الكتاب: الدر المختار
المؤلف: الحصكفي
الجزء: ٧
الوفاة: ١٠٨٨
المجموعة: فقه المذهب الحنفي
تحقيق: إشراف : مكتب البحوث والدراسات
الطبعة: جديدة منقحة مصححة
سنة الطبع: ١٤١٥ - ١٩٩٥ م
المطبعة:
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: المكتبة التجارية - مصطفى أحمد الباز

رد المختار على الدر المختار
في فقه مذهب الامام أبي حنيفة النعمان
لسيدي محمد علاء الدين أفندي
نجل المؤلف
طبعة جديدة منقحة مصححة
اشراف
مكتب البحوث والدراسات
الجزء السابع
دار الفكر
للطباعة والنشر والتوزيع
1

جميع حقوق إعادة الطبع محفوظة للناشر
1415 ه‍ / 1995 م
بيروت لبنان
دار الفكر: حارة حريك - شارع عبد النور - برقيا: فكسي - تلكس: 41392 فكر
ص. ب 7061 / 11 - تلفون: 643681 - 838053 - 837898 - دولي: 860962
فاكس: 2124187875 - 001
2

كتاب الأشربة
هي جمع شراب و (الشراب) لغة: كل مائع يشرب، واصطلاحا: (ما يسكر والمحرم منها
أربعة) أنواع:
الأول: (الخمر وهي النئ) بكسر النون فتشديد الياء (من ماء العنب إذا إلى واشتد
وقذف) أي رمى (بالزبد) أي الرغوة ولم يشترطا قذفه، وبه قالت الثلاثة، وبه أخذ أبو حفص
الكبير، وهو الأظهر كما في الشرنبلالية عن المواهب ويأتي ما يفيده، وقد تطلق الخمر على غير
ما ذكر مجازا.
3

ثم شرع في أحكامها العشرة فقال: (وحرم قليلها وكثيرها) بالاجماع (لعينها) أي لذاتها،
وفي قوله تعالى: * (إنما الخمر والميسر) * (المائدة: 09) الآية عشر دلائل على حرمتها مبسوطة في المجتبى وغيره
(وهي نجسة نجاسة مغلظة كالبول ويكفر مستحلها وسقط تقومها) في حق المسلم (لا ماليتها) في
الأصح (وحرم الانتفاع بها) ولو لسقي دواب أو لطين أو نظر للتلهي، أو في دواء أو دهن أو
طعام أو غير ذلك إلا لتخليل أو لخوف عطش بقدر الضرورة،
4

فلو زاد فسكر حد. مجتبى (ولا يجوز بيعها) لحديث مسلم: إن الذي حرم شربها حرم بيعها
(ويحد شاربها وإن لم يسكر منها، و) يحد شارب غيرها إن سكر ولا يؤثر فيها الطبخ) إلا أنه لا
يحد فيه ما لم يسكر منه لاختصاص الحد بالنيء، ذكره الزيلعي. واستظهره المصنف وضعف ما
في القنية والمجتبى، ثم نقل عن ابن وهبان أنه لا يلتفت لما قاله صاحب القنية مخالفا للقواعد ما
لم يعضده نقل من غيره ا ه‍. وفيه كلام لابن الشحنة (ولا يجوز بها التداوي)
5

على المعتمد، قاله المصنف.
قلت: ولو باحتقان أو إقطار في إحليل، نهاية (ولا يجوز تخليلها ولو بطرح شئ فيها)
خلافا للشافعي.
(و) الثاني الطلاء) بالكسر (وهو العصير يطبخ حتى يذهب أقل من ثلثيه) ويصير مسكرا،
وصوب المصنف أن هذا يسمى الباذق، وأما الطلاء فما ذكره بقوله: (وقيل ما طبخ من ماء العنب
حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه) وصار مسكرا (وهو الصواب) كما جرى عليه صاحب المحيط وغيره:
يعني في التسمية لا في الحكم، لان حل هذا المثلث المسمى بالطلاء على ما في المحيط ثابت
6

لشرب كبار الصحابة رضي الله عنهم كما في الشرنبلالية. قال: وسمي بالطلاء لقول عمر رضي
الله عنه: ما أشبه هذا بطلاء البعير، وهو القطران الذي يطلى به البعير الجربان (ونجاسته) أي
الطلاء على التفسير الأول، كذا قاله المصنف (كالخمر) به يفتي (و) الثالث (السكر) بفتحتين (وهو
النئ ماء الرطب) إذا اشتد وقذف بالزبد (و) الرابع (نقيع الزبيب، وهو النئ من ماء الزبيب)
بشرط أن يقذف بالزبد بعد الغليان (والكل) أي الثلاثة المذكورة (حرام إذا غلي واشتد) وإلا لم
يحرم اتفاقا، وإن قذف حرم اتفاقا، وظاهر كلامه فبقية المتون أنه اختار ها هنا قولهما. قاله
البرجندي. نعم قال القهستاني: وترك القيد هنا لأنه اعتمد على السابق ا ه‍. فتنبه. ولم يبين حكم
نجاسة السكر والنقيع، ومفاد كلامه أنها خفيفة وهو مختار السرخسي،
7

واختار في الهداية أنها غليظة. (وحرمتها دون حرمة الخمر فلا يكفر مستحلها) لان حرمتها
بالاجتهاد. (والحلال منها) أربعة أنواع: الأول (نبيذ التمر والزبيب طبخ أدنى طبخة) يحل شربه
(وإن اشتد) وهذا (إذا شرب) منه (بلا لهو وطرب) فلو شرب للهو فقليله وكثيره حرام (وما لم
8

يسكر) فلو شرب ما يغلب على ظنه أنه مسكر فيحرم، لان السكر حرام في كل شراب.
(و) الثاني (الخليطان) من الزبيب والتمر إذا طبخ أدنى طبخة، وإن اشتد يحل بلا لهو.
(و) الثالث نبيذ العسل والتين والبر والشعير والذرة يحل سواء (طبخ أو لا) بلا لهو
وطرب.
(و) الرابع (المثلث) العنبي وإن اشتد، وهو ما طبخ من ماء العنب حتى يذهب ثلثاه ويبقى
ثلثه إذا قصد به استمراء الطعام والتداوي والتقوي على طاعة الله تعالى، ولو للهو لا يحل إجماعا.
9

حقائق.
(وصح بيع غير الخمر) مما مر، ومفاده صحة بيع الحشيشة والأفيون.
قلت: وقد سئل ابن نجيم عن بيع الحشيشة هل يجوز؟ فكتب لا يجوز، فيحمل على أن
مراده بعدم الجواز عدم الحل.
قال المصنف (وتضمين) هذه الأشربة (بالقيمة لا بالمثل) لمنعنا عن تملك عينه وإن جاز فعله،
بخلاف الصليب حيث تضمن قيمته صليبا لأنه مال متقوم في حقه، وقد أمرنا بتركهم وما
يدينون. زيلعي.
(وحرمها محمد) أي الأشربة المتخذة من العسل والتين ونحوهما. قاله المصنف (مطلقا) قليها
وكثيرها (وبه يفتى) ذكره الزيلعي وغيره، واختاره شارح الوهبانية
10

وذكر أنه مروي عن الكل، نظمه فقال:
وفي عصرنا فاختير حد وأوقعوا * طلاقا لمن من مسكر الحب يسكر
وعن كلهم يروى وأفتى محمد * بتحريم ما قد قل وهو المحرر
قلت: وفي طلاق البزازية، وقال محمد: ما أسكر كثيره فقليله حرام، وهو نجس أيضا،
ولو سكر منها المختار في زماننا أنه يحد.
11

زاد في الملتقى: ووقوع طلاق من سكر منها تابع للحرمة، والكل حرام عند محمد، وبه
يفتى، والخلاف إنما هو عند قصد التقوى، أما عند قصد التلهي فحرام إجماعا ا ه‍. وتمامه فيما
علقته عليه.
زاد القهستاني: إن لبن الإبل إذا اشتد لم يحل عند محمد خلافا لهما، والسكر منه حرام بلا
خلاف، والحد والطلاق على الخلاف، وكذا لبن الرماك: أي الفرسة إذا اشتد لم يحل، وصحح
في الهداية حله، وفي الخزانة أنه يكره تحريما عند عامة المشايخ على قوله.
12

(وحل الانتباذ) اتخاذ النبيذ (في الدباء) جمع دباءة وهو القرع (والحنتم) جرة خضراء
(والمزفت) المطلي بالزفت: أي القير (والنقير) الخشبة المنقورة، وما ورد من النهي نسخ.
(وكره شرب دردي الخمر) أي عكره (والامتشاط) بالدردي لان فيه أجزاء الخمر، وقليله
ككثيره كما مر (و) لكن (لا يحد شاربه) عندنا (بلا سكر) وبه يحد إجماعا.
(ويحرم أكل البنج والحشيشة).
13

هي ورق القنب (والأفيون) لأنه مفسد للعقل ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة (لكن دون حرمة
الخمر، فإن أكل شيئا من ذلك لا حد عليه وإن سكر) منه (بل يعذر بما دون الحد) كذا في
الجوهرة، وكذا تحرم جوزة الطيب لكن دون حرمة الحشيشة، قاله المصنف.
14

ونقل عن الجامع وغيره أن من قال بحل البنج والحشيشة فهو زنديق مبتدع، بل قال نجم
الدين الزاهدي: إنه يكفر ويباح قتله.
قلت ونقل شيخنا النجم الغزي الشافعي في شرحه على منظومة أبيه البدر المتعلقة بالكبائر
والصغائر عن ابن حجر المكي أنه صرح بتحريم جوزة الطيب بإجماع الأئمة الأربعة وأنها مسكرة،
ثم قال شيخنا النجم: والتتن الذي حدث وكان حدوثه بدمشق في سنة خمسة عشر بعد الألف
15

يدعي شاربه أنه لا يسكر وإن سلم له فإنه مفتر، وهو حرام لحديث أحمد عن أم سلمة قالت:
نهى رسول الله (ص) عن كل مسكر وفتر قال: وليس من الكبائر تناوله المرة
والمرتين، ومع نهي ولي الأمر عنه حرم قطعا، على أن استعماله ربما أضر بالبدن، نعم الاصرار
عليه كبيرة كسائر الصغائر ا ه‍ بحروفه.
16

وفي الأشباه في قاعدة: الأصل الإباحة أو التوقف، ويظهر أثره فيما أشكل حاله كالحيوان
المشكل أمره والنبات المجهول سمته ا ه‍.
قلت: فيفهم منه حكم النبات الذي شاع في زماننا المسمى بالتتن فتنبه، وقد كرهه شيخنا
العمادي في هديت إلحاقا له بالثوم والبصل بالأولى، فتدبر. وممن جزم بحرمة الحشيشة شارح
الوهبانية في الحظر، ونظمه فقال:
وأفتوا بتحريم الحشيش وحرقه * وتطليق محتش لزجر وقرروا
لبائعه التأديب والفسق أثبتوا * وزندقة للمستحل وحرروا
17

كتاب الصيد
لعل مناسبته أن كلا منهما مما يورث السرور (وهو مباح) بخمسة عشر شرطا مبسوطة في
العناية وسنقرره في أثناء المسائب (إلا) لمحرم في غير الحرام أو (للتلهي) كما هو ظاهر (أو حرفة)
على ما في الأشباه.
قال المصنف: وإنما زدته تبعا له، وإلا فالتحقيق عندي إباحة اتخاذه حرفة لأنه نوع من
الاكتساب، وكل أنواع الكسب في الإباحة سواء على المذهب الصحيح كما في البزازية وغيرها.
18

(نصب شبكة للصيد ملك ما تعقل بها، بخلاف ما إذا نصبها للجفاف) فإنه لا يملك ما
تعقل بها وإن وجد) المقلش أو غيره (خاتما أو دينارا مضروبا) بضرب أهل الاسلام (لا) يملكه
ويجب تعريفه.
اعلم أن أسباب الملك الثلاثة: ناقل كبيع وهبة وخلافه كإرث أوصاله، وهو الاستيلاء
حقيقة بوضع اليد أو حكما بالتهيئة كنصب شبكة لصيد لا لجفاف على المباح الخالي عن مالك،
فلو استولى في مفازه على حطب غيره لم يملكه ولم يحل للمقلش ما يجده بلا تعريف، وتمام
التفريع في المطولات.
(ويحل الصيد بكل ذي ناب ومخلب) تقدما في الذبائح
19

(من كلب وباز ونحوهما بشرط قابلية التعليم و) بشرط (كونه ليس بنجس العين).
ثم فرع على ما مهد من الأصل بقوله (فلا يجوز الصيد بدب وأسد) لعدم قابليتهما التعليم
فإنهما لا يعملان للغير. الأسد لعلو همته، والدب لخساسته، وألحق بعضهم بالدب الحدأة
لخساستها (ولا بخنزير) لنجاسة عينه، إلا أن
يقال إن النص ورد فيه، فتنبه.
وبه يندفع قول القهستاني: إن الكلب نجس العين عند بعضهم، والخنزير ليس بنجس
20

العين عند أبي حنيفة على ما في التجريد وغيره، فتأمل (بشرط علمهما) علم ذي ناب ومخلب
(وذا بترك الاكل) أما الشرب من دم الصيد فلا يضر. قهستاني ويأتي (ثلاثا في الكلب) ونحوه
21

(وبالرجوع إذا دعوته في البازي) ونحوه (و) بشرط (جرحهما في أي موضع منه) على الظاهر وبه
يفتى، وعن الثاني يحل بلا جرح، وبه قال الشافعي (و) بشرط (إرسال أو كتابي و) بشرط
(التسمية عند الارسال) ولو حكما، فالشرط عدم تركها عمدا (على حيوان ممتنع) أي قادر على
الامتناع بقوائمه أو بجناحيه (متوحش)
22

فالذي وقع في الشبكة أو سقط في البئر أو استأنس لا يتحقق فيه الحكم المذكور، ولذا قال:
(يؤكل) لان الكلام في صيد الاكل وإن حل صيد غيره كما سيجئ، أو أعم لحل الانتفاع
بالجلد مثلا كما يأتي، فتأمل (و) بشرط (أن لا يشرك الكلب المعلم كلب لا يحل صيده ككلب)
غير معلم وكلب (مجوسي) أو لم يرسل أو لم يسم عليه (و) بشرط أن (لا تطول وقفته بعد إرساله)
ليكون الاصطياد مضافا للارسال (بخلاف ما إذا كمن) واستخفى (كالفهد) أي كما يكمن الفهد
على وجه الحيلة لا للاستراحة، وللفهد خصال حسنة ينبغي لكل عاقل العمل بها كما بسطه
23

المصنف، فإن أكل منه البازي أكل لان تعليمه ليس بترك أكله.
(وإن أكل الكلب) ونحوه (لا) يؤكل مطلقا عندنا (كأكلة منه) أي كما لا يؤكل الصيد
الذي أكل الكلب منه (بعد تركه) للاكل (ثلاث مرات) لأنه علامة الجهل (وكذا) لا يأكل (ما
صاد بعده حتى يتعلم) ثانيا بترك الاكل ثلاثا (أو) ما صاده (قبله لو بقي في ملكه) فإن ما أتلفه
من الصيد لا تظهر فيه الحرمة اتفاقا لفوات المحل، وفيه إشكال ذكره القهستاني
24

(كصقر فر من صاحبه فمكث حينا ثم رجع إليه فأرسله) فصاد لم يؤكل لتركه ما صار به معلما
فيكون كالكلب إذا أكل.
(ولو أخذ) الصياد (الصيد من الكلب وقطع منه بضعة وألقاها إليه فأكلها أو خطف الكلب
منه وأكله أكل ما بقي، كما لو شرب الكلب من دمه) لأنه من غاية علمه.
(ولو نهش الصيد فقطع منه بضعة فأكلها ثم أدركته فقتله ولم يأكل منه لا يؤكل) لاكله حالة
الاصطياد.
(ولو ألقى ما نهشه واتبع الصيد فقتله ولم يأكل منه حتى أخذه صاحبه ثم أكل ما ألقى)
لأنه حينئذ لو أكل من نفس الصيد لم يضر كما مر.
(وإذا أدرك) المرسل أو الرامي (الصيد حيا) بحياة فوق ما في المذبوح (ذكاه) وجوبا
(وشرط لحله بالرمي التسمية) ولو حكما كما مر (و) شرط (الجرح) ليتحقق معنى الذكاة (و)
شرط (أن لا يقعد عن طلبه لو غاب) الصيد (متحملا بسهمه) فما دام في طلبه يحل، وأن قعد
عن طلبه ثم أصابه ميتا لا، لاحتمال موته بسبب آخر. وشرط في الخانية لحله أن لا يتوارى عن
بصره، وفيه كلام مبسوط في الزيلعي وغيره.
25

(فإن أدركه الرامي أو المرسل حيا ذكاه) وجوبا فلو تركها حرم سيجئ (والحياة المعتبرة
هنا ما) يكون (فوق ذكاة المذبوح) بأن يعيش يوما، وروى أكثره مجمع.
26

أما مقدارها وهو ما لا يتوهم بقاؤه كما في الملتقى يعتبر هنا هنا، حتى لو وقع في ماء لم يحرم.
(و) المعتبر (في المتردية وأخواتها) كنطيحة وموقوذة وما أكل السبع (والمريضة) مطلق (الحياة
27

وإن قلت) كما أشرنا إليه.
(وعليه الفتوى) وتقدم في الذبائح (فإن تركها) أي الذكاة (عمدا) مع القدرة عليها (فمات)
حرم، كذا يحرم لو عجز عن التذكية في ظاهر الرواية. وعن أبي حنيفة وأبي يوسف يحل، وهو
قول الشافعي. قال المصنف: وفي متني ومتن الوقاية إشارة إلى حله، والظاهر ما سمعته ا ه‍.
قلت: ووجه الظاهر أن العجز عن التذكية في مثل هذا لا يحل الحرام (أو أرسل مجوسي
كلبا فزجره مسلم فانزجر أو قتله معراض بعرضه)
28

وهو سهم لا ريش له، سمي به لإصابته بعرضه، ولو لرأسه حدة فأصاب بحده حل (أو بندقة
ثقيلة ذات حدة) لقتلها بالثقل لا بالحد، ولو كانت خفيفة بها حدة حل لقتلها بالجرح، ولو لم
يجرحه لا يؤكل مطلقا. وشرط في الجرح الادماء، وقيل: لا. ملتقى. وتمامه فيما علقته عليه (أو
رمى صيدا فوقع في ماء) لاحتمال قتله بالماء فتحرم، ولو الطير مائيا فوقع فيه، فإن انغمس
جرحه فيه حرم وإلا حل. ملتقى (أوقع على سطح أو جبل
29

فتردى منه إلى الأرض حرم) في المسائل كلها، لان الاحتراز عن مثل هذا ممكن (فإن وقع على
الأرض ابتداء) إذ الاحتراز عنه غير ممكن فيحل (أو أرسل مسلم كلبه فزجره) أي أغراه بصياحه
(مجوسي فانزجر) إذ الزجر دون الارسال والفعل يرفع بما هو فوقه أو مثله كنسخ الحديث (أو لم
يرسله أحد فزجره مسلم فانزجر) إذ الزجر إرسال حكما (أو أخذ غير ما أرسل إليه) لان غرضه
أخذ كل صيد يتمكن منه، حتى لو أرسله على صيود كثيرة بتسمية واحدة فقتل الكل أكل الكل
(أكل) في الوجوه المذكورة لما ذكرنا (كصيد رمي فقطع عضو منه) فإنه يؤكل (لا العضو) خلافا
للشافعي.
ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: ما أبين من الحي فهو ميتة ولو قطعه ولم يبنه، فإن
اشتمل التئامه أكل العضو أيضا وإلا لا. ملتقى (وإن قطعه) الرامي (أثلاثا وأكثره مع عجزه أو
قطع نصف رأسه أو أكثره أو قده نصفين أكل كله) لان في هذه الصور لا يمكن حياة فوق حياة
30

المذبوح فلم يتناوله الحديث المذكور، بخلاف ما لو كان أكثر مع رأسه للامكان المذكور.
(وحرم صيد مجوسي ووثني ومرتد) ومحرم لأنهم ليسوا من أهل الذكاة، بخلاف كتابي لان
ذكاة الاختيار (وإن رمى صيدا فلم يثخنه فرماه آخر فقتله فهو للثاني، وحل، وإن
أثخنه) الأول بأن أخرجه عن حيز الامتناع وفيه من الحياة ما يعيش (ف‍) الصيد (للأول وحرم)
لقدرته على ذكاة الاختيار فصار قاتلا له فيحرم (وضمن الثاني للأول قيمته كلها وقت إتلافه
31

(غير ما نقصته جراحته وحل اصطياد ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل) لحمه لنفعة جلده أو شعره
أو ريشه أو لدفع شره، وكله مشروع لاطلاق النص.
وفي القنية يجوز ذبح الهرة والكلب لنفع ما (والأولى ذبح الكلب إذا أخذته حرارة الموت،
وبه يطهر لحم غير نجس العين) كخنزير فلا يطهر أصلا (وجلده) وقيل: يطهر جلده لا لحمه،
وهذا أصح ما يفتى به كما في الشرنبلالية عن المواهب هنا ومر في الطهارة (أخذ الطير ليلا مباح
والأولى عدم فعله) خانية.
(يكره تعليم البازي بالطير الحي) لتعذيبه (سمع) الصائد (حس إنسان، أو غيره من
الأهليات) كفرس وشاة (فرمى إليه فأصاب صيدا لم يحل،
32

بخلاف ما إذا سمع حس أسد) أو خنزير.
(فرمى إليه) وأرسل كلبه (فإذا هو صيد حلال الاكل حل) ولو لم يعلم أن الحس حسن
الصيد أو غيره لم يحل. جوهرة، لأنه إذا اجتمع المبيح والمحرم غلب المحرم.
(رمى ظبيا فأصاب قرنه أو ظلفه فمات، وإن أدماه أكل) لوجود الجرح (وإلا لا، والعبرة
بحالة الرمي فحل الصيد بردته) إذا رمى مسلما (لا بإسلامه ووجب الجزاء بحله) إذا رمى مجرما
(لا بإحرامه) وسيجئ قبيل كتاب الديات.
فرع: لو أن بازيا معلما أخذ صيدا فقتله ولا يدري أرسله إنسان أو لا، لا يؤكل لوقوع
الشك في الارسال ولا إباحة بدونه، وإن كان مرسلا فهو مال الغير فلا يجوز تناوله إلا بإذن
صاحبه، زيلعي.
33

قلت: وقد وقع في عصرنا حادثة الفتوى، وهي أن رجلا وجد شاته مذبوحة ببستانه هل
يحل له أكلها أم لا؟ ومقتضى ما ذكرناه أنه لا يحل لوقوع الشك في أن الذابح ممن تحل ذكاته أم
لا، وهل سمى عليه أم لا؟.
لكن في الخلاصة من اللقطة: قوم أصابوا بعيرا مذبوحا في طريق البادية، إن لم يكن قريبا
من الماء ووقع في القلب أن صاحبه فعل ذلك إباحة للناس لا بأس بالأخذ والاكل لان الثابت
بالدلالة كالثابت بالصريح ا ه‍. فقد أباح أكلها بالشرط المذكور، فعلم أن العلم بكون الذابح أهلا
للذكاة ليس بشرط. قاله المصنف.
قلت: قد يفرق بين حادثة الفتوى واللقطة بأن الذابح في الأول غير المالك قطعا، وفي
الثاني يحتمل.
ورأيت بخط ثقة: سرق شاة فذبحها بتسمية فوجد صاحبها هل تؤكل؟ الأصح لا لكفره
بتسميته على الحرام القطعي بلا تملك ولا إذن شرعي ا ه‍ فليحرر.
وفي الوهبانية:
34

وما مات لا تطعمه كلبا فإنه * خبيث حرام نفعه متعذر
وتمليك عصفور لواجده أجز * وإعتاقه بعض الأئمة ينكر
وإن يلقه مع غيره جاز أخذه * كقشر لرمان رماه المقشر
وفي معاياتها:
وأي حلال لا يحل اصطياده * صيودا وما صيدت ولا هي تنفر
35

كتاب الرهن
مناسبته أن كلا من الرهن والصيد سبب لتحصيل المال.
(هو) لغة: حبس الشئ. وشرعا: (حبس الشئ مالي) أي جعله محبوسا لان الحابس هو
المرتهن (بحق يمكن استيفاؤه) أي أخذه (منه) كلا أو بعضا كأن كان قيمة المرهون أقل من الدين
(كالدين) كاف الاستقصاء لأن العين لا يمكن استيفاؤها من الرهن إلا إذا صار دينا حكما كما
سيجئ (حقيقة) وهو دين واجب ظاهرا وباطنا أو ظاهرا فقط كثمن عبد أو خل وجد حرا أو
36

خمرا (أو حكما) كالأعيان المضمونة بالمثل أو القيمة (كما سيجئ) كونه.
(وينعقد بإيجاب وقبول) حال (غير لازم) وحينئذ فللرهن تسليمه والرجوع عنه كما في
الهبة (فإذا سلمه وقبضه المرتهن) حال كونه (محوزا) لا متفرقا كثمر على شجر (مفرغا) لا مشغولا
بحق الراهن كشجر بدون الثمر (مميزا)
37

لا مشاعا ولو حكما بأن اتصل المرهون بغير المرهون خلقة كالشجر وسيتضح (لزم) أفاد أن
القبض شرط اللزوم كما في الهبة، وصحح في المجتبى أنه شرط الجواز (والتخلية) بين الرهن
والمرتهن (قبض) حكما على الظاهر (كالبيع) فإنها فيه أيضا قبض (وهو مضمون إذا هلك
38

بالأقل من قيمته ومن الدين). وعند الشافعي هو أمانة (والمعتبر قيمته يوم القبض) لا يوم الهلاك
كما توهمه في الأشباه لمخلفته للمنقول كما حرره المصنف.
(المقبوض على سوم الرهن إذا لم يبين المقدار) أي مقدار ما يريد أخذه من الدين (ليس
بمضمون في الأصح) كذا في القنية والأشباه (فإن) هلك و (ساوت قيمته الدين صار مستوفيا)
39

دينه (حكما، أو زادت كان الفضل أمانة) فيضمن بالتعدي (أو نقصت سقط بقدره ورجع) المرتهن
(بالفضل) لان الاستيفاء بقدر المالية (وضمن) المرتهن (بدعوى الهلاك بلا برهان مطلقا) سواء كان
من أموال ظاهرة أو باطنة، وخصه مالك بالباطنة (وله طلب دينه من راهنه، وله حبسه به وإن
كان الرهن في يده، لان) الحبس جزاء مطله (وله حبس وهنه بعد الفسخ) للعقد (حتى يقبض
دينه أو يبرئه) لان الرهن لا يبطل بمجرد الفسخ بل يبقى هنا ما بقي القبض والدين معا، فإذا
فات أحدهما لم يبق رهنا. زيلعي ودرر وغيرهما (لا انتفاع به مطلقا) لا باستخدام ولا سكنى ولا
لبس ولا إجارة ولا إعارة،
40

سواء كان من مرتهن أو راهن (إلا بإذن) كل للآخر، وقيل: لا يحل للمرتهن لأنه ربا، وقيل: إن
شرطه كان ربا، وإلا لا.
وفي الأشباه والجواهر: أباح الراهن للمرتهن أكل الثمار أو سكنى الدار أو لبن الشاة
المرهونة فأكلها لم يضمن له منعه، ثم أفاد الأشباه أنه يكره للمرتهن الانتفاع بذلك،
41

وسيجئ آخر الرهن.
(ماتت الشاة في يد المرتهن قسم الدين على قيمة الشاة ولبنها الذي شربه فحظ الشاة
يسقط وحظ اللبن يأخذه المرتهن، فلو فعب) الانتفاع قبل إذنه (صار متعديا ولم يبطل) الرهن (به.
وإذا طلب) المرتهن (دينه أمر بإحضار رهنه) لئلا يصير مستوفيا مرتين إلا إذا كان له حمل أو عند
العدل لأنه لم يأتمنه. شرح مجمع (فإن أحضر سلم) له (كل دينه أولا ثم) سلم المرتهن (رهنه)
تحقيقا للتسوية (وإن طلب) دينه (في غير بلد العقد) للرهن (فكذلك) الحكم (إن لم يكن للرهن
مؤنة، وإن كان) لحمله مؤنة (سلم دينه وإن لم يحضره) لان الواجب عليه التسليم بمعنى التخلية
لا النقل من مكان إلى مكان. ونقل القهستاني عن الذخيرة أنه لو لم يقدر على إحضاره أصلا مع
قيامه لم يؤمر به ا ه‍، فليحفظ.
42

(و) لكن (للراهن أن يحلفه بالله ما هلك) وهذا كله إذا ادعى الراهن هلاكه، أما إذا لم يدع فلا
فائدة في احضاره، وكذا الحكم عند كل نجم حل كما حرره ابن الشحنة، وقال نظما:
ولا دفع ما لم يحضر الرهن أو يكن بغير مكان العقد والحمل يعسر
43

كذا النجم أو لا دون دعوى مدينه هلاكا وهذا في النهاية يذكر
(ولا يكلف مرتهن) قد (طلب دينه إحضار رهن وضع عند العدل بأمر الراهن ولا)
إحضار (ثمن رهن باعه المرتهن بأمره) أي بأمر الراهن (حتى يقبضه) لاذنه بذلك (و) حينئذ ف‍ (إذا
قبضه) أي الثمن (يكلف إحضاره) لقيام البدل مقام المبدل (ولا) يكلف (مرتهن معه رهنه تمكين
الراهن من بيعه ليقضي دينه) بثمنه لان حكم الرهن الحبس الدائم حتى يقبض دينه (ولا) يكلف
(من قضى بعض دينه) أو أبرأ بعضه (تسليم بعض رهنه حتى يقبض البقية من الدين) أو يبرئها
اعتبارا بحبس المبيع.
(ويجب) على المرتهن (أن يحفظه بنفسه وعياله) كما في الوديعة (وضمن إن حفظ بغيرهم)
44

كما مر فيها (وضمن (بإيداعه) وإعارته وإجارته واستخدامه (وتعديه كل قيمته) فيسقط الدين
بقدره (وكذا) يضمن (كل قيمته بجعل خاتم الرهن في خنصره) سواء جعل فصه لبطن كفه أو
لا. وبه يفتى. برجندي (اليسرى أو اليمنى) على ما اختاره الرضي، لكن قدمنا في الحظر عن
البرجندي هنا أنه شعار الروافض وأنه يجب التحرز عنه، فتنبه.
قلت: ولكن جرت العادة في زماننا بلبسه، كذلك فينبغي لزوم الضمان قياس على مسألة
السيف الآتية فليحرر. لا يجعله في أصبع أخرى إلا إذا كان المرتهن امرأة فتضمن لأن النساء
45

يلبسن كذلك فيكون استعمالا لا حفظا، ابن كمال معزيا للزيلعي (و) مثله (تقلد سيفي الرهن لا
الثلاثة) فإن الشجعان يتقلدون في العادة بسيفين لا الثلاثة (و) في (لبس خاتمه) أي خاتم الرهن
(فوق آخر يرجع إلى العادة) فإن كان ممن يتجمل بلبس خاتمين ضمن، وإلا كان حافظا فلا يضمن
(ثم إن قضى بها) أي بالقيمة المذكورة (من جنس الدين يلتقيان قصاصا بمجرده) أي بمجرد
القضاء بالقيمة (إذا كان الدين حالا وطالب) المرتهن (الراهن بالفضل إن كان ثمة) فضل (وإن)
كان الدين مؤجلا يضمن المرتهن قيمته وتكون رهنا عنده، فإذا حل الاجل أخذه بدينه، وإن
قضى بالقيمة من خلاف جنسه كان الضمان رهنا إلى قضاء دينه لأنه بدل الرهن فأخذ
حكمه.
(وأجرة بيت حفظه وحافظه) ومأوى الغنم (على المرتهن وأجرة راعيه) لو حيوانا (ونفقة
الرهن والخراج) والعشر (على الراهن) والأصل فيه أن كل ما يحتاج إليه لمصلحة الرهن بنفسه
وتبقيته فعلى الراهن لأنه ملكه، وكل ما كان لحفظه فعلى المرتهن لان حبسه له.
واعلم أنه لا يلزم شئ منه لو اشترط على الراهن. قهستاني عن الذخيرة. وأما مؤنة رده
46

كجعل آبق (أو رد جزء منه كمداواة جريح (إلى يده) أي إلى يد المرتهن (فتنقسم على المضمون
والأمانة، فالمضمون على المرتهن والأمانة مضمونة على الراهن) لو قيمته أكثر من الدين وإلا فعلى
المرتهن، وكذا معالجة أمراض وقروح وفداء جناية (وكل ما وجب على أحدهما فأداه الآخر كان
متبرعا إلا أن يأمره القاضي به ويجعله دينا على الآخر) فحينئذ يرجع عليه، وبمجرد أمر القاضي
بلا تصريح بجعله دينا عليه لا يرجع كما في الملتقط. وعن الامام: لا يرجع لو صاحبه حاضرا
مطلقا خلافا للثاني، وهي فرع مسألة الحجر. زيلعي.
(قال الراهن غير هذا، وقال المرتهن بل هذا هو الذي رهنته عندي فالقول للمرتهن) لأنه
القابض، بخلاف ما لو ادعى المرتهن رده على الراهن بعد قبضه فإن القول للراهن لأنه المنكر،
فإن برهنا فللراهن أيضا ويسقط الدين لاثباته الزيادة،
47

ولو قبل قبضه فالقول للمرتهن لانكاره دخوله في ضمانه، وإن برهنا فللراهن لاثباته الضمان،
بزازية.
48

(ويجوز له السفر به) بالرهن (إذا كان الطريق أمنا) كما في الوديعة (وإن كان له حمل ومؤنة)
وكذا الانتقال عن البلد، وكذا العدل الذي الرهن في يده كما في العمادية معزيا للعدة على
خلاف ما في فتاوى القاضيين، ولعل ما في العدة قول الإمام، وما في الفتاوى قولهما كما
يفيده كلام القنية.
(فائدة): في الحديث: إذا عمي الرهن فهو بما فيه قالوا: معناه إذا اشتبهت قيمته بعد هلاكه
بأن قال كل لا أدري كم كانت قيمته ضمن بما فيه من الدين كذا ذكره المصنف أول الباب.
باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز
(لا يصح رهن مشاع) لعدم كونه مميزا كما مر (مطلقا) مقارنا أو طارئا من شريكه أو غيره
49

يقسم أولا، ثم الصحيح أنه فاسد يضمن بالقبض، وجوزه الشافعي.
وفي الأشباه: ما قبل البيع قبل الرهن إلا في أربعة: المشاع والمشغول والمتصل بغيره
والمعلق عتقه بشرط قبل وجوده غير المدبر فيجوز بيعها لا رهنها. وفيها: الحيلة في جواز رهن
المشاع أن يبيعه النصف بالخيار، ثم يرهنه النصف ثم يفسخ البيع. قال المصنف: وفيه نظر،
50

ولعله مفرع على الضعيف في الشيوع الطارئ.
قلت: بل ولا عليه، لأنه بالخيار لا يخلو إما أن يبقى في ملكه أو يعود لملكه. وعلى كل
يكون رهن المشاع ابتداء كما بسطه في تنوير البصائر، فتنبه.
قلت: والحيلة الصحيحة ما في حيل منية المفتي: أراد رهن نصف داره مشاعا ببيع نصفها
من طالب الرهن ويقبض منه الثمن، على أن المشتري بالخيار ويقبض الدار وثم ينقض بحكم
الخيار فتبقى في يده بمنزلة الرهن بالثمن، واعتمده ابن المصنف في زواهر الجوهر، وفيها
الشيوع الثابت ضرورة لا يضر، لما في الولوالجية: ولو جاء بثوبين وقال: خذ أحدهما رهنا والآخر
بضاعة عندك، فإن نصف كل منهما يصير رهنا بالدين، لان أحدهما ليس بأولى من الآخر فيشيع
الرهن فيهما بالضرورة فلا يضر (و) لا رهن (ثمرة على نخل دونه و) لا (زرع أرض أو نخل) أو
بناء (بدنها وكذا عكسها) كرهن الشجر لا الثمر والأرض لا النخل. والأصل أن المرهون متى
51

اتصل بغير المرهون خلقة لا يجوز لامتناع قبض المرهون وحده. درر. وعن الامام جواز رهن
الأرض بلا شجر، ولو رهن الشجر بمواضعها أو الدار بما فيها جاز، ملتقى. لأنه اتصال مجاورة.
وفي القنية: رهن دارا والحيطان مشتركة بينه وبين الجيران صح في العرصة، ولا يضر اتصال
السقف بالحيطان المشتركة لكونه تبعا (و) لا (رهن الحر والمدبر والمكاتب وأم الولد) والوقف.
ثم لما ذكر ما لا يجوز رهنه ذكر ما لا يجوز الرهن به فقال (و) لا (بالأمانات) كوديعة
وأمانة. (و) لا (بالدرك) خوف استحقاق المبيع فالرهن به باطل، بخلاف الكفالة
52

كما مر (و) لا بعين مضمونة بغيرها: أي بغير مثل أو قيمة مثل (المبيع في بد البائع) فإنه
مضمون بالثمن، فإذا هلك ذهب بالثمن (و) لا (بالكفالة بالنفس و) لا (بالقصاص مطلقا) في
نفس وما دونها (بخلاف الجناية خطأ) لامكان استيفاء الأرش من الرهن (ولا بالشفعة وبأجرة
النائحة والمغنية وبالعبد الجاني أو المديون) وإذا لم يصح الرهن في هذه الصور فللراهن أخذه، فلو
هلك عند المرتهن قبل الطلب هلك مجانا، إذ لا حكم للباطل فبقي القبض بإذن المالك. صدر
الشريعة وابن كمال (و) لا (رهن خمر) وارتهانها من مسلم (أو ذمي للمسلم) أي لا يجوز للمسلم
أن يرهن خمرا أو يرتهنها من مسلم أو ذمي (ولا يضمن له) أي للمسلم (مرتهنها) حال كونه
(ذميا، وفي عكسه الضمان) لتقومها عندهم، ولا عندنا.
53

(وصح) الرهن (بغير مضمونة بنفسها) أي بالمثل أو بالقيمة (كالمغصوب وبدل الخلع والمهر
وبدل الصلح عن عمد) اعلم أن الأعيان ثلاثة: عين غير مضمونة أصلا كالأمانات. وعين غير
مضمونة لكنها تشبه المضمونة كمبيع في يد البائع. عين مضمونة بنفسها كالمغصوب ونحوه.
وتمامه في الدرر.
(و) صح (بالدين ولو موعودا بأن رهن ليقرضه كذا) كألف مثلا، فلو دفع له البعض
وامتنع لا جبر. أشباه (فإذا هلك) هذا الرهن (في يد المرتهن كان مضمونا عليه بما وعد) من
الدين فيسلم الألف للراهن جبرا (إذا كان الذين مساويا للقيمة أو أقل، ما إذا كان أكثر فهو
مضمون بالقيمة) هذا إذا سمى قدر الدين، فإن لم يسمه بأن رهنه على أن يعطيه شيئا فهلك في
يده هل يضمن؟ خلاف بين الامامين مذكور في البزازية وغيرها، والأصح أنه غير مضمون،
وقد تقدم أن المقبوض على سوم الرهن إذ لم يبين المقدار غير مضمون في الأصح.
(و) صح (برأس مال السلم وممن الصرف والمسلم فيه
54

فإن هلك) الرهن في (المجلس) ثم الصرف والسلم و (صار) المرتهن (مستوفيا) حكما خلافا
للثلاثة (وإن افترقا قبل نقد وهلاك بطلا) أي السلم والصرف، وأما المسلم فيه فيصح مطلقا، فإن
هلك الرهن ثم العقد وصار عوضا للمسلم فيه (ولو) لم يهلك ولكن (تفاسخا السلم) وبالمسلم
فيه رهن فهو رهن برأس المال استحسانا لأنه بدله فقام مقامه (وإن هلك) الرهن (بعد الفسخ)
المذكور (هلك به) أي بالمسلم فيه فيلزم رب السلم دفع مثل المسلم فيه لبقاء الرهن حكما إلى أن
يهلك.
(وللأب أن يرهن بدين) كائن
55

(عليه عبدا لطفله) لان له إيداعه، فهذا أولى لهلاكه مضمونا والوديعة أمانة (والوصي كذلك)
وقال أبو يوسف: لا يملكان ذلك، ثم إذا هلك ضمنا قدر الدين للصغير لا الفضل لأنه أمانة.
وقال التمرتاشي: يضمن الوصي القيمة لان للأب أن ينتفع بمال الصبي، بخلاف الوصي، لكن
جزم في الذخيرة وغيرها بالتسوية بينهما (وله) أي للأب (رهن ماله عند ولده الصغير بدين له)
أي الصغير (عليه) أي على الأب (ويحبسه لأجله) أي لأجل الصغير (بخلاف الوصي) فإنه لا
يملك ذلك، سراجية (وكذا عكسه) فللأب رهن متاع طفله من نفسه، لأنه لوفور شفقته جعل
كشخصين وعبارتين كشرائه مال طفله، بخلاف الوصي لأنه وكيل محض فلا يتولى طرف العقد
في رهن ولا بيع. وتمامه في الزيلعي. (و) صح (بثمن عبد أو خل أو ذكية إن ظهر العبد حرا
والخل خمرا والذكية ميتة، و) صح (ببدل صلح عن إنكار إن أقر) بعد ذلك (أن لا دين عليه)
والأصل ما مر أن وجوب الدين ظاهرا يكفي لصحة الرهن والكفيل
56

(و) صح (رهن الحجرين والمكيل والموزون فإن رهن) المذكور بخلاف جنسه هلك بقيمته وهو
ظاهر، وإن (بجنسه وهلك هلك بمثله) وزنا أو كيلا لا قيمة خلافا لهما (من الدين، ولا عبرة
بالجودة) عند المقابلة بالجنس. ثم إن تساويا فظاهر، وأن الدين أزيد فالزائد في ذمة الراهن، وإن الرهن
أزيد فالزائد أمانة. درر وصدر شريعة.
(باع عبدا على أن يرهن المشتري بالثمن شيئا بعينه أو يعطي كفيلا كذلك) بعينه (صح،
ولا يجبر) المشتري (على الوفاء) لما مر أنه غير لازم (وللبائع فسخه) لفوات الوصف المرغوب (إلا
أن يدفع المشتري الثمن حالا) أو يدفع (قيمة الرهن) المشروط (رهنا) لحصول المقصود (وإن قال)
57

المشتري (لبائعه) وقد أعطاه شيئا غير مبيعه (أمسك هذا حتى أعطيك الثمن فهو رهن) لتلفظه بما
يفيد الرهن، والعبرة للمعاني خلافا للثاني والثلاثة، و (لو كان) ذلك الشئ الذي قال له المشتري
أمسكه هو (المبيع) الذي اشتراه بعينه لو (بعد قبضه) لأنه حينئذ يصلح أن يكون رهنا بثمنه (ولو
قبله لا) يكون رهنا لأنه محبوس بالثمن كما مر.
بقي لو كان المبيع مما يفسد بمكثه كلحم وجمد فأبطأ المشتري وخاف البائع تلفه جاز بيعه
وشراؤه، ولو باعه بأزيد تصدق به لان فيه شبهة.
(رهن) رجل (عينا عند رجلين بدين لكل منهما صح وكله رهن من كل منهما) ولو غير
شريكين (فإن تهايأ فكل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الآخر) هذا لو مما لا يتجزأ، وإن
58

مما يتجزأ فعلى كل حبس النصف، فلو دفع له كله ضمن عنده خلافا لهما، وأصله مسألة
الوديعة. زيلعي.
(ولو هلك ضمن كل حصته) لتجزئ الاستيفاء (فإن قضى دين أحدهما فكله رهن الآخر)
لما مر أن كل العين رهن في يد كل منهما بلا تفرق (وإن رهنا رجلا رهنا) واحدا (بدين عليهما
صح بكل الدين ويمسكه إلى استيفاء كل الدين) إذ لا شيوع.
(ولو رهن عبدين بألف لا يأخذ أحدهما بقضاء حصته) لحبس الكل بكل الدين كالمبيع في
يد البائع (فإن سمى لكل واحد منهما شيئا من الدين له أن يقبض أحدهما إذا أدى ما سمى له،
بخلاف البيع) لتعدد العقد بتفصيل الثمن
59

في الرهن لا البيع هو الأصح (وبطل بينه كل منهما) أي من رجلين (على رجل أنه) أي أن كل
واحد (رهنه هذا الشئ) كعبد مثلا عنده (وقبضه) لاستحالة كون كله رهنا لهذا كله رهنا لذاك
في آن واحد ولا يمكن تنصيفه للزوم الشيوع فتهاترتا وحينئذ فتهلك أمانة إذ الباطل لا حكم له،
هذا (إن لم يؤرخا، فإن أرخا كان صاحب التاريخ الأقدم أولى وكذا
60

إذا كان) الرهن (في يد أحدهما كان) ذو اليد (أحق) لقرينة سبقه.
(ولو مات راهنه) أي راهن العبد مثلا (و) الحال أن (الرهن معهما) أي في أيديهما (أولا)
أي أو ليس العبد معهما فإن الحكم واحد. زيلعي.
(فبرهن كل كذلك) كما وصفنا (كان في يد كل واحد منهما نصفه) أي العبد (رهنا بحقه)
استحسانا لانقلابه بالموت استيفاء والشائع يقبله.
(أخذ عمامة المديون لتكون رهنا عنده لم تكن رهنا) وإذا هلكت تهلك هلاك المرهون.
قال: وهذا ظاهر إذا رضي المطلوب بتركه رهنا. عمادية. ومفاده أنه إن رضي بتركه كان رهنا
وإلا لا، وعليه يحمل إطلاق السراجية وغيرها كما أفاده المصنف. وفي المجتبى: لرب المال
مسك مال المديون
61

رهنا بلا إذنه، وقيل إذا أيس فله أخذه مكان حقه قضاء عن دينه وأقره المصنف.
(دفع ثوبين فقال: خذ أيهما شئت رهنا بكذا فأخذهما لم يكن واحد منهما رهنا قبل أن
يختار أحدهما) سراجية.
فروع: غصب الرهن كهلاكه إلا إذا غصب في حال انتفاع مرتهن بإذن راهن أمره بدفعه
للدلال فدفع فهلك لم يضمن.
62

حمامي وضع المصحف الرهن في صندوقه ووضع عليه قصعة ماء للشرب فانصب الماء على
المصحف فهلك ضمن ضمان الرهن لا الزيادة، والمودع لا يضمن شيئا. قنية.
الاجل في الرهن يفسده.
سلطة ببيع الرهن ومات للمرتهن بيعه بلا محضر وارثه.
غاب الراهن غيبة منقطعة فرفع المرتهن أمره للقاضي ليبيعه بدينه ينبغي أن يجوز.
ولو مات ولم يعلم له وارث فباع القاضي داره جاز. كذا في متفرقات بيوع النهر.
وفي الذخيرة: ليس للمرتهن بيع ثمرة الرهن وإن خاف تلفها، لان له ولاية الحبس لا
البيع ويمكن رفعه إلى القاضي، حتى لو كان في موضع لا يمكنه الرفع للقاضي، أو كان بحال
يفسد قبل أن يرفع جاز له أن يبيعه، والله تعالى أعلم.
باب الرهن يوضع على يد عدل
(سمى به لعدالته في زعم الراهن والمرتهن)
63

(إذا وضعا الرهن على يد عدل صح ويتم بقبضه ولا يأخذه أحدهما منه، وضمن لو دفع إلى
أحدهما) لتعلق حقهما به، فلو دفعه فتلف ضمن لتعديه وأخذا منه قيمته وجعلها عنده أو عند
غيره، وليس للعدل جعلها رهنا في يده لئلا يصير قاضيا ومقضيا، وهل للعدل الرجوع؟ مبسوط
في المطولات.
(وإذا هلك يهلك من ضمان المرتهن، فإن وكل) الراهن (المرتهن أو) وكل العدل أو غيرهما
ببيعه عند حلول الأجل صح توكيله (لو) الوكيل (أهلا لذلك) أي للبيع (عند التوكيل وإلا) يكن
64

أهلا لذلك عند التوكيل (لا) تصح الوكالة وحينئذ (فلو وكل بيعه صغيرا) لا يعقل (فباعه بعد
بلوغه لم يصح) خلافا لهما (فإن شرطت) الوكالة (في عقد الرهن لم ينعزل بعزله و) لا (بموت
الراهن و) لا (المرتهن) للزومها بلزوم العقد، فهي تخالف الوكالة المفردة من وجوه: أحدها هذا.
(و) الثاني أن الوكيل هنا (يجبر على البيع عند الامتناع) وكذا لو شرطن بعد الرهن في الأصح،
زيلعي، على خلاف ظاهر الرواية وإن صححها قاضيخان وغيره على ما نقله القهستاني وغيره
فتنبه، بخلاف الوكالة المفردة. (و) والثالث أنه (يملك بيع الولد والأرش. و) الرابع (إذا باع
65

بخلاف جنس الدين كان له أن يصرفه إلى جنسه) أي الدين، بخلاف الوكالة المفردة. (و)
الخامس (إذا كان عبدا وقتله عبد خطى فدفع بالجناية كان له بيعه، بخلاف المفردة) متعلق بالجميع
(وله بيعه في غيبة ورثته) أي ورثة الراهن (كما كان له حال حياته البيع بغير حضرته) أي حضرة
الراهن وتبطل الوكالة (بموت الوكيل مطلقا) وعن الثاني أن وصيه يخلفه لكنه خلاف جواب
الأصل.
(ولو أوصى إلى آخر ببيعه لم يصح) إلا إذا كان مشروطا له ذلك في الوكالة (ولا يملك
راهن ولا مرتهن بيعه بغير رضا الآخر، فإن حل الاجل وغاب الراهن أجبر الوكيل على بيعه
66

كما هو) الحكم (في الوكيل بالخصومة) إذا غاب موكله وأباها فإنه يجبر عليها بأن يحبسه أياما
ليبيع، فإن لح بعد ذلك باع القاضي دفعا للضرر (وإن باعه العدل فالثمن رهن) كالثمن (فيهلك
كهلكه، فإن أوفى ثمنه) بعد بيعه (المرتهن فاستحق الرهن) وضمن (فإن) كان المبيع (هالكا في يد
المشتري ضمن المستحق الراهن قيمته) إن شاء لأنه غاصب (و) حينئذ (صح البيع والقبض)
لتملكه بضمانه (أو) ضمن المستحق (العدل) لتعديه بالبيع (ثم هو) أي العدل (ويضمن الراهن
وصحا) أيضا (أو) ضمن (المرتهن ثمنه الذي) أداه إليه (وهو) أي الثمن (له) أي العدل لأنه بدل
ملكه (ويرجع المرتهن على راهنه بدينه) ضرورة بطلان قبضه (وإن) كان الرهن (قائما) في يد
67

مشتريه (أخذه المستحق من مشتريه ورجع هو) أي المشتري على العدل بثمنه) لأنه العاقد (ثم)
يرجع (هو) أي العدل (على الراهن به) أي بثمنه (و) إذا رجع عليه (صح القبض) وسلم الثمن
للمرتهن (أو) رجع العدل (على المرتهن بثمنه ثم) رجع (هو) أي المرتهن (على الراهن به) أي
بدينه، زاد سواء في الدرر والوقاية: وأن شرطت الوكالة بعد الرهن رجع العدل عن الراهن فقط
سواء قبض المرتهن ثمنه أو لا (فإن هلك الرهن عند المرتهن فاستحق) الرهن (وضمن الراهن
68

قيمته هلك) الرهن (بدينه، وإن ضمن المرتهن) القيمة (يرجع على الراهن بقيمته) التي ضمنها
لضرره (وبدينه) لانتقاض قبضه.
فرع: في الولوالجية: ذهبت عين داية المرتهن يسقط ربع الدين، وسيجئ.
باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته
أي الرهن على غيره
(توقف بيع الراهن وهنه على إجارة مرتهنه أو قضاء دينه، فإن وجد أحدهما نفذ
69

وصار ثمنه رهنا) في صورة الإجازة (وإن لم يجز) المرتهن البيع (وفسخ) بيعه (لا ينفسخ) بفسخه
في الأصح (و) إذا بقي موقوفا ف‍ (المشتري) بالخيار (إن شاء صبر إلى فكاك الرهن أو رفع الامر
إلى القاضي ليفسخ البيع) وهذا إذا اشتراه ولم يعلم أنه رهن. ابن كمال.
(ولو باعه الراهن من رجل ثم باعه) الراهن أيضا (من) رجل (آخر قبل أن يجيز المرتهن)
البيع (فالثاني موقوف أيضا على إجازته) إذ الموقوف لا يمنع توقف الثاني (فأيهما أجاز لزم ذلك
وبطل الآخر ولو باعه) الراهن (ثم أجره أو رهنه أو وهبه من غيره فأجاز المرتهن الإجارة أو
الرهن أو الهبة جاز البيع الأول) لحصول النفع بتحول حقه للثمن على ما تقرر وفي محله تحرر
70

(دون غيره من هذه العقود) إذ لا منفعة للمرتهن فيها فكانت إجازته إسقاطا لحقه فزال المانع فينفذ
البيع.
والأشباه: باع الراهن الرهن من زيد ثم باعه من المرتهن انفسخ الأول (وصح إعتاقه
وتدبيره واستيلاده) أي نفذ إعتاق الراهن (رهنه فإن) كان (غنيا و) كان (دينه) أي المرتهن (حالا
أخذ) المرتهن (دينه من الراهن، وإن مؤجلا أخذ قيمته للرهن بدله إلى) زمان (حلوله) فإن حل
استوفى حقه لو من جنسه ورد الفضل (وإن) كان الرهن (معسرا) ففي العتق سعى العبد في
الأقل من قيمته ومن الدين ويرجع على سيده غنيا، وفي التدبير والاستيلاد (سعى كل في كل
الدين) بلا رجوع لان كسب المدبر وأم الولد ملك المولى (فإذا أتلف) الراهن (الرهن فحكمه حكم
ما إذا أعتقه غنيا) كما مر (و) الرهن (إن أتلفه أجنبي) أي غير الراهن
71

(فالمرتهن يضمنه) أي المتلف (قيمته يوم هلك وتكون) القيمة (رهنا عنده) كما مر. وأما ضمانه
على المرتهن فتعتبر قيمته يوم القبض لأنه مضمون بالقبض السابق. زيلعي (وبإعارته أي المرتهن
الرهن (من راهنه يخرج من ضمانه) تسميتها عارية مجاز.
(فلو هلك) الرهن (في يد الراهن هلك مجانا) حتى لو كان أعطاه به كفيلا لم يلزم الكفيل
شئ لخروجه من الرهن، نعم لو كان الراهن أخذه بغير رضا المرتهن
72

جاز ضمان الكفيل، تاترخانية.
(فإن عاد) قبضه (عاد ضمانه وللمرتهن استرداده منه إلى يده، فلو مات الراهن قبل ذلك)
أي قبل الاسترداد (فالمرتهن أحق من سائر الغرماء) لبقاء حكم الرهن.
(ولو أعاره) أو أودعه (أحدهما أجنبيا بإذن الآخر سقط ضمانه ولكل منهما أن يعيده رهنا)
كما كان (بخلاف الإجارة والبيع والهبة) والرهن (من المرتهن أو من أجنبي إذا باشرها أحدهما
73

بإذن الآخر) حيث يخرج عن الرهن ثم لا يعود إلا بعقد مبتدإ لأنها عقود لازمة، بخلاف العارية
وبخلاف بيع المرتهن من الراهن لعدم لزومها بقي لو مات قبل رهنه ثانيا فالمرتهن أسوة
الغرماء.
(ولو أذن الراهن للمرتهن في استعماله أو إعارته للعمل فهلك) الرهن (قبل أن يشرع في
العمل أو بعد الفراغ منه هلك) بالدين لبقاء عقد الرهن.
(ولو هلك في حالة العمل) والاستعمال (هلك أمانة) لثبوت يد العارية حينئذ.
(لو اختلفا في وقته) أي وقت هلاكه فقال المرتهن: هلك في وقت العمل وقال الراهن في
غيره (فالقول للمرتهن) لأنه منكر (والبينة للراهن) لأنهما اتفقا على زوال يد الرهن فلا يصدق
الراهن في عدوه إلا بحجة. بزازية.
وفيها: أذن للمرتهن في لبس ثوب الرهن يوما فجاء به المرتهن متخرقا وقال تخرق في لبس
ذلك اليوم وقال الراهن ما لبسته فيه ولا تخرق فيه فالقول للراهن، وإن أقر الراهن باللبس فيه
ولكن قال تخرق قبل لبسه أو بعده فالقول للمرتهن في قدر ما عاد من الضمان.
74

فروع: رهن الأب من مال طفله شيئا بدين على نفسه جاز، فلو الرهن قيمته أكثر من
الدين فهلك ضمن الأب قدر الدين دون الزيادة، بخلاف الوصي فإنه يضمن قيمته، والفرق أن
للأب أن ينتفع بمال الصغير عند الحاجة ولا كذلك الوصي.
ولو أدرك الابن ومات الابن ليس للابن أخذه قبل قضاء الدين، ويرجع الابن في مال
الأب إن كان رهنه لنفسه لأنه مضطر كمعير الرهن.
ولو رهن شيئا ثم أقر بالرهن لغيره لا يصدق في حق المرتهن ويؤمر بقضاء الدين ورده إلى
المقر له.
ولو رهن دار غيره فأجاز صاحبها جاز، وبينة الراهن على قيمة الرهن أولى.
وزوائد الرهن كولد وثمرة رهن لا غلة دار وأرض وعبد فلا يصير رهنا،
والرهن الفاسد كالصحيح في ضمانه.
(وصح استعارة شئ ليرهنه فيرهن بما شاء) إذا أطلق ولم يقيد بشئ (وإن قيده بقدر أو
جنس أو مرتهن أو بلد تقيد به) وحينئذ (فإن خالف) ما قيده به المعير
75

(ضمن) المعير (المستعير أو المرتهن) لتعدي كل منهما (إلا إذا خالف إلى خير بأن عين له أكثر من
قيمته فرهنه بأقل من ذلك) لم يضمن لمخالفته إلى خير (فإن ضمن) المعير (المستعير ثم عقد الرهن)
لتملكه بالضمان (وإن ضمن المرتهن يرجع بما ضمن وبالدين على الراهن) كما مر في الاستحقاق
(فإن وافق هلك عند المرتهن صار) المرتهن (مستوفيا لدينه ووجب مثله) أي مثل الدين (للمعير
على المستعير وهو الراهن لقضاء دينه به (إن كان كله مضمونا،
76

وإلا) يكن كله مضمونا (ضمن قدر المضمون والباقي أمانة) وكذا لن تعيب فيذهب من الدين
بحسابه ويجب مثله للمعير.
(ولو افتكه) أي الرهن (المعير أجبر المرتهن على القبول ثم يرجع) المعير (على الراهن) لأنه
غير متبرع لتخليص ملكه، بخلاف الأجنبي (بما أدى) بأن ساوى الدين القيمة، وإن الدين أزيد
فالزائد تبرع، وإن أقل فلا جبر. درر ولكن استشكله الزيلعي وغيره، وأقره المصنف فلذا لم
يعرج عليه في متنه مع متابعته للدر، فتدبر.
(ولو هلك الرهن المستعار مع الراهن قبل رهنه أو بعد فكه لم يضمن، وإن استخدمه أو
ركبه) ونحو ذلك (من قبل) لأنه خالف ثم عاد إلى الوفاق فلا يضمن خلافا للشافعي، لكن
في الشرنبلالية عن العمادية، المستأجر أو المستعير
77

