مضاف لمفعوله. قوله: (أي لقصد انتزاعها
منه) أي لإزالة عيب التزويج أو لاحلالها لنفسه، ومفهومه أنه لو وهبها ولم يقصد انتزاعها منه
والحال أنه لم يقبل الهبة فإن الهبة تتم ويفسخ النكاح. قوله: (ولا يفسخ النكاح) أي معاملة له بنقيض
قصده لا لعدم القبول. قوله: (بخلاف لو قبل فيفسخ) أي سواء قصد السيد انتزاعها منه أو لم يقصد
ذلك فلا تفترق إرادة السيد انتزاعها منه وعدم إرادته ذلك إلا عند عدم قبول الهبة. والحاصل أن
الأحوال أربعة لان العبد إما أن يقبل الهبة أو لا، وفي كل إما أن يقصد السيد بالهبة إضرار العبد
بانتزاعها منه أو لا وقد علمتها. قوله: (من التفرقة المذكورة) أي بين قبول العبد للهبة وعدم
قبوله لها. قوله: (فينفسخ بمجرد هبتها له) أي لدخولها في ملكه جبرا على العبد، وقوله: ولو لم يقبل
260

جملة حالية. قوله: (والراجح إلخ) أي وحينئذ فمفهوم المصنف مشهور مبني على ضعيف. قوله: (وملك
أب إلخ) حاصله أن الأب وإن علا يملك جارية ولده وإن سفل صغيرا كان أو كبيرا ذكرا أو أنثى كان
الأب حرا أو عبدا بمجرد تلذذه بها بجماع أو مقدماته لشبهة الأب في مال ولده لكن لا مجانا بل بالقيمة
يوم التلذذ وإن لم تحمل، وإذا كان الأب عبدا كانت تلك الفعلة جناية في رقبته فيخير سيده في إسلامه
لولده في القيمة أو فدائه بدفع قيمة الأمة لولده وإذا أسلمه سيده لولده عتق عليه. قوله: (بتلذذه بها
بوطئ) ولا حد على الأب حينئذ للشبهة في مال ابنه وحيث ملكها الأب بتلذذه بها فله وطؤها بعد
استبرائها من مائه الفاسد إن لم يكن استبرأها قبل وطئه الفاسد خوفا من أن تكون حاملا من
أجنبي وإلا حل له وطؤها من غير استبراء، وهذا كله إذا كانت تلك الجارية لم يتلذذ بها الابن قبل تلذذ
الأب، وإلا فلا يجوز للأب وطؤها مطلقا استبرأها أم لا لحرمتها عليهما. قوله: (إن لم تحمل) أي وإلا
فلا يجوز بيعها وبقيت له أم ولد. قوله: (في هذه الحالة) أي حالة عدم الأب، وقوله وتباع عليه فيها أي في
القيمة فإن زاد الثمن على القيمة كانت الزيادة للأب وإن نقص الثمن عنها كان النقص عليه. والحاصل
أن الجارية إذا لم تحمل إن كان الأب مليا تعين أخذ القيمة منه وليس للولد أخذها، وإن كان معدما خير
الولد بين أخذها في القيمة وبين اتباعه بها فتباع عليه فيها فالزائد له والنقص عليه هذا هو المشهور،
ومقابله قول ابن عبد الحكم: إن للولد أن يتماسك بها إن لم تحمل في يسر الأب وعدمه وله أن لا يتماسك بها
ويأخذ منه القيمة حالا إن كان مليا ويتبعه بها إن كان معدما، وأما إذا حملت تعين بقاؤها للأب أم ولد
وليس للولد إلا القيمة يأخذها حالا إن كان الأب موسرا ويتبعه بها إن كان معسرا. قوله: (وحرمت
عليهما إلخ) أي إذا كان الابن بالغا وإلا فلا تحرم على الأب لان وطئ الصغير لا يحرم، بخلاف عقد
نكاحه فإنه ينشر الحرمة، وإنما حرمت عليهما إذا وطئاها لان وطئ كل منهما يحرمها على الآخر
وطئها الابن قبل أبيه أو بعده. واعلم أن جارية الابن إذا وطئها كل من الأب والابن فلا يحد الأب
لشبهته في مال الابن ولو علم بوطئ الابن لها قبله على الراجح ويؤدب إن لم يعذر بجهل، وما في
خش تبعا لتت من حده إن علم بوطئ الابن قبله فهو ضعيف، وأما الابن ففي عبق وخش
ينبغي أن يحد الابن إذا وطئ جارية نفسه بعد علمه بتلذذ أبيه بها، وقال: الأظهر قول ابن رحال
بعدم حده لان قول ابن عبد الحكم للابن التمسك بها مطلقا شبهة قوية. قوله: (وإن حملت) أي من
أحدهما والحال أنهما وطئاها معا كل واحد في طهر وأتت به لستة أشهر من وطئ الثاني أو الأول
أو كان وطؤهما معا في طهر وألحقته القافة بأحدهما. قوله: (فإن ولدت من كل) أي فإن ولدت من كل
منهما ولدا بأن وطئها كل واحد منهما في طهر وأتت منه بولد. قوله: (كما ألحقته) أي القافة بهما،
وحاصل ما في المسألة أنها تارة تلد من أحدهما وتارة تلد منهما، وفي كل إما أن يعلم السابق أو لا، فإن ولدت
من أحدهما فقط وعلم كانت أم ولد له وعتقت عليه ناجزا كان هو الأب أو الابن ولا يتأتى العلم
بذلك الأحد الذي ولدت منه إلا إذا كان وطؤهما في طهرين بأن استبرأها أحدهما بحيضة من وطئ
الأول ووطئها بعدها، فإن أتت بولد لستة أشهر من وطئ الثاني لحق به وعتقت عليه، وإن ولدت
لأقل من ستة من وطئ الثاني لحق بالأول لأنه كان في بطنها عند حيضها، والحامل تحيض عند
مالك وإن لم يعلم من أيهما بأن وطئاها في طهر واحد فالقافة فمن ألحقته به فهو ابن له وتعتق عليه، فإن لم
تلحقه بواحد عتق عليهما كأن لم تكن قافة أو كانوا واختلفوا أو لم يكن أعرف وإن ولدت من كل
261

واحد ولدا فإنها تعتق على السابق منهما إن علم وإلا عتقت عليهما، وكل من عتقت عليه وحده فالولاء
له، وإن عتقت عليهما فالولاء لهما ويغرم الأب قيمتها في كل الصور ولو عتقت على الابن وحده
وتكون قيمة قن ويؤدب الأب في الصور كلها إن لم يعذر بجهل. قوله: (تزوج ابنة سيده) فلو ولدت منه
أولادا وماتوا عن مال كان إرثهم لأمهم مع بيت المال وذلك لان السيد جدهم لأمهم فلا يرث وأبوهم
ممنوع بالرق. قوله: (أي بكراهة) أي وهي متعلقة بالجميع لا بالزوجة ووليها فقط دون العبد خلافا لعبق،
وحينئذ فالمراد بالجواز عدم الحرمة فلا ينافي الكراهة. قوله: (ولربما مات السيد) أي الذي هو أبوها،
وقوله فترثه أي العبد أي تأخذه بالميراث وبهذا يلغز ويقال مات شخص فانفسخ نكاح آخر.
قوله: (فيشمل ملك السيد) أي وملك الأجنبي وإنما جاز للعبد تزوج أمة غيره مطلقا لان الأمة من نساء العبد
وليس عليه أن يحرر ولده بتزوج حرة إذ ليس ولده أعظم منه. قوله: (كحر لا يولد له) أي لأن علة منع
التزوج بالأمة وهو خوف إرقاق الولد منتفية هنا. قوله: (وكأمة الجد) الكاف داخلة على الجد لما علم من
عادته وهي إدخال الكاف على المضاف ومقصوده دخولها على المضاف إليه فاندفع اعتراض الشارح.
قوله: (حرية المالك) أي للأمة الذي هو أصله لأنه لو كان رقيقا كان الولد رقيقا للسيد الأعلى، وقوله
بشرط حرية المالك أي وبشرط كون الأمة مسلمة، وإنما لم يقيد المصنف المسألة بما ذكر من القيدين
لعلم القيد الأول من كون العلة في المنع خوف الاسترقاق للولد ولا تنتفي إلا إذا كان المالك للأمة حرا
ولعلم القيد الثاني مما يأتي من قوله وأمتهم بالملك. قوله: (وهي منتفية هنا) أي لعتق الولد على مالكها لأنه
فرعه. قوله: (لمن لا يعتق ولدها عليه) أي من أجنبي أو كان من أحد أصوله لكنه رقيق. قوله: (إن خاف
على نفسه زنا) ظاهره ولو توهمه لان الخوف يصدق بالوهم كذا قيل، ولكن الظاهر أن المراد بالخوف
الشك فما فوقه وهو الظن والجزم لما لا يلزم على تزويج الأمة من رقية الولد فلا يقدم عليه
بأمر وهمي بل بأمر قوي كالشك. قوله: (وعدم ما يتزوج به حرة إلخ) اعلم أن أصبغ قال: الطول هو المال الذي يقدر على
نكاح الحرائر به والنفقة عليهن منه وهو خلاف رواية محمد من أن القدرة على النفقة لا تعتبر، والراجح
كلام أصبغ من اعتبار القدرة على الصداق وعلى النفقة كما أفاده بعضهم، فقول المصنف وعدم ما تفسر
ما بأهبة ليشمل الصداق والنفقة والباء في به بمعنى مع ولا تفسر ما بمال وتجعل الباء للعوض لأنه كلام
محمد وهو ضعيف اه‍ عدوي. قوله: (من نقد أو عرض) أي أو دين على ملئ وكتابة وأجرة خدمة
معتق لأجل، فإن وجد شيئا من ذلك كان واجدا للطول، ويستثنى من العرض دار السكنى فليست طولا
ولو كان فيها فضل عن حاجته كما قاله عج ودخل في العرض دابة الركوب وكتب الفقه المحتاج إليها فهي
من جملة الطول، والفرق بينهما وبين دار السكنى أن الحاجة لدار السكنى أشد من الحاجة للدابة والكتب.
قوله: (فإن لم يجد غيرها إلخ) أي فإن وجد ما لا يتزوج به الحرة غير المغالية إلا أنه لم يجد غير المغالية. قوله: (بلا شرط)
أي بلا اشتراط عدد ما يتزوج به الحرة المغالية. قوله: (ولو كتابية) مبالغة في مفهوم قوله وعدم ما يتزوج به حرة غير
مغالية أي فإن وجد ما يتزوج به حرة غير مغالية فلا يجوز له نكاح الأمة ولو كانت الحرة غير المغالية
كتابية لأن عدم إرقاق الولد يحصل بنكاح الكتابية. قوله: (بالشرطين) أي إذا خاف على نفسه الزنا
262

ولم يجد مهرا يتزوج به حرة. قوله: (وهو لا يصح) لأنه ينحل المعنى، فإن وجد ما يتزوج به حرة غير
مغالية فلا يجوز له نكاح الأمة، ولو كانت الحرة غير المغالية كتابية ولو كان تحته حرة لا تكفه مع
أنه إذا كان تحته حرة لا تكفه وخاف على نفسه الزنا جاز له نكاح الأمة. قوله: (لوجوب إلخ)
أي فالمبالغة الأولى راجعة لمفهوم الشرط الثاني، والمبالغة الثانية راجعة لمنطوق الشرط الأول،
واعترضه ابن غازي بأنه كيف يعطف مبالغة مبالغة مع اختلاف موضوعهما من غير تكرار لو.
قوله: (بدون الشرطين) أي بأن لم يخف الزنا ووجد ما يتزوج به الحرة. قوله: (أو أحدهما)
أي أو بدون أحدهما كما لو كان لا يخاف الزنا وعدم ما يتزوج به الحرة أو خاف الزنا ووجد ما يتزوج
به الحرة غير المغالية. قوله: (فسخ بطلاق) أي قبل الدخول فقط على الظاهر، وقوله: لأنه مختلف فيه
أي في المذهب وخارجه حتى قال ابن رشد: المشهور جوازه بلا شرط وهو قول ابن القاسم كما في ح، وكأنه
حمل الآية على الأولوية أو على النسخ يحرر ذلك. قوله: (لم ينفسخ) أي وكذا إذا طلق الأمة ووجد
مهر الحرة فله رجعة الأمة وهذا هو المشهور بناء على المعتمد من أن تلك الشروط شروط في الابتداء
فقط، وقيل إنها شروط معتبرة في الابتداء والدوام، وعليه إذا تزوج الأمة بشروطه ثم زال المبيح
انفسخ النكاح ولا تصح الرجعة. قوله: (وله الخلوة إلخ) فيه أن الخلاف إنما هو في رؤية شعرها، وأما
الخلوة بها ونظر بقية الأطراف فليس فيهما إلا المنع كما قال عج. والحاصل أن مذهب المدونة جواز
نظر العبد والمكاتب الوغدين لشعر السيدة وهو المشهور لان باب الطمع مسدود من الجانبين، وقال
ابن عبد الحكم: يمنع من رؤية شعر سيدته لعموم الفساد في هذا الزمان فلم يبق كالزمان الذي قال الله
فيه: * (أو ما ملكت أيمانهن) * وقول ابن عبد الحكم: يمنع رؤيته لشعر سيدته وجيه وإن كان المعتمد الجواز،
ثم إن الشيخ سالما السنهوري جعل النظر لبقية أطرافها والخلوة بها مثل الشعر في الجواز، فرد عليه
عج بأن الخلاف إنما هو في رؤية الشعر والمشهور الجواز، وأما رؤية بقية الأطراف والخلوة فكل
منهما ممنوع من غير خلاف، والمعول عليه ما قاله عج من قصر الجواز على رؤية الشعر. قوله: (وهو
مقطوع الذكر فقط) أي قائم الأنثيين وأما ذاهب الأنثيين قائم الذكر فهو بمنزلة السالم فلا يجوز
له رؤية شعرها إلا إذا كان ملكا لها كما تقدم والفرض أنه وغد. قوله: (وخيرت الحرة مع الحر) أي
وأما مع العبد إذا تزوج الأمة على الحرة أو تزوجها على الأمة فإنه لا خيار للحرة لان الأمة من نساء
العبد. قوله: (إذ هو كطلاق الحاكم) أي لان القاعدة أن كل طلاق أوقعه غير الزوج فهو بائن إلا في
الايلاء وعسر النفقة. قوله: (كتزويج أمة عليها) ما ذكره المصنف من تخيير الحرة في نفسها هو المشهور،
وقيل إن سبقت الأمة خيرت الحرة في نفسها، وإن سبقت هي خيرت في الأمة. قوله: (أو علمها بواحدة إلخ)
أي كما لو علمت الحرة أنه متزوج بأمة أو أكثر فتزوجته راضية بما علمت فلما دخلت
263

وجدت عنده أكثر مما علمت فإن الخيار يثبت لها. قوله: (من صداقها) من اسم بمعنى بعض أو أنها
بيانية مبنية لمحذوف أي شيئا من صداقها. قوله: (إن لم يمنعه دينها) أي إن كان ذلك الوضع لا يمنع منه
دينها المحيط بصداقها، وقوله: بأن يكون إلخ مثال للمنفي وهو ما إذا كان دينها يمنع من الوضع لأنها إذا
تداينت بإذنه لم يكن له اسقاط ذلك الدين ويجب وفاؤه من غير خراج وكسب كالمهر، وأما إذا تداينت
بغير إذنه فله إسقاطه وحينئذ فلا يمنع ذلك الدين الوضع. قوله: (منع نفسها لذلك) أي لأجل أن تقبض
ما حل من صداقها. قوله: (وهو المعول عليه) أي والمضر في حق الله إسقاطه للزوج لا أخذ السيد له
الذي كلامنا فيه ومقابله له أخذه إلا ربع دينار فيتركه لها. قوله: (وإن قتلها سيدها) أي قبل الدخول
أو بعده وهذا مبالغة في أخذ السيد صداقها، فإذا زوج أمته ثم قتلها فإنه يقضي له بأخذ صداقها من زوجها
بنى بها أم لا ويتكمل عليه الصداق بالقتل. قوله: (لذلك) أي لأجل أخذ صداقها لان الغالب أن ثمنها
أكثر من صداقها. قوله: (أو باعها بمكان بعيد) يعني أن السيد إذا زوج أمته ثم باعها لمن سافر بها لمكان
بعيد فإنه يقضي له بأخذ صداقها من زوجها أو نصفه إذا طلق قبل البناء. قوله: (فلا يلزم الزوج
الصداق) أي لا يلزمه شئ منه. وقوله: دفعه للسيد أي الذي باعها لأنه مال من أموالها ومال الرقيق إذا
بيع لبائعه، وإنما لزم الزوج دفعه للسيد إذا تمكن من الوصول إليها لان النكاح صحيح. قوله: (وتركها بلا
جهاز) أي كما في كتاب النكاح من المدونة، وقوله: وفيها أيضا أي في المدونة في كتاب الرهون. قوله: (تأويلان)
وتأولها بعضهم أيضا بحمل المحل الأول على ما إذا باعها فقدم حقه، والمحل الثاني على ما إذا لم
يبعها فقدم حق الزوج، وتؤولت أيضا بحمل المحل الأول على ما إذا زوجها من عبده، والمحل الثاني على
ما إذا زوجها بأجنبي أو بعبد غيره. قوله: (وسقط ببيعها إلخ) تقدم أن للسيد أن يمنع أمته التي زوجها من
الدخول على زوجها حتى يقبض صداقها منه، ثم ذكر هنا ما إذا باعها سيدها لغير زوجها قبل البناء فذكر
أنه ليس للسيد أن يمنع زوجها من الدخول حتى يقبض صداقها وذلك لسقوط تصرف البائع لأنها
خرجت عن ملكه بالبيع، وكذلك ليس للمشتري أن يمنعها من الدخول لان الصداق ليس له وإنما هو
لبائعها لأنه من جملة مالها إلا أن يشترطه المشتري فيكون له المنع. قوله: (منع تسليمها) فاعل سقط
وأنت خبير بأن سقوط المنع بالنسبة لكل من البائع والمشتري، وقوله لسقوط إلخ علة لسقوط المنع
بالنسبة للبائع وترك علته بالنسبة للمشتري لوضوحه لأنه ليس له حق في صداقها لأنه كمالها ومالها
لبائعها إلا أن يشترطه المشتري. قوله: (من بائع أو مشتر) أي سواء كان المنع من بائع أو مشتر، أي ليس
لبائعها ولا لمشتريها أن يمنعا من زوجها حتى يقبض صداقها، وإذا سقط منع كل فليس لها منع نفسها
من الزوج ويتبعه البائع بالصداق في ذمته ولو أعتقها سيدها ولم يستثن مالها فلها أن تمنع نفسها
كالحرة حتى تقبض صداقها، وأما إن استثنى مالها فلا كلام لها لان المال ماله ولكن
264

ليس له منعها من الزوج خلافا لمن توهمه. قوله: (والوفاء إلخ) يعني أن الانسان إذا أعتق أمته بشرط
أن تتزوج به أو بغيره فلما تم عتقها امتنعت من ذلك فإنه لا يقضي عليها به ولا يلزمها الوفاء به لأنها
ملكت نفسها بمجرد العتق والوعد لا يلزم الوفاء به. قوله: (وصداقها إلخ) حاصله أن السيد إذا باع
الأمة المتزوجة لزوجها قبل بنائه بها فإن الزوج يسقط عنه صداقها، وإن قبضه السيد رده، بمعنى أن
الزوج يحسبه من الثمن، فلو باعها السلطان لزوجها قبل البناء لفلس السيد، فهل كذلك يسقط عن الزوج
الصداق وهو ظاهر المدونة أو لا يسقط عنه وهو ما في العتبية عن ابن القاسم؟ وهل ما في السماع خلاف
ما في المدونة أو وفاق لها؟ فذهب أبو عمران إلى الخلاف بحمل كلام العتبية على أنه يلزمه الثمن كاملا
زيادة على الصداق كاملا، وحمل كلام المدونة على أنه يدفع الثمن فقط وذهب كثير من الأشياخ إلى
الوفاق بحمل قول العتبية أنه لا يسقط عنه الصداق، وعلى معنى أن الزوج إذا دفع الصداق بتمامه للسيد
فإنه لا يحسبه من الثمن بل يدفعه أي الثمن بتمامه للسلطان ويتبع ذمة السيد بالصداق، ففي الحقيقة
الصداق ساقط عن الزوج، فوافق كلام المدونة هذا حاصل كلام الشارح. قوله: (ويرجع به الزوج
عليه من الثمن) أي انه يحاسب به من الثمن. قوله: (لم يجئ من قبله) أي من قبل السيد حتى يخفف عن
الزوج. قوله: (من قبله) أي جاء من قبل السيد فقد أتلف النكاح الذي به أخذ الصداق فيرده، وأما إذا
روعي القول بأنها لا تملك بالعقد شيئا فالامر ظاهر. قوله: (أي بنصفه) الأولى إبقاء المتن على حاله كما
هو المنصوص في المدونة. قوله: (فلا ينافي أنه يتبعه به) أي أن الزوج يتبع السيد به. قوله: (وقرر المصنف
بوجه آخر) اعلم أن المدونة قالت: من تزوج أمة ثم ابتاعها من سيدها قبل البناء فلا صداق لها، وإن
قبضه السيد رده لان الفسخ من قبله اه‍. وفي العتبية: سمع أبو زيد ابن القاسم من قبض مهر أمته فباعها
السلطان في فلسه من زوجها قبل بنائه لا يرجع زوجها بمهرها على ربها لان السلطان هو الذي باعها
منه اه‍. فاختلف هل ما في الكتابين خلاف وهو تأويل أبي عمران؟ ورأي أن بيع الحاكم لفلس وصف
طردي لا مفهوم له، والمدار على بيعها سواء كان من السلطان لفلس أو من غيره ولو لغير فلس، وضعف
ما في العتبية من أن الزوج لا رجوع له بالمهر مطلقا باع السلطان لفلس أو باع غيره ولو لغير فلس بل يدفع
الثمن بتمامه زيادة على ما دفعه من الصداق كله، واعتمد ما في المدونة من رجوعه بالمهر مطلقا وإنه إنما
يدفع الثمن ويسقط عنه الصداق فتحقق الخلاف بين ما في الكتابين اه‍. أو وفاق وأن معنى قول
ابن القاسم في العتبية لا يرجع زوجها بمهرها على ربها معناه أنه لا يرجع به الآن على أنه من الثمن بل
يدفع الثمن للسلطان بتمامه، وهذا لا ينافي أنه يتبع السيد بالمهر على أنه دين في ذمته، ففي الحقيقة الصداق
ساقط عن الزوج، وليس مراده أنه لا يرجع به الزوج على ربها مطلقا، وقول المدونة إنه يسقط عنه بمعنى
أنه يرجع به الزوج على السيد وإن كان لا يحسبه من أصل الثمن وهو تأويل بعضهم، إذا علمت هذا فقول
المصنف وهل ولو ببيع سلطان لفلس ولكن لا يرجع من الثمن إشارة للوفاق، وقوله أو لا إشارة
للخلاف، فصدر الكلام وعجزه إشارة للوفاق، ووسطه إشارة للخلاف، والمعنى وهل يسقط الصداق ولو
ببيع سلطان لفلس ولكن لا يرجع به الزوج المشتري من الثمن أي لا يحسبه منه بل يتبع به ذمة السيد
أو لا يسقط ببيع السلطان لها للفلس، وحينئذ فيدفعه الزوج زيادة عن الثمن ولا رجوع له به مطلقا هذا
معنى كلام المتن، وكذا قرره بهرام وتت وعبق وهو المشار له بقول شارحنا، وقرر المصنف بتقرير آخر
وقرر شارحنا تبعا لح وخش أن قوله: وهل ولو ببيع سلطان لفلس إشارة لتأويل الخلاف وأنه رد بلو
على سماع أبي زيد، وقوله أو لا ولكن إلخ إشارة للوفاق، فقوله ولكن مرتبط بقوله أو لا فهو من تتمة الوفاق.
265

ولما كان قوله أو لا معناه أو لا يسقط عن الزوج يقتضي أن الزوج يدفعه ولا يرجع به مطلقا، بين أن
المراد بعدم سقوطه أنه لا يحسبه من الثمن الآن فلا ينافي أنه يتبع به البائع في ذمته، وهناك تأويل آخر
لابن رشد لم يذكره المصنف وهو أن ما في المدونة من السقوط إذا بيعت اختيارا بأن يبيعها سيدها،
وما في العتبية محمول على ما إذا بيعت جبرا على سيدها كبيع السلطان لفلس فلم ير بيع السلطان لفلس
وصفا طرديا كما زعم أبو عمران بل هو قيد مقصود، وبعد هذا كله فالتأويلان المذكوران في كلام
العتبية لا في كلام المدونة كما علمت فهما على خلاف اصطلاح المصنف كذا قيل، وقد يقال: إن التعبير
بالتأويل جار على اصطلاح المصنف من حيث أنه وإن تعلق بالعتبية فهو من حيث الموافقة والمخالفة
مع المدونة. قوله: (ولو قال المصنف وصداقها) أي وسقط صداقها ببيعها لزوجها قبل البناء وهل ولو
ببيع حاكم إلخ. قوله: (من سيد أو سلطان) أي كان البيع صادرا من سيد أو سلطان، وقوله ويتبعها أي صداقها.
قوله: (وبطل في الأمة إن جمعها مع حرة فقط) هذا قول ابن القاسم وهو المشهور، وقال سحنون: يبطل
العقد فيهما، واحتج بأن العقدة إذا جمعت حلالا وحراما غلب جانب الحرمة وبطلت كلها. وأجاب
المشهور عن هذا الاحتجاج بما قال الشارح فسقط حينئذ احتجاجه، ومحل فسخ نكاح الأمة فقط
حيث لم تكن الحرة سيدتها وإلا بطل العقد فيهما على المشهور لأنه مؤد للتباغض والتشاحن، ومقابل
المشهور فسخ نكاح الأمة فقط حينئذ، ومحله أيضا ما لم يكن نكاح الأمة جائزا له وإلا صح العقد
عليهما. قوله: (ويصح في الحرة) أي سواء سمى لكل واحدة صداقا أم لا. قوله: (إذا جمعت حلالا
وحراما) أي مثل بيع قلة خل وقلة خمر صفقة واحدة. قوله: (لأنه في الحرام بكل حال) أي مثل الخمر
أو الخنزير المصاحب لثوب أو لقلة خل. قوله: (في بعض الأحوال) أي إذا خشي الزنا ولم يجد طولا
للحرة. قوله: (لأنه يقبل إلخ) إشارة للفرق بين الحرامين. وحاصله أن الحرام المطلق لا يقبل المعاوضة
بحال فلذا فسدت الصفقة التي جمعته مع حلال والحرام غير المطلق وهو ما كانت حرمته في بعض
الأحوال تجوز المعاوضة عليه في الجملة ولذا لم تبطل الصفقة التي جمعته. قوله: (بخلاف الخمس فإنه يبطل
في الجميع) أي قبل الدخول وبعده ولو ولدت الأولاد، وسواء كن كلهن حرائر أو إماء، أو كان بعضهن
أحرارا وبعضهن إماء، وقد وجدت شروط نكاح الإماء، وسواء سمى لكل واحدة صداقا أم لا، وسواء
كان يحرم الجمع بين بعضهن أم لا، وإنما فسخ نكاح الجميع لعدم تعين الحرام، بخلاف جمع الأمة مع الحرة
فإن الحرام متعين. قوله: (وإلا فسخ نكاحها فقط) الظاهر فسخ النكاح في هذه الصورة في الجميع لان
التحريم فيها ليس من جهة الأمة فقط بل من جهة جمع الخمس المحرم بالاجماع، ومن جهة الأمة فقد
جمع العقد بين تحريم الأمة وتحريم الجمع المذكور فهو أولى بالفسخ مما إذا لم تكن فيه أمة انظر بن.
قوله: (ولا إرث كما في جمع الخمس) أي لا ميراث في المسألتين إذا مات الزوج قبل الفسخ للاتفاق على فساد
النكاح في المسألتين. قوله: (وسيدها) بالنصب على أنه مفعول معه لا بالرفع عطفا على ضمير الرفع المستتر
في أذنت لعدم الفاصل. قوله: (معا) فيه إشارة إلى أن الواو في قوله وسيدها واو المعية أي مع سيدها
لان له حقا في الأولاد. قوله: (إذا كانت إلخ) أي وإنما يعتبر إذن السيد في الجواز إذا كانت إلخ، فلو
رضي السيد بعزل الزوج وأبت هي فلها مطالبة الزوج بعدم العزل وترفعه عند الحاكم لأنه ضرر بها كما
ذكره خش في كبيره. قوله: (بجواز عزل مالك الأمة) سواء كانت قنا أو أم ولد، وقوله وهو كذلك أي لأنه
266

لا حق لها في الوطئ على السيد. قوله: (ولو قبل الأربعين) هذا هو المعتمد، وقيل يكره اخراجه قبل
الأربعين. قوله: (وحرم الكافرة) أشار بتقدير حرم إلى أن قوله: والكافرة عطف على أصوله ويغتفر
في التابع ما لا يغتفر في المتبوع. قوله: (الكتابية) أي سواء كانت يهودية أو نصرانية، وقوله فيجوز
نكاحها للمسلم أي سواء كان حرا أو عبدا. قوله: (وهو ظاهر الآية) أي قوله: * (والمحصنات من الذين
أوتوا الكتاب) * والمراد بالمحصنات الحرائر. قوله: (عند الامام مالك) إنما كره مالك ذلك في بلد
الاسلام لأنها تتغذى بالخمر والخنزير وتغذي ولده بهما وهو يقبلها ويضاجعها وليس له منعها من
ذلك التغذي ولو تضرر برائحته ولا من الذهاب للكنيسة وقد تموت وهي حامل فتدفن في مقبرة
الكفار وهي حفرة من حفر النار. قوله: (وتأكد بدار الحرب) أي إن تزوج الحرة الكتابية بدار
الحرب أشد كراهة من تزوجها بدار السلام. قوله: (ولو يهودية تنصرت) هذا مبالغة في جواز
نكاح الحرة الكتابية بكره. أي هذا إذا استمرت الكتابية على دينها بل ولو انتقلت اليهودية
للنصرانية وبالعكس، وأما لو انتقلت اليهودية أو النصرانية للمجوسية أو الدهرية أو ما أشبه ذلك
فإنه لا يجوز نكاحها، ولم يعلم منه حكم انتقالها من مجوسية ليهودية أو لنصرانية هل تحل للمسلم أو لا؟
واستظهر البساطي و ح حل نكاحها بعد الانتقال. قوله: (وأمتهم) الإضافة معنى من أي وإلا
الأمة منهم أي من الكتابيين. لا يقال: شرطها صحة الاخبار بالمضاف إليه عن المضاف وهو لا يصح هنا
إذ لا يصح أن يقال هذه الأمة الكتابيون. لأنا نقول: يكفي صحة حمل مفرد المضاف إليه على المضاف،
ويصح أن تكون الإضافة على معنى لأم الاختصاص أي وإلا الأمة المختصة بالكتابيين من حيث
أنها على دينهم. والحاصل أن غير الكتابيات من الكفار لا يجوز وطؤهن لا بملك ولا بنكاح
والكتابيات يجوز وطئ حرائرهن بالنكاح وإمائهن بالملك فقط لا بالنكاح ولو كان سيدها مسلما، فكل
من جاز وطئ حرائرهم بالنكاح من غير المسلمين جاز وطئ إمائهم بالملك فقط، وكل من منع وطئ حرائرهم
بالنكاح منع وطئ إمائهم ولو بالملك. قوله: (وقرر عليها إن أسلم) أي سواء كان كبيرا أو صغيرا وسواء
أسلمت أم لا قرب إسلامها من إسلامه أم لا، وضمير عليها للزوجة الحرة الكتابية كما قال الشارح، وأما
إن أسلم وتحته زوجة مجوسية فإن كان بالغا فرق بينهما ما لم تسلم بالقرب وإلا وقف حتى يبلغ فإن لم
تسلم فرق بينهما كما يأتي. قوله: (تردد) هذا التردد مبني على أن الدوام
كالابتداء فيكره أوليس كالابتداء فلا يكره والمذهب الكراهة. قوله: (ولو استوفت شروط الصحة في الصورة) أي لانتفاء
كون الزوج مسلما وهذا هو الذي في التوضيح تبعا لابن راشد فيما فهمه من قول ابن شاس
وابن الحاجب المشهور أن أنكحتهم فاسدة، والذي يفيده عبد الوهاب وابن يونس واللخمي وأبو الحسن
وابن فتوح والقرافي الاتفاق على التفصيل، فإن استوفت شروط الصحة كانت صحيحة وإلا كانت
فاسدة، وعند الجهل يحمل على الفساد لأنه الغالب، قال شيخنا: وهذا القول هو الظاهر وكون إسلام
الزوج شرطا في صحة النكاح محله إذا كانت الزوجة مسلمة. فإن قلت: ما فائدة كون أنكحتهم فاسدة
مطلقا أو ما لم تستوف الشروط مع أنا لا نتعرض لهم ويقر عليها إن أسلم أو أسلمت وأسلم في عدتها أو
أسلما معا؟ قلت: فائدة ذلك الخلاف أنه إن قلنا بفساد أنكحتهم مطلقا لا يجوز لنا توليتها، وإن قلنا
بالتفصيل فيجوز لنا توليتها إن كانت مستوفية لشروط الصحة. قوله: (وعلى الأمة الكتابية)
أي المتزوج بها سواء كانت مدخولا بها أم لا وكذا يقال في المجوسية. قوله: (على المجوسية) أي
المتزوج بها وقوله مطلقا أي حرة أو أمة. قوله: (راجع للأمة) أي إن عتقت بعد إسلامه
وإن لم تسلم وحينئذ فتصير حرة كتابية تحت مسلم ولا ضرر فيه. والحاصل أن المدار
في الأمة الكتابية على عتقها أو إسلامها، فإن عتقت وأسلمت صارت حرة مسلمة تحت مسلم،
267

وإن عتقت فقط صارت حرة كتابية تحت مسلم، ولا ضرر فيه، وإن أسلمت من غير عتق صارت أمة
مسلمة تحت حر ولا ضرر فيه بناء على القول بأن شروط تزوج الأمة تعتبر في الابتداء، والمدار في
المجوسية على إسلامها عتقت أم لا، فإن أسلمت وعتقت صارت حرة مسلمة تحت حر، وإن أسلمت
فقط صارت أمة مسلمة متزوجة بمسلم ولا ضرر فيه على المعتمد، فعلمت مما قلنا أن قوله: إن عتقت
وأسلمت ليس لفا ونشرا مرتبا، بل قوله: وأسلمت راجع لهما تأمل، ومفهوم أسلمت بالنسبة للمجوسية
أنها إذا لم تسلم فيه تفصيل، فإن كان بالغا فرق بينهما ولا يقر عليها، وإن كان صبيا أقر عليها
ما دام صبيا فإذا بلغ فرق بينهما. قوله: (وتصير أمة إلخ) أي وتصير الأمة الكتابية
أو المجوسية إذا أسلمت فقط أمة مسلمة إلخ. قوله: (ولم يبعد إسلامها من إسلامه) الأولى كما قال بن
ولم يبعد ما ذكر من عتقها وإسلامها من إسلامه. قوله: (فلا بد أن يكون ناجزا) أي غير مقيد بأجل
أو بموته وليس المراد بكونه ناجزا كونه بفور إسلامه خلافا لما يوهمه كلام الشرح. ولذا قال:
واحترز بالعتق الناجز من التدبير والعتق لأجل لبقائها فيهما على الرقية وحينئذ فلا يقر عليها بل
يفرق بينها، وقوله ولا يجري فيه أي في العتق التأويلان، قال ابن عاشر: لا يبعد جريانهما في العتق أيضا
كما يقتضيه كلام المصنف فيعرض على السيد هل يعتق أمته أم لا؟ وذكره الشيخ ابن رحال أيضا اه‍ بن.
قوله: (كالشهر) أدخلت الكاف ما دون الشهرين. قوله: (وهل إن غفل إلخ) نص المدونة
قال مالك: وإن أسلم مجوسي أو ذمي تحته مجوسية عرض عليها الاسلام فإن أبته وقعت الفرقة بينهما
وإن أسلمت بقيت زوجة ما لم يبعد ما بين إسلامهما ولم يحد في البعد حدا وأرى الشهر وأكثر من ذلك
قليلا ليس بكثير اه‍ أبو الحسن. قوله: وقعت الفرقة بينهما ظاهره أنها لا تؤخر. ابن يونس: روى
أبو زيد عن ابن القاسم أنه يعرض عليها الاسلام اليومين والثلاثة ومثله في كتاب محمد، وقوله ولم يحد
في البعد إلخ ابن يونس في بعض الروايات أنه شهران قاله ابن اللباد وذلك أي كون الشهرين بعدا
وما دونهما يسير إذا غفل عنها هذه المدة حتى أسلمت بنفسها ولم توقف، أما لو وقفت وقت إسلامه فتوقفت
لتنظر في أمرها فلا يقر عليها وإن أسلمت بعد ذلك فيما دون الشهرين، كما أنه لا يقر عليها إذا عرض عليها
الاسلام حين إسلامه فأبته ولم تسلم أصلا، وحملها ابن أبي زمنين على ظاهرها من كونها غفل عنها أو لم
يغفل عنها بل عرض عليها الاسلام فتوقفت لتنظر في أمرها أو أبته فقال المعروف إذا وقفت إلى شهر
أو بعده فأسلمت أنها امرأته عياض فظاهر كلامه أنها توقف لتنظر في أمرها دون الشهرين
ولا يفرق بينهما بمجرد إبائها خلاف ما تأوله القرويون من أن محل كونها إذا أسلمت بعد شهر
تكون زوجة إذا غفل عنها، وأما إذا عرض عليها الاسلام فأبت أو توقفت فإنه يفرق بينهما ولا
توقف لتنظر في أمرها، فعلى ما تأوله القرويون يكون قول ابن القاسم يعرض عليها الاسلام اليومين
والثلاثة أي إذا أبت الاسلام حين إسلامه ثم يفرق بينهما ولا توقف لتنظر في أمرها وفاقا لمالك
من أن محل كونها تكون زوجة إذا أسلمت بعد شهر إذا غفل عنها اه‍ كلام أبي الحسن، فتأويل ابن
أبي زمنين أنها تكون زوجة إذا أسلمت بعد شهر ولو عرض عليها الاسلام قبل ذلك وأبته خلاف
قول ابن القاسم انظر بن. قوله: (فلم يتمكن من الاستمتاع بها) أي والنفقة في مقابلة الاستمتاع.
قوله: (أو أسلمت ثم أسلم في عدتها) الضمير في أسلمت للزوجة سواء كانت كتابية أو مجوسية حرة أو أمة
وهذه عكس ما قبلها لان ما قبلها تقدم إسلام الزوج على إسلامها، وهذه تقدم إسلامها على إسلام
الزوج، والحكم في هذه كما قال المصنف أنه يقر عليها إذا أسلم في عدتها، والفرق بين هذه وما قبلها
حيث جعل الاجل فيها كالشهر، وفي هذه تمام العدة أنه هنا لما سبق إسلامها اعتبر أجلها الشرعي
وهو العدة، ولما لم يكن له عدة أجل إسلامه بالقرب عادة وحمل على كالشهر. قوله: (أي زمن استبرائها)
268

فسر العدة بالاستبراء من مائه لان أنكحتهم فاسدة، والعدة إنما تكون من النكاح الصحيح.
قوله: (بعد إسلامها) وأولى لو كان الطلاق قبل إسلامها. قوله: (والبناء بها) أي وبعد البناء بها وإلا بانت
بمجرد إسلامها ولو لم يطلقها كما يأتي. قوله: (إذ لا عبرة بطلاق الكفر) أي لان لزوم الطلاق فرع عن
صحة النكاح وأنكحتهم فاسدة. قوله: (فإن انقضت عدتها) هذا مفهوم قول المصنف: وأسلم في عدتها.
قوله: (ولا نفقة لها على المختار والأحسن) أي مدة عدتها لان الكلام في المدخول بها وأشار بالأحسن
لقول ابن أبي زمنين وهو الصحيح، وقال ابن راشد: هو القياس لان المنع جاء من قبلها بإسلامها والنفقة
في مقابلة الاستمتاع، ووجه كون المنع جاء من قبلها أن الزوج يقول أنا على ديني لم أنتقل عنه وهي
فعلت ما أوجب الحيلولة بيني وبينها، وقول الشارح فيما بين إسلامها نحوه في عبارة ابن الحاجب،
واعترضها ابن عبد السلام وابن عرفة بأنها توهم أن القول بثبوت النفقة مشروط بإسلامه وليس
كذلك، ونص التوضيح: واعلم أن القولين في النفقة موجودان سواء أسلم الزوج أو لم يسلم وليس كما
يعطيه كلام المصنف من أنهما مقصوران على ما بين إسلامهما اه‍ بن. إذا علمت ذلك فالأولى
للشارح أن يقول: ولا نفقة لها عليه مدة عدتها على المختار والأحسن. قوله: (بانت مكانها) اعلم أن قوله
بانت مكانها حكى ابن يونس الاتفاق عليه وتبعه ابن الحاجب وظاهره قرب إسلامه من إسلامها
أو بعد. وحكى ابن بشير واللخمي فيما إذا قرب إسلامه قولين هل هو أحق بها أو لا بناء على أن ما قارب
الشئ يعطي حكمه أم لا؟ قال في التوضيح: وعلى هذا فالاتفاق مع الطول اه‍. فقول المصنف بانت أي
اتفاقا مع الطول وعلى الراجح مع القرب وقولنا إنه الراجح مع القرب لحكاية ابن يونس الاتفاق، فإذا لم
يصح فيه الاتفاق فلا أقل أن يكون هو المشهور، وأيضا هو الذي يظهر من نقل ابن عرفة اه‍ بن.
قوله: (وسقط بالفسخ قبله) أي قبل البناء قوله: (ما تقدم) نائب فاعل يراع وما تقدم هو أنه إن أسلم ثم أسلمت
أقر عليها إن قرب كالشهر وإن أسلمت ثم أسلم أقر عليها حيث كان إسلامه قبل خروجها من العدة.
قوله: (فلا عبرة بالترتيب في هذه الحالة) أي وإنما يراعى حيث علمنا إسلام كل منهما بانفراده كما تقدم.
قوله: (إلا المحرم) هذا استثناء من قوله: وأقر عليها إن أسلم أو أسلمت ثم أسلم في عدتها أو أسلما معا. وحاصله أن
محل كونه يقر على زوجته في هذه الأحوال ما لم يكن بينهما من النسب والرضاع ما يوجب التفريق في الاسلام
كما إذا أسلم على عمته وما أشبهها فإنه لا يقر عليها، ويفرق بينهما لان الاسلام لا يقر على شئ من ذلك.
قوله: (فلا يحصل إلا بالوطئ) فلا تحرم البنت إلا بنكاح الأم، ولا تحرم الأم إلا بنكاح البنت، فإذا أسلم على
امرأة أقر عليها ما لم يكن نكح أمها أو بنتها، وكذا إذا عقد على امرأة ثم أسلم فلا تحرم على أبيه ولا على
ابنه. قوله: (كما يدل عليه قوله فيما يأتي وأما وابنتها) كان عليه أن يزيد إلخ لان محل الدلالة قوله بعد
وحرمتا عليه إن مسهما فتأمل. قوله: (قبل انقضاء العدة) أي وإلا نكاحا في العدة أسلما فيه أو
أحدهما قبل انقضائها حصل دخول أو لا فلا يقران عليه لان الاقرار عليه يؤدي لسقي زرع
غيره بمائه، فكلامه يشمل إسلامهما وإسلام أحدهما، لكن إن وقع وطئ بعد الاسلام في العدة
تأبد التحريم، هذا حاصل ما نقله ح عن ابن عرفة. والحاصل أن الفراق مطلقا، وأما تأبيد
التحريم فهو مقيد بحصول الوطئ في العدة بعد الاسلام. قوله: (وقبل انقضاء الأجل وتماديا له) أي
والحال أنهما قالا أو أحدهما بعد الاسلام نتمادى لذلك الاجل المدخول عليه فقط
فلا يقران على ذلك النكاح ويفسخ لان إقرارهما عليه فيه إجازة لنكاح المتعة في الاسلام.
قوله: (فإن قالا معا نتمادى عليه أبدا) أي والموضوع أنهما أسلما قبل انقضاء الأجل، وقوله: أقرا
عليه أي لأنه لا يصير حينئذ نكاح متعة وإن كان أصله كذلك وظاهره سواء قالا ذلك قبل إسلامهما
269

أو بعد إسلامهما وهو ما للح وخش، وارتضى بن ما لابن رحال من أنهما إذا قالا ذلك قبل الاسلام
أقرا وإن قالا ذلك بعده فسخ النكاح، لان الاسلام لما قارن المفسد تعين لفسخ، بخلاف ما إذا قالا ذلك قبل
الاسلام، قال: ولا دليل للح في كلام التوضيح فانظره، وإن أسلما بعد الاجل ولم يسقطاه قبل
الاسلام فلا نكاح بينهما يقران عليه لأنهما إنما يقران على ما يعتقدان أنه نكاح سواء كان فاسدا أو لا،
بخلاف إسقاطهما له قبل إسلامهما فيعتبر ولو بعد انقضاء الأجل. قوله: (إن أسلما بعد انقضائها أقرا)
ابن عرفة سمع يحيى ابن القاسم لو أسلما على نكاح عقداه في العدة لم يفرق بينهما ابن رشد يريد إذا أسلما
بعدها ولو وطئ فيها اه‍ بن. قوله: (ولو طلقها ثلاثا) نبه بلو على خلاف المغيرة من اعتبار طلاقه فلا
تحل له إذا أسلم إلا بعد زوج. قوله: (أي أخرجها من حوزه) وأما إذا لم يخرجها من حوزه وأسلم فإنه
يقر عليها ولا حاجة للعقد ولو لفظ بالطلاق الثلاث حال الكفر. قوله: (بلا طلاق) أي على المشهور
خلافا لما في سماع عيسى. قوله: (فيما لا يقر عليها) أي لأجل مانع من الموانع ككونها مجوسية وأبت الاسلام
أو كانت أمة ولم تسلم ولم تعتق أو كانت من محارمه، وأتى الشارح بهذا لاصلاح المصنف لان ظاهره
أنه متى أسلم أحدهما فسخ النكاح من غير طلاق ولا يقر عليها فيعارض ما مر. قوله: (بل هو) أي
الارتداد نفسه يكون طلاقا. قوله: (وإذا كانت) أي الردة. قوله: (لا رجعية) أي خلافا للمخزومي
وثمرة الخلاف عدم رجعتها إن تاب في العدة بل لا بد من عقد جديد على الأول لا الثاني، وقيل: إن الردة
فسخ بغير طلاق وهو قول ابن الماجشون وابن أبي أويس، وينبني عليه أنه إذا تاب المرتد منهما، وجدد
الزوج عقدها تكون عنده على ثلاث تطليقات، وعلى المشهور تكون عنده على طلقتين، وكذا على ما
قال المخزومي. قوله: (فإن وقع) أي الارتداد قبل البناء فلها نصف الصداق أي على القول بأن الردة
طلاق بائن أو رجعي، وأما على القول بأنها فسخ فلا شئ لها. قوله: (وإلا لم ينفسخ) معاملة لها بنقيض
قصدها، وعلى هذا اقتصر ح والقلشاني قائلا: أقام الأشياخ ذلك من المدونة وروى علي بن زياد
عن مالك: إذا ارتدت المرأة تريد بذلك فسخ النكاح لا يكون ذلك طلاقا وتبقى على عصمته
ابن يونس وأخذ به بعض شيوخنا قال: وهو كاشترائها زوجها بقصد فسخ نكاحها، وإذا
علمت هذا تعلم أن ما صدر به تت في شرح الرسالة من فسخ النكاح ضعيف، وقوله أنه ظاهر
المذهب لا يسلم والخلاف فيما إذا قصدت المرأة بالردة فسخ النكاح، وأما إذا قصد بها الزوج ذلك اعتبر
قصده اتفاقا لان العصمة بيده. قوله: (ولو ارتد الزوج) أي المسلم لدين زوجته كما لو تزوج المسلم
نصرانية أو يهودية ثم ارتد لدينها. قوله: (وترافعا إلينا) أي وأما إذا لم يترافعا إلينا فلا نتعرض لهم.
قوله: (بالفراق مجملا) بأن يقال: ألزمناك بمفارقتها وأنك لا تقربها، ولا يقال ألزمناك طلقة أو ثلاثا.
قوله: (فتحل له بلا محلل إلخ) فالطلاق في المعنى واحدة، وقيل لا بد من محلل، فهذا الفراق
في المعنى طلاق ثلاث. والحاصل أن القائلين يلزمهم الفراق مجملا اختلفوا هل تحل بلا محلل أو لا
بد من محلل؟ قوله: (ولا نتعرض لهم) أي بل نطردهم ولا نسمع دعواهم. قوله: (تأويلات)
أي أربع: الأول لابن شبلون، والثاني لابن أبي زيد، والثالث للقابسي، والرابع لابن الكاتب واستظهره
عياض فيظهر رجحانه. واعلم أن محل هذا الخلاف إذا ترافعوا إلينا وقالوا لنا: احكموا بيننا بحكم
270

الاسلام أو بحكم الاسلام في أهل الاسلام أو على أهل الاسلام فلا فرق بين في وعلى على الصواب، أو بحكم
الاسلام على أهل الكفر في أهل الكفر، وأما لو قالوا: احكموا بيننا بحكم أهل الاسلام في طلاق الكفر أو
بما يجب على الكافر عندكم حكم بعدم لزوم الطلاق لأنه إنما يصح طلاق المسلم، ولو قالوا: احكموا بيننا
بحكم الطلاق الواقع بين المسلمين حكم بالطلاق الثلاث ومنعه من مراجعتها إلا بعد زوج، ولو قالوا:
احكموا بيننا بما يجب في ديننا أو بما في التوراة فإننا نطردهم ولا نحكم بينهم لأنا لا ندري هل هو مما غير
أم لا، وعليه هل هو منسوخ فالقرآن أم لا؟ اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (ومضى صداقهم الفاسد أو
الاسقاط إن قبض ودخل) اشتملت هذه الجملة على مسألتين: الأولى: إذا تزوج الكافر كافرة بصداق
فاسد عندنا كخمر ونحوه وهذه تنقسم إلى أربعة أقسام: تارة تقبض الزوجة الصداق الفاسد ويدخل
بها زوجها ثم يسلمان بعد ذلك فيقران على نكاحهما لان الزوجة مكنت من نفسها وقبض الصداق
في وقت يجوز لها فيه قبضه في زعمها، وتارة لا تقبض الصداق المذكور ولا يدخل بها زوجها حتى
أسلما فالحكم فيه إن دفع الزوج لها صداق المثل لزمها النكاح وإن لم يدفع لها شيئا أصلا وقع الفراق
بينهما بطلقة ولا شئ عليه، وإن دفع لها أقل من صداق المثل لم يلزمها النكاح إلا أن ترضى به، وتارة
تقبض الصداق الفاسد ولا يدخل بها زوجها حتى أسلما فإن دفع لها صداق المثل لزمها النكاح وإن أبى
وقع الفراق بينهما بطلقة واحدة ولا شئ عليه وهذا قول ابن القاسم في المدونة وسيأتي مقابله، وتارة
يدخل بها الزوج ولا تقبض ذلك الصداق الفاسد حتى أسلما فيقضى لها بصداق المثل للدخول. المسألة
الثانية: ما إذا تزوج كافر بكافرة على اسقاط الصداق وهذه على قسمين: الأول أن يدخل بها قبل إسلامهما
والحكم فيه أنهما يقران على نكاحهما ولا شئ لها. القسم الثاني: إذا أسلما قبل الدخول بها فإن فرض لها
صداق المثل لزم النكاح وإن فرض لها أقل لم يلزمها إلا أن ترضى به ولا يلزمه أن يفرض صداق المثل
كمن تزوج امرأة نكاح تفويض كما يأتي. قوله: (وإلا فكالتفويض) ما ذكره فيما إذا لم يدخل وقبض من أنه
كالتفويض هو قول ابن القاسم فيها، وقال غيره فيها إن قبضته مضى ولا شئ لها غيره بنى أو لم يبن، ونقل في
التوضيح عن ابن محرز أن قول الغير هو المشهور وأنه خير من قول ابن القاسم، وصرح اللخمي بأنه المعروف
من المذهب ومثله في أبي الحسن اه‍ بن. قوله: (وهل محل مضى صداقهم الفاسد) أي إذا قبضته
ودخل بها ثم أسلما. قوله: (لم يمض) أي لم يثبت النكاح بعد الاسلام لأنهم إنما دخلوا على الزنا لا على النكاح.
قوله: (أو يمضي مطلقا) أي وقول المدونة وهم يستحلون ذلك وصف طردي لا على سبيل الشرط.
قوله: (ورجعه بعضهم للصورتين) كلام ابن عبد السلام صريح في الرجوع لهما، ففي المدونة: وإن نكح
نصراني نصرانية بخمر أو خنزير أو بغير مهر وشرطا ذلك وهم يستحلونه ثم أسلما بعد البناء ثبت النكاح
ابن عبد السلام شرط في المدونة كونهما يستحلان النكاح بذلك فرأى بعضهم أن ذلك مقصود
ورأي بعضهم أنه وصف طردي لم يذكره على سبيل الشرط اه‍. قلت: رد الشرط للنكاح بالخمر والخنزير
بعيد لشهرة تمولهم إياهما بل ظاهره رده للنكاح بغير مهر اه‍ بن. قوله: (واختار المسلم) أي سواء كان
قبل إسلامه كتابيا أو مجوسيا. وقوله المسلم أي البالغ العاقل وأما غيره فيختاره له وليه، فإن لم يكن
له ولي اختار له الحكم سلطانا أو قاضيا. وقوله: واختار المسلم أربعا أي ولو كان في حال اختياره مريضا
أو محرما ولو كانت المختارة أمة وهو واجد لطول الحرة لان الاختيار كرجعة، وإذا تزوج الانسان أمة
271

بشرطه وطلقها طلاقا رجعيا كان له مراجعتها وإن كان واجدا لطول الحرة، وقوله أربعا أي وإن متن
وفائدته الإرث، وقوله واختار المسلم أربعا أي وفارق الباقي والفرقة فسخ لا طلاق على المشهور.
قوله: (إن أسلمن معه) أي وكن قبل الاسلام مجوسيات أو كتابيات، وقوله: أو كن كتابيات أي وبقين على
دينهن ولم يسلمن معه. قوله: (وإن كن أواخر) أي في العقد خلافا لأبي حنيفة القائل بتعين الأوائل دون
الأواخر. قوله: (من كل محرمتي الجمع) أي غير الأم وابنتها لذكر المصنف لهما بعد، وذلك كالمرأة وعمتها
أو خالتها أو بنت أخيها أو بنت أختها قوله: (كانا أي محرمتا الجمع) أي كان جمعهما في عقد أو عقدين
وظاهره ولو علمت الأولى وما تقدم من أنه إذا جمعهما بعقدين وعلمت الأولى فإنها تتعين فهو في النكاح
الصحيح لا في الفاسد كما هنا اه‍ عدوي. قوله: (لم يمسهما) أي في حال كفره وإنما عقد عليهما فيه عقدا
واحدا وعقدين وأسلمتا معه أو كانتا كتابيتين وأسلم عليهما. قوله: (وإلا لحرمت الأم) أي وإلا لو كان
له أثر لحرمت الأم لأن العقد على البنات يحرم الأمهات، وقوله مطلقا أي سواء مس البنت أم لا.
قوله: (وحرمت الأخرى أبدا) فإن كانت الممسوسة البنت تعين بقاؤها وحرمت عليه الأم اتفاقا وإن كانت
الممسوسة الأم تعين بقاؤها وحرمت البنت على مذهب المدونة ومقابله يقول: لا يتعين إبقاء الأم
ومسها كلامس وله أن يتزوج البنت اه‍ تقرير عدوي. قوله: (أي ابن من أسلم على أم وابنتها) الحق
كما كتب العلامة السيد البليدي وانحط عليه كلام بن آخرا أنه لا مفهوم للأم وابنتها، وأنه إذا
كان الفراق قبل البناء فالنهي لكراهة التنزيه فقط لوجود العقد في الجملة وإن كان عقد الكفر لا ينشر
الحرمة وإن كان الفراق بعد البناء فالنهي للتحريم. قوله: (قبل البناء) أي بوحدة منهما قوله: (فللتحريم)
أي لان الوطئ وطئ شبهة وهو ينشر الحرمة قوله: (واختار بطلاق) نبه المصنف بهذا على أنه لا يشترط
في الاختيار أن يكون بصريح اللفظ كاخترت فلانة بل يكون بغيره مما يدل عليه من قول أو فعل كما
ذكره المصنف. قوله: (أي يعد مختارا بسبب طلاق) فإذا طلق بعد إسلامه إحدى الزوجات فإنه يعد
بطلاقه مختارا لها فليس له أن يختار أربعا غيرها أي وأما كونه يمكن منها أو لا فهو شئ آخر، فإن كان الطلاق
قبل الدخول كان بائنا لان النكاح وإن كان فاسدا بحسب الأصل لكن صححه الاسلام، وإن كان بعده
عمل بمقتضاه من كونه رجعيا أو غيره من بالغ النهاية وغيره. قوله: (أو إيلاء) وهل هو اختيار مطلقا وهو
ظاهر كلام المصنف ورجعه ابن عرفة أو إنما هو اختيار إن وقت كوالله لا أطؤك إلا بعد خمسة أشهر
أو قيد بمحل كلا أطؤك إلا في بلد كذا وإلا فلا يعد اختيارا لأنه يكون في الأجنبية، والظاهر أن اللعان
من الرجل فقط يعد اختيارا ومن المرأة لا يعد اختيارا، وأما لعانهما معا فيكون فسخا للنكاح فلا يكون
اختيارا. قوله: (أو وطئ) هذا مستفاد مما قبله بالأولى لأنه إذا كان ما يقطع العصمة أو يوجب خللا فيها
يحصل به الاختيار فأولى الوطئ المترتب اعتباره على وجودها. قوله: (عد مختارا لها) أي سواء نوى بذلك
الوطئ الاختيار أم لا، لأنه إن نوى به الاختيار فظاهر، وإذا لم ينوه لو لم نصرفه لجانب الاختيار لتعين صرفه
272

لجانب الزنى والنبي (ص) يقول: ادرؤوا الحدود بالشبهات كذا قرر عبق. قوله: (أي غير المفسوخ نكاحها)
أشار إلى أن أل عوض عن المضاف إليه. قوله: (إن فسخ) هو فعل ماض مبني للفاعل. قوله: (والفرق بين
الطلاق والفسخ) أي حيث جعلوا الطلاق اختيارا والفسخ فراقا تبين به ولا تحل له إلا بعقد جديد.
قوله: (أو اختار الغير إن ظهر إلخ) أي أو اختار غير الأخوات إن ظهر إلخ. وحاصله أنه إذا اختار
أربعا مثلا وفارق الباقي فظهر أن اللاتي اختارهن أخوات، فله أن يختار أربعا من اللاتي فارقهن أو يختار
من اللاتي فارقهن ثلاثة وواحدة ممن ظهر أنهن أخوات. قوله: (فلو قال وواحدة ممن ظهر أنهن كأخوات
لكان أحسن) أجيب بأمرين: الأول أن المراد إن ظهر أنهن أخوات لمن أسلم. الثاني: أن اختيار الواحدة
ممن ظهر أنهن أخوات هي قوله: وإحدى أختين مطلقا اه‍ عدوي. قوله: (ما لم يتزوجن) حاصله أنه إذا اختار
أربعا فبمجرد اختياره للأربع حل الباقي للأزواج، فإذا قدر الله أنه حصل العقد على الباقي من رجل
آخر، فتبين أن المختارات أخوات، فله أن يختار من حصل العقد عليها وترجع له ولا يفوتها إلا وطئ
أو تلذذ الثاني ما لم يكن حين وطئه أو تلذذه عالما بأن مختارات من أسلم أخوات فلا تفوت بذلك، ثم إذا لم
يدخل الثاني وقلنا إنها ترجع للأول يفسخ نكاح الثاني بطلاق لأنه مختلف فيه لان بعضهم يقول بالفوات
بمجرد العقد كما يأتي، كما أن هناك من يقول أنها لا تفوت على الأول بدخول الثاني. قوله: (أي ويتلذذ إلخ)
ما ذكره من أنه لا بد في الفوت من التلذذ تبع فيه تت قائلا: صرح ابن فرحون بتشهيره واعترضه طفي
بأن الصواب إبقاء المصنف على ظاهره، وبه صرح اللخمي وابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة،
فظاهر كلامهم أو صريحه أن مجرد التزوج فوت إذ لو كان يعتبر التلذذ معه لما أغفلوه ولا تقوم
الحجة على المؤلف بتشهير ابن فرحون اه‍ بن. والحاصل أن المسألة ذات أقوال ثلاثة: قيل إنها
تفوت على الأول بمجرد التزوج أي العقد. وقيل: لا تفوت إلا بالدخول أو التلذذ. وقيل: إنها لا تفوت
على الأول أصلا ولا بدخول الثاني، ثم إن ابن الحاجب بعد أن ذكر هذا الخلاف قال: قال اللخمي فإن
فارقها بطلاق وبانت فلا كلام في فواتها بالعقد وذلك لان الطلاق وإن عد اختيارا لازم فكأنه
اختارها وطلقها ثم تزوجت. قوله: (بما ذكر) أي بأن من فارقها له اختيارها. قوله: (وباقي الأربع) أي
ويختار باقي الأربع. قوله: (ولا شئ لغيرهن إن لم يدخل به) حاصله أن المسلم إذا اختار أربعا وفارق
الباقي فلا شئ لغير المختارات حيث لم يدخل بذلك الغير لان الفرقة هنا فسخ بلا طلاق والفسخ قبل
البناء لا شئ فيه. قوله: (فإن دخل) أي بغير المختارات، وقوله فلها أي فللمدخول بها صداقها وهذه مفهوم
الشرط فإن اختار واحدة وفارق الباقي قبل البناء كان للباقي من العشرة صداق ونصف صداق يقسم
بينهن، وإن اختار اثنتين كان للباقي صداق، وإن اختار ثلاثا كان للباقي نصف صداق. قوله: (فإن لم يختر
شيئا أصلا) هذه مفهوم المصنف لان قوله: ولا شئ لغيرهن يقتضي أنه اختار بعضهن. قوله: (إذ في عصمته
شرعا أربع) أي أربع نسوة اختار فراقهن قبل البناء فلهن صداقان وهن غير معينات فيقسم الصداقان
على العشرة لكل واحدة خمس صداقها. قوله: (كاختياره واحدة إلخ) حاصله أنه إذا تزوج أربع
رضيعات في عقد أو عقود نكاحا صحيحا ثم أرضعتهن امرأة فإنه يختار منهن واحدة ويفارق الباقي
ولا شئ لمن فارقها لأنه فسخ قبل الدخول والزوج مغلوب عليه وما هذا شأنه لا شئ فيه، والفسخ
هنا بغير طلاق عند ابن القاسم وقال غيره أنه بطلاق، فلو مات قبل أن يختار واحدة كان لهن صداق
واحد يقتسمنه أرباعا لان واحدة منهن زوجة ولا كلام إلا أنها غير معينة، فلو طلقن قبل الدخول
273

وقبل أن يختار واحدة لزمه نصف صداق يقتسمنه أرباعا، وكلام المؤلف فيما إذا كانت المرضعة
ممن لا يحرم رضعها على الزوج وإلا لم يختر منهن واحدة كما لو أرضعتهن أمه أو أخته، ولا شئ لواحدة
من الصداق إذ لا يصح أن تكون واحدة منهن زوجة له. قوله: (وبعد عقده عليهن أرضعتهن امرأة)
أي فإن أرضعتهن قبل العقد فإن عقد عليهن عقدا واحدا فسخ الجميع كما مر، وإن جمعهن في عقود فسخ
نكاح ما عدا نكاح الأولى. قوله: (أربع صدقت) أي انه ليس في عصمته شرعا لا أربع غير معينات.
قوله: (إن مات ولم يختر) الظاهر في مفهومه أنه إذا اختار اثنتين ثم مات أنه لا شئ للثمان لان
اختيار اثنتين يدل على مفارقة الثمان لقول التوضيح بمجرد اختياره تبين البواقي، وكذا في كلام ابن عرفة
قاله الشيخ ابن رحال اه‍ بن. قوله: (فإذا كن عشرة) أي فإذا كان من أسلم عليهن ومات ولم
يختر منهن عشرة. قوله: (فلكل واحدة خمسا صداقها) بهذا سقط ما يقال: كلام المصنف ظاهر إذا
كانت الصدقات متحدة، وإذا كانت مختلفة فالمراعى هل الكثير أو القليل أو القرعة؟ وحاصل الجواب
أنه لا يراعى شئ من ذلك، وإنما عليه إذا كان النساء عشرا لكل واحدة خمسا صداقها ومجموع ذلك
أربعة أصدقة. قوله: (ثلثا صداقها) أي بنسبة أربع صدقات إلى الستة، وإذا كن ثمانية كان لكل
واحدة نصف صداقها بنسبة الأربعة للثمانية، وإذا كن تسعة كان لكل واحدة أربعة أتساع صداقها
بنسبة الأربعة للتسعة، وإذا كن أربعة كان لكل واحدة صداقها كاملا. قوله: (وهذا) أي كون كل
واحدة لها خمسا صداقها أو ثلثا صداقها إذا لم يكن إلخ. قوله: (وإلا فللمدخول إلخ) أي وإلا بأن دخل
أي قبل إسلامه، وأما إن كان الدخول بعد إسلامه فلمن دخل بها الصداق كاملا ولغيرها من صداقها
بنسبة قسمة باقي الأصدقة الأربعة على عدد من لم يدخل بها فإذا دخل بواحدة بعد إسلامه وهن
عشرة ومات ولم يختر شيئا بعد الدخول بها فللمدخول بها الصداق، ولكل واحدة ممن لم يدخل بها
ثلث صداقها إذ الخارج بقسمة ثلاثة على تسعة ثلث، وإذا دخل باثنتين كان لكل واحدة منهما
صداقها وللباقي ربع صداقها إذ هو الخارج بقسمة اثنتين على ثمانية وهكذا العمل إن دخل بثالثة،
وأما إن دخل بأربع فلا شئ لمن لم يدخل بها لان دخوله بعد الاسلام اختيار وقد اختار أربعا بدخوله
بهن. والحاصل أن الدخول بعد الاسلام اختيار، فإذا دخل بأربع كان اختيارا لهن فلا صداق
لغيرهن، وإن دخل بأقل من أربع كانت المدخول بها مختارة فلها صداق كامل ولغيرها من صداقها
بنسبة قسمة باقي الأصدقة الأربعة على عدد من لم يدخل بها، وأما الدخول قبل الاسلام فليس
اختيارا فما زال أربعة شائعة في العشر مثلا فلكل واحدة من الأربعة الأصدقة بنسبة قسمتها على
عددهم ويكمل للمدخول بها صداقها فقط. قوله: (ولغيرها خمسا صداقها) أي إذا مات عن عشر ولم
يختر فكل من دخل بها لها صداق كامل ولو دخل بأربع ومن لم يدخل بها لها خمسا صداقها، وقوله:
أو ثلثاه أي إذا مات عن ست ولم يختر فكل من دخل بها لها صداق كامل ولو دخل بأربع وكل
من لم يدخل بها لها ثلثا صداقها، وإذا مات عن تسع فكل من دخل بها لها صداق كامل ومن لم
يدخل بها لها أربعة أتساع صداقها. قوله: (ولا إرث إن تخلف إلخ) يعني أنه لو أسلم عن عشر كتابيات
274

فأسلم منهن ست وتخلف عن الاسلام أربع ثم مات قبل أن يختار منهن فإنه لا إرث لجميعهن، أما
الكتابيات فلان الكافر لا يرث المسلم، وأما المسلمات فلاحتمال أن يختار الكتابيات وهن غاية ما يختار
فوقع الشك في سبب الإرث ولا إرث مع الشك. قوله: (وقد طلق إحداهما) أي قبل البناء وذلك بأن قال
لإحداهما: أنت طالق ومات قبل البناء ولم تعلم المطلقة من غيرها أو طلقها بعد البناء طلاقا بائنا أو رجعيا
وانقضت العدة قبل موته ثم مات ولم تعلم المطلقة من غيرها، فقول الشارح بائنا أي أو كان الطلاق بعد
البناء وكان بائنا أو رجعيا وانقضت العدة والحال أنه لم تعلم المطلقة من غيرها. قوله: (وانقضت العدة)
أما إذا كان رجعيا ومات قبل انقضاء العدة فلا التباس والإرث كله للمسلمة لأنه على احتمال أن تكون
المطلقة هي الكتابية فالميراث كله للمسلمة، وعلى احتمال كون المطلقة هي المسلمة والعدة لم تنقض فلها
الميراث أيضا. قوله: (لا إن طلق إلخ) هذا عطف على قوله: إن تخلف فهذه المسألة مخرجة من عدم الإرث،
فالإرث فيها ثابت لعدم الشك في سببه وإنما الشك في تعين مستحقه، وصورة المسألة أنه طلق إحدى زوجتيه
المسلمتين طلاقا قاصرا عن الغاية وجهلت المطلقة بأن قال: إحداكما طالق وادعى أنه قصد واحدة
بعينها ولم يعينها للبينة والحال أنه دخل بإحداهما وعلمت ثم مات المطلق قبل أن تنقضي عدة الطلاق
وقد علمت أن هذا الطلاق رجعي بالنسبة للمدخول بها وبائن بالنسبة لغيرها فللمدخول بها الصداق
إلى آخر ما قال المصنف. قوله: (أنا لم أطلق بائنا) الأولى أن يقول: وتقول أنا لم أطلق أصلا وأنت قد
طلقت طلاقا بائنا. قوله: (وثلاثة أرباع الميراث ولغيرها ربعه إلخ) ما درج عليه المؤلف تبعا لابن الحاجب
نحوه في كتاب الايمان والطلاق من المدونة. وقال في التوضيح إنه المشهور، ودرج في آخر
الشهادات على خلاف هذا وأنه يقسم على الدعوى كالعول وصرحوا بمشهوريته فيه أيضا
قاله طفي، وعليه فللمدخول بها ثلثا الميراث ولغيرها ثلثه لان الأولى تدعي أن لها كل الميراث، والثانية تدعي أن لها نصفه، فإذا ضم النصف للكل ونسب النصف
للمجموع كان ثلثا، وإذا نسب الكل للمجموع كان ثلثين، وكذا يقال في قوله: ولها ثلاثة أرباع الصداق أنه مبني على القول بأن القسم
على التنازع، وأما على القول بأنه على الدعوى فلغير المدخول بها من الصداق ثلثاه وللورثة ثلثه. قوله: (فالصداق
على ما ذكره المصنف) أي من أن للمدخول بها الصداق كاملا للدخول من غير منازعة، وغير
المدخول بها تدعى أنها غير مطلقة فلها الصداق كاملا بالموت والوارث يقول: أنت المطلقة فلك
نصفه فقط فالنصف مسلم إليها والنصف الثاني فيه النزاع فيقسم بينها وبين الوارث. قوله: (والميراث
بينهما نصفين) أي لان كل واحدة تدعي أنها غير المطلقة وأنها تأخذ الميراث بتمامه وحينئذ
فيقسم بينهما. قوله: (وكذا لو كان بائنا) أي وجهات المطلقة ودخل بإحداهما وعلمت. قوله: (وإن لم
يدخل بواحدة فلكل واحدة ثلاثة أرباع الصداق) أي لان كل واحدة تدعي أنها غير المطلقة
فتستحق الصداق كاملا بالموت والوارث يدعي أنها المطلقة فلا تستحق إلا نصفه فالنصف مسلم
لها والتنازع في النصف الثاني فيقسم، وقوله والميراث بينهما أي لما تقدم في المسألة السابقة. تنبيه:
تكلم المصنف والشارح على ما إذا جهلت المطلقة وعلم المدخول بها، وأما لو علمت المطلقة وجهل
المدخول بها فللتي لم تطلق الصداق كاملا، وللمطلقة ثلاثة أرباع الصداق للنزاع في النصف الثاني لاحتمال
عدم دخولها، وإن جهل كل من المطلقة والمدخول بها فلكل واحدة سبعة أثمان صداقها لأنهما يقولان:
المطلقة من دخلت فيكمل للثانية صداقها ويقول الوارث لكما صداق ونصف والمطلقة لم تدخل
275

فتنازعهما في نصف فيقسم فلهما صداق، وثلاثة أرباع يتنازعان فيهما فيقسمان ذلك
بينهما والميراث بينهما مناصفة في المسألة الثالثة وثلاثة أرباعه للتي لم تطلق في المسألة الأولى تأمل. قوله: (وما ألحق به)
وهو المشار له بقول الشارح: ويلحق بالمريض إلخ. قوله: (وهل يمنع من النكاح مرض أحدهما المخوف)
أي سواء كان المريض مشرفا أم لا، وقوله مرض أحدهما أي وأما لو كانا معا مريضين فإنه يتفق على
المنع، ثم إن كلا من القولين في مرض أحدهما قد شهر، فالأول شهره اللخمي والثاني شهره ابن شاس، لكن
الأول منهما هو الراجح للنهي عن إدخال وارث، وإنما لم يمنع المريض من وطئ زوجته مع أن فيه
إدخال وارث وقد نهى عنه لان في النكاح إدخال وارث محقق وليس ينشأ عن كل وطئ حمل. قوله: (أو
احتياج المريض) أو مانعة خلو تجوز الجمع. قوله: (لاحتمال موته) أي الوارث الآذن، وقوله قبل مورثه
أي الذي هو ذلك المريض ويكون الوارث لذلك المريض غير الآذن فلما احتمل ذلك كان إذن
الوارث له بمنزلة العدم، وقوله لاحتمال إلخ علة لقوله: وإن أذن الوارث. قوله: (فإن احتاج) أي للنكاح
أو إلى من يقوم به ويخدمه في مرضه. قوله: (وإن لم يأذن له الوارث) أي بأن منعه أو سكت. قوله: (فلا
يعقد عليها) أي بعد الستة من خالعها، وقوله إلا إذا كان خالعها صحيحا إلخ هذه الصورة مستثناة من
منع نكاح المريض، وقوله: فإن دخلت في السابع امتنع أي لأنهما صارا مريضين. قوله: (وللمريضة)
أي التي فسخ نكاحها بعد الدخول المسمى لقول المصنف فيما يأتي وتقرر بوطئ وإن حرم. قوله: (موته)
أي قبل الفسخ والبناء أو موتها قبلهما ولا ميراث لمن بقي حيا بعد موت صاحبه. قوله: (لأنه من المختلف
فيه وفسد لعقده إلخ) أي ومن المعلوم أن ما كان كذلك يلزم فيه المسمى بموت أحدهما قبل فسخه
كالنكاح الصحيح. قوله: (وعلى المريض إلخ) الفرق بين مرضها ومرضه حيث قلتم في الأول بلزوم
المسمى من رأس المال بموت أحدهما وقلتم في الثاني بلزوم الأقل من الامرين من الثلث أن الزوج في
الأول صحيح فتبرعه معتبر بخلاف الثاني فلذا كان في الثلث، وهل تقدم بينة الصحة على بينة المرض
أو العكس؟ أو يقدم الأعدل منهما؟ أقوال ثلاثة ذكرها في المعيار. قوله: (أي المتزوج في مرضه إلخ) أي
بخلاف ما إذا غصب المريض امرأة فلها الصداق من رأس ماله لأنها لم تدخل معه على المعاوضة
الاختيارية كالزوجة ذكره ح. قوله: (إذا مات قبل فسخه) أي سواء دخل أو لم يدخل، وأما إذا فسخ
قبل موته وقبل الدخول فلا شئ فيه، وأما إن فسخ بعد الدخول ثم مات أو صح كان لها المسمى تأخذه
من ثلثه مبدأ إن مات ومن رأس ماله إن صح. قوله: (وعجل بالفسخ) أي وجوبا بناء على القول بفساده
مطلقا أو إن لم يحتج له لا إن احتاج فلا فسخ بحال خلافا لمن قال بعدم تعجيله لصحته. قوله: (ومنع نكاحه إلخ)
أي لان في نكاح المريض لهما إدخال وارث على تقدير إسلام النصرانية وعتق الأمة. قوله: (على
الأصح) هو قول ابن محرز وصححه بعض البغداديين وعليه فيكون لها الأقل من الثلث ومن المسمى،
ومن صداق المثل إن كان هناك مسمى وإلا فالأقل من صداق المثل الثلث، وهذا كله إذا مات قبل
الفسخ ولا إرث لها إن مات من مرضه المتزوج فيه بعد إسلامها أو عتقها، وأما إن فسخ قبل الموت والبناء
فلا شئ لها سواء سمى لها أو نكحها تفويضا. قوله: (والمختار خلافه) أي والذي اختاره اللخمي القول
بجواز ذلك وهو ضعيف. قوله: (فلها المسمى إن كان وإلا فصداق المثل) تأخذ ذلك من رأس المال.
276

فصل في خيار أحد الزوجين قوله: (ولو كان هو معيبا أيضا فله القيام بحقه) كان عيبه من
جنس عيب صاحبه أو من غير جنسه كما صرح به الرجراجي ونقله ح وهو ظاهر إطلاق ابن عرفة
أيضا، وللخمي تفصيل ونصه: وإن اطلع كل واحد من الزوجين على عيب في صاحبه مخالف لعيبه بأن
تبين أن به جنونا وبها جذام أو برص أو داء فرج كان لكل واحد منهما القيام، وأما إن كانا من جنس
واحد كجذام أو برص أو جنون صرع لم يذهب فإن له القيام دونها لأنه بذل صداقا لسالمة فوجدها
ممن يكون صداقها أقل من ذلك انظر بن، قال شيخنا: والأول أظهر لان المدرك الضرر واجتماع المرض
على المرض يؤثر زيادة. قوله: (إن لم يسبق العلم) أي إن لم يكن العلم من السليم بالعيب سابقا على العقد ولم
يرض بالعيب من علم به بعد العقد ولم يتلذذ، فإن علم السليم بعيب المعيب قبل العقد فلا خيار له بعد ذلك
لان عقده مع العلم بالعيب دليل على رضاه، وكذلك إذا رضي به بعد الاطلاع عليه فلا خيار له بعد ذلك،
وكذلك إذا تلذذ بعد العلم به فلا خيار له بعد ذلك لان تلذذه بعد العلم به دليل على رضاه، ففي الحقيقة
المدار في سقوط الخيار الرضا وما ذكر معه من العلم والتلذذ دلائل عليه. قوله: (صريحا) أي بأن كان
الرضا بالقول كرضيت، وقوله أو التزاما أي مثل تمكين السليم من نفسه. قوله: (واو بمعنى الواو) أي واو
في المحلين بمعنى الواو، وقد يقال: لا داعي لذلك بل هي للأحد الدائر لوقوعها بعد النفي، ونفي الأحد
الدائر لا يتحقق إلا بانتفاء الجميع. قوله: (إلا امرأة المعترض إلخ) أشار الشارح بهذا إلى أن مفهوم
الشرط الأول تفصيلا، وقوله فيهما أي في الصورتين. قوله: (وحلف على نفيه) يعني أنه إذا أراد أحد
الزوجين أن يرد صاحبه بالعيب الذي به فقال المعيب للسليم: أنت علمت بالعيب قبل العقد ودخلت
عليه أو علمت به بعد العقد ورضيت به أو تلذذت والحال أنه لا بينة لذلك المدعي المعيب تشهد
له بما ادعاه، وأنكر السليم ذلك وأراد المعيب أن يحلفه على نفي ما ادعاه عليه من المعلم أو الرضا أو التلذذ
فإنه يلزمه أن يحلف، ومحل كلام المصنف إذا لم يكن العيب ظاهرا وتدعي علمه به بعد البناء أو يطل
الامر كشهر وإلا فلا يحلف السليم، والقول قول المعيب أنه رضي به بيمينه. ابن عرفة عن بعض الموثقين:
إن قالت علم عيبي حين البناء وأكذبها وكان ذلك بعد البناء بشهر ونحوه صدقت مع يمينها إلا أن
يكون العيب خفيا كبرص بباطن جسدها ونحوه فيصدق بيمينه انظر ح والمواق اه‍ بن.
وقوله: وحلف على نفيه أي وثبت له الخيار فإن نكل حلف المعيب وسقط الخيار، هذا إذا كانت
دعوى المعيب على السليم دعوى تحقيق، أما إن كانت دعوى اتهام فإن المعيب لا يحلف ويسقط عنه
الخيار بمجرد نكول السليم لان دعوى الاتهام لا ترد فيها اليمين، فإن كانت دعوى تحقيق ونكل المعيب
بعد نكول السليم فالظاهر جريانه على القاعدة الآتية وهي أن النكول تصديق
للناكل الأول فيبقى الخيار للسليم. قوله: (على أحد قولين في اليسير إلخ) هذا كله في برص قديم
قبل العقد، وأما الحادث بعده فلا رد باليسير اتفاقا وفي الكثير خلاف وهذا فيما حدث بالرجل، وأما
277

في المرأة فمصيبة نزلت به كما في البدر القرافي. قوله: (بكسر العين إلخ) فيه أن الملائم لعطفه على ما قبله أنه
بفتح العين مصدر عذيط، وأما على ضبط الشارح فهو اسم لذي العيب فلا يناسب عطفه على
العيب. قوله: (وهي التغوط إلخ) هذا إنما يناسب ما ضبطناه به لا ما ضبط به الشارح. قوله: (أو شك فيه)
أي في حدوثه بعد العقد وقدمه عنه، فإذا حدثت عند تزوجها من غير سبق تزوج فإنها تحمل على أنها
غير حادثة بل كامنة فيها. قوله: (ومثله البول) أي مثل الغائط عند الجماع البول عنده. قوله: (ولا بالبول)
وكذا لا رد بكثرة القيام للبول بالأولى إلا لشرط. قوله: (بين) وأما لو كان مشكوكا في كونه جذاما فلا
رد به اتفاقا. قوله: (ولو قل أو حدث بعد العقد) أي هذا إذا كان كثيرا بل ولو كان قليلا هذا إذا كان
قديما بل ولو حدث بعد العقد، بخلاف البرص فإنه إن كان قبل العقد واطلع عليه بعده فلا فرق بين كونه
قليلا أو كثيرا، وإن كان بعده فلا بد من كونه كثيرا كما يأتي للمصنف وتقدم أيضا قريبا. قوله: (لا جذام
الأب) أي بخلاف من اشترى رقيقا فوجد بأحد أصوله جذاما فعيب يرد به لان البيع مبني على
المشاحة بخلاف النكاح فإنه مبني على المكارمة. قوله: (وإلا فلا رد به) أي ولا يضر عدم النسل كالعقم.
قوله: (والمراد به هنا صغر الذكر) مثل الصغر في كونه موجبا للرد الثخن المانع من الايلاج، وأما الطول
فيلوى شئ على ما لا يستطاع إيلاجه من أصله ولا يرد الزوج بوجوده خنثى متضح الذكورية كما
في البدر القرافي و ح، ونظر شيخنا السيد البليدي في وجود الزوجة خنثى متضحة الأنوثة. قوله: (من
لحم غالبا) أي وقد يكون من عظم فلا يمكن علاجه. قوله: (أدرة الرجل) الأدرة اسم لنفخ الخصية كما
في الصحاح. إن قلت: إن القرن وما بعده أمور إنما تدرك بالوطئ وهو يدل على الرضا فينتفي
الخيار. قلت: الوطئ الدال على الرضا هو الحاصل بعد العلم بموجب الخيار لا الحاصل قبله أو به.
قوله: (قبل العقد) حال من قوله برص إلخ أي الخيار ثابت ببرص وما عطف عليه حالة كونها كائنة
قبل تمام العقد فلا يحتاج لقول الشارح قبل العقد أو فيه. قوله: (أما الحادثة بعده إلخ) حاصله أن
العيوب المشتركة إن كانت قبل العقد كان لكل من الزوجين رد صاحبه به، وإن وجدت بعد العقد كان
للزوجة أن ترد به الزوج، فليس له أن يرد الزوجة لأنه قادر على مفارقتها بالطلاق إن
تضرر لان الطلاق بيده بخلاف المرأة فلذا ثبت لها الخيار. قوله: (ولها فقط الرد فالجذام إلخ) حاصل
فقه المسألة على ما يؤخذ من كلام المصنف هنا وفيما مر أن الجذام متى كان محققا ثبت للمرأة الرد به ولو
يسيرا كان قبل العقد أو حدث بعده، وأما الرجل فله الرد به إن كان قبل العقد قل أو كثر، ولا رد له به
إن كان حادثا بعد العقد مطلقا. وأما البرص فإن كان قبل العقد رد به إن كان كثيرا فيهما أو يسيرا في
المرأة اتفاقا. وفي اليسير في الرجل قولان، وأما الحادث بعد العقد فلا رد به لواحد إن كان يسيرا باتفاق،
وإن كان كثيرا فترد به المرأة الرجل على المذهب، وليس للرجل ردها به لأنه قادر على فراقها بالطلاق
إن تضرر لان العصمة بيده بخلاف المرأة فلذا ثبت لها الخيار. قوله: (أي بعد العقد) أي سواء
كان قبل الدخول أو بعده كما قاله أبو القاسم الجزيري في وثائقه، فالحادث عنده بعد البناء كالحادث
قبله بعد العقد في التفصيل المذكور وهو أن الجذام إذا كان محققا يرد به قل أو كثر، والبرص يرد به
بشرط أن يكون فاحشا لا يسيرا وهذه طريقة، وهناك طريقة أخرى للمتيطي وحاصلها أنه لا يرد بالجذم
278

الحادث بعد البناء إلا إذا تفاحش كالبرص، فليس الحادث بعد البناء عنده كالحادث بعد العقد وقبل
البناء، وطريقة الجزيري هي ظاهر المدونة والمصنف. قوله: (بعد التأجيل سنة) متعلق بقوله: ولها الرد إلخ،
فثبوت الرد لها بالجذام والبرص الحادثين بعد العقد لا ينافي كونه بعد سنة كما يأتي للمصنف في قوله: وأجل
في برص وجذام رجى برؤهما سنة. قوله: (وكذا يقال في الجنون) أي أن لها فقط الرد به إذا حدث بعد
العقد وأنه يؤجل سنة قبل الرد إذا رجي برؤه. قوله: (فلها الرد بها) أي دون الزوج فليس له أن يردها بها.
قوله: (لا بكاعتراض) أي لا رد لها بكاعتراض، وقوله إلا أن يتسبب فيه أي في الاعتراض الحادث
بعد الوطئ فإن تسبب فيه كان لها الرد به. قوله: (كالحادث قبل الوطئ) أي فلها الخيار بعد أن يؤجل الحر
سنة والعبد نصفها كما يأتي. قوله: (وأدخلت الكاف الخصاء والجب) أي الحادثين ذلك بعد الوطئ.
وقوله: والكبر أي وكبر الشخص المانع له من الوطئ بأن زالت منه الشبوبية فلا خيار لها في الجميع.
قوله: (وثبت الخيار بجنونهما) أي لكل منهما. قوله: (بصرع) أي من الجن. وقوله: أو وسواس وهو ما كان من
غلبة السوداء. قوله: (وإن مرة) أي هذا إذا استغرق كل الأوقات أو غالبها بل وإن حصل في كل شهر مرة
ويفيق فيما سواها، وظاهره أنه إذا كان يأتي بعد كل شهرين فلا رد به وليس كذلك، والظاهر أن هذا
كناية عن القلة، ثم محل الرد بما ذكر من الجنون الذي يحصل في الشهر مرة إذا كان يحصل منه إضرار من
ضرب أو إفساد شئ أما الذي يطرح بالأرض ويفيق من غير إضرار فلا رد به. قوله: (قبل الدخول
وبعده) جعله الشارح متعلقا بمحذوف أي يثبت الخيار قبل الدخول وبعده بجنونهما القديم وهو ما
كان قبل العقد، وعلى هذا فالمصنف ساكت عن الحادث بعد العقد كان حدوثه قبل الدخول أو بعده،
وحاصل ما في المسألة أن الجنون إذا كان قديما وهو السابق على العقد فلكل من الزوجين أن يرد به
صاحبه اتفاقا قبل الدخول وبعده، وإن حدث بعد العقد ففيه طرق أربعة قيل يرد به مطلقا كان بالرجل
أو بالمرأة حدث بعد البناء أو قبله، فحدوثه بالمرأة بعد العقد كحدوثه بالرجل، ويصح تقرير المصنف
به على جعل قوله قبل الدخول وبعده مدخولا للاغياء وضمير بعده للدخول، وقيل لا يرد به مطلقا،
وقيل ترد به الزوجة الزوج لا العكس، وقيل إن حدث قبل البناء ثبت لها الرد به وإن حدث بعد البناء
فلا رد لها الأولى لأبي الحسن ونسبه للمدونة، والثانية لأشهب، والثالثة قول ابن القاسم وروايته،
والرابعة للمتيطي والمعتمد قول ابن القاسم، ومحل الخلاف في جنون من تأمن زوجته أذاه وإلا
فلها الخيار اتفاقا حدث قبل البناء أو بعده كما في ابن غازي. قوله: (رد به مطلقا) أي سواء كان قائما
بالمرأة أو بالرجل. قوله: (فإنه يوجب الخيار للمرأة) هذا على ما نقله المواق عن اللخمي والمتيطي.
قوله: (وكذا إن حدث بعد البناء إلخ) أي فإن لها أن ترد به كالحادث قبل البناء، وهذا إشارة لما قاله ابن القاسم.
قوله: (ولذا جعل بعضهم إلخ) أي لأجل قياس الجنون على الجذام. قوله: (متعلقا بمحذوف) أي لأجل
أن يكون المصنف ذاكر الحكم القديم قبل العقد والحادث بعده قبل الدخول وبعده ماشيا على قول
ابن القاسم، وحاصل مذهبه أن العيوب المشتركة ما حصل منها قبل العقد فلكل من الزوجين رد صاحبه به،
وما حدث منها بعد العقد فللزوجة الرد به دون الزوج سواء حدث قبل البناء أو بعده. قوله: (قبل الدخول إلخ)
279

أي أو بعده. قوله: (على المعتمد) أي كما يفيده كلام ابن عرفة وابن عات. قوله: (كالمصنف) أي على
نسخة التثنية لا على النسخة التي عبر فيها بضمير المفرد المؤنث الراجع للعيوب الثلاثة. قوله: (سنة)
اختار ابن رشد أن لزوجة المجنون النفقة في الاجل إن كانت مدخولا بها كزوجة المجذم والأبرص
مطلقا. قوله: (للحر) أي كان ذكرا أو أنثى فالمراد الشخص الحر. قوله: (ونصفها للعبد أو الأمة)
أي المعيبين وجعل نصفها للعبد أمر تعبدي وإن كان النظر لمرور الفصول الأربعة يقتضي مساواة
العبد للحر في التأجيل بسنة. قوله: (من يوم الحكم) أي بالتأجيل لا من يوم الرفع للحاكم.
قوله: (وبغيرها) عطف على قوله ببرص. قوله: (من كل ما يعد عيبا عرفا) أي كنتن فم وجرب وحب
إفرنج. قوله: (إن شرط) أي أحد الزوجين السلامة. قوله: (سواء عين ما شرطه) أي بأن قال
بشرط سلامتها من العيب الفلاني. قوله: (أو من العيوب) أي ولا يحمل قوله من كل عيب أو من
العيوب على عيوب ترد بها من غير شرط لشموله لغيرها أيضا، والقول قولها في عدم شرط السلامة
إن ادعاه الزوج والحال أنه لا بينة له قاله ابن الهندي، والفرق بين العيوب المتقدمة وبين غيرها من
نحو السواد والقرع من أنه لا يرد بها إلا بالشرط، وما تقدم يرد بها من غير شرط أن العيوب المتقدمة
مما تعافها النفوس وتنقص الاستمتاع بخلاف السواد والقرع وما ماثلهما. قوله: (فإن لم يشترط
السلامة فلا خيار) ظاهره أن العرف ليس كالشرط وهو ظاهر كلام غيره أيضا، ولعل الفرق بين
النكاح وبين غيره من كثير من الأبواب حيث جعل العرف فيها كالشرط أن النكاح مبني على
المكارمة. واعلم أنه إذا اشترط السلامة من عيب لا ترد به إلا بشرط ولم يوجد ما شرطه، فإن اطلع على
ذلك قبل البناء فإما أن يرضى وعليه جميع الصداق أو يفارق ولا شئ عليه، وإن اطلع على ذلك بعد
البناء وأراد بقاءها أو مفارقتها ردت لصداق مثلها وسقط ما زاده لأجل ما اشترطه ما لم يكن صداق
مثلها أكثر من المسمى وإلا لزمه المسمى، فليس كالعيب الذي يثبت فيه الخيار بدون شرط لأنه إن
اطلع قبل البناء إما أن يرضى وعليه المسمى أو يفارق ولا شئ عليه، وإن اطلع بعده إما أن يرضى ويلزمه
المسمى أو يفارق ويلزمه ربع دينار على ما يأتي. قوله: (ولو بوصف الولي) أي هذا إذا كان شرط
السلامة صادرا من الخاطب بل ولو كان بوصف الولي أي ولي المرأة عند الخطبة، وهذا مبالغة
في ثبوت الخيار للزوج إذا وجدت على خلاف ما شرط. تنبيه: قوله: ولو بوصف الولي هذا
قول عيسى وابن وهب، ورد بلو قول محمد مع أصبغ وابن القاسم أن وصف الولي لا يوجب الخيار
اه‍ بن. قوله: (أو صحيحة العينين) أي فتوجد على خلاف ما وصف. قوله: (وسواء سأل الزوج
عنها) أي فوصفها الواصف، وما ذكره الشارح من أن الخلاف بين عيسى ومحمد مطلق وأن عيسى
يقول: إن وصف الولي يوجب الخيار سواء وصفها ابتداء أو كان وصفه بعد سؤال الزوج عنها،
ومحمد يقول: وصف الولي لا يوجب الخيار مطلقا طريقة للخمي وصدر بها المصنف في التوضيح،
وطريقة ابن رشد أن الخلاف بين عيسى ومحمد إنما هو إذا صدر الوصف ابتداء من الواصف، وأما
إذا صدر بعد سؤال الزوج فيتفق على أنه شرط يوجب الرد انظر ح. قوله: (إن شرط الموثق)
أي إن كتب الموثق في وثيقة العقد الصحة بأن كتب: تزوج فلان فلانة الشابة الصحيحة العقل
والبدن بصداق قدره كذا وكذا وتوجد على خلافه، وتنازع الولي والزوج فقال الزوج: أنا
شرطت ذلك وأنكر الولي ولا بينة لواحد، فقال ابن أبي زيد: لا رد به ولا يكون ما كتبه الموثق دليلا
على اشتراطه لان الموثق جرت العادة بأنه يلفق الكلام ويجمله ويذكر فيه ما ليس بمشترط، وقال
الباجي له الرد لان العادة أن الموثق لا يكتب الصحيحة إلا إذا اشترطت الصحة. قوله: (بأن
كتب في الوثيقة) تصوير للشرط الحاصل من الموثق. قوله: (تردد) أي للباجي وابن أبي زيد، وكلام
280

المتيطي يدل على أن الراجح عدم الرد لأنه ظاهر المدونة وبه صدرت الفتوى، فكان اللائق للمؤلف
الاقتصار عليه، قال ح: فإن كتب الموثق سليمة البدن اتفق ابن أبي زيد والباجي على أنه شرط أي
فله الرد إن وجدها غير سليمة اه‍ بن. قال بعضهم: لعله إنما فرق بين صحيحة وسليمة لان الأول عادة
الموثقين جارية بتلفيقه أي بذكره من عند أنفسهم ولم تجر عادتهم بتلفيق الثاني. قوله: (لا بخلف الظن)
أي لا بتخلف الامر المظنون، كما إذا تزوج بامرأة من قوم ذوي شعر فظنها أنها مثلهم فتخلف ظنه بأن
وجدها قرعاء، وهذا عطف على قوله ببرص أو على معنى أن شرط السلامة والأصل وبغيرها بشرط
السلامة لا بخلف الظن، وهذا تصريح بمفهوم الشرط صرح به ليرتب عليه ما بعده. قوله: (من قوم)
راجع لقوله كالقرع وهو متعلق بمحذوف أي كالقرع لمن تزوجها من قوم إلخ، وكذا يقال في قول
المصنف: والسواد من قوم بيض. قوله: (فتوجد ثيبا فله الخيار) أي لان العذراء هي التي لم تزل بكارتها.
قوله: (وفي بكر إلخ) البكر عند الفقهاء هي التي لم توطأ بعقد صحيح أو فاسد جار مجرى الصحيح، وأما
العذراء فهي التي لم تزل بكارتها بمزيل، فلو أزيلت بكارتها بزنا أو بوثبة أو بنكاح لا يقران عليه فهي
بكر فهي أعم من العذراء، وقيل البكر مرادفة للعذراء فهي التي لم تزل بكارتها أصلا، وعلى ذلك الخلاف
وقع التردد الذي ذكره المصنف. قوله: (فيجدها ثيبا بغير نكاح) وأما لو وجدها ثيبا بنكاح فترد قولا
واحدا كما نقله ابن عرفة عن المتيطي وابن فتحون اه‍ بن قوله: (تردد) الأول لابن العطار مع
بعض الموثقين بناء على أن البكر مرادفة للعذراء وأنها التي لم تزل بكارتها أصلا، والثاني لأبي بكر بن
عبد الرحمن وصوبه بعض الموثقين بناء على أن البكر هي التي لم تزل بكارتها بنكاح صحيح أو فاسد
جار مجراه. قوله: (محله ما لم يجر إلخ) أي ومحله أيضا إذا اتفقت مع الزوج على أنها الآن غير بكر، فإن
ادعت أنها بكر وادعى هو عدمها فالقول لها في وجودها ولا ينظرها النساء جبرا عليها، فإن مكنت
من نفسها امرأتين فإن شهدتا بثيوبتها كان القول قوله دونها، وإن شهدتا ببكارتها كان القول قولها دونه.
قوله: (لكن الأولى منقطع) أي لعدم دخول ما بعد إلا فيما قبلها، لان ما قبلها تخلف فيه الظن وما بعدها
تخلف فيه الشرط، وهذا أي اشتراط كونها عذراء فتوجد ثيبا ليس داخلا فيما قبله، وهو ما إذا ظن أنها
بكر فوجدها ثيبا فما قبل إلا تخلف فيه الظن وما بعدها تخلف فيه الشرط. قوله: (أو عكسه) أي تظنه
نصرانيا. وقوله فلا أي ليس لأحدهما رد الآخر. وقوله لاستوائهما رقا أي النسبة لمسألة العبد
مع الأمة. وقوله وحرية أي في مسألة المسلم مع النصرانية. قوله: (إلا أن يغرا) بالبناء للمفعول ونائب
الفاعل ضمير المغرورين أو للفاعل وهو ضمير الغارين، وعلى كل يشمل الغرور من الجانبين، فالاستثناء
راجع للفروع الأربعة المشتمل عليها قوله بخلاف العبد إلخ لصدقه على غروره لها وغرورها له،
وكذا المسلم مع النصرانية. قوله: (بأن يقول الرقيق) أي سواء كان هو الزوج الذي هو العبد
أو المرأة التي هي الأمة. قوله: (وعكسه) أي بأن يقول المسلم للنصرانية إنه نصراني فتبين أنه مسلم.
قوله: (ولا يكون الزوج بذلك مرتدا) أي خلافا لما في البدر القرافي من ردته بذلك، ووجه ما قاله
الشارح أن قرينة الحال وهي التوصل لغرضه من نكاحها صارفة عن ردته كما في اليمين
إذا قال هو يهودي أو نصراني إن كنت فعلت كذا والحال أنه فعله وقد كذب في يمينه فلا
يكون بذلك مرتدا كما مر. قوله: (المعترض) بفتح الراء اسم مفعول أي الشخص الذي اعترضه
المانع فمنعه من الوطئ إذ الأصل عدمه، وإنما يكون لعارض يعرض كسحر أو خوف
أو مرض. قوله: (بأن لم يسبق له فيها وطئ) سواء كان اعتراضه قديما أو حادثا، أي وأما التي
سبق له وطئ لها ولو مرة فلا خيار لها فيه، وحينئذ فلا يؤجل كما مر في قوله: لا بكاعتراض. قوله: (لعلاجه)
281

علة لقوله أجل. قوله: (فإنه يؤجل بعد الصحة منه) أي لان المرض قد يمنع من البرء مما هو قائم به
من الاعتراض. قوله: (من يوم الحكم) أي وابتداؤها من اليوم الحكم حالة كونه واقعا بعد الصحة.
قوله: (ولا يزاد عليها) أي لأجل المرض الذي حصل فيها. قوله: (بل يطلق عليه) أي بمجرد فراغها وهو
قول ابن القاسم، ومقتضى التعليل السابق أنه يزاد عليها بقدر زمن مرضه، وبه قال ابن رشد إن كان
المرض شديدا، وقال أصبغ: إن عم المرض السنة استؤنفت له، وإن مرض بعضها فلا يزاد بقدر زمانه.
قوله: (والعبد نصفها) قال المتيطي في النهاية: واختلف في الاجل للعبد فقيل كالحر قاله أبو بكر بن الجهم،
قال في الكافي ونقل عن مالك وقاله جمهور الفقهاء وقيل ستة أشهر وهو قول مالك ومذهب المدونة
وبه الحكم، قال اللخمي: والأول أبين لان السنة جعلت ليختبر في الفصول الأربعة، فقد ينفع الدواء
في فصل دون فصل وهذا يستوي فيه الحر والعبد. قوله: (لا نفقة لها فيها) أي لا نفقة لامرأة المعترض
في مدة التأجيل على الزوج المعترض سواء كان حرا أو عبدا. قوله: (وأما ابن رشد إلخ) هذا مقابل
لقوله عند المصنف أي فالظهور هنا على خلاف اصطلاحه. قوله: (فإنما اختار عدمها في امرأة المجنون
حيث لم يدخل بها) أي إذا أجل لرجاء البرء أي ولكن المعتمد هو مذهب المدونة أن لها النفقة مثل
امرأة المعسر بالصداق إذا منعت نفسها حتى يؤدي صداقها إذ لعل له مالا فكتمه. قوله: (يعزل
عنها) أي في الاجل وحينئذ فلا نفقة لها لأنها في مقابلة الاستمتاع ولا استمتاع حينئذ.
قوله: (والمعترض مسترسل عليها) أي فيمتنع بها في الاجل بغير الوطئ وحينئذ فلها النفقة. قوله: (كما يفيده
كلامهم على المجذوم والأبرص) أي إذا أجلا لرجاء برئهما فإن لزوجتيهما النفقة عليهما مدة
التأجيل. قوله: (وكذا المجنون بعد الدخول) أي لزوجته النفقة. قوله: (فهو) أي قياس المصنف زوجة
المعترض على زوجة المجنون التي لم يدخل بها قياس بلا جامع. والحاصل أن زوجة المبرص والمجذم إذا
أجلا للبرء، كان لزوجتيهما النفقة مدة الاجل كانتا مدخولا بهما أو لا، وكذا زوجة المجنون إذا أجل
لرجاء البرء لها النفقة إن كانت مدخولا بها، وكذا إن كانت غير مدخول بها على مذهب المدونة، واختار
ابن رشد أنه لا نفقة لها، وأما زوجة المعترض إذا أجل لرجاء البرء فاستظهر المصنف أنه لا نفقة لها
قياسا على زوجة المجنون غير المدخول بها عند ابن رشد، واعترض عليه بأنه قياس فاسد لعدم الجامع
ووجود الفارق بين المقيس والمقيس عليه، فالحق أن لزوجة المعترض النفقة مدة الاجل كزوجة الأبرص
والأجذم والمجنون. قوله: (إن ادعى فيها الوطئ) أي إن ادعى في المدة أنه وطئ بعد ضرب الاجل.
قوله: (وكذا إن ادعى بعدها أنه وطئ فيها) أي فيصدق بيمين وهذا هو المعتمد كما يفيده ابن هارون، خلافا
لما يفيده ظاهر المصنف من عدم تصديقه لتقديمه فيها على الوطئ. قوله: (وفرق بينهما قبل تمام السنة) هذا
هو مذهب المدونة وهو المعتمد خلافا لما في الموازية من أنه إذا نكل يبقى لتمام السنة ثم يطلب بالحلف
ولا يكون نكوله أولا مانعا من حلفه عند تمام السنة فإن نكل فرق بينهما. قوله: (وإن لم يدعه بعد السنة)
أي وإن لم يدع الوطئ بعد تمام السنة بل وافقها على عدمه فيها أو سكت ولم يدع وطأ ولا عدمه. قوله: (فهل
يطلق الحاكم) أي واحدة فإن أوقع أزيد منها لم يلزم ذلك الزائد بخلاف الزوج فإن له أن يوقع ما شاء.
قوله: (وما في معناه) كأنا طالقة منك. قوله: (ويكون) أي كل من طلاق الحاكم وطلاقها بائنا، واعترض بأن
هذا ينافي ما يأتي من لزوم العدة بالخلوة، فمقتضى ذلك أنه رجعي إذ لو كان قبل البناء ما وجبت عدة كما قاله
شيخنا، وقد يقال: المصرح به فيما يأتي أنه مع وجوب العدة بالخلوة يعاملان بإقرارهما أنه لا وطئ فلا رجعة.
282

قوله: (ثم يحكم به الحاكم ليرفع خلاف إلخ) الأولى ليرفع خلاف من يرى أن طلاق المرأة لا يقع أصلا، ثم إن
هذا يقتضي أن المراد بقوله: ثم يحكم به حقيقة الحكم، والذي قاله بعضهم أن المراد بالحكم هنا الاشهاد
أي أو يأمرها به، فإذا طلقت نفسها أشهد الحاكم على ذلك الطلاق الواقع منها كما قاله ابن عات وغيره من
الموثقين، وليس مراد المصنف ما يتبادر منه من الحكم، ففي نوازل ابن سهل عن ابن عات: أن الحاكم يقول
لها بعد كمال نظره: إن شئت أن تطلقي نفسك وإن شئت التربص عليه فإن طلقت نفسها أشهد على ذلك اه‍.
قال المتيطي: ولا أعذار في الذين يشهدون بأنها طلقت نفسها إذ لا أعذار فيما يقع بين يدي الامام من
إقرار وإنكار على المشهور من المذهب انظر بن. قوله: (قولان) ظاهره أنه لا ترجيح في واحد منهما
وليس كذلك، ففي ابن عرفة ما نصه المتيطي في كون الطلاق بالعيب الامام يوقعه أو يفوض إليها قولان
للمشهور، وأبي زيد عن ابن القاسم اه‍ قال ح: وأفتى بالثاني ابن عات ورجحه ابن مالك وابن سهل اه‍.
وعليه فحق المصنف الاقتصار على الأول أو يقول خلاف اه‍ بن. قوله: (ولها) أي لزوجة
المعترض حاصله أنها إذا رضيت بعد مضي السنة التي ضربت لها بالإقامة معه مدة لتتروى وتنظر في
أمرها ثم رجعت عن ذلك الرضا فلها ذلك ولا تحتاج لضرب أجل ثان لان الاجل قد ضرب أولا
بخلاف ما لو رضيت ابتداء بالإقامة معه لتتروى في أمرها بلا ضرب أجل ثم قامت فلا بد من ضرب
الاجل هذا كله في زوجة المعترض. قوله: (وهو كذلك) أي كما في نص المواق، وقوله ويفيده قول
المصنف أول الفصل أو لم يرض أي فإنه يفيد أنه رضا مطلق من حيث أنه لم يقيد، وقال: الذي في
شرح ابن رحال ما نصه: والظاهر من كلامهم أن ما في الرواية غير شرط، بل وكذا إذا قالت: رضيت
بالمقام معه فلها فراقه وهو ظاهر التوضيح وهذا كله في زوجة المعترض، وأما زوجة المجذم إذا طلبت
فراقه فأجل لرجاء برئه فبعد انقضاء الأجل رضيت بالمقام معه ثم أرادت الرجوع فإن قيدت رضاها
بالمقام معه بأجل لتتروى كان لها الفراق من غير ضرب أجل ثان، وإن لم تقيد بل رضيت بالمقام معه أبدا
ثم أرادت الفراق فقال ابن القاسم: ليس لها ذلك إلا أن يزيد الجذام وقال أشهب لها ذلك وإن لم يزد،
وحكى في البيان قولا ثالثا ليس لها ذلك وإن زاد انظر التوضيح، قال: وقول ابن القاسم هو الموافق
لتقييد الخيار فيما سبق بعدم الرضا. قوله: (بعدها) أي إذا حصل الطلاق بعدها. وحاصله أن المعترض
إذا أجل سنة ولم يحصل منه وطئ لزوجته واختارت فراقه بعدها فلها الصداق كاملا على المشهور،
وروى عن مالك أن لها نصفه. قوله: (وتلذذ بها) أي بالقبلة والمباشرة وليس المراد اللذة الكبرى.
قوله: (فإن طلق قبلها فلها النصف) يعني إذا لم يطل مقامها معه وإلا فلها الصداق كاملا. ولفظ ح: وأما إذا
طلقها قبل انقضاء الأجل فلها نصف الصداق إذا لم يطل مقامها قاله في المدونة ونقله في التوضيح اه‍ بن.
ويتصور وقوع الطلاق قبل السنة فيما إذا رضي بالفراق قبل تمامها وفيما إذا قطع ذكره في السنة. قوله: (فإنه
يأتي في كلام المصنف) أي في قوله ومع الرد قبل البناء فلا صداق وبعده فمع عيبه المسمى ومعها رجع
بجميعه إلخ. قوله: (والخصي) أي المقطوع الأنثيين قائم الذكر. قوله: (قولان) الأول لابن القاسم والثاني
حكاه في البيان عن مالك، وبقي قول ثالث وهو أنه لا تطلق أصلا وتكون مصيبة نزلت بها، وقوله إن
قطع بالبناء للمجهول، وأما لو قطعه هو فيعجل الطلاق قطعا ولها النصف حينئذ، فلو قطعته عمدا فالظاهر
أنها مصيبة نزلت بها فلا تطلق أصلا وتبقى زوجة لتعديها خصوصا، وقد قيل بذلك إذا قطعه غيرها.
قوله: (وأجلت الرتقاء إلخ) اعلم أن الأدواء المشتركة والمختصة بالرجل إذا رجي برؤها فإنه يؤجل فيها
الحر سنة والعبد نصفها، وأما الأدواء المختصة بالنساء فالتأجيل فيها إن رجي البرء بالاجتهاد، وقوله
وأجلت الرتقاء أي وهي التي انسد ملك الذكر منها بحيث لا يمكن معه الجماع فإذا طلب الزوج ردها
وطلبت التداوي فإنها تؤجل لذلك بالاجتهاد وليس للزوج منعها من ذلك وردها حالا لأهلها بل يلزمه
283

أن يصبر لعلاجها، فإذا مضى الاجل المضروب لعلاجها ولم تبرأ خير بين إبقائها وردها، والظاهر أن الدواء
عليها لان عليها أن تمكن زوجها من الاستمتاع وهو يتوقف على ذلك وأن النفقة عليه في مدة الاجل
لقدرته على الاستمتاع بغير وطئ. قوله: (وغيرها) أي كالقرناء والعفلاء والبخراء. قوله: (للدواء) أي
للتداوي أو لاستعمال الدواء. قوله: (من غير تحديد) هذا هو المشهور وقيل يضرب لها شهران.
قوله: (وهذا) أي ومحل هذا أي تأجيلها للتداوي إذا طلبته، وطلب الزوج ردها إذا كان يرجى البرء بلا ضرر
في الإصابة. وقوله وإلا فلا أي وإلا بأن كان يحصل بعده عيب في الإصابة فلا تجاب لما طلبته من
التأجيل للدواء إلا برضاه. قوله: (ولا تجبر عليه) أي على الدواء إن امتنعت أي والحال أنه طلبه الزوج،
وسواء كان يحصل بعده عيب في الإصابة أم لا. وقوله: إن كان أي الداء خلقة. قوله: (فإن لم يكن) أي
الرتق خلقة بأن كان عارضا بصنع صانع كما لو خفضت والتف فخذاها على بعض والتحم اللحم. قوله: (وإلا
جبرت إلخ) أي وإلا بأن كان يلزم على التداوي عيب في الإصابة جبرت عليه إن طلبه الزوج، فإن
طلبته هي وأبى الزوج فلا يجبر على إجابتها بل هو مخير. والحاصل أن الداء إما أن يكون خلقة أو
عارضا، وفي كل إما أن تطلب الزوجة التداوي منه ويأبى الزوج أو يطلبه الزوج وتأباه الزوجة، وفي
كل إما أن يترتب على التداوي عيب في الإصابة أو لا، فجملة الصور ثمانية، فإن كان خلقة وطلبت
الزوجة التداوي وأباه الزوج أجيبت لما طلبته إن كان لا يترتب على التداوي عيب في الإصابة
وإلا فلا تجاب، وإن طلبه الزوج وامتنعت فلا تجبر عليه سواء كان يترتب على التداوي عيب في الإصابة
أو لا، وإن كان الداء عارضا وطلبه أحدهما فكل من طلبه منهما أجيب له إن لم يترتب عليه عيب
في الإصابة، فإن ترتب عليه عيب أجبرت عليه إن طلبه الزوج وإن طلبته هي فلا يجبر عليه الزوج بل
يخير. قوله: (بظاهر اليد) أي لا بباطنها لان باطن اليد مظنة لكمال اللذة فلا يرتكب مع التمكن من العلم
بذلك بظاهر اليد. قوله: (وصدق في إنكار الاعتراض) أي فإذا ادعت على زوجها بأنه معترض
وأكذبها فإنه لا يمكن أن يعلم بالجس وحينئذ فيصدق في نفيه بيمين. إن قلت: هذا مكرر مع قوله
سابقا وصدق إن ادعى فيها الوطئ. قلت: لا تكرار لان المسألة الأولى فيما إذا ادعى بعد أن أجله
الحاكم أنه وطئ بعد التأجيل وهذه فيما إذا أنكر الاعتراض ابتداء، وقد يقال إنه لا معنى للتكرار
إلا كون الثاني مستفادا مما ذكر أولا وما هنا كذلك، لأنه إذا صدق في دعواه زوال الاعتراض بعد
وجوده، فأولى أن يصدق في نفيه من أول الأمر، فالأولى أن يقال: إن المصنف كرر هذه المسألة
ليرتب عليها قوله كالمرأة في دائها. قوله: (كالمرأة تصدق في نفي دائها) أي في نفي داء فرجها ولو برصا
أو جذاما ادعى الزوج قيامه به وأنكرت ذلك، وقوله بيمين أي ولها رد اليمين على الزوج فإذا حلف
ثبت له الرد قاله أبو إبراهيم الأعرج ونقله عنه المواق و ح. وقال ابن الهندي: ليس لها ردها عليه.
قوله: (بأن قالت حدث بعده فلا خيار لك) أي لما تقدم أن ما حدث من العيوب في المرأة بعد العقد
لا خيار للرجل فيه ويكون مصيبة نزلت به لان الطلاق بيده. قوله: (وإلا فقوله) أي وإلا بأن حصل
التنازع قبل البناء أي وبعد العقد فقوله أي فالقول قوله بيمين وهذا التفصيل الذي ذكره الشارح لابن
رشد والذي في خش أن القول قولها في أنه حدث بعد العقد مطلقا أي سواء كان التنازع بعد البناء
أو بعد العقد وقبل البناء كما هو ظاهر إطلاق المصنف والمدونة، وقال شيخنا في حاشيته: إنه الظاهر وإن
كان بعض الشراح رجح ما ذكره ابن رشد من التفصيل. قوله: (وقالت بل وجدني بكرا) أي سواء
ادعت أنها الآن بكر أو ادعت أنها كانت بكرا وهو أزال بكارتها فتصدق في الصورتين معا بيمين كما
يفيده نقل ابن غازي وغيره خلافا لما في خش هنا ولما في عبق عند قوله: وفي بكر تردد من أنها في الصورة
الثانية لا تصدق بل ينظرها النساء فإن قلن إن بها أثرا قريبا كان القول قولها، وإن قلن إن بها أثرا يبعد كونه
284

منه كان القول قوله بيمين اه‍. لان هذا قول سحنون وهو خلاف المشهور الذي عليه المصنف
وهو قول ابن القاسم وابن حبيب، ونقله بعض الأندلسيين عن مالك وكل أصحابه غير سحنون انظر بن.
قوله: (أو أبوها إن كانت سفيهة) إن قلت: كيف يحلف الأب ليستحق الغير مع أن الشأن أن
الانسان إنما يحلف ليستحق هو لا ليستحق غيره؟ قلت: أمر الأب بالحالف لأنه مقصر بعدم الاشهاد
على أن وليته سالمة فالغرم متعلق به فالحلف لرد الغرم عن نفسه لا لاستحقاق غيره. تنبيه: قال ابن
رشد: والأخ كالأب وأما غيرهما من الأولياء فلا يمين عليهم بل عليها قاله ابن حبيب وهو صحيح،
وينبغي كونها على نفي العلم لأنه مما يخفى إلا أن يشهد أن مثله لا يكون يوم العقد إلا ظاهرا فيحلف على
البت، فإن نكل حلف الزوج على نحو ما وجبت على الأب هذا هو المشهور من المذهب، وقيل كل الايمان
في ذلك على البت، وقال المتيطي: قال بعض الموثقين عن بعض شيوخه إذا كان الزوج لم يدخل بالزوجة
فإنما تجب اليمين عليها لا على الولي وإن كان قريب القرابة لأنه لا غرم عليه قبل الدخول، وإن كان قد
دخل بها بحيث يجب الغرم على الولي فعليه اليمين إن كان قريب القرابة أو عليها إن لم يكن قريبا اه‍ بن.
قوله: (ولا ينظرها النساء) وقال سحنون: يجوز النظر للفرج للنساء لأجل الشهادة وتجبر المرأة على
نظرهن له، قال: الذي تلقيته من بعض شيوخنا المفتين أن العمل جرى بفاس بقول سحنون هذا.
قوله: (وهذا جار في كل عيب بالفرج) أي ولا يقتصر على المسائل الثلاث قبله. قوله: (فلا منافاة إلخ) مفرع على
الجوابين المذكورين. قوله: (وإن أتى بامرأتين) أي أو بامرأة واحدة وهذا كالمستثنى من قوله: كالمرأة
في دائها وكأنه قال: إلا إذا أتى الرجل بامرأتين تشهدان له على ما هي مصدقة فيه كنفي الرتق مثلا فإنه
يعمل بشهادتهما ولا تصدق، وظاهره ولو حصلت الشهادة بعد حلفها على ما ادعت اه‍ عدوي.
قوله: (قبلتا) أي قبلت شهادتهما لأنها وإن لم تكن بمال إلا أنها تؤول له لان من ثمرتها سقوط الصداق.
قوله: (أو لكون المانع إلخ) يرد عليه أنه قد تقرر في بحث ستر العورة أنه لا يجوز النظر لفرج المرأة ولو
رضيت. قلت: أجيب ما في ستر العورة على ما إذا لم يكن لنفع شرعي وإلا جاز كما في هذه ومثلها
الطب اه‍ عدوي. قوله: (لعذرهما بالجهل) أي بجهل حرمة النظر للعورة. قوله: (وإن علم الأب بثيوبتها إلخ)
حاصله أن من تزوج امرأة يظنها بكرا فوجدها ثيبا فلا رد له إلا أن يشترط أنها عذراء أو أنها
بكر ووجدها قد ثيبت بنكاح فإن اشترط البكارة ووجدها قد ثيبت بوثبة أو بزنا فهل له الرد أوليس
له الرد لان اسم البكارة صادق على ذلك تردد، ومحل هذا التردد إذا لم يعلم الأب بثيوبتها حين
اشتراط الزوج البكارة وكتم ذلك عن الزوج فللزوج الرد على القول الأصح. والحاصل أنه إذا
وجدها ثيبا فإن لم يكن شرط فلا رد مطلقا أي علم الأب بثيوبتها أم لا، وإن شرط العذارة أو البكارة وكان
زوالها بنكاح فله الرد مطلقا، وإن اشترط البكارة وكان زوالها بزنا أو وثبة فإن علم الأب وكتم على
الزوج المشترط كان له الرد على الأصح، وإن لم يعلم الأب ففيه تردد. قوله: (فللزوج الرد) أي ورجع
بالصداق على الأب وعلى غيره إن تولى العقد كما يأتي. قوله: (على القول الأصح) هو قول أصبغ. وقال ابن
العطار وبعض الموثقين: إنه الصواب ومقابله قول أشهب لا رد له. قوله: (وإن وقع الاختيار مع
الرد إلخ) كان الحامل له على تقدير الشرط وجود الفاء في كلام المصنف مع أنها تزاد بعد كلمة الظرف
كثيرا كما في قوله تعالى: * (وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم) * وقوله الاختيار هو بمعنى الخيار
وهو لازم للرد. قوله: (سواء وقع) أي الرد بلفظ الطلاق أو غيره هذا ظاهر في ردها له بعيبه، وأما في
ردها له بعيبها فمحل كونه لا صداق لها إن ردها بغير طلاق لا إن ردها به فعليه نصف الصداق، وكلام
المصنف شامل لما إذا كان الرد بعيب يوجب الرد بغير شرط أو بعيب لا يوجبه إلا بشرط وحصل ذلك
285

الشرط. قوله: (أو بإسلام) الأولى أو بدين. قوله: (فظاهر) أي لأنه لا شئ لها لأنها مدلسة.
قوله: (فالفراق جاء من قبلها) أي مع بقاء سلعتها قوله: (أي فمع الرد بسبب عيبه يجب لها المسمى) إذا كان
يتصور وطؤه كمجنون ومجذم وأبرص، فإن كان لا يتصور وطؤه كالمجبوب والعنين والخصي مقطوع
الذكر فإنه لا مهر على من ذكر كما قال ابن عرفة، ولا يعارض هذا قول المصنف فيما تقدم كدخول العنين
والمجبوب لان ما تقدم محمول على ما إذا طلقا باختيارهما وما هنا ردا بعيبهما كما أشار بذلك الشارح فيما مر.
قوله: (لا قيمة الولد) عطف على جميعه. قوله: (فكان يقول عقبه) أي عقب قوله وعلى غار غير ولي تولى
العقد. قوله: (أو لم يخبر بشئ) أي ودخل بها الزوج وحملت ثم علم أنها أمة فردها وغرم الزوج إلخ.
قوله: (لأنه حر) أي فليس لسيد أمة أخذه ولا بيعه فقد أتلفه الزوج بوطئه على سيد أمه فلذا غرم له قيمته.
والحاصل أن سيد الأم له بيع كل ولد نشأ منها لكن لما وطئها ذلك الزوج وهو مغرور حكم على
ذلك الولد بالحرية فلذا غرم الزوج قيمته لأنه تسبب في إتلافه. قوله: (لان الغرور سبب في إتلاف
الصداق) أي على الزوج فلذا رجع به الزوج على الغار، وقوله لان الغرور إلخ أي ووطئ الزوج سبب
في إتلاف الولد على سيد الأمة فلذا لا يرجع الزوج بقيمته على أحد، وقوله وهو أي الغرور إن كان
سببا في الوطئ أي الذي هو سبب في إتلاف الولد، وقوله إلا أنه قد لا ينشأ عن الوطئ ولد الأولى حذفه
ويقول: وإن كان سببا للوطئ إلا أن المباشر مقدم إلخ تأمل. قوله: (فلا يرجع الزوج عليه بشئ) أي لا
بالصداق ولا بقيمة الولد كما سيأتي ذلك. قوله: (إذا لم يتول العقد) أي كالأجنبي الذي غر ولم يتول
العقد فإنه لا يرجع عليه بشئ لا بالصداق ولا بقيمة الولد وهو قول المصنف لا إن لم يتوله، ولو كان الغرور
من الأمة لكان على الزوج الأقل من المسمى وصداق المثل. قوله: (وسيأتي حكم غرور السيد) أي من
أن الزوج يلزمه الأقل من المسمى وصداق المثل خلافا لما في خش من أنها أمة محللة على الزوج
قيمتها وعليه في جميع تلك المفاهيم قيمة الولد. قوله: (على ولي) أي تولى العقد، وقوله لم يغب أي لم يغب عنها
أي خالطها بحيث لا يخفى عليه عيبها وإنما رجع الزوج عليه بجميع الصداق لأنه لما كان مخالطا لها
وعالما بعيوبها وأخفاها على الزوج صار غارا له ومدلسا عليه. قوله: (فإن غاب عنها) أي لم يخالطها
بحيث يخفى عليه عيبها حاضرا كان أو غائبا لم يرجع عليه، وإنما يرجع على الزوجة إلا ربع دينار فإنه
يتركه لها قوله: (فليس المراد بالغيبة السفر) أي وإلا لاقتضى أنه متى كان حاضرا بالبلد رجع عليه كان
مخالطا لها أم لا وليس كذلك، بل المراد بالغيبة عنها عدم المخالطة لها بحيث يخفى عليه عيبها كما قلنا.
قوله: (كالبعيد) أي في كون الرجوع على الزوجة. قوله: (كابن وأخ وكذا عم وابن عم) أي فلا فرق في
الولي الذي لم يغب عنها بين أن وتكون قرابته قريبة أو بعيدة ومحل الرجوع على من ذكر إذا لم يكن
لها مجبر وزوجها من ذكر بإذنه وإلا كان الغرم على المجبر. قوله: (ولا شئ عليها) أي فإذا رجع الزوج
على وليها الذي لا يخفى عليه أمرها وأخذ منه جميع الصداق الذي دفعه للزوجة فإن الولي لا يرجع
286

عليها بشئ، وكذا لا يرجع الزوج عليها بشئ وإن أعدم الولي الذي لا يخفى عليه أمرها أو مات وهذا
قول مالك وابن القاسم كما في التوضيح، وقال ابن حبيب: يرجع الزوج عليها في حالة عدم الولي واختاره
اللخمي اه‍ بن. قوله: (أي على الولي القريب) أي الذي شأنه أنه لا يخفى عليه أمرها. قوله: (بمعنى أو)
أي التي للتخيير أي ورجع الزوج بجميع الصداق عليها أو عليه. قوله: (إذ كل منهما) أي من الولي
والزوجة، وقوله غريم أي للزوج بسبب تدليسه عليه. قوله: (فالزوج مخير في الرجوع على من شاء
منهما) إلا أنه إن رجع على الولي أخذه منه بتمامه وإن رجع عليها ترك لها منه ربع دينار. قوله: (ثم يرجع
الولي عليها) أي الأربع دينار فإنه يتركه لها. قوله: (إن أخذه الزوج منه) أي إن أخذ الزوج الصداق
منه. قوله: (ورجع الزوج عليها فقط) أي بالصداق سواء كانت حاضرة في مجلس العقد أو غائبة
عنه. قوله: (كابن العم) أي الذي ليس معها في البيت. قوله: (إلا ربع دينار) المراد به ما يحل به البضع
شرعا فيشمل الثلاثة دراهم وما يقوم بأحدهما. قوله: (ويجري ذلك أيضا في قوله وعليها) أي ولا
يجري في قوله على ولي خلافا لعبق لان هذا خاص بما إذا كان الرجوع عليها، وأما متى رجع على
الولي فإنه يرجع عليه بجميعه كما يدل لذلك نقل المواق وقول المصنف قبل رجع بجميعه إلخ اه‍ بن.
قوله: (إن كانت غائبة) أي عن مجلس العقد ولا يرجع عليها بشئ لا من جهة الزوج ولا من جهة الولي،
وقوله: وعليه وعليها إلخ أي ويرجع الزوج على من شاء منهما ان زوجها إلخ. قوله: (وحلفه إن ادعى
علمه بعيبها) أي فإن حلف رجع الزوج عليها فقط على ما اختاره اللخمي كما قال الشارح. قوله: (كاتهامه)
أي كما أن له تحليفه عند اتهامه بناء على المشهور من توجه اليمين في دعوى التهمة، وقوله على المختار أي
خلافا لابن المواز حيث قال: لا يمين له عليه بمجرد اتهامه وإنما يرجع على الزوجة. قوله: (ورجع عليه دون
الزوجة) أي لما تقدم أن الولي الذي لا يخفى عليه أمرها إنما يرجع عليه فقط. قوله: (واعترض على
المصنف إلخ) ما ذكره شارحنا من الاعتراض والتصويب أصله لابن غازي وهو اعتراض
ساقط ولا حاجة للتصويب لان اختيار اللخمي في نكول الزوج بعد نكول الولي كما قال المصنف
تحقيقا، وأما إذا حلف الولي فلا خلاف في اتباعه للزوجة، ونص عبارة اللخمي في تبصرته واختلف
إذا كان الولي عما أو ابن عم أو من العشيرة أو السلطان فادعى الزوج أنه علم وغره وأنكر الولي فقال
محمد: يحلفه فإن نكل حلف الزوج أنه علم وغره فإن نكل الزوج فلا شئ على الولي ولا على الزوجة،
وقد سقطت تباعته على المرأة بدعواه على الولي، وقال ابن حبيب: إن نكل الزوج رجع على المرأة
وهو أصوب اه‍. أي لان نكول الزوج بعد نكول الولي بمنزلة حلف الولي، فقول ابن حبيب يرجع
الزوج على المرأة خلاف قول محمد لا يرجع عليها. قوله: (فالصواب أن يقول) أي بدل قوله:
فإن نكل وذلك لان الزوج إذا نكل عن اليمين بعد ردها عليه فإنه لا تباعة للزوج على أحد اتفاقا،
والخلاف الواقع بين اللخمي وغيره إنما هو فيما إذا حلف الولي، هذا كلام الشارح وقد علمت
ما فيه، قوله: (غير ولي خاص) أي بل ولي عام وحينئذ فلا منافاة بين قوله غير ولي
287

وقوله تولى العقد، وقوله تولى الغار العقد أي وأخبر أنه وليها أو سكت كما مر. قوله: (إلا أن يخبر أنه غير ولي) أي
خاص. قوله: (فلا يرجع الزوج لا عليه ولا عليها) ما لم يقل أنا أضمن لك أنها غير سوداء أو نحو ذلك وإلا
رجع الزوج عليه لضمانه. قوله: (ومثل اخباره) أي بأنه غير ولي خاص. قوله: (لا إن لم يتوله) أي لا إن
غره ولم يتول العقد لها فلا غرم عليه ولا عليها. قوله: (لأنه غرور بالقول فقط) أي والزوج مفرط
بعدم فحصه عن حال تلك المرأة، وكلام المصنف في الغار الأجنبي وإن كان وليا ولم يتول العقد رجع
عليه إن كان مجبرا وإلا فعلى من تولاه حيث علم بغرور الولي وسكت. قوله: (وولد المغرور إلخ) يعني
أن الأمة إذا غرت الحر فقالت له: أنا حرة أو غره سيدها أو غره أجنبي بحضرتها أو بغير حضرتها
تولى العقد أو لا أخبر حين تولى العقد أنه ولي أو أنه غير ولي أو سكت فتزوجها على ذلك ثم اطلع على
أنها أمة بعد أن دخل وحملت منه فإن ولدها يكون حرا تبعا لأبيه. واعلم أن الزوج إذا أراد إمساكها
فليستبرئها لأجل أن يفرق بين الماءين لأن الماء الذي قبل الإجازة الولد الناشئ منه حر، والناشئ
من الماء الذي بعد الإجازة رق. قوله: (ولا المغرور العبد) ما ذكره من أن ولد المغرور العبد رق طريقة
الأكثر، ونص ابن عرفة بعد أن ذكر حرية ولد الحر وفي كون ولد العبد كذلك طريقان الأكثر ولده
رقيق وذلك لان العبد المغرور على تقدير لو أعطى قيمة ولده كالحر كان الولد معه رقا لسيده ولا يعتق
عليه، وإن لم يعط القيمة كان رقا لسيد أمه فرقيته متعينة على كل حال مع أحد الأبوين. قوله: (أي المغرور
الحر) كذا في ح ثم قال: وأما إذا كان المغرور الذي غرته الأمة أو سيدها عبدا فإنه لا خيار له في
ردها كما مر لاتفاقهما في الرقية ويتعين إبقاؤها ويرجع على من غره بالفضل على مهر مثلها، كذا في
المدونة ونقله ابن يونس وابن عرفة اه‍. قوله: (إذا كان الغرور منها أو من سيدها) أي وأما لو كان
الغرور من أجنبي فعليه المسمى، ثم إن لم يتول العقد فلا رجوع للزوج عليه، وكذا إن تولاه وأخبر أنه
غير ولي خاص، وأما إن تولاه وأخبر أنه ولي أو لم يخبر بشئ رجع الزوج عليه بجميع الصداق كما مر،
وما ذكره الشارح من أن غرور السيد مثل غرورها هو الصواب، خلافا لما في خش من جعلها كالمحللة
إذا غر سيدها بحريتها فيلزم الزوج قيمتها. قوله: (الأقل إلخ) أي لان من حجة الزوج أن يقول: إذا
كان المسمى أقل قد رضيت به على أنها حرة فرضاه به على أنها رق أولى، وإن كان صداق المثل أقل من
المسمى فمن حجته أن يقول: لم أدفع المسمى إلا على أنها حرة، والفرق بين الحرة الغارة والأمة
الغارة أن الأمة الغارة قد حدث فيها عيب يعود ضرره على السيد فلزم الأقل من المسمى، ومن صداق المثل بخلاف
الحرة الغارة فلذا لم يكن لها شئ إلا ربع دينار لحق الله. قوله: (وإلا فصداق المثل) أي وإلا يرد فراقها بل
أراد إبقاءها في عصمته لزمه صداق المثل كذا قال الشارح، والذي في عبق والمج: أنه إذا أراد إبقاءها
في عصمته لزمه المسمى كاستحقاق ما ليس وجه الصفقة كما أفاده القرافي. قوله: (والأظهر خلافه) أي
لما تقدم عند قوله: وأقر على الأمة المجوسية إن عتقت أو أسلمت من عدم اشتراطهما لقول ابن محرز
في الموضع المذكور والأرجح عدم فسخه كتزوج أمة بشرطه ثم وجد طولا لا ينفسخ نكاحه وهو
ظاهر المدونة أيضا هنا حيث خيره بين الفراق والامساك، ولم يشترط خوف العنت ولا عدم
الطول، وذلك مبني في الموضعين على أن الدوام ليس كالابتداء اه‍ بن. قوله: (وإلا فسخ أبدا) أي
وليس للزوج الرضا ببقائها زوجة. قوله: (وتعتبر القيمة) أي قيمة الولد، وقوله يوم الحكم أي لان
ضمان قيمة الولد سببه منع سيد الأم منه وهو إنما يتحقق يوم الحكم. قوله: (فلا قيمة فيه على
الزوج) أي فإذا غرته أمة أبيه أو أمة جده من جهة أبيه أو أمه أو أمة أمه بالحرية فتزوجها ظانا
حريتها وأولدها ثم علم بعد ذلك برقها فإن الولد يعتق على جده أو جدته ولا قيمة فيه، ويلزم الزوج
288

للأمة المذكورة الأقل من المسمى ومن صداق المثل إذا أراد فراقها. قوله: (أي تخلق على الحرية)
أي انه عتق بالملك حتى يكون عليه الولاء، وفائدة نفي الولاء عن الجد مع أنه يرث بالنسب تظهر لو قيل
به في الجد للأم لأنه لا يرث بالنسب. قوله: (وعلى الغرر) عطف على مقدر أي وعليه أي المغرور قيمة
ولده يوم الحكم على أنه رقيق في غير ولد أم الولد والمدبرة، وعلى الغرر في أم الولد أي في ولد أم الولد
الغارة والمدبرة، ويصح أن يكون قوله: وعلى الغرر معمولا لمحذوف كما قال الشارح. قوله: (فيقوم
يوم الحكم على غرره إلخ) قال في المدونة: ولو كانت الغارة أم ولد فلسيدها قيمة أولادها على أبيهم
على رجاء العتق لهم بموت سيد أمهم وخوف أن يموتوا في الرق قبله اه‍. يعني أنه يقال: ما قيمة ذلك الولد
أن لو جاز بيعه مع احتمال أنه يخرج حرا بموت سيد الأم وأن يموت في الرق قبله؟ فإذا قيل: قيمته كذا لزم
أباه تلك القيمة. قوله: (والمدبرة) ما ذكره المصنف مذهب المدونة وصرح في التوضيح أنه المشهور،
وقال ابن المواز: يلزم الزوج المغرور في ولد المدبرة قيمة عبد قن قال المازري وهو المشهور وعليه أكثر
الأصحاب لكن المصنف في التوضيح وكذا ابن عرفة لم يعتبرا تشهيره. قوله: (ولقوة الخلاف فيه)
أي لقوة قول المخالف الذي يقول: لا تسقط قيمته بموته قبل الحكم وهو أشهب القائل أن قيمة الولد
تعتبر يوم الولادة. قوله: (ويحتمل عود ضمير موته على سيد الأمة) أي أم الولد والمدبرة.
قوله: (الأقل من قيمته إلخ) فإن كانت ديته أقل من قيمته فلا يلزم الأب غيرها لأنه هو الذي أخذه من
القاتل والدية بمنزله عين الولد، وإن كانت القيمة أقل من الدية فلا يلزمه غيرها بمنزلة ما لو كان الولد
حيا وما زاد من الدية فهو إرث. قوله: (أو ديته) المراد بالدية ما يشمل دية الخطأ وصلح العمد.
قوله: (قبل الحكم) أي على أبيه بقيمته أي وأما إن قتل بعد الحكم على أبيه بالقيمة فاللازم للأب
إنما هو القيمة التي حكم عليه بها سواء كانت أقل من الدية أو أكثر. قوله: (فإن اقتص) أي الأب
من القاتل، وقوله أو هرب القاتل أي بحيث تعذر أخذ الدية منه والقصاص. قوله: (لأنه) أي
القصاص أو الهروب قبل الحكم بالقيمة وذلك لان القتل كان قبل الحكم بقيمته فما يتبعه من
قصاص أو هروب يكون قبل الحكم بقيمته لأنه لما قتل تعذر الحكم بقيمته. قوله: (كما إذا عفا
الأب) أي فإن القيمة تسقط عنه. قوله: (وهل يرجع السيد على الجاني إذا عفا الأب قولان)
حاصله أنه إذا عفا الأب فلا يتبع بشئ، والخلاف إنما هو في اتباع السيد للجاني بالدية وعدم اتباعه
بها، وظاهره سواء وقع العفو في عمد أو خطأ وهو ظاهر في العمد، وأما في الخطأ فينبغي أن يتبع السيد
الجاني قولا واحدا، كما أنه لو صالح الأب بأقل من الدية فإن السيد يرجع على الجاني بالأقل من تتمة
القيمة، والدية مثلا الدية ألف دينار وصالح بخمسمائة والقيمة ستمائة فإذا غرم الأب خمسمائة رجع
السيد على الجاني بمائة التي هي تمام القيمة، فتمام القيمة مائة وتمام الدية خمسمائة والمائة أقل من الخمسمائة.
قوله: (إذا ضرب شخص بطنها) أي بطن الأمة الغارة. قوله: (فيلزم الأب الأقل من ذلك) أي
لسيد الأم. قوله: (أو ما نقصها) أو بمعنى الواو لان الأقلية أمر نسبي لا يكون إلا بين شيئين. قوله: (أو عشر
قيمتها) أي فالغرة في السقط بمنزلة الدية وعشر قيمة الأم بمنزلة القيمة فيه فيلزمه الأقل منهما.
قوله: (إذ لا يعرف هنا إلخ) أي وإن كان هو قول ابن وهب في الجنايات. قوله: (إن ألقته
ميتا) أي وأما إن ألقته حيا ثم مات ففيه الدية، ويرجع فيه لقوله أو الأقل من قيمته
أو ديته إن قتل. قوله: (كجرحه) أي ولد الغارة قبل الحكم على أبيه بلزوم القيمة لسيد أمه.
289

قوله: (الأقل مما نقصته قيمته مجروحا إلخ) مثلا قيمته سليما عشرون وناقصا عشرة فما بين قيمته سليما
ومجروحا عشرة، فينظر للأقل من الامرين الذي قبضه من الجاني وما بين القيمتين يغرمه للسيد زيادة على
قيمته ناقصا، فإذا كان قبض من الجاني خمسة دفعها زيادة على قيمته مجروحا، وإن كان قبض خمسة
عشر غرم له عشرة زيادة على قيمته مجروحا، والضابط أن أقل الأمرين يغرمه الأب للسيد زيادة على
قيمته مجروحا. قوله: (إلا قسطه) اعترض بأن التعبير بقيمته أولى لأنه أظهر. وأجيب بأنه إنما عبر
بقسطه لأجل أن يشمل ما إذا دفع الأب بعضا من قيمتهم وأعسر بالباقي فلا إشكال أن الباقي يقسط
عليهم بقدر قيمتهم. قوله: (ولو طلقها إلخ) ظاهره ولو كان الطلاق على ما أخذه منها وهو كذلك عند ابن
القاسم، ففي النكاح الأول من المدونة ابن القاسم وأكثر الرواة على أن كل نكاح لاحد الزوجين إمضاؤه
وفسخه إذا خالعها الزوج على مال أخذه منها، فالطلاق يلزمه ويحل له ما أخذ منها، ولا عبرة بما ظهر
من العيب بعد الطلاق اه‍. فظاهرها أنه لا فرق بين أن يظهر العيب بالزوجة أو بالزوج فالخلع ماض
على كلا الحالين، وقال عبد الملك: إذا ظهر العيب بالزوج رد ما أخذ لأنها كانت مالكة لفراقه، وقد
اقتصر المصنف على هذا القول في باب الخلع واعتمده الأجهوري وصوب بعضهم كما قال شيخنا قول
ابن القاسم وهو ظاهر ما هنا. قوله: (فيدفع الزوج لها الصداق كاملا إن دخل ونصفه إن لم يدخل) هذا في
مسألة الطلاق سواء ظهر بعد أن العيب بها أو به، ولا رجوع له بما دفعه على وليها الذي لا يخفى عليه
أمرها ولا عليها إذا كان يخفى عليه أمرها على ما مر. قوله: (ونحوه) أي كالقرع والسواد والشلل.
قوله: (بخلاف البيع) أي فإنه مبني على المشاحة، وقوله ولذا وجب فيه بيان ما يكره المشتري أي ما الشأن أنه
يكرهه سواء اشترط السلامة أم لا. قوله: (والذي ينبغي حينئذ إلخ) أي خلافا لقول عج ينبغي أن
يقيد المصنف بما إذا لم يشترط الزوج السلامة منه، وإلا وجب إعلامه بذلك وتبعه على ذلك عبق.
قوله: (والأصح إلخ) في ح لو قال المصنف والأظهر كان أولى لان ابن رشد استظهر القول بأنه يمنع
من وطئ إمائه اه‍. ونص ابن رشد: الأظهر قول ابن القاسم يمنع شديد الجذام من وطئ إمائه لأنه
ضرر اه‍. قوله: (منع الأجذم) المراد بالمنع الحيلولة بينه وبينها كذا قال عبق، قال شيخنا: ولا حاجة
لذلك بل الظاهر أن وطأه لهن حرام عليه، وكلام المصنف مقيد بما إذا اشتد الجذام كما في النقل، وانظر
هل المراد بالشديد المحقق كونه جذاما أو ما كان زائدا وكثيرا وهو الظاهر أنه لا نفقة لزوجته
إذا منعت نفسها خوف العدوي اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (وهل التي لم يتقدم عليها رق لاحد) أي
فتشمل الفارسية فالمراد بالعربية على هذا الحرة أصالة، وقوله لا من تتكلم باللغة العربية أي فقط، وقال
شيخنا في حاشية خش: والظاهر أن المراد بالعربية من لم يتقدم لها رق وكانت تتكلم باللغة العربية
290

وحينئذ فلا يشمل الفارسية قوله: (فلا رد) أي إلا أن يحصل صريح الاشتراط وإلا كان لها الرد
مطلقا عربية أم لا كما في بن عن أبي الحسن.
فصل وجاز لمن كمل عتقها فراق العبد قوله: (ولمن كمل عتقها) أي في مرة أو مرات بأن أعتق السيد
جميعها إن كانت كاملة الرق أو باقيها إن كانت مبعضة أو عتقت بأداء كتابتها أو كانت مدبرة وعتقت
من ثلث ماله أو أم ولد عتقت من رأس ماله، واحترز بقوله كمل عتقها عما إذا حصل لها شائبة حرية
كتدبير أو عتق لأجل أو عتق بعض أو ايلاد من سيد، كما لو غاب الزوج واستبرأها السيد من ماء الزوج
وارتكب المحظور ووطئها فولدت فلا يحصل لها الخيار بمجرد ذلك بل بعد الاجل أو موت السيد، وقوله
فراق العبد ابن رشد علة تخييرها نقص زوجها لا جبرها على النكاح ولذا قلنا: لا خيار لها إذا كمل عتقها
وهي تحت الحر على وقول أهل العراق من أن علته جبرها على النكاح لها الخيار إذا كمل عتقها تحت الحر
أيضا قوله: (ولو بشائبة رق) أي ولو كان فيه شائبة رق والأحسن شائبة الحرية. قوله: (فيحال بينهما إلخ)
نحوه في المدونة وابن الحاجب وابن عرفة قائلا عدم ذكر أكثرهم وحبل بينهما مخل بفائدة معتبرة
اه‍ بن. قوله: (حتى تختار) هذا إذا كانت بالغة رشيدة، وينظر السلطان للصغيرة بالمصلحة وكذا
للسفيهة ما لم تبادر لاختيار نفسها، ولو رضيت الصغيرة أو السفيهة بالإقامة معه يلزمها على قول ابن القاسم
إن كان حسن نظر ولزمها على قول أشهب مطلقا. قوله: (بأن قالت إلخ) تصوير لابهامها وأما تبيينها
فبأن تقول: طلقت نفسي طلقة واحدة. قوله: (بالرفع) فيه نظر إذ قطع النعت هنا على التبعية لا يجوز
لقولهم: إن نعت النكرة لا يقطع إلا إذا وصفت قبله بنعت آخر وذلك مفقود هنا، وما زعمه في الجر من
الايهام فهو غير صحيح تأمل اه‍ بن. قوله: (إذ لو قلنا إلخ) علة المحذوف أي وإنما قلنا أنها بائنة لأنا لو
قلنا إلخ قوله: (لم يكن لاختيارها الواحدة فائدة) أي لان الرجعية زوجة فلا معنى لاختيارها.
قوله: (وهذا) أي ما ذكر من أن لها الفراق بطلقة لا أكثر. قوله: (فأو لتنويع الخلاف) هذا نحو قول تت:
هذه رواية ثانية رجع لها مالك فليست أو للتخيير، ولو قال وهل بطلقة بائنة أو اثنتين روايتان لكان أبين اه‍.
وظاهر نقل اللخمي وغير واحد أن اختلاف قول مالك فيما زاد على الواحدة إنما هو بعد الوقوع،
وصوبه ابن عرفة بمعنى أنه اختلف في لزوم ما زاد على الواحدة بعد الوقوع، وأما ابتداء فيتفق على أنها
تؤمر بإيقاع واحدة فقط، هذا وقد استبعد طفي كون أو لتنويع الخلاف قائلا: إنه اخراج لكلام
المصنف عن ظاهره بلا داع إذ لم يعهد فيه الإشارة للخلاف بهذه العبارة، وما المانع من حمل كلام المصنف
على ظاهره من كون أو للتخيير ويكون المصنف جاريا على القول المرجوع إليه؟ ففي المدونة قال مالك:
وللأمة إذا عتقت أن تختار نفسها بالبتات وكان مالك يقول: لا تختار إلا واحدة بائنة وقاله أكثر الرواة
وبتاتها اثنان إذ هما بتات العبد. قوله: (أي نصفه) الأولى جميعه إلا أن يقال: مراده سقوط النصف
الذي كانت تستحقه بالفراق قبل البناء فيلزم سقوط الجميع لاختيارها ابن الحاجب، فإن اختارت
قبل فلا صداق، قال في التوضيح: يعني أنه لا يكون لها نصفه اه‍. وفي المدونة: وإن اختارت قبل البناء
فلا مهر لها اه‍ لان الفراق جاء من قبلها انظر بن. قوله: (باختيارها نفسها قبل البناء) أي وأما
لو كمل عتقها قبل البناء فإن اختارت المقام معه لم يسقط لأنه مال من أموالها يتبعها إذا عتقت إلا أن
يكون سيدها أخذه حين العقد عليها أو اشترط أخذه من الزوج والفرض أنها رضيت بالمقام معه.
قوله: (والفراق) عطف على صداقها أي وسقط اختار الفراق، والموضوع أنه وقع العتق قبل البناء
ففيه الحذف من الثاني لدلالة الأول عليه، ولا يقال: إنه لا حذف لان قوله قبل البناء قيد
في المعطوف عليه فيكون قيدا في المعطوف. لأنا نقول: ما كان قيدا في المعطوف عليه لا يلزم
291

جريانه في المعطوف. قوله: (وكان عديما) جملة حالية ماضوية فلذا قدر الشارح قد وقوله وكان عديما يوم
العتق مثله لو كان مليا وقت العتق إلا أنه صار معدما وقت اختيار الزوجة اه‍ عدوي وهو تابع
للشيخ أحمد الزرقاني. والذي في عبارة ابن شاس وابن عرفة: إن كان معسرا يوم عتقها واستمر عدمه
لوقت القيام عليه إلخ أي وأما إن كان مليا يوم العتق ثم أعسر بعد فلها الخيار ويتبع الزوج السيد في
ذمته لان الصداق كدين طرأ على العتق فلا يبطله انظر بن. قوله: (إذ لو مكنت إلخ) علة لقوله: وسقط
الفراق إن قبضه السيد وكان عديما. قوله: (يؤدي إلى نفي عتقها) أي وإذا انتفى العتق انتفى الخيار فصار
ثبوت الخيار يؤدي لنفي الخيار فاتضح قوله: وما أدى ثباته إلخ. قوله: (وإن عتقت بعده) أي
واختارت نفسها. قوله: (فهو لها) أي فالصداق بتمامه لها. قوله: (إلا أن يأخذه السيد) أي إلا أن يكون
السيد أخذه من الزوج حين العقد عليها أو أخذه منها بعد ذلك وقبل العتق على سبيل الانتزاع.
قوله: (أو يشترطه) أي أو لم يأخذه ولكن اشترط عليها قبل العتق أخذه كأعتقتك بشرط أن آخذ صداقك.
قوله: (كما لو رضيت قبل البناء) هذا تشبيه في أن للصداق يكون للأمة للسيد ولو اشترطه وصورته:
زوج أمته نكاح تفويض ثم نجز عتقها ثم فرض الزوج لها صداقها ورضيت بالمقام معه وذلك قبل البناء
فإن الصداق يكون لها لأنها ملكته بالفرض المتأخر عن العتق، والسيد إنما له انتزاع المال الذي ملكته
الأمة قبل العتق وهذا إنما ملكته بعد عتقها، فلو فرضه الزوج قبل العتق كان للسيد إن اشترطه، وكل هذا
إذا كان العتق قبل البناء، وأما لو بنى الزوج بها ونجز السيد عتقها فالصداق للسيد إن اشترطه وقع
الفرض قبل العتق أو بعده. قوله: (وهي مفوضة) حال من فاعل رضيت أي في حال كونها مفوضا
نكاحها لان التفويض من صفات النكاح لا من صفاتها. قوله: (بما فرضه بعد عتقها لها) أي وأما لو فرضه
قبل عتقها فإن اشترطه السيد كان له لأنه مال ملكته قبل العتق كما مر. قوله: (فالتشبيه في مفاد قوله لها)
أي ان التشبيه في أن الصداق يكون للأمة لا للسيد ولو اشترطه. قوله: (راجع لقوله وبعده لها) قال ابن غازي:
يتعين رجوع الاستثناء لما قبل الكاف أعني قوله وبعده لها لتعذر رجوعه لما بعد الكاف وذلك
مصرح به في المدونة. قوله: (وصدقت إلخ) صورتها أن السيد إذا نجز عتق أمته وهي تحت عبد
فسكتت مدة من غير اختيار والحال أنها لم تمكنه من نفسها ثم طلبت الفراق بعد ذلك وقالت: لم أرض
بالمقام معه وإنما سكت لأنظر في أمري فإنها تصدق في ذلك ولا يمين عليها. قوله: (بل سكتت مدة) أي
للغفلة عنها. قوله: (إلا أن تسقطه) أي ولو صغيرة أو سفيهة إذا كان الاسقاط حسن
نظر لها وإلا لم يلزمها عند ابن القاسم ونظر لها السلطان خلافا لقول أشهب: يلزمها الاسقاط
مطلقا ولو لم يكن حسن نظر كما مر. قوله: (أو تمكنه) يدخل في ذلك ما إذا تلذذت بالزوج لأنه إذا تلذذ
بها مع محاولته لها يكون مسقطا فأحرى إذا تلذذت به دون محاولة. قوله: (ولو جهلت الحكم) يعني
أن الأمة إذا علمت بعتقها وأسقطت خيارها أو مكنت زوجها فإنه يسقط خيارها ولا قيام لها بعد
ذلك، ولو كانت تجهل الحكم بأن لم تدر هل الجارية التي تم عتقها يثبت لها الخيار أم لا، وكذا لو جهلت
أن التمكين يسقط خيارها، وهذا الاطلاق الذي مشى عليه المصنف شهره ابن شاس وابن الحاجب
292

والقرافي، وقال ابن القطان: إنما أسقط مالك خيارها حيث اشتهر الحكم ولم يخف على أمة، وأما إذا
أمكن جهلها فلا. قوله: (فلا يسقط خيارها) أي لعذرها بعدم علمها بعتقها ولو ادعى عليها العلم
وخالفته كان القول قولها بلا يمين. قوله: (ولها الأكثر إلخ) أي لأنه إن كان المسمى أكثر فقد رضي
به على أنها أمة فرضاه به على أنها حرة أولى، وإن كان صداق مثلها أكثر من المسمى دفعه لها وجوبا
لأنه قيمة بضعها، ومحل لزومه الأكثر منهما إذا كان نكاحه صحيحا أو فاسدا لعقده، فإن كان فاسدا
لصداقه وجب لها بالدخول مهر مثلها اتفاقا قاله ح. قوله: (إن عتقت قبل الدخول) أي وأما لو كان
عتقها بعد الدخول ولم تعلم عتقها حتى وطئها فليس لها إلا المسمى لأنها استحقته بالمسيس. قوله: (اختارت
الفراق أو البقاء إلخ) هذا التعميم أصله للجيزي وهو ظاهر لأنه قد استوفى بضع حرة فيلزمه
قيمته إن لم يكن المسمى أكثر ولا عبرة بعدم علمه، وليست هذه المسألة كمسألة الغارة المتقدمة في قوله:
وعليه الأقل من المسمى وصداق المثل مع الفراق ومع البقاء لها المسمى لان تلك غارة متعدية وهذه
مظلومة معذورة. قوله: (أو يبينها) أي أن الأمة إذا كمل عتقها تحت العبد فلم تختر حتى أبانها فلا خيار
لها ولو كان تأخيرها الاختيار لحيض فقوله: إلا لتأخير حيض محله حيث لم يبنها قبل ذلك. واعلم أنه
إذا أبانها قبل اختيارها نفسها. وكان ذلك قبل الدخول فلها نصف الصداق، ولا يدخل هذا تحت قوله:
وسقط صداقها قبل البناء لان ذلك فيما إذا اختارت فراقه قبل طلاقها. قوله: (بفوات محل الطلاق)
أي وهو العصمة فإذا أبانها واختارت الطلاق بعده كان ذلك الطلاق لا محل له لزوال محله بالبينونة
وكان الأولى حذف محله، ويقول لفواته بفوات محل الطلاق، وذلك لان محل الطلاق ومحل الخيار متحد
وهو العصمة وعبارته تؤذن باختلافهما. قوله: (ولم يجبر على الرجعة) ظاهره أن الرجعة ممكنة إلا أنه
لا يجبر عليها مع أنها غير ممكنة لوجود الطلاق البائن فالأولى حذفه، ثم إن محل كونها لها الخيار إذا عتق
زوجها قبل اختيارها لتأخيرها للحيض ما لم تمض مدة يمكنها أن تختار فيها فلم تختر حتى جاء الحيض
وإلا فلا خيار لها كذا في كبير خش. قوله: (وإن تزوجت إلخ) يعني أن الأمة إذا عتقت تحت العبد
واختارت الفراق وتزوجت بغيره ثم ثبت بالبينة أن زوجها عتق قبل اختيارها نفسها ولم تكن قد
علمت بذلك حتى دخل بها الزوج الثاني أو تلذذ بها فإنها تفوت على الأول بذلك حيث لم يكن عنده
علم كذات الوليين. قوله: (فكان عليه حذف قوله ودخولها) وذلك لأنه لا فرق بين أن يكون الأول
قد دخل بها أم لا، فعلى كلا الوجهين تفوت بدخول الزوج الثاني أو تلذذه بها بلا علم اه‍. واعلم أن كلام
ابن الحاجب يفيد أن هذا أي فواتها على الأول بتلذذ الثاني إذا كان الزوج الأول غائبا بعيدا،
أما إن كان حاضرا أو قريب الغيبة فلا تفوت بدخول الثاني لأنه لا بد من الاعذار إليه لاحتمال عتقه
قبلها، واستظهر ابن عرفة عكس ذلك وظاهر كلام تت العموم فانظره. قوله: (ولها إن أوقفها تأخير إلخ)
فلو عتق العبد في زمن الايقاف بطل خيارها ورجعت زوجة وليس ذلك كما لو عتق العبد في زمن
تأخيرها اختار الطلاق لأجل حيض. قوله: (إن طلبته) أي بأن قالت: أمهلوني أنظر وأستشير في ذلك.
واعلم أنه لا نفقة بها في مدة التأخير لان المنع جاء منها. قوله: (والقول بأنه محدود إلخ) أي كما وقع للمازري
في مجلس المذاكرة واستحسنه اللخمي.
فصل في أحكام الصداق قوله: (بفتح الصاد) أي وهو الأفصح. قوله: (الصداق كالثمن) لما فرغ من
293

