الكتاب: الجوهر النقي
المؤلف: المارديني
الجزء: ٤
الوفاة: ٧٥٠
المجموعة: فقه المذهب الحنفي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الفكر
ردمك:
ملاحظات:

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
..
الجزء الرابع
الجوهر النقي
للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير
بابن التركماني المتوفى سنة خمس وأربعين وسبع مائة
دار الفكر
1

قال (باب تسوية القبور وتسطيحها)
ذكر فيه امره عليه السلام عليا (ان لا يترك قبرا مشرفا الا سواه ولا تمثالا الا طمسه) - قلت - الظاهر أن المراد قبور المشركين
بقرينة عطف التمثال عليها وكانوا يجعلون عليها الأنصاب والأبنية فأراد عليه السلام إزالة آثار الشرك ثم ذكر سؤال القاسم
2

ابن محمد عائشة (ان تكشف له قبره صلى الله عليه وسلم وقبور صاحبيه قال فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة
مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء) إلى آخره - قلت - الكلام على هذا الحديث يأتي في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى ثم
ذكر (عن الحسين بن صالح عن أبي البدا انه رأى قبورهم مستطيرة) - قلت - الحسين وأبو البدا لم اعرف حالهما والمستطيرة
في اللغة هي المنتشرة وليس ذلك بصريح في معنى المسطحة لان المسنمة أيضا فيها انتشار من أسفلها وليس في هذا الباب حديث
صريح في التسطيح والأدلة الآتية الدالة على التسنيم مصرحة بذلك فكانت أولى -
قال (باب من قال بتسنيم القبور)
قال (فيه متى صحت رواية القاسم قبورهم مبطوحة دل ذلك على التسطيح) - قلت - لم أر أحدا صرح بان المبطوح
هو المسطح وعن ابن الزبير انه لما أراد بناء الكعبة كانت في المسجد جراثيم فقال أيها الناس ابطحوا فاهاب الناس إلى بطحه -
قال الزمخشري في الفائق البطح ان يجعل ما ارتفع منه منبطحا اي منخفضا حتى يستوي ويذهب التفاوت انتهى كلامه فعلى
هذا قوله مبطوحة معناه ليست بمشرفة وقوله لا مشرفة ولا لاطئة يدل على ذلك وكذا حديث علي لا تترك قبرا مشرفا
الا سويته اي سويته بالقبور المعتادة وقيل في قوله تعالي قادرين على أن نسوي بنانه - أي نجعلها مستوية وذكر الطحاوي
في كتابه الكبير في اختلاف العلماء حديث القاسم ثم قال ليس في هذا دليل على تربيع ولا تسنيم لأنه يجوز أن تكون مبطوحة
3

بالبطحاء وهي مسنمة وفي التجريد للقدوري يحتمل أن تكون مبطوحة والتسنيم في وسطها فهذا الخبر محتمل وحديث
التمار صريح في التسنيم وذكر البيهقي حديث التمار ثم قال (وحديث القاسم أصح وأولى أن يكون محفوظا) - قلت - هذا
خلاف اصطلاح أهل هذا الشأن بل حديث التمار أصح لأنه مخرج في صحيح البخاري وحديث القاسم لم يخرج في شئ من
الصحيح وفي مصنف ابن أبي شيبه ثنا عيسى بن يونس عن سفيان التمار دخلت البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم
فرأيت قبره وقبر أبى بكر وعمر مسنمة وفيه أيضا ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي حصين عن الشعبي رأيت قبور شهداء
أحد جثى مسنمة وهذان السندان صحيحان وحكي الطبري عن قوم ان السنة التسنيم واستدل لهم بان هيئة القبور سنة متبعة
ولم يزل المسلمون يسنمون قبورهم ثم قال ثنا ابن بشار ثنا عبد الرحمن ثنا خالد بن أبي عثمان قال رأيت قبر ابن عمر مسنما قال الطبري
لا أحب ان يتعدى فيها أحد المعنين من تسويتها بالأرض أو رفعها مسنمة قدر شبر على ما عليه عمل المسلمين في ذلك قال وتسوية
القبور ليست بتسطيح -
قال (باب غسل المرأة)
ذكر فيه حديث حفصة بنت سيرين (عن أم سليم إذا توفيت المرأة) الحديث وعزاه إلى الترمذي - قلت - لم أجده
4

في كتاب الترمذي وما رأيت أحدا غير البيهقي عزاه إليه -
قال (باب السنة الثابتة في تضفير شعر رأسها ثلاثة
قرون والقائهن خلفها)
ذكر فيه قول أم عطيه (فضفرنا رأسها ناصيتها وقرينها ثلاثة قرون) - قلت - ليس في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
5

سنة وإنما فعله بعض النسوة والجديد من قول الشافعي ان قول الصحابة وفعلهم ليس بحجة فكيف يجعل فعل بعض النساء
سنة ثابتة قال القاضي عياض ليس في الحديث معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم بفعل أم عطية فيجعل سنة وحجة
انتهي كلامه ولهذا أنكر ابن حنبل مشطهن وكره التسريح حكي ذلك عنه صاحب المغني ويؤيد هذا ما ذكره البيهقي فيما مضى
(ان عائشة قالت علام تنصون ميتكم أي تسرحون شعره) -
6

قال (باب ما يستدل به علي ان الكفن والمئونة من جميع المال)
ذكر فيه حديث أبي هريرة (قال عليه السلام ما يسرني ان لي مثل أحد ذهبا) وفي آخره (واخلف عشرة أواق الا في ثمن
كفن أو قضاء دين) - قلت - رواه عن أبي هريرة عبد الله شقيق متكلم فيه وكان التيمي سئ الرأي فيه ورواه عنه قتادة
بلفظ العنعنة وهو مدلس ورواه عن قتادة الحكم بن عبد الملك وهو ضعيف قال يحيى ليس بثقة وليس بشئ وقال أبو حاتم
مضطرب الحديث وقال أبو داود منكر الحديث والمحفوظ في هذا الحديث ما يسرني ان لي أحدا ذهبا يبيت عندي منه دينار
الا دينارا أرصده لدين - ثم ذكر (عن علي قال الكفن من رأس المال) - قلت - في سنده حسين بن عبد الله بن ضميرة
كذبه مالك وأبو حاتم الرازي وقال احمد والنسائي والفلاس متروك وقال يحيى ليس بثقة ولا مأمون وفي سنده أيضا جماعة
لم اعرف حالهم -
7

قال (باب السقط يغسل ويكفن ويصلى عليه
ان استهل أو عرفت له حياة)
قلت - ذكر المنذري في الاشراف عن الشافعي قال حياة الجنين بتحريك أو صياح أو نفس أو رضاع كانت أحكامه
أحكام الحي ثم ذكر انه رد عليه بقوله عليه السلام ما من مولود يولد الا مسه الشيطان فيستهل صارخا لأنه خبر وليس بأمر فلا
يجوز غيره ثم ذكر البيهقي عن يونس عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال واحسب ان أهل زياد أخبروني انه رفعه
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفي آخره (والسقط يصلى عليه) - قلت - فيه أمران - أحدهما - انه مطلق
غير مقيد بما إذا استهل أو عرفت حياته فهو غير مطابق لمدعي البيهقي ولهذا أورد الترمذي هذا الحديث في الصلاة على الأطفال
ثم قال والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قالوا يصلي على الطفل وان لم يستهل
بعد ان علم أنه خلق وهو قول احمد وإسحاق - والثاني انه لم يتيقن برفعه إلي النبي صلى الله عليه وسلم وقد جعل البيهقي
فيما مضى في غير موضع مثل هذا شكا ثم قال البيهقي (قال إبراهيم بن أبي طالب قول يونس بن عبيد وحدثني بعض أهله
8

انه رفعه إلي النبي صلى الله عليه وسلم رواية ليونس بن عبيد عن سعيد بن عبيد الله بن جبير) - قلت - كأن البيهقي يريد
بذلك تقوية رفع الحديث وان قول يونس فيما تقدم أهل زياد أراد سعيد بن عبيد الله هذا الا ان يونس لم يقل وحدثني
بعض أهله كما ذكر ابن أبي طالب ولكن لفظه واحسب ان أهل زياد أخبروني كما تقدم ثم قوله رواية ليونس بن عبيد عن
سعيد بن عبيد الله لم يذكر سنده إلي يونس في روايته عن سعيد بن عبيد الله لينظر فيه ولم أر أحدا ذكر يونس رواه عن
سعيد هذا بل ذكر ابن أبي شيبة في مصنفه عن يونس أنه قال وأهل زياد يرفعونه إلي النبي صلى الله عليه وسلم وانا لا احفظه
فظهر بهذا ان الحديث من هذا الوجه موقوف ورفعه غير واضح وقد رفعه البيهقي فيما بعد من حديث سعيد بن عبيد الله بن
جبير عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه الترمذي من هذا الطريق وقال حسن
صحيح رواه إسرائيل وغير واحد عن سعيد بن عبيد الله فكان الوجه اقتصار البيهقي على هذا الوجه ثم ذكر حديث إسماعيل
9

المكي (عن أبي الزبير عن جابر قال عليه السلام إذا استهل الصبي) الحديث ثم قال (إسماعيل بن مسلم المكي غيره أوثق
منه) - قلت - هذا توثيق من البيهقي له وقد خالف ذلك في باب النعاس في المسجد فقال (غير قوي) وقال في باب اختناث
الا سقية (قد ضعف) وقال في باب تكفير الساحر (ضعيف) وفي الضعفاء لابن جوزي قال يحيى لم يزل مختلطا وليس
بشئ وقال علي اجمع أصحابنا على ترك حديثه وقال النسائي وعلي بن الجنيد متروك الحديث -
قال (باب المسلمين يقتلهم المشركون في المعترك فلا تغسل القتلى)
ذكر فيه حديث الليث عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب عن جابر حديث (ولم يصل عليهم) ثم ذكر حديث أسامة
ابن زيد عن الزهري عن انس حديث (ولم يصل على أحد من الشهداء غيره يعني حمزة) ثم حكي عن الدارقطني قال
(هذا اللفظة ليست محفوظة وقال الترمذي سألت محمدا عن هذا الحديث فقال حديث عبد الرحمن بن كعب حسن وحديث
أسامة بن زيد غير محفوظ غلط فيه أسامة) - قلت - حكى ابن القطان عن الترمذي قال روي الليث عن ابن شهاب عن
10

عبد الرحمن بن كعب عن جابر وروي معمر عنه عن عبد الله بن ثعلبة عن جابر ولا نعلم أحد أذكره عن الزهري عن انس
الا أسامة بن زيد وسألت محمدا عنه فقال حديث الليث أصح - قلت وهذا يقتضى صحة حديث أسامة وإن كان دون
حديث الليث وقد ذكر البيهقي في باب الحرم كله منحر عن يعقوب بن سفيان ان أسامة بن زيد عند أهل بلده المدينة ثقة
مأمون وإذا كان كذلك فروايته هذه زيادة ثقة فتقبل ثم ذكر البيهقي حديث أبي هريرة (لا يكلم أحد في سبيل الله) الحديث
قلت - هو غير مطابق للباب الا بتعسف -
11

قال (باب من زعم أنه عليه السلام صلى على شهداء أحد)
ذكر فيه من حديث أبي مالك (قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد عشرة عشرة في كل عشرة منهم حمزة حتى
صلى عليه سبعين صلاة) ثم قال (هذا أصح ما في الباب وهو مرسل أخرجه أبو داود في المراسيل بمعناه) - قلت - قد جاء
في هذا الباب حديث صحيح فروى جابر قال فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فذكر حديثا طويلا وفيه ثم جئ بحمزة
فصلى عليه ثم يجاء بالشهيد فيوضع إلى جانب حمزة فيصلى عليه ثم يرفع ويترك حمزة حتى صلى على الشهداء كلهم الحديث
أخرجه الحاكم بطوله في كتاب الجهاد من المستدرك وقال صحيح الاسناد وذكر البيهقي في الخلافيات ان الشافعي قال منكرا لهذا
الحديث شهداء أحد اثنان وسبعون فإذا صلى عليهم عشرة عشرة لا تكون الصلاة أكثر من سبع أو ثمان فنجعله صلى على
اثنين صلاة وعلى حمزة صلاة فهي تسع صلوات فمن أين جاءت سبعون انتهى كلامه والذي في مراسيل أبي داود عن أبي مالك
امر عليه السلام بحمزة فوضع وجئ بتسعة فصلى عليهم فرفعوا وترك حمزة ثم جئ بتسعة فوضعوا فصلى عليهم سبع صلوات
حتى صلى على سبعين وفيهم حمزة في كل صلاة صلاها فصرح بأنه صلى سبع صلوات على سبعين رجلا فزال بذلك ما استنكره
الشافعي وظهر ان ما رواه أبو داود ليس بمعنى ما رواه البيهقي ثم ذكر حديث محمود بن غيلان (ثنا أبو داود هو الطيالسي قال
لي شعبة ايت جرير بن حازم فقل له لا يحل لك ان تروي عن الحسن بن عمارة فإنه كذاب قال أبو داود فقلت لشعبة ما علامة
كذبه قال روى عن الحكم أشياء فلم أجد لها أصلا قلت للحكم صلى النبي صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد قال لا وقال الحسن
ابن عمارة حدثني الحكم عن مقسم عن ابن عباس انه عليه السلام صلى على قتلى أحد) إلى آخره - قلت ذكر الرامهرمزي في كتابه
12

الفاصل هذه الحكاية عن ابن المديني عن محمود عن أبي داود ثم ذكر عن أبي المدايني قال حدثنا عبدان ثنا محمد بن عبد الله المخرمي ثنا
أبو داود سمعت شعبة يقول الا تعجبون من هذا المجنون جرير بن حازم وحماد بن زيد اتياني يسألاني ان اسكت عن الحسن
بن عمارة ولا والله لا اسكت عنه ثم قال والله لا اسكت عنه فذكر وضع الزكاة في صنف ثم قال وهذا الحسن يحدث عن الحكم
عن مقسم عن ابن عباس وعن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي انه عليه السلام صلى على قتلى أحد وغسلهم وانا سألت الحكم
عن ذلك فقال يصلى عليهم ولا يغسلون إلى آخره ثم قال الرامهرمزي أصل هذه الحكاية عن أبي داود وقد خلط فيها أو خلط
عليه فيها والمخرمي أضبط من ابن غيلان وبين الحكايتين تفاوت شديد ولا يستدل على تكذيب الحسن بالطريق الذي
استدل به شعبة لأنه استفتى الحكم في المسئلتين فأفتاه بما عنده وهو أحد فقهاء الكوفة فلما قال شعبة عمن قال في إحداهما هو قول
إبراهيم وفي الأخرى هو قول الحسن ولا يلزم المفتي ان يفتى بما روي ولا يترك رواية ما لا يفتى به هذا مذهب فقهاء الأمصار
هذا مالك يعمل بخلاف كثير مما روى والزهري عن سالم عن أبيه أثبت عند أهل الحديث من الحكم عن مقسم عن ابن عباس
وقد حدث به مالك عن الزهري ثم ترك العمل به وأبو حنيفة روى حديث فاطمة بنت أبي حبيش في المستحاضة ثم قال
بخلافه ويمكن ان يحدث الحكم بما العمل عليه عنده بخلافه فيسأله شعبة فيجيب بما العمل عليه عنده والانصاف أولى باهل
العلم قال وكان شعبة سيئ الرأي في الحسن وذكر بسنده ان شعبة قيل له قد عقد الحسن بن عمارة مجلسا فقال اي يوم قيل يوم
الجمعة قال إن كان صادقا فليحدث يوم السبت هذا ما ذكره صاحب الفاصل بمعناه وفي الاستذكار لابن عبد البر قال فقهاء
الكوفة ابن أبي ليلى والثوري وأبو حنيفة وأصحابه والحسن بن وحي وفقهاء البصرة عبيد الله بن الحسن وغيره وفقهاء الشام
سليمان بن موسى والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز يصلي على الشهداء وقال عبد الرزاق انا ابن جريح عن عطاء قال
ما رأيتهم يغسلون الشهيد ولا يحنطونه ولا يكفنونه قلت كيف يصلى عليه قال كما يصلى على الذي ليس بشهيد -
13

قال (باب من روى أنه صلى عليهم بعد ثمان سنين يعنى شهداء أحد)
ذكر فيه حديث عقبة بن عامر - قلت - قوله في هذا الحديث فصلى على أهل أحد صلاته على الميت) دليل على أنه الصلاة
المعهودة الشرعية لا الدعاء والاستغفار ثم يقال للبيهقي وأصحابه إن كان صلى الله عليه وسلم لم يصل على قتلى أحد أولا فقد صلى
عليهم آخرا وانتسخ الأول وإن كان صلى عليهم أولا فقد بطل قولكم انه لم يصل عليهم -
14

قال (باب الجنب يستشهد)
ذكر فيه حديثين ثم قال (كلاهما مرسل) - قلت - الأول مرسل صحابي لان ابن الزبير كان له يوم أحد سنتان ومرسل الصحابي
عندهم كالمتصل ثم ذكر (انه عليه السلام نظر إلى حنظلة الراهب وحمزة تغسلهما الملائكة) وفي سنده أبو شيبة فضعفه - قلت -
روى محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس قال قتل حمزة بن عبد المطلب جنبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غسلته
الملائكة - أخرجه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الاسناد -
قال (باب المرتث والذي يقتل ظلما في غير معركة الكفار
والذي يرجع عليه سيفه)
ذكر فيه صلاته عليه السلام على الاعرابي الذي قتل شهيدا ثم قال (يحتمل أن يكون بقي حيا حتى انقضت الحرب ثم مات فصلى
عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي لم يصل عليهم بأحد ماتوا قبل انقضاء الحرب) - قلت - التحديد بانقضاء الحرب
والصلاة على من مات قبله لا بعده لا دليل عليه وقد تكلم جماعة من شهداء أحد وماتوا قبل انقضاء الحرب ودخلوا في عموم
قوله عليه السلام ادفنوا بدمائهم وثيابهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم وفي موطأ مالك عن يحيى بن سعيد قال لما كان يوم
15

أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأتيني بخبر سعد بن الربيع الأنصاري فقال رجل انا يا رسول الله فذهب يطوف
بين القتلى فقال له سعد بن الربيع ما شأنك فقال الرجل بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لآتيه بخبرك قال فاذهب إليه فاقرئه
السلام مني وأخبره اني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة واني قد أنفذت مقاتلي وأخبر قومك انه لا عذر لهم عند الله ان قتل
رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحد منهم حي - قال ابن عبد البر هذا الحديث عند أهل السير مشهور معروف ثم ذكر البيهقي
حديث محمد بن إسحاق (حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي الهيثم إن أباه حدثه) فذكر مقتل عامر عم سلمة بن الأكوع وابن
إسحاق معروف الحال تقدم ذكره وأبو الهيثم هذا مجهول كذا ذكر المزي في التهذيب والذهبي في الضعفاء وأبوه نصر بن
دهر صحابي ثم ذكر قتل عمر وفيه (فطار العلج بسكين ذات طرفين) ثم قال (وفي ذلك دلالة على أنه قتل بمحدد ثم غسل
وكفن وصلى عليه) - قلت - يريد بذلك الرد على أبي حنيفة فان البيهقي حكى عنه في الخلافيات انه من قتل بالمصر ظلما
بالمحدد لم يغسل عنده ثم ذكر البيهقي (ان عمر غسل وكفن وصلى عليه وقد ثبت انه قتل بمحدد وحكي في كتاب المعرفة عن
الشافعي أنه قال عمر شهيد ولكنه إنما صار إلى الشهادة في غير حرب - قلت - عمر رضي الله عنه ارتث فلذلك غسل ففي صحيح
16

البخاري انه عاش بعد ما طعن وتكلم كلاما كثيرا وسقى نبيذا ثم سقى لبنا وقد ذكر البيهقي في أبواب القصاص (انه عاش
ثلاثا بعد ما طعن) وذكر عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع قال كان عمر من خير شهيد فغسل وكفن وصلى عليه
لأنه عاش بعد طعنه قال وانا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله وفي الموطأ قال مالك من حمل منهم وعاش ما شاء الله بعد
ذلك فإنه يغسل ويصلى عليه كما عمل بعمر وفي الاستذكار اجمع العلماء على أن الشهيد في معترك الكفار إذا حمل حيا ولم يمت
في المعترك وعاش واكل وشرب فإنه يغسل ويصلى عليه كما صنع بعمر وعلي رضي الله عنهما انتهي كلامه وكذا علي رضي
الله عنه ارتث كما تقدم عن ابن عبد البر وذكر في الاستيعاب عن جماعة انه قتل لثمان عشرة خلت من رمضان سنة أربعين
وقبض أول ليلة من العشر الأخير وأوصى وتكلم كثيرا وقد كان عثمان رضي الله عنه شهيدا في غير حرب ومع ذلك دفن بثيابه
في دمه ولم يغسل عزاه بعض العلماء إلي ابن حنبل والي سيف صاحب الفتوح -
قال (باب ما ورد في المقتول بسيف أهل البغي)
ذكر فيه حديث قيس بن الربيع (عن أشعث عن الشعبي عن عليا رضي الله عنه صلى على عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة)
- قلت - قيس قال البيهقي في باب من زرع ارض غيره بغير اذنه (ضعيف عند أهل العلم بالحديث) وأشعث هو ابن
سوار ضعفه البيهقي في باب من قال للمبتوتة النفقة وقال الحاكم الشعبي لم يسمع من علي ثم لو ثبت ان عليا صلى عليهما فالشهيد
يصلي عليه عند أهل الكوفة وأهل الشام وغيرهم كما تقدم ولهذا قال صاحب الاستيعاب دفن علي عمارا في ثيابه ولم يغسله
ويروي أهل الكوفة انه صلى عليه وهو مذهبهم في أن الشهداء لا يغسلون ولكنهم يصلي عليهم -
17

قال (باب ما ورد في غسل بعض الأعضاء)
ذكر فيه (أبا عبيدة صلى على رؤوس) ثم ذكر (ان طائرا القى يدا) إلى آخره - قلت - في سند الأول مجهول وقال
ابن المنذر في الاشراف لا يصلح ذلك عنه وذكر الحاكم في المستدرك بسنده عن الشعبي قال بعث عبد الملك بن مروان
برأس عبد الله بن الزبير إلى ابن خازم بخراسان فكفنه وصلى عليه قال الشعبي أخطأ لا يصلى على الرأس وفي السند الثاني بلاغ -
18

قال (باب الصلاة على من قتل نفسه غير مستحل)
ذكر فيه حديث معاوية بن صالح (عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم صلوا خلف كل
بر وفاجر) الحديث ثم قال (قال الدارقطني مكحول لم يسمع من أبي هريرة ومن دونه ثقات) ثم قال البيهقي (هو أصح
ما في الباب الا ان فيه ارسالا) - قلت - العلاء ومعاوية وان اخرج لهما مسلم منفردا عن البخاري الا انهما متكلم فيهما العلاء
كان يري القدر وقال أبو داود تغير عقله ومعاوية كان يحيى بن سعيد الأنصاري لا يرضاه وقال الرازي لا يحتج به وقال
الأزدي ضعيف -
قال (باب من حمل الجنازة فدار على جوانبها الأربعة)
ذكر فيه (عن أبي عبيدة عن ابن مسعود قال إذا اتبع أحدكم الجنازة) إلى آخره - قلت - هذا الأثر منقطع أبو عبيدة لم يدرك
19

أباه ذكره البيهقي في باب من كبر بالطائفتين وفي هذا الباب اثر جيد تركه البيهقي وذكر هذا الأثر المنقطع قال ابن أبي شيبة
في المصنف ثنا يحيى بن سعيد عن ثور عن عامر بن جشيب وغيره من أهل الشام قالوا قال أبو الدرداء من تمام اجر الجنازة
ان تشيعها من أهلها وان تحمل بأركانها الأربعة وان تحثو في القبر وهذا سند صحيح -
قال (باب من حمل الجنازة فوضع السرير
على كاهله بين العمودين)
ذكر فيه (عن الشافعي انا الثقة من أصحابنا عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه عيسى بن طلحة رأيت عثمان يحمل بين عمودي
سرير أمه) - قلت - في هذا السند مجهول وإسحاق هذا قال ابن حنبل والنسائي متروك وقال القطان شبه لا شئ وقال ابن
معين ليس بشئ لا يكتب حديثه ثم ذكر البيهقي (عن ابن ماهك انه رأى ابن عمر في جنازة رافع قائما بين قائمتي السرير) - قلت
في سنده مجهول وقد صح عن ابن عمر الاخذ بالجوانب الأربعة قال ابن أبي شيبة في مصنفه ثنا هشيم عن يعلي بن عطاء عن الأزدي
هو علي بن عبد الله قال رأيت ابن عمر في جنازة فحمل بجوانب السرير الأربعة فبدأ بالميامن ثم تنحى عنها فكان منها بمزجر كلب
وهذا سند صحيح على شرط مسلم ثم ذكر البيهقي أيضا عنه (انه اخذ بمقدم السرير القائمتين) - قلت - في سنده من
20

يحتاج إلى كشف حاله -
قال (باب حمل الميت على الأيدي والرقاب ان لم يوجد سرير)
ذكر فيه من مراسيل أبي داود (عن محمد بن علي ان إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم حملت جنازته على منسج فرس) - قلت
المنسج للفرس كالحارك للحمار وفي الاستيعاب ان إبراهيم توفي في بيت أم بردة امرأة البراء بن أوس في بني مازن فحمل
من بيتها على سرير صغير
21