إذا خالفا ثم عاد إلى الوفاق لا يبرأ عن الضمان على ما عليه الفتوى ا ه‍.
بقي لو اختلفا فالقول للراهن لأنه ينكر الايفاء بماله، ولو اختلفا في قدر ما أمره بالرهن
به فالقول للمعير. هداية.
اختلفا في الدين والقيمة بعد الهلاك فالقول للمرتهن في قدر الدين وقيمة الرهن، شرح تكملة.
(ولو مات مستعيره مفلسا) مديونا (فالرهن) باق (على حاله فلا يباع إلا برضا المعير) لأنه
ملكه (ولو أراد المعير بيعه وأبى الراهن) البيع (بيع بغير رضاه إن كان به) أي بالرهن (وفاء وإلا
لا) يباع (إلا برضاه) أي المرتهن (ولو مات المعير مفلسا وعليه دين أمر الراهن بقضاء دين نفسه
ويرد الرهن) ليصل كل ذي حق حقه (وإن عجز لفقره فالرهن على حاله) كما لو كان المعير حيا
(ولورثته) أي ورثة المعير (أخذه) أي الرهن (بعد قضاء دينه)
78

كمورث (فإن طلب غرماء المعير من ورثته بيعه، فإن به وفاء بيع وإلا فلا) يباع (إلا برضا
المرتهن) كما مر لما مر.
(و) اعلم أن (جناية الراهن على الرهن) كلا أو بعضا (مضمونا كجناية المرتهن عليه ويسقط
من دينه) أي دين المرتهن (بقدرها) أي الجناية لأنه أتلف ملك غيره فلزمه ضمانه، وإذا لزمه وقد
حل الدين سقط بقدرة ولزمه الباقي بالاتلاف لا بالرهن، وهذا لو الدين من جنس الضمان وإلا
لم يسقط منه شئ. والجناية على المرتهن وللمرتهن أن يستوفي دينه، لكن لو أعور عينه يسقط
نصف دينه عنه، قهستاني وبرجندي.
(وجناية الرهن عليهما) أي على الراهن أو المرتهن (وعلى ما لهما هدر) أي باطل (إذا
79

كانت) الجناية (غير موجبة للقصاص) في النفس دون الأطراف، إذ لا قود بين طرف عبد وحر
(وإن كانت موجبة للقصاص فمعتبرة) فيقتص منه ويبطل الدين. خانية. وعبارة القهستاني وشرح
المجمع: يبطل الرهن (كجنايته) أي الرهن (على ابن الراهن أو على ابن المرتهن) فإنها معتبرة في
الصحيح حتى يدفع بها أو يفدي وإن كانت على المال فيباع كما لو جنى على الأجنبي إذ هو
80

أجنبي لتباين الاملاك. زيلعي.
(ولو رهن عبدا يساوي ألفا بألف مؤجل فرجعت قيمته إلى مائة فقتله رجل وغرم مائة
الاجل فالمرتهن يقبضها) أي المائة قضاء لحقه (ولا يرجع على الراهن بشئ) كموته بلا قتل،
والأصل أن نقصان السعر لا يوجب سقوط الدين، بخلاف نقصان العين، فإذا كان الدين باقيا
ويد المرتهن يد استيفاء فيصير مستوفيا للكل في الابتداء.
(ولو باعه) أي العبد المذكور (بمائة بأمر الراهن قبض المائة قضاء لحقه ورجع بتسعمائة)
لأنه لما كان الدين باقيا وقد أذن ببيعه بمائة كان الباقي في ذمته كأنه استرده وباعه لنفسه.
(ولو قتله عبد قيمته مائة فدفع به افتكه) الراهن وجوبا (بكل الدين وهو الألف) لقيام
الثاني مقام الأول لحما ودما. وقال محمد: إن شاء افتكه بكل دينه أو تركه على المرتهن بدينه وهو
المختار كما في الشرنبلالية عن المواهب، لكن عامة المتون والشروح على الأول (فإن جنى) ترك
التفريع أولى (الرهن خطأ فداه المرتهن) لأنه ملكه (ولم يرجع) على الراهن بشئ (ولا) يملك أن
81

(يدفعه إلى ولي الجناية) لأنه لا يملك التمليك (فإن أبى) المرتهن من الفداء (دفعه الراهن) إن شاء
(أو فداه ويسقط الدين) بكل منهما (لو أقل من قيمة الرهن أو مساويا ولو أكثر يسقط قدر قيمة
العبد) فقط، و (لا) يسقط (الباقي) من الدين، ولو استهلك ما لا يستغرق رقبته فداه المرتهن،
فإن أبى باعه الراهن أو فداه.
ولو قتل ولد الرهن إنسانا أو استهلك مالا دفعه الراهن وخرج عن الرهن أو فداه وبقي
رهنا مع أمه. وأما الجناية الدابة فهدر ويصير كأنه هلك بآفة سماوية، وتمامه في الخانية.
(مات الراهن باع وصيه رهنه بإذن مرتهنه وقضى دينه) لقيامه مقامه (فإن لم يكن له وصي
نصب القاضي له وصيا وأمره ببيعه) لان نظره عام، وهذا لو ورثته صغارا، فلو كبارا خلفوا
الميت في المال فكان عليهم تخليصه. جوهرة.
فروع: رهن الوصي بعض التركة لدين على الميت عند غريم من غرمائه توقف على رضا
البقية ولهم رده، فإن قضى دينهم قبل الرد نفذ، لو اتحد الغريم جاز وبيع في دينه. وإذا ارتهن
بدين للميت على آخر جاز. درر.
وفي معين المفتي للمصنف: لا يبطل الرهن بموت الراهن ولا بموت المرتهن ولا بموتهما
ويبقى الرهن رهنا عند الورثة.
82

فصل في مسائل متفرقة
(رهن عصيرا قيمته عشر بعشرة فتخمر ثم تخلل وهو يساوي العشرة فهو رهن بعشرة) كما
كان، ثم المعتبر فيه الزيادة والنقصان القدر لا القيمة على ما أفاده ابن الكمال، وعليه الفتوى،
فإن انتقص شئ من قدره سقط بقدره، وإلا فلا.
(ولو رهن شاة قيمتها عشرة بعشرة) هذا قيد لا بد منه، لأنه لو كان قيمتها أكثر من الدين
يكون الجلد أيضا بعضه أمانة بحسابه، فتنبه (فماتت) بلا ذبح (فدبغ جلدها بما لا قيمة له) فلو
له قيمة ثبت للمرتهن حق حبسه بما زاد دباغه، وهل يبطل الرهن؟ قولان: (وهو) أي الجلد
83

(يساوي درهما فهو رهن به، بخلاف ما إذا ماتت الشاة المبيعة قبل القبض فدبغ جلدها) حيث لا
يعود البيع بقدره على المشهور والفرق أن الرهن يتقرر بالهلاك والبيع قبل القبض يفسخ به.
(ولو أبق عبد الرعن وجعل) العبد (بالدين ثم عاد يعود الدين والرهن) خلافا لزفر (ونماء
الرهن) كالولد والثمر واللبن والصوف والوبر والأرش ونحو ذلك (للراهن) لتولده من ملكه
(وهو رهن مع الأصل) تبعا له (بخلاف ما هو بدل عن المنفعة كالكسب والأجرة) وكذا الهبة
والصدقة (فإنها غير داخلة في الرهن وتكون للراهن) الأصل أن كل ما يتولد من عين الرهن
يسري إليه حكم الرهن، وما لا فلا مجمع الفتاوى.
(وإذا هلك النماء) المذكور (هلك مجانا) لأنه لم يدخل تحت العقد مقصود (وإذا بقي)
النماء: أي ولو حكما بأن أكمل بالاذن فإنه لا يسقط حصة ما أكل منه فيرجع به على الراهن،
كما إذا هلك الأصل بعد الاكل فإنه يقسم الدين على قيمتهما. قهستاني.
84

ذكره بقوله (بعد هلاك الأصل فك بحصته) من الدين لأنه صار مقصودا بالفكاك والتبع يقابله
شئ إذا كان مقصودا (و) حينئذ (يقسم الدين على قيمته يوم الفكاك وقيمة الأصل يوم القبض،
ويسقط من الدين حصة الأصل وفك النماء بحصته) كما لو كان الدين عشرة وقيمة الأصل يوم
القبض عشرة وقيمة النماء يوم الفك خمسة، فثلثا العشرة حصة الأصل فيسقط وثلث العشرة
حصة النماء فيفك به (ولو أذن الراهن للمرتهن في أكل الزوائد) أي أكل زوائد الرهن بأن قال له
مهما زاد فكله (فأكلها) ظاهره يعم أكل ثمنها، وبه أفتى المصنف، قال: إلا أن يوجد نقل
يخصص حقيقة الاكل فيتبع (فلا ضمان عليه) أي على المرتهن، لأنه أتلفه بإذن المالك، والاطلاق
يجوز تعليقه بالشرط والحظر، بخلاف التمليك (ولا يسقط شئ من الدين) قال في الجواهر:
رجل رهن دارا وأباح السكنى للمرتهن فوقع بسكناه خلل وخرب البعض لا يسقط شئ من
الدين، لأنه لما أباح له السكنى أخذ حكم العارية، حتى لو أراد منعه كان له ذلك، وفي
المضمرات: ولو رهن شاة فقال له الراهن كل ولدها واشرب لبنها فلا ضمان عليه، وكذا لو أذن
له في ثمرة البستان فصار أكله كأكل الراهن، ثم نقل عن التهذيب أنه يكره للمرتهن أن ينتفع
بالرهن وإن أذن له الراهن.
قال المصنف: وعليه يحمل
85

ما عن محمد بن أسلم من أنه لا يحل للمرتهن ذلك ولو بالاذن لأنه ربا. قلت: وتعليله يفيد أنها
تحريمية، فتأمله (وإن لم يفتك) الراهن (الرهن) بل بقي عند المرتهن على خاله (حتى لو هلك)
الرهن كما في يد المرتهن (قسم الدين على قيمة النماء) أي الزيادة (التي أكلها المرتهن وعلى قيمة
الأصل، فما أصاب الأصل سقط وما أصاب الزيادة أخذه المرتهن من الراهن) كما في الهداية
والكافي والخانية وغيرها.
وفي الجواهر: الأصل أن الاتلاف بإذن الراهن كإتلاف الراهن بنفسه لتسليطه، وفيها أباح
للمرتهن نفعه هل للمرتهن أن يؤجره؟ قال: لا، قيل: فلو أجره ومضت المدة فالأجرة له أم
للراهن؟ قال له: إن أجره بلا إذن، وإن بإذن فللمالك وبطل الرهن.
وفيها: رهن كرما وتسلمه المرتهن ثم دفعه للراهن ليسقيه ويقوم بمصالحه لا يبطل الرهن.
رهن كرما وأباح ثمره ثم باع الكرم فقبض المرتهن الثمن، إن ثمره حصل بعد البيع
فللمشتري، وإن قبله فللراهن إن قضى دين المرتهن، وإلا يكون رهنا ويجعل البيع رجوعا عن
الإباحة فإنها تقبل الرجوع كما مر.
وفيها: زرع المرتهن أرض الرهن، إن أبيح له الانتفاع لا يجب شئ، وإن لم يبح لزمه
نقصان الأرض وضمان الماء لو من قناة مملوكة فليحفظ.
زرعها الراهن أو غرسها بإذن المرتهن ينبغي أن تبقى رهنا ولا يبطل الرهن، فتنبه.
استحق الرهن ليس للمرتهن غيره مقامه.
استحق بعضه إن شائعا يبطل الرهن فيما بقي، وإن مفروزا
86

بقي فيما بقي ويحبس بكل الدين لكن هلكه بحصته.
آجر داره لغيره ثم رهنها منه صح وبطلت الإجارة، ولو ارتهن ثم آجره من راهنه فالإجارة
باطلة.
أبق الرهن سقط الدين كهلاكه، فإن عاد سقط بحساب نقصه لان الإباق عيب حدث فيه.
ثم لما فرغ من الزيادة الضمنية ذكر الزيادة القصدية (والزيادة في الرهن تصح) وتعتبر
قيمتها يوم القبض أيضا (وفي الدين لا) تصح خلافا للثاني، والأصل أن الالحاق بأصل العقد
إنما يتصور إذا كانت الزيادة في معقود به أو عليه، والزيادة في الدين ليست منهما (فإن رهن)
87

نسخ المتن والشرح بالفاء مع أنه نبه في شرحه على أنه إنما عطفها بالواو لا بالفاء ليفيد أنها مسألة
مستقلة لا فرع للأولى، فتنبه (عبدا بألف فدفع عبدا آخر رهنا مكان الأول وقيمة كل) من العبدين
(ألف فالأول رهن حتى يرده إلى الراهن والمرتهن في الآخر أمين حتى يجعل مكان الأول) بأن يرد
الأول إلى الراهن فحينئذ يصير الثاني مضمونا.
(أبرأ المرتهن الراهن عن الدين أو وهبه منه ثم هلك الرهن في بد المرتهن هلك بغير شئ)
استحسانا لسقوط الدين إلا إذا منعه من صاحبه فيصير غاصبا بالمنع.
(ولو قبض المرتهن دينه) كله (أو بعضه من راهنه أو غيره) كمتطوع (أو شرى) المتهم
(بالدين عينا أو صالح عنه) أي عن دينه (على شئ) لأنه استيفاء (أو أحال الراهن مرتهنه بدينه
على آخر ثم هلك رهنه معه) أي في يد المرتهن. (هلك بالدين ورد ما قبض إلى من أدى) في
صورة إيفاء راهن أو متطوع أو شراء أو صلح.
88

(وبطلت الحوالة وهلك الرهن بالدين) لأنه في معنى الابراء بطريق الأداء. هداية. ومفاده
عدم بطلان الصلح وأن الدين ليس بأكثر من قيمة الرهن، وإلا فينبغي أن لا تبطل الحوالة في
قدر الزيادة. قهستاني (وكذا) أي كما يهلك الرهن بالدين في الصور المذكورة يهلك به أيضا (لو
تصادقا على أن لا دين) عليه (ثم هلك) الرهن بالدين لتوهم وجوب الدين بتصادقهما على قيامه
فتكون المطالبة به باقية، بخلاف الابراء فإنه يسقط الدين أصلا.
(كل حكم) عرف (في الرهن الصحيح فهو الحكم في الرهن الفاسد) كما في العمادية.
قال: وذكر الكرخي أن المقبوض بحكم الرهن الفاسد يتعلق به الضمان. وفيها أيضا (وفي كل
89

موضع كان الرهن مالا والمقابل مضمونا إلا أنه فقد بعض شرائط الجواز) كرهن المشاع ينعقد
الرهن لوجود شرط الانعقاد لكن بصفة الفساد كالفاسد من البيوع (وفي كل موضع لم يكن)
الرهن (كذلك) أي لم يكن مالا ولم يكن المقابل به مضمونا (لا ينعقد الرهن أصلا) وحينئذ (فإذا
هلك هلك بغير شئ) بخلاف الفاسد فإنه يهلك بالأقل من قيمته ومن الدين.
ومن مات وله غرماء فالمرتهن أحق به كما في الرهن الصحيح.
فروع: رهن الرهن باطل كما حررناه في العارية معزيا للوهبانية: وفي معاياتها قال:
وأي رهين يرام انفكاكه ومجنيه لو مات بالموت يشطر
هذا تفسير كل نفس بما كسبت رهين والمعنى: كل نفس ترتهن بكسبها عند الله تعالى ا ه‍.
90

كتاب الجنايات مناسبته أن الرهن لصيانة المال وحكم الجناية لصيانة الأنفس والمال وسيلة للنفس فقدم.
ثم الجناية لغة: اسم لما يكتسب من الشر. وشرعا: اسم لفعل محرم حل بمال أو نفس،
وخص الفقهاء الغصب والسرقة بما حل بمال، والجناية بما حل بنفس وأطراف.
(القتل) الذي يتعلق به الأحكام الآتية من قود ودية وكفارة وإثم حرمان إرث (خمسة)
وإلا فأنواعه كثيرة كرجم وصلب وقتل حربي، والأول (عمد وهو أن يتعمد ضربه) أي ضرب
الآدمي في أي موضع من جسده (ب) آلة تفرق الاجزاء مثل (سلاح) ومثقل لو من حديد،
جوهرة
91

(ومحدد من خشب) وزجاج (وحجر) وإبرة في مقتل برهان (وليطة) وقوله (ونار) عطف على
محدد. لأنها تشق الجلد وتعمل عمل الذكاة، حتى لو وضعت في المذبح فأحرقت العروق أكل:
يعني إن سال بها الدم، وإلا لا كما في الكفاية.
قلت في شرح الوهبانية: كل ما به الذكاة به القوة، وإلا فلا ا ه‍. وفي البرهان: وفي
حديد غير محدد كالسنجة روايتان، أظهرهما أنها عمد. وفي المجتبى: وإحماء التنور يكفي للقود
وإن لم يكن فيه نار. وفي معين المفتي للمصنف: الإبرة إذا أصابت المقتل ففيه القود، وإلا فلا
ا ه‍. فيحفظ. وقالا: والثلاثة، ضربه قصدا بما لا تطيقه البنية كخشب عظيم عمد (وموجبه الاثم)
فإن حرمته
92

أشد من حرمة إجراء كلمة الكفر لجوازه لمكره، بخلاف القتل.
(و) موجبه (القود عينا) فلا يصير مالا إلا بالتراضي فيصح صلحا ولو بمثل الدية أو
أكثر. ابن كمال عن الحقائق (لا الكفارة) لأنه كبيرة محضة، في الكفارة معنى العبادة فلا يناط
بها.
قلت: لكن في الخانية: لو قتل مملوكه أو ولده المملوك لغيره عمدا كان عليه الكفارة (و)
الثاني (شبهه وهو أن يقصد بغير ما ذكر) أي بما لا يفرق الاجزاء ولو بحجر وخشب
93

كبيرين عنده خلافا لغيره (وموجبه الاثم والكفارة ودية مغلظة على العاقلة) سيجئ تفسير ذلك
(لا القود) لشبهة بالخطأ نظرا لآلته إلا أن يتكرر منه فللامام قتله سياسة. اختيار (وهو) أي شبه
العمد (فيما دون النفس من الأطراف (عمد) موجب للقصاص، فليس فيما دون النفس شبه
عمد (و) الثالث (خطأ وهو) نوعان: لأنه إما خطأ في ظن الفاعل ك‍ (أن يرمي شخصا ظنه صيدا
94

أو حربيا) أو مرتدا (فإذا هو مسلم أو) خطأ في نفس الفعل كأن يرمي (غرضا) أو صيدا
(فأصاب آدميا) أو رمى غرضا فأصابه ثم رجع عنه أو تجاوز عنه إلى ما وراءه فأصاب رجلا أو
قصد رجلا فأصاب غيره أو أراد يد رجل فأصاب عنق غيره، ولو عنقه فعمد قطعا أو أراد رجلا
فأصاب حائطا ثم رجع السهم فأصاب الرجل فهو خطأ، لأنه أخطأ في إصابة الحائط ورجوعه
سبب آخر، والحكم يضاف لآخر أسبابه، ابن كمال عن المحيط. قال: وكذا لو سقط من يده
خشبة أو لبنة فقتل رجلا يتحقق الخطأ في الفعل ولا قصد فيه، فكلام صدر الشريعة فيه ما فيه.
وفي الوهبانية:
وقاصد شخص إن أصاب خلافه فذا خطأ والقتل فيه معذر
وقاصد شخص حالة النوم إن يمن فيقتص إن أبقى دما منه ينهر
(و) الرابع (ما جرى مجراه) مجرى الخطأ (كنائم انقلب على رجل فقتله) لأنه معذور
كالمخطئ (وموجبه) أي موجب هذا النوع من الفعل وهو الخطأ وما جرى مجراه (الكفارة والدية
على العاقلة) والاثم دون إثم القتل، إذا الكفارة تؤذن بالاثم لترك العزيمة (و) الخامس (قتل
بسبب كحافر البئر
95

وواضع حجر في غير ملكه) بغير إذن من السلطان. ابن كمال. وكذا وضع خشبة على قارعة
الطريق ونحو ذلك إلا إذا مشى على البئر ونحوه بعد علمه بالحفر ونحوه. درر (وموجبه
الدية على العاقلة لا الكفارة) ولا إثم القتل بل إثم الحفر والوضع في غير ملكه. درر (وكل ذلك
يوجب حرمان الإرث) لو الجاني مكلفا. ابن كمال (إلا هذا) أي القتل بسبب لعدم قتله، وألحقه
الشافعي بالخطأ في أحكامه.
فصل فيما يوجب القود وما لا يوجبه
(يجب القود) أي القصاص (بقتل كل محقون الدم) بالنظر لقاتله. درر وسيتضح عند قوله
وقتل القاتل أجنبي (على التأبيد عمدا) وهو المسلم والذمي لا المستأمن والحربي (بشرط كون
96

القاتل مكلفا) لما تقرر أنه لصبي ومجنون عمد،
في البزازية: حكم عليه بقول فجن قبل دفعه للولي انقلب دية.
ومن يجن ويفيق قتل في إفاقته قتل، فإن جن بعده: إن مطبقا سقط، وإن غير مطبق قتل.
قتل عبد مولاه عمدا لا رواية فيه. وقال أبو جعفر: يقتل قتل عبد الوقف عمدا لا قود
فيه.
قتل ختنه عمدا وبنته في نكاحه سقط القود ا ه‍ (و) بشرط (انتفاء الشبهة) كولاد أو ملك
أو أعم كقوله اقتلني فقتله (بينهما) كما سيجئ (فيقتل الحر بالحر وبالعبد) غير الوقف كما مر
خلافا للشافعي.
ولنا إطلاق قوله تعالى:
97

* (أن النفس بالنفس) * (المائدة: 54) فإنه ناسخ لقوله تعالى: * (الحر بالحر) * (البقرة: 871) الآية كما رواه السيوطي في الدر
المنثور عن النحاس عن ابن عباس: على أنه تخصيص بالذكر فلا ينفي ما عداه. كيف ولو دل
لوجب أن لا يقتل الذكر بالاثني ولا قائل به. وقيل ولا الحر بالعبد ورد بدخوله بالأولى:
ولأبي الفتح البستي نظما قوله:
خذو بدمي هذا الغزال فإنه * رماني بسهمي مقلتيه على عمد
ولا تقتلوه إنني أنا عبده * ولم أر حرا قط يقتل بالعبد
فأجابه بعد الحنفية رادا عليه بقوله:
خذوا بدمي من رام قتلي بلحظه * ولم يخش بطش الله في قاتل العمد
وقودوا به جبرا وإن كنت عبده * ليعلم أن الحر يقتل بالعبد
(والمسلم بالذمي)
98

خلافا له (لا هما بمستأمن بل هو بمثله قياسا) للمساواة لا استحسانا لقيام المبيح هداية ومجتبى
ودرر وغيرها.
قال المصنف: وينبغي أن يعول على الاستحسان لتصريحهم بالعمل به إلا في مسائل
مضبوطة ليست هذه منها، وقد اقتصر منلا خسرو في متنه على القياس ا ه‍: يعني فتبعه المصنف
رحمه الله تعالى على عادته.
قلت: ويعضده عامة المتون حتى الملتقى (و) يقتل (العاقل بالمجنون والبالغ بالصبي
والصحيح بالأعمى والزمن وناقص الأطراف والرجل بامرأة) بلا جماع.
(والفرع بأصله وإن علا لا بعكسه) خلافا لمالك فيما إذا ذبح ابنه ذبحا: أي لا ينقص
الأصول وإن علوا مطلقا، ولو إناثا من قبل الام في نفس أو أطراف بفروعهم وإن سفلوا لقوله
عليه الصلاة والسلام: لا يقاد الوالد بولده وهو وصف معلل بالجزئية فيتعدى لمن علا لأنهم
أسباب في إحيائه فلا يكون سببا لافنائهم، وحينئذ فتجب الدية في مال الأب في ثلاث سنين،
لان هذا عمد والعاقلة لا تعقل العمد.
99

وقال الشافعي: تجب حالة كبدل الصلح. زيلعي وجوهرة. وسيجئ في المعاقل.
وفي الملتقى: ولا قصاص على شريك الأب أو المولى أو المخطئ أو الصبي أو المجنون،
وكل من لا يجب القصاص بقتله مما لما تقرر من عدم تجزئ القصاص فلا يقتل العامد عندنا
خلافا للشافعي. برهان (ولا سيد بعبده) أي بعبد نفسه (ومدبره ومكاتبه وعبد ولده) هذا داخل
تحت قولهم: ومن ملك قصاصا على أبيه سقط كما سيجئ (ولا بعيد يملك بعضه) لان
القصاص لا يتجزأ (ولا بعبد الرهن حتى يجتمع العاقدان) وقال محمد: لا قود وإن اجتمعا.
جوهرة. وعليه يحمل ما في الدرر معزيا للكافي كما في المنح، لكن في الشرنبلالية عن الظهيرية
أنه أقرب إلى الفقه.
بقي لو اختلفا فلهما القيمة تكون رهنا مكانه، ولو قتل عبد الإجارة فالقود للمؤجر، وأما
المبيع إذا قتل في يد بائعه قبل القبض: فإن أجاز المشتري البيع فالقود له، وإن رده فللبائع القود،
وقيل: القيمة. جوهرة (ولا بمكاتب)
100

وكذا ابنه وعبده. شرنبلالية (قتل عمدا) لا حاجة لقيد العمد لأنه شرط في كل قود (عن وفاء
ووارث وسيد إذا اجتمعا) لاختلاف الصحابة في موته حرا أو رقيقا فاشتبه الولي فارتفع القود
(فإن لم يدع وارثا غير سيده سواء ترك وفاء أو لا ترك وارثا ولا وفاء أقاد سيده) لتعينه، وفي
أولى الصور الأربع خلاف محمد.
(ويسقط قود) قد (ورثه على أبيه) أي أصله، لان الفرع لا يستوجب العقوبة على أصله.
وصورة المسألة فيما إذا قتل الأب أب امرأته مثلا ولا وارث له غيرها ثم ماتت المرأة: فإن
ابنها منه يرث القود الواجب على أبيه فسقط لما ذكرنا وأما تصوير صدر الشريعة
101

فثبوته فيه للابن ابتداء لا إرثا عند أبي حنيفة وإن اتحد الحكم كما لا يخفى.
وفي الجوهرة: لو عفا المجروح أو وارثه قبل موته صح استحسانا لانعقاد السبب لهما.
(لا قود بقتل مسلم مسلما ظنه مشركا بين الصفين) لما مر أنه من الخطأ، وإنما أعاده ليبين
موجبه بقوله (بل) القاتل (عليه كفارة ودية) قالوا: هذا إذا اختلطوا، فإن كان في صف المشركين
لا يجب شئ لسقوط عصمته. قال عليه الصلاة والسلام: من كثر سواد قوم فهو منهم.
قلت: فإذا كان مكثر سوادهم منهم وإن لم يتزي بزيهم فكيف بمن تزيا. قاله الزاهدي.
قال المصنف: حتى لو تشكل جني بما يباح قتله كحية فينبغي الاقدام على قتله، ثم إذا تبين أنه
جني فلا شئ على القاتل، والله أعلم (ولا يقاد إلا بالسيف) وإن قتله بغيره خلافا للشافعي.
102

وفي الدرر عن الكافي: المراد بالسيف: السلاح.
قلت: وبه صرح في حج المضمرات حيث قال: والتخصيص باسم العدد لا يمنع إلحاق
غيره به، ألا ترى أنا ألحقنا الرمح والخنجر بالسيف في قوله عليه الصلاة والسلام: لا قود إلا
بالسيف فما في السراجية من له قود قاد بالسيف، فلو ألقاه في بئر أو قتله بحجر أو بنوع آخر
عزر وكان مستوفيا يحمل على أن مراده بالسيف السلاح، والله أعلم.
(ولأبي المعتوه القود) تشفيا للصدر (و) إذا ملكه ملك (الصلح) بالأولى (لا بالعفو) مجانا
(بقطع يده) أي في يد المعتوه (وقتل قريبه) لأنه إبطال حقه لا يملكه (وتقيد صلحه بقدر الدية
أو أكثر منه، وإن وقع بأقل منه لم يصح) الصلح (وتجب الدية كاملة)
103

لأنه أنظر للمعتوه (والقاضي كالأب) في جميع ما ذكرنا في الأصح كمن قتل ولا ولي له للحاكم
قتله والصلح لا العفو لأنه ضرر للعامة (والوصي) كالأخ (يصالح) عن القتل (فقط) بقدر الدية،
وله القود في الأطراف استحسانا لأنه يسلك بها مسلك الأموال (والصبي كالمعتوه) فيما ذكر
(وللكبار القود قبل كبر الصغار)
104

خلافا لهما، والأصل أن كل ما لا يتجزأ إذا وجد سببه كاملا ثبت لكل على الكمال كولاية
إنكاح وأمان (إلا إذا كان الكبير أجنبيا (ولو عن الصغير فلا) يملك القود (حتى يبلغ الصغير) إجماعا.
زيلعي. فليحفظ.
قتل القاتل أجنبي وجب القصاص عليه في) القتل (العمد) لأنه محقون الدم بالنظر
لقاتله كما مر (والدية على عاقلته) أي للقاتل (في الخطأ، ولو قال ولي القتيل بعد القتل)
105

أي بعد قتل الأجنبي (كنت أمرته بقتله ولا بينة له) على مقالته (لا يصدق) ويقتل الأجنبي. درر.
بخلاف من حفر بئرا في دار رجل فمات فيها شخص فقال رب الدار أمرته بالحفر صدق.
مجتبى: يعني لأنه يملك استئنافه للحال فيصدق، بخلاف الأول لفوات المحل بالقتل كما هو
القاعدة، وظاهره أن حق الولي يسقط رأسا كما لو مات القاتل حتف أنفه.
(ولو استوفاه بعض الأولياء لم يضمن شيئا) وفي المجتبى والدرر: دم بين اثنين فعفا
أحدهما وقتله الآخر: إن علم أن عفو بعضهم يسقط حقه يقاد، وإلا فلا والدية في ماله،
بخلاف ممسك رجل ليقتل عمدا فقتل ولي القتيل الممسك فعليه القود لأنه مما لا يشكل على
الناس.
(جرح إنسانا ومات) المجروح (فأقام أولياء المقتول بينة أنه مات بسبب الجرح وأقام
الضارب بينة أنه برئ) من الجرح (ومات بعد مدة
106

فبينة ولي المقتول أولى) كذا في معين الحكام معزيا الحاوي.
(أقام أولياء المقتول البينة على أنه جرحه زيد وقتله وأقام زيد البينة على أن المقتول قال: إن
زيدا لم يجرحني ولم يقتلني فبينة زيد أولى) كذا في المشتمل معزيا لمجمع الفتاوى.
(قال المجروح لم يجرحني فلان ثم مات) المجروح (ليس لورثته الدعوى على الجارح بهذا
السبب) مطلقا، وقيل: إن الجرح معروفا عند القاضي أو الناس قبلت. قنية.
وفي الدرر عن المسعودية: لو عفا المجروح أو الأولياء بعد الجرح قبل الموت جاز العفو
استحسانا، وفي الوهبانية: جريح قال قتلني فلان ومات فبرهن وارثه على آخر أنه قتله لم تسمع
لان حق المورث وقد أكذبهم، ولو قال: جرحني فلان ومات فبرهن ابنه على ابن آخر أنه جرحه
خطأ قبلت لقيامها على حرمانه الإرث.
(سقاه سما حتى مات: إن دفعه إليه حتى أكله ولم يعلم به فمات لا قصاص ولا دية لكنه
107

يحبس ويعزر، ولو أوجره) السم (إيجارا تجب الدية) على عاقلته (وإن دفعه له في شربة
فشربه ومات) منه (فكالأول) لأنه شرب منه باختياره، إلا أن الدفع خدعة فلا يلزم إلا التعزيز
والاستغفار. خانية (وإن قتله بمر) بفتح الميم: ما يعمل في الطين (يقتص إن أصابه حد الحديد)
أو ظهره وجرحه إجماعا كما نقله المصنف عن المجتبى (وإلا) يصبه حده بل قتله بظهره ولم يجرحه
(لا) يقتص في رواية الطحاوي، ظاهر الرواية أنه يقتص بلا جرح في حديد ونحاس وذهب
ونحوها، وعزاه في الدرر لقاضيخان، لكن نقل المصنف عن الخلاصة أن الأصح اعتبار الجرح
عند الامام لوجوب القود، وعليه جرى ابن الكمال.
وفي المجتبى: ضرب بسيف في غمده فخرق السيف الغمد وقتله فلا قود عند أبي حنيفة
108

(كالخنق والتغريق) خلافا لهما والشافعي.
ولو أدخله بيتا فمات فيه جوعا لم يضمن شيئا، وقالا: تجب الدية ولو دفنه حيا فمات،
عن محمد: يقاد به. مجتبى. بخلاف قتله بموالاة ضرب السوط كما سيجئ.
وفيه: لو اعتاد الخنق قتل سياسة ولا تقبل توبته لو بعد مسكه كالساحر.
وفيه (قمط رجلا وطرحه قدام أسد أو سبع فقتله فلا قود فيه ولا دية ويعزر ويضرب
109

ويحبس إلى أن يموت) زاد في البزازية: وعن الامام عليه الدية، ولو قمط صبيا وألقاه في
الشمس أو البرد حتى مات فعلى عاقلته الدية.
وفي الخانية: قمط رجلا في البحر فرسب وغرق كما ألقاه فعلى عاقلته الدية عند أبي
حنيفة، ولو سبح ساعة ثم غرق فلا دية، لأنه غرق بعجزه، وفي الأولى غرق بطرحه في الماء.
(قطع عنقه وبقي من الحلقوم قليل وفيه الروح فقتله آخر فلا قود فيه) عليه لأنه في حكم
الميت.
(ولو قتله وهو في) حالة (النزع قتل به) إلا إذا كان يعلم أنه لا يعيش منه. كذا في
الخانية.
وفي البزازية: شق بطنه بحديدة وقطع آخر عنقه، وإن توهم بقاءه حيا بعد الشق قتل
قاطع العنق، وإلا قتل الشاق وعزر القاطع.
110

(ومن جرح رجلا عمدا فصار ذا فراش ومات يقتص) إلا إذا وجد ما يقطعه كحز الرقبة
والبرء منه، وقدمنا أنه لو عفا المجروح أو الأولياء قبل موته صح استحسانا (وإن مات)
شخص (بفعل نفسه وزيد وأسد وحية ضمن زيد ثلث الدية في ماله إن) كان القتل (عمدا وإلا فعلى
عاقلته) لان فعل الأسد والحية جنس واحد لأنه هدر في الدارين، وفعل زيد معتبر في الدارين،
وفعل نفسه هدر في الدنيا لا عقبى حتى يأثم بالاجماع، فصارت ثلاثة أجناس، ومفاده أن يعتبر
في المقتول التكليف ليصير فعله جنسا آخر غير جنس فعل الأسد والحية، وأن لا يزيد على الثلث
لو تعدد قاتله لان فعل كل جنس واحد. ابن كمال.
(ويجب قتل من شهر سيفا على المسلمين) يعني في الحال. كما نص عليه ابن الكمال حيث
غير عبارة الوقاية فقال: ويجب من شهر سيفا على المسلمين لو بقتله إن لم يكن دفع ضرره
111

إلا به. صرح به في الكفاية: أي لأنه من باب دفع الصائل، صرح به الشمني وغيره، ويأتي ما
يؤيده (ولا شئ بقتله) بخلاف الحمل الصائل.
(ولا) يقتل (من شهر سلاحا على رجل ليلا أو نهارا في مصر أو غيره أو شهر عليه عصا
ليلا في مصر أو نهارا في غيره فقتله المشهور عليه) وإن شهر المجنون على غيره سلاحا فقتله
المشهور عليه (عمدا تجب الدية) في ماله (ومثله الصبي والدابة) الصائلة. وقال الشافعي: لا
ضمان في الكل لأنه لدفع الشر.
(ولو ضربه الشاهر فانصرف) وكف عنه على وجه لا يريد ضربه ثانيا (فقتله الآخر) أي
المشهور عليه أو غيره، كذا عممه ابن الكمال تبعا للكافي والكفاية (قتل القاتل) لأنه بالانصراف
عادة عصمته.
قلت: فتحرر أنه ما دام شاهر السيف ضربه، وإلا لا، فليحفظ.
(ومن دخل عليه غيره ليلا فأخرج السرقة) من بيته (فاتبعه) رب البيت (فقتله فلا شئ
112

عليه) لقوله عليه الصلاة والسلام: قاتل دون مالك وكذا لو قتله قبل الاخذ إذا قصد أخذ ماله
ولم يتمكن من دفعه إلا بالقتل. صدر الشريعة.
وفي الصغرى: قصد ماله: إن عشرة أو أكثر له قتله، وإن أقل قاتله ولم يقتله، وهل يقبل
قوله أنه كابره؟ إن ببينة نعم، وإلا فإن المقتول معروفا بالسرقة والشر لم يقتص استحسانا، والدية
في ماله لورثة المقتول. بزازية. هذا (إذا لم يعلم أنه لو صاح عليه طرح ماله، وإن علم) ذلك
(فقتله مع ذلك وجب عليه القصاص) لقتله بغير حق (كالمغصوب منه إذا قتل الغاصب) فإنه يجب
القود لقدرته على دفعه بالاستغاثة بالمسلمين والقاضي.
(مباح الدم التجأ إلى الحرم لم يقتل فيه) خلافا للشافعي (ولم يخرج عنه للقتل لكن يمنع عنه
الطعام والشراب حتى يضطر فيخرج من الحرم فحينئذ يقتل خارجه) وأما فيما دون النفس فيقتص
منه في الحرم إجماعا.
(ولو أنشأ القتل في الحرم قتل فيه) إجماعا. سراجية، ولو قتل في البيت لا يقتل فيه، ذكره
المصنف في الحج.
113

(ولو قال اقتلني فقتله) بسيف (فلا قصاص وتجب الدية) في ماله في الصحيح لان
الإباحة لا تجري في النفس وسقط القود لشبهة الاذن، وكذا لو قال: اقتل أخي أو ابني أو أبي
فتلزمه الدية استحسانا كما في البزازية عن الكفاية.
وفيها عن الواقعات: لو ابنه صغيرا يقتص. وفي الخانية: بعتك دمي بفلس أو بألف فقتله
يقتص. وفي اقتل أبي عليه دينه لابنه. وفي اقطع يده فقطع يده يقتص. وفي: شج ابني فشجه
لا شئ عليه، فإن مات فعليه الدية (وقيل: لا) تجب الدبة أيضا، وصححه ركن الاسلام كما في
العمادية، واستظهره الطرسوسي لكن رده ابن وهبان.
(كما لو قال: اقتل عبدي أو اقطع يده ففعل فلا ضمان عليه) إجماعا كقوله: اقطع يدي أو
رجلي وإن سرى لنفسه ومات لان الأطراف كالأموال فصح الامر. ولو قال: اقطعه على أن
تعطيني هذا الثوب أو هذه الدراهم فقطع يجب أرش اليد لا القود وبطل الصلح. بزازية.
114

فروع: هبة القصاص لغير القاتل لا تجوز لأنه يجري فيه التمليك.
عفو الولي عن القاتل أفضل من الصلح، والصلح أفضل من القصاص، وكذا عفو
المجروح.
لا تصح توبة القاتل حتى يسلم نفسه للقود. وهبانية.
الامام شرط استيفاء القصاص كالحدود عند الأصوليين. وفرق الفقهاء. أشباه. وفيها في
قاعدة: الحدود تدرأ بالشبهات كالحدود القصاص إلا في سبع.
115

يجوز القضاء بعلمه في القصاص دون الحدود.
القصاص يورث والحد لا.
يصح عفو القصاص لا الحد.
التقادم لا يمنع الشهادة بالقتل، بخلاف الحد سوى حد القذف.
ويثبت بإشارة أخرس كتابته، بخلاف الحد.
تجوز الشفاعة في القصاص لا الحد.
السابعة: لا بد في القصاص من الدعوى، بخلاف الحد سوى حد القذف ا ه‍.
وفي القنية: نظر في باب دار رجل ففقأ الرجل عينه لا يضمن إن لم يمكنه تنحيته من غير
فقئها، وإن أمكنه ضمن، قال الشافعي: لا يضمن فيهما.
ولو أدخل رأسه فرماه بحجر ففقأها لا يضمن إجماعا، إنما الخلاف فيمن نظر من
116

خارجها، والله تعالى أعلم.
باب القود فيما دون النفس
(وهو في كل ما يمكن فيه رعاية حفظ المماثلة) وحينئذ (فيقاد قاطع اليد عمدا من المفصل)
فلو القطع من نصف ساعد أو ساق أو من قصبة أنف لم يقد لامتناع حفظ المماثلة وهي الأصل
في جريان القصاص (وإن كانت يده أكبر منها) لاتحاد المنفعة (وكذا) الحكم في (الرجل والمارن
117

والاذن و) كذا (عين ضربت فزال ضوءها وهي قائمة) غير مستحقة (فيجعل على وجهه قطن
رطب وتقابل عينه بمرآة محماة، ولو قلعت لا) قصاص لتعذر المماثلة.
وفي المجتبى: فقأ اليمنى ويسرى الفاقئ ذاهبة اقتص منه وترك أعمى، وعن الثاني: لا
قود في فق عين حولاء (و) كذا هو أيضا (في كل شجة يراعى) ويتحقق (فيها المماثلة)
كموضحة.
(ولا قود في عظم إلا السن وإن تفاوتا) طولا أو كبرا
118

لما مر (فتقلع إن قلعت، وقيل تبرد إلى) اللحم (موضع أصل السن) ويسقط ما سواه لتعذر
المماثلة إذ ربما تفسد لهاته، وبه أخذ صاحب الكافي. قال المصنف: وفي المجتبى: وبه يفتى
(كما تبرد) إلى أن يتساويا إن كسرت.
وفي المجتبى: يؤجل حولا،
119

فإن لم تثبت يقتص. وقيل: يؤجل الصبي لا البالغ، فلو مات الصبي في الحول برئ، وقال أبو
يوسف: فيه حكومة عدل. وكذا الخلاف إذا أجل في تحريكه فلم يسقط، فعند أبي يوسف:
تجب حكومة عدل الألم: أي أجر القلاع والطيب ا ه‍. وسنحققه.
(وتأخذ الثنية بالثنية والناب بالناب، ولا يؤخذ الاعلى بالأسفل ولا الأسفل بالأعلى)
مجتبى.
والحاصل: أنه لا يؤخذ عضو إلا بمثله.
(و) لا قود عندنا في (طرفي رجل وامرأة وطرفي (حر وعبد و) طرفي (عبدين) لتعذر
120

المماثلة بدليل اختلاف دينهم وقيمتهم والأطراف كالأموال.
قلت: هذا هو المشهور، لكن في الواقعات: لو قطعت المرأة يد رجل كان له القود،
لان الناقص يستوفي بالكامل إذا رضي صاحب الحق، فلا فرق بين حر وعبد ولا بين عبدين. وأقره
القهستاني والبرجندي.
(وطرف المسلم والكافر سيان) للتساوي في الأرش، وقال الشافعي: كل من يقتل به يقطع
به، وما لا فلا (و) لا في (قطع يد من نصف الساعد) لما مر (و) لا في (جائفة برشت) فلو لم
تبرأ، فإن سارية يقتص وإلا ينتظر البرء أو السراية. ابن كمال (ولسان وذكر) ولو من أصلهما،
به يفتى. شرح وهبانية. وأقره المصنف لأنه ينقبض وينبسط.
121

قلت: لكن جزم قاضيخان بلزوم القصاص، وجعله في المحيط قول الإمام ونصه: قال
أبو حنيفة: إن قطع الذكر ذكره من أصله أو من الحشفة اقتص منه إذ له حد معلوم وأقره في
الشرنبلالية فليحفظ (إلا أن يقطع) كل (الحشفة) فيقتص، ولو بعضها لا، وسيجئ ما لو قطع
بعض اللسان.
(ويجب القصاص في الشفة إن استقصاها بالقطع) لامكان المماثلة (وإلا) يستقصها (لا)
يقتص، مجتبى وجوهرة وفي لسان أخرس وصبي لا يتكلم حكومة عدل (فإن كان القاطع أشل
أو ناقص الأصابع أو كان رأس الشاج أكبر) من المشجوج (خبر المجني عليه بين القود و) أخذ
122

(الأرش) وعلى هذا في السن وسائر الأطراف التي تقاد إذا كان طرف الضارب والقاطع معيبا
يتخير المجني عليه بين أخذ المعيب والأرش كاملا. قال برهان الدين: هذا لو الشلاء ينتفع بها
لم تكن محلا للقود، فله دية كاملة بلا خيار، وعليه الفتوى. مجتبى. وفيه: لا
تقطع الصحيحة بالشلاء.
(ويسقط القود بموت القاتل) لفوات المحل (ويعفو الأولياء ويصلحهم على مال ولو
قليلا ويجب حالا) عند الاطلاق (وبصلح أحدهم وعفوه، ولمن بقي) من الورثة (حصته من
الدية) في ثلاث سنين على القاتل هو الصحيح، وقيل: على العاقل. ملتقى.
(أمر الحر القاتل وسيد) العبد (القاتل رجلا بالصلح عن دمهما) الذي اشتركا فيه (على ألف
ففعل المأمور) الصلح عن دمهما (فالألف على) الحر والسيد (الآمرين نصفان) لأنه مقابل بالقود
وهو عليهما سوية فبدله كذلك.
(ويقتل جمع بمفرد إن جرح كل واحد جرحا مهلكا) لان زهوق الروح يتحقق بالمشاركة
123

لأنه غير متجزئ، بخلاف الأطراف كما سيجئ (وإلا لا) كما في تصحيح العلامة قاسم. وفي
المجتبى: إنما يقتلون إذا وجد من كل جرح يصلح لزهوق الروح، فأما إذا كانوا نظارة أو مغرين
أو معنيين بإمساك واحد فلا قود عليهم، والأولى أن يعرف الجمع بلام العهد، فإنه لو قتل فرد
جمع أحدهم أبوه أو مجنون سقط القود. قهستاني.
(و) يقتل (فرد بجمع اكتفاء) به للباقين خلافا للشافعي (إن حضر وليهم فإن حضر) ولي
(واحد قتل به وسقط) عندنا (حق البقية كموت القاتل) حتف أنفه لفوات المحل كما مر.
(قطع رجلان) فأكثر (يد رجل) أو رجله أو قلعا سنه ونحو ذلك مما دون النفس، جوهرة
(بأن أخذا سكينا وأمراها على يده حتى انفصلت فلا قصاص)
124

عندنا (على واحد منهما) أو منهم لانعدام المماثلة لان الشرط في الأطراف المساواة في المنفعة
والقيمة، بخلاف النفس فإن الشرط فيها المساواة في العصمة فقط. درر (وضمنا) أو ضمنوا
(ديتها) على عددهم بالسوية (وإن قطع واحد يميني رجلين فلهما قطع يمينه ودية يد) بينهما إن
حضرا معا (وإن أحضرا أحدهما قطع له فللآخر عليه) أي على القاطع (نصف الدية) لما مر أن
الأطراف ليست كالنفوس.
(ولو قضى بالقصاص بينهما، ثم عفا أحدهما قبل استيفاء الدية فللآخر القود) وعند
محمد: الأرش (ويقاد عبد أقر بقتل عمدا) خلافا لزفر (ولو أقر بخطأ) أو بمال (لم ينفذ إقراره)
على مولاه، بل يكون في رقبته إلى أن يعتق كما نقله المصنف عن الجوهرة. قال: وظاهر كلام
125

الزيلعي بطلان إقراره بالخطأ أصلا: يعني لا في حقه ولا في حق سيده، ونحوه في أحكام
العبيد من الأشباه معللا بأن موجبه الدفع أو الفدا ا ه‍ فتأمله، ولكن علله القهستاني بأنه إقرار
بالدية على العاقلة ا ه‍. فتدبره، إذا قد أجمع العلماء على العمل بمقتضى قوله عليه الصلاة والسلام:
لا تعقل العواقل عبدا ولا عمدا ولا صلحا ولا اعترافا حتى لو أقر الحر بالقتل خطأ لم يكن
إقراره إقرارا على العاقلة: أي إلا أن يصدقوه، وكذا قرره القهستاني في المعاقل. فتنبه.
(رمى رجلا عمدا فنفذ السهم منه إلى آخر فماتا يقتص للأول) لأنه عمد (وللثاني الدية
على عاقلته) لأنه خطأ.
(وقعت حية عليه فدفعها عن نفسه فسقط ت على آخر فدفعها عن نفسه فوقعت على ثالث
فلسعته) أي الثالث (فهلك) فعلى من الدية؟ هكذا سئل أبو حنيفة بحضرة جماعة، فقال: لا
126

يضمن الأول لان الحية لم تضر الثاني، وكذلك لا يضمن الثاني والثالث لو كثروا، وأما الأخير
(فإن لسعته مع سقوطها) فورا (من غير مهلة فعلى الدافع الدية) لورثة الهالك (وإلا) تلسعه فورا
(لا) يضمن دافعها عليه أيضا، فاستصوبوه جميعا، وهذه من مناقبه رضي الله عنه. صيرفية
ومجمع الفتاوى. قال المصنف: وبهذا التفصيل أجبت في حادثة الفتوى، وهي أن كلبا عقورا
وقع على آخر فألقاه على الثاني والثاني على الثالث، والله أعلم.
فروع: ألقى حية أو عقربا في الطريق فلدغت رجلا ضمن، إلا إذا تحولت ثم لدغته.
وضع سيفا في الطريق فعثر به إنسان ومات وكسر السيف فديته على رب السيف وقيمته
على العاثر.
ثور نطوح سيره للمرعى فنطح ثور غيره فمات، إن أشهد عليه ضمن، وإلا لا، وقال في
البدائع: لا ضمان، لان الاشهاد إنما يكون في الحائط لا في الحيوان. ناجية.
واعلم أنه إذا (اشترك قاتل العمد مع من لا يجب عليه القود كأجنبي شارك الأب في قتل
ابنه) وكأجنبي شارك الزوج في قتل زوجته وله منها ولد،
127

وكعامد مع مخطئ وعاقل مع مجنون وبالغ مع صغير وشريك حية وسبع كما في الخانية (فلا قود
على أحدهما) أي لا قصاص على واحد منهما فيما ذكر.
دخل رجل بيته فرأى رجلا مع امرأته أو جاريته فقتله حل) له ذلك (ولا قصاص) عليه،
هذا ساقط من نسخ المتن ثابت في نسخ الشرح معزيا لشرح شرح الوهبانية، وقد حققناه في باب
التعزير.
فروع: صبي محجور قال له رجل شد فرسي فأراد شدها فرفسته فمات فديته على عاقلة
الآمر، وكذا لو أعطى صبيا عصا أو سلاحا وأمره بحمل شئ أو كسر حطب ونحو ذلك بلا
إذن وليه فمات، ولو أعطاه السلاح ولم يقل أمسكه فقولان.
صبي على حائط صاح به فوقع فمات: إن صاح به فقال: لا تقع فوقع لا يضمن،
ولو قال: قع فوقع ضمن، به يفتى، وقيل: لا يضمن مطلقا. ناجية، والله أعلم.
فصل في الفعلين
(قطع يد رجل ثم قتله أخذ بالامرين) أي بالقطع والقتل.
(ولو كانا عمدين أو) كانا (خطأين أو) كانا (مختلفين) أي أحدهما عمد والآخر خطأ تخلل
128

بينهما برء أو لا، فيؤخذ بالامرين في الكل بلا تداخل (إلا في الخطأين لم يتخلل بينهما برء)
فإنهما يتداخلان (فيجب فيهما دية واحدة) وإن تخلل برء لم يتداخلا كما علمت.
فالحاصل: أن القطع إما عند أو خطأ والقتل كذلك صار أربعة ثم إما أن يكون بينهما
برء أو لا صار ثمانية، وقد علم حكم كل منها (كمن ضربه مائة سوط فبرأ من تسعين ولم يبق
أثرها) أي أثر الجراحة (ومات من عشرة) ففيه دية واحدة، لأنه لما برأ من تسعين لم تبق معتبرة إلا
في حق التعزير، وكذلك كل جراحة اندملت ولم يبق لها أثر عند أبي حنيفة. وعن أبي يوسف
في مثله: حكومة عدل. وعن محمد: تجب أجرة الطبيب وثمن الأدوية. درر وصدر شريعة
وهداية وغيرها.
(وتجب حكومة) عدل مع دية النفس (في مائة سوط جرحته وبقي أثرها) بالاجماع لبقاء
الأثر ووجوب الأرش باعتبار الأثر. هداية وغيرها.
وفي جواهر الفتاوى: رجل جرح رجلا فعجز المجروح عن الكسب يجب على الجارح
النفقة والمداواة.
129

وفيها: رجل جاء بعوان إلى رجل فضربه العوان فعجز عن الكسب فمداواة المضروب
ونفقته على الذي جاء بالعوان ا ه‍. قال المصنف: والظاهر أنه مفرع على قول محمد.
قلت: وقدمناه معزيا للمجتبى عن أبي يوسف نحوه، وسنحققه في الشجاج،
(ومن قطع) أي عمدا أو خطأ بدليل ما يأتي، وبه صرح في البرهان كما في الشرنبلالية،
لكن في القهستاني عن شرح الطحاوي أن الدية على العاقلة في الخطأ، ومن ظن أنها على القاطع
في الخطأ فقد أخطأ، وكذا لو شج ألا جرح (فعفا عن قطعه) أو شجته أو جراحته (فمات منه
ضمن قاطعه الدية) في ماله خلافا لهما. قلنا: إنه عفا عن القطع
130

وهو غير القتل.
(ولو عفا عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه فهو عفو عن النفس) فلا يضمن شيئا
وحينئذ (فالخطأ يعتبر من ثلث ماله) فإن خرج من الثلث فيها وإلا فعلى العاقلة ثلثا الدية كما في
شرح الطحاوي، فمن ظن أنها على القاطع فقد أخطأ قطعا، ومفاده أن عفو الصحيح لا يعتبر من
الثلث. ذكره القهستاني (والعمد من كله) لتعلق حق الورثة بالدية لا بالقود لأنه ليس بمال
(والشجة مثله) أي مثل القطع حكما وخلافا.
(قطعت امرأة يد رجل عمدا) أي أو خطأ لما يأتي، فلو أطلق كما سبق وكالملتقى وغيره
كان أولى، فتأمل (فنكحها) المقطوع يده (على يده ثم مات) فلو لم يمت من السراية فمهرها
131

الأرش، ولو عمدا إجماعا (يجب). عند أبي حنيفة (مهر مثلها والدية في مالها إن تعمدت وتقع
المقاصة بين المهر والدية إن تساويا، وإلا ترادا الفضل (وعلى عاقلتها إن أخطأت) في قطع يده،
ولا يتقاصان لان الدية على العاقلة في الخطأ، بخلاف العمد فإن الدية عليها، والمهر على الزوج
فيتقاصان.
قلت: وقال صاحب الدرر: ينبغي أن تقع المقاصة في الخطأ أيضا لأنها عليها دون العاقلة
على القول المختار في الدية، لكنه ليس على إطلاقه بل في العجم، ولعله أطلقه لإحالته لمحله.
فليحفظ
132

(وإن نكحها على اليد وما يحدث منها أو على الجناية ثم مات منه وجب لها في العمد مهر
المثل ولا شئ عليها) لرضاه بالسقوط (ولو أخطى رفع عن العاقلة مهر مثلها والباقي وصية لهم)
أي للعاقلة (فإن خرج من الثلث سقط وإلا سقط ثلث المال) فقط.
(ولو قطعت يده فاقتص له فمات) المقطوع (الأول قبل الثاني قتل) الثاني (به) لسرايته.
وعن أبي يوسف: لا قود لأنه لما أقدم على القطع فقد أبرأه عما وراءه وظاهر إشكال ابن الكمال
يفيد تقوية قول أبي يوسف.
قال المصنف: (ولو مات المقتص منه فديته على عاقلة المقتص له) خلافا لهما،
133

قلت هذا إذا استوفاه بنفسه بلا حكم وأما الحاكم والحجام والختان والفصاد
والبزاغ فلا يتقيد فعلهم بشرط السلامة كالأجير، وتمامه في الدرر.
والأصل أن الواجب لا يتقيد بوصف السلامة والمباح يتقيد به، ومنه ضرب الأب ابنه
تأديبا أو الام أو الوصي، ومن الأول ضرب الأب أو الوصي، أو المعلم بإذن الأب تعليما فمات
لا ضمان، فضرب التأديب مقيد لأنه مباح، وضرب التعليم لا لأنه واجب ومحله في الضرب
المعتاد، وأما غيره فموجب للضمان في الكل. وتمامه في الأشباه (وإن قطع) ولي القتيل (يد
القاتل و) بعد ذلك (عفا) عن القتل (ضمن القاطع دية اليد) لأنه استوفى غير حقه، لكن لا
يقتص للشبهة، وقالا: لا شئ عليه (وضمان الصبي إذا مات من ضرب أبيه أو وصيه تأديبا)
أي للتأديب (عليهما) أي على الأب والوصي لان التأديب يحصل بالزجر والتعريك، وقالا: لا
يضمن لو معتادا، وأما غير المعتاد ففيه الضمان اتفاقا (كضرب معلم صبيا أو عبدا بغير إذن أبيه
ومولاه) لف ونشر، فالضمان على المعلم إجماعا (وإن) الضرب (بإذنهما لا) ضمان على المعلم
134

إجماعا، قيل: هذا رجوع من أبي حنيفة إلى قولهما (وكذا يضمن زوج امرأة ضربها تأديبا)
لان تأديبها للولي، كذا عزاه المصنف لشرح المجمع للعيني.
قلت: وهو في الأشباه وغيرها كما قدمناه. وفي ديات المجتبى: للزوج والوصي كالأب
تفصيلا وخلافا فعليهم الدية والكفارة، وقيل: رجع الامام إلى قولهما، وتمامه ثمة.
فروع: ضرب امرأة فأفضاها: فإن كانت تستمسك بولها ففيه ثلث الدية، وإلا فكل
135

الدية، وإن افتض بكرا بالزنا فأفضاها: فإن مطاوعة حدا ولا غرم، وإن مكرهة فعليه الحد
وأرش الافضاء لا العقر. حاوي القدسي.
قطع الحجام لحما من عينه وكان غير حاذق فعميت فعليه نصف الدية. أشباه.
وفي القنية: سئل محمد نجم الدين عن صبية سقطت من سطح فانفتح رأسها فقال كثير
من الجراحين إن شققتم رأسها تموت، وقال واحد منهم إن لم تشقوه اليوم تموت وأنا أشقه
وأبرئها، فشقه فماتت بعد يوم أو يومين هل يضمن؟ فتأمل مليا، ثم قال: لا إذا كان الشق بإذن
وكان الشق معتادا ولم يكن فاحشا خارج الرسم، قيل له: فلو قال إن ماتت فأنا ضامن هل
يضمن؟ قال: لا ا ه‍.
قلت: إنما لم يعتبر شرط الضمان لما تقرر أن شرطه على الأمين باطل على ما عليه الفتوى
ا ه‍. والله أعلم.
باب الشهادة في القتل واعتبار حالته
136