الكلام على أركان النكاح الثلاثة: الولي والأهل والصيغة، شرع في الكلام على الركن الرابع وهو
الصداق مأخوذ من الصدق ضد الكذب لان دخوله بينهما دليل على صدقهما في موافقة الشرع،
ومعنى كونه ركنا أنه لا يصح اشتراط إسقاطه لا أنه يشترط تسميته عند العقد، فلا يرد أنه يصح نكاح
التفويض ولم تقع فيه التسمية قوله: (الصداق كالثمن) أي الصداق في مقابلة البضع كالثمن في
مقابلة السلعة فيشترط فيه ما يشترط في الثمن إثباتا ونفيا. قوله: (لا خمرا)
محترز الطهارة والخنزير محترز الانتفاع به والآبق محترز القدرة على التسليم، وقوله وثمرة إلخ محترز المعلومية، وقوله على التبقية أي
وأما الثمرة التي لم يبد صلاحها على الجز فإنه يجوز أن تكون صداقا وإن كان لا يجوز بيعها إلا بشروط تأتي.
قوله: (ويغتفر فيه يسير الجهل) أي لان الغرر في هذا الباب أوسع من الغرر في البيع. قوله: (بدليل
قوله إلخ) أي وبدليل أنه إذا أسقط سكة الدنانير أعطيت من السكة الغالبة يوم النكاح، فإذا جعل
لها عشرة دنانير وأطلق وكان في البلد المحبوب المحمدي والإبراهيمي واليزيدي أخذت العشرة من
السكة الغالبة يوم النكاح، فإن تساوت أخذت من جميعها بنسبة عدد كل، فإن كانت سكتان أعطيت
من كل سكة نصف صداقها أو ثلاثة فمن كل الثلث كمتزوج برقيق لم يذكر حمرانا ولا سودانا، وفي البيع
يفسد إن لم يكن غالب. قوله: (وإن وقع إلخ) أي أنه إذا أصدقها قلة خل معينة فظهر أنها خمر لزمه مثلها،
أما لو كانت القلة ثمنا ثم تبين أنها خمر فسد البيع. قوله: (وجاز بشورة) أي أنه يجوز نكاح المرأة على أن
يعطيها جهاز بيت ولا يجوز أن يشتري سلعة بذلك. قوله: (كعبد إلخ) أي أنه ان يجوز أن يقول لها:
أتزوجك بعبد تختارينه إذا كان لذلك الزوج عبيد مملوكة له وكانت معينة حاضرة أو غائبة ووصفت
كما يجوز أن يقول للمشتري: أبيعك على البت عبدا تختاره أنت بكذا بالشروط المذكورة، وقوله تختاره
هي لا هو التفريق بين اختيارها واختياره مقيد بالعدد القليل وهو الثلاثة فأقل وهو مذهب ابن القاسم،
أما العدد الكثير يختار منه رأس فيجوز اختيارها واختياره كما في البيع اه‍ بن. ومثله في البدر القرافي،
وكان سبب الجواز عند الكثرة أن بكثرة العدد يتسع الامر وفيه أن بكثرة العدد يكثر الغرر.
قوله: (وكذا المشتري) أي دخل على أن البائع يختار الأحسن. قوله: (وكذا البائع) الأولى وكذا
المشتري أي وكذا منع إذا كان يختار المشتري. قوله: (فلا غرر) أي قوي وإلا فأصل الغرر حاصل.
قوله: (لا يتعين أن يختار الأدنى) أي بل يجوز أن يختار الأدنى، ويجوز أن يختار الأعلى فجاء الغرر،
وأشار الشارح بالتأمل إلى ما يقال أنه وإن احتمل ذلك لكن الغالب اختياره للأدنى فيكونان
داخلين على ذلك، كما أن الغالب في المرأة اختيارها للأعلى وإن احتمل خلافه. والحاصل أن الغرر
موجود في كلا الحالتين، وكل من اختار منهما فإنما يختار الأحط لنفسه وحينئذ فالتفرقة بينهما
لا وجه لها. قوله: (وضمانه إلخ) يعني أن ضمان الصداق المعين إذا ثبت هلاكه كضمان المبيع، وقد علمت
أن البيع تارة يكون صحيحا وتارة يكون فاسدا، فكما أن البيع إذا كان صحيحا فضمان المبيع من
المشتري بمجرد العقد سواء كان المبيع بيده أو بيد البائع فكذلك النكاح إن كان صحيحا، فإن الزوجة
تضمن الصداق بمجرد العقد ولو كان بيد الزوج، والمراد بضمانها له أنه يضيع عليها، وإن كان البيع فاسدا
فإن المشتري لا يضمن المبيع بمجرد العقد بل بالقبض، فكذلك النكاح إذا كان فاسدا فإنها
لا تضمن الصداق إلا بقبضه، وهذا كله إذا لم يحصل طلاق قبل الدخول، أما إن حصل طلاق
قبل الدخول وتلف الصداق والفرض أنه قامت على هلاكه بينة فضمانه منهما سواء كان بيد الزوج
أو بيد الزوجة، فكل من تلف من يده لا يغرم للآخر حصته، أما إن كان مما يغاب عليه ولم تقم
294

على هلاكه بينة وحصل طلاق قبل الدخول فضمانه ممن هو بيده فكل من ضاع في يده يغرم للآخر
حصته. قوله: (وبالقبض في الفاسد) بأن مضى بكدخول فكالصحيح، وظاهره أنها إنما يضمن
بالقبض في الفاسد سواء كان الفاسد لصداقه أو لعقده وأثر خللا في الصداق وكان لعقده فقط وهو
ما رجحه شيخنا تبعا للقاني، وهناك طريقة أخرى وهي أن ضمانها بالقبض إذا كان فسد النكاح
لصداقه دخل أو لم يدخل أو كان فساده لعقده وأثر خللا في صداقه، وأما لو كان فساده لعقده كان
ضمانا بالعقد كالصحيح، ويدل لهذا ما يأتي عند قول المصنف وضمنه بعد القبض. قوله: (وتلفه) يعني
إن تلف الصداق إذا لم يثبت هلاكه وكان مما يغاب عليه كالمبيع إذا لم يثبت هلاكه وكان مما يغاب عليه،
فكما أن المبيع المذكور ضمانه ممن هلك في يده سواء كان البائع أو المشتري، فكذلك الصداق المذكور
ضمانه ممن هلك بيده سواء كان الزوج أو الزوجة، فإذا كان في يد الزوج وادعى ضياعه وكان قد دخل
بها ضمن لها قيمته أو مثله وإن كان بيدها ضاع عليها، وإن كان قد طلق قبل البناء لزم لها نصف الصداق
إن ضاع بيده، وإن كان بيدها غرمت له نصف القيمة أو نصف المثل. قوله: (فالذي يصدق فيه البائع
والمشتري إلخ) أي وهو ما لا يغاب عليه وما يغاب عليه إذا ثبت هلاكه، أي والذي لا يصدق فيه البائع
والمشتري لا يصدق فيه الزوج والزوجة وذلك إذا كان مما يغاب عليه ولم تقم على هلاكه بينة.
قوله: (وكذا الزوجة إذا حصل طلاق) أي والحال أنها قبضت جميعه. قوله: (فعلم أنه يحمل ضمانه على
صورة) أي وهي إذا كان مما لا يغاب عليه أو مما يغاب وثبت هلاكه ببينة. وقوله وتلفه على صورة
أخرى وهي ما إذا كان مما يغاب عليه ولم يثبت هلاكه. قوله: (وإن كان سبب الضمان هو التلف) أي
فهو بدون ذلك الحل من عطف السبب على المسبب. قوله: (فإنه يوجب الرجوع لها عليه بقيمته) أي يوم
عقد النكاح. قوله: (أي اطلاعها إلخ) الأولى أي اطلاعها على عيب قديم فيه كالمبيع أي مثل اطلاع
المشتري على عيب قديم في المبيع فيثبت لها الخيار في التماسك به أو رده، وترجع مثله إن كان مثليا أو
مقوما موصوفا، وترجع بقيمته إن كان مقوما معينا، كما أن المشتري إذا اطلع على عيب قديم كذلك.
قوله: (أو بعضه) بالرفع عطف على تعييبه على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فارتفع
ارتفاعه ويصح عطفه على الضمير في تعييبه وحينئذ فيجوز فيه الجر والنصب لان الضمير في محل
جر باعتبار كونه مضافا إليه، وفي محل نصب باعتبار كونه مفعولا للمصدر. قوله: (أي استحقاق بعضه
أو تعييب بعضه كالبيع) فإذا تزوجها بدار بعينها فاستحق بعضها، فإن كان الذي استحق من الدار
فيه ضرر بأن كان أزيد من الثلث كان لها أن ترد بقيتها وتأخذ منه قيمتها أو تحسب ما بقي وترجع
بقيمة ما استحق، وإن استحق منها الثلث أو الشئ التافه الذي لا ضرر فيه رجعت بقيمة ما استحق
فقط، وإذا تزوجها بشئ واحد بعينه أو بعدد معين من رقيق أو حيوان أو مقاطع قماش مثلا، واستحق
من ذلك جزء قل أو كثر ولو اثنين من ثلاثة فلها أن ترد بقيته وترجع بقيمة جميعه أو تحسب
ما بقي وترجع بقيمة ما استحق، وإذا تزوجها بعرض متعدد معين كعدد من الرقيق ونحوه فوجدت
عيبا قديما في بعض ذلك كان ذلك العيب قليلا أو كثيرا، فكما تقدم في استحقاق البعض من أن لها أن
ترد ما بقي وترجع بقيمة جميعه أو تحسب ما بقي وترجع بقيمة المعيب، وهذا مما يخالف فيه الصداق
البيع لأنه يحرم في البيع التمسك بالأقل مما استحق أو تعيب. قوله: (على تسامح في بعضها) أي وهو
استحقاق المقوم المعين جميعه أو استحقاق بعضه أو تعييبه إذا كان ذلك البعض المستحق أو
المعيب الأكثر فإنه يفسخ البيع بسبب ذلك دون النكاح فإنه لا يفسخ كما مر. قوله: (وإن وقع بقلة
خل فإذا هي خمر إلخ) أي وأما عكسه وهو ما إذ تزوجها بقلة خمر فإذا هي خل ثبت النكاح
295

رضيا بالخل، فإن لم يحصل رضا فسخ قبل الدخول وثبت بعده بصداق المثل. قوله: (كالمستثناة إلخ) زاد
الكاف لعدم أداة الاستثناء أو لأنه لما كان التشبيه في الجملة كان لا استثناء منه في الحقيقة. قوله: (لعدم
صحة كون شئ منها ثمنا) أي لان النكاح أوسع من البيع في الغرر وأوسع من النكاح في ذلك الرهن،
إذ يجوز فيه رهن الآبق ولا يجوز رهن الجنين، وأوسع من الرهن في الغرر الهبة والخلع إذ يجوز هبة
الجنين والخلع به. قوله: (وجاز النكاح بشورة) بأن يقول: أتزوجها وأجعل صداقها جهازها أو شوارها
فينظر لها إن كانت حضرية أو بدوية بخلاف البيع فلا يجوز أن تكون الشورة ثمنا. قوله: (معروفة) أي
بالنوع فلا ينافي أنها مقولة بالتشكيك لأجل اعتبار الوسط. قوله: (أو عدد من كإبل) يعني أنه يجوز
النكاح على عدد من الإبل أو البقر أو الغنم أو الرقيق في الذمة، ولو كان غير موصوف بأن يجعل الصداق
عشرة مما ذكر ويطلق ونص المصنف على العدد لتوهم المنع فيه لكثرة الغرر فالواحد من كإبل أولى
بالجواز، وأما جعل ذلك ثمنا فلا يجوز. قوله: (ولو في الذمة غير موصوف) الأولى أن يقول في الذمة ولو
موصوفا بقلب المبالغة لتوهم المنع في الموصوف لأنه كالسلم الحال بن. قوله: (لا عدد من شجر) أي في
الذمة ولو كان موصوفا، وقوله: إلا إن عين أي بالإشارة كهذا الشجر أو بالوصف كالشجر الذي في محل
كذا، ولعل الفرق بين الماشية والشجر إذا كان كل منهما في الذمة وكان موصوفا أن الشجر إذا كان في
الذمة ووصف كان وصفه مستدعيا تعيين وصف مكانه فيؤدي إلى السلم في معين كما ذكروه في منع
النكاح على بيت يبنيه لها لأنه يؤدي إلى وصف البناء والموضع. قوله: (أو صداق مثل) أي كأتزوجك
على أن صداقك صداق مثلك، قال المتيطي: يجوز النكاح على صداق المثل فيجب بالعقد ويجب نصفه
بالطلاق قبل البناء وجميعه بالموت اه‍ بن. قوله: (من شورة مثلها إلخ) حاصله أنه إذا تزوجها على جهاز
بيت، فإن كانت حضرية فيجهزها جهازا وسطا من جهاز الحاضرة، فإذا كان جهاز الحاضرة معروفا على
أوصاف ثلاثة لزمه الوسط من تلك الأوصاف الثلاثة، وإذا كان على وجه واحد فاللازم ذلك الوجه
الواحد، وإذا كان على وجهين فلم يكن وسطا فالغالب، فإن لم يكن غالبا فالظاهر نصف كل، وكذا يقال
في غير الحضرية. قوله: (من السن الذي يتناكح به الناس) فإن كان الناس يصدقن الإبل أو الرقيق ابن
عشر سنين وابن ثمان سنين وابن ستة لزمه أن يدفع لها ابن ثمانية. قوله: (باعتبار الأوصاف إلخ) يعني أن
من قامت بها تلك الأوصاف ويرغب فيها باعتبارها إذا كانت تارة تصدق بمائة دينار
وتارة بتسعين وتارة بثمانين فإنه يدفع لها التسعين. قوله: (وفي شرط ذكر جنس الرقيق) أي فإذا لم يذكر جنسه فسخ
قبل الدخول وثبت بعده بصداق المثل. قوله: (أعطيت النصف الوسط من كل) فإذا كان الرقيق الذي
في البلد بربريا وحبشيا فقط واستويا فإنها تعطى من كل صنف منهما نصف الأوسط في السن، وإذا
كان الرقيق الذي في البلد بربريا وحبشيا وروميا فإنها تعطى من كل صنف من الأصناف الثلاثة
ثلث الوسط في السن، وهكذا يقال إذا كان الموجود أربعة أصناف. قوله: (قولان) أي على حد سواء،
وأما غير الرقيق من إبل وبقر ففيه قولان لكن المعتمد عدم اشتراط ذكره، ويفرق بين الرقيق
وغيره بكثرة الاختلاف بين آحاد الرقيق وأصنافه بخلاف أصناف غيره اه‍ عدوي. وفي بن:
أن قوله قولان: الأول منهما قول سحنون والثاني ظاهر المدونة وهو المشهور انظره. قوله: (ولها
الإناث إلخ) عطف على الوسط. قوله: (إن أطلق) أي لم يقيد بذكور أو إناث لان للنساء غرضا
في الإناث للدخول عليهن ونحو ذلك. قوله: (حيث الاطلاق) أي بل يعمل في غيره بالعرف.
قوله: (ما لم تشترطها والأوفى لها بها) هذا هو المعتمد، وقوله وقيل إلخ ضعيف كما في بن وقرره شيخنا أيضا
ورجع عن ترجيحه للثاني في حاشية خش. قوله: (درك المبيع) بسكون الراء وفتحها أي ضمان المبيع.
296

قوله: (فلها القيام بها) أي وهو معنى قول المصنف سابقا واستحقاقه وعيبه كالبيع. قوله: (إلى الدخول)
أي كأتزوجك بصداق قدره كذا أدفعه كله أو نصفه عند الدخول. قوله: (إن علم) أي بشرط أن يكون
الدخول وقته معلوما عندهم بالعادة على المشهور، فإن لم يكن معلوما فسخ النكاح قبل الدخول وثبت
بعده بصداق المثل، ومقابل المشهور ما هو ظاهر كلام محمد من جواز ذلك وإن لم يكن وقت الدخول
معلوما لان الدخول بيد المرأة فهو كالحال متى شاءت أخذته. قوله: (كالنيل) أي عند بعض فلاحي
مصر وكالربيع عند أرباب الألبان والجذاذ عند أرباب الثمار. قوله: (أو تأجيله إلى الميسرة) أي بالفعل.
وقوله: إن كان مليا أي بالقوة فاندفع ما يقال: إن في كلام المصنف تناقضا لان التأجيل للملاء يقتضي
أنه غير ملئ، وقوله: إن كان مليا يقتضي وجوده فتأمل. قوله: (كمن عنده سلع يرصد بها الأسواق إلخ)
لا يخفى أن بيعها مجهول زمنه فكأنهم نظروا لتلك السلع وكأن الصداق حال باعتبارها. قوله: (فكمؤجل
بمجهول) أي فيفسخ قبل الدخول ويثبت بعده صداق المثل. تنبيه: إذا تزوجها بصداق وأجله
إلى أن تطلبه المرأة منه فهل هو كتأجيله بالميسرة فيكون جائزا أو كتأجيله بموت أو فراق فيكون
ممنوعا قولان: الأول لابن القاسم والثاني لابن الماجشون وأصبغ. قوله: (وعلى هبة العبد) الباجي: فإن
طلقها قبل البناء رجع بنصف العبد وصار العبد مشتركا بين الزوج والموهوب له، وإن فات في يد
الموهوب له تبعه بنصف قيمته ولا يتبع المرأة بشئ نقله ابن عرفة اه‍ بن. فما قيل أنه إذا طلقها قبل
البناء يرجع عليها بقيمة نصفه كالمسألة الآتية فهو خلاف النقل. قوله: (لأنه يقدر دخوله في ملكها)
أي لأجل أن يصح النكاح فليس فيه دخول على إسقاطه وكذا يقال فيما بعد. فإن قلت في مسألة
إذا تزوجها بعتق أبيها عنها كيف يقدر ملكها له مع أنه يعتق عليها. قلت: إن تقدير ملكها له فرض
لا يوجب العتق حتى يتعطل تملكها له فتدبر. قوله: (ووجب إلخ) هذا إذا كان الصداق
حاضرا في مجلس العقد أو ما في حكمه، وسيأتي حكم الغائب في قوله: أو بمعين بعيد كخراسان.
قوله: (ويمنع تأخيره) أي إذا كان التأخير بشرط وإلا فلا انظر بن. قوله: (كبيع معين يتأخر قبضه) أي
فلا يجوز تأخير تسليم المعين بعد بيعه لما يلحق ذلك من الغرر لأنه لا يدري كيف يقبض لامكان
هلاكه قبل قبضه. قوله: (ويفسد النكاح إن دخلا عليه) أي على التأجيل، هذا الكلام يقتضي أن
التعجيل حق لله وأنه يفسد العقد بالتأخير ولو رضيت به، وهذا إنما يأتي إذا وقع العقد بشرط التأخير،
وأما إن لم يشترط فالحق لها في تعجيل المعين ولها التأخير إذ لا محذور فيه لدخوله في ضمانها بالعقد هذا
ظاهر كلامهم قاله طفي، وحاصل فقه المسألة أن الصداق إذا كان من العروض أو الرقيق أو الحيوان
أو الأصول، فإن كان غائبا عن بلد العقد صح النكاح إن أجل قبضه بأجل قريب بحيث لا يتغير فيه غالبا
وإلا فسد النكاح، وإن كان حاضرا في البلد وجب تسليمه لها أو لوليها يوم العقد ولا يجوز تأخيره
ولو رضيت بذلك حيث اشترط التأخير في صلب العقد، وإن لم يشترط كان تعجيله من حقها
فإن رضيت بالتأخير جاز. قوله: (وتنازعا في التبدئة) بأن طلب الزوج الدخول قبل دفعه وطلب هي
دفعه قبل الدخول. قوله: (فلها المنع) ظاهره أنها مخيرة بين المنع والتمكين على حد سواء وليس كذلك
بل التمكين مكروه عند مالك حيث كان قبل قبضها ربع دينار، فقوله فلها أي فيندب لها تأمل.
قوله: (بمعنى الاختلاء بها) أي لا بمعنى الوطئ بدليل إلخ. قوله: (إلى تسليم ما حل) أي وغاية منعها من الدخول
ومن الوطئ بعده إذا مكنته من الدخول ومن السفر معه إلى أن يسلم لها ما حل من المهر، وإنما كان
297

لها منع نفسها لأنها بائعة والبائع له منع سلعته حتى يقبض الثمن. قوله: (أو التمكين منه) هكذا في
التوضيح عن ابن عبد السلام، والذي ارتضاه ابن عرفة أنه لا يسقط منعها إلا الوطئ بالفعل.
قوله: (على الأظهر) هذا هو المعتمد وقيل ليس لها المنع بعد الوطئ سواء استحق أو لا
غرها أو لا، وقيل إن غرها فلها المنع وإلا فلا وهما ضعيفان اه‍ عدوي. قوله: (حصلت بينهما منازعة) أي في التبدئة أم لا.
قوله: (بتسليم ما عليه) فإن دفع الزوج ما خل من الصداق وطلب الدخول فامتنعت الزوجة وكانت
مطيقة للوطئ والزوج بالغ فإنها تجبر على أن تمكنه من نفسها، وكذلك لو بادرت بالتمكين من نفسها وهي
مطيقة للوطئ وأبى الزوج أن يدخل عليها وهو بالغ وامتنع من دفع الصداق حتى يدخل بها فإنه يجبر على
أن يدفع لها ما حل من صداقها، وهذا كله إذا كان الصداق غير معين بل كان موصوفا في الذمة، أما لو كان
معينا فلا يشترط بلوغ ولا إطاقة بل يجب تعجيله كما مر، ولا يجوز اشتراط تأخيره كان الزوج بالغا أم لا
أمكن وطؤها أم لا. قوله: (وكذا لو كانت غير مطيقة) أي فلا تجبر له إن كانت مطلوبة ولا يجبر لها الزوج إن
كان مطلوبا من وليها، والأنسب في التعبير أن لو قال: وكذا إذا كان لا يمكن وطؤها لعدم إطاقتها.
قوله: (وتمهل سنة) والظاهر أنه لا نفقة لها كالتي بعدها. قوله: (يمكن معه الوطئ) وأما الصغر الذي لا يمكن
معه الجماع فسيأتي الكلام عليه وإنها تمهل لزواله ولو طال. قوله: (فهو كالمستثنى إلخ) أي فكأنه قال: ومن
بادر أجبر له الآخر ما لم يشترط أهلها إمهالها سنة لصغر أو تغربة وإلا فلا. قوله: (بطل الامهال) أي بطل
شرط الامهال والنكاح صحيح. قوله: (لا إن شرط أكثر من سنة) أي لصغر أو تغربة، وقوله لا أكثر
مفهوم سنة. قوله: (لأمكن إدخاله إلخ) أي لان قوله: وإلا بطل معناه وإن لم يشترط السنة عند العقد بطل
الامهال وهذا صادق بما إذا اشترطت بعد العقد وبما إذا شرط أكثر منها عند العقد. قوله: (وتمهل
الزوجة للمرض) أي وإن لم يشترط الامهال عند العقد. قوله: (وما ذكره في المرض) أي ما ذكره من
أن المرض الحاصل قبل البناء إذا كان يمنع من الجماع فإنها تمهل لزواله بلغت حد السياق أم لا، تبع فيه
المصنف ابن الحاجب وقواه طفي، وقوله: والذي في المدونة إلخ هذا مخالف لما في ح ونصه: وأما
إمهال الزوجة للمرض إذا طلبته فذكره المصنف وابن الحاجب ولم ينص عليه في المدونة ولا ابن
عرفة، وإنما نص فيها على أن المريضة مرضا يمنع من الجماع إذا دعت إلى البناء والنفقة لزمه ذلك ونصها:
ومن دعته زوجته إلى البناء والنفقة وأحدهما مريض لا يقدر على الجماع لزمه أن ينفق أو يدخل إلا
أن يكون مريضا بلغ حد السياق فلا يلزمه ذلك اه‍ بن. إذا علمت ذلك تعلم أن ما نسبه شارحنا للمدونة
ليس هو ما فيها بل الذي فيها مسألة أخرى تأمل، إلا أن يقال: إن مرضها البالغ حد السياق كمرضه
فصح ما نسبه الشارح للمدونة. قوله: (إلا إذا بلغ المريض حد السياق) أي وإلا فلا تمهل لزواله. قوله: (وتمهل
قدر ما يهئ مثلها أمرها) أي وكذا يمهل هو قدر ما يهئ مثله أمره. قوله: (وذلك يختلف باختلاف الناس)
أي من غنى وفقر. قوله: (ولا نفقة لها في مدة التهيئة) أي في مدة تهيئتها وكذا في مدة تهيئته فما يكتب في
وثائق النكاح من نحو قوله: وفرض لها في نظير نفقتها كل يوم كذا من يوم تاريخه لا عبرة به إلا أن يحكم به
298

من يراه. قوله: (إلا أن يحلف ليدخلن الليلة) يريد ليلة قبل مضي مد التهيئة، أي فلو حلف ليدخلن الليلة
وحلفت على عدم الدخول حتى يهئ لها أمرها فينبغي أن يحنث الزوج لأنها حلفت على حقها وإن
كان هو أيضا صاحب حق لكن حقها أصلي اه‍ تقرير شيخنا عدوي. والذي في عبق: أن حلف
الزوجة لا يعتبر حلفت على الدخول أو على عدمه حلفت وحدها أو مع الزوج بأن حلف كل على
خلاف ما حلف عليه الآخر فتأمل. قوله: (ماطله وليها أم لا) أي بأن تكاسل ولم يشرع في التهيئة إلا بعد
أيام من العقد، فاندفع ما يقال: إن الحلف قبل مضي مدة التهيئة وحينئذ فلا يتأتى مطل. قوله: (كما هو ظاهر
المصنف) أي لأنه أطلق في الحلف فظاهره كان بالله أو بطلاق أو بعتق ماطله وليها أم لا لان حذف
المعمول يؤذن بالعموم. قوله: (وهذا مستثنى مما قبله) فكأنه قال: وتمهل قدر الزمان الذي يحصل فيه
مثلها ما يحتاج إليه من الجهاز إلا أن يحلف الزوج ليدخلن الليلة فلا تمهل، ويصح جعله مستثنى من
محذوف وكأنه قال: ويمنع الزوج من الدخول بها قبل مضي تلك المدة إلا أن يحلف إلخ. قوله: (وإن
طالبت إلخ) تقدم أن الصداق إذا كان معينا وجب تعجيله، ولا يجوز فيه التأخير على ما مر فيه من
التفصيل، وإن كان مضمونا وتنازعا في التبدئة كان لها الامتناع من تمكينه حتى تقبض ما حل من
الصداق، وذكر هنا ما إذا طالبته بالمضمون قبل الدخول فادعى العدم فتارة تصدقه وتارة لا تصدقه.
وفي الحالة الثانية: إما أن تقوم بينة على عدمه وإما أن لا تقوم بينة بذلك، وحاصله أن الزوج إذا طالبته
زوجته قبل الدخول عليها بحال الصداق فادعى العدم فإن الحاكم يؤجله لاثبات عسره ثم يتلوم له لعله
يحصل له يسار، ثم يطلق عليه بشروط خمسة: أن لا تصدقه في دعواه الاعسار، وأن لا يقيم بينة على
صدقه، وأن لا يكون له مال ظاهر، وأن لا يغلب على الظن عسره، وأن يجري النفقة عليها من يوم دعائه
للدخول، فإن صدقته في دعواه الاعسار أو أقام بينة بالعسر فإنه يتلوم له من أول الأمر بالنظر ولا يؤجل
لاثبات عسره، وكذا إن كان ممن يغلب على الظن عسره كالبقال، وإن كان له مال ظاهر أخذ منه حالا،
وإن لم يجر النفقة عليها من يوم دعائه للدخول فلها الفسخ لعدم النفقة مع عدم الصداق على الراجح.
قوله: (إن أعطى حميلا بالوجه) أي خشية هروبه بحيث لا يعلم له محل ولا يكلف بحميل بالمال بناء على
أنها لا تملك بالعقد شيئا. قوله: (وإلا حبس) أي لاثبات عسره. قوله: (وأشار إلى قدر مدة التأجيل) أي
لاثبات عسره. قوله: (ثلاثة أسابيع) ابن عرفة: هذا التحديد ليس بلازم بل هو استحسان لاتفاق
قضاة قرطبة وغيرهم عليه وإنما هو موكول لاجتهاد الحاكم اه‍ بن. قوله: (ستة فستة إلخ)
كذا في التوضيح، والذي في المتيطي وابن عرفة ثمانية ثم ستة ثم أربعة ثم ثلاثة انظر ح. وقوله ستة
إلخ أي ثم يسأل عقب كل ستة وكذا عقب الثلاثة: هل وجد مالا أم لا؟ وهل وجد بينة تشهد بعسره
أم لا؟ هكذا. قوله: (فإن كان معينا فيأتي للمصنف) أي فإن كان الصداق معينا وهذا محترز قوله: وإن
طالبت زوجها بالصداق غير المعين، وقوله فيأتي للمصنف أي التكلم على بعضه وذلك لان المعين
إما غائب عن بلد العقد أو حاضر بها، فالحاضر بها تقدم أنه يجب تعجيله وإن كان غائبا فسيأتي أنه إما
أن يؤجل قبضه بأجل قريب أو بعيد. قوله: (فلو دخل بها إلخ) هذا محترز قوله: إذا طالبته زوجته التي
لها الامتناع من الدخول حتى تقبضه. والحاصل أن محل كونه يؤجل لاثبات عسره إذا ادعى العدم
بالشروط المذكورة إذا كان لم يدخل بها فإن دخل بها إلخ. قوله: (ثم إذا ثبت عسره) أي في أثناء الأسابيع
الثلاثة أو بعد فراغها، وقوله تلوم له أي بعد اعذار القاضي في تلك البينة الشاهدة بالعسر، فإن كان عندها
مطعن أبدته وإلا حلف الزوج مع تلك البينة يمين الاستظهار على تحقيق ما ادعاه. قوله: (أو صدقته)
أي على ما ادعاه من العسر. قوله: (تلوم له بالنظر) أي لعله يحصل له يسار ويدفع ذلك الصداق
299

المطالب به. قوله: (ليستبرأ أمره) أي فإذا حبس وتبين عسره تلوم له بالنظر ثم طلق عليه وإن تبين يسره
أخذ منه الصداق. قوله: (وأما ظاهر الملاء فيحبس) أي حتى يدفع ولو طال حبسه. قوله: (ستة أشهر)
أي ثم يسأل هل وجد يسارا أم لا فأربعة أي ثم يسأل كذلك فشهرين ثم يسأل كذلك. قوله: (فشهرين
فشهر) أي ثم يسأل فإن أتى بشئ فالامر ظاهر وإلا عجزه القاضي وطلق عليه، واعلم أنه لا يحبس في مدة
التلوم على كلا القولين لان الموضوع أنه أثبت عدمه وقد قال الله تعالى: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى
ميسرة) * فما في خش وعبق: أنه يحبس في مدة التلوم على كلا القولين: الأولى إسقاطه إذ لا معنى له قال بن:
ولم أر من ذكره، وقد صرح أبو الحسن بأن دين الصداق كسائر الديون فيجب أن يسرح إذا ثبت عسره.
قوله: (هذا ضعيف مقابل لقوله بالنظر إلخ) فيه نظر لان هذا عمل بعض القضاة، وهذا لا ينافي أن
الاجل موكول إلى اجتهاد الامام كما تقدم، والحاصل أن التلوم موكول قدره لاجتهاد الحاكم، وقد اتفق
لبعض القضاة أنه تلوم بسنة وشهر لكون اجتهاده أداه لذلك. قوله: (لمن لا يرجى يساره) أي لمن ثبت
عسره والحال أنه لا يرجى يساره. قوله: (وصحح) أي وصححه المتيطي وعياض. قوله: (عدمه) وهذا
تأويل فضل على المدونة. قوله: (ثم بعد التلوم وظهور العجز طلق عليه) قال عبق: فإن حكم القاضي
بالطلاق قبل التلوم فالظاهر أنه صحيح. قوله: (ووجب عليه نصفه) أي وجب على الزوج إذا
طلق أو طلق عليه الحاكم لعسره بالصداق لزوجته نصف الصداق فيتبع به إذا أيسر لتقرره في ذمته بالعقد
عنده. قوله: (في أنه) أي الطلاق قبل البناء إلخ. قوله: (لا في عيب) يعني إذا أرادت رد زوجها بعيب به من
العيوب المتقدمة قبل البناء فطلق عليه لامتناعه منه أو رد الزوج زوجته أي فسخ نكاحها بعيب بها
قبل البناء فإنه لا شئ لها على الزوج، وقد مر هذا في باب الخيار عند قول المصنف: ومع الرد قبل البناء فلا
صداق، ويمكن أن يكون ذكره هنا لإفادة بيان اختلاف هذا وهو الفسخ مع ما قبله وهو الطلاق، ففي
الطلاق لها نصف الصداق وفي الفسخ لا شئ لها فقد اختلف الطلاق والفسخ في الحكم وإن اشتركا في
أن كلا منهما مغلوب عليه. قوله: (تقدم) أي في قوله: ومع الرد قبل البناء فلا صداق. قوله: (ولما كان
للصداق) أي عند المفارقة أحوال ثلاثة إلخ قوله: (وتقرر) أي ثبت وتحقق وإنما عبر بتقرر دون تكمل
ليشمل صداق المثل في التفويض ولان تقرر يناسب كلا من الأقوال الثلاثة في المسمى لان قوله تقرر
يحتمل تقرر تمامه إن قلنا إنها تملك بالعقد النصف، ويحتمل تقرر أداؤه إن قلنا إنها تملك بالعقد الجميع،
ويحتمل تقرر أصله إن قلنا أنها لا تملك بالعقد شيئا، والمذهب أنها تملك بالعقد النصف، وقوله بوطئ
أي ولو حكما كدخول العنين والمجبوب ولو من غير انتشار كما قال ابن ناجي في شرح الرسالة.
قوله: (كفى حيض) هذا مثال لسببها باعتبار قيام أصل السبب بها والدبر مثال لسببه من
حيث ميله لذلك، وإلا فمتى حرم على أحدهما حرم على الآخر موافقته وصومهما بسببهما،
وكذلك اعتكافهما وإحرامهما. قوله: (ولو بكرا) أي بقيت على بكارتها فصحت المبالغة، فإذا أزال
البكارة بأصبعه فإن طلقها قبل البناء فلها نصف الصداق مع أرش البكارة وبعده لها الصداق
فقط، ويندرج أرش البكارة في الصداق، كذا في سماع أصبغ عن ابن القاسم وهو المعتمد، والذي
في سماع عيسى عن ابن القاسم أنه يلزمه بافتضاضه إياها بأصبعه كل المهر، والذي اختاره اللخمي أنه
يلزمه أرش البكارة مع نصف الصداق إذا طلقها إن رأى أنها لا تتزوج بعد ذلك إلا بمهر ثيب
300

وإلا فلا أرش لها. وفي ح نقلا عن النوادر: إذا افتض زوجته فماتت روى ابن القاسم عن مالك إن علم
أنها ماتت منه فعليه ديتها وهو كالخطأ صغيرة كانت أو كبيرة، وعليه في الصغيرة الأدب إن لم تكن
بلغت حد ذلك، وقال ابن الماجشون: لا دية عليه في الكبيرة ودية الصغيرة على عاقلته، ويؤدب في التي
لا يوطأ مثلها. قوله: (وموت واحد إلخ) ظاهره كان الموت متيقنا أو بحكم الشرع وهو كذلك كما
نقله أبو القاسم الجزيري في وثائقه عن مالك وذلك كالمفقود في بلاد المسلمين، فإنه بعد مضي مدة
التعمير يحكم الحاكم بموته. تنبيه: قوله: وموت واحد هذا في النكاح الصحيح، وفي الفاسد لعقده
إذا لم يؤثر خللا في الصداق وكان مختلفا فيه ككان المحرم والنكاح بلا ولي فهو كالصحيح يجب فيه
المسمى بالموت ونصفه بالطلاق قبل الدخول كما نص عليه ابن رشد في نوازله اه‍ بن. وشمل قوله
وموت واحد ما لو قتلت نفسها كرها في زوجها كما نقله بهرام آخر باب الذبائح عند قول المصنف:
وفي قتل شاهدي حق تردد، وكذلك السيد يقتل أمته المتزوجة فلا يسقط الصداق عن زوجها،
ويبقى النظر في قتل المرأة زوجها هل تعامل بنقيض مقصودها ولا يتكمل صداقها أو يتكمل؟
والظاهر أنه لا يتكمل لها بذلك لاتهامها لئلا يكون ذريعة لقتل النساء أزواجهن اه‍ عدوي.
قوله: (وأما موت واحد في التفويض قبل الفرض) أي وأما إذا مات واحد بعد الفرض فهو كنكاح
التسمية، فقول الشارح: وهذا في نكاح التسمية أي في النكاح الذي حصلت فيه تسمية سواء كان
حين العقد أو بعده. قوله: (وإقامة سنة) أي عند الزوج وظاهره ولو كان الزوج عبدا، وقال بعض أشياخ عج:
ينبغي أن يعتبر في العبد إقامة نصف سنة ولا وجه له إذ ليس لهذا شبه بالحدود أصلا بل فيه تشديد
فتأمله اه‍ بن. قوله: (في خلوة الاهتداء) من الهدء والسكون لان كل واحد من الزوجين سكن
للآخر واطمأن إليه، وخلوة الاهتداء هي المعروفة عندهم بإرخاء الستور كان هناك إرخاء ستور أو
غلق باب أو غيره، وحاصله أن الزوج إذا اختلى بزوجته خلوة اهتداء أي خلا بينه وبينها ثم طلقها
وتنازعا في المسيس فقال الزوج: ما أصبتها، وقالت هي: بل أصابني فإنها تصدق في ذلك بيمين كانت بكرا أو
ثيبا كان الزوج صالحا أم لا. قوله: (فإن نكلت حلف الزوج) أي وإن حلفت أخذت الصداق كاملا.
قوله: (وإن نكل غرم الجميع) أي لان الخلوة بمنزلة شاهد ونكوله بمنزلة شاهد آخر. قوله: (حلف
لرد دعواها) فإن نكل غرم الجميع الصداق وليس له تحليفها إذا بلغت. قوله: (فإن حلفت أخذته)
فلو ماتت قبل البلوغ ورث عنها وحلف وارثها ما كانت تحلفه كما جزم به خش، وهو الموافق
لقول المصنف في الشهادات كورثته قبله فتنظير عبق في ذلك قصور انظر بن. قوله: (وإن بمانع
شرعي) مبالغة في تصديقها في دعوى الوطئ عند حصول خلوة الاهتداء دفعا لتوهم عدم تصديقها
في تلك الحالة لان الشأن أن الرجل لا يقربها في تلك الحالة وإن كان عنده اشتياق جبلي إليها، ولذا
قيل إنها لا تصدق في تلك الحالة إلا إذا كان الزوج يليق به ذلك. قوله: (وإن سفيهة وأمة) لو قال:
ولو سفيهة وأمة لرد قول سحنون بعدم تصديقها كان أولى اه‍ بن. قوله: (إذ الموضوع أنه قد وافقها)
إن قلت: إذا وافقها الزوج على النفي فلا يخفى أن تصديقها لا يتوهم خلافه فلا حاجة للنص عليه. قلت:
صرح به لأجل المبالغة التي هي قوله: وإن سفيهة وأمة. قوله: (وصدق الزائر منهما) أي
للآخر بيمين كما في ح. وحاصل ما ذكره الشارح أنه إن كان هو الزائر فإنه يصدق هو في دعواه
عدم الوطئ، وإن كانت هي الزائرة صدقت في دعواها الوطئ، وأما إن كان زائرا وادعى الوطئ
وكذبته أو كانت زائرة وادعت عدم الوطئ وكذبها فإنه يجري فيه قول المصنف: وإن أقر به فقط إلخ.
301

قوله: (فإن كانا زائرين) أي لغيرهما واجتمعا في بيت ذلك الغير. قوله: (فإن كانا زائرين صدق الزوج في نفيه)
أي فإن ادعى الوطئ وكذبته فيجري فيه قوله: وإن أقر به فقط إلخ، بقي ما لو اختليا في بيت أو فلاة من الأرض
ليس به أحد وليس أحدهما زائرا فتصدق المرأة في دعواها الوطئ لان الرجل ينشط فيه. قوله: (وإن
أقر به فقط) أي ثم طلقها أخذ بإقراره فيلزمه جميع الصداق. قوله: (إن كانت الزوجة سفيهة) أي سواء
أدام الاقرار بأنه وطئها أم لا بدليل ما بعده، ولو قال: إن كانت محجورة لكان أولى ليشمل الأمة
والصغيرة، إلا أن يقال: إنه أراد بالسفيهة مطلق المحجور عليها من باب عموم المجاز، وهذا وذكر ح أن
المصنف جرى فيما ذكره من مؤاخذته بإقراره إن كانت الزوجة سفيهة على ما نقله في التوضيح عن
ابن راشد وهو خلاف قول ابن عبد السلام في الصغيرة والأمة والسفيهة إن المشهور قبول قولها اه‍.
قال بن: قلت نقل أبو الحسن في أول إرخاء الستور عن اللخمي أنه عزا قبول قولها لعبد الملك وأصبغ
وعدمه لمطرف وقال فيه ما نصه وهو أحسن إذا كانت خلوة بناء اه‍. فما جرى عليه المؤلف يوافق
اختيار اللخمي. قوله: (وهل إن أدام إلخ) أي وهل الرشيدة كذلك إذا استمر الزوج على إقراره سواء
كذبت نفسها أم لا، أو يشترط تكذيب نفسها ورجوعها لموافقته والمسألة على طرفين وواسطة، فإن
رجع عن إقراره وكذبته أي وكانت تكذبه قبل رجوعه فلا يؤاخذ بإقراره بحيث يلزمه جميع
الصداق باتفاق التأويلين، وإن لم يرجع وكذبته أي استمرت على تكذيبه فهو محل التأويلين، وإن
كذبت نفسها ورجعت لدعواه وهو مديم لإقراره فيؤاخذ باتفاق التأويلين ونص المدونة، وإن أقر
بالوطئ وأكذبته فلها أخذه بجميع الصداق بإقراره اه‍ أبو الحسن. ظاهرها رجعت إلى قول الزوج
أو أقامت على قولها. وقال سحنون: ليس لها أخذ جميع الصداق حتى تصدقه فحمله عبد الحق عن بعض شيوخه،
وابن رشد في المقدمات على الوفاق وغيرهما على الخلاف انظر بن، إذا علمت هذا فقول المصنف:
وهل إن أدام الاقرار بأنه وطئ تكون الرشيدة كذلك أي بناء على أن بين المدونة وكلام سحنون
خلافا، وقوله: أو إن أكذبت نفسها أي على أن بينهما وفاقا فقوله تأويلان أي بالخلاف والوفاق.
قوله: (فيؤخذ بإقراره) أي وحينئذ يلزمه جميع الصداق إذا طلقها. قوله: (كذبته أو سكتت) فيه أن
الموضوع أنه أقر به فقط، وحينئذ فهي إما مكذبة له أو ساكتة، فالأولى أن يقول: كذبت نفسها
ورجعت لموافقته أم لا. قوله: (فلا اعتراض عليه) أي بحيث يقال إن قوله: وهل الرشيدة كذلك؟ إن
أدام الاقرار يقتضي أنه إذا رجع عنه لا يكون كذلك مع أنه قد يكون كذلك إذا سكت. قوله: (على
شروط الصداق) أي الأربعة وهو كونه طاهرا منتفعا به مقدورا على تسليمه معلوما المشار لها بقول
المصنف: الصداق كالثمن. قوله: (بالفاسد لأقله) أي لنقصه عن أقله. اعلم أن أقل الصداق على المشهور
ربع دينار أو ثلاثة دراهم خالصة من الفضة أو ما يساوي أحدهما من العروض ولا حد لأكثره،
ومقابل المشهور ما نقل عن ابن وهب من إجازته بدرهم، ونقل عنه أيضا أنه لا حد لأقله وأن النكاح
يجوز بالقليل والكثير، ثم إن من عادة المصنف أن يستغني بالأضداد عن الشروط فكأنه قال: شرط
الصداق أن يكون ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو عرضا يساوي ربع دينار أو ثلاثة دراهم، فإن نقص
عن ذلك فسد لكن فساده مقيد بما إذا لم يدخل ولم يتمه. قوله: (خالصة من الغش) أي فلا تجزئ
المغشوشة ولو راجت رواج الكاملة. قوله: (أو نقص عن مقوم) أي أو نقص عن عرض مقوم.
قوله: (فأيهما ساواه) أي فأي الامرين ساوى المقوم صح. قوله: (أشار إلى أن في طلاق الفساد عليه تسمحا)
302

أي والمراد تعرض للفساد إن لم يتمه. قوله: (وأتمه إن دخل) أي إن غفل عنه حتى دخل، وقوله: وأتمه
أي أتمه ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو ما قيمته ذلك لصحة النكاح، ولا يلزمه صداق المثل على القاعدة.
قوله: (وإلا يدخل) أي بأن عثر عليه قبل الدخول. قوله: (ووجب فيه نصف المسمى) أي لما مر من أن
كل نكاح فسد لعقده أو لصداقه وفسخ قبل البناء فلا شئ فيه إلا نكاح الدرهمين وفرقة المتراضعين
والمتلاعنين. قوله: (ويفسخ قبل الدخول) أي ولا شئ لها. قوله: (ويثبت بعده بصداق المثل) أي حتى
في الزوجة الكتابية التي تزوجها بالخمر أو الخنزير، ولو كانت قد قبضت ذلك واستهلكته عند ابن القاسم،
وقال أشهب: لها ربع دينار. اللخمي: وهو أحسن لان حقها في الصداق سقط بقبضها لأنها تستحله وبقي
حق الله اه‍ عدوي. قوله: (لشموله جلد الأضحية) أي بخلاف قوله: أو بما لا يملك فإنه لا يشمل ما ذكر
لان جلد الأضحية وجلد الميتة بعد دبغه يملك وإن كان لا يباع. قوله: (كقصاص) أي كعدم قصاص
لان صورة المسألة: أن امرأة قتلت أبا رجل واستحق ذلك الرجل دمها فاتفق معها على أن يتزوجها
ويجعل صداقها عدم قتلها فإنه لا يجوز، وكذا إذا كان أخوها قد قتل أبا ذلك الرجل واستحق دمه.
تنبيه: أدخلت الكاف ما أشبه القصاص مما هو غير متمول كتزوجه بقراءته لها شيئا من القرآن
كسورة يس مثلا ويجعل ذلك صداقا، وأما لو تزوجها على تعليم القرآن أو شئ منه فسيأتي أن فيه
قولين، وكتزويجه بعتقه أمة على أن يجعل عتقها صداقها، وما ورد من أنه عليه الصلاة والسلام تزوج
صفية وجعل عتقها صداقها فهو من خصوصياته، أو أنه لم يصحبه عمل أهل المدينة. قوله: (ويسقط
القصاص) أي بمجرد التزوج سواء فسخ النكاح قبل الدخول أو ثبت بالدخول. قوله: (ويرجع للدية)
أي لدية العمد سواء فسخ النكاح قبل الدخول أو دخل وله العفو مجانا وليس له الرجوع للقصاص.
قوله: (على التبقية) أي وأما على الجذ فيجوز بشرطه الآتي. قوله: (أو على دار فلان) أي كأن يزوجها
على أن يشتري لها دار فلان بماله ويجعلها لها صداقا، وقوله أو سمسرتها أي بأن يتزوجها على أن يشتري
لها دار فلان بمالها ويجعل سمسرته فيها صداقا لها، وإنما منع النكاح بما ذكر لكثرة الغرر لأنه لا يدري
هل يبيعها ربها أم لا؟ وهل يباع في يوم مثلا أو يومين؟ قوله: (ومحل الفساد) أي في صورة السمسرة الثانية.
وقوله قبل البيع أي إذا تزوجها بالسمسرة قبل البيع. وقوله: وأما بعده أي وأما إذا تزوجها بالسمسرة
بعده. قوله: (بعضه أجل لأجل مجهول) أي وبعضه الآخر حال أو أجل لأجل معلوم، ومحل الفساد
إذا أجل بعضه بأجل مجهول كموت أو فراق ما لم يحكم بصحته حاكم يرى ذلك كالحنفي وإلا كان صحيحا.
قوله: (أو بعضه لأجل) قال المتيطي: المشهور من مذهب مالك وأصحابه وبه العمل أنه إذا أجل الصداق
كلا أو بعضا بأجل ولم يعين قدره فإنه يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل اه‍ عدوي.
قوله: (ولم يقيد الاجل) أي ولم يعين قدره بأن قال: أتزوجها بعشرة كلها أو خمسة منها مؤجلة بأجل وترك
تعيين قدره قصدا، أما إذا كان ترك تعيين قدر الاجل لنسيان أو غفلة فالنكاح صحيح، ويضرب له من
الاجل بحسب عرف البلد في الكوالئ قياسا على بيع الخيار إذا لم يضرب للخيار أجل فإنه يضرب له
أجل الخيار في تلك السلعة المبيعة على خيار والبيع جائز، وقد نقله المواق عن ابن الحاج وابن رشد
303

وغيرهما اه‍ بن. قوله: (كمتى شئت إلخ) ليس هذا مراد المؤلف، إنما مراده أنه ترك تعيين قدر الاجل مثل
ما قلنا كما في التوضيح وابن عرفة وغيرهما، وأما متى شئت فيجوز إن كان مليا كما هو قول ابن القاسم،
والقول بعدم الجواز قول ابن الماجشون وأصبغ، فإذا قال لها: أتزوجك بعشرة متى شئت خذيها كان
مثل أتزوجك بعشرة أدفعها لك عند الميسرة فيجوز عند ابن القاسم إن كان مليا ويمنع عند ابن الماجشون وأصبغ.
قوله: (إنه يصح ويحمل على الحلول) نحوه في المدونة وغيرها. وقال أبو الحسن الصغير: إذا اتفق
هذا في زماننا فالنكاح فاسد لان العرف جرى بأنه لا بد في النكاح من الكالئ فيكون الزوجان قد دخلا
على الكالئ ولم يضربا له أجلا اه‍ بن. قوله: (أو زاد على خمسين سنة) هذا ظاهر إذا أجل الصداق كله أو
عجل منه أقل من ربع دينار، أما إذا عجل منه أكثر من ربع دينار وأجل الباقي إلى الخمسين فالذي يؤخذ
من تعليلهم الفساد هنا بأنه مظنة اسقاط الصداق ان هذا صحيح اه‍ بن. قوله: (إن التأجيل بالخمسين
مفسد) ظاهره ولو كانا صغيرين يبلغها عمرهما، فإن نقص الاجل عن الخمسين لم يفسد النكاح، وظاهره
ولو كان النقص يسيرا جدا طعنا في السن جدا اه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (لأنه مظنة الاسقاط)
أي لأنهما لا يعيشان إلى ذلك غالبا لا سيما إذا كانا مسنين اه‍ خش. قوله: (أو وقع الصداق بمعين)
الأولى أو وقع النكاح بصداق معين أي بالوصف أو برؤية سابقة على العقد، وأولى إذا كان ذلك الغائب
لم ير ولم يوصف وإنما فسخ النكاح للغرر، إذ لا يدري هل يستمر باقيا حتى تقبضه أو يهلك قبل قبضها له
وهو الغالب؟ قوله: (من الأندلس) بفتحتين أو ضمتين قوله: (وجاز بمعين) أي جاز النكاح بصداق معين
غائب على مسافة متوسطة أي لأنه بمظنة السلامة. وقوله عقارا أو غيره لكن الضمان في غير العقار من
الزوج وفي العقار من الزوجة كالبيع. قوله: (وأما في العقار فيصح) أي إذا أسقط الشرط.
قوله: (كاليومين) أي والثلاثة والأربعة والخمسة كما قال بعضهم فإن أصبغ قال بها اه‍ عدوي. قوله: (وهذا
كله) أي ما ذكر من الجواز في المتوسطة إذا لم يشترط الدخول قبل قبضه وفي القريبة جدا مطلقا ولو
اشترط الدخول محله إذا كان الصداق معينا برؤية سابقة أو بوصف وإلا كان فاسدا فالتفصيل المذكور
في المتوسط والقريب، وأما البعيد جدا فالفساد فيه مطلق كما تقدم خلافا لما في خش عن الجيزي من
تقييده بالوصف أو رؤية يتغير بعدها انظر بن. قوله: (وضمنته) أي ضمنت الزوجة الصداق الذي
يحل تملكه. قوله: (في هذه الأنكحة الفاسدة) أي التي فيها الفساد لأجل الصداق كالنكاح لأجل مجهول،
وكالنكاح بالآبق والبعير الشارد وبأقل من ربع دينار، وظاهر الشارح أنها لا تضمن الصداق بالقبض
في النكاح الفاسد لعقده وليس كذلك، فقد قال عج: قول المصنف وضمنته بالقبض هذا إذا كان
الفساد لصداقه دخل أو لم يدخل أو كان فاسدا لعقده وكان فيه صداق المثل كنكاح المحلل أو كان
الواجب فيه المسمى وحصل الضمان قبل أن تدخل، كما إذا قبضت الصداق قبل الدخول وهلك بيدها
فضمانه منها، وأما لو كان فاسدا لعقده ودخل كان ضمانها للصداق بمجرد العقد كالصحيح سواء قبضته
أو كان بيد الزوج. وقال اللقاني: كلام المصنف في الفاسد مطلقا حيث قال: وضمنته أي ضمنت الصداق
الذي يحل تملكه في النكاح الفاسد كان فاسدا لعقده أو لصداقه اه‍. قال شيخنا العدوي: وهو الراجح.
قوله: (إن فات) ليس الفوات شرطا في الضمان كما يتبادر من عبارته بل القبض كاف في الضمان، فقوله: إن
فات شرط في مقدر أي وترد قيمته إن فات، فإن لم يفت ردته للزوج وأخذت صداق مثلها إن دخل
سواء ردته أو ردت قيمته كذا بحث طفي، وقد يقال: قوله إن فات شرط في الضمان بالفعل والذي
304

لا يشترط فيه الفوات الضمان بالقوة فلا اعتراض. قوله: (فأعلى) أي من حوالة السوق كتغيره في بدنه.
قوله: (أو وقع الصداق بمغصوب) الأولى أو وقع النكاح بصداق مغصوب. قوله: (علماه) إنما
يعتبر علمهما إذا كانا رشيدين وإلا فالمعتبر علم وليهما وعلم المجبرة كالعدم وكذا علم المجبر اه‍ عدوي.
قوله: (وترجع عليه بقيمة المقوم ومثل المثلى إلخ) وإنما لم ترجع عليه بصداق المثل لدخولها على
العوض حيث لم يعلم ودخوله على ذلك حيث علم دونها، ومن المعلوم أن قيمة المقوم ومثل المثلى يقومان
مقامه. قوله: (أو وقع باجتماعه مع بيع) أي أو وقع النكاح ملتبسا باجتماعه مع بيع. واعلم أن المشهور
في هذه المسألة أن النكاح فاسد لصداقه يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل كما قال الشارح،
وإذا ثبت النكاح بالدخول ثبت ما معه من البيع بقيمة المبيع وإن لم يحصل فيه مفوت كذا قال عبق.
وظاهره مطلقا أي سواء كان النكاح هو الجل أو لا وليس كذلك ابن عرفة وعلى المشهور من منع
اجتماعه مع البيع، قال اللخمي: فوت النكاح إن كان هو الجل فوت للسلعة ولو كانت قائمة وفوتها وهي
الجل ليس فوتا له لأنه مقصود في نفسه اه‍. ونقل أبو الحسن كلام اللخمي واقتصر عليه. قوله: (على
أن يأخذ منها مائة) أي فبعض الدار صدق وبعضها مبيع. قوله: (مائة في نظير الصداق وثمن الدار)
أي فبعض المائة ثمن للمبيع وبعضها صداق. قوله: (كأن يقول بعتك إلخ) هذا التصوير للشيخ سالم
ومثله لابن رشد في البيان، وصور المسألة تت تبعا للتوضيح بأن قال الأب زوجتك ابنتي لك وهذه
الدار قال طفي وهذا أي اجتماع العطية وللنكاح تفويضا هو الذي عناه المصنف، وأما تصوير الشيخ سالم
ومن تبعه باجتماع البيع والنكاح تفويضا فيحتاج لنقل في جوازها لأنها أشد مما في السماع للتصريح
فيها بالبيع، بخلاف ما في تت فإنه تلفظ بالعطية واعتراضه ساقط لما علمت أن ما صور به الشيخ سالم
صرح به ابن رشد في البيان انظر بن. قوله: (أي أو لم يسم) لواحدة منهما بل نكحهما تفويضا، وترك
المؤلف هذا الأخير لأجل ما رتبه من الخلاف الآتي فإنه لا يجري في هذه الصورة، ولولاه لقال سمي
لهما أو لا، ويكون كلام المصنف حينئذ شاملا للصور الثلاث اه‍ خش. قوله: (وهل وإن شرط إلخ)
أي وهل يجوز جمعهما في عقد مطلقا أي سواء سمى لكل منهما صداق المثل أو دونه، أو سمى لواحدة
صداق المثل أو دونه ونكح الأخرى تفويضا أو سمى لواحدة صداق المثل وسمى للأخرى دونه
أو لم يسم لواحدة ونكحهما تفويضا وإن شرط تزوج الأخرى أي هذا إذا لم يشترط ذلك بل وإن
اشترطه، وقوله: أو إن سمى إلخ أي وإنما يجوز جمعهما عند شرطه تزوج إحداهما على الأخرى إذا سمى
صداق المثل لكل منهما ولو حكما أو إحداهما ونكح الأخرى تفويضا. والحاصل أن محل الخلاف
مقيد بقيدين: أن يشترط تزوج إحداهما على تزوج الأخرى، وأن يفرض لكل أو لبعض أقل من
صداق المثل، وحينئذ فمحل الخلاف ثلاث صور: ما إذا سمى لكل أقل من صداق المثل، أو سمى
لإحداهما صداق المثل والأخرى دونه، أو سمى لإحداهما دونه ونكح الأخرى تفويضا، والحال
أنه في الثلاث صور شرط تزوج إحداهما على الأخرى، أما إن لم يشترط فالجواز باتفاق في الصور
الثلاث كما أنه لو شرط تزوج إحداهما على الأخرى، ولكن سمى لكل صداق المثل أو سماه
لواحدة ونكح الأخرى تفويضا أو لم يسم لواحدة أصلا بل نكحهما تفويضا فالجواز
باتفاق وأولى إذ لم يشترط تزوج إحداهما على الأخرى في هذه الثلاثة. قال عج:
305

ولو قال المصنف عقب قوله أو لإحداهما: إن لم يشترط تزوج الأخرى وإلا فهل يجوز مطلقا أو إلا أن
يسمي ولو حكما صداق المثل. قولان لأفاد المراد بلا كلفة اه‍. ومراده بالتسمية حكما أن يتزوجهما
تفويضا لأنه لما كان الواجب فيه صداق المثل صار في حكم تسميته. قوله: (أو جانبين) أي ولو حكما كما
لو نكحهما تفويضا. قوله: (قولان) صوابه تردد لأنهما للمتأخرين: الأول لابن سعدون والثاني لغيره
كما لابن عبد السلام والتوضيح، وظاهر ابن عرفة عزوه للخمي اه‍ بن. قوله: (وأما إذا لم يسم أصلا)
أي بل نكحهما تفويضا. قوله: (ولا يعجب الامام) كذا في خش. وقوله: وقيل إلخ أي وهو ما في المواق
والشيخ سالم وهو الصواب. قوله: (جمعهما في صداق واحد) أي وما مر جمعهما في عقد واحد وسمى
لكل واحدة صداقا أو سمى لإحداهما أو لم يسم لهما فهذه المسألة مغايرة للأولى. قوله: (والأكثر على
التأويل بالمنع) أي لأنه كجمع رجلين سلعتيهما في البيع وهذا التأويل هو المعتمد اه‍ عدوي.
قوله: (فلا يفسخ) أي النكاح على تأويل الأقل لا قبل البناء ولا بعده. قوله: (ويفض إلخ) وذلك بأن ينسب
صداق مثل كل واحدة لمجموع الصداقين وبتلك النسبة تأخذ كل واحدة من هذا الصداق المسمى،
فلو كان صداق مثل إحداهما عشرة وصداق مثل الأخرى عشرين فالمجموع ثلاثون فالمسمى على
الثلث والثلثين. قوله: (أو تضمن إثباته) أي النكاح. قوله: (ويفسخ قبل) أي قبل البناء ولا شئ لها.
قوله: (ويفسخ أيضا) أي بعد البناء. وقوله أيضا أي كما يفسخ قبله. قوله: (وهي في ملكه) الأوضح أن يقول:
فإن وصفها وصفا شافيا وعين موضعها وهي في ملكه جاز، وأما لو وصفها وعين موضعها وهي
في ملك غيره فالمنع ويفسخ قبله ولا شئ لها ويثبت بعده بمهر المثل. قوله: (كما لو عينها) أي بأن قال:
أتزوجك بهذه الدار أو الدار الفلانية. قوله: (وشرط عليه) أي حين العقد. قوله: (إن كانت له
زوجة) أي في عصمته غيرها. وقوله فألفان أي كان صداقها ألفين. قوله: (حال العقد) إذ لا
تدري حال العقد هل في عصمته زوجة فيكون الصداق ألفين أوليس في عصمته زوجة فالصداق
ألف. قوله: (فأثر) أي ذلك الشك. قوله: (متعلق بالمستقبل) أي من حيث المعلق عليه فإنه أمر يحصل
في المستقبل والأصل عدمه فالغرر فيه أخف من الواقع في الحال. والحاصل أنها في الثانية عالمة بأن
الصداق ألف فهي داخلة عليه فقط والزائد معلق على أمر معدوم في الحال، والأصل عدم وجوده
في المستقبل بخلاف الأولى فإنها لا تدري ما دخلت عليه، إذ لا تدري هل وجب لها بالعقد ألف أو
ألفان؟ وعبارة أبي الحسن لأنها في المسألة الأولى لا تدري ما صداقها أعنده امرأة فلها ألفان أو ليست
عنده فلها ألف، والأخرى ليس فيها غرر إنما هو شرط لها إن فعل فعلا زادها ألفا في صداقها اه‍ بن.
قوله: (أي هذا الشرط) أي اشتراط هذا الشرط بمعنى المشروط. قوله: (ولا يلزمه الألف إلخ).
306

فرع: لو اشترطت المرأة على الرجل في حين العقد الخروج لتمشط كالبلانة أو لتولد كالداية فإنه
لا يلزمه ذلك الشرط. قوله: (وشبه في الكراهة وعدم اللزوم إلخ) فيه نظر لان هذا ليس شرطا في العقد،
وإنما هو تطوع بعد العقد كما بينه ولا كراهة فيه فالتشبيه في عدم اللزوم فقط اه‍ بن. قوله: (قبل العقد)
لو حذفه ليقع الاستثناء من العموم كان أولى، والاستثناء مما تضمنه التشبيه من عدم الرجوع خلافا
لخش في قوله: إن الاستثناء من عدم اللزوم للشرط فإنه لا لزوم له فيما قبل الاستثناء ولا فيما بعده اه‍ بن.
قوله: (فلا يلزمه ما أسقطته عنه) أي لا ترجع عليه بشئ من الألف التي أسقطتها عنه. قوله: (إلا أن تسقط
ما تقرر بعد العقد فخالف فيلزمه ما أسقطته عنه) أي وحينئذ فيرجع عليه به، وقيد ابن عبد السلام
رجوعها عليه بما إذا خالف عن قرب، وأما إذا خالف عن بعد كالسنتين فلا رجوع لها عليه كمن أعطته
مالا على أن لا يطلقها أو على أن يطلق ضرتها ففعل، ثم حصل موجب الخلاف بأن طلق المرأة أو أعاد
الضرة لعصمته، فإن كان عن قرب رجعت عليه بما دفعت له، وإن حصل بعد طول فلا رجوع لها، وكمن
سأل مشتريا الإقالة فقال: إنما تريد البيع لغيري لأني اشتريت برخص فقال: متى بعتها لغيرك فهي لك
بالثمن الأول، فإن باع لغير المقيل قرب الإقالة فللمقيل شرطه، وإن باع بعد طول فالبيع لغير المقيل نافذ
ولا قيام للمقيل بشرطه والطول سنتان، لكن ما ذكره ابن عبد السلام من التقييد ففي مسألة المصنف
بالقرب اعترضه ح في التزاماته بأن اللخمي نص على أنها ترجع عليه مطلقا سواء خاف عن قرب أو
بعد وهو ظاهر المدونة، والمتيطي وابن محرز وابن فتحون وغيرهم كذا في بن ونحوه في شب واختاره
شيخنا. قوله: (وهذا الاسقاط مقيد إلخ) الأولى ومحل الرجوع عليه بما أسقطته إذا لم تتوثق مع
اسقاطها بيمين، أما لو توثقت معه بيمين فلا ترجع كما إذا قال بعد الاسقاط: إن تزوجت فسريتي حرة أو
فضرتك طالق أو فأمرك بيدك. قوله: (فإن كان بيمين) أي مصاحبا ليمين. قوله: (على عتق) الأولى
حذف على أي تعليق عتق أو طلاق أو أمرها بيدها. قوله: (لئلا يجتمع إلخ) الظاهر في العلة هو أن
الألف أسقطتها عنه في مقابلة اليمين وقد وجدت فلذا لم ترجع بها اه‍ بن. قوله: (أو كان إلخ) أشار
الشارح إلى أن المعطوف بأو محذوف والمعطوف عليه فعل الشرط من قوله: إن نقص عن ربع دينار.
قوله: (كزوجني أختك مثلا) أي أو بنتك أو أمتك فلا فرق بين من يجبرها على النكاح وغيرها.
قوله: (على أن أزوجك أختي) أي أو ابنتي أو أمتي، وقوله بمائة أي أو بأقل أو بأكثر فلا يشترط في وجه
الشغار اتحاد المهر كما في مثال المصنف بل المدار فيه على مجرد التسمية. قوله: (وهو وجه الشغار) الشغار
في أصل اللغة رفع الكلب رجله عند البول، ثم استعمل لغة فيما يشبهه من رفع رجل المرأة عند الجماع، ثم نقله
الفقهاء واستعملوه في رفع المهر من العقد، وإنما سمى القسم الأول وجها لأنه شغار من وجه دون وجه،
فمن حيث إنه سمى لكل منهما صداقا فليس بشغار لعدم خلو العقد عن الصداق، ومن حيث أنه شرط
تزوج إحداهما بالأخرى فهو شغار فكأن التسمية فيهما كلا تسمية فلذا سمى وجه الشغار. وأما
تسمية القسم الثاني صريحا فهو واضح للخلو عن الصداق، وقدم المصنف وجه الشغار اعتناء بالرد على
من أجازه كالامام أحمد ومذهب الحنفية صحة نكاح الشغار مطلقا. قوله: (ويفسخ قبل البناء) أي
بطلاق لأنه مختلف فيه كما علمت. قوله: (بل على وجه المكافأة) أي كما لو زوجه أخته وابنته فكافأه
307

الآخر بمثل ذلك من غير أن يفهم توقف نكاح إحداهما على نكاح الأخرى. قوله: (دون الأخرى)
أي كزوجني ابنتك بمائة على أن أزوجك ابنتي أو أمتي بلا مهر. قوله: (فالمسمى لها تعطى حكم وجهه)
أي فيفسخ نكاحها قبل البناء ولا شئ لها ويثبت بعده بالأكثر من المسمى وصداق المثل.
قوله: (تعطى حكم صريحه) أي فيفسخ نكاحها قبل البناء وبعده ولها بعد البناء صداق المثل.
قوله: (وعلى حرية إلخ) عطف على فيه وعلى متعلقة بمحذوف كما أشار لذلك الشارح في خياطة المتن، وحاصله
أنه إذا تزوج أمة وشرط على سيدها أن أولادها كلهم أو بعضهم يكونون أحرارا، فإن النكاح يفسخ
أبدا، ولها بالدخول المسمى إذا حصل منها أولاد كانوا أحرارا بالشرط لتشوف الشارع للحرية
والولاء لسيد أمهم، وأما لو تطوع السيد بذلك بعد العقد فلا فسخ ويلزم عتقهم أيضا. قوله: (لأنه من
باب بيع الأجنة) أي لان هذا الصداق بعضه في مقابلة الأولاد، وبعضه في مقابلة الاستمتاع بالزوجة.
قوله: (ويكون الولد حرا) أي أنه إذا حصل منها أولاد فإنهم يكونون أحرارا بالشرط لتشوف
الشارع للحرية ما لم تستحق تلك الأمة لغير سيدها الذي زوجها لان ذلك المستحق لم يدخل على
الشرط. قوله: (ولها بالدخول المسمى) أي لان فساد هذا النكاح لعقده لا لصداقه. قوله: (الأكثر من
المسمى وصداق المثل) الظاهر كما قال بعضهم: إن من للبيان المشوب بتبعيض أي لها الأكثر الذي
هو أحدهما إلا أنها للمفاضلة لئلا يقتضي أنها تأخذ أكثر منهما. قوله: (ولا ينظر) أي في المسمى لما صاحب
الحلال. قوله: (بدليل قوله) ولو زاد إلخ) وجه الدلالة أنه لو أريد بالمسمى الحلال والحرام لم يكن صداق
المثل أكثر منه إلا إذا كان زائدا على الجميع فلا يبالغ عليه. قوله: (ولو زاد إلخ) هذه المبالغة بالنسبة
لمسألة مائة حالة ومائة مؤجلة بأجل مجهول، والمعنى هذا إذا كان صداق المثل الأكثر من المسمى زائدا
على المسمى الحلال فقط بل ولو كان زائدا على الجميع، ورد بلو قول ابن القاسم: بأن لها الأكثر
من صداق المثل والمسمى الحلال إن لم يزد صداق المثل على جميع الحلال والحرام، فإن زاد صداق المثل
عليهما فليس لها إلا الجميع تأخذه حالا لأنها رضيت بالمائة لأجل مجهول تأخذها حالة أحسن لها.
قوله: (لأنه أكثر من المسمى الحلال وهو المائة) أي المصاحبة للمائة المؤجلة بأجل مجهول. قوله: (لان المسمى
الحلال) أي وهو المائة المصاحبة للمائة المؤجلة بأجل مجهول أكثر إلخ. قوله: (وقدر بالتأجيل إلخ)
قدر بالبناء للمفعول ونائب الفاعل ضمير عائد على صداق المثل. وقوله بالتأجيل متعلق بقدر،
والمعلوم صفة للتأجيل بمعنى المؤجل، والمعنى وقدر صداق المثل بالنظر للمؤجل المعلوم بالنظر
للحال لا بالنظر للمجهول إن وجد في المسمى مؤجل بأجل معلوم لأجل أن يعلم الأكثر من المسمى
وصداق المثل، واستشكل هذا بأن صداق المثل إنما ينظر فيه لأوصاف المرأة من مال وجمال وحسب
ونسب ولا ينظر فيه لحلول ولا تأجيل، وأجيب بأن النظر للحلول والتأجيل عند جهل الأوصاف
المذكورة وحينئذ فلا إشكال. قوله: (أي بالمؤجل) أي بالنظر للمؤجل المعلوم كما يقدر بالنظر
للحال ولا يقدر بالنظر للمجهول. قوله: (ويلغى المجهول) أي ما أجل بأجل مجهول. قوله: (وإن
لم يكن فيه) أي في المسمى مؤجل بأجل معلوم. قوله: (على أن فيه) أي في المسمى صداقها المسمى.
308

قوله: (أن لها في الوجه) أي وجه الشغار. قوله: (وهو ظاهر المدونة) أي عند ابن أبي زيد. قوله: (وتؤولت
أيضا) أي كما تؤولت على ما سبق. قوله: (بالمسمى لها) أي وأما إذا دخل بغير المسمى لها فلها صداق المثل
اتفاقا. قوله: (إنما هما في المركب) أي وأما إذا سمي لهما معا فكل من دخل بها منهما لها الأكثر من المسمى
وصداق المثل اتفاقا هذا ظاهره. قوله: (أي في أحد فرديه) وهو ما إذا دخل بالمسمى لها فابن أبي زيد
حملها على ظاهرها من لزوم الأكثر من المسمى وصداق المثل، وابن لبابة حملها على لزوم صداق المثل.
قوله: (مع أنهما فيه) أي في المركب. قوله: (وفيما إذا سمى لهما معا) أي الذي هو وجه الشغار، فإذا حصل
منه دخول كان لها الأكثر من المسمى وصداق المثل على المشهور وقيل صداق المثل فقط. قوله: (بأن
جعل صداقها منافع ما ذكر مدة) أي كأن يقول: أتزوجك بمنافع داري أو دابتي أو عبدي سنة ويجعل
تلك المنافع صداقها وكأن يجعل صداقها خدمته لها في زرع أو في بناء دار أو في سفر الحج مثلا.
قوله: (وتعليمها قرآنا) أي وأما تزوجها بقراءة شئ من القرآن لها ويجعل ثواب القراءة صداقا فهو فاسد
اتفاقا. قوله: (محدودا) أي كربع القرآن أو سورة مثلا. وقوله بحفظ أي حالة كون التعليم ملتبسا بحفظ
أو بالنظر والمطالعة في المصحف. قوله: (أو غيرها) أي كالتعليم والركوب والسكنى والاستخدام.
قوله: (للفسخ) أي من وقت أخذه في التعليم أو الخدمة إلى وقت الفسخ. قوله: (وما ذكره المصنف) أي من
الفسخ ورجوع الزوج عليها بقيمة عمله ضعيف. والحاصل أن القول بالمنع قول مالك وهو المعتمد،
وعليه فقال اللخمي: إنه يفسخ النكاح قبل البناء ولا شئ لها ويثبت بعده بصداق المثل ويرجع الزوج
عليها بقيمة عمله. وقال ابن الحاجب: إنه على القول بالمنع النكاح صحيح قبل البناء وبعده ويمضي بما
وقع به من المنافع للاختلاف فيه وهذا هو المشهور، فكان على المصنف أن يحذف قوله ويرجع بقيمة
عمله. قوله: (والراجح أن النكاح صحيح) ما ذكره الشارح من أن الراجح هو المنع مع الصحة مطلقا
هو الذي فسر به المصنف في التوضيح قول ابن الحاجب وفي كون الصداق منافع كخدمته
مدة معينة أو تعليمه قرآنا منعه مالك وكرهه ابن القاسم وأجازه أصبغ، وإن وقع مضى على المشهور اه‍.
فقال: هذا تفريع على ما نسبه لمالك من المنع، وأما على الجواز والكراهة فلا يختلف في
الامضاء وإنما يمضي على المشهور للاختلاف فيه. قوله: (بما وقع عليه) أي به أي مضيه
ظاهر بما وقع به من المنافع لا بصداق المثل. قوله: (كالمغالاة فيه) تشبيه في القول الثاني فقط
وهو الكراهة لا في جريان الخلاف كما أشار له الشارح. قوله: (والمراد بها إلخ) أي وليس
المراد بها كثرة الصداق في نفسه. وقوله: إذ هي إلخ علة لقوله: والمراد إلخ. قوله: (أي يكره
تأجيله) أي تأجيل كله أو بعضه قاله شيخنا العدوي، والعلة تقتضي أن المكروه تأجيل كله تأمل.
قوله: (يتذرع) بالذال المعجمة أي يتوسل. قوله: (بألف) هذا فرض مثال، وكذا قوله بألفين والمراد
أنه أمره أن يزوجه بقدر معلوم فزاد عليه زيادة لا تغتفر والديناران في عشرين والأربعة في المائة يسير.
309

قوله: (عاينت توكيل الزوج) أي وحضرت عقد الوكيل على الألفين فالتعدي لا يثبت بالنية إلا إذا
وجد الأمران أما لو شاهدت توكيل الزوج فقط أو شاهدت العقد فقط أو لم يكن هناك بينة فالتعدي
لا يثبت حينئذ إلا بالاقرار. قوله: (وإلا يثبت التعدي) أي والموضوع بحاله من أنه حصل دخول وأن
العقد وقع على ألفين والوكيل يقول: وكلني الزوج على أن أزوجه بألفين وفعلت كما أمرني، والزوج
يقول: إنما أمرته بألف فقط. قوله: (إنما أمر الوكيل بألف) أي وأنه لم يعلم بالألف الثانية إلا بعد
البناء زاد بعضهم: وأنه ما رضي بذلك بعد أن علم به. قوله: (إن كانت دعوى اتهام) أي بأن قالت الزوجة:
اتهمك في أنك قد تعديت بزيادة الألف الثانية. قوله: (فإن حققت عليه الدعوى) أي بأن قالت له: أنا
محققة وجازمة بأنك تعديت بزيادة الألف الثانية. قوله: (حلفت) أي عند نكول الوكيل. قوله: (فإن
نكل) أي الوكيل قوله: (وهو قول محمد) أي وهو المعتمد كما قرره شيخنا العدوي. قوله: (على أن النكول)
أي نكول الزوج. وقوله: هل هو كالاقرار أي كإقراره بأنه وكله بألفين قوله: (وإن لم يدخل الزوج بها)
أي ولم يعلم واحد منهما بالتعدي قبل العقد وإنما علما به بعد العقد. قوله: (لزم الآخر) محل اللزوم إذا
كان الراضي منهما حرا رشيدا وإلا فلا عبرة برضاه، وحينئذ فإذا لم يحصل دخول فسخ النكاح بلا طلاق،
وأما إن دخل فينبغي أن يكون لها في دخول السفيه والعبد القدر الذي أذن به السيد وولي الزوج وهو
الألف لا ما زوج به الوكيل، كذا في حاشية شيخنا وشب نقلا عن المدونة. قوله: (بطلاق) أي ولا شئ
فيه لان فسخه لاختلافهما في قدر الصداق، وسيأتي أنهما إذا تنازعا قبل الدخول في قدره فإنه يفسخ
ولا شئ لها، ومحل فسخ النكاح إذا لم يرض كل واحد منهما بقول الآخر: إذا قامت لكل منهما بينة، وأما
إذا لم تقم بينة لهما أو لأحدهما فهو ما ذكره المصنف بقوله: ولكل تحليف الآخر إلخ. قوله: (وهو ظاهر
كلامهم) أي لان التفصيل بين ثبوت تعديه وعدمه إنما ذكروه فيما إذا حصل دخول. قوله: (لا إن
التزم) عطف على معنى ما مر، أي فإن لم يدخل لزم النكاح إن رضي أحدهما بما قال الآخر لا إن لم يرض
أحدهما بقول الآخر، والتزم الوكيل الألف الثانية وأبى الزوج فلا يلزمه النكاح، وأما لو رضي
الزوج بذلك فإن النكاح يلزم ولو أبت المرأة وإنما لم يلزمه النكاح، ولو رضيت الزوجة لمنة الوكيل
على الزوج ولحصول الضرر له بزيادة النفقة لان نفقة من صداقها كثير أكثر من نفقة من صداقها
قليل. قوله: (ولكل تحليف الآخر) هذا مرتبط بمفهوم قوله: ورضي أي وإن لم يرض أحدهما بما
ادعى الآخر، والحال أنه لم يحصل دخول ولم تقم لأحدهما بما ادعاه بينة أي لم تقم بينة له أنه وكل بألف
فقط ولا لها إن عقدها وقع بألفين أو قامت بينة لها ولم تقم للزوج أو قامت بينة للزوج دونها،
ففي هذه الصور الثلاث لكل واحد من الزوجين أن يحلف صاحبه على سبيل البدل كما
بينه الشارح، وأما إذا قامت بينة لكل منهما فلا يمين عليهما وليس إلا الفسخ كذا قال الشيخ سالم،
وقال غيره: يحلفان معا لأنه عند تعارض البينتين وتساقطهما لم يبق إلا مجرد تداعيهما فاحتيج
ليمينهما، وفيه أنه لا تعارض بينهما أصلا، فالحق ما قاله الشيخ سالم من أنه إذا رضي أحدهما بقول الآخر
310

فالامر ظاهر، وإلا فسخ من غير يمين وهو ما في التوضيح وابن عرفة. قوله: (أو أنها كناية إلخ) هذا
الاحتمال أنسب بالظرفية، بخلاف الاحتمال الأول فلا تظهر فيه الظرفية. قوله: (وهي حالة الحر إلخ) أي
المكلف الرشيد وحالته هي الحرية والرشد والتكليف، وما ذكره الشارح من أن المراد بالحالة التي يفيد
فيها الاقرار حالة الحر إلخ تبع فيه البساطي، وقيل المراد بالحالة التي يفيد فيها إقراره هو أن لا تقوم له بينة،
وأن قوله: إن لم تقم بينة زيادة بيان لقوله فيما يفيد إقراره وهذا هو الذي يفيده التوضيح. قوله: (لكل
تحليف صاحبه) أي ويبدأ الزوج باليمين على المعتمد خلافا لما رجحه ابن يونس من تبدئة الزوجة
فتحلف أن العقد وقع بألفين، فإن رضي الزوج بذلك فلا كلام، وإن لم يرض بهما حلف ما أمر الوكيل
إلا بألف، وإذا لم ترض المرأة بها فسخ النكاح، وسيأتي ذلك في كلام الشارح. قوله: (وهي ما إذا قامت لها
بينة) أي على أن العقد عليها وقع بألفين. قوله: (بطلقة بائنة) أي لأنها قبل الدخول. قوله: (ولا ترد إن
اتهمه) فإذا توجهت اليمين للزوجة على الزوج أنه ما أمر إلا بألف فنكل لزمه النكاح بألفين بمجرد نكوله
إن كانت تتهمه أنه أمر الوكيل بألفين أو توجهت اليمين للزوج على الزوجة أنها ما رضيت بألف
فنكلت لزمها النكاح بألف بمجرد نكولها إن كان يتهمها على الرضا بذلك كما مر. قوله: (أتحقق أنك
أمرت) أي أو علمت قبل العقد بألفين. قوله: (إنك رضيت) أي أو علمت قبل العقد بألف.
قوله: (ردت اليمين) أي إذا نكل من توجهت عليه. قوله: (فيما إذا لم تقم بينة) أي وأما متى قامت بينة لأحدهما فلا
خلاف بينه وبين غيره في أن من قامت له البينة لا يمين عليه وإنما اليمين على صاحبه. قوله: (ونكولهما
كحلفهما) فكما يفسخ النكاح بعد حلفهما وعدم رضا الزوجة بالألف كذلك يفسخ إذا نكلا ولم ترض
بألف. قوله: (ويتوقف الفسخ على حكم) هذا هو قول ابن القاسم وهو المأخوذ من قول المصنف: ثم
للمرأة الفسخ، ومقابله لسحنون أن الفسخ يقع بمجرد اليمين كاللعان وخلافهما جار فيما إذا توجهت
اليمين عليهما أو على أحدهما اه‍ بن. قوله: (ان الذي يبدأ هو الزوج) أي كما هو قول مالك
وابن القاسم: فإذا حلف ورضيت الزوجة بالألف فلا كلام وإن لم ترض حلفت، فإن لم يرض الزوج
بألفين فسخ النكاح. قوله: (وإلا صح خلافه) أي وهو تبدئة الزوج باليمين وأنه ليس كالاختلاف
311

في قدر الصداق إلخ. قوله: (وإن علمت إلخ) حاصله أن جميع ما تقدم حيث لم يعلم واحد من الزوجين بالتعدي،
وأشار هنا لما إذا علم به أحدهما أو كل منهما. قوله: (ومكنت من نفسها) راجع لقوله قبل البناء، وقوله أو
من العقد راجع لقوله قبل العقد، فإذا علمت بتعدي الوكيل قبل البناء ومكنت من نفسها أو علمت
بتعديه قبل العقد ومكنت من العقد كان الواجب لها ألفا فقط كذا للشيخ سالم، والذي قاله عج
والشيخ أحمد الزرقاني إن علمها قبل العقد بالتعدي لا يوجب لزوم النكاح لها بألف إلا إذا انضم لذلك
تلذذه أو وطؤه وهو ما يفيده الشارح بهرام والتوضيح وابن عرفة وصوبه بن. قوله: (فألف) أي
فالواجب لها ألف لان تمكينها من نفسها أو من العقد على ما فيه مع علمها بالتعدي مسقط للألف الثانية.
قوله: (أي علم الزوج فقط) أي قبل البناء أو العقد. قوله: (بتعدي الوكيل) أي واستوفى البضع. وقوله
لدخوله على ذلك أي على الألفين وتفويته البضع. قوله: (وإن علم كل منهما) أي قبل البناء أو قبل العقد.
قوله: (وعلم بعلم الآخر) أي وعلم بعلم صاحبه بتعدي الوكيل. قوله: (أي انتفى العلم عنهما) أي انتفى عن
كل واحد منهما علمه بعلم صاحبه بتعدي الوكيل. قوله: (بدليل ما بعده) أي وهو علم أحدهما بعلم صاحبه
دون الآخر فذكره فيما بعد انتفاء العلم عن أحدهما دون الآخر يدل على أن المراد هنا انتفاء العلم عن كل
واحد منهما. قوله: (تغليبا لعلمه على علمها) لأنه لما علم بذلك ودخل عليه فكأنه التزم الألف الثانية ولا
عبرة بعلم الزوجة حينئذ. قوله: (لزيادة الزوج بعلمه) فمن حجته أن يقول لها: قد مكنتني من نفسك مع
علمك بالتعدي وأنا ما دخلت عليك إلا مع علمي بأنك رضيت بالألف. قوله: (وبالعكس إلخ) أي فإذا
كانت الزوجة هي التي قد علمت بعلم الزوج بتعدي الوكيل فإنه يقضي لها بألفين لان الزوج لما علم
بتعدي الوكيل فقد دخل راضيا بالألفين، والزوجة قد علمت بعلمه بذلك فلم تمكنه إلا على الألفين.
قوله: (فمجموع الصور ست) وذلك لان العلم بالتعدي من أحدهما فيه صورتان والعلم به من كل منهما
فيه أربع أن يعلم كل واحد بعلم الآخر أو لا يعلم واحد بعلم الآخر، أو يعلم الزوج فقط بعلمها أو تعلم
هي فقط بعلمه. قوله: (ولم يلزم تزويج آذنة) يعلم من كونها آذنة أنها غير مجبرة فالجمع بينهما للتأكيد،
إلا أن يراد بالاذن ما يشمل المستحب الذي في المجبرة فأخرجه بقوله غير مجبرة، وحاصله أن المرأة إذا
كانت مالكة لامر على نفسها كالرشيدة واليتيمة التي تزوج بالشروط المتقدمة التي من جملتها أن تأذن
بالقول إذا أذنت لوليها أن يزوجها ولم تسم له قدرا من الصداق، وسواء عينت له الزوج أو لم تعينه،
فزوجها بدون صداق مثلها، فإنه لا يلزمها النكاح إلا أن ترضى الزوجة بذلك، فإن رضي الزوج بإتمام
صداق المثل بعد أن أبت لزم النكاح إن كان مع القرب لا مع الطول، وإذا دخل بها الزوج حيث
زوجت بأقل من صداق المثل ولم تعلم بذلك إلا بعد الدخول ولم ترض بذلك كان على الزوج
لا على المزوج أن يكمل لها صداق المثل لأنه باشر إتلاف سلعتها بخلاف المزوج، وهذا بخلاف من
وكل شخصا على بيع سلعة فباعها بأقل من قيمتها فإن باقي القيمة يرجع به على البائع حيث فاتت
لا على المشتري وبقيت مسألة وهي ما إذا آجر الناظر عقارا أو أرض زراعة بغير أجرة المثل، فذكر
المتأخرون أن المستحقين يرجعون بما وقعت به المحابات على الناظر المؤجر لا على المستأجر وهو
الظاهر لان الإجارة أقرب للبيع من النكاح اه‍ شيخنا عدوي. وفي البرموني: أن تكميل الصداق
على الولي قياسا على وكيل البيع يبيع بأقل من القيمة وتفوت السلعة بيد المشتري ولكن عج
اعتمد الأول. قوله: (غير مجبرة) احترز به عن مجبرة الأب أو السيد إذا زوجها بدون صداق المثل
فإنه يلزمها ولو بربع دينار وكان صداق مثلها ألفا إذا كان ذلك نظرا لها، ولا مقال لسلطان ولا لغيره،
وفعله أبدا محمول على النظر حتى يثبت خلافه بخلاف الوصي. قوله: (وإلا لم يلزم أيضا) أي كما مر في قول
312

المصنف وإن وكلته ممن أحب عين وإلا فلها الإجازة والرد. قوله: (وعمل بصداق السر إلخ) يعني أن
الزوجين إذا اتفقا على صداق بينهما في السر وأظهرا في العلانية صداقا يخالفه قدرا أو صفة أو جنسا
فإن المعول عليه والمعتبر ما اتفقا عليه في السر، سواء كان شهود السر هم شهود العلانية أو غيرهم، خلافا لأبي
حفص بن العطار من أنه لا بد من إعلام بينة السر بما وقع في العلانية كما في نقل المواق عنه، فإن تنازعا
وادعت المرأة على الرجل أنهما رجعا عما اتفقا عليه في السر إلى ما أظهراه في العلانية وأكذبها الزوج
كان لها أن تحلفه على ذلك، فإن حلف عمل بصداق السر، وإن نكل عمل بصداق العلانية بعد حلفها على
الظاهر كما نقله بن عن ابن عاشر، ومحل حلف الزوج ما لم تقم بينة على أن صداق العلانية لا أصل له وإنما
هو أمر ظاهري، والمعتبر إنما هو صداق السر وإلا عمل بصداق السر من غير تحليفه، وقد يقال: إن عدم
التحليف عند قيام البينة مشكل، فإن الرجوع عما اشهدا عليه ممكن كالرجوع عما تصادقا عليه قاله البدر.
قوله: (فادعت) أي بأن ادعت إلخ وهذا تصوير للتنازع. قوله: (وحلفته) أي فإن حلف عمل
بصداق السر، وإن نكل عمل بصداق العلانية بعد حلفها كما مر. قوله: (وإن تزوج إلخ) هذا كالتفريع
على صحة نكاح السر لأنهم أظهروا ثلاثين واللازم هو العشرون. قوله: (سقطت العشرة المسكوت
عنها) أي لان تفصيله بالبعض كالناسخ لاجماله الكثير، ومفهوم قوله بثلاثين أنه لو تزوجها بعشرين
وقالوا عشرة نقدا وسكتوا عن العشرة الثانية فنظر فيه شيخنا العلامة السيد البليدي، والظاهر كما قال
بعض المحققين أنه كمؤجل بعضه بأجل مجهول لان النقد لا بد له من مقابل تأمل. قوله: (ونقدها)
ومثل عجل لها ودفع لها. قوله: (مقتض لقبضه) أي مقتض عرفا أن الزوجة قد قبضته. قوله: (لان معناه
عجل لها) أي والتعجيل معناه الدفع. قوله: (وأما النقد منه كذا) أي كما إذا كتب الموثق تزوج فلان
فلانة بمائة النقد منها كذا والمؤجل منها كذا، فلا يكون مقتضيا أن الزوجة قد قبضته قوله: (والظاهر
أنه لا يقتضي القبض) أي لان المراد بالنقد ما قابل المؤجل لا المقبوض، وإلا لكان قوله النقد من
الصداق كذا مقتضيا لقبضه وقد مر خلافه، والظاهر أنه لا يحتاج ليمين من جانب من صدق اه‍ خش.
قوله: (فيما قبل البناء) أي فيما إذا وقع التنازع قبل البناء بأن ادعى الزوج قبل البناء أنه دفع من الصداق
كذا وادعت المرأة أنه لم يدفع شيئا. قوله: (لان القول قول الزوج) أي في أنه دفع كذا إذا وقع التنازع
بعد البناء، سواء وجد في الوثيقة نقدها بصيغة الماضي أو نقده بصيغة المصدر المضاف أو المحلى بأل.
قوله: (ونكاح التفويض عقد بلا ذكر مهر إلخ) عبارة ح قوله: عقد بلا ذكر مهر تفسير لنكاح التفويض
والتحكيم لأنه لما جمع النوعين فسرهما بالقدر المشترك بينهما وهو عدم ذكر المهر، ولكل من النوعين
فصل يمتاز به، فيمتاز التفويض بزيادة لم يصرف تعيينه لحكم أحد، ويمتاز التحكيم بزيادة صرف تعيينه
لحكم أحد كما إذا تزوج امرأة على حكم فلان فيما يعينه من مهرها، وإذا علمت هذا تعلم أن جعل الشارح
كلام المصنف تعريفا للتفويض فقط فيه نظر، وأما تعليله بقوله: ويزاد إلخ أي لأنه يزاد إلخ يقال عليه كما
يزاد ما ذكر في التحكيم يزاد في التفويض ما مر عن ح، والمصنف لم يذكر واحدا من القيدين، فتعين
أن يكون تعريفا لهما بالقدر المشترك بينهما. قوله: (بلا ذكر مهر) صفة لقوله عقد، وقوله بلا
313

وهبت حال من النكرة المخصصة وهي عقد لأنها خصصت بالصفة فاندفع ما يقال: إن فيه تعلق
حرفي جر بعامل واحد. قوله: (فإن عين مهرا) بأن قال: وهبتها لك بصداق قدره كذا أو قال: وهبتها لك بكذا.
قوله: (وفسخ إن وهبت نفسها إلخ) هذه صورة أخرى غير التي قبلها لان الأولى قصد فيها الولي النكاح
وهبة الصداق، وهذه لا خلاف في أنه يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل، والفرض أن هبة
المهر قبل الدخول، وأما بعده فالهبة ماضية والنكاح صحيح ولا فسخ ولا شئ، وأما هذه فقصد فيها هبة
نفس المرأة لا النكاح ولا هبة الصداق قال في التوضيح: قال ابن حبيب: والحكم فيها الفسخ قبل البناء
ويثبت بعده بصداق المثل، واعترضه الباجي وقال: إنه يفسخ قبل البناء وبعده وهو زنا ويجب فيه
الحد وينتفي الولد انظر ح. قوله: (بالبناء للمفعول) هذا الضبط أولى من بناء الفعل للفاعل لشمول
الأول لما إذا كان الواهب لها وليها أو هي، وأما الثاني فهو قاصر على ما إذا وقعت الهبة منها. قوله: (تأكيد
للضمير المستتر) أي الذي هو نائب الفاعل، واعترض بأنه لا يصح كونه توكيدا لان ضمير الرفع
المتصل لا يؤكد بالنفس أو العين إلا بعد توكيده بضمير منفصل وليس بموجود هنا، قال في الخلاصة:
وإن تؤكد الضمير المتصل بالنفس والعين فبعد المنفصل
عنيت ذا الرفع إلخ، فالصواب أن يجعل نفسها هو نائب الفاعل أي وهبت ذاتها. قوله: (وإلا فهي
ما قبلها) أعني قوله بلا وهبت، وقوله سابقا وبإسقاطه. قوله: (ليست من النكاح في شئ) لان تمليك
الذات مناف للنكاح. قوله: (واستحقته بالوطئ) أي في نكاح التفويض، وحاصله أن المرأة لا تستحق
صداق مثلها في نكاح التفويض إلا بالوطئ ولو حراما لا بموت أحدهما قبل الدخول وإن كان لها
الميراث، ولا بطلاق قبل البناء ولو بعد إقامتها سنة فأكثر في بيت زوجها، وانظر نكاح التحكيم هل تستحق
فيه صداق المثل بالوطئ أو لا تستحق إلا ما حكم به المحكم ولو حكم به بعد موت أو طلاق؟ فإن تعذر حكمه
بكل حال كان فيه صداق المثل بالدخول اه‍ عدوي. وهذا إنما يظهر على التأويل الأخير فيما يأتي تأمل.
قوله: (أو طلاق) أي قبل البناء. قوله: (إلا أن يفرض لها دون المثل فيهما) أي في الموت والطلاق.
قوله: (وترضى به) أي ويثبت بالبينة أنها رضيت بذلك قبل الموت أو الطلاق. قوله: (فإن فرض المثل لزمها)
أي لزمها النكاح بما فرضه واستحقت ذلك المفروض بالموت قبل البناء وتشطر بالطلاق ولا يعتبر
رضاها. والحاصل أن اشتراط المصنف الرضا محمول على ما إذا كان المفروض لها أقل من صداق
المثل، أما إن كان المفروض لها صداق المثل فلا يحتاج إلى رضاها إذ هو لازم لها تستحقه بالموت
وتشطر بالطلاق. قوله: (ولا تصدق إلخ) حاصله أن الزوج إذا ثبت أنه فرض لزوجته في نكاح
التفويض دون مهر المثل ولم يثبت رضاها به حتى طلقها أو مات عنها قبل البناء فبعد الطلاق أو الموت
ادعت أنها كانت رضيت بما فرض لها من ذلك فإن دعواها بذلك لا تقبل بمجردها، ولا بد من بينة
تشهد بأنها رضيت بذلك قبلهما، فلو ثبت أنه فرض لها صداق المثل قبل الموت أو الطلاق ولم يثبت
رضاها به فلما مات أو طلقها ادعت أنها كانت رضيت به قبل الموت أو الطلاق كان لها الجميع
في الموت والنصف في الطلاق لما علمت أنه إذا فرض لها صداق المثل لزمها ولا يعتبر رضاها، وأما إذا لم
يثبت أنه فرض لها قبل الموت أو الطلاق وإنما ادعت ذلك بعدهما فلا تصدق سواء ادعت أنه فرض
لها صداق المثل أو أقل. والحاصل أن عندنا حالتين: أن يثبت أنه فرض لها وفي هذه يفصل بين كون
المفروض صداق المثل أو أقل. والثانية: أن لا يثبت فرضه لها قبلهما وإنما ادعت ذلك بعدهما وفي هذه لا
تصدق مطلقا. قوله: (أي في الرضا) أي المفهوم من قوله وترضى. قوله: (ولها طلب التقدير) يعني أن
الزوجة في نكاح التفويض لها أن تمنع نفسها من الزوج وتطلب منه أن يفرض لها صداقا تعلمه قبل
314

الدخول لتكون على بصيرة من ذلك ولها أن لا تطلبه بذلك، وإذا فرض لها شيئا فليس لها أن تمنع نفسها
حتى تقبضه بل تجبر على التمكين، وما مر من أن لها منع نفسها حتى تقبض ما حل من الصداق خاص
بنكاح التسمية كذا قال ابن شاس، وقيل لها المنع حتى تقبض ما فرضه لها كنكاح التسمية وهو قول
اللخمي انظر بن. قوله: (وإلا فيكره إلخ) أي وحينئذ فيندب لها طلب التقدير قبل الدخول.
قوله: (ولزمها) أي المقدر وهو المفروض كما يلزمه ذلك أيضا. قوله: (ولا يلزمه أن يفرض مهر المثل) أي
بعد العقد من غير تسمية للمهر، وكما لا يلزمه أن يفرض لها مهر المثل في نكاح التفويض لا يلزمه أن
يحكم به في نكاح التحكيم، فقول المصنف: ولا يلزمه أي لا في نكاح التفويض ولا في نكاح التحكيم.
قوله: (أي كتحكيم الزوج) أي في أن المعتبر فرض الزوج. وقوله: ولا عبرة بالمحكم أي بفرضه سواء
فرض صداق المثل أو أقل أو أكثر. وقوله: لزمها أي النكاح بذلك ولا خيار لها. قوله: (فالعكس) أي
فيلزمها النكاح بذلك وللزوج الخيار. قوله: (أو لا بد إلخ) يعني أن المحكم إذا كان زوجة أو غيرها إذا
فرض صداق المثل أو أقل أو أكثر فإن النكاح لا يلزم إلا برضا الزوج والمحكم معا. قوله: (تأويلات
ثلاثة) الأول لبعض الصقليين وحكاه في الواضحة عن ابن القاسم وأصبغ وابن عبد الحكم واختاره
اللخمي والمتيطي وابن عرفة. والثاني للقابسي. والثالث لأبي محمد وابن رشد وغيرهما اه‍ بن.
قوله: (وجاز في نكاح التفويض والتسمية) هذا هو الصواب، وأما قول خش كلام المؤلف في نكاح
التفويض، وأما نكاح التسمية فلا يجوز فيه الرضا بدون صداق المثل لا قبل البناء ولا بعده إلا للأب
فقط اه‍. فهو غير صواب بل المرشدة لها هبة الصداق كله أو بعضه بعد البناء وقبله، فأحرى أن ترضى
بدون صداق المثل اه‍ بن. قوله: (التي رشدها مجبرها) أي رفع الحجر عنها سواء كان ذلك المجبر أبا أو
وصيا. قوله: (ولو بعد الدخول) ما قبل المبالغة ظاهر في كل من نكاح التفويض والتسمية، وأما ما بعدها
فإنما يتأتى في نكاح التفويض، ولا يتأتى في نكاح التسمية إلا إذا كان على وجه الهبة تأمل. وقوله: ولو
بعد الدخول هذا قولها في النكاح الثاني ورد بلو قولها في النكاح الأول. قوله: (راجع للمسألتين)
أي رضا المرشدة بدونه ورضا الأب في مجبرته بدونه وفيه نظر، إذ لم أر من حكى الخلاف في الأولى اه‍ بن.
وفي البدر القرافي: الصواب قصر المبالغة على المسألة الثانية إذ لا وجه للخلاف في المرشدة. قوله:
(وللوصي قبله) أي وجاز للوصي الرضا بدون مهر المثل قبل الدخول في محجورته المولى عليها، وسواء
كان مجبرا أو لا وأراد بالوصي ما عدا الأب والسيد فيشمل الوصي حقيقة ومقدم القاضي وظاهره
أنه لا يعتبر رضاها مع رضى الوصي، قال عياض: وهو الصحيح عند شيوخنا ومقابله أنه لا يتم إلا
برضاهما معا وهو ظاهر المدونة، واعتمده أبو الحسن وصرح به ابن الحاجب انظر التوضيح
اه‍ بن. قوله: (حيث كان نظرا لها) أي حيث كان الرضى بدونه نظرا ومصلحة لها بأن كان
الزوج غنيا أو صالحا أو لا يشوش عليها في عشرة، فلو كان إسقاطه لغير نظر فلا يمضي، فإن
أشكل الامر ولم يعرف هل هو نظر أو لا حمل على أنه غير نظر بخلاف الأب فإن أفعاله
محمولة على النظر حتى يظهر خلافه. قوله: (فليس لها الرضى) أي لا يجوز لها الرضى بدون مهر
315

المثل لا قبل الدخول ولا بعده، وإذا رضيت فلا يلزمها ذلك الرضا، وهذا قول ابن القاسم وهو
المشهور، وقال غيره: يجوز رضاها بدونه وطرحه سحنون، وكلام المصنف هنا ليس جاريا على
أحد القولين الآتيين له في الحجر في تصرف السفيه قبل الحجر عليه في قوله وتصرفه قبل الحجر محمول
على الإجازة عند مالك لا ابن القاسم لأنهما في خصوص الذكر الذي علم سفهه المهمل، وأما الأنثى
المعلومة السفه أو مجهولة الحال المهملة فيرد تصرفها اتفاقا. قوله: (بدون مهر المثل) وكذا لا يجوز لها أن
تضع منه شيئا بعد الطلاق. قوله: (فعطية) أي فيكون ذلك عطية منه. قوله: (بالصحة) هذا ما نقله ابن
المواز عن مالك. وقوله والبطلان هذا قول ابن الماجشون، وإنما عدل المصنف بين القولين مع أن الأول
لمالك لان الثاني صوبه اللخمي قاله ابن عاشر. قوله: (ويكون من الثلث إلخ) هذا هو الصواب كما في
المواق والتوضيح خلافا لقول عبق من رأس المال. قوله: (لأنه إنما فرض) أي لأنه إنما فرض لأجل
أمر يحصل ولم يسم لها ذلك على أنه وصية بل على أنه صداق وهي لا تستحقه بالموت. قوله: (ومات قبل
الوطئ) وأما لو دخل ومات لكان لها المسمى من رأس المال إن كان قدر صداق المثل بلا خلاف، فإن
كان المسمى أكثر منه كان لها صداق المثل من رأس المال ويبطل الزائد إلا أن يجيزه الورثة أو يصح
من مرضه صحة بينة وهو معنى قول المصنف وردت إلخ. قوله: (ولزم الزائد إلخ) يعني أنه إذا تزوج
امرأة نكاح تفويض في صحته ثم مرض ففرض لها في مرضه ثم صح بعد ذلك صحة بينة والزوجة حية
أو ميتة، فإن جميع ما فرضه من قليل أو كثير وطئ أم لا يلزمه ويدفعه لورثة الميتة. قوله: (فلا يلزمها
إبراؤها) وحينئذ فلا يرد الفرض بل يقضي لها بما فرضه لها، وما ذكره من عدم لزوم الابراء هو المشهور،
وقيل يلزمها لجريان سبب الوجوب وهو العقد، وقول المصنف قبل الفرض مشعر بأن الابراء
قبل البناء لان الابراء بعده ليس قبل الفرض إذ بالدخول وجب لها مهر المثل وحينئذ فإبراؤها بعد
الدخول لازم لها. قوله: (وهذا مخالف للمعتمد إلخ) قد يجاب بأن قوله: أو أسقطت عطف على صح
أي ولزم إن صح أو أسقطت شرطا، لكن تقدير الفاعل في المعطوف عليه الزائد كما مر، وفي المعطوف
الاسقاط أي ولزم الاسقاط إن أسقطت شرطا إلخ تأمل. قوله: (من لزوم الاسقاط) أي ولا قيام لها
بشرطها. قوله: (باعتبار دين) أي باعتبار اتصافها بدين أي بتدين إلخ. واعلم أن اعتبار اتصافها
بالأوصاف المذكورة إذا كانت مسلمة حرة، وأما الذمية والأمة فلا يعتبر اتصافهما بالدين ولا
بالنسب ككونها قرشية وإنما يعتبر فيهما المال والجمال والبلد. قوله: (إذ هو يختلف باختلاف البلاد)
أي لان الرغبة في المصرية مثلا تخالف الرغبة في غيرها، كما أن الرغبة في المتصفة بالدين أو الجمال
316

أو المال تخالف الرغبة في غيرها، فمتى وجدت هذه الأشياء عظم مهرها، ومتى فقدت أو بعضها قل
مهرها فالتي لا يعرف لها أب ولا هي ذات مال ولا جمال ولا ديانة ولا صيانة فمهر مثلها ربع دينار مثلا،
والمتصفة بجميع صفات الكمال مهر مثلها الألوف، والمتصفة ببعضها بحسبه. ثم إن المصنف بين ما تعتبر
به المثلية في حق الزوجة ولم يذكر ما تعتبر به المثلية في حق الزوج مع أن الزوج يعتبر حاله بالنسبة
لصداق المثل أيضا فقد يرغب في تزويج فقير لقرابة أو صلاح أو علم أو حلم، وفي تزويج أجنبي لمال أو
جاه ويختلف المهر باعتبار هذه الأحوال وجودا وعدما. قوله: (فاندفع ما قيل إلخ) فيه أنه لا يندفع
الاشكال بما قاله، وإلا لم يكن فرق بين الأم والأخت بل وبين الأجنبيات إذا كن على مثل أوصافها،
بل الظاهر في دفع الاشكال خلاف ما قاله وأن الواو على معناها وأن هذا كالقيد فيما قبله فهو من جملة
الأوصاف التي يعتبر بها صداق المثل. وحاصله أن محل اعتبار صداق المثل بالدين والجمال والحسب
والمال والبلد إذا لم يكن لها مماثل في الأوصاف من قبيلتها كأختها وعمتها وإلا كان المعتبر صداقهما،
ولو كان أكثر من صداق مثلها من قوم آخرين، فإذا كان للمرأة أمثال في الأوصاف المذكورة من
قبيلتها وأمثال فيها من غير قبيلتها اعتبر فيها ما يتزوج به أمثالها من قبيلتها وإن زاد على صداق أمثالها من
غير قبيلتها أو نقص انظر بن. قوله: (في النكاح الفاسد) أي سواء كان متفقا على فساده أو مختلفا
فيه. قوله: (فيوم العقد) إذ منه يجب الميراث، وما ذكره من اعتبار يوم العقد في الصحيح مطلقا ولو
تفويضا هو ظاهر المذهب كما في التوضيح، وقيل: يعتبر اتصافها بالأوصاف المذكورة في نكاح
التفويض يوم البناء إن دخل ويوم الحكم إن لم يدخل إذ لو شاء طلق قبل ذلك بلا شئ. ونقل ذلك ابن
عرفة عن عياض. قوله: (بالنوع) وأولى بالشخص كما أشار له الشارح بقوله: وأولى إذا كان يظنها
في الثلاث هند والباء في قوله بالنوع للسببية أي إن اتحدت الشبهة بسبب اتحاد النوع أو الشخص
وذلك لان الشبهة لا تكون متحدة إلا إذا اتحد النوع أو الشخص، فما كان بالتزويج نوع وما كان
بالملك نوع. قوله: (بغير عالمة) أي بأنه أجنبي بأن كانت نائمة أو اعتقدت أنه زوجها. قوله: (أما لو
علمت) أي بأنه أجنبي. قوله: (أي بالحرة) أي وأما الزنا بالأمة غير العالمة فلها ما نقصها. تنبيه:
علم من كلام المصنف أربعة أقسام: أحدها علمهما معا بأنهما أجنبيان فلا شئ لها وهو زنا
محض. الثاني: علمها دونه فهي زانية لا شئ لها وهذان يفهمان من قوله كالغالط بغير عالمة. الثالث:
جهلهما معا وهو منطوق قوله كالغالط بغير عالمة فيتحد المهر إن اتحدت الشبهة وإلا تعدد
بتعددها. الرابعة: علمه دونها فهو زان ويتعدد عليه المهر وهو قوله كالزنا بغير عالمة إلخ،
والأربعة مأخوذة من كلامه منطوقا ومفهوما. واعلم أن اتحاد الشبهة وتعددها إنما يعلم
من قوله: فيقبل قوله فيهما بغير يمين كما قال شيخنا، والمراد بالوطئ إيلاج الحشفة وإن لم ينزل خلافا
لما في عبق حيث قال: والظاهر تبعا لهم أن المراد بالوطئ ما فيه إنزال إلخ فإنه غير صواب كما
في بن. قوله: (على الأصح) وهو قول ابن القاسم وسحنون ومقابله ما قاله غيرهما من لزوم
الشرط في اللاحقة دون السابقة. قوله: (وأولى اللاحقة) أي وأولى للزوم في اللاحقة منهما، ويتصور
317

كون أم الولد لاحقة بالنظر لوقت الحلف كما لو طلق المحلوف لها غير بتات ثم أولد أمة بعد طلاقها ثم
راجعها ثم وطئ التي أولدها فيلزمه ما علقه على وطئها ما دام في العصمة المعلق فيها شئ، فقد اتضح
أنه يتصور وطئ أم الولد لاحقة أي متجددة بعد الحلف وإن كانت سابقة حين الوطئ. قوله: (وأما لو
شرط أن لا يتخذ) أي أم ولد أو سرية عليها وإن اتخذت واحدة فأمرك بيدك أو فالتي اتخذها حرة.
قوله: (وأما شرط لا أتسرى) أي عليها وإن تسريت عليها فأمرها بيدها أو فهي حرة فيلزم في
السابقة أي فيلزمه ما شرطه إذا وطئ أم الولد أو السرية السابقة على الشرط أو اللاحقة له.
قوله: (وقال سحنون إلخ) هذا ضعيف والمعتمد قول ابن القاسم، فعلى المصنف المؤاخذة في المشي على قول
سحنون الضعيف والعدول عن قول ابن القاسم. قوله: (ويلزمه في اللاحقة) أي ويلزمه بوطئه
للاحقة منهما. قوله: (والمعتمد أنه إذا قال: إن فعل ذلك فلا خيار لها إلا بفعل الجميع) اعلم أن محل الخلاف
إذا كانت الشروط معطوفة بالواو وكان المعلق أمرها بيدها كما أشار لذلك الشارح أول الخياطة،
أما لو كانت معطوفة بأو كان لها الخيار ببعضها اتفاقا قال: إن فعل شيئا أو لم يقل وإن كان المعلق الطلاق أو
العتق وقع بفعل بعضها من غير خيار لها لقول المصنف في اليمين وبالبعض عكس البر. تنبيه: لو وكل
الزوج من يعقد له فعقد له على شروط اشترطت عليه ونطق بها الوكيل، فإن كان الزوج وكله على العقد
والشروط فنطق بها الوكيل لزمت الزوج، وإن وكله على العقد فقط فلا تلزمه. قوله: (فزيادته)
أي الحاصلة بعد العقد وقبل البناء وكذا يقال في نقصانه، ثم إن الذي يدل عليه كلامهم أن ثمرة قوله
فزيادته إلخ إنما تظهر إذا وقع الطلاق قبل البناء ولذا قال ابن عاشر: الصواب وضع هذه المسائل بعد
قوله وتشطر إلخ كما صنع ابن الحاجب ليفيد ذلك، وأما إن فسخ قبله فالزيادة للزوج والنقص عليه، فإن
دخل بها أو وقع موت فالزيادة والنقص للزوجة وعليها. قوله: (وغلة) عطفه على النتاج يقتضي أن
النتاج ليس بغلة وهو المشهور خلافا للسيوري القائل أنه غلة قاله شيخنا. قوله: (فزيادته ونقصه له
وعليه) تبع بهرام في هذا التفريع واعترضه طفي قائلا: لم أر من فرع على أنها لا تملك بالعقد
شيئا أن الغلة تكون للزوج، وإنما فرعوا حكم الغلة على القولين الآخرين فقط وهما أنها تملك
بالعقد الجميع أو النصف اه‍ بن. قوله: (فهما) أي الزيادة والنقص. قوله: (واعترض على
المصنف إلخ) حاصل هذا الاعتراض أن قوله: كنتاج وغلة يقتضي أن الولد كالغلة يأتي فيه
التفريع المذكور وليس كذلك بل الولد حكمه حكم الصداق في أنه يتشطر لأنه كجزء من
المهر على كل قول، وصنيع ابن عرفة يدل على ذلك لأنه حكم بأن الولد كالمهر. ثم ذكر الخلاف في
الغلة والبناء فيها على القولين، وكذا صنيع المدونة انظر طفي، وفي التوضيح: أن كون الولد ليس بغلة
هو المشهور، وقد نص في المدونة على أن ولد الأمة ونسل الحيوان أن يكون في الطلاق بينهما اه‍ بن.
318

قوله: (ثم محل كلام المصنف) أي من كون النقص الحاصل في الصداق قبل البناء عليهما معا. وقوله: إذا
كان الصداق مما لا يغاب عليه أو قامت على هلاكه بينة لأنه إذا كان كذلك كان الضمان منهما معا إذا
طلق قبل البناء وكذا حكم الزيادة وهذا هو المشهور، وأما ما بنوه على القول الثاني والثالث فهو ضعيف.
قوله: (وعليها نصف قيمة إلخ) حاصله أن المرأة إذا طلقها زوجها قبل البناء وقد تصرفت في الصداق
بغير عوض كهبة أو عتق أو تدبير أو اخدام فإنها تغرم للزوج نصف المثل في المثلي ونصف قيمة
المقوم يوم التصرف وهو يوم الهبة والعتق لأنه يوم الاتلاف وهذا هو المشهور وقيل يوم القبض، قال بن:
وما ذكره المصنف من نفوذ تصرفها وغرمها نصف قيمة المقوم مبني على القول بأنها تملك بالعقد جميع
الصداق، وكذا على القول بأنها تملك النصف لأنه معرض لتكميله لها ومراعاة للخلاف، ونقل ذلك عن
التوضيح، وأما على القول بأنها لا تملك بالعقد شيئا فيرد ما فعلته في نصف الزوج فقط لأنها فضولية
في الجميع وقت التصرف وقد حقق الطلاق لها النصف فيمضي تصرفها فيه. قوله: (بنصف المحاباة) أي
إن باعته بمحاباة. قوله: (ولا يرد العقد) أي ولا الهبة ولا الصدقة ولا الاخدام، وحاصله أن الصداق إذا
كان عبدا فأعتقته الزوجة المالكة لامر نفسها أو وهبته أو تصدقت به أو أخدمته فإن العتق وما معه
لا يرد، إلا أن تكون الزوجة معسرة يوم التصرف بالعتق وما معه أو كان ثلثها لا يحمل ما تصرفت فيه،
وإلا كان للزوج رد العتق وما معه ويرجع النصف ملكا لها. قوله: (إلا أن يرده الزوج لعسرها) أي إلا
أن تكون معسرة يوم العتق، فللزوج أن يرد عتقها حينئذ قبل الطلاق، وله أيضا بعد الطلاق أن يرد
عتقها إن لم يعلم به حتى طلقها وكانت معسرة يوم العتق واستمر عسرها إلى يوم الطلاق كما هو المعروف
عن اللخمي انظر ح. قوله: (فلا عبرة إلخ) أي أن المعتبر في رد العقد عدم رده عسرها ويسرها يوم
العقد كانت قبله موسرة أو معسرة، ولا يعتبر في الرد وعدمه عسرها أو يسرها قبله. قوله: (لكن الرد في
ذلك إلخ) فيه نظر إذ الخلاف في مطلق تبرع الزوجة إذا رده الزوج هل هو رد إيقاف أو إبطال؟
قوله: (وتشطر الصداق) أي بالطلاق قبل البناء كما يأتي للمصنف لقوله تعالى: * (وإن طلقتموهن من قبل
أن تمسوهن) * الآية، ثم إن تشطر الصداق بالطلاق ظاهر على القول بأنها تملك بالعقد كل الصداق، وكذا
على القول بأنها لا تملك بالعقد شيئا لان التشطير إما من ملكها أو من ملك الزوج، وأما على القول بأنها
تملك بالعقد النصف فالتشطير بالطلاق مشكل لأنه متشطر قبل الطلاق، إلا أن يقال: المعنى تحتم
تشطيره بعد أن كان معرضا لتكميله. قوله: (كان المزيد من جنسه) أي من جنس ما سماه صداقا.
قوله: (إجراء إلخ) علة لقوله أو لا أي وإنما تشطر المزيد بعد العقد بالطلاق إذا لم تقبضه إجراء له مجرى
الصداق من جهة أنه ما ألزم نفسه ذلك إلا على أنه صداق. قوله: (صداق قطعا) أي فيتشطر سكت
عنه المصنف لعلمه بالأولى مما ذكره. قوله: (وأما المزيد بعد العقد للولي) كالبلصة في بلاد الأرياف.
319

قوله: (وكذا إذا أهديت من غير شرط) أي سواء كانت لها أو لوليها أو لأجنبي، وحاصل ما
ذكره أن الهدية متى كانت قبل العقد أو حينه فإنها تشطر سواء اشترطت أو لا كانت لها أو لغيرها وإن
كانت بعد العقد ولا تكون مشترطة، فإن كانت لغيرها فلا تشطر وإن كانت لها فروايتان. قوله: (وأما
ما أهدي بعده لغيرها إلخ) أي وأما ما أهدى لها بعد العقد فسيأتي الكلام عليه إن كان قبل الدخول
في قوله: وفي تشطر هدية بعد العقد وقبل البناء، ثم إن ما أهدى بعد البناء لغيرها هو عين قوله سابقا وأما
المزيد بعد العقد للولي فهو له. قوله: (ولها إلخ) حاصله أن المرأة إذا طلقت قبل البناء وقلنا بتشطر ما أخذه
وليها من الهدية المشترطة له حين العقد أو قبله فلها أن ترجع على وليها وتأخذ منه النصف، وللزوج
النصف الآخر يأخذه من الولي وليس للزوج مطالبتها بالنصف الآخر الذي أخذه الولي لان
الاعطاء للولي ليس منها وإنما هو من الزوج وحينئذ فيتبعه به. قوله: (أي للمرأة) أي التي طلقت قبل
البناء وتشطر ما أخذه وليها. قوله: (أخذ ذلك) أي أخذ نصف ذلك المشترط. قوله: (أو المعتق يومهما)
أي لان الاعطاء منها. قوله: (متعلق بالطلاق) أي مرتبط به في المعنى فلا ينافي أنه متعلق بمحذوف
صفة للطلاق أو حال منه. قوله: (إذ هي يتكمل بها الصداق) أي كما يتكمل بالوطئ. قوله: (إن هلك) أي بعد
العقد كما لو مات أو حرق أو سرق أو تلف من غير تفريط. قوله: (قبل البناء) أي بالطلاق قبل البناء.
قوله: (ما اشترته) أي بالمهر وحاصله أنها إذا اشترت بالصداق سلعا من الزوج سواء
كانت تصلح جهازا أو لا فإنها تتعين للتشطير إذا طلقها قبل البناء إذ كأنه أصدقها تلك السلع.
قوله: (صلحت) أي تلك السلع للجهاز أم لا هذا ما في المواق، والذي في التوضيح: أن محل التأويلين
إذا أصدقها عينا فاشترت بها من الزوج ما لا يصلح أن يكون جهازا كدار وعبد ودابة، وأما إذا اشترت
ما يصلح للجهاز فلا فرق بين شرائها من الزوج وغيره في أنه لا يرجع عليها إلا بنصفه لأنها مجبورة
على شراء ذلك. قوله: (بتشطير الأصل) أي وهي الدراهم والدنانير التي دفعها لها الزوج
واشترت بها تلك السلع. قوله: (وعليه الأكثر) أي وهو المعول عليه. قوله: (أو إن قصدت التخفيف)
فإن لم تقصد التخفيف تعين تشطير الأصل، وهذا التأويل للقاضي إسماعيل ورجحه ابن عبد السلام.
قوله: (وتعين ما اشترته) أي وتعين للتشطير بالطلاق قبل البناء ما اشترته. قوله: (وسقط المزيد)
أي الذي زاده الزوج بعد العقد على صداقها الذي تزوجها به. قوله: (دون أصل الصداق ودون المزيد
قبله أو فيه) أي فلا يسقط عن الزوج بموته لأنه تقرر لها بموته. قوله: (أو المشترط فيه إلخ) أي ودون
320

المشترط من الهدية فيه أو قبله. قوله: (فيرجع الزوج عليها بنصفها) أي إن كانت قائمة وبنصف قيمتها
إن فاتت. قوله: (وهو المذهب) وعليه اقتصر ابن رشد وذلك لان الطلاق باختياره. قوله: (فإن بنى بها) أي
ثم طلقها. وقوله فلا شئ له ولو قائمة أي باتفاق أي لان الذي أهدى لأجله قد حصل. قوله: (فيأخذ الزوج
القائم منها) أي ولو كان متغيرا لأنه مغلوب على الفراق، أما لو كان الفسخ بعد البناء فلا شئ له لأنه انتفع.
قوله: (بما يهدي للزوجة عرفا قبل البناء) أي كالخف والقلنسوة. قوله: (قولان) في المواق: لو قال
المصنف في هذه روايتان وفي التي قبلها قولان لكان أحسن. فرع: ذكر ابن سلمون أنه يقضى على
المرأة بكسوة الرجل إذا جرى بها عرف واشترطت، ونقله صاحب الفائق عن نوازل ابن رشد لكن
قال في التحفة:
وشرط كسوة من المحظور للزوج في العقد على المشهور
وعللوه بالجمع بين البيع والنكاح. وقال ابن ناظم في شرح التحفة: ما لابن سلمون خلاف المشهور ولكن
جرى به العمل اه‍ بن. قوله: (وتكون كالهبة المتطوع بها بعد العقد) فإن مات الزوج أو فلس قبل
قبض ذلك فإنه يسقط لأنه عطية لم تقبض. قوله: (فأصح الروايتين لا شئ له) والرواية الثانية أن ذلك
يتشطر فيرجع الزوج عليها بنصفها إن كانت قائمة وبنصف قيمتها إن فاتت. قوله: (وصح القضاء
بالوليمة) أشار به لقول أبي الأصبغ بن سهل: الصواب القضاء بها لقوله عليه الصلاة والسلام لعبد الرحمن
بن عوف: أولم ولو بشاة اه‍ بن. قوله: (فلا يقضى بها) محل الخلاف ما لم تشترط على الزوج أو يجر بها
العرف وإلا قضى بها اتفاقا بالأولى مما بعده ورجع للعرف في عملها ببيت الزوج أو الزوجة. قوله: (وترجع
عليه بنصف نفقة التمرة التي لم يبد صلاحها) أي التي دفعها لها صداقا مع الأصول أو وحدها على القطع
لا على التبقية وإلا فسخ النكاح كما مر كالبيع، وإذا فسخ النكاح رجعت بجميع النفقة كما قرر شيخنا.
قوله: (وطلق قبل البناء) أي وعدم رجوعها بذلك قولان والظاهر منهما الرجوع. قوله: (وخرج بقوله صنعة
العلم) أي كما خرج بالشرعية غيرها كضرب بعود ورقص، والحاصل أن محل الخلاف مقيد بقيود ثلاثة
كما قال الشارح، فإن تخلف واحد منها فلا رجوع لها اتفاقا. قوله: (والكتابة) أدرج الكتابة في العلم تبعا
لخش نظرا لكونها من طرقه، وبعضهم جعل الكتابة صنعة كما أفاده شيخنا. قوله: (أي الخاص) أي
الذي تولى عقد نكاحها بدليل التعليل بقوله: لأنه مفرط بعدم اشتراطه على الزوج، وأما قول عبق أي
ولي المال فغير صواب، وولي المال هو المتصرف فيه لسفهها أو صغرها وهو الأب ووصيه ومقدم القاضي،
وأما ولي العقد فهو من تولى عقد نكاحها كان ولي المال أو لا. قوله: (بما قبضته) أي فقط لا بأزيد
منه. قوله: (كان حالا أو مؤجلا وحل) هذا قول ابن زرب وشهره المتيطي، وقال ابن فتحون:
إنما يلزمها التجهيز بما قبضته قبل البناء إن كان حالا، أما إن كان مؤجلا وحل قبل البناء
321

فلا حق للزوج في التجهيز به، ولغرمائها أخذه في ديونهم مثل ما قبض بعد البناء، وحاصل ما ذكره
المصنف أن الزوجة الرشيدة التي لها قبض صداقها، وسيأتي غيرها إذا قبضت الحال من صداقها
قبل بناء الزوج بها فإنه يلزمها أن تتجهز به على العادة من حضر أو بدو، حتى لو كان العرف شراء خادم
أو دار لزمها ذلك ولا يلزمها أن تتجهز بأزيد منه، ومثل حال الصداق ما إذا عجل لها المؤجل وكان
نقدا وإن كان لا يلزمها قبوله لان ما يقع في مقابلة العصمة ليس بمنزلة الثمن لان الثمن إذا كان نقدا
وعجله المشتري أجبر البائع على قبوله ولا يجاب لتأخيره لأجله. قوله: (فإن تأخر القبض عن البناء لم
يلزمها إلخ) كما لو كان الصداق مما يكال أو يوزن أو حيوانا أو عروضا أو عقارا فإنه لا يلزم بيعه لتتجهز
به كما قال اللخمي، ورواه ابن سهل عن ابن زرب، وقال المتيطي: يجب بيعه لأجل التجهيز به وهو ضعيف
والمعتمد الأول، فقول المصنف: ولزمها التجهيز بما قبضته إلخ أي إذا كان عينا، وما ذكرناه من أن المعتمد
عدم لزوم بيع العقار لا ينافيه ما يأتي للمصنف من القولين فيه المقتضى لتساويهما لان ما هنا في عدم
الوجوب والقولان الآتيان في الجواز والمنع. قوله: (أو حل) أي أو كان مؤجلا وحل بعد مضي أجله
وقبضته بعد البناء. قوله: (وقضى له) أي عليها بقبض ما حل إن دعاها لقبضه، وقوله إن دعاها أي قبل
البناء. قوله: (وقضى إلخ) حاصله أن الزوج إذا دعا زوجته لقبض ما اتصف بالحلول من صداقها
سواء كان حالا في الأصل أو حل بعد مضي أجله لأجل أن تتجهز به وأبت من ذلك فإنه يقضي
عليها بقبض ذلك على المشهور، خلافا لابن حرث حيث قال: لا يلزمها قبض ما حل بمضي أجله.
قوله: (لأنه سلف إلخ) أي لان من عجل ما أجل عد مسلفا كما يأتي وهي إذا قبضته لزمها التجهيز به كما
قال ابن زرب. والحاصل أنه يمنع التعجيل فإن قبضته أجبرت على التجهيز به. قوله: (فيلزم ما سماه)
أي أو جرى به العرف. وقوله: إلا أن يسمي أي الزوج ومثل تسميته تسمية وليها بأن يقول: نحن
نشتري لها كذا أو أن عندها من الجهاز كذا وكذا. قوله: (اتبع ذمتها) أي بنصف ما أنفقت. قوله: (وأما
إن كان) أي المهر قوله: (ولو طولب الزوج) أي طالبه ورثتها بعد موتها إلخ. قوله: (وعلى قول المازري إلخ)
حاصله أنه على قول المازري لا يلزمهم إبراز الجهاز المشترط بل جهاز مثلها، ويلزم الزوج
صداق مثلها على أنها مجهزة بجهاز مثلها ويحط عنه ما زاده لأجل الجهاز الذي اشترطه. وحاصل
هذه المسألة أنه إذا سمى لها صداق مائة مثلا ودفع منه خمسين وشرط عليهم جهازا بمائتين فماتت
قبل الدخول فطالبه ورثتها بما يخصهم من الميراث من الخمسين الباقية فطالبهم بإحضار الجهاز
المشترط أو بإحضار قيمته ليعرف إرثه منه فقال المازري تبعا لشيخه عبد الحميد الصائغ: لا
يلزمهم إبراز ذلك الجهاز المشترط عليهم، وعلى الزوج صداق مثلها على أنها مجهزة بما قبض من الصداق
وهو خمسون، فإذا قيل: ما صداق من يتجهز بخمسين فلا يخلو إما أن يكون قدر جهازها خمسين
أو أقل من كثمانين أو أكثر كثمانين، فإذا قيل: من تتجهز بخمسين صداق مثلها خمسون فلا يدفع
لهم شيئا غير ما دفعه أو لا ويكون الجهاز المشترى بالخمسين المدفوعة أولا تركة يستحق الزوج
نصفها، وإن قيل: صداق من تجهز بخمسين ثلاثون رجع الزوج عليهم بعشرين من الخمسين التي
دفعها ويكون ميراث الزوج من جهاز قيمته خمسون، وإن قيل: صداق من جهازها خمسون
ثمانون دفع الزوج ثلاثين ويكون ميراث الزوج في تلك الثلاثين وفي جهاز قيمته خمسون. قوله:
(ولأبيها إلخ) يعني أنه إذا دفع لها الزوج الصداق قبل البناء حيوانا أو عرضا مما يكال أو يوزن فلا يلزم
أباها إذا كان مجبرا، ولا يلزمها إذا كانت غير مجبرة بيع ذلك لأجل تجهيزها بل يجوز لها بيعه لتجهيزها
بثمنه ولهما عدم بيعه، وحينئذ فيلزم الزوج عند البناء أن يأتي بغطاء ووطاء مناسبين لحالهما، ومحل
322

عدم لزوم بيعه ما لم يشترط بيعه لأجل التجهيز أو يجري عرف بذلك وإلا وجب بيعه. قوله: (إلا لشرط)
أي بالبيع. قوله: (إذ لو ساقه للتجهيز) أي لا على أنه من الصداق. قوله: (وفي جواز بيعه) أي الأب.
قوله: (ومنعه منه أي إذا منعه الزوج) هذا القيد مثله في عبق وخش، ويدل عليه كلام المتيطي
ونصه: وأما ما ساقه الزوج إليها من الأصول فهل للأب بيعه قبل البناء بابنته أم لا؟ حكى القاضي محمد بن بشير
أنه ليس له ذلك بغير رضا الزوج للمنفعة التي للزوج فيه، وقال غيره: له أن يفعل في ذلك ما شاء على
وجه النظر ولا مقال للزوج ويجوز لها ذلك إن كانت ثيبا فإن طلقها قبل البناء بها كان عليها نصف الثمن
إن لم تحاب اه‍. وابن بشير هذا صاحب الامام لا ابن بشير القاضي ولذلك لم يقل المصنف تردد اه‍ بن.
تنبيه: لو شرط الزوج جهازا قيمته كذا أو جرى به العرف ومنعه الولي قبل البناء كان الطلاق له
بلا شئ إن لم يرض، وإن رضي لزمه المسمى لأنه بمثابة الرد بالعيب، فإن طلق ولم يعلم بمنعه غرم نصف
المسمى على الظاهر، وإن دخل أجبر الأولياء على ما سمى من الجهاز إلا أن يحصل موت أو فراق فعليه
مهر المثل ولا يجبرون. قوله: (وعلى القول بعدم بيعه) أي إذا منع الزوج من بيعه. قوله: (أو غيره) أي كالأم
والعمة والخالة والجد والجدة وغيرهم. قوله: (على سبيل العارية) أي عند البنت. قوله: (قبل دعوى الأب إلخ)
حاصل فقه المسألة: أن المدعى عليها إما رشيدة أو غير رشيدة، فإن كانت رشيدة فلا تقبل دعوى مدعي
إعارتها لا في السنة ولا بعدها حيث خالفت المدعي ولم تصدقه كان المدعي أباها أو غيره ما لم يعلم أن أصل
ذلك المدعى به للمدعي وإلا قبل قوله بيمين ولو كان أجنبيا وما لم يشهد على الإعارة، وأما إن لم تحالف
المدعى بل صدقته أخذت بإقرارها كانت الدعوى بعد السنة أو قبلها كان المدعي أبا أو غيره ولو أجنبيا،
وأما إن كانت غير رشيدة بأن كانت مولى عليها بكرا أو ثيبا سفيهة فلا تقبل دعوى غير الأب عليها سواء
صدقته أو خالفته ما لم يعلم أن أصل ذلك المدعى به للمدعي وإلا قبل قوله بيمين وأخذه ولو بعد السنة،
وأما الأب فتقبل دعواه في السنة إذا كان الباقي بعد المدعى به يفي بالجهاز المشترط أو المعتاد، فإن
ادعى بعد السنة لا تقبل دعواه ما لم يعرف أن أصل المدعى به له وما لم يشهد على العارية. قوله: (دون الأم
والجد والجدة وغيرهم) سواء كانت دعواهم قبل تمام السنة أو بعدها ما لم يثبت بالبينة
أن أصل ذلك المتاع المدعى أنه عارية لهم وإلا حلف مدعيه وأخذه ولو بعد السنة. قوله: (إن
كانت دعواه في السنة إلخ) أشار الشارح إلى أن قبول دعوى الأب الإعارة مشروط بشروط
ثلاثة. قوله: (وأن تكون مجبرة أو سفيهة) الذي في التوضيح تقييد البنت بالبكر ونصه: ولا تقبل
دعوى العارية إلا من الأب في ابنته البكر فقط، وأما الثيب فلا لأنه لا قضاء للأب في مالها اه‍. قال ح:
قال ابن رشد: ومثل البكر الثيب التي في ولاية أبيها لسفهها قياسا على البكر، ومثل الأب الوصي فيمن
في ولايته من بكر أو ثيب مولى عليها اه‍. فالشرط حينئذ أن يكون مولى عليها بكرا أو ثيبا
لا مجبرة فقط كما في عبق لان المجبرة قد تكون ثيبا غير مولى عليها اه‍ بن. قوله: (ولو أزيد) أي ولو كان
جهازها المشترط أو المعتاد أيد. قوله: (ويتبع بما فيه وفاء) أي بالجهاز المشترط أو المعتاد. قوله: (وإن
خالفته الابنة) أي هذا إذا وافقته على ما ادعاه من أنه عارية بل وإن خالفته بأن قالت: إنه غير عارية بل
هو لي. قوله: (فإن أشهد ولو قبل مضي السنة إلخ) الواو للحال أي فإن أشهد والحال أنه قبل مضي السنة بأن
أشهد عند البناء أو قبله أو بعده وقبل مضي السنة، وقوله بعدها أي بغير يمين إن كان الاشهاد
323

عند البناء أو قبله، وأما إن كان بعد البناء وقبل مضي السنة فبيمين. قوله: (ففي ثلثها) أي فهو نافذ
في ثلثها. قوله: (رد ما زاد إلخ) أي إن لم يحصل منه إجازة له. قوله: (هنا) أي وأما في غير ما هنا للزوج رد الجميع.
قوله: (عن بقية الورثة) أي ورثة أبيها. قوله: (أو أشهد الأب بذلك) أي بأن ذلك الجهاز الزائد على
مهرها ملك لها. قوله: (بعد ذلك) أي الاشهاد. قوله: (بعد الاشهاد) الأولى حذفه لاغناء قوله بعد ذلك
عنه. قوله: (ووضعه عند كأمها وأشهد على ذلك) أي على أنه ملك للبنت وذكره الاشهاد في هذه فيه نظر،
والصواب إسقاطه لان الاشهاد إذا وقع لا يشترط معه الحوز كما يدل عليه قوله قبل هذا: أو اشهد لها
وهذا قسيمه فلا إشهاد فيه، وإنما معناه أن ما اشتراه الأب وسماه لها ونسبه إليها ووضعه عندها أو عند
كأمها فإنها تختص به إذا أقر الورثة أنه سماه لها أو شهدت بينة بذلك وهذا غير الاشهاد قبله. قال الناصر
اللقاني: ولعل ما هنا من الاكتفاء بالتسمية مخصوص بالشورة لان الغالب أن الشورة إنما تشترى
وتسمى للبنت بقصد الهبة والتمليك، وإلا فقد نقل في التوضيح وغيره عن كتاب ابن مزين في الهبة
في رجل قال لولده: اجعل في هذا الموضع كرما أو جنانا أو ابن فيه دارا ففعل الابن فيه ذلك في حياة
أبيه والأب يقول: كرم ابني أو جنان ابني أن البقعة لا تستحق بذلك وهي موروثة وليس للابن إلا
قيمة عمله منقوضا، قال ابن مزين: وقول الرجل في شئ يعرف له هذا كرم ولدي أو دابة ولدي ليس
بشئ ولا يستحق الابن فيه شيئا إلا بإشهاد بهبة أو صدقة أو بيع صغيرا كان الابن أو كبيرا، وكذلك
المرأة اه‍ بن. قوله: (وإن وهبت له الصداق المسمى قبل أن تقبضه منه إلخ) فإن قبضته منه قبل البناء ثم
وهبته له فقبله أيضا لم يجبر على دفع أقله فهو حينئذ كالموهوب بعد البناء. قوله: (ويستمر الصداق ملكا له
في الأولى) أي لصحة الهبة قال المتيطي: ولا بد من إشهاد الزوج بالقبول قال: وهو في معنى الحيازة له، فلو
ماتت قبله بطلت الهبة على قول ابن القاسم وبه العمل اه‍ بن. قوله: (جبر على دفع أقله) أي لاحتمال
التواطؤ على ترك الصداق فيعرى البضع عن الصداق بالكلية. قوله: (وإن وهبته له بعده) أي وإن وهبت
له الصداق بعد البناء قبل أن تقبضه منه أو بعد أن قبضته منه. قوله: (إنه لا يؤثر خللا) أي في
الصداق فإذا طلقها بعد ذلك فلا شئ لها عليه. قوله: (فإن كان أقل) أي فإن كان الباقي بعد الهبة أقل
من ربع دينار. وقوله: وكان قبل البناء أي وكان ما ذكر من الهبة قبل البناء. وقوله: جبر على تكميله
أي إن أراد الدخول وإلا طلق وأعطاها نصف ما بقي بعد الهبة كما إذا تزوجها ابتداء بأقل من الصداق
الشرعي. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا بأن كانت الهبة بعد البناء فلا يلزمه شئ. قوله: (واستثنى من قوله وبعده إلخ)
الصواب أنه مستثنى من جميع ما سبق لان من قوله وبعده فقط اه‍ بن. وحاصله أنه إذا وهبت
له الصداق بعد البناء ولو لم تقبضه أو وهبته له قبل البناء وبعدما قبضته أو قبل قبضه على
دوام العشرة أو على حسنها وثبت ذلك بالبينة أو قرائن الأحوال ثم إنه طلقها بعد البناء
قبل حصول مقصودها أو ظهر بعد البناء فساد النكاح ففسخ لذلك فلا يكون الموهوب كالعدم بل
يرده إليها. قوله: (هذا) أي رجوعها عليه بما أعطته إذا فارق بالقرب بأن كان قبل تمام سنتين، وقوله: وأما
بالبعد أي وأما إذا كانت المفارقة ملتبسة بالبعد بأن كانت بعد سنتين فلا ترجع إلخ واعلم أن هذا
التفصيل ذكره اللخمي وابن رشد ونص عليه سماع أشهب فيما إذا أعطته مالا أو أسقطت
324

من صداقها على أن يمسكها ففارقها أو فعلت ذلك على أن لا يتزوج عليها فطلقها، أما إذا فعلت ذلك على
أن لا يتزوج عليها أو لا يتسرى فتزوج أو تسرى فقال ح في الالتزامات: ظاهر كلامه في المدونة
أنه إن تزوج عليها أو تسرى فلها أن ترجع عليه سواء كان ذلك بالقرب أو بالبعد، وصرح بذلك
اللخمي وهو ظاهر كلام المتيطي وابن فتحون، ولم أقف على خلاف في ذلك إلا ما أشار إليه في التوضيح
في الشروط، ونقله عن ابن عبد السلام أنه ينبغي أن يفرق في ذلك بين القرب والبعد كما فرقوا في المسائل
السابقة، وظاهر كلامهما أنهما ما لم يقفا على نص في ذلك انظر بن. قوله: (وهذا ما لم يكن فراقها ليمين
نزلت به) أي أن محل رجوعها عليه بالعطية إذا فارقها عن قرب إذا لم يكن فراقها ليمين نزلت به لم
يتعمد الحنث فيها وهو صادق بما إذا كان طلاقها لا ليمين نزلت به أو ليمين نزلت به وتعمد الحنث
فيها، فالأولى كما لو طلقها ابتداء لتشاجر، والثانية كما لو علق الطلاق على دخوله الدار ثم أعطته مالا على
دوام العشرة فدخل الدار عمدا فترجع عليه بما أعطته فيهما، وأما إن قال: إن دخلت الدار بضم التاء فأنت
طالق فدخل ناسيا أو علق الطلاق على دخولها فدخلت لم ترجع عليه بشئ. وقوله خلافا للخمي أي
القائل أنها ترجع عليه إذا فارقها عن قرب ولو كانت المفارقة لأجل يمين لم يتعمد الحنث فيها، قال بن:
وهذا القيد لأصبغ وهو غير ظاهر فإن قصارى الامر أن يكون الفراق هنا كالفسخ لأنه جبري فيهما،
وقد ذكر في الفسخ الرجوع، فالظاهر حينئذ قول اللخمي لا قول أصبغ اه‍ كلامه. قوله: (ولم ترجع عليه
إلا إن تبين إلخ) قال أبو الحسن: ولا ترجع الزوجة على الموهوب له وفي كتاب محمد ترجع عياض قيل
معنى ما في المدونة أنها وهبته هبة مطلقة وقالت للموهوب له: اقبضها من زوجي ولو صرحت له أن الهبة
من الصداق كان لها الرجوع عليه كما قال محمد، وحمل ابن يونس ما في الكتابين على الخلاف اه‍. ونحوه
ما لابن يونس للخمي، واقتصر المصنف على التأويل الأول بالوفاق اه‍ بن. قوله: (إذا كان الثلث يحمل
جميع ما وهبته) أي ثلث مالها. قوله: (وإلا بطل جميعه إلا أن يجيزه الزوج) ما ذكره من أن الثلث إذا لم
يحمل جميعه بطل الجميع إلا أن يجيزه الزوج مثله في خش وعبق، ورده بن بأن الذي يفيده كلام
اللخمي وعبد الحق أن هبتها ماضية مطلقا ولا كلام للزوج فيها لخروج الزوجة من عصمته، وهذا
مذهب ابن القاسم في المدونة انظر بن. قوله: (وإن لم يقبضه الموهوب له الأجنبي) أي لا منها ولا من
الزوج. قوله: (إن أيسرت يوم الطلاق) أي إن أيسرت بالنصف الذي وجب للزوج قاله أبو الحسن،
فلا يشترط يسرها يوم الطلاق بالجميع انظر بن. قوله: (إن أيسرت إلخ) أي لأنه لا ضرر على المطلق
حينئذ لأنه يرجع عليها بحقه. قوله: (وله التمسك) أي وله حبس نصفه لحقه فيه لما يلحقه من الضرر في
إنفاذها حينئذ. والحاصل أنها إن كانت موسرة يوم الطلاق بأن كان عندها مال غير الصداق الموهوب
كانت موسرة يوم الهبة أم لا فإنها تجبر هي وزوجها المطلق على إنفاذ الهبة للموهوب له، ويرجع
الزوج عليها بنصف الصداق في مالها، فهاتان صورتان وإن كانت معسرة يوم الطلاق أيسرت يوم
325

الهبة أم لا فتجبر على دفع نصفها للموهوب له، وأما المطلق فلا يجبر وله التمسك بنصفه ولا يتبعها للموهوب
له بنصف الزوج وله إمضاء الهبة ويتبعها بنصفه في ذمتها. والحاصل أنها تجبر على دفع نصفها مطلقا
لأنها مالكة يتصرف في الصداق يوم الهبة، وأما الزوج فلا يجبر إلا إذا كانت موسرة يوم الطلاق.
قوله: (وإن خالعته) أي قالت له: خالعني على كذا. قوله: (فلا نصف لها) أي لان لفظ الخلع يقتضي ترك كل
ما لها عليه من الحقوق وزادته ما التزمته من عندها عند ابن القاسم وقصره أشهب على العصمة والمهر
كدين فيكون لها نصف الباقي، قال اللخمي في تبصرته: وهو أحسن لكل الذي شهره المصنف وغيره
الأول، والخلاف إذا خالعته قبل البناء وأما بعد البناء فقد رسخ المهر عليه، ومفهوم قوله ولم تقل من
صداقي أنها لو قالت من صداقي لكان لها نصف ما بقي، كما لو كان صداقها ثلاثين وقالت: خالعني على
عشرة من صداقي لكان لها نصف ما بقي بعدها وهو عشرة من عشرين. قوله: (ولو كانت قبضته ردته)
أي خلافا لما في كتاب ابن حبيب عن أصبغ من أنها تفوز بما قبضته. قوله: (فهما) أي قوله لا إن
قالت: طلقني على عشرة أو قالت من صداقي، وقوله اللتين قبلهما أي وهما قوله: وإن خالعته على كعبد أو
عشرة ولم تقل من صداقي. قوله: (والصداق كله لها) أي سواء قبضته الزوجة أو لا. قوله: (ويرجع
الزوج عليها بنصف القيمة إن أصدقها إلخ) أي لأنه لما خرج من يده لأجل البضع واستقر ملكها
عليه وانتفعت بعتق قريبها كان كاشترائها له. قوله: (من يعلم بعتقه عليها) أي كما إذا أصدقها أحدا من
أصولها أو من فصولها أو من حاشيتها القريبة كأخيها أو أختها إلخ. قوله: (وسواء فيها علمت) أي وقت
العقد أنه يعتق عليها أو لم تعلم فيرجع الزوج عليها بنصف القيمة في هذه الصور الأربع وهي علمهما
وجهلهما وعلمها دونه وعكسه، إلا أنه في الثلاثة الأول يرجع عليها بنصف القيمة اتفاقا، وفي الصورة
الرابعة وهي علمه دونها يرجع عليها بنصف القيمة على قول مالك المرجوع عنه، وبه أخذ ابن القاسم
واقتصر عليه المصنف، والقول المرجوع إليه أنه إذا أصدقها من يعتق عليها وهو عالم دونها لم يرجع
عليها بشئ بل يعتق العبد عليه وترجع عليه بنصف القيمة إذا طلقها قبل البناء، وعليه اقتصر
ابن الحاجب، ووجه ذلك القول أنه لما علم عدم استقرار ملكها عليه فقد دخل على الإعانة على العتق فلو
رجع كان رجوعا عما أراد. قوله: (وهل إن رشدت إلخ) نص المدونة: إن تزوجها بمن يعتق عليها
عتق عليها بالعقد فإن طلقها قبل البناء رجع بنصف قيمته وظاهرها سواء كانا عالمين بعتقه عليها
أو جاهلين لذلك أو علم أحدهما بذلك دون الآخر، ثم إن قولها عتق عليها بمجرد العقد ظاهره كانت
رشيدة أو سفيهة أو مجبرة وبه قيل، وقيل إن كلامها مقيد بما إذا كانت رشيدة لا إن كانت سفيهة أو مجبرة
فلا يعتق عليها بمجرد العقد، وإلى هذا الخلاف أشار المصنف بقوله: وهل إلخ أي وهل عتقه عليها في
الصور الأربع على المرجوع عنه، أو في الصور الثلاث على المرجوع إليه إن رشدت، سواء علم الولي
بعتقه عليها أم لا، لان علمه غير معول عليه والمعول عليه إذنها، ولما أذنت له أن يتزوجها بعبد كانت مجوزة
لكونه يعتق عليها. قوله: (لا إن كانت سفيهة أو مجبرة) أي فلا يعتق عليها علم الولي بأنه يعتق عليها أم لا.
قوله: (وصوب) المصوب لاختصاص العتق بالرشيدة ابن يونس وعياض وأبو الحسن، والمقيد للقول
بالاطلاق بعدم علم الولي هو ابن رشد ونصه: وإن تزوجها بمن يعتق عليها عتق عليها بمجرد العقد علما أو
جهلا أو أحدها بكرا كانت أو ثيبا، وهذا في البكر إن لم يعلم الأب أو الوصي وإلا لم يعتق عليها وفي عتقه
326

عليه قولان. قوله: (والمسألة الأولى) أي وهي مسألة رجوعه عليها بنصف القيمة، وقوله مبنية على هذه
أي على هذه المسألة وهي مسألة عتقه عليها، وقوله فالأولى تقديم هذه عليها أي كما فعل في المدونة وقد علمت
نصها. قوله: (وإنما الكلام لها) أي فإن شاءت دفعت أرش الجناية وأبقته، وإن شاءت أسلمته للمجني
عليه في الجناية. قوله: (بأن تكون قيمتها أكثر من أرش الجناية) أي كما لو كانت قيمته ثلاثين وأرش
الجناية عشرين. وقوله: فله دفع نصف الأرش أي وهو عشرة في المثال. قوله: (ورجعت المرأة إلخ) ذكر
ابن غازي أن في بعض النسخ ورجعت المرأة في الفسخ قبله بما أنفقت إلخ. قوله: (وجاز عفو أبي البكر)
الأولى عفو أبي المجبرة أي سواء كانت بكرا أو ثيبا صغرت كما يشير لذلك كلام الشارح، وقوله دون
غيره أي دون غير الأب ولو كان وصيا مجبرا، وخص الأب بذلك لشدة شفقته دون الوصي وغيره من
الأولياء. قوله: (عن نصف الصداق) أي وأولى عن أقل منه. قوله: (أو يعفو الذي بيده عقدة
النكاح) حمله أصحابنا على الأب، وحمله أبو حنيفة على الزوج عن التشطير لأنه الذي بيده حل
النكاح لأنه طلق. قوله: (وقبله) أي وجاز العفو قبل الطلاق لمصلحة كعسر الزوج فيخفف عنه بطرح
البعض. قوله: (لا بعد الدخول) أي لا يجوز للولي أن يعفو عن بعض الصداق بعد الدخول إن رشدت
لأنها لما صارت ثيبا صار الكلام لها، فإن كانت سفيهة أو صغيرة فالكلام للأب، وحينئذ فله أن يعفو عن
بعض الصداق لمصلحة كذا في خش وعبق وهو غير صواب، إذ الحق أنه لا عفو له بعد الدخول
سواء كانت رشيدة أو لا، ففي سماع محمد بن خالد: أن الصغيرة إذا دخل بها الزوج وافتضها ثم طلقها
قبل البلوغ أنه لا يجوز العفو عن شئ من الصداق لا من الأب ولا منها. قال ابن رشد: وهو كما قال لأنه
إذا دخل بها الزوج وافتضها فقد وجب لها جميع صداقها بالمسيس، وليس للأب أن يضع حقا قد
وجب لها إلا في الموضع الذي أذن له فيه وهو قبل المسيس لقوله تعالى: * (وإن طلقتموهن من قبل أن
تمسوهن) * الآية، وإذا منع العفو في الصغيرة بعد الدخول ففي السفيهة أحرى اه‍ بن. وكذا لا يجوز
العفو عن شئ من الصداق بعد الموت ولو قبل البناء كما نص عليه المازري ذكره شيخنا.
قوله: (وقبضه مجبر) أي وهو الأب في ابنته البكر ولو عانسا والثيب إن صغرت والسيد في أمته بالغة أم لا
ثيبا أم لا. قوله: (ووصى) أي أوصاه الأب بإنكاحها وأمره بجبرها أو عين له الزوج قوله: (وكذا ولي
سفيهة) أي المولى على النظر في مالها سواء كان له تولية العقد كالأب أو لا كالأجنبي، فولي العقد فقط
لا يقبض صداقها ولو كان أخا أو أبا، فإن كانت السفيهة مهملة فلا تقبض صداقها كما قال ابن عرفة
بل يرفع أمرها للحاكم فإن شاء قبضه واشترى لها به جهازا وإن شاء عين لها من يقبضه ويصرفه فيما
يأمره به مما يجب لها، فإن لم يكن حاكم أو لم يمكن الرفع إليه أو خيف على الصداق منه حضر الزوج والولي
والشهود فيشترون لها بصداقها جهازا أو يدخلونه بيت البناء كما ذكره المتيطي وابن الحاج في نوازله عازيا
ذلك لمالك انظر بن. قوله: (وصي المال) أي الوصي الذي أوصاه الأب أو أقامه القاضي على النظر في مالها،
327

أي وأما الوصي الذي أمره الأب بالاجبار أو عين له الزوج فهو مندرج في المجبر. قوله: (ولو لم تقم بينة)
ظاهره على التلف فيرد عليه أن قوله وحلف مشكل مع ما قبل المبالغة لأنه إذا قامت له بينة على التلف
صدق من غير يمين، على أن تصديقهما عند قيام البينة أمر ضروري لا يحتاج للنص عليه، وأجاب
بعضهم بأن الواو في قوله: ولو لم تقم بينة للحال وقرر المتن بتقرير آخر. وحاصله أنهما إذا ادعيا قبضه
من الزوج وأنه تلف فإنهما يصدقان في القبض فيبرأ الزوج، هذا إذا قامت بينة على القبض بل ولو لم
تقم عليه بينة وهو قول مالك وابن القاسم، ومقابله لأشهب عدمها، ويغرم الزوج للزوجة صداقها
فالمبالغة من حيث براءة الزوج خلافا لأشهب، وتعلم أن الذي لم تقم عليه البينة هو القبض لا التلف.
وقوله: وحلف أي على التلف لا على القبض كذا حل المواق، وعلى هذا التقرير فالمبالغة صحيحة، ومحل
الخلاف بين ابن القاسم وأشهب إذا ادعيا التلف قبل البناء، وأما بعد البناء فلا خلاف في براءة الزوج
بإقرارهما بقبضه انظر بن. قوله: (وحلفا) أي لقد تلف أو ضاع بغير تفريط، ولا يقال فيه تحليف الولد
لوالده وهو ممنوع. لأنا نقول: قد تعلق به حق للزوج وهو الجهاز به، فإن كانت سفيهة مهملة وعقد لها
الحاكم وقبض صداقها وادعى تلفه فهل يحلف من حيث أنه ولي لا من حيث أنه حاكم أو لا وهو
الظاهر اه‍ خش. قوله: (بنصفه) أي بنصف الصداق الذي دفعه لمن له قبضه لأنه كالوكيل لها.
قوله: (ولم تقم بينة على هلاكه) وأما إن قامت على هلاكه بينة مطلقا أو لم تقم وكان مما لا يغاب عليه فلا
رجوع له عليها كانت موسرة يوم الدفع أو معسرة لان ضمانه منهما. قوله: (وإنما يبرئه) أي بالنسبة
لدفع الصداق لها فلا ينافي ما تقدم من أنه إذا ادعى تلفه أو ضياعه فإنه يصدق. تنبيه: قال ابن عرفة:
ابن حبيب للزوج سؤال الولي فيما صرف نقده فيه من الجهاز وعلى الولي تفسير ذلك ويحلفه إن اتهمه.
قوله: (تشهد بينة بدفعه لها) أي في بيت البناء أو في غيره وإن لم تقر بقبضه. قوله: (ومعاينة إلخ) عطف
تفسير. قوله: (إلى أن من له قبضه) أي من الأب والوصي وولي السفيهة، وقوله إذا دفعه للزوجة أي
المحجور عليهما، وأما الرشيدة فسيأتي أنها تقبضه بنفسها أو توكل من يقبضه، وقوله لم يبرأ أي ولو اعترفت
الزوجة المذكورة بأخذه من الولي المذكور وصرفته على نفسها أو تلف منها. قوله: (ويضمنه للزوج)
أي ليشتري له به جهازا، قوله: (فالمرأة الرشيدة هي التي تقبضه) أي ولا يقبضه وليها إلا بتوكيلها.
قوله: (ولا يلزمها تجهيزها بغيره) أي فتصديقها بالنظر لعدم لزوم التجهيز به، وأما بالنظر لرجوع الزوج عليها
بنصفه إذا طلق قبل البناء فلا تصدق فيما يغاب عليه ولم تقم على هلاكه بينة وإلا كان الضمان منهما. قوله: (حلف
الزوج في كالعشرة الأيام) فإن نكل الزوج ردت اليمين على الولي إن كانت دعوى تحقيق، فإن نكل الولي فلا
رجوع له، وإن حلف أخذه من الزوج، وإن كانت دعوى اتهام غرم الزوج بمجرد نكوله ولا ترد اليمين على الولي.
328

