الكتاب: حاشية الدسوقي
المؤلف: الدسوقي
الجزء: ١
الوفاة: ١٢٣٠
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه
ردمك:
ملاحظات: روجعت هذه الطبعة على النسخة الأميرية وعدة نسخ أخرى

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير
للعالم العلامة شمس الدين الشيخ محمد عرفه الدسوقي
على الشرح الكبير لأبي البركات سيدي أحمد الدردير
وبهامشه الشرح المذكور مع تقريرات للعلامة المحقق سيدي الشيد محمد عليش
شيخ السادة المالكية رحمه الله
(تنبيه: قد وضعنا التقريرات المذكورة على الحاشية وعلى الشرح)
(بأسفل الصحيفة مفصولة بجدول)
(روجعت هذه الطبعة على النسخة الأميرية وعدة نسخ أخرى)
(وإنما للفائدة قد ضبطنا المتن بالشكل
الجزء الأول
طبع بدار إحياء الكتب العربية
عيسى البابي الحلبي وشركاه
1

من يرد الله به خيرا
يفقهه في الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي كمل ذوي الأحلام بمعرفتهم علم الحلال والحرام. وهداهم لاستخراج درر الاحكام
فاستخرجوها من بحرها وأودعوها كنزها بدقائق الافهام. والصلاة والسلام على من أتى بالكلام
الحسن واختصر له الكلام. وعلى آلة وأصحابه الحافظين لشريعته من التغيير والتبديل على ممر السنين
والأيام. (وبعد) فيقول العبد الفقير محمد بن عرفة الدسوقي المالكي هذه تقييدات على شرح
شيخنا العلامة مفيد الطالبين ومربى المريد بن المرحوم الشيخ أحمد الدردير العدوي لمختصر العلامة أبي
الضياء خليل بن إسحاق الذي ألفه في الفقه على مذهب إمام الأئمة ونجم السنة الامام مالك بن
أنس اقتبسها من كتب الأئمة الاعلام مشيرا بما صورته (بن) للعالم العلامة سيدي محمد البناني محشي
الشيخ سيدي محمد الخطاب، وحيث قلت: شيخنا فالمراد به شيخنا العلامة أبو الحسن علي بن أحمد
الصعيدي العدوي محشي الخرشي وصاحب التآليف الشريفة والتحقيقات المنيفة وحيث ذكرت
(عبق) فالمراد به العلامة الشيخ عبد الباقي الزرقاني وحيث ذكرت (شب) فالمراد به الشيخ إبراهيم
الشبرخيتي وحيث ذكرت (خش) فالمراد به العلامة سياسي محمد الخرشي وحث ذكرت (مج)
فالمراد به مجموعة المحققين العلامة الشيخ محمد الأمير وأسأل الله التوفيق لتمامها والنفع
بها كان نفع بأصلها وهو حسبي ونعم الوكيل (قوله بسم الله الرحمن الرحيم) لا بأس (1) بالتكلم
2

عليها من حيث الفن الشروع فيه المؤلف فيه هذا الكتاب فنقول ان موضوع هذا الفن أفعال المكلفين
لأنه (1) يبحث فيه عنها من جهة ما يعرض (2) لها من وجو وندب وحرمة وكراهة ولا شك
(3) أن الاتيان بهذه (4) الجملة فعل من الأفعال وحينئذ فيقال ان حكم البسملة (5) الأصلي الندب
لأنها ذكر من الأذكار والأصل في الأذكار أن تكون مندوبة ويتأكد الندب في الاتيان بها
في أوائل (6) ذوات البال ولو شعرا (7) كما انحط عليه كلام ح وحكى الخلاف قبل ذلك ع
الشعبي والزهري وحمله على شعر غير العلم والوعظ ثم قد تعرض لها الكراهة وذلك في صلاة
الفريضة على المشهور (8) من المذهب وعند الأمور المكروهة كشراب (9) الخليطين وتحرم
(10) إذا أتى بها الجنب على أنها من القرآن (11) لا على أنها ذكر بقصد التحصن (12) وكذا
تحرم عند الاتيان بالحرام على الأظهر وقيل بكراهتها في تلك الحالة وارتضاه (13) شيخنا
في حاشية الخرشي وتحرم في ابتداء براءة عند ابن حجر وقال الرملي بالكراهة واما في أثنائها فتكره
عند الأول وتندب عند الثاني ولم أر لأهل مذهبنا شيئا في ذلك وليس لها حالة (14) وجوب
3

الا بالنذر ولا يقال إن البسملة واجبة عند الذكاة مع الذكر والقدرة لأنا نقول الواجب مطلق
ذكر الله لا خصوص البسملة كما عليه المحققون * بقي شئ آخر وهو انه هل تجب بالنذر ولو في
صلاة الفريضة بمنزلة من نذر صوم رابع النحر ومن نذر صلاة ركعتين بعد العصر أولا يجب أن
يوفى بذلك النذر لم أر من تعرض لذلك والظاهر اللزوم خصوصا وبعض العلماء من أهل الذهب
يقول بوجوبها في الفريضة (1) وهذا إذا كان غير ملا حظ بالنذر لها الخروج من الخلاف والا
كانت واجبة قول واحدا والظاهر أنها لا تكون مباحة لان أقل مراتبها أنها ذكر وأقل أحكامه
أنه مندوب وقول المنصف وجازت كتعوذ بنفل للوهم لذلك وقول الشاطبي * وفى الاجزاء خير من
تلا * المراد به عدم تأكد الطب ونفى الكراهة فلا ينافي ان أصل الندب ثابت وان الانسان
إذا قالها حصل له الثواب وكون الانسان يذكر الله ولا ثواب له بعيد جدا (قوله الذي) نعت لاسم
الجلالة (2) ومن المعلوم أن الموصول وصلته في تأويل (3) المشتق فكأنه قال الحمد الله المفضل
لعلماء الشريعة على غيرهم وإنما عدل عن التعبير بالوصف المشتق للموصول مع أن المشتق أخصر لان
صفاته تعالى كأسمائه توقيفية على المختار فلا (4) يجوز أن يطلق عليه الا ما ورد عن الشارح اطلاقه ولم يرد
اطلاق للمفضل عليه فلذا توصل بالموصول لوصفه بصلته وإذا علمت أن الموصول وصلته في تأويل
المشتق وان الموصوف وصفته كالشئ، الواحد وان تعليق الحمن بمشتق يؤذن (5) بعلية ما منه
الاشتقاق تعلم أن هذا الحمد الواقع من المصنف مقيد وقاع (6) في مقابلة نعمة (7) فيثاب
عليه ثواب الواجب لا أنه مطلق (8) واقع في مقابلة ذات الله أو صفاته (قوله الشريعة)
المراد بها الاحكام التي شرعها (9) الله لعباده وبينها لهم بمعنى النسب وهي كما تسمى شريعة باعتبار
تشريع الشراع لها تسمى أيضا ملة باعتبار أنها تملى لتكتب ونسمى أيضا دينا باعتبار أنه يتدين
ويتعبد بها والمراد بعلماء الشريعة العلماء المزاولون لهم: أي الحمد لله الذي جعل علماء الشريعة أفضل وأشرف
ممن كان مغيارا لهم بناء على ما قله ابن مالك من أن سوى بمعنى غير وقال غيره أنها اسم مكان وفى هذا
براعة (11) استهلال لأنه يشير أنه يذكر في هذا الكتاب الأحكام الشرعية (قوله في الدارين) أي
4

يلجئون لهم في الدارين الدنيا والآخرة أما لجوؤهم (1) إليهم في الدنيا فظاهر وأما في الآخرة فبالنظر
لشفاعتهم لهم في رفيع الدرجات والمنازل بناء على أن هذه الشفاعة غير مختصة به صلى الله عليه وسلم وقيل
لتعليمهم إياهم كيفية التمني على الله عز وجل (قوله واجتباهم) أي واختارهم في أزاله لذلك عمن عداهم
من العلماء (2) (قوله الأعظم) أي من كل عظيم (قوله الأكرم) أي من كل كريم (قوله وعلى سائر
(3) الخ) أي باقي من السؤر بمعنى البقية أو أن سائر بمعنى جميع أخذ الله من سور البلد المحيط بجميعها (قوله
وآل كل) آي وعلى آل كل أي أتباع كل واحد منهم أي من المرسلين (4) وقوله والقرابة أي قرابة
الأنبياء أي أقارب كل واحد منهم وقوله والتابعين أي للصحابة وقوله وعلى سائر أئمة الدين أي باقيهم
فهو عطف مغاير (5) أو جمعهم فيكون عطف عام * والحاصل ان سائر قيل إنها بمعنى باق وقيل بمعنى جميع
وكل منهما صالح هنا (قوله خصوصا) معمول لمحذوف أي أخص بتلك الصلاة بعد من تقدم الأربعة
المجتهدين خصوصا (قوله إلى يوم الدين) أي الجزاء وهو يوم القيامة وإنما سمى يوم القيامة بيوم الجزاء
لوقوع الجزاء على الاعمال فيه ثم إن الغاية ان جعلت راجعة للمقلدين فلا بد من حذف والمعنى
ومقلديهم حالة كونهم مستمرين طائفة بعد طائفة إلى قرب يوم الدين لان الساعة لا تقوم إلا على
شرار الناس الكفار وان جعلت راجعة للصلاة والسلام كان ذلك كناية عن التأييد أي الصلاة على من
ذكر حالة كونها مستمرة إلى مالا نهاية له على ما جرت به عادة العرب من ذكر الغاية وإرادة التأبيد
كما في قوله
إذا غاب عنكم أسود العين (6) كنتم * كراما وأنتم ما أقام ألام
(قوله أفقر العباد) أي أشد العباد افتقارا إلى مولاه وهذا مبالغة إذ كل مخلوقي مفتقر إلى خالقه
ابتداء ودواما في كل حركة وسكون فليس أحد أشد افتقارا من أحد (قوله شرح مختصر
أي من الشيخ عبد الباقي والشبرخيتى والتتائى ومن حاشية شيخنا على الخرشى والعمدة
في ذلك الأول (قوله على فتح مغلقه) (7) أي بيان تراكيبه فالمراد من مغلقه تراكيبه أي
عباراته الصعبة والمراد بفتحها تبيينها وتوضيحها على طريق المجاز بالاستعارة فقد شبه
صعوبة (8) التراكيب بغلق الأبواب بجامع عسر التوصل للمطلوب مع كل واستعير اسم المشبه به
5

للمشبه (1) على طريق الاستعارة التصريحية التبعية والفتح ترشيح مستعار للبيان فشبه
البيان (2) الفتح واستعير اسم المشبه للمشبه (قوله بحيث متى اقتصرت) أي حالة حون (3)
ذلك الاختصار ملتبسا بحالة هي انى متى اقتصرت الخ ومتى هنا شرطية وهي في الأصل ظرف زمان وقف
يتوسع فيها فتستعمل للمكان والمراد بها هنا المكان أي محل الرقم أي بحيث انى في أي مكان اقتصرت
فيه على قول كان هو الراجح (قوله وبالله تعالى أستعين) أي وأستعين بالله على تأليف هذا الشرح
أي أطلب منه الإعانة على تأليفه أي أطلب منه ان يخلق في قدرة على ذلك (قوله وعليه أتوكل) أي
أفوض أموري كلها إليه وقوله الذي عليه المعول أي الاعتماد (قوله وعنا به) أي ورضى عنا بسببه
(قوله في دار السلام) أي دار السلامة من الآفات والكدورات وهي الجنة (4) مطلقا وقوله
بسلام أي حالة كوننا ملتبسين بالسلامة من أهوال الآخرة وشدائدها مصاحبين لمزيد الانعام
(قوله لان الأولى الخ) علة لتقدير المتعلق خاصا ل عاما كأبتدئ مثلا وقدر فعل لان الأصل في
العمل للأفعال ومؤخرا لإفادة الحصر والاهتمام (قوله لان الأولى الخ) إنما كان أولى لان جعل
المتعلق من المادة المذكورة أليق بالمقام لان كل شارع في شئ يضمر ما جعلت التسمية مبدأ له وأوفى
بتأدية المرام أي المطلوب لدلالة ذلك القدر حينئذ على تلبس الفعل كله بالبسملة على وجه التبرك
والاستعانة (قوله من مادة ما (5) جعلت الخ) أي من مادة تأليف أو أكل أو شرب وقوله مبدأ
له أي ابتداء وأولا له (قوله والابتداء بها) إي في (6) الأمور ذوات البال ولو شعرا (مندوب
وقد تعرض الكراهة للابتداء بها كابتداء المكروهات وقد يحرم كابتداء المحرمات على الأظهر وقيل
بالكراهة ولا يكون الابتداء بهاد كابتداء المكروهات وقد يحرم كابتداء المحرمات على الأظهر وقيل
بالكراهة ولا يكون الابتداء بها واجبا إلا بالنذر ولا يكون مباحا وقد علمت حاصل ما في المقام (قوله
إذا لابتداء قسمان الخ) هذا جواب عن سؤال مقدر فيهم من الكلام تقديره إذا كان الابتداء بكل من
البسملة والحمدلة والصلاة والسلام ع لي النبي صلى الله عليه وسلم مندوبا فكيف يتأتى الابتداء بالثلاثة في
آن واحد (7) مع أن الابتداء بواحد يفوت الابتداء بغيره فأجاب (8) بأنه يتأتى ذلك لان الابتداء
قسمان الخ (قوله وهو ما لم يسبق بشئ) أي وهو ابتداء لم يسبق متعلقة بشئ (قوله بالذات) أي
فيجعل الابتداء بالبسملة حقيقيا لقوة حديها ويجعل الابتداء بغيرها كالحمدلة والصلاة إضافيا (قوله
أوانه) أي الابتداء شئ واحد أي ان المراد بالابتداء بكل من البسملة والحمدلة والصلاة الابتداء العرفي
الذي يعتبر ممتدا للشروع في المقصود فيكون شاملا للبسملة والحمدلة وغيرهما ولا يكون الابتداء بواحد
مفوتا للابتداء بغيره حينئذ (قوله بنقل الضمة الثقيلة (9) على الواو) وإنما ثقات تلك الضمة على الواو هنا
6

لكونها لازمة إذ هي حركة بنية (1) بخلاف هذا دلو فان الضمة فيه لم تستثقل على الواو لأنها حركة
اعراب عارضة بعروض عامل الرفع وتزول عند عدمه وبهذا اندفع ما يقال إن الضمة إنما تستثقل
على الواو إذا تحرك ما قبلها لا إذا سكن ولذا أعرب دلو بالحركات وأجيب أيضا بأنها إنما ظهرت الضمة
على الواو في الاسم لخفته وأما الفعال فهو ثقيل والثقيل لا يحتمل ما فيه ثقل فلذلك نقلت الضمة لأجل
الثقل وإنما كان الفعل ثقيل لتركب مدلوله من الحدث والزمان والنسبة (قوله من الفقر) أي مأخوذ من الفقر وقوله أي الحاجة هي بمعنى الاحتياج (2) (قوله أي الدائم الحاجة) راجع لقوله صفة
مشبهة وقوله أو المحتاج كثيرا راجع لقوله صيغة مبالغة فهو لف ونشر مرتب وقوله كثيرا أي احتياجا
كثيرا أو زمنا كثيرا قيل والثاني (3) أولى لان دائم الاحتياج صار متمرنا على ذلك فلا يكون عنده
شدة تألم بخلاف الثاني (قوله والمراد بالعبد المملوك لله) يشير بهذا إلى أن المراد بالعبد هنا عبد الايجاد
لا عبد العبودية إذا لا يصح ارادته هنا لمنافاته (4) لقوله بعد المنكسر خاطره لقلة العمل والتقوى إذا
لا يصح له بعد وصفه نفسه أولا بالعبودية التي هي من الصفات الكمالية أعني غاية التذلل والخضوع أن
يصفها ثانيا بقلة التقوى لما بينهما من التنافي ولا عبد البيع والشراء لان المصنف حر لا رق إلا أن يراد
باعتبار لازمه وهو الذل والانكسار ولا يصح إرادة عبد الدينار والدرهم الذي دعا النبي صلى الله عليه وسلم
عليه بقوله تعس عبد الدينار والدرهم تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش إذ لا يسوغ لاحد أن يدخل
نفسه فيمن دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقوله تعس بكسر العين أن هلك وقوله وإذا شيك
أي أصابته شوكة في جسمه والانتقاش انتزاعها بالمنقاش كما في شب (قوله أي شدة الاحتياج) (5)
أي وحينئذ فالمضطر معناه شديد الاحتياج المجهود الذي لا يرى لنفسه شيئا من الحول والقوة ولا برى
لاغاثته الا مولاه (قوله فهو أخص من الفقير) أي سواء كان صفة مشبهة أو صيغة مبالغة لعدم
أخذ الشدة في مفهومه على كل حال وقوله أخص من الفقير أي أقل أفرادا منه (قوله وهذا اللفظ)
أي في حد ذاته بقطع النظر عن الواقع في كلام المصنف لان الواقع فيه (6) اسم مفعول لا غير (قوله
وأصله) أي باعتبار ما وقع في المتن (قوله لوقوعها بعد الضاد) أي التي هي أحد حروف الاطباق
(7) الأربعة الصاد والضاد والطاء والظاء * والحاصل ان تاء الافتعال (8) متى وقعت بعد حرف من
هذه الحروف الأربعة فإنها تقلب طاء نحو مظطلم ومطلب ومصطبر ومضطرب لتعسر النطق بالتاء
بعد هذه الأحرف واختيرت الطاء لقربها مخرجا من التاء (قوله وأدغمت الراء (9) الخ) ولا يجوز
ادغام الضاد في الطاء لزوال استطاعة (10) الضاد بالادغام (قوله لرحمة ربه) تنازعه كل من الفقير
7

والمضطر (1) وأعمل (2) الثاني إذ لو أعمل لوجب أن يضمر في الثاني بحيث يقول المضطر لها
لرحمة ربه واللام بمعنى إلى ولا يجوز أن تكون للتعليل لفساد المعنى لان الرحمة علة للغنى لا للفقر لان رحمته
صفة جمال لا يصدر عنها الفقر وآثر اللام على إلى للاختصار ولا يجوز أن تكون اللام للتعدية لان الفقر
والاضطرار يتعديان بإلى أي غاية فقره واضطراره إلى أن يلوذ برحمة ربه (قوله أي عفوه وانعامه)
أشار إلى أن الرحمة صفة فعل ويصح أن يراد بها إرادة العامة فتكون صفة ذات والرب معناه المالك
والسيد أو بمعنى المربى والمبلغ له شيئا فشيئا (قوله خاطره) بالرفع فاعل بالمنكسر (قوله لا يعبأ به) أي لا يعتنى
به (قوله أجزاء المتصل) أي أجزأ الشئ المتصل وقوله الصلب بضم الصاد (قوله من اطلاق الحال
واراده المحل) أي والعلامة الحالية بناء على التحقيق من أنها وصف المنتقل منه أو المحلية بناء على أنها
وصف المنتقل إليه أو الحالية والمحلية معا بناء على أنه يعتبر في العلامة وصف كل من المنتقل منه والمنتقل
إليه (قوله ثم شبهه) (3) أي القلب بشئ صلب الخ فلفظ المشبه (4) في هذه الاستعارة المكنية
ليس مذكورا بلفظه الموضوع له فهو على حد ما قيل في قوله تعالى (5) فأذاقها الله لباس الجوع
والخوف اه‍ ولك أن تقول (6) انه أطلق الخاطر على القلب مجازا مرسلا لعلامة الحالية ثم شبه
حزن القلب بالانكسار (7) واستعار الانكسار للحزن واشتق (8) من الانكسار منكسر
بمعنى حزين وحينئذ فالمعنى حزين القلب وذليله لقلة العمل الخ وعلى هذا فلا كناية ولا شئ آه
أو ان معنى قوله المنكسر خاطره المتألم قلبه فأطلق الخاطر وأراد محله وهو القلب وأطلق الانكسار
الذي هو تفرق الاجزاء على ما يتسبب عنه وهو التألم مجازا مرسلا لعلامة الحالية في الأول والسبية
في الثاني (قوله ثم هو) أي ثم بعد ذلك جعل اللفظ بتمامه كناية الخ (قوله لقلة العمل) علة
لانكسار خاطرة وإنما قدر الوصف بالصالح لأجل صحة التعليل لان القلب لا يتألم الا من قلة العمل
الصالح فالحذف لقرينة وعطف التقوى (9) على العمل من عطف الخاص على العام لان العمل قد
يكون امتثالا وقد لا يكون امتثالا لما ذكر (قوله عرفوا أنفسهم) أي أن يعرفوا أنفسهم بالذل
فيتسبب عن ذلك معرفتهم لربهم فيتسبب عن ذلك أنهم يكونون في مقعد صدق عنده
8

تعالى وفيه إشارة لما ورد من عرف نفسه (1) عرف ربه (قوله فكانوا الخ) هذا إشارة لقوله تعالى إن
المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر وهذه العندية عندية مكانة لا عندية مكان لاستحالتها
عليه تعالى وحينئذ فالمعنى أنهم يكونون في مقعد صدق بحيث يكونون مقربين منه تعالى قربا معنويا
لا حسيا (قوله خليل) فعيل مأخوذ من الخلة بالضم وهي صفاء المودة أي المحبة الخالصة من مشاركة
الأغيار فهو في الأصل صفة مشبهة ثم سمى به المصنف فهو على منقول من الصفة المشبهة (قوله أي هو
خليل) وعلى هذا فالجملة مستأنفة استئنافا بيانيا واقعة في جواب سؤال مقدر كأنه قيل ومن ذلك العبد
الفقير المضطر فقيل هو خليل بن إسحاق (قوله نعت فخليل) أي خليل المنسوب لإسحاق بالنبوة فهو مؤول
بالمشتق فاندفع ما يقال إن ابن جامع فكيف يكون نعتا والنعت لابد أن يكون مشتقا (قوله أو خبر
لمحذوف) أي هو ابن إسحاق وعلى هذا فالجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل ومن خليل (قوله
ابن موسى) هذا هو الصواب كما في ح وغيره (قوله ووهم من قال الخ) أي وغلط من أبدل موسى
بيعقوب وهو ابن غازي (2) وذلك لان إسحاق إنما كان والده يسمى موسى لا يعقوب (قوله لأنه كان
حنفيا) أي لان إسحاق كان حنفيا (قوله وشغل ولده) أي خليل بمذهب مالك وفى شب وغيره ان
المصنف مكث في تأليف هذا المختصر نيفا وعشرين سنة ولخصه أي بيضه في حياته
للنكاح وباقيه وجد
في أوراق مسودة فجمعه أصحابه وفى ح ان له شرحا على بعضه قال وذكر بعضهم أنه شرح ألفية ابن
مالك ولم أقف عليه قال بعض الشراح مكث المصنف عشرين سنة بمصر لم ير النيل لاشتغاله بما يعنى وكان
يلبس لبس الجند المتقشفين (قوله (إنما ذكر نفسه) أي وإنما ذكر المصنف اسمه في مبدأ كتابه (قوله
وما بعده) أي لخر الكتاب (قوله مقول القول) أي فمحله نصب على أنه مفعول به لا على أنه مفعول
مطلق خلافا لابن الحاجب وهل كل جملة من المقول لها محل على حدتها أولا بل المحل لمجموعها فقط فيه
خلاف (قوله والحمد) مبتدأ (3) وقوله والثناء خبر وقوله لغة إما حال من المبتدأ عند من أجازه (4) أو من
المضاف (5) إليه إذ الأصل وتفسير الحمد حالة كونه لغة أي من جملة الألفاظ اللغوية أو نصب على التمييز
أو على نزع الخافض أي والحمد في اللغة
9

(قوله الشاء) هذا التعريف لنوع خاص من الحمد وهو الحمد (1) الحادث إذا لحمد القديم لا يتصور
أن يكون بلسان لاستحالته عليه تعالى ولو قال الثناء الكلام لكان شاملا لأنواع الحمد الأربعة: حمد
الحادث للحادث والقديم وحمد القديم للقديم وللحادث لان الكلام صادق بالقديم والحادث (قوله
باللسان) (2) المراد به آلة النطق فيشمل ما لو نطقت اليد بالثناء على زيد لأجل جميل اختياري خرقا
للعادة (قوله على جميل أي لأجل جميل فعلى للتعليل فهو إشارة للمحمود عليه فلا بدفيه أن يكون جميلا
أي في الواقع (3) عند المحمود ولو بحسب اعتقاد الحامد ولا بد أن يكون اختياريا وإلا كان مدحا
ولذا يقال مدحت اللؤلؤة على صفاء لونها ولا يقال حمدتها على ذلك بخلاف المحمود به فلا يشترط فيه
أن يكون اختياريا كأن يثنى عليه بصباحة الوجه لأجل إكرامه إياه ولذا تراهم يقولون إن المحمود به
وعليه تارة يختلفان ذاتا واعتبارا كما في المثال المذكور وتارة يتحدان ذاتا ويختلفان اعتبارا كأن يثنى
عليه بالكرم لأجل كرمه فالكرم من حيث إنه مثنى به محمود به ومن حيث إنه باعث على الحمد محمود
عليه وقد تضمن ما ذكره من التعريف أركان (4) الحمد الخمسة وهي الحامد والمحمود والمحمود به
والمحمود عليه والصيغة فالثناء (5) باللسان هو الصيغة وهو يستلزم مثنيا وهو الحامد ومثنى
عليه وهو
المحمود ومثنى به وهو مدلول الصيغة المحمود بها وقوله على جميل اختياري إشارة للمحمود عليه * لا يقال
تقسيمهم الحمد لمطلق ومقيد يقتضى أن المحمود عليه ليس ركنا لتحقق الحمد بدونه كما في المطلق لأنا
تقول مرادهم بالمطلق ما كان في مقابلة ذات الله أو صفة من صفاته والمراد بالمقيد ما كان في مقابلة نعمة
وليس المراد بالمطلق ما كان لا في مقابلة شئ أصلا فالمحمود عليه لا بد منه في تحقق الحمد إلا أنه إن كان
ذات الله أو صفة من صفاته فالحمد مطلق وإن كان نعمة فالحمد مقيد * إن قلت إن الذات والصفات
ليست اختيارية والمحمود عليه لابد أن يكون اختياريا * قلت مرادهم بالاختياري ما كان غير
اضطراري لاما كان حصوله بالاختيار فدخلت الذات والصفات في الاختياري بهذا الاعتبار
(قوله على جهة التعظيم) قيل يغنى عنه قوله على جميل اختياري لأنه إذا كان الثناء لأجل جميل
اختياري فلا يكون إلا على جهة التعظيم وقال بعضهم أتى به إشارة إلى أنه لا بد من موافقة الجنان
للسان على الثناء أما إذا أتى بلسانه وقلبه معتقد خلافه فلا يكون حمدا لأنه ليس على جهة التعظيم
(قوله كان) أي الجميل أي الاختياري نعمة كالعطايا أولا كالعبادات وحسن الخط مثلا فهو
تعميم في المحمود عليه (قوله فعل) أي من الحامد وهو شامل للقول والعمل والاعتقاد لان المراد
بالفعل ما قابل الانفعال فيشمل الكيف كالاعتقادات (قوله ينبئ عن تعظيم المنعم) أي (6) يدل
من اطلع عليه على تعظيم المنعم الذي هو المحمود فدخل الاعتقاد فلا يقال الانباء إنما يظهر في
القول والعمل ولا يظهر في الاعتقاد إذ لا اطلاع لغير الحامد عليه (قوله ولو على غير الحامد) أي
ولو كان إنعامه على غير الحامد وإنما صرح بقوله لكونه منعما لأجل ما بعده من المبالغة فاندفع ما يقال إنه لا حاجة لقوله لكونه منعما لأنه معلوم من تعليق الحكم الذي هو التعظيم بالمشتق
وهو المنعم لان تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بعلية ما منه الاشتقاق (قوله منصوب) أي على أنه
10

مفعول مطلق (قوله كذا قيل) قائله العلامة الناصر اللقاني في شرح خطبة المصنف (قوله والمراد
انه) أي الخبر وهو (1) لله وقوله أجنبي أي من الحمد (قوله من جهة المصدرية) أي مصدرية
الحمد (قوله لا من جهة كونه) أي الحمد مبتدأ أي لأنه من هذه الجهة ليس أجنبيا منه لان الخبر معمول
للمبتدأ (قوله يعنى الخ) حاصله ان الحمد له جهتان جهة كونه مصدرا وجهة كونه مبتدأ وهو بهذه
الجهة يغاير نفسه من الجهة الأخرى وقد عمل باعتبار كونه مبتدأ في لله فلو عمل في حمدا لكان بالجهة
الأخرى وهي جهة المصدرية فان قلنا إن التغاير الاعتباري لا ينزل منزلة التغير الذاتي صح عمله فيه إذ ليس
هناك فصل بأجنبي حقيقة والأول ملحظ الناصر والثاني ملحظ غيره وهو الحق (قوله يوافي ما تزايد
الخ) أي يقابل ما تزايد من عم الله ويأتي عليها ولما كانت النعم لا تحصى ولا تتناهى لزم من ذلك أن هذا
الحمد لا يحصى ولا يعد لأنه مالا يتناهى لا يقابله إلا مثله * إن قلت حمد المصنف جزئي فكيف
لا يتناهى * قلت المراد انه لا يتناهى باعتبار متعلقه وهو المحمود به لأنه أثنى عليه (2) بصفاته الكمالية
وهي لا تتناهى أو يقال جعله غير متناه باعتبار ذاته لكن تخييلا لا تحقيقا (قوله أي زاد) هو بمعنى كثر
وأشار إلى أن المفاعلة ليس على بابها (3) لان القصد ان الحمد يفي بالنعم
لا العكس وإنما عدل المصنف
عن ذلك إلى صيغة المفاعلة ليس على بابها (3) لان القصد ان الحمد يفي بالنعم لا العكس وإنما عدل المصنف
عن ذلك إلى صيغة المفاعلة لإفادة المبالغة في الوفاء بسبب ما في الصيغة من المبالغة فكان الحمد يريد أن يغلب
النعم ويزيد عليها (قوله بمعنى انعام أو منعم به) حاصله ان النعم جمع نعمة بكسر النون ولما كانت النعمة
تطلق على الانعام الذي هو إيصال المنعم به للمنعم عليه وهو هنا فعل من أفعال الله تعالى
وتطلق أيضا على الشئ المنعم به نيه الشارح بقوله بمعنى انعام أو منعم به على جواز إرادة كل
منهما إلا أن إرادة المعنى الأول أولى لان الحمد على الانعام أمكن من الحمد على المنعم به
وذلك لان الحمد على الانعام بلا واسطة (4) وأما على المنعم به فبواسطة انه أثر (5) لانعام وما كان
بلا وساطة أقوى * واعلم أن الشئ المنعم به لا يكون نعمة حقيقة إلا إذا كانت تحمد عاقبته
كذا قالت الإشارة فمن ثم لا نعمة (6) لله على كافر بل ما ألذه الله به من متاع الدنيا فهو
استدراج له حيث يلذه مع علمه باضراره على الكفر إلى الموت وقالت المعتزلة انها نعمة يترتب عليها الشكر *
والحاصل ان الملاذ الواصلة إليهم نقم في صورة نعم فسماها الأشاعرة نقما نظرا لحقيقتها والمعتزلة سمتها نعما
11

نظرا لصورتها (قوله هو لغة الحمد عرفا) أي وحينئذ فالشكر لغة فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه
منعما على الشاكر أو غيره سواء كان ذلك الفعل قول باللسان أو اعتقادا بالجنان أو عملا بالأركان (قوله
صرف العبد الخ) المراد بصرف تلك النعم فيما خلقت (1) لأجله أن لا يصرفها (2) أصلا فيما نهى عنه
وليس المراد (3) استعمالها دائما وأبدا فيما خلقت (1) لأجله أن لا يصرفها (2) أصلا فيما نهى عنه
وليس المراد (3) استعمالها دائما وأبدا فيما خلقت لأجله وإلا لخرج مثل الأنبياء إذ كانوا في بعض
الأوقات يشتغلون بنوم أو أكل أو جماع أو حديث مع الناس مع أنهم قطعا شاكرون (قوله وغيره) أي القوى الخمس السمع والبصر والشم والذوق واللمس والأعضاء كاليدين والرجلين (قوله إياه) أشار
الشارح (4) بهذا إلى أن المصنف حذف المفعول الثاني لأولى وأما الأول فهو نافي أولانا (قوله النعم
الواصلة له الخ) أي سواء كانت تلك النعم مما بن كمال الذات من ذكورة وسلامة أعضاء وصحة بدن أو
كانت مما بن كمال الصفات من الايمان وتوابعه من المعارف والطاعات (قوله إذا لكرم الخ) علة لقوله
والمراد بهما النعم الواصلة له أو لغيره الخ (قوله يوهم) أي يوقع في وهم السامع وفى ذهنه وقوله أنه
أحصى أي ضبط وعد الثناء عليه تفصيلا أي وهذا لا يتأتى لان نعمه تعالى لا تحصى فلا يتأتى
احصاء الثناء عليها تفصيلا قوله دفعه بقوله لا أحصى (5) الخ) أي فكأنه يقول أنه وان أشرب
في حمدي إلى أنه (6) محصى متناه فان ذلك على سبيل التسهل إذ ليس في قدرتي أن أعد ما يستحقه
المولى من الثاء على سبيل التفصيل (قوله أي لا قدرة لي على عد ذلك تفصيلا) فيه إشارة
إلى أن المعنى على سلب العموم أي لا أقدر على عد الثناءات عليه تفصيلا وإن كان اللفظ من
قبيل عموم فاللفظ لم يطابق المراد منه بل يضاده * والحاصل ان شأن النكرة في سياق
12

النفي تفيد عموم السلب أي تسلط النفي على كل فرد وهذا غير صحيح هنا لأنه يمكن عد أفراد كثيرة من
أفراد الثناء فضلا عن ثناء واحد فتعين أن المراد من اللفظ إنما هو سلب العموم وهو تسلط النفي على
مجموع الافراد أي لا أعد كل ثناء عليك تفصيلا لان الثناء عليك أفراده لا تتناهى فاللفظ لا يوافق المراد منه
بل يناقضه لان سلب العموم يتضمن اثباتا جزئيا وعموم السلب يتضمن سلبا كليا (قوله فكيف
يحصى الخ) استفهام انكاري بمعنى النفي أن لا يمكن ذلك (قوله هو كما أثنى على نفسه) (1) يحتمل
أن يكون هو تأكيدا للضمير في عليه فهو راجع لله كضمير عليه فقوله كما أثنى على نفسه صفة لثناء أي لا
أحصى ثناء عليه مثل ثنائه على نفسه في عدم التناهي وهذا الاحتمال هو ما سلكه الشارح ويحتمل أن
يكون هو مبتدأ وحينئذ يصح رجوعه إلى الله والى الثناء فان رجع لله تعالى فقوله كما أثنى على نفسه
خبره والكاف فيه زائده وما إما (2) موصولة أو مصدرية والمصدر بمعنى اسم الفاعل والتقدير الله
الذي أثنى على نفسه أو الله مثن على نفسه ويصح رجوعه للثناء وهو مبتدأ خبره كما أيضا أي الثناء
الذي يستحقه مثل الثناء الذي أثناء على نفسه أو مثل ثنائه على نفسه في كونه غير متناه (قوله فإنه في
قدرته تفصيلا) الأنسب أن يقول أي كثنائه على نفسه أو مثل ثنائه على نفسه في كونه غير متناه (قوله فإنه في
قدرته تفصيلا) الأنسب أن يقول أي كثنائه على نفسه في عدم التناهي وإن كان في قدرته عد ذلك
تفصيلا تأمل (قوله لا أحصى ثناء عليك أنت الخ) يجرى في الحديث ما جرى في كلام المصنف
من الاعراب ما عدا الوجه الا خير (قوله كما أثنيت على نفسك) أي كثنائك على نفسك في عدم
التناهي وإن كان في قدرتك أن تحصيه (قوله ونسأله اللطف الخ) أسن المصنف الفعل من لا أحصى
إلى ضمير الواحد ومن ونسأله إلى ضمير الجماعة لان الأول فيه اعترف بالعجز والشأن انه إنما يثبته
الانسان لنفسه والثاني دعاه والمطلوب فيه مشاركة المسلمين لأنه مظنة الإجابة كذا قيل والحق أن
ضمير ونسأله للمصنف وحده لان المشاركة التي هي مظنة الإجابة إنما هي المشاركة في المطلوب بأن يكون
المدعو له عاما لا في الطلب بحيث يكون الداعي جماعة وفى سؤاله اللطف رد على المعتزلة الذين أو جبوه
على الله تعالى إذ لو كان واجبا عقليا لم يسأله كما لا يسأل الموت الذي هو واجب عادى ثم إن الواو في
ونسأله للاستئناف ان جعلت جملة الحمد خبرية ولا يصح جعلها حينئذ عاطفة لما يلزم عليه من عطف
الانشاء على الخبر وأما لو جعلت جملة الحمد انشائية كانت الواو عاطفة لجملة انشائية على مثلها (قوله
الدقة) أي قلة الاجزاء وهذا المعنى لا تصح ارادته هنا (قوله والإعانة) هي والعون والمعونة
ألفاظ مترادفة معناها واحد وهو الاقدار على فعل الطاعات الخ وعطفها على اللطف من عطف
الخاص على العام لأنها من أفراد اللطف (قوله الاقدار) أي خلق القدرة (قوله والملمات
أي الأمور الشاقة النازلة بالعبد التي لا تلائمه من ألم إذا نزل جمع ملمة (قوله في جميع الأحوال
جمع حال قال الناصر والمراد بالأحوال الأوقات وقال ح المراد بالأحوال صفات
الشخص التي يكون عليها سواء كانت من المتصلات أو من الإضافيات والمراد بالمتصلات
الصفات التي لها قيام بالشخص باعتبار نفسها لا باعتبار أمر من الإضافيات والمراد بالمتصلات
الصفات التي لها قيام بالشخص باعتبار نفسها لا باعتبار أمر آخر كالصحة والمرض والغنى والفقر
والمراد بالضافيات الصفات التي لا استقرار لها في الشخص بذاتها بل باعتبار أمر آخر كالاستقرار
في الزمان الفلاني أو المكان الفلاني (قوله يعنى نفسه) هذا بناء على أن ضمير نسأله للمصنف وحده
وقوله ويحتمل وغيره أي بناء على جعل ضمير نسأله للمتكلم ومعه غيره من أخواته المسلمين وعلى كل
حال فقوله الانسان إظهار في محمل الاضمار والأصل وحال حلولي أو حلولنا (قوله في رمسه)
13

اعلم أن الرمس في الأصل مصدر رمست الريح الأرض بالتراب إذا سترته به فهو ستر الأرض بالتراب
ثم نقل (1) لتراب القبر ثم للقبر نفسه وهو المراد هنا وإنما سمى رمسا لأنه يرمس فيه الميت أي يغيب فيه
(قوله وإنما خص الخ) جواب عما يقال ذكر الخاص بعد العام لا بد من نكته وما النكتة هنا (قوله
لشدة احتياجه للطف والإعانة فيها) أي لشدة احتياج الانسان للرفق والتخلص من الملمات في تلك
الحالة حالة حلوله في قبره (قوله هو الواسطة في كل نعمة ونصلت الينا من الله) أي حتى الهداية للاسلام أي
التي هي أعظم النعم فهي إنما حصلت لما ببركته وعلى يديه (قوله ولا سيما (2) علم الشرائع) أي خصوصا
على الشريعة فان وصوله الينا من الله إنما هو على يديه وبواسطته كما هو ظاهر وأصل سى سيوا اجتمعت
الواو والياء وسبقت إحداهما بالكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وسى الشئ مثله فمعنى لا سيما
زيد لا مثل زيد فإذا قيل أحب العلماء لا سيما زيد فمعناه لا (3) مثل زيد بل محبة زيد أكثر من محبة غيره
من العلماء ولزمتها لا النافية والواو على المشهور فيها فاستعمالها بدون لا أو بدون واو قليل * واعلم أن ما
بعدها إن كان معرفة كما هنا جاز فيه الرفع على أنه خبر لمحذوف هو صدر الصلة وفتحة سى فتحة إعراب
(4) لاضافتها لما الموصولة وجاز فيه الجر على أن ما زائدة بين المضاف والمضاف إليه وجاز فيه النصب على أن
ما بمعنى شئ والمعرفة مفعول لمحذوف (5) لا تمييز (6) خلاف لمن توهم ذلك فمنع النصب لان التمييز واجب
(7) التنكير وان ما بعدها نكرة كما في * ولا سيما يوم بدارة جلجل * جاز في النكرة الأوجه الثلاثة
لكن النصب على التمييز (قوله وجب ان يصلى عليه) أي تأكل لان الصلاة (8) على البنى صلى الله
عليه وسلم إنما تجب في العمر مرة ويبعد أن المصنف اخرها لزمن التأليف وقلت الشافعية تجب في كل تشهد
يعقبه سلام وقال قوم إنها تجب عند ذكره (9) وبه قال اللخمي من المالكية والحليمي من الشافعية
والطحاوي من الحنفية وابن بطة من الحنابلة (قوله والتبجيل) مرادف لما قبله (قوله فهي) أي الصلاة
فأخص من مطلق رحمة إلى أقل افرادا منها وذلك لان الرحمة بمعنى النعمة وهي أعم من أن تكون
مقرونة بتعظيم أولا وعلى هذا فعطف الرحمة على صلوات في قوله تعالى أولئك عليهم صلوات من ربهم
ورحمة من عطف العام على الخاص (قوله ولذا) أي لأجل كونها أخص (قوله لا تطلب) أي من الله
(قوله الا تبعا) أي لطلبها للمعصوم وطلبها لغير المعصوم استقلالا قيل حرام وقيل مكروه وهو الأظهر
كما قال شيخنا (قوله ومن غيره تعالى) أي سواء كان ذلك الغير إنا أو جنا أو ملكا (10) (قوله
والدعاء) عطف تفسير (11) وقوله باستغفار أي كان الدعاء باستغفار أو غيره (قوله أي التحية)
14

أي من الله له عليه الصلاة والسلام في الجنة بتحية لائقة به كما يحيي بعضنا بعضا بقولنا السلام عليكم
(قوله أو الأمان) أي من المخاوف لان النبي من حيث كونه بشرا يلحقه الخوف (1) من الله بل
هو أشد الناس خوفا لان الخوف على قدر المعرفة ولذا قال أنا أخوفكم من الله (قوله على محمد) خبر
(2) عن الصلاة والسلام أي كائنان على محمد أي له وهذه الجملة خبرية (3) لفظا إنشائية معنى فقد طلب
المصنف من الله صلاته أي نعمته المقرونة بالتعظيم وسلامه لسيدنا محمد (قوله علم) أي شخصي على
الذات الشريفة (قوله منقول) (4) أي لا مر تجل (5) ثم إن نقل الاعلام تارة يكون من اسم الفاعل
كحارث وحامد وتارة يكون من الصدر كزيد ذاته في الأصل مصدر زاد المال بزيد زيدا وتارة يكون
من الصفة المشبهة كحسن وسعيد وتارة يكون من اسم الجنس كأسد وتارة يكون من الفعل كيزيد
ويشكر وتارة يكون من اسم المفعول كمحمد ولذا قال منقول من اسم المفعول أي لا من اسم الفاعل
ولا مما ذكر معه (قوله المضعف) صفة لمحذوف أي الفعل المضعف (قوله أي المكر العين) أي وهو حمد
(6) بتشديد الميم وقوله أي المكرر الخ أي وليس المراد بالمضعف ما كانت لامه (7) وعينه من جنس
واحد كمس وظل لعدم صحة إرادة ذلك هنا (قوله سمى به) أي بذلك العلم المنقول نبينا الخ والذي سماه
(8) به جده عبد المطلب في سابع ولادته لموت أبيه قبلها (قوله رجاء أن يكون الخ) أي لأجل رجاء
ذلك والمترجى لذلك هو جده المسمى له بذلك الاسم (قوله وقد حقق الله ذلك) أي الامر المرجو لجده
(قوله الكامل) أي في الشرف (قوله الشامل) أي لكل الأمور (قوله وعلى التقى) أي الممتثل
للأوامر والمجتنب للنواهي وقوله الفاضل أي الذي عنده فضيلة بعلم أو طاعة (قوله وعلى الحليم) أي
الذي عنده صفح عن الزلات وقوله الكريم أي الذي عنده كرم وسخاوة (قوله وعلى الفقيه العالم
الفقيه من عنده دراية بالفقه والعالم من عنده دراية بالعلم سواء كان فقها أو غيره من العلوم فالوصف
بالعالم أبلغ من الوصف بالفقيه فهو من باب الترقي والمراد أن السيد من كان عنده دراية في الفقه وفى غيره
من العلوم (قوله من يتكلم باللغة العربية سجية) أي سواء كانوا سكان بادية أو حاضرة أي واما
الاعراب فهن سكان البادية بقيد أن يتكلموا باللغة العربية وقيل مطلقا ولو تكلموا بالعجمية والأول
هو الحق وعليه فبين العرب والاعراب عموم وخصوص مطلق لاجتماعهما في سكان البادية الذين
يتكلمون بالعربية سجية وانفراد العرب فيمن يتكلم بالعربية سجية وهم سكان الحاضرة واما
على الثاني فبينهما العموم والخصوص الوجهي والنسبة إلى العرب عربي وإلى الاعراب اعرابي
15

قال ابن كثير الصحيح المشهور أن العرب كانوا قبل إسماعيل ويقال لهم العرب العارية وهم قبائل منهم عاد وثمود وقحطان وجرهم وغيرهم وأما المستعربة فهم من ولد إسماعيل وهو أخذ العربية من جرهم
وما روى عن ابن عباس من أن أول من تكلم بالعربية إسماعيل فمراده عربية قريش التي نزل بها القرآن
وأما عربية يعرب وقحطان وعاد وثمود وجرهم فكانت قبل إسماعيل كذا في حاشية شيخنا (قوله
فيه من الضبط ما في العرب) أي لكن الأولى إذا اقترنا فتحهما أو ضمهما للمشاكلة وأما فتح
الأول وضم الثاني أو العكس فهو وان جاز إلا أنه خلاف الأولى (قوله لان سائرا قد يأتي له) أي
لجميع أي قد يأتي بمعنى جميع أخذا له من سور البلد المحيط بجميعهما وظاهر اتيانه بقد أن استعماله بمعنى
جميع مجاز وهو كذلك على ما يفيده قول القاموس السائر الباقي لا الجميع كما توهمه بعضهم وقد يستعمل
له آه وقوله وقد يستعمل له أي مجازا كما هو قاعدته (قوله وإن كان أصل معناه باقي) أي لاخذه من
السؤر بالهمز بمعنى البقية ويصح حمل كلام المصنف على هذا أيضا لان أمته عليه الصلاة والسلام
بقية الأمم أي الطوائف بالنسبة لمن مضى قبلها وعلى هذا فيكون المصنف التفت لمن أرسل الهم
مباشرة باعتبار عالم الأجسام وأما على أن المراد جميع الأمم فيصح ان يراد البعث بالجسم للجسم أيضا
ويكون المراد بالأمم طوائف أمته ويصح أن يراد جميع الأمم حتى السابقين وبراد بالبعث ما يشمل
البعث بالروح لان روحه الشريفة أرسلت لأرواح من سبق وهذا معنى ما اشتهر من أن الأنبياء
نوابه (قوله والمراد بهم) أي بجميع الأمم المرسل إليهم (قوله وغيرهم) بالرفع عطفا على المكلفين فيفيد
أن الملائكة غير مكلفين وهو قول وعليه فارساله إليهم رسالة تشريف وبالجر (1) عطفا على الإنس والجن
فيفيد أن الملائكة مكلفون وهو قول آخر وارتضاه اللقاني في شرحه على الجوهرة وعليه
فتكليفهم إنما هو ببعض الفروع التي تتأنى منهم كالصلاة والحج لا الزكاة ونحوها مما لا يتأتى منهم وهذا
أقوى القولين كما قال شيخنا (قوله وعلى آله) عطف على محمد وفيه إيماء لجواز الصلاة على غير
الأنبياء تبعا لهم وأما استقلالا فقيل إنها خلاف الأولى وقيل حرام وقيل تكره قال النووي وهو
المعروف وأصل آل أول كجمل تحرك الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا وقيل أصله أهل قلبت الهاء
همزة ثم الهمزة ألفا وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه (قوله وإن كان) أي الال (قوله لأنه يستغنى عنه
الخ) أي لان اتباعه هم أمته وكان الأولى أن يقول لأنه يستغنى بهذا عن قوله وأمته لان هذا واقع في
مركزه والمكرر المستغنى عنه هو الواقع بعد تأمل (قوله عند سيبويه على التحرير الخ) أي خلافا لمن
قال ابن أصحاب اسم جمع لصحاب عند سيبويه وجمع له عند الأخفش * والحاصل أن التحرير أن
سيبويه والأخفش يتفقان على أن أصحاب جمع لصحاب وأن فاعلا (2) يجمع على أفعال والخلاف
بينهما إنما هو في صحب فإنه اسم جمع لصاحب عند سيبويه وجمع له عند الأخفش كذا ذكر شيخنا (قوله
بمعنى الصحابي) أي ان صاحبا الذي هو مفرد أصحاب المراد به هنا الصحابي لا مطلق صاحب (قوله
من اجتمع بالنبي الخ) أي سواء رآه ببصره أولا كالعميان (قوله في حياته) خرج من اجتمع به صلى الله عليه وسلم
بعد موته مناما أو يقظة كالجلاجل (3) السيوطي وأبى العباس المرسى فلا يكون صحابيا (قوله
مؤمنا) أي به لا بغيره فقط (قوله ومات على ذلك) خرج من اجتمع مؤمنا به ثم ارتد ومات
16

على (1) ردته كابن خطل * واعترض هذا القيد بأنه يقتضى ان الصحبة لا تتحق لا حد في حال حياته
لان الموت قيد فتنتفى الحقيقية بانتفائه وهو خلاف الاجماع وعدم وصف المرتد وصف المرتد بها بعد الردة لان
الردة أحبطتها بعد وجودها كالايمان سواء (قوله الصادق بالذكر والأنثى) أي فيشمل بناته
الأربع فاطمة ورقية وزينب وأم كلثوم وأولاده الذكور المذكورين من خديجة الا إبراهيم لأنه من مارية
القبطية ويشمل جميع أولاد الحسن والحسين ذكورا وإناثا (قوله أي أكثرها ثوابا) أي ومناقب
أي مفاخر وكمالات ولا يلزم من كثرة الثواب أكثرية المناقب (قوله هي ظرف زمان هنا) أي
وحينئذ فالمعنى مهما يكن من شئ بعد البسملة والحمدلة أي في الزمان الذي ذكرت فيه البسملة والحمدلة
فأقول قد سألني الخ واحترز بقوله هنا عنها في قولك دار ريد بعد دار عمرو فإنها ظرف مكان هذا ويجوز
أن تكون هنا ظرف مكان باعتبار الرقم والمعنى مهما يكن من شئ بعد البسملة والحمدلة أي في المكان
الذي رسمت فيه البسملة والحمدلة فأقول قد سألني الخ * والحاصل انه يصح جعلها هنا ظرفا زمان
باعتبار النطق وظرف مكان باعتبار الرقم خلاف لما نقل عن الشراح (2) من منع ذلك (قوله لفظا لا
معنى أي في اللفظ لا في المعنى (قوله ولذا بنيت على الضمن) إي ولأجل اضافتها في المعنى بنيت
لأدائها المعنى الإضافة الذي هو نسبة جزئية حقها أي تؤدى بالحرف فالبناء للشبه المعنوي ثم إن
ظاهر الشراح ان ما ذكر علة للبناء على الضمن وليس كذلك بل ما ذكر علة للبناء وأما العلة في كونه على
الضم فهو تكمل الحركات الثلاث لها وذلك لأنها في حالة اعرابها اما ان تنصب على الظرفية أو تجر (3) بمن فناسب أن تكون مضمومة في حال بنائها لأجل أن تستوفى الحركات الثلاث والعلة في كون
البناء على حركة التخلص من التقاء الساكنين (قوله والواو نائبه عن أما) أي واما نائبة عن مهما
ويكن فالعبارة فيها حقد بدليل التفسير الذي بعده (قوله إن مهما يكن من شئ بعد الخ)
أشار بذلك إلى أن بعد من معمولات الشرط والأحسن جعلها معمولة للجزاء والمعنى مهما
يكن من شئ فأقول بعد البسملة قد سألني فيكون الجزاء الذي هو قوله المذكور (4) معلقا
على وجود شئ في الدنيا والدنيا ما دامت موجودة لا بد من وجود شئ فيها فيكون الجواب
معلقا على محقق والمعلق على محقق محقق بخلاف جعلها معمولة للشرط فإنه يقتضى ان الجواب
معلق على وجود شئ مقيد بكونه بعد البسملة والحمدلة والمعلق على المقيد غير محقق الوقوع (قوله
بعد ما تقدم الخ) أي فحذف المضاف إليه ونوى معناه وبنى الظرف على الضم وحذفت منهما
وكين وأقيمت ما مقامهما ثم حذفت أما وأقيمت الواو مقامها (قوله أي فقول الخ) إنما قدره
لان جواب الشرط يجب أن يكون غير واقع إذ لا صحة لتعليق الواقع وكونه قد سأله جماعة مختصرا
17

أمر واقعي فلا صحة لتعليقه وجعله جوابا والحاصل ان جملة قوله قد سألني مقولة لقول محذوف هو
الجواب لا أن الجملة المذكورة هي الجواب لما علمت (قوله الأثر) (1) أي العلامة (قوله أراد بها أدلة
التحقيق) أي على جهة المجاز (قوله أو أتى به الخ) فيه إشارة إلى أن التحقيق يطلق بالاشتراك على اثبات
المسألة بالدليل وعى الاتيان بها على الوجه الحق وإن لم يذكر لها دليل (قوله والمراد به هنا ما كان حقا)
أي من الاحكام (قوله استعارة تصريحية) تقريرها أن يقال شبهت الأدلة بالمعالم أي العلامات التي
يستدل بها بجامع التوصل بكل للمقصود واستعير اسم للمشبه به للمشبه على طريق الاستعارة المصرحة
والمعنى مقلد * لأنا نقول الاجتهاد بذل الوسع في استنباط الاحكام من الأدلة لا اثبات الاحكام
المقررة بأدلتها والمصنف سأل ظهور الأدلة لأجل ان يثبت بها الاحكام المقررة (قوله بطريق سلوك
أي ذات معالم (قوله وسلك بنا الخ) السلوك هو الذهاب والسير في الأرض استعاره هنا للتوفيق أي
ووفقنا وإياهم إلى الطريق الأحسن الموصلة لرضاه تعالى أي خلق فينا وفيهم قدرة على ارتكاب أحسن
الطرف الموصلة إلى رضاه وقال شيخنا في الحاشية جملة وسلك الخ خبرية لفظا إنشائية معنى والمعنى اللهم
اسلك (2) بنا وبهم أنفع طريق إلا أن المعنى الحقيقي وهو كون المولى بذهب معهم في الطريق الحسية
الأنفع غير مراد لأنه مستحيل وإنما الكلام من قبيل الاستعارة التصريحية التبعية وتقريرها أن يقال
شبه صرف الله ارادتهم للوجه الأنفع من علم أو غيره بسلوكه معهم الطريق المستقيم على فرض تحققه
وإن كان للوجه الأنفع من علم أو غيره (قوله أنفع طريق) نصب على الظرفية ولا يقال أنفع ليس بظرف
وإنما هو اسم تفضيل ليس فيه معنى الظرفية لان الظرف المكان كان بعض ما يضاف إليه فقد آل الآمر إلى أنه ظرف
(قوله أي ظرفيا أنفع) أي في طريق أنفع من غيرها وأشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف
أنفع طريق من إضافة الصفة (3) للموصوف وارتكبها المصنف مع كونها خلاف الأصل
رعاية للسجع (قوله تأليفا) قدره إشارة إلى أن مختصرا صفة لموصوف محذوف (قوله والاختصار
الخ) وعلى هذا فالمختصر ما قل لفظه وكثر معناه ويقابله المطول وهو ما كثر لفظه ومعناه
وعلى هذا فما كثر لفظه وقل لفظه ومعناه واسطة بين المختصر والمطول والحق أنه
18

لا واسطة بينهما وأن المختصر ما قل لفظه كثر معناه أم لا وأن المطلول ما كثر لفظه كثر معناه أو قل فقول
الشارح الاختصار تقليل اللفظ مع كثرة المعنى هذا أحد قولين والاخر أنه تقليل اللفظ مطلقا أي
سواء كثر المعنى أم لا (قوله أي فيما ذهب (1) إليه من الاحكام الاجتهادية) أشار إلى أن على في كلام
المصنف بمعنى في (2) وأن مذهب (3) مالك مثلا عبارة عما ذهب إليه من الاحكام الاجتهادية أي التي
بذل وسعه في تحصيلها فالأحكام التي نص الشارع عليها في القرآن أو في السنة لا تعد من مذهب أحد
من المجتهدين وفى ح عند قوله وبالتردد لتردد المتأخرين سئل ابن عرفة حل يقال في أقوال الأصحاب
انها من مذهب الامام فقال إن كان المستخرج (4) لها عارفا بقواعد إمامه وأحسن مراعاتها صح
نسبتها للامام وجعلها من مذهبه والا نسبت لقائلها (قوله إمام الأئمة) (5) أما إمامته بالنسبة للامام الشافعي والإمام أحمد فظاهرة لان الشافعي أخذ عنه كما قال مالك أستاذي وعنه أخذت العلم والإمام أحمد قد أخذ عن الشافعي وأما بالنسبة لأبي حنيفة فقد ألف السيوطي تزيين الممالك بترجمة الامام
مالك وأثبت فيه أخذه أبي حنيفة عنه قال وألف الدارقطني جزءا في الأحاديث التي رواها أبو حنيفة
عن مالك (قوله ابن مالك) أي ابن أبي عامر بن عمر بن الحرث بن غمان بفتح المعجمة أوله بعدها مثناة
تحتية ساكنة ابن خثيل بالمثلثة مصغرا أوله خاء معجمة ويقال أيضا بالجيم كما في القاموس (قوله
الأصبحي) نسبة لذي أصبح بطن من حمير فهو من بيوت الملوك لان أذوا اليمن التبابعة كذى يزن
كما في طفى يزيدون لملك منهم في علمه ذو تعظيما كذى يزن أي أي صاحب هذا الاسم ولما كانت
بيوت الملوك من (6) أصبح زادوا فيها ذو وقالوا ذو أصبح * وكان أنس والد الامام فقيها وكان جده
مالك من التابعين أحد الأربعة الذين حملوا عثمان إلى قبره ليلا ودفنوه في البقيع وأبوه أبو عامر صحابي
شهد المغازي كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بدرا والامام من تابع التابعين وقيل إنه تابعي لأنه
أدرك عائشة بنت سعد بن أبي وقاص وقد قيل بصحبتها لكن الصحيح أنها ليست صحابية * وحملت أم
الامام مالك وهي العالية بنت شريك الأزدية به ثلاث سنين على الأشهر بذي المروة موضع بمساجد تبوك
على ثمانية برد من المدينة وكان ولادته سنة تسعين ووفاته سنة مائة وتسع وسبعين وكان عمره تسعا وثمانين (قوله نعت ثان لمختصر) لكن اسناد البيان له مجاز عقلي
لأنه مبين فيه لا مبين ويصح جعله (7) حالا من ياء
19

سألني أي سألني (1) جماعة تأليفا مختصرا حالة كوني مبينا لهم فيه القول الذي به الفتوى من أقوال أهل
المذهب المذهب المذكر (قوله لما به الفتوى) فيه أن ما من صيغ العموم مع أن المصنف لم يذكر كل قوله بن
الفتوى وقد يقال إن هذا إخبار عما عزم عليه ولا شك ان الانسان قد يعزم على أر ولايتهم له ما عزم
عليه لنسيان أو نحوه (قوله أو المرجح) أو مانعة خلو تجوز الجمع لان ما به الفتوى إما مشهور فقط أو راجح فقط أو مشهور وراجح والمرجح ما قوى دليله والمشهور فيه أقوال قيل إنه ما قوى دليله
فيكون بمعنى الراجح وقيل ما كثر قائله وهو المعتمد وقيل رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة (2)
ثم إن كلام الشراح يقتضى أن الفتوى إنما تكون بالقول المشهور أو الراجح من المذهب وأما القول
الشاد والمرجوح أي الضعيف فلا يفتى بهما وهو كذلك فلا يجوز الافتاء بواحد منهما ولا الحكم به ولا
يجوز العمل به في خاصة النفس بل يقدم العمل بقول الغير عليه لان قوى في مذهبيه كذا قال
الأشياخ وذكر الخطاب عن ابن عمر جواز العمل بالشاذ في خاصة النفس وانه يقدم على العمل بمذهب
الغير لأنه قول في المذهب والأول هو اختيار المصريين والثاني اختيار المغاربة كما قرره شيخنا
وفى ح أن من أتلف بفتواه شيئا وتبين خطؤه غرورا قوليا لا ضمان فيه ويزجر وإن لم يتقدم له اشتغال بالعلم
أدب وتجوز الأجرة على الفتيا إن لم تتعين وفيه أيضا عن زروق قد سمعت بأن بعض الشيوخ أفتى بأن من
أفتى من التقاييد فإنه يؤدب واستظهر ح حمله على التقاييد المخالفة للنصوص أو القواعد لأنه لا يعول
عليها وأما التقاييد المنقولة من الشراح والنصوص فيجوز الافتاء منها قطعا فان جهل حال تلك التقاييد
فقال في عج (3) الظاهر أنها لا تعد نقلا عند جهل الحال وفى شب يمتنع تتبع رخص المذاهب وفسرها
بما ينقض به حكم الحاكم من مخالف النص وجلى القياس وقال غيره ان المراد بتتبع الرخص رفع مشقة
التكليف باتباع كل سهل وفيه أيضا امتناع التلفيق والذي سمعناه من شيخنا نقلا عن شيخه الصغير
وغيره ان الصحيح جوازه وهو فسحة اه‍ وبالجملة ففي التلفيق في العبادة الواحدة من مذهبين
طريقتان المنع وهو طريقة المصاروة والجواز وهو طريقة المغاربة ورجحت (قوله فأجبت سؤالهم
أي بوضع جميع التأليف إن كانت الخطبة متأخرة عنه أو بالشروع فيه إن كانت متقدمة وليس
قوله بعد الاستخارة معينا ان الإجابة بالشروع لصدقة على الاحتمالين لان بعد ظرف متسع (قوله بل
أتى به) أي بما سألوه (قوله أي بعد طلب الخيرة) أي بعد طلب ما فيه خير أي طلب بيان ما هو خير
لي وأولى ليهل الاشتغال بتأليف مختصر على الوجه الذي طلبوه أو الاشتغال بغيره من أوجه
الطاعات (قوله وطلبها) أي وطلب بيانها (قوله بصلاتها (4) الخ) أي بأن يصلى ركعتين يقرا
في الأولى الكافرون بعد الفاتحة وفيه الثانية الاخلاص كذلك ثم بعد السلام منهما يستغفر
20

الله نحو الثلاث مرات ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول اللهم إني أستخيرك بعلمك
وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقد وتعلم ولا أعلم وأنت علام
الغيوب اللهم ان كنت تعلم أن هذا الامر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمرى فاقدره لي ويسره لي
وبارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الامر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمرى فاصرفه عنه واصرفني
عنه واقدر لي الخير حيث كان ورضني به اه‍ وقوله إن كان هذا الامر أن الملاحظ في ذهنه وإن شاء
صرح به بأن يقول إن كان الشئ الفلاني كما قرره شيخنا ثم إذا فرغ من عمل الاستخارة فكل ما انشرح
له صدره من فعل أو ترك مضى إليه (قوله مقدرة) أي لا مقارنة لان الإشارة ليس مقارنة لاجابتهم بالشروع (2)
في التأليف (قوله ونحوه الخ) إشارة إلى أن في كلام المصنف حذف الواو مع ما عطفت (قوله من
كل (3) ضمير مؤنث غائب) أي مثل أقيم منها وظاهرها وحملت وقيدت (قوله أو إنه الخ) أشار إلى
أنه يحتمل أنه عبر فيها عن كل ما ذكر مجازا من اطلاق الخاص وإرادة العام وصح عود الضمير عليها غير
مذكورة في الصلاة تجزى عن غيره ا ولا يجزى غيرها عنها (قوله التي هي الأم أي لكتب المذهب أو للمذهب نفسه (قوله ما رواه غيره) أي ما رواه غير ابن القاسم كأشهب عن مالك (قوله وما قاله) أي ابن
القاسم من اجتهاده (قوله أي بمادة أول) أي فيندرج فيه تأويلان وتأويلات (4) (قوله المؤدى) نعت
لموضع وقولهم كل أي من الشراح وهو مرفوع فاعل بالمؤدى وقوله له أي لذلك الموضع وقوله إلى خلاف
متعلق بالمؤدى (قوله ويختلف المعنى به) أي بذلك الفهم (قوله ويصبر) أي ذلك الفهم وقوله بكل أي
21

من الفهمين (قوله بل يجوز) أي بل يجوز أن يكون موافقا لقول كان موجودا والأغلب أن لا يكون
موافقا لقول موجود (قوله ملتبسة بصيغة الفعل) أي من التباس العام (1) بالخاص (قوله فذلك
(2) لاختياره هو في نفسه) وذلك لان الفعل يقتضى التجدد والحدوث المناسب لما يجده ويحدثه
من عند نفسه (قوله وإن كان بالاسم أي وإن كان مادة الاختيار ملتبسة بصيغة الاسم وقوله فذلك
أي الاختيار إشارة لاختيار ه من الخلاف الواقع بين أهل المذهب وذلك لان الاسم (3) يقتضى
الثبوت المناسب للثابت بين أهل المذهب (قوله وسواء وقع منه الخ) أي وسواء وقع الاختيار لقول
من اللخمي بلفظ الاختيار الخ أي فإنه على كل حال يشير المصنف لاختياره بصيغة الاسم أو الفعل
من مادة الاختيار (قوله ومشيرا بالترجيح) أي بمادته الشاملة للاسم والفعل (قوله وسواء وقع
منه بلفظ الترجيح الخ) أي وسواء كان الترجيح الواقع من ابن يونس بلفظ الترجيح أو التصحيح
أو الاختيار أو الاستحسان فإنه على كل حال يشير المصنف لترجيحه بصيغة الفعل أو الاسم من مادة الترجيح (قوله فذلك لاختياره من الخلاف) أي الواقع بين المتقدمين من أهل المذهب (قوله
وبالظهور) أي وبمادة الظهور الشاملة للاسم والفعل وكذا يقال في قوله بعد وبالقول (قوله كذلك
أي حال كون الظهور الذي أشرت به لابن رشد مشابها للاختيار المشار به للخمى في كونه أين كان
بصيغة الفعل فذلك لاختياره في نفسه وإن كان بصيغة الاسم فذلك لاختياره من الخلاف الواقع بين
المتقدمين من أهل المذهب (قوله فذلك لاختياره من الخلاف أي الواقع بين المتقدمين من أهل المذهب (قوله
وبالظهور) أي وبمادة الظهور الشاملة للاسم والفعل وكذا يقال في قوله بعد وبالقول (قوله كذلك
أي حال كون الظهور الذي أشرت به لابن رشد مشابها للاختيار المشاربة للخمى في كونه إن كان
بصيغة الفعل فذلك لاختياره في نفسه إن كان بصيغة الاسم فذلك لاختياره من الخلاف الواقع بين
المتقدمين من أهل المذهب (قوله في جزيرة صقلية) أي وهي المسماة الآن بسلسيلية وهي جزيرة
بالقرب من مالطة أعادها الله للاسلام (قوله في التفصيل المتقدم) أي في كونه إن كان بصيغة الفعل
فذلك لاختياره في نفسه وإن كان بصيغة الاسم فذلك لاختياره من الخلاف الواقع بين أهل المذهب المتقدمين عليه (قوله والمراد الخ ة جواب عما يقال إن هؤلاء الأشياخ لهم ترجيحات كثيرة مشى
المصنف عليها ولم يشر لها بشئ مما ذكر (قوله متى ذكرت ذلك) أي ما تقدم من مادة الاختيار أو الترجيح أو الظهور أو القول (قوله لا أن المراد أنه) أي الحال والشأن متى رجح بعضهم شيئا الخ إي
حتى يعترض بوجود ترجيحات كثيرة لهم مشى المصنف عليها ولم يشر إليها ولم يذكر المصنف هؤلاء
المشايخ الأربعة على ترتيبهم في الوجود * وأقدمهم ابن يونس الصقلي توفى سنة أربعمائة وواحد
وخمسين ثم اللخمي الصفاقصي توفى سنة أربعمائة وثمانية وسبعين * ثم ابن رشد القرطبي توفى سنة
خمسمائة وثلثين * ثم المازري توفى سنة خمسمائة وست وثلاثين وخص هؤلاء الأربعة (4) بالذكر
لأنه لم يقع لاحد من المتأخرين ما وقع لهم من التعب في تحرير المذهب وتهذيبه وخص ابن يونس
بالترجيح لان أكثر اجتهاده في الميل إلى بعض أقوال من سبقه وما يختاره لنفسه قليل وص ابن
رشد بالظهور لاعتماده كثيرا على ظاهر الروايات فيقول يأتي على رواية كذا كذا وظاهر ما في سماع
فلان كذا وخص المازري بالقول لأنه لما قويت عارضته في العلوم وتصرف فيها تصرف المجتهدين
كان صاحب قول يعتمد عليه وخص اللخمي بمادة الاختيار لأنه كان أجرأهم على ذلك (قوله أي
وكل مكان الخ) أشار بهذا إلى أن حيث مبتدأ وانها اما بمعنى المكان أو الزمان وقوله فذلك الخ هو
الخبر ودخلت الفاء عليه لاجراء كلمة الظرف مجرى كلمة الشرط في العموم * وحاصل كلام المصنف
22

أين الشيوخ إذا اختلفوا في تشهير أقوال في مسألة فإنه يذكر القولين المشهورين أو الأقوال المشهورة
ويأتي بعدها بلفظ خلاف إشارة لذلك (قوله أي هذا اللفظ) أشار بذلك إلى أن خلاف في كلام
المصنف هنا مرفوع على الحكاية إذ هو في كلام المصنف الآتي له في الأبواب مرفوع مبتدأ خبره
محذوف تارة ومذكور أخرى وإنما لم ينصبه نظرا لكونه مقول القول لاقتضائه (1) انه متى ذكر
أقوالا مختلفة في مسألة كقوله اعتد به عند مالك لا ابن القاسم وكقوله وتصرفه قبل الحجر محمول على
الإجازة عند مالك لا ابن القاسم كانت تلك الأقوال مختلفة في التشهير وليس كذلك * لا يقال القول
لا ينصب المفرد * لأنا نقول إنه ينصبه إذا أول القول بالذكر وحينئذ فول نصب خلافا لكان المعنى وحيث
ذكرت خلافا أي اختلفا ونزاعا في مسألة سواء عبر بمادة الخلاف أو الأقوال أو لم يعبر بذلك (قوله
وسواء وقع منهم الخ) أي سواء وقع الاختلاف في التشهير من هؤلاء المشهورين المتساوين في الرتبة
عنده بلفظ التشهير بان عبر كل منهم بالمشهور كذا وقوله أو بما يدل عليه الخ أي بان عبر كل منهم بالمذهب
كذا أو المعروف كذا أو المعتمد كذا أو الراجح كذا (قوله فإن لم يتساو المرجحون) أي في الرتبة
عنده (قوله اقتصر على ما رجحه الأقوى) أي على ما رجحة أعلام في الرتبة واقتصاره على ما رجحه
الأقوى بالنظر للغالب ومن غير الغالب قد يذكر أولا المعتمد ويذكر بعده القول الضعيف كقوله
في الذكاة بعد أن ذكر ما شهره الأعلى وشهر أيضا الاكتفاء بنصف الحلقوم والودجين (قوله وحيث
ذكرت قولين الخ) آي وكل مكان من هذا الكتاب وقع منى فيه ذكر قولين أو أقوال بان قال هل كذا
أو كذا قولان أو أقوال أو قال هل كذا أو كذا ثالثها كذا ورابعها كذا فلا فرق بين تلفظه بصيغة
القول وعدمه (قوله فذلك) أي ذكر القولين أو الأقوال بلا ترجيح (قوله إشارة) أي ذو إشارة أو
مشير (قوله أي الحكم الفقهي) أشار بهذا التعريف الفرع وهو الحكم الفقهي أي الحكم الشرعي المتعلق
بكيفية عمل قلبي أو غيره فالأول كثبوت الوجوب (2) للنية في الوضوء فإنه حكم شرعي تعلق بالوجوب
الذي هو كيفية للنية التي هي عمل قلبي والثاني كثبوت الوجوب للوضوء فإنه حكم شرعي تعلق بالوجوب
الذي هو كيفية للعمل الغير القلبي أعني الوضوء والمراد بكون الحكم شرعيا انه مأخوذ من الشرع
الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بالاستنباط (قوله أي لم أجد ترجيحا أصلا) أي لم أجد في تلك الأقوال
الموجودة في ذلك الفرع ترجيحا لاحد أصلا (قوله فتأمل) امر بالتأمل لصعوبة المقام لان كلام
المصنف بحسب ظاهره يصدق بما إذا اطلع على راجحية لاحد القولين أو الأقوال وبما إذا اطلع على
راجحية لكل من القولين أو الأقوال وليس كذلك بل الامر في ذلك ما ذكره الشارح (قوله اما لو وجد
راجحية) أي لاحد القولين وكان مقابله ضعيفا (قوله وأرجحية) أي لاحد الأقوال وكان مقابله
راجحا فقط (قوله فالصور أربع) الأولى ما إذا اطلع على راجحية في كل من القولين وفى هذه
23