أي حالة القتل (القود يثبت للورثة ابتداء بطريق الخلافة) من غير سبق ملك المورث،
لان شرعية القود لتشفي الصدور ودرك الثأر والميت ليس بأهل له، وقوله تعالى: * (فقد جعلنا لوليه
سلطانا) * (الاسراء: 33) نص فيه (وقالا بطريق الإرث) كما لو انقلب مالا وثمرة الخلاف ما أفاده بقوله (فلا
يصير أحدهم) أي أحد الورثة (خصما عن البقية) في استيفاء القصاص، خلافا لهما، والأصل
أن كل ما يملكه الورثة بطريق الوراثة فأحدهم خصم عن الباقين. وقائم مقام الكل في
الخصومة، وما يملكه الورثة لا بطريق الوراثة لا يصير أحدهم خصما عن الباقين.
ثم فرع عليه بقوله (فلو أقام حجة بقتل أبيه عمدا مع غيبة أخيه) يريد القود (لا يقيد)
إجماعا حتى يحضر الغائب لكنه يحبس، لأنه صار متهما (فإن حضر) الغائب (يعيدها) ثانيا
(ليقتلا) القاتل وقالا: لا يعيد (وفي) القتل (الخطأ والدين لا يحتاج إلى إعادة البيئة) بالاجماع لما مر
(فلو برهن القاتل على عفو الغائب فالحاضر خصم) لانقلابه مالا وسقط القود (وكذا لو قتل
137

عبدهما عمدا أو خطأ و) الحال أن السيدين (أحدهما غائب) فهو على التفصيل السابق (ولو أخبر
وليا قود بعفو أخيهما) الثالث (فهو) أي إخبارهما (عفو للقصاص منهما) عملا بزعمهما وهي
رباعية، فالأول (إن صدقهما) أي المخبرين (القاتل والأخ) الشريك (فلا شئ له) أي للشريك
عملا بتصديقه (ولهما ثلثا الدية و) الثالث (إن صدقهما القاتل وحده فلكل منهما ثلثها، و) الرابع (إن صدقهما الأخ فقط فله
ثلثها) لان إقراره ارتد بتكذيب القاتل إياه فوجب له ثلث الدية (و) لكنه (يصرف ذلك إلى
المخبرين) استحسانا وهو الأصح. زيلعي. لأنه صار مقرا لهما بما أقر له به القاتل (وإن شهد أنه
138

ضربه بشئ جارح فلم يزل صاحب فراش حتى مات يقتص) لان الثابت بالبينة كالثابت معاينة،
ولا يحتاج الشاهد أن يقول إنه مات من جراحته. بزازية (وإن اختلف شاهدا قتل في الزمان أو
في المكان أو في آلته، أو قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر لم أدر بماذا قتله، أو شهد أحدهما
على معاينة القتل والآخر على إقرار القاتل به بطلت) لان القتل لا يتكرر (وكذا) تبطل الشهادة (لو
كمل النصاب في كل واحد منهما) لتيقن القاضي بكذب أحد الفريقين ولا أولوية
139

(ولو كمل أحد الفريقين دون الآخر قبل الكامل منهما) لعدم المعارض (ولو شهدا) بقتله (وقالا:
جهلنا آلته تجب الدية في ماله) في ثلاث سنين. شرنبلالية. استحسانا حملا على الأدنى وهو الدية
وكانت في ماله، لان الأصل في الفعل العمد (وإن أقر كل واحد منهما) أي من الرجلين (أنه
قتله وقال الولي قتلتماه جميعا له قتلهما) عملا بإقرارهما (ولو كان مكان الاقرار) والمسألة بحالها
(شهادة لغت) الشهادتان، لان التكذيب تفسيق وفسق الشاهد يبطل شهادته، أما فسق المقر لا
يبطل الاقرار (ولو قال) الولي (في) صورة (الاقرار) السابقة صدقتما (ليس له أن يقتل واحدا
منهما) لان تصديقه بانفراد كل بقتله وحده إقرار بأن الآخر لم يقتله، بخلاف قوله قتلتماه، لأنه
دعوى القتل بلا تصديق فيقتلهما بإقرارهما، زيلعي (ولو أقر) رجل بأنه قتله وقامت البينة على
آخر أنه قتله وقال الولي قتله كلاهما كان له للولي (قتل المقر دون المشهود عليه) لان فيه تكذيبا
لبعض موجبه كما مر، ولو قال الولي لاحد المقرين صدقت أنت قتلته كان له قتله
لتصادقهما على وجوب القتل عليه وحده (كما لو قال ذلك لاحد المشهود عليهما) كان له قتله
لعدم تكذيبه شهوده عليه وإنما كذب الآخرين، وكذا حكم الخطأ في كل ما ذكر. ذكره الزيلعي.
(شهدا على رجل بقتله خطأ وحكم بالدية) على العاقلة (فجاء المشهود بقتله حيا
140

ضمن العاقلة الولي) لقبضه الدية بلا حق (أو الشهود ورجعوا) أي الشهود (عليه) على الولي
لتملكهم المضمون الذي يد الولي (و) الشهادة على القتل (العمد) في هذا الحكم (كالخطأ) فإذا
جاء حيا يخير الورثة بين تضمين الولي الدية أو الشهود (إلا في الرجوع) فلا رجوع للشهود على
الولي لأنهم أوجبوا له القود، وهو ليس بمال، وقالا: يرجعون كالخطأ (ولو شهدا على إقراره)
أي إقرار القاتل بالخطأ أو العمد ثم جاء حيا (أو شهدا على شهادة غيرهما في الخطأ) وقضى بالدية
على العاقلة ثم جاء حيا (لم يضمنا) إذ لم يظهر كذبهما في شهادتهما (وضمن الولي الدية) في
الصورتين (للعاقلة) إذ ظهر أنه أخذها منهم بغير حق. (والمعتبر حالة الرمي) في حق الحل
والضمان (لا الوصول) وحينئذ (فتجب الدية) في ماله، وسقط القود للشبهة (بردة المرمى إليه
قبل الوصول) وقالا: لا شئ عليه (لا) تجب دية المرمى إليه (بإسلامه) بالاجماع (و) تجب (القيمة
141

بعتقه بعد الرمي قبل الإصابة (و) يجب (الجزاء على محرم رمى صيدا فحل) فوصل لا على حلال
رماه فأحرم فوصل ولا يضمن من رمى مقضيا عليه برجم فرجع شاهده فوصل وحل صيد رماه
مسلم فتمجس فوصل.
لا يحل (مرماه مجوسي فأسلم فوصل) لما عرفت أن المعتبر حالة الرمي.
(لغز): أي جان مات مجنيه فعليه نصف الدية ولو عاش فالدية؟ فقتل ختان قطع الحشفة
بإذن أبيه.
أي إنسان بقطع أذنه يجب نصف الدية، وبقطع رأسه نصف عشرها؟ فكل جنين خرج
رأسه فقطعه ففيه الغرة.
أي شئ يجب بإتلافه دية وثلاثة أخماسها؟ فقل دية لأسنانه. أشباه، والله تعالى أعلم
بالصواب.
142

كتاب الديات
الدية في الشرع: اسم للمال الذي هو بدل للنفس، لا تسميه للمفعول بالمصدر، لأنه من
المنقولات الشرعية. والأرش: اسم للواجب فيما دون النفس (دية شبه العمد مائة من الإبل
أرباعا من بنت مخاض وبنت لبون وحقه إلى جذعة بإدخال الغاية (وهي) الدية (المغلظة لا غير و)
الدية (في الخطأ أخماس منها ومن ابن مخاض أو ألف دينار من الذهب أو عشرة آلاف درهم من
الورق) وقال الشافعي: اثنا عشر ألفا،
143

وقالا: منها ومن البقر مائتا بقرة، ومن الغنم ألفا شاة ومن الحلل مائتا حلة كل حلة ثوبان إزار
ورداء هو المختار (وكفارتهما) أي الخطأ وشبه العمد (عتق قن مؤمن، فإن عجز عنه صام شهرين
ولاء ولا إطعام فيهما) إذ لم يرد به النص والمقادير توقيفية (وصح) إعتاق (رضيع أحد أبويه
مسلم) لأنه مسلم تبعا (لا الجنين ودية المرأة على النصف من دية الرجل في دية النفس وما دونها)
روي ذلك عن علي رضي الله عنه موقوفا ومرفوعا (والذمي والمستأمن والمسلم) في الدية (سواء)
خلافا للشافعي.
وصحح في الجوهرة: أنه لا دية في المستأمن
144

وأقره في الشرنبلالية، لكن بالتسوية جزم في الاختيار وصححه الزيلعي (وفي النفس) خبر المبتدأ
وهو قوله الآتي الدية (والأنف) ومارنه وأرنبته، وقيل: في أرنبته حكومة عدل على الصحيح
(والذكر والحشفة والعقل والشم والذوق والسمع والبصر واللسان إن منع النطق) أفاد في لسان
الأخرس حكومة عدل. جوهرة.
145

وهذا ساقط من نسخ الشارح، فتنبه (أو منع أداء أكثر الحروف) وإلا قسمت الدية على عدد
حروف الهجاء الثمانية وعشرين أو حروف اللسان الستة عشر تصحيحان، فما أصاب الغائب
يلزمه. وتمامه في شرح الوهبانية وغيرها (ولحية خلقت لم تنبت) ويؤجل سنة، فإن مات فيها
برئ، وفي نصفها نصف الدية، وفيما دونها حكومة عدل كشارب ولحية عبد
146

في الصحيح، ولا شئ في لحية كوسج على ذقنه شعرات معدودة، ولو على خذه أيضا ولكنه
غير متصل فحكومة عدل، ولو متصلا فكل الدية (وشعر الرأس كذلك) أي إذا حلق ولم ينبت.
كذا روي عن علي وعند الشافعي: فيهما حكومة عدل. واعلم أنه لا قصاص في الشعر مطلقا،
ولو مات قبل تمام السنة ولم ينبت فلا شئ عليه كشعر صدر وساعد وساق (والعينين والشفتين
والحاجبين والرجلين والأذنين والأنثيين) أي الخصيتين (وثديي المرأة) وحلمتيهما والأليتين إذا
استأصلهما وإلا فحكومة عدل، وكذا فرج المرأة من الجانبين (الدية). وفي ثدي الرجل حكومة
عدل (وفي كل واحد من هذه الأشباه) المزدوجة (نصف الدية وفي أشفار العينين الأربعة)
147

جمع شفرة بضم الشين وتفتح: الجفن أو الهدب إذا قلعها ولم تنبت (وفي أحدها ربعها)
ولو قطع جفون أشفارها فدية واحدة لأنهما كشئ واحد، وفي جفن لا شعر عليه حكومة
عدل، لكن المعتمد أن في كل دية كاملة جفنا أو شعرا (وفي كل أصبع من أصابع اليدين أو
الرجلين عشرها، وما فيها مفاصل ففي أحدها ثلث دية الإصبع ونصفها) أي نصف دية الإصبع
(لو فيها مفصلان) كالابهام (وفي كل سن) يعني من الرجل، إذ دية سن المرأة نصف دية الرجل.
جوهرة (خمس من الإبل) أو خمسون دينارا (أو خمسمائة درهم) لقوله عليه الصلاة والسلام: في
كل سن خمس من الإبل يعني نصف عشر ديته لو حرا ونصف عشر قيمته لو عبدا.
148

فإن قلت: تزيد حينئذ دية الأسنان كلها على دية النفس بثلاثة أخماسها.
قلت: نعم ولا بأس فيه لأنه ثابت بالنص على خلاف القياس كما في الغاية وغيرها.
وفي العناية: وليس في البدن ما يجب بتفويته أكثر من قدر الدية سوى الأسنان، وقد
توجد نواجذ أربعة فتكون أسنانه ستا وثلاثين. ذكره القهستاني.
قلت: وحينئذ فللكوسج دية وخمسا دية، ولغيره إما دية ونصف أو ثلاثة أخماس أو أربعة
أخماس، وعلمت أن المرأة على النصف فتبصر (وتجب دية كاملة في كل عضو ذهب نفعه) بضرب
ضارب (كيد شلت وعين ذهب ضوءها وصلب انقطع ماؤه) وكذا لو سلس بوله أو أحدبه ولو
149

زالت الحدوبة فلا شئ عليه، ولو بقي أثر الضربة فحكومة عدل (ويجب حكومة عدل بإتلاف
عضو ذهب نفعه إن لم يكن فيه جمال كاليد الشلاء أو أرشه كاملا إن كان فيه جمال كالاذن
الشاخصة) هو الطرش وسيجئ ما لو ألصقه فالتحم في أواخر هذا الفصل.
فصل في الشجاج
(وتختص) الشجة (بما يكون بالوجه والرأس) لغة (وما يكون بغيرهما فجراحة) أي تسمى
جراحة وفيها حكومة عدل. مجتبى ومسكين.
(وهي) أي الشجاج (عشرة الحارصة) بمهملات وهي التي تحرص الجلد: أي تخدشه
(والدامعة) بمهملات التي تظهر الدم كالدمع ولا تسيله (والدامية) التي تسيله (والباضعة)
التي تبضع الجلد: أي تقطعه (والمتلاحمة) التي تأخذ في اللحم
150

(والسمحاق) التي تصل إلى السمحاق: أي جلدة رقيقة بين اللحم وعظم الرأس (والموضحة)
التي توضح العظم: أي تظهره (والهاشمة التي تهشم العظم) أي تكسره (والمنقلة) التي تنقله بعد
الكسر (والآمة التي) تصل إلى أم الدماغ وهي الجلدة التي فيها الدماغ، وبعدها الدامغة بغين
معجمة وهي التي تخرج الدماغ ولم يذكرها محمد للموت بعدها عادة فتكون قتلا لا شجا، فعلم
بالاستقراء بحسب الآثار أنها لا تزيد على العشرة (ويجب في الموضحة نصف عشر الدية) أي لو
غير أصلع وإلا ففيها حكومة، لان جلدها أنقص زينة من غيره. قهستاني عن الذخيرة (وفي
الهاشمة عشرها، وفي المنقلة عشر ونصف عشر، وفي الأمة والجائفة ثلثها، فإن نفذت الجائفة
فثلثاها) لأنها نفذت صارت جائفتين فيجب في كل ثلثها (وفي الحارصة والدامعة والدامية
151

والباضعة والمتلاحمة والسمحاق حكومة عدل) إذ ليس فيه أرش مقدر من جهة السمع، ولا يمكن
إهدارها فوجب فيها حكومة العدل (أن ينظركم مقدار هذا الشجة من
الموضحة فيجب بقدر ذلك من نصف عشر الدية) قاله الكرخي وصححه شيخ الاسلام (وقيل)
قائله الطحاوي (يقوم) المسجوج (عبدا بلا هذا الأثر ثم معه فقدر التفاوت بين القيمتين) في الحر
(من الدية) وفي العبد من القيمة، فإن نقص الحر عشر قيمته أخذ عشر ديته، وكذا في النصف
والثلث (هو) إي هذا التفاوت (هي) أي حكومة العدل (به يفتى) كما في الوقاية والنقاية والملتقى،
والدرر والخانية وغيرها، وجزم به في المجمع.
وفي الخلاصة: إنما يستقيم قول الكرخي: ولو الجناية في وجه ورأس فحينئذ يفتى به، ولو
في غيرهما أو تعسر على المفتي يفتى بقول الطحاوي مطلقا لأنه أيسر انتهى. ونحوه في الجوهرة
بزيادة: وقيل تفسير الحكومة: هو ما يحتاج إليه من النفقة، وأجرة الطبيب والأدوية إلى أن يبرأ
(ولا قصاص) في جميع الشجاج
152

(إلا في الموضحة عمدا) وما لا قود فيه يستوي العمد والخطأ فيه، لكن ظاهر المذهب وجوب
القصاص فيما قبل الموضحة أيضا. ذكر محمد في الأصل، وهو الأصح، درر ومجتبى وابن
الكمال وغيرها لامكان المساواة، بأن يسبر غورها بمسبار ثم يتخذ حديدة بقدره فيقطع، واستثنى
في الشرنبلالية السمحاق فلا يقاد إجماعا، كما لا قود فيما بعدها كالهاشمة والمنقلة بالاجماع،
وعزاه للجوهرة، فليحفظ.
قال في المجتبى: ولا قود في جلد رأس وبدن ولحم وبطن وظهر، ولا في لطمة
ووكزة ووجاءة، وفي سلخ جلد الوجه كمال الدية (وفي) كل أصابع اليد الواحدة نصف دية ولو
مع الكف (لأنه تبع للأصابع) ومع نصف ساعد نصف دية (للكف) وحكومة عدل لنصف
الساعد، وكذا الساق (وفي) قطع (كف وفيها أصبع أو إصبعان عشرها أو خمسها) لف ونشر
153

مرتب (ولا شئ في الكف) عند أبي حنيفة، كما لو كان في الكف ثلاث أصابع فإنه لا شئ
في الكف إجماعا، إذ للأكثر حكم الكل.
وفي جواهر الفتاوى: ضرب يد رجل وبرئ إلا أنه لا تصل يده إلى قفاه فبقدر النقصان
يؤخذ من جملة الدية، إن نقص الثلثان فثلثا الدية وهكذا، وأقره المصنف، ولو قطع مفصلا من
أصبع فشل الباقي أو قطع الأصابع فشل الكف لزم دية المقطوع فقط وسقط القصاص، فافهمه
وإن خالف الدرر. ذكره الشرنبلالي وسيجئ متنا (وفي الإصبع الزائدة وعين الصبي وذكره
ولسانه إن لم تعلم صحته ينظر) في العين (وحركة) في الذكر (وكلام) في اللسان (وحكومة عدل)
فإن علمت الصحة فمبالغ في خطأ أو عمد إذا ثبت ببينة أو بإقرار الجاني، وإن أنكر أو قال: لا
154

أعرف صحته فحكومة العدل. جوهرة (ودخل أرش موضحة أذهبت عقله أو شعر رأسه في
الدية) لدخول الجزء في الكل كمن قطع أصبعا فشلت اليد (وإن ذهب سمعه أو بصره أو نطقه
لا) تدخل لأنه كأعضاء مختلفة، بخلاف العقل لعود نفعه للكل (ولا قود إن ذهبت عيناه، بل
الدية فيهما) خلافا لهما (ولا يقطع أصبع شل جاره) خلافا لهما (و) لا (أصبع قطع مفصله
الاعلى فشل ما بقي) من الأصابع (بل دية المفصل والحكومة فيما بقي، ولا) قود (بكسر نصف
سن أسود) أو أصفر أو أحمر (باقيها بل كل دية السن) إذا فات منفعة المضغ، وإلا فلو مما يرى
155

حال التكلم فالدية أيضا، وإلا فحكومة عدل. فقول الدرر: وإلا فلا شئ فيه، فيه ما
فيه، ثم الأصل أن الجناية متى وقعت على محلين متباينين حقيقة فأرش أحدهما لا يمنع قود
الآخر، ومتى وقعت على محل وأتلفت شيئين فأرش أحدهما يمنع القود (ويجب الأرش على من
أفاد سنه) بعد مضي حول (ثم نبت) بعد ذلك لتبيين الخطأ حينئذ وسقط القود للشبهة. وفي
الملتقى: ويستأني في اقتصاص السن والموضحة حولا. وكذا لو ضرب سنه فتحركت، لكن في
الخلاصة الكبير: الذي لا يرجى نباته لا يؤجل، به يفتى.
قلت: وقد يوفق بما نقله المصنف وغيره عن النهاية: الصحيح تأجيل البالغ ليبرأ لا سنة
لان نباته نادر (أو قلعها فردت) أي ردها صاحبها (إلى مكانها ونبت عليها اللحم) لعدم عود
العروق كما كانت في النهاية. قال شيخ الاسلام: إن عادت إلى حالتها الأولى في المنفعة والجمال
لا شئ عليه كما لو نبتت (وكذا الاذن) إذا ألصقها فالتحمت يجب الأرش لأنها لا تعود إلى ما
كانت عليه. درر (إلا إن قلعت) السن (فنبتت أخرى فإنه يسقط الأرش عنده كسن صغير) خلافا
لهما، ولو نبتت معوجة فحكومة عدل، ولو نبتت إلى النصف فعليه نصف الأرش،
156

ولا شئ في ظفر نبت كما كان (أو التحم شجه أو) التحم (جرح) حاصل ذلك (بضرب ولم
يبق) له (أثر) فإنه لا شئ فيه. وقال أبو يوسف: عليه أرش الألم وهي حكومة عدل. وقال
محمد: قدر ما لحقه من النفقة إلى أن يبرأ من أجرة الطبيب وثمن دواءه. وفي شرح الطحاوي فسر
قول أبي يوسف أرش بالألم بأجرة الطبيب والمداواة، فعليه لا خلاف بينهما، قاله المصنف وغيره.
قلت: وقد قدمنا نحوه عن المجتبى وذكر هنا عنه روايتين، فتنبه (لا يقاد جرح إلا بعد
برئه) خلافا للشافعي (وعمد الصبي والمجنون) والمعتوه (خطأ) بخلاف السكران والمغمى عليه
157

(وعلى عاقلته الدية) إن بلغ نصف العشر فأكثر ولم يكن من العجم وإلا ففي ماله. درر (ولا
كفارة ولا حرمان إرث) خلافا للشافعي، ولو جن بعد القتل قتل، وقيل: لا. وتمامه فيما علقته
على الملتقى
(صبي ضرب سن صبي فانتزعها ينتظر بلوغ المضروب) إن بلغ ولم ينبت فعلى عاقلته
الدية، ولو من العجم ففي ماله، درر. وسنحققه في المعاقل.
مهمة: حكومة العدل لا تتحملها العاقلة مطلقا على الصحيح كما في تنوير البصائر معزيا
للتاترخانية، والله أعلم.
فصل في الجنين
(ضرب بطن امرأة حرة) حامل
158

خرج الأمة والبهيمة، وسيجئ حكمهما.
قلت: بل الشرط حرية الجنين دون أمه، كأمة علقت من سيدها أو من المغرور، ففيه الغرة
على العاقلة. درر عن الزيلعي. فالعجب من المصنف كيف لم يذكره (ولو) كانت (المرأة كتابية أو
مجوسية) أو زوجته (فألقت جنينا ميتا) حرا (وجب) على العاقلة (غرة) غرة الشهر أوله وهذه
أول مقادير الدية (نصف عشر الدية) أي دية الرجل لو كان الجنين ذكرا، وعشر دية المرأة لو
أنثى، وكل منهما خمسمائة درهم (في سنة) وقال الشافعي: في ثلاث سنين كالدية. وقال مالك:
في ما له ولنا فعله عليه الصلاة والسلام
159

(فإن ألقته حيا فمات فدية كاملة، وإن ألقته ميتا فماتت الام فدية) في الام (وغرة) في الجنين لما
تقرر أن الفعل يتعدد بتعدد أثره، وصرح في الذخيرة بتعدد الغرة لو ميتين فأكثر ا ه‍.
قلت: وظاهره تعدد الدية ولم أره، فليراجع (وإن ماتت فألقته ميتا فدية فقط) وقال
الشافعي: غرة ودية (وإن ألقته حيا يجب عليه ديتان كما إذا ألقته حيا وماتا، وما
يجب فيه) من غرة أو دية (يورث عنه وترث) منه (أمخ ولا يرث ضاربه) منها (فلو ضرب بطن
امرأته فألقت ابنه ميتا فعلى عاقلة الأب، غرة، ولا يرث منها) لأنه قاتل (وفي جنين الأمة) الرقيق
الذكر (نصف عشر قيمته لو حيا، وعشر قيمته لو أنثى) لما تقرر أن دية الرقيق قيمته، ولا يلزم
زيادة الأنثى لزيادة قيمة الذكر غالبا، وفيه إشارة إلى أنه إذا لم يمكن الوقوف على كونه ذكرا أو
أنثى فلا شئ عليه،
160

كما إذا ألقى بلا رأس، لأنه إنما تجب القيمة إذا نفخ فيه الروح ولا تنفخ من غير رأس. ذخيرة
(في مال الضارب) للأمة (مالا) ولو ألقته حيا وقد نقصتها الولادة فعليه قيمة الجنين لا نقصانها
لو بقيمته وفاء به، وإلا فعليه إتمام ذلك. مجتبى.
وقال أبو يوسف: فيه نقصانها كالبهيمة. وقال الشافعي: فيه عشر قيمة الام. صدر
الشريعة. ولا يخفى للمولى (فإن حرره) أي الجنين (سيده بعد ضربه) ضرب بطن الأمة
(فألقته) حيا (فمات ففيه قيمته حيا) للمولى لا ديته وإن مات بعد العتق لان المعتبر حالة
الضرب، وعند الثلاثة: تجب دية، وهو رواية عنا.
(ولا كفارة في الجنين) عندنا وجوبا بل ندبا. زيلعي (إن وقع ميتا، وإن خرج حيا ثم مات
ففيه الكفارة) كذا صرح به في الحاوي القدسي،
161

وهو مفهوم من كلامهم لتصريحهم بوجوب الدية حينئذ فتجب الكفارة فيه كما لا يخفى، فليحفظ
(وما استبان بعض خلقه (كظفر وشعر (كتام فيما ذكر) من الاحكام وعدة ونفاس كما مر في بابه
(وضمن الغرة عاقلة امرأة) حرة في سنة واحدة، وإن لم تكن لها عاقلة ففي مالها في سنة أيضا.
صدر الشريعة. ولا تأثم ما لم يستبن بعض خلقه، ومر في الحظر نظما.
(أسقطته ميتا) عمدا (بدواء أو فعل) كضربها بطنها (بلا إذن زوجها، فإن أذن) أو لم يتعمد
162

(لا) غرة لعدم التعدي، ولو أمرت امرأة ففعلت لا تضمن المأمورة، وأما أم الولد إذا فعلته
بنفسها حتى أسقطته فلا شئ عليها لاستحالة الدين على مملوكه ما لم تستحق، فحينئذ تجب
للمولى الغرة لأنه مغرور.
وفي الواقعات: شربت داء لتسقطه عمدا: فإن ألقته حيا فمات فعليها الدية والكفارة،
وإن ميتا فالغرة، ولا ترث في الحالين (ويجب في جنين البهيمة ما نقصت الام) إن نقصت (وإن
لم ينقص) الام (لا يجب) فيه (شئ) سراجية.
فرع: في البزازية: ضرب بطن امرأته بالسيف فقطع البطن ووقع أحد الولدين حيا مجروحا
بالسيف والآخر ميتا وبه جراحة السيف وماتت أيضا يقتص لأجل الزوجة لأنه عمد، وعلى
عاقلته دية الولد الحي إذا مات، وتجب غرة الولد الميت، لأنه لما ضرب ولم يعلم بالولدين في
بطنها كان الضرب خطأ.
163

باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره
لما ذكر القتل مباشرة شرع فيه تسببا فقال: (أخرج إلى طريق العامة كنيفا) هو بيت الخلاء
(أو ميزابا أو جرصنا كبرج وجذع وممر علو وحوض طاقة ونحوها، عيني، أو دكانا جاز) إحداثه
(إن لم يضر بالعامة) ولم يمنع منه، فإن ضر لم يحل كما سيجئ (ولكل أحد من أهل الخصومة)
ولو ذميا (منعه) ابتداء (ومطالبته بنقضه) ورفعه (بعده) أي بعد البناء، سواء كان فيه ضرر أو لا،
وقيل: إنما ينقص بخصومته إذا لم يكن له مثل ذلك وإلا كان تعنتا. زيلعي (هذا) كله (إذا بنى
لنفسه إذن الإمام) زاد الصفار: ولم يكن للمطالب مثله
164

(وإن بنى للمسلمين كمسجد ونحوه) أو بنى بإذن الإمام (لا) ينقض (وإن كان يضر بالعامة لا
يجوز إحداثه) لقوله عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار في الاسلام (والقعود في الطريق
لبيع وشراء) يجوز إن لم يضر بأحد، وإلا لا (على هذا التفصيل) السابق، وهذا في النافذ (وفي
غير النافذ لا يجوز أن يتصرف بإحداث مطلقا) أضر بهم أو لا (إلا بإذنهم)
165

لأنه كالملك الخاص بهم، ثم الأصل فيما جهل حاله أن يجعل حديثا لو في طريق العامة، وقديما
لو في طريق الخاصة. برجندي فإن مات أحد من الناس (بسقوطها عليه فديته على عاقلته) أي
عاقلة المخرج لتسببه (كما) تدي العاقلة.
(لو حفر بئرا في طريق أو وضع حجرا) أو ترابا أو طينا. ملتقى (فتلف به إنسان) لأنه
سبب (فإن تلف به) أي بواحد من المذكورات (بهيمة ضمن) في ماله (إن لم يأذن به الامام، فإن
أذن) الامام (في ذلك أو مات واقع في بئر طريق جوعا أو عطشا أو غما لا) ضمان، وبه يفتى.
خلاصة. خلافا لمحمد (ولو سقط الميزاب فأصاب ما كان في الداخل رجلا فقتله فلا ضمان)
أصلا لكونه في ملكه فلم يكن تعديا (وإن أصاب الخارج) أو وسطه. بزازية (فالضمان على
166

واضعه) لتعديه ولو مستأجرا أو مستعيرا وغاصبا ولا يبطل الضمان بالبيع لبقاء فعله وهو الموجب
للضمان، بخلاف الحائط المائل كما بسطه الزيلعي (ولو أصابه الطرفان) من الميزاب (وعلم ذلك
وجب) على واضعه (النصف وهدر لنصف، ولو لم يعلم أي طرف) منهما (أصابه ضمن النصف
استحسانا) زيلعي (ومن نحى حجرا وضعه آخر فعطب به رجل ضمن) لان فعل الأول نسخ
بفعل الثاني (كمن حمل على رأسه) أو ظهره (شيئا في الطريق فسقط منه على آخر أو دخل بحصير
أو قنديل أو حصاة في مسجد غيره) أي جعل فيه حصى أو بواري، ابن كمال (أو جلس فيه لا
للصلاة) ولو لقرآن أو تعليم (فعطب به أحد) كأعمى ضمن خلافا لهما (لا) يضمن (من سقط
167

منه رداء لبسه) عليه (أو أدخل هذه) الأشياء المذكورات (في مسجد حيه) أي محلته، لان تدبير المسجد لأهله
دون غيرهم ففعل الغير مباح فيتقيد بالسلامة (أو جلس فيه للصلاة).
والحاصل: أن الجالس للصلاة في مسجد حيه أو غيره لا يضمن، ولعير الصلاة يضمن
مطلقا خلافا لهما، واستظهر في الشرنبلالية معزيا للزيلعي وغيره قولهما، وقد حققته في شرح
الملتقى.
وفيه: لو استأجره ليبني أو ليحفر له في فناء حانوته أو داره فتلف به الأجير وإن بعده
168

فعلى شئ إن قبل فراغه فعلى الآمر، كما لو كان في غير فنائه ولم يعلم به الأجير، فإن علمه
فعليه كما لو أمره بالبناء في وسط الطريق لفساد الامر، ولو قال الآمر هو فنائي وليس لي حق
الحفر فعلى الأجير قياسا: أي لعلمه بفساد الامر فما أغره، وعلى المستأجر استحسانا ا ه‍.
قلت: وقد قدم هو وغيره القياس هنا، وظاهره ترجيحه سيما على دأب صاحب الملتقى
من تقديمه الأقوى، فتأمل (ومن حفر بالوعة في طريق بأمر السلطان أو في ملكه أو وضع خشبة
فيها) أي الطريق (أو قنطرة بلا إذن الإمام) وكذا كل ما فعل في طريق العامة (فتعمد رجل المرور
عليها لم يضمن) لان الإضافة للمباشر أولى من المتسبب، وبهذا تبين أن المتسبب إنما يضمن في
حفر البئر ووضع الحجر إذا لم يتعمد الواقع المرور، كذا في المجتبى.
وفيه: حفر في طريق مكة أو غيره من الفيافي لم يضمن، بخلاف الأمصار.
قلت: وبهذا عرف أن المراد بالطريق في الكتب الطريق في الأمصار دون الفيافي
169

والصحاري لأنه لا يمكن العدول عنه في الأمصار غالبا دون الصحاري (ولو استأجر) رجل
(أربعة لحفر بئر له فوقعت البئر عليهم) جميعا (من حفرهم فمات أحدهم فعلى كل واحد من
الثلاثة الباقية ربع الدية ويسقط ربعها) لان البشر وقع عليهم بفعلهم فقد مات من جنايته وجناية
أصحابه فيسقط ما قابل فعله. خانية وغيرها.
زاد في الجوهرة: وهذا لو البئر في الطريق، فلو في ملك المستأجر فينبغي أن لا يجب
شئ لان الفعل مباح فما يحدث غير مضمون ا ه‍.
قلت: ويؤخذ منه جواب حادثة: هي أن رجلا له كرم وأرضه تارة تكون مملوكة وعليها
الخراج كأراضي بيت المال وتارة تكون للوقف وتارة تكون في يده مدة طويلة ويؤدي خراجها
ويملك الانتفاع بها بغرس أو غيره فيستأجر هذا الرجل جماعة يحفرون له بئرا ليغرس فيه أشجار
العنب وغيره فيسقط على أحدهم، هل لورثته مطالبته بديته؟ قال المصنف: والحكم فيها أو
شبهها عدم وجوب شئ على المستأجر، وكذا على الاجراء كما يفيده كلام الجوهرة، ويحمل
إطلاق الفتاوى على ما وقع مقيدا لاتحاد الحكم والحادثة، والله أعلم.
170

فروع: لو استأجر رب الدار الفعلة لاخراج جناح أو ظلة فوقع فقتل إنسانا: إن قبل
فراغهم من عمله فالضمان عليهم، لأنه حينئذ لم يكن مسلما لرب الدار، ويضمن لو رش الماء
بحيث يزلق واستوعب الطريق، ولو رش فناء حانوت بإذن صاحبه فالضمان على الآمر
استحسانا، وتمامه في الملتقى، والتعالي أعلم.
فصل في الحائط المائل
(مال حائط إلى طريق العامة ضمن ربه) أي صاحبه (وما تلف) به من نفس إنسان أو حيوان
أو مال (أن طالب ربه) حقيقة أحكما كالواقف والقيم ولو حائط المسجد فتضمن عاقلة
الواقف، وكالقيم الولي والراهن والمكاتب
171

والعبد والتاجر وكذا أحد الشركاء، ولو الورثة استحسانا نعم. وفي الظهيرية: لو مات ربه عن
ابن فقط ودين مستغرق صح الاشهاد على الابن وإن لم يملك الدار. برجندي وغيره (بنقضه
مكلف مسلم أو ذمي) يعني من أهل الطلب فيشترط في الصبي والعبد إذن وليه ومولاه
بالخصومة. زيلعي (حر أو مكاتب وإن لم يشهد) ولا يصح قبل الميل لعدم التعدي (و)
الحال أنه (لم ينقضه) وهو يملك نقضه في مدة يقدر على نقضه فيها، لان دفع الضرر العام
واجب، ثم ما تلف به من النفوس فعلى العاقلة، ومن الأموال فعليه لان العاقلة لا تعقل المال،
ولا ضمان إلا بالاشهاد على ثلاثة أشياء: على التقدم إليه، وعلى الهلاك بالسقوط عليه، وعلى
كون الجدار ملكا له من وقت الاشهاد إلى وقت السقوط.
172

ولذا قال: (ولو تقدم إلي من) لا يملك نقضه ممن (يسكنها بإجارة أو إعارة أو إلى المرتهن
أو إلى المودع لا يعتد به) لعدم قدرتهم على التصرف، وحينئذ فلو سقط بعد التقدم لمن ذكر
(وأتلف شيئا فلا ضمان أصلا) لا على ساكن ولا مالك (كما لو خرج) الحائط (عن ملكه ببيع)
أو غيره كهبة. حاوي قدسي.
وكذا لو جن مطبقا أو أرتد ولحق وحكم بلحاقه ثم عاد أو أفاق. خانية (بعد الاشهاد ولو
قبل القبض) لزوال ولايته بالبيع ونحوه، وإن عاد ملكه بعده. حاوي وخانية. بخلاف الجناح
لبقاء فعله كما مر (وإن مال إلى دار إنسان) من مالك أو ساكن بإجارة أو غيرها فالإضافة لأدنى
ملابسة. قهستاني (فالطلب إليه) لان الحق له (فيصح تأجيله وإبراءه منها) أي من الجناية (وإن
مال إلى الطريق فأجله القاضي أو من طلب) النقض (لا) يبرأ لأنه بحق العامة وتصرف القاضي
في حق العامة نافذ فيما ينفعهم لا فينا يضرهم. ذخيرة. بخلاف تأجيل من بالدار.
ولو مال بعضه للطريق وبعضه للدار فأي طلب صح الطلب، لأنه إذا صح الاشهاد في
173

البعض صح في الكل. برجندي (فإن بنى مائلا ابتداء ضمن بلا طلب كما في إشراع الجناح
ونحوه) كميزاب لتعديه به (حائط بين خمسة أشهد على أحدهم فسقط على رجل ضمن) عاقلته
(خمس الدية) أي خمس ما تلف به من مال أو نفس لتمكنه من إصلاحه بمرافعته للحاكم.
(دار بين ثلاثة، حفر أحدهم فيها بئرا أو بنى حائطا فعطب به رجل ضمن ثلثي الدية)
لتعديه في الثلثين، وقد حصل التلف بعلة واحدة فيقسم بالحصة وقالا: أنصافا، لان التلف
قسمان: معتبر، وهدر.
(الاشهاد على الحائط إشهاد على النقض) بالكسر ما ينقض من الجدار وحينئذ (فلو وقع
الحائط على الطريق بعد الاشهاد فعثر إنسان بنقضه فمات ضمن) لان النقض ملكه فتفريغه عليه
(وإن عثر) رجل (بقتيل مات بسقوطها) أي الحائط (لا يضمنه) لان تفريغه للأولياء لا إليه،
بخلاف الجناح حيث يضمن ربه القتيل الثاني أيضا لبقاء جنايته فيلزمه تفريغ الطريق عن القتيل
أيضا، يؤيده أنه لو باع الحائط أو النقض برئ ولو باع الجناح لا. زيلعي (ولا يصح الاشهاد
قبل أن يهي الحائط) لانعدام التعدي ابتداء وانتهاء (وتقبل فيه شهادة رجل وامرأتين) لأنه شهادة
174

على التقدم لا على القتل.
فروع: حائط بعضه صحيح وبعضه واه فأشهد عليه فسقط كله وقتل إنسانا ضمنه، إلا أن
يكون الحائط طويلا فيضمن ما أصاب الواهي فقط لأنه حينئذ كحائطين، فالاشهاد يصح في
الواهي لا في الصحيح.
حائطان أحدهما مائل والآخر صحيح، فأشهد على المائل فسقط الصحيح فأتلف شيئا كان
هدرا. خانية. مسجد مال حائطه فالاشهاد على من بناه والدية على عاقلة من بناه، وحائط
الوقف على المساكين على عاقلة الوقف، وحائط العبد التاجر على عاقله مولاه ولو مستغرقا
استحسانا.
وقال ولي القتيل: إذا جاء غد عفوت عن القصاص، لا يصحح لأنه تمليك دل عليه مسألة
الأصل.
جارية قتلت رجلا عمدا فزنى بها ولي القتيل قبل أن يقتص لا يحد لأنها صارت مملوكة،
ولوالجية، والله تعالى أعلم.
باب جناية البهيمة عليها
الأصل أن المرور في طريق المسلمين مباح
175

بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه.
(ضمن الراكب في طريق العامة ما وطئت دابته وما أصابت بيدها أو رجلها أو رأسها أو
كدمت) بفمها (أو خبطت) بيدها أو صدمت (فلو حدثت) المذكورات (في السير في ملكه لم
يضمن ربها إلا في الوطئ وهو راكبها) لأنه مباشر لقتله بثقله فيحرم الميراث.
(ولو حدثت في ملك غيره بإذنه فهو كملكه) فلا يضمن كما إذا لم يكن صاحبها معها.
قهستاني (وإلا) يكن بإذنه ضمن ما تلف مطلقا لتعديه (لا) يضمن الراكب (ما نفحت برجلها)
أو ذنبها سائرة، خلافا للشافعي (أو عطب إنسان لما راثت أو بالت في الطريق سائرة
176

أو واقفة لأجل ذلك) لان بعض الدواب لا يفعله إلا واقفا (فلو) أوقفها (لغيره) فبالت (ضمن)
لتعديه بإيقافها إلا في موضع أذن الامام بإيقافها فلا يضمن، ومنه سوق الدواب، وأما باب
المسجد فكالطريق إلا إذا أعد الامام لها موضعا (فإن أصابت بيدها أو رجلها حصاة أو نواة
وأثارت غبارا أو حجرا ففقأ عينا) أو أفسد ثوبا (لم يضمن) لعدم إمكان الاحتراز عنه
(ولو) الحجر (كبيرا ضمن) لامكانه (وضمن السائق والقائد ما ضمنه الراكب) وصحح في الدرر
أنه مطرود منعكس (و) الراكب (عليه الكفارة) في الوطئ كما مر (لا عليهما) أي لا على سائق
177

وقائد، ولو كان سائق وراكب لم يضمن السائق على الصحيح خلافا لما جزم به القهستاني وغيره،
لان الإضافة إلى المباشر أولى من المتسبب كما مر: أي إذا كان سببا لا يعمل بانفراده إتلافا كما
هنا، أما في سبب يعمل بانفراده فيشتركان كما يأتي في مسألة نخس الدابة بإذن راكبها، فليحفظ
(وضمن عاقلة كل فارس) أو راجل (دية الآخر إن اصطدما وماتا منه) فوقعا على القفا (لو) كانا
(حرين) ليسا من العجم ولا عامدين ولا وقعا على وجوههما (ولو) كانا (عبدين) أو وقعا على
الوجه. ابن كمال (ويهدر دمهما) في العمد والخطأ شرنبلالية وغيرها، ولو كان من العجم فالدية
178

في مالهم كما مر مرارا، ولو كانت عامدين فعلى كل نصف الدية، ولو وقع أحدهما على وجهه
هدر دمه فقط، ولو أحدهما حرا والآخر عبدا فعلى عاقلة الحر قيمة العبد في الخطأ ونصفها في
العمد (كما لو تجاذب رجلان حبلا فانقطع الحبل فسقطا وماتا على القفا) هدر دمهما لموت كل
بقوة نفسه (فإن وقعا على الوجه وجب دية كل واحد منهما على عاقلة الآخر) لموته بقوة صاحبه
(فإن تعاكسا) بأن وقع أحدهما على القفا والآخر على الوجه (فدية الواقع على الوجه على عاقلة
الآخر) لموته بقوة صاحبه (وهدر) دم (من وقع على القفا) لموته بقوة نفسه (ولو قطع إنسان الحبل
بينهما فوقع كل منهما على القفا فمات فديتهما على عاقلة القاطع) لتسببه بالقطع (وعلى سائق دابة
179

وقع أداتها) أي آلاتها كسرج ونحوه (على رجل فمات وقائد قطار) بالكسر قطار الإبل (وطئ
بعير مرجلا الدية، وإن كان معه سائق ضمنا) لاستوائهما في التسبب، لكن ضمان النفس على
العاقلة وضمان المال في ماله، هذا لو السائق من جانب من الإبل، فلو توسطها وأخذ بزمام
واحد ضمن ما خلفه وضمنا ما قدامه وراكب وسطها يضمنه فقط ما لم يأخذ بزمام ما خلفه (فإن
قتل بعير ربط على قطار سائر بلا علم قائده رجلا) مفعول قتل (ضمن عاقلة القائد الدية رجعوا
بها على عاقلة الرابط) لان دية لا خسران كما توهمه صدر الشريعة، فلو ربط والقطار واقف
ضمنها عاقلة القائد بلا رجوع لقوده بلا إذن.
180

(ومن أرسل بهيمة) أو كلبا ملتقى (وكان خلفها سائقا لها فأصابت في فورها ضمن) لأنه
الحامل لها، وإن لم يمش خلفا فما دامت في دورها فسائق حكما، وإن تراخى انقطع السوق،
فالمراد بالسوق المشي خلفها والمراد بالدابة الكلب. زيلعي (وإن أرسل طيرا) ساقه أو لا أو دابة
(أو كلبا ولم يكن سائقا) له (أو انفلتت دابة) بنفسها (فأصابت مالا أو آدميا نهارا أو ليلا لا
ضمان) في الكل لقوله (ص): العجماء جبار. أي المنفلتة هدر (كما لو حجمت)
الدابة (به) أي بالراكب ولو سكران (ولم يقدر) الراكب (على ردها) فإنه لا يضمن كالمنفلتة، لأنه
حينئذ ليس بمسير لها فلا يضاف سيرها إليه حتى لو أتلفت إنسانا فدمه هدر.
181

عمادية.
(ومن ضرب دابة عليها راكب أو نخسها) بعود بلا إذن الراكب (فنفحت أو ضربت بيدها)
شخصا (آخر) غير الطاعن (أو نفرت فصدمته وقتلته ضمن هو) أي الناخس (لا الراكب) وقال
أبو يوسف: يضمنان نصفين كما لو كان موقفا دابته على الطريق لتعديه في الايقاف أيضا، وكما
لو كان بإذنه ووطئت أحدا في فورها فدمه عليهما ولو نفحت الناخس فدمه هدر، ولو ألقت
182

الراكب فقتلته فديته على عاقلة الناخس، ثم الناخس إنما يضمن لو الوطئ فور النخس، وإلا
فالضمان على الراكب لانقطاع أثر النخس. درر وبزازية (و) ضمن (في فق ء عين دجاجة أو شاة
قصاب) أو غبره (ما نقصها) لأنها اللحم، وفي عينيها: يخير ربها إن شاء تركها على الفاقيء
وضمنه قيمتهما أو أمسكها وضمنه النقصان. زيلعي (وفي عين بقرة جزار وجزوره) أي إبله فائدة
الإضافة عدم اعتبار الاعداد للحم في الحكم الآتي. ابن كمال (وحمار وبغل وفرس ربع القيمة)
لان إقامة العمل إنما يمكن بأربع أعين عيناها وعينا مستعملها فصار كأنها ذات أعين أربع.
183

وقال الشافعي رضي الله عنه: كالشاة، والفرق ما قدمناه، لكن يرد عليه أنه لو فقأ عيني حمار
مثلا أنه يضمن نصف قيمته، وليس كذلك كما مر.
فالأولى التمسك بما روي: أنه (ص) قضى في عين الدابة بربع القيمة
والتقييد بالعين لأنه لو قطع أذنها أو ذنبها يضمن نقصانها، وكذا لسان الثور والحمار، وقيل: جميع
القيمة كما لو قطع إحدى قوائمها فإنه يضمن قيمتها، وعليه الفتوى: أي لو غير مأكول، وإن
مأكولا خير كما مر في العينين، لكن في العيون: إن أمسكه لا يضمنه شيئا عند أبي حنيفة،
وعليه الفتوى. وعرجها كقطعها.
184

فروع: نقل المصنف عن الدرر: له كلب يأكل عنب الكرم فأشهد عليه فيه فلم يحفظه حتى
أكل العنب لم يضمن، وإنما يضمن فيها أشهد عليه فيما يخاف تلف بني آدم كالحائط المائل ونطح
الثور وعقر كلب عقور فيضمن إذا لم يحفظه ا ه‍.
قال المصنف: ويمكن حمل المتلف في قول الزيلعي: وإن أتلف الكلب فعلى صاحبه
الضمان إن كان تقدم عليه قبل الاتلاف، وإلا فلا كالحائط المائل على الآدمي ا ه‍. فيحصل
التوفيق.
قلت: وقد وقع الاستفتاء عمن له نحل يضعه في بستانه فيخرج فيأكل العنب الناس
وفواكههم، هل يضمن رب النحل ما أتلفه النحل من العنب ونحوه أم لا، وهل يؤمر بتحويله
عنهم إلى مكان آخر أم لا؟
وجوابه: أنه لا يضمن ربه شيئا مطلقا، أشهدوا عليه أم لا، أخذا من مسألة الكلب بل
أولى، وكذا ذكره المصنف في معينه.
لكن رأيت في فتواه أنه أفتى بالضمان في مسألة النحل، فراجعه عند الفتوى، وأما تحويله
عن ملكه فلا يؤمر لذلك على ما هو ظاهر المذهب.
وأما جواب المشايخ فينبغي أن يؤمر بتحويله إذا كان الضرر بينا على ما عليه الفتوى
185

وفي الصيرفية جمار يأكل حنطة انسان فلم يمنعه حتى أكل الصحيح ضمانه أدخل غنما
أو ثورا أو فرسا أو حمارا في زرع أو كرم: إن سائقا ضمن ما أتلف، وإلا لا. وقيل: يضمن.
وتمامه في البزازية ا ه‍.
باب جناية المملوك والجناية عليه
اعلم أن جنايات المملوك لا توجب إلا دفعا واحدا لو محلا، وإلا فقيمة واحدة، ولو فدى
القن ثم جني فكالأول ثم وثم، بخلاف المدبر وأختيه فإنها لا توجب إلا قيمة واحدة وسيتضح
(جنى عبد خطأ) التقييد بالخطأ هنا إنما يفيد
186

في النفس لان بعمده يقتص، وأما فيما دونها فلا يفيد لاستواء خطئه وعمده فيها دونها، ثم إنما
يثبت الخطأ بالبينة أو إقرار مولاه، أو علم القاضي لا بإقراره أصلا. بدائع.
قلت: لكن قوله أو علم القاضي على غير المفتى به، فإنه لا يعمل بعلم القاضي في
زماننا، شرنبلالية عن الأشباه وتقدم (دفعه مولاه) إن شاء (بها فيملكه وليها أو) إن شاء (فداه
بأرشها حالا) لكن الواجب الأصل هو الدفع على الصحيح ولذا سقط الواجب بموته، بخلاف
موت الحر كما ذكره المصنف وغيره.
187

لكن في الشرنبلالية عن (السراج) والجوهرة للبزدوي أن الصحيح أنه الفداء، حتى لو اختاره
ولم يقدر عليه أداه متى وجد، ولم يبرأ بهلاك العبد، وعلله الزيلعي وغيره بأنه اختار أصل
حقهم، فبطل حقهم في العبد عند أبي حنيفة ا ه‍. ومفاده: أن الأصل عنده الفداء لا الدفع.
وأفاد شارح المجمع في تعليل الامام أن الواجب أحدهما، وأنه متى اختار أحدهما تعين، لكنه
قدم أن الدفع هو الأصل وأنه ليس في لفظ الكتاب دلالة عليه (فإن فداه فجنى بعده فهي
كالأولى) حكما (فإن جنى جنايتين دفعه بهما إلى وليهما أو فداه بأرشهما، وإن وهبه) أو أعتقه أو
دبره أو استولدها المولى (أو باعه غير عالم بها) بالجناية (ضمن الأقل من قيمته و) الأقل (من
188

الأرش، وإن علم بها غرم الأرش) فقط إجماعا (كبيعه) عالما بها (وكتعليق عتقه بقتل زيد أو رميه
أو شجه ففعل) العبد ذلك كما يصير فارا بقوله إن مرضت فأنت طالق ثلاثا.
(وإن قطع عبد يد حر عمدا ودفع إليه فأعتقه فمات من السراية فالعبد صلح بها) أي
بالجناية، لان عتقه دليل تصحيح الصلح (وإن لم يعتقه) وقد سرى (يرد على سيده فيقتل أو
يعفى) لبطلان الصلح.
(فإن جنى مأذون له مديون خطأ فأعتقه سيده بلا علم بها غرم لرب الدين الأقل من قيمته
ومن دينه و) غرم (لوليها الأقل منها) أي القيمة (ومن الأرش، ولو أتلفه) أي العبد الجاني (أجنبي
فقيمة واحدة لمولاه) لا غير (فإن ولدت مأذونة مديونة بيعت مع ولدها في الدين) إن كانت
189

الولادة بعد لحوق الدين، فلو ولدت ثم لحقها دين لم يتعلق حق الغرماء بالولد، بخلاف أكسابها
فإن جنت فولدت لم يدفع الولد له) أي لولي الجناية لتعلقها بذمة المولى لا ذمتها، بخلاف الدين
(عبد) لرجل.
(زعم رجل أن سيده حرره فقتل) العبد المعتق (وليه) أي ولي الزاعم عتقه (خطأ فلا شئ
للحر عليه) لأنه بزعمه عتقه أقر أنه لا يستحق العبد، بل الدية، لكنه لا يصدق على العاقلة إلا
بحجة (فإن قال معتق) رقه معروف لرجل (قتلت أخاك) يخاطب به مولاه الذي أعتقه (خطأ قبل
عتقي فقال الأخ) الذي هو المولى (لا بل بعده صدق الأول) لأنه منكر للضمان وإن قال لها
قطعت يدك وأنت أمتي وقالت) هي لا بل (فعلت بعد العتق فالقول لها) لأنه أقر بسبب الضمان
ثم ادعى ما يبرئه فلا يكون القول له (وكذا القول لها في كل ما أخذه) المولى (منها) من المال لما
ذكرنا استحسانا (إلا الجماع والغلة) فالقول له لإسناده لحالة معهودة منافية للضمان.
190

عبد محجور أو صبي أمر صبيا بقتل رجل فقتله فديته على (عاقلة القاتل) لان عمد الصبي
خطأ،
(ورجعوا على العبد بعد عتقه) وقيل: لا (لا على الصبي الآمر أبدا) لقصور أهليته (وإن كان
مأمور العبد) عبدا (مثله دفع سيد القاتل أو فداه في الخطأ، ولا رجوع له على الآمر في الحال،
ويرجع بعد العتق بالأقل من الفداء وقيمة العبد) لأنه مختار في دفع الزيادة لا مضطر (وكذا)
الحكم في العمد (إن كان العبد القاتل صغيرا) لان عمده خطأ (فإن كبيرا اقتص) منه.
(عبد حفر بئرا فأعتقه مولاه ثم وقع فيها إنسان أو أكثر فهلك فلا شئ عليه) لان جناية
العبد لا توجب عليه شيئا
191

(ويجب على المولى قيمة واحدة) ولو الواقع ألفا. زيلعي (فإن قتل) عبد (عمدا) رجلين (حرين
لكل) منهما (وليان فعفا أحد ولي كل منهما دفع السيد نصفه إلى الحرين) اللذين لم يعفوا (أو فداه
بدية) كاملة، لأنه بذلك العفو سقط القود وانقلب مالا، وهو ديتان، وسقط دية نصيب العافيين
وبقي دية نصيب الساكتين، أو يدفع نصفه لهما.
(فإن قتل) العبد أحدهما عمدا والآخر خطأ وعفا أحد ولي العمد فدى بدية لولي الخطأ
ونصفها لاحد ولي العمد الذي لم يعف (أو دفع إليهما وقسم أثلاثا عولا) عنده وأرباعا منازعة
عندهما (فإن قتل عبدهما قريبهما وإن عفا أحدهما بطل كله)، وقالا: يدفع الذي عفا نصف نصيبه
للآخر أو يفديه بربع الدية، وقيل: محمد مع الامام، ووجهه: أنه انقلب بالعفو مالا والمولى لا
يستوجب على عبده دينا
192

فلا تخلفه الورثة فيه. والله أعلم.
فصل في الجناية على العبد
(دية العبد قيمته، فإن بلغت هي دية الحر و) بلغت قيمة الأمة دية الحرة (نقص من كل)
من دية عبد وأمة (عشرة) دراهم إظهارا لانحطاط رتبة الرقيق عن الحر، وتعيين العشرة بأثر ابن
مسعود رضي الله تعالى عنه، وعنه من الأمة خمسة، ويكون حينئذ على العاقلة في ثلاث سنين
خلافا لأبي يوسف (وفي الغصب تجب القيمة بالغة ما بلغت) بالاجماع (وما قدر من دية الحر قدر
من قيمته) وحينئذ (ففي يده نصف قيمته) بالغة ما بلغت في الصحيح. درر. وقيل: لا يزاد على
خمسة آلاف إلا خمسة،
193

جزم به في الملتقى وتجب حكومة عدل في لحيته في الصحيح، وقيل: كل قيمته.
(قطع يد عبد فحرره سيده فسر فمات منه) وله (للعبد ورثة غيره) غير المولى (لا ينقص)
لاشتباه من له الحق (وإلا) يكن له غير المولى (اقتص منه) خلافا لمحمد (قال) لعبديه (أحدهما حر
فشجا فبين المولى العتق في أحدهما) بعد الشج (فأرشهما للسيد) لان البيان كالانشاء، ولو قتلا
فدية حر وقيمة عبد لو القاتل واحدا معا
194

وقيمتهما سواء، وإن قتل كلا واحد معا أو على التعاقب ولم يدر الأول فقيمة العبدين. زيلعي.
(فقأ رجل (عيني عبد) خير مولاه: إن شاء (دفع مولاه عبده) المفقوء للفاقئ (وأخذ) منه
(قيمته) كاملة (أو أمسكنه ولا يأخذ منه النقصان، وقالا: له أخذ النقصان. وقال الشافعي) ضمنه
القيمة وأمسك الجثة العمياء (ولو جنى مدبر أو أم ولد ضمن السيد الأقل من القيمة ومن الأرش)
لقيام قيمتهما مقامهما (فإن دفع القيمة بقضاء فجنى المدبر أو أم الولد جناية أخرى يشارك الثاني
الأول) إذ ليس في جناياته كلها إلا قيمة واحدة، ولا شئ على المولى لأنه مجبور على الدفع (ولو)
195

دفع القيمة لولي الأولى (بغير قضاء اتبع السيد) بحصته من القيمة ورجع بها على الأول لأنه قبضه
بغير حق، لان المولى لا يجب عليه إلا قيمة واحدة (أو) اتبع (ولي الجناية) الأولى، وقالا: لا
شئ على المولى (وإن أعتق) المولى (المدبر وقد جنى جنايات لم تلزمه) أي المولى (إلا قيمة واحدة
علم بالجناية) قبل العتق (أولا) لان حق الولي لم يتعلق بالعبد، فلم يكن مفوتا بالاعتاق (وأم
الولد كالمدبر) فيما مر.
(أقر المدبر أو أم الولد بجناية توجب المال لم يجز إقراره) لأنه إقرار على المولى (بخلاف ما إذا
أقر بالقتل عمدا فإنه يصح إقراره) على نفسه (فيقتل به) ولو جنى المدبر خطأ فمات لم تسقط
قيمته عن مولاه، ولو قتل المدبر مولاه خطى سعى في قيمته، ولو عمدا قتله الوارث أو استسعاه
في قيمته ثم قتله. درر. والله أعلم.
196

فصل في غصب القن وغيره
(قطع يد عبده فغصبه رجل) وسرى فمات (منه ضمن) الغاصب (قيمته أقطع، وإن قطع
يده وهو في يد غاصب فمات منه برئ) الغاصب لصيرورته متلفا فيصير مستردا.
(غصب عبد محجور مثله فمات في يده ضمن) لان المحجور مؤاخذ بأفعاله لا بأقواله إلا
بعد عتقه.
(مدبر جنى عند غاصبه) فرد (ثم جنى عند سيده) أخرى (ضمن السيد قيمته لهما) نصفين
(ورجع) المولى (بنصف قيمته على الغاصب ودفعه: أي دفع المولى نصف قيمته (إلى) ولي الجناية
(الأول) لان حقه لم يجب إلا والمزاحم قائم
197