قال (باب المشي امام الجنازة)
ذكر فيه (عن علي بن المديني ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم) الحديث ثم ذكر (عن ابن
المديني أنه قال لابن عيينة ان معمرا وابن جريح يخالفانك في هذا يعني انهما يرسلان الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم) - قلت -
ذكر البيهقي في كتاب المعرفة ان ابن المديني قال له خالفك معمر وابن جريح ويونس ثم ذكر البيهقي بسنده (عن سفيان ابن عيينة
ومنصور وبكر وزياد كلهم سمع الزهري ان سالما اخبره انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم) الحديث ثم قال (واختلف
علي عقيل ويونس ومن وصله واستقر على وصله ولم يختلف عليه فيه هو ابن عيينة وهو حجة ثقة) - قلت - ظاهر هذا الكلام ان ابن
23

عيينة وحدة هو الذي وصله واستقر على وصله وليس كذلك بل قد تقدم ان منصورا وبكرا وزيادا كلهم تابعوه علي وصله وظاهر
كلامه أيضا يقتضي ترجيح الوصل على الارسال وقد قال الترمذي وروي معمر ومالك ويونس بن يزيد وغير واحد من الحفاظ
عن الزهري ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي امام الجنازة وأهل الحديث كأنهم يرون ان الحديث المرسل في ذلك أصح
سمعت يحيي ين موسى يقول قال عبد الرزاق قال ابن المبارك حديث الزهري في هذا مرسل أصح من حديث ابن عيينة قال ابن
المبارك وارى ابن جريح اخذه عن ابن عيينة وذكره النسائي مرفوعا ثم قال هذا خطأ والصواب مرسل -
قال (باب المشي خلفها)
ذكر فيه حديث (الجنازة متبوعة) إلى آخره ثم ضعفه - قلت - ما في الصحيح من حديث البراء انه عليه السلام امر باتباع
24

الجنائز يفسر هذا الحديث فان المتبع هو التالي لا المتقدم قال صاحب الصحاح تبعت القوم مشيت خلفهم واتبعتهم إذا سبقوك
فلحقتهم ثم ذكر البيهقي حديث زائدة (عن ابن عبد الرحمن بن ابزي عن أبيه ان أبا بكر وعمر إلي آخره) - قلت - زائدة بن أوس
هذا ذكره ابن حيان في الثقات من اتباع التابعين وقد اخرج ابن أبي شيبة في مصنفه هذا الحديث من وجه آخر فقال ثنا محمد بن
فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن ابزي قال كنت في جنازة وأبو بكر وعمر امامها إلى آخره وقال
الطحاوي ثنا ربيع المؤذن ثنا أسد ثنا حماد بن سلمة عن يعلي بن عطاء عن عبيد الله بن يسار عن عمرو بن حريث قلت لعلي بن أبي طالب
ما تقول في المشي امام الجنازة فقال المشي خلفها أفضل من المشي امامها كفضل المكتوبة على التطوع قلت فانى رأيت أبا بكر وعمر
يمشيان امامها قال إنهما يكرهان ان يحرجا الناس - ثم قال البيهقي (الآثار في المشي امامها أصح وأكثر) - قلت - لم يصرح
في شئ من تلك الآثار بان المشي امامها أفضل فتحمل على الجواز وعلي رضي الله عنه صرح بان المشي خلفها أفضل فكان أولى بالاتباع
وكذا أقل أحوال الامر بالاتباع الاستحباب وقال سويد بن غفلة الملائكة يمشون خلف الجنازة وقال أبو الدرداء من تمام
اجر الجنازة ان تشيعها من أهلها وتمشي خلفها وعن إبراهيم قلت لعلقمة أيكره المشي خلف الجنازة قال لا إنما يكره السير امامها
اخرج الثلاثة أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفة بأسانيد صحيحة وفي مصنف عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال
ما مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات الا خلف الجنازة وبه نأخذ - وهذا سند صحيح علي شرط الجماعة واخرج
الطحاوي عن إبراهيم قال كانوا يكرهون السير امام الجنازة يعني أصحاب ابن مسعود وأقل أحواله هذا انه يدل على أفضلية
المشي خلفها -
25

قال (باب الصلاة على الجنائز والدفن اي ساعة شاء)
قال فيه (روينا في كتاب الصلاة عن أبي هريرة) إلى آخره - قلت - تقدم هناك انه من رواية مخرمة عن أبيه وتقدم
الكلام هناك عليه ثم ذكر البيهقي في آخر هذا الباب (عن الشافعي انا الثقة انه صلى على عقيل بن أبي طالب) إلى آخره - قلت -
في مصنف عبد الرزاق اخبرني عبد الله بن عبد الله يسار كنت عند ابن عمر بالمدينة في الفتنة فجاء عباس بن سهل رجل من
الأنصار فقال يا أبا عبد الرحمن ان عقيل بن أبي طالب قد وضع بباب المسجد وذلك بعد العصر قال يا بن يسار انظر أغابت
الشمس قلت لا فأبى ان يقوم فرجع إليه فقال انظر أغابت الشمس فقلت لا فأبى ان يصلى فذهبوا فصلوا عليه وهم يريدون ان
يؤمهم ابن عمر وابن الزبير حينئذ بمكة - وذكر الخطابي في المعالم حديث عقبة المذكور في الباب الذي يلي هذا الباب ثم قال
31

ذهب أكثر أهل العلم إلي كراهية الصلاة علي الجنائز في الأوقات التي تكره فيها الصلوات وكان الشافعي يرى الصلاة على الجنائز
اي ساعة شاء من ليل أو نهار وكذلك الدفن قال الخطابي وقول الجماعة أولى لموافقة الحديث -
32

قال (باب من ذهب في زيادة التكبير على أربع
إلى تخصيص أهل الفضل)
ذكر فيه من حديث عبيد الله بن موسى (عن إسماعيل بن أبي خالد عن موسى بن عبد الله بن يزيد ان عليا صلى على أبي قتادة
فكبر عليه سبعا وكان بدريا) - ثم قال البيهقي (هكذا روي وهو غلط لان أبا قتادة بقي بعد علي مدة طويلة) - قلت - ما
ذكره البيهقي أولا ان عليا صلى على إلي قتادة - رجاله ثقات وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة في مصنفه فرواه عن عبد الله بن نمير
ووكيع قالا ثنا إسماعيل بن أبي خالد فذكره وقال في الاستيعاب روي من وجوه عن موسى بن عبد الله بن يزيد
الأنصاري وعن الشعبي انهما قالا صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعا قال الشعبي وكان بدريا وقال قال الحسن بن عثمان مات
أبو قتادة سنة أربعين وقال الكلاباذي قال ابن سعد انا الهيثم بن عدي قال توفي بالكوفة وعلي بها وهو صلى عليه وقد قدمنا في باب
36

كيفية الجلوس في التشهد الأول والثاني ان هذا القول هو الصحيح وان من قال توفي سنة أربع وخمسين فليس بصحيح
وظهر بهذا ان ما ذكره البيهقي أولا ليس بغلط -
37

قال (باب ما جاء في وضع اليمنى على اليسرى في صلاة الجنازة)
ذكر فيه حديثا (عن يزيد بن سنان عن ابن أبي انبسة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة) ثم ذكر (انه
تفرد به يزيد بن سنان) - قلت - ذكره المزي في الأطراف وعزاه إلى الترمذي ثم قال رواه الحسن بن عيسى عن إسماعيل
الوراق عن يحيى بن يعلي عن يونس بن خباب عن الزهري نحوه -
قال (باب القراءة في صلاة الجنازة)
قلت - لم يذكر البيهقي هنا بماذا يقرأ ولا ذكر حكم القراءة وقال في الخلافيات قراءة الفاتحة فرض في صلاة الجنازة ثم ذكر في هذا
الكتاب أعني السنن (عن ابن عباس انه قرأ على جنازة فاتحة الكتاب وقال إنها سنة) ثم قال (ورواه إبراهيم بن أبي حرة عن
إبراهيم بن سعد) وقال في الحديث (فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وذكر السورة فيه محفوظ) - قلت - بل هو محفوظ رواه
النسائي عن الهيثم بن أيوب عن إبراهيم بن سعد بسنده ثم إن الحديث لا يدل على فرضية القراءة ولم يصرح انها سنته عليه السلام
38

فيحتمل ان ذلك رأيه أو رأى غيره من الصحابة وهم مختلفون فتعارضت آراؤهم وحكي الماوردي عن بعض أصحابهم ان في قول
ابن عباس هذا احتمالا هل أراد ان يخبرهم بهذا القول إن القراءة سنة أو نفس الصلاة سنة ومذهب الحنفية ان القراءة في صلاة
الجنازة لا تجب ولا تكره ذكره القدوي في التجريد ثم ذكر البيهقي من حديث جابر (انه عليه السلام قرأ فيها بأم القرآن) قلت
لا يدل ذلك أيضا علي الوجوب وفي سنده رجلان متكلم فيهما إبراهيم الأسلمي وابن عقيل وبالجملة لم يذكر البيهقي في هذا الباب
شيئا يدل على القراءة وقال ابن بطال في شرح البخاري اختلف في قراءة الفاتحة على الجنازة فقرأ بها قوم على ظاهر حديث
ابن عباس وبه قال الشافعي وكان عمر وابنه وعلى وأبو هريرة ينكرونه وبه قال أبو حنيفة ومالك وقال الطحاوي من قرأها من
الصحابة يحتمل أن يكون على وجه الدعاء لا التلاوة ولما لم تقرأ بعد التكبيرة الثانية دل على أنها لا تقرأ فيما قبلها لان كل تكبيرة قائمة
مقام ركعة ولما لم يتشهد في آخرها دل على أنه لا قراءة فيها -
39

قال (باب الدعاء في صلاة الجنازة)
40

ذكر فيه حديثا (عن عقبة بن سيار أبي الجلاس عن علي بن شماخ قال سأل مروان أبا هريرة) الحديث ثم قال (اعضله
أبو بلج يحيى بن أبي سليم) ثم رواه بسنده عن يحيى هذا عن الجلاس قال سأل مروان أبا هريرة) الحديث - قلت - قوله
41

اعضله خلاف اصطلاح أهل الشأن لان الساقط من السند ههنا واحد وهو علي بن شماخ والمعضل عندهم ما سقط من سنده
اثنان فصاعدا فكل معضل منقطع وليس كل منقطع معضلا -
42

قال (باب يرفع يديه في كل تكبيرة)
قلت - استدل في هذا الباب بفعل ابن عمر وانس وجماعة من التابعين وخالف حديثين مرفوعين يدلان على أنه لا يرفع
الا في التكبيرة الأولى - أحدهما - ذكره هو فيما تقدم في باب وضع اليمنى على اليسرى في صلاة الجنازة وهو حديث ابن المسيب
عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة رفع يديه في أول التكبيرة ثم يضع يده اليمنى على يده
اليسرى - والحديث الثاني - أخرجه الدارقطني من حديث طاوس عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع
يديه على الجنازة في أول تكبيرة ثم لا يعود
قال (باب المسبوق لا ينتظر الامام ان يكبر ثانية ولكن يفتتح فإذا
فرغ الامام كبر ما بقي عليه استدلالا بحديث وما فاتكم فاتموا)
قلت - المسبوق لا يشتغل بشئ مما فاته بل يدخل أولا مع الامام ثم يتم ما فاته أو يقضيه عملا بالروايتين وكل تكبيرة ههنا
بمنزلة ركعة لا يؤدى ركعة قبل الدخول فكذا التكبيرة ولو فاتته تكبيرة فكبر ثم قضى ما فاته صارت تكبيراته خمسا ولهذا قال
أبو حنيفة ومحمد بن الحسن ينتظر حتى يكبر الامام فيكبر معه ثم بعد السلام يقضى ما فاته وهو رواية ابن القاسم عن مالك -
44

قال باب الصلاة على القبر
ذكر فيه حديثا (عن ثابت عن انس)
45

وفي آخره (هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة وان الله عز وجل لينورها بصلاتي عليها) ثم ذكر من حديث مسدد (عن حماد
ابن زيد عن ثابت عن أبي هريرة) وفي آخره (هذه القبور مملوءة ظلمة) إلى آخره ثم ذكر هذه الزيادة (عن
ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم) مرسلة ثم قال (والذي يغلب على القلب أن تكون هذه الزيادة في غير رواية أبي رافع
عن أبي هريرة فاما أن تكون عن ثابت مرسلة أو عن ثابت عن انس وقد رواه غير حماد عن ثابت عن أبي رافع فلم يذكرها)
قلت - بل الذي يغلب علي انقلب أن تكون هذه الزيادة من رواية أبي رافع عن أبي هريرة أيضا لأنه رواها عن حماد مسدد
كما أخرجه البيهقي ورواها عنه أيضا أبو الربيع الزهراني وأبو كامل الجحدري - كذا أخرجه مسلم في صحيحه من حديثهما ورواها
غير حماد عن ثابت عن أبي رافع أخرجها أبو عمر في التمهيد بسنده من حديث أبي داود الطيالسي عن أبي عامر الخزاز عن ثابت
47

عن أبي رافع ثم ذكر البيهقي (عن ابن عمر انه صلى على قبر أخيه عاصم) قلت - قد جاء عنه خلاف هذا فذكر عبد الرزق عن
معمر عن أيوب عن نافع ان ابن عمر قدم بعد ما توفي عاصم اخوه فسأل عنه فقال أين قبر أخي فدلوه عليه فاتاه فدعا له قال
عبد الرزاق وبه نأخذ قال وانا عبد الله بن عمر عن نافع قال كان ابن عمر إذا انتهى إلي جنازة قد صلى عليه دعا وانصرف ولم يعد
الصلاة - قال؟؟ عمر في التمهيد هذا هو الصحيح المعروف من مذهب ابن عمر من غير ما وجه عن نافع وقد يحتمل أن يكون
48

معنى رواية من روى أنه صلى عليه انه دعا له لان الصلاة دعاء فلا يكون مخالفا لرواية من روى أنه دعا ولم يصل وكذلك
يحتمل ان عائشة دعت على قبر أخيها وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما لا تعاد الصلاة على الجنازة ولا يصلى على القبر وهو قول
الثوري والأوزاعي والحسن بن حي والليث قال ابن القاسم قلت لمالك فالحديث الذي جاء انه عليه السلام صلى على قبر قال قد جاء
وليس عليه العمل وقال ابن معين قلت ليحيى بن سعيد ترى الصلاة على القبر قال لا ولا أرى على من صلى شيئا وليس الناس على
هذا اليوم وقال القدوري لم يكرروا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء من بعده وإنما صلى عليه السلام على القبر
لأنه كان الولي - قال باب الصلاة على الغائب
49

ذكر فيه عن انس موت معاوية بن معاوية المزني وقبض جبرئيل الأرض للنبي عليه السلام حتى صلى عليه من طريقين في الأولى
العلاء بن زيد الثقفي فذكر عن البخاري (انه منكر الحديث) وفي الثانية محبوب بن هلال المزني فذكر عن البخاري (انه لا يتابع على
هذا الحديث) - قلت - ذكر ابن منده هذا الحديث في معرفة الصحابة في ترجمة معاوية هذا بالاسناد الثاني ثم قال رواه أبو عتاب
الدلال عن يحيى بن أبي محمد عن انس ورواه نوح بن عمرو بن حوى عن بقية عن محمد بن زياد عن أبي أمامة نحوه ثم أخرجه
أعني ابن منده من طريق يونس بن عبيد عن الحسن عن معاوية المذكور ثم قال الصواب مرسل وفي تمهيد ابن عبد البر أكثر
أهل العلم يقولون هذا مخصوص بالنبي عليه السلام ودلائله في هذا المسألة واضحة لا يجوز ان يشرك النبي عليه السلام فيها غيره لأنه
والله أعلم احضر روح النجاشي بين يديه حتى شاهدها وصلى عليها أو رفعت له جنازته كما كشف له عن بيت المقدس حين سألته
50

قريش عن صفته وقد روى أن جبرئيل عليه السلام اتاه بروح جعفر أو جنازته وقال قم فصل عليه ومثل هذا يدل على أنه مخصوص
به ولا يشاركه فيه غيره ثم أسند أعني ابن عبد البر عن أبي المهاجر عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أخاكم
النجاشي قد مات فصلوا عليه فقام صلى الله عليه وسلم وصففنا خلفه فكبر عليه أربعا وما نحسب الجنازة الا بين يديه - قلت - ولو
جازت الصلاة على غائب لصلى عليه السلام على من مات من أصحابه ولصلى المسلمون شرقا وغربا على الخلفاء الأربعة وغيرهم ولم ينقل ذلك -
قال باب الصلاة على الجنازة في المسجد
51

ذكر فيه (ان أبا بكر صلى عليه في المسجد) - قلت - رواه البيهقي من طريقين - الأولى - عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة وفيه إسماعيل الغنوي فذكر البيهقي (انه متروك) - والطريق الثانية - (عن هشام عن أبيه ان أبا بكر صلى عليه في المسجد)
وفيه عبد الله بن الوليد قال ابن معين لا اعرفه لم اكتب عنه شيئا وقال ابن حنبل لا يحتج به وقال ابن عدي روى عن الثوري
غرائب في الجامع وفيه أيضا سفيان بن محمد أظنه الفزاري الذي يروي عن ابن وهب قال فيه ابن عدي يسرق الأحاديث
وفي حديثه موضوعات وقال الرازي لا احدث عنه قال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به وقد روى الصلاة على أبي بكر في المسجد
بسند آخر رجاله ثقات قال ابن أبي شيبة في المصنف ثنا حفص يعني ابن غياث عن هشام عن أبيه قال ما صلى على أبي بكر الا في المسجد
ثم ذكر حديث (من صلى على جنازة في المسجد فلا شئ له) وفي سنده صالح مولى التوأمة فقال (مختلف في عدالته كان
مالك يخرجه) - قلت - ذكر صاحب الكمال عن ابن معين أنه قال صالح ثقة حجة قيل إن مالكا ترك السماع منه قال إنما
ادركه مالك بعد ما كبر وخرف والثوري إنما ادركه بعد ما خرف فسمع منه أحاديث منكرات ولكن ابن أبي ذئب سمع منه
قبل ان يخرف ومن سمع منه قبل ان يختلط فهو ثبت وقال العجلي صالح ثقة وقال ابن عدي لا بأس به إذا سمعوا منه قديما
مثل ابن أبي ذئب وابن جريح وزياد بن سعد وغيره ولا اعرف له قبل الاختلاط حديثا منكرا إذا روى عنه ثقة وقال ابن
حنبل ما اعلم بأسا بمن سمع منه قديما فثبت بهذا انه إنما تكلم فيه لاختلاطه وانه لا اختلاف في عدالته كما ادعى البيهقي وان مالكا
لم يخرجه وإنما ترك السماع منه لأنه ادركه بعد ما اختلط وان الحديث حجة لأنه رواه عنه من سمع منه قبل اختلاطه وهو بن أبي
ذئب والاخذ بهذا الحديث أولى من الاخذ بحديث عائشة لان الناس عابوا ذلك عليها وأنكروه وجعله بعضهم بدعة فلولا
اشتهار ذلك عندهم لما فعلوه ولا يكون ذلك الا لأصل عندهم لأنه يستحيل عليهم ان يروا رأيهم حجة على حديث عائشة
ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى في المسجد على غير بن البيضاء ولما نعى النجاشي إلى الناس خرج بهم إلى المصلى فصلى
عليه ولم يصل عليه في المسجد مع غيبته فالميت الحاضر أولى ان لا يصلى عليه في المسجد -
52

قال (باب من قال يسل الميت)
ذكر فيه (عن عمران بن موسى انه صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه) - قلت - فيه أمران - أحدهما - انه معضل من
جهة عمران هذا - الثاني - ان الشافعي رواه عن مسلم الزنجي وغيره ومسلم ضعفه النسائي وقال أبو زرعة والبخاري منكر
الحديث وقال ابن المديني ليس بشئ والزبير الذي قرنه الشافعي بالرنجي مجهول ثم ذكر البيهقي (عن الشافعي انا الثقة عن عمر
ابن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس سل عليه السلام) الحديث - قلت - مشهور عند أهل هذا الشأن ان قولهم انا
الثقة ليس بتوثيق وعمر بن عطاء ضعفه يحيى والنسائي وقال مرة ليس بشئ ثم ذكر البيهقي (عن أبي الزناد وربيعة وأبي
النضر لا اختلاف بينهم انه عليه السلام سل) الحديث - قلت - فيه أيضا أمران - أحدهما - انه مرسل - والثاني - ان
في سنده مجهولا ثم ذكر حديث ابن عباس (انه عليه السلام دخل قبرا ليلا) وفيه الاخذ من قبل القبلة ثم (قال اسناد
54

ضعيف) - قلت - أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وفي المحلي لابن حزم صح عن علي انه ادخل يزيد بن المكفف من
قبل القبلة وعن ابن الحنفية انه ادخل ابن عباس من قبل القبلة واخرج عبد الرزاق في مصنفه ادخال علي بن المكفف من
جهة القبلة بسند صحيح ثم قال وبه نأخذ -
قال باب ما يقال إذا ادخل قبره
ذكر فيه حديثا في سنده إدريس بن صبيح الأودي عن ابن المسيب ثم قال (هكذا قال وإنما هو إدريس بن يزيد
الأودي) - قلت - الذي في هذا الحديث هو ابن صبيح كما في الكتاب كذا ذكره جماعة من المصنفين وذكر ابن حبان
55

ابن صبيح هذا وانه الراوي عن ابن المسيب وذكر معه ابن يزيد وذكرهما أيضا الذهبي المتأخر وغيرهما وعقدوا لهما
ترجمتين -
56

قال (باب ما يستحب من تعزية أهل الميت)
ذكر فيه حديث ابن مسعود (من عزى مصابا) إلى آخره ثم قال (تفرد به علي بن عاصم وهو أحد ما أنكر عليه وقد روى أيضا
عن غيره) - قلت - آخر هذا الكلام يناقض أوله إذا روى عن غيره أيضا فلم ينفرد به وفي الكمال لعبد الغني قيل لوكيع غلط
علي بن عاصم في حديث ابن مسعود فقال وكيع انا إسرائيل عن محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن ابن مسعود عن النبي
صلى الله عليه وسلم من عزى مصابا فله مثل اجره - وذكر المزي في أطرافه ان الثوري رواه عن ابن سوقة مثله فهذان اثنان تابعا
ابن عاصم فروياه عن ابن سوقة كذلك -
59

قال (باب ما يستحب لولي الميت من الابتداء بقضاء دينه)
- قلت - في كون هذا مستحبا نظر -
61

قال (باب الرخصة في البكاء بلا ندب ونياحة)
ذكر فيه من حديث أبي معاوية (عن عاصم هو الأحول عن أبي عثمان النهدي عن أسامة النبي صلى الله عليه وسلم بابنة ابنته
68

ونفسها تقعقع) إلى آخره ثم قال (رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية) - قلت - لم يروه مسلم عن ابن أبي شيبة
بهذا اللفظ بل اخرج من حديث حماد بن زيد عن عاصم عن أبي عثمان عن أسامة كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلت
إليه احدى بناته تخبره ان صبيا لها أو ابنا لها في الموت - الحديث - ثم قال وثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأحول بهذا الاسناد غير أن حديث حماد أتم
69

قال (باب الثناء على الميت)
ذكر في آخره حديث أبي الأسود (عن عمر ما من مسلم شهد له أربعة بخير الحديث) وقال في آخره (أخرجه البخاري في الصحيح
74

فقال وقال عفان فذكره) - قلت - قد ذكره البخاري في كتاب الشهادات من صحيحه متصلا محتجا به على شرطه فقال ثنا
موسى بن إسماعيل ثنا داود بن أبي الفرات فذكره وحيث نسبه البيهقي إلى البخاري كان الواجب عليه ان ينسبه إلى موضع احتج
به البخاري فيه وكان على شرطه ولا ينسبه إلى موضع علقه فيه فقال (وقال عفان)
75

قال (باب تفسير الكنز)
ذكر فيه رواية عبيد الله (عن نافع عن ابن عمر قال كل مال أديت زكاته) إلى آخره ثم قال (رواه سويد بن عبد العزير وليس
82

بالقوي عن عبيد الله بن عمر مرفوعا) - قلت - لما لم يتعلق هذا الموضع بالأحكام المختلف فيها الان القول في سويد فقال
(ليس بالقوي) ولم يذكر هذا اللفظ أحد من أئمة الجرح والتعديل فيما علمت بل اغلظوا فيه القول وكذا فعل البيهقي حيث أعاد
ذكره في موضع يتعلق بالأحكام المختلف فيها فقال في باب المعتكف يصوم (سويد بن عبد العزيز ضعيف بمرة)
83

قال (باب فرض الصدقة)
ذكر فيه كتاب أبي بكر رضي الله عنه في الصدقات من طريقين في الثاني حماد بن سلمة وذكر عن الدارقطني (أنه قال فيهما
اسناد صحيح وكلهم ثقات) - قلت - ذكر البيهقي في باب من صلى وفي ثوبه أو نعله اذى ما يناقض هذا فقال (حماد بن سلمة عن
أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة كل منهم مختلف في عدالته) ثم ذكر حديثا (عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم
عن أبيه - ثم قال (قال الترمذي سألت البخاري عن هذا الحديث فقال أرجو أن يكون صحيحا وسفيان بن حسين صدوق)
قلت - حكى البيهقي في باب الدابة تنفح برجلها (عن ابن معين أنه قال سفيان بن حسين ضعيف الحديث في الزهري)
وقال ابن حبان يروي عن الزهري المقلوبات وفي الميزان قال أبو يعلي قيل لابن معين حديث سفيان بن حسين عن
85