يعبر بخلاف الثانية ان يطلع على أرجحية لاحد الأقوال الثالثة أن يطلع على أرجحية لاحد الأقوال وفى
الأولى من هاتين الصورتين يقتصر على الراجح وفى الثانية منهما يقتصر على الأرجح الرابعة أن لا يطلع
على ترجيح لقول من الأقوال التي في المسألة أصلا وفى هذه يعبر بقولين أو أقوال (قوله لزوما) أي
دائما وفى كل محل من هذا المختصر بخلاف غير مفهوم الشرط من المفاهيم فتارة يعتبره وينزله منزلة المنطوق
وتارة لا يعتبره (قوله من المفاهيم) متعلق بمحذوف حال من مفهوم الشرط مقدم عليه ومفهوم الشرط
مفعول اعتبر أو ان الظرف لغو و (1) متعلق باعتبر (قوله ما دل عليه اللفظ) أي معنى دل عليه اللفظ (قوله لا
في محل النطق) في للظرفية وإضافة محل للنطق بيانية (2) والمراد بالنطق المنطوق به أي معنى دل عليه
اللفظ حالة كون ذلك المعنى غير مظروف في اللفظ المنطوق به بل في السكوت عنه * ومحصله ان
المفهوم عبارة عن المعنى الذي دل عليه اللفظ المسكوت عنه وذلك كضرب الأبوين في قوله تعالى فلا تقل
لهما أف فإنه معنى دل عليه اللفظ المسكوت عنه وهو لا تضربهما (قوله مفهوم الشرط فقط) أي بالنسبة (3)
للمفاهيم الستة المذكورة بعده فيما سيأتي في الشرح واما المفاهيم الثلاثة المذكورة قبله فيما يأتي في عبارة
الشراح وهي مفهوم الحصر ومفهوم الغاية والاستثناء فإنه يعتبرها من باب أولى لأنها أقوى من مفهوم
الشرط إذ قد قيل فيها انها من قبيل المنطوق (قوله أي انه) أي المصنف وقوله ينزله أي مفهوم الشرط منزلة
المنطوق وهذا بيان لمعنى اعتباره لمفهوم الشرط * وحاصله ان معنى اعتباره له انه إذا ذكر شرطا فلا يذكر
مفهومه لأنه كالمصرح به فيصير ذكره كالتكرار (قوله ما دل عليه الفظ في محل النطق) ما وقاعة على
معنى وفى للظرفية وإضافة محل للنطق بيانية والمراد بالنطق به أي معنى دل عليه اللفظ حالة
كون ذلك المعنى مظروفا في محل هو المنطوق به أي حالة كون ذلك المعنى مظروفا في اللفظ المنطوق به
أن ان المعنى ما دل عليه اللفظ حالة كون ذلك اللفظ مظروفا في اللفظ المنطوق به ومتحققا فيه من ظرفية
العام في الخاص (4) وذلك كالتأليف فإنه معنى دل عليه اللفظ المنطوق به ومظروف فيه من ظرفية المدلول
في الدال وقد يطلق المنطوق على حرمه (قوله حتى لا يحتاج إلى التصريح به) أي بمفهوم الشرط وهذا
مفرع على قوله أي انه ينزله الخ وقوله لنكتة أي كالمبالغة عليه (قوله بالنظر للمعنى) أي بالنظر للعلة وهي
الايذاء والاتلاف لمال اليتم * والحاصل ان العلة في حرمة التأفيف الايذاء وهو موجود في الضرب
فيكون مثل التأفيف في الحرمة بجامع الايذاء والعلة في حرمة اكل مال اليتيم إتلافه وذلك موجود في
حرقة فيكون حرقه حراما قياسا على اكله بجامع الاتلاف في كل (قوله والأول) أي ضرب الأبوين
(قوله مفهوم بالأولى) أي مفهوم حكمه بالأولى من المنطوق وقوله والثاني أي احراق مال اليتيم وقوله
بالمساواة أي مفهوم حكمه بالمساواة للمنطوق وأشار الشارح بهذا إلى أن مفهوم الموافقة
24

قسمان (1)) أحدهما يسمى فحوى الخطاب والثاني يسمى لحن الخطاب ففحوى الخطاب هو المفهوم الأولى بالحكم من المطوق نظرا للمعنى كما في المثال الأول أغنى ضرب الوالدين الدال عليه قوله تعالى فلا
تقل لهما أف فهو أولى بالتحريم من التأفيف في الايذاء والعقوق وأما لحن الخطاب فهو المفهوم المساوي للمنطوق
في الحكم انظرا للمعنى كتحريم احراق مال اليتيم الدال عليه قوله تعالى ان الداين يأكلون أموالي اليتامى
ظلما الآية فان الاحراق مساو للأكل في الحرمة نظرا للمعنى وهو الاتلاف لتساوي الحرق والأكل
في اتلافه على اليتيم (قوله مفهوم الحصر بالنفي والاثبات) أي نحو ما قام الا زيد فمنطوقه نفى القيام عن
غير زيد ومفهومه ثبوت القيام لزيد (قوله أو بأنما) نحو إنما إلهكم اله واحد أي فمطوقة قصر الاله على
الوحدانية ومفهومه نفى تعدد الاله (قوله إنه من المنطوق) أي وقيل إن مفهوم الحصر من جملة المطوق
فيكون منطوق الحصر على هذا القول كلا من الثبوت والنفي لا أحدهما فقط كما هو القول الأول (قوله
وأتموا الصيام إلى الليل) أي ان غاية الاتمام دخول الليل فمفهومه أنه لا اتمام بعد دخوله وقيل إن هذا
من جملة المنطوق (قوله ومفهوم الاستثناء) أي من الكلام التام الموجب والا كان من أفراد مفهوم الحصر
(قوله نحو قام القوم الا زيدا) فمنطوقه ثبوت القيام للقوم غير زيد ومفهومه نفى القيام عن زيد (قوله
نحو من قام فأكرمه) أي فمفهومه أن من لم يقم لم يكرم (قوله نحو أكرم العالم) أي فمفهومه أن غير العالم
لا يكرم (قوله نحو أكرم زيدا لعلمه) أي فمفهومه أنه لا يكرم لغير العلم (قوله نحو سافر يوم الخميس
أي فمفهومه أي غير الخميس يسافر فيه (قوله نحو جلست أمامه) أي فمفهومه أنه لم يجلس في غير أمامه
كخلفه مثلا (قوله فاجلدوهم ثمانين جلده) أي فمفهومه أنهم لا يجلدون أقل من ذلك ولا أكثر منه (قوله
في الغنم الزكاة) أي فمفهومه أي غير الغنم من الحيوانات لا زكاة فيه وكما في قولك جاء زيد فمفهومه أن غير
زيد لم يجئ (قوله وكلها) أن مفاهيم المخالفة حجة أي عند مالك وجماعة من العلماء (قوله إلا اللقب) أي
فإنه لم يقل بحجيته الا الدقاق من الشافعية وابن خويز منداد من المالكية وبعض الحنابلة (قوله إلا اللب) أي
فإنه لم يقل بحجيته الا الدقاق من الشافعية وابن خويز منداد من المالكية وبعض الحنابلة (قوله وبصحح
أو استحسن) أي مبنيين للمفعول لأنه لم يرد تعيين ذلك الفاعل (قوله إلى أن شيخا من مشايخ المذهب
أي كابن راشد وابن عبد السلام وكالمؤلف نفسه بدليل استقراء كلامه فإنه في بعض المواضع يشير
لاستظهار نفسه بما ذكر (قوله يجوز أن يكون مراده صححه من الخلاف) أي الواقع فيه لأهل المذهب
بأن يأتي لقول من الخلاف الذي فيه ويصححه (قوله أو استظهره من عند نفسه) أي بأن يظهر واحد
غير الأربعة قولا في فرع من عند نفسه (قوله وهو الأقرب راجع لقوله يجوز الخ وان عليه أن يزيد قب
قوله وهو الأقرب فالأول يشير إليه بصحح والثاني يشير إليه باستحسن يعنى أن الأقرب انه يشير بالتصحيح
لما يصححه الشيخ الذي من غير الأربعة من كلام غيره ويشير بالاستحسان لما يراه من عند نفسه وخلاف
الأقرب الشمول فيهما (قوله وبالتردد) اعترض بأن الأولى بتردد بالرفع على الحكاية كقوله خلاف
لأنه لم يشربه الا كذلك أي مرفوعا مجردا من اللام وأجيب بأنه لو قال كذلك كان فيه حكاية المفرد بغير
القول وهي شاذة (قوله اما التردد المتأخرين في النقل) أي وله ثلاث صور كما في الشارح وزاد الشارح جنس
لأجل أن يصدق كلام المصنف بتردد الواحد والمتعدد (قوله ابن أبي زيد ومن بعده) أشار بهذا إلى أن
25

أول طبقات المتأخرين طبقة ابن أبي زيد وأما من قبله فمتقدمون (قوله كأن ينقلوا) إي المتأخرون
ولو واحد (قوله في مكان) أي كالبيع (قوله ثم ثم ينقلوا عنه) أي الناقل للأول أو غيره وقوله في مكان
آخر أي كالإجازة ففي هذه الحالة قد تعدد المكان الذي اختلف فيه قول المتقدمين على نقل
(قوله أو ينقل بعضهم عنه حكما) أي في مسائل وقوله عنه أي عمن ذكر من مالك أو ابن القاسم (قوله
وينقل عنه آخر خلافه) أي في تلك المسألة بعينها كأن ينقل ابن أبي زيد عن ابن القاسم وجوب
إزالة النجاسة وينقل عنه القابسي السنية وعدم الوجوب (قوله وسبب ذلك) أي سبب اختلاف
المتأخرين في النقل عن الامام في المسألة الواحدة (قوله بأن يكون له قولان) أي في مسألة فينقل عنه
ناقل قولا وينقل عنه الناقل الثاني القول الآخر وسواء علم رجوعه عن أحدهما أم لا (قوله وكأن
ينقل بعضهم) أي المتأخرين (قوله إنهم على قولين فيه) أي في ذلك الحكم المعين (قوله وغيرهما
أي وينقل غيرهما (قوله إنهم على أقوال) أي في ذلك الحكم المعين (قوله أو ترددهم في الحكم
نفسه) أي واما لتردد جنس المتأخرين الصادق بالواحد والمتعدد في الحكم نفسه هذا * وقد
اعترض على المصنف بأنه قد حصر التردد هنا في محلين مع أنه قد يقع في كلامه التردد بمعنى
خلاف منتشر كقوله وفى تمكين الدعوى على غائب بلا وكالة تردد أي خلاف منتشر أي أقوال
كثيرة * وأجيب بأنه لما كان استعماله التردد بهذا المعنى نادرا كان كالعدم فلذا تركه أوان
أوفى كلام المصنف مانعة جمع تجوز الخلو لكن الجواب الثاني لا يلايم (1) قول الشارح لاحد
أمرين تأمل (قوله فليس قوله لعدم عطفا على لتردد) أي لان العطف حينئذ يقتضى أنه يشير
بالتردد لعدم نص المتقدمين وإن لم يحصل من المتأخرين تردد بل جزموا كلهم بحكم وليس كذلك
لفقد معنى التردد حينئذ إذ لا تردد مع جزم المتأخرين المتقدى بهم واعلم أن التردد في الحكم إن كان
من واحد كان معناه التحير وإن كان من متعدد فمعناه الاختلاف مع الجزم (قوله بل المعطوف
محذوف) أي وهو قوله أوفى الحكم نفسه وهو عطف على قوله في النقل وحينئذ
فالفرق بين
الترددين ظاهر إذ الأول في النقل عن الامام وأصحابه والثاني لترددهم في الحكم لعدم نص المتقدمين
ولم يذكر المصنف علامة يميز بها بين الترددين أي التردد في النقل والتردد في الحكم إلا أن الأول في
كلامه أكثر والثاني أقل كقوله وفى حق غصب تردد وفى رابع ترددوا في اجزاء ما وقف بالبناء
تردد وفى جواز بيع من أسلم بخيار تردد (قوله وبلو الخ) يعنى انه إذا قال الحكم كذا ولو كان كذا
فإنه يشير باتيانه بلو إلى أن في مذهب مالك قولا آخر في المسألة مخالفا لما ذكره وفى لفظ المصنف قلق
لان ظاهر قوله وبلو انها تفيد ما ذكر حيثما وقعت ولو صرح بجوابها بعدها ولو لم تقترن بواو وليس
كذلك بل إنما تفيد ما ذكر عند اقترانها بلو أو والاكتفاء عن جوابها بما تقدم وأشار الشارح
للجواب بأن في كلام المصنف حقد الصفة والحال والدليل على ذلك المحذوف استقراء كلامه
ولو قال المصنف وبولو ولا جواب بعدها إلى خلاف مذهبي كان أظهر (قوله المقترنة بالواو) أي التي
للحال (2) (قوله ولم يذكر بعدها الجواب) أي والحال أنه لم يذكر بعد لو جوابها (قوله اكتفاء بما
تقدمها) أي عليها (قوله إلى رد خلاف) أي قوى اما إذا كان المقابل ضعيفا فلا يشير لرده بلو ولا
يتعرض له أصلا لتنزيله منزلة العدم (قوله أي خلاف منسوب الخ) هذا جواب عما يقال إن معنى
المصنف إلى خلاف منسوب لمذهب وهو نكرة صادق بمذهب مالك وغيره وليس كذلك إذ لا يشير
بلو إلى خلاف واقع في
26

غير مذهب مالك والجواب ان الكلام وإن كان عاما لكن المراد منه مذهب مالك فقط بدليل استقراء
كلامه (قوله ومن غير الغالب قد تكون الخ) هذه الحالة التي ارتكبها في لو ارتكب عكسها، ان
فيستعملها في المبالغة غالبا وللرد على المخالف قليلا (قوله والله أسأل) أي وأسأل الله أي أطلب منه
(قوله أي لا غيره) أخذ الحصر من تقديم المفعول وهذا يقتضى قراءة لفظ الجلالة بالنصب ويجوز
قراءته بالرفع (1) على أنه مبتدأ والجملة بعده خبر والرابط لها محذوف (قوله من كتبه لنفسه) أي
ولو لم يقرأ فيه (قوله أو قرأه بحفظ الخ) بل ولو قرأه بمقابلة (قوله أو غيره) أي كميراث أو هبة
(قوله أو باستعارة) عطف على بملك أو على قوله بشراء لان الملك يشمل ملك الذات وملك المنفعة
(قوله أو سعى في شئ) أي في تحصيل شئ منه (قوله أي من المختصر (جعله الضمير راجعا
للمختصر أولى من عوده لواحد مما ذكره أي أو سعى (3) في تحصيل بعض واحد مما ذكر لان عوده
(4) على المختصر أعم (5) كما ذكره الشارح (قوله والشئ) أي وتحصيل الشئ صادق ببعض كل
واحد أي صادق بتحصيل بعض كل واحد بأن كتب البعض منه وملكه وقرأه (قوله وببعض
واحد منها فقط) أي بأن كتب بعضه فقط أو قرأ بعضه أو ملك بعضه بشراء أو غيره والمراد
بعض منتفع به احترازا عن كتابة كلمة أو كلمتين أو قراءة ذلك (قوله والمحصل الخ) عطف على
القارئ أي وإعانة المحصل الخ (قوله وقرائن الأحوال دالة الخ) وذلك لان الله نشر ذكره في
الآفاق وجبل قلوب كثير من الناس على محبته والاشتغال به وهذا من علامات القبول (قوله والله
يعصمنا) مأخوذ من العصمة وهي لغة الحفظ والمنع واصطلاحا (6) ملكة تمنع الفجور أي كيفية
يخلقها الله في العبد تمنعه من ارتكاب الفجور بطريق جرى العادة والمراد هنا المعنى اللغوي كما أشار
له الشارح (قوله لفظا ومعنى) يقال زل يزل كضرب يضرب بمعنى زلق (قوله فقط نقص) أي في
ماله أو في بدنه أو في عرضه بمعنى انه يحتقر بين الناس (قوله وهذه جملة طلبية معنى أي فهي خبرية
لفظا إنشائية معنى وهي معطوفة على الجملة الانشائية الدعائية ولو تجردت هذه الجملة للخبرية لم يصح
العطف باتفاق البيانيين وعلى الخلاف عند النحويين ولو نصب الله هنا بأسأل لم يصح لما يلزم عليه من
العطف على معمولي عاملين مختلفين والعاطف واحد وهو الواو وسيبويه يمنع ذلك (قوله أي أقوالنا
وأعمالنا أشار بذلك إلى أن أل في كلام المصنف عوض عن المضاف إليه وأشار بقوله بعد في كل حال
إلى أن المراد من الأقوال والأفعال تعميم الأحوال (قوله ومنه) أي ومن كل حال أي من جملة افراده
27

(قوله اعتذر (1) مأخوذ من الاعتذار وهو إظهار العذر (قوله بمعنى العقل) كذا في القاموس وقوله
أي العقول الكاملة أخذ الوصف بالكمال من جعل أل في الألباب للكمال وقال بعض المفسرين اللب
هو العقل الراجح فيكون الكمال مأخوذا من معنى الألباب (قوله لأنهم الخ) وإنما خصهم بالاعتذار
إليهم لأنهم الخ (قوله ولا يلومون) أي فلا يقولون أخطأ المؤلف أو خبط خبط عشواء (2) ونحو ذلك
بل إذا رأوا خطأ قالوا هذا سبق فلم أو هذا سهو إذا لم يمكنهم تأويل العبارة وصرفها عن ظاهرها (قوله
لكمال إيمانهم) أي الموجب لشفتهم ورحمتهم (قوله من أجل التقصير) هو عدم بذل الوسع في تحصيل
المقصود وأنت خبير بأنه وصف قائم به لا بالكتاب وأجاب الشارح بأنه أراد بالتقصير ما ينشأ عنه
من الخلل فقول الشارح أعني الخلل تفسير باللازم فالمصنف قد أطلق الملزوم وأراد اللازم ثم إن المراد به
ما نظن إنه خلل وإلا فلا يجوز للشخص ارتكاب الخطأ ثم يعتذر عنه أو المراد بقوله الواقع في هذا
الكتب أي المظنون وقوعه فيه لا أنه واقع فيه بالفعل قطعا (قوله روحاني) بضم الراء نسبة (3) للروح
بضمها لا للروح بفتحها الذي هو الرائحة وإنما نسب للروح لأنه آلة لادراكها وعلم من قوله نور أنه
جوهر لا عرض وعرفه بعضم بقوله قوة للنفس معدة لاكتساب الآراء والعلوم وبناء على أنه عرض
(قوله العلوم الضرورية) أي وهي التي لا يتوقف حصولها في النفس على نظر واستدلال (قوله ثم لم يزل
ينمو) أي يتزايد قوله خلقه الله في القلب الخ) وقيل إن محله الرأس ويترتب على الخلاف انه إذا ضربه
في رأسه فأوضحه فذهب عقله هل تلزمه دية الموضحة (5) فقط ولادية للعقل (6) لا تحاد المحل (7) أو
تلزمه دية للموضحة ودية للعقل لتعدد المحل (قوله أي أسألهم) أي ذوي الألباب فاسأل متعلق
بمفعول معنى هو ضمير ذوي الألباب السابق ذكرهم حذفه اختصارا (8) أو اقتصارا لقرينة تقدم
ذكرهم ويجوز أن لا يتعلق الفعل بمفعول تنزيلا له منزلة اللازم ليعم كل من يصل له السؤال من
الناظرين في كتابه (قوله لأنهم هم الذين يسئلون) أي لشفقتهم ورحمتهم وكمال إيمانهم (قوله بلسان
التضرع الخ) فيه أن التضرع هو التذلل ولا لسان له وأجاب الشارح بأربعة أجوبة وبقي خامس
وهو أن الإضافة لأدنى ملابسة أي بلساني عند تضرعي وتذللي (قوله أي ذوي التضرع) أراد به نفسه
وكذا يقال في التضرع الخاشع (قوله أو المراد بلسان تضرعي) أي فأل عوض عن المضاف إليه (قوله
استعارة بالكناية) أي حيث شبه تضرعه بانسان ذي لسان تشبيها مضمرا في النفس على طريق
المكنية وإثبات اللسان تخييل (قوله والخشوع) عطفه على التضرع من عطف المراد
بهما شئ واحد وهو التذلل (قوله وخطاب التذلل) الاحتمالات الأربع التي في قوله بلسان التضرع
تجرى هنا (قوله فالألفاظ الأربعة) أي التضرع والخشوع والتذلل والخضوع (قوله وأسند)
28

أي أضاف (قوله تفننا) أي ارتكابا لفتين وطريقتين في التعبير مرادا منهما معنى واحد لان المراد من
الخطاب اللسان (1) فقوله بعد والخطاب الخ بيان لمعناه الحقيقي لا للمعنى المراد منه (قوله وقيل الصالح
للأفهام) أي فعلى الأول لا يقال للكلام خطاب الا إذا وجد من يخاطب به وكان أهلا لفهمه وأما على
الثاني فيقال له خطاب وإن لم يجد من يخاطب به فكلام الله في الأزل لا يقال له خطاب على الأول
ويقال له على الثاني (قوله أن ينظر) أي ان ينظر إليه من نظره منهم (قوله بعين ذي الرضا) أي ففي الكلام
مجاز بالحذف أو المراد بعين الراضي (2) والمصيب أو الكلام من باب المبالغ أي انه بالغ في الناظر حتى
جعله نفس الرضا أو في الكلام استعارة بالكناية واثبات العين تخييل أو ان إضافة عين لما بعده لأدنى
ملابسة كما قال الشارح أي ان ينظر إليه الناظر منهم بعينه في حال رضاه (قوله لا بعين السخط) هو ضد
الرضا وهو تصور (3) الحق بصورة الباطل (قوله والاعتساف) هو الباطل فهو ضد الصواب (قوله
أو ان إضافة عين الخ) أي وحينئذ فلا يحتاج لتقدير ذي (قوله وعين الرضا) أي وعين الناظر للشئ في
حال رضاه عنه (قوله كما أن عين السخط) أي كما أن عين الناظر للشئ في حال سخطه عليه تبدى المساويا
أي القبائح فيه (قوله من نقص) أي نق لفظ أي لفظ ناقص سواء كان ذلك اللفظ كلمة أو حرفا
لاما كان فيه من نقص أحكام ومسائل لم تذكر لان ذلك لا غاية له ولا يقدر أحد على تكميل ذلك
النقص (قوله كملوه) أي أذنت لهم في تكميله بما يتممه لأجل أن يفهم المعنى المراد (قوله فعل ماض) أي
فهو بفتح الميم ولا يصح أن يكون بكسر الميم (4) على أنه فعل أمر اذنا لأولي الألباب في التكميل لان
ما شرطية مبتدأ والامر لا يكون جوابا للشرط الا إذا قرن بالفاء ولا يجوز حذفها الا في الشعر (قوله
جواب الشرط) وهل خبر المبتدأ فعل الشرط أو جوابه أو هما أقوال قوله أي اللفظ الناقص) أي
الساقط وتكميله بالاتيان به وقوله أو المنقوص أي وهو الباقي بعد الاسقاط وتكميله بالاتيان
بالساقط * والحاصل ان المراد بالنقص اما اللفظ المحذوف المسقط أو الباقي بعد الاسقاط لا نفس
الاسقاط وتكميله بالاتيان به وقوله أو المنقوص أي وهو الباقي بعد الاسقاط وتكميله بالاتيان
بالساقط * والحاصل ان المراد بالنقص اما اللفظ المحذوف المسقط أو الباقي بعد الاسقاط لا نفس
الاسقاط والترك إذ لا يكمل * واعلم أن النقص يطلق على الأمور الثلاثة المذكورة لكن اطلاقه على
الأخير حقيقة وعلى الامرين الأولين مجاز (5) (قوله والاحكام) عطف تفسير باعتبار المراد وان
كانت المعاني في حد ذاتها أعم (قوله وفى اعراب الألفاظ) كما إذ رفع ما حقه النصب أو نصب ما حقه
الرفع أو الجر مثلا (قوله أي أصلحوا ذلك الخطأ) أي أذنت لهم في اصلاحه (قوله بالتنبيه عليه في
الشروح) أي لمن تصدى لوضع شرح عليه (قوله أو الحاشية) أي أو بالتنبيه على ذلك بالكتابة في
الحاشية أي الهامش (قوله من غير تغيير الخ) أي بأن يكشط ألفاظه ويأتي ببدلها أو يزيدها فيا أو ينقص
(قوله فإنه لا يجوز) أي لان فتح هذا الباب يؤدى لنسخ الكتاب بالكلية لأنه (6) ربما ظن الناسخ ان
الصواب معه مع كون ما في نفس الامر بخلافه (قوله كأن يقال الخ) وأما لو قال ظاهر العبارة كذا
وليس كذلك ويجاب عنه بكذا فلا بأس به أو يقال ظاهر العبارة
29

فاسد ويجاب عنه بكذا فلا بأس به أيضا فالمضر ترك الجواب مع الاعتراض بكلام شنيع (قوله على
علو مقامه) أي مع علو مقامه (قوله وعنا به) أي ورضى عنها بسببه (قوله فقلما يخلص الخ) الفاء
للتعليل أي وإنما اعتذرت لذوي الألباب مما يظن أنه خلل واقع في هذا الكتاب أو من الخلل الذي
يظن وقوعه فيه لأنه قلما يخلص الخ أي لأنه لا يخلص الخ فقل للنفي وما كافة أو مصدرية أي قل
خلوص أي انتفى خلوص الخ أي إنما اعتذرت إليهم لأني مصنف وكل مصنف لا ينجو الخ (قوله أي
مؤلف) أشار بهذا إلى أن تعبير المؤلف بمصنف أولا وبمؤلف ثانيا تفنن في التعبير كما أن تعبيره أولا
بيخلص وثانيا بينجوا تفنن (قوله ومراده بالعثرة الخطأ في اللفظ والتحريف فيه بان يسقط كلمة
كالمبتدأ أو الخبر أو جملة فقول الشارح في تحريف الخطأ في اللفظ والتحريف فيه بان يسقط كلمة
كالمبتدأ أو الخبر أو جملة فقول الشارح في تحريف الألفاظ مراده بتحريفها اسقاط بعض الجملة أو
اسقاط الجملة بتمامها أو اسقاط حرف من كلمة (قوله ويحتمل العكس) أي يحتمل أن يكون مراده
بالهفوات تحريف الألفاظ ومراده بالعثرات الخطأ في الاحكام (قوله وهو الزلة) أي النقص فكأنه
قال لأنه لا ينجو مؤلف من النقص أعم ن أن يكون نقص كلمة أو جملة آو نقص حكم بان يترك الحكم
الصواب ويأتي بخلافه (قوله وذلك) أي وبيان ذلك أي كون المؤلف لا يخلص من الهفوات ولا
ينجو من العثرات (قوله أو يريد أن يكتب لفظ وجوب) أي مع استحضار القلب لذلك (قوله
وقد يكون الخطأ من غيره) أي من غير المؤلف وينسب للمؤلف (قوله كأن يخرج) أي المؤلف
أي كأن يكتب على الحاشية كلمة ساقطة من الأصل (قوله أو غير ذلك) عطف عل يقوله كأن يخرج الخ
(قوله وحينئذ فتكتب متصلة) أي ويجوز ان أن تكون مصدرية فيجوز فيها الاتصال والانفصال
وعلى ذلك فالفاعل المصدر المؤول منها ومن الفعل وحدها وهو يخلص أي قل خلاص المصنف
باب أحكام الطهارة
قوله: (وهو) أي الباب لغة. وقوله: في ساتر أي حائط قوله: (من المسائل) أراد بها القضايا
المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة لما تقرر أن مدلول التراجم إنما هو اللفظ لا المعنى. قوله: (المشتركة
في حكم) أي المشترك مدلولها في أمر كالمسائل المتعلقة بالطهارة أو بالوضوء أو نحو ذلك، فليس المراد
بالحكم حقيقته الذي هو ثبوت أمر لامر ولو عبر بأمر بدل حكم كان أولى وكأنه أراد بالحكم الكون متعلقا
بكذا، فالمسائل المتعلقة بفرائض الوضوء وسننه وفضائله مثلا اشتركت في حكم وهو كونها متعلقة
بالوضوء تأمل. قوله: (النظافة من الأوساخ) أي الخلوص منها. وقوله: الحسية أي المشاهدة بحاسة البصر
كالطين والعذرة. قوله: (كالمعاصي الظاهرة) أي مثل الزنى والسرقة. وقوله: والباطنة أي كالكبر والعجب
والرياء والسمعة فإذا قيل: فلان طاهر من العيوب أي خالص منها كان ذلك حقيقة. والحاصل أن
الطهارة على التحقيق كما اختاره ابن رشد وتبعه العلامة الرصاع والتتائي على الجلاب وشب
وشيخنا في حاشيته موضوعة للقدر المشترك وهو الخلوص من الأوساخ أعم من كونها حسية أو
معنوية، خلافا لما قاله ح من أنها موضوعة للنظافة من الأوساخ بقيد كونها حسية، وأن استعمالها
في النظافة من الأوساخ المعنوية مجاز، ويدل للأول قوله تعالى: ويطهركم تطهيرا والمجاز لا يؤكد الا
شذوذا كما صرح به العلامة السنوسي في شرح الكبرى وغيره عند قوله تعالى وكلم الله موسى تكليما
30

(قوله لموصوفها) إن جعل متعلقا بما قبله كانت اللام للتعدية، وإن جعل متعلقا بما بعده
(2) كانت اللام لشبه الملك أو الاستحقاق لا للتعليل لأنه يقتضي أن المعنى أن إيجاب إباحة الصلاة
لأجل الموصوف لا له. والمعنى على جعلها لشبه الملك أو الاستحقاق أن الموصوف صار كالمالك
لإباحة الصلاة أو استحقاقها قوله: (فالأوليان من خبث إلخ) أي فالصفة التي توجب لموصوفها
جواز الصلاة به أو فيه طهارة من أجل خبث، والأخيرة وهي الصفة التي توجب لموصوفها جواز الصلاة
له طهارة من أجل حدث قوله: (أي صفة تقديرية) أي يقدر ويفرض قيامها بموصوفها أي يقدر
المقدر قيامها بموصوفها ويفرض ذلك فهي صفة اعتبارية يعتبرها المعتبر عند وجود سببها وهو ما يقتضي
طهارة الشئ أصالة كالحياة والجمادية أو التطهير أي إزالة النجاسة أو رفع مانع الصلاة وليست صفة
حقيقة يمكن رؤيتها، وذكر بعضهم أن معنى كونها حكمية أن العقل يحكم بثبوتها وحصولها في نفسها عند
وجود سببها فهي من صفات الأحوال عند من يقول بالحال، أو من الصفات الاعتبارية عند من لا يقول
بالحال كالظهور والشرف والخسة فإنها صفات حكمية أي اعتبارية يعتبرها العقل، أو أنها أحوال
أي لها ثبوت في نفسها وليست موجودة يمكن رؤيتها كصفات المعاني ولا سلبية بأن يكون مدلولها
سلب شئ كالقدم مثلا. وقال شب: ولا يرد على التعريف أنه صادق على القراءة وستر العورة لأن هذه
أفعال لا صفات لان المراد بالصفة الحكمية الصفة الاعتبارية التي تعتبر وليست وجودية وصح
إناطة الحكم بها لضبط أسبابها الشرعية. قوله: (أي تستلزم) أشار بهذا لدفع ما يقال على التعريف
إن الذي يوجب سبب والطهارة شرط. وحاصل الجواب أنه ليس المراد بقوله توجب تسبب بل معناه
تستلزم والمستلزم للشئ ما له دخل فيه أعم من كونه شرطا، أو سببا. فإن قلت: إن الطهارة كما تستلزم
جواز الصلاة تستلزم أيضا جواز الطواف ومس الصحف لموصوفها فالتعريف فيه قصور. وأجيب بأنه
يلزم من جواز الصلاة جواز غيرها مما ذكر إلا أنه يرد أن دلالة الالتزام لا يكتفى بها في التعاريف (قوله
جواز الصلاة) أشار بذلك إلى أن السين والتاء في استباحة زائدتان وأن إضافة جواز للإباحة للبيان
قال في المج: وهذا لا يظهر في قوله في تعريف النجاسة منع استباحة فلعل الظاهر حمل الاستباحة
هنا على الملابسة بالفعل أخذا من قولهم: فلان يستبيح الدماء ويستبيحون أعراض الناس أي
يتلبسون بفعل ذلك، وإنما عبر عن التلبس بفعل الشئ وإن كان غير مباح بالاستباحة لان
الشأن لا يفعل إلا المباح وجعل بعض الشراح السين والتاء في استباحة للطلب، والمعنى تستلزم للمتصف
بها جواز أن يطلب المكلف إباحة الصلاة به إن كان ثوبا أو فيه إن كان مكانا وله إن كان شخصا وفيه
أنه لا معنى لطلب الإباحة إلا أن يراد ملابستها في الجملة والتعرض لما تقتضيه اه‍ ثم إن قول المعرف
توجب جواز استباحة الصلاة يعني عند توفر الشروط وانتفاء الموانع كالموت والكفر، فاندفع
ما يقال: إن التعريف لا يشمل غسل الميت لان الصفة أوجبت جواز الصلاة عليه فكان
الواجب زيادة أو عليه ولا يشمل الصفة الحاصلة عند غسل الذمية من الحيض ليطأها زوجها المسلم
فإنها طهارة ولا يصدق عليها التعريف. والحاصل أنه يصدق عليها أنها صفة توجب لموصوفها جواز
الصلاة له لولا المانع قوله: (به) المتبادر منه أن الباء للسببية وحينئذ فيكون قاصرا على طهارة الماء والتراب
31

ولا يشمل طهارة ما يحمله المصلي سواء كان ماء مضافا أو غيره. وأجيب بأن الباء للملابسة (1)
أي توجب للمتصف بها جواز الصلاة للشخص بملابسته، والمراد الملابسة الاتصالية بحيث ينتقل
بانتقاله فدخل فيه طهارة ظاهر البدن من خبث وخرج عنه طهارة المكان فلذا زاد قوله أو فيه لادخالها
وأما قوله أوله فلادخال طهارة هيكل الشخص بتمامه من حدث. قوله: (إن كان محمولا للمصلي) أي
إن كان الموصوف بها محمولا للمصلي سواء كان المحمول ثوبا أو ماء مضافا أو غيره فكان الأولى أن
يقول: إن كان ملابسا للمصلي ليشمل ما قلناه من طهارة الثوب والماء وطهارة ما يحمله المصلي من ماء
مضاف أو غيره، ويشمل أيضا طهارة ظاهر البدن من أجل خبث فظاهر البدن متصف بالطهارة وهو
ملابس للمصلي وهو الهيكل بتمامه من جسم وروح. قوله: (إن كان مكانا له) أي إن كان الموصوف بها
مكانا للمصلي. قوله: (إن كان نفس المصلي) أي إن كان الموصوف بها نفس المصلي. بقي شئ آخر
وهو أن التعريف لا يصدق على الطهارة المستحبة التي لا يصلى بها كالوضوء لزيارة الأولياء والدخول
على السلاطين، فإما أن يقال: التعريف للطهارة المعتد بها وهي المعتنى بها اعتناء كاملا شرعا، أو يجعل
تخصيص زيارة الأولياء مثلا بنية الوضوء مانعا فهي تبيح الصلاة لولا المانع. قوله (ويقابلها) أي
الطهارة بهذا المعنى أي وهو قوله: صفة حكمية إلخ أي وأما الطهارة لا بهذا المعنى بل بمعنى إزالة النجاسة
أو رفع مانع الصلاة وهو الحدث بالماء، أو ما في معناه كما في قولهم: الطهارة واجبة فلا تقابل النجاسة
واستظهر ح أن الطهارة حقيقة في كل من المعنيين. قوله: (صفة حكمية) أي حكم العقل بثبوتها عند
وجود سببها. وقوله: توجب لموصوفها أي تستلزم للمتصف بها. وقوله: منع استباحة الصلاة أي منع
الشخص من التلبس بالصلاة بالفعل بملابسة ذلك الموصوف إن كان ذلك الموصوف بها محمولا للمصلي
أو فيه إن كان ذلك الموصوف بها مكانا للمصلي ولم يقل أوله كما في حد الطهارة لأنه لا يقال شرعا للحدث
نجاسة ولا للمحدث نجس، ففي الحديث أنه (ص) أنكر على من لم يجبه حين دعاه وتعلل بأنه
كان نجسا أي جنبا فقال له: سبحان الله إن المؤمن لا ينجس. إن قلت: إنه وإن كان لا يقال له نجس
باعتبار الحدث لكن يقال له نجس باعتبار قيام النجاسة به. قلت: نجاسة البدن داخلة في قوله به لان معناه
بملابسته والموصوف بالنجاسة وهو ظاهر البدن ملابس للمصلي وهو الهيكل بتمامه من جسم وروح
* فإن قلت: يرد على تعريف النجاسة أنه غير مانع لشموله للدار المغصوبة والثوب المغصوب فإنه
قد قام بكل منهما صفة حكمية وهي المغصوبة تمنع الصلاة به أو فيه ومع ذلك ليس واحد منهما
متصفا بالنجاسة. وأجيب: بأن المراد بمنع الصلاة المنع الوضعي وهو عدم الصحة لا التكليفي وهو
الحرمة والدار المغصوبة وإن قام بها وصف وهو المغصوبية لكنه لا يقتضي عدم صحة الصلاة وإن
اقتضى حرمتها. وأما الجواب بأنا لا نسلم أن كل واحد منهما قام به صفة اقتضت منع الصلاة به أو
فيه وذلك لان منع الصلاة وحرمتها في المغصوب إنما هو لشغل ملك الغير بغير إذنه وهذا
غير قائم بالمغصوب ففيه أن المغصوبية تستلزم الشغل المذكور ووجود الملزوم يقتضي وجود
اللازم. قوله: (منع استباحة الصلاة له) أي منعه من التلبس بالصلاة بالفعل (قوله على نفس
المنع) أي النهي عن التلبس بالعبادة سواء كانت صلاة أو طوافا أو مس مصحف فالحدث بهذا
المعنى من صفات الله تعالى وإن كان يمتنع الاطلاق لان صفاته توقيفية. قوله: (سواء تعلق
بجميع الأعضاء) أي سواء تعلق بالشخص باعتبار الأعضاء أو باعتبار بعضها هذا مراده لان
المنع إنما يتعلق بالشخص أي الهيكل بتمامه لا بالأعضاء كلا أو بعضا. قوله: (ويطلق في مبحث الوضوء)
32

الأولى في مبحث نواقض الوضوء في قولهم ينقض بالحدث. قوله: (وفي مبحث قضاء الحاجة) أي
في قولهم آدب الحدث كذا. قوله: (على خروج الخارج) أي خروج البول والغائط فعلم من كلامه
أن الحدث يطلق على أربعة أمور، والظاهر من كلامهم أنه حقيقة في الكل. قوله: (يرفع الحدث) أي
يرتفع ويزول برفع الله له بسبب استعمال الماء المطلق على الوجه المعروف شرعا. قوله: (الوصف الحكمي)
أي التقديري قوله: (المقدر) أي المفروض قوله: (أو المنع المترتب على الأعضاء) أي المتعلق بها
وليس المراد القائم بالأعضاء لان المنع صفة للمولى عز وجل. ولا يقال: إن المنع متعلق بالشخص
لا بالأعضاء فلا يصح ما قال. لأنا نقول: في الكلام حذف أي المتعلق بالشخص باعتبار الأعضاء كلها
أو بعضها، أو المراد القائم مقارنه وهو الوصف بالأعضاء وذلك لان الوصف المقدر قيامه بالأعضاء
مقارن للمنع المتعلق بالشخص فهما متلازمان، فمتى حصل أحدهما حصل الآخر، ومتى ارتفع أحدهما
ارتفع الآخر، واقتصار الشارح على الوصف والمنع مع أن الحدث يطلق على أمور أربعة كما تقدم له
للإشارة إلى أن الحدث الذي يرتفع بالمطلق الحدث بهذين المعنيين لا الحدث بالمعنيين الآخرين أعني
الخارج وخروجه لأنهما لا يرتفعان لان رفع الواقع محال وحينئذ فلا تصح إرادتهما إلا أن يقدر
مضاف أي يرتفع حكم الحدث أو وصف الحدث. لا يقال: الحدث بمعنى المنع لا تصح إرادته لأنه حكم
الله عز وجل وحكمه قديم واجب الوجود فلا يتصور ارتفاعه. لأنا نقول: الحكم الشرعي خطاب
الله المتعلق بأفعال المكلفين. فإن قلنا: إن تعلقه بأفعال المكلفين جزء من مفهومه كان حادثا لا قديما لان
المركب من القديم والحادث حادث وارتفاع الحادث ظاهر. وإن قلنا: إن التعلق قيد خارج عن مفهومه
كان قديما وحينئذ فارتفاعه باعتبار تعلقه لا باعتبار ذاته والتعلق أمر اعتباري ممكن الارتفاع والمراد
بارتفاع تعلقه أنه إذا تطهر المحدث بالمطلق لا يتعلق به المنع من الصلاة وينقطع تعلق المنع به تأمل
قوله: (أي عين النجاسة) هو بالجر تفسير للخبث. قوله: (الصفة الحكمية) أي القائمة بالمتنجس التي
تمنع الشخص من الصلاة بملابستها إن كان ثوبا أو فيه إن كان مكانا، وأما عين النجاسة فتزال بكل قلاع.
قوله: (إن النجاسة تطلق على الجرم المخصوص) أي كما تطلق على الصفة التي توجب لموصوفها منع
الصلاة به أو فيه، والذي يمنع المكلف من فعل ما كلف به من صلاة وطواف النجاسة بمعنى الوصف
المترتب عند إصابة العين للشئ الطاهر من ثوب أو بدن أو مكان، والنجاسة بمعنى الوصف هو المعبر عنه
بحكم الخبث في كلام المصنف. هذا ونقل ح عن الذخيرة أن إطلاق النجس على المعفو عنه مجاز شرعي
تغليبا لحكم جنسه عليه كالدم المسفوح مثلا إذ لا منع في المعفو عنه، واختار المج أن إطلاق النجاسة
على المعفو عنه حقيقة لأنه يمنع لولا العذر نظير الرخصة. قوله: (القائم به الوصف) أي المتلبس
به وإلا فالوصف الحكمي لا يقوم بها. قوله: (حدثية) نسبة للحدث من حيث أنها ترفعه. وقوله
وخبثية نسبة للخبث من حيث إنها ترفع حكمه. قوله: (مائية) نسبة للماء من حيث أنها تتحصل
به، وكذا يقال في قوله ترابية. قوله: (بغسل) أي تحصل بغسل كما في الوضوء والغسل. قوله: (أصلي) أي
كما في مسح الرأس قوله: (اختياري) أي كما في المسح على الخفين قوله: (أو اضطراري) أي كما في المسح
على الجبيرة. قوله: (مائية وغير مائية) أي تحصل بالماء وبغيره. قوله: (ونضح) أي وهو رش الماء
على ما شك في إصابة النجاسة له. قوله: (في كيمخت فقط) أي وعند الشافعية والحنفية في جلد كل
33

ميتة غير الخنزير، وبه قال سحنون من أئمتنا إلا أنه غير معتمد، كما أن القول بأن الكيمخت لا يطهر
بالدباغ وأنه نجس معفو عنه غير معتمد وهو مقابل الراجح في كلام الشارح. قوله: (ونار) لو زاد
وغيرهما أي غير الدابغ والنار لكان أولى ليدخل تحجر الخمر وتخلله، فإنه يطهره على الراجح ويدخل
أحجار الاستجمار ونحوها، وما دلك به النعل بناء على أنه يطهره كما ورد وما مسح به الصقيل بناء على
القول بأن ذلك يطهر قوله: (فقولهم الرافع) أي للحدث وحكم الخبث قوله: (وعلى التحقيق) عطف على
الراجح قوله: (مقيد) أي بدوامه في الصلاة قوله: (والتنبيه) عطف على ما في ذلك قوله: (صدق
عليه) أي حمل عليه حملا صحيحا. وقوله: اسم ماء إضافته بيانية قوله: (كالسمن والعسل) أي والخل
والزيت قوله: (بلا قيد لازم) أي من غير قيد ملازم لا ينفك عنه أصلا وكلامه شامل لما إذا
صدق عليه اسم ماء من غير قيد أصلا أو مقيدا بقيد غير لازم بل منفك كماء البحر والعين والبئر والمطر
فإن هذه يصدق عليها اسم الماء غير مقيد ومقيدا، وخرج ما صدق عليه اسم الماء مقيدا بقيد لازم كماء
الورد والزهر والعجين فإن هذه لا يصدق اسم الماء عليها إلا مقيدا فلا تكون من أفراد المطلق فلا
يرتفع بها حدث ولا حكم خبث. والحاصل أن المطلق الذي يرتفع به الحدث وحكم الخبث هو ما صح
إطلاق اسم الماء عليه من غير قيد بأن يقال فيه هذا ماء كماء البحر والبئر والعين والمطر، فخرج ما لم
يصدق عليه اسم الماء من الجامدات والمائعات، وخرج أيضا ما لا يصدق اسم الماء عليه إلا بالقيد
فليست هذه من المطلق قوله: (لا منفك) أي لا يخرج ما صدق عليه اسم ماء مقيد بقيد منفك عنه
قوله: (ولو آبار ثمود) أي فماؤها طهور على الحق. قوله: (وإن كان التطهير به غير جائز) أي فلو وقع
ونزل وتطهر بمائها وصلى فهل تصح الصلاة أو لا؟ استظهر عج الصحة وفي الرصاع على الحدود
عدمها واعتمدوه كما ذكره شيخنا وعدم الصحة تعبدي لا لنجاسة الماء لما علمت أنه طهور، وكما يمنع
التطهير بمائها يمنع الانتفاع به في طبخ أو عجن للعلة التي ذكرها الشارح، ويستثنى من آبار ثمود البئر التي
كانت تردها ناقة صالح فإنه يجوز الوضوء والانتفاع بمائها، وكما يمنع التطهير بماء آبار ثمود يمنع التيمم
بأرضها أي يحرم، وقيل بجوازه وصححه التتائي، وما قيل في آبار ثمود يقال في غيرها من الآبار التي في أرض
نزل بها العذاب كآبار ديار لوط وعاد ونحوها. قوله: (لكونه ماء عذاب) أي ماء أرض نزل بها العذاب
فربما يصيب المستعمل له شئ من أثر ذلك العذاب. قوله: (وإن جمع) أي ذلك المطلق، من ندى
قوله: (ولو في يد المتوضئ) أي هذا إذا كان الجمع من الندى في إناء بل ولو كان الجمع في يد
المتوضئ قوله: (من ندى) هو البلل النازل من السماء آخر الليل على الشجر والزرع (قوله
واستظهر أنه لا يضر تغير ريحه) أي الندى. وقوله: بما أي بشئ جمع الندى من فوقه أي أو
من تحته، ومفهوم ريحه أنه لو تغير لونه أو طعمه فإنه يضر، والفرق خفة تغير الريح كذا في النفراوي
على الرسالة وغيره، والذي في بن أنه لا خصوصية لتغير الريح بل لا يضر تغير شئ من أوصافه
كما هو مقتضى إلحاق هذا الفرع بمسألة، والأظهر في بئر البادية بهما الجواز، واختاره شيخا وقال: إنه
كالتغير بالقرار. قوله: (أو ذاب بعد جموده) عطف على جمع وكذا ما بعده فهو داخل في حيز المبالغة
أي وإن كان المطلق جامدا ثم ذاب بعد جموده، وهذا شامل للملح الذائب في موضعه أو في غير
34

موضعه على ما انحط عليه كلام ح وغيره وهو ظاهر لأنه حينئذ ماء. وقوله: ذاب أي بنفسه أو ذوبه
مذوب بنار أو شمس وإذا وجد في داخل ما ذاب شئ مفارق فإن غير أحد أوصافه الثلاثة سلبه
طهوريته وبعد ذلك حكمه كمغيره وإن لم يتغير شيئا من أوصافه فهو باق على طهوريته. قوله: (أو جلالة)
أي أو كانت جلالة تأكل الجيف والنجاسات. قوله: (ولو كافرين شاربي خمر) أي ولو ريئت
النجاسة على فمهما وقت الشرب حيث لم يتغير الماء وإلا سلب طهوريته وكان نجسا قوله: (أو فضلة
إلخ) أي أو كان المطلق فضلة طهارة الحائض والجنب سواء تطهرا فيه معا أو أحدهما بالأولى (قوله
وكذا يسير) أي بأن كان أقل من آنية الوضوء. وقوله: على الراجح أي خلافا لما قاله ابن القاسم من
إن قليل الماء ينجسه قليل النجاسة ولو لم تغيره ومشى عليه في الرسالة، وسيأتي للمصنف التصريح بمفهوم
كثير وهو اليسير في قوله: ويسير كآنية وضوء إلخ لما فيه من الخلاف كما علمت. قوله: (وإلا سلب
الطهورية) أي وصار حكمه كمغيره في الطهارة والنجاسة قوله: (وأولى إذا لم يجزم بالتغير مع الشك
المذكور) بأن تردد في تغيره وعدمه، وعلى تقدير تغيره هل هو متغير بما يضر كالطعام أو البول أو
بما لا يضر كقراره؟ فالماء في هذه الصورة والتي قبلها طهور لان الأصل بقاؤه على الطهورية، ولا ينتقل
الماء عن أصله حتى يتحقق أو يظن أن مغيره مما يضر التغير به، ولا فرق بين قليل الماء وكثيره على
الصواب كما في ح وغيره. قوله: (أنه لو ظن أن مغيره يضر) أي والفرض أن التغير مجزوم به (قوله
فإنه يعمل على الظن) سواء قوي الظن أو لا، وسواء كان الماء كثيرا كالبركة أو قليلا كالآبار، لكن الثاني
محل اتفاق والأول على ظاهر كلام ابن رشد، وأما لو علم أن المغير مما يضر ضر اتفاقا كان الماء قليلا أو كثيرا
ويؤخذ من قوله: فإنه يعمل على الظن أنه إذا جزم بالتغير وظن أن المغير لا يضر فإنه يكون باقيا على
الطهورية لأنه يعمل على الظن ولو كان غير قوي وأولى إذا اعتقد أنه لا يضر. والحاصل أنه إذا
تغير ماء البئر ونحوها وتحقق أو ظن أن الذي غيره مما يسلب الطهورية والطاهرية لقربها من المراحيض
ورخاوة أرضها فإنه يضر، وإن تحقق أو ظن أن مغيره مما لا يسلب الطهورية فالماء طهور، وأما الماء الكثير
كالخليج يظن أن تغيره مما يصب فيه من المراحيض فهو طهور على ما قال الباجي أنه طاهر الروايات، وقال
ابن رشد: أنه مسلوب الطهورية والطاهرية. قوله: (ولو جزم بالتغير إلخ) هذه صورة خامسة. والحاصل
أن صور المسألة خمس قد علمتها من الشارح ومما قلناه لك قوله: (أو تغير بمجاوره) أي ولو فرض
بقاء التغير في الماء بعد زوال المجاور على الصواب كما في ح قوله: (كجيفة) أي مجاورة للماء. قوله (وإن
كان تغير ريحه بدهن لاصق) أي برياحين مطروحة على سطح الماء فنشأ من ذلك تغير ريحه
فلا يضر على ما قال المصنف تبعا لابن عطاء الله وابن بشير وابن رشد وابن الحاجب وهو
ضعيف، والمعتمد أنه يضر مثل تغير اللون والطعم كما قال ابن عرفة أنه ظاهر الروايات. والحاصل
التغير بالمجاور الغير الملاصق لا يضر مطلقا أي سواء تغير الريح أو اللون أو الطعم أو الثلاثة
كان التغير بينا أو لا، كان الماء قليلا أو كثيرا، وأما غير بالمجاور الملاصق فيضر اتفاقا إن كان
35

المتغير لونا أو طعما كان التغير بينا أو لا قل الماء أو كثر وفي تغير الريح خلاف والمعتمد الضرر وأما التغير
بالممازج فيضر مطلقا باتفاق هذا محصل كلام الشارح. واعلم أن ما مشى عليه المصنف من عدم الضرر
تبعا للجماعة المذكورين قد ارتضاه ح، وما قاله ابن عرفة قد ارتضاه ابن مرزوق، وشارحنا قد مشى على
طريقة ابن مرزوق حيث جعل ما مشى عليه المصنف ضعيفا قوله: (أو غير مسافر) أشار بذلك إلى
أنه لا مفهوم لقول المصنف مسافر لأنه خرج مخرج الغالب فتغير الماء برائحة القطران لا يضر مطلقا
كان الوعاء لمسافر أو لحاضر. قوله: (وكذا لو وضع إلخ) أي لان العرب كانت تستعمل القطران كثيرا
في الماء عند الاستقاء وغيره فتسومح فيه لأنه صار التغير به كالتغير بالمجاور وليس غير القطران
مثله. قوله: (على ما لسند) أي في الصورتين الأخيرتين خلافا لمن قال بالضرر فيهما، وأما الصورة
الأولى فلا ضرر فيها باتفاق قوله: (وأما تغير الطعم أو اللون فإنه يضر) أي سواء كان الماء لمسافر
أو لغيره، دعت الضرورة لذلك الماء لكونه لم يجد غيره أم لا كما حرره ح وغيره (قوله ولو تغير جميع
الأوصاف) أي ولو كان التغير بينا كما في عب وشب وحاشية شيخنا خلافا لاستظهار ح أنه
كحبل السانية أي إن كان التغير بينا ضر وإلا فلا، فإن شك في كونه دباغا أم لا فالظاهر أنه يجري على
ما مر من قوله أو شك في مغيره هل يضر أم لا؟ كذا قال شيخنا. قوله: (كغير القطران إلخ) أي كما لا يضر
التغير بغير القطران كالمقرظ والزيت والشب والعفص إذا كان دباغا ولو تغير جميع أوصاف
الماء قوله: (ولو نزع وألقى فيه ثانيا) مبالغة في عدم الضرر قوله: (ما لم يطبخ فيه) أي في الماء الذي
ألقي فيه أو المتولد فيه فإن طبخ فيه سلبه الطهورية وهذا القيد للطرطوشي وسلم له لأنه كالطعام حينئذ
(قوله وكالسمك الحي) أي فتغير الماء به لا يسلبه الطهورية سواء تغير لونه أو طعمه أو ريحه
أو الثلاثة، وظاهره ولو رمى قصدا بمحل محصور قوله: (لا إن مات) أي فيضر التغير به اتفاقا لأنه
مفارق غالبا. قوله: (فيضر كما استظهره بعضهم) أي لأنه ليس من أجزاء الأرض ولا متولدا من
الماء. وقوله: واستظهر بعضهم عدم الضرر أي لأنه لا ينفك عن الماء غالبا فيعسر الاحتراز منه. وحاصل
ما في المقام إن عج اضطرب في التغير بخرء السمك هل يضر لأنه ليس بمتولد من الماء ولا من أجزاء
الأرض أو لا يضر لأنه مما لا ينفك عن الماء غالبا فيعسر الاحتراز عنه اه‍، فالقولان له. واستظهر بعض
تلامذته الأول واستظهر بعضهم الثاني، واختار شيخنا آخرا الأول ورجع عن اختياره للثاني (قوله
بأرضه) أي وجرى الماء عليه فتغير ومثل الملح وما معه إذا كان قرار الفخار المحروق أو النحاس
إذا سخن الماء في واحد منهما وتغير فإنه لا يضر تغيره قوله: (كأن ألقته الرياح) أي في الماء فتغير بذلك
وهذا متفق فيه على عدم سلب الطهورية قوله: (بل ولو طرح فيه قصدا من آدمي) أي فإنه لا يضر
وظاهره ولو طبخ الملح في الماء وهو كذلك على المعتمد خلافا للمج حيث أجراه على الطحلب إذا
36

طبخ في الماء، والفرق أن طبخ الطحلب في الماء ينشأ عنه حالة للماء لم تكن فيه من قبل بخلاف الملح إذا
طبخ في الماء فإنه إنما يكون ماء مسخنا قاله شيخنا. قوله: (خلافا للمازري) أي القائل أن كل ما طرح قصدا
من أجزاء الأرض في الماء فإنه يضر التغير به وهذا القول هو الذي أشار المصنف لرده بلو. قوله: (أو غيرهما)
أي من كل ما كان من أجزاء الأرض كمغرة وكبريت وشب وجير ولو محروقا وجبس ولو صارت
عقاقير في أيدي الناس كما في ح وغيره، وإن كان لا يجوز التيمم عليها حينئذ لأنه طهارة ضعيفة، واقتصر
المصنف على التراب والملح تنبيها بأقرب الأشياء للماء وهو التراب وأبعدها منه وهو الملح على حكم
ما بينهما فيعلم بالقياس عليهما. قوله: (السلب بالملح المطروح قصدا) أي وأما المطروح قصدا من غيره فلا
يضر التغير به قوله: (وفي الاتفاق إلخ) حاصله أن المتأخرين اختلفوا في الملح المطروح قصدا فقال ابن أبي
زيد: لا ينقل حكم الماء كالتراب وهذا هو المذهب. وقال القابسي: إنه كالطعام فينقله، واختاره ابن يونس
وهو المشار له بقول المصنف: والأرجح السلب بالملح. وقال الباجي: المعدني كالتراب والمصنوع كالطعام
فهذه ثلاث طرق للمتأخرين، ثم اختلف من بعدهم هل ترجع هذه الطرق إلى قول واحد فيكون من
جعله كالتراب أراد المعدني، ومن جعله كالطعام أراد المصنوع وحينئذ فقد اتفقت الطرق على أن
المصنوع يضر وهذا هو الشق الأول من التردد الذي صرح به المصنف وهو قوله وفي الاتفاق على السلب
به إن صنع تردد، وأما إن كان غير مصنوع ففيه الخلاف المشار له بقوله: ولو قصدا، وترجع هذه الطرق إلى
ثلاثة أقوال متباينة فمن قال: لا يضر فمراده ولو مصنوعا، ومن قال: يضر فمراده ولو معدنيا فالمصنوع فيه
خلاف كغيره وهذا هو الشق الثاني من التردد وهو المحذوف لان الأصل عدم الاتفاق وهو صادق
بالأقوال الثلاثة، فالمصنف أشار بالتردد لتردد الذين أتوا بعد واختلفوا في الفهم إن قلت: إن المصنف قال
وبالتردد لتردد المتأخرين في النقل أو لعدم نص المتقدمين وهذا ليس منهما. قلت: هذا من الأول لان
المراد بالمتقدمين من تقدم ولو تقدما نسبيا وإن كان من المتأخرين لا المتقدمين باصطلاح أهل
المذهب وهم من كان قبل ابن أبي زيد، والمراد بالنقل عن المتقدمين ما نسب إليهم ولو بحسب الفهم
والحمل لكلامهم. قوله: (وهو عدم الاتفاق على السلب به) أي المصنوع. قوله: (بل الخلاف) أي المشار له
بقول المصنف: ولو قصدا جاز فيه كالمعدني قوله: (عدم السلب مطلقا) أي سواء كان معدنيا أو مصنوعا.
قوله: (لا يرفع الحدث بماء متغير إلخ) أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف لا بمتغير إلخ عطف
على قوله بالمطلق، وفيه إشارة إلى جواز عطف النكرة على المعرفة. قوله: (أو ظنا) أي قويا بخلاف
المشكوك في تغيره، والمظنون تغيره ظنا غير قوي والمتوهم تغيره، والحاصل أن المتغير بالمفارق أما لون الماء
أو طعمه أو ريحه وفي كل إما أن يتحقق التغير أو يظن ظنا قويا أو غير قوي أو يشك فيه أو يكون متوهما
فإن كان المتغير اللون أو الطعم ضر اتفاقا إن كان التغير محققا أو مظنونا ظنا قويا لا إن كان مشكوكا أو
متوهما أو مظنونا ظنا غير قوي، وإن كان المتغير الريح فكذلك على المعتمد. وقال ابن الماجشون: تغير
الريح لا يضر مطلقا، ونسب ابن عرفة لسحنون التفرقة بين كون تغير الريح كثيرا فيضر خفيفا فلا
يضر وكلا القولين ضعيف، وما ذكرناه من التفرقة بين الظن القوي وغيره هو ما لعبق ولكن الحق
37

أنه لا فرق بين كون ظن التغير قويا أو غير قوي في أنه يضر كما في حاشية شيخنا ولذا أطلق الشارح في
الظن ولم يقيده بالقوي قوله: (أي كثيرا) أي في أكثر الأزمنة احترز بذلك من التغير بما لا يفارقه أصلا
وبما يفارقه قليلا فلا يضر التغير به فالأول كالتغير بالمقر والثاني كالتغير بالسمك الحي وكالتغير
بالسمن بالنسبة لأهل البادية التي لا تنفك أوانيهم عنه غالبا فيغتفر ذلك لهم دون غيرهم كما في ح عن ابن
رشد. قوله: (مثال لهما) أي للمغير المفارق الطاهر والنجس قوله: (لأنه قد يكون) أي الدهن طاهرا إلخ،
وما ذكره من أن قوله كدهن خالط وبخار مصطكي مثالان للمغير المفارق غالبا هو الأولى من جعلهما
مشبهين به لأنهما من جملة أفراده والتشبيه يقتضي مغايرة المشبه للمشبه به، وإن أمكن الجواب عنه
بأنه من تشبيه الخاص بالعام، ويكفي في التشبيه المغايرة بين المشبه والمشبه به بالخصوص والعموم نعم
يعترض على التشبيه من جهة أنه يفيد أن الدهن المخالط يضر مطلقا غير الماء أم لا وليس كذلك
إذ لا يضر إلا إذا غير أحد أوصاف الماء الثلاثة كان التغير بينا أم لا، وكذا يقال في بخار المصطكي (قوله
مصطكي) بفتح الميم وضمها لكن مع الفتح يجوز المد والقصر، أما مع الضم فالقصر متعين، ولو قال
المصنف: وبخار كمصطكي بالكاف كان أولى ليدخل غيرها كالعود ونحوه إذ لا خصوصية لبخور
المصطكي بل بخار غيرها كذلك إلا أن يقال: إن كاف كدهن الداخلة على بخار داخلة على المضاف إليه
وهو مصطكي تقديرا كما هو عادة المصنف. قوله: (لأنه قد يكون نجسا أيضا) أي لان دخان المصطكي
قد يكون نجسا كما يكون طاهرا فإذا كانت المصطكي طاهرة كان دخانها طاهرا، وإن كانت متنجسة
كان دخانها نجسا قوله: (بناء على ما يأتي إلخ) أي وجعل بخار المصطكي مثالا للمغير المفارق طاهرا
أو نجسا بناء إلخ قوله: (لا على الراجح) أي من أن النار تطهر وأن دخان النجس طاهر وعليه
فقوله: وبخار مصطكي مثال لما إذا كان المغير المفارق طاهرا. وقوله وسواء بخر به الماء أي وذلك
كما لو كان الماء في النصف الأسفل من الاناء ووضعت المبخرة في النصف الأعلى الخالي من الماء
وغطى الاناء بشئ حتى امتزج دخان البخور بالماء فيضر قوله: (إلا أن لم يبق) أي الدخان كما
لو بخر الاناء وهو خال من الماء ثم بعد تبخيره وضع فيه الماء بعد أن زال الدخان ولم يبق منه شئ في
الاناء غاية الأمر أنه تعلقت به رائحة البخور فتغير ريح الماء برائحة البخور المتعلقة بالاناء (قوله وحكمه
كمغيره) جملة مستأنفة جوابا عما يقال: إذا كان التغير بالمفارق يسلب الطهورية فهل يجوز تناوله في
العادات أو لا يجوز تناوله فيها؟ وهذا شروع في بيان حكم قسمين من أقسام الماء الأربعة وهي مطلق
وغير مطلق، والمطلق إما مكروه الاستعمال وسيأتي، وإما غير مكروه وقد مر وغير المطلق إما طاهر
أو نجس، وكلام المصنف هنا في هذين القسمين أعني الطاهر والنجس قوله: (وإن تغير بنجس فلا)
أي فلا يجوز استعماله فيها وفيه أن النجس ممنوع التناول وما تغير به وهو المتنجس يجوز الانتفاع به كما يأتي في
غير مسجد وآدمي من سقي زرع وماشية مثلا وحينئذ فليس حكمهما واحدا قوله: (أي ظاهر) الأولى أي
38

كثير متفاحش كما هو الواقع في عبارة ابن رشد، وأما لو كان التغير قليلا فإنه لا يضر. والحاصل أنه تكلم
أولا على ما يضر فيه التغير مطلقا سواء كان بينا أم لا، ثم أخذ يتكلم على ما يضر فيه التغير البين دون غيره ولم
يفرق بين البين وغيره إلا في هذه المسألة وهي تغير البئر بما يخرج الماء به منها من حبل أو دلو، وفي بن أعلم أن
التغير إما بملازم غالبا فيغتفر أو بمفارق غالبا ودعت إليه الضرورة كحبل الاستقاء ففيه ثلاثة أقوال
ذكرها ابن عرفة قيل: إنه طهور وهو لابن زرقون، وقيل: ليس بطهور وهو لابن الحاج، والثالث لابن
رشد التفصيل بين التغير الفاحش وغيره وهو الراجع، ولذا اقتصر عليه المصنف، لكن لو عبر بآلة الاستقاء
كما عبر ابن عرفة ليشمل الحبل والكوب والسانية وغيرها كان أولى اه‍. قوله: (بحبل سانية) لا
مفهوم لسانية بل البئر غير السانية له هذا الحكم إذا كان ينقل منه الماء بحبل ونحوه. والحاصل أنه لا مفهوم
لحبل كما أشار له الشارح ولا لسانية كما قلنا، بل متى تغير البئر كانت سانية أولا بما يخرج به الماء منها كحبل
الاستقاء والدلو والكوب، فإن كان التغير فاحشا ضر، وإن كان غير متفاحش لم يضر، ويعتبر التفاحش
وعدمه بالعرف، نعم لا بد أن يكون ما يخرج به الماء الذي حصل التغير بسببه معدا لتلك البئر بعينها، وأما
لو كان حبلا مثلا معدا لغيرها ثم إنه صار ينزل فيها فإنه يضر التغير به سواء كان بينا أم لا خلافا لظاهر
إطلاق المصنف قوله: (فإن كان من أجزائها) أي كفخار وحديد ونحاس قوله: (كتغير غدير) أي
كما يضر تغير غدير قوله: (فالتشبيه في مطلق التغير) أي في الضرر بمطلق التغير لا بقيد كونه بينا، وما
ذكره من أن تغير الغدير بروث الماشية مضر مطلقا أي سواء كان التغير بينا أم لا هو المعروف
من الروايتين عند اللخمي، والرواية الأخرى تقييد الضرر بكون التغير بينا، وقد حمل بعض الشراح
كلام المصنف عليها وجعل التشبيه تاما. قوله: (يغادرها) أي يتركها السيل وعلى هذا فغدير بمعنى مغدور
اسم مفعول أي متروك، وفي بعض العبارات لأنها تغدر بأهلها عند شدة احتياجهم إليها، وعليه فغدير
بمعنى غادر اسم فاعل قوله: (بروث ماشية) لا مفهوم له بل مثلها الخيل والبغال والحمير وإنما خص
الماشية بالذكر ردا على ما في المجموعة من القول بطهورية الغدير المتغير بروث الماشية مطلقا، وأن
تركه مع وجود غيره إنما هو استحسان. انظر ح أو لان الماشية هي التي شأنها أن ترد الغدران أو أنه نص
على المتوهم. قوله: (عند ورودها له) أي للغدير أي عليه قوله: (أو تغير ماء بئر) فيه إشارة إلى أن في كلام
المصنف حذف مضافين. قوله: (والأظهر في بئر البادية بهما) أي بورق الشجر والتبن الجواز، ومن باب
أولى تغير الماء بعروق شجرة في أصله فلا يضر ذلك سواء كانت مثمرة أم لا كما في ح قوله: (لعسر
الاحتراز) علة لعدم الضرر فهو علة لعلة الجواز قوله: (وهو المعتمد) أي فكان الأولى الاقتصار عليه أو
التصدير به قوله: (فلا مفهوم للبئر) أي بل مثلها الغدير والعيون. وقوله: ولا للبادية أي بل مثلها بئر
الحاضرة قوله: (وإنما المدار على عسر الاحتراز إلخ) أي وعلى هذا فالماء الذي في الحاضرة في الميض
والحيضان إذا لم يمكن تغطيته من الورق والتبن فلا يضر تغيره بما ذكر، وأما لو أمكن تغطيته مما ذكر ولم
يغط فإنه يضر تغيره بما ذكر قوله: (وفي جعل المخالط إلخ) يعني أن الماء المطلق إذا خالطه أجنبي طاهر
أو نجس موافق له في أوصافه الثلاثة كماء الرياحين المنقطع الرائحة لطول إقامتها، وكبول نسفته الرياح حتى
صار كالمطلق في أوصافه الثلاثة، ولم يتغير ذلك المطلق بما خالطه لأجل الموافقة المذكورة ولو قدر ذلك
المخالط مخالفا للمطلق في أوصافه لغير المطلق في جميع أوصافه أو بعضها فهل يقدر ذلك المخالط مخالفا
39