(ثم رجع) المولى (به على الغاصب) لأنه أخذ منه بسبب كان عند الغاصب (وبعكسه) بأن جنى
عند مولاه ثم عند غاصبه (لا يرجع) المولى على الغاصب (به ثانيا) لان الجناية الأولى كانت في يد
مالكه (والقن) في الفصلين (كالمدبر غير أن المولى يدفع العبد) نفسه (هنا وثمة) أي في المدبر
(القيمة) كما مر (مدبر جنى عند غاصبه فرده فغصب) ثانيا (فجنى عنده) كان (على سيده قيمته
لهما ورجع بقيمته على الغاصب) لكونهما عنده (ودفع) المولى (نصفها) أي القيمة المأخوذة ثانيا
(إلى) ولي الجناية (الأول ورجع) المولى (بذلك النصف على الغاصب) وأم الولد في كلها كمدبر.
(غصب) رجل (صبيا حرا) لا يعبر عن نفسه، والمراد بغصبه الذهاب به بلا إذن وليه
(فمات) هذا الحر (في يده فجأة أو بحمى لم يضمن، وإن مات بصاعقة أو نهش حية فديته على
عاقلة الغاصب) استحسانا لتسببه بنقله لمكان الصواعق أو الحيات، حتى لو نقله
198

لموضع يغلب فيه الحمى والأمراض ضمن، فتجب فيه الدية على العاقلة لكونه قتلا تسببا، هداية
وغيرها.
قلت: بقي لو نقل الحر للكبير لهذه الأماكن تعديا: إن مقيدا ولم يمكنه التحرز عنه
ضمن، وإن لم يمنعه من حفظ نفسه لا لأنه بتقصيره، فحكم صغير ككبير مقيد. عناية (ولو
غصب صبيا فغاب عن يده حبس) الغاصب (حتى يجئ به أو يعلم موته) خانية، كما لو خدع
امرأة رجل حتى وقعت الفرقة بينهما فإنه يحبس حتى يردها أو تموت. خلاصة.
(أمر ختانا ليختن صبيا ففعل) الختان ذلك (فقطع حشفته ومات الصبي) من ذلك (فعلى
عاقلة الختان نصف ديته، وإن لم يمت فعلى عاقلته كلها) وقد تقدمت في باب ضمان الأجير وفي
199

معاياة الوهبانية نظما:
ومن ذا الذي إن مات مجنيه فما عليه إذا مات بالموت يشطر
(كمن حمل صبيا على دابة وقال: أمسكها لي فسقط الصبي ولم يكن منه تسيير فمات كان
على عاقلة من حمله ديته) أي دية الصبي (كان الصبي ممن يركب مثله أولا) يركب. وتمامه في
الخانية (كصبي أودع عبدا فقتله) أي قتل الصبي العبد المودع ضمن عاقلة الصبي قيمته (فإن أودع
طعاما) بلا إذن وليه، وليس مأذونا له في التجارة (فأكله لم يضمن) لأنه سلطه عليه. وقال أبو
يوسف والشافعي: يضمن. وكذا لو أودع عبد محجور مالا فاستهلكه ضمنه بعد عتقه. وعند أبي
يوسف والشافعي: في الحال، وكذا الخلاف لو أعيرا أو أقرضا، ولو كان بأن أو مأذونا ضمن
الاجماع كما لو استهلك الصبي مال الغير بلا وديعة ضمنه للحال.
قلت: وهذا كله لو الصبي عاقلا: وإلا فلا يضمن بالاجماع. وتمامه في العناية
والشرنبلالية عن الشلبي ومسكين، على خلاف ما في الملتقى والهداية والزيلعي، فليحفظ.
200

باب القسامة
هي لغة: بمعنى القسم وهو اليمين مطلقا: وشرعا: اليمين بالله تعالى بسبب مخصوص
وعدد مخصوص على شخص مخصوص على وجه مخصوص، وسيأتي بيانه (ميت) حر ولو ذميا أو
مجنونا. شرنبلالية (به جرح أو أثر ضرب أو خنق أو خروج دم من أذنه أو عينه وجد في محله أو)
وجد (بدنه أو أكثره) من أي جانب كان (أو نصفه مع رأسه) والنص وإن ورد في البدن لكن
201

للأكثر حكم الكل، حتى لو وجد أقل من نصفه ولو مع رأسه لا لئلا يؤدي لتكرار القسامة في
قتيل واحد وهو غير مشروع (ولم يعلم قاتله) إذ لو علم كان هو الخصم وسقط القسامة (وادعى
وليه القتل على أهلها) أي المحلة كلهم (أو) ادعى على (بعضهم حلف خمسون رجلا منهم يختارهم
الولي بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا) بأن يحلف كل منهم بالله ما قتلت ولا علمت له قاتلا (لا
يحلف الولي) وقال الشافعي: إن كان ثمة لوث استحلف الأولياء خمسين يمينا أن أهل المحلة قتلوه
202

ثم يقضي بالدية على المدعى عليه، وقضى مالك بالقود لو الدعوى بالعمد (ثم قضى على أهلها
بالدية) لا مطلقا بل (إن وقعت الدعوى بقتل عمد وإن) وقعت الدعوى (بخطأ فعلى) أي فيقضي
بالدية على (عواقلهم) كما في شرح المجمع معزيا للذخيرة والخانية.
ونقل ابن الكمال عن المبسوط أن في ظاهر الرواية القسامة على أهل المحلة والدية على
عواقلهم: أي في ثلاث سنين، وكذا قيمة القن تؤخذ في ثلاث سنين. شرنبلالية (وإن لم يتم
العدد كرر الحلف عليهم ليتم خمسين يمينا، وإن تم) العدد (وأراد الولي تكراره لا، ومن نكل
منهم حبس حتى يحلف
203

على الوجه المذكور هنا) هذا في دعوى القتل العمد، أما في الخطأ فيقضي بالدية على عاقلتهم ولا
يحبسون. ابن كمال معزيا للخانية.
ولو أقر على نفسه أو عبده قبل إقراره، ولو على غيره فصدقه الولي سقط التحليف عن أهل
المحلة (ولا قسامة على صبي ومجنون وامرأة وعبد، ولا قسامة ولا دية في ميت لا أثر به) لأنه
ليس بقتيل، لان القتيل عرفا هو فائت الحياة بسبب مباشرة الحي، وأنه مات حتف أنفه والغرامة
تتبع فعل العبد (أو يسيل دم من فمه أو أنفه أو دبره أو ذكره) لان الدم يخرج منها عادة بلا فعل
أحد، بخلاف الاذن والعين
204

(أو نصف منه) أي لا قسامة فنصف ميت (شق طولا أو أقل منه) أي من نصفه (ولو معه
الرأس) لما مر (أو على رقبته) أي الميت (حية ملتوية) لأن الظاهر أنه مات بها. بزازية (وما تم
خلقه ككبير) أي وجد سقط تام الخلقة به أثر الضرب وجبت القسامة والدية. وفي الظهيرية ما
يخالفه (فإن ادعى الولي على واحد من غيرهم) كان إبراء منه لأهل المحلة و (سقطت) القسامة
عنهم (و) إن ادعى الولي (على معين منهم لا) تسقط، وقيل: تسقط (قتيل على دابة معها سائق أو
قائد أو راكب فديته على عاقلته) دون أهل المحلة لأنه في يده فصار كأنه في داره (ولو اجتمع)
فيها (سائق وقائد وراكب فالدية عليهم جميعا وإن لم تكن ملكا لهم)
205

عملا بيدهم. وقيل: القسامة والدية على مالك الدابة كالدار. وقيل: لا يجب على السائق إلا إذا
كان يسوقها مختفيا، وبه جزم في الجوهرة وإن لم يكن معها أحد فالدية والقسامة على أهل المحلة
التي فيها القتيل على الدابة (وإن مرت دابة عليها قتيل بين قريتين) أو قبيلتين (فعلى أقربهما) لما
روي: أنه (ص) أمر في قتيل وجد بين قريتين بأن يذرع، فوجد إلى أحدهما أقرب
بشبر فقضى عليها بالقسامة ولو استويا فعليهما، وقيد الدابة اتفاقي. قهستاني بشرط سماع
الصوت منهم هكذا عبارة الزيلعي.
وعبارة الدرر وغيرها منه عبارة البرجندي نقلا عن الكافي يسمعون صوته لأنه حينئذ
يلحقه الغوث فينسبون إلى التقصير في النصرة (وإلا) بأن كان في موضع لا يسمع منه الصوت
(لا) تلزمهم نصرته فلا ينسبون إلى التقصير فلا يجعلون قاتلين تقديرا (ويراعى حال المكان الذي
206

وجد فيه القتيل فإن كان مملوكا تجب القسامة على الملاك والدية على عاقلتهم) وكذا لو موقوفا على
أرباب معلومين، لان العبرة للملك والولاية كما أفاده المصنف مستندا للولوالجية والبزازية.
قلت: وسيجئ التصريح به في المتن تبعا للدرر وغيرها وحينئذ، فلا عبرة للقرب إلا إذا
وجد في مكان مباح لا ملك لاحد ولا يد، وإلا فعلى ذي الملك واليد، والمراد بالولاية واليد
الخصوص ولو لجماعة يحصون، فلو لعامة المسلمين فلا قسامة ولا دية على أحد. بدائع. لكن
سيجئ وجوبا في بيت المال، فتأمل، والمراد باليد أيضا المحقة.
وأما الأراضي التي لها مالك أخذها وال ظلما فينبغي أن يكون القتيل فيها هدرا لأنه ليس
على الغاصب دية. قهستاني عن الكرماني، فليحرر
207

(وإن مباحا لكنه في أيدي المسلمين تجب الدية في بيت المال) لما ذكرنا أنه إذا كان بحال يسمع منه
الصوت يجب عليه الغوث. كذا في الولوالجية. وفيها (ولو وجد) قتيل (في أرض رجل إلى
جانب قرية ليس صاحب الأرض منها) أي من أهل القرية (فهي عليه) على رب الأرض (لا على
أهلها) أي القرية لان العبرة للملك والولاية ا ه‍.
قلت: فهذا صريح في أن القرب إنما يعبر إذا وجد في أرض مباحة لا مملوكة ولا
موقوفة، لان تدبيره لأربابه، وسيجئ متنا فتنبه (وإن وجد في دار إنسان فعليه القسامة) لو
عاقلته حضورا دخلوا في القسامة أيضا خلافا لأبي يوسف. ملتقى (والدية على عاقلته) إن ثبت
أنها لها بالحجة كما سيجئ وكان له عاقلة وإلا فعليه (وهي) أي الدية والقسامة (على أهل الخطة)
الذين حط لهم الامام أول الفتح، ولو بقي منهم واحد (دون السكان والمشترين) وقال أبو
يوسف: كلهم مشتركون (فإن باع كلهم فعلى المشترين) بالاجماع (وإن وجد في دار بين قوم
208

لبعض أكثر فهي على) عدد (الرؤوس) كالشفعة (وإن بيعت ولم تقبض) حتى وجد فيها قتيل
(فعلى عاقلة البائع، وفي البيع بخيار على عاقلة ذي اليد) خلافا لهما (ولا تعقل عاقلة حتى يشهد
الشهود أنها) أي الدار التي فيها قتيل (لذي اليد) ولو هو القتيل كما سيجئ، ولا يكفي مجرد
اليد حتى لو كان به لم تلد عاقلته ولا نفسه درر. معللا بأنه لا يمكن الايجاب على الورثة للورثة.
لكن فيه بحث لما تقرر أن الدية للمقتول حتى يقضي منه ديونه، وإن لم يبق للورثة شئ ثم
الورثة يخلفون فيكون الايجاب على الورثة للميت لا للورثة. كذا قيل.
209

قلت: وقد يقال: لما كان هو لا يدي لنفسه فغيره بالأولى لقوة الشبهة، فتأمل (وإن) وجد
(في الفلك فالقسامة) والدية ضرر (على من فيها من الركاب والملاحين) اتفاقا لأنه في أيديهم
كالدابة (وكذا العجلة) حكمها كفلك (وفي مسجد محلة وشارعها) الخاص بأهلها كما أفاده ابن
كمال مستندا للبدائع، وقد حققه منلا خسرو وأقره المصنف (على أهلها وسوق مملوك على الملاك)
وعند أبي يوسف: على السكان. ملتقى (وفي غيره) أي غير المملوك‍ (والشارع الأعظم) هو النافذ
(والسجن والجامع) وكل مكان يكون التصرف فيه لعامة المسلمين لا لواحد منهم ولا لجماعة
يحصون
210

(لا قسامة) ولا دية على أحد. ابن كمال (و) إنما (الدية على بيت المال) لان الغرم بالغنم، ثم
إنما تجب الدية فيما لو ذكر على بيت المال (إن كان نائيا) أي بعيدا (عن المحلات وإلا) يكن نائيا
بل قريبا منها (فعلى أقرب المحلات إليه) الدية والقسامة لأنه محفوظ بحفظ أهل المحلة، فتكون
القسامة والدية على أهل المحلة، وكذا في السوق النائي إذ كان من يسكنها في الليالي، أو كان
لاحد فيها دار مملوكة تكون القسامة والدية عليه لأنها يلزمه صيانة ذلك الموضع، فيوصف
بالتقصير، فيجب عليه موجب التقصير كما في العناية معزيا للنهاية.
قلت: وبه أفتى المرحوم أبو السعود أفندي مفتي الروم، واعتمده المصنف وإن خلا عنه
المتون، لأنه مصرح به في غالب الفتاوى والشروح، فليحفظ (ويهدر لو) وجد (في برية أو وسط
الفرات) إذا كان يمر به الماء لا محتبسا كما سيجئ، إذ لا يد لاحد. وقيل: إذا كان موضع
انبعاث مائة في دار الاسلام تجب الدية في بيت المال، لأنه في أيدي المسلمين، ابن كمال (وفي
211

نهر صغير) هو ما يستحق به الشفعة (على أهله) لاختصاصهم به (ولو كانت البرية مملوكة) أو
وقفا (لاحد) كما مر وسيجئ (أو كانت قريبة من القرية) أو الأخبية أو الفسطاط بحيث يسمع
منه الصوت (تجب على المالك) أو ذي اليد (أو على أهل القرية) أو أقرب الأخبية. زيلعي (ولو
محتبسا بالشط) أو بالجزيرة أو مربوطا أو ملقى على الشط (فعلى أقرب) المواضع إليه في من القرى
والأمصار. زاد في الخانية: والأراضي، وأقره المصنف (إذا كان يصل صوت أهل الأرض
والقرى إليه وإلا لا) كما مر (وإن التقى قوم بالسيوف فأجلوا) أي تفرقوا (عن قتيل فعلى أهل
المحلة) لان حفظها عليهم (إلا أن يدعي الولي على أولئك أو) يدعي (على) بعض (معين منهم)
فلم يكن على أهل المحلة شئ ولا على أولئك حتى يبرهن، لان بمجرد الدعوى لا يثبت الحق،
وبرئ أهل المحلة لان قوله حجة عليه (ومستحلف) على صيغة اسم المفعول.
قال قتله زيد حلف بالله ما قتلت ولا عرفت له قاتلا غير زيد) ولا يقبل قوله في حق من
يزعم أنه قتله (وبطل شهادة بعض أهل المحلة بقتل غيرهم) خلافا لهما (أو) بقتل (واحد منهم)
212

بعينه للتهمة (ومن خرج في حي فنقل) منه (فبقي ذا فراش حتى مات فالدية والقسامة على) ذلك
(الحي) خلافا لأبي يوسف، فلو معه جريح به رمق فحمله آخر لأهله مدة فمات لم
يضمن عند أبي يوسف، وفي قياس قول أبي حنيفة يضمن
213

(وفي رجلين بلا ثالث وجد أحدهما قتيلا ضمن الآخر) لأن الظاهر أن الانسان لا يقتل نفسه
(ديته) عند أبي حنيفة خلافا لمحمد (وفي قتيل قرية لامرأة كرر الحلف عليها وتدي عاقلتها)
وعند أبي يوسف: القسامة على العاقلة أيضا. قال المتأخرون: والمرأة تدخل في التحمل مع
العاقلة في هذه المسألة، كذا في الملتقى، وهو الأصح ذكره الزيلعي (وإن وجد) قتيل (في دار
214

نفسه فالدية على عاقلة ورثته) عند أبي حنيفة (وعندهما وزفر: لا شئ فيه) أي في القتيل المذكور
(وبه يفتى) كذا ذكره منلا خسرو تبعا لما رجحه صدر الشريعة وتبعهما المصنف، وخالفهم ابن
الكمال فقال لهما: إن الدار في يده حين وجه الجرح فيجعل كأنه قتل نفسه فيكون هدرا، وله
أن القسامة إنما تجب بظهور القتيل، وحال ظهوره الدار لورثته فديته على عاقلتهم، لا يقال
العاقلة إنما يتحملون ما يجب على الورثة تخفيفا لهم، ولا يمكن الايجاب على الورثة للورثة، لان
الايجاب ليس للورثة بل للقتيل حتى تقضى منه ديونه وتنفذ وصاياه ثم يخلفه الوارث فيه، وهو
نظير الصبي والمعتوه إن قتل أباه تجب الدية على عاقلته وتكون له ميراثا، فتنبه (ولو وجد في
أرض موقوفة أو دار كذلك) يعني موقوفة (على أرباب معلومة فالقسامة والدية على أربابها) لان
تدبيره إليهم (وإن كانت) الأرض أو الدار (موقوفة على المسجد فهو كما لو وجد فيه) أي في
215

المسجد. زيلعي ودرر وسراجية وغيرها. وقد قدمناه.
قلت: والتقييد بكون الأرباب الموقوف عليهم معلومين ليخرج غير المعلومين، كما لو كان
وقفا على الفقراء والمساكين، فإن الظاهر أن الدية تكون في بيت المال، لأنه حينئذ يكون من جملة
ما أعد لمصالح المسلمين فأشبه الجامع، قاله المصنف بحثا (ولو وجد في معسكر في فلاة غير
مملوكة ففي الخيمة والفسطاط على من يسكنهما وفي خارجهما) أي الخيمة والفسطاط (إن كانوا)
أي ساكنوا خارجها (قبائل فعلى قبيلة وجد القتيل فيها، ولو بين قبيلتين كان) حكمه (كما) مر
(بين القريتين) ولو نزلوا جملة مختلفين فعلى كل العسكر، ولو كانوا قد قاتلوا عدوا فلا قسامة ولا
دية، ملتقى (ولو) كانت الأرض التي نزل فيها العسكر (مملوكة فعلى المالك) بالاجماع لأنهم
سكان، ولا يزاحمون المالك في القسامة والدية، درر. لكن في الملتقى خلافا لأبي يوسف، فتنبه
(و) فيها (لو وجد في قرية لأيتام لم يكن على الأيتام قسامة وهي على عاقلتهم) لأنهم ليسوا من
أهل اليمين (وإن كان فيهم مدرك فعليه) لأنه من أهل اليمين، ولوالجية.
216

فروع: لو وجد في دار صبي أو معتوه فعلى عاقلتهما، ولو في دار ذمي حلف خمسين
ويدي من ماله، ولو تعاقلوا فعلى العاقلة، ولو مر رجل في محله فأصابه سهم أو حجر ولم يدر
من أين ومات منه فعلى أهل المحلة القسامة والدية، سراجية.
وفي الخانية: وجد بهيمة أو دابة مقتولة فلا شئ فيها، وإن وجد مكاتب أو مدبر أو أم
ولد قتيلا في محله فالقسامة والقيمة على عواقلهم في ثلاث سنين، ولو وجد العبد قتيلا في دار
مولاه فهدر، إلا مديونا فقيمته على مولاه لغرمائه حالة، وإلا مكاتبا فقيمته على مولاه مؤجلة،
ولو وجد المولى قتيلا في دار مأذونه مديونا أو لا فعلى عاقلة المولى، ولو وجد الحر قتيلا في دار
أبيه أو إماء أو المرأة في دار زوجها فالقسامة والدية على العاقلة ولا يحرم من الميراث ا ه‍.
217

كتاب المعاقل
(هي جمع معقل) بفتح فسكون فضم (وهي الدية) وتسمى عقلا لأنها تعقل الدماء من أن
تسفك: أي تمسكه، ومنه العقل لأنه يمنع القبائح (والعاقلة أهل الديوان) وهم العسكر، وعند
الشافعي: أهل العشيرة وهم العصبات (لمن هو منهم فيجب عليهم كل دية وجبت بنفس القتل)
218

خرج ما انقلب ما لا يصلح أو بشبهة كقتل الأب ابنه عمدا فديته في ماله كما مر في الجنايات
(فتؤخذ من عطاياهم) أو من أرزاقهم، والفرق بين العطية والرزق أن الرزق ما يفرض في بيت
المال بقدر الحاجة والكفاية مشاهرة أو مياومة، والعطاء ما يفرض في كل سنة لا بقدر الحاجة بل
بصبره وعنائه في أمر الدين (في ثلاث سنين) من وقت القضاء، وكذا ما يجب في مال القاتل
عمدا بأن قتل الأب ابنه يؤخذ في ثلاث سنين عندنا، وعند الشافعي تجب حالا (فإن خرجت
العطايا في أكثر من ثلاث أو أقل تؤخذ منه) لحصول المقصود (وإن لم يكن) القاتل (من أهل
الديوان فعاقلته قبيلته) وأقاربه وكل من يتناصر هو به. تنوير البصائر.
219

(وتقسم) الدية (عليهم في ثلاث سنين لا يؤخذ في كل سنة إلا درهم أو درهم وثلث، ولم
تزد على كل واحد من كل الدية في ثلاث سنين على أربعة) على الأصح، ثم السنين بمعنى
العطيات. قهستاني. فليحفظ (فإن لم تسع القبيلة لذلك ضم إليهم أقرب القبائل نسبا على ترتيب
العصبات والقاتل) عندنا (كأحدهم ولو) القاتل (امرأة أو صبيا أو مجنونا) فيشاركهم على
الصحيح. زيلعي (وعاقلة المعتق قبيلة سيده ويعقل عن مولى الموالاة مولاه) وقبيلة مولاه.
220

(و) اعلم أنه (لا تعقل عاقلة جناية عبد ولا عمد) وأن سقط قوده بشبهة أو قتله ابنه عمدا
كما مر (ولا ما لزم بصلح أو اعتراف) وما ما دون نصف عشر الدية لقوله عليه الصلاة
والسلام: لا تعقل العواقل عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما دون أرش الموضحة بل
الجاني (إلا أن يصدقوه في إقراره
221

أو تقوم حجة) وإنما قبلت بالبينة هنا مع الاقرار مع أنها تعتبر معه، لأنها تثبت ما ليس بثابت
بإقرار المدعى علي وهو الوجوب على العاقلة (ولو تصادق القاتل وأولياء المقتول على أن قاضي
بلد كذا قضى بالدية على عاقلته بالبينة وكذبهما العاقلة فلا شئ عليها) أي على العاقلة، لان
تصادقهما ليس بحجة عليهم ولا عليه في ماله إلا حصته، لان تصادقهما حجة في حقهما.
زيلعي.
واعلم أن الخصم في ذلك هو الجاني، لان الحق عليه، ولو كان صبيا فالخصم أبوه.
خانية.
قلت: يؤخذ من قوله الخصم هو الجاني لا العاقلة جواب حادثة الفتوى، وهي أن صبيا
فقأ عين صبية فماتت فأراد وليها تحليف العاقلة على نفي فعل الصبي. والجواب أنه لا تحليف
لان ذلك فرع صحة الدعوى وهي غير متوجهة على العاقلة، وبقي هنا شئ وهو أن العاقلة لو
222

أقروا بفعل الجاني هل يصح إقرارها بالنسبة إليهم حتى يقضى عليهم بالدية أم لا؟ فإن قلنا:
نعم ينبغي أن يجري الحلف في حقهم لظهور فائدته قاله المصنف بحثا فليحرر (وإن جنى حر على
نفس عبد خطأ فهي على عاقلته) يعني إذ قتله، لان العاقلة لا تتحمل أطراف العبد. وقال
الشافعي: لا تتحمل النفس أيضا (ولا يدخل صبي وامرأة ومجنون في العاقلة إذا لم يتناصروا)
يعني لو القاتل غيرهم وإلا فيدخلون على الصحيح كما مر (ولا يعقل كافر عن مسلم ولا
بعكسه) لعدم التناصر (والكفار يتعاقلون فيما بينهم وإن اختلفت مللهم) لان الكفر كله ملة
واحدة: يعني إن تناصروا، وإلا ففي ماله في ثلاث سنين كالمسلم كما بسطه في المجتبى، وإذا لم
يكن للقاتل عاقلة كلقيط وحربي أسلم (فالدية في بيت المال) في ظاهر الرواية، وعليه الفتوى:
درر وبزازية: وجعل الزيلعي رواية وجوابها في ماله رواية شاذة.
223

قلت: وظاهر في ما المجتبى عن خوارزم من أن تناصرهم قد انعدم وبيت المال قد انهدم
يرجح وجوبها في ماله، فيؤدي في كل سنة ثلاثة دراهم أو أربعة كما نقله في المجتبى عن
الناطفي. قال: وهذا حسن لا بد من حفظه، وأقره المصنف فليحفظ، فقد وقع في كثير من
المواضع أنها في ثلاث سنين، فافهم، وهذا (إذا كان القاتل (مسلما) فلو ذميا ففي ماله إجماعا.
بزازية (ومن له وارث معروف مطلقا) ولو بعيدا أو محروما برق أو كفر (لا يعقله بيت المال) وهو
الصحيح كما بسطه في الخانية (ولا عاقلة للعجم) وبه جزم في الدرر، قاله المصنف لعدم
تناصرهم، وقيل لهم عواقل لأنهم يتناصرون كالأساكفة والصيادين والصرافين والسراجين، فأهل
محلة القاتل وصنعته عاقلته، وكذلك طلبة العلم..
قلت: وبه أفتى الحلواني وغيره. خانية. زاد في المجتبى: والحاصل أن التناصر أصل في
هذا الباب ومعنى التناصر أنه إذا حز به أمر قاموا معه في كفايته. وتمامه فيه.
وفي تنوير البصائر معزيا للحافظية: والحق أن التناصر فيهم بالحرف فهم
224

عاقلته إلى آخره فليحفظ، وأقره القهستاني، لكن حرر شيخ مشايخنا الحانوتي إن التناصر منتف
الآن لغلبة الحسد والبغض وتمني كل واحد المكروه لصاحبه، فتنبه.
قلت: وحيث لا قبيلة ولا تناصر فالدية في ماله أو بيت المال.
225

كتاب الوصايا
يعم الوصية والإيصاء، يقال: أوصى إلى فلان: أي جعله وصيا، والاسم منه الوصاية
وسيجئ في باب مستقل، وأوصى لفلان بمعنى ملكه بطريق الوصية، فحينئذ (هي تمليك
مضاف إلى ما بعد الموت) عينا كان أو دينا.
قلت: يعني بطريق التبرع ليخرج نحو الاقرار بالدين فإنه نافذ من كل المال
226

كما سيجئ، ولا ينافيه وجوبها لحقه تعالى، فتأمله (وهي) على ما في المجتبى أربعة أقسام:
(واجبة بالزكاة) والكفارة (و) فدية (والصيام والصلاة التي فرط فيها) ومباحة لغني ومكروهة
لأهل فسوق (وإلا فمستحبة) ولا تجب للوالدين والأقربين، لان آية البقرة منسوخة بآية النساء.
227

(سببها) ما هو (سبب التبرعات، وشرائطها كون الموصي أهلا للتمليك) فلم تجز من صغير
أو مجنون ومكاتب، إلا إذا أضاف لعتقه كما سيجئ (وعدم استغراقه بالدين) لتقدمه على الوصية
كما سيجئ (و) كون (الموصى له حيا وقتها) تحقيقا أو تقديرا ليشمل الحمل الموصى له فافهمه،
فإن به يسقط إيراد الشرنبلالية (و) كونه (غير وارث) وقت الموت (ولا قاتل) وهل يشترط كونه
معلوما.
قلت: نعم كما ذكره ابن سلطان وغيره في الباب الآتي (و) كون (الموصى به قابلا للتمليك
بعد موت الموصي) بعقد من العقود مالا أو نفعا موجودا للحال أو معدوما،
228

وأن يكون بمقدار الثلث.
(وركنها قوله: أوصيت بكذا لفلان وما يجري مجراه من الألفاظ المستعملة فيها).
وفي البدائع: ركنها الايجاب والقبول. وقال زفر: الايجاب فقط. قلت:
والمراد بالقبول ما يعم الصريح والدلالة بأن يموت الموصى له بعد موت الموصي بلا
قبول كما سيجئ (وحكمها كون الموصى به ملكا جديدا للموصى له) كما في الهبة فليلزمه
229

استبراء الجارية الموصى بها (وتجوز بالثلث للأجنبي) عند عدم المانع (وإن لم يجز الوارث ذلك لا
الزيادة عليه إلا أن تجيز ورثته بعد موته) ولا تعتبر إجازتهم حال حياته أصلا بل بعد وفاته (وهم
كبار) يعني يعتبر كونه وارثا أو غير وارث وقت الموت لا وقت الوصية، على عكس إقرار
المريض للوارث (وندبت بأقل منه)
230

ولو (عند غني ورثته أو استغنائهم بحصتهم كتركها) أي كما ندب تركها (بلا أحدهما) أي غنى
واستغناء لأنه حينئذ صلة وصدقة (وتؤخر عن الدين) لتقدم حق العبد (وصحت بالكل عند عدم
ورثته) لو حكما كمستأمن لعدم المزاحم (ولمملوكه بثلث ماله) اتفاقا وتكون وصية بالعتق، فإن
خرج من الثلث فيها وإلا سعى بقية قيمته وإن فضل من الثلث شئ فهو له
231

(وبدارهم أو بدنانير مرسلة لا) تصح في الأصح، كما لا تصح بعين من أعيان ماله له (وصحت
لمكاتب نفسه أو لمدبره أو لام ولده) استحسانا لمكاتب وارثه (و) صحت (للحمل وبه) كقوله:
(أوصيت بحمل جاريتي أو دابتي هذه لفلان ثم إنما تصح إن ولد) الحمل (لأقل من ستة أشهر)
لو زوج الحامل حيا أو ميتا وهي معتدة حين الوصية
232

فلأقل من سنتين بدليل ثبوت نسبه. اختيار وجوهرة، ولا فرق بين الآدمي وغيره من
الحيوانات، فلو أوصى لما في بطن دابة فلان لينفق عليه صح ومدة الحمل للآدمي ستة أشهر
وللفيل إحدى عشرة سنة وللإبل والخيل والحمار سنة وللبقر تسعة أشهر وللشاة خمسة أشهر،
وللسنور شهران، وللكلب أربعون يوما وللطير أحد وعشرون يوما. قهستاني معزيا للاستيفاء
(من وقتها) أي من وقت الوصية وعليه المتون.
وفي النهاية من وقت موت الموصي وفي الكافي ما يفيد أنه من الأول إن كان له ومن
الثاني إن كان به زاد في الكنز: ولا تصح الهبة للحمل لعدم قبضه ولا ولاية لاحد عليه ليقبض
عنه زيلعي وغيره فل صالح أبو الحمل عنه بما أوصى له لم يجز لأنه لا ولاية للأب على الجنين،
ولوالجية.
قلت: وبه علم جواب حادثة الفتوى وهي أنه ليس للوصي ولو مختارا التصرف فيما وقف
233

للحمل بل قالوا: الحمل لا يلي ولا يولى عليه (وصحت بالأمة إلا حملها) لما تقرر أن كل ما صح
إفراده بالعقد صج استثناؤه منه، وما لا فلا (ومن المسلم للذمي وبالعكس لا حربي في داره) قيد
234

بداره لان المستأمن كالذمي كما أفاده الملة بحثا. قلت: وبه صرح الحدادي والزيلعي وغيرهما،
وسيجئ متنا في وصايا الذمي (ولا لوارثه وقاتله مباشرة) لا تسبيبا كما مر (إلا بإجازة ورثته)
لقوله عليه الصلاة والسلام: لا وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة يعني عند وجود وارث
آخر كما يفيده آخر الحديث وسنحققه (وهم كبار) عقلاء فلم تجز إجازة صغير ومجنون وإجازة
المريض كابتداء وصية، ولو أجاز البعض ورد البعض جاز على المجيز بقدر حصته (أو يكون
235

القاتل صبيا أو مجنونا) فتجوز بلا إجازة لأنهما ليسا أهلا للعقوبة (أو لم يكن له وارث سواه) كما
في الخانية: أي سوى الموصى له القاتل أو الوارث، حتى لو أوصى لزوجته أو هي له ولم يكن
ثمة وارث آخر تصح الوصية، ابن كمال.
زاد في المحبية: فلو أوصت لزوجها بالنصف كان له الكل.
قلت: وإنما قيدوا بالزوجين لان غيرهما لا يحتاج إلى الوصية لأنه يرث الكل برد أو رحم،
وقد قدمناه في الاقرار معزيا للشرنبلالية، وفي فتاوى النوازل: أوصى لرجل بكل ماله ومات ولم
يترك وارثا إلا امرأته، فإن لم تجز فلها السدس والباقي للموصى له، لان له الثلث بلا إجازة
فيبقى الثلثان فلها ربعهما وهو سدس الكل، ولو كان مكانها زوج فإن لم يجز فله الثلث والباقي
للموصى له (ولا من صبي غير مميز أصلا) ولو في وجوه الخير خلافا للشافعي (وكذا) لا تصح
(من مميز إلا في تجهيزه وأمر دفنه) فتجوز استحسانا وعليه تحمل إجارة عمر رضي الله عنه لوصية
236

يافع: يعني المراهق (وإن) وصيلة (مات بعد الادراك أو أضافها إليه) كأن أدركت فثلثي لفلان لم
يجز لقصور ولايته فلا يملك تنجيزا أو تعليقا كما في الطلاق بخلاف العبد كما أفاده بقوله (ولا
من عبد ومكاتب وإن ترك) المكاتب (وفاء) وقيل: عندهما تصح في صورة ترك الوفاء. درر
(إلا إذا أضافها) كل منهما، وعبارة الدرر: أضافاها (إلى العتق) فتصح لزوال المانع وهو حق المولى
(ولا من معتقل للسان بالإشارة إلا إذا امتدت عقلته حتى صارت له إشارة معهودة فهو كأخرس)
وقدر الامتداد سنة، وقيل: إن امتدت لموته جاز إقراره بالإشارة والاشهاد عليه وكان كأخرس.
قالوا: وعليه الفتوى. درر. وسيجئ في مسائل شتى.
(وإنما يصح قبولها بعد موته) لان أوان ثبوت حكمها بعد الموت (فبطل قبولها وردها قبله)
وإنما تملك بالقبول (إلا إذا مات موصيه ثم هو بلا قبولها فهو) أي المال الموصى به (لورثته) بلا
قبول استحسانا كما مر، وكذا لو أوصى للجنين يدخل في ملكه بلا قبول استحسانا لعدم من يلي
237

عليه ليقبل عنه كما مر (وله) أي للموصي (الرجوع عنها بقول صريح) أو فعل يقطع حق المالك
عن الغصب (بأن يزيل اسمه) وأعظم منافعه كما عرف في الغصب (أو) فعل (يزيد في الموصى
به ما يمنع تسليمه إلا به كلت السويق) الموصى به (بسمن والبناء) في الدار الموصى بها، بخلاف
تجصيصها وهدم بنائها لأنه تصرف في التابع (وتصرف) عطف على بقول صريح، وعطف ابن
كمال تبعا للدرر بأو، وعليه فهو أصل ثالث في كون فعله يفيد رجوعه عنها كما يفيده متن
الدرر، فتدبر (يزيل ملكه) فإنه رجوع
238

عاد لملكه ثانيا أم لا (كالبيع والهبة) وكذا إذا خلطه بغيره بحيث لا يمكن تميزه (لا) يكون راجعا
(بغسل ثوب أوصى به) لأنه تصرف في التبع.
واعلم أن التغير بعد موت الموصي لا يضر أصلا (ولا بجحودها) درر وكنز ووقاية. وفي
المجمع: به يفتى، ومثله في العيني. ثم نقل عن العيون: أن الفتوى على أنه رجوع. وفي
السراجية: وعليه الفتوى، وأقره المصنف (وكذا) لا يكون راجعا (بقوله كل وصية أوصيت بها
فحرام أو رياء أو أخرتها بخلاف) قوله: تركتها، وبخلاف قوله: (كل وصية أوصيتها فهي باطلة أو
الذي أوصيت به لزيد فهو لعمرو أو لفلان وارثي) فكل ذلك رجوع عن الأول وتكون لوارثه
بالإجارة كما مر (ولو كان فلان) لآخر (ميتا وقتها فالأولى من الوصيتين بحالها) لبطلان الثانية،
ولو حيا وقتها فمات قبل الموصي بطلتا الأولى وبالرجوع والثانية بالموت (وتبطل هبة المريض
ووصيته لمن نكحها بعدهما) أي بعد الهبة والوصية، لما تقرر أنه يعتبر لجواز الوصية كون الموصى
239

له وارثا أو غير وارث وقت الموت لا وقت الوصية، بخلاف الاقرار، لأنه يعتبر كون المقر له
وارثا أو غير وارث يوم الاقرار، فلو أقر لها فنكحها فمات جاز (ويبطل إقراره ووصيته وهبته
لابنه) كافرا أو عبدا أو مكاتبا (إن أسلم أو أعتق بعد ذلك) لقيام البنوة وقت الاقرار فيورث تهمة
الايثار (وهبة مقعد ومفلوج وأشل ومسلول) به علة السل وهو قرح في الرئة (من كل ماله إن
طالت مدته) سنة (ولم يحف موته منه وإلا) تطل وخيف موته (فمن ثلثه)
240

لأنها أمراض مزمنة لا قاتلة قبل مرض الموت أن لا يخرج لحوائج نفسه، وعليه اعتمد في
التجريد. بزازية. والمختار أنه ما كان الغالب منه الموت وإن لم يكن صاحب فراش، قهستاني
عن هبة الذخيرة (وإذا اجتمع الوصايا قدم الفرض وإن أخره الموصي
241

وإن تساوت) قوة (قدم ما قدم إذا ضاق الثلث عنها) قال الزيلعي: كفارة قتل وظهار ويمين
مقدمة على الفطرة لوجوبها بالكتاب دون الفطرة، والفطرة على الأضحية لوجوبها إجماعا دون
الأضحية. وفي القهستاني عن الظهيرية عن الامام الطواويسي: يبدأ بكفارة قتل ثم يمين ثم ظهار
ثم إفطار ثم النذر ثم الفطرة ثم الأضحية،
242

وقدم العشر على الخراج وفي البرجندي مذهب أبي حنيفة آخر أن حج النفل أفضل من الصدقة
(أوصى بحج) أي حجة الاسلام (أحج عنه راكبا) فلو لن تبلغ النفقة من بلدة فقال رجل: أنا أحج
عنه بهذا المال ماشيا لا يجزيه. قهستاني معزيا للتتمة (من بلده إن كفى نفقته ذلك، وإلا فمن
حيث تكفي، وإن مات حاج في طريقه وأوصى بالحج عنه يحج من بلده) راكبا، وقال: ومن
حيث مات، استحسانا، هداية ومجتبى وملتقى.
قلت: ومفاده أقوله قياس وعليه المتون، فكان القياس هنا هو المعتمد فافهم (إن بلغ
نفقته لك وإلا فمن حيث تبلغ) ومن لا وطن له فمن حيث مات إجماعا (أوصى بأن يشتري بكل
ماله عبد فيعتق عنه) عن الموصي (لم تجز الورثة بطلت، كذا إذا أوصى بأن يشتري له عبد بألف
درهم وزاد الألف على الثلث) وقالا: يشتري بكل الثلث في المسألتين. مجمع.
(مريض أوصى وصايا ثم برئ من مرضه ذلك وعاش سنين ثم مرش فوصاياه باقية إن لم
يقل إن مت من مرضي هذا فقد أوصيت بكذا) كذا في الخانية (أوصى بوصية ثم جن، إن أطبق
243

الجنون) حتى بلغ ستة أشهر (بطلت، وإلا لا) وكذا لو أوصى ثم أخذ بالوسواس فصار معتوها
حتى مات بطلت. خانية.
(أوصى بأن يعار بيته من فلان أو بأن يسقى عنه الماء شهرا في الموسم أو في سبيل الله فهو
باطل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى. خانية (كما لو أوصى بهذا التبن لدواب فلان) فإن
الوصية باطلة، ولو قال ليعلف بها دواب فلان جاز، ولو أوصى بأن ينفق على فرس فلان كل
شهر كذا جاز وتبطل ببيعها، ولو أوصى بسكنى داره لرجل ولا مال له سواها جاز وله سكناها
ما دام حيا وليس للوارث بيع ثلثيها. وقال أبو يوسف: له ذلك، وله أن يقاسم الورثة أيضا
244

ويفرز الثلث للوصية. خانية (ولو أوصى بقطنه لرجل وبحبه لآخر وأوصى بلحم شاة معينة
لرجل وبجلدها لآخر وأوصى بحنطة في سنبلها لرجل والتبن لآخر جازت الوصية لهما) وعلى
الموصى أن يدوس ويسلخ الشاة.
(أوصى بثلث ماله لبيت المقدس جاز ذلك وينفق في عمارة بيت المقدس وفي سراجه
ونحوه) قالوا: وهذا يفيد جواز النفقة من وقف المسجد على قناديله وسراجه، وأن يشتري بذلك
الزيت والنفط وللقناديل في رمضان. خانية.
وفي المجتبى: أوصى بثلث ماله للكعبة جاز وتصرف لفقراء الكعبة لا غير، وكذا للمسجد
وللقدس. وفي الوصية لفقراء الكوفة جاز لغيرهم.
وفي الخانية: أوصى بعبد يخدم المسجد ويؤذن فيه جاز ويكون كسبه لوارث الموصي، ولو
245

أوصى بثلث ماله لأعمال البر لا يصرف ثلثه لبناء السجن، لان إصلاحه على السلطان، أوصى
(بأن يتخذ الطعام بعد موته للناس ثلاثة أيام فالوصية باطلة) كما في الخانية عن أبي بكر البلخي.
وفيها عن أبي جعفر: أوصى باتخاذ الطعام بعد موته ويطعم الدين يحضرون التعزية جاز من
الثلث، ويحل لمن طال مقامه ومسافته لا لمن لم يطل، ولو فضل طعام: إن كثيرا يضمن، وإلا لا
ا ه‍.
قلت: وحمل المصنف الأول على طعام يجتمع له النائحات بقيد ثلاثة أيام فتكون وصية لهن
فبطلت، والثاني على ما كان لغيرهن.
فرع: أوصى بأن يصلي عليه فلان أو يحمل بعد موته إلى بلد آخر أو يكفن في ثوب كذا أو
يطين قبره أو يضرب على قبره قبة أو لمن يقرأ عند قبره شيئا معينا فهي باطلة. سراجية.
وسنحققه.
246

أوصى بثلث لله تعالى فهي باطلة. وقال محمد: تصرف لوجوه البر.
قال: أوصيت لفلان بألف وهو عشر مالي، لم يكن له إلا الألف. وفي أوصيت له بجميع
ما في هذا الكيس وهو ألف فإذا فيه ألفان ودنانير وجواهر، فكله له إن خرج من الثلث.
مجتبى.
قال لمديونه: إذا مت فأنت برئ من ديني الذي عليك صحت وصيته، ولو قال: إن مت
لا يبرأ للمخاطرة.
يدخل المجنون في الوصية للمرضى، وفي الوصية للعلماء يدخل المتكلمون في بلاد
خوارزم دون بلادنا، ولو أوصى للعقلاء يصرف للعلماء الزاهدين لأنهم هم العقلاء في الحقيقة،
فتنبه. واعلم أن الوصية في يد الموصي أو ورثته بمنزلة الوديعة. سراج.
247

باب الوصية بثلث المال
(إذا أو صب ثلث ماله لزيد والآخر بثلث ماله ولم تجز) الورثة فثلثه لهما نصفين اتفاقا وإن
أوصى) بثلث ماله لزيد و (لآخر بسدس ماله فالثلث بينهما) أثلاثا اتفاقا (وإن أوصى لأحدهما
بجميع ماله ولآخر بثلث ماله ولم تجز) الورثة ذلك (فثلثه بينهما نصفان) لان الوصية بأكثر من
الثلث إذا لم تجز تقع باطلة، فيجعل كأنه أوصى لكل بالثلث فينصف، وقالا: أرباعا لان الباطل
ما زاد على الثلث،
248

فاضرب الكل في الثلثين يحصل أربعة تجعل ثلث المال (ولا يضرب الموصى له بأكثر من الثلث
عند أبي حنيفة) المراد بالضرب المصطلح بين الحساب، فعنده سهام الوصية اثنان، فاضرب نصف
كل في الثلث يكن سدسا فلكل سدس المال. وعندهما أربعة كما قدمنا (إلا في ثلاث مسائل)
وهي (المحاباة
249

والسعاية والدراهم المرسلة) أي المطلقة غير المقيدة بثلث أو نصف أو نحوهما. ومن صور ذلك:
أن يوصي لرجل بألف درهم مثلا أو يحابيه في بيع بألف درهم أو يوصي بعتق عبد قيمته ألف
درهم وهي ثلثا ماله، ولآخر بثلث ماله ولم تجز، فالثلث بينهما أثلاثا إجماعا (وبمثل نصيب ابنه
صحت) له ابن أو لا (وبنصيب ابنه لا) لو له ابن موجود، وإن لم يكن له ابن صحت، عناية
وجوهرة.
زاد في شرح التكملة: وصار كما لو أوصى بنصيب ابن لو كان. انتهى.
250

وفي المجتبى: ولو أوصى يمثل نصيب ابن لو كان فله النصف ا ه‍. ونقل المصنف عن
السراج ما يخالفه، فتنبه (وله) في الصورة الأولى (ثلث إن أوصى مع ابنين) ونصف مع ابن واحد
إن أجاز ومثلهم البنات، والأصل أنه متى أوصى بمثل نصيب بعض الورثة يزاد مثله على سهام
الورثة. مجتبى (وبجزء أو سهم من ماله فالبيان إلى الورثة) يقال لهم أعطوه ما شئتم ثم التسوية
بين الجزء والسهم
251

عرفنا.
وأما أصل الرواية فبخلافه (وإن قال سدس مالي له ثم قال ثلث له وأجازوا له ثلث) أي
حقه الثلث فقط، وإن أجازت الورثة لدخول السدس في الثلث مقدما كان أو مؤخرا أخذا
بالمتيقن، وبهذا اندفع سؤال صدر الشريعة وإشكال ابن الكمال
252

(وفي سدس مالي مكررا له سدس) لان المعرفة قد أعيدت معرفة (وبثلث دراهمه وغنمه أو ثيابه)
متفاوتة، فلو متحدة فكالدراهم (أو عبيدة إن هلك ثلثاه فله) جميع (ما بقي في الأولين) أي
الدراهم والغنم إن خرج من ثلث باقي جميع أصناف ماله. أخي جلبي (وثلث الباقي في
الآخرين) أي الثياب والعبيد وإن خرج الباقي من ثلث كل المال (وكالأول كل متحد الجنس
كمكيل وموزون) وثياب متحدة وضابطه ما يقسم جبرا، وكالثاني كل مختلف الجنس وبضابطه ما
لا يقسم جبرا، وكالثاني كل مختلف الجنس وضابطه ما
لا يقسم جبرا (وبألف وله دين) من جنس الألف (وعين فإن خرج) الألف (من ثلث العين دفع
إليه وإلا) يخرج (فثلث العين) يدفع له (وكلما خرج) شئ (من الدين دفع إليه ثلث حتى يستوفي
253

حقه) وهو الألف (وبثلثه لزيد وعمرو وهو) أي عمرو (ميت لزيد كله) أي كل الثلث.
والأصل أن الميت أو المعدوم لا يستحق شيئا فلا يزاحم غيره وصار (كما لو أوصى لزيد
وجدار هذا إذا خرج المزاحم من الأصل، أما إذا خرج) المزاحم (بعد صحة الايجاب يخرج
بحصته) ولا يسلم للآخر كل الثلث لثبوت الشركة (كما لو قال ثلث مالي لفلان وفلان ابن عبد
الله إن مت وهو فقير، فمات الموصي وفلان ابن عبد الله غني كان لفلان نصف الثلث) وكذا لو
مات أحدهما قبل الموصي، وفروعه كثيرة.
(وأصله المعول عليه أنه متى دخل في الوصية ثم خرج لفقد شرط لا يوجب الزيادة في
حق الآخر، ومتى لم يدخل في الوصية لفقد الأهلية كان الكل للآخر) ذكره الزيلعي (وقيل: العبرة
لوقت موت الموصي) وإليه يشير كلام الدرر تبعا للكافي حيث قال: أو له ولولد بكر فمات ولده
قبل موت الموصي إلى آخره. لكن قول الزيلعي فيما مر: إذا خرج المزاحم بعد صحة الايجاب
254

الخ صريح في اعتبار حالة الايجاب. وقيل: فيه روايتان (ولو قال بين زيد وعمرو هو ميت لزيد
نصفه) لان كلمة بين توجب التنصيف، حتى لو قال ثلثه بين زيد وسكت فله نصفه أيضا
(وبثلثه وهو) أي الموصي (فقير) وقت وصيته (له ثلث ماله عند موته) سواء (اكتسبه بعد الوصية
أو قبلها) لما تقرر أن الوصية إيجاب بعد الموت (إذا لم يكن الموصى به عينا أو نوعا معينا، أما إذا
أوصى بعين أو نوع من ماله كثلث غنمه فهلكت قبل موته بطلت) لتعلقها بالعين فبطل بفواتها
(وإن اكتسبت غيرها ولو لم يكن له غنم عند الوصية فاستفادها) أي الغنم (ثم صحت) في
الصحيح، لان تعلقها بالنوع كتعلقها بالمال (ولو قال له شاة من مالي وليس له غنم يعطى قيمة الشاة،
بخلاف) قوله (له شاة من غنمي ولا غنم له) يعني لا شاة له فإنها تبطل،
255

وكذا لو لم يضفها لماله ولا غنم له، وقيل: تصح (وكذا) الحكم (في كل نوع من أنواع المال كالبقر
والثوب ونحوهما) زيلعي (وبثلثه لأمهات أولاده وهن ثلاثة وللفقراء والمساكين لهن) أي أمهات
الأولاد ثلاثة أسهم من خمسة (ومنهم للفقراء وسهم للمساكين) وعند محمد: يقسم أسباعا، لان
لفظ الفقراء والمساكين جمع وأقله اثنان.
قلنا: أل الجنسية تبطل الجمعية (بثلثه لزيد وللمساكين لزيد نصفه) ولهم نصفه، وعند
محمد أثلاثا كما مر. ولو أوصى بثلثه لزيد وللفقراء والمساكين قسم أثلاثا عند الامام أنصافا عند
أبي يوسف وأخماسا عند محمد. اختيار (ولو أوصى للمساكين كان له صرفه إلى مسكين واحد)
وقال محمد: لاثنين على ما مر فلا يجوز صرف ما للمساكين لأقل من اثنين عنده، والخلاف فيما
إذا لم يشر لمساكين، فلو أشار إلى جماعة وقال: ثلث مالي لهذه المساكين لم يجز صرفه لواحد اتفاقا،
ولو أوصى لفقراء بلخ فأعطى غيرهم جاز عند أبي يوسف، وعليه الفتوى. خلاصة وشرنبلالية
(وبمائة لرجل وبمائة لآخر فقال لآخر أشركتك معهما له ثلث كل مائة) لتساوي نصيبهما
فأمكنت المساواة فلكل ثلثا المائة (و) لو (بأربعمائة) مثلا (له وبمائتين لآخر فقال لآخر أشركتك
معهما له نصف ما لكل منهما) لتفاوت نصيبهما فيساوى كلا منهما (وبثلث ماله لرجل ثم قال
256

لآخر أشركتك أو أدخلتك معه فالثلث بينهما) لما ذكرنا (وإن قال لورثته لفلان علي دين فصدقوه
فإن يصدق) وجوبا (إلى الثلث) استحسانا، بخلاف قوله: (كل من ادعى علي شيئا فأعطوه) لأنه
خلاف الشرع (إلا أو يقول: إن رأى الوصي أن يعطيه فيجوز من الثلث) ويصير وصية. ولو
قال ما ادعى فلان من مالي فهو صادق: فإن سبق منه دعوى في شئ معلوم فهو له، وإلا لا.
مجتبى (فإن أوصى بوصايا مع ذلك) أي مع قوله لورثته لفلان علي دين فصدقوه (عزل الثلث
لأصحاب الوصايا والثلثان للورثة، وقيل: لكل) من أصحاب الوصايا والورثة (صدقوه فيما شئتم
وما بقي من الثلث فللوصايا) والدين وإن كان مقدما على الحقين إلا أنه مجهول، وطريق تعينه ما
ذكر فيؤخذ الورثة بثلثي ما أقروا به والموصى لهم بثلث ما أقروا به وما بقي فلهم، ويحلف كل
على العلم لو ادعى الزيادة.
257

قلت: بقي لو كانت الوصايا دون الثلث، هل يعزل الثلث كله أو بقدر الوصايا؟ لم أره.
وبقي أيضا هل يلزمهم أن يصدقوه في أكثر من الثلث؟ يراجع ابن الكمال به (ولأجنبي ووراثة
أو قاتله نصف الوصية وبطل للوارث والقاتل) لأنهما من أهل الوصية على ما مر، ولذا
تصح بإجارة الوارث (بخلاف ما إذا أقر بعين أو دين لوارثه ولأجنبي) حيث (لا يصح في حق
الأجنبي أيضا) لأنه إقرار بعقد سابق بينهما، فإذا لغا بعضه لغا باقيه ضرورة. قيل: هذا إذا
258

تصادقا، فإن أنكر أحدهما شركة الآخر صح إقراره في حصة الأجنبي عند محمد، وعندهما:
تبطل في الكل لما قلنا. زيلعي.
(ولو) أوصى (بثياب متفاوتة) جيد ووسط وردئ (لثلاثة) أنفس لكل منهم بثوب (فضاع)
منها (ثوب ولم يدر) أي هو (والوارث يقول لكل منهم هلك حقك بطلت) الوصية لجهالة
المستحق كوصية لاحد هذين الرجلين (إلا أن يتسامحوا ويسلموا مبقي منها) فتعود صحيحة
لزوال المانع وهو الجحود فتقسم (لذي الجيد ثلثاه) ولذي الردئ ثلثاه ولذي الوسط ثلث كل
واحد منهما لان التسوية بقدر الامكان. ولو أوصى أحد الشريكين (ببيت معين من دار مشتركة
وقسم ووقع في حظه فهو للموصى له، وإلا) يقع في حظه (فله مثل ذرعه) صرح صدر الشريعة
وغيره بوجوب القسمة، فلو قال قسم فإن وقع الخ
259

لكان أولى.
(والاقرار ببيت معين من دار مشتركة مثلها) أي مثل الوصية في الحكم المذكور (وبألف
عين) أي معين بأن كانت وديعة عند الموصي (من مال آخر فأجاز رب المال الوصية بعد موت
الموصي ودفعه) إليه (وصح وله المنع بعد الإجارة) لان إجازته تبرع فله أن يمتنع من التسليم وأما
بعد الدفع فلا رجوع له. شرح تكملة (بخلاف ما إذا أوصى بالزيادة على الثلث أو لقاتله أو
لوراثه فأجازتها الورثة) حيث لا يكون المنع بعد الإجارة، بل يجبروا على التسليم لما تقرر أن
المجاز له بتملكه من قبل الموصي عندنا، وعند الشافعي من قبل المجيز.
(ولو أقر أحد الابنين بعد القسمة بوصية أبيه) بالثلث (صح) إقراره (في ثلث نصيبه) لا
نصفه استحسانا لأنه أقر له بثلث شائع في كل التركة وهي معهما فيكون مقرا بثلث ما معه
وبثلث ما مع أخيه، بخلاف ما لو أقر أحدهما بدين على أبيهما
260

حيث يلزمه كله لتقدم الدين على الميراث (وبأمة فولدت بعد موت الموصي ولدا وكلاهما يخرجان
من الثلث فهما للموصى له وإلا) يخرجا (أخذ الثلث منها ثم منه) لان التبع لا يزاحم الأصل
وقالا: يأخذ منهما على السواء، هذا إذا ولدت قبل القسمة، وقبول الموصى له، فلو بعدهما فهو
للموصى له لأنه نماء ملكه، وكذا لو بعد القبول وقبل القسمة على ما ذكره القدوري، ولو قبل
موت الموصي فللورثة والكسب كالولد فيما ذكر.
باب العتق في المرض
(يعتبر حال العقد في تصرف منجز) هو الذي أوجب حكمه في الحال (فإن كان في
الصحة فمن كل ماله وإلا فمن ثلثه) والمراد التصرف الذي هو إنشاء ويكون فيه معنى التبرع،
حتى أن الاقرار بالدين في المرض ينفذ من كل المال والنكاح فيه ينفذ بقدر مهر المثل من كل المال
(والمضاف إلى موته) وهو ما أوجب حكمه بعد موته كأنت حر بعد موتي أو هذا لزيد بعد موتي
(من الثلث
261

وإن كان في الصحة) ومرض صح منه كالصحة، والمقعد والمفلوج والمسلول إذا تطاول ولم يقعده
في الفراش كالصحيح. مجتبى. ثم رمز حد التطاول سنة، وفي المرض المعتبر المبيح لصلاته قاعدا
(إعتاقه ومحاباته وهبته ووقفه وضمانه) كل ذلك
262

حكمه (ك‍) حكم (وصية فيعتبر من الثلث) كما قدمنا في الوقف أن وقف المريض المديون بمحيط
باطل، فليحفظ (ويزاحم أصحاب الوصايا في الضرب ولم يسع العبد إن أجيز) عتقه،
لان المنع لحقهم فيسقط بالإجازة (فإن حابى فحرر) وضاق الثلث عنهما (فهي) أي المحاباة (أحق
وبعكسه) بأن حرر فحابى (استويا) وقالا: عتقه أولى فيهما (ووصيته بأن يعتق عنه بهذه المائة عبد
لا تنفذ) الوصية (بما بقي إن هلك درهم) لان القربة تتفاوت بتفاوت قيمة العبد (بخلاف الحج)
263

وقالا: هما سواء.
(وتبطل الوصية بعتق عبده) بأن أوصى بأن يعتق الورثة عبده بعد موته (إن جنى بعد موته
فدفع) بالجناية، كما لو بيع بعد موته بالدين (وإن فدى) الورثة العبد (لا) تبطل وكان الفداء في
أموالهم بالتزامهم (و) لو أوصى (بثلثه) أي ثلث ماله (لبكر وترك عبدا) فأقر كل من الوارث
وبكر أن الميت أعتق هذا العبد (فادعى بكر عتقه في الصحة) لينفذ من كل المال (و) ادعى
(الوارث) عتقه (في المرض) لينفذ من الثلث ويقدم على بكر (فالقول للوارث مع اليمين) لأنه
ينكر استحقاق بكر (ولا شئ لزيد) كذا في نسخ المتن والشرح.
قلت: صوابه لكبر لأنه المذكور أولا، غاية الأمر أن القوم مثلوا بزيد فغيره المصنف أولا
ونسيه ثانيا. والله أعلم (إلا أن يفضل من ثلثه شئ) من قيمة العبد (أو تقوم حجة على دعواه،
فإن الموصى له خصم) لأنه يثبت حقه، وكذا العبد.
(ولو ادعى رجل دينا على الميت) وادعى (العبد عتقا في الصحة ولا ماله غيره فصدقهما
الوارث يسعى في قيمته وتدفع إلى الغريم) وقالا: يعتق ولا يسعى في شئ، وعلى هذا الخلاف
264