الزهري عن سالم عن أبيه في الصدقات فقال لم يتابع عليه أحد ليس يصح وقال ابن عدي رواه جماعة عن الزهري موقوفا
ثم ذكر البيهقي (ان سليمان بن كثير وافق سفيان بن حسين على هذه الرواية) - قلت سليمان هذا ضعفه ابن معين كذا
ذكر ابن الجوزي وفي الكاشف للذهبي قال النسائي ليس به بأس الا في الزهري ثم ذكر البيهقي حديث سليمان بن داود
(عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) إلى آخره ثم قال (اثنى على سليمان الخولاني هذا أبو زرعة وأبو حاتم
وعثمان الدارمي وجماعة من الحفاظ ورأوا أهذا الحديث موصول الاسناد حسنا) - قلت - في الكمال للحافظ عبد الغني قال
الدارقطني قد روى عنه يعني سليمان حديث عن الزهري عن أبي بكر بن حزم الحديث الطويل لا يثبت عنه وقال ابن المديني
86

منكر الحديث وضعفه وقال ابن خزيمة لا يحتج بحديثه إذا انفرد وروى النسائي هذا الحديث من حديث يحيى بن حمزة عن
سليمان بن داود عن الزهري ثم رواه من حديث يحيى عن سليمان بن أرقم عن الزهري ثم قال وهذا أشبه بالصواب
وسليمان بن أرقم متروك الحديث وذكر المزي في أطرافه هذا الحديث ثم قال رواه أبو داود في المراسيل عن هارون بن محمد
عن أبيه وعمه كلاهما عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم عن الزهري ثم قال وعن ابن هبيرة قرأت في أصل يحيى بن حمزة
حدثني سليمان بن أرقم باسناده نحوه وعن الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزهري نحوه وقال
أبو داود وهذا وهم من الحكم يعني قوله ابن داود وفي الميزان للذهبي قال أبو زرعة الدمشقي الصواب سليمان بن أرقم وقال
87

أبو الحسن الهروي الحديث في أصل يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم غلط عليه الحكم وقال ابن منده رأيت في كتاب يحيى
ابن حمزة بخطه عن سليمان بن أرقم عن الزهري وهو الصواب وقال صالح جزرة ثنا دحيم قال نظرت في أصل كتاب يحيى
حديث عمرو بن حزم في الصدقات فإذا هو عن سليمان بن أرقم قال صالح فكتب هذا الكلام عني مسلم بن الحجاج قال
الذهبي ترجح ان الحكم وهم ولا بد فالحديث إذا ضعيف الاسناد وقال ابن معين سليمان الخولاني لا يعرف والحديث لا يصح
وقال مرة ليس بشئ ومرة شامي ضعيف وقال ابن حنبل ليس بشئ وفي التمهيد لابن عبد البر قال أحمد بن زهير سمعت
ابن معين يقول سليمان بن داود الذي يروي عن الزهري حديث الصدقات والديات مجهول لا يعرف وقال الطحاوي
88

سمعت ابن أبي داود يقول سليمان بن داود وسليمان بن أبي داود الحزاني ضعيفان جميعا قال البيهقي (وروينا الحديث من حديث
ثمامة بن عبد الله بن انس عن انس من أوجه صحيحة) - قلت - ذكر الدارقطني في كتاب التتبع على الصحيحين ان ثمامة
لم يسمعه من انس ولا سمعه عبد الله بن المثنى من ثمامة وفي الأطراف للمقدسي قيل لابن معين حديث ثمامة عن انس في
الصدقات قال لا يصح وليس بشئ ولا يصح في هذا حديث في الصدقات - قلت - ثم عبد الله بن المثني متكلم فيه قال الساجي
ضعيف منكر الحديث وقال أبو داود لا اخرج حديثه وفي الضعفاء لابن الجوزي قال أبو سلمة كان ضعيفا في الحديث فهذا ما على الوجه
الأول من الوجوه التي روى البيهقي الحديث منها واما الوجه الثاني ففيه مع ما تقدم حماد بن سلمة وقد مضى الكلام عليه
89

واما الوجه الثالث فليس فيه الا ان أيوب وجد الكتاب عند ثمامة من غير أن يرويه أيوب عن ثمامة ولا ثمامة عن أحد فكيف
يقول البيهقي (رويناه من حديث ثمامة عن انس من أوجه صحيحة) قال (ورويناه عن سالم ونافع موصولا ومرسلا ومن
حديث عمرو بن حزم موصولا) - قلت - الرواية الموصولة من حديث سالم فيها سفيان بن حسين وحديث عمرو بن حزم
فيه سليمان بن داود وقد تكلمنا عليهما وقد تقدم عن ابن معين ان حديث ابن حزم لا يصح وتقدم أيضا عنه انه لم يصح في
هذا الباب حديث -
قال (باب بيان قوله في كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة)
ذكر فيه (عن ابن شهاب قال هذه نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها سالم) - قلت - هذه الرواية مقطوعة
90

غير متصلة ثم مقتضي قوله عليه السلام فإذا كانت احدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون - ان الثلاثة تجب في مجموع
المائة واحدى وعشرين فان قالوا بظاهر هذا الحديث فقد أوجبوا بنت لبون في كل أربعين وثلث وهو مخالف لقوله عليه السلام
في كل أربعين بنت لبون لأنه عليه السلام أوجب في الأربعين وهم لم يوجبوا فيها حتى تزيد ثلثا وان أوجبوا الثلاثة في مائة
وعشرين وجعلوا الواحدة عفوا فقد خالفوا قوله عليه السلام في هذا الباب فإذا كانت احدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون -
91

وأيضا إذا جعلوا الواحدة عفوا فالعفو في باب الزكاة لا يغير الواجب المتقدم ولهذا قال ابن إسحاق وابن حنبل وعبد الملك بن
الماجشون والمغيرة المخزومي وأبو عبيد إذا زادت على عشرين ومائة ففيها حقتان لا غير إلى ثلاثين ومائة ففيها حقة وبنتا
لبون بالاجماع -
قال (باب رواية عاصم بن ضمرة عن علي بخلاف ما مضى يعني
الاستئناف فيما زاد على مائة وعشرين)
ثم ذكر الرواية المذكورة -
92

ثم قال (قال الشافعي في كتاب القديم روى هذا مجهول عن علي وأكثر الرواة عن ذلك المجهول يزعم أن الذي روى
هذا عنه غلط عليه وان هذا ليس في حديثه) - قلت - الذي رواه عن علي عاصم ين ضمرة وهو ليس بمجهول بل
معروف روى عنه الحكم وأبو اسحق السبيعي وغيرهما ووثقه ابن المديني والعجلي واخرج له أصحاب السنن الأربعة
وان أراد الشافعي بقوله يزعم أن الذي روى هذا عنه غلط عليه أبا إسحاق السبيعي فلم يقل أحد غيره انه غلط وقد ذكر البيهقي
وغيره عن يعقوب الفارسي وغيره من الأئمة (انهم أحاطوا بالغلط على عاصم)
93

ثم ذكر البيهقي (عن حماد قلت لقيس بن سعد خذلي كتاب محمد بن عمرو بن حزم فأعطاني كتابا أخبر انه اخذه من أبي بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم) إلى آخره ثم قال (هو منقطع وقيس اخذه عن كتاب لاسماع وكذلك حماد بن سلمة اخذه عن
كتاب لاسماع وقيس وحماد وإن كانا من الثقات فروايتهما هذه بخلاف رواية الحفاظ عن كتاب عمرو وحماد ساء حفظه
في آخره عمره فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه ويتجنبون ما ينفرد به عن قيس بن سعد وأمثاله) - قلت - ذكر حماد بن سلمة
فيما مضى في باب من صلى وفي ثوبه أو نعله اذى بأسوأ من هذا ولم أر أحدا من أئمة هذا الشأن ذكره بشئ من ذلك وقد ذكرت
بعض ما أثنوا عليه هناك والاخذ من الكتاب حجة وصرح البيهقي في كتاب المدخل ان الحجة تقوم بالكتاب وإن كان السماع
أولى منه بالقبول ثم إن حديث ثمامة الذي مضى تقدم انه منقطع أيضا وان حماد بن سلمة اخذه أيضا من كتاب ومع ذلك نقل
البيهقي فيما تقدم عن الشافعي (انه اثنى عليه) ونقل عن الدارقطني (انه صحيح الاسناد) ثم ذكر (عن القطان أنه قال حماد عن
زياد الأعلم وقيس بن سعد ليس بذاك) - قلت - في سنده صالح بن أحمد قيل عنه دجال وزياد بن حسان الأعلم وثقة جماعة
94

وقال ابن حنبل ثقة ثقة وروى له البخاري وقيس بن سعد وثقه كثيرون واخرج له مسلم -
95

قال (باب لا يأخذ الساعي فوق ما يجب)
ذكر فيه حديثا من سنن أبي داود وفيه (فاعمد إلى شاة ممتلئة محضا وشحما) فقال (كذا قال وكيع محضا والصواب مخلضا) - قلت -
المشهور في كتب الحديث واللغة المحض وهو اللبن الخالص وكذا وقع في سنن أبي داود وكذا فسره الخطابي في المعالم -
96

قال (باب كيف فرض صدقة البقر)
98

ذكر فيه (عن المسعودي أنه قال الأوقاس بالسين ولا تجعلها بصاد) - قلت - المشهور عند أهل اللغة والحديث انها بالصاد -
99

قال (باب السن التي تؤخذ في الغنم)
ذكر فيه حديث (سعر عن رسوليه صلى الله عليه وسلم انهما قالا في الشاة التي أعطاها هذه شافع فقلت اي شئ تأخذان قالا عناقا جذعة
أو ثنية) ثم ذكر قول عمر رضي الله عنه لعامله (خذ العناق الجذعة والثنية) إلى آخره - قلت - مقتضى هذا وما قبله جواز الجذعة
من المعز أيضا وليس هذا مذهب الشافعية بل الجذع تجزي من الضان فقط فثبت ان الأثر وما قبله غير موافقين لمذهبه -
100

قال (باب لا تؤخذ كرائم الأموال)
ذكر فيه (عن سويد بن غفلة انه رأى في عهده صلى الله عليه وسلم ان لا يأخذ من راضع لبن) - قلت - قد استدل به ابن عبد البر
101

وغيره لمن يقول بعدم وجوب الزكاة في الصغار وهو الظاهر المتبادر إلى الذهن من هذا اللفظ فالحديث إذا غير
مطابق للباب -
قال باب يعد عليهم بالسخال التي نتجت مواشيهم
ذكر فيه قول عمر (اعتد على قومك بالبهم وان جاء بها الراعي يحملها) - قلت - ليس فيه تقييد بان مواشيهم نتجتها فهو غير مطابق
102

للباب وأيضا مذهب الشافعية انه لا يعد بما نتجت المواشي الا إذا كانت الأمهات دون الأولاد عددا تجب فيه الزكاة وليس
هذا القيد في كلام عمر وحكى الطحاوي في أحكام القرآن عن الشافعي انه لا يعتد بالصغار مع الكبار حتى تكون الكبار
أربعين فصاعدا قال الطحاوي ما علمنا أحدا تقدمه فيه ولا نعلم عمن اخذ هذا التفصيل وقد دفعه خبر عمر حيث أطلق في المواشي
ولم يقدر أربعين ولا غيرها -
قال (باب لا يعتد عليهم بما استفادوه من
غير نتاجها حتى يحول عليه الحول)
(قد مضى حديث عاصم بن ضمرة والحارث عن علي مرفوعا ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول) ثم ذكره من حديث
عائشة وفيه حارثة بن أبي الرجال - قلت - قد ذكر البيهقي في باب فرض التشهد (ان عاصما غير محتج به) وقال في باب صلاة
الزوال (كان ابن المبارك يضعفه) وقال في باب منع التطهر بالنبيذ (الحارث الأعور ضعيف) وقال في باب أصل القسامة
(قال الشعبي كان كذابا) وقال في باب الاستفتاح بسبحانك اللهم (حارثة بن أبي الرجال ضعيف) ثم إن هذا الحديث مرفوعا
103

وموقوفا يندرج في عمومه السخال التي نتجتها مواشيهم والبيهقي وأصحابه خالفوا هذا العموم وقالوا لا يحتاج السخال المذكور إلى
حول وقال ابن حزم لا برهان على صحة هذا التقسيم -
104

قال البيهقي (باب ما ورد فيمن كتمه) يعني مال الزكاة
ذكر فيه حديث بهز بن حكيم (عن أبيه عن جده من أعطاها فله اجرها ومن كتمها فانا آخذوها وشطر إبله) الحديث ثم قال
(أخرجه أبو داود ولم يخرجه البخاري ومسلم على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له الا راو واحد لم يخرجا حديثه في
الصحيحين ومعاوية بن حيدة لم يثبت عندهما رواية ثقة عنه غير ابنه قلت - ليس ذلك عادتهما فقد أخرجا حديث المسيب
ابن حزن في وفاة أبي طالب ولا راوي له غير ابنه سعيد وأخرج البخاري حديث مرداس (يذهب الصالحون) ولا راوي له غير
قيس بن أبي حازم واخرج حديث عمرو بن تغلب (؟ اني لأعطي الرجل) ولا راوي له غير الحسن واخرج مسلم حديث رافع
الغفاري ولا راوي له غير عبد الله بن الصامت وحديث أبي رفاعة ولا راوي له غير حميد بن هلال وحديث الأغر المزني ولا راوي
له غير أبي بردة وفي أشياء كثيرة عندهما من هذا النحو -
قال (باب صدقة الخلطاء)
قلت - في الاشراف لابن المنذر لو كان بينهما ماشية بحيث لو انفرد كل منهما لم تجب عليه زكاة قال مالك والثوري وأبو؟ ثور
105

وأهل العراق لا زكاة عليهما وقال الشافعي عليهما الزكاة قال ابن المنذر الأول أصح وفي قواعد ابن رشد قال مالك وأبو حنيفة
لا زكاة حتى يكون لكل واحد نصاب وقال الشافعي المال المشترك كمال رجل واحد وليس فيما دون خمس أواق صدقة
يحتمل الامرين الا ان مفهوم اشتراط النصاب لما كان هو الرفق كان الأول أظهر انتهى كلامه ويدل عليه حديث انس الذي
تقدم للبيهقي في أول الزكاة فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة وقوله عليه السلام لا يجمع
بين متفرق معناه في الملك فالجمع بين غنمهما مخالف لهذا الحديث ولان الحلطة لا تؤثر في ايجاب الحج فكذا الزكاة لأنها لا تفيده
غنى كما لا تفيده استطاعة -
قال (باب من تجب عليه الصدقة)
106

ذكر فيه (عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب ان عمر قال ابتغوا بأموال اليتامى) إلى آخره ثم قال (اسناد صحيح)
- قلت - كيف يكون صحيحا ومن شرط الصحة الاتصال وسعيد ولد لثلاث سنين مضين من خلافة عمر ذكره مالك وانكر
سماعة منه وقال ابن معين رآه وكان صغيرا ولم يثبت له سماع منه واسند البيهقي في كتاب المدخل عن مالك انه سئل هل أدرك
ان المسيب عمر قال لا ولكنه ولد في زمانه فلما كبر أكب على المسألة عن شانه حتى كأنه رآه ولهذا لم يخرج الشيخان لابن المسيب
عن عمر شيئا ثم إن هذا الأثر اختلف فيه فرواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عمرو بن شعيب عن عمر ولم يذكر ابن المسيب
107

وخالفه حماد بن زيد فرواه عن عمرو بن دينار ولم يذكر عمرو بن شعيب ولا ابن المسيب كذا ذكر الدارقطني في علله ثم إن ابن
المسيب خالف هذا الأثر قال ابن المنذر في الاشراف لا يزكي الصبي حتى يصلي ويصوم وهو قول النخعي وأبي وائل والحسن
وسعيد بن جبير وهذا لان الزكاة عبادة فلا تجب على الصبي لارتفاع القلم عنه كالحج والصلاة -
108

قال (باب تعجيل الصدقة)
(اعتمد الشافعي فيه على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير) - قلت - الواو لمطلق الجمع
110

ولا تدل على الترتيب على ما سيأتي تقريره في كتاب الايمان إن شاء الله تعالى -
قال (باب لا يودي فيما وجب الا ما وجب عليه)
استدلالا بالتنصيص على الواجب في كل جنس ونقله في بعضه إلى بدل معين وتقديره الجبران في بعضه بمقدر مع اختلاف
القيم باختلاف الزمان وافتراق المكان - قلت - كان الحيوان أسهل عليهم لأنه كان غالب أموالهم فلذلك عينها ثم نقلهم إلى بدل
يقرب من الواجب غالبا وجعل زيادة السن بمقابلة فضل الأنوثة وذلك لا ينقص عن قيمة الواجب غالبا والجبران في الصدقات
محمول على ما إذا كانت القيمة كذلك لأنه عليه السلام لا يجحف بأرباب الأموال ولا يضر بالمساكين ومعلوم بالضرورة ان المصدق
إذا اخذ مكان حقة جذعة قيمتها عشرون درهما ودفع عشرين درهما فقد أضر بالفقراء وإذا اخذ مكان حقة قيمتها عشرون
درهما بنت لبون وعشرين فقد أجحف برب المال ثم ذكر البيهقي حديث عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل بعثه عليه السلام
إلى اليمن فقال خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الإبل) - قلت - هو مرسل لان عطاء ولد سنة تسع عشرة فلم
يدرك معاذا لأنه توفى سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس والعجب من البيهقي يسكت عن هذا ثم يعلل حديث طاوس
في الباب الذي يلي هذا الباب بالارسال ثم لو صح حديث عطاء فظاهره متروك لان الشاة تؤخذ في الإبل وأيضا لو أعطي بعيرا
عن خمس الإبل إلى عشرين جاز عند الشافعية مع أن المنصوص عليه الشياه - فان قيل - إنما جوزنا ذلك لأنه عليه السلام
قال والبعير من الإبل - قلنا - فوجب ان يجوز عن خمس من الإبل بعير لا يساوي شاة فلما لم يجز علمنا أنه بالقيمة -
112

قال (باب من أجاز اخذ القيم)
ذكر فيه اثر معاذ ثم قال (قال الإسماعيلي قال فيه بعضهم من الجزية بدل الصدقة قال الشيخ هذا هو الأليق بمعاذ والأشبه بما امره
النبي عليه السلام به من اخذ الجنس في الصدقات واخذ الدينار أو عدله معافر ثياب باليمن في الجزية وان يرد الصدقات على
فقرائهم لا ان ينقلها إلي المهاجرين بالمدينة الذين أكثرهم أهل فئ لا أهل صدقة) - قلت - السند الذي فيه من الجزية
لينظر فيه وكيف يكون ذلك جزية وقد قال معاذ مكان الذرة والشعير ولا مدخل لهما في الجزية وإنما امره عليه السلام بأخذ
الجنس لأنه هو الذي يطالب به المصدق والقيمة إنما تؤخذ باختيارهم وعلى هذا الحمل قوله عليه السلام خذ الحب من الحب الحديث
والمقصود من الزكاة سد خلة المحتاج والقيمة في ذلك تقوم مقام تلك الأجناس فوجب ان تجوز عنها وهذا كما عين عليه السلام
الأحجار للاستنجاء ثم اتفق الجميع على جوازه بالخرق والخشب ونحوهما لحصول الانقاء بها كما يحصل بالأحجار وإنما عين عليه السلام
تلك الأجناس في الزكاة تسهيلا على أرباب الأموال كما مر لان كل ذي مال إنما يسهل عليه الاخراج من نوع المال الذي عنده
كما جاء في بعض الآثار انه عليه السلام جعل في الدية على أهل الحلل حللا - ويجوز ان يريد معاذ نقل ما زاد عن فقرائهم
ومتى لم يوجد أهل السهمان في بلد نقلت الصدقة والمراد من المهاجرين الفقراء منهم كما تقو؟ ل الزكاة حق المسلمين والمراد
فقراءهم ثم ذكر البيهقي (عن مجالد عن قيس بن أبي حازم عن الصنابحي انه عليه السلام أبصر ناقة مسنة) الحديث ثم ذكر
(عن البخاري أنه قال رواه إسماعيل بن أبي خالد عن قيس مرسلا وضعف مجالدا) - قلت - مجالد روى له مسلم ووثقه ابن معين
وقال البيهقي في باب السواك للصائم (غير أثبت منه) وهذا يقتضي توثيقه وزيادة الثقة لا تعلل بنقص من أرسله وقد اخرج
أبو داود من حديث أبي بن كعب قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم مصدقا الحديث وفيه ان رجلا عرض عليه ناقة عظيمة
وانه عليه السلام قال له ان تطوعت بخير اجرك الله وقبلناه منك فامر عليه السلام بقبضها والبيهقي ذكر هذا الحديث فيما مضى
113

في باب لا يأخذ الساعي فوق ما يجب الا ان يتطوع فأخبره عليه السلام ان بعض الناقة تطوع وبعضها فرض مكان بنت مخاض
وليس في فروض الصدقات بعض ناقة فثبت انه عليه السلام اخذها على وجه البدل -
114

قال (باب ما يسقط الصدقة من الماشية)
115

ذكر فيه حديث (ليس في العوامل صدقة) - قلت - في هذه العبارة نظر إذ الاسقاط يقتضي مسابقة الوجوب ولا وجوب
في العوامل أصلا -
116

قال (باب من رأى في الخيل صدقة)
ذكر فيه عن ابن جريح اخبرني عمرد - قلت - كذا في هذه النسخة مضبوطا ولعله غلط من الكاتب ففي الاستذكار ذكر
119

عبد الرزاق عن ابن جريح اخبرني عمرو بن دينار فذكر القضية وروى عبد الرزاق عن ابن جريح اخبرني ابن أبي حسين ان
ابن شهاب اخبرني ان عثمان كان يصدق الخيل وان السائب بن يزيد اخبره انه كان يأتي عمر بصدقة الخيل - قال أبو عمر قد روى
جويرية عن مالك فيه حديثا صحيحا - ذكر الدارقطني عن أبي بكر الشافعي عن معاذ بن المثنى عن عبد الله بن محمد بن أسماء عن جويرية
عن مالك عن الزهري ان السائب بن يزيد اخبره قال لقد رأيت أبي يقيم الخيل ثم يدفع صدقتها إلى عمر - وذكر إسماعيل بن
إسحاق القاضي ثنا ابن أخي جويرية ثنا جويرية عن مالك عن الزهري ان السائب بن يزيد اخبره قال رأيت أبي يقيم الخيل ثم
يدفع صدقتها إلى عمر - ثم ذكر البيهقي حديث ابن أسلم (عن أبي صالح عن أبي هريرة عنه عليه السلام) الحديث وفيه (ثم
لم ينس حق الله في ظهورها ثم قال البيهقي (رواه مسلم) قلت - رواه البخاري في عدة مواضع - قال البيهقي (ورواه سهيل
ابن أبي صالح عن أبيه فقال ولم ينس حق الله في ظهورها وبطونها وذلك لا يدل على الزكاة) - قلت - يدل عليها ظاهر قوله
ولم ينس حق الله في رقابها مع قرينة قوله في الصحيح في الأول الحديث ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته وما من صاحب
إبل لا يؤدي زكاتها وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها - وأيضا فغير الزكاة من الحقوق لا يختلف فيها حكم الحمير والخيل واخرج
ابن أبي شيبة في مسنده بسند جيد عن عمر عنه عليه السلام حديثا طويلا وفيه فلا اعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة
لها ثغاء ينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغت ولا اعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا له حمحمة ينادي
يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا الحديث وروى أنه ذكر بعير اله رغاء فدل على وجوب الزكاة في هذه الأنواع وليس
الذم لكونه غل الفرس أو لم يجاهد عليه لان الغلول لا يختص بهذه الأنواع وترك الجهاد بنفسه يذم عليه أكثر مما يذم على
تركه بفرسه -
120

قال (باب كيف تؤخذ زكاة النخل والعنب)
ذكر فيه حديث ابن المسيب عن عتاب - قلت - ذكره أبو داود ثم قال سعيد لم يسمع من عتاب -
121

قال (باب خرص التمر)
ذكر في آخره حديث عائشة من طريق أبي داود - قلت - الذي في سنن أبي داود إلى قوله قبل ان يؤكل منه ولم يزد على ذلك
ما زاده البيهقي ونسبه إليه وهذه الزيادة في رواية عبد الرزاق عن ابن جريح عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قال وذكرت
122

شأن خيبر فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى اليهود فيخرص النخل حين يطيب أول الثمر قبل ان يؤكل
منه ثم يخبر يهود ان يأخذوها بذلك الخرص أو يدفعوها إليهم وإنما كان امر النبي صلى الله عليه وسلم بالخرص لكي تحصى
الزكاة قبل ان تؤكل وتفرق - وقال صاحب الاستذكار قوله وإنما كان امر النبي صلى الله عليه السلام إلى آخره يقال إنه
من قول ابن شهاب وقيل من قول عروة وقيل من قول عائشة -
قال البيهقي (باب من قال يترك لرب الحائط
قدر ما يأكل هو وأهله)
ذكر فيه اثرا عن عمر رضي الله عنه ثم قال (وقد روى في هذا حديث مسند باسناد غير قوي) ثم ذكر من حديث مسلم بن خالد
123

والقاسم بن عبد الله (عن حرام بن عثمان عن أبي عتيق عن جابر انه عليه السلام قال احتاطوا لأهل الأموال في الواطئة
والعاملة والنوائب) الحديث - قلت - تساهل في قوله (باسناد غير قوي) فان مسلم بن خالد ضعفه البيهقي في باب من زعم أن
التراويح بالجماعة أفضل وقال أبو زرعة والبخاري منكر الحديث وقال ابن المديني ليس بشئ وحكى البيهقي (عن الدارقطني
ان القاسم بن عبد الله العمري كان ضعيفا كثير الخطأ) وفي كتاب ابن الجوزي قال احمد ليس هو عندي بشئ كان يكذب
ويضع الحديث ترك الناس حديثه وقال يحيى ليس بشئ وقال مرة كذاب خبيث وقال الرازي والنسائي والأزدي متروك
الحديث وقال أبو زرعة لا يساوي شيئا متروك الحديث وفي كتاب الذهبي حرام بن عثمان متروك باتفاق مبتدع وقال البيهقي في
باب الاستظهار (ضعيف ضعيف لا تقوم بمثله الحجة) وقال الشافعي وغيره الرواية عن حرام حرام وساق صاحب الميزان هذا
الحديث من أحاديثه المنكرة -
124