ويحكم بعدم الطهورية، وينظر في كونه طاهرا أو نجسا إلى ذلك المخالط لان الأوصاف الموجودة إنما هي
للمطلق ومخالطه معا لا للمطلق فقط حتى يحكم بالطهورية أو لا يقدر مخالفا، وحينئذ فيحكم بطهورية
الماء المخلوط لأنه باق على أوصاف خلقته في ذلك تردد لابن عطاء الله. واعلم أن محل التردد إذا كان
الطهور قدر آنية الوضوء والغسل وكان المخالط الموافق لو كان باقيا على صفته الأصلية لتحقق التغير به
أو ظن وسواء كان المخالط أقل من المطلق أو أكثر منه أو مساويا له فالتردد في صور ست، والظاهر
فيها عدم الضرر على ما قاله الشارح، وأما لو تحقق عدم التغير أو ظن أو شك فيه فلا ضرر فيه جزما كان
المخالط قدر المطلق أو أقل منه أو أكثر، فهذه تسع صور لا ضرر فيها اتفاقا، فلو كان المطلق المخلوط بالموافق
أكثر من آنية الغسل فلا ضرر في الخمس عشرة صورة المتقدمة فهذه ثلاثون صورة، أما لو كان المطلق أقل
من آنية الوضوء فالصور الستة محل التردد يحكم فيها هنا بالضرر جزما، والصور التسعة التي حكم فيها فيما مر
بعدم الضرر يحكم فيها هنا أيضا بالطهورية جزما فهذه خمس وأربعون صورة، ففي المصنف منها ست
صور وهي الأولى هذا حاصل ما قاله عج. والذي في بن أن الحق أن محل التردد ليس مقيدا باليسير بل هو
جار مطلقا إذ ليس في كلامهم ما يؤخذ منه ذلك أصلا، وأيضا تقييدهم المسألة بكون المخالط لو قدر مخالفا
لغير المطلق تحقيقا أو ظنا يوجب استواء القليل والكثير، وارتضى شيخنا في حاشية عبق ما قاله بن فقول
الشارح المخالط للمطلق اليسير قدر آنية الغسل تبع فيه عج والأولى إسقاطه كما علمت. قوله: (الموافق له) أي
بالعرض كالبول الذي نسفته الرياح وماء الرياحين المنقطعة الرائحة بطول إقامتها، وأما لو كان المخالط
موافقا للمطلق بالأصالة كماء الزرجون نبت إذا عصر نزل منه ماء مثل الطهور في جميع الأوصاف فإنه
لا يضر خلطه جزما فهو بمثابة خلط طهور بطهور كذا في عبق وغيره. والذي في بن أن ح ذكر عن سند
جريان التردد في المخالط الموافق بالأصالة كماء الزرجون قال: وهو الظاهر لأنه ماء مضاف وإن كان
موافقا للمطلق في أصله، وحينئذ فلا وجه لتقييد الموافق بكون موافقته بالعرض، بل لا فرق
بين كونها بالعرض أو بالأصالة. قوله: (كبول زالت رائحته) أي بنسف الرياح. وقوله: أو
نزل أي البول من المخرج بصفة المطلق، قال ح: جعل ابن رشد من صور المسألة البول إذا
زالت رائحته حتى صار كالماء، قال ابن فرحون: وهذا مشكل، وذكر عن الشيخ أبي علي
ناصر الدين أن المخالط إذا كان نجسا فالماء نجس مطلقا اه‍. قال بن نقلا عن بعض الشيوخ: وهذا
هو الظاهر. قوله: (كالمخالف) لا يخفى أنه حيث أريد من الجعل التقدير كانت الكاف في قوله
كالمخالف زائدة أي وفي تقدير المخالط الموافق مخالفا. قوله: (وهو الراجح) الأولى وهو الظاهر لان
الترجيح إنما يكون في الأقوال وهذه مجرد احتمالات لابن عطاء الله، ثم إن اختيار الشارح للشق
الثاني تبع فيه ابن عبد السلام، واستظهر شيخنا في حاشيته على عبق تبعا لسند الشق الأول ولذا اقتصر
المصنف عليه قوله: (نظر) أي لابن عطاء الله. وقوله: أي تردد المراد به التحير لما مر من أن التردد إذا كان
من واحد كما هنا كان بمعنى التحير. قوله: (ما لم يغلب المخالط) أي على المطلق بأن كان المطلق أكثر أو
تساويا قوله: (وإلا فلا) أي وإلا بأن كان المخالط غالبا على المطلق بأن كان المخالط أكثر فلا يكون الثاني
هو الراجح قوله: (فقول من أطلق) أي فقول من قال: الراجح الثاني وأطلق كعبق قوله: (بماء جعل في الفم)
أي ولم يتغير شئ من أوصافه وذلك كأن يأخذ الماء بفمه ثم يغسل به يديه ورجليه مثلا قبل أن يحصل فيه
تغير قوله: (لغلبة الريق في الفم) أي على الماء ليسارته قوله: (وهو قول أشهب) في بن: ليس عدم جواز
40

التطهير به قولا لأشهب إنما هو رواية له عن مالك. قوله: (لاتفاقهما على عدم انفكاك الماء عن مخالطة
الريق) أي واختلافهما بعد ذلك في الحكم حيث قال ابن القاسم بجواز التطهير به. وقال أشهب بمنع ذلك
(قوله اعتبر صدق إلخ) أي واختلاطه بالريق لا يخرجه عن كونه طهورا (قوله والمانع اعتبر المخالطة
في الواقع). أورد عليه بأن الماء إذا خالطه شئ لا يسلبه الطهورية إلا إذا غيره وأشهب قد أطلق في
عدم التطهير به، وأجيب بأن هذا في الماء الكثير وما يوضع في الفم قليل جدا فشأنه التغير بأدنى شئ.
والحاصل أن ابن القاسم يقول: اختلاط ذلك الماء الموضوع في الفم بالريق لا يخرجه عن كونه
طهورا لصدق حد المطلق عليه، وأشهب يقول: إن اختلاطه بالريق يخرجه عن صدق حد المطلق عليه
لأنه قليل جدا فشأنه أن يتغير بما خالطه من الريق، ثم إن هذا الخلاف مقيد بقيدين: الأول أن يخرج
الماء من الفم غير متغير بالريق تغيرا ظاهرا. والثاني أن لا يطول مكثه في الفم زمنا يتحقق أنه حصل
من الريق مقدار لو كان من غير الريق لغيره، فإذا انتفى الأول بأن غلبت لعابية الفم على الماء لانتفى
الخلاف وجزم بعدم التطهير، وكذا لو انتفى الثاني بأن طال المكث وحصلت به مضمضة. لا يقال:
على جعل الخلاف حقيقيا يعترض على المصنف بأن هذه المسألة من أفراد قوله سابقا وفي جعل المخالط
الموافق كالمخالف. لأنا نقول: المسألة السابقة جزم فيها بالمخالطة دون هذه فتأمل. قوله: (أو في حال)
أي أو منظور فيه لحال وصفة فابن القاسم حكم بالجواز نظرا لحالة لو نظر لها أشهب لقال بقوله، وأشهب
حكم بعدم الجواز نظرا لحالة لو نظر لها ابن القاسم لقال بقوله. قوله: (وهو المعتمد) أي لقول المحققين به
كح وطفي قوله: (وإن لم يحصل ظن) أي بالتغير. وقوله: بأن تحقق عدم التغير أي أو ظن عدم التغير
أو شك فيه. قوله: (أي استعمال إلخ) إنما قدره لان الكراهة حكم شرعي والاحكام إنما تتعلق
بالأفعال لا بالذوات، وحاصل ما ذكره أن الماء إذا استعمل في رفع حدث أو في إزالة حكم خبث فإنه
يكره استعماله بعد ذلك في طهارة حدث أو أوضية أو اغتسالات مندوبة لا في إزالة حكم خبث
والكراهة مقيدة بأمرين: أن يكون ذلك الماء المستعمل قليلا كآنية الوضوء والغسل وأن يوجد غيره
وإلا فلا كراهة، كما أنه لا كراهة إذا صب على الماء اليسير المستعمل ماء مطلق غير مستعمل، فإن صب
عليه مستعمل مثله حتى كثر لم تنتف الكراهة على ما استظهره ح وابن الإمام التلمساني لان ما ثبت
للاجزاء يثبت للكل، واستظهر ابن عبد السلام نفيها، وعليه فلو فرق حتى صار كل جزء يسيرا فهل تعود
الكراهة أو لا؟ وهو الظاهر لأنها زالت ولا موجب لعودها كذا قيل، وقد يقال: بل له موجب وهو القلة
والحكم يدور مع علمته وجودا وعدما. واعلم أنه يقال نظير ما قيل هنا في الماء القليل الذي خولط
بنجس ولم يغيره وعللت الكراهة في مسألة المصنف بعلل لا تخلو عن ضعف والراجح في التعليل مراعاة
الخلاف فإن أصبغ يقول بعدم الطهورية كالشافعي، وما ذكره المصنف من الكراهة هو تأويل الأكثر
لقول الإمام ولا خير فيه، وتأوله ابن رشد على المنع وعلى الكراهة فقال ح: وإن استعمله مع وجود غيره
فهل يعيد في الوقت أو لا إعادة عليه؟ لم أر في ذلك نصا والظاهر أنه لا إعادة عليه. قال: والكراهة لا تستلزم
41

الإعادة بخلاف العكس. قوله: (أو اتصل بها) أي واستمر على اتصاله (قوله أو انفصل عنها) أي
كماء في قصرية أدخل يده أو رجله فيها ودلكها فيها، فإن دلكها خارجها فلا كراهة لان الاستعمال عند
أصحابنا بالدلك لا بمجرد إدخال العضو، وهذا غير قوله ما تقاطر إذ معناه أنه جمع ما تقاطر من الماء النازل
من أعضائه في إناء، وأما إذا اغترفت من الاناء وغسلت الأعضاء خارجة فهذا الماء الذي في الاناء
واغترفت منه غير مستعمل. قوله: (وكان يسيرا) راجع لقوله: أو انفصل عنها، وأما المتصل بها فلا يكون
إلا يسيرا. قوله: (كآنية وضوء) أي وكذا آنية غسل فهي قليلة حتى بالنسبة للمتوضئ. تنبيه: ما تقاطر
من العضو الذي تتم به الطهارة أو اتصل به مستعمل بلا نزاع، وأما ما تقاطر من العضو غير الأخير أو
اتصل به فإن استعمل بعد تمام الطهارة فهو استعمال لماء مستعمل في حدث أيضا وإن استعمل قبل
تمام الطهارة. فإن قلنا: إن الحدث يرتفع عن كل عضو بانفراده فكذلك وإلا فلا يكره، كذا ذكر شيخنا في
الحاشية. قوله: (وفي غيره تردد) حاصله أن الماء إذا استعمل أولا في غير رفع الحدث وإزالة حكم الخبث
بأن استعمله فيما يتوقف على مطلق ويقصد معه الصلاة كغسل الاحرام والجمعة والعيد وتجديد وضوء
وغسلة ثانية وثالثة هل يجوز أن يستعمل ثانيا في رفع حدث وحكم خبث أو أوضية أو اغتسالات
مندوبة؟ أو يكره تردد للمتأخرين؟ فالكراهة لابن بشير وصاحب الارشاد وعدمها لسند وابن شاس
وابن الحاجب كذا في بن، وهذا التردد مستو لم يعتمد واحد من القولين. قوله: (وماء غسلة ثانية
وثالثة) جعلهما من محل التردد هو ما ارتضاه عج، والذي استظهره ح في ماء الغسلة الثانية والثالثة
عدم الكراهة، وقال بعضهم: الظاهر كراهته لأنه من تمام رفع الحدث فينسحب عليه قوله أو لزيارة
صالح أو سلطان أي أو لتبرد. قوله: (فلا يكره استعماله في متوقف على طهور قطعا) أي مثل رفع
حدث أو حكم خبث والأوضية والاغتسالات المندوبة. وقوله: فلا يكره إلخ أي فهذه خارجة من
محل الخلاف كما أن ماء غسل الذمية من الحيض لأجل أن يطأها زوجها المسلم خارجة من الخلاف
لكراهة استعمال ذلك الماء بعد ذلك في رفع حدث أو أوضية أو اغتسالات مندوبة فهي من جملة
أفراد قول المصنف، وكره ماء مستعمل في حدث. والحاصل أن صور استعمال الماء المستعمل خمس
وعشرون صورة لان استعماله أولا إما في حدث أو في حكم خبث، وإما في طهارة مسنونة أو مستحبة
وإما في غسل إناء ونحوه، وكل واحدة من هذه إذا استعمل ثانيا فلا بد أن يستعمل في أحدها فالمستعمل
في حدث أو في حكم خبث يكره استعماله في رفع الحدث لا في إزالة الخبث وصوره أربع، وكذا
يكره استعماله في الطهارة المسنونة والمستحبة وصوره أربع أيضا، ولا يكره استعماله في غسل
كالإناء وهاتان صورتان، والمستعمل في الطهارة المسنونة والمستحبة يكره استعماله في رفع الحدث وحكم
الخبث وكذا في الطهارة المسنونة والمستحبة على أحد الترددين في المسائل الثمانية لا في غير
42

ذلك، والمستعمل في غسل كالإناء لا يكره استعماله في شئ، هذا وما ذكره الشارح من أن الماء المستعمل في
رفع الحدث أو إزالة حكم الخبث لا يكره استعماله بعد ذلك في رفع الخبث هو ما نقله زروق عن ابن رشد
واختار شيخنا ما استظهره ح من الكراهة وذلك لأن علة كراهة استعمال الماء المستعمل الخلاف في
طهوريته، واقتصر على ذلك القول عبق والمج. قوله: (ويسير إلخ) حاصله أن الماء اليسير وهو ما كان قدر آنية
الوضوء أو الغسل فما دونهما إذا حلت فيه نجاسة قليلة كالقطرة ولم تغيره فإنه يكره استعماله في رفع حدث
أو في حكم خبث، ومتوقف على طهور كالطهارة المسنونة والمستحبة، وأما استعماله في العادات فلا كراهة
فيه، فالكراهة خاصة بما يتوقف على طهور كما في عبق وتبعه شارحنا، وبحث فيه شيخنا بأن مقتضى مراعاة
الخلاف في نجاسته عموم الكراهة في العبادات والعادات إلا أن يقال أنه يشدد في العبادات ما لا يشدد
في غيرها. قوله: (كآنية وضوء وغسل) الآنية جمع إناء والأولى أن يقول كإناء وضوء وغسل لأنا غير
ملتفتين للجمع بل للمفرد، وإنما جمع المصنف بينهما لأنه لو اقتصر على آنية الوضوء لتوهم أن آنية الغسل
من الكثير، ولو اقتصر على آنية الغسل لتوهم أن آنية الوضوء نجسة قوله: (فأولى دونهما) ما ذكره
من أن ما دون آنية الوضوء لا ينجس إذا لم يتغير مثل آنية الوضوء أو الغسل هو ما قاله ح وابن فجلة
وخالف في ذلك تت وطفي ناقلا عن أبي الفضل راشد نجاسته، لكن أبو الفضل كلامه تخريج من فهمه
لا نص صريح فانظره اه‍ مج. قوله: (كقطرة ففوق) الظاهر أن المراد بها قطرة المطر المتوسطة بين
الصغر والكبر وهو ما كان قدر الحمصة، وما ذكره الشارح من تحديد النجس بالفطرة فما فوقها هو
ما يفيده كلام ح خلافا لما ذكره الناصر من تحديده بما فوق القطرة، وأما هي فلا يكره استعمال قليل حلت
فيه، وذكر طفي نقلا عن البيان والمقدمات وابن عرفة أن القطرة تؤثر في آنية الوضوء فيصير من
المختلف فيه بالكراهة والنجاسة ولا تؤثر في آنية الغسل وإنما يؤثر فيه ما فوقها قوله: (إذا وجد غيره إلخ)
هذا شرط في كراهة استعمال الماء المذكور. والحاصل أن الكراهة مقيدة بقيود سبعة أن
يكون الماء الذي حلت فيه النجاسة يسيرا، وأن تكون النجاسة التي حلت فيه قطرة فما فوقها، وأن لا تغيره،
وأن يوجد غيره، وأن لا يكون له مادة كبئر، وأن لا يكون جاريا، وأن يراد استعماله فيما يتوقف على طهور
كرفع حدث وحكم خبث وأوضية واغتسالات مندوبة فإن انتفى قيد منها فلا كراهة. (قوله إنه
لا كراهة بطاهر إن لم يغيره) هذا هو المعتمد خلافا لقول القابسي بالكراهة تخريجا للطاهر على
النجس. قوله: (فقول الرسالة إلخ) هذا مفرع على كلام المتن أي فإذا علمت أن الماء اليسير إذا حلت فيه
نجاسة ولم تغيره يكره استعماله فقط تعلم أن قول الرسالة إلخ. قوله: (ضعيف) أي وإن كان هو قول ابن
القاسم ومذهب المدونة. قوله: (يعيد في الوقت فقط) أي كما هو نص المدونة والرسالة وإنما أمر بالإعادة
في الوقت فقط على مذهب ابن القاسم مع أنه يقول بنجاسة الماء مراعاة للخلاف كما أفاده ح. وفي المج:
حمل ابن رشد قول ابن القاسم بنجاسته على الاحتياط لا أنها نجاسة حقيقية، وبنى على ذلك أنه يعيد عنده
في الوقت فقط. قوله: (أو ولغ فيه كلب) عطف على خولط المقدر فيه قبل قوله بنجس ليصير قيد
اليسارة معتبرا فيه كما أشار لذلك الشارح وليس عطفا على يسير لأنه يلزم عليه أن الكلب إذا ولغ في كثير
يكره استعماله لان المعطوف يغاير المعطوف عليه لأنه قسيمه وليس كذلك. واعلم أن اليسير الذي
ولغ الكلب فيه إنما يكره استعماله في رفع الحدث وحكم الخبث وما يتوقف على مطلق ولا يكره استعماله
في العادات فهو مثل الماء اليسير الذي حلته نجاسة ولم تغيره كما مر. تنبيه: كراهة الماء المولوغ
43

فيه مقيدة بما إذا وجد غيره وإلا فلا كذا في حاشية شيخنا. قوله: (لا إن لم يحركه) أي لا إن أدخل لسانه
فيه ولم يحركه فلا يكره استعماله في رفع حدث ولا في حكم خبث ولا في غير ذلك. قوله: (وراكد)
عطف على مستعمل في حدث. وحاصله أن الماء الراكد وهو غير الجاري يكره الاغتسال فيه ولو كان
كثيرا بقيود أربعة أن لا يكون مستبحرا وأن لا يكون له مادة أصلا أو له مادة إلا أنه قليل، وأن لا يضطر
إليه وأن لا يكون في بدنه وسخ يغير الماء، فإن وجدت تلك القيود الأربعة كره الاغتسال فيه، وإن لم
يغتسل فيه أحد قبله، وإن انتفى قيد منها فلا كراهة، بل يجوز إن انتفى واحد من الثلاثة الأول ويحرم
إن انتفى الرابع. قوله: (يغتسل فيه) ظاهره كان المغتسل جنبا أم لا وهو قول أصبغ، وقيد غيره
الكراهة بما إذا كان المغتسل جنبا وهو المعتمد، قال سند: ومذهب أصبغ خارج عن الجماعة ومردود
من حيث السنة ومن حيث النظر انظر ح. قال ابن مرزوق: ويعلم من كلام المصنف أن الكراهة خاصة
بالغسل دون الوضوء فيه، ويعطى بظاهره أن التناول منه للغسل خارجه لا كراهة فيه. قوله: (ولم تكن
له مادة إلخ) فإن كانت له مادة فلا كراهة وذلك كالبئر الكثير الماء ومغاطس الحمامات والمساجد إذا
دام الماء نازلا عليها وإلا فالظاهر الكراهة. واعلم أن المصنف قد أخل في هذا الفرع. وحاصل ما فيه
أن مالكا يقول بكراهة الاغتسال في الراكد كان يسيرا أو كثيرا، والحال أنه لم يستبحر ولم تكن له
مادة سواء كان جسد المغتسل نقيا من الأذى أو به أذى ولكن لا يسلب الطهورية، وإن كان يسلبها منع
الاغتسال فيه فليس عند مالك حالة جواز للاغتسال فيه بل إما المنع والكراهة وهي عنده تعبدية. وقال
ابن القاسم: يحرم الاغتسال فيه إن كان يسيرا وبالجسد أوساخ وإلا جاز بلا كراهة، فقول المصنف
وراكد إلخ لا يصح حمله على قول ابن القاسم لأنه ليس عنده حالة يكره فيها الاغتسال في الراكد وإنما
يصح حمله على كلام مالك. قوله: (وإن لم يغتسل إلخ) أي هذا إذا اغتسل فيه أحد قبله بل وإن لم يغتسل فيه
أحد قبله. قوله: (والكراهة تعبدية) أي لقولهم بكراهة الاغتسال فيه إذا وجدت القيود الأربعة
سواء كان ببدنه وسخ أو كان نقيا. قوله: (وكره سؤر إلخ) أي كره استعماله في رفع حدث وحكم
خبث وكل ما يتوقف على طهور لا في العادات. قوله: (شارب خمر) أي أو نبيذ فلو قال مسكر كان أولى
قوله: (لا من وقع منه) أي الشرب مرة أو مرتين أي فلا يكره استعمال سؤره قوله: (وشك في فمه) حال من
قوله أي من شأنه ذلك قوله: (لا إن تحققت طهارته) أي أو ظنت لان الظن وإن لم يغلب كالتحقق كما أفاده
شيخنا قوله: (وما أدخل يده فيه) أي يكره استعمال ماء أدخل شارب الخمر يده فيه والحال أنه شك في
طهارة تلك اليد وعدم طهارتها. قوله: (ومثل اليد غيرها) أي من أعضاء شارب الخمر، وإنما اقتصر المصنف
عل اليد لان الشأن أن مزاولة الخمر بها. قوله: (ما لم يتحقق طهارة العضو) أي الذي أدخله في الماء، وإلا فلا
كراهة، ومثل تحقق الطهارة وظنها وإن كان غير غالب كما مر. واعلم أن كراهة استعمال سؤر شارب الخمر
وما أدخل يده فيه مقيدة بما إذا كان يسيرا ووجد غيره وإلا فلا كراهة في استعماله، وإذا توضأ شخص بما
ذكر من السؤر وما أدخل يده فيه مع وجود غيره أعاد الوضوء ندبا لما يستقبل من الصلاة فقط
ذكره شيخنا في الحاشية. قوله: (وما لا يتوقى) عطف على شارب الخمر كما أشار إليه الشارح في
الخياطة. وقوله: وكره سؤر ما لا يتوقى فيه حذف مضاف أي كره استعمال سؤر ما لا يتوقى إلخ لأنه لا
تكليف إلا بفعل اختياري قوله: (كطير وسباع) وأما الحيوان البهيمي فلا يكره استعمال سؤره ولو كان
لا يتوقى النجاسة، سواء كان مأكول اللحم أو لا كما مر للشارح وهو ما يفيده طفي عند قوله سابقا
44

أو كان سؤر بهيمة. قوله: (فلا يكره سؤره) أي استعمال سؤره في رفع الحدث وحكم الخبث (قوله ثم
صرح إلخ) أي فكأنه قال: وكره سؤر شارب خمر من ماء لا من طعام، وكره ما أدخل يده فيه إن كان من ماء
لا من طعام، وكره سؤر ما لا يتوقى نجسا من ماء لا طعام. قوله: (أو كان طعاما فلا يكره) أي ولو لم يعسر
الاحتراز منه ولو شك في الطهارة. قوله: (ولا يراق) أي لشرفه ويحرم طرحه في قذر وامتهانه الشديد
لا غيره فيكره كذا في المج قوله: (كمشمس) أي كماء مسخن بالشمس فلا يكره استعماله في رفع
حدث ولا حكم خبث سواء كان بوضع واضع فيها أم لا هذا ظاهره وهو قول ابن شعبان وابن الحاجب
وابن عبد الحكم، قال بعضهم: ولم أره لغيرهم. قوله: (والمعتمد الكراهة) وهو ما نقله ابن الفرات عن مالك
واقتصر عليه جماعة من أهل المذهب، لكن هذه الكراهة طبية لا شرعية لان حرارة الشمس لا تمنع من
إكمال الوضوء أو الغسل بخلاف الكراهة بعد في قوله ما لم تشتد حرارته فإنها شرعية، والفرق بين
الكراهتين أن الشرعية يثاب تاركها بخلاف الطبية، وما قلناه من أنها طبية هو ما قاله ابن فرحون، والذي
ارتضاه ح أنها شرعية. قوله: (وهي ما تمد تحت المطرقة) أي مثل النحاس والحديد والرصاص وهذه
طريقة للقرافي، وقال ابن الإمام: الكراهة خاصة بالمشمس في النحاس الأصفر، وعلة كراهة استعمال
الماء المسخن بالشمس أن التسخين في الأواني المذكورة يورث الماء زهومة، فإذا غسل العضو بذلك
الماء انحبس الدم عن السريان في العروق وانقلب برصا، وأما المشمس في أواني الفخار أو الذهب أو
الفضة أو البرك والأنهار فلا كراهة في استعماله. تنبيه: على القول بأن استعمال المشمس
مكروه فالكراهة في استعماله في البدن في وضوء أو غسل ولو غير مطلوب وغسل نجاسة من البدن لا من
غيره كالثوب ويكره شربه وأكل ما طبخ به إن قالت الأطباء بضرره، وتزول الكراهة بتبريد الماء
لزوال علة الكراهة حينئذ على ما في حاشية شيخنا. قوله: (يمنع انفصال الزهومة منها) أي من الأواني
المذكورة للماء قوله: (فلا يكره) أي ولو كان التسخين في أواني النحاس. قوله (محله إلخ) أي محل هذا
التفصيل المتقدم إن لم تر النجاسة على فيه فإن ريئت عمل عليها أي ففيه تفصيل آخر قوله: (أي علمت)
أشار به إلى أن الرؤية في كلامه علمية لا بصرية، فلا يقال: الصواب أن يعبر بتيقنت بدل ريئت
وأصل ريئت رؤيت بتقديم الهمزة على الياء ففيه قلب مكاني وضع الياء مكان الهمزة والهمزة مكان
الياء ونقلت كسرة الهمزة للراء قوله: (على فيه) لا مفهوم له بل مثل الفم غيره كما أشار له الشارح (قوله
أو على يده) أي شارب الخمر قوله: (عمل عليها) أي على النجاسة قوله: (ذو نفس سائلة) أي دم
يجري منه إن ذبح أو جرح كالآدمي والحيوان الذي ميتته نجسة. قوله: (غير مستبحر) وإلا فلا يندب
النزح قوله: (ولو كان له مادة) وأولى إن لم تكن له مادة وذلك كالصهريج والبركة وهذا جار على قول
ابن وهب وبه العمل، وظاهر قول ابن القاسم في المدونة أن ندب النزح بقدرهما فيما لا مادة له، أما ما له مادة
فإنه يترك بالكلية ولا ينزح منه شئ كما في بن قوله: (ولم يتغير الماء) أي وإلا وجب النزح لان ميتته
نجسة. قوله: (ندب نزح) أي بعد اخراج الميتة أو قبل اخراجها لان الفضلات التي لا ينزح لأجلها
خرجت منه قبل خروج روحه، وأما بعد خروجها فلا يخرج منه شئ. واعلم أن ما ذكره
45

المصنف من ندب النزح مع القيود وهي كون الحيوان الواقع في الماء بريا ذا نفس سائلة والماء الواقع
فيه راكد وغير كثير جدا ومات فيه ولم يتغير هو المشهور، وقيل يجب النزح وعلى المشهور فهو مكروه
الاستعمال قبل النزح مع وجود غيره ويعيد من صلى به في الوقت كما في ح وابن مرزوق نقلا عن
الأكثر انظر بن. قوله: (ندب نزح) أي وكره استعمال الماء قبل النزح لا بعده فلا كراهة (قوله
لئلا تطفو) أي تعلو الدهنية على وجه الماء الذي في الدلو فتسقط في البئر فتضيع ثمرة النزح
(قوله في عظمهما) أي الماء الراكد والحيوان وكذا يقال فيما بعده. قوله: (و التحقيق) أي وأما ما قاله
المصنف من أنه يندب النزح بقدرهما فهو خلاف التحقيق إذ لا يفيد حكما لأنه علق الندب على مجهول
وهو النزح بقدرهما وهذا التحقيق للرجراجي قوله: (على ظن زوال الرطوبات) أي لا على النزح
بقدرهما. قوله: (واحترز بالبري إلخ) واحترز أيضا بقوله: وإن لم يتغير عما إذا تغير أحد أوصاف الماء
فإنه يجب النزح لنجاسته وحينئذ فينزح كله إن كان لا مادة له ويغسل الجب بعد ذلك وما له مادة ينزح
منه ما يزيل التغير كان الماء كثيرا أو قليلا. قوله: (لا إن وقع ميتا) الذي في بن عن ابن مرزوق
ترجيح القول بأن الوقوع ميتا كالموت فيه اه‍. ولكن ما مشى عليه المصنف ظاهر من تعليل الرطوبات
السابق. قوله: (وأخرج حيا) راجع لقوله: أو حيا فقط. قوله: (فلا يندب النزح) وهل جسده محمول
على الطهارة ولو غلبت مخالطته للنجاسة وهو ظاهر كلام ابن رشد، أو ما غلبت مخالطته للنجاسة محمول
عليها وهو قول سعيد بن نمير ومال إليه ابن الإمام وقاله ح، وما قاله ابن رشد أظهر إذا وقع في طعام لان
الطعام لا يطرح بالشك، وما قاله غيره ظاهر إذا كان وقع في الماء فيكره مع وجود غيره إن كان قليلا وفي
المج: وجسد غالب النجاسة يحمل عليها ولو في الطعام خلافا للح لان هذا ظن لا شك قوله: (وإن
زال إلخ) صورتها ماء كثير ولا مادة له حلت فيه نجاسة وغيرته، ثم زال ذلك التغير تحقيقا أو ظنا لا
بمطلق خلط به ولا بإلقاء شئ فيه من تراب أو طين بل زال تغيره بنفسه أو بنزح بعضه فالمسألة ذات
قولين: قيل إن الماء يعود طهورا، وقيل باستمرار نجاسته، فإن زال تغيره بصب مطلق عليه قليل
أو كثير أو ماء مضاف انتفت نجاسته قولا واحدا كما لو زال تغيره بإلقاء شئ فيه من تراب أو طين
ولم يظهر فيه أحد أوصاف ما ألقي فيه فإن ظهر فلا نص، واستظهر بعضهم نجاسته وبعضهم طهوريته
(قوله تغير الماء إلخ) أي وأما لو زال تغير نفس النجاسة كالبول فهو باق على نجاسته جزما لان نجاسته
لبوليته لا لتغيره، ولا وجه لما حكاه فيه ابن دقيق العيد من الخلاف كما في شب كذا في المج (قوله ولا
مادة له) أي وأما لو كان له مادة فإنه يطهر باتفاق لان تغيره حينئذ زال بكثرة المطلق قوله: (أي المتنجس
وهو ما غيره النجس بالفتح. قوله: (وعدمها أرجح) أي لأن النجاسة لا تزال إلا بالماء المطلق وليس حاصلا
وحينئذ فيستمر بقاء النجاسة. قوله: (وكأنه اتكل إلخ) جواب عما يقال: إن الطهورية أخص من
الطاهرية فلا يلزم من نفي الطهورية نفي الطاهرية وهذا القائل يقول ينفيهما معا. وحاصل الجواب
أن عود الضمير على الطهورية لا يمنع من الحكم عليه بنفي الطاهرية أيضا لان قرينة الاستصحاب
وهو تعين إرادة الطاهرية. قوله: (وهو المعتمد والأول ضعيف) تبع الشارح في اعتماد القول الثاني وتضعيف
الأول عج وعبق وشب وشيخنا في الحاشية، والذي في بن ترجيح القول الأول وتضعيف
الثاني، ومن بديع الاتفاق أن بن عول على ما في ح وإن عج استدل أيضا بكلام ح ولكن الحق أن
46

كلام ح فيه تقوية لكل من القولين، فإنه ذكر أثناء كلامه عن ابن الفاكهاني في شرح الرسالة تشهير قول
ابن القاسم بعدم الطهورية، وذكر أن ابن عرفة أنكر القول بالطهورية الذي هو رواية ابن وهب
وهذا مستند عج وذكر أن القول بالطهورية صححه ابن رشد وارتضاه سند والطرطوشي وهذا
مستند بن. واعلم أن محل هذا الخلاف إذا وجد ماء آخر غير ذلك الماء، وأما إذا لم يوجد إلا هو فإنه
يستعمل من غير كراهة، أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني فمراعاة للخلاف. والحاصل أن القول الثاني
يقول: أن محل الحكم بالنجاسة وعدم الاستعمال إذا وجد غيره وإلا استعمل مراعاة للقول الأول كذا
قاله شيخنا. قوله: (ليس لابن يونس هنا ترجيح) أي وإنما كلامه كما قال ابن غازي فيما إذا أزيل عين
النجاسة بمضاف، فمن المعلوم أن العين زالت، وهل الحكم باق أو لا؟ قولان رجح ابن يونس بقاءه. (قوله
ومفهوم الماء الكثير) قال بعض الشراح: وانظر ما حد الكثير. قوله: (بلا خلاف) أي ومفهوم قوله
ولا مادة له أن الذي له مادة يطهر اتفاقا لان تغيره قد زال بكثرة مطلق. قوله: (خلافا لظاهر المصنف) أي
فإن ظاهره أنه إذا صب عليه مطلق يسير أو مضاف طاهر فإنه من محل الخلاف لان قوله لا بكثرة
مطلق معناه لا بمطلق كثير وهذا شامل لما ذكر قوله: (إن زال أثرهما) أي لم يوجد شئ من أوصافهما
فيما ألقيا فيه، أما إن وجد فلا يطهر لاحتمال بقاء النجاسة مع بقاء أثرهما. قوله: (فلو قال لا بصب طاهر)
أي ليكون مفهومه شاملا لما إذا زال بمطلق قليل أو كثير أو تراب أو طين قوله: (أنه لو زال تغير الطاهر
إلخ) أي كما إذا تغير الماء بطاهر ثم زال تغيره بنفسه أو بإلقاء شئ فيه طاهر فهو طهور كما جزم به ح وإن
كان القياس جعله من المخالط الموافق كما لبعضهم ولكن الأقوى ما قاله ح قوله: (وقبل خبر الواحد)
حاصله أن الماء إذا كان متغيرا ولم يعلم هل تغيره بقراره أو بمفارق فأخبر واحد بنجاسة فإنه يقبل
خبره بشرطين أن يكون عدل رواية وان يبين وجهها أو يتفقا كما أنه إذا أخبر بأنه طاهر عند ظهور
ما ينافي الطهارة يقبل خبره بما ذكر من الشرطين، فإن كان الماء غير متغير وأخبر بالنجاسة فلا يقبل خبره
لان الأصل الطهارة، وكلام المصنف هنا لا ينافي قوله أو شك في مغيره لان ذلك لم يوجد مخبر يخبر
بالطهارة أو النجاسة. وقوله وقبل خبر الواحد إنما نص على الواحد لأنه أقل من يتأتى منه الاخبار وإلا
فمثل الواحد الاثنان فما زاد ولو بلغ المخبرون عدد التواتر كما في حاشية شيخنا، والشروط المذكورة في
الواحد تأتي في الزائد واستظهر أن الجن في ذلك كبني آدم قاله شيخنا. قوله: (العدل الرواية) وهو المسلم
البالغ العاقل غير الفاسق ذكرا كان أو أنثى حرا أو عبدا. قوله: (المخبر بنجاسته) أي أو بطهارته (قوله إن
بين وجهها) أي النجاسة بقرينة السياق، وكذا الطهارة إن ظهر منافيها وإلا فهي الأصل (قوله إن بين
وجهها) أي إذا اختلف مذهب السائل والمخبر لاحتمال أن يعتقد ما ليس نجسا نجسا وأولى
إذا اتفقا فيه. قوله: (أو اتفقا مذهبا) أي في شأن النجاسة وليس بلازم أن يكونا مالكيين (قوله
يستحسن تركه) أي وهل يعيد الصلاة في الوقت إذا توضأ به وصلى أو لا؟ ظاهر كلامهم الثاني
قاله شيخنا. قوله: (وهذا) أي استحباب الترك قوله: (وورود الماء إلخ) الأولى أن يقول وورود
النجاسة على الماء كعكسه لان المشبه به يجب أن يكون أقوى من المشبه، وهنا بالعكس لأن الماء إذا ورد على
47

النجاسة ولم يتغير فهو طاهر باتفاق، وأما إذا وردت النجاسة على الماء القليل ولم يتغير ففي نجاسته الخلاف
بيننا وبين الشافعية، وقد جعل المصنف هذا الفرع الثاني مشبها به. لا يقال: إن عادة المصنف إدخال
الكاف على المشبه لا على المشبه به. لأنا نقول: إنما يدخلها على المشبه بعد تتميم الحكم كما لو قال وورود
الماء على النجاسة لا يضر كعكسه وهنا ليس كذلك وحينئذ فهي داخلة على المشبه به فالاعتراض
باق فتأمل، وذكر هذه المسألة غير ضروري لاستفادتها مما تقدم لكنه قصد بالتصريح بها الرد
على المخالف (كالشافعي). قوله: (على ذي النجاسة) أي وهو الشئ المتنجس قوله: (وينفصل عنه) أي
وينفصل الماء عن الثوب قوله: (لا فرق عندنا في ورود) أي في حصول التطهير بين وورود إلخ (قوله
كأن يغمس الثوب) أي المتنجس. قوله: (الثاني) أي وأما الأول فهو محل اتفاق (قوله إن وردت) أي
الثوب المتنجسة على الماء الذي هو صورة العكس في المصنف قوله: (تنجس بمجرد الملاقاة) أي وإن
وردت عليه وهو قدر قلتين فأكثر فكما قلناه. قوله: (بمجرد الملاقاة) أي وإن لم يتغير والقلتان نحو أربعمائة
وسبعة وأربعين رطلا تقريبا بالمصري وبالبغدادي خمسمائة رطل.
فصل: الطاهر إلخ قوله: (الحاجز) أي الفاصل بينهما فهو في اللغة مصدر بمعنى اسم الفاعل
قوله: (من مسائل الفن) أي من قضاياه لان مدلول التراجم الألفاظ قوله: (غالبا) ومن غير الغالب
قد يعبر عن الطائفة من المسائل غير المندرجة تحت ترجمة بفصل. قوله: (أي حيوان بري) إنما فسرها
بحيوان لان الذي يقوم به الموت إنما هو الحيوان، وإنما قيده ببري لقرينة قوله بعد: والبحري والعطف
يقتضي المغايرة. قوله: (لا دم له) أي لا دم مملوك له أعم من أن يكون لا دم فيه أصلا أو فيه دم مكتسب
وسواء مات ما ذكر بذكاة أو مات حتف أنفه قوله: (أي ذاتي) أشار إلى أن لام لا دم له للملك وأن
المراد بكون الدم مملوكا للحيوان أنه ذاتي. قوله: (كعقرب إلخ) أي فهذه المذكورات ليس لها دم ذاتي
وما فيها من الدم فهو منقول. واعلم أن المحكوم عليه بالطهارة ميتة الحيوانات المذكورة، وأما ما فيها
من الدم فهو نجس فإذا حل قيل منه في طعام نجسه واعلم أيضا أنه لا يلزم من الحكم بطهارة
ميتة ما لا نفس له سائلة أنه يؤكل بغير ذكاة لقوله: وافتقر نحو الجراد لها بما يموت به، وحينئذ فإذا وقع
ذلك الحيوان في طعام وكان حيا فإنه لا يؤكل مع الطعام إلا إذا نوى ذكاته بأكله كان الطعام أقل منه
أو كان أكثر منه أو كان مساويا له تميز عن الطعام أم لا، وأما إن وقع في طعام ومات فيه فإن كان الطعام
متميزا عنه أكل الطعام وحده كان أقل من الطعام أو أكثر منه أو مساويا له، وإن لم يتميز عن
الطعام واختلط به فإن كان أقل من الطعام أكل هو والطعام، وإن كان أكثر من الطعام أو مساويا له
لم يؤكل، فإن شك في كونه أقل من الطعام أو لا أكل مع الطعام لان الطعام لا يطرح بالشك
وليس هذا كضفدعة شك في كونها بحرية أو برية فلا تؤكل لان هذا شك في إباحة الطعام وإباحته فيما
نحن فيه محققة، والشك في الطارئ عليها وما ذكرناه من التفصيل فهو لابن يونس وهو المعول عليه، وقال
عبد الوهاب: إذا وقع ما لا نفس له سائلة في طعام ومات فيه أو كان حيا جاز أكله مطلقا تميز عن الطعام أم
لا كان أكثر من الطعام أو مساويا له أو أقل منه، وقد بنى ذلك على مذهبه من أن ما لا نفس له سائلة
لا يفتقر لذكاة وهذا كله في الواقع في الطعام، وأما المتخلق منه كسوس الفاكهة ودود المش والجبن فإنه
يجوز أكله مع الطعام مطلقا حيا أو ميتا كان قدر الطعام أو أقل منه أو أكثر، ولا يفتقر لذكاة كما قاله ابن
48

الحاجب وقبله شراحه ونقل نحوه عن اللحمي وهذا إذا لم يتميز عن الطعام، فإن تميز عنه فلا بد من
ذكاته. تنبيه: ليس مما لا دم له لوزغ والسحالي وشحمة الأرض بل هي مما له نفس سائلة فهي ذات لحم
ودم وكذلك الحية والقملة. قوله: (وخنافس) جمع خنفساء بالمد قوله: (وبنات وردان) هي دويبة نحو
الخنفساء حمراء اللون وأكثر ما تكون في الحمامات وفي الكنف، وكذا الجراد والدود والنمل والبق
قوله: (ولم يقل فيه إلخ) حاصله أنه لو قال ميت ما لا دم فيه لاقتضى أن ميتة ما فيه دم نجسة مطلقا سواء كان
الدم ذاتيا كالقمل أو غير ذاتي كالبرغوث والبق والامر ليس كذلك فلذا عدل عن فيه إلى له المفيدة
للملك. قوله: (وميتة البحري) ولو كان خنزيرا أو آدميا ولا يجوز وطؤه لأنه بمنزلة البهائم ويعزر
واطئه، وسواء مات البحري في البحر أو في البر، وسواء مات حتف أنفه أو وجد طافيا على الماء بسبب شئ
فعل به من اصطياد مسلم أو مجوسي أو ألقي في النار أو دس في طين فمات، أو وجد في بطن حوت أو طير ميتا
إلا أنه يجب غسله إذا أريد أكله في تلك الحالة. قوله: (ولو طالت حياته ببر) أي ومات به وهذا قول مالك
ورد بلو قول ابن نافع بنجاسة ميتة البحري إذا طالت حياته بالبر، ورواية عيسى عن ابن القاسم بطهارة
ميته إن مات في الماء وبنجاسته إن مات في البر انظر بن. قوله: (وسحلفاة) بسين ثم لام ثم حاء وفي نسخة
تقديم الحاء على اللام وهي ترس الماء اه‍ وهي بضم السين والحاء وسكون اللام وبفتح اللام وسكون الحاء
قوله: (وجزؤه) إنما نص على الجزء بعد النص على الكل لأنه لا يلزم من الحكم على الكل الحكم على الجزء
ألا ترى أن الشافعية يقولون بنجاسة مرارة المباح المذكى مع قولهم بطهارة الكل؟ وشمل قوله وجزؤه
البشيمة وهي وعاء الولد فهي طاهرة ويجوز أكلها كما لابن رشد وصوبه البرزلي قائلا هو ظاهر المدونة
خلافا لعبد الحميد الصائغ القائل بعدم جواز أكلها. وقال ابن جماعة: إنها تابعة للمولود انظر ح (قوله إلا
محرم الأكل) استثناء منقطع. وقوله: لا تنفع فيها أي وحينئذ فميتتها نجسة ولو وجدت فيها صورة الذكاة
قوله: (تبعا له) أي للحم قوله: (لأنه) أي الجلد قوله: (ونحوهما) أي كالهر والفاقوم والفار قوله: (ما حول
القصبة) أي قصبة الريش قوله: (شعر) في شب عن مالك كراهة بيع الشعر الذي يحلق من رؤوس
الناس اه‍ قوله: (من جميع الدواب) كالخيل والبغال والحمير والمعز. قوله: (هذه الأشياء) أي الصوف وما
بعده. قوله: (ولو بعد الموت) غايته أنه يستحب غسلها إذا جزت من ميتة عند الشك في طهارتها ونجاستها
على المعتمد. قوله: (فلو نتفت) أي في حال الحياة أو بعد الموت قوله: (فلو جزت) أي قصت بمقص (قوله
أي لم تحله حياة) أي أصلا فخرج من التعريف آدم عليه السلام بعد موته وكذلك الدود وما أشبهه من
كل ما تولد من العفونات أو التراب فلا يقال فيها بد موتها جماد لأنها وإن لم تنفصل عن حي إلا أنها حلتها
الحياة قوله: (منه) أي حالة كونه من الجماد قوله: (ولا يكون) أي المسكر إلا مائعا ولا يكون
49

جامدا أصلا خلافا للمنوفي فإن المسكر عنده قد يكون جامدا ولذا جعل الحشيشة منه. قوله: (مع نشأة)
أي شدة وقوة. قوله: (وطرب) أي فرح قوله: (لا مع نشأة) أي شدة وقوة. قوله: (ومنه الحشيشة) أي
وكذا البرش والأفيون، وما ذكره من جعل الحشيشة من المخدر هو ما للقرافي وهو المعتمد خلافا
للمنوفي فإنه جعلها من المسكر. قوله: (إلا ما أثر في العقل) أي غيبه وفي تعاطيه الأدب لا الحد، وأما القدر
الذي لا يغيب العقل منهما فيجوز تعاطيه بخلاف المسكر فإنه نجس فيحرم تعاطي القليل منه الذي
لا يؤثر في العقل والكثير وفي تعاطيه مطلقا الحد. تنبيه: قال في المج: والقهوة في ذاتها مباحة
ويعرض لها حكم ما يترتب عليها، هذا زبدة ما في ح هنا ومثلها الدخان على الأظهر وكثرته لهو اه‍. وفي ح
ما نصه: فرع: قال ابن فرحون: والظاهر جواز أكل المرقد لأجل قطع عضو ونحوه لان ضرر المرقد
مأمون وضرر العضو غير مأمون. قوله: (أي كل حي) ولو كافرا أو كلبا أو خنزيرا أو شيطانا
ودخل فيه جنين الآدمي مسلما أو كافرا فقد ادعى القرطبي الاجماع على طهارته قال: ولا يدخله الخلاف
الذي في رطوبة الفرج، ونازعه ابن عرفة في دعوى الاجماع وقال: بل الخلاف الذي في رطوبة الفرج
يجري فيه، وحينئذ فالمعتمد أن جنين الآدمي إذا نزل وعليه رطوبة الفرج فإنه يكون متنجسا لان المعتمد
نجاسة رطوبته، لكن رد بعضهم على ابن عرفة وقال: الحق مع القرطبي لان من حفظ حجة على من لم
يحفظ اه‍. وأما جنين البهيمة يخرج وعليه الرطوبات فإن كانت مباحة الأكل فهو طاهر لان ما خرج
معه من الرطوبات طاهر وإن كانت غير مباحة الأكل فهو متنجس لنجاسة الرطوبات التي عليه (قوله
حال سكره) هذا هو المعتمد خلافا لمن قال: إن عرق السكران حال سكره أو قريبا من سكره نجس
(قوله ما لم يعلم أنه) أي السائل من فمه حالة النوم. وقوله: فإنه نجس أي ويعفى عنه إذا لازم وإلا فلا (قوله
ومخاطه) أي وأولى خرء أذنه. قوله: (ولو من حشرات) أي ولو كان البيض من حشرات. وقوله: تصلب
أي ذلك البيض بأن كان صلبا يابسا قوله: (راجع للجميع) حاصله أن المبالغة راجعة للجميع لان في
بعضها وهو العرق والبيض خلافا فقيل إنهما من آكل النجس نجس ورجوع المبالغة لهما ظاهر
لرد ذلك الخلاف وبعضها لا خلاف فيه، والمبالغة فيه لرد التوهم وكون لو يرد بها الخلاف فهذا أغلبي
تنبيه: لا تكره الصلاة بثوب فيه عرق شارب خمر أو مخاطه أو بصقه على الراجح كما في عبق خلافا
لزروق. قوله: (فاستظهروا طهارته) وأما البيض الذي يوجد في داخل بياضه أو صفاره نقطة دم
فمقتضى مراعاة السفح في نجاسة الدم الطهارة في هذه الحالة كما في الذخيرة قوله (وإلا فهو طاهر) أي
وإلا بأن كان خروجه مما ميتته طاهرة كالجراد والتمساح أو من مذكي فلا يكون نجسا. (قوله بيضا
كان) أي الخارج بعد الموت أو غيره أي من دمع وعرق ولعاب ومخاط. وحاصله أنه إذا خرج شئ
من هذه بعد الموت مما ميتته نجسة فإن كان غير مذكى فهي نجسة ولو بيضا يابسا، وإن كان مذكى كانت
طاهرة، كما أنها إذا كانت من حيوان ميتته طاهرة فإنها تكون طاهرة قوله: (فالاستثناء في هذا إلخ) أي
بخلاف قوله إلا المذر فإنه راجع إلى البيض فقط قوله: (لان ميتته) أي الآدمي نجسة وحينئذ فلبنه
نجس لنجاسة وعائه قوله: (ولبن غيره) أي من البهائم، وأما لبن الجن فهو كلبن الآدمي لا كلبن
البهائم لجواز مناكحتهم وإمامتهم
50

ونحو ذلك اه‍ خش. قوله: (فلبنه طاهر) وتجوز الصلاة بلبن مكروه الأكل على ما قاله ابن دقيق العيد
وهو المعتمد خلافا لمن قال بالكراهة. قوله: (وليس كلامنا فيه) أي في كراهة الشرب وعدمه بل في
الطهارة وعدمها. قوله: (وبول وعذرة من مباح) هذا وإن كان طاهرا لكنه يستحب غسل الثوب ونحوه
منه عند مالك إما لاستقذاره أو مراعاة للخلاف، لان الشافعية يقولون بنجاستهما، وأما ما تولد من المباح
وغيره من محرم، أو مكروه كالمتولد من الغنم والسباع أو من البقر والحمير فهل تكون فضلته طاهرة أو
نجسه؟ والظاهر أنه يلحق بالأم لقولهم: كل ذات رحم فولدها بمنزلتها اه‍ خش. وفي المج ليس من التلفيق
الذي قيل بجوازه مراعاة (الشافعي) في إباحة الخيل، ومالك في طهارة رجيع المباح لان مالكا عين للإباحة
أشياء فتأمل. قوله: (يعني روثا) أي لان العذرة إنما تقال لفضلة الآدمي، وأما فضلة غيره فإنما يقال لها
روث. قوله: (إلا المتغذي بنجس) أي فبوله وروثه نجسان مدة ظن بقاء النجاسة في جوفه (قوله وكان
شأنه إلخ) راجع للشك قوله: (لا إن لم يكن إلخ) أي لا إن شك في استعماله لها ولم يكن شأنه إلخ (قوله إلا
المتغير عن حالة الطعام) أي لونا أو طعما أو ريحا فإذا تغير بحموضة أو نحوها فهو نجس وإن لم يشابه أحد
أوصاف العذرة كما هو ظاهر المدونة، واختاره سند والباجي وابن بشير وابن شاس وابن الحاجب خلافا
للتونسي وابن رشد وعياض حيث قالوا: لا ينجس القئ إلا إذا شابه أحد أوصاف العذرة (قوله والقلس)
هو ماء تقذفه المعدة أو يقذفه ريح من فمها وقد يكون معه طعام قوله: (فإن تغير) أي عن حالة الماء
الذي شربه أي وإن لم يتغير فهو طاهر. قوله: (لا يضر) أي ولا يكون القلس نجسا إلا إذا شابه أحد
أوصاف العذرة ففرق بين القئ والقلس. قوله: (تبعا لبعض المحققين) أراد به طفي. قوله: (نجاسته) أي
نجاسة القلس المتغير بالحموضة. والحاصل أن القلس لا ينجس اتفاقا إلا بمشابهة العذرة فلا تضر حموضته
لخفته وتكرره، وهل كذلك القئ أو أنه يتنجس بمطلق التغير وهو ظاهر المدونة؟ تأويلان، هذا حاصل
ما حرره طفي ورد على ح وعلى من تبعه في تشهير التنجيس بمطلق التغير فيهما. تنبيه: ذكر شيخنا
في الحاشية أن طهارة القئ تقتضي طهارة ما وصل للمعدة من خيط أو درهم، لكن في كبير خش أنهم
قالوا بنجاستهما، وأما الذي أدخل في الدبر فنجس قطعا كما في ح كذا في المج. قوله: (وصفراء) أي ومن
الطاهر صفراء وبلغم وهو المعروف بالنخامة قوله: (من آدمي) أن سواء كان كل من الصفراء والبلغم
من آدمي قوله: (أو غيره) كان ذلك الغير من مباح الأكل أم لا. قوله: (لان المعدة) إلخ علة لطهارة
ما تقدم من القئ والصفراء والبلغم. لا يقال: مقتضى هذه العلة طهارة القئ المتغير عن الطعام. لأنا
نقول: إنما يكون الخارج من المعدة طاهرا حيث خرج بحاله ولا يرد الصفراء والبلغم فإنهما لم
يخرجا بحالهما، لأنه لما كان يندر خروج الصفراء صارت بمنزلة ما بقي بحاله، والبلغم لما كان يتكرر
خروجه ويكثر حكم بطهارته لان الكثرة توجب المشقة كذا قيل. وفيه أن المشقة لا تقتضي الطهارة
وإنما تقتضي العفو فقط فتأمل. قوله: (وعلة نجاسة القئ) أي إذا تغير عن حالة الطعام قوله: (وليست هي)
أي مرارة المباح. قوله: (وأطلق في الصفراء) أي ليشمل ما إذا كانت من آدمي أو غيره مباحا أم لا
قوله: (واعتراض الشارح) أي العلامة بهرام وقوله عليه أي على المصنف. وحاصل اعتراضه
عليه أنه لا حاجة لقوله: ومرارة مباح لأنه إن أراد بالمرارة الماء الأصفر المر الخارج من الفم فهو الصفراء
وإن أراد وعاءه فهو جزء من الحيوان وهي داخلة في قوله: وجزؤه. وحاصل الجواب أنا نختار
51

أن المراد بها الماء الأصفر لكن لا نسلم أنه نفس الصفراء لأنها الماء المر الأصفر الخارج من الحيوان حال
حياته، وأما المرارة فإنها الماء الأصفر الخارج من بعد التذكية، فقول الشارح: ومراده بالمرارة ومرارة
المذكي الأولى أن يقول: ومراده بالمرارة الماء الأصفر الخارج بعد التذكية. قوله: (ودم) أي ومن
الطاهر دم إلخ قوله: (بذكاة) الباء تصويرية أي موجب خروجه المصور بذكاته. والحاصل أن الدم
إن جرى بعد موجب خروجه وهو الذكاة كان مسفوحا وهو نجس كما يأتي، وإن لم يجر بعد موجب
خروجه كان غير مسفوح وهو طاهر فخرج الدم القائم بالحي، فلا يوصف بكونه مسفوحا ولا غير
مسفوح، ومن ثمرات طهارة غير المسفوح أنه إذا أصاب الثوب منه أكثر من درهم لا يؤمر بغسله
وتجوز الصلاة به. قوله: (وكذا ما يوجد إلخ) أي لأنه وما قبله يصدق عليه أنه لم يجر بعد حصول
موجب خروجه الذي هو الذكاة. قوله: (ومسك) أي ومن الطاهر مسك. قوله: (بكسر فسكون) أي
وأما المسك بفتح فسكون فهو الجلد يقال القنطار ملء مسك ثور قوله: (لاستحالته) أي استحالة أصله
أي وإنما كان طاهرا مع نجاسة أصله لاستحالة أصله إلخ فهو علة محذوف. قوله: (بلا همز) أي يتعين ذلك
أخذا من قوله: لأنه من فار يفور، قال بعضهم: إن قوله وفأرته بالهمز وعدمه خلافا لمن عين الأول ولمن
عين الثاني، هذا وظاهر طهارة المسك وفأرته ولو أخذه بعد الموت، وانظر ما الفرق بينه وبين اللبن
والبيض الخارجين بعد الموت مع أن كلا استحال إلى صلاح وعدم استقذار، هذا وفي المج أن الفرق
شدة الاستحالة لصلاح في المسك فتأمل هذا. وقد توقف الشيخ زروق في جواز أكل المسك، قال ح
ولا ينبغي التوقف في ذلك وجوازه معلوم من الدين بالضرورة، وكلام الفقهاء في باب الاحرام دليل
على جوازه حيث قالوا: يجوز للمحرم أكل الطعام الممسك إذا أماته الطبخ فلولا أنه يجوز أكل المسك
ما جاز أكل الطعام. قوله: (التي يكون) أي المسك. قوله: (وزرع) أي ومن الطاهر زرع والبقل كالكراث
ونحوه كالزرع قوله: (سقي إلخ) أشار بهذا إلى أن الباء متعلقة بمحذوف ويحتمل أنها بمعنى من أي
وزرع من نجس أي ناشئ من نجس كما لو زرع قمحا نجسا بأن ابتلعه انسان ونزل بحاله وزرعه ونبت
فإنه يكون طاهرا. قوله: (وخمر تحجر) أي سواء تحجر في أوانيه أم لا بأن وقع فوق ثوب وجمد عليه
كذا قال بعضهم، واقتصر عليه عبق تبعا لعج، وقال بعضهم: لا بد من تحجره في أوانيه، وأما إذا جمد على
ثوب فلا بد من غسله لأنه أصابه حال نجاسته وهو ما في شب والقولان على حد سواء، قال شيخنا
العدوي: والنفس أميل إلى الثاني لأنه إذا نشف على الثوب لا يقال فيه تحجر إذ تحجره جموده وصيرورته
جرما جامدا. قوله: (ولذا) أي ولأجل تعليل الطهارة بزوال الاسكار. قوله: (أنه إذا استعمل) أي وهو
متحجر. وقوله: أسكر راجع لقوله: استعمل أو بل. قوله: (كما نقل عن المازري) أي وقال بعضهم: أنه متى
تحجر صار طاهرا أو لا ينظر لكونه إذا بل يسكر أولا، ألا ترى أنهم أطبقوا على جواز بيع الطرطير
وهو خمر جامد ولم يقيدوا جواز بيعه بذلك. قوله: (أو خلل) أي بطرح ماء أو خل أو ملح أو نحو ذلك
فيه، ومحل طهارته بصيرورته خلا ما لم يكن وقعت فيه نجاسة قبل تخليله وإلا فلا، وفي عبق منع
استعمال الخمر إذا استهلكت بالطبخ في دواء، واختلفوا في تخليلها فقيل بالحرمة لوجوب إراقتها وقيل
بالكراهة، وقيل بالإباحة، وعلى كل يطهر بعد التخليل. قوله: (وكذا ما حجر) أي بفعل فاعل (قوله
خلافا لما يوهمه كلامه) من أنه لا يكون طاهرا إلا إذا تحجر بنفسه أو خلل بفعل فاعل
ولك أن تجعل في كلامه احتباكا فحذف من كل نظير ما ذكره في الآخر. قوله: (طهر الجميع)
أي الثوب والخمر الذي في الدن والدن أيضا قوله: (أي اخرج) أشار بذلك إلى أن مراد
52

المصنف بالاستثناء اللغوي وهو مطلق الاخراج سواء كان بأداة استثناء أو كان الاخراج
بغيرها كمفهوم الشرط، ويحتمل أن المراد بالاستثناء الاستثناء الحقيقي أي ما كان بإلا أو إحدى أخواتها
وعلى هذا فيقال: ما استثنى حقيقة أو حكما فيدخل مفهوم الشرط في قولنا أو حكما أو أن مفهوم
الشرط كالمصرح به كما هو معلوم من اصطلاحه وحينئذ فلا يحتاج لقولنا أو حكما. وحاصل ما استثناه
فيما مر ثمانية: محرم الأكل والصوف المنتوف والمسكر والمذر والخارج بعد الموت من دمع وعرق ولعاب
ومخاط وبيض ولبن الآدمي الميت والبول والعذرة من المتغذي بنجس والقئ المتغير عن حالة الطعام
قوله: (وإنما ذكرها) أي هذه المخرجات المستثناة بإلا وغيرها. وقوله: وإن علمت أي مما مر (قوله
والنجس) أشار بذلك إلى أن قوله وميت غير ما ذكر عطف على ما استثنى. قوله: (غير ما ذكر) أي في أول
الفصل، والذي ذكر ميتة ما لا دم له من الحيوان البري وميت البحري وغيرهما ميت البري الذي له دم
قوله: (إذا كان غير قملة) أي كالبقر والغنم والإبل والطير والسباع والحية والوزغ والسحالى سواء مات
حتف أنفه أو بذكاة غير شرعية كمذكى مجوسي أو كتابي بقصد تعظيم صنمه بأن اعتقد أنه إلهه فذبحه
تقربا إليه أو مسلم لم يسم عمدا أو مرتد أو مجنون أو سكران أو مصيد كافر أو ذبح محرم لصيد فكل هذه
ميتة نجسة. قوله: (بل ولو كان) أي ميت غير ما ذكر قوله: (خلافا لمن قال) أي وهو الامام سحنون (قوله
لان الدم) علة للقول بطهارتها قوله: (عن القملتين) أي الميتتين قوله: (الثلاث) أي الميتات إذا
كانت في ثوب وصلى به، وكذا يعفى عن قتل الثلاث في الصلاة كما يؤخذ من ح. ونقل ابن مرزوق عن
بعض الصالحين أنه إذا احتاج لقتل القملة في المسجد ينوي ذاتها، قال ح: كأنه بناه على قول ابن شاس
من عمل الذكاة في محرم الأكل فإن في حياة الحيوان تحريم أكل القملة إجماعا، فإن بنى على قول
سحنون أن القملة لا نفس لها سائلة لم يحتج للتذكية إلا زيادة احتياط قوله: (أو كان آدميا)
أي ولو كان ميت غير ما ذكر آدميا وهذا قول ابن القاسم وابن شعبان وابن عبد الحكم
فكلهم يقولون بنجاسة ميتته وهو ضعيف. قوله: (والأظهر طهارته) ولو كافرا وهو قول سحنون
وابن القصار. تنبيه: قد علمت أن في ميتة الآدمي الخلاف، وأما ميتة الجن فنجسة لأنه
لا يلحق الآدمي في الشرف وإن اقتضى عموم المؤمن لا ينجس أن له ما للآدمي، ولو قيل
بطهارة ميتة المسلم منهم لكان له وجه وليس الفرع نصا قديما اه‍ مج. قوله: (على التحقيق) قال
عياض: لان غسله وإكرامه بالصلاة عليه يأبى تنجيسه إذ لا معنى لغسل الميتة التي هي بمنزلة العذرة
ولصلاته عليه الصلاة والسلام على سهل بن بيضاء في المسجد ولما ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قبل
عثمان بن مظعون بعد الموت ولو كان نجسا لما فعل عليه الصلاة والسلام ذلك. واعلم أن الخلاف في طهارة
ميتة الآدمي وعدمها عام في المسلم والكافر وقيل خاص بالمسلم، وأما ميتة الكافر فنجسة اتفاقا
53

وهما طريقتان حكاهما ابن عرفة وظاهره استواؤهما كما قاله ابن مرزوق ونقله شيخنا في الحاشية
ولا يدخل الخلاف أجساد الأنبياء إذ أجسادهم بل جميع فضلاتهم طاهرة اتفاقا حتى بالنسبة
لهم، لأن الطهارة متى ثبتت لذات فهي مطلقة واستنجاؤهم تنزيه وتشريع ولو قبل النبوة وإن كان
لا حكم إذ ذاك لاصطفائهم من أصل الخلقة، بل في شرح دلائل الخيرات للفاسي أن المني الذي
خلق منه صلى الله عليه وسلم طاهر من غير خلاف. قوله: (من حي) منه ثوب الثعبان قوله
فالمنفصل من الآدمي إلخ) من جملته ما نحت من الرجل بالحجر فإنه من الجلد ففيه الخلاف
كقلامة الظفر بخلاف ما نزل من الرأس عند حلقه فإنه طاهر اتفاقا لأنه وسخ متجمد منعقد لأنه
أجزاء من الجلد قوله: (مطلقا) أي في حال حياته أو بعد موته قوله: (على المعتمد) أي بناء على المعتمد من
طهارة ميتته، وأما على الضعيف فما أبين منه نجس مطلقا. والحاصل أن الخلاف فيما أبين من الآدمي
في حال حياته وبعد موته كالخلاف في ميتته خلافا لمن قال: أن ما أبين منه حيا لا يختلف في نجاسته
وليس كذلك بل فيه الخلاف. تنبيه: على المعتمد من طهارة ما أبين من الآدمي مطلقا
يجوز رد سن قلعت لمحلها لا على مقابلة. قوله: (وما يأتي من أن الدجاج إلخ) حاصله أن المراد بالظفر
في هذا الباب ما يقص فيدخل الدجاج في الظفر، بخلاف باب الذبائح فإن المراد بالظفر فيه الجلدة
التي بين الأصابع وحينئذ فلا يكون الدجاج من ذي الظفر اه‍. فعد الدجاج في هذا الباب من
ذي الظفر لا يعارض ما في الذبائح من أنه ليس من ذي الظفر. قوله: (بتمامها) أي فلا فرق
بين أصلها وطرفها لأنه كان حيا خلافا لمن قال: النجس أصلها لا طرفها كذا في ح. ويشهد له كلام
ابن شاس وابن الحاجب والتوضيح، وفي المواق ما يقتضي ضعفه واعتماد القول بأن النجس أصلها
لا طرفها، انظر بن ونبه المؤلف على نجاسة هذه المذكورات بقوله: من قرن إلخ دون غيرها من لحم
وعصب وعروق مع شمول قوله: وما أبين من حي أو ميت لذلك الغير للخلاف فيما ذكر فإن بعضهم
يقول بطهارة ما ذكر لان الحياة لا تحله بخلاف اللحم والعصب والعروق فقد اتفقوا على نجاستها
لان الحياة تحلها قوله: (وجلد) يعني أن الجلد المأخوذ من الحي أو الميت نجس قوله ولا باطنه) خلافا
لسحنون وابن علي حكم القائلين أن جلد الميتة مطلقا ولو خنزيرا يطهر بالدباغ طهارة شرعية
وهذا القول هو الذي أشار المصنف لرده بلو. قوله: (ولذا جاز) أي لأجل طهارته طهارة لغوية
(قوله ورخص) بالبناء للمفعول أو بالبناء للفاعل والضمير عائد إلى الامام أي وجوز الامام
فيه قوله: (أي في جلد الميتة) أي في استعماله قوله: (أو محرمه) ذكى ذلك المحرم أم لا (قوله
لا تعمل فيه إجماعا) أي بخلاف الخيل والبغال والحمير فإن الذكاة تنفع فيها عند بعضهم (قوله
على المشهور) راجع لقول المصنف: إلا من خنزير ومقابله ما شهره الامام عبد المنعم بن الفرس
بالفاء والراء المفتوحتين في أحكام القرآن من أن جلد الخنزير كجلد غيره في جواز استعماله
في اليابسات والماء إذا دبغ سواء ذكي أم لا. قوله: (وكذا جلد الآدمي) أي مثل جلد
الخنزير في كونه لا يرخص فيه مطلقا جلد الآدمي فلا يجوز الانتفاع بكل منهما بعد الدبغ في
54

اليابسات والماء كغيرهما من جلود الميتة. قوله: (بعد دبغه) متعلق برخص كما أن قوله في يابس كذلك
وكان الأولى للمصنف أن يقدم قوله بعد دبغه على الاستثناء. وفي قوله في يابس بمعنى الباء أي بالنسبة
ليابس وماء بخلافها في قوله فيه وحينئذ فلا يلزم تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد أو
أن في يابس متعلق باستعماله محذوفا قوله: (بعد دبغه) وأما قبله فلا يجوز الانتفاع به بحال قال ابن هارون
وهو المذهب قوله: (بما يزيل الريح والرطوبة) ولو كان ذلك المزيل لهما نجسا كما في عبق (قوله ويحفظه
من الاستحالة) أي من التلف والتقطيع كما تحفظه الحياة ولا يشترط في الدباغ إزالة الشعر عندنا
وإنما يلزم إزالته عند الشافعية القائلين أن الشعر نجس وأن طهارة الجلد بالدبغ لا تتعدى إلى طهارة الشعر
لأنه تحله الحياة فلا بد من زواله، وأما عندنا فالشعر طاهر لان الحياة لا تحله فالفرو وإن كان مذكى مجوسي
أو مصيد كافر قلد في لبسه في الصلاة أبا حنيفة لان جلد الميتة عنده يطهر بالدباغ والشعر عنده طاهر
ولا يقلد فيه الشافعي لأنه وإن قال بطهارة الجلد يقول بنجاسة الشعر، ولا مالكا لأنه وإن قال بطهارة
الشعر يقول بنجاسة الجلد إلا أن يلفق ويقلد المذهبين. قوله: (فإن وقع الجلد في مدبغة) أي وخرج
مدبوغا غير محتاج لآلة قوله: (ولا كون الدابغ مسلما) أي ولا يشترط كون الدابغ مسلما بل دبغ الكافر
مطهر قوله: (كالحبوب) أي بأن يوعى فيها العدس والفول ونحوهما من الحبوب ويغربل عليها
ولا يطحن عليها بأن تجعل الرحى فوقها لأنه يؤدي إلى تحلل بعض أجزاء الجلد فتختلط بالدقيق وأما
لو جعل الجلد في بيت الدقيق في الطاحون وينزل الدقيق عليه فلا يضر. قوله: (لأنه يدفع عن
نفسه) في المج أنه ليس من استعماله في الماء لبسه في الرجل المبلولة وفاقا لج قوله: (ويجوز لبسها إلخ)
أي جلود الميتة المدبوغة أي كما يجوز الجلوس عليها في غير المسجد لا فيه لأنه يمنع دخول النجس فيه
ولو معفوا عنه. وقوله في غير الصلاة أي وأما في الصلاة فقد علمت من مسألة الفراء عدم الجواز إلا
إذا قلد كما مر قوله: (وفيها كراهة العاج) أي كراهة استعماله. وقوله: قال فيها أي معللا للكراهة وقوله
وهذا أي التعليل. وقوله: فيكون أي قول المصنف وفيها كراهة العاج قوله: (من نجاسته) أي العاج (قوله
وقيل الكراهة كراهة تنزيه) أي والفرض أن الفيل غير مذكى. وقوله: فيكون أي قول المصنف
وفيها إلخ استشكالا أي لما سبق لان عادة المصنف يأتي بكلامها إما استشكالا أو استشهادا، وأما إتيانه
به لإفادة حكم آخر فهو قليل، وحمل الكراهة فيها على كراهة التنزيه أحسن خصوصا، وقد نقل
حملها على ذلك أبو الحسن عن ابن رشد، ونقله ابن فرحون عن ابن المواز وابن يونس وغيرهم من
أهل المذهب، وسبب هذه الكراهة أن العاج وإن كان من ميتة لكن ألحق بالجواهر في التزين
فأعطي حكما وسطا وهو كراهة التنزيه ومراعاة لما قاله ابن شهاب وربيعة وعروة من جواز
الامتشاط به، إذا علمت ذلك تعلم أن العجين لا يتنجس به. قوله: (فلا وجه لكراهته)
أي لكراهة استعماله بل استعماله جائزا اتفاقا، فالخلاف بالحرمة والكراهة إنما هو في العاج المتخذ
55