لو ترك ابنا وألف درهم فادعاها رجل دينا وآخر وديعة صدقهما الابن فالألف بينهما نصفان
عنده. وقالا: الوديعة أقوى.
قلت: وعكس في الهداية فقال: عنده الوديعة أقوى، وعندهما سواء، والأصح ما ذكرنا
كما في الكفاية، وتمامه في الشرنبلالية، فليحفظ.
باب الوصية للأقارب وغيرهم
(جاره من لصق به) وقالا: من يسكن في محلته ويجمعهم مسجد المحلة وهو استحسان:
وقال الشافعي: الجار إلى أربعين دارا من كل جانب.
(وصهره كل ذي رحم محرم من عرسه) كآبائها وأعمامها وأخوالها وأخواتها وغيرهم
(بشرط موته وهي منكوحته أو معتدته من رجعي) فلو بائن من لا يستحقها وإن ورثت منه.
قال الحلواني: هذا في عرفهم، أما في زماننا فيختص بأبويها عناية وغيرها، وأقره القهستاني.
265

قلت: لكن جزم في البرهان وغيره بالأول وأقره في الشرنبلالية، ثم نقل عن العيني
أن قول الهداية وغيرها أنه (ص) لما تزوج صفية بنت الحارث، صوابه جويرية، قلت: فلتحفظ هذه
الفائدة. (وختنه زوج كل ذي) كذا النسخ قلت الموافق لعامة الكتب ذات (رحم محرم منه) كأزواج
بناته وعماته كذا كل ذي رحم من أزواجهن. قيل: هذا في عرفهم وفي عرفنا: الصهر أبو المرأة
وأمها، والختن زوج المحرم فقط. زيلعي وغيره: زاد القهستاني وينبغي في ديارنا أن يختص
الصهر بأبي الزوجة، والختن بزوج البنت لأنه المشهور (وأهله زوجته) وقالا: كل من في عياله
ونفقته غير مماليكه، وقولهما استحسان. شرح تكملة. قال ابن الكمال: وهو مؤيد بالنص، قال
تعالى: * (فنجيناه وأهله إلا امرأته) * (الأعراف: 38) ا ه‍.
266

قلت: وجوابه في المطولات.
(وآله أهل بيته) وقبيلته التي ينسب إليها (و) حينئذ (يدخل فيه كل من ينسب إليه من قبل
آبائه إلى أقصى أب له في الاسلام) سوى الأب الأقصى لأنه مضاف إليه. قهستاني عن
الكرماني (الأقرب والابعد والذكر والأنثى والمسلم والكافر والصغير والكبير فيه سواء) ويدخل فيه
الغني والفقير إن كانوا لا يحصون كما في الاختيار ويدخل فيه أبوه وجده وابنه وزوجته كما في
شرح التكملة: يعني إذا كانوا لا يرثونه (ولا يدخل فيه أولاد البنات) وأولاد الأخوات ولا أحد
من قرابة أمه، لان الولد إنما ينسب لأبيه لا لامه.
(وجنسه أهل بيت أبيه) لان الانسان يتجنس بأبيه لا بإمه (وكذا أهل بيته وأهل نسبه) كآله
267

وجنسه فحكمه كحكمه.
(ولو أوصيت المرأة لجنسها أو لأهل بيتها لا يدخل ولدها) أي ولد المرأة لأنه ينسب إلى أبيه
لا إليها (إلا أن يكون أبوه) أي الولد (من قوم أبيها) فحينئذ يدخل لأنه من جنسها. درر وكافي
وغيرها. قلت: ومفاده أن الشرف من الام فقط غير معتبر كما في أواخر فتاوى ابن نجيم، وبه
أفتى شيخنا الرملي. نعم له مزية في الجملة (وإن أوصى لأقاربه أو لذي قرابته) كذا النسخ.
قلت: صوابه لذوي (أو لأرحامه أو لأنسابه،
268

فهي للأقرب فالأقرب من كل ذي رحم محرم منه، ولا يدخل الوالدان) قيل: من قال للوالد قريب
فهو عاق (والولد) ولو ممنوعين بكفر أو رق كما يفيده عموم قوله (والوارث) وأما الجد وولد
الولد فيدخل في ظاهر الرواية وقيل: لا، واختاره في الاختيار
269

(ويكون للاثنين فصاعدا) يعني أقل الجمع في الوصية اثنان كما في الميراث (فإن كان له)
للموصي (عمان وخالان فهي لعميه) كالإرث، وقالا أرباعا.
(ولو له عم وخالان كان له النصف ولهما النصف) وقالا: أثلاثا (ولو عم واحد لا غير فله
نصفها ويرد النصف) الآخر (إلى الورثة) لعدم من يستحقه (ولو عم وعمة استويا) لاستواء
قرابتهما (ولو انعدم المحرم بطلت) خلافا لهما (ولولد فلان) فهي (للذكر والأنثى سواء) لان اسم
الولد يعم الكل حتى الحمل.
ولا يدخل ولد ابن مع صلب، فلو له بنات لصلبه وبنو ابن فهي للبنات عملا
بالحقيقة، فلو تعذرت صرف إلى المجاز تحرزا عن التعطيل، ولا يدخل أولاد البنات. وعن
محمد: يدخلون. اختيار (ولورثة فلان للذكر مثل حظ الأنثيين) لأنه اعتبار الوراثة (وشرط
صحتها) أي الوصية (هنا) أي في الوصية لورثة فلان وما في معناها كعقب فلان (موت الموصي
لورثته) أو لعقبه (قبل موت الموصي) لان الورثة والعقب إنما يكون بعد الموت، ثم إن كان معهم
موصى له آخر قسم بينهم وبينه
270

على عدد الرؤوس، ثم ما أصاب الورثة يقسم بينهم للذكر كالأنثيين كما مر، فلو مات الموصي
قبل موته: أي موت الموصي لورثته أو عقبه بطلت الوصية لورثته أو عقبه. ثم إن كان معهم
موصى له آخر كقوله أوصيت لفلان ولورثته وعقبه كانت الوصية كلها لفلان الموصى له دون
ورثته وعقبه، لان الاسم لا يتناولهم إلا بعد الموت. وتمامه في السراج. وفيه عقبه ولده من
الذكور والإناث، فإن ماتوا فولد ولده كذلك، ولا يدخل أولاد الإناث لأنهم عقب آبائهم لا
له.
(وفي أيتام بنيه) أي بني فلان، واليتيم اسم لمن مات أبوه قبل الحلم. قال (ص): لا يتم
بعد البلوغ (وعميانهم وزمناهم وأراملهم) الأرامل: الذي لا يقدر على شئ رجلا كان أو امرأة،
ويؤيده قوله (دخل) في الوصية (فقيرهم وغنيهم وذكرهم وأنثاهم) وقسم سوية (إن أحصوا) بغير
كتاب أو حساب فإنه حينئذ يكون تمليكا لهم،
271

وإلا لفقرائهم يعطى الوصي من شاء منهم. شرح التكملة، لتعذر التمليك حينئذ فيراد به القربة.
(وفي بني فلان يختص بذكورهم) ولو أغنياء (إلا إذا كان) فلان عبارة عن (اسم قبيلة أو)
اسم (فخذ، فيتناول الإناث) لان المراد حينئذ مجرد الانتساب كما في بني آدم، ولهذا يدخل فيه
أيضا (مولى العتاقة و) مولى (الموالاة وحلفاؤهم) يعني وهم يحصون، وإلا فالوصية باطلة،
والأصل أن الوصية متى وقعت باسم ينبئ عن الحاجة كأيتام بني فلان تصح، وإن لم يحصوا على
ما مر لوقوعها لله تعالى وهو معلوم وإن كان لا ينبئ عن الحاجة، فإن أحصوا صحت ويجعل
تمليكا، وإلا بطلت. وتمامه في الاختيار.
(أوصى من له معتقون ومعتقون لمواليه بطلت) لان اللفظ مشترك، ولا عموم له عندنا،
ولا قرينة تدل على أحدهما، ولا فرق في ذلك عند عاملا أصحابنا بين النفي والاثبات. واختار
شمس الأئمة وصاحب الهداية أنه يعم إذا وقع في حيز النفي، وحينئذ فقولهم لو حلف لا يكلم
272

موالي فلان يعم الاعلى والأسفل، لا لوقوعه في النفي بل لان الحامل على اليمين بغضه وهو غير
مختلف. عناية. وأقره المصنف (إلا إذا عينه) أي الاعلى والأسفل قبل موته فحينئذ تصح لزوال
المانع.
(ويدخل فيه) أي في الموالي (من أعتقه في صحته ومرضه، لا) يدخل فيه (مدبروه وأمهات
أولاده) وعن أبي يوسف: يدخلون.
أوصى بثلث ماله إلى الفقهاء دخل فيه من يدقق النظر في المسائل الشرعية وإن علم ثلاث
مسائل مع أدلتها) كذا في القنية. قال: حتى قيل: من حفظ ألوفا من المسائل لم يدخل تحت
الوصية.
273

(أوصى بأن يطين قبره أو يضرب عليه قبة فهي باطلة) كما في الخانية وغيرها، وقدمناه عن
السراجية وغيرها، لكن قدمنا فيها في الكراهية أنه لا يكره تطيين القبور في المختار، فينبغي أن
يكون القول ببطلان الوصية بالتطيين مبينا على القول بالكراهة لأنها حينئذ وصية بالمكروه. قاله
المصنف.
قلت: وكذا ينبغي أن يكون القول ببطلان الوصية لمن يقرأ عند قبره بناء على القول بكراهة
القراءة على القبور، أو بعدم جواز الإجارة على الطاعات. أما على المفتى به من جوازهما فينبغي
جوازها مطلقا وتمامه في حواشي الأشباه من الوقف. وحرر في تنوير البصائر أن يتعين المكان
274

الذي عينه الواقف لقراء القرآن للتدريس، فلو لم يباشر فيه لا يستحق المشروط لما في شارح
المنظومة: يجب اتباع شرط الواقف، وبالمباشرة في غير المكان الذي عينه الواقف يفوت غرضه من
إحياء تلك البقعة. قال: وتحقيقه في الدرة السنية في مسألة استحقاق الجامكية ا ه‍.
باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة
(صحت الوصية بخدمة عبده وسكنى داره مدة معلومة وأبدا) ويكون محبوسا على ملك
الميت في حق المنفعة كما في الوقف كما بسط في الدرر (وبغلتهما، فإن خرجت الرقبة من الثلث
سلمت إليه) أي إلى الموصى له (لها) أي لأجل الوصية (وإلا) تخرج من الثلث (تقسم الدار ثلاثا)
أي في مسألة الوصية بالسكنى، أما الوصية بالغلة
275

فلا تقسم على الظاهر (وتهايا العبد فيخدمهم أثلاثا) هذا إذا لم يكن له مال غير العبد والدار،
وإلا فخدمة العبد وقسمة الدار بقدر ثلث جميع المال كما أفاده صدر الشريعة (وليس للورثة
بيع ما في أيديهم من ثلثهم) على الظاهر لثبوت حقه في سكنى كلها بظهور مال آخر أو بخراب ما في
يده فحينئذ يزاحمهم في باقيها والبيع ينافيه فمنعوا عنه، وعن أبي يوسف: لهم ذلك.
(وليس للموصى له بالخدمة أو السكنى أو يؤجر العبد أو الدار) لان المنفعة ليس بمال على
أصلنا، فإذا ملكها بعوض كان مملكا أكثر مما ملكه: يعني وهو لا يجوز (ولا للمرضى له بالغلة
استخدامه) أي العبد (أو سكناها) أي الدار (في الأصح) ومثله الدار الموقوفة عليه، وعليه
الفتوى. شرح الوهبانية.
276

لان حقهم في المنفعة لا العين، وقد علمت الفرق بينهما.
(ولا يخرج) الموصى له (العبد) الموصي بخدمته (من الكوفة) مثلا (إلا إذا كان ذلك مكانه)
وأهله في موضع آخر (إن خرج من الثلث) وإلا فلا يخرجه (إلا بإذن الورثة) لبقاء حقهم فيه
(وبموته) أي الموصى له (في حياة الموصى بطلت) الوصية (وبعد موته يعود) العبد والدار (إلى
الورثة) أي ورثة الموصي بحكم الملك، ولو أتلفه الورثة ضمنوا قيمته ليشتري بها عبد يقوم مقام
الأول، ولهذا يمنع المريض من التبرع بأكثر من الثلث. كذا ذكره المصنف في الرهن.
277

ولو أوصى بهذا العبد لفلان بخدمته لآخر وهو يخرج من الثلث صح. وتمامه في الدرر.
وفي الشرنبلالية: ونفقته إذا لم يطق الخدمة على الموصى له بالرقبة إلى أن يدرك الخدمة فيصير
كالكبير، ونفقة الكبير على من له الخدمة، وإن أبى الانفاق عليه رده إلى من له الرقبة كالمستعير
مع المعير، فإن جنى فالفداء على من له الخدمة، ولو أبى فداه صاحب الرقبة أو دفعه وبطلت
الوصية (وبثمرة بستانه فمات و) الحال أن فيه ثمرة له (هذه الثمرة) فقط (وإن زاد ابداله هذه
الثمرة وما يستقبل كما) في الوصية (بغلة بستانه) فإن له هذا، وما يحدث ضم أبدا أو لا (وإن لم
يكن فيه) أي البستان بحالها (ثمرة) حين الوصية (فهي) كالوصية (بالغلة) في تناولها
الثمرة المعدومة ما عاش الموصى له. زيلعي.
278

وفي العناية: السقي والخراج وما فيه إصلاح البستان على صاحب الغلة لأنه هو المنتفع به
فصار كالنفقة في فصل الخدمة.
تنبيه: الغلة كل ما يحصل من ريع الأرض وكرائها وأجرة الغلام ونحو ذلك. كذا في
جامع اللغة.
قلت: وظاهره دخول ثمن الحور ونحوه في الغلة فيحرر (وبصوف غنمه وولدها ولبنها له
ما) بقي (في وقت موته سواء قال أبدا أو لا) لان المعدوم منهالا يستحق بشئ من العقود فكذا بالوصية
بخلاف الثمرة بدليل صحة المساقاة.
(أوصى بجعل داره مسجدا ولم تخرج من الثلث، وأجازوا تجعل مسجدا) لزوال المانع
بإجازتهم وإن لم يجيزوا يجعل ثلثها مسجدا لرعاية الوارث والوصية (ويظهر مركبه في سبيل
الله بطلت) لان وقف المنقول باطل عنده، فكذا الوصية. وعندهما: يجوزان. درر. وقال
279

المصنف: وفيه نظر لان الوصية أصح حيث لا يصح الوقف في مواضع كثيرة، كالوصية بالغلة
والصوف ونحو ذلك كما مر.
(أوصى بشئ للمسجد لم تجز الوصية) لأنه لا يملك، وجوزها محمد، قال المصنف:
وبقول محمد أفتى مولانا صاحب البحر (إلا أن يقول) الموصي (ينفق عليه) فيجوز اتفاقا.
(قال: أوصيت بثلثي لفلان أو فلان بطلت) عند أبي حنيفة لجهالة الموصى له وعند أبي
يوسف لهما أن يصطلحا على أخد الثلث. وعند محمد: يخير الورثة فأيهما شاؤوا أعطوا.
فصل في وصايا الذمي وغيره
(ذمي جعل داره بيعة أو كنيسة) أو بيت نار (في صحته فمات فهي ميراث)
280

لأنه كوقف لم يسجل، وأما عندهما فلانه معصية، وليس هو كالمسجد لأنهم يسكنون ويدفنون فيه
موتاهم، حتى لو كان المسجد كذلك يورث قطعا، قاله المصنف وغيره لأنه حينئذ لم يصر محررا
خالصا لله تعالى.
(وإن أوصى الذمي أن يبني داره بيعة أو كنيسة لمعينين فهو جائز من الثلث ويجعل تمليكا،
وإن أوصى (بداره أن تبنى كنيسة) أو بيعة (في القرى) فلو في المصر لم يجز اتفاقا (لقوم غير
مسمين صحت) عنده لا عندهما لما مر أنه معصية. وله أنهم يتركون وما يدينون فتصح.
(كوصية حربي مستأمن) لا وارث له هنا (بكل ماله لمسلم أو ذمي) كذا في الوقاية، ولا عبرة بمن
ثمة لأنهم أموات في حقنا.
ولو أوصى بنصفه مثلا نفذ ورد باقيه لورثته لا إرثا، بل لأنه لا مستحق له في دارنا،
281

وكذا لو أوصى لمستأمن مثله. ولو أعتق عبده عند الموت أو دبر نفذ من الكل لما قلنا. ولو
أوصى له مسلم أو ذمي جاز على الأظهر. زيلعي. (وصاحب الهوى إذا كان لا يكفر فهو بمنزلة
المسلم في الوصية) لأنا أمرنا ببناء الاحكام على ظاهر الاسلام (وإن كان يكفر فهو بمنزلة المرتد)
فتكون موقوفة عنده نافذة عندهما. شرح المجمع.
(والمرتد في الوصية كذمية) في الأصح لأنها لا تقتل (الوصية المطلقة) كقوله هذا القدر من
مالي أو ثلث مالي وصية (لا تحل للغني) لأنها صدقة، وهي على الغني حرام (وإن عممت) كقوله
يأكل منها الغني والفقير، لان أكل الغني منها إنما يصح بطريق التمليك، والتمليك إنما يصح
لمعين والغني لا معين ولا يحصى.
(ولو خصت) الوصية (به) أي بالغني كقوله هذا القدر من مالي وصية لزيد وهو غني (أو
لقوم) أغنياء (محصورين حلت لهم) لصحة تمليكهم (وكذا) الحكم (في الوقف) كما حرره منلا
282

خسرو. وفي جامع الفصولين: المتولي على الوقف كالوصي.
فروع: أوصى بثلث ماله للصلوات جاز للوصي صرفه للورثة لو محتاجين: يعني لغير
قرابة الولاد ممن يجوز صرف الكفارة إليهم، بخلاف مطلق الوصية للمساكين فإنها تجوز لكل
ورثته لأحدهم: يعني لو محتاجين حاضرين بالغين راضين، فلو منهم صغير أو غائب أو حاضر
غير راض لم يجز.
أوصى بكفارة صلاته لرجل معين لم تجز لغيره، وله يفتى الفساد الزمان
أوصى لصلواته وثلث ماله ديون على المعسرين فتركها الوصي لهم عن الفدية لم تجزه ولا
بد من القبض ثم التصدق عليهم.
ولو أمر أن يتصدق بالثلث فمات فغصب غاصب ثلثها مثلا واستهلكها فتركه صدقة عليه
وهو معسر يجزيه لحصول قبضه بعد الموت، بخلاف الدين الكل من القنية.
وفي الجواهر: أوصى لرجل بعقار ومات فقسمت التركة والموصى له في البلد وقد علم
بالقسمة ولم يطلب ثم بعد سنين ادعى تسمع، ولا تبطل بالتأخير إن لم يكن رد الوصية.
أوصى له بدار فباعها بعد موته قبل قبض صح لجواز التصرف في لموصى به قبل قبضه.
وقفت ضيعتها على ولدها وجعلت عم الولد متوليا وللولد أب
283

فالمتولي أولى من الأب.
شرى دارا وأوصى بها لرجل فأخذها الشفيع من يد الموصى له يؤخذ الثمن، ولو استحق
الدار لا يرجع الموصى له على الورثة بشئ: لأنه ظهر أنه أوصى بمال الغير انتهى، والله أعلم.
باب الوصي وهو الموصى إليه
(أوصى إلى زيد) أي جعله وصيا (وقبل عنده صح، فإن رد عنده) أي بعلمه (يرتد، وإلا
لا يصح) الرد بغيبته
284

لئلا يصير مغرورا من جهته، ويصح إخراجه عنها ولو في غيبته عند الامام، خلافا للثاني.
بزازية (فإن سكت) الموصى إليه (فمات) موصيه (فله الرد والقبول ولزم) عقد الوصية (ببيع شئ
من التركة وإن جهل به) أي بكونه وصيا، فإن علم الوصي بالوصاية ليس بشرط في صحة
تصرفه (بخلاف الوكيل) فإن علمه بالوكالة شرط (فإن سكت ثم رد بعد موته ثم قبل صح إلا إذا
نفذ قاض رده) فلا يصح قبوله بعد ذلك.
(ولو) أوصى (إلى صبي وعبد غيره وكافر وفاسق بدل) أي بدلهم القاضي (بغيرهم) إتماما
285

للنظر، ولفظ بدل يفيد صحة الوصية، فلو تصرفوا قبل الاخراج جاز. سراجية (فلو بلغ الصبي
وعتق العبد وأسلم الكافر) أو المرتد وتاب الفاسق. مجتبى. وفيه: فوض ولاية الوقف لصبي
صح استحسانا (لم يخرجهم القاضي عنها) أي عن الوصايا لزوال الموجب للعزل إلا أن يكون غير
أمين. اختيار (وإلى عبده و) الحال (أن ورثته صغار صح) كإيصائه إلى مكاتبه أو مكاتب غيره، ثم
إن رد في الرق فكالعبد (وإلا لا) وقالا: لا يصح مطلقا. درر.
(ومن عجز عن القيام بها) حقيقة لا بمجرد إخباره (ضم) القاضي (إليه غيره)
286

عارية لحق الموصي والورثة.
(ولو ظهر للقاضي عجزه أصلا استبدل غيره ولو عزله) أي الموصي المختار (القاضي مع
أهليته لها نفذ عزله وإن جار) القاضي (وأثم) في الأشباه اختلفوا في صحة عزله، والأكثر على
الصحة كما في شرح الوهبانية، لكن يجب الافتاء بعدم الصحة كما في الفصولين. وأما عزل
الخائن فواجب انتهى.
قلت: وعبارة جامع الفصولين من الفصل السابع والعشرين: الوصي من الميت لو عدلا
كافيا لا ينبغي للقاضي أن يعزله، فلو عزله قيل: ينعزل.
أقول: الصحيح عندي أنه لا ينعزل، لان الموصي أشفق بنفسه من القاضي فكيف ينعزل،
وينبغي أن يفتى به لفساد قضاة الزمان ا ه‍. قال المصنف: قال شيخنا: فقد ترجح عدم صحة
العزل للوصي فكيف بالوضائف في الأوقاف
287

(وبطل فعل أحد الوصيين كالمتوليين) فإنهما في الحكم كالوصيين. أشباه ووقف القنية. ومفاده
أنه لو أجر أحدهما أرض الوقف لم تجز بلا رأي الآخر، وقد صارت واقعة الفتوى (ولو) وصيلة
(كان إيصاؤه لكل منهما على الانفراد) وقيل: ينفرد. قال أبو الليث: وهو الأصح وبه نأخذ، لكن
الأول صححه في المبسوط وجزم في الدرر. وفي القهستاني أنه أقرب إلى الصواب.
قلت: وهذا إذا كانا وصيين أو متوليين من جهة الميت أو الوقف أو قاض واحد، أما لو
كانا من جهة قاضيين من بلدتين فينفرد أحدهما بالتصرف، لان كلا من القاضيين لو تصرف جاز
تصرفه فكذا نائبه.
ولو أراد كل من القاضيين عزل منصوب القاضي الآخر جاز إن رأى فيه المصلحة، وإلا
لا.
288

تمامه في وكالة تنوير البصائر معزيا للملتقطات وغيرها، فليحفظ.
وفي وصايا السراج: لو لم يعلم القاضي أن للميت وصيا فنصب له وصيا ثم حضر
الوصي فأراد الدخول في الوصية فله ذلك، ونصب القاضي الآخر لا يخرج الأول (إلا بشراء
كفنه وتجهيزه والخصومة في حقوقه وشراء حاجة الطفل والاتهاب له وإعتاق عبد معين ورد وديعة
وتنفيذ وصية معينتين)
289

زاد في شرح الوهبانية عشرة أخرى: منها رد المغصوب، ومشترى شراء فاسدا، وقسمة كيلي أو
وزني، وطلب دين، وقضاء دين بجنس حقه (وبيع ما يخاف تلفه، وأموال ضائعة) قال أبو
يوسف: ينفرد كل بالتصرف في جميع الأمور، ولو نص على الانفراد أو الاجتماع اتبع اتفاقا.
شرح الوهبانية.
(وإن مات أحدهما: فإن أوصى إلى الحي أو إلى آخر فله التصرف في التركة وحده) ولا
290

يحتاج إلى نصب القاضي وصيا (وإلا يوص) ضم القاضي (إليه غيره). درر.
وفي الأشباه: مات أحدهما أقام القاضي الآخر مقامه أو ضم إليه آخر، ولا تبطل الوصية
إلا إذا أوصى لهما أن يتصدقا بثلثه حيث شاءا ا ه‍. وتمامه في شرح الوهبانية. وهل فيه خلاف؟
أبي يوسف قولان. وعنه أن المشرف ينفرد دون الوصي كما حررته فيما علقته على الملتقى ويأتي.
291

(ووصى الوصي) سواء أوصى إليه في ماله أو مال موصيه. وقاية (وصى في التركتين)
خلافا للشافعي (وتصح قسمته) أي الوصي حال كونه (نائبا عن ورثة) كبار (غيب أو صغار مع
الموصى له) بالثلث (ولا رجوع) للورثة (عليه) أي الموصى له (إن ضاع قسطهم معه) أي الوصي
لصحة قسمته حينئذ (و) أما (قسمته عن الموصى له) الغائب أو الحاضر بلا إذنه (معهم) أي
الورثة ولو صغارا. زيلعي (فلا) تصح، وحينئذ، (فيرجع
292

الموصى له بثلث ما بقي) من المال (إذا ضاع قسطه) لأنه كالشريك (معه) أي مع الوصي، ولا
يضمن الوصي لأنه أمين.
(وصح قسمة القاضي وأخذه قسط الموصى له إن غاب) الموصى له فلا شئ له إن هلك
في يد القاضي أو أمينه، وهذا (في المكيل والموزون) لأنه إفراز (وفي غيرهما) تجوز لان مبادلة
كالبيع، وبيع مال الغير لا يجوز، فكذا القسمة (وإن قاسمهم الوصي في الوصية بحج حج) عن
الميت (بثلث ما بقي إن هلك) المال (في يده أو) في يد (من دفع إليه ليحج) خلافا لهما، وقد
تقرر في المناسك (ولو أفرز الميت شيئا من ماله للحج فضاع بعد موته لا) يحج عنه بثلث ما بقي
لأنه عينه، فإذا هلك بطلت.
(وصح بيع الوصي عبدا من التركة بغيبة الغرماء) لتعلق حقهم بالمالية (وضمن
وصي باع ما أوصى ببيعه وتصدق بثمنه فاستحق العبد بعد هلاك ثمنه) أي ضياعه (عنده) لأنه
العاقد فالعهدة عليه (ورجع) الوصي (في التركة) كلها. وقال محمد: في الثلث. قلنا: إنه
مغرور فكان دينا، حتى لو هلكت التركة أو لم تف فلا رجوع. وفي المنتقى أنه يرجع على من تصدق
عليهم لان غنمه لهم فغرمه عليهم (كما يرجع في مال الطفل وصي باع ما أصابه) أي الطفل
(من التركة وهلك ثمنه معه فاستحق) المال المبيع، والطفل يرجع على الورثة بحصته لانتقاض
293

القسمة باستحقاق ما أصابه (وصح احتياله بمال اليتيم لو خيرا) بأن يكون الثاني أملا، ولو مثله
لم يجز. منية. (وصح بيعه وشراؤه من أجنبي بما يتغابن الناس) لا بما لا يتغابن وهو الفاحش لان
ولايته نظرية، فلو باع به كان فاسدا حتى يملكه المشتري بالقبض. قهستاني. وهذا إذا تبايع
الوصي للصغير مع الأجنبي. (وإن باع) الوصي (أو اشترى) مال اليتيم (من نفسه، فإن كان وصي
294

القاضي لا يجوز ذلك مطلقا) لأنه وكيله (وإن كان وصي الأب جاز بشرط منفعة ظاهرة للصغير)
وهي قدر النصف زيادة أو نقصا. وقالا: لا يجوز مطلقا.
(وبيع الأب مال صغير من نفسه جائز بمثل القيمة وبما يتغابن فيه) وهو اليسير، وإلا لا،
وهذا كله في المنقول، أما في العقار فسيجئ.
(ولو زاد الوصي على كفن مثله في العدد ضمن الزيادة، وفي القيمة وقع الشراء له، و)
حينئذ (ضمن ما دفعه من مال اليتيم) ولوالجية.
(و) فيها (لو دفع المال إلى اليتيم
295

قبل ظهور رشده بعد الادراك فضاع ضمن) لأنه دفعه إلى من ليس له أن يدفع إليه (وجاز بيعه)
أي الوصي (على الكبير) الغائب (في غير العقار) إلا الدين أو خوف هلاكه، ذكره عزمي زادة
معزيا للخانية.
قلت: وفي الزيلعي والقهستاني الأصح لا لأنه نادر، وجاز بيعه عقار صغير من أجنبي لا
من نفسه بضعف قيمته،
296

أو لنفقة الصغير، أو دين الميت، أو وصية مرسلة، لا نفاذ لها إلا منه، أو لكون غلاته لا تزيد على
مؤنته، أو خوف خرابه أو نقصانه، أو كونه في يد متغلب. درر وأشباه مخلصا.
قلت: وهذا لو البائع وصيا لا من قبل أم أو أخ فإنهما لا يملكان بيع العقار مطلقا ولا
شراء غير طعام وكسوة، ولو البائع أبا فإن محمودا عند الناس أو مستور الحال يجوز، ابن كمال
(ولا يتجر) الوصي (في ماله) أي اليتيم لنفسه فإن فعل تصدق بالربح
297

(وجاز) لو أتجر من مال اليتيم (لليتيم) وتمامه في الدرر.
قلت: وفي الأشباه: لا يملك الوصي بيع شئ بأقل من ثم المثل لا في مسألة الوصية
ببيع عبده من فلان وفيها في الكلام في أجر المثل: للمتولي أجر مثل عمله، فلو لم يعمل الا أجر
له، وأما وصي الميت فلا أجر له على الصحيح،
298

وهذا إذا عين القاضي للمتولي أجرا، فإن لم يعين وسعى فيه سنة فلا شئ له، وعزاه للقنية ثم
ذكر ما يخالفه فافهم، وقد مر في الوقف. وأما وصي القاضي، فإن نصبه بأجر مثله جاز ا ه‍.
وفي القهستاني معزيا للذخيرة: ولو كانوا صغارا وكبارا باع حصة الصغار كما مر، وكذا
الكبار على ما مر من التفصيل. ونقل عن العمادية أن في بيعه للعقار وفاء اختلاف المشايخ،
وجوزه صاحب الهداية لان فيه استبقاء ملكه مع دفع الحاجة، وإن لغير الوصي التصرف لخوف متغلب، وعليه الفتوى، وتمامه فيما علقته على الملتقى
299

(ولا يجوز إقراره بدين على الميت وبشئ من تركته أنه لفلان إلا أن يكون المقر وارثا فيصح في
حصته ولو أقر) الوصي (بعين لآخر ثم ادعى أنه للصغير لا يسمع) درر.
(ووصي أبي الطفل أحق بماله من جده،
300

وإن لم يكن وصيه فالجد) كما تقرر في الحجر في المنية ليس للجد بيع العقار والعروض لقضاء
الدين وتنفيذ الوصايا، بخلاف الوصي فإن له ذلك انتهى، والله أعلم.
فصل في شهادة الأوصياء
(وبطلت شهادة الوصيين لوارث صغير بمال) مطلقا (أو كبيرا بمال الميت وصحت)
شهادتهما (بغيره) أي بغير مال الميت لانقطاع ولايتهما عنه فلا تهمة حينئذ (كشهادة رجلين
لآخرين بدين ألف على ميت و) شهادة (الآخرين للأولين بمثله، بخلاف شهادة كل فريق بوصية
ألف) وقال أبو يوسف: لا تقبل في الدين أيضا، وقد تقدم في الشهادات (أو) شهادة (الأولين
301

بعبد والآخرين بثلث ماله) أو الدراهم المرسلة لإثباتها للشركة فتبطل (وتصح لو شهد رجلان
لرجلين بالوصية بعين) كالعبد (وشهد المشهود لهما للشاهدين بالوصية بعين أخرى) لأنه لا شركة
فلا تهمة زيلعي.
(شهد الوصيان أن الميت أوصى لزيد معهما لغت) لإثباتهما لأنفسهما معينا وحينئذ فيضم
القاضي لهما ثالثا وجوبا لإقرارهما بآخر فيمتنع تصرفهما بدونه كما تقرر (إلا أن يدعي زيد
ذلك) أي يدعي أنه وصي معهما فحينئذ تقبل شهادتهما استحسانا لأنهما أسقطا مؤنة التعيين عنه
(وكذا ابنا الميت إذا شهدا أن أباهما أوصى إلى رجل) لجرهما نفعا لنصب حافظ للتركة (و) هذا لو
(هو منكر) ولو يدعي تقبل استحسانا (بخلاف شهادتهما بأن أباهما وكل زيدا بقبض ديونه بالكوفة
حيث لا تقبل مطلقا) ادعى الوكالة أم لا، لان القاضي لا يملك نصب الوكيل عن الحي
بطلبهما ذلك، بخلاف الوصية، وشهادة الوصي تصح على الميت لا له ولو بعد العزل وإن لم
يخاصم، ملتقى.
(وصي أنفذ الوصية من مال نفسه رجع مطلقا) وعليه الفتوى. درر (كوكيل أدى الثمن من
302

ماله فإن له أن يرجع، وكذلك الوصي إذا اشترى كسوة للصغير أو) اشترى (ما ينفق عليه من
مال نفسه) فإنه يرجع إذا أشهد على ذلك. وفي البزازية: إنما شرط الاشهاد لان قول الوصي في
الانفاق يقبل لا في حق الرجوع بلا إشهاد انتهى، فليحفظ.
قلت: لكن في القنية والخلاصة والخانية: له أن يرجع بالثمن وإن لم يشهد، بخلاف
الأبوين، وسيجئ ما يفيده، فتنبه (أو قضى دين الميت) الثابت شرعا
303

(أو كفنه) أو أدى خراج اليتيم أو عشرة (من مال نفس أو اشترى الوارث الكبير طعاما أو كسوة
للصغير) أو كفن الوارث الميت أو قضى دينه (من مال نفسه) فإنه يرجع ولا يكون متطوعا.
(ولو كفن الوصي الميت من مال نفسه قبل قوله فيه) قيل: هو مستدرك بقوله أو كفنه.
304

(ولو باع) الوصي (شيئا من مال اليتيم ثم طلب منه بأكثر) مما باعه (رجع القاضي فيه إلى
أهل البصيرة) والأمانة (إن أخبره اثنان منهم أنه باع بقيمته، وإن قيمته ذلك لا يلتفت) القاضي
(إلى من يزيد، وإن كان في المزايدة يشتري بأكثر وفي لسوق بأقل لا ينتقض بيع الوصي لذلك)
أي لأجل تلك الزيادة (بل يرجع إلى أهل البصيرة، فإن اجتمع رجلان منهم على شئ يؤخذ
بقولهما) عند محمد (وكفى قول واحد في ذلك) عندهما كما في التزكية، وعلى هذا قيم الوقف
إذا أجر مستغل الوقف ثم جاء آخر يزيد في الاجر، الكل في الدرر معزيا للخانية.
فروع: يقبل قول الوصي فيما يدعيه من الانفاق بلا بينة، إلا في ثنتي عشرة مسألة على ما
305

في الأشباه. ادعى قضاء دين الميت، وادعى قضاءه من ماله بعد بيع التركة قبل قبض ثمنها، أو
أن اليتيم استهلك مالا آخر فدفع ضمانه، أو أذن له بتجارة فركبه ديون فقضاها عنه، أو أدى
خراج أرضه في وقت لا يصلح للزراعة، أو جعل عبده الآبق أفداء عبده الجاني أو الانفاق
على محرمه
306

أو على رقيقه الذين ماتوا أو الانفاق عليه مما في ذمته وكذا من مال نفسه حال غيبة ماله وأراد
الرجوع، أو أنه زوج اليتيم امرأة ودفع مهرها من ماله وهي ميتة.
الثانية عشرة: أتجر وربح ثم ادعى أنه كان مضاربا والأصل أن كل شئ كان مسلطا عليه
فإنه يصدق فيه، وما لا فر ينصب القاضي وصيا في سبعة مواضع مبسوطة في الأشباه:
منها: إذا كان له دين أو عليه أو لتنفيذ وصيته.
وزاد في الزواهر موضعين آخرين:
اشترى الأب من طفله شيئا فوجده معيبا ينصب القاضي وصيا ليرده عليه، وإذا احتيج
لاثبات حق صغير أبوه غائب
307

غيبة منقطعة ينصب، وإلا فلا، وعزاهما لمجمع الفتاوى.
308

وصي القاضي كوصي الميت إلا في ثمان: ليس لوصي القاضي الشراء لنفسه، ولا أن يبيع
ممن لا تقبل شهادته له، ولا أن يقبض إلا بإذن مبتدإ من القاضي، ولا أن يؤجر الصغير لعمل
ما، ولا أن يجعل وصيا عند عدمه، ولو خصصه القاضي تخصص،
309

ولو نهاه عن بعض التصرفات صح نهيه، وله عزله ولو عدلا بخلاف وصي الميت في ذلك كله.
وفي الخزانة: وصي وصي القاضي كوصيه لو الوصية عامة انتهى، وبه يحصل التوفيق. وفي
الفتاوى الصغرى: تبرعه في مرضه إنما ينفذ من الثلث عند عدم الإجازة، إلا في تبرعه في
المنافع فينفذ من الكل بأن أجر المثل لأنها تبطل بموته
310

فلا إضرار على الورثة وفي حياته لا ملك لهم، لكن في العمادية أنها من الثلث فلعله روايتان.
باع مال اليتيم أو ضيعته والمشتري مفلس يؤجل ثلاثة أيام، فإن نقد وإلا فسخ، فإن أنكر
الشراء وقد قبض يرفع الوصي الامر للحاكم فيقول: إن كان بينكما بيع فقد فسخته قبل
الوصية، ثم أراد عزل نفسه
311

لم يجز ألا عند الحاكم.
دفع لليتيم ماله بعد بلوغه وأشهد اليتيم على نفسه أنه لم يبق له من تركة والده لا قليل ولا
كثير ثم ادعى شيئا في يد الوصي أنه من تركة أبي وبرهن تسمع.
للوصي الاكل والركوب بقدر الحاجة. قال تعالى: * (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) * (النساء: 6) له
أن ينفق في تعليم القرآن والأدب إن تأهل لذلك، وإلا فلينفق عليه بقدر ما يتعلم القراءة الواجبة
312

في الصلاة. مجتبى. وفيه: جعل للوصي مشرفا لم يتصرف بدونه، وقيل للمشرف أن يتصرف
وفيه للأب إعارة طفله اتفاقا لا ماله على الأكثر. وفيه: يملك الأب لا الجد عند عدم الوصي ما
يملكه الوصي.
يملك الأب لا الجد قسمة مال مشترك بينه وبين الصغير، بخلاف الوصي.
يملك الأب والجد بيع مال أحد طفليه للآخر، بخلاف الوصي.
ولو باع الأب أو الجد مال الصغير من الأجنبي بمثل قيمته جاز إذا لم يكن فاسد الرأي،
313

ولو فاسد، فإن باع عقاره لم يجز، وفي المنقول روايتان.
ولو اشترى لطفله ثوبا أو طعاما وأشهد أنه يرجع به عليه يرجع لو له مال، وإلا لا
لوجوبهما عليه حينئذ، وبمثله لو اشترى له دارا أو عبدا يرجع سواء كان له مال أو لا، وإن لم
يشهد لا يرجع، كذا عن أبي يوسف وهو حسن يجب حفظه انتهى.
314

كتاب الخنثى
لما ذكر من غلب وجوده ذكر نادر الوجود (وهو ذو فرج وذكر أو من عري عن الاثنين
جميعا، فإن بال من الذكر فغلام، وإن بال من الفرج فأنثى، وإن بال منهما فالحكم للأسبق، وإن
استويا فمشكل ولا تعتبر الكثرة) خلافا لهما، هذا قبل البلوغ (فإن بلغ وخرجت لحيته أو
وصل إلى امرأة أو احتلم) كما يحتلم الرجل (فرجل، وإن ظهر له ثدي أو لبن أو حاض
315

أو حبل أو أمكن وطؤه فامرأة، وإن لم تظهر له علامة أصلا أو تعارضت العلامات فمشكل) لعدم
المرجح، وعن الحسن أنه تعد أضلاعه، فإن ضلع الرجل يزيد على ضلع المرأة بواحد، ذكره
الزيلعي، وحينئذ (فيؤخذ في أمره بما هو الأحوط) في كل الاحكام.
قلت: لكن قدمنا أنه لا يجب الغسل بالايلاج فيه، وأنه لا يتعلق التحريم بلبنه فتنبه
(فيقف بين صف الرجال والنساء، و) إذا بلغ حد الشهوة (تبتاع له أمة تختنه من ماله) لتكون أمته
أو مثله (ويكره أن يختنه رجل أو امرأة) احتياطا ولا ضرورة، لان الختان عندنا سنة (وإن لم يكن
له مال فمن بيت المال
316

ثم تباع) أو يزوج امرأة ختانة لتختنه، لأنه إن كان ذكرا صح النكاح، وإن أنثى فنظر الجنس
أخف، ثم يطلقها وتعتد إن خلا بها احتياطا (ويكره له لبس الحرير والحلي، ولا يخلو به غير
محرم) وإن قبله رجل ثبتت حرمة المصاهرة (ولا يسافر بغير محرم) لاحتمال أنه امرأة (وإن قال: أنا
رجل أو امرأة لا عبرة به) في الصحيح لأنه دعوى بلا دليل (وقيل: يعتبر) لأنه لا يقف عليه
غيره، لكن في الملتقى بعد تقر إشكاله لا يقبل، وقيل: يقبل.
قلت: وبه يحصل التوفيق، ويضعف ما نقله القهستاني عن شرح الفرائض للسيد وغيره إلا
أن يحمل على هذا، فتنبه.
317

(ولو مات قبل ظهور حاله لم يغسل ويمم بالصعيد) لتعذر الغسل (ولا يحضر) حال كونه
مراهقا (غسل ميت ذكر أو أنثى، وندب تسجية قبره، ويوضع الرجل بقرب الامام ثم هو ثم
المرأة إذا صلى عليهم) رعاية لحق الترتيب، وتمام فروعه في أحكامه من الأشباه، بل عندي تأليف
مجلد منيف (وله) في الميراث (أقل النصيبين) يعني أسوأ الحالين، به يفتى كما سنحققه. وقالا:
نصف النصيبين، فلو مات أبوه وترك معه (ابنا) واحدا (له سهمان وللخنثى سهم) وعند أبي
يوسف: له ثلاثة من سبعة، وعند محمد: له خمسة من اثني عشر. وعند أبي حنيفة: له سهم من
318

ثلاثة (لأنه لأقل) وهو متيقن به فيقتصر عليه لان المال لا يجب بالشك، حتى لو كان الأقل
تقديره ذكرا قدر ابنا كزوج وأم وشقيقة هي خنثى مشكل، فله السدس على أنه عصبة، لأنه
الأقل ولو قدر أنثى كان له النصف وعالت إلى ثمانية، ولو كان محروما على أحد التقديرين فلا
شئ له، كزوج وأم وولديها وشقيق خنثى فلا شئ له لأنه عصبة، ولو قدر أنثى كان له
النصف وعالت إلى تسعة، ولو مات عن عمه وولد أخيه خنثى قدر أنثى وكان المال للعم، والله
تعالى أعلم.
مسائل شتى
جمع شتيت بمعنى متفرقة، وهو من دأب المصنفين لتدارك
319

ما لا يذكر فيما كان يحق ذكره فيه. قلت: وقد ألحقت غالبها بمحالها، ولله الحمد.
(عرق مدمن الخمر خارج نجس) هذه مقدمة صغرى في تسليمها كلام قد وعدتك به في
أوائل نواقض الوضوء (وكل خارج نجس ينقض الوضوء) هذه مقدمة كبرى وهي مسلمة عندنا
(فينتج) أن (عرق مدهن الخمر ينقض الوضوء لكنه يحتاج لاثبات الصغرى.
وحاصله ما في الذخائر الاشرافية لابن الشحنة معزيا للمجتبى: عرق الدجاجة الجلالة
نجس. قال: وعليه فعرق مدمن الخمر نجس بل أولى. ثم قال: وما أسمج من كان عرقه كعرق
الكلب والخنزير. قال ابن العز: فحينئذ ينقض الوضوء، وهو فرع غريب وتخريج ظاهر. قال
المصنف: ولظهوره عولنا عليه.
قلت: قال شيخنا الرملي حفظه الله تعالى: كيف يعول عليه وهو مع غرابته لا يشهد له
رواية ولا دراية، أما الأولى فظاهر إذا لم يرو عن أحد ممن يعتمد عليه، وأما الثانية فلعدم تسليم
المقدمة الأولى ويشهد لبطلانها مسألة الجدي إذا غذي بلبن الخنزير فقد عللوا حل أكله بصيرورته
مستهلكا لا يبقى له أثر، فكذلك نقول في عرق مدمن الخمر، ويكفينا في ضعفه غرابته
320

وخروجه عن الجادة فيجب طرحه عن السرح من متن وشرح.
(خبر وجد في خلاله خرء فأرة، فإن كان) الخرء (صلبا رمى به وأكل الخبز، ولا يفسد)
خرء الفأرة (الدهن والماء والحنطة) للضرورة (إلا إذا ظهر طعمه أو لونه) في الدهن ونحوه لفحشه
وإمكان التحرز عنه حينئذ. خانية.
(في السنن الرواتب لا يصلي ولا يستفتح) تقدم في باب الوتر (الدعوة المستجابة في الجمعة
عندنا وقت العصر) على قول عامة مشايخنا. أشباه. وقدمناه في الجمعة عن التارخانية.
(الخروج من الصلاة لا يتوقف على) قوله (عليكم) وحينئذ (فلو دخل رجل في صلاته بعده
لا يصير داخلا فيها) قدمناه في صفة الصلاة.
(لف ثوب نجس رطب في ثوب طاهر يابس فظهرت رطوبته على ثوب طاهر) كذا النسخ.
وعبارة الكنز: على الثوب الطاهر (لكن لا يسيل لو عصر لا يتنجس) قدمناه قبيل كتاب الصلاة
321

(كما لو نشر الثوب المبلول على حبل نجس يابس) أو غسل رجله ومشى على أرض نجسة أو نام
على فراش نجس فعرق ولم يظهر أثره لا يتنجس. خانية.
(نوى الزكاة إلا أنه سماه قرضا جاز) في الأصح، لان العبرة للقلب لا للسان.
(من له حظ في بيت المال) كالعلماء (ظفر بما هو وجه لبيت المال فله أخذه ديانة) قدمناه
قبيل باب المصرف.
(أفطر في رمضان في يوم ولم يكفر حتى أفطر في يوم آخر فعليه كفارة واحدة)
322

ولو في رمضانين على الصحيح، وقدمناه في الصوم.
(ولو نوى قضاء رمضان ولم يعين اليوم صح) ولو عن رمضانين كقضاء الصلاة صح أيضا
(وإن لم ينو) في الصلاة (أول صلاة عليه أو آخر صلاة عليه) كذا في الكنز. قال المصنف: قال
الزيلعي: والأصح اشتراط التعيين في الصلاة وفي رمضانين الخ.
قلت: وهكذا قدمته في باب قضاء الفوائت تبعا للدرر وغيرها.
ثم رأيت في البحر قبيل باب اللعان ما نصه: ونية التعيين لم تشترط باعتبار أن الواحب
323

مختلف متعدد بل باعتبار أن مراعاة الترتيب واجبة عليه ولا يمكنه مراعاته إلا بنية التعيين، حتى
لو سقط الترتيب بكثرة الفوائت يكفيه نية الظهر لا غير. كذا في المحيط. وهو تفصيل حسن في
الصلوات ينبغي حفظه انتهى بلفظه. ثم رأيته نقله عنه في الأشباه في بحث تعيين المنوي، ثم
قال: وهذا مشكل، وما ذكره أصحابنا كقاضيخان وغيره خلافه وهو المعتمد. كذا في التبيين ا ه‍
بحروفه، فلينتبه لذلك.
(رأس شاة متلطخ بدم أحرق) رأسه وزال عنه الدم فاتخذ منه مرقة (جاز استعمالها)
والحرق (كالغسل، وقدمنا أنه من المطهرات سلطان جعل الخراج لرب الأرض جاز، وإن جعل له
العشر لا) لأنه زكاة. قلت: وقد قدمه في الجهاد، وقدمته في الذكاة أيضا.
(عجز أصحاب الخراج عن زراعة الأرض وأداء الخراج ودفع الامام الأرض إلى غيرهم)
بالأجرة (ليعطوا الخراج) من أجرتها المستحقة (جاز) فإن فضل شئ من أجرتها دفعه لمالكها رعاية
للحقين، فإن لم يجد الامام من يستأجرها باعها لقادر وأخذ الخراج الماضي من الثمن لو عليهم
324

خراج ورد الفضل لأربابها. زيلعي.
قلت: وقدمنا في الجهاد ترجيح سقوطه بالتداخل، فيحمل على المرجوح أو على أن مراده
أخذ خراج السنة الماضية فقط.
(غنم مذبوحة وميتة، فإن كانت المذبوحة أكثر تحرى وأكل وإلا) بأن كانت الميتة أكثر أو
استويا (لا) يتحرى لو في حالة الاختيار بأن يجد ذكية وإلا تحرى وأكل مطلقا
325

ومر في الحظر.
(إيماء الأخرس وكتابته كالبيان) باللسان (بخلاف معتقل اللسان) وقال الشافعي: هما سواء
في وصية ونكاح وطلاق وبيع وشراء وقود غيرها من الاحكام: أي إيماء الأخرس فيما يذكر
326

معتبر، ومثله معتقل اللسان إن علمت إشارته وامتدت عقلته إلى موته، به يفتى.
قلت: ومر في الوصايا، وذكر هنا الأكمل وابن الكمال والزيلعي وغيرهم.
ثم مفاد كلامهم أنه لو أقر بالإشارة أو أطلق مثلا توقف، فإن مات على عقلته نفذ مستندا،
وإلا لا، وعليه فلو تزوج بالإشارة لا يحل له وطؤها لعدم نفاذه، لكنه إذا مات بحالة كان لها
المهر عن تركته، قاله المصنف.
لكن ذكر ابنه في الزواهر عند ذكر الأشباه الأحكام الأربعة أن قولهم والضابط للمقتصر
والمستند أن ما صح تعليقه بالشرط يقع مقتصرا وما لا يصح تعليقه يقع مستندا كما في البحر من
باب التعليق يخالف ذلك، إذ مقتضاه وقوع الطلاق والعتاق ونحوهما مما يصح تعليقه بالشرط
327

مقتصرا، فتنبه (لا) تكون إشارته وكتابته كالبيان (في حد) لأنها تدرأ الشبهة لكونها حق الله تعالى
ولا في شهادة ما. منية. وهل يصح إسلامه بالإشارة؟ ظاهر كلامهم نعم، ولم أره صريحا. أشباه.
(ابتلع الصائم بصاق محبوبه) يقضي و (يكفر وإلا) يكن محبوبه (لا) يكفر، ومر في
الصوم.
(قتل بعض الحجاج عذر في ترك الحج) مر في الحج.
(منعها زوجها من الدخول عليها وهو يسكن معها في بيتها نشوز) حكما كما حررناه في
باب النفقة (ولو) كان (المنع لينقلها إلى منزله) فليست ناشزة لوجوب السكنى عليه (أو كان
يسكن في بيت الغصب فامتنعت منه لا) تكون ناشزة لأنها محقة، إذ السكنى فيه حرام، بخلاف
ما لو كان فيه (شبهة قالت: لا أسكن مع أمتك وأريد بيتا على حدة
328

ليس لها ذلك) وكذا مع أم ولده وكله مر في النفقة.
(قال لعبده: يا مالكي أو قال لامته: أنا عبدك لا تعتق لأنه ليس بصريح ولا كناية بخلاف
قوله لعبده يا مولاي) لأنه كناية على ما مر في محله.
(العقار المتنازع فيه لا يخرج من يد ذي اليد ما لم يبرهن المدعي) على وفق دعواه، بخلاف
المنقول (أو يعلم به القاضي) ولا يكفي تصديق المدعى عليه أنه في يده في الصحيح لاحتمال
المواضعة.
قلت: قدمنا غير مرة آخرها في باب جناية المملوك أن المفتى به في زماننا أنه لا يعمل
بعلم القاضي، فتأمل، وهذا إذا دعاه ملكا مطلقا، أما إذا ادعى الشراء من ذي اليد وإقراره بأنه
في يده فأنكر الشراء وأقر بكونه في يده لم يحتج لبرهان على كونه في يده، لان دعوى الفعل كما
تصح على ذي اليد تصح على غيره أيضا كما بسط في البزازية.
(عقار لا في ولاية القاضي يصح قضاؤه فيه) كمنقول
329

هو الصحيح، وتقدم في القضاء أن المصر ليس بشرط فيه، به يفتى ويكتب بالحكم لقاضي تلك
الناحية ليأمره بالتسليم (وقيل: لا يصح) ومشى عليه في الكنز والملتقى).
(قضى القاضي ببينة في حادثة ثم قال: رجعت عن قضائي أو بدا لي غير ذلك أو وقعت
في تلبيس الشهود أو أبطلت حكمي أو نحو ذلك لا يعتبر) قول القاضي في كل ذلك لتعلق حق
الغير به وهو المدعي (والقضاء ماض إن كان بعد دعوى صحيحة وشهادة مستقيمة) إلا في ثلاث
مرت في القضاء: لو بعلمه أو بخلاف مذهبه، أو ظهر خطؤه (إذا قال الشهود قضيت وأنكر
القاضي فالقول له) به يفتى، قاله ابن الغرس في الفواكه البدرية، زاد في البزازية خلافا لمحمد:
زاد في البحر (ما لم ينفذه قاض آخر) فحينئذ لا يكون القول قوله في أنه لم يقض لوجود قضاء
الثاني به. قال المصنف: وهو قيد حسن لم أقف عليه لغير صاحب البحر.
(شرط نفاذ القضاء في المجتهدات)
330

من حقوق العبا (أن يصير الحكم في حادثة) بأن يتقدمه دعوى صحيحة من خصم على خصم
حاضر منازع شرعي، فلو برهن بحق على آخر عند قاض فقضى به ببرهانه بدون منازعة
ومخاصمة شرعية وتداع بينهما لم ينفط قضاؤه لفقد شرطه، وهو التداعي بخصومة شرعية، وكان
إفتاء فيحكم بمذهبه لا غير كما قدمناه في القضاء، وأفاده بقوله (فلو رفع إليه) أي إلى الحنفي
(قضاء مالكي بلا دعوى لم يلتفت إليه وعمل الحنفي بمقتضى مذهبه) لعدم تقدم ما يمنعه من
ذلك لخروج قضاء المالكي مخرج الفتوى، لعدم تقدم الخصومة الشرعية التي هي شرط انعقاد
القضاء في حق العباد.
(إذا ارتاب) القاضي (في حكم) القاضي (الأول له طلب شهود الأصل) مر في القضاء قيد
بارتيابه في حكم الأول، فأفاد أنه إذا لم يرتب فيه لا يتعرض له، قال في الفواكه البدرية: قالوا
في قضاء العدل العالم لا ينقض، ويحمل على السداد، بخلاف قضاء غيره: يعني إذا تبين وجه
فساده بطريقه فللثاني نقضه.
(إذا ترتب بيع التعاطي على بيع باطل أو فاسد لا ينعقد) مر في أول البيوع عن الخلاصة
والبزازية والبحر (خبأ قوما ثم سأل رجلا عن شئ فأقر به وهم يرونه ويسمعون كلامه وهو لا
يراهم جازت شهادتهم عليه) بذلك الاقرار (وإن سمعوا كلامه ولم يروه لا تجوز) شهادتهم عليه
لان النغمة تشتبه عليه فتقع الشبهة، إلا إذا علموا أنه ليس فيه غيره بأن دخلوا البيت ثم خرجوا
331

وجلسوا على بابه ولا مسلك له يغره ثم دخل رجل فسمعوا إقراره ولم يروه وقته.
(باع عقارا) أو حيوانا أو ثوبا (وابنه أو امرأته) أو غيرهما من أقاربه (حاضر يعلم به ثم
ادعى الابن) مثلا
332

(أنه ملكه لا تسمع دعواه) كذا أطلقه في الكنز والملتقى، وجعل سكوته كالافصاح قطعا للتزوير
والحيل، وكذا لو ضمن الدرك أو تقاضى الثمن، وقالوا فيمن زوجوه بلا جهاز أن سكوته عن
طلب الجهاز عند الزفاف رضا فلا يملك طلب الجهاز بعد سكوته كما مر في باب المهر (بخلاف
الأجنبي) فإن سكوته و (لو جارا) لا يكون رضا (إلا إذا) سكت الجار وقت البيع والتسليم و
(تصرف المشتري فيه زرعا وبناء) فحينئذ (لا تسمع دعواه) على ما عليه الفتوى قطعا للأطماع
الفاسدة، وبخلاف ما إذا باع الفضولي ملك رجل والمالك ساكت حيث ألا يكون سكوته رضا
عندنا خلافا لابن أبي ليلى. بزازية
333

آخر الفصل الخامس عشر وغيره.
(باع ضيعة ثم ادعى أنها وقف عليه) أو على مسجد كذا أو كنت وقفتها وأراد تحليف
المدعى عليه ليس له ذلك) اتفاقا للتناقض (وإن أقام بينة تقبل) على الأصح لا لصحة الدعوى
بل لقبول البينة في الوقف بلا دعوى، خلافا لما صوبه الزيلعي، وقد حققناه في الوقف وباب
الاستحقاق.
(وهبت مهرها لزوجها فماتت وطالبت ورثتها بمهرها وقالوا كانت الهبة في مرض موتها
وقال: بل في الصحف القول للورثة) هذا ما اعتمده في الخانية تبعا لرواية الجامع الصغير بعد نقله
لما في فتاوى النسفي أن القول للزوج، فقال: والاعتماد على تلك الرواية لأنهم تصادقوا على
وجوب المهر. واختلفوا في السقوط فالقول لمنكره الخ.
قلت: وأقره في تنوير البصائر واعتمده شيخنا على خلاف ما جزم به في الملتقى كالكنز
من أن القول للزوج، وإن جزم به شراحه كالزيلعي وابن سلطان بأنه الاستحسان، فتنبه.
قلت: واستظهره ابن الهمام في آخر النهر فقال: وجه الظاهر أن الورثة لم يكن لهم حق
بل لها وهم يدعونه لأنفسهم، والزوج ينكر فالقول له.
(وكلها بطلاقها لا يملك عزلها) لأنه يمين من جهته (وكلتك بكذا على أني متى عزلتك
334