فصل إذا تنازعا في الزوجية أي ولو كانا طارئين على المذهب، وضمير تنازعا للمتنازعين المفهومين
من تنازعا أو للزوجين باعتبار دعواهما، وقوله في الزوجية أي من حيث إثباتها ونفيها، فلا حاجة لما قيل
إنه من باب التغليب لان المدعي للزوجية أحدهما والآخر ينفيها. قوله: (بأن ادعاها أحدهما) أي بأن ادعى
رجل على امرأة أنها زوجته وأنكرت أو ادعت امرأة على رجل أنه زوجها وأنكر. قوله: (ثبتت
ببينة) أي لمدعيها منهما كان المدعي لها الرجل أو المرأة، وقوله ثبتت ببينة أي لابتقارهما بعد تنازعهما،
فلا يقال: إن كلام المصنف لا فائدة فيه لان كل شئ قامت عليه البينة فإنه يثبت بها. وحاصل الجواب
أن فائدته نفي ثبوته بغيرها، أو يقال فائدته أن يترتب عليه ما بعده. قوله: (ولو بالسماع) أي ولو كانت
شهادتهما بالسماع. واعلم أن بينة السماع لا بد أن تكون مفصلة كبينة القطع بأن تقول: سمى لها كذا النقد
منه كذا والمؤجل كذا وعقد لها وليها فلان كما في عبارة المتيطي التي نقلها ح فلا يكفي الاجمال في
واحدة منهما اه‍ بن. ورد المصنف بلو على ما قاله أبو عمران إنما تجوز شهادة السماع إذا اتفقا على
الزوجية. والحاصل أنهما إذا تنازعا في أصل النكاح فإنه يثبت بالبينة المعاينة للعقد إذا فصلت اتفاقا،
وهل يثبت ببينة السماع أو لا؟ فقال أبو عمران: لا يثبت، وقال المتيطي: يثبت ببينة السماع بالدف والدخان،
وعلى هذا مشى المصنف ورد بلو على أبي عمران. قوله: (أي مع معاينتهما) الأولى أي مع معاينة أحدهما
إلا أن يقال: إن في الكلام حذف مضاف، ومن هذا يعلم أن الباء في كلام المصنف والمتيطي بمعنى مع
والواو بمعنى أو. وحاصله أن البينة إذا سمعت سماعا فاشيا من العدول وغيرهم بالنكاح وعاينت
الدف أو الدخان وأدوا الشهادة على وجه السماع من الغير فإنه يكفي. قوله: (ويحتمل أنهما من جملة
مسموعهم) أي بأن يقولا: لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أن فلانا تزوج فلانة وأنها زفت له أو
عمل لها وليمة. قوله: (إذ يكفي السماع الفاشي) أي بالنكاح، وقوله ولو بغير اعتبارهما أي ولو لم تعاين البينة
واحدا منهما ولو لم يحصل السماع بواحدة منهما. قوله: (فأولى معاينتهما) أي بأن يقولا: نشهد أن
فلانة زفت لفلان أو نشهد أنه عمل لها الوليمة وقد شاهدنا ذلك. والحاصل أن كلام المصنف
يحتمل احتمالات ثلاثة وكلها صحيحة. قوله: (ان فلانة زفت لفلان) راجع للسماع بالدف، وقوله أو
عمل لها الوليمة راجع للسماع بالدخان. قوله: (ونص على المتوهم) أي لأنه إذا ثبتت الزوجية بشهادتهما
بالسماع والدف والدخان فتثبت شهادتهما بمعاينتهما لهما بالأولى. قوله: (وإلا فلا يمين على المدعى
عليه المنكر) أي ولو كانا طارئين على الراجح وقيل يلزمه وهو قول سحنون، ونص ابن رشد في رسم
النكاح من سماع أصبغ: ولو لم تكن المرأة تحت زوج وادعى رجل نكاحها وهما طارئان وعجز عن إثبات
ذلك لزمتها اليمين لأنها لو أقرت له بما ادعاه من النكاح كانا زوجين، وقيل لا يمين عليها لأنها لو نكلت
عن اليمين لم يلزمها النكاح اه‍. وعزا الثاني ابن عرفة لمعروف المذهب والأول لسحنون انظر بن.
وعلى ما قاله سحنون من اليمين فإن لم يحلف المنكر سجن له فإن طال دين. واعلم أن ما قاله سحنون مبني
على أن الطارئين يثبت نكاحهما بإقرارهما بالزوجية مطلقا، والمشهور تقييد ذلك بما إذا لم يتقدم نزاع.
قوله: (ولو أقام المدعي شاهدا) خلافا لقول ابن القاسم يحلف المنكر لرد شهادة ذلك الشاهد.
قوله: (إذ لو توجهت عليه) أي على المدعى عليه مع وجود شاهد للمدعي. قوله: (وحلفت المرأة إلخ) هذه
مسألة مستقلة لا تعلق لها بما قبلها فهي مستأنفة، فإن نكلت حلفت من يظن به العلم من الورثة
أنها غير زوجة، واعلم أنه لا خصوصية للمرأة بذلك بل الزوج لو أقام شاهدا على نكاح مبتة فإن لا يحلف
معه ويرثها ولا صداق لها، فلو قال المصنف وحلف معه وورث كان أحسن لشموله للصورتين، وإنما لم
يؤاخذ بالصداق مع إقراره بعد موتها بزوجيتها لان الصداق من أحكام الزوجية في حال الحياة لأنه
329

في مقابلة التمتع ولم تثبت الزوجية حال الحياة فلا صداق. قوله: (أي مع شاهدها) أي الشاهد على عقد
النكاح لا على إقرار الزوج الميت. وقوله حلفت أي يمينا واحدة مكملة للنصاب ولا يتأتى هنا يمين
الاستظهار لأنها إنما تكون في الدعوى على الميت إذا كانت بدين. قوله: (وورثت) أي على ما قال ابن
القاسم لان دعوى الزوجية بعد الموت ليس المقصود منها إلا المال فآلت إلى مال وكل دعوى بمال
تثبت بالشاهد واليمين، وقال أشهب: لا ترث لأنه لا صداق لها لان الميراث فرع الزوجية وهي لا تثبت
بالشاهد واليمين فكذا فرعها. قوله: (ولو كان ثم وارث معين ثابت النسب على أرجح القولين) والقول
الآخر يقول: محل إرثها إن لم يكن وارث ثابت النسب وإلا فلا إرث، وهذا القيد اعتبره ح والشيخ
سالم والتوضيح وأقره الناصر في حاشية التوضيح، وقال بن: الأولى حمل كلام المصنف عليه، والذي
نقله شيخنا العدوي عن بعضهم أنه لا عبرة بهذا القيد وأنها ترث على كلام ابن القاسم مطلقا واعتمد
هذا رحمة الله تعالى عليه. قوله: (لأنه من أحكام الحياة) أي من لوازم الزوجية حال الحياة. ولا يقال:
الإرث من لوازم الزوجية حال الحياة وهي لم تثبت قبل الموت فمقتضاها أنه لا ميراث. لأنا لا نسلم
أن الإرث من لوازم الزوجية لأنه يترتب على غيرها، بخلاف الصداق فإنه لا يتسبب إلا عن الزوجية.
قوله: (وعليها العدة لحق الله) أي والظاهر حرمتها على آبائه وأبنائه لدعواها وحرمة فروعها
وأصولها عليه إن كان المدعي الزوجية الرجل بعد موتها كما في عبق. واعلم أن صورة المصنف كما قال
الشارح أن الدعوى بعد الموت، فلو ادعى أحدهما الزوجية حال الحياة وأقام شاهدا واحدا ورد
الحاكم شهادته لاتحاده ثم مات المدعى عليه فهل يعمل بدعوى المدعي أو لا بد من تجديد الدعوى
لأنها دعوى نكاح والدعوى التي بعد الموت دعوى مال وهذا هو الظاهر، كما أن الظاهر
قبول شهادة الشاهد الأول الذي قد رد الحاكم شهادته أو لا لانفراده كما قال شيخنا. قوله: (أنها
امرأته تزوجها) أي وأنكرت المرأة أن يكون قد تزوجها أصلا. قوله: (يشهد له قطعا) أي بالقطع
لا على السماع لان بينة السماع لا تنفع فيمن تحت زوج. قوله: (فإن لم يأت به إلخ) أي وإن أتى بشاهده
عمل بالشهادة ويفسخ نكاح الثاني وترد إلى عصمة المدعي ولا يقربها إلا بعد استبرائها من الثاني إن
كان قد وطئها. قوله: (الزوجين) أي الزوجة وزوجها الأول والمدعى عليهما. قوله: (لشمولها للصورتين)
أي صورة ما إذا كان الشاهد الثاني بعيدا أو ادعى أنه قريب ولم يأت به. واعلم أن المسألة كما قال ح
مفروضة فيما إذا ادعى المدعي أنه تزوجها سابقا ودخل بها وهي تنكر ذلك، وأما لو ادعى أنه
تزوج بها سابقا ولم يدخل بها فقد تقدم في ذات الوليين أن دخول الثاني يفيتها اه‍، ويصح فرضها
كما قال الشيخ سالم في ذات ولي واحد دخول الثاني فيها لا يفيتها. قوله: (ولو بالسماع) أي لان الفرض
أنها خالية من الأزواج. قوله: (أمرت بانتظاره) قال في الشامل: وهل بحميل وجه أن طلبه أو تحبس
عند امرأة وبه جرى عمل المتأخرين قولان اه‍ بن ونفقتها في مدة الانتظار لمن ثبتت له فالمسألة
السابقة. قوله: (وإن لم يأت بها) أي وإن مضت مدة الانتظار ولم يأت بها. قوله: (ثم لم تسمع إلخ) حاصله
أنه إذا أنظره الحاكم ليأتي بالبينة التي ادعى قربها ثم لم يأت بها تارة يلقي السلاح ويقول عجزت عن
إثبات الزوجية، وتارة ينازع ويقول لي بينة أخرى وهي موجودة في المحل الفلاني وآتي بها، فإن ادعى أن
330

له بينة وعجزه القاضي ثم أتى بها لم تقبل، وهذا هو المشار له بقول المصنف، ثم لم تسمع بينته إن عجزه القاضي
في حال كونه مدعيا حجة أي بينة وإن لم يعجزه وأتى بها قبلت والمعترض بالعجز إذا عجزه وأتى بها
فقولان بقبولها وعدمه والراجح عدم القبول وهذا هو المشار له بقول المصنف: وظاهرها القبول إن
أقر على نفسه بالعجز. قوله: (لم تسمع بينته) أي التي أتى بها سواء أتى بها قبل أن تتزوج أو بعد تزوجها.
قوله: (أي طلاق المدعي نكاحها) أشار بهذا إلى أن الضمير في طلاقها عائد على المتنازع فيها المفهومة
من السياق لا على الخامسة، ويفهم من قوله: إلا بعد طلاقها أنه ليس له تزوج خامسة برجوعه عن دعواه
وتكذيبه نفسه، واستظهر بعض المتأخرين عدم حده إذا تزوج خامسة قبل طلاق واحدة من
الأربع. قوله: (وليس إنكار الزوج طلاقا) يعني إذا ادعت المرأة على رجل أنها زوجته فكذبها
فأقامت بينة بما ادعته ولم يأت الرجل بمدفع في تلك البينة فحكم عليه القاضي بالزوجية، فإن إنكاره
لا يكون طلاقا ويثبت النكاح وذلك لان إنكاره لاعتقاده أنها ليست زوجة بل أجنبية، فحيث أثبتتها
لزمه البناء والنفقة ولا يلزمه طلاق. قوله: (إلا أن ينوي به) أي بالانكار الطلاق والحال أنها قد أثبتت
الزوجية فإذا نوى به الطلاق والحال أنها أثبتت الزوجية سواء كانت نيته الطلاق بالانكار قبل ثبوت
الزوجية أو بعدها لزمه الطلاق عملا بما ثبت في نفس الامر من وقوعه حينئذ على زوجة، وللزومه بكل
كلام بنية كما يأتي، وأما إن لم تثبت الزوجية فلا يكون إنكاره طلاقا ولو قصده لأنه طلاق في أجنبية.
والحاصل أن إنكاره إنما يكون طلاقا إذا نوى ذلك وأثبتت الزوجية عليه، فإذا وجد الامر لزمته
طلقة إلا أن ينوي أكثر ويحتاج لعقد إذا كان إنكاره الذي نوى به الطلاق قبل الدخول أو بعده
وكانت العدة قد تمت. قوله: (أو صدقتهما) أي على سبيل الاحتمال إذ لا يجتمع عليها رجلان. قوله: (وأقام
كل البينة) أي والحال أنه لم يعلم السابق منهما. قوله: (لاحتمال صدقهما) أي وأنها زوجة لكل منهما وأنها
تزوجت بهذا قبل الآخر وبالعكس. قوله: (ولا ينظر لدخول أحدهما بها) أي وحينئذ فلا يكون الداخل
أولى بها ولا بد من الفسخ كذا قال عبد الحق خلافا لابن لبابة وابن الوليد وابن غالب حيث قالوا: إن
دخل بها أحدهما كانت له فجعلوها كذات الوليين انظر بن. قوله: (لأن هذه ذات ولي واحد)
أي والدخول لا يفوت إلا في ذات الوليين. قوله: (وإلا إلخ) أي وإلا نقل أن هذه ذات ولي واحد فلا
يصح للزوم إلخ. قوله: (إلا التاريخ إلخ) فإذا أرختا معا قضى لأقدم التاريخين لأنه الأسبق
بالعقد عليها، وإن أرخت إحداهما دون الأخرى فلم يعلم السابق منهما فيفسخ النكاحان بمنزلة ما لو
تركتا معا التاريخ أو أرختا معا في وقت واحد. قوله: (على الأرجح) وهو ما في أبي الحسن والتوضيح،
وقال اللقاني: لا يعتبر هنا شئ من المرجحات حتى التاريخ ويتحتم فسخ النكاحين مطلقا. قوله: (وفي
التوريث بإقرار الزوجين إلخ). حاصله أن الرجل والمرأة إذا كانا بلديين أو أحدهما بلديا
والآخر طارئا إذا أقر بأنهما زوجان متناكحان ثم مات أحدهما فهل يرثه الآخر أو لا يرثه؟
في ذلك خلاف، فقال ابن المواز: يتوارثان لمؤاخذة المكلف الرشيد بإقراره بالمال، وقال غيره:
لا يتوارثان لعدة ثبوت الزوجية لان الزوجية لا تثبت بتقارر غير الطارئين، وظاهره ولو طال
زمن للاقرار ومحل الخلاف إذا لم يكن هناك وارث ثابت النسب حائز لجميع المال وإلا ثبت
التوارث اتفاقا. قوله: (بإقرار الزوجين معا) الحق كما يؤخذ من بن أن محل الخلاف الاقرار مطلقا
331

منهما أو من أحدهما، فإذا أقر أحدهما بالزوجية وسكت الآخر ولم يكذبه فهل ذلك الساكت يرث
المقر لمؤاخذة المكلف بإقراره أو لا يرث لثبوت الزوجية؟ خلاف، فلو كذبه فلا يرثه اتفاقا، كما
أن المقر لا يرث الساكت اتفاقا. قوله: (ولا يشترط الاقرار في الصحة) أي بل لا فرق بين الاقرار
في الصحة أو المرض، فقد قال في الجواهر: ومن اختصر فقال لي امرأة بمكة سماها ثم مات فطلبت
ميراثها منه فذلك لها، ولو قالت زوجي فلان بمكة فأتى بعد موتها ورثها بإقرارهما بذلك، ونقله
في التوضيح وخالف في ذلك عج وقال: محل الخلاف في غير الطارئين إذا وقع الاقرار في الصحة وإلا
فلا إرث اتفاقا، ومحل الإرث في الطارئين بالاقرار حيث كان في الصحة وإلا فلا، لان الاقرار في المرض
كانشائه فيه وإنشاؤه فيه ولو بين الطارئين مانع من الميراث اه‍ كلامه، ورده طفي لما مر من النقل
عن الجواهر. قوله: (وفي الاقرار) أي وفي التوريث بسبب الاقرار بوارث إلخ أي وعدم التوريث
بذلك خلاف مبني على الخلاف في أن بيت المال حائز أو وارث ومحله في إرث المقر به للمقر به، وأما
إرث المقر للمقر به فلا خلاف في عدمه. قوله: (وخصه) أي الخلاف المختار أي اللخمي بما إذا لم يطل
الاقرار أي: وأما إذا طال فالإرث اتفاقا. قوله: (وهو يرث قطعا) أي اتفاقا، وقوله مطلقا أي سواء
كان هناك وارث ثابت النسب حائز أو لا. قوله: (كما يأتي) أي على ما يأتي في الاستلحاق وظاهره أن
التوارث بينهما باتفاق هنا وفيه أن إقرار كل منهما بالآخر لا يمنع إدراج كل منهما في محل الخلاف
كما كتب شيخنا، ومن العجب أن الشارح جعل محل الخلاف هنا إقرار أحدهما، وفي المسألة السابقة
إقرارهما معا والمسألتان من واد واحد فالحق الاطلاق في الموضعين، ويقيد محل الخلاف بعدم
التكذيب فقط كما قرر شيخنا. قوله: (ولكن الحكم مختلف) أي لما علمت من ثبوت الميراث قطعا
في الأولى عند وجود الوارث الثابت النسب الحائز لجميع المال، ومن عدم الميراث قطعا في الثانية عند
وجود الوارث المذكور. قوله: (فإنهما يتوارثان بلا خلاف) أي لثبوت الزوجية بينهما بإقرارهما،
ولا فرق بين إقرارهما في الصحة أو المرض على الراجح كما مر. وقوله بخلاف الطارئين أي على
بلد سواء قدما معا أو مفترقين، فإن كان أحدهما طارئا والآخر حاضرا فكالحاضرين كما مر.
قوله: (غير البالغين) سواء كان الأبوان طارئين أم لا والسكوت ليس كالاقرار، وإذا أقر أحدهما وسكت
الآخر فلا يعد سكوته إقرارا، ومفهوم غير البالغين أنه لو كان الزوجان بالغين ولو سفيهين لم يعتبر
إقرار أبويهما بعد موتهما أو موت أحدهما. قوله: (بنكاحهما) أي سواء أقرا في الصحة أو المرض
خلافا لقول عبق: يشترط إقرارهما في الصحة. قوله: (كما لو كانا) أي الزوجان غير البالغين حيين
أي ولو أقر أبواهما بزوجيتهما فإنها تثبت. قوله: (أي الطارئ) قيد به لقول المصنف في التوضيح:
اعلم أن ما ذكره ابن الحاجب هنا من الاقرار إنما يفيد في الطارئين لان الزوجية ثبتت بإقرارهما،
وأما في غير الطارئين فلا لأنه قد تقدم أنهما لو تصادقا على الزوجية لم يقبل على الأظهر أي
لم تثبت الزوجية وفي الإرث خلاف. قوله: (فإنه إقرار) أي يثبت به النكاح والإرث في الطارئين وفي
البلدين يثبت به الإرث دون النكاح. قوله: (لا إن لم يجب) أي فلا يترتب على ذلك حكم الزوجية.
332

قوله: (بالبناء للمفعول) أي ويصح بناؤه للفاعل أيضا وضميره راجع للمسؤول أي لا إن لم يجب
المسؤول السائل منهما فهو مفيد لما أفاده الأول. قوله: (قبل البناء) أي بعد اتفاقهما على ثبوت الزوجية،
والحال أنه لم يحصل موت ولا طلاق بدليل ما يأتي وأما تنازعهما في ذلك بعد البناء فسيأتي. قوله: (في
قدر المهر) عطف على الزوجية كما أشار له الشارح. قوله: (أو بعبد) أي أو قالت بعبد. قوله: (إذا لجنس
إلخ) أي وإنما صح التمثيل للاختلاف في الجنس بهذا المثال مع أنهما اختلفا في النوع لان المراد
بالجنس الجنس لغة والجنس في اللغة يشمل النوع. قوله: (حلفا) أي حلف كل على ما ادعاه، وقوله كما
يأتي أي في قوله ولا كلام لسفيهة. قوله: (ويتوقف الفسخ على الحكم) أي ويقع الفسخ ظاهرا وباطنا.
قوله: (وكذا إن نكلا) أي وكذا يفسخ إن نكلا ويقضي للحالف على الناكل. قوله: (فإن نكل)
أي من أشبه وحده وتوجهت عليه اليمين. قوله: (وأما في الجنس فيفسخ مطلقا) ما ذكره من الفسخ
مطلقا في الجنس هو الذي عند اللخمي وابن رشد والمتيطي وغيرهم انظر التوضيح اه‍ بن. ومقابله
أن الاختلاف في الجنس كالاختلاف في القدر والصفة. قوله: (فيفسخ مطلقا) أي ما لم يرض أحدهما
بقول الآخر وإلا فلا فسخ. وحاصل فقه المسألة أنهما إذا تنازعا في جنس الصداق قبل البناء فسخ
مطلقا حلفا أو أحدهما أو نكلا أشبها أو أحدهما أو لم يشبها وإن تنازعا فيه بعد البناء رد الزوج لصداق
المثل ما لم يزد عن دعواها أو ينقص عن دعواه، وإن تنازعا في قدره أو صفته فإن كان قبل البناء صدق
بيمين من انفرد بالشبه وإن أشبها أو لم يشبها حلفا وفسخ النكاح ما لم يرض أحدهما بقول الآخر، وإن
كان التنازع فيهما بعد البناء صدق الزوج بيمين. قوله: (أو لا) أي أو لم يشبه واحد منهما. قوله: (وغيره)
بالرفع عطف على الرجوع أفرد الضمير باعتبار ما ذكر. قوله: (أي غير ما ذكر) مثل تبدئة الزوجة باليمين
ووقوع الفسخ ظاهرا وباطنا وكون نكولهما كحلفهما وأنه يقضى للحالف على الناكل وأن الفسخ
إنما يكون إذا حكم به حاكم. قوله: (لا للجنس) أي لأنه لا يرجع عند التنازع فيه للأشبه هنا بخلاف البيع.
قوله: (يعني أنه ينظر) أي في حال التنازع في القدر والصفة. قوله: (وأن الفسخ إنما يكون إلخ) تفسير لقوله:
وغيره. قوله: (وقد شمل ذلك) أي قوله: وأن فسخ إنما يكون إلخ وما بعده. قوله: (إلا أن ظاهر المصنف إلخ)
لان قوله: والرجوع الأشبه كالبيع يقتضي أنه لا يعمل بالشبه هنا قبل الفوات بل بعده كالبيع وليس
كذلك، بل هنا يرجع للشبه قبل الفوات لا بعده، بخلاف البيع فإنه يرجع فيه للشبه بعد الفوات لا قبله.
قوله: (قبل الفوات) المراد به البناء أو الطلاق أو الموت لأنه كفوت السلعة في البيع. قوله: (مطلقا) أي كان التنازع
333

في القدر أو الصفة أو الجنس. قوله: (بل يعمل بقول من أشبه) إذا كان التنازع في قدر المهر أو صفته
قبل البناء، وأما في البيع إذا تنازعا قبل فوات المبيع في قدر الثمن أو صفته أو جنسه فإنه لا يرجع للأشبه
بل يحلفان ويفسخ. قوله: (فيهما) أي في القدر والصفة بل القول قول من أشبه بيمينه والنكاح ثابت،
فإن نكل حلف الآخر وكان القول قوله ولا فسخ. قوله: (بخلاف الجنس) أي بخلاف الاختلاف
في الجنس قبل البناء فيفسخ مطلقا حلفا أو نكلا، أو حلف أحدهما أشبها أو أحدهما أو لم يشبه واحد
على الأرجح. قوله: (بعد موت) أي موتها أو موته أو موتهما. قوله: (أي القول قول الزوج بيمين) فإن
نكل الزوج عن اليمين فالقول قول الزوجة مع يمينها أو ورثنها في الموت، فإن نكلت هي أو ورثنها فالقول
قول الزوج. قوله: (إن أشبه) أي سواء أشبهت الزوجة أم لا، فلو انفردت الزوجة بالشبه فالقول قولها
بيمينها فإن نكلت كان القول قول الزوج بيمينه، فإن نكل كان القول قولها، فإن لم يشبه واحد منهما
حلفا معا وكان فيه صداق المثل ونكولهما كحلفهما ويقضى للحالف على الناكل، وهذا التقرير لابن
غازي تبعا للخمي، وقوله: لكن المعتمد إلخ طريقة للمتيطي واقتصر عليها المصنف في التوضيح وهي
ظاهر المصنف هنا لان قوله إلا بعد بناء استثناء من قوله: والرجوع للأشبه كالبيع أي أن الرجوع
للأشبه معمول به قبل البناء لا بعد البناء إلخ. قوله: (إن القول للزوج مطلقا) أي بيمين والفرض أن
التنازع في القدر والصفة، فإن نكل حلفت في الطلاق ورثتها في الموت، فإن نكلت هي أو ورثتها فالقول
قول الزوج. قوله: (ولو ادعى الزوج) أي بعد طلاقها أو موتها، وقوله إنه نكحها تفويضا أي أنه
لم يسم لها شيئا من الصداق حين العقد فلا شئ لها أي أو ادعت ورثته ذلك، وقوله: وادعت هي تسمية
أي إن نكحها نكاح تسمية وأنه سمى لها كذا وكذا أي أو ادعت ورثتها ذلك. قوله: (حيث كان إلخ)
أي إذا كانا من قوم يتناكحون على التفويض فقط أو هو الغالب عندهم أو عليه وعلى التسمية
سوية لصدق الاعتياد بذلك، وقوله: فالقول لها بيمين أي فيقبل قوله في ثلاث حالات، وقوله في حالتين
لكن كلام المصنف يفيد أنه إذا كانت التسمية غالبة عندهم فالقول قول الزوج بيمين لأنه يصدق
عليه كونهما معتاديه وهو ما في التوضيح عن اللخمي، وحينئذ فالمرأة يقبل قولها في حالة واحدة والرجل
في أربعة. قوله: (بعد حلفهما) أي ونكولهما كحلفهما ويقضي للحالف على الناكل. قوله: (ولشموله
المثلى) أي لان قولنا فوق ما ادعت محتمل لفوق قيمته أو فوقه نفسه. قوله: (ثبت النكاح ولا فسخ) قال
في التوضيح: هذا هو المعروف من المذهب ورواه ابن وهب عن مالك، وقال في الجلاب: يفسخ النكاح
بينهما اه‍ بن. وقوله: ثبت النكاح أي ثبوتا حسيا إذا كان التنازع بعد البناء وهي حية أو حكميا إن
كان التنازع بعد الموت أي أنه تثبت أحكامه من إرث أو غيره، وأما إذا كان التنازع بعد الطلاق فلا يثبت
334

النكاح إذ لا تعود له بمجرد رد مهر المثل وحلف الزوج، وهذا معنى قول الشارح: راجع لجميع ما بعد
إلا ما عدا الطلاق. قوله: (وتتوجه عليه) أي على الولي ومن يقوم مقامه عند عدمه. قوله: (ولو أقامت
بينة إلخ) يعني أن المرأة إذا ادعت على الرجل أنه تزوجها مرتين بألفين مثلا في عقدين وادعت أن العقد
الثاني بعد طلاقها من النكاح الأول وأكذبها الرجل فإذا قامت المرأة على ذلك بينتين تشهدان لها بما
ادعته من العقدين فإن الشرع يقدر وقوع الطلاق بين العقدين أي يعتبر ذلك ويلزم الرجل أن يدفع لها
الصداق الثاني كله بلا إشكال إن ثبت البناء بها بعد العقد الثاني وإلا لزمه نصفه إن طلق الآن، وأما
الصداق الأول فقيل يلزمه كله بناء على أن هذا الطلاق الواقع بين العقدين يقدر بعد البناء، وعلى الزوج
إثبات أنه قبله لأجل أن يسقط عنه النصف، وقيل يلزمه نصف بناء على أن هذا الطلاق يقدر قبل
البناء وعليها إثبات أنه بعده لأجل أن يتكمل لها ذلك الصداق، وهذا القول هو المعتمد وهو ما مشى عليه
المصنف. قوله: (الصادق بالتعدد) أي كما هو المطلوب وذلك لان وقوع الطلاق بين العقدين أمر تقديري
يقدره الشرع، ولو اتحدت البينة فلا بد أن تشهد بطلاق فلا يكون مقدرا، وأما قول الشارح: إذ الصداقان
المختلفان أي في الزمن إلخ ففيه نظر تأمل. قوله: (أي نصف كل منهما إلخ) هذا إذا طلقها الآن، أما إن لم
يطلقها فلها صداق ونصف أي لأنها الآن في عصمته والطلاق يقدر أنه قبل البناء، فإن أثبتت أن
الطلاق الذي بين العقدين كان بين البناء فلها صداقان هذا هو المناسب لما يأتي اه‍ بن. قوله: (أي
الطلاق) أي المقدر وقوعه بعد العقدين. قوله: (وتبدأ باليمين) أي لان هذا من قبيل التنازع في صفة
الصداق. قوله: (لإقراره بحريته) أي وإن كان الفسخ قبل البناء لا شئ فيه لكن عومل بإقراره
لتشوف الشارع للحرية. قوله: (وولاؤه لها) أي لأنه أقر على أنه صداقها فيكمل العتق خصوصا وقد
قيل أنها تملك بالعقد الكل ولا يرجع الزوج عليها بشئ من قيمة الأب الذي خرج حرا.
قوله: (كحلفهما) أي في فسخ النكاح وعتق الأب. قوله: (ولكن يثبت النكاح) أي في هذه
فقط فعتق الأب فقط في ثلاث صور والولاء لها، فإن فسخ النكاح في هذه الثالثة لامر اقتضى الفسخ أو طلق قبل البناء
رجع عليها بنصف قيمة في الطلاق وبجميع القيمة في الفسخ. قوله: (إنما يحلف أحدهما) أي هو
الزوج فالقول قوله بيمين، فإذا حلف عتق الأب وإن نكل حلفت هي وعتقا معا، فإن نكلت عتق الأب
فقط ولا رجوع لأحدهما على الآخر بشئ ويثبت النكاح على كل حال. واعلم أن الأب إذا مات بعد عتقه
لاقرار الزوج وترك مالا فإن الزوج يأخذ منه قيمته نظرا لاقرار الزوجة بأنه ملكه والباقي للزوجة
نصفه بالإرث ونصفه بالولاء لا كله بالولاء كما قيل انظر عبق. قوله: (في قبض ما حل) أي وأما إذا تنازعا
في قبض المؤجل الذي لم يحل فقال ابن فرحون: القول قولها سواء وقع التنازع فيه قبل البناء أو بعده اه‍ بن.
قوله: (فقبل البناء القول قولها) أي أنها لم تقبضه بيمين منها إن كانت رشيدة وإلا فوليها هو الذي يحلف،
فإن نكل وليها غرم لها لاضاعته بنكوله ما حل من الصداق. قوله: (قيد قوله) أي قيد قبول قوله.
قوله: (بأن لا يتأخر) أي قبض الصداق في العرف. قوله: (بتقديمه) أي على البناء. قوله: (لكن بيمين)
335

أي لان العرف كشاهد واحد لها. قوله: (وإلا فالقول لها) أي بيمين وهذا هو المعتمد، وقال سحنون:
القول قوله. قوله: (أنه دفع قبله) أي لان البناء مقو لدعواه القبض حيث حصل بعد القبض. قوله: (فإن ادعى
بعد البناء أنه دفعه لها بعده فالقول لها) أي بيمين لأنه أقر بدين في ذمته وأقر بأن البناء غير مقو له حيث
حصل قبل القبض. قوله: (وإن تنازع الزوجان إلخ) اعلم أن مثل الزوجين القريبين كرجل ساكن مع
محرمه أو مع امرأة أجنبية وتنازع معها في متاع البيت ولا بينة لهما في جميع الصور اه‍ عدوي.
قوله: (قبل البناء إلخ) وسواء كان تنازعهما حال كونها في عصمته قبل الطلاق أو بعده كانا حرين أو رقيقين
أو مختلفين. قوله: (وإلا فلا يقبل قولها) أي وإلا بأن كان في حوزه الخاص به وادعاه فلا يقبل قولها،
أو كانت معروفة بالفقر وادعت ما تزيد قيمته على ما قبض من صداقها فلا يقبل قولها فيما زادت قيمته
على المقبوض من صداقها، فقول الشارح فيما زاد على صداقها أي فيما زاد على المقبوض منه. قوله: (بل
للرجال فقط) أي كالسلاح وآلة الفلاحة وآلة الحرث التي شأن الرجال تعاطيها. قوله: (كالطشت
وسائر الأواني) أي والألحفة والطراريح وخواتم المذهب بالنسبة للبلاد التي يلبسها فيها الرجال
والنساء. قوله: (إلا أن يكون في حوزها الأخص) أي وكذلك إذا كان لا يشبه أن يملكه لفقره فلا
يقبل قوله ويكون للمرأة. قوله: (ولها الغزل) أي بيمينها. وقوله: إذا تنازعا فيه أي قبل الطلاق
أو بعده والحال أنه في البيت ولا بينة لأحدهما به وإنما قضى لها به لأنه من فعل النساء غالبا وهذا ما لم
يكن من الحاكة وأشبه غزله غزلها وإلا كان له خاصة لأنه مشترك. قوله: (ودفع لها أجرة نسجها)
الذي نقله المواق عن مالك أن المرأة تكلف بالبينة أن الغزل لها، فإن أقامتها اختصت بالشقة وإلا كانا
شريكين. وقال ابن القاسم: الثوب للمرأة وعلى الرجل إثبات أن الغزل أو الكتان له، فإن أقام
بذلك بينة كانا شريكين واعترض على المصنف بأن قوله: وإن نسجت إلخ مخالف لقوله قبل
ولها الغزل لأنه فيما مرا دعت أن الغزل الذي في البيت لها فقبل قولها، وهنا ادعت ذلك فلم يقبل قولها.
وأجاب بعضهم بحمل الأول على من صنعتها الغزل وما هنا على أنه غير صنعتها أو أنه صنعتها وصنعة
الرجل. وأجاب بهرام بأن ما مر قول ابن القاسم وقال هنا: إن الشقة للمرأة ويكلف الرجل ببينة
أن الغزل له فإن أقامها كانا شريكين كما مر وما هنا قول مالك وقال فيما تقدم القول للزوج. قوله: (وإن أقام إلخ).
حاصله أنهما إذا تنازعا فيما هو معتاد للنساء وادعاه كل منهما لنفسه وأقام الرجل بينة تشهد
أنه اشتراه حلف وقضى له به وحلفه مقيد بقيدين أن تشهد البينة أنه اشتراه من غيرها وإلا قضى له به
بمجرد شهادة البينة أنه اشتراه منها من غير يمين، وأن تشهد البينة أنه اشتراه فقط، فلو شهدت أنه ورثه
أو وهب له أو اشتراه لنفسه قضى له به من غير يمين. قوله: (فهو له بلا يمين) أي كما أنه لو شهدت له البينة
أنه اشتراه من غيرها لنفسه فلا يمين. قوله: (وفي حلفها تأويلان) أي وورثة كل من الزوجين بمنزلته في
الحلف لكن يحلفون على نفي العلم لا على البت. قوله: (الوليمة) مأخوذة من الولم وهو الاجتماع لاجتماع
الزوجين عند فعلها أي في الزوجية وإن لم يجتمعا بالفعل، أو المراد لاجتماعهما بالفعل لان الأولى أن
تكون الوليمة بعد الدخول أو لاجتماع الناس لها. ولا يقال: إن تلك العلة موجودة في غيرها لأن علة
336

التسمية لا تقتضي التسمية. قوله: (طعام العرس خاصة) أي ولا تقع على غيره إلا بقيد كأن يقال وليمة
الختان، واعلم أن طعام الختان يقال له اعذار، وطعام القادم من سفر يقال له نقيعة، وطعام النفاس يقال
له خرس بضم الخاء وسكون الراء، والطعام الذي يعمل للجيران والأصحاب لأجل المودة يقال له مأدبة
بضم الدال وفتحها، وطعام بناء الدور يقال له وكيرة، والطعام الذي يصنع في سابع الولادة يقال له
عقيقة، والطعام الذي يصنع عند حفظ القرآن يقال له حذاقة، ووجوب إجابة الدعوة والحضور إنما
هو لوليمة العرس وأما ما عداها فحضوره مكروه إلا العقيقة فمندوب كذا في الشامل، والذي لابن رشد
في المقدمات أن حضور كلها مباح إلا وليمة العرس فحضورها واجب وإلا العقيقة فمندوب،
والمأدبة إذا فعلت لايناس الجار ومودته فمندوب أيضا، وأما إذا فعلت للفخار والمحمدة فحضورها
مكروه. قوله: (مندوبة) وقيل إنها واجبة يقضى بها على الزوج وهو ما صححه المصنف سابقا وقد تقدم
أنه ضعيف. قوله: (فلا يقضى بها) أي للزوجة على الزوج. قوله: (بعد البناء) ظرف لمقدر أي ووقتها بعد
البناء كما عبر به ابن الحاجب، وما ذكره من كونها بعد البناء هو المشهور وهو قول مالك أرى أن يؤلم بعد
البناء وقيل قبل البناء أفضل، وكلام مالك يحتمل أن يكون قاله لمن فاتته قبل البناء لان الوليمة لاشهار
النكاح وإشهاره قبل البناء أفضل انظر المواق عند قوله: وصحح القضاء بالوليمة اه‍ بن. قال البدر: الذي
يظهر من كلام ابن عرفة أن غايتها للسابع بعد البناء فمن أخر للسابع كانت الإجابة مندوبة لا واجبة.
قوله: (لم تكن وليمة شرعا) أي لكونها وقعت قبل وقتها. قوله: (فإن فعلت قبل أجزأت) أي لان غاية
ما فيه أنها فعلت في غير وقتها المستحب، وعلى هذا فقول المصنف ووقتها بعد البناء المراد وقتها الذي
يستحب فعلها فيه لا الذي يتحتم فعلها فيه اه‍. وظاهر كلام المصنف استحباب الوليمة ولو ماتت المرأة
أو طلقت. قوله: (إلا أن يكون المدعو ثانيا إلخ) وإذا كررت كذلك ودعي انسان في أول يوم وأجاب
ثم دعي ثاني يوم فلا تجب عليه الإجابة بخلاف ما إذا دعى غيره، وما في بعض التقارير من أن الواقعة
بعد اليوم الأول فهي غير وليمة قطعا لا يسلم اه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (ولو بكتاب) أي هذا إذا
كانت الدعوة مباشرة بأن قال صاحب العرس: تأتي عندنا وقت كذا بل ولو كانت بكتاب إلخ.
قوله: (لأنهم معينون حكما) الأولى لان كل واحد معين ضمنا. قوله: (إلا أن يقول أنا صائم) حاصله أن محل
وجوب الإجابة على الصائم ما لم يبين الصائم له وقت الدعوة أنه صائم بالفعل وكان وقت الاجتماع
والانصراف قبل الغروب وإلا فلا تجب إجابته. قوله: (لامر ديني يفهم من التعليل أنه لو حضر من
يتأذى من رؤيته أو من مخاطبته لأجل حظ نفس لا لضرر يحصل له منه فإنه لا يباح له التخلف
لذلك. قوله: (يجلس هو أو غيره عليه بحضرته) أي سواء كان الجلوس فوقه مباشرة أو كان
الجلوس فوقه من فوق حائل كان الحائل كثيفا أو خفيفا كذا في خش وعبق. قال بن:
وانظر هذا مع ما ذكره البرزلي فقد ذكر أن مما حكى له شيخه البطرني أن سيدي محمد البرجاني كان
يجلس على فرش الحرير إذا جعل عليها حائل وأجراها البرزلي على مسألة المغشى وعلى
مسألة ما إذا فرش على النجس ثوب طاهر وصلى عليه نقله عنه الشيخ أبو زيد الفاسي.
قوله: (من غوان) جمع غانية بمعنى مغنية أي إذا كان غناؤها يثير شهوة أو كان بكلام قبيح أو كان بآلة
337

لان سماع الغناء إنما يحرم إذا وجد واحدا من هذه الأمور الثلاثة وإلا كان مكروها فقط إن كان من
النساء لا من الرجال. قوله: (من نحو قشر بطيخ) لأنه إذا نشف تقطع، وفي عبق نقلا عن ح أنه
يستثنى من المحرم تصوير لعبة على هيئة بنت صغيرة لتلعب بها البنات الصغار فإنه جائز، ويجوز بيعهن
وشراؤهن لتدريب البناة على تربية الأولاد. قوله: (بخلاف ناقص عضو) مثله ما إذا كان مخروق
البطن كما قال شيخنا العدوي. قوله: (فتسقط الإجابة مع ما ذكر) أي من حضور من يتأذى به ووجود
منكر في المجلس وصور حيوان كاملة ذات ظل. قوله: (في ذي هيئة) أي معه ففي بمعنى مع أو المعنى ولو
كان اللعب المباح واقعا في حضرة ذي هيئة. قوله: (على الأصح) أي لقول القاضي أبي بكر الحق الجواز،
ومقابل الأصح رواية ابن وهب: لا ينبغي لذي هيئة أن يحضر موضعا فيه لهو وإنما كان الأول
أصح لان النبي صلى الله عليه وسلم حضر ضرب الدف، ولا يصح أن ذا الهيئة أعلم وأهيب من النبي
صلى الله عليه وسلم. قوله: (كمشي على حبل إلخ) إنما منع ذلك ونحوه كالنط من الطارة واللعب بالسيف
للخطر والغرر في السلامة لكن جرت العادة الآن بالسلامة. وفي بن عن ابن رشد: أن المشهور أن
عمل ذلك وحضوره جائز للرجال والنساء وهو قول مالك وابن القاسم، غاية الأمر أنه يكره لذي
الهيئة أن يحضر اللعب. قوله: (وكثرة زحام) عطف على فاعل يحضر مضمنا معنى يوجد أي إن لم يوجد من
يتأذى به وكثرة زحام أو معمول لمقدر عطف على يحضر أي ولم يكن كثرة زحام على طريقة:
علفتها تبنا وماء باردا. وإلى الثاني أشار الشارح بقوله: ولم يكن هناك كثرة زحام. قوله: (وإغلاق باب
دونه) أي عنده أي عند حضوره. قوله: (فإن علم ذلك) أي فإن علم أن الباب يغلق عند حضوره ولو
لمشاورة جاز التخلف لما في ذلك من الحطة، ومنه يؤخذ إباحة التخلف لمن يلحقه حطة بارتفاع آخر عليه
من غير موجب كما قرره شيخنا. تنبيه: ومن جملة ما يسقط الإجابة علمه بفوات الجمعة إذا ذهب،
وكون الطريق أو البيت فيه نساء واقفات يتفرجن على الداخل، وكون الداعي جميلا أو عنده جميل
ويعلم المدعو أنه إذا حضر يحصل له منه لذة وكون الداعي امرأة غير محرم أو خنثى، وكون المدعو جميلا
يعلم أنه إذا ذهب يخشى منه الافتتان فلا تجب عليه الإجابة، وكذا إذا كانت الوليمة لغير مسلم فلا تجب
إجابته ولو كان الداعي مسلما، ولا تحرم أيضا ما لم يلزم على إجابته التكلم في حقه وإلا حرم، وكذا إذا
كان في البيت كلب لا يحل اقتناؤه، أو كان في الطعام شبهة كطعام مكاس أو خص بالدعوة الأغنياء فلا
تجب عليهم الإجابة اه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (وفي وجوب أكل المفطر) أي قدر ما يطيب به
خاطر رب الوليمة. قوله: (تردد للباجي) أي تحير له حيث قال: لم أر لأصحابنا فيه نصا جليا، واعترضه ابن عرفة
برواية محمد عليه أنه يجيب وإن لم يأكل، وبقول الرسالة وأنت في الأكل بالخيار الجزولي، وفي الترمذي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من دعي فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك اه‍. ابن رشد: الأكل
مستحب لقوله عليه الصلاة والسلام: فإن كان مفطرا فليأكل وإن كان صائما فليصل، أي يدع، فحمل مالك
الامر على الندب للحديث المتقدم لان أعمال الحديثين أولى من طرح أحدهما. قوله: (ولا يدخل) أي
محل الوليمة. قوله: (أي يحرم عليه الدخول) أي سواء أكل أو لم يأكل. وقوله: إلا بإذن أي في الدخول.
قوله: (فلا يحرم) أي لا يحرم دخوله ولا أكله لأنه مدعو حكما بدعوى متبوعه. قوله: (وكره نثر اللوز) أي على
338

الأرض. وقوله للنهبة أي لأجل الانتهاب أي وأما إحضاره في إناء من غير نثر فإن خص به أعيان الناس
دون غيرهم حرم، وإن كان يأكل منه جميع الناس بهداوة فهو جائز. قوله: (لا الغربال) عطف على
فاعل كره أي كره نثر اللوز لا يكره الغربال أي الطبل به في العرس بل يستحب لقوله عليه الصلاة
والسلام: أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف وأما في غير العرس كالختان والولادة فالمشهور عدم
جواز ضربه، ومقابل المشهور جوازه في كل فرح للمسلمين. ثم إن ظاهر المصنف جواز الضرب به في
العرس ولو كان فيه صراصر وهو ما ذكره القرطبي، وقيل محل الجواز إذا لم يكن فيه صراصر أو جرس
وإلا حرم وهو ما في المدخل، واعتمد الأول عج، واعتمد الثاني اللقاني كذا في عبق، واعترضه بن
بأن الذي نقله ح عن القرطبي وصاحب المدخل وغيرهما حرمة ذي الصراصر وهو الصواب
لما فيها من زيادة الاضطراب. قوله: (أي الدف المعروف بالطار) قال ابن عرفة: هو المسمى عندنا بالبندير،
قال بن: مقتضى كلامه ولو كان فيه أوتار لأنه لا يباشرها بالقرع بالأصابع كالعود ونحوه من الآلات
الوترية. زروق: رأيت أهل الدين ببلادنا يتكلمون في أوتاره ولم أقف فيه على شئ. قوله: (فلا يكره
ولو لرجل) أي فلا يكره الطبل به ولو كان الطبل به صادرا من رجل خلافا لأصبغ القائل بالمنع له
وإنما يجوز للنساء. قوله: (وهو الطبل الكبير إلخ) وقيل إنه الطبلخانا وهو طبلان متلاصقان أحدهما
أكبر من الآخر وهو المسمى بالنقرازان، وقال ميارة: هو طبل صغير طويل العنق مجلد من جهة واحدة
وهو المعروف الآن بالدربكة، وفي الحديث بالكوبة والقرطبة. قوله: (وفي كراهتهما إلخ) المعتمد من
الأقوال الثلاثة أولها وهو قول ابن حبيب. والحاصل أن الطبل بجميع أنواعه يجوز في النكاح ما لم
يكن فيه صراصر أو ولو كان فيه على ما مر من الخلاف، وأما في غير النكاح فلا يجوز شئ منه اتفاقا
في غير الدف وعلى المشهور بالنسبة للدف اه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (وتجوز الزمارة والبوق) أي يجوز
التزمير بهما في النكاح وأما في غيره فحرام. ثم ظاهر كلام المصنف سواء كان التزمير بهما كثيرا أو يسيرا مع أن
ابن كنانة قيد الجواز بما إذا كان التزمير بهما يسيرا وإلا حرم، فعلى المصنف المؤاخذة في إطلاقه، ثم بعد هذا
فعج اعتمد كلام ابن كنانة مع التقييد، والشيخ إبراهيم اللقاني قد ضعفه وجزم بالحرمة ولو كان التزمير بهما
يسيرا قوله: (فالراجح حرمتها إلخ) مقابله ما قاله بعضهم من جوازها في النكاح خاصة وهو ضعيف.
فصل إنما يجب القسم للزوجات في المبيت قوله: (للزوجات المطيقات) أي بالغات أم لا،
صحيحة كانت الزوجة أو مريضة، وقوله للزوجات في المبيت هذا هو المحصور فيه فالمعنى لا يجب القسم
لاحد في شئ إلا للزوجات في المبيت فهو على حد: ما ضرب إلا زيد عمرا، أي ما ضرب أحد أحدا إلا
زيد عمرا. وقوله لا للسراري قال في المدونة: وله أن يقيم عند أم ولده ما شاء ما لم يضر بالزوجة، قال ح: أي
بأن يزيد السرية على الزوجة ابن عرفة ابن شاس لا يجب القسم بين المستولدات وبين الإماء ولا
بينهن وبين المنكوحات. قوله: (كالوطئ والنفقة) أي والميل القلبي. قوله: (كمحرمة ومظاهر منها) مثل
للامتناع شرعا بمثالين ليعلم أنه لا فرق بين أن يكون سبب الامتناع منه كالظهار أو منها كالاحرام.
قوله: (لا في الوطئ) أي ولا في النفقة ولا في الكسوة، وإنما لكل ما يليق بها، وله أن يوسع على من شاء
منهن زيادة على ما يليق بمثلها، قال ابن عرفة ابن رشد مذهب مالك وأصحابه أنه إن قام لكل واحدة بما
يجب لها بقدر حالها فلا حرج عليه أن يوسع على من شاء منهن بما شاء. وقال ابن نافع: يجب العدل بينهن
في ماله بعد إقامته لكل واحدة بما يجب لها والأول أظهر اه‍ ح. قوله: (إلا لاضرار) استثناء من
محذوف أي لا يجب القسم في الوطئ في سائر أحواله إلا لاضرار فيجب القسم فيه بمعنى التشريك
على الوجه الذي لا يضر وإن لم يستويا فيه. قوله: (أي قصد ضرر) حصل ضرر بالفعل أم لا.
339

قوله: (ككفه عنها بعد ميله للجماع) أي لها أو لغيرها وهذا مثال للاضرار لان الكف المذكور
يحمل على قصد الضرر وإن لم يقصده في نفس الامر. ولا يقال: هذا يخالف ما مر من أن الممنوع قصد
الضرر لان الممنوع قصد الضرر حقيقة أو حكما بالحمل عليه وإن لم يحصل ضرر بالفعل وظاهره أنه
يمنع وإن لم يطأ الأخرى بعد الكف المذكور. قوله: (لا لعافية) أي لا لتوفر عافية. قوله: (لأنه من باب
خطاب الوضع) ظاهره أن الضمير راجع لوجوب الإطافة لان هذا علة لقول المصنف: وعلى ولي
المجنون إطاقته وفيه نظر لان وجوب الإطافة في خطاب التكليف. والحاصل أن جعل تزوج
المجنون بعدد من النساء سببا في وجوب الإطافة على الولي خطاب وضع ووجوب الإطافة على
الولي خطاب تكليف اه‍ عدوي. قوله: (فعند من شاء الإقامة عندها) أي لرفقها به في تمريضه لا
لميله لها فتمنع الإقامة عندها، ثم إذا صح ابتدأ القسم قاله عبق. قوله: (إن ظلم فيه) أي بأن بات عند
إحدى الضرتين ليلتين: ليلتها وليلة ضرتها حيفا، وكذا إذا بات عند إحدى الضرتين ليلتها وبات الليلة
الثانية في المسجد لغير عذر. قوله: (فليس لمن فاتت ليلتها ليلة عوضها) أي لان القصد من القسم دفع
الضرر الحاصل وتحصين المرأة وذلك يفوت بفوات زمانه. قوله: (ولا يحاسبه بها) أي ولا يحاسبه
بخدمة ما أبق فيه. قوله: (فليس للشريك الآخر إلخ) هذا واضح حيث حصل من الشريكين في خدمة
العبد قسمة مهايأة، وأما إذا لم يحصل قسمة أصلا كان ما عمل لهما وما أبق عليهما. قوله: (وندب
الابتداء بالليل) أي ما لم يقدم من سفره فإنه يخير في النزول عند أيتهما شاء في أي وقت قدم فيه، ولا
يتعين النزول عند من كان ذلك اليوم يومها على المعتمد، وإنما يستحب فقط لأجل أن يكمل لها يومها كما
قال ابن حبيب اه‍ عدوي. ثم إن ما ذكره المصنف من ندب الابتداء بالليل اعتمد فيه على ظاهر
قول الباجي: والأظهر من قول أصحابنا أن يبدأ بالليل اه‍ نقله المواق. وبه يرد على من قال: ليس
في نصوصهم إلا التخيير اه‍ بن. قوله: (سواء كان لها إماء أم لا) أي ما لم يقصد الضرر بعدم المبيت عندها
وإلا حرم قوله: (فإن شكت الوحدة) أي في الليل أو النهار. وقوله: ضمت إلى جماعة أي لتسكن معهم
للائتناس. قوله: (ما لم يكن تزوجها على ذلك) أي على أن تسكن وحدها فإن كان تزوجها على ذلك لم
يلزمه أن يضمها لجماعة، وظاهره ولو حصل لها الضرر بالوحدة وليس كذلك بل الظاهر أن محل ذلك
ما لم يظن ضررها بالوحدة. واعلم أن ما قاله المصنف خلاف قول ابن عرفة: الأظهر وجوب البيات عند
الواحدة أو يأتي لها بامرأة ترضى ببياتها عندها لان تركها وحدها ضرر وربما تعين عليه زمن خوف
المحارب، والأظهر التفصيل بين أن يكون عندها ثبات بحيث لا يخشى عليها في بياتها وحدها فلا يجب
البيات عندها وإلا فيجب اه‍ عدوي. قوله: (والتسوية بينهما فيه) أي خلافا لمن قال: للزوجة الحرة
يومان وللزوجة الأمة يوم، وصرح المصنف بهذا للرد على ذلك المخالف وإن علم من قوله للزوجات.
قوله: (وقضى للبكر بسبع) أي إذا تزوجها على غيرها وكذا يقال في الثيب وهذا هو المشهور، ومقابله
أن البكر يقضى لها بسبع وللثيب بثلاث مطلقا تزوجها على غيرها أم لا، وإنما قضى للبكر بسبع إزالة
للوحشة والائتلاف، وزيدت البكر لان حياءها أكثر فتحتاج لامهال وجبر وتأن، والثيب قد
جربت الرجال إلا أنها استحدثت الصحبة فأكرمت بزيادة الوصلة وهي الثلاث. تنبيه: قال
في التوضيح: اختلف هل يخرج للصلاة وقضاء حوائجه أو لا يخرج؟ وأما الجمعة فهي عليه واجبة اه‍.
340

واختار اللخمي أنه لا يخرج لصلاة ولا لقضاء حوائجه لان على المرأة في خروجه وصما نقله عنه ابن عرفة،
وصحح في الشامل مقابله فقال: وله التصرف في قضاء حوائجه على الأصح اه‍ بن. قوله: (وللثيب
بثلاث) أي متوالية من الليالي يخصها بها ولو أمة يتزوجها على حرة، فلو زفت له امرأتان في ليلة فقال
اللخمي عن ابن عبد الحكم: يقرع بينهما وقبله عبد الحق واللخمي وروى علي عن مالك أن الحق
للزوج فهو مخير دون قرعة، قال ابن عرفة: قلت الأظهر أنه إن سبقت إحداهما بالدعاء للبناء قدمت وإلا فسابقة
العقد وإن عقدتا معا فالقرعة، قال عج: وإذا أوجبت القرعة تقديم إحداهما فإنها تقدم بما يقضى لها
به من سبع إن كانت بكرا أو ثلاث إن كانت ثيبا، ثم يقضى للأخرى بالسبع أو الثلاث، ومثل هذا
يجري في قول ابن عرفة، وليس المراد أن من أوجبت لها القرعة التقديم تقدم في البداءة بليلة على
الأخرى ثم يبيت الليلة الثانية عند الأخرى وهكذا اه‍ من بن. قوله: (إن طلبتها) أي على المشهور
خلافا لمن قال أنها تجاب. قوله: (لكان أشمل) قد يجاب بأن المصنف إنما اقتصر على الثيب لما فيها
من الخلاف، وأما البكر فلا تجاب لما طلبته من الزيادة اتفاقا. قوله: (في يومها) المراد باليوم
مطلق الزمن الصادق باليوم والليلة لأنه يكمل في القسم لكل واحدة من نسائه يوما وليلة. قوله: (إلا
لحاجة فيجوز) أي الدخول سواء كان في الليل أو النهار كما قال ابن ناجي مخالفا لشيخه البرزلي
في تخصيصه الجواز بالنهار، وإذا دخل لحاجة فلا يقيم عند من دخل لها إلا لعذر لا بد منه كاقتضاء دين
منها أو تجر لها. قوله: (ولو أمكنه الاستنابة) هذا هو المذهب خلافا لمن قال: لا يدخل لحاجة إلا إذا
تعسرت الاستنابة. تنبيه: يجوز للرجل وضع ثيابه عند واحدة دون الأخرى لغير ميل ولا إضرار،
وإذا دخلت عليه غير صاحبة النوبة في بيت صاحبتها فلا يلزمه الخروج ولا اخراجها، نعم لا يستمتع
بها ولصاحبة النوبة منع ضرتها من الدخول عندها مطلقا كما أن له المنع ولا يجب عليه كذا استظهر عج.
قوله: (أي الايثار) هو بمعنى التفضيل أي تفضيلها عليها في المبيت بأن يبيت عند واحدة دائما
أو ليلتين والأخرى ليلة. قوله: (برضاها) أي برضا الضرة الأخرى. قوله: (كإعطائها على
إمساكها) الظاهر أن الضمير يعود على النوبة وأن المصنف أشار به لقوله في التوضيح:
ولو طلب إذنها في إيثار غيرها فلم تأذن له فخيرها بين الطلاق والايثار فأذنت له بسبب ذلك ففي ذلك
قولان اه‍. فلعله ترجح عنده القول بالجواز فاقتصر عليه هنا اه‍ بن. ويؤيد الجواز قصة سودة لما
كبرت وهبت ليلتها لعائشة على أن يمسكها على ذلك. قوله: (مضاف للفاعل) أي كأن تعطي الزوجة
زوجها شيئا على أن يمسكها الزوج. قوله: (ويجوز العكس) أي بأن يجعل المصدر الأول مضافا للمفعول
والثاني مضافا للفاعل، أي كأن يعطي الزوج زوجته شيئا على أن تمسكه أي تحسن عشرته. قوله: (وشراء
يومها منها) اعتمد المصنف في الجواز هنا قول ابن عبد السلام اختلف في بيعها اليوم واليومين
والأقرب الجواز إذ لا مانع منه ونقله في التوضيح فلا يقدح فيه ما نقل عن ابن رشد من الكراهة، وفي
تسمية هذا شراء مسامحة بل هذا اسقاط حق لأن المبيع لا بد أن يكون متمولا. إن قلت: إن قوله
وشراء يومها بعوض مكرر مع قوله: وجاز الأثرة عليها بشئ، قلت: لا تكرار لان ما تقدم لم يدخلا على
عقدة محتوية على عوض، وما هنا دخلا على ذلك أو أن ما تقدم اسقاط لما لا غاية له بخلاف ما هنا فإن
الاسقاط لمدة معينة تأمل. قوله: (والمراد) أي بقوله يومها زمنا معينا أي قليلا لا كثيرا فلا يجوز كذا قال
بعضهم: وقال الشيخ أحمد الزرقاني يجوز شراء النوبة ولو على الدوام. قوله: (والسلام عليها) أي على الضرة
في يوم الأخرى، ولا بأس بأكل ما بعثته إليه عند ضرتها إذا كان الأكل عند الباب لا في بيت الأخرى
341

فيكره على الظاهر لما فيه من أذيتها كذا قرر شيخنا. قوله: (وجاز البيات عند ضرتها إن أغلقت بابها
دونه) وهل يجوز وطئ من بات عندها وهو ما اعتمده عج أو لا يجوز اقتصارا على قدر الضرورة
وهو ما لغيره؟ قوله: (في ليلتها) أي الضرة الأخرى. وقوله: إن أغلقت أي صاحبة الليلة، وقوله: فإن قدر
أي على البيات بحجرتها، وقوله: لم يذهب أي لضرتها وظاهره كانت ظالمة أو مظلومة وهو كذلك على
المعتمد، وقوله بذلك أي بغلقها الباب دونه. قوله: (منزلين مستقلين) أي كل واحد منهما مستقل بمنافعه
من مطبخ ومرحاض وغيرهما. قوله: (وجاز برضاهن الزيادة على يوم وليلة) أي وكذا يجوز تنصيف
ذلك الزمن برضاهن، فإن لم يرضيا بالزيادة ولا بالنقص وجب القسم بيوم وليلة، ولا يجوز تنصيف ذلك
الزمان، ومحل هذا إذا كانتا ببلد واحد أو في بلدين في حكم الواحدة بأن كان يرتفق أهل كل منهما بأهل
الآخر، وأما إذا كانتا ببلدين متباعدين فلا بأس بالقسم بالجمعة والشهر مما لا ضرر عليه فيه.
قوله: (والراجح إلخ) بل قد اعترض الشيخ أحمد بابا ما ذكره المصنف بأنه لا نص في كلامهم يوافقه، بل
نصوص المذهب تدل على أن له جبرهن على ذلك حيث كان كل منزل مستقلا بمنافعه، والجواز بالرضا
إنما هو حيث لم يكن كل منزل مستقلا بأن كان للمنزلين مرحاض واحد ومطبخ واحد. بقي شئ آخر
وهو ما إذا أراد سكناهما في منزل واحد وقد ذكر في التوضيح أنه لا يجوز إن رضيتا، واعترضه الشيخ
أحمد بابا أيضا بأن النصوص تدل على جواز سكناهما بمنزل واحد إن رضيتا، ولا يقال: جمعهما في منزل
واحد يستلزم وطئ إحداهما بحضرة الأخرى لأنه يمكن أن يطأها في غيبة الأخرى، قال بن: وقد
بحثت كثيرا عن النصوص فلم أجد ما يشهد للمصنف غير أنه تبع ابن عبد السلام. تنبيه: ذكر
شيخنا أنها لا تجاب بعد رضاها بسكناها مع ضرتها أو مع أهله في دار لسكناها وحدها. قوله: (ولو
رضيتا) أي ولو كانتا مستورتي العورة على المعتمد كما يفيده التعليل الذي ذكره الشارح، خلافا لما يفيده
كلام عبق وشب من الجواز إذا استترتا كما قرره شيخنا. قوله: (لأنه مظنة الاطلاع على العورة) أي
لأنه مظنة لنظر كل واحدة من الضرتين لعورة الأخرى، ولا يقال: هذا يقتضي منع دخول النساء
الحمام مؤتزرات بعضهم مع بعض. لأنا نقول: إن المرأة يحصل منها التساهل في كشف عورتها إذا كان
زوجها حاضرا بخلاف ما إذا لم يكن حاضرا فلا يحصل عندها التساهل، ثم إن مقتضى العلة جواز
الدخول بالزوجات وكذا الإماء إذا اتصف كل بالعمى وهو المعول عليه خلافا لظاهر المصنف
اه‍ عدوي. قوله: (والإماء كالزوجات) أي على المشهور، ومقابله ما نقل عن أسد بن الفرات أنه أجاب
الأمير بجواز دخوله الحمام بجواريه. قوله: (ولو بلا وطئ) رد بلو على ابن الماجشون القائل إنما يمنع
جمعهما في فراش واحد إذا جمعهما للوطئ وأما جمعهما فهو مكروه. قوله: (وفي منع جمع الأمتين
بملك في فراش واحد) أي نظرا لأصل الغيرة. قوله: (قولان) أي لمالك والمنع وهو الظاهر اه‍ خش.
ولعبد الملك بن الماجشون قول بالإباحة وهو ضعيف. قوله: (وإن وهبت نوبتها من ضرة كان له المنع)
قال عبق: وانظر مفهوم الهبة كالشراء السابق في قوله: وشراء يومها هل هو كذلك المنع أو لا لضرورة
العوضية؟ قال: والظاهر أن له المنع في الشراء كالهبة لوجود العلة المذكورة وهو أنه قد يكون له
غرض في البائعة إذ الحق له وإذا منع فلا تلزمه العوضية. قوله: (وليس له جعلها) أي جعل النوبة
الموهوبة. قوله: (بخلاف هبتها نوبتها منه فلا يختص بها) وأما لو باعت نوبتها منه ففي عج أنه
لا يختص بها كهبتها منه، وذكر الشيخ أحمد الزرقاني وكذا الشيخ أحمد بابا أنه يختص بها فيخص بها من
شاء وأنه ليس كالهبة، وصرح به ابن عرفة وسماع القرينين يدل على ذلك انظره في بن. وقد مشى شارحنا
342

فيما مر على هذا القول. قوله: (فإذا كانت) أي الواهبة هي التالية إلخ. قوله: (ولها الرجوع فيما وهبته لزوجها
أو ضرتها) أي سواء كانت الهبة مقيدة بوقت أو لا. وقوله: أي للواهبة أي وكذا لمن باعت نوبتها للعلة
المذكورة. قوله: (أي أراد السفر) أي لتجارة أو غيرها. قوله: (وهو اختيار ابن القاسم) أي من أقوال
أربعة لمالك وهي الاختيار مطلقا القرعة مطلقا الاقراع في الحج والغزو فقط لان المشحة تعظم في
سفر القربات الاقراع في الغزو فقط لان الغزو تشتد الرغبة فيه لرجاء فضل الشهادة. واعلم أن المدونة
قالت: إن أراد الزوج سفرا اختار من نسائه واحدة للسفر معه، فبعضهم أبقاها على ظاهرها من
الاختيار مطلقا، وبعضهم حملها على ما إذا كان السفر لغير الحج والغزو، وأما لهما فيقرع فيهما، وظاهر
الذخيرة يدل على أن هذا هو المشهور. قوله: (ووعظ الزوج) أي إذا لم يبلغ نشوزها الامام أو بلغه
ورجى صلاحها على يد زوجها وإلا وعظها الامام. قوله: (أو خرجت بلا إذن لمحل إلخ) أي وعجز عن
ردها لمحل طاعته فإن قدر على ردها بصلحها فلا تكون ناشرا ويجب لها حينئذ النفقة بخلاف الناشز فلا
نفقة لها قاله شيخنا العدوي. قوله: (بما يلين القلب) أي من الثواب والعقاب المترتبين على طاعته ومخالفته.
قوله: (ثم هجرها) أي ثم إن لم يفد وعظ الزوج أو الامام هجرها زوجها، وغاية الأولى منه شهر ولا يبلغ
به أربعة أشهر كما في القرطبي. قوله: (ضربا غير مبرح) بكسر الراء المشددة اسم فاعل من برح به الامر
تبريحا شق عليه، فالضرب المبرح هو الشاق وإن ضربها فادعت العداء وادعى الأدب فإنها تصدق،
وحينئذ فيعزره الحاكم على ذلك العداء ما لم يكن الزوج معروفا بالصلاح وإلا قبل قوله انظر بن.
قوله: (ويفعل ما عدا الضرب إلخ) حاصله أنه يعظها إن جزم بالإفادة أو ظنها أو شك فيها، فإن جزم أو ظن عدمها
هجرها إن جزم بالإفادة أو ظنها أو شك فيها، فإن جزم أو ظن عدمها ضربها إن جزم بالإفادة أو ظنها لا إن
شك فيها. قوله: (ولو لم يظن إفادته) لا يقال: هما من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويشترط فيهما ظن
الإفادة. لأنا نقول: بل هما من باب رفع الشخص الضرر عن نفسه بدليل أن في الآية تقدير مضاف وهي:
* (واللاتي تخافون نشوزهن) * أي ضرر نشوزهن. قوله: (وبتعديه عليها) أي بأن كان يضاررها بالهجر أو
الضرب أو الشتم. وقوله زجره الحاكم أي إذا رفعت أمرها إليه وأثبتت تعدي الزوج واختارت البقاء
معه. قوله: (ثم ضرب على ما تقدم إلخ) الحاصل أنه يعظه أو لا إن جزم بالإفادة أو ظنها أو شك فيها فإن لم
يفد ذلك ضربه إن جزم بالإفادة أو ظنها وهذه الطريقة ظاهر النقل، وهناك طريقة أخرى
أولا فإن لم يفد أمرها بهجره، فإن لم يفد ضربه والطريقتان على حد سواء، ولكن الظاهر الثانية لان هجرها
له فيه مشقة عليه بل ربما كان أضر عليه من الضرب، وما ذكره المصنف من أنه إذا ثبت تعديه عليها
يزجره الحاكم ثم يضربه حيث لم ترد التطليق منه بل أرادت زجره وإبقاءها معه، فلا ينافي قوله الآتي
ولها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره. قوله: (فإن لم يثبت فالوعظ فقط) فهذه
أقسام ثلاثة وهي: ما إذا كان التعدي من الزوج أو من الزوجة أو منهما. وأشار المصنف
للقسم الرابع بقوله: وإن أشكل إلخ. قوله: (وهم من تقبل شهادتهم) أي لا الأولياء أصحاب الكرامات.
343

قوله: (إن لم تكن بينهم) أي فإن كانت بينهم من أول الأمر فإنهم يوصون على النظر في حالهما ليعلم من
عنده ظلم منهما. قوله: (وعجزا عن إثباته) أي الضرر، وأما إذا أثبتاه فقد تقدم حكمه من أنه يعظهما ثم
يضربهما. قوله: (بعد تسكينهما بين قوم صالحين إلخ) وعلى هذا فقوله: وإن أشكل عطف على مقدر أي
فإن اتضح الحال فعل ما قدمناه عند ثبوت ضررها أو ضررهما فإن استمر الاشكال بعث إلخ. قوله: (من
أهلهما إن أمكن) أي لان الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأطيب للصلاح، ونفوس الزوجين
أسكن إليهما فيبرزان لهما ما في ضمائرهما من الحب والبغض وإرادة الفرقة أو الصحبة. قوله: (مع
الامكان) أي إمكان الأهلين، وقوله: فإن بعثهما أي الأجنبيين مع إمكان الأهلين. قوله: (ففي نقض
حكمهما) أي بالطلاق مجانا أو على مال. قوله: (تردد) أي تحير للخمي والظاهر نقض الحكم لان ظاهر
الآية أن كونهما من أهلهما مع الوجدان واجب شرط كما في التوضيح. ولا يقال: إن ظاهر المصنف
عدم البطلان حيث لم يعد ذلك من مبطلات حكمهما الآتية لأنا نقول: الصداق لم يدع حصر البطلان
في الأمور الآتية فحكمه بالبطلان بها لا ينافي البطلان بغيرها كما إذا كانا أجنبيين مع وجود الأهل.
قوله: (ضم له) أي لأهل أحدهما. قوله: (يتعين كونهما أجنبيين) أي لئلا يميل القريب لقريبه والأول
من هذين القولين هو الموافق لظاهر المصنف، لان مفهوم إذا أمكن عدم الامكان منهما أو من
أحدهما فإن لم يمكن بعث أجنبيين. قوله: (بطلاق) أي بغير مال وقوله أو بمال أي في خلع. قوله: (وسفيه)
اعلم أن السفيه إن كان مولى عليه كان غير عدل، وإن كان أصلح أهل زمانه لان شرط العدل أن لا يكون
مولى عليه وإن كان مهملا، فإن اتصف بما اعتبر في العدل فعدل وإلا فلا. فقوله: وبطل حكم غير العدل
دخل فيه السفيه المولى عليه والمهمل غير العدل. وقوله: وسفيه أدخل غير المولى عليه الصالح. وقوله
وامرأة ليس مراده امرأة واحدة وإنما مراده وامرأتان لان والمرأتين لا يكونان حكمين لان الرجل
الواحد لا يكون حكما اه‍ تقرير عدوي. قوله: (على المذهب) أي لا في المحرمة فقط كما في تت.
قوله: (وغير فقيه بذلك) أي ما لم يشاور العلماء بما يحكم به، فإن حكم بما أشاروا عليه به كان حكمه نافذا.
قوله: (وإن لم يرض الزوجان) أي هذا إذا رضي به الزوجان بعد إيقاعه بل وإن لم يرضيا به بعد إيقاعه.
قوله: (وأما قبله) أي وأما إن لم يرضيا به قبل إيقاعه فلهما الاقلاع أي الرجوع عن تحكيمهما. وقوله: كما
يأتي أي على ما يأتي من التفصيل من كونهما مقامين من طرف الحاكم أو الزوجين. قوله: (وإن لم يرض
الحاكم به) ولو كان الطلاق الذي أوقعاه مخالفا لمذهب الحاكم الذي أرسلهما إذ لا يشترط
موافقتهما للحاكم في المذهب. قوله: (وهذا إذا كانا مقامين من جهة الحاكم إلخ) أشار بهذا إلى أن المبالغة
راجعة للامرين أي نفذ طلاقهما وإن لم يرض الزوجان ولو كانا مقامين من جهتهما ونفذ طلاقهما
وإن لم يرض الحاكم ولو كانا مقامين من جهتهما. قوله: (ولو كانا مقامين من جهتهما) رد بلو ما يتوهم من
أنهما إذا كانا من جهتهما فإنه لا ينفذ إذا لم يرضيا به أو الحاكم. قوله: (لان طريقهما الحكم) أي على
344

المشهور، أما على القول بأن طريقهما الوكالة عن الزوجين فلا ينفذ طلاقهما إلا إذا رضي به الزوجان بعد
إيقاعه لأنه قد يدعي أحد الزوجين أن ذلك الطلاق خلاف المصلحة، وأما على القول بأن طريقهما الشهادة
عند الحاكم بما علما فلا ينفذ طلاقهما إلا إذا رضي به الحاكم ونفذه. قوله: (عطف على فاعل نفذ) أي
فهو مرفوع لعطفه على المرفوع ويصح نصبه عطفا على معمول طلاقهما لأنه بمعنى تطليق أي نفذ
طلاقهما واحدة لا أكثر، ويجوز جره بالفتحة عطفا أيضا على معمول طلاق أي تطليقهما بواحدة
لا أكثر، ويجوز نصبه في هذه الحالة عطفا على محل الجار والمجرور. ثم إن الإضافة في قوله: ونفذ طلاقهما
للعهد أي نفذ طلاقهما المعهود شرعا وهو الواحدة فكأنه قال: ونفذ طلاقهما واحدة لا أكثر من
واحدة، فقد وجد شرط العطف بلا وهو أن لا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر. قوله: (أي لا ينفذ
ما زاد على الواحدة إلخ) أي والنافذ واحدة فقط. والحاصل أنه يجوز لهما ابتداء إيقاع أكثر من
واحدة، فإذا أوقعاه فلا ينفذ منه إلا واحدة ولذا قال في التهذيب: ولا يفرقان بأكثر من واحدة.
قوله: (عن معنى الاصلاح) المراد بالاصلاح ما فيه صلاح وليس المراد بالاصلاح ضد الافتراق، وهذا بخلاف
قول المصنف الآتي وعليهما الاصلاح. قوله: (بأن أوقع أحدهما واحدة) أي أو قال أحدهما: أوقعنا
معا واحدة، وقال الآخر: أوقعنا معا ثلاثا أو اثنتين. قوله: (ولها التطليق بالضرر) أي لها التطليق طلقة
واحدة وتكون بائنة كما في عبق، وظاهره ولو كانا غير بالغين كما في خش. قوله: (كهجرها) أي بقطع
الكلام عنها وتولية وجهه عنها في الفراش. قوله: (وفرجة) أي ونزهات. قوله: (أو تسر) عطف على
منعها من حمام أي لها التطليق بالضرر لا بمنعها من حمام ولا بتسر وتزوج عليها. تنبيه: ليس للزوج
منعها من التجر والبيع والشراء حيث كانت لا تخرج ولا تخلو بأجنبي ولا يخشى عليها الفساد بذلك
وليس له غلق الباب عليها، وإن حلف ليضربنها لا يجبر على الضرب الذي لم تستوجبه ولا يعول على
ما ذكره بعضهم من الجبر كذا قرر شيخنا. قوله: (ومتى شهدت بينة) أي وهي هنا رجلان لا رجل
وامرأتان ولا أحدهما مع اليمين كما في البدر. قوله: (ولو لم تشهد البينة بتكرره) بل شهدت بأنه حصل لها
مرة واحدة فلها التطليق بها على المشهور. قوله: (هل يطلق الحاكم) أفاد بعضهم هنا أن الحاكم يأمره
أولا بالطلاق فإن امتنع فإنه يجري القولين. قوله: (وعليهما الاصلاح) أي يجب عليهما في مبدأ
الامر أن يصلحا بين الزوجين بكل وجه أمكنهما لأجل الألفة وحسن العشرة، وذلك بأن يخلو كل
واحد منهما بقريبه ويسأله عما كره من صاحبه ويقول له: إن كان لك حاجة في صاحبك رددناه
لما تختار معه. قوله: (فإن أساء الزوج) أي فإن تبين تحقيقا أن الإساءة من الزوج. قوله: (ائتمناه عليها)
أي إن رأياه صلاحا. قوله: (أو خالعا له) أو فيه للتنويع بحسب نظريهما قاله شيخنا العدوي. قوله: (ولو
غلبت من أحدهما) أي هذا إذا استويا فيها أو جهل الحال بل ولو غلبت من أحدهما، والذي في المج
أن محل الخلاف إذا استوت إساءتهما وإلا اعتبر الزائد. قوله: (بلا خلع) التعيين منصب على
345

قوله بلا خلع، وأما الطلاق فهو بإرادة الزوجين، وقوله أو لهما اللام معنى على كما في الشيخ أحمد الزرقاني
أي أو عليهما أن يخالعا بالنظر اه‍ شيخنا عدوي. فإن قلت: إن كلام المصنف هنا يفيد أنه يجوز
للحكمين الطلاق ابتداء وهو يعارض ما يأتي له في باب القضاء من أن المحكم لا يجوز له أن يحكم في
الطلاق ابتداء فإن حكم مضى حكمه. والجواب: أن ما هنا الطلاق ليس مقصودا بالذات من التحكيم
بل أمر جر إليه الحال، وإنما المقصود بالذات من التحكيم الاصلاح فلذا جاز لهما ابتداء الطلاق، وما يأتي
المقصود بالذات من التحكيم الطلاق، فإذا ادعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر وأرادت إثبات
ذلك عليه وحكما محكما لينظر بينهما في ذلك لم يجز له الحكم في ذلك ابتداء لأنه صار مقصودا بالذات
من التحكيم، فإن وقع وحكم فيه مضى حكمه. قوله: (إن شاءا) قال عبق وخش: وبقولنا إن شاءا
يندفع معارضة ما هنا لقوله فيما مر ونفذ طلاقهما وإن لم يرض الزوجان والحاكم اه‍. وهذا الجواب
الذي ذكراه فيه نظر لان كلام المتيطية وغيرها يدل على أنهما مطلوبان بالاتيان لا إن شاءا فقط
على أن هذا الجواب لا يدفع لأنهما هما اللذان ينفذان الحكم وإن لم يرض الحاكم كما تقدم فالحق في
دفع المعارضة ما ذكره سيدي عبد الرحمن الفاسي من أن قوله: ونفذ حكمهما معناه أمضاه من غير
تعقب بمعنى أنه ينفذه ولا بد وإن خالف مذهبه فلا ينافي أنه ينفذ وإن لم يرض الحاكم انظر بن.
والحاصل أنه يجب على الحكمين أن يأتيا للحاكم الذي أرسلهما فيخبراه بما فعلا ليحتاط علمه بالقضية،
فإذا أخبراه وجب عليه إمضاؤه من غير تعقب وإن خالف مذهبه. قوله: (ونفذ حكمهما) أي بأن
يقول الحاكم: حكمت بما حكمتما به، وأما إن قال: نفذت ما حكمتما به فإنه لا يرفع الخلاف. قوله: (وقيل إلخ)
مقابل لقوله: ولا يجوز له معارضته أي إن معنى قول المصنف ونفذ حكمهما معناه أنه يمضيه ولا بد
ولا يجوز له معارضته، أو أن المراد ونفذ حكمهما بأن يقول: حكمت بما حكمتما به لأجل أن يرتفع
الخلاف. قوله: (إقامة واحد) ظاهره كان قريبا منهما أو أجنبيا وقيل إذا كان أجنبيا فقط. قوله: (على
الصفة المتقدمة) أي ويفعل ذلك الحكم ما يفعله الحكمان من الاصلاح بينهما فإن تعذر طلق مجانا
أو بمال على ما مر من الأقسام الثلاثة كما يدل عليه كلام المدونة انظر المواق. قوله: (وكذا في الحاكم)
أي وكذا في إقامة الحاكم واحدا على الصفة. قوله: (تردد) أي بين اللخمي والباجي، فاللخمي يقول
بالجواز والباجي يقول بعدمه، والأظهر من القولين القول بالجواز كما قال شيخنا العدوي، ثم إن ظاهر
المصنف أن الخلاف إنما هو في إقامة الوليين أو الحاكم محكما. وأما إقامة الزوجين حكما فلا خلاف في
جوازه وليس كذلك بل فيه الخلاف أيضا كما في البدر القرافي، فكأن المصنف رأى ضعف القول
بعدم الجواز فيهما. قوله: (محله) مبتدأ وفي الأجنبي خبر أي في الأجنبي من الزوجين وكذا من الوليين
وكذا يقال فيما بعده ولا تأثير لقرب الحاكم هنا. قوله: (ولهما إن أقامهما إلخ) حاصله أن الزوجين إذا أقاما
حكمين جاز لهما أن يرجعا عن التحكيم ويعزلا الحكمين ما لم يستوعبا الكشف ويعز ما على الحكم
بالطلاق، أما إن استوعباه وعزما على ذلك فلا عبرة برجوع من رجع منهما عن التحكيم ويلزمهما ما حكما
به سواء رجع أحدهما أو رجعا معا، وظاهره ولو رضيا بالبقاء على الزوجية وهو ظاهر الموازية. وقال ابن يونس:
لعل صاحب الموازية أراد إذا رجع أحدهما، أما إذا رجعا معا ورضيا بالبقاء على الزوجية فينبغي
أن لا يفرق بينهما. قوله: (ما لم يستوعبا) أي الحكمان. قوله: (وإلا فلا رجوع لهما) أي عن التحكيم.
قوله: (وظاهره إلخ) أي وظاهره عدم الرجوع عن التحكيم أي ولو رضي الزوجان بالبقاء عند عزم الحكمين
على الطلاق وهو ظاهر الموازية أيضا. قوله: (أن لا يفرق بينهما) أي ولو عزما على الحكم، ومفاد
346

بعض الشراح اعتماد ما قاله ابن يونس قاله شيخنا العدوي. قوله: (واختلفا في المال) أي في أصله، وأما
لو اختلفا في قدره بأن قال أحدهما: طلقنا بعشرة وقال الآخر بثمانية فيوجب ذلك الاختلاف للزوج
خلع المثل، وكذا إذا اختلفا في صفته أو في جنسه وينبغي ما لم يزد خلع المثل على دعواهما جميعا وإلا رجع
لقول القائل بالأكثر وهو عشرة وما لم ينقص عن دعوى أقلهما وإلا رجع للأقل وهو ثمانية في المثال.
قوله: (بأن قال أحدهما بعوض) أي طلقنا بعوض قدره كذا، وقال الآخر طلقنا مجانا بلا عوض.
قوله: (فلا طلاق يلزم الزوج) أي كما أنه لا يلزمه شئ إذا حكم أحدهما بالطلاق والآخر بالبقاء.
قوله: (ويعود الحال كما كان) أي وحينئذ فيجددان الحكم.
فصل جاز الخلع قوله: (في الكلام على الخلع) أي على بيان حقيقته المشار لها بقول المصنف: وهو
الطلاق بعوض. قوله: (وهو لغة النزع) يقال: خلع الرجل ثوبه إذا نزعها من عليه. قوله: (طلاق بعوض)
يرد على هذا التعريف ما ورد على تعريف المصنف من عدم شموله لفظ الخلع بدون عوض، والجواب
أنه تعريف لاحد نوعي الخلع وترك تعريف النوع الآخر لكونه بديهيا. قوله: (الارسال) يقال:
أطلقت الناقة للمرعى أرسلتها إليها. قوله: (كيف كان) أي من أي نوع كان من ليف أو حلفاء أو جلد
أو حديد، يقال: أطلقت المسجون أي أزلت القيد منه، ويحتمل أن المراد بقوله كيف كان أي ذلك
القيد أي سواء كان حسيا أو معنويا كالعصمة. قوله: (على المشهور) متعلق بقوله جاز أي فالمشهور أنه
جائز جوازا مستوى الطرفين وليس بمكروه. قوله: (وقيل يكره) وهو قول ابن القصار. واعلم أن
الخلاف فيه من حيث المعارضة على العصمة، وأما من حيث كونه طلاقا فهو مكروه بالنظر لأصله
اتفاقا لقوله عليه الصلاة والسلام: أبغض الحلال إلى الله الطلاق فإن المراد بالحلال في الحديث ما قابل
الحرام ويقصر على المكروه فيحكم حينئذ بتعلق البغض به وبأن أبغضه الطلاق. قوله: (بعوض)
أي ملتبسا بعوض، وفهم منه أنه معارضة فلا يحتاج لحوز لا عطية، فلو أحال عليها الزوج فماتت أخذ من
تركتها على المشهور. قوله: (وبلا حاكم) متعلق بمحذوف أي وجاز بلا حاكم، وأتى المصنف بهذا دفعا
لتوهم أن الطلاق لما كان على عوض كان مظنة للجور فلا يفعله إلا الحاكم، أو أن قوله: وبلا حاكم عطف
على مقدر حال من الخلع أي حال كونه بحاكم وبلا حاكم وليس عطفا على قوله بعوض وإلا كان من
تتمة التعريف فيوهم أنه لا يسمى خلعا إلا إذا وقع بعوض وبلا حاكم وليس كذلك. قوله: (وجاز
بعوض من غيرها) أشار الشارح بتقدير جاز إلى أن الجار والمجرور متعلق بفعل مقدر والجملة مستأنفة
أو عطف على جملة جاز الخلع، ولا يصح أن يكون الجار والمجرور عطفا على فاعل جاز كما قيل، ولا يقال إن
قوله وهو الطلاق بعوض يغني عن هذا لعموم العوض لما كان منها أو من غيرها لان التعريف للحقيقة
فيتناول إفرادها الجائزة وغير الجائزة، فالمفهوم من التعريف أن الطلاق يعوض من غيرها خلع، وأما
كونه جائزا أو غير جائز فلا يعلم منه فأتى بقوله: وجاز بعوض من غيرها لبيان ذلك الحكم وظاهره جوازه
بعوض من غيرها، ولو قصد ذلك الغير اسقاط نفقتها عن الزوج في العدة وهو المشهور ومذهب المدونة
وحينئذ فلا يرد العوض ويقع الطلاق بائنا وتسقط نفقة العدة، وقيل يعامل بنقيض مقصوده فيرد
العوض ويقع الطلاق رجعيا ولا تسقط نفقتها. تنبيه: قال فيها: من قال لرجل طلق امرأتك ولك
ألف درهم ففعل لزم الألف ذلك الرجل. قوله: (إن تأهل) أي إن كان أهلا لالتزام العوض أي
عوض الخلع فأل في العوض للعهد وهذا شرط في لزوم عوض الخلع لملتزمه فكأنه قال: ولزم ذلك
العوض لملتزمه إن كان أهلا لالتزامه بأن كان رشيدا وذلك لان مقابل هذا العوض غير مالي
347

وهو العصمة فهو من باب التبرعات والتبرع إنما يلزم الرشيد. قوله: (لا من صغيرة) أي لا إن كان العوض
من صغيرة أو سفيهة أو ذات رق فإنه لا يلزمهم ذلك العوض وإن قبضه الزوج رده. ثم إن هذا تصريح
بمفهوم إن تأهل أفاد به عدم اختصاص التأهل بالأجنبي. قوله: (ذات ولي أو مهملة) هذا هو المشهور،
ولذا أطلق المصنف خلافا لمن قال بلزوم العوض للسفيهة المهملة. وقال الوانشريسي في الفائق: المعمول
به أنه لا يمضي من فعل المهملة شئ حتى يتم لها مع زوجها العام ونحوه وهو ضعيف كما قال البدر، والمعتمد
أن السفيهة المهملة لا يمضي فعلها ولو أقامت أعواما عند زوجها فقد علمت أن في المهملة ثلاثة أقوال.
قوله: (ولا من شخص ذي رق) أي سواء كان هو الزوجة أو غيرها. قوله: (بغير إذن الولي) راجع
للصغيرة والسفيهة. وقوله والسيد راجع لذي الرق أي فإن التزمت الصغيرة أو السفيهة أو ذات الرق
العوض بإذن الولي أو السيد لزم ذلك العوض ولا يرده الزوج إذا قبضه، وأما إن فعلت ذلك بدون إذنه
فللولي رده منه ولا تتبع إن عتقت وبانت، وهذا ظاهر في ذات الرق التي ينتزع مالها، أما غيرها كالمدبرة
وأم الولد في مرض السيد إذا خالعا فإنه يوقف المال، فإن مات السيد صح الخلع وإن صح بطل ورد المال،
وأما المكاتبة إذا خالعت بالكثير فيرد إن اطلع عليه قبل أدائها ولو بإذن سيدها، وأما إن خالعت بيسير
فإنه يوقف ما خالعت به فإن عجزت بطل وإن أدت صح وصح خلع المعتقة لأجل أن قرب الاجل
لا إن بعد إلا بإذن السيد. قوله: (بخلاف ما إذا قاله) أي لصغيرة أو سفيهة أو ذات رق بعد صدور
الطلاق أي قال لها: أنت طالق إن تم لي هذا المال أو إن صحت براءتك فأبرأته فيلزمه الخلع ولا ينفعه
ذلك لأنه واقع بعد وقوع الخلع وهذا هو المعتمد خلافا للبرزلي انظر ح. قوله: (أو قاله لرشيدة) أي
قال لها: إن تم لي هذا المال أو إن صحت براءتك فأنت طالق فقالت: أبرأتك أو أبرأك الله فقد تم الخلع
ولا رجوع لها عليه، وقوله لأنه بمجرد وقوعه أي الابراء. قوله: (من لو تأيمت إلخ) وذلك كالبكر والثيب
إن صغرت أو كانت ثيوبتها بعارض على ما مر. قوله: (فيخالع عنها من مالها) أي وأولى في الجواز أن
يخالع عنها بمال من عنده فقد اقتصر على محل التوهم. قوله: (لكان أشمل) أي لشموله المجبر للأب والوصي
والسيد، ويفهم منه أن غير المجبر ليس له ذلك سواء كان وصيا أو غيره. قوله: (وأصوب) أي لان قوله
بخلاف الوصي يوهم أن الوصي مطلقا مجبرا أو غير مجبر ليس له ذلك وليس كذلك. قوله: (غير المجبرة)
أي وهي الثيب الكبيرة والحال أنها مولى عليها للأب لان هذا محل الخلاف كما قال بن. قوله: (محله
إذا كان بغير إذنها إلخ) نص التوضيح في صلح الأب عن الثيب السفيهة قولان: الأول لابن العطار
وابن الهندي وغيرهما من الموثقين لا يجوز له ذلك إلا بإذنها، وقال ابن أبي زمنين وابن لبابة: جرت
الفتوى من الشيوخ بجواز ذلك ورأوها بمنزلة البكر ما دامت في ولاية الأب على المشهور اللخمي وهو
الجاري على قول مالك في المدونة. ابن راشد: والأول هو المعمول به. ابن عبد السلام: هو أصل
المذهب اه‍. وفي التوضيح أيضا بعد ذكره الخلاف المتقدم في خلع الأب عن السفيهة واختلف في
خلع الوصي عنها برضاها وفي ذلك روايتان لابن القاسم القياس المنع في الجميع. قوله: (وإما برضاها إلخ)
هذا مشكل فإن رضا السفيهة لا عبرة به، وقد نقل البدر القرافي أن الناصر اللقاني استشكل
ذلك على التوضيح، وكذا استشكله شيخنا العلامة العدوي. قوله: (فلا شئ له) أي
للزوج لأنه مجوز لذلك. قوله: (من عرض إلخ) أي كمقطع قماش أو جاموسة أو بقرة.
قوله: (وله الوسط) راجع لقوله: وغير موصوف فإذا قالت له: خالعني على جاموسة
348

ولم تصفها بكبر ولا صغر لزمتها جاموسة وسطى لا صغيرة ولا كبيرة. قوله: (إن كان بها حمل) أي فإن
أنفش الحمل فلا رجوع له بشئ. قوله: (فإن أعسرت) أي فإن خالعها على أن نفقتها مدة الحمل عليها
وأعسرت. قوله: (وينتقل الحق له) هذا مقيد بأن لا يخشى على المحضون ضررا ما بعلوق قلبه بأمه أو لكون
مكان الأب غير حصين، وإلا فلا تسقط الحضانة حينئذ اتفاقا ويقع الطلاق، وإذا خالعته على اسقاط
الحضانة ومات الأب فهل تعود الحضانة للأم وهو الظاهر أو تنتقل لمن بعدها لاسقاط الأم حقها؟
وانظر إذا ماتت الأم أو تلبست بمانع هل تعود الحضانة لمن بعدها قياسا على من أسقط حقه في وقف
لأجنبي ثم مات فيعود لمن بعده ممن رتبه الواقف أو تستمر للأب؟ وهو ظاهر كلام جمع نظرا إلى أنها
تثبت له بوجه جائز اه‍ عدوي. ثم إن ما ذكره من أن الحق ينتقل له وإن كان هو المشهور، ومذهب
المدونة كما في التوضيح، لكنه خلاف ما به العمل من انتقاله لمن يليها كما في ح عن المتيطي. وقال
في الفائق: إنه الذي به الفتوى وجرى به عمل القضاة والحكام وقاله غير واحد من الموثقين واختاره
أبو عمران اه‍ بن. وهذا الخلاف مبني على خلاف آخر. وحاصله أن من ترك حقه في الحضانة إلى
من هو في ثالث درجة مثلا هل للثاني قيام أو لا قيام له لان المسقط له قائم مقام المسقط؟ فكما لا قيام
لذي الدرجة الثانية مع وجود الحق للمسقط فلا كلام له مع من قام مقامه، قال عبق: وربما شمل
قول المصنف وبإسقاط حضانتها للأب خلعها على اسقاط حضانتها لحمل بها قال ح: والظاهر لزومه
وليس هذا من باب اسقاط الشئ قبل وجوبه أي لجريان سببه وهو الحمل. قوله: (على أن تأخذ
منه عشرة ويخالعها) أي فالعبد نصفه في مقابلة العشرة وهو بيع ونصفه في مقابلة العصمة وهو
خلع سواء كانت قيمة العبد تزيد على ما دفعه الزوج من الدراهم أو تساوي أو تنقص على الراجح
من وقوع الطلاق بائنا لأنه طلاق قارنه عوض في الجملة واستحسنه اللخمي وبه القضاء كما
قال المتيطي لا رجعيا كمن طلق وأعطى خلافا لبعضهم. قوله: (ثمن المبيع) أي المدلول عليه بالبيع.
قوله: (البعير الشارد) أي الذي دفعت له نصفه في مقابلة عشرة مثلا ونصفه في مقابلة العصمة. قوله: (المال)
أي المعلوم قدره كما إذا خالعها على عشرة تدفعها له يوم قدوم زيد وكان يوم قدومه مجهولا فالخلع لازم
ويلزمها أن تعجل العشرة حالا. قوله: (وتؤولت أيضا) أي كما تؤولت على الأول. وقوله بقيمته أي
على تعجيل قيمته يوم الخلع على غرره، وانظر كيف يقوم مع أن أجله مجهول، ولأجل هذا الاشكال
أشار المصنف لضعفه كما هو قاعدة قوله: وتؤولت أيضا، ووجه القول الأول الذي هو ظاهر المدونة
أن المال في نفسه حلال، وكونه لأجل مجهول حرام فيبطل الحرام ويعجل، ووجه هذا التأويل أنه
كقيمة السلعة في البيع الفاسد. قوله: (فتقوم العين) أي المخالع بها بعرض إلخ، فإن كان المخالع به عرضا
أو حيوانا قوم بعين. قوله: (وردت قيمة كعبد) أي مخالع به وتعتبر قيمته يوم الخلع. قوله: (والموضوع
أنه لا علم عندهما إلخ) الحاصل أن الصور ثمان وذلك لأنه إذا خالعها بمقوم واستحق فإما أن يكونا
349

وقت الخلع يعلمان معا أنه ملك للغير أو يجهلان معا ذلك، أو علمت هي ذلك دونه أو علم بذلك دونها، وفي
كل إما أن يكون المستحق معينا أو موصوفا، فإن علما معا أو علم دنها فلا شئ له وبانت كان المستحق
معينا أو موصوفا، وإن جهلا معا رجع بالقيمة في المقوم المعين وبالمثل في الموصوف وإن علمت دونه فإن
كان معينا فلا خلع وإن كان موصوفا رجع بمثله اه‍ بن. قوله: (بما لا شبهة لها فيه) أي فلا يلزمه الخلع
والفرض أن المستحق معين، أما لو كان موصوفا لزمه الخلع ورجع بمثل المستحق. قوله: (وإن علم هو)
أي سواء علمت هي أيضا أم لا. قوله: (ولا شئ له) أي وبانت ولا فرق بين كون المستحق معينا أو
موصوفا. قوله: (ورد الحرام إلخ) أشار الشارح بتقدير رد إلى أن الحرام عطف على نائب فاعل رد، وفيه
أن هذا غير صحيح إذ رد الزوج الحرام للمخالعة غير جائز لان الخمر يراق والخنزير يسرح على قول
ويقتل على آخر. وأجاب ابن غازي بأنه عطف على نائب فاعل رد لكن الفاعل الراد هنا ليس هو
الزوج حتى يلزم ما ذكر بل الشرع أي ورد الشرع العوض الحرام، والمراد برده الحرام فسخ عقده.
وحاصله أن الخلع إذا وقع بشئ حرام سواء كانت حرمته أصلية كخمر وخنزير كان كله حراما أو
بعضه كخمر وثوب أو كانت حرمته عارضة كمغصوب ومسروق وأم ولد كطلق زوجتك وأنا أعطيك
أم ولدي فإن الخلع ينفذ ويكون طلاقا بائنا ويرد الحرام، فإن كان مغصوبا أو مسروقا أو أم ولد رد إلى
ربه، وإن كان خمرا أريق ولا تكسر أوانيه على المعتمد لأنها تطهر بالجفاف، وإن كان خنزيرا قتل على
ما في سماع ابن القاسم وهو المعتمد، وقيل إنه يسرح ولا يلزم الزوجة للزوج شئ في نظير الحرام كلا
أو بعضا، سواء كانت حرمته أصلية كالخمر والخنزير، أو عارضة كالمسروق والمغصوب، إذا كان الزوج
عالما بالحرمة علمت هي أيضا أم لا، أما لو علمت بالحرمة فقط فلا يلزمه الخلع كما مر، وإن جهلا الحرمة
ففي الخمر لا يلزمها شئ، وأما المغصوب والمسروق فكالمستحق يرجع عليها بقيمته إن كان معينا وبمثله
إن كان موصوفا. قوله: (ويراق الخمر) أي ولا تكسر أوانيه لأنها مال لمسلم. قوله: (في نظير الحرام) سواء
كانت حرمته أصلية كالخمر والخنزير أو عارضة كالمغصوب والمسروق على التفصيل المتقدم. قوله: (كتأخيرها إلخ)
إنما أتى بالكاف ولم يعطفه بالواو على الحرام لينبه على أن الحرمة في المشبه وهو مدخول
الكاف ليست باتفاق بخلاف المشبه به فإنها باتفاق. قوله: (تشبيه في قوله رد إلخ) الأحسن أن يقول:
تشبيه بالحرام في الرد ولا شئ للزوج. قوله: (كما لو خالعته بدين إلخ) أي بتأخير دين حال عليه.
قوله: (لأنه سلف جر نفعا لها) أي لان من أخر ما عجل عد مسلفا. قوله: (أو تعجيلها دينا له عليها) أي لان من عجل
ما أجل عد مسلفا كمن أخر ما عجل فإذا عجلت ماله عليها من الدين المؤجل كانت مسلفة له وقد انتفعت
بالعصمة. قوله: (فإنه) أي خروجها من المسكن يرد. قوله: (لأنه) أي ردها إليه وإقامتها فيه إلى انقضاء
العدة. قوله: (إلا أن يريد) أي بخروجها من المسكن. قوله: (من بيع) وأما من قرض فيجب قبولها.
وحاصل ذلك أن الدين إذا كان عرضا أو طعاما وكان كل منهما مؤجلا سواء كان مسلما فيه أو كان
ثمن سلعة فالحق في الاجل لمن هو له، فإن عجله من هو عليه فلا يلزم من هو له قوله، وأما لو كان كل من الطعام
والعرض دينا من قرض فالحق في الاجل لمن هو عليه فإذا عجله قبل أجله لزم من هو له قبوله، وأما
العين إذا كانت دينا من بيع أو قرض فإن اشترط دفعها في البلد فالحق لمن هي عليه، فمتى أتى بها في
البلد أجبر ربها على قبولها سواء كانت حالة أو مؤجلة، وإن كان مشترطا دفعها في غير بلد التقاضي، فإن
كانت حالة وأراد من هي عليه دفعها في البلد أجبر ربها على قبولها إن كانت الطريق مأمونة وإلا فلا، وإن
كانت مؤجلة فلا يلزم ربها قبولها مطلقا أي كانت الطريق مأمونة أو مخوفة. قوله: (فيرد) أي المال الذي
أخذته منه إليه ويبقى في ذمته إلى أجله ويمضي الخلع. قوله: (لأنها حطت إلخ) أي فيكون من باب حط
350

الضمان وأزيدك. قوله: (من قرض) راجع للعرض والطعام. قوله: (بإسقاط النفقة عنه في العدة) أي لأنه
على تقدير أن لو طلقها رجعيا بلا خلع لزمته نفقتها في العدة. قوله: (في قدرته إلخ) أي وإذا كان ذلك في
قدرته بغير تعجيل المؤجل، فلا يقال: إنه انتفع به إذ لا يقال إلا إذا كان ليس له طريق إلا تعجيل المؤجل
فتأمل. قوله: (وقوله) مبتدأ، وقوله تم العوض هذا دال على الخبر وكأنه قال: وقوله وبانت الزوجة منه إذا
وقع في مقابلة عوض شامل لما إذا تم له العوض أم لا. قوله: (أم لا) أي بأن كان خمرا أو مغصوبا. قوله: (ولو
بلا عوض) مبالغة في بينونة المختلعة أي وبانت المختلعة، هذا إذا كان الخلع ملتبسا بعوض بل وإن كان
ملتبسا بلا عوض، وقوله إن نص عليه شرط فيما بعد المبالغة، وقرر بعضهم أن قوله ولو بلا عوض باؤه
للملابسة متعلق بنص وضمير عليه للخلع أي وبانت المختلعة، هذا إذا لم ينص على الخلع، بل ولو نص على
الخلع حالة كونه ملتبسا بلا عوض كما لو قال لها: خالعتك فإنه قد نص على الخلع من غير أن يذكر عوضا
فيلزمه الطلاق البائن، ومثل لفظ الخلع لزوم البينونة به ولو بلا عوض لفظ الصلح والابراء
والافتداء، كما إذا قال لها: صالحتك أو أنا مصالح لك أو أنت مصالحة أو أنا مبريك أو أنت مبرأة أو أنا
مفتد منك، أو أنت مفتداة مني، قال شيخنا العدوي: الظاهر أن مثل هذه الألفاظ أنت بارزة عن ذمتي
أو عن عصمتي أو أنت خالصة مني أو خالصة من عصمتي أو لست لي على ذمة كذا قرره رحمه الله.
قوله: (عطف على قوله بلا عوض) أي ولا يصح عطفه على قوله عليه لاقتضاء ذلك أنه إذا وقع بغير
عوض مع التنصيص على الرجعة يكون بائنا وليس كذلك. قوله: (بأن قال) أي بعد أن أخذ العوض
طلقت إلخ. قوله: (كإعطاء مال) أي أو إبراء مما لها عليه. قوله: (وكذا إذا تلفظ بالخلع) أي بأن قال:
خالعتك ولي عليك الرجعة. قوله: (أي يقع عليه طلقة أخرى بائنة) أي بقبوله المال على عدم الرجعة،
وهذا قول مالك وابن القاسم، وذلك لأن عدم الارتجاع الذي قبل المال لأجله ملزوم للطلاق البائن، ومتى
حصل الملزوم حصل اللازم وهو الطلاق البائن، فالطلاق الذي أنشأه الآن وقبوله المال غير الطلاق
الذي حصل منه أولا، إذ الحاصل منه أولا رجعي، وهذا الذي أنشأه بقبول المال البائن. وعن ابن وهب
أنها تبين بالأولى فتنقلب الأولى بائنا قال أشهب: لا يلزمه بقبول المال شئ وله الرجعة ويرد لها مالها،
وكلا القولين ضعيف والمعتمد قول مالك وابن القاسم. إن قلت: هو ظاهر إن وقع القبول باللفظ بأن قال:
قبلت هذا المال على عدم الرجعة، وأما إن وقع القبول بغير اللفظ بأن أخذ المال وسكت فهو مشكل إذ
كيف يقع الطلاق بغير اللفظ؟ وقد يجاب بأن ما يقوم مقام اللفظ في الدلالة على القبول كالسكوت
منزل منزلة اللفظ لقول المصنف الآتي وكفت المعاطاة. قوله: (أي بيع الزوج لزوجته أو تزويجها أي تزويجه
إياها) أي ولو كان جاهلا بالحكم فلا يعذر بجهله كما قرر شيخنا، ومثل بيعه وتزويجه لها ما لو بيعت الزوجة
أو زوجت والزوج حاضر ساكت فإنها تبين أيضا، وأما إن فعل ذلك بحضرته ثم أنكره فلا تطلق عليه
اه‍ عدوي. قوله: (ولو وقع ذلك منه هزلا) أي هذا إذا فعل ذلك جدا بل ولو فعله هزلا وفيه نظر لنقل
المواق عن المتيطي، قال ابن القاسم: من باع امرأته أو زوجها هازلا فلا شئ عليه، ويحلف الهازل أنه لم يرد
طلاقها، ومثله في العتبية من سماع ابن القاسم في طلاق السنة اه‍ بن. فعلم منه أن الخلاف بين مختار اللخمي
وبين غيره إذا كان غير هازل، وأما إذا كان هازلا فلا شئ عليه اتفاقا. قوله: (وينكل نكالا شديدا) أي
ولا يمكن من تزويجها ولا من تزويج غيرها حتى تعرف توبته وصلاحه مخافة أن يبيعها ثانيا.
قوله: (حكم به) أي بإنشائه لكعيب أو إضرار أو نشوز، أو فقد، أما إذا حكم بصحته أو لزومه فإنه يبقى على أصله
من بائن أو رجعي، فإذا طلق زيد زوجته وادعى أنه مجنون وشهدت البينة أنه كان عاقلا فحكم بصحة
351

الطلاق، أو قيل له طلاق السفيه غير لازم مثل نكاحه فحكم بلزومه فذلك الطلاق باق على أصله من
رجعي أو بائن. قوله: (أوقعته الزوجة أو الحاكم) وأما لو أوقعه الزوج فإنه يكون رجعيا، ولو جبره القاضي
على إيقاعه وحكم ببينونته بأن قال: حكمت بأنه بائن اه‍ تقرير عدوي. قوله: (لا إن شرط إلخ) مثل
ذلك ما لو قال لها: أنت طالق طلقة لا رجعة فيها أو لا رجعة بعدها فهي رجعية اه‍ تقرير عدوي.
قوله: (وأعطى) أي بأن طلقها وأعطاها مائة من عنده فإنه يكون رجعيا قوله: (أو صالح وأعطى) أي أنه
وقع الصلح على ما تدعيه عليه وأعطاها القدر المصالح به، كما إذا ادعت عليه بعشرة فصالحها على خمسة
دفعها لها وتركت له خمسة ليست في مقابلة شئ ثم طلقها فإنه والحالة هذه يقع الطلاق رجعيا لان
ما تركته من دينها ليس في مقابلة العصمة، وما أخذته فهو صلح عن بعض دينها، وهذا الحل لتت وتبعه
فيه خش وعبق. قوله: (وأعطى لها شيئا من عنده) أي وهو القدر المصالح به. قوله: (قصد الخلع) أي
حين أعطاه دراهم الصلح أو جرى بينهما ذكره قبل ذلك، وليس المراد أنه قصد الخلع بلفظ الطلاق
بحيث يكون الخلع مدلولا للفظ الطلاق إذ لا نزاع في أنه بائن. قوله: (إلا أن يقصد الخلع فبائن)
أي نظرا لقصده، وهذا التأويل لابن الكاتب وعبد الحق وأبي بكر بن عبد الرحمن والأول لأكثر
الرواة. قوله: (فرجعي قطعا) أي اتفاقا، وما ذكره الشارح من أن محل التأويلين إذا صالح وأعطى
طريقة لبعضهم وبعضهم يخص الخلاف بمسألة طلق وأعطى وبعضهم يجعل الخلاف في المسألتين
انظر بن. قوله: (وقال بعضهم) هو العلامة طفي. قوله: (ليس المراد إلخ) أي كما حل به تت ومن تبعه.
قوله: (أما لكون الدين عليها) أي فصالحها على أخذ بعضه وترك لها البعض الآخر ثم طلقها.
قوله: (أو لها عليه قصاص) أي فصالحها على تركه وأعطاها دراهم من عنده صلحا ثم طلقها. قوله: (وموجبه
أي طلاق الخلع) أي وليس الضمير راجعا للعوض لان الزوج لا يوجب العوض، وإنما الذي
يوجب ملتزمه زوجة أو غيرها وإنما لم يستغن عن هذه بقوله فيما يأتي وإنما يصح طلاق المسلم المكلف لأنه
ربما يتوهم أنه لا بد أن يكون الموقع هنا رشيدا لما فيه من المال والمال محجور
عليه فيه فيتوهم أنه يحجر عليه هنا ولا يمضي فعله كذا قيل، وفيه أن هذا التوهم لا يتأتى إلا لو كان يدفع المال مع أنه آخذ له.
قوله: (ولو سفيها) رد بلو على ما حكاه ابن الحاجب وابن شاس من القول بعدم صحة طلاق الخلع من السفيه إذا
خالع السفيه فإن خالع بخلع المثل فالامر ظاهر وإن خالع بدونه كمل له خلع المثل كما قال اللخمي ولا يبرأ
المختلع بتسليم المال للسفيه بل لوليه كما في ح عن التوضيح وهو ما يفيده كلامهم في باب الحجر وقال
ابن عرفة ظاهر كلام بعض الموثقين كابن فتحون والمتيطي براءة ذمة المختلع بتسليم المال للسفيه دون
وليه واستظهره عج. قوله: (فبه أولى) أي ولا ينظر لتوهم أن طلاقه يؤدي لذهاب ماله في زواج امرأة
أخرى. قوله: (لمن ذكر) أي من الصغير والمجنون. والحاصل أنه لا يوقع الطلاق على الصبي والمجنون
واحد ممن ذكر إلا إذا كان على وجه النظر والمصلحة. قوله: (ولا يجوز عند مالك إلخ) وقال اللخمي: يجوز
أن يطلق الولي على الصغير والسفيه بدون شئ يؤخذ له إذ قد يكون بقاء العصمة فساد الامر جهل قبل
نكاحه أو حدث بعده من كون الزوجة غير محمودة الطريق. قوله: (عليهما) أي على الصغير والمجنون.
قوله: (لا أب زوج) أي لا يوقع طلاق الخلع أب زوج سفيه. قوله: (بالغ) الأولى رجوعه للثاني وهو
العبد إذ لا فائدة في رجوعه للأول إذ السفيه لا يكون إلا بالغا. قوله: (بغير إذنهما) أي وإن كان لهما جبرهما
352

على النكاح. قوله: (لا يجوز) أي والموضوع أن المرض مخوف فإن كان غير مخوف كان جائزا ابتداء
كالصحيح. قوله: (وتزوجت غيره) أي وسواء كانت مدخولا بها أو كانت غير مدخول بها. قوله: (إن
ماتت في مرضه) أي ولو في أثناء عدتها. قوله: (طال أو قصر) أي ولو خرجت من العدة ولو تزوجت
أزواجا. قوله: (ولا يرثها إن ماتت) أي ولو كان موتها قبل انقضاء عدتها. قوله: (فإن طلقت نفسها
طلاقا رجعيا) هذا ظاهر في التمليك ويحمل التخيير على المقيد بواحدة رجعية وما يأتي من بطلانه إذا
قضت بدون الثلاث في المطلق. قوله: (فإنه يرثها) أي إذا لم تنقض العدة كما ترثه هي مطلقا. قوله: (أو
أوقعت الطلاق فيه) أي سواء كان التخيير أو التمليك في المرض أو في الصحة. قوله: (فإنها ترثه) أي ولو
خرجت من العدة. وقوله: ولا يرثها أي ولو ماتت قبل فراغ عدتها. قوله: (تقوم مقام الطلاق) أي مقام
فرقة الطلاق. قوله: (إن كلمت زيدا) أي أو قال لها: إن دخلت دار زيد فأنت طالق فدخلتها في مرضه
قاصدة حنثه فإذا مات من ذلك المرض ورثته دونها. قوله: (فأحنثته فيه) أي أوقعت الحنث عليه
في المرض سواء كان التعليق في الصحة أو في المرض. قوله: (فترثه) أي ولو خرجت من العدة. وقوله:
دونها أي فإذ ماتت هي وهو في ذلك المرض فإنه لا يرثها إذا كان موتها بعد انقضاء عدتها وإلا ورثها لأنها
رجعية، وما ذكره المصنف من إرثها له مطلقا هو المشهور، ومقابله ما رواه علي بن زياد عن مالك من عدم
إرثها لانتفاء التهمة. قوله: (أو طلق زوجته الكتابية أو الأمة) أي طلاقا رجعيا أو بائنا. قوله: (فترثه)
أي لاتهامه على منعها من الإرث لما خشي الاسلام أو العتق، وسواء أسلمت أو عتقت في العدة أو بعدها.
وقوله دونها أي ما لم يكن الطلاق رجعيا وماتت في العدة. قوله: (أو تزوجت غيره) الأولى أن يقول:
وإن تزوجت غيره لان هذا الفرع ليس مباينا للطلاق في المرض حتى يعطف عليه بل مرتب عليه اه‍ بن.
قوله: (منه) أي من ذلك المرض الذي طلقها فيه. قوله: (بدليل قوله إلخ) أي لأنه لو كان الأول بائنا لم
يرتدف عليه طلاق المرض الثاني قوله: (ثم مرض) أي والحال أنه لم يكن ارتجعها بعد صحته، أما لو ارتجعها
بعد صحته ثم مرض فطلقها رجعيا أو بائنا فإنها ترثه إن مات من مرضه الثاني ولو بعد العدة. قوله: (لم ترث
إلا في عدة الطلاق الأول) أي لان الفرض أن الطلاق الأول رجعي ومات في العدة فترثه، فإن لم يبق من
عدة الأول بقية فإنها لا ترثه بالطلاق في المرض الثاني لأنه طلاق مردف على الأول وقد زالت
تهمة الطلاق الأول بالصحة. قوله: (إلا في عدة الطلاق الأول) فيه أن الثاني لا عدة له فلا حاجة لقوله
الأول، فكان الأولى أن يقول: لم ترثه إلا في العدة، والجواب أن قوله الأول لبيان الواقع، أو أن المفهوم
وهو لا ترثه في عدة الثاني سالبة تصدق بنفي الموضوع أي ولا ترثه في عدة الثاني لأنه لا عدة له تأمل.
353

قوله: (والاقرار به فيه كانشائه) مثل إقراره به فيه ما إذا شهدت البينة على المريض بأنه قد طلق في زمان
سابق على مرضه بحيث تنقضي العدة كلها أو بعضها فيه وهو ينكر ذلك فيكون كانشائه الطلاق في
مرضه، ولا يعتبر إسناده لزمن سابق فترثه إن مات من ذلك المرض وابتداء العدة من يوم الشهادة.
قوله: (والعدة تبتدأ من يوم الاقرار في المرض) أي لأنها تعتد عدة طلاق لا عدة وفاة. قوله: (ما لم تشهد له بينة
على إقراره) أي كما لو أقر بأنه طلقها من منذ سنة أو شهر وأقام على ذلك بينة فيعمل على ما أرخته البينة.
قوله: (إذا انقضت العدة) أي على مقتضى تاريخ البينة والحال أن الطلاق رجعي أو كان بائنا سواء
انقضت العدة أو لا، أما لو كان رجعيا ولم تنقض العدة فإنها ترثه. قوله: (معاشرا لها معاشرة الأزواج)
أي والحال أنه غير مقر بطلاقها. قوله: (فكالطلاق في المرض) أي من حيث إنها ترثه على كل حال.
قوله: (فالتشبيه ليس بتام) أي لأنه إذا طلق في المرض طلاقا بائنا ثم مات اعتدت عدة طلاق.
قوله: (عالمين) أي بمعاشرته لها. قوله: (لبطلت شهادتهم بسكوتهم) فلو كانت الزوجة هي التي ماتت وشهدت
البينة بعد موتها بطلاقها فقبل الزوج شهادتها ولم يبد مطعنا لم يرثها إن انقضت العدة أو كان الطلاق
بائنا وإن أبدى مطعنا فيها ورثها لصيرورة تلك البينة بمنزلة العدم. قوله: (اشهدوا بأنها طالق) أي
ثلاثا أو واحدة بائنة وكذا يقال فيما بعده. قوله: (ولا حد عليه) أي في وطئه بعد قدومه
من السفر وقبل حكم الحاكم
بالفراق. قوله: (لأنهما على حكم الزوجية) أي لأنهما قبل الحكم بالفراق على حكم الزوجية. قوله: (ولأنه كالمقر بالزنا إلخ) أي فالشهادة بالطلاق بمنزلة الاقرار
بالزنا وإنكاره للشهادة بمنزلة الرجوع ولا يخفى بعده. قوله: (قبل صحته) أي سواء كان في أول
المرض أو آخره. قوله: (فكالمتزوج) أي لأجنبية في المرض فليس فيه تشبيه الشئ بنفسه. قوله: (يفسخ
قبل البناء وبعده) إن قيل: علة فسخ نكاح المريض وهي إدخال وارث منتفية هنا لثبوت الإرث لها
على كل حال فما وجه الفسخ هنا؟ والجواب أنهم إنما حكموا بالفسخ هنا لأجل الغرر في المهر لأنه في
الثلث فلا يدري أيحمله الثلث أم لا؟ فلو تحمل المهر أجنبي لم يفسخ لثبوت المهر في مال الأجنبي،
والإرث بالنكاح الأول كما نقله المواق والتوضيح. قوله: (بالنكاح الأول) أي الذي قطعه بالطلاق
الأول في المرض. قوله: (وهل يرد إلخ) أي سواء كان قدر ميراثه منها أن لو ورثها أو أقل أو أكثر، ونص
المدونة إن اختلعت منه في مرضها وهو صحيح لم يجز ولا يرثها. قال ابن القاسم: وأنا أرى لو اختلعت
منه على أكثر من ميراثه منها لم يجز، وأما على مثل ميراثه منها فأقل فجائز ولا يتوارثان عياض في كون
قول ابن القاسم تفسيرا أو خلافا قولان للأكثر وللأقل اه‍ مواق. فقول المصنف: وهل يرد أي
المخالع به على كل حال وإن كان أقل من ميراثه منها وإن صحت من مرضها إشارة إلى تأويل الخلاف
للأقل، وقوله أو المجاوز لارثه إشارة إلى تأويل الوفاق للأكثر، وعلى المصنف الدرك في عدم الاقتصار
354

عليه، وعليه فاختلف هل يعتبر قدر الميراث يوم الخلع فيتعجل الزوج الخلع إن كان قدر الميراث فأقل
أو يعتبر يوم الموت فيوقف المخالع به كله إلى يوم الموت؟ فإن كان قدر ميراثه فأقل أخذه، وإن كان أكثر
منه فلا شئ له منه عند ابن رشد ولا إرث له بحال، وقال اللخمي له منه قدر ميراثه ويرد الزائد، أما إن
صحت أخذ جميع ما أخالع به، وبهذا يعلم أن ما اقتضاه كلام المصنف من أن التأويلين في الرد وعدمه مع
الاتفاق على المنع غير ظاهر بل هما في الجواز وعدمه اه‍ بن. قوله: (لم يجز ولا يرثها) أي وحينئذ فلا
شئ له من الخلع ولا من الميراث هذا ظاهره. قوله: (على إطلاقه) أي فقولها لم يجز أي فيرد لها إن كانت
حية أو لوارثها كله ولا يبقى للزوج منه شئ سواء كان ذلك المال المخالع به قدر ميراثه منها أو أقل أو
أكثر. قوله: (ظرف للمجاوز) أي فمجاوزة المخالع به لارثه وعدم مجاوزته إنما تعتبر يوم موتها لا يوم
الخلع خلافا للقائل به. قوله: (ولا يتوارثان) استفيد مما مر عن المدونة ومن هنا أنهما لا يتوارثان على
كلا القولين ولو في العدة لان الطلاق بائن. قوله: (أي أنه يبطل القدر المجاوز لارثه مما اختلعت به) أي
وأما قدر ميراثه منها فلا يرد بل يمضي. قوله: (لم يلزم) ظاهره ولو قل النقص اه‍ عدوي. قوله: (إذ لا منة
تلحق الزوج) أي بخلاف ما مر في الصداق من أنه إذا وكله على أن يزوجه بألف فزوجه بألفين
فإن للزوج الكلام ولو تممه الوكيل من عنده. قوله: (أو أطلق له أي للوكيل) أي بأن قال له: وكلتك على
خلع زوجتي ولم يسم له شيئا يخالعها به. قوله: (أو لها) أي بأن قال لها: إن دعيتني للصلح فأنت طالق، أو إن
أعطيتيني ما أخالعك به فأنت طالق. قوله: (عن خلع المثل) أي ولم يرض الزوج بذلك الأقل. قوله: (وأما
إن قال إلى ما أخالعك به) أي وأما إن قال: إن دعيتني إلى ما أخالعك به أو إن أعطيتيني ما أخالعك به
فأنت طالق. قوله: (انظر الحاشية) نص كلام الحاشية الحق أنه إذا قال لها إن أعطيتيني ما أخالعك به
قبل قوله أنه أراد خلع المثل بلا يمين، وإن قال: إن دعوتيني إلى الصلح فالقول قوله، ولو ادعى أنه أراد
أكثر من خلع المثل لكن بيمين وحينئذ فمحل كون القول قوله بيمين، فيما إذا كان أراد خلع المثل الذي
هو موضوع المصنف فيما إذا قال: إن دعوتيني إلى مال أو صلح بالتنكير. قوله: (على ما سمت له) بأن قالت
لوكيلها: خالع عني بعشرة فزاد على ما سمت له. قوله: (أو على خلع المثل إن طلقت) بأن قالت
لوكيلها: خالع عني ولم تسم شيئا فخالع عنها بأزيد من خلع مثلها. قوله: (ورد المال إلخ) يعني أن المرأة
إذا ادعت بعد المخالعة أنها ما خالعته إلا عن ضرر وأقامت بينة سماع على الضرر فإن الزوج يرد لها
ما خالعها به وبانت منه، وهذا ظاهر إذا كانت قد دفعت المال من عندها، فلو دفعه أجنبي
من عنده فإن قصد فداء المرأة من ضرر الزوج بها رد المال له، وإن لم يقصد ذلك فلا يرد المال له
بل لها لقصده التبرع لها كذا استظهر عج. قوله: (حيث طلبت ذلك) أي ما ذكر من رد
المال وإسقاط ما التزمه. قوله: (بشهادة سماع) أي بشهادة رجلين بالسماع من غير يمين كما في عبق،
355

ورجح بعضهم اليمين كما في بن، والواحد لا يكفي مع اليمين على المعتمد وقال بعضهم إنه يكفي، وكذا
شهادة امرأتين بالسماع مع اليمين لا يكفي على المعتمد وقيل يكفي وهو ضعيف. قوله: (على الضرر) أل
فيه للعهد أي على الضرر الذي يجوز لها التطليق به. قوله: (ولا يضرها إلخ) حاصله أن المرأة إذا أشهدت
بينة على إضرار الزوج لها ثم دفعت له مالا وطلبت منه أن يخالعها على ذلك فقال لها: أخاف أن يكون ذلك
بينة بالضرر فبعد الخلع تقومي علي وتدعي الضرر وتشهدي تلك البينة وتأخذي ذلك المال فقالت:
إن كانت لي بينة بالضرر فقد أسقطتها فخالعها على ذلك المال فلا يضرها ذلك الاسقاط ولو أشهدت
عليه ولها القيام ببينتها وترد منه المال. قوله: (لمجاوزتها إلخ) أي والقاعدة أن الألف إذا جاوزت ثلاثة
أحرف ولم يكن قبلها ياء فإنها ترسم ياء سواء كانت منقلبة عن ياء أو واو. قوله: (يحملها على ذلك) أي
الاسقاط. قوله: (بإسقاط بينة الضرر) الأولى أن يزيد وبإسقاط البينة التي أشهدتها على أنها إن سقطت
بينة الضرر كانت غير ملتزمة لذلك الاسقاط، وذلك لان هذا هو اسقاط بينة الاسترعاء بالمعنى الحقيقي.
قوله: (ولا يصح حمل كلام المصنف عليها) أي خلافا للشيخ أحمد الزرقاني فإنه حمل بينة الاسترعاء في المصنف
على حقيقتها. قوله: (اتفاقا) أي والخلاف إنما هو في اسقاط بينة الضرر. قوله: (وبثبوت كونها مطلقة طلاقا
بائنا منه وقت الخلع) أي ما لو طلقها قبل البناء طلقة واحدة ولم يراجعها ثم خالعها أو حلف عليها
بالحرام أن لا تفعل كذا ففعلته واستمر معاشرا لها ثم خالعها على مال فيرده إليها. قوله: (أو لعيب خيار به)
أي أما لو كان العيب بها فإنه لا يرد ما أخذه منها في المخالعة لان له أن يقيم على النكاح، وما ذكره المصنف
من أنها إذا طلعت بعد الخلع على موجب خيار به بأنه يرد المال المخالع به هو المعول عليه، وأما ما مر في
قوله: وإن طلقها أي بعوض أو غيره أو مات ثم اطلع على موجب خيار فكالعدم فغير معول عليه كما في
خش وعبق، أو يحمل على ما إذا اطلع على موجب خيار بالزوجة فقط، وما هنا على ما إذا اطلع
على موجب خيار بالزوج. قوله: (كجذام) أي أو جنون أو برص أو جبه أو عنته أو اعتراضه.
قوله: (أو قال لها إن خالعتك فأنت طالق ثلاثا ثم خالعها لزمه الثلاث ورد المال) هذا قول ابن القاسم بناء على
أن المعلق والمعلق عليه يقعان معا فلم يجد الخلع له محلا، قال ابن رشد: وحكى البرقي عن أشهب أنه إذا خالعها
لا يرد على الزوجة شيئا مما أخذ قال: وهو الصحيح في النظر لأنه جعل الخلع شرطا في وقوع الطلاق الثلاث،
والمشروط إنما يكون تابعا للشرط وحيث كان المشروط تابعا للشرط فيبطله الطلاق واحدة أو أكثر
لوقوعه بعد الخلع في غير زوجة وحينئذ فلا يرد ما أخذه. تنبيه: قوله أو قال لها: إن خالعتك إلخ مثله
إذا قال لها: إن خالعتك فأنت طالق وكان قد طلقها قبل ذلك طلقتين فإذا خالعها لزمه كماله الثلاث ورد
المال. قوله: (إذ لم يصادف الخلع محلا) أي لان المعلق والمعلق عليه يقعان معا. قوله: (أو قال واحدة) أي ثم
خالعها على مال. قوله: (ولزمه طلقتان) أي إذا طلقها واحدة بالخلع وواحدة بالتعليق. قوله: (فإن قيد) أي
356

ثم خالعها على مال أخذه منها. قوله: (وجاز شرط نفقة ولدها إلخ) المتبادر من المصنف أن المرأة المخالعة
حامل ومرضع لولد موجود فخالعها على أن عليها نفقة الرضيع مدة الرضاع فتسقط عنه نفقة الحمل،
ولا يصح أن يكون هذا مرادا لان نفقة الحمل لا تسقط بالخلع على نفقة الرضاع في هذا الفرض اتفاقا،
وإنما مراد المصنف بولدها من يصير ولدا يعني أنه خالعها على نفقة ما تلده مدة رضاعه فإن نفقتها مدة
الحمل تسقط عنه. قوله: (فلا نفقة لها في نظير حمله) ولا تدخل الكسوة في النفقة في هذا الفرع كما هو مقتضى
كلام أبي الحسن وأفتى الناصر اللقاني بدخولها. قوله: (ورجح) أي رجح ابن يونس هذا القول حيث
قال: وقاله سحنون أيضا وهو الصواب، وحينئذ فما قاله المصنف من سقوط نفقة الحمل قول مرجوح.
قوله: (عند الخلع) أي الكائن عند الخلع. قوله: (أو غيره) أي غير زوجها المخالع لها كولده الكبير أو أجنبي
أي أنه خالعها على رضاع ولدها الصغير، وعلى أنها تنفق عليه أو على ولدها الكبير مدة الرضاع أو على
فلان الأجنبي مدة الرضاع. قوله: (مفردة أو مضافة) هذا ينافي ظاهر ما تقدم له من أن الذي يسقط
المضافة، وأما غير المضافة فلا يسقط، وقد كتب بعض تلامذة سيدي محمد الزرقاني نقلا عنه أن ما مر
طريقة لعج وظاهر كلام غيره أنه لا فرق بين المضافة وغيرها في السقوط. قوله: (وسقط زائد) أي
أنه إذا خالعها على شرط أنها تنفق على ولدها الرضيع مدة بعد مدة الرضاع معينة أو غير معينة فإنه
يسقط عنها ذلك الزائد وقع الشرط من الزوج أو منها قال بن: ويجوز أن يحمل قوله وزائد شرط على
ما هو أعم من النفقة كاشتراطه عليها أن لا تتزوج بعد الحولين فإنه لغو اتفاقا كما قال ابن رشد، وأما إلى
فطامه فثالثها إن كان تزوجها يضر بالطفل لزم الشرط وإلا فلا. قوله: (وإنما جاز على مدة إلخ) أي وإنما
جاز الخلع على أن عليها نفقة الصغير مدة الرضاع دون غيرها. قوله: (ثم ما ذكره المصنف من سقوط ما
ذكره) أي من كل زائد على نفقة الرضيع في مدة رضاعه سواء كان ذلك الزائد مضافا أو لا، كان ذلك
الزائد نفقة الزوج أو نفقة غيره أو نفقة للرضيع زيادة على النفقة عليه في مدة الرضاع. قوله: (والمعول
عليه إلخ) أي وهو قول المغيرة وابن الماجشون وأشهب وابن نافع وسحنون. قوله: (أنه
لا يسقط عنها) أي ما زاد نفقة الولد في مدة الرضاع كان ذلك الزائد نفقة للزوج
أو لغيره أو للرضيع زيادة على النفقة في مدة رضاعه، سواء كان ذلك الزائد مضافا لنفقة الرضاع في
الشرط أو مستقلا بل يلزمها ذلك. قوله: (حتى قال ابن لبابة إلخ) أي وقال غير واحد من الموثقين
أيضا والعمل على قول غير ابن القاسم لان غاية ذلك أنه غرر وهو جائز في الخلع، وقيد اللخمي الخلاف
بما إذا كان الزائد غير مقيد بمدة معلومة وإلا جاز عند ابن القاسم وغيره، فإن مات الولد أخذ الأب
نفقته التي ضمت لنفقة الولد في الاشتراط شهرا بعد شهر أو جمعة بعد جمعة أو يوما بعد يوم، ولا يمكن
من أخذها معجلة ولو طلبها، ولكن ظاهر كلامهم أن كلام اللخمي مقابل وأن الخلاف مطلق،
وحينئذ فالأقوال ثلاثة: قول ابن القاسم بالسقوط مطلقا قيد بمدة معينة أم لا. وقول
المغيرة عدم السقوط مطلقا قيد بمدة أم لا. وقول اللخمي إن قيد بمدة فلا سقوط وإلا سقط، وما قاله
المغيرة هو المعتمد اه‍ تقرير عدوي. قوله: (وإلا رجع عليها) أي ببقية نفقة المدة ومثل الموت
357

استغناؤه في الحولين، والظاهر أن الرجوع يوما فيوما كما لو كان الولد حيا ويجعل الحكم للغالب بنظر
أهل المعرفة في النفقة. قوله: (فعليها) أي فإن لم تخلف المرأة شيئا كانت نفقة الولد بقية الحولين وأجرة
رضاعه على أبيه. قوله: (ويؤخذ من تركتها في موتها مقدار ما يفي برضاعه في بقية الحولين) أي ولو
استغرق ذلك جميع التركة لان الدين يقدم على جميع الورثة، ثم إنه إذا أخذ يوقف ولا يأخذه الأب
لاحتمال موت الولد قبل تمام بقية مدة الرضاع، وإذا وقف فكلما مضى أسبوع أو شهر دفعت أجرته
من ذلك الموقوف، فإن مات الولد رد الباقي لورثة الأم يوم موتها اه‍ عدوي. قوله: (إلا لشرط)
أي أو عرف ويقدم الشرط على العرف عند تعارضهما لأنه كالعرف الخاص. قوله: (إلا بعد وضعه)
أي فعليه نفقته أي أجرة رضاعه. قوله: (والاستثناء منقطع) أي لان النفقة فيما قبل إلا على الأم وما
بعدها النفقة على الولد. قوله: (ولا يكفي) أي في الخروج من النهي عن التفريق بين الأم وولدها. وقوله
جمعهما في حوز أي بيت واحد. قوله: (لان التفريق هنا بعوض) أي ولا يكفي الجمع في حوز إلا إذا
كان التفريق بغير عوض كهبة أحدهما أو إرثه. قوله: (بألف التثنية) أي لكنه راعى أن المعنى وأجبر كل
من المالكين. قوله: (قولان) التوضيح والقولان في الثمرة التي لم يبد صلاحها لشيوخ عبد الحق اه‍.
وحينئذ فصواب المصنف تردد اه‍ بن. قوله: (كان رجعيا) أي والفرض أن قطعه في عرفهم طلاق.
والحاصل أن الفعل لا يقع به طلاق ولو قصد به الطلاق ما لم يجر عرف باستعماله في الطلاق وإلا وقع
به الطلاق فإن صاحبه عوض فهو بائن وإلا فهو رجعي، وما سيأتي من أن الفعل لا يقع به طلاق لان
من أركانه اللفظ محمول على الفعل المجرد عن العرف لا الذي معه العرف. وفي بن عن ابن عرفة: أن الخلع
يتقرر بالفعل دون قول لنقل الباجي رواية ابن وهب من ندم على نكاحه امرأة فقال له أهلها: نرد لك
ما أخذنا وترد لنا أختنا ولم يكن طلاق ولا تكلم به فهي تطليقة وسماع ابن القاسم أن قصد الصلح على
أخذ متاعه وسلم لها متاعها فهو خلع لازم ولو لم يقل أنت طالق اه‍. وهذا يفيد أن ذلك لا يتقيد بالعرف
بل يقوم مقامه القرائن من سياق الكلام قبل وغيره خلافا للشارح تبعا لعبق. قوله: (وإن علق
بالاقباض) أي عليه أو على الأداء سواء كان التعليق بأن أو إذا أو متى. قوله: (لم يختص إلخ) أي ولا
يشترط قبول الزوجة للتعليق عقب حصوله من الزوج. والحاصل أنه إذا وقع منها الأداء بعد المجلس
وقبل الطول لزم الخلع مطلقا عند المصنف وابن عرفة، وقيده ابن عبد السلام بتقدم القبول منها
في المجلس وإلا لم يلزم عنده اه‍ بن. لكن نقل بعضهم عن ابن عبد السلام أن صيغ التعليق لا يحتاج
فيها لقبول فعلى هذا يكون موافقا لابن عرفة فالنقل عنه قد اختلف اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (فإن لم
يكن غالب) أي بأن كان التعامل باليزيدية والمحمدية مستويا. قوله: (ومن الثلاثة) كما لو كان في البلد
ثلاثة أنواع: محبوب وبندقي وفندقلي. قوله: (من كذا) أي من المحابيب أو من الدنانير. قوله: (ما عين)
أي كالمحابيب. وقوله الغالب أي إذا لم يعين كألف دينار. قوله: (فيلزمه ذلك) أي ما ذكر من البينونة.
358

قوله: (إن فهم الالتزام أو الوعد) راجع للصورتين أما رجوعه لأفارقك فظاهر لان صيغ الالتزام
والوعد استقبالية لان متعلقها مستقبل وأفارقك مستقبل، وأما رجوعه لفارقتك فلانه وإن كان ماضيا
إلا أن تخلص الفعل للاستقبال، وقوله إن فهم الالتزام أو الوعد بأن يقول لها: فارقتك أو أفارقك
ولا بد أو إن أعطيتني ألفا التزمت أن أفارقك أو فارقتك متى شئت بكسر التاء هذا مثال الالتزام،
ومثال الوعد: إن أتيني بألف أفارقك أو فارقتك لكن لست ملتزما للفراق أو فارقتك إن شئت بضم
التاء فصيغ الالتزام والوعد واحدة، والاختلاف إنما هو بالقرائن كقوله: ولا بد أو لست ملتزما لذلك.
قوله: (إن ورطها) راجع للوعد ومفهومه إذا لم يوقعها في ورطة بأن كان عندها دراهم أو دنانير فدفعت
منها فلا يلزمه الطلاق بناء على المشهور من عدم لزوم الوفاء بالوعد. قوله: (فيجبر على إيقاع الطلاق)
أي على إنشائه أي فيجبر على أن يقول لها: أنت طالق، وقوله ولا يلزمه أي الطلاق بمجرد إتيانها
بالألف هذا ما قاله الناصر اللقاني في حاشية التوضيح وهو المعتمد اه‍ عدوي. قوله: (خلافا لظاهر
المصنف) أي من حصول البينونة بمجرد إتيانها بالألف ولا يحتاج لانشاء طلاق وذلك لأنه قال:
والبينونة أي وتلزم البينونة بمجرد الاتيان بالمال وسلمه له عج، قال بن: قلت ما أفاده كلام المصنف هو
الذي يفيده السماع ونصه: قال ابن القاسم وسئل مالك عن رجل قال لامرأته: اقضيني ديني وأنا أفارقك
فقضته ثم قال: لا أفارقك حق كان لي عليك فأعطيتنيه قال: أرى ذلك طلاقا إن كان ذلك على وجه الفدية،
فإن لم يكن على وجه الفدية حلف بالله أنه لم يكن على وجه الفدية ويكون القول قوله اه‍ ابن رشد معناه
أي معنى قوله: إن كان على وجه الفدية إذا ثبت أن ذلك كان على وجه الفدية ببساط تقوم عليه بينة مثل
أن تسأله أن يطلقها على شئ وتعطيه إياه فيقول لها: اقضيني ديني وأنا أفارقك، أو ما أشبه ذلك، أو يقر
بذلك على نفسه، فإذا ثبت ذلك أو أقر بذلك على نفسه كان خلعا ثابتا اه‍ كلام بن فتحصل أن كلا من
الطريقتين قد رجح. قوله: (ويلزمها الألف) أي عند ابن المواز، وفي المدونة أنه لا يلزمها الألف إلا
إذا طلق ثلاثا وحينئذ فتلزمه تلك الواحدة ولا يلزمها الألف، وينبغي أن تكون بائنة نظرا لكونه
أوقعها في مقابلة عوض وإن لم يتم، وقد تبع شارحنا عبق في نسبه ذلك القول للمدونة، ومثله في البدر
القرافي، وفي بن أن في هذا النقل عن المدونة نظرا والظن أنه باطل إذ لم يذكره المواق ولا ح ولا
المصنف في التوضيح، وإنما نقل هذا القول عن عبد الوهاب في الاشراق اه‍. لكن من حفظ حجة
فانظره. قوله: (فتلزمها الألف لحصول غرضها وزيادة) الذي استظهره ابن عرفة رجوعه عليه بما
أعطته ونصه: روى اللخمي إن أعطته مالا على تطليقها واحدة فطلقها ثلاثا لزمها المال ولا قول لها ثم
قال قلت: والأظهر رجوعها عليه بما أعطته لأنه بطلاقه إياها ثلاثا يعيبها لامتناع كثير من الناس من
تزويجها خوفا من جعله محللا لها فتسئ عشرته ليطلقها فتحل للأول، وما استظهره ابن عرفة مثله قول
ابن سلمون: وإن أوقع ثلاثا على الخلع نفذ الطلاق وسقط الخلع اه‍. واعتمده في التحفة فقال:
وموقع الثلاث في الخلع ثبت طلاقه والخلع رد إن أبت
اه‍ بن. قوله: (ففعل) أي سواء أوقع البينونة أول الشهر أو في أثنائه أو في آخره.
قوله: (فقبلت في الحال) أي بأن قالت في الحال: رضيت بكونك تطلقني غدا بألف، وكذا إن
لم ترض بذلك في الحال بل في الغد فيلزمها الألف على كل حال وتطلق عليه في الحال.
قوله: (ويلزمها الثوب) أي الحاضر المشار إليه. قوله: (ولو وقع الخلع) أي كما لو قالت له: خالعني على
ثوب هروي فقال لها: أنت طالق فأتت له بثوب فتبين أنه مروي. قوله: (وإن كان بعده) أي
359

وإن كان تبين أنه مروي بعد أن قبله وأخذه، وقوله: ويلزمها الهروي أي بدل ذلك المروي. قوله: (أو بما
في يدها إلخ) حاصله أنه إذا قال لها: إن دفعت إلي ما في يدك وكانت مقبوضة فأنت طالق ففتحتها فإن
وجد فيها شئ متمول ولو يسيرا كدرهم فإنها تبين منه باتفاق، وأما إن وجد فيها شئ غير متمول أو لم
يوجد فيها شئ بأن وجدت فارغة فإنها تبين أيضا عند محمد وسحنون واستحسنه ابن عبد السلام
قائلا إنه الأقرب، واختار اللخمي خلافه وهو عدم البينونة في هذه الحالة. قوله: (مجوزا لذلك) أي
مجوزا لان يكون فيها شئ أوليس فيها شئ. قوله: (كالجنين) أي كالمخالعة على الجنين فينفش الحمل فإن
الخلع لازم أي البينونة لازمة له ولا يرجع عليها بشئ لأنه خالعها مجوزا لذلك. قوله: (وغير المعين) أي كما لو
قالت له: خالعني على ثوب هروي فخالعها فأتت له بثوب هروي فاستحقت منه فيلزمها مثلها. قوله: (وما لها
فيه شبهة) أي كما لو خالعته بثوب معينة أو دابة كذلك ورثتها من أبيها مثلا فاستحقت فالخلع لازم
ويلزمها قيمتها. قوله: (أو بتافه إلخ) حاصله أن الرجل إذا قال لزوجته: إن أعطيتيني ما أخالعك به
فأنت طالق أو فقد خالعتك فإن أتته بخلع المثل لزمه الخلع وإن أتته بدون خلع المثل وهو المراد بالتافه
فإنه لا يلزمه الخلع ويخلي بينها وبينه. قوله: (ولا يمين عليه) لا يقال: هذا يعارض قول المصنف سابقا
وإن أطلق لوكيله أو لها حلف أنه أراد خلع المثل لما مر أنه محمول على ما إذا قال: إن دعوتيني إلى مال أو
صلح بالتنكير فأنت طالق فأتته بأقل من خلع المثل فيحلف أنه أراد خلع المثل ولا يلزمه طلاق.
قوله: (أو طلقتك ثلاثا) يعني أن الرجل إذا قال لزوجته: طلقتك ثلاثا بألف فقالت: لا أقبل إلا واحدة من
الثلاث بثلث الألف فإنه لا يلزمه الطلاق. قوله: (لم أرض إلخ) أي ما قصدي وغرضي أن تتخلص مني
إلا بالألف لا بأقل من ذلك. قوله: (ولذا) أي لأجل احتجاج الزوج بما مر. قوله: (لزمته الواحدة) أي
لان مقصوده قد حصل. قوله: (وإن ادعى الخلع) أي ادعى أنه طلقها طلقة على عوض قدره كذا ولم
تدفعه له. قوله: (حلفت) أي على نفي ما ادعاه الزوج. قوله: (وأخذ ما ادعى) أي من العوض والقدر
والجنس. قوله: (فالحكم ما قاله المصنف) أي فلا شئ له في دعواه الخلع ويقع الطلاق بائنا وله ما قالت في
دعوى الجنس والقدر. قوله: (والقول قوله بيمين إن اختلفا في العدد) وقيل بغير يمين، ووجهه أن ما زاد على
ما قاله الزوج هي مدعية له، وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها وعلى الأولى، فلو
نكل الزوج حبس حتى يحلف فإن طال دين ولا يقال هي تحلف وتثبت ما تدعيه لان الطلاق لا يثبت
بالنكول مع الحلف وتبين منه إذا اتفقا على الخلع وتكون رجعية في غيره، وفائدة كون القول قوله أنه إذا
تزوجها بعد زوج تكون معه على تطليقتين اعتبارا بقوله: طلقت واحدة لا أن له أن يتزوجها قبل زوج
لما في سماع عيسى، وأقره ابن رشد من أن المرأة إذا أقرت بالثلاث وهي بائن لم تحل لمطلقها إلا بعد زوج فإن
تزوجته قبل زوج فرق بينهما، وقال ابن رشد: لو ادعت ذلك وهي في عصمته ثم أبانها فأرادت أن تتزوجه
قبل زوج وقالت: كنت كاذبة وأرادت الراحة منه صدقت في ذلك ولم تمنع من مراجعته ما لم تذكر ذلك بعد
أن بانت منه اه‍. ونقله ابن سلمون وصاحب الفائق وغيرهما انظر بن. قوله: (كدعواه إلخ) أي فالقول قوله
360

بيمين ويلزمها قيمته قوله: (ظهر به) أي بالعبد الغائب المخالع به. قوله: (فالقول قوله في المسألتين) ففي
المسألة الأولى يرجع عليها بقيمته بعد حلفه، وفي الثانية يرجع عليها بأرش العيب بعد أن يحلف.
فصل طلاق السنة قوله: (الذي أذنت السنة في فعله) أي سواء كان راجحا أو مساويا أو خلاف
الأولى لا راجح الفعل فقط كما قد يتوهم من إضافته للسنة، وقولنا سواء كان راجحا أي لسبب رجحه
لا من حيث كونه سنيا، وقولنا أو مساويا أي لتعارض أمرين كما يأتي، وقولنا أو خلاف الأولى أي
كما هو الأصل فيه لأنه من أشد افراده. ولما كانت أحكامه من كونه راجحا أو مساويا أو مرجوحا
وقيوده علمت من السنة أضيف إليها دون القرآن وإن كان الاذن فيه وقع في القرآن كما وقع في السنة،
قال تعالى: * (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء) * كذا قيل، وقد يقال: إنما يرد هذا إذا كانت السنة في مقابلة
الكتاب وإنما هي في مقابلة البدعة فهي الطريقة الشرعية لو استندت لكتاب. قوله: (لان أبغض إلخ)
هذا حديثه وفيه إشكال فإن المباح ما استوى طرفاه وليس منه مبغوض ولا أشد مبغوضية
والحديث يقتضي ذلك لان أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه، ويجاب بأن المعنى أقرب الحلال
للبغض الطلاق فالمباح لا يبغض بالفعل لكن قد يقرب له إذا خالف الأولى، والطلاق من أشد افراد
خلاف الأولى، وأجاب بعضهم بأنه ليس المراد بالحلال ما استوى طرفاه بل المراد به ما ليس بحرام
فيصدق بالمكروه وخلاف الأولى فخلاف الأولى مبغوض والمكروه أشد مبغوضية، وليس المراد
بالبغض ما يقتضي التحريم بل المراد كونه ليس مرغوبا فيه لما فيه من اللوم، وأما الخفيف في خلاف
الأولى أو الشديد في المكروه ويكون سر التعبير بالمبغوضية وإن كان المبغوض هو الحرام قصد
التنفير وهذا أحسن من قول بعضهم: إن المعنى أبغض الحلال إلى الله سبب الطلاق، لان سبب
الطلاق وهو سوء العشرة ليس بحلال بل حرام، وأنت خبير بأن الجواب الثاني إنما يتم لو كان
حكم الطلاق الأصلي الكراهة مع أنه خلاف الأولى فالأولى الجواب الأول تأمل. قوله: (وإنما
أراد) أي بالطلاق السني. قوله: (والبدعي إما مكروه أو حرام) أي والسني إما واجب أو
مندوب أو خلاف الأولى. قوله: (جائز) أراد به خلاف الأولى. قوله: (من حرمة) أي كما لو علم
أنه إن طلقها وقع في الزنا لتعلقه بها أو لعدم قدرته على زواج غيرها. قوله: (وكراهة) أي كما لو
كان له رغبة في النكاح أو يرجو به نسلا ولم يقطعه بقاؤها عن عبادة واجبة ولم يخش زنا إذا
فارقها. قوله: (ووجوب) أي كما لو علم أن بقاءها يوقعه في محرم من نفقة أو غيرها. قوله: (وندب) أي
كما لو كانت بذيئة اللسان يخاف منها الوقوع في الحرام لو استمرت عنده. قوله: (ولو حرم) أي
كمن يخشى بطلاقها الزنا. قوله: (وهي أربعة) أي على ما قال المتن وإلا فهي ستة على ما قال
الشارح. قوله: (بأن فقد بعضها) أي وأما فقد كلها فلا يتأتى في صورة لان البدعي يكون في
الحيض وفي طهر مسها فيه، ومحال اجتماع الحيض والطهر في آن واحد. قوله: (وكره البدعي الواقع
في غير الحيض) هذا شامل للواقع على جزء المرأة فظاهره أنه مكروه وليس كذلك بل هو
حرام كالواقع في الحيض بدليل تأديبه عليه كما يأتي. قوله: (أو أكثر من واحدة) أي أو طلق
361

أكثر من واحدة في طهر لم يمس فيه، وأولى إذا كان في طهر مسها فيه، ثم إن ظاهره أن الزائد على
الواحدة مكروه مطلقا، وقال اللخمي: إيقاع اثنتين مكروه وثلاثة ممنوع ونحوه في المقدمات
واللباب، وعبر في المدونة بالكراهة لكن قال الرجراجي: مراده التحريم اه‍ من التوضيح. ونقل
ابن عبد البر وغيره الاجماع على لزوم الثلاث في حق من أوقعها، وحكى في الارتشاف عن بعض
المبتدعة أنه إنما يلزمه واحدة، ونقل أبو الحسن عن ابن العربي أنه قال: ما ذبحت بيدي ديكا قط ولو
وجدت من يرد المطلقة ثلاثا لذبحته بيدي، وهذا منه مبالغة في الزجر عنه اه‍ بن. وقد اشتهر هذا
القول عن ابن تيمية، قال بعض أئمة الشافعية: ابن تيمية ضال مضل لأنه خرق الاجماع وسلك
مسلك الابتداع وبعض الفسقة نسبه للامام أشهب لأجل أن يضل به الناس وقد كذب وافترى
على هذا الامام لما علمت من أن ابن عبد البر وهو الامام المحيط قد نقل الاجماع على لزوم الثلاث،
وأن صاحب الارتشاف نقل لزوم الواحدة عن بعض المبتدعة اه‍ مؤلف. قوله: (أو أردف في
العدة) أي أو طلق واحدة في طهر لم يمسها فيه لكنه أردف عليها في العدة طلقة أخرى. قوله: (وشبه
في عدم الجبر فقط) أي لا في عدم الجبر والكراهة لان مذهب المدونة الحرمة وإن كان لا يجبر فيه على
الرجعة وهو المعتمد خلافا لمن قال بالكراهة. قوله: (كقبل الغسل) أي كما لا يجبر على الرجعة إذا طلقها
قبل الغسل من الحيض، وبعد أن رأت علامة الطهر من قصة أو جفوف أو طلقها قبل التيمم الذي
يجوز به الوطئ بعد رؤية علامة الطهر لأجل مرض أو عدم ماء فقد أعطيت تلك المرأة التي رأت
علامة الطهر ولم تغتسل حكم الحائض من حيث منع الطلاق وحكم الطاهر من حيث عدم الجبر على
الرجعة. قوله: (بعد الطهر) متعلق بالجائز، وكذا قوله لمرض أي الذي يجوز به الوطئ بعد الطهر
لأجل مرض إلخ. قوله: (ومنع فيه) أي إذا كان ذلك الطلاق بعد الدخول وهي غير حامل بدليل
ما بعده. قوله: (وأجبر على الرجعة) أي إذا لم يكن ذلك الطلاق بالثلاث أو مكملا لها. قوله: (ولو لمعادة
الدم) هذا مبالغة في الجبر على الرجعة لا فيه وفي الحرمة. وحاصله أن المرأة إذا انقطع عنها دم
الحيض قبل تمام عادتها وطهرت منه فطلقها زوجها ثم عاودها الدم قبل طهر تام فإن الزوج يجبر على
الرجعة، وإن كان طلاقه وقع في طهر لأنه لما كان الدم العائد بعد ذلك الطهر يضاف للدم قبله لعوده
قبل تمام الطهر نزل منزلة دم واحد ونزل الطهر بينهما كلا طهر، وبه قال أبو بكر بن عبد الرحمن
وأبو عمران الفاسي وصوبه ابن يونس. قوله: (بأن ظن عدم عوده) أي بسبب ظنه عدم عوده.
قوله: (وهو المعتمد) ومقابله ما قاله بعض أشياخ عبد الحق من أنه لا يجبر على الرجعة واستحسنه الباجي،
وإليه أشار المصنف بقوله: والأحسن عدمه وهو ضعيف، وقد أشار المصنف لرده بلو في قوله: ولو
لمعادة الدم. قوله: (لأنه طلق حال الطهر) أشار بهذا إلى أن هذا القول يعتبر الحال، وأما
الأول فيعتبر المآل. قوله: (والجبر يستمر لآخر العدة) أشار بهذا إلى أن قول المصنف لآخر
العدة متعلق بقوله: وأجبر على الرجعة. وقوله لآخر العدة فإن خرجت منها قبل ارتجاعها فقد بانت
منه فلا رجعة لها. قوله: (ما بقي شئ إلخ) أي وهذه قد بقي لها شئ من العدة لان عدتها
لا تنقضي إلا بدخولها في الحيضة الرابعة بالنسبة للحيضة التي أوقع فيها الطلاق.
قوله: (أباح في هذه الحالة طلاقها) أي طلاق المرأة التي طلقها زوجها في الحيض.
قوله: (أن يأمره الحاكم) أي ولو لم تقم المرأة بحقها في الرجعة لان الارتجاع في هذه الحالة حق لله تعالى.
362

قوله: (ثم إن أبى ضرب بالفعل) ينبغي أن يقيد الضرب بظن الإفادة كما تقدم في قوله: ووعظ من نشزت،
بل ذكره في التهديد بالضرب، فإن ارتجع الحاكم قبل فعل شئ من هذه الأمور صح إن علم أنه
لا يرتجع مع فعلها وإلا لم يصح، والظاهر وجوب الترتيب، وأنه إن فعلها كلها من غير ترتيب ثم ارتجع مع
إباية المطلق صحت الرجعة قطعا. قوله: (حتى تطهر) أي من الحيض الذي طلقها فيه، فإذا طهرت منه
وطئها لأجل إصلاحها. واعلم أن الاستحباب منصب على المجموع فلا ينافي وجوب الامساك في
حالة الحيض، فلو طلقها في الطهر الأول كره له ولم يجبر على الرجعة. قوله: (وبالوطئ
يكره الطلاق) لما مر أنه يكره طلاقها في طهر مسها فيه لأنها لا تدري هل تعتد بالأقراء أو بوضع الحمل فقد ألبس عليها عدتها.
قوله: (وفي منعه في الحيض خلاف) فيه أن ظاهره يقتضي أن الخلاف في الحكم أي هل الطلاق
في الحيض ممنوع أو لا؟ مع أنه ممنوع اتفاقا، والخلاف إنما هو في كون المنع معللا بطول العدة أو أنه تعبدي،
فلو قال المصنف: وهل منعه في الحيض إلخ كان أولى لأنه أدل على المقصود، إلا أن يقال: إن في كلام
المصنف حذف مضاف أي وفي كون منعه في الحيض لتطويل العدة إلخ. ويدل على ذلك الحذف
ما قدمه من تصريحه بمنعه فيه فتأمل. قوله: (لم تحسب من العدة إلخ) أي فهي في أيام الحيض ليست زوجة
ولا معتدة. قوله: (جواز طلاق الحامل في الحيض) أي فلو كان المنع في الحيض تعبدا لحكم بمنع الطلاق
في الحيض ولو كانت حاملا أو غير مدخول بها مع أنه حكم بجواز طلاقهما. قوله: (لمنع الخلع إلخ) أي
وإنما حكم بأنه تعبدي لمنع إلخ فهو علة للحكم بأنه تعبدي لا علة له لأنه لا يعلل. قوله: (لمنع طلاق الخلع)
أي فلو كان المنع في الحيض معللا بتطويل العدة لجاز الخلع في الحيض لان الحق لها وقد رضيت
بإسقاطه بل طلبت ذلك وأعطت عليه مالا. وللأول أن يقول: من أذن لاحد أن يضره فلا يجوز له
أن يضره قاله شيخنا السيد. قوله: (ولأجل عدم الجواز فيه) أي ولأجل عدم جواز الطلاق في الحيض.
قوله: (لجاز إذا رضيت) أي لان الحق لها وقد أسقطته. قوله: (وإن لم تقم) قال عبق: الواو للحال قال
بن: هو غير صواب بل المبالغة صحيحة لان دليل التعبد هو الاطلاق اه‍ وفيه نظر، إذ يصح جعلها
للحال ويكون اقتصر على محل الاستدلال. والحاصل أن الواو في قوله: وإن رضيت، وفي قوله: وإن لم
تقم يصح جعلها للحال ويكون اقتصارا على محل الاستدلال ويصح جعلها للمبالغة والاستدلال
بالعموم. قوله: (خلاف) القول الأول شهره ابن الحاجب والثاني قال اللخمي: هو ظاهر المذهب وإنما
ذكره المصنف علة المنع في الطلاق في الحيض دون سائر الأحكام مع أن كتابه ليس موضوعا لبيان
التواجيه، وذكر الأسباب بل لبيان الاحكام فقط لما يترتب على بيان العلة هنا من الاحكام دون
غيره فتأمل. قوله: (وصدقت إلخ) حاصله أن المرأة إذا طلقها زوجها وترافعا وهي حائض فقالت:
طلقني في حال حيضي، وقال الزوج: طلقتها في حال طهرها فإنها تصدق بيمين على الظاهر لدعواها
عليه العداء والأصل عدمه فتحلف لمخالفتها الأصل ولا ينظرها النساء لأنها مؤتمنة على فرجها،
خلافا لما في طرر ابن عات من أن النساء ينظرن لمحل الدم من فرجها، ولا تكلف أيضا بإدخال خرقة
363