من فيل ميت بغير ذكاة. قوله: (وفيها التوقف) أي فيها ما يدل على التوقف في الجواب عن حكم الكيمخت
هل هو الطهارة أو النجاسة كقولها لا أدري؟ واختلف هل توقف الامام يعد قولا أولا
والراجح الثاني، وقيل بنجاسته مع العفو عنه، وقيل بطهارته وهو المعتمد عليه فهو مستثنى من قولهم جلد
الميتة لا يطهر بالدباغ. واعلم أن في استعمال الكيمخت ثلاثة أقوال: الجواز مطلقا في السيوف وغيرها
وهو لمالك في العتبية، وجواز استعماله في السيوف فقط وهو قول ابن المواز وابن حبيب قال: فمن صلى به
في غير السيوف يسيرا كان أو كثيرا أعاد أبدا كذا في التوضيح، وكراهة استعماله مطلقا قيل هذا هو
الراجح الذي رجع إليه الامام لقوله في المدونة إن تركه أحب إلي قال في التوضيح: وعلى هذا القول
فيحتمل أن من صلى به يعيد في الوقت، ويحتمل أنه لا يعيد، وأما توقف الامام فهو في حكمه من جهة
طهارته ونجاسته فالتوقف يجامع الجواز والكراهة لأنهما في استعماله والتوقف في الطهارة والنجاسة
لا ينافي جواز استعماله أو كراهته، ولكن ذكر بعضهم أن الحق أنه طاهر وأن استعماله جائز مطلقا
أو في السيوف لا مكروه. قوله: (أو البغل الميت) أي المدبوغ قوله: (ووجه التوقف) أي توقف الامام
في طهارته ونجاسته ولم يجزم بواحد منهما قوله: (جلد حمار ميت) أما المذكى فقد وجد قول في المذهب
بطهارته قوله: (أنه طاهر) أي فلا يعيد من صلى به. قوله: (للعمل) أي لعمل السلف أي بدليل عملهم (قوله
لا نجس معفو عنه) أي كما قيل قوله: (يلزم) أي لان العلة يجب اطرادها متى وجدت وجد الحكم
واللازم باطل لان جلد الميتة المدبوغ غير الكيمخت غير طاهر على المعتمد. قوله: (وحمل إلخ) هذا
اعتراض على المحققين من أهل المذهب حيث قالوا بطهارة الكيمخت طهارة حقيقية للعمل، وأما غيره
من جلود الميتة المدبوغة فهو طاهر طهارة لغوية. وحاصل الاعتراض أنه يلزم على ذلك حمل قوله عليه
الصلاة والسلام: أيما إهاب دبغ فقد طهر على الطهارة الحقيقية بالنسبة للكيمخت، وعلى اللغوية
بالنسبة لغيره، وهذا تحكم وعمل السلف في جزئي من جزئيات جلد الميتة المدبوغ يحقق العمل في غيره من
الجزئيات، فمقتضاه الحكم بطهارة غير الكيمخت بالدباغ طهارة حقيقية تأمل. قوله: (يحقق العمل) أي
بطريق القياس قوله: (ولو من مباح) أي هذا إذا كانت من آدمي أو من محرم الأكل بل ولو كانت
من مباح. واعلم أن هذه الثلاثة من الآدمي ومحرم الأكل نجسة من غير خلاف، وأما من المباح فقيل
بنجاستها وقيل بطهارتها. قوله: (للاستقذار) أي إنما كان كل واحد من الثلاثة نجسا ولو من مباح
لاستقذاره، وهذه العلة تقتضي النجاسة ما لم يعارضها معارض كمشقة التكرار في نحو المخاط والبصاق
(قوله والاستحالة) أي استحالة أصلها وهو الدم إلى فساد قوله: (ولان أصلها دم إلخ) رد هذا التعليل
بأن الفضلات في بطن الحيوانات لا يحكم عليها بشئ أي لا بطهارة ولا بنجاسة، وحينئذ فأصلها وهو
الدم الذي في الحيوان ليس نجسا قوله: (ولا يلزم من العفو إلخ) جواب عما يقال: مقتضى كون الدم
أصلا لها أن يعفى عن دون الدرهم منها كما عفي عنه في الدم. وحاصل الجواب أنه لا يلزم من العفو
عن اليسير من الدم العفو عن اليسير منها إذ ليس كل ما ثبت لأصل يثبت لفرعه. قوله من العفو
عن أصلها) أي عن اليسير من أصلها. قوله: (العفو عنها) أي عن اليسير منها. قوله: (قبل أن تغلظ المدة)
أي فإذا غلظت فلا اسم لها إلا مدة وهي نجسة بطريق الا ولى قوله: (البثرات) أي البقابيق
56

(قوله من نفط النار) وكذا ما يسيل من نفطات الجسد في أيام الحر قوله: (من غير مباح) شمل ذلك
الآدمي وهو كذلك على الراجح خلافا لمن قال بطهارة رطوبة فرج الآدمي، ويترتب على نجاسة
رطوبة فرج الآدمي تنجيس ذكر الواطئ أو إدخال خرقة أو أصبع مثلا فيه فتعلق به أو بها الرطوبة
(قوله أما منه فطاهرة) أي لأنه إذا كان بوله طاهرا فأولى رطوبة فرجه، ومحل طهارة رطوبة فرج
المباح ما لم يتغذ بنجس كما قال الشارح، وما لم يكن ممن يحيض كإبل وإلا كانت نجسة عقب حيضة وأما بعده
فطاهرة لما يأتي في قوله: وإن زال عين النجاسة بغير المطلق إلخ كذا في حاشية شيخنا. قوله: (إذا كان من غير
سمك) أي إذا كان ذلك من سائر الحيوانات غير سمك إلخ قوله: (بل ولو من سمك وذباب) أي فهو
نجس ويعفى عما دون الدرهم إذا انفصل عنه، وهل الدم المسفوح الذي في السمك هو الخارج عند
التقطيع الأول لا ما خرج عند التقطيع الثاني أو الجاري عند جميع التقطيعات؟ واستظهر بعض الأول
(قوله خلافا لمن قال بطهارته منها) أي من المذكورات وهو ابن العربي، ويترتب على الخلاف
جواز أكل السمك الذي يوضع بعضه على بعض ويسيل دمه من بعضه إلى بعض وعدم جواز ذلك
فعلى كلام المصنف لا يؤكل منه إلا الصف الأعلى، وعلى كلام ابن العربي يؤكل كله، ومذهب الحنفية
أن الخارج من السمك ليس بدم بل رطوبة وحينئذ فهو طاهر. واعلم أنه إذا شك هل هذا السمك
كان من الصف الأعلى أو من غيره أكل لان الطعام لا يطرح بالشك كذا قرر شيخنا. (قوله وسوداء)
أي التي هي أحد الاخلاط الأربعة الصفراء والدم والسوداء والبلغم ولا بد في كل انسان من وجود
هذه الأربعة فالسوداء والدم نجسان والصفراء والبلغم طاهران قوله: (مائع أسود) أي يخرج من
المعدة قوله: (كالدم العبيط) هو بالعين المهملة معناه الخالص أي الصافي الذي لا خلط فيه، وأما الغبيط
بالغين المعجمة فهو الهودج، ومنه قول امرئ القيس
تقول وقد مال الغبيط بنا معا عقرت بعيري يا امرأ القيس فأنزل
(قوله أو كدر إلخ) أشار إلى أن السوداء تطلق على ثلاثة أمور: الدم الخالص الذي لا خلط فيه، والدم
الذي فيه خلط لان الكدر هو غير الصافي وعدم الصفاء بالخلط، والدم الأحمر الذي لم تشتد حمرته
والحاصل أنها على الأولين مائع أسود إما خالص من الخلط وهو ما أشار له بقوله كالدم العبيط، وأما غير
خالص وهو ما أشار له بقوله أو كدر، وأما على الثالث فهي دم أحمر خالص. وعلم من كلامه أن الدم
والسوداء نجسان فلو خالط القئ أو القلس أحدهما أو عذرة حال كون القئ أو القلس ينقلب إلى
المعدة فإن المعدة تنجس، ويترتب على نجاسة المعدة بطلان صلاته إذا كان الرد المذكور عمدا على ما يأتي
في إزالة النجاسة. قوله: (أي شديد الحمرة) تفسير لقانئ قوله: (ورماد نجس) قال ابن مرزوق
ما نصه: اعتمد المصنف فيما صرح به من نجاسة الرماد على قول المازري إنه لا يطهر عند الجمهور من الأئمة
وما كان حقه أن يفتي فيه إلا بما اختاره اللخمي والتونسي وابن رشد من طهارته، وأما كلام المازري
فيحتمل أن يريد به الأئمة من غير مذهبنا اه‍ نقله بن. ثم إن قول المصنف ورماد نجس بالإضافة أي
رماد وقيد نجس لا بالتنوين لان الرماد إذا كان نجسا لم يحكم عليه بأنه نجس لأنه تحصيل الحاصل
قوله: (بناء) راجع لكلام المتن قوله: (والمعتمد أنه طاهر) أي مطلقا وأن النار تطهر سواء أكلت
النار النجاسة أكلا قويا أو لا، خلافا لمن قال بنجاسته كالمصنف ولمن فصل وعلى المعتمد فالخبز المخبوز
بالروث النجس طاهر ولو تعلق به شئ من الرماد، وتصح الصلاة قبل غسل الفم من أكله، ويجوز حمله في
57

الصلاة، وكذا ينبني عليه طهارة ما حمي من الفخار بنجس وكذا عرق حمام به. قوله: (والمعتمد أنه) أي
دخان النجس طاهر الذي في ح أن ظاهر المذهب نجاسة دخان النجاسة وهو الذي اختاره اللخمي
والتونسي والمازري وأبو الحسن وابن عرفة قال بعضهم وهو المشهور: نعم ابن رشد اختار طهارته
كالرماد اه‍ بن. قوله: (وبول وعذرة من آدمي) أي غير الأنبياء ولا فرق بين كون الآدمي صغيرا أو
كبيرا ذكرا أو أنثى أكل الصغير الطعام أم لا، زالت رائحة البول منه أم لا، كان البول كثيرا أو قليلا ولو
متطايرا كرؤوس الإبر، ولو نزل البول أو الطعام على حالته من غير تغير على المعتمد. قوله: (وينجس كثير
طعام إلخ) شمل منطوقه مسألة ابن القاسم وهي من فرع عشر قلال سمن في زقاق جمع زق وعاء من
جلد ثم وجد في قلة فارغة منها فارة يابسة لا يدري في أي زق فرغها فإنه يحرم أكل الزقاق كلها وبيعها وليس
هذا من طرح الطعام بالشك لان ذلك في نجاسة شك في طروها على الطعام وهي هنا محققة ولكنها لم
يتعين محلها تعلق حكمها بالكل. قوله: (بعد ذلك) أي بعد وقوع النجاسة فيه. وقوله فالقليل أشار بهذا إلى أن
مفهوم كثير مفهوم موافقة وأنه من فحوى الخطاب. قوله: (بنجس) أي بسقوط نجس فيه تحقيقا أو ظنا
ولا بد أن يكون ذلك النجس الساقط يتحلل منه شئ في الطعام تحقيقا أو ظنا، وسواء كانت النجاسة
الواقعة في المائع مائعة أو يابسة، ففي البرزلي عن ابن قداح: إذا وقعت ريشة غير مذكى في طعام مائع طرح
وقوله: لا شكا أي في التحلل وكذا في سقوط النجاسة. قوله: (وأولى إذا علم) أي أو ظن قوله: (إذ الحكم)
المراد به وصف النجاسة القائم بالشئ النجس كالعظم لا ينتقل، وحينئذ فيطرح ذلك العظم وحده
دون الطعام، واقتضى كلامه تنجيس القملة للعجين حيث لم تحصر في محل خلافا لمن قاسه بمحرم جهل
عينها ببادية فلا يحرم نساء تلك البادية كما في ح. إن قلت: ذكر ابن يونس أن الطعام إذا وقعت فيه
قملة فإنه يؤكل لقلتها وكثرته. قلت: لعله مبني على أن قليل النجاسة لا يضر كثير الطعام وإلا فهو
مشكل كذا نقل شيخنا عن ابن مرزوق. قال في المج: والظاهر أن الفرع مبني على مذهب سحنون من أن
القملة لا نفس لها سائلة، ويؤيده إسناده له في النوادر وفي نقل ابن عرفة، وعليه فلا يقيد بالقلة إلا
للاحتياط قوله: (ولو بمعفو عنه في الصلاة) أي كدون درهم من دم لقصر العفو على الصلاة على المعتمد
كما في ح قوله: (كروث فار) أي شأنه استعمال النجاسة كفار البيت، فإذا حل روثه في طعام نجسه
خلافا لما أفتى به ابن عرفة من طهارة طعام طبخ وفيه روث الفارة كذا في حاشية شيخنا (قوله ومثل
الطعام الماء المضاف) أي فإذا حلت فيه نجاسة ولو قليلة تنجس ولو لم يتغير وهذا هو المشهور ونقل
الزرقاني عن الناصر أن الماء المضاف ليس كالطعام وحينئذ فلا تنجسه النجاسة إلا إذا غيرته (قوله
وإلا) أي بأن حلت فيه نجاسة قبل الإضافة فلا يتنجس إلا إذا تغير، وقد ألغز في المج في ذلك بقوله:
قل للفقيه إمام العصر قد مزجت ثلاثة بإناء واحد نسبوا
لها الطهارة حيث البعض قدم أو إن قدم البعض فالتنجيس ما السبب
(قوله لا يتراد بسرعة) أي لا يتراد من الباقي ما يملأ موضع المأخوذ بقرب فإن تراد بسرعة فهو مائع
58

ينجس كله من غير تفصيل. قوله: (بأن تكون إلخ) أي إن أمكن السريان بسبب كون إلخ (قوله
مائعة) لا إن كانت جامدة لا يتحلل منها شئ كعظم وسن فلا يتنجس ما سقطت فيه لان الحكم لا
ينتقل، وحينئذ فتطرح النجاسة وحدها دون الطعام، وفي الحاشية: لا مفهوم لقوله مائعة. فقد قال ح فرع
لا فرق بين كون النجاسة الواقعة في الجامد مائعة أو غير مائعة في أنه ينظر لامكان السريان اه‍. وبعبارة
أخرى: سواء كان الواقع فيه مائعا أو غيره لقول البرزلي: أفتى شيخنا ابن عرفة في هرى زيتون وجدت
فيه فارة ميتة بأنه نجس كله لا يقبل التطهير أي والفرض أنه طال الزمان بحيث يظن السريان في الجميع
كلام الحاشية. وقد يقال: إنه لا مخالفة بينه وبين كلام شارحنا لان مراد شارحنا بالمائعة ما يتحلل
منها شئ سواء كانت رطبة أو يابسة، والمحترز عنه في كلامه الجامدة بمعنى التي لا يتحلل منها شئ، والمراد
بالمائعة في كلام الحاشية الرطبة وغير المائعة غير الرطبة والحال أنه يتحلل منها شئ (قوله أو يطول
الزمان) أي أو كان الطعام غير متحلل بل كان يابسا كالحبوب ولكن طال الزمان بحيث يظن سريان
النجاسة لجميعه كانت مائعة كالبول أو جامدة كما لو مات خنزير في رأس مطمر وبقي الخنزير مدة
طويلة وظن أن الحب كله شرب من صديده لم يؤكل كما نقله الشيخ عن ابن أبي زيد. (قوله لانتفاء
الامرين) أعني كون الطعام متحللا أو جامدا ومضت مدة يظن فيها السريان وذلك بأن كان الطعام
جامدا غير متحلل كالحبوب ولم تمض مدة يظن فيها السريان للجميع بل للبعض، والفرض أن النجاسة
يتحلل منها سواء كانت رطبة كالبول أو يابسة كالفار الميت، وأما لو كانت لا يتحلل منها شئ كالعظم
فإنها تطرح وحدها كما مر. قوله: (فبحسبه) أي فيطرح من ذلك الطعام ما سرت فيه النجاسة فقط
بحسب طول مكثها وقصره على ما يقتضيه الظن والباقي طاهر يؤكل ويباع لكن يجب البيان لان
النفوس تقذفه. قوله: (بخلاف الماء) أي فإنه إذا حلت فيه نجاسة وغيرته يمكن تطهيره بصب مطلق عليه
قليل أو كثير حتى يزول التغير أو بصب تراب أو طين فيه حتى يزول التغير (قوله ولا يطهر زيت
إلخ) خلافا لمن قال وهو ابن اللباد: أنه يمكن تطهيره بصب ماء عليه وخضخضته وثقب الاناء من أسفله
وصب الماء منه ويفعل كذلك مرارا حتى يغلب على الظن زوال النجاسة قوله: (وما في معناه من جميع
الادهان) إنما نبه على الادهان فقط مع أن غيرها من سائر المائعات كاللبن والعسل وغير ذلك مثلها في
الحكم لان الخلاف إنما وقع في الادهان لأن الماء يخالطها ثم ينفصل عنها بخلاف غيرها فإنه يمازجها ولا
ينعزل عنها فلا تطهر اتفاقا اه‍ بن. قوله: (خولط) بالواو لأنه من خالط لا من خلط كزوحم من زاحم
لا من زحم، وأما طبخ وما بعده فهو من طبخ وملح وصلق وإنما عدل عن خلط إلى خولط ليشمل ما إذا
كان الخلط بفعل فاعل أم لا، بخلاف خلط فإنه إنما يصدق إذا كان الخلط بفعل فاعل (قوله فيقبل
التطهير) أي ما لم تطل إقامة النجاسة فيه، بحيث يظن أنها سرت فيه وإلا فلا يقبل التطهير وما ذكره
الشارح من التفصيل في اللحم بين حلول النجاسة في ابتداء الطبخ وانتهائه هو المعول
عليه خلافا لمن قال يطهر اللحم الذي يطبخ بماء نجس أو تقع فيه نجاسة لا فرق بين
ابتداء الطبخ وانتهائه، وخلافا لمن قال إنه لا يطهر مطلقا، وأفهم قوله طبخ أن ما يفعله
النساء من أنه إذا ذكيت دجاجة أو نحوها وقبل غسل مذبحها تصلقها لأجل نزع ريشها
ثم تطبخ بعد ذلك فإنها تؤكل خلافا لصاحب المدخل القائل بعدم أكلها لأنه سرت النجاسة في
جميع أجزائها. قوله: (ولا زيتون ملح بنجس) أي بأن جعل عليه ملح نجس يصلحه إما وحده
59

أو مع ماء، وأما لو طرأت عليه النجاسة بعد تمليحه واستوائه فإنه يقبل التطهير بغسله بالماء المطلق
ومثل ذلك يقال في الجبن والليمون والنارنج والبصل والجزر الذي يخلل، ومحل عدم الضرر إذا لم
تمكث النجاسة مدة يظن أنها سرت فيه وإلا فلا يقبل التطهير. قوله: (بتخفيف اللام) أي ملح بوضع
ملح نجس عليه من أول الأمر خلافا لمن قال إنه يقبل التطهير بغسله بالمطلق. قوله (وبيض صلق)
شامل لبيض النعام لان غلظ قشره لا ينافي أن يكون له مسام يسري منها الماء، ولا فرق بين أن يكون
الماء المصلوق فيه متغيرا بالنجاسة أم لا لأنه ملحق بالطعام، إما لأنه مظنة التغير وإما مراعاة لقول
ابن القاسم، وقليل الماء ينجسه قليل النجاسة وإن لم تغيره اه‍ عبق عن ز. وقال بن الظاهر كما قاله
بعضهم: إن الماء إذا حلته نجاسة ولم تغيره ثم صلق فيه البيض فإنه لا ينجسه لما مر من أن الماء حينئذ
طهور ولو قل على المشهور، وكذا إذا وجدت فيه واحدة مذرة ولم يتغير الماء فإن الباقي طهور
وأما كلام أحمد وغيره فغير ظاهر في ذلك اه‍ كلامه. قوله: (صلق بنجس) أي وأما لو طرأت له
النجاسة بعد صلقه واستوائه فإنه لا يتنجس كما أنه لو شوى البيض المتنجس قشره فإنه لا ينجس
(قوله وفخار بغواص) قال ابن أطلق في الفخار: والظاهر أن الفخار البالي إذا حلت فيه نجاسة
غواصة يقبل التطهير كما في نوازل العلامة سيدي عبد القادر الفاسي فيحمل كلام المصنف على فخار لم
يستعمل قبل حلول الغواص فيه أو استعمل قليلا انتهى كلامه وهو أولى مما في حاشية شيخنا حيث
قال: وفخار بغواص ولو بعد الاستعمال لان الفخار يقبل الغوص دائما كما في كبير خش نقلا عن اللقاني
اه‍. ثم إن عدم قبول الاناء للتطهير إنما هو باعتبار أنه لا يصلى به مثلا، وأما الطعام يوضع فيه بعد
غسله أو الماء فإنه لا ينجس به لأنه لم يبق فيه أجزاء للنجاسة كما قاله أبو علي المسناوي اه‍ بن. واعلم
أن مثل الفخار أواني الخشب الذي يمكن سريان النجاسة إلى داخله وليس مثل الفخار بغواص
الحديد أو النحاس يحمى ويطفأ في النجاسة لدفعه بالحرارة والقوة قاله في المج. قوله: (كخمر) أي والحال
أنه لم يتحجر في الاناء، أما لو تحجر في الفخار كان الوعاء طاهرا تبعا للخمر لان الظرف تابع للمظروف
(قوله أنها قد سرت في جميع أجزائه) ليس هذا شرطا بل لو سرت في البعض فالحكم كذلك قاله
شيخنا قوله: (لا بغير غواص) أي كالعذرة واللحم النجس قوله: (كأواني مصر) أي لان أواني
مصر المدهونة تشرب قطعا فهي داخلة في الفخار. تنبيه: ما صبغ بصبغ نجس يقبل
التطهير بأن يغسل حتى يزول طعمه، فمتى زال طعمه فقد طهر ولو بقي شئ من لونه وريحه بدليل قوله
لا لون وريح عسرا. قوله: (وينتفع بمتنجس) ظاهر كلامه يشمل الانتفاع بالبيع وجوازه
وهو قول ابن وهب: إذا بين ذلك ولكن المشهور أن المتنجس الذي يقبل التطهير كالثوب المتنجس
يجوز بيعه وما لا يقبله كالزيت المتنجس لا يجوز بيعه اه‍ بن. قوله: (بمتنجس) أي وهو ما كان طاهرا
في الأصل وأصابته نجاسة قوله: (لا نجس) وهو ما كانت ذاته نجسة كالبول والعذرة ونحوهما قوله: (على
ما مر) أي من كونه ينتفع به بعد الدبغ في اليابسات والماء قوله: (أو ميتة) هو بالنصب عطف على جلد
ولا شك أن طرح الميتة لكلابك فيه انتفاع لك لتوفير ما كانت تأكله الكلاب من عندك (قوله لدهن
عجلة) أي ولو قيدا إذا كان يتحفظ منه كما ذكره شيخنا. قوله: (أو حجارة) أي لتصير جيرا (قوله وكأكل
ميتة لمضطر) أي في المج أنه إذا جبر الكسر الحاصل للشخص كعظم ميتة فإنه يعفى عنه بعدم الالتحام
ولا يجوز التداوي بالخمر ولو تعين، وفي التداوي بغيره من النجاسات إذا تعين خلاف وأجازوه للغصة كما قال
60

الشارح لا لعطش لأنه يزيده. قوله: (بماء) أي في ماء معد لسقي الزرع، وهذا من المتنجس لا من
النجس فلا حاجة لاستثنائه قوله: (في غير إلخ) متعلق بينتفع قوله: (فإن بنى إلخ) وأما لو كتب
المصحف بنجس أو متنجس فإنه يبل خلافا لبعضهم. قوله: (وفي غير آدمي) أي وفي غير أكل آدمي فلا
يجوز للآدمي أكله ولو غير مكلف والخطاب لوليه، ومثل الأكل الشرب وإنما قدرنا ذلك لأنه
لا يصح نفي كل منافع الآدمي لجواز استصباحه بالزيت المتنجس وعمله صابونا وعلفه الطعام
المتنجس للدواب وإطعامه العسل للنحل ولبسه الثوب المتنجس في غير المسجد وغير الصلاة وهو من
منافعه. قوله: (على الراجح) وقيل: إن الطلاء بالنجاسة حرام والخلاف في الطلاء بالنجاسة غير الخمر
أما هو فالطلاء به حرام اتفاقا قوله: (ومراده) أي المصنف بغيرهما أي بغير المسجد وأكل الآدمي
(قوله ويسقى به) أي الزرع قوله: (ولا يصلي بلباس كافر) إلى قوله غير عالم هذه الأحكام مبنية على
تقديم الغالب على الأصل إذا تعارض الأصل والغالب فإن تلك الأمور الأصل فيها الطهارة والغالب
فيها النجاسة، وكل ما غلبت عليه النجاسة لا يصلى به، والشأن في الكافر وما عطف عليه عدم توقي النجاسة
(قوله بالبناء للمفعول) أي لأجل الإشارة إلى أنه لا يجوز حتى لذلك الكافر إذا أسلم أن يصلي في ذلك
اللباس حتى يغسله كما رواه أشهب عن مالك، ثم إن محل الحرمة إذا جزم بعدم الطهارة أو ظن عدمها أو
شك في الطهارة، أما لو تحققت طهارته أو ظنت فإنها تجوز الصلاة فيها، وهذا بخلاف ثياب شارب الخمر من
المسلمين فإنه لا تجوز الصلاة فيها عند تحقق النجاسة أو ظنها لا إن شك في نجاستها فإنه تجوز الصلاة فيها
تقديما للأصل على الغالب. قوله: (باشر جلده) أي كالقميص والسروال. قوله: (أولا) كالعمامة
والشال قوله: (إلا أن تعلم) أو تظن قوله: (بخلاف نسجه) أي منسوجه قوله: (فيصلى فيه) أي
ما لم تتحقق نجاسته أو تظن. قوله: (لحمله على الطهارة) أي لأنهم يتوقون فيه بعض التوقي لئلا تفسد عليهم
أشغالهم فيحمل في حالة الشك على الطهارة قوله: (وكذا سائر إلخ) أي فلا خصوصية للنسج بل سائر
الصنائع يحملون فيها على الطهارة عند الشك، ولو صنعها في بيت نفسه خلافا لابن عرفة، ثم إن تعليلهم طهارة
ما صنعوه بكونهم يتوقون فيه بعض التوقي لئلا تفسد عليهم أشغالهم بزهد الناس عن صنعتهم يقتضي
أن ما يصنعه لنفسه أو أهله يحمل فيه عند الشك على النجاسة، لكن في البرزلي ما يفيد طهارة ذلك أيضا فلا
فرق بين ما صنعه لنفسه وما صنعه لغيره. قوله: (ولا بما ينام إلخ) أي تحرم الصلاة في ثوب ينام فيها
مصل آخر إذا تحققت نجاستها أو ظنت أو شك فيها، وأما إذا علم أن صاحبها الذي ينام فيها يحتاط
في طهارتها أو ظن ذلك جازت الصلاة فيها. واعلم أنه ليس من هذا القبيل ما يفرش في المضايف
القيعان والمقاعد فتجوز الصلاة عليه لان الغالب أن النائم عليه يلتف في شئ آخر غير ذلك الفرش
فإذا حصل منه شئ مثلا فإنما يصيب ما هو ملتف به فقد اتفق الأصل والغالب على طهارتها (قوله بما
ينام فيه) أي أو عليه من ثوب أو فرش قوله: (والأصلي فيه) أي وإلا بأن علم أن صاحبه يحتاط فيه كما
إذا كان لشخص فراش ينام فيه وله ثوب للنوم، فإن فرشه ذلك طاهر وإن كان مما ينام فيه مصل
آخر، ومثل ما إذا علم احتياط صاحبه ما إذا أخبر صاحبه بطهارته إن كان ثقة، وبين وجه
61

الطهارة أو اتفقا مذهبا كذا قال بعض. قال بن: والظاهر عدم التقييد لان الأصل هو الطهارة (قوله
جواز صلاة صاحبه) أي لأنه أعلم بحال نفسه فإن كان متحفظا ساغ له الصلاة فيه وإلا فلا، فعلم من هذا
أنه لا مفهوم لقول المصنف آخر لان المدار في المنع على عدم الاحتياط، فمتى كان النائم فيه ليس عنده
احتياط منعت الصلاة فيه لذلك النائم غير المحتاط ولغيره، وإن كان عنده احتياط جازت الصلاة فيه
لذلك النائم المحتاط ولغيره. قوله: (ولا بثياب غير مصل) أي يحرم وهذا إذا تحققت نجاستها أو ظنت
أو شك فيها، أما إذا تحققت طهارتها أو ظنت جازت الصلاة فيها. وظاهر المصنف منع الصلاة بثياب
غير المصلي، ولو أخبر بطهارتها ودخل في الثياب الخف وهو ظاهر ما قاله شيخنا فلو شك في طهارة ثوب
للشك في صلاة صاحبها وعدم صلاته صلى في ثياب الرجال فقط لان الغالب صلاتهم دون ثياب النساء
لان الغالب عدم صلاتهن، وهل ثياب الصبيان محمولة على الطهارة حتى يتيقن النجاسة أو محمولة على
النجاسة حتى يتيقن الطهارة؟ قولان المعتمد منهما الثاني انظر حاشية شيخنا. قوله: (إلا ثياب كرأسه) قال بن
بحث في هذا ابن مرزوق فقال: لا يخفى أنهم إنما منعوا الصلاة بما ينام فيه مصل آخر من أحل الشك
في نجاسته والشك في نجاسة ثوب رأس غير المصلي أقوى بكثير لان من لا يتحفظ من النجاسة لا يبالي
أين تصل النجاسة، وقد يقال: إنا لا نسلم أن الشك في نجاسة ثوب رأس غير المصلي أقوى لأنه وإن كان
لا يبالي أين تصل النجاسة إلا أن الغالب عدم وصول النجاسة لثوب الرأس كذا قرر شيخنا (قوله
للفرعين قبله) وهما قوله: ولا بما ينام فيه مصل آخر ولا بثياب غير مصل. قوله: (ولا يصلي) أي يحرم
(قوله أي بمقابل فرج إلخ) أي بمقابله من غير حائل يغلب على الظن عدم وصول النجاسة لما
فوقه وذلك بأن لا يكون حائل أصلا أو كان ولكن يغلب على الظن معه وصول النجاسة لما فوقه
لرقته. قوله: (إلا أن تعلم إلخ) أشار بهذا إلى أن محل الحرمة إذا علمت النجاسة أو ظنت أو شك فيها، وأما إذا
علمت الطهارة أو ظنت جازت الصلاة قوله: (وأما العالم) أي بالاستبراء فيصلي بمحاذي فرجه وهل
يقيد جواز الصلاة في محاذي فرج العالم بالاستبراء بما إذا اتفقا مذهبا أو لا يقيد بذلك بل يجوز مطلقا
اتفقا مذهبا أولا إلا أن يخبر بالنجاسة كذا نظر بعضهم قال شيخنا والظاهر أنه يقيد بذلك واعلم أن
حكم فوط الحمام إن كان لا يدخله إلا المسلمون المتحفظون الطهارة وإلا فالأولى غسل الجسد
والثوب الذي يلبس عليه قبل غسله للاحتياط إلا أن يتيقن النجاسة، هذا محصل ما ذكروه (قوله أو
طرزا أو زرا) أي فلا فرق بين كون الحلية متصلة بالثوب أو منفصلة قوله: (هذا هو المعتمد) ومقابله
أنه يحرم على الولي إلباس الصغير الذهب والحرير ويكره إلباسه الفضة وهو قول ابن شعبان
ورجحه في التوضيح، وما قاله الشارح هو ظاهر المذهب عند كثير من الشيوخ، وشهره في الشامل وهو
الظاهر من جهة نقول المذهب وقول ابن شعبان أظهر من جهة الدليل انظر بن. قوله: (كأساور) أي
وخلاخل وقرط. قوله: (وأما اقتناؤه) أي المحلى أو الحلي. قوله: (للعاقبة) أي أو لا بقصد شئ واحترز
عن اقتنائه بقصد استعماله هو فإنه يحرم مثل استعماله بالفعل. قوله: (مثلا) أي أو بنت. قوله: (ولو كان المحلى
أي الذي تحلى به الذكر البالغ، وأما المرأة فلا حرمة عليها في ذلك كما يأتي في قوله: وجاز للمرأة
الملبوس مطلقا والمنطقة من جملة الملبوس قوله: (بكسر الميم) أي وسكون النون بعدها وفتح الطاء
62

قوله: (لا بأس باتخاذها) أي للرجال. قوله: (ولو آلة حرب) أي يحرم تحليتها على الرجال وكذا على
النساء، ورد بلو على من قال بجواز تحلية الذكر البالغ آلة الحرب مطلقا لما في ذلك من إرهاب العدو (قوله
فلا يحرم تحليته بأحد النقدين) أي لا لرجل ولا لامرأة قوله: (إلا أن تحلية جلده) أي بأحد النقدين
وقوله: من خارج أي من خارج الجلد قوله: (وانظر هل يتم ذلك) أي التعليل بالنسبة للحمرة وحينئذ فما
ذكروه من الكراهة بالكتابة بالحمرة مسلم أو لا يتم وحينئذ فلا كراهة. قال شيخنا العدوي: وأنا أقول
لا وجه للكراهة والظاهر الجواز بل في البرزلي ما يفيد جواز كتابته بالذهب ومفاد عج اعتماده (قوله
وتخصيصه) أي المصحف بالذكر دون غيره من الكتب قوله: (فيمنع) أي تحليتها بأحد النقدين
وكذلك المقلمة والدواة وفي البرزلي جواز تحلية الدواة إن كتب بها المصحف، وقوله وهو كذلك
أي فقد نص على المنع ابن شاس في الجواهر وسند في الطراز. واعلم أنه يجوز كتابة القرآن في الحرير
وتحليته به ويمتنع كتابة العلم والسنة فيه بالنسبة للرجل، ويتفق على الجواز بالنسبة للنساء، وخلاصته
أنه يجري على افتراضه فيكون المشهور منعه للرجال وجوازه للنساء قاله شيخنا في الحاشية (قوله خلافا
لاستحسان البرزلي) أي فالحق منع تحليتها بأحد النقدين من داخل أو من خارج لرجل أو امرأة لأنها
ليست ملبوسا بل وكذا يمتنع تحليتها بالحرير فيما يظهر كما قاله شيخنا في الحاشية (قوله وإلا السيف)
قال شيخنا: أي إذا كان اتخاذه لأجل الجهاد في سبيل الله، وأما إذا كان اتخاذه لأجل حمله في بلاد الاسلام
فلا يجوز تحليته. قوله: (فلا يحرم تحليته) أي لورود السنة بتحليته لا لكونه أعظم آلات الحرب (قوله
والأنف وربط سن) أشعر اقتصاره عليهما منع غيرهما كأنملة أو أصبع وزاد الشافعية الأنملة لا
الإصبع وقاسوها على الانف والسن الوارد في النص. قوله: (وربط سن) أي وله أيضا اتخاذ الانف
وربط السن معا والمراد بالسن الجنس الصادق بالواحد والمتعدد. قوله: (أو سقط) أي فإذا سقطت
السن جاز ردها وربطها بشريط من ذهب أو من فضة وإنما جاز ردها لان ميتة الآدمي طاهرة، وكذا
يجوز أن يرد بدلها سنا من حيوان مذكى، وأما من ميتة فقولان: بالجواز والمنع وعلى الثاني فيجب عليه
قلعها عند كل صلاة ما لم يتعذر عليه قلعها وإلا فلا. قوله: (لجميع ما تقدم) أي من قوله إلا المصحف إلى
قوله: وربط سن. قال ابن مرزوق: ما ذكره من جواز اتخاذ الانف وربط الأسنان بالذهب والفضة
صحيح بحسب القياس لكن نصوص المذهب إنما هي في إباحة الذهب لذلك، ولم يذكروا الفضة إلا
ما وقع في بعض نسخ ابن الحاجب، وقد يقال: إنما جاز ذلك في الذهب للضرورة إليه لما فيه من الخاصية
وهي عدم النتن دون الفضة فيمتنع القياس مع ظهور الفارق، فلا يصح من المصنف ولا من غيره إلحاق
الفضة به انظر بن قوله: (واتحد) أي فإن تعدد منع ولو كان مجموع المتعدد وزن درهمين فأقل كما جزم
بذلك عج. قال بن: وانظر ما مستنده فيه وقد تردد ح في ذلك فانظره اه‍ بن قوله: (وندب جعله في
اليسرى) أي لأنه آخر الامرين من فعله عليه الصلاة والسلام ولعل وجهه أن لبسه في اليسرى أبعد
لقصد التزين وللتيامن في تناوله، وكما يندب لبسه في اليسرى يندب جعل فصه للكف لأنه أبعد من
العجب. قوله: (ولو قل) أي هذا إذا كان الذهب مساويا للفضة بل ولو كان أقل منها كالثلث، وقد تبع
المصنف في هذا ابن بشير وهو ضعيف. قوله: (بل يكره) كما يكره التختم بالحديد والنحاس ونحوهما وقوله
63

بل يكره أي كما قاله ابن رشد والمعتمد لذلك القول المواق وعج. قوله: (بخلاف المساوي) أي فإنه
يحرم قوله: (لا يحرم لأنه تابع إلخ) أي لان الذهب تابع للفضة وحينئذ فالتختم به مكروه (قوله أي
استعمال) أشار الشارح إلى أن قوله: وإناء نقد بالرفع عطف على استعمال على حذف المضاف وإقامة
المضاف إليه مقامه، ويجوز قراءته بالجر عطفا على ذكر، ولا يضر كون الأول من إضافة المصدر لفاعله
والثاني من إضافته لمفعوله، وقوله: أي استعماله فلا يجوز فيه أكل ولا شرب ولا طبخ ولا طهارة وإن
صحت الصلاة قوله: (واقتناؤه) أي وكذلك يحرم الاستئجار على صياغته في صور التحريم الآتية
لا في صور الجواز ولا ضمان على من كسر وأتلفه، ويجوز بيعها لان عينها تملك إجماعا (قوله ولو لعاقبة
دهر) أي هذا إذا كان ادخاره بقصد استعماله في المستقبل بل ولو كان لعاقبة دهر (قوله لأنه ذريعة
للاستعمال) أي وسد الذرائع واجب عند الامام وفتحها حرام. قوله: (وكذا التجمل) أي وكذا
يحرم اقتناؤه لأجل التجمل أي التزين. والحاصل أن اقتناءه إن كان بقصد الاستعمال فحرام باتفاق
وإن كان لقصد العاقبة أو التجمل أو لا لقصد شئ ففي كل قولان والمعتمد المنع، وأما اقتناؤه لأجل
كسره أو لفك أسير به فجائز، هذا محصل ما ذكره أبو الحسن على المدونة وارتضاه بن رادا لغيره (قوله
وإن كان ثابتا لامرأة) أي بل وإن كان كل منهما ثابتا لامرأة والأوضح جعل اللام بمعنى من أي
وإن كان كل منهما حاصلا من امرأة قوله: (أو اقتناء الاناء النحاس) أي كالقدور والصحون والمباخر
والقماقم والركاب المتخذة من الحديد أو النحاس وطليت بأحد النقدين. قوله: (الثاني) أي وهو
الجواز. وقوله: نظرا لقوة الباطن أي لان المعتبر والملتفت له الباطن لا الظاهر اه‍. ونص ح: وأما
المموه فالأظهر فيه الإباحة والمنع بعيد وإن كان قد استظهره في الاكمال قوله: (تجعل فيه) أي
من ذهب أو فضة. قوله: (ومثله) أي مثل الاناء اللوح يجعل له حلقة والمرأة تجعل لها حلقة من أحد
النقدين. قوله: (وهو الراجح فيهما) نص ح والأصح من القولين في المضبب وذي الحلقة المنع صرح
به ابن الحاجب وابن الفاكهاني، قال في التوضيح: وهو اختيار القاضي أبي الوليد واختار القاضي أبو
بكر الجواز ثم استدل على ذلك بكلام الأئمة. قوله: (لا يعول عليه) بل المعول عليه أن القول المقابل
للمنع في هاتين المسألتين الجواز. قوله: (وفي حرمة استعمال إناء الجوهر) هذا ضعيف جدا قال
شيخنا: والخلاف في إناء الجوهر مبني على الخلاف في علة منع استعمال أواني الذهب والفضة، فمن رأى
أن العلة في منع استعمالها السرف منع في الجوهر من باب أولى، ومن رأى أن المنع لأجل عين
الذهب والفضة أجاز في الجوهر. قوله: (لا إجمال في كلامه) أي لان كل مسألة من المسائل المذكورة
القولان فيها بالمنع والجواز، والاجمال إنما هو على ما قاله بعضهم من أن القولين في مسألة المضبب وذي
الحلقة بالمنع والكراهة وفي غيرهما بالمنع والجواز، وقد علمت أن ما قاله بعض غير معول عليه (قوله وأما
ذكر القولين) أي مع أن كل مسألة فيها أحد القولين مرجح على الآخر، والمرجح في الأولى والثالثة
64

والرابعة المنع، والمرجح في الثانية والخامسة الجواز، فكان الواجب أن يقتصر على الراجح في كل مسألة
(قوله من زر) أي وقفل جيب ولفائف الشعر قوله: (ومساند) أي ولا يجوز للرجل على ما قال
ابن ناجي وشيخه ابن عرفة وهو المعتمد أن ينام معها على الفرش الحرير خلافا لابن العربي
وصاحب المدخل حيث قالا: يجوز له تبعا لها، وإذا قامت وجب عليه القيام من عليه وأيقظته إن كان نائما
والناموسية من قبيل الساتر فلا تحرم على الرجال إذا كانت من حرير ما لم يرتكن إليها وفي المدخل في
فصل خروج النساء للمحمل منعها لان استعمال كل شئ بحسبه وهو وجيه. واعلم أن تزويق
الحيطان والسقف والخشب والستائر بالذهب والفضة جائز في البيوت وفي المساجد مكروه إذا
كان بحيث يشغل المصلي وإلا فلا. قوله: (ولو نعلا) في ح: أن لو لرد الخلاف الواقع في المذهب القائل
بالمنع خلافا لمن قال: إن لو هنا لدفع التوهم وإن لبسها للنعل من أحد النقدين جائز اتفاقا (قوله فلا يجوز)
لان كل ما كان خارجا عن جسدها فلا يجوز اتخاذه من أحد النقدين ولا من المحلى به وجاز لها اتخاذ
شريط السرير من حرير لاتصال ذلك بجسدها كالفرش خلافا لما في خش من المنع
فصل في إزالة النجاسة
(قوله حكم طهارة الخبث) أي الحاصلة بإزالة النجاسة قوله: (على طهارة الحدث) أي الحاصلة
بالوضوء والغسل. قوله: (الغير المعفو عنها) أي إنما قيد بذلك لأنها هي التي في غسلها الخلاف الذي ذكره
بالوجوب والسنية، وأما المعفو عنها فغسلها مندوب إن تفاحشت وإلا فلا (قوله عن ثوب مصل)
أي مريد الصلاة لا المصلي بالفعل لأنه يقتضي أنه لا يطلب بالإزالة إلا إذا شرع فيها بالفعل وهو باطل
أما لو كان غير مريد للصلاة وكان بجسده نجاسة فإن كان مريد الطواف أو مس مصحف وكانت
النجاسة في عضو من أعضاء وضوئه وجبت الإزالة لأجل صحة الوضوء المتوقف عليها صحة الطواف
وجواز مس المصحف، وإن كانت في غير أعضاء الوضوء وجبت الإزالة في الطواف وندبت في مس
المصحف بناء على المعتمد من أن التضمخ بالنجاسة مكروه، كما أنه لو كان غير مريد للطواف ولا
لمس المصحف ولا للصلاة فإنها تندب الإزالة فقط كانت في أعضاء الوضوء أم لا بناء على المعتمد
المتقدم. قوله: (يعني) أي بثوبه محموله، وأشار بهذا إلى أن المراد بالثوب محمول المصلى لا خصوص ما يسلك
في العنق وإلا لما صحت المبالغة على طرف العمامة، وإطلاق الثوب على المحمول مجاز مرسل من إطلاق
اسم الملزوم وإرادة اللازم أو إطلاق الخاص وإرادة العام، وليس من محموله رسن الدابة الحاملة للنجاسة
أو المتنجسة إذا جعله في وسطه فأولى تحت قدمه لان الحمل ينسب للدابة، فلا تبطل صلاته ما لم تكن
65

النجاسة في وسط الحبل الذي في وسطه وإلا بطلت، بخلاف حبل السفينة الحاملة للنجاسة
إذا جعله في وسطه فإنها تبطل لان الحمل ينسب إليه لعدم حياتها، وأما إذا جعله تحت قدمه فلا يضر لأنه
كطرف الحصير. قال في المج: ولعل البطلان في حبل السفينة الذي جعله في الوسط مقيد بما إذا كانت
السفينة صغيرة يمكنه تحريكها وإن لم تتحرك بالفعل أي وإلا فلا بطلان تأمل، ولو كانت الخيمة مضروبة
على الأرض وهي متنجسة وصلى شخص داخلها ولاصق سقف الخيمة رأس المصلي فإنه تبطل
صلاته لأنه يعد حاملا لها عرفا فهي كالعمامة لا كالبيت كما نقله البرزلي عن شيخه ابن عرفة (قوله
والحبل) أي والسيف والخف وغير ذلك قوله: (ولو كان) أي الثوب بمعنى محموله طرف عمامته أو
طرف ردائه الملقى بالأرض، ورد بلو على ما نقله عبد الحق في النكت أن طرف العمامة الملقى بالأرض
لا تجب إزالة النجاسة عنه وهو مقيد بما إذا لم يتحرك بحركته، أما إن تحرك بحركته فكالثوب اتفاقا كما
يفيده كلام ابن الحاجب وابن ناجي في شرح المدونة وابن عات، لكن نقل ح عن عبد الوهاب
ما يقتضي إطلاق الخلاف وهو ظاهر المصنف ولذا قال الشارح: تحرك بحركته أم لا انظر بن، فلو كان
الوسط على الأرض نجسا وأخذ كل طرفا بطلت عليهما على الظاهر، ونظر فيه عبق عند
قوله وسقوطها في صلاة مبطل انظر المج قوله: (من باب خطاب الوضع) أي وهو خطاب الله المتعلق
بجعل الشئ سببا أو شرطا أو مانعا كجعل الطهارة شرطا في صحة الصلاة، وجعل الحدث مانعا
من صحتها، وجعل ملك النصاب سببا في وجوب الزكاة، وأما خطاب التكليف فهو خطاب الله المتعلق
بأفعال المكلفين بالطلب أو الإباحة. وقوله من باب خطاب الوضع أي من أفراد متعلق خطاب
الوضع (قوله هي من حيث تعلق الامر بإزالتها) الضمير راجع للطهارة، وكان الأولى أن يقول هي من
حيث تعلق الامر بها ويحذف إزالتها لأن الطهارة لم يتعلق الامر بإزالتها بل بتحصيلها فتأمل (قوله
فالخطاب بها خطاب تكليف فيخاطب بها الولي) هذا مبني على أن أقسام الحكم الشرعي الخمسة كلها
مشروطة بالبلوغ كما اختاره المحلى وغيره وهو خلاف الصحيح عندنا، إذ الصحيح كما ذكره ح فيما
يأتي أن المخاطب بالصلاة هو الصغير كما صححه ابن رشد في البيان والمقدمات والقرافي والمقري في
قواعده، وأن البلوغ إنما هو شرط في التكليف بالوجوب والحرمة لا في الخطاب بالندب
والكراهة، فكذلك إزالة النجاسة المخاطب بها الصغير لا وليه، لكن ليس مخاطبا بها على سبيل
الوجوب أو السنية كخطاب البالغ المذكور هنا بل على سبيل الندب فقط، وحينئذ فلا يدخل في
كلام المصنف بل يقصر كلامه على البالغ فقط، إلا أن يقال: المراد بالواجب هنا ما تتوقف صحة
العبادة عليه كما في ح لا ما يأثم بتركه، وبهذا يصح دخوله في كلام المصنف اه‍ بن (قوله خطاب وضع)
أي فالخطاب بها خطاب وضع وحينئذ فيخاطب بها الصبي لا الولي. قوله: (كداخل أنفة إلخ)
فمن اكتحل بمرارة خنزير غسل داخل عينيه إن لم يخش ضررا بالغسل وإلا كانت معجوزا عنها لم
66

يطالب بإزالتها وإن نزل دم من أسنانه غسل داخل فمه، وكذا يغسل ما قدر عليه من صماخيه إذا دخل
فيهما نجاسة ولا يكفي غلبة الريق والدمع بل لا بد من المطلق، وأدخل بالكاف باطن الجسد كالمعدة
بالنسبة لما أدخله فيها من النجاسة ولذا قال: ولو أكل أو شرب وأما ما لم يدخله وتولد فيها فلا حكم له
إلا بعد انفصاله. قوله: (من الباطن) أي ولذا كانت المضمضة والاستنشاق ومسح الاذنين في الوضوء
والغسل سنة لا واجبا ولم يجعلوا داخل الاذن والأنف والفم من الظاهر في طهارة الحدث للمشقة
بتكرره. قوله: (وجب عليه أن يتقاياه) هذا رواية محمد بن المواز وقال التونسي: ذلك الأكل أو
الشرب لغو فلا يؤمر بتقايؤ ولا بإعادة، وكلام ابن عرفة يفيد أن الراجح رواية محمد، وقال القرافي إنه
المشهور. قوله: (وجب عليه أن يتقاياه). إن قلت: قد استمرت المعدة نجسة قلت: إنه عاجز عن
تطهير نفس المعدة فأمرناه بما يقدر عليه من التقايؤ، والظاهر أنه إذا قدر على تقايؤ البعض وجب لان
تقليل النجاسة واجب. قوله: (وإلا وجب إلخ) أي وإلا يتقاياه مع الامكان وجب عليه الإعادة أبدا
أي في الوقت وبعده، فكل صلاة صلاها مدة ما يرى بقاء النجاسة في جوفه يعيدها في الوقت وبعده ولا
فرق في هذا التفصيل بين أن يكون تعاطي النجاسة عمدا أو سهوا أو غلبة أو لضرورة أو لظنه
أنها غير نجسة. قوله: (مدة ما يرى إلخ) أي يقينا أو ظنا أو شكا. وقوله: مدة ما يرى بقاء النجاسة في
بطنه أي مدة ما يرى بقاءها في بطنه بصفة النجاسة، فإذا كانت خمرا مثلا وجبت الإعادة مدة ما يرى
بقاءها في جوفه خمرا، وأما ما بعد ذلك فهي بمثابة العذرة انظر طفي. قوله: (لعجزه عن إزالتها) أي
والعاجز لا تبطل صلاته إذا صلى بها وظاهره أنه لا شئ عليه وأن صلاته صحيحة سواء تاب أم لا
وهو كذلك كما صرح به ح خلافا لما في خش انظر بن. قوله: (ما تماسه أعضاؤه) أي ولو من فوق حائل عليها
فمس الأعضاء للنجاسة ولو كان على الأعضاء حائل مضر (قوله فصحيحة على الراجح) أي لأنه لا يجب
عليه إزالة للنجاسة من محل إيمائه لعدم مماسة أعضائه له بالفعل قال في المج: والظاهر اعتبار المس بزائد لا
يحس بالأولى من الحائل. وقال شيخنا: المس بالشعر كالمس لطرف الثوب فلا يضر مسه للنجاسة (قوله
ولا إن كانت) أي النجاسة. وقوله: تحت صدره أي المصلي. قوله: (كما لو فرش حصيرا) أي أو فروة وما
ذكره من عدم الضرر في هذه هو المشهور خلافا لمن قال بالضرر. قوله: (بأسفلها) أي بباطنها المقابل
للأرض قوله: (فلا يضر) الأولى فلا يطالب بإزالتها قوله: (ولو تحرك بحركته) هذا هو المذهب خلافا
لمن قال: إن تحركت بحركته ضر وإلا فلا. قوله: (ما أزاد عما تماسه أعضاؤه) فيشمل طرف الحصير الطولي
67

والعرضي والسمكي فلا تجب الإزالة عنه. قوله: (أو طرف ردائه) كما لو التحف بطرف حرامه
وفرش الطرف الآخر على النجاسة وصلى فلا ينفعه ذلك وتبطل صلاته. قوله: (في البيان) كتاب
لابن رشد شرح على العتبية، وكما شهره ابن رشد في البيان شهره عبد الحق في النكت، وشهره أيضا ابن
يونس والمراد بكونه شهره أنه حكى تشهيره أي ذكر أنه المشهور قوله: (أو واجبة) قال اللخمي
وهو مذهب المدونة. قوله: (وجوب شرط) أي بحيث إذا ترك بطلت الصلاة وحينئذ فالمراد
بالوجوب ما تتوقف صحة العبادة عليه لا ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه، وعلى هذا فيكون مصل في
كلام المصنف شاملا لمريد صلاة النافلة وللصبي وترك القول بالندب لأنه شاذ لا يلتفت إليه، وهناك قول
رابع يقول بالوجوب مطلقا سواء كان ذاكرا أم لا قادرا أم لا وهو مثل مذهب الشافعي وهذا القول
لأبي الفرج، وعلى هذا فمن صلى بالنجاسة بطلت كان ذاكرا أو لا قادرا أو لا (قوله إن ذكر وقدر)
قيد في الوجوب فقط، وأما القول بالسنية فهو مطلق سواء كان ذاكرا قادرا أم لا، كما قرر به ابن مرزوق
و ح والمسناوي والشيخ أحمد الزرقاني، وما في عبق تبعا لعج من أنه قيد في الوجوب والسنية معا فهو
غير ظاهر لأنه لا ينحط عن مقتضى السنية من ندب الإعادة في العجز والنسيان. فإن قلت جعل القول
بالسنية مطلقا يرد عليه أنه يقتضي أن العاجز والناسي مطالبان بالإزالة على سبيل السنية مع أنه قد تقرر
في الأصول امتناع تكليفهما لرفع القلم عن الناسي ولكون تكليف العاجز من تكليف ما لا يطاق قلت
من قال بالسنية حالة العجز والنسيان أراد ثمرتها من ندب الإعادة في الوقت بعد زوال العذر وليس
مراده طلب الإزالة لعدم إمكانها. والحاصل أن السنية في حق العاجز والناسي مصروفة لطلب الإعادة
في الوقت لا لطلب الإزالة لعدم إمكانها، وقد يقال: إن عج نظر إلى رفع طلب الا زالة عنهما حالة العذر فقال
إنه قيد فيهما وغيره نظر إلى طلب الإعادة منهما في الوقت فقال إنه قيد في الوجوب فقط وكلاهما
صحيح وعاد الامر في ذلك لكون الخلاف لفظيا انظر بن. قوله: (وقدر) أي على الإزالة بوجود مطلق
يزيل به أو ثوب أو مكان ينتقل إليه طاهر. قوله: (أو عاجزا) أي عن إزالتها (قوله الظهرين للاصفرار)
مثلهما في ذلك الجمعة لكن على القول بأنها بدل عن الظهر تعاد جمعة إن أمكن، وإلا فهل تعاد ظهرا أو لا تعاد
قولان وعلى أنها فرض يومها فلا تعاد ظهرا قطعا، وهل تعاد جمعة أو لا؟ والثاني ظاهر كلام المصنف في شرح
المدونة فإن قلت: هل العبرة بإدراك الصلاة كلها أو ركعة منها؟ قلت المأخوذ من كلام ابن عرفة الثاني (قوله
للاصفرار) أي فإذا ضاق الوقت اختص بالأخيرة قوله: (والعشاءين للفجر) أي ولو صلى الوتر على ما
ينبغي لان الإعادة للخلل الحاصل فيهما والظاهر كما قال بعضهم إعادة الوتر انظر حاشية شيخنا (قوله
وقياسه) أي وقياس مذهبها أي والموافق للقياس أن يكون مذهبها إعادة الظهرين للغروب قياسا على
العشاءين وعلى الصبح فإن كلا منهما أعيد لآخر الضروري. قوله: (والعشاءين للثلث والصبح
للأسفار) أي قياسا لهما على الظهرين في إعادتهما لآخر الاختياري. والحاصل أن القياس
أن تكون الإعادة في الكل على نمط واحد. قوله: (فكما لا يتنفل في الاصفرار إلخ) فيه أن كراهة
النافلة ليست خاصة بما بعد الاصفرار بل تكره النافلة من بعد صلاة العصر، فلو اعتبرنا كراهة
النفل لما أعيد بعد العصر، وقد يقال: النافلة وإن كرهت بعد العصر لكن لا شك في أن الكراهة بعد
68

الاصفرار أشد منها قبله بدليل جواز الصلاة على الجنازة وسجود التلاوة قبله وكراهتهما بعده (قوله
في الليل كله) أي فلذا قيل بإعادة العشاءين للفجر قوله: (لا ضروري للصبح) أي فاختياريها يمتد للطلوع
وحينئذ فحقها أن تعاد فيه فروعي ذلك القول وقلنا بإعادتها للطلوع قوله: (أنه لو صلى) أي بالنجاسة بعد
خروج الوقت ناسيا لها أو غير عالم بها أو عاجزا عن إزالتها ثم علم أو قدر على إزالتها بعد الفراغ منها فلا
شئ عليه. والحاصل أنه لا يعيد الفائتة لان وقتها يخرج بالفراغ منها، وكذلك لا يعيد النافلة إلا ركعتي
الطواف، وفي كبير خش: إن صلى النفل بالنجاسة عامدا لم يجب قضاؤه لأنه لم ينعقد. قوله: (في ذلك)
قدر ذلك إشارة إلى أن خلاف مبتدأ خبره محذوف والمشار له ما ذكر من الاستفهام وفي الكلام حذف
مضاف أي في جواب ذلك الاستفهام خلاف. قوله: (خلاف) أي بالسنية والوجوب (قوله لفظي)
أي وهو لفظي قوله: (لاتفاقهما إلخ) أي القولين وحينئذ فلا ثمرة لذلك الخلاف فهو لفظي راجع للفظ
والتعبير عن حكم إزالة النجاسة، فبعضهم عبر عنه بالوجوب وبعضهم عبر بالسنية مع اتفاقهما في المعنى
(قوله الذاكر القادر) أي على إعادة من صلى بالنجاسة ذاكرا قادرا قوله: (أبدا) أي في الوقت المذكور
وبعده قوله: (في الوقت) أي المتقدم قوله: (قاله الحطاب) فيه إن هذا حمل للمصنف على خلاف ظاهره لان
اصطلاحه أنه يشير بخلاف إلى الاختلاف في التشهير لا للاختلاف في التعبير، والأقرب ما قاله عج من أن
الخلاف حقيقي، وقول المصنف خلاف معناه خلاف في التشهير. قوله: (ورد) أي ورد عج ما قاله ح قائلا الحق
أن الخلاف حقيقي لأنهما وإن اتفقا على الإعادة أبدا عند القدرة والعمد لكن الإعادة واجبة على
القول بالوجوب وندبا على القول بالسنية، وبأن القائل بالوجوب يرد ما تمسك به القائل بالسنية من
الدليل، والقائل بالسنية يرد ما تمسك به القائل بالوجوب كذا قاله عج، ورد عليه بأن ابن رشد بعد
ما ذكر القول بأن إزالة النجاسة سنة قال: وعليه فالمصلي بها عامدا يعيد أبدا وجوبا كما قيل في ترك سنة من
سنن الصلاة عمدا، فيعلم من هذا أن العامد القادر يعيد أبدا وجوبا على كل من القول بالوجوب والسنية
وحينئذ فالخلاف لفظي كما قال ح، وبعد هذا فاعلم أن ابن رشد له طريقة والقرطبي له طريقة، فالقرطبي
يقول على القول بالسنية يعيد المصلي بالنجاسة في الوقت فقط سواء كان ذاكرا أم لا قادرا على الإزالة
أو عاجزا، وابن رشد يقول على القول بالسنية يعيد العامد القادر أبدا وجوبا والعاجز والناسي في
الوقت، فمن قال: إن الخلاف لفظي فقد نظر لطريقة ابن رشد، ومن قال: إنه حقيقي فقد نظر لطريقة
القرطبي وهو الموافق لما ذكروه من ترجيح القول بالسنية، ومن البناء على القول بالوجوب تارة وعلى
القول بالسنية تارة أخرى، وبهذا تعلم أن قول عج أن العامد القادر يعيد أبدا وجوبا على القول بالوجوب
وندبا على القول بالسنية لا سلف له فيه كذا قرر شيخنا. قوله: (وسقوطها في صلاة مبطل) ما ذكره
المصنف من البطلان تبع فيه ابن رشد في المقدمات، وذكره ابن رشد في سماع موسى بن معاوية أيضا وفي
المواق من نقل الباجي عن سحنون ما يفيده، وحينئذ فيندفع اعتراض طفي على المصنف بأنه لا سلف له
في التعبير بالبطلان والمدونة قد قالت وإن سقطت عليه وهو في صلاة قطعها والقطع يؤذن بالانعقاد
واختلفوا هل القطع وجوبا أو استحبابا؟ انظر بن. تنبيه: موت الدابة وحبلها بوسطه كسقوط
النجاسة عليه على الظاهر والمسألة محل نظر. قوله: (ولو مأموما) أي ويستخلف الامام إذا قطع (قوله إن
استقرت عليه) أي بأن كانت رطبة ولم تنحدر. وحاصله أن الصلاة باطلة ويقطعها إن وجد ما ذكر من
القيود الخمسة وهل ولو جمعة ورجحه سند أو الجمعة لا يقطعها لذلك؟ قولان، فإن تخلف واحد منها فلا
يقطعها ويتمها وهي صحيحة ولا يعيدها بعد ذلك. قوله: (ولم تكن مما يعفى عنه) أي وإلا لم يقطع لصحة الصلاة
69

(قوله اختياريا أو ضروريا) هذا هو الظاهر كما يدل له ما يأتي في الرعاف وتخصيص ح له بالضروري
وأما الاختياري فإنه يقطع فيه مطلقا فيه نظر بن، قال في المج: وإذا تمادى لضيق الاختياري فلا يعيد في
الضروري على الظاهر لأنه كالعاجز وكضيق الوقت ما لا يقضي كجنازة واستسقاء وعيد مع الامام
فلا يقطع قوله: (بأن يبقى منه) أي بعد إزالتها. قوله: (وأن لا يكون ما فيه النجاسة محمولا لغيره) أي وإلا فلا
يقطع لعدم بطلانها وذلك كما لو سقط ثوب شخص متنجس لابس له على مصل أو تعلق صبي نجس
الثياب أو البدن بمصل والصبي مستقر بالأرض فالصلاة صحيحة على الظاهر خلافا لما ذكره بن من
البطلان في الأولى قياسا على مسألة الخيمة المتقدمة، وذلك لان الخيمة محمولة للمصلي بخلاف الثوب
النجس هنا فإنها محمولة لغيره، ومحل صحة الصلاة فيهما إذا كان المصلي لم يسجد على تلك الثوب ولم يجلس
عليها فإن جلس ولو ببعض أعضائه عليها أو سجد بطلت صلاته. قوله: (وتجري هذه القيود الخمسة) أي
ما عدا الأول وهو استقرارها عليه لان الفرض هنا أنها مستقرة عليه، ففي هذه المسألة أعني ما إذا ذكرها
أو علمها فيها تكون صلاته باطلة ويقطع إذا وجدت الشروط الأربعة، فإن تخلف واحد منها تمادى على
صلاته ولا يعيدها لصحتها قوله: (كذكرها فيها) ظاهره سواء نسيها بعد الذكر أم لا وهو كذلك
إذ بمجرد الذكر فيها تبطل على الأصح بناء على القول بوجوب الإزالة أفاده شيخنا. (قوله أو علمها
فيها) شمل ذلك علمها في عمامته بعد أن سقطت أو في موضع سجوده بعد أن رفع منه وهو الأرجح وفاقا
لفتوى ابن عرفة كما في ح وغيره. تنبيه: إذا علمها مأموم بإمامه أراه إياها ولا يمسها فإن بعد فوق
الثلاث صفوف كلمه واستخلف الامام فإن تبعه المأموم بعد الرؤية بطلت على المأموم أيضا (قوله
وهذا) أي ما ذكره المصنف من بطلان الصلاة في المسألتين قوله: (فلا تبطل) أي ويندب له إعادتها في
الوقت وبعده على ما تقدم لعج، وعلى ما للقرطبي يندب له الإعادة في الوقت فقط (قوله يدل على أنه) أي
القول بصحة الصلاة في المسألتين وعدم قطعها أصلا قوله: (متعلقة به) أي لرطوبتها وهو حال من اسم
كان وهو النجاسة أي حالة كون النجاسة متعلقة بالنعل لرطوبتها قوله: (فخلعها) أي وهو يصلي بأن
سل رجله من النعل من غير رفع للنعل. قوله: (ولو تحرك) أي النعل بحركته حين سل رجله منها لأنها
كالحصير وما ذكره هو المعتمد خلافا لمن قال وهو ابن قداح: إذا تحركت بحركته حين سل رجله منها
فإنها تبطل مثل ما إذا رفعها فالمعول عليه أن مدار البطلان على رفعها فإن رفعها بطلت وإلا فلا ولو
تحركت بحركته قوله: (ومفهومه أنه لو لم يخلعها) أي بأن كمل صلاته بها قوله: (حيث يلزم إلخ) هذه
الحيثية للتقييد أي إذا كان يلزم على عدم خلعها حملها قوله: (وإلا فلا) أي وإلا يلزم عليه حملها
فلا تبطل كما إذا كان يصلي على جنازة أو يصلي بالايماء وهو قائم أو كان يخلع رجله منها
عند السجود، ومثل ذلك ما لو وقف بنعل طاهرة على نجاسة جافة لم تتعلق بالنعل فلا تبطل
صلاته إذا رفع نعله عند التذكر أو العلم ووضعها على أرض طاهرة، وحمل بعض الشراح كلام
المصنف على هذه الصورة وذكر أن النجاسة إذا كانت رطبة وتعلقت بأسفل النعل فإن الصلاة
تبطل لان النعل كالثوب سواء خلع النعل من رجله أم لا، والحق ما قاله الشارح كما في طفي قال
ابن ناجي: والفرق بين النعل ينزعها فلا تبطل صلاته والثوب تبطل ولو طرحها أن الثوب
حامل لها والنعل واقف عليها والنجاسة في أسفلها فهو كما لو بسط على النجاسة حائلا كثيفا (قوله
ولو دخل على ذلك) أي في مسألة الجنازة والايماء، وكذا في مسألة المصنف أيضا على المعتمد
كما في طفي، وسواء توانى بخلعها أم لا. قوله: (من علمها بنعله إلخ) أي فإن ظاهره العموم كما إذا علمها بأعلاه
70

أو بأسفله. قوله: (وعفي عما يعسر) أي عما يشق الانفكاك منه والتباعد عنه. قوله: (كحدث
إلخ) المراد بالحدث الجنس فيشمل سائرها ولم يقل كأحداث مستنكحة لئلا يتوهم أن العفو مقصور
على حصول جمع من الاحداث قوله: (أو غيرهما) أي كغائط ومني. وفي الذخيرة فرع إذا عفى عن
الاحداث في حق صاحبها عفى عنها في حق غيره لسقوط اعتبارها شرعا وقيل: لا يعفى عنها في حق
غيره لان سبب العفو الضرورة ولم توجد في حق الغير وثمرة الخلاف تظهر في جواز صلاة صاحبها إماما
بغيره وعدم الجواز، فعلى الأول تجوز وتكره على الثاني، وإنما لم يقل بالبطلان على الثاني لان صاحب
السلس صلاته صحيحة للعفو عن النجاسة في حقه وصحت صلاة من ائتم به لان صلاته مرتبطة
بصلاته وصلاته صحيحة فالمرتبطة بها كذلك قوله: (أي ملازم كثيرا) تفسير باللازم لان
المستنكح معناه القاهر للشخص، ومعلوم أنه لا يكون قاهرا للشخص إلا إذا لازمه كثيرا (قوله
فيعفى عما أصاب منه) أي ولا يجب غسله ولا يسن. وقوله: فيعفى عما أصاب منه أي الثواب أو البدن
وأما المكان فقال ح: لم يذكروه، والظاهر أن يقال: إن أصابه في غير الصلاة فظاهر أنه لا عفو لأنه يمكن
أن يتحول منه إلى مكان طاهر، وإن أصابه وهو في صلاته فهو من جملة ما هو ملابس له ويعسر
الاحتراز منه اه‍ بن. وقوله: فيعفى عما أصاب منه أي وأما كونه ينقض الوضوء أولا فشئ آخر له
محل يخصه يأتي في نواقض الوضوء. وحاصله أنه إن لازم كل الزمن أو جله أو نصفه فلا ينقض وإن
لازم أقل الزمن نقض مع العفو عما أصاب منه، وإنما عفى عما أصاب من الحدث اللازم مطلقا وفصل
في نقضه الوضوء لان ما هنا من باب الأخباث وذاك من باب الاحداث والأخباث أسهل من
الاحداث. قوله: (باسور) جمعه بواسير والمراد الباسور النابت في داخل مخرج الغائط بحيث
يخرج منه وعليه بلولة ونجاسة فيرده بيده أو غيرها كخرقة إلى محله فتتلوث يده من البلولة التي عليه أو
من النجاسة الخارجة معه فيعفى عما أصاب اليد أو الخرقة من ذلك الخارج إن كثر الرد فلا مفهوم
للبلل في لام المصنف ولا لليد. قوله: (إن كثر الرد) أي سواء اضطر لرده أم لا لان الغالب
اضطراره لرده كما في ح. وفي عبق: الظاهر أن خروج الصرم كالباسور فيعفى عما أصاب اليد من
النجاسة الخارجة معه إن كثر الرد قياسا للصرم على الباسور، بل قرر شيخنا أن مثل الباسور أثر الدمل
ونحوه. قوله: (أن يكون) أي ذلك الزائد على المرة قوله: (ومثل اليد) أي في اعتبار كثرة الرد في العفو عما
أصابها الخرقة المتخذة للرد بها كالمنديل فلا يعفى عما أصابها إذا رد بها إلا إذا كثر الرد (قوله أو في
ثوب) أي أو حصل بلل الباسور في ثوب أو بدن فإنه يعفى عنه قوله: (وإن لم يكثر الرد) أي
بالثوب أو البدن وذلك لمشقة غسلهما، بخلاف غسل اليد فإنه لا مشقة فيه إلا بالكثرة قوله: (وكثوب
مرضعة أو جسدها) أي لامكانها فلا يعفى عما أصابه إن أمكنها التحول عنه قوله: (إن احتاجت
أي غير الأم للرضاع لفقرها وهذا قيد للعفو عن ثوب المرضعة إذا كانت غير أم فلا يعفى عما
71

أصابها عند عدمه لان سبب العفو الضرورة خلافا للمشذالي انظر شب. قوله: (تجتهد) الجملة
صفة لمرضعة لا حال لان مرضعة نكرة بلا مسوغ ومضاف إليه ولم يوجد شرط مجيئها
منه قوله: (بأن تنحيه) أي الولد. وقوله: تمنع وصوله أي البول أو الغائط وأفرد الضمير لان العطف بأو
قوله: (فإذا أصابها شئ) أي من بوله أو غائطه قوله: (عفى عنه) غاية الأمر أنه يندب لها غسله إن تفاحش
ولا يجب عليها غسل ما أصابها من بوله أو عذرته ولو رأته كما يفهم من التوضيح وابن عبد السلام وابن
هارون وصاحب الجواهر وابن ناجي خلافا لقول ابن فرحون ما رأته لا بد من غسلها له، ولا يجب عليها
النضح عند الشك في الإصابة، والحاصل أنه لولا العفو لوجب عليها النضح عند الشك والغسل عند التحقق
فالعفو أسقط هذين الحكمين، نعم يندب لها الغسل إن تفاحش انظر بن قوله: (ومثلها الكناف) أي
الذي ينزح الكنف والجزار الذي يذبح الحيوان فيعفى عما أصابهما بعد التحفظ لا إن لم يتحفظا فلا عفو
ويجب عليهما الغسل عند تحقق الإصابة أو ظنها والنضح عند الشك. قوله: (وكذا من ألحق بها) أي
من الكناف والجزار قوله: (لاتصال عذرهم) أي لعدم ضبطه فلا يمكنهم التحفظ من
خروج النجاسة حتى في الصلاة، فلا فائدة في إعدادهم الثوب بخلاف المرضعة ومن ألحق بها وإنما لم
يوجبوا للمرضعة إعداد الثوب لان إصابة النجاسة لها أمر يتكرر، فأشبه حالها حال المستنكح
ولخفة أمر إزالة النجاسة قوله: (لدرء ذلك) أي لدفع النازل من ذلك السلس والدمل (قوله ودون
درهم) أي ولو كان مخلوطا بمائع حيث كان بالمائع دون درهم وأما لو صار دون الدرهم بالمائع
أكثر من مساحة الدرهم فلا عفو. وأشار الشارح بقوله مساحة إلى أن المعتبر المساحة لا الكمية فإذا
كان دون مساحة الدرهم فالعفو، ولو كان الدم قدر الدرهم أو أكثر في الكمية وذلك كنقطة من الدم ثخينة
قال بن: واعلم أن هنا قولين: أحدهما قول أهل العراق يعفى عن يسير الدم في الصلاة وخارجها فهو
مغتفر مطلقا في جميع الحالات. والثاني للمدونة وهو أن اغتفاره مقصور على الصلاة فلا تقطع لأجله
إذا ذكره فيها ولا يعيد، وأما إذا رآه خارج الصلاة فإنه يؤمر بغسله. ثم اختلفوا في قولهما يؤمر بغسله
خارج الصلاة فحملها ابن هارون والمصنف في التوضيح على الاستحباب، وحملها عياض وأبو الحسن
وابن عبد السلام على الوجوب، والظاهر أن المصنف جرى هنا على مذهب العراقيين لقول ابن
عبد السلام أنه أظهر، ولما في ح عن سند مما يقتضي أنه ظاهر المذهب، وقرره عج و ح بمذهب المدونة
لكن اقتصروا على أن الامر فيها للاستحباب تبعا للمصنف في التوضيح وابن هارون (قوله
وهو ضعيف) اعلم أن المسألة فيها ثلاث طرق: الأولى طريقة ابن سابق وهي أن ما دون الدرهم
يعفى عنه اتفاقا وما فوقه لا يعفى عنه اتفاقا. وفي الدرهم روايتان والمشهور عدم العفو والثانية لابن
72