فأنت وكيلي) فطريقه أن (يقول في عزله عزلتك ثم عزلتك) لان متى لعموم الأوقات، واما كلما فلعموم الافعال (فلو قال كلما عزلتك فأنت وكيلي يقول) في عزله (رجعت عن الوكالة العلقة
وعزلتك عن الوكالة المنجزة) الحاصلة من لفظ كلما فحينئذ ينعزل.
(قبض بدل الصلح شرط إن) كان (دينا بدين) بأن صالح على دراهم عن دنانير أو عن
شئ آخر في الذمة (وإلا) يكن دينا بدين (لا) يشترط قبضه، لان الصلح إذا وقع على عين تتعين
لا تبقى دينا في الذمة، فجاز الافتراق عنه.
(قال) المدعي (لا بينة لي فبرهن) ولو بعد حلف خصمه. جواهر الفتاوى. وكذا لو قال
عند طلبه ليمينه إذا حلفت فأنت برئ عن المال الذي لي عليك وحلف وثم برهن على الحق قبل
وقضى له بالمال. خانية (أو قال) الشاهد (لا شهادة لي) فشهد تقبل لامكان التوفيق بالنسيان، ثم
التذكر (كما لو قال ليس لي عند فلان شهادة ثم جاء به فشهد أو قال: لا حجة لي على فلان ثم أتى
بها) بالحجة فإنها تقبل لما قلنا، بخلاف ما إذا قال: ليس لي حق، ثم ادعى حقا
335

لم تسمع للتناقض (للامام الذي ولاه الخليفة أن يقطع) من الاقطاع (إنسانا من طريق الجادة إن لم
يضر بالمارة) لان للامام ولاية ذلك فكذا نائبه.
(صادره السلطان ولم يعين بيع ماله فلو عينه فمكر، إلا أن يأخذ الثمن طوعا فباع ماله)
بسبب المصادرة (صح) بيعه لأنه غير مكره كما مر في الاكراه (كالدائن إذا حبس بالدين فباع ماله
لقضائه صح) إجماعا.
(خوفها) زوجها أو غيره (بالضرب حتى وهبت مهرها لم يصح إن قدر على الضرب)
لأنها مكرهة عليه (وإن أكرهها على الخلع وقع الطلاق ولم يسقط المال) لان طلاق المكره واقع لا يلزم
المال به لما قلنا (ولو أحالت إنسانا على الزوج ثم وهبت المهر الزوج لم يصح) قالوا: وهو الحيلة.
قلت: وإنما تتم بقبوله فيعلم حيلتها، إلا أن يقال: إنه يتمكن المحال من مطالبته
336

برفعه إلى من لا يشترط قبوله.
(اتخذ بئرا في ملكه أو بالوعة فنز منها حائط جاره وطلب جاره تحويله لم يجبر) عليه ومفاده
أنه يؤمر بالرفق دفعا للايذاء (وإن سقط الحائط منه لم يضمن) لعدم تعديه إذا حفره في ملكه
فكان تسببا، ومر في آخر الإجارة أنه لو سقى أرضه سقيا لا تحتمله فتعدى لجاره ضمن.
(عمر دار زوجته بماله بإذنها فالعمارة لها والنفقة دين عليها) لصحة أمرها (ولو) عمر
(لنفسه بلا إذنها
337

فالعمارة له) ويكون غاصبا للعرصة فيؤمر بالتفريغ بطلبها ذلك (ولها بلا إذنها فالعمارة لها وهو
متطوع) في البناء فلا رجوع له، ولو اختلفا في الاذن وعدمه ولا بينه فالقول لمنكره بيمينه، وفي
أن العمارة لها أو له فالقول له، لأنه هو المتملك كما أفاده شيخنا وتقدم في الغصب.
(قال: هذه رضيعتي ثم اعترف) بالخطأ (وصدقته) في خطئه (فله أن يتزوجها إذا لم يثبت
عليه بأن قال) أفاد بأنه لا يثبت إلا بالقول كقوله: (هو حق أو صدق أو كما قلت أو أشهد عليه
بذلك شهودا أو ما في معنى ذلك) من الثبات اللفظي الدال على الثبات النفسي، وهل يكون
تكرار إقراره بذلك ثباتا؟ خلاف مبسوط في المبسوط.
وحاصله: أن التكرار لا يثبت به الاقرار (ولو أخذ) رجل (غريمه فنزعه إنسان من يده لم
يضمن) لأنه تسبب (وكذا إذا دل السارق على مال غيره أو أمسك هاربا من عدوه حتى قتله)
عدوه لما قلنا (في يده مال إنسان فقاله سلطن: ادفع إلي هذا المال وإلا) تدفعه إلي (أقطع يدك أو
338

أضربك خمسين فدفعه لم يضمن) الدافع لأنه مكره.
(قال تركت دعواي على فلان وفوضت أمري إلى الآخرة لا تسمع دعواه بعده) أي بعد هذا
القول، ذكره في القنية (الإجازة تلحق الافعال) على الصحيح (فلو غصب عينا لانسان فأجاز
المالك غصبه صح) إجازته، وحينئذ (فيبرأ الغاصب عن الضمان) ولو انتفع به فأمره بالحفظ لا
يبرأ عن الضمان ما لم يحفظ. وتمامه في العمادية.
(وضع منجلا في الصحراء ليصيد به حمار وحش وسمى عليه فجاء في اليوم الثاني) قيد
اتفاقي، إذ لو وجده ميتا من ساعته لم يحل، زيلعي (ووجد الحمار مجروحا ميتا لم يؤكل) لان
الشرط أن يذبحه إنسان أو يجرحه، وإلا فهو كالنطيحة (كره تحريما)
339

وقيل: تنزيها، والأول أوجه (من الشاة سبع: الحياء والخصية والغدة والمثانة والمرارة والدم المسفوح
والذكر) للأثر الوارد في كراهة ذلك، وجمعها بعضهم في بيت واحد فقال:
فقل ذكر والأنثيان مثانة * كذاك دم ثم المرارة والغدد
وقال غيره:
إذا ما ذكيت شاة فكلها * سوى سبع ففيهن الوبال
فحاء ثم خاء ثم غين * ودال ثم ميمان وذال
(للقاضي إقراض مال الغائب والطفل واللقطة) بشروط تقدمت في القضاء (بخلاف الأب
والوصي والملتقط) إلا إذا أنشدها حتى ساغ تصدقه
340

فإقراضه أولى. زيلعي.
(قال إن كان الله يعذب المشركين فامرأته طالق، قالوا: لا تطلق امرأته لان من المشركين من
لا يعذب) كذا في الخانية وظاهر توجيهه أن المراد بهذا البعض من يصدق عليه المشرك في
الجملة بأن يكون مشركا في عمره ثم يختم له بالحسنى، أو أطفال المشركين فإنهم مشركون
شرعا، وإذا ثبت أن البعض لا يعذب، وهي سالبة جزئية لم تصدق الموجبة الكلية القائلة: كل
مشرك يعذب. قاله المصنف. وقد أورد هذا اللغز على غير هذا الوجه ابن وهبان فقال:
وهل قائل لا يدخل النار كافر ولكنها بالمؤمنين تعمر
قال: ومعناه أن الكفار لما يرون النار يؤمنون بالله تعالى ورسوله ولا ينفعهم، قال تعالى:
* (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) * (غافر: 58) ولعجز البيت معنى آخر وهو أن عمرها خزنتها
القائمون بأمرنا وهم مؤمنون. ففي البيت سؤالان. قال ابن الشحنة: وعندي أن هذا مما ينكر
ذكره والتلفظ به، ولا ينبغي أن يدون ويسطر ولا يقبل تأويل قائله انتهى.
قلت: هذا مع وضوح وجهه تكلم فيه، فيكف الأول فلا تغفل، ثم رأيت شيخنا قال:
قد قضى بنقله على نفسه بالانكار، وأنه ما كان له أن يدونه، وبالله التوفيق.
(صبي حشفته ظاهرة بحيث لو رآه إنسان ظنه مختونا ولا تقطع جلدة ذكره إلا بتشديد آلمه
ترك على حاله كشيخ أسلم، وقال أهل النظر: لا يطيق الختان) ترك أيضا (ولو ختن ولم تقطع
341

الجلدة كلها ينظر: فإن قطع بأكثر من النصف كان ختانا، وإن قطع النصف فما دونه لا) يكون
ختانا يعتد به لعدم الختان حقيقة وحكما.
(و) الأصل أن (الختان سنة) كما جار في الخبر (وهو من شعائر الاسلام) وخصائصه (فلو
اجتمع أهل بلدة على تركه حاربهم) الامام، فلا يترك إلا لعذر وعذر شيخ لا يطيقه ظاهر (ووقته)
غير معلوم، وقيل: (سبع) سنين. كذا في الملتقى. وقيل: عشر، وقيل: أقصاه اثنتا عشرة سنة،
وقيل: العبرة بطاقته وهو الأشبه. وقال أبو حنيفة: لا علم لي بوقته، ولم يرد عنهما فيه شئ فلذا
اختلف المشايخ فيه. وختان المرأة ليس سنة بل مكرمة للرجال، وقيل: سنة. وقد جمع السيوطي
من ولد مختونا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقال:
وفي الرسل مختون لعمرك خلقة ثمان وتسع طيبون أكارم
وهم زكريا شيث إدريس يوسف وحنظلة عيسى وموسى وآدم
342

ونوح شعيب سام لوط وصالح سليمان يحيى هود يس خاتم
(ويجوز كي الصغير وبط قرحته وغيره من المداواة للمصلحة و) يجوز (فصد البهائم وكيها
وكل علاج فيه منفعة لها، وجاز قتل ما يضر منها ككلب عقور وهرة) تضر (ويذبحها) أي الهرة
(ذبحا) ولا يضربها لأنه لا يفيد ولا يحرقها. وفي المبتغى: يكره حراق جراد وقمل وعقرب، ولا
بأس بإحراق حطب فيما نمل، وإلقاء القملة ليس بأدب (وجازت المسابقة بالفرس والإبل
والأرجل والرمي) ليرتاض للجهاد (وحرم شرط الجعل من الجانبين) إلا إذا أدخل محللا بشروطه
كما مر في الحظر (لا) يحرم (من أحد الجانبين) استحسانا، ولا يجوز الاستباق في غير هذه
الأربعة كالبغل بالجعل، وأما بلا جعل فيجوز في كل شئ. وتمامه في الزيلعي
343

(ولا يصلى على غير الأنبياء ولا غير الملائكة إلا بطريق التبع) وهل يجوز الترحم على النبي؟
قولان: زيلعي.
344

قلت: وفي الذخيرة أنه يكره، وجوزه السيوطي تبعا لا استقلالا فليكن التوفيق، وبالله
التوفيق.
(ويستحب الترضي للصحابة) وكذا من اختلف في نبوته كذي القرنين ولقمان، وقيل: يقال
صلى الله على الأنبياء وعليه وسلم كما في شرح المقدمة للقرماني.
(الترحم للتابعين ومن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار، وكذا يجوز عكسه)
الترحم للصحابة والترضي للتابعين ومن بعدهم (على الراجح) ذكره القرماني. وقال الزيلعي:
الأولى أن يدعو للصحابة بالترضي وللتابعين بالرحمة ولمن بعدهم بالمغفرة والتجاوز (والاعطاء
باسم النيروز والمهرجان لا يجوز) أي الهدايا باسم هذين اليومين حرام (وإن قصد تعظيمه) كما
345

يعظمه المشركون (يكفر) قال أبو حفص الكبير: لو أن رجلا عبد الله خمسين سنة ثم أهدى لمشرك
يوم النيروز بيضة يريد تعظيم اليوم فقد كفر وحبط عمله ا ه‍. ولو أهدى لمسلم ولم يرد تعظيم
اليوم بل جرى على عادة الناس لا يكفر، وينبغي أن يفعله قبله أو بعده نفيا للشبهة، ولو شرى
فيه ما لم يشتره قبل إن أراد تعظيمه كفر، وإن أراد الاكل كالشرب والتنعيم لا يكفر. زيلعي
(ولا بأس بلبس القلانس) غير حرير وكرباس عليه إبريسم فوق أربع أصابع. سراجية، وصح أنه
حرم لبسها (وندب لبس السواد وإرسال ذنب العمامة بين كتفيه إلى وسط الظهر) وقيل لموضع
الجلوس وقيل: شبر.
(ويكره) أي للرجال كما مر في باب الكراهية (لبس المعصفر والمزعفر) لقول ابن عمر
رضي الله عنهما: ونهانا رسول الله (ص) عن لبس المعصفر وقال: إياكم والأحمر
فإنه زي الشيطان ويستحب التجمل، وأباح الله الزينة بقوله تعالى: * (قل من حرم زينة الله التي
346

أخرج لعباده) * (الأعراف: 23) الآية، وخرج (ص) وعليه رداء قيمته ألف دينار، زيلعي.
(وللشاب العالم أن يتقدم على الشيخ الجاهل) ولو قرشيا، قال تعالى: * (والذين أوتوا العلم
درجات) * (المجادلة: 11) فالرافع هو الله، فمن يضعه يضعه الله في جهنم، وهم أولوا الامر على الأصح وورثة
الأنبياء بلا خلاف.
(اختضب لأجل التزين للنساء والجواري جاز) في الأصح، ويكره بالسواد، وقيل: لا ومر
في الحظر (كما يجوز أن يأكل متكئا) في الصحيح لما روي: أنه (ص) أكل متكئا
مجمع الفتاوى.
347

(أخذته الزلزلة في بيته ففر إلى الفضاء لا يكره) بل يستحق لفرار النبي (ص)
عن الحائط المائل (وإذا خرج من بلدة بها الطاعون: فإن علم أن كل شئ بقدر الله تعالى فلا بأس
بأن يخرج ويدخل، وإن كان عنده أنه لو خرج نجا ولو دخل ابتلي به كره له ذلك) فلا يدخل ولا
يخرج صيانة لاعتقاده، وعليه حمل النهي في الحديث الشريف. مجمع الفتاوى.
(ففيه في بلدة ليس فيها غيره أفقه منه يريد أن يغزو ليس له ذلك) بزازية وغيرها (قضى
المديون الدين المؤجل قبل الحلول أو مات) فحل بموته (فأخذ من تركته لا يأخذ من المرابحة التي
جرت بينهما إلا بقدر ما مضى من الأيام، وهو جواب المتأخرين) قنية. وبه أفتى المرحوم أبو
السعود أفندي مفتي الروم، وعلله بالرفق للجانبين، وقد قدمته قبل فصل القرض، والله أعلم.
فرع: في آخر الكنز: ينبغي لحافظ القرآن في كل أربعين يوما أن يختم مرة، والله أعلم.
348

كتاب الفرائض
هي علم بأصول من فقه وحساب تعرف حق كل من التركة، والحقوق ها هنا خمسة بالاستقراء،
لان الحق إما للميت أو عليه أو لا ولا. الأول التجهيز. والثاني: إما أن يتعلق بالذمة
وهو الدين المطلق أو لا وهو المتعلق بالعين. والثالث إما اختياري وهو الوصية أو اضطراري وهو
الميراث، وسمي فرائض لان الله تعالى قسمه بنفسه وأوضحه وضوح النهار بشمسه ولذا سماه
(ص) نصف العلم لثبوته بالنص لا غير. وأما غيره
349

فبالنص تارة وبالقياس أخرى. وقيل: لتعلقه بالموت وغيره بالحياة، أو بالضروري وغيره
بالاختياري. وهل إرث الحي من الحي أم من الميت؟ المعتمد الثاني. شرح وهبانية (يبدأ من تركة
الميت الخالية عن تعلق الغير بعينها كالرهن والعبد والجاني) والمأذون المديون والمبيع المحبوس
بالثمن
350

والدار المستأجرة، وإنما قدمت على التكفين لتعلقها بالمال قبل صيرورته تركة (بتجهيزه) يعم
التكفين (من غير تقتير ولا تبذير) ككفن السنة أو قدر ما كان يلبسه في حياته، ولو هلك كفنه:
351

فلو قبل تفسخه كفن مرة بعد أخرى وكله من كل ماله (ثم) تقدم (ديونه التي لها مطالب من جهة
العباد) ويقدم دين الصحة على دين المرض إن جهل سببه، وإلا فسيان كما بسطه السيد. وأما
دين الله تعالى فإن أوصى به وجب تنفيذه من ثلث الباقي، وإلا لا (ثم) تقدم (وصيته) ولو مطلقة
على الصحيح
352

خلافا لما اختاره في الاختيار (من ثلث ما بقي) بعد تجهيزه وديونه. وإنما قدمت في الآية اهتماما
لكونها مظنة التفريط (ثم) رابعا بل خامسا (يقسم الباقي) بعد ذلك (بين ورثته) أي الذين ثبت
إرثهم بالكتاب أو السنة كقوله عليه الصلاة والسلام: أطعموا الجدات السدس أو الاجماع
353

فجعل الجد كالأب وابن الابن كالابن (ويستحق الإرث) ولو لمصحف، به يفتى. وقيل: لا
يورث، إنما هو للقارئ مولديه. صيرفية، بأحد ثلاثة (برحم ونكاح) صحيح. فلا توارث
بفاسد ولا باطل إجماعا (وولاء) والمستحقون للتركة عشرة أصناف مرتبة كما أفاده بقوله: (فيبدأ
بذوي الفروض) أي السهام المقدرة وهم اثنا عشر من النسب:
354

ثلاثة من الرجال، وسبعة من النساء، واثنان من التسبب وهما الزوجان (ثم بالعصبات) أل
للجنس فيستوي فيه الواحد وجمعه للازدواج (النسبية) لأنها أقوى (ثم بالمعتق) لو أنثى
وهو العصبة السببية (ثم عصبته الذكور) لأنه ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن
355

(ثم الرد) على ذوي الفروض النسبية بقدر حقوقهم (ثم ذوي الأرحام ثم بعدهم مولى الموالاة) كما
مر في كتاب الولاء، وله الباقي بعد فرض أحد الزوجين. ذكره السيد (ثم المقر له بنسب) على
غيره
356

(لم يثبت) فلو ثبت بأن صدقه المقر عليه أو أقر بمثل إقراره أو شهد رجل آخر ثبت نسبه حقيقة
وزاحم الورثة وإن رجع المقر، وكذا لو صدقه المقر له قبل رجوعه، وتمامه في شروح السراجية
سيما روح الشروح، وقد لخصته فيما علقته عليها (ثم) بعدهم (الموصى له بما زاد على الثلث) ولو
357

بالكل، وإنما قدم عليه المقر له لأنه نوع قرابة، بخلاف الموصى له (ثم) يوضع (في بيت المال) لا
إرثا بل فيئا للمسلمين.
(وموانعه) على ما هنا أربعة: (الرق) ولو ناقصا كمكاتب، وكذا مبعض عند أبي حنيفة
ومالك رحمهما الله تعالى، وقالا: حر فيرث ويحجب. وقال الشافعي: لا يرث بل يورث. وقال
أحمد: يرث ويورث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية.
قلت: وقد ذكر الشافعية مسألة يورث فيها الرقيق مع رق كله.
صورتها: مستأمن جنى عليه فلحق بدار الحرب فاسترق ومات رقيقا بسراية تلك الجناية
فديته لورثته، ولم أره لائمتنا فيحرر (والقتل)
358

الموجب للقود أو الكفارة وإن سقطا بحرمة الأبوة على ما مر، وعند الشافعي: لا يرث القاتل
مطلقا، ولو مات القاتل قبل المقتول ورثه المقتول إجماعا (واختلاف الدين) وإسلاما وكفرا.
وقال أحمد: إذا أسلم الكافر قبل قسمة التركة ورث، وأما المرتد فيورث عندنا
خلافا للشافعي. قلت: ذكر الشافعية مسألة يورث فيها الكافر.
صورتها: كافر مات عن زوجته حاملا ووقفنا ميراث الحمل فأسلمت ثم ولدت ورث
الولد، ولم أره لائمتنا صريحا
359

(و) الرابع (اختلاف الدارين) فيما بين الكفار عندنا خلافا للشافعي (حقيقة) كحربي وذمي (أو
حكما) كمستأمن وذمي وكحربيين من دارين مختلفين كتركي وهندي لانقطاع العصمة فيما بينهم
بخلاف المسلمين. قلت: وبقي من الموانع جهالة تاريخ الموتى كالغرقى والحرقي والهدمي والقتلى
360

كما سيجئ.
ومنها: جهالة الوارث، وذلك في خمس مسائل أو أكثر في المجتبى. منها: أرضعت صبيا
مع ولدها وماتت وجهل ولدها فلا توارث، وكذا لو اشتبه ولد مسلم من ولد نصراني عند الظئر
وكبرا فهما مسلمان ولا يرثان من أبويهما. زاد في المنية: إلا أن يصطلحا فلهما أن يأخذا الميراث
361

بينهما ثم بين ذوي الفرض مقدما للزوجة لأنها أصحل الولاد إذ منها تتولد الأولاد، فقال
(فيفرض للزوجة فصاعدا الثمن مع ولد أو ولد ابن) وأما مع ولد البنت فيفرض لها الربع (وإن
سفل، والربع لها عند عدمهما) فللزوجات حالتان الربع بلا ولد والثمن مع الولد (والربع
للزوج) فأكثر، كما لو ادعى رجلان فأكثر نكاح ميتة وبرهنا ولم تكن في بيت واحد منهما ولا
دخل بها فإنهم يقسمون ميراث زوج واحد لعدم الأولوية (مع أحدهما) أي الولد أو ولد الابن
(والنصف له عند عدمهما) فللزوج حالتان: النصف، والربع (وللأب والجد) ثلاث أحوال:
362

الفرض المطلق وهو (السدس) وذلك (مع ولد أو ولد ابن) والتعصيب المطلق عند عدمهما،
والفرض، والتعصيب مع البنت أو بنت الابن.
قلت: وفي الأشباه: الجد كالأب، وإلا ثلاثة عشر مسألة، خمس في الفرائض، وباقيها
في غيرها.
363

زاد ابن المصنف في زواهره أخرى من الفصولين: ضمن الأب مهر صبيه فأدى رجع لو شرط.
وإلا لا، ولو وليا غيره أو وصيا رجع مطلقا انتهى. فقوله: لو وليا غيره يعم الجد فيرجع
كالوصي بخلاف الأب (وللأم) ثلاثة أحوال (السدس مع أحدهما أو مع اثنين من الاخوة أو) من
(الأخوات) فصاعدا من أي جهة كانا ولو مختلطين والثلث عند عدمهم وثلث الباقي مع الأب
وأحد الزوجين (و) السدس (للجدة مطلقا) كأم أم وأم أب (فصاعدا) يشتركن فيه (إذ كن ثابتات)
أي صحيحات كالمذكورتين، فإن الفاسدة من ذوي الأرحام كما سيجئ متحاذيات في درجة
لان القربى تحجب البعدى مطلقا كما سيجئ و) السدس (لبنت الابن) فأكثر (من البنت)
الواحدة تكملة للثلثين (و) السدس (للأخت) لأب فأكثر (مع الأخت) الواحدة (لأبوين) تكملة
للثلثين (و) السدس (للواحد من ولد الام والثلث لاثنين فصاعدا من ولد الام) ذكورهم كإناثهم
(و) الثلث (للام عند عدم من لها معه السدس) كما مر
364

(ولها ثلث الباقي بعد فرض أحد الزوجين) كما قدمنا وذلك (وفي زوجة وأبوين) وأم فلها حينئذ
الربع (أو زوج وأبوين) وأم فلها حينئذ السدس ويسمى تأدبا مع قوله تعالى: * (وورثه أبواه
فلأمه الثلث) * (النساء: 11) (والثلثان لكل اثنين فصاعدا ممن فرضه النصف) وهو خمسة البنت بنت الابن
والأخت لأبوين والأخت لأب والزوج (إلا لزوج)
365

لأنه لا يتعدد، والله تعالى أعلم.
فصل في العصبات
العصبات النسبية ثلاثة: عصبة بنفسه، وعصبة بغيره، وعصبة مع غيره (ويجوز العصبة
بنفسه وهو كل ذكر) فالأنثى لا تكن عصبة بنفسها بل بغيرها أو مع غيرها (لم يدخل في نسبته
إلى الميت أنثى) فإن دخلت لم يكن عصبة كولد الام
366

فإنه ذو فرض، وكأبي الام وابن البنت فإنهما من ذوي الأرحام (ما أبقت الفرائض) أي جنسها
(وعند الانفراد يجوز جميع المال) بجهة واحدة.
ثم العصبات بأنفسهم أربعة أصناف: جزء الميت، ثم أصله، ثم جزى أبيه، ثم جز جده
(ويقدم الأقرب فالأقرب منهم) بهذا الترتيب فيقدم جزء الميت (كالابن ثم ابنه وإن سفل، ثم أصله
الأب ويكون مع البنت) بأكثر (عصبة وذا سهم) كما مر (ثم الجد الصحيح) وهو أبو الأب (وإن
علا) وأما أبو الأم ففاسد من ذوي الأرحام (ثم جزء أبيه الأخ) لأبوين (ثم) لأب ثم (ابنه) لأبوين
ثم لأب (وإن سفل) تأخير الاخوة عن الجد وإن علا قول أبي حنيفة، وهو المختار للفتوى خلافا
لهما وللشافعي. قيل: وعليه الفتوى (ثم جزء جده العم) لأبوين ثم لأب ثم ابنه لأبوين ثم لأب
(وإن سفل ثم عم الأب ثم ابنه ثم عم الجد ثم ابنه) كذلك وإن سفلا، فأسبابها أربعة: بنوه. ثم
أبوه، ثم أخوه، ثم عمومة (و) بعد ترجيحهم بقرب الدرجة (يرجحون) عند التفاوت بأبوين وأب
367

كما مر (بقوة القرابة، فمن كان لأبوين) من العصبات ولو أنثى كالشقيقة مع البنت تقدم على
الأخ لأب (مقدم على من كان لأب) لقوله (ص): إن أعيان بني الام يتوارثون
دون بني العلات.
والحاصل: أنه عند الاستواء في الدرجة يقدم ذو القرابتين، وعند التفاوت فيها يقدم
الاعلى. ثم شرع في العصبة بغيره فقال: (ويصير عصبة بغيره البنات بالابن وبنات الابن بابن
الابن) وإن سفلوا (والأخوات لأبوين أو لأب) (بأخيهن) فهن أربع ذوات النصف والثلثين يصرن
368

عصبة بإخوتهن، ولو حكما كابن ابن ابن يعصب من مثله أو فوقه.
ثم شرع في العصبة مع غيره فقال: (ومع غيره الأخوات مع البنات) أو بنات الابن لقول
الفرضيين اجعلوا الأخوات مع البنات عصبة، والمراد من الجمعين هنا الجنس (وعصبة ولد الزنا
و) ولد (الملاعنة مولى الام) المراد بالمولى ما يعم المعتق والعصبة ليعم ما لو كانت الام حرة الأصل
كما بسطه العلامة قاسم،
369

لأنه لا أبا لهما، ويفترقان في مسألة واحدة وهي: أن ولد الزنا يرث من توأمه ميراث أخ لام،
وولد الملاعنة يرث من توأمه ميراث أخ لأبوين (وتختم العصبات ب‍) العصبة السببية: أي (المعتق
ثم عصبته) بنفسه
370

على الترتيب المتقدم بقوله (ص): الولاء لحمة كلحمة النسب (وإذا ترك) المعتق
(أب مولاه وابن مولاه فالكل للابن) وقال أبو يوسف: للأب السدس (أو) ترك (جده) أي جد
مولاه (وأخاه فهو للجد) على الترتيب المتقدم (وقالا بينهما) كالميراث، وليس هنا عصبة بغيره ولا
مع غيره لقوله (ص): ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن الحديث وهو وإن
371

كان فيه شذوذ لكنه تأيد بكلام كبار الصحابة
372

فصار بمنزلة المشهور كما بسطه السيد وأقره المصنف.
ثم شرع في الحجب فقال: (ولا يحرم ستة) من الورثة (بحال) البتة (الأب والام والابن
والبنت) أي الأبوان والولدان (والزوجان) وفريق يرثون بحال، ويحجبون حجب الحرمان بحال
أخرى وهم غير هؤلاء الستة سواء كانوا عصبات أو ذوي فروض، وهو مبني على أصلين
أحدهما: (أنه يحجب الأقرب ممن سواهم الابعد) لما مر أنه يقدم الأقرب فالأقرب اتحدا في السبب
أم لا. (و) الثاني (أن من أدلى بشخص لا يرث معه) كابن الابن لا يرث مع الابن (إلا ولد الام)
373

فيرث معها لعدم استغرقها للتركة بجهة واحدة (والمحروم) كابن كافر أو قاتل (لا يحجب) عندنا
أصلا (ويحجب المحجوب) اتفاقا كأم الأب تحجب بالأب وتحجب أم أم الام (كالاخوة والأخوات)
فإنهم يحجبون بالأب حجب حرمان (ويحجبون الام من الثلث إلى السدس) حجب
نقصان، ويختص حجب النقصان بخمسة بالام وبنت الابن والأخت لأب والزوجين (ويسقط بنو
الأعيان) وهم الاخوة والأخوات لأب وأم بثلاثة (بالابن) وابنه وإن سفل (وبالأب) اتفاقا
(وبالجد) عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى (وقالا: يقاسمهم على أصول زيد، ويفتى بالأول) وهو
السقوط كما هو مذهب أبي حنيفة وأصول زيد مبسوطة في المطولات. وفي الوهبانية:
وما أسقطا أولاد عين وعلة وقد أسقط النعمان وهو المحرر
374

وعليه الفتوى كما في الملتقى والسراجية، وإن قال مصنفها في شرحها: وعلى قولهما
الفتوى (و) يسقط بنو العلات) وهم الاخوة والأخوات لأب (بهم) أي ببني الأعيان أيضا
(وبهؤلاء) أي بالابن وابنه وبالأب والجد وكذا بالأخت لأبوين إذا صارت عصبة كما علمته
(ويسقط بنو الأخياف) وهم الاخوة والأخوات لام (بالولد وولد الابن) وإن سفل (وبالأب
والجد) بالاجماع لأنهم من قبيل الكلالة كما بسطه السيد
375

(و) تسقط (الجدات مطلقا) أبويات أم أميات بالام والبويات بالأب وكذا بالجد، إلا أم الأب
وإن علت فإنها ترث مع الجد لأنها ليست من قبله بل هي زوجته فكانا كالأبوين (وتحجب
القربى) من أي جهة كانت (البعدي) كذلك (وارثة كانت القربى أو محجوبة) كما قدمناه (وإذا
اجتمعا وكانت إحداهما ذات قرابة واحدة كأم الأب) كذا في نسخ المتن والشرح والصواب الموافق
للسراجية وغيرها كأم أم الأب، وقد قدم أن القربى تحجب البعدي مطلقا، فافهم (والأخرى
ذات قرابتين أو أكثر كأم أم الام وهي أيضا أم أبي الأب) بهذه الصورة:
..................................
وتوضيحها: أن امرأة زوجت ابن ابنها بنت بنتها فولد بينهما ولد فهذه المرأة جدته لأبويه
376

(قسم محمد السدس بينهما أثلاثا) باعتبار الجهات (وهما) أي أبو حنيفة وأبو يوسف (أنصافا)
باعتبار الأبدان، وبه قال مالك والشافعي: وبه جزم في الكنز فقال: ذات جهتين كذات جهة
(وإذا استكمل البنات والأخوات لأبوين فرضهن) وهو الثلثان (سقط بنات الابن) وسقط
(الأخوات لأب) أيضا (إلا بتعصيب ابن ابن) في الصورة الأولى (أو أخ) في الثانية (مواز) أي
ما أو نازل: أي سافل، فحينئذ يعصبهن ويكون الباقي للذكر كالأنثيين.
قاله المصنف في شرحه. قلت: وفي إطلاقه نظر ظاهر لتصريحهم بأن ابن الأخ لا يعصب
أخته، كالعم لا يعصب أخته وابن العم لا يعصب أخته وابن المعتق لا يعصب أخته، بل المال
للذكر دون الأنثى لأنها من ذوي الأرحام.
قال في الرحبية:
وليس ابن الأخ بالمعصب من مثله أو فوقه في النسب
بخلاف ابن الابن وإن سفل فإنه يعصب من مثله أو فوقه ممن لم تكن ذات سهم ويسقط
من دونه، فلو ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وثلاث بنات ابن ابن آخر كذلك
وثلاث بنات ابن ابن ابن كذلك بهذه الصورة:
ميت ابن ابن ابن ابن بنت ابن ابن ابن بنت ابن بنت ابن ابن بنت.. ابن بنت ابن بنت ابن بنت ابن بنت ابن بنت...
377

فالعليا من الفريق الأول لا يوازيها أحد فلها النصف، والوسطى من الفريق الأول توازيها
العليا من الفريق الثاني فيكون لهما السدس تكملة للثلثين، ولا شئ للسفليات إلا أن يكون مع
واحدة منهن غلام فيعصبها، ومن يحاذيها ومن فوقها ممن لا تكون صاحبة فرض وسقط
السفليات (ويأخذ ابن عم) كذا في نسخ المتن والشرح وعبارة السيد وغيره: ويأخذ أحد ابني عم
هو أخ (لام السدس) بالفرض، وكذا لو كان الآخر زوجا فله النصف
378

(ويقتسمان الباقي) بينهما نصفين بالعصوبة حيث لا مانع من إرثه بهما فيرث بجهتي فرض
وتعصيب، وأما بفرض وتعصيب معا بجهة واحدة فليس إلا الأب وأبوه.
قلت: وقد يجتمع جهتا تعصيب كابن هو ابن ابن عم بأن تنكح ابن عمها فتلد ابنا وكابن
هو معتق وقد يجتمع جهتا فرض، وإنما يتصور في المجوس لنكاحهم المحارم ويتوارثون بهما
جميعا عندنا وعند الشافعي بأقوى الجهتين في كتب الفرائض وتأتي الإشارة إليه في الغرقى
(ولو تركت زوجا وأما أو جدة وإخوة لأبوين أخذ الزوج النصف والام) أو الجدة
(السدس وولد الام الثلث ولا شئ للاخوة لأبوين) لأنهم عصبة ولم يبق لهم شئ. وعند مالك
والشافعي: يشرك بين الصنفين الأخيرين كأن الكل أولاد أم، وكذلك يفرض مالك والشافعي
للأخت لأبوين أو لأب النصف وللجد السدس مع زوج وأم فتعول إلى تسعة، وعند أبي حنيفة
379

وأحمد: تسقط الأخت.
قلت: وحاصلة أنه ليس عند الحنفية مسألة المشركة اتفاقا ولا مسألة الأكدرية على المفتى به
كما مر.
باب العول
وضده الرد كما سيجئ (هو زيادة السهام) إذا كثرت الفروض (على مخرج الفريضة)
ليدخل النقص على كل منهم بقدر فرضه كنقص أرباب الديون بالمحاصة، وأول من حكم بالعول
عمر رضي الله تعالى عنه ثم المخارج سبعة:
380

أربعة لا تعول الاثنان والثلاثة والأربعة والثمانية، وثلاثة قد تعول بالاختلاط كما سيجئ في
باب المخارج (فستة تعول) أربع عولات (إلى عشرة وترا وشفعا) فتعول لسبعة كزوج وشقيقتين،
ولثمانية كهم وأم، ولتسعة كهم وأخ لام، ولعشرة كهم وأخ آخر لام (واثنا عشره تعول ثلاثا إلى
سبعة عشر وترا لا شفعا) فتعول لثلاثة عشر كزوجة وشقيقتين وأم، ولخمسة عشر كهم وأخ
لام، ولسبعة عشر كهم وآخر لام (وأربعة وعشرون تعول إلى سبعة وعشرين) فقط (كامرأة وبنتين
وأبوين) وتسمى منبرية (والرد ضده) كما مر، وحينئذ (فإن فضل عنها) أي عن الفروض (و)
الحال أنه لا (عصبة) ثمة (يرد) الفاضل (عليهم بقدر مهامهم) إجماعا لفساد بيت المال (إلا على
الزوجين) فلا يريد عليهما. وقال عثمان رضي الله عنه: يرد عليهما أيضا. قاله المصنف وغيره.
قلت: وجزم في الاختيار بأن هذا وهم من الراوي، فراجعه.
381

قلت: وفي الأشباه أنه يرد عليهما في زماننا لفساد بيت المال، وقدمناه في الولاء ثم
مسائل الرد أربعة أقسام، لان المردود عليه إما صنف أو أكثر، وعلى كل إما أن يكون من لا يرد
عليه أو لا يكون.
(ف‍) الأول (إن اتحد جنس المردود عليهم) كبنتين أو أختين أو جدتين (قسمت المسألة من
عدد رؤوسهم) ابتداء
382

قطعة للتطويل.
(و) الثاني (إن كان) المردود عليه (جنسين) أو ثلاثة لا أكثر بالاستقراء (فمن عدد سهامهم)
فمن اثنين لو سدسان وثلاثة لو ثلث وسدس وأربعة لو نصف وسدس وخمسة كثلثين وسدس
تقصيرا للمسافة.
(و) الثلث (إن كان مع الأول) أي الجنس الواحد (من لا يرد عليه) وهو الزوجان (أعطى)
من لا يرد عليه (فرضه من أقل مخارجه وقسم الباقي على) رؤوس (من يرد عليه كزوج وثلاث
بنات) فهي من أربعة للزوج واحد وبقي ثلاثة وهي تستقيم عليهم فلا حاجة إلى الضرب
383

(وإن لم يستقم فإن وافق رؤوسهم) أي رؤوس من يرد عليهم (كزوج وست بنات ضرب وفقها)
وهو هنا اثنان (في مخرج فرض من لا يرد عليه) وهو هنا أربعة تبلغ ثمانية فللزوج اثنان وللبنات
ستة (وإلا) يوافق بل باين (ضرب كل) عدد رؤوسهم (فيه) أي المخرج المذكور (كزوج وخمس
بنات) فالمخرج هنا أربعة، للزوج واحد، بقي ثلاثة تباين الخمسة فاضرب الأربعة في الخمسة
تبلغ عشرين كان للزوج واحدا ضربه في المضروب يكن خمسة فهي له، والباقي ثلاثة اضربها في
المضروب تبلغ خمسة عشر فلكل بنت ثلاثة.
(و) الرابع (لو كان مع الثاني) أي الجنين فقط لا أكثر هنا بحكم الاستقراء، إذ لا يرد مع
أربع طوائف أصلا بالاستقراء، ولعل هذا نكتة اقتصاره فيما مر متنا على الجنين، وإلا فيراد
بالثاني بعضه لا كله فتأمل (من لا يرد عليه فأقسم الباقي) من مخرج فرض من لا يرد عليه (على
مسألة من يرد عليه)
384

إن استقام (كزوجة وأربع جدات وست أخوات لأم) فمخرج من لا يرد عليه أربعة، للزوجة
واحد، بقي ثلاثة تستقيم على سهم الجدات وسهمي الأخوات لكنه منكسر على آحاد كل فريق
كما سيجئ (وإن لم يستقم ضرب جميع مسألة من يرد عليه في مخرج من لا يرد عليه) فالمبلغ
الحاصل بهذا الضرب مخرج فروض الفريقين كأربع زوجات وتسع بنات وست جدات فمخرج
من لا يرد عليه ثمانية للزوجات الثمن واحد بقي سبعة لا تستقيم على مسألة من يرد عليه وهي
هنا خمسة، لأن الفرضين ثلثان وسدس فاضرب الخمسة في الثمانية تبلغ أربعين فهي مخرج
فروض الفريقين (ثم ضربت سهام من لا يرد عليه) وهو سهم للزوجات (في) خمسة (مسألة من
يرد عليه) يكن خمسة فهي حق للزوجات الأربع من الأربعين واضرب سهام كل فريق ممن يرد
عليه وهي أربع للبنات وسهم للجدات (فيما بقي) أي في السبعة الباقية (من مخرج فرض من لا
يرد عليه) يكن للبنات ثمانية وعشرون وللجدات سبعة، فاستقام فرض كل فريق لكنه منكسر
على آحاد كل فريق، فصححه بالأصول السبعة الآتية في باب المخارج تصح من ألف وأربعمائة
385

وأربعين وتصح الأولى من ثمانية وأربعين، ولولا خشية الإطالة لأوسعت الكلام هنا.
باب توريث ذوي الأرحام
(هو كل قريب ليس بذي سهم ولا عصبة) فهو قسم ثالث حينئذ (ولا يرث
مع ذي سهم ولا عصبة سوى الزوجين) لعدم الرد عليهما (فيؤخذ المنفرد جميع المال) بالقرابة
(ويحجب أقربهم الابعد) كترتيب العصبات، فهم أربعة أصناف: جزء الميت، ثم أصله، ثم جزء
أبويه، ثم جزء جديه أو جدتيه (و) حينئذ (يقدم) جزء الميت.
386

وهم: (أولاد البنات وأولاد بنات الابن) وإن سفلوا: بهذه الصورة:
بنت بنت بنت
بنت بنت ابن
بنت ابن بنت
ابني بنت بنتي
6، 6، 61
387

بهذه الصورة:
بنت بنت بنت
بنت ابن بنت
بنتي ابن
22، 6
(ثم) أصله وهم (الجد الفاسد والجدات الفاسدات) وإن علوا
388

(ثم) جزء أبويه وهم (أولاد الأخوات لأبوين أو لأب وأولاد الاخوة والأخوات لام وبنات الاخوة
لأبوين أو لأب وإن نزلوا، ويقدم الجد عليهم خلافا لهما بهذه الصورة):
أخ لأب أخت لأب أخت لأبوين أخت لأم
بنت ابن بنت ابن
ابن بنتي بنت
2، 18، 4
389

(ثم) جزء جدته أو جدتيه وهم: (الأخوال والخالات والأعمام لام والعمات وبنات الأعمام
وأولاد هؤلاء
390

ثم عمات الآباء والأمهات وأخوالهم وخالاتهم وأعمام الآباء لام وأعمام الأمهات كلهم وأولاد
391

هؤلاء) وإن بعدوا بالعلو أو السفول ويقدم الأقرب في كل صنف (وإذا استووا في درجة)
واتحدت الجهة (قدم ولد الوارث) فلو اختلف فلقرابة الأب الثلثان ولقرابة الام الثلث، وعند
الاستواء: فإن اتفقت صفة الأصول في الذكورة أو الأنوثة اعتبر أبدان الفروع اتفاقا (و) أما (إذا
اختلفت الفروع والأصول) كبنت ابن بنت وابن بنت بنت (اعتبر محمد في ذلك الأصول وقسم)
المال على أول بطن اختلف بالذكورة والأنوثة وهو هنا لبطن الثاني وهو ابن بنت وبنت بنت،
فمحمد اعتبر صفة الأصول في البطن الثاني في مسألتنا فقسم (عليهم أثلاثا وأعطى كلا من
الفروع نصيب أصله) فحينئذ يكون ثلثاه لبنت ابن البنت نصيب ابنها وثلثه لابن بنت البنت لأنه
نصيب أمه، وتمامه في السراجية وشروحها (وهما اعتبرا الفروع) فقط، لكن قول محمد أشهر
الروايتين عن أبي حنيفة في جميع ذوي الأرحام، وعليه الفتوى. كذا في شرح السراجية لمصنفها.
وفي الملتقى: وبقول محمد يفتى. سئلت عمن ترك بنت شقيقه وابن بنت شقيقته كيف تقسم؟
392

فأجبت بأنهم قد شرطوا عد الفروع في الأصول فحينئذ تصير الشقيقة كشقيقتين فيقسم المال
بينهما نصفين ثم يقسم نصف الشقيقة بين أولادها أثلاثا، والله تعالى أعلم.
فصل في الغرقى والحرقي وغيرهم
(لا توارث بين الغرقى والحرقي إلا إذا علم ترتيب الموتى) فيرث المتأخر، فلو جهل عينه
أعطي كل باليقين ووقف المشكوك فيه حتى يتبين أو يصطلحوا. شرح مجمع.
قلت: وأقره المصنف، لكن نقل شيخنا عن ضوء السراج معزيا لمحمد
393

أنه لو مات أحدهما ولا يدر أيهما هو يجعل كأنهما ماتا معا لتحقق التعارض بينهما وهو مخالف لما
مر، فتدبر (و) إذا لم يعلم ترتيبهم (يقسم مال كل منهم على ورثته الاحياء) إذ لا توارث بالشك
(والكافر يرث بالنسب والسبب كالمسلم، ولو) اجتمع (له قرابتان) لو تفرقتا (في شخصين حجب
أحدهما الآخر فإنه يرث بالحاجب، وإن لم يحجب أحدهما الآخر يرث بالقرابتين) (عندنا كما
قدمنا) للبنتين الثلثين. قلت: (لا يرثون بأنكحة مستحلة عندهم) أي يستحلونها
394

كتزوج مجوسي أمه، لان النكاح الفاسد لا يوجب التوارث بين المسلمين فلا يوجبه بين المجوس.
كذا في الجوهرة. قال: وكل نكاح لو أسلما يقران عليه يتوارثان، وما لا فلا انتهى. وصححه
في الظهيرية (ويرث ولد الزنا واللعان بجهة الام فقط) لما قدمناه في العصبات أنه لا أب لهما
(ووقف للحمل حظ ابن واحد) أو بنت واحدة أيهما كان أكثر وعليه الفتوى لأنه الغالب
ويكفنون احتياطا كما لو ترك أبوين وبنتا وزوجة حبلى فإن المسألة من أربعة وعشرين إن فرض
395

الحمل ذكرا وتعول لسبعة وعشرين إن فرض أنثى، لان هذا على كون الحمل من الميت، وإلا
فمثله كثيرة، كما لو تركت زوجا وأما حبلى فللزوج النصف وللأم الثلث والحمل إن قدر ذكرا
السدس لأنه عصبة فيقدر أنثى ليفرض له النصف وتعول لثمانية كما لا يخفى.
قلت: ولم أر ما لو كان على أحد التقديرين يرث وعلى الآخر لا كهم وأخوين لام. فإن
قدر ذكرا لم يبق له شئ فينبغي أن يقدر أنثى وتعود لتسعة احتياطا. وفي الوهبانية: وحاملة أن
396

تأت بابن فلم يرث وإن ولدت بنتا لها الثلث يقدر.
فصل في المناسخة
(مات بعض الورثة قبل القسمة للتركة صححت المسألة الأولى) وأعطيت سهام كل وارث
(ثم الثانية) إلا إذا اتحدوا كأن مات عن عسرة بنين، ثم مات أحدهم عنهم (فإن استقام نصيب
الميت الثاني على تركته فيه) ونعمت، وإن لم يستقم، فإن كان بين سهامه ومسألته موافقة ضربت
وفق التصحيح في كل التصحيح الأول، وإلا يكن بينهما موافقة بل مباينة (ضربت كل الثاني
في كل الأول يحصل مخرج المسألتين فتضرب سهام ورثة الميت الأول في المضروب) أي في
397

التصحيح الثاني أو في وفقه (وسهام ورثة الميت الثاني في كل ما في يده أو وفقه من) التصحيح
(الأول) وإن كان فيهم من يرث من الميتين ضربت نصيبه من الأول في الثاني أو وفقه ونصيبه من
الثاني فيما في يد الميت أو وفقه (ولو مات ثالث) قبل القسمة (جعل المبلغ) الثاني (مقام الأولى و)
جعل (الثالثة مقام الثانية) في العمل، وهكذا كلما مات واحد تقيمه مقام الثانية والمبلغ الذي قبله
مقام الأولى إلى ما لا يتناهى، وهذا علم العمل فلا تغفل، والله تعالى أعلم.
398

باب المخارج
(الفروض) المذكورة في القرآن (نوعان: الأول والنصف) ومخرج كل كسر سميه كالربع من
أربعة النصف فإنه من اثنين والربع من أربعة والثمن من ثمانية. (والثاني) الثلث و (الثلثان)
كلاهما (من ثلاثة والسدس من ستة) على التضعيف والتنصيف، فتقول مثلا الثمن وضعفه
وضعف ضعفه، أو تقول النصف ونصفه ونصف نصفه. قلت: وأحضر الكل أن تقول الربع
والثلث ونصف كل وضعفه، فإذا جاء في المسألة من هذه الفروض أحاد فمخرج كل فرد منفرد
سميه إلا النصف كما مر، وإذا جاء مثنى أو ثلاث وهما من نوع واحد فكل عدد يكون مخرجا لجزء فذلك العدد أيضا يكون مخرجا
399

لضعفه وأضعافه كالستة هي مخرج للسدس وضعف وضعف
ضعفه (فإذا اختلط النصف) من النوع الأول (بكل) النوع (الثاني) أي الثلاثة الأخر (أو ببعضه)
فإذا كان في المسألة نصف وثلثان وثلث وسدس كزوج وشقيقتين وأختين لام وأم (فمن ستة)
لتركبها من شرب اثنين في ثلاثة (أو) اختلط (الربع) من النوع الأول (بكل الثاني أو ببعضه) فإذا
كان في المسألة زوجة ومن ذكر (فمن اثني عشر) لتركبها من ضرب الأربعة في ثلاثة لموافقة الستة
بالنصف (أو) اختلط (الثمن) من النوع الأول ببعض الثاني، وأما بكله فغير متصور إلا على رأي
ابن مسعود أو في الوصايا، فليحفظ (فمن أربعة وعشرين) كزوجة وبنتين وأم لتركبها من ضرب
400

الثمانية في ثلاثة لما قدمنا موافقة الستة بالنصف، ولا يجتمع أكثر من أربع فروض في مسألة
واحدة، ولا يجتمع من أصحابها أكثر من خمس طوائف، ولا ينكسر على أكثر من أربع فرق (وإذا
انكسر سهام فريق عليهم ضربت عددهم في أصل المسألة) وعولها إن كانت عائلة (كامرأة
وأخوين) للمرأة الربع يبقى لهما ثلاثة لا تستقيم ولا توافق فاضرب اثنين في أربعة فتصح من
401

ثمانية (وإن وافق سهامهم عددهم ضربت وفق عددهم في أصل المسألة) وعولها (كامرأة وست
إخوة) فلهم ثلاثة توافقهم بالثلث فاضرب اثنين في أربعة فتصح من ثمانية أيضا (فإن انكسر
سهام فريقين أو أكثر وعدد رؤوسهم متماثلة ضربت أحد الاعداد في أصل المسألة) وعولها
(كثلاث بنات وثلاثة أعمام فتكتفي بأحد المتماثلين فاضرب ثلاثة في أصل المسألة) تكن تسعة منها
تصح، وإن انكسر على ثلاث فرق أو أربع
402

فاطلب المشاركة أولا بين السهام والاعداد ثم بين الاعداد والاعداد ثم افعل كما فعلت في
الفريقين في المداخلة والمماثلة والموافقة والمباينة فما حصل يسمى جزء السهم فاضربه في أصل
المسألة، أشار إليه بقوله: (وإن دخل بعد الاعداد في بعض كأربع زوجات وثلاث جدات واثني
عشر عما ضربت أكثر الاعداد) لتداخلها (في أصل المسألة) وهو اثنا عشر تكن مائة وأربعة
وأربعين منها تصح (وإن وافق بعضها بعضا) كأربع زوجات وخمسة عشر جدة وثمان عشرة بنتا
وستة أعمام وضربت وفق أحدهما أي أحد الاعداد (في جميع الآخر والخارج في وفق الثالث إن
وافق وإلا في جميعه، ثم الرابع كذلك) ثم المجتمع وهو جزء السهم وهو في مسألتنا مائة
وثمانون في أصل المسألة وهو هنا أربعة وعشرون يحصل أربعة آلاف وثلاثمائة وعشرون منها
تصح (وإن تباينت) أعداد رؤوس من انكسر عليهم سهامهم (كامرأتين وعشر بنات وست جدات
وسبعة أعمام ضربت أحدها) أي أحد الاعداد (في جميع الثاني والحاصل في جميع الثالث والحاصل
في جميع الرابع) يحصل جزء السهم وهو هنا مائتان وعشرة لتوافق رؤوس البنات والجدات
لسهامهم بالنصف فاضربها في أصل المسألة وهو هنا أربعة وعشرون يحصل خمسة آلاف وأربعون
ومنها تستقيم (وإذا أردت معرفة التماثل والتوافق والتداخل والتباين بين العددين)
403

هذه مقدمة يحتاج إليها في تقسيم التركة (فتماثل العددين كون أحدهما مساويا للآخر) كثلاثة
وثلاثة (وتداخل العددين المختلفين) بأحد أمرين على ما هنا: إما (بأن يعد أقلهما الأكثر) أي يفنيه
(أو يكون أكثر العددين منقسما على الأقل قسمة صحيحة) بلا كسر كقسمة الستة على ثلاثة أو
اثنين (وتوافق العددين أن لا يعد) أي لا يفنى أقلهما الأكثر لكن يعدهما (عدد ثالث) كالثمانية مع
العشرين يعدهما أربعة فيتوافقان بالربع (وتباين العددين) أن لا يعد العددين المختلفين (عدد ثالث)
أصلا كالتسعة مع العشرة (وإذا أردت معرفة التوافق والتباين بين العددين المختلفين أسقط الأقل
من الأكثر من الجانبين) مرارا حتى إذا اتفقا في درجة واحدة (فإن توافقا في واحد تباينا) الأوفق
(وإن توافقا في اثنين
404

فبالنصف أو ثلاثة فبالثلث) هكذا (إلى العشرة) وتسمى الكسور المنطقة (أو أحد عشر فيجزء من
أحد عشر وهكذا) ويسمى الأصم (وإذا أردت معرفة نصيب كل فريق) كالبنات والجدات
والأعمام وغيرهم (من التصحيح) الذي استقام على الكل (فاضرب ما كان له) أي لكل فريق
(من أصل المسألة فيما) أي في جزء السهم الذي ضربته (في أصل المسألة يخرج نصيبه) أي ذلك
الفريق (ثم إذا) أردت معرفة نصيب كل واحد من آحاد ذلك الفريق (ضربت سهام كل وارث
في) جزء السهم (المضروب يخرج نصيبه
405

والأوضح طريق النسبة وهو أن تنسب سهام كل فريق من أصل المسألة إلى عدد رؤوسهم وحدهم
ثم تعطي بمثل تلك النسبة من المضروب لكل واحد من آحاد ذلك الفريق (وإذا أردت قسمة
التركة بين الورثة والغرماء) يعني أن كلا وحده لا معا لتقدم الغرماء على قسمة المواريث كما في
شرح السراجية لحيدر (فإن كان بين التركة والتصحيح مماثلة) فظاهر أو (موافقة ضربت سهام كل
وارث من التصحيح في جميع التركة) كذا في نسخ المتن والشرح، والمرافق للسراجية وغيرها في
406

وفق التركة فإنما يضرب في جميع التركة عند المباينة وهذا لمعرفة نصيب كل فرد (وتعمل كذلك
في معرفة نصيب كل فريق) منهم، وأما قضاء الديون فإن وفى فبها (و) إن لم يوف وتعدد الغرماء
(ينزل مجموع الديون) كالتصحيح للمسألة (و) ينزل (كل دين) غريم (كسهام وارث) ويعمل كما
مر، صم شرع في مسألة التخارج فقال: (ومن صالح من الورثة) والغرماء على شئ معلوم منها
(طرح) أي أطرح سهمه من التصحيح وجعل كأنه استوفى نصيبه (ثم قسم الباقي من التصحيح)
أو الديون (على سهام من بقي منهم) فتصح منه كزوج وأم وعم فصالح الزوج على ما في ذمته
من المهر وخرج من بين الورثة فاطرح سهامه من التصحيح وهي ثلاثة وأقسم باقي التركة وهي
ما عدا المهر بين الام والعم أثلاثا بقدر سهامهما من التصحيح قبل التخارج،
407

وحينئذ يكون سهمان للام وسهم للعم، ولا يجوز أن يجعل الزوج كأن لم يكن لئلا ينقلب فرض
الام من ثلث أصل المال إلى ثلث أصل الباقي، لأنه حينئذ يكون للأم سهم وللعم سهمان وهو
خلاف الاجماع. قاله السيد وغيره.
قلت: وهذا هو الصواب، ولقد غلط في قسمة هذه المسألة صاحب المختار وصاحب
مجمع البحرين وغيرهما على ما عندي من النسخ، فإنهما قسما الباقي للأم سهم وللعم سهمان،
وقد علمت أنه خلاف الاجماع - قال السيد العلامة قطب الدين محمد بن سلطان في شرحه للكنز:
قوله: واجعله كأن لم يكن فيه نظر ثم ذكر نحو ما تحرر فتدبر.
[قال مؤلفه] العبد الفقير الحقير محمد علاء الدين ابن الشيخ علي الحصني الحنفي الحصني العباسي
الامام بجامع بني أمية ثم المفتي بدمشق المحمية قد فرغت من تأليفه أواخر شهر محرم الحرام سنة إحدى وسبعين وألف هجرية، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى
التحية، وقد بالغت
408

في تلخيصه وتحريره وتنقيحه، وتبعت المصنف رحمه الله في تغييره لمواضع كثيرة من متنه
وتصحيحه ونبهت عليها وعلى مواضع سهو آخر.
وبالجملة فالسلامة من هذا الخطر، أمر يعز على البشر، فستر الله على من ستر وغفر لمن
غفر:
وإن تجر عيبا فسد الخللا * جل من لا فيه عيب وعلا
كيف لا وقد بيضته وفي قلبي من نار البعاد عن البلاد والأولاد والاخوان والأحفاد ما يفتت
409

الأكباد. فرحم الله التفتازاني حيث اعتذر وأجاد، حيث قال نظما:
يوما بحزوى ويوما بالعقيق * وبالعذيب يوما ويوما بالخليصا
لكن لله الحمد أولا وآخرا ظاهرا وباطنا فلقد من بابتداء تبيضه تجاه وجه صاحب الرسالة
والقدر المنيف، وبختمه تجاه قبر صاحب هذا المتن الشريف، فلعله علامة القبول منهم
والتشريف. قال مؤلفه:
فيا شرفي إن كنت ربي قبلته * وإن كان كل الناس ردوه عن حسد
410

فتقبلني من ماتن وأساتذ * وتحشرنا جمعا مع المصطفى أحمد
وإخواننا المسدي لنا الخير دائما * ووالدنا داع لنا طالب الرشد
وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
411

كتاب الهبة
(ادعى) على آخر (هبة) مع قبض (في وقت فسئل) المدعي (بينة فقال) قد (جحدنيها) أي
الهبة (فاشتريتها منه أو لم يقل ذلك) أي جحدنيها ومفاده الاكتفاء بإمكان التوفيق،
426

وهو مختار شيخ الاسلام من أقوال أربعة. واختار الخجندي أنه يكفي من المدعى عليه لا من
427

المدعي لأنه مستحق وذاك دافع. والظاهر يكفي للدفع لا للاستحقاق. بزازية (فأقام بينة على
الشراء بعد وقتها) أي وقت الهبة (تقبل) في الصورتين (وقبله لا) لوضوح التوفيق في الوجه
الأول وظهور التناقض في الثاني، ولو لم يذكر لهما تاريخا أو ذكر لأحدهما تقبل لامكان التوفيق
بتأخير الشراء، وهل يشترط كون الكلامين عند القاضي أو الثاني فقط؟ خلاف وينبغي ترجيح
الثاني. بحر. لان به التناقض والتناقض
428

يرتفع بتصديق الخصم وبقول المتناقض تركت الأول وادعى بكذا أو بتكذيب الحاكم،
429

وتمامه في البحر، وأقره المصنف (كما لو ادعى أولا أنها) أي الدار مثلا (وقف عليه ثم ادعاها
لنفسه أو ادعاها لغيره) ثم ادعاها (لنفسه) لم تقبل للتناقض. وقيل تقبل إن وفق بأن قال كان
لفلان ثم اشتريته. درر في أواخر الدعوى.
قال (ولو ادعى الملك) لنفسه (أولا ثم) ادعى (الوقف) عليه (تقبل كما لو ادعاها لنفسه ثم
430

لغيره) فإنه يقبل.
(ومن قال لآخر اشتريت مني هذه الجارية وأنكر) الآخر الشراء جاز (للبائع أن يطأها إن
ترك) البائع (الخصومة) واقتران تركه بفعل يدل على الرضا بالفسخ كإمساكها ونقلها لمنزله، لما
تقرر أن (جحود) جميع العقود (ما عدا النكاح فسخ) فللبائع ردها بعيب قديم لتمام الفسخ
431