في فرجها وينظر إليها النساء خلافا لما رجحه ابن يونس، وحينئذ فيجبر الزوج على الرجعة فقد علمت أن
المسألة ذات أقوال ثلاثة. قوله: (ورجح إدخال خرقة) أي لأنها تتهم على عقوبة الزوج بالارتجاع
ولا ضرر عليها في الاختبار. قوله: (لأنه من الخلاف) ففي طفي وابن عات ما نصه: وحكى ابن يونس
عن بعض الشيوخ أنها تكلف بإدخال خرقة في فرجها وينظرها النساء. قوله: (وينظرها النساء) المراد
بهن ما فوق الواحدة وهذا اقتصار على الشأن الأليق وإلا فالرجال يعرفون الحيض.
قوله: (فالقول قوله) وانظر هل بيمين أم لا. قوله: (وكذا الذي يفسخ قبل واطلع عليه قبل البناء) هذا أولى مما قبله
لان هذا الفسخ كطلاق غير المدخول بها وهو جائز في حالة الحيض. قوله: (في زمن الحيض) أي إذا
عثر عليه في ذلك الزمن. قوله: (أشد مفسدة) أي وحينئذ فيرتكب أخف المفسدتين حيث تعاضتا.
قوله: (وعجل إلخ) حاصله أن المولى إذا حل أجل الايلاء في زمن حيض امرأته ولم يفئ أي لم يرجع
عن يمينه ويكفر عنه فالمشهور وهو قول ابن القاسم أنه يطلق عليه ويجبر على الرجعة لأنه صدق عليه
أنه طلق في الحيض وطلاقه رجعي، واستشكل تعجيل الطلاق على المولى في الحيض بأن الطلاق
إنما يكون عند طلبها الفيئة أي الرجوع عن اليمين والتكفير عنه وطلبها حال الحيض ممتنع وإن وقع
لا يعتبر كما يدل له ما يأتي. وأجيب بحمل هذا على ما إذا وقع منها طلب الفيئة قبل الحيض وتأخر الحكم
بالطلاق حتى حاضت أو أن ما هنا قول وما يأتي قول آخر. قوله: (بالسنة) أي سنة رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو قوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر: مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم
تطهر ثم إن شاء أمسكها وإن شاء فارقها. قوله: (لا يعجل الفسخ في الحيض لعيب) أي لاحتمال أن
يرضى من له الخيار بعيب صاحبه، فإن عجل فيه وقع بائنا إن أوقعه الحاكم ولا رجعة له كما قال ابن رشد
وهو المعتمد، وقال اللخمي: يقع رجعيا ويجبر على الرجعة إلا في العنين فإنه بائن، فإن أوقعه الزوج من
غير حاكم فرجعي، ويجبر على الرجعة إلا في العنين فإنه بائن لأنه طلاق قبل الدخول. قوله: (كسيد
في عبده) أي تزوج ذلك العبد بغير إذن سيده، وقوله: وولى في محجوره أي بأن تزوج صغير أو
سفيهه بغير إذن وليه فلا يعجل فسخه في حال حيض المرأة وهذا ظاهر فيما إذا كان الفسخ بعد البناء،
وأما إذا كان قبله فيشكل منع تعجيله مع ما مر من أنه يجوز طلاق غير المدخول بها في الحيض
اه‍ خش وعبق. قال بن: وهذا قصور لأنه في النص مقيد بكونه بعد البناء. ابن المواز: وأما ما للولي
إجازته وفسخه فإن بنى فلا يفرق فيه إلا في الطهر بطلقة بائنة يؤخر ذلك ولي السفيه وسيد العبد
حتى تطهر ثم يطلقها عليه بطلقة بائنة، ولو عتق العبد ورشد السفيه قبل الطلاق لم يطلق عليه اه‍،
انظر المواق. فعلم منه أنه إذا لم يحصل بناء كان لولي الصغير والسفيه وسيد العبد فسخ النكاح في
حالة الحيض. قوله: (فلا يتلاعناه في الحيض) أي بل حتى تطهر منه فإن تلاعنا فيه أثم ووقعت
الفرقة. قوله: (ثلاثا للسنة) أي كذا لو قدم قوله للسنة على قوله ثلاثا. قوله: (وإلا
فواحدة) هذا التفصيل لابن الماجشون. وقوله: والمعتمد إلخ هو قول ابن القاسم فيقول بلزوم
الثلاث مطلقا كانت المرأة حاملا أم لا قدم ثلاثا على قوله للسنة أو أخره كانت المرأة مدخولا بها
أم لا، وقال سحنون: يلزمه ثلاث في غير الحامل وواحدة إن كانت حاملا لأنها إذا ولدت خرجت
من العدة ولم يلحقها طلاق ثان. قوله: (والمعتمد الثلاث) أي إذا لم يدخل بها. وقوله أيضا أي كما يلزمه
الثلاث إذا دخل. قوله: (أو واحدة عظيمة) مثل ذلك: أنت طالق ملء ما بين السماء والأرض ما لم ينو
364

أكثر من واحدة اه‍ عدوي. قوله: (ولو قال ثلاثا للبدعة إلخ) أي وأما لو قال: أنت طالق واحدة
للبدعة أو للسنة، أو لا للبدعة ولا للسنة فواحدة، وكذا لو قال: أنت طالق للبدعة أو للسنة أو لا للبدعة ولا
للسنة فواحدة. قوله: (أي في المدخول بها وغيرها) هو مقتضى ما في النوادر كما قال ابن غازي، وقيد ابن
سحنون هذا بكونه قبل البناء أو بعده وهي غير حامل وتحيض وإلا فواحدة انظر طفي اه‍ بن.
فصل وركنه أهل قوله: (وركنه) الواو للاستئناف أو عاطفة على جملة جاز الخلع وهو الطلاق
بعوض ولا يكون الفصل بالفصل مانعا من العطف. قوله: (من حيث هو) أي سواء سنيا أو بدعيا
بعوض أو بدون عوض. قوله: (أو نائبه) المراد به الحاكم والوكيل، ومن الوكيل الزوجة إذا جعله
بيدها. قوله: (أو وليه) هذا بالنظر للصغير والمجنون، وأما ولي السفيه وسيد العبد فليس لهما ذلك بدون
إذن المولى عليه كما مر. قوله: (ولا يرد) أي على تفسير الموقع له بالزوج ونائبه ووليه. وحاصله أن الأولى
أن يقول: المراد بموقعه الزوج أو نائبه أو وليه أو غيرهما لأجل دخول الفضولي. قوله: (لا من يوم
الايقاع) أي فلو كانت حاملا فوضعت قبل الإجازة استأنفت العدة. قوله: (أي قصد النطق) أي
وليس المراد بالقصد قصد حل العصمة مطلقا كان اللفظ صريحا أو كناية ظاهرة أو خفية بدليل
قوله الآتي: ولزم ولو هزل. قوله: (في الأولين) أي عن سبق اللسان باللفظ الصريح والكناية الظاهرة.
قوله: (في الثالث) أي الكناية الخفية. قوله: (ولفظ) أي أو ما يقوم مقامه من الإشارة كما يأتي في قوله:
ولزم بالإشارة المفهمة وكذلك الكتابة والكلام النفسي على أحد القولين. قوله: (لا بمجرد نية) أي
عزم ليس معه لفظ ولا كلام نفساني على المعتمد. قوله: (ولا بفعل) أي كنقل متاعها. قوله: (والمراد إلخ)
وبهذا يندفع ما يقال: إن الفاعل والمفعول ليس واحد منهما ركنا من الفعل فكيف يجعل الأهل
والمحل من أركان الطلاق الذي هو رفع حلية تمتع الزوج بزوجته؟ قوله: (ما تتحقق به الماهية) أي ما يتوقف
تحققها عليه. قوله: (لزوجته) أي وأما الوكيل عن الزوج والفضولي مع الإجازة فلا يشترط فيهما
إسلام ولا ذكورة ولا تكليف، بل التمييز فيما يظهر لان الموقع حقيقة الزوج الموكل والمجيز. قوله: (فلا
يصح منه) أي سواء كانت زوجته التي طلقها كافرة أو مسلمة، فإذا طلق زوجته الكافرة ثم أسلمت
وأسلم في عدتها كان أحق بها، وإذا أسلمت النصرانية وزوجها نصراني ثم طلقها في العدة ولو ثلاثا ثم
أسلم فيها لم يعد طلاقه طلاقا وكان على نكاحه وإن انقضت عدتها فنكحها بعد ذلك كان جائزا
وطلاقه في شركه باطل. قوله: (فلا يصح من صبي) أي ولو مراهقا. قوله: (ولا من سكران بحلال) أي
كما إذا شرب لبنا أو نحوه من الأنبذة متحققا أو ظانا أنه لا يغيب عقله فغاب باستعماله. قوله: (ولو سكر
حراما) بأن استعمل عمدا ما يغيب عقله سواء كان جازما حين الاستعمال بأنه يغيب عقله، أو كان
شاكا في ذلك كان مما يسكر جنسه أو من غيره كلبن حامض ولو كان ذلك المغيب مرقدا أو مخدرا اه‍.
وقوله حراما صفة لمفعول مطلق محذوف أي ولو سكر سكرا حراما أو حال من السكر المفهوم من
سكر لا من فاعل سكر لان الحرام وصف للسكر لا لصاحبه، ورد المصنف بلو على من قال: إن السكران
بحرام لا يقع عليه طلاق سواء ميز أم لا. قوله: (معناه إذا لم يكن المكلف سكر أصلا) أي وليس معناه
هذا إذا لم يكن المكلف سكر أصلا أو سكر بحلال، بل ولو سكر سكرا حراما كما هو المتبادر منه لما علمت
أنه إذا سكر بحلال لم يقع طلاقه اتفاقا. قوله: (وهل إلا أن لا يميز إلخ) هذا إشارة لطريقة ثالثة وهي إن ميز
لزمه وإلا فلا وهي طريقة ابن رشد والباجي. قوله: (محصل القول في السكران) أي بحرام وأما السكران
365

بحلال فلا يلزمه عتق ولا طلاق ولا يؤاخذ بإقراره ولا يصح بيعه وجناياته على عاقلته كالمجنون.
قوله: (بعد الحيض) أي بعد انقطاعه وقبل الغسل منه، وأما لو أجاز في حال الحيض فإنه يجبر عليها.
قوله: (على عدم الجواز) أي على عدم جواز القدوم على الطلاق. قوله: (بخلاف بيعه ففيه الخلاف) أي
بالحرمة والجواز والاستحباب والمعتمد الحرمة، والفرق بين البيع والطلاق أن الناس شأنهم أن
يطلبوا الأرباح في سلعهم بالبيع بخلاف النساء. قوله: (ولزم) أي ولزم الطلاق بمعنى حل العصمة بذكر
اللفظ الدال عليه، هذا إذا كان غير هازل بأن قصد به حل العصمة اتفاقا بل ولو كان هازلا بأن لم يقصد به
حل العصمة على المشهور، وأشار المصنف لمقابله بلو. تنبيه: يلزم طلاق الغضبان ولو اشتد غضبه
خلافا لبعضهم كذا ذكر السيد البليدي في حاشيته. قوله: (كضرب) الذي في القاموس: أن هزل من باب
ضرب وفرح. قوله: (أو الكناية الظاهرة) أي وأما الكناية الخفية فلا يقع بها الطلاق إلا إذا قصد بها
حل العصمة كما مر وكما يأتي. قوله: (بأن خاطبها به) أي بلفظ الطلاق أو الكناية الظاهرة كأن قال لها:
أنت طالق أو خلية أو برية أو بائن. قوله: (ومثل الطلاق) أي في لزومه بالهزل. قوله: (لما ورد في الخبر)
أي وهو ثلاث: هزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة وفي رواية والعتق بدل الرجعة. قوله: (لا إن سبق
لسانه في الفتوى) أي سواء ثبت سبق لسانه أم لا، ومفهوم في الفتوى أن القضاء فيه تفصيل، فإن ثبت
سبق لسانه فلا يلزمه شئ أيضا وإلا لزمه، وإذا علمت أن في المفهوم تفصيلا فلا يعترض على
المصنف. قوله: (أو لقن الأعجمي لفظه) أي من عربي، وكذا إذا لقن العربي لفظه من عجمي من غير فهم
منه لمعناه. قوله: (فلا يلزمه شئ) أي لا في الفتوى ولا في القضاء لعدم قصد النطق باللفظ الدال على
حل العصمة الذي هو ركن في الطلاق. قوله: (أو هذي لمرض) أي أن المريض إذا تكلم بالهذيان وهو
الكلام الذي لا فائدة فيه فطلق زوجته في حال هذيانه فلما أفاق أنكر أن يكون وقع منه شئ، فلا يلزمه
الطلاق لا في الفتوى ولا في القضاء إلحاقا له بالمجنون ويحلف أنه ما شعر بما وقع منه. قوله: (فتكلم
بالطلاق) أي في حال هذيانه. قوله: (فلا يلزمه شئ في الفتيا والقضاء) هكذا أطلق الباجي، وقوله إلا أن
تشهد إلخ تقييد لابن رشد. قوله: (قاله ابن ناجي) راجع لقوله: أو قال وقع مني شئ ولم أعقله إلخ.
قوله: (فيتكلم) أي حال تخيلها له. قوله: (استشعر أصله) أي أصل ما حصل منه من الكلام وإن لم يعرف
عينه، فهذا يدل على أنه لا يلزم من الاستشعار بالشئ عقله له بعينه. قوله: (كالنائم) أي فإنه إذا أفاق
من نومه يخبر عما خيل له في نومه ولا يعرف عينه. قوله: (التفات لسانه) أي دعواه التفات لسانه.
وحاصله: أن من كان اسم زوجته طارق فناداها وقال لها: يا طالق وادعى أنه أراد أن يقول يا طارق
فالتفت لسانه والتوى عن مقصوده فإنه يصدق في الفتوى لا في القضاء، وتغيير المصنف الأسلوب
يشعر بذلك، إذ لو كان موافقا لما قبله في الحكم وهو التصديق في الفتوى والقضاء لقال كمن قال لمن
اسمها طارق يا طالق مدعيا التفات لسانه وحذف قوله وقبل منه في طارق إلخ. فلو أسقط حرف
النداء مع إبدال الراء لاما وادعى التفات لسانه لم يقبل منه فيما يظهر لا في الفتوى ولا في القضاء
لحصول شيئين: الابدال وعدم النداء. قوله: (وكذا في التي بعدها) أي يقبل منه في الفتوى دون القضاء.
قوله: (يرجع لهذه أيضا) أي بناء على أن ضمير التثنية راجع لمن اسمها طارق وعمرة. قوله: (أو قال
يا حفصة) عطف على سبق لسانه فهو واقع في حيز النفي أي لا يلزم الطلاق إن سبق لسانه، ولا إن قال
يا حفصة فأجابته عمرة فأوقع الطلاق عليها أي أنه لا تطلق المجيبة له وهي عمرة في الفتوى بدليل
366

ما بعده، فقوله: فالمدعوة ليس بيانا لما دل عليه العطف بل هو جواب شرط مقدر أي وإذا لم تطلق عمرة
فتطلق المدعوة وهي حفصة في الفتوى. قوله: (يريد طلاقها) أي حال كونه مريدا لطلاقها. قوله: (أي
حفصة وعمرة) فحفصة تطلق بقصده وعمرة بلفظه. قوله: (ويحتمل طارق) أي في المسألة الأولى
وعمرة في المسألة الثانية، وإذا طلقت عمرة وهي المجيبة في القضاء فأولى حفصة المدعوة. قوله: (وأتم فائدة)
عطف علة على معلول. قوله: (فالمراد القضاء) أي وحينئذ فقول المصنف مع البينة معناه مع الرفع للقاضي
كان هناك بينة تشد على ألفاظه عند إنكاره أولا بأن أقر بذلك. قوله: (أو أكره) عطف على سبق لسانه
أي لا أن سبق لسانه ولا أن أكره على إيقاعه. قوله: (أن الاكراه الشرعي) أي وهو الاكراه على الفعل
الذي تعلق به حق لمخلوق طوع. قوله: (أو حلف لا اشتراه) أي نصيب شريكه في العبد. قوله: (لزمه
الطلاق على المذهب) أي خلافا للمغيرة حيث قال بعدم لزوم الطلاق. قوله: (ولو بكتقويم إلخ) أي
هذا إذا كان الاكراه غير شرعي بل ولو كان بكتقويم إلخ. والذي يظهر أن صواب وضع هذه
المبالغة بعد قوله وفي فعل لأنها من صور الفعل لا القول، فصواب العبارة أو أكره عليه أو على فعل
إلا بكتقويم جزء العبد فتتحرر العبارة، قاله ابن عاشر. قوله: (وكان الصواب العكس) أي بأن يقول لا
بكتقويم جزء العبد. قوله: (وأدخلت الكاف كل ما كان الاكراه فيه شرعيا) أي كما إذا حلف لا ينفق
على زوجته أو لا يطيع أبويه أو لا يقضي فلانا دينه الذي عليه، فإذا أكرهه القاضي على الانفاق عليها
أو على طاعة أبوية أو على قضاء الدين لم يلزمه طلاق على ما قاله المصنف والمذهب لزومه كما علمت.
قوله: (أو في فعل) في بمعنى على هذا إذا أكره على إيقاعه بل ولو أكره على فعل، والمراد بالفعل الفعل الذي لا
يتعلق به حق لمخلوق لأن هذه هي التي فيها خلاف ابن حبيب، وأما التي فيها حق لمخلوق فهي التي تقدمت
وفيها خلاف المغيرة والمدونة. والحاصل أنه إن أكره على إيقاع الطلاق لم يلزمه اتفاقا، وإن أكره على
فعل لم يتعلق به حق للغير، فلا يلزمه الطلاق على المعتمد بالشروط الخمسة المذكورة في الشارح خلافا
لابن حبيب القائل بلزوم الطلاق، وإن أكره على فعل تعلق به حق للغير لزمه الطلاق على المذهب
خلافا للمغيرة. قوله: (وهو) أي عدم الحنث مقيد. قوله: (كما مثلنا) ونحو: إن دخلت دار زيد أو أن فعلت
كذا فأنت طالق فأكره على فعله. قوله: (فإن كانت صيغة حنث) أي ولا ينفع فيها الاكراه لانعقادها
على الحنث، والحاصل أن صيغة البر لا حنث فيها بالاكراه بالشروط المذكورة، وأما صيغة الحنث فلا
ينفع فيها الاكراه لانعقادها على الحنث. قوله: (ووجبت به) أي ووجهت الكفارة بالحنث إن انتفى
الاكراه ببر أي بأن لا يكون إكراه أصلا أو كان إكراه في صيغة الحنث، ومفهومه أنه إذا أكره في
صيغة البر فلا حنث. قوله: (وبما إذا لم يعلم) أي حين الحلف أنه سيكره أي بعده. قوله: (وأن لا يفعله بعد
زوال الاكراه) أي وإلا حنث. قوله: (حيث كانت يمينه غير مقيدة بأجل) وأما لو كانت مقيدة بأجل
367

وفرغ وفعل المحلوف عليه بعده طائعا فلا حنث. قوله: (إلا أن يترك المكره على التلفظ بالطلاق إلخ)
أشار الشارح بهذا إلى أن الاستثناء راجع للاكراه القولي لا الفعلي إذ لا يتأتى فيه التورية، وحينئذ فلو
قدمه المصنف على قوله: أو في فعل لكان أولى قوله: (والمراد بها هنا الاتيان بلفظ إلخ) أي وليس المراد بها
معناها الحقيقي وهو اللفظ الذي له معنيان: قريب وبعيد فيطلق ويراد منه البعيد اعتمادا على قرينة.
قوله: (كأن يقول إلخ) أي وكأن يقول: جوزتي طالق ويريد جوزة حلقه ليس فيها لقمة مثلا بل سالكة.
قوله: (والمذهب إلخ) أي وما مشى عليه المصنف تبعا للخمي ضعيف. قوله: (بخوف مؤلم) أي بخوف شئ مؤلم
يحصل له حالا أو في المستقبل إن لم يطلق. قوله: (ويكفي غلبة الظن) أي بحصول ذلك المؤلم إن لم يطلق.
وقوله: ولا يشترط تيقنه أي تيقن حصوله إن لم يطلق خلافا لما في سماع عيسى. قوله: (ولو لم يطل) أي كل
من السجن والقيد، وهذا إذا كان ذلك المكره من ذوي الاقدار، وأما إن كان من غيرهم فلا يعد إكراها
إلا إذا هدد بطول الإقامة في السجن أو القيد اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (لا في خلوة) أي فليس إكراها
لا في حق ذي المروءة ولا في حق غيره. واعلم أن الملا يطلق على الجماعة من الاشراف وعلى الجماعة
مطلقا، والمراد هنا الثاني كما يدل عليه قولهم واحترز به عما إذا فعل معه ذلك في الخلاء. قوله: (فإكراه
مطلقا) أي سواء كان في الملا أو في الخلاء لذي مروءة أو غيره. والحاصل أن خوف الصفع الكثير
إكراه مطلقا كان حصوله في الملا أو في الخلاء لذي مروءة وغيره، وخوف الصفع القليل إن كان
حصوله في الخلاء فليس بإكراه مطلقا، وإن كان في الملا فهو إكراه لذي المروءة لا لغيره. قوله: (أو قتل
ولده) عطف على مؤلم أي أو خوف قتل ولده. قوله: (وإن سفل) أي ولو عاقا قوله: (أو بأخذ لماله إلخ)
أي أو بخوف أخذ لماله فهو عطف على مؤلم. واعلم أنه جرى في التخويف بأخذ المال ثلاثة أقوال: قيل
إكراه، وقيل ليس إكراها، وقيل إن كثر فإكراه وإلا فلا، والأول لمالك والثاني لأصبغ والثالث لابن الماجشون.
ثم إن المتأخرين اختلفوا، فمنهم من جعل الثالث تفسيرا للأولين وذلك كابن بشير ومن تبعه وعلى
هذا فالمذهب على قول واحد، ومنهم كابن الحاجب من جعل الأقوال الثلاث متقابلة إبقاء لها
على ظاهرها وإلى الطريقتين أشار المصنف بقوله: وهل إن كثر إلخ فأشار بقوله: وهل إن كثر لطريقة
الوفاق وحذف طريقة الخلاف أي أو مطلقا. وقوله تردد معناه طريقتان في رجوع الأقوال لقول
واحد أو إبقائها على ظاهرها من كونها أقوالا متباينة. قوله: (لا أجنبي) هو بالجر عطف على
ولده أي لا خوف قتل أجنبي أي فليس إكراها، فإذا قال له ظالم: إن لم تطلق زوجتك وإلا قتلت
فلانا صاحبك أو أخاك أو عمك فطلق فإنه يقع عليه الطلاق لان التخويف بقتل الأجنبي وهو
غير الولد لا يعد إكراها شرعا. قوله: (وأمر إلخ) أي كما إذا قال ظالم لشخص فلان عندك وتعلم
مكانه ائتني به أقتله أو آخذ منه كذا، أو إن لم تأتني به قتلت زيدا صاحبك أو أخاك فقال: ليس عندي
ولا أعلم مكانه فأحلفه الظالم على ذلك بالطلاق والحال أن الحالف يعلم مكانه وقادر على الاتيان به
لذلك الظالم فإن الحالف لا يعذر بذلك ويحنث في يمينه ولكن لا إثم عليه في الحلف بل أتى بمندوب
فيثاب عليه، وظاهره أنه يحنث ولو تحقق الحالف حصول ما ينزل بزيد لو امتنع من الحلف وهو
كذلك، ثم إن ما ذكره من ندب الحلف لا يعارض ما مر من وجوب تخليص المستهلك من نفس أو
مال لان محل الوجوب ما لم يؤد التخليص إلى الحلف كاذبا وإلا فلا يجب. تنبيه: لو ترك المأمور
الحلف وقتل ذلك الأجنبي أو المطلوب فلا ضمان على ذلك المأمور، ففي المواق عن ابن رشد: إن لم يحلف
لم يكن عليه حرج، نعم إن دل المأمور الظالم على ذلك المطلوب ضمن. قوله: (وكفر اليمين بالله) أي ويكفر
ذلك الحالف عن يمينه إذا كانت بالله لان اليمين هنا وإن كانت غموسا إلا أنها تعلقت بالحال، وقد مر
368

أن المعتمد فيها أن تكفر إن تعلقت بالحال أو المستقبل، بخلاف اللغو فإنها لا تكفر إلا إذا تعلقت
بالمستقبل قوله: (مثل الاكراه على الطلاق بما ذكر الاكراه على العتق إلخ) أي في عدم اللزوم.
قوله: (قتلتك أو ضربتك) أي أو سجنتك أو صفعتك بملأ أو قتلت ولدك أو نهبت مالك فإذا خاف وأعتق
أو زوج أو أقر أو باع فلا يلزمه ذلك. قوله: (لقتلتك إلخ) أي أو ضربتك أو سجنتك أو صفعتك بملأ
أو قتلت ولدك أو نهبت مالك، فإذا خاف أنه إذا لم يحلف له يفعل معه شيئا مما ذكر فحلف له فلا تنعقد تلك
اليمين فإذا فعل المحلوف عليه لم يلزمه شئ. قوله: (كالبيع والشراء) نحو: إن لم تبع شيئك الفلاني أو إن لم
تشتر الشئ الفلاني وإلا قتلتك أو ضربتك أو سجنتك أو قتلت ولدك أو نهبت مالك، فإذا خاف أن
يفعل معه شيئا مما ذكر إن لم يبع شيئه أو إن لم يشتر فباع أو اشترى فلا يلزمه البيع ولا الشراء.
قوله: (وسائر العقود) أي كعقد الإجارة والجعالة والصرف والهبة. قوله: (وأما الكفر إلخ) حاصله أن
الأمور المتقدمة من طلاق وأيمان بغيره ونكاح وعتق وإقرار وبيع وإجارة وسائر العقود يتحقق
فيها الاكراه بالخوف من القتل وما معه، وأما هذه الأمور وهي الكفر وما معه فلا يتحقق فيها
الاكراه إلا بالخوف من القتل فقط. قوله: (بما يقتضي الاتصاف به) أي في الظاهر وإلا فالمكره على
الكفر لا يكفر. قوله: (من قول) أي كسب الله تعالى، وقوله: أو فعل أي كإلقاء مصحف في قذر.
قوله: (وسبه عليه الصلاة والسلام) وكذا سب نبي مجمع على نبوته أو ملك مجمع على ملكيته أو الحور العين فلا
يجوز القدوم عليه إلا إذا خاف على نفسه القتل، أما من لم يجمع على نبوته كالخضر ومن لم يجمع على
ملكيته كهاروت وماروت فيجوز سبهما إذا خاف مؤلما مما مر ولو غير القتل كذا في عبق، وفيه أن
سب الصحابة لا يجوز إلا بالقتل فهم أولى، فالذي ينبغي أنهم كالصحابة، ولا يجوز سبهم إلا بمعاينة القتل
اه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (وقذف المسلم) أي رميه بالزنا أو باللواط. قوله: (كذا سب الصحابة
ولو بغير قذف) أي وأما سب المسلم غير الصحابي فيجوز ولو خوف بغير القتل، وكذا قذف غير المسلم.
قوله: (ولو فعل ارتد) أي ولو خوف بغير القتل كالضرب وقتل الولد ونهب المال وفعله
أي سب الله أو النبي ارتد، بخلاف ما إذا سب لمعاينة القتل فلا يرتد ولا يحد للقذف.
قوله: (بقية حياتها) الإضافة بيانية. قوله: (فيجوز لها الزنا لذلك) أي لسد رمقها وكان الأولى أن
يحذف قوله لذلك ويقول: فيجوز لها الزنا بما يشبعها لا بما يسد رمقها فقط، فإذا وجدت من يزني بها
ويشبعها ومن يزني بها ويسد رمقها زنت لمن يشبعها ولو كان يزني بها أكثر من ذلك، والمرأة بخلاف
الولد فلا يجوز له أن يمكن من اللواط فيه ولو أدى الجوع لموته، ومفهوم قول المصنف: لا تجد إلخ عدم
جواز إقدامها على ذلك مع وجود ميتة تسد رمقها لما مر أنها مباحة للمضطر، ومفهوم المرأة أن الرجل
إذا لم يجد ما يسد رمقه إلا أن يزني بامرأة تعطيه ما يسد فليس له ذلك نظرا لانتشاره في عبق،
والحق الجواز إذا كانت طائعة ولا مالك لبضعها من زوج أو سيد أخذ مما يأتي كما قاله شيخنا العدوي.
قوله: (من ذكر) أي وهو من أكره على الكفر أو سب النبي أو على قذف المسلم بالقتل.
قوله: (أجمل عند الله) أي أنه أفضل وأكثر ثوابا اه‍ خش. قوله: (لا قتل المسلم إلخ) فإذا قال
له ظالم: إن لم تقتل فلانا أو تقطعه قتلتك فلا يجوز له قتل فلان وقطعه ويجب عليه أن يرضى بقتل
نفسه. قوله: (ولا أن يزني إلخ) حاصله أن الظالم إذا قال له: إن لم تزن بفلانة قتلتك فلا يجوز له الزنا بها
ويجب عليه الرضا بقتل نفسه إذا كانت تلك المرأة مكرهة أو كانت طائعة وكانت ذات زوج أو سيد،
369

أما لو كانت طائعة ولا زوج لها ولا سيد فيجوز له الزنا بها إذا خوف بالقتل لا بغيره، كذا قاله الشارح
وفيه نظر، ففي المواق عن ابن رشد أن سحنونا سوى بين الزنا بالطائعة التي لا زوج لها ولا سيد وبين
شرب الخمر وأكل الميتة فظاهره أن الاكراه يكون بخوف مؤلم مطلقا اه‍ بن. قوله: (وفي لزوم
يمين طاعة) يعني أن من أكره على الحلف على طاعة سواء كانت تلك الطاعة تركا أو فعلا فهل تلزمه تلك
اليمين أو لا تلزمه؟ قولان: الأول منهما قول مطرف وابن حبيب، والثاني قول أصبغ وابن الماجشون
والظاهر منهما الثاني اه‍. فقول الشارح أي على الحلف بها أي بالطاعة أي عليها، وقوله نفيا أي حالة
كون تلك الطاعة نفيا أي تركا لشئ، وقوله أو إثباتا أي فعلا لشئ. قوله: (لم تلزمه اليمين) أي فلا يلزمه
فعل المعصية أو المباح ولا يحنث بعدم فعلهما. قوله: (على فعل ما ذكر) أي من الطلاق والعتق والبيع
والشراء ونحوها أي وفعله، وقوله أجازه أي أجاز ما فعله مكرها. قوله: (إلى أن ما وقع فاسدا) أي حال
الاكراه، وقوله لا يصح بعد أي لا ينقلب صحيحا بعد وقوعه فاسدا. قوله: (قولان) هما لسحنون.
قوله: (فيلزمه ما أجازه) وعلى هذا القول فأحكام الطلاق من عدة وغيرها من يوم الوقوع لا من يوم الإجازة،
بخلاف طلاق الفضولي إذا أجازه الزوج فإن أحكام الطلاق تعتبر من يوم الإجازة، والفرق بينهما أن
الموقع والمجيز هنا واحد، وأما في مسألة الفضولي فالموقع له غير المجيز. قوله: (فلا بد إلخ) أي فإذا أكره على
النكاح ثم زال الاكراه فلا بد من فسخه ولا عبرة بإجازته اتفاقا وذلك لأنه غير منعقد، ولو انعقد لبطل
لأنه نكاح فيه خيار. قوله: (وإن تعليقا) أي هذا إذا كان الملك تحقيقا بل وإن كان الملك تعليقا أي
ذا تعليق أو معلقا عليه الطلاق، وهذا قول مالك المرجوع إليه وفاقا لأبي حنيفة وخلافا للشافعي
ولقول مالك المرجوع عنه وبه قال بعض أهل المذهب، فلو عبر المصنف بلو كان أولى ثم إنه لا فرق بين
كون التعليق غير صريح بأن كان بالنية كفلانة طالق ونوى بعد تزوجه بها. وكالمثال الثاني في المتن أو دل
بساط عليه كالمثال الأول في كلام المصنف أو كان صريحا كأن تزوجت فلانة فهي طالق، وترك
المصنف التصريح به لوضوحه واقتصر على التعليق غير الصريح لخفائه، فإن كانت العصمة غير مملوكة
وقت الطلاق لا حقيقة ولا تعليقا فلا يلزم الطلاق كما إذا قال: علي الطلاق من التي أتزوجها لا أفعل كذا،
أو الطلاق يلزمني من التي أتزوجها إن فعلت كذا أو إن كنت فعلت كذا قرره شيخنا العدوي رحمه
الله. قوله: (متعلق) أي لا أنه من جملة مقولة لها، فوقوع هذا الكلام عند الخطبة بساط يدل على التعليق
وأن المراد هي طالق إن تزوجها. قوله: (فأنت طالق) حذفه من هنا لدلالة ما قبله عليه. قوله: (ونوى بعد
نكاحها) راجع لقوله: أو إن دخلت فقط وليس راجعا لقوله هي طالق إذ لو رجع له لم يحتج لقوله
عند خطبتها. قوله: (وتطلق عقبه) هذا معلوم من صحة التعليق، فذكره لدفع توهم أنه يحتاج لحكم حاكم
بلزوم التعليق، وقوله عقبه انظره مع أن المعلق والمعلق عليه يقعان في وقت واحد إلا أن يقال: المراد
بالعقب المقارنة في الزمن الواحد، إلا أنه يرد أن الطلاق لا يكون إلا بعد تحقق الزوجية،
فلعل الأحسن أن يقال قولهم المعلق والمعلق عليه يقعان في زمن واحد أي قد يقعان فليس
كليا تأمل اه‍ عدوي. قوله: (وعليه لكل منهما النصف) أي المرأتين وهما التي قال لها عند الخطبة:
370

أنت طالق، والتي قال لها: أنت طالق إن دخلت الدار ونوى بعد نكاحها ومحل لزوم نصف المسمى لكل
منهما إن كان هناك مسمى وإلا فلا شئ عليه. قوله: (قبل البناء) أي وبعد العقد. قوله: (ويتكرر إلخ)
هذا دخول على كلام المصنف. قوله: (إذا أتى بصيغة تقتضي التكرار) اعترض بأن الصيغة إذا كانت
تقتضي التكرار كان النكاح فاسدا لان الوسيلة إذا لم يترتب عليها مقصدها لم تشرع، والمقصد من
النكاح الوطئ وهو غير حاصل لأنه كلما تزوج طلقت عليه، وإذا كان النكاح فاسدا لا يترتب عليه
صداق لقوله فيما تقدم وسقط بالفسخ قبله كطلاقه، وذكر ذلك الناصر اللقاني في حاشية التوضيح.
وقد يقال: إن قوله كطلاقه مقيد بما إذا كان فاسدا لصداقه كما تقدم عن ابن رشد هناك اه‍ بن.
والحاصل أن ما كان فاسدا لصداقه إذا فسخ قبل البناء أو طلق منه قبل البناء لا شئ فيه، وأما
ما كان فاسدا لعقده كما هنا ففي الطلاق فيه قبل البناء نصف المسمى. قوله: (إذا أتى بصيغة تقتضي التكرار)
أي وأما إذا كانت لا تقتضي التكرار بأن قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، فإن اليمين تنحل بالدخول
الأول، فإذا عقد عليها ثانيا فلا يقع عليه طلاق تزوجها بعد زوج أم لا. قوله: (إلا بعد ثلاث) أي إلا
إذا تزوجها بعد ثالث مرة. قوله: (لم يلزمه شئ) أي من الصداق لأنه نكاح متفق على فساده إذ لا تحل
له إلا بعد زوج، وكل ما كان متفقا على فساده فلا شئ فيه حيث لم يحصل دخول. قوله: (على الأصوب)
أي عند التونسي وعبد الحميد، ومقابله ما قاله ابن المواز يلزمه النصف بعد ثلاث ولو تزوجها قبل زوج
مراعاة لقول من يقول بإلغاء التعليق كالشافعي ومالك في المرجوع عنه تأمل. قوله: (إلى أن تتم العصمة)
أي فإذا تمت وتزوجها قبل زوج لم يلزمه شئ ويفسخ نكاحه، وإن تزوجها بعد زوج عاد الحنث
ولزوم النصف. قوله: (لان العصمة إلخ) علة لقوله وهكذا أي يستمر عود الحنث ولزوم النصف.
قوله: (بخلاف لو كان متزوجا بها فحلف بأداة تكرار إلخ) أي كما إذا قال: كلما دخلت الدار فأنت طالق،
أو قال: كل امرأة أتزوجها عليك طالق فإنها تختص بالعصمة الأولى. قوله: (ولو دخل بواحدة منهما)
أي بواحدة من التي قال لها عند خطبتها هي طالق ونوى إن نكحها، والتي قال لها: إن دخلت الدار فأنت
طالق ونوى بعد نكاحها، ولا فرق بين أن يكون دخوله بعد الثلاث تزويجات وقد تزوجها قبل زوج
أو بعد زوج أو دخل بها قبل الثلاث، وإنما لزمه المسمى إذا دخل في الحالة الأولى وهي ماذا تزوجها
قبل زوج بعد الثلاث تزويجات، لان نكاحه من الفاسد الذي يفسخ بعد البناء لعقده، وكل ما كان كذلك
ففيه المسمى إذا فسخ بعد البناء. قوله: (فالمسمى فقط) أي ولو تعدد الوطئ وهذا مقيد بعدم علمه حين
الوطئ بأنها هي المعلق طلاقها على النكاح كما يؤخذ من التشبيه الآتي وإلا تعدد الصداق بتعدد الوطئ
كما في المواق عن المدونة، ولذا رد عبق قوله: ولم يعلم للصورتين اه‍ بن. قوله: (ورد بقوله فقط على من
يقول إلخ) أي وهو أبو حنيفة وابن وهب، ووجه المذهب أن الوطئ المستند لعقده له مسمى
صحيح لا يزيد على مهره. قوله: (وليس بزنا محض) أي لاستناده للعقد. قوله: (ولم يعلم بحثه) أي مع
علمه بالحكم. قوله: (أو لم يعلم بالحكم) أي والحال أنه عالم بالحنث وقد تبع في ذلك عج قال بن: وهو
غير صحيح والصواب أن المراد لم يعلم بالحنث علم بالحكم أم لا. قوله: (فليس عليه إلا المسمى) أي المهر
الذي تزوجها به ولو تعدد وطؤه، وذلك لان وطأه مستند لعقد، والوطئ إذا استند للعقد ولو تكرر
لا يوجب مهرا آخر لأنه من ثمرته فكأنهما شئ واحد، والفرض أن الطلاق الذي علقه بائن أو رجعي
وكان وطؤه بعد انقضاء العدة. قوله: (علمت هي أم لا) مقتضى ما مر في الصداق أنه ليس لها إذا علمت إلا
النصف بالعقد لان العالمة الطائعة لا مهر لها بالوطئ ولو كان الواطئ ذا شبهة اه‍ بن. قوله: (فلو علم)
371

أي بالحنث وبحرمة الوطئ بعده. قوله: (وإلا) أي بأن كانت عالمة طائعة. قوله: (كان أبقى كثيرا) أي سواء
كان بتعليق أو بدونه وقد مثل الشارح لكل منهما. قوله: (فيما تقدم) أي في المسألة المتقدمة وهي ما إذا قال
لامرأة أجنبية: إن دخلت الدار فأنت طالق ونوى بعد نكاحها. قوله: (كل امرأة أتزوجها من بني فلان
أو من بلد كذا أو من الروم أو من السودان فهي طالق) فكل واحد من بني فلان وأهل بلد كذا
والسودان والروم قليل بالنسبة لمن بقي، فإذا تزوج من ذلك القليل المحلوف عليه طلقت عليه، وأما إن
تزوج من غيره فلا يقع عليه طلاق. قوله: (من كذا) أي من بني فلان أو من بلد كذا أو من الروم أو من
السودان، وقوله: ثم تزوج أي من المحلوف عليهم. قوله: (حيث أبقى إلخ) هذه حيثية تقييد أي إن أبقى
وهو قيد في قوله: يلزمه أيضا إذا قال إلخ تأمل. قوله: (كأن أبقى أهل مكة) نحو: كل امرأة أتزوجها من
غير أهل مكة أو المدينة فهي طالق. قوله: (من نساء) نحو: كل امرأة أتزوجها من بني فلان فهي طالق.
وقوله أو زمان نحو: كل امرأة أتزوجها في هذه السنة فهي طالق. قوله: (بدليل قوله أو زمان) أي فذكره
الزمان يقتضي أن يقدر الموصوف شيئا إذ لو قدر نساء فقط لزم أن يفسر كثيرا لما لم يدخل تحته.
قوله: (الآتي بيانها) أي من كونها سبعين سنة على المعتمد أو ثمانين أو خمسا وسبعين. وقال ابن الماجشون: يعمر
هنا بالتسعين بتقديم التاء احتياطا في الفروج أي بخلاف المفقود فإنه يعمر فيه بسبعين أو بخمس
وسبعين أو ثمانين على الخلاف فيه. قوله: (ويحصل له النفع إلخ) أي وإلا لم يلزمه، والمراد أنه يحصل له
فيها النفع بالتزويج من حيث الوطئ لا مجرد العقد كان يقدر له سنتان، ولا يشترط الانتفاع بولادة
الأولاد على المعتمد، فإذا كان ابن عشرين سنة وقال: كل امرأة أتزوجها في مدة عشرة أعوام أو عشرين
عاما فهي طالق، فإذا ضمت المدة المحلوف عليها للمدة الماضية كانت الجملة ثلاثين عاما أو أربعين، فقد بقي
من العمر المعتاد ثلاثون سنة أو أربعون، وهذه المدة يمكنه فيها التزوج والانتفاع بالزواج، فإذا تزوج
في الزمان المحلوف عليه حنث، وأما إذا كان ابن عشرين سنة وحلف على ترك الزواج خمسين سنة فلا
يحنث إذا تزوج لان السبعين مدة العمر المعتاد، فلم يبق زمان يتزوج فيه وينتفع بالزواج فيه. ثم إن
ما ذكره المصنف هنا غير قوله الآتي أو مستقبل أو علق طلاق زوجته على مستقبل محقق يشبه بلوغهما
لاختلاف الموضوع لأنه هنا علق الطلاق على التزوج في زمان مستقبل يبلغه عمره، وما يأتي علق
الطلاق على نفس الزمان المستقبل الذي يبلغه عمرهما كأنت طالق بعد سنة، وحيث كان الموضوع
مختلفا فلا يكون ما يأتي تكرارا مع ما هنا. قوله: (لا فيمن تحته) يعني أنه إذا حلف لا يتزوج من الجنس
الفلاني أو البلد الفلانية وله زوجة من ذلك الجنس أو البلد تحته قبل الحلف فإنها لا تدخل لان الدوام
ليس كالابتداء. قوله: (وله نكاحها) حاصله أنه إذا قال لأجنبية عند خطبتها هي طالق ونوى إذا تزوجها،
أو قال لأجنبية: إن تزوجتها فهي طالق فالمذهب كما قال ابن راشد القفصي أنه يباح له زواجها وتطلق
عليه بمجرد العقد عليها، والقياس أنه لا يباح له زواجها للقاعدة المقررة وهي أن ما لا يترتب عليه
مقصوده لا يشرع، والمقصود بالنكاح الوطئ وهو غير حاصل بهذا العقد، وإليه ذهب بعض الفقهاء
وقال: هو بمنزلة ما لو قالت المرأة: أتزوجك على أني طالق عقب العقد فإنه لا يجوز ولا تستحق عليه
صداقا إن تزوجته، ولا فرق بين أن يكون الشرط منها أو منه، ورد هذا بأن جواز تزوجها وإن كان
لا يترتب عليه مقصوده وهو الوطئ لكن له فائدة تظهر في المستقبل وهي حليتها له وتبقى معه بطلقتين،
ولذا لو كان الطلاق بلفظ يقتضي التكرار لم يبح له تزوجها لأنه لا فائدة فيه. قوله: (ولمن أبانها) أي ولمن
كانت تحته ثم أبانها. قوله: (حيث كانت الأداة لا تقتضي التكرار) هذا القيد لا يتصور في المسألة الثانية
372

أعني من كانت تحته ثم طلقها بائنا فإدخالها في كلام المصنف ثم تقييده بما ذكر فيه نظر، والصواب
رجوع الضمير في كلام المصنف للأجنبية فقط وتقييده بالقيد المذكور كما أفاده ابن غازي، وبهذا تعلم
أن حقه لو قدم قوله وله نكاحها عند قوله كقوله لأجنبية. قوله: (فيجوز له نكاحها) أي وإن كانت
تطلق عليه بمجرد العقد. قوله: (إنها تحل له في المستقبل) أي بدون زوج إن كان الطلاق المعلق غير ثلاث
وبعد زوج إن كان الطلاق المعلق ثلاثا. قوله: (ولذا) أي لأجل التقييد بكون الأداة لا تقتضي التكرار
ولم يذكر جنسا ولا بلدا ولا زمنا. قوله: (لو كانت الأداة تقتضي التكرار) نحو: كلما تزوجتك فأنت طالق،
فلا يجوز له تزوجها لعدم الفائدة في زواجها لأنه كلما تزوجها طلقت. وقوله أو ذكر جنسا نحو: إن
تزوج من القوم الفلانيين فهي طالق، أو ذكر بلدا نحو: إن تزوجت من مصر فهي طالق فلا يجوز له
أن يتزوج من القوم الفلانيين أو البلد الفلانية لعدم الفائدة في الزواج منهم أو منها لان كل من تزوجها
منهم أو منها طلقت بمجرد العقد. قوله: (وله نكاح الإماء) أي ولو وجد طول الحرة. قوله: (لأنه صار
بيمينه كعادم الطول) أي وإن كان مليا. قوله: (حيث خاف الزنا) اعلم أن محل إباحة نكاح الإماء له إذا
خشي الزنا ما لم يقدر على التسري وإلا وجب كما في خش، وفي حاشية الشيخ الأمير على عبق أن له
نكاح الإماء ولو قدر على التسري، فإن عتقت الأمة التي تزوج بها فمقتضى قولهم: أن الدوام ليس
كالابتداء في مسألة لا فيمن تحته أن لا تطلق عليه لان دوام تزوجه بالحرة التي عتقت ليس كابتداء
التزويج بالحرة وهذا هو المعتمد، أما إن قلنا إن دوام التزويج كابتداء التزويج بها فإنها تطلق عليه.
قوله: (ولزم في المصرية إلخ) فإذا قال: كل امرأة أتزوجها من مصر فهي طالق، أو قال: كل مصرية أتزوجها فهي
طالق، أو إن تزوجت مصرية أو امرأة من مصر فهي طالق، أو علي الطلاق لا أتزوج مصرية ثم تزوج
امرأة أبوها مصري وأمها غير مصرية فإنها تطلق عليه بمجرد العقد عليها لان بنت المصري مصرية ولو
لم تقم بمصر هكذا يصور المتن. وقول ابن غازي ليس صورته على الطلاق لا أتزوج مصرية مراده ليس
هذا صورته فقط بل هو وغير مما ذكرنا فليس مراده النفي حقيقة بل نفي الحصر، وذلك لان كلا من
الصيغ المذكورة يقتضي العموم، أما الصيغة التي فيها كل فلأنها لاستغراق افراد المنكر، وأما التي ليس
فيها كل فلان النكرة فيها واقعة في سياق النفي أو الشرط. قوله: (ولزم في الطارئة) أي والموضوع أنه
حلف بالطلاق لا يتزوج مصرية أو بغيرها من الصيغ المتقدمة. قوله: (في مصر) ومثله من مصر أو
بمصر: وقوله يلزم أي الطلاق إن تزوج بمصرية أو بغيرها. وقوله من عملها أي وأولى بتزوجه فيها.
قوله: (فلمحل لزوم الجمعة) أي فيلزمه الطلاق فيمن زوجها في محل لزوم الجمعة أي في المحل الذي يلزم
السعي منه لمصر في صلاة الجمعة. قوله: (والتزوج خارجها) أي خارج عملها إن نواه وإلا فخارج المحل الذي
تلزم منه الجمعة، وإنما جاز له المواعدة فيها مع كونه حلف لا يتزوج فيها لان العبرة بموضع العقد لا بموضع
المواعدة. قوله: (لا إن عم النساء) مثل: كل امرأة أتزوجها طالق، فإذا قال ذلك فلا يلزمه شئ للحرج
والمشقة كما هو قاعدة الشرع أن الامر إذا اتسع ضاق وإذا ضاق اتسع، ولا فرق بين عموم النساء بدون
تعليق كما مثلنا أو بتعليق نحو: إن دخلت دارا أو إن دخلت الدار فكل امرأة أتزوجها طالق فإذا دخل
الدار فلا شئ عليه فيمن يتزوجها بعد الدخول سواء قصد بالتعريف دارا معينة أو قصد الاستغراق
خلافا لعبق حيث قال: إذا قصد بالتعريف دارا بعينها فإنه يلزم طلاق كل من تزوجها بعد دخولها لان
له مندوحة في التخلص من يمينه لامكان بيعها أو إيجارها وسكنى غيرها، ورد بأن الحق عدم الحنث وذلك
لأنه إذا دخلها صار بمنزلة من عمم ابتداء، ومثل عموم النساء ما إذا أبقى كثيرا في نفسه ولكنه لا يجد
ما يوصله إليه كما قال شيخنا العدوي، وإنما لم تلزمه اليمين إذا عم النساء وإن كان أبقى لنفسه التسري
373

لان الزوجة أضبط لماله من السرية. قوله: (أو أبقى قليلا في ذاته) أي كقرية صغيرة مثل أن يقول: كل
امرأة أتزوجها إلا من قرية كذا فهي طالق فلا شئ عليه إذا تزوج من غيرها لان تبقية ذلك القليل
منزل منزلة التعميم لان القليل كالعدم، فقول المصنف فيما يأتي أو من قرية صغيرة مثال لهذا، فإن قيل:
ما الفرق بين من عم النساء فلا يلزمه ومن قال: كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق؟ فإنه يطلق عليه كل
من تزوجها عليها ما دامت في العصمة المعلق عليها مع أنه عام في كل امرأة. قلت: إن الأولى عمم فيها
التحريم ولم يبق لنفسه شيئا فخفف عليه للحرج والمشقة. وأما الثانية فقد خص التحريم بالتي يتزوجها
وأبقى لنفسه شيئا كثيرا وهو التي لم يتزوج عليها الصادق بمن تحت عصمته وبغيرها فشدد عليه ولأنه
التزام للغير فروعي حق الغير بخلاف التعليق في الأولى فإنه ليس فيه التزام للغير. والحاصل أن التعليق
في كل امرأة أتزوجها طالق عام وليس فيه التزام للغير، وأما كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق
فالتعليق فيها خاص وفيه التزام للغير. قوله: (ككل امرأة أتزوجها إلا تفويضا) أي فهي طالق فلا
يلزمه طلاق من تزوجها غير تفويض. قوله: (لقلة التفويض) علة لمحذوف أي فلا يلزمه طلاق لقلة
التفويض أي أن شأنه القلة في نفسه. فلا يقال: إن مقتضى التعليل أنه إذا كان معتادا لقوم لزوم الطلاق
وليس كذلك. قوله: (أو حتى أنظرها) حتى هنا استثنائية والمستثنى منه محذوف أي أو قال: كل امرأة
أتزوجها فهي طالق في كل حال حتى أنظر إليها أي إلا أن أنظر إليها فالطلاق معلق على لتزويج من غير
رؤية، وبهذا أي جعلها استثنائية والمستثنى منه محذوف ظهر كلامه، وأما لو جعلت غائية كما هو المتبادر
منه فلا يكون ظاهرا لأنه ينحل المعنى كل امرأة أتزوجها طالق ويستمر الطلاق إلى أن أنظر إليها، فإذا
نظرت إليها ارتفع الطلاق وهذا غير صحيح لان الواقع لا يرتفع. قوله: (وله أن يتزوج من شاء) أي ولا
يطلق عليه ولو لم يخش العنت لأنه كمن عم النساء، ومثله حتى ينظرها فلان فعمي أو مات. وقال ابن المواز:
لا يتزوج حتى يخشى الزنا ولم يجد ما يتسرى به، وكل هذا إذا قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق حتى
أنظرها أو ينظرها فلان، وأما لو قال: كل امرأة أتزوجها من بلد كذا أو من قبيلة كذا فهي طالق حتى
أنظرها أو ينظرها فلان فعمي فإن اليمين لازمة له، ومتى تزوج من تلك البلد أو من تلك القبيلة بعد عماه
طلقت عليه كما في البدر. قوله: (أو عم الابكار إلخ) أي بأن قال: كل ثيب أتزوجها طالق وكل بكر أتزوجها
طالق، وما ذكره المصنف من لزوم اليمين الأولى دون الثانية هو المشهور وهو قول ابن القاسم وسحنون
وابن كنانة ابن عبد السلام هو أظهر الأقوال لدوران الحرج مع اليمين الثانية، وقيل تلزمه اليمين فيهما
نظرا للتخصيص فيهما، وقيل لا تلزمه فيهما، وهذا القول حكاه جماعة واختاره اللخمي. قوله: (وبالعكس)
أي بأن قال: كل بكر أتزوجها طالق وكل ثيب أتزوجها طالق. قوله: (أو خشي في المؤجل العنت) أل في
المؤجل للعهد أي المؤجل بأجل تنعقد فيه اليمين بأن يبلغه عمره ظاهرا، أي وأما إن أجل بأجل لا يبلغه
عمره ظاهرا فإنه لا شئ عليه ولو لم يخش العنت. قوله: (فله التزوج) أي بحرة ولا شئ عليه وليس له التزوج
بالأمة حيث أبيحت له الحرة إلا إذا عدم الطول خلافا لعبق انظر بن. قوله: (هذا هو المعتمد) أي وهو
قول ابن القاسم وذلك لان الآخر لا يتحقق إلا بالموت ولا يطلق على ميت، ولأنه ما من واحدة إلا
ويحتمل أنها الأخيرة فكان كمن عم النساء. قوله: (وصوب وقوفه) أي صوب ابن راشد قول سحنون
وابن المواز وقوفه إلخ، وظاهره الوقف. ولو قال: لا أتزوج بعد ذلك أبدا لأنه قد يبدو له الزواج.
قوله: (فتحل الأولى) أي ويرثها إذا ماتت، وأما إذا ماتت الموقوف عنها فإنه يوقف ميراث الزوج منها، فإن
تزوج ثانية أخذه، وإن مات قبل أن يتزوج رد لورثتها، وإذا مات الزوج عمن وقف عنها فلا ترثه ولها نصف
الصداق لتبين أنها المطلقة لأنها آخر امرأة له ولا عدة عليها، ويلغز بالثانية وهي مسألة موت الزوج فيقال:
374

شخص مات عن زوجة حرة مسلمة نكحها بصداق مسمى وأخذت نصفه ولا ميراث لها ولا عدة،
ويلغز بالأولى أي مسألة موت الزوجة الموقوفة من وجهين، فيقال ماتت امرأة ووقف إرثها وليس
في ورثتها حمل، ويقال أيضا ماتت امرأة في عصمة رجل ولا يرثها إلا إذا تزوج عليها. قوله: (فهو في
الموقوفة) أي في الموقوف عنها أي سواء كانت أولى أو ثانية أو ثالثة. قوله: (فإن رفعته) أي للقاضي
وادعت أنه يقدر أن يطأ بأن يتزوج أخرى فترك ذلك ضررا ضرب له القاضي أجل الايلاء والأجل
من يوم الرفع إلخ. قوله: (واختاره إلا في الأولى) أي واختار اللخمي قول سحنون وابن المواز بالوقف
لكن في غير الأولى، وأما الأولى فاختار فيها عدم الوقف خلافا لهما، ولو قال: أول امرأة أتزوجها طالق
وآخر امرأة أتزوجها طالق فإنه يلزمه الطلاق في أول من تزوج ويجري في آخر امرأة قول ابن
القاسم وقول سحنون ولا يجري فيها اختيار اللخمي. قوله: (إذ هي قضية حملية) أي في المعنى وإن كانت
مقترنة بأن قوله: (وقيل بل هي شرطية) أي لأنه في قوة قولنا إن تزوجت من غير المدينة قبلها فهي طالق
وذلك لان المعنى: إن انتفى تزوجي من المدينة فهي طالق، فمفهومه أنه إن ثبت تزوجه منها فلا تطلق فهذا
وجه ذكر القبلية. قوله: (لكن المعتمد الأول) أي وهو فهم ابن رشد واعتمده في التوضيح، والثاني
فهم اللخمي وابن محرز قال بن: ولم يعول ابن عبد السلام وغيره إلا على كلامهما، وهذا يفيد أن المعول
عليه التأويل الثاني اه‍. قوله: (واعتبر في ولايته إلخ) هذا في الحقيقة شرح لقوله: ومحله ما ملك قبله إلخ.
قوله: (أي ولاية الأهل) أي الزوج. وقوله على المحل المراد به العصمة والمراد بولاية الزوج على المحل
ملكه له، والمراد بحال النفوذ فعل المحلوف عليه فكأنه قال: واعتبر في ملك الزوج للعصمة وقت فعل المحلوف
عليه لا وقت التعليق. قوله: (فلو فعلت المحلوف عليه حال بينونتها لم يلزم) أي وأما إن فعلته قبل بينونتها فإنه
يلزمه ما حلف به، وهذا إذا كانت اليمين منعقدة، فلو كانت غير منعقدة حال التعليق كما إذا علق صبي
طلاق زوجته على دخول الدار فبلغ ودخلت فلا يلزمه طلاق. قوله: (إذ لا ولاية له) أي إذ لا ملك
للزوج للمحل حال النفوذ. وقوله: فالمحل معدوم أي لان المحل وهو العصمة وقت النفوذ معدوم.
قوله: (وهو معدم) راجع لقوله: أو ليقضينه حقه. وقوله: أو قصد عدم الذهاب راجع لقوله: ليأتينه فهو لف
ونشر مشوش. قوله: (ويبقى له فيها طلقتان) أي إن كان لم يطلقها قبل الخلع وإن كان قد طلقها قبل الخلع
طلقة كان الباقي له فيها بعد العقد طلقة واحدة. واعلم أن اشتراطهم لملك العصمة حال النفوذ إنما هو
بالنظر للحنث. وأما البر فلا يشترط فيه ذلك، وذلك لان الحنث لكونه موجبا للطلاق اشترط فيه ملك
العصمة، والبر لكونه مسقطا لليمين فلا معنى لاشتراط ملك العصمة فيه بل في أي وقت وقع الفعل الذي
حلف ليفعلنه بر منه، فإذا حلف ليفعلن هو أو هي كذا فأبانها ففعل حال بينونتها ثم تزوجها فإنه يبر بفعله
حال بينونتها خلافا لما ذكره عبق من عدم البر. قوله: (ولو نكحها) أي أنه إذا قال: إن دخلت الدار فأنت
طالق ثم أبانها وتزوجها بعد ذلك ثم إنها فعلت المحلوف عليه فإنه يحنث إن بقي إلخ. فقوله: ولو نكحها
375

أي في المسألة السابقة بعينها فهو مفهوم قوله حال بينونتها. قوله: (حنث إن بقي من العصمة إلخ) ثم بعد
حنثه بالفعل أولا لا يتكرر عليه الحنث بفعل المحلوف عليه مرة أخرى بعد الحنث إلا أن يكون لفظه
يقتضي التكرار انظر ح اه‍ بن. قوله: (بأن طلقها دون الغاية) أي بأن كان طلاقه لها الذي تزوجها
بعده دون الغاية بأن كان خلعا أو رجعيا وانقضت عدتها منه. قوله: (لعود إلخ) علة لقول المصنف:
حنث إن بقي إلخ، وأراد الشارح بالصيغة حكم اليمين فتأمل. قوله: (مطلقا) أي سواء بقي من العصمة
المعلق فيها شئ أم لا، فإذا قال لها: إن فعلت أنا أو أنت كذا فأنت طالق ثلاثا ثم خالعها انحلت يمينه،
فإذا فعل المحلوف عليه بعد الخلع وقبل عقده عليها أو بعده فلا يلزمه شئ وهي فسحة عظيمة يجوز لغير
الشافعي أن يقلده فيها. قوله: (لا يهدم العصمة السابقة) أي ولا يهدم ما حصل فيها من التعليق.
قوله: (في العصمة الأولى) أي في عصمة المحلوف لها الأولى وغير الأولى. قوله: (وهو ضعيف) أي لان
المصنف تبع فيما قاله اعتراض ابن عبد السلام على ابن الحاجب مع أن الحق ما لابن الحاجب. وحاصل
ما لهم هنا أن المحلوف عليها اتفقوا على تعلق الحنث بها في العصمة الأولى وغيرها كما يأتي في
الايلاء وأن المحلوف بها أي بطلاقها اتفقوا على تعلق اليمين بها في العصمة الأولى فقط كما تقدم، وأما
المحلوف لها فهي محل النزاع، فالذي في كتاب الايمان من المدونة أنها كالمحلوف بها في تعلق اليمين بها
في العصمة الأولى وعليه ابن الحاجب، واعترضه ابن عبد السلام قائلا: أنكر ذلك ابن المواز وابن
حبيب وغير واحد من المحققين من المتأخرين، ورأوا أن هذا الحكم إنما يكون في المحلوف بطلاقها لا في
المحلوف لها بالطلاق، وانظر الرد عليه في بن. قوله: (فهند محلوف عليها) أي وحفصة محلوف بها.
قوله: (فيلزمه اليمين) أي طلاق حفصة. قوله: (ولو في عصمة أخرى) أي ولو كانت المحلوف عليها التي هي
هند في عصمة أخرى. قوله: (أي المحلوف لها) أي وهي التي قال لها: كل إلخ، فقوله بأن قال إلخ تصوير
للمحلوف لها، وقوله: طلاقا بائنا معمول لقوله طلقها. قوله: (دون الثلاث) أي بناء على المعتمد من أن
المحلوف لها يختص الحنث فيها بالعصمة الأولى أو طلقها بالثلاث بناء على ما مشى عليه المؤلف من أن
المحلوف لها لا يختص الحنث فيها بالعصمة الأولى. قوله: (أنه تزوج عليها) أي على المحلوف لها. قوله: (ولا
حجة له) أي ولا تعتبر حجته إذا قال: إنما تزوجت المحلوف لها على غيرها ولم أتزوج غيرها عليها. قوله: (وإن
ادعى نية فلا يلتفت إليها) أي إن ادعى أنه نوى أن لا يحدث زواج غيرها عليها فلا يلتفت لتلك النية.
قوله: (لان قصده أن لا يجمع بينهما) هذا علة لقوله: ولا حجة له أي لا تعتبر حجته لان قصده يحمل على أنه لا يجمع
376

بينهما، وقد يقال: لا حاجة لذلك مع جريان التأويلين لأنه إذا كان قصده يحمل على ذلك فلا فرق بين
مفت وقاض، فلا يتأتى قوله: أو قامت بينة إلخ اه‍ عدوي. قوله: (لان اليمين إلخ) أي لأنه حلف للزوجة
واليمين على نية المحلوف له ونيتها أن لا يجمع معها غيرها، وحينئذ فلا تقبل تلك النية عند المفتي ولا عند
القاضي، وظاهر هذا التأويل كان اليمين حقا لها بأن اشترطت عليه في العقد أن لا يتزوج عليها أو تطوع
لها بتلك اليمين لأنه صار حقا لها، وقيل لا يلزمه في التطوع إذا نوى وتقبل نيته. قوله: (أو قامت عليه بينة)
هذا التأويل مشكل لان محل عدم قبول النية عند القاضي إذا كانت مخالفة لظاهر اللفظ وهي هنا
موافقة لا مخالفة، فكان ينبغي أن يقبل قوله ولو مع البينة، وقد يقال: إن يمينه محمولة شرعا على عدم الجمع
وحينئذ فالنية مخالفة لمدلول اللفظ شرعا. قوله: (أي لزمه اليمين مدة حياتها) فلو أتتها وتزوج أي غيرها
طلقت التي تزوجها بمجرد العقد عليها. قوله: (فإذا أبانها) أي بالثلاث. وقوله: وتزوج أي غيرها ولو
بعد عودها لعصمته بعد زوج. وقوله: قبلت نيته أي فلا يلزمه شئ لأنها محلوف لها وقد مر أن المحلوف
لها كالمحلوف بها على المعتمد. والحاصل أنه إذا قال ما عاشت ونوى ما دامت تحته فإنه بمنزلة ما إذا قال:
كل امرأة أتزوجها عليك طالق، فيأتي فيها ما تقدم من الخلاف في اختصاص الحنث بالعصمة الأولى
وعدم اختصاصه بها انظر بن. قوله: (ولو علق عبد الثلاث إلخ) هذا من الفروع المرتبة على اعتبار
ملك العصمة حال النفوذ، لأنه ما لزمه الثلاث إلا باعتبار الحرية الموجودة وقت النفوذ، ولو اعتبرت
الرقية الموجودة وقت التعليق ما لزمه إلا اثنتان إذ لم يكن يملك سواهما. قوله: (لان العبرة) أي بملك
العصمة. وقوله: حر أي والحر يملك ثلاث طلقات. قوله: (بقيت له واحدة) لان العبرة بحال النفوذ وهو
حال النفوذ حر يملك ثلاث طلقات فوقع عليه ثنتان وبقيت له فيها واحدة، ولو اعتبر حال التعليق لم يبق
له فيها شئ ولا تحل له إلا بعد زوج. قوله: (نصف طلاقه) أي ولو طلق واحدة ثم ثبت أنه أوقع تلك
الطلقة وهو حر بقي له اثنتان، ولو طلقها طلقتين ثم ثبت أنه عتق قبل طلاقه فله الرجعة إن لم تنقض العدة
انظر ح. قوله: (بأن قال: أنت طالق يوم أو عند موت أبي) أي وأما إن قال: أنت طالق إن مات أبي
أو إذ مات أبي نجز عليه الطلاق حالا لقول المصنف: ونجز إن علق بمستقبل محقق كذا في عبق
وشب تبعا لعج. وحاصله أنه إذا قيد بشرط تنجز وإن قيد بظرف فلا، والذي في خش أنه
لا فرق بين أن يقول يوم موت أبي أو عند موته أو إن مات ومثله إذا مات فلا يلزمه شئ والحق معه،
ويدل له ما يأتي أنه إذا قال لها: أنت طالق إن مت أو إذا مت أو متي لم يقع عليه طلاق لأنه لم يصادف
محلا لوقوع المعلق والمعلق عليه معا اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (لم ينفذ هذا التعليق) أي المعلق وهو
الطلاق. قوله: (فلم يجد الطلاق عند موت الأب محلا يقع عليه). حاصله أنه بمجرد الموت انفسخ
النكاح لدخوله في ملكه فلم يجد الطلاق له محلا، وشرط صحة الطلاق ملك الزوج للعصمة وقت
وقوعه كما مر، لكن هذا إنما يظهر إذا قال: أنت طالق عند موت أبي، ولا يظهر إذا قال: أنت طالق
يوم موت أبي لأنه إذا مات الأب وسط النهار تبين وقوع الطلاق أوله فيكون لطلاقه يوم الموت
محل، اللهم إلا أن يقال: هذا محمول على ما إذا أراد باليوم مطلق الزمن فيراد بيوم موته وقت موته
وإلا نجز عليه تأمل. قوله: (وجاز إلخ) هذا فائدة عدم النفوذ. وحاصله أن فائدة عدم النفوذ تظهر فيما
إذا كان الطلاق المعلق ثلاثا فيحل له وطؤها بالملك قبل زوج ولو أعتقها لحل له أيضا وطؤها بالعقد قبل
377

زوج، ولو قيل بالنفوذ لم يحل وطؤها إلا بعد زوج. قوله: (ثلاثة أقسام) بل خمسة والرابع ما يلزم فيه
ثلاث في المدخول بها وواحدة في غيرها إلا أن ينوي أكثر كما يأتي في أنت طالق واحدة بائنة أو نواها
بخليت سبيلك أو ادخلي، والخامس ما يلزم فيه واحدة في المدخول بها وغيرها إلا لنية أكثر وهو اعتدي.
قوله: (ولفظه إلخ) أي لفظه الصريح محصور في هذه الألفاظ الأربعة دون غيرها من الألفاظ، وأشار
بذلك لما في التوضيح عن القرافي من أن كلام الفقهاء يقتضي أن الصريح ما كان فيه الحروف الثلاثة:
الطاء واللام والقاف وهو مشكل لشموله نحو: منطلقة ومطلقة ومطلوقة، فلذا عدل هنا عن ضبط
الصريح بما ذكر إلى ضبطه بالألفاظ الأربعة اه‍ بن. قوله: (متى قصد اللفظ) أي التلفظ والنطق به.
قوله: (لان العرف لم ينقل ذلك لحل العصمة) أي بخلاف الألفاظ التي ذكرها المصنف فإنها في الأصل
أخبار نقلها العرف لانشاء حل العصمة، فمتى قصد النطق بها لزم الطلاق قصد بها حل العصمة أو لا.
قوله: (فهو) أي ما ذكر من الألفاظ الثلاثة من الكناية الخفية إن قصد بها الطلاق لزم وإلا فلا.
قوله: (وتلزم واحدة) وفي حلفه على أنه لم يرد أكثر من واحدة وعدم حلفه قولان: الأول نقل اللخمي عن
ابن القاسم. والثاني رواية المدنيين عن مالك بن بشير المشهور الأول وهذا الخلاف مخرج على
الخلاف في توجه يمين التهمة وعدم توجهها ومحل الخلاف في القضاء، وأما في الفتوى فلا يمين.
قوله: (إن نوى إخبارها بذلك) أي بأن عليها العدة. قوله: (وإلا فاثنتان) أي وإلا ينو إخبارها بأن نوى
الطلاق باعتدي أو لم ينو شيئا فطلقتان. قوله: (كما لو عطف بالواو) أي بأن قال: أنت طالق واعتدي
فيلزمه اثنتان ولا تقبل نيته إرادة الواحدة حين عطف بالواو، وإنما نوى في الأولى وهي: أنت
طالق اعتدي بدون عطف لان الاعتداد مرتب على الطلاق كترتب جواب الشرط على الشرط
والعطف بالواو ينافي ذلك اه‍ خش. قوله: (بخلاف العطف بالفاء إلخ) أي كما إذا قال: أنت
طالق فاعتدي فيلزمه واحدة إن نوى إخبارها بذلك مثل قوله: اعتدي فقط بدون عاطف لان
الفاء تأتي للسببية والترتيب والاعتداد مسبب عن الطلاق ومرتب عليه كترتب الجزاء على
الشرط، والظاهر أن العطف بثم كالعطف بالواو اه‍ خش. وذلك لان ثم للتراخي، وقد تقرر أنه
ليس بين العدة والطلاق تراخ وحينئذ فهي لمجرد العطف. قوله: (وصدق بيمين) أي في القضاء، وأما في
الفتوى فلا يحتاج ليمين قال بن: لم أر من ذكر هذه اليمين مع البساط غير عج ونصه وهل بيمين أو لا؟
ولكن المرتضى أنه حيث صدق يحلف اه‍. لكن ربما يشهد له ما يأتي عند قوله: ونوى فيه وفي عدده.
قوله: (أو كانت إلخ) عطف على الشرط. قوله: (فقال أنت طالق) أي ستطلقي وإلا كان كذبا فيقع عليه
الطلاق اه‍ عدوي. قوله: (وإن لم تسأله) أي والموضوع أنها موثقة كما قال الشارح وقال لها: أنت
طالق وادعى أنه أراد ستطلقي من الوثاق، وأما لو كانت غير موثقة فإنه يقع عليه الطلاق ولا يصدق
في دعواه أنه لم يرد الطلاق. والحاصل أن الأقسام ثلاثة لأنها إما موثقة وتسأله أو لا تسأله أو تكون
غير موثقة، ويقول لها: أنت طالق ويدعي أنه أراد الاخبار بأنها مطلوقة من الوثاق الأولين، ومطلوقة
منه في الثالث، ففي الأول يدين بلا خلاف، وفي الثالث لا يدين من غير خلاف، وأما الثاني فهل يدين أو لا؟
خلاف. قوله: (فتأويلان) هما قولان قال مطرف: يصدق، وقال أشهب: لا يصدق، فمنهم من حملها على الأول
378

ومنهم من حملها على الثاني اه‍ بن. والظاهر من التأويلين تصديقه. قوله: (فيصدق) أي من غير يمين اتفاقا.
وقوله على بحث القرافي حيث قال: ينبغي أن تحمل مسألة الوثاق على اللزوم في القضاء دون الفتوى اه‍.
واعتمده طفي قال بن: وهو غير صواب والصواب أن التأويلين في الفتوى والقضاء لان كلام
المدونة الذي وقع فيه التأويلان في الفتوى والقضاء فانظره. والحاصل أن المسألة ذات طريقتين:
الأولى تجعل الخلاف خاصا بالقضاء، والثانية تجعله جاريا في القضاء والفتوى، والأولى للقرافي وعج
والرماصي والثانية اعتمدها بن. قوله: (وما ألحق به) أي وهو الكناية الظاهرة. قوله: (فإن كان قبل منه
ذلك بيمينه) أي وأما النية فلا تصرف الصريح، وما ألحق به عن الطلاق لان نية صرفه مباينة لوضعه.
والحاصل أن صريح الطلاق والكناية الظاهرة لا يصرفهما عن الطلاق إلا البساط لا النية، ولا
يتوقف صرفهما إليه على النية بل المدار على قصد النطق بهما تأمل. قوله: (يلزم فيها الثلاث في المدخول بها)
أي ولا ينوي في العدد. قوله: (إنما هي بالثلاث) أي وأما قبل الدخول أو قارنت عوضا فواحدة، وفيما
ذكره من الحصر نظر، فإن البينونة بعد الدخول بغير عوض تكون بلفظ الخلع فكان الأولى أن يقول:
لان البينونة بعد الدخول بغير عوض وبغير لفظ الخلع إنما هي بالثلاث. قوله: (أو أن واحدة صفة لمرة إلخ)
والمعنى: أنت طالق مرة واحدة حالة كونك بائنة. قوله: (وأولى) أي في لزوم الثلاث في المدخول بها،
ولزوم الواحدة في غيرها إلا لنية أكثر إذا نواها أي الواحدة البائنة بقوله لها: أنت طالق وهذا هو
الظاهر خلافا لعبق حيث عمم في المدخول بها وغيرها في لزوم الثلاث، فعلى كلامه إذا قال: أنت طالق
ونوى واحدة بائنة يلزمه الثلاث في المدخول بها وغيرها، وأما لو صرح بقوله: أنت طالق واحدة بائنة أو
نواها بخليت سبيلك لا يلزمه الثلاث إلا في المدخول بها وفيه نظر. قوله: (إذا لزمه الثلاث) أي بنية
الواحدة البائنة مع إلخ. قوله: (يلزمه الثلاث) أي إلا لنية أقل كما يأتي. قوله: (ولو لم ينو الواحدة البائنة) أي
وحينئذ فنية الواحدة البائنة مع خليت سبيلك لا فائدة لها، وقد يقال: إن خليت سبيلك وإن لزم بها الثلاث
عند عدم نية الواحدة البائنة إلا أنه ينوي في العدد، وأما إذا نواها لزمه الثلاث ولا ينوي وحينئذ فلنيتها
فائدة فسقط اعتراض الشارح على المصنف. قوله: (أو كناية) أي ظاهرة أو خفية. قوله: (إن لم
يدخل بها) راجع للاستثناء لا لقوله والثلاث، ومحصله أنه يلزم بهذه الألفاظ الثلاث في المدخول
بها وغيرها، إلا أنه لا ينوي في المدخول بها وينوي في غير المدخول بها، والفرق بين المدخول بها
وغيرها أن غير المدخول بها تبين بواحدة، فإن كان طلاقه خلعا استوت المدخول بها وغيرها في قبول نية
الواحدة قاله المواق، وبهذا كان يفتي أشياخنا، وقد نص ابن بشير على هذا المعنى. قوله: (وأنت حرام)
أي سواء قال على أو لم يقل، ومثله أنا منك حرام. قوله: (أو ما أنقلب إليه من أهل حرام) وكذا لو أسقط
379

من أهل وإنما يفترقان في محاشاتها فيعمل بها إذا لم يذكر الأهل ولا يعمل بها حيث ذكره وجعله ما
أنقلب إليه من أهل حرام مساويا لانت حرام في الحكم لقول ابن يونس ما نصه ابن حبيب قال
أصبغ: إذا قال الحلال علي حرام أو حرام علي ما أحل لي أو ما أنقلب إليه حرام فذلك كله تحريم إلا أن
يحاشي امرأته اه‍. وفي المدونة: وإن قال لها قبل البناء أو بعده: أنت علي حرام فهي ثلاث ولا ينوي في
المدخول بها وله نيته في التي لم يدخل بها اه‍ اللخمي. واختلف إذا قال لها: ما أنقلب إليه حرام إن كنت
لي بامرأة أو إن لم أضربك فقال ابن القاسم: لا يحنث في زوجته لأنه أخرجها من اليمين إذ حين أوقع
اليمين عليها علمنا أنه لم يردها بالتحريم وإنما أراد غيرها نقله ابن غازي وغيره. قوله: (كخلية وبرية وحبلك
على غاربك) أي وكذا رددتك لأهلك. قوله: (إذا جرى بها العرف) أي سواء قصد بها الطلاق أي
حل العصمة أو لا. قوله: (إن قصد بها الطلاق لزم وإلا فلا) علم منه أن الأقسام أربعة: قصد الطلاق
بالألفاظ المذكورة وعدم قصده، وفي كل إما أن يجري عرف استعمالها في الطلاق أو لا. قوله: (كأن يقول إلخ)
هذا تمثيل لما إذا دل البساط على نفيه. قوله: (والحديث) أي والحال أن الكلام الجاري بينهما في
شأن ذلك أي في شأن كونها منفصلة أو خلية من الأقارب أو من الخير، فإن لم يكن الكلام جاريا بينهما
في شأن ذلك وذكر لها ذلك كلاما مبتدأ بانت منه ولا تقبل دعواه إرادة نفي الطلاق لعدم البساط.
قوله: (فيما قبله) أي مع ما قبلها بأن يذكر قوله أو لا عصمة لي عليك بعد قوله: أو بائنة، أو أنا ومثل لا
عصمة لي عليك لا ذمة لي عليك. قوله: (فيلزم الثلاث مطلقا إلخ) أي فتكون هذه مثل بتة وحبلك على
غاربك فكان الأولى ذكرها عندها. قوله: (إلا لفداء) أي إلا أن يكون قوله: لا عصمة لي عليك
مصاحبا لفداء. قوله: (فكيف يصح الاستثناء) استفهام إنكاري بمعنى النفي، أي فلا يصح الاستثناء
لأنه استثناء الشئ من نفسه. قوله: (فلو قدمه) أي الاستثناء عند الأولى أي وهي قوله: لا عصمة لي عليك.
قوله: (وثلاث إلا أن ينوي أقل إلخ). حاصله أنه إذا قال لها: خليت سبيلك لزمه الثلاث إن نوى
ذلك أو لم ينو شيئا، فإن نوى أقل لزمه ما نواه سواء دخل بها أو لم يدخل، فإن نوى الواحدة البائنة لزمه
الثلاث في المدخول بها ولا ينوي ولزمه واحدة في غيرها كما مر. تنبيه: من الكناية الظاهرة
التي يلزم فيها الثلاث أنت خالصة أو لست لي على ذمة، وأما عليه السخام فيلزم فيه واحدة إلا أن ينوي
أكثر، وأما نحو: عليه الطلاق من ذراعه أو من فرسه فلا يلزم فيه شئ لان القصد من الحلف بذلك
التباعد عن الحلف بالزوجة اه‍ تقرير مؤلف، لكن تقدم في الخلع من تقرير شيخنا العدوي أن لست
لي على ذمة وأنت خالصة يلزم فيه واحدة بائنة. والحاصل أن لست لي على ذمة أو أنت خالصة
لا نص فيهما، وقد اختلف استظهار الأشياخ في اللازم بهما فاستظهر شيخنا العدوي لزوم طلقة بائنة،
380

واستظهر الشارح لزوم الثلاث، واستظهر بعض المحققين أن خالصة ويمين سفه ولست لي على ذمة في
عرف مصر بمنزلة فارقتك يلزم فيه طلقة إلا لنية أكثر في المدخول بها وغيرها وأنها رجعية في المدخول
بها وبائنة في غيرها. قوله: (وواحدة في فارقتك دخل بها أم لا) هذا قول مالك في المدونة وهو المذهب،
وله في غيرها يلزمه واحدة في غير المدخول بها وثلاث في المدخول بها، فإن قال في غير المدخول بها لم أرد
طلاقا فثلاث وبذلك قال ابن القاسم وابن عبد الحكم. قوله: (فإن نوى عدمه لم يلزمه) وكذا إذا كان
لا نية له أصلا لا بطلاق ولا بعدمه. قوله: (من واحدة أو أكثر) أي فإن لم يكن له نية في عدد لزمه الثلاث
كما في خش، وفيه أن صريح الطلاق عند الاطلاق فيه طلقة واحدة إلا لنية أكثر، فما وجه كون ذلك
فيه الثلاث؟ والجواب أن عدوله عن الصريح أوجب ريبة عنده في ذلك، هذا وما ذكره من لزوم
الثلاث ذكره أصبغ مدخولا بها أم لا، واعترضه ابن عرفة وأفتى بواحدة إلى أن مات، والظاهر أنها
بائنة في غير المدخول بها ورجعية في المدخول بها، وكلام ابن عرفة يفيده انظر عج اه‍ عدوي. قوله: (أو
أنت حرة) ظاهره سواء أطلق أو قيد بمتى، وحمله بعضهم على ما إذا أطلق، فإن قيد لزمه الثلاث، والحاصل
أن المسألة ذات قولين، وتقرير الشراح المتن على إطلاقه يدل على قوته، ومحل الخلاف إذا لم ينو عددا
معينا من الطلاق وإلا لزمه ما نواه فقط اتفاقا. قوله: (أو الحقي) هو بوصل الهمزة وفتح الحاء من لحق
يلحق لا من الحق يلحق لأنه ليس المراد أنها تلحق الغير بأهلها وإنما المراد أنها تلحق بأهلها، ومثله انتقلي
لأهلك أو قال لامها انقلي إليك ابنتك. قوله: (فإن نوى شيئا لزمه إلخ) مغايرة التعليق لعدمه في الفرع
الأخير تظهر فيما إذا لم ينو شيئا فإنه في التعليق يلزمه الثلاث دون غيره، وتظهر فيما إذا نوى مطلق الطلاق،
ففي التعليق يلزم الثلاث، وفي غيره يجري الخلاف السابق بين ابن عرفة وأصبغ. قوله: (تقييد تصديقه)
أي فيما إذا نوى الطلاق. قوله: (وينوي في غيرها) أي أنه يلزمه الثلاث في غيرها إلا أن ينوي أقل،
وقوله قاله بعضهم المراد به الشيخ سالم السنهوري، ولكن الظاهر ما ذكره ح من أنه يلزمه الثلاث في
المدخول بها وغيرها ولا ينوي وهو موافق لظاهر المصنف اه‍ شب. قوله: (وينوي في غير المدخول بها)
أي يقبل ما نواه من العدد فإن لم ينو عددا لزمه الثلاث. قوله: (في الفتوى والقضاء) مرتبط بقوله:
ولا ينوي في المدخول بها، وهذا ظاهر المدونة خلافا لابن رشد القائل أنه ينوي في العدد بالنسبة
للمدخول بها إذا جاء مستفتيا ولا ينوي في القضاء، وأما غير المدخول بها فينوي فيها في الفتوى
والقضاء باتفاق وفي عبق ما يفيد اعتماده. والحاصل أنه إذا قال: وجهي من وجهك حرام أو وجهي
على وجهك حرام فقيل: لا شئ عليه وهو ضعيف، وقيل يلزمه الثلاث وينوي في العدد في غير
المدخول بها ولا ينوي في المدخول بها وهذا هو المعتمد، وعلى هذا فقيل: إنه لا ينوي في المدخول بها
ولو جاء مستفتيا وهو ظاهر المدونة. وقال ابن رشد: إذا جاء مستفتيا فإنه ينوي وظاهر
عبق اعتماده اه‍ عدوي. قوله: (وهو الراجح) أي والقول بحرمتها عليه حتى تنكح زوجا غيره
هو الراجح أي لأنه ظاهر المدونة وسماع عيسى والقول الثاني لابن عبد الحكم. قوله: (بتخفيف ياء على)
أي وأما لو قال: علي وجهك حرام بتشديد ياء علي فإنها تحرم قولا واحدا لأنه مطلق لجزء فيكمل
عليه وينوي في غير المدخول بها أي فيلزمه الثلاث إلا أن ينوي أقل فيلزمه ما نواه. قوله: (وهو
الراجح) أي وهو ما ذكره في السليمانية. وقوله: أو لا شئ عليه هذا القول قد نقله اللخمي عن محمد.
381

قوله: (وهما) أي القولان في هذه المسألة مستويان. قوله: (فلم تدخل في ذلك) أي في العيش إلا بالنية أي
ولا تدخل بمجرد اللفظ، والظاهر أن قول العامة إن فعل كذا تكون عيشته محرمة عليه مثل قوله:
ما أعيش فيه حرام من جريان الخلاف، فإن نوى بما يعيش فيه الزوجة لزمه الثلاث على المعتمد، وحكى
ابن عرفة أنه لا يلزمه شئ بناء على ما قاله أشهب من أن الكناية الخفية لا يلزم بها طلاق ولو نوى
بها الطلاق. قوله: (ولم يقل علي) أي لا مقدمة ولا مؤخرة، وأما لو قال: الحلال حرام علي أو الحلال علي حرام فهي
مسألة المحاشاة، فإن حاشى الزوجة وأخرجها بالنية أو لا أي قبل الحلف فلا شئ عليه وإلا فأقوال مشهورها
كما في ابن عرفة عن المازري أنه يلزمه الثلاث وينوي في غير المدخول بها في الأقل بناء على أن هذا اللفظ
وضع لإبانة العصمة، وأنها لا تبين بعد الدخول بأقل من ثلاث، وتبين قبله بواحدة، وكونها في العدد
غالبا في الثلاث ونادرا في أقل منها حملت قبل الدخول على الثلاث ونوى في الأقل. قوله: (أو علي حرام
بالتنكير) أي وأما لو قال: علي الحرام بالتعريف وحنث فإنه يلزمه الثلاث في المدخول بها ولا ينوي
فيها وتلزمه في غيرها أيضا لكنه ينوي في العدد، والفرق بين علي حرام وبين علي الحرام أن علي الحرام
استعمل في العرف في حل العصمة، بخلاف علي حرام فمن قاس علي الحرام على علي حرام فقط أخطأ في
القياس لوجود الفارق وخالف المنصوص في كلامهم أفاده عج. قال بن: وقد جرى العمل بفاس
ونواحيها في القائل علي الحرام بالتعريف أنه إذا حنث لا يلزمه إلا طلقة بائنة في المدخول بها وغيرها.
والحاصل أن كلا من هذين القولين معتمد، وحكى البدر القرافي في الحرام أقوالا أخر غير هذين
القولين كلها ضعيفة فقيل: إن الحرام لغو لا يلزم به شئ، وقيل إنه طلقة رجعية، وقيل ينوي فيه إن نوى
به الطلاق لزمه وإن لم ينوه لا يلزمه طلاق، وإذا نوى به الطلاق فينوي في عدده وهذا القول كمذهب
الشافعي. قوله: (ولم يقل أنت إلخ) أي وأما لو قال: أنت حرام علي فثلاث في المدخول بها ولا ينوي،
وكذا في غير المدخول بها لكنه ينوي في العدد وتجري فيه بقية الأقوال المتقدمة أيضا. قوله: (في هذا
الفرع) أي وهو قوله: أو جميع ما أملكه حرام، وظاهره أنه إذا قال: الحلال حرام إن كلمت زيدا أو حرام
علي لا أكلم زيدا وقصد إدخال الزوجة وكلمه لا يلزمه شئ وهو بعيد، والشارح تبع فيما قاله من رجوع
قوله ولم يرد إدخالها لهذا الفرع خاصة جد عج والشيخ أحمد الزرقاني، والأولى ما قاله غيرهما من جعل
قوله: ولم يرد إدخالها راجعا للفروع الثلاثة كذا قرر شيخنا، ومفهوم قوله ولم ينو
إدخالها أنه لو نوى إدخالها لزمه الثلاث في المدخول بها وغيرها إلا أن ينوي أقل في غير المدخول بها. قوله: (أو
لا نية له) أي لان المتبادر من قوله: ما أملكه ملك الذات وذات الزوجة غير مملوكة له فلم تدخل إلا بإدخاله لها بخلاف
قوله الحلال علي حرام فإنه شامل لها فاحتيج في عدم الحنث لاخراجها أو لا كما مر. قوله: (فإن ادعى أنه
لم يقصد إلخ) أي وإن قال: أردت به الطلاق نوى في العدد، فإن ادعى أنه نوى به الطلاق ولم ينو عددا
فيلزمه الثلاث أو واحدة على الخلاف بين أصبغ وابن عرفة الذي قد مر. قوله: (وقبل منه نية ما دون
الثلاث) تفسير لقوله: نوى في عدده. قوله: (وسيأتي له قريبا إلخ) أي والموافق لما يأتي أنه إذا نكل
يلزمه الثلاث ولا يقبل قوله بعد ذلك أردت واحدة مثلا، قال بن: ولا حاجة لهذا الاشكال لان هذا
الفرع في المدونة عن ابن شهاب لا عن مالك ولا يلزم موافقته لقواعد المذهب. قوله: (وعوقب) أي
في هذا القسم وهو سائبة وما بعده وهو عطف على حلف أي وحلف وعوقب وأولى إن لم يحلف.
قوله: (وسواء حلف إلخ) تعميم في قول المصنف: وعوقب. قوله: (وكذا يعاقب إلخ) فيه نظر بل ظاهر المدونة
382

أنه إنما يعاقب في مسألة وإن قال سائبة إلخ انظر نصها في المواق. قوله: (ولا ينوي إلخ) أشار بهذا لقول
المدونة، وإن قالت له أود لو فرج الله لي من صحبتك فقال لها: أنت بائن أو خلية أو برية أو بتة ثم قال: لم
أرد طلاقا لزمه الطلاق الثلاث ولا ينوي اه‍. ومعنى قولها: ولا ينوي أنه لا يصدق فيما ادعاه من عدم
قصد الطلاق وسواء كانت مدخولا بها أم لا إذا علمت أن المصنف أشار لكلام المدونة تعلم أن الأولى
له حذف لفظ العدد ليطابق نصها، ولان التنوية في العدد فرع عن إرادة الطلاق وهو هنا منكر إرادة
الطلاق فلا يتأتى تنويته في العدد. قوله: (أود) أي أتمنى. وقوله: أن لو فرج الله لي
أي عني. وقوله: من صحبتك أي بصحبتك أي بسبب زوال صحبتك فمن بمعنى الباء التي للسببية، وفي الكلام حذف مضاف.
قوله: (وإلا لزمه الثلاث مطلقا) أي مدخولا بها أو لا في الألفاظ كلها لكن في بتة يلزمه الثلاث سواء دخل
بها أو لم يدخل ولا ينوي، وأما في غيرها فيلزمه إن دخل بها ولا ينوي، وأما إن لم يدخل بها فإنه ينوي في
العدد. قوله: (وسواء كان جوابا إلخ) قد علم من كلامه أن أقسام هذه المسألة أربعة لأن هذه الألفاظ
تارة تقع جوابا لقولها أود إلخ وتارة لا تقع جوابا، وفي كل إما أن يقصد بها الطلاق أو لا، وقد علم حكم
هذه الأقسام من الشارح. قوله: (وإن قصده بكاسقني الماء إلخ) هذا كما لابن عرفة من الكنايات
الخفية وهي طريقة أكثر الفقهاء حيث حصروا ألفاظ الطلاق في صريح وكناية ظاهرة وخفية،
وجعل هذا ابن الحاجب وابن شاس من غير الصريح والكناية بقسميها، قال في التوضيح: لأنه رأى
أن اسقني الماء ونحوه لا ينبغي عده في الكناية لان الكناية استعمال اللفظ في لازم معناه، ومن المعلوم أن
حل العصمة ليس لازما لسقي الماء إلا أن يقال: هذا اصطلاح ولا مشاحة فيه اه‍. أي أن مرادهم بالكناية
ما قابل الصريح وهذا اصطلاح لهم. قوله: (أو بكل كلام) أي ولو صوتا ساذجا أو مزمارا، وأما صوت
الضرب باليد مثلا فمن الفعل الآتي احتياجه لعرف أو قرائن كما في حاشية شيخنا. وقوله: أو بكل كلام
أي غير صريح الظهار فإنه لا ينصرف للطلاق ولو قصده على ما يأتي في بابه لان كل ما كان صريحا في
غير باب الطلاق لا يقع به الطلاق ولو قصده به إلا أنت حرة اه‍. وقيل: إذا نوى الطلاق بلفظ
الظهار لزمه الظهار فقط في الفتوى والطلاق والظهار معا في القضاء وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
قوله: (لزمه ما قصد من الطلاق وعدده) أي فإن لم ينو طلاقا فلا يلزمه شئ وهذا هو المعتمد خلافا
لما قاله أشهب من أن الكناية الخفية لا يلزم بها طلاق ولو نواه بها. قوله: (بخلاف قصده) أي الطلاق
بمعنى حل العصمة. قوله: (أو أراد أن ينجز الثلاث) أي وأما لو أراد أن ينجز واحدة فقال: أنت طالق
ثلاثا فقيل يلزمه الثلاث في القضاء ويقبل منه ما نواه في الفتوى، وقيل يلزمه الثلاث في الفتوى
والقضاء ولا ينوي مطلقا وهذا هو الظاهر وهو قول مالك والأول قول سحنون، وقوله:
أو أراد أن ينجز إلخ أي وأما لو أراد أن يعلق الثلاث فقال: أنت طالق ثلاثا وسكت ولم
383

يأت بالشرط فلا شئ عليه كما في المواق عن المتيطي فهو قد نطق بقوله ثلاثا سكت بخلاف مسألة
المصنف فإنه حذفها فيها. قوله: (من المحارم) أي وغير ذلك من المحارم ولا مفهوم له بل لو قال لها: يا ستي أو
يا حبيبتي فإنه يسفه أيضا كما قرره شيخنا العدوي. قوله: (وفي كراهته وحرمته قولان) قيل بكل منهما
في النهي الوارد منه صلى الله عليه وسلم في قوله لمن قال لزوجته يا أختي أأختك هي فكره ذلك وأنكره
ونهى عنه. قوله: (بالإشارة المفهمة) أي التي شأنها الافهام. قوله: (بأن احتف بها) أي انضم لها من
القرائن ما أي قرينة. قوله: (وإن لم تفهم إلخ) أي هذا إذا فهمت المرأة الطلاق من الإشارة بل وإن لم
تفهم ذلك منها. قوله: (وأما غير المفهمة) أي وهي التي لا قرينة معها أو معها قرينة، لكن لا يقطع من عاين
تلك الإشارة بدلالتها على الطلاق. قوله: (خلافا لبعضهم) أي كخش فإنه ذكر أن غير المفهمة من
الكنايات الخفية فلا بد فيها من النية وهو غير صواب كما قال شيخنا. قوله: (إرساله) أي الزوج وقوله به
أي بالطلاق، فإذا قال الزوج للرسول: بلغ زوجتي أني طلقتها أو أخبرها بطلاقها فإنه يقع عليه بمجرد
قوله للرسول ولو لم يصل إليها. قوله: (وبالكتابة لها أو لوليها) الظاهر أنه لا مفهوم لذلك والمدار على
العزم أو الوصول ولو لصاحب يخبره مثلا كذا قرر شيخنا. قوله: (عازما) أي ناويا الطلاق حين كتب
وسواء أخرج ذلك الكتاب عازما على الطلاق أو مستشيرا أو مترددا أو لا نية له أو لم يخرجه وصل
لها أم لا فهذه عشرة، ولا يقال: كيف يتأتى وصوله إليها والحال أنه لم يخرجه؟ لأنا نقول: يمكن أن يكتبه
ويبقيه من غير إرسال فيأخذه شخص من غير إذنه ويوصله إليها. قوله: (فيقع بمجرد فراغه من كتابة إلخ)
أي وإن لم يتم الكتاب ولو لم يرسله ولم يخرجه من عنده. قوله: (ولو كتب إلخ) أي هذا إذا كتب
هي طالق بل ولو كتب: إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق، وهذا بناء على أن إذا لمجرد الظرفية فينجز كمن
أجل الطلاق بمستقبل، وفي طفي أنه إذا كتب: إن وصل لك كتابي هذا فأنت طالق يوقف الطلاق
على الوصول، وإن كتب: إذا وصل لك كتابي ففي توقفه على الوصول خلاف، وقوي القول بتوقفه على
الوصول لتضمن إذا معنى الشرط. قوله: (إن كتبه مستشيرا) أي أنه كتبه على أن يستشير فيه، فإن رأى أن
ينفذه أنفذه وإن رأى أن لا ينفذه لم ينفذه. قوله: (وأخرجه عازما) أي فيقع الطلاق بمجرد اخراجه
عازما أو لا نية له وإن لم يصل فهذه ثمان صور. قوله: (لحمله) أي الزوج الكاتب عند عدم النية.
قوله: (كذلك) أي مترددا أو مستشيرا. وحاصله أنه إذا كتبه مترددا أو مستشيرا وأخرجه كذلك
أو لم يخرجه، فإما أن يصل إليها وإما أن لا يصل إليها، فإن وصل إليها حنث، وإن لم يصل فلا حنث، وهذه اثنتا
عشرة صورة. قوله: (وأما إذا لم يكن له نية أصلا) أي حين الكتابة سواء أخرجه عازما أو مترددا
أو مستشيرا أو لا نية له أو لم يخرجه وصل إليها أم لا فهذه عشرة أيضا. قوله: (وفي هذه الاثنتي عشرة
صورة إما أن يصل أو لا) أي فالصور حينئذ أربع وعشرون، وإن نظرت إلى زيادة كونه مستشيرا
حين الكتابة وحين الاخراج زادت الصور وبلغت أربعين صورة، إلا أن يراد بالتردد ما يشمل
المستشير تأمل. قوله: (إن عزم أو لا نية له) أي سواء أخرجه عازما أو مترددا أو لا نية له أو لم
يخرجه، وسواء وصل لها أو لا، فهذه ست عشرة صورة. قوله: (وبإخراجه كذلك) أي عازما أو لا نية
له. قوله: (في المتردد) أي فيما إذا كتبه مترددا. قوله: (أو لم يصل) فهذه أربع صور. قوله: (وإلا فلا) فهذه
384

أربع أيضا. قوله: (فعدم الحنث في صورتين فقط) أما إذا كتبه مترددا ولم يخرجه أو أخرجه مترددا
ولم يصل إليها فيهما. قوله: (وفي لزومه بكلامه النفسي خلاف) التوضيح الخلاف إنما هو إذا أنشأ الطلاق
بقلبه بكلامه النفسي، والقول بعدم اللزوم لمالك في المدونة وهو اختيار ابن عبد الحكم القرافي وهو
المشهور، والقول باللزوم لمالك في العتبية قال في البيان والمقدمات وهو الصحيح، وقال ابن راشد: هو
الأشهر. ابن عبد السلام: والأول أظهر لأنه إنما يكتفي بالنية في التكاليف المتعلقة بالقلب لا فيما بين
الآدميين اه‍ بن. قوله: (وأما العزم على أن يطلقها إلخ) أي وكذا من اعتقد أنها طلقت منه ثم تبين له
عدمه فلا يلزمه إجماعا. قوله: (فثلاث إن دخل) أي سواء نسقه أم لا. قوله: (ونسقه إلخ) أي فقوله الآتي
إن نسقه راجع لمفهوم ما هنا أيضا فغير المدخول بها إن نسقه كالمدخول بها في القسمين ما هو بعطف وما
هو بدونه، والمراد بالنسق النسق اللغوي وهو لا المتابعة لا الاصطلاحي وهو توسط أحد حروف
العطف التسعة بين التابع والمتبوع. قوله: (إلا لنية تأكيد فيهما) أي مع عدم العطف. قوله: (فيصدق بيمين إلخ)
أي وتقبل نية التأكيد في المدخول بها ولو طال ما بين الطلاق الأول والثاني، بخلاف غير المدخول
بها فإنه إنما ينفع فيها التأكيد حيث لم يطل وإلا لم يلزمه الثاني ولو نوى به الانشاء قاله عج. قال شيخنا
نقلا عن بعضهم وهو المذهب. وقال الشيخ أحمد الزرقاني: لا يفيد التأكيد في المدخول بها إلا إذا كان نسقا
وإلا لزمه. قوله: (في غير معلق إلخ) متعلق بقول إلا لنية تأكيد فإن نوى التأكيد فلا يلزمه الثلاث
إذا كان ذلك الطلاق غير معلق بمتعدد. قوله: (فإن علقه بمتعدد إلخ) من هذا القبيل: إن كلمت إنسانا فأنت
طالق إن كلمت فلانا فأنت طالق، فبكلامه يلزمه طلقتان لان جهة الخصوص غير جهة العموم كما في المج.
قوله: (ولو طلق) أي زوجته المدخول بها طلقة رجعية ولم تنقض عدتها فقيل له إلخ، فلو كانت غير
مدخول بها أو كان الطلاق بائنا بأن كان على وجه الخلع أو كان رجعيا وانقضت العدة أو قال مطلقة أو
طلقتها فلا تلزمه إلا الطلقة الأولى اتفاقا، فمحل الخلاف مقيد بقيود خمسة أن تكون الزوجة مدخولا
بها وأن يكون الطلاق رجعيا ولم تنقض عدتها، وأن يأتي بلفظ يحتمل الاخبار والانشاء كمثال المصنف،
وأن يكون في القضاء، وأما دعواه أنه لم يرد إخبارا ولا إنشاء فهو موضوع المسألة. قوله: (فإن لم ينو اخباره)
أي فإن ادعى أنه لم ينو اخباره ولا إنشاء طلاق ففي لزوم طلقة أي وأما إن نوى اخباره فاللازم طلقة
واحدة اتفاقا، وإن نوى إنشاء الطلاق فيلزمه طلقتان اتفاقا فالمسألة ذات أطراف ثلاثة. قوله: (حملا على
الاخبار) أي حملا للفظه على الاخبار وكذا يقال فيما بعده. قوله: (قولان) أي للمتأخرين الأول للخمي
وهو الأقرب كما في المج، والثاني لعياض وهو ظاهر المدونة كما في ح عن الرجراجي، وبهذا تعلم أن المحل
هنا للتردد اه‍ بن. ثم إنه على القول الأول من لزوم واحدة يحلف أنه لم يرد إنشاء طلقة ثانية حيث كان له
فيها طلقة وأراد رجعتها وهو الراجح من أقوال ذكرها ح، وقيل يلزمه اليمين مطلقا أراد رجعتها أم لا، وقيل
لا يلزمه يمين مطلقا فإن لم يتقدم له فيها طلاق فلا يلزمه يمين لأنه يملك الرجعة على القولين. قوله: (ولزم في
نصف طلقة) أشار الشارح إلى أن قول المصنف ونصف طلقة عطف على الإشارة وأن الباء بمعنى في أي
385

ولزم في الإشارة وفي نصف طلقة. قوله: (أو نصف وثلث طلقة) محل كونه يلزمه طلقة إذا عطف
كسرا على كسر ما لم يزد مجموع الجزأين على طلقة، فإذا قال: نصف وثلثا طلقة بتثنية ثلث لزمه طلقتان لان
الاجزاء المذكورة تزيد على طلقة، وفي الجواهر لو قال ثلاثة أنصاف طلقة أو أربعة أثلاث طلقة وقعت
اثنتان لزيادة الاجزاء على واحدة نقله طفي، وتنظير التوضيح في ذلك قصور اه‍ بن. قوله: (نحو
إذا ما إلخ) فإذا قال: إذا ما دخلت الدار أو متى ما كلمت زيدا فأنت طالق وفعلت المحلوف عليه
المرة بعد المرة فلا يلزمه إلا طلقة، وأما إذا علق الطلاق بلفظ يقتضي التكرار ككلما فإنه يتكرر لزوم الطلاق
بتكرر الفعل، ومحل عدم تكرار الطلاق في متى ما وإذا ما إذا لم يقصد بهما معنى كلما وإلا تعدد الطلاق
بتعدد فعل المحلوف عليه. واعلم أن مهما تقتضي التكرار بمنزلة كلما كما في المواق. قوله: (وكرر الفعل) أي
وليس المراد وكرر اللفظ لان تكرار اللفظة ونية التأكيد أو عدمه قد تقدم آنفا عند قوله في غير
معلق بمتعدد فلا حاجة لادخاله هنا فقول عبق، وكرر اللفظ أو الفعل فيه نظر بل الصواب قصره
على تكرر الفعل كما قال الشارح لما علمت، ثم إن قول المصنف وكرر نص على المتوهم إذ لو قال: متى ما فعلت
كذا فأنت طالق وفعلته مرة فإنه يلزمه طلقة. قوله: (أو طالق أبدا) أي أو إلى يوم القيامة وإنما لزمت
الواحدة لان المعنى أنت طالق ويستمر طلاقك أبدا أو إلى يوم القيامة وهو إذا طلقها ولم يراجعها
استمر طلاقها أبدا، أي استمر أثر طلاقها وهو مفارقتها أبدا أو إلى يوم القيامة. قوله: (والراجح
في الأخير لزوم الثلاث) أي كما هو ظاهرها عند ابن الحاج وجزم به ابن رشد، وما ذكره المصنف من
لزوم الواحدة فهو ظاهرها عند ابن يونس. قوله: (لإضافة طلقة صريحة إلخ) في العبارة قلب وصوابها
لإضافة كل كسر صريحا إلى طلقة، أي أن كل جزء من الربع والنصف المذكورين مضاف إلى طلقة
غير التي أضيف إليها الآخر فكل منهما أخذ مميزه فاستقل، ولان النكرة إذا ذكرت ثم أعيدت بلفظ
النكرة كانت الثانية غير الأولى. قوله: (والطلاق كله إلا نصفه) مثله إلا نصفا بالتنوين لان المتبادر
نصف ما سبق وكذلك مثله أنت طالق ثلاثا إلا نصفها، وأما لو قال لها: أنت طالق ثلاثا إلا نصف
الطلاق فإنه يلزمه الثلاث، ومثله أنت طالق الطلاق كله إلا نصف الطلاق، ففرق بين أن يقول إلا
نصفه وبين قوله إلا نصف الطلاق لان الطلاق المبهم الواقع في المستثنى واحدة واستثناؤه لا يفيد
فكأنه قال: إلا نصف طلقة فالباقي بعد الاستثناء طلقتان ونصف طلقة فتكمل عليه. والحاصل
أنه إن أضاف النصف للضمير لزمه اثنتان وإن أضافه للطلاق لزمه ثلاث. قوله: (واثنتان في
أنت طالق إن تزوجتك إلخ) وأما عكس كلام المؤلف وهو كل امرأة أتزوجها من بلد كذا فهي
طالق، ثم قال لامرأة من تلك البلد: إن تزوجتك فأنت طالق فإنه يلزمه طلقة واحدة إن تزوجها على
ما استصوبه شيخ ابن ناجي العلامة البرزلي، عكس ما ارتضاه ابن ناجي من لزوم طلقتين، ووجه
كلام البرزلي إن ذكرها بالخصوص بعد دخولها في عموم أهل القرية لم يزدها شيئا فحمل على التأكيد
بخلاف مسألة المصنف، فقد علق فيها مرة بالخصوص ثم مرة بالعموم، والعام بعد الخاص فيه
تأسيس في الجملة فطرد التأسيس في جميع مدلوله، ووجه ما قاله ابن ناجي أن الشئ مع غيره غيره في نفسه،
وقد اعتمد الأشياخ كلام البرزلي، ولكن الظاهر المعتمد كلام ابن ناجي كما قال شيخنا العدوي.
قوله: (واحدة بالخصوص) بدل من قوله واثنتان في أنت طالق إلخ. قوله: (ولزم ثلاث في قوله أنت طالق
الطلاق إلا نصف طلقة) أي لان الباقي بعد الاستثناء طلقتان ونصف فيكمل ذلك النصف، وإنما كان
الباقي بعد الاستثناء ما ذكر لان المراد بالطلاق الثلاث وقد أخرج منه نصف طلقة، ووجهه أنه لما استثنى
نصف الطلقة علم أن الغرض بالطلاق غير الشرعي وإلا كان يقول إلا نصفه، ولو قال ذلك لزمه طلقة
واحدة لان الاستثناء مستغرق قوله: (لأنه محتمل غالب) أي لان المعلق عليه الطلاق محتمل غالب
386

أي وسيأتي أنه إذا علق الطلاق على محتمل غالب فإنه ينجز، وقوله وقصده التكثير أي فلذا كان
المنجز ثلاثا لا أقل. قوله: (وهذا فيمن تحيض أو يتوقع حيضها إلخ) هذا نحو ما لابن عرفة عن
النوادر معترضا به على ابن عبد السلام حيث قال هذا في غير اليائسة أي من تحيض بالفعل والصغيرة،
وأما اليائسة والصغيرة يقول لإحداهما: إذا حضت فلا خلاف أنها لا تطلق عليه حتى ترى دم الحيض.
قوله: (وهي شابة) أي في سن من تحيض. وقوله فلا شئ عليه أي لا يلزمه بقوله المذكور طلاق وإن
طرق الدم الشابة التي لا تحيض بعد ذلك وقال النساء إنه حيض طلقت حينئذ. قوله: (أو كلما طلقتك إلخ)
أما لو قال لها: أنت طالق كلما حليتي حرمتي نظر لقصده، فإن كان مراده كلما حليتي لي بعد زوج
حرمتي تأبد تحريمها، وإن أراد كلما حليتي لي بالرجعة في هذه العصمة بعد الطلاق الرجعي حرمتي حلت
له بعد زوج فإن لم يكن له قصد نظر لعرفهم فإن لم يكن نظر للبساط فإن لم يكن له نية ولا بساط حمل على
المعنى المقتضي للتأبيد احتياطا، ومثل ذلك إذا قال لها: أنت طالق كلما حلك شيخ حرمك شيخ، وأما لو
قال: أنت طالق ثلاثا كلما حليتي حرمتي فإن أراد أن حلية الزوج الثاني بعد هذه العصمة لا
تحلها فإنها تحل له بعد زوج لان إرادته ذلك باطلة شرعا لان الله أحلها بعده، وإن أراد أنها إن حلت له بعد زوج
وتزوجها فهي حرام عليه تأبد تحريمها. قوله: (أو متى ما أو إذا ما) جعلهما من أدوات التكرار ضعيف،
والحق أنهما لا يدلان على التكرار كما مر، وحينئذ فلا يلزمه فيما إلا اثنتان ولا تلزمه الثالثة، كما أن من
قال: إن طلقتك فأنت طالق فإنه إذا طلقها واحدة يلزمه اثنتان لان أن لا تقتضي التكرار، ومثلها متى
ما وإذا ما هذا ما قالوه وإن كان المناطقة جعلوا أن ولو للاهمال وإذا ما ومتى ما للسور الكلي اه‍ شيخنا
عدوي. قوله: (لان فاعل السبب) أي الذي هو الطلقة الأولى والمراد بالمسبب الطلقة الثانية، وإذا كان
فاعل السبب فاعل المسبب آل الامر إلى أن الطلقة الثانية فعله فتجعل سببا للثالثة بمقتضى أداة
التكرار. والحاصل أن الثانية لما وقعت مما هو فعله وهي الأولى صارت تلك الثانية فعله أيضا، وقد
علق الطلاق على فعله فتلزم الثالثة بالثانية. قوله: (ويلغى قوله قبله) لان الزوجة متصفة بالحل إلى زمان
حصول المعلق عليه، وفي زمان حصوله قد مضى الزمان المعبر عنه بقبله والماضي لا ترتفع الحلية فيه
وحينئذ فالثلاث تلزم بعد مضيه. وقال ابن سريج من أئمة الشافعية: إذا قال إن طلقتك فأنت طالق
قبله ثلاثا لا يلزمه شئ أصلا ولا يلحقه فيها طلاق للدور الحكمي لأنه متى طلقها وقع الطلاق قبله
ثلاثا، ومتى وقع قبله الطلاق ثلاثا كان طلاقه الصادر منه لم يصادف محلا. والحاصل أن
الطلاق الصادر منه لزومه يؤدي لالغائه، وكل ما أدى ثبوته لنفيه كان منتفيا، قال العز بن
عبد السلام: وتقليد ابن سريج في هذه المسألة ضلال مبين. قوله: (كقوله أنت طالق أمس)
أي كما يلغى الأمس في قوله ذلك لأجل لزوم الطلاق لأنه لو لم يلغ لم يلزمه شئ لمضي زمن الطلاق.
قوله: (واسمه عبد السلام) أي واسم أبيه سعيد وكان شاميا من حمص ولقب هو بسحنون لأنه اسم
للريح الهابة أو لطير سريع الطيران فلقوة ذهنه وسرعة فهمه لقب بذلك. قوله: (بأن قال شركت بينكن
في ثلاث تطليقات إلخ) أي وإن قال شركت بينكن في طلقة فإن كل واحدة تطلق عليه طلقة، وإن قال:
شركت بينكن في طلقتين طلقت كل واحدة منهن طلقتين. قوله: (طلقن) بفتح اللام وثلاثا
حال أو مفعول مطلق وثلاثا الثاني على تقدير مضاف أي بعد ثلاث، ووجه لزوم الثلاث إذا شركهن
في ثلاث تطليقات أنه ألزم نفسه ما نطق به من الشركة وذلك يوجب لكل واحدة منهن جزأ من
كل طلقة وكل جزء من طلقة يكمل واحدة. قوله: (فلكل واحدة طلقة) أي وأما سحنون فيقول: إن
387

قال بينكن فلكل واحدة طلقة، وإن قال: شركتكن فلكل واحدة ثلاث. قوله: (وقيل بل هو) أي كلام
سحنون تقييد للأولى لما قاله ابن القاسم. قوله: (واحدة ونصفا) أي فيكمل ذلك النصف.
قوله: (فظاهر) أي لأنه التزم الثلاث فيها. قوله: (بتشريك) كانت شريكة مطلقة ثلاثا أو واحدة، وقوله أو غيره
كانت طالق نصف طلقة مثلا. قوله: (ومثل الشعر) أي في كونه من محاسن المرأة كل ما يلتذ به أي أو يلتذ
بالمرأة بسببه فالأول كالريق والثاني كالعقل لان بالعقل يصدر منه ما يوجب للرجل الاقبال عليها
والالتذاذ منها بخلاف العلم. قوله: (كريقك) هو الماء ما دام في فمها، فإن انفصل عن الفم فهو بصاق
والأول يستلذ به بمص لسانها أو شفتها دون الثاني. قوله: (على الأحسن) خلافا لابن عبد الحكم حيث
قال: لا يلزم بكلامك لان الله حرم رؤية أمات المؤمنين ولم يحرم كلامهن على أحد، ورد بأن الطلاق
ليس مرتبطا بحل ولا بحرمة فإن وجه الأجنبية غير حرام وتطلق به، وفي حاشية شيخنا عن بعض
مشايخه أن قال اسمك طالق لم يلزم لأنه من المنفصل قال في المج وضعفه ظاهر لان كل حكم ورد على لفظ
فهو وارد على مسماه وقد قيل الاسم عين المسمى فتأمل. قوله: (وصح استثناء) أي اخراج لعدد.
قوله: (وأخواتها) وهي سوى وخلا وعدا وحاشا. قوله: (إن اتصل المستثنى بالمستثنى منه) أي وهو المحلوف
به فلو فصل بينهما بالمحلوف عليه ضر، كما لو قال: أنت طالق ثلاثا إن دخلت الدار إلا اثنتين، وقال بعضهم:
المراد إن اتصل بالمحلوف به أو المحلوف عليه نحو: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إن دخلت الدار، وأنت
طالق ثلاثا إن دخلت الدار إلا اثنتين وهما قولان. قوله: (فلا يضر إلخ) أي لاتصاله حكما. قوله: (بطل) أي
الاستثناء. وقوله ويلزمه الثلاث أي المستثنى منها. قوله: (ولا بد أن يقصد) أي الاستثناء والاخراج.
قوله: (وأن ينطق به ولو سرا) أي إلا إذا كان الحلف متوثقا به في حق فلا ينفع الاستثناء إذا كان سرا لان
اليمين على نية المحلف كما مر في اليمين. قوله: (ما يشمل المساوي) أي لا خصوص الزائد ولو قال المصنف ولم
يساو كان أظهر لعلم الزائد بالأولى. قوله: (ففي ثلاث إلا ثلاثا إلخ) ما ذكره من لزوم الاثنتين هو مذهب
المصنف بناء على أن قوله إلا ثلاثا ملغى. وقال ابن الحاجب: إنه لا تلزم إلا واحدة، ووجهه أن الكلام
بآخره، وأن المراد أن الثلاث التي أخرج منها الواحدة مستثناة من قوله هي طالق ثلاثا فالمستثنى من
الثلاث اثنتان يبقى واحدة، قال ابن عرفة: وهو الحق، وعلى عكس القولين لو قال: أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا
الاثنتين فعلى ما للمصنف تبعا لابن شاس من إلغاء الاستثناء الأول تلزمه واحدة، وعلى ما لابن الحاجب
وابن عرفة وهو الحق يلزمه اثنتان انظر ابن عرفة اه‍ بن. قوله: (اثنتان) أي على كل من طريقة ابن شاس
وطريقة ابن الحاجب لان الاستثناء من الاثبات نفي ومن النفي إثبات، فقوله: أنت طالق ثلاثا إثبات،
وقوله إلا اثنتين نفي من الثلاث فقد وقع عليه طلقة، وقوله إلا واحدة استثناء من الاثنتين المنفيتين
388

فهي مثبتة فيقع عليه طلقة أخرى وقبله طلقة فيلزمه اثنتان. قوله: (إلا اثنتين إلا واحدة) راجع لكل
من ثلاثا والبتة كما نبه عليه الشارح حذفه من الأول لدلالة الثاني قوله: (وواحدة واثنتين إلا اثنتين) في
ابن عرفة: أن العطف بثم كالعطف بالواو وينبغي كما قال خش أن العطف بغيرهما مما يأتي هنا كالفاء كذلك.
قوله: (إن كان الاستثناء إلخ) أي إن كان قصده أن الاستثناء من الجميع، وقوله فواحدة أي فيلزمه
واحدة وتقبل نيته بدون يمين ولو في القضاء كما قال شيخنا. قوله: (فثلاث) أي لبطلان الاستثناء في
الأوليين لاستغراقه واحتياطا للفروج في الثالثة وقيل يلزمه واحدة في الثالثة. قوله: (قولان) أي
لسحنون والثاني منهما هو ما رجع إليه سحنون واستظهره ابن رشد قال في التوضيح وهو الأقرب، ابن
عبد السلام: وأقوى في النظر. قوله: (وبدأ بالماضي) أي وبدأ بالكلام على ما إذا علقه على أمر مقدر
وقوعه في الماضي. قوله: (من غير توقف على حكم) أي من القاضي إلا في مسائل ثلاثة أو بمحرم
كإن لم أزن، ومسألة إن لم تمطر السماء، ومسألة ما إذا علقه على محتمل واجب كإن صليت فالتنجيز في هذه
الثلاثة يتوقف على حكم الحاكم وما عداها مما ذكره المصنف لا يتوقف على حكمه. قوله: (إن علق
بماض) أي إن ربط بأمر مقدر وقوعه في الزمن الماضي لأجل قوله ممتنع لان الماضي لا يمتنع وقوعه اه‍ عدوي.
والمراد أنه علقه عليه من حيث انتفاء وجوده وانتفاء وجوده محقق واجب فلذا نجز عليه
الطلاق. قوله: (لو جاء زيد أمس لجمعت إلخ) لا شك أن الجمع المذكور ممتنع وقد علق الطلاق عليه من
حيث انتفاؤه وبمقتضى لو لأنها دالة على انتفاء الجواب لانتفاء الشرط وانتفاء الجمع المذكور واجب
فهو في الحقيقة قد علق الطلاق على أمر واجب عقلي محقق فلذا أنجز الطلاق. والحاصل أن الطلاق
بحسب الظاهر مرتبط بالمحال بأوجهه وفي الواقع إنما هو بنقيضه، فإذا كان مرتبطا ظاهرا بالمحال عقلا
فهو في المعنى معلق على ضده وهو الوجوب العقلي وقس اه‍ عدوي. وعبارة بن: وقوله إن علق بماض
يعني على وجه الحنث هو في الحقيقة تعليق على انتفاء وجود ذلك الممتنع والانتفاء له هو المحقق فلذا
نجز عليه الطلاق قاله ابن عاشر اه‍. قوله: (لزنى بامرأته) أي أو لقتله أو ضربه إلا أن يقصد المبالغة
ويكون قادرا على ما أراد من المبالغة بأن يكون قادرا على ضربه الذي أراده بالقتل مثلا، وكونه لا حنث
عليه هو قول ابن بشير وابن شاس، وقال ابن ناجي: ظاهر المدونة الحنث ويظهر من ح ترجيحه.
قوله: (أو علق على جائز) أي علق على أمر مقدر وقوعه في الماضي جائز عادة، ويلزم من كونه جائزا عادة أن
يكون جائزا عقلا. قوله: (ولو وجب شرعا) أي هذا إذا كان جائزا شرعا أيضا بل ولو وجب شرعا أو
ندب. قوله: (أو ندب) عطف على قوله: ولو وجب شرعا كعليه الطلاق لو جئتني أمس لأعطيتك كذا
لشئ لا يجب عليه. قوله: (ومثال الجائز شرعا) أي وعادة أيضا قوله: (بأقسامه الثلاثة) فالواجب العادي
389

كقوله: زوجته طالق لو لقيني أسد أمس لفررت منه، والواجب العقلي كقوله: علي الطلاق لو لقيتك
أمس ما جمعت بين وجودك وعدمك، أو ما طلعت بك السماء ولا نزلت بك الأرض، والواجب الشرعي
كقوله: علي الطلاق لو كنت غير نائم أمس لصليت الظهر. قوله: (أو علق على مستقبل) أي ربط بأمر
محقق الوجود في المستقبل. قوله: (ويشبه بلوغهما معا إليه) وأما إن كان يشبه بلوغ أحدهما إليه دون
الآخر فلا ينجز لأنه إن كان كل من الزوجين يبلغ الاجل ظاهرا صار شبيها بنكاح المتعة من كل وجه،
وأما إن كان يبلغه أحدهما فقط فلا يأتي الاجل إلا والفرقة حصلت بالموت فلم يشبه المتعة حينئذ ولذا
قال أبو الحسن ما نصه هذا على أربعة أقسام: إما أن يكون ذلك الاجل مما يبلغه عمرهما فهذا يلزم أو
يكون مما لا يبلغه عمرهما أو يبلغه عمره أو عمرها فهذه الثلاثة لا شئ عليه فيها إذ لا تطلق ميتة ولا يؤمر
ميت بطلاق. ابن يونس: وفي العتبية قال عيسى عن ابن القاسم: ومن طلق امرأته إلى مائة سنة أو إلى مائتي
سنة فلا شئ عليه. وقال ابن الماجشون في المجموعة: إذا طلقها إلى وقت لا يبلغه عمرها
أو لا يبلغه عمره أو لا يبلغانه لم يلزمه اه‍ بن. قوله: (كأنت طالق) هذا مثال للواجب العادي وكذا ما بعده، ومثال
الواجب العقلي: إن انتفى اجتماع الضدين بعد سنة فأنت طالق. قوله: (فينجز إلخ) أي لأنه ربط الطلاق
بأمر محقق وقوعه في المستقبل لوجوبه عادة إذ حصول الموت لكل واحد واجب عادي، فلو بقي من
غير تنجيز للطلاق كان جاعلا حليتها لوقت معلوم يبلغه عمره في ظاهر الحال فيكون شبيها بنكاح المتعة.
قوله: (بخلاف بعد موتي) أي فلا يلزمه شئ لان الاجل لا يأتي إلا وقد حصلت الفرقة بالموت ولأنه
لا يطلق على ميتة ولا يؤمر ميت بالطلاق. قوله: (أو بعده) أي وكذا قبله بيوم مثلا. قوله: (فيطلق عليه
حالا في الأربع) هذا ما ذكره التوضيح وهو الصواب، خلافا لما في عبق من أنه لا شئ عليه في
أنت طالق يوم موت فلان أو بعده. والحاصل أنه لا فرق في التعليق على موت الأجنبي بين يوم
وان وإذا وقبل وبعد فينجز عليه الطلاق في الجميع، وإنما يفترق في التعليق على موت أحد الزوجين
أو على موت سيد الزوجة إذا كان أبا للزوج كما تقدم فينجز عليه في يوم وقبل ولا شئ عليه في أن وإذا
وبعد اه‍ بن. قوله: (في الأربع صور) أي وكذا: أنت طالق قبل موت فلان بيوم أو شهر.
قوله: (فعدمه محقق) أي لكونه واجبا عاديا. وقوله وقد علق الطلاق عليه أي على عدم المسيس في المستقبل
الذي هو محقق. قوله: (وإن لم يكن هذا الطائر طائرا) أي وإن لم يكن هذا الانسان إنسانا قوله: (يعد
ندما بعد الوقوع) أي لأنه لما وقع عليه الطلاق ندم فأحب أن يرفع ذلك بالشرط. قوله: (وهو ظاهر)
أي لأنه علق الطلاق على انتفاء الحجرية عن الحجر وهي لا تنتفي فلا يقع طلاق لعدم حصول المعلق
عليه. قوله: (فينجز عليه مطلقا) أي لأنه علق الطلاق على أمر محقق وهو ثبوت الحجرية للحجر، ومحل
تنجيزه عليه مطلقا إن لم يقترن الكلام بما يدل على المجاز وهو تمام الأوصاف ككونه صلبا لا يتأثر بالحديد
فينظر له فإن كان كذلك تجز وإلا فلا. قوله: (كطالق أمس) أي قاصدا به الانشاء بدليل التعليل المذكور،
فإن ادعى الاخبار كذبا دين عند المفتي قوله: (حذف هذا) أي قوله أو لهزله كطالق أمس، وقوله والذي
قبله أي قوله: وإن لم يكن هذا الحجر حجرا. قوله: (أو بما لا صبر عنه) أي أو بما لا صبر على تركه كالقيام
فإن الانسان لا يصبر على تركه وهو عطف على قوله بماض أي ونجز إن علقه على أمر لا صبر له أو لها
على تركه، لان ما لا صبر على تركه كالمحقق الوقوع فكأنه علق الطلاق على أمر محقق الوقوع، ومن
علقه على حصول أمر محقق الوقوع نجز عليه لان بقاءه بلا تنجيز يشبه نكاح المتعة.
390

قوله: (أو قيد يعسر فيها ترك القيام) أي وأما إذا عين مدة لا يعسر ترك القيام فيها كما إذا قال: إن
قمت في مدة ساعة فأنت طالق فإنه لا ينجز عليه بل ينظر إن لم يحصل منها قيام في تلك المدة فلا شئ
عليه، وإن حصل منها قيام فيها وقع الطلاق، فإن كان المحلوف على أنه لا يقوم كسيحا نحو: إن قام فلان أو
إن قمت أنت أو أنا فأنت طالق وكان فلان أو هو أو الزوجة كسيحا حال اليمين فلا شئ عليه، فإن زال
الكساح بعد اليمين نجز عليه. قوله: (فينجز عليه) أي الطلاق غير الثلاث أخذا مما مر من أنه إنما ينجز
الثلاث إذا كانت الصيغة تقتضي التكرار نحو: كلما حضت فأنت طالق، وما ذكره من التنجيز بمجرد
قوله هو المشهور، وقال أشهب: لا ينجز بل ينتظر حصول الحيض فإذا جاء المفقود وقال أصبغ: إن كان
على حنث تنجز وإلا فلا نحو: إن كلمت فلانا فأنت طالق، إن حضت أو إن لم تكلمي فلانا فأنت
طالق، إن حضت فإن كلمته في الأولى انتظر حيضها ولا تطلق عليه بمجرد كلامها وإن تلوم لها في
الثانية فلم تكلمه فينجز طلاقها ولا ينتظر حيضها. قوله: (لا آيسة) أي ولا من شأنها عدم الحيض وهي شابة
وهي التي يقال لها بغلة، اللهم إلا إذا حاضت فيقع الطلاق إذا قال النساء إنه حيض ذكره ح،
وهو يخالف ما يأتي من أنه إذا علق الطلاق على أجل لا يبلغه عمرها معا عادة فإنه لا يقع عليه الطلاق
ولو بلغاه كذا بحث بعضهم. قوله: (أو محتمل واجب) هذا يتوقف التنجيز فيه على الحكم كما يأتي في
قوله: أو بمحرم إلخ كما في التوضيح و ح اه‍ بن. فإن فات الوقت ولم يفعل فلا حنث. وقوله محتمل أي
للوقوع وعدمه. قوله: (فينجز عليه الطلاق في الحال ولا ينتظر إلخ) أي للشك في اليمين في الحال هل هي
لازمة أو لا؟ فالبقاء معها بقاء على فرج مشكوك فيه وظاهره أنه ينجز، ولو علم انتفاء المعلق عليه عقب اليمين
بأن ولدت بنتا عقب اليمين. فإن قلت: إذا علق الطلاق على دخول الدار لا ينجز عليه بل ينتظر مع أنه علق
الطلاق على أمر مشكوك فيه حالا ويعلم مآلا. قلت: الفرق بينهما أن الطلاق في مسألة دخلت محقق عدم
وقوعه في الحال لا أنه مشكوك فيه وإنما هو محتمل الوقوع في المستقبل، والأصل عدم وقوعه بعدم وقوع
المعلق عليه فلذا لم ينجز، وأما مسألة إن كان في بطنك إلخ فالطلاق مشكوك فيه في الحال هل لزم أو لا؟
فالبقاء معها بقاء على فرج مشكوك فيه. قوله: (للشك حين اليمين) أي هل لزمت اليمين أم لا؟ فالبقاء مع تلك
اليمين حتى تكسر اللوزة بقاء على فرج مشكوك فيه. قوله: (لقرينة) كتحريكها قرب أذنه وظن أن فيها
قلبين. قوله: (وظهر ما غلب على ظنه) أي فإذا قال: إن كان في هذه اللوزة قلبان فأنت طالق فينجز عليه
الطلاق ولو ظهر أن فيها قلبين بعد ذلك لا ترجع له لان تنجيز الطلاق هنا لا يتوقف على حكم. قوله: (أو
فلان من أهل الجنة) قال ح: ليس هذا من أمثلة ما لا يعلم حالا، وإنما هو من أمثلة ما لا يعلم حالا ولا
مآلا كما في التوضيح، فالأنسب ذكره هناك ثم محل الحنث ما لم يرد العمل بعمل أهل الجنة ويكون
كذلك وإلا فلا شئ عليه. قوله: (ما لم يقطع بذلك) أي بأن أخبر النبي (ص) عنه بأنه يدخل الجنة أو النار
أو نص القرآن على ذلك كما في أبي لهب. قوله: (ولا عبرة بقول من قال بإيمانه) أي بإيمان فرعون مستدلا
بقوله تعالى: * (حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) * ورد بأن توبة
الكافر عند الغرغرة لا تقبل على الراجح عندهم. قوله: (أو إن كنت حاملا أو إن لم تكوني حاملا
فأنت طالق) أي فينجز عليه الطلاق للشك في اليمين هل لزمته أم لا؟ وهذا إذا كان قد مسها في ذلك
الطهر وأنزل ولو مع العزل ولو كانت الصيغة صيغة بر أو حنث كلما مثلما، فإن كان في طهر لم يمس فيه أصلا
أو مس فيه ولم ينزل فإنها تحمل على البراءة من الحمل كما أشار له المصنف بقوله: وحملت على البراءة.
391

قوله: (أو مسها فيه ولم ينزل) أي أصلا لا إن أنزل ولو مع العزل فلا تحمل على البراءة فحصلت المغايرة
بينه وبين ما اختاره اللخمي فإنه اختار الحمل على البراءة من الحمل فيما إذا أنزل مع العزل. قوله: (فلا حنث
في إن كنت إلخ) أي لا يحنث في صيغة البر ويحنث في صيغة الحنث. وقوله كما إذا لم ينزل أي كما أنه لا
يحنث إذا لم ينزل أصلا سواء مسها في طهر أو لم يمسها أصلا. قوله: (بأن الماء قد يسبق) أي وحينئذ فالشك
في لزوم اليمين وعدم لزومها حاصل مع العزل، فلو لم ينجز الطلاق وأبقى حتى يظهر الحال لزم البقاء على
فرج مشكوك في إباحته. قوله: (أو لم يمكن اطلاعنا عليه) أي لا في الحال ولا في المآل، بخلاف ما تقدم
فإنه لا يعلم حالا فقط. قوله: (فينجز فيهما) لان المشيئة لا تنفع في غير اليمين بالله كما مر للمصنف في باب
اليمين في قوله: ولم يفد في غير الله كالاستثناء بأن شاء الله إلخ. وقد تبع المصنف ابن يونس في تمثيل ما
لا يمكن الاطلاع عليه لا حالا ولا مآلا بأن شاء الله، واعترضه ابن رشد بأن التمثيل بهذا لما لا يمكن الاطلاع
عليه إنما يظهر على كلام القدرية من أن بعض الأمور على خلاف مشيئته تعالى، فيحتمل أن اليمين
لازمة وأنها غير لازمة، أما إن قلنا: كل ما في الكون بمشيئته فالصواب أن هذا من التعليق على أمر محقق
إن أراد إن شاء الله طلاقك في الحال لأنه بمجرد نطقه بالطلاق علم أنه شاء، وإن أراد إن شاءه في
المستقبل فهو لاغ لان الشرع حكم بالطلاق فلا يعلق بمستقبل، وأجاب بعضهم بأن جعل ذلك مثالا
لما لا يمكن الاطلاع عليه منظور فيه للمشيئة في ذاتها فلا ينافي أنها تعلم بتحقق المشئ فتأمل. قوله: (لان
المشيئة لا اطلاع لنا عليها) أي لأنه لا يمكن الاطلاع على ذات الله في الدنيا أصلا حتى تعلم مشيئته،
وحينئذ فيحتمل لزوم اليمين وعدم لزومها، فاليمين مشكوك في لزومها وعدمه، فالبقاء معها بقاء على فرج
مشكوك فيه، وكذا يقال في مشيئة الملائكة والجن. قوله: (على معلق عليه) متعلق بصرف لتضمينه
معنى سلط. قوله: (وحصل المعلق عليه) أي وأما إذا لم يحصل المعلق عليه فلا حنث. قوله: (إن وجد
الدخول) أي أنه ينجز عليه بمجرد الدخول ولا يتوقف على حكم. قوله: (عند ابن القاسم) أي خلافا
لأشهب وابن الماجشون حيث قالا: إذا صرف المشيئة للمعلق عليه فلا طلاق ولو فعلت المعلق عليه
كالدخول. قوله: (فيلزم اتفاقا). الحاصل إذا صرف المشيئة للمعلق كالطلاق أو للمعلق والمعلق عليه
معا أو لم يكن له نية فإنه يلزم الطلاق اتفاقا حيثما حصل المعلق عليه. واما إذا صرفها للمعلق عليه فخلاف فقال ابن قاسم بوقوع الطلاق إذ حصل المعلق عليه وقال أشهب وابن
الماجشون: لا يقع طلاق ولو حصل المعلق عليه. ووجه ما لابن القاسم أن الشرط معلق بمحقق فإن كل
شئ بمشيئة الله تعالى والاستثناء لاغ وتناقض وتعقيب بالرفع فإنه معلوم أنها لا تدخل إلا إذا شاء
الله الدخول فكان كالاستثناء المستغرق إذ لم يبق بعد المستثنى حالة أخرى. قوله: (ونوى صرفه في
المعلق عليه) أي وأن المعنى: أنت طالق إن دخلت الدار إلا أن يبدو لي ويظهر لي عدم جعله
أي الدخول سببا في الطلاق. قوله: (بل لا يلزمه شئ) أي ولو دخلت الدار. وقوله: فلا ينجز أي
في الحال فصح الاضراب وظاهره أنه لا يلزمه شئ إذا دخلت الدار ولو بدا له جعل الدخول سببا
في الطلاق فلا عبرة بإرادته وهو ما اختاره عج. والذي قاله غيره أنه ينظر لما يبدو له، فإن بدا له جعل
الدخول غير سبب، فلا يقع عليه الطلاق إذا دخلت وإن بدا له جعله سببا وقع الطلاق إن دخلت
واستصوبه بعض المحققين. قوله: (ففي الحقيقة) أي لان كل سبب موكول إلى إرادة المكلف لا يكون
سببا إلا بتصميمه وجعله سببا. قوله: (كإن لم تمطر السماء إلخ) تمطر بضم التاء من أمطر الرباعي أفصح.
392

قوله: (فينجز عليه في الحال) أي للشك في اليمين هل لزمت أم لا؟ فيكون البقاء معها بقاء على فرج
مشكوك فيه، لكن تنجيز الطلاق عليه هنا بحكم حاكم كما يفيده ما في ابن غازي عن ابن القاسم. قوله: (ولا
ينتظر وجوده) أي وجود المطر في غد فإن أمطرت بعد كلامه لم ترد إليه زوجته بعد التنجيز. قوله: (على عدم
واجب) أي وهو المطر في المستقبل فإنه واجب عادي فلا يتخلف، وقد علق ذلك الحالف الطلاق على
انتفائه فلا يقع ذلك الطلاق لعدم حصول المعلق عليه. قوله: (خلاف النقل إلخ) الذي في بن أن ما مشى عليه
المؤلف هنا هو ما في التوضيح عن التنبيهات، والذي لابن رشد في المقدمات يقتضي أنه ينجز عليه حالا
ولا ينتظر، فإن غفل عنه حتى جاء ما حلف عليه فقيل يطلق عليه وقيل لا، وقيل: إن كان حلفه أو لا
لامر توسمه مما لا يجوز له شرعا كالسحاب لم يطلق عليه وإلا طلق عليه، إذا علمت هذا تعلم أن ما قاله
المصنف منقول غاية الأمر أنه خلاف المعتمد، وحينئذ فلا يصح الاعتراض عليه بأن ما قاله خلاف
النقل. قوله: (أنه يطلق عليه جزما) أي أنه ينجز عليه الطلاق في الحال اتفاقا وقد علمت ما فيه.
قوله: (وهل ينتظر إلخ) حاصله أنه إذا علق الطلاق على مستقل لا يدري أيوجد أو لا فإنه ينجز عليه
الطلاق إن كانت الصيغة صيغة حنث كإن لم تمطر السماء غدا، فإن كانت الصيغة صيغة بر وأجل
بأجل قريب فقولان. قوله: (بأجل قريب نحو أنت طالق إلخ) الذي في نقل التوضيح تمثيل
القريب بغد، والذي في نقل اللخمي بشهر فلذا مثل الشارح بكل منهما. قوله: (وأما لعادة) أي وأما
إذا حلف لعادة والحال أنه قيد بزمن قريب كما لو قال لزوجته في شهر بؤونة أو في شهر بشنس إن
أمطرت السماء غدا أو في هذا الشهر فأنت طالق. قوله: (من حيز البعيد) أي وحينئذ فينجز عليه فيها.
قوله: (كأن لم أزن أو إن لم أشرب الخمر) أي وإن لم أقتل فلانا أو إن لم أضربه أو إن لم آخذ ماله.
قوله: (ولا يقع عليه طلاق قبل الحكم) فإن أفتاه مفت بوقوع الطلاق من غير حكم فاعتدت زوجته وتزوجت
ثم فعل المحلوف عليه المحرم فإن زوجته ترد إليه فعصمة الأول لم ترتفع، وهذا لا يمنع من كون وطئ
الثاني وطئ شبهة يدرأ الحد ويلحق به الولد. قوله: (لكن ينجز عليه في هذه الحاكم) أي وكذلك فيما
إذا علق الطلاق على محتمل واجب شرعا كأن صليت في شهر كذا فأنت طالق، وكذا في مسألة إن لم
تمطر السماء غدا فأنت طالق فلا يقع الطلاق فيهما قبل الحكم، فإذا أمطرت قبل الحكم عليه بالطلاق
أو مضى الاجل ولم يصل فيه قبل الحكم عليه فالطلاق لم يلزمه شئ تأمل. قوله: (أو علقه بما لا يعلم
حالا ولا مآلا) هذا تكرار مع قوله: أو ما لا يمكن اطلاعنا عليه وأعاده لأجل أن يرتب عليه
ما بعده قاله الشارح بهرام. قوله: (فينجز عليه الطلاق) أي للشك ولزوم اليمين له حين الحلف
وعدم لزومها له فالبقاء مع تلك اليمين بقاء على فرج مشكوك فيه. قوله: (ودين) أي ويحلف في
القضاء دون الفتوى كما في التوضيح والمواق اه‍ بن. قوله: (كحلفه أنه رأى الهلال) أي ليلة الثلاثين.
393

قوله: (كإن كان هذا غرابا إلخ) أي وكمن قال لرجل امرأته طالق لقد قلت لي كذا فقال له الآخر: امرأته
طالق ما قلت لك كذا، وكحلفه أن فلانا يعرف أن لي حقا في كذا فحلف الآخر أنه لا يعرف أن له حقا في
كذا. وكحلفه عبده حر إن كان دخل المسجد في هذا اليوم فحلف الآخر عبده حر إن لم يكن دخله في
هذا اليوم لان كلا منهما مخاطب بيقينه لا بيقين غيره، ومفهوم قوله حلف اثنان إلخ أنه لو حلف واحد
على النقيضين من امرأتيه بأن حلف بطلاق فلانة على الاثبات والأخرى على النفي فإن التبس عليه
الحال وتعذر التحقق طلقتا وإن بان له شئ عمل عليه. قوله: (على ما ينجز فيه الطلاق) أي على الحالة التي
ينجز إلخ. قوله: (ولا يحنث) أي لا حالا ولا مآلا لان ما ذكره من القسم الأول في كلام الشارح. قوله: (إن
علقة إلخ) أي فإن وقع المحلوف عليه كالممتنع شرعا فإنه يحنث. قوله: (إن جمعت بين الضدين) أي فقد
علق الطلاق على الجمع بين الضدين في المستقبل وهو محال عقلا. قوله: (كأن لمست السماء) أي أو إن حملت
الجبل فأنت طالق أي فقد علق الطلاق على لمس السماء في المستقبل أو حمل الجبل هو ممنوع عادة.
قوله: (أو إن شاء هذا الحجر) هذا قول ابن القاسم في المدونة، وقال ابن القاسم في النوادر: ينجز عليه الطلاق
لهزله وبه قال سحنون، وذكرهما عبد الوهاب روايتين وذكر أن لزوم الطلاق أصح اه‍ بن.
قوله: (لأنه علق الطلاق على شرط ممتنع وجوده) أي ويلزم من عدم الشرط عدم المشروط. قوله: (إن زنيت
إلخ) أي فقد علق الطلاق على الزنا في المستقبل وهو ممتنع شرعا. قوله: (بخلاف صيغة الحنث) أي إن لم
أجمع بين وجودك وعدمك أو بين الضدين فأنت طالق، أو إن لم أمس السماء فأنت طالق، أو إن لم أزن
فأنت طالق فينجز عليه الطلاق، وقوله بخلاف إلخ هذا محترز قوله في صيغة بر، ولا حاجة لتقييد المصنف
بصيغة البر لان نحو: إن لم أزن في صيغة الحنث التعليق فيه على واجب لا على ممتنع. قوله: (على ما لم تعلم
مشيئته إلخ) أي على مشيئة شخص لم تعلم مشيئة ذلك الشخص الذي علق الطلاق على مشيئته.
قوله: (فمات إلخ) فرض الشارح الكلام فيم إذا كان المعلق على مشيئته حيا وقت التعليق ثم مات، ومثل ذلك ما لو
كان ميتا وقت التعليق والحال أن الحالف لم يعلم بموته باتفاق فيهما فإن كان عالما بموته وقته فكذلك لا
شئ عليه على ظاهر المدونة خلافا للخمي حيث قال: ينجز عليه الطلاق. قوله: (بخلاف إلخ) هذا جواب
عما يقال: قد تقدم أن المعلق على مشيئة الله والجن والملائكة ينجز عليه الطلاق مع أنه لم يعلم مشيئة من
ذكر، وهذا يعارض ما ذكره المصنف هنا. وحاصل الجواب أن مراد المصنف هنا بقوله: أو لم تعلم مشيئة
المعلق على مشيئته أي والحال أنه من جنس من تعلم مشيئته وهو الآدمي، وهذا بخلاف المعلق على
مشيئة الله والملائكة والجن فإنه معلق على مشيئة من شأنه أن لا تعلم مشيئته فلا معارضة. والحاصل
أنه فرق بين التعليق على مشيئة من لا تعلم مشيئته والحال أن من شأنه أن تعلم
مشيئته، وبين المعلق على مشيئة من لا تعلم مشيئته والحال أن شأنه أن لا تعلم مشيئته، ففي الأول لا شئ عليه، وفي
الثاني ينجز الطلاق عليه. قوله: (أو علقه بمستقبل لا يشبه إلخ) تقدم أنه إذا علق طلاقها على أجل
يبلغه عمرهما معا في الغالب فإنه ينجز عليه، وأشار هنا إلى أنه إذا علق طلاقها على أجل
لا يبلغه عمرهما أو أحدهما غالبا فإنه لا شئ عليه لا حالا ولا مآلا، وظاهره ولو انخرمت العادة
394

وعاشا إليه، بخلاف ما إذا علقه على حيض بغلة وطرقها الدم وقال النساء أنه حيض فإنها تطلق عليه،
والفرق أن النساء محل للحيض في الجملة فاعتبر، وأما مجاوزة العمر الغالب فنادر لا حكم له. قوله: (حيث
كانت في عصمته وهو صبي أو مجنون وعلم تقدم جنونه إلخ) هذا الشرط وهو قوله: وعلم إلخ معلوم مما
قبله، والقيد في المجنون ذكره في المدونة، وأما القيد في الصبي فقد ذكره أبو الحسن، قال ابن ناجي:
وأطلق الأكثر اه‍ بن، وزاد بعضهم في المجنون أن يكون مستندا في قوله لاخبار مخبر لا لعلمه وإلا لزمه
الطلاق. قوله: (وإلا حنث) أي لأنه يعد قوله: وأنا صبي أو مجنون ندما منه على وقوع الطلاق. قوله: (أو
إن مت أو متي) أي أو متي مت أو متي. قوله: (بخلاف يوم موتي) أي فإنه ينجز عليه لشبهه بنكاح
المتعة وأولى قبل موتي بيوم أو شهر. قوله: (إلا أن يريد بأن) أي أو بإذا كما رجع إليه مالك تغليبا للشرطية
على الظرفية والظاهر أن مثلهما متى اه‍ بن وعدوي. قوله: (إلا أن يريد نفيه) أي عنادا. قوله: (أنت
طالق لا أموت) أي وهذه صيغة بر في معنى أنت طالق إن مت أي مطلقا أو من هذا المرض فهو في
الأول علق الطلاق على أمر محقق لان الموت واجد عادي، وفي الثاني علقه على أمر غير معلوم حالا.
قوله: (بأن كانت إلخ) مرتبط بقوله الخالية من الحمل تحقيقا، أي بسبب كونها إلخ. قوله: (أو قال لها) أي
لزوجته الخالية من الحمل تحقيقا إن حملت إلخ. قوله: (إلا أن يطأها إلخ) أي ويقول لها ما ذكر بعد الوطئ
أو يطأها قبل قوله ما ذكر والحال أنه لم يستبرئها، فقول المصنف: وإن قبل يمينه إن للمبالغة أي هذا إذا
كان الوطئ بعد يمينه بل ولو كان قبله والحال أنه لم يستبرئها، وقوله إن قبل يمينه كذا نقله عياض عن
ابن القاسم وروايته كما في التوضيح. قوله: (فينجز عليه) أي وليس له وطؤها خلافا لابن الماجشون
حيث قال: إذا قال لها إن حملت فأنت طالق كان له وطؤها في كل طهر مرة إلى أن تحمل أو تحيض قياسا على
ما إذا قال لامته: إن حملت فأنت حرة فإن له وطأها في كل طهر مرة ويمسك إلى أن تحمل أو تحيض، وفرق
ابن يونس بمنع النكاح لأجل وجواز العتق له، وقد استفيد من تقييد الشارح لقول المصنف أو إن
ولدت أو إن حملت بما إذا كانت خالية من الحمل تحقيقا فإن وطئ نجز عليه، وحمل قوله سابقا: إن كان
في بطنك غلام أو إن لم يكن أو إن كنت حاملا أو إن لم تكوني على ما إذا مسها في طهر وأنزل، وأما إذا قال لها
ذلك وهي في طهر لم يمسها فيه أو مسها فيه ولم ينزل فلا حنث عليه إن كانت يمينه على بر مساواة ما هنا
وهو إن ولدت أو حملت لما مر في قوله: إن كان في بطنك غلام أو إن لم يكن أو إن كنت حاملا أو إن لم
تكوني فحكم الأربع واحد، وهذه طريقة اللخمي، وخالفه عياض في صورة إن ولدت فقط. والحاصل
أن عياضا يوافق اللخمي في إن كان في بطنك غلام أو إن لم يكن أو إن كنت حاملا أو إن لم تكوني
أو إن حملت، فإن كانت محققة البراءة لا شئ عليه، وإن كانت محققة الحمل أو مشكوكته بأن
قال لها ذلك في طهر مسها فيه وأنزل فإنه ينجز عليه، وأما إن ولدت جارية فإن كانت براءتها
محققة فيتفقان على عدم التنجيز، لكن عند اللخمي ينتظر إلى الوطئ فإن وطئ نجز عليه.
وعند عياض إذا وطئ لا ينجز عليه بل ينتظر للولادة، فإن كانت محققة الحمل أو مشكوكا في حملها
فهو محل الخلاف بينهما، فعند اللخمي ينجز عليه، وعند عياض لا ينجز عليه بل ينتظر للولادة،
والمشهور ما قاله اللخمي كما في ح انظر بن. قوله: (لحصول الشك في العصمة) لأنه إن كان اليمين قبل
الوطئ يحتمل الحمل من ذلك الوطئ المتأخر ويحتمل عدمه، وإن كان الوطئ متقدما وحلف قبل أن
يستبرئها يحتمل أنها حامل قبل اليمين فيكون قد علق الطلاق على أمر حاصل، ويحتمل أنها غير
حامل اه‍. وفيه أنه إذا كان الوطئ متقدما وحلف قبل أن يستبرئها لم يعلق الطلاق على حمل
يحصل في المستقبل كما تقتضيه إذا بل على حمل حاصل إلا أن يريد بقوله إذا حملت إن كنت حاملا تأمل.
395

قوله: (والاستثناء راجع للمسألتين) أي كما قال جد عج وتبعه الشيخ سالم السنهوري، والمراد
بالمسألتين: إن ولدت أو إن حملت فأنت طالق. قوله: (إلا أن يطأها مرة) أي وينزل والحال أنها ممكنة
الحمل. قوله: (كما لو كانت ظاهرة الحمل) أي فإذا قال لها: إن حملت ووضعت فأنت طالق فإنه ينجز عليه
الطلاق نظرا للغاية الثانية وهي قوله: ووضعت فإنه بالنظر لها قد علق الطلاق على أمر تستقبل غالب.
قوله: (ثم تارة يثبت) أي يأتي بصيغة الاثبات وهي صيغة البر. قوله: (وتارة ينفي) أي يأتي بصيغة
النفي وهي صيغة الحنث. قوله: (كيوم قدوم زيد) أي فإذا قال لها ذلك فإنه ينتظر قدومه ولا يمنع
منها مدة الانتظار. قوله: (أو لا نية له نجز إلخ) فيه نظر بل ظاهر كلام النوادر وابن عرفة أنه إذا
كان لا قصد له فإنه ينتظر وأنه لا ينجز عليه إلا إذا قصد التعليق على نفس الزمن، ولا فرق
بين يوم وإذا انظر ح اه‍ بن. قوله: (وتبين الوقوع إلخ). حاصله أنه إذا قدم زيد ليلا
فإنه يحنث بالقدوم ولا يتبين وقوع الطلاق أول اليوم، وإن قدم نهارا فإنه يتبين وقوع
الطلاق من أول ذلك اليوم، وعليه فلو كانت عند طلوع الفجر طاهرا وحاضت وقت
مجيئه لم يكن مطلقا في الحيض، وعليه فتحسب هذا الطهر من عدتها إذ لم يقع في أثناء اليوم
المقتضي للالغاء. قوله: (التوارث) فإذا ماتت أول النهار عند طلوع الشمس وقدم في أثنائه فلا يرثها
لأنه تبين أنها ماتت وهي مطلقة. قوله: (في هذا) أي في هذا المثال وهو أنت طالق يوم قدوم زيد. وقوله
بنفس القدوم أي حيا، وأما لو قدم به ميتا فلا شئ على الحالف لأنه لم يصدق عليه أنه قدم وإنما
يصدق عليه أنه قدم به. قوله: (ومن هذا القبيل) أي قول المصنف: وانتظر إن أثبت إلخ. قوله: (من
باب تعقيب الرافع) أي من تعقيب الطلاق الذي وقع بالرافع له. قوله: (في المعلق عليه) أي إذا صرفه
في المعلق عليه. قوله: (فقط) أي لا إن صرفه للمعلق وهو الطلاق أولهما أو لا نية له فلا ينفعه ذلك
ويقع عليه الطلاق. قوله: (توقف على وقوع المعلق عليه) أي وهو قدوم زيد وشفاء المريض
ومشيئة زيد ذلك. قوله: (ولو قال إن دخلت الدار) أي ولو قال: علي نذر أو نذر كذا أو عتق عبد
أو عبدي إن دخلت الدار إلخ. قوله: (ورد الاستثناء للمعلق عليه فقط) أي وأما إن رده للمعلق أو لهما
معا أو لا نية له فيلزمه ما حلف به من نذر أو عتق. قوله: (ولم يؤجل) أي وأما لو كان
396

مؤجلا فلا يمنع منها لأنه على بر للأجل الذي أجل به. قوله: (يعني أنه حلف على فعل نفسه) أي
أعم من أن يكون دخول دار أو قدوما من سفر أو أكلا أو غير ذلك. قوله: (فإنه لا ينجز عليه) أي إذا
كان الفعل الذي حلف على نفيه غير محرم وإلا نجز عليه كما مر في قوله: أو بمحرم كان لم أزن أو إن لم يزن زيد
هكذا قيل ولا حاجة لذلك، لان الموضوع أن المحلوف عليه محتمل غير غالب وحينئذ فلا يحتاج
للتقيد بما ذكر. قوله: (منع منها) أي وينتظر فحذف من قوله: إن أثبت لم يمنع منها، ومن هنا قوله وينتظر
فهو شبه احتباك، وقوله منع منها ابن عرفة فإن تعدى ووطئها لم يلزمه استبراء لان المنع ليس لخلل في
موجب الوطئ، وقول المدونة في كتاب الاستبراء: كل وطئ فاسد لا يطأ فيه حتى يستبرئ يريد فاسد
لسبب حليته إلا ترى وطئ المحرمة والمعتكفة والصائمة. قوله: (فإن رفعته) أي فإن تضررت من
ترك الوطئ ورفعته للقاضي ضرب إلخ. قوله: (من يوم الرفع والحكم) أي لا من يوم الحلف لان يمينه
ليست صريحة في ترك الوطئ. قوله: (إن لم أحبلها إلخ) استثناء من قوله منع منها أي يمنع منها في كل لفظ
فيه نفي ولم يؤجل إلا في هذا اللفظ فإنه لا يمنع منها ويسترسل عليها لان بره في وطئها، فإن امتنع من
الوطئ كان لها أن ترفع أمرها للقاضي يضرب لها أجل الايلاء عند مالك والليث لا عند ابن القاسم
وهو الأقرب، وعليه إذا تضررت بترك الوطئ طلق عليه بدون ضرب أجل. قوله: (ومحله) أي محل انتظاره
وعدم منعه منها. قوله: (وهو قول ابن القاسم) أي في كتاب الايلاء من المدونة. قوله: (أو محل المنع منها إلخ)
هذا القول في المدونة أيضا لكن لغير ابن القاسم. والحاصل أن المسألة ذات قولين: أحدهما
لابن القاسم وهو مطلق، والثاني قول لغيره مفصل وكل من القولين في المدونة، ثم إن شراحها اختلفوا
فقال بعضهم: إن بينهما خلافا والأول أرجح، وقال بعضهم: بينهما وفاق، فالقول المفصل تقييد للمطلق
واستظهر هذا ابن عبد السلام. قوله: (لأنه يوهم خلاف المراد) لأنه يقتضي جريان التأولين فيما إذا عين
العام مع أنه إذا عينه لا خلاف في أنه لا يمنع منها إلا إذا جاء وقت خروجه فيمنع منها حتى يحج وإن لم
يخرج له وقع عليه الطلاق. قوله: (واستظهر ابن عبد السلام الثاني) فيه أن ابن عبد السلام إنما استظهر كون
القولين بينهما وفاق وليس عنده خلاف بينهما حتى يقال: إنه استظهر الثاني. واعلم أن هذا الخلاف
كما يجري فيما إذا كان للمعلق عليه وقت معين لا يتمكن من فعله قبله عادة يجري فيما إذا حلف على
فعل شئ أو الخروج لبلد وكان لا يمكنه ذلك بأن قال: علي الطلاق لأسافرن لمصر مثلا ولم يمكنه السفر
لفساد طريق أو غلو كراء، أو قال: عليه الطلاق ليشكون زيدا للحاكم ولم يوجد حاكم يشتكي إليه فيجري
الخلاف في ذلك، وقد علمت أن المعتمد أنه لا يمنع من الزوجة إلا إذا تمكن من الفعل بأن تمكن من
السفر أو جاء الحاكم. قوله: (إذ لا دليل على المحذوف) تمحل بعضهم لجواب آخر حيث جعل قوله
في هذا العام متعلقا بالقول المدخول لحرف الجر لا بأحج والأصل أو إلا في قوله في هذا العام إن لم أحج
فالقول مقيد والحج مطلق. قوله: (يمنع) أي لأنه على حنث حتى يفعل المحلوف عليه. قوله: (وعلى مؤجل) أي
كقوله: أنت طالق إن لم أدخل الدار مثلا في هذا الشهر، وهذا لم يذكره المصنف صريحا بل علم من مفهوم قوله
397