يشير ما دون الدرهم يعفى عنه على المشهور والدرهم وما فوقه لا يعفى عنه اتفاقا لأنه يقول اليسير قدر رأس
الخنصر والدرهم كثير. والثالثة ما رواه ابن زياد وقاله ابن عبد الحكم واقتصر عليه في الارشاد أن الدرهم
من حيز اليسير وهذا هو الراجح، وهذا كله من دم غير أثر دمل، وأما أثره فيعفى عنه مطلقا قل أو كثر
إذا لم ينك فإن نكى عفى عما قل فقط كما يأتي. قوله: (لا ما فوق الدرهم ولو أثرا) أي خلافا للباجي
القائل: إن الأثر معفو عنه مطلقا ولو فوق درهم فهو قول ضعيف قوله: (وقيح وصديد) أي وعفى عن
دون الدرهم من قيح وصديد، وأما ما خرج من نفط الجسد من حر أو نار فلا شك في نجاسته لكنه
كأثر الدمل يعفى عن كثيره وقليله إذا لم ينك فإن نكى كان الخارج حكمه حكم الدم فيعفى عن الدرهم
فدون لا ما زاد على ذلك، وتخصيص المصنف هذه الثلاثة بالذكر مشعر بعدم العفو عن قليل غيرها من
بول أو غائط أو مني أو مذي وهو المشهور والمعروف، لا ما نقل عن مالك من اغتفار مثل رؤوس الإبر
من البول، وإنما اختص العفو بالدم وما معه لان الانسان لا يخلو عنه لان بدن الانسان كالقربة المملوءة
بالدم والقيح والصديد فالاحتراز عن يسيرها عسر دون غيرها من النجاسات، نعم ألحق بعضهم
بالمعفوات المذكورة ما يغلب على الظن من بول الطرقات إذا لم يتبين فلا يجب غسله من ثوب أو
جسد أو خف مثل أن تزل الرجل من النعل وهي مبلولة فيصيبها من الغبار ما يغلب على الظن مخالطة
البول له إذ لا يمكن التحرز منه، ولان غبار الطريق الأصل فيه الطهارة فيعفى عنه وإن كان الغالب
النجاسة قوله: (ولا مفهوم لهذه القيود) أي الأربعة وهي بول وفرس وغاز وأرض حرب لان المدار
على مشقة الاحتراز. وحاصل الفقه أن كل من له معاناة للدواب يعفى عما أصابه من بولها وأرواثها
سواء كان في الحضر أو في السفر كان بأرض الحرب أو بأرض المسلمين هذا حاصله. واعلم أن
ما ذكره الشارح من أن الروث كالبول في كونه معفو عنه هو ما في المنتقى ونقله أيضا عج عن
بعضهم وإن كان الواقع في كلامهم التعبير بالبول كعبارة المصنف. قوله: (والراعي) أي والحمار والخادم
قوله: (فلا يعتبر اجتهاد) أي تحفظ بل العفو مطلقا تحفظ من ذلك أم لا لتحقق الضرورة حينئذ (قوله
وأثر ذباب) أي صغير ومثله ما لا يمكن الاحتراز منه كبعوض ونمل صغير، وأما أثر فم ورجل
الذباب والنمل الكبير فلا يعفى عنه لان وقوع ذلك على الانسان نادر قوله: (حل عليها) أي حل الذباب
على العذرة ثم حل على الثوب أو الجسد قوله: (حيث زاد إلخ) أي المصيب أي حيث كان المصيب زائدا
على أثر إلخ قوله: (وموضع حجامة) أي أنه يعفى عن أثر دم موضع الحجامة أو الفصادة إذا كان ذلك
الموضع مسح عنه الدم لتضرره أي المحتجم من وصول الماء لذلك المحل ويستمر العفو إلى أن يبرأ ذلك
الموضع، ثم إن محل العفو إذا كان أثر الدم الخارج أكثر من درهم وإلا فلا يعتبر في العفو مسح (قوله
مسح) الجملة صفة لموضع ومثل موضع الحجامة موضع الفصادة أو قطع عرق قوله: (أي ما بين
الشرطات معها) أي لا الشرطات فقط قوله: (على ما مر) أي من الخلاف في إزالة النجاسة (قوله وإلا
يغسل وصلى) أي وإلا بان برئ ولم يغسل الموضع وصلى قوله: (بالنسيان) أي بما إذا صلى بعد البرء
ناسيا للغسل، وهذا التأويل لأبي محمد بن أبي زيد وابن يونس قوله: (فالعامد يعيد أبدا) أي لان محل
العفو عن الأثر قبل البرء وقد ذهب عدم البرء بوجود البرء وحينئذ فلا وجه للعفو (قوله وبالاطلاق)
هذا تأويل أبي عمران الفاسي. قوله: (ليسارة الدم) أي ليسارة أثر الدم أي أن كونه أثرا لا عينا هو
يسير في نفسه كذا يفهم من بن ونص عبارته قوله ليسارة الدم ليس المراد أنه دون
درهم بل المراد أنه لكونه أثرا لا عينا هو يسير في نفسه، وقوله: ومراعاة لمن لا يأمره
73

بغسله يعني ما مر عن الباجي من العفو عن الأثر ولو زاد على الدرهم، وعلى هذا فقوله بغسله أي الأثر لا
الدم. قوله: (ورجح) أي التأويل بالاطلاق قوله: (فيدخل طين الرش إلخ) لكن ماء الرش ومستنقع
الطرقات العفو فيهما دائما بخلاف ماء المطر وطينه فإن العفو فيهما مقيد بعدم الجفاف في الطريق كما
ذكره الشارح بعد قوله: (بالمصيب) أي بالطين المصيب للشخص فمصدوق المصيب طين نحو المطر (قوله
والواو للحال) فيه نظر بل للمبالغة ويكون تقدير ما قبلها هكذا، وكطين مطر اختلطت به أرواث الدواب
وأبوالها، بل وإن اختلطت به العذرة فغير العذرة من النجاسات مأخوذ فيما قبل المبالغة (قوله وجب
الغسل) أي لما كان أصابه منه قبل الجفاف فالعفو عما أصابه يستمر إلى الجفاف في الطرق فإذا حصل
الجفاف فيها وجب غسل ما كان أصابه قبل ذلك. قوله: (أي كانت) أي النجاسة أكثر من الطين تحقيقا
أو ظنا، وأما إذا شك في أيهما أكثر مع تحقق الإصابة أو كان الطين أكثر منهما تحقيقا أو ظنا أو تساويا
فالعفو. والحاصل أن الأحوال أربعة: الأولى كون الظن أكثر من النجاسة تحقيقا أو ظنا أو
مساويا لها كذلك ولا إشكال في العفو فيهما. والثالثة: غلبة النجاسة على الطين تحقيقا أو ظنا وهو معفو
عنه على ظاهر المدونة ويغسل على ما لابن أبي زيد وقوله لا إن غلبت إلخ. والرابعة: أن تكون عينها
قائمة وهي قوله: ولا إن أصاب عينها وكلها مع تحقق وجود النجاسة في الطين، وأما عند عدم الاختلاط
أو الشك فيه فلا محل للعفو إذ الأصل الطهارة. قوله: (شأنه أن يطرح إلخ) أي نحو المحلات التي تلقى فيها
النجاسات المأخوذة من المراحيض ونحوها. قوله: (وظاهرها العفو) أي إذا غلبت النجاسة وكانت
مخالطة للطين وغير متميزة عنه قال فيها: لا بأس بطين المطر المستنقع في السكك والطرق يصيب الثوب
أو الخف أو النعل أو الجسد وفيه العذرة وسائر النجاسات وما زالت الطرق وهذا فيها وكانت
الصحابة يخوضون فيه ولا يغسلونه، قال أبو محمد: ما لم تكن النجاسة غالبة أو يكن لها عين قائمة (قوله ولا
عفو) قال ح عن ابن العربي: والعلة ندور ذلك في الطرقات فإن كثرت صار كروث الدواب أفاده
بن قوله: (غير المختلطة) أي بالطين أي بأن كانت متميزة عنه قوله: (وأخر هذا إلخ) يعني أنه أتى بقوله: ولا
إن أصاب عينها بعد قوله: وظاهرها العفو لئلا يتوهم أن المراد وظاهرها العفو ولو أصاب عينها مع أنه
لا عفو في هذه فلما أتى بقوله: ولا إن أصاب عينها علم أن المراد وظاهرها العفو إذا غلبت النجاسة
وكانت مخالطة للطين ولم يصبه عينها. تنبيه: قيد بعضهم العفو عن طين المطر بما إذا لم يدخله على نفسه
فإن أدخله على نفسه فلا عفو وذلك كان يعدل عن الطريق السالمة من الطين للتي فيها طين بلا عذر (قوله
عن متعلق ذيل) أي عما تعلق بذيل ثوب المرأة اليابس من الغبار النجس وظاهره عدم الفرق بين الحرة
والأمة خلافا لابن عبد السلام حيث خصه بالحرة. وحاصله أن ابن عبد السلام راعى تعليل الستر بكون
الساق عورة فخصه الحرة وغيره راعى جواز الستر فعمه لان الجواز للحرة والأمة (قوله يابس) صفة
لذيل أي ناشف لا مبتل قوله: (مطال للستر) من المعلوم أنه لا تطيله للستر إلا إذا كانت غير
لابسة لخف أو جورب، فعلى هذا لو كانت لابسة لهما فلا عفو كان ذلك من زيها أم لا وهو كذلك
كما نقله ح عن الباجي. قوله: (يمران بنجس يبس) أي ثم يمران على طاهر يابس بعد ذلك رفعت
الرجل عن النجس اليبس بالحضرة أو بعد مهلة على تأويل ابن اللباد وهو المعتمد، وقال غيره محل
74

العفو إذا كان الرفع بالحضرة قوله: (بنجس يبس) إن قلت: إذا كان الذيل يابسا والنجس كذلك فلا يتعلق
بالذيل شئ فلا محل للعفو. قلت: قد يتعلق به غباره وهو غير معفو عنه في غير هاتين الصورتين (قوله
بفتح الباء) أي على أنه مصدر بمعنى اسم الفاعل. وقوله: وكسرها أي على أنه صفة مشبهة. قوله: (طهارة
لغوية) هذا جواب عما يقال: إذا كانا يطهران بما يمران عليه بعد من طاهر يابس فلا محل للعفو. وحاصل
الجواب أن المراد يطهران طهارة لغوية لا شرعية لأن الطهارة الشرعية لهما إنما تكون بالمطلق. قوله: (من
موضع) بيان لما قوله: (كالتعليل لما قبله) أي فكأن قائلا قال له: لأي شئ عفي عنهما؟ فقال: لأنهما يطهران
بما يمران عليه بعد من طاهر يابس. قوله: (ولو حذفه ما ضر) أي ولو حذف قوله يطهران وقال يمران
بنجس يبس ثم يمران بطاهر بعده ما ضر لان العفو حاصل بدون ذلك قوله: (وعفى عن مصيب خف)
أي عما أصاب الخف والنعل من أرواث الدواب وأبوالها لا عما أصاب الثياب من ذلك أو
الأبدان قوله: (بموضع يطرقه الدواب كثيرا) أي كالطرق لمشقة الاحتراز فيها عما ذكر، قال بن: وهذا
القيد نقله في التوضيح عن سحنون والظاهر اعتباره، وفي كلام ابن الحاجب إشارة إليه لتعليله بالمشقة
والمشقة إنما هي مع ذلك، وإنما سكت المصنف عنه هنا لأنه قدم أن العفو إنما هو لعسر الاحتراز وعلى
هذا فلا يعفى عما أصاب الخف والنعل من أرواث الدواب بموضع لا تطرقه الدواب كثيرا، ولو
دلكا قوله: (أو نحوه) أي كالخرقة ولا يشترط زوال الريح قوله: (وكذا إن جفت) أي وكذا يعفى
عن الخف والنعل إذا جفت النجاسة المذكورة قوله: (لا من غيره) أي لا إن كان المصيب للخف والنعل
من غيره قوله: (فلا عفو) أي ولا بد من غسله، قال ح نقلا عن ابن العربي: والعلة ندور ذلك في
الطرقات فإن كثر ذلك فيها صار كروث الدواب اه‍ بن. قوله: (وإذا كان لا عفو إلخ) حاصله أن الخف
إذا أصابه شئ من النجاسات غير أرواث الدواب وأبوالها كخرء الكلاب أو فضلة الآدمي أو
أصابه دم فإنه لا يعفى عنه كما مر ولا بد من غسله، وإذا قلنا بعدم العفو وقد كان ذلك الشخص
حكمه المسح على الخف وليس معه من الماء ما يتوضأ به ويزيل به النجاسة بأن كان لا ماء معه أصلا إلا
أنه متطهر قد مسح على خفه وأصابته نجاسة أو كان انتقض وضوءه وليس عنده من الماء ما يكفي إلا
الوضوء والمسح دون إزالة النجاسة ولا يمكنه جمع ماء أعضائه من غير تغيره ليزيل به النجاسة فإنه ينزعه
وينتقض وضوءه بمجرد النزع في المسألة الأولى وينتقل للتيمم ويبطل حكم المسح في حقه ولا
يكفيه دلكه لان الوضوء له بدل وغسل النجاسة لا بدل له، وأخذ من هذا تقديم غسل النجاسة على
الوضوء في حق من لم يجد من الماء إلا ما يكفيه لإحدى الطهارتين وبه صرح ابن رشد وابن
العربي، وروي عن أبي عمران أنه يتوضأ به ويصلي بالنجاسة. ثم إن كلام المصنف مبني على القول
بوجوب إزالة النجاسة، أما على القول بالسنية فإنه يبقى خفه من غير نزع ويصلي بالنجاسة محافظة على
الطهارة المائية. قوله: (وقد كان فرضه) أي حكمه قوله: (أي من حكمه المسح إلخ) أشار الشارح بهذا إلى
أن خلع الخف ليس مختصا بمن كان على طهارة مسح فيها بالفعل بل يدخل من لم يتقدم له مسح أصلا بأن
لبسه على طهارة وأصابته النجاسة وهو متطهر أو بعد انتقاض وضوئه، وقد تبع الشارح في إدخال هذه
الصورة في كلام المصنف تت التابع لابن فرحون في شرحه لابن الحاجب قال طفي: وما قاله غير صحيح
بل المسألة مفروضة فيمن تقدم له مسح ووضوءه باق وأصاب خفه نجاسة لا يعفى عنها ولا ماء معه لأنه في
هذه يتردد في أنه هل ينزعه وينتقض وضوءه بالنزع ويتيمم أم يبقيه ويصلي بالنجاسة محافظة على الطهارة
المائية؟ فذكر المصنف الحكم بقوله: فيخلعه الماسح، أما من لم يتقدم له مسح ووضوءه باق أو انتقض وضوءه فلا
75

إشكال في نزعه ولا يحتاج للتنبيه عليه إذ نزعه لا يوجب له نقضا فلا يتوهم أنه لا ينزعه قال بن: إن قلت
يمكن أن تصور المسألة بغير الماسح إذا لبس الخف على طهارة وانتقض وضوءه ومعه ماء قليل لا يكفيه
إلا لغسل النجاسة أو للوضوء مع المسح فهذا يتردد هل يتوضأ ويمسح فيصلي بالنجاسة أو يخلعه ويتيمم
لقصور الماء عن غسل رجليه وحينئذ فيصح حمل الماسح على من حكمه المسح كما قاله ابن فرحون ومن
تبعه؟ قلت: لا يصح دخول هذه في كلام المصنف لأمرين: الأول إن خلع الخف في حقه غير متعين
لان له أن يغسله ويتيمم. الثاني: أنا لا نسلم أنه يتأتى التردد في هذه الصورة لفقد شرط المسح وهو طهارة
الجلد فلا يتوهم صحة الوضوء حتى يتردد بينه وبين التيمم وحينئذ فلا يحتاج إلى التنصيص عليها اه‍
قوله: (لا ماء معه) أي الذي لا ماء معه يكفي الوضوء أو إزالة النجاسة وهذا صادق بصورتين على ما قال
الشارح ما إذا لم يكن معه ماء أصلا والحال أنه مسح على الخف وباق على طهارته أو لم يمسح عليه بأن كان
لبسه على طهارة والحال أنه حين الإصابة غير متطهر، وما إذا كان معه ماء لا يكفي الوضوء وإزالة
النجاسة معا والحال أنه غير متطهر، فقول الشارح: والحال أنه متطهر راجع لقوله الذي مسح عليه وليس
راجعا لقوله: أو لبسه على طهارة لفساد المعنى، لأنه إذا لبسه على طهارة واستمرت وتنجس الخف فإنه
يخلعه ويصلي بتلك الطهارة، وقوله: أو غير متطهر أي أو كان غير متطهر والحال أنه لم يجد إلخ. قوله: (لم يجد ما
ذكر) أي من الخف والنعل (قوله أو لم يقدر الخ) أي أو وجدهما ولكن لم يقدر الخ (قوله حتى أصيبت
رجله بذلك) أي بأرواث الدواب وأبوالها قوله: (مع الاتيان باصطلاحه) أي لان الواقع أن هذا تردد
للمتأخرين في الحكم لعدم نص المتقدمين عليه. قوله: (وواقع على مار إلخ) اعلم أن الشخص إما
أن يكون مارا تحت سقائف مسلمين أو كفار أو مشكوك فيهم، وفي كل إما أن تتحقق طهارة الواقع عليه
من تلك السقائف أو تظن طهارته أو تتحقق نجاسته أو تظن أو يشك فيها فهذه خمس عشرة صورة
فإن تحققت طهارة الواقع أو ظنت أو تحققت نجاسته أو ظنت فالامر ظاهر، وكلام المصنف ليس
فيه، فهذه اثنتا عشرة صورة وإنما كلامه فيما إذا كان مارا تحت سقائف المسلمين أو مشكوك فيهم وشك
في نجاسة الواقع فإنه يحمل على الطهارة ويعفى عن الفحص عنه، ومفهومه صورة واحدة وهي ما إذا
كان مارا تحت سقائف كفار وشك في نجاسة الواقع فإنه يكون نجسا ولا يحتاج لسؤالهم، فلو سألهم
وأخبروا بالطهارة لم يصدقوا، وإن أخبر بطهارة الواقع من بيوتهم مسلم صدق إن كان عدل رواية
قوله: (صدق المسلم) أي إن أخبر بخلاف الحكم كما لو أخبر بالنجاسة إن بين وجهها أو اتفقا مذهبا، وأما
إن أخبر بالطهارة صدق مطلقا وإن لم تعرف عدالته. والحاصل أن المسلم يصدق مطلقا أخبر بطهارة
الواقع أو نجاسته إلا أنه إن أخبر بالطهارة صدق مطلقا، وإن أخبر بالنجاسة فلا بد من عدالته وبيانه
لوجه النجاسة أو موافقته في المذهب لمن أخبره. قوله: (وإلا ندب الغسل) أي وإلا بأن أخبر بالنجاسة
ولم يبين وجهها ولم يتفقا في المذهب ندب الغسل. قوله: (لا الكافر والفاسق) أي فلا يصدقان
76

إذا أخبر الأول بالطهارة وأخبر الثاني بالنجاسة. قوله: (قلنا معناه إلخ) قال بن فيه نظر إذ الواقع من
بيوت المسلمين محمول على الطهارة لأنها الأصل فلا محل للعفو ولا لوجوب السؤال فالظاهر في الجواب
ما قاله الشيخ أحمد الزرقاني. وحاصله أن الماء الساقط لما كان الغالب فيه النجاسة كان الأصل
وجوب غسله لكن عفي عنه لكثرة سقوط الماء من السقائف وحاجة الناس للمرور تحتها اه‍
قوله: (فإن أخبر بطهارة المشكوك فيه) أي الواقع من بيت الكافر. قوله: (صدق المسلم العدل) أي
ولا يصدق الكافر في اخباره بطهارته كما مر قوله: (وعفي عن كسيف إلخ) أي عن مصاب
كسيف إذ لا معنى للعفو عن ذات السيف ونحوه. وحاصله: أن كل ما كان صلبا صقيلا وكان
يخشى فساده بالغسل كالسيف ونحوه فإنه يعفى عما أصابه من الدم المباح ولو كان كثيرا خوفا
من إفساد الغسل له قوله: (صقيل) أي مصقول لا خربشة فيه وإلا فلا عفو قوله: (ومرآة) الأولى
اسقاطها لأنه يعفى عما أصابها من الدم مطلقا، ولو كان غير مباح لتكرر النظر فيها المطلوب شرعا
دون السيف والمدية قاله شيخنا، وقد يقال: إن قصد الشارح التمثيل للمشابه للسيف في الصقالة وإن
اختلفا في الحكم تأمل. قوله: (وسائر ما فيه صقالة وصلابة) أشار إلى أنه لا بد في العفو من الامرين
وإنما لم يذكر المصنف الصلابة لأنه مثل بالسيف وهو لا يكون إلا صلبا. قوله: (لا فساده) متعلق
بعفى أي لأجل دفع إفساده الحاصل بغسله لا لتحصيل إفساده. قوله: (وأحسن) أي لان الافساد فعل
الفاعل فلا يتصف به السيف وإنما يتصل بالفساد. قوله: (وسواء مسحه من الدم أم لا على المعتمد)
هذا هو قول ابن القاسم كما في أبي الحسن ومثله في التوضيح و ح عن النوادر والقول بأن
العفو بشرط المسح نقله الباجي عن مالك، وقال ابن رشد: أنه قول الأبهري اه‍ بن قوله: (خلافا
لمن علله إلخ) حاصله أن هذا القول يقول: يعفى عما أصابه من الدم المباح بشرط مسحه لانتفاء النجاسة
بالمسح، فهذا التعليل يقتضي أنه لا يعفى عما أصاب السيف ونحوه من الدم المباح إلا إذا مسح
وإلا فلا وعلى القول الأول لا يعفى عما أصاب الظفر والجسد من الدم المباح لعدم صلابتهما
وعلى القول الثاني يعفى عما أصابهما منه إذا مسح. قوله: (من دم مباح) أي زائد على درهم، أما لو كان
درهما فلا يتقيد العفو لا بالصقيل ولا بالصلب ولا يكون الدم مباحا، قال شيخنا: والمعتمد أن المراد
بالمباح غير المحرم فيدخل فيه دم مكروه الأكل إذا ذكاه به، والمراد مباح أصالة فلا يضر حرمته لعارض
كقتل مرتد به وزان أحصن بغير إذن الإمام قوله: (وعقر صيد) أي لأجل العيش. قوله: (ونحوهما)
أي كالظفر قوله: (غيره) أي مما فيه خربشة. قوله: (وبدم المباح إلخ) الأولى أن يقول: وبالدم غيره
من النجاسات لان الدم هو الذي يعسر الاحتراز منه لغلبة وصوله للسيف ونحوه بخلاف غيره من
النجاسات وبالمباح من العدوان. تنبيه: ألحق خش الزجاج بالسيف وفيه نظر لان
الغسل لا يفسده فلا يعفى عنه ولذا قال ح: وخرج بقوله لإفساده الزجاج فإنه وإن شابه السيف
في الصقالة والصلابة لكنه لا يفسده الغسل اه‍ بن. قوله: (ولم يقشر) أي لم
تزل قشرته. قوله: (بل مصل بنفسه) أي بل سال بنفسه. قوله: (فإن نكى) أي عصر أو
قشر أي أزيلت قشرته فسال. قوله: (ما لم يضطر إلى نكئه) أي قشره أو عصره
77

قوله: (فإن اضطر عفى عنه) أي عن الدم الخارج ولو كان أكثر من درهم، وأشار بهذا لما في أبي الحسن
على المدونة من أن الدمل الواحدة إذا اضطر إلى نكئها وشق عليه تركها فإنه يعفى عما سال منها مطلقا اه‍
واقتصاره على الواحدة نص على المتوهم فالمتعددة أولى كما يأتي للشارح، قال في المج: والظاهر أن من
الاضطرار لنكئها وضع الدواء عليها فتسيل قوله: (فإن سال إلخ) حاصله أنه إذا نكأه بعدما اجتمع فيه
شئ من المدة فخرجت ثم صار بعد ذلك كلما اجتمع فيه شئ سال بنفسه، أو أنه نكأه قبل اجتماع
شئ من المدة فيه فلم يخرج منه شئ ثم صار بعد ذلك كلما اجتمع فيه شئ سال بنفسه فإنه يعفى عن
ذلك السائل الذي سال بنفسه في الصورتين. قوله: (فإن برئ غسله) أي غسل ما كان أصابه منه قبل
البرء. قوله: (ومحله) أي محل العفو عن أثر الدمل الذي لم ينك بل نصل بنفسه وهذا التقييد لابن عبد
السلام وإلا فكلامهم مطلق قوله: (إن دام سيلانه) أي ولم ينقطع قوله: (أو لم ينضبط) أي أو انقطع
السيلان ولكن لم ينضبط انقطاعه قوله: (أو يأتي إلخ) أي أو انضبط انقطاعه ولكن صار يأتي كل
يوم ولو مرة، أما لو انضبط ولم ينزل كل يوم فلا يعفى إلا عن الدرهم فقط، فإن نزل عليه في الصلاة فتله إن
كان يسيرا يمكن فتلة، وإن كان كثيرا قطع إن رجي كفها قبل خروج الوقت وغسل وإن لم يرج كفها
تمادى. قوله: (وأما إن كثرت) أي كالدملين فأكثر كما قرر شيخنا. قوله: (وندب غسل جميع ما سبق
إلخ) أي لا خصوص أثر الدمل والجرح كما قال بعضهم. قوله: (إن تفاحش) هذا قيد فيما يمكن أن
يتفاحش، وأما دون الدرهم من الدم فيندب غسله وإن لم يتفاحش، كذا ذكر شيخنا في الحاشية قال في
المج: وعليه يقال إنه لا وجه لتقييد غيره بالتفاحش فإن العفو تخفيف فقط تأمل. قوله: (أو يستحي إلخ)
هذا يرجع لما قبله قوله: (وكان سبب العفو) أي وهو مشقة الاحتراز. وقوله: قائما أي موجودا (قوله
خرء براغيث) أي من ثوب تفاحش فيه سواء كان في زمن هيجانها أم لا قوله: (ونحوهما) أي كالذباب
والبعوض قوله: (فيندب) أي غسله من الثوب ولو لم يتفاحش وهذا هو المذهب كما قال الشيخ سالم
السنهوري لان خرأها نادر فلا مشقة في غسله مطلقا بخلاف البرغوث فإنه يكثر خرؤه عادة، فلو حكمنا
بالاستحباب مطلقا حصلت المشقة خلافا لصاحب الحلل حيث قال: إن خرء القمل والبق ونحوهما
مثل خرء البراغيث لا يندب غسله من الثوب إلا إذا تفاحش وإن اعتمده عج كذا قرر
شيخنا. قوله: (إلا أن يطلع على المتفاحش) من أي واحد من المعفوات السابقة وكان الأولى
للمصنف حذف قوله: إلا في صلاة لأنه لا يتوهم قطع الصلاة لمندوب. قوله: (ويطهر محل النجس)
هو بفتح الجيم أي النجاسة أي يطهر محل النجاسة مطلقا سواء كانت معفوا عنها أم لا بغسله
ولا يطلب بالتثليث في غسل النجاسة، واستحبه الشافعية لحديث القائم من النوم، وأوجب ابن حنبل
التسبيع في كل نجاسة قياسا على الكلب إلا الأرض فواحدة لحديث الاعرابي انظر ح. (قوله
أي بسببه) أفاد أن كلا من قوله بلا نية، وقوله: بغسله متعلق بيطهر إلا أن الجار الأول بمعنى مع والثاني
للسببية فلم يلزم تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد قوله: (متعلقا بغسله) أي وقوله
بغسله متعلق بيطهر، والمعنى: يطهر محل النجاسة بغسله من غير افتقار لنية قوله: (ليست بشرط في
طهارة الخبث) وذلك لان إزالة النجاسة تعبد لا معقول المعنى، وإنما لم يكن فيه نية كما هو شأن التعبد
لان التعبد إذا كان من باب التروك كما هنا لا تطلب فيه نية كما لو كان في الغير بخلاف التعبد الذي
لتحصيل الطهارة فيغتفر لها وذلك كغسل اليدين قبل إدخالهما في الاناء. قوله: (إن عرف محله)
78

أي النجس. قوله: (والمراد بها) أي بالمعرفة ما يشمل الظن فمتى تحقق محلها أو ظن طهر بغسله ولو بغير
نية، وأما المحل الموهوم كما لو ظن النجاسة في جهة وتوهمها في أخرى فلا يغسله إذ لا تأثير للوهم في الحدث
فأولى الخبث كما حثثه طفي رادا على الشيخ سالم السنهوري في جعله الوهم كالشك الآتي في قوله
وإلا فبجميع المشكوك فيه، وذكر عبق القولين، وصدر بالأول وفي بن أن الأول معتمد عند عج
وطفي، ورجح أبو علي المسناوي الثاني قوله: (بأن شك في محلين) أي تردد على حد سواء في محلين
مع تحقق الإصابة أو ظنها قوله: (فلا يطهر إلا بغسل جميع ما شك فيه) أي من المحلين مثلا قوله: (من
ثوب إلخ) أي كان المحلان المشكوك فيهما من ثوب أو جسد إلخ قوله: (فيجب غسلهما معا) أي ولا
يتحرى واحدا ليغسله فقط المذهب. وقال ابن العربي: إنه يتحرى في الكمين واحدا يغسله
كالثوبين، ومحل الخلاف إذا اتسع الوقت لغسل الكمين ووجد من الماء ما يغسلهما معا، فإن لم يسع الوقت
إلا غسل واحد أو لم يجد من الماء ما يغسل واحدا منهما تحرى واحدا يغسله فقط اتفاقا، ثم يغسل
الثاني بعد الصلاة في الفرع الأول وبعد وجود ماء في الفرع الثاني، فإن لم يسع الوقت غسل واحدا ولم
يسع التحري صلى بدون غسل لان المحافظة على الوقت أولى من المحافظة على طهارة الخبث (قوله
المنفصلين) أي المنفصل أحدهما من الآخر كالقميصين والإزارين أو القميص والإزار أو
القميص والمنديل بخلاف ما قبله، فإن المشكوك فيه وإن كان متعددا إلا أنه متصل كطرفي الثوب
وكميه فلو فصل الكمان كانا كالثوبين كما في ح قوله: (تصيب النجاسة أحدهما) أي تحقيقا أو ظنا (قوله
ولم يعلم عينه) أي عين أحد الثوبين المصاب بالنجاسة هل هو هذا أو هذا؟ قوله: (فيتحرى) أي
فيجتهد في تمييز الطاهر من غيره، فإذا اجتهد وحصل له ظن بطهارة أحدهما صلى به الآن وكذا بوقت
آخر ولا يلزمه غسله قبل الصلاة وترك الثوب الثاني أو غسله فإن اجتهد فلم يقع له ظن في الثوبين فإنه
ينضح أحدهما ويصلي به عملا بما يأتي في قوله: وإن شك في إصابتها لثوب وجب نضحه لشكه
في الإصابة لكل منهما حينئذ قاله أبو علي المسناوي. قال بن وهو ظاهر خلافا لما في ح ومشى عليه
شارحنا حيث قال: فإن لم يمكن التحري أي لعدم وجود علامة يستند إليها فلم يحصل له ظن بطهارة
أحد الثوبين تعين غسلهما أو أحدهما للصلاة به إن اتسع الوقت. قوله: (إن اتسع الوقت إلخ) شرط في
قوله فيتحرى. وحاصل كلامه أن الوقت إما أن يكون متسعا أو ضيقا لا يسع التحري، وفي كل إما أن
يمكن التحري لوجود علامة يستند إليها وإما أن لا يمكن التحري لعدم وجود علامة، فإن كان الوقت
متسعا وأمكن التحري تحرى أحدهما، وإن لم يمكن التحري والفرض أن الوقت متسع تعين غسلهما أو
أحدهما للصلاة به ما قاله الشارح تبعا لح، وإن ضاق الوقت عن التحري وكان يمكن التحري أن لو
كان متسعا أو كان لا يمكن صلى بأي واحدة منهما، وما ذكره المصنف من وجوب التحري في الثوبين إن
أمكن واتسع الوقت طريقة لابن شاس وهي المشهورة من المذهب، وعليها فالفرق بين الكمين يغسلان
والثوبين يتحرى أن الكمين لما اتصلا صارا بمثابة الشئ الواحد ولا كذلك الثوبان، والذي لسند أن
الثوبين كالكمين يجب غسلهما معا ولا يتحرى فيهما إلا عند الضرورة كضيق الوقت أو عدم وجود
ماء يغسل به الثوبين قاله في التوضيح، ورد ابن هارون طريقة ابن شاس بأنه إذا تحرى ولم يكن مضطرا
فقد أخل احتمال الخلل في صلاته لغير ضرورة، قال ح: وهو ظاهر اه‍. وقال ابن الماجشون: إذا أصاب
79

أحد الثوبين أو الأثواب نجاسة ولم يعلم عينها صلى بعدد النجس وزيادة ثوب كالأواني وفرق بينهما
على المشهور بخفة الأخباث عن الاحداث. قوله: (كذلك) حال من الضمير في منفصل أي منفصل حالة
كونه طهورا أي منفصل عن أعراض النجاسة هذا هو المراد. قوله: (ولا يضر تغيره بالأوساخ)
وذلك كثوب البقال واللحام إذا أصابته نجاسة فلا يشترط في تطهيره إزالة ما فيه من الأوساخ بحيث
ينفصل الماء غير متغير بها، بل متى انفصل الماء خاليا عن أعراض النجاسة ولو بقي فيه غيرها من الوسخ فقد
طهرت، وكالثوب المصبوغ بزرقة مثلا إذا تنجس قبل الصبغ أو بعده فالشرط في طهارته انفصال الماء
عنه خاليا عن أعراض النجاسة لا عن الزرقة، وهذا مشهور مبني على ضعيف، وهو أن الماء المضاف كالماء
المطلق لا يتنجس بمجرد ملاقاة النجاسة له. قوله: (ولا يلزم عصره) أي محل النجس إذا كان ثوبا
ولا عركه إذا كان أرضا أو غيرها قوله: (إلا أن يتوقف التطهير عليه) أي لان المقصود إزالة النجاسة
فالتي يمكن زوالها بمجرد صب الماء من غير كثرة كالبول والماء المتنجس أو بمكاثرة صب الماء كالمذي
والودي لا تحتاج إلى عرك ودلك، وما لا يزول إلا بالعرك والدلك فلا بد له من ذلك قاله ح. قوله: (مع زوال
طعمه) متعلق بيطهر قوله: (ولو عسر) أي زوال الطعم أي هذا إذا لم يعسر بل ولو عسر قوله: (فيشترط
زواله) أي ويتصور الوصول إلى معرفة زوال طعم النجاسة وبقائه، وإن كان لا يجوز ذواقها بأن تكون
في الفم أو دميت اللثة أو تحقق أو غلب على الظن زواله فجاز له ذوق المحل استظهارا لأجل أن يطلع على
حقيقة الحال، أو وقع ونزل وارتكب النهي وذاقها، وأما إذا شك في زوالها فهل يجوز له ذواقها أم لا
قولان والظاهر الثاني، ومنع ذواق النجاسة بناء على أن التلطخ بها حرام والمعتمد الكراهة كما تقدم
كذا قرر شيخنا. قوله: (لا يشترط زوال لون وريح عسرا) أي بل يغتفر بقاء ذلك في الثوب لا في الغسالة ولا
يجب أشنان ونحوه كما في ح، ولا تسخين الماء كما في عبق لأجل زوال لون النجاسة أو ريحها المتعسرين من
الثوب وذلك لطهارة المحل لا أنه نجس معفو عنه كما قال شيخنا. قوله: (بأحد أوصاف النجاسة) أي
ولو كان زوال ذلك الوصف من المحل متعسرا وهذا نكتة إتيانه بهذه المسألة بعد قوله منفصل كذلك
المغنى عنه، لكن هذه المسألة يستغنى عنها بقوله: وحكمه كمغيره قوله: (وسالت) أي الغسالة. وقوله: في سائره
أي في سائر المغسول من ثوب أو جسد قوله: (من مضاف) أي وأما لو زال عينها بطعام كخل أو
بماء ورد ونحوه فإنه يتنجس ملاقي محلها قولا واحدا، إذا علمت هذا تعلم أن الأولى للمصنف أن
يقول: وإن زال عين النجاسة بطاهر لم يتنجس ملاقي محلها لان غير المطلق يصدق بالطعام وبالنجس
والمتنجس مع أن ملاقي محل النجاسة المزالة بما ذكر يتنجس اتفاقا قوله: (على المذهب) أي وهو قول ابن
أبي زيد ومقابله ما نقله ح عن القابسي أنه يتنجس ملاقي محلها قوله: (وهو عرض) قال بن: فيه نظر إذ
العرض شئ موجود يقوم بمحل موصوف ولا يقوم بنفسه والحكم أمر اعتباري كما ذكره ابن عرفة
وغيره، والأمور الاعتبارية ليست موجودة وحينئذ فلا تسمى أعراضا، فالأولى أن يقول وهو وصف
لا ينتقل. قوله: (قد يتنجس بمجرد الملاقاة) أي بمجرد ملاقاته للنجاسة التي أزيلت عينها به وقد في
كلامه للتحقيق. قوله: (فالباقي نجس) أي فالباقي من ذلك المضاف في المحل قد تنجس أي وحينئذ
فمقتضاه أنه إذا لاقى المحل المبلول جافا أو لاقى المحل الجاف شئ مبلول أنه يتنجس بمجرد الملاقاة (قوله
فالأولى التعليل) أي تعليل عدم نجاسة الملاقي للمحل بالبناء إلخ، أي وأما التعليل الذي عللوا به من أنه
لم يبق إلا الحكم وهو عرض لا ينتقل فليس بأولى لما ذكره الشارح من الاعتراض. تنبيه: ليس
80

من زوال النجاسة جفاف البول بكثوب وحينئذ إذا لاقى محلا مبلولا نجسه، نعم لا يضر الطعام
اليابس كما في عبق وارتضاه بن خلافا لم يوهمه شب وتبعه شيخنا قاله في المج. قوله: (على الراجح)
مقابلة قول القابسي بإعادة الاستنجاء وغسل الثوب قوله: (أي النجاسة) يعني غير نجاسة الطريق
احترازا عن نجاسة الطريق فإنه إذا شك في إصابتها أو ظن ذلك ظنا غير قوي وقد خفيت عينها فإنه
لا شئ عليه كما نقله ابن عرفة قوله: (وجب نضحه) أي لأجل قطع الوسوسة لأنه إذا وجد بعد
ذلك بللا أمكن أن يكون من النضح فتطمئن نفسه، وقيل: إن النضح تعبدي إذ هو تكثير للنجاسة لا
تقليل لها قوله: (ومثله) أي مثل الشك في وجوب النضح قوله: (فإن قوي) أي ظن الإصابة وأولى إذا
تحقق الإصابة. والحاصل أنه يجب الغسل في حالتين: ما إذا تحقق الإصابة أو ظنها ظنا قويا ويجب
النضح في حالتين ما إذا شك في الإصابة أو ظنها ظنا ضعيفا، والحالة الخامسة وهي توهم الإصابة لا يجب
فيها شئ قوله: (كالغسل) تشبيه لتكميل الحكم لا لإفادة حكم غفل عنه وهو راجع للوجوب والإعادة
أي وجب نضحه وجوبا كوجوب الغسل، فيكون وجوب النضح مع الذكر والقدرة وأعاد إعادة
كالإعادة في ترك الغسل فهي أبدا مع الذكر والقدرة وفي الوقت مع العجز والنسيان قوله: (في الوقت)
أي وهو في الظهرين للاصفرار وفي العشاءين للفجر وفي الصبح لطلوع الشمس قوله: (والقول
بالوجوب) أي بوجوب النضح. قوله: (أشهر من القول بالسنية) أي بسنيته أي وأشهر من القول
باستحبابه لان النضح فيه ثلاثة أقوال، ولأجل كون القول بوجوب النضح أشهر من القول بسنيته لم
يذكر المصنف هنا القول بسنيته كما ذكرهما معا في الغسل. قوله: (لورود الامر من الشارع بالنضح) فيه
أن الامر المذكور محتمل للوجوب والسنية، فلو قال الشارح: وإنما لم يذكر القول بالسنية هنا كما ذكره في
الغسل لكونه ترجح عنده تشهير القول بالوجوب في النضح لكان أحسن، ثم إن ما ذكره الشارح من
أن من ترك النضح وصلى أعاد كإعادة تارك غسل النجاسة المحققة في التفصيل المذكور قول ابن
حبيب وهو ضعيف، والمعتمد ما قاله ابن القاسم وسحنون وعيسى أن من ترك النضح وصلى يعيد في
الوقت فقط مطلقا لخفة أمره قال بن: ويمكن تمشية كلام المصنف على هذا القول بجعل التشبيه في
مطلق الإعادة لا تاما حتى يكون ماشيا على كلام ابن حبيب. وقال القرينان أشهب وابن نافع وابن
الماجشون: لا إعادة عليه أصلا، ولخفة النضح لم يقل أحد بإعادة الناسي أبدا كما قيل به في ترك غسل
النجاسة وذلك لان عندنا قولا لأبي الفرج بوجوب إزالة النجاسة مطلقا ولو مع النسيان، فمن صلى بها
ناسيا أعاد أبدا على هذا القول ولم يقل أحد بوجوب النضح مطلقا بل قيل إنه واجب مع الذكر
والقدرة، وقيل إنه سنة مطلقا، وقيل باستحبابه، وصرح به عبد الوهاب في المعونة واستحسنه اللخمي كما
في المواق. قوله: (أي النضح) يعني مطلقا سواء كان لثوب أو جسد أو أرض. قوله: (باليد) أي أو الفم
بعد إزالة ما فيه من البصاق قوله: (بلا نية) متعلق بقوله: وجب نضحه وجعله بعضهم حالا من قوله رش
لأنه وصفه بقوله باليد، وفيه أنه يقتضي أن قوله بلا نية من حقيقة النضح وليس كذلك. قوله: (أو للرد على
من قال يفتقر إليها) وذلك لظهور التعبد فيه إذ هو تكثير للنجاسة لا تقليل لها فقد أمرنا به الشارع ولم
نعقل له حكمة. قوله: (لا إن شك في نجاسة المصيب) عطف على قوله: وإن شك في إصابتها لثوب وجب نضحه
وما ذكره المصنف من عدم وجوب النضح والغسل في هذه الصورة هو المشهور من المذهب، ومقابله
ما لابن نافع من وجوب النضح وعزاه ابن عرفة لرواية ابن القاسم. قوله: (أو شك فيهما) ما ذكره
من عدم وجوب الغسل والنضح في هذه الصورة فهو باتفاق لأن الشك لما تركب من وجهين
ضعف أمره قوله: (فيجب نضحه) أي وهو ظاهر المذهب عند ابن شاس والمذهب عند
المازري والأصح عند ابن الحاجب. قوله: (لأنه لا يفسد) أي لان الجسد لا يفسد بالغسل أي ولان
81

النضح على خلاف القياس فيقتصر فيه على ما ورد وهو الحصير والثوب والخف. قوله: (وهو المعتمد) قال
ابن عرفة: أنه المشهور، وجعله ابن رشد المذهب، وسكت المصنف كالشارح عن البقعة يشك في إصابة
النجاسة لها، قال ابن ناجي: وقد اختلف في البقعة فقال ابن جماعة: لا يكفي النضح فيها اتفاقا بل يجب
غسلها ليسري الانتقال إلى المحقق ونحوه لابن عبد السلام. وقال أبو عبد الله السطي: ظاهر المدونة ثبوت
النضح فيها ومثله في قواعد عياض والقولان حكاهما ابن عرفة وصدر بالأول والمراد بالبقعة الأرض
وأما الفرش فكالثوب، وسبق أن الشك لا أثر له في المطعومات وكذا في نجاسة الطرقات كما تقدم عن
ابن عرفة. تنبيه: ذكر في المج أنه يجب الغسل على الراجح لا النضح إذا شك في بقاء النجاسة
وزوالها، نعم ملاقي ما شك في بقائها فيه قبل غسله ينضح من الرطوبة على ما استظهره ح اه‍. وذلك كما لو
تحقق نجاسة المصيب لثوب وشك في إزالتها بعد أن شرع في غسلها ثم لاقاها ثوب آخر وابتل ببللها فالثوب
الأول المشكوك في بقاء النجاسة بها يجب غسلها على الراجح، وأما الثانية فمشكوك في إصابة النجاسة لها
فيجب نضحها على ما استظهره ح، واستظهر غيره أنها من قبيل الشك في نجاسة المصيب لان البلل الذي
في الثوب الأول مشكوك في نجاسته والثوب الثاني مشكوك في نجاسة مصيبه وحينئذ فلا يجب شئ
قال بن: وهو ظاهر اه‍. قوله: (وإذا اشتبه طهور بمتنجس) كما لو كان عنده جملة من الأواني تغير بعضها
بتراب طاهر طرح فيها وبعضها تغير بتراب نجس واشتبهت هذه بهذه. وقوله: أو نجس أي كما لو كان عنده
جملة من الأواني بعضها طهور وبعضها بول مقطوع الرائحة موافق للمطلق في أوصافه واشتبهت هذه
بهذه. واعلم أن المسألة الأولى الخلاف فيها منصوص، وأما الثانية أعني ما إذا اشتبه الطهور بالنجس فلا
نص فيها، غير أن القاضي عبد الوهاب خرجها على الأولى ورأي أنه لا فرق بينهما وقبله ابن العربي
والطرطوشي. وحاصل المسألة أنه إذا كان عنده ثلاث أوان نجسة أو متنجسة واثنان طهوران
واشتبهت هذه بهذه فإنه يتوضأ ثلاث وضوءات من ثلاث أوان عدد الأواني النجسة ويتوضأ وضوءا
رابعا من إناء رابع ويصلي بكل وضوء صلاة وحينئذ تبرأ ذمته قوله: (أي التبس إلخ) أشار بذلك
إلى أن المصنف أطلق الاشتباه وأراد الالتباس تجوزا لان الاشتباه معه دليل والالتباس لا دليل معه
قوله: (بعدد النجس وزيادة إناء) كلامه يصدق بما إذا جمع الأوضية ثم صلى بعد ذلك وليس بمراد
فكان ينبغي له الاحتراز عن ذلك بأن يقول عقب ما ذكره كل صلاة بوضوء كما أشار لذلك الشارح وقوله
صلى بعدد النجس أي حقيقة أو حكما لأنه إذا كان عنده اثنان طهوران واثنان طاهران واثنان نجسان
والتبست فإنه يجعل الطاهر من جملة النجس ويصلي خمسا كل صلاة بوضوء. قوله: (كل صلاة بوضوء)
أي كل صلاة عقب وضوء لأجل أن تكون النجاسة قاصرة على صلاتها، وأما لو جمع الأوضية ثم صلى
بعد ذلك لاحتمل أن الوضوء بالطهور وقع قبل النجس فتبطل الصلوات كلها للنجاسة إن قلت: إن
نيته غير جازمة لعلمه أنه لا يكتفي بما صلى والثانية إن نوى بها الفرض كان رفضا للأولى وإن نوى
النفل لم يسقط عنه وإن نوى التفويض لم يصح لأنه لا يقبل الله صلاة بغير نية جازمة كذا أورد ابن راشد
القفصي على قولهم صلى بعدد النجس وزيادة إناء عقب كل وضوء صلاة. أجيب بأنه حيث وجب
الجميع شرعا جزم بالنية في كل كمن نسي صلاة من الخمس لا يدري عينها. تنبيه: قال ابن مسلمة: يغسل
ما أصابه من الماء الأول بالماء الثاني ثم يتوضأ منه، قال في الجواهر: قال الأصحاب وهو الأشبه بقول مالك
واختاره ابن أبي زيد، قال في التوضيح: فإن لم يغسل فلا شئ عليه اه‍. قال شب: لان المقام مقام ضرورة
82

مع خفة أمر النجاسة ولا يوجه بإزالتها بالوضوء الثاني لورود مسح الرأس انتهى قوله: (ويبني على
الأكثر إن شك فيه) أي أنه يجعل الأكثر من الأواني النجسة إذا شك في ذلك الأكثر فإذا كان عنده
ستة أوان علم أن أربعة منها من نوع واثنين من نوع وشك هل الأربعة من نوع النجس أو من نوع
الطهور فإنه يجعلها من النجس ويصلي خمس صلوات بخمس وضوءات. قوله: (وهذا إن اتسع الوقت إلخ)
أشار الشارح إلى أن محل كونه يصلي بعدد النجس وزيادة إناء إن اتسع الوقت لذلك وإلا تركها
وتيمم وأن لا يجد طهورا محققا غير هذه الأواني وإلا تركها وتوضأ بالطهور المحقق. ثم إن ظاهر المصنف
أنه يصلي بعدد النجس وزيادة إناء سواء قلت الأواني أو كثرت وهو كذلك على المعتمد، ومقابله ما عزاه
في التوضيح وابن عرفة لابن القصار من التفصيل بين أن تقل الأواني فيتوضأ بعدد النجس وزيادة
إناء وبين أن تكثر الأواني كالثلاثين فيتحرى واحدا منها يتوضأ به إن اتسع الوقت للتحري وإلا
تيمم. وإذا علمت أن هذا التفصيل مقابل لكلام المصنف تعلم أن تقييد بعضهم كلام المصنف بما إذا لم
تكثر الأواني وإلا تحرى فيه نظر انظر بن و ح وما قاله المحمدان وابن العربي يتحرى إناء
يتوضأ منه مطلقا قلت الأواني أو كثرت وقيل يتركها ويتيمم، وظاهر كلامهم أنه لا يحتاج إلى أن يريقها
قبل تيممه على القول به تنزيلا لوجودها منزلة العدم، وظاهر كلام الشافعية أنه يريقها لتحقق عدم الماء
قال في التوضيح: ولا وجه للتيمم ومعه ماء محقق الطهارة وهو قادر على استعماله أي بالحيلة كما قال، ثم إنه على
ما مشى عليه المصنف من صلاته بعدد النجس وزيادة إناء لو أريق بعض الأواني بحيث صار الباقي أقل
من عدد النجس وزيادة إناء فإنه يتيمم على الصحيح كما في ح. قال شب: ويجري هذا أي ما ذكره
المصنف في صعيدات التيمم على الظاهر لان المتيمم على النجس يعيد في الوقت على التأويل
الآتي وحينئذ فيتحرى واحدا لخفته. قوله: (ويصلي صلاة واحدة ويبني على الأكثر إن شك) أي
أنه يجعل الأكثر من الأواني الطاهرة إذا شك في ذلك الأكثر كما إذا علم أن عدد أحد النوعين خمسة وعدد
الآخر أربعة مثلا ولا يدري ما الذي عدده خمسة وما الذي عدده أربعة فإنه يتوضأ بعدد أكثرها
وزيادة إناء ويصلي صلاة واحدة. قوله: (ويراق ذلك الماء ندبا) أي إذا كان يسيرا لما تقدم أن
كراهة استعمال الماء الذي ولغ فيه كلب مقيدة بما إذا كان قليلا، أما الكثير فلا يكره استعماله، وحينئذ فلا
وجه لاراقته كذا قاله طفي. وقوله: ويراق بالرفع على أنه مستأنف أو بالنصب بأن مضمرة عطفا على
المصدر وهو لا يقتضي المعية بل الواو لمطلق الجمع وهو صحيح بل هو الأولى كما قال ابن مرزوق فلا وجه
لمنعه. قوله: (فهما) أي قوله لا طعام وحوض قوله: (تعبدا) اعلم أن كون الغسل تعبدا هو المشهور وإنما
حكم بكونه تعبدا لطهارة الكلب ولذلك لم يطلب الغسل في الخنزير، وقيل: إن ندب الغسل معلل بقذارة
الكلب، وقيل لنجاسته إلا أن الماء لما لم يتغير قلنا بعدم وجوب الغسل فلو تغير لوجب، وعلى هذين
القولين يلحق الخنزير بالكلب في ندب غسل الإناء من ولوغه، وعلى القول الأول يجوز شرب ذلك
الماء، ولا ينبغي الوضوء به إذا وجد غيره للخلاف في نجاسته، وعلى القول بالنجاسة فلا يجوز شربه ولا
الوضوء به كذا قرر شيخنا. قوله: (مفعول لأجله) أي فهو علة لقوله ندب أي أن الندب للتعبد وهو من
تعليل العام بالخاص لان التعبد طلب الشارع أمرا خياليا عن الحكمة في علمنا، فالتعبد خاص بالخالي عن
حكمه بخلاف الندب فإنه أعم قوله: (سبع مرات) أي ولا يعد منها الماء الذي ولغ فيه الكلب (قوله
بولوغ كلب) تقدم أن الولوغ إدخال فمه في الماء وتحريك لسانه فيه فقوله: بولوغ كلب أي في الماء فلو
لعق الكلب الاناء من غير أن يكون فيه ماء لا يستحب غسله كما في خش قوله: (كما لو أدخل رجله أو لسانه)
أي في الماء الذي في الاناء. قوله: (كخنزير) أي أو غيره من السباع فلا يستحب غسل الإناء بولوغه فيه
83

قوله: (ووقت الندب) أي ندب غسل الإناء المولوغ فيه قوله: (عند قصد الاستعمال) أي لذلك الاناء
وهذا هو المشهور، وعزاه ابن عرفة للأكثر ولرواية عبد الحق، وقيل: يؤمر بالغسل بفور الولوغ، ثم إن
ظاهر كلام المصنف أنه قصد في أول النهار استعماله في آخره أنه يندب الغسل في أول النهار مع أنه
لا يندب الغسل إلا عند التوجه للاستعمال فلا بد من تقدير في كلامه أي عند قصد التوجه للاستعمال
قوله: (بلا نية) متعلق بمحذوف أي ويكون الغسل بلا نية لا بالغسل المذكور وإلا لاقتضى أن المستحب
الغسل مع عدم النية وليس كذلك. قوله: (ولا تتريب) أي لان التتريب لم يثبت في كل الروايات وإنما
ثبت في بعضها وذلك البعض الذي ثبت فيه وقع فيه اضطراب، وكما لا يحتاج لنية ولا تتريب لا يحتاج
أيضا لذلك لان ذلك الغسل ليس لإزالة شئ محسوس كما في ح بل زوال النجاسة بلا ذلك كاف كما مر
(قوله لتداخل الأسباب) أي موجبات الأسباب. وقوله: كالاحداث أي كتداخل موجبات
الاحداث بفتح الجيم قوله: (طهارة الحدث) أراد بالطهارة هنا التطهير أي رفع مانع الحدث لأن الطهارة
كما تطلق على الصفة الحكمية تطلق على التطهير كما مر قوله: (صغرى إلخ) أي وكل منهما إما
صغرى أي متعلقة ببعض الأعضاء، وإما كبرى أي متعلقة بجميع البدن. قوله: (وبدأ بالمائية الصغرى)
أي المتعلقة ببعض البدن. فصل: يذكر فيه أحكام الوضوء
قوله: (شروط وجوب وصحة) أي شروط يتوقف عليها الوجوب والصحة معا قوله: (وعدم النوم
والسهو) هما شرط واحد، وكذا الخلو عن الحيض والنفاس، واعلم أن عدهم عدم النوم وعدم السهو
وعدم الاكراه والخلو من الحيض والنفاس شروطا مخالف لما عليه أهل الأصول من أن الشرط
لا يكون إلا وجوديا فقد تسمح الفقهاء في إطلاقهم على عدم المانع شرطا، قال القرافي: وإنما لم يكن
عدم المانع شرطا حقيقة لما يلزم عليه من اجتماع النقيضين فيما إذا شككنا في طريان المانع لأن الشك
في
أحد النقيضين يوجب شكا في النقيض الآخر، فمن شك في وجود زيد في الدار فقد شك في عدم
كونه فيها، وحينئذ فالشك في وجود المانع شك في عدمه وعدمه شرط فنكون قد شككنا في الشرط
أيضا، فقد اجتمع الشك في المانع والشك في الشرط، والشك في الشرط الذي هو عدم المانع يقتضي عدم
ترتب الحكم، والشك في المانع يقتضي ترتبه وترتب الحكم وعدم ترتبه جمع بين النقيضين قوله: (والقدرة
على الاستعمال) أي على استعمال الماء قوله: (وثبوت الناقض) أي أو الشك فيه والمراد بثبوته تحققه أو
ظنه وفي كلامه حذف أو مع ما عطفت كما قلنا. قوله: (يجعل الصعيد مكان الماء الكافي) أي بجعل
وجود الصعيد مكان وجود ما يكفي من الماء المطلق قوله: (إلا أن دخول الوقت فيه) أي في التيمم من
شروط الوجوب والصحة معا أي وأما في الوضوء والغسل فمن شروط الوجوب فقط، فعلى هذا
شروط الوجوب بالنسبة للتيمم أربعة وشروط الوجوب والصحة معا ستة. قوله: (والمراد إلخ) دفع بهذا
ما يقال: إن شرط الوجوب ما تعمر بسببه الذمة ولا يجب على المكلف تحصيله، وشرط الصحة
ما تبرأ به الذمة، ويجب على المكلف تحصيله، وحينئذ فلا يتأتى أن يكون شئ واحد شرطا في الوجوب
والصحة معا للتناقض. وحاصل ما أجاب به الشارح أن الشرط إذا كان للوجوب والصحة معا
يفسر بما توقف عليه الوجوب والصحة معا، وتفسير شرط الوجوب وشرط الصحة بما قلنا إنما
84

هو عند انفراد كل واحد عن الآخر قوله: (مثلا) أي أو الغسل أو التيمم قوله: (فرائض الوضوء)
اعترض بأن فرائض جمع كثرة وهو للعشرة ففوق مع أن فرائض الوضوء سبعة، وأجيب بأنه
استعمل جمع الكثرة في القلة مجازا أو أنه عبر بجمع الكثرة نظرا إلى أن مبدأه من ثلاثة إلى ما لا نهاية له
كذا قيل، وقد يقال: لا داعي لذلك ولا إشكال أصلا فإن فعيلة ليس له جمع قلة وما ليس له جمع قلة ينوب
فيه جمع الكثرة عن جمع القلة وبالعكس، قال في الخلاصة
وبعض ذي بكثرة وضعا يفي كأرجل والعكس جاء كالصفي
قوله: (جمع فريضة) أي على خلاف القياس لما ذكره المرادي وغيره من أن شرط جمع فعيلة على فعائل
أن لا تكون بمعنى مفعولة فلا يجمع عليه نحو جريحة وقتيلة، وأن جمع ذبيحة على ذبائح وفريضة
على فرائض شاذ اه‍ بن. وقوله: جمع فريضة أي ويصح أن يكون جمع فرض شذوذا لان فعلا وإن لم
يجمع على أفعال قياسا يجمع عليه شذوذا قوله: (فيهما) أي في الماء وفي الفعل قوله: (وهل هو) أي
الوضوء بالفتح قوله: (مطلقا) أي سواء كان معدا للوضوء كماء الميضآت والحنفيات أو كان غير معد له
كماء البحر والسماء كان مستعملا في الوضوء بالفعل أم لا وحاصله أنه يحتمل احتمالات ثلاثة وليست
أقوالا. قوله: (والمصنف ذكرها) أي ذكر فرائض الوضوء قوله: (سبعة) أي وهي غسل الوجه واليدين
للمرفقين ومسح جميع الرأس وغسل الرجلين فهذه الأربعة متفق على فرضيتها ومجمع عليها والنية والفور
والدلك، وهذه الثلاثة مختلف في فرضيتها بين المجتهدين أرباب المذاهب قوله: (المجمع عليها) أي على
فرضيتها لثبوتها بنص القرآن قوله: (إلى آخر الذقن) أي في حق من لا لحية له بأن كان نقي الخد قوله: (أو
اللحية) أي في حق من له لحية. قوله: (غسل ما بين إلخ) الغسل هو إمرار اليد على العضو مقارنا للماء أو
عقبه على المشهور ولا يشترط فيه نقل الماء، ولو كان ذلك الغسل مجزئا عن مسح الرأس نظرا للحال كما ذكره
شيخنا في الحاشية بخلاف المسح فلا بد فيه من نقل الماء على المشهور لضعفه ولو كان ذلك المسح نائبا
عن غسل مغسول نظرا للحال، ولان هذا أضعف من المسح غير النائب. قوله: (فكلامه على حذف
مضاف) إنما احتيج لذلك لأجل اخراج شعر الصدغين والبياض الذي فوق الوتدين فإنهما داخلان
في كلامه فيقتضي أنهما من الوجه وأنه يجب غسلهما مع أنه ليس كذلك. قوله: (فخرج) أي بتقدير
هذا المضاف. قوله: (لأنهما من الرأس) أي وحينئذ فيمسحان معها. قوله: (فهو من الوجه)
أي وحينئذ فيغسل معه قوله: (فيجب غسله على الأرجح) علم منه أن البياض المحاذي
للوتد من الوجه باتفاق، وكذا ما كان تحته على المشهور خلافا لمن قال: إنه لا يغسل
ولا يمسح مع الرأس، وأما البياض الذي فوقه فهو من الرأس كشعر الصدغين، وأما الوتدان فليسا من
الوجه ولا من الرأس قوله: (وغسل ما بين منابت إلخ) أشار الشارح بهذا الحل إلى أن قول
85

المصنف ومنابت عطف على الاذنين. قوله: (منتهى الذقن) فيه أنه إن أريد بالمنتهى الجزء الأخير لزم
خروج الجزء الأخير من الوجه، وإن أريد بالمنتهى الانتهاء فهو أمر اعتباري لا يصلح أن يكون غاية
وأجيب بأنا نختار أن المراد بالمنتهى الانتهاء لكن نريد بالانتهاء ما لاصق الجزء الأخير من الفراغ
كذا قرره شيخنا. قوله: (مجمع اللحيين) تثنية لحي. وحاصله أن ضبة الحنك السفلي قطعتان كل منهما
يقال لها لحي ومحل اجتماعهما هو الذقن. قوله: (في نقي الخد) أي بالنسبة لنقي الخد قوله: (ومنتهى ظاهر
اللحية) إنما أتى المصنف بظاهر دفعا لما يتوهم أنه يغسل ظاهر اللحية وهو ما كان من جهة الوجه وباطنها
وهو أسفلها مع أنه لا يطالب بغسل أسفلها. قوله: (وحكي كسرها في المفرد) أي وأما المثنى فهو بفتح
اللام لا غير هذا ظاهره وعبارة خش وحكى كسرها في المفرد والتثنية فتأمل. قوله: (وهو فك الحنك
إلخ) الضمير راجع لما ذكر من اللحيين وفك أي عظم الحنك الأسفل. قوله: (ولا بد) أي في غسل
الوجه من إدخال جزء من الرأس، أي كما أنه لا بد في مسح الرأس من مسح جزء من الوجه فليس على
المشهور فرض يغسل ويمسح إلا الحد الذي بين الوجه والرأس فإنه يغسل ويمسح لأجل تمام كل من
غسل الوجه ومسح الرأس. قوله: (لأنه مما لا يتم الواجب إلا به) أي وما لا يتم الواجب إلا به فهو
واجب وهل بوجوب مستقل أو بوجوب الواجب الذي يتم به قولان. قوله: (الأصلع) الصلع هو خلو
الناصية من الشعر والناصية مقدم الرأس فلا تدخل في الوجه. قوله: (والأنزع) هو الذي له نزعتان
بفتحتين أي بياضان يكتنفان ناصيته، فكما لا تدخل ناصية الأصلع في الوجه لا يدخل فيه البياضان
المكتنفان بالناصية بالنسبة للأنزع. قوله: (والأغم) أي وخرج من حد الوجه بقيد المعتاد الأغم فلا
يعتبر غممه نهاية بل يدخل غممه النازل عن المعتاد في الغسل. قوله: (وإن كانت داخلة فيه) أي في الوجه
أي في تحديده الذي ذكره. قوله: (أو جمع أسرار) أي أو أن أسارير جمع أسرار قوله: (على كل حال) أي
لأنه على الحال الأول سرار كزمام يجمع على أسرة وأسرة يجمع على أسارير، وعلى الثاني سرر كعنب يجمع
على أسرار وأسرار يجمع على أسارير قوله: (والجبهة) أي هنا قوله: (فتشمل الجبينين) أي وهما جانبا الرأس
قوله: (إلى الناصية) أي مقدم الرأس قوله: (فلا تشمل الجبينين) أي وحينئذ إذا سجد على واحد منهما لم
يجزه قوله: (انطباقا طبيعيا) أي من غير تكلف قوله: (بتخليل شعر) متعلق بغسل والباء بمعنى مع كما
أشار لذلك الشارح قوله: (إيصال الماء للبشرة) أي للجلدة النابت فيها الشعر أي وليس المراد إيصال الماء
لظاهر الشعر فقط قوله: (وهو) أي الذي تظهر البشرة تحته الشعر الخفيف قوله: (الكثيف) هو بالرفع
فاعل خرج. قوله: (بل يكره) أي لما في ذلك من التعمق قوله: (على ظاهرها) أي وهو الراجح خلافا لمن قال
بندب تخليله ولمن قال بوجوب تخليله. واعلم أن المرأة كالرجل في وجوب تخليل الخفيف وفي الأقوال
الثلاثة في الكثيف كما قال شيخنا. قوله: (لا جرحا برئ) عطف على الوترة كما أشار لذلك الشارح
في الحل ويصح عطفه على محل ما من قوله غسل ما بين الاذنين لان غسل مصدر مضاف لمفعوله
قوله: (أو موضعا خلق غائرا) إنما قدر الشارح موضعا إشارة إلى أن جملة خلق صفة لمحذوف
86

معطوف على جرحا خلافا لما يقتضيه ظاهر المصنف من أن خلق عطف على برئ فيفيد أن الجرح
خلق غائرا وهو فاسد، وقوله غائرا حال من نائب فاعل خلق وحذف مثله من قوله برئ فهو من
الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه، وليس حالا من نائب فاعل برئ وخلق لأنه مفرد ولأنه
يلزم عليه تسلط عاملين على معمول واحد ولا من باب التنازع في الحال كما قيل لامتناع التنازع فيها
لاقتضائه الاضمار في العامل المهمل، والضمير لا يكون حالا للزوم تعريفه ولزوم تنكير الحال فتنافيا
قوله: (إن لم يكن إلخ) حاصله أن الجرح إذا برئ غائرا، وكذلك الموضع الذي خلق غائرا لا يجب غسله
يعني صب الماء فيه ودلكه حيث كان لا يمكن دلكه، وإن كان لا بد من صب الماء فيه بدون دلك
حيث أمكن صبه فيه، فإن لم يمكن صب الماء فيه فلا يجب صب ولا دلك، وأما إذا كان يمكن دلكه
لاتساعه وجب صب الماء فيه ودلكه. تنبيه: يجب على المتوضئ في حال غسله وجهه إزالة
ما بعينيه من القذى فإن وجد شيئا من القذى بعينيه بعد وضوئه وأمكن حدوثه لطول الزمان حمل
على الطريان حيث أمر يده على محله حين غسل وجهه. قوله: (وغسل يديه) أي للسنة والاجماع
وإن صدقت الآية بيد واحدة أخذا من مقابلة الجمع بالجمع انظر شب. قوله: (لان المتكئ
يرتفق إلخ) أي لان المتكئ والمعتمد عليه يرتفق إلخ. وقوله: إذا أخذ براحته رأسه أي إذا وضع رأسه
في راحته قوله: (أما غسل اليدين) أي إن كان المعصم باقيا على حاله لم يقطع منه شئ قوله: (وهو) أي المعصم
في الأصل موضع السوار أي من الذراع قوله: (ومراده به اليد) أي الذراع بتمامه. تنبيه
يلزم الأقطع أجرة من يطهره فإن لم يجد فعل ما أمكنه قاله في المج. قوله: (ككف بمنكب) أي كما يجب
غسل كف خلقت في منكب. قوله: (إلا إذا نبتت في محل الفرض) أي كان لها مرفق أم لا قوله: (وكان
لها مرفق) أي سواء وصلت لمحل الفرض أو لا. قوله: (فإن لم يكن لها مرفق) أي والحال أنها نبتت
في غير محل الفرض. قوله: (ويقال في الرجل الزائدة ما قيل في اليد) أي فإن نبتت في محل الفرض
غسلت مطلقا، وإن نبتت في غيره وكان لها كعب غسلت أيضا، وإن لم يكن لها كعب لم تغسل ما لم تصل
لمحل الفرض، فإن وصلت له غسل منها ما حاذى محل الفرض. تنبيه: من قبيل ما ذكره الشارح فرع
كتاب سليمان بن الكحالة من تلامذة سحنون مرأة خلقت بوجهين وأربعة أيد فيجب عليها
غسل كل ويجوز نكاحها لاتحاد محل الوطئ انظر ح. قوله: (متعلق بغسل) أي المقدر مع يديه أي
وغسل يديه غسلا مصاحبا لتخليل أصابعه وهو شامل للأصابع الزائدة أحس بها أم لا كذا في
حاشية شيخنا قوله: (أي وجوبا) ما ذكره من وجوب تخليل أصابع اليدين في الوضوء هو المشهور من
المذهب خلافا لمن قال بالندب كتخليل أصابع الرجلين، والأولى في تخليلها كما في ح عن الجزولي وأبي
عمران أن يكون من ظاهر الأصابع لأنه أمكن لا من باطنها، وأما قول بعضهم لأنه من باطنها تشبيك وهو
مكروه ففيه نظر لان التشبيك إنما يكره في الصلاة لا في الوضوء كما نقله ح عن صاحب الجمع، بخلاف
أصابع الرجلين فإن الأولى تخليلها من أسفلها والتخليل في كل غسلة من الغسلات الثلاث حتى تعد المرة
87