قال (باب لا تؤخذ صدقة صدقة شئ من
الشجر غير النخل والعنب)
- قلت - في المحلي لابن حزم العجب من الشافعي انه قاس على البر والشعير كل ما يعمل منه خبز أو عصيدة ولم يقس على التمر
والزبيب كل ما يتقوت به من الثمار فان البلوط والتين والقسطل وجوز الهند أقوى واشهر في التقوت من الزبيب -
125

قال (باب ما ورد في العسل)
ذكر فيه حديث عمرو بن شعيب (عن أبيه عن جده ان هلالا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له) الحديث
126

قلت - حسنه ابن عبد البر في الاستذكار وذكر عن إسماعيل بن إسحاق حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء ابن أخي جويرية ثنا جويرية
عن مالك عن الزهري ان صدقة العسل العشر وممن أوجب الزكاة في العسل الأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه وربيعة وابن
شهاب ويحيى بن سعيد وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال بلغني ان في العسل العشر قال ابن وهب وأخبرني
127

عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد وربيعة بذلك وسمع يحيى من أدرك يقول مضت السنة بان في العسل العشر وهو قول
ابن وهب -
قال (باب الصدقة فيما يزرعه الآدميون)
ذكر فيه حديثا عن موسى بن طلحة عن معاذ - قلت - ذكر صاحب الاستذكار انه لم يلق معاذا ولا ادركه -
128

قال (باب لن يهلك على الله هالك)
ذكر فيه حديث (اسق حديقة فلان) - قلت - في المناسبة هذا الباب لهذا الوضع تعسف كثير -
133

قال (باب وجوب ربع العشر في نصابها)
(وفيما زاد عليه وان قلت الزيادة)
134

ذكر فيه حديثا في سنده عاصم بن ضمرة والحارث الأعور (عن علي قال زهيرا حسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
كل أربعين درهما درهم وليس عليكم شئ حتى يتم مائتا درهم ففيها خمسة دراهم فما زاد فعلى حساب ذلك) - قلت - عاصم
والحارث متكلم فيهما ولم يقطع زهير برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو صح رفعه فللخصم ان يعيد قوله فبحساب ذلك إلى
قوله من كل أربعين درهما درهم توفيقا بين الأدلة كما سيأتي في الباب الذي يلي هذا الباب إن شاء الله تعالى -
قال (باب ذكر الخبر الذي روى في وقص الورق)
ذكر فيه حديثا عن معاذ ثم ضعفه - قلت - اقتصر في هذا الباب على هذا الحديث الضعيف لكون الباب معقودا لبيان
مذهب خصمه وفي الباب حديثان - أحدهما - ذكره البيهقي في باب فرض الصدقة وهو كتابه عليه السلام الذي بعثه إلى
اليمن مع عمرو بن حزم وفيه (وفي كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم وما زاد ففي كل أربعين درهما درهم) ثم قال البيهقي
(مجود الاسناد) ورواه جماعة من الحفاظ موصولا حسنا وروى البيهقي (عن أحمد بن حنبل أنه قال أرجو أن يكون صحيحا)
- والثاني - ذكره البيهقي في باب لا صدقة في الخيل من حديث علي (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عفوت لكم عن صدقة
الخيل والرقيق فهلموا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهم وليس في تسعين ومائة شئ فإذا بلغت مأتين ففيها خمسة دراهم)
قال ابن حزم صحيح مسند وروينا من طريق ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن سليمان عن عاصم الأحول عن الحسن البصري
قال كتب عمر إلى أبي موسى فما زاد على المائتين ففي كل أربعين درهما درهم وأخرجه الطحاوي في أحكام القرآن من وجه آخر
135

عن انس عن عمر نحوه - قال صاحب التمهيد وهو قول ابن المسيب والحسن ومكحول وعطاء وطاوس وعمرو بن دينار
والزهري وبه يقول أبو حنيفة والأوزاعي وذكر الخطابي الشعبي معهم وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن محمد الباقر رفعه
قال إذا بلغت خمس أواق ففيها خمسة دراهم وفي كل أربعين درهما درهم -
136

قال (باب من قال لا زكاة في الحلي)
ذكر فيه (عن انس قال في الحلي إذا كان يعار ويلبس فإنه يزكي مرة واحدة) - قلت - هذا الأثر مخالف للباب -
138

قال (باب من قال في الحلي زكاة)
ذكر فيه حديثا (عن عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن حماد عن إبراهيم عن علقمة ان امرأة عبد الله) إلى آخره ثم قال
(وقد روى مرفوعا وليس بشئ) - قلت - روى الدارقطني من حديث قبيصة عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن علقمة
عن عبد الله ان امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن لي حليا وان زوجي خفيف ذات اليد وان لي بني أخ أفيجزئ عني
ان اجعل زكاة الحلي فيهم قال نعم - وهذا السند رجاله ثقات والرفع فيه زيادة من ثقة فوجب قبوله
قال (باب اخبار وردت في زكاة الحلي)
ذكر فيه حديث عائشة - قلت - أخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين والبيهقي أخرجه من طريقه
وسكت عنه ثم ذكر البيهقي حديثا (عن حسين هو المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده) ثم قال (ينفرد به عمرو)
- قلت - قد ذكر في باب الطلاق قبل النكاح (عن ابن راهويه انه إذا كان الراوي عنه ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن
عمر) وذكر عن جماعة من الحفاظ (انهم يحتجون بحديثه فلا يضر تفرده بالحديث قال يحيى القطان إذا روى عنه الثقات
139

فهو ثقة يحتج به وقال البخاري رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وابن راهويه وأبا عبيد وعامة أصحابنا يحتجون بحديث
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما تركه أحد من المسلمين) ثم ذكر في آخر الباب حديثا عن أم سلة ثم قال (ينفرد به
ثابت بن عجلان) - قلت - اخرج له البخاري ووثقه ابن معين وغيره فلا يضر الحديث تفرده ولهذا أخرجه الحاكم وقال
صحيح على شرط البخاري وفي الاشراف لابن المنذر روينا عن عمرو عبد الله بن عمرو وابن عباس وابن مسعود وابن المسيب
وعطاء وسعيد بن جبير وعبد الله بن شداد وميمون بن مهران وابن سيرين ومجاهد والثوري والزهري وجابر بن زيد وأصحاب
الرأي وجوب الزكاة في الحلي الذهب والفضة وبه يقول ابن المنذر وفي المعالم للخطابي الظاهر من الكتاب يشهد لقول
من أوجبها والأثر يؤيده والاحتياط أداؤها - انتهي كلامه وظاهر قوله عليه السلام في الرقة ربع العشر يشهد لذلك إذ الرقة
تطلق على الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة وكذا الورق يدل على ذلك ما جاء في الحديث ان عرفجة اتخذ انفا من ورق
وفي حديث هذا الباب فتخات من ورق أو سخابا من ورق -
140

قال (باب ما يجوز للرجل ان يتحلى به)
ذكر فيه حديثا عن انس ثم قال (تفرد به جرير عن انس) ثم علله برواية قتادة له عن سعيد بن أبي الحسن مرسلا ثم قال
142

(هو المحفوظ - قلت - رواية جرير أخرجها الترمذي وحسن الحديث ثم قال وهكذا روى همام عن قتادة عن انس وأخرجه
النسائي من رواية همام وجرير عن قتادة فظهر بهذا ان جريرا لم ينفرد به -
143

قال (باب تحريم تحلي الرجال بالذهب)
ذكر فيه حديث أبي هريرة (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب) - قلت - ليس فيه ذكر للرجال فهو غير مطابق
للباب وكان اللائق بالبيهقي ان يذكر هذا الحديث فيما تقدم في باب سياق اخبار تدل على تحريم التحلي بالذهب واخرج
النسائي هذا الحديث من طريق عبد الملك بن عبيد عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة ولفظه نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن تختم الذهب - فلو ذكر البيهقي هذا لكان مطابقا ثم ذكر حديث (عمر بن يعلي عن أبيه عن جده اتيت النبي صلى الله
عليه وسلم وفي إصبعي خاتم من ذهب فقال تؤدي زكاة هذا) - قلت - فيه شيئان - أحدهما - ان عمر ضعفه النسائي وغيره
وهو عمر بن عبد الله بن يعلي بن مرة فنسب إلى جده وكذلك أبوه عبد الله بن يعلي ضعفه غير واحد ذكره في المغني - والثاني
ان في دلالة الحديث على تحريم تحلي الرجال بالذهب نظرا وإنما الذي فيه الوعيد العظيم منه صلى الله عليه وسلم على ترك تزكيته -
145

قال (باب الدين مع الصدقة)
ذكر فيه قول عثمان (هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة) ثم ذكر (عن حماد قال يزكي ماله وإن كان عليه من الدين مثله)
148

ثم قال (وهو قول الشافعي في الجديد وكأن يقول يشبه أن يكون عثمان إنما امر بقضاء الدين قبل حلول الصدقة في المال
وقوله هذا شهر زكاتكم اي الذي إذا مضى حلت زكاتكم) - قلت - هذا تأويل مخالف للظاهر وقد اخرج الطحاوي
في أحكام القرآن كلام عثمان ولفظه فمن كان عليه دين فليقضه وأدوا زكاة بقية أموالكم - ثم قال اي هذا الشهر الذي وجبت
فيه زكاتكم وقوله زكوا ما بقي دليل على وجوب الزكاة عليهم قبل ذلك ولو كان رأيه وجوب الزكاة في قدر الدين لكان أبعد
الخلق من ابطال الزكاة وتعليمهم الحيلة فيه وأشبه بمقصود الشرع سقوط الزكاة عن الدين لأنه ليس بغنى عرفا وقد قال
عليه السلام أمرت ان آخذها من أغنيائكم واردها في فقرائكم - ولهذا جاز له اخذ الزكاة والشرع جعل الناس صنفين صنفا تؤخذ
منه وصنفا ترد عليه فمن أثبت صنفا ثالثا تؤخذ منه وترد عليه فقد خالف ظاهر الحديث ووصفه بالفقر والغنى في حالة واحدة
وابن السبيل لا تجب عليه حتى يصير إلى وطنه فلم يتصف بهما في حالة واحدة وأيضا إذا كان الدين على ملي يزيل عنه الدائن (1)
فلو وجبت الزكاة على الدين لأديت زكاتان عن مال واحد وذكر صاحب الموطأ اثر عثمان ثم روى عن يزيد بن خصيفة
انه سأل سليمان بن يسار عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه زكاة قال لا وقال صاحب التمهيد قول عثمان يدل على أن الدين
يمنع زكاة العين وانه لا تجب الزكاة على من عليه دين وبه قال سليمان بن يسار وعطاء والحسن وميمون بن مهران والثوري
والليث واحمد واسحق وأبو ثور ومالك الا أنه قال إن كان عنده عروض تفي بدينه عليه زكاة العين وقال الأوزاعي الدين
يمنع الزكاة -

(1) كذا -
149

قال (باب من قال المعدن ليس بركاز)
لقوله عليه السلام المعدن جبار وفي الركاز الخمس ففصل بينهما
151

- قلت - للخصم أن يقول المعدن هو الركاز فلما أراد ان يذكر له حكما آخر ذكره بالاسم الآخر وهو الركاز ولفظ الحديث
في الصحيح والبئر جبار وفي الركاز الخمس - فلو قال وفيه الخمس لحصل الالتباس باحتمال عود الضمير إلى البئر -
قال (باب من قال المعدن ركاز وفيه الخمس)
ذكر فيه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو
152

وفيه (ما كان في الطريق غير المئتاء وفي القرية غير المسكونة ففيه وفي الركاز الخمس) ثم قال البيهقي (أجاب عن هذا من قال
بالأول) يعني ان المعدن ليس بركاز والجواب ان هذا (ورد فيما يوجد من أموال الجاهلية ظاهرا فوق الأرض في الطريق
غير المئتاء وفي القرية غير المسكونة فيكون فيه وفي الركاز الخمس وليس ذلك من المعدن بسبيل) ثم حكى البيهقي عن الشافعي
ما ملخصه إن كان حديث عمرو بن شعيب حجة فالمخالف احتج منه بشئ واحد إنما هو توهم وخالفه في غير حكم وإن كان
غير حجة فاحجة بغير حجة جهل ثم قال البيهقي (قوله إنما هو توهم إشارة إلى ما ذكرنا انه ليس بوارد في المعدن إنما هو في معنى
الركاز من أموال الجاهلية) - قلت - روى البيهقي في باب الطلاق قبل النكاح عن أبي بكر النيسابوري (أنه قال صح سماع
عمرو من أبيه شعيب وسماع شعيب من جده عبد الله) ثم قال البيهقي (مضى في باب وطئ المحرم وفي باب الخيار من البيوع
ما دل على سماع شعيب من جده عبد الله الا انه إذا قيل عمرو عن أبيه عن جده يشبه ان يراد بجده محمد بن عبد الله وليست
له صحبة فيكون الخبر مرسلا وإذا قيل عن جده عبد الله زال الاشكال وصار الحديث موصولا) انتهى كلامه وهذا الحديث
قيل فيه عن أبيه عن عبد الله فهو على هذا حجة فلا وجه لترديد الشافعي وقد أورد أبو عمرو بن عبد البر هذا الحديث في التمهيد -
ولفظه قال صلى الله عليه وسلم في كنز وجد رجل ان كنت وجدته في قرية مسكونة أو في سبيل مئتاء فعرفه وان كنت وجدته
في خربة جاهلية أو في قربة غير مسكونة أو في غير سبيل مئتاء ففيه وفي الركاز الخمس - وكذا أورد البيهقي هذا الحديث
فيما تعد في باب زكاة الركاز وهذه الرواية تدفع الجواب الذي ذكر البيهقي (ان الشافعي أشار إليه وهو انه ورد فيما يوجد
ظاهرا فوق الأرض) لان الكنز على ما ذكره أهل اللغة الجوهري وغيره هو المال المدفون وفي الفائق للزمخشري الركاز ما ركزه الله
في المعادن من الجواهر والقطعة منه ركزة وركيزة وقال أبو عبيد الهروي الركاز القطع العظام من الذهب والفضة كالجلاميد
والواحد ركز وقال أيضا اختلف في تفسير الركاز أهل العراق وأهل الحجاز فقال أهل العراق هي المعادن وقال أهل
الحجاز هي الكنوز أهل الجاهلية وكل محتمل في اللغة والأصل فيه قولهم ركز في الأرض إذا أثبت أصله وذكر نحو هذا صاحب
مشارق الأنوار وعطف الركاز على الكنز في الحديث الذي ذكرناه دليل على أن الركاز غير الكنز وانه المعدن كما يقوله أهل العراق
153

فهو حجة لمخالف الشافعي وقال الخطابي الركاز وجهان فالمال الذي يوجد مدفونا لا يعلم له مالك وعروق الذهب والفضة ركاز
وقال الطحاوي في أحكام القرآن وقد كان الزهري وهو راوي حديث الركاز يذهب إلى وجوب الخمس في المعادن ثنا يحيى هو
ابن عثمان المصري ثنا نعيم ثنا ابن المبارك ثنا يونس عن الزهري في الركاز المعدن واللؤلؤ يخرج من البحر العنبر من ذلك
الخمس -
قال (باب من قال لا شئ في المعادن حتى تبلغ نصابا)
ذكر فيه (ان رجلا جاء النبي عليه السلام بمثل بيضة من ذهب فقال أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها
فاعرض عنه عليه السلام) وفي آخر الحديث (فخذ بها) قال البيهقي (يحتمل انه إنما امتنع من اخذ الواجب منها لكونها ناقصة
عن النصاب ويحتمل غيره) - قلت - الرجل دفع كلها فلم يمتنع عليه السلام من اخذ الواجب منها بل امتنع من اخذها كلها
كراهة لخروجه من ماله كلها وقد نبه عليه السلام على ذلك بقوله إنما الصدقة عن ظهر غني وهذا المعنى هو الذي فهمه البيهقي
فذكره فيما بعد في أبواب صدقة التطوع مستدلا به على ذلك ولذا بوب عليه أبو داود في سننه فقال باب من يخرج من ماله -
154

قال البيهقي (باب من اجرى الخمس فيه مجرى الصدقات)
(ذكر فيه حديث الجرذ الذي اخرج من جحر سبعة عشر دينارا - قلت - ذكره عبد الحق في أحكامه ثم قال اسناده
155

لا يحتج به وقال ابن القطان صدق في ذلك لان النسوة الثلاث اللاتي دون ضباعة لا يعرف حالهن - قلت - ليس في هذا
الاسناد الا امرأتان وفي المعالم للخطابي قوله هل أهويت إلى الجحر يدل على أنه لو اخذها من الجحر لكان ركازا يجب فيه
الخمس وقوله بارك الله لك فيها لا يدل على أنه جعلها له في الحال ولكنه محمول على بيان الامر في اللقطة التي إذا عرفت سنة
فلم تعرف كانت لآخذها انتهى كلامه فعلى هذا ليس هذا الحديث مناسبا للباب -
156

قال (باب اخراج الفطر عن نفسه وغيره ممن تلزم مؤنته)
- قلت - الحديث الذي فيه عن من تمونون لا يخلو عن ضعف كما بينه البيهقي وقوله عليه السلام في صحيح البخاري على
الذكر والأنثى من حديث ابن عمر دليل على سقوط صدقة الزوجة عن الزوج ووجوبها عليها فلا تسقط عنها الا بدليل ولأنه
يلزمها الاخراج عن عبيدها فلان يلزمها عن نفسها أولى ويلزم الشافعي الاخراج عن أجيره ورقيقه الكافر لأنه يمونهما -
160

قال (باب الكافر يكون فيمن يمون فلا يودي عنه زكاة الفطر)
161

ذكر فيه حديث ابن عمر (انه عليه السلام فرض زكاة الفطر من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين) ثم
ساقه من وجه آخر وفيه أبو عتبة أحمد بن الفرج ولفظه (عن كل نفس من المسلمين) - قلت - رواة هذا الحديث لفظهم على
كل حر أو نفس - والمراد من يلزمه الاخراج ولا يكون الا مسلما فلا دلالة فيه على عدم وجوب الاخراج عن الكافر كما زعم
البيهقي واما قول أبي عتبة عن كل نفس من المسلمين فلو كان ثقة فقد خالف الجماعة فلا يقبل منه فكيف وهو ضعيف ثم على
تقدير التنازل وتسليم صحة روايته هذه نقول ثبت في الصحيح حديث ليس على المسلم في عبده صدقة الا صدقة الفطر - وهو
بعمومه يتناول الكافر أيضا وكذا ما تقدم في حديث ابن عمر والخدري عن كل حر وعبد - ورواية أبي عتبة هذه ذكرت
بعض افراد هذا العام فلا تعارضه ولا تخصه إذا المشهور الصحيح عند أهل الأصول ان ذكر بعض افراد العام لا يخصه
خلافا لأبي ثور فثبت من هذا انه لا دليل في الروايتين على ما ادعاه البيهقي ان العبد الكافر لا تؤدي عنه ثم الجمهور على أنها
تجب على السيد ولهذا لو لم يؤد عنه حتى لم يلزمه اخراجها عن نفسه اجماعا فعلى هذا على في قوله على كل حر وعبد بمعنى عن
ومن زعم أنها تجب على العبد ويتحمل السيد عنه يجعل على على بابها وعلى التقديرين هو ذكر لبعض افراد العام كما قررناه فعلى كل
تقدير لا دليل في هذه الروايات على مدعى البيهقي - فان قال قائل - ليس هذا ذكر بعض افراد العام بل هو تخصيص للعام
بمفهوم الصفة في قوله من المسلمين - قلنا - نمنع أولا دلالة المفهوم وثانيا لو سلمناه لا نسلم انه يخص به العموم وذكر
162

ابن رشد وغيره ان مذهب ابن عمر وجوب الفطرة على الكافر وهو راوي الخبر فدل انه فهم منه ما ذكرنا وفي
الاستذكار قال الثوري وسائر الكوفيين يؤدي الفطرة عن عبده الكافر وهو قول عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وعمر بن
عبد العزيز والنخعي وروى عن أبي هريرة وابن عمر ثم ذكر البيهقي حديث ابن عباس (فرض عليه السلام زكاة الفطر
طهرة الصيام من الرفث واللغو) الحديث - قلت - وجه الاستدلال به انه عليه السلام جعل صدقة الفطر طهرة وزكاة
والكافر لا يتزكى ولخصم البيهقي أن يقول هي طهرة للمؤدي فيعتبر كونه من أهلها لا المؤدي عنه الذي لا يخاطب بها
واستدلال البيهقي يشكل بالصبي فإنه لا يحتاج إلى الطهرة ومع ذلك جمهور العلماء على أن الفطرة تجب عليه في ماله -
قال (باب وقت زكاة الفطر)
ذكر فيه حديث ابن عمر (فرض عليه السلام زكاة الفطر) الحديث - قلت - مذهب الشافعي ان وقتها مغيب الشمس من آخر
أيام رمضان لان ذلك هو وقت الفطر والخروج من الصوم ولمن يقول أو وقتها طلوع الفجر من يوم الفطر انه وقت الفطر
واما الليلة فلا صوم فيها فهي كسائر الليالي ونهيه عليه السلام عن صيام يوم الفطر دليل على أن الفطر يقع في اليوم ويدل عليه
امره عليه السلام في الصحيح باخراجها قبل الخروج إلى الصلاة والأداء عقيب الوجوب مندوب إليه فلو تقدم وقت الوجوب
على اليوم لندب عليه السلام إلى اخراجها عند ذلك -
قال (باب من قال بوجوبها على الغني والفقير)
ذكر فيه حديث ابن أبي صعير - قلت - هو حديث اضطرب اسنادا ومتنا وقد بين البيهقي بعض ذلك في هذا الباب وبعضه في باب
163

من قال يخرج من الحنطة نصف صاع وقال صاحب التمهيد هذا حديث مضطرب لا يثبت وليس دون الزهري في هذا الحديث
من تقوم به حجة واختلف عليه فيه أيضا انتهى كلامه ثم على تقدير ثبوته هو مخالف للأحاديث المشهورة كحديث (أمرت
ان آخذ الصدقة من أغنيائكم) - وحديث (إنما الصدقة عن ظهر غني) - وكيف تجب الصدقة على من يأخذها -
164

قال (باب من قال لا يخرج من الحنطة الا صاعا)
ذكر فيه حديث الخدري ولفظه (صاعا من طعام أو صاعا من اقط أو صاعا من شعير) - قلت - الطعام كما يطلق على البر وحده
يطلق على كل ما يؤكل كذا ذكر الجوهري وغيره قال الله تعالى (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) - اي ذبائحهم وفي الحديث
الصحيح طعام الواحد يكفي الاثنين - ولا صلاة بحضرة الطعام - ونهى عليه السلام عن بيع الطعام ما لم يقبض - وفي حديث
المصراة صاعا من طعام - قال الأزهري أراد من تمر لا من حنطة والتمر طعام وقال القاضي عياض يفسره قوله في الروايات الأخر
صاعا من تمر وقد قال البيهقي فيما بعد باب جريان الربا في كل مطعوم واستدل على ذلك بحديث الطعام مثلا بمثل - وذكر
في أبواب الربا حديث المصراة ثم قال المراد بالطعام في هذا الخبر التمر فعلى هذا المراد بالطعام في حديث أبي سعيد الأصناف
التي ذكرها فيما بعد وفسر الطعام بها ويدل على ذلك ما في الصحيح البخاري في هذا الحديث وكان طعامنا الشعير والزبيب
والأقط والتمر وفي الصحيح مسلم كنا نخرج زكاة الفطر من ثلاثة أصناف صاعا من تمر صاعا من اقط صاعا من شعير - وللنسائي
كنا نخرج في عهده عليه السلام صاعا من تمر أو صاعا من اقط أو صاعا من شعير لا يخرج غيره - ولا ذكر للبر في شئ من ذلك - فان
قيل - قد ذكر في الرواية التي ذكرها البيهقي بعد من طريق ابن إسحاق - قلنا - الحفاظ يتوقون ما ينفرد به كذا قال البيهقي في
باب قتل ما له روح وقد ذكر أبو داود هذا الحديث ثم قال رواه ابن علية وعبدة وغيرهما عن ابن إسحاق عن عبد الله عن عياض
عن أبي سعيد بمعناه وذكر رجل واحد فيه عن ابن علية أو صاعا من حنطة وليس بمحفوظ - ثنا مسدد ثنا إسماعيل ليس فيه ذكر الحنطة
وذكر معاوية بن هشام عن الثوري عن زيد بن أسلم عن عياض عن أبي سعيد نصف صاع من بر وهو وهم معاوية أو غيره
ممن رواه عنه انتهى كلامه ثم لو سلم ان للبر ذكرا في الحديث وان الواجب فيه صاع ففي هذا الحديث ان معاوية قدره
بنصف صاع والصحابة متوافرون وانهم أخذوا بذلك وهذا يجري مجرى الاجماع وعن ابن عمر كان يخرجون صدقة الفطر
165