سابقا ولم يؤجل. قوله: (لا يمنع منها) أي ولا ينجز عليه لأنه على بر إلى ذلك الاجل. قوله: (إلا إن لم أطلقك إلخ)
لما تضمن قوله أولا منع منها حكمين: أحدهما مصرح به وهو الحيلولة، والآخر لازم وهو عدم
التنجيز، استثنى من ذلك باعتبار الأول وهو الحيلولة قوله: إلا إن لم أحبلها وباعتبار الثاني قوله: إلا إن لم
أطلقك إلى آخر المسائل الأربع، ولما لم يكن المستثنى منه في هذه صريحا احتاج لبيانه بقوله فينجز،
وعلى هذا فلو قرن إلا الثانية بواو العطف كان أصنع قاله ابن عاشر. قوله: (كإن لم أطلقك بعد شهر فأنت
طالق) أي فالطلاق لازم له إما الآن بمقتضى التعليق أو في آخر الشهر بإيقاعه ذلك، ويصح أن يؤخر
لرأس الشهر لأنه من قبيل المتعة فتعين الحكم بوقوعه حالا. قوله: (نجز عليه الآن) أي لان إحدى
البتتين واقعة برأس الشهر على كل تقدير إما بإيقاعه ذلك عليها أو بمقتضى التعليق، ولا يصح أن يؤخر
لرأس الشهر لأنه من قبيل المتعة فينجز عليه، فهو كمن قال: أنت طالق رأس الشهر البتة وهذا ينجز عليه
لأنه علقه على أجل يبلغه عمرهما. قوله: (أو فأنت طالق) أي أو قال لها: إن لم أطلقك رأس الشهر البتة
فأنت طالق الآن البتة. قوله: (فينجز) أي عليه الآن قوله: (ويقع طلاق البتة) أي يحكم بوقوعه في
الفرع الأخير ناجزا ولو مضى زمنه خلافا لابن عبد السلام القائل لا يقع عليه شئ في هذا الفرع الأخير.
قوله: (أما الآن) أي بمقتضى التعليق. وقوله أو عند رأس الشهر أي بإيقاعه له. قوله: (أول الشهر) أي
وهو الآن. قوله: (عند رأس الشهر) ظرف لقوله صار ماضيا. قوله: (فحاصله أن المعلق إلخ) أي فحاصله
أنه إذا جاء آخر الشهر صار المعلق وهو طلاق البتة المقيد بقيد وهو الآن لا يمكن تحصيله. قوله: (قلا
يلزمه شئ) هذا البحث أصله لابن عبد السلام وذلك لأنه قال: إذا قال لها: إن لم أطلقك رأس الشهر
البتة فأنت طالق الآن البتة لا يلزمه شئ وذكر هذا البحث توجيها. قوله: (إذ ليس لتقييده بالزمن)
وهو قوله الآن وجه فكأنه قال: إن لم أطلقك رأس الشهر البتة فأنت طالق البتة، وحينئذ فالطلاق واقع
آخر الشهر على كل حال سواء اختار عدم الحنث بأن فعل المحلوف عليه وهو طلاقها أو اختار
الحنث بأن لم يفعل المحلوف عليه، فلما كان الطلاق واقعا في آخر الشهر على كل حال نجز عليه لان
التأخير لآخر الشهر من قبيل المتعة. قوله: (إذا فعل المحلوف عليه) أي وهو طلاقها البتة.
قوله: (وإذا لم يفعله آخر الشهر طلقت) أي بمقتضى التعليق قوله: (نجز عليه حالا) أي ولم يبق لآخر الشهر
لأنه من المتعة. قوله: (أي نجز عليه لأنا نحكم بوقوعه) أي ينجز عليه في الفروع الأربعة وإنما نجز
عليه في الأخير لأنا نحكم إلخ. قوله: (الذي بحث بالبحث الذي قدمناه) أي وقال: إنه لا يلزمه شئ،
هذا وجزم اللخمي بعدم التنجيز في الحلف بالبتة قائلا: قال محمد له أن يخالع قبل الاجل فلا يلزم غير
398

واحدة اه‍. والمصنف تبع ابن الحاجب وابن شاس في جعلهما قول محمد شاذا مقابلا للقول بالتنجيز،
وصرح في التوضيح بأن المشهور التنجيز وهو في عهدته انظر بن. قوله: (وإن قال إلخ) حاصله أنه إذا قال
لزوجته: إن لم أطلقك واحدة رأس الشهر فأنت طالق الآن ثلاثا أو البتة فقال ابن القاسم: إن عجل
الطلقة التي عند رأس الشهر وهي المعلق عليها لم يقع عليه شئ بعد الشهر لوقوع المعلق عليه، وكونها
قبل الشهر لا يضر لما علمت أن التقييد بالزمان لغو، ألا ترى أنه إذا قال لها: أنت طالق بعد شهر فإنه ينجز
عليه الآن، وإن أبى أن يعجلها وقف وقيل له: إما أن تعجل التطليقة الآن وإلا بانت منك الآن، فإن
طلق بر وإن امتنع بانت منه، فإن غفل عنه حتى جاوز الاجل ولم يفعل الواحدة قبل مجاوزته طلقت
منه البتة، وقال أصبغ وسحنون: إن عجل الطلقة التي جعلها عند رأس الشهر لم يلزمه غيرها، وإن أبى
أن يعجلها ترك ولم يوقف، فإن لم يطلق حتى حل رأس الشهر بانت منه بالثلاث، وقال المغيرة: إنه
لا يوقف حتى يأتي آخر الشهر فيبر بطلاق الواحدة عنده أو يحنث بالثلاث، وإن عجل الطلقة قبل أن
يأتي آخر الشهر لم يخرجه ذلك عن يمينه ولم يكن له بد من أن يطلق عند رأس الشهر وإلا حنث اه‍ عدوي.
قوله: (بعد شهر) المراد بالبعدية رأس الشهر كما في النص. قوله: (بأول فراغ الاجل) الأولى وإلا بانت
منك بالثلاث حالا لما علمت من قول ابن القاسم. قوله: (وإنما لم يقل وإلا بانت منك) أي بدون قوله
وإلا قيل له اما عجلتها. قوله: (بمجرد عدم التعجيل) أي بل لا بد من الوقف وامتناعه من تعجيل
الواحدة بعده. قوله: (فإن غفل عنه) أي ولم يوقف. قوله: (قبل مجيئه) الأولى قبل مجاوزته، وقوله:
طلقت البتة أي تقرر الطلاق الذي ثبت أولا لا أنه يستحدث طلاق البتة الآن كما قال الشيخ
أحمد الزرقاني كذا قرر شيخنا. قوله: (وإن حلف على فعل غيره) أي سواء كان ذلك الغير الزوجة أو
أجنبيا. قوله: (حكمه كنفسه) أي حكم حلفه على فعل الغير حكم حلفه على فعل نفسه. قوله: (إذا أثبت)
الأولى حذفه لأنه الموضوع كما قال المصنف ففي صيغة البر إلخ. قوله: (ولا بيع) أي إذا قال لامته:
إن دخلت أنا أو أنت أو زيد الدار فأنت حرة. قوله: (أما البر المؤقت) أي وهو صيغة الحنث المؤجل.
قوله: (ولا يمنع إلخ) إلا إذا حل الاجل ولم يحصل دخول لأنها حينئذ تعتق عليه إن كانت أمة
وتطلق عليه إن كانت زوجة وحينئذ فهو مثل الحلف على فعل نفسه أيضا. والحاصل أنه إذا كانت
الصيغة صيغة بر فالحلف على فعل الغير. كالحلف على فعله كانت الصيغة صيغة بر مطلق أو مقيد
خلافا لظاهر الشارح. قوله: (وهل كذلك في صيغة الحنث) كقوله: إن لم يدخل فلان الدار فأنت
طالق أو أنت حرة. قوله: (كحكم حلفه على فعل نفسه) أي على فعل نفسه بصيغة الحنث المطلق.
قوله: (فيمنع من البيع والوطئ) أي حتى يدخل فلان الدار ولو طال الزمان. قوله: (ويدخل عليه أجل
الايلاء) أي ويضرب له أجل الايلاء إذا رفعته الزوجة للقاضي لتضررها بعدم الوطئ. قوله: (ويكون من يوم الرفع) أي لا
من يوم اليمين لان يمينه ليست صريحة في ترك الوطئ. قوله: (قدر ما يرى إلخ) أي
فإذا رأى الحاكم أن ذلك الحالف أراد بيمينه شهرا أو جمعة فإن دخل فلان الدار في تلك المدة فقد انحلت
اليمين، وإن مضت تلك المدة ولم يدخل وقع عليه الحنث. قوله: (قولان) أي لابن القاسم.
قوله: (فالخلاف) أي بين القولين. وقوله: إنما هو في الاجل والتلوم أي فعلى الأول يضرب له أجل الايلاء إذا
تضررت ولا يطلق عليه إلا بعد تمامه، وأما على الثاني فلا يضرب له أجل الايلاء بل يتلوم له بقدر ما يرى
الحاكم أنه أراد بيمينه، فإذا مضت تلك المدة ولم يدخل وقع الطلاق عليه والقولان متفقان على أنه يمنع
399

منها. قوله: (وقيل لا يمنع منها) أي على القول الثاني. قوله: (كمن حلف وضرب أجلا) أي كما لو قال: إن لم
يدخل فلان الدار قبل شهر فأنت طالق أو فأنت حرة فتقدم أنه لا يمنع من الوطئ في الزوجة والأمة
إلا إذا جاء الاجل. قوله: (وعليه فالخلاف) أي بين القولين في الاجل إلخ، أي فالقول الأول يقول يمنع
منها ويضرب لها أجل الايلاء إذا تضررت، وأما القول الثاني فيقول: لا يمنع منها ويتلوم لها بقدر ما يرى
الحاكم أنه أراد بيمينه ولا يضرب أجل الايلاء. قوله: (ورجح) أي القول بأنه لا يمنع منها زمن التلوم.
وقوله والأول أي القائل بأنه يمنع منها زمن التلوم، فالمراد بالأول من القولين المفرعين على القول بالتلوم.
والحاصل أن الأقوال ثلاثة: قيل إنه يمنع منها ويضرب له أجل الايلاء، وقيل يمنع منها ويتلوم له ولا
يضرب له أجل الايلاء، وقيل يتلوم له من غير منع، والأول ضعيف والقولان الأخيران رجح كل منهما
لكن المعتمد منهما القول الأول لأنه مذهب ابن القاسم في المدونة كذا قال الشارح، والذي في بن
أن القولين لا يفترقان إلا بضرب الاجل وعدمه لان المنع من الوطئ ثابت على كل من القولين، أما على
ضرب أجل الايلاء فظاهر، وأما على التلوم وهو الراجح، فقد صرح ابن القاسم في كتاب العتق من
المدونة بالمنع من الوطئ مع التلوم انظر نصها في ح. فقول من قال: إنه لا يمنع من الوطئ لها زمن التلوم
مخالف لنصها. قوله: (وإن أقر بفعل) أي كما لو أقر لزوجته أنه تزوج أو تسرى عليها فخاصمته في ذلك
فحلف لها بالطلاق أنه ما فعل ذلك وأني كنت كاذبا في قولي فإنه يصدق في القضاء بيمين بالله أنه كاذب
في إقراره، وفي الفتوى بدون يمين وإنما لزمته اليمين في القضاء لان إقراره أولا أوجب التهمة، ومن قبيل
ما إذا أقر بفعل ثم حلف ما فعلت من حلف بالطلاق أنه ما أخذ معلومه من الناظر أو دينه من مدينه
فأظهر الناظر أو المدين ورقة بخط الحالف على أنه قبض حقه من الناظر أو قبض دينه من المدين
فادعى الحالف أن خطه كان موضوعا بلا أصل فلا حنث عليه لان خطه بمنزلة إقراره قبل يمينه لا بعده
لسبقية الخط على الحلف وإن لم يظهر إلا بعد الحلف، ولا مطالبة له على الناظر ولا على المدين، فدعواه
أن خطه موضوع بلا أصل، وتكذيبه للوثيقة إنما ينفعه في عدم لزوم الطلاق، ولا ينفعه في أخذ الدين
من المدين ولا في أخذ المعلوم من الناظر كما أفتى بذلك عج. قوله: (وكذا إن ثبت عليه ذلك) كما لو قامت
عليه بينة أنه قذف فلانا مثلا فحلف بالطلاق ما قذفه وأن تلك البينة الشاهدة عليه بالقذف كاذبة في
شهادتها فلا حنث عليه لكنه يحد، فلو شهدت عليه بينة أخرى بعد يمينه أنه قذفه حنث كما يأتي في قوله:
بخلاف إقراره إلخ أي أو ثبوته بعد اليمين ولا يمكن من الحلف لرد شهادة البينة الثانية لأنها بمنزلة قراره
بعد اليمين. قوله: (فلا يصدق أنه كان كاذبا) أي ولو حلف على ذلك. قوله: (بالقضاء) أي بحكم الحاكم وظاهره
أنه يقبل منه في الفتيا، وفي المدونة ما يشهد له ونصها: فإن لم تشهد البينة على إقراره بعد اليمين وعلم هو أنه
كاذب في إقراره بعد يمينه هل له المقام عليها بينه وبين الله تعالى؟ ومن المعلوم أن ما يحل المقام عليه يجوز
الفتيا به بل لا طريق لمعرفته إلا منها اه‍ بن. قوله: (ومثل إقراره بعد يمينه قيام البينة عليه) أي بعد
يمينه، قال عج ما نصه: إذا حلف بالطلاق ما فعل ثم قامت بينة
أنه فعل لزمه الطلاق ولو قامت بينة أنه فعل فحلف بالطلاق ما فعل لم يلزمه طلاق، وفي كلا الموضعين قد قامت البينة على فعل ما حلف
عليه. قوله: (ولا تمكنه إلخ) فإن مكنته طائعة فلا حد عليها للشبهة باحتمال أنه صادق في قوله أنه
400

لم يفعل اه‍ بن. قوله: (ومثل ذلك) أي مثل ما إذا كان الطلاق الذي حلف به بائنا، وقوله: إذا سمعته أنه
طلقها ثلاثا أي ولم تسمعه منه البينة ولم تسمع إقراره به وإلا حكم بالتنجيز عاجلا. قوله: (إلا كرها)
والاكراه بخوف مؤلم من ضرب أو سجن أو قتل أو أخذ مال، ولا يقال: قد تقدم أن الاكراه على الزنا
لا يسوغ ولو خوف بالقتل. لأنا نقول ذاك مختص بالزنا بمن تعلق بها حق لمخلوق كالمكرهة وذات
زوج أو سيد، وأما ما فقد منه ذلك فيقع فيه الاكراه بخوف مؤلم مطلقا كما في المواق عن ابن رشد وما
هنا من هذا القبيل اه‍ بن. قوله: (ولو غير محصن) لا يقال: لا يتصور كونه غير محصن والفرض أنه ذو
زوجة. لأنا نقول: يتصور قبل البناء وقد علمت أن الاحصان إنما يكون بنكاح صحيح ووطئ فيه
وطأ مباحا اه‍ بن. قوله: (قولان) الأول لمحمد والثاني لسحنون، وصوبه ابن محرز قائلا: إنه لا سبيل إلى
القتل لأنه قبل الوطئ لا يستحق القتل بوجه وبعده صار حدا والحد ليس لها إقامته، وأجاب المقري
في قواعده بأن ابن المواز يقول بقتله دفاعا كالمحارب والدفع لا يستلزم القتل اه‍. قال الشيخ أحمد بابا
عقبه: قلت فيختص المعنى إذا بمدافعته وإن أدت إلى قتله لا قصد قتله أو لا وهو خلاف الفرض اه‍ بن.
قوله: (وجوبا) أي لكن لا يقضى عليه به كما في المدونة، فإن لم يطق كان عاصيا بترك الواجب وعصمته
باقية غير منحلة، ويلزم من ذلك أن الفراق المأمور به إنما يوقعه بلفظ آخر ينشئه لا أنه يقع باللفظ الأول
كما زعمه بعضهم، إذ لو وقع الفراق به لانحلت العصمة به ووجب القضاء عليه بتنجيز الفراق والفرض
بخلافه اه‍ بن. وإذا فارق بإنشاء صيغة فلا يحسب عليه طلقتان واحدة بالصيغة التي أنشأها وواحدة
بالتعليق، بل طلقة واحدة بما أنشأه من الصيغة لأنها تنحية للشك الحاصل قاله في المج. قوله: (وهو) أي
القول بالاطلاق. قوله: (ومثله سكوتها) أي وكذا قولها: لا أحبك ولا أبغضك. قوله: (إلا أن
تجيب بما يقتضي الحنث) أي والحال أنه لم يصدقها فيما أجابت به وإلا جبر على الطلاق قطعا.
والحاصل أن محل التأويلين إذا أجابت بما يقتضي الحنث إن كذبها في جوابها، وأما إذا صدقها في
جوابها بما يقتضي الحنث فإنه يجبر على الطلاق بالقضاء اتفاقا كما يفيده نقل ح وغيره انظر بن.
قوله: (أي بإنفاذ الايمان) أشار إلى أن في كلام المصنف حذف مضاف لأنه لا معنى للامر
بالايمان إلا الامر بإنفاذها، فتقدير هذا المضاف ظاهر من عرف الاستعمال والمحاورات بحيث
لا يحتاج لدليل. قوله: (المشكوك فيها) أي مع تحققه يمينا ولم يدر ما هو منها. قوله: (فلو حلف
وحنث إلخ) هذا لفظ المدونة إلى قوله: يؤمر بذلك من غير قضاء، قال ابن ناجي: فهم شيخنا أبو مهدي
قولها يؤمر على الوجوب وإنما أراد نفي الجبر، وفهم شيخنا البرزلي قولها على الاستحباب والصواب
الأول لقرينة قولها من غير قضاء اه‍ نقله ح. قوله: (ولا يؤمر بالفراق) أي الطلاق فضلا عن جبره
عليه. قوله: (إن شك هل طلق إلخ) وأما إن ظن أنه طلق وقع عليه. وقوله هل طلق أي وأما لو شك هل
أعتق أو لا فإنه يلزمه العتق لتشوف الشارع إلى الحرية وبغضه للطلاق ولم ينظروا للاحتياط في
الفروج، وقد أتوا هنا على القاعدة من إلغاء الشك في المانع لان الطلاق مانع من حلية الوطئ لان الأصل عدم
401

وجوده بخلاف الشك في الحدث لسهولة الامر فيه. قوله: (ما يوجب الطلاق) أي حل العصمة
قوله: (فيشمل إلخ) أي بخلاف ما لو أبقى على ظاهره فإنه يكون قاصرا على الصورة الأولى. قوله: (وشكه في
حلفه على فعل غيره) أي بخلاف حلفه على فعل نفسه وشكه هل فعله أو لا كما لو حلف بالطلاق لا يكلم
زيدا وشك هل كلمه أم لا فإنه ينجز عليه الطلاق على طريقة أبي عمران وتبعه ابن الحاجب وقال ابن
رشد يؤمر بالطلاق من غير جبر إن كان شكه لسبب قائم به وإلا فلا يؤمر به وعزاه ابن رشد
لابن القاسم في المدونة وحكى عليه الاتفاق ونقله صاحب الجواهر واختار أبو محمد واللخمي عدم الحنث
وأنه لا يؤمر بالفراق لا بفتيا ولا بقضاء مثل ما إذا حلف على فعل غيره وهذا هو المشهور انظر بن
قوله: (وهو سالم الخاطر) أي والحال أنه سالم الخاطر أي القلب فهو من إطلاق اسم الحال وإرادة
المحل قوله: (داخلا) حال من شخص وهو من غير الغالب لأنه نكرة غير مختصة إلا أن يقال إنها
تخصصت بالصفة وهو قوله شك إلخ فإنه صفة لشخص وإن كانت جارية على غير من هي له قوله: (وغاب
عنه) أي غاب ذلك الداخل عن الحالف قوله: (اتفاقا) أي لاستناده في شكه لموجب قوله: (وهل
يجبر عليه) أي مع الامر به وقوله وينجز أي إذا أبى قوله: (أو يؤمر) أي بإنشائه قوله: (تأويلان)
أي لأبي عمران الفاسي وأبي محمد بن أبي زيد. قوله: (وإن شك أهند هي) أي الموقع عليها
الطلاق أم غيرها أي بأن قال هند طالق ثم شك هل طلق هندا أو غيرها أو قال إن دخلت الدار فهند
طالق ودخل ثم شك هل حلف بطلاق هند أو غيرها. قوله: (طلقتا معا ناجزا) أي من غير إمهال وقيل
يمهل ليتذكر فإن ذكرها لم يطلق غيرها قاله في الشامل وعلى كل من القولين فلا يحتاج في طلاقها إلى
استئناف طلاق ابن عرفة قلت فإن تذكر عين المطلقة فيكون أحق بغير من ذكر عينها ويكون فوت
هذه الغير كامرأة المفقود اه‍ بن وقوله طلقتا معا أي كالتباس المذكى بغيره فإن كان كل بيد شخص
وجزم كل واحد بذكاة ما بيده أكلاهما من باب مسألة الغراب المتقدمة يحلف كل على النقيض فيها
وليس من باب مسألة المصنف ما لو كان لرجل أربع زوجات رأى إحداهن مشرفة من طاقة فقال لها
إن لم أطلقك فصواحبك طوالق فردت رأسها ولم يعرفها بعينها وأنكرت كل واحدة منهن أن تكون
هي المشرفة فإنه يلزمه طلاق الأربع كما أفتى به ابن عرفة والصواب ما أفتى به تلميذه الآبي أن له أن يمسك
واحدة ويلزمه طلاق ما عداها لأنه إن كانت التي أمسكها هي المشرفة فقد طلق صواحبتها وإن كانت
المشرفة إحدى الثلاث اللاتي طلقهن فلا حنث في التي تحته كذا في ح أما لو قال المشرفة طالق وجهلت
طلق الأربع قطعا كما في البدر القرافي. قوله: (ولم ينو معينة أو نواها ونسيها طلقتا معا) أما في الثانية
فباتفاق يلزمه طلاق الجميع وأما في الأولى وهو ما إذا لم ينو معينة فطلاق الجميع هو قول المصريين
وروايتهم وقال المدنيون يختار واحدة للطلاق كالعتق قال ابن رشد والأول هو المشهور ورواية
المدنيين شذوذ والقياس أن العتق كالطلاق وأما إذا نوى معينة ونسيها فقال أبو الحسن يتفق فيها
المصريون والمدنيون على طلاق الجميع وكذلك في العتق إذا قال أحد عبيدي حر ونوى واحدا ثم نسيه
فإنه يتفق على عتق جميعهم قوله: (أو نواها ونسيها) وأما إذا نوى واحدة ولم ينسها فإنه يصدق في الفتوى
بغير يمين مطلقا وكذا في القضاء إن نوى الشابة أو الجميلة أو من يعلم ميله لها وإلا فبيمين قوله: (جواب
عن المسائل الثلاث) أي ولا يكون إضرابه في الأخيرة عن الأولى رافعا لطلاقها قوله: (ولا نية له) أي
في طلاق واحدة بعينها قوله: (خير) أي والفرض أنه لا نية له كما قال الشارح وكان قوله أو أنت نسقا
وإلا طلقت الأولى قطعا والثانية بإرادته ومحله أيضا إذا لم ينو الاضراب وإلا طلقتا كما سيأتي للشارح
ومحله أيضا ما لم يحدث نية التخيير بعد تمام قوله أنت طالق وإلا طلقت الأولى خاصة لأنه لا يصح
402

رفع الطلاق عنها بعد وقوعه ولا تطلق الثانية لأنه جعل طلاقها على خيار وهو لا يختار طلاقها لما
طلقت الأولى قاله اللخمي. قوله: (وإن قال أنت طالق) أي وإن قال لاحدى زوجتيه: أنت طالق
وقال للأخرى: لا أنت. وقوله: طلقت الأولى خاصة أي لأنه نفى الطلاق عن الثانية. قوله: (إلا أن يريد
بأو) أي في المسألة السابقة. وقوله: أو بلا أي في هذه المسألة. وقوله: الاضراب قال خش: وانظر إذا قال:
أردت بالاضراب بقاء الأولى في عصمتي فهل يعمل بنيته مطلقا؟ قال شيخنا: وهو الظاهر أو يعمل
بها في الفتوى، وأما في القضاء فلا يعمل بنيته لأنه لما قال: قصدت الاضراب فكأنه اعترف بطلاقهما
معا. قوله: (فيطلقان) أي لان إضرابه عن الأولى لا يرفع الطلاق عنها. قوله: (فهو راجع للمسألتين) أي
أنه يخير في قوله: أنت طالق أو أنت بين الأولى والثانية إلا أن يريد الاضراب فإنهما يطلقان معا ولا
شئ عليه في الثانية إذا قال: أنت طالق لا أنت إلا أن يريد الاضراب فيطلقان معا. قوله: (وارتجع في
العدة) أشار الشارح إلى أن قول المصنف في العدة متعلق بمحذوف وليس متعلقا بقوله: إن ذكر لئلا
يقتضي أنه إذا تذكر بعدها لا يصدق وليس كذلك. قوله: (وبعدها) أي وارتجع بعدها. قوله: (بلا يمين
فيهما) متعلق بصدق وضمير فيهما للعدة وبعدها أي صدق بلا يمين سواء تذكر في العدة أو بعدها.
قوله: (ثم إن تزوجها) أي ثم إن بقي على شكه وتزوجها بعد زوج. قوله: (لأنه إذا طلقها) أي ثاني مرة.
قوله: (وهكذا لغير نهاية) فإذا تزوجها وطلقها رابعا فلا تحل له إلا بعد زوج لاحتمال أن يكون المشكوك
فيه ابتداء اثنتين فواحدة من الأربع تمام العصمة الأولى والباقي عصمة ثانية قد تمت، ثم إن تزوجها
وطلقها خامسا فلا تحل له إلا بعد زوج لاحتمال أن يكون المشكوك فيه ابتداء واحدة فاثنتان تمام
العصمة الأولى والباقي عصمة ثانية قد تمت، ثم إن تزوجها بعد زوج وطلقها سادسا فلا تحل له إلا بعد
زوج لاحتمال أن يكون المشكوك فيه ثلاثا والستة بعده عصمتان تامتان، ثم إن تزوجها وطلقها سابعا
فلا تحل له إلا بعد زوج لاحتمال أن يكون المشكوك فيه ابتداء اثنتين فواحدة مكملة للعصمة الأولى
والباقي عصمتان قد تمتا، ثم إن تزوجها وطلقها ثامنا فلا تحل له إلا بعد زوج لاحتمال أن يكون المشكوك
فيه واحدة فاثنتان تكملة العصمة الأولى والستة الباقية عصمتان، وإن تزوجها وطلقها تاسعا فلا تحل
له إلا بعد زوج لاحتمال أن يكون المشكوك فيه ثلاثا، وهكذا كل ثلاثة أزواج دور لأولهم سبق اثنتين
ولثانيهم سبق واحدة ولثالثهم سبق ثلاثة. واعلم أن شرط اطراد الدوران كما في التوضيح أن يطلقها
بعد كل زوج طلقة واحدة أو اثنتين خلافا لمن أطلق، وبيان ذلك إذا طلقها في الثانية طلقتين وفي
الثالثة طلقة وفي الرابعة طلقة، فإن فرض أن المشكوك فيه ثلاث فهذه الأخيرة أولى من
عصمة مستأنفة، وإن فرض أن المشكوك فيه اثنتان فهذه الأخيرة ثانية من عصمة مستأنفة،
وتضم الاثنان للاثنين الأول يصير الامر فيه كمن طلق زوجته أربعا فتلغى واحدة، وإن فرض أن
المشكوك فيه واحدة فالأخيرة ثانية من عصمة أيضا وذلك لان ما زاد على النصاب يلغى ويصير
الامر فيه كمن طلق زوجته أربعا وقد ظهر لك بهذا عدم اطراد الدوران مع الاختلاف في العدد
انظر بن. قوله: (وإن حلف صانع طعام مثلا) أي فقوله طعام فرض مسألة بل وكذلك
لو حلف شخص على آخر أن يركب أو يقرأ أو يسافر ونحو ذلك فحلف الآخر لا أفعل ذلك
فإذا تنازعا حنث الأول. قوله: (فحلف الآخر) الأولى فحلف الآخر بالواو ليصدق بحلف
الآخر قبل حلف صانع الطعام وبعده ولعله نبه على المتوهم. قوله: (بالبناء للمفعول) أي وتشديد
403

النون لا بفتح الحاء وتخفيف النون لئلا يوهم أنه يحنث ولو أطاع الثاني بالدخول وليس كذلك. قوله: (أي
قضى بتحنيثه) أي حكم القاضي بتحنيثه ووقوع اليمين عليه عند التنازل. قوله: (لحلفه على ما لا يملكه)
أي وهو فعل غيره. وقوله حلف على أمر يملكه أي وهو فعل نفسه. قوله: (وإلا فلا حنث على الأول)
أي وإلا بأن حنث الثاني نفسه بالدخول طوعا فلا حنث على الأول وهذا هو الصواب، خلافا لما ذكره
بهرام من أن الأول يحنث، ولو دخل الثاني واستظهره تت في كبيره قال طفي: ونصوص المذهب
مصرحة بخلافه ومطبقة على عدم الحنث عند الفعل حتى كاد أن يكون معلوما بالضرورة انظر بن.
قوله: (لم يحنث واحد منهما) أما الأول فلانه حلف على الدخول وقد حصل، وأما الثاني فلان دخوله
مكرها إلا أن يأمر الثاني غيره بإكراهه على الدخول أو يكون يمينه لا أدخل طائعا ولا مكرها وإلا
حنث بالاكراه وإن كان الصانع يبر في يمينه لأنه حلف على الدخول وقد حصل. قوله: (لم تطلق إلا
بهما معا) أي لأنها إن دخلت الدار أو لا توقف الطلاق على تكليم زيد، وإن كلمت زيدا أو لا توقف
الطلاق على دخول الدار فلا يحصل الحنث إلا بمجموعهما. قوله: (فعلت الامرين على ترتيبهما في
التعليق أو على عكسه) وجه ذلك أن الجواب وهو قوله: فأنت طالق وإن كان يحتمل أن يكون جوابا
للثاني والثاني وجوابه جوابا للأول يحتمل أن يكون جوابا للأول، والمجموع دليل جواب الثاني،
وحينئذ فلا يحنث إلا بالاثنين احتياطا تقدم هذا على هذا أو بالعكس، وقال الشافعي: لا يحنث إلا إذا
فعلهما على عكس الترتيب في التعليق لان قوله: فأنت طالق جواب في المعنى عن الأول فيكون في النية
إلى جانبه ويكون ذلك المجموع دليل جواب الثاني فيكون في النية بعده، فمحصله أنه جعل الطلاق
معلقا على الكلام، وجعل الطلاق بالكلام معلقا على الدخول، فلا بد في الطلاق بالكلام من حصول
الدخول أولا، ثم إن هذا أي ما ذكره المصنف من أنه لا يحنث إلا بهما لا يخالف ما مر في باب اليمين من
التحنيث بفعل البعض لان ما تقدم تعليق واحد وما هنا فيه تعليق التعليق، ومعلوم أن المعلق لا يوجد
إلا بعد وجود المعلق عليه وذلك يستلزم هنا توقف الطلاق على مجموعهما. قوله: (وإن شهد شاهد
بحرام وآخر ببتة) أي ولم يذكرا زمانا ولا مكانا. قوله: (لاتفاقهما في المعنى على البينونة) لا يقال البتة
لا ينوي فيها مطلقا وأنت حرام ينوي فيها قبل الدخول فأين الاتفاق؟ لأنا نقول هذا منكر فلا يتأتى
منه تنوية. قوله: (وثبت الدخول) أي بعد ذي الحجة. قوله: (مع ثبوت إلخ) بإقراره أو ببينة
غير الشاهدين بالدخول أو بهما. قوله: (وسقطت الشهادة) أي وإذا وجد الشرط المذكور لفقت سواء
404

كان الزمن الذي يمكن فيه الانتقال من مصر لمكة تنقضي فيه العدة أم لا، لان الطلاق إنما يقع من يوم
الحكم بشهادتهما. قوله: (وحلف على نفي الزائد) أي حلف ما طلق واحدة ولا أكثر قاله عبق، ولعله
إنما طلب بذلك لكونه منكرا لأصل الطلاق، وإلا فالظاهر أنه إذا حلف ما طلقت أزيد فإنه يكفي
اه‍ شيخنا عدوي. وصورة يمينه كما قال أبو الحسن أن يقول: بالله الذي لا إله إلا هو ما طلقت البتة فينتفع
بيمينه في سقوط اثنتين وتلزمه الواحدة اه‍ بن. قوله: (وآخر أنه لا يركب الدابة) إن قلت: الشهادة
فيما ذكر بفعل وقول من كل منهما لا بفعلين فقط وحينئذ فلا يصح التمثيل بما ذكر للفعلين. قلت: غلب
جانب الفعل لأنه المقصود، واحترز بقوله: مختلفي الجنس عن متحدي الجنس فتلفق كما مر في قوله: أو
بدخولها فيهما لان الفعل فيهما واحد وهو المدخول وإن اختلف زمنه كما مر. قوله: (وحلف على نفي إلخ)
ظاهره ولو في الفتوى وهو كذلك. قوله: (فإن نكل حبس فإن طال دين) هذا مبني على القول
المرجوع إليه وهو الموافق لما يأتي للمصنف في الشهادات، وأما على القول المرجوع عنه فيلزمه حيث
نكل طلقتان ولا يحبس كذا ذكر. قوله: (فلا تلفق) أي ولا يلزم المشهود عليه يمين كما قاله أبو الحسن
عن ابن المواز. وقال شيخنا العدوي: وهذا مما لا خلاف فيه. قوله: (وإن شهد إلخ) صورته شهد عليه
شاهدان أنه أطلق واحدة معينة من نسائه ثم نسيا اسمها والزوج يكذبهما ويقول: ما طلقت أصلا فإن
الشهادة لا تقبل حينئذ على المشهور لعدم تعيين المشهود بطلاقها، لكن يلزم الزوج يمين واحدة لرد
شهادتهما بأن يحلف بالله ما طلق واحدة من نسائه، ومقابل المشهور يقول: تقبل شهادتهما ويطلقن
جميعهن. قوله: (لم تقبل شهادتهما) ظاهره ولو تذكراها وهما مبرزان، والذي ينبغي قبول قولهما إذا
تذكر أو كانا مبرزين. قوله: (فإن نكل حبس فإن طال دين) هذا هو المعتمد، ومقابله يقول: إن نكل
فلا بد من حبسه حتى يقر بالمطلقة واختاره اللخمي لان البينة قطعت بأن واحدة عليه حرام. قوله: (وإن شهد
ثلاثة على رجل) أي وأما لو شهد عليه ثلاثة كل واحد بطلقة من غير تعليق أو بتعليق على فعل متحد
واختلف الزمان في الصورتين كما لو شهد أحدهم أنه قال لها في رمضان: أنت طالق وشهد الثاني أنه قال
لها ذلك في شوال وشهد الثالث أنه قال لها ذلك في ذي القعدة، أو شهد أحدهم أنه حلف في رمضان أنه
لا يدخل الدار ودخلها فيه وشهد الثاني أنه حلف في شوال أنه لا يدخلها ودخلها فيه وشهد الثالث
أنه حلف في ذي القعدة أنه لا يدخلها ودخلها فيه فإنه يلزمه طلقة بموجب شهادة اثنين من البينة
ويلزمه يمين لرد شهادة الثالث الموجب للطلقة الثانية، فإن حلف لم يلزمه إلا طلقة وإن نكل فالمرجوع
عنه يلزمه طلقتان والمرجوع إليه أنه يدين بعد طول سجنه. قوله: (كل) أي شهد كل واحد منهم بيمين
مصور بطلقة حنث فيها قوله: (حلف لتكذيب كل واحد منهم) أي حلف يمينا واحدة لتكذيب كل
واحد منهم قوله: (ولا يلزمه شئ) أي باتفاق. قوله: (عند ربيعة) وكذا هو قول مالك المرجوع عنه. وقوله
ومذهب مالك الذي رجع إليه إلخ هو المعتمد. قوله: (كما تقدم) أي في قول المصنف لا بفعلين.
فصل ذكر فيه حكم النيابة في الطلاق قوله: (إن فوضه إلخ) أي بأن قال لها: وكلتك على أن تطلقي نفسك.
قوله: (أي الطلاق) أشار إلى أن الضمير البارز وهو المفعول عائد على الطلاق وأن الضمير المستتر وهو
405

الفاعل عائد على الزوج أي إن فوض الزوج الطلاق أي إيقاعه لها. قوله: (نصب على التمييز) أي فوض
التوكيل لها بالطلاق فهو تمييز محول عن المفعول كغرست الأرض شجرا كذا في خش وعبق، وفيه أنه لم
يفوض لها التوكيل وإنما فوض لها الطلاق على سبيل التوكيل، فالأولى نصبه على الحال أو على أنه مفعول
مطلق على حذف مضاف أي تفويض توكيل. قوله: (والتوكيل) أي على الطلاق. قوله: (جعل إنشاء
الطلاق بيد الغير) هذا جنس يعم التمليك والتخيير. وقوله باقيا منع الزوج منه فصل يخرجهما لان له
العزل في التوكيل دونهما، وخرجت الرسالة عن قوله جعل لان الرسول لم يجعل الزوج له إنشاء الطلاق
بل الاعلام بثبوته. قوله: (باقيا) أي حال كون ذلك الانشاء باقيا. قوله: (ذلك) أي عزل موكله قبل تمام
الامر الذي وكله عليه لا بعده. قوله: (إلا لتعلق حق لها زائد على التوكيل) كدفع الضرر عنها فليس له
عزلها قبل إيقاعه. قوله: (كإن تزوجت إلخ) أي كما إذا قال لها: إن تزوجت عليك إلخ جوابا لقولها عند
العقد أو بعده: أخاف أن تضاررني بتزوجك علي قوله: (فليس له حينئذ عزلها) أي لان دفع الضرر عنها
حق لها تعلق بذلك التوكيل. قوله: (لا تخييرا) أي لا إن فوضه لها حالة كونه مخيرا لها أو مملكا لها أو لا إن
فوض الطلاق لها تفويض تخيير أو تمليك فهو حال أو مفعول مطلق لا تمييز. قوله: (جعل الزوج إنشاء
الطلاق) هذا جنس خرج عنه الرسالة ويعم التوكيل والتمليك. وقوله نصا أو حكما أخرج به التمليك.
وقوله حقا لغيره أخرج التوكيل لان الزوج لم يجعل إنشاء الطلاق حقا للوكيل بل جعله بيده نيابة
عنه. قوله: (ومن صيغة اختاريني أو اختاري نفسك) وكذا من صيغة اختاري أمرك. قوله: (وهو جعل
إنشائه حقا لغيره) هذا جنس خرج عنه الرسالة. وقوله حقا لغيره خرج به الوكالة. وقوله راجحا في
الثلاث إلخ خرج به التخيير. وقوله: ومن صيغة أمرك أو طلاقك بيدك، وكذا كل لفظ دل على جعل
الطلاق بيدها دون تخيير كطلقي نفسك وملكتك أمرك أو وليتك أمرك كما في العتبية، والحاصل أن
كل لفظ دل على أن الزوج فوض لها البقاء على العصمة أو الذهاب عنها فهو تخيير، وكل لفظ دل على
جعل الطلاق بيدها أو بيد غيرها دون تخيير فهو صيغة تمليك انظر التوضيح. قوله: (وحيل بينهما) أي
ولا نفقة للزوجة زمن الحيلولة لان المانع من قبلها وإذا مات أحدهما زمن الحيلولة قبل الإجابة فإنهما
يتوارثان اه‍ عدوي. قوله: (إن تعلق به حق) كما إذا قال لها: تزوجت عليك فأمرك أو أمر الداخلة
بيدك وتزوج عليها فيحال بينه وبين المحلوف لها حتى تجيب. قوله: (وإلا لأدى إلخ) أي وإلا بأن
قربها واستمتع بها قبل أن تجيب أدى إلخ. قوله: (بخلاف التوكيل) أي فإنه لا يحال فيه بينه وبينها.
وقوله فلو استمتع أي الزوج الموكل بها أي ولو مكرهة. قوله: (لكان ذلك منه عزلا) أي ولو كان
قاصدا بقاءها على توكيلها على الظاهر اه‍ عدوي. وحيث كان ذلك عزلا فلم يقع الوطئ في عصمة
مشكوك فيها. قوله: (ووقفت) أي أوقفها القاضي أو من يقوم مقامه عند عدمه. وقوله: وإن قال أي
هذا إذا لم يسم أجلا بأن قال لها: أمرك بيدك أو خيرتك بل ولو سمى أجلا بأن قال أمرك بيدك
أو خيرتك إلى سنة. قوله: (إلى سنة) من مقول القول أي وإن قال لها: أمرك بيدك إلى سنة أو قال
خيرتك في البقاء معي أو مفارقتي إلى سنة. وقوله متى علم راجع لما بعد المبالغة وهو ما إذا قال إلى سنة.
406

قوله: (مثلا) أي أو خيرتك إلى سنة، وقوله إلى سنة أي أو إلى زمن يبلغه عمرهما ظاهرا. قوله: (ولا تمهل
لآخر المدة) أي وأمرها بيدها. قوله: (فتقضي) أي فإذا وقفت فتقضي إلخ. قوله: (فإن قضت بشئ) أي
من إيقاع الطلاق أو رد ما بيدها. قوله: (وإلا) أي وإلا تقضي بأن أوقفها الحاكم وأمرها بإيقاع الطلاق
أو رد ما بيدها من التمليك فلم تفعل. قوله: (لما فيه) أي الامهال. قوله: (وعمل بجوابها) أي بمقتضى
جوابها الصريح في الطلاق ورده، فإن كان جوابها الصريح يقتضي الطلاق كقولها: طلقت نفسي
عمل بمقتضاه من وقوع الطلاق والعدة، وجوابها الصريح الذي يقتضي الطلاق هو ما كان صريحا
في الطلاق أو كان كناية ظاهرة أو اخترت نفسي لأنه وإن كان ليس من صريح الطلاق ولا كناية
ظاهرة إلا أنه يقتضي الطلاق في مقام التمليك، وأما لو أجابت بالكناية الخفية فإنه يسقط ما بيدها ولا
يقبل منها أنها أرادت بذلك الطلاق كما نقله ح عن ابن يونس عند قول المصنف وقبل تفسير قبلت،
إلا أنه مخالف لما نقله ح أيضا في باب الظهار عن ابن رشد في سماع أبي زيد من أن جوابها في التمليك
بصيغة الظهار إذا نوت به الطلاق لزم مع أنه كناية خفية، واختار بن أن الكناية الخفية إذا أجابت
بها وقصدت الطلاق فإنه يعمل بها وإن كان جوابها الصريح يقتضي رده كقولها: رددت ما ملكتني
أو لا أقبله منك عمل بمقتضاه من بطلان ما بيدها وبقائها زوجة. قوله: (في الطلاق) متعلق بعمل
وصلة الصريح محذوفة أي فيهما أي عمل في الطلاق ورده بمقتضى جوابها الصريح في كل منهما.
قوله: (كطلاقها) من إضافة المصدر لفاعله. قوله: (لمفعوله) أي بعد حذف الفاعل. قوله: (أو أنا إلخ) أي أنا
طالق منك أو أنت طالق مني. قوله: (عالمة) أي وأما لو مكنته غير عالمة التمليك لم يبطل ما بيدها والقول
قولها في عدم العلم بيمين، فإن علمت بالتخيير أو التمليك وعلمت الخلوة بينهما ولو بامرأتين وادعى أنه
أصابها وأنكرت ذلك فقال بعض: القول قوله بيمين، واستظهر عج أن القول قولها بيمين، وإذا
تصادقا على الوطئ وادعت الاكراه وادعى الطوع كان القول قوله بيمين بخلاف القبلة فقولها بيمين.
قوله: (طائعا) أي ولو لم ترض هي فيما يظهر، فلو مكنته دون رضا الوكيل فإنه لا يسقط ما بيدها.
قوله: (ومضى يوم تخييرها) أي سواء علمت بالتخيير والتمليك أم لا. قوله: (الوقت الذي جعل لها فيه التخيير)
أي فإذا قال لها: اختاري نفسك أو اختاريني في هذا اليوم أو في هذا الشهر كله ومضى ذلك الاجل
ولم تختر فلا خيار لها بعد ذلك وبطل ما بيدها. قوله: (فقد تقدم) أي أنها تقضي حالا إما برد ما بيدها
أو بالطلاق وإلا أسقط الحاكم ما بيدها ولا تمهل. قوله: (وردها) أي لعصمته وحاصله أنه إذا
خيرها أو ملكها ثم أبانها بخلع أو بتات ثم ردها للعصمة بعقد جديد فإنه يسقط ما بيدها من تخيير
أو تمليك. قوله: (يستلزم رضاها) أي بزوجها وإسقاط ما جعله لها من تخيير أو تمليك. قوله: (فلا
يسقط) أي لان الرجعية كالزوجة فارتجاعها لا يتوقف على رضاها. قوله: (وهل نقل إلخ) أي أنه
407

إذا خيرها أو ملكها ففعلت فعلا محتملا كأن نقلت قماشها أو فعلت فعلا نحوه كبعدها عنه وتغطية
وجهها ولم ترد بذلك الفعل طلاقا فهل يعد ذلك طلاقا أو لا تردد؟. قوله: (كأن تنقل إلخ) مثال للمنفي.
قوله: (وإلا كان طلاقا اتفاقا) لا يقال: الفعل لا يلزم به طلاق ولو نواه. لأنا نقول: قد انضم إليه تمليكها
الطلاق ونحوه فهو من الفعل المحتف بالقرائن وهو كالصريح. قوله: (وقبل منها تفسير قبلت) أي أنه
إذا ملك زوجته أو خيرها فقالت قولا محتملا للطلاق ورده فإنها تؤمر بتفسيره ويقبل منها ما أرادت
بذلك. قوله: (وتبين منه) يحتمل أنه بسكون الياء من البينونة ويحتمل أن المراد وتبين ما الذي
أرادته من الطلاق هل هو واحدة أو أكثر؟ قوله: (أو بقاء على ما هي عليه) أي حتى تتروى وتنظر
ما هو الأولى لها. قوله: (وناكر إلخ) يعني أن الزوج إذا فوض الطلاق لزوجته على سبيل التخيير قبل
الدخول بها فأوقعت أكثر من طلقة فله أن يناكرها فيما زاد عليها بأن يقول: ما أردت إلا طلقة
واحدة، وأما بعد البناء فليس له مناكرتها كما يشير له بقوله الآتي ولا نكرة له إن دخل في تخيير مطلق،
وأما المملكة إذا أوقعت أكثر من طلقة فله أن يناكرها فيما زاد على الواحدة قبل الدخول وبعده، فإن
أوقعت المخيرة أو المملكة واحدة فلا نكرة له فيها بأن يقول: ما أردت طلاقا فتلزمه تلك الواحدة
قهرا عنه ولا عبرة بمناكرته. قوله: (لم تدخل) وكذا إن دخلت وكان التخيير بخلع لأنها تبين بواحدة
فهي كغير المدخول بها وهذا أحد قولين في ح اه‍ بن. قوله: (وكذا أجنبي) أي أن الأجنبي الذي
فوض له طلاقها على سبيل التخيير أو التمليك مثل المرأة في تفصيلها من المناكرة في التمليك مطلقا وفي
التخيير إن كان لم يدخل بها. قوله: (إن زادتا على الواحدة) هذا موضوع المناكرة التي هي عدم رضا
الزوج بالزائد الذي أوقعته وليس هذا شرطا خلافا لبعضهم حيث جعل الشروط ستة وعد هذا
منها، ويفهم منه أنه لا مناكرة عند الاقتصار على الواحدة، أما المملكة فظاهر، وأما المخيرة فعدم
المناكرة لبطلان ما لها من التخيير إذا لم تقض بالثلاث، قال ابن عبد السلام: وهو ظاهر لان
المخيرة التي لم تدخل بمنزلة المملكة، قال ح: لأنها تبين بالواحدة وهو المقصود اه‍ بن. قوله: (إن
نواها) أي الواحدة التي يناكر في غيرها. قوله: (فإن لم ينوها عنده) أي بأن لم ينو عنده شيئا أو نوى
بعده. قوله: (وبادر) هذا هو الشرط الثاني. وقوله وحلف هو الشرط الثالث. قوله: (للمناكرة)
أي عند سماعه الزائد على الواحدة. قوله: (وإلا سقط) أي وإلا يبادر وأراد المناكرة فلا
عبرة بمناكرته وسقط حقه ولو ادعى الجهل في ذلك لم يعذر بالجهل. قوله: (ولا ترد عليها اليمين)
أي لأنها يمين تهمة وهي لا ترد كما يأتي. قوله: (إن دخل) شرط في مقدر أي ومحل تعجيل يمينه
وقت المناكرة إن كان دخل بالمرأة ليحكم له الآن بالرجعة وتثبت أحكام الرجعة من نفقة وغيرها.
قوله: (فعند الارتجاع) أي فيحلف عند إرادة الارتجاع أي عند إرادة العقد عليها برضاها.
قوله: (فإن كرره) أي بأن قال: أمرك بيدك أمرك بيدك مرتين أو ثلاثا. قوله: (فيما زادته)
أي على الوحدة ويلزمه ما أوقعت من طلقتين أو ثلاث. قوله: (بتكريره) أي باللفظ الثاني
والثالث المكرر. وقوله التأكيد أي اللفظ الأول، ثم إن قوله: إلا أن ينوي التأكيد يتضمنه أول
408

الشروط الخمسة ولذا قيل: لا فرق بين التكرار وغيره حيث نوى الواحدة عند التفويض، ولو قال
المصنف بدل قوله ولم يكرر أمرها بيدها إلخ ولو كرر أمرها بيدها ويكون مبالغة في قوله إن نواها،
ويستغني عن قوله إلا أن ينوي التأكيد لكان أخصر وأحسن لان هذا هو المتوهم تأمل. قوله: (كنسقها)
هذه مسألة مستقلة بذاتها ليست من جملة الشروط بل مشبهة بما قبلها في الحكم أي كما إذا قالت المرأة:
طلقت نفسي وكررته مرتين أو ثلاثا نسقا فإنه يحمل على التأسيس إلا أن تدعي قبل الافتراق أنها
نوت التأكيد فإنه يقبل. قوله: (هي) أبرز الضمير لئلا يتوهم أن الضمير في نسقها عائد على الطلقات
المفهومة من قوله ولم يكرر أمرها وإن كان سياق المصنف في الضمائر المؤنثة العائدة عليها. قوله: (ولاء)
وأما إن لم يكن موالاة فلا يرتدف الثاني على الأول لأنه بائن. قوله: (وأما بعد البناء) أي وأما لو ملكها
بعد البناء. قوله: (فلا يشترط) أي في التأسيس. قوله: (نسقها) أي بل إذا كررت: طلقت نفسي مرتين أو
ثلاثا سواء كان هناك موالاة أو لا فإنه يحمل على التأسيس. قوله: (فإن اشترط فيه إلخ) اعلم أن الواقع في
العقد سواء كان مشترطا أو متبرعا به حكمهما واحد من جهة عدم المناكرة، فالأولى للمصنف أن يقول:
ولم يكن ذلك في العقد قال في المدونة: وإن تبرع بهذا بعد العقد فله أن يناكرها فيما زاد على الواحدة، قال
أبو الحسن: هذا يقتضي أن التبرع في أصل العقد كالشرط ونص عليه ابن الحاجب اه‍. وذلك لان
ما وقع في العقد من غير شروط له حكم المشترط اه‍ بن. قوله: (وفي حمله) أي ما ذكره من التخيير والتمليك.
قوله: (إن أطلق) بالبناء للفاعل وفاعله ضمير يعود على الموثق المفهوم من المقام. قوله: (هل وقع ذلك)
أي وادعى الزوج أنه بعد العقد وادعت الزوجة أو وليها أنه وقع في العقد. قوله: (فلا مناكرة له) راجع
لقول المصنف وفي حمله على الشرط. قوله: (أو على الطوع) أي التطوع بعده. قوله: (قولان) الأول لمحمد
بن عبد الله بن مغفل وابن فتحون. والثاني لابن العطار، وبهذا تعلم أن اللائق بالمصنف أن يعبر بتردد.
وقال بعض الموثقين: ينبغي أن ينظر في ذلك لعرف الناس في تلك البلد فيكون القول لمدعيه، فإن لم يكن
عرف فالقول قول الزوج أنه على الطوع بعد العقد. قوله: (لاحتمال سهوه) علة لقول المصنف وقبل
إرادة الواحدة. قوله: (والأصح خلافه) هذا ضعيف والمعتمد ما قبله الذي هو قول ابن القاسم قاله
شيخنا العدوي. قوله: (ولا نكرة له إن دخل إلخ) أي على المشهور خلافا لابن الجهم القائل أنها إذا أوقعت
الثلاث في التخيير المطلق كان له مناكرتها فيما زاد على الواحدة لا فرق بين المدخول بها وغير المدخول
بها. قوله: (غير مقيد إلخ) أي بأن قال لها: اختاري نفسك أو أمرك بيدك. وحاصله أنه إذا قال لها
ذلك والحال أنها مدخول بها فقالت: طلقت نفسي ثلاثا فإنه لا يناكرها بأن يقول لها: إنما أردت دون
الثلاث ويلزمه ما أوقعت إذ ليس له مناكرة المدخول بها في التخيير المطلق العاري عن التقييد
بطلقة أو طلقتين أو ثلاث لان اختيارها فيه إنما يكون للثلاث، فإن أوقعت في التخيير المطلق دون الثلاث
بطل تخييرها كما يأتي. قوله: (وإن قالت من فوض لها الزوج أمرها) أي على جهة التخيير أو التمليك.
قوله: (وبعده) الواو بمعنى أو، قال عبق تبعا لتت أو بعده بقليل، وفي خش أو بعده بالقرب، وبحث
فيه ابن عاشر فقال: انظر من نص على هذا القيد والذي لابن رشد إجراء هذا الحكم فيما إذا سكت عنها
حتى مضى شهران انظر المواق اه‍ بن فقوله وبعده أي بشهرين على الصواب. قوله: (إن كانت
مدخولا بها) لان المدخول بها لا تقتضي في التخيير إلا بالثلاث ولا مناكرة له فيها، فإذا قضت بأقل منها
409

بطل تخييرها. قوله: (بل يبطل التخيير من أصله) أي لأنها خرجت عما خيرها فيه بالكلية لأنه أراد أن
تبين منه وأرادت هي أن تبقى في عصمته اه‍ بن. قوله: (كالمملكة) أي يلزم فيها الثلاث إذا لم يناكر
دخل بها أم لا. قوله: (والأولى التعبير بالفعل) أي بأن يقول: وظهر. قوله: (لان أل) أي في الطلاق.
قوله: (تحتمل الجنسية) أي تحتمل أن تكون للجنس المتحقق في جميع أفراده لا في بعضها. قوله: (فيجري فيه
جميع ما تقدم) أي فإن قالت: أردت الثلاث لزمت في التخيير المطلق إن كانت مدخولا بها ولا مناكرة له
وناكر في التمليك مطلقا، وفي التخيير إن كانت غير مدخول بها وإن قالت أردت واحدة أو اثنتين بطل ما
بيدها من التخيير إن كانت مدخولا بها، وإن كانت غير مدخول بها لزمه ما أرادت كما يلزمه ما أرادت في
التمليك مطلقا، وإن قالت: لم أرد عددا يجري التأويلان المتقدمان في حمل قولها على الثلاث أو الواحدة.
قوله: (وفي جواز التخيير) أي في كونه جائزا جوازا مستوي الطرفين وهو المعتمد لان الثلاث غير مجزوم
بها على أن الغالب أن النساء يخترن أزواجهن. قوله: (لان موضوعه الثلاث) أي وأما كونه يناكر غير
المدخول بها فيه فهو شئ آخر إن قيل إذا كان موضوعه الثلاث فلم لم يتفق على كراهته. قلت: نظرا
لمقصوده إذ هو البينونة وهي تتحقق بواحدة كما في الخلع أو الطلاق قبل الدخول وإن كانت هنا
لا تتحقق إلا بالثلاث، وينبغي جري الخلاف بالكراهة والإباحة في التمليك إذا قيد بالثلاث وإلا
كان مباحا اتفاقا، والظاهر الاتفاق على كراهة التوكيل إذا قيد بالثلاث لأنه داخل على إيقاعها لها وهو
مقصر في عدم عزلها اه‍ تقرير عدوي. قوله: (وحلف في اختاري في واحدة) حاصله أنه إذا قال لها:
اختاري في واحدة فأوقعت ثلاثا فقال: ما أردت إلا طلقة فإنه يلزمه اليمين، فإذا حلفها طلقت عليه
طلقة واحدة. قوله: (وتلزمه الواحدة فقط) أي سواء كانت مدخولا بها أم لا لان هذا ليس تخييرا
مطلقا. قوله: (في المدخول بها) أي وبائنة في غير المدخول بها. قوله: (ولا يمين عليها) أي لأنها يمين تهمة
حلفها الزوج لاتهامه وهي لا ترد. قوله: (اختاري في طلقة) أي اختاري المفارقة بسبب طلقة
واحدة. قوله: (وفي مرة واحدة) أي وحينئذ فالمعنى اختاري المفارقة في مرة واحدة والمفارقة في مرة
تصدق بالثلاث. والحاصل أن كلامه محتمل لهذين الامرين، ومحتمل أيضا لكون في زائدة فلما
احتمل كلامه ما ذكر حلف لاتهامه على إرادة الثلاث. قوله: (أردت واحدة) أي فيحلف وتلزمه
الواحدة فقط كانت مدخولا بها أم لا وتكون رجعية في المدخول بها. قوله: (لم يرد بالطلقة الواحدة
حقيقتها) أي وإنما أراد بها عدم الإقامة معه المجامع للبتات. قوله: (فالقول قوله) أي في أنه إنما أراد
واحدة. قوله: (حقه في طلقه) يعني أنه إذا قال لها اختاري في طلقة فقالت طلقت نفسي ثلاثا أو اخترتها
أو اخترت نفسي لم يلزمه إلا واحدة وله الرجعة ولا يمين على الزوج. قوله: (أنه لا يمين عليه) أي مع لزوم
الطلقة. قوله: (بل يبطل) أي الزائد على الواحدة. قوله: (بدليل إلخ) الدلالة من جهة قياس القضاء بالأكثر
على القضاء بالأقل بجامع المخالفة لما جعله لها في كل. والحاصل أنه إذا قال لها: اختاري طلقة فطلقت نفسها
أكثر فلا يمين عليه ويلزمه طلقة ويبطل الزائد، وإذا قال لها: اختاري تطليقتين فقضت بواحدة بطل ما
قضت به مع بقائها على ما جعله لها من التخيير، وأما إذا قال لها: ملكتك طلقتين أو ثلاثا فقضت بواحدة
410

فلا يبطل ما قضت به. قوله: (وبطل ما قضت به) أي لا ما جعله لها من الاختيار فإنه مستمر بيدها لأنها لم
تخرج هنا عن اختيار ما جعله لها بالكلية، بخلاف ما سبق في قوله: وإن قالت واحدة إلخ وما ذكره
الشارح من بطلان ما قضت به فقط تبع فيه عبق، والذي في طفي أن الصواب بطلان ما بيدها
إذا قضت بواحدة في اختاري تطليقتين أو في تطليقتين كالتخيير المطلق إذا قضت فيه بدون الثلاث
بعد البناء كما يأتي، قال بن: ولم أر ما قاله عبق وهو تابع لشيخه عج اه‍. قوله: (لزمته الواحدة) أي
وبطل الزائد. قوله: (وبطل في المطلق إلخ) يعني أنه إذا خيرها تخييرا مطلقا أي عاريا عن التقييد بعدد
فأوقعت واحدة أو اثنتين فإن خيارها يبطل، ويصير الزوج معها كما كان قبل القول لها على المشهور
بشروط ثلاثة: أن يكون تخييرها بعد الدخول بها، وأن لا يرضى الزوج بما قضت به، وأن لا يتقدم لها
ما يتمم الثلاث، فإن كان التخيير قبل الدخول وقضت بواحدة لزمت أو كان بعد الدخول ورضي بما
قضت به أو تقدم لها ما يكمل الثلاث لزم ما قضت به. قوله: (وإن قيد بغيره) أي هذا إذا لم يقيد أصلا بل ولو
قيد بغير العدد، فقوله: كاختاري نفسك راجع لما قبل المبالغة. وقوله: أو إن فعلت كذا راجع لما بعدها.
قوله: (إن قضت) أي إذا كان خيرها بعد الدخول بها، وأما إن كانت غير مدخول بها وقضت ولو بواحدة
فإنها تلزمه، وما ذكره المصنف من البطلان هو المشهور، وقال أشهب: لا يبطل ما بيدها من الاختيار إذا
قضت بدون الثلاث بل لها أن تقضي بعد ذلك بالثلاث فالذي يبطل ما قضت به لا ما بيدها. قوله: (ولم
يرض به) أي ولم يرض الزوج بما أوقعت وإلا لزم ما قضت به وإن كانت العلة وهي قوله: لأنها عدلت
إلخ غير ناهضة هنا اه‍ عدوي. قوله: (كطلقي نفسك ثلاثا) أي كما يبطل ما بيدها ولا يلزم الزوج
شئ حيث قال لها: طلقي نفسك ثلاثا فقضت بأقل وظاهره سواء كانت مدخولا بها أم لا. قوله: (لكن
الراجح) أي كما في التوضيح. قوله: (دون ما بيدها) أي وحينئذ فطلقي نفسك ثلاثا مثل طلقي نفسك
طلقتين في أنه يبطل قضاؤها بالأقل ولا يبطل ما بيدها من التخيير. قوله: (ووقفت إلخ) يعني أنه إذا
خيرها بأن قال لها: اختاري نفسك أو ملكها بأن قال لها: أمرك بيدك فقالت: اخترت نفسي إن دخلت
على ضرتي أو إن قدم فلان أو نحوه من كل محتمل غير غالب فإنها توقف لتختار حالا إما الطلاق
أو البقاء، ولا تمهل حتى يقدم زيد أو يدخل على ضرتها ولا يلتفت لشرطها بل يلغى على المشهور خلافا
لسحنون، وكل هذا ما لم يرض الزوج بما قضت به من التعليق، فإن رضي بإمهالها لقدوم زيد أو
للدخول على ضرتها انتظر وتطلق عليه بمجرد حصول المعلق عليه كالقدوم والدخول عملا بالتعليق
الواقع منها الذي قد أجازه وإن كان قد وطئها قبل دخوله على ضرتها كما في نص اللخمي ولا يتوقف
الطلاق على خيارها. قوله: (ووقفت في التخيير المطلق إلخ) أي وأما لو وكلها فطلقت نفسها إن دخل
على ضرتها فلها ذلك ولا توقف رضي الزوج بذلك أم لا اه‍ عدوي. قوله: (فتوقف حينئذ) أي
حين حصول الاختيار منها المعلق على شئ ولا ينظر لحصول المعلق عليه بالفعل. قوله: (لما فيه من البقاء إلخ)
الصواب اسقاط هذه العلة إذ لو صحت لمنع التعليق من الزوج أيضا مع أنه غير ممنوع فيجوز أن يقول لها:
إن قدم زيد فاختاري نفسك أو ملكتك أمر نفسك وينتظر حصول المعلق عليه انظر بن، وقد يقال
هذا الاعتراض مدفوع لوجود الفرق بين تعليقها وتعليقه، قال عبق: والفرق بين صحة التعليق منه
وعدم صحته منها مع عدم رضاه به من وجهين: أحدهما أن الله جعل الطلاق بيده فاغتفر له
التعليق الثاني أن تعليقها على نحو دخوله على ضرتها غير لازم لها إذ لها رفعه قبل وقوع
المعلق عليه بحيث لا يقع عليه طلاق بدخوله بخلاف تعليق الرجل فلازم فتأمل.
411

قوله: (ورجع مالك إلخ). حاصله أنه إذا ملكها تمليكا مطلقا بأن قال لها: ملكتك أمرك أو أمرك
بيدك، أو خيرها تخييرا مطلقا بأن قال لها: خيرتك في نفسك فالذي رجع إليه مالك أنهما يبقيان بيدها
في المجلس وبعده ولو تفرقا عن المجلس الذي طالت إقامتهما به ما لم توقف عند حاكم أو توطأ أو تمكن
منه طائعة بعد أن كان يقول أو لا يبقى ما جعله لها من التخيير والتمليك بيدها في المجلس الذي يمكن
القضاء فيه فقط، فإن تفرقا بعد إمكان القضاء فلا شئ لها، وإن قام من المجلس حين ملكها يريد
قطع ذلك عنها لم ينفعه واستمر خيارها وحد المجلس الذي يمكن فيه القضاء أن يقعد معها قدر ما يرى
الناس أنها تختار في مثله ولم تقم فرارا فإذا قعدا بقدر ذلك ثم قاما من المجلس أو انتقلا من الكلام الذي
كانا فيه لغيره ولم تقض سقط ما بيدها. قوله: (أي غير المقيدين) أي فهو غير المطلق السابق لأنه العاري
عن التقييد بالعدد. قوله: (بقدر إلخ) هذا تصوير للمجلس، وقوله ما يرى أي يرى الناس. قوله: (أو خرجا
عما) أي عن الكلام الذي كانا فيه قوله: (فهو غير المطلق السابق) أي في قوله: وبطل في المطلق لأنه بمعنى
العاري عن التقييد بالعدد. قوله: (ما لم توقف عند حاكم) فإن أوقفت فإما أن تقضي بشئ أو تسقط
ما بيدها على ما مر كما أنه يسقط ما بيدها إذ وطئت أو مكنت منه طائعة. قوله: (وأخذ ابن القاسم) أي
في المسألة الأولى. قوله: (فالوجه الاقتصار عليه) أي لأنه الراجح وبه العمل كما قال المتيطي خلافا
لظاهر المصنف فإنه يقتضي أن الراجح القول الثاني المرجوع إليه، ومحل هذا الخلاف ما لم تقل عند
التمليك أو التخيير قبلت أمري أو رضيت بما جعلته لي، ونحو ذلك مما يدل على أنها لم تترك ما بيدها، فإن
قالت ذلك بقي ما لم توقف أو توطأ، قال ابن رشد اتفاقا: انظر بن. قوله: (وفي جعل إن وإذا كمتى) أي
لان إذا ظرف زمان كذلك أي غير محصور ولا محدود مثل متى وإن، وإن كانت غير موضوعة للزمان
المستقبل إلا أنها متضمنة له لأنها للتعليق في المستقبل، فإذا دخلت على ماض صرفته للمستقبل، فإذا قيل:
إن دخلت الدار فأمرك بيدك أي في الزمان المستقبل. قوله: (أو هما كالمطلق) أي بناء على أن إذا
لا تقتضي المهلة والامتداد بل لمجرد الشرط مثل إن بخلاف متى فإنها تقتضي المهلة والامتداد. قوله: (كمتى
شئت) أي فأمرك بيدك لان متى ظرف زمان مستقبل غير محصور ولا محدود، فإذا قال لها: متى
شئت فأمرك بيدك فقد جعل الطلاق بيدها في الوقت الذي تشاؤه فيه ولم يجعل لذلك حدا يسقط
ما بيدها قبل الانتهاء إليه فوجب أن يكون ذلك بيدها ما لم توقف أو يكون منها ما يدل على إسقاطه.
قوله: (تردد) أي طريقتان حكاهما ابن رشد عن المتأخرين. قوله: (اتفاقا) أي وهي طريقة ابن رشد.
قوله: (أو يجري فيها خلاف الحاضرة) أي وهذه طريقة اللخمي. قوله: (أو ما لم توقف) أي أو يبقى
في يدها ولو قامت من المجلس الذي علمت فيه ولو طالت إقامتها فيه ما لم توقف إلخ. قوله: (فإذا انقضى
ما عينه) أي ولم تختر شيئا. قوله: (ومعناه إلخ) أي وليس معناه أنه يمتد إلى ذلك الامر ويبقى بيدها
ولو وقفت وإلا كان معارضا لقوله سابقا ووقفت وإن قال إلى سنة وحينئذ فقوله
412

تعين معناه أنه يمتد لذلك الامر ولا يسقط ما لم توقف إلخ. قوله: (فالحكم للمتقدم) أي فإن قالت: اخترت
نفسي وزوجي فإن الطلاق يقع عليه، وإن قالت: اخترت زوجي ونفسي لم يقع عليه طلاق اعتبارا باللفظ
الأول فيهما، فإن شك في أيهما المتقدم لم يقع عليه طلاق كمن شك هل طلق أم لا؟ وإن قالت: اخترتهما
فالظاهر وقوع الطلاق ولا ينظر للمتقدم في مرجع الضمير الواقع من الزوج كما إذا قال لها: اختاريني
أو اختاري نفسك أو بالعكس فقالت: اخترتهما تغليبا لجانب التحريم. قوله: (في الحضور) أي أنها
إذا كانت حاضرة في المجلس فإنها تخير حين التخيير أو التمليك. قوله: (لتعليقهما بغير منجز إلخ) أشار إلى
أنه حذف تعليل الثاني لدلالة التعليل الأول عليه. قوله: (كما إذا قال لها أمرك بيدك) أي فكما لا ينجز
الطلاق ولا يقع إذا علق بمستقبل ممتنع كإن لمست السماء فأنت طالق، كذلك لا شئ عليه في قوله: أمرك
بيدك إن لمست السماء، وكما ينتظر في أنت طالق إن قدم زيد، أو إن دخلت الدار كذلك ينتظر في أمرك
بيدك إن قدم زيد أو إن دخلت الدار. قوله: (كالطلاق) يستثنى من ذلك ما إذا قال: كل امرأة أتزوجها
فأمرها بيدها أو إن دخلت الدار فكل امرأة أتزوجها فأمرها بيدها فإنه يلزم التعليق المذكور، وعلله
اللخمي بأن المرأة قد تختار البقاء مع الزوج وبأن الغالب أن النساء لا يخترن الفراق بحضرة العقد،
وتشبيهها بالطلاق يقتضي عدم اللزوم فيهما اه‍ عدوي. قوله: (ولم تعلم بقدومه إلخ) وأما لو علمت
بقدومه قبل مضي الشهر فطلقت نفسها وتزوجت لم تفت بدخول الثاني اتفاقا والظاهر حدها، ولا
تعذر بالعقد الفاسد كما قالوا فيمن طلق زوجته ثلاثا وتزوجها قبل زوج ودخل بها فإنه يحد ولم يعذروه
بالعقد الفاسد اه‍ عدوي. قوله: (غير عالم بقدوم الأول) أي قبل الشهر أي وغير عالمة قبل دخول الثاني
بقدوم الأول قبل الشهر. قوله: (على حضور شخص) أي وليس المراد حضور الزوج. قوله: (فالأولى حذف
الضمير) أي ليطابق ما في المدونة ولان الاتيان بالضمير يوهم عوده على الزوج مع أنه ليس مرادا.
قوله: (واعتبر إلخ) أي أنه إذا خيرها أو ملكها أو وكلها قبل بلوغها فاختارت نفسها فإنه يقع الطلاق عليها وهو
لازم إن ميزت، وهل يشترط زيادة على التمييز إطاقتها للوطئ أو لا يشترط؟ قولان، والمعتمد أن المدار على
التمييز أطاقت الوطئ أم لا، فإن لم تكن مميزة فلا يعتبر ما أوقعته، وما جعل لها من التخيير والتمليك فهو
ثابت لا يبطل فيستأنى بها حتى تميز أو توطأ. قوله: (فالتمييز لا بد منه) أي على كلا القولين، خلافا
لظاهر المصنف حيث أدخل كلمة هل على شرط التمييز فيقتضي أنه من محل الخلاف وليس كذلك.
قوله: (وله التفويض لغيرها) أي سواء كان ذلك الغير قريبا لها أو كان أجنبيا منها، وسواء شركها مع
ذلك الغير أم لا على المشهور كما هو مذهب المدونة، فقوله لغيرها أي مجتمعا معها أي منفردا عنها: إلا أن العبرة
بما يرضى به هو حالة الانفراد، والعبرة بما ترضى به هي حالة الاجتماع، ولو قال الأب: أنا أدرى بحالها منها
وما ذكره المصنف من جواز التفويض لغيرها لا يخالف ما مر من أن في إباحة التخيير وكراهته قولين
لان الجواز لا ينافي الكراهة بأن يراد بالجواز الاذن لا الإباحة أو أنه مشى هنا على أحد القولين.
413

قوله: (يعني أن الزوج إلخ) قال بن: هذا أحسن ما يحمل عليه المصنف، وأما حمله على التوكيل على الطلاق
فغير صحيح إذ لا خلاف أن للزوج عزله ما لم يوقع الطلاق كما جزم به اللخمي وغيره، وقد صرح ابن عرفة
بأنه متفق عليه انظر المواق، وأما ما في ح عن اللخمي وعبد الحق من ذكر الخلاف في عزل الوكيل
ففيه نظر، إذ الخلاف الذي ذكره اللخمي إنما ذكره فيما إذا قال الزوج لغيره طلق امرأتي هل يحمل
على التمليك فليس له العزل أو على التوكيل فله العزل؟ هذا الذي يفيده أبو الحسن والمواق وابن غازي قال
وحمل المصنف على هذا يحتاج إلى وحي يسفر عنه. قوله: (فهل له عزله) أي قبل أن يفعل ما وكل عليه.
قوله: (الراجح عدم العزل) أي نظر التعليق حق الغير، قال أبو الحسن: انظر إذا قالت الزوجة: أسقطت حقي
من التمليك هل للزوج أن يعزل ذلك الوكيل الذي وكله على أن يملكها لأنهم عللوا عدم عزل الوكيل
بتعلق حق الغير وها هي قد أسقطت؟ أو يقال: إن للوكيل حقا في الوكالة قد ترجح فيه؟ اه‍ بن. قوله: (فله
عزله قطعا) أي قبل أن يفعل ما وكل عليه. قوله: (فالمسائل ثلاث) أي فالأولى وكله على أن يخيرها أو
يملكها، والثانية وكله على طلاقها، والثالثة خيره في عصمتها أو ملكه إياها، ففي كل من المسألة الأولى
والأخيرة قولان والراجح عدم العزل فيهما، وفي الثانية له العزل اتفاقا، وكلام المصنف يتعين حمله على
الأولى لان الثانية ليس فيها قولان وإن كان فيها توكيل، والثالثة وإن كان فيها قولان ليس فيها توكيل.
قوله: (المفوض له) أي طلاقها على وجه التخيير أو التمليك بأن قيل له: خيرتك في عصمتها أو ملكتك
عصمتها. قوله: (إلا ما فيه المصلحة) أي فلا يرد إلا إذا كان في الرد مصلحة، ولا يطلق إلا إذا كان في
الطلاق مصلحة، فإن لم تظهر المصلحة في طلاقه أو رده أو فعل أحدهما لغير مصلحة نظر الحاكم.
قوله: (كالزوجة في التخيير) أي إذا كان خيره الزوج في عصمتها، وقوله: والتمليك أي إذا كان الزوج ملكه
عصمتها. قوله: (ومناكرة المخيرة) تفسير لما قبله، والأولى أن يقول: ومناكرته إن خيره قبل الدخول أو
ملكه مطلقا. قوله: (إن حضر الوكيل) الأولى إن حضر ذلك الغير تفويض الزوج أو كان وقت التفويض
غائبا غيبة قريبة لان هذا الغير ليس وكيلا. قوله: (شرط إلخ) أي أنه لا يكون تفويض أمر الزوجة للغير
إلا إذا كان حاضرا أو قريب الغيبة كاليومين والثلاثة ذهابا كما في سماع عيسى. قوله: (فلها) أي فينتقل
لها النظر. قوله: (إن مكنت بعلمه) فإن كان بغير علم لم يسقط خياره قاله محمد واستحسنه اللخمي.
قوله: (وقيل ولو بغير علمه ورجح أيضا) أي وهو ظاهر المدونة. وقوله ورجح أي رجحه في الشامل حيث
قال: ولو مكنت بغير علمه على الأصح ونحوه في تت والشيخ سالم ومثله في التوضيح أيضا، فإنه بعد أن
ذكر عن المدونة أن المملك إن مكن من المرأة زوجها زال ما بيده من أمرها قال ما نصه: ولو مكنته الزوجة
ولم يعلم الأجنبي ففي المدونة يسقط خياره، وقال محمد: لا يسقط واستحسنه اللخمي. قوله: (أو إلا أن يغيب إلخ)
414

أي فيسقط حقه ولا ينتقل إليها النظر، فالغيبة بعد التفويض مخالفة للغيبة قبلها، والفرق بينهما أنه إذا
غاب بعد توكيله بحضوره كان ظالما فيسقط حقه، بخلاف ما إذا كان غائبا حال التوكيل فإنه لا ظلم
عنده فلم يسقط حقه، فلذا انتظر إن كانت الغيبة قريبة وانتقل النظر لها إن كانت بعيدة ولا ينتظر
قدومه لما يلحقها من الضرر، وما ذكره المصنف من التفرقة بين غيبته بعد التفويض وغيبته قبله طريقة
لابن الحاجب وابن شاس وابن بشير، وأجرى ابن عبد السلام الغيبة بعد التفويض على الغيبة قبله في
التفصيل بين قرب الغيبة وبعدها واختاره في التوضيح. قوله: (بعد تفويض الزوج له) أي طلاقها على
وجه التخيير أو التمليك. قوله: (فإن أشهد) أي عند غيبته. قوله: (وكتب له في القريبة بإسقاط ما بيده)
أي وإذا كتب له بإسقاط ما بيده أو إمضائه فأسقطه فإنه لا ينتقل النظر للزوجة، وانظر لو مات من
فوض له أمرها ولم يوص به لاحد فهل ينتقل لها وهو الظاهر أم لا؟ وأما إن أوصى به فإنه ينتقل إليه اه‍ خش.
قوله: (على الراجح) وقيل إنه ينتقل ما جعل له للزوجة في الغيبة القريبة والبعيدة فالأقوال ثلاثة،
وثالثها لما كان ضعيفا لم يحمل المصنف عليه. قوله: (فلا يقع طلاق إلخ) أي فإيقاع الطلاق من أحدهما
دون الآخر لغو. قوله: (إلا أن يكونا رسولين) هذا الاستثناء منقطع سواء حملت الرسالة على المجازية أو
الحقيقية لأنه لا تدخل واحدة منهما في التمليك على ماحل به الشارح قوله: وإن ملك رجلين إلخ.
قوله: (أو يقول لهما جعلت لكل منكما إلخ) قال شيخنا: أو يقول لهما طلقا زوجتي ولم يقل إن شئتما لأنه في
قوة قضية كلية أي لكل منكما طلاق زوجتي فلكل منهما الاستقلال بالطلاق عملا بالأحوط في
الفروج وهذا أحد أقوال ثلاثة. وحاصلها أنه إذا قال: طلقا زوجتي فقيل يحمل على الرسالة فلكل
منها الاستقلال بالطلاق إلا أن يريد التمليك، وقيل يحمل على التوكيل فلا يلزم الطلاق إلا باجتماعهما
معا وله عزلهما، وقيل يحمل على التمليك فلا يقع الطلاق إلا باجتماعهما معا وليس له عزلهما، والأول
للمدونة والثاني لسماع عيسى والثالث لأصبغ، قال أبو الحسن: ومذهب المدونة هو الصحيح، واختار
اللخمي ما في سماع عيسى وتبعه بهرام في الشامل وعج والشيخ سالم انظر بن. قوله: (وحمل المصنف
عليه) أي بحيث يقال: إلا أن يكونا رسولين أرسلهما ليبلغاها أنه طلقها فلكل واحد منهما القضاء أي
الاخبار بأنه طلقها، ووجه البعد أنه يحتاج لتفسير القضاء بالاخبار ثم بعد ذلك هو يوهم أن وقوع
الطلاق عليها يتوقف على إخبارها وليس كذلك بل يقع ولو لم يخبراها.
فصل في الرجعة قوله: (وهي عود إلخ) الضمير للرجعة، ويفهم منه أن عود البائن للعصمة
بتجديد عقد لا يسمى رجعة وهو كذلك، بل يسمى مراجعة لتوقف ذلك على رضا الزوجين لان
المفاعلة تقتضي الحصول من الجانبين. قوله: (من فيه أهلية النكاح) أي وهو العاقل
فأهلية النكاح إنما تتوقف على العقل ولا تتوقف على عدم الاحرام وعدم المرض لان كلا
من المحرم والمريض فيه أهلية النكاح غاية الأمر أنه طرأ عليهما ما يمنع من صحته. وقوله أي من فيه
أهلية النكاح دخل فيه الصبي لان فيه أهلية النكاح في الجملة لان نكاحه صحيح يتوقف على
الإجازة من وليه، وقد خرج بقوله بعد ذلك طالقا غير بائن لان طلاقه إما بائن بأن يطلق عنه وليه
بعوض أو بدونه على أحد القولين كما مر، والأول بائن قطعا وكذا الثاني لان وطأه كلا وطئ أو غير لازم
415

بأن يطلق هو اه‍ خش. قوله: (ولا سكران) ظاهره ولو بحلال اه‍ خش. قوله: (والعبد) فيه أنه لا يتوهم
خروجه لظهور دخوله في قوله من فيه أهلية النكاح لان نكاحه صحيح غاية الأمر أنه يتوقف على
الإجازة، بخلاف المحرم والمريض فإنه يتوهم خروجهما لفساد نكاحهما. قوله: (نص على دخولهم)
الأولى بالغ على دخولهم لأجل قوله بعد ذلك لان فيهم إلخ أي والمبالغة تقتضي دخول ما بعدها في
المبالغ عليه. قوله: (وإن بكإحرام) أي هذا إذا كان غير ملتبس بما يمنع من صحة النكاح، بل ولو كان
ملتبسا بإحرام أو مرض. قوله: (والباء بمعنى مع) أي وإن كان مصاحبا لكإحرام والأوضح جعلها
للملابسة أي وإن كان ملتبسا بإحرام ونحوه كمرض. قوله: (وأدخلت الكاف المريض) الأولى
المرض، وقوله: وليس فيه أي في ارتجاع المريض. قوله: (وعدم إذن سيد) أي وإن كان ملتبسا بعدم إذن
سيد فيها أي الرجعة. قوله: (ومثل العبد) أي في كون رجعته لا تتوقف على إذن. قوله: (فهؤلاء الخمسة)
وهم المحرم والمريض والعبد والسفيه والمفلس. قوله: (طالقا) بيان لموضوع الارتجاع لا قيد فيه،
وأتى به لأجل التوصل للوصف بقوله غير بائن إذ هو المحترز به عن البائن، وقيل: احترز به عن
الزواج ابتداء فلا يسمى رجعة. قوله: (غير بائن) هذا يغني عن جميع القيود التي بعده فذكرها معه
زيادة بيان. قوله: (وبالصحيح الفاسد) أي خرج بالصحيح النكاح الفاسد الذي يفسخ بعد الدخول
سواء فسخ بعده أو طلق فلا رجعة كخامسة وجمع كأخت مع أختها ولو ماتت الأولى أو طلقت لعدم
صحة النكاح، فإذا فسخ هذا النكاح بطلاق أو بغيره فليس للزوج رجعتها في عدة ذلك النكاح. قوله: (فإن
وطأه قبل الاذن لا يجوز) فإذا اطلع السيد على نكاحه بعد وطئه ورده أو أنه طلقها قبل اطلاع
سيده فلا رجعة، خلافا لاستظهار بعضهم صحة الرجعة فيما إذا طلق قبل اطلاع سيده وتوقفها على
إجازته. قوله: (أو صحيح لازم) أي احترز به عن الوطئ في صحيح لازم لكن وطئ وطأ حراما.
قوله: (كالحيض) أي كالوطئ في حالة الحيض أو في حالة الاحرام، فإذا تزوجها ووطئها في حالة الحيض أو
الاحرام فقط ثم طلقها بعد هذا الوطئ فلا رجعة له عليها لبينونتها منه لأنه بمنزلة الطلاق قبل
الدخول لان المعدوم شرعا كالمعدوم حسا. قوله: (القول الصريح) أي في الرجعة وهو الذي
لا يحتمل غيرها. قوله: (إذ يحتمل أمسكتها تعذيبا) أي وتحتمل أمسكتها في عصمتي زوجة فإذا أتى
بهذا اللفظ المحتمل وقصد به الرجعة حصلت. قوله: (أو نية فقط) أي من غير مصاحبة فعل لها.
قوله: (على الأظهر) أي عند ابن رشد وقواه شيخنا وقوى بن وغيره مقابله كما يأتي. قوله: (لا مجرد القصد)
أي لعودها لعصمته فلا تحصل به رجعة اتفاقا. قوله: (وهي) أي النية، وقوله بالمعنى المراد وهو الكلام
النفساني. قوله: (فيجوز) أي فيما بينه وبين الله. قوله: (وصحح خلافه) هذا هو المنصوص في الموازية
والمصحح له ابن بشير فإنه جعله المذهب، والأول صححه في المقدمات وهو مخرج
عند ابن رشد واللخمي على أحد قولي مالك بلزوم الطلاق واليمين بمجرد النية ورده ابن بشير
انظر ابن غازي اه‍ بن. قوله: (لا رجعة بها) أي في الباطن وحينئذ فلا يجوز له بعد العدة
وطؤها ولا معاشرتها معاشرة الأزواج فيما بينه وبين الله. والحاصل أن هذا الخلاف إنما هو
بالنظر للباطن، وأما في الظاهر فاتفقوا على أن النية بمنزلة العدم فلا يمكنه الحاكم من وطئها ولا
416

من الخلوة بها ولا من ميراثها. قوله: (فلو نوى ثم وطئ إلخ) هذا إنما يناسب النية بمعنى القصد وحينئذ فلا
وجه لتفريع هذا الكلام على هذا القول. قوله: (بعد بعد) أي والحال أن العدة لم تنقض، وقوله فليس
برجعة أي لان كلا من النية والفعل إذا كان وحده لا يكفي في الرجعة، وقوله فرجعة اتفاقا أي لاجتماع
النية والفعل. قوله: (وإن تقدمت) أي على الوطئ قوله: (ولو هزلا) الواو للحال ولو زائدة لان القول
الهزل هو الخالي عن نية، فلو كانت الواو للمبالغة لا تحد ما قبل المبالغة وما بعدها، ولو قال المصنف
وبقول هزلا كان أحسن، والذي يظهر أن قول المصنف بقول مع نية مخصوص بالمحتمل بدليل تمثيله
بأمسكتها ورجعت بدون زوجتي فإنه من المحتمل على ما قاله بعضهم، وقوله وبقول ولو هزلا أي
بقول صريح مع نية بل ولو مجردا عنها وهو الهزل، وبهذا ينتفي التكرار في كلام المصنف وهو أحسن
من جعل الواو للحال وإهمال لو. قوله: (فيلزمه الحاكم النفقة والكسوة) أي ويحكم له بالميراث منها إن ماتت
ولا يمنعه من الاستمتاع بها. قوله: (فلا يحل له الاستمتاع بها) أي فيما بينه وبين الله ولا يحل له أيضا أخذ
شئ من ميراثها، والفرق بين النكاح والرجعة أن النكاح له صيغة من الطرفين وأركان وشروط من
صداق واستئذان فقوى أمره فكان الهزل فيه كالعدم، ولما ضعف أمر الرجعة بكون صيغتها من
جانب الزوج فقط أثر هزله فيها في الباطن. قوله: (لا بقول محتمل) عطف على مقدر أي بقول
صريح هزلا غير محتمل لا بقول محتمل، وأما بقول غير محتمل لها أصلا مع نية كاسقني الماء ناويا به
الرجعة فهل تحصل الرجعة به أو لا؟ تردد فيه عج وغيره والظاهر الثاني كما يفيده ابن عرفة، لان إلحاق
الرجعة بالنكاح أولى من إلحاقها بالطلاق لان الطلاق يحرم والرجعة تحلل اه‍ عدوي. قوله: (دونها)
أي وأما الفعل مع النية فإنه يحصل به الرجعة والدخول عليها من جملة الفعل فإن نوى به الرجعة كفى
قاله بعضهم، وتحصل من كلامه أن الرجعة تحصل بالقول مع النية سواء كان القول صريحا أو محتملا
وكذلك بالفعل مع النية، وأما الفعل وحده أو القول المحتمل وحده فلا تحصل بهما رجعة، والقول
الصريح وحده تحصل به الرجعة في الظاهر لا في الباطن، وأما النية وحدها فإن كانت بمعنى القصد فلا
تحصل بها رجعة أصلا، وإن كانت بمعنى الكلام النفساني فقيل تحصل بها الرجعة في الباطن لا في
الظاهر، وقيل لا تحصل بها مطلقا لا ظاهرا ولا باطنا. قوله: (ولا صداق إلخ) أي وإن كان وطؤها من
غير نية رجعة حراما ولا يلحق به الولد ويستبرئها من ذلك الوطئ إذا ارتجعها ولا يرتجعها في زمن
الاستبراء بالوطئ بل بغيره، وإنما يرتجعها في زمن الاستبراء بغير الوطئ إذا كانت العدة الأولى باقية، فإذا
انقضت العدة الأولى فلا ينكحها هو أو غيره بالعقد إلا بعد انقضاء الاستبراء فإن عقد عليها قبل انقضاء
الاستبراء فسخ ولا تحرم عليه بالوطئ الحاصل في زمن الاستبراء. قوله: (وانقضت عدتها) أي في
القسمين. قوله: (ثم طلقها) أي ثلاثا أو أقل من ذلك. قوله: (لحقها طلاقه على الأصح) أي وهل يكون
ذلك الطلاق اللاحق لها رجعيا وإن لم تثبت له رجعة وهو ما استظهره عبق وفائدته لزوم طلاق بعده
وتأتنف له عدة، وعليه فيلغز به من وجهين: رجعي تؤتنف له العدة ولا رجعة معه أو يكون ذلك
الطلاق اللاحق بائنا وبه جزم بن حيث قال: ويكون هذا الطلاق اللاحق بائنا، ولا يصح أن يكون
رجعيا لامرين: أحدهما أن القائل بلحوق الطلاق هنا هو أبو عمران وقد علله بأنه كالطلاق في النكاح
المختلف فيه كما نقله عنه ابن يونس وأبو الحسن وغيرهما والطلاق في النكاح الفاسد لا يكون إلا بائنا كما مر
في شرط الرجعة، الأمر الثاني أنه لو كان رجعيا للزم إقراره على الرجعة الأولى والمشهور بطلانها فهو بائن
لانقضاء العدة، ومراعاة مذهب ابن وهب إنما وقعت في مجرد لحوق الطلاق لا في تصحيح الرجعة بالفعل
417

دون نية اه‍ كلامه. والحاصل أن الطلاق الأول الذي وطئ في عدته رجعي انقضت عدته، والثاني
بائن لحوقه مراعاة للخلاف وحينئذ فلا يلحقه الطلاق إلا نسقا هذا هو الصواب. قوله: (مراعاة لقول
ابن وهب) أي فهو مشهور مبني على ضعيف وهو أن الرجعة تكون بمجرد الفعل بدون نية، وقال أبو محمد:
لا يلحقها طلاقه إذ قد بانت منه، قال في التوضيح: والأول أظهر، وقال شيخنا العدوي: إن قول أبي محمد
ضعيف ومحل الخلاف إذا جاء مستفتيا فإن أسرته البينة لحقها اتفاقا كما قاله الوانشريسي. قوله: (بمجرد
الوطئ) أي فهو كمطلق في نكاح مختلف فيه والطلاق في النكاح المختلف فيه لاحق كالطلاق في
النكاح الصحيح. قوله: (ولا إن لم يعلم دخول) أي خلوة. حاصله أن الرجعة لا تصح إلا إذا ثبت النكاح
بشاهدين وثبتت الخلوة ولو بامرأتين وتقارر الزوجان بالإصابة، فإذا طلق الزوج زوجته ولم تعلم
الخلوة بينهما وأراد رجعتها فلا يمكن منها لعدم صحة الرجعة لان من شرط صحة الرجعة أن يقع
الطلاق بعد الوطئ للزوجة، وإذا لم تعلم الخلوة فلا وطئ فلا رجعة، ولو تصادق كل من الزوجين على
الوطئ قبل الطلاق وأولى إذا تصادقا بعده، وإنما شرط في صحة الرجعة أن يقع الطلاق بعد وطئ لأنه إذا
لم يحصل وطئ كان الطلاق بائنا فلو ارتجعها لأدى إلى ابتداء نكاح بلا عقد ولا ولي ولا صداق.
قوله: (بأن علم عدمه) أي كما إذا عقد على امرأة في بلدة بعيدة وطلقها وعلم عدم دخوله بها لكونها لم تأت بلده
ولم يذهب هو لبلدها. قوله: (أو لم يعلم شئ) أي كما إذا عقد على امرأة في بلدة وطلقها ولم يعلم هل دخل بها
أم لا؟ وأشار الشارح إلى أن عدم علم الدخول أعم من علم عدم الدخول حيث جعل عدم علم الدخول
صادقا بعلم عدم الدخول وبعدم العلم أصلا. قوله: (إلا أن يظهر إلخ) هذا راجع لقوله: فلا تصح الرجعة
إذا لم يعلم دخول. قوله: (بنفي التهمة) أي تهمة ابتداء نكاح بلا عقد وولي وصداق. قوله: (وأخذا
بإقرارهما) يعني إذا قلنا بعدم تصديقهما في دعوى الوطئ قبل الطلاق أو بعده فإن كل واحد يؤاخذ
بمقتضى إقراره بالوطئ سواء كان إقرارهما بالوطئ قبل الطلاق أو بعده، وقوله: فيلزمه النفقة والكسوة
والسكنى ما دامت العدة باقية هذا مرتب على إقراره هو، وقوله: ويلزمها العدة وعدم حلها لغيره مدتها
بيان للمترتب على إقرارها، ثم إن قوله: وأخذا بإقرارهما معناه كما قال بن: أن من أقر منهما بالوطئ أخذ
بمقتضى إقراره سواء صدقه الآخر أم لا، وكذا قوله كدعواه إلخ أي فإنه يؤاخذ بمقتضى إقراره،
وأما هي فإن صدقته أخذت بمقتضى إقرارها وإلا فلا، وليس فرض المسألتين في كلام المصنف ما إذا
اجتمعا على الاقرار اه‍ بن. قوله: (بالنسبة لغير الارتجاع) أي وأما بالنسبة للارتجاع فلا يعمل
بإقرارهما إذ لا تصح الرجعة حتى يعلم الدخول. قوله: (فيلزمه النفقة والكسوة والسكنى) أي وتحرم
عليه الخامسة. قوله: (ما دامت العدة) أي فإذا انقضت إن تماديا على التصديق أخذا بإقرارهما معا، وإن
رجعا أو رجع أحدهما فلا يؤاخذ الراجع ويؤاخذ غيره كما قاله الشارح بعد تبعا لعج، وسيأتي تحرير ما في
المقام قريبا إن شاء الله تعالى. قوله: (كدعواه لها بعدها) حاصله أن الزوج إذا ادعى بعد انقضاء العدة
أنه كان راجع زوجته في العدة من غير بينة ولا مصدق مما يأتي فإنه لا يصدق في ذلك وقد بانت منه ولو
كانت الزوجة صدقته على ذلك، والموضوع أن الخلوة علمت بينهما لكن يؤاخذ بمقتضى دعواه وهي أنها
زوجة على الدوام فيجب لها ما يجب للزوجة، وكذا تؤاخذ بمقتضى إقرارها إن صدقته ولا يمكن
واحد منهما من صاحبه فإن لم تصدقه فلا يجب لها عليه شئ لان لزوم ما يجب لها عليه بإقراره
مشروط بتصديقها كما يأتي، فإن كذبته لم تؤاخذ بذلك لاقرارها بسقوط ذلك عنه. قوله: (أي ادعى
بعد انقضاء العدة إلخ) أي والحال أنه لم يكن له بينة بالرجعة ولا مصدق، أما إن كانت له بينة بذلك أو
كان يبيت عندها في العدة فإنه يصدق وتصح رجعته وإن كذبته. قوله: (وكذا هي) أي
418

يجب عليها له ما يجب للزوج ما عدا الاستمتاع فلا يجوز التزوج بغيره حيث صدقته على الرجعة. قوله: (إن
تماديا على التصديق) أي على الاقرار قوله: (شرط فيما بعد الكاف وكذا فيما قبلها إن انقضت إلخ)
هذه طريقة لعج. وحاصلها أنه في المسألة الأولى يؤاخذان بإقرارهما سواء تماديا على التصديق أو لا
إن استمرت العدة، فإن انقضت فلا يؤاخذان بإقرارهما إلا إذا تماديا وإلا عمل برجوعهما أو رجوع
أحدهما، وفي المسألة الثانية وهي دعواه الرجعة بعد العدة يؤاخذان بإقرارهما أبدا إذا تماديا على الاقرار،
فإن رجعا أو أحدهما سقطت مؤاخذة الراجع، وقال بهرام وتت: إن قوله إن تماديا على التصديق شرط
في المسألة الأولى فقط. وحاصل كلامهم أنه إذا لم تعلم الخلوة بينهما وراجعها لم تصح الرجعة ولو
تصادقا على الوطئ ويؤاخذان بمقتضى إقرارهما ما دامت العدة إن تماديا على التصديق فيها، فإن رجعا
أو أحدهما سقطت مؤاخذة الراجع كما أنه لا عبرة بإقرارهما بعد العدة، وأما في المسألة الثانية وهي ما إذا
ادعى بعد العدة الرجعة فيها وصدقته فإنهما يؤاخذان بإقرارهما أبدا من غير اشتراط دوامهما على
التصديق، وقال الطخيخي والشيخ سالم: إن قوله إن تماديا على التصديق شرط فيما قبل الكاف وما
بعدها لكن طريقتهما مخالفة لطريقة عج. وحاصل كلامهما أنهما لا يؤاخذان بإقرارهما في المسألة
الثانية إلا مدة دوامهما على التصديق، وكذلك في الأولى كان الاقرار في العدة أو بعدها، فإن رجعا أو
أحدهما سقطت مؤاخذة الراجع. وقال الشيخ عبد الرحمن الأجهوري والشيخ أحمد الزرقاني:
قوله إن تماديا على التصديق راجع لما بعد الكاف فقط فيقولان انهما في المسألة الأولى يؤاخذان
بإقرارهما في العدة مطلقا تماديا على التصديق أم لا ولا يؤاخذان به بعدها، وأما في المسألة الثانية
فلا يؤاخذان بإقرارهما إلا مدة دوامهما على التصديق، فإن حصل رجوع منهما أو من أحدهما
سقطت مؤاخذة الراجع وهذه الطريقة هي الموافقة للنقل كما قال شيخنا. قوله: (إن انقضت إلخ) فإذا
انقضت وتماديا على التصديق لزمه النفقة عليها ولا يجوز لها التزوج بغيره. قوله: (سقطت مؤاخذة الراجع)
أي فإذا رجعا معا وكذبا أنفسهما لا يلزمه نفقة وجاز لها التزوج بغيره، وإذا رجعت هي فقط جاز لها
التزوج بغيره ولا يلزمه الانفاق عليها لتكذيبها له في إقراره، وإن رجع هو فقط سقط الانفاق عنه
ولا يجوز لها التزوج بغيره. قوله: (وللمصدقة في المسألتين) أي المصدقة على الوطئ في المسألة الأولى
والمصدقة على الرجعة في المسألة الثانية. قوله: (وذكر هذا وإن استفيد إلخ) الحق أن قوله: وللمصدقة
النفقة لا يغني عنه قوله: وأخذا بإقرارهما ولا ما بعده لان معناه أنهما يؤاخذان بإقرارهما اجتماعا
وانفرادا إن تمادى المقر على إقراره، لكن مؤاخذة الرجل بالنفقة بمقتضى إقراره إذا تمادى على
الاقرار مشروطة بتصديقها له، فلو كذبته لم يؤخذ بها لاقرارها بسقوطها عنه. والحاصل أن الزوج
يتعلق به بسبب إقراره حقان: حق للزوجة من جهة النفقة وما في معناها، وحق لله كمنع الخامسة مثلا
وحرمة أصول الزوجة وفصولها، وأما هي فلا يتعلق بها لأجل إقرارها إلا حق الله وهو العدة وحرمة
تزوجها بالغير، أما أخذ كل منهما بحق الله فبمجرد الاقرار وقع تصديق من الآخر أم لا، وأما أخذ
الزوج بحق الزوجة فمشروط بتصديقها لقوله في الاقرار لأهل لم يكذبه اه‍ بن. قوله: (ولا تطلق
عليه في الأولى بعد العدة) قد علمت ما فيه وإن لحق أنه إنما يؤاخذ كل بمقتضى إقراره بالوطئ مدة
العدة فقط ولو لم يتماديا على التصديق، وحينئذ إذا انقضت العدة كان لها التزوج فالأولى قصر
كلام المصنف على الصورة الثانية. قوله: (وليست هي زوجة في الحكم) أي في حكم الشرع أي أنه لم
يحكم بأنها زوجة بحيث يثبت لها كل ما يثبت للزوجات. قوله: (جبر المصدقة) أي على الوطئ في المسألة
الأولى والمصدقة على الرجعة في المسألة الثانية، لكن الجبر في الأولى في العدة وبعدها بناء على ما قاله
419

عج من أن المؤاخذة بمقتضى الاقرار بالوطئ في العدة وبعدها إن تماديا على الاقرار، وأما على المعتمد
من أن المؤاخذة مختصة بالعدة فلا جبر بعدها انظر بن، وإنما كان له جبرها وجبر وليها على تجديد العقد
لأنها في عصمته، وإنما كان ممنوعا منها لحق الله في ابتداء نكاح بغير شروطه وذلك يزول بوجود العقد
الجديد. قوله: (فإن أبى الولي عقد الحاكم) أي وإن لم ترض، وانظر هل لها جبره على تجديد عقد أخذا من
حديث: لا ضرر ولا ضرار أو لا تأمل؟ قوله: (ولا إن أقر به إلخ) حاصله أنه إذا ثبتت الزوجية
بشاهدين واختلى بها في حال زيارته لها وثبتت الخلوة بامرأتين مثلا وادعى أنه وطئها وكذبته
وطلقها وأراد رجعتها فلا تتم له تلك الرجعة ولا يمكن منها ويحكم بكون الطلاق بائنا وعليها العدة للخلوة.
قوله: (في خلوة زيارة) أي والحال أن الخلوة بينهما ثابتة بشهادة امرأتين فأكثر، وكذا يقال في خلوة
البناء بعد. وقوله في خلوة زيارة أي إذا كانت الزيارة منه لها والموضوع أن تلك الزيارة بعد العقد وقبل
البناء، وأما إذا كانت الزيارة منها له فيصدق إذا أقر به فقط كخلوة البناء على ما قال المصنف لان الرجل
ينشط في بيته دون بيت غيره، وهذه العلة تقتضي أنهما إذا كانا زائرين مثل ما إذا كان زائرا وحده كما
قال شيخنا. قوله: (ولها كل الصداق بإقراره) نقل هذا ابن ناجي عن أبي عمران كما في ح وهو في المدونة،
وقال سحنون: لا يكمل لها حتى ترجع لتصديقه، واختلف هل خلاف أو وفاق؟ تأويلان وهما المشار إليهما
في الصداق بقول المصنف: وهل إن أدام الاقرار الرشيدة كذلك أو إن كذبت نفسها؟ تأويلان اه‍ بن.
قوله: (والمعتمد أنه لا فرق إلخ) تعقبه بن قائلا: انظر من ذكر هذا، وظاهر المواق عن المدونة هو ما ذكره
المصنف، والذي في ح ما نصه: وهذا القول أي الذي ذكره المصنف هو الذي رجحه في التوضيح
هنا، وذكر في العمدة أنه إذا أقر أحد الزوجين فقط فلا رجعة له وظاهره من غير تفصيل بين الزيارة
والاهتداء وهو أحد الأقوال أيضا اه‍. فلم يذكر ح ترجيحا، وقال ابن عرفة: ظاهر قول ابن القاسم
تصح إذا أقر بالوطئ في خلوة البناء لا الزيارة اه‍ كلام بن. وعلم منه أن ما قاله المصنف من التفرقة هو
المعتمد، لكن ذكر في الشامل أن القول بعدم التفرقة بين الخلوتين هو المشهور وحينئذ فيكون كل من
القولين قد رجح. قوله: (كأن قال إذا جاء غد فقد راجعتها) أي فلا يكون هذا رجعة الآن ولا غدا.
قوله: (وهو لا يكون لأجل) أي فكما لا يجوز التأجيل في نكاح كما تقول: اعقد لي على بنتك الآن
وحلية الوطئ إنما تكون في الغد لا يجوز التأجيل في الرجعة كأن يقول: إذا جاء غد فقد
ارتجعتها. قوله: (ولاحتياجها لنية مقارنة) أي للقول أو للفعل أي ولا نية هنا. قوله: (فلا
يستمتع بها قبل الغد) هذا التفريع غير صحيح لان حكمها قبل الغد حكم من لم تراجع فحقه
في الرجعة حينئذ باق، فإذا وطئها وهو يرى أن رجعته صحيحة فقد قارن فعله نيته فكيف
لا يكون رجعة؟ اه‍ بن. قوله: (قبل مجئ الغد) أي بأن ولدت أو نزل عليها الدم الثالث. قوله: (تأويلان)
الأول منهما لعبد الحق والثاني لابن محرز. قوله: (لا تكون إلا بنية بعد الطلاق) أي إلا بنية تحدث
بعد الطلاق السابق، والفرق بين صحة الطلاق قبل النكاح كإن تزوجت فلانة الأجنبية فهي
طالق وبين عدم صحة الرجعة قبل الطلاق أن الطلاق حق على الرجل أي حق يحكم به عليه
والرجعة حق له، فالحق الذي عليه يلزم بالتزامه، والحق الذي له ليس له أخذه قبل أن يجب ولو أشهد به.
420

قوله: (بخلاف ذات الشرط إلخ) ما ذكره المصنف من الفرق بين المسألتين هو المعروف من قولي مالك،
وقيل إن المسألتين مستويتان في لزوم ما أوقعتاه قبل حصول سبب خيارهما وهو لابن حارث عن
أصبغ من رواية ابن نافع، وقيل إنهما مستويتان في عدم لزوم ما أوقعتاه قبل حصول سبب خيارهما
وهو للباجي عن المغيرة مع فضل عن ابن أبي حازم. واعلم أن محل الخلاف إذا كان المعلق على فعله
أمرها بيدها، وأما لو علق الطلاق أو العتق فلا خيار لها اتفاقا كما قال البدر القرافي. ابن رشد: وهذه
المسألة هي التي يحكى عن ابن الماجشون أنه سأل فيها مالكا عن الفرق بين الحرة ذات الشرط والأمة
فقال له: أتعرف دار أبي قدامة وكانت دارا يلعب فيها الاحداث بالحمام معرضا له بقلة التحصيل فيما
سأل عنه وتوبيخا له على ترك أعمال نظره في ذلك حتى لا يسأل إلا عن أمر مشكل اه‍ انظر بن. قال
بعض المحققين: والانصاف أن سؤاله وارد، ولذلك اختلف النقل عن مالك من التفرقة بين المسألتين
واتحادهما في الحكم. قوله: (لان الزوج إلخ) هذا إشارة للفرق بين المسألتين، وحاصله أن اختيار الأمة
قبل العتق فعل للشئ قبل وجوبه لها بالشرع، وأما ذات الشرط فاختيارها لما اختارته فعل للشئ بعد
وجوبه لها بالتمليك. قوله: (لا ما أوقعته من اختيار زوجها) أي لان الزوج لم يقمها مقامه في ذلك وإنما
أقامها مقامه في الطلاق، فإذا قالت: إن فعل زوجي ما ذكر فقد اخترته ثم فعل فلا يلزمها ذلك ولها أن
تختار الفراق بعد ذلك. قوله: (إن قامت بينة على إقراره) حاصله أنه بعد انقضاء العدة ادعى أنه راجعها
فيها وأقام بينة تشهد أنه أقر في العدة أنه وطئها أو تلذذ بها وادعى أنه نوى بذلك الرجعة فإنه يصدق في
دعواه أنه أراد بذلك الرجعة وتصح رجعته حينئذ، والموضوع أن الخلوة بها قبل الطلاق قد علمت
ولو بامرأتين وحيث كانت تصح الرجعة بإقامة البينة على إقراره بالوطئ في العدة مع دعواه أنه نوى
بها الرجعة، فلو دخل على مطلقة وبات عندها في العدة ثم مات بعد العدة ولم يذكر أنه ارتجعها فلا يثبت
بذلك الرجعة ولا ترثه ولا يلزمها عدة وفاة، وكلام المصنف يحتمل احتمالا آخر وهو أن يكون المعنى
أن قيام البينة بعد العدة على الاقرار بالرجعة في العدة تصح به الرجعة وهو وإن صح في نفسه إلا أن
النص عليه قليل الجدوى لكونه جليا فالصواب ما حمله عليه الشارح. قوله: (أو على معاينة إلخ) أي أو
أقام بعد العدة بينة من الرجال تشهد على معاينة إلخ، وإنما قلنا من الرجال لان شهادة النساء هنا لا تنفع،
وحاصله أنه إذا ادعى أنه نوى بذلك في العدة رجعتها فإنه يصدق في دعواه وتصح رجعته. قوله: (وادعى
الرجعية بها) أي ادعى أنه نوى بذلك رجعتها. قوله: (على إقراره بذلك) أي على إقراره في العدة أنه يبيت
عندها ويتصرف لها. قوله: (فالواو في كلامه بمعنى أو) وبأو عبر ابن بشير وابن شاس وابن الحاجب
لإرادتهم التصرف الخاص بالأزواج. قوله: (وإن أراد العام) أي وهو الذي لا يختص بالأزواج.
قوله: (كانت الواو على حقيقتها) بالواو عبر في المدونة لإرادة التصرف العام الذي يقع من الزوج وغيره.
قوله: (تكفي في تصديقه) أي إن نوى بذلك رجعتها. قوله: (فأقام الزوج بينة) أي من الرجال لا من
النساء لان شهادتها على إقرارها بعدم الحيض لا على رؤية الدم حتى يكفي النساء. قوله: (بأن شهدت)
أي البينة التي أقامها. قوله: (أو لم أحض ثالثة) هكذا نسخة الشارح باللام والأولى ثانية بالنون وإلا
فهي تحل بمجرد رؤية الدم الثالث. قوله: (وليس بين قوليها) أي قولها حضت ثالثة، وقولها لم أحض
421

أصلا أو لم أحض ثانية. قوله: (وتعد نادمة) أي بقوله: كانت عدتي قد انقضت قبل إشهادك برجعتي.
قوله: (أو ولدت لدون ستة أشهر إلخ) في بعض النسخ: ولو تزوجت وولدت لدون ستة أشهر ردت
برجعته، قال ابن غازي: وهي أجود من نسخة أو ولدت لأنه عطف على ما تصح فيه الرجعة، فيكون
قوله وردت لرجعته حشوا، ثم إن المسألة يصح تقريرها بما هو في الجواهر من أنه راجعها فادعت
انقضاء العدة وتزوجت فأتت بولد لدون ستة أشهر فترد للأول برجعته وهو ظاهر، ويصح تقريرها
بما قال الشارح تبعا لعبق من أنه ادعى بعد انقضاء العدة أنه كان راجعها في العدة وكذبته فتزوجت
بغيره وأتت بولد لدون ستة أشهر فترد للأول برجعته، وبهذا قررها في التوضيح وابن عرفة عن بعض
شيوخ عبد الحق، لكن قولهم ردت للأول برجعته مشكل على هذا إذ الأول إنما حصل منه دعوى
الارتجاع لا إنشاء الرجعة إذ لم يعلم ذلك منه. وأجاب ابن عبد السلام بأن دعى الارتجاع نزلت منزلة
إنشاء الارتجاع وفيه نظر لان الدعوى تحتمل الصدق والكذب والانشاء لا يحتملهما، فالأولى أن
يقال معنى قولهم ردت للأول برجعته أي التي ادعى أنه كان أنشأها ولذا قال ابن عرفة: إنها ترد إليه
لقيام دليل صدقه في دعواه أنه كان أنشأ ارتجاعها تأمل انظر بن. قوله: (لدون ستة أشهر من وطئ
الثاني) أي ولأقل من أمد الحمل من يوم الطلاق. قوله: (برجعته التي ادعاها) أي التي ادعى أنه كان أنشأها.
قوله: (لأنا لما ألحقنا الولد بالأول إلخ) قال خش: وفي هذا التعليل نظر لأنه يوهم أن تزوج المعتدة من
طلاق رجعي يؤبد وليس كذلك اه‍. وفي بن: أن ما في التوضيح من أنه لا يتأبد التحريم على من
تزوج رجعية من غيره هو قول ابن القاسم، وقال غيره في المدونة: يتأبد عليه تحريمها كالبائن وهو ظاهر
كلام المصنف في أول النكاح. قوله: (فكالوليين) أي فكذات الوليين. قوله: (غير عالم بأنه) أي بأن مطلقها
راجعها. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا بأن كان تلذذ بها الثاني عالما بأن مطلقها راجعها، أو لم يحصل من الثاني
إلا مجرد العقد لم تفت على الأول إلا أن يحضر الأول عقدها على الثاني ساكتا فتفوت عليه وتكون
للثاني وعقده صحيح كما في التوضيح عن مالك لان حضور الأول عقد الثاني تكذيب لبينته الشاهدة
بالرجعة، وهذا بخلاف مسألة قوله في الطلاق كبيعها أو تزويجها فإن عقد الثاني يفسخ ويعد طلاقا من
الأول انظر بن. قوله: (الاستمتاع) أي ولو بنظر لشعر أو لوجه وكفين بلذة، وأما نظره لوجهها وكفيها
بلا لذة فجائز. قوله: (والدخول إلخ) المراد به الخلوة بها والسكنى معها فقط، وأما سكناه معها في دار جامعة
له وللناس فهو جائز ولو كان أعزب. قوله: (والأكل معها) أي فكل واحد مما ذكر حرام وكذا كلامها
ولو كانت نيته رجعتها، وإنما شدد عليه هذا التشديد لئلا يتذكر ما كان فيجامعها فلا يرد أن الأجنبي يباح
له ذلك مع الأجنبية. قوله: (ولو كان معها من يحفظها) هذا راجع للأكل معها وذلك لان الأكل معها
أدخل في المواددة فمنع منه لذلك ولو كان معها من يحفظها. قوله: (وصدقت إلخ) حاصله أن الزوجة ولو
أمة إذا راجعها زوجها فقالت عند ذلك: قد انقضت عدتي بثلاثة أقراء أو بوضع الحمل فإنها تصدق في
ذلك ولو خالفها الزوج إن كان قد مضى زمن من طلاقها يمكن فيه انقضاء العدة بما ادعت غالبا أو مساويا
ولا يمين عليها ولو خالفت عادتها. قوله: (سقطا أو غيره) أي خلافا للرجراجي القائل: لا تصدق إذا
ادعت انقضاء العدة بوضع سقط. قوله: (أي مدة إلخ) أي في المدة التي يمكن تصديقها فيها إمكانا
422

عاديا لكون تلك المدة يمكن انقضاء العدة فيها غالبا أو مساويا. قوله: (كالشهر) أي فإن شهدت لها أن
النساء قد يحضن لمثل هذا فإنها تصدق وهل بيمين أو بغير يمين؟ قولان. وعلم مما ذكره الشارح أن قول
المصنف وسئل النساء ليس مرتبطا بقوله ما أمكن لأنها إذا ادعت في زمن يمكن الانقضاء فيه غالبا أو
مساويا صدقت بلا يمين ولا حاجة لسؤال النساء بل هو مقتض راجع لما إذا ادعت ما لا يمكن فيه
الانقضاء إلا نادرا، فإن ادعت انقضاءها في مدة لا يمكن انقضاؤها فيها غالبا ولا نادرا لم تصدق ولا
يسأل النساء فالأقسام ثلاثة. قوله: (لجواز إلخ) وإنما كان الشهر يمكن انقضاء العدة فيه لجواز إلخ.
قوله: (لان العبرة إلخ) أي وحينئذ فلا يضر إتيان الحيض أول ليلة من الشهر وانقطاعه قبل فجر تلك
الليلة. قوله: (ولا يفيدها تكذيبها نفسها) يعني أنها إذا قالت أو لا عند إرادة الزوج رجعتها عدتي قد
انقضت بما يمكن من إقراء أو وضع وقلتم انها مصدقة في ذلك وقد بانت منه فإذا قالت بعد ذلك: كنت
كاذبة وأن عدتي لم تنقض فإن ذلك يعد منها ندما ولا تحل لمطلقها إلا بعقد جديد. قوله: (فلا تحل إلخ) أي
لأنها داعية لنكاح بلا ولي وصداق وشهود. قوله: (ولا يفيدها دعواها إلخ) يعني أن الزوج إذا أراد
رجعتها فادعت أنها رأت الحيضة الثالثة ثم ادعت بعد ذلك أنها رأت أول الدم من الحيضة الثالثة
وقالت: كنت أظن دوامه فانقطع قبل استمراره المعتبر في العدة فلا يفيدها ذلك وقد بانت بقولها
للأول وقد تبع المصنف فيما قاله ابن الحاجب. قوله: (المذهب كله على قبول قولها إلخ) أي وحينئذ فلها
الكسوة والنفقة وتصح رجعتها. وقال الشيخ أحمد الزرقاني: إن قبول قولها فيما عدا الرجعة لأنه
يحتاط في الفروج فيحمل كلام ابن عرفة على ما عداه، قال بن: وما قاله الشيخ أحمد وإن كان ظاهرا
لكن المذهب ما قاله ابن عرفة من قبول قولها إنه انقطع حتى بالنسبة للرجعة، وهذا إذا لم يتماد بها الدم
وعاودها عن بعد أي بعد طهر تام، وأما إن عاودها عن قرب فهل الرجعة فاسدة لأنه قد تبين أنها
حيضة ثالثة صحيحة وقعت الرجعة فيها فتبطل وهو الصحيح أو لا تبطل تلك الرجعة ورجوع الدم
عن قرب كرجوعه عن بعد؟ قولان حكاهما أبو الحسن عن عياض، ونص أبي الحسن عياض: واختلفوا
إذا راجعها عند انقطاع هذا الدم وعدم تماديه ثم رجع هذا الدم بقرب هل هي رجعة فاسدة لأنه
قد استبان أنها حيضة ثالثة صحيحة وقعت الرجعة فيها فتبطل وهو الصحيح وقيل لا تبطل رجع الدم عن
قرب أو بعد اه‍. ثم ذكر أبو الحسن عن عبد الحق في النكت أنه حكى القولين وقال بعدهما: والقول
الأول يعني التفصيل عندي أصوب اه‍. وتبين أن القرب هو أن لا يكون بين الدمين طهر تام، إذا
علمت هذا فيمكن الجمع بين كلام المصنف وابن عرفة، فمراد المصنف أن قولها انقطع الدم لا يفيد
أي في صحة الرجعة لا أنه نفي لقبول قولها مطلقا، ويحمل المصنف على ما إذا عاودها الدم عن قرب،
وقول ابن عرفة المذهب قبول قولها أي مطلقا حتى في الرجعة، ويحمل على ما إذا عاودها الدم عن
بعد فتأمل. قوله: (ولا رؤية النساء) حاصله أن الزوج إذا أراد رجعتها فقالت: حضت ثالثة أو وضعت
ثم قالت: إني كذبت في قولي حضت ثالثة أو وضعت فرأى النساء إليها فصدقنها وقلن: ليس بها أثر
حيض ولا وضع فلا يفيدها تكذيب نفسها ولا رؤية النساء لها وتصديقهن لها وبانت بمجرد
قولها حضت ثالثة أو وضعت إذا كان في مقدار تحيض فيه النساء، والفرق بين هذه المسألة والتي
قبلها حيث قلتم المذهب قبول قولها في المسألة المتقدمة دون هذه أنها في هذه قد صرحت
بتكذيب نفسها ولم تستند لما تعذر به بخلاف التي قبلها، ولو ذكر المصنف هذه عقب قوله ولا
يفيدها تكذيبها نفسها بقوله: وإن رأتها النساء نقية كان أحسن لأن هذه كالتتمة لها اه‍ عبق.
قوله: (ولو مات زوجها إلخ) حاصل المسألة أنه إذا طلقها طلاقا رجعيا ثم مات بعد سنة أو أكثر من يوم
423

الطلاق فقالت: لم أحض من يوم الطلاق إلى الآن أصلا أو لم أحض إلا واحدة أو اثنتين ولم أدخل في
الثالثة فلا يخلو حالها من أمرين: تارة تظهر في حال حياة مطلقها احتباس دمها وتكرر ذلك حتى يظهر
ذلك للناس من قولها وفي هذه الحالة يقبل قولها بيمين وترث لضعف التهمة حينئذ، وتارة لم تكن
تظهره في حال حياة مطلقها فلا يقبل قولها ولا ترث لدعواها أمرا نادرا والتهمة حينئذ قوية، وأما إذا
مات بعد ستة أشهر من يوم الطلاق ونحوها إلى سنة وادعت عدم انقضاء العدة فإنها تصدق في ذلك
وترثه لكن بيمين إن كانت لم تظهر انحباس الدم حال حياة مطلقها وإلا فلا يمين، وإن مات بعد أربعة
أشهر من يوم الطلاق ونحوها إلى ستة أشهر صدقت من غير يمين مطلقا، هذا كله إن كانت غير
مرضعة ولا مريضة، فإن كانت مرضعة أو مريضة فإنها تصدق في ذلك وترثه بلا يمين ولو
فوق العام لان المرض والرضاع يمنعان الحيض غالبا فلا تهمة حينئذ. قوله: (الكاف استقصائية)
الحق أنها مدخلة لما زاد على السنة، وما في نقل المواق من ذكر السنة فهو فرض مثال لا يخصص.
قوله: (ولو وافقت إلخ) أي هذا إذا خالفت عادتها بل ولو وافقتها، وقال بعضهم: محل عدم تصديقها بعد السنة
عند عدم الاظهار ما لم توافق عادتها وإلا صدقت بغير يمين كالمرضع والمريضة وهو معقول المعنى اه‍
عدوي. قوله: (إلا إن كانت تظهره) ما ذكره المصنف من التفرقة بين من كانت تظهر احتباس الدم
حال حياة مطلقها ومن لم تكن تظهره هو قول الموازية، وقال في سماع عيسى: أنها تصدق بيمين مطلقا
أي كانت تظهره أم لا، وهذا الخلاف حكاه ابن رشد فيما إذا ادعت ذلك بعد السنة أو بقرب
انسلاخها ثم قال: وأما لو ادعت ذلك بعد موت زوجها بأكثر من العام أو العامين فلا ينبغي أنها تصدق
إلا أن تكون ذكرت ذلك في حياته قولا واحدا اه‍. قال طفي: وحيث جرى المصنف على قيد
الاظهار فلا خصوصية للسنة ففي حمله عليها نظر، فالأولى أن يحمل كلام المصنف على المسألة الأخيرة
المتفق عليها ويكون بمفهومه جاريا على ما في سماع عيسى فينتفي عنه الاعتراض اه‍ بن. قوله: (أي تظهر
عدم انقضاء عدتها) أي تظهر احتباس دمها وأن عدتها لم تنقض. قوله: (وتكرر منها ذلك إلخ) لم يكن
في الرواية تكرر وإنما فيها تذكر ذلك انظر المواق. قوله: (فيصدقان مدتهما) أي فيصدقان في دعوى
عدم انقضاء العدة إذا كانت تلك الدعوى في مدتهما أي المرض والرضاع. وحاصله أنه إذا كانت
المرأة مريضة أو مرضعة في كل المدة التي بين الموت والطلاق فإنها تصدق في دعواها في هذه الحالة عدم
انقضاء العدة بغير يمين ولو كانت تلك المدة سنة فأكثر، فإن كانت مريضة أو مرضعة في بعض تلك المدة
وادعت عدم الانقضاء بعد الفطام وبعد زوال المرض ففي المواق عن ابن رشد أن حكم المرضع بعد
الفطام كالتي لا ترضع من يوم الطلاق لان ارتفاع الحيض مع الرضاع ليس بريبة اتفاقا وحينئذ
فتصدق بيمين بعد الفطام بسنة فأكثر إذا كانت تظهره في حياة مطلقها، ومثلها المريضة إذا ادعت عدم
الانقضاء واحتباس الدم بعد المرض بسنة فأكثر فإن كانت لا تظهره لا تصدق ولو بيمين، وأما
لو ادعت ذلك بعد الفطام بأقل من سنة فإنها تصدق بيمين. قوله: (عدم انقضاء عدتها) أي لاحتباس
الدم. قوله: (وعشر) أي عشر ليال والأولى حذفه لأنه مما دخل تحت الكاف في قوله كأربعة لأنها
مدخلة لما زاد على الأربعة للستة والموجود في النسخ الصحيحة لا في كالأربعة أشهر وعليها مؤاخذة
من جهة العربية، قال ابن مالك في الكافية:
وإن تعرف ذا إضافة فمع آخر اجعل أل وغير ذا امتنع
وهذا مذهب البصريين، وأما الكوفيون فيدخلون أل على كل من الجزأين، قال الرضي: ونقل السيرافي
جواز دخولها على الأول فقط نحو الألف دينار اه‍. قوله: (وندب) أي على المشهور خلافا لمن
424

قال بوجوبه. قوله: (وأصابت) أي فعلت صوابا أي مندوبا. قوله: (من منعت نفسها من الزوج)
أي بعد الرجعة. قوله: (فتثاب على ذلك) أي ولا تكون بذلك عاصية لزوجها فلا تسقط نفقتها بذلك.
قوله: (والمعتبر) أي في تحصيل المندوب. قوله: (وشهادة السيد) أي ولو كان أعدل أهل زمانه.
قوله: (والولي) أشار الشارح إلى أنه لا مفهوم للسيد ولو عبر المصنف بالولي كان أشمل. قوله: (كالعدم) أي
فلا يحصل المندوب بإشهادهما لاتهامهما على ذلك، ولو طلق الزوج وادعى الرجعة في العدة وشهد له
السيد أو الولي مع غيره كانت الشهادة كالعدم لأنه يتهم على ذلك، ولا فرق في الولي بين المجبر وغيره.
قوله: (وندبت المتعة) أي على المشهور وحينئذ فلا يقضى بها ولا تحاصص بها الغرماء إذ لا يقضى بمندوب
ولا يحاصص به الغرماء، وقيل إنها واجبة إن قلت أن حقا وعلى في الآية يقتضيان الوجوب، قلت:
المراد بالحق الثابت المقابل للباطل والمندوب والامر المستفاد من على للندب بقرينة التقييد بالمحسنين
والمتقين لان الواجبات لا يتقيد بهما. قوله: (لجبر خاطرها) أي من الألم الحاصل لها بسبب الفراق،
وهذا يقتضي أن الندب معلل بما ذكر، وفي تكميل التقييد عن ابن سعدون قولهم المتعة للتسلي وجبر
الخاطر فيه اعتراض لان المتعة قد تزيدها أسفا على زوجها بتذكرها حسن عشرته وكريم صحبته
فالظاهر أنها شرع غير معلل، وقال ابن القاسم: إن لم يمتعها حتى ماتت ورثت عنها فهذا يدل على أنها ليست
للتسلي. قوله: (على قدر إلخ) الأولى وعلى قدر حاله ليفيد أنها في نفسها مندوبة وأن كونها على قدر حاله
مندوب آخر كما هو ظاهر كلام ابن عرفة، فإن قلت: أي فرق بينها وبين النفقة حيث روعي في النفقة
حالهما وفي المتعة حاله فقط؟ قلت: الفرق أن المطلقة انكسر خاطرها بالفراق والفراق جاء من قبله
فروعي فيها حاله، ونفقة الزوجة مستمرة فلمشقتها روعي فيها حالهما. قوله: (بعد العدة للرجعية) حاصله
أن المتعة تكون لكل مطلقة سواء كانت رجعية أو بائنا إلا أنها تدفع للبائن أثر طلاقها وللرجعية بعد
العدة لأنها ما دامت في العدة ترجو الرجعة فلا ألم عندها بخلاف الأولى. قوله: (لم يرجع بها) أي وحينئذ
فتتلف عليه وإنما كان لا يرجع بها لأنها كهبة مقبوضة. قوله: (إن ماتت بعد العدة) أي والحال أنها لم تمنع
لأنها بانقضاء العدة تستحقها ومن مات عن حق كان لورثته، وأما إن ماتت قبل تمام العدة فلا شئ
لورثتها لأنها لا تستحقها إلا بعد الخروج من العدة، وأما لو مات الزوج قبل أن يمتعها أو ردها لعصمته
قبل دفعها لها سقطت عنه بائنة كانت أو رجعية كذا في عبق، والظاهر تخريج ذلك على الخلاف في أن
ندبها معلل بجبر الخاطر أو تعبدي، فعلى الثاني تؤخذ من تركته، وأما لو طلقها وكان مريضا مرضا مخوفا
يوم الطلاق أخذت منه بعد العدة في الرجعية ويوم الطلاق في غيرها لأنه لما أمر بها لجبر كسر الخاطر
لم يكن متبرعا ولا يتوهم عدم طلبها منه لأنها وارثة، ومن باب أولى ما إذا طرأ المرض بعد الطلاق لأنها
بعد العدة غير وارثة. قوله: (ككل مطلقة طلاقا بائنا) أي فتدفع لها المتعة إن كانت حية أو لورثتها إن
ماتت، والمراد كل مطلقة طلقها زوجها أو حكم الشرع بطلاقها، وعلى الثاني يستثنى المرتدة دون الأول،
وبقول الشارح طلاقا بائنا صح التشبيه في كلام المصنف، واندفع قول ابن عاشر كما في بن أن في التشبيه
ركة من جهة أن فيه تشبيه الشئ بنفسه، والعبارة السلسة أن لو قال: والمتعة على قدر حاله لكل مطلقة
أو ورثتها وبعد العدة للرجعية في نكاح لازم إلخ اه‍. تنبيه: قد علمت أن المرتدة لا متعة لها ولو
عادت للاسلام والظاهر عدم متعتها أيضا إذا ارتد الزوج سواء عاد للاسلام أم لا كما قاله شيخنا.
قوله: (في نكاح) هذا لغو لان المطلقة لا تكون إلا من نكاح لكنه صرح به لأجل قوله لازم، وقوله
لازم أي سواء كان صحيحا أو فاسدا ولزم بفواته كالفاسد لصداقه إذا طلق فيه بعد البناء، واحترز المصنف
425

بقوله لازم عن غير اللازم وهو شيئان: الأول الفاسد الذي لم يمض بالدخول، والثاني الصحيح غير
اللازم كنكاح ذات العيب فإنها إن ردته لعيبه أو ردها لعيبها فلا متعة، وإلى الأول أشار المصنف
بقوله: لا في فسخ، وإلى الثاني أشار بقوله: أو مختارة لعيبه. قوله: (إلا لرضاع فيندب فيه المتعة) أي إلا إذا
كان الفسخ لأجل رضاع فإنه يندب فيه المتعة وظاهره مطلقا سواء كان لها نصف الصداق أم لا وهو
كذلك، والأول كما إذا ادعى الزوج الرضاع وأنكرت وكان ذلك قبل البناء، والثاني كما لو صدقته أو
ثبت ذلك بالبينة فإنه لا نصف لها في هذه الحالة إذا فسخ قبل البناء. قوله: (وملك أحد الزوجين
صاحبه) أي وأما لو ملك أحدهما بعض صاحبه فالمتعة لحصول الألم لان ملك البعض يمنع الوطئ.
قوله: (وإلا متعت) أي وإلا يكن دفع عنها برضاها بل بغير رضاها أو لم يكن بعوض أصلا بل بلفظ
الخلع متعت. قوله: (فإن لم يفرض لها) أي بأن عقد عليها تفويضا وطلقها قبل البناء ولم يسم لها شيئا قبل
الطلاق. قوله: (تحت العبد) أي حال كونها تحت العبد، واحترز بقوله لعتقها عن التي اختارت نفسها
لتزويج أمة عليها، أو ثانية لكونه شرط لها ذلك عند العقد أو بعده فإنها تمتع لان الفراق بسببه بخلاف
المختارة لعتقها. قوله: (وأما لعيبهما) أي وأما لو ردها الزوج لعيبهما. قوله: (ناسب إلخ) أي نظرا لما بين
السبب والمسبب من الارتباط وإن كان الأنسب من حيثية اعتبار خصوصية السبب تقديم الايلاء
على الطلاق الرجعي لأنها سبب والطلاق الرجعي مسبب، والسبب مقدم على المسبب طبعا فيقدم
عليه وضعا لأجل أن يوافق الوضع الطبع تأمل.
باب الايلاء
قوله: (الايلاء يمين إلخ) أي الايلاء شرعا. وأما لغة: فهو الحلف على الامتناع من الشئ مطلقا.
قوله: (الحلف بالله) كوالله لا أطؤك أصلا أو مدة خمسة أشهر. قوله: (أو التزام نحو عتق إلخ) المراد بنحو ما ذكر
الصوم والصلاة والطلاق وذلك كأن يقول: إن وطئتك فعلي عتق عبدي فلان، أو فعلي دينار صدقة، أو
فعلي المشي إلى مكة، أو فعلي صوم شهر أو صلاة مائة ركعة، أو فأنت طالق. قوله: (أو نذر ولو مبهما) أي
أو التزام نذر ولو مبهما والأولى حذف ولو لان ما قبل المبالغة وهو النذر المعين هو عين قوله: أو التزام
نحو عتق أو صدقة إلخ إلا أن تجعل الواو للحال ولو زائدة. قوله: (نحو لله علي نذر إن وطئتك إلخ) اعلم أن
الصورة الأولى إيلاء من غير خلاف، وأما الصورة الثانية ففيها خلاف، فقد ذكر في التوضيح الخلاف
في نحو: علي نذر أن لا أطأك أو لا أقربك ونصه وإن قال: علي نذر أن لا أقربك فهو مول عند ابن القاسم،
وقال يحيى بن عمر: ليس بمول وهو بمنزلة قوله: علي نذر أن لا أكلمك وهو نذر في معصية اه‍. ووجه القول
الأول أن هذا تعليق في المعنى على معصية لان علي نذر أن لا أطأك أو لا أقربك في معنى علي نذر إن
انتفى وطؤك أو مقاربتك، والمعلق على المعصية لازم. ووجه القول الثاني فيما ذكره ظاهر لان قوله: أن
لا أقربك أو أن لا أطأك مؤول بمصدر مبتدأ وما قبله خبر وكأنه قال: عدم مقاربتك أو عدم وطئك نذر
علي، ولا شك أن هذا ليس بتعلق وإنما هو نذر معصية، وأما إن صرح بالتعليق نحو: علي نذر إن وطئتك
فليس من محل الخلاف وليس للخلاف فيه وجه خلافا لعبق لان المعلق نذر مبهم مخرجه كفارة اليمين
فلا معصية فيه انظر بن. قوله: (فلا ينعقد لهما إيلاء) أي بخلاف السفيه والسكران بحرام فإنه ينعقد
منهما كما يشملهما التعريف. قوله: (كالكافر) وقال الشافعي: ينعقد الايلاء من الكافر لعموم قوله تعالى:
* (للذين يؤلون من نسائهم) * الآية، فإن الموصول من صيغ العموم وجوابه منع بقاء الموصول على عمومه
بدليل قوله: * (فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم) * فإن الكافر لا تحصل له مغفرة ولا رحمة بالفيئة، وقد
يقال: إن الكافر يعذب عذاب الكفر وعذاب المعصية، فلم لا يجوز أن يحصل له غفران الذنب
426

بالفيئة. قوله: (أي يمكن) فيه نظر بل يتصور بضم التحتية معناه يتعقل، وأما بفتحها على أنه مبني للفاعل
فمعناه يمكن، فالأولى للشارح أن يقول أي يتعقل أو بفتحها أي يمكن إمكانا عاديا وقاعه حالا أو
مآلا، فلا يرد أن الشيخ الفاني يمكن جماعه لان هذا الامكان عقلي لا عادي، وقوله يمكن وقاعه أي
يمكن الوقاع من جهته سواء أمكن من جهتها أم لا فينعقد الايلاء إذا أمكن الوقاع من جهته ولو
كانت رتقاء أو عفلاء أو صغيرة لا تطيق أو غير مدخول بها. قوله: (مرضا لا يمنع الوطئ) أي فإن منعه
فلا إيلاء كما في عبق وفيه نظر، فإن المذهب كما قال ابن عبد السلام: إنه كالصحيح مطلقا لأنه إن
لم يمكن وقاعه حالا يمكن مآلا فالأولى إبقاء المتن على إطلاقه، ففي التوضيح عن ابن عبد السلام
ما نصه: ظاهر المذهب لحوق الايلاء للمريض مطلقا، ورأي بعضهم أنه إن كان عاجزا عن الجماع
فلا معنى لانعقاد الايلاء في حقه وهو خلاف المذهب، ألا ترى أنه لو آلى الصحيح ثم مرض فإنه
يطالب بالفيئة بالجماع، فدل هذا على أن التفصيل خلاف المذهب اه‍ بن. واعلم أن محل لحوق الايلاء
للمريض إذا أطلق، وأما إذا قيده بمدة مرضه فلا إيلاء عليه سواء كان المرض مانعا من الوطئ أو لا
ولو طال المرض إلا أن يقصد الضرر فيطلق عليه حالا لأجل قصد الضرر. قوله: (ونحوهم)
أي كالمريض مرضا يمنع الوطئ حالا بناء على ما قاله الشارح. قوله: (بمنع وطئ زوجته) أي سواء كانت
اليمين صريحة في منع الوطئ نحو: والله لا أطؤك أكثر من أربعة أشهر، أو مستلزمة لذلك كحلفه أن لا
يلتقي معها أو لا يغتسل من جنابة منها كما يأتي، وخرج بالوطئ ما إذا حلف على هجران الزوجة أي على
ترك كلامها وهو مع ذلك يصيبها فلا يلزمه إيلاء بذلك، وخرج بالزوجة السرية وأم الولد فإن حلف
على واحدة منهما أنه لا يطؤها أكثر من أربعة أشهر لم يلزمه بذلك إيلاء، وشمل كلامه الزوجة الكبيرة
والصغيرة التي لا تطيق الوطئ، ولكن لا يضرب لها الاجل حتى تطيق، وشمل أيضا المدخول بها
وغيرها، لكن لا يضرب لها الاجل إلا من الدعاء للدخول ومضي مدة التجهيز، وشمل أيضا
الزوجة الكائنة في عصمته حين الحلف والمتجددة بعد الحلف كقوله لامرأة أجنبية: والله لا
أطؤك إلا بعد خمسة أشهر ونوى إن تزوجها فإذا عقد عليها لزمه الايلاء. قوله: (الباء بمعنى على)
أي لان منع الوطئ محلوف عليه لا محلوف به. قوله: (تنجيزا) أي كقوله: والله لا أطؤك أكثر من
أربعة أشهر، وصنيع الشارح يقتضي أن قوله وان تعليقا مبالغة في قوله يمين، ويصح أن
يكون مبالغة في زوجته أو في ترك الوطئ لان كلا من الثلاثة يكون منجزا ومعلقا. والحاصل
أنه لا فرق في لزوم الايلاء بين كون اليمين منجزا أو معلقا، ولا فرق بين كون منع الوطئ المحلوف عليه
منجزا أو معلقا كوالله لا أطؤك ما دمت في هذه الدار أو البلد على ما يأتي، ولا فرق بين كون الزوجة
المحلوف على ترك وطئها منجزة أو معلقة. قوله: (فعلي كذا) أي عتق أو صدقة إلى آخر ما مر. قوله: (وأما
هي فلا إيلاء عليه فيها) فإذا حلف لا يطأ زوجته ما دامت ترضع أو حتى تفطم ولدها أو مدة الرضاع فلا
إيلاء عليه عند مالك، وقال أصبغ: يكون موليا، قال اللخمي: وقول أصبغ أوفق بالقياس لكن المعتمد
قول مالك من أنه لا يكون موليا قال: وهو مقيد بما إذا قصد بحلفه على ترك الوطئ إصلاح الولد أو لم
يقصد شيئا كما قال الشارح. قوله: (وإلا فمول) أي وإلا بأن قصد بحلفه مجرد الامتناع فمول. قوله: (وإن
رجعية) أي هذا إذا كانت الزوجية غير مطلقة بل وإن كانت مطلقة طلاقا رجعيا، فإذا حلف على ترك
وطئ مطلقته الرجعية كان موليا يضرب له الاجل ويؤمر بعد انقضائه بالفيئة فيرتجع ليصيب أو
يطلق عليه أخرى. فإن قلت: لا حاجة لطلاق ثان إذا لم يقف لان الطلاق الرجعي الذي شأن المولي
إيقاعه حاصل. قلت: إنما احتيج للطلاق الثاني إذا لم يف لاحتمال أن يكون ارتجع
427

وكتم ومحل كون الرجعية يلحقها الايلاء فيجبر على الرجعة ليصيب أو يطلق عليه إن لم تنقض عدتها
قبل فراغ الاجل بأن كانت حاملا أو كان الحيض يأتيها في كل سنة مرة مثلا وإلا فلا شئ عليه.
قوله: (وظاهر أن الرجعة حق له إلخ) رد ذلك بأن الرجعة وإن كانت حقا له لا يطالب بها إن أباها إلا أنه لما شدد
بالحلف شدد عليه بلزوم الايلاء، أو أن القول بلزوم الايلاء للرجعية مبني على القول الضعيف بأن
الرجعية لا يحرم الاستمتاع بها، فما هنا مشهور مبني على ضعيف. قوله: (ولو قل الأكثر كيوم) هذا هو
المعتمد، وقال عبد الوهاب: لا يكون موليا إلا بزيادة معتبرة كعشرة أيام. قوله: (أكثر من أربعة أشهر)
أي وأما الحلف على ترك الوطئ أربعة أشهر فلا يكون به موليا، وروى عبد الملك أنه مول بالأربعة
وهو مذهب أبي حنيفة، ومنشأ الخلاف الاختلاف في فهم قوله تعالى: * (للذين يؤلون من نسائهم تربص
أربعة أشهر فإن فاؤا فإن الله غفور رحيم) * هل الفيئة مطلوبة خارج الأربعة أشهر أو فيها؟ فعلى المشهور
لا يطلب بالفيئة إلا بعد الأربعة أشهر، ولا يقع عليه الطلاق إلا بعدها، وحيث كانت الفيئة مطلوبة
بعد الأربعة فلا يكون موليا بالحلف على الأربعة، وعلى مقابله يطلب بالفيئة فيها ويطلق عليه بمجرد
مرورها، وتمسك من قال بالمشهور بما تعطيه الفاء من قوله فإن فاؤا فإنها تستلزم تأخر ما بعدها عما قبلها
فتكون الفيئة مطلوبة بعد الأربعة أشهر، ولان أن الشرطية تصير الماضي بعدها مستقبلا، فلو كانت مطلوبة
في الأربعة أشهر لبقي معنى الماضي بعدها على ما كان عليه قبل دخولها وهو باطل، وتمسك المقابل بأن
الفاء ليست للتعقيب بل لمجرد السببية، ولا يلزم تأخر المسبب عن السبب في الزمان بل الغالب عليه
المقارنة، ورأي أيضا أنه حذف كان بعد حرف الشرط والتقدير فإن كانوا فاؤا وأن لا تقلب كان عن
المضي لتوغلها فيه كما قيل، فعلم مما مر أن الايلاء على المشهور الحلف على ترك الوطئ أكثر من المدة
المذكورة للحر وأكثر من شهرين للعبد، وأما قيام الزوجة بطلب الفيئة فإنما يكون بعد أربعة أشهر
لا أكثر للحر وبعد شهرين لا أكثر للعبد، فالأجل المحلوف على ترك الوطئ فيه غير الاجل الذي لها
القيام بعده. قوله: (ويتقرر) أي الاجل في الصريح أي في اليمين الصريح بترك الوطئ المدة المذكورة.
وقوله وفي غيره وهو المحتمل للمدة المذكورة أو أقل منها كوالله لا أطؤك حتى يقدم زيد والحال
أن قدومه محتمل. قوله: (فلو كانت) أي اليمين محتملة. قوله: (فهو مول إذا مضت أربعة أشهر إلخ) جواب
إذا محذوف أي طولب بالفيئة بالمراجعة والإصابة، فإن لم يف إلخ وكان الأولى أن يقول: وإذا بالواو.
وحاصل فقه المسألة أنه إذا قال لزوجته المطلقة طلاقا رجعيا: والله لا أرجعك فإنه يكون موليا
ويضرب له أجل الايلاء أربعة أشهر من يوم الحلف فإن لم يف بعدها طلق عليه طلقة أخرى، وهذا
إذا لم تنقض العدة من الطلاق الأول قبل فراغ الاجل وإلا فلا شئ عليه. قوله: (أو لا أطؤك حتى
تسأليني) حاصله أنه إذا قال لها: والله لا أطؤك حتى تسأليني الوطئ أو حتى تأتيني للوطئ فإنه يكون موليا
ويضرب له أجل الايلاء من يوم الحلف، فإن فاء في الاجل أو بعده بأن كفر عن يمينه ووطئها بدون
سؤال منها فالامر ظاهر وإلا طلق عليه، ثم ما مشى عليه المصنف من أنه يكون موليا بحلفه أنه لا يطؤها
حتى تسأله الوطئ أو تأتي إليه هو قول ابن سحنون، ومقابله قول سحنون ليس بمول وعاب قول ولده
حين عرضه عليه، وإنما درج المصنف على الأول لان ابن رشد قال: لا وجه لقول سحنون واستصوب
ما قاله ولده نظرا لمشقة سؤال الوطئ على النساء وإتيانهن إليه فالغالب عدم حصوله من المرأة. قوله: (أو
حتى تأتيني له) أي إذا دعوتك. قوله: (تقييده) أي الحلف على عدم الوطئ. قوله: (لأنه معرة) أي لان ما
ذكر من سؤال الوطئ والاتيان إليه معرة. قوله: (ولا يكون رفعها للسلطان) أي لأجل أن يضرب أجلا
428

للايلاء. قوله: (وليس عليها أن تأتيه) أي لمشقة ذلك عليها أي فإن سألته أو أتته في الاجل بر في يمينه
وانحل عنه الايلاء كما يؤخذ من كلام سحنون وابنه ومن كلام المصنف واستصوبه طفي وبن خلافا لما
في عبق تبعا لتت من عدم انحلال اليمين. قوله: (المدة المذكورة) أي أكثر من أربعة أشهر للحر وأكثر من
شهرين للعبد. قوله: (فإن قصد الالتقاء في مكان معين فليس بمول) أي ويقبل منه ذلك مطلقا سواء
رفعته البينة أو لا كما قال ابن عرفة نقلا عن عبد الحق خلافا لما نقله ابن عبد السلام عن بعضهم من أنه
لا يقبل منه ذلك إذا رفعته البينة. قوله: (أو لا أغتسل من جنابة) اعلم أنه إذا قال: والله لا أغتسل من
جنابة منها إن قصد معناه الصريح فإنه لا يحنث إلا بالغسل، وإذا امتنع من الوطئ خوفا من الغسل
الموجب لحنثه كان موليا وضرب له أجل الايلاء من يوم الرفع والحكم لا من يوم الحلف، وإن أراد
معناه اللازمي وهو عدم وطئها فالحنث بالوطئ ويكون موليا ويضرب له الاجل من يوم الحلف لان
هذا من أفراد اليمين الصريحة في ترك الوطئ المدة المذكورة، وأما إذا لم ينو شيئا لا المعنى الصريحي
والالتزامي فهل يحمل على الصريح أو الالتزامي؟ احتمالان واستصوب ابن عرفة الثاني منهما. قوله: (أو
لا أطؤك حتى أخرج من البلد) حاصله أنه إذا حلف لا أطؤها حتى أخرج من البلد وكان عليه في الخروج
منها مشقة بالنسبة لحاله وكثرة ماله فإنه لا يجبر على الخروج منها ويكون موليا ويضرب له أجل الايلاء
من يوم الحلف ويقال له: إما أن تكفر عن يمينك أو تطأ في الاجل أو بعده بقرب وإلا طلقناها عليك
إذا فرغ الاجل. قوله: (فليس بمول) أي لكنه لا يترك بل يقال له: إما أن تكفر عن يمينك أو اخرج وطأ
إن كنت صادقا في عدم تحتم اليمين حتى تخلص من الايلاء، فإن أبى ولم يخرج ضرب له أجل الايلاء فإن
فاء وكفر فالامر ظاهر وإلا طلق عليه. قوله: (فإن خرج) أي فإن تكلف المشقة وخرج انحلت يمينه
سواء وطئ أم لا، وفي خش: أنه إذا كان في خروجه مشقة كان موليا ولو تكلف الخروج وسلمه
شيخنا في الحاشية والحق ما لشارحنا. قوله: (فإن لم يلحق أحدهما معرة بذلك فلا) أي فلا يكون موليا
إلا أنه لا يترك ويقال له طء بعد خروجك إن كنت صادقا أنك لست بمول أو كفر عن يمينك، فإن كان
لا يحسن خروجه وتكلف الخروج وخرج انحلت يمينه وصار لا إيلاء عليه. قوله: (وترك وطأها)
أي فإذا انقضى أجل الايلاء فلا يتأتى مطالبته بالفيئة لأنه لم يحلف على ترك الوطئ حتى يطالب به لان
معنى يمينه لا أترك وطأك فإن انتفى وطؤك وتركته فأنت طالق، نعم يطلق عليه عند عزمه على الضد أو
تبين الضرر. قوله: (والمذهب أنه ليس بمول) أي وهو ما رجع إليه ابن القاسم وذلك لأنه لم يحصل منه
يمين تمنعه من الجماع، وحينئذ إذا تضررت من امتناعه طلق عليه للضرر من غير ضرب أجل لا للايلاء.
واعلم أن محل الخلاف إذا امتنع من الوطئ وإلا فلا إيلاء اتفاقا لان بره في وطئها. قوله: (أو إن وطئتك إلخ)
حاصله أنه إذا قال لها: إن وطئتك فأنت طالق واحدة أو اثنتين وامتنع من الوطئ خوفا من
وقوع الطلاق المعلق فإنه يكون موليا ويضرب له الاجل من يوم الحلف ويمكن من وطئه، فإن استمر
على الامتناع من وطئها حتى انقضى الاجل طلق عليه بمقتضى الايلاء، وإن وطئها طلقت عليه
بمقتضى التعليق بأول الملاقاة وحينئذ فالنزع حرام، وكذا استمرار الذكر في الفرج حرام، فالمخلص له
من الحرمة أن ينوي الرجعة ببقية وطئه ولا فرق في ذلك بين المدخول بها وغيرها. قوله: (ويباح له
وطؤها) أي سواء نوى ببقية وطئه الرجعة أم لا كذا في عبق لاستظهار البدر القرافي وفيه نظر، بل
يمنع من الوطئ إذا لم ينو الرجعة كما يفيده المصنف وغيره لان نزعه حرام والوسيلة للحرام حرام اه‍ بن.
429

قوله: (ولها حينئذ القيام بالضرر) أي فتطلق عليه من غير ضرب أجل. قوله: (وفي تعجيل إلخ) حاصله
أنه إذا قال لزوجته: إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا أو البتة فقال ابن القاسم ومالك: لا يكون موليا وينجز
عليه الثلاث من يوم الرفع ولا يضرب له أجل الايلاء، واستحسنه سحنون وغيره لأنه لا فائدة في
ضرب الاجل لأنه يحنث بمجرد الملاقاة وباقي الوطئ حرام فلا يمكن من وطئها، وحكى اللخمي وابن
رشد أنه لا يعجل عليه الحنث ويضرب له أجل الايلاء وتستمر من غير طلاق عليه إلى أن يفرغ الاجل،
فإن رضيت بالإقامة معه من غير وطئ فلا يطلق عليه ولا يطؤها، وإن لم ترض طلقت عليه واحدة
للايلاء، وقد نص في المدونة على القولين، فقول المصنف وفي تعجيل الطلاق إلخ أي وهو قول ابن
القاسم واستحسنه سحنون وغيره، وقوله وفي تعجيل الطلاق أي بعد الرفع كما في الحاشية لا من
يوم الحلف كما في خش وفي الشيخ سالم، وفي تعجيل الطلاق وإن لم تقم به وهو قول مالك وابن
القاسم واستحسنه سحنون وغيره اه‍ وهو غير صواب لان القول بالتعجيل وإن لم ترفعه إنما هو
لمطرف كما عزاه له ابن رشد وغيره، وأما مالك وابن القاسم فيقولان بتعجيل الطلاق عليه بعد الرفع انظر
بن. قوله: (إن حلف إلخ) أي بأن قال: علي الطلاق ثلاثا أن لا أطأك، أو قال: إن وطئتك فأنت طالق
ثلاثا أو البتة. قوله: (إذ لا فائدة في ضرب الاجل) لأنه يحنث بمجرد الملاقاة وباقي الوطئ حرام
وحينئذ فلا يمكن منها. قوله: (أو ضرب الاجل) أي وبعده يطلق عليه طلقة واحدة إن لم ترض
بالإقامة معه بلا وطئ ولا تطلب منه فيئة إذ لا يمكن منها، وهل يمكن من الرجعة على هذا القول وهو
الذي يؤخذ من كلام ابن محرز لاحتمال رضاها بعدم الوطئ أو لا يمكن منها لكونه لا يمكن من
الوطئ وإن كان الطلاق رجعيا وهو الذي قاله ابن رشد؟ تردد. قوله: (كالظهار) تشبيه في أنه لا يمكن
منها ويدخل عليه أجل الايلاء. قوله: (فلا يمكن من وطئها حتى يكفر) الصواب حذف قوله حتى يكفر
وذلك لان الظهار لا ينعقد عليه حتى يقربها والكفارة لا تجزئه قبل انعقاد الظهار لقول المصنف
الآتي ولم يصح في المعلق كفارته قبل لزومه، فالصواب أن هذا لا يقربها أصلا ويكون موليا، فإذا
انقضى الاجل فلا تطالبه بالفيئة بل إما أن ترضى بالمقام معه بلا وطئ أو تطلق عليه ولا يمكن من
الوطئ فإن تجرأ ووطئ سقط الايلاء وانعقد الظهار فلا يقربها بعد ذلك حتى يكفر، فإن امتنع من
الكفارة وتضررت بترك الوطئ طلق عليه بالضرر. قوله: (ولزمه الظهار) أي فلا يقربها بعد ذلك
حتى يكفر، وإذا لم يطأ لم تطالبه بالفيئة التي هي الكفارة في المظاهر منها وذلك لان الكفارة إنما
تجزئ إذا وقعت بعد العود وهو العزم على الوطئ أو مع الامساك، وإنما يكون هذا بعد انعقاد
الظهار وهو لم ينعقد قبل الوطئ فليس لها مطالبته بشئ لا يجزئ وإنما لها الطلب بالطلاق أو تبقى
معه بلا وطئ اه‍ عدوي. وحاصل فقه المسألة أنه إذا قال لزوجته: إن وطئتك فأنت علي كظهر أمي
فإنه يمنع من وطئها أبدا لان وطأه لها يؤدي لوطئ المظاهر منها، فإذا تضررت زوجته رفعت
أمرها للقاضي فيضرب له أجل الايلاء من يوم الحلف، فإذا تم الاجل فلا تطالبه بالفيئة وإنما
تطالبه بالطلاق أو تبقى معه بلا وطئ، وفائدة ضرب الاجل مع أنه ممنوع منها احتمال أن ترضى
بالإقامة معه بلا وطئ فإن تجرأ ووطئ انحل عنه الايلاء ولزمته كفارة الظهار فلا يقربها بعد ذلك
حتى يكفر، فإن امتنع من الكفارة وتضررت بترك الوطئ طلق عليه بالضرر حالا. قوله: (وهذا محترز
مسلم) أي فهو بالجر عطف عليه باعتبار لفظه، وقول عبق يجوز قراءته بالرفع عطفا عليه باعتبار
محله سبق قلم لان يمين اسم جامد لا يعمل عمل الفعل فلا يعمل الرفع في محل المضاف إليه وإنما يتم ما
قاله لو عبر المصنف بحلف مسلم. قوله: (إلا أن يتحاكموا إلينا) أي قبل الاسلام إذ الاسلام
430

يسقطه. قوله: (فنحكم بينهم إلخ) أي فإن كانت يمينه صريحة في ترك الوطئ وتستلزم ذلك فيلزمه
الايلاء ويؤجل كالمسلم وإلا فلا. قوله: (لأهجرنها) الهجران عدم الكلام. قوله: (لأنهما لا يمنعان
الوطئ) أي وحينئذ فلا إيلاء عليه إلا أنها إن تضررت بترك الكلام والهجر طلق عليه للضرر من غير
ضرب أجل، ومحل كونه لا يكون موليا في قوله: لأهجرنها أو لا كلمتها إذا كان مع ذلك يمسها وإلا كان
موليا. قوله: (لأنه لم يعم) أي في يمينه الأزمنة لقول المصنف قبل أكثر من أربعة أشهر أي إذا لم يقيد
بليل أو نهار بأن عم الزمن فإن قيد بواحد منهما فلا يكون موليا قوله: (واجتهد وطلق إلخ) الحاصل
أنه إذا حلف ليعزلن عن زوجته زمنا يحصل به ضررها أو حلف لا يبيت عندها أو ترك وطأها
ضررا من غير حلف أو أدام العبادة وتضررت الزوجة من ترك الوطئ وأرادت الطلاق فإن الحاكم
يجتهد في طلاقها عليه، ومعنى الاجتهاد في الطلاق عليه أن يجتهد في أن يطلق عليه فورا بدون أجل أو
يضرب له أجلا واجتهد في قدره من كونه دون أجل الايلاء أو قدره أو أكثر منه، فإن علم لدده
وإضراره طلق عليه فورا وإلا أمهله باجتهاده لعله أن يرجع عما هو عليه، فإذا انقضى أجل التلوم ولم
يرجع عما هو عليه طلق عليه وكل هذا إذا أرادت الطلاق، وأما إن رضيت بالإقامة معه بلا وطئ فلا
تطلق عليه. قوله: (بخلاف لا أبيت معها في فراش) أي فإن هذا لا يطلق عليه كما في عبق نقلا عن تت
وهو مقيد بما إذا حلف أنه لا يبيت معها في فراش والحال أنه لم يقطع المودة وإلا فقد مر أن توليته
ظهره لها من جملة الضرر الموجب للطلاق وهذا أشد. قوله: (بل إذا تضررت هي إلخ) في التوضيح ما نصه:
اختلف فيمن قطع ذكره لعلة نزلت به أو قطعه خطأ فقال مالك مرة لا مقال لها، وقال في كتاب ابن
شعبان لها القيام وهو المعتمد، فإن تعمد قطعه أو شرب دواء ليقطع به لذة النساء أو شربه لعلاج علة
وهو عالم أنه يذهب بذلك شهوة النساء أو شاك كان لها الفراق إذا لم ترض بالإقامة معه. قوله: (بلا
ضرب إلخ) متعلق بقوله: وطلق والمنفي أجل الايلاء فقط وهو صادق بأن يطلق حالا أو يتلوم له مدة
باجتهاده لعله أن يرجع عما هو عليه. قوله: (على الأصح) أي خلافا لمن قال إنه يكون موليا في المسائل
الأربع فيضرب له فيها أجل الايلاء فإن انقضى ولم يف طلق عليه. قوله: (لكن الغائب إلخ) أي أنه
لا يطلق على من ترك الوطئ لغيبته إلا إذا طالت مدة الغيبة وذلك كسنة فأكثر عند أبي الحسن وهو
المعتمد، وقال الفرياني وابن عرفة: السنتان والثلاثة ليست بطول بل لا بد من الزيادة عليها، ولا بد أن
تخشى الزنا على نفسها ويعلم ذلك منها وتصدق في دعواه حيث طالت مدة الغيبة، وأما مجرد شهوتها
للجماع فلا يوجب طلاقها، ويزاد على هذين الشرطين شرط ثالث وهو الارسال إليه إن علم محله
وأمكن الوصول إليه وإلا فلا يعتبر هذا الشرط، وهذا كله إذا كانت نفقتها دائمة وإلا طلق عليه
حالا لعدم النفقة كما سيأتي في النفقات. قوله: (فإن امتنع) أي من كل من الأمور الثلاثة
قوله: (وأمكن) أي الارسال إليه. قوله: (للحرج) علة لقوله: لم تلزمه. قوله: (صدقة) أي فلا يكون موليا
بذلك لأنه عمم في يمينه فهي يمين حرج ومشقة فلا يلزمه بها حكم. قوله: (قبل ملكه) متعلق
بمحذوف أي أو خص بلدا فلا إيلاء عليه قبل ملكه منها وهذا قول ابن القاسم في المدونة قائلا: كل
يمين لا حنث فيها بالوطئ فليس بمول، وقال غيره فيها هو مول قبل الملك إذ يلزمه بالوطئ عقد يمين فيما
يملك من رأس أو مال وقاله ابن القاسم أيضا اه‍ بن. قوله: (فلا يكون موليا) أي قبل أن يملك منها شيئا.
431