غسلة كما قال شيخنا. قوله: (ويحافظ على عقد الأصابع) أي وجوبا، ولا فرق بين العقد العليا والوسطى
والسفلى قوله: (وعلى رؤوس الأصابع) عطف على عقد الأصابع أي ويحافظ على رؤوس الأصابع
ويعفى عن الوسخ الذي تحت الأظفار فلا تجب إزالته ما لم يتفاحش. قوله: (المأذون فيه) إشارة إلى أن
الإضافة في خاتمه للعهد قوله: (فإن نزعه) أي بعد الوضوء قوله: (إن لم يظن إلخ) أي فإن ظن أن الماء
وصل تحته فلا يؤمر بغسل ما تحته قوله: (والغسل كالوضوء) أي فلا يجب فيه تحريك الخاتم المأذون
فيه ولو ضيقا لا يصل الماء تحته، وإذا نزعه بعد الغسل وجب غسل ما تحته إن لم يظن أن الماء وصل تحته
وإلا فلا يؤمر بغسل ما تحته بعد نزعه. واعلم أن مثل الخاتم في حق المرأة ما كان مباحا لها من
غيره كأساور وحدائد فلا يجب عليها إزالته واسعا أو ضيقا لا في الوضوء ولا في الغسل، ويجب
عليها إذا نزعته غسل ما تحته إن كان ضيقا لم تظن وصول الماء تحته وإلا فلا يجب قوله: (ونقض غيره)
المراد بنقضه نقله من محله بحيث يمكن غسل ما كان تحته قوله: (فيجب نزعه إن كان حراما)
المراد بنزعه نقله من محله ولو لم يخرجه من الإصبع قوله: (وأجزأ تحريكه) أي لذلك الإصبع
به إن كان واسعا فالدلك به كاف كالدلك باليد مجعولا عليها خرقة، وأما حرمته فشئ آخر
وما ذكره الشارح من أجزاء تحريك محرم اللبس هو مفاد نقل ح وهو المعول عليه كما قال
شيخنا، خلافا لما قاله عج من لزوم نزعه واسعا كان أو ضيقا. قوله: (وكذا المكروه) أي يجب نزعه
وإجزاء تحريكه لدلك الإصبع به إن كان واسعا قوله: (ودخل في الغير إلخ) أي لان المراد ونقض
غير الخاتم المأذون فيه وهذا صادق بكونه خاتما غير مأذون فيه، وبكونه غير خاتم أصلا كالشمع
والزفت وغيرهما كمداد الحبر والعجين. قوله: (ومسح ما على الجمجمة) أي مسح ما استقر عليها بتمامها
فلا يكفي مسح البعض على المشهور من المذهب سواء كان قليلا أو كثيرا. وقال أشهب يكفي
مسح النصف ويندب تجديد الماء لمسح الرأس ويكره بغيره كبلل لحيته إن وجد غيره وإلا فلا. قوله
وهي) أي الجمجمة عظم الرأس. وقوله: من جلد أو شعر بيان لما استقر على الجمجمة. وقوله: وهي من منابت
إلخ أي والجمجمة حدها من منابت إلخ قوله: (وأما العظم الناتئ) أي المرتفع على العارضين قوله: (كان
أوضح) أي لان ظاهر المصنف أنه يمسح الصدغ كله وليس كذلك قوله: (بل ولا يندب) أي لان
المسح مبني على التخفيف وفي نقض الشعر المضفور عند كل وضوء مشقة. قوله: (بنفسه) أي إذا كان
الضفر بنفس الشعر. قوله: (بخلاف الغسل) أي فإنه يجب فيه نقض ما ضفر بنفسه إذا اشتد الضفر
قوله: (وأما ما ضفر بخيوط كثيرة) أي ثلاثة فأكثر في كل ضفيرة. قوله: (فيجب نقضه
في وضوء وغسل) أي سواء اشتد الضفر أم لا. والحاصل أن ما ضفر بخيوط ثلاثة يجب
نقضه مطلقا أشد أم لا في وضوء أو غسل، وما ضفر بأقل منها يجب نقضه إن اشتد في الوضوء
والغسل، وإن لم يشتد فلا يجب نقضه لا في الوضوء ولا في الغسل، وما ضفر بنفسه لا ينقض في
الوضوء مطلقا اشتد أم لا وينقض في الغسل إن اشتد وإلا فلا. قوله: (ويدخلان وجوبا) مع قوله
ويطالب بالسنة بعد ذلك أي بعد التعميم الحاصل برد المسح، هذا يقتفي أنه لا بد لصاحب
88

المسترخي من مسح رأسه ثلاث مرات مرة لظاهره ومرة لباطنه وهما واجبان يحصل بهما التعميم
الواجب لظاهر الشعر وباطنه الواجب والثالثة لتحصيل السنة، وبهذا قال عج ومن تبعه
وهو غير صحيح، بل الحق ما قاله الشيخ عبد الرحمن الأجهوري أن الشعر إنما يمسح مرتين فقط مرة
للفرض ومرة أخرى للسنة، وإن الادخال من تتمة الرد الذي هو سنة وشرط فيه، ولذا قال المؤلف
في رد المسح: ولما كان كلامه هنا لا يدل على حكم الرد في نفسه نبه عليه بعد بقوله ورد مسح رأسه إلخ
ونصوص الأئمة كالمدونة والرسالة وعبد الوهاب وابن يونس واللخمي وعياض وابن شاس وابن
الحاجب وابن عرفة كلها ظاهرة فيما ذكرناه، وليس في كلام واحد منهم إشعار بما قاله عج أصلا وقد
قالوا: إن الظواهر إذا كثرت بمنزلة النص، ويدل على ذلك أيضا قول الفاكهاني: إنما كان الرد سنة، والثانية
والثالثة في المغسول مستحبتين لان الذي يمسحه في الرد غير الذي يمسحه أولا في حق ذي الشعر
وألحق غيره به بخلاف الذي غسل ثانيا وثالثا فإنه عين الأول اه‍ فهذا يدل على بطلان ما ادعاه عج
لان صاحب المسترخي لو كان يمسح في الأولى ظاهر الشعر وباطنه كما زعمه عج لكان الممسوح أولا هو
الممسوح ثانيا وذلك خلاف ما قاله الفاكهاني وابن بشير، وأيضا يلزمه على ما ذكره أن يمسح أربع
مرات لأجل تحصيل التعميم في السنة أيضا ولا قائل به اه‍ بن. قوله: (وغسله مجز) هذا هو المشهور خلافا
لمن قال بعدم إجزائه قوله: (لأنه مسح) أي لان الغسل مسح وزيادة قوله: (وإن كان لا يجوز) أي أن
غسله مجز عن مسحه وإن كان الغسل لا يجوز ابتداء أي لا يجوز القدوم عليه بمعنى أنه يكره قوله
بكعبيه) الباء للمصاحبة بمعنى مع بخلافها في قوله بمفصلي الساقين فإنها للظرفية بمعنى في أي الناتئين
في محل فصل الساق من العقب قوله: (وبالعكس اللسان) أي أن المفصل بكسر الميم وفتح الصاد اللسان
قوله: (مجمع مفصل الساق من القدم) أي محل جمع فصل الساق من القدم أي محل حصول فصل الساق
من القدم. والحاصل أن الساق منفصل من العقب ويلزم منه انفصاله عن القدم والكعب في محل
انفصال الساق من العقب والعرقوب في محل انفصال الساق من القدم فتأمل. قوله: (والعقب تحته)
جملة مركبة من مبتدأ وخبر في محل الحال قوله: (عليهما) أي على غسلهما والضمير للعرقوب والعقب
قوله: (وندب تخليل أصابعها) أي على المشهور خلافا لمن قال بوجوب التخليل في الرجلين كاليدين
والحاصل أنه قيل بوجوبه فيهما وقيل بندبه فيها، والمشهور وجوبه في اليدين وندبه في الرجلين، وإنما
وجب تخليل أصابع اليدين دون أصابع الرجلين على المشهور لعدم شدة التصاقها بخلاف أصابع
الرجلين فقد أشبه ما بينها الباطن لشدة الالتصاق فيما بينها قوله: (من أسفلها) أي والأولى أن يكون
تخليلها من أسفلها بخلاف أصابع اليدين فإن الأولى في تخليلها أن يكون من ظاهرها لأنه أمكن كما مر
قوله: (ولا يعيد من قلم ظفره أو حلق رأسه) أي على المذهب وقيل يجب عليه إعادة غسل موضع
الظفر والشعر وهو ضعيف. ومثل من قلم ظفره في عدم الإعادة على المعتمد من حفر على شوكة بعد
الوضوء بخلاف زوال الخف والجبيرة لان مسح الخف بدل فسقط عند حصول مبدله، والجبيرة
89

مقصودة بالمسح فزوالها زوال لما قصد. قوله: (وفي وجوب إعادة موضع لحيته) أي نظرا لستر
الشعر للمحل وقد زال وحينئذ فيغسل المحل. قوله: (وعدمه) أي وعدم وجوب الإعادة لان الحدث
قد ارتفع عن محلها فلا وجه لإعادة غسله، وظاهر كلامهم جريان الخلاف في غسل محل اللحية سواء
كانت خفيفة أو كثيفة، وقد يقال: إن الخفيفة غير ساترة إذ البشرة تغسل تحتها وأجيب بأنها ساترة لمنبت
الشعر وفيه أنه مغسول لسريان الماء وانفتاح المسام تأمل. تنبيه: يحرم على الرجل حلق لحيته
أو شاربه ويؤدب فاعل ذلك ويجب على المرأة حلقهما على المعتمد، وحلق الرأس لا ينبغي تركه
الآن لمن عادتهم الحلق. قوله: (والدلك) هو واجب لنفسه ولو وصل الماء للبشرة على المشهور بناء على
دخوله في مسمى الغسل وإلا كان مجرد إفاضة أو غمس. إن قلت: حيث كان الدلك داخلا في مسمى
الغسل ففريضة الغسل مغنية عنه فلا حاجة لذكره. قلت: ذكره للرد على المخالف القوي القائل إنه
واجب لايصال الماء للبشرة، فإن وصل لها بدونه لم يجب بناء على أن إيصال الماء للبشرة من غير دلك
يسمى غسلا كذا قرر شيخنا قوله: (وهو إمرار اليد على العضو) أي إمرارا متوسطا ولو لم تزل الأوساخ
إلا أن تكون متجسدة فتكون حائلا قوله: (ولو بعد صب الماء) أي هذا إذا كان إمرار اليد مصاحبا
للصب بل ولو كان بعد الصب قبل الجفاف فلا يشترط الماء باقيا بل يكفي بقاء الرطوبة كما
قاله ابن أبي زيد وهو المعتمد خلافا لأبي الحسن القابسي حيث قال: لا بد من مقارنة إمرار اليد للصب
قوله: (للمشقة) علة لقوله دون الغسل أي فلا تندب المقارنة فيه للمشقة. قوله: (والمراد باليد هنا) أي
في باب الوضوء. وقوله: باطن الكف أي لا ظاهره ولا إمرار غيره من الأعضاء، فعلى هذا لا يجزئ دلك
إحدى الرجلين بالأخرى في الوضوء ويجزئ في الغسل، وفي بن ما نصه: كتب الشيخ أبو علي حسن
المسناوي ما نصه: والدلك أي باليد ظاهرها أو باطنها وبالذراع أو بخرقة أو بحك إحدى
الرجلين الأخرى خلافا لتخصيص عج ومن تبعه الدلك بباطن الكف، واحتج أبو علي
لما قاله بقول الفاكهاني الدلك إمرار اليد أو ما يقوم مقامها ثم قال بعد: وقول الفقهاء
الدلك باليد جرى على الغالب خلافا لعج ومن تبعه اه‍. قوله: (إمرار العضو) أي سواء كان يدا
أو غيرها كالرجل. تنبيه: لا يضر إضافة الماء بسبب الدلك حيث عم الماء العضو حالة
كونه طهورا إلا أن يتجسد الوسخ قاله في المج. قوله: (وهي فعله) أي الوضوء قوله: (من غير
تفريق كثير) أي من غير تفريق أصلا أو مع تفريق يسير قوله: (لان اليسير لا يضر) أي وإنما قيدنا
90

التفريق بالكثير لان التفريق اليسير لا يضر مطقا سهوا كان أو عجزا أو عمدا لان ما قارب الشئ
يعطي حكمه، وإذا لم يضر التفريق اليسير فيكره إن كان عمدا على المعتمد، واليسير مقدر بعدم الجفاف
قوله: (لأنها تفيد عدم التفريق إلخ) أي تفيد وجوب عدم التفريق بين الأعضاء. قوله: (ربما يفيد فعله)
أي ربما يفيد وجوب فعله أول الوقت. وقوله أيضا: يوهم السرعة أي وجوب السرعة في الفعل وعدم
اغتفار التفريق اليسير قوله: (إن ذكر وقدر) أي وأما الناسي والعاجز فلا تجب الموالاة في حقهما
وحينئذ إذا فرق ناسيا أو عاجزا فإنه يبني مطلقا سواء طال أم لا، لكن الناسي يبني بنية جديدة، وأما
العاجز فلا يحتاج لتجديد نية، وما ذكره المصنف من التفرقة في العاجز بين الطول وعدمه كالعامد بعد
تقييد الوجوب بالقدرة فغير ظاهر، ولذا حملوا العاجز في كلامه على غير الحقيقي وهو من عنده نوع
تفريط. ولو قال المصنف بعد قوله إن ذكر وقدر وبنى إن عجز مطلقا كالناسي بنية كان أولى ويحمل
العجز حينئذ على الحقيقي اه‍ بن. قوله: (وبنى) أي وإن فرق بين الأعضاء بأن غسل وجهه مثلا
بنية الوضوء ثم حصل له نسيان فترك الغسل ثم تذكر بنى إن أراد الصلاة بذلك الوضوء الذي فرق فيه
قوله: (أي يكره أو يحرم) أي فيجري على الخلاف الآتي: في قوله: وهل تكره الرابعة أو تمنع خلاف
وهذا يقتضي أن المراد بقوله: وبنى أي استنانا وأنه إذا رفض ما فعل وابتدأ الوضوء كان مخالفا
للسنة وكان مرتكبا لمحرم أو مكروه، وفيه نظر فقد صرحوا بأن المتوضئ مخير في إتمام وضوئه وتركه
فالصواب أن قول المصنف وبنى بنية إلخ معناه وصح البناء بنية إن نسي مطلقا ويجوز له ابتداؤه من أوله
وحينئذ فالأولى للشارح حذف قوله ولا يبتدئه إلخ. إن قلت: إن العبادة يلزم إتمامها بالشروع فيها
والوضوء من جملة العبادات فكيف يخير المتوضئ في إتمام وضوئه وتركه؟ قلت: ليس كل عبادة يلزم
إتمامها بالشروع فيها بل بعضها يلزم إتمامها وبعضها لا يلزم، وقد نظم ذلك ابن عرفة بقوله
91

صلاة وصوم ثم حج وعمرة طواف عكوف وائتمام تحتما
وفي غيرها كالوقف والطهر خيرن فمن شاء فليقطع ومن شاء تمما
قوله: (إن كان ثلث الأعضاء) أي وأما إن لم يكن ثلثها فهو مخير إن شاء بنى وإن شاء رفض ما فعل
وابتدأ آخر. قوله: (بنية) أي جديدة. وقوله: شرطا أي حالة كون النية شرطا في البناء قوله: (فإن
بنى بغيرها لم يجزه) وذلك لو خاض بحرا بعد تذكره بلا نية إتمام الوضوء كما في شب عنها قوله: (طال
ما قبل التذكر أو لم يطل) محل القصد هو الطول لأن عدم الطول موالاة كما تقدم قوله: (وإن عجز)
الواو للاستئناف وجواب الشرط محذوف أي بنى ما لم يطل وليست الواو عاطفة على أن نسي وإلا
لاقتضى أن العاجز يبني بنية. قوله: (لحصولها إلخ) هذا إشارة للفرق بين الناسي والعاجز. وحاصله أن
الناسي لما كان عنده إعراض عن الوضوء احتاج لتجديد نية بخلاف العاجز فإنه لما لم يعرض عن
الوضوء ولم يذهل عنه لم يحتج لنية لحصولها حقيقة أو حكما قوله: (ما لم يطل الفصل) أي بين انتهاء
ما فعل أو لا، وبين إكمال الوضوء فإن طال ابتدأ الوضوء من أوله كما يأتي للشارح قوله: (وكذا لو أعد من
الماء ما لا يكفيه جزما أو ظنا) أي فإنه يبني بغير نية إن لم يطل كما في التوضيح قوله: (وقيل لا يبنى مطلقا
إلخ) أي للتلاعب والدخول على الفساد وعدم جزم النية فهو أشد من عمد التفريق المغتفر فيه القرب
كما في عج، وارتضاه شيخنا في الحاشية ولكنه اعتمد الأول في تقريره. قوله: (وكذا لو فرق عمدا
إلخ) أي فيكون جملة الصور التي يبني فيها عند عدم الطول خمس صور: صورتان يبني فيهما اتفاقا وهما
صورتا العجز الحكمي أعني ما إذا أعد من الماء ما يكفيه ظنا أو شكا فتبين أنه لا يكفيه، وثلاث صور يبني
فيها على الراجح من أعد من الماء ما لا يكفيه جزما أو ظنا ومن فرق عامدا مختارا غير رافض للنية (قوله
وخلافه) أي وخلاف التحقيق وهو عدم البناء مطلقا ولو لم يطل لا يلتفت إليه قوله: (فإن طال) أي
التفريق من العاجز والعامد ومن ذكر معهما قوله: (ابتدأ وضوءه إلخ) أي فلو خالف وبنى على
ما فعله أولا وصلى بذلك الوضوء أعاد الوضوء والصلاة أبدا لترك الواجب وهو الموالاة (قوله
أو أكره على التفريق) قال طفي في أجوبته: الظاهر أن الاكراه هنا يكون بما يأتي للمؤلف في
الطلاق من خوف مؤلم فاعلي، إذ هذا الاكراه هو المعتبر في العبادات اه‍ بن قوله: (وكذا لو قام به
مانع) أي فتكون الصور التي يبني فيها مطلقا سبعة الناسي وهذه الصور الستة المذكورة هنا الملحقة
به قوله: (مستويين في البناء مطلقا) أي لعدم وجوب الموالاة في حقهم قوله: (بهذه الصور إلخ)
أي الستة المتقدمة في قوله وأما لو أعد من الماء ما يجزم بأنه يكفيه فتبين أنه لا يكفيه أو أراقه شخص
أو غصبه أو أريق منه بغير اختياره أو أكره على التفريق أو قام به مانع لم يقدر معه على إكمال وضوئه
قوله: (ويحكموا بأن غيرهما) أي غير العاجز والناسي وهو العامد حقيقة أعني من فرق عامدا مختارا
أو حكما وهو من أعد من الماء ما لا يكفيه قطعا أو ظنا. قوله: (ويجعلوا ما فسروا به العاجز من
الصورتين) أي وهما ما إذا أعد من الماء ما يكفيه ظنا أو شكا فتبين أنه لا يكفيه قوله: (ملحقا بغيرهما)
92

أي بغير العاجز والناسي وذلك الغير هو العامد حقيقة أو حكما. وقوله: ملحقا بغيرهما أي من جهة البناء
ما لم يطل في كل. قوله: (إن فرق ناسيا) أي والحال أنه قد حصل طول. قوله: (على ما لابن عبد الحكم) هذا
هو الأظهر. والحاصل أنه على القول بأن الموالاة سنة من فرق ناسيا يبني على ما فعله ولا شئ عليه
اتفاقا، وأما إن فرق عامدا والحال أنه حصل طول ففيه قولان: قيل يبني على ما فعله ولا يطالب بإعادة
الوضوء وهو الأظهر، وقيل: يعيد الوضوء من أوله فإن بنى على ما فعل وصلى أعاد الوضوء والصلاة
أبدا وهو المشهور قوله: (من سننها) أي الصلاة قوله: (والثاني) أي من القولين اللذين في ترك سنة
الصلاة عمدا قوله: (خلاف في التشهير) فقد شهر القول بالوجوب ابن ناجي في شرح المدونة وشهر
القول بالسنية ابن رشد في المقدمات وهذا الخلاف معنوي إن راعينا قول ابن عبد الحكم على السنية،
لان من فرق عمدا وطال لا يبني على القول بالوجوب، فإن بنى وصلى أعاد الوضوء والصلاة أبدا، وعلى
القول بالسنية يبني ولا شئ عليه، أما على المشهور وهو قول ابن القاسم فالخلاف لفظي لان المفرق
عمدا إذا طال تفريقه لا يبني ويعيد الوضوء والصلاة أبدا إذا بنى على كل من القول بالوجوب والسنية
و ح جعل الخلاف معنويا، وعج جعله لفظيا وقد علمت وجه كل من التقريرين. قوله: (وهي القصد
إلى الشئ) أي فهي من باب القصود والإرادات لا من باب العلوم والاعتقادات، وحينئذ فهي
من كسب العبد لان القصد إلى الشئ توجه النفس إليه، فقول عبق أن النية ليست من كسب المتوضئ
فيه نظر. قوله: (وإن كان حقها التقديم إلخ) أي لتقدمها على غيرها من الفرائض في الوجود
الخارجي قوله: (أي المنع المترتب) أي على الشخص قوله: (عند غسل وجهه) أي وعليه فينوي للسنن
السابقة على الوجه نية منفردة، فلا يقال: إنه يلزم على كون النية عند غسل الوجه خلوها عن نية وعلى هذا
فللوضوء نيتان، وقال بعضهم: إن النية عند غسل اليدين للكوعين، قال في التوضيح: جمع بعضهم بين
القولين فقال إنه يبدأ بالنية أول الفعل ويستصحبها لأول الفروض، فإذا فعل ذلك صدق عليه أنه أتى
بالنية عند غسل اليدين للكوعين وصدق عليه أنه أتى بها عند غسل أول فرض قوله: (وإلا فعند أول
فرض) أي وإلا بأن نكس وبدأ بغيره فعند أول فرض قوله: (أي نية أدائه) أي تأدية الفعل المفروض
قوله: (بالمعنى المتقدم) أي وهو المنع المترتب أو الصفة المقدر قيامها بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية
والأولى أن يراد بالحدث الوصف إذ لا معنى لقولنا استباحة ما منع منه المنع. قوله: (فتجوز الجمع إلخ)
فيجوز للشخص الشارع في الوضوء أن ينوي رفع الحدث وأداء الفرض واستباحة ما منعه الحدث
من صلاة أو طواف أو مس مصحف. قوله: (للتنافي) أي لأنه تناقض في ذات النية فكأنه قال: نويت
رفع الحدث نويت عدم رفعه أو نويت لا نويت. قوله: (وإن مع تبرد) أي هذا إذا كانت نية ما ذكر غير
مصاحبة لنية تبرد بل وإن كانت نية ما ذكر مصاحبة لنية تبرد ومع هن لمطلق المشاركة وإن كان الأصل
93

دخولها على المتبوع وظاهره الاجزاء، ولو كان ذلك الماء لا يتبرد به عادة كما لو نوى التبرد بماء ساخن وهو
كذلك. قوله: (لا تنافي الوضوء ولا تؤثر فيه خللا) وذلك لان غسل الأعضاء للوضوء يتضمن التبرد مثلا
فإذا نواه لم يكن ذلك مضادا للوضوء ولا مؤثرا فيه خللا قوله: (فجاز له فعله به) أي فجاز له أن يفعل
بذلك الوضوء ما نواه وأن يفعل غيره وهو ما أخرجه وإخراجه لغير ما نواه لا يضر. قوله: (ونوى غيره)
أي ونوى الوضوء من غيره وذلك لان الأسباب إذا تعددت ناب أحدها عن الآخر. قوله: (هو الأول)
أي هو الذي حصل منه أولا قوله: (وكذا إن لم يكن حصل منه إلا المنسي) أي ونوى الوضوء
من حدث لم يحصل منه من غيره قوله: (بل ولو ذكره) أي ونوى الوضوء من غيره قوله: (لا أخرجه)
عطف على محذوف أي أو نسي حدثا ولم يخرجه لا أخرجه. قوله: (أو نوى مطلق الطهارة
الشاملة للحدث والخبث) أي فلا يصح وضوءه قوله: (أي من حيث تحققها في أحدهما لا بعينه) أي
أو من حيث تحققها فيهما معا من حيث تحققها في الخبث فالضرر في هذه الصور الثلاث كما قال
شيخنا. قوله: (فالظاهر الاجزاء) أي كما أنه إذا نوى مطلق الطهارة من حيث تحققها في الحدث فإنه يجزئ
فالاجزاء في صورتين وعدمه في ثلاث بقي إذا نوى الطهارة من الحدث والخبث معا وفي المج إذا
نواهما معا لنجاسة العضو ولم يضف الماء فيجزئ. قوله: (ندب الطهارة له) أي ندب الوضوء له
فالمراد بالطهارة الوضوء قوله: (كقراءة قرآن ظاهرا) أي بدون مصحف، نعم إذا نوى بغسله
قراءة القرآن ظاهرا أجزأه عن غسل الجنابة لأنه لا يجوز له أن يقرأ القرآن إلا بعد ارتفاع الجنابة وأولى
منه إذا نوى بغسله قراءة القرآن في المصحف. والحاصل أنه فرق بين الوضوء والغسل، ففي الوضوء إذا
نوى الوضوء لمس المصحف جاز له الصلاة به، وإذا نوى الوضوء لقراءة القرآن ظاهرا فلا تصح الصلاة
به لعدم ارتفاع حدثه، وأما في الغسل إذا نوى به قراءة القرآن ظاهرا أو في المصحف أجزأه عن غسل
الجنابة. قوله: (فلا يرتفع حدثه) أي ويحصل له ثواب كوضوء الجنب للنوم على ما رد به عب على ح
وكل هذا إذا نوى إباحة الامر الذي يندب له الوضوء من غير أن ينوي رفع الحدث، وأما إذا نوى الطهارة
ليزور مثلا غير محدث جاز له أن يصلي به كما أشار لذلك عب هنا وفي باب الغسل. قوله: (إن كنت
أحدثت) أي حصل مني ناقض. وقوله: فله أي فهذا الوضوء له وإن لم يكن حصل مني ناقض
فلا يكون له قوله: (لم يجزه) أي كما هو قول ابن القاسم قوله: (سواء تبين حدثه أم لا) أي بأن استمر باقيا على
شكه قوله: (لعدم جزمه بالنية) أي لان الفرض أنه حين نوى إن كنت أحدثت فله إلخ غير مستحضر
أن الشك في الحدث غير ناقض للوضوء، وأما لو كان مستحضرا لذلك كانت نيته جازمة لا تردد فيها وإن كان
لفظه دالا على التردد وحينئذ يكون وضوءه صحيحا كما في عج. قوله: (إذا لواجب إلخ) الأولى الاتيان
بالفاء بحيث يقول: فالواجب إلخ. والحاصل أنه بمجرد شكه في الحدث انتقض وضوءه فالواجب عليه
94

إذا توضأ أن يتوضأ بنية جازمة، فإن توضأ بنية غير جازمة بأن علقها بالحدث المحتمل كان هذا الوضوء
الثاني باطلا أيضا. قوله: (قبل التجديد) متعلق بحدثه أي فتبين له بعد التجديد أنه أحدث قبله
قوله: (لعدم نية رفع الحدث) أي ولان المندوب لا ينوب عن واجب قوله: (باعتقاده أنه على وضوء) أي
فهذا يقتضي أنه لا حدث عليه فنيته رفع الحدث حينئذ تلاعب منه. قوله: (فانغسلت بنية الفضل)
أي بالنية التي أحدثها عند فعل الفضيلة وهي الغسلة الثانية والثالثة. قوله: (فلا تجزئ) أي ولا بد من غسلها
بنية الفرض. قوله: (وهذا إذا أحدث نية الفضيلة إلخ) يعني أن صورة المصنف أنه خص نية الفرض
بالغسلة الأولى وأحدث نية الفضيلة في الغسلة الثانية والثالثة التي غسلت بهما اللمعة، وأما لو نوى أن
الفرض ما عمم من الغسلات وبقيت لمعة لم تغسل بالأولى وغسلت بالثانية أو الثالثة فإن الغسل يجزئ
قال عبق: وما ذكره المصنف من عدم الاجزاء مبني على أن نية الفضيلة معتبرة. وقال سند: إذا نوى بما
بعد الأولى الفضيلة، وكانت الأولى لم تعم فلا تعتبر تلك النية ولا يعمل بنية الفضيلة إلا إذا عمت الأولى
فعلى هذا إذا ترك لمعة فغسلت بالغسلة الثانية أو الثالثة التي نوى بها الفضيلة فإنها تجزئ اه‍. قال بن
وفيه نظر فإن ما نقله ح عن سند عند قول المصنف وشفع غسله وتثليثه صريح في أنه يعتبر نية الفضيلة
كغيره اه‍. قوله: (ومثل الغسل المسح) أي فإذا ترك لمعة من مسح رأسه فانمسحت بنية السنة التي
أحدثها عند رد المسح كذلك لا يجزئ. قوله: (أو فرق النية) أي جنسها المتحقق في متعدد
قوله: (بأن خص كل عضو بنية إلخ) أي بأن غسل وجهه بنية رفع الحدث من غير قصد إتمام الوضوء ثم
يبدو له فيغسل اليدين كذلك ثم يبدو له فيمسح رأسه بنية وهكذا لتمام الوضوء، وقوله: من غير قصد إتمام
الوضوء أي بأن نوى عدم إتمامه أو لا نية له أصلا، وأما لو خص كل عضو بنية مع قصده إتمام الوضوء
على الفور معتقدا أنه لا يرتفع حدثه ولا يكمل وضوءه إلا بجميع النيات فهذا من باب التأكيد فلا
يضر لا من باب التفريق. قوله: (فإنه يجزئ لأن النية لا تقبل التجزي) أي وحينئذ فجعله
لغو وهذا هو المعتمد وإن بحث فيه ابن مرزوق بأنه متلاعب لان ربع النية لا يرفع الحدث في اعتقاد
المتوضئ. قوله: (والأظهر من الخلاف في الأخير الصحة) أي بناء على أن الحدث يرتفع عن كل عضو
بانفراده. وقوله: والمعتمد ما صدر به أي من عدم الصحة بناء على أن الحدث لا يرتفع عن كل عضو بانفراده
إلا بالكمال، قال في التوضيح: وإذا غسل الوجه ففي قول يرتفع حدثه وفي قول لا يرتفع حدثه إلا بعد
غسل الرجلين، قال في البيان: والأول قول ابن القاسم في سماع عيسى عنه والثاني لسحنون قال: والأول
أظهر، واعترض على المصنف في قوله: والأظهر في الأخير الصحة بأن ابن رشد لم يستظهر في مسألة التفريق
شيئا أصلا، وإنما استظهر قول ابن القاسم برفع الحدث عن كل عضو بانفراده ولا يلزم من استظهاره ذلك
استظهار الصحة في التفريق إذ قد لا يسلم ابن رشد التفريع المذكور لجواز أن يقول: إن رفع الحدث
عن كل عضو بانفراده مشروط عند ابن القاسم بتقديم نية الوضوء بتمامه فتأمل انظر بن. قوله
وعزوبها بعده مغتفر) اغتفار عزوبها مقيد بما إذا لم يأت بنية مضادة كنية الفضيلة كما قال ابن
عبد السلام، ومقيد أيضا بما إذا لم يعتقد في الأثناء انقضاء الطهارة وكمالها ويكون قد ترك بعضها ثم يأتي
به من غير نية فلا يجزئ كما مر في قوله: وبنى بنية إلخ اه‍ بن. قوله: (وهو أول مفعول) أي سواء كان الوجه
أو غيره. قوله: (وإن كان ظاهر المصنف اغتفاره) وذلك لان قوله ورفضها مغتفر ظاهره سواء كان في الأثناء
أو بعد التمام. واعلم أن محل الخلاف في الرفض الواقع في الأثناء إذا كمله بالقرب بالنية الأولى
وأما إذا لم يكمله أو كمله بنية أخرى أو بعد طول لم يختلف في بطلانه انظر بن. قوله: (والغسل كالوضوء)
95

أي فيغتفر رفض النية فيه بعد فراغه ولا يغتفر في الأثناء بل يضر ويوجب بطلانه. قوله: (قولان
مرجحان) أي وإن كان الأقوى منهما عدم البطلان كما قرر شيخنا. قوله: (فلا يرتفضان مطلقا) أي
سواء وقع رفض النية في الأثناء أو بعد الفراغ وسكت عن الاعتكاف وحكمه حكم الصلاة لاحتوائه
عليها فيبطل بالرفض في الأثناء اتفاقا وبعده على أحد قولين مرجحين، واستظهر بعضهم أنه كالوضوء
وأما التيمم فيبطل برفض النية في الأثناء وبعده قولا واحدا لأنه طهارة ضعيفة، واستظهر بعضهم أن
التيمم كالوضوء. بقي شئ آخر وهو أن رفض الوضوء جائز كما يجوز القدوم على اللمس وإخراج
الريح من غير ضرورة وفي الحج نظر، وأما الصوم والصلاة فالحرمة، وبعض الشيوخ فرق بين الرفض
ونقض الوضوء فمنع الأول دون الثاني لقوله تعالى: * (ولا تبطلوا أعمالكم) * والوضوء عمل قال شيخنا
والذي يظهر أن المراد بالاعمال المقاصد لا الوسائل، وحينئذ فرفض الوضوء كنقضه جائز، واستظهره
شب. قوله: (وفي تقدمها بيسير) أي عرفا والتقدم بيسير عرفا مثل ما ذكر الشارح أي والفرض أنه لو سئل
عند الشروع في الوضوء ماذا تفعل لم يجب بأنه يتوضأ وإلا فهي نية حكما كذا في المج. قوله: (خلاف) شهر
المازري وابن بزيزة والشبيبي منهما عدم الاجزاء، وشهر ابن رشد وابن عبد السلام والجزولي الاجزاء
بناء على أن ما قارب الشئ يعطي حكمه، ولما كان كل من القولين قد شهر عبر المصنف بخلاف، وذكر شيخنا
في الحاشية أن الأصح من القولين القول بالاجزاء. قوله: (كأن تأخرت عن محلها) أي فلا تجزي تأخرت
بيسير أو بكثير. قوله: (أي قبل إدخالهما في الاناء كما هو المنصوص) أي وليس المراد بقوله أولا قبل
فعل شئ من أفعال الوضوء كالمضمضة والاستنشاق سواء توضأ من نهر أو حوض أو إناء كما قيل لان
هذا ترتيب سنن وهو مستحب كما في شب. واعلم أن كون الغسل قبل إدخالهما في الاناء مما تتوقف عليه
السنة قيل مطلقا أي سواء توضأ من نهر أو من حوض أو من إناء يمكن الافراغ منه أم لا كان الماء الذي
في الاناء قليلا أو كثيرا، وقيل ليس مطلقا بل في بعض الحالات وذلك إذا كان الماء غير جار وقدر آنية
الوضوء أو الغسل وأمكن الافراغ منه، فإن تخلف واحد من هذه الأمور الثلاثة فلا تتوقف السنة على
كون الغسل خارج الماء، وعلى هذا القول مشى الشارح وهو المعتمد. قوله: (وإلا أدخلهما فيه) هذا راجع
للأخير فقط أي وإلا يمكن الافراغ منه أدخلهما فيه، ولو رجع للثلاثة لم يحتج لقوله بعد، وأما الماء الجاري
إلخ قوله: (وإلا تحيل إلخ) أي وإلا بأن كانا ينجسانه تحيل على غسلهما خارجه ولو بأخذ الماء بفيه أو ثوبه
ولا يقال: نقله الماء بفيه يضيفه. لأنا نقول: وإن أضافه لكنه ينفعه في إزالة عين النجاسة به أولا من بدنه
قوله: (وإلا تركه) أي وإلا يمكن التحلل على غسلهما خارجه تركه وتيمم قوله: (مطلقا) أي سواء كان
كثيرا أو قليلا قوله: (والكثير) أي غير الجاري وهو ما زاد على آنية الغسل قوله: (فلا تتوقف
السنة على غسلهما خارجه) أي بل تحصل بغسلهما داخل الماء وخارجه قوله: (ورجح أيضا)
قال شيخنا: وهو أوجه من الأول. قوله: (تعبدا) هذا مذهب ابن القاسم. وقال أشهب: إنه معقول
المعنى واحتج بحديث إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه ثلاثا قبل أن يدخلهما في إنائه
فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده فتعليله بالشك دليل على أنه معقول. واحتج ابن
96

القاسم للتعبد بالتحديد بالثلاث إذ لا معنى له إلا ذلك، وحمله أشهب على أنه للمبالغة في النظافة ذكره ابن
فرحون فهما متفقان على التثليث خلافا للح تبعا للبساطي في أنه مبني على التعبد ولاتفاقهما على التثليث
وعدم بنائه على الخلاف قدم المصنف ثلاثا على تعبدا وأخر عنه ما ينبني على الخلاف اه‍ بن. قوله
بمطلق ونية) أي بناء على أن غسلهما تعبد لا معلل بالنظافة، إذ عليه تحصل السنة بغسلهما ولو بمضاف
ولو بغير نية لعدم توقف النظافة على المطلق والنية. قوله: (ولو نظيفتين أو أحدث إلخ) أي خلافا لأشهب
القائل: إذا كانتا نظيفتين أو أحدث في أثنائه فإنه لا يطالب بغسلهما بناء على أن الغسل معلل بالنظافة
قوله: (خلافا للمخالف في ذلك) أي في جميع ما تقدم من قوله تعبدا إلى هنا وقد علمت أن المخالف في ذلك
كله أشهب قوله: (مفترقتين) حال من يديه وإما ثلاثا فهو حال من الغسل وقوله: تعبدا مفعول
لأجله. واعلم أن طلب تفريقهما في الغسل هو رواية أشهب عن مالك. وقال ابن القاسم: يغسلهما مجموعتين
وظاهر تقديم تثليث اليمين على اليسار على القول الأول دون الثاني، هذا وقد صرح الأئمة بأن
غسلهما مفترقتين مبني على قول ابن القاسم بالتعبد كما هو ظاهر المصنف فيكون ابن القاسم خالف أصله
لان أصله أن الغسل تعبد والمناسب له التفريق في الغسل، مع أنه يقول بغسلهما مجموعتين وجمعهما إنما
يناسب النظافة، وأجاب ابن مرزوق بأن غسلهما مجموعتين وإن كان مناسبا للنظافة لكنه لا ينافي التعبد
وهو ظاهر، وإن كان غسلهما مفترقتين هو المناسب له وليس افتراقهما قولا لأشهب حتى يكون مخالفا لأصله
إنما هو رواية له عن مالك انظر بن. قوله: (لا إن شربه أو تركه حتى سال من فمه) هذا محترز قوله
ومجه، وقوله: ولا إن أدخله أي الماء ومجه من غير تحريكه محترز قوله: وخضخضته أي تحريكه، وقوله
ولا إن دخل أي الماء فمه إلخ محترز قوله: إدخال الماء إلخ فهو لف ونشر مشوش، وفي عبق: ولو ابتلعه لم
يكن آتيا بالسنة على الراجح من قولين، واعترضه بن قائلا: انظره مع قول ح الذي يظهر من كلام
الفاكهاني الاكتفاء بذلك، وذكر زروق عن القوري أنه كان يأخذ عدم اشتراط المج من قول
المازري: رأيت شيخنا يتوضأ في صحن المسجد فلعله كان يبتلع المضمضة حتى سمعته منه اه‍.
قال ح: وإذا قلنا إن الظاهر إجزاء الابتلاع فكذلك يكون الظاهر من القولين في إرسال الماء من غير دفع
الاجزاء اه‍ قوله: (ولا بد فيهما من النية) أي بخلاف رد مسح الرأس ومسح الاذنين فلا يفتقران
إليها، ونية الفرض تتضمن نيتهما كنية باقي السنن والفضائل اه‍ خش قوله: (وبالغ ندبا مفطر
فيهما) تبع الشارح في قوله فيهما بهرام، والذي في المواق وابن مرزوق اختصاص ذلك بالاستنشاق
وهذا هو الراجح كما قال شيخنا واستظهر في المج الأول. قوله: (هذا مراده) أي وإن كان كلامه صادقا
بكونه يتمضمض بغرفة ويستنشق بأخرى ثم يتمضمض بواحدة ويستنشق بأخرى ثم يتمضمض
بواحدة ويستنشق بأخرى لكن هذه الصورة غير مرادة له فقد قال بعضهم: لم أقف على من ذكر هذه
الصورة، والذي يظهر من كلامهم إنما هو الصورة التي ذكرها الشارح. قوله: (وإن جزم
به ابن رشد) أي أنه جزم بأن الأفضل فعلهما بثلاث غرفات يفعلهما معا بكل غرفة من
الثلاث، وأما فعلهما بست غرفات فهو من الصور الجائزة، والذي اعتمده الأشياخ كما قال
شيخنا كلام المصنف قوله: (وجازا) أي المضمضة والاستنشاق وكان الأولى
97

أن يقول: وجازتا أي السنتان إلا أن يقال: إنه راعى كونهما فعلين، والمراد بالجواز هنا خلاف الأولى كما
قال الشارح لأنه مقابل للندب، وقوله بغرفة راجع لكل من الامرين قبله أي جازا معا بغرفة وجاز
إحداهما بغرفة، فالأولى كأن يتمضمض بغرفة واحدة ثلاثا ثم يستنشق من تلك الغرفة التي تمضمض
منها ثلاثا أيضا على الولاء، أو يتمضمض واحدة ويستنشق أخرى وهكذا من غرفة واحدة
والثانية كأن يتمضمض بغرفة ثلاثا ويستنشق بغرفة أخرى ثلاثا، وبقيت صفة أخرى والظاهر
جوازها وإن قال بعضهم: لم أقف على من ذكرها. وهي أن يتمضمض من غرفة مرتين والثالثة من
ثانية ثم يستنشق منها مرة ثم يستنشق اثنتين من غرفة ثالثة. قوله: (واضعا أصبعيه السبابة والابهام
من اليد اليسرى عليه) أي على الانف فإن لم يجعل أصبعيه على أنفه ولا نزل الماء من الانف
بالنفس وإنما نزل بنفسه فلا يسمى هذا استنثارا بناء على أن وضع الإصبعين من تمام السنة كما هو
مقتضى أخذه في تعريفه، وبه صرح الشاذلي في شرح الرسالة، وقيل إن ذلك مستحب واختاره بعض
الأشياخ كما قاله شيخنا قوله: (من اليد اليسرى) هذا مستحب لا ان حقيقة الاستنثار تتوقف على ذلك كما أن
كون الإصبعين السبابة والابهام كذلك أي مستحب قاله شيخنا قوله: (أي ظاهرهما وباطنهما)
ظاهر الاذن هو ما يلي الرأس وباطنها هو ما كان مواجها لأنها خلقت كالوردة ثم فتحت وقيل بالعكس
قوله: (ففيه تغليب الوجه على الباطن) وزاد لفظ كل لئلا يتوالى تثنيتان لو قال وجهي أذنين وهو ممنوع
لثقله، وأيضا لو قال كذلك لم يتناول مسح باطنهما قوله: (وتجديد مائهما) أي ماء لهما ففي
الكلام حذف الجار قوله: (كان آتيا بسنة المسح فقط) أي وتاركا لسنة تجديد الماء قوله: (ومسح الصماخين)
الصماخ هو الثقب الذي تدخل فيه رأس الإصبع من الاذن قوله: (إذ هو سنة مستقلة) أي كما في
المواق نقلا عن اللخمي وابن يونس، لكن الذي يفيد كلام التوضيح أن مسح الصماخين من جملة مسح
الاذنين لا أنه سنة مستقلة قوله: (ثلاثة) أي مسح ظاهرهما وباطنهما ومسح الصماخين وتجديد الماء
لهما. قوله: (ورد مسح رأسه) أي إلى حيث بدأ فيرد من المؤخر إلى المقدم أو عكسه أو من أحد
الفودين قوله: (بأن يعيد المسح والرد) أي فعلى هذا لا بد لصاحب الشعر الطويل من
مسح رأسه أربع مرات مرة لظاهرها ومرة لباطنها وهما واجبتان بهما يحصل التعميم الواجب
ثم يطالب بمسحها على سبيل السنة مرتين: مرة لظاهرها ومرة لباطنها ليحصل تعميمها بالمسح
ثانيا بعد أن عمها أولا قوله: (كذا قيل) قائله العلامة عج ومن وافقه، وقد تقدم عن بن
أن النقل لا يوافقه قوله: (ما للزرقاني) المراد به الشيخ أحمد بن فجلة ووافقه على قوله الشيخ
98

عبد الرحمن الأجهوري جد عج. وحاصل كلامهم أن الشعر الطويل إنما يمسح مرتين فقط: مرة
للفرض ومرة للسنة، وأن إدخال اليد تحته في رد المسح هو السنة وهذا هو الذي تفيده النقول كما مر عن بن
قوله: (وإلا لم يسن) أي ويكره تجديد الماء للرد ولهذا لو نسيه حتى أخذ الماء لرجليه لم يأت به ولم
يكن الرد فضيلة كالغسلة الثانية لكون الممسوح ثانيا غير الممسوح أولا، بخلاف المغسول ثانيا، فإنه
المغسول أولا فلذا خف أمر الغسلة الثانية عن رد المسح. قوله: (وهو الظاهر) أي لقوله عليه الصلاة والسلام
إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه بما استطعتم. قوله: (فإن نكس) أي قدم بعض الفرائض عن محله
قوله: (فيعاد المنكس إلخ). حاصله أنه إذا نكس شيئا من فرائض الوضوء فلا يخلو إما أن يكون ساهيا
أو عامدا، وفي كل إما أن يطول الامر أو يكون الامر بالقرب، فإن كان الامر بالقرب أعاد المنكس
استنانا مرة على المعتد وقيل ثلاثا ويعيد ندبا ما بعده مرة مرة لا فرق بين كونه نكس عامدا أو ساهيا
وإن طال الامر أعاد المنكس استنانا وحده مرة ولا يعيد ما بعده هذا إذا نكس ناسيا، فإن كان عامدا
والفرض أنه حصل طول ابتدأ الوضوء ندبا قوله: (لا السنة) أي لا السنة المنكسة فلا يطالب بإعادتها
مطلقا سواء طال الامر أو قرب نكسها سهوا أو عمدا قوله: (بما مر) أي من الجفاف للعضو الأخير
قوله: (مرة على المعتمد) أي كما قال الشيخ سالم والطخيخي وارتضاه طفي قائلا: إنه لا معنى لإعادته
ثلاثا والحال أنه قد غسله أولا ثلاثا وهو غسل صحيح وإنما أعيد لتحصيل السنة فقط، ومقابل المعتمد
ما قاله عج أنه في حالة القرب يعاد المنكس ثلاثا بخلاف حالة البعد فإنه يعاد مرة، قال طفي: ولم أر ذلك
لغيره قوله: (وسواء نكس ناسيا أو عامدا) هذا هو الموافق لما عزاه ابن رشد للمدونة قال ابن راشد
وهو الأصح قوله: (أعاد الذراعين) أي مرة على المعتمد لا ثلاثا قوله: (أو لمعة) عطف على فرضا
قوله: (أتى به) أي بذلك الفرض وغسل اللمعة. قوله: (وإلا بطل) أي وإلا بأن تراخى في الاتيان به
بطل وضوءه، وهل يعذر بالنسيان الثاني أو لا؟ قولان، ومن اغتفار النسيان الثاني فرع سحنون صلى
الخمس كل واحدة بوضوء أو الأربع الأول بوضوء والعشاء بوضوء ثم تذكر أنه ترك مسح رأسه
من وضوء ولا يعلم ما هو فيأتي به ويعيد الخمس فنسي وأعادها بدونه أتى به وأعاد العشاء فقط
لأنه إن كان الخلل في وضوئها فظاهر وإلا فقد أعيد غيرها بصحيح. قوله: (بنية إكمال وضوئه)
متعلق بقوله: أتى به قوله: (التي كان صلاها بالناقص) أي بذلك الوضوء الناقص قوله: (هذا) أي إتيانه
بذلك الفرض المتروك وعدم بطلان وضوئه قوله: (إذا كان الترك سهوا مطلقا) أي لما تقدم أن الموالاة
غير واجبة على الناسي وأنه يبني مطلقا. قوله: (وكذا عمدا إلخ) أي وكذا يأتي بالفرض المتروك
ولا يحتاج لتجديد نية ويبني على ما فعله قبله إذا كان تركه للفرض عمدا أو عجزا ولم يطل لان التفريق
اليسير لا يضر قوله: (لعدم الموالاة) أي الواجبة في حقه قوله: (ويأتي به وجوبا وبما بعده ندبا في
أحوال القرب الثلاثة) أعني ما إذا كان الترك سهوا أو عمدا أو عجزا أو لم يطل، وفي النفراوي نقلا عن ابن عمر
99

أن تابع اللمعة التي يغسل معها في حالة القرب ما بعدها من الأعضاء لا بقية عضوها فلا يفعل
قال في المج: ولعل وجهه أن العضو الواحد لا يسن الترتيب بين أجزائه بل ربما يؤخذ من آخر عبارة
خش وغيره عدم إعادة اليسار كالسنن للترتيب اه‍. قوله: (كان الترك عمدا أو سهوا) كذا قال
المازري وغيره، وقول الموطأ: سئل مالك عن رجل توضأ فنسي وغسل وجهه قبل أن يتمضمض قال
يتمضمض ولا يعيد غسل وجهه لا مفهوم لقوله نسي. قوله: (فعلها استنانا دون ما بعدها) ما ذكره من
أنه يفعلها استنانا هو المعتمد خلافا لعج حيث قال يفعلها ندبا قاله شيخنا. واعلم أنه إذا ترك سنة
كالمضمضة وتذكرها بعد الشروع في فرض فلا يرجع لها من ذلك الفرض، نعم يفعلها قبل الشروع في
الثاني، وللقرافي يفعلها بعد إكمال الوضوء ولا يقطع الوضوء لها وهو المعتمد، وفي النفراري وللمسألة
نظائر منها الخطبة لا تقطع للأذان قاله في المج وظاهره أن الخلاف موجود في الترك عمدا أو سهو
وكلام عبق يقتضي أن الخلاف المذكور في الترك نسيانا، وأما إن كان الترك عمدا فإنه يرجع لفعل
ما تركه قبل تمام وضوئه قطعا ولا يعيد ما بعده ونقل ذلك عن ابن ناجي. قوله: (لندب ترتيب السنن إلخ)
علة لقوله دون ما بعدها أي وإنما لم يفعل ما بعدها لان ترتيب السنن في أنفسها أو مع الفرائض مندوب
والمندوب إذا فات لا يؤمر بفعله لعدم التشديد فيه. قوله: (إلا أن يكون بالقرب) وإلا فعلها إن
أراد البقاء على طهارة والطول هنا بالفراغ من الوضوء والقرب بعدم الفراغ منه كما قال الشارح قوله
والمعتمد ندب الإعادة) إنما لم يقل بوجوبها كما قيل في ترك سنة من سنن الصلاة عمدا فإن فيه قولين
أحدهما وجوب الإعادة لضعف أمر الوضوء لكونه وسيلة كذا قيل وهو مبني على أنه فرق بين
السنة الداخلة في الصلاة والخارجة عنها. وقال بعضهم: بعدم الفرق بين الداخلة والخارجة في جريان
الخلاف، وعليه يأتي ما مر من الخلاف في ترك الموالاة عمدا على القول بسنيتها. قوله: (قد تقدم الكلام
عليه) أي على تركه بأن نكس فرضا وقدمه عن محله، وحيث تقدم الكلام على تركه فلا يكون داخلا
في كلامه هنا وإلا تكرر. قوله: (فقد ناب عنه الفرض) أي وهو غسلهما بمرفقيه قوله: (يوقع في مكروه
أي وهو تجديد الماء لمسح الرأس في الأول وإعادة الاستنشاق في الثاني وتكرار مسح الاذنين في
الثالث. وفي بن: انظر هذا أي قوله: وتجديد الماء لمسح الاذنين، مع أن الذي في ح أن التجديد
يفعل. ونقل عن ابن شعبان ما نصه: فمن مسحهما أي الاذنين مع رأسه أو تركهما عمدا أو سهوا
لم يعد صلاته إلا أنا نأمره بالمسح لما يستقبل ونعظه في العمد اه‍. وقد يقال: إن هذا ليس نصا
صريحا لاحتمال قصر قوله نأمره بالمسح على فرع الترك وكلام الشارح ظاهر، فإن الزيادة على
المرة في الاذنين منهي عنها ودرء المفاسد مقدم. قوله: (أي مستحباته) أي خصاله وأفعاله المستحبة
التي يثاب عليها ولا يعاقب على تركها. قوله: (أي إيقاعه في موضع طاهر) إنما قدر ذلك لأنه لا
تكليف إلا بفعل. قوله: (فيخرج بيت الخلاء إلخ) أي لأنه وإن كان طاهرا بالفعل لكن ليس شأنه
الطهارة فيكره الوضوء فيه، وأولى غيره من المواضع المتنجسة بالفعل. قوله: (يعني تقليله) أي لان
الموصوف بكونه مستحبا إنما هو التقليل لا القلة، إذ لا تكليف إلا بفعل كما قال الشارح، ومعناه أنه يستحب
أن يكون الماء المستعمل وهو الذي يجعله على العضو قليلا، وليس المراد تقليل الماء المعد للوضوء
100

وإلا كان المتوضئ من البحر مثلا تاركا للفضيلة ولا قائل به. قوله: (بلا حد في التقليل) فلا يحد التقليل
بسيلان عن العضو أو تقطير عنه، وأما السيلان عليه بحسب الامكان فلا بد منه وإلا كان مسحا وهذا
هو المعتمد، خلافا لمن قال إنه لا بد من سيلان الماء على العضو وتقطيره عنه قوله: (وتيمن أعضاء)
أي يندب الابتداء بيمين أعضائه على اليسار منها ولو كان أعسر بخلاف الاناء كما يأتي، وهذا إذا تفاوتا
في المنفعة كاليدين والرجلين والجنبين في الغسل دون الاذنين والخدين والفودين وهما جانبا الرأس
لاستواء يمين ما ذكر مع يسراه في المنفعة، وحينئذ فلا يقدم يمين ما ذكر على يسراه، وفي المج عن الشعراني
أن الشخص إذا شمر يديه فإن كان لملابسة عبادة كالوضوء شمر يمينه أولا، وإن كان لملابسة
أمر غيرها شمر يسراه أولا فلم يجعله من باب خلع النعل بحيث يبدأ باليسرى مطلقا قوله: (إن فتح فتحا
واسعا يمكن الاغتراف منه) أي كالطشت قوله: (لا كإبريق) أي لا إن ضاق عن إدخال اليد فيه
كالإبريق فإنه يجعله على اليسار، ففي المواق عن عياض اختار أهل العلم فيما ضاق عن إدخال اليد فيه وضعه
على اليسار اه‍ قوله: (فبالعكس) أي فإن كان الاناء مفتوحا فتحا واسعا جعله على يساره وإلا جعله على
يمينه، والظاهر أن الأضبط وهو الذي يعمل بكلتا يديه على السواء مثل الأيمن لا مثل الأعسر قوله
وكذا بقية الأعضاء يندب البدء بمقدمها) أي فلا مفهوم للرأس وإنما خصها بالذكر مع أن غيرها
كذلك للرد على من قال من أهل المذهب أنه يبدأ بمؤخرها، وعلى ما قال إنه يبدأ من وسطها، ثم يذهب
إلى حد منابت شعره مما يلي الوجه ثم يرد إلى قفاه، ثم يرد إلى حيث بدأ وأما غير الرأس من الأعضاء فلا
خلاف فيه، والمراد بمقدم الأعضاء أولها عرفا فأول اليدين عرفا رؤوس الأصابع وكذلك أول الرجلين
وأول الرأس منابت شعر الرأس المعتاد وكذلك الوجه، فلو بدأ بمؤخر الرأس أو بالذقن أو بالمرفقين أو
بالكعبين وعظ وقبح عليه إن كان عالما وعلم إن كان جاهلا قوله: (وشفع غسله) فهم من إضافة شفع للغسل
أن تكرار المسح كالاذنين والرأس ليس بفضيلة وهو كذلك لان المسح مبني على التخفيف والتكرار
ينافيه ثم ينوي بالثانية والثالثة الفضيلة على المشهور بعد أن ينوي بالأولى فرضه، وقيل لا ينوي شيئا معينا
ويصمم اعتقاده أن ما زاد على الواحدة المسبغة فهو فضيلة، واستظهره سند وأقره القرافي، قال شيخنا: وهو
الظاهر. قوله: (أي كل من الغسلة الثانية والثالثة مستحب) ما ذكره من أنهما فضيلتان هو المشهور كما
قال ابن عبد السلام، وقيل كل منهما سنة، وقيل الغسلة الثانية سنة والثالثة فضيلة، ونقل الزياتي عن أشهب
فرضية الثانية وقيل إنهما مستحب واحد وذكره في التوضيح قوله: (بعدم أحكام الفرض) أي إن
كان العضو المغسول غسله فرض كالوجه، وقوله أو السنة أي إن كان المغسول غسله سنة كما في محل
المضمضة والاستنشاق. وقوله بعد أحكام الفرض إلخ أي بالغسلة الأولى قوله: (يندب فيهما
الشفع والتثليث) أي بعد الانقاء من الوسخ قوله: (أو المطلوب فيهما الانقاء من
الوسخ) ولو زاد على الثلاثة أي ولا يطلب بشفع ولا تثليث بعد الانقاء من الوسخ فالمدار على
الانقاء على هذا القول وقول الشارح ولو زاد على الثلاث لا حاجة له تأمل، وهذا
101

القول شهره بعض مشايخ ابن راشد لكن المعتمد الأول، والمراد بالوسخ المتجسد الحائل الذي يطلب
إزالته في الوضوء كطين مثلا، أما الوسخ غير الحائل فلا يطلب إزالته في الوضوء كذا في بن نقلا عن
المسناوي قوله: (في غير النقيتين) أي وهما اللتان عليهما وسخ حائل قوله: (أما هما) أي النقيتان وهما اللتان
ليس عليهما وسخ حائل بأن كانتا لا وسخ عليهما أصلا أو عليهما وسخ غير حائل. وقوله: فكسائر
الأعضاء أي يندب فيهما الشفع والتثليث. قوله: (وهذا) أي ما ذكر من أن محل الخلاف في غير النقيتين
قوله: (وهل تكره الرابعة) أي بعد الثلاث الموعبة لأنها من ناحية السرف في الماء وهو نقل ابن
رشد عن أهل المذهب وهو الراجح كما قال شيخنا. وقوله: أو تمنع أي وهو نقل اللخمي وغيره عن أهل
المذهب. واعلم أن الخلاف المذكور في الغسلة المحقق كونها رابعة بعد ثلاث موعبة وأما المشكوك في
كونها رابعة أو ثالثة بعد إيعاب الغسل فإن الخلاف فيها بالندب والكراهة كما يأتي والغسلة المحقق
كونها رابعة بعد ثلاث غير موعبة واجبة اتفاقا قوله: (لشمل غير الرابعة) أي كالخامسة والسادسة
الواقعة بعد إيعاب الغسل قوله: (من الأول) وهو قوله: وهل الرجلان كذلك والمطلوب الانقاء قوله
لكان أنسب باصطلاحه) أي لان كلا من الشيوخ المذكورين نقل ما ذكره عن المتقدمين من أهل
المذهب فقد تردد المتأخرون في النقل عن المتقدمين قوله: (أو مع فرائضه) عطف على مقدر كما
أشار له الشارح حذف للعلم به أي وترتيب سننه مع أنفسها أو مع فرائضه، فلو حصل تنكيس
بين السنن أو بين السنن والفرائض لم تطلب الإعادة لما نكسه ولا لما بعده للترتيب لان المندوب إذا فات
لا يؤمر بفعله سواء نكس عمدا أو سهوا كما تقدم قوله: (بأن يقدم الثلاثة الأول) أي الثلاث سنن
الأول وهي غسل اليدين للكوعين والمضمضة والاستنشاق، وإنما لم يقل بأن يقدم الأربعة نظرا إلى أن
الاستنثار لما لم يستقل بنفسه صار كأنه مع الاستنشاق شئ واحد قوله: (والفرائض الثلاثة) أي
ويقدم الفرائض الثلاثة غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس. قوله: (وسواك) ما
ذكره المصنف من أن السواك مستحب هو المشهور من المذهب. وفي ح عن ابن عرفة مقتضى
الأحاديث من ملازمته (ص) عليه لمرض موته. وقوله: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك
عند كل صلاة أن يكون سنة وهو وجيه لكنه خلاف المشهور قوله: (لأنه) أي السواك (قوله
يطلق على الفعل) أي الذي هو استعمال عود ونحوه في الأسنان لتذهب الصفرة عنها
(قوله أو غيره) أي كالجريد وخشب التوت والجميز والزيتون والشئ الخشن كطرف الجبة
والثوب قوله: (عند عدم غيره) أي عند عدم العود الذي من الأراك ونحوه مما تقدم قوله: (الأكلة) بضم
الهمزة وسكون الكاف وهي شئ يقوم بالأسنان يكسرها قوله: (أي كندب السواك لأجل صلاة
بعدت منه) أي سواء كان متطهرا لتلك الصلاة بماء أو تراب أو غير متطهر كمن لم يجد ماء ولا ترابا
102

بناء على القول بأنه يصلي قوله: (أعم من أن يكون) أي السواك الذي بعدت منه الصلاة قوله: (وتسمية)
جعلها من فضائل الوضوء هو المشهور من المذهب خلافا لمن قال بعدم مشروعيتها فيه وإنها تكره
تتمة: بقي من الفضائل استقبال القبلة واستشعار النية في جميعه والجلوس مع التمكن والارتفاع
عن الأرض. قوله: (عند الابتداء) أي عند ابتداء الوضوء قوله: (قولان) رجح كل منهما فابن ناجي
رجح القول بعدم زيادتهما، والفاكهاني وابن المنير رجحا القول بزيادتهما قوله: (استنانا) رجح بعضهم أن
سنية التسمية في الأكل والشرب عينية وقيل إنها سنة كفاية في الأكل، وأما في الشرب فسنة عين
(قوله وندب زيادة إلخ) أي وندب أن يزيد بعد التسمية في الأكل والشرب اللهم إلخ قوله: (وزدنا
خيرا منه) هذا إذا كان المشروب أو المأكول غير لبن، وأما إن كان لبنا فإنه يزيد بعد التسمية اللهم بارك
لنا فيما رزقتنا وزدنا منه، ولعل السر في ذلك مع أنه ورد أفضل الطعام اللحم ويليه اللبن ويليه الزيت أن
اللبن يغني عن غيره وغيره لا يغني عنه كذا ذكر شيخنا. قوله: (وذكاة) أي وتشرع وجوبا مع الذكر
والقدرة في ذكاة بأنواعها الأربعة وهي: الذبح والنحر والعقر للصيد المعجوز عن ذبحه وما يعجل الموت
كقطع جناح لنحو جراد قوله: (وركوب دابة) أي وتشرع ندبا في ركوب دابة وركوب سفينة
وكذا ما بعدهما. وفي شب: روي عن ابن عباس أن من قال عند ركوب السفينة: بسم الله الرحمن الرحيم
وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم) * * (وما قدروا الله حق قدره والأرض
جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) *. أمن من الغرق اه‍ (قوله
ودخول وضده إلخ) أي وتشرع ندبا في دخول المنزل والخروج منه، وفي دخول المسجد والخروج
منه قوله: (وليس كثوب) سواء كان قميصا أو إزارا أو عمامة أو رداء قوله: (وغلق باب) وسرها دفع
من يريد فتحه من السراق قوله: (وتكره في غيره) أي وهو الوطئ المكروه والمحرم. وقوله: على الأرجح
أي وهو الذي اقتصر عليه الشارح بهرام والمؤلف في التوضيح. وقال بعض الشراح: إنه المذهب
وارتضاه شيخنا. وقيل: تحرم في كل من المحرم والمكروه. وقيل: تكره في المكروه وتحرم في المحرم
والذي يظهر أن هذا الخلاف في المحرم لعارض كالحيض لا زنا وإلا فالظاهر الحرمة اتفاقا، ومن أمثلة
الوطئ المكروه وطئ الجنب ثانيا قبل غسل فرجه ووطؤه المؤدي للانتقال للتيمم كما يأتي في قوله: ومنع
مع عدم ماء تقبيل متوضئ وجماع مغتسل قوله: (ولحده) أي إلحاده في قبره أي ارقاده قوله: (ندبا) راجع
لقوله: وركوب دابة وما بعده قوله: (إلى في الأكل والشرب والذكاة) أي وإلا عند دخول الخلاء فلا
تكمل في هذه المواضع الأربعة قوله: (ولا تندب إطالة الغرة) أي الإطالة فيها، والمراد بالإطالة
الزيادة، والمراد بالغرة المغسول فكأنه قال: ولا تندب الزيادة في المغسول على محل الفرض
(قوله وإنما يندب دوام الطهارة والتجديد لها) أي ويسمى ذلك أيضا إطالة الغرة كما حمل
عليه قوله عليه الصلاة والسلام: من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل فقد حملوا الإطالة
103

على الدوام والغرة على الوضوء. والحاصل أن إطالة الغرة تطلق على الزيادة على المغسول وتطلق على
إدامة الوضوء وإطالة الغرة بالمعنى الأول هو المكروه عند مالك وإطالة الغرة بالمعنى الثاني مطلوب عنده
وحينئذ فلا يكون الحديث المذكور معارضا لما ذكره من الكراهة قوله: (للعلة المتقدمة) أي وهي الغلو في
الدين قوله: (بل يجوز) أي ترك المسح أي ويجوز أيضا مسحها بمنديل أو منشفة خلافا للشافعية
في استحبابهم ترك ذلك المسح وكراهتهم له (وإن شك في ثالثة إلخ) أي وإن شك مريد الاتيان
بغسلة في كونها ثالثة ورابعة مع إيعاب الغسل ففي كراهة الاتيان بها وندبه قولان حكاهما المازري عن
الشيوخ، والخلاف عام في الفرائض والسنن لان كلا من الثانية والثالثة مستحبة فيهما قوله: (خوف
الوقوع في المحظور) أي المنهي عنه نهي كراهة على ما نقله ابن رشد أو تحريم على ما نقله اللخمي (قوله
واستظهر) أي استظهره في الشامل وقال ابن ناجي: إنه الحق ورجحه شيخنا في الحاشية قوله: (وندبها)
أي وندب الاتيان بها قوله: (اعتبارا بالأصل) أي لان الأصل عدم الفعل قوله: (كالشك في عدد الركعات)
أي فإذا شك هل هذه الركعة ثالثة أو رابعة فإنه يبني على الأقل لان الأصل عدم الفعل قوله: (في قصده)
أي عند قصده وإرادته قوله: (أي شك عند إرادته إلخ) توضيح لقوله كشكه في قصده صوم يوم عرفة
(قوله هل الغد نفس يوم عرفة) أي وهو التاسع من ذي الحجة قوله: (وندبه اعتبارا بالأصل) أي لان
الأصل عدم العيد والقول بندب الصوم ورجحه المازري، وأما آخر رمضان فيجب صومه استصحابا
وفي ح عن ابن عرفة: يقبل الاخبار بكمال الوضوء والصوم، وقيده عبق بما إذا كان المخبر عدلا ولا
كذلك الصلاة ما لم يتذكر ويجزم وسيأتي رجح إمام فقط لعدلين إلخ قوله: (على الراجح) أي
من القولين السابقين في قوله: وهل تكره الرابعة أو تمنع؟ خلاف قوله: (وكشف العورة) أي مع عدم من
يطلع عليها وأما كشفها مع وجود من يطلع عليها غير الزوجة والأمة فهو حرام لا مكروه فقط
فصل: ندب لقاضي الحاجة قوله: (ندب إلخ) كان الأولى أن يقول طلب بدل قوله ندب لان بعض
ما يأتي واجب. قوله: (إذا كانت بولا إلخ) لو قال الشارح في خياطة المتن: ندب لقاضي الحاجة
بولا أو غائطا جلوس برخو أو صلب طاهرين ومنع برخو نجس وتعين القيام في البول وتنحى في
الغائط واجتنب الصلب النجس مطلقا بولا في أو غائطا قياما وجلوسا كان أوضح اه‍ قوله: (برخو طاهر)
في بن: قال في التوضيح: قسم بعضهم موضع البول إلى أربعة أقسام فقال: إن كان طاهرا رخوا كالرمل
جاز فيه القيام والجلوس أولى لأنه أستر، وإن كان رخوا نجسا بال قائما مخافة أن تتنجس ثيابه، وإن كان
صلبا نجسا تنحى عنه إلى غيره ولا يبول فيه لا قائما ولا جالسا، وإن كان صلبا طاهرا تعين الجلوس لئلا
يتطاير عليه شئ من البول، وقد نظم ذلك الوانشريسي بقوله
بالطاهر الصلب اجلس وقم برخو نجس
والنجس الصلب اجتنب واجلس وقم إن تعكس
104

وقول التوضيح في الصلب الطاهر يتعين بالجلوس ظاهره الوجوب وهو ظاهر الباجي وابن بشير وابن
عرفة، وظاهر المدونة وغيرها أن القيام مكروه فقط ولذا قال شارحنا: ومعنى تعين ندب ندبا أكيدا
وعلى هذا يجوز أن يحمل قول المؤلف ندب لقاضي الحاجة جلوس أي في الموضع الطاهر مطلقا سواء
كان رخوا أو صلبا لكن ندب الجلوس في الصلب آكد منه في الرخو فتكون الأقسام الأربعة كلها
في كلام المصنف، فقد ذكر هنا ثلاثة أقسام: قسمي الطاهر وقسم الرخو النجس والرابع وهو الصلب
النجس سيأتي في كلامه. قوله: (والتنحي عنه مطلقا) أي قياما وجلوسا قوله: (فلا يجوز فيه القيام) أي
ويندب فيه الجلوس ندبا أكيدا وهذا في الرخو والصلب الطاهرين، وأما الموضع النجس سواء كان
رخوا أو صلبا فإنه يتنحى عنه بالغائط لغيره مطلقا، ويكره له كراهة شديدة تغوطه فيه قائما أو جالسا
قوله: (ولو بولا) أي هذا إذا كانت الحاجة غائطا بل ولو كانت بولا قوله: (بأن يميل إلخ) هذا تصوير
للاعتماد على الرجل حال قضاء الحاجة جالسا قوله: (لأنه أعون إلخ) علة لندب الاعتماد على الرجل، فقوله
لأنه أي الاعتماد المذكور أعون أي أشد إعانة على خروج الفضلة وذلك لان المعدة في الشق الأيمن
فإذا اعتمد على رجله اليسرى صار المحل كالمزلق لخروج الحدث فهي شبه الاناء الملآن الذي
أقعد على جنبه للتفريغ منه بخلاف ما إذا أقعد معتدلا قوله: (أي إزالة ما في المحل بماء أو حجر)
تفسير الاستنجاء بذلك هو ما ذكره ابن الأثير في النهاية، وعليه فالاستنجاء أعم من الاستجمار
لأنه إزالة ما في المحل بالأحجار قوله: (أعني) أي الرجل التي يعتمد عليها واليد التي يستنجي بها (قوله
فهو نعت مقطوع) أي لان المعمولين لعاملين مختلفين لا يجوز اتباع نعتهما والندب منصب
على قوله يسيرين قوله: (وبلها) أي وبل ما لاقى الأذى منها وهو الوسطى والخنصر والبنصر كما في المج
وليس المراد بلها كلها كما هو ظاهره. وقوله: وغسلها بتراب إلخ أي إذا لم يبلها قبل ملاقاة الأذى كما في
المج، وليس المراد أنه يندب غسلها بكتراب مطلقا سواء بلها قبل لقاء الأذى أو لم يبلها كما هو ظاهره
وقوله: بما يزيل الرائحة أي التي تعلقت باليد عند عدم بلها وأما عند بلها فلم تتعلق بها رائحة لانسداد المسام
قوله: (ولو مع صب الماء) أي ولو كان لقي الأذى مقارنا لصب الماء قوله: (أي محل سقوط الأذى)
فإذا وصل لمحل سقوط الأذى كشف عورته قوله: (وندب إعداد مزيله) أي قبل جلوسه لقضاء
الحاجة قوله: (كان المزيل جامدا) أي كالحجر. وقوله: أو مائعا أي كالماء. وفي بن: المندوب لقضاء الحاجة
إعدادهما معا لا إعداد أحدهما فقط كما هو ظاهر الشارح، ففي قواعد عياض من آداب قضاء الحاجة أن
يعد الماء والأحجار عنده اه‍. إذا علمت هذا فكان الأولى للشارح أن يقول: وندب إعداد مزيله من
ماء وحجر فتأمل وقد يقال: محل ندب إعدادهما معا قبل الجلوس إن تيسرا، فإن تيسر أحدهما فقط
ندب إعداده. قوله: (أي المزيل الجامد) أشار الشارح إلى أن في كلام المصنف استخداما حيث
ذكر المزيل بمعنى وأعاد الضمير عليه بمعنى آخر. قوله: (إن أنقى الشفع) أي فإذا حصل الانقاء باثنين ندب
استعمال الثالث، وإن حصل الانقاء بأربعة ندب الخامس، وإن حصل الانقاء بستة ندب السابع فإن
105