على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو سلت أو زبيب فلما كان عمر وكثرت الحنطة جعل
عمر نصف صاع من حنطة مكان صاع من تلك الأشياء أخرجه أبو داود بسند جيد على شرط البخاري ما خلا لهيثم بن خالد
وهو ثقة ثقة أبو داود والعجلي وتابعه على ذلك شعيب بن أيوب كذا أخرجه الدارقطني في سننه ووثق شعيبا فدل هذا الحديث
على اتفاق تقويم عمر ومعاوية وفي الصحيح عن ابن عمر انه عليه السلام فرض صاعا من تمر أو شعير فعدل الناس
به نصف صاع من بر - وذكره البيهقي في الباب الذي قبل هذا الباب وهذا صريح في الاجماع على ذلك ولو صح عن النبي
صلى الله عليه وسلم صاعا من بر لما جاز لهم اخراج نصف صاع لأنه ربا وقول الخدري فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه يحمل انه
لم يرد به مخالفتهم وانه يخرج صاعا من البر بل أراد الاخراج من الأصناف التي كانوا يخرجونها في عهده عليه السلام وقد صرح
بذلك في رواية لمسلم قال لا اخرج فيها الا الذي كنت اخرج في عهده عليه السلام صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من
شعير أو صاعا من اقط - فان قيل - يرد هذا الاحتمال ما ذكره البيهقي في هذا الباب (ان الخدري لما قيل له أو مدين من قمح
قال تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا اعمل بها) - قلنا - في سنده ابن؟؟ وقد تقدم الكلام عليه فيها ثم ذكر البيهقي حديث
ابن إسحاق - قلت - قد قدمنا كلام أبي داود عليه وهو متكلم فيه وقد انفرد بذكر الحنطة في هذا الحديث وقد تقدم ان
الحفاظ يتوقون ما ينفرد به ثم ذكر البيهقي حديث سعيد بن عبد الرحمن الجمحي (حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر)
قلت - تفرد به عن عبيد الله سعيد الجمحي وقد لينه الفسوي واتهمه ابن حبان وحديث عبيد الله عن نافع رواه عنه جماعة في
الصحيحين وغيرهما ولا ذكر للبر فيه ثم ذكر البيهقي من حديث الحارث (انه سمع عليا يأمر بزكاة الفطر صاعا من تمر أو شعير
أو حنطة) إلى آخره ثم قال (وروى مرفوعا والموقوف أصح) - قلت - لا يصح هذا مرفوعا ولا موقوفا لأنه مع الاضطراب
في سنده مداره على الحارث الأعور وقد كذبه جماعة وحكى البيهقي تكذيبه عن الشعبي في باب القسامة وصحيح ابن حزم
عن الشعبي عن عثمان وعلي وغيرهما من الصحابة نصف صاع من بر واخرج الدارقطني في سننه من حديث علي مرفوعا
نصف صاع من بر - ثم قال الصواب انه موقوف وذكر البيهقي ذلك عن علي موقوفا فيما تقدم في باب اخراج الفطر عن
نفسه ومن يمونه -
166

ثم ذكر عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا (صاعا من طعام) وذكر (ان الصحيح) هو الموقوف) - قلت - قد تقدم ان
الطعام يطلق على البر أيضا وسيأتي إن شاء الله تعالى عن ابن عباس مرفوعا وموقوفا نصف صاع من بر ثم ذكر البيهقي
(عن أبي إسحاق كتب الينا ابن الزبير صدقة الفطر صاع صاع) - قلت - لم يصرح بذكر البر بل لما كان الواجب في
غالب الأصناف صاعا أطلق ذلك على الغالب وقد روى عن ابن الزبير مصرحا ان الواجب في البر نصف صاع قال ابن
أبي شيبة في المصنف ثنا محمد بن بكر عن ابن جريح عن عمرو انه سمع ابن الزبير وهو على المنبر يقول مدان من قمح إلى آخره وهذا
سند صحيح جليل وهو أولى من السند الذي ذكره البيهقي لان فيه كتابة وقال ابن حزم روينا عن عمرو بن دينار انه سمع
ابن الزبير يقول على المنبر زكاة الفطر مدان من قمح أو صاع من تمر أو شعير وقد صح ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين
سنذكرهم في الباب الذي يلي هذا الباب إن شاء الله تعالى ثم ذكر البيهقي (عن الحسن على من صام صاع تمر أو صاع بر)
قلت - لا أدري حال سنده وقد جاء عن الحسن بسند صحيح لا اشكال فيه خلاف هذا فروى ابن أبي شيبة بسنده عن
الشعبي قال صدقة الفطر عن من صام من الأحرار وعن الرقيق من صام منهم ومن لم يصم نصف صاع من بر أو صاع من
تمر أو صاع من شعير ثم قال ثنا هشيم عن منصور عن الحسن أنه قال مثل قول الشعبي فيمن لم يصم من الأحرار -
قال (باب من قال يخرج من الحنطة نصف صاع)
ذكر فيه حديث ابن أبي صعير ولفظه (صاع من بر أو قمح عن كل اثنين) ثم ذكر اضطرابه سندا ومتنا ثم قال رواه ابن جريح
قال قال الزهري قال عبد الله بن ثعلبة) - قلت - رواه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريح عن ابن شهاب عن عبد الله
167

ابن ثعلبة ثم ذكر البيهقي (ان محمد بن يحيى الذهلي قال في كتاب العلل إنما هو عن كل رأس أو كل انسان هكذا رواية بكر
ابن وائل) - قلت - أخرجه أبو داود في سننه من طريق بكر بن وائل وفيه أو صاع بر أو قمح بين اثنين ثم ذكر البيهقي حديثا
(عن ابن جريح اخبرني أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر) - قلت - أخرجه الدارقطني عن ابن جريح عن سليمان بن
موسى عن نافع عن ابن عمر وأخرجه من وجه آخر عن داود بن الزبرقان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ثم ذكر البيهقي حديث
الحسن (عن ابن عباس فرض عليه السلام هذه الصدقة) وفي آخره (صاع تمر أو صاع شعير أو نصف صاع قمح) ثم قال
(حديث الحسن عن ابن عباس مرسل) ثم ذكر (عن ابن سيرين عن ابن عباس أمرنا ان نعطي صدقة رمضان) وفيه (صاعا من طعام
ومن أدى برا قبل منه ومن أدى شعيرا قبل منه)
168

ثم قال (ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس الا انه يوافق حديث أبي رجاء العطاردي الموصول عن ابن عباس فهو أولى
أن يكون صحيحا وما شك فيه الراوي ولا شاهد له فلا اعتداد به) - قلت - قد ذكر في الباب الذي قبل هذا ان الصحيح
من حديث أبي رجاء انه موقوف وظاهر كلامه هنا انه مرفوع وليس فيه ولا في رواية ابن سيرين تصريح بذكر البر
لأنهما قالا صاعا من طعام وقد تقدم انه يطلق على غير البر أيضا فكان الاخذ بحديث الحسن عن ابن عباس أولى لتصريحه
بذكر القمح وهو وإن كان مرسلا فقد تأيد بما أخرجه البيهقي بعد في باب وجوب الفطر على أهل البادية من حديث عطاء
عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم وفيه مدان من قمح وبما أخرجه ابن أبي شيبة فقال ثنا عبد الرحيم بن سليمان
عن حجاج عن عطاء عن ابن عباس قال الصدقة صاع من تمر أو نصف صاع من طعام - وأراد به هاهنا البر إذ الواجب
في غيره صاع ولم يذكر نصف صاع الا في البر وهذا السند على شرط الصحيح ما خلا حجاجا وأظنه ابن أرطأة وهو
وان تكلم فيه فقد وثقه جماعة واخرج له مسلم مقرونا بغيره فيصلح للاستشهاد به وتأيد أيضا بعدة مسانيد وبمرسل ابن
المسيب الآتي بعد وغيره من المراسيل الكثيرة المشهورة التي جاءت من طريق فقهاء المدينة وبأقوال جماعة من الصحابة
والتابعين وبما ذكرنا من الأحاديث الدالة على اتفاق الناس على ذلك ولم أدر ما معنى قول البيهقي وما شك فيه الراوي فان أراد به
ما في حديث ابن عباس من قوله أو صاع شعير أو نصف صاع قمح فهذا تخيير وليس بشك وقد ورد حديث ابن عمر
والخدري وغيرهما في الكتب الصحيحة بلفظ أو ولم يفهم أحد ان ذلك شك من الراوي وقوله ولا شاهد له ليس كذلك بل له
عدة شواهد تقدم كثير منها وسيأتي بعضها إن شاء الله تعالى ومن تتبع الكتب وجدها مشحونة بذلك ثم ذكر البيهقي مرسل
ابن المسيب (فرض عليه السلام زكاة الفطر مدين من حنطة) ثم قال (قال الشافعي خطأ) - قلت - الشافعي يقبل مراسيل ابن
المسيب قال لأنها عن الثقات وانه وجد ما يدل على تسديدها وقال ابن الصلاح لأنها وجدت مسانيد ومرسلة هذا نص البيهقي
في رسالته إلى أبي محمد الجويني ان اسناده صحيح فكيف رده الشافعي وزعم أنه خطأ مع أنه اعتضد بما ذكرنا واخرج الدارقطني
نحوه من طريقين من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ومن طريقين من حديث ابن عباس ومن طريقين من
حديث ابن عمر في أحدهما مدان من حنطة وفي الآخر نصف صاع من حنطة وأخرجه من حديث علي مرفوعا نصف صاع من
بر ومن حديث عصمة بن مالك مرفوعا مدان من قمح وأخرجه البيهقي في هذا الباب من حديث ابن أبي صعير وابن عمر
وأخرج أحمد في مسنده والطحاوي في شرح الآثار من ثلاث طرق من حديث ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل
عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت كنا نؤدي زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدين من قمح
بالمد الذي تقتاتون به - وفي التمهيد روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس على اختلاف عنه وأبي هريرة
169

وجابر ومعاوية وابن الزبير نصف صاع بر وفي الاسناد عن بعضهم ضعف وروى أيضا عن ابن المسيب وعطاء وطاوس
ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وعروة وسعيد بن جبير وأبي سلمة ومصعب بن سعد وذكره ابن حزم عن عثمان وعلي وأبي هريرة
وجابر والخدري وعائشة وأسماء قال وهو عنهم كلهم صحيح -
قال (باب ما دل على أن صاعه عليه السلام
كان خمسة أرطال وثلثا)
170

ذكر فيه (عن الحسين بن الوليد لقيت مالكا فسألته عن الصاع) إلى آخره (قال فلقيت عبد الله بن زيد بن أسلم فقال حدثني أبي
عن جدي ان هذا صاع عمر) - قلت - عبد الله هذا ضعفه الجمهور كذا قال الذهبي وقال ابن المديني ليس في ولد زيد ابن
أسلم ثقة وقال البيهقي في باب الحوت يموت في الماء (أولاده كلهم ضعفاء عبد الرحمن وأسامة وعبد الله) ثم ذكر البيهقي (ان
النبي عليه السلام كان يغتسل بالصاع ثمانية أرطال) ثم ذكر (ان صاع الزكاة وصاع الغسل مختلفان وان قدر ما يغتسل به كان
يختلف باختلاف الاستعمال) قال (فلا معني لترك الأحاديث الصحيحة في قدر الصاع المعد لزكاة الفطر) - قلت - لم يذكر
ولا حديثا واحدا فيه تعيين قدر الصاع المعد لزكاة الفطر وانه خمسة أرطال وثلث -
171

قال (باب من قال يجزئ اخراج الدقيق)
- قلت - جوز الشافعي اخراج الأرز والذرة والدخن إذا كانت غالب قوت البلد وجوز الاقط مع أنه يتولد من الحيوان
ولم يجوز الدقيق فان عمل بظاهر الحديث فليست هذه الأشياء مذكورة فيه ولا اعتبر فيه غالب القوت بل ذكرت الأشياء
بخصوصها وان اعتبر غالب القوت فالدقيق قوت غالب بل هو أسرع منفعة واعجل اغناء للفقير عن المسألة في ذلك اليوم
ثم إن الشارع ذكر تلك الأشياء بأو المقتضية للتخيير فمقتضاه انه لو كان غالب القوت الحنطة فاخرج شعيرا انه يجوز
ومذهب الشافعي انه لا يجوز -
قال (باب وجوبها على أهل البادية)
172

ذكر فيه حديثا عن ابن عباس وذكر (ان فيه في رواية زيادة مدين من قمح) ثم قال (وهذا حديث ينفرد به يحيى بن عباد عن
ابن جريح) - قلت - في سنن الدارقطني عند ذكر هذا الحديث ان يحيى هذا كان من خيار الناس وذكر الدارقطني من
وجه آخر عن ابن عباس فهو شاهد لحديث يحيى هذا ويشهد له أيضا ما ذكرناه من حديث عمرو بن شعيب وغيره -
قال (باب ما يجوز اخراجه لأهل البادية من الاقط)
ذكر فيه حديث كثير بن عبد الله المزني (عن ربيح عن أبي سعيد) - قلت - كثير هذا ضعيف وقال أبو داود كذاب وقال
الشافعي من أركان الكذب وقال ابن حيان يروي عن أبيه عن جده نسخة موضوعة ومع هذا ليس في حديث هذا الباب
تخصيص أهل البادية بذلك -
173

قال (باب من اختار قسم زكاة الفطر بنفسه)
ذكر فيه عن ابن أبي مليكة ثم قال (ورواه الشافعي باسناده عن سالم بن عبد الله وقد مضى ذكره في آخر باب النية في اخراج
الصدقة) - قلت - لا ذكر له في ذلك الباب وإنما رواه بعد ذلك بستة أبواب في آخر باب الاختيار في قسمها إذا أمكنه ذلك -
قال (باب وقت اخراج زكاة الفطر)
174

ذكر فيه حديثا في سنده أبو معشر نجيح السندي المدني (فقال غيره أوثق منه) - قلت - اختلف كلام البيهقي فيه فظاهر
كلامه ههنا انه ثقة وضعفه في باب انتظار العصر بعد الجمعة وفي باب النيابة في الحج عن المعضوب وذكر في باب كراهية
قولهم جاء رمضان انه مختلف فيه وان بعضهم حدث عنه والبعض لا وقال ابن الجوزي قال يحيى والنسائي والدارقطني
ضعيف وفي الميزان ضعفه ابن المديني وقال البخاري وغيره منكر الحديث وكان يحيى بن سعيد يستضعفه ويضحك
إذا ذكره -
175

قال (باب سقي الماء)
185

ذكر فيه حديثا (عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن عمه سراقة) إلى آخره - قلت - رأيت على كتاب السنن هنا
حاشية صورتها كذا وقع وصوابه عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم عن أبيه عن عمه سراقة نقلته من خط ابن الصلاح - انتهت
الحاشية وأخرجه ابن ماجة في سننه على الصواب -
186

قال (باب وجوه الصدقة)
187

ذكر في آخره حديثا عن ابن أبي كبشة عن أبيه ثم ذكر (عن ابن المديني انه محمد بن أبي كبشة) - قلت - ذكر المزي في
أطرافه هذا الحديث ثم قال وروى عن سالم بن أبي جعد عن عبد الله بن أبي كبشة عن أبيه وفي الثقات لابن حبان عمر بن
سعد أبو كبشة روى عنه أهل الشام وابنه عبد الله -
189

قال (باب تصدق المرأة من بيت زوجها اليسير)
ذكر فيه اخبارا
192

ثم قال باب من حمل هذه الأخبار
على أنها تعطي من الطعام الذي أعطاها دون سائر أمواله استدلالا بأصل تحريم مال الغير الا باذنه وبما أخبرنا الروذباري
فذكر اثرا عن أبي هريرة وفي آخره (لا يحل لها ان تصدق من مال زوجها الا باذنه) ثم قال (هذا قول أبي هريرة وهو
أحد رواة تلك الأخبار - قلت - في سند هذا الأثر عبد الملك العرزمي متكلم فيه وقال البيهقي في باب التراب في ولوغ الكلب
(لا يقبل منه ما خالف فيه الثقات) وقال في باب شفعة الجوار (قيل لشعبة تحدث عن محمد بن عبيد الله العرزمي وتدع
حديث عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي وهو حسن الحديث قال من حسنها فررت) ثم لو سلمنا صحة هذا الأثر فمذهب الشافعي
والمحدثين ان العبرة لما روى الراوي لا لما رأى وكيف يحمل ذلك على الطعام الذي أعطاها وفي الحديث أبي هريرة ما أنفقت
من كسبه من غير امره بل يحمل ذلك على كل ما هو مأذون فيه اما صريحا أو عرفا أو عادة -
193

قال (باب المملوك يتصدق باليسير من مال مولاه)
ذكر فيه حديث عمير مولى آبي اللحم (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتصدق من مال موالي بشئ قال نعم والاجر بينكما
نصفان) - قلت - الحديث يشمل اليسير والكثير فهو غير مطابق للباب ثم ذكر عن جماعة (انهم أباحوا له التصدق باليسير
ثم ذكر (ان عبدا قال لابن عباس اني أرعى غنما فيمر بي الظمآن اسقيه قال لا ثم لا الا بأمر أهلك) - قلت - هذا يدل على امتناع
التصدق باليسير فهو مخالف لمدعاه
194

ثم قال (وما يدل عليه ظاهره من الإباحة أولى بمن رغب عن متابعة السنة يعني ظاهر حديث عمير) - قلت - الأولى
بمن رغب في متابعة السنة ترك ما يدل عليه ظاهر هذا الحديث من الإباحة إذ فيه استباحة مال الغير والأصل تحريمه الا باذنه
كما ذكر البيهقي فيما تقدم قريبا وقال فيما بعد في باب تحريم اكل مال الغير بغير اذنه وذكر أحاديث ثم قال باب من مر
بحائط انسان أو ماشيته وذكر فيه عن الشافعي أنه قال الكتاب والحديث الثابت انه لا يجوز اكل مال أحد الا باذنه انتهى
كلامه اللهم الا أن يكون ثم اذن صريحا أو عرفا كما تقدم -
195

قال (باب الدخول في الصوم بالنية)
ذكر فيه حديث عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة عنه عليه السلام ثم قال واختلف على الزهري
في اسناده ورفعه وعبد الله بن أبي بكر أقام اسناده ورفعه وهو من الثقات الاثبات) - قلت - اضطرب اسناده اضطرابا شديدا
والذين وقفوه اجل وأكثر من ابن أبي بكر ولهذا قال الترمذي وقد روى عن نافع عن ابن عمر قوله وهو أصح -
202

ثم ذكر البيهقي حديثا عن روح إلي الزنباع عن عبد الله بن عباد عن المفضل بن فضالة إلى آخره ثم قال (قال الدارقطني تفرد به
عبد الله بن عباد عن المفضل بهذا الاسناد وكلهم ثقات) - قلت - كيف يكون كذلك وفي كتاب الضعفاء للذهبي عبد الله
ابن عباد البصري ثم المصري عن المفضل بن فضالة واه وقال ابن حبان روى عنه أبو الزنباع روح نسخة موضوعة -
قال (باب المتطوع يدخل بنيته قبل الزوال)
ذكر فيه حديثا في سنده سليمان بن معاذ عن سماك عن عكرمة ثم قال (هذا اسناد صحيح) - قلت - كيف يكون صحيحا
وسليمان هذا قال فيه ابن معين ليس بشئ وقال ابن حبان كان رافضيا غاليا وكان يقلب الاخبار وهو سليمان بن قرم بن معاذ
ينسب إلى جده -
203

قال (باب النهي عن استقبال رمضان بصوم)
206

ذكر فيه حديثا (عن جرير بن عبد الحميد عن منصور عن ربعي عن حذيفة) ثم قال (وصله جرير عن منصور بذكر حذيفة وهو
ثقة ورواه الثوري وجماعة عن منصور عن ربعي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) - قلت - قوله (وصله جرير عن
منصور بذكر حذيفة) يوهم ظاهره ان رواية الثوري ومن معه ليست بموصولة وهو خلاف اصطلاح أهل هذا الشأن وقد
أطلنا البحث معه في مثل هذا في باب النهي عن فضل المحدث فيما مضى - ثم ذكر حديثا فيه أبو عباد عن أبيه عن أبي هريرة
ثم قال (أبو عباد هو عبد الله بن سعيد المقبري غير قوي) - قلت - ذكر يحيى بن سعيد انه استبان كذبه في مجلس وقال ابن حبان
كان يقلب الاخبار ويهم في الآثار حتى يسيق إلى القلب انه المتعمد لها والبيهقي الان القول فيه ههنا وقال في باب من اتى الجمعة
من أبعد من ذلك (منكر الحديث متروك قاله ابن حنبل) وقال في باب من قال المعدن ركاز (ضعيف جدا جرحه ابن حنبل
وابن معين وجماعة من الأئمة وقال الشافعي اتقى الناس حديثه)
208

قال (باب الخبر الذي ورد في صوم سرر شعبان)
210

ذكر فيه (عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صوموا الشهر وسره) - قلت - هذا الحديث غير مطابق
للباب إذ ليس فيه ان المراد بالشهر هو شعبان بل ذكر ابن حزم انه رمضان بلا شك وان سره مضاف إليه سواء كان أوله
أو آخره أو وسطه فهو من رمضان لا من شعبان -
211

قال (باب من طلع الفجر وفي فيه شئ لفظه)
ذكر في آخره (انه عليه السلام قال لرجل هلم للغداء فقال إني أريد الصوم فقال عليه السلام وانا أريد الصوم ولكن مؤذننا في
218

بصره سوء أو شئ اذن قبل ان يطلع الفجر) ثم قال البيهقي (فان صح فكان ابن أم مكتوم وقع تأذينه قبل الفجر فلم يمتنع
عليه السلام من الاكل) - قلت - قد قدمنا في أبواب الاذان ان بلالا كان في بصره شئ فعلى هذا كان الأولى بالبيهقي أن يقول
فكأن بلالا وقع تأذينه قبل الفجر لأنه هو الذي كان ببصره ضعف فيخالف (1) بذلك عليه لا على ابن أم مكتوم الذي كان
لا يؤذن حتى يقول له الجماعة أصبحت أصبحت -
قال (باب من ذرعه القئ)

(1) كذا -
219

ذكر فيه حديث قاء عليه السلام فأفطر) ثم قال (مختلف قي اسناده) - قلت - تقدم في أبواب الطهارة ان ابن منده
صححه وان الترمذي قال هو أصح شئ في الباب -
قال (باب من أصبح يوم الشك لا ينوي الصوم فيه)
220

ذكر فيه حديثا عن يزيد بن زريع عن شعبة ثم قال (رواه أبو داود ووقع في بعض النسخ سعيد) - قلت - الذي رأيناه في سنن
أبي داود سعيد ولم يذكر المزي في أطرافه غيره -
قال (باب كفارة من اتى أهله في رمضان)
221

قلت - هذا الاطلاق يدخل فيه من اتى أهله ناسيا ولا كفارة فيه ولا قضاء عند الشافعي وأبي حنيفة وذكر البيهقي في هذا الباب
حديث الاعرابي من رواية الزهري عن حميد عن أبي هريرة وذكر في رواية (فاتى النبي صلى الله عليه وسلم بمكتل في خمسة
عشر صاعا من تمر) ثم قال (ورواه الأوزاعي وابن أبي حفصة عن الزهري هكذا وذكره هشام بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة مثله ورواه ابن المبارك عن الأوزاعي عن الزهري وجعل هذا التقدير عن عمرو بن شعيب فالذي يشبه أن يكون
تقدير المكتل بخمسة عشر صاعا من رواية الزهري عن عمرو بن شعيب) - قلت - تقدم في رواية الزهري هذا
التقدير عن حميد وعن أبي سلمة فلا أدري ما الذي حمل البيهقي على أن جعله من رواية الزهري عن عمرو بن شعيب فقط
222

ثم ذكر حديثا بسنده إلى البخاري (قال حدثنا الأويسي حدثني ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن محمد بن جعفر
عن عباد عن عائشة فذكر الحديث) وفيه (فاتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه عشرون صاعا) إلى آخره ثم قال البيهقي
(قوله عشرون صاعا بلاغ بلغ محمد بن جعفر وقد روى الحديث محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر ببعض من هذا يزيد وينقص)
وفي آخره (قال محمد بن جعفر فحدثت بعد ان تلك الصدقة كانت عشرين صاعا) - قلت - ابن إسحاق متكلم فيه وقال البيهقي
في باب تحريم قتل ما له روح (الحفاظ يتوقون ما ينفرد به ابن إسحاق) ومع هذا لم يذكر البيهقي سنده إليه حتى ينظر فيه والحديث
رواه أبو داود في سننه عن محمد بن عوف عن أبي أبي مريم عن ابن أبي الزناد كما رواه البخاري والحديث الصحيح إنما
يعلل برواية أخرى إذا كانت ممن هو غير مستضعف والا فرواية الضعيف لا تكون سببا لضعف رواية القوي وقال الخطابي
ما ملخصه ظاهر الحديث ان خمسة عشر صاعا كاف للكفارة لكل مسكين مد وجعله الشافعي أصلا في أكثر المواضع التي
فيها الا طعام الا انه روى في خبر سلمة وأوس في كفارة الظهار في أحدهما أطعم وسقا والوسق ستون صاعا وفي الآخر اتى بعرق
وفسره ابن إسحاق في روايته ثلاثين صاعا فالاحتياط ان لا يقتصر على مد لجواز أن يكون التقدير بخمسة عشر صاعا امر بان
يتصدق به وتمام الكفارة باق عليه إلى زمن السعة كمن عليه ستون درهما فيعطى صاحب الحق خمسة عشر درهما ليس فيه اسقاط
ما وراءه من حقه ولا براءة ذمته منه -
223

قال (باب من روى الحديث مطلقا في الفطر)
ثم ذكرها ورجح رواية التقييد بالوطئ - قلت - في نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا ان من اكل أو شرب في نهار رمضان
عامدا بلا عذر فعليه القضاء والكفارة الا الشافعي قال لا كفارة عليه انتهى كلامه والأكل والشرب عمدا في انتهاك حرمة الشهر
مثل الوطئ على أن الشافعي لم يقتصر بالكفارة على الجماع في الفرج بل أوجبها في وطئ البهيمة والوطئ الذي في الدبر وقد
روى النسائي في سننه الكبرى بسند صحيح عن عائشة انه عليه السلام سأل الرجل فقال أفطرت في رمضان فأمره بالتصدق
بالعرق ولم يسأله بماذا أفطر وقد قال الشافعي ترك الاستفصال في قضايا الأحوال ينزل منزلة عموم المقال -
قال (باب من روى الحديث مطلقا في الفطر وبلفظ يوهم
التخيير دون الترتيب) (1)
قلت - الرواية المذكورة في هذا الباب صريحة في التخيير لا موهمة له وبالتخيير قال مالك عملا بهذا الحديث -