قوله: (فإن ملك منها عبدا) أي قبل أن يطأ وامتنع من الوطئ خوفا من عتق ذلك العبد. قوله: (فمول) أي
يضرب له أجل الايلاء، فإن فاء بأن أعتق العبد الذي ملكه منها أو تصدق بالمال الذي ملكه منها
انحلت يمينه وإلا طلق عليه بعد الاجل. قوله: (كل ما ملكه منها بعد الوطئ) أي ولا يستقر ملكه على
مملوك منها بعد ذلك. قوله: (فلا يلزمه إيلاء) أي بمجرد يمينه لأنه لم يكن ممنوعا من الوطئ بيمينه
وحينئذ فيطالب بالوطئ، فإن وطئ في أثناء السنة المرتين في المسألة الأولى والمرة في المسألة الثانية نظر
لما بقي من المدة فإن كانت أكثر من أربعة أشهر للحر وأكثر من شهرين للعبد فهو مول وإن كان الباقي
أقل فلا يكون موليا وإن لم يطأ طلق عليه للضرر. قوله: (ولا إن حلف على أربعة أشهر فقط) أي إذا
كان حرا ومثله العبد إذا حلف أنه لا يطأ زوجته شهرين فلا يكون موليا بذلك حتى يزيد على المشهور.
قوله: (إن كانت يمينه صريحة في ترك الوطئ المدة المذكورة) أشار الشارح إلى أن الصراحة متعلقة
بالمدة المذكورة لا بترك الوطئ خلافا لظاهر المصنف، إذ لا فرق بين أن يكون ترك الوطئ صريحا
أو استلزاما فالأول نحو: والله لا أطؤك خمسة أشهر، والثاني: والله لا أغتسل من جنابة منها. والحاصل
أن مراد المصنف أن الاجل من يوم اليمين بشرطين: أن يحلف على ترك الوطئ إما صريحا أو التزاما.
وأن تكون اليمين صريحة في المدة المذكورة وهي أكثر من أربعة أشهر والصراحة ولو حكما كوالله
لا أطؤك أصلا لكن عبارته غير وافية بذلك، وقوله: لا إن احتملت مدة يمينه أقل هذا محترز الشرط
الثاني وهو صراحة المدة وفيه إشارة إلى أن الصراحة ليست منصبة على ترك الوطئ بل على المدة
المذكورة، وقوله: أو حلف على حنث المراد بالحلف على الحنث الحلف على غير ترك الوطئ كإن لم
أدخل دار فلان، أو إن لم أساكن فلانا فأنت طالق فإذا حلف كذلك فيمنع من الزوجة من الآن
ويضرب له أجل الايلاء من يوم الرفع والحكم، وهذا هو الذي تقدم للمصنف في الطلاق في قوله: وإن
نفى ولم يؤجل منع منها. وقوله: أو حلف على حنث محترز الشرط الأول وهو كون الحلف على ترك
الوطئ، وبعد هذا كله فقول المصنف لا إن احتملت مدة يمينه أقل هذا ضعيف، والمعتمد أنه متى كانت
اليمين على ترك الوطئ كان الاجل من يوم الحلف سواء كانت اليمين صريحة في المدة أو محتملة، ولا يكون
الاجل من الرفع إلا إذا حلف حنث أي على غير ترك الوطئ، ويمكن الجواب عن المصنف بأن أو
في قوله: أو حلف على حنث بمعنى الواو أي لا إن احتملت مدة يمينه أقل وكان حلفه على حنث كما في: إن
لم أدخل الدار فأنت طالق فالمنظور له قوله، وكان حلفه على حنث فخرج نحو: والله لا أطؤك حتى يقدم
زيد، فإن اليمين وإن احتملت أقل من المدة لكن ليست على حنث فالأجل فيها من يوم الحلف.
والحاصل أن الايلاء على ثلاثة أقسام: قسم يكون فيه موليا من يوم حلفه وذلك إذا حلف على ترك
الوطئ صراحة أو التزاما وكانت يمينه صريحة في المدة المذكورة، وقسم لا يكون موليا إلا من يوم
الحكم وذلك الذي يحلف بطلاق امرأته ليفعلن فعلا فلا يكون موليا حتى يضرب له الاجل من يوم
الرفع والحكم، وقسم مختلف فيه وذلك إذا حلف على ترك الوطئ وكانت يمينه ليست صريحة في المدة
المذكورة بل محتملة لها ولغيرها، فقيل إن الاجل في هذه من يوم الحكم، وقيل من يوم الحلف وهو المعتمد،
والمصنف مشى على الأول تبعا لابن الحاجب، وقد تعقبه ابن عرفة بأنه خلاف نص المدونة.
قوله: (حتى يقدم زيد الغائب) أي والحال أنه لم يعلم وقت قدومه. قوله: (لكن الراجح أنه) أي الاجل في
432

اليمين المحتملة لأقل من مدة الايلاء إذا كانت الصيغة صيغة بر من يوم الحلف. قوله: (كالصريحة) أي
كما أن الاجل في الصريحة كذلك اتفاقا. قوله: (وهو أكثر إلخ) أي المتقدم في قول المصنف أكثر من
أربعة أشهر للحر أو شهرين للعبد. قوله: (وهل إلخ) حاصله أنه إذا قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي
فإنه يحرم عليه أن يقربها قبل أن يكفر عن ظهاره، فإذا كان قادرا على كفارة الظهار وامتنع عن اخراجها
لزمه الايلاء وحينئذ، وإذا قلتم بلزوم الايلاء له فهل هو كالأول إلخ. قوله: (ولم يعلق إلخ) هذا بيان لمحل
الأقوال الثلاثة التي ذكرها المصنف، وأما الذي علق ظهاره على وطئها بأن قال لها: إن وطئتك فأنت
علي كظهر أمي فإنه يكون موليا والأجل من يوم الحلف قولا واحدا، وإذا تم الاجل فلا تطالبه بالفيئة،
وإنما تطلب منه الطلاق أو تبقى بلا وطئ، فإذا تجرأ ووطئ انحلت عنه الايلاء ولزمه كفارة الظهار كما
مر ذلك. قوله: (وعليه اختصرت المدونة) أي اختصرها أبو سعيد البراذعي. وحاصله أن المسألة إذا
كان فيها جملة أقوال في المدونة فإن البراذعي في اختصارها يقتصر على ما يظهر له اعتماده من تلك الأقوال
وفي هذه المسألة اقتصر على هذا القول. قوله: (عند ابن يونس) قال المواق: لم أجد لابن يونس ترجيحا
هنا ونحوه لابن غازي، وإنما استحسان ذلك القول لسحنون حيث قال بعد ذكر الأقوال الثلاثة في
المدونة وكل لمالك والوقف بعد ضرب الاجل أحسن أي وقفه لا يكون إلا بعد ضرب السلطان له
الاجل، فكان على المصنف أن لو قال على الأحسن بدل قوله على الأرجح انظر بن. قوله: (أنه لا يكون
موليا) أي فلا يضرب له أجل الايلاء بل إما أن ترضى بالإقامة معه بلا وطئ، وإما أن يطلق عليه حالا
فإن قدر بعد ذلك كفر وراجعها وإلا فلا. وقوله إنه لا يكون موليا إلخ قيده اللخمي بما إذا طرأ
عليه العسر والعجز عن الصيام بعد عقد الظهار، وأما إن عقده على نفسه مع علمه بالعجز عن حله فاختلف
هل يطلق عليه حالا لقصد الضرر بالظهار أو بعد ضرب أجل الايلاء وانقضائه رجاء أن يحدث
الله له ما لا يكفر منه عن يمينه أو يحدث لها رأي بالإقامة معه من غير وطئ. قوله: (لقيام) أي لوجود
عذره. قوله: (يظاهر) أي يقول لزوجته: أنت علي كظهر أمي. قوله: (وفيئته) أي والحال
أن فيئته أي رجوعه لما كان ممنوعا منه بسبب اليمين بالصوم أي بالتكفير بالصوم.
قوله: (لا يريد الفيئة) أي لا يريد التكفير بالصوم مع قدرته عليه أو أراده ومنعه منه السيد بوجه
جائز وهذان هما محل الخلاف، فإن عجز عن الصوم فكالحر لا يدخله إيلاء ولا حجة لزوجته،
وإن منعه بوجه غير جائز رده الحاكم عنه فصور العبد أربع اه‍. وهذا التقرير لابن غازي.
قوله: (وقيل إلخ) هذا التقرير لبهرام. وحاصله أن العبد إذا قال لزوجته: أنت علي
كظهر أمي وامتنع من التكفير بالصوم وهو قادر عليه ولم يمنعه السيد منه، أو أراد أن
يكفر به فمنعه السيد منه بوجه جائز فإنه لا يضرب له أجل الايلاء بل يقال لها: إما أن تمكثي معه
بلا وطئ أو ينجز عليه الطلاق، وعلى هذا فالعبد ليس كالحر الذي قدر على التكفير وامتنع واعترض
طفي كلام بهرام بأنه وإن وافق ظاهر الموطأ إلا أنه لم يبق على ظاهره بل هو محمول كما قال الباجي
433

في شرحه عليه على ما إذا أراد بالتكفير بالصوم ومنعه السيد منه بوجه جائز فقط، وأما إذا كان قادرا
على التكفير بالصوم وامتنع من التكفير به ولم يمنعه السيد فلا وجه لعدم لحوق الايلاء له بل هو مول
ويجري في مبدأ الاجل الأقوال الثلاثة، فتحصل أن كلام ابن غازي لا يسلم من حيث جعله الخلاف
فيما إذا منعه السيد وفيما إذا امتنع هو، وكذا كلام بهرام لا يسلم من حيث جعله عدم لحوق الايلاء مطلقا،
وصار حاصل الفقه أنه إن منعه السيد بوجه جائز لا يلحقه الايلاء بل يطلق عليه حالا إن لم ترض
بالإقامة معه بلا وطئ، وإن امتنع هو والحال أنه قادر على الصوم فإنه يلحقه الايلاء، وفي مبدأ الاجل
الأقوال الثلاثة المذكورة، وقيل إنه إذا منعه السيد بوجه جائز فإنه يكون موليا كالحر إلا أنه يضرب له
الاجل من يوم الرفع، وإذا علمت ذلك فاعلم أن الحق أن التشبيه في الايلاء فقط وإن كان في المسألة
الأولى، وهو ما إذا امتنع من التكفير في مبدأ الاجل خلاف، وأما المسألة الثانية وهو ما إذا منعه السيد
بوجه جائز على القول بأنه مول فلا خلاف في ابتداء الاجل لان الذي في التوضيح عن ابن القاسم أنه
إذا منعه السيد بوجه جائز يضرب له أجل الايلاء إن رفعته اه‍ فظاهره أنه من يوم الرفع. قوله: (إذا امتنع)
أي من الصوم. قوله: (أي علقه) أي علق عتقه على وطئها. قوله: (وانحل الايلاء إلخ) لما فرغ المصنف مما
ينعقد به الايلاء وما لا ينعقد به شرع في بيان ما تنحل به بعد انعقادها، وحاصل ما ذكره أنه إذا قال
لزوجته: إن وطئتك فعبدي فلان حر فإنه يدخل عليه الايلاء من يوم اليمين فإن مات العبد أو باعه
سيده أو أعتقه أو خرج عن ملكه بوجه شرعي كالهبة والصدقة فإن الايلاء تنحل عنه، وسواء أخرج
العبد عن ملك سيده باختياره أم لا كبيع سلطان له في فلسه. قوله: (فإن امتنع من وطئها) أي بعد انحلال
الايلاء عنه بزوال ملك العبد. قوله: (إلا أن يعود) أي كلا أو بعضا بغير إرث ليس المراد إلا أن يعود
فلا تنحل بل المراد فيعود عليه الايلاء وعودها غير عدم الانحلال وأجله حينئذ من يوم العود سواء
كانت يمينه صريحة أو محتملة على المذهب، وبهذا تعلم أن الاستثناء منقطع لان ما بعد إلا وهو عود
الايلاء غير داخل فيما قبلها وهو انحلالها اه‍ عدوي. فلو عاد ملكه لبعضه وطولب بالفيئة فوطئ عتق
عليه ما ملكه منه وقوم عليه باقيه. قوله: (أما إن عاد العبد إليه كله بإرث إلخ) أي وأما عود بعضه بإرث
وبعضه بشراء ونحوه فكعود كله بغير إرث فيغلب غير الإرث على الإرث ويعود الايلاء. قوله: (لم يبلغ
الثلاث) أي سواء كان بائنا أو رجعيا. قوله: (فهند طالق إلخ) اعلم أنه إذا قال: إن وطئت عزة فهند طالق
فالشرط محلوف عليه وهو وطئ عزة، والجزاء محلوف به وهو طلاق هند، ولما كان الوطئ واقعا في عزة
قيل لها محلوف عليها، ولما كان الطلاق واقعا على هند قيل لها محلوف بها. قوله: (محلوف عليها) أي على
وطئها. قوله: (عاد عليه الايلاء) أي حيث لم يؤجل كالمثال المتقدم أو أجل وبقي من الاجل أجل
الايلاء. قوله: (عاد عليه الايلاء في عزة) أي فإن وطئ عزة بعد ذلك الزواج أو في عدة هند حنث
ووقع عليه الطلاق في هند. قوله: (فيعود فيها الايلاء ولو طلقت ثلاثا) في شب أن ما في المصنف
خلاف ما في المدونة، والذي فيها أن المحلوف عليها كالمحلوف بها وهو المعتمد، فمتى طلقها ثلاثا لم تعد
434

الايلاء اه‍ عدوي. قوله: (بمعنى على) أي على حد قوله تعالى: * (ويخرون للأذقان يبكون) * قوله: (عدم
العود) أي عدم عود الايلاء إذا عادت المحلوف عليها للعصمة. قوله: (لزوجته إلخ) أي كهند. وقوله: إن
وطئت غيرك أي كعزة فهند محلوف لها أي لأجلها ولا يصور تعلق الايلاء بها. قوله: (وبتعجيل
الحنث) قد وقع في كلام المصنف تداخل في هذه المعطوفات لان هذا يصدق على بعض ما صدق عليه
الذي قبله من العتق، ويزيد هذا بصدقه على الصوم والطلاق كما يزيد الأول بصدقه على البيع.
قوله: (المحلوف بعتقه) وذلك لان الحنث بمخالفته المحلوف عليه وهو الوطئ في المثال، وليس المراد بتعجيله
تعجيله نفسه بل المراد تعجيل ما يترتب عليه، فلذا قدر الشارح مقتضى أي ما يقتضيه الحنث ويترتب
عليه هذا، ويصح أن يراد هنا بالحنث ما يوجبه الحنث كالعتق في المثال المذكور وحينئذ فلا يحتاج
لتقدير. قوله: (من حلف بطلاقها أن لا يطأ) أي ويصوم الأيام المحلوف بصومها أن لا يطأ.
قوله: (بائنا) أي وكذا رجعيا إذا انقضت العدة كما مر. قوله: (أو ففلانة طالق) أي فتنحل الايلاء بمجرد
الطلاق إذا كان بائنا وبقضاء العدة إن كان رجعيا. قوله: (انحلت يمينه) أي فإذا امتنع من الوطئ بعد
انحلال اليمين طلق عليه حالا للضرر إن لم ترض بالإقامة معه بلا وطئ. قوله: (وبتكفير ما يكفر) أي
قبل الحنث كالحلف بالله والنذر المبهم كإن وطئتك فعلي نذر. قوله: (ولو صغيرة) أي ولو كانت سفيهة أو
مجنونة فلها المطالبة حال إفاقتها وفي حال جنونها لا يثبت لها طلب ومثلها المغمى عليها، وليس لوليهما
كلام حال الاغماء والجنون بل ينتظر إفاقتهما. قوله: (ولسيدها) أي ولسيد الزوجة إذا كانت أمة
وكذا لها الحق أيضا لقول ابن عرفة الباجي عن أصبغ، فلو ترك سيدها وقفه فلها وقفه، وسمع عيسى
ابن القاسم: لو تركت الأمة وقف زوجها المولى كان لسيدها وقفه اه‍ انظر المواق، وهذا إذا كان للسيد
حق في الولد وكان يرجى منها الولد، أما إن كان لا حق له فيه لكون الولد يعتق عليه أو كان بها أو بالزوج
عقم كان الطلب بالفيئة لها خاصة. قوله: (إن لم يمتنع وطؤها) أي أن محل كون الزوجة لها إن كانت حرة
ولسيدها إن كانت أمة المطالبة بعد الاجل بالفيئة إن لم يمتنع وطؤها، فإن كان وطؤها ممتنعا عقلا أو
عادة أو شرعا كالرتقاء والمريضة والحائض فلا مطالبة لها ولا لوليها، وقد تبع المصنف في هذا القيد
ابن الحاجب وأنكره ابن عرفة وقال: إن المطالبة ثابتة مطلقا وتكون الفيئة عند امتناع الوطئ بالوعد
به وهذا هو المعول عليه وسيأتي لك الجواب عن المصنف. قوله: (وهي تغييب) أي لان الفيئة الرجوع
لما كان ممنوعا منه باليمين وهو الوطئ والرجوع لما كان ممنوعا منه مصور بتغييب الحشفة. قوله: (تغييب
الحشفة كلها) أي أو قدرها ممن لا حشفة له. وقوله في القبل أي في محل البكارة منه لا في محل البول، وهل
يشترط الانتشار أو لا يشترط؟ المأخوذ من كلام ابن عرفة عدم اشتراطه. وقال بعض أشياخ عج:
ينبغي اشتراطه كالتحليل لعدم حضور مقصودها الذي هو إزالة الضرر بدونه، والظاهر الاكتفاء
بالانتشار داخل الفرج وعدم الاكتفاء بتغييبها مع لف خرقة تمنع اللذة أو تمنع كمالها. قوله: (في القبل)
أي وأما تغييبها في الدبر أو بين فخذيها أو في محل البول من قبلها فلا تنحل به الايلاء عنه.
قوله: (تكفيره) أي تكون بتكفيره إلخ. قوله: (بل بمعنى الوعد بها إلخ) أي فالمطالبة بالفيئة
ثابتة مطلقا امتنع وطؤها أم لا. وقول المصنف: ولها المطالبة بالفيئة بعد الاجل إن
لم يمتنع وطؤها مراده مطالبته بالفيئة بالمعنى المذكور وهو تغييب الحشفة حالا، فلا
ينافي أنه إذا كان وطؤها ممتنعا لها المطالبة بالفيئة لكن بمعنى آخر وهو الوعد بتغييب الحشفة
435

إذا زال المانع. قوله: (بدون) أي بالتغييب بدون افتضاض. قوله: (ثم شرط في تغييب الحشفة إلخ) أي
ثم شرط في كونهما تنحل بهما الايلاء أي تسقط بهما المطالبة بالوطئ. قوله: (إن حل ما ذكر) أي من
مغيب الحشفة والافتضاض. قوله: (لم تنحل الايلاء) أي لم تسقط المطالبة بالفيئة. قوله: (وإن حنث)
أي وانحلت يمينه. قوله: (فيطلب بالفيئة) أي بمغيب الحشفة بعد ذلك الوطئ الحرام. قوله: (ولا يلزم من
حنثه وانحلال يمينه) أي بهذا الوطئ الحرام وهو جواب عما يقال: إن الوطئ الحرام يحنث به وتنحل به
اليمين، وحيث انحلت اليمين انحلت الايلاء لأنها سببه أي سبب الايلاء بمعنى المطالبة بالوطئ، فلا وجه
لقول المصنف: إن حل، وتوضيحه أن الوطئ الحرام تنحل به اليمين، وإذا انحلت اليمين زال طلب الوطئ
لان اليمين سبب لطلب الوطئ وقد زال السبب فليزل المسبب، وحينئذ فلا وجه لقول المصنف: إن حل.
وحاصل الجواب: أنا لا نسلم أن انحلال اليمين مستلزم لانحلال الايلاء أي المطالبة بالفيئة مطلقا، بل
إن كان انحلال اليمين بوطئ حلال كان ذلك مستلزما لانحلال الايلاء أي المطالبة، وإن كان انحلال اليمين
بوطئ حرام أو بين الفخذين فما زال مطالبا بالفيئة ولم يسقط طلبها. قوله: (وهي الحلال) أي روعي تغييب
الحشفة على وجه حلال، وقوله: ولو انحلت يمينه أي بوطئ حرام. قوله: (ولو مع جنون) ما ذكره من أن وطئ
المجنون في حال جنونه فيئة هو الذي نص عليه ابن المواز وأصبغ ونقله ابن رشد واللخمي وعبد الحق،
لكن قال أصبغ: يحنث به وهو ضعيف، والمذهب كما لابن رشد وغيره أنه لا يحنث به وإن كان فيئة كما تقدم،
ورد المصنف بلو قول ابن شاس وابن الحاجب: إن وطئ المجنون ليس فيئة لكن لا يطالب بها قبل إفاقته
لعذره فالأقوال ثلاثة، والفرق على الأخيرين: أنه على المذهب من أنه فيئة مع بقاء اليمين أنه يستأنف له
الاجل، وعلى ما لابن شاس وابن الحاجب يكتفي بالأجل الأول اه‍ بن. قوله: (للزوج) أي فتنحل
الايلاء بذلك الوطئ لنيلها بوطئه ما تنال في صحته، فإذا آلى منها وهو عاقل ثم جن وطلبته بالفيئة وفاء
حال جنونه تسقط مطالبته بها واليمين باقية عليه، فإذا صح استؤنف له أجل من يوم وطئه لبقاء يمينه
على ما لابن رشد. وقال أصبغ: إذا فاء حال جنونه سقطت مطالبته بالفيئة ولا يضرب له أجل بعد إفاقته
لعدم بقاء يمينه لحنثه فيها بوطئه. وقال ابن شاس: إنه لا يطالب بالفيئة حال جنونه ولا يكون وطؤه
فيئة ويطالب بها بعد إفاقته من غير ضرب أجل ثان ويكتفي بالأجل الأول وهذا هو المردود عليه
بلو في كلام المصنف اه‍ تقرير عدوي. قوله: (بخلاف جنونها) أي فإن وطأها في حالته لغو لا تنحل
به الايلاء أي لا تسقط به المطالبة بالفيئة وإن انحلت يمينه. قوله: (فلا تنحل به الايلاء) أي المطالبة
بالفيئة. قوله: (فإن كفر سقط) أي لأنه لو كفر قبل أن يطأ سقط إيلاؤه فكيف إذا وطئ ثم كفر ولو كان
الوطئ بغير الفرج؟ وقوله أخذا مما قدمه أي في قوله: وتكفير ما يكفر. قوله: (إلا أن ينوي الفرج) أي إن محل
حنثه ولزومه الكفارة بالوطئ بين الفخذين ما لم يكن نوى عند حلفه أنه لا يطؤها يعني في فرجها، فإن كان
نوى ذلك فإنه لا يحنث بالوطئ بين الفخذين لمطابقة نيته لظاهر لفظه ولا تلزمه به كفارة والايلاء باق
على كل حال. قوله: (بعد أن يؤمر إلخ) متعلق بقوله: وطلق عليه. قوله: (طلق عليه الحاكم إلخ) أي ويجري
هنا القولان السابقان في امرأة المعترض من كونه يطلق الحاكم أو يأمرها به ثم يحكم به. قوله: (بأن قال)
أي عند طلبه بها أطأ. قوله: (اختبر) أي بمدة يؤخره الحاكم إليها. قوله: (مرة) أي باختبار أمرة ومرة فهو
مفعول مطلق. وقوله: إلى ثلاث مرات أي ويكون اختباره المرات الثلاث في يوم واحد. وفي قوله: إلى
ثلاث مرات إشارة إلى أن الأولى للمصنف أن يزيد قوله مرة ثالثا، أو يقول: اختبر ثلاث مرات ليوافق
النقل. قوله: (وصدق) أي المولى. وقوله: بيمين أي كما هو قاعدة المصنف من أنه إذا قال صدق فالمراد بيمين،
436

وإذا قال: القول قوله فالمراد بدون يمين. قوله: (إن ادعاه) أي في مدة الاختبار. وقوله: فإن نكل حلفت
أي إن كانت بالغة عاقلة رشيدة كانت أو سفيهة، وأما إذا كانت مجنونة أو صغيرة سقطت عنها اليمين
وطلق عليه حالا. قوله: (كما لو حلف) أي فلا يطلق عليه في الحالين لكون القول قوله. قوله: (وفيئة
المريض والمحبوس) أي إذا مضى أجل الايلاء وهما بتلك الصفة. قوله: (العاجز عن الوطئ) أي وأما
المريض القادر على الوطئ والمحبوس القادر على الخلاص بما لا يجحف به ففيئة كل منهما تغييب
الحشفة. قوله: (بما ينحل به) أي ولا تكون الفيئة في حقهما بمغيب الحشفة لعدم قدرتهما عليها في هذه
الحالة. قوله: (من زوال ملك) أي من زوال ملك العبد المعين الذي حلف بعتقه. قوله: (وتكفير ما)
أي اليمين التي يجوز تكفيرها قبل الحنث وهي اليمين بالله والنذر المبهم الذي لم يسم له مخرجا.
قوله: (وتعجيل مقتضى الحنث) أي ما يقتضيه الحنث ويترتب عليه وما قبله من جزئياته. قوله: (فلا يمكن
التكفير) أي انحلال اليمين. قوله: (لحقه) أي وحينئذ فلا فائدة في تعجيل الطلاق قبل الحنث، وكذا
يقال فيما إذا طلق ضرتها في المسألة التي بعد. قوله: (كقوله لاحدى زوجتيه إلخ) أي وإذا ارتجعها
ووطئ المحلوف عليها طلقت فلانة المحلوف بطلاقها. قوله: (وطلقها) أي فلانة المحلوف بطلاقها.
قوله: (بخلاف البائن) أي بخلاف ما إذا طلق فلانة المحلوف بطلاقها طلاقا بائنا ثم عاودها بعد زوج
ووطئ المحلوف عليها فلا تطلق فلانة المحلوف بطلاقها لانحلال الايلاء بمجرد بينونتها.
قوله: (وكصوم معين لم يأت زمنه) أي كما لو كان في المحرم وقال: إن وطئتك فعلي صوم رجب فهذه اليمين
لا يمكن انحلالها قبل الحنث إذ لو صام رجب قبل إتيانه لم ينفعه، ومفهوم قوله لم يأت زمنه أنه لو أتى زمنه
لا يكون الحكم كذلك، والحكم أنه إذا انقضى قبل وطئه فلا شئ عليه لأنه معين فات. قوله: (وعتق إلخ)
أي كما لو قال: إن وطئتك فعلي عتق رقبة أو صدقة بدينار أو صوم يوم أو مشي لمكة فلا يمكن انحلال
تلك اليمين قبل الحنث، إذ لو فعله قبل الحنث بالوطئ لم ينفعه ويلزمه بدله إذا وطئ. قوله: (إذ لو فعله قبل
الحنث) أي قبل الوطئ. قوله: (بالحنث) أي إذا وطئ. قوله: (المذكور) أي الذي لا يمكن تكفير
يمينه قبل الحنث. قوله: (إذا زال المانع) أي الذي هو المرض والحبس. قوله: (وبعث للغائب إلخ) يعني
أنه إذا ضرب للمولى الاجل فوجد عند انقضائه غائبا غيبة مسافة شهرين فأقل فإنه يبعث إليه
ليعلم ما عنده، فإن كانت غيبته أكثر من ذلك طلق عليه من غير إرسال له. ثم إن هذا ظاهر إذا كان معلوم
الموضع وإلا فيطلق عليه من غير إرسال، وكلام المصنف مقيد بما إذا لم ترفعه للحاكم لتمنعه
من السفر حيث أراده قبل الاجل وإلا منعه، فإن أبى أخبره أنه إذا جاء الاجل طلق
عليه، ففائدة إخبار الحاكم أنه لا يبعث له إذا جاء الاجل وطلبت الفيئة. قوله: (مع الامن)
أي واثنا عشر يوما مع الخوف لان كل يوم مع الخوف يقاوم خمسة مع الامن. قوله: (ولها
العود إلخ) أي أن المرأة المولى منها إذا حل أجل الايلاء فرضيت بالمقام معه بلا وطئ وأسقطت
حقها من الفيئة اسقاطا مطلقا غير مقيد بزمن ثم رجعت عن ذلك الرضا فطلبت القيام
437

بالفيئة فلها أن توقفه في أي وقت من غير ضرب أجل ومن غير تلوم فإن فاء وإلا طلق. وأما لو أسقطت
حقها اسقاطا مقيدا بمدة فإن قالت بعد الاجل: أقيم معه سنة لعله أن يفئ فليس لها العود إلا بعد تلك
المدة. قوله: (للقيام بالايلاء) أي بطلب الفيئة. قوله: (إن رضيت أولا بإسقاط حقها من القيام) أي
بالفيئة وذلك بأن كانت رضيت بالإقامة معه بلا وطئ. قوله: (أو تكفير) أي تكفير ما يكفر في العدة.
وقوله: أو تعجيل حنث أي بعتق أو طلاق في العدة، ومثل انحلال الايلاء رضا الزوجة المولى منها
بالإقامة معه بلا وطئ كما هو قول ابن القاسم والأخوين خلافا لسحنون فإنه يقول: إن رجعتها باطلة مع
الرضا. قوله: (وإلا ينحل إيلاؤه بوجه مما تقدم) أي حتى انقضت العدة بدخولها في الحيضة الثالثة.
وقوله لغت رجعته أي الحاصلة في العدة أي كانت ملغاة أي باطلة لا أثر لها. قوله: (وإن أبى إلخ)
حاصله أنه إذا قال لزوجتيه: إن وطئت إحداكما فالأخرى طالق فإن امتنع من وطئ كل منهما خوفا
من طلاق الأخرى كان موليا منهما فيضرب له الاجل إذا قامتا أو إحداهما من اليمين، فإذا وطئ
إحداهما بعد انقضاء الأجل طلقت الأخرى وانحل الايلاء، وإن أبى من وطئ إحداهما بعد انقضاء الأجل
طلق عليه الحاكم، إحداهما، هكذا قال المصنف تبعا لابن الحاجب وابن شاس، قال المصنف
في توضيحه: ينبغي أن يفهم على أن القاضي يجبره على طلاق واحدة فيختار الزوج واحدة يطلقها
أو يطلق عليه واحدة بالقرعة وإلا فطلاق واحدة غير معينة لا يمكن لان الحكم يستدعي تعيين محله،
وفي تطليق واحدة يعينها الحاكم ترجيح بلا مرجح. وقوله: وإن أبى الفيئة أي بعد مضي الاجل
المضروب. قوله: (والمذهب ما استظهره ابن عرفة) أي وقد صرح به ابن عبد البر في الكافي أيضا انظر
كلامه في بن. قوله: (واستثنى بأن شاء الله) أي وامتنع من وطئها. قوله: (إنه مول) أي يضرب له أجل
الايلاء. وقوله وله الوطئ أي وإذا طولب بالفيئة بعد الاجل كان له الوطئ وإذا وطئ فلا كفارة
عليه. قوله: (فكيف يكون معه موليا) مع أن مقتضى كون الاستثناء حلا لليمين أنه إذا امتنع من الوطئ
يطلق عليه حالا للضرر ولا يضرب له أجل الايلاء. قوله: (كيف يكون موليا ويطأ من غير كفارة) مع
أن مقتضى كونه موليا أنه إذا وطئ يكفر لانحلال يمينه بالحنث. قوله: (وحملت) أي وحمل كلام الامام
في المدونة لأجل دفع الاشكال الأول، وإنما تعرض المصنف لدفعه لأنه هو الذي أشار له دون الثاني.
قوله: (على ما إذا روفع للحاكم) أي على ما إذا رفعته الزوجة للحاكم ولم تصدقه على أنه أراد بالاستثناء
حل اليمين، وإنما أراد التبرك والتأكيد بقرينة امتناعه من الوطئ فإنه يدل على أنه لم يرد حل اليمين، وأما
المفتي فيصدقه في إرادة حل اليمين فلا يفتيه بلحوق الايلاء وحينئذ فيطلق عليه حالا إذا امتنع
من الوطئ. قوله: (وإن القول قوله) أي في أن الكفارة عن هذا الايلاء. قوله: (وتنحل الايلاء عنه) أي فلا
يطالب بفيئة وإذا استمر على الامتناع من الوطئ طلق عليه حالا للضرر. قوله: (فما الفرق بينهما) أي
وهلا سوى بين المسألتين إما بحكم هذه أو بحكم هذه. قوله: (وفرق بشدة المال) حاصله أن المكفر في الثانية
أتى بأشد الأمور على النفس وهو اخراج المال فكان أقوى في رفع التهمة فلذا قبل قوله: بخلاف الاستثناء
في الأولى فليس شديدا على النفس بل مجرد لفظ لا كلفة فيه فلا يكون رافعا للتهمة فلذا لم يقبل قوله.
438

قوله: (وبأن الاستثناء إلخ) حاصله أن الاستثناء يحتمل حل اليمين ويحتمل أنه أراد به التبرك
والتأكيد فلذا لم يصدق في إرادة حل اليمين، وأما الكفارة التي هي اخراج المال فلا يحتمل غير حل اليمين
بلا شك، واحتمال كون الكفارة ليمين أخرى بعيد لان الأصل عدم يمين ثانية فالتهمة في الكفارة بعيدة.
باب في الظهار
وهو حرام لأنه منكر من القول وزور حتى صرح بعضهم بأنه من الكبائر، وعبر بعضهم عن حكمه
بالكراهة وينبغي حملها على التحريم. قوله: (تشبيه المسلم) في ح ابن عبد السلام لا بد من أداة التشبيه
كلفظ مثل أو الكاف، وأما لو حذفها فقال: أنت أمي لكان خارجا عن الظهار ويرجع للكناية في الطلاق،
وإن كان محمد نص في هذه اللفظة على أنه مظاهر اه‍ وسلمه ح وهو غير مسلم، إذ قد نص ابن يونس
وغيره على أن أنت أمي ظهار ونصه قال سحنون في العتبية: إن قال أنت أمي في يمين أو غير يمين فهو
مظاهر محمد إلا أن ينوي به الطلاق فيكون البتات ولا ينفعه أنه نوى واحدة اه‍. وقد نقل ح عند
قول المصنف في الكناية أو أنت أمي أن ابن القاسم في سماع عيسى يقول: إن أراد به الطلاق فطلاق
وإلا فظهار، وإن الرجراجي ذكر في المسألة قولين: أحدهما رواية عيسى هذه، والثاني رواية أشهب أنه
الطلاق البتات ولا يلزمه ظهار، ولذا مشى المصنف فيما يأتي على أنه ظهار، وبهذا تعلم أن في قول المصنف
تشبيه إجمالا لأنه إن أريد به الأخص خرج نحو أنت أمي وإن أريد الأعم شمل الاستعارة نحو:
يا أمي ويا أختي وليس بظهار كما قاله الرصاع اه‍ بن. قوله: (زوجا أو سيدا) قال ح: وهل يلزم ظهار
الفضولي إذا أمضاه الزوج؟ لم أر فيه نصا والظاهر لزومه كالطلاق اه‍ بن. وإتيان المصنف بالوصف
مذكرا مخرج للنساء، ففي المدونة: إن تظاهرت امرأة من زوجها لم يلزمها شئ لا كفارة ظهار ولا
كفارة يمين، ولو جعل أمرها بيدها فقالت: أنا عليك كظهر أمي لم يلزمه ظهار كما في سماع أبي زيد لأنه
إنما جعل لها الفراق أو البقاء بلا غرم. فإن قالت: نويت به الطلاق لم يعمل بنيتها ويبطل ما بيدها كما
قال عج خلافا للشيخ سالم القائل إذا قالت: أردت به الطلاق فيكون ثلاثا إلا أن يناكرها الزوج
فيما زاد على الواحدة. قوله: (فإن ظاهر كافر ثم أسلم إلخ) أي وأما لو ظاهر كافر وتحاكموا إلينا فالظاهر
أننا نطردهم ولا نحكم بينهم بحكم المسلمين لقوله تعالى: * (والذين يظاهرون منكم) * والخطاب للمؤمنين فيدل
على اختصاص الظهار بالمؤمنين فتأمل. قوله: (من زوجة أو أمة) هذا هو المشهور خلافا لمن قال: إن الظهار
لا يلزم في الإماء ولا يعكر على المشهور قوله تعالى: * (والذين يظاهرون من نسائهم) * فإنه لا يشمل الإماء
لخروجها مخرج الغالب فلا مفهوم له. قوله: (ومطلقة رجعيا) أي وحائض ونفساء. قوله: (وسواء شبهها
كلها إلخ) أي كأنت علي كظهر أمي أو كظهر فلانة الأجنبية. قوله: (أو جزأها) أي سواء كان ذلك الجزء
الذي شبهه جزأ حقيقة كرأسك أو رجلك علي كظهر أمي، أو كان جزأ حكما لكن الجزء الحقيقي يلزم به
الظهار اتفاقا ويختلف في الجزء الحكمي فيتفق على الظهار إن شبه يدها أو رجلها ويختلف في الشعر
والكلام، قال ابن فرحون: وإنما يلزم في الأجزاء المتصلة لا المنفصلة كالبصاق، وما قيل في الجزء المشبه
يقال في الجزء المشبه به. قوله: (كالشعر) أي بأن قال شعرك أو ريقك علي كظهر أمي أو كظهر فلانة
الأجنبية. قوله: (محرم) إن ضبط بضم الميم وفتح الحاء وتشديد الراء المفتوحة فلا بد من تقييده
بالأصالة لاخراج ما ذكره الشارح من التشبيه بامرأته الحائض أو النفساء أو المحرمة بحج
أو عمرة أو المطلقة طلاقا رجعيا، وإن ضبط بفتح الميم وسكون الحاء وتخفيف الراء المفتوحة فلا
يحتاج إلى التقييد بالأصالة لان المحرم لا يكون غير أصلي، والمحرم من حرم نكاحها لحرمتها أي
439

لشرفها، إلا أن كلام المصنف على الثاني لا يشمل تشبيهها بظهر الدابة أو المكاتبة أو المبعضة أو
الأجنبية، فالأولى الضبط الأول والتقييد بالأصالة كما فعل الشارح. قوله: (كظهر زوجتي النفساء)
أي أو الحائض أو قال لاحدى زوجتيه التي في عصمته: أنت علي كزوجتي فلانة المطلقة طلاقا رجعيا.
قوله: (كظهر دابتي إلخ) اعترض بأن الأولى أن يقول: كفرج دابتي إلا أن يقال: إن الظهر كناية عن
الفرج. قوله: (فشمل إلخ) أي أن كلام المصنف شامل لأربع صور تشبيه جملة من تحل بجملة من تحرم
وتشبيه جملة من تحل بجزء من تحرم، وتشبيه جزء من تحل بجملة من تحرم أو بجزئها. قوله: (وهي
مشبه) أي وهو المسلم المكلف زوجا كان أو سيدا. وقوله: ومشبه بالفتح أي وهو من يحل وطؤها
أصالة من زوجة أو أمة. وقوله: ومشبه به أي وهو المحرم بطريق الأصالة. وقوله: والصيغة
أي وهي الصور الأربعة المتقدمة. قوله: (ولأنه يوهم إلخ) فيه نظر بل كلام المصنف لا إيهام فيه
بعد ذكره الجزء الشامل للظهر وغيره. قوله: (إن تعلق بكمشيئتها) أي ولو كانت حين التعليق غير
مميزة، نعم إن اختارت شيئا مضى إن ميزت، وقيل لا يمضي ما اختارته إلا إذا ميزت وأطاقت الوطئ
فإن لم تميز ولم تطق الوطئ استؤني بها كما في المواق. قوله: (وهو أن تعلق بمشيئتها بيدها) ظاهره كان
التعليق بأن أو إذا أو مهما أو متى، وفي التوضيح عن السيوري: لا يختلف في إذا شئت أو متى شئت
أن لها ذلك بعد المجلس ما لم توطأ أو توقف، بخلاف إن شئت فقيل كذلك وقيل ما لم يفترقا اه‍. ونحوه
في الشامل اه‍. قلت: وهو مخالف لما تقدم في التفويض في قوله: وفي جعل إن شئت أو إذا شئت كمتى أو
كالمطلق تردد فإن حاصله يقتضي أن الخلاف في أن وإذا هل هما كمتى فيكون ذلك لها بعد المجلس ما لم
توقف أو تطأ طائعة، وقيل إنهما كالمطلق فلها أن تقضي ما لم يفترقا من المجلس وإلا بطل ما بيدها فتأمل
اه‍ بن. قوله: (وهو بيدها) أي في قدرتها إن شاءت قضت به أو ردته ما لم توقف عبارة المصنف
كعبارة المدونة، واستشكل كلامها بأن ظاهرها أنه بمجرد إيقافها يبطل ما بيدها ولو لم تقض بشئ وليس
كذلك، وأجاب الشارح بأن المراد ما لم تقض بشئ بعد وقوفها، وقال بعضهم: معنى كلامها أنه بيدها
تؤخره أو تقدمه ما لم توقف فليس لها هذا الاختيار، وإنما لها إمضاء ما جعل بيدها أو تركه من غير
تأخير أصلا. قوله: (أو توطأ طائعة) أي فإذا وطئت طائعة سقط ما بيدها وهذا قول ابن القاسم، وقال
أصبغ: وطؤها طائعة غير معتبر فلا يسقط ما بيدها وهو المعتمد كما قال شيخنا مستندا لنقل المواق
ونحوه في البدر القرافي. قوله: (بأن وقفت) أي فإن وقفت ولم تقض بشئ أبطله الحاكم. قوله: (لكان
أبين) أي خلافا لظاهره من أنها بمجرد الايقاف يبطل ما بيدها وليس كذلك بل الامر بيدها، ولو
وقفت إلى أن تقضي برد أو إمضاء. قوله: (وبمحقق) أي وإن علقه بأمر محقق الوقوع تنجز، وقد صرح
ابن رشد في المقدمات وابن عرفة بأنه يجري هنا ما جرى في الطلاق من قوله سابقا أو بما لا صبر عنه
كإن قمت أو غالبا كإن حضت أو محتمل واجب كإن صليت أو بمحرم كإن لم أزن أو على مشيئة من لم
تعلم مشيئته إلى آخر ما مر. قوله: (وبوقت تأبد) أي ولا يكون تحريمها عليه خاصا بذلك الوقت الذي
قيد به، ويستثنى من هذا المحرم إذا قال: أنت كظهر أمي ما دمت محرما فإنه لا يلزمه قاله اللخمي، ومثله
الصائم والمعتكف انظر ح اه‍ بن ونص ح عن اللخمي ظهار المحرم على وجهين: فإن قال
أنت علي كظهر أمي ما دمت محرما لم ينعقد عليه ظهار لأنها في تلك الحالة كظهر أمه فهذا بمنزلة من ظاهر
440

ثم ظاهر فلا يلزمه الثاني أن يقول: أنت علي كظهر أمي ولم يقيد بقوله: ما دمت محرما فيلزمه اه‍ كلامه.
والحاصل أنه متى قيد الظهار بمدة المانع من الوطئ سواء كان المانع قائما بها أو قائما به
كالاحرام والصوم والاعتكاف فإنه لا يلزمه. قوله: (بموت المعينة) قال طفي: محل وقوع الحنث
بالموت إذا فرط في تزوجها حتى ماتت وإلا فلا لان هذا مانع عقلي كما تقدم في الايمان اه‍ بن وقوله
بموت المعينة أي لا بتزوجها بغيره ولا بغيبتها بمكان لا يعلم خبرها بناء على أنه لا بد في اليأس من التحقق
ولا يكفي فيه الظن. قوله: (ويمنع منها حتى قبل اليأس والعزيمة) وذلك لان الظهار كالطلاق كما
قال في التوضيح نقلا عن الباجي، فكما أنه يمنع من الزوجة في الطلاق إذا كانت الصيغة صيغة
حنث نحو: إن لم أدخل الدار فأنت طالق كما قال المصنف سابقا وإن نفى ولم يؤجل منع منها ويدخل
عليه الايلاء ويضرب له الاجل من يوم الحكم كذلك في الظهار يمنع منها إذا كانت يمينه على حنث
نحو: إن لم أتزوج عليك فأنت علي كظهر أمي ويدخل عليه الايلاء ويضرب له الاجل من يوم
الحكم فإذا جاء الاجل فإن تزوج بر وإن قال: ألتزم الظهار وأخذ في كفارته لزمه ذلك ولم يطلق عليه
بالايلاء، فإن فرط في الكفارة كان كمول يقول أفئ فيختبر المرة بعد المرة ويطلق عليه بما لزمه
من الايلاء كذا في بن عن الموازية. ولا يقال: كيف يصح تكفيره مع أن الظهار معلق وهو لا يصح
تقديم كفارته كما يأتي لان ما سيأتي فيما إذا كان على بر وما هنا الحالف على حنث، فإذا التزم الظهار
وأخذ في كفارته رجع لقول المصنف أو العزيمة كما في ح. قوله: (ولا يصح تقديمها قبل العزم) أي
على وطئها وبعد الدخول، وأما تقديمها على الوطئ بعد اللزوم والعزم فإنها تكون صحيحة. والحاصل
أن في مفهوم قوله قبل لزومه تفصيلا، فإن أخرجها بعد اللزوم والعزم صحت ولو قبل الوطئ، وأما بعد
اللزوم وقبل العزم فلا تصح. قوله: (وصح من رجعية) من بمعنى في أوانه ضمن الظهار الذي هو
فاعل صح معنى الامتناع. وقوله: وصح من الرجعية أي بخلاف تشبيه من هي في عصمته بمطلقته
الرجعية فإنه لا يصح الظهار لأنه كتشبيه إحدى زوجتيه بالأخرى الحائض. قوله: (بخلاف
مبعضة إلخ) ابن عرفة: والظهار في الممنوع المتعة بها لغو لنصها مع غيرها في المشتركة والمعتق بعضها
لأجل الباجي والجلاب والمكاتبة وعزاه اللخمي لسحنون وقال: إلا أن ينوي إن عجزت فيلزمه اه‍ بن.
قوله: (وصح في محرمة بحج أو عمرة) أي إن لم يقيد بمدة إحرامها وإلا لم يلزمه شئ كما مر.
قوله: (وأولى نفساء وحائض) ظاهره صحته منهما ولو قيده بمدته، ويحتمل أنه إذا قيده بمدته لا يلزمه
شئ كما قال عج، والظاهر كما قال بعض المحققين أنه إذا قيد كلا منهما بمدته فإنه يجري على الخلاف
الآتي في المجبوب هل الظهار يتعلق بالوطئ وبما دونه من المقدمات أو بالوطئ فقط فيلزم الظهار
إذا قيد بمدة الحيض أو النفاس على القول الأول لا على الثاني، ومثل الحيض الصوم لعدم
حرمة المقدمات فيه، وأما الاعتكاف فكالاحرام قطعا لحرمة المقدمات فيهما. قوله: (في زمن
يقر إلخ) أي وأما تأخر إسلامها أكثر من شهر فلا يقر عليها ولا يلزمه الظهار منها. قوله: (ورتقاء إلخ)
ما ذكره من صحة الظهار من الرتقاء وما ماثلها هو مذهب المدونة ولذا اقتصر عليه مع أن
في الرتقاء ونحوها الخلاف الذي في المجبوب، قال ابن رشد: فإن كان الوطئ ممتنعا على كل حال
كالرتقاء والشيخ الفاني ففي لزوم الظهار اختلاف، فمن ذهب إلى أن الظهار يتعلق بالوطئ
وما دونه ألزمه الظهار، ومن ذهب إلى أنه يتعلق بالوطئ خاصة لم يلزمه الظهار اه‍. والأول هو
المذهب. قال ابن عرفة: وعزا الباجي القول الثاني لسحنون وأصبغ اه‍ بن. قوله: (لا مكاتبة ولو عجزت)
441

محل عدم صحة الظهار فيها ما لم ينو إن عجزت وإلا لزمه إذا عجزت أي ومثل المكاتبة
المحبسة لان وطأها محرم دائما فالظهار لا يصح فيها أصلا، وأما المخدمة فقد نص أبو الحسن على
حرمة وطئها، لكن الظاهر أن حرمتها لعارض وهو خوف ولادتها منه فتبطل الخدمة المعطاة
فيصح الظهار فيها كصحته في الحائض والمحرمة قاله بعض اه‍ بن. والأمة المتزوجة كالمكاتبة
لا يصح الظهار منها ولو طلقا زوجها بعد الصيغة كما قاله ابن محرز وقيد عدم صحة الظهار منها بما
إذا لم ينو إن طلقت وإلا لزمه الظهار منها إن طلقت. قوله: (تأويلان) أي على المدونة، وقولان أيضا
في المذهب فالأول لابن القاسم والعراقيين والثاني عزاه الباجي لسحنون وأصبغ والراجح من
القولين أولهما. قوله: (وصريحه) أي ولفظه الصريح أي لفظه الدال عليه صراحة. قوله: (بظهر مؤبد
تحريمها بنسب أو رضاع أو صهر) أي وأما تشبيهها بظهر مؤبد تحريمها بلعان أو نكاح في العدة
فهو كالتشبيه بظهر الأجنبية في كونه من الكناية لا من الصريح كما يفيده كلام التوضيح، وكذا
كلام ابن رشد خلافا لقول عبق بنسب أو رضاع أو صهر أو لعان انظر بن. قوله: (ولا ينصرف
للطلاق إذا نوى به الطلاق في الفتوى) أي وإنما يلزمه المفتي بالظهار. قوله: (وهل يؤخذ إلخ)
حاصل كلام الشارح أن صريح الظهار إذا نوى به الطلاق فإنه يلزمه به الظهار في الفتوى والقضاء
ولا يؤخذ بالطلاق في الفتوى، وهل يلزمه الطلاق في القضاء زيادة على الظهار أو لا يلزمه؟ تأويلان،
وما ذكره الشارح من أن التأويلين في القضاء والاتفاق على عدم الانصراف في الفتوى فقد تبع
خش وعبق وهو ظاهر المصنف، وكلام المصنف في التوضيح عكسه وكلاهما غير صواب، وحرر
الناصر اللقاني في حواشي التوضيح المسألة وكذا ح بنقل كلام ابن رشد في المقدمات، قال الناصر
بعد نقل كلام ابن رشد ما نصه: فحاصله أن رواية عيسى عن ابن القاسم أن صريح الظهار إذا
نوى به الطلاق ينصرف للطلاق في الفتوى وأنه يؤخذ بهما معا في القضاء وأن رواية أشهب
عن مالك أنه ظهار فيهما فقط، وأن المدونة مؤولة عند ابن رشد برواية عيسى عن ابن القاسم وعند
بعض الشيوخ برواية أشهب عن مالك، وبه يظهر أن ما يوهمه كلام التوضيح من أن التأويلين في
الفتوى دون القضاء، وكلامه في المختصر من أنهما في القضاء دون الفتوى ليس على ما ينبغي اه‍ كلامه.
قوله: (فهل يؤخذ بالظهار للفظه) أي فإذا تزوجها بعد زوج فلا يقربها حتى يكفر. قوله: (وهو الأرجح)
أي فقد نقل في التوضيح عن المازري أن المشهور عدم الانصراف للطلاق، وكذا قال أبو إبراهيم
الأعرج المشهور في المذهب أن صريح الظهار لا ينصرف للطلاق، وأن كل كلام له حكم في نفسه لا يصح
أن يضمر به غيره كالطلاق فإنه لو أضمر به غيره لم يصح، وأنه لو أضمر هو بغيره لم يصح، زاد ابن محرز:
وكذلك لو حلف بالله وقال أردت بذلك طلاقا أو ظهارا لم يكن له ذلك ولم يلزمه إلا ما حلف به وهو
اليمين بالله. قوله: (وشبه في التأويلين لا بقيد القيام) أي لا بقيد قيام البينة بل لا فرق بين الفتوى والقضاء
في جريان التأويلين، وما ذكره الشارح من التشبيه في التأويلين مطلقا هو الصواب، وبذلك
قرر ح وقرره خش تبعا للشيخ سالم على أنه تشبيه في التأويل الأول فقط، فيؤخذ بالظهار فقط في
الفتوى، ويؤخذ بهما معا في القضاء إذا نواهما، فإن نوى أحدهما لزمه ما نواه فقط، وإن لم يكن له نية لزمة
الظهار اه‍. وأصله لابن الحاجب وابن شاس وتعقبه في التوضيح انظر ح اه‍ بن. قوله: (كأمي) أي
أو كرأس أمي أو يدها مثلا. قوله: (أو أنت أمي إلخ) قد نقل ح أن رواية عيسى عن ابن القاسم أن أنت
أمي يلزم به الطلاق إن نواه وإلا فظهار، وأن الرجراجي ذكر في هذه المسألة قولين: أحدهما رواية عيسى
هذه والثانية رواية أشهب أنه يلزم به الطلاق البتات ولا يلزم به ظهار، ونقل ابن يونس عن سحنون
442

أنه قال في العتبية: إن قال أنت أمي في يمين أو غيره فهو مظاهر. محمد: إلا أن ينوي به الطلاق فيكون البتات
ولا ينفعه أنه نوى واحدة فهو موافق لابن القاسم. والحاصل أن أنت أمي فيها قولان قيل يلزمه
بها الظهار ما لم ينو الطلاق وإلا لزمه البتات ولا ينوي فيما دون الثلاث وما لم ينو الكرامة أو الإهانة
وإلا فلا يلزمه شئ وهذا قول ابن القاسم، وقيل إنه لا يلزم به ظهار أصلا ويلزم به البتات وهو قول
أشهب فليس كناية عنده. قوله: (إلا لقصد الكرامة) هذا راجع للصورتين وهو استثناء من محذوف
أي فيلزمه بذلك الظهار إلا لقصد الكرامة، فالكناية الظاهرة هنا يصرفها عن الظهار النية، بخلاف
كناية الطلاق فلا يصرفها عنه إلا البساط لا النية على المعتمد، وقوله: إلا لقصد الكرامة أو إلا أن ينوي
الطلاق فيلزمه البتات. قوله: (أو أنت علي كظهر أجنبية) ابن عرفة سحنون من قال: أنت علي كظهر
فلانة الأجنبية إن دخلت الدار ثم تزوج فلانة ثم دخل فلا شئ عليه بناء على اعتبار يوم الحنث، وقال
اللخمي: يلزمه الظهار اعتبارا بيوم الحلف والثاني أحسن، ابن رشد: والأظهر حمله على أنه أراد أنت علي
كظهر فلانة اليوم إن دخلت الدار متى دخلتها وهو الآتي على قولها: إن كلمت فلانا فكل عبد أملكه حر
إنما يلزم يمينه فيما كان له يوم حلف. والحاصل أن مقابل كلام سحنون هو ما اختاره اللخمي وابن
رشد كما نقله ابن عرفة فيكون هو الراجح كما في بن. وقوله: كظهر أجنبية أو ظهر ذكر وكذا ظهر فلانة
الملاعنة التي لاعنها أو فلانة التي نكحها في العدة كما مر عن بن. قوله: (ونوى فيها) أي قبلت نيته فيها
بقسميها وهما ما إذا أسقط لفظ الظهر أو أسقط مؤبد التحريم في قصد الطلاق، فإذا ادعى أنه نوى
بقوله: أنت كأمي أو أنت علي كظهر فلانة الأجنبية الطلاق فإنه تقبل نيته في الفتوى والقضاء، ثم إن
كانت غير مدخول بها إن نوى عددا لزمه ما نواه وإن لم ينو عددا لزمه الثلاث كما أن المدخول بها يلزمه
فيها الثلاث مطلقا نوى عددا أو لا. قوله: (إن لم ينو أقل) راجع لغير المدخول بها، وأما المدخول بها
فاللازم له البتات ولا تقبل دعواه أنه نوى أقل. قوله: (فيلزمه الثلاث في المدخول بها وغيرها) أي
ولا يلزمه ظهار. قوله: (لكنه ينوي) أي تقبل نيته الأقل من الثلاث في غير المدخول بها. قوله: (لزمه)
أي فقط. قوله: (فيلزمه الظهار فقط) أي دون الطلاق. قوله: (فيلزمه الظهار والطلاق الثلاث) أي
فيطلق عليه ثلاثا أو لا فإذا تزوجها بعد زوج لزمه الظهار فلا يقربها حتى يكفر كما أشار الشارح لذلك
بقوله: وإذا تزوجها بعد زوج. قوله: (في المدخول بها كغيرها) راجع لقوله: إلا أن ينويه مستفت.
ولقوله: وأما في القضاء فيلزمه الظهار والطلاق الثلاث. وحاصله أنه إذا قال لها: أنت كفلانة
الأجنبية ونوى به الظهار فإنه يلزمه الظهار فقط في الفتوى كانت مدخولا بها أو غير مدخول
بها ويلزمه الظهار والبتات في القضاء كانت مدخولا بها أو لا، وهذا هو الصواب كما في بن
خلافا لعبق من أنه إذا نوى به الظهار فلا تقبل نيته في المدخول بها، وأما غير المدخول بها
فتقبل نيته في الفتوى دون القضاء، إذ الحق أنه كما تقبل نية الظهار في غير المدخول بها تقبل في
المدخول بها حيث كان الزوج مستفتيا، فقول المصنف: إلا أن ينويه مستفت في كل من المدخول
بها وغيرها كما هو ظاهره ولم يخصه أحد لا بالمدخول بها ولا بغيرها. قوله: (إلا أن ينوي أقل) أي من
الثلاث فيلزمه ما نواه من الطلاق مع الظهار. قوله: (أو قال أنت علي كابني أو غلامي) في العتبية
ما نصه: قال أصبغ سمعت ابن القاسم يقول في الذي يقول لامرأته أنت علي كظهر ابني أو غلامي
إنه ظهار ابن رشد ولو قال: كابني أو غلامي ولم يسم الظهر لم يكن ظهارا عند ابن القاسم حكى ذلك ابن
حبيب عن رواية أصبغ واختاره، وقال مطرف وأصبغ: لا يكون ظهارا ولا طلاقا وإنه لمنكر من القول،
443

والصواب أنه إن لم يكن ظهارا فليكن طلاقا وهو ظاهر قول ابن وهب لأنه قال في ذلك لا ظهار عليه
فكأنه رأى عليه الطلاق اه‍ من رسم الوصايا من سماع أصبغ، وبهذا تعلم أن ما ذكره المصنف هو قول
ابن القاسم واختاره ابن حبيب وصوبه ابن رشد اه‍ بن. وحاصله أنه إذا قال: أنت كابني أو
غلامي ولم يسم الظهر فإنه يكون بتاتا ولو نوى به الظهار وقيل لا يلزم به ظهار ولا طلاق والمعتمد
الأول وهو ما مشى عليه المصنف. قوله: (أو ككل شئ حرمه الكتاب) أي من الميتة والدم ولحم الخنزير
فهو بمنزلة ما لو قال لها: أنت كالميتة والدم إلخ، وقد تقدم أنه يلزمه البتات، وما ذكره من لزوم البتات هو
مذهب ابن القاسم وابن نافع، وفي المدونة قال ربيعة: من قال أنت مثل كل شئ حرمه الكتاب فهو
مظاهر اه‍ ابن يونس وهو قول ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ، واختلف الشيوخ هل
هو خلاف لابن القاسم وإليه ذهب ابن أبي زمنين أو وفاق وهو الذي في تهذيب الطالب قائلا: يكون
قول ربيعة بمعنى أنها تحرم عليه بالبتات. ثم إذا تزوجها بعد زوج كان مظاهرا. ابن يونس: والقياس عندي
أنه يلزمه الطلاق ثلاثا والظهار وكأنه قال: أنت علي كأمي والميتة اه‍ بن. قوله: (وظاهر المصنف إلخ)
أي لتقديمه قوله إلا أن ينويه مستفت عليهما، وقوله لزوم البات أي في كابني وغلامي وما بعدهما،
وقوله: ولو نوى بذلك الظهار وهو مستفت أي ولا تقبل نيته حينئذ الظهار عند المفتي كما لا تقبل عند
القاضي. قوله: (وهو قول ابن القاسم) قال ابن يونس: قال ابن القاسم وإن قال: أنت علي كظهر ابني أو
غلامي فهو مظاهر، وقاله أصبغ، وقال ابن حبيب: لا يلزم ظهار ولا طلاق وإنه لمنكر من القول
والصواب ما قاله ابن القاسم لان الابن والغلام محرمان عليه كالأم أو أشد، ولا وجه لقول ابن
حبيب أنه لا يلزم ظهار ولا طلاق اه‍. وقد سئل ابن عبد السلام عمن قال لرجل: أنت علي حرام
كأمي وأختي وزوجتي فقال: لا أعلم فيها نصا واستظهر أنه ظهار أخذا من عكس التشبيه فإن نوى
الطلاق أخذ به اه‍. والمراد بعكس التشبيه قوله لها: أنت علي كظهر فلان الأجنبي. قوله: (ولزم بأي كلام
نواه إلخ) ظاهره ولو نواه بصريح الطلاق أو بالحلف بالله وليس كذلك على المعتمد كما تقدم عن أبي
إبراهيم الأعرج من أن المشهور أن ما كان صريحا في باب لا يلزم به غيره إذا نواه، وإنما يلزمه ما حلف
به من طلاق أو يمين بالله ولا يلزمه الظهار عملا بنيته، وذكر ابن رشد في المقدمات أن مذهب ابن القاسم
أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق وقال: أردت بذلك الظهار لزمه الظهار عملا بما أقر به من النية
والطلاق عملا بما ظهر من لفظه. قوله: (فلا يلزمه شئ إلا بنيته) هذا قول سحنون كما في النوادر، وكما
في الوثائق المجموعة لابن فتوح فإنه قد نسب فيها ذلك القول لسحنون ولمحمد بن المواز، وروى ابن ثابت
عن ابن وهب عن مالك أنه إذا قال: إن وطئتك وطئت أمي كان ظهارا، وكذا الخلاف جار
في قوله بعد: لا أعود لمسك حتى أمس أمي. قوله: (كأن قال إن دخلت إلخ) التعليق هنا ليس بقيد في
المسألة ولو أسقطه كان أحسن، فإذا قال: أنت علي كظهر أمي ثم وطئ وكفر وقال لها ذلك ثانيا لزمته
الكفارة فإذا كفر وقال لها ثالثا لزمته أيضا. قوله: (إذ مجرد العود) أي وهو العزم على الوطئ
أو مع الامساك لا يكفي، فإذا قال لها: أنت علي كظهر أنت أمي ثم عاد أي عزم على وطئها وعلى إمساكها
ثم قال لها ذلك ثانيا قبل أن يحصل منه وطئ بالفعل ولا كفارة فلا يلزمه إلا كفارة واحدة
على المعتمد. قوله: (أو كل من دخلت) درج في هذا على التعدد نظرا لمعنى الكلية، وفي قوله: أو كل
امرأة على عدمه نظرا لمعنى الكل المجموعي مع أنه قد قيل في كل من المسألتين بمثل ما درج عليه في
444

الأخرى، فكان من حق المصنف أن يحكي الخلاف في الفرعين معا، أو أنه يقتصر على التعدد فيهما
أو على عدمه فيهما وإلا فكلامه مشكل انظر التوضيح، وقد يقال ما ذكره من عدم التعدد في كل امرأة
مثله في المدونة، وما ذكره من التعدد في كل من دخلت قال الباجي هو ظاهر المذهب وحينئذ فلا إشكال
اه‍ بن. والحاصل أن كلا من المسألتين فيها الخلاف، لكن المصنف اقتصر على المعتمد في كل من
المسألتين. قوله: (لكن لا يقرب الأولى) أي إذا تزوجهن في عقود أي وأما إذا تزوجهن في عقد فلا
يقرب واحدة حتى يكفر ثم لا كفارة عليه بعد ذلك. قوله: (كذلك) أي بغير تعليق ولو بمجالس.
قوله: (أو علقه بمتحد إلخ) عبارة ابن رشد في البيان والتحصيل في نوازل أصبغ من كتاب الظهار
ما نصه: مذهب ابن القاسم أن الرجل إذا ظاهر من امرأته ظهارا بعد ظهار أنهما إن كانا معا بغير فعل
أو جميعا بفعل واحد أو الأول بفعل والثاني بغير فعل فليس عليه فيهما جميعا إلا كفارة واحدة إلا أن
يريدان عليه في كل ظهار كفارة فيلزم ذلك ثم قال: وأما إذا كانا جميعا بفعلين مختلفين أو الأول
منهما بغير فعل والثاني بفعل فعليه في كل واحد كفارة اه‍ وهذا نفس ما في ح. قوله: (أو علقه في
التكرير) أي في حال التكرير. قوله: (على الأرجح) هو للقابسي وأبي عمران وصوبه ابن يونس
ومقابله لابن أبي زيد اه‍ مواق. قوله: (وينبني عليه) أي على القول الراجح أنه لا يشترط أي في صحة
تلك الكفارات المتعددة. وقوله العود أي العزم على الوطئ فيما زاد على الكفارة الواحدة التي كفرها أو لا
أي وأما على مقابله من أنه لا يجوز لمن لزمه كفارات عن امرأة أن يمسها حتى يكفر الجميع فيشترط
العود في الجميع. قوله: (وحرم قبلها الاستمتاع) أي ولو عجز عن كل أنواع الكفارة بالاجماع كما نقله ابن
القصار عن النوادر. قوله: (بوطئ أو مقدماته) هذا قول الأكثر، ومقابله حرمة الاستمتاع بالوطئ وجواز
المقدمات. والحاصل أن المحرم بالظهار الوطئ ومقدماته وقيل المحرم به الوطئ فقط، فعلى الأول يحرم
على المظاهر قبل تمام الكفارة الاستمتاع بالوطئ والمقدمات، وعلى الثاني إنما يحرم الاستمتاع بالوطئ
وتجوز المقدمات، والأول مذهب ابن القاسم وغيره، والثاني مذهب سحنون وأصبغ. قوله: (وسقط أن
تعلق ولم يتنجز بالطلاق الثلاث) أي سقط الظهار بالطلاق الثلاث إن علق ذلك الظهار بشئ ولم يتنجز
أي ولم يحصل ذلك الظهار الذي علقه لعدم حصول المعلق عليه إلا بعد البينونة، والمراد بالسقوط عدم
اللزوم، قال أبو الحسن نقلا عن المقدمات: وأما من ظاهر من أمته ثم باعها ثم اشتراها فإن اليمين ترجع عليه
على مذهب ابن القاسم لأنه يتهم في اسقاط اليمين عن نفسه وإن بيعت عليه في الدين بعدها ما ظاهر منها
واشتراها ممن بيعت منه لم تعد عليه اليمين، وإنما لم يكن عودها له بعد بيع الغرماء كعودها له بعد بيعه لعدم
تهمته في بيعهم دون بيعه، ويفهم من تعليل عدم عود اليمين بعدم التهمة أن يمينه لا تعود عليه بعودها له
بإرث، وأما إذا باع أمة ليمين ثم اشتراها قبل أن يحنث في اليمين أي قبل حصول المعلق عليه وحصل بعد
ما اشتراها فقال في المقدمات: ذهب بعض الشيوخ إلى أن اليمين لا تعود عليه، وذهب بعضهم إلى أنها تعود
445

إليه اه‍، قال ابن يونس: وهو أصوب انظر ح. قوله: (وأولى لو دخلت الدار) أي بعد الطلاق وقبل
عودها له. قوله: (لان غير المدخول بها تبين بأول وقوع الطلاق إلخ) ظاهر هذا التعليل عدم لزوم
الظهار ولو نسقه عقب الطلاق، وأورد عليه ما إذا قال لغير المدخول بها أو قال لمدخول بها على وجه
الخلع: أنت طالق أنت طالق أنت طالق نسقا فإن المشهور لزوم الثلاث مع أنها بانت بأول وقوع
الطلاق عليها، وأجاب أبو محمد بأن الطلاق لما كان جنسا واحدا عد كوقوعه في كلمة واحدة ولا كذلك
الظهار والطلاق. قوله: (ومثلها) أي مثل غير المدخول بها في صيرورتها أجنبية بمجرد الطلاق المدخول
بها إذا كان الطلاق بائنا بكخلع. قوله: (أو صاحب إلخ) قال عبق: وظاهره ولو عطف بعضها على
بعض بما يفيد الترتيب كثم وهو كذلك لان التعليق أبطل مزية الترتيب كذا قال شيخنا، وقال بن:
هذا غير صحيح ففي أبي الحسن ما نصه: ولو أنه قال إن تزوجتها فهي طالق ثلاثا ثم هي علي كظهر أمي
أو قال لزوجته: إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم أنت علي كظهر أمي لم يلزمه الظهار لأنه حينئذ
وقع على غير زوجة لما وقع مرتبا على الطلاق اه‍ منه. وقال ابن عرفة: قال ابن محرز إنما لزماه معا في
الأول لان الواو لا ترتب ولو عطف الظهار بثم لم يلزمه ظهار لأنه وقع على غير زوجة اه‍ بن. وبالجملة
المسألة ذات قولين: الأول يقول يلزم الظهار عند العطف بثم نظرا إلى أن التعليق أبطل مزية الترتيب.
والقول الثاني يقول بعدم لزوم الظهار نظرا إلى أن أجزاء المشروط إذا عطف بعضها على بعض بثم
لم تقع معا بل تكون مرتبة فلم يجد الظهار له محلا إلخ. قوله: (لان أجزاء المشروط) أي الذي هو جزء الشرط
يقع بعضها مع بعض ولا ترتيب بينها في الوقوع أي وإذا وقعا معا وجد الظهار له محلا، وعبارة القرافي في
العروق: إذا قال إن دخلت الدار فامرأته طالق وعبدي حر فدخل الدار لا يمكننا أن نقول لزمه
الطلاق قبل العتق ولا العتق قبل الطلاق بل وقعا مرتبين على الشرط الذي هو وجود الدخول من غير
ترتيب فلا يتعين تقديم أحدهما، فكذلك إذا قال: إن تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي لا
نقول إن الطلاق متقدما على الظهار حتى يمنعه بل الشرط اقتضاهما اقتضاء واحدا فلا ترتيب في ذلك.
قوله: (فظهار) أي لان قوله ذلك خرج مخرج الجواب أي أن قوله هي أمي قرينة على إرادة التعليق
فكأنه قال: إن تزوجتها فهي أمي فإن تزوجها كان مظاهرا منها ومفهوم عرض إلخ أنه لو قال لأجنبية لم
يعرض عليه نكاحها هي أمي لم يلزمه بتزوجها ظهار وذلك لأنها حين الظهار محرمة عليه فهي كظهر
أمه قبل نطقه فلم يزد نطقه به شيئا وهذا حيث لم يعلقه على تزويجها، أما إن علقه وتزوجها
فلا يمسها حتى يكفر. قوله: (وتجب بالعود) المراد هنا بوجوبها بالعود صحتها وإجزاؤها به
لا حقيقة الوجوب وهو طلبه بها طلبا أكيدا بدليل سقوطها بموت أو فراق كما يأتي، فإن أخرجها
قبل العزم على الوطئ لا تجزئه، وفي تعبير المصنف بالوجوب عن الصحة مخالفة لاصطلاحهم
446

تبع فيه ابن عبد السلام، ولو قال: وتصح بالعود كان أحسن. وأما حمل الشارح الوجوب على الوجوب
الموسع فلا يظهر تأمل اه‍ بن، وقرر شيخنا أن فائدة هذا الوجوب مقيدة عند ابن رشد بدوام
المرأة في عصمته فإذا طلقها أو ماتت سقط ذلك الوجوب. قوله: (تأويلان وخلاف) أي تأويلان
على المدونة وخلاف في المذهب أي أن المذهب فيه قولان شهر كل منهما وحملت المدونة على كل
منهما ولفظ المدونة والعود إرادة الوطئ والاجماع عليه اه‍. وروى عن مالك أيضا أن العود هو العزم
على الوطئ مع إرادة إمساك العصمة فهما روايتان، واختلف الأشياخ بعد ذلك فيما تقتضيه المدونة
من ذلك، فابن رشد فهم المدونة على أن العود مجرد العزم على الوطئ بقيد بقاء العصمة ولم يتعرض
للعزم على الامساك وقال: إنه المشهور فقولها والاجماع عليه أي العزم عليه مرادف لما قبله وهو إرادة
الوطئ، وفهم عياض من المدونة على أنه العزم على الوطئ مع العزم على الامساك وقال: إنه المشهور ولا
شك أن العزم على الامساك غير بقاء العصمة إذ قد ينوي إمساكها وتموت وقد تدوم عصمتها وهو
خالي الذهن، وفائدة الخلاف بينهما كما قال أبو الحسن تظهر إذا عزم على الوطئ والامساك ثم طلق أو
ماتت فعند ابن رشد تسقط الكفارة وعند عياض لا تسقط، وكذا إن كفر بعد أن بانت منه فعلى
ما لابن رشد لا تجزيه وعلى ما لعياض تجزيه، فتبين أن قول المصنف ومع الامساك إشارة لتأويل
عياض، وأما ابن رشد فإنما تأول المدونة على أن العود والعزم على الوطئ مع دوام العصمة لقولها إذا
حصل الفراق بموت أو طلاق سقطت الكفارة والقول الأول من المصنف إشارة لتأويل
ابن رشد وشهره والثاني لتأويل عياض وشهره. قوله: (وسقطت بموتها) أي أو موته أي بعد العزم، وأما
بعد الوطئ فلا تسقط بل تخرج من ثلثه إذا مات. قوله: (محلهما في البائن أو الرجعي إلخ)
اعلم أن كلام عبد الحق وأبي الحسن وابن رشد وغيرهم كالصريح في التأويلين إنما محلهما إذا
أتمها قبل مراجعتها ولفظ المدونة ولو طلقها قبل أن يمسها وقد علم في الكفارة لم يلزمه إتمامها، وقال
ابن نافع: إن أتمها أجزأه إن أراد العودة اه‍. قال أبو الحسن: وانظر هل هو وفاق لقول ابن القاسم فحمله
عبد الحق في التهذيب على الوفاق إذا كان رجعيا وعلى الخلاف إن كان بائنا فإذا كان الطلاق بائنا فعلى
قول ابن القاسم لا يلزمه أن يتمها، وإن أتمها لم يجزه وعند ابن نافع إن أتمها أجزأه، وبعضهم على الخلاف
في الجميع وبعضهم على الوفاق في الجميع اه‍. وأما إتمامها بعد المراجعة فقد نقله أبو الحسن فرعا مستقلا
فقال: إذا تزوجها يوما ما وكانت الكفارة صوما ابتدأها وإن كانت طعاما بنى على ما كان أطعم قبل أن
تبين منه لجواز تفرقة الطعام، قال ابن المواز: وهذا قول مالك وابن القاسم وابن وهب وأصح ما انتهى
إلينا اه‍. إذا علمت هذا فقول الشارح حيث لم ينو إلخ الأولى حيث لم يرتجعها، وأما إذا ارتجعها إلخ.
قوله: (حيث إلخ) راجع للامرين قبله قوله: (لان الرجعية زوجة) الأولى أن يقول بدله لأنه يجوز
تفرقة الطعام كما علل به أبو الحسن لان الاجزاء ليس مختصا بالرجعية بل المدار على إعادتها
لعصمته كان طلاقها رجعيا أو بائنا. قوله: (وأما الصيام فلا يجزئ) أي فلا يجزئ البناء على ما فعله منه
قبل الطلاق سواء أتمه بعد طلاقها وقبل إعادتها لعصمته أو بعد إعادتها لها لوجود تتابعه. قوله: (وهي
إعتاق إلخ) ذكر تت عن ابن عرفة أن من عجز عن كفارة الظهار بكل وجه فليس له
وطؤها وإن طال أمد عجزه عن كفارة الظهار ويدخل عليه أجل الايلاء كذا في عبق
آخر الباب، وذكره أيضا شيخنا في الحاشية وتعقبه بن بأن دخول أجل الايلاء عليه ينافي ما مر
عند قوله: وهل المظاهر إن قدر على التكفير إلخ أن مفهوم القيد أن العاجز عن التكفير لا يدخله
أجل الايلاء ولا حجة لزوجته وإن طال الزمان، بل يطلق عليه حالا إن لم ترض بالإقامة معه بلا وطئ.
447

قوله: (ولو وقع) أي ولو وقع ونزل وأعتق الجنين عن ظهاره، وقوله عتق بعد وضعه أي ولا يجزئ
كفارة. قوله: (لاحتمال موته) أي لاحتمال أن يكون ميتا أو معيبا حين العتق. قوله: (بخلاف الجنين) أي
فإنه لا يجزئ ولو علم أنها وضعته بعد العتق بصفة من يجزئ لأنه حين العتق لا يسمى رقبة، وانظر لو أعتق
حمل أمته عن ظهاره ظانا عدم وضعها ثم تبين أنها وضعته قبل العتق هل يجزئ نظرا لما في نفس الامر
أو لا يجزئ نظرا لظنه؟ واستظهر بهرام وعبق الأول. قوله: (لان المقصود) أي من عتقها أي ولان
الله لما ذكر في كفارة القتل رقبة مؤمنة وأطلقها في كفارة الظهار وغيره كانت كذلك حملا للمطلق على
المقيد كذا قيل، وفيه أن حمل المطلق على المقيد شرطه اتحاد السبب، والسبب هنا في الكفارات مختلف.
قوله: (من يجبر على الاسلام) أي والحال أنه لم يسلم بالفعل. قوله: (تأويلان) تأولها أبو محمد
على الاجزاء وتأولها غيره وهو ابن اللباد وابن أبي زمنين وغيرهما على عدم الاجزاء. قوله: (فيجزئ اتفاقا)
الذي في ح تعميم الخلاف في الصغير والكبير ويدل له ما في التوضيح، وهل الخلاف في الصغير
والكبير أو الخلاف إنما هو في الكبير وأما الصغير يشترى مفردا عن أبويه فلا خلاف أنه يجزئ وتعميم
الخلاف أولى اه‍ بن. وبهذا تعلم ما في قول الشارح، وأما المجوسي الصغير إلخ من النظر تأمل.
قوله: (وفي الوقف إلخ) أي أنه على القول بالاجزاء لو عتق الأعجمي كفارة هل يوقف إلخ، وعلى هذا القول
فالاجزاء أمر ابتدائي أي لا يشترط الاسلام بالفعل عند تحريره ابتداء، وعبارة الشامل وعلى الأصح
فهل يوقف عن امرأته حتى يسلم الأعجمي وإن مات ولم يسلم لم يجزه أو له وطؤها وتجزيه إن مات
قولان. قوله: (قولان) صوابه تردد لان الخلاف للمتأخرين الثاني لابن يونس والأول لبعض
أصحابه اه‍ بن. قوله: (سليمة عن قطع أصبغ) أي ولو زائدا إن أحس وساوى غيره في الإحساس
لا إن كان ميتا أو يحس به إحساسا غير مساو لاحساس غيره فلا يضر قطعه حينئذ كذا قال عج.
وقال اللقاني: المضر إنما هو قطع الإصبع الأصلية وأما الزائدة فلا يضر قطعها ولو ساوى غيره
في الإحساس به ودرج عليه خش واختاره شيخنا، وتعبير المصنف بقطع يفيد أن نقص
الإصبع خلقة لا يضر، واستظهر اللقاني أنه يضر، وقوله إصبع يدل على أن نقص ما دونه لا يمنع
الاجزاء ولو أنملتين وبعض أنملة، وقوله بعد ذلك فيما لا يمنع الاجزاء وأنملة يقتضي أن قطع أنملة
وبعض أنملة يضر فقد تعارض مفهوم ما هنا ومفهوم ما يأتي في الأنملتين وفي الأنملة وبعض الأخرى
والمعتبر مفهوم ما هنا كما يفيد ح. قوله: (وأعشى وأجهر) الأولى من لا يبصر ليلا والثاني من لا
يبصر في الضوء. قوله: (وإن قل) مبالغة في المفهوم أي فإن كان به جنون فلا يجزئ وإن قل خلافا
لأشهب القائل إذا كان يأتيه في كل شهر مرة فلا يمنع الاجزاء. قوله: (وقطع أذنين) اعلم أن قطع الاذنين
مانع من الاجزاء سواء قطعهما من أصلهما أو قطع أشرافها أي أعلاهما، وأما الاذن
الواحدة فالمضر قطعها من أصلها، وأما قطع أعلاها فقط فلا يضر كما يأتي، والمعتمد أن قطع
الواحدة من أصلها لا يضر فالأولى للشارح حذف إحدى. قوله: (وهرم إلخ) المراد بالهرم الشديد
ما لا يمكن معه التكسب بصنعة تليق بهرمه وكبر سنه، وإنما كان الهرم مانعا دون الصغر لان منافع
الصغير مستقبلة. قوله: (يبس بعض الأعضاء) أي عدم القدرة على التصرف بها وإن كانت طرية.
448

قوله: (بلا شوب) نعت ثان لرقبة أي ملتبسة بعدم مخالطة عوض لعتقها. قوله: (لان له انتزاعه) أي
بخلاف ما في ذمته. قوله: (لا مشترى للعتق) عطف على مقدر كما أشار لذلك الشارح والأولى جعله عطفا
على قوله بلا شوب عوض لأنه من جملة محترزاته، وقد جرت عادة المصنف في هذا الموضع وغيره ذكره
بعد كل وصف محترزه فكأنه قال: رقبة كائنة بلا شوب عوض لا مشتراه للعتق وذكره لتأويل
الرقبة بالمملوك. قوله: (في تحريرها) أي تخليصها من الرقية. قوله: (لا الظهار) أي وإذا كان السبب في
تخليص تلك الرقبة من الرقية ليس العتق لأجل الظهار بل العتق للقرابة أو التعليق فلا تجزئ كفارة.
قوله: (غير عالم حين العتق) أي غير عالم بالقرابة أو التعليق حين العتق. قوله: (وفي إن اشتريته إلخ) قال
في المدونة قال مالك: ولا يجزيه أن يعتق عبدا قال: إن اشتريته فهو حر فإن اشتراه وهو مظاهر فلا يجزيه
اه‍ ابن المواز عن ابن القاسم ولو قال: إن اشتريت فلانا فهو حر عن ظهاري فاشتراه فهو يجزيه اه‍.
ثم اختلف الأشياخ في فهم المدونة فابن يونس حملها على العموم فيكون ما لابن المواز خلافا والباجي
حملها على ما إذا لم يقل عن ظهاري فإن ذكره معه فالاجزاء فيكون وفاقا اه‍ بن. فقول المصنف
تأويلان أي بالاجزاء على الوفاق وعدمه على الخلاف وحمل المدونة على إطلاقها وطرح كلام
الموازية قال أبو عمران: ومحل التأويلين حيث وقع منه التعليق المذكور بعدما ظاهر، أما إن علق
ثم ظاهر فيتفق على الاجزاء، وخالفه ابن يونس في ذلك قائلا: المسألتان سواء في جريان التأويلين.
قوله: (وبلا شوب العتق) أشار الشارح بذلك إلى أنه عطف على عوض سواء كان العتق منكرا أو
معرفا لجواز عطف المعرفة على النكرة، والمعنى خالية عن شائبة عوض وعتق فإن كان فيها شائبة عتق
فلا يجزي ويدخل فيه ما إذا اشترى زوجته حاملا وأعتقها عن ظهاره لأنها تصير أم ولد على المشهور
لعتق الولد عليه في بطنها. قوله: (ولا عتق بالتنكير) أي وبلا شوب عتق. قوله: (لوجود شائبة في الجميع)
أي شائبة العتق. قوله: (أي النصف الباقي ثانيا) أي بعد أن أعتق النصف الأول عن ظهاره.
قوله: (بخلاف لو أطلق) أي ولم يقصد التشريك والموضوع أنه أعتق أربعا عن أربع. وحاصل
ما ذكره أنه إن نقص عدد الرقاب عن عدد الظهار لم يجز، وإن ساوى عدد الرقاب عدد الظهار أجزأ ولو
دون تعيين إن لم يقصد الشركة في الرقاب فإن قصد التشريك فيها منع، ولو كان عدد الرقاب أزيد من
عدد المظاهر منهن كأن يعتق خمسة عن أربعة قاصدا التشريك في كل واحدة منها. واعلم أن التشريك
كما يمنع في الرقاب يمنع أيضا في الصوم لوجوب تتابعه، وأما في الاطعام فلا يمنع إلا إذا كان في حصة
كل مسكين. قوله: (ويجزئ أعور) أي وهو من فقد النظر بإحدى عينيه لأن العين الواحدة
تقوم مقام العينين ويرى بها ما يرى بهما وديتها ديتهما معا ألف دينار، والقول بإجزاء الأعور
هو المشهور، والخلاف في الأنقر الذي فقئت حبة عينه، وأما غيره فيجزئ اتفاقا كما يجزئ من
فقد من كل عين بعض نظرها. قوله: (ومغصوب) أي فيجزئ المغصوب منه عتقه بل ويجوز ابتداء
كما في عبق. قوله: (رب الحق) أي رب الدين والمجني عليه. قوله: (فلا يجزئ) أي خلافا لما ذكره
عبق من الاجزاء وذلك لأنه لا معنى للاجزاء إذا أخذه ذو الجناية والدين وبطل العتق اه‍ بن.
449

قوله: (ومرض) أي وذو مرض وذو عرج لان الكلام في ذي العيب لا في العيب نفسه. قوله: (لم يوعبها إلخ)
في بن عن طفي اغتفار قطع الاذن الواحدة وإن استوعبها القطع لقول الأمهات: لا يجزئ
مقطوع الاذنين فيدل بمفهومه على إجزاء مقطوع الاذن الواحدة واعتمد ذلك شيخنا. قوله: (ورضيه)
أي رضي بإعتاق الغير عنه. قوله: (ولو بعد العتق) أي ولو كان الرضا بعد العتق بالفعل. قوله: (وكره
الخصي) أي عتقه كفارة. قوله: (أن يصلي) أي وندب عتق من يصلي ويصوم. قوله: (يعني من
يعقل إلخ) أي وإن لم يصل ويصم بالفعل. قوله: (ثم لمعسر عنه) عداه بعن لا بالياء مع أن مادة المعسر
تتعدى بها لتضمنه معنى عاجز. قوله: (وقت الأداء) أشار بهذا إلى أن المعتبر في العجز عن الكفارة
وقت اخراجها، فمتى كان وقت أدائها عاجزا عن العتق صح له أن يكفر بالصوم ولو كان وقت الوجوب
قادرا على العتق، فإن كان وقت أدائها قادرا على العتق فلا يجزيه الصوم، ولو كان وقت الوجوب عاجزا
عن العتق، وقيل المعتبر في العجز عن العتق وقت الوجوب وهو العود، فإذا كان وقت العود عاجزا عن
العتق أجزأه الصوم ولو قدر على العتق وقت الأداء وإن قدر على العتق وقت العود فلا يجزيه الصوم
وإن كان وقت الأداء عاجزا عن العتق والمعتمد الأول الذي مشى عليه المصنف. قوله: (لا قادر عليه)
أي على العتق. واعلم أن القادر مقابل للعاجز لا للمعسر فصرح المصنف به ليدل على أنه ضمن معسر
معنى عاجز ولأنه مفهوم غير شرط ولأجل أن يرتب عليه ما بعده من المبالغة. قوله: (أو غيره) أي كدابة
احتاج كلا منهما لكمرض. قوله: (ومسكن) عطف على عبد، وقوله لا فضل فيه أي لا زيادة فيه على
ما يسكنه ولا شك أن المسكن المذكور محتاج له للسكنى فيه، وقوله محتاج لها أي للمراجعة فيها. قوله: (أو
بملك رقبة فقط ظاهر منها) اعترض بأن عتقها كفارة مشروط بالعزم على وطئها والعزم على وطئها
حرام لأنها بعد الكفارة تكون أجنبية منه بالعتق، وإذا حرم وطؤها بعد حرم العزم على وطئها لان
العزم على الحرام حرام، وحينئذ فلا يكون العزم عودا فلا تتأتى الكفارة بها فلا يلزمه أن يعتقها لان
الكفارة إنما تجب بالعود ولا عود هنا. وأجيب بأنا لا نسلم حرمة العود هنا لان الحرمة إنما تكون
بوطئها بعد العتق بالفعل لزوال الملك به والعزم على الوجوب سابق على العتق لأنه شرط الكفارة، والشرط
مقدم على المشروط وهي حال العزم في ملكه وشرط التناقض اتحاد الزمان. قوله: (بعد العتق) أي بعد
عتقها كفارة عن ظهارها. قوله: (ويكفي نية ذلك) أي نية التتابع ونية كون الصوم كفارة عن الظهار.
قوله: (تمم الأول) أي ثلاثين يوما قوله: (إن انكسر) أي إن حصل فيه انكسار بأن لم يبتدئ
الصوم من أول الشهر بل من أثنائه. قوله: (فإن أذن له) أي مع عجزه عن الصوم، وقوله لم
يتعين إلخ أي بل المتعين عليه الاطعام، وإنما قلنا عند عجزه عن الصوم لأنه عند قدرته لا يجزيه
الاطعام بل يتعين عليه الصوم. والحاصل أنه يتعين عليه أن يكفر بالصوم حيث قدر عليه أو عجز
ولم يأذن له في الاطعام فإن أذن له فيه لم يتعين في حقه الصوم، ومعنى تعينه على العاجز أنه يطالب به
450

حيث قدر عليه. قوله: (ولمن طولب إلخ) عطف على قوله: لذي الرق كما أشار له الشارح. وحاصله أنه
إذا التزم عتق من يملكه عشر سنين أو نحوها مما يبلغه عمره ظاهرا فظاهر من زوجته وهو موسر
وقامت عليه زوجته وطالبته بالكفارة فإنه يتعين في حقه الصوم إذ لا يقع العتق عن الظهار في المدة
التي التزم فيها العتق بل عن اليمين، فلو أعتق الغير عن الملتزم المذكور وقد عاد ورضيه أجزأه إن لم يسأله لا
إن سأله، ومفهوم قوله طولب أنه إذا لم يطالب بالفيئة لا يتعين الصوم في حقه ابن شاش ولو لم تطالبه
لما أجزأه الصوم وصبر لانقضاء الاجل فأعتق. قوله: (في اليوم الرابع) أي فما بعده. قوله: (تمادى على
صومه وجوبا إلخ) وكذا ما ذكره بعد من وجوب الرجوع للعتق قبل تمام يوم الوجوب وإن لم يكن
منصوصا فيهما بعينه لكنه يؤخذ من كلام المدونة وقد نقله المواق اه‍ بن. وحاصل ما ذكره
المصنف أنه إذا حصل له اليسار في اليوم الرابع فما بعده وجب التمادي على الصوم، وإن حصل اليسار في
اليوم الأول أو بعد كماله وقبل الشروع في الثاني وجب الرجوع للعتق مع وجوب إتمام صوم الأول
إذا حصل اليسار فيه ولا يجوز له فطره، وإن حصل اليسار بعد أن شرع في اليوم الثاني أو الثالث أو بعد
فراغ الثالث وقبل الشروع في اليوم الرابع ندب له الرجوع للعتق ووجب إتمام صوم ذلك اليوم الذي
حصل فيه اليسار ولا يجوز له فطره. قوله: (ثم إذا أيسر في أثناء يوم) أي من الأيام التي يندب له الرجوع
فيها من الصوم للعتق أو يجب. قوله: (يعني مضى وأجزأ) أي سواء كان التكلف جائزا أو مكروها
أو ممنوعا. قوله: (لأنه يحرم إلخ) علة لمحذوف أي وإنما فسرنا الجواز بالمضي والاجزاء ولم نبقه على
حاله من الجواز ابتداء لأنه قد يحرم إلخ أي لان تكلف المعسر العتق قد يحرم وقد يكره إلخ، والمصنف
عبر بجاز تبعا لابن الحاجب واعترضه في التوضيح بأنه لو قال أجزأ كان أحسن لشموله التكليف
الممنوع وغيره. قوله: (كما إذا كان) أي وفاؤه بسؤال. قوله: (لان السؤال) أي لأجل وفاء الدين
مكروه وأما للتكثير فهو حرام. قوله: (وانقطع تتابعه بوطئ المظاهرة منها) أي وأما القبلة والمباشرة لها
فلا يقطعانه كما شهره ابن عمر وقيل يقطعانه وشهره الزناتي. قوله: (أو واحدة إلخ) هذا من عطف
الخاص على العام. قوله: (في كلمة واحدة) أي بأن قال لهن: أنتن علي كظهر أمي. قوله: (بطل إطعامه
وابتدأه) هذا هو المشهور، وقال ابن الماجشون: الوطئ لا يبطل الاطعام المتقدم مطلقا والاستئناف
أحب إلي لان الله إنما قال: من من قبل أن يتماسا في العتق والصوم ولم يقله في الاطعام. قوله: (فلا يضر)
أي فلا يبطل الاطعام. قوله: (بخلاف الصوم) أي فإنه لما كان متتابعا ناسبه الانقطاع. قوله: (هاجه
سفره) أي حركة سفره وهذا فرض مسألة، والمراد أنه أدخل على نفسه المرض بسبب اختياري بسفر
أو غيره كأكل شئ يعلم من عادته أنه يضر به ثم أفطر، وعلى هذا فيجعل الضمير في هاجه للشخص أي هاجه
الشخص بسفر أو غيره اه‍ بن. وعلى هذا فقول الشارح بعد أو هاجه غيره الأولى حذفه أو يحمل على ما إذا
451

لم يعلم أن ذلك الامر يضر به. قوله: (عدمه في كفارة غيره إلخ) أي لان الظهار لا يتصور من المرأة ولو
ملكها الزوج أمرها. قوله: (كحيض) أي كما لا ينقطع تتابع الصوم سواء كان كفارة قتل أو صوم أو كان
نذرا متتابعا بالحيض وما معه. قوله: (وظن غروب) أي فأفطر قبله. قوله: (وبقاء ليل) أي فتسحر بعد
الفجر. قوله: (ولا بفطر نسيان) أي بغير جماع أو به نهارا في غير المظاهر منها وأما فيها فتقدم أنه ينقطع به
تتابعه وإن ليلا ناسيا، ثم ما ذكره من أن الفطر نسيانا لا يقطع التتابع هو المشهور وقيل إنه يقطعه وهو
ضعيف، وأما تفريق الصوم نسيانا كما لو بيت الفطر ناسيا للصوم فإنه يقطع التتابع على المشهور من
المذهب خلافا لابن عبد الحكم حيث عذره في تفريق الصوم بالنسيان كما عذره بالنسيان في فصل
القضاء، فإذا أكل ناسيا أو أفطر لمرض أو حيض قضى ذلك ووصله بصيامه، فإن ترك وصله بصيامه
ناسيا أو جاهلا أو متعمدا استأنف صيامه. قوله: (وبالعيد) عطف على قوله سابقا بوطئ المظاهر منها
أي وانقطع التتابع بنفس العيد، وقوله إن تعمده أي إن تعمد صوم الشهرين اللذين يعلم أن فيهما العيد
سواء صام يوم العيد أو لم يصمه أصلا ناسيا أو متعمدا. قوله: (متعمدا صوم يوم الأضحى) بل وكذا
إن صامه ناسيا أو لم يصمه أصلا متعمدا أو ناسيا فالتعمد في المصنف ليس منصبا على صوم يوم العيد
كما يوهمه كلام الشارح تبعا لعبق بل التعمد منصب على صوم الزمن الذي يأتي فيه، وأما الفطر
والصوم فسيأتي التعرض لهما في التأويلين بعد اه‍ بن. قوله: (وأما جهل حرمة صوم العيد) أي مع علمه
أن العيد يأتي في أثناء صومه. قوله: (قلا ينفعه) أي كما في التوضيح عن عياض، وفي أبي الحسن أنه
لا يبطل كجهل العين واستظهره جد عج. قوله: (وهل محل عدم القطع) أي عدم قطع التتابع.
وقوله بجهله أي بجهله كون العيد يأتي في صومه. قوله: (إن صام العيد إلخ) نص المدونة: من صام
ذا القعدة وذا الحجة لظهار عليه أو قتل نفس خطأ لم يجزه، قال مالك: إلا من فعله بجهالة وظن أن ذلك
يجزيه فعسى أن يجزيه. ابن عرفة في حمل المدونة على أنه أفطر يوم النحر فقط أو أفطر
الأيام كلها ثالثها على أنه صام أيام النحر كلها الأول لابن أبي زيد والثاني لابن القصار والثالث لابن
الكاتب اه‍. زاد ابن يونس في الثالث أنه يقضيها ويبني قال: وهذا الثالث أضعف الأقوال. وفي
التوضيح عن ابن يونس أن القول بالاجزاء إذا أفطر أيام النحر كلها هو الأصح اه‍ بن.
قوله: (أو عدم القطع) أي عدم قطع التتابع، وقوله مطلق أي عن التقييد بصوم يوم العيد
وأيام التشريق بل عدم قطع التتابع مطلق سواء صامها أو أفطر فيها. قوله: (تأويلان) الأول لابن
الكاتب والثاني لابن القصار وهو الأصح. قوله: (ولا يدخل في كلامه) أي في قوله: وأيام التشريق
وقوله أو يفطرهن. قوله: (باتفاقهما) أي التأويلين. قوله: (إنه يطلب بفطر الثاني والثالث)
أي على التأويل الثاني. قوله: (بل يطلب منه الامساك فيهما) أي باتفاق التأويلين لكن على جهة
الوجوب على الأول وعلى جهة الندب على الثاني. وقوله هل يبني أي وهذا هو التأويل الثاني
في كلام المصنف. وقوله أو ينقطع تتابعه أي وهو التأويل الأول. قوله: (إذا أفطر فيها) أي في الأيام
الثلاثة. قوله: (يقضي ما لا يصح صومه وهو يوم العيد خاصة) فيه نظر فإن صاحب التأويل
الأول وهو ابن الكاتب صرح بأنه يصومها ويقضيها كلها، ففي المواق عن ابن يونس أن ابن
الكاتب قال: لا يجزيه إلا أن يصومها كلها ويقضيها ويبني اه‍ بن. قوله: (وجهل رمضان) أي وجهل
كون رمضان يأتي في زمن صومه كجهل كون العيد يأتي في زمن صومه في عدم قطع التتابع.
452

قوله: (كما إذا ظن إلخ) أي كمن صام شعبان لظهاره ظانا أنه رجب وأن رمضان شعبان فتبين له أنه ابتدأ
صومه في شعبان وأن الذي بعده رمضان فصامه لفرضه وأكمل ظهاره بشوال. قوله: (ويبني بعد العيد
متصلا) أي ويجري في يوم العيد ما تقدم من التأويلين كما في البدر. قوله: (على الأرجح عند ابن يونس)
مقابله أن جهل رمضان ليس كالعيد فلا يجزيه لأنه تفريق كثير، ومفهوم قول المصنف جهل رمضان
أن علمه به لا يجزيه عن واحد سواء صامه على ظهاره أو شرك فيه فرضه وظهاره. قوله: (وبفصل
القضاء إلخ) حاصله أنه إذا أكل ناسيا أو أفطر لمرض أو حيض أو أكره على الفطر أو ظن غروب
الشمس فالواجب عليه قضاء ما أفطر ففيه ووصل القضاء بصيامه، فإن ترك وصل القضاء بصيامه
عامدا أو جاهلا انقطع التتابع واستأنف الصوم من أوله اتفاقا، وكذا إن ترك وصله ناسيا أن عليه قضاء
على المشهور من المذهب لتفريطه، وقال ابن عبد الحكم: يعذر في تفريقه القضاء بالنسيان وإنما لم يعذر
بالنسيان على القول المعتمد وعذر بالأكل ونحوه نسيانا مع أن الذي أفطر ناسيا قد أتى في خلال الصوم
بيوم لا صوم فيه، كما أن من فرق بين صومه والقضاء قد فصل بين الصومين بيوم لا صوم فيه لان
فصل النسيان يبيت فيه الصوم بخلاف فصل القضاء أنه لم يبيته فيه كذا في أبي الحسن عن أبي عمران،
ثم إن قوله وبفصل القضاء أي بما يجوز أداء الصوم فيه وأفطره، وأما إذا فصله بما لا يجوز الأداء فيه
وأفطره عمدا فإنه لا ينقطع التتابع كيوم العيد. قوله: (وشهر أيضا إلخ) المشهر له ابن رشد لا ابن
الحاجب خلافا لعبق ومقابل ذلك المشهور لابن عبد الحكم. قوله: (نسيانا) أي ناسيا أن عليه قضاء
لتفريطه. قوله: (وليس مقابلا لقوله آنفا وفيها إلخ) أي لان ابن راشد حكى الاتفاق على ما في المدونة
من أن الفطر في أثناء الكفارة نسيانا لا يقطع التتابع وابن الحاجب شهره، وحينئذ فمقابله قول شاذ
لا مشهور. قوله: (بغير نسيان) أي عمدا أو جهلا قوله: (لا بالتشهير) لئلا يقتضي أن فصل القضاء بغير
نسيان بأن كان عمدا أو جهلا فيه خلاف وليس كذلك إذ هو يقطع التتابع اتفاقا، والخلاف إنما هو في
النسيان، ووجه اقتضائه ذلك أن المعنى شهر قطع التتابع بفصل القضاء ناسيا كما شهر أن فصل القضاء
عمدا يقطعه. قوله: (نسيهما) أي أفطر فيهما نسيانا. قوله: (صامهما وقضى شهرين) اعلم أن صوم اليومين وقضاء الشهرين حيث علم اجتماع اليومين متفرع على كل من القولين من أن الفطر نسيانا لا يقطع التتابع أو
أنه يقطعه كما أشار له ابن الحاجب وهو قول شاذ، أما تفرعه على القول بأن الفطر نسيانا لا يقطع التابع
فقد بينه الشارح، وأما تفرع ذلك على القول الشاذ فوجهه أنه حيث علم اجتماعهما لم تبطل إلا كفارة واحدة
على كل احتمال، لأنهما إن كانا من الأولى من أولها أو من وسطها أو من آخرها أو كان الأول من اليومين
آخر الأول والثاني أول الثانية بطلت الأولى وحدها، وإن كانا من الثانية في أثنائها بطلت وحدها
لقطع التتابع بالفطر نسيانا، وإن كانا أول الثانية أو كانا آخرها لم يبطل إلا هما ويطالب بقضائهما متصلا.
قوله: (لاحتمال كونهما من الثانية) أي مجتمعين أو مفترقين من أولها أو من وسطها أو من آخرها.
قوله: (لاحتمال كونهما من الأولى) أي من أولها أو من وسطها أو من آخرها. قوله: (وإن لم يدر اجتماعهما)
أي انه شك هل هما مجتمعان أو مفترقان؟ وهل هما من الكفارة الأولى أو من الثانية أو أحدهما
453

من الأولى والآخر من الثانية؟ قوله: (وهو ضعيف) أي القول بقضاء الأربعة ضعيف. وقوله كالمفرع
عليه أي وهو القول بأن الفطر نسيانا يقطع التتابع. قوله: (على أنه لا وجه لصيامهما) أي اليومين مع
قضاء الأربعة قال شيخنا العدوي: قد يقال بل له وجه وذلك لأنه إذا لم يعلم اجتماعهما فيحتمل أنهما
من الأولى من أولها أو من وسطها أو من آخرها مجتمعين أو مفترقين فتبطل وحدها، ويحتمل أنهما
من أثناء الثانية فتبطل وحدها سواء كانا مجتمعين أو مفترقين، ويحتمل أن أحدهما من الأولى والثاني
أول الثانية فتبطل الأولى فقط، ويحتمل أن يكون أحدهما من الأولى والثاني من أثناء الثانية فيبطلان
معا فتقضى الأربعة، ويحتمل أن يكونا مجتمعين وأنها أول الثانية فلم يبطل إلا هذان اليومان فلذا
صامهما وقضى الأربعة أشهر. والحاصل أن صومه اليومين لاحتمال أن اليومين اللذين أفطر فيهما
أول الثانية، وقضى الأربعة لاحتمال أن أحدهما من الأولى والثاني من أثناء الثانية تأمل. قوله: (صفة
لمسكين) هذا وإن كان صحيحا بالتأويل المذكور لكن جعله حالا من ستين لتخصيصه بالتمييز أحسن.
قوله: (لأنه بمعنى إلخ) أي فلا يقال إنه يلزم عليه نعت المفرد بالجمع وهو لا يصح. قوله: (لكل مد وثلثان)
أي فمجموعها مائة مد بمده عليه الصلاة والسلام وذلك خمسة وعشرون صاعا لان الصاع أربعة أمداد.
قوله: (إن اقتاتوه) أي أهل بلد المكفر. قوله: (أو مخرجا) أي أو اقتاتوا شيئا مما يخرج في زكاة الفطر
وعطفه على التمر من عطف العام على الخاص، وقد أجازه بعضهم كعكسه بأو وبعضهم منعه وعليه فيقال
هنا: أو مخرجا في الفطر أي من غير التمر. قوله: (فعدله) أي فالواجب اخراج المعادل لما ذكر من الامداد
من ذلك المقتات، والمعتبر المعادلة في الشبع لا في الكيل كما قال الشارح. قوله: (من مد حنطة) المراد المد
الهشامي وهو مد وثلثان بمد النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (عن مد هشام) أي ابن إسماعيل بن هشام
ابن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي كان عاملا على المدينة لعبد الملك بن مروان هذا هو الصواب كما في بن.
قوله: (ولا أحب إلخ) نص المدونة قال مالك: لا أحب الغداء والعشاء في الظهار ولا ينبغي ذلك في
فدية الأذى، وقد حمله أبو الحسن على الكراهة مستدلا بقول ابن المواز أنه يجزئ ذلك فيهما، وحمله
ابن ناجي على التحريم مستدلا بقول المدونة: إني لا أظنه يبلغ مدا، وبقولها ويجزئ ذلك فيما سواها
من الكفارات فمفهومه عدم الاجزاء في الظهار والفدية اه‍ بن. قوله: (فإنه لا يجزئ فيها الغداء
والعشاء) أي عوضا عن المدين وذلك لان من أنواع فدية الأذى ستة مساكين لكل مسكين
مدان بمده عليه الصلاة والسلام. قوله: (لأني لا أظنه) أي ما ذكر من الغداء والعشاء يبلغ مدا
بالهشامي بل المد الهشامي يزيد عنهما عادة. قوله: (حينئذ) أي حين العود قوله: (فغلب على ظنه عدم قدرته
عليه) أي في المستقبل أي وأولى إذا جزم بعدم قدرته عليه في الحال. قوله: (فأولى إن ظن
عدم القدرة) أي أو جزم بعدمها. قوله: (فهو عطف على لا ينتقل) أي على كل الاحتمالين في التقدير،
ولا يصح عطف قوله: أو إن شك على قوله: إن أيس لفساد المعنى لان المعنى أو لا ينتقل إلا أن شك فيفيد
أن الآيس لا ينتقل على هذا القول وليس كذلك. قوله: (في الشك) أي في الشك في القدرة على الصوم
في المستقبل وعدم القدرة عليه، وإذا جزم بالقدرة أو ظنها فلا ينتقل للاطعام قولا واحدا، وإن جزم
بعدمها أو ظن عدمه انتقل له قولا واحدا، والخلاف في حالة الشك فلا ينتقل على الأول وينتقل
454

على الثاني. قوله: (وتؤولت أيضا على أن الأول إلخ) هذا التأويل بالوفاق لابن شبلون، والذي قبله بالخلاف
لبعض القرويين، وعكس تت هذا العزو وتبعه خش، والصواب ما ذكرنا إذ هو الذي في التوضيح
وابن عرفة اه‍ بن. قوله: (والمعتمد أن بينهما خلافا) أي فالأول يقول لا يكفي الانتقال مع الشك سواء
دخل في الكفارة بالصوم أو لم يدخل فيها والثاني يقول بالكفاية مطلقا. قوله: (والمعول عليه القول
الأول) أي وعليه فلا يجزيه الاطعام يجب عليه أن يؤخر الصوم حتى يقدر عليه. قوله: (إن بين أنها
كفارة) أي ولا يشترط في البيان أن يعين نوع الكفارة من ظهار أو يمين بل يكفي أن يقول: هذا من
كفارتي. قوله: (وهل إن بقي بأيديهم) أي وهل يشترط في التكميل للستين أن يكون ما أخذوه أو لا باقيا
بأيديهم لوقت التكميل أو لا يشترط؟ قوله: (مع عجزه عن الصيام) أي في الحال وفي الاستقبال، وإنما
قلنا ذلك لأجل صحة جعل اللام بمعنى على، أما لو كان عاجزا عن الصوم في الحال ويرجو القدرة عليه
في المسقبل فاللام للتخيير، والمعنى أنه إن أذن له في الاطعام والحال أنه عاجز عن الصوم في الحال
ويرجو القدرة عليه في المستقبل فله الاطعام وله تركه حتى يتمكن من الصوم في المستقبل، إما بفراغ
عمل سيده أو بتأدية خراجه أو يأذن له سيده فيه فلا يتعين في حقه واحد منهما، وإن كان الأولى له
الصبر كذا قيل، وهذا بناء على مذهب غير ابن القاسم، وأما على مذهبه إذا عجز عن الصوم في الحال
وترجاه في الاستقبال فلا يجزيه الاطعام، ويجب عليه أن يؤخر الكفارة حتى يتمكن من الصوم وهذا
هو المعتمد. قوله: (وأما مع قدرته عليه) أي في الحال أو في المستقبل بأن عجز عنه حالا ورجا القدرة
عليه في المستقبل فلا يجزيه الاطعام ويؤخر الصوم لقدرته عليه وجوبا هذا مذهب ابن القاسم،
وقال غيره: إذا رجا القدرة عليه في المستقبل له أن يكفر بالاطعام وله أن يصبر للقدرة على الصوم
وهو الأولى له. قوله: (وفيها أحب إلى إلخ) نص المدونة قال مالك: وإذا ظاهر العبد من امرأته
فليس عليه إلا الصوم ولا يطعم وإن أذن له سيده في الاطعام والصوم أحب إلي وظاهره كان
قادرا على الصوم أو عاجزا عنه قال ابن القاسم: ما أدري ما هذا بل الصوم هو الواجب عليه ولا يطعم
من قدر على الصوم، قال ابن عبد السلام: ظاهر قول ابن القاسم بل الصوم هو الواجب حمل
قول الإمام والصوم أحب إلي على الوهم لقوله: ما أدري ما هذا قوله: (أن يصوم) أي العبد. قوله: (وهم)
هو بالفتح الغلط اللساني، وأما بالسكون فهو الغلط القلبي وكل منهما يصح إرادته أي أنه أراد أن
يقول والصوم واجب فالتوى لسانه وقال: أحب إلي أو أنه سبق قلبه أي الامام لليمين فأجاب
بقوله: والصوم أحب إلي بسبب اعتقاده أن السائل سأله عن كفارة اليمين، وقوله: وهل هو وهم أي
كما قال ابن القاسم. قوله: (وإن أذن له سيده في الاطعام) أي وكان قادرا عليه. قوله: (أو أحب معناه إلخ)
هذا التأويل للقاضي إسماعيل البغدادي. قوله: (أحب من إذنه له في الاطعام) أي لعدم
تقرر ملك العبد حقيقة لأنه لا يملك أو يشك في ملكه أو أن ملكه ظاهري. قوله: (بأن
أضر به) أي بأن أضر الصوم به في خدمته وخراجه، ففي هذه الحالة إذنه له في الصوم وعدم
منعه منه أحب من إذنه له في الاطعام ومنعه من الصوم، وأما لو كان الصوم لا يضر به
455

أصلا فيجب على السيد عدم المنع من الصوم، فإن منعه منه كان للحاكم أن يمنعه. قوله: (أو أحب لمنع
السيد إلخ) هذا تأويل القاضي عياض أي إن أحب راجع للعبد عند منع السيد له من الصوم، وحاصله
أن الصوم إذا أضر بالعبد فيندب للعبد إذا أذن له السيد في الاطعام ومنعه من الصوم أن يصبر لعله
أن يأذن له السيد في الصوم بعد ذلك فإن كفر بالاطعام حالا أجزأه. قوله: (أو أحب محمولة على العبد
العاجز إلخ) هذا التأويل للأبهري وحاصله أن الأحبية على بابها وهي محمولة على العبد العاجز عن
الصوم الآن لكمرض يرجو القدرة عليه في المستقبل، فإذا أذن له سيده في الاطعام فالأحب أن
يصبر للقدرة على الصوم ويكفر به، واعترض هذا ابن محرز بأنه إن كان مستطيعا للصوم في المستقبل
لزمه التأخير وإلا لزمه التكفير بالاطعام حالا ابن بشير وقد بنى ابن محرز اعتراضه على قول ابن القاسم
أن القادر على الصوم في المستقبل يلزمه التأخير، أما على قول غيره لا يلزمه فيصح الاعتذار بذلك.
قوله: (وفي قلبي منه شئ) هذا من كلام سحنون وذكر هذه المسألة في المدونة، وفي ابن الحاجب أثر التي قبلها
يدل على صحة كل من التأويل الثالث والرابع والخامس، أي يدل على أن كل واحد منها صحيح في
نفسه، فالتأويل الثالث حاصله أن الصوم إذا أضر به في عمله فالأولى للسيد أن يسامحه من العمل
ويأذن له في الصوم ولا يمنعه منه وإذنه له فيه أحب من إذنه له في الاطعام وذلك لان في إطعام العبد ثقلا
لعدم تقرر ملك العبد حقيقة لأنه لا يملك أو يملك ملكا ظاهريا، أو يشك في ملكه، وحاصل الرابع أن
الصوم إذا أضر بالعبد ومنعه السيد منه وأذن له بالاطعام فيندب للعبد أن يصبر لعله أن يأذن له في
الصوم ولا يكفر بالاطعام حالا وإن أجزأه لان في إطعام العبد ثقلا. وحاصل الخامس أن العبد إذا
عجز عن الصوم الآن ويرجو القدرة عليه في المستقبل فإذا أذن له السيد في الاطعام فالأحب له أن
يصبر للقدرة على الصوم ولا يكفر بالاطعام حالا وإن أجزأه لان في إطعام العبد ثقلا. قوله: (إن العبد
لا يملك) أي كما يقول الشافعي وقوله أو أن ملكه ظاهري أي كما يقول مالك، وقوله: أو يشك في ملكه
أي يتردد فيه بالنسبة لما في نفس الامر وذلك لان الحق عند الله واحد ولا ندري من المصيب في الواقع
فنحن نجزم ظاهرا بأنه يملك كما قال مالك أو بأنه لا يملك كما يقول الشافعي، ونشك هل ما في نفس الامر
هذا أو هذا، فقوله أو يشك فيه بمنزلة قوله للخلاف المؤدي للشك بالنظر لما في نفس الامر ولو اقتصر
عليه كان أحسن. قوله: (ولا يجزئ تشريك كفارتين في مسكين) أي في حظ كل مسكين بأن يجعل
حظ كل مسكين من المائة والعشرين مأخوذا عن كفارتين وحظ كل واحد مد بمد هشام، وأما إعطاء
ستين مسكينا كل واحد مدين بمد هشام عن كفارتين فهذا يجزئ قطعا، فتصوير المصنف بهذا كما في
تت وبهرام غير حسن. قوله: (بأن يطعم مائة وعشرين مسكينا) أي كل واحد مد ويقصد أن كل مد نصفه
من إحدى الكفارتين ونصفه الثاني من الكفارة الأخرى. قوله: (بأن يدفع لكل واحد نصف مد)
لان ما أخذه كل واحد من المد لا يجتزي به فإذا دفع له نصف مد كان مكملا لكفارة وكل ستين كفارة،
والذي في عبارة غيره إلا أن يعرف المساكين فيكمل للستين بأن يعطي لكل واحد منهم مد وينتزع من
الباقي بالقرعة، فالمد الذي يعطى لكل واحد نصفه تمام مد كفارة والنصف الثاني تمام مد من الكفارة
الثانية. قوله: (ولا يجزئ تركيب صنفين) الأولى تركيب كفارة من صنفين، وأما تركيبها من فردي صنف
فلا ضرر فيه كأن يعشي ويغدي ثلاثين ويعطي ثلاثين أخر ثلاثين مدا بناء على ما مر عن أبي الحسن من
أجزاء الغداء والعشاء، أو يعطي ثلاثين رجلا ثلاثين مدا من البر ويعطي ثلاثين رجلا ثلاثين مدا من
شعير. قوله: (ولو نوى لكل عددا) هذا كلام مستأنف مشتمل على صورتين خاصتين بالاطعام،
456

وحاصل الأولى أنه لو ترتبت عليه كفارتان فأطعم ثمانين مسكينا ونوى لكل واحدة أربعين أو
لواحدة خمسين وللأخرى ثلاثين وعين صاحبة كل عدد فإنه يصح ويبني على ما نوى لكل واحدة من
المساكين ويكمل لها ما بقي لها، فيكمل لصاحبة الأربعين بعشرين ولصاحبة الثلاثين بثلاثين، ولصاحبة
الخمسين بعشرة، ولا يضر شروعه في الأخرى قبل كمال ما قبلها لان الاطعام لا يشترط فيه المتابعة.
قوله: (من المخرج) أي الامداد المخرجة. قوله: (دون الواجب) أي أقل من العدد الواجب.
قوله: (أو أخرج الجملة عن الجميع) هذا إشارة للصورة الثانية وحاصلها أنه لو أخرج ثمانين مدا عن كفارتين
ونوى أن الجملة كفارة عن المرأتين من غير تشريك في كل مسكين فإنه يجزيه ما أخرجه ويكمل بأربعين،
وإن أخرج تسعين كمل بثلاثين وهكذا. قوله: (وسقط حظ من ماتت) أي سقط حظها في الاعتبار
والوجوب. قوله: (فلو نوى لكل من ثلاثة خمسين إلخ) أي أنه إذا كان عنده نسوة أربع ظاهر من كل
واحدة ولزمه عن كل واحدة كفارة فكفر عن ثلاثة كل واحدة بإطعام خمسين، وعن واحدة بإطعام
ثلاثين فماتت الأخيرة التي كفر عنها بثلاثين أو طلقها طلاقا بائنا، فالطلاق البائن مثل الموت سقط
حظها في الاعتبار وفي الوجوب فلا ينقل ما كفر به عنها لغيرها من الاحياء، ولا يجب عليه أن يكمل
لها ويكمل لغيرها من الثلاث كل واحدة بعشرة، وكل هذا ما لم يكن قد وطئ الميتة قبل موتها أو التي
طلقها طلاقا بائنا وإلا لم يسقط حظها في الوجوب بل يكمل لها حظها لقوله فيما مر: وسقطت إن لم يطأ
بطلاقها أو موتها فإن مفهومه أنه إن وطئ لا تسقط بطلاقها ولا بموتها. قوله: (إن ماتت واحدة منهن
أو طلقت قبل اخراج الرابعة) لا يقال: هذا يعارضه قوله سابقا وسقطت إن لم يطأ بطلاقها أو موتها
لان ما هنا فيه احتمال أن يكون بعض الكفارات التي أخرجها عمن طلقت أو ماتت والحية التي يريد
وطأها لم يكفر عنها لان التشريك في العتق لا يصح.
باب ذكر فيه اللعان
أي من حيث أركانه وشروطه لا من حيث حده وتعريفه لأنه لم يتعرض لذلك. قوله: (إما لنفي نسب)
أي لنفي حمل أو ولد. قوله: (ينبغي تركه) أي بترك سببه وهو التصريح بقذفها فإن وقع منه سبب اللعان
كدعواه رؤية الزنا وارتكب خلاف الأولى وكان غير كاذب فيما رماها به وجب اللعان حينئذ لوجوب
دفع معرة القذف وحده كما ذكره ابن العربي في سراج الملوك. قوله: (حرا أو عبدا) أي دخل بالزوجة
أو لا، ودخل في كلامه العنين والهرم والمجبوب والخصي بقسميه وهو كذلك في الجميع إذا كان اللعان
في رؤية الزنا، وأما في نفي الحمل فلا لعان في المجبوب كما في الجلاب لان الولد ينتفي عنه بلا لعان ويأتي
في كلام المصنف ذلك، وأما الخصي ففي المدونة إحالته على أهل المعرفة فإن قالوا مثل هذا يولد له لاعن
وإلا فلا يلاعن وينتفي عنه الولد بلا لعان. قوله: (فالحصر بالنسبة إليه) استشكل ذلك الحصر بما وقع
لأبي عمران أن اللعان يكون في شبهة النكاح لأجل نفي الحمل أو الولد والحال أنه لم تثبت الزوجية إلا
أن يقال: لما كان الولد لاحقا به ودرئ الحد عنه كان في حكم الزوج، فقول المصنف إنما يلاعن
زوج أي حقيقة أو حكما. قوله: (وأغناه عن الشرط التكليف قوله فيما يأتي أو هو صبي) فيه أن
قوله أو هو صبي إنما يفيد اشتراط التكليف في اللعان لنفي الحمل والولد ولا يفيد اشتراطه في لعان
الرؤية مع أنه لا بد فيه من التكليف أيضا لأنه لا يحلف إلا المكلف. قوله: (وإن فسد نكاحه) أي هذا
457

إذا كان النكاح صحيحا بل وإن كان فاسدا أي هذا إذا كان ذلك الفاسد مختلفا فيه بل ولو كان مجمعا على
فساده، كما إذا عقد على أخته غير عالم بأنها أخته وادعى نفي حملها منه فلا بد من لعانهما إذا رفعت أمرها
للقاضي وحكم به. قوله: (أو فسقا إلخ) أي هذا إذا كانوا صلحاء أحرارا بل ولو كانوا أرقاء أو فسقاء
كالمحدودين خلافا لأبي حنيفة حيث قال: إن الفسقاء والأرقاء لا لعان بينهما واحتج بقوله تعالى: * (ولم
يكن لهم شهداء إلا أنفسهم) * فجعلهم شهداء لان المستثنى من جنس المستثنى منه والشاهد لا يكون فاسقا
ولا رقيقا. وأجيب بأن إلا ليست استثنائية حتى يكون ما بعدها من جنس ما قبلها بل هي اسم بمعنى
غير صفة لشهداء، والمعنى ولم يكن لهم شهداء فيه غير قولهم. قوله: (راضين بحكمنا) أي وهو ثبوت
اللعان فإن نكلت رجمت عند عيسى وهو ضعيف، وإنما قال بالرجم لوجود الاحصان لصحة نكاحهم
عنده، وقال البغداديون: يلزمها الجلد لفساد أنكحتهم، وأما إن نكل حد حد القذف اتفاقا. قوله: (لاعن
الكتابية) أي وجوبا لنفي الحمل أو الولد وجوازا للرؤية، فإن نكل أدب وإن نكلت هي لم تحد بل
تؤدب، وهذا مخصص لقول المصنف الآتي وإيجابه على المرأة إذا نكلت لأنها أيمان كافر وهي قائمة
مقام الشهادة ولا شهادة لكافر. قوله: (ولما كانت أسباب اللعان ثلاثة) أشار لأولها بقوله: إن
قذفها بزنا، ولثانيها بقوله: وبنفي حمل، ولثالثها بقوله: وفي حده بمجرد القذف إلخ. قوله: (أو رفعته)
أي للقاضي وهذا من جملة شروط اللعان. وقوله: لأنه أي لان قذفه لها من حقها. قوله: (وإلا فلا لعان)
أي وإلا بأن كان تعريضا لا تصريحا أو كان تصريحا ولم ترفعه فلا لعان أي ويؤدب فيما إذا كان
القذف تعريضا على الراجح، فإن تلاعن الزوجان من غير رفع للقاضي وحكمه به لم يكن لعانا شرعيا
كما في ابن عرفة. قوله: (وسواء كان حصول الزنا) أي الذي قذفها به. قوله: (كذا قيل) قائله
السخاوي في شرح الشامل. قوله: (كما في النقل) أي وعليه فيجعل قوله في زمن نكاحها راجعا لكل
من قوله إن قذفها ولقوله بزنا أي إن قذفها في زمن نكاحه بزنا واقع فيه. قوله: (ووصف الزنا بقوله
تيقنه إلخ) أي فالمعنى إن قذفها بزنا متيقن لأعمى ومرئي لغيره. قوله: (ورآه غيره) أي رأى الفعل
الدال عليه لان الزنا معنى من المعاني وهو إدخال الذكر في الفرج والذي يرى فرجه داخلا في
فرجها كالمرود في المكحلة ولا يشترط عند دعوى الرؤية أن يصف كالشهود بل يكفي اعتماده
على تعيينه بالرؤية وإن لم يصفها كالبينة كذا في خش، وقيل: لا يلاعن إلا إذا وصف الرؤية بأن
يقول: كالمرود في المكحلة، وقد ذكر ابن عرفة الطريقتين وصدر بالاشتراط وعبر عنه الآبي في شرح
مسلم بالمشهور، ثم إن المراد بالرؤية في كلام المصنف الحقيقية كما هو ظاهر المدونة وغيرها لا العلم إذ
العلم بدون رؤية سيذكر المصنف ما فيه من الخلاف في قوله الآتي، وفي حذه بمجرد القذف أو لعانه
خلاف. قوله: (من أن تحقق البصير) أي ولو بغير رؤية كالجس والحس وإخبار الغير.
قوله: (لا يعول عليه) أي ونسبة خش وعبق هذا القول للمدونة لا تسلم انظر بن. قوله: (وانتفى إلخ)
أي أنه إذا لاعنها بسبب الرؤية أو ما في معناها من العلم بالزنا فأتت بولد كامل لستة أشهر
فأكثر من يوم الرؤية، فإن ذلك الولد ينتفي عنه بذلك اللعان وتعد غير بريئة الرحم يوم اللعان
بل رحمها مشغول بالزنا، وأما إن أتت بولد لأقل من ستة أشهر لحق به ولا ينتفي عنه إلا
بلعان ثان لان لعانه إنما كان لرؤية الزنا لا لنفي الولد ورحمها يوم اللعان كان مشغولا
من الزوج، ومحل انتفاء ما ولدته بعد اللعان لستة أشهر من يوم الرؤية إذا لم تكن
ظاهرة الحمل وقت الرؤية وإلا كان لاحقا به مثل ما ولدته لدون الستة أشهر وما في حكمها.
قوله: (أي بلعان التيقن برؤية) هذا بالنسبة للبصير. وقوله أو غيرها أي بالنسبة للأعمى على ما مر.
458

قوله: (أو أنقص منها بخمسة أيام) إنما اعتبر حكم الستة وما نقص عنها بأربعة أيام أو خمسة لأنه لا يتوالى
أربعة أشهر على النقض فيمكن أن يتوالى ثلاثة ناقصة والشهران الباقيان بعد الرابع ناقصان. قوله: (فإن
ادعاه) أي فإن ادعى حين دعواه الرؤية أنه كان استبرأها قبل الرؤية لم يلحق به ذلك الولد الذي
ولدته لأقل من ستة أشهر من يوم الرؤية. وقوله: وينتفي بذلك اللعان إلخ هذا قول أشهب، وقال عبد الملك
وأصبغ: إنما ينفيه بلعان ثان، قال في المقدمات: وفي المدونة ما يدل للقولين اه‍ بن. قوله: (وبنفي حمل)
عطف على بزنا أي إن قذفها بزنا أو قذفها بنفي حمل أي رماها بذلك بأن قال لها: ما هذا الحمل الذي
في بطنك مني إذا القذف والرمي بمعنى واحد كما في القاموس. قوله: (من غير تأخير) أي فإذا رماها بذلك
فيلاعن من غير تأخير للوضع، فلو تأخر اللعان لذلك فإنه لا يصح كما يأتي يقول بلعان معجل أي من غير
تأخير للوضع. قوله: (لشمل نفي الولد أيضا) أي سواء كان كبيرا أو صغيرا لكن محل اللعان إذا رفعت
أمرها للحاكم بمجرد أن نفي الولد أو الحمل غمه من غير تأخير. قوله: (وإن مات) مبالغة في محذوف أي
فإن نفي الحمل فلا بد من لعان وإن مات الولد، ويصح جعله مبالغة في قوله وبنفي حمل أي وإن مات
الولد الذي نفاه عنه أي هذا إذا كان حيا بل وإن كان ذلك الولد الذي نفاه عنه قد مات قبل نفيه.
قوله: (ولم يعلم به الزوج لغيبته) أي فلما قدم منها نفاه. قوله: (ويكفي لعان واحد) أي لما نفاه من الحمل.
قوله: (إن اتحد) أي الوضع. قوله: (لم يبرأ منهم ومن الحد إلا بلعان) أي انهم يلحقون به ويحد إلا إذا لاعن
فيهم لعانا واحدا وهذا مقيد بما إذا كان يمكن إتيانه لها سرا وإلا انتفى عنه الأولاد بغير لعان. قوله: (أو
تعدد التوأم) صوابه أو حصل التوأم إذ التعدد لازم للتوأمية. قوله: (وما قبله يغني عنه) أي لأنه إذا
كفى لعان في الوضع المتعدد بتعدد الحمل فبالأولى كفايته إذا تعدد الوضع مع اتحاد الحمل. قوله: (وينتفي
عنه الحمل إلخ) أشار بذلك إلى أن قول المصنف بلعان معجل متعلق بمحذوف لا بقول المصنف بنفي
حمل لان المعنى عليه إنما يلاعن زوج لنفي حمل بلعان معجل فيقتضي أنهما لعانان أحدهما مسبب عن
الآخر وهذا فاسد. قوله: (كالزنا والولد) أي كما يكتفي بلعان واحد إذا رماها بالزنا ونفي الولد معا
كذا قرر الشارح تبعا لبعضهم، وقرر بعضهم أن قوله والولد عطف على حمل والمعنى إنما يلاعن زوج
إن قذفها بزنا أو بنفي الحمل أو بنفي الولد، وأما قوله كالزنا فهو تشبيه في الاكتفاء بلعان واحد.
قوله: (أشهد بالله إلخ) أي أو يقول: أشهد بالله ما هذا الولد مني وزنت قبل الولادة أو بعدها. قوله: (إن لم يطأها إلخ)
أشار بهذا إلى أن محل كون الرجل يلاعن لنفي الولد أو الحمل إذا اعتمد في لعانه على واحد من
هذه الأمور الأربعة، فإن لاعن لنفيه من غير اعتماد على واحد منها كان اللعان باطلا ولم ينتف نسب
ذلك الملاعن فيه، وأما إذا كان اللعان لرؤية الزنا فلا يعتمد على شئ غير تيقنه للزنا إن كان أعمى ورؤيته
له إن كان بصيرا، ثم إن قوله إن لم يطأها بعد وضع الولد قبل هذا المنفى صادق بما إذا لم تضع قبله أصلا
والحال أنه لم يطأها وبما إذا وضعت قبله ولكن لم يطأها بين الوضعين، والحال أن بين الوضعين مدة
تقطع الثاني عن الأول فيثبت اللعان في هاتين الحالتين، فلو كان بين الوضعين مدة لا تقطع الثاني عن الأول
والحال أنه لم يطأ بعد وضع الأول فلا يسوغ اللعان، كما أنه لو وطئها بعد وضع الأول وكان بين الوضعين
459

ما يقطع الثاني عن الأول فلا لعان فالأحوال أربعة. قوله: (فإنه حينئذ) أي فإنه حين انتفاء وطئه بعد
وضع الولد الأول يلاعن. قوله: (وما في حكمها) أي بأن كان بينهما ستة أشهر إلا ستة أيام أو إلا سبعة أيام
أو عشرة. قوله: (لكان الثاني من تتمة الأول) أي وحينئذ فلا يسوغ له نفيه باللعان. قوله: (ثم حملت
حملا آخر) أي والموضوع بحاله وهو أن بين الوضعين ما يقطع الثاني عن الأول. قوله: (فإنه يعتمد في ذلك
على نفيه) العبارة مقلوبة وحقها فإنه يعتمد على ذلك في نفيه ووقع له نظير ذلك بعد أيضا. قوله: (ولا من بقية
الأول إلخ) أي وحينئذ فيحتمل أن يكون من زنا أو غصب أو اشتباه حصل بعد الولادة وقبل
وطئ الزوج. قوله: (أو لكثرة) أي أو وطئها بعد وضع الأول بشهر مثلا وأمسك عنها ثم أتت بولد بعد
مدة من الوطئ الأول لا يلحق فيها الولد بالزوج لكثرة كخمس سنين أي لأنه لا يكون هذا الولد
تكملة للحمل الأول لأنه قد فصل بينهما بأكثر من ستة أشهر، ولا من الوطئ الثاني لان أقصى أمد
الحمل خمس سنين وهذا قد أتت به بعد أكثر منها. قوله: (فإنه يعتمد في ذلك على نفيه) الأولى فإنه
يعتمد على ذلك في نفيه. قوله: (أو لم يطأها بعد استبراء) حاصله أنه إذا استبرأ زوجته المسترسل عليها
بحيضة وتركها فأتت بولد بعد ستة أشهر من الاستبراء فله أن يعتمد على ذلك الاستبراء في نفي الولد
عنه ويلاعن وإن لم يدع رؤية الزنا على المشهور كما قال عياض لان المقصود مجرد نفي الحمل فلا حاجة
للرؤية. قوله: (ولو تصادقا على نفيه قبل البناء أو بعده) حاصله أنها إذا ولدت ولدا قبل البناء أو بعده
وتصادقا على نفي ذلك الولد وعدم لحوقه بالزوج فإنه لا ينتفي لحوقه بالزوج إلا باعان منه، هذا هو
المشهور ومقابل لو فيما قبل البناء تخريج اللخمي وهو أنه إذا كان ذلك الولد الذي تصادقا على نفيه ولدته
قبل البناء فإنه ينتفي عن الزوج بلا لعان، بخلاف ما ولدته بعد البناء ومقابله فيما بعد البناء رواية الأقل في
المدونة وعكسه تت وهو تحريف انظر طفي اه‍ بن. قوله: (فإن لم يلاعن لحق به) أي فإن تصادقا على
نفيه ولم يلاعن لحق به. وقوله غير عفيفة أي لاعترافها بالزنا. وقوله على كل حال أي سواء لاعنها الزوج
أو لا لاقرارها على نفسها بالزنا ولو رجعت عن التصادق فورا كما قاله ابن الكاتب. قوله: (إلا أن تأتي به إلخ)
هذا مستثنى من قوله: ولو تصادقا إلخ أي فمحل لزوم لعانه إذا تصادقا إلا أن تأتي إلخ، أو أنه استثناء
من مقدر أي وينتفي الحمل والولد بلعان معجل لا بغيره إلا أن تأتي إلخ. قوله: (لاستحالة حملها منه
حينئذ) أي عادة لا عقلا كما في عبق ونص التوضيح، وقوله أو وهو صغير أو مجبوب أي فينتفي الولد
عنهما بغير لعان لعدم إمكان الحمل منهما في العادة وهو ظاهر اه‍ بن. قوله: (على الصحيح) هو ما في الشامل
وحاصله أنه متى وجدت البيضة اليسرى وأنزل فلا بد من اللعان مطلقا أي ولو كان مقطوع الذكر وإن
فقدت ولو كان قائم الذكر فلا لعان ولو أنزل وينتفي الولد لغيره، وللمصنف طريقة ذكرها في العدة وهي أن
مقطوع الذكر أو الأنثيين يرجع فيه للنساء، فإن قلن أنه يولد له لاعن وإلا فلا، لكن اعترض على المصنف
بأن الذي في المدونة أنه يرجع لأهل المعرفة لا لخصوص النساء، وطريقة القرافي أن المجبوب والخصي
إن لم ينزلا فلا لعان لعدم لحوق الولد بهما وإن أنزلا لاعنا وعبق قد اقتصر على ما للشامل. قوله: (أو ادعته)
460

أي الحمل مغربية على مشرقي أي أنها ادعت أن الحمل منه وأنه طرقها ليلا. قوله: (وأن فيه خلافا)
وأشار إلى أن فيه خلافا. قوله: (وفي حده بمجرد القذف) أي بالقذف المجرد من دعوى الرؤية ونفي
الولد والحمل وهذا قول أكثر الرواة ولذا قدمه المصنف. قوله: (من غير أن يقيد ذلك برؤية) أي برؤية
الزنا. قوله: (ولا حد عليه للقذف) أي لعموم قوله تعالى: * (والذين يرمون أزواجهم) * الآية أي يرمون
أزواجهم بالزنا ظاهره ادعى رؤيته أم لا ادعى نفي الحمل أو الولد أو لا. قوله: (والقولان في المدونة) أي
وقد اختلف في تشهيرهما فبعضهم شهر الأول وبعضهم شهر الثاني. قوله: (وإن لاعن إلخ) حاصله أنه إذا
لاعن زوجته لرؤية الزنا وقال: وطئتها قبل هذه الرؤية في يومها أو قبل يومها ولم استبرئها بعد ذلك ثم إنها
أتت بولد فهذا الولد إما أن لا يمكن أن يكون من زنا الرؤية بأن أتت به لأقل من ستة أشهر إلا خمسة أيام
من يوم الرؤية، وإما أن يمكن أن يكون من زنا الرؤية بأن أتت به لستة أشهر إلا خمسة أيام
فأكثر من يوم الرؤية، فإن كان الأول لحق به قطعا وإن كان الثاني فلمالك فيه ثلاثة أقوال وهو صورة
المصنف. قوله: (ولا ينتفي عنه أصلا) أي لا بلعان ولا بغيره بخلاف القول الذي بعده فإنه يقول ينتفي عنه
بلعان آخر، فهذا هو الفرق بين القول الأول والثاني كما قاله أبو الحسن وابن رشد وغيرهما. قوله: (فليس له
أن ينفيه) أي بلعان ثان بعد ذلك اللعان. قوله: (ما لم ينفه بلعان آخر) أي لان اللعان الأول إنما كان لنفي
الحد لا لنفي الولد فإذا أراد نفيه لاعن لنفيه. قوله: (ما لم تكن ظاهرة الحمل) أي ما لم يتحقق أن حملها كان
موجودا يوم الرؤية. قوله: (أقلية لها بال) أي بأن أتت به لستة أشهر إلا ستة أيام أو إلا سبعة أيام.
قوله: (ولا يعتمد فيه على عزل) يعني أنه إذا كان يطأ زوجته ويعزل عنها ثم ظهر بها حمل أو كان
يطؤها ولا يعزل إلا أنها ولدت ولدا لا يشبه أباه فليس للزوج أن يقول: ما هذا الحمل مني وينفيه
بلعان معتمدا في نفيه ولعانه على العزل لأن الماء قد يسبقه أو يخرج وهو لا يشعر به أو يقول:
ما هذا الولد مني وينفيه بلعان معتمدا في نفيه ولعانه على عدم المشابهة لان الشارع لم يعول عليها،
وحينئذ فالولد لاحق به في هذه المسائل ولا عبرة بلعانه إن لاعن ولا حد عليه لعذره اه‍ عدوي.
قوله: (ولا على وطئ إلخ) يعني أن الزوج إذا كان يطأ زوجته بين فخذيها أو في دبرها وينزل ثم إنه ظهر بها
حمل فليس له أن ينفيه ويلاعن فيه معتمدا في ذلك على الوطئ بين الفخذين أو الدبر لأن الماء قد يسبق
فيدخل الفرج فتحمل منه. قوله: (ولا على وطئ في الفرج بغير إنزال) يعني أنه إذا وطئ زوجته أو
أمته أو لاعبها وأنزل ثم وطئ زوجته الأخرى ولم ينزل فيها والحال أنه لم يحصل منه بول بين الانزال
والوطئ الثاني الذي لم ينزل فيه فحملت زوجته الثانية فليس له نفيه والملاعنة فيه معتمدا على عدم إنزاله في
تلك الزوجة الثانية لاحتمال بقاء شئ من مائه في قناة ذكره فيخرج مع الوطئ. قوله: (ولاعن في نفي الحمل)
461

أي بسبب نفي الحمل، ففي للسببية، وكذا يقال في قوله الآتي ولاعن في الرؤية. قوله: (إلا إن تجاوز إلخ)
أي فإذا طلقها ومضى بعد الطلاق أقصى أمد الحمل وأتت بولد فإنه لا يلاعن لنفيه لانتفائه عنه بغير
لعان. قوله: (أو ترك الوطئ) أي أو من يوم ترك الوطئ فإذا ترك وطئ زوجته ومضى أقصى أمد الحمل
من يوم الوطئ وأتت بولد فلا يلاعن لنفيه لانتفائه عنه بغير لعان كذا قال الشارح، والأولى اسقاط قوله:
ومن يوم ترك الوطئ لما مر في قوله أو لمدة لا يلحق فيها الولد بالزوج لقلة أو كثرة من أنه يلاعن، ولا يقال
إن قوله إلا أن يجاوز أقصى أمد الحمل من يوم الطلاق معارض لكلامه المتقدم المذكور لان هناك
زوجة وهنا ليست في العصمة تأمل. قوله: (في العدة) أي إن كانت دعوى الرؤية في العدة وكانت الرؤية
المدعاة في العدة أيضا لا قبلها. قوله: (وإن كانت إلخ) أي هذا إذا كانت العدة من طلاق رجعي بل وإن
كانت من طلاق بائن. قوله: (ولو انقضت العدة) مبالغة في قوله: ولاعن للرؤية إذا ادعاها في العدة
فحاصله أنه إذا ادعى في العدة أنه رآها في العدة أو قبلها تزني فإنه يلاعنها ولو بعد انقضاء العدة وإلا حد.
قوله: (لو رمى من في العصمة) أي بأن رآها وهي في عصمته تزني، وأما لو ادعى أنه رآها قبل التزوج بها
تزني فالحد كما مر. قوله: (أنه رأى فيها) أي أو رأى بعدها بالأولى. وقوله لم يلاعن أي ويحد. قوله: (الذي
نفاه بلعان) أي بأن لاعن لنفيه فقط أو لاعن لنفيه مع الرؤية، وأما إذا لاعن للرؤية فقط ثم استلحق ما
ولدته لستة أشهر من يوم الرؤية فلا حد عليه، وقال ابن المواز: يحد وهو ظاهر المدونة وعليه اقتصر المواق
انظر بن. قوله: (إلا أن تزني بعد اللعان) أي وقبل الاستلحاق ولا مفهوم للظرف بل وكذا قبله كما في
المدونة اه‍ بن. قوله: (وأما الأولى فلا لعان فيها) أي وحينئذ فالأولى جعل قوله: إلا أن تزني بعد اللعان
مستثنى من قوله: كاستلحاق الولد. قوله: (وتسمية الزاني) يعني أن لعانه لا يسقط الحد بالنسبة لغيرها
وعورض هذا بحديث البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هلال بن أمية قذف امرأته
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء فسمى الزاني بها، ولم ينقل أن هلالا حد من أجله،
فأجاب الداودي أن مالكا لم يبلغه هذا الحديث، وأجاب بعض المالكية بأن المقذوف لم يطلب حقه،
وذكر عياض أن بعض الأصحاب اعتذر عنه بأن شريكا كان يهوديا قاله ابن حجر اه‍ بن. قوله: (ولا
يخلصه من الحد له لعانه لها) وهذا إذا تقدم اللعان، أما لو حد لقذف فلان أو لا سقط عنه اللعان لان
من حد لقذف رجل دخل فيه كل حد ثبت موجبه قبله لمن قام ولمن لم يقم. قوله: (وأعلم من سماه وجوبا)
أي على المشهور خلافا لمن قال بندبه والوجوب متعلق بالحاكم إن علم وإلا تعلق بمن علم به من العدول.
قوله: (أو يعفو لإرادة الستر) أي فإن أقر أو اعترف فلا يحد الزوج وإلا حد. وقوله: ولو بلغ الامام أي لان
للمقذوف أن يعفو عن القاذف إذا أراد الستر ولو بلغ الامام على المشهور خلافا لمن قال: لا يجوز
للمقذوف العفو بعد بلوغ الامام. قوله: (لا إن كرر إلخ) أي أنه إذا ادعى أنه رآها تزني أو أن هذا الحمل
ليس منه ولاعنها لذلك ثم رماها بما رماها به أو لا من رؤية الزنا أو نفي الحمل فإنه لا يحد لها. قوله: (بأمر
آخر) أي كأن يقذفها أولا بأنه رآها تزني ولاعن لذلك ثم قذفها ثانيا بنفي النسب كأن قال لها: لست
بنتا لفلان فيحد. قوله: (أو بما هو أعم) كما إذا قال لها: رأيتك تزني مع فلان أو مع رجل ثم لاعنها ثم بعد
ذلك قال لها: أنت تزني مع كل الناس فيحد لذلك. قوله: (فاستلحقه أبوه) أي بعد موته، وأما لو استلحقه
وهو حي ثم مات ذلك الولد المستلحق فإن الأب يرثه من غير شرط. قوله: (للميت) تنازعه كل من
ورث والمستلحق وحينئذ فلا إشعار في المصنف بأن الاستلحاق قبل الموت أو
462

بعده فيحمل على ما إذا كان بعده كما قال الشارح، وتعبير المصنف بورث يفيد أن التفصيل إنما هو في
الميراث، وأما النسب فثابت باعترافه مطلقا وهذا هو الذي نقله ابن عرفة عن أبي إبراهيم الأعرج
وغيره من الفاسيين، ونقل قبله عن ابن حارث أن التفصيل في لحوق النسب وعدمه وأنه حكى عليه
الاتفاق، ونص ابن عرفة بعد كلام ابن حارث وما ذكره ابن حارث من الاتفاق على عدم لحوق
النسب إذا لم يترك ولدا مثله لابن المواز وابن القاسم وأصبغ انظر بن. قوله: (فمنازعته فيه مما لا معنى له)
أشار بهذا الرد اعتراض ابن غازي على المؤلف حيث قال: إن الولد الواقع في كلامهم مطلق صادق بالمسلم
والكافر والحر والعبد، فتقييد المصنف له بالحر المسلم خلاف النقل، ثم إن الشيخ سالما السنهوري أجاب
وقال: يمكن أن يكون إطلاق كلامهم بالنظر للحوق النسب، وأما الإرث فلا بد من التقييد كما فعل
المصنف فلا اعتراض، قال عج: وهذا جواب بعيد والأقرب أن يقال: كلامهم وإن كان ظاهره
الاطلاق، وليس هناك نص صريح بالتقييد إلا أن التقييد يؤخذ من قوة كلامهم إذ التقييد من
ضروريات القواعد الشرعية وذلك لأنه لو كان الولد عبدا أو كافرا بحيث لا يزاحم الأب في
الميراث تقوى التهمة فقيدوه بما ذكره المصنف لتقل التهمة اه‍ عدوي. قوله: (وإن وطئ إلخ) لما
تقدم أنه لا بد من تعجيل اللعان في نفي الحمل ولا يؤخر للوضع لقوله بلعان معجل تكلم على ما يمنع
اللعان في الرؤية ونفي الحمل. قوله: (امتنع لعانه) أي ولحق به الولد وبقيت زوجة مسلمة أو كتابية وحد
للمسلمة وليس من العذر تأخيره لاحتمال كونه ريحا فينفش خلافا لابن القصار. قوله: (لا التأخير)
أي بخلاف اللعان لنفي الحمل أو الوضع فإنه يمنع منه الوطئ بعد علمه بهما، وكذا التأخير بعد علمه بهما
بلا عذر، أي فقول المصنف بعد علمه بوضع أو حمل راجع لقوله: أو أخر ولو أتى بالكاف ليرجع الظرف
لما بعدها بأن يقول: كأن أخر لكان جاريا على قاعدته. قوله: (أربعا) الأولى تأخيره عن قوله: لرأيتها تزني
ليفيد أن التكرير أربعا للصيغة بتمامها لا لأشهد بالله فقط كما قد يوهمه، وقوله لرأيتها تزني إنما يقول
لرأيتها إذا كان بصيرا، وأما الأعمى فيقول: أشهد بالله لعلمتها أو لتيقنتها تزني. قوله: (ولا يزيد إلخ) أي
على الراجع خلافا لابن المواز القائل أنه يزيدها، وعلى الأول فيستثنى اللعان مما يأتي في الشهادات
من أن اليمين في كل حق بالله الذي لا إله إلا هو، ولا يشترط أيضا زيادة البصير في لعان الرؤية أن يقول
كالمرود في المكحلة خلافا لمن قال بزيادة ذلك ابن عرفة اللخمي. وفي لزوم زيادة: وإني لمن الصادقين،
وعدم لزوم زيادتها قولان للموازية ولها والصواب الأول لوروده في القرآن اه‍ نقله ح.
قال بن: والذي رأيته لابن يونس نسبة الأول للمدونة ونصه، وفي المدونة قال مالك: ويبدأ
الزوج باللعان يشهد أربع شهادات بالله يقول في الرؤية: أشهد بالله أني لمن الصادقين
لرأيتها تزني اه‍. ولعل المصنف لم يتعرض له لوضوح أمره بنص القرآن عليه. قوله: (من أنه يقول
لزنت) أي أشهد بالله لزنت. قوله: (وهو المشهور) انظر على هذا المشهور لو قال في لعان نفي الحمل ما هذا
الحمل مني هل يعيد الايمان أو يكتفي به بعد الوقوع؟ قوله: (إلا أن قول ابن المواز أوجه) ذلك لأنه لا
يلزم من كونها زنت كون الحمل من غيره لجواز أن يكون هذا الحمل منه وإن كان حصل منها زنا مع أن
المقصود كون الحمل من غيره ولا يلزم من كون الحمل من غيره زناها لأنه يحتمل أنه من وطئ شبهة أو
غصب، فكيف يقول: لزنت مع أن دعواه أن الحمل من غيره وقد وجه فيها فإنهم شددوا عليه بالحلف
على الزنا لا على نفي الحمل لاحتمال أن ينكل فيتقرر النسب والشارع متشوف له. قوله: (ووصل إلخ)
463

متعلق وصل محذوف أي وصل شهاداته الأربع. وقوله خامسته نصب بنزع الخافض. وقوله بلعنة
الله إلخ الباء للتصوير وبهذا وافق مذهب الرسالة ومختار الجلاب والمحققين من أنه لا يأتي بالشهادة
في الخامسة خلافا لأصبغ وعبد الحميد. قوله: (مصورة) أي حالة كونها مصورة. قوله: (أو يقول إن
كنت كذبتها) أو للتخيير وقوله: والأول أولى أي لأنه لفظ القرآن. قوله: (بما يدل على ذلك) أي على شهادته
باللعان، وكذا يقال فيما بعد أي ويكرر الإشارة أو الكتابة كاللفظ على الظاهر ولو لاعن الأخرس ثم
انطلق لسانه ولو بالقرب لم يعد عليه ولو انطلق لسانه بعد لعانه ولو بالقرب وقال لم أرده لم يقبل قوله
اه‍ عبق. قوله: (لرد أيمانه) أي التي حلفها على دعوى رؤية الزنا. قوله: (أو ما زنيت إلخ) ما هنا مطابق
لمذهب المدونة من أن الرجل يقول في اللعان لنفي الحمل: أشهد بالله لزنت وهو خلاف ما مشى عليه
المصنف سابقا من أنه يقول فيه: أشهد بالله ما هذا الحمل مني كما مر، والمطابق له أن تقول: أشهد بالله أن هذا
الحمل أو الولد منك، فالمصنف لفق بين القولين فمشى أولا على كلام ابن المواز، ومشى هنا على
كلام المدونة. قوله: (أو لقد كذب إلخ) قال ابن عرفة ابن الحاجب أو لقد كذب على ظاهره الاقتصار
على هذا اللفظ وفيه نظر لان قولها كذب على يصدق بكذبه عليها في غير ما رماها به من الزنا اه‍. ولعل
المصنف احترز عن هذا بقوله فيهما فهو متعلق بكذب لا بقول محذوف أي تقول ذلك فيهما.
قوله: (غضب الله) أي بغير لفظ أن كما في الجلاب. وقوله: غضب الله إلخ يصح قراءة غضب بصيغة الفعل
الماضي وبصيغة المصدر فعلى أنه فعل تكون أن الآتي بها قبل غضب على ما في المدونة مشددة
وأما على المصدرية فتكون مخففة. قوله: (بزيادة لفظ ان) أي على جهة الأولوية لا الشرطية كما قرره
شيخنا. واعلم أن الذي في المدونة زيادة أن في كل من خامسة الرجل وخامسة المرأة فيقول الرجل: أن
لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وتقول المرأة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين لا في خامسة
المرأة فقط كما يوهمه كلام الشارح. قوله: (فلا يجزئ غيرها مما رادفها) أي كإبدال أشهد بأحلف أو
أقسم. قوله: (وأبدل اللعن بالغضب إلخ) إنما تعين اللعن في خامسة الرجل والغضب في خامسة المرأة
لان الرجل مبعد لأهله وهي الزوجة ولولده الذي نفاه باللعان فناسب ذلك لان اللعن معناه البعد
والمرأة مغضبة لزوجها ولأهلها ولربها فناسبها ذلك التعبير بالغضب. قوله: (كالجامع) ظاهره أي
جامع كان وهو كذلك لخبر أحب البقاع إلى الله مساجدها وأبغضها إليه أسواقها. قوله: (فلا يقبل
رضاهما بغيره) أي لان وقوعه بأشرف مواضع البلد واجب شرط وذلك لان المقصود من اللعان التغليظ
والتخويف على الملاعن وللموضع مدخل في ذلك ولذا كان لعان النصرانية في كنيستها واليهودي
في بيعتها والمراد بالأشرف بالنظر للحالف. قوله: (ووجب كونه بحضور جماعة إلخ) أي لان اللعان
شعيرة من شعائر الاسلام وخصلة من خصاله لان الكفار لا لعان بينهم كما مر، وأقل ما تظهر به تلك
الشعيرة أربعة لا ان حضور الجماعة المذكورة لاحتمال نكولها أو إقرارها لان النكول والاقرار
يثبت بشهادة اثنين على ما رجحه اللقاني خلافا لمن قال: إنهما لا يثبتان إلا بأربعة كالرؤية اه‍ عدوي.
قوله: (وبعد العصر) أي وندب كونه بعد العصر بل قال سحنون: أن كونه بعد العصر سنة لان ذلك وقت
تجتمع فيه ملائكة النهار وملائكة الليل، ولا يقال: هذا القدر موجود في صلاة الصبح. لأنا نقول: وقت
صلاة الصبح وقت نوم تأمل. قوله: (وتخويفهما بالوعظ) بأن يقال: لكل واحد منهما تب إلى الله
وارجع عما تدعيه إن كنت كاذبا فإن عذاب الدنيا حاصل بالحد أهون من عذاب الآخرة، ويكون
ذلك التخويف ابتداء قبل الشروع في اللعان عند الأولى وعند الشروع في الثاني وعند الشروع
في الثالثة وعند الشروع في الرابعة كما قرره شيخنا العدوي. قوله: (وخصوصا) أي وأخص
464

الوعظ عند الخامسة خصوصا وما ذكره المصنف من الوعظ عند الخامسة تبع فيه ابن الحاجب
وقال ابن عرفة: لا أعرفه عند الخامسة اه‍ عدوي. قوله: (باللعنة أو الغضب) تصوير للعذاب.
قوله: (وفي وجوب إعادتها إن بدأت) أي كما لو حلف الطالب أي المدعي قبل نكول المطلوب فإنه
لا يجزئ. قوله: (خلاف) كلامه يقتضي أنهما مشهوران، أما الأول فهو قول أشهب واختاره ابن
الكاتب ورجحه اللخمي ونقله القاضي عياض عن المذهب وقال ابن عبد السلام إنه الصحيح. وأما
الثاني فهو قول ابن القاسم في العتبية والموازية قال بعض الشيوخ: ولم أر من شهره ورجحه بعد البحث
عنه اه‍ بن. قوله: (يهودية أو نصرانية) أي سواء كان زوجها مسلما أو من أهل دينها وترافعا إلينا
وللزوج المسلم الحضور معها في الكنيسة ولا تدخل هي المسجد. قوله: (ولم تجبر الالتعان بكنيستها)
فيه أنه قد تقدم أن كونه بأشرف البلد بالنظر للحالف واجب شرط فلعل هذا ضعيف وإلا فمقتضى
ما مر أنها تجبر، أو يقال: المراد بأشرف البلد خصوص المسجد ووجوب كونه بذلك الأشرف بالنظر
للمسلم تأمل. قوله: (أدبت) أي لإدايتها لزوجها وإدخالها التلبيس في نسبه، وهذا هو الفرق بينها وبين
الصغيرة التي توطأ فإنها لا تلاعن بل يلاعن الزوج فقط ولا تؤدب إن أبت، والجامع بينهما أن كلا
لا يحد إذا أقر بالزنا. قوله: (ليفعلوا بها ما يرونه) أي لاحتمال أنهم يرون حدها بنكولها أو إقرارها.
قوله: (كقوله إلخ) أي فيؤدب لذلك ولا حد عليه ولا يلاعن. قوله: (ولو قاله لأجنبية حد) قال ابن
المنير: الفرق بين الزوج والأجنبي في التعريض أن الأجنبي يقصد الإذاية المحضة والزوج قد يعذر
بالنسبة إلى صيانة النسب اه‍ بن. وعلى ما ذكر من حد الأجنبي دون الزوج فيلغز ويقال: قذف
الأجنبية لا يحد فيه الزوج ولا لعان عليه مع أن القاعدة أن كل قذف لأجنبية ففيه الحد على الزوج إن
لم يلاعن وجوابه القذف بالتعريض فإنه إذا صدر من الزوج لزوجته أدب فقط ولا لعان ولا حد
وإن قاله شخص لأجنبية حد، لكن سيأتي للمصنف أول القذف ما يفيد أن التعريض كالصريح
فيلاعن في كل ورجح عج ما يأتي لأنه نص المدونة، وقال ابن عرفة: إنه خلاف المعروف فالمعروف
أن التعريض ليس كالصريح، وجعل الشيخ أحمد الخلاف لفظيا فحمل قول المدونة أن التعريض
كالصريح على التعريض القريب من التصريح، وحمل قول ابن عرفة المعروف أن التعريض ليس
كالصريح على التعريض الخفي البعيد من الصريح تأمل. قوله: (أو صدقته فيهما) أي صدقته على أنها
وطئت غصبا أو وطئت بشبهة. قوله: (ولم يثبت) أي الغصب ببينة. قوله: (وتقول الزوجة إذا صدقته)
أي على حصول الغصب أو الشبهة ما زنيت أي تقول أربعا: أشهد بالله ما زنيت ولقد غلبت وإني لمن
الصادقين، وتقول في خامستها: غضب الله عليها إن كانت من الكاذبين، ويقول الزوج في الغصب: لقد
غصبت وفي الاشتباه لقد غلبت أو وطئت مشتبهة ولا يحلف لقد زنيت لأنه يدعي أنها غصبت أو
وطئت بشبهة وثمرة لعانه نفي الولد عنه وثمرة لعانها نفي الحد عنها. قوله: (وأما إذا كذبته) أي في دعواه
الغصب أو الشبهة. قوله: (فإن نكلت رجمت) أي سواء صدقته أو كذبته لأنها إن لم تلاعن كانت معترفة
بالوطئ غصبا أو شبهة، ومن اعترف بالزنا على وجه الغصب أو الشبهة يحد اه‍ عدوي. وما ذكره من
أنه إذا رماها بغصب تلاعنا مطلقا صدقته أو كذبته، فإن تلاعنا فرق بينهما وإن نكلت رجمت هو قول
محمد بن المواز وقبله التونسي، وصوب اللخمي أنه إذا رماها بغصب أو شبهة فلا لعان عليها وإنما يلتعن
الزوج لنفي الولد عنه، ولا نعلم لرجمها وجها إذا لم تلتعن لان الزوج لم يثبت عليها بلعانه زنا وإنما أثبت
عليها غصبا فلا لعان عليها كما لو أثبتت البينة الغصب، ولو لاعنت لا يفرق بينهما لأنها إنما أثبتت
بالتعانها الغصب وتصديقه وهذا خارج عما ورد في القرآن مما يوجب الحد في النكول
والفراق والحلف، وقبل هذا القول ابن عبد السلام ولكن المذهب الأول انظر بن.
465