حصل الانقاء بالوتر تعين ولا يتأتى ندبه. قوله: (يمسح بكل جهة) أي يمسح المخرج بتمامه بكل جهة من
جهات الحجر الثلاث قوله: (وتقديم قبله) أي خوفا من تنجس يده بما على مخرج البول لو قدم دبره قوله
إلا أن يقطر إلخ) أي فيقدم دبره حينئذ لأنه لا فائدة في تقديم القبل قوله: (حال الاستنجاء) أي وكذا
حال الاستجمار قوله: (لئلا ينقبض المحل إلخ) أي فيلزم على ذلك صلاته بالنجاسة ولربما خرج ذلك
الأذى الذي انقبض عليه المحل فينجس ثوبه أو بدنه أو هما، ولا يقال: مقتضى ما ذكر من التعليل وجوب
الاسترخاء لا ندبه. لأنا نقول: حصول ما ذكر أمر محتمل أفاده عج. قوله: (وتغطية رأسه) أي حال
قضاء الحاجة وحال متعلقها من الاستنجاء والاستجمار وإنما ندب تغطية الرأس فيما ذكر قيل حياء
من الله ومن الملائكة، وقيل لأنه أحفظ لمسام الشعر من علوق الرائحة بها فتضره. قوله: (وقيل برداء) أي
وقيل لا يحصل ندب تغطية الرأس إلا إذا كانت برداء ونحوه زيادة على ما اعتاده في الوضع على رأسه من
طاقية ونحوها وهذا ضعيف والمعتمد الأول كما قرره الشارح، والخلاف المذكور مبني على الخلاف في
علة ندب تغطية الرأس، وهل هو من الحياء من الله أو خوف علوق الرائحة بمسام الشعر؟ قال بن: والأول
هو المنصوص قوله: (لئلا يرى ما يخاف منه) أي غير قادم عليه قوله: (وذكر) أي واستعمال ذكر إذ
لا تكليف إلا بفعل قوله: (غفرانك) بالنصب أي أسألك غفرانك قوله: (سوغنيه) أي أدخله في جوفي
قوله: (وأخرجه عني خبيثا) الحمد على مجموع الامرين خروجه وكونه خبيثا لان كلا من عدم خروجه
ومن خروجه غير خبيث فيه مضرة قوله: (أو الحمد لله إلخ) قال شيخنا: الأولى الجمع بين الروايتين (قوله
وقبله) أي قبل الدخول لمحل قضاء الحاجة قوله: (حتى دخل) أي لمحل قضاء الحاجة قوله: (ما لم يجلس
لقضائها) أي وينكشف وهذا راجع لقوله: فإن فات ففيه إن لم يعد قوله: (وإلا فلا ذكر) أي وإلا بأن
جلس منكشفا على القول الأول أو خرج منه الحدث على القول الثاني فلا ذكر قوله: (لم يندب فيه) أي
لم يندب ذكره فيه إذا نسي الذكر حتى دخل لمحل قضاء الحاجة. قوله: (وسكوت) أي لان الكلام حين
قضاء الحاجة يورث الصمم وحينئذ فلا يشمت عاطسا ولا يحمد إن عطس ولا يجيب مؤذنا ولا يرد
سلاما على مسلم ولا بعد الفراغ على الأظهر كالمجامع، بخلاف الملبي والمؤذن فإنهما يردان بعد الفراغ وأما
المصلي فيرد بالإشارة قوله: (ومتعلقه) أي وحين متعلقه وقوله: الاستنجاء بيان لمتعلقه فهو على حذف
من البيانية أو خبر لمبتدأ محذوف أي وهو الاستنجاء. قوله: (بحيث لا يرى جسمه) أي وأما تستره
بحيث لا ترى عورته فهذا واجب لا مندوب قوله: (له بال) أي لان المال لا يكون مهما إلا إذا كان
له بال كما قال اللقاني قوله: (بشجر) متعلق بتستر قوله: (ما يخرج منه) أي من الريح الشديد
قوله: (أو مستطيل) أشار الشارح بهذا إلى أن مراد المصنف بالحجر ما يشمل السرب بفتح
السين والراء وهو المستطيل لا خصوص الجحر لغة وهو الثقب المستدير قوله: (لئلا يخرج منه
ما يؤذيه) أي من الحيوانات كالحيات والعقارب. قوله: (أو لأنه مسكن الجن) أي وقضاء
106

الحاجة فيه يؤذيهم وإن كانوا يحبون النجاسة إذ لا يلزم من محبة الشخص للشئ محبة سقوطه عليه، ألا
ترى أن الطبيخ يحبه الانسان ويكره وقوعه عليه. قوله: (واتقاء مهب ريح) أي اتقاء المحل الذي تهب
الريح منه كالكنيف الذي في قصبته طاقة ومحل ندب اتقاء مهب الريح إذا كانت الحاجة بولا أو
غائطا رقيقا وإلا فلا أخذا مما ذكره الشارح من العلة قوله: (لئلا يتطاير إلخ) هذا ظاهر إذا كانت
الريح غير ساكنة ولاحتمال تحركها وهيجانها فيتطاير إلخ إذا كانت ساكنة قوله: (هو أعم مما قبله)
أي وحينئذ فيستغنى به عما قبله وإنما كان الطريق أعم من المورد، لان الطريق إما موصلة للماء فتكون
موردا، وإما أن تكون غير موصلة فلا تكون موردا، وقد يقال: الطريق عرفا ما اعتيد للسلوك والمورد
ما يستقر فيه لورود الماء وأخذه فهو مغاير لها ولذا جمع بينهما في الحديث قوله: (إذ المراد به) أي بالمورد
ما أمكن الورود منه أي وهذا هو عين الشط، فقوله: لا ما اعتيد أي للورود منه أي حتى يكون أخص
من الشط قوله: (شأنه الاستظلال به من مقيل ومناخ) أي من ظل مقيل ومناخ أي من ظل شأنه أن
يتظلل به الناس وقت القيلولة وإناخة الإبل فيه قوله: (ومثله) أي ومثل الظل في النهي عن قضاء الحاجة
فيه مجلسهم أي المحل الذي يجلس فيه الناس في القمر ليلا أو يجلسون فيه في الشمس زمن الشتاء
للتحدث، قال شيخنا: والظاهر أن قضاء الحاجة في المورد والطريق والظل وما ألحق به حرام كما يفيده
عياض وقاله عج خلافا لما يقتضيه كلام المصنف من الكراهة لأنه جعل اتقاءها مندوبا تنبيه
يحرم قضاء الحاجة في الماء إذا كان راكدا قليلا فإن كان الراكد مستبحرا أو كان الماء جاريا
فلا حرمة في قضائها فيهما حيث كان مباحا أو مملوكا وأذن ربه في ذلك لا مملوكا بغير إذن فيحرم (قوله
جلوسا وقياما) أي كانت الحاجة بولا أو غائطا قوله: (فيتأكد الجلوس به) أي سواء كانت الحاجة
بولا أو غائطا، وقد تقدم أن الرخو إذا كان طاهرا تعين الجلوس به كانت الحاجة بولا أو غائطا، وإن كان
نجسا تعين القيام في البول وتنحاه في الغائط، وتقدم أن المراد بالتعين الندب الأكيد قوله: (أي عند إرادة
دخوله) الأولى حذف إرادة لان التنحي عن الذكر إنما هو عند الدخول بالفعل قوله: (وكره له الذكر
باللسان) أي في الكنيف قبل خروج الحدث أو حين خروجه أو بعده، وكذا يكره الذكر
وقراءة القرآن في الطرق وفي المواضع المستقذرة، واحترز الشارح بقوله باللسان عن الذكر بقلبه وهو في الكنيف
فإنه لا يكره إجماعا قوله: (كدخوله بورقة) هذا تشبيه في الحكم وهو الكراهة خلافا لمن قال بجواز
دخوله بما ذكر قوله: (فيه ذكر الله) راجع للورقة والدرهم والخاتم ولا مفهوم لقوله فيه ذكر الله بل مثله
إذا كان فيه شئ من القرآن، وما يفهم من كلام ابن عبد السلام. والتوضيح وبهرام من الحرمة فغير ظاهر
كما قاله ح وتبعه عج قوله: (أو خاف عليه الضياع) الأولى وخاف بالواو لأن جواز الدخول بما
ذكر مقيد بأمرين ولا يكفي أحدهما. قوله: (ووجوبا في القرآن) أي قراءة وكتبا كما في عبق، فقول
الشارح: فيحرم عليه قراءته فيه وكذا كتبه قوله: (فيما يظهر) ما ذكره الشارح من منع دخول
الكنيف بما فيه قرآن مطلقا سواء كان كاملا أو كان بعضه كان لذلك البعض بال أو لا تبع فيه ابن
عبد السلام والتوضيح، وقد رده ح وعج وقالا: إنه غير ظاهر، واستظهر الأول كراهة دخول
الكنيف بما فيه قرآن وأطلق في الكراهة فظاهره كان كاملا أو بعضا، واستظهر الثاني التحريم في
الكامل وما قاربه، والكراهة في غير ذي البال كالآيات واعتمد هذا الأشياخ واقتصر عليه في المج
(قوله كمسه للمحدث) أي كما يحرم مس المصحف الكامل أو بعضه ولو لم يكن له بال للمحدث وقد
يقال: إن هذا قياس مع الفارق لان المحدث قام به وصف منعه من المس ولا كذلك من في الخلاء
حيث لم يحدث تأمل قوله: (إلا لخوف ضياع إلخ) استثناء من قوله: وكذا يحرم عليه دخوله بمصحف إلخ
107

(قوله أو ارتياع) أي فزع من جن قوله: (فيجوز) أي مع ساتر له يكنه من وصول الرائحة إليه، والظاهر
أن الجيب لا يكفي لأنه ظرف متسع كما قاله طفي في أجوبته، وعلم مما قلنا أن جواز الدخول
بالمصحف مقيد بأمرين الخوف والساتر فأحدهما لا يكفي خلافا لما يوهمه كلام الشارح تبعا لعبق
قوله: (بل غيره) أي مثل الفضاء كذلك فإذا جلس في الفضاء لقضاء الحاجة نحى ذكر الله فيه ندبا في
غير القرآن ووجوبا في القرآن قوله: (بعد ذلك) أي بعد الاستنجاء قوله: (إلا أن حرمة القرآن في غيره
مقيدة إلخ) أي وأما فيه فمطلقة فالقراءة فيه قبل خروج الحدث حرام وأما في غيره فلا تحرم قوله
ويكره الاستنجاء إلخ) هذا القول قد رجحه ح. وقوله: أو اسم نبي أي مقرون بما يعينه كعلية الصلاة
والسلام لا مجرد الاشتراك قوله: (وقيل يمنع) هو ما ذكره المصنف في التوضيح قال في المدخل: وما
روي من الجواز عن مالك فرواية منكرة حاشاه أن يقول بذلك، ومحل الخلاف إذا كانت النجاسة لا
تصل للخاتم وإلا منع اتفاقا قوله: (ويقدم ندبا يسراه دخولا للكنيف) أي وكذا لكل دنئ كحمام
وفندق قوله: (عكس مسجد فيهما) أي فيندب أن يقدم في دخوله يمناه وفي الخروج منه يسراه (قوله إن
ما كان من باب التشريف والتكريم) أي كالمسجد وحلق الرأس ولبس النعل. وقوله: وما كان بضده
أي كدخول الحمام والفندق والخروج من المسجد وخلع النعل قوله: (والمنزل يمناه بهما) فإن حصلت
المعارضة بين المنزل والمسجد كما لو كان باب بيته داخل المسجد وخرج من المسجد لبيته كان الحكم
للمسجد قوله: (أي اضطر إلى ذلك) أي إلى الاستقبال والاستدبار قوله: (التي يعسر التحول فيها) أي
عن القبلة. قوله: (وإن لم يلجأ) لو عبر بلو لرد ما في الواضحة من أنه لا يجوز إلا إذا ألجئ كان أولى قاله
بن قوله: (وفضاء المدن) أي والفضاء الذي في داخل المدن كالحيشان والخرائب التي بداخل البيوت
قوله: (ما قابل الفضاء) أي ما قابل الصحراء لا المنزل المعروف وحينئذ فيشمل فضاء المدن ورحبة الدار
ومراحيض السطوح والسطح نفسه قوله: (وأول بالساتر إلخ) لو قال المصنف: وجاز بمنزل وطئ
وحدث مستقبل قبلة ومستدبرا وإن لم يلجأ لا في الفضاء إلا بساتر وحذف ما زاد على ذلك كان
أحسن لان هذا هو المعتمد وما زاد على ذلك فهو ضعيف. قوله: (فالتأويلان في المبالغ عليه فقط) أي
وأما ما قبل المبالغة فالجواز مطلقا باتفاق قوله: (وفي مراحيض السطوح خاصة) أي لأنها هي التي يكون
معها الساتر حينئذ تارة وتارة لا يكون، وأما رحبة الدار وفضاء المدن فالساتر لا يفارقهما، ونص المدونة
ولا يكره استقبال القبلة ولا استدبارها لبول أو غائط أو مجامعة إلا في الفلوات، وأما في المدائن
والقرى والمراحيض التي على السطوح فلا بأس بها فحملها اللخمي وعياض وعبد الحق على
الاطلاق، وحملها بعض شيوخ عبد الحق وأبو الحسن على التقييد بما إذا كان لتلك المراحيض ساتر (قوله
خلافا لظاهر المصنف) أي فإنه يقتضي جريان التأويلين فيما قبل المبالغة وما بعدها وفي مراحيض
السطوح وغيرها قوله: (لا في الفضاء) المراد به الصحراء. قوله: (ويستر قولان) قال النووي: أقل
الساتر طولا ثلثا ذراع بعده عنه ثلاثة أذرع فدونه وعرضا بقدر ما يستر قوله: (بالجواز) وهو
قول ابن رشد ونقله في التلقين عن المدونة. وقوله: والمنع وهو ما في المجموعة ومختصر ابن عبد الحكم
108

(قوله أي ترك البول والغائط) مستقبلا ومستدبرا أي في الفضاء مع الساتر كما هو الموضوع وأولى
عند عدمه. وقوله: لا الوطئ أي وأما الوطئ في الفضاء مستقبلا أو مستدبرا فهو جائز عنده يعني مع الساتر
كما هو الموضوع قوله: (تعظيما إلخ) علة لاختيار اللخمي ترك البول والغائط في الفضاء مستقبلا أو
مستدبرا ولو بساتر. قوله: (وهذا) أي كون اللخمي اختار ترك البول والغائط مستقبلا ومستدبرا
في الفضاء حتى فضاء المنازل ولو مع الساتر، وأما الوطئ فيه مع الساتر فلا يمنع عنده لا يفهم من كلام
المصنف، والمفهوم منه أن اللخمي اختار ترك كل من البول والغائط والوطئ مستقبلا ومستدبرا في
الفضاء ولو بساتر. قوله: (والحاصل أنه اعترض على المصنف بوجهين إلخ) الأول للشيخ أحمد
الزرقاني والثاني لح. قال بن: وكلاهما غير مسلم. أما الأول: فلان ظاهر اللخمي كظاهر المصنف استواء
الوطئ والحدث، ونص اللخمي على ما نقل ابن مرزوق وقال ابن القاسم: لا بأس بالجماع إلى القبلة
كقول مالك في المراحيض وجواز ذلك في المدائن والقرى لأنه الغالب والشأن في كون أهل
الانسان معه، فمع انكشافهما يمنع في الصحراء ويختلف في المدن ومع الاستتار يجوز فيهما اه‍. قال ابن
مرزوق عقبه: وظاهر كلام اللخمي استواء الوطئ والحدث أيضا كما ذكره المصنف. قال أبو علي
المسناوي: وصدق في كون ذلك ظاهر اللخمي لان قوله فمع انكشافهما يمنع في الصحراء ظاهره كان
بساتر أم لا. وقوله: مع الاستتار يجوز فيهما إنما جوز الوطئ مع الاستتار بثوبيهما ولم يجوز الغائط إذا
سدل ثوبه خلفه لان الوطئ أخف من قضاء الحاجة اه‍. وأما الثاني فلا نسلم أن اختيار اللخمي جار في
الفضاء يعني الصحراء وفي غيرها كرحبة الدار وفضاء المدن بل هو خاص بالفضاء خلافا لح ومن تبعه
وذلك لان اللخمي بعد أن نقل عن مالك في المدونة أنه أجاز ذلك في المدن ومنعه في الصحراء ذكر أنه
اختلف في علة المنع في الصحراء هل هي طلب الستر من الملائكة المصلين وصالحي الجن لأنهم
يطوفون في الصحارى وعلى هذا لو كان هناك ساتر جاز لوجود الستر؟ أو هي تعظيم القبلة وهو المختار
وهذا يستوي فيه الصحارى والمدن؟ فقوله: وهذا يستوي إلخ أي أن هذا التعليل الثاني الذي هو مختاره
يستوي فيه الصحارى والمدن فمقتضى القياس المنع فيهما، لكن أبيح ذلك في المدن للضرورة كما دل
عليه كلامه قبله، وبقي ما عدا المدن على عدم الجواز لعدم الضرورة قاله المسناوي اه‍ كلام بن قوله: (أن
اختياره خاص بالفضاء) أي الصحراء. قوله: (وفي غيره) أي كرحبة الدار وفضاء المدن قوله: (فيه
طريقان) الجواز لعياض وعبد الحق وعدمه لبعض شيوخ عبد الحق. قوله: (أن الصور كلها جائزة
إلخ) أي وهي ستة: الأولى قضاء الحاجة والوطئ في الفضاء مستقبلا أو مستدبرا بدون ساتر وهذه
حرام قطعا. الثانية: قضاء الحاجة في بيت الخلاء الذي في المنزل مستقبلا أو مستدبرا بساتر وهذه جائزة
اتفاقا. الثالثة: قضاؤها فيه مستقبلا أو مستدبرا بدون ساتر وفيها قولان بالجواز والمنع والمعتمد الجواز
ولو كان بيت الخلاء بالسطح. الرابعة: قضاؤها في الفضاء ومثلها الوطئ فيه مستقبلا أو مستدبرا
بساتر وفيها قولان بالجواز والمنع والمعتمد الجواز. الخامسة والسادسة: قضاء الحاجة والوطئ
بحوش المنزل بساتر وبدونه وفيهما قولان بالجواز والمنع والمعتمد الجواز فيهما والمراد بالجواز
فيما ذكر كله خلاف الأولى. قوله: (لا القمرين إلخ) عطف على مقدر أي لا في الفضاء فيحرم
الاستقبال والاستدبار للقبلة لا للقمرين إلخ فالمقدر المعطوف عليه هو قولنا للقبلة (قوله
وبيت المقدس) المراد به الصخرة لأنها التي كانت قبلة فيتوهم منع استقبالها حالة التحدث والجماع لا
المسجد الأقصى إذ لا يتوهم فيه ذلك قوله: (بل يجوز مطلقا) أي سواء كان في المنزل أو في الفضاء بساتر
أو لا، وإنما ضرب لان نفي الحرمة لا يدل على نفي الكراهة لصدقه بالكراهة والجواز والمراد بالجواز
خلاف الأولى. قوله: (ووجب استبراء باستفراغ أخبثيه إلخ) اعلم أن السين والتاء في كل منهما يحتمل
109

أن يكونا للطلب وأن تكونا زائدتين، ويحتمل أن تكونا للطلب في الأول وزائدتين في الثاني
فإن كانتا للطلب فيهما أو زائدتين فيهما كانت الباء للتصوير لان طلب البراءة هو طلب الافراغ
والاخراج للأخبثين، وكذلك البراءة هي اخراج الأخبثين، ولا يصح جعلها حينئذ للاستعانة ولا
للسببية لان المستعان به غير المستعان عليه والسبب غير المسبب وهنا البراءة، وإخراج الأخبثين شئ
واحد وكذا طلبهما، وأما إن جعلنا السين والتاء في الاستبراء للطلب وفي الاستفراغ زائدتين
كانت الباء للسببية أو للاستعانة أي ووجب طلب البراءة بتفريغ المحلين من الأخبثين، وبعض
الشراح جعل الباء في كلام المصنف للتصوير وبعضهم جعلها للسببية أو الاستعانة وكل صحيح
نظرا لما قلنا. قوله: (أي إفراغ وإخراج أخبثيه) أي من مخرجيهما فلو توضأ والبول في قصبة الذكر
أو الغائط في داخل فم الدبر كان الوضوء باطلا لان شرط صحة الوضوء كما مر عدم حصول المنافي
فالاستبراء مطلوب لأجل إزالة الحدث لا لأجل إزالة الخبث، فلا يجري فيه الخلاف الذي في إزالة النجاسة
كما قرر شيخنا قوله: (مع سلت ذكر) متعلق بوجب أي وجب ما ذكر مع سلت ذكره ونتره وفيه إشارة
إلى وجوبهما وهذا في حق الرجل، وأما في حق المرأة فإنها تضع يدها على عانتها ويقوم ذلك مقام السلت
والنتر، وأما الخنثى فيفعل ما يفعله الرجل والمرأة احتياطا، وقوله: مع سلت ذكر إلخ هذا خاص بالبول
وأما الغائط فيكفي في تفريغ المحل منه الإحساس بأنه لم يبق شئ مما هو بصدد الخروج وليس عليه
غسل ما بطن من المخرج بل يحرم لشبه ذلك باللواط قوله: (مثلا) أشار إلى أن السلت لا يتوقف على
خصوص السبابة والابهام، نعم هما أولى لأنهما أعون على الافراغ من غيرهما قوله: (ثم يمرهما) أي
من أصل الذكر قوله: (أي جذبه) فيه أن الجذب هو السحب الذي هو السلت والأولى أن
يقول أي تحريكه يمينا وشمالا أو فوق وتحت. واعلم أن النتر عند أهل اللغة هو التحريك الخفيف
وحينئذ فوصف المصنف له بالخفة كاشف لأنه لا يكون إلا كذلك لاخذ الخفة في مفهومه وليس
وصفا مخصصا كما هو الشأن في الأوصاف قوله: (لأنه) أي الذكر كالضرع قوله: (أعطى النداوة)
أي فيتسبب عدم التنظيف. قوله: (ولان قوة ذلك) أي السلت قوله: (ويضر بالمثانة) أي يصيرها
مرخية سائبة لا تمسك على البول بل كلما حصل فيها شئ نزل منها. قوله: (إلى أن يغلب على الظن إلخ)
هذا غاية لقول المصنف مع سلت ذكر ونتر، وعلم من هذا أن المدار على حصول الظن بانقطاع المادة
فإذن لا يشترط التنشيف وأنه لو مكث مدة بحيث يغلب على الظن أنه لم يبق شئ يخرجه السلت
كان ذلك كافيا ولو لم يسلت. قوله: (ولا يتبع الأوهام) أي فإذا غلب على ظنه انقطاع المادة
من الذكر ترك ذلك السلت والنتر ولا يعمل على ما عنده من توهم بقاء شئ في الذكر من المادة، وما
شك في خروجه بعد الاستبراء كنقطة فمعفو عنها، فإن فتش ورآها فحكم الحدث والخبث أي أنها
تنقض الوضوء إن لم تلازم جل الزمان ويجب غسلها إن لم تعتره كل يوم قوله: (من كل ما يجوز
الاستجمار به) أي مع الاقتصار عليه وهو اليابس الطاهر المنقى غير المؤذي وغير المحترم، وأما ما لا
110

يباح الاستجمار به فليس له هذا الحكم يعني لا يكون جمعه مع الماء أفضل من الماء وحده، كذا في عبق
وفيه نظر لأنه إذا كان جمعه مع الماء جائزا كما نقله ح عن زروق فالظاهر أن يكون أفضل من الماء
وحده لأنه أبلغ منه وحينئذ فإطلاق الندب أولى اه‍ بن. قوله: (والأثر) أي الحكم قوله: (فيقدم
الحجر إلخ) أي لأنه يقدم الحجر إلخ فهو علة لعدم ملاقاة النجاسة ليده قوله: (لأنه أنقى للمحل
أي لازالته العين والحكم اتفاقا قوله: (فإن اقتصر على الحجر أو ما في معناه أجزأ إلخ) وهل يكون
المحل طاهرا لرفع الحكم والعين عنه وهو ظاهر التوضيح وظاهر الطراز أن الحجر عند الاقتصار عليه
لا يرفع الحكم وأن المحل نجس معفو عنه انظر ح. قوله: (وتعين الماء في مني إلخ) اعترض عليه بأن المني
والحيض والنفاس يتعين فيها غسل جميع الجسد ولا يتوهم فيها كفاية الاستجمار بالأحجار. وحينئذ
فلا حاجة للنص على تعين الماء فيها وعدم كفاية الأحجار. وحاصل ما أجاب به الشارح أن الكلام
مفروض في حق من فرضه التيمم لمرض أو لعدم ماء يكفي غسله ومعه من الماء ما يزيل به النجاسة
فيقال لمن خرج منه المني: لا بد من غسل الذكر أو الفرج بالماء، ويقال للمرأة: لا بد من غسل الدم الداخل
في الفرج بالماء. واعلم أنه حيث تعين الماء في المني فلا يجب غسل الذكر كله خلافا للشيخ بركات
الحطاب أخي الشيخ محمد الحطاب شارح المتن وتلميذه قوله: (أو لعدم ماء يكفي غسله) أي ومعه
من الماء ما يزيل به النجاسة قوله: (أو بلذة غير معتادة) أي فهذا إنما يوجب الوضوء لا الغسل لكن
لا بد من غسل الذكر بالماء مع الوضوء قوله: (ويفارق يوما فأكثر) أي لأنه في هذه الحالة لا يعفى عنه
ويوجب الوضوء. قوله: (لما تقدم في المعفوات) أي من أن حدث المستنكح إذا أتى كل يوم ولو مرة
فإنه يعفى عن إزالته مطلقا أوجب الوضوء بأن فارق أكثر الزمن أم لا. قوله: (ووقع للشراح هنا سهو
ظاهر) حيث قالوا: مني صاحب السلس يكفيه الحجر كالبول والحصى والدود ببلة، فقولهم: يكفيه
الحجر فيه نظر لان الخارج على وجه السلس إن أتى يوما وفارق يوما تعين فيه الماء، وإن أتى كل يوم فلا
يطلب فيه حجر ولا غيره. قوله: (ويجري فيهما ما جرى في المني) أي فيحملان على من أنقطع حيضها
أو نفاسها وفرضها التيمم لمرض أو لعدم ماء يكفي غسلها ومعها من الماء ما تزيل به النجاسة فلا بد
في غسل الدم من فرجها من الماء ولا يكفي فيه الحجر. قوله: (وفي بول امرأة) مثل بولها بول
الخصي أي مقطوع الذكر قطعت أنثياه أيضا أم لا، ومثله أيضا مني الرجل إذا خرج من فرج
المرأة بعد غسلها فهو كبولها لا يكفي فيه الحجر، ومثله أيضا البول الخارج من الثقبة إذا انسد المخرجان
على الظاهر لأنه منتشر فيتعين فيه الماء ولا يكفي فيه الأحجار. وأفهم قوله بول أن حكمها في الغائط
حكم الرجل وتغسل المرأة سواء كانت ثيبا أو بكرا كل ما ظهر من فرجها حال جلوسها، وأما
قول عبق: وتغسل المرأة ما ظهر من فرجها والبكر ما دون العذرة ففيه نظر، إذ التفرقة بين الثيب
والبكر إنما هي في الحيض خاصة كما ذكره صاحب الطراز واختاره في البول تساويهما لان مخرج
البول قبل البكارة والثيوبة بخلاف الحيض انظر ح ولا تدخل المرأة يدها بين شفريها
كفعل اللواتي لا دين لهن، وكذا يحرم إدخال أصبع بدبر لرجل أو امرأة إلا أن يتعين لزوال الخبث كما في
المج، ولا يقال: الحقنة مكروهة. لأنا نقول: فرق بينهما فإن الحقنة شأنها تفعل للتداوي. قوله: (غالبا)
أي ومن غير الغالب عدم تعدي بولها لجهة المقعدة وعدم انتشاره، وهذا يشير إلى أن هذا
الحكم وهو تعين الماء لبول المرأة ثابت مطلقا حصل فيه انتشار أم لا إلحاقا لغير الغالب بالغالب
111

قوله: (ومنتشر) أي فيتعين الماء في هذا الحدث كله لا في المنتشر فقط خلافا لما يتبادر من كلام
المصنف. والحاصل أنه يغسل الكل ولا يقتصر على ما جاوز المعتاد لأنهم قد يغتفرون الشئ منفردا دونه
مجتمعا مع غيره قاله شيخنا. وقالت الحنفية: يغسل المنتشر الزائد على ما جرت العادة بتلويثه ويعفى عن
المعتاد. والحاصل أنهم يقولون: ما بقي من الفضلة على فم المخرج بعد قضاء الحاجة إن كان غير زائد على
المعتاد يعفى عنه، وإن كان منتشرا كثيرا غسل الزائد على ما جرت العادة بتلويثه وعفي عن المعتاد (قوله
وإلا كفى فيه الحجر) أي وإلا بأن خرج بلا لذة أصلا لكن صار يأتي يوما ويفارق يوما فأكثر
أو خرج بلذة غير معتادة كهز دابة مثلا كفى فيه الحجر (وإلا عفي عنه) أي ولا يطلب في إزالته
حجر ولا ماء قوله: (هذا هو التحقيق) أي وأما ما في خش وغيره من أن ما خرج بغير لذة معتادة
من المني أو من المذي إن لم يوجب الوضوء بأن لازم كل الزمان أو جله أو نصفه كفى فيه الحجر، وإن
أوجب الوضوء لملازمته أقل الزمان تعين فيه الماء ففيه نظر، والحق أنه متى أتى كل يوم على وجه السلس
لا يطلب في إزالته ماء ولا حجر وعفي عنه لازم كل الزمان أو جله أو نصفه أو أقله بل ولو أتى مرة واحدة
(قوله بغسل ذكره كله) اعلم أن غسل الذكر من المذي وقع فيه خلاف قيل: إنه معلل بقطع المادة
وإزالة النجاسة، وقيل: إنه تعبد والمعتمد الثاني، وعلى القولين يتفرع خلاف هل الواجب غسل بعضه
أو كله؟ والمعتمد الثاني، ويتفرع أيضا هل تجب النية في غسله أو لا تجب؟ فعلى القول بالتعبد تجب، وعلى
القول بأنه معلل لا تجب والمعتمد وجوبها، ثم إنه على القول بوجوب النية إذا غسل كله بلا نية وصلى هل
تبطل صلاته لتركه الامر الواجب وهو النية أو لا؟ قولان والمعتمد الصحة لأن النية واجبة غير شرط
ومراعاة للقول بعدم وجوبها وإن الغسل معلل، وعلى القول بوجوب غسله كله لو غسل بعضه بنية أو
بدونها وصلى هل تبطل صلاته أو لا تبطل؟ قولان على حد سواء، والقول بعدم البطلان مراعاة لمن قال
إنما يجب غسل بعضه، وعلى القول بصحة الصلاة فهل تعاد في الوقت ندبا أو لا يطلب بإعادتها؟ قولان
هذا محصل ما في المسألة. قوله: (وفي بطلان صلاة تاركها إلخ) هذان القولان اللذان في هذا الفرع
مرتبان على القولين في الفرع الذي قبله، فالذي يقول هنا بالبطلان بناه على وجوب النية، والذي يقول بعدم
البطلان بناه على عدم وجوبها قاله في التوضيح، وذكر بعضهم أن هذا الخلاف مبني على القول بوجوب
النية وهو ما ذكرناه سابقا وإليه يشير كلام الشارح وكلاهما صحيح. قوله: (وعلم أنه إذا لم يغسل منه شيئا) أي
واقتصر على الاستجمار بالأحجار قوله: (فالصحة اتفاقا) أي وأما إذا غسله كله بلا نية وصلى فقولان
والمعتمد الصحة، وإن غسل بعضه بنية أو بدونها وصلى فقولان على حد سواء فالأحوال أربعة: الصحة
اتفاقا في حالة والبطلان اتفاقا في حالة والخلاف في حالتين. قوله: (وإذا قلنا بالصحة) أي فيما إذا غسل بعضه
بنية أو بدونها قوله: (فيجب تكميل غسله فيما يستقبل) أي فإن لم يكمل لما يستقبل وصلى به في المستقبل
بدون تكميل ففي صحة تلك الصلاة وبطلانها قولان على حد سواء قوله: (وينوي) أي من خرج منه
المذي عند غسل ذكره أو من أراد تكميل غسل ذكره قوله: (ولا نية على المرأة في مذيها) أي وتغسل محل
الأذى فقط. وقوله: على الأظهر أي خلافا لما في خش من استظهاره افتقار غسلها المذي لنية ما ذكره
شارحنا من أن المرأة تغسل محل الأذى فقط بلا نية هو المعتمد كما في عج. قوله: (ولا يستنجي من
ريح) هذا نفي بمعنى النهي لقوله عليه الصلاة والسلام: ليس منا من استنجى من ريح
أي ليس على سنتنا، والنهي للكراهة كما قاله الشارح لا للحرمة. قوله: (كما يغسل منه الثوب)
112

أي لطهارته، ومثل الريح في كونه لا يستنجي منه الحصى والدود إذا خرجا خالصين من البلة أو كانت
خفيفة، وأما لو كثرت البلة فلا بد من الاستنجاء أو الاستجمار بالحجر وإن كانت لا تنقض الوضوء كما
يأتي وبهذا يلغز ويقال شئ خرج من المخرج المعتاد أوجب قطع الصلاة والاستنجاء والوضوء
باق بحاله. قوله: (وجاز بيابس) أي جاز بما اجتمعت فيه هذه الأوصاف الخمسة المشار لها بقوله
بيابس إلخ، والمراد به الجاف مطلقا سواء كان فيه صلابة أو لا، لا خصوص ما فيه صلابة بدليل تمثيل
الشارح بالخرق وما بعدها. قوله: (إذ الاستنجاء يشمل إلخ) أي لان الاستنجاء كما تقدم عن ابن الأثير
إزالة الأذى من على المخرج بالماء أو بالحجر، والاستجمار إزالة ما على المخرج بالأحجار فهو فرد من أفراد
الاستنجاء قوله: (أي طوب) تفسير للمدر. وقوله: وهو أي الطوب ما حرق إلخ. وقوله: أو لا هذا مقابل
لقوله كان ذلك اليابس من أنواع الأرض. وقوله: كخرق بالراء المهملة والقاف جمع خرقة لا بالزاي
المعجمة والفاء لان الخزف هو الآجر وهو من أنواع الأرض. قوله: (لا بمبتل إلخ) هذا شروع
في محترز الأوصاف الخمسة المشترطة في جواز ما يستجمر به على سبيل اللف والنشر المرتب، وإنما
صرح بمفهوم تلك الأوصاف لعدم اعتباره لمفهوم غير الشرط كالصفة هنا. قوله: (لا يجوز بمبتل) أي
يحرم لنشره النجاسة وأحرى المائع فإن وقع واستجمر به فلا يجزيه، ولا بد من غسل المحل بعد ذلك بالماء
فإن صلى عامدا قبل غسله أعاد أبدا، وما قيل في المبتل يقال في النجس أي من كونه لا يستنجى به ويغسل
المحل بعد ذلك إن كان مائعا وأنه إن صلى عامدا بدون غسل أعاد أبدا. قوله: (وقصب وحجر) عطف
على زجاج أي ومكسور قصب ومكسور حجر بأن كان محرفا. قوله: (وعقاقير) العطف مغاير إن أريد
بالأدوية المركبات منها ومن غيرها. قوله: (والورق) أي وكذلك النخالة غير الخالصة من الدقيق، وأما
النحالة بالحاء المهملة وهي ما يسقط من الخشب إذا ملسه النجار أو خرطه والسحالة وهي ما يسقط
من الخشب عند نشره بالمنشار فلا خلاف في جواز الاستجمار بهما، كذا قال الشراح، لكن بحث ابن
مرزوق في النخالة بالخاء المعجمة بأنها وإن خلصت من الطعام إلا أنها ما زالت محترمة لحق الغير لأنه
تعلق بها حق لأنها علف للدواب، وإذا احترم علف دواب الجن فأحرى علف دواب الانس اه‍
(قوله لحرمة الحروف) أي لشرفها، قال الشيخ إبراهيم اللقاني: محل كون الحروف لها حرمة إذا كانت
مكتوبة بالعربي وإلا فلا حرمة لها إلا إذا كان المكتوب بها من أسماء الله. وقال عج: الحروف لها
حرمة سواء كتبت بالعربي أو بغيره وهو ما يفيده ح وفتوى الناصر قال شيخنا: وهو المعتمد (قوله
ولو باطلا) أي ولو كان ذلك المكتوب باطلا كسحر وتوراة وإنجيل مبدلا فيهما أسماء الله وأنبيائه
(قوله وجدار لوقف) أي سواء كان ذلك الوقف مسجدا أو غيره كأن وقفه أو وقف غيره كان الاستجمار
بجدار الوقف من داخله أو من خارجه فالحرمة بالاستجمار به مطلقا لان ذلك يؤدي لهدمه
113

(قوله: (أو في ملك غيره) أي إذا استجمر به بغير إذن مالكه وإنما حرم لأنه تصرف في ملك الغير بغير
إذنه فإذا استجمر بجدار الغير بإذنه كره فقط كما قرره شيخنا قوله: (ويكره في ملكه) أي ويكره
الاستجمار بالجدار إذا كان ذلك الجدار في ملكه أي واستجمر به من داخل، وأما إذا استجمر به من
خارج فقولان بالكراهة وهو المعتمد وقيل بالحرمة، وإنما نهى عن الاستجمار بجدار ملكه لأنه قد
ينزل المطر عليه ويصيبه بلل ويلتصق هو أو غيره عليه فتصيبه النجاسة وخوفا من أذية عقرب، وهذا
التعليل يجري في جدار الغير بإذنه كما مر. قوله: (إلا أنه يكره في الطاهرين) أي كما قال ح: ولا يحرم على
الراجح خلافا لابن الحاجب القائل بالحرمة قوله: (لان العظم طعام الجن) أي لأنه يعود بأوفر وأعظم
مما كان عليه من اللحم. قوله: (والروث طعام دوابهم) أي فيصير الروث شعيرا أو فولا أو تبنا أو عشبا
كما كان، وهل الذي يصير كذلك كل روث أو خصوص روث المباح ينظر في ذلك أي وإذا كان العظم
طعام الجن والروث طعام دوابهم صار النهي عنهما لحق الغير قوله: (والمراد بعدم الجواز) أي في قوله
لا يجوز بمبتل إلخ. واعلم أن محل امتناع الاستجمار بالأمور المذكورة إذا أراد الاقتصار عليها، وأما
إن قصد أن يتبعها بالماء فإنه يجوز إلا المحترم والمحدد والنجس فالحرمة مطلقا كما في ح نقلا عن زروق
واللخمي انظر بن. لا يقال: الجزم بحرمة النجس مطلقا مشكل مع ما مر من كراهة التضمخ بالنجاسة
على الراجح. لأنا نقول: الاستجمار بالنجاسة فيه قصد لاستعمال النجس وهذا ممنوع والتضمخ
المكروه ليس فيه قصد الاستعمال. قوله: (واستنجى بهذه المذكورات) أي التي يحرم الاستنجاء بها والتي
يكره الاستنجاء بها قوله: (كاليد فإنها تجزي إن أنقت) أي على الأصح قوله: (ودون الثلاث من الأحجار)
أي فإنها تجزي إن أنقت على الأصح خلافا لأبي الفرج فإنه أوجب الثلاثة من الأحجار فإن أنقى أقل
من الثلاث فلا بد من الثلاث.
فصل: نقض الوضوء بحدث إلخ قوله: (أحداث) جمع حدث والمراد به هنا ما ينقض الوضوء
بنفسه، وأما الأسباب فهي جمع سبب والمراد به ما يؤدي لما ينقض وليس ناقضا بنفسه (قوله أي
بطل حكمه) أي بطل استمرار حكمه وهو إباحة الصلاة وغيرها به وليس المراد بطلان ذات
الوضوء وإلا لكانت الصلاة التي فعلت به تبطل بنقضه. قوله: (في الصحة) متعلق بالمعتاد أي الذي
اعتيد خروجه في الصحة لا بالخارج وإلا لاقتضى عدم النقص بالمعتاد إذا خرج في المرض وليس
كذلك كذا قيل، وقد يقال: المراد بالخارج في الصحة ما شأنه أن يخرج فيها فاندفع الاعتراض
والمراد بالمعتاد ما اعتيد جنسه فإذا خرج البول غير متغير فإنه ينقض الوضوء لان جنسه
معتاد الخروج وإن لم يكن هو معتادا. واعلم أن البول الغير المتغير نجس وهو مستثنى
من توقف نجاسة الماء على التغير قوله: (وإن كان كالجنس) أي وهو يخرج عنه لأنه
114

(قوله أو حقنة) هي الدواء الذي يصب في الدبر بآلة قوله: (بل يوجب ما هو أعم) أي من
الوضوء وهو غسل جميع الجسد والتعريف إنما هو للحدث الموجب للوضوء خاصة لان الفصل معقود
لما يوجب الوضوء فقط قوله: (والقرقرة والحقن) عطف على الداخل كأنه يقول: خرج به ما هو داخل
كالعود إلخ وما ليس بداخل ولا خارج كالقرقرة إلخ، والقرقرة هي حبس الريح والحقن حبس البول
(قوله الشديدان) أي والحال أنهما لا يمنعان من الاتيان بشئ من أركان الصلاة، وأما لو منعا من
الاتيان بشئ منها حقيقة أو حكما كما لو كان يقدر على الاتيان به بعسر فقد أبطلا الوضوء، فمن حصره
بول أو ريح وكان يعلم أنه لا يقدر على الاتيان بشئ من أركان الصلاة أصلا أو يأتي به مع عسر كان
وضوءه باطلا فليس له أن يفعل به ما يتوقف على الطهارة كمس المصحف، ويمكن دخول هذا في قول
المصنف وهو الخارج المعتاد أي الخارج حقيقة أو حكما ليشمل القرقرة والحقن المانعين من أركان
الصلاة أو كان يحصل بهما مشقة كذا قرر شيخنا. قوله: (خلافا لبعضهم) حيث قال: إن الحقن والقرقرة
الشديدين ينقضان الوضوء ولو لم يمنعا الاتيان بشئ من أركان الصلاة. قوله: (إن خرجا) أي من المخرج
خالصين من الأذى أي وإلا نقض المخالط لهما لندور مخالطتهما للأذى، بخلاف الحصى والدود فإنه
لا ينقض مخالطهما كما يأتي لغلبة المخالطة فيهما كذا في عبق وأقره الأشياخ واعترضه العلامة بن قائلا ما
ذكره من التفرقة بين الدم والحصى والدود فيه نظر بل الدم والحصى والدود سواء فلا نقض بها مطلقا
كان معها أذى أم لا كما يفيده نقل المواق و ح وهو الذي عزاه ابن رشد للمشهور كما نقله ابن عرفة ونصه
وفي نقض غير المعتاد كدود أو حصى أو دم ثالثها إن قارنه أذى لابن عبد الحكم وابن رشد على المشهور
والثالث عزاه اللخمي لابن نافع اه‍. قوله: (تولد بالبطن) أي وأما لو ابتلع حصاة أو دودة فنزلت
بصفتها فالنقض ولو كانا خالصين من الأذى لان هذا من قبيل الخارج المعتاد. قوله: (وإنما خصهما
بالذكر) أي دون القيح والدم قوله: (والخلاف فيه) قال بن: لابن رشد في هذه المسألة ثلاثة أقوال
أحدها لا وضوء عليه خرجت الدودة نقية أو غير نقية وهو المشهور في المذهب. الثاني: لا وضوء عليه إلا
أن تخرج غير نقية. والثالث: عليه الوضوء مطلقا وإن خرجت نقية وهو قول ابن عبد الحكم خاصة من
أصحابنا اه‍ نقله أبو الحسن، فقول المصنف: ولو ببلة أي ولو بأذى ولو عبر به كان أوضح قوله: (ولو كثر)
أي الأذى بأن كان أكثر من الحصى والدود الخارج معهما ما لم يتفاحش في الكثرة وإلا نقض كما
قرره شيخنا. تنبيه: يعفى عما خرج من الأذى مع الحصى والدود إن كان مستنكحا بأن كان يأتي كل
يوم مرة فأكثر وإلا فلا بد من إزالته بماء أو حجر إن كثر وإلا عفي عنه أي بحسب محله لا بحسب إصابته
لثوب. قوله: (فشمل كلامه) أي شمل قوله الخارج المعتاد في الصحة من مخرجيه ثمانية أشياء اثنين من
الدبر وستة من القبل قوله: (في بعض أحواله) أي وهو ما إذا خرج بلذة غير معتادة أو كان سلسا ولازم
أقل الزمن قوله: (على ما سيأتي له في الحيض) أي في قوله: ووجب وضوء بهاد قوله: (على تفصيل
إلخ) أي إذا لازم أقل الزمان لا إن لازم كله أو جله أو نصفه قوله: (وشمل) أي التعريف
المذكور وهو قوله الخارج المعتاد في الصحة من مخرجيه قوله: (فلا ينقض خروجه)
115

أي كما في خش نقلا عن ابن عرفة. قوله: (كما قال شيخنا) أي العلامة العدوي قوله: (ما إذا خرج) أي
الخارج المعتاد من مخرجيه في حال المرض قوله: (وبسلس) هو بفتح اللام الخارج وهو المراد هنا
وبكسرها الشخص الذي قام به السلس وعطفه على الحدث من قبيل عطف الخاص على العام لتقييد
المعطوف بمفارقة أكثر الزمان، وأطلق المصنف في السلس فيشمل سلس البول والغائط والريح
وغيرها كالمني والمذي والودي، ولذا قال في التوضيح: هذا التقسيم لا يخص حدثا دون حدث اه‍. واعلم
أن ما ذكره المصنف من التفصيل في السلس طريقة المغاربة وهي المشهورة في المذهب، وذهب
العراقيون من أهل المذهب إلى أن السلس لا ينقض مطلقا غاية الأمر أنه يستحب منه الوضوء
إذا لم يلازم كل الزمان فإن لازم كله فلا يستحب منه الوضوء قوله: (فإن لازم النصف) أي على ما شهره
ابن راشد وهو ظاهر المصنف أيضا وهو المعتمد خلافا لاستظهار ابن هارون النقض في الملازم لنصف
الزمان. قوله: (كسلس مذي قدر على رفعه). اعلم أن عندنا صورا ثلاثة: الأولى ما إذا كان سلس المذي
لبرودة وعلة كاختلال مزاج فهذه لا يجب فيها الوضوء مطلقا قدر على رفعه أم لا إلا إذا فارق أكثر
الزمان. الثانية: ما إذا كان لعزوبة مع تذكر بأن استنكحه وصار مهما نظر أو سمع أو تفكر أمذى بلذة
معتادة. الثالثة: ما إذا كان لطول عزوبة من غير تذكر وتفكر بل صار المذي من أجل طول العزوبة
نازلا مسترسلا نظر أو لا تفكر أو لا، والأولى من هاتين الصورتين يجب فيها الوضوء مطلقا وقدر على
رفعه أم لا من غير خلاف كما قال أبو الحسن، والثانية منهما يجب فيها الوضوء على إحدى روايتي المدونة
ولا يجب على الرواية الأخرى. وقال ابن الجلاب فيها إن قدر على رفعه بزواج أو تسر وجب الوضوء
مطلقا وإلا فلا يجب إلا إذا فارق أكثر فقال بعضهم: هو وفاق للمدونة، وقال بعضهم: هو خلاف لها، فيكون
في الصورة الثانية ثلاثة أقوال إذا علمت هذا فاعلم أن كلام المصنف لا يصح حمله على ما إذا كان لعلة
لأنه لا ينقض إلا إذا فارق أكثر وظاهر كلامهم قدر على رفعه أم لا، ولا على ما إذا كان لتذكر بأن
استنكحه مهما رأى أو أو تفكر وهي الصورة الثانية خلاف للخش لما مر عن أبي الحسن من
النقض فيها مطلقا بلا خلاف فلم يبق إلا أن يحمل على ما إذا كان لعزوبة بدون تفكر ويكون جاريا
على القول بالتفصيل بين القدرة وعدمها على ما تقدم لابن الجلاب، وقد تقدم أن بعضهم جعله وفاقا
للمدونة، ونقل طفي أن ابن بشير شهره واستظهره ابن عبد السلام، وفي نقل ابن مرزوق عن المازري
ما يفيد أنه المذهب فاعتمده المصنف لذلك أنظر بن. قوله: (أو مرض) الأولى حذفه لأنه
لا ينقض إلا إذا فارق أكثر قدر على رفعه أم لا كما تقدم لك قوله: (فإنه ينقض مطلقا) أي سواء لازم
كل الزمان أو جله أو نصفه أو أقله قوله: (أو صوم) أي لا يشق عليه فإن شق عليه لم يلزمه هكذا قيده
المازري كما نقله ابن مرزوق قوله: (ويغتفر له زمن إلخ) فلا يعد السلس المذكور ناقضا
فيه قوله: (والتزوج والتسري) أي طلب الزوجة والسرية، وكذا يغتفر مدة استبراء السرية
116

(قوله فيجري فيه الأقسام الأربعة) أي فإن لازم أقل الزمان نقض، وإن لازم الكل أو الجل أو
النصف لم ينقض قوله: (ولا مفهوم لمذي) أي بل كل سلس قدر على رفعه سواء كان بولا أو منيا أو
وديا فهو كسلس المذي الذي قدر على رفعه في كونه ناقضا مطلقا وما لم يقدر على رفعه تجري فيه الأقسام
الأربعة، وبهذا صرح ابن بشير كما قال ابن مرزوق، فقول التوضيح: لم أر من فرق بين ما يقدر على رفعه
وغيره في البول قصور كذا في عبق، وقد علمت أن المراد بسلس المذي الذي يكون ناقضا مع القدرة
على رفعه ما كان لطول عزوبة فقط لا ما كان لعلة ولا ما كان لعزوبة مع تذكر قوله: (فلو حذفه
لكان أخصر) أي فلو حذفه وقال بسلس فارق أكثر أو قدر على رفعه لكان أخصر قوله: (وإلا
فالأقسام الأربعة) أي وإلا يقدر على رفعه فيجري فيه الأقسام الأربعة. قوله: (وندب الوضوء إن لازم
السلس أكثر) أي وندب أيضا اتصاله بالصلاة، وهل يندب الاستنجاء منه أو لا يندب؟ قولان كذا
في عبق على العزية وتخصيصه الندب بالوضوء دون غسل الذكر من المذي يشعر بنفي غسله وهو
قول سحنون قال: لأن النجاسة أخف من الحدث بالحكم باستحباب الوضوء لا يقتضي استحباب
غسل الذكر من النجاسة لأنها أخف، واستحب سند في الطراز غسل الذكر من المذي الملازم لجل
الزمان أو لنصفه قوله: (لا إن عمه) أي فلا يندب لأنه لا فائدة في الوضوء حينئذ قوله: (لا إن شق)
عطف على مقدر أي وندب لازم أكثر إن لم يشق لا إن شق كما أشار لذلك الشارح
بقوله: ومحل إلخ. فرع: إذا كان في جوفه علة أو كان شيخا كبيرا استنكحه الريح فإذا صلى
من جلوس لا يخرج منه الريح وإن صلى قائما يخرج منه قال ح: الظاهر ما قاله ابن بشير والابياني
من أنه يصلي قائما لا جالسا ولا يكون الريح ناقضا لوضوئه كالبول، وكذلك من كان كلما تطهر بالماء
أحدث بنقطة بول أو ريح فإنه يصلي بالوضوء ولا يكون الحدث ناقضا لأنه سلس عند ابن
بشير واستظهره ح، وقال اللخمي: يتيمن والأحوط الجمع قوله: (تفصيل في مفهوم قوله
فارق أكثر) أي فكأنه قال: فإن لم يفارق أكثر بأن لازم كل الزمان أو نصفه أو جله فلا نقض
لكن هذه الأحوال الثلاثة بعضها يستحب فيه الوضوء وهو ما إذا لازم أكثر الزمان أو نصفه
وبعضها لا يستحب فيه الوضوء وهو ما إذا لازم كل الزمان. قوله: وفي اعتبار الملازمة) أي ملازمة
الموجود من الحدث دائما أو جل الزمان أو نصفه أو أقله قوله: (تردد للمتأخرين) المراد بهم هنا ابن
جماعة والبوذري وهم من أشياخ مشايخ ابن عرفة، فالقول الأول قول ابن جماعة، واختاره ابن
هارون وابن فرحون والشيخ عبد الله المنوفي، والثاني قول البوذري واختاره ابن عبد السلام
والظاهر من القولين عند ابن عرفة أولهما وهذا التردد لعدم نص المتقدمين، وتظهر فائدة الخلاف
فيما إذا فرضنا أن أوقات الصلاة مائتان وستون درجة وغير أوقاتها مائة درجة فأتاه السلس
فيها وفي مائة من أوقات الصلاة، فعلى الأول ينتقض وضوءه لمفارقته أكثر الزمان لا على الثاني لملازمته
أكثر الزمان، فإن لازمه وقت صلاة فقط نقض وصلاها قضاء كما أفتى به الناصر فيمن يطول به
الاستبراء حتى يخرج الوقت، وقال المنوفي: إذا انضبط وقت إتيان السلس قدم تلك الصلاة أو أخرها
فيجمعها كأرباب الاعذار قوله: (من مخرجيه) الضمير للخارج المعتاد لا للشخص ولا للمتوضئ لأنه
117

يقتضي أن كل ما خرج من مخرج الشخص يكون ناقضا وليس كذلك، إذ الريح الخارج من القبل
لا ينقض مع أنه خارج معتاد من مخرج الشخص المتوضئ قوله: (أحرز وصفا إلخ) أي قام مقامه
لافادته لمعناه لان الإضافة للعهد فكأنه قال: من مخرجي الخارج المعهودين أي المعتادين لذلك الخارج
(قوله كما إذا خرج من الفم) الذي ذكره العلامة العدوي في حاشيته على عبق أنه إذا خرج الحدث
من الفم فإنه ينقض إذا انقطع خروجه من محله المعتاد رأسا، وأما إذا لم ينقطع خروجه من محله رأسا
وهذا صادق بثلاث صور: ما إذا تساوى خروجه من محله المعتاد مع خروجه من الحلق، وما إذا كان
خروجه من محله المعتاد أكثر من خروجه من الحلق وعكسه فلا نقض في هذه الصور الثلاث، وظاهر
الشارح أنه لا نقض مطلقا وليس كذلك. فإن قلت: مقتضى كون الخارج من الثقبة إذا كانت فوق
المعدة لا ينقض على المعتمد ولو انسد المخرجان أن يكون الخارج من الفم كذلك لأنه بمثابة الثقبة المذكورة
قلت: أجيب بأن الفم عهد مخرجا للفضلة في الجملة بالنسبة للتمساح بخلاف الثقبة، هذا وذكر عج
أن قولهم: إذا كانت الثقبة فوق المعدة وانسد المخرجان فلا نقض على الراجح محمول على ما إذا كان
انسداد المخرجين في بعض الأوقات لا دائما، أما إذا كان انسدادهما دائما فالنقض كالفم وحينئذ فلا
إشكال قوله: (ولما كان في هذا) أي في خروج الحدث من الثقبة قوله: (أو خرج) أي الحدث
وقوله من ثقبة أي من خرق قوله: (فالسرة مما تحت المعدة) أي وحينئذ فالمعدة من منخسف الصدر
لفوق السرة قوله: (وإلا بأن لم ينسدا) أي والحال أن الثقبة تحت المعدة قوله (فقولان) أي في
هذه الأحوال الثمانية قوله: (الراجح منهما عدم النقض) أي وإن كان مقتضى النظر في انسداد
أحدهما نقض خارجه منها وكل هذا ما لم يدم الانسداد وتعتاد الثقبة وإلا نقض الخارج منها ولو
كانت فوق المعدة بالأولى من نقضهم بالفم إذا اعتيد كما مر. قوله: (وصارت الثقبة التي تحتهما) أي
تحت المعدة والأمعاء. وقوله: مقامهما أي المخرجين. قوله: (ونقض بسببه) أي بسبب الحدث الموصل
إليه كالنوم المؤدي لخروج الريح، واللمس والمس المؤديين لخروج المذي، والسببية في زوال العقل
مشكلة إذ لا تعقل إلا إذا كان زوال العقل سببا في انحلال الأعصاب فيتسبب عن ذلك خروج الحدث
إلا أن يقال عده سببا باعتبار المظنة في الجملة كالمس واللمس فإنهما كذلك فتأمل قوله: (زوال العقل)
ظاهر المصنف أن زوال العقل بغير النوم كالاغماء والسكر والجنون لا يفصل فيه بين قليله وكثيره كما
يفصل في النوم وهو ظاهر المدونة والرسالة فهو ناقض مطلقا، قال ابن عبد السلام: وهو الحق خلافا
لبعضهم. وقال ابن بشير: والقليل في ذلك كالكثير انظر ح قوله: (أي استتاره) أشار بهذا إلى
أن التعبير بالاستتار أولى من التعبير بالزوال لأنه لو زال حقيقة لم يعد حتى يقال له: قد انتقض
وضوءك قوله: (أو شدة هم) أي إن كان مضطجعا، وهل كذا إن كان قاعدا أو يندب له فقط؟ احتمالان
لسند في فهم كلام الامام على نقل ح، واقتصر في الشامل على الأول، وكذا زروق في شرح الرسالة
حيث قال: قال مالك فيمن حصل له هم أذهل عقله يتوضأ. وعن ابن القاسم: لا وضوء عليه اه‍. وأما من
استغرق عقله في حب الله حتى زال عن إحساسه فلا وضوء عليه كما في ح نقلا عن ابن عمر وزروق.
(قوله وإن بنوم ثقل) قال ابن مرزوق: ظاهر المصنف أن المعتبر عنده صفة النوم ولا عبرة بهيئة النائم من
اضطجاع أو قيام أو غيرهما، فمتى كان النوم ثقيلا نقض كان النائم مضطجعا أو ساجدا أو جالسا أو قائما
وإن كان غير ثقيل فلا ينقض على أي حال كان النائم مضطجعا أو ساجدا أو جالسا أو قائما
118

وهي طريقة اللخمي، واعتبر في التلقين صفة النوم مع الثقل وصفة النائم مع غيره فقال: وأما النوم الثقيل
فيجب منه الوضوء على أي حال كان النائم مضطجعا أو ساجدا أو جالسا أو قائما، وأما غير الثقيل فيجب
منه الوضوء في الاضطجاع والسجود ولا يجب في القيام والجلوس وعزا في التوضيح هذه الطريقة
الثانية لعبد الحق وغيره اه‍ بن قوله: (بل ولو قصر) رد بلو على من قال: النوم الثقيل لا ينقض إلا إذا
كان طويلا قوله: (لا بنوم خف) أي لانتفاء مظنة الحدث قوله: (ولو طال) أي هذا إذا كان
الخفيف قصيرا بل ولو طال قوله: (وندب إن طال) هذا هو المعتمد خلافا لابن بشير القائل
بالوجوب قوله: (نشأ مما قبلها) أي وهو قوله: وإن بنوم ثقل وتقرير السؤال فإن كان النوم خفيفا
فهل ينقض كذلك أم لا؟ قوله: (فليست لا عاطفة) لأنها إن كانت عاطفة لخف على ثقل يلزم عليه
أنها قد عطفت جملة على جملة ولا إنما تعطف المفردات ولا تعطف الجمل وإن جعلت عاطفة لمحذوف
موصوف بجملة خف والتقدير لا بنوم خف لزم على ذلك حذف النكرة الموصوفة بالجملة مع عدم الشرط
وهو أن تكون بعض اسم مجرور بمن أو في كقولك: منا ظعن ومنا أقام أي منا فريق وكقوله
إن قلت ما في قومها لم تيئم * يفضلها في حسب وميسم
أي ما في قومها أحد يفضلها إلخ قوله: (ما لا يشعر صاحبه بالأصوات) أي المرتفعة القريبة منه
وقوله: أو بسقوط إلخ عطف على الأصوات وكذا ما بعده فإن شعر بالأصوات القريبة منه أو شعر
بانفكاك حبوته أو بسقوط ما كان بيده أو شعر بسيلان ريقه فلا نقض لخفته حينئذ. تنبيه
لا ينقض نوم مسدود الدبر كما إذا استثفر بشئ تحت مخرجه ولو كان النوم ثقيلا إذا لم يطل فإن طال
نقض على المعتمد قوله: (ولمس) عطف على زوال عقل واللمس ملاقاة جسم لجسم لطلب معنى
فيه كحرارة أو برودة أو صلابة أو رخاوة أو علم حقيقة كأن يلمس ليعلم هل هو آدمي أو لا؟ فقول
المصنف فيما يأتي إن قصد لذة إلخ تخصيص لعموم المعنى، وأما المس فهو ملاقاة جسم لآخر على أي
وجه كان، ولذا عبر به في الذكر لكونه لا يشترط في نقض الوضوء به قصد. وقوله: ولمس أي ولو من
امرأة لأخرى كما في المج نقلا عن ح قياسا على الغلامين لان كلا يلتذ بالآخر. قوله: (لا من صغير ولو
راهق) لان اللمس إنما نقض لكونه يؤدي لخروج المذي ولا مذي لغير البالغ. قوله: (وإن
استحب له الغسل كما سيأتي) أي واستحباب الغسل يقتضي استحباب الوضوء من باب أولى (قوله
يلتذ صاحبه به عادة) الحاصل أن النقض باللمس مشروط بشروط ثلاثة: أن يكون اللامس بالغا، وأن
يكون الملموس ممن يشتهى عادة، وأن يقصد اللامس اللذة أو يجدها. فقوله: عادة أي لكون الملموس
يشتهى عادة أي في عادة الناس لا بحسب عادة الملتذ وحده، وذلك لان الذي ينضبط نفيا وإثباتا عادة
الناس الغالبة وإلا لاختلف الحكم باختلاف الاشخاص قوله: (خرج به) أي بقوله يلتذ صاحبه
به عادة المحرم أي فلمسها لا ينقض ولو قصد اللامس اللذة أو وجدها لان المحرم لا يلتذ بها في عادة
الناس. وقوله: على أي ضعيف. وقوله: وسيأتي أي ذلك القول للمصنف والمعتمد أن لمس المحرم
ناقض مع وجود اللذة لا مع قصدها فقط قوله: (وخرج الصغيرة التي لا تشتهى) أي خرج لمسها أي لمس
جسدها، وأما اللذة بفرجها فإنها ناقضة ولو كانت عادة من التذ به عدم اللذة قاله عج، ولكن سيأتي
للشارح ما يفيد عدم النقض مطلقا قوله: (ولو قصد ووجد) أي ولو قصد باللمس اللذة ووجدها لأنها
لذة غير معتادة وهذا خلاف اللذة بفروج الدواب فإنها معتادة فينتقض الوضوء بها مع القصد أو
الوجدان كما يفيده عج وهو ما للمازري وعياض، وفي تت: إن فرج البهيمة كجسدها لا يكون لمسه ناقضا
ولو قصد ووجد وهو ما للجلاب والذخيرة. والحاصل أن لمس فروج الدواب في نقض الوضوء
به خلاف كما في بن وذكر فيه أن ابن عرفة اعترض ما للمازري بمباينة الجنسية، و يستثنى من اللذة بجسد
119

الدواب جسد آدمية الماء فإن اللذة به معتادة فيما يظهر، كما أن تقبيل فمها كفمه فيما يظهر قاله عبق
(قوله ولو كان اللمس لظفر) أي وكذا إن كان به. وقوله: أو شعر أي لا إن كان اللمس به على الظاهر (قوله
أي حمل عليه) أي حمل الحائل في المدونة على الخفيف وهذا تأويل ابن رشد. قوله: (بخلاف الكثيف
أي فلا ينتقض الوضوء باللمس من فوقه. قوله: (وأول بالاطلاق) أي وحمل الحائل في المدونة على
الاطلاق وهذا تأويل ابن الحاجب والقولان مرجحان، ويستثنى ما عظمت كثافته كاللحاف فلا
نقض به اتفاقا وهو ظاهر كالبناء. قوله: (ما لم يضم) أي اللامس الملموس قوله: (أو يقبض) أي
اللامس. وقوله: من الجسد أي جسد الملموس. قوله: (وإلا اتفق على النقض) أي والفرض أن هناك
قصدا أو وجدانا لا مطلقا كما توهم قوله: (وإن قصد لذة) من أفراد قصد اللذة الاختبار هل يلتذ أم لا
كما في شرح الرسالة عن ابن رشد. قوله: (من لامس وملموس) الأولى قصره على اللامس لان الأقسام
الأربعة المذكورة متعلقة به، أما الملموس فلا ينتقض إلا إذا وجد اللذة، وأما إذا قصدها فلا يقال له
ملموس بل لامس، ثم إن هذا التفصيل المذكور توسط بين إطلاق الشافعية النقض وإطلاق الحنفية
عدمه ولو قبل فمها إلا الملامسة الفاحشة وهي وضع الذكر على الفرج. قوله: (بل متى قصد أو وجد ولو
بعضو زائد لا إحساس له نقض) وذلك لتقويه بالقصد أو الوجدان بخلاف ما يأتي في مس الذكر
وهذا مما يؤيد التأويل بالاطلاق في الحائل، وما ذكره الشارح من النقض باللمس بالإصبع الزائدة
مطلقا وهو ما في عبق، ونازعه بن في ذلك حيث قال: إن إطلاقهم النقض في مس الذكر وإن انتفى
القصد والوجه أن يدل على أنه أشد من اللمس وحينئذ فتقييدهم في مس الذكر الإصبع الزائدة
بالاحساس يفيد التقييد هنا بالأولى اه‍. قوله: (بخلاف من مس بعود إلخ) ولا يقاس العود على الإصبع
الزائدة التي لا إحساس لها لانفصاله. والحاصل أن الشرط في النقض أن يكون اللمس بعضو سواء كان
أصليا أو زائدا، وهل يشترط الإحساس في الزائد أو لا؟ فيه ما علمت من الخلاف بين الشيخين، فلو مس
بغير عضو فلا نقض ولو قصد اللذة والمراد بالعضو ولو حكما ليدخل اللمس بالظفر كما مر قوله: (لا إن
انتفيا) إنما صرح به وإن كان مفهوم شرط وهو يعتبره لأجل أن يرتب عليه قوله إلا القبلة بفم إلخ
قوله: (أي عليه) جعل الباء بمعنى على دفعا لما يقال، لا حاجة لقوله بفم لان من المعلوم أن القبلة لا تكون
إلا بالفم أي وأما القبلة على الخد وعلى أي عضو كان فتجري على الملامسة في التفصيل المتقدم، وكذلك
القبلة على الفرج كما قال بعض وهو الظاهر كما قال شيخنا لان النفس تعاف ذلك ولا تشتهيه، وجزم
الشيخ أحمد الزرقاني بأنها مثل القبلة على الفم في كونها تنقض مطلقا بل هي أولى قوله: (أي ولو انتفى
القصد واللذة) أي الموضوع أن القبلة على فم من يلتذ به عادة كما يشير لذلك كلام الشارح قريبا، وظاهر
كلامهم عدم اشتراط الصوت في تحقق التقبيل كما يأتي في تقبيل الحجر الأسود قوله: (لأنها مظنة اللذة)
أي بالنظر للواقع وإن كانت قد تنتفي في الظاهر قوله: (إن كانا بالغين) شرط في نقض القبلة لوضوء
كل من المقبل والمقبل. قوله: (أو البالغ منهما إلخ) أي أو تنقض وضوء البالغ منهما سواء كان هو
المقبل أو كان المقبل إن كان غير البالغ ممن يشتهى عادة. والحاصل أن القبلة على الفم إنما تنقض إذا كانت
على فم من يلتذ به عادة ولو كان ذا لحية صغيرة، أما لو كانت على فم ملتح لحية كبيرة أو على فم عجوز
فلا تنقض ولو قصد المقبل اللذة ووجدها، كما أن القبلة على فم الصغيرة التي لا تشتهى لا تنقض
120

ولو وجدها المقبل، فالمعتبر عادة الناس لا عادة المقبل، فعلى هذا لو قبل شيخ شيخة لانتقض وضوء
كل منهما لان عادة المشايخ اللذة بالنساء الكبار. وفي ح: لم أقف على نص في تقبيل المرأة لمثلها اه‍
واستظهر بعضهم النقض لتلذذ المرأة بمثلها كالغلام بمثله كما قرره شيخنا، لكن في شرح التلقين
للمازري ما نصه: وعلل من قال بعدم النقض بمس المحرم بأنها ليست بمحل للشهوة فأشبه لمس الرجل
للرجل والمرأة للمرأة اه‍. فجعل لمس المرأة لمثلها غير ناقض كلمس الرجل لمثله. قوله: (من رجل لامرأة
أو العكس) يعني مثلا أو من رجل لرجل يشتهى عادة أو من امرأة لمثلها على ما تقدم قوله: (لا إن كانت
القبلة بفم) أي عليه قوله: (كمرض) أي أو قدوم من سفر أو خلاص من يد ظالم قوله: (كانعاظ) أي
عند تفكر فلا ينقض مطلقا كانت عادته الامذاء بالانعاظ أو لا وهذا هو المعتمد، وقيل: إن الانعاظ
ينقض مطلقا. وقال اللخمي: يحمل على عادته إن كانت عادته أنه لا يمذي فلا نقض وإن كانت عادته أنه
يمذي نقض، وكذا إن اختلفت عادته، ومحل الخلاف إذا حصل مجرد الانعاظ من غير امذاء بالفعل وإلا
اتفق على النقض قوله: (ولا ينقضه لذة بمحرم) أي سواء قصد اللذة ووجدها أو قصدها فقط أو
وجدها فقط. وقوله على الأصح أي عند ابن الحاجب وابن الجلاب. قوله: (من قرابة) كعمته أخت
أبيه وخالته أخت أمه. وقوله: أو صهر أي كعمة زوجته وخالتها. وقوله: أو رضاع أي كعمته أو خالته
من الرضاع كأخت أبيه أو أمه من الرضاع. واعلم أن المراد بالمحرم باعتبار ما عند اللامس، فلو قصد
اللذة بلمسها لظنه أنها أجنبية فظهرت أنها محرم فإنه ينتقض وضوءه، ولو قصد مسها للذة ظانا أنها محرم
فظهر أنها أجنبية فلا نقض لأنها محرم باعتبار ما عند اللامس قوله: (والمعتمد أن وجود اللذة بالمحرم
إلخ) هذا ما عليه ابن رشد والمازري وعبد الوهاب. قوله: (بخلاف مجرد القصد) أي بخلاف قصدها
المجرد عن وجودها فإنه لا ينقض قوله: (نقضه أيضا) أي كما ينقضه الوجدان قوله: (والمراد به) أي بالفاسق
(قوله ومطلق مس ذكره) أي ومس ذكره مطلقا، وفسر الشارح الاطلاق بقوله: سواء كان إلخ
والإضافة في ذكره للجنس إذ لا فرق بين الذكر الأصلي والزائد إن كان له إحساس وقرب من
الأصلي، وذكر بعضهم أنه لا يشترط إحساس الذكر إذا كان أصليا بخلاف الزائد كما علمت (قوله
إن كان بالغا) أي لان المس إنما أوجب النقض لأنه مظنة لحصول الحدث وهو المذي والصبي لا مذي
له. قوله: (ولو خنثى مشكلا) رد بلو على من قال: إن مس الخنثى المشكل ذكره لا ينقض وضوءه (قوله
سواء كان المس عمدا أو سهوا) الذي في المواق عن ابن القاسم: ومن مس ذكره بغير عمد فأحب إلي
أن يتوضأ وروي عن ابن وهب لا وضوء إلا أن يتعمد فيحتمل أن يكون رواية ابن القاسم على
الاستحباب ويحتمل الوجوب احتياطا. قوله: (فالاطلاق في الماس) أي من حيث كونه عامدا أو ساهيا
التذ أم لا. وقوله: والممسوس أي من حيث كون المس للكمرة أو لغيرها قوله: (ولو التذ) أي بمسه بعد
القطع قوله: (ولا إن كان من فوق حائل ولو خفيفا) ما ذكره من عدم النقض مطلقا إذا كان المس من
فوق حائل رواية ابن وهب قال في المقدمات: وهي أشهر الروايات الثلاث وهي عدم النقض مطلقا
والنقض مطلقا والتفرقة بين الخفيف والكثيف فينتقض في الأول دون الثاني. قوله: (ببطن الكف
الماس) الظاهر النقض بمس الكف الذي في المنكب والذي في اليد الزائدة إن كانت تغسل في الوضوء
وإلا فلا نقض قوله: (لا بظهره ولا بذراعه) أي ولو قصد لذة ونقل الباجي عن العراقيين النقض بذلك
إن قصد اللذة وجعله ابن عرفة مقابلا للمشهور قوله: (حس) الأولى أن يقول: أحس لأنه من
الإحساس لا من الحس قوله: (أي وتصرف كإخوته) أي وإن شكا قياسا على الشك في الحدث كما
وجهوا مس الخنثى لذكره قوله: (وإلا فلا نقض) أي وإلا بأن كان لا إحساس له أو كان فيه إحساس
121