(1) كذا وقع في الجوهر ترجمتان هذه والتي قبلها وليس في السنن الا ترجمة واحدة بهذا المعنى - ح -
225

قال (باب من روى في هذا الحديث لفظة لا يرضاها
أصحاب الحديث)
ثم ذكر من حديث الأوزاعي (حدثني الزهري ثنا حميد عن أبي هريرة بينا انا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل
فقال يا رسول الله هلكت وأهلكت) الحديث ثم قال (ضعف شيخنا أبو عبد الله الحافظ هذه اللفظة وأهلكت ثم استدل على
ذلك إلى أن قال (ولم يذكر ها أحد من أصحاب الزهري عن الزهري الا ما روى عن أبي ثور عن المعلي بن منصور عن سفيان بن عيينة
عن الزهري وكان شيخنا يستدل على كونها في تلك الرواية أيضا خطأ بأنه نظر في كتاب الصوم تصنيف المعلي بن منصور بخط
مشهور فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة) - قلت - أسند الدارقطني في سننه هذا الحديث من رواية أبي ثور كذلك
وأبو ثور فقيه معروف جليل المقدار ذكر الحاكم أبو عبد الله وابن عساكر ان مسلما اخرج عنه في صحيحه فلا تترك روايته هذه
227

بسقوطها في خط رجل مجهول ويحتمل انها سقطت سهوا من الكاتب وليس اسقاط من اسقط حجة على من زاد بل الزيادة
مقبولة كما عرف كيف وقد تأيدت روايته بالطريق الذي ذكره البيهقي أولا ربما أخرجه ابن الجوزي في كتاب التحقيق
من طريق الدارقطني ثنا النيسابوري ثنا محمد بن عزيز حدثني سلامة بن روح عن عقيل عن الزهري عن حميد عن
أبي هريرة فذكر الحديث وفيه هلكت وأهلكت وسلامة هذا اخرج له ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال
ابن حبان مستقيم وذكر البيهقي في الخلافيات ان ابن خزيمة رواه عن محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن
حميد عن أبي هريرة ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أهلكت يا رسول الله هكذا باثبات الألف وفي المعالم للخطابي
ما ملخصه في امر الرجل بالكفارة دليل على أن على المرأة كفارة مثله لان الشريعة سوت بينهما الا فيما قام عليه دليل التخصيص
وإذ ألزمها القضاء بجماعها عمدا لزمها الكفارة لهذه العلة كالرجل وهذا مذهب أكثر العلماء وقال الشافعي يكفر الرجل كفارة
واحدة وتجزئ عنهما لأنه عليه السلام أوجب عليه كفارة واحدة ولم يذكر ها مع حصول الجماع منهما وهذا غير لازم لأنه حكاية
حال لا عموم له ويمكن أن تكون مفطرة بمرض أو سفر أو مستكرهة أو ناسية لصومها وفي نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا على أن
المرأة إذا طاوعت على الجماع في رمضان ولا عذر لها فعليها كفارة أخرى الا الأوزاعي والشافعي قالا كفارة تجزئ عنهما -
228

قال (باب الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أفطرتا
وتصدقتا عن كل يوم بمد وقضتا)
قلت - ظاهر الحديث الذي ذكره في الباب الذي بعد هذا الباب انه لا فدية عليهما ولأنهما يرجى لهما القضاء فأشبها المسافر وأيضا
فمتى وجبت الفدية لم يجب القضاء لان الفدية ما يقوم مقام الشئ كقوله تعالى (ففدية من صيام) الآية ولهذا أوجب بعض السلف
الفدية ولم يوجب القضاء وأيضا ايجابها مخالف لظاهر قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية) وهما غير مرادين بهذه الآية لأنها
منسوخة على ما عرف وقوله تعالى في سياق هذه الآية (وان تصوموا خير لكم) يدل على ذلك لأنهما ان خافتا تعين فطرهما ولم يكن
الصوم خيرا لهما بل محظورا والا تعين صومهما وفي نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا ان الحامل إذا خافت على حملها أفطرت
230

وقضت ولا كفارة الا عند الشافعي قال في أحد الروايتين عنه عليها الكفارة -
قال (باب الحامل والمرضع لا تقدر ان على
الصوم أفطرتا وقضتا بلا كفارة)
ذكر فيه حديث (ان الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم) - قلت - بين البيهقي في هذا
الباب اضطراب سند هذا الحديث وقد بينا في باب صلاة المسافر اضطراب متنه أيضا وبسطنا الكلام عليه هناك وعلى تقدير
سلامته من الاضطراب ليس هو بمطابق لهذا الباب إذ حقيقة وضع الصيام عنهما ان لا قضاء عليهما كما أنه لا كفارة -
قال (باب كراهية القبلة لمن حركت شهوته)
231

ذكر في آخره حديثا (عن عمر رضي الله عنه انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قال فرأيته لا ينظرني) الحديث ثم قال
(تفرد به عمر بن حمزة فان صح فعمر رضي الله عنه كان قويا مما يتوهم تحريك القبلة شهوته والله أعلم) - قلت - هذا الحديث
يرد من وجهين - أحدهما - ان عمر بن حمزة ضعفه ابن معين وقال أبو أحمد والرازي أحاديثه مناكير - والثاني ان الشرائع
لا تؤخذ من المنامات لا سيما وقد أفتى النبي صلى الله عليه وسلم عمر في اليقظة بإباحة القبلة ذكره أبو داود وغيره وهو في ذلك الوقت
أشد وأقوى منه حين رأى هذا المنام فمن المحال ان ينسخ صلى الله عليه وسلم تلك الإباحة بعد موته حين كان عمر أسن واضعف من
ذلك الوقت فلا حاجة إذا إلى تأويل البيهقي هذا الحديث بهذا التأويل الضعيف إذ لو كان عمر قويا يتوهم تحريك القبلة شهوته
كما زعم البيهقي لما أباحها النبي صلى الله عليه وسلم له في اليقظة بالطريق الأولى -
232

قال (باب إباحة القبلة لمن لم تحرك شهوته)
233

ذكر في آخره (حديثا عن عمر بن أبي سلمة انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أيقبل الصائم) الحديث ثم (قال رواه مسلم)
- قلت - اخرج الشافعي في مسنده عن عطاء بن يسار ان رجلا قبل امرأته وهو صائم فوجد من ذلك فارسل امرأته تسأل عن
ذلك إلى آخره وقال ابن الأثير في شرح المسند هكذا أخرجه البويطي مرسلا وقال الشافعي وسمعت من يصل هذا الحديث
ولا يحضرني ذكره وإنما يريد والله أعلم الرواية التي وصلها مسلم عن عمر بن أبي سلمة ويكون قوله سأل رسول الله صلى الله عليه
وسلم انه بعث امرأته تسأله فكأنه سأله هو لتتفق الروايتان وقال البيهقي (فيه نظر فان عمر لم يكن يومئذ من الرجال الذين يسألون
عن قبلة الصائم ولا كان له يومئذ زوجة لأنه كان صبيا ولد في الحبشة في السنة الثانية وقيل قبض عليه السلام وعمره تسع سنين
وليس من أقدار المتأهلين والجمع بين الروايتين فيه بعد) -
234

قال (باب من أغمي عليه في أيام من شهر رمضان
فلا يجزى عنه وان لم يأكل فيها)
(قال الشافعي لأنه لم يدخل في الصوم وهو يعقله وقال أصحابنا وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات) - قلت -
إذا نوى ليلا فقد صح الصوم فطريان الاغماء عليه لا يضره كالنوم وكونه دخل فيه وهو لا يعقله يشكل بما لو افاق في بعض النهار
فإنه يصح صومه وإن كان دخل فيه وهو لا يعقل -
235

قال (باب استحباب السحور)
ذكر فيه حديث (تسحروا) - قلت - هو امر وظاهره الوجوب فهو غير مطابق للباب -
236

قال (باب استحباب تعجيل الفطر وتأخير السحور)
237

ذكر فيه حديث (إذا اقبل الليل وادبر النهار) - قلت - هذا الحديث أيضا غير مناسب للباب ثم ذكر حديثا في سنده
طلحة بن عمرو المكي - قلت - ذكره في باب وضع اليمنى على اليسرى وقال ليس بالقوي -
قال (باب ما يفطر عليه)
ذكر فيه حديث (إذا كان أحدكم صائما فليفطر على التمر) من رواية (عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن
سلمان بن عامر) ثم قال (وكذا رواه ابن عون وهشام بن حسان عن حفصة ورواه هشام الدستوائي عن حفصة فلم يرفعه)
238

قلت - لم أجد في الكتب المتداولة بيننا لهشام الدستوائي رواية في هذا الحديث وأحرجه النسائي من طريق هشام بن
حسان عن حفصة مرفوعا ثم أخرجه عن عبد الله بن الهيثم عن يوسف بن يعقوب وحماد بن مسعدة كلاهما عن هشام عن
حفصة عن الرباب عنه به موقوفا فظاهر سياق النسائي لهذا الحديث ان هشاما الذي رواه موقوفا في الطريق الثاني هو هشام
ابن حسان لا الدستوائي على أن الحافظ أبا عبد الله ابن منده أخرجه في كتاب معرفة الصحابة له من طريق روح بن عبادة
عن هشام بن حسان عن حفصة موقوفا فصرح بان الراوي له موقوفا هو ابن حسان -
239

قال (باب الرخصة في الصوم في السفر)
243

ذكر في آخره (عن عبد الرحمن بن عوف قال الصائم في السفر كالمفطر) ثم قال (هو موقوف وفي اسناده انقطاع وروى
مرفوعا واسناده ضعيف) - قلت - أخرجه النسائي وغيره من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه وقد قال ابن معين
والنسائي لم يسمع من أبيه فهذا معنى قول البيهقي وفي اسناده انقطاع الا ان ابن حزم صرح بسماعه من أبيه وتابع حميد بن
عبد الرحمن أخاه أبا سلمة فرواه عن أبيه كذلك كذا أخرجه أيضا النسائي في سننه بسند صحيح وذكر ابن حزم ان سنده
في غاية الصحة وحميد سمع من أبيه نص عليه صحب الكمال والرواية المرفوعة ذكرها ابن ماجة في سننه من رواية
أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه وسندها حسن وذكرها ابن حزم ولم يذكر في اسنادها ضعفا الا أسامة بن زيد وهو وان
تكلموا فيه يسيرا فقد اخرج له مسلم في صحيحه -
244

قال (باب من اختار الصوم في السفر)
ذكر فيه حديثا عن سلمة بن المحبق وفي سنده عبد الصمد بن حبيب فحكى عن البخاري (أنه قال منكر الحديث ذاهب)
- قلت - الذي في تاريخ البخاري عن عبد الصمد هذا انه لين الحديث وكذا ذكر صاحب الميزان وجماعة عن البخاري
ولم ينقل أحد عنه فيما علمت أنه قال فيه هذا اللفظ الذي حكاه عنه البيهقي فلينظر فيه -
245

قال (باب من لم يقبل على هلال
الفطر الا روية شاهدين)
247

ذكر في آخره أثرا عن عمر رضي الله عنه وفي سنده عبد الاعلي بن عامر الثعلبي فحكى عن الدارقطني (أنه قال غيره أثبت منه)
قلت - هذا اللفظ من الدارقطني توثيق له وقد ضعفه هو في سننه في مواضع أخر وقال البيهقي في باب من قال الرهن
مضمون (عن ابن المديني سألت يحيى القطان عن عبد الاعلى الثعلبي فقال يعرف وينكر) وقال في باب اخراج زكاة
الفطر (غير قوي) وفي الضعفاء لابن الجوزي قال احمد وأبو زرعة ضعيف الحديث -
قال (باب الشهادة على هلال الفطر بعد الزوال)
249

ذكر فيه حديث أبي عمير عن عمومة له من الصحابة ثم قال (إسناد حسن وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقات فسواء سموا أو لم يسموا) - قلت - حسن أسناده ههنا وصححه فيما مضى في أبواب العيدين وكيف يكون صحيحا أو حسنا وأبو عمير
مجهول قاله ابن عبد البر وقول البيهقي هنا (كلهم ثقات) مخالف لكلامه فيما مضى في باب فضل المحدث وأطلنا الكلام
معه هناك -
250

قال (باب الهلال يرى في بلد ولا يرى في آخر)
ذكر فيه اخبار كريب لابن عباس برؤيتهم الهلال بالشام ليلة الجمعة وصومهم وصوم معاوية وقول ابن عباس (لكنا
رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوما أو نراه فقال كريب أو لا تكتفي برؤية معاوية قال لا هكذا أمرنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثم قال البيهقي (يحتمل أن يكون ابن عباس أراد انه عليه السلام في قصة أخرى أمده
لرؤيته أو تكمل العدة ولم يثبت عنده رؤيته بشاهدين لانفراد كريب بهذا الخبر فلم يقبله) - قلت - قول ابن عباس
لا حين قال له كريب أو لا يكتفي برؤية معاوية يبعد هذا الاحتمال -
251

قال (باب المفطر من رمضان يؤخر القضاء
ما بينه وبين رمضان آخر)
ثم ذكر قول عائشة (كأن يكون على الصوم من رمضان فما أستطيع ان اقضيه الا في شعبان) - قلت - عموم قوله تعالى
فعدة من أيام أخر - يقتضي ان تأخير القضاء ليس بمقيد إلى مجئ رمضان آخر وتأخير عائشة إنما كان لأنه عليه السلام كان
يستمتع بها وكان في شعبان يشتغل بالصوم فتشتغل هي بالقضاء وفي غير رمضان تتفرغ لخدمته وفي الاستذكار قال داود
من أوجب الفدية على من اخر القضاء حتى دخل رمضان آخر ليس معه حجة من كتاب ولا سنة ولا اجماع -
252

قال (باب من قال إذا فرط في القضاء حتى مات أطعم)
253

ذكر فيه اثرا عن ابن عمر ثم أخرجه مرفوعا من حديث شريك (عن محمد بن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم)
ثم قال (هذا خطأ من وجهين - أحدهما - رفعه وإنما هو من قول ابن عمر - والآخر - قوله نصف صاع وإنما قال ابن عمر
مدا من حنطة وروى من وجه آخر عن ابن أبي ليلى ليس فيه ذكر الصاع) ثم أحرجه من حديث (أشعث بن سوار عن محمد
عن نافع عن ابن عمر سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل مات) الحديث - قلت - فهم البيهقي ان محمدا الذي روى عنه
أشعث هذا الحديث هو ابن أبي ليلى وكذا صرح الترمذي به وقد أخرج ابن ماجة هذا الحديث في سننه بسند صحيح عن
أشعث عن محمد بن سيرين عن نافع عن ابن عمر مرفوعا فان صح هذا فقد تابع ابن سيرين ابن أبي ليلى على رفعه فلقائل ان يمنع الوقف -
قال (باب من قال يصوم عنه وليه)
254

ذكر فيه حديث عائشة وابن عباس ثم ذكر (ان بعضهم ضعف الحديثين بفتوى ابن عباس وعائشة بالاطعام) ثم أجاب
عن ذلك فقال (من يجوز الصيام عن الميت يجوز الاطعام وفي ما روى عنهما في النهى عن الصوم عن الميت نظر) - قلت -
قد صح ذلك عنهما قال النسائي في سننه انا محمد بن عبد الأعلى ثنا يزيد بن زريع ثنا حجاج الأحول ثنا أيوب بن موسى عن عطاء
ابن أبي رباح عن ابن عباس قال لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مد من حنطة
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين خلا ابن عبد الاعلى فإنه على شرط مسلم وقال أبو جعفر الطحاوي ثنا روح بن الفرج ثنا
يوسف بن عدي ثنا عبيدة بن حميد عن عبد العزيز بن رفيع عن عمرة بنت عبد الرحمن قلت لعائشة ان أمي توفيت وعليها
صيام رمضان أيصلح ان اقضي عنها فقالت لا ولكن تصدقي عنها مكان كل يوم على مسكين خير من صيامك - وهذا أيضا
سند صحيح وقد اجمعوا على أنه لا يصلى أحد عن أحد فكذلك الصوم لان كلا منهما عبادة بدنية وفي التمهيد لابن جرير
الطبري روى أيوب عن نافع عن ابن عمر انه كأن يقول لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولا يحج أحد عن أحد قال
عبد الله ولو كنت انا افعل ذلك لتصدقت واهديت - وروى عن سفيان عن أبي نهيك عن القاسم بن محمد قال لا يقضي ذلك
أحد عن أحد لقوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى
257

قال (باب قضاء رمضان
ان شاء متفرقا وان شاء متتابعا)
258

ذكر فيه حديثا عن ابن المنكدر بلغني انه صلى الله عليه وسلم سئل عن تقطيع قضاء رمضان (إلى آخره ثم حكى عن
الدارقطني (ان اسناده حسن) - قلت - سكت عنه البيهقي فهو رضا به وكيف يكون حسنا وفي اسناده يحيى بن سليم الطائفي
قال البيهقي في باب من كره (الطائفي / 1) كثير الوهم سيئ الحفظ) وفي الكاشف للذهبي قال النسائي منكر الحديث وفي الميزان
له قال أحمد رأيته يخلط في أحاديث فتركته ثم قال البيهقي (وروى من وجه آخر ضعيف عن ابن عمر مرفوعا وروى في مقابلته
عن أبي هريرة في النهي عن القطع مرفوعا وكيف يكون ذلك صحيحا ومذهب أبي هريرة جواز التفريق ومذهب ابن
عمر المتابعة) - قلت - علل الحديثين بكون مذهب الراويين بخلافهما وليس ذلك مذهب البيهقي ولا أكثر المحدثين
وكثيرا ما يخالف الراوي الحديث فلا يلتفتون إلى الراوي ولا يعرجون عليه ويقولون العبرة لما روى لا لما رأى ثم ذكر البيهقي
حديث أبي هريرة المذكور وفي سنده عبد الرحمن بن إبراهيم المديني فقال (ضعفه يحيى بن معين والنسائي والدارقطني)
- قلت - الذي نقله ابن الجوزي والذهبي في كتابه في الضعفاء وكتابه المسمى بالميزان عن النسائي أنه قال في عبد الرحمن هذا
ليس بالقوي وفي تاريخ البخاري انه ثقة وفي كتاب ابن القطان قال البخاري قال حبان ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثقة وقال
ابن معين ثقة وقال ابن حنبل ليس به بأس وقال أبو زرعة لا بأس به أحاديثه مستقيمة وعند الدارقطني في اسناد هذا
الحديث توثيقه إذ في السند ثنا حبان بن هلال ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم القاص وهو ثقة وقال ابن عدي لم يتبين في حديثه
ورواياته حديث منكر فاذكره به قال ابن القطان فهو مختلف فيه والحديث من روايته حسن -
259

قال (باب الصائم يكتحل)
ذكر فيه حديث عباد بن منصور (عن عكرمة عن ابن عباس قال عليه السلام بالإثمد) الحديث ثم قال (هذا أصح
261

ما روى في اكتحال النبي صلى الله عليه وسلم) - قلت - ظاهر هذا الكلام يقتضي صحة هذا الحديث وكيف يصح وعباد
ابن منصور ضعيف عندهم وقال الترمذي لا نعرفه على هذا اللفظ الا من حديث عباد بن منصور انتهى كلامه وللحديث
علة أخرى وهي ان عبادا لم يسمعه من عكرمة بل بينهما رجلان ذكر أبو جعفر العقيلي عن ابن المديني سمعت يحيى بن سعيد
القطان يقول قلت لعباد بن منصور سمعت ما مررت بملا من الملائكة وان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل ثلاثا فقال
حدثني ابن أبي يحيى عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس انتهى ما ذكره العقيلي وابن أبي يحيى متروك وقال ابن
المديني ما روى داود بن الحصين عن عكرمة فمنكر ذكره الذهبي في الكاشف ثم قال البيهقي (وقد روى عن محمد بن عبيد الله
ابن أبي رافع وليس بالقوي عن أبيه عن جده) إلى آخره - قلت - اغلظوا القول في محمد هذا فقال البخاري في تاريخه منكر
الحديث وحكى فيه عن ابن معين أنه قال ليس بشئ هو وابنه معمر وفي كتاب ابن الجوزي ان الدارقطني ضعفه وان الرازي
قال عنه ذاهب الحديث وفي الكمال قال عبد الرحمن سألت أبي عنه فقال ضعيف الحديث منكر الحديث جدا ذاهب
والبيهقي الان القول فيه وشيخه الحاكم وثقه وخرج له في مستدركه في مناقب الحسن والحسين ثم قال البيهقي (ورواه
سعيد بن أبي سعيد الزبيدي صاحب بقية عن هشام بن عروة) إلى آخره ثم قال (وسعيد الزبيدي من مجاهيل شيوخ بقية)
- قلت - سعيد شيخ بقية كما ذكره البيهقي آخرا فقوله أولا (صاحب بقية) سهو ومخالف لكلامه آخرا ولعادة أهل هذا
الشأن وقد ذكرنا فيما تقدم في باب ما لا نفس له سائلة إذا مات في الماء ان صاحب الامام حكى عن أبي بكر الخطيب انه
وثق سعيدا هذا وذكر ان اسم أبيه عبد الجبار وذكرنا هناك عن ابن حبان انه ذكره في الثقات وانه من أهل الشام وان
أهل بلده رووا عنه وهذا ينفي عنه الجهالة وصرح المزي أيضا في أطرافه بأنه سعيد بن عبد الجبار ثم ذكر البيهقي حديث
عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه عن جده في النهي عن الاكتحال للصائم - قلت - سكت عنه البيهقي
وذكره أبو داود في سننه وحكى عن ابن معين أنه قال هو حديث منكر وسكت البيهقي أيضا عن عبد الرحمن بن النعمان وهو
مختلف فيه ضعفه ابن معين وقال الرازي صدوق -
262

قال (باب الصائم يحتجم لا يبطل صومه)
ذكر فيه حديثا (عن آدم عن شعبة عن حميد سمعت ثابتا يسأل انسا أكنتم تكرهون الحجامة) ثم قال البيهقي (رواه البخاري
عن آدم عن شعبة سمعت ثابتا والصحيح ما روينا عن آدم) - قلت - صرح البخاري في روايته بسماع شعبة من ثابت
وفي الصحيحين من روايته عن ثابت عدة أحاديث فيحمل على أنه سمع هذا الحديث من ثابت بلا واسطة ومرة أخرى
بواسطة وهذا أولى من تخطئة البخاري -
263

ثم ذكر حديثا في سنده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فقال (ليس بالقوي) - قلت - مضى ذكره قريبا في باب من ذرعه القئ
فضعفه هناك وضعفه أيضا في باب الحوت والجراد يموتان في الماء وفي أبواب الزكاة -
264

قال (بما بلغنا عن الحفاظ في تصحيح هذا الحديث)
يعني أفطر الحاجم والمحجوم
266

ذكر في أواخره (عن أبي داود قلت لأحمد بن حنبل اي حديث أصح في أفطر الحاجم والمحجوم قال حديث ابن جريج عن
مكحول عن شيخ من الحي عن ثوبان) - قلت - سكت عنه البيهقي راضيا به وكيف يكون أصح الأحاديث في هذا الباب
وفيه مجهول وهو شيخ من الحي بل أصح منه حديث ثوبان من غير هذه الطريق وحديث رافع وشداد كما تقدم -
قال (باب ما يستدل به على نسخ الحديث)
267

ذكر فيه حديث ابن عباس (احتجم عليه السلام محرما صائما) ثم قال (قال الشافعي سماع ابن عباس من النبي صلى الله عليه وسلم
عام الفتح ولم يكن يومئذ محرما ولم يصحبه محرما قبل حجة الاسلام فذكر ابن عباس حجامة النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة
الوداع سنة عشر وحديث أفطر الحاجم والمحجوم سنة ثمان قبل حجة الاسلام بسنتين فإن كانا ثابتين فحديث ابن عباس
ناسخ وحديث أفطر الحاجم والمحجوم منسوخ واسناد الحديثين معا مشتبه وحديث ابن عباس أمثلهما اسنادا) - قلت -
لا اشتباه في اسناد حديث أفطر الحاجم والمحجوم إذ صححه أحمد وابن المديني وإسحاق الحنظلي والدارمي من طريق
شداد كما حكاه البيهقي عنهم في الباب السابق وحكى الترمذي عن أحمد أنه قال أصح شئ في هذا الباب حديث ثوبان
وشداد وصح أيضا من طريق رافع كما تقدم وكيف يكون حديث ابن عباس أمثلهما اسنادا وفيه يزيد بن أبي زياد متكلم
فيه قال البيهقي في باب الكسر بالماء (ضعيف لا يحتج به) على أنه قد اختلف التوقيت في حديث شداد فذكر هنا انه كان
عام الفتح والنبي صلى الله عليه وسلم كان حينئذ بمكة وأخرج البيهقي فما مضى في باب الافطار بالحجامة من حديث أبي داود
268

(إن كان ذلك بالبقيع) وهو بالمدينة ولم يذكر عام الفتح وكذا أخرجه البيهقي في ذلك الباب من حديث ثوبان أيضا ففي
دعوى النسخ على هذا نظر ثم ذكر البيهقي (عن ابن عمر انه كان يحتجم وهو صائم ثم تركه بعد فكان يحتجم بالليل) إلى
آخره وذكر أيضا (عنه انه كان يحتجم في رمضان عند الفطر) - قلت - هذان الأثران عكس مقصود البيهقي فايرادهما
في هذا الباب غفلة منه -
269