بالتراضي. عيني. أما النكاح فلا يقبل الفسخ أصلا (فلذا) (لو جحد أنه تزوجها ثم ادعاه
وبرهن) على النكاح (يقبل) برهانه (بخلاف البيع) فإنه إذا أنكره ثم ادعاه لا يقبل لانفساخه
بالانكار بخلاف النكاح.
(أقر بقبض عشرة) دراهم
432

(ثم ادعى أنها زيوف) أو بنهرجة (صدق) بيمينه، لان اسم الدراهم يعمها،
434

بخلاف الستوقة لغلبة غشها (و) لذا (لو ادعى أنها ستوقة لا) يصدق (إن) كان البيان (مفصولا
وصدق لو) بين (موصولا) نهاية، فالتفصيل في المفصول لا في الموصول.
(ولو أقر بقبض الجياد لم يصدق مطلقا) ولو موصولا للتناقض (ولو أقر أنه قبض حقه أو)
435

قبض (الثمن أو استوفى) حقه (صدق في دعواه الزيافة لو) بين (موصولا وإلا لا) لان قوله جياد
مفسر فلا يحتمل التأويل، بخلاف غيره لأنه ظاهر أو نص فيحتمل التأويل. أني كمال.
(أقر بدين ثم ادعى أن بعضه أنه بعض قرض وبعضه ربا) وبرهن عليه (قبل) برهانه، قنية
عن علاء الدين، وسيجئ في الاقرار (قال لآخر لك علي ألف) درهم
436

(فرده) المقر له (ثم صدقه) في مجلسه
437

(فلا شئ عليه) للمقر له إلا بحجة أو إقرار ثانيا، وكذا الحكم في كل ما فيه الحق لواحد.
438

(ومن ادعى على آخر مالا فقال) المدعى
عليه (ما كان لك علي شئ قط فبرهن المدعي على) أن له عليه (ألف وبرهن) المدعى عليه (على القضاء) أي الايفاء (أو الابراء ولو بعد القضاء)
أي الحكم بالمال، إذ الدفع بعد قضاء القاضي صحيح إلا في المسألة المخمسة
439

كما سيجئ (قبل) برهانه لامكان التوفيق، لان غير الحق قد يقضي ويبرأ منه دفعا للخصومة،
440

وسيجئ في الاقرار أنه لو برهن على قول المدعي أنا مبطل في الدعوى أو شهودي كذبة أو ليس
لي عليه شئ صح الدفع إلى آخره، وذكره في الدرر قبيل الاقرار في فصل الاستشراء (كما)
يقبل (لو ادعى القصاص على آخر فأنكر المدعى عليه (فبرهن المدعي) على القصاص (ثم برهن
المدعى عليه على العفو أو) على (الصلح عنه على مال وكذا في دعوى الرق) بأن ادعى عبودية
شخص فأنكر فبرهن المدعي ثم برهن العبد أن المدعي أعتقه يقبل إن لم يصالحه، ولو ادعى
441

الايفاء ثم صالحه قبل برهانه على الايفاء ا ه‍. بحر.
وفيه برهن أن له أربعمائة ثم أقر أن عليه للمنكر ثلاثمائة سقط على المنكر ثلاثمائة، وقيل
لا، وعليه الفتوى. ملتقط. وكأنه لأنه لما كان المدعى عليه جاحدا فذمته غير مشغولة في زعمه
فأين تقع المقاصة، والله تعالى أعلم (وإن زاد) كلمة (ولا أعرفك ونحوه) كما رأيتك (لا) يقبل
لتعذر التوفيق، وقيل يقبل لان المحتجب أو المخدرة قد يتأذى بالشغب على بابه فيأمر بإرضاء
442

الخصم ولا يعرفه ثم يعرفه، حتى لو كان ممن يعمل بنفسه لا يقبل. نعم لو ادعى إقرار المدعى
عليه بالوصول أو الايصال صح. درر في آخر الدعوى، لان التناقض لا يمنع صحة الاقرار.
(أقر ببيع عبده) من فلان (ثم جحد صح) لان الاقرار بالبيع بلا ثمن باطل إقرار. بزازية.
443

(ادعى على آخر أنه باعه أمته) منه (فقال) الآخر (لم أبعها منك قط فبرهن) المدعي (على
الشراء منه وجد) المدعي (بها عيبا) وأراد ردها (فبرهن) البائع أنه أي المشتري (برئ إليه من
كل عيب بها لم تقبل) بينة البائع للتناقض. وعن الثاني تقبل
444

لامكان التوفيق ببيع وكيله وإبرائه عن العيب، ومنه واقعة سمرقند.
445

ادعت أنه نكحها بكذا وطالبته بالمهر فأنكر فبرهنت فادعى أنه خلعها على المهر تقبل
لاحتمال أنه زوجه أبوه وهو صغير ولم يعلم. خلاصة.
(يبطل) جميع (صك) أي مكتوب (كتب إن شاء الله في آخره) وقالا: آخره فقط، وهو
استحسان راجح على قوله. فتح.
واتفقوا أن الفرجة كفاصل السكوت وعلى انصرافه للكل في جمل عطفت بواو
446

وأعقبت بشرط. وأما الاستثناء بإلا وأخواتها فللأخير إلا لقرينة كله مائة درهم وخمسون دينارا إلا
درهما فللأول استحسانا. وأما الاستثناء بأن شاء الله بعد جملتين إيقاعيتين فإليهما اتفاقا. وبعد
طلاقين معلقين أو طلاق معلق وعتق معلق فإليهما عند الثالث، وللأخير عند الثاني، ولو بلا
عطف
447

أو به بعد سكوت فللأخير اتفاقا، وعطفه بعد سكوته لغو إلا بما فيه تشديد على نفسه، وتمامه
في البحر.
(مات ذمي فقالت عرسه أسلمت بعد موته قالت ورثته قبله صدقوا) تحكيما للحال (كما)
يحكم الحال (في مسألة) جريان (ماء الطاحونة) ثم الحال إنما تصلح حجة للدفع لا للاستحقاق
448

(كما في مسلم مات فقالت عرسه) الذمية (أسلمت قبل موته) فإرثه (وقالوا بعده) فالقول لهم،
لان الحادث يضاف لأقرب أوقاته.
فرع: وقع الاختلاف في كفر الميت وإسلامه فالقول لمدعي الاسلام. بحر (قول المودع)
بالفتح (هذا ابن مودعي) بالكسر (الميت لا وارث له غيره
449

دفعها إليه) وجوبا كقوله هذا ابن دائني، قيد بالوارث لأنه لو أقر أنه وصيه أو وكيله أو المشتري
منه لم يدفعها (فإن أقر) ثانيا (بابن آخر له لم يفد) إقراره (إذا كذبه) الابن (الأول) لأنه إقرار على
الغير، ويضمن للثاني حظه إن دفع للأول بلا قضاء. زيلعي.
(تركة قسمت بين الورثة أو الغرماء بشهود لم يقولوا نعلم)
450

كذا نسخ المتن والشرح. وعبارة الدرر وغيرها: لا نعلم (له وارثا أو غريما لم يكفلوا)
451

خلافا لهما لجهالة المكفول له ويتلوم القاضي مدة ثم يقضي، ولو ثبت بالاقرار كفلوا اتفاقا، ولو
قال الشهود ذلك اتفاقا.
(ادعى) على آخر (دارا لنفسه ولأخيه الغائب) إرثا (وبرهن عليه) على ما ادعاه (أخذ)
المدعي (نصف المدعى) مشاعا (وترك باقيه في يد ذي اليد بلا كفيل جحد) ذو اليد (دعواه أو لم
452

يجحد) خلافا لهما وقولهما استحسان نهاية، ولا تعاد البينة ولا القضاء إذا حضر الغائب في
الأصح لانتصاب أحد الورثة خصما للميت حتى تقضي منها ديونه، ثم إنما يكون خصما
بشروط تسعة مبسوطة في البحر.
453

والحق الفرق بين الدين والعين (ومثله) أي العقار (المنقول) فيما ذكر (في الأصح) درر لكن
454

اعتمد في الملتقى أنه يؤخذ منه اتفاقا، ومثله في البحر. قال: وأجمعوا على أنه لا يؤخذ لو مقرا
(أوصى له بثلث ماله يقع) ذلك (على كل شئ)
455

لأنها أخت الميراث (ولو قال مالي أو ما أملكه شيئا صدقة فهو على) جنس (مال الزكاة) استحسانا
(وإن لم يجد غيره أمسك منه) قدر (قوته فإذا ملك) غيره
456

(تصدق بقدره).
في البحر: قال إن فعلت كذا فما أملكه صدقة فحيلته أن يبيع ملكه من رجل بثوب في
منديل ويقبضه ولم يره ثم يفعل ذلك ثم يرده بخيار الرؤية فلا يلزمه شئ. ولو قال ألف درهم
من مالي صدقة إن فعلت كذا ففعله وهو يملك أقل لزمه بقدر ما يملك، ولو لم يكن له شئ لا
يجب شئ.
457

(وصح الايصاء بلا علم الوصي) فصح تصرفه (لا) يصح (التوكيل بلا علم وكيل) والفرق
أن تصرف الوصي خلافة
458

والوكيل نيابة.
459

(فلو) الوكيل بالتوكيل (ولو من) مميز أو (فاسق صح تصرفه
460

ولا يثبت عزله إلا ب‍) إخبار (عدل) أو فاسق إن صدقه عناية (أو مستورين أو فاسقين) في الأصح
(كإخبار السيد بجناية عبده) فلو باعه كان مختارا للفداء (والشفيع) بالبيع (والبكر) بالنكاح
(والمسلم الذي لم يهاجر) بالشرائع،
461

وكذا الاخبار بعيب لمريد شراء وحجر مأذون وفسخ شركة وعزل قاض ومتولي وقف، فهي
عشرة يشترط فيها أحد شطري الشهادة لا لفظها (ويشترط سائر الشروط في الشاهد) وقيده في
البحر بالعزل القصدي، وبما إذا لم يصدقه ويكون المخبر غير المرسل ورسوله فإنه يعمل بخبره
مطلقا كما سيجئ في بابه.
(باع قاض أو أمينه) وإن لم يقل جعلتك أمينا في بيعه على الصحيح. ولوالجية
462

(عبدا ل‍) دين (الغرماء وأخذ المال فضاع) ثمنه عند القاضي (واستحق العبد) أو ضاع قبل تسليمه
(لم يضمن) لان أمين القاضي كالقاضي والقاضي كالامام، وكل منهم لا يضمن، بل ولا يخلف
463

بخلاف نائب الناظر (ورجع المشتري على الغرماء) لتعذر الرجوع على العاقد.
(ولو باعه الموصى لهم) أي لأجل الغرماء بأمر القاضي) أو بلا أمره (فاستحق) العبد (أو
مات قبل القبض) للعبد من الوصي (وضاع) الثمن (رجع المشتري على الوصي) لأنه وإن نصبه
القاضي عاقدا نيابة عن الميت فترجع الحقوق إليه (وهو يرجع على الغرماء) لأنه عامل لهم، ولو
ظهر بعده للميت مال رجع الغريم فيه بدينه هو الأصح.
464

(أخرج القاضي الثلث للفقراء ولم يعطهم إياه حتى هلك كان) الهالك (من مالهم) أي
الفقراء (والثلثان للورثة) لما مر.
(أمرك قاض) عدل (برجم أو قطع) في سرقة (أو ضرب) في حد (قضى به) بما ذكر
(وسعك فعله)
465

لوجوب طاعة ولي الأمر ومنعه محمد حتى يعاين الحجة واستحسنوه في زماننا. وفي العيون:
وبه يفتى
466

إلا في كتاب القاضي للضرورة، وقيل يقبل لو عدلا عالما (وإن عدلا جاهلا، إن استفسر
فأحسن) تفسير (الشرائط صدق وإلا لا وكذا) لا يقبل قوله (لو) كان (فاسقا) عالما كان أو جاهلا
للتهمة فالقضاة أربعة (إلا أن يعاين الحجة) أي سببا شرعيا.
(صب دهنا لانسان عند الشهود) فادعى مالكه ضمانه (وقال) الصاب (كانت) الدهن
(نجسة وأنكره المالك فالقول للصاب) لانكاره الضمان والشهود يشهدون على الصب لا على عدم
467

النجاسة (لو قتل رجلا وقال قتلته لردته أو لقتله أبي لم يسمع) قوله لئلا يؤدي إلى فتح باب
العدوان، فإنه يقتل ويقول كان القتل لذلك، وأمر الدم عظيم فلا يهمل، بخلاف المال إقرار.
بزازية.
(صدق) قاض (معزول) بلا يمين (قال لزيد أخذت منك ألفا قضيت به) أي بالألف (لبكر
ودفعته إليه، أو قال قضيت بقطع يدك على حق وادعى زيد أخذه) الألف (وقطعه) اليد (ظلما
وأقر بكونهما) أي الاخذ والقطع (في) وقت (قضائه، وكذا لو زعم) فعله قبل التقليد أو بعد
العزل في الأصح لأنه أسند فعله إلى حالة معهودة
468

منافية للضمان فيصدق، إلا أن يبرهن زيد على كونهما في غير قضائه فالقاضي يكون مبطلا.
صدر الشريعة.
فرع: نقل في الأشباه عن بعض الشافعية: إذا لم يكن للقاضي شئ في بيت المال فله أخذ
عشر ما يتولى من أموال اليتامى والأوقاف. وفي الخانية: للمتولي العشر في مسألة الطاحونة.
470

قلت: لكن في البزازية: كل ما يجب على القاضي والمفتي لا يحل لهما أخذ الأجر به
كإنكاح صغير لأنه واجب عليه، وكجواب المفتي بالقول. وأما بالكتابة فيجوز لهما على قدر
471

كتبهما لان الكتابة لا تلزمهما، وتمامه في شرح الوهبانية. وفيها:
472

وليس له أجر وإن كان قاسما وإن لم يكن من بيت مال مقر
ورخص بعض لانعدام مقرر وفي عصرنا فالقول الأول ينصر
وجوز للمفتي على كتب خطه على قدره إذ ليس في الكتب يحصر
473

كتاب الشهادات
أخرها عن القضاء لأنها كالوسيلة، وهو المقصود.
(هي) لغة: خبر قاطع. وشرعا: (أخبار صدق لاثبات حق) فتح.
قلت: فإطلاقها على الزور مجاز كإطلاق اليمين على الغموس (بلفظ الشهادة في مجلس
474

القاضي) ولو بلا دعوى كما في عتق الأمة. وسبب وجوبها طلب ذي الحق أو خوف فوت حقه
بأن لم يعلم بها ذو الحق وخاف فوته لزمه أن يشهد بلا طلب.
فتح. (شرطها) أحد وعشرون شرطا: شرائط مكانها واحد، وشرائط التحمل ثلاثة (العقل
الكامل) وقت التحمل
475

والبصر ومعاينة المشهود به إلا فيما يثبت بالتسامع.
(و) شرائط الأداء سبعة عشرة: عشرة عامة، وسبعة خاصة:
476

منها (الضبط والولاية) فيشترط الاسلام لو المدعى عليه مسلما (والقدرة على التمييز) بالسمع
والبصر (بين المدعي والمدعى عليه) ومن الشرائط عدم قرابة ولاد أو زوجية أو عداوة دنيوية أو
دفع مغرم أو جر مغنم كما سيجئ.
(وركنها: لفظ أشهد) لا غير لتضمنه معنى مشاهدة، وقسم وإخبار للحال، فكأنه يقول:
أقسم بالله لقد اطلعت على ذلك وأنا أخبر به، وهذه المعاني مفقودة في غيره فتعين، حتى لو زاد
فيما أعلم بطل للشك.
477

(وحكمها: وجوب الحكم على القاضي بموجبها بعد التزكية) بمعنى افترضه فورا، إلا في
ثلاث قدمناها (فلو امتنع) بعد وجود شرائطها (أثم) لتركه الفرض (واستحق العزل) لفسقه
(وعزر) لارتكابه ما لا يجوز شرعا. زيلعي (وكفر إن لم ير الوجوب) أي إن لم يعتقد افتراضه عليه.
ابن ملك. وأطلق الكافيجي كفره واستظهر المصنف الأول.
(ويجب) أداؤها (بالطلب) ولو حكما كما مر، ولكن وجوبه بشروط سبعة مبسوطة في
478

البحر وغيره، منها: عدالة قاض وقرب مكانه وعلمه بقبوله، أو بكونه أسرع قبولا وطلب
المدعي (لو في حق للعبد إن لم يوجد بدله) أي بدل الشاهد لأنها فرض كفاية تتعين لو لم يكن إلا
شاهدان لتحمل أو أداء،
479

وكذا الكاتب إذا تعين، لكن له أخذ الأجرة لا للشاهد حتى لو أركبه بلا عذر لم تقبل، وبه تقبل
لحديث أكرموا الشهود وجوز الثاني الاكل مطلقا، وبه يفتى. بحر. وأقره المصنف
480

(و) يجب الأداء (بلا طلب لو) الشهادة (في حقوق الله تعالى) وهي كثيرة، عد منها في الأشباه
أربعة عشر. قال: ومتى أخر شاهد الحسبة شهادته
481

بلا عذر فسق فترد (كطلاق امرأة) أي بائنا (وعتق أمة) وتدبيرها، وكذا عتق عبد
482

وتدبيره. شرح وهبانية. وكذا الرضاع كما مر في بابه وهل يقبل جرح الشاهد حسبة؟ الظاهر
نعم لكونه حقا لله تعالى. أشباه. فبلغت ثمانية عشر، وليس لنا مدعي حسبة إلا في الوقف على
المرجوح، فليحفظ (وسترها في الحدود أبر)
483

لحديث من ستر ستر فالأولى الكتمان إلا لمتهتك. بحر (و) الأولى أن (يقول) الشاهد (في
السرقة أخذ إحياء للحق (لا سرق) رعاية للستر.
484

(ونصابها للزنا: أربعة رجال) ليس منهم ابن زوجها، ولو علق عتقه بالزنا وقع برجلين
ولا حد، ولو شهدا بعتقه ثم أربعة بزناه محصنا فأعتقه القاضي ثم رجمه ثم رجع الكل ضمن
الأولان قيمته لمولاه والأربعة
485

ديته له أيضا لو وارثه (ولبقية الحدود والقود) ومنه (إسلام كافر ذكر) لمآلها لقتله بخلاف الأنثى.
بحر (و) مثله (ردة مسلم رجلان) إلا
486

المعلق فيقع ولا يحد كما مر.
(وللولادة واستهلال الصبي للصلاة عليه) وللإرث عندهما والشافعي وأحمد، وهو أرجح.
فتح (والبكارة وعيوب النساء
487

فيما لا يطلع عليه الرجال امرأة) حرة مسلمة، والثنتان أحوط، والأصح قبول رجل واحد.
خلاصة.
وفي البرجندي عن الملتقط: أن المعلم إذا شهد منفردا في حوادث الصبيان تقبل شهادته
488

ا ه‍. فليحفظ.
(و) نصابها (لغيرها من الحقوق سواء كان) الحق (مالا أو غيره كنكاح وطلاق ووكالة
ووصية واستهلال صبي) ولو للإرث (رجلان) إلا في حوادث صبيان المكتب فإنه يقبل فيها
شهادة المعلم منفردا. قهستاني عن التجنيس (أو رجل وامرأتان)
489

ولا يفرق بينهما لقوله تعالى: * (فتذكر إحداهما الأخرى) * (البقرة: 282) ولم تقبل شهادة أربع بلا رجل لئلا يكثر
خروجهن، وخصهن الأئمة الثلاثة بالأموال وتوابعها (ولزم في الكل) من المراتب الأربع
490

(لفظ أشهد) بلفظ المضارع بالاجماع وكل ما لا يشترط فيه هذا اللفظ كطهارة ماء ورؤية هلال،
فهو إخبار لا شهادة (لقبولها والعدالة لوجوبه) في الينابيع: العدل من لم يطعن عليه في بطن ولا
فرج، ومنه الكذب لخروجه من البطن (لا لصحته) خلافا للشافعي رضي الله تعالى عنه (فلو
قضى بشهادة فاسق نفذ) وأثم. فتح (إلا أن يمنع منه) أي من القضاء بشهادة الفاسق (الامام
491

فلا) ينفذ لما مر أنه يتأقت ويتقيد بزمان ومكان وحادثة وقول معتمد حتى لا ينفذ قضاؤه بأقوال
ضعيفة وما في القنية والمجتبى من قبول ذي المروءة الصادقة فقول الثاني. بحر. وضعفه الكمال
بأنه تعليل في مقابلة النص فلا يقبل، وأقره المصنف (وهي) إن (على حاضر يحتاج) الشاهد (إلى
الإشارة إلى) ثلاثة مواضع: أعني (الخصمين والشهود به لو عينا) لا دينا (وإن على غائب) كما في
نقل الشهادة (أو ميت فلا بد) لقبولها (من نسبته إلى حده، فلا يكفي ذكر اسمه واسم أبيه
492

وصناعته إلا إذا كان يعرف بها) أي بالصناعة (لا محالة) بأن لا يشاركه في المصر غيره (فلو قضى
بلا ذكر الجد نفذ) فالمعتبر التعريف لا تكثير الحروف. حتى لو عرف باسمه فقط أو بلقبه وحده
كفى جامع الفصولين وملتقط.
(ولا يسأل عن شاهد بلا طعن من الخصم إلا في حد وقود، وعندهما: يسأل في الكل) إن
جهل بحالهم بحر
493

(سرا
494

به يفتى) وهو اختلاف زمان
495

لأنهما كانا في القرن الرابع، ولو اكتفى بالسر جاز. مجمع. وبه يفتى، سراجية وكفى في
التزكية قول المزكي (هو عدل في الأصح) لثبوت الحرية بالدار. درر: يعني الأصل فيمن كان في
دار الاسلام الحرية فهو بعبارته جواب عن النقض بالعبد،
496

وبدلالته جواب عن النقض بالمحدود. ابن كمال (والتعديل من الخصم الذي لم يرجع إليه في
التعديل لم يصح) فلو كان ممن يرجع إليه في التعديل صح. بزازية. والمراد بتعديله تزكيته بقوله
هم عدول، زاد: لكنهم أخطؤوا أو نسوا أو لم يزد (و) أما (قوله صدقوا أو هم عدول صدقة)
فإنه (اعتراف بالحق) فيقضي بإقراره لا بالبينة عند الجحود. اختيار.
وفي البحر عن التهذيب: يحلف الشهود في زماننا لتعذر التزكية، إذ المجهول لا يعرف
المجهول، وأقره المصنف ثم نقل عنه عن الصيرفية تفويضه للقاضي.
497

قلت: ولا ننس ما مر عن الأشباه (و) الشاهد
498

(له أن يشهد بما سمع) أو رأى في (مثل البيع ولو بالتعاطي فيكون من المرئي (والاقرار) ولو
بالكتابة فيكون مرئيا
499

(وحكم الحاكم والغصب والقتل وإن لم يشهد عليه) ولو مختفيا يرى وجه المقر ويفهمه (ولا يشهد
على محجب بسماعه منه إلا إذا تبين القائل) بأن لم يكن في البيت غيره، لكن لو فسر لا تقبل.
درر (أو يرى شخصها) أي القائلة (مع شهادة اثنين بأنها فلانة بنت فلان ابن فلان) ويكفي هذا
500

للشهادة على الاسم والنسب، وعليه الفتوى. جامع الفصولين.
فرع: في الجواهر عن محمد: لا ينبغي للفقهاء كتب الشهادة، لا عند الأداء يبغضهم
501

المدعى عليه فيضره (وإن كان بين الخطين) بأن أخرج المدعي خط إقرار المدعى عليه فأنكر كونه
خطه فاستكتب فكتب وبين الخطين (مشابهة ظاهرة) على أنهما كخط كاتب واحد (لا يحكم عليه
بالمال) هو الصحيح خانية، وإن أفتى قارئ الهداية بخلافه فلا يعول عليه، وإنما يعول على هذا
التصحيح، لان قاضيخان من أجل من يعتمد على تصحيحاته. كذا ذكره المصنف هنا. وفي
كتاب الاقرار: واعتمده في الأشباه، لكن في شرح الوهبانية: لو قال هذا خطي لكن ليس علي
هذا المال: إن كان الخط على وجه الرسالة مصدرا معنونا لا يصدق، ويلزم بالمال ونحوه في
الملتقط وفتاوى قارئ الهداية
502

فراجع ذلك
503

(ولا يشهد على شهادة غيره ما لم يشهد عليه) وقيده في النهاية بما إذا سمعه في غير مجلس
القاضي، فلو فيه جاز وإن لم يشهده. شرنبلالية عن الجوهرة. ويخالفه تصوير صدر الشريعة
وغيره، وقولهم،
504

لا بد من التحميل وقبول التحميل وعدم النهي بعد التحميل على الأظهر. نعم الشهادة بقضاء
القاضي صحيحة وإن لم يشهدهما القاضي عليه، وقيده أبو يوسف بمجلس القضاء وهو
الأحوط. ذكره في الخلاصة كفى عدل (واحد) في اثنتي عشرة مسألة على ما في الأشباه: منها
إخبار القاضي بإفلاس المحبوس بعد المدة و (للتزكية)
505

أي تزكية السر. وأما تزكية العلانية فشهادة إجماعا (وترجمة الشاهد) والخصم (والرسالة) من
القاضي إلى المزكي والاثنان أحوط. وجاء تزكية عبد وصبي ووالد.
وقد نظم ابن وهبان منها أحد عشر فقال:
506

ويقبل عدل واحد في تقوم وجرح وتعديل وأرش يقدر
وترجمة والسلم هل هو جيد وإفلاسه الارسال والعيب يظهر
وصوم على ما مر أو عند علة وموت إذا للشاهدين يخير
(والتزكية للذمي) تكون (بالأمانة في دينه ولسانه ويد وأنه صاحب يقظة) فإن لم يعرفه
المسلمون سألوا عنه عدول المشركين. اختيار.
وفي الملتقط: عدل نصراني ثم أسلم قبلت شهادته، ولو سكر الذمي لا تقبل.
(ولا يشهد من رأى خطه ولم يذكرها) أي الحادثة (كذا القاضي والراوي) لمشابهة الخط
507

للخط وجوازه لو في حوزه، وبه نأخذ. بحر عن المبتغى.
(ولا) يشهد أحد (بما لم يعاينه) بالاجماع (إلا في) عشرة على ما في شرح الوهبانية:
508

منها العتق والولاء عند الثاني والمهر على الأصح. بزازية و (النسب)
509

والموت والنكاح
511

والدخول بزوجته (وولاية القاضي وأصل الوقف) قيل وشرائطه على المختار كما مر
512

في بابه (و) أصله (هو كل ما تعلق به صحته وتوقف عليه)
513

وإلا فمن شرائطه (فله الشهادة بذلك إذا خبره بها) بهذه الأشياء (من يثق) الشاهد (به) من خبر
جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب بلا شرط عدالة
514

أو شهادة عدلين، إلا في الموت فيكفي العدل ولو أنثى وهو المختار. ملتقى وفتح. وقيده شارح
الوهبانية بأن لا يكون المخبر منهما كوارث وموصى له.
(ومن يده شئ سوى رقيق) علم رقه
515

و (يعبر عن نفسه) وإلا فهو كمتاع ف‍ (لك أن تشهد) به (أنه له إن وقع في قلبك ذلك) أي أنه
516

ملكه (وإلا لا) ولو عاين القاضي ذلك جاز له القضاء به. بزازية: أي إذا ادعاه المالك، وإلا لا
(وإن فسر) الشاهد (للقاضي أن شهادته
517

بالتسامع أو بمعاينة اليد ردت) على الصحيح (إلا في الوقف والموت إذا) فسرا و (قالا فيه أخبرنا
من نثق به) تقبل (على الأصح) خلاصة. بل في العزمية عن الخانية: معنى التفسير أن يقولا
شهدنا لأنا سمعنا من الناس، أما لو قالا لم نعاين ذلك ولكنه اشتهر عندنا
518

جازت في الكل، وصححه شارح الوهبانية وغيره ا ه‍.
519

باب القبول وعدمه
أي من يجب على القاضي قبول شهادته ومن لا يجب، لا من يصح قبولها أو لا يصح
لصحة الفاسق
520

مثلا كما حققه المصنف تبعا ليعقوب باشا وغيره.
(تقبل من أهل الأهواء) أي أصحاب بدع لا تكفر كجبر
521

وقدر ورفض وخروج وتشبيه وتعطيل، وكل منهم اثنتا عشرة فرقة فصاروا اثنتين وسبعين (إلا
الخطابية) صنف من الروافض
522

يرون الشهادة لشيعتهم ولكل من حلف أنه محق، فردهم لا لبدعتهم بل لتهمة الكذب، ولم يبق
لمذهبهم ذكر. بحر (و) من (الذمي)
523

لو عدلا في دينهم. جوهرة (على مثله)
524

إلا في خمس مسائل على ما في الأشباه. وتبطل بإسلامه قبل القضاء، وكذا بعده لو بعقوبة
كقود. بحر (وإن اختلفا ملة) كاليهود والنصارى (و) الذمي (على المستأمن لا عكسه) ولا مرتد
على مثله في الأصح، (وتقبل منه على) مستأمن (مثله مع اتحاد الدار)
525

لان اختلاف داريهما يقطع الولاية كما يمنع التوارث.
(و) تقبل (من عدو بسبب الدين) لأنها من التدين، بخلاف الدنيوية فإنه لا يؤمن من
526

التقول عليه كما سيجئ. وأما الصديق لصديقه فتقبل
527

إلا إذا كانت الصداقة متناهية بحيث يتصرف كل في مال الآخر. فتاوى المصنف معزيا لمعين
الحكام (و) من (مرتكب صغيرة) بلا إصرار (إن اجتنب الكبائر) كلها وغلب صوابه على
صغائره. درر وغيرها. قال: وهو معنى العدالة.
وفي الخلاصة: كل فعل يرفض المروءة والكرم فهو كبيرة، وأقره ابن الكمال، قال:
528

ومتى ارتكب كبيرة سقطت عدالته
529

(و) من (أقلف) لو لعذر، وإلا لا، وبه نأخذ.
530

بحر. والاستهزاء بشئ من الشرائع كفر ابن كمال. (وخصي) وأقطع (وولد الزنا) ولو بالزنا
خلافا لمالك (وخنثى) كأنثى لو مشكلا، وإلا فلا إشكال (وعتيق لمعتقه وعكسه) إلا لتهمة، لما
531

في الخلاصة: شهدا بعد عتقهما أن الثمن كذا عند اختلاف بائع ومشتر لم تقبل لجر النفع بإثبات
العتق (ولأخيه وعمه ومن محرم رضاعا أو مصاهرة) إلا إذا امتدت الخصومة وخاصم معه على ما
في القنية. وفي الخزانة: تخاصم الشهود والمدعى عليه تقبل لو عدولا (ومن كافر على عبد كافر
مولاه مسلم أو) على وكيل (حر كافر موكله مسلم لا) يجوز (عكسه) لقيامها على مسلم قصدا
وفي الأول ضمنا.
532

(و) تقبل (على ذمي ميت وصيه مسلم إن لم يكن عليه دين لمسلم) بحر.
533

وفي الأشباه: لا تقبل شهادة كافر على مسلم إلا تبعا كما مر، أو ضرورة في مسألتين.
وفي الايصاء: شهد كافران على كافر أنه أوصى إلى كافر وأحضر مسلما عليه حق للميت.
وفي النسب: شهدا أن النصراني ابن الميت فادعى على مسلم بحق، وهذا استحسان
ووجهه في الدرر. (والعمال) للسلطان (إلا إذا كانوا أعوانا على الظلم) فلا تقبل شهادتهم لغلبة
ظلمهم كرئيس القرية
534

والجابي والصراف والمعرفون في المراكب والعرفاء في جميع الأصناف ومحضر قضاة العهد والوكلاء
المفتعلة والصكاك وضمان الجهات كمقاطعة سوق النخاسين
535

حتى حل لعن الشاهد لشهادته على باطل. فتح وبحر.
وفي الوهبانية: أمير كبير ادعى فشهد له عماله ونوابه ورعاياهم لا تقبل كشهادة المزارع
لرب الأرض.
536

وقيل أراد بالعمال المحترفين: أي بحرفة لائقة به وهي حرفة آبائه وأجداده، وإلا فلا مروءة له لو
دنيئة، فلا شهادة له لما عرف في حد العدالة. فتح. وأقره المصنف.
537

(لا) تقبل (من أعمى) أي لا يقضي بها، ولو قضى صح وعم قوله (مطلقا) ما لو عمي
الأداء قبل القضاء وما جاز بالسماع، خلافا للثاني، وأفاد عدم قبول الأخرس
538

مطلقا بالأولى (ومرتد ومملوك) ولو مكاتبا أو مبعضا
539

(وصبي) ومغفل ومجنون (إلا) في حال صحته إلا (أن يتحملا في الرق والتمييز وأديا بعد الحرية)
ولو لمعتقه كما مر (و) بعد (البلوغ) وكذا بعد إبصار وإسلام
540

وتوبة فسق وطلاق زوجة، لان المعتبر حال الأداء شرح تكملة.
وفي البحر متى حكم برده لعلة ثم زالت فشهد بها لم تقبل إلا أربعة عبد وصبي وأعمى
وكافر على مسلم وإدخال الكمال أحد الزوجين مع الأربعة سهو
541

(ومحدود في قذف) تمام الحد، وقيل بالأكثر (وإن تاب) بتكذيبه نفسه. فتح. لان الرد من تمام
الحد بالنص،
542

والاستثناء منصرف لما يليه وهو * (وأولئك هم الفاسقون) * (النور: 4) (إلا أن يحد كافرا) في القذف (فيسلم)
فتقبل وإن ضرب أكثره بعد الاسلام
543

على الظاهر، بخلاف عبد حد فعتق لم تقبل (أو يقيم) المحدود (بينة على صدقة) إما أربعة على
زناه أو اثنين على إقراره به كما لو برهن قبل الحد. بحر.
وفيه: الفاسق إذا تاب تقبل شهادته إلا المحدود بقذف، والمعروف بالكذب، وشاهد الزور
لو عدلا لا تقبل أبدا. ملتقط.
544

لكن سيجئ ترجيح قبولها (ومسجون في حادثة) تقع (في السجن) وكذا لا تقبل شهادة الصبيان
فيما يقع في الملاعب، ولا شهادة النساء فيما يقع في الحمامات وإن مست الحاجات لمنع الشرع
عما يستحق به السجن، وملاعب الصبيان وحمامات النساء، فكان التقصير مضافا إليهم لا إلى
الشرع. بزازية وصغرى وشرنبلالية. لكن في الحاوي: تقبل شهادة النساء وحدهن في القتل في
الحمام بحكم الدية كي لا يهدر الدم ا ه‍. فليتنبه عند الفتوى. وقدمنا قبول شهادة المعلم في
حوادث الصبيان (والزوجة لزوجها وهو لها)
545

وجاز عليها إلا في مسألتين في الأشباه (ولو في عدة ثلاث) لما في القنية طلقها ثلاثا وهي
في العدة لم تجز شهادته لها ولا شهادتها له، ولو شهد لها ثم تزوجها بطلت خانية، فعلم منع الزوجية
عند القضاء لا تحمل أو أداء
546

(والفرع لاصله)
547

وإن علا، إلا إذا شهد الجد لابن ابنه على أبيه. أشباه: قال: وجاز على أصله، إلا إذا شهد على
أبيه لامه
548

ولو بطلاق ضرتها والام في نكاحه. وفيما بعد ثمان ورقات:
549

لا تقبل شهادة الانسان لنفسه إلا في مسألة القاتل إذا شهد يعفو ولي المقتول
550

فراجعها (وبالعكس) للتهمة (وسيد لعبده ومكاتبه والشريك لشريكه
551

فيما هو من شركتهما) لأنها لنفسه من وجه. في الأشباه: للخصم أن يطعن بثلاثة برق
552

وحد وشركة.
وفي فتاوى النسفي: لو شهد بعض أهل القرية على بعض منهم بزيادة الخراج لا تقبل ما لم
يكن خراج كل أرض معينا أو لا خراج للشاهد، وكذا أهل قرية شهدوا على ضيعة أنها من
553

قريتهم لا تقبل، وكذا أهل سكة يشهدون بشئ من مصالحه لو غير نافذة. وفي النافذة إن طلب
حقا لنفسه لا تقبل، وإن قال لا آخذ شيئا تقبل، وكذا في وقف المدرسة انتهى. فليحفظ
(والأجير الخاص لمستأجره) مسانهة
554

أو مشاهرة أو الخادم أو التابع أو التلميذ الخاص الذي يعد ضرر أستاذه ضرر نفسه ونفعه نفع
نفسه. درر. وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام: لا شهادة للقانع بأهل البيت أي الطالب
معاشه منهم من القنوع لا من القناعة،
555

ومفاده قبول شهادة المستأجر والأستاذ له (ومحنث) بالفتح (من يفعل الردئ) ويؤتى، وأما
بالكسر: فالمتكسر المتلين في أعضائه وكلامه خلقة فيقبل. بحر (ومغنية) ولو لنفسها لحرمة رفع
صوتها. درر. وينبغي تقييده بمداومتها عليه ليظهر عند القاضي كما في مدن الشرب على
اللهو. ذكره الواني (ونائحة في مصيبة غيرها)
556

بأجر. درر وفتح. زاد العيني: فلو في مصيبتها تقبل، وعلله الواني بزيادة اضطرارها وانسلاب
صبرها واختيارها، فكان كالشراب للتداوي (وعدو بسبب الدنيا) جعله ابن الكمال (عكس الفرع
558

لاصله) فتقبل له لا عليه، واعتمد في الوهبانية والمحبية قبولها ما لم يفسق بسببها. قالوا: والحقد
فسق للنهي عنه.
560

وفي الأشباه في تتمة قاعدة: إذا اجتمع الحرام والحلال ولو العداوة للدنيا لا تقبل سواء
شهد على عدوه أو غيره، لأنها فسق وهو لا يتجزأ.
وفي فتاوى المصنف: لا تقبل شهادة الجاهل على العالم لفسقه بترك ما يجب تعلمه شرعا،
فحينئذ لا تقبل شهادته على مثله ولا على غيره، وللحاكم تعزيره على تركه ذلك. ثم قال: والعالم
من يستخرج المعنى من التركيب كما يحق وينبغي (ومجازف في كلامه)
561

أو يحلف فيه كثيرا أو اعتاد شتم أولاده أو غيرهم لأنه معصية كبيرة كترك زكاة أو حج على رواية
فوريته
562

أو ترك جماعة أو جمعة أو أكل فوق شبع بلا عذر، وخروج لفرجة قدوم أمير،
563

وركوب بحر، ولبس حرير، وبول في فسوق أو إلى قبلة أو شمس أو قمر، وطفيلي ومسخرة،
ورقاص وشتام للدابة، وفي بلادنا يشتمون بائع الدابة. فتح وغيره.
وفي شرح الوهبانية: لا تقبل شهادة البخيل، لأنه لبخله يستقصي فيما يتقرض من الناس
فيأخذ زيادة على حقه فلا يكون عدلا،
564

ولا شهادة الاشراف من أهل العراق لتعصبهم، ونقل المصنف عن جواهر الفتاوى: ولا من
انتقل من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه. قال: وكذا بائع الأكفان
والحنوط لتمنيه الموت، وكذا الدلال
565

والوكيل لو بإثبات النكاح. أما لو شهد أنها امرأته تقبل، والحيلة أنه يشهد بالنكاح ولا يذكر
الوكالة. بزازية وتسهيل، واعتمده قدري أفندي في واقعاته، وذكره المصنف في إجارة معينه
معزيا للبزازية.
وملخصه: أنه لا تقبل شهادة الدلالين والصكاكين والمحضرين والوكلاء المفتعلة على
أبوابهم، ونحوه في فتاوى مؤيد زاده.
وفيها: وصي أحرج من الوصاية بعد قبولها لم تجز شهادته للميت أبدا، وكذا الوكيل بعد
ما أخرج من الوكالة إذا خاصم اتفاقا،
566

وإلا فكذلك عند أبي يوسف (ومدمن الشرب) لغير الخمر لان بقطرة منها يرتكب الكبيرة فترد
شهادته، وما ذكره ابن الكمال غلط كما حرره في البحر. قال: وفي غير الخمر يشترط الادمان
567

لان شربه صغيرة، وإنما قال (على اللهو) ليخرج الشرب للتداوي فلا يسقط العدالة لشبهة
الاختلاف. صدر الشريعة وابن كمال
568

(ومن يلعب بالصبيان) لعدم مروءته وكذبه غالبا. كافي (والطيور) إلا إذا أمسكها للاستئناس
فيباح إلا أن يجر حمام غيره فلا لاكله للحرام. عيني وعناية (والطنبور) ولكل لهو شنيع بين الناس
569

كالطنابير والمزامير، وإن لم يكن شنيعا نحو الحداء
570

وضرب القصب فلا،
571

إلا إذا فحش بأن يرقصوا به. خانية. لدخوله في حد الكبائر. بحر (ومن يغني للناس) لأنه
يجمعهم على كبيرة. هداية وغيرها. وكلام سعدي أفندي يفيد تقييده بالأجرة،
572

فتأمل.
وأما المغني لنفسه لدفع وحشته فلا بأس به عند العامة. عناية، وصححه العيني وغيره.
قال: ولو فيه وعظ وحكمة فجائز اتفاقا ومنهم من أجازه في العرس كما جاز ضرب
الدف فيه، ومنهم من أباحه مطلقا ومنهم من كرهه مطلقا ا ه‍. وفي البحر: والمذهب حرمته
مطلقا، فانقطع الاختلاف بل ظاهر الهداية أنه كبيرة ولو لنفسه، وأقره المصنف.
573

قال: ولا تقبل شهادة من يسمع الغناء، لأنه جعل الغناء الذي جمع الناس عليه كبيرة ا ه‍.
574

أو يجلس مجلس الغناء. زاد العيني: أو مجلس الفجور والشرب وإن لم يسكر، لان اختلاطه بهم
وتركه الامر بالمعروف يسقط عدالته (أو يرتكب ما يحد به) للفسق، ومراده من يرتكب كبيرة.
قاله المصنف وغيره (أو يدخل الحمام بغير إزار) لأنه حرام (أو يلعب بنرد) أو طاب مطلقا، قامر
أو لا.
575

أما الشطرنج فلشبهة الاختلاف
576

شرط واحد من ست، فلذا قال (أو يقامر بشطرنج أو يترك به الصلاة) حتى يفوت وقتها (أو
يحلف عليه) كثيرا (أو يلعب به على الطريق، أو يذكر عليه فسقا) أشباه. أو يداوم عليه. ذكره
577

سعدي أفندي معزيا للكافي والمعراج (أو يأكل الربا) قيدوه بالشهرة، ولا يخفى أن الفسق يمنعها
شرعا، إلا أن القاضي لا يثبت ذلك إلا بعد ظهوره له، فالكل سواء. بحر فليحفظ (أو يبول أو
يأكل على الطريق)
578

وكذا كل ميخل المروءة، ومنه كشف عورته ليستنجي من جانب البركة والناس حضور، وقد
كثر في زماننا. فتح (أو يظهر سب السلف) لظهور فسقه، بخلاف من يخفيه لأنه فاسق مستور.
عيني. قال المصنف: وإنما قيدنا بالسلف تبعا لكلامهم، وإلا فالأولى أن يقال: سب المسلم
لسقوط العدالة بسبب المسلم وإن لم يكن من السلف كما في السراج والنهاية.
579

وفيها: الفرق بين السلف والخلف أن السلف الصالح الصدر الأول من التابعين، منهم أبو
حنيفة رضي الله تعالى عنه. والخلف بالفتح: من بعدهم في الخير، وبالسكون في الشر مجرد فيه
عن العناية. عن أبي يوسف: لا أقبل شهادة من سب الصحابة وأقبلها
580

ممن تبرأ منهم لأنه يعتقد دينا وإن كان على باطل فلم يظهر فسقه بخلاف الساب.
(شهدا أن أباهما أوصى إليه، فإن ادعاه صحت) شهادتهما استحسانا
581

كشهادة دائني الميت ومديونيه والموصى لهما ووصية لثالث على الايصاء (وإن أنكر لا) لان
القاضي لا يملك إجبار أحد على قبول الوصية. عيني
582

(كما) لا يقبل (لو شهدا أن أباهما) الغائب (وكله بقبض ديونه وادعى الوكيل أو أنكر والفرق أن
583

القاضي لا يملك نصب الوكيل عن الغائب، بخلاف الوصي.
(شهد الوصي) أي وصي الميت (بحق للميت) بعدما عزله القاضي عن الوصاية ونصب
غيره أو بعد ما أدركت الورثة (لا تقبل) شهادته للميت في ماله أو غيره (خاصم أو لا) لحلول
الوصي محل الميت، ولذا لا يملك عزل نفسه بلا عزل قاض فكان كالميت نفسه فاستوى خصامه
وعدمه، بخلاف الوكيل فلذا قال (ولو شهد الوكيل بعد عزله للموكل إن خاصم) في مجلس
584

القاضي ثم شهد له بعد عزله (لا تقبل) اتفاقا للتهمة (وإلا قبلت) لعدمها، خلافا للثاني فجعله
كالوصي. سراج.
وفي قسامه الزيلعي: كل من صار خصما في حادثة لا تقبل شهادته فيها، ومن كان
بعرضية أن يصير خصما ولم ينتصب خصما بعد تقبل، وهذان الأصلان متفق عليهما.
585

وتمامه فيه. قيدنا بمجلس القاضي، لأنه لو خاصم في غيره ثم عزله قبلت عندهما، كما لو شهد
في غير ما وكل فيه أو عليه. جامع الفتاوى.
وفي البزازية: وكله بالخصومة عند القاضي فخاصم المطلوب بألف درهم عند القاضي ثم
عزله فشهد أن لموكله على المطلوب مائة دينار تقبل، بخلاف ما لو وكله عند غير القاضي
وخاصم، وتمامه فيها
586

(ك‍) ما قبلت عندهما خلافا للثاني (شهادة اثنين بدين على الميت لرجلين ثم شهد المشهود لهما
للشاهدين بدين على الميت) لان كل فريق يشهد بالدين في الذمة وهي تقبل حقوقا شتى فلم تقع
الشركة له
587

في ذلك، بخلاف الوصية بغير عين كما في وصايا المجمع وشرحه، وسيجئ ثمة (و) ك‍
(شهادة وصيين لوارث كبير) على أجنبي (في غير مال الميت) فإنها مقبولة في ظاهر الرواية، كما
لو شهد الوصيان على إقرار الميت بشئ معين لوارث بالغ تقبل. بزازية.
(ولو) شهدا (في ماله) أي الميت (لا) خلافا لهما ولو لصغير لم تجز اتفاقا، وسيجئ في
الوصايا (ك‍) ما لا تقبل (الشهادة على جرح) بالفتح (أي مجرد فسق) عن إثبات (حق لله تعالى أو
588

للعبد)، فإن تضمنته قبلت، وإلا لا تقبل (بعد التعديل)
589

و (لو قبله قبلت) أي الشهادة، بل الاخبار ولو من واحد على الجرح المجرد. كذا اعتمده المصنف
تبعا لما قرره صدر الشريعة. وأقره منلا خسرو وأدخله تحت قولهم الدفع أسهل من الرفع وذكر
وجهه.
590

وأطلق ابن الكمال ردها تبعا لعامة الكتب وذكر وجهه، وظاهر كلام الواني وعزمي زاده الميل
إليه، وكذا القهستاني حيث قال: وفيه أن القاضي لم يلتف لهذه الشهادة، ولكن يزكي الشهود
سرا وعلنا، فإن عدلوا قبلها وعزاه للمضمرات، وجعله البرجندي على قولهما لا قوله، فتنبه
591

(مثل أن يشهدوا على شهود المدعي) على الجرح المجرد (بأنهم فسقة أو زناة أو أكلة الربا أو شربة
592

الخمر، أو على إقرارهم أنهم شهدوا بزور، أو أنهم أجراء في هذه الشهادة، أو أن المدعي مبطل
في هذه الدعوى، أو أنه لا شهادة لهم على المدعى عليه في هذه الحادثة) فلا تقبل بعد التعديل بل
قبله. درر. واعتمده المصنف.
(وتقبل لو شهدوا على) الجرح المركب ك‍ (إقرار المدعي بفسقهم أو إقراره بشهادتهم بزور أو
593

بأنه استأجرهم على هذه الشهادة) أو على إقرارهم أنهم لم يحضروا المجلس الذي كان فيه الحق.
عيني (أو أنهم عبيد أو محدودون في قذف) أو أنه ابن المدعي أو أبوه. عناية. أو قاذف والمقذوف
يدعيه (وأنهم زنوا ووصفوه أو سرقوا مني كذا) وبينه (أو شربوا الخمر ولم يتقادم العهد) كما مر
في بابه، أو قتلوا النفس عمدا.
594

عيني (أو شركاء المدعي) أي والمدعى مال (أو أنه استأجرهم بكذا لها) للشهادة (وأعطاهم ذلك
مما كان لي عنده) من المال، ولو لم يقله لم تقبل لدعواه الاستئجار لغيره ولا ولاية له عليه (أو أني
صالحتهم على كذا ودفعته إليهم) أي رشوة، وإلا فلا صلح بالمعنى الشرعي، ولو قال ولم أدفعه لم
تقبل (على أن لا يشهدوا علي زورا) و (قد شهدوا زورا وأنا أطلب ما أعطيتهم) وإنما قبلت في
هذه الصور لأنها حق الله تعالى أو العبد فمست الحاجة لإحيائها.
(شهد عدل فلم يبرح) عن مجلس القاضي ولم يطل المجلس ولم يكذبه المشهود له (حتى قال
أوهمت)
595

أخطأت (بعض شهادتي ولا مناقضة قبلت) شهادته بجميع ما شهد به لو عدلا ولو بعد القضاء،
وعليه الفتوى. خانية وبحر.
قلت: لكن عبارة الملتقى تقتضي قبول قوله أوهمت وأنه يقضي بما بقي، وهو مختار
السرخسي وغيره، وظاهر كلام الأكمل وسعدي ترجيحه،
596

فتنبه وتبصر (وإن) قاله الشاهد (بعد قيامه عن المجلس لا) تقبل على الظاهر احتياطا، وكذا لو
وقع الغلط في بعض الحدود أو النسب. هداية (بينه أنه) أي المجروح
597

(مات من الجرح أولى من بينة الموت بعد البرء).
ولو (أقام أولياء مقتول بينة أن زيدا جرحه وقتله وأقام زيد بينة على أن المقتول قال
إن زيدا لم يجرحني وليقتلني فبينة زيد أولى من بينة أولياء المقتول) مجمع الفتاوى (وبينة الغبن) من
يتيم بلغ (أولى من بينة كون القيمة) أي قيمة ما اشتراه من وصيه في ذلك الوقت (مثل الثمن)
لأنها تثبت أمرا زائدا، ولان بينة الفساد أرجح من بينة الصحة. درر. خلافا لما في الوهبانية،
598

أما بدون البينة فالقول لمدعي الصحة. منية (وبينة كون المتصرف) في نحو تدبير أو خلع أو
599

خصومة (ذا عقل أولى من بينة) الوارثة مثلا (كونه مخلوط العقل أو مجنون) ولو قال الشهود لا
ندري كان في صحة أو مرض فهو على المرض،
600

ولو قال الوارث كان يهذي يصدق حتى يشهد أنه كان صحيح العقل. بزازية.
(وبينة الاكراه) في إقراره (أولى من بينة التطوع إن أرخا واتحد تاريخهما، فإن اختلفا أو لم
يؤرخا فبينة التطوع أولى) ملتقط وغيره،
601

واعتمده المصنف وابنه وعزمي زاده.
فروع: بينة الفساد أولى من بينة الصحة. شرح وهبانية.
وفي الأشباه: اختلف المتبايعان في الصحة والبطلان فالقول لمدعي البطلان، وفي الصحة
والفساد لمدعي الصحة، إلا في مسألة الإقالة.
602

وفي الملتقط: اختلفا في البيع والرهن فالبيع أولى.
اختلفا في البتات والوفاء فالوفاء أولى استحسانا شهادة قاصرة يتمها غيرهم تقبل، كأن
شهد بالدار بلا ذكر أنها في يد الخصم فشهد به آخران أو شهدا بالملك بالمحدود وآخران بالحدود
603

أو شهد على الاسم والنسب ولم يعرفا الرجل بعينه.
فشهد آخران أنه المسمى به. درر.
شهد واحد فقال الباقون نحن نشهد كشهادته لم تقبل حتى يتكلم كل شاهد بشهادته،
وعليه الفتوى. شهادة النفي المتواتر مقبولة.
604

الشهادة إذا بطلت في البعض بطلت في الكل،
إلا في عبد بين مسلم ونصراني فشهد نصرانيان عليها بالعتق قبلت في حق النصراني فقط.
أشباه.
قلت: وزاد محشيها خمسة أخرى معزية للبزازية.
605

باب الاختلاف في الشهادة
مبنى هذا الباب على أصول مقرها:
منها: أن الشهادة على حقوق العباد لا تقبل بلا دعوى بخلاف حقوقه تعالى.
ومنها: أن الشهادة بأكثر من المدعى باطلة بخلاف الأقل للاتفاق فيه.
616

ومنها: أن الملك المطلق أزيد من المقيد لثبوته من الأصل والملك بالسبب مقتصر على وقت
السبب.
ومنها: موافقة الشهادتين لفظا ومعنى، وموافقة الشهادة الدعوى معنى فقط، وسيتضح.
619

(تقدم الدعوى في حقوق العباد شرط قبولها) لتوقفها على مطالبتهم ولو بالتوكيل، بخلاف
حقوق الله تعالى لوجوب إقامتها على كل أحد فكل أحد خصم، فكأن الدعوى موجودة (فإذا
وافقتها) أي وافقت الشهادة الدعوى
620

(قبلت وإلا) توافقها (لا) تقبل،
621

وهذا أحد الأصول المتقدمة (فلو ادعى ملكا مطلقا فشهد به بسبب) كشراء أو إرث (قبلت)
لكونها بالأقل مما ادعى فتطابقا معنى كما مر (وعكسه)
622

لا بأن ادعى بسبب وشهدا بمطلق (لا) تقبل لكونها بالأكثر كما مر.
قلت: وهذا في غير دعوى إرث ونتاج
623

وشراء من مجهول كما بسطه الكمال، واستثنى في البحر ثلاث وعشرين،
624

وكذا تجب مطابقة الشهادتين لفظا ومعنى، إلا في اثنين وأربعين مسألة مبسوطة في البحر،
625

وزاد ابن المصنف في حاشيته على الأشباه ثلاثة عشر أخر تركتها خشية التطويل (بطريق الوضع)
630

لا التضمن واكتفيا بالموافقة المعنوية، وبه قالت الأئمة الثلاثة.
(ولو شهد أحدهما بالنكاح والآخر بالتزويج قبلت) لاتحاد معناهما (وكذا الهبة والعطية
ونحوهما) ولو شهد أحدهما بألف والآخر بألفين أو مائة مائتين أو طلقة أو طلقتين أو ثلاث
(ردت) لاختلاف المعنيين.
(كما لو ادعى غصبا أو قتلا فشهد أحدهما به والآخر بالاقرار به) لم تقبل.
631

ولو شهدا بالاقرار به قبلت (وكذا) لا تقبل (في كل قول جمع مع فعل) بأن ادعى ألفا فشهد
أحدهما بالدفع والآخر بالاقرار بها لا تسمع للجمع بين قول وفعل. قنية. إلا إذا اتحدا لفظا
كشهادة أحدهما ببيع أو قرض أو طلاق أو عتاق والآخر بالاقرار به
632

فتقبل لاتحاد صيغة الانشاء والاقرار فإنه يقول في الانشاء بعت واقترضت وفي الاقرار كنت بعت
واقترضت فلم يمنع القبول، بخلاف شهادة أحدهما بقتله عمدا بسيف والآخر به بسكين لم تقبل
لعدم تكرر الفعل بتكرر الآلة. محيط وشرنبلالية.
(وتقبل على ألف في) شهادة أحدهما (بألف) والآخر (بألف ومائة إن ادعى) المدعي
(الأكثر) لا الأقل إلا أن يوفق باستيفاء أو إبراء. ابن كمال. وهذا في الدين.
(وفي العين تقبل على الواحد، كما لو شهد واحد أن هذين العبدين له وآخر أن هذا له
633

قبلت على) العبد (الواحد) الذي اتفقا عليه اتفاقا) درر (وفي العقد لا) تقبل (مطلقا) سواء كان
المدعى أقل المالين أو أكثرهما. عزمي زاده.
ثم فرع على هذا الأصل بقوله (فلو شهد واحد بشراء عبد أو كتابته على ألف وآخر بألف
وخمسمائة ردت) لان المقصود إثبات العقد وهو يختلف باختلاف البدل،
634

فلم يتم العدد على كل واحد (ومثله العتق بمال والصلح عن قود والرهن والخلع إن ادعى العبد
والقاتل والراهن والمرأة) لف ونشر مرتب، إذ مقصودهم إثبات العقد كما مر (وإن ادعى الآخر)
كالمولى مثلا (فكدعوى الدين)
635

إذ مقصودهم المال فتقبل على الأقل إن ادعى الأكثر كما مر (والإجارة كالبيع) لو (في أول المدة)
للحاجة لاثبات العقد (وكالدين بعدها) لو المدعي المؤجر، المستأجر فدعوى عقد اتفاقا
(وصح النكاح) بالأقل أي (بألف) مطلقا (استحسانا)
636

خلافا لهما (ولزم) في صحة الشهادة (الجر
637

بشهادة إرث) بأن يقولا مات وتركه ميراثا للمدعي (إلا أن يشهدا بملكه) عند موته (أو يده أو يد
من يقوم مقامه) كمستأجر ومستعير وغاصب ومودع فيغني ذلك عن الجر، لان الأيدي عند
الموت تنقلب يد ملك
638

بواسطة الضمان، فإذا ثبت الملك ثبت الجر ضرورة (ولا بد مع الجر) المذكور (من بيان سبب
الوراثة) وبيان (أنه أخوه لأبيه وأمه أو لأحدهما) ونحو ذلك. ظهيرية.
639

وبقي شرط ثالث (و) هو (قول الشاهد لا وارث) أو لا أعلم (له) وارثا (غيره) ورابع وهو أن
يدرك الشاهد الميت، وإلا فباطلة لعدم معاينة السبب ذكرهما البزازي وذكر اسم الميت ليس بشرط
وإن شهدا بيد حي
640

سواء قالا (مذ شهر) أو لا (ردت) لقيامها بمجهول لتنوع يد الحي (بخلاف ما لو شهد أنها كانت
ملكه أو أقر المدعى عليه بذلك أو شهد شاهدان أنه أقر أنه أقر أنه كان في يد المدعي) دفع للمدعي
لمعلومية الاقرار وجهالة المقر به لا تبطل الاقرار، والأصل أن الشهادة بالملك المنقضي مقبولة لا
باليد؟ المنقضية لتنوع اليد لا الملك. بزازية. ولو أقر أنه كان بيد المدعى بغير حق هل يكون
641

إقرارا له باليد؟ المفتى به نعم. جامع الفصولين.
فروع: شهدا بألف وقال أحدهما قضى خمسمائة قبلت بألف إلا إذا شهد معه آخر ولا
يشهد من علمه حتى يقر المدعى به، لهذا بسرقة بقرة واختلفا في لونها قطع خلافا لهما،
642