قوله: (وإلا التعن الزوج فقط) أي لنفي الولد. قوله: (فإن نكل لم يحد) أي ويلحق به الولد أي
والموضوع أن الغصب ثبت ببينة وظهر بقرينة، وكذا لو تصادقا على الغصب أو ادعى الغصب
وأنكرته وذلك لان محمل قول الزوج محمل الشهادة لا محمل التعريض فكأنه يقول: أنا أشهد أنك
معذورة فيما حصل لك من الوطئ لأنه غصب. قوله: (وظاهر كلامه إلخ) أي ظاهر قوله وتلاعنا إن
رماها إلخ. قوله: (ولو لم يكن بها حمل) قال في التوضيح وهو ظاهر الروايات خلافا لظاهر ابن الحاجب
وابن شاس أنه إن فقد الحمل فلا لعان. قوله: (ولا يفرق بينهما) هذا راجع لقول المصنف: وإلا التعن
فقط. قوله: (وتبقى زوجة) أي لأنه لاعن لنفي الحد عن نفسه واحترز بقوله توطأ عما إذا كانت
لا توطأ فإن زوجها لا حد عليه ولا لعان لعدم لحوق المعرة قوله: (فإن ظهر بها حمل) أي بعد وقفها لم
يلحق به أي لانتفائه عنه بلعان الرؤية. وقوله: ولاعنت أي لنفي الحد عنها. وقوله: حدت حد البكر أي
وبقيت زوجة وإنما حدت حد البكر لعدم الجزم ببلوغها قبل الزنا حتى يحصنها النكاح. قوله: (لعدم
الاعتداد بشهادة الزوج إلخ) هذا إذا علم بزوجيته لها حال شهادته. قوله: (فلا حد عليهم) أي لأنه قد
حقق عليها ما شهدوا به بسبب نكولها. وقوله: وحدت هي أي حد الزنا وهو الرجم إن كانت محصنة
وإلا فالجلد. وقوله: وتبقى زوجة أي إن جلدت وعلى حكم الزوجية إن رجمت، وأما إن نكلا أو الزوج
حد الأربعة لان نكول الزوج كرجوع أحد شهود الزنا قبل الحكم فيوجب حد الأربعة وحدت
الزوجة أيضا في الأولى. قوله: (أو لم يعلم حتى رجمت) أي وأما إذا لم تعلم زوجيته إلا بعد أن جلدت
تلاعنا أيضا وحد الثلاثة، وفائدة لعانها بعد حدها تأبيد حرمتها وإيجاب الحد على الثلاثة شهود فإن نكلا
فلا يحد إلا الزوج، وكذا إن نكل الزوج فقط، وأما إن نكلت هي فقط فلا حد على واحد منهم اه‍. وإنما لم
يحد الثلاثة كالزوج إذا نكل وحده لان نكوله كرجوعه عن الشهادة وهو بعد الحكم يوجب حد
الراجع فقط. قوله: (ويلاعن الزوج) أي وتبقى على حكم الزوجية ويرثها إلا أن يعلم أنه تعمد الزور ليقتلها
أو يقر بذلك فلا يرثها. قوله: (لا ينتفي عنه الولد ولا لعان) أي لأنه لم يوجد مقتضى اللعان في الحرة
حتى أنه ينتفي بلا لعان لان قولهم ولد الأمة ينتفي بلا لعان أي إذا وجد فيه ما يقتضي اللعان في ولد الحرة.
وفي شرح كلام المصنف بهذه الصورة تبعا لعج والشيخ سالم نظر لان المقصود من التشبيه
بقوله كالأمة أنه ينتفي بلا لعان فاللائق شرحه بالصورة الثانية أعني قوله: فإن استبرأها بعد
الشراء وبها شرح ح وتت. والحاصل أنه إن أقر أنه وطئ بعد الشراء فإن كان استبرأها
قبل وطئه فكولد الأمة ينتفي بلا لعان، وإن كان لم يستبرئها فلا ينتفي أصلا ولا لعان، وإن أقر أنه لم
يطأ بعد الشراء فكالنكاح، هذا محصل ما لابن عرفة فيقيد كلام المؤلف بأنه وطئ بعد
الشراء والحال أنه استبرأها انظر بن. قوله: (فإن استبرأها بعد الشراء) أي وأتت بولد لستة أشهر
من يوم الاستبراء. قوله: (ولو أمة) هذا هو الصواب خلافا لظاهر المصنف من أنه ليس
466

عليها إلا الأدب تأمله اه‍ بن. قوله: (أو سيظهر) أي فيما إذا لاعن للرؤية وأتت بولد لستة أشهر
فأكثر من يوم الرؤية كما مر. قوله: (أي ملكها زوجها) أي بميراث أو شراء أو هبة أو صدقة.
قوله: (لو تحقق) أي كما لو لازمتها البينة بعد اللعان ولم تفارقها حتى أنفش الحمل. قوله: (وبحث
فيه ابن عرفة) أي بأن انفشاش الحمل إنما يكون بعد أقصى أمد الحمل، ومحال عادة أن البينة
تلازمها في تلك المدة حتى يتحقق انفشاشه، ورد بأنه يمكن انفشاشه بقرب اللعان بحيث تشهد
النساء القوابل بعدم حملها فلا يلزم أن تصحبها البينة أربعة أعوام أو خمسة. قوله: (ولو عاد
إليه قبل إلخ) اعلم أن الطرق في هذه المسألة ثلاث: الأولى لابن شاس وابن الحاجب أن رجوعه
مقبول اتفاقا والخلاف في المرأة. والثانية لابن يونس تحكي الخلاف فيهما. والثالثة لابن رشد
تحكي الخلاف في المرأة والرجل متفق على عدم قبول رجوعه، انظر نصه في المواق، والمصنف
مشى في الرجل على الطريقة الأولى، وفي المرأة على ما لابن رشد فكلامه ملفق من الطريقتين ولو
مشى على طريقة ابن رشد فيهما كان أصوب لأنها هي المذهب اه‍ بن. قوله: (وإن استلحق أحد
التوأمين) أي وهما ما حملهما واحد ووضعا معا أو بين وضعيهما أقل من ستة أشهر. قوله: (لأنهما
كالشئ الواحد) أي فاستلحاق أحدهما استلحاق للآخر ونفي أحدهما نفي للآخر كما مر.
قوله: (لان كل واحد حمل مستقل) أي فله استلحاقهما وله نفيهما وله استلحاق أحدهما ونفي الآخر.
قوله: (إلا أنه إلخ) هذا كالاستشكال لما تضمنه قوله فبطنان من أن كل واحد حمل مستقل
وأنه لا يلتفت لقول النساء وتقرير الاشكال ما قاله الشارح. قوله: (إلا أنه قال إلخ) حاصله أنه إذا
ولدت ولدين بين ولادتهما ستة أشهر واستلحق الأول ثم الثاني وقال بعد استلحاقه: لم أطأ بعد
ولادة الأول فقال مالك: يسأل النساء العارفات فإن قلن إن أحد التوأمين يتأخر هكذا لم يحد وإن
قلن إنه لا يتأخر هكذا فإنه يحد. قوله: (والفرض أنه أقر بالأول لا أنه نفاه) أي وأما إن
نفاه وأقر بالثاني وقال: لم أطأ بعد الأول وبينهما ستة فيسئل النساء أيضا، فإن قلن يتأخر
هكذا حد لان إقراره بالثاني استلحاق للأول بعد أن نفاه فيحد للقذف، وإن قلن لا يتأخر
لم يحد لان الأول استمر منفيا عنه وإقراره بالثاني باق لأنه بمنزلة حمل مستقل، ولا يبطل بمجرد
قوله لم أطأ بعد الأول وإنما يبطله لعان بشرطه قاله عج. وقال بن: الصواب كما قال ح أنه يحد أيضا
إذا قلن إنه لا يتأخر لان قوله: لم أطأ بعد الأول مع إقراره بالثاني قذف لها، وإن كان بطنا ثانيا فلا حاجة
لسؤال النساء لأنه يحد على كل حال، نعم له ثمرة من جهة لحوق أحدهما باستلحاق الآخر حيث
467

قلن أنه لا يتأخر. قوله: (فأشكل الفرع الثاني إلخ) أجاب بعضهم بما حاصله أن الستة قاطعة وموجبة
للحد ما لم يقدر الله بسؤال النساء ويخبرن بأنه يتأخر، فإن وقع ذلك فيدرأ الحد لان سؤالهن شبهة، ومفاد
هذا الجواب أن النساء لا يطلبن سؤالهن ابتداء بل إذا وقع ونزل، وسئل النساء فإنه ينتفي الحد إذا
أخبرن بالتأخير، وهذا بعيد من كلام الامام لان المتبادر من قوله: سئل النساء طلب سؤالهن
ابتداء إلا أن يقال: قوله سئل النساء فيه حذف العاطف أي وسئل النساء أي وقدر سؤالهن اه‍ شيخنا عدوي.
باب تعتد حرة
قوله: (في بيان ذلك) أي ما ذكر من العدة وهي المدة التي جعلت دليلا على براءة الرحم لفسخ
النكاح أو موت الزوج أو طلاقه. وقوله على براءة الرحم يعني أن هذا أصل مشروعيتها وإن
كانت قد تكون لبرية الرحم. قوله: (وإن كتابية) أي هذا إذا كانت مسلمة بل وإن كانت كتابية.
قوله: (أو أراد إلخ) الأوضح أو طلقها ذمي وأراد مسلم نكاحها. قوله: (على المشهور) مقابله
ما لابن لبابة من أن من لا يمكن حملها لصغر سواء كانت بنت سبع أو أقل أو أكثر لا عدة
عليها ولا على الكبيرة التي لا يخشى حملها. قوله: (على المعتمد) أي خلافا لمن قال: إن التي لا يمكن
حملها إن لم تبلغ تسع سنين فلا عدة عليها وإن بلغتها فعليها العدة. قوله: (وإن وطئها) أي لان
وطأها مجرد علاج. قوله: (بخلوة) الباء سببية أي بسبب خلوة بالغ يعني بزوجته تنزيلا للخلوة
بها منزلة الوطئ لأنها مظنته، وإنما قيدنا بزوجته لان خلوة البالغ بالأجنبية لا يوجب عليها عدة ولا
استبراء قاله شيخنا. قوله: (أو هي حائض) الأولى أو كانت حائضا أو نفساء عطفا على قوله:
كان مريضا. قوله: (لامكان حمل المطيقة من وطئه) أي من وطئ البالغ ولو كان مريضا، وانظر
هذا التعليل مع ما تقدم من أنه لا يشترط إمكان حملها على المشهور فلعله مشى على مقابل ما تقدم، وأما
الجواب بأن الامكان المثبت هنا فالمراد به الامكان العقلي، وأما المنفي فيما تقدم فالمراد به العادي ففيه
نظر فإن الامكان العقلي في غير المطيقة أيضا فتأمل. قوله: (على المعتمد) أي خلافا للقرافي القائل
إن أنزل الخصي أو المجبوب اعتدت زوجتهما بسبب خلوتهما كما أنهما يتلاعنان لنفي الحمل،
وإن لم ينزلا فلا لعان عليهما ولا عدة على زوجتيهما لا بخلوته ولا بعلاجه. قوله: (أمكن شغلها) أي
وطؤها. قوله: (فيها) أي في الخلوة. وقوله: ولو قال إلخ أي لما تقدم أنه لا يشترط إمكان حملها فالمتبادر من
شغلها شغل رحمها بالحمل فيكون ماشيا على مقابل المشهور، وإن أمكن الجواب عنه بأن المراد بشغلها
وطؤها. والحاصل أن التعبير بوطئها لا إيهام فيه، بخلاف التعبير بشغلها فإنه يوهم المشي على مقابل
المشهور، واحترز بقوله: أمكن شغلها منه عما إذا كان معها في الخلوة نساء متصفات بالعفة والعدالة
أو واجدة كذلك، وعن خلوة لحظة تقصر عن زمن الوطئ فلا عدة عليها. وأما لو كان معها في
الخلوة نساء من شرار النساء وجبت العدة لأنها قد تمكن من نفسها بحضرتهن دون
المتصفات بالعفة والعدالة فإنهن يمنعنها. قوله: (وإن نفياه) أي هذا إذا أقرا أو أحدهما بالوطئ في
تلك الخلوة بل وإن نفياه. قوله: (لأنها حق لله) علة لمحذوف أي وإنما وجبت العدة بالخلوة
المذكورة إذا تصادقا على نفي الوطئ لأنها إلخ. قوله: (فلا نفقة لها) أي في العدة ولا يتكمل لها الصداق
هذان مرتبان على إقرارها بعدم الوطئ. وقوله: ولا رجعة له فيها هذا مرتب على إقرار الزوج بعدمه.
468

قوله: (لا تعتد بغيرها) أي كقبلة أو ضمة. قوله: (إلا أن تقر به) أي بوطئ البالغ من غير أن يعلم له خلوة
بها وكذبها في ذلك وأولى إذا صدقها فتعتد وليس هذا مكررا مع قوله: وأخذ بإقرارهما لان هذا في
غير الخلوة وذاك فيها والمقر به سابقا النفي والمقر به هنا الوطئ. قوله: (ويلزمه النفقة والسكنى) أي
مدة العدة التي لا تلزمها، والحق أن مؤاخذته إنما هو بتكميل الصداق إن كانت سفيهة أو رشيدة على
أحد التأويلين، وأما النفقة والكسوة والسكنى فلا يؤاخذ بها مطلقا إلا إذا صدقته كما تقدم في قوله:
وللمصدقة النفقة أي والكسوة راجع ما تقدم انظر بن. قوله: (أو يظهر حمل بها) أي إذا لم تعلم الخلوة
بينهما وظهر بها حمل ولم ينفه الزوج بلعان فإذا طلقها وجبت العدة عليها. قوله: (مع إنكاره الوطئ)
الأولى مع إنكارها الوطئ لأجل أن يقابل ما قبله قوله: (اعتدت بوضعه) أي ولها النفقة والسكنى
في العدة. قوله: (استبرأت بوضعه) أي ولا عدة عليها من الزوج لعدم البناء بها فلا نفقة لها ولا سكنى عليه.
قوله: (ولا يترتب عليه ما ذكر) أي من التوارث والنفقة والسكنى. قوله: (بثلاثة أقراء) أي سواء كان
النكاح الذي اعتدت من طلاقه صحيحا أو فاسدا مختلفا في فساده أو مجمعا على فساده، وكان يدرأ الحد
كما لو تزوج أخته غير عالم بذلك وطلقها وإلا كان الواجب فيه الاستبراء، كما لو نكح أخته نسبا أو رضاعا
عالما بذلك. قوله: (أطهار) اعلم أن كون الأقراء التي تعتد بها المرأة هي الأطهار مذهب الأئمة الثلاثة
خلافا لأبي حنيفة وموافقيه من أن الأقراء هي الحيض، واستدل الثلاثة بأن القرء مشترك بين الحيض
والطهر ووجود التاء في قوله تعالى: * (والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء) * يدل على أن المعدود مذكر
وهو الطهر، وأخذ أبو حنيفة بأن الذي به براءة رحمها حقيقة إنما هو الحيض لا الطهر. قوله: (بدل أو بيان
من أقراء) أي وليس نعتا له لان الأصل في النعت التخصيص فيوهم أن الأقراء أطهار وغير أطهار
وليس كذلك، وكونه صفة كاشفة فهو خلاف الأصل في النعت، ولا تصح قراءته بالإضافة لئلا يلزم
إضافة الشئ إلى نفسه وهو ممنوع عند البصريين وأجازها الكوفيون إذا اختلف المتضايفان لفظا
كما هنا. قوله: (فالقرء إلخ) هذا مفرع على ما قبله من أن الأقراء هي الأطهار أي أنه يتفرع على ذلك أن
القرء الذي هو مفرد الأقراء هو الطهر لا الحيض. وقوله بفتح القاف حال من المبتدأ وهو القرء.
قوله: (ومعلوم أن المعتد هو الزوجة) أي فلا يقال: إن الشخص ذا الرق صادق بالذكر. قوله: (والجميع
للاستبراء) هذا القول للأبهري ورجحه ابن يونس، والقول الثاني للقاضي عياض ورجحه عبد الحق،
ونقل المواق عنها ما يقتضي القولين، وتظهر فائدة الخلاف في الذمية فيلزمها الثلاثة أقراء على الأول وقرء
الطلاق فقط على الثاني لأنها ليست من أهل التعبد. قوله: (والأول أبين) أي لسقوط العدة عن غير
المدخول بها، فلو كانت العدة هي القرء الأول والاثنان للتعبد لما كان لتخصيصهما بالمدخول بها معنى لان
التعبد لا علة له فهو موجود في المدخول بها وغيرها، فمقتضاه أن غير المدخول بها يلزمها، والقرآن اللذان
للتعبد دون قرء الاستبراء. قوله: (والعدة المذكورة إلخ) أي وهي الثلاثة أقراء للحرة والقرآن للأمة.
قوله: (ولو اعتادته في كالسنة) رد بلو ما حكاه ابن الحاجب من أنها تحل بمجرد مضي السنة ولا تنتظر
الأقراء وأنكر وجوده ابن عبد السلام والمصنف وابن عرفة. قوله: (فإنها تعتد بالأقراء) أي فإذا
مضت الخمس سنين عادتها ولم تحض فقد حلت، وإن أتاها الحيض انتظرت الحيضة الثانية، فإذا جاء
وقتها ولم تحض فقد حلت، وإن حاضت انتظرت الحيضة الثالثة، فإذا جاء وقتها فقد حلت على كل حال
أتاها الدم أو لا. قوله: (في كل عشر سنين مثلا مرة) المراد ما زاد على الخمس سنين التي هي أقصى أمد الحمل.
469

قوله: (أنها هل تعتد بسنة بيضاء) أي من يوم الطلاق وهذا هو الصواب كما لبن وشيخنا العدوي.
قوله: (أو بثلاثة أشهر) أي كالآيسة هذا بعيد جدا. قوله: (وقيل تعتد بالأقراء) وهو ما نقله الشيخ
أحمد الزرقاني عن أبي عمران، والصواب أن كلام أبي عمران إنما هو فيمن عادتها أن تحيض في كل خمس
سنين مرة كما في أبي الحسن على المدونة والناصر نقلا عنه، ولا مخالف له في أنها تعتد بالأقراء على ما تقدم.
قوله: (كالسنة) أي كمن عادتها أن يأتيها الحيض في كل سنة أو نحوها كخمس سنين. قوله: (مثلا) أي
أو بعد تمام الخمس سنين أو تمام العشر على ما نقله الشيخ أحمد عن أبي عمران. قوله: (على كل حال) أي
سواء أتاها الدم أو لا. قوله: (هكذا نصوا) قال ابن عرفة ما نصه ابن رشد قال محمد: ومن يتأخر
حيضها كسنة أو أكثر عدتها سنة بيضاء إن لم تحض لوقتها وإلا فأقراؤها ولا مخالف له من أصحابنا.
قوله: (فإن انقطع الرضاع اعتدت بالأقراء) أي إن أتاها الحيض. قوله: (وللزوج انتزاع إلخ) هذا إذا
تأخر حيضها عن زمنه المعتاد لأجل الرضاع، أما إن علم أن حيضها يأتيها في زمنه المعتاد ولم يتأخر
عن أجل الرضاع فليس له حينئذ انتزاعه لتبين أنه إنما أراد إضرارها اه‍ بن. وحاصل فقه
المسألة أن من طلق زوجته المرضع طلاقا رجعيا فمكثت سنة لم تحض لأجل الرضاع فإنه يجوز له أن
ينتزع منها ولده خوفا من أن يموت فترثه إن لم يضر ذلك بالولد لكونه يقبل غير أمه، وإلا فلا يجوز له أن
ينتزعه منها، وإذا كان له انتزاعه رعيا لحق غيره من الورثة فأحرى لحق نفسه بأن ينتزعه ليستعجل
حيضها لأجل سقوط نفقتها، أو لأجل أن يتزوج من لا يحل له جمعها معها كأختها أو خامسة بالنسبة
إليها كما قال المصنف. قوله: (ليتعجل إلخ) أي لأجل أن تخلص من العدة. قوله: (إذا لم يضر بالولد)
لا يقال: إن الحق في الرضاع للأم إذا طلبته فمقتضاه أنه ليس له انتزاعه منها. لأنا نقول:
هذا عذر يسقط حقها في إرضاعه، وأما حضانتها فباقية وعلى الأب أن يأتي له بمن ترضعه عندها
اه‍ بن. قوله: (بأن لم يقبل غيرها) تصوير للمنفي في كلام المصنف. وقوله وإلا لم يجز أي وإلا بأن
أضر الانتزاع بالولد لم يجز انتزاعه فهو راجع لكلام المتن. قوله: (أو مرضت) مقابله لأشهب أنها
كالمرضع تعتد بالأقراء، قال في التوضيح: وفرق ابن القاسم بينهما بأن المرضع قادرة على إزالة ذلك
السبب فكانت قادرة على الأقراء بخلاف المريضة فإنها لا تقدر على رفع السبب فأشبهت اليائسة،
ومثل تأخر الحيض لمرض تأخره لطربة. قوله: (تربصت تسعة) وتعتبر تلك
التسعة من يوم الطلاق على ما في المدونة. قوله: (ثم اعتدت بثلاثة) وقيل: إن السنة كلها
عدة والصواب أن الخلاف لفظي كما يفيده عبارة الأئمة إذ يبعد كل البعد أن يقال بعدم التأبيد
بتزوجها في التسعة وبالتأبيد في تزوجها بعدها كما يبعد أن يقال بمنع النفقة والكسوة والرجعة
في التسعة وإباحة ذلك بعدها تأمل انظر بن. قوله: (وشبه في الثلاثة) أي الثلاثة أشهر. قوله: (ولو برق)
مقابل لو قولان أحدهما أن الأمة المستحاضة التي لم تميز بين الدمين والتي تأخر حيضها بلا
470

سبب أو بسبب مرض أو طربة عدتها شهران، والقول الآخر شهر ونصف، ووجه المشهور أن الحمل لما
كان لا يظهر في أقل من ثلاثة قلنا باشتراك الحرة والأمة في السنة وعدم اختلافهما فيها كالأقراء
اه‍ توضيح. قوله: (المسبوق بالفجر) صفة للطلاق أي، وأما لو وقع الطلاق قبل الفجر حسبت ذلك
اليوم من الأشهر. وقوله فلو طلقها في اليوم الأول أي من الشهر. قوله: (فالحاصل أنها تحل بأقرب
الأجلين) أي خلافا لما يوهمه ظاهر المصنف من أنها تنتظر الحيضة الثانية والثالثة ولو مضت لها
سنة بيضاء. قوله: (مساويا لعدتها) أي إلا في اللعان والردة والزنا فإن استبراءها في هذه حيضة واحدة.
قوله: (أو نكاح فاسدا) أي لا يدرأ الحد كنكاح المحرم عالما بها، أما إن كان يدرأ الحد فالواجب فيه العدة
لا الاستبراء كنكاح المحرم من نسب أو رضاع جهلا بذلك ولم يعلم به حتى دخل، وقد أجمل الشارح
في ذلك تبعا لعبق التابع لابن غازي والحق ما ذكرناه من التفصيل اه‍ بن. قوله: (إذا لم تكن ظاهرة الحمل)
أي منه قبل وطئها بالزنا والشبهة. وقوله وإلا فلا أي فلا يحرم بل قيل بكراهة الوطئ وقيل
بجوازه ذكر هذه الأقوال ابن يونس، لكن في البيان أن المذهب في ظاهرة الحمل هو التحريم نقله أبو علي
المسناوي، وكذا في فتاوى البرزلي نقلا عن نوازل ابن الحاج، وفي المعيار آخر نوازل الايلاء والظهار
واللعان عن أبي الفضل العقباني وغيره وعلله بأنه ربما ينفش الحمل فيكون قد خلط ماء غيره بمائه وهو
ظاهر اه‍ بن. والحاصل أن الحامل إذا زنت هل يجوز لزوجها الذي حملت منه قبل الزنا وطؤها قبل
أن تضع أو لا يجوز؟ أقوال ثلاثة: قيل بالجواز وقيل بالكراهة وقيل بالحرمة، أما لو حملت من زنا أو من
غصب لحرم على زوجها وطؤها قبل الوضع اتفاقا. قوله: (ولا يعقد زوج عليها زمنه) أي زمن الاستبراء
مما ذكر إن كانت خالية من الأزواج، فإن عقد عليها وجب فسخه، فإن انضم للعقد تلذذ تأبد تحريمها
عليه سواء كان التلذذ في زمن الاستبراء أو بعده، إن كان التلذذ بالوطئ أو بالمقدمات، وكان التلذذ في زمنه
لا بعده كما مر. قوله: (أو غاب غاصب إلخ) أي غيبة يمكن فيها الوطئ منه وإلا فلا شئ عليها اه‍ بن.
قوله: (فذات الأقراء ثلاثة) أي إن كانت حرة كما هو الموضوع أي وحيضة واحدة إن كانت
أمة قال في الجلاب: وإذا زنت المرأة أو غصبت وجب عليها الاستبراء من وطئها بثلاث حيض، وإن
كانت أمة استبرأت بحيضة كانت ذات زوج أو غير ذات زوج اه‍ بن. وقوله: فذات الأقراء
ثلاثة أي ولو تأخر حيضها برضاع. وقوله: والمرتابة أي هي المستحاضة التي لم تميز بين الدمين.
وقوله: ومن معها أي من تأخر حيضها لمرض وبلا سبب من الأسباب المذكورة كالمرض والرضاع
فيصدق بما إذا تأخر لطربة. قوله: (وفي إيجاب الاستبراء في إمضاء الولي إلخ) حاصله أن المرأة إذا
كانت شريفة ووكلت رجلا من عامة المسلمين عقد لها بدون إذن وليها الخاص غير المجبر ودخل بها
الزوج ثم اطلع وليها على ذلك قبل الطول فأجاز نكاحها وأمضاه أو أنه فسخه وأراد الزوج أن يتزوجها
بعد ذلك بإذن الولي فهل يجب عليه الاستبراء من وطئ زوجها الحاصل قبل الإجازة نظرا لفساد الماء أو لا
يجب الاستبراء لأن الماء ماؤه وإن كان فاسدا؟ قولان والراجح الثاني وهو عدم وجوب الاستبراء.
قوله: (الغير المجبر) إنما قيد بذلك لأنه لو كان مجبر التحتم الفسخ ولا يجوز له الامضاء. قوله: (ودخل بها الزوج)
471

أي وإلا فلا استبراء عليها اتفاقا. قوله: (وأراد الزوج تزوجها بعده بإذنه) أي وأما لو أراد أجنبي أن
يتزوجها بعد فسخ الولي فإن العدة واجبة قولا واحدا. قوله: (تردد) مقتضى نقل التوضيح والمواق
أنهما في الفسخ تأويلان، وذكر ابن عرفة الخلاف في المسألتين ونسب وجوب الاستبراء لسحنون
وابن الماجشون وعدمه لمالك وابن القاسم ومقتضاه أنهما قولان، ويظهر منه أن عدم الوجوب هو
الراجح خلافا لما ذكره عبق من ترجيح القول بالوجوب فيهما اه‍ بن. قوله: (والراجح عدم
الايجاب فيهما) أي في مسألة الامضاء والفسخ. قوله: (بالطهر الذي طلق فيه) أي وإن كان قد وطئها
فيه وإن كان خلاف السنة. قوله: (وإن لحظة) إن قلت: يلزم على ذلك أن العدة قرآن وبعض قرء
ثالث وقد قال المولى: * (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) * قلت: إطلاق الجمع على مثل ذلك شائع قال تعالى:
* (الحج أشهر معلومات) * مع أنه شهران وبعض ثالث فهو نظير ما هنا. قوله: (بالنسبة لهذه) أي للمطلقة في
طهر. قوله: (أي بمجرد) أي انها تحل بمجرد نزول الدم الثالث. وقوله لان الأصل إلخ جواب عما يقال
كيف تحل بمجرد نزوله مع أنه يمكن انقطاعه قبل أن ينزل القدر المعتبر منه في العدة. قوله: (لان الأصل إلخ)
أي فإن انقطع رجع فيه للنساء. قوله: (ورتب على قوله فتحل بأول الحيضة الثالثة قوله إلخ) الحق
أن قوله: وهل ينبغي إلخ مرتب عليهما معا أي على قوله: فتحل بأول الحيضة الثالثة، وعلى قوله: أو الرابعة
إن طلقت بكحيض. والحاصل أنه لا فرق بين الحيضة الثالثة والرابعة إذا طلقت في كحيض من
كونها تحل برؤية أولها عند ابن القاسم، وينبغي أن لا تعجل النكاح برؤية أولها عند أشهب. قوله: (وهل
ينبغي إلخ) ظاهر المصنف أن التأويلين في انبغاء تعجيل العقد برؤية الدم وعدم انبغاء تعجيله
وليس كذلك بل التأويلان بالوفاق، والخلاف بين كلام ابن القاسم وأشهب. وحاصل المعنى: المراد
من المصنف أنه ذكر في المدونة قول ابن القاسم تحل بمجرد رؤية الدم، وقول ابن وهب أنها لا تحل
برؤية أول الدم ثم قال: وقال أشهب ينبغي أن لا يعجل النكاح بأول الدم فاختلف هل هو وفاق لابن
القاسم بناء على حمل ينبغي على الاستحباب وهو تأويل أكثر الشيوخ واختاره ابن الحاجب لان
ندب عدم التعجيل لا ينافي الحلية بأول الدم؟ أو خلاف بناء على حمل ينبغي على الوجوب
وهو تأويل غير واحد وإليه ذهب سحنون لقوله: هو خير من رواية ابن القاسم، وإلى الوفاق
والخلاف أشار المصنف بالتأويلين ولذا قيل: صواب المصنف لو قال وفيها وينبغي أن لا تعجل
برؤيته وهل وفاق تأويلان اه‍ بن. قوله: (لاحتمال انقطاعه) أي قبل مضي يوم أو بعضه.
قوله: (بل تصبر) أي بعد رؤيته. قوله: (لان قوله تحل إلخ) أي لان قول ابن القاسم أنها تحل
برؤية الدم لا ينافي أنه يقول بندب تأخير العقد حتى يمضي يوم أو بعضه بعد رؤية الدم، فإن
عجلت برؤيته وتزوجت ولم ينقطع كان تزوجها واقعا بعد العدة اتفاقا، وإن انقطع قبل أن يمضي بعض
يوم له بال كأن تزوجها واقعا في العدة لأنها لا تحسب ذلك الدم حيضة عند الجمهور وواقعا بعد العدة
عند ابن رشد وأبي عمران كما في ح. قوله: (للنساء) متعلق بقوله: ورجع. إن قلت: قوله هل
هو يوم أو بعضه يعارض قوله: فتحل بأول الحيضة الثالثة فإن مقتضى حلها بأول الحيضة الثالثة أنه
لا يرجع في قدره. قلت: لا معارضة لان معنى قوله: فتحل بأول الحيضة الثالثة أن مجرد رؤية أول
472

الدم الثالث كاف في حلها للأزواج نظرا إلى أن الأصل الاستمرار، فإن انقطع رجع فيه للنساء، فإن قلن:
إن مثل هذا يكون حيضا كان تزوجها بعد العدة، وإن قلن: إن هذا لا يعد حيضا كان تزوجها فيها، وإلى
هذا يشير كلام الشارح سابقا، وبعضهم تأول كلام ابن القاسم السابق على المخالفة لكلام المصنف هنا،
وأن الحيض عنده في باب العدة كهو في باب العبادات، فالمصنف مشى أولا على قول ابن القاسم وهنا
على قول آخر. قوله: (في أن المقطوع ذكره) أي فقط أي وأما المجبوب فقد مر أنه لا عدة على زوجته.
قوله: (أو أنثياه) أي والحال أنه قائم الذكر. قوله: (هذان ضعيفان إلخ) اعلم أن الاعتراض الأول تبع
فيه المواق إذ نقل نص عياض في أن الرجل المقطوع ذكره يرجع فيه لأهل المعرفة ولم يقل للنساء.
وأجاب طفي بأن المعرفة ترجع للنساء لان هذا شأنهن فالمراد بأهل المعرفة النساء ولا مخالفة بين
المصنف وعياض، ويدل لذلك أن عياضا جعل قول ابن حبيب بالرجوع في ذلك لأهل الطب
والتشريح، خلاف مذهب الكتاب فلم يبق إلا معرفة الولادة وهذا باب النساء، وأما الاعتراض الثاني
فتبع فيه ح حيث اعتمد قول صاحب النكت: إذا كان مجبوب الذكر والخصيتين فلا تعتد امرأته،
وأما إن كان مجبوب الخصيتين قائم الذكر فعلى امرأته العدة لأنه يطأ بذكره، وإن كان مجبوب الذكر
قائم الخصيتين فهذا إن كان يولد لمثله فعليها العدة وإلا فلا، وهذا معنى ما في المدونة ونحوه: حفظت عن
بعض شيوخنا القرويين اه‍. قال طفي: وكلامه غير ظاهر لان المؤلف كما تقدم اعتمد هنا كلام
عياض ونصه إذا كان مقطوع الذكر أو بعضه وهو قائم الأنثيين أو مقطوع الأنثيين أو إحداهما
دون الذكر فهذا الذي قال فيه في المدونة يسئل عنه أهل المعرفة لأنه يشكل إذا قطع ذكره أو بعضه
دون أنثييه أو أنثياه أو إحداهما دون الذكر هل ينسل وينزل أم لا؟ فنسب المسألة للمدونة كما ترى،
وكأن ح لم يقف على كلام عياض وعلى وقوفه عليه فلا موجب لترجيح كلام عبد الحق، وقد اقتصر ابن
عرفة وأبو الحسن على كلام عياض اه‍ بن. قوله: (للنساء) الجمع في كلامه غير مقصود فيكتفي بواحدة
بشرط سلامتها من جرحة الكذب لان طريقها الاخبار لا الشهادة. قوله: (وإذا رأت ممكنة الحيض)
أي وإذا رأت الصغيرة ممكنة الحيض الدم إلخ. وقوله: وألغت ما تقدم من الأشهر إن قلت: إن ممكنة
الحيض إذا رأت الدم لا تكون صغيرة لان الحيض علامة البلوغ فكيف يسميها المصنف صغيرة؟
قلت: تسميتها صغيرة مجاز علاقته اعتبار ما كان. قوله: (أقله نصف شهر) أي فإذا عاودها الدم قبل
تمامه لم تحتسب بذلك الطهر وضمته إلى ما قبله من الدم. ولا يقال: ما ذكره من أن أقل الطهر نصف
شهر ينافيه ما تقدم من قوله: واعتدت بطهر الطلاق وإن لحظة. لأنا نقول: معناه أنها إذا طلقت وهي
طاهر وبقيت بعد الطلاق لحظة من تمام نصف الشهر ثم أتاها الحيض فإنها تعتد بذلك الطهر الذي
طلقت فيه وحاضت عقبه. قوله: (وإن أتت معتدة بعدها بولد) أي سواء كانت معتدة من طلاق أو
من وفاة، ومفهوم بعدها لو أتت بولد قبل كمالها ففيه تفصيل أشار له ابن يونس بقوله: قال مالك
وإن نكحت امرأة وهي في العدة قبل حيضة ثم ظهر بها حمل فهو للأول وتحرم على الثاني، وإن
نكحت بعد حيضة فهو للثاني إن وضعته لستة أشهر فأكثر من يوم دخل بها الثاني، وإن وضعته
لأقل فهو للأول، وقال ابن شاس: إذا نكحت ثم أتت بولد لزمن يحتمل كونه من
الزوجين ألحق بالثاني إن كانت وضعته بعد حيضة من العدة إلا أن ينفيه بلعان فيلحق
بالأول ولا يلزمها لعان لأنه نفاه إلى فراش، فإن نفاه الأول ولاعن أيضا لاعنت وانتفى عنهما جميعا،
وإن كانت وضعته قبل حيضة فهو للأول إلا أن ينفيه بلعان فيلحق بالثاني وتلاعن هي، فإن
نفاه الثاني أيضا ولاعن ولاعنت انتفى عنهما جميعا. قوله: (لدون أقصى أمد الحمل) فإن أتت به بعد
473

العدة لأزيد من أقصى أمد الحمل، فإن كانت ولدته قبل ستة أشهر من دخول الثاني فهو قول المصنف
الآتي وفيها إلخ، وإن كانت قد أتت به لستة أشهر من دخول الثاني لحق به. قوله: (أو تزوجت) أي قبل
الحيض أو بعده. وقوله: وأتت به لدون ستة أشهر إلخ أي وأما لو أتت به لستة أشهر فأكثر من وطئ
الثاني، والموضوع أنه لدون أقصى أمد الحمل من انقطاع وطئ الأول فإنه يلحق بالثاني. قوله: (وتربصت
المعتدة) أي سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها. وقوله: إن ارتابت به أي إن شكت فيه بسبب جس
في بطنها. قوله: (وهل خمسا أو أربعا إلخ) ابن عرفة في كون أقصاه أربع سنين أو خمسا ثالث روايات القاضي
سبعا وروى أبو عمر ستا، واختار ابن القصار الأولى وجعلها القاضي المشهور وعزا الباجي الثانية
لابن القاسم وسحنون المتيطي بالخمس القضاء. قوله: (وزادت الريبة) أي بأن زاد كبر بطنها مكثت إلخ،
وأما لو مضت المدة واستمرت الريبة على حالها ولم يحصل فيها زيادة حلت بمضي المدة، وهذا هو الذي
في المدونة وأبي الحسن وابن يونس وابن عبد السلام وشهره ابن ناجي خلافا لابن العربي
من بقائها أبدا حتى تزول الريبة انظر بن، وكل هذا ما لم يتحقق أن حركة ما في بطنها حركة
حمل وإلا لم تحل أبدا كما في شب. قوله: (لو تزوجت المعتدة) أي من طلاق أو وفاة، والمراد المعتدة المرتابة،
فالمسألة مفروضة كما في المدونة في المرتابة إذ هي محل الاشكال، وأما غيرها فتحد قطعا قاله بعضهم اه‍ بن. قوله: (لم يلحق بواحد) أي ويفسخ نكاح الثاني لأنه نكح حاملا. قوله: (وحدت) أي وحيث
لم يلحق بواحد حدت. قوله: (أي استشكل بعض الشيوخ إلخ) المراد بذلك البعض أو الحسن القابسي
كما في البدر القرافي وبن. قوله: (فلا إشكال) أي في عدم لحوق الولد بواحد منهما وحدها، وقد يقال: إن
الاشكال مفرع عليهما معا لأنه قد نقل عن مالك أن أقصى أمد الحمل ست سنين، وروي عنه أنه
سبع فالخلاف شبهة تدرأ الحد فتأمل. قوله: (ولو بلحظة) أي لو كان الوضع بعدهما بلحظة.
قوله: (لا بعضه) أي ولو كان ذلك البعض ثلثيه خلافا لابن وهب القائل إنها تحل
بوضع ثلثي الحمل بناء على تبعية الأقل للأكثر، وخولفت قاعدة تبعية الأقل للأكثر هنا على
المعتمد للاحتياط، وتظهر فائدة الخلاف فيما لو مات الولد بعد خروج بعضه وقطع ذلك البعض
الخارج، فعلى المعتمد عدتها باقية ما دام فيها عضو منه، وعند ابن وهب تحل إذا كان الباقي أقل من
الخارج. قوله: (واحدا كان) أي ذلك الحمل. قوله: (باقيه) أي إذا كان الحمل واحدا. قوله: (والآخر) أي
إن كان الحمل متعددا. قوله: (يلحق بصاحب العدة) أي لاحقا به بالفعل أو يصح استلحاقه كالمنفي
بلعان ولو لم يستلحقه. قوله: (فلو كان) أي الولد من زنا كما لو استبرأها زوجها من وطئه بحيضة ثم زنت
وظهر بها حمل ومات زوجها أو طلقها ووضعت ذلك الحمل لستة أشهر من وطئ الثاني. قوله: (قبل
مضيها) أي قبل مضي الأشهر والأقراء. قوله: (وإلا انتظرت) أي وإلا بأن مضت قبل وضعها
انتظرت الوضع. وقوله على أقصى الأجلين أي الوضع وانقضاء الأربعة أشهر وعشر أو الأقراء.
قوله: (وتحتسب إلخ) أي وإذا وضعت قبل مضي الأقراء والأشهر وقلنا لا بد من أربعة أشهر وعشر في الوفاة
وثلاثة أقراء في الطلاق فتحتسب إلخ. قوله: (وتعد إلخ) هذا قول ابن محرز وجعله عياض محل نظر، وأن
474

الذي حكى ابن رشد الاتفاق عليه أنه لا بد من ثلاث حيض بعد الوضع اه‍ بن. قوله: (وإلا فكالمطلقة)
ولا إحداد عليها حينئذ كما نقله المواق هنا عن المدونة ولا مبيت عليها أيضا لأنه استبراء لا عدة اه‍ بن.
قوله: (وقد دخل بها) أي وأما لو مات قبل أن يدخل بها فلا شئ عليها وكذا يقال فيما بعد. قوله: (صحيحا
أو مختلفا في صحته إلخ) جعله المختلف فيه كالصحيح هو الذي استظهره في التوضيح وهو
الجاري على قوله فيما سبق وفيه الإرث. قوله: (فأربعة أشهر وعشر) أي وعشرة أيام، وإنما حذف التاء
لحذف المعدود ولا يقدر المعدود ليالي لئلا يلزم محذور شرعي وهو جواز العقد عليها في اليوم العاشر
وليس كذلك، وقد يقال: إنما يلزم لو كان المعدود المقدر الليالي وحدها وليس كذلك، إذ قول أهل التاريخ
تراعي الليالي مرادهم به أنهم يغلبون حكمها على الأيام لسبقها عليها، وهذا لا ينافي أن المعدود مجموع الليالي
وأيامها. قوله: (وإن رجعية فتنتقل من عدة الطلاق) أي بالأقراء لعدة الوفاة أي الأشهر سواء كانت
تلك الرجعية حرة أو أمة ولو حصلت الوفاة قبل تمام الطهر الثالث بيوم. قوله: (إن تمت إلخ) حاصله أن
المعتدة الحرة المتقدمة وهي غير الحامل المتوفى عنها تعتد بأربعة أشهر وعشرة أيام بشرطين حيث كانت
مدخولا بها الأول أن تتم تلك المدة قبل زمن حيضتها. الثاني: أن تقول النساء إذا رأينها فيما إذا تمت المدة
المذكورة قبل زمن حيضتها أنه لا ريبة بها، وقولنا حيث كانت مدخولا بها احترازا عن غير المدخول بها
فإنها تعتد بهذه المدة من غير شرط. قوله: (ومثله لو تأخر لرضاع) أي بأن كان عادتها أن يأتيها الحيض أثناء
المدة المذكورة إلا أنه تأخر لرضاع سابق على الموت فتكتفي بأربعة أشهر وعشرة أيام ولا يحتاج هنا
لسؤال النساء أنه لا ريبة بها كما هو ظاهر. قوله: (وقال النساء) أي بعد تمام الأربعة أشهر وعشرة أيام
أنه لا ريبة حمل بها والموضوع أنه لم يأتها الحيض في المدة المذكورة لكون عادتها أنه لا يأتيها إلا بعدها.
قوله: (بأن كانت تحيض) أي بأن كانت عادتها أن تحيض أثناءها. قوله: (ولم تحض) أي بلا سبب من
مرض أو رضاع بأن كان تأخره بلا سبب أصلا أو لطربة. قوله: (أو استحيضت ولم تميز) اعلم أن محل
كونها تنتظر الحيضة أو تمام التسعة أشهر إذا لم تكن عادتها قبل الاستحاضة إتيان حيضها بعد مضي
زمن العدة وإلا اعتدت بأربعة أشهر وعشرة أيام كما هو ظاهر كلامهم لأنهم جعلوا من يتأخر زمن
حيضها عن أربعة أشهر وعشرة تعتد بها كما مر قاله عبق. قوله: (أو تأخرت لمرض) أي أو كانت عادتها
أن تأتيها الحيضة أثناء المدة فتأخرت لمرض، وقوله على الراجح وهو رواية ابن القاسم عن مالك، وقيل إن
تأخير الحيضة لمرض كتأخيرها لرضاع فتكتفي بأربعة أشهر وعشرة أيام ولا تحتاج لتمام التسعة أشهر،
وحكى ابن بشير على هذا القول الاتفاق. قوله: (أو تمت) أي الأشهر المذكورة. قوله: (وقال النساء بها
ريبة) أي بها ريبة حمل أو ارتابت هي من نفسها أيضا. قوله: (أو تمام تسعة أشهر) أي فتنتظر أول الأجلين
فإن حاضت أو لا لا تنتظر تمام التسعة أشهر، وإن تمت الأشهر المذكورة أو لا انتظرت الحيضة، وقوله
فإن زالت الريبة أي عند حصول أحد الامرين والأولى أن يقول: فإن لم تزل الريبة حلت وإلا إلخ
لأجل أن يكون ماشيا على المعتمد كما مر من أن بقاءها على حالها مثل زوالها. وقوله: فإن زالت
الريبة أي في صورة ما إذا تمت الأربعة أشهر وعشرة أيام قبل زمن حيضتها وقال النساء بها ريبة حمل.
475

قوله: (وتنصفت عدة الوفاة) أي إذا كان المتوفى عنها غير حامل وإلا فهي وضع حملها كله. قوله: (وخمس
ليال) أي كان الزوج حرا أو عبدا. قوله: (كانت صغيرة إلخ) ظاهره سواء كان لا يمكن حيضها كبنت
ست أو سبع أو كان يمكن حيضها ولم تحض كبنت تسع، أما الأولى فعدتها شهران وخمس ليال اتفاقا،
وأما الثانية فقيل كذلك وقيل تعتد بثلاثة أشهر وهو المعتمد، وقوله أو آيسة الذي في ح أن عدتها
ثلاثة أشهر قال العلامة بن: والصواب شرح المصنف بما في ح من تخصيص قوله وتنصفت بالرق
بالصغيرة التي لا يمكن حيضها والشابة التي لم تر الحيض أصلا وبالتي رأته في شهرين وخمس ليال،
وتخصيص قوله وإن لم تحض فثلاثة أشهر بالصغيرة التي يمكن حملها والآيسة سواء أمكن حملها أم لا،
وبالتي عادتها الحيض بعد الشهرين والخمس ليال لأنها تحل بثلاثة كما صرح به في النوادر عن مالك
وذلك لان قوله: وإن لم تحض معناه وإن لم يحصل لها حيض في الشهرين والخمس ليال وهذا صادق
بالثلاثة المذكورة، وقوله إلا أن ترتاب استثناء منقطع إذ من ذكر لا يمكن فيه ريبة، والمعنى لكن إن كانت
الأمة ممن تحيض في الشهرين وخمس ليال ولم تحض فيها لتأخره عن عادتها لغير رضاع ومرض فإنها
لا تعتد بثلاثة بل بتسعة على المشهور كما قال ابن عرفة، وقيل تعتد بثلاثة وهو قول أشهب وابن الماجشون
وسحنون، وعلى الأول إذا مضت التسعة ولم تحض حلت لان الفرض أن الريبة برفع الدم فقط لا بجس
البطن، وأما إذا ارتابت الأمة المتوفى عنها بجس البطن فإنها تمكث تسعة أشهر إن لم تحض قبل تمامها، فإن
حاضت قبل تمامها حلت وإن لم تحض وتمت التسعة حلت إن زالت الريبة أو بقيت بحالها، فإن زادت
انتظرت زوالها أو أقصى أمد الحمل، فإن مضى أقصاه حلت إلا أن يتحقق وجوده ببطنها، فإن تحقق
ذلك فلا بد في حلها من نزوله ولا يكفي مضي أقصى أمد الحمل. والحاصل أنها إن كانت صغيرة لا يمكن
حيضها كبنت ست سنين اعتدت بشهرين وخمس ليال اتفاقا. ومثلها الكبيرة التي لم تر الحيض أصلا أو
يأتيها في تلك المدة وأتاها بالفعل وإن أمكن حيضها كبنت تسع أو ثمان أو كانت يائسة فقولان: قيل
كذلك وقيل ثلاثة أشهر، وإن كانت كبيرة وكان من عادتها أن تحيض بعد كالشهرين والخمس ليال
فثلاثة أشهر، وإن كانت ممن تحيض فيها ولم تحض فالمشهور تسعة أشهر انظر ابن عرفة و ح.
قوله: (ولو مدخولا بها) أي هذا إذا كانت غير مدخول بها، بل ولو كانت مدخولا بها في الجميع، فهذه صور
ثمانية تعتد بها الأمة من الوفاء بشهرين وخمسة أيام على ما قال الشارح. قوله: (وإن لم تحض) أي وإن لم
يحصل لها حيض في المدة المذكورة. قوله: (أو فيها وتأخر إلخ) مشى في هذه على قول أشهب كما علمت.
قوله: (قبلها) أي في أثنائها قبل تمامها. قوله: (ولا ينقل العتق إلخ) حاصله أن الأمة إذا طلقها زوجها
طلاقا رجعيا أو بائنا أو مات عنها ثم إنها عتقت في أثناء عدتها فإنها لا تنتقل من عدة الطلاق التي هي قرآن.
ولا عن عدة الوفاة التي هي شهران وخمسة أيام إلى عدة الحرة التي هي ثلاثة أقراء في الطلاق وأربعة أشهر
وعشرة في الوفاة، لان الناقل عند مالك ما أوجب عدة أخرى كطرو الموت بعد الطلاق الرجعي والعتق
لا يوجب عدة أخرى. قوله: (فإنها تنتقل لعدة الحرة) أي التي تعتد بها في الوفاة. قوله: (ولا موت زوج
ذمية إلخ) حاصله أن الذمية إذا أسلمت بعد دخول زوجها الذمي بها فشرعت في الاستبراء منه فمات
كافرا قبل تمام استبرائها فإنها تستمر على الاستبراء ولا تنتقل لعدة الوفاة، وإن كان أملك بها إذا أسلم لأنها
في حكم البائن. قوله: (بعد البناء) إنما قيد به لأنه محل توهم الانتقال لان غير المدخول بها لا استبراء عليها إذا
مات ولو أسلمت. قوله: (فمات كافرا) أما لو أسلم ثم مات بعد إسلامه استأنفت عدة وفاة كما في خش.
476

قوله: (وإن أقر بطلاق). حاصل ما في هذه المسألة أن الشخص إذا أقر بطلاق متقدم إما أن يقر به
في حال صحته وإما أن يقر به في حال مرضه، وفي كل إما أن يكون له بينة تشهد له بما أقر به أو لا فهذه
أربعة أحوال، وإما أن ينكر وقوع الطلاق منه وهو صحيح أو مريض مع شهادة البينة عليه بذلك
وهاتان حالتان فجملة الأحوال ستة، فمتى شهدت البينة له أو عليه صحيحا أو مريضا فالعدة من يوم أرخت
البينة وترثه في تلك العدة فقط لأنه وإن كان إقراره في المرض أو إنكاره فيه لكن البينة أسندت
الطلاق للصحة في الصور الأربع، وما تقدم في الخلع من أنه إذا شهدت له البينة فالعدة من يوم أرخت
وإن شهدت عليه فمن الآن فهو قول لابن محرز، وأما إن أقر ولا بينة له فإن كان مريضا فالعدة تستأنف
من يوم الاخبار وترثه في العدة وبعدها ولو كان الطلاق بائنا وإن كان صحيحا ورثته في العدة المستأنفة
من الآن ولا يرثها إذا انقضت العدة على دعواه، وكل هذا ما لم تصدقه على دعواه، وإلا فلا توارث
بينهما حيث انقضت العدة على دعواه، فإن كانت باقية على دعواه توارثا، وكل هذا إذا كان الطلاق
رجعيا وإلا فلا توارث مطلقا. قوله: (إن انقضت على دعواه) أي وإلا ورثها والفرض أن الطلاق
رجعي فإن كان بائنا فلا توارث بينهما أصلا انقضت على دعواه أم لا. قوله: (أي في العدة المستأنفة) أي
ولو كانت بعد انقضاء العدة على دعواه. قوله: (إن لم تصدقه) أي وأما إن صدقته فلا ترثه إذا مات في
العدة المستأنفة إذا كانت بعد انقضاء العدة على دعواه. قوله: (أي أن محل الاستئناف) أي استئناف
الزوجة العدة من وقت الاقرار بالطلاق. قوله: (والمريض كالصحيح) أي عند قيام البينة فإن لم يكن
للمريض بينة ورثته أبدا إن مات من ذلك المرض ولو مات بعد انقضاء العدة ولو تزوجت غيره
كما مر. قوله: (وكذا المنكر) أي للطلاق. وقوله إذا شهدت عليه البينة أي بالطلاق فالعدة من اليوم الذي
أسندت إليه البينة وقيل من يوم الحكم، وقد ذكر العلامة ابن عرفة الطريقتين ونصه: ومن شهدت
بينة بطلاقه فعدته من يوم تاريخها إن لم ينكره وإلا ففي كونها من يوم تاريخها إن اتحد أو من يوم
آخره إن تعدد أو من يوم الحكم مطلقا طريقا عياض عن المذهب مع الصقلي عن الشيخ وابن محرز اه‍.
ثم ذكر أن الطريق الثانية هي ظاهر المدونة انظر بن. قوله: (ويغرم ما تسلفت) لكنه لا يلزم بالغبن
اتفاقا مثل أن تشتري ما قيمته دينار بأكثر من دينار لأجل فتبيعه بدينار في نفقتها فلا يلزمه ما زادته
في الشراء على الدينار الذي باعت به باتفاق كما نقله ح عن سماع أشهب اه‍ بن. قوله: (وكذا ما أنفقته
على نفسها من مالها) أي فلا مفهوم لقول المصنف تسلفت وهذا هو الراجح وعزاه ح لرواية
أشهب عن مالك ونقله المواق عن ابن رشد وقال ابن نافع: لا يغرم لها ما أنفقته من عندها. قوله: (فإن
أعلمها) أي بالطلاق أو علمته بعدلين أي وأنفقت من ماله بعد علمها. وقوله رجع عليها أي من حين علمها.
قوله: (لا بعدل) أي لا إن علمت بالطلاق بعدل وامرأتين وأنفقت من ماله بعد علمها فلا رجوع له
عليها لان الطلاق لا يثبت بذلك ولا ينظر لثبوت المال بشاهد ويمين، وقول الشارح أو يمين الأولى
حذفه لان ظاهره لا إن علمت بعدل وامرأتين أو بعدل ويمين ولا صحة لذلك تأمل. قوله: (بخلاف
المتوفى عنها والوارث) أي وبخلاف الوارث ينفق كل منهما على نفسه من مال الميت قبل علمه بموته
وأولى بعد العلم فإن بقية الورثة لهم الرجوع عليه لانتقال المال لهم بمجرد الموت. قوله: (ولم تحصل لها ريبة)
477

أي بتأخر حيضها، وهذا حل لمفهوم قول المصنف فإن ارتفعت حيضتها. قوله: (إن مضى قرآن للطلاق)
أي إن صدق عليها أنه مضى من طلاقها قرآن ومن شرائها قرء أعم من أن يكون الشراء حين الطلاق
أو بعده. قوله: (أو بعد مضي القرأين) الأولى اسقاط هذه لأنها لم تبق معتدة لانقضاء عدتها فلا تندرج
تحت شراء المعتدة إلا أن يقال: أنه ذكرها لتتميم الصور. قوله: (فارتفعت حيضتها) أي ولو حكما
فيدخل فيه المستحاضة التي لم تميز بين الدمين. قوله: (أي تأخرت لغير رضاع) بل تأخرت لمرض أو
بلا سبب أصلا أو لطربة أو لم تميز بين الدمين. قوله: (إن مضت لها سنة) أي إن تحقق أنه مضى سنة من
طلاقها أو تحقق أنه مضى ثلاثة أشهر من حين شرائها لكن السنة التي من يوم الطلاق تسعة أشهر منها
استبراء وثلاثة أشهر منها عدة، فقول الشارح عدة المسترابة فيه تسمح لأن العدة إنما هي الثلاثة أشهر
الأخيرة، وأما التسعة الأول فهي استبراء. واعلم أن قول المصنف: وإن اشتريت معتدة إلخ يصور بما
إذا اشتريت بعد تسعة أشهر أو عشرة أو أحد عشر، وأما إذا اشتريت بعد أربعة أشهر أو خمسة أو ستة
أو سبعة أو ثمانية فلا يقال: إنها اشتريت معتدة بل يقال إنها اشتريت مستبرأة أو إن كانت تمكث سنة في
هذه الصور كلها من يوم الطلاق، ومن هذا تعلم أن النكتة في قول الشارح: فإن اشتريت بعد تسعة ولم
يقل بعد سنة مثلا المناسبة لقول المصنف وإن اشتريت معتدة. قوله: (بعد تسعة) أي أو أقل منها.
قوله: (وبعد سنة) الأولى اسقاط هذه لأنها لم تبق معتدة إلا أن يقال ذكرها لأجل تتميم الصور. قوله: (وأما
من تأخر حيضها لرضاع) أي أو استحيضت وميزت. وقوله فلا تحل إلا بقرأين أي من حين الطلاق،
ولا بد من الاستبراء بحيضة من يوم الشراء ويأتي التداخل، فإن اشتريت قبل أن تحيض أصلا من عدة
الطلاق حلت منهما بقرأين، وإن اشتريت بعد قرء من الطلاق حلت منهما بالقرء الباقي، وإن اشتريت
بعد مضي قرأين حلت بحيضة من يوم الشراء. قوله: (وهما شهران وخمس ليال) أي فإذا مضت تلك المدة
قبل الحيضة انتظرتها وإن أتت الحيضة قبل فراغ تلك المدة انتظرت كمالها. قوله: (إن لم تسترب) أي إن
لم يتأخر حيضها عن المدة المذكورة بأن كان من عادتها أن يأتيها فيها وأتاها بالفعل. قوله: (أو ثلاثة أشهر)
أي وحيضة الاستبراء، وقوله إن تأخرت حيضتها أي إن كانت عادتها أن الحيض لا يأتيها في الشهرين
والخمس ليال، فإذا كانت عادتها كذلك فتحل بالثلاثة أشهر إن حصلت الحيضة قبل تمامها وإلا
انتظرت الحيضة. قوله: (فإن ارتابت) أي بأن كان من عادتها أن يأتيها الدم في الشهرين والخمس ليال
وتأخر عن ذلك أو ارتابت بجس بطن، وقوله تربصت تسعة أشهر أي لان عدتها من الوفاة تسعة
وكذلك استبراؤها لنقل الملك فيتداخلان فإن زادت الريبة لم توطأ حتى تذهب. قوله: (بالمصبوغ) أي
ولها لبس غيره قال في المدونة: وتلبس البياض كله رقيقه وغليظه، قال في التوضيح: ومال غير واحد إلخ
المنع من رقيق البياض، والحق أن المدار في ذلك على العوائد ولذا قال في الكافي: والصواب أنه لا يجوز
لبسها لشئ تتزين به بياضا كان أو غيره انظر بن. قوله: (ولو أدكن) أي هذا إذا كان المصبوغ أحمر أو أصفر
أو أخضر بل ولو كان أدكن وهو المسمى الآن بالتمر هند. قوله: (ووجب نزعه) أي الحلي عند طرو الموت
478

للرجل إذا طرأ عليه وهي لابسة له. قوله: (والتطيب) فإن تطيبت قبل وفاة زوجها فقال ابن رشد
بوجوب نزعه وغسله كما إذا أحرمت، وللباجي وعبد الحق عن بعض شيوخه أنه لا تنزعه، وكذا نقل
الشاذلي عن القرافي، وفرق عبد الحق بينها وبين من أحرمت، فإن المحرمة أدخلته على نفسها بخلاف
موت الزوج انظر ح اه‍ بن. قوله: (ولا تدخل الحمام) قال ابن ناجي: اختلف في دخولها الحمام فقيل
لا تدخله أصلا وظاهره ولو من ضرورة، وقال أشهب: لا تدخله إلا من ضرورة ونحوه في التوضيح
وهو يدل على ترجيح الثاني فيجوز دخوله مع الضرورة لان القول الأول ظاهر فقط لا صريح،
وحينئذ فقول المصنف: إلا لضرورة يرجع لهذا أيضا اه‍ بن. قوله: (إلا لضرورة) المراد بها المرض
لا مطلق الحاجة كما يشهد له قول أبي الحسن ودين الله يسر. قوله: (وإن بمطيب) مبالغة في المستثنى فقط
وهو جواز الكحل لضرورة. قوله: (حيث كان مطيبا) أي وإلا لم يجب مسحه وإذا كان مطيبا
ومسحته فلتمسحه بحسب الامكان أي تمسح ما هو زينة.
فصل لذكر المفقود أي وهو من انقطع خبره ممكن الكشف عنه فيخرج الأسير لأنه لم ينقطع
خبره ويخرج المحبوس الذي لا يستطاع الكشف عنه، وقوله أقسامه الأربعة أي وهي المفقود في بلاد
الاسلام أو في بلاد العدو أو في زمن الوباء أو في القتال بين المسلمين بعضهم مع بعض أو بين المسلمين
والكفار. قوله: (ولزوجة المفقود ببلاد الاسلام) أي سواء كان حرا أو عبدا كبيرا أو صغيرا، وقول
الشارح حرة أو أمة إلخ أي وسواء كانت الحرة مسلمة أو كتابية. قوله: (أي حاكم السياسة) أي سواء
كان واليا أو غيره أي كالباشا وأغاة الانكشارية ونحوهما. قوله: (أي جابي الزكاة) إنما سمي والي الماء
لأنه يخرج لجباية الزكاة عند اجتماع المواشي على الماء. قوله: (وإلا يوجد واحد منهم) أي أو وجد ولكن
امتنع من الكشف حتى يأخذ منها مالا. قوله: (فلجماعة المسلمين) هكذا عبارة الأئمة، وعبر بعضهم بقوله:
فلصالحي جيرانها، وقول عبق والواحد كاف اعترضه الشيخ أبو علي المسناوي قائلا: لم أر من ذكره
ولا أظنه يصح قاله بن وكذا رد عج في وسطه كفاية الاثنين فضلا عن الواحد قائلا
التحقيق أن أقل الجماعة ثلاثة. قوله: (لاحد الثلاثة) أي إن وجد الثلاثة في بلدها.
قوله: (فإن رفعت لغيره) أي للوالي ووالي الماء. قوله: (فتخير فيهما) أي في الرفع للوالي ووالي
الماء. قوله: (فيؤجل) أي المفقود الحر أربع سنين سواء كانت الزوجة مدخولا بها أم لا دعته قبل
غيبته للدخول أو لا، والحق أن تأجيل الحر بأربع سنين والعبد بنصفها تعبدي أجمع الصحابة عليه.
قوله: (وإلا طلق عليه) أي من حين العجز عن خبره من غير تأجيل بعد ذلك. قوله: (من حين العجز عن
خبره) متعلق بقوله فيؤجل إلخ. قوله: (بالبحث عنه) أي بعد البحث عنه من هنا نقل المشذالي عن
السيوري أن المفقود اليوم ينتظر به مدة التعمير لعدم من يبحث عنه الآن وأقره تلميذه عبد الحميد
كما في البدر القرافي. قوله: (بأن يرسل إلخ) هذا تصوير للبحث عنه وأجرة الرسول عليها
لأنها الطالبة، هذا إن كان لها مال وإلا فمن بيت المال. قوله: (ثم اعتدت كالوفاة) أي وعليها الاحداد
عند ابن القاسم خلافا لعبد الملك كذا في بن، وإنما قال كالوفاة المفيد أنها ليست عدة وفاة حقيقة
لمغايرة المشبه للمشبه به لان هذا تمويت أي حكم بالموت لا موت حقيقة. واعلم أنها بمجرد انقضاء
العدة المذكورة تحل للأزواج، ولا يأتي هنا قول المصنف سابقا إن تمت أي المدة المذكورة قبل
زمن حيضتها، وقال النساء: لا ريبة بها وإلا انتظرتها أو تمام تسعة أشهر وذلك لانقضاء أمد الحمل من حين
479

التأجيل كذا في عبق، نعم لو كانت من ذوات الحيض ومضت عدة الوفاة المذكورة ولم تر الحيض
لكون عادتها الحيض في كل خمس سنين مرة هل تنتظر الأقراء الثلاثة أو تحل بمجرد تمام عدة الوفاة
المذكورة؟ قولان نقلهما ابن عرفة فتنظير عج في ذلك قصور كما قال بن. قوله: (لان إذنه) أي في العدة
بل وكذلك في التزويج حصل بضربه الاجل أو لا قوله: (وبعد الفراغ) أي من العدة اتفاقا، اعلم أنه متى
خرجت من العدة فليس لها اختيار البقاء في عصمته اتفاقا، وأما بعد الشروع فيها وقبل كمالها فقال أبو
بكر بن عبد الرحمن: لها البقاء ما لم تخرج من العدة، وقال أبو عمران: ليس لها البقاء على عصمته إذا تمت
الأربع سنين وأما في خلالها أي الأربع سنين مدة الاجل فلها البقاء. قوله: (وقدر) أي وقدر الشارع
وقوع الطلاق من المفقود حين شروعها في العدة، وقوله يفيتها عليه أي على احتمال حياته. قوله: (قبل
دخول الثاني) أي وبعد عقده عليها وأولى قبله، وقوله كان أي الأول أحق بها. قوله: (وتأخذ منه
جميع المهر) وإن لم يكن قد دخل بها قياسا على الميت والمعترض بعد التلوم له وهذا قول مالك وبه القضاء.
وروى عيسى عن ابن القاسم أنه لا يكمل لها المهر بل لها نصفه فقط، ثم إن مضت مدة التعمير أو ثبت
موته كمل لها، ونسب ح هذا القول للباجي عن سحنون وذكر أن هذا القول هو الذي به القضاء،
والذي في المتيطي أن الذي به القضاء الأول ثم إنه على الأول إذا كان الصداق مؤجلا فهل يعجل
جميعه وهو قول سحنون أو يبقى على تأجيله وهو قول مالك وهو الراجح؟ وإنما لم يكن الأول أرجح
مع حلول ما أجل بالموت لان هذا تمويت لا موت حقيقة، ونص الخلاف الجاري في الصداق المؤجل
يجري في غيره من الديون المؤجلة، ونص ابن عرفة اختلف في صداق من لم يبن بها فقال مالك لها جميعه،
قال المتيطي: وبه القضاء، وابن دينار نصفه، وبعض أصحابنا إن دفعه لها لم ينزع منها وإلا أعطيت نصفه،
وعلى الأول يبقى المؤجل لأجله، وابن الماجشون يعجل نصفه ويؤخر نصفه لموته بالتعمير ولسحنون
يعجل جميعه اه‍. ونحوه في التوضيح واقتصر عليه ح. قوله: (بأنه لا حاجة إلخ) قد يقال: إنه محتاج إليه
لأجل فواتها على الأول بدخول الثاني إذا تبين حياته إذ لو اقتصر على تقدير موته لم تفت عليه بدخول
الثاني. والحاصل أنه يقدر وفاته لأجل أن تعتد عدة وفاة ويقدر طلاقه لأجل أن تفوت على الأول
بدخول الثاني، ولأجل أن يكون حليتها للأول إذا كان طلقها طلقتين قبل فقده بعصمة جديدة
لا بالعصمة الأولى. قوله: (فتكون للمفقود فيما إذا جاء إلخ) حاصله أنها تكون له في اثنتي عشرة صورة
من ضرب ثلاثة وهي مجيئه أو تبين أنه حي أو تبين موته في أربعة وهي إما أن يكون ذلك في العدة أو بعدها
وقبل عقد الثاني أو بعده وقبل الدخول أو بعده وقبل تلذذه بها أو بعده عالما فتكون للمفقود في هذه
الصور الاثنتي عشرة. قوله: (أو بعده) أي بعد عقد الثاني. قوله: (إن تلذذ) أي سواء جاء أو تبين أنه حي أو
ميت فهذه ثلاث صور تفوت فيها على الأول. قوله: (إن قضى إلخ) أي وأما إن قضى لها بالثاني كما لو تبين أنه
480

عقد عليها ودخل بها في حياة الأول غير عالم ثم مات الأول فلا ترثه. قوله: (فلا يفيتها دخوله) أي دخول
الثاني ولو ولدت منه أولادا. قوله: (بأن أخبرت بموته) أي سواء كان المخبر لها بالموت
عدولا أو غير عدول، وقوله حكم بموته إلخ أي إذا كان المخبر بالموت عدلين إذ لا يتصور حكم الحاكم بغير العدلين.
قوله: (فلا تفوت عليه بدخول الثاني) ولو ولدت الأولاد ولو حكم بموت الأول حاكم، والفرق بين
ذات المفقود وهذه أن حكم في المفقود استند إلى اجتهاد الحاكم بثبوت فقده ولم يتبين خطؤه فلم يبال
بمجيئه بعد الدخول والمعنى لها زوجها إن حكم الحاكم بموته فقد استند إلى شهادة ظهر خطؤها، وأما
إذا لم يحكم بذلك حاكم فواضح، وقولنا ولم يتبين خطؤه أي في وجود الفقد، وما ذكره من أن المنعي لها
زوجها لا تفوت عليه بدخول الثاني ولو حكم بموت الأول هو المشهور من المذهب وقيل تفوت على
الأول بدخول الثاني مطلقا حكم بموت الأول أو لا، وقيل تفوت إن حكم به وإلا فلا، وإذا رجعت للأول
فتعتد من الثاني بثلاث حيض أو ثلاثة شهور أو وضع حمل في بيته الذي كانت تسكن فيه معه ويحال بينه
وبينها فإن مات القادم اعتدت منه عدة وفاة ولا ترجم وإن لم يكن موته فاشيا لان النعي لها أي الاخبار
بموته شبهة. قوله: (فلا تفوت على الأول) أي بدخول الثاني ولو ولدت الأولاد من ذلك الثاني وكذا
يقال فيما بعد. قوله: (أو أنها أسقطتها عنه في المستقبل) ما ذكره من عدم فواتها على الأول بدخول
الثاني في هذه هو ما نقله أبو الحسن عن عبد الحق وهو ظاهر تعبير المصنف بإسقاط دون سقوط، وقيل
إن ذلك الاسقاط لا يلزمها لأنه اسقاط للشئ قبل وجوبه، وحينئذ فلا ترد للأول إذا دخل بها الثاني
وهو ما للقرافي. قوله: (فيفسخ نكاحها) أي لأجل عدم ثبوت موت زوجها المفقود. وقوله: فاعتدت
أي من فسخ النكاح. وقوله: فلا تفوت بدخول الثالث أي ولو ولدت منه أولادا ولا حد عليها لان
دعواها موته شبهة تدرأ عنها الحد كذا في عبق وتأمله. قوله: (بشهادة غير عدلين) أي شهادتهما
على موت الأول الغائب. قوله: (فتزوجت ثالثا بشهادة عدلين) أي على موت الزوج الغائب.
قوله: (قبل نكاحه) أي نكاح المتزوج بشهادة غير عدلين. قوله: (وإن أبين أي الباقيات من كون
الضرب لمن قامت إلخ) بل وكذا إن أبين من القيام ومن الرفع حين قامت الأولى ثم قمن بعد ذلك
فلا يضرب لهن أجل مستأنف بل يكفي أجل الأولى اه‍ بن. قال ح: وكلام ابن فرحون مع ما نقل
481

ابن يونس والمتيطي عن مالك أنهن إذا قمن بعد مضي الاجل المضروب للأولى وبعد انقضاء عدتها
فإن ذلك يجزيهن ولا يحتجن إلى عدة، قال الشيخ سالم: لكن يشكل على ذلك إذا أنفقن من ماله في عدة
الأولى ثم قمن هل يرجع عليهن بما أنفقن من ماله من حين أخذ الأولى في العدة وإلا لزم ترجيحهن
عليها بلا مرجح. قوله: (أو لثبوت موته) هذا إذا كانت نفقتها مستمرة وإلا نجز عتقها عند أكثر
الموثقين وصوبه ابن سهل وقيل إنها تطالب بسعيها في معاشها لثبوت موته أو لمضي مدة التعمير
فتعتق من رأس المال واليه ذهب ابن الشقاق وابن العطار وابن القطان وزاد ابن عرفة قولا ثالثا انها
تزوج (قوله فيورث حينئذ) أي حين إذ ثبت موته أو مضت مدة التعمير وظاهره ولو لم يحكم بموته
وليس كذلك، فالمراد وورث ماله حين إذ ثبت موته أو مضت مدة التعمير مع الحكم بموته، والمعتبر
وارثه يوم الحكم بموته لا وارثه يوم الفقد ولا وارثه يوم بلوغه مدة التعمير بدون حكم كما نقله ح عن
ابن عرفة ونصه وأقوال المذهب واضحة بأن مستحق إرثه وارثه يوم الحكم بموته لا يوم بلوغه سن
تمويته. قوله: (وبقيت زوجة الأسير ومفقود أرض الشرك للتعمير) أي ثم حكم بموته واعتدت زوجة
كل عدة وفاة وقسم ماله على ورثته فإن جاء بعد القسم لتركته لم يمض القسم ويرجع له متاعه. قوله: (كما لو
خشيتا الزنا) فإن لهما التطليق ولو كانت نفقتهما دائمة، وينبغي أن يكون ما شك في فقده هل بأرض
الاسلام أو الكفر كالمفقود في بلاد الكفر تحقيقا احتياطا في زوجته وماله؟ قاله عبق. قوله: (وحكم
بخمس وسبعين) ابن عرفة المتيطي عن الباجي في سجلاته قيل يعمر خمسا وسبعين وبه قضى ابن زرب
اه‍. ولم يعلم من كلام المصنف حكم من فقد وقد بلغ سن التعمير أو جاوزه كمن فقد وهو ابن سبعين
أو ثمانين. ابن عرفة: وعلى ابن السبعين إذا فقد لها زيد له عشرة أعوام. أبو عمران: وكذا ابن الثمانين وإن فقد
ابن خمس وتسعين زيد له خمس سنين وإن فقد ابن مائة اجتهد فيما يزاد له اه‍ بن. قوله: (على التقدير)
أي على ما يقدرونه بغلبة ظنهم أي أنهم يشهدون بما يغلب على ظنهم واغتفر ذلك للتعذر. قوله: (يحمل
عند الجهل) أي عند جهل حاله من الطوع والاكراه، وذلك إذا لم تقم بينة أصلا أو قامت بينتان
إحداهما بالطوع والأخرى بالاكراه، كذا قال عبق وفيه نظر لأنه إنما يكون قيامهما كالجهل إذا
عدم المرجح لإحداهما فيتساقطان، أما حيث وجد المرجح كما هنا وهو كون بينة الاكراه مثبتة وهي
مقدمة على النافية كما في التوضيح وغيره فلا يكون قيامهما كالجهل اه‍ بن. ولو تزوجت زوجة من
تنصر وشك فيه هل تنصر طوعا أو كرها ثم ثبت أنه مكره فكامرأة المفقود في كونها تفوت على الأول
بدخول الثاني غير عالم، وقيل كالمنعي لها زوجها فلا تفوت على الأول أصلا، وأما لو علم إكراهه فكالمسلم
تبقى زوجته في عصمته وينفق عليها من ماله. قوله: (بعد انفصال الصفين) الذي في المقدمات في هذا
ما نصه فتعتد امرأته ويقسم ماله قيل من يوم المعركة قريبة كانت المعركة من بلده أو بعيدة وهو قول
سحنون، وقيل بعد أن يتلوم له بقدر ما ينصرف من هرب أو من انهزام، فإن كانت المعركة على بعد من
بلاده مثل أفريقية من المدينة ضرب لامرأته أجل سنة ثم تعتد وتتزوج ويقسم ماله اه‍. فأنت
تراه عزا الأول لسحنون ونحوه في نقل ابن يونس، وعزا ابن يونس الثاني لابن القاسم عن مالك ونحوه في
النوادر كما نقله عنها شارح التحفة، وعزا المتيطي الأول لمالك وابن القاسم، وعزا الثاني للعتبية ووافقه
التوضيح في عزو الأول، ثم قال في التوضيح: جعل ابن الحاجب الثاني خلافا للأول ابن عبد السلام
وجعله بعضهم تفسيرا له وإليه أشار المصنف هنا بالتفسيرين. ثم اعلم أن عبارتهم اختلفت في الأول،
فعبارة ابن يونس وابن رشد وعبد الحق من يوم المعركة، وعبارة اللخمي والمتيطي وابن شاس من
482

التقاء الصفين، وعبر ابن الحاجب وتبعه المصنف بقوله بعد انفصال الصفين ولم يتعقبه ابن عرفة ولا
غيره من شارحه وإنما تعقبه اللقاني وأجاب بأن المراد أنها تشرع في العدة بعد الانفصال وتحسبها
من يوم الالتقاء اه‍ وفيه نظر، والصواب أن عبارة ابن الحاجب هي التحقق لأنه إذا كان بين الالتقاء
والانفصال أيام فيحتمل أن يكون إنما مات يوم الانفصال، فلو حسبت من الالتقاء لزم أن تكون
العدة غير كاملة فتحسب عدتها من يوم الانفصال لأنه يحتاط في العدة بدليل ما تقدم من إلغاء اليوم
الأول، ويشهد لهذا قول اللخمي في تبصرته لو كان القتال أياما أو شهرا فمن آخر يوم اه‍. على أن قولهم
من يوم المعترك وكذا من يوم الالتقاء يحتمل من ابتداء المعترك أو انتهائه فيحمل على انتهائه، وكذلك
الالتقاء يحمل على انتهائه للاحتياط في العدة فما فعله ابن الحاجب والمصنف حسن اه‍ بن. قوله: (ولكن
المعتمد إلخ) إلا أن الذي به الفتوى ما للمصنف لأنه الأحوط كذا قرر الشارح، على أن ما للمصنف
وابن الحاجب يمكن جعله تفسيرا لرواية ابن القاسم عن مالك، وأن قوله فيها من يوم التقاء
الصفين المراد من يوم آخر التقاء الصفين وهو يوم الانفصال. قوله: (ويجتهد في قدر تلك المدة) فإذا
كانت المعركة بعيدة من بلده يوسع في المدة وإن كانت قريبة يقلل فيها بالاجتهاد فيهما. قوله: (تفسيران)
لم يقل تأويلان لأنهما ليسا على المدونة كما علمت. قوله: (فبعضهم أبقاه على ظاهره) أي فيكون خلافا
لقول أصبغ. قوله: (وبعضهم حمله على قول أصبغ) أي حمله على الوفاق له والأقرب الأول. قوله: (أو
في زمنه) أي أو المرتحل في زمنه ولو لبلد لا طاعون فيها. قوله: (في بلده) أي الطاعون. قوله: (بعد سنة
كائنة بعد النظر) أي لاحتمال أسره عند العدو واعترضه طفي بأن الذي في عبارة المتيطي وابن رشد
وابن شاس وابن عرفة ومعين الحكام وجميع ما وقفت عليه من كتب أهل المذهب سوى
ابن الحاجب، وتبعه المؤلف أن السنة من يوم الرفع للسلطان لا من بعد النظر والتفتيش عليه
قال: ولم يتنبه ح ولا غيره لشئ من هذا والكمال لله. قلت: ما قاله المؤلف تبعا لابن الحاجب نقله
في المتيطية أيضا عن بعض الموثقين ووقع القضاء به في الأندلس، قال ابن عاصم في شرح التحفة
وفي المتيطية قال بعض الموثقين: ينبغي أن يكون ضرب السلطان الاجل من يوم اليأس من المفقود
لا من يوم قيام الزوجة عنده على ما استحسن من الخلاف. وقال ابن عاصم أيضا عقب ما مر: ولا
تعارض بين نقل ابن رشد وقول أشهب أنه يتلوم من يوم الرفع مع ما تقدم عن بعض الموثقين لان
محمل نقل ابن رشد إنما هو من يوم اليأس لأنه يكون قريبا من الرفع فعبر بالرفع عنه تجوزا اه‍. فقد
تأول ابن عاصم عبارة ابن رشد وردها لما به القضاء. قوله: (ولما أنهى الكلام على أحكام المفاقيد
الأربعة) أي المفقود في بلاد الاسلام وحكمه أنه يؤجل أربع سنين بعد البحث عنه والعجز عن
خبره ثم تعتد زوجته والمفقود بأرض الشرك كالأسير، وحكمهما أن تبقى زوجتهما لانتهاء مدة
التعمير، ثم تعتد زوجته والمفقود في الفتن بين المسلمين وحكمه أن تعتد زوجته بعد انفصال الصفين
والمفقود في الفتن بين المسلمين والكفار وحكمه أن يؤجل سنة بعد النظر والكشف عنه ثم تعتد
زوجته، هذا حاصل ما تقدم، وظاهره أنه لا يحتاج للحكم بموته في الأقسام كلها ولا لاذن القاضي
للزوجة في العدة. قوله: (وجوبا على الزوج) أي إذا كان حيا. قوله: (استمرت في البائن) أي مطلقا
كان المسكن ملكا له أو لا نقد كراءه قبل موته أم لا والأجرة حينئذ رأس المال. قوله: (على تفصيل)
483

أي وهو أن يكون المسكن ملكا له أو نقد كراءه قبل الموت وإلا فلا سكنى لها، فالرجعية إذا مات زوجها
مثل المتوفى عنها وهي في العصمة في التفصيل المذكور لأنها متوفى عنها بدليل انتقالها أي الرجعية
لعدة الوفاة كما مر. قوله: (كالمزني بها غير عالمة) أي فإن لها الصداق والسكنى على من زنى بها، وأما لو
كانت عالمة فلا صداق لها ولا سكنى. قوله: (إن السكنى) أي سكنى المحبوسة بسببه. قوله: (فكان عليه
حذفه) أي لأنه لا يصح رجوعه للمعتدة ولا للمحبوسة إذ لا فرق بينهما وذلك لان المطلقة البائن لها
السكنى ولو مات عند ابن القاسم في المدونة خلافا لرواية ابن نافع أنها تسقط بالموت، وكذلك المحبوسة
لها السكنى سواء طلع على موجب الحبس في حال حياته أو بعد موته عند ابن القاسم في المدونة، ويمكن
الجواب عن المصنف بجعل قوله في حياته متعلقا بالمحبوسة على معنى أن من حبست في حياته أي
اطلع على موجب حبسها قبل موته وفرق بينهما في حياته يجب لها السكنى ولو مات بعد ذلك، فبهذا
التأويل يصح كلام المصنف ويكون جاريا على قول ابن القاسم في المدونة. قوله: (وللمتوفى عنها) هذا
شامل لأم الولد. قوله: (مطيقة) أي وأما غير المطيقة فلا سكنى لها إلا بالشرط الآتي وهو إذا أسكنها
قبل الموت مطلقا دخل بها أم لا، ويدل لذلك قول المدونة ونقله المواق، ومن دخل بصغيرة لا يجامع
مثلها فلا عدة عليها ولا سكنى لها في الطلاق وعليها عدة الوفاة ولها السكنى إن كان ضمها إليه وإن لم
يكن نقلها اعتدت عند أهلها. ابن يونس: قال أبو بكر بن عبد الرحمن وإن كان إنما أخذها ليكفلها ثم
مات لم يكن لها سكنى. قوله: (ولو حكما) أي بأن كانت مطلقة قبل موته طلاقا رجعيا. قوله: (كما سينبه
عليه) أي بقوله واستمر إن مات أي واستمر المسكن إن مات المطلق. قوله: (لا بلا نقد) هذا بيان لمحترز
الشرطين في وجوب السكنى للمتوفى عنها، وصرح بمفهوم الشرط لما فيه من التفصيل. قوله: (وجيبة)
أي مدة معينة. قوله: (أو مشاهرة) أي وهو العقد على المدة الغير المعينة ككل شهر أو كل سنة أو كل
جمعة بكذا. قوله: (تأويلان) أي في الوجيبة وأما المشاهرة فلا سكنى لها قولا واحدا. والحاصل أنه
إن نقد الكراء كان لها السكنى سواء كانت وجيبة أو مشاهرة اتفاقا وإن لم ينقد ففي المشاهرة لا سكنى
لها اتفاقا وفي الوجيبة تأويلان. قوله: (إلا أن يسكنها) أي فإذا أسكنها معه في حال حياته ثم مات
وجبت له السكنى، والفرض أن المسكن له أو نقد كراءه كما قال الشارح وإلا فلا. قوله: (إن لها) أي
للصغيرة التي أسكنها معه في حال حياته لأجل كفالتها ثم مات. قوله: (وعلم إلخ) أي لان حاصل كلامه
أن غير المدخول بها متى أسكنها معه فلها السكنى سواء كانت مطيقة أم لا إلا إذا كانت صغيرة وقصد
بإسكانها معه كفالتها ثم مات فلا سكنى لها، وما ذكره الشارح من أن الاستثناء الأول عام هو الصواب
لا خاص بالصغيرة كما في عبق. قوله: (على ما كانت تسكن مع زوجها في حياته) الأولى قبل طلاقها
وفي حال حياته. قوله: (ورجعت له) أي لمحل سكناها. قوله: (فليست الواو للحال) أي بل للاستئناف
484

لان جعلها للحال يقتضي أن الاتهام شرط في رجوعها كأن يطلقها بالقرب من نقلها أو يموت
بالقرب من مرضه الذي نقلها فيه بخلاف جعلها للاستئناف فإنه لا يقتضي ذلك لان المعنى والشأن
اتهامه مطلقا وأجرة الرجوع عليه إن كانت وقت الفراق بغير مسكنها كما في المج. قوله: (غير واجبة)
أي بأن كانت في بيت أهلها زائرة لهم. قوله: (ورجعت وجوبا لتعتد بمنزلها مع ثقة) يعني أنها إذا خرجت
للحج ضرورة مع زوجها فمات أو طلقها بعد سيرها ثلاثة أيام فإنه يجب رجوعها لتعتد بمنزلها إن بقي
شئ من العدة بعد وصولها له ولو يوما واحدا. إن قلت: متى كان الطلاق أو الموت بعد سير ثلاثة
أيام فإنها إذا رجعت تدرك غالب العدة في منزلها فلا معنى لذلك الشرط. قلت: يمكن إقامتها في محل
الطلاق لمرض اعتراها أو لانتظار الثقة الذي ترجع معه تأمل، ثم إن هذا الشرط أعني قوله إن بقي شئ
من العدة ينبغي رجوعه لجميع المسائل التي فيها الرجوع السابقة واللاحقة ولذا لو أخره المصنف
عن جميعها كان أحسن. قوله: (كما لو دخلت في الاحرام) أي ولو في أول يوم من سفرها.
قوله: (ورجعت في الحج) أي ورجعت في الحج التطوع إذا مات زوجها أو طلقها وإن وصلت بمكة
ورجعت في غيره من النوافل كالرباط ولو وصلت لمحل الرباط. قوله: (لكان أحسن) لان المنظور له
خروجها هي كان الزوج خارجا معها أو لا. قوله: (لا إن كان الخروج لمقام هناك) أي فلا يجلب عليها لان
ترجع لمحل سكناها. قوله: (والأحسن رجوعها ولو أقامت نحو الستة أشهر) أي أنه إذا كان الحج
تطوعا أو سافرت لرباط ووصلت لمكة أو لمحل الرباط وأقامت هناك ستة أشهر أو سبعة وطلقها
زوجها أو مات فالأحسن عند ابن المواز رجوعها لبلدها مع ثقة لتتم عدتها بمحل سكناها، لكن الذي في
التوضيح أن محمدا استحسن الرجوع في الأشهر وفي السنة وهو الموافق لعبارة التونسي وابن عرفة،
وهذا خلاف ما يقتضيه المصنف، فلعل ما في المتن تحريف وأن الأصل ولو أقامت السنة أو
الأشهر كما في عبارة غيره قاله طفي. وقول الزرقاني وفي قوله الستة أشهر نظر، هذا النظر
مبني على أن العدد في كلام المصنف مضاف للأشهر، ويصح أن يكون أشهر بدلا من الستة
لا مضاف إليه فينتفي الاعتراض انظر بن. قوله: (مخيرة تعتد إن شاءت بأقربهما أو أبعدهما)
أي المكانين المنتقل منه وإليه، وقوله أو بمكانها أي الذي هي فيه وقت الموت أو الطلاق،
وما قرر به شارحنا كلام المصنف من التخيير فقد تبع فيه غيره من الشراح، وظاهر كلام
ابن عرفة أن هذه أقوال وأنه ذكر في المسألة ستة أقوال كما ذكره شيخنا نقلا عن اللقاني.
قوله: (أي على الزوج المطلق لها) أي في حال سفرها لحجة الاسلام أو التطوع كالرباط.
قوله: (لكان أحسن) أي لان المدار في لزوم الكراء له رجوعها سواء رجع معها أو لا، وكما يلزمه أجرة
رجوعها في الطلاق يلزمه أيضا كراء المنزل الذي ترجع إليه. قوله: (إذا اعتدت حيث شاءت) أي
في سفر الانتقال. قوله: (نبه على ذلك إلخ) أي نبه على ما إذا طرأ موجب العدة بعد تلبسها بحق الله.
485

قوله: (ومضت المحرمة أو المعتكفة) أي مضت المحرمة على إحرامها إن طرأ عليها عدة أو اعتكاف
ومضت المعتكفة على اعتكافها إن طرأ عليها عدة أو إحرام، ولو حذف قوله أو أحرمت وعصت وقال
عوضه كالمعتدة إن اعتكفت لا إن أحرمت لو في بالصور الست كلها اه‍ بن. قوله: (إذا طرأت عليها
عدة) أي من وفاة أو طلاق. قوله: (بخلاف ما لو طرأ اعتكاف) أي على عدة. قوله: (فلا تنفذ له) أي فلا
تخرج له. قوله: (والحاصل أن الصور ست) أي لأنها إما أن تكون متلبسة بإحرام أو اعتكاف أو
عدة ثم يطرأ عليها واحد من الثلاثة فالصور العقلية تسعة والواقعية ستة لان المتلبسة بالاحرام إما أن
يطرأ عليها عدة أو اعتكاف، والمتلبسة بالعدة إما أن يطرأ عليها إحرام أو اعتكاف، والمتلبسة بالاعتكاف
إما أن يطرأ عليها إحرام أو عدة. قوله: (فتتم السابق ولا تخرج للاحق إلخ) حاصله أنها تتم السابق في
خمسة وهي ما إذا كانت معتكفة وطرأ عليها إحرام أو عدة أو كانت محرمة وطرأ عليها اعتكاف أو
عدة أو كانت معتدة وطرأ عليها اعتكاف فإن طرأ عليها إحرام مضت على إحرامها. قوله: (عنده) أي
تبيت فيه عنده. وحاصل فقه المسألة أن الأمة التي لم تبوأ أي لم يسكنها زوجها في بيت لا سكنى لها على
الزوج لا في عدة طلاق ولا في وفاة بل تعتد عند ساداتها ولها الانتقال حينئذ مع ساداتها إذا انتقلوا كما
كان لها ذلك وهي في عصمته حيث لم تبوأ كما قدمه المصنف بقوله: وللسيد السفر ممن لم تبوأ ولا كلام
لزوجها لان حق الخدمة لم ينقطع بالتزويج، وأما التي بوئت مع زوجها فلها السكنى في طلاقه أو موته،
وليس لساداتها نقلها معهم عند أبي عمران ومن وافقه ولهم نقلها معهم عند ابن يونس وابن عرفة كما
في بن والبدر. قوله: (حيث كان يتعذر لحوقها بهم بعد العدة) أي لو بقيت معتدة بمحل أهل زوجها
فإن لم يتعذر لحوقها بأهلها بعد انقضاء العدة بمحل زوجها لم ترتحل، واحترز المصنف بالبدوية عن
الحضرية والقروية فلا ترتحل مع أهلها بل تعتد بمحلها، فإذا مات زوجها أو طلقها وكانت في حضر أو
في قرى فلا يجوز انتقالها مع أهلها ولا مع أهل زوجها حتى تنقضي العدة كما في الجلاب. قوله: (فلا ترتحل
معهم) أي مطلقا سواء كان عليها إذا ارتحلت معهم مشقة في عودها لأهلها أم لا، هذا هو المعتمد لان
شأن الانتقال والعود المشقة خلافا لمن قال: إنها تؤمر بالارتحال معهم إذا كان لا مشقة عليها في العود
لأهلها بعد العدة قاله شيخنا ومثله في بن. قوله: (وكانتقال لعذر) أي أنه يجوز لها الانتقال لما أحبت
من الأمكنة ولو أراد الزوج خلافه إلا لغرض شرعي كصون نسبه لأجل عذر لا يمكن المقام معه
بمسكنها. قوله: (كسقوطه) أي وكوحشة لانتقال جيران، وأما الخوف فيأتي لها بمؤنسة ولا تخرج
والمؤنسة تابعة للنفقة. قوله: (فإن انتقلت لغير عذر) أي ولو بإذن مطلقها ردت بالقضاء أي لان بقاءها
مدة العدة في مكانها الذي كانت ساكنة فيه حين الموت أو الطلاق حق لله تعالى. قوله: (وجاز لها الخروج)
في حوائجها طرفي النهار أي وأولى في النهار، ومحل جواز خروجها في طرفي النهار إن كان ذلك الزمان
مأمونا وإلا فلا تخرج فيهما بل نهارا. ابن عرفة: وفيها لها التطرق نهارا والخروج سحرا قرب الفجر وبعد
المغرب وترجع ما بينها وبين العشاء الأخيرة. اللخمي: قال مالك لا بأس أن تخرج قبل الفجر وأرى أن يحتاط
للأنساب فتؤخر خروجها لطلوع الشمس وتأتي حين غروبها، قال بعض العلماء: وكلام اللخمي هو
اللائق بعرف هذا الزمان، فالمدار على الوقت الذي ينتشر الناس فيه لئلا يطمع فيها أهل الفساد اه‍ بن.
486

قوله: (في حوائجها) أي أو لعرس كما في المدونة فلا مفهوم لحوائجها وإذا خرجت لحوائجها أو لعرس
فلا تبيت بغير مسكنها. قوله: (لا تخرج لضرر) أي كمشاورة بينهم، وقوله فيما مر أو خوف جار سوء أي
على نفسها أو أنه فيمن لا يمكنها الرفع وهذا فيمن يمكنها اه‍ خش. قوله: (لحاضرة) أي بالنسبة لحاضرة
بخلاف البدوية إلا إن كان في البدو حاكم ينصف فالمدار إذن على وجود الحاكم وعدم وجوده في
الحاضرة والبادية، فمتى وجد الحاكم الذي يزيل الضرر إذا رفع إليه فلا تنتقل كانت حضرية أو بدوية،
وإن لم يوجد جاز الانتقال كانت حضرية أو بدوية والمصنف كالمدونة فرق بين الحضرية والبدوية
نظرا للشأن من وجود الحاكم في الحاضرة دون البادية، ونص ابن عرفة قلت ضابطه إن قدرت على
دفع ضررها بوجه ما لم تنتقل وحملها ابن عات على الفرق بين القرية والمدينة لان بها من ترفع أمرها إليه
بخلاف القرية غالبا اه‍ بن. قوله: (لمن سكنت زوجها معها) أي في البيت الذي تملك ذاته أو منفعته.
قوله: (قولان) الأولى تردد أي لعدم نص المتقدمين والأول من هذين القولين لابن العطار والثاني
لابن المكوى، ورده ابن راشد قائلا: إن قول ابن المكوي وهم انظر بن، ولكن الذي رجحه شيخنا
القول الثاني كما في الشارح والمج، واعلم أن محل الخلاف عند الاطلاق فإن طاعت له بالسكنى مدة
العصمة وتوابعها فلا سكنى لها قولا واحدا، وإن طاعت مدة العصمة فقط فلها السكنى قولا واحدا،
ومحله أيضا إذا اكترت المسكن قبل العقد أو كان ملكا لها قبله، وأما لو اكترته أو ملكته بعد العقد
فعليه قولا واحدا. واعلم أنه لو اشترطت له في العقد السكنى فسخ قبل البناء وثبت بعده بمهر المثل
وسقط الشرط. قوله: (وسقطت) أي سواء كانت معتدة من وفاة أو من طلاق وإنما
سقطت لأنها لما تركت ما كان واجبا لها من غير عذر فلا يلزمه بعد ولها عنه عوض. قوله: (ولو
أكراه زوجها للغير) هذا هو المعتمد، وقال اللخمي: إن أكراه رجعت بالأقل مما اكترى به الأول
وما اكترت به، واعلم أنها إذا كانت مطلقة طلاقا رجعيا وخرجت من مسكنها وأقامت بغيره
إنما تسقط سكناها، وأما النفقة فلا تسقط ولو عجز عن عودها لمحلها وما يأتي في مسقطات النفقة من
أن خروجها بلا إذن وعجزه عن ردها مسقط لها فهو خاص بمن في العصمة. قوله: (هربت أمه) أي
المطلقة أو غيرها، وقوله ممن هي عليه أي سواء كان أبا أو وليه. قوله: (ثم جاءت تطلبها) أي النفقة مدة
هروبها به. قوله: (وإلا) أي وإلا بأن علم بموضعها وقدر على ردها لم تسقط. قوله: (وللغرماء إلخ) قال ح
أبو الحسن اختلف هل للورثة بيع الدار واستثناء العدة فأجازه اللخمي ومنعه غيره لأنه غرر لان
المشتري لا يدري متى يصل لقبض الدار وإنما رخص فيه في الدين اه‍ بن. ومحل الخلاف إذا لم
يكن على الميت دين، أما إن كان عليه دين وباعها الوارث لطلب الغريم جاز اتفاقا. قوله: (وللمشتري
الخيار) أي للضرر الذي عرض له وهذا قول مالك، وقال ابن القاسم: لا خيار له لدخوله على ذلك الضرر
الطارئ فهو مصيبة نزلت به. قوله: (وللزوج بيع الدار إلخ) مثله الغرماء على الأشهر كما قاله عج.
487

قوله: (ومع توقع الحيض قولان) معناه أنه اختلف في بيع الدار واستثناء سكناها مدة البراءة والحال
أنه يتوقع حيضها لا استثناء خصوص الأشهر وذلك بحيث إنها إن حاضت تمكث حتى تنقضي مدة
الأقراء، وإن لم تحض مكثت الثلاثة أشهر، وهذا هو المراد بقول عبق واستثناء مدة العدة يعني عدتها
في نفس الامر وهكذا قرره طفي وأصله لابن عبد السلام اه‍ بن. وأما بيعها واستثناء خصوص
الأشهر فجائز اتفاقا، ثم إن من قال بالجواز نظر إلى أن الأصل بقاؤها على ما هي عليه من الاعتداد بالأشهر،
ومن قال بالمنع فقد نظر لاحتمال أن يطرأ حيضها ومدة العدة به مجهولة. والحاصل أن القولين مبنيان
على اعتبار الحال واحتمال الطوارئ، فمن نظر للحال أجاز ومن نظر لاحتمال الطوارئ منع، وعلى
الجواز لا كلام للمشتري إذا حصل لها حيض وانتقلت للاقراء لأنه دخل مجوزا لذلك وعلى المنع
يفسخ البيع. قوله: (ولو باع إلخ) حاصله أن الغرماء في المتوفى عنها كالزوج، وكذلك الغرماء في المطلقة
ذات الأشهر المتوقعة الحيض المرتابة إذا باعا الدار وقالا في عقد السلع إن زالت الريبة الحاصلة وقت
البيع أو التي ستحصل فالبيع لازم وإن استمرت فالبيع مردود فإن البيع يفسد على المشهور، وروى
أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية جوازه وأنه لا حرجة للمشتري وهذا حاصل تقرير الشارح، وما
قرر به الشارح المتن تبع فيه عبق ومثله في التوضيح واعترضه الناصر بأنه غير صحيح، وإنما معنى
كلام ابن الحاجب أن البيع بشرط مكث المعتدة إلى زوال الريبة فاسد وهذا هو المفروض في كلام
الأئمة وبه قرر المواق، قال في الجواهر: ولو وقع البيع بشرط المكث فيها إلى زوال الريبة كان فاسدا، قال
القاضي أبو الوليد: وهذا عندي على قول من يرى أن للمبتاع الخيار، وأما على قول من يلزمه ذلك فلا
تأخير للشرط انظر بن. قوله: (وله) أي لزوجها أن يسكنها فيه أي محل سكناها الأول الذي
انقضت مدة إجارته أو إعارته، قوله: (وأما من وفاة) أي وأما إذا كانت معتدة من وفاة وانهدمت الدار
التي للميت أو المستأجرة أو انقضت مدة المستأجرة فإنه لا سكنى لها لأنه إنما يكون إلخ وقوله: فإذا انهدم
أي سواء كان ملكه أو مستأجرا. وقوله: وانفسخت الإجارة أي إذا كان مستأجرا وانهدم، واعلم أن المعتدة
من وفاة إذا انهدمت مقصورتها أبدلت بمقصورة أخرى من مقاصير دار الميت، بخلاف ما إذا انهدمت
الدار بتمامه فإنها لا تبدل بغيرها ولو كانت للميت دار أخرى لانتقالها للورثة مع عدم تعلق حقها فيها
بخلاف الدار التي كانت مقصورتها بها وانهدمت المقصورة فإن الدار وإن انتقلت للورثة لكن تعلق
حقها بها من غير اعتدادها فيها. قوله: (حيث لا ضرر فيه على الزوج بكثرة كرائه) أي فإن كان فيه ضرر
عليه بسبب كثرة كرائه فلا تجاب ما لم تتحمل بالزائد وإلا أجيبت كما قاله اللخمي، قال ابن عرفة: وإنما
يلزمها الزائد من الأكثر إن كان ما دعاها إليه يليق بها اه‍ بن. قوله: (إلى خمس سنين) هذا في المرتابة
بجس بطن، وأما المرتابة بتأخر الحيضة فسنة كما مر. قوله: (كالحبس على رجل حياته) أي وبعد
موته يكون حبسا على آخر أو ملكا له، وأما لو أسقط المطلق حقه في ذلك الحبس لإنسان لم يكن لها
سكنى كما قاله عبق وفيه نظر فإن إسقاطه هبة منه، وليس للمطلق هبة مسكن المعتدة
وإخراجها منه اه‍ بن. قوله: (أي دار موقوفة على إمام مسجد) أي وأما لو كانت الدار موقوفة على
488

المسجد مطلقا فاستأجرها الامام وسكن فيها فلا تخرج منها زوجته إلا لتمام أجله كالمكتراة
من أجنبي. قوله: (فللامام الثاني أخراج زوجة الأول) هذا هو ظاهر المصنف، والذي في كلام
غيره أن الاخراج يتوقف على جماعة أهل المسجد، ففي المواق وكذلك زوجة إمام المسجد
الساكن في داره تعتد زوجته فيها إلا أن يرى جيران المسجد أن اخراجها من النظر فذلك لهم قاله
ابن العطار اه‍. وقال ابن ناجي: اختلف إذا مات إمام المسجد وهو ساكن في الدار المحبسة عليه
فقيل كمسألة الأمير قاله بعض القرويين، وبه جرى عمل قرطبة كما قال ابن عات، ولم يحك ابن شاس
وابن الحاجب غيره، وقيل تخرج منها إن أخرجها جماعة أهل المسجد قاله ابن العطار واقتصر على
قوله أكثر الشيوخ اه‍. ونحوه في عبارة ابن عرفة والمتيطي والجواهر وابن فتحون عن ابن العطار اه‍.
فانظر لم ترك المصنف هذه الزيادة اه‍ بن. قوله: (ولأم ولد يموت عنها إلخ) حاصله أنه إذا
مات عن أم ولده فلها السكنى مدة استبرائها وذلك بحيضة ولا نفقة لها ولو كانت حاملا، وإذا
أعتقها وهو حي كان لها السكنى أيضا وكان لها النفقة إذا كانت حاملا. قوله: (السكنى) أي إذا
كان المسكن له أو نقد كراءه على ما تقدم في الحرة كما صرح بذلك أبو الحسن في شرح المدونة.
قوله: (لكن لا يلزمها المبيت) أي في محل سكناها سواء مات سيدها أو أعتقها، ثم إن هذا خلاف قول
المدونة قال مالك: ولا أحب لها المواعدة فيها ولا تبيت إلا في بيتها ولا إحداد عليها، لكن قال ابن عرفة
بعده: قلت قولها ولا تبيت إلا في بيتها خلاف نقل ابن رشد عن المذهب لها المبيت في الحيضة في غير
بيتها من عتق أو وفاة اه‍. وكذا نقل ابن يونس ما نصه ابن المواز لها أن تبيت في غير بيتها مات
السيد أو أعتقها اه‍ بن. فقد علمت أن ما قاله الشارح طريقة مرجحة وإن كانت مخالفة لطريقة
المدونة. قوله: (لم تؤخر) أي مدة طويلة كالحامل بل إما أن ترجع للاسلام أو تقتل بعد الاستبراء
بحيضة فقوله: واستبرئت أي قبل قتلها بحيضة. قوله: (ولها السكنى فقط) أي على زوجها في
مدة استبرائها لأنها محبوسة بسببه، واستشكل شيخنا العدوي ثبوت السكنى للمرتدة بأنها تسجن
حتى تتوب أو تقتل، وأجاب بأنه يفرض فيما إذا غفل عن سجنها أو كان السجن في بيتها.
قوله: (والمشتبهة إلخ) حاصل ما في هذه المسألة أن المرأة التي غلط بها تارة تكون لا زوج لها وتارة
تكون لها زوج، وإذا كان لها زوج فتارة تكون مدخولا بها وتارة لا، فإن لم تكن ذات زوج فإن
حملت فالنفقة والسكنى على الغالط، وإن لم تحمل فالسكنى عليه والنفقة عليها، وإن كانت ذات زوج
ولم يدخل بها فإن حملت من الغالط فسكناها ونفقتها على الغالط، وإن لم تحمل فالسكنى على الغالط
والنفقة عليها لا على الغالط على الراجح، وأما لو بنى بها زوجها فنفقتها وسكناها على زوجها حملت
أم لا إلا أن ينفي الزوج حملها بلعان فلا نفقة لها عليه ولها السكنى على الزوج ما لم يلتحق بالغالط فإن لحق
به فالنفقة والسكنى حينئذ على الغالط. قوله: (فلها النفقة والسكنى) أي وإن لم تحمل فلها السكنى فقط
ولا نفقة على الراجح. قوله: (قولان) الأول حكاه ابن يونس عن أبي عمران، والثاني عن بعض
التعاليق، ورجح ابن يونس الأول، فالأولى للمصنف الاقتصار عليه أو أنه يقول تردد اه‍، ثم إن
حكاية القولين على ما ذكره المصنف هو ما في التوضيح، والذي في عبارة ابن عبد السلام على الزوج
أو على الواطئ ووهمه فيها ابن عرفة وعبارته على الزوج أو عليها.
489

فصل يجب الاستبراء حيث علق الوجوب بالاستبراء علم أن المراد به الكشف عن حال الرحم
لأنه هو الواجب لا المدة. وقوله بحصول الملك أي بسبب الملك الحاصل أي المتجدد، واعلم أن الجارية
لا تصدق في دعواها الاستبراء بحيض أو وضع أو حمل حتى ينظرها النساء كما في حاشية شيخنا.
قوله: (بشراء إلخ) أي فإذا اشترى جارية أو وهبت له أو تصدق بها عليه وأراد وطأها فيجب عليه
استبراؤها قبل أن يستمتع بها. وفي عج: يجب الاستبراء بالشروط المذكورة سواء اشتراها للوطئ أو
للخدمة وهو خلاف الظاهر من عبارات الأئمة، ففي الجلاب: ومن اشترى أمة يوطأ مثلها فلا يطؤها
حتى يستبرئها بحيضة اه‍. وفي المقدمات ما نصه: واستبراء الإماء في البيع واجب لحفظ النسب ثم قال:
فوجب على كل من انتقل إليه ملك أمة ببيع أو هبة أو بأي وجه من وجوه الملك ولم يعلم براءة رحمها
أنه لا يطؤها حتى يستبرئها رفيعة كانت أو وضيعة اه‍. وفي التنبيهات ما نصه: الاستبراء لتمييز ماء
المشتري من ماء البائع ثم قال فيمن لا تتواضع وهي التي لم يقر البائع بوطئها والحال أنها من وخش الرقيق
فهذه لا مواضعة فيها ولا استبراء إلا أن يريد المشتري الوطئ، فواجب عليه أن يستبرئ لنفسه مما
لعلها أحدثته اه‍. وفي المعونة ما نصه: من وطئ أمة ثم أراد بيعها فعليه أن يستبرئها قبل البيع وعلى
المشتري أن يستبرئها قبل أن يطأها اه‍. فتحصل أنه لا يستبرئ المشتري إلا إذا أراد الوطئ والبائع
لا يستبرئ إلا إذا وطئ، وكذلك سوء الظن لا يستبرئ المالك لأجله إلا إذا أراد الوطئ أو التزويج
كما يأتي اه‍ بن. قوله: (ولا بتزوج) أي فمن تزوج أمة لا يجب عليه استبراؤها. قوله: (تحت يده) أي
وكانت تحت يده مدة الخيار. قوله: (ولم يلج عليها سيدها) أي لم يدخل عليها أي لم يختل بها. قوله: (حتى
اشتراها) أي كشراء بائعها قبل غيبة المشتري لها عليه فإذا باعها سيدها لإنسان ثم اشتراها منه
بالحضرة قبل أن يختلي بها فلا استبراء عليه. قوله: (ولم يكن وطؤها مباحا) أي في نفس الامر احترازا
عما لو كشف الغيب أن وطأها حرام كمن كان يطأ أمته ثم استحقت فاشتراها من مستحقها فلا
يطؤها حتى يستبرئها لان الوطئ الأول وإن كان مباحا في الظاهر إلا أنه فاسد في نفس الامر.
قوله: (وإن صغيرة) أي هذا إذا كانت الأمة التي حصل ملكها كبيرة يمكن حملها بل وإن صغيرة أطاقت
الوطئ أو كبيرة لا يحملان عادة، فمصب المبالغة قوله لا يحملان عادة لا قوله أطاقت الوطئ لأنه يصير
التقدير، هذا إذا لم تطق الوطئ بل وإن أطاقته، وهذا فاسد لأنه لا استبراء إن لم تطق كما يأتي.
قوله: (كبنت ثمان) هذا مثال لما لا تطيق الوطئ وقد نص المتيطي عليه والحق أن هذا يختلف باختلاف
البلدان. قوله: (كبنت تسع سنين) مثال للصغيرة التي تطيق الوطئ ولا تحمل عادة. قوله: (فيجب استبراء
كل إلخ) لا يقال: ان التي لا يمكن حملها عادة قد تيقنت براءتها وقد تقدم أن شرط وجوب الاستبراء
أن لا توقن البراءة. لأنا نقول: الشرط عدم تيقن البراءة من الوطئ لا من الحمل، فمتى لم تتيقن براءتها من الوطئ
وجب الاستبراء تيقن براءة رحمها من الحمل أم لا. قوله: (أو وخشا) عطف على صغيرة فهو داخل في
حيز المبالغة أي هذا إذا كانت علية بل وإن كانت وخشا، هذا إذا كانت ثيبا بل وإن كانت بكرا،
والوخش بسكون الخاء الحقير من كل شئ ويطلق الوخش أيضا على الرذل من الناس. قوله: (أو بكرا)
أي لاحتمال إصابتها خارج الفرج وحملها مع بقاء البكارة. قوله: (أو رجعت لسيدها) أي أو لزوجها إن
كانت متزوجة. وقوله: من غصب إلخ اعلم أن نفقتها في حال استبرائها على سيدها لا على الغاصب
ولو حملت لعدم لحوق الولد به وقد قالوا إن المدار في كون النفقة على الواطئ لا على كون الولد لاحقا
به، كما أن المدار في المسكن على كونها محبوسة بسببه اه‍ بن. قوله: (فقوله بحصول الملك مراده به
الاستقرار) أي أن المراد بحصول الملك الاستقرار تحت يد المالك لأجل أن يشمل هذه أي الراجعة
490

من غصب، وكذا ما بعدها وهي الراجعة من سبي، وقد يقال: لا داعي لذلك بل مراد المصنف بقوله
بحصول الملك أي على جهة الانشاء أو التمام فينطبق حينئذ على الراجعة من غصب أو سبي لان الملك
فيهما وإن لم ينتقل على المذهب من أن دار الحرب لا تملك إلا أنه حصل فيه خلل بعدم التصرف، فإذا
رجعت من الغاصب أو السابي فقد تم الملك. قوله: (أو رجعت من سبي) قال فيها: إذا سبى العدو أمة أو
حرة لم توطأ الحرة إلا بعد ثلاث حيض والأمة إلا بعد حيضة ولا يصدقن في نفي الوطئ وإن زنت
الحامل فلا يطؤها زوجها حتى تضع أي لا يطؤها زوجها الذي حملت منه قبل الزنا حتى تضع والنهي
للكراهة، وقيل إنه للتحريم، وقيل إنه خلاف الأولى، وقيل إن الوطئ جائز، والمعتمد كما تقدم عن
ابن رشد أن وطئ الزوج لها قبل وضعها حرام، أما لو حصل لها الحمل من الغاصب لحرم على زوجها
وطؤها حتى تضع باتفاق. قوله: (أو غنمت أو اشتريت ولو متزوجة) قيل: إن هذا مستغنى عنه بقوله
بحصول الملك أي وحينئذ فالأولى حذفه، وقد يقال: إن الاستغناء عنه بحصول الملك لا يضر لأنه اعياء
عليه مندرج تحته مع ما قبله وما بعده، نعم يعترض على المصنف باعتراض آخر وهو أن قوله: أو غنمت أو
اشتريت لا حاجة له لأنه عين ما قبل المبالغة في قوله: أو رجعت من غصب أي هذا إذا غنمت أو
اشتريت بل ولو رجعت من غصب انتهى عدوي. قوله: (لان المبالغة في متزوجة إلخ) حاصله أن قوله:
أو اشتريت داخل في حيز المبالغة لأنه عطف على قوله صغيرة وحينئذ فيكون قوله: أو اشتريت مبالغة
في متزوجة اشتراها غير الزوج والحال أنها طلقت قبل البناء، وإذا كانت المبالغة المذكورة حصلت
بالعطف فلا حاجة لقوله: ولو لحصول المبالغة بغيرها. قوله: (ولا ينزل منزلة الزوج في عدم الاستبراء)
وذلك لان الزوج يباح له وطؤها من غير استبراء اعتمادا على إخبار السيد أنه استبرأها، والمشتري
لا يعتمد على اخباره اتفاقا والفرق بينهما تعبدي كما قرره شيخنا العدوي. قوله: (خلافا لسحنون)
القائل إنه لا يجب على ذلك المشتري استبراؤها لان الفرض أنها غير مدخول بها فلا وجه للاستبراء
عنده. قوله: (كالموطوءة إلخ) هذا تشبيه في الاستبراء المفهوم من قوله: يجب الاستبراء بحصول
الملك وكأنه قال: يجب الاستبراء بحصول الملك كما يجب باخراجه حقيقة أو حكما، وقول الشارح
كالموطوءة لسيدها مفهومه أنها لو كانت موطوأة لغيره بأن زنت فلا يجب على السيد استبراؤها إذا أراد
بيعها، وأما إن أراد تزويجها فإنه يجب عليه استبراؤها. والحاصل أنه لا يجب الاستبراء في البيع
إلا من وطئ المالك، وفي التزويج يجب من وطئ المالك وغيره هذا هو الذي يدل عليه كلامهم، والفرق
أن النكاح لا يصح في المستبرأة مطلقا بخلاف البيع فإنه يجوز بيع المعتدة والمستبرأة من غير المالك
انظر بن. قوله: (فلا بد من استبراء ثان للمشتري) أي إذا أراد وطأها ولا يعتمد على قول البائع
أنه قد استبرأها قبل بيعه. قوله: (وجاز للمشتري من مدعيه تزويجها قبله) قال شيخنا: هذه يفهم منها
قوله وقبل قول سيدها بالأولى، وذلك لأنه إذا جاز للزوج وطؤها اعتمادا على قول المشتري اشتريتها
ممن يدعي أنه استبرأها، فأولى أن يعتمد على قوله استبرأتها، وقوله تزويجها أي وأما وطؤه هو أي
المشتري فلا يجوز له أن يعتمد فيه على دعوى البائع أنه استبرأها كما مر، أي وكذلك يجوز للمشتري
من مدعيه بيعها من غير استبراء اعتمادا على دعوى البائع كذا قال عبق وفيه نظر، إذ لا يحتاج في
هذا الاعتماد إذ لا يجب الاستبراء لإرادة البيع إلا في الموطوأة للبائع، وهذه غير موطوأة للبائع.
قوله: (على استبراء واحد) قال بن: الذي يتبادر من النقل أن المراد استبراؤها قبل عقد الشراء فقط، وبذلك
ينتفي تكراره مع المواضعة الآتية، فقول الشارح: بأن توضع إلخ أي قبل عقد الشراء، وقوله حتى ترى
الدم أي فبعد رؤيته يحصل الشراء ولا يحتاج المشتري لاستبراء ثان. قوله: (حيث يجب على كل منهما)
491

أي بأن كان البائع قد وطئها والمشتري اشتراها لأجل الوطئ. قوله: (أي ويجب استبراء الأمة)
أي وكذلك الحرة إذا وطئت غلطا لكن بثلاثة أقراء. قوله: (كما لو زنت) أي كما يجب استبراؤها
لو زنت أو غصبت. قوله: (قبل أن يطأها) متعلق بقوله: يجب استبراء الأمة إذا وطئت غلطا، وظاهره
وجوب استبرائها ولو كانت ظاهرة الحمل من السيد قبل الوطئ باشتباه وما معه من الزنا والغصب،
وهو ما اختاره ابن رشد لاحتمال انفشاش الحمل، وقيل إنه لا يجب الاستبراء في هذه الحالة ولا يحرم
وطؤها ولا الاستمتاع بها. قوله: (في هذه) أي الموطوأة باشتباه. قوله: (مع أن الولد لاحق به) أي
بالسيد لأنه للفراش. وقوله: تظهر إلى آخر ما ذكره من التفصيل في الحد وعدمه مقيد بما إذا كان الولد
يمكن أن يكون من وطئ الشبهة بأن أتت به لستة أشهر فأكثر من وطئ الشبهة، أما إن أتت به لخمسة
أشهر منه فالحد مطلقا ومقيد بما إذا لم ينفه السيد وإلا فلا حد. قوله: (فيمن رماه) أي رمى ولد الموطوأة
بشبهة. قوله: (مودعة أو مرهونة مثلا) أي والحال أنها حاضت عنده. قوله: (أو يدخل عليها) أي
يختلي بها سيدها أو غيره وهي عند المودع أو المرتهن، وأما سيأتي من أن من اشترى الأمة المودعة
أو المرهونة عنده والحال أنها قد حاضت عنده فلا يجب عليه استبراؤها فمحمول على ما إذا كانت لا تخرج
ولم يغب عليها أحد فيما يأتي مفهوم ما هنا. قوله: (لان ذلك يشق في أمته) أي لان الاستبراء في أمته كلما
خرجت ودخلت فيه مشقة، بخلاف المرهونة والمودعة إذا كانتا تخرجان واستبرأهما، فإن استبرأ
كل واحدة مرة واحدة فلا مشقة فيه، هذا وقد أفاد بعضهم أن محل كون أمته التي تخرج في قضاء
الحوائج لا استبراء فيها إذا كانت مأمونة، أما غيرها فيجب استبراؤها إذا خرجت قولا واحدا، وفي
المجهولة الحال قولان قاله شيخنا. قوله: (أو محرم) أي أو كانت الأمة مملوكة لمحرم من محارمها بأن كانت
مملوكة لابن أخيها أو ابن أختها وباعها لرجل أجنبي منها فيجب عليه استبراؤها إذا أراد وطأها.
قوله: (فيجب استبراؤها على مشتريها) أي لسوء الظن بها، وأما البائع فلا يجب عليه استبراء لان
البائع لا يجب عليه الاستبراء إلا إذا وطئ، وما في عبق فغير صواب وذلك أن البائع إذا كان لا يجب
عليه استبراؤها مع تحقق زناها فأحرى مع سوء الظن انظر بن. قوله: (مثلا) أي وكذا من تجدد
ملكه لها بهبة أو صدقة أو ميراث. قوله: (تتصرف إلخ) أي وأما لو كانت لا تخرج من بيت سيدها
ثم عجزت فلا يجب على سيدها استبراؤها. قوله: (ولا يكتفي إلخ) هذا قول ابن القاسم وهو المشهور،
وقال أشهب: يكتفي بها ولا تستبرأ من سوء الظن اه‍ عدوي. قوله: (ولو قدم بها المبضع معه)
أي لان كلا من المبضع والرسول الذي بإذن يده كيد المالك، والظاهر إن علم المبضع أن المبضع معه
لا يأتي بها وإنما يرسلها مع غيره بمنزلة إذنه له في الارسال اه‍ خش. قوله: (وسواء كان السيد) أي قبل
موته حاضرا أو غائبا أي وكان يمكنه الوصول إليها خفية، وأما لو كان غائبا ولا يمكنه الوصول
إليها وكانت لا تخرج في حوائجها فإنه لا يجب على الوارث استبراؤها وله وطؤها بلا استبراء،
أي وسواء أقر السيد بوطئها أم لا ولو كان قد استبرأها قبل موته، وسواء كانت تلك الأمة
قنا أو أم ولد لا يقال أن أم الولد لا تورث فلا يظهر هذا مع قول الشارح ويجب الاستبراء على الوارث
إلا أن يقال: يظهر هذا في أم الولد إذا أراد الوارث أن يتزوج بها تأمل اه‍ ابن عبد السلام ولو قيل
في الأمة المتوفى عنها سيدها ولم يقر بوطئها لا تحتاج للاستبراء غائبا كان سيدها أو حاضرا ما كان
492

بعيدا، أو ترى أنها لو أتت بولد لم يلحق بسيدها فلم يبق الاستبراء إلا لسوء الظن. قوله: (أو انقضت إلخ)
أي أن الأمة إذا مات زوجها أو طلقها فاعتدت وانقضت عدتها ثم مات سيدها فإنه يجب
استبراؤها على وارثه لأنها حلت للسيد زمنا ما فالاستبراء هنا لسوء الظن إذ لا مانع له من وطئها، وكذا
يجب الاستبراء على المشتري فيما إذا انقضت عدتها من زوجها ثم باعها سيدها. قوله: (بخلاف لو مات)
أي السيد قبل انقضاء عدتها من زوجها المتوفى أو المطلق لها فلا يجب الاستبراء على الوارث لأنها لم
تحل لسيدها زمنا ما فإذا علمت أن حكم ما إذا مات بعد انقضاء العدة مغاير لحكم ما إذا مات قبل
انقضائها تعلم أن قول المصنف أو انقضت عطف على إن استبرئت لا على اشتريت لأنه يصير
التقدير هذا إذا لم تنقض عدتها بل وإن انقضت مع أنه إذا لم تنقض فلا استبراء. قوله: (ولم تخرج من عدة
زوجها) أي المطلق لها أو المتوفى عنها قبل العتق. قوله: (وأما المعتق فله تزوجها بغير استبراء إذا كانت
خالية من عدة) ما ذكره من عدم الاستبراء فيما إذا أعتق وتزوج مقيد بما إذا كان يطؤها قبل العتق، وأما
إذا اشتراها فأعتقها عقب الشراء وعقد عليها فلا بد من استبرائها، ولا يكفي في اسقاط الاستبراء عتقه.
قوله: (أو إن انقضت إلخ) أي أو لم يستبرئها ولكن انقضت عدتها من موته زوجها أو طلاقه إذا
كانت متزوجة ثم أعتقها بعد انقضائها فلا تكفيها تلك العدة السابقة على العتق، كما أنه لا يكفيها
الاستبراء الحاصل قبله إذا كان استبرأها، ولا بد من استئناف الاستبراء بحيضة بعد العتق. قوله: (علم
أنه إلخ) أي وكان يمكنه الوصول إليها خفية وإلا فلا استبراء. قوله: (ولا تكتفي بما ذكر) أي من
الاستبراء والغيبة الحاصلين قبل الموت والطلاق. قوله: (فتكتفي بالاستبراء السابق على العتق) أي
وأما في الموت فإنها تستأنف الاستبراء فتحصل أن السيد إذا مات فلا بد من الاستبراء كانت أم ولد
أو غيرها، ولو استبرئت قبل الموت أو انقضت عدتها قبله أو كان سيدها غائبا عنها قبله غيبة يمكنه فيها
الوصول إليها، وأما إن أعتقها فأم الولد لا بد من استبرائها، ولو كانت قد استبرئت
قبله أو انقضت عدتها قبله أو كان سيدها غائبا ثم أرسله أي العتق لها، وأما غير أم الولد فتستبرأ أيضا ما لم تكن استبرئت قبله أو
انقضت عدتها قبله أو كان غائبا قبله وإلا اكتفت بذلك ولا تحتاج لاستئناف استبراء. قوله: (راجع
لجميع ما تقدم من أول الباب) أي وهو قوله: يجب الاستبراء بحصول الملك إلخ. وعلم من قوله بحيضة أن
القرء هنا ليس هو الطهر كالعدة بل الدم فبمجرد رؤيته حصلت البراءة فللمشتري التمتع بغير ما بين السرة
والركبة على ما مر في الحيض. قوله: (ممن يمكن حيضها) أي ولم يتأخر عن عادتها المعتادة للنساء وهو إتيانه
في كل شهر. قوله: (وكذا إن كانت عادتها أن تأتيها بعد ثلاثة أشهر) أي كما إذا كانت عادتها أن الدم
يأتيها بعد كل أربعة أشهر أو خمسة إلى تسعة أشهر، وقوله على الراجح أي من قولي ابن القاسم وهما
الاكتفاء بثلاثة أشهر أو تنتظر الحيضة. والحاصل أنه إذا كانت عادتها أنها لا تحيض إلا بعد
تسعة أشهر فلم يختلف قول ابن القاسم أنها تستبرأ بثلاثة أشهر وإن كانت لا تحيض إلا لأكثر من
ثلاثة أشهر إلى تسعة، فاختلف قول ابن القاسم هل تنتظر الحيضة أو تكتفي بثلاثة أشهر؟ الأول
سماع يحيى والثاني سماع عيسى وهو الراجح، فعلم أن معتادة الحيض بعد ثلاثة أشهر أو أربعة
493

أو ستة أو أكثر تكتفي في الاستبراء بثلاثة أشهر، بخلاف العدة فإن معتادة الحيض بعد ثلاثة أشهر
أو بعد سنة أو خمس سنين أو عشرة على ما قيل فلا بد من الحيض ولا تكتفي بثلاثة أشهر، والفرق أن
العدة ثبتت بالقرآن فشدد فيها وأما الاستبراء فقد ثبت بخبر آحاد. قوله: (كالصغيرة واليائسة) هاتان تمام
الستة المستثناة من قوله بحيضة المشار لها بقول المصنف: وإن تأخرت أو أرضعت أو مرضت أو
استحيضت ولم تميز كاليائسة والصغيرة. قوله: (فيمن عادتها إلخ) أي فإذا انظر النساء العارفات لمن ذكر
وقلن إنها لا حمل بها فإنه يكتفي بالثلاثة الأشهر. قوله: (لا فيمن عادتها إلخ) أي لأن هذه المسائل الأربع
يكتفي فيها بالثلاثة الأشهر من غير نظر النساء، وما قاله الشارح من أن نظر النساء خاص بما ذكره من
المسألتين دون هذه المسائل الأربع هو محصل نقل المواق وابن عرفة. قوله: (فإن زالت الريبة إلخ) صوابه
فإن لم تزد الريبة حلت وهذا صادق بما إذا زالت أو بقيت بحالها وإلا بأن زادت مكثت أقصى أمد
الحمل. والحاصل أنه إن زالت الريبة قبل التسعة الأشهر أو بعد تمامها حلت بمجرد زوالها وإن
استمرت الريبة بعد التسعة أشهر، فإن لم تزد حلت بمجرد تمام التسعة وإن زادت مكثت أقصى أمد
الحمل كما أفاد ذلك نقل بن عن ابن رشد. قوله: (وتربصت إلى أقصى أمد الحمل إن ارتابت) أي إن
ارتابت بعد الوضع بحس بطن تربصت أقصى أمد الحمل. قوله: (فلا يحرم وطؤها) بل هو مكروه أو
خلاف الأولى وقيل إنه جائز، واختار بن ما قاله ابن رشد من الحرمة لاحتمال انفشاش الحمل.
قوله: (كمودعة ومرهونة) أي حاضت عنده ثم اشتراها من سيدها، وكذا يقال في أمة زوجته وأمة ولده.
قوله: (ومبيعة بالخيار) حاصله أن الشخص إذا اشترى أمة بالخيار له أو للبائع أو لغيرهما وقبضها المشتري عنده
فحاضت في أيام الخيار فأمضى من له الخيار البيع فإن المشتري لا يحتاج لاستبرائها بحيضة ثانية وحل له
وطؤها. قوله: (ولم تخرج ولم يلج عليها سيدها) هذان القيدان راجعان للمودعة وما بعدها وهي المبيعة
بخيار فإن تخلف قيد منهما فلا بد من الاستبراء لسوء الظن. قوله: (لان وطأه الأول صحيح) أي
والاستبراء إنما يكون من الوطئ الفاسد، وما ذكره من عدم الاستبراء هو المشهور وقيل
بوجوبه ليفرق بين ولده بوطئ الملك فإنه ينتفي بمجرد دعواه من غير يمين على المشهور وبين ولده
من وطئ النكاح فإنه لا ينتفي إلا بلعان، وقد استظهر المصنف في التوضيح هذا القول. قوله: (لأنه
المتوهم) أي لأنه يتوهم أنه إذا اشتراها قبل البناء يلزمه استبراؤها، وأما بعد بنائه بها فلا يتوهم
وجوب استبرائه إنما لأن الماء ماؤه ووطؤه الأول صحيح والاستبراء إنما يكون من الوطئ الفاسد، ومن
المعلوم أن ما بعد المبالغة لا بد أن يكون متوهما اه‍. وعبارة بن: وكان الأولى أن يقول وإن قبل
البناء لان المقابل وهو ابن كنانة إنما يوجب الاستبراء إذا كان الشراء قبل البناء. قوله: (بالعقد
عليها) أي على من أعتقها. وحاصله أن محل كونه إذا اشترى زوجته قبل البناء بها لا يجب عليه
استبراؤها ما لم يقصد بتزوجه لها اسقاط الاستبراء الذي يوجبه الشراء الحاصل بعد وإلا عومل
بنقيض مقصوده. قوله: (أو اشترى زوجته) هذه عكس ما قبلها لان التي قبلها كان يطؤها أولا بالملك
494

فصار يطؤها بالنكاح وهذه كان يطؤها بالنكاح فصار يطؤها بالملك. قوله: (وإن باع الزوج زوجته إلخ)
يعني أن الزوج الحر أو العبد إذا اشترى زوجته والحال أنه قد دخل بها قبل الشراء وهي زوجة
ثم باعها قبل أن يطأها بالملك فلا تحل لسيدها المشتري ولا لمن زوجها له إلا بقرأين عدة فسخ النكاح لأنه
بمجرد الشراء انفسخ النكاح ولم يحصل منه بعده وجوب الملك أو أعتقها بعد شرائها قبل أن يطأها
بالملك فلا تحل لمن تزوجها غير المعتق إلا بقرأين عدة فسخ النكاح أو مات بعد شرائها قبل أن يطأها
بالملك، فلا تحل للوارث ولا لمن زوجها له الوارث إلا بقرأين عدة فسخ النكاح أو كان الزوج مكاتبا
اشترى زوجته والحال أنه قد دخل بها قبل الشراء فلا تحل لسيد المكاتب ولا لمن زوجها له ذلك السيد
إلا بقرأين عدة فسخ النكاح أو مات قبل أن يطأها بالملك ورجعت لسيده فلا تحل لسيده ولا لمن
زوجها له السيد إلا بقرأين عدة فسخ النكاح. قوله: (تنازعه الأفعال الأربعة) أي وهي باع وأعتق
ومات وعجزه. قوله: (فيما عدا إلخ) أي أن قوله لم تحل لسيد في غير صورة العتق، وقوله ولا زوج في جميع
الصور. قوله: (أنه إذا لم يدخل إلخ) أي فإذا اشترى زوجته قبل أن يدخل بها ثم باعها أو أعتقها أو
مات عنها قبل أن يطأها بالملك فإنه يكفي في حلها للسيد أو الزوج حيضة الاستبراء. قوله: (استبرئت
بحيضة) هذا واضح في العتق والموت، وكذا في عجز المكاتب على ما يظهر، وأما في البيع فيجب على كل
من البائع والمشتري استبراؤها بحيضة ويجوز اتفاقهما على حيضة واحدة كما مر. قوله: (كحصوله
بعد حيضة) حاصله أنه إذا اشترى زوجته بعد أن بنى بها فحاضت بعد الشراء حيضة فأعتقها أو
باعها أو مات عنها قبل أن يطأها بالملك فإنه يكتفي في حلها للمشتري ولمن زوجها له المشتري ولمن
تزوجها بعد العتق وللوارث ولمن زوجها له الوارث بحيضة أخرى بعد الموت أو العتق أو البيع، فقول
الشارح وما معه أي من العتق والموت. قوله: (أو حصول ما ذكر) أي من البيع أو الموت. قوله: (بعد
حيضتين) أي حصلتا بعد الشراء وقبل وطئ الملك، وحاصله أنه إذا اشترى زوجته المدخول بها
فحاضت عنده حيضتين ثم أعتقها قبل أن يطأها بالملك فإنها تحل لمن تزوجها من غير استبراء.
قوله: (فلا استبراء عليها) أي لما مر من أن العتق لا يوجب الاستبراء إلا إذا لم يتقدم قبله استبراء وإلا بأن
تقدمه استبراء كما هنا فلا يوجبه وهذا في القن، وأما أم الولد فقد مر أن عتقها يوجب الاستبراء مطلقا
تقدمه استبراء آخر أم لا، فقوله: أو حيضتين راجع لغير العتق لان كلامه هنا إنما هو في القن. قوله: (أي
أسباب الاستبراء) أشار الشارح إلى أن ضمير حصلت راجع للأسباب المفهومة ضمنا من
الكلام السابق، وقوله: وما عطف عليه أي من الخروج عن الملك حقيقة أو حكما مثل موت المالك
أو عتقه لها. قوله: (فتكتفي به غير أم الولد) أي وأما هي إذا مات سيدها أو عتقت فلا بد من استئناف
495

الاستبراء ولو كانت استبرئت أو انقضت عدتها قبل الموت أو العتق كما مر. قوله: (وما بينهما) أي بأن
حصل الملك بعد نزول الدم يوما وقبل تمام اليوم الثاني، وقوله محل الخلاف أي فعلى الأول تستأنف
الاستبراء وعلى الثاني لا تستأنف، هذا واعلم أن المدونة قالت: إذا حصل موجب الاستبراء في أول
حيضتها اكتفت بذلك ولا تحتاج في استبرائها لحيضة ثانية، وإذا حصل الموجب بعد أكثر حيضها
فلا بد من الاستئناف، فاختلف الأشياخ في المراد بأكثر الحيض هل المراد أكثره زمانا أو أكثره
اندفاقا؟ والأول لأبي بكر بن عبد الرحمن والثاني لابن مناس، فإذا كانت عادتها في الحيض ستة أيام
وملكها بعد نزوله عليها يومين اكتفت بذلك الحيض على الأول لا على الثاني، لان الموجب حصل بعد
أكثره اندفاقا أي سيلانا وجريا، والتأويل الأول لا ينافيه قول المدونة: وإن حصل الموجب في أول
الحيض اكتفت به لان المراد الأول حقيقة أو حكما بأن لا يحصل بعده أكثره زمنا، ثم إن ابن المواز
قيد قول المدونة إذا حصل الموجب في أول الحيض اكتفت به بما إذا لم يحصل الموجب بعد مضي
زمن من الحيض يكفي في الاستبراء وإلا استأنفت، ولو بقي أكثر زمان الحيض كما لو كان عادتها ستة
أيام فملكها بعد نزول الدم عليها يوما أو بعضه بعضا له بال فلا بد من استئناف الاستبراء لتقدم حيضة
الاستبراء، إذا علمت هذا فقول المصنف: وهل إلا أن يمضي حيضة استبراء معترض بأن هذا ليس
بتأويل وإنما هو تقييد لمحمد بن المواز خارج عن التأويلين، والتأويلان إنما هما في تفسير أكثر حيضها
في كلام المدونة هل المراد أكثره اندفاقا أو زمانا كما علمت. قوله: (أو استبرأ أب) عطف على قوله: لم
تطق الوطئ. قوله: (بمجرد جلوسه بين فخذيها) أي وتلذذه بها. قوله: (فوطئها أبوه) أي فلا يحتاج
لاستبرائها من ذلك الوطئ لأنه ملكها بمجرد جلوسه بين فخذيها بالقيمة فصار وطؤه في مملوكة بعد
استبرائها. قوله: (وتؤولت على وجوبه) أي على وجوب الاستبراء على الأب ثانيا من وطئه الذي
حصل منه بعد الاستبراء الأول لفساد ذلك الوطئ لأنه في غير مملوكة. قوله: (فإن لم يستبرئها إلخ) هذا
مفهوم قول المصنف: وإن استبرأ أب أفاد به الشارح أن محل الخلاف إذا كان الأب استبرأها ابتداء
قبل وطئه. قوله: (لوجب عليه الاستبراء اتفاقا) أي من وطئه الذي حصل من غير تقدم استبراء عليه.
قوله: (ولو وطئها الابن) أي ولو كان الابن قد وطئها قبل وطئ أبيه لحرمت على أبيه بوطئه إياها
ولو كان قد استبرأها قبل وطئه من ماء ابنه. قوله: (فلا يملكها الأب بوطئه) فيه نظر بل تقوم على
الأب متى وطئها لأنه أتلفها على الابن وحرمها عليه. والحاصل أنها تقوم على الأب بوطئه
إياها، ثم إن كان الابن قد وطئها قبل أبيه حرمت عليهما معا وإن لم يكن وطئها قبل وطئ أبيه حرمت
على الابن فقط دون أبيه. قوله: (ويستحسن إلخ). حاصله أن رب الأمة إذا باعها بخيار للمشتري،
ثم بعد أن غاب المشتري عليها ردها للبائع فيستحب للبائع استبراؤها ولا يجب لان المشتري وإن
جاز له الوطئ في مدة الخيار إذا كان الخيار له إلا أنه يكون بذلك الوطئ مختارا فلا يتأتى له ردها فهي
مأمونة من وطئه، فلذا كان استبراء البائع لها مندوبا لا واجبا، وأما لو كان الخيار لأجنبي أو للبائع ورد
من له الخيار البيع بعد أن غاب المشتري عليها فإنها لا تستبرأ لأنه إذا كان الخيار لغير المشتري كان هناك
مانع شرعي من وطئه وهم إذا لم يراعوا المانع الشرعي لزمهم أنها إذا كانت تحت أمين كالمودع
والمرتهن ثم ردت لربها أنه يلزم استبراؤها وهم لا يقولون بذلك، وهذا هو ظاهر المصنف والمدونة
وظاهر البساطي والأقفهسي وبهرام أن الاستبراء مندوب مطلقا، وقوله: وتؤولت على الوجوب أي
مطلقا كان الخيار للمشتري أو لغيره. والحاصل أن التأويل بالوجوب مطلق، وأما تأويل الاستحباب
فقيل مطلق وقيل إنه مقيد بما إذا كان الخيار للمشتري خاصة. قوله: (أو لغيره) الذي في ح بعد نقول
ما نصه ظاهر المدونة كما نقله اللخمي عنها أن استحباب الاستبراء إنما هو إذا كان الخيار للمشتري فقط،
496

وأما لو كان الخيار للبائع أو لأجنبي وغاب المشتري عليها ورد البيع من له الخيار فإن البائع لا يستبرئها،
وظاهر ما نقله أبو الفرج وجوب الاستبراء مطلقا سواء كان الخيار للمشتري أو لأجنبي، وكذلك
أيضا ظاهره أن الاستحباب مطلق، وعلى هذا الاطلاق حمل الشارح بهرام كلام المصنف ونحوه
للبساطي والأقفهسي وتبعهما عبق وشارحنا. قوله: (نوع من الاستبراء) أراد به المعنى الأعم وهو
مطلق الكشف عن حال الرحم الشامل للمواضعة. قوله: (إلا أنها تختص بمزيد أحكام) وذلك كالنفقة
والضمان وشرط النقد، فإن النفقة في زمن المواضعة على البائع وضمانها منه وشرط النقد مفسد لبيعها،
بخلاف الاستبراء فإن النفقة مدته على المشتري وضمانها منه والنقد فيه ولو بشرط لا يضر.
قوله: (وتتواضع العلية) أي سواء استبرأها البائع قبل البيع أم لا. وقوله: أو وخش أقر البائع بوطئها أي
إذا كان البائع لم يستبرئها من وطئه وإلا فلا مواضعة فيها كما نقله بن عن أبي الحسن وابن عرفة،
والظاهر أنه يعتبر كونها وخشا أو علية بالنظر لحالها عند الناس لا بالنظر لحالها عند مالكها
قاله شيخنا. واعلم أن الموضعة لا يشترط فيها أن يريد المشتري الوطئ فليست كالاستبراء وذلك لان
العلية ينقص الحمل من ثمنها، والوخش إذا أقر البائع بوطئها يخشى أن تكون حملت منه.
قوله: (وإنما يستبرئها المشتري) أي إذا أراد أن يطأها وإلا فلا، والفرق بين الامرين أنه في الفردين اللذين
يقال فيهما مواضعة تجري عليهما أحكام المواضعة من لزوم النفقة والضمان مدتها على البائع وفي غيرهما
تجري أحكام الاستبراء من لزوم النفقة والضمان على المشتري. قوله: (زمن استبرائها) أي سواء كان
الاستبراء بحيضة أو بثلاثة أشهر على ما مر، لان المواضعة كما تكون فيمن تحيض تكون في غيرها
كالصغيرة والآيسة. قوله: (يكفي) أي وضعها عنده أي وهو ما حكاه اللخمي، ولا يلزم من وضعها عند
من لا أهل له ولا محرم جواز الخلوة بالأجنبية لجواز أن يكون له خدم أو أصحاب قاله شيخنا. وقوله
يكفي أي في تحصيل الواجب. وقوله: والمعتمد عدم الكفاية وهو مفاد قول الذخيرة. ومن شرط
الأمين إذا كان رجلا أن يكون متزوجا. قوله: (عما تراضيا عليه) والقول للبائع فيمن توضع عنده حيث
عين المشتري غيره لأن الضمان منه. قوله: (وأما إذا رضيا بأحدهما) أي مع ارتكاب النهي. وقوله فلكل
منهما الانتقال أي ولو من غير وجه. قوله: (ونهيا) أي على سبيل البدلية لا معا، فالنهي
يتعلق بالبائع إذا وضعت عنده خوفا من تساهله في إصابتها نظرا لكونها في ضمانه، ويتعلق
بالمشتري إذا وضعت عنده خوفا من تساهله في إصابتها قبل الاستبراء نظرا لعقد البيع، كذا ذكره
بعضهم، والظاهر تعلق النهي بهما معا لاقرار الثاني لمن وضعت عنده كما قرره شيخنا. قوله: (وإلا حرم)
أي فالنهي إما نهي كراهة أو حرمة. قوله: (قال المازري يخرج إلخ) أي يخرج
الخلاف فيه على الخلاف في الترجمان، ومقتضاه أن التخريج للمازري من عنده، والذي في المواق عن ابن عرفة وأجراه
التونسي وابن محرز على الخلاف في القائف الواحد والترجمان اه‍. ولا شك أنهما قبل المازري اه‍ بن،
والترجمان هو الذي يفسر لغة بلغة وهو بضم أوله وثالثه كجلجلان وبفتحهما كزعفران
وبفتح أوله وضم ثالثة. قوله: (أوليس من باب الخبر) أي بل من باب الشهادة. قوله: (وهو الراجح في
المترجم) أي أن الراجح أن الترجمان لا بد فيه من التعدد لأنهما شاهدان بين الناس والحاكم خلافا لما يأتي
للمصنف في باب القضاء من كفاية الترجمان الواحد. قوله: (لكن الراجح هنا الاكتفاء بالواحدة)
أي وحينئذ فلو قال المصنف: وكفت واحدة لكان أولى. قوله: (ولا مواضعة في أمة متزوجة اشتراها غير
زوجها) وذلك لعدم الفائدة في مواضعتها لدخول المشتري على أن الزوج مسترسل عليها. وقوله اشتراها
497

غير زوجها نص على المتوهم وأولى لو اشتراها زوجها المسترسل عليها. قوله: (ولا في حامل من غير سيدها)
أي سواء كانت حاملا من زنا أو من زوج، نعم تستبرأ بوضع حملها، وفائدة كون وضع الحمل استبراء لا
موضعه لزوم النفقة والضمان من المشتري لا من البائع. قوله: (لعلم المشتري إلخ) أي وحينئذ فلا فائدة في
مواضعتها. قوله: (ولا في زانية) حاصله أنه إذا زنت الأمة فباعها المالك بعد زناها فلا يجب على المشتري
مواضعتها وينتظر حيضة يستبرئها بها، فنفي المواضعة عنها لا ينافي وجوب استبرائها، وفائدة كون
هذه الحيضة استبراء لا مواضعة ترتب النفقة، والضمان على المشتري لا على البائع، وإن حملت من ذلك الزنا
استبرأها بوضع الحمل. قوله: (ومفهوم الشرط المواضعة إلخ) حاصله أنه إذا غاب عليها المشتري ثم ردها
بعيب أو لفساد أو بإقالة فيجب على البائع مواضعتها بمعنى استبرائها إن ظن أن المشتري قد وطئها حين
غاب عليها أو لم يظن أنه وطئها وكان الرد بعد دخولها في ضمان المشتري كما إذا ردها المشتري لفساد
البيع بعد أن قبضها بقصد الملك أو كان ردها لعيب أو إقالة بعد رؤية الدم، وأما لو ردها المشتري قبل
تعلق ضمانها به بأن ردها بعيب أو إقالة قبل رؤية الدم أو ردها لفساد البيع والحال أنه لم يقبضها بنية
الملك بل قبضها ائتمانا على استبرائها فلا يستبرئها البائع إذا ردت إليه، فقول الشارح: ومفهوم الشرط
المواضعة مراده بها الاستبراء أي استبراء البائع لها. وقوله: وردت لفساد أي والحال أنها ردت
لفساد بعد دخولها في ضمان المشتري بالقبض وهذا قيد في قوله: أو لم يظن ومراده بالقبض قبضها
بقصد الملك كما علمت. قوله: (وفسد بيع المواضعة) أي البيع المدخول فيه على المواضعة نصا.
قوله: (ولو من غير البائع) أي ولو كان الشرط من غير البائع وأولى إذا كان الشرط منه. قوله: (لتردده بين
الثمنية والسلفية) أي لأنه يحتمل أن ترى الدم فيمضي البيع فيكون المدفوع ثمنا، ويحتمل أن لا تراه
فيرد البيع فيكون ما نقده سلفا. قوله: (وكذا يفسده شرط النقد وإن لم ينقد) أي وحينئذ، فلو قال
المصنف: وفسد إن شرط النقد لكان أولى لان المفسد إنما هو شرطه ولو لم ينقد بالفعل وإنما يفسد البيع
بشرط النقد إذا اشترطوا المواضعة أو جرى بها العرف، فإن لم تشترط ولا جرى العرف بها بل بعدمها
كما في مصر لم يفسد البيع بشرط النقد ويحكم بالمواضعة ويجبر البائع على رد الثمن للمشتري ولو لم يطلبه ولو
طبع عليه. قوله: (وهذا) أي جواز النقد ولو تطوعا. قوله: (لمنع النقد ولو تطوعا) أي لما فيه من فسخ ما في
الذمة في مؤخر لان الثمن في ذمة البائع مدة الخيار، فإذا مضت فسخه في الجارية التي يتأخر قبضها حتى
ترى الدم اه‍ عدوي. قوله: (قولان) الأول لمالك في الواضحة والمجموعة وهو ظاهر ما في البيوع
الفاسدة من المدونة. والثاني لمالك في العتبية وهو ظاهر ما في الاستبراء من المدونة، والأظهر منهما
الجبر الذي هو الأول. قوله: (وإذا قلنا بالايقاف) أي وأوقفاه بالفعل بيد عدل فتلف. قوله: (إن
ظهر بها حمل) أي من البائع، وأما إن ظهر بها حمل من غير البائع أو حدث بها عيب قبل الحيضة وقد
تلف الثمن فالمشتري مخير كما قال ابن المواز في قبولها بالعيب أو الحمل بالثمن التالف وتصير مصيبته من
البائع، وإن شاء ردها وكانت مصيبة الثمن التالف منه. قوله: (وفي أكثر النسخ تقديمه عليه) أي تقديم
قوله: ومصيبته ممن قضى له به، وقوله عليه أي على القول بالايقاف ونصه هكذا: ومصيبته ممن قضى له به
وفي الجبر على إيقاف الثمن قولان. قوله: (بتراضيهما) أي وأما إن لم يوقف فلا يتأتى ذلك لان ماله معه.
498

قوله: (أي من نوع) أي بأن كان كل من العدة والاستبراء بالأقراء أو بالأشهر. قوله: (أي من نوعين) أي
بأن كانت العدة بأشهر والاستبراء بالحيض. قوله: (يمتحن به الفقهاء) أي لاشتباه صوره. قوله: (غير أنه
لا يتصور) أي لا يتأتى أن يحصل في الخارج ما ذكر والذي يتأتى إنما هو طرو عدة طلاق أو وفاة
أو استبراء على عدة طلاق، كما إذا طلق زوجته بائنا ثم تزوجها قبل كمال عدتها وطلقها ثانيا أو مات عنها
أو بعد أن شرعت في عدة الطلاق زنت أو غصبت أو وطئت غلطا. ويتأتى أيضا طرو عدة طلاق
أو وفاة أو استبراء على استبراء كما لو وطئت غلطا أو غصبا، فلما شرعت في الاستبراء طلقها زوجها
أو مات عنها أو وطئت غلطا ثانيا أو غصبا أو بزنا، ويتصور أيضا طرو استبراء على عدة وفاة كما لو مات
زوجها وشرعت في العدة فوطئت غلطا أو بزنا أو بغصب فهذه سبعة. قوله: (فالطارئ إلخ) هذا إشارة
لضابط هذا الباب.
فصل في تداخل العدد قوله: (لعدة مطلقا) أي كانت عدة وفاة أو طلاق. قوله: (قبل تمام عدة) كما
لو طلق زوجته المدخول بها طلاقا بائنا ثم تزوجها وطلقها بعد البناء أو مات عنها أو أنها قبل تمام عدة
الطلاق البائن وطئت بغصب أو غلطا كان الواطئ لها مطلقها أو غيره، وكما لو مات زوجها فشرعت في
عدة الوفاة فطرأ عليها زنا أو غصب قبل تمام العدة فقد اندرج تحت قوله: إن طرأ موجب لعدة
أو استبراء قبل تمام عدة أربع صور. قوله: (أو استبراء) أي أو قبل تمام استبراء كما لو وطئت غصبا أو غلطا
أو بزنا فشرعت في الاستبراء فطلقها زوجها أو مات عنها أو وطئت غلطا أو غصبا أو زنا من الواطئ
الأول أو غيره. قوله: (بفعل سائغ) أي جائز كالطلاق. وقوله أم لا أي كالزنا والغصب. قوله: (في الجملة)
أي في بعض الحالات وهذا راجع لقوله: انهدم الأول وائتنفت أي غالبا. قوله: (إذ تمكث أقصى
الأجلين) أي إذا كان الطارئ والمطرو عليه عدة وفاة، كما لو شرعت تعتد من طلاق رجعي أو تستبرأ
من زنا فمات زوجها أو مات زوجها وشرعت في عدة الوفاة فوطئت بزنا أو غصب كما يأتي. قوله: (ثم
يطلق) أي قبل تمام عدة الطلاق الأول. قوله: (بعد البناء) أي وأما لو طلقها قبل البناء فإنها تبقى على عدة
الطلاق الأول. قوله: (فتأتنف عدة من طلاقه الثاني) أي لان تزوجه وبناءه بها يهدم عدة الطلاق
الأول. قوله: (أو غيرها) أي كزنا أو غصب. قوله: (ثم يطلق الزوج) أي قبل تمام الاستبراء.
قوله: (فثلاثة قروء) أي فتستأنف بعد الطلاق ثلاثة قروء وكذا يقال فيما بعده. قوله: (إن كانت حاملا) أي
من الزنا وطلقها زوجها فتحل بوضع الحمل لما يأتي من أن حمل الزنا يهدم أثر نفسه وأثر الصحيح السابق
عليه إن كان ذلك السابق طلاقا لا موتا. قوله: (ومثله) أي مثل طرو الطلاق على الاستبراء في انهدام
حكم الأول واستئناف حكم الثاني طرو استبراء على استبراء. قوله: (لو مات) أي الزوج بعد شروعها
في الاستبراء. قوله: (فأقصى الأجلين) أي أجل الاستبراء وهو ثلاثة أقراء وأجل عدة الوفاة أربعة
أشهر وعشر. قوله: (كما يأتي) أي من أنه إذا طرأت عدة الوفاة على شئ أو طرأ عليها شئ لزمها أقصى
الأجلين. قوله: (وإن لم يمس إلخ) أي هذا إذا مسها بعد ارتجاعه بل وإن لم يمسها بعد ارتجاعه.
وقوله: ثم طلق أو مات قبل تمام العدة أي من الطلاق الرجعي. وقوله: من يوم طلق أي من يوم
طلاقه لها ثانيا. وقوله: لان ارتجاعها يهدم العدة أي العدة الأولى الكائنة من الطلاق الرجعي. إن قلت:
499

من تزوج بائنته ثم طلقها قبل البناء في عدة طلاقها الأول فإنها تبني على عدة طلاقها الأول، ومن طلق
المطلقة طلاقا رجعيا بعد ارتجاعها وقبل المس فإنها تأتنف العدة من يوم الطلاق الواقع بعد الارتجاع
فما الفرق؟ قلت: الفرق أن مبانته أجنبية ومن تزوج أجنبية وطلقها قبل البناء لا عدة عليها، بخلاف
الرجعية فإنها كالزوجة فطلاقه الواقع فيها بعد الرجعة طلاق زوجة مدخول بها فتعتد منه ولا تبني
على عدة الطلاق الأول لان الارتجاع هدمها اه‍ خش. قوله: (بالتطويل) تصوير للضرر. قوله: (لان
وطأه هدم عدتها) أي من الطلاق الأول فتحتاج لاستئناف عدة من الطلاق الثاني لما ذكر، ولاحتمال
حصول حمل من وطئه ولا ينظر لقصده الضرر. واعلم أن قوله: إلا أن يفهم هذا تقييد من ابن القصار
للمذهب وتبعه عليه ابن شاس وابن الحاجب والقرافي وابن هارون وابن عبد السلام، وقال ابن
عرفة: إنها تأتنف عدة من الطلاق الثاني مطلقا مسها قبله أم لا قصد برجعتها الاضرار بها لتطويل العدة
أم لا وإثمه على نفسه إذا قصد الضرر، والمعتمد ما مشى عليه المصنف تبعا لابن القصار كما قال السخاوي.
قوله: (وكمعتدة وطئها المطلق إلخ) يجب أن تخصص هذه بالحرة لان الأمة عدتها قرآن واستبراؤها
حيضة، فإذا وطئت باشتباه عقب الطلاق وقبل أن تحيض فلا بد من قرأين كمال عدتها، ولا ينهدم
الأول إذا علمت هذا فقول عبق وكمعتدة حرة أو أمة فيه نظر انظر بن. قوله: (أو بنكاح فاسد) أي
لكونها معتدة وهذا ظاهر فيما إذا كان الناكح غير المطلق كان الطلاق بائنا أو رجعيا ولا يظهر فيما إذا
كان الناكح هو المطلق، إلا أن يعمم في الفساد بأن يكون لما ذكر أو لخلل في الصداق أو العقد مثلا تأمل.
قوله: (عدة الوفاة) أي وهي أربعة أشهر وعشرة أيام. وقوله: وأمد الاستبراء وهو ثلاثة أقراء. قوله: (فهذه
عكس ما قبلها) أي لأن هذه طرأ فيها عدة وفاة على استبراء والتي قبلها طرأ فيها الاستبراء على عدة الوفاة.
قوله: (وكمشتراة معتدة) يعني أن من اشترى أمة معتدة من وفاة فإنها تمكث أقصى الأجلين عدة الوفاة
شهران وخمس ليال وحيضة الاستبراء لنقل الملك، وإن اشترى أمة معتدة من طلاق وارتفعت
حيضتها لغير رضاع فلا تحل إلا أن تمضي سنة للطلاق وثلاثة للشراء، وأما لو كان ارتفاعها للرضاع فلا
تحل إلا بمضي قرأين ولا تحل بمضي سنة للطلاق وثلاثة للشراء، فقول الشارح: وارتفعت حيضتها
أي لغير رضاع وهذا راجع للطلاق. إن قلت: المشتراة المعتدة من الطلاق أو من وفاة تحرم في المستقبل
على مشتريها لتلبسها بالعدة فكان مقتضاه أنه لا استبراء عليها وأنها تحل بتمام العدة ولا تنتظر أقصى
الأجلين. قلت: هذه المسألة مستثناة من مفهوم قول المصنف سابقا ولم تحرم عليه في المستقبل
فيخصص بغير من عليها أقصاهما. قوله: (فإن لم ترتفع فلا استبراء فيها إلخ) هذا ظاهر إذا كانت تلك
الأمة التي اشتراها معتدة من طلاق، وأما إن كانت معتدة من وفاة ولم ترتفع حيضتها فإنه ينظر إذا تمت
عدتها إن وجد معها ما تستبرئ به حلت وإلا انتظرت استبراءها فلزم أنها لا تحل إلا بأقصى الأجلين
وهو المراد هنا، وما تقدم من أنه لا استبراء في معتدة معناه أنه لا تطالب به ما دامت معتدة فلا ينافي
أنه إذا تمت عدتها ينظر إن وجد معها ما تستبرئ به حلت وإلا انتظرت استبراءها انظر بن. قوله: (كما
تقدم في بابها) أي عند قول المصنف: وإن اشتريت معتدة من طلاق إلخ. قوله: (ولو تزوجت معتدة إلخ)
صورته: امرأة طلقها زوجها أو مات عنها فشرعت في عدة الطلاق أو الوفاة فوطئت
باشتباه أو بزنا أو بغصب أو نكحت في العدة ودخل بها وفرق بينهما ثم إنه نشأ حمل ولحق بصاحب
العدة بأن أتت به لستة أشهر من الوطئ الثاني لكن من غير تقدم حيضة عليه أو أتت به لأقل من
ستة أشهر ولو بعد تقدم حيضة عليه، فهذا الوضع يهدم الاستبراء وتحل للأزواج ويهدم أيضا عدة
الوفاة والطلاق، وأما إن لحق ذلك الحمل بصاحب الوطئ الثاني بأن أتت به لستة أشهر من الوطئ
500