قال (باب الشيخ الكبير يفطر ويفتدي)
270

ذكر فيه (عن ابن عباس وعائشة انهما قرءا وعلى الذين يطوقونه) - قلت - مذهب الشافعية ان القراءة الشاذة لا يحتج بها
وليست بقرآن ولا خبر وقد تقدم نظير هذا في الصلاة الوسطى -
271

قال (باب السواك للصائم)
ذكر فيه حديث عامر بن ربيعة وفي سنده عاصم بن عبيد الله فقال فيه (ليس بالقوي) - قلت - هو ضعيف ضعفه مالك
وغيره وضعفه البيهقي في باب استبانة الخطاء والآن القول فيه ههنا ثم ذكر حديث (خير خصال الصائم السواك) وفي سنده
مجالد فقال فيه (غيره أثبت منه) - قلت - ظاهر هذا اللفظ توثيق مجالد فان قصد ذلك فقد ناقض هذا في باب الغنيمة
لمن شهد الوقعة فقال (مجالد ضعيف) وان قصد بذلك تضعيفه فقد أخطأ في عبارته فضعفه بلفظ يقتضي التوثيق ومجالد وان
تكلموا فيه فقد وثقه بعضهم واخرج له مسلم في صحيحه ثم ذكر حديثا في سنده أبو إسحاق الخوارزمي فقال فيه (ينفرد به
أبو إسحاق إبراهيم بن بيطار ويقال إبراهيم بن عبد الرحمن قاضي خوارزم حدث عن عاصم بالمناكير لا يحتج به)
272

قلت جعلهما رجلا واحدا وفي الضعفاء لابن الجوزي إبراهيم بن بيطار الخوارزمي ثم ذكر ترجمة أخرى إبراهيم بن عبد الرحمن
الخوارزمي فجعلهما رجلين ووافقه على ذلك الذهبي في الضعفاء له -
قال (باب من كره السواك بالعشي
إذا كان صائما لما يستحب من خلوف فم الصائم)
قلت - في السواك تطهير واجلال للرب لان مخاطبة العظماء مع طهارة الفم تعظيم لا شك فيه وليس في الخلوف تعظيم
ولا اجلال ويدل على أن مصلحته أعظم من تحمل مصلحة الخلوف قوله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لامرتهم
بالسواك - والذي كرهه بالعشي خصص العمومات بمجرد كونه مزيلا للخلوف وهذا الاستدلال معارض بالمعنى الذي
ذكرناه هكذا ذكر ابن عبد السلام وأيضا فان المضمضة تزيل الخلوف وهم لا يكرهونها وقال بعضهم الخلوف تغير رائحة
الفم من خلو المعدة والسواك لا يزيله وإنما يزيل وسخ الأسنان -
273

ثم ذكر البيهقي اثرا عن علي وفي سنده كيسان أبو عمر عن يزيد بن بلال فقال (كيسان ليس بالقوي) - قلت - الذي في كتاب
ابن الجوزي والذهبي ان يحيى ضعفه وضعفه الساجي أيضا في كتابه وقال الذهبي يزيد بن بلال حديثه منكر وقال ابن حبان
لا يحتج به ثم ذكر البيهقي (عن أبي هريرة أنه قال لك السواك إلى العصر فإذا صليت العصر فألقه فاني سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم يقول خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) - قلت - في سنده عمر بن قيس هو سندل المكي سكت
عنه البيهقي وهو واه قال أحمد والنسائي والفلاس وغيرهم متروك وقال أحمد أحاديثه بواطل لا تساوي شيئا وقال البيهقي
(ضعيف لا يحتج به) ذكره في باب من بني أو غرس في غير ارضه ومع ضعف هذا الاسناد فقد روى عن أبي هريرة خلاف
هذا قال ابن أبي شيبة في مصنفه ثنا وكيع عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي هريرة سئل عن السواك للصائم فقال
أدميت فمي اليوم مرتين - وهذا سند حسن الا انه مرسل ورواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة -
قال (باب صيام التطوع والخروج منه)
274

ذكر فيه أحاديث وآثارا وليس في جميعها نفي القضاء ثم ذكر حديثا عن الشافعي عن ابن عيينة عن طلحة بن يحيى إلى آخره
ثم حكى (عن الشافعي أنه قال سمعت ابن عيينة عامة مجالسته لا يذكر فيه سأصوم يوما مكانه ثم عرضته عليه قبل ان يموت
بسنة فأجاب فيه سأصوم يوما مكانه) قال البيهقي (روايته عامة دهره لهذا الحديث لا يذكر فيه هذا اللفظ مع رواية
الجماعة عن طلحة لا يذكره منهم أحد منهم الثوري وشعبة وعبد الواحد بن زياد ووكيع ويحيى القطان ويعلي بن عبيد وغيرهم
تدل على خطأ هذه اللفظة) - قلت - هذه زيادة من ثقة أصر عليها فهي مقبولة وقد تأيدت بما سنذكره إن شاء الله تعالى
ثم ذكر البيهقي حديثا (عن عائشة انه عليه السلام قال لها أعندك شئ قالت نعم قال إذا أفطر وان كنت فرضت الصوم) ثم
قال البيهقي (اسناد صحيح) - قلت - كيف يكون اسنادا صحيحا وفيه سليمان بن معاذ ويقال له سليمان بن قرم قال
275

ابن معين ليس بشئ وفي الميزان قال ابن حبان كان رافضيا غاليا ومع ذلك يقلب الاخبار
276

ثم ذكر البيهقي (عن ابن مسعود أنه قال إن شئت أفطرت وان شئت صمت وعن ابن عباس كان لا يرى بأسا ان يفطر الانسان
في صيام التطوع وعن جابر نحوه) - قلت - ليس في ذلك كله ولا في حديث عائشة المتقدم نفي القضاء وقد روى عن
ابن عباس القضاء قال ابن أبي شيبة ثنا وكيع عن مسعر عن حبيب عن عطاء عن ابن عباس قال يقضي يوما مكانه
وقد ذكره البيهقي بعد في باب من رأى عليه القضاء وحبيب هو ابن أبي ثابت وعطاء هو ابن يسار وهذا سند صحيح وقال
ابن أبي شيبة أيضا ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن عثمان التيمي عن انس بن سيرين انه صام يوم عرفة فعطش عطشا شديدا فأفطر
فسأل عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأمروه ان يقضي يوما مكانه وهذا سند على شرط الشيخين ما خلا التيمي
فإنه أخرج له أصحاب الأربعة ووثقه ابن سعد وابن سفيان والدارقطني ثم ذكر البيهقي (عن ابن عمر قال الصائم بالخيار ما بينه
وبين نصف النهار) - قلت - وليس في هذا أيضا نفي القضاء ومذهب ابن عمر ان المتطوع إذا أفطر من غير عذر فعليه
القضاء كذا ذكره أبو عمر بن عبد البر وذكره أيضا أبو جعفر الطحاوي في شرح الآثار عن ابن عمر بسنده ثم قال البيهقي
(وروى هذا من أوجه أخر مرفوعا ولا يصح رفعه) ثم ذكره مرفوعا بسندين - أحدهما - من حديث انس -
277

الثاني من حديث أبي أمامة - قلت - في السندين عون بن عمارة عن جعفر بن الزبير فضعف البيهقي عونا وسكت عن جعفر
وقال في باب علة حديث تميم (هو متروك) وكذا قال في الخلافيات -
قال (باب التخيير
في القضاء إن كان صومه تطوعا)
ذكر فيه حديث حماد بن سلمة (عن سماك عن هارون بن أم هانئ عن أم هانئ الحديث وفي آخره وإن كان تطوعا
فان شئت فاقضي وان شئت فلا تقضي) - قلت - هذا الحديث اضطرب متنا وسندا اما اضطراب متنه فظاهر وقد
ذكر فيه انه كان يوم الفتح وهي أسلمت عام الفتح وكان الفتح في رمضان فكيف يلزمها قضاؤه واما اضطراب سنده
فاختلف على سماك فيه فتارة رواه عن أبي صالح وتارة عن جعدة وتارة عن هارون - اما أبو صالح فهو باذان ويقال باذام
ضعفوه قال البيهقي في باب الكسر بالماء ضعيف لا يحتج بخبره) وقال في باب أصل القسامة (أبو صالح عن ابن عباس
ضعيف) وعن الكلبي قال لي أبو صالح كل ما حدثتك به كذب وفي السنن الكبرى للنسائي هو ضعيف الحديث وعن
حبيب بن أبي ثابت كنا نسمي أبا صالح مولى أم هانئ الدروغزن قال النسائي وقد روى أنه قال في مرضه كل شئ حدثتكم به
فهو كذب وفي الفاصل للرامهرمزي الدروغزن بلغة فارس الكذاب واما جعدة فمجهول قال البخاري في تاريخه
278

جعدة من ولد أم هانئ عن أبي صالح عن أم هانئ روى عنه شعبة لا يعرف الا بحديث فيه نظر وقال النسائي لم يسمعه
جعدة من أم هانئ وقد بين ذلك البيهقي في الباب الذي قبل هذا واما هارون فمجهول الحال قاله ابن القطان واختلف
في نسبته فقيل ابن أم هانئ وقيل ابن ابن أم هانئ وقيل ابن ابنة أم هانئ وقال الترمذي حديث أم هانئ في اسناده مقال
وقال النسائي اختلف على سماك فيه وسماك ليس يعتمد عليه إذا انفرد بالحديث وقال عبد الحق هذا أحسن أحاديث أم
هانئ وإن كان لا يحتج به وقد رواه النسائي وغيره من غير طريق سماك وليس فيه قوله فان شئت فاقضيه وان شئت
فلا تقضيه ولم يرو هذا اللفظ عن سماك غير حماد بن سلمة وقد قال البيهقي في باب من أدى الزكاة وليس عليه أكثر (ساء
حفظه في آخر عمره فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه ويجتنبون ما ينفرد به عن قيس ابن سعد وأمثاله) وقال في باب من
صلى وفي ثوبه أو نعله اذى (مختلف في عدالته وقد روى البيهقي هذا الحديث في الباب الذي قبل هذا من رواية حاتم بن
أبي صغيرة وأبي عوانة كلاهما عن سماك وليس فيه هذا اللفظ وأخرجه النسائي كذلك من رواية أبي الأحوص عن سماك
وأخرجه الطحاوي كذلك من رواية قيس بن الربيع عن سماك ثم ذكر البيهقي حديثا عن الخدري وفي آخره (أفطر وصم
يوما مكانه ان شئت) - قلت - أخرجه الدارقطني من حديث الخدري ومن حديث جابر وليس فيهما قوله إن شئت
وكذا أخرجه البيهقي في أبواب الوليمة في كتاب النكاح من حديث الخدري -
قال (باب من رأى عليه القضاء) ذكر فيه حديثا منقطعا عن الزهري ثم قال (هكذا رواه الثقات من أصحابه) فذكر منهم عبيد الله بن عمر - قلت - أخرجه
279

أبو عمر من حديث أبي خالد الأحمر عن عبيد الله بن عمرو يحيى بن سعيد وحجاج بن أرطأة كلهم عن الزهري عن عروة
ان عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين الحديث وأخرجه النسائي من طريق يحيى بن سعيد كذلك وأخرجه أيضا كذلك
من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن الزهري ثم ذكر البيهقي (ان جعفر بن برقان وصالح بن أبي الأخضر وسفيان
ابن حسين رووه كذلك عن الزهري متصلا) - قلت - وكذلك رواه محمد بن أبي حفصة عن الزهري ذكره الترمذي
ورواه صالح بن كيسان كذلك عن الزهري ذكره صاحب التمهيد وقد روى عن زميل عن عروة كرواية الزهري
عن عروة مسندا وروته عمرة كذلك عن عائشة وهما أحسن حديث في هذا الباب اسنادا كذا قال أبو عمر ثم
اخرج الأول من طريق أبي داود ثنا أحمد بن صالح ثنا عبد الله بن وهب اخبرني حياة بن شريح عن ابن الهاد عن
زميل مولى عروة عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت اهدى لي ولحفصة طعام وكنا صائمتين فأفطرنا ثم دخل رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله انا أهديت لنا هدية فاشتهيناها فقال لا عليكما صوما يوما مكانه - ثم أخرجه
من جهة النسائي انا الربيع انا ابن وهب اخبرني حبوة وعمر بن مالك عن ابن الهاد كذلك سواء واخرج الثاني من
280

طريق النسائي انا أحمد بن عيسى عن ابن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت أصبحت
صائمة انا وحفصة واهدي لنا طعام فأعجبنا فأفطرنا فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فبادرتني حفصة فسألته فقال صوما يوما
مكانه - انتهى ما ذكر أبو عمر والحديث الأول أخرجه أبو داود في سننه وسكت عنه والحديث الثاني أعني حديث
جرير أخرجه ابن حبان في صحيحه وفي مصنف ابن أبي شيبة ثنا عبد السلام عن خصيف عن سعيد بن جبير ان عائشة
وحفصة أصبحتا صائمتين فأفطرتا فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بقضائه - وهذا الحديث يؤيده ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم
لا الا ان تطوع اي الا ان تطوع فيلزمك إذ الأصل في الاستثناء هو الاتصال وفي التمهيد روى وكيع عن يوسف بن
سليمان المكي عن قيس بن سعد عن داود بن أبي عاصم عن سعيد بن المسيب خرج عمر يوما علي أصحابه فقال إني أصبحت
صائما فمرت بي جارية لي فوقعت عليها فما ترون فلم يألوا ما شكوا فيه فقال له على أصبت حلالا وتقضي يوما مكانه فقال له
عمر أنت أحسنهم فتيا -
281

قال (باب الاختيار للحاج في ترك صوم يوم عرفة)
283

ذكر فيه حديث أبي هريرة وفي سنده مهدي بن حسان قلت - ذكر صاحب الكمال والمزي في تهذيبه انه مهدي بن حرب
ثم ذكر البيهقي في آخر الباب حديث (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة) - قلت - ليس هو بمناسب لهذا الباب والصواب
ما فعله في كتاب الحج فذكر هناك بابا في صوم يوم عرفة ثم ذكر بعده باب أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ثم ذكر هذا
الحديث فان قيل إنما ذكره في هذا الباب للتنبيه على فضيلة الدعاء في هذا اليوم فلهذا يترك الحاج صومه ليتقوى على الدعاء
- قلت - فضيلة الدعاء فيه ليست مخصوصة بالحاج ولهذا تركت طائفة صيامه بعرفة وغيرها لأجل الدعاء منهم جنيد بن
عمير ومحمد بن المنكدر -
قال (باب العمل الصالح في عشر ذي الحجة)
284

ذكر فيه حديث هنيدة (عن امرأته عن بعض أزواجه عليه السلام كان عليه السلام يصوم تسع ذي الحجة) ثم ذكر حديث
مسلم (عن عائشة ما رأيته عليه السلام صائما في العشر قط) ثم قال (المثبت مقدم على النافي) - قلت - إنما يقدم على النافي
إذا تساويا في الصحة وحديث هنيدة اختلف عليه في اسناده فروى عنه كما تقدم وروى عنه عن حفصة كذا أخرجه
النسائي وروى عنه عن أمه عن أم سلمة كذا أخرجه أبو داود والنسائي -
قال (باب جواز قضاء رمضان
في تسعة أيام من ذي الحجة)
- قلت - مراده في التسع الأول فتساهل في عبارته ثم اخرج (عن يعلي بن عبيد عن سفيان عن أبي إسحاق قال قال علي
لا تقض رمضان في ذي الحجة ولا تصم يوم الجمعة) إلى آخره ثم قال (وروى أيضا عن الحسن عن علي في كراهية القضاء
وهذا لأنه كان يرى قضاءه في احدى الروايتين عنه متتابعا فإذا زاد ما وجب عليه قضاءه على تسعة أيام انقطع تتابعه ليوم
النحر وأيام التشريق) - قلت - إنما يحتاج إلى تأويل هذا الأثر إذا صح وليس هو بصحيح فان يعلي بن عبيد وإن كان ثقة
الا انه في سفيان ضعيف كذا قال ابن معين وأيضا فأبو إسحاق السبيعي لم يسمع عليا وقد اخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمر
285

والثوري عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي قال لا تقض رمضان في ذي الحجة فادخل بينهما رجلين
واخرج ابن أبي شيبة في مصنفه هذا الأثر فقال ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال من كان عليه
صوم من رمضان فلا يقضه في ذي الحجة فإنه شهر نسك وفي هذا أمران - أحدهما - انه ادخل بين أبي إسحاق وبين علي
الحارث الأعور وهو ضعيف - والثاني - انه علل النهى بأنه شهر نسك لا بأنه يقطع التتابع كما زعم البيهقي ورواية التتابع عن
علي قد ضعفها هو فيما تقدم لكونها من رواية الحارث الأعور فكيف يؤول بها هذا الأثر ورواية الحسن عن علي لم يذكر
البيهقي سندها لينظر فيه والحسن أيضا لم يسمع عليا -
286

قال (باب من زعم أن
صوم عاشوراء كان واجبا ثم نسخ)
288

ذكر في آخره حديث أبي موسى الأشعري (فصوموه أنتم) الحديث ثم قال (رواه البخاري ومسلم) ثم اخرج حديثا عن
ابن عباس إلى آخره ثم قال (وأخرجاه من حديث أبي موسى الأشعري في الامر بصومه) - قلت - هذا الكلام الآخر
تكرار لا فائدة فيه -
قال (باب ما يستدل به انه لم يكن واجبا قط)
289

ذكر فيه حديثا عن معاوية ثم ذكره من وجه آخر ولفظه (فمن شاء منكم ان يصوم فليصم) - قلت - هذا التخيير وقت
اخباره صلى الله عليه وسلم لا يدل على أنه لم يكن واجبا قبل ذلك وكذا الكلام على حديث ابن عمر المذكور بعده وقد
أخرج البيهقي في الباب السابق وعزاه إلى الصحيحين عن عائشة ان صوم يوم عاشوراء كان واجبا وانه لما جاء الاسلام أخبرهم
صلى الله عليه وسلم بوجوبه ثم بنسخه فاقتصرت عائشة في حديث هذا الباب على التخيير ونسخ الوجوب وحديثها
المذكور هناك بين ذلك -
قال (باب الصوم في أشهر الحرم)
290

ذكر فيه (ان جماعة رووا عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد عن أبي هريرة) الحديث ثم قال وخالفهم
في اسناده عبيد الله بن عمرو الرقي) فذكر (انه رواه عن عبد الملك بن جندب بن سفيان) إلى آخره - قلت - ليس هذا
بمخالفة لكن لعبد الملك فيه اسناد ان سمعه من رجلين وقد تقدم مثل هذا في حديث أفطر الحاجم والمحجوم وفي غيره
291

قال (باب من اي الشهر يصوم الأيام الثلاثة)
ذكر فيه حديث روح (ثنا همام عن انس بن سيرين عن عبد الملك بن قتادة بن ملحا عن أبيه) ثم ذكره (عن روح ثنا
شعبة سمعت أنسا سمعت عبد الملك بن منهال عن أبيه) ثم قال (روينا عن ابن معين أنه قال هذا خطأ إنما هو عبد الملك بن
قتادة بن ملحان) - قلت - قد توبع روح على قوله ابن منهال فأخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي الوليد الطيالسي
294

ثنا شعبة حدثني انس سمعت عبد الملك بن منهال عن أبيه ثم قال ابن حبان المنهال بن ملحان القيسي له صحبة وليس في
الصحابة منهال غيره وأخرجه أحمد في مسنده كذلك فقال ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أنس عن عبد الملك بن منهال
فذكره وفي أطراف المزي ان سليمان بن حرب أيضا رواه عن شعبة كذلك -
295

قال (باب صوم الشتاء)
296

ذكر فيه حديث عامر بن مسعود (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) ثم قال (مرسل) - قلت - عامر هذا قال ابن حنبل
أرى له صحبة وعده ابن حبان وابن منده وابن عبد البر من الصحابة وذكر ابن حنبل حديثه هذا في مسنده -
297

قال (باب من لم ير بسرد الصوم بأسا
إذا لم يخف ضعفا وأفطر الأيام المنهية)
ذكر فيه حديث أبي موسى (من صام الدهر ضيقت عليه جهنم) إلى آخره - قلت - ظاهر هذا الحديث يقتضي المنع من
صوم الدهر فهو مخالف لمقصود البيهقي وقد أورده ابن أبي شيبة في مصنفه في باب من كره صوم الدهر واستبدل به
ابن حزم على المنع وقال إنما أورده رواته كلهم على التهديد والنهي عن صومه وقال ابن حبان في صحيحه ذكر الاخبار
عن نفي جواز سرد المسلم صوم الدهر وذكر هذا الحديث ثم قال القصد فيه صوم الدهر الذي فيه أيام التشريق
والعيدين فأوقع التغليظ على صائم الدهر من اجل صومه الأيام التي نهى عن صيامها -
300

قال (باب الدليل على أنها
في كل رمضان يعني ليلة القدر)
ذكر فيه حديثا عن أبي ذر - قلت - سكت عنه وفي سنده عكرمة هو ابن عمار متكلم فيه قال البيهقي في باب مس الفرج
بظهر الكف (غمزة القطان وابن حنبل وضعفه البخاري جدا) وقال في باب الكسر بالماء اختلط في آخر عمره وساء حفظه
فروى ما لم يتابع عليه وفي سنده أيضا مرثد وهو مجهول كذا في الضعفاء للذهبي -
307

قال (باب الترغيب في طلبها ليلة ثلاث وعشرين)
309

ذكر فيه حديث أبي هريرة) كم مضى من الشهر قلنا ثنتان وعشرون وبقي ثمان فقال عليه السلام بقي سبع اطلبوها الليلة
الشهر تسع وعشرون) - قلت - هذه الألف واللام للعهد أي هذا الشهر تسع وعشرون مثل هذا قوله عليه السلام في
حديث الايلاء الشهر تسع وعشرون - وإنما قال عليه السلام اطلبوها الليلة مراعاة لسابعة تبقي من الشهر كما صرح به في
حديث ابن عباس وكانت تلك الليلة هي الليلة السابعة باعتبار ما بقي كما صرح به عليه السلام في قوله بقي سبع فعلى هذا
لم يأمرهم بطلبها في تلك الليلة لكونها ليلة ثلاث وعشرين بل لكونها الليلة السابعة كما مر حتى لو كان ذلك الشهر كاملا
لأمرهم بطلبها ليلة أربع وعشرين لكونها السابعة باعتبار ما بقي فعلى هذا لا دلالة في الحديث لطلبها ليلة ثلاث وعشرين
كما زعم البيهقي -
قال (باب الترغيب في طلبها في السبع الأواخر)
310

ذكر في آخره حديث عبادة بن الصامت التمسوها في العشر الأواخر في الخامسة والسابعة والتاسعة) - قلت - هذا الحديث
أيضا غير مناسب لهذا الباب لأنه ان أريد الخامسة والعشرون والسابعة والعشرون والتاسعة والعشرون فلا وجه لقوله
في السبع الأواخر لان الباقي أقل من سبع وان أريد الخامسة التي تبقي والسابعة التي تبقى والتاسعة التي تبقي كما صرح
به الخدري وصرح به في حديث ابن عباس فالباقي أكثر سن سبع فكان الوجه أن يقول في الباب في التسع الأواخر
أو في العشر الأواخر كما صرح به في حديث عبادة -
قال (باب الترغيب في طلبها ليلة سبع وعشرين)
311

ذكر فيه حديث أبي هريرة (أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة) - قلت هذا أيضا غير مناسب للباب لان
طلوع القمر كذلك لا يختص بليلة سبع وعشرين قال القاضي عياض فيه إشارة إلى أنها إنما تكون في أواخر الشهر لان القمر
لا يكون كذلك عند طلوعه الا في أواخر الشهر انتهى كلامه وقد خرج النسائي بسند صحيح عن أبي إسحاق انه سمع أبا حذيفة
عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نظرت إلى القمر ليلة القدر فرأيته كأنه فلق
جفنة - قال أبو إسحاق إنما يكون ذلك صبيحة ثلاث وعشرين -
312

ثم ذكر البيهقي حديث ابن عباس (عليك بالسابعة) - قلت - يحتمل ان يريد السابعة التي تبقي كما صرح بذلك في حديث
ابن عباس المتقدم وقد خرج صاحب التمهيد هذا الحديث من طريق ابن حنبل بسنده ثم قال أبو عمر يريد سابعة تبقي
وذلك محفوظ في حديث ابن عباس إذ ذكر ما خلق الله على سبع ثم قال وما أراها الا ليلة ثلاث وعشرين سبع تبقين
قد ذكرنا هذا الخبر في باب حميد انتهى كلامه فعلى هذا ليس هذا الحديث أيضا مناسبا للباب وقد ذكر البيهقي بعد هذا
(عن ابن عباس انه تردد في السابعة تمضي أو سابعة تبقي من العشر الأواخر) -
313

قال (باب المعتكف يصوم)
ذكر فيه حديث عبد الله بن بديل (ثنا عمرو بن دينار عن ابن عمر عن عمر أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم ان علي يوما
اعتكفه فقال عليه السلام فاعتكفه وصمه) ثم ذكر البيهقي عن الدارقطني (أنه قال تفرد به ابن بديل عن عمرو وهو ضعيف
الحديث قال الدارقطني سمعت أبا بكر النيسابوري يقول هذا حديث منكر لان الثقات من أصحاب عمرو -
316