واستظهر صدر الشريعة قولهما، وهذا إذا لم يذكر المدعي لونها. ذكره الزيلعي.
ادعى المديون الايصال متفرقا وشهدا به مطلقا أو جملة لم تقبل. وهبانية. شهدا في دين
643

الحي بأنه كان عليه كذا تقبل، إلا إذا سألهما الخصم عن بقائه الآن فقالا لا ندري، وفي دين
الميت لا تقبل مطلقا حتى يقولا مات وهو عليه. بحر.
644

قلت: ويخالفه ما في معين الحكام من ثبوته بمجرد بيان سببه وإن لم يقولا مات وعليه دين
ا ه‍. والاحتياط لا يخفى.
ادعى ملكا في الماضي وشهدا به في الحال لم تقبل في الأصح كما لو شهدا بالماضي أيضا.
جامع الفصولين.
645

باب الشهادة على الشهادة
(هي مقبولة)
646

وإن كثرت استحسانا في كل حق على الصحيح (إلا في حد وقود) لسقوطهما بالشبهة وجاز
الاشهاد مطلقا، لكن لا تقبل إلا (بشرط تعذر حضور الأصل بموت) أي موت الأصل،
647

وما نقله القهستاني عن قضاء النهاية فيه كلام، فإنه نقله عن الخانية عنها وهو خطأ، والصواب
ما هنا (أو مرض أو سفر)
648

واكتفى الثاني بغيبته بحيث يتعذر أن يبيت بأهله واستحسنه غير واحد، وفي القهستاني والسراجية
عليه الفتوى، وأقره المصنف (أو كون المرأة مخدرة) لا تخالط الرجال وإن خرجت لحاجة وحمام.
قنية. وفيها: لا يجوز الاشهاد لسلطان وأمير، وهل يجوز لمحبوس؟ إن من غير حاكم الخصومة
649

نعم. ذكره المصنف في الوكالة. وقوله (عند الشهادة) عند القاضي قيد للكل لاطلاق جواز
الاشهاد لا لأداء كما مر (و) بشرط (شهادة عدد) نصاب ولو رجلا وامرأتين،
650

وما في الحاوي غلط. بحر (عن كل أصل) ولو امرأة (لا تغاير فرعي هذا وذاك) خلافا
للشافعي.
(و) كيفيتها (أن يقول الأصل مخاطبا للفرع) ولو ابنه. بحر (اشهد علي شهادتي أني أشهد
بكذا)
651

ويكفي سكوت الفرع ولو رده ارتد. قنية. ولا ينبغي أن يشهد على شهادة من ليس بعدل عنده،
حاوي (ويقول الفرع أشهد أن فلانا أشهدني على شهادته بكذا وقال لي اشهد علي شهادتي
بذلك) هذا أوسط العبارات، وفيه خمس شينات، والأقصر أن يقول: أشهد على شهادتي بكذا،
652

ويقول الفرع: أشهد على شهادته بكذا، وعليه فتوى السرخسي وغيره. ابن كمال. وهو الأصح
كما في القهستاني عن الزاهدي (ويكفي تعديل الفرع لاصله) إن عرف الفروع بالعدالة، وإلا لزم
تعديل الكل (ك‍) يكفي تعديل (أحد الشاهدين صاحبه) في الأصح،
653

لان العدل لا يتهم بمثله (وإن سكت) الفرع (عنه نظر) القاضي
654

في حالة وكذا لو قال: لا أعرف حاله على الصحيح شرنبلالية وشر المجمع وكذا لو قال
ليس على ماضي القهستاني عن المحيط فتنبه
وتبطل شهادة الفرع بأمور بنهيهم عن الشهادة على الأظهر خلاصة وسيجئ متنا ما
يخالفه وبخروج أصله عن أهليتها كفسق وحرس وعمى (وبإنكار أصله الشهادة) كقولهم
655

ما لنا شهادة أو لم نشهدهم أو أشهدناهم وغلطنا، ولو سئلوا فسكتوا قبلت. خلاصة.
(شهدا على شهادة اثنين على فلانة بنت فلان الفلانية وقالا أخبرانا بمعرفتها وجاء المدعي
بامرأة لم يعرفا أنها هي قيل له هات شاهدين أنها هي فلانة) ولو مقرة (ومثله الكتاب الحكمي) وهو
كتاب الفاضي إلى القاضي لأنه كالشهادة على الشهادة، فلو جاء المدعي برجل لم يعرفاه كلف إثبات
أنه هو ولو مقرا لاحتمال التزوير. بحر. ويلزم مدعي الاشتراك البيان كما بسطه قاضيخان
657

(ولو قالا فيهما التميمية لم تجز حتى ينسباها إلى فخذها)؟
658

كجدها ويكفي نسبتها لزوجها،
659

والمقصود الاعلام.
(أشهد على شهادته ثم نهاه عنها لم يصح) أي نهيه فله أن يشهد على ذلك. درر. وأقره
المصنف هنا لكنه قدم ترجيح خلافه عن الخلاصة.
(كافران شهدا على شهادة مسلمين لكافر على كافر لم تقبل، كذا شهادتهما على القضاء
لكافر على كافر، وتقبل شهادة رجل على شهادة أبيه وعلى قضاء أبيه) في الصحيح. درر خلافا
للملتقط:
(من ظهر أنه شهد بزور) بأن أقر على نفسه
660

ولم يدع سهوا ولا غلطا كما حرره ابن الكمال، ولا يمكن إثباته بالبينة لأنه من باب النفي (عزر
661

بالتشهير) وعليه الفتوى. سراجية. وزاد: ضربه وحبسه. مجمع وفي البحر: وظاهر كلامهم أن
القاضي أن يسحم وجهه إذا رآه سياسة.
662

وقيل إن رجع مصرا ضرب إجماعا، وإن تائبا لم يعزر إجماعا، وتفويض مدة توبته لرأي القاضي
على الصحيح لو فاسقا ولو عدلا أو مستورا لا تقبل شهادته أبدا.
قلت: وعن الثاني تقبل، وبه يفتى. عيني وغيره. والله أعلم.
باب الرجوع عن الشهادة
(هو أن يقول رجعت
663

عما شهدت به ونحوه، فلو أنكرها لا) يكون رجوعا (و) الرجوع (شرط مجلس القاضي) ولو
غير الأول أنه فسخ أو توبة وهي بحسب الجناية كما قال عليه الصلاة والسلام السر بالسر
والعلانية بالعلانية (فلو ادعى) المشهود عليه (رجوعهما عند غيره وبرهن) أو أراد يمينهما (لا
يقبل) لفساد الدعوى، بخلاف ما لو ادعى وقوعه
665

عند قاض وتضمينه إياهما ملتقى أو برهاني أنهما أقرا برجوعهما عند غير القاضي قبل، وجعل
إنشاء للحال ابن ملك (فإن رجعا قبل الحكم بها سقطت ولا ضمان) وعزر ولو عن بعضها لأنها
فسق نفسه. جامع الفصولين (وبعده لم يفسخ) الحكم (مطلقا) لترجحه بالقضاء بخلاف ظهور
666

الشاهد عبدا (أو محدودا في قذف) فإن القضاء يبطل ويرد ما أخذ وتلزم الدية لو قصاصا، ولا
يضمن الشهود لما مر أن الحاكم إذا أخطأ فالعزم على المقضي له. شرح تكملة (وضمنا ما أتلفا
للمشهود عليه)
667

لتسببها تعديا مع تعذر تضمين المباشر لأنه كالملجأ إلى القضاء
668

(قبض المدعي المال أو لا به يفتى) بحر وبزازية وخلاصة وخزانة المفتين وقيده في الوقاية والكنز
والدرر والملتقى بما إذا قبض المال لعدم الاتلاف قبله وقيل إن المال عينا فكالأول،
669

وإن دينا فكالثاني، وأقره القهستاني
670

(والعبرة فيه لمن بقي) من الشهود (لا لمن رجع)
672

فإن رجع أحدهما ضمنا النصف، وإن رجع أحد ثلاثة لم يضمن، وإن رجع آخر ضمن النصف
673

وإن رجعت امرأة من رجل وامرأتين ضمنت الربع، وإن رجعتا فالنصف (وإن رجع ثمان نسوة
من رجل وعشر نسوة لم يضمن، فإن رجعت أخرى ضمن) التسع (ربعه) لبقاء ثلاثة أرباع
النصاب
674

(فإن رجعوا فالغرم بالأسداس) وقالا عليهن النصف كما لو رجعن فقط
675

(ولا يضمن راجع في النكاح شهد بمهر مثلها) أو أقل
676

إذ الاتلاف يعوض كلا إتلاف (وإن زاد عليه ضمناها) لو هي المدعية وهو المنكر. عزمي زاده.
(ولو شهدا بأصل النكاح بأقل من مهر مثلها فلا ضمان) على المعتمد
677

لتعذر المماثلة بين البضع والمال (بخلاف ما لو شهدا عليها بقبض المهر أو بعضه ثم رجعا) ضمنا
لها لإتلافهما المهر (وضمنا في البيع والشراء ما نقص عن قيمة المبيع
678

لو الشهادة على البائع أو زاد) لو الشهادة على المشتري للاتلاف بلا عوض، ولو شهدا بالبيع
وبنقد الثمن فلو في شهادة واحدة ضمنا القيمة،
679

ولو في شهادتين ضمنا الثمن. عيني (ولو شهدا على البائع بالبيع بألفين إلى سنة وقيمته ألف:
فإن شاء ضمن الشهود قيمته حالا، وإن شاء أخذ المشتري إلى سنة وأيا ما اختار برئ الآخر)
وتمامه في خزانة المفتين، وفي الطلاق قبل وطئ وخلوة: ضمنا نصف المال المسمى (أو المتعة) إن
680

لم يسم.
(ولو شهدا أنه طلقها ثلاثا وآخران أنه طلقها واحدة قبل الدخول ثم رجعوا فضمان نصف
المهر على شهود الثلاث لا غير) للحرمة الغليظة (ولو بعد وطئ أو خلوة فلا ضمان) ولو شهدا
681

بالطلاق قبل الدخول وآخران بالدخول وآخران بالدخول ثم رجعوا ضمن شهود الدخول ثلاثة أرباع المهر وشهود
الطلاق ربعه. اختيار.
(ولو شهدا بعتق فرجعا ضمنا القيمة) لمولاه (مطلقا) ولو معسرين لأنه ضمان إتلاف
(والولاء للمعتق) لعدم تحول العتق إليهما بالضمان فلا يتحول الولاء. هداية
682

(وفي التدبير ضمنا ما نقصه) وهو ثلث قيمته، ولو مات المولى عتق من الثلث ولزمهما بقية
قيمته. وتمامه في البحر (وفي الكتاب يضمنان قيمته) كلها
683

وإن شاء اتبع المكاتب (ولا يعتق حتى يؤدي ما عليه إليهما) وتصدقا بالفضل والولاء لمولاه، ولو
عجز عاد لمولاه ورد قيمته على الشهود (وفي الاستيلاد يضمنان نقصان قيمتها) بأن تقوم قنة وأم
684

ولد لو جاز بيعها فيضمنان ما بينهما (فإن مات المولى عتقت وضمنا) بقية (قيمتها) أمة (للورثة)
وتمامه في العيني (وفي القصاص الدية)
685

في مال الشاهدين وورثاه (ولم يقتصا) لعدم المباشرة، ولو شهدا بالعفو لم يضمنا لان القصاص
ليس بمال. اختيار (وضمن شهود الفرع برجوعهم) لإضافة التلف إليهم
686

(لا شهود الأصل بقولهم) بعد القضاء (لم نشهد الفروع على شهادتنا أو أشهدناهم وغلطنا) وكذا
لو قالوا رجعنا عنها لعدم إتلافهم، ولا الفروع لعدم رجوعهم (ولا اعتبار بقول الفروع) بعد
الحكم (كذب الأصول أو غلطوا) فلا ضمان، ولو رجع الكل ضمن الفروع فقط
687

(وضمن المزكون ولو الدية) بالرجوع عن التزكية (مع علمهم بكونهم عبيدا) خلافا لهما (أما مع
الخطأ فلا) فلا إجماعا. بحر (وضمن شهود التعليق) قيمة القن ونصف المهر لو قبل الدخول (لا
شهود الاحصان)
688

لأنه شرط، بخلاف التزكية لأنها علة (والشرط) ولو وحدهم على الصحيح. عيني. قال:
وضمن شاهدا الايقاع لا التفويض
689

لأنه علة والتفويض سبب ا ه‍.
690

كتاب الوكالة
691

مناسبته أن كلا من الشاهد والوكيل ساع في تحصيل مراد غيره،
695

(التوكيل صحيح) بالكتاب والسنة، قال تعالى: * (فابعثوا أحدكم بورقكم) * (الكهف: 91) ووكل عليه الصلاة
والسلام حكيم بن حزام بشراء أضحية، وعليه الاجماع، وهو خاص وعام، كأنت وكيلي في كل
شئ عم الكل حتى الطلاق. قال الشهيد: وبه يفتى. وخصه أبو الليث بغير طلاق وعتاق
ووقف، واعتمده في الأشباه، وخصه قاضيخان بالمعاوضات فلا يلي العتق والتبرعات، وهو
696

المذهب كما في تنوير البصائر وزواهر الجواهر، وسيجئ أن به يفتى، واعتمده في الملتقط فقال:
وأما الهبات والعتاق فلا يكون وكيلا عند أبي حنيفة خلافا محمد. وفي الشرنبلالية: ولو لم يكن
للموكل صناعة معروفة فالوكالة باطلة (وهو إقامة الغير مقام) نفسه ترفها أو عجزا (في تصرف
697

جائز معلوم) فلو جهل ثبت الأدنى وهو الحفظ (ممن يملكه) أي التصرف نظرا إلى أصل التصرف
وإن امتنع في بعض الأشياء بعارض النهي. ابن كمال
698

(فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل مطلقا وصبي يعقل ب‍) تصرف ضار (نحو طلاق وعتاق
وهبة وصدقة وصح بما ينفعه) بلا إذن وليه (كقبول هبة) وصح بما تردد بين ضرر ونفع كبيع
وإجارة إن مأذونا، وإلا توقف على إجازة وليه كما لو باشره بنفسه (ولا يصح توكيل عبد محجور
وصح لو مأذونا أو مكاتبا توقف توكيل مرتد، فإن أسلم نفذ، وإن مات أو لحق أو قتل لا)
699

خلافا لهما (و) صح (توكيل مسلم ذميا ببيع خمر أو خنزير) وشرائهما كما مر في البيع الفاسد
(ومحرم حلالا ببيع صيد) و (إن امتنع عنه الموكل) لعارض النهي كما قدمنا، فتنبه. ثم ذكر شرط
الوكيل فقال (إذا كان الوكيل يعقل العقد ولو صبيا أو عبدا
700

محجورا) لا يخفى أن الكلام الآن في صحة الوكالة لا في صحة بيع الوكيل فلذا لم يقل ويقصده
تبعا للكنز، ثم ذكر ضابط الموكل فيه فقال
702

(بكل ما يباشره) الموكل (بنفسه) لنفسه
703

فشمل الخصومة فلذا قال (فصح بخصومة في حقوق العباد برضا الخصم وجوازه بلا رضاه) وبه
704

قالت الثلاثة، وعليه فتوى أبي الليث وغيره. واختاره العتابي وصححه في النهاية، والمختار
للفتوى تفويضه للحاكم. درر
705

(إلا أن يكون) الموكل (مريضا) لا يمكنه حضور مجلس الحكم بقدميه. ابن كمال (أو غائبا مدة
سفر أو مريدا له) ويكفي قوله أنا أريد السفر. ابن كمال (أو مخدرة)
706

لم تخالط الرجال كما مر (أو حائضا) أو نفساء (والحاكم بالمسجد) إذا لم يرض الطالب بالتأخير.
بحر (أو محبوسا من غير حاكم) هذه (الخصومة) فلو منه فليس بعذر. بزازية بحثا
707

(أو لا يحسن الدعوى) خانية (لا) يكون من الاعذار (إن كان الموكل شريفا خاصم من دونه) بل
الشريف وغيره سواء. بحر (وله الرجوع عن الرضا قبل سماع الحاكم الدعوى) لا بعده. قنية
708

(ولو اختلفا في كونها مخدرة: إن من بنات الاشراف فالقول لها مطلقا) ولو ثيبا فيرسل أمينه
ليحلفها مع شاهدين: بحر، وأقره المصنف (وإن من الأوساط فالقول لها لو بكرا وإن) هي (من
الأسافل فلا في الوجهين) عملا بالظاهر. بزازية (و) صح (بإيفائها) وكذا ب‍ (استيفائها)
709

إلا في حد وقود
711

بغيبة موكله عن المجلس. ملتقى (وحقوق عقد لا بد من إضافته) أي ذلك العقد
712

(إلى الوكيل كبيع وإجارة وصلح عن إقرار
714

يتعلق به) ما دام حيا ولو غائبا. ابن ملك (إن لم يكن محجورا كتسليم مبيع)
715

وقبضه وقبض ثمن ورجوع به عند استحقاقه (وخصومة في عيب
717

فلا فصل بين حضور موكله وغيبته) لأنه العاقد حقيقة وحكما، لكن في الجوهرة: لو حضرا
فالعهدة على آخذ الثمن لا العاقد في أصح الأقاويل، ولو أضاف العقد إلى الموكل تتعلق الحقوق
بالموكل اتفاقا. ابن ملك. فليحفظ. فقوله لا بد فيه ما فيه، ولذا قال ابن الكمال: يكتفي
بالإضافة إلى نفسه، فافهم.
(وشرط) الموكل (عدم تعلق الحقوق به) أي بالوكيل (لغو) باطل جوهرة (والملك يثبت
للموكل ابتداء)
718

في الأصح (فلا يعتق قريب الوكيل بشرائه ولا يفسد نكاح زوجه به) ولكن (هما) ثابتان (على
الموكل لو اشترى وكيله قريب موكله وزوجته) لان الموجب للعتق والفساد الملك المستقر (وفي
كل عقد لا بد من إضافته إلى موكله) يعني لا يستغني عن الإضافة إلى موكله حتى لو أضافه إلى
نفسه لا يصح ابن كمال
719

(كنكاح وخلع وصلح عن دم عمد أو عن إنكار وعتق عن مال وكتابة
721

وهبة وتصدق وإعارة وإيداع ورهن وإقراض) وشركة ومضاربة. عيني (تتعلق بموكله) لا به
لكونه فيها سفيرا محضا، حتى لو أضافه لنفسه وقع النكاح له فكان كالرسول (فلا مطالبة عليه)
في النكاح (بمهر وتسليم) للزوجة (وللمشتري الاباء عن دفع الثمن للموكل وإن دفع له صح
ولو مع نهي الوكيل) استحسانا (ولا يطالبه الوكيل ثانيا) لعدم الفائدة. نعم تقع المقاصة بدين
722

الوكيل لو وحده ويضمنه لموكله، بخلاف وكيل يتيم وصرف. عيني (ومثله) أي مثل الوكيل عبد
(مأذون لا دين عليه مع مولاه) فلا يملك قبض ديونه ولو قبض صح استحسانا ما لم يكن عليه
دين لأنه للغرماء. بزازية.
فرع: التوكيل بالاستقراض باطل لا الراسلة. درر. والتوكيل بقبض القرض صحيح، فتنبه.
723

باب الوكالة بالبيع والشراء
الأصل أنها إن عمت أو علمت أو جهلت جهالة يسيرة وهي جهالة النوع المحض كفرس صحت،
وإن فاحشة وهي جهالة الجنس كدابة بطلت،
724

وإن متوسطة كعبد،
726

فإن بين الثمن أو الصفة كتركي صحت، وإلا لا (وكله بشراء ثوب هروي أو فرس أو بغل
صح) بما يتحمله حال الآمر. زيلعي. فراجعه (وإن لم يسم ثمنا) لأنه من القسم الأول (وبشراء
727

دار أو عبد جاز إن سمى) الموكل (ثمنا يخصص نوعا أو لا. بحر (أو نوعا) كحبشي زاد في
البزازية: أو قدرا ككذا قفيزا (وإلا) يسم ذلك (لا) يصح وألحق بجهالة الجنس (و) هي ما لو
وكله (بشراء ثوب أو دابة لا) يصح (وإن سمى ثمنا)
728

للجهالة الفاحشة (وبشراء طعام وبين قدره أو دفع ثمنه وقع) في عرفنا (على المعتاد) المهيأ (للاكل)
من كل مطعوم يمكن أكله بلا إدام (كلحم مطبوخ أو مشوي) وبه قالت الثلاثة (وبه يفتى) عيني.
وغيره اعتبارا للعرف
729

كما في اليمين (وفي الوصية له) أي لشخص (بطعام يدخل كل مطعوم) ولو دواء به حلاوة
كسكنجبين: بزازية.
(وللوكيل الرد بالعيب ما دام المبيع في يده) لتعلق الحقوق به (ولوارثه أو وصيه ذلك بعد
موته) أي موت الوكيل (فإن لم يكونا فلموكله ذلك) أي الرد بالعيب، وكذا الوكيل بالبيع،
730

وهذا إذا لم يسلمه (فلو سلمه إلى موكله امتنع رده إلا بأمره) لانتهاء الوكالة بالتسليم، بخلاف وكيل
باع فاسدا فله الفسخ مطلقا لحق الشرع: قنية (و) للوكيل (حبس المبيع بثمن دفعه) الوكيل
(من ماله أو لا) بالأولى
731

لأنه كالبائع (ولو اشتراه) الوكيل (بنقد ثم أجله البائع كان للوكيل المطالبة به حالا) وهي الحيلة،
خلاصة. ولو وهبه كل الثمن رجع بكله ولو بعضه رجع بالباقي لأنه حط بحر.
(هلك المبيع من يده قبل حبسه هلك من مال موكله
732

ولم يسقط الثمن) لان يده كيده (ولو) هلك (بعد حبسه فهو كمبيع) فيهلك بالثمن، وعند الثاني
كرهن (ولا اعتبار بمفارقة الموكل) ولو حاضرا كما اعتمده المصنف تبعا للبحر خلافا للعيني وابن
ملك (بل بمفارقة الوكيل)
733

ولو صبيا (في صرف وسلم فيبطل العقد بمفارقة صاحبه قبل القبض) لأنه العاقد، والمراد بالسلم
والاسلام لا قبول السلم لأنه لا يجوز. ابن كمال (والرسول فيهما)
734

أي الصرف والسلم (لا تعتبر مفارقته بل مفارقة مرسله) لان الرسالة في العقد لا القبض،
واستفيد صحة التوكيل بهما.
(وكله بشراء عشرة أرطال لحم بدرهم فاشترى ضعفه بدرهم
735

مما يباع به عشرة بدرهم لزم الموكل منه عشرة بنصف درهم) خلافا لهما
والثلاثة قلنا إنه مأمور بأرطال مقدرة فينفذ الزائد على الوكيل ولو شرى ما لا يساوي ذلك
وقع للوكيل إجماعا كغير موزون (ولو وكله بشراء شئ بعينه)
736

بخلاف الوكيل بالنكاح إذا تزوجها لنفسه صح. منية. والفرق في الواني
737

(غير الموكل لا يشتريه لنفسه) ولا لموكل آخر بالأولى
738

(عند غيبته حيث لم يكن مخالفا) دفعا للغرر (فلو اشتراه بغير النقود أو بخلاف ما سمى الموكل له
739

من الثمن وقع الشراء للوكيل) لمخالفة أمره وينعزل في ضمن المخالة.
740

عيني (وإن) بشراء شئ (بغير عينه) فالشراء للوكيل.
741

إلا إذا نواه للموكل وقت الشراء (أو شراه بماله) أي بمال الموكل، ولو تكاذبا في النية حكم
بالنقد إجماعا، ولو توافقا أنها لم تحضره فروايتان.
(زعم أنه اشترى عبدا لموكله
743

فهلك وقال موكله بل شريته لنفسك، فإن) كان العبد (معينا وهو حي قائم فالقول للمأمور)
إجماعا (مطلقا) نقد الثمن أو لا لاخباره عن أمر يملك استئنافه (وإن ميتا) والحال أن (الثمن
منقود فكذلك) الحكم
744

(وإلا) يكن منقودا (فالقول للموكل) لأنه ينكر الرجوع عليه (وإن) العبد (غير معين) وهو حي
أو ميت فكذا) أي يكون للمأمور (إن الثمن منقود) لأنه أمين (وإلا فللآمر) للتهمة خلافا لهما
(قال بعني هذا لعمرو فباعه ثم أنكر الآمر) أي أنكر المشتري أن عمرا أمره بالشراء (أخذه عمرو
ولغا إنكاره) الامر لمناقضته لاقراره بتوكيله بقوله بعني لعمرو (إلا أن يقول عمرو لم آمره به) أي
بالشراء (فلا) يأخذه عمرو لان إقرار المشتري ارتد برده (إلا أن يسلمه المشتري إليه) أي إلى عمرو
لان التسليم على وجه البيع بيع بالتعاطي وإن لم يوجد نقد الثمن للعرف.
(أمره بشئ شيئين معينين) أو غيره معينين
745

إذا نواه للموكل كما مر بحر (و) الحال أنه (لم يسم ثمنا فاشترى له أحدهما بقدر قيمته أو بزيادة)
يسيرة (يتغابن الناس فيها صح) عن الآمر (وإلا لا) إذ ليس لوكيل الشراء الشراء بغبن فاحش
إجماعا بخلاف وكيل البيع كما سيجئ (و) كذا (بشرائهما بألف وقيمتها سواء فاشترى أحدهما
بنصفه أو أقل
746

صح) ولو (بالأكثر) ولو يسيرا (لا) يلزم الآمر (إلا أن يشتري الثاني) من المعينين مثلا (بما بقي)
من الألف (قبل الخصومة) لحصول المقصود، وجوزاه إبقي ما يشتري بمثله الآخر (و) لو آمر
رجل مديونه (بشراء شئ) معين (بدين له عليه وعينه أو) عين (البائع صح) وجعل البائع وكيلا
بالقبض دلالة فيبرأ الغريم بالتسليم إليه بخلاف غير المعين، لان توكيل المجهول باطل ولذا قال
(وإلا) يعين (فلا) يلزم الآمر (ونفذ على المأمور) فهلاكه عليه خلافا لهما، وكذا الخلاف لو أمره
أن يسلم عليه
747

أو يصرفه بناء على تعين النقود في الوكالات عنده وعدم تعينها في المعاوضات عندهما.
748

(ولو أمره) أي أمر رجل مديونه (بالتصدق بما عليه صح) أمره بجعله المال لله تعالى وهو
معلوم (كما) صح أمره (لو أمر) الآجر (المستأجر بمرمة ما استأجره مما عليه من الأجرة) وكذا لو
749

أمره بشراء عبد يسوق الدابة وينفق عليها صح اتفاقا للضرورة، لأنه لا يجد الآجر كل وقت
فجعل المؤجر كالمؤجر في القبض.
قلت: وفي شرح الجامع الصغير لقاضيخان: إن كان ذلك قبل وجوب الأجرة لا يجوز،
وبعد الوجوب قيل على الخلاف الخ فراجعه.
(ولو) أمره (بشرائه بألف ودفع) الألف (فاشترى وقيمته كذلك فقال الآمر اشتريت بنصفه
وقال المأمور) بل (بكله صدق) لأنه أمين (وإن) كان (قيمته نصفه) فالقول (للآمر) بلا يمين. درر
وابن كمال تبعا لصدر الشريعة حيث قال: صدق في الكل بغير الحلف، وتبعهم المصنف، لكن
جزم الواني بأنه تحريف وصوابه: بعد الحلف (وإن لم يدفع) الألف (وقيمته نصفه) فالقول (للآمر)
750

بلا يمين. قاله المصنف تبعا للدرر كما مر.
قلت: لكن في الأشباه القول للوكيل بيمينه إلا في أربع فبالبينة، فتنبه
751

(وإن) كان (قيمته ألفا فيتحالفان ثم يفسخ العقد) بينهما (فيلزم) المبيع (المأمور)، كذا لو أمره
(بشراء معين من غير بيان ثمن فقال المأمور اشتريته بكذا)، إن (صدقه بائعه) على الأظهر (وقال
754

الآمر بنصفه تحالفا) فوقوع الاختلاف في الثمن يوجب التحالف.
(ولو اختلفا في مقداره) أي الثمن (فقال الآمر أمرتك بشرائه بمائة وقال المأمور بألف
755

فالقول للآمر) بيمينه (فإن برهنا قدم برهان المأمور) لأنها أكثر إثباتا (و) لو أمره (بشراء أخيه
فاشترى الوكيل فقال الآمر ليس هذا) المشتري (بأخي فالقول له) بيمينه (ويكون الوكيل مشتريا
لنفسه) والأصل أن الشراء متى لم ينفذ على الآمر ينفذ على المأمور بخلاف البيع كما مر في خيار
الشرط (وعتق العبد عليه) أي على الوكيل لزعمه عتقه على موكله فيؤاخذ به. خانية (و) لو أمره
عبد (بشراء نفس الامر من مولاه بكذا ودفع) المبلغ (فقال) الوكيل (لسيده اشتريته) لنفسه فباعه
على هذا لوجه (عتق) على المالك (وولاؤه لسيده) وكان الوكيل سفيرا (وإن قال) الوكيل
(اشتريته) ولم يقل لنفسه (فالعبد) ملك (للمشتري والألف للسيد فيهما) لأنه كسب عبده (وعلى
العبد ألف أخرى في) الصورة (الأولى) بدل الاعتاق (كما على المشتري) ألف (مثلها في الثانية)
لان الأول مال المولى فلا يصلح بدلا
756

(وشراء العبد من سيده إعتاق) فتلغو أحكام الشراء، فلذا قال (فلو شرى) العبد (نفسه إلى
العطاء صح) الشراء. بحر (كما صح في حصته إذا اشترى نفسه من مولاه ومعه رجل) آخر
(وبطل) الشراء (في حصة شريكه) بخلاف ما لو شرى الأب ولده مع رجل آخر فإنه يصح
فيهما. بيوع الخانية من بحث الاستحقاق. والفرق انعقاد البيع في الثاني لا الأول لان الشرع
جعله إعتاقا، ولذا بطل في حصة شريكه للزوم الجمع بين الحقيقة والمجاز.
757

(قال لعبد اشتر لي نفسك من مولاك فقال لمولاه بعني نفسي لفلان ففعل) أي باعه على هذا
الوجه (فهو للآمر) فلو وجد به عيبا: إن علم به العبد فلا رد لان علم الوكيل كعلم الموكل،
وإن لم يعلم فالرد للعبد. اختيار (وإن لم يقل لفلان عتق) لأنه أتى بتصرف آخر فنفذ عليه وعليه
الثمن فيهما لزوال حجره بعقد باشره مقترنا بإذن المولى. درر.
فرع: الوكيل إذا خالف، إن خلافا إلى خير في الجنس كبع بألف درهم فباع بألف
758

ومائة نفذ، ولو بمائة دينار لا ولو خيرا.
خلاصة ودرر.
فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء والإجارة والصرف والسلم ونحوها
(مع من ترد شهادته له)
759

للتهمة، وجوازه بمثل القيمة إلا من عبده ومكاتبه (إلا إذا أطلق له الموكل) كبع ممن شئت
(فيجوز بيعه لهم بمثل القيمة) اتفاقا (كما يجوز عقده معهم بأكثر من القيمة) اتفاقا: أي بيعه لا
شراؤه بأكثر منها اتفاقا كما لو باع بأقل منها
760

بغبن فاحش لا يجوز اتفاقا، وكذا بيسير عنده خلافا لهما. ابن ملك وغيره.
وفي السراج: لو صرح بهم جاز إجماعا، إلا من نفسه وطفله
761

وعبده غير المديون.
(وصح بيعه بما قل أو كثر وبالعرض)
762

وخصاه بالقيمة وبالنقود، وبه يفتى. بزازية. ولا يجوز في الصرف كدينار بدرهم بغبن فاحش
إجماعا لأنه بيع من وجه شراء من وجه. صيرفية (و) صح (بالنسيئة إن) التوكيل (بالبيع) للتجارة
(وإن) كان (للحاجة لا) يجوز (كالمرأة إذا دفعت غزلا إلى رجل ليبيعه لها ويتعين النقد) به يفتى.
خلاصة. وكذا في كل موضع قامت الدلالة على الحاجة كما أفاده المصنف، وهذا أيضا إن باع
بما يبيع الناس نسيئة، فإن طول المدة لم يجز، به يفتى، ابن ملك.
763

ومتى عين الآمر شيئا تعين، إلا في بعه بالنسيئة بألف
764

فباع بالنقد بألف جاز. بحر.
قلت: وقدمنا أنه إن خالف إلى خير في ذلك الجنس جاز، وإلا لا، وأنها تتقيد بزمان
ومكان، لكن في البزازية: الوكيل إلى عشرة أيام وكيل في العشرة وبعدها في الأصح، وكذا
الكفيل، لكنه لا يطالب إلا بعد الاجل كما في تنوير البصائر.
وفي زواهر الجواهر: قال
765

بعه بشهود أو برأي فلان أو علمه أو معرفته وباع بدونهم جاز. بخلاف لا تبع إلا بشهود أو إلا
بمحضر فلان. به يفتى.
قلت: وبه علم حكم واقعة الفتوى: دفع له مالا وقال اشتر لي زيتا بمعرفة فلان فذهب
واشترى بلا معرفته فهلك الزيت لم يضمن، بخلاف لا تشتر إلا بمعرفة فلان، فليحفظ (و) صح
(أخذه رهنا وكفيلا بالثمن
766

فلا ضمان عليه إن ضاع) الرهن (في يده أو توى) المال (على الكفيل) لان الجواز الشرعي ينافي الضمان
(وتقيد شراءه بمثل القيمة وغبن يسير) وهو ما يقوم به مقوم، وهذا (إذا لم يكن سعره
767

معروفا، وإن كان) سعره (معروفا) بين الناس (كخبز ولحم) وموز وجبن (لا ينفذ على الموكل
وإن قلت الزيادة) ولو فلسا واحدا، به يفتى. بحر وبناية.
(وكله ببيع عبد فباع نصفه صح) لاطلاق التوكيل. وقالا: إن باع الباقي قبل الخصومة
جاز، وإلا لا، وقولهما استحسان ملتقى وهداية. وظاهره ترجيح قولهما، والمفتى به خلافه
بحر.
768

وقيد ابن الكمال الخلاف بما يتعب بالشركة وإلا جاز اتفاقا، فليراجع (وفي الشراء يتوقف على
شراء باقيه قبل الخصومة) اتفاقا.
(ولو رد مبيع
769

بعيب على وكيله) بالبيع (ببينة أو نكوله أو إقراره فيما لا يحدث) مثله في هذه المدة
770

رده) الوكيل (على الآمر) ولو (بإقراره فيما يحدث لا) يرده ولزم الوكيل
771

(الأصل في الوكالة الخصوص، وفي المضاربة العموم) وفرع عليه بقوله (فإن باع) الوكيل (نسيئة
فقال أمرتك بنقد وقال أطلقت صدق الآمر، وفي) الاختلاف في (المضاربة) صدق (المضارب)
عملا بالأصل.
772

(لا ينفذ تصرف أحد الوكيلين) معا كوكلتكما بكذا (وحده) ولو الآخر عبدا أو صبيا أو
773

مات أو جن (إلا) فيما أوكلهما على التعاقب، بخلاف الوصيين
774

كما سيجئ في بابه، (وفي خصومة) بشرط رأي الآخر لا حضرته على الصحيح إلا إذا انتهيا إلى
القبض فحتى يجتمعا. جوهرة (وعتق معين وطلاق معينة لم يعوضا) بخلاف معوض
775

وغير معين (وتعليق بمشيئتهما) أي الوكيلين فإنه يلزم اجتماعهما عملا بالتعليق قاله المنصف.
قلت: وظاهره عطفه على لم يعوضا كما يعلم من العيني والدرر، فحق العبارة ولا علقا
بمشيئتهما فتدبر (و) في (تدبير ورد عين) كوديعة وعارية ومغصوب ومبيع فاسد. خلاصة.
بخلاف استردادها.
776

فلو قبض أحدهما ضمن كله لعدم أمره بقبض شئ منه وحده. سراج (و) في (تسليم هبة)
بخلاف قبضها. ولوالجية (وقضاء دين) بخلاف اقتضائه. عينوا) بخلاف (الوصاية) لاثنين
(و) كذا (المضاربة والقضاء) والتحكيم
777

(والتولية على الوقف) فإن هذه الستة (كالوكالة فليس لأحدهما الانفراد) بحر إلا في مسألة
ما إذا شرط الواقف النظر له أو الاستبدال مع فلان فإن للواقف الانفراد دون فلان أشباه.
(والوكيل بقضاء الدين) من ماله أو مال موكله (لا يجبر عليه)
778

إذا لم يكن للموكل على الوكيل دين، وهي واقعة الفتوى كما بسطه العمادي، واعتمده المصنف.
قال: ومفاده أن الوكيل ببيع عين مال الموكل لوفاء دينه لا يجبر عليه، كما لا يجبر
الوكيل بنحو طرق ولو بطلبها على المعتمد وعتق وهبة من فلان وبيع منه لكون متبرعا، إلا في
مسائل: إذا وكله بدفع عين ثم غاب، أو ببيع رهن
779

شرط فيه أو بعده في الأصح، أو بخصومة بطلب المدعي وغاب المدعى عليه. أشباه. خلافا لما
أفتى به قارئ الهداية.
قلت: وظاهر الأشباه أن الوكيل بالاجر يجبر
780

فتدبر، ولا تنس مسألة واقعة الفتوى، وراجع تنوير البصائر فعله أوفى.
781

وفي فروق الأشباه: التوكيل بغير رضا الخصم لا يجوز عند الامام، إلا أن يكون الموكل
حاضرا لنفسه أو مسافرا أو مريضا أو مخدرة.
(الوكيل لا يوكل إلا بإذن آمره) لوجود الرضا (إلا) إذا وكله (في دفع زكاة) فوكل آخر ثم
وثم، فدفع الأخير جاز ولا يتوقف، بخلاف شراء الأضحية. أضحية الخانية وإلا الوكيل (في
قبض الدين) إذا وكل من في عياله صح. ابن ملك
782

(وإلا عند تقدير الثمن) من الموكل الأول (له) أي لوكيله فيجوز بلا إجازته لحصول المقصود.
درر.
783

(والتفويض إلى رأيه) كاعمل برأيك (كالاذن) في التوكيل (إلا في طلاق وعتاق) لأنهما مما
يحلف به فلا يقوم غير مقامه. قنية (فإن وكل) الوكيل غيره (بدونهما) بدون إذن وتفويض
784

(فعل الثاني) بحضرته أو غيبته (فأجازه) الوكيل (الأول صح) وتتعلق حقوقه بالعاقد على الصحيح
(إلا في) ما ليس بعقد نحو (طلاق وعتاق) لتعلقهما بالشرط، فكأن الموكل علقه بلفظ الأول
785

دون الثاني (وإبراء) عن الدين. قنية (وخصومة وقضاء دين) فلا تكفي الحضرة. ابن ملك خلافا
للخانية (وإن فعل أجنبي فأجاز الوكيل) الأول (جاز إلا في شراء) فإنه ينفذ عليه، ولا يتوقف
متى وجد نفاذا (وإن وكل به) أي بالامر أو التفويض (فهو) أي الثاني
786

(وكيل الآمر) وحينئذ (فلا ينعزل بعزل موكله أو موته وينعزلان بموت الأول) كما مر في
القضاء.
وفي البحر عن الخلاصة والخانية: له عزله في قوله اصنع ما شئت لرضاه بصنعه وعزله
من صنعه، بخلاف اعمل برأيك، قال المصنف: فعليه لو قيل للقاضي اصنع ما شئت فله عزل
نائبه بلا تفويض العزل صريحا لان النائب كوكيل الوكيل.
واعلم أن الوكيل وكالة عامة مطلقة مفوضة إنما يملك المعاوضات لا الطلاق والعتاق أو
التبرعات، به يفتى. زواهر الجواهر وتنوير البصائر.
787

(قال) لرجل (فوضت إليك أمر امرأتي صار وكيلا بالطلاق وتقيد) طلاقه (بالمجلس،
بخلاف قوله وكلتك) في أمر امرأتي فلا يتقيد به. درر. من لا ولاية له على غيره لم يجز تصرفه
في حقه وحينئذ (فإذا باع عبد أو مكاتب أو ذمي) أو حربي. عيني (مال صغيره الحر المسلم أو
شرى واحد منهم به أو زوج صغيرة كذلك) أي حرة مسلمة (لم يجز) لعدم الولاية.
(والولاية في مال الصغير إلى الأب ثم وصيه ثم وصي وصيه) إذ الوصي يملك الايصاء
788

(ثم إلى) الجد (أبي الأب ثم إلى وصيه) ثم وصي وصيه (ثم إلى القاضي) ثم إلى من نصبه القاضي
ثم وصي وصيه.
(وليس لوصي الام) ووصي الأخ (ولاية التصرف في تركة الام مع حضرة الأب أو وصيه أو وصي وصيه
أو الجد) أبي الأب (وإن لم يكن واحد مما ذكر فله) أي لوصي الام (الحفظ، و) له
(بيع المنقول لا العقار) ولا يشتري إلا الطعام والكسوة لأنهما من جملة حفظ الصغير، خانية...
789

فروع: وصي القاضي كوصي الأب، إلا إذا قيد القاضي بنوع تقيد به، وفي الأب يعم
الكل. عمادية. وفي متفرقات البحر: القاضي أو أمينه لا ترجع حقوق عقد باشراه لليتيم إليهما
بخلاف وكيل ووصي وأب، فلو ضمن القاضي أو أمينه ثمن ما باعه لليتيم بعد بلوغه صح
بخلافهم.
وفي الأشباه: جاز التوكيل بكل ما يعقده الوكيل لنفسه،
790

إلا للوصي فله أن يشتري مال اليتيم لنفسه لا لغيره بوكالة وجاز التوكيل بالتوكيل.
باب الوكالة بالخصومة والقبض
(وكيل الخصومة والتقاضي) أي أخذ الدين (لا يملك القبض)
791

عند زفر، وبه يفتى لفساد الزمان، واعتمد في البحر العرف (و) لا (الصلح) إجماعا. بحر
(ورسول التقاضي يملك القبض لا الخصومة) إجماعا. بحر.
أرسلتك أو كن رسولا عني إرسال، وأمرتك بقبضه توكيل، خلافا للزيلعي (ولا
يملكهما) أي الخصومة والقبض (وكيل الملازمة، كما لا يملك الخصومة وكيل الصلح) بحر
792

(ووكيل قبض الدين يملكها) أي الخصومة، خلافا لهما، لو وكيل الدائن ولو وكيل القاضي
لا يملكها اتفاقا كوكيل قبض العين اتفاقا. وأما وكيل القسمة وأخذ شفعة ورجوع هبة ورد بعيب
793

فيملكها مع القبض اتفاقا. ابن ملك.
(أمره بقبض دينه وأن لا يقبضه إلا جميعا فقبضه إلا درهما لم يجز قبضه) المذكور (على الآمر)
لمخالفته له فلم يصر وكيلا (و) الآمر (له الرجوع على الغريم بكله) وكذا لا يقبض درهما دون
794

درهم. بحر (فلو لم يكن للغريم بينة) على الايفاء فقضى عليه بالدين (وقبضه الوكيل فضاع منه
ثم برهن المطلوب على الايفاء) للموكل (فلا سبيل له) للمديون (على الوكيل، وإنما لا يرجع على
الموكل) لان يده كيده: ذخيرة.
(الوكيل بالخصومة إذا أبى) الخصومة (لا يجبر عليها) في الأشباه: لا يجبر الوكل إذا امتنع
عن فعل ما وكل فيه لتبرعه إلا في ثلاث كما مر (بخلاف الكفيل) فإنه يجبر عليها للالتزام.
(وكله بخصوماته وأخذ حقوقه من الناس على أن لا يكون وكيلا فيما يدعي على الموكل
جاز) هذا التوكيل (فلو أثبت) الوكيل (المال له) أي لموكله (ثم أراد الخصم الدفع لا يسمع على
الوكيل) لأنه ليس بوكيل فيه. درر.
795

(وصح إقرار الوكيل بالخصومة) لا بغيرها مطلقا (بغير الحدود والقصاص) على موكله (عند
القاضي دون غيره) استحسانا (وإن انعزل) الوكيل (به) أي بهذا الاقرار حتى لا يدفع إليه المال
وإن برهن بعده على الوكالة للتناقض. درر (وكذا إذا استثنى) الموكل (إقراره) بأن قال: وكلتك
بالخصومة غير جائز الاقرار صح التوكيل والاستثناء على الظاهر، بزازية (فلو أقر عنده) أي
796

القاضي (لا) يصح (وخرج) به (عن الوكالة) فلا تسمع خصومته. درر.
(وصح التوكيل بالاقرار ولا يصير به) أي بالتوكيل (مقرا) بحر (وبطل توكيل الكفيل
بالمال) لئلا يصير عاملا لنفسه (كما) لا يصح (لو وكله بقبضه) أي الدين (من نفسه أو عبده)
797

لان الوكيل متى عمل لنفسه بطلت إلا إذا وكل المديون بإبراء نفسه فيصح، ويصح عزله قبل
إبرائه نفسه. أشباه. (أو وكل المحتال المحيل بقبضه من المحال عليه) أو وكل المديون وكيل
الطالب بالقبض لم يصح لاستحالة كونه قاضيا ومقتضيا.
798

قنية (بخلاف كفيل النفس والرسول ووكيل الامام ببيع الغنائم والوكيل بالتزويج) حيث يصح
ضمانهم لان كمنهم سفير (الوكيل بقبض الدين إذا كفل صح وتبطل الوكالة) لان الكفالة
أقوى للزومها فتصبح ناسخة (بخلاف العكس، وكذا كلما صحت كفالة الوكيل بالقبض بطلت
وكالته
799

تقدمت الكفالة أو تأخرت) لما قلنا.
(وكيل البيع إذا ضمن الثمن للبائع عن المشتري لم يجز) لما مر أنه يصير عاملا لنفسه (فإن
أدى بحكم الضمان رجع) لبطلانه (وبدونه لا) لتبرعه.
(ادعى أنه وكيل الغائب بقبض دينه فصدقه الغريم أمر بدفعه إليه) عملا بإقراره، ولا
يصدق لو ادعى الايفاء (فإن حضر الغائب فصدقه) في التوكيل (فيها) ونعمت
800

(وإلا أمر الغريم بدفع الدين إليه) أي الغائب (ثانيا) لفساد الأداء بإنكاره مع يمينه (ورجع)
الغريم (به على الوكيل إن باقيا في يده، ولو حكما) بأن استهلكه فإنه يضمن مثله. خلاصة (وإن
ضاع لا) عملا بتصديقه (إلا إذا) كان قد (ضمنه عند الدفع). لقدر ما يأخذ الدائن ثانيا،
801

لا ما أخذه الوكيل لأنه أمانة لا تجوز بها الكفالة. زيلعي وغيره (أو قال له قبضت منك على أني
أبرأتك من الدين) فهو كما لو قال الأب للختن عند أخذ مهر بنته آخذ منك على أني أبرأتك من
مهر بنتي، فإن أخذته البنت ثانيا رجع الختن على الأب، فكذا هذا. بزازية.
(وكذا) يضمنه (إذا لم يصدقه على الوكالة) يعم صورتي السكوت والتكذيب (ودفع له ذلك
على زعمه) الوكالة، فهذه أسباب للرجوع عند الهلاك (فإن ادعى الوكيل هلاكه أو دفعه لموكله
صدق) الوكيل (بحلفه، وفي الوجوه) المذكورة (كلها) الغريم (ليس له الاسترداد حتى يحضر
الغائب) وإن برهن أنه ليس بوكيل أو على إقراره بذلك أو أراد استحلافه
802

لم يقض لسعيه في نقض ما أوجبه للغائب، نعم لو برهن أن الطالب جحد الوكالة وأخذ مني
المال تقبل. بحر. ولو مات الموكل وورثه غريمه أو وهبه له أخذه قائما، ولو هالكا ضمنه إلا إذا
صدقه على الوكالة، ولو أقر بالدين وأنكر الوكالة حلف ما يعلم أن الدائن وكله. عيني.
(قال إني وكيل بقبض الوديعة فصدقه المودع لم يؤمر بالدفع إليه) على المشهور
803

خلافا لابن الشحنة، ولو دفع لم يملك الاسترداد مطلقا لما مر (وكذا) الحكم (لو ادعى شراءها من
المالك وصدقه) المودع لم يؤمر بالدفع لأنه إقرار على الغير.
(ولو ادعى انتقالها بالإرث أو الوصية منه وصدقه أمر بالدفع إليه) لاتفاقهما على ملك
الوارث (إذا لم يكن على الميت دين مستغرق) ولا بد من التلوم فيهما لاحتمال ظهور وارث آخر.
(ولو أنكر موته أو قال لا أدري لا) يؤمر به
804

ما لم يبرهن، ودعوى الايصاء كوكالة فليس لمودع ميت ومديونه الدفع قبل ثبوت أنه وصي، ولولا وصي فدفع إلى بعض الورثة برئ عن حصته فقط.
(ولو وكله بقبض مال فادعى الغريم ما يسقط حق موكله) كأداء أو إبراء أو إقراره بأنه
ملكي (دفع) الغريم (المال) ولو عقارا (إليه) أي الوكيل
805

لان جوابه تسليم ما لم يبرهن، وله تحليف الموكل لا الوكيل، لان النيابة لا تجري في اليمين
806

خلافا لزفر.
(ولو وكله بعيب في أمة وادعى البائع أن المشتري رضي بالعيب لم يرد عليه حتى يحلف
المشتري) والفرق أن القضاء هنا فسخ لا يقبل النقض،
807

بخلاف ما مر خلافا لهما (فلو ردها الوكيل على البائع بالعيب فحضر الموكل وصدقه على الرضا
كانت له لا للبائع) اتفاقا في الأصح، لان القضاء لا عن دليل بل للجهل بالرضا ثم ظهر خلافه
فلا ينفذ باطنا. نهاية (والمأمور بالانفاق على أهل أو بناء) أو القضاء لدين أو الشراء أو التصدق
عن زكاة (إذ أمسك ما دفع إليه ونقد من ماله)
808

ناويا الرجوع. كذا قيد الخامسة في الأشباه (حال قيامه لم يكن متبرعا) بل يقع التقاص استحسانا
(إذا لم يضف إلى غيره) فلو كانت وقت إنفاقه مستهلكة ولو بصرفها الدين نفسه أو أضاف العقد
إلى دراهم نفسه ضمن وصار مشتريا لنفسه متبرعا بالانفاق،
809

لان الدراهم تتعين في الوكالة. نهاية وبزازية. نعم في الملتقى: لو أمره أن يقبض من مديونه ألفا
ويتصدق فتصدق بألف ليرجع على المديون جاز استحسانا.
(وصي أنفق من ماله) والحال أن (مالي اليتيم غائب فهو) أي الوصي كالأب (متطوع، إلا
أن يشهد أنه قرض عليه أو أنه يرجع) عليه. جامع الفصولين وغيره. وعلله في الخلاصة بأن
810

قول الوصي وإن اعتبر في الانفاق لكن لا يقبل في الرجوع في مال اليتيم إلا بالبينة.
فروع: الوكالة المجردة لا تدخل تحت الحكم، وبيانه في الدرر.
811

صح التوكيل بالسلم لا بقبول عقد السلم، فللناظر أن يسلم من ريعه في زيته وحصره:
812

وليس له أن يوكل به من يجعله بجعل أمينا على القرية فيأمره بعقد السلم ويستلم منه على ما قرر
له باطنا لأنه وكيل الواقف والوكالة أمانة لا يصح بيعها. وتمامه في شرح الوهبانية.
باب عزل الوكيل
(الوكالة من العقود الغير اللازمة) كالعارية (فلا يدخلها خيار شرط، ولا يصح الحكم بها
مقصودا وإنما يصح في ضمن دعوى صحيحة على غريم) وبيانه في الدرر.
(فللموكل العزل متى شاء من لم يتعلق به حق الغير) كوكيل خصومة يطلب الخصم
813

كما سيجئ، ولو الوكالة دورية
814

في طلاق وعتاق على ما صححه البزازي، وسيجئ عن العيني خلافه، فتنبه (بشرط علم
الوكيل) أي في القصدي: أما الحكمي فيثبت وينعزل قبل العلم كالرسول (ولو) عزله (قبل
وجود الشرط في المعلق به) أي بالشرط، به يفتى. شرح وهبانية (ويثبت ذلك) أي العزل
(بمشافهة به وبكتابة) مكتوب بعزله
815

(وإرساله رسولا) مميزا (عدلا أو غيره) اتفاقا (حرا أو (إذا عبدا صغيرا أو كبيرا) صدقه أو كذبه،
ذكره المصنف في متفرقات القضاء
(إذا قال) الرسول (الموكل أرسلني إليك لأبلغك عزله إياك عن وكالته، ولو أخبره فضولي)
بالعزل (فلا بد من أحد شطري الشهادة) عدد أو عدالة (كأخواتها) المتقدمة في المتفرقات، وقدمنا
أنه متى صدقه قبل ولو فاسقا اتفاقا. ابن ملك. وفرع على عدم لزومها من الجانبين بقوله
(فللوكيل) أي بالخصومة وبشراء لمعين
816

لا الوكيل بنكاح وطلاق وعتاق وببيع ماله وبشراء شئ بغير عينه كما في الأشباه (عزل نفسه
بشرط علم موكله) وكذا يشترط علم السلطان بعزل قاض وإمام نفسهما، وإلا لا كما بسطه في
الجواهر.
(وكله بقبض الدين ملك عزله إن بغير حضرة المديون، وإن) وكله (بحضرته لا) لتعلق
817

حقه به كما مر (إلا إذ علم به) بالعزل (المديون) فحينئذ ينعزل، ثم فرع عليه بقوله (فلو دفع المديون
دينه إليه) أي الوكيل (قبل علمه) أي المديون (بعزله يبرأ) وبعده لا لدفعه لغير وكيل.
(ولو عزل العدل) الموكل ببيع الرهن (نفسه بحضرة المرتهن، إن رضي به) بالعزل (صح
وإلا لا) لتعلق حقه به، وكذا الوكالة بالخصومة بطلب المدعي عند غيبته كما مر، وليس منه
توكيله بطلاقها بطلبها على الصحيح لأنه لا حق لها فيه،
818

ولا قوله كلما عزلتك فأنت وكيلي لعزله بكلما وكلتك فأنت معزول. عيني.
(وقول الوكيل بعد القبول بحضرة الموكل ألغيت توكيلي أو أنا برئ من الوكالة ليس بعزل
كجحود الموكل) بقوله لم أوكلك لا يكون عزلا (إلا أن يقول) الموكل للوكيل (والله لا أوكلك
بشئ فقد عرفت تهاونك فعزل) زيلعي. لكنه ذكر في الوصايا أن جحوده عزل، وحمله المصنف
على ما إذا وافقه الوكيل على الترك، لكن أثبت القهستاني اختلاف الرواية، وقدم الثاني وعلله بأن
جحود ما عدا النكاح فسخ. ثم قال: وفي رواية لم ينعزل بالجحود ا ه‍. فليحفظ.
(وينعزل الوكيل) بلا عزل (بنهاية) الشئ (الموكل فيه، كما لو وكله بقبض دين فقبضه)
819

بنفسه (أو) وكله (بنكاح فزوجه) الوكيل. بزازية. ولو باع الموكل والوكيل معا أو لم يعلم السابق
فبيع الموكل أولى عند محمد. وعند أبي يوسف: يشتركان ويخيران كما في الاختيار وغيره (و)
ينعزل (بموت أحدهما وجنونه مطبقا) بالكسر: أي مستوعبا
820

سنة على الصحيح. درر وغيرها. لكن في الشرنبلالية عن المضمرات شهر، وبه يفتى. وكذا في
القهستاني والباقاني. وجعله قاضيخان في فصل فيما يقضى بالمجتهدات قول أبي حنيفة وأن عليه
الفتوى، فليحفظ (و) بالحكم (بلحوقه مرتدا)
821

ثم لا تعود بعوده مسلما على المذهب ولا بإباقته. بحر.
وفي شرح المجمع: واعلم أن الوكالة إذا كانت لازمة لا تبطل بهذه العوارض فلذا قال
(إلا) الوكالة اللازمة (إذا وكل الراهن العدل أو المرتهن ببيع الرهن عند حلول الأجل فلا ينعزل)
بالعزل ولا (بموت الموكل وجنونه كالوكيل بالامر باليد والوكيل ببيع الوفاء)
822

لا ينعزلان بموت الموكل، بخلاف الوكيل بالخصومة أو الطلاق. بزازية.
قلت: والحاصل كما في البحر أن الوكالة ببيع الرهن لا تبطل بالعزل حقيقيا أو حكميا،
ولا بالخروج عن الأهلية بجنون وردة، وفيما عداها من اللازمة لا تبطل بالحقيقي بل بالحكمي
وبالخروج عن الأهلية.
قلت: فإطلاق الدرر منه نظر (و) ينعزل (بافتراق أحد الشريكين)
823

ولو بتوكيل ثالث بالتصرف (وإن لم يعلم الوكيل) لأنه عزل حكمي (و) ينعزل (بعجز موكله لو
مكاتبا وحجره) أي موكله (لو مأذونا كذلك) أي علم أو لا، لأنه عزل حكمي كما مر، وهذا
(إذا كان وكيلا في العقود والخصومة. أما إذا كان وكيلا في قضاء دين واقتضائه وقبض وديعة
824

فلا) ينعزل بعجز وحجر، ولو عزل المولى وكيل عبده المأذون ولم ينعزل (و) ينعزل (بتصرفه) أي
الموكل (بنفسه فيما وكل فيه تصرفا بعجز الوكيل عن التصرف معه وإلا لا، كما لو طلقها واحدة
والعدة باقية) فللوكيل تطليقها أخرى لبقاء المل، ولو ارتد الزوج أو لحق وقع طلاق وكيله ما
بقيت العدة (وتعود الوكالة إذا عاد إليه) أي الموكل قديم ملكه كأن وكله ببيع فباع موكله ثم رد
عليه بما هو فسخ
825

بقي على وكالته (أو بقي أثره) أي أثر ملكه كمسألة العدة،
826

بخلاف ما لو تجدد الملك.
فروع: في الملتقط عزل وكتب لا ينعزل ما لم يصله الكتاب.
وكل غائبا ثم عزله قبل قبوله صح وبعده لا.
دفع إليه قمقمة ليدفعها إلى إنسان يصلحها فدفعها ونسي لا يضمن الوكيل بالدفع.
أبرأه مما له عليه برئ من الكل قضاء، وأما في الآخرة فلا إلا بقدر ما يتوهم أن له عليه.
وفي الأشباه: قال لمديونه من جاءك بعلامة كذا أو من أخذ أصبعك أو قال لك كذا فادفع
إليه لم يصح، لأنه توكيل مجهول فلا يبرأ بالدفع إليه.
827

وفي الوهبانية:
ومن قال أعط المال قابض خنصر فأعطاه لم يبرأ وبالمال يخسر
وبعه وبع بالنقد أو بع لخالد...
828

... فخاله قالوا يجوز التغير
وفي الدفع قل قول الوكيل مقدم كذا قول رب الدين والخصم يجبر
829

ولو قبض الدلال مال المبيع كي يسلمه منه وضاع يشطر
830