الثاني وكان الوطئ الثاني واقعا بعد حيضة أو كان بشبهة كغلط أو بعقد غير عالم فإن وضع ذلك الحمل
يهدم عدة الطلاق والاستبراء وتحل للأزواج ولا يهدم عدة الوفاة بل تنتظر أقصى الأجلين وهما وضع
الحمل والأربعة أشهر وعشر، وهذا معنى قول المصنف: ولا يهدم أثر الصحيح من الوفاة وعليها أقصى
الأجلين. قوله: (ألحق بنكاح صحيح) أي بذي النكاح الصحيح، وذلك بأن ولدته لستة أشهر من الوطئ
الثاني ولم يتقدم على ذلك الوطئ حيضة أو ولدته لأقل من ستة أشهر من الوطئ الثاني ولو وقع ذلك
الوطئ بعد حيضة، فقول الشارح: بأن وطئها الثاني قبل حيضة الأولى أن يقول: بأن أتت به لستة أشهر
من وطئ الثاني من غير تقدم حيضة إلى آخر ما قلنا. قوله: (الاستبراء) أي وأولى عدة الصحيح من
طلاق أو وفاة أي أنه يجزيها ذلك الوضع عن مسبب الوطأين أعني العدة والاستبراء. قوله: (كما لو وطئها
الثاني بعد حيضة) الأولى كما لو أتت به لستة أشهر من وطئ الثاني الكائن بعد حيضة، ولا يتأتى اللحوق
بالثاني إلا إذا كان وطؤه بشبهة أو بنكاح فاسد في العدة غير عالم. قوله: (هدم أثره) أي أنه يجزيها عن
استبرائه. قوله: (وعن عدة الصحيح إن كان طلاقا) أي سواء كان الطلاق متقدما على الفاسد أو كان
متأخرا عنه كما استصوبه بن خلافا لعبق حيث قال: إن الطلاق إن كان متأخرا عن الفاسد فإن الوضع
لا يهدم أثر الطلاق كما لو وطئت المرأة المتزوجة بشبهة وشرعت في الاستبراء فطلقها زوجها فأتت بولد
لاحق بالوطئ الفاسد فلا يهدم عدة الطلاق على ما قال عبق والصواب أنه يهدمها كما قال بن. قوله: (ولا
يقال إن عدة الحمل من الفاسد إلخ) أي لان عدة الحمل من الفاسد حيث كان الحمل لاحقا بصاحبه
وضع ذلك الحمل وأقل مدته ستة أشهر وعدة الوفاة أربعة أشهر وعشر. قوله: (قد يكون الوضع
سقطا) فيه أنه لا يتأتى لحوقه بالثاني إلا إذا أتت به لستة أشهر من وطئه بعد حيضة والسقط إذا كان
كذلك فالاشكال باق، وإن كان أمد حمله أقل مما ذكر كان لاحقا بالأول لا بالثاني، فالأولى الاقتصار على
الجواب الثاني. قوله: (في المنعى لها زوجها) أي أنه نعي لها زوجها فاعتدت وتزوجت وحملت من ذلك
الزوج الثاني، فتبين أن زوجها الأول مات الآن فاستأنفت عدة الوفاة فلا تحل إلا بأقصى الأجلين
وضع الحمل وعدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام. قوله: (محل الحكم) المراد بالحكم العدة. قوله: (من جهة
سببه) أي سبب الحكم وهو الوفاة فإنها سبب في الحكم الذي هو العدة. قوله: (كأختين من رضاع) أي
تزوجهما مترتبين ولم تعلم السابقة منهما ومات بعد الدخول بهما. قوله: (أقصى الأجلين) أي انها لا تحل
إلا إذا صدق عليها أنه قد مضى لها أربعة أشهر وعشرة أيام ومضى ثلاث حيض ويتداخلان فتحل
بأقصاهما. قوله: (من جهة سبب الحكم) أي من جهة هي سبب الحكم، فالحكم عدة الوفاة والسبب هو
موت الزوج هنا وهذا السبب قد التبس فلم يعلم هل هو متقدم أو متأخر؟ قوله: (وكمستولدة) أي
وكأمة أولدها سيدها وزوجها لغيره أي فإن عليها أقصى الأجلين في الجملة على التفصيل الذي أشار إليه،
وهذا عطف على قوله: كامرأتين وفيه قلق لأنه لا يصدق عليه قوله: وعلى كل إذ ليس هنا إلا واحدة
فقط أجيب بأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، أو أنه عطف على محل المجرور بعلى أي على
كل، وعلى مثل مستولدة، وعلى هذا فالفاء في قوله فعدة إلخ زائدة. قوله: (مات السيد والزوج معا) أي
سواء كان السيد مات قبل وطئه لها أو بعده إذ لا يشترط في الاستبراء من الموت تقدم الوطئ قبله بل
501

مطلقا. قوله: (وعلم تقدم موت أحدهما على الآخر) أي وأما لو ماتا معا فالأصل أنها أمة لكن تعتد
عدة حرة احتياطا كما في النقل. ولا يقال: إن قول المصنف لم يعلم السابق صادق بما إذا لم يكن سابق البتة
بأن ماتا معا. لأنا نقول: الشرط أعني قوله فإن كان بين موتيها إلخ مانع من الصدق بذلك فتأمل.
قوله: (فلا تحل لاحد إلا بعد مجموع الامرين) حاصله أنه إنما لزمها مجموع الامرين لأنه بتقدير موت سيدها
أو لا لا يلزمها بسببه شئ لأنها في عصمته وحينئذ لم تحل لسيدها، ثم لما مات زوجها وهي حرة لزمها
أربعة أشهر وعشر بتقدير موت الزوج أولا يلزمها شهران وخمس ليال لأنها أمة، ثم يلزمها بموت
سيدها الاستبراء بحيضة لكونها بعد خروجها من عدة وفاة زوجها حلت لسيدها لان الموضوع أن
بين موتيهما أكثر من عدة الأمة فلأجل هذا لا تحل إلا بالامرين، ويعتبر كل من عدة الوفاة والاستبراء
من يوم موت الثاني. قوله: (قولان) الأول لابن شبلون والثاني فسر به ابن يونس المدونة.
باب الرضاع
هو بفتح الراء وكسرها مع التاء وتركها ففيه أربع لغات، وأنكر الأصمعي الكسر مع التاء أي أنكر
ثبوت ذلك في اللغة قال في المصباح: رضع من باب تعب في لغة نجد، ومن باب صرب في لغة تهامة وأهل
مكة يتكلمون بهما اه‍. قال عياض: ذكر أهل اللغة أنه لا يقال في الخارج من بنات آدم لبن وإنما
يقال لبان، واللبن يقال للخارج من سائر الحيوانات غيرهن، ولكن جاء في الحديث كثيرا خلاف
قولهم، فقد قال عليه الصلاة والسلام: لبن الفحل محرم اه‍. قال ابن عبد السلام: ولا يبعد حمل ما في
الحديث على المجاز أو التشبيه. قوله: (لبن امرأة) أي لا لبن ذكر فلا يحرم ولو كثر، والظاهر أن لبن
الخنثى المشكل ينشر الحرمة كما في عبق عن تت. وقوله امرأة أي آدمية، وأما لبن الجنية فلا ينشر
الحرمة بين مرتضعيها كذا في عبق وتوقف فيه ولده وشيخنا العلامة العدوي، والظاهر أنه يجري
على الخلاف في نكاحهم. قوله: (للجوف) أي لجوف الرضيع لا إن وصل للحلق ورد فلا يحرم على
المشهور كذا في عبق، وما ذكره من أن المعتبر في التحريم هو الوصول للجوف هو الواقع في عبارة
الكثير من أهل المذهب، والذي في عبارة القاضي عبد الوهاب وابن بشير هو الوصول للحلق انظر طفي.
قوله: (ولو شكا) أي هذا إذا كان وصوله للجوف تحقيقا أو ظنا بل ولو كان وصوله مشكوكا فيه
وقول المصنف وصول لبن امرأة صادق بكونه كثيرا أو قليلا ولو مصة لان لبن اسم جنس
إفرادي يصدق بالقليل والكثير. قوله: (وإن ميتة) أي هذا إذا كانت تلك المرأة حية بل ولو كانت
ميتة دب الطفل فرضعها أو حلب منها وعلم أن الذي بثديها لبن. ابن ناجي: وكذا إن شك هل هو لبن أو
غيره لأنه أحوط. وقول ابن راشد وابن عبد السلام: إن تحقق أنه لبن حرم وإلا فلا مخالف له، وظاهر ح
اعتماد ما لابن ناجي قاله عبق قال بن: والظاهر انتفاء هذه المعارضة بأن يكون الشك الذي نفاه ابن
عبد السلام هو الشك في وجود اللبن وعدمه، والشك الذي أثبت به التحريم هو الشك في الموجود هل
هو لبن أم لا فبينهما فرق واضح. وقوله: ولو ميتة رد بالمبالغة على ما حكاه ابن بشير وغيره من القول الشاذ
بعدم تحريم لبن الميتة لان الحرمة لا تقع بغير المباح ولبن الميتة نجس على مذهب ابن القاسم فلا يحرم
والمعتمد أنه طاهر وأنه يحرم. قوله: (لا تطيق الوطئ) إنما قيد الصغيرة بعدم إطاقة الوطئ لأنها داخلة في
حيز المبالغة وهو محل الخلاف أما لو أطاقته لنشر اتفاقا. قوله: (وعجوزا قعدت عن الولد) أي عن الولادة
أي فلبنها محرم وهذا مقتضى ما لابن عرفة عن ابن راشد ونص ابن عرفة وقول ابن عبد السلام قال ابن
رشد: ولبن الكبيرة التي لا توطأ لكبر لغو لا أعرفه بل في مقدماته تقع الحرمة بلبن البكر والعجوز التي لا
502

تلد وإن كان من غير وطئ إن كان لبنا لا ماء أصفر اه‍ بن. قوله: (وإن بوجور) أي هذا إذا كان وصول اللبن
لجوف الرضيع برضاع أي مص بل ولو كان بوجور. قوله: (أو ما صب في الحلق) أو لحكاية الخلاف أي
ووصل للجوف على كل من القولين. قوله: (ما صب في الانف) أي ووصل للجوف. قوله: (لا يستقيم)
أي لأنه لا معنى لقوله: وإن كان وصول اللبن للجوف بنوع منه. قوله: (أي آلة وجود) أي أو آلة
سعوط أو آلة حقنة. قوله: (فلا بد من هذا المضاف) أي وإلا لاقتضى الكلام أن الوجور وما بعده
آلة موصلة للجوف لا نوع من اللبن فيخالف ما قبله هذا، والحق أن الوجور والسعوط فعل الشخص،
وأن الأول هو صب اللبن في وسط الفم أو في الحلق، والثاني صب اللبن في الانف وحينئذ فالباء سببية،
وأن المراد بالحقنة الاحتقان وهو صب اللبن في الدبر. وقوله تكون غذاء الضمير راجع للحقنة لا
بالمعنى الأول، واقتصار المصنف على هذه الثلاثة يقتضي أن ما وصل من اللبن للجوف من الاذن أو
العين أو مسام الرأس لا يحرم ولو تحقق وصوله وهو كذلك. قوله: (صفة للحقنة فقط) هذا هو
الصواب، وجعل الشارح بهرام قوله تكون غذاء قيدا في الثلاثة ودرج على ذلك في شامله وتبعه تت
وهو غير صحيح كما قاله بن، وذكر نقولا تفيد ذلك فراجعها إن شئت. قوله: (من منفذ عال) أي كالفم
والأنف. وقوله فلا يشترط فيه ذلك أي كونه غذاء بل تحرم وإن كان مصة. قوله: (من طعام أو شراب) أي
أو دواء. وقوله: وكان أي لبن المرأة غالبا على غيره. قوله: (بأن لم يبق له طعم) أي لاستهلاكه. قوله: (صار ابنا
لهما تساويا أم لا) أي بأن غلب أحدهما الآخر، وقيل بإلغاء المغلوب منهما كالطعام، والقولان حكاهما ابن
عرفة وجعل الأول هو المشهور، قال عبق: والظاهر أن اللبن يحرم إذا جبن أو سمن واستعمله الرضيع.
قوله: (ولا إن كان إلخ) أي ولا إن كان ما رضعه الطفل من ثدي المرأة ماء أصفر أو غيره كماء أحمر مما ليس
بلبن فلا يحرم وهذا مخرج من قوله لبن، وأما تغير طعم اللبن أو ريحه فيحرم، وكذا إن تغير لونه يسيرا بغير
الصفرة والحمرة أو بهما حيث كان لبنا كالمسمار، ولا ينافيه قوله: ولا كماء أصفر لأنه ليس بلبن كما قال
الشارح. قوله: (وبهيمة) مخرج من قوله امرأة، وقوله واكتحال مخرج من قوله: وإن بوجور أو سعوط.
قوله: (أو وصل من أذن) أي ولو تحقق وصوله للجوف. قوله: (أو بزيادة إلخ) أي أو في الشهرين
الزائدين على الحولين فهو من إضافة الصفة للموصوف أو أن الإضافة للبيان، وعلى كل حال فالباء بمعنى في،
وظاهره أن الرضاع إذا حصل بعد الشهرين والحولين لا يحرم ولو كان بعدهما بيوم واحد. قوله: (إلا
أن يستغنى) أي بعد الفطام كما قال بحيث إلخ أي وأما لو استمر الرضاع من غير فطام كان محرما في مدته
مطلقا ولو استغنى عنه بالطعام بالفعل. قوله: (ولو فيهما) أي فإن استغنى بالطعام بعد الفطام كان غير محرم
ولو كان الاستغناء في الحولين. قوله: (وسواء كان الاستغناء فيهما إلخ) صوابه وسواء رضع فيهما بعد
الاستغناء بمدة قريبة أو بعيدة على المشهور لان القرب والبعد إنما يعتبران بين الاستغناء والعود
للرضاع، وحاصل الفقه كما في التوضيح أنه إذا حصل الرضاع فالحولين فإن لم يستغن بأن لم يفطم أصلا
أو فطم ولكن أرضعته بعد فطامه بيوم أو يومين نشر الحرمة باتفاق وإن استغنى فإما أن يحصل الرضاع
بعد الاستغناء بمدة قريبة أو بعيدة، فإن كان بمدة بعيدة لم يعتبر، وكذا إن كان بمدة قريبة على المشهور
503

وهو مذهب المدونة، فمذهبها أن الرضاع بعد الاستغناء لا يحرم سواء حصل بعد الاستغناء بمدة
قريبة أو بعيدة، ومقابله لمطرف وابن الماجشون وأصبغ في الواضحة أنه يحرم إلى تمام الحولين، ولو
حصل بعد الاستغناء بمدة قريبة أو بعيدة، وعلى هذا القول رد المصنف بلو وهذا هو ما أشار له الشارح
بقوله: خلافا لمن قال إلخ. قوله: (ما يحرم من النسب) أي فيؤخذ من الحديث حرمة بقية السبعة الكائنة
من الرضاع. قوله: (ذلك اللبن) أي الذي رضعته. قوله: (وأخوات الفحل) أي فحل مرضعتك المنسوب
له ذلك اللبن إلي رضعته. قوله: (وأخوات المرضع) أي التي أرضعتك. قوله: (ومثل النسب) أي في
كون الرضاع يحرم ما حرمه الصهر فيحرم الرضاع ما حرمه أيضا. والحاصل أن الرضاع يحرم
ما حرمه النسب وما حرمه الصهر، فكأن المصنف قال: يحرم بالرضاع ما حرمه النسب وما حرمته
الصهارة فيحرم عليك أم زوجتك وبنتها من الرضاعة وأختها وخالتها وعمتها وبنت أخيها وبنت
أختها كذلك. قوله: (إلا أم أخيك إلخ) اعلم أنها لم تحرم نسبا من حيث أنها أم أخ بل من حيث
أنها أم أو زوجة أب وهذا المعنى مفقود في الرضاع، وكذا يقال في الباقي، ولذا اعترض ابن عرفة على
ابن دقيق العيد في جعله هذا استثناء وتخصيصا، وقد قيل: إن الأولى للمصنف العدول عن الاستثناء
إلى لا النافية. (أو امرأة أبيك) أي وكلاهما حرام عليك. قوله: (هي أمك) أي هي من النسب أمك.
قوله: (وأخت ولدك) وكذلك أخت أخيك فهي نسبا إما أختك أو بنت زوجة أبيك وكلاهما
حرام عليك، وأما رضاعا فهي أجنبية منك، وإنما لم يذكرها المصنف هنا لأنها تأتي في قوله: وقدر
الطفل خاصة إلخ. قوله: (هي كالتي قبلها) أي فهي نسبا إما جدتك أو زوجة جدك، وأما لو أرضعت
أجنبية خالك أو خالتك لم تحرم عليك. قوله: (لعارض) أي ككون أخت ولدك من
الرضاع اتصفت بكونها بنتك أو أختك منه أيضا كما مثل الشارح، وككون أم أخيك
أو أختك من الرضاع اتصفت بكونها أختك منه أيضا بأن رضعت أنت معها على ثدي، وككون أم ولد
ولدك وجدة ولدك أختك أو جدتك من الرضاع أيضا. قوله: (فصارت بنتك أو أختك) فهي وإن
كانت أختا لولدك من الرضاع إلا أنه عرض لها كونها بنتا لك أو أختا لك فحرمت عليك لذلك.
قوله: (دون اخوته وأخواته) أي ودون أصوله وهذا مراده بخاصة، وأما فروع ذلك الطفل فإنهم
كهو في حرمة المرضعة وأمهاتها وبناتها وعماتها وخالاتها كما يأتي. قوله: (لصاحبة اللبن) أي سواء كانت
حرة أو أمة ذات زوج أو سيد مسلمة أو كتابية. قوله: (فكأنه حصل إلخ) أي وحينئذ فيحرم على
ذلك الطفل مرضعته وأصولها وفصولها وعماتها وخالاتها، ويحرم أيضا عليه أصول الرجل
وفصوله وعماته وخالاته، ويحرم ذلك الطفل إن كانت بنتا وفصولها على ذلك الرجل دون أصولها. قوله: (من
حين وطئه لها الذي أنزل فيه) أي لا من حين عقده عليها ولا من حين وطئه لها بغير إنزال فيه فإذا رضع
ولد على امرأة ثم عقد عليها رجل أو رضعها بعد عقده عليها وقبل وطئه لها أو رضعها بعد أن وطئها
ولم ينزل لم يكن ذلك الرضيع ابنا لذلك الرجل. قوله: (لانقطاعه) أي لانقطاع اللبن بعد مفارقة الرجل
504

لزوجته أو سريته المرضعة، هذا إذا انقطع عقب المفارقة بل وإن استمر اللبن بعد المفارقة سنين، فإذا
طلقها وتمادى اللبن بها لخمس سنين أو أكثر وأرضعت ولدا كان ذلك الرضيع ابنا لذلك الرجل
فأولاد ذلك الرجل من تلك المرأة أو من غيرها ما تقدم على الرضاع أو تأخر عنه إخوة لذلك الرضيع،
قال في الرسالة: ومن أرضعت صبيا فبنات تلك المرأة وبنات فحلها ما تقدم أو تأخر إخوة له أي ما تقدم
من بنات المرأة والفحل على الرضاع أو تأخر منهن عنه إخوة لذلك الصبي فيجوز لأخ ذلك الطفل
ولأصله نكاح تلك المرأة ونكاح بناتها دونه ودون فروعه. قوله: (لا يلحق الولد به) عبارة ابن يونس:
قال ابن حبيب: اللبن في وطئ صحيح أو فاسد أو محرم أو زنا يحرم من قبل الرجل والمرأة، فكما لا تحل
له ابنته من الزنا كذلك لا يحل له نكاح من أرضعتها المزني بها من ذلك الوطئ لان اللبن لبنه والولد
ولده وإن لم يلحق به، وقد كان مالك يرى أن كل وطئ لا يلحق به الولد فلا يحرم بلبنه من قبل فحله ثم
رجع إلى أنه يحرم وذلك أصح، ثم قال: وقال عبد الملك لا تقع بذلك حرمة حيث لم يلحق به الولد ولا
يحرم عليه الولدان كان ابنة قال سحنون: وهذا خطأ ما علمت من قاله من أصحابنا مع عبد الملك اه‍. ولذا
قال ابن غازي: صواب قول المصنف ولو بحرام إلا أن لا يلحق به الولد ولو بحرام لا يلحق به الولد
اه‍ بن. ومن هذا تعلم أن الخلاف في نشر الحرمة وعدم نشرها في الوطئ الحرام الذي لا يلحق به
الولد، وأما إذا كان يلحق به فلا خلاف في نشر الحرمة، إذا علمت هذا تعلم أن قول الشارح على المشهور
ليس على ما ينبغي تأمل. قوله: (أو تزوج بمحرمه) أي من نسب أو رضاع. وقوله بما ذكر أي المحرم
والخامسة. قوله: (على المشهور) صوابه اتفاقا. قوله: (ضعيف) أي لان المشهور نشر الحرمة، ولا يقال
هذا معارض لما مر من أنه لا يحرم بالزنا حلال لان ما مر في النكاح أي أن الزنا لا ينشر الحرمة بين
أصول المزني بها وفروعها وبين الزاني وما هنا في نشر الحرمة بين المرتضع وبنات الرجل. قوله: (أو
مرتضع منها) أي وكتحريم شخص مرتضع منها والمراد به أنثى. قوله: (لأنها صارت بنت زوجته
رضاعا) أي والدخول بالأمهات يحرم البنات ولو طرأت الأمومة كما هنا، وقيد الشارح كلام المصنف
بما إذا كانت الزوجة مدخولا بها لأن العقد على الأمهات بمجرده لا يحرم البنات كما مر. قوله: (اسم فاعل)
أي من ارتضع وهو واقع على الصغيرة إذ هي المراد تحريمها وذكر الوصف لكونها بمعنى الشخص،
وأما المرتضع منها بفتح الضاد فهي المبانة وليس الكلام فيها. قوله: (تحل له بناتها) أي بأن كانت
أجنبية ولا مفهوم لهذا بل مثله ما إذا أرضعت حليلته أو أمته قبل التلذذ بها زوجتيه الرضيعتين فإنه
يختار واحدة منهما فإن تلذذ بها حرم الجميع. قوله: (ولم يكن تلذذ بها) أي وأمان لو أرضعتهن امرأة كأن
تلذذ بها فقد ذكره المصنف بعد. قوله: (وان الأخيرة) أي وإن كانت التي يختارها الأخيرة منهما عقدا
أو رضاعا إن ترتبتا، وما ذكره المصنف من جواز اختيار واحدة من الزوجتين الرضيعتين
اللتين أرضعتهما أجنبية أو زوجة غير مدخول بها هو المشهور كمن أسلم على أختين، وقال ابن
بكير: لا يختار واحدة بمنزلة من تزوج أختين في عقد واحد وفرق للمشهور بأن العقد وقع هنا
بينهما صحيحا وطرأ ما أفسده بخلاف مسألة متزوج الأختين في عقد واحد فإنه يقع فاسدا.
505

قوله: (للتلذذ بأمهما من الرضاع) أي والتلذذ بالأمهات يحرم البنات. قوله: (من ذكر) أي وهو الزوجتان
الرضيعتان. قوله: (متعلق بمتعمدة) أي والمعنى أن المرأة المتعمدة للافساد تؤدب لعلمها بالتحريم
الموجب للتأديب لا بأدبت، لان المعنى حينئذ أن المرأة المتعمدة تؤدب للافساد الحاصل منها، فلا يعلم
هل تعمدت الافساد المقتضى لعلمها بالتحريم الموجب للتأديب أو تعمدت الارضاع ولم تتعمد
للافساد لكونها جاهلة. قوله: (قبل الدخول) تنازعه فسخ والمتصادقين أي أنهما إذا تصادقا على
الرضاع فإنه يفسخ نكاحهما قبل الدخول وبعده كان تصادقهما قبل الدخول أو بعده والفسخ بغير
طلاق عند ابن القاسم. قوله: (يثبت بها الرضاع) أي وهي رجلان ورجل وامرأة وامرأتان.
قوله: (ومفهوم الاقرار قبل العقد) أي وهو ما إذا كانا منكرين له لكن شهدت البينة على إقرار أحدهما به بعد
العقد، والحكم المذكور في هذا المفهوم هو عين الحكم فيما إذا ادعاه أحدهما بعد العقد وأنكره الآخر
الآتي في قول المصنف وإن ادعاه فأنكرت. قوله: (قبل العقد) متعلق بإقرار لا بقيام لان قيام البينة على
الاقرار إنما هو بعد العقد إلخ. قوله: (ولها إذا فسخ) أي لتصادقهما عليه أو لقيام بينة على إقرار أحدهما
به قبل العقد. قوله: (سواء علما) أي سواء كانا عالمين بالرضاع حين العقد هذا يتصور في المتصادقين
عليه، وفيما إذا قامت بينة على إقرار أحدهما به قبل العقد، وقوله: أو جهلا هذا إنما يتصور في المتصادقين
عليه بعد العقد ولا يتصور فيما إذا قامت بينة على إقرار أحدهما به قبل العقد. قوله: (فكالغارة للزوج
بانقضاء عدتها) الظاهر أن المراد فكالغارة بالعيب لأنه هو الذي تقدم للمصنف فيكون حوالة
على معلوم لا على مجهول وإن كان الحكم فيهما واحدا وهو استحقاقها لربع دينار فقط لئلا يخلو
البضع عنه اه‍ بن. قوله: (بعد العقد إلخ) أي والحال أنه لا بينة له، وأما إن ادعاه قبل العقد
وأنكرت فلا شئ لها في فسخه بعد العقد وقبل البناء كما يفيده كلام اللخمي لان نكاحه وقع فاسدا
على دعواه، فإن ادعاه بعد البناء فإنه يفسخ ويلزمه كل الصداق لدخوله عالما به. قوله: (أخذ بإقراره)
أي بالنسبة للفراق لا بالنسبة للغرم إذ لا يعمل بإقراره بالنسبة لغرم الصداق، إذ لو عمل به لما وجب
عليه شئ. قوله: (لأنه يتهم على أنه أقر إلخ) وهذه إحدى المسائل الثلاث المستثناة من القاعدة
وهي أن كل عقد فسخ قبل الدخول فلا شئ فيه إلا نكاح الدرهمين وفرقة المتلاعنين وفسخ
المتراضعين وهي هذه. قوله: (وإن ادعته) أي بعد العقد وقبل البناء أو بعده. قوله: (لاتهامها على قصد
فراقه) أي ولا مخلص لها من الزوج إلا بالفداء منه أو يطلق باختياره، فإن طلق باختياره قبل البناء
فلا شئ لها وهو معنى قول المصنف: ولا تقدر إلخ. قوله: (قبله) أي إذا حصلت مفارقة قبله.
قوله: (وظاهره ولو بالموت) أي وحصلت المفارقة قبل الدخول بالموت. قوله: (ولا مهر لها قبله)
أي ولا مهر لها إن حصلت المفارقة قبله كانت بطلاق أو بموته. قوله: (وإقرار الأبوين مقبول) قال
طفي: كلام المؤلف فيمن يعقد عليه الأب بغير إذنه وهو الابن الصغير والابنة البكر كذا النقل
في المدونة وغيرها، وحينئذ فلا وجه للتقييد بالصغر في البنت وإن وقع في عبارة ابن عرفة اه‍ بن.
قوله: (قبل عقد النكاح) أي إذا كان إقرارهما قبل عقد النكاح سواء فشا ذلك منهما أم لا. قوله: (لا بعده
فلا يقبل) أي ولو كانا عدلين أو حصل فشو من الناس قبل إقرارهما وحينئذ فالنكاح ثابت
لا يفسخ. قوله: (كإقرارهما برضاع ولديهما الكبيرين) أي فإنه لا يقبل كان الاقرار قبل العقد أو
بعده، وظاهره ولو كان الولدان الكبيران سفيهين، وظاهر ابن عرفة أن السفيهين كالصغيرين وحينئذ
506

فيقبل إقرار الأبوين بالنسبة لهما. قوله: (فهما إلخ) هذا كالاستدراك على ما قبله من التشبيه، أفاد به
أنه يجري في إقرار الأبوين برضاع ولديهما الكبيرين ما جرى في إقرار الأجنبيين، وليس المراد أن
إقرار الأبوين برضاع ولديهما الكبيرين لا يقبل أصلا. قوله: (أو فشو قبله) أي قبل إقرارهما.
قوله: (لدخول هذه في قوله امرأتين) أي من قوله وثبت بامرأتين إن فشا وحينئذ فلا يقبل إقرارهما به إلا إذا
فشا ذلك منهما قبل العقد. قوله: (كقول أبي أحدهما) هذا تشبيه تام أي أنه يقبل إقرار أحد الأبوين
حيث كان ولده غير بالغ وكان إقراره قبل النكاح. قوله: (تغني عما قبلها) أي وهو قوله: وإقرار الأبوين
مقبول قبل عقد النكاح لا بعده. قوله: (وإذ قبلا) أي إذا قبل إقرار أبويهما لكون الولدين صغيرين
أو إقرار أبوي أحدهما. قوله: (لا يقبل منه) أي أنه أراد الاعتذار ظاهره ولو قامت قرينة على صدقه،
والذي استظهره عج أنه ينبغي العمل عليها إذا وجدت. قوله: (وإن حصل عقد فسخ) ظاهره
سواء تولى الأب المقر ذلك العقد أو لا بأن رشد الولد وعقد لنفسه وهو أحد قولين، وقيل محل
الفسخ إن تولى الأب العقد وإلا فلا والأول أقوى. قوله: (بخلاف أم أحدهما إلخ) الفرق بينهما أن
العقد للأب فصار ذلك كإقراره على نفسه، وعلى هذا يتطرق الخلاف في الأم إن كانت وصية لأنها
كالوصي تنزل منزلة الأب لأنها العاقد وإن كانت توكل قاله الشيخ أبو زيد الفاسي اه‍ بن. قوله: (أو
رجعت عنه اعتذارا) بأن تقول: أنا كنت كاذبة في إقراري برضاعها إنما أردت منعه منها. قوله: (ولو
كانت إلخ) أي خلافا لأبي إسحاق التونسي حيث قال إنها كالأب إذا كانت وصية لأنها حينئذ كالعاقد
للنكاح فكانت كالأب. قوله: (وأولى) أي في قبول القول ووجوب التنزه قول أمهما معا. والحاصل
أن الراجح أنه يعمل في غير الرشيد بإقرار أحد الأبوين قبل العقد ولو أما وأولى بإقرارهما معا فيفسخ
إذا وقع ولا يعتبر إقرارهما بعده. قوله: (إن فشا ذلك منهما) أي ولا يشترط فشوه من غيرهما كما يفيده
ظاهر كلام ابن عرفة خلافا لما في عبق ونص ابن عرفة وشهادة امرأتين به إن فشا قولهما به قبل
نكاح الرضيعين يثبته وهو مثل لفظ المدونة، نعم ذكر الخلاف في معنى الفشو في حق المرأة فقال: وفي كون
الفشو المعتبر في شهادة المرأة فشو قولها ذلك قبل شهادتها أو فشو ذلك عند الناس من غير قولها قولان.
قوله: (في الصورتين) أما في الأولى فباتفاق، وأما في الثانية فعلى قول ابن القاسم وهو المشهور، ومقابله
قول سحنون: يثبت الرضاع بشهادة المرأتين مع عدم الفشو إذا كانتا عدلتين. قوله: (وشمل كلامه) أي
كما يشمل أمهما إذا كانا صغيرين أو بالغين، فلا يثبت الرضاع بشهادتهما إلا إذا فشا ذلك منهما قبل
العقد. قوله: (أو لا تشترط إلا مع عدمه) الأولى أو لا تشترط معه، وقوله تردد الأول للخمي والثاني
لابن رشد. وحاصل ما في المقام أن المدونة ذكرت عن ابن القاسم أن المرأتين لا تقبل شهادتهما
بالرضاع إلا مع الفشو كما درج عليه المصنف، وقال سحنون: لا يشترط في قبول شهادتهما الفشو إذا كانتا
عدلتين، ثم إن الشيخين اللخمي وابن رشد اختلفا هل تشترط العدالة مع الفشو على قول ابن القاسم
أو لا تشترط العدالة معه؟ فالأول للخمي والثاني لابن رشد، فقول شارحنا تبعا لعبق أولا يشترط
إلا مع عدمه إلخ مبني على قبول شهادتهما مع عدمه وهو خلاف مذهب المدونة وهو
قول ابن القاسم الذي درج عليه المصنف حيث جعل الفشو شرطا في شهادتهما،
فلو قال أولا يشترط معه لكان جاريا على المشهور فقط اه‍ بن. قوله: (وبرجلين عدلين) أي سواء
كان الزوجان صغيرين أو كبيرين شهدا قبل العقد أو بعده. قوله: (فالتردد) أي فيجري التردد السابق.
507

قوله: (لا بامرأة أجنبية إلخ) إنما قيد بالأجنبية لتقدم الكلام على أم أحد الزوجين، ولو سكت المصنف
عن تلك لكفته هذه فيهما. قوله: (ولو فشا ذلك منها) هذا هو المشهور، ورد المصنف بلو على مقابله من
ثبوته بالأجنبية إن فشا ذلك من قولها قبل العقد. قوله: (كشهادة امرأة واحدة) أي سواء كانت أما أو
أجنبية. قوله: (لم يحل لذلك الطفل نكاح الصغيرة ولا الكبيرة) أي أسلمت أو لم تسلم، فالاسلام يرفع
حرمة الرضاع. قوله: (والغيلة) أي التي هم النبي صلى الله عليه وسلم على النهي عنها ثم تركه وطئ المرضع
أي وطئ المرأة في زمن إرضاعها، وقيل هي إرضاع الحامل ولدها. والحاصل أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: لقد هممت أن أنهي الناس عن الغيلة حتى سمعت أن الروم وفارس يصنعون ذلك ولا يضر
أولادهم انهى أي فتركت النهي عنها، فاختلف العلماء في المراد بها فقيل: هي وطئ المرضع، وقيل: إرضاع
الحامل، وإرادته عليه الصلاة والسلام النهي عنها لضررها بالأولاد، وقد تبين له أنه لا ضرر فيها يقوي
القول الأول في معناها لان المشاهدة تدل على ضرر إرضاع الحامل لولدها. قوله: (بكسر الغين المعجمة)
الذي في كلام عياض جواز الكسر والفتح، قال في المشارق: والغيلة بفتح الغين وكسرها اه‍. ويقال
بالهاء وتركها وهذا في الرضاع، وأما غيلة القتل فهي بالكسر لا غير انظر بن.
باب النفقة
قوله: (يجب لممكنة) أي لزوجة ممكنة وهي التي لا تمتنع من الوطئ إذا طلبت سواء كانت حرة أو أمة
بوأها زوجها معه بيتا أم لا، كان الزوج حرا أو عبدا. ابن سلمون: وعلى العبد نفقة زوجته الحرة وكسوتها
طول بقائها في عصمته من كسبه ولا يمنعه سيده من ذلك وإن كانت الزوجة أمة فنفقتها كذلك على
زوجها حرا كان أو عبدا بوأها معه بيتا أم لا اه‍. وانظر قوله من كسبه فإن كان ذلك لعرف جرى به
فلا إشكال وإلا فهو خلاف قول المصنف في النكاح ونفقة العبد في غير خراج وكسب إلا لعرف اه‍ بن.
قوله: (بلا مانع) أي يمنع من الوطئ. قوله: (على البالغ) أي على زوجها البالغ. قوله: (لا على صغير) أي
ولو كان قادرا على الوطئ. قوله: (ولو دخل عليها بالغة) أي هذا إذا لم يدخل بها بل ولو دخل بها حال كونها
كبيرة وأولى لو كانت صغيرة، هذا وقد صحح في التوضيح القول بوجوب النفقة على الصغير إذا دخل لو
كانت غير مطيقة. والحاصل أنه في التوضيح جعل السلامة من المرض وبلوغ الزوج وإطاقة الزوجة
للوطئ شروطا في وجوب النفقة لغير المدخول بها التي دعت للدخول، فإن اختل منها شرط فلا تجب
النفقة لها، وأما المدخول بها فتجب لها النفقة من غير شرط، وجعل اللقاني الأمور الثلاثة المذكورة
شروطا في وجوب النفقة للمرأة مطلقا، سواء كانت مدخولا بها أو غير مدخول بها، ودعت للدخول
لكنه لم يعضده بنقل، والظاهر ما في التوضيح كما قال بن. قوله: (ولا لغير ممكنة) أي سواء دخل بها ثم
منعته بعد ذلك أو لم يدخل بها. قوله: (أو لم يحصل إلخ) هذا إذا كان الزوج حاضرا أو في حكم
الحاضر بأن كان غائبا غيبة قريبة، وأما لو كان بعيد الغيبة فيكفي في وجوب النفقة لها أن
لا تمتنع من التمكين بأن يسألها القاضي هل تمكنه إذا حضر أو لا؟ فإن أجابت بالتمكين
وجب لها ذلك وإلا فلا شئ لها. قوله: (إلا أن يتلذذ بها) أي بغير الوطئ حالة كونه عالما
بالمانع منه. قوله: (وليس أحدهما مشرفا) أي بأن كانا صحيحين أو كان أحدهما مريضا مرضا
خفيفا يمكن معه الاستمتاع، فالمرض المذكور لا يمنع من وجوب النفقة لها بل تجب لها في تلك
الحالة اتفاقا، وفي وجوبها مع المرض الشديد الذي لا يمكن معه الاستمتاع ولم يبلغ صاحبه حد السياق
قولان مذهب المدونة الوجوب خلافا لسحنون. قوله: (وهذا الشرط فيما قبل البناء) أي وأما إذا
508

حصل الاشراف بعد البناء فلا تسقط نفقتها. قوله: (فدخول هذا) أي الزوج المشرف. قوله: (ما تأكله)
أشار الشارح بهذا إلى أن مراد المصنف بالقوت ما يقتات ويؤكل، ولو عبر المصنف به كان أولى لان
المتبادر من القوت ما يمسك الحياة. قوله: (وكسوة) ابن عاشر: إنما تجب الكسوة إذا لم يكن في الصداق
ما تتشور به أو كان وطال الامر حتى خلقت كسوة الشورة كذا في المتيطي، ومن جملة الكسوة عنده
الغطاء والوطاء اه‍ بن. قوله: (بالعادة) متعلق بمحذوف أي واعتبار هذه الأربعة بالعادة أي بعادة
أمثالهما، فلو طلبت أزيد من عادة أمثالها أو طلب هو أنقص مما جرت عادة أمثالها فلا يلتفت إليهما في
ذلك ويرد كل واحد لعادة أمثاله. وقول المصنف بقدر وسعه وحالها بدل من قوله بالعادلة بدل مفصل
من مجمل والمراد بوسعه حاله وإنما لم يعبر به كما عبر به في جانب المرأة اقتداء بالقرآن قال تعالى: * (لينفق ذو
سعة من سعته) * واعلم أن اعتبار حالهما لا بد منه سواء تساويا غنى أو فقرا، أو كان أحدهما غنيا والآخر
فقيرا، لكن اعتبار حالهما عند تساويهما فقرا أو غنى ظاهر، وأما عند اختلافهما فاللازم حالة وسطى
بين الحالتين، وحينئذ فنفقة الفقير على الغنية أزيد من نفقته على الفقيرة، كما أن نفقة الغني على الفقيرة
أقل من نفقته على الغنية هذا هو المعتمد خلافا لما ذكره عبق تبعا لعج من أن اعتبار حالهما إذا
تساويا فإذا زاد حالها اعتبر وسعه فقط، وإن نقصت حالتها عن حالته اعتبرت حالة وسطى بين الحالتين
كذا قال شيخنا العدوي. وفي بن ما يوافق ما قلناه من المعتمد وأيده بالنقول فراجعه إن أردت
الاطلاع عليها، وكلام شارحنا كالجمع بين الطريقتين فتأمله. قوله: (واعتبر) أي في النفقة على الزوجة حال
البلد من كونها حاضرة يأكل أهلها الناعم أو بادية يأكل أهلها الخشن. وقوله: وحال السعر في ذلك الزمان
أي من كونه رخاء أو غلاء فالأول يحمل الناس على التنعم في المأكل دون الثاني. قوله: (وهي مصيبة
نزلت به) أي فعليه كفايتها أو يطلقها ولا خيار له في فسخ النكاح وإمضائه، وهذا ما لم يشترط كونها
غير أكولة وإلا فله ردها ما لم ترض بالوسط. قوله: (وتزاد المرضع) تقدم أنه قال: تجب النفقة للزوجة
بحسب العادة وهذا في غير المرضع، وأما هي فليست كغيرها بل تزاد على النفقة المعتادة ما تتقوى به
على الرضاع، ومحل لزوم الزوج ذلك الزائد إذا كان ولد الزوجة حرا، أما لو كان ولدها رقا فالزائد على
سيدها كأجرة القابلة. قوله: (فلا يلزمه إلا ما تأكله) أي بالفعل حال المرض وحالة قلة الأكل الذي
هو أقل من المعتاد أي وليس لها أن تأخذ منه طعاما كاملا تأكل منه بقدر كفايتها وتصرف الباقي
منه في مصالحها خلافا لأبي عمران. قوله: (على الأصوب) أي عند المتيطي. قوله: (وكلام المواق)
أي القائل: إذا زاد ما تأكله في حال مرضها على ما تأكله في حال صحتها لزمه قدر ما تأكله
في حال صحتها. قوله: (يمكن تأويله) أي بأن تحمل الزيادة على ما تأكله على وجه التداوي أو
التفكه. قوله: (ولو اعتيد) أي جرت العادة بلبسه ولو كان شأنها لبسه، فإذا تزوج انسان بنت أكابر
509

من شأنها لبس الحرير فلا يلزمه إلباسها الحرير جرت العادة بلبسة أم لا كان غنيا أم لا. قوله: (على
ساكني المدينة) أي ولو من غير أهلها إن تخلقت بخلقهن، وأما سائر الأمصار فهو فيها كالنفقة فإن
جرت به العادة وجب وإلا فلا. قوله: (فيفرض إلخ) لما قدم أن الزوج يلزمه القوت وما عطف عليه
بين ما هو الذي يقضي به عند المشاحة هل الأعيان أو أثمانها فبين أنه يفرض الأعيان بقوله: فيفرض إلخ.
قوله: (وغسل الثياب) بل ولو للرش إن جرت به العادة. قوله: (والغسل) أي سواء كان الغسل
واجبا أو سنة كغسل الجمعة أو مستحبا كالغسل لدخول مكة. قوله: (لا زنا) في كلام بعضهم أنه يلزمه
الاتيان بالماء لغسلها ولو من زنا قال: ولا غرابة في إلزامه الماء لغسلها من الزنا لان النفقة واجبة عليه
زمن الاستبراء، واعتمد ذلك القول شيخنا واقتصر عليه في الحاشية. قوله: (واللحم) قال بعضهم: أي من
ذوات الأربع لا من الطير والسمك إلا أن يكون ذلك معتادا فيجري على العادة. قوله: (المرة بعد المرة) أي
يفرض اللحم زمنا بعد زمن فيفرض في حق القادر ثلاث مرات في الجمعة يوما بعد يوم، وفي حق الوسط
مرتان في الجمعة، وفي حق المنحط الحال مرة في الجمعة، كذا قال بعضهم، والأظهر أن الفقير يفرض عليه
بقدر وسعه فيراعى عادة أمثاله ولو في الشهر مرة مثلا لأن هذه الأمور من جزئيات قوله بالعادة
اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (وحصير) أي من بردي أو حلفاء أو سمر. قوله: (احتيج له) أي ليمنع عنها
العقارب أو البراغيث أو نحوهما. قوله: (وأجرة قابلة) يعني أن أجرة القابلة وهي التي تولد النساء لازمة
للزوج على المشهور ولو كانت مطلقة بائنا ولو نزل الولد ميتا في الطلاق البائن لأن المرأة لا تستغني عن
ذلك كالنفقة، وقيل إن أجرة القابلة عليها، ومحل الخلاف في الزوجة التي ولدها حر كالزوجة الحرة
والأمة التي مثل أمة الجد، وأما الزوجة الأمة التي يكون ولدها رقيقا لسيدها فأجرة القابلة لازمة
لسيدها قولا واحدا لملكه للولد ولو كانت في عصمة الزوج. قوله: (ويجب لها عند الولادة ما جرت به
العادة) أي من الفراريج والحلبة بالعسل والمفتقة ونحو ذلك. قوله: (يحصل لها ضرر عادة بتركها) أي بأن
يحصل لها الشعث عند تركها ولا يشترط المرض لا ما يحتاج له من ذلك ولو اعتادته. والحاصل أن
المدار في لزوم ذلك على الضرر اعتيد أم لا، فإن ضر تركه بها لزمه اعتيد أم لا، وإن لم يضر تركه بها فلا يلزمه
اعتيد أم لا. قوله: (معتادين) الأولى حذفه لان هذا تمثيل للزينة التي تستضر بتركها ولا تتضرر بتركه
إلا إذا كان معتادا لها. قوله: (لا لخضابها ولا ليديها) أي ولو جرى به عرف لأنها لا تتضرر بتركها.
قوله: (فلا تلزمه) أي بل هي عليها كما أن عليها أجرة البلانة التي تتولى ذلك، فهذه الثلاثة أمور على الزوج واحد
منها فقط قاله عج. قوله: (أي أهل الاخدام) أشار إلى أن فيه عود الضمير من المضاف إليه على المضاف مثل
قولك: جاء عبد ربه، والظاهر أن الإضافة في كلام المصنف من إضافة المصدر للمفعول، وأنه يشمل
الصورتين اللتين قالهما الشارح لأنها فيهما أهل للاخدام. قوله: (وإن بكراء) أي هذا إذا كان بشراء
بل وإن كان بكراء، والظاهر أنها لا تملك الرقيق الذي اشتراه لخدمتها إلا إذا حصل لتمليك بصيغة.
قوله: (ولو بأكثر من واحدة) رد بلو على ما قاله ابن القاسم في الموازية من أنه لا يلزمه أكثر من خادم
واحد. واعلم أنه إذا عجز عن الاخدام لم تطلق عليه لذلك على المشهور، وإذا تنازعا في كونها أهلا لان
510

تخدم أو ليست أهلا فهل البينة عليها أو عليه قولان انظر الحاشية. قوله: (وقضى لها بخادمها) أي إذا
طلبت الزوجة أن خادمها يخدمها ويكون عندها وطلب الزوج أن يخدمها خادمه فإنه يقضي لها
بخادمها لان الخدمة لها، وحينئذ فيلزم الزوج أن ينفق عليه، وهذا القول وهو القضاء بخادمها عند
التنازع هو قول مالك وابن القاسم، وقيده ابن شاس بما إذا كان خادمها مألوفا وإلا قضى بخادم الزوج،
وظاهر المصنف الاطلاق أي القضاء بخادمها سواء كان مألوفا أو لا. قوله: (في الدين) أي بأن كانت
تلك الخادمة تأتي برجال للمرأة يفسدون فيها، وقوله أو الدنيا أي بأن كانت تلك الخادمة تسرق من
مصالح البيت. قوله: (بأن لم تكن أهلا للاخدام) أي بأن كانت من لفيف الناس والزوج ليس ذا قدر.
قوله: (وطبخ له) أي ولها. وقوله لا لضيوفه أي ولا لأولاده ولا لعبيده ولا لأبويه. قوله: (واستقاء ماء)
أي من الدار أو من خارجها ولو من البحر إذا كان ذلك عادة أهل بلدها. قوله: (وغسل ثيابه) أي
فيلزمها ذلك وكذا غسل ثيابها، وقال بعضهم: إن غسل ثيابه وثيابها ينبغي جريانه على العرف والعادة،
وقال الآبي: إن ذلك من حسن العشرة ولا يلزمها وظاهره ولو جرت العادة بذلك. قوله: (بخلاف النسج إلخ)
يعني أن المرأة لا يلزمها أن تنسج ولا أن تغزل ولا أن تخيط للناس بأجرة وتدفعها لزوجها ينفقها
لأن هذه الأشياء ليست من أنواع الخدمة وإنما هي من أنواع التكسب، وليس عليها أن تتكسب له
إلا أن تتطوع بذلك، وظاهره ولو كانت عادة نساء بلدها جارية بالنسج والغزل. قوله: (ونحوها مما هو
من التكسب) أي لأنه ليس عليها أن تتكسب له أي بأن تخيط أو تنسج للناس وتجمع أجرة ذلك
وتدفعها له، ويؤخذ من هذا التعليل أنه يلزمها أن تخيط ثوبها وثوب زوجها لان هذا ليس تكسبا
بل من الخدمة، وفي حاشية شيخنا: أن الذي يفهم من كلامهم ترجيح القول بعدم لزوم خياطة ثوبه
وثوبها، وقال بعضهم: إنه يجري على العرف والعادة فإن جرى العرف به لزمها وإلا فلا. قوله: (للخروج
بها) أي للأفراح أو للزيارة وظاهره أن الزوج لا يلزمه ثياب المخرج ولو كان غنيا وهو المعتمد، وروى
ابن نافع أنها تلزم الغني. قوله: (ولباس) أي فيجوز له أن يلبس من ثيابها ما يجوز له لبسه. قوله: (فيستعمل
من ذلك إلخ) أي وحده أو معها. قوله: (وله منعها من بيع ذلك) أي ما ذكر من الشورة وظاهره أبدا،
والذي في المعيار أول النكاح عن ابن زرب أن الشورة لا تبيعها الزوجة حتى يمضي من المدة ما يرى أنه
ينتفع بها الزوج، قال: وقد ذكر ابن رشد فيما أظن أن لها التصرف فيها بعد أربع سنين وهي في بيت زوجها اه‍.
وقال ابن عرفة ابن عات عن ابن زرب ليس لها بيع شورتها من نقدها إلا بعد مضي مدة انتفاع
الزوج بها والسنة في ذلك قليلة اه‍ بن. قوله: (ما دخلت به بعد قبض مهرها) أي وأما إن لم تقبض منه
شيئا وإنما تجهزت من مالها فليس له منعها من بيعه وإنما له عليها الحجر إذا تبرعت بزائدة ثلثها، فإن كان ما
تجهزت به من مالها قدر ثلثها فأقل فليس له أن يمنعها من التبرع به كما ليس له منعها من بيعه مطلقا، وفي
بن: وقوله والمراد ما دخلت به بعد قبض صداقها إلخ يشمل ما اشترته من صداقها أو
من هدية مشترطة أو جرى بها عرف كالنشان بمصر ففي اختصار الطرر ما نصه: وللزوج امتهان ما
اشترته من الجهاز حتى يبليه إذا كان ذلك الشراء من نقدها ثم قال: فإن كان معها كسوة من جهازها
أو هدية قد اشترطت عليه أو كانت عندهم عادة معروفة كالمشترطة لم يلزم الزوج كسوتها
حتى تخلقها اه‍. قوله: (ولا يلزمه بدلها) أي فلو جدد ما بلي من شورتها وطلقها فلا يقضي لها بأخذه
اه‍ عدوي. قوله: (وله منعها إلخ) أي ما لم يأكله معها فليس له أن يمنعها من ذلك أو يكون فاقد الشم.
511

قوله: (وليس لها منعه من ذلك) أي ولو لم تأكله، والفرق أن الرجال قوامون على النساء كذا قرر شيخنا.
قوله: (لا يبلغ بهم) أي بالاخوة ومن بعدهم الحنث أي لا يحكم القاضي بدخولهم الموجب لحنثه إذا
حلف عليه. قوله: (فله المنع) أي فللزوج منعهم من الدخول لها. قوله: (قضى بتحنيثه) أي حكم القاضي
بفعلهم الامر الذي يحصل به حنثه وهو الدخول. قوله: (أن لا تزور والديها) أي لا ولدها من غيره
لقصور مرتبته عن مرتبة والديها. قوله: (فيحنث) أي أنه إذا حلف على أنها لا تزورهم فإنه يحنث في
يمينه بأن يحكم لها القاضي بالخروج للزيارة فإذا خرجت بالفعل حنث. قوله: (ويقضي لها بالزيارة) أي
في الجمعة مرة والفرض أن والديها بالبلد لا إن بعدوا عنها فلا يقضي لها اه‍ عدوي. قوله: (ولو شابة)
أي هذا إذا كانت متجالة بل ولو كانت شابة، ورد بلو قول ابن حبيب: لا يحنث في الشابة إذا حلف
لا تخرج لزيارة أبويها. قال ابن رشد: وهذا الخلاف في الشابة المأمونة، وأما المتجالة المأمونة فلا خلاف
أنه يقضي لها بزيارة أبيها وأمها، وأما غير المأمونة فلا يقضي بخروجها شابة كانت أو متجالة اتفاقا انظر بن.
قوله: (لتطرق الفساد بالخروج) أي مع الأمينة. قوله: (فلا يقضي إلخ) أشار بعضهم للفرق بين
حال التخصيص وحال الاطلاق بأنه في حال التخصيص يظهر منه قصد ضررها فلذا حنث بخلاف
حال التعميم فإنه لم يظهر منه قصد الضرر، فلذا كان لا يقضي عليه بخروجها ولا يحنث، ومفهوم أطلق
لفظا ونية أنه لو أطلق لفظا ونوى تخصيصهما فهو كالقسم المتقدم للمصنف. قوله: (ولا لأبويها) أي
ولو لزيارتهم إذا طلبتها. قوله: (وقضى إلخ) تقدم أنه ليس له منع أولادها من غيره من الدخول لها،
وإذا كان كذلك وتضرر بكثرة دخولهم لها فيقضي إلخ. قوله: (ومع أمينة إلخ) قال عبق: وأجرتها على
الزوج على الظاهر وفيه نظر، بل الظاهر أن الأجرة على الأبوين لان زيارتهما لها لمنفعتهما وقد
توقفت على الأمينة فتكون الأجرة عليهما، ويدل لذلك ما في المعيار أول النكاح عن العبدوسي من أن
الأبوين محمولان في زيارة الزوجة على الأمانة عدم الافساد حتى يثبت ذلك، فإذا ثبت ذلك منعا من
زيارتها إلا مع أمينة اه‍. فأخذ منه أن الزوج لا يصدق في دعوى الافساد بل لا بد من البينة وهو ظاهر،
وأنه إذا ثبت إفسادهما لها فإنهما ظالمان، وذلك مقتض لكون الأجرة عليهما من جهة أن الظالم أحق
بالحمل عليه انظر بن، وذكر بعض المحققين أن الذي يظهر أنه إذا ثبت ضرر الأبوين ببينة فأجرة الأمينة
عليهما لأنهما ظالمان والظالم أحق بالحمل عليه وقد انتفعا بالزيارة كما قال بن وإن كان ضرر الأبوين مجرد
اتهام كما قال المصنف فالأجرة على الزوج كما قال عبق لانتفاعه بالحفظ. قوله: (إن اتهمها) أي الوالدين
والظاهر أن الأولاد مطلقا صغارا أو كبارا إن اتهمها كانا كالوالدين في أنهما لا يدخلان لها إلا مع
أمينة من جهته سواء كان الزوج حاضرا في البلد أو كان غائبا لان الحاكم يقوم مقامه. قوله: (بإفسادها
عليه) أي وأما إذا اتهمهما بأخذ ماله فإن ذلك لا يوجب منعهما لامكان التحرز منهما في ذلك اه‍. قال
عبق: وقوله ومع أمينة إن اتهمهما مقيد بما إذا كان الزوج حاضرا أي غير مسافر وإلا فليس لهما أن
يدخلا عليها مع أمينة، وهذا أقيد وقع لصاحب الشامل وتبعه تت وهو خلاف النقل إذ النقل أنه
متى اتهمها بإفسادها عليه منعا من الدخول إلا مع أمينة لا فرق بين حضور الزوج بالبلد وعدمه
قال بن ولم أر من ذكر هذا الشرط مع البحث عنه سوء صاحب الشامل ومن تبعه. قوله: (وأما أخوها) أي
وكذا جدها، وقوله فله منعهم أي ولو لم يتهمهم، وقوله على المذهب أي ومقابله ما مر عن عبد الملك من أنه
ليس له منعهم، وعليه فيمكنون من زيارتها في كل جمعتين أو في كل شهر مرة كما قرر شيخنا. قوله: (ولها
الامتناع إلخ) أي ولو بعد رضاها بسكناها معهم، ولو لم يثبت الضرر لها بمشاجرة ونحوها كما قاله شيخنا.
512

وانظر هل لها الامتناع من السكنى مع خدمه وجواريه أم لا؟ والظاهر أنه ليس لها ذلك لان له وطئ أمته
وربما احتاج لخدمة أرقائه، كذا في خش وعبق، قال بن: وفيه نظر بل لها الامتناع من السكنى مع
جواريه وأم ولده ولو لم يحصل بينهم وبينها مشاجرة، ويدل لذلك تعليل ابن رشد وغيره عدم السكنى
مع أهلها بقوله لما عليها من الضرر باطلاعهم على أمرها وما تريد أن تستره عنهم من شأنها، وقد نقل
في المعيار عن المازري أن أم الولد لا يلزمها أن تسكن مع الزوجة فتكون الزوجة أحرى بالامتناع من
السكنى معها قاله أبو علي المسناوي. قوله: (إلا الوضيعة) أي ذات الصداق القليل، وكذا الشريفة إذا
اشترط عليها سكناها معهم أي فليس لواحدة منهما الامتناع. وقوله: ما لم يطلعوا إلخ أي وإلا كان لكل
منهما الامتناع ومثل الاطلاع المذكور ثبوت الضرر بغيره، وأما غيرهما فلا يلزمهما السكنى مع أهله
وإن لم يثبت ضرر كما مر. قوله: (كولد صغير لأحدهما) حاصله أن أحد الزوجين إذا كان له ولد صغير
وأراد الآخر أن يخرجه عنه من المنزل فإن له ذلك ما لم يعلم به وقت البناء، فإن علم به وأراد أن يخرجه
عنه فليس له ذلك، وما ذكر من التفصيل من أنه إذا علم به عند البناء فليس له اخراجه وإلا كان له
اخراجه محله إذا كان للولد حاضن أي كافل يكفله، وإلا فلا امتناع لمن ليس معه الولد أن يسكن
مع الولد سواء حصل البناء مع العلم به أم لا. قوله: (وقدرت بحاله) أي قدر قبضها أي قدر زمن
قبضها أي قدر الزمن الذي تدفع فيه بدليل قوله: وضمنت بالقبض. وقوله: بحاله المراد بالحال الطاقة
من العسر واليسر. وقوله: من يوم بيان لحاله وحينئذ فلا بد من تقدير مضاف إما قبل حال أي بزمن
حاله لأجل البيان بقوله من يوم، وإما قبل يوم ويكون بيانا لحاله أي من يسر يوم وعسره،
ويصح أن يجعل من بمعنى في متعلقة بمحذوف أي فتدفع من يوم أي في كل يوم أو في كل جمعة إلخ.
وهذا هو الذي اقتصر عليه الشارح. وعلم أن قوله: وقدرت إلخ في غير الملئ بالفعل، وفي قوله:
وقدرت بحاله إشارة إلى أن المدة التي يقضي بتعجيل النفقة فيها إنما تعتبر بحال الزوج فقط،
وأما قدر النفقة وجنسها فبحالهما كما مر. قوله: (من يوم أو جمعة) أي وتقبضها معجلة بدليل قوله: وضمنت
بالقبض مطلقا فتقبض نفقة اليوم من أوله والشهر من أوله، وكذلك الجمعة والسنة هذا إذا كان الحال
التعجيل، وأما إذا كان الحال التأخير فإنها تنتظر حتى تقبضها ولا يكون عدم قدرته الآن عسرا
بالنفقة. قوله: (بالشتاء) المراد به فصله وما والاه من فصل الربيع، والمراد بالصيف فصله وما والاه
من فصل الخريف. قوله: (بالشتاء ما يناسبه) أي من فرو ولبد ولحاف وغير ذلك. قوله: (إن لم
تناسب كسوة كل) أي من الشتاء والصيف الآخر. قوله: (إن خلقت كسوة كل في عامها) اعلم أن ما خلق
من الكسوتين ينبغي أن يجري على العرف من كونه للزوج أو للزوجة، فإن لم يكن عرف فهو للزوج
اه‍ عدوي. قوله: (فإن لم تخلق) بأن كانت تكتفي بها أي في العام الثاني والثالث مثلا كالاكتفاء في
العام الأول أو قريبا من الاكتفاء في العام الأول. قوله: (كنفقة الولد إلا لبينة على الضياع)
ظاهر كلام المصنف هنا وفي التوضيح الشمول لما قبضته من نفقة الولد لمدة مستقبلة
أو عن مدة ماضية، وبذلك قرر تت كلام المصنف واعتمده طفي، وقال البساطي: كلام المصنف
محمول على ما قبضته من نفقة الولد لمدة مستقبلة، قال السوداني وهو المتعين: وأما ما قبضته من
نفقة الولد عن مدة ماضية فإنها تضمنها مطلقا سواء قامت بينة على الضياع أم لا فهو كنفقتها
لأنه كدين لها قبضته فالقبض لحق نفسها لا للغير حتى تضمن ضمان الرهان والعواري، وارتضى
513

ذلك شيخنا العدوي وبن هذا. واعلم أن المراد بقول المصنف: كنفقة الولد أي في غير مدة الرضاع
لان نفقة الرضاع أجرة لها حقيقة وليست نفقة للولد وحينئذ فتضمنها مطلقا ولو ثبت ضياعها ببينة
كنفقتها. قوله: (فتضمنها) وهل يرجع الولد عليها أو على الأب ويرجع الأب عليها وهو الذي ينبغي؟
قوله: (عما لزمه لزوجته) أي نفقة لها ومحل الجواز إن رضيت المرأة بذلك وذلك لان الواجب على
الزوج الذي يقضي عليه به ابتداء الأعيان لكن يجوز له أن يدفع الأثمان إن رضيت الزوجة بها،
وظاهره جواز دفع الثمن ولو عن طعام وهو المعتمد، بناء على أن علة منع بيع الطعام قبل قبضه غيبته عن
البائع وكونه ليس تحت يده وهي مفقودة بين الزوجين لان طعام الزوج تحت يدها غير غائب عنها
ويلزم الزوج أن يزيدها إن غلا سعر الأعيان بعد أن قبضت ثمنها، ويرجع عليها إن نقص سعرها ما لم
يسكت مدة وإلا حمل على أنه أراد التوسعة عليها، وهذا كله ما لم تكن اشترت الأعيان قبل غلوها أو
قبل الرخص وإلا فلا يزيدها شيئا في الأول ولا يرجع عليها بشئ في الثاني اه‍ تقريري عدوي.
قوله: (المتقدمة) أي في قوله: فيفرض الماء والزيت إلخ. قوله: (ويجوز له المقاصة بدينه) محل الجواز إذا لم
يطلبها واحد منهما وإلا وجبت كما يأتي في المقاصة، ويمكن أن يكون المصنف أراد بالجواز الاذن الصادق
بالوجوب. قوله: (إن أكلت معه) أي فإذا أكلت معه سقطت نفقتها مدة أكلها معه ولو كانت مقررة،
فلو أكلت معه ثلاثة أيام وطلبت الفرض بعد ذلك سقطت نفقة الأيام الثلاثة عنه وقضى لها بالفرض
بعد ذلك، فقول المصنف: ولها الامتناع أي ابتداء أو انتهاء وإذا طلبت نفقة مدة ماضية وادعى أنها
أكلت معه فيها صدق الزوج على الظاهر كما ذكره عبق. قوله: (ولو كانت مقررة) أي هذا إذا كانت
نفقتها غير مقررة بأن كانت تأخذ ما يكفيها من القوت بل ولو كانت مقررة، هذا إذا كانت غير محجور
عليها، بل ولو كانت محجورا عليها كسفيهة لان السفيه لا يحجر عليه في نفقته. قوله: (فإذا كساها معه) أي
والحال أنه فرض لها ثمنها. قوله: (ولها الامتناع) أي ما لم تلتزم الأكل معه وإلا فليس لها الامتناع كذا
قال بعضهم، قال شيخنا: والظاهر خلافه. قوله: (أو منعت زوجها) عطف على قوله:
أكلت أي سقطت إن أكلت أو منعت زوجها الوطئ لغير عذر، وأما لو ادعت أنها منعته لعذر كمرض فلا بد من إثباته
بشهادة امرأتين حيث خالفها الزوج، وهذا إذا كان المرض الذي ادعته في محل لا يطلع عليه الرجال بأن
كان في غير الوجه والكفين وإلا فلا يثبت إلا بشاهدين. قوله: (فتسقط نفقتها عنه في اليوم الذي منعته
فيه) هذا هو الرواية المشهورة، واختارها الباجي واللخمي وابن يونس وغيرهم، ومقابلها أنها لا تسقط
نفقتها بمنعها له من الوطئ أو الاستمتاع، ومحل الخلاف إذا كانت غير حامل وإلا فلا خلاف في وجوب
نفقتها وعدم سقوطها بمنعها له مما ذكر انظر بن. قوله: (والقول قولها في عدم المنع) أي فإذا ادعى الزوج
أنها تمنعه من وطئها وقالت: لم أمنعه وإنما الامتناع منه كان القول، ولا يقبل قول الزوج لأنه يتهم
على اسقاط حقها من النفقة. واعلم أن المنع مما ذكر إنما يعلم من جهتها بأن تقر بذلك بحضرة عدلين
أو عدل وامرأتين أو أحدهما مع يمين على ما يظهر اه‍ خش. قوله: (أو خرجت إلخ) أي حالة
كونها ظالمة لا إن كانت مظلومة ولا حاكم ينصفها. قوله: (ولم يقدر على ردها إلخ) هذا شرط فيما إذا خرجت
جهرا أو خفية لمكان معلوم، وأما الهاربة خفية لمكان مجهول فإن نفقتها تسقط ولو قدر على ردها لو
علم بمكانها انظر خش. قوله: (قادر على منعها) أي من الخروج وإن عجز عن ردها لمحله بعد ذلك.
514

قوله: (إن لم تحمل) شرط في مسألة منع الوطئ وما بعدها. قوله: (مطلقا) أي كانت حاملا أم لا،
خرجت من محل سكناها أم لا، عجز عن ردها بعد أن خرجت أم لا. قوله: (في أوله) متعلق بمحذوف
أي إذا طلقها في أوله أي أنه إذا حصلت بينونة في أول الحمل وصدقها الزوج على الحمل قبل ظهوره
أو لم يصدقها وانتظر ظهوره وحركته فإن لها كسوتها المعتادة ولو كانت تبقى بعد وضع الحمل، ومحل
وجوب الكسوة إذا كانت محتاجة لها وإلا فلا. قوله: (وفي الأشهر) عطف على قوله في أوله وهو على
حذف مضاف أي في أثناء الأشهر، وقوله قيمة منابها أي قيمة مناب الأشهر من الكسوة عطف
على قوله نفقة الحمل أي ولها قيمة مناب الأشهر من الكسوة إذا أبانها في أثنائها. وحاصله أنه
إذا أبانها بعد مضي أشهر من حملها فلها مناب الأشهر الباقية من الكسوة فيقوم ما يصير لتلك الأشهر
الماضية من الكسوة لو كسيت في أول الحمل فيسقط وتعطى ما ينوب الأشهر الباقية القيمة دراهم.
قوله: (واستمر إن مات الزوج إلخ) أي وأما إن مات الولد في بطنها قبل وضعه فلا نفقة لها ولا
سكنى من يوم موته لان بطنها صار قبرا له وإن كانت لا تنقضي عدتها إلا بنزوله كذا في شب خلافا
لما في الشامل من استمرار النفقة والسكنى إذا مات الولد في بطنها. واعلم أن القول بالسقوط قول ابن
الشقاق وابن سلمون، واختاره البرزلي والبدر القرافي واعتمده عج وصوب شيخنا وبن اعتماده
له، وما في الشامل وإن حكم به بعض القضاة كابن الخراز وأفتى به جمع كثير من الفقهاء إلا أنه غير
معتمد كما قال عج. قوله: (إن مات الزوج قبل وضعها) أي فيستمر المسكن لها إلى انقضاء عدتها
بالوضع. قوله: (وللبائن غير الحامل) أي واستمر المسكن للبائن غير الحامل إذا مات زوجها لانقضاء
عدتها، فعلم منه أن البائن مطلقا سواء كانت حاملا أم لا يستمر لها المسكن إذا مات زوجها لانقضاء عدتها
وإن كان سياق كلام المصنف في الحامل. قوله: (والأجرة فيهما من رأس المال) أي
في البائن الحامل وغير الحامل إذا مات الزوج فيهما. قوله: (وتسقط الكسوة والنفقة) أي كسوة
البائن الحامل ونفقتها إذا مات الزوج كما تسقط بموته نفقة وكسوة من في العصمة والرجعية.
قوله: (في الجميع) أي من في العصمة والرجعية والبائن حاملا كانت أم لا. قوله: (مطلقا) أي سواء كانت
حاملا أو غير حامل كان المسكن له أم لا نقد كراءه أم لا. قوله: (في كراء المسكن) أي لان السكنى إنما
كانت حقا لذاتها لوجوب عدتها في منزلها ولا حق للوارث فيها حتى تورث. قوله: (خمس صور)
لعل الأولى سبع صور تأمل. قوله: (وأما بائنة وهي حامل) أي بموت زوجها بعد قبضها النفقة أو
تموت هي. قوله: (كانفشاش الحمل) أي حمل المطلقة طلاقا بائنا، والمراد بانفشاشه تبين أنه لم يكن ثم حمل
بها بل كان علة أو ريحا كما يفيده التوضيح وغيره، وليس المراد به فساده واضمحلاله بعد تكونه.
قوله: (فترد نفقته جميعها) ظاهره سواء كان الانفاق بحكم حاكم أو لا، وقيل: إنها لا ترد مطلقا. وقيل إن كان
الانفاق بحكم حاكم ردتها وإلا فلا، والأول رواية ابن الماجشون مع قول محمد، والثاني رواية محمد،
والثالث سماع ابن القاسم، قال ابن حارث: اتفقوا على أن من أخذ مالا من رجل يجب له بقضاء أو غيره
ثم ثبت أنه لم يكن يجب له شئ أنه يرد ما أخذه وهذا يرجح القول الأول انظر بن. قوله: (بخلاف
التي قبلها) أي وهي مسألة الموت، وقوله فمن يوم الموت أي فترد النفقة من وقت الموت.
قوله: (وكذلك كسوته) أي كسوة الحمل إذا أنفش فإنها تردها ولو لبستها أشهرا. قوله: (أم لا) أي
أو قبله لكونه صدقها. قوله: (لا الكسوة) أي بخلاف كسوة كساها لها وهي في عصمته فلا
515

تردها إن أبانها أو مات أحدهما بعد مضي أشهر من قبضها. قوله: (فلا ترد هي) أي إن مات الزوج.
وقوله: ولا ورثتها أي ولا يردها ورثتها إن ماتت هي. قوله: (ومثل الموت الطلاق البائن) أي والحال
أنه لم يكن بها حمل فإذا كساها ثم طلقها طلاقا بائنا ولم تكن حاملا، فإن كان الطلاق بعد أشهر من قبضها
فلا ترد تلك الكسوة وإن كان بعد شهر أو شهرين فإنها تردها. قوله: (فيرجع الأب بكسوته عليها)
أي فيأخذها الأب جميعها ولاحظ منها للأم فلا تورث تلك الكسوة عن الولد كما هو مقتضى عبارات
الأئمة كعبارات صاحب الوثائق المجموعة والمفيد وابن سلمون ومعين الحكام وابن عرفة وذلك لان
الأب إنما دفعها لظنه لزومها له فإذا هي ساقطة عنه، وما وقع في المواق عن ابن سلمون من قوله: وكذلك
ترد ما بقي من الكسوة وورثت اه‍ تحريف، والذي في النسخ الصحيحة من ابن سلمون وإن رثت،
وكذا هو في ابن فتوح والجزيري والمفيد وغير واحد لا ورثت من الإرث، ولهذا قال طفي: أن ما في
عج عن بعض شيوخه وهو كريم الدين البرموني يرجع الأب بالكسوة بقدر ميراثه منها لان الولد
ملكها، بخلاف النفقة لا يستحقها إلا يوما فيوما خطأ صراح لمخالفته لكلام أهل المذهب اه‍. قلت:
ما ذكره عج عن بعض شيوخه من رجوعه في الكسوة بقدر ميراثه هو مقتضى كلام ابن رشد في
الهبة حيث قال: ما كسا ابنه من ثوب فهو للابن إلا أن يشهد الأب أنه على وجه الامتاع اه‍، فالتخطئة
خطأ. ويمكن أن يوفق بحمل ما لابن رشد على الكسوة الغير الواجبة وما قبله على الواجبة اه‍ بن.
والحاصل أن الولد إذا قبضت حاضنته كسوته لمدة مستقبلة ثم مات هل يأخذها الأب بتمامها أو
يأخذ منها ما يستحقه بقدر الميراث فقط طريقتان، وسواء كانت أمه التي قبضت كسوته في العصمة
أو مطلقة. قوله: (فلها نفقة الرضاع أيضا) قال أبو الحسن: وتكون أجرة الرضاع نقدا لا طعاما، ويشترط
أن لا يضر رضاعها بالولد وهي حامل وإلا كانت أجرته لمن ترضعه لأنه لاحق للأم في رضاعه حينئذ.
قوله: (بل بظهور الحمل إلخ) أي على المشهور وقيل بوضعه، قال ابن عرفة: وفي وجوب نفقة الحمل بتحركه
أو بوضعه روايتا المشهور وابن شعبان. قوله: (كالتفسير إلخ) أي أو ان الواو بمعنى مع. قوله: (لان
ذاك في الكلام على وجوبه) أي من غير تعرض لبيان مبدأ الوجوب لما علمت أن المعنى ولها نفقة الحمل
والكسوة إذا حصلت البينونة في أوله. قوله: (وهذا بيان للوقت إلخ) أي وهذا بيان لمبدأ الوجوب.
قوله: (لحمل ملاعنة) أي لأجل حمل ملاعنة فاللام للتعليل أو للتعدية وفي الكلام حذف مضاف أي لأم
حمل ملاعنة. قوله: (لعدم لحوقه به) أي بقطع نسبه، وأشار الشارح بما ذكره من العلة إلى أن كلام
المصنف إذا كان اللعان لنفي الحمل لا لرؤية الزنا وإلا فلها النفقة إذا كانت حاملا يوم الرمي ما لم تأت
به لستة أشهر وما في حكمها من يوم الرؤية، وإلا فلا نفقة لها لانتفاء الولد عنه بلعان الرؤية. قوله: (على
أبيه المطلق) أي الذي طلقها طلاقا بائنا سواء كان حرا أو عبدا، أما إن طلقها طلاقا رجعيا فنفقة حملها عليه لا
على سيدها، وبهذا تعلم أن قول المصنف: إلا الرجعية راجع للفرعين قبله لا لثانيهما فقط ولا لأولهما
فقط كما هو ظاهر كلام شارحنا حيث قال: إلا الأمة الرجعية، فاقتصاره على تقدير الأمة يقتضي رجوعه
للفرع الأول، ولو قال إلا الزوجة الرجعية أعم من كونها أمة بالنسبة للفرع الأول أو حرة أو أمة بالنسبة
للفرع الثاني كان أولى انظر بن. قوله: (والملك مقدم) أي فالمالك للولد مقدم في النفقة على الأب لقوة
تصرف المالك بالتزويج وانتزاع المال والعفو عن الجناية، وعليه حوز الميراث دون الأب في ذلك كله.
516

قوله: (ولا نفقة على عبد لحمل مطلقته البائن) أي سواء كانت حرة أو أمة. وقوله تعالى: * (وإن كن أولات
حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) * خاص بالزوج الحر على المشهور لأنه لا يلزم العبد أن ينفق
على أولاده لعدم ملكه بل إن كانت أمهم حرة فنفقتهم من بيت المال، وإن كانت أمة فنفقتهم على سيدها.
قوله: (فتجب النفقة على زوجها الحر والعبد) لان حكمها حكم الزوجة التي في العصمة وحينئذ فنفقة
حملها داخلة في نفقتها ونفقتها لازمة لزوجها. والحاصل أن نفقة حمل الرجعية لازمة للعبد باعتبار
اندراجها في نفقة أمه وإن كانت لا تلزمه بالأصالة. قوله: (وسقطت بالعسر) أي بعسر الزوج سواء
كانت الزوجة مدخولا بها أم لا. قوله: (ولا ترجع عليه الزوجة بها بعد يسره) أي لا ترجع الزوجة
عليه بعد يسره بنفقتها زمن عسره، وظاهره ولو كانت مقررة بحكم حاكم مالكي، وأما لو كانت مقررة
بحكم غيره فإنه يرجع في ذلك لمذهبه، قوله: (انها لا تلزمه) أي فأطلق المصنف السقوط وأراد عدم
اللزوم. قوله: (ولا مطالبة لها بها إلخ) أي أنه إذا سقطت للاعسار فأنفقت على نفسها شيئا في زمن الاعسار
فإنها لا ترجع عليه بشئ من ذلك سواء كان الزوج في زمن إنفاقها حاضرا أو غائبا لأنها متبرعة في
تلك الحالة. قوله: (ما دام معسرا) فإن عاد له الملاء وجبت عليه خلافا لظاهر المصنف من أنه متى حصل
العسر سقطت ولا تعود. قوله: (ليس من جهتها) أي وأما لو كان من جهتها بأن كانت مماطلة فإنها تسقط
نفقتها، والمراد بقوله حسبت في دين أي بسبب دين بأن حبست لاثبات عسرها اه‍ تقرير شيخنا عدوي.
قوله: (وأحرى لو حبسه غيرها) أي فلا مفهوم لقوله حبسته، لكن المصنف اقتصر في النص على المتوهم.
قوله: (أو حجت الفرض) أي أصالة، وأما المندور فكالتطوع إن سافرت بإذنه لم تسقط نفقتها وإلا سقطت.
قوله: (حيث لم تنقص) أي بأن زادت نفقة السفر على نفقة الحضر أو ساوتها. وقوله: وإلا أي بأن نقصت
نفقة السفر عن نفقة الحضر. قوله: (لم يكن لها سواها) أي سوى نفقة السفر. وقوله: ولو كانت مقررة
أي ولو كانت نفقتها في الحضر مقررة. قوله: (إن دخل بها عالما إلخ) أي وأما ما مر من اشتراط الإطاقة في
وجوب النفقة فذلك حيث لم يرض بها فلا معارضة بين ما هنا وما تقدم. قوله: (وإن رتقاء) هذا راجع
لجميع الباب. قوله: (غير سرف) أي فإن كان سرفا فإنها ترجع عليه بقدر المعتاد فقط. قوله: (إلا أن تقصد
به الصلة فلا ترجع) أي وعدم القصد أصلا كقصد الرجوع كما في بن. قوله: (وإن كان معسرا حال
الانفاق عليه) أي هذا إذا كان في زمن الانفاق عليه موسرا بل وإن كان معسرا لان العسر لا يسقط عن
الزوج إلا ما وجب عليه لغيره لا ما وجب عليه لنفسه. قوله: (كمنفق على كبير أجنبي) أي فإذا كان شخصان
في محل فأنفق أحدهما عليهما ولم ينفق الآخر فله محاسبته بما أنفق إذا كان غير سرف وإلا حاسب بقدر
المعتاد فقط في محل الرجوع. قوله: (إلا لصلة) أي لا لقرينة دالة على أن الانفاق لله تعالى، وهذا راجع
لما قبل الكاف أيضا على خلاف قاعدته، ويصح أن يجري على القاعدة ويكون في الكلام احتباك،
فحذف صلة من الأول لدلالة الثاني عليه، وحذف غير سرف من الثاني لدلالة الأول. قوله: (وهو)
أي المنفق زوجة أو غيرها محمول عند عدم القرينة على عدم الصلة. قوله: (أن الأصل إلخ) أي وحينئذ
517

فتحمل عند عدم القرينة على الصلة. قوله: (عكس ذلك) أي فالأصل فيه عدم الصلة حتى يظهر خلافه.
قوله: (والقول إلخ) أي فإذا ادعى المنفق عليه أن الانفاق صلة وادعى المنفق أنه لم يقصد صلة بل قصد
الرجوع أو لم يقصد شيئا فالقول قول المنفق بيمين زوجة أو غيرها فيحلف أنه أنفق ليرجع، أو أنه
أنفق ولم يقصد صلة، ومحل حلفه ما لم يكن أشهد حين الانفاق أنه أنفق ليرجع وإلا فلا يمين. قوله: (ورجع
المنفق على الصغير) الذي في المعيار أن الربيب الصغير كالصغير الأجنبي، ونقله أيضا ابن سلمون عن
المشارق قال في المعيار: إلا أن تثبت الأم أنه التزم الانفاق على الربيب فلا رجوع له، وإنما محل الرجوع
إذا أنفق عليه من غير التزام، وقيل بعدم الرجوع إذا أنفق على الربيب مطلقا، ونقله ابن عرفة عن ابن عات
والراجح الأول كما قال شيخنا العدوي. قوله: (علمه المنفق) أي علم المال حين الانفاق، وكذا
لا بد من علمه أن له أبا موسرا إذا لم يكن له مال، واشتراط العلم بالأب ما لم يتعمد الأب طرحه وإلا فليرجع
عليه إذا علم به بعد ذلك كما يأتي في اللقطة. وقوله علمه المنفق أي وأما لو أنفق عليه ظانا أنه لا مال له ولا
لأبيه ثم علم ذلك فلا رجوع له وقيل له الرجوع والقولان قائمان من المدونة، قال ابن عرفة: فالأول ظاهر
قولها في تضمين الصناع ولا يتبع اليتيم بشئ إلا أن يكون له أموال فيسلفه حتى يبيع عروضه، والثاني
ظاهر قولها في النكاح الثاني من أنفق على صغير لم يرجع عليه إلا أن يكون له مال حين أنفق عليه فيرجع
بما أنفق عليه في ماله ذلك، والأولى تقييد مطلقها بمقيدها فيكون قولا واحدا اه‍ بن. قوله: (إلا أن يكون
أشهد) أي حين الانفاق أنه إنما أنفق عليه ليرجع بما أنفقه اه‍. قال الشيخ ميارة في شرح التحفة:
وكذا يرجع إن لم ينو رجوعا ولا عدمه بعد أن يحلف أنه لم ينو واحدا منهما نقله في المعيار في نوازل
الاحباس. قوله: (وكذا إذا لم يحلف إلخ) أي وكذا إن كان للولد مال ولم يعلم به المنفق وقت الانفاق.
قوله: (ولها الفسخ) أي القيام به وطلبه فلا يشكل مع قوله: ثم طلق عليه. وحاصل الاشكال أن قوله:
ولها الفسخ أي الطلاق يقتضي أنه إذ عجز لها أن تطلق حال فينافي قوله الآتي: ثم طلق أي ثم بعد التلوم
طلق عليه. وحاصل الجواب أن المراد ولها الفسخ أي لها طلب الفسخ والقيام به لا أنها توقع
الفسخ الآن، وقد تسمح المصنف في تعبيره بالفسخ لأنه تطليق كما سيقول. قوله: (إن عجز) أي إن ادعى
العجز عن ذلك أثبته أم لا. وحاصل فقه المسألة أن الزوج إذا امتنع من النفقة وطولب بها فإما أن
يدعي الملاء ويمتنع من الانفاق، وإما أن لا يجيب بشئ، وإما أن يدعي العجز، فإن لم يجب بشئ طلق عليه
حالا، وإن قال أنا موسر ولكن لا أنفق فقيل يعجل عليه الطلاق وقيل يحبس، وإذا حبس ولم ينفق
طلق عليه، وهذا كله إذا لم يكن له مال ظاهر وإلا أخذ منه وإن ادعى العجز وهي مسألة المصنف، فأما أن
يثبت العجز أو لا، فإن لم يثبت العجز فيقال له طلق أو أنفق، فإن امتنع من الطلاق الانفاق فقيل يتلوم
له ثم يطلق عليه، وقيل لا يتلوم له بل يطلق عليه حالا والثاني هو المعتمد وإن أثبت عسره تلوم له على المعتمد
ثم يطلق عليه وهذا معنى قول المصنف: فيأمره الحاكم إن لم يثبت عسره إلخ. قوله: (ومثل الحاضرة
المستقبلة إذا أراد سفرا) تبع في ذلك عج ورده بن تبعا لبعض الشيوخ بأنه إذا أراد سفرا وعجز عن
دفع النفقة المستقبلة فالنقل أن لها المطالبة بها ولا يلزم منه التطليق حالا، نعم لها بعد طول النفقة التطليق
إذا أرادته ولو في غيبته فتأمل. قوله: (وإن كانا عبدين) راجع لقوله: ولها الفسخ لا لقوله ماضية.
قوله: (فليس لها الفسخ) أي ولزمها المقام معه بلا نفقة وهي محمولة على العلم إن كان من السؤال لشهرة حاله
وعلى عدمه إن كان فقيرا لا يسأل. قوله: (أو علمت أن من السؤال الطائفين بالأبواب) أي
ودخلت على ذلك راضية به. قوله: (غير مرتب) أي بل مشوش. وحاصل فقه المسألة أنها إذا علمت
عند العقد فقره فليس لها الفسخ إلا إن كان مشهورا بالعطاء وانقطع، وكذلك إذا علمت عند العقد
518

أنه من السؤال فليس لها الفسخ إلا إذا تركه فلها الفسخ. قوله: (فيأمره الحاكم إلخ) اعلم أن جماعة
المسلمين العدول يقومون مقام الحاكم في ذلك، وفي كل أمر يتعذر الوصول فيه إلى الحاكم
أو لكونه غير عدل اه‍ خش. والواحد منهم كاف كما قاله شيخنا تبعا لعبق فيما مر ونازع فيه بن
كما تقدم فانظره. قوله: (أو تطلقها) أي فإن أنفق وكسا أو طلق فلا كلام، وإن أبى من ذلك
ومن الطلاق فإن الحاكم يطلق عليه حالا بلا تلوم على المعتمد، وقيل بعد التلوم. قوله: (وإلا تلوم إلخ)
أي ابتداء ولا يؤمر بالنفقة بحيث يقال له: إما أن تنفق أو تطلق إذ لا فائدة في أمره بها
لان الفرض ثبوت عسرة. قوله: (بيوم أو أكثر) أي ولا نفقة لها على الزوج في زمن التلوم، ولو
رضيت بالمقام بعد التلوم ثم قامت بعد ذلك فلا بد من التلوم ثانيا. قوله: (إن مرض أو سجن) أي
في أثناء مدة التلوم الكائنة بالاجتهاد بعد إثبات العسر. قوله: (وإلا طلق عليه) أي عند فراغ مدة
التلوم التي بالاجتهاد. قوله: (ثم بعد التلوم) أي ثم بعد فراغ مدة التلوم أي وعدم الوجدان للنفقة
والكسوة. قوله: (طلق عليه) ويجري فيه قوله: فهل يطلق الحاكم أو يأمرها به ثم يحكم قولان.
قوله: (وإن غائبا) أي هذا إذا كان الذي ثبت عسره وتلوم له حاضرا بل وإن كان غائبا. واعلم أن
الغائب يطلق عليه للعسر بالنفقة سواء دخل بها أو لم يدخل سواء دعي إلى الدخول أم لا على المعتمد،
خلافا لما في بهرام حيث قال: لا بد من دخوله أو دعوته له، فظهر لك أن الدخول والدعوة له إنما
يشترط في إيجاب النفقة على الزوج إذا كان حاضرا لا غائبا كما في ح خلافا لبهرام قوله: (بأن لم يوجد إلخ)
هذا بيان لثبوت عسر الغائب. قوله: (وأما قريب الغيبة) أي كثلاثة أيام. قوله: (فإنه يعذر إليه)
أي يرسل إليه إما أن تنفق عليها أو يطلق عليك. قوله: (أو وجد إلخ) عطف على المبالغة أي أو
كان غير غائب لكن وجد ما يمسك الحياة. قوله: (وإن غنية) أي على المشهور خلافا لأشهب.
قوله: (وله الرجعة) أي لما تقرر أن كل طلاق أوقعه الحاكم فهو بائن إلا طلاق المولى والمعسر بالنفقة،
وخرج بقوله أوقعه الحاكم ما إذا أوقعه الزوج وحكم به الحاكم إذ هو رجعي اه‍ عدوي.
قوله: (يقوم بواجب مثلها) أي من خبز وإدام على عادتها فإذا كانت غنية شأنها أكل اللحم الضأني
فلا تصح الرجعة إلا إذا قدر على ذلك، فإن قدر على الخبز والمش فلا تصح الرجعة ولو رضيت على المعتمد،
وقيل تصح إن رضيت، وإنما اعتبر في الرجعة اليسار الكامل مع أنه لا تطلق عليه إذا وجد ما تيسر من
القوت لان الملاءمة والرغبة عن الطلاق تناسب ذلك بخلاف فكاكها وصيرورتها أجنبية فلا يعود
الضرر، هذا واختلف في قدر الزمن الذي إذا أيسر بنفقته كان له الرجعة فقال ابن القاسم وابن
الماجشون: شهر، وقيل: نصف شهر، وقيل: يوم، قال ابن عبد السلام: وينبغي أن تؤول هذه الأقوال على
ما إذا ظن أن يقدر على إدامة النفقة بعد ذلك، فإذا تردد بعد الشهر على الأول أو بعد نصفه على الثاني فلا
تصح الرجعة على هذا، وقيل هذا التقييد في التوضيح، قال شيخنا: وهذا التقييد خلاف النقل والنقل
الاطلاق. قوله: (بل لا تصح) أي ولو رضيت كما في السليمانية عن سحنون خلافا لما في الواضحة من صحتها
إذا رضيت وذلك لان الطلقة التي أوقعها الحاكم إنما كانت لأجل ضرره فقره فلا يمكن من الرجعة إلا
إذا زال موجب الطلقة وهو الاعسار. قوله: (إذا وجد يسارا) أي يملك به الرجعة، وأما إذا وجد يسارا
ينقص عن واجب مثلها فلا نفقة لها إذ لا يملك بذلك رجعتها. قوله: (وإن لم يرتجع) أي على المشهور
وهو مذهب المدونة، ومقابله ما رواه ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون أنه لا نفقة لها حتى ترتجع.
519

قوله: (ولها طلبه) عطف على الفسخ من قوله: ولها الفسخ. قوله: (يدفعها لها على حسب ما كان الزوج
يدفعها لها) أي من يوم فيوم أو جمعة فجمعة أو شهر فشهر أو على حسب ما يتفقان عليه، وهذا
كله إذا ادعى أنه أراد أن يسافر السفر المعتاد ولم يتهم، وأما إذا اتهم في أن قصده السفر
الزائد على المعتاد حلف ودفع لها نفقة المعتاد أو يقيم لها حميلا بنفقة الزائد على المعتاد بعد دفع
المعتاد أو إقامة حميل بها أيضا. قوله: (وفرض لها في مال زوجها إلخ) أي أن الزوجة إذا غاب
زوجها فرفعت أمرها تطلب نفقتها فإن الحاكم أو جماعة المسلمين عند عدمه يفرضون لها ما طلبت
من النفقة بقدر وسعه وحالها على ما مر، وسواء كانت مدخولا بها أو لا، لكن إنما يفرض لها بعد
حلفها أنها تستحق النفقة على زوجها الغائب، ومثل الزوجة في فرض نفقتها فيما ذكر من الأمور
الثلاثة وهي: المال الحاضر والغائب والوديعة والدين الأولاد والأبوان فتفرض نفقتهم في هذه
الثلاثة إذا طلبوا ذلك. قوله: (في مال زوجها الغائب) أي سواء كان ذلك المال حاضرا أو غائبا
كالقراض مثلا بأن يقول الحاكم مثلا: فرضت لك كل يوم خمسة أنصاف من الفضة من ماله الحاضر أو
الغائب أو المودوع عند الناس أو من المال الذي له دينا على الناس. قوله: (وفي وديعته) هذا هو المشهور وهو
مذهب المدونة، ومقابله أن الوديعة لا يقضى منها دين ولا غيره من النفقات. قوله: (وفي دينه الذي
على الناس) أي سواء كان حالا أو مؤجلا وفرضها في الأول ظاهر، وأما في الثاني فينفق عليها الحاكم
من عنده أو من قرض، فإذا حل الدين أخذ منه ولا يباع ذلك الدين المؤجل، ويكفي في فرض
النفقة في الدين إقرار المدين به بلا يمين منها أن لزوجها عليه دينا اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (متعلق إلخ)
الأولى أنه تنازعه قوله وفرض، وقوله وأقامت البينة ليعلم منه أن الفرض في مال الغائب
إنما هو بعد حلفها يمين الاستظهار، وكذا إقامتها البينة على المنكر إنما هو بعد حلفها. قوله: (رجع عليها)
أي فيأخذ منها ما أخذته وترد له الزوجة إن تزوجت وأثبت أنه ترك لها النفقة ولو دخل بها
الثاني عند أبي بكر بن عبد الرحمن، وقال ابن أبي زيد: لا ترد له بعد دخول الثاني بها وإن لم يطل،
والموافق لما قدمه المصنف الأول والموافق لفتوى ابن رشد الثاني. قوله: (في نفقتها) أي وكذا في
نفقة الأبوين والأولاد على ما أفتى به ابن لبابة بعد حلفهم أنه عديم. وقال ابن عتاب: إنه لا يباع لنفقة
الأبوين والأولاد عقار الغائب، ومقتضى كلام ابن عرفة بيع جميع مال الغائب في نفقة الزوجة
والأولاد والأبوين فيكون موافقا لفتوى ابن لبابة. والحاصل أن نفقة الأبوين والأولاد
كنفقة الزوجة من جهة فرضها في مال الغائب ووديعته ودينه باتفاق، وهل هي مثلها من جهة
بيع عقار الغائب لها أو لا؟ قولان. قوله: (وأنها) أي وشهادتهم أنها فالمعطوف محذوف، وذكر بعضهم
أن قوله: وأنها لم تخرج إلخ مغاير للشهادة بثبوت الملك لان البينة تقول: نشهد أن هذه الدار لفلان وأنها
لم تخرج إلخ، والشهادة بالأول على القطع دون الثاني. وقوله: وأنها لم تخرج عن ملكه إلخ ظاهره أن هذا
واجب ولا يصح بيعها إلا إذا قال الشهود ذلك، وقد حكى المصنف في باب الشهادة خلافا في
وجوبه وفي كونه شرط كمال. قوله: (في علمهم) متعلق بتخرج فهو قيد في الخروج المنفي، وعليه
فيتسلط النفي لان الكلام إذا اشتمل على قيد زائد، فالقيد هو الغرض المقصود من الكلام، وعليه
ينصب الاثبات والنفي غالبا، فالمعنى حينئذ أن خروجها عن ملكه لم يكن في علمهم، هذا هو المتعين
لتكون الشهادة على نفي العلم، ولو جعلنا العلم ظرفا لنفي الخروج لكانت على القطع وهي لا تصح اه‍ بن.
قوله: (إذ لا يمكنهم ذلك) أي لاحتمال أنه باعها في غيبته أو باعها سرا قبل الغيبة، هذا وإذا بيع عقار
الغائب للنفقة أو في دين ثم قدم وأثبت البراءة مما بيع فيه عقاره فذكر ح عن البرزلي في مسألة الدين أنه
لا ينقص البيع بحال ويرجع على رب الدين بما قبض، وقيل: إنه ينقض البيع ويرد الثمن للمشتري، وقيل:
520

إن لم يتغير العقار خير ذلك الغائب بين إمضاء البيع وأخذ الثمن ورد البيع وأخذه للعقار ويرد الثمن
للمشتري أي يرده له من أخذه منه والمعتمد الأول وعليه اقتصر المواق، وهذه الأقوال كما تجري في
بيع العقار للدين تجري في بيعه للنفقة إذا قدم وأثبت البراءة منها. قوله: (ثم بينة بالحيازة إلخ) يعني أن
الحاكم إذا ثبت عنده ملك الغائب للعقار فإنه لا يبيعه حتى يوجه من عنده شاهدين عدلين لأجل
حيازته بأن يطوفا به داخلا وخارجا ويحدانه بحدوده الأربعة ثم يقولان لمن يوجهه القاضي معهما:
هذا الذي حزناه هو العقار الذي شهد بملكه للغائب فبعد ذلك يباع ذلك العقار، ومحل الاحتياج لبينة
الحيازة إذا كانت بينة الملك شهدت بأن له دارا بمحل كذا ولم تذكر حدودها ولا جيرانها على وجه
الشهادة به وإلا فلا يحتاج لبينة الحيازة. قوله: (ليشمل صورتين شهادتهم بملكها إلخ) أي فإذا كان
شاهدا الحيازة هما اللذان شهدا بالملك احتيج لأربعة فقط اثنان شهدا بالملك وبالحيازة واثنان موجهان
معهما للحيازة، وإن شهد بالحيازة غير شاهدي الملك احتيج لستة اه‍ بن. قوله: (وإلا) أي بأن قدم
موسرا. قوله: (وفي إرسالها إلخ) حاصله أن الزوج إذا قدم من السفر فطالبته الزوجة بنفقتها مدة غيبته
فقال: أرسلتها لك أو قال: تركتها لك عند سفري ولم تصدقه زوجته على ذلك ولا بينة له فالقول قولها
بيمينها إن كانت رفعت أمرها لحاكم في شأن ذلك وأذن لها في الانفاق على نفسها والرجوع بذلك على
زوجها، لكن القول قولها من يوم الرفع لا من يوم السفر، فإذا سافر في أول السنة وحصل الرفع في نصفها
فلها النفقة من يوم الرفع، وأما نصف السنة الأول فالقول قول الزوج بيمينه. قوله: (لا إن رفعت لعدول
وجيران مع تيسر الحاكم فلا يقبل قولها) هذا هو المشهور وعليه العمل وبه الفتيا كما في عبق نقلا عن
بعض الموثقين، ومقابله ما روي عن مالك من أن رفعها إليهم كرفعها للحاكم، واختاره اللخمي وابن
الهندي وأبو محمد الوتد وصوبه أبو الحسن وذلك لثقل الرفع للحاكم على كثير وحقد الزوج عليها بذلك
إذا قدم. وذكر ابن عرفة أن عمل قضاة بلده تونس على أن الرفع للعدول بمنزلة الرفع للحاكم وأن الرفع
للجيران لغو اه‍. واعلم أن حكم نفقة أولادها الصغار حكم نفقتها فإذا نازعته عند قدومه من سفره في
نفقة أولادها الصغار فقال: أرسلتها لك أو تركتها عندك قبل سفري، فإن كانت رفعت أمرها في ذلك
لحاكم فالقول قولها من يوم الرفع وإلا فالقول قوله. وأما أولاده الكبار فالقول قولهم مطلقا لأنه
لا يعتني بهم على الظاهر. وقوله لا إن رفعت لعدول أي لا إن رفعت أمرها بسبب نفقتها في حال غياب
زوجها لعدول إلخ. قوله: (فلا يقبل قولها) أي في عدم إرسال الزوج النفقة والقول قول الزوج أنه
أرسلها. قوله: (ولو رجعيا) أي هذا إذا كانت بائنا حاملا بل ولو رجعية. قوله: (فالقول قولها) أي في أنه
لم يرسل لها. وقوله مطلقا أي رفعت أمرها لحاكم أم لا وذلك لان الشأن أن المطلقة لا يعتني بأمرها
بخلاف من في العصمة. قوله: (أو يدفع ذلك في زمنه) أما لو تجمدت عليه وادعى أنه دفع تلك المتجمدة
لما مضى فلا يقبل قوله إلا ببينة. قوله: (ويعتمد في حلفه إلخ) هذا جواب عما يقال: كيف يصح حلفه لقد
قبضتها إذا كان يدعي أنه أرسلها لها وهو غائب مع أنه يحتمل أن الرسول لم يوصلها لها؟ وحاصل
الجواب أن له أن يعتمد في يمينه لقد قبضنها على إخبار الرسول الذي أرسل معه الدراهم لما يعرف من
أمانته وصدق مقالته. قوله: (فالقول له بيمين اتفاقا) محله ما لم تكن النفقة مقررة وإلا فلا يقبل قوله لأنها
521

حينئذ بمثابة الدين والدين لا يصدق من هو عليه في دفعه لصاحبه إلا ببينة. قوله: (إن أشبهت) أي
انفردت بالشبه. قوله: (تأويلان) أحدهما لا يحلف لأنه لا يحلف على حكم القاضي مع شاهد، وحمل
بعضهم المدونة على أنه يحلف عياض وهو الظاهر لجواز الحلف مع الشاهد على حكم القاضي.
قوله: (الراجح الحلف) أي لاستظهار عياض وغيره له.
فصل إنما تجب نفقة رقيقه ودابته قوله: (ومتعلقهما) أشار لمتعلق الملك بقوله: وإلا بيع كتكليفه
من العمل ما لا يطيق، وأما متعلق القرابة فأشار له بقوله: وخادمهما إلخ. قوله: (رقيقه) أي الفن والمشترك
والمبعض بقدر الملك، وأما المكاتب فنفقته على نفسه ونفقة المخدم فعلى مخدمه بفتح الدال فيهما على
المشهور، وقيل إنها على سيده، وقيل على سيده إن كانت الخدمة يسيرة وإلا فعلى ذي الخدمة.
قوله: (ولا رقيق أبويه) أي فلا يجب الانفاق عليهما بالملك وهذا لا ينافي ما ذكره المصنف من وجوب
الانفاق عليهما لان ذلك بالقرابة. قوله: (ودابته) اعلم أن نفقة الدابة إن لم يكن مرعي واجبة ويقضي
بها لان تركه منكر وإزالته يجب القضاء به خلافا لقول ابن رشد يؤمر من غير قضاء، ودخل في الدابة
هرة عميت فتجب نفقتها على من انقطعت عنده حيث لم تقدر على الانصراف فإن قدرت
عليه لم تجب نفقتها لان له طردها. قوله: (فمحط الحصر) قال بن: الأظهر أن الحصر منصب
على جميع ما بعده أي إنما تجب النفقة أصالة بعد الزوجية على هذه الأمور الرقيق والدابة
والولد والوالدين وخادمهما وخادم زوجة الأب وحينئذ لا يرد عليه شئ فتأمله. قوله: (والمراد
أنه يحكم عليه باخراجه من ملكه ببيع أو صدقة أو عتق) هذا ظاهر في الرقيق الذي
يصح بيعه، وأما الحيوان غير الرقيق فإن كان مما يزكى فيجبر على زكاته أو على اخراجه من ملكه
ببيع أو صدقة، وإن كان مما لا يزكى ولا يباع ككلب الصيد فيجبر على اخراجه من ملكه بغير البيع،
ويحتمل أن يقال أنه تباع منفعته والرقيق الذي لا يصح بيعه فأم الولد فيها ثلاثة أقوال: إذا عجز سيدها
عن نفقتها أو غاب عنها فقيل تسعى في معاشها وقيل تزوج وقيل تعتق واختير هذا، وأما المدبر والمعتق
لأجل فيؤمران بالخدمة بقدر نفقتهما إن كان لهما قوة الخدمة ووجدا من يخدمانه وإلا حكم بعتقهما،
قوله: (أي عملا لا يطيقه عادة) أي عملا لا يطيقه إلا بمشقة خارجة عن العادة، وليس المراد تكليفه عملا
لا يطيقه أصلا لان ما لا يطيقه أصلا كيف يكلف به؟ قوله: (فإن أخذ ما يضر) أي تحقيقا أو شكا. قوله: (على
الموسر نفقة الوالدين) أي مما فضل عنه وعن زوجاته ولو أربعا لا عن نفقة خادمه ودابته إذ نفقة الأبوين
مقدمة على نفقتهما ما لم يحتج لهما وإلا قدمت نفقتهما على نفقة الأبوين. قوله: (ولو كافرين) أي هذا إذا
كانا مسلمين والولد مسلم أو كافرين والولد كافر بل ولو كانا كافرين والولد مسلم. قوله: (أو بالعكس)
أي بأن كان الأبوان مسلمين والولد كافرا. قوله: (وإلا) أي وإلا يكونا عاجزين عن الكسب بل قادرين
عليه لم تجب على الولد ولو كان تكسبهما بصنعة تزري بالولد. قوله: (وأجبرا على الكسب) أي ولو كانت
الصنعة التي يتكسبان بها تزري بالولد. قوله: (ولا يجب على الولد المعسر إلخ) أي فقول المصنف: وعلى الولد
الموسر أي بالفعل أي وأما غير الموسر بالفعل القادر على التكسب فلا يجب عليه التكسب لأجل
الانفاق على أبويه. قوله: (وكذا عكسه) أي لا يجب على الأب المعسر أن يتكسب بصنعة أو غيرها
522

لينفق على ولده المعسر ولو كان ذلك الأب صنعة. تنبيه: من له أب وولد فقيران وقدر على نفقة
أحدهما فقيل: يتحاصان، وقيل: يقدم الابن، وقيل: يقدم الأب وتقدم الأم على الأب والصغير من
الأولاد على الكبير منهم والأنثى على الذكر عند الضيق، فلو تساوى الولدان صغرا أو كبرا وأنوثة
تحاصا. قوله: (وأثبتا العدم) يعني لو طلب الأبوان نفقتهما من الولد فقال لهما: لا يلزمني لأنكما غنيان
وخالفاه في ذلك وادعيا العدم فعليهما أن يثبتا فقرهما، فإن لم يثبتاه بعدلين فلا يقضى عليه بنفقتهما.
قوله: (أو أحدهما) أي ولا بأحدهما مع يمين وذلك لان العدم لا يثبت إلا بعدلين لأنه ليس
بمال ولا آيل إليه. قوله: (لا مع يمين منهما مع العدلين) أي بخلاف إثبات العدم في الديون فإنه لا بد من
يمين مع الشاهدين به. قوله: (فعليه إثبات العدم) أي وإلا لزمته النفقة. قوله: (فإثبات ملائه عليهما) أي
فإن عجزا عنه فلا شئ عليه. قوله: (قولان) الأول لابن أبي زمنين والثاني لابن الفخار فلذا كان الأولى
أن يقول تردد اه‍ بن. قوله: (محلهما إلخ) هذا القيد لبعض الموثقين وبحث فيه ابن عرفة بأن تعليل ابن
الفخار قبول قول الابن بأن نفقة الأب إنما هي في فاضل ماله لا في ذمته، بخلاف الديون يقتضي أنه
لا فرق بين انفراد الولد وتعدده اه‍ بن. والحاصل أن المسألة ذات طريقتين: فقيل إن الخلاف مقيد
وقيل إنه مطلق. قوله: (بخلاف خادم الولد) أي سواء كان الولد ذكرا أو أنثى. قوله: (فلا يلزم الأب
نفقته ولو احتاج له) اعلم أن نفقة الولد ذكرا أو أنثى آكد من نفقة الأبوين لأنه إذا لم يجد إلا ما يكفي
الأبوين أو الأولاد فقط، فقيل يقدم نفقة الأولاد، وقيل يتحاصان، وأما القول بتقديم الأبوين فهو
ضعيف، إذا علمت ذلك فكان مقتضاه أنه تلزمه نفقة خادم الولد ولو لم يحتج له كالأبوين بل هو أولى،
وكلام الشارح لا وجه له وهو تابع في ذلك لبعض القرويين، والمعتمد كلام المدونة وهو أن على الأب
إخدام ولده في الحضانة إن احتاج لخادم وكان الأب مليا، فإن لم يكن في الحضانة أو كان فيها ولم يحتج
أو كان الأب غير ملئ فلا يجب عليه إخدامه اه‍ عدوي. قوله: (المتأهلة لذلك) أي التي هي أهل للاخدام
وإلا فلا. قوله: (وظاهره ولو تعدد) أي الخادم الذي لزوجة الأب وهذا الظاهر مسلم. قوله: (بزوجة) أي
لا بأمة وإنما أكد بواحدة لئلا يتوهم أن المراد بالزوجة الجنس. قوله: (إن أعفته) فإن لم تعفه الواحدة زيد
عليها من يحصل به العفاف. قوله: (وأولى إن كانتا أجنبيتين) وإنما قيد بقوله: إن كانت إحداهما أمه
لأجل قوله على ظاهرها، وأما لو كانا أجنبيتين فإنها لا تتعدد على ظاهرها وعلى غير ظاهرها.
وقوله: ولا تتعدد إن كانت إحداهما أمه وأولى إن كانتا أجنبيتين إلخ مقيد بما إذا كان كذا العفاف يحصل
بواحدة وإلا تعددت النفقة على الولد. قوله: (والقول للأب) أي فيما إذا كان العفاف يحصل بواحدة.
قوله: (ولو غنية) أي لان النفقة هنا للزوجية لا للقرابة، وما في الشيخ أحمد من أنه ينفق على أمه إن كانت
فقيرة، أما إن كانت غنية فهي كالأجنبية فغير معول عليه. قوله: (لا زوج أمه الفقير) أي ولو توقف
إعفافها عليه لان نفقته ليست واجبة عليها، بخلاف زوجة الأب وظاهره عدم وجوب نفقة زوج
الأم الفقير على الابن، سواء كان فقره حاصلا حين التزوج بها أو طرأ له بعد الدخول بها، وهذا هو
ظاهر المدونة وهو المشهور، ومقابله قولان: فقيل يلزمه مطلقا وقيل إن تزوجته معسرا لم يلزمه وإن
تزوجته موسرا ثم أعسر لزمه الانفاق عليه. قوله: (مطلقا) أي سواء كان من جهة الأب أو من جهة الأم.
523

قوله: (أقوال) الأول نقله اللخمي عن ابن الماجشون، والثاني لابن حبيب ومطرف، والثالث لمحمد
وأصبغ، وفي ح عن البرزلي: أن المشهور هو الثالث اه‍ بن. قوله: (الذكر الحر) أي وأما الولد الرقيق فنفقته
على سيده. وقوله الفقير وأما لو كان له مال أو صنعة لا معرة فيها على الولد أو على أبيه تقوم به لسقطت
نفقته عن الأب ما لم تكسد صنعته أو ينفد مال الولد قبل بلوغه وإلا كانت نفقته على الأب. قوله: (حتى
يبلغ عاقلا إلخ) أي وأما لو بلغ مجنونا أو زمنا أو أعمى استمرت نفقته على أبيه، وهذا ما لم يكن يعرف
صنعة تقوم به يمكن تعاطيها مع العمى وإلا سقطت عن الأب وصار كغير الأعمى اه‍ شيخنا عدوي.
قوله: (ولا يجب على أم إلخ) هذا محترز قوله على أبيه الحر أي لا الأم إذ لا يجب إلخ. قوله: (وتجب نفقة
الأنثى الحرة) أي التي لا مال لها ولا صنعة تقوم بها. وقوله على أبيها أي الحر. قوله: (حتى يدخل بها
زوجها البالغ) أي الموسر لا الفقير فتستمر النفقة على الأب ولا تسقط بدخوله كما مر اه‍ عدوي.
قوله: (واستظهر إلخ) أي استظهر المصنف في التوضيح، وهذا خلاف ما مشى عليه سابقا من أن النفقة
لا تجب على الزوج إلا إذا كان بالغا، وأما الصغير فلا تجب عليه ولو دخل بها حالة كونها بالغة أو غير بالغة
اه‍. والحاصل أنه إذا حصل دخول وجبت النفقة على الزوج ولو كان غير بالغ كما في التوضيح أول
الباب، وإنما يشترط البلوغ في الدعاء للدخول انظر بن. قوله: (أو يدعى للدخول) عطف على قوله: يدخل
بها زوجها. قوله: (وهي مطيقة) شرط في قوله: أو يدعى للدخول، وأما إن حصل دخول أي اختلاء
بالفعل لوجبت عليه كانت مطيقة أم لا فلو طلقها زوجها قبل بلوغها ولو بعد أن أزال بكارتها عادت
نفقتها على أبيها نص عليه المتيطي، ويؤيده مفهوم قوله فيما يأتي لا إن عادت بالغة. قوله: (نفقة الولد إلخ)
الأولى نفقة القرابة الشاملة لنفقة الأبوين والأولاد معا. قوله: (لسد الخلة) بفتح الخاء أي الحاجة
والمراد بالسد الدفع. قوله: (فليست كنفقة الزوجة) أي فإنها لا تسقط بمضي زمنها سواء حكم بها أم لا.
قوله: (وليس معناه) أي كما في خش وغيره من الشراح، قال بن: وهذا الذي شرحوا به هو الذي في
ابن الحاجب وابن عبد السلام وابن عرفة وغيرهم. قوله: (أنه فرضها وقدرها إلخ) أي بأن قال الحاكم:
فرضت أو قدرت عليك كل يوم كذا. قوله: (لان وجود الأب موسرا) أي حين الانفاق على الصغير،
وقوله كالمال أي كوجود المال للصغير حين الانفاق عليه. قوله: (والثاني خاص بالولد) هذا الحل الذي
حل به شارحنا هو الصواب، وما في خش من النقل عن ابن عرفة غير مسلم انظر ح. قوله: (بمعنى عادت عليه)
أي لان نفقتها في مدة زوجيتها على زوجها لا على الأب كما يدل عليه قوله سابقا والأنثى حتى
يدخل بها زوجها. قوله: (زمنة) أي مريضة. قوله: (ولو بالغا) أي ولو رجعت لأبيها بالغا لان الفرض
أنها زمنة، فلا فرق بين أن تعود بالغا أم لا، وإنما الفرق بين البالغ وغيرها في التي تعود صحيحة وهي قوله: لا إن
عادت بالغة، هذا هو الصواب خلافا لما في عبق حيث قال: لا إن دخلت زمنه ثم طلق أو مات عنها وهي
524

زمنة غير بالغ. قوله: (بخلاف ما لو رجعت إلخ) أي الصحيحة كما لو تزوجت صحيحة وطلقها زوجها أو
مات عنها قبل بلوغها وبعد أن أزال بكارتها. قوله: (قولان) المعتمد منهما الثاني كما قال شيخنا العدوي.
قوله: (ولو عادت بكرا) أي ولو عادت الصحيحة لأبيها بكرا كما لو تزوجت صحيحة وطلقها زوجها
قبل بلوغها أو بعده وقبل زوال بكارتها في الحالتين أو مات عنها كذلك. قوله: (إلا إذا عادت لأبيها
صغيرة) أي إلا إذا عادت لأبيها صحيحة صغيرة وهذه هي قول الشارح سابقا بخلاف ما لو رجعت إلخ.
وقوله: أو بكرا أي سواء كانت بالغا أو غير بالغ، وهذه هي قوله بعد: ولو عادت بكرا إلخ. وقوله: أو بالغا إلخ
هي قول المصنف سابقا: واستمرت إن دخل إلخ، فقد ذكر الشارح ثلاث صور تعود فيها النفقة على
الأب، وكذا تعود عليه إن طرأ للولد مال قبل البلوغ ثم ذهب أو بلغ زمنا ثم طرأ له مال وذهب. قوله: (أو
بالغا) أي أو رجعت بالغا. وقوله: وقد كان إلخ راجع لصورة قوله: أو بالغا. قوله: (عادت على أبيها مطلقا)
أي سواء عادت بالغا أم لا دخل بها الزوج زمنة واستمرت بها الزمانة وتأيمت وهي زمنة، أو دخل
بها وهي زمنة فصحت عنده ثم عادت الزمانة عند الزوج فتأيمت وهي زمنة، وحينئذ فقول المصنف
أو عادت الزمانة ظاهرة مخالفة النقل، فإما أن يحمل على أن الزوج دخل بها زمنة فصحت عنده ثم طلقها
وعادت الزمانة بعد الطلاق أو يصور بما قال الشارح ويجعل عطفا على قوله: إن دخل بها زمنة
واستمرت الزمانة لا على قوله: إن دخل بها بالغة تأمل. قوله: (وعلى المكاتبة إلخ) لما كان المعروف من
المذهب أن الأنثى لا تجب عليها نفقة ولدها ولو كان فقيرا يتيما إلا المكاتبة نبه المصنف عليها بقوله: وعلى
المكاتبة إلخ. قوله: (إن دخلوا معها) أي إن كانوا موجودين وقت عقد الكتابة ودخلوا معها فيها بشرط.
وقوله: أو كانت حاملا إلخ أي فدخلوا معها في الكتابة بغير شرط. قوله: (وليس عجزه عنها عجزا عن
الكتابة) أي بحيث يعود قنا في الحال. قوله: (شرطها اليسار في الحال) أي لأنها مواساة. قوله: (فمنوطة
بالرقبة) حاصله أن الكتابة لما كانت متعلقة بالرقبة والنفقة ليست متعلقة بها بل باليسار لم يكن بينهما
تلازم فلم يكن العجز عن النفقة عجزا عن الكتابة. قوله: (رضاع ولدها) أي بنفسها واستأجرت إن لم
يكن لها لبن. قوله: (بأن كانت من أشراف الناس) أي أهل العلم والصلاح أو من ذوي النسب
والفرض أنها في العصمة أو مطلقة طلاقا رجعيا. قوله: (فلا يلزمها رضاعه) أي وحيث كان
الولد يقبل غيرها. قوله: (ومثل الشريفة) أي في كونها لا يلزمها رضاع ولدها إذا كانت
في العصمة أو مطلقة طلاقا رجعيا. قوله: (ومن قل لبنها) أي وإن كان كل منها ومن المريضة
غير عالية القدر. قوله: (لا يلزمها إلا رضاع) أي حيث كان الولد يقبل غيرها، فلو أرضعت
كان لها الأجرة في مال الصبي، فإن أعدم ففي مال الأب لعدم وجوب الارضاع عليها. قوله: (إلا
أن لا يقبل الولد غيرها) أي غير أمة الشريفة القدر والبائن فهو مستثنى من المشبه والمشبه به،
على خلاف الأغلب من رجوع الاستثناء أو القيد لما بعد الكاف. قوله: (شريفة) أي والحال أنها
في العصمة أو رجعية. قوله: (ويجب لها في هذه الحالة الأجرة) أي في مال الولد، فإن لم يكن ففي مال
الأب إن كان مليا، فإن لم يكن له مال وجب عليها الارضاع مجانا بنفسها أو تستأجر له من يرضعه.
525

قوله: (ولها الأجرة إلخ) الأولى حذفه ويقول بدله فيلزمها رضاعه مجانا لان الفرض أنه لا مال للصبي.
قوله: (واستأجرت الأم التي يجب عليها الارضاع) أي وهي من في العصمة والرجعية إذا كان كل
منهما غير علية القدر، سواء كان للولد أو الأب مال أم لا، والعلية والبائن إذا لم يكن للأب والولد مال
سواء كان الولد يقبل غيرها أم لا، ولا رجوع لها بالأجرة على الأب أو الصبي إذا أيسرا. قوله: (التي لا
يلزمها رضاع) أي وهي البائن وعلية القدر سواء كانت في العصمة أو رجعية. قوله: (ولو وجد إلخ)
حاصله أن الأب إذا قال للأم التي لا يلزمها الارضاع: عندي من ترضعه مجانا أو بأجرة أقل مما
تأخذينه، وقالت الأم المذكورة: أنا أرضعه وآخذ أجرة أمثالي، اتفقوا على أن القول قول الأم، وأما إن
قال الأب: عندي من ترضعه مجانا عند أمه وقالت أمه: أنا أرضعه وآخذ أجرة مثلي فقولان في المسألة،
فقيل يجاب الأب، وقيل لا يجاب، وإنما تجاب الأم وهو الراجح، فقول المصنف على الأرجح
في التأويل يناسب نسخة عندها ولا يناسب نسخة عنده. قوله: (فأولى عنده) أي فأولى إذا وجد من
ترضعه عنده. قوله: (لان الكلام في التي لا يلزمها إرضاع) أي أصالة وإن كان قد يلزمها لعارض كونه
لا يقبل غيرها. قوله: (وإنما قيد إلخ) جواب عما يقال: إذا كان لها الأجرة مطلقا قبل غيرها أو لم يقبل
غيرها فلأي شئ قيد بقوله إن قبل غيرها.
الحضانة
قوله: (وهي حفظ الولد) أي في مبيته وذهابه ومجيئه. وقوله والقيام بمصالحه أي من طعامه ولباسه
وتنظيف جسمه وموضعه قوله: (فإن بلغ ولو زمنا إلخ) نحوه في التوضيح تبعا لما حرره ابن عبد السلام
إذا قال: المشهور في غاية أمد النفقة أنها البلوغ في الذكر بشرط السلامة المذكورة أي السلامة من
الجنون والزمانة، والمشهور غاية في أمد الحضانة أنها البلوغ في الذكر من غير شرط اه‍ بن. ومقابل
المشهور ما قاله ابن شعبان أن أمد الحضانة في الذكر حتى يبلغ عاقلا غير زمن. قوله: (يعني حتى يدخل بها
الزوج) أي فلو طلقت قبل البناء استمرت حضانتها ولا تسقط بالعقد ولا بالطلاق. قوله: (وليس مثل
الدخول الدعاء له إلخ) أي لان النفقة تسقط عن الأب بالدعاء للدخول إذا كانت مطيقة، وأما
الحضانة فتستمر حينئذ ولا تسقط، وقد تسقط الحضانة وتستمر النفقة كما إذا زوجها أبوها لغير بالغ
فبينهما من حيث السقوط عموم وخصوص من وجه فقد يسقطان وذلك بدخول البالغ بها، وقد تسقط
الحضانة فقط وذلك بدخول غير البالغ بها، وقد تسقط النفقة فقط وذلك بدعاء البالغ للدخول
بالمطيقة، وهذا بناء على ما تقدم للمصنف هنا من أن النفقة لا تسقط بدخول غير البالغ لا على
ما استظهره في التوضيح كما مر. قوله: (إذا طلقت أو مات زوجها) هذا شرط في قوله: والحضانة
للأم. قوله: (وللأم خبر بعد خبر) أي فحضانة مبتدأ، وقوله للبلوغ خبر، وقوله للأم خبر ثان،
وقوله كالنفقة كذلك فهو من باب تعدد الاخبار، ويحتمل أن حضانة مبتدأ خبره للأم،
وقوله للبلوغ وكالنفقة حالان من ضمير الخبر، ويحتمل أن قوله للبلوغ خبر، وقوله للأم حال،
ولا يصح أن يكون للأم متعلقا بحضانة لأنه يلزم عليه الاخبار عن الموصول قبل تمام صلته لان
حضانة في قوة أن يحضن وللبلوغ خبر قبل تمام الموصول بالصلة. قوله: (مات سيدها) أي وعتقت
بموته. وقوله أو أعتقها أي أو نجز عتقها في حال حياته، وإنما صورها الشارح بذلك لان الحضانة
526

لا تكون لها إلا بعد فراقها من سيدها، والفراق إنما يكون بموته عنها أو تنجيزه لعتقها، وأما قبل
فراقها لسيدها فالحضانة حق لهما معا. قوله: (وكذا لو تزوجت) أي بعد استيلاد السيد لها.
قوله: (فتأيمت) أي مات زوجها المذكور أو أنه طلقها معا. قوله: (إذا لم يتسر سيدها بها) أي بعد موت زوجها
أو طلاقه، فإن تسرى بها سقطت حضانتها لان هذا بمنزلة تزوج الأم بأجنبي من المحضون، والمراد
بالتسري الوطئ بالفعل لاتخاذها للوطئ. واعلم أن أم الولد لو أعتقها سيدها في مقابلة ترك حضانتها
لولدها ففي سقوط حضانتها وعدمها نقل اللخمي عن روايتي عيسى وأبي زيد عن ابن القاسم كذا
في ابن عرفة وظاهره التسوية بين القولين، بخلاف الحرة تخالع على اسقاط حضانتها فيلزمها
الاسقاط. قوله: (وللأب تعهده) أي النظر في شأنه، وقوله: وأدبه أراد بالأدب التأديب. قوله: (ثم
بعد الأم) أي ثم المستحق للحضانة بعد الأم إذا ماتت أو حصل لها وجه مسقط لحضانتها أمها، وكذا
يقال فيما بعد. قوله: (أي الجدة من قبل الأم) أشار بذلك إلى أن الأولى للمصنف أن يقول: ثم الجدة
للأم وتجعل اللام بمعنى من، وفي الكلام حذف مضاف لأجل أن يندفع الاعتراض الوارد عليه بأن
كلامه يوهم قصر الجدة على جدة الأم دنية وليس كذلك. قوله: (وجهة الإناث مقدمة) أي على جهة
الذكور فإذا وجدت جدة من جهة الأم بعيدة للولد بأن كان بينها وبين الولد مائة جدة فإنها تقدم على
أم أبي الأم، وهذه طريقة للشيخ إبراهيم اللقاني، ولعج طريقة أخرى وهي أنهما إذا تساويا قدمت
التي من جهة أم الأم، وأولى إذا كانت التي من جهة أم الأم أقرب، وإن كانت التي من جهة أم أبي الأم
أقرب قدمت، وهذه الطريقة هي الموافقة للنقل واقتصر عليها عبق اه‍ تقرير شيخنا العدوي.
قوله: (إن انفردت الأم) الأولى أم الأم أو الجدة أي التي من جهة الأم، وأشار بهذا القول ابن سلمون ما نصه:
الذي أفتى به ابن العواد أنه لا حضانة للجدة إذا سكنت مع بنتها الساقطة الحضانة قال: وهذا هو
الرواية المشهورة عن مالك وبها العمل واختارها المتأخرون من البغداديين وغيرهم، كذا ذكر المواق
بعد أن ذكر أن المتيطي اقتصر على عدم اعتبار ذلك الشرط. قوله: (وكذا كل إلخ) أي وحينئذ فلا
خصوصية للجدة بذلك كما هو ظاهر المصنف، وقد يجاب عن المصنف بأنه إذا اشترط ذلك في التي
شأنها الشفقة علم أنه مشترط في غيرها بالطريق الأولى. قوله: (ثم الخالة) أي خالة الولد أخت أمه
شقيقتها أو لامها أو لأبيها، وتقدم الشقيقة على التي للأم والتي للأم على التي للأب كما سيأتي، يقول
المصنف: وقدم الشقيق ثم للأم ثم للأب في الجميع وهذا هو الصواب كما في بن وابن عرفة، وما قيل من
أن الخالة للأب لا حضانة لها فغير صواب. قوله: (أي خالة الأم) أي وهي أخت جدة الطفل لامه.
قوله: (وقد أسقطها المصنف) أي فكان عليه أن يقول: ثم الخالة ثم خالتها ثم عمة الأم ثم جدة
الأب. قوله: (ثم جدة الأب) تقديمها على الأب دون غيرها من قراباته هو مذهب المدونة، ابن عرفة:
فإن لم تكن قرابات ففي تقديم الأب على قرابته وعكسه ثالثا الجدات من قبله أحق منه
وهو أحق من سائرهن لنقل القاضي لها وعزاه في البيان لابن القاسم اه‍. وعلى الأول جرى
في التحفة. قوله: (أي الجدة من قبل الأب فيشمل إلخ) أي وليس المراد بجدة الأب حقيقتها
كما يتوهم من كلامه وإلا لاقتضى أن أم الأب التي هي جدة المحضون لا حضانة لها
وليس كذلك. قوله: (والتي من جهة أم الأب تقدم إلخ) يأتي هنا الطريقتان المتقدمتان وهما طريقة
اللقاني وطريقة عج. قوله: (ثم العمة له) أي للمحضون وهي أخت أبيه. وقوله عمة أبيه أي
وهي أخت جده لأبيه، وهاتان داخلتان تحت قول المصنف: ثم العمة، وأما عمة الأم فقد
تقدمت، وقوله ثم خالة أبيه أي وهي أخت جدة الطفل قد أسقطها المصنف فكان عليه أن
527

يذكرها. قوله: (بالقيام بحال المحضون) هذا تصوير للكفاية. قوله: (ثم الشخص الوصي) أراد به
ما يشمل مقدم القاضي ووصي الوصي. واعلم أن المحضون إذا كان ذكرا أو كان أنثى غير مطيقة فإن
الحضانة تثبت لوصيه اتفاقا ذكرا كان أو أنثى، وكذا إذا كان المحضون أنثى مطيقة وكان الحاضن
أنثى أو كان ذكرا وتزوج بأم المحضونة أو جدتها وتلذذ بها بحيث صارت المحضونة من محارمه وإلا
فلا حضانة له على ما رجحه المصنف في التوضيح، ورجح ابن عرفة أن له الحضانة حينئذ فكل من
القولين قد رجح. قوله: (ما قرب منها) أي من تلك الجهة، وحاصله أن الجد من جهة الأب سواء كان
قريبا من المحضون وهو الجد له دنية أو كان عاليا فإنه يتوسط بين الأخ وابنه لا أن القريب متوسط
بينهما والبعيد متوسط بين العم وابنه كما هو أحد احتمالين. قوله: (لا جد لأم فلا حضانة له) أي كالخال،
والظاهر أن الخلاف في الجد للأم مطلقا سواء كان قريبا أو بعيدا لا في خصوص القريب، وأن
البعيد لا حضانة له اتفاقا كذا قرر شيخنا. قوله: (وعليه) أي على ما اختاره اللخمي من أن له حضانة
فمرتبته تلي مرتبة الجد للأب أي وحينئذ فيكون متوسطا بين الجد للأب وابن الأخ. قوله: (ثم المولى
الأعلى) أي ذكرا كان أو أنثى، وما ذكره من ثبوت الحضانة له هو المشهور خلافا لما قاله ابن محرز
من أنه لا حضانة له ذكرا كان أو أنثى إذ لا رحم له. قوله: (وهو المعتق بكسر التاء) أي المعتق
للمحضون قوله: (أو عصبته نسبا) أي كابن المعتق وابن ابنه وأبيه وأخيه وابن أخيه وجده وعمه
وابن عمه. وقوله: ثم مواليه أي معتق الولد المحضون على ما يظهر. قوله: (التي يمكن فيها ذلك) أي يمكن
فيها جريان الشقاقة وعدمها مثل الأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت
وكالاخوة والأعمام وبنيهم احترازا من الأب والجد والوصي والمولى. قوله: (وفي المتساويين)
عطف على مقدر دل عليه المعنى أي وقدم في المختلفين بالشقاقة وفي المتساويين بالصيانة والشفقة والمراد
بأحدهما. قوله: (بالصيانة والشفقة) أي فيقدم من كان عنده صيانة أو شفقة على مساويه في المرتبة الخالي
من ذلك، وكذلك يقدم من هو أقوى شفقة أو أكثر صيانة للمحضون على غيره، فإن كان في أحدهما
صيانة وفي الآخر شفقة فالظاهر تقديم ذي الشفقة كما يفيده كلام الرجراجي. قوله: (وشرط الحاضن)
أي وشرط ثبوت الحضانة للحاضن العقل إلخ فالشروط لاستحقاق الحضانة لا لمباشرتها. قوله: (طيش)
أي خفة عقل. قوله: (والأمانة في الدين) أشار بهذا إلى أن المراد بالأمانة هنا حفظ الدين، وأما حفظ
المال فسيأتي في قوله: ورشد وإن كانت الأمانة في الأصل حفظ المال والدين. قوله: (أن إثبات ضدها)
528

أي جريا على القاعدة من أن من ادعى شيئا فعليه إثباته. وقوله ضدها أي الشروط المذكورة لا فرق بين
الأمانة وغيرها، ففي ابن سلمون: أن من نفى شرطا من الشروط فعليه إثبات دعواه، والحاضن محمول عليها
حتى يثبت عدمها اه‍ بن. قوله: (على سبيل جري العادة) أي وليست تلك الزيادة بطبيعة المرض،
وهذا يشير إلى الجواب عن المعارضة المشهورة بين حديث: لا عدوى ولا طيرة وحديث: فر من المجذوم
فرارك من الأسد وكلاهما في الصحيح. وحاصل الجمع بينهما أن الأمراض لا تعدي بطبعها، لكن
الله تعالى جعل مخالطة المريض للصحيح سببا لأعداء مرضه وقد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره
من الأسباب، فقوله في حديث لا عدوى معناه ليس شئ من الأمراض يعدي بطبعه، والامر في
حديث فر من المجذوم إلخ نظرا لكون مخالطة المريض سببا عاديا في العدوي فتأمل. قوله: (ورشد) اعلم
أن الرشد يطلق على حفظ المال المصاحب للبلوغ ويطلق على حفظ المال وإن لم يكن يصاحبه بلوغ،
فالرشد أمر كلي تحته فردان: فرد صاحبه بلوغ وفرد لم يصاحبه بلوغ فنكر المصنف رشدا إشارة إلى أن
المراد نوع منه وهو حفظ المال ولو كان مجردا عن البلوغ، ولو عرف الرشد لتوهم أن المراد الكامل وهو
حفظ المال المصاحب للبلوغ، فإذا ثبت للصبي حفظ المال ثبت له حق في حضانة غيره ويكون ذلك
الصغير مع حاضنه حاضنين لذلك المحضون، فالصبي الأول مع حاضنه يشتركان في حضانة الصبي
الثاني فحضانة الكبير من حيث الحفظ للذات وحضانة الصغير من حيث الحفظ للمال. قوله: (وصون
المال) أي لحسن تصرفه فيه. قوله: (وضمت الذات الحاضنة) أي لغير المسلمة. قوله: (وإن مجوسية)
مبالغة في استحقاقها للحضانة وضمها لمسلمين إن خيف على المحضون منها. وقال طفي: إنه مبالغة في
استحقاقها للحضانة لا في الضم لأنه لا وجه للمبالغة عليه تأمل. قوله: (ومثل الأم) أي المجوسية في
ثبوت الحضانة لها وضمها للمسلمين إن خيف الجدة إلخ. قوله: (وشرط الحضانة) أي وشرط ثبوت
الحضانة. وقوله للذكر أي بالنسبة لما إذا كان الحاضن ذكرا. وحاصله: أن الحاضن إذا كان ذكرا
فيشترط في ثبوت الحضانة له أن يكون عنده من الإناث من يصلح لتولية أمر المحضون من زوجة أو
غيرها. قوله: (من أب) بيان للذكر أي الذي هو أب. قوله: (أو سرية) هي الأمة المتخذة للفراش.
قوله: (أو متبرعة) أي أو أجنبية متبرعة بذلك. قوله: (لو في زمن الحضانة) أي ولو كانت صيرورته محرما زمن
الحضانة بعد أن كان قبلها غير محرم. قوله: (كأن يتزوج بأمها) أي بأم المحضونة في زمن إطاقتها.
قوله: (فلا حضانة له) أي في زمن إطاقتها. قوله: (عند مالك) أي خلافا لأصبغ. قوله: (وشرطها) أي شرط
ثبوتها. وقوله للأنثى أي بالنسبة لما إذا كان الحاضن أنثى خلوها عن زوج دخل بها وهذا صادق بأن
لا يكون لها زوج أصلا أو لها زوج ولكن لم يدخل بها، فإن دخل بها نزع الولد منها ما لم يخف على الولد
بنزعه منها الضرر وإلا بقي عندها ولا تسقط حضانتها كما يفيده قول المصنف الآتي أو لم يقبل الولد
غير أمه، وسواء كان الولد رضيعا أو لا كما اختاره عج وارتضاه شيخنا، واختار الشيخ أحمد الزرقاني
التفرقة بين الرضيع وغيره، فإذا كان في نزعه ضرر له لا تسقط حضانته إن كان رضيعا وإلا سقطت
وارتضاه بن. قوله: (فإن دخل بها سقطت) أي ولو كان ذلك الزوج غير بالغ، ولو كان النكاح فاسدا
يفسخ بعد الدخول أخذا من كلام المصنف الآتي. قوله: (فليس الدعاء للدخول كالدخول)
أي في اسقاط الحضانة لأنه لا يحصل الاشتغال عن الولد بالزوج إلا إذا دخل بالفعل لا قبله. قوله: (إلا
أن يعلم إلخ) هذا استثناء من المفهوم أي فإن لم تخل عن زوج دخل بها سقطت حضانتها وانتقلت
529

لمن يليها في الرتبة إلا أن يعلم من انتقلت إليه بتزوجها ودخولها وأن ذلك مسقط لحضانتها ويسكت
بعد علمه العام بلا عذر فلا تسقط حضانتها. قوله: (بعد ذلك) أي بعد علمه بالدخول وأنه مسقط.
قوله: (العام) هو محسوب من العلم بالدخول. قوله: (وجهل الحكم) أي وهو أن دخولها بالزوج مسقط
لحضانتها. قوله: (أو سكت دون عام) أي من يوم العلم وإن كان العام كاملا أو أزيد من يوم الدخول.
قوله: (ما لم تتأيم) أي تطلق أو يمت زوجها الذي قد دخل بها. قوله: (قبل قيامه) أي قيام من له الحضانة
بعدها. قوله: (أو يكون الزوج الذي دخل بها محرما إلخ) حاصله أنه إذا كان الزوج الذي دخل بها
محرما للمحضون سواء كان له حق في الحضانة أو لا، أو كان له حق في الحضانة وكان غير محرم فلا
تسقط حضانتها بدخوله. قوله: (كالحال للمحضون تتزوجه الحاضنة) أي الكائنة من قبل أبيه.
قوله: (كابن العم) أي وكالوصي على الأولاد. قوله: (القريب) أي للولد المحضون. قوله: (محرما) أي
كما لو تزوج العم بأم المحضون أو بجدته الحاضنة له أو يتزوج خاله بحاضنته من قبل أبيه، وقوله أو غير
أي كأن يتزوج ابن العم بخالته أو خالة أمه الحاضنة له. قوله: (في ست مسائل) الأولى في سبع مسائل
مبدؤها قوله أو لا يقبل الولد غير أمه وآخرها قوله: وفي الوصية روايتان. قوله: (أو لا يقبل الولد) أي
فإذا تزوجت الحاضنة برجل أجنبي من المحضون ولم يقبل الولد غيرها فإنها تبقى على حضانتها ولا
تسقط، وظاهره كان المحضون رضيعا أو غيره واختاره عج وقصره الشيخ أحمد على الرضيع
وكذا بن حيث قال: أو لم يقبل الولد غير أمه أي وهو رضيع كما في التوضيح. قوله: (عند أمه إلخ)
اعلم أن مفاد النقل أن عدم سقوط الحضانة في هذه المسألة مخصوص بالأم، فلو كانت الحضانة للجدة
ثم تزوجت وامتنعت المرضعة أن ترضعه عند الخالة وقالت: لا أرضعه عند الخالة بل أرضعه عندي
أو عند الجدة فإن هذا لا يوجب استمرار الحضانة للجدة بل تنتقل للخالة تأمل اه‍ تقرير شيخنا
عدوي. قوله: (غيرها) أي غير الحاضنة التي تزوجت بالأجنبي. قوله: (بأن كان) أي ذلك الغير غير
مأمون أو كان ذلك الغير عاجزا أو كان غائبا. قوله: (أو كان الأب عبدا إلخ) يعني أن أبا المحضون إذا كان
عبدا وأمة حرة وتزوجت برجل أجنبي من المحضون فإن الولد يبقى عند أمه ولا ينتزع منها، ومثل ما إذا
كانت الأم حرة ما لو كانت أمة سواء كان ولدها المحضون حرا أو عبدا. قوله: (وإلا انتقلت له) أي وإلا
بأن كان قائما بها مع قدرته على الحضانة انتقلت الحضانة عن أمه لأبيه قوله: (أما أو غيرها) ما ذكره
من أن الروايتين في الأم وغيرها هو ظاهر ما لابن عبد السلام والتوضيح، والصواب أنهما في الأم
خاصة كما يدل له كلام ابن أبي زمنين واللخمي ومعين الحكام وغيرهم انظر طفي وبن. قوله: (وعدم
سقوطها) أي وتفردهم حينئذ بمسكن. قوله: (روايتان) أي عن مالك والرواية بعدم السقوط بها
وقعت الفتوى وحكم بها ابن حمدون واقتصر عليها ابن عرفة والقلشاني، وقال صاحب الفائق: إنها
أولى لان حق الوصية لا تسقطه الزوجية اه‍ بن. واعلم أن الروايتين جاريتان في الوصية إذا
تزوجت، ولو قال الأب في إيصائه: إن تزوجت فانزعوهم منها لأنه لم يقل فلا وصاية لها رواه
530

محمد انظر عبق. قوله: (وشرط الحاضن) أي شرط ثبوت الحضانة للحاضن سواء كان ذكرا أو
أنثى أن لا يسافر إلخ. وحاصله أن شرط ثبوت الحضانة للحاضن أن لا يسافر ولي حر عن محضون
حر سفر نقله ستة برد، فإن سافر الولي السفر المذكور كان له أخذ المحضون من حاضنته ويقال لهما: اتبعي
محضونك إن شئت، واحترز بقوله ولي حر عما لو كان الولي للمحضون عبدا وأراد السفر فإنه لا يكون
له أخذه معه ويبقى عند حاضنته لان العبد لا قرار له ولا مسكن، واحترز بالولد الحر عن الولد العبد إذا
سافر وليه فلا يأخذه معه لان العبد تحت نظر سيده أي مالك أمره حضرا وسفرا. قوله: (أي من له
ولاية على الطفل أعم إلخ) تفسير الولي هنا بما ذكر الشامل لولاية المال ولولاية العصوبة هو ما قاله
الشيخ سالم، وقال عج: المراد به خصوص الأب، واختار شيخنا العدوي ما قاله الشيخ سالم.
قوله: (لا رقيق) أي فلا يسقط سفره حق الحاضنة سواء كانت الحاضنة حرة أو أمة لأنه لا قرار له إذ لا
مسكن له وقد يباع. قوله: (وإن رضيعا) مبالغة في المفهوم أي فإن سافر الولي الحر عن الولد الحر السفر
المذكور سقط حقها من الحضانة ويأخذه وليه معه ولو كان الولد رضيعا على المشهور، وقيل لا يأخذ
الرضيع بل إنما يأخذ الولد إذا أثغر، وقيل يأخذه بعد انقطاع الرضاع. قوله: (غير أمه) الأولى غير
حاضنته لان مثل الأم غيرها ممن له الحضانة كما تقدم. قوله: (أو تسافر هي) يعني أنه يشترط في ثبوت
حضانة الحاضنة أن لا تسافر السفر المذكور عن بلد ولي المحضون الحر، فإن سافرت السفر المذكور
سقطت حضانتها وكان له أخذه منها. قوله: (ونحوها) أي كسفر النزاهة والسفر لطلب ميراث أو حق.
قوله: (بل تأخذه معها) أي إذا سافرت. وقوله: ويتركه الولي عندها أي إذا سافر هو ولا تسقط
حضانتها وظاهره كان السفر ستة برد أو أقل أو أكثر وهو ما قاله عج وتبعه عبق. وقال الشيخ
إبراهيم اللقاني: إن كان السفر ليس سفر نقلة فلا تسقط حضانتها لكن لا تأخذ الولد معها إلا إذا
كان السفر قريبا كبريد لا إن بعد فلا تأخذه وإن كانت حضانتها باقية، وتبعه خش على ذلك
واعتمده شيخنا العدوي. واعلم أنها إذا سافرت لكتجارة وأخذت الولد معها فحق الولد
في النفقة باق على الأب، ولا تسقط نفقته عن أبيه بسفره معها على ظاهر المذهب كما في عبق.
قوله: (وحلف) راجع للمفهوم أي فإن سافر الولي لنقلة أخذه وحلف، وإن سافرت الحاضنة لكتجارة
أخذته وحلفت فهو مرتبط بكل من الولي والحاضنة ولذا قال الشارح: وحلف من أراد السفر من
الولي والحاضنة، وظاهر المصنف أن من أراد السفر منهما يحلف مطلقا أي سواء كان متهما أو لا كما
ارتضاه عج وتت والشيخ سالم، وقيل: إنما يحلف المتهم دون غيره، واستحسنه بعض القرويين وارتضاه
المواق، هذا ولم ينسب ابن عرفة لزوم اليمين إلا لابن الهندي، ونسب الاكتفاء بمجرد دعوى
الاستيطان دون يمين لابن يونس وجماعة مع ظاهر المدونة، قال ح: فانظر كيف يعدل المصنف
عن قول الأكثر، لكن في المواق عن المتيطي ما يفيد ترجيح القول باليمين اه‍ بن.
قوله: (وظاهرها بريدين) يعني أن ظاهر المدونة أن سفر البريدين يكون كافيا في قطع الحضانة إذا
سافر الولي أو سافر الحاضن. قوله: (وأبقى المضاف إليه مجرورا) فاندفع ما يقال: الأولى
للمصنف أن يقول وظاهرها بريدان لان المثنى يرفع بالألف. قوله: (إن سافر لامن وأمن من
الطريق) هذان الشرطان أي كون السفر لموضع مأمون والأمن في الطريق معتبران أيضا في سفر
الزوج بزوجته، ويزاد عليهما كونه مأمونا في نفسه وغير معروف بالإساءة عليها وكونه حرا وكون
البلد المنتقل إليها قريبة بحيث لا يخفى على أهلها خبرها فيها، وأن تكون تلك البلد تقام فيها الاحكام، فإذا
وجدت تلك الشروط وطلب الزوج السفر بزوجته قضى بسفرها معه، وإن تخلف شرط منها فلا تجبر
531

على السفر معه. قوله: (سفر نقلة أو تجارة) راجع للولي والحاضنة على سبيل اللف والنشر المرتب، أي أن
محل كون الولي يأخذ الولد من الحاضنة إذا سافر ستة برد سفر نقلة إن كان سفره لموضع مأمون ويأمن
على نفسه، وعلى الولد المحضون في الطريق وإلا فلا يأخذه منها، ومحل كون الحاضنة إذا سافرت الستة
برد لتجارة لا ينزع الولد منها إذا كان سفرها لموضع مأمون وكان يؤمن عليها وعلى الولد معها في الطريق
وإلا نزع الولد منها. قوله: (وأمن كل في الطريق) أي ولو بحسب غلبة الظن على المعتمد، فلا يشترط
خصوص القطع بالأمن اه‍ عدوي. قوله: (وإلا لم ينزعه الولي) أي إذا أراد السفر، وقوله ونزع
من الحاضنة أي إذا أرادت السفر لكتجارة. قوله: (ولو كان فيه بحر) مبالغة في أخذه إذا أريد السفر.
وحاصله أن الولي إذا أراد سفر النقلة وكان ستة برد كان له أخذ الولد ولو كان في الطريق بحر، وكذلك
الحاضنة إذا سافرت لكتجارة كان لها أخذه ولو كان في الطريق بحر، ورد المصنف بلو على من قال:
لا يأخذه الولي إذا سافر ولا الحاضنة إلا إذا لم يكن في الطريق بحر، فإن كان فيها فلا يمكن واحد منهما
من أخذه. قوله: (على الأصح) أي خلافا لمن قصر أخذه على البر. قوله: (ثم استثنى من مفهوم قوله وأن
لا يسافر ولي) أي فكأنه قال: فإن سافر الولي السفر المذكور لنقلة سقطت حضانتها وكان للولي أخذه
منها إلا أن تسافر هي معه. قوله: (فلا تسقط حضانتها بسفره سفر نقلة) أي ولا تمنع من السفر معه
إذا أرادته. قوله: (لا أقل) أي لا إن كان سفر الولي سفر نقلة أقل من ستة برد فلا يأخذه منها، ولا إن
كان سفرها سفر نقلة أقل من ستة برد فلا تمنع الحاضنة من أخذه معها والسفر به إذ لا تسقط حضانتها
بذلك السفر. قوله: (لمن سقطت إلخ) أي سواء كانت أما أو غيرها، بل الحق في الحضانة باق لمن
انتقلت له، فإن أراد من له الحضانة رد المحضون لمن انتقلت عنه الحضانة فإن كان للأم فلا مقال
للأب لأنه نقل لما هو أفضل، وإن كان الرد لأختها مثلا فللأب المنع من ذلك، فقول المصنف: ولا تعود
أي جبرا على من انتقلت له بتزوجها، أما لو سلم لها الحضانة من يستحقها بعدها فإنها تعود لها لكن تارة
يكون للأب مقال وتارة لا يكون له. قوله: (أو بعد فسخ الفاسد إلخ) يعني أن الحاضنة إذا سقطت
حضانتها بالتزويج وأخذ الولد من بعدها في المرتبة ثم ظهر أن النكاح فاسد فسخ لأجل ذلك وقد
دخل بها فإن حضانتها لا تعود، وهذا إذا كان النكاح مختلفا في فساده أو كان مجمعا على فساده ودرأ الحد،
أما لو كان الفسخ قبل البناء مطلقا أي سواء كان فساده مختلفا فيه أو متفقا عليه أو كان بعد البناء وكان
النكاح مجمعا على فساده ولم يدرأ الحد فإن الحضانة تعود لها. والحاصل أن فسخ الفاسد إن كان قبل
البناء فإن الحضانة تعود كان ذلك النكاح مختلفا في فساده أو متفقا على فساده، كان يدرأ الحد أو لا،
وكذا إن كان فسخه بعد البناء وكان مجمعا على فساده ولم يدرأ الحد كالخامسة والمحرم مع علمه بالحكم،
وأما إن كان فسخه بعد البناء وكان مجمعا على فساده ويدرأ الحد كالمحرم والخامسة جاهلا بالحكم أو
كان مختلفا في فساده ففسخ لذلك بعد البناء بها فإن الحضانة لا تعود لان فسخ نكاحها كطلاقها من
النكاح الصحيح قال ابن يونس: وهو الأصوب، وعبر عنه المؤلف بالأرجح جريا على عادته، فقوله
على الأرجح خاص بهذه المسألة لان ترجيحه إنما وقع فيها دون ما قبلها، وقيل إنها إذا تزوجت
وسقطت حضانتها ثم فسخ نكاحها لفساده فإن حضانتها تعود لان المعدوم شرعا
كالمعدوم حسا سواء كان الفسخ قبل البناء أو بعده مختلفا في فساده أو مجمعا عليه كان يدرأ
الحد أم لا. قوله: (أو بعد الاسقاط) أي للغير بعوض أو بغير عوض. قوله: (بعد وجوبها لها إلخ)
هذا شامل لما إذا أسقطت الأم حضانتها للأب بعد طلاقها ولإسقاطها له وهي في
عصمته لان الحق لها وهما زوجان كما مر وشامل لما إذا أسقطت الجدة حضانتها بعد أن أسقطت
بنتها حضانتها في مقابلة خلعها، لان اسقاط الأم حضانتها في مقابلة خلعها لا يسقط حق الجدة،
532

فإذا أسقطت الجدة بعد طلاق بنتها صح الاسقاط لأنه اسقاط للشئ بعد وجوبه، إلا أن المعتمد
أنه إذا أسقط من له الحضانة حقه فيها انتقل الحق لمن يليه في المرتبة لا للمسقط له، وأما لو أسقطت
حقها من الحضانة قبل وجوبها لها لم يسقط حقها على المعتمد كما لو خالعته على اسقاط حضانتها
وقد أسقطت الجدة أو الخالة حقها قبل مخالعة ابنتها أو أختها. قوله: (فإذا زال العذر عادت الحضانة
بزواله) أي ما لم تتركه بعد زوال العذر سنة فلا تأخذه ممن هو في يده أو يألف الولد من هو عندها ويشق
عليه نقلته من عندها. قوله: (أو لموت الجدة إلخ) يعني أن الأم إذا تزوجت ودخل بها زوجها وأخذت
الجدة الولد ثم فارق الزوج الأم وقد ماتت الجدة أو تزوجت والأم خالية من الموانع فهي أحق ممن
بعد الجدة وهي الخالة ومن بعدها كذا قال المصنف وهو ضعيف، والمعتمد أن الجدة إذا ماتت انتقلت
الحضانة لمن بعدها كالخالة ولا تعود للأم ولو كانت متأيمة. قوله: (والأم مثلا خالية) أشار الشارح
إلى أنه لا مفهوم للجدة ولا للأم ولا للموت أيضا، وحينئذ فلو قال المصنف: أو لكموت من انتقلت إليه
الحضانة وقد خلى من قبله كان أشمل. قوله: (أو لتأيمها إلخ) يعني أن الحاضنة إذا تزوجت ودخل بها
زوجها ثم طلقها أو مات عنها قبل أن يعلم من تنتقل الحضانة إليه بتزوجها فإنها تستمر للحاضنة ولا
مقال لمن بعدها، ومفهوم قوله قبل علمه أنه إذا علم من بعدها بزواجها وسكت عن أخذ الولد عاما أو
أقل ولم يقم حتى تأيمت لم ينزعه منها ولا مقال له، وما تقدم للمصنف في قوله إلا أن يعلم ويسكت العام
أي فليس له انتزاعه منها، فإن سكت أقل من العام كان له انتزاعه، ففيما إذا لم تتأيم فالموضوع مختلف كذا
ذكره عج وهو الصواب. وقال الشيخ أحمد: إذا علم من بعدها فلا مقال له إن علم وسكت العام وإلا
فله مقال، فإن مفهوم كلامه هنا يقيد بما مر بحيث يقال مفهوم قبل علمه أنها إذا تأيمت بعد علم من انتقلت
إليه الحضانة وسكوته كان له انتزاعه إن كان السكوت أقل من عام وإلا فلا، وفيه أن موضوع المحلين
مختلف فكيف يقيد أحدهما بما في الآخر. قوله: (وليس لأبي المحضون أن يقول إلخ) أي فإذا طلب ذلك
فلا يجاب له. قوله: (أو للاختصاص) أي أن الحاضنة مختصة بذلك وهذا لا ينافي وجوبه عليها.
قوله: (وأمنه) أي فيعطى نفقة كثيرة كجمعة أو شهر. وقوله وخوفه أي يعطي نفقة قليلة كيوم أو يومين.
قوله: (فمذهب المدونة إلخ) هذا الكلام أصله لعج وتبعه عبق وشارحنا وسيأتي لك ما فيه. قوله: (أي فيما
يخص الطفل) أي بأن يجعل نصف أجرة المسكن مثلا على أبي المحضون ونصفها على الحاضن أو ثلثها
مثلا على أبي المحضون وثلثاها على الحاضن أو العكس. قوله: (وقيل توزع على الرؤوس) فقد ظهر لك مما قاله
الشارح أن الخلاف فيما يخص الحاضن من المسكن، وأما ما يخص المحضون منه فعلى الأب باتفاق الأقوال
المذكورة وسيأتي لك أقوال أخر في ذلك. قوله: (لكن رجح بعضهم إلخ) أي وهو بن وتت ما في
التوضيح وغيره، ففي بن ما نصه: قال المتيطي فيما يلزم الأب للولد ما نصه: وكذا يلزمه الكراء عن مسكنه
533

وهذا هو القول المشهور المعمول به المذكور في المدونة وغيرها سحنون ويكون عليه من الكراء على قدر
ما يجتهد الحاكم، وقال يحيى بن عمر: السكنى على قدر الجماجم اه‍ نقله المواق. وقد أفاد أن قول سحنون تفسير
للمدونة كما فهمه المؤلف في توضيحه ونصه، والمشهور أن على الأب السكنى وهو مذهب المدونة،
خلافا لابن وهب القائل إن أجرة المسكن على الحاضنة وعلى المشهور فقال سحنون: تكون السكنى
على حسب الاجتهاد وعزاه لابن القاسم في الدمياطية وهو قريب لما في المدونة، وقال يحيى بن عمر: على
قدر الجماجم، وروي لا شئ على المرأة حيث كان الأب موسرا وأنها على الموسر من الأب والحاضنة.
وحكى ابن بشير قولا بأنه لا شئ على الأم من السكنى اه‍. فقول التوضيح: وحكى ابن بشير قولا إلخ
صريح في أن القول بكون السكنى كلها على الأب هو الضعيف المقابل لمذهب المدونة لا أنه مذهبها
فيبطل به ما ادعاه عبق تبعا لشيخه من ضعف ما لسحنون، وجعل ما حكاه ابن بشير هو المشهور
وأنه مذهب المدونة انظر بن. وقول التوضيح وأنها على الموسر من الأب
والحاضنة معناه أن الحاضنة إذا أيسرت دون الأب لم يكن على الأب سكنى على
هذا القول، وإن أيسر الأب دون الحاضنة لم يكن على الحاضنة شئ من أجرة
السكنى. قوله: (ولا شئ لحاضن لأجلها) أي لا شئ لها من نفقة أجرة
وهذا قول مالك المرجوع إليه، وبه أخذ ابن القاسم، وكان
يقول أولا: ينفق على الحاضنة من مال الغلام، والخلاف
إذا كانت الحاضنة غنية، أما الفقيرة فينفق عليها من ماله
لأجل فقرها لا للحضانة انظر طفي اه‍ بن.
قوله: (زيادة على السكنى) أي من نفقة وأجرة
حضانة، وهذا لا ينافي أن له السكنى.
قوله: (لأجلها) هذا تصريح
بما علم من تعليق
الحكم بالوصف هو
لحاضن.
(تم الجزء الثاني من حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ويليه الجزء الثلاث أوله باب البيوع)
534