لم يذكروه منهم ابن جريج وابن عيينة والحمادان وغيرهم وابن بديل ضعيف الحديث) - قلت - إنما ضعفه هذان الرجلان
وهما متأخران وفى الميزان غمزه الدارقطني ومشاه غيره وقال ابن عدي لا اعلم للمتقدمين فيه كلاما فاذكره وذكر ابن
أبي حاتم عن ابن معين أنه قال فيه مكي صالح وذكره أبو حفص بن شاهين في كتاب الثقات وقال مكي صالح وذكره ابن
حبان أيضا في كتاب الثقات وزيادة الثقة مقبولة ومن لم يذكر الشئ ليس بحجة على من ذكره ثم ذكر البيهقي حديثا فيه
(ان عمر نذر الاعتكاف والصوم) ثم قال ذكر نذر الصوم غريب تفرد به سعيد بن بشير) - قلت - سكت عن سعيد
هذا وهو ضعيف تركه ابن مهدي وقال أبو مسهر وابن نمير منكر الحديث زاد ابن نمير ليس بشئ وقال ابن معين أيضا ليس
بشئ وضعفه أحمد والنسائي وقال ابن حبان كان ردي الحفظ فاحش الخطاء يروى عن قتادة مالا يتابع عليه وعن عمرو بن
دينار مالا يعرف من حديثه ثم ذكر حديث عائشة لا اعتكاف الا بصوم ثم قال (رواه الزهري في حديث وفي آخره
والسنة في من اعتكف ان يصوم) - قلت - رواه البيهقي فيما بعد في باب المعتكف يخرج من المسجد من حديث عقيل
عن ابن شهاب وأخرجه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن ابن شهاب كما ذكره البيهقي في ذلك الباب ومذهب
المحدثين ان الصحابي إذا قال السنة كذا فهو مرفوع والسنة السيرة والطريقة وذلك قدر مشترك بين الواجب والسنة
المصطلح عليها ومثله حديث سنوا بهم سنة أهل الكتاب ومن سن سنة حسنة ولم تكن السنة المصطلح عليها معروفة في
ذلك الوقت وذكر سنة الصوم للمعتكف مع ترك المس والخروج دليل على أن المراد الوجوب لا السنة المصطلح عليها
317

ثم ذكر البيهقي رواية هشيم عن عمرو عن أبي فاختة عن ابن عباس قال لا اعتكاف الا بصوم وان ابن عيينة رواه عن عمرو
بسنده ولفظه يصوم المجاور يعني المعتكف وان ابن عيينة خطأ هشيما - رواه عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري عن
ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال من اعتكف فعليه الصوم ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن وكيع عن
ابن أبي ليلى ولفظه لا اعتكاف الا بصوم وروى ابن أبي شيبة أيضا عن حفص عن ليث عن الحكم عن مقسم عن ابن
عباس وعائشة قالا لا اعتكاف الا بصوم وروى أيضا عن ابن علية عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال الصوم عليه واجب
وكل هذا شاهد لرواية هشيم ومقولها وعلى تقدير أن يكون الصحيح رواية ابن عيينة فقوله يصوم المجاور خبر في معنى
الامر فلا فرق في المعنى بين اللفظين -
قال (باب من رأى الاعتكاف بغير صيام)
ذكر فيه حديث عبيد الله بن عمر (عن نافع عن ابن عمر نذر عمر اعتكاف ليلة) ثم قال (ورواه شعبة عن عبيد الله اعتكاف
يوم) - قلت - وكذا رواه علي بن مسهر عن عبيد الله أخرجه الطحاوي في أحكام القرآن كذلك ثم على التقدير صحة رواية
ليلة قد ترك ابن عمر هذا الحديث كما ذكره البيهقي عنه في آخر الباب الذي قبل هذا الباب واخرج الطحاوي بسند صحيح
عن ابن عباس وابن عمر قالا لا جواز الا بصوم وتركه نافع أيضا ففي موطأ مالك بلغه ان القاسم بن محمد ونافعا مولى ابن عمر
قالا لا اعتكاف الا بصيام قال مالك وعلى ذلك الامر عندنا انه لا اعتكاف الا بصيام ثم ذكر البيهقي (انه عليه السلام
اعتكف في العشر الأول من شوال) - قلت - من اعتكف الأيام التسعة من شوال يصدق عليه انه اعتكف في العشر
وفي الصحيحين انه عليه السلام كان يعتكف العشر الأواخر ولم يكن عليه السلام يستغرق العشر كلها لأنه كان إذا أراد ان
يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه كذا في الصحيحين
318

ثم ذكر البيهقي حديث ابن عباس (ليس على المعتكف صيام) ثم قال (تفرد به عبد الله بن محمد بن نصر الرملي) - قلت -
ذكر ابن القطان انه مجهول الحال ثم ذكره البيهقي عن طاوس عن ابن عباس كان لا يرى على المعتكف صياما ثم قال (هو
الصحيح موقوف ورفعه وهم - قلت - قد تقدم ان أبا فاختة ومقسما روياه عن ابن عباس خلاف وتقدم أيضا
ان عطاء رواه عنه خلاف ذلك ورواية عطاء ذكرها البيهقي في السابق ورواية ثلاثة أولى من رواية واحد على أن
طاوسا أيضا اختلف عليه فروى عنه عن ابن عباس وجوب الصوم عليه كما قدمنا في الباب السابق واخرج الطحاوي
اشتراط الصوم للمعتكف وعلى (1) وابن المسيب وعروة -
قال (باب متى يدخل
إذا وجب اعتكاف شهرا وأيام)
- قلت - ذكر فيه حديثا عن الخدري من وجهين وليس فيهما بيان متى يدخل وقد ذكر في باب الاعتكاف في العشر

(1) كذا -
319

الأواخر فيما مضى عن عائشة كان عليه السلام إذا أراد ان يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفة واعزاه إلى الصحيحين
فكان ذكر هذا الحديث في هذا الباب هو المناسب على أن الأئمة الأربعة خالفوا هذا الحديث وقالوا إذا وجب اعتكاف
أيام يدخل قبل غروب الشمس -
قال (باب المتكف يخرج
من المسجد لبول إلى آخره)
320

ذكر فيه حديثا (عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت السنة على المعتكف ان لا يعود مريضا)
الحديث وفي آخره (ولا اعتكاف الا بصيام ولا اعتكاف الا في مسجد جامع) ثم قال (ذهب كثير من الحفاظ إلى أن هذا
الكلام من قول عائشة وان من أدرجه في الحديث وهم فيه فقد رواه الثوري عن هشام عن عروة قال المعتكف
لا يشهد جنازة إلى آخره - قلت - جعل هذا الكلام من قول من دون عائشة دعوى بل هو معطوف على ما تقدم من
قولها السنة كذا وكذا وقد قدمنا قريبا ان هذا عند المحدثين في حكم المرفوع رواه عروة عن عائشة مرة وأفتى به مرة
أخرى وقد أخرجه الدارقطني من حديث القاسم بن معن عن ابن جريج عن الزهري بسنده وفي آخره ويؤمر من اعتكف
ان يصوم وأخرجه أيضا من حديث الحجاج عن ابن جريج بسنده وفي آخره وسنة من اعتكف ان يصوم -
321

قال (باب من توضأ في المسجد إلى آخره)
- قلت - لا خصوصية لهذا الباب ولا للحديث المذكورة فيه بأبواب الاعتكاف -
قال (باب المرأة تعتكف باذن زوجها)
ومن خرج منه قبل تمامه إذا لم يكن الاعتكاف واجبا
ذكر فيه حديث يحيى بن سعيد (عن عمرة عن عائشة انه عليه السلام ذكر ان يعتكف العشر الأواخر وانه رأى أخبية
نسائه فقال ما انا بمعتكف فلما أفطر اعتكف عشرا من شوال) - قلت - إن كان عليه السلام أوجبه فهو غير مطابق
لتبويب البيهقي وان لم يكن أوجبه ففي الحديث دليل على أن المتطوع بالاعتكاف إذا دخل فيه ثم قطعه يقضيه وإنما قلنا إنه
دخل فيه لان أبا عمر ذكر في التمهيد ان في رواية ابن عيينة وغيره لهذا الحديث يعني عن يحيى بن سعيد انه عليه السلام
كان إذا أراد ان يعتكف صلى الصبح ثم دخل معتكفه فلما صلى الصبح يعني في المسجد وهو موضع اعتكافه نظر فرأى
322

الأخبية فكأنه كان قد شرع في اعتكافه لكونه في موضعه -
قال (باب من كره اعتكاف المرأة)
ذكر فيه من حديث مالك (عن يحيى بن سعيد عن عمرة انه عليه السلام أراد ان يعتكف وانه رأى أخبية نسائه) ثم قال
(رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وهذا من طريق مالك مرسل - قلت - هذا الحديث
في صحيح البخاري بهذا الاسناد عن عمرة عن عائشة موصولا وظاهر كلام البيهقي فيه مرسل -
323

قال (باب بيان السبيل)
ذكر فيه حديثا عن ابن عمر في سنده إبراهيم بن يزيد الخوزي فسكت عنه ثم ذكر حديثا مرسلا عن الحسن ثم قال (وهذا
شاهد لحديث الخوزي) - قلت - في هذا تقوية لحديث الخوزي ثم إن البيهقي عن قريب ضعف الحديث وبالغ
في تضعيفه على ما سيأتي إن شاء الله تعالى -
قال (باب المنضو في بدنه لا يثبت على مركب)
- قلت - الفقهاء يلقبون هذه المسألة مسألة المعضوب وهو الضعيف الهرم الذي لا يستمسك على الراحلة ولا يقدر على
النهوض وكذا ذكر البيهقي فيما بعد فقال باب النيابة في الحج عن المعضوب والميت وإن كان هذا تكرارا منه واستعماله لفظة
المنضو في هذا الموضع غير متجه لا معنى ولا لفظا الا بتعسف لأنه مأخوذ من انضيت جملي أي هزلته وأتعبته والصواب ان
327

يقال منضا ورأيت في نسخة سماعنا لهذا الكتاب المضنو بتقديم الضاد والكلام عليه كالكلام على المنضو وذكر البيهقي في
هذا الباب حديث الخثعمية - قلت - لخصمه أن يقول ظاهر قوله تعالى (من استطاع إليه سبيلا) انه استطاعة البدن ولو وجبت
الاستنابة لقال احجاج البيت والخثعمية بين النبي عليه السلام لها جواز حجها عنه وليس فيه انه جعله فرضا على أبيها - فان
قيل - قوله حجي عن أبيك يقتضي الوجوب عليها - قلنا - هي مخيرة عندكم وان بذلت له الطاعة فكيف يحمل الامر
على الوجوب وفي التمهيد ما ملخصه قال مالك وأصحاب الحديث مخصوص بابي الخثعمية كما خص سالم بالرضاع حال الكبر
لان أباها لم يلزمه الحج بدليل النص لأنه لم يكن مستطيعا وبدليل الاجماع على أنه لا يصلي أحد عن أحد وجعلت المالكية
328

عملها عن أبيها بما لم يجب عليه ليلحقه الثواب كالحج بالصبي يراد به التبرك لا الفرض -
قال البيهقي (باب الرجل يطيق المشي)
أعاد فيه حديث الخوزي ثم ضعفه (ثم قال وروى عن سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة عن قتادة عن انس عن النبي
صلى الله عليه وسلم في الزاد والراحلة ولا أراه الا وهما واستدل على ذلك بأنه روى عن قتادة عن الحسن مرسلا) - قلت -
حديث قتادة عن انس مرفوعا أخرجه الدارقطني وذكر بعض العلماء ان الحاكم أخرجه في المستدرك وقال صحيح على
330

شرطهما فقول البيهقي (ولا أراه الا وهما) تضعيف للحديث بلا دليل فيحمل على أن لقتادة فيه اسنادين وكثيرا ما يفعل
البيهقي وغيره مثل ذلك -
قال (باب الرجل يجد زاد وراحلة فيحج ماشيا)
قال فيه (روى فيه عن ابن عباس حديث مرفوع وفيه ضعف) ثم ذكره وفي سنده عيسى بن سوادة فقال فيه (مجهول)
331

- قلت - اخرج له الحاكم في المستدرك وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال روى عن عمرو بن دينار المقاطيع روى
عنه أهل مصر -
332

قال (باب من ليس له ان يحج عن غيره)
ذكر فيه حديثا عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ثم قال أخرجه أبو داود وعزرة هو عزرة بن
يحيى ثنا أبو عبد الله الحافظ سمعت أبا علي الحافظ يقول ذلك قال البيهقي (وقد روى قتادة أيضا عن عزرة بن تميم وعن عزرة
ابن عبد الرحمن) - قلت - عزرة الذي روى عن سعيد بن جبير وروى عنه قتادة هو عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي كذا
ذكر البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم وابن حبان وصاحب الكمال والمزي وليس في كتاب أبي داود أحد يقال له
عزرة بن يحيى بل ولا في بقية الكتب الستة وترجم المزي في أطرافه لهذا الحديث فقال عزرة بن عبد الرحمن عن سعيد
ابن جبير عن ابن عباس وفي تقييد المهمل للغساني وروى مسلم عن قتادة عن عزرة وهو عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي
عن سعيد بن جبير في كتاب اللباس قال البخاري عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي كوفي عن سعيد بن جبير وسعيد بن
عبد الرحمن بن ابزي سمع منه قتادة قال وقال احمد يعني ابن حنبل هو عزرة بن دينار الأعور قال ولا أراه يصح وذكر
صاحب الالمام هذا الحديث ثم قال رأيت في كتاب التمييز عن النسائي عزرة الذي روى عنه قتادة ليس بذاك القوي
وبقي في الحديث علة أخرى غير ما ذكره البيهقي وهي ان بعضهم يرويه عن قتادة عن ابن جبير ولا يذكر عزرة كذا
ذكره صاحب الاستذكار وغيره ثم ذكره البيهقي من وجه آخر عن ابن جريج عن عطاء مرسلا ثم ذكر فيه اختلافا
336

ثم قال (ورواه ابن جريج عن عطاء عنه عليه السلام مرسلا) - قلت - هذا تكرار -
قال (باب الرجل يحرم بالحج تطوعا)
337

ولم يكن حج حجة الاسلام أو يقول احرامي كاحرام فلان وكان فلان مهلا بالحج يجزيه عن حجة الاسلام
- قلت - ذكر الطحاوي في المشكل حديث حج عن نفسك ثم عن شبرمة ثم قال ما ملخصه تعلق به قوم فقالوا تكون
الحجة عن نفسه ثم قاسوا علي ذلك من لم يحج فتطوع أنه يكون حجة الاسلام وخالفوا ذلك فيمن صام رمضان تطوعا
فلم يجوزوه عن رمضان ولا التطوع فإن كان هذا الحديث ثابتا فقياس صوم التطوع عليه وجعله من رمضان أولى لان
وقت الصوم رمضان لا غير ووقت الفرض والنفل والصحيح في الحديث انه موقوف ودليل من قال من أهل المدينة
والكوفة ان الحج يكون تطوعا لا عن حجة الاسلام قوله صلى الله عليه وسلم أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة
صلاته فإن كان اكملها كتبت كاملة وان لم يكن اكملها قال الله تعالى لملائكته انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فأكملوا به
ما ضيع من فريضته والزكاة مثل ذلك ثم تؤخذ الاعمال على حساب ذلك فدل انه قد يكون منه حج التطوع ولم يحج الفرض
قبل ذلك ويحج عن غيره الفرض قبل نفسه وكما جاز له إذا دخل وقت الصلاة ان يتطوع ثم يفرض كذلك إذا دخل
وقت الحج له ان يتطوع عن نفسه أو يفترض عن غيره -
338

قال (باب ما يستحب من تعجيل الحج)
339

- قلت - في هذا الباب عدة أحاديث ظاهرها يقتضي وجوب تعجيل الحج وذلك عكس تبويب البيهقي وذكر في هذا
الباب حديث مهران أبي صفوان عن ابن عباس - قلت - اختلف فيه فقال البيهقي أبي صفوان وفي سنن أبي داود مهران
ابن أبي صفوان وفي أطراف المزي رواه عبد الرحمن بن محمد عن الحسن بن عمرو عن صفوان الجمال عن ابن عباس
انتهى كلامه ومع اختلاف في مهران هذا هو مجهول كذا قال ابن القطان وغيره وقال أبو زرعة لا اعرفه الا في هذا
الحديث ثم ذكر البيهقي من حديث سفيان بن سعيد عن إسماعيل الكوفي عن فضيل بن عمرو إلى آخره ثم قال ورواه
أبو إسرائيل الملائي عن فضيل ثم ذكره بسنده - قلت - ظن البيهقي ان أبا إسرائيل الملائي غير إسماعيل الكوفي المذكور
في السند الأول وليس الامر كذلك بل هما واحد وهو أبو إسرائيل إسماعيل بن أبي إسحاق الكوفي الملائي وهو
ضعيف عندهم -
340

قال (باب لا يهل بالحج في غير اشهره)
ذكر فيه اثرا من رواية ابن خزيمة (عن أبي كريب عن أبي خالد عن شعبة عن الحكم) - قلت - في الخلافيات للبيهقي ان
343

أبا محمد السبيعي قال رواه الناس عن أبي خالد عن الحجاج بن أرطأة عن الحاكم فاجابه الحاكم أبو عبد الله بان ابن خزيمة
اتى بالاسنادين -
344

قال (باب ادخال الحج على العمرة)
346

ذكر فيه حديث عائشة (فاهللنا بعمرة وفيه فقال إنقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة فلما قضينا الحج
أرسلني مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك) ثم قال (قوله ودعي العمرة يريد به امسكي عن أفعالها
وادخلي عليها الحج) - قلت - هذا خلاف حقيقة قوله دعي العمرة بل حقيقته انه أمرها برفض العمرة الحج قوله إنقضي
رأسك وامتشطي يدل على ذلك ويدفع تأويل البيهقي بالامساك عن أفعال العمرة إذ المحرم ليس له ان يفعل ذلك وقد
قال البيهقي فيما بعد باب المرأة تختضب قبل احرامها وتمتشط (قد مضى قول النبي صلى الله عليه وسلم انقضي رأسك
وامتشطي وأهلي بالحج) انتهى كلامه وقول عائشة ترجع صواحبي بحج وعمرة وارجع انا بالحج صريح في رفض العمرة
إذ لو أدخلت الحج على العمرة لكانت هي وغيرها في ذلك سواء ولما احتاجت إلى عمرة أخرى بعد العمرة والحج اللذين
فعلتهما وقوله صلى الله عليه وسلم عن عمرتها الأخيرة هذه مكان عمرتك صريح في أنها خرجت من عمرتها الأولى ورفضتها
إذ لا تكون الثانية مكان الأولى الا والأولى مفقودة وفي بعض الروايات هذه قضاء من عمرتك وسيأتي في باب العمرة
قبل الحج ما يقوي هذا وقال القدوري في التجريد ما ملخصه قال الشافعي لا يعرف في الشرع رفض العمرة بالحيض قلنا
ما رفضتها بالحيض ولكن تعذرت أفعالها وكانت ترفضها بالوقوف فأمرها بتعجيل الرفض ثم استدل البيهقي على ادخالها
الحج على العمرة بما في حديث جابر (انها لما أهلت بالحج وطافت قال لها النبي صلى الله عليه وسلم قد حللت من حجتك
وعمرتك جميعا) - قلت - سيأتي الجواب عنه إن شاء الله تعالى في باب المفرد والقارن يكفيهما طواف واحد -
347

قال (باب من قال العمرة تطوع)
348

ذكر فيه حديث حجاج بن أرطأة (عن محمد بن المنكدر عن جابر ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أواجبة العمرة قال
لا وان تعتمر خير لك) ثم ذكره موقوفا على جابر ثم قال (هو المحفوظ) - قلت - أخرجه الترمذي من حديث الحجاج
مرفوعا وقال حسن صحيح ولابن ماجة عن إسحاق بن طلحة عن أبيه طلحة عن عبيد الله انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول الحج جهاد والعمرة تطوع -
قال (باب وجوب العمرة
استدلالا بقوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله)
- قلت - قد تقدم في آخر الباب السابق قراءة الشعبي لهذه الآية وقوله هي تطوع وعلى القراءة الأخرى اتمام الشئ إنما
يكون بعد الدخول فيه وعند خصومه إذا دخل فيهما وجبا وفي الاستذكار وروى عن ابن مسعود قال الحج فريضة والعمرة
349

تطوع وهو قول الشعبي وأبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور وداود ومعنى الآية عندهم وجوب اتمامهما على من دخل فيهما
ولا يقال أتم الا لمن دخل في العمل ويدل على صحة هذا التأويل الاجماع على أن من دخل في حجة أو عمرة مفترضا
أو متطوعا ثم أفسد انه يجب عليه اتمامهما ثم القضاء وهذا الاجماع أولى بتأويل الآية ممن ذهب إلى ايجاب العمرة ثم ذكر
البيهقي حديث عمر (ان رجلا قال يا محمد ما الاسلام قال إن تشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي
الزكاة وتحج البيت وتعتمر وتغتسل من الجنابة وتتم الوضوء) الحديث - قلت - النوافل من الاسلام لأنها من شرائعه
كما روى الاسلام بضع وستون شعبة أدناها إماطة الأذى عن الطريق وقران العمرة بالفرائض لا يقتضي أن تكون
مثلهما في الفرضية وقد قرن مع الفرائض في هذا الحديث اتمام الوضوء وليس بفرض والمشهور من الحديث ذكر الحج
وحده دون العمرة وهو الموافق للأحاديث الصحيحة المشهورة كحديث بني الاسلام وغيره ثم ذكر حديث احجج عن
أبيك واعتمر - قلت - لا دلالة فيه على وجوب العمرة لأنه امر الولد ان يحج عن أبيه ويعتمر ولا يجبان على الولد عن أبيه
اجماعا ثم ذكر حديثا (عن عمران بن حطان عن عائشة قالت يا رسول الله هل على النساء جهاد) إلى آخره - قلت - قد
قال الدارقطني في علل الصحيحين اخرج البخاري حديث عمران بن حطان عن ابن عمر عن عمر في لبس الحرير وعمران
350

متروك لسوء اعتقاده وخبث رأيه وفي الاستذكار لم يسمع عمران من عائشة ثم ذكر قول ابن عباس (نسكان
لا يضرك بأيهما بدأت) - قلت - النسك ما يتقرب به وقد يكون تطوعا ثم ذكر حديثا عن زيد بن ثابت ثم قال
(رواه إسماعيل بن سالم عن ابن سيرين مرفوعا والصحيح موقوف) - قلت - كذا في الكتاب ابن سالم وفي سنن الدارقطني
351

إسماعيل بن مسلم وهو المكي متكلم فيه ثم ذكر موقوفا ومرفوعا العمرة الحج الأصغر) - قلت - لهذا الحديث تفسيران -
أحدهما ذكر البيهقي فيما مضى في باب العمرة في أشهر الحج - والآخر - ذكره فيما بعد في باب المفرد والقارن يكفيهما
طواف واحد وعلى التفسيرين لا دلالة في الحديث على وجوب العمرة وقال أبو بكر الرازي معناه ان الحج ينوب عن
العمرة لوجود أفعالها فيه وزيادة ولو أراد وجوبها كالحج لم يدخل أحدهما في الآخر كما لا يقال دخلت الصلاة في الحج
وقال الخطابي معناه فرضها ساقط بالحج وهو معنى دخولها فيه فهو دليل على عدم الوجوب -
352

قال (باب القارن يهريق دما)
ذكر فيه (انه عليه السلام ذبح عن أزواجه البقر وان حديث أبي الزبير عن جابر يقطع بكون عائشة قارنة) - قلت -
سيأتي عن قريب إن شاء الله تعالى انه لم يكن في ذلك هدى فهو يدل على أنه لا هدى على القارن وذلك عكس مقصود البيهقي
353

وذبحه عليه السلام عنهن البقرة تبين في الصحيح انه كان أضحية وقد تقدم ما يدل على أنه أمرها برفض العمرة فلا نسلم
انها كانت قارنة -
قال (باب العمرة قبل الحج)
354

ذكر فيه حديث عائشة وفي آخره (واهلت من التنعيم بعمرة مكان عمرتها فقضي الله عمرتها ولم يكن في ذلك هدى ولا صيام
ولا صدقة ثم قال قوله فقضى الله عمرتها من قول عروة) - قلت - اخرج مسلم هذا الحديث من طريق عبدة عن هشام
وفي آخره فخرج بي إلى التنعيم فأهللت بعمرة فقضي الله حجنا وعمرتنا ولم يكن في ذلك هدى ولا صدقة ولا صوم فهذا
صريح بان ذلك من قول عائشة وقد قدمنا ان في بعض الروايات هذه قضاء من عمرتك وهذا صريح بأنه من قوله
عليه السلام ثم لو سلمنا انه من قول عروة فما يصنع البيهقي بقوله فأهلت بعمرة مكان عمرتها وبما في الصحيح من قولها
فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك ثم قال البيهقي (وإنما لم يكن في ذلك هدى لأنه عليه السلام كان قد اهدى عنها وعن
من اعتمر من أزواجه بقرة بينهن) - قلت - هذا لا يتمشى على مذهبه لأنه عليه السلام ذبح البقر عن أزواجه وكن
أكثر من سبع والبقر لا تجزي عنده الا عن سبع وإنما لم يكن هدى لأنها لم تكن قارنة بل رفضت عمرتها كما تقدم -
قال (باب المتمتع إذا قام بمكة حتى
(ينشئ الحج ان شاء من مكة لا من الميقات)
355

ذكر في آخره (عن ابن المسيب كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتمتعون في أشهر الحج فإذا لم يحجوا عامهم ذلك
لم يهدوا شيئا) - قلت لا مناسبة له لهذا الباب -
وقع الفراغ من طبع الجلد الرابع.. مع ما يقابله من الجوهر النقي في يوم
الثلاثاء التاسع من شهر صفر سنة 1351 من الهجرة النبي الكريم عليه وعلى آله وصحبه أفضل
الصلاة وأكمل التسليم ويليه الجلد الخامس وأوله (جماع أبواب
الاختيار في افراد الحج والتمتع بالعمرة) ويسر الله تعالى
اتمامه بفضله وكرمه آمين والحمد لله
رب العالمين
- * (تمت) * -
356