لكنه لا يتصرف تصرف إخوته تحقيقا فلا نقض قوله: (ويشترط الإحساس في الأصلية أيضا) أي
وإن كانت لا تساوي أخوتها في التصرف فالمدار في الأصلية على الإحساس بخلاف الزائدة فلا بد فيها
من الامرين معا قوله: (ونقض بردة) هذا هو المعتمد وهو قول يحيى بن عمر، وروى موسى بن معاوية
عن ابن القاسم ندب الوضوء من الردة قوله: (ولو من صبي فيما يظهر) أي لاعتبار الردة منه وصرح
خش في كبيره بذلك. قوله: (وفي إبطالها الغسل) أي وعدم إبطالها له قولان: الأول لابن العربي
ورجحه بهرام في صغيره. والثاني: لابن جماعة ويظهر من كلام ح ترجيحه وتبعه عج، ووجه الثاني
بأنه ليس المراد بحبط الاعمال بالردة أن الاعمال نفسها تبطل بل بطلان ثوابها فقط فلذا لا يطلب
بعدها بقضاء ما قدمه من صلاة وصيام فكذا ما قدمه من غسل فهو وإن حبط ثوابه بها لا يلزمه إعادته
بعد وإنما وجب الوضوء لأنه صار بعد توبته بمنزلة من بلغ حينئذ فوجب عليه الوضوء لموجبه
وهو إرادة القيام للصلاة بخلاف الغسل فإنه لا يجب إلا بوقوع سبب من أسبابه، ووجه الأول
بأن الردة تبطل نفس الاعمال فإذا ارتد وبطل عمله رجع الامر لكونه ملتبسا بالحدث الذي كان
عليه قبل ذلك العمل كان ذلك الحدث أصغر أو أكبر. قوله: (واعتمد شيخنا الابطال) لا يقال إنهم
لم يعدوا الردة من موجبات الغسل بل اقتصروا على الأمور الأربعة الآتية في بابه. لأنا نقول: اقتصارهم
على ذلك جرى على الغالب. قوله: (ونقض بشك في حدث بعد طهر علم) هذا هو المشهور من
المذهب، وقيل: لا ينتقض الوضوء بذلك غاية الأمر أنه يستحب الوضوء فقط مراعاة لمن يقول
بوجوبه، والأول نظر إلى أن الذمة عامرة فلا تبرأ إلا بيقين، والثاني نظر إلى استصحاب ما كان فلا
يرتفع إلا بيقين، قال ابن عرفة: من تأمل علم أن الشك في الحدث شك في المانع لا فيما هو شرط في غيره
لان المشكوك فيه في مسألة المصنف الحدث لا الوضوء والمعروف إلغاء الشك في المانع فكان
الواجب طرح ذلك الشك وإلغاؤه اه‍. وإنما كان الشك في المانع غير مؤثر لان الأصل بقاء
ما كان على حاله وعدم طرؤ المانع، وكان الشك في الشرط يؤثر البطلان لان الذمة عامرة لا تبرأ
إلا بيقين، ورد عليه بأن قوله المشكوك فيه الحدث لا الوضوء غير صحيح لأن الشك في أحد
المتقابلين يوجب الشك في الآخر، فمن شك في وجود زيد في الدار فقد شك في عدم كونه
122

فيها، ومن شك في وجود الحدث فقد شك في وجود الطهارة حين شكه وهو ظاهر، وحينئذ فالشك في
مسألة المصنف شك في الشرط وهو مؤثر نقله بن عن شيخه سيدي أحمد بن مبارك، وقد يقال: الحق
ما قاله ابن عرفة من أن الشك في مسألة المصنف إنما هو في المانع، وأما الشك في الشرط فلا يظهر إلا إذا
تيقن الحدث وشك في الوضوء، والكلام هنا في عكس ذلك وإن أراد اللزوم، فكل شك في المانع يستلزم
الشك في الشرط. إن قلت: حيث كان التحقيق إن الشك في الحدث شك في المانع فلم اعتبر وجعل ناقضا
على المذهب مع أن الشك في المانع يلغي كالشك في الطلاق والعتاق والظهار وحصول الرضاع؟ قلت
كأنهم راعوا سهولة الوضوء وكثرة نواقضه فاحتاطوا لأجل الصلاة قرره شيخنا، هذا وذكر ح عن
سند أن الشك في الحدث له صورتان: الأولى من شك هل أحدث أم لا بعد وضوئه والمذهب أنه يتوضأ
والثانية أن يتخيل له أن شيئا حاصلا منه بالفعل لا يدري هل هو حدث أو غيره؟ وظاهر المذهب أنه
لا شئ عليه لان هذا من الوهم فلذا الغي. قوله: (فيشمل السبب) أي فإذا شك هل حصل منه لمس
بلذة أو مس لذكره أو لم يحصل انتقض وضوؤه. قوله: (ولا غيره) أي فإذا شك هل حصلت منه ردة
أو لا فإنه لا يضر وضوءه ولا يجري عليه أحكامها قوله: (إلا المستنكح) أي فإنه لا ينقض (قوله
بأن يأتي كل يوم ولو مرة) وأما لو أتى يوما بعد يوم فإنه ينقض. وقال عج: الأليق بالحنيفية السمحة أي
بالملة الاسلامية السهلة أن إتيانه يوما بعد يوم مستنكح كالمساوي في السلس فأجراه عليه لكن قدح في
ذلك بعض الأشياخ ولم يسلمه كما قال شيخنا. قوله: (ولا يضم شك في المقاصد إلخ) وأما الشك في الوسائل
فيضم بعضه لبعض فإذا أتاه الشك يوما في الغسل ويوما في الوضوء فلا نقض. والحاصل أن الطهارة كلها
شئ واحد فيضم الشك في الوضوء للشك في الغسل والنجاسة وكذا العكس كما قرره شيخنا (قوله
وسواء كان مستنكحا أم لا) هذا هو التحقيق كما في طفي نقلا عن عبد الحق خلافا لعبق حيث
قيده بغير المستنكح وجعل في كلام المصنف حذفا من الثاني لدلالة الأول. تنبيه: لو شك هل غسل
وجهه أم لا أتى به وهل ولو مستنكحا أو يلهى عنه كما في الصلاة واستظهره شيخنا. قوله: (لا ينقض
الوضوء بمس دبر أو أنثيين) أي لنفسه، وأما دبر الغير فيجري على الملامسة، وكذا إن انسد المخرجان
وكان له ثقبة فلا ينقض مسها بالأولى من الدبر. قوله: (ما لم يلتذ بالفعل) أي فإن التذ بالفعل انتقض
وضوءه ولو كانت عادته عدم اللذة بذلك قوله: (عند بعضهم) أراد به عج قال ابن مرزوق: وفي
النوادر عن المجموعة مالك لا وضوء في قبلة أحد الزوجين الآخر بغير شهوة في مرض أو نحوه ولا
في قبلة الصبية ومس فرجها إلا للذة، وروى عنه ابن القاسم وابن وهب نحوه في مس فرج الصبي
والصبية، وروى عنه علي: لا وضوء في مس فرج صبي أو صبية يريد إلا اللذة اه‍ بن. (قوله عدم
النقض مطلقا) أي لعدم اللذة بذلك عادة وهو ظاهر المصنف والقرافي ورجحه ح وبهرام
قد علمت أن كلا من القولين راجح. قوله: (وهذا هو المذهب) أي كما قال عج ومن تبعه قال
بن وفيه نظر، فإن الذي يظهر من نقل المواق عن ابن يونس أن المذهب هو التفصيل بين الألطاف
وعدمه انتهى. قال شيخنا: وقد يقال تقديم المصنف القول بعدم النقض مطلقا وجعله في توضيحه
مذهب المدونة وظاهرها مما يؤيد ما قاله عج، ثم قال بن: ونقل القباب عن عياض أن محل
الخلاف إذا كان مسها لفرجها بغير لذة، فإن كان المس بلذة وجب الوضوء كالملامسة اه‍ كلام
بن. قوله: (لكل أحد) أي ذكر أو أنثى مريد للصلاة أم لا، وذكر المصنف هذه المسألة هنا
مع أنه لا يتقيد بالمتوضئ لان لها تعلقا به في الجملة وهو تأكد الندب عند إرادة الصلاة على أنه قد
123

أطلق على ذلك اسم الوضوء في حديث الوضوء قبل الطعام بركة وبعده ينفي اللمم قوله: (ولبن) ظاهره
مطلقا وقيده ابن عمر بالحليب لأنه هو الذي فيه دسم، وأما غيره فهو بمنزلة العدم والمعتمد عدم التقييد
كما قاله شيخنا. قوله: (وسائر ما فيه دسومة) أي ودك كالطبيخ بأنواعه، وأما الطعام الذي
لا دسومة فيه كالتمر والسويق والشئ الجاف الذي يذهبه أدنى المسح فلا يطلب فيه غسل فهم ولا يد
(قوله: (ويكره) أي الغسل بما فيه طعام. وقوله: كدقيق الترمس أي وأولى دقيق العدس أو الفول وإنما
كان دقيق الترمس طعاما لان الترمس من القطاني وهي طعام، وأجاز الشافعية الغسل بدقيق الترمس
لأنه ليس بطعام عندهم قوله: (وندب تجديد وضوء إلخ) حاصله أنه إذا فعل بالوضوء ما يتوقف على
طهارة كصلاة فريضة أو نافلة وطواف ومس مصحف فإنه يندب له أن يجدده إذا أراد الصلاة
بعد ذلك ولو نافلة أو أراد الطواف لا إن أراد مس المصحف أو القراءة ظاهرا، قال الشيخ أحمد الزرقاني
وانظر ما الذي ينويه بهذا الوضوء المجدد، والذي يفهم من عدم الاعتداد بالمجدد إذا تبين حدثه
أن ينوي الفضيلة وظاهره أنه ليس له أن ينوي به الفريضة، فإن نواها كان المجدد إذا تبين حدثه
أن ينوي الفضيلة وظاهره أنه ليس له أن ينوي به الفريضة فإن نواها كان المجدد باطلا أي إذا تبين
حدثه فإن لم يتبين ذلك كانت نية الفريضة كافية في التجديد، كمن اعتقد أن السنة فرض أو الصلاة كلها
فرائض. قوله: (إن صلى به) أي إن كان قد صلى به فيما مضى قوله: (ولم يفعل به ما يتوقف على طهارة)
أي بأن لم يفعل به شيئا أصلا أو فعل به فعلا لا يتوقف على طهارة كقراءة القرآن ظاهرا، أو زيارة ولي
أو دخول على أمير قوله: (لم يجز التجديد) أي ما لم يكن توضأ أولا واحدة واحدة أو اثنتين اثنتين
فله أن يجدد بحيث يكمل الثلاث، وما زاد على ذلك فهل يكره أو يمنع؟ خلاف، ولا يقال: إن التجديد في هذه
الحالة يوقع في مكروه وهو تكرار مسح الرأس بماء جديد لان محل كراهة تكرار مسح الرأس بماء
جديد كما قال ابن المنير، إذا لم يكن للترتيب وإلا جاز كما هنا فإنه إنما فعل لأجل أن يرتب بين غسل
أعضاء الوضوء قوله: (على الخلاف المتقدم) أي في قول المصنف، وهل تكره الرابعة أو تمنع خلاف
وتقدم أن المعتمد الكراهة. قوله: (ولو شك في صلاة إلخ) المراد بالشك هنا كما في خش ما قابل
الجزم فيشمل الظن ولو كان قويا، فمن ظن النقض وهو في صلاته فإن حكمه حكم من تردد فيه على حد
سواء في وجوب التمادي، وأما الوهم فلا أثر له بالأولى مما إذا حصل له في غير الصلاة قوله: (جازما
بالطهر) أي بالوضوء. وقوله: هل نقض أي الطهر قبل دخولها أو لم ينقض؟ بيان للشك الذي طرأ
عليه بعد أن دخلها قوله: (أو لا) أي أو لم ينتقض طهره بل هو باق على حاله قوله: (وجب عليه
التمادي) أي كما قال ابن رشد وغيره ترجيحا لجانب العبادة، وهذا الوجوب لا يفهم من كلام
المصنف مع أنه منصوص عليه كما علمت قوله: (ثم بان الطهر) أي جزما أو ظنا قوله: (لم يعد صلاته) أي
عند مالك وابن القاسم خلافا لأشهب وسحنون القائلين ببطلانها بمجرد الشك والقطع من غير تماد
(قوله فإن استمر على شكه) أي وأولى إذا تبين حدثه أعادها قوله: (وكالناسي) أي كالامام إذا صلى
محدثا ناسيا للحدث فإنه لا إعادة على مأمومه للقاعدة المقررة أن كل صلاة بطلت على الامام بطلت
على المأموم إلا في سبق الحدث ونسيانه. قوله: (لو شك قبل الدخول فيها) أي كما هو الفرع المتقدم
قوله: (لم يجز له دخولها) قال ابن رشد في البيان: والفرق أن من شك وهو في الصلاة طرأ عليه
الشك فيها بعد دخوله فوجب أن لا ينصرف عنها إلا بيقين، ومن شك خارجها طرأ عليه الشك
في طهارته قبل الدخول في الصلاة فوجب أن لا يدخلها إلا بطهارة متيقنة قوله: (وإنما
لم تبطل إلخ) الأولى وإنما وجب التمادي ولم يقطع إذا طرأ فيها إلخ بقي ما إذا شك بعد الفراغ
من الصلاة فلا شئ عليه إلا إذا تبين له الحدث، فعلم مما ذكر أن من تيقن الطهارة وشك في
124

الحدث يبطل وضوءه إذا استمر على شكه كان الشك قبل الدخول في الصلاة أو فيها، ووجوب التمادي
إذا حصل الشك فيها شئ آخر، وأما إذا حصل الشك بعدها فلا يضر إلا إذا تبين الحدث، وأما استمراره
على شكه فلا يضر. قوله: (ولو شك فيها هل توضأ) أي بعد حصول الحدث المحقق، ومثل هذا في
وجوب القطع ما إذا شك فيها في السابق منهما بعد تحققهما أو ظنهما أو تحقق أحدهما وظن الآخر ولو
كان مستنكحا كما جزم به عج وارتضاه شيخنا خلافا لما في عبق من التمادي. قوله: (وكذا أكبر إلخ)
الأولى تخصيصه بالأصغر لئلا يتكرر مع قوله الآتي: وتمنع الجنابة موانع الأصغر قوله: (أي
الوصف إلخ) أي سواء كان ترتبه من أجل حدث أي خارج معتاد أو من أجل سبب أو من أجل
غيرهما، وليس المراد به المنع المترتب لان المنع هو الحرمة، ولا معنى لكون الحرمة تمنع على أنه يصير في
الكلام تهافت قوله: (بجميع أنواعها) أي سواء كانت فرضا أو سنة أو نفلا قوله: (ومنها سجود
التلاوة) أي وكذا الصلاة على الجنازة فيحرم فعلهما مع وجود الحدث المذكور. (قوله ومس
مصحف) قال ح نقلا عن ابن حبيب: سواء كان مصحفا جامعا أو جزءا أو ورقة فيها بعض سورة
أو لوحا أو كتفا مكتوبة اه‍. ولجلد المصحف قبل انفصاله منه حكمه وأحرى طرف المكتوب وما
بين الأسطر قوله: (كتب بالعربي) أي ومنه الكوفي. قوله: (لا بالعجمي) أي وأما لو كتب
بالعجمي لجاز للمحدث مسه لأنه ليس بقرآن بل هو تفسير للقرآن كذا في ح، كما يجوز للمحدث مس
التوراة والإنجيل والزبور ولو كانت غير مبدلة، والأقرب منع كتب القرآن بغير القلم العربي، كما تحرم
قراءته بغير لسان العرب لقولهم القلم أحد اللسانين والعرب لا تعرف قلما غير العربي وقد قال الله تعالى
بلسان عربي مبين انظر بن وما يقع من التمائم والاوفاق يقصد به مجرد التبرك بالاعداد الهندية الموافقة
للحروف قاله بعضهم، ومحل امتناع مس المحدث للقرآن المكتوب بالعربي ما لم يخف عليه الغرق أو
الحرق أو استيلاء يد كافر عليه وإلا جاز له مسه ولو كان جنبا، والظاهر كما قال شيخنا جواز كتبه للسخونة
وتبخير من هي به بما كتب اللازم منه حرقه حيث حصل الدواء بذلك وإن لم يتعين ذلك طريقا (قوله
وإن بقضيب) وأولى بحائل وأجازه الحنفية بل عندهم قول بقصر الحرمة على مس النقوش (قوله وإلا
جاز على أحد القولين) أي والثاني بالمنع، وظاهر ح تساوي القولين، واستظهر شيخنا القول بالمنع
والخلاف في حمل الكامل الذي جعل حرزا، وأما غير الكامل الذي جعل حرزا فيجوز حمله قولا واحدا
(قوله أو وسادة) أي أو حمله بالوسادة التي هو عليها كالكرسي والمخدة المجعول فوقها، وقد حرم الشافعية
مس كرسيه وهو عليه ومذهبنا وسط وهو منع حمله بالكرسي لا مس الكرسي كما يقول الشافعية، ولا
جواز مس الكرسي وحمله به كما يقول الحنفية قوله: (إلا أن يحمله بأمتعة) أي معها. قوله: (أما إن قصدا
معا) أي بالحمل. وقوله: منع أي منع حمل المحدث له ولو كان غير كافر وما ذكره من المنع في الصورة الأولى
هو المرتضى ومقابله ما لابن الحاجب من الجواز حيث قصدا معا وجعل محل المنع إذا كان هو المقصود
فقط قوله: (على الراجح) أي خلافا لتت حيث أجاز كتبه للمحدث لمشقة الوضوء كل ساعة قوله: (ولا
تفسير فيجوز) أي مسه وحمله والمطالعة فيه للمحدث ولو كان جنبا لان المقصود من التفسير معاني
القرآن لا تلاوته وظاهره ولو كتبت فيه آيات كثيرة متوالية وقصدها بالمس وهو كذلك كما قال ابن
مرزوق خلافا لابن عرفة القائل بمنع مس تلك التفاسير التي فيها الآيات الكثيرة متوالية مع قصد
125

الآيات بالمس قوله: (ولا لوح) أي ولا يمنع الحدث مس ولا حمل لوح والمراد به الجنس فيصدق
بالمتعدد قوله: (ومتعلم) أي وإن كان متذكرا يراجع بنية الحفظ قوله: (وما الحق بهما إلخ) أي على
ما يفيده إطلاق المصنف كابن حبيب خلافا لظاهر العتبية من قصر الجواز على حالة التعلم والتعليم (قوله
لا جنبا إلخ) المعتمد الجواز له كالحائض كما في حاشية شيخنا على عبق وكما في بن نقلا عن المقري وعن
سيدي عبد القادر الفاسي، وقال عج: ظاهر إطلاقهم أن الجنب كالحائض، وفي كبير الخرشي تخصيص
الحائض بالذكر يخرج الجنب وهو ظاهر لان رفع حدثه بيده ولا يشق كالوضوء وارتضاه شيخنا
في حاشيته على صغيره لكنه قد رجع عنه كما علمت قوله: (ولا يمنع) أي الحدث قوله: (على المعتمد) أي
لحكاية ابن بشير الاتفاق على جواز مس الكامل المتعلم، وقول التوضيح أن كلام ابن بشير ليس بجيد
حيث حكى الاتفاق مع وجود الخلاف رده ابن مرزوق بأن أقل أحواله أن يكون هو المعتمد (قوله
لمتعلم) مثله من كان يغلط في القرآن ويضع المصحف عنده وهو يقرأ أو كلما غلط راجعه كما قاله شيخنا
(قوله وكذا معلم على المعتمد) أي كما هو رواية ابن القاسم عن مالك لان حاجة المعلم كحاجة المتعلم
خلافا لابن حبيب قائلا: إن حاجة المعلم صناعة وتكسب لا الحفظ كحاجة المتعلم. قوله: (ولا يمنع) أي
الحدث حمل حرز قوله: (أو غيره) أي كمشمع قوله: (لا كافر) هذا الصواب، وما في بعض الشراح
من جواز تعليق الحرز من القرآن على الكافر فقد رده عج فانظره قوله: (فالكامل لا يجوز) أي لا يجوز
لمحدث حمله قوله: (وهو) أي المنع أحد قولين والآخر الجواز، وقد تقدم أن ظاهر ح تساويهما
(قوله من الطهارة الصغرى) أراد بالطهارة التطهير الذي هو رفع مانع الصلاة لأن الطهارة كما تطلق
على الصفة الحكمية تطلق على التطهير، وكذا يقال في الطهارة الكبرى فالتطهير إن تعلق ببعض الأعضاء
كالوضوء قيل له طهارة صغرى، وإن تعلق بكلها كالغسل قيل له طهارة كبرى قوله (وما يتعلق بها)
أي من سنن ومندوبات ومبطلات لاستمرار حكمها.
فصل: يجب غسل ظاهر الجسد إلخ قوله: (وما يتعلق بذلك) أي كمسألة ندب غسل فرج الجنب
لعوده لجماع ووضوئه لنوم ومسألة إجزاء غسل الوضوء عن غسل محله وكالأمور التي تمنعها الجنابة
(قوله أو مطلقا) أي أو خروجه مطلقا في نوم سواء خرج بغير لذة أو بلذة معتادة أو غير معتادة (قوله
غسل جميع إلخ) استغنى المصنف عن هذا المضاف بإضافة ظاهر إلى الاسم المحلي بالألف واللام لان
المضاف إلى الاسم المحلى بالألف واللام يفيد العموم. قوله: (وليس منه) أي من ظاهر الجسد الواجب غسله
الفم إلخ ولذا كانت المضمضة والاستنشاق ومسح الصماخين من سنن الغسل لا من واجباته (قوله
بل التكاميش إلخ) أي بل منه التكاميش بدبر أو غيره فيجب عليه أن يسترخي قليلا لأجل أن يصل
الماء لداخلها ويدلكها، ومنه أيضا أصابع الرجلين على الراجح كأصابع اليدين فيجب عليه تخليل
ذلك كله قوله: (أي بروزه إلخ) تفسير لخروج المني إشارة إلى أن خروجه من الرجل الموجب لغسله
مغاير لخروجه من المرأة، والمراد ببروزه عن فرجها وصوله لمحل ما يغسل عند الاستنجاء وهو ما يبدو
منها عند الجلوس لقضاء الحاجة كما قاله ح قوله: (لا مجرد إحساسها بانفصاله) أي عن مقره
(قوله خلافا لسند) أي حيث قال خروج ماء المرأة ليس بشرط في جنابتها لان عادة منيها ينعكس
إلى الرحم ليتخلق منه الولد، فإذا أحست بانفصاله من مقره وجب عليها الغسل وإن لم يبرز، ومحل الخلاف
126

في اليقظة، وأما في النوم فلا بد من بروزه منها قطعا. قوله: (وانفصاله عن مقره في حق الرجل) هذا
غير صحيح بل المنصوص عليه في الرجل أنه لا يجب عليه الغسل حتى يبرز المني عن الذكر كما صرح
به الآبي في شرح مسلم ونقله عنه ح. ومثله في العارضة لابن العربي، فالرجل كالمرأة لا يجب الغسل عليهما
إلا بالبروز خارجا، فإذا وصل مني الرجل لأصل الذكر أو لوسطه ولم يخرج بلا مانع له من الخروج
بأن انقطع بنفسه فلا يجب عليه الغسل، وما ذكره الشارح من وجوب الغسل على الرجل بانفصاله
عن مقره لان الشهوة قد حصلت بانتقاله فهو قول ضعيف لأنه حدث لا تلزم الطهارة منه إلا
بظهوره كسائر الاحداث، وخلاف سند إنما هو في المرأة لا فيها وفي الرجل كما في بن قوله: (ولو
لم ينفصل عن الذكر) أي بأن استمر باقيا في القصبة ولم يخرج بلا مانع له من الخروج بأن
انقطع بنفسه قوله: (بلذة) متعلق بخروج أي بسبب خروج مني متلبس بلذة قوله: (أو لا) أي
بأن خرج المني بعدها أي بعد اللذة قوله: (وإن بنوم) أي هذا إذا كان خروج المني في يقظة بل وإن
كان خروجه في نوم قوله: (بلذة معتادة أو لا) تبع في هذا الاطلاق عج معترضا به على ح وتت
القائلين: إذا رأى في منامه أن عقربا لدغته فأمنى أو حك لجرب فالتذ فأمنى ثم انتبه فوجد المني لم يجب
الغسل، وقبل طفي ما لعج من أن الأحوط وجوب الغسل وكان وجه التفرقة على هذا بين النوم
واليقظة عدم ضبط النائم لحاله. ولا يقال: إن وجوب الغسل في الصورة المذكورة يؤخذ من وجوبه
في صورة ما إذا لم يعقل سببا أصلا أي بأن رأى الأثر ولم يعقل السبب. لأنا نقول: إنما وجب في صورة
جهل السبب حملا على الغالب وهو الخروج بلذة معتادة بخلاف ما إذا عقل السبب وأنه غير معتاد
وبالجملة فلا نص في المسألة، وما تمسك به عج في رده على ح وتت واه جدا انظر بن. قوله: (أو بعد
ذهاب لذة) أي هذا إذا كان خروج المني مقارنا للذة، بل وإن خرج بعد ذهاب اللذة وسكون انعاظه
حالة كون ذلك الخروج بلا جماع، والظاهر تلفيق حالة النوم لحالة اليقظة فإذا التذ في نومه ثم خرج منه المني
في اليقظة بعد انتباهه من غير لذة اغتسل قوله: (سواء اغتسل قبل خروج المني لظنه أنه يجب عليه
الغسل بمجرد اللذة جهلا منه أو لم يغتسل) أي بخلاف ما إذا كانت اللذة ناشئة عن جماع بأن أغاب
الحشفة ولم ينزل ثم إنزل بعد ذهاب لذته وسكون انعاظه فإنه يجب عليه الغسل ما لم يكن اغتسل
قبل الانزال وإلا فلا لوجود موجب الغسل هو مغيب الحشفة. قوله: (لا مفهوم له) قال ابن غازي
قد يعتذر عن المصنف بأن قوله: أو بعد ذهاب لذة يصدق أيضا بما إذا خرج بعض المني ثم خرج
أيضا البعض الباقي فيكون هذا القيد وهو قوله: ولم يغتسل راجعا لهذه الصورة، وأما إذا اغتسل
لخروج بعضه فلا غسل عليه لخروج باقيه اه‍ بن. قوله: (بل سلسا) أي فلا يجب منه الغسل
وظاهره ولو قدر على رفعه بتزوج أو تسر أو صوم لا يشق وهو كذلك كما هو ظاهر ابن عرفة وغيره
127

(قوله أو غير معتادة) قال بن: اعترض ابن مرزوق على المصنف بأن الراجح وجوب الغسل بخروجه
بلذة غير معتادة كما اختاره اللخمي، وظاهر ابن بشير قال شيخنا عدم تعرض الشراح لنقل كلام ابن
مرزوق وإعراضهم يقتضي عدم تسليمه، وحينئذ فيكون الراجح كلام المصنف، وبالجملة فليس كل
ما قيل مسلما قوله: (ولو استدام) أي ولو حس بمبادئ اللذة واستدام حتى أمنى، وقوله فيما يظهر المستظهر
لعدم وجوب الغسل في مسألة الماء الحار ولو حس بمبادئ اللذة عج لبعد الماء الحار عن شهوة الجماع
بخلاف هز الدابة فإنه أقرب لشهوة الجماع قوله: (فالظاهر أنه كالماء الحار) أي فلا يجب الغسل ولو
أحس بمبادئ اللذة واستدام حتى أنزل. والحاصل أنه لا يجب الغسل مطلقا في مسألة الماء الحار
والجرب إذا كان بغير الذكر، وأما إذا كان فيه فهو كهز الدابة إن أحس بمادي اللذة واستدام حتى
أنزل وجب الغسل وإلا فلا، وما قاله شارحنا هو ما استظهره شيخنا. وقال الشيخ سالم: لا يجب الغسل في
مسألة الماء الحار والحك للجرب وهز الدابة ما لم يحس بمبادئ اللذة ويستديم وإلا وجب الغسل في
الثلاثة. وقال عج: لا يجب الغسل في الماء الحار مطلقا ولو استدام، وأما في مسألة الجرب وهز الدابة إن
استدام وجب الغسل وإلا فلا وقد أجمل في الجرب فظاهره كان بذكره أم لا، وفصل فيه شارحنا فجعل
الذي في الذكر كهز الدابة والذي في غيره كالماء الحار. بقي شئ آخر وهو أنه في هز الدابة إذا حس
بمبادي اللذة واستدام حتى أنزل فهل يجب الغسل ولو كانت الاستدامة لعدم القدرة على النزول من
عليها كمن أكره على الجماع أو لا غسل حينئذ تردد في ذلك عج قوله: (وجوبا في المسألتين) أي وقيل
بندبه فيهما، والمراد بالمسألتين مسألة خروج المني بلا لذة أصلا أو بلذة غير معتادة. قوله: (لكن في
السلس إلخ) أي لكن نقض الوضوء في السلس إن فارق أكثر أي والحال أنه لم يقدر على رفعه أو
قدر على رفعه مطلقا سواء لازمه كل الزمان أو نصفه أو جله أو أقله، وأما إن لم يقدر على رفعه وفارقه
أقل الزمان أو نصفه أو لم يفارق فلا يكون ناقضا قوله: (بأن غيب الحشفة في الفرج إلخ) مثل الرجل
المذكور المرأة إذا خرج من فرجها ماء الرجل بعد غسلها فإنه يجب عليها الوضوء ولا تعيد الغسل
وعبارة المصنف تشمل هذه الصورة لان قوله: ثم أمنى معناه ثم خرج منه المني أعم من أن يكون منيه أو
مني غيره. قوله: (ولو صلى) أي المجامع، وقوله: بغسله أي بعد غسله. وحاصله أنه إذا جامع واغتسل قبل
خروج منيه وصلى فخرج منيه فإنه وإن وجب عليه الوضوء لا يعيد تلك الصلاة التي صلاها قبل
خروج المني، ومثل هذا ما إذا التذ بلا جماع وصلى ثم خرج منيه فإنه وإن وجب غسله لكن لا يعيد
تلك الصلاة التي صلاها قبل خروج المني. قوله: (وبمغيب حشفة بالغ) أي ولو من خنثى مشكل إذا غيبها
في فرج غيره أو في دبر نفسه وإلا بأن غيبها في فرج نفسه فلا ما لم ينزل، واشتراط البلوغ خاص بالآدمي
فإذا غيبت امرأة ذكر بهيمة في فرجها وجب الغسل ولا يشترط في البهيمة البلوغ كذا في ابن مرزوق، ولو
رأت امرأة في اليقظة من جني ما تراه من إنسي من الوطئ واللذة أو رأى الرجل في اليقظة أنه جامع
جنية قال ابن ناجي: الظاهر أنه لا غسل على الرجل ولا على المرأة ما لم يحصل إنزال. وقال ح: الظاهر أنه
لا غسل عليهما ما لم يحصل إنزال أو شك فيه لأن الشك في الانزال يوجب الغسل، واعترضه البدر القرافي
بأن الموافق لمذهب أهل السنة من أن الجن لهم حقيقة الاختيالات كما تقول الحكماء وأنهم أجسام نارية
لهم قوة التشكل، ولقول مالك بجواز نكاح الجن وجوب الغسل على كل من الرجل والمرأة وإن لم
يحصل إنزال ولا شك فيه ووافقه على ذلك تلميذه عج قال شيخنا: وهو التحقيق. قوله: (ويجب) أي الغسل
على المغيب فيه أيضا أي كما يجب على المغيب اسم فاعل. وقوله: إن كان أي المغيب فيه بالغا. وحاصله أن
المغيب إن كان بالغا وجب الغسل عليه، وكذا على المغيب فيه إن كان بالغا وإلا وجب على المغيب دون المغيب
128

فيه، فإن كان المغيب غير بالغ لم يجب عليه ولا على من غيب فيه سواء كان بالغا أم لا ما لم ينزل ذلك المغيب
فيه وإلا وجب عليه الغسل للانزال قوله: (ولو لف إلخ) مبالغة في قوله: ويجب غسل ظاهر الجسد
بمغيب حشفة بالغ قوله: (لا كثيفة تمنع اللذة) أي وليست الجلدة التي على الحشفة بمثابة الخرقة الكثيفة
فيجب معها الغسل بأنه يحصل معها لذة عظيمة بخلاف الخرقة قاله شيخنا. قوله: (ولو ثلثيها) المبالغة على ذلك
تقتضي أنه إذا غيب أكثر من الثلثين يجب الغسل وليس كذلك إذ لا بد في وجوب الغسل من
تغييبها بتمامها أو تغييب قدرها قاله شيخنا قوله: (أي مقارب للبلوغ) وهو ابن اثنتي عشرة سنة أو ثلاث
عشرة سنة. قال ابن مرزوق: ولو حذف لا مراهق استغناء بمفهوم الوصف وبقوله بعد وندب لمراهق
لكان أنسب باختصاره اه‍. وقال شيخنا: إنه صرح بقوله لا مراهق وإن كان يعلم مما تقدم للرد على
المخالف القائل إن وطأه يوجب الغسل عليه. قوله: (وهل يعتبر) أي فيما إذا ثنى ذكره، وانظر لو خلق
ذكره كله بصفة الحشفة هل يراعى قدرها أيضا من المعتاد أو لا بد في إيجاب الغسل من تغييبه كله
والظاهر كما قال شيخنا الأول وهو مراعاة قدرها من المعتاد قوله: (قبل أو دبر) أي سواء كان دبر
نفسه أو دبر غيره، ولو كان ذلك الغير خنثى مشكلا وظاهره غيب الحشفة في القبل في محل الافتضاض
أو في محل البول وهو كذلك، واشترط أبو محمد صالح محل الافتضاض وتعقبه التادلي قائلا: إن تغييبها
في محل البول قصاراه أنه بمنزلة تغييبها في الدبر وهو موجب للغسل، فلو دخل الشخص بتمامه في الفرج
فلا نص عندنا. وقالت الشافعية: إن بدأ في الدخول بذكره اغتسل وإلا فلا كأنهم رأوه كالتغييب في
الهواء، ويفرض ذلك في الفيلة ودواب البحر الهائلة، وما ذكره من أن تغييب الحشفة في الدبر يوجب
الغسل هو المشهور من المذهب، وفي ح قول شاذ لمالك أن التغييب في الدبر لا يوجب غسلا حيث لا
إنزال، وللشافعية أنه لا ينقض الوضوء وإن أوجب الغسل فإذا كان متوضئا وغيب الحشفة في الدبر
ولم ينزل وغسل ما عدا أعضاء الوضوء أجزأه. قوله: (ومن ميت) أي ولا يعاد غسل الميت المغيب
فيه لعدم التكليف. لا يقال: إنه غير مكلف حين غسله أو لا فلم غسل؟ لأنا نقول: غسله أو لا تعبد ثم إن
قول المصنف وإن من بهيمة وميت في المغيب فيه، وأما المغيب فإن كان بهيمة وجب الغسل على
موطوءته وإن كان ميتا بأن أدخلت امرأة ذكر ميت في فرجها فلا يجب عليها غسل ما لم تنزل (قوله
بشرط إطاقة ذي الفرج) أي سواء كان آدميا أو غيره. قوله: (فإن لم يطق فلا غسل) أي ذي الحشفة
المغيب قوله: (أو في هوى الفرج) أي أو في ثقبة بالأولى ولو انسد المخرجان فإنه لا يجب عليه الغسل
ما لم ينزل بخلاف تغييبها في محل البول فإنه موجب للغسل على المعتمد كما مر. قوله: (وندب لمراهق إلخ)
في المواق عن ابن بشير ما يشهد للمصنف من ندب الغسل للمراهق والصغيرة التي وطئها بالغ
ونصه: إذا عدم البلوغ في الواطئ أو الموطوءة فمقتضى المذهب لا غسل ويؤمران به على جهة الندب
اه‍. وقال أشهب وابن سحنون: يجب الغسل عليهما، وعليه فلو صليا بدون غسل فقال أشهب: يعيد، وقال
ابن سحنون: يعيد بقرب ذلك لا أبدا. قال سند: وهو حسن، وعليه يحمل قول أشهب، والمراد بالقرب
كاليوم كما في طفي، والمراد بوجوب الغسل عليهما عدم صحة الصلاة بدونه لتوقفها عليه كالوضوء لا
ترتب الاثم على الترك قوله: (وطئ مطيقة) أي سواء كانت بالغة أم لا قوله: (دون موطوءته) أي فلا
يندب لها ولو بالغة قوله: (كصغير وطئها) أي فيندب لها الغسل ويجب على واطئها البالغ (قوله
مأمورة بالصلاة) أي سواء كانت مراهقة أو لا قوله: (هذا هو المعتمد في المسألتين) أي خلافا لمن قال في
الأولى وهي ما إذا كان الواطئ مراهقا أنه يندب الغسل له ولموطوءته ولو بالغة ما لم تنزل، ولمن قال في
الثانية وهي الصغيرة إذا وطئها بالغ أو غيره يندب لها الغسل فلا فرق بين كون واطئها بالغا أو غيره في ندب
الغسل لها. والحاصل أن الصور أربع، وذلك لان الواطئ والموطوءة إما بالغان أو بالغ وصغيرة أو صغير
129

وكبيرة أو صغيران، ففي الأولى: يجب الغسل عليهما اتفاقا. وفي الثانية: الغسل على الواطئ ويندب
للموطوءة. وفي الثالثة: يندب للواطئ دون موطوءته على المعتمد، وكذا في الرابعة، أما وجوبه عليهما
في الأولى وعلى الواطئ في الثانية فمأخوذ من قول المصنف: وبمغيب حشفة بالغ، وندبه للموطوءة في
الثانية فمأخوذ من قوله: كصغيرة وطئها بالغ، وندبه للواطئ دون الموطوءة في الثالثة والرابعة
فمأخوذة من قوله: وندب لمراهق أي دون موطوءته ولو بالغة كما قال الشارح. قوله: (ولو بجماع
فيما دونه) أي كما لو أمنى في سرتها أو شفرها من غير تغييب حشفة وسال المني حتى وصل لفرجها
وما قبل المبالغة ما إذا شرب فرجها منيا من فوق بلاط الحمام مثلا قوله: (وكذا لا يجب عليها الوضوء) أي
لان وصول المني لفرجها ليس بحدث ولا سبب ولا غيرهما يقتضي الوضوء قوله: (ولو التذت بوصوله
لفرجها) هذا قول ابن القاسم لحمله قول مالك في المدونة ما لم تلتذ على الانزال وأبقاها الباجي والتونسي
على ظاهرها وهو المردود عليه بلو. قوله: (ما لم تنزل) أي أو تحمل من ذلك المني الذي وصل لفرجها
بجماع فيما دون الفرج فإذا حملت اغتسلت وأعادت الصلاة من يوم وصوله لان حملها منه بعد انفصال
منيها من محله بلذة معتادة، وهذا الفرع مشهور مبني على ضعيف وهو قول سند المتقدم، أو أن هذا المني
في حكم ما خرج بالفعل لتخلق الولد منه، أو أن هذا الماء لما كان يحتمل أن يظهر في الخارج لولا الحمل
وجب الغسل لأن الشك في موجب الغسل كتحققه، بخلاف ما إذا حملت من مني شربه فرجها من
كحمام فإنه لا يجب عليها غسل ولا إعادة صلاة، وإن كان الحمل يستلزم امناءها لكنه هنا قد خرج
بلذة غير معتادة، ويلحق الولد في المسألتين إن كان لها من يلحق به أو زوج أو سيد، وأمكن إلحاقه به
بأن كان من يوم تزوجها أو ملكها ستة أشهر فأكثر، ولو علم أن المني الذي جلست عليه من غيره فإن
لم يكن للمرأة من يلحق به أو كان لها ولكن لا يمكن إلحاقه فهو ابن زنى، وإذا ادعت أنها حملت من
مني شربه فرجها لا يكون ذلك شبهة تدرأ عنها الحد بل الحد واجب لأنها ادعت ما لا يعرف (قوله
بحيض) أي بوجود حيض فالموجب للغسل وجود الحيض لا انقطاعه وإنما هو شرط في صحته
كما قال الشارح قوله: (تنفس الرحم) أي طرح الرحم للولد قوله: (بدم) أي متلبس بدم مع الولد أو قبله
أو بعده، فلو خرج الولد جافا فلا يجب عليها غسل بل يندب فقط، وعلى هذا القول اقتصر اللخمي
وعليه فهل ينتقض الوضوء بتنفس الرحم بدون دم أم لا؟ قولان. قوله: (واستحسن) أي عند ابن
عبد السلام والمؤلف من روايتين عن مالك قوله: (وبغيره) عطف على محذوف كما أشار له الشارح
في خياطته. قوله: (لا يجب الغسل باستحاضة) أي بوجود دم استحاضة لأنه ليس من موجبات
الغسل خلافا لظاهر الرسالة وهذا مفهوم حيض وصرح به لأنه لا يعتبر مفهوم غير الشرط (قوله
وندب الغسل لانقطاعه) أي عند انقطاعه لأجل النظافة وتطييبا للنفس كما يندب غسل المعفوات
إذا تفاحشت لذلك والاستحاضة دم من جملتها، وأما قول بعضهم لاحتمال أن يكون خالط
الاستحاضة حيض وهي لا تشعر ففيه نظر لأنه يقتضي وجوب الغسل لا ندبه لوجود الشك في
الجنابة، إلا أن يقال: إن هذا احتمال ضعيف لم يصل للشك، على أن الاحتمال المذكور لا يتأتى إلا إذا
تمادى بها الدم أزيد من خمسة عشر يوما بعد أيام عادتها، ولا يتأتى إذا زاد على أكثر الحيض قبل طهر
فاصل. قوله: (ويجب غسل كافر إلخ) أي إذا وجد ماء وإلا تيمم كالجنب كما قال ابن الحاجب ثم
يغتسل إذا وجد الماء. قوله: (على الأرجح) أي من أن الردة تبطل الغسل قوله: (أي بعد النطق إلخ)
أي بشرط عدم اعتقاد مكفر كاعتقاد عدم عموم رسالته قوله: (على المعتمد) قال البكري في شرح
عقيدة ابن الحاجب: اختلفوا هل يتعين للدخول في الاسلام لفظ الشهادتين أو لا؟ بل يكفي ما يدل على
الاسلام من قول أو فعل على قولين، ومبنى الخلاف على أن المعتبر ما يدل على المقاصد كيف كان
130

أو لا بد من اللفظ المشروع، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى
يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله. وحديث خالد حيث قتل من قال صبأنا أي أسلمنا ولم يحسنوا غير
هذا فقال عليه الصلاة والسلام: اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد. ثم وداهم عليه الصلاة والسلام وعذر
خالدا في اجتهاده. قوله: (بل يندب) هذا قول ابن القاسم كما نقله الشيخ الزرقاني ومقابله قولان
آخران وجوب الغسل مطلقا بناء على أنه تعبد وشهره الفاكهاني، والثالث للقاضي إسماعيل لا يجب
مطلقا لجب الاسلام لما قبله بل يندب فقط. قوله: (وصح غسله قبلها) أي من موجب حصل منه
في حال كفره. قوله: (والحال أنه قد أجمع على الاسلام) أي على النطق بالشهادتين ولم يكن عنده إباء
والفرض أنه مصدق بقلبه فقد علمت أن المراد بالاسلام هنا النطق بالشهادتين كما يدل لذلك تفسير
الشارح العزم على الاسلام بقوله: بأن تكون نيته النطق بالشهادتين قوله: (لان إسلامه بقلبه)
الأولى لان تصديقه بقلبه إيمان حقيقي متى عزم إلخ وذلك لان الاسلام عبارة عن الانقياد الظاهري
وأما التصديق القلبي فهو إيمان قوله: (ولا شرط صحة) أي وإنما هو شرط لاجراء الاحكام الدنيوية
من غسل وصلاة وإرث ودفن في مقابر المسلمين قوله: (على الصحيح) أي ومقابله قولان قيل: إنه
جزء من الايمان فالايمان مركب من الاذعان القلبي والنطق، وقيل إنه شرط في صحته، وعلى كل من
القولين فلا يكون مؤمنا حتى ينطق ولا يصح غسله قبل نطقه ولو كان عازما عليه قوله: (وسواء نوى
بغسله الجنابة) أي رفع الجنابة وهذا تعميم في قوله وصح قبلها والحال أنه قد أجمع على الاسلام أي
وأما لو نوى بذلك الغسل التنظيف أو إزالة الوسخ فإنه لا يجزئه عن غسل الجنابة كما قاله اللخمي (قوله
لان نيته الطهر إلخ) أي لان نية الاسلام نية للطهر من كل ما كان ملتبسا به حال كفره من الأقذار (قوله
وهو يستلزم إلخ) أي ونيته الطهر من كل ما كان فيه حال كفره تستلزم رفع الحدث أي الوصف المانع
من قربان الصلاة من استلزام الكلي لجزئيه لان الوصف من جملة الأقذار التي كان ملتبسا بها حال
كفره قوله: (فلا يصح بالتصميم القلبي إلخ) أي فلا يصح بالعزم على النطق بالشهادتين دون نطق بهما
بالفعل والحال أنه مصدق بقلبه قوله: (فلا تجرى عليه أحكامه) أي وأما بالنسبة للنجاة من الخلود في
النار فينفعه التصميم على النطق من غير إباء حيث كان عنده تصديق قلبي وإذعان. قوله: (فليس المراد)
أي بالاسلام المنفي حصوله في كلام المصنف بالتصميم على النطق من غير نطق بالفعل الاسلام المنجي
عند الله لأنه يحصل بمجرد التصديق والاذعان والعزم على النطق من غير إباء أي وإنما المراد به
الاسلام الظاهري وهو جريان الاحكام الظاهرة، فالمعنى حينئذ لا يصح الاسلام أي جريان الاحكام
الظاهرة عليه إذا لم ينطق بالشهادتين بالفعل إلا لعجز فتجري عليه الأحكام المذكورة قوله: (فلا ينافي ما
تقدم) أي من قوله: لان إسلامه بقلبه إسلام حقيقي وهذا مفرع على قوله: فليس المراد إلخ. والحاصل
أن الاسلام المنجي لا يتوقف حصوله على النطق بالفعل على المعتمد، والإسلام الظاهري يتوقف
على ذلك، فما تقدم في كلام الشارح محمول على المنجي، والواقع في كلام المصنف محمول
على الظاهري فلا منافاة بين كلام المصنف والشارح قوله: (وبهذا التقرير إلخ) حاصله أنه
إن حمل كلام المصنف على الاسلام الظاهري وهو جريان الاحكام عليه كان ماشيا على
الصحيح من أن النطق شرط لاجراء الاحكام وان حمل على الاسلام المنجى كان ماشيا على القول
بأن المنطق شرط في صحة الايمان أو شطر منه وكلاهما ضعيف. قوله: (وإلا عمل بمقتضى
الراجح) أي بمقتضى ما ترجح عنده من الامرين، فإن ترجح عنده أنه مني اغتسل أو مذي غسل
ذكره فقط بنية قوله: (اغتسل وجوبا) هذا هو المشهور، وروي عن ابن زياد لا يلزمه إلا الوضوء مع
غسل الذكر قوله: (للاحتياط) أي لأن الشك في الحدث كتحققه، ومنه إذا شك هل غابت حشفته كلها
131

في الفرج أو بعضها؟. قوله: (ولو وجده هذا الشاك) أي ولو وجد الشخص الشئ الذي شك فيه هل
هو مني أو مذي في ثوبه؟ قوله: (كان ينزعه) أي في مدة لبسه السابقة على النومة الأخيرة أم لا، وما مشى
عليه المصنف من إعادة الصلاة من آخر نومة مطلقا هو ظاهر قول مالك في الموطأ ورواية علي وابن
القاسم عنه وجعله أبو عمر مقابلا لمذهب المدونة وإن مذهبها أنه يعيد من أول نومة إن كان لا ينزعه
وإن كان ينزعه فمن آخر نومة وهو المناسب لما تقدم من أن الشك في الحدث كتحققه، وذلك لأنه إذا
كان لا ينزعه فما بعد النومة الأولى قد تطرق له الشك فمقتضى ذلك إعادته، قال الباجي: ورأيت أكثر
الشيوخ يجعلون هذا تفسيرا للموطأ، والصواب عندي أن يكون اختلف قول الإمام، إذا علمت
هذا فإطلاق المصنف موافق لطريقة الباجي لا لما حكاه عن الأكثر لكنه لا ينبغي مخالفة الأكثر
(قوله كتحققه) تشبيه في الإعادة من آخر نومة. وحاصله أنه إذا رأى منيا في ثوب نومه ولم يتذكر
احتلاما ولم يدر وقت حصوله فإنه يجب عليه الغسل وإعادة الصلاة من آخر نومة نامها فيها سواء كان
طريا أو يابسا على المشهور، وقيل: إن كان طريا فمن آخر نومة وإن كان يابسا فمن أول نومة (قوله
ومحل الإعادة بعد الغسل فيهما) أي في مسألة الشك والتحقق إذا لم يلبسه غيره إلخ، وهذا القيد ذكره
ابن العربي في العارضة وهو مخالف لما قالوه من وجوب الغسل على كل من شخصين لبسا ثوبا ونام كل
واحد فيها ولم يحتمل لبس غيرهما لتلك الثوب ووجدا فيها منيا، ولقول البرزلي: لو نام شخصان تحت
لحاف ثم وجدا منيا عزاه كل منهما لصاحبه، فإن كان غير زوجين اغتسلا وصليا من أول ما ناما فيه
لتطرق الشك إليهما معا فلا يبرآن إلا بيقين، وإن كانا زوجين اغتسل الزوج وحده لان الغالب أن
الزوجة لا يخرج منها ذلك اه‍. وما جمع به عبق بين الكلامين فقد رده بن بأنه غير صحيح
وأن الحق أنهما قولان متغايران، واستظهر بعضهم الثاني لا ما قاله ابن العربي من التقييد قوله: (إن
شكه دائر بين أمرين أحدهما مني) فإن كان أحدهما غير مني بأن شك هل مذي أو بول أو مذي أو ودي
وجب غسل ذكره كله بنية، وإن شك أبول أو ودي فلا يجب عليه شئ. قوله: (فإن دار بين ثلاثة
أي وكان أحدهما منيا كما مثل قوله: (لضعف الشك في المني) أي لتعدد مقابلة ثم إنه إن كان أحد الثلاثة
مذيا وجب غسل ذكره كله عملا بالأحوط وإلا فلا هذا ما استظهره بعضهم، وقال شيخنا: كما لا يجب
الغسل لا يجب غسل الذكر لضعف الشك. والحاصل أنه إذا دار الشك بين أمرين أحدهما مني وجب
الغسل كما إذا شك أمذي أم مني أو بول أو مني أو ودي أو مني، وإذا دار شكه بين أمرين ليس أحدهما
منيا، فإن كان أحدهما مذيا وجب غسل الذكر كما إذا شك أمذي أم بول أو مذي أو ودي وإن لم يكن
أحدهما مذيا أيضا بأن شك هل ودي أو بول لم يجب شئ، وإن دار شكه بين ثلاثة وكانت أحكامها
مختلفة فالحكم للأوسط على ما استظهره بعضهم، كما إذا شك هل هو مني أو مذي أو بول أو هل هو
مني أو مذي أو ودي فالواجب غسل الذكر فيهما، وقال شيخنا: لا يجب غسل الجسد ولا غسل
الذكر فيهما كما مر فإن لم يكن وسط فالحكم للمتفق لضعف المقابل، كما إذا شك هل هو مني أو ودي أو
بول. تنبيه: سكت المصنف والشارح عما إذا رأت المرأة حيضا في ثوبها ولم تدر وقت
حصوله وحكمها حكم من رأى منيا في ثوبه ولم يدر وقت حصوله فتغتسل وتعيد الصلاة من آخر
نومة وتعيد الصوم من أول يوم صامته فيه، كذا قال الشيخ سالم وتت ففرقا بين الصوم والصلاة
والمعتمد أنه لا فرق بينهما ابن عرفة قال ابن القاسم: من رأت في ثوبها حيضا لا تذكر
وقت إصابته إن كانت لا تترك ذلك الثوب أعادت الصلاة مدة لبسه لاحتمال طهرها وقت
132

أول صلاة من أول يوم لبسته بأن أتاها الدم دفعة وانقطع وإن كانت لا تنزعه في بعض الأوقات فمن
آخر لبسة وتعيد صوم ما تعيد صلاته ما لم يجاوز عادتها وإلا اقتصرت عليها. ابن حبيب: لا تعيد في
الصوم إلا يوما فقط وظاهره كانت تنزعه في بعض الأوقات أم لا. قال ابن يونس: ووجه قول ابن
القاسم بإعادة الصوم مدة عادتها مع أنه يمكن أن الدم أتاها لحظة وانقطع فالذي بطل صومه يوم نزولها
فقط إمكان تمادي الدم أياما ولم تشعر، وقول ابن حبيب أبين عندي لان الدم إنما أتاها لحظة وانقطع
إذ لو استمر نزوله عليها لشعرت به ولم يظهر في ثوبها فقط، واعترض على ابن حبيب بأن الحيض يقطع
التتابع ويرفع النية فقد صامت بلا نية فوجب إعادة الجميع، وأجيب بأنها حيث لم تعلم به فهي على النية
الأولى لم ترفعها فلا يبطل التتابع. قوله: (وقد تقدم) أي في قوله: يجب غسل ظاهر الجسد بمني إلخ (قوله
راجع لهما) أي خبر لمبتدأ محذوف تقديره التشبيه راجع لهما أي للنية والموالاة قوله: (إنها أول مفعول) أي
من حيث إنها تكون عند أول مفعول قوله: (وإنه لا ينوي إلخ) عطف على أنها أي ومن حيث أنه ينوي
إلخ قوله: (أو الفرض) أي فرض الغسل قوله: (ولا يضر اخراج بعض المستباح) أي كأن يقول
نويت استباحة الصلاة لا الطواف مثلا قوله: (أو نسيان حدث) كما لو نوت رفع الحدث من الحيض
ناسية للجنابة أو العكس أو نوى رفع الحدث من الجماع ناسيا لخروج المني أو العكس قوله: (بخلاف
اخراجه) أي كأن يقول: نويت الغسل من الجماع لا من خروج المني، والحال أن ما أخرجه قد حصل
منه، وأما لو كان ما أخرجه لم يحصل منه فإنه لا يضر قوله: (أو نية مطلق الطهارة) أي وبخلاف نية
مطلق الطهارة المحققة في الواجبة والمندوبة أو في المندوبة فقط فإنه يضر قوله: (لا باعتبار الحكم) عطف
على قوله: باعتبار وصفها أي فليس المراد بقوله: وواجبة نية كنية الوضوء يعني من حيث الحكم (قوله
جرى فيها خلاف) أي بالوجوب والسنية وذلك لظهور التعبد هنا لتعلق الغسل بجميع البدن
لا بالفرج فقط والنظافة هناك لتعلقه بأعضاء الأوساخ قوله: (وإن لم يذكره المصنف) قد يقال: إنما
يحسن ما ذكره من كون التشبيه في الصفة لا في الحكم في كلام من حكى الخلاف فيها في الوضوء لا في
كلام من لم يحك ذلك كالمصنف فالأولى أن يجعل التشبيه في كل من الامرين أعني الصفة والحكم قاله
بن قوله: (فوجه الشبه فيهما) أي في التشبيهين مختلف لان وجه الشبه في الأول من حيث الصفة وفي
الثاني من حيث الصفة والحكم على ما قال الشارح. قوله: (وإن نوت امرأة جنب وحائض) أي سواء
تقدمت الجنابة على الحيض أو تأخرت عنه قوله: (أو نوت أحدهما ناسية للآخر) أي بأن
نوت الحيض ناسية للجنابة أو نوت الجنابة ناسية للحيض. وقوله: حصلا أي في الأولى على المنصوص
لابن القاسم وفي الثانية على مذهب المدونة خلافا لسحنون، ومفاد قوله: أو نوت أحدهما ناسية
للآخر أن المانعين حصلا للمرأة إلا أنها نوت الغسل من أحدهما وتركت الآخر نسيانا أو عمدا
فإن حصل منها أحدهما ونوت من الآخر فإن كان نسيانا أجزأ كما مر في الوضوء، وإن كان عمدا
فلا يجزئ قطعا لتلاعبها قوله: (أو نوى الجنابة والجمعة أو العيد إلخ) أي ولا يضر تقدم هذه الأمور
أعني الجمعة والعيد في النية على الجنابة. واعلم أنه يؤخذ من هذه المسألة صحة نية
صوم عاشوراء للفضيلة والقضاء ومال إليه ابن عرفة، ويؤخذ منه أيضا أن من كبر تكبيرة واحدة
ناويا بها الاحرام والركوع فإنها تجزئه، وأنه إن سلم تسليمة واحدة ناويا بها الفرض والرد
فإنها تجزئه وبه قال ابن رشد قوله: (أي أشركهما في نية واحدة) أي بأن قال في قلبه: نويت الجنابة
والجمعة واقتصر على هذه لكونها محل الخلاف وإلا فالحكم كذلك لو أفرد كلا بنية ولا خلاف فيه قاله
133

شيخنا. قوله: (أي وقصد بها النيابة إلخ) أي أنه جعل نية الغسل خاصة بالجنابة، وعلق بالجمعة نية
أخرى بأن قصد نيابة الجنابة عنها قوله: (وهذا) أي وبعض هذا الذي ذكره المصنف وهو قوله: أو
أحدهما ناسية للآخر وليس المراد وكل هذا قوله: (ليس بضروري الذكر) أي ليس مضطرا لذكره
مع قوله: وواجبة نية كنية الوضوء فإنه يعلم منه أنه إذا نسي أحد الامرين حصلا لقوله في الوضوء
أو نسي حدثا لا أخرجه قوله: (وإن نوى الجمعة) أي نوى بغسله الجمعة قوله: (في الأولى) أي ما إذا نوى
بغسله الجمعة ونسي الجنابة والثانية ما إذا نوى بغسله الجمعة وقصد نيابته عن الجنابة قوله: (تخليل شعر)
نكره ليشمل شعر الرأس وغيرها من حاجب وهدب وإبط وعانة ولحية وشارب قوله: (ولو
كثيفا) أي هذا إذا كان خفيفا باتفاق بل وإن كان كثيفا على الأشهر، وقيل: يندب تخليل الكثيف
فقط، وقيل: تخليله مباح وهذا الخلاف في اللحية فقط، وأما غيرها فتخليله واجب اتفاقا مطلقا خفيفا أو
كثيفا انظر بن قوله: (وضغث مضفورة) ظاهره وإن كانت عروسا تزين شعرها، وفي بن وغيره
أن العروس التي تزين شعرها ليس عليها غسل رأسها لما في ذلك من إتلاف المال ويكفيها المسح عليه
وفي ح عند قول المصنف في الوضوء ولا ينقض ضفره رجل أو امرأة أنها تتيمم إذا كان الطيب
في جسدها كله لان إزالته من إضاعة المال، ونص بن هنا: قال أبو الحسن في قول المدونة ولا تنقض
المرأة شعرها المضفور ولكن تضغثه بيدها ما نصه ظاهره وإن كانت عروسا، وفي شرح ابن بطال
عن بعض التابعين أن العروس ليس عليها غسل رأسها لما في ذلك من إفساد المال وإنما تمسح عليه، وقال
الوانوغي: ما ذكره ابن بطال من الترخيص للعروس لا يبعد كل البعد، وفي فروعنا ما يشهد له، ونقله ابن
غازي في تكميل التقييد وسلمه، وكذا نقل ابن ناجي عن أبي عمران أن العروس لا تغسل شعرها بل تمسح
عليه. قوله: (أي جمعه وتحريكه) أي فيكون ذلك بمثابة التخليل وظاهره أن الشعر إذا كان غير مضفور
وجمعه وحركه لا يكفيه ذلك ولا بد من التخليل وليس كذلك بل الظاهر أنه يكفي كما قرره شيخنا
قوله: (في ذلك) أي في ضغث المضفور من الشعر قوله: (وفي جواز الضفر) ما ذكره من جواز الضفر
للرجال هو قول عبد الوهاب وهو المختار خلافا لقول البلنسي: لا يجوز للرجل ضفر شعره
وعدم الجواز صادق بالكراهة والحرمة قوله: (لا يجب نقضه) أي المضفور من الشعر
(قوله أو ضفر بخيوط كثيرة) أي سواء اشتد الضفر أم لا، والمراد بها ما زاد على الاثنين في الضفيرة
الواحدة. قوله: (مع الاشتداد) راجع للخيط والخيطين. قوله: (لا مع عدمه) أي في الخيط أو الخيطين
والمضفور بنفسه قوله: (ولو ضيقا) أي ولو فرض أن الماء لا يدخل تحته لأنه لما أباح الشارع لبسه
صار كالجبيرة قوله: (ودلك) هو داخل في مفهوم الغسل لأنه صب الماء على العضو مع دلك
134

وحينئذ فيغني عنه لكنه ذكره لدفع توهم عدم وجوبه كما رواه مروان الظاهري فإنه روى ندبه
ويكفي غلبة الظن بالتعميم في الدلك على الصواب خلافا لما نقله عج عن زروق من أن غلبة الظن
لا تكفي، ولا بد من الجزم بالتعميم لأنه إذا كان يكفي غلبة الظن في وصول الماء الذي هو فرض إجماعا
فأولى الدلك والمستنكح يلهى عن الشك وجوبا، ولا يشترط في حقه غلبة الظن بل يعمل على التردد
ويكفيه قاله شيخنا. قوله: (وهو هنا إمرار العضو على العضو) أي فلا يشترط هنا خصوص
اليد، وأما في الوضوء فهو إمرار باطن اليد، لكن قد تقدم أن الحق أنه يكفي في الدلك إمرار العضو على
العضو في المحلين ولو غير باطن اليد قوله: (وهو واجب لنفسه لا لايصال الماء للبشرة) أي وحينئذ فيعيد
تاركه أبدا ولو تحقق وصول الماء للبشرة لطول مكثه مثلا في الماء وهذا القول هو المشهور في المذهب
وقال بعضهم: إنه واجب لايصال الماء للبشرة واختاره عج لقوة مدركه ولكن الحق أنه وإن كان
قوي المدرك إلا أنه ضعيف في المذهب لان المشهور ما كثر قائله ولو كان مدركه ضعيفا والضعيف ما قل
قائله ولو قوي مدركه قوله: (بل يجزئ ولو بعد صب الماء وانفصاله) أي عند ابن أبي زيد خلافا
للقابسي في اشتراطه المقارنة لصب الماء، فإذا انغمس في الماء ثم خرج منه فصار الماء منفصلا عن جسده
إلا أنه مبتل فيكفي الدلك في هذه الحالة على الأول لا على الثاني المردود عليه بلو في كلام المصنف
وأشار الشرح بقوله: بل يجزئ ولو إلخ إلى أن قول المصنف ولو بعد صب الماء مبالغة في مقدر والمحوج
لذلك أن ظاهر كلام المصنف غير مستقيم لان ظاهره والدلك واجب هذا إذا كان مقارنا لصب الماء
بل ولو بعد الصب خلافا لمن يقول إنه بعد الصب ليس بواجب، ونفى الوجوب يجامع الاجزاء مع
أن المردود عليه يقول بعدم الاجزاء قوله: (ما لم يجف الجسد) أي وإلا فلا يجزئ الدلك في هذه الحالة
اتفاقا لأنه صار مسحا لا غسلا قوله: (أو ولو دلك بخرقة) أشار الشارح إلى أن قوله أو بخرقة عطف
على الظرف فهو داخل في حيز المبالغة، ورد المصنف بلو هنا على من قال: لا يتدلك بالخرقة لأنه ليس من
عمل السلف. قوله: (على المعتمد) أي خلافا لما نقله بهرام عن سحنون من عدم الكفاية بالخرقة مع
القدرة باليد وعليه اقتصر عبق، ورد شيخنا ذلك واعتمد الكفاية تبعا لشيخه سيدي محمد الصغير
(قوله وأما إن لفها) أي سواء كانت خفيفة أو كانت كثيفة إذ لا وجه للتقييد بالخفيفة كما قيد به عج
قوله: (فإن استناب مع القدرة على ذلك لم يجزه) أي على ما اعتمده شيخنا تبعا لشيخه الصغير والحاصل
أن الخرقة في مرتبة اليد فيخير في الدلك بأيهما، وأما الدلك بالاستنابة فلا يكون إلا عند عدم القدرة باليد
والخرقة، هذا ما اعتمده شيخنا تبعا لشيخه، وعلى هذا فأو الأولى في كلام المصنف للتخيير والثانية
للتنويع، وقال طفي: الحق أن الخرقة والاستنابة سواء عند تعذر اليد فيخير بينهما كما أنهما سواء في
اشتراط تعذر اليد في كل منهما كما يستفاد ذلك من ابن الحاجب وابن عرفة، وحينئذ فأو الأولى في كلام
المصنف للتنويع والثانية للتخيير اه‍ قوله: (بما ذكر) أي من اليد والخرقة والاستنابة قوله: (ورجحه
ابن رشد) أي قائلا هذا هو الأصوب والأشبه بيسر الدين، وذكر ابن القصار ما يدل على ضعف كلام
سحنون قوله: (ولو مندوبا) أي ولا غرابة في احتواء المندوب على سنة كصلاة النافلة
أي أنه إذا أراد فعل هذا المندوب سن له فيه كذا قوله: (ثلاثا) هذا التثليث ليس من تمام
السنة على المعتمد كما تقدم في الوضوء بل الأولى سنة والباقي مندوب، وذكر بعضهم أن التثليث
من تمام السنة فيهما ورجح أيضا. قوله: (قبل إدخالهما في الاناء) أي إذا كان الماء غير جار وكان يسيرا
وأمكن الافراغ منه وإلا فلا تتوقف سنية غسلهما على الأولية، وهذا معنى قول الشارح على ما تقدم
في الوضوء، وقيل المراد بقوله أو لا أي قبل إزالة الأذى ولو بعد إدخالهما في الاناء والمعتمد الأول
135

ولذا اقتصر الشارح عليه، وعلى كل من القولين لا يعيد غسلهما في وضوئه الذي بعد غسل الفرج
لجعلهما السنة غسلهما قبل إدخالهما في الاناء أو قبل إزالة الأذى فلا معنى للإعادة بعد حصول السنة
قال طفي: وقول الشيخ أحمد الزرقاني أنه يعيد غسلهما في الوضوء لا مساعد له إلا قولهم يتوضأ وضوء
الصلاة مع أن هذا محمول على غير غسل اليدين لتقدمه، ولا يقال: إن مس الذكر قد نقض غسل اليدين
أولا لأنه في الحقيقة للغسل وحينئذ فلا ينتقض غسلهما بمس الفرج. تنبيه: علم من كلام
المصنف أن الحكم بالسنية متوقف على الأولية بالمعنى المذكور على الخلاف فيه وإن كان غسلهما بعد
ذلك واجبا لوجوب تعميم الجسد بالماء والحال أن النية يأتي بها عند إزالة الأذى أو بعده، فغسل اليدين
السنة لم تصادفه نية رفع الحدث فلا بد من إعادة غسلهما بعد ذلك، فإن نوى رفع الحدث عند غسلهما
أولا فلا يغسلهما بعد ذلك وحصلت السنة بتقديمهما وفاقا للبساطي. قوله: (وهو مرفوع إلخ) أي
لا مجرور عطفا على يديه لاقتضائه أن الصماخ يغسل وليس كذلك بل يمسح. واعلم أن جعل المضمضة
والاستنشاق والاستنثار ومسح صماخ الاذنين من سنن الغسل إنما هو حيث لم يفعل قبله الوضوء
المستحب، فإن فعله قبله كانت هذه الأشياء من سنن الوضوء لا الغسل كما يفيده كلام الشيخ أحمد الزرقاني
ولكن الحق أن هذا الوضوء الذي يأتي به وضوء صورة وفي المعنى قطعة من الغسل وحينئذ فيصح
إضافة السنن لكل منهما عند إتيانه بالوضوء وعند عدم الاتيان به تكون مضافة للغسل قوله: (وأما
ما يمسه رأس الإصبع خارجا فهو من الظاهر إلخ) علم منه أن السنة في الغسل مغايرة للسنة في الوضوء لان
السنة في الوضوء مسح ظاهرهما وباطنهما وصماخهما والسنة هنا مسح الثقب الذي هو الصماخ، وأما ما زاد
على ذلك فيجب غسله قوله: (بعد غسل يديه) أشار الشارح بهذا إلى أن هذا الابتداء ابتداء إضافي
وأما الابتداء بغسل اليدين قبل إدخالهما في الاناء أو قبل إزالة الأذى فهو ابتداء حقيقي قوله: (بإزالة
الأذى) أي ولا يكون مسه للفرج لإزالة الأذى ناقضا لغسل يديه أو لا لكوعيه على التحقيق كما تقدم
(قوله وينوي رفع الجنابة عند غسل فرجه) أي على جهة الأولوية، فلو نوى رفع الجنابة عند غسل يديه
قبل غسل فرجه أو بعده أجزأ مع ارتكابه خلاف الأولى قوله: (حتى لا يحتاج إلخ) أي لأجل أن لا يحتاج
وقوله ليكون إلخ الأوضح أن يقول: فيكون وضوءه بعد إزالة الأذى صحيحا تأمل قوله: (فإن لم ينو عند
غسل ذكره) أي بل نوى بعد غسله قوله: (فلا بد إلخ) أي وإلا بطل غسله لعرو غسل الفرج عن نية
(قوله فلو كان) أي قبل صب الماء على ذكره ودلكه مر على أعضاء وضوئه أي ثم صب الماء على
ذكره ودلكه انتقض وضوءه قوله: (فإن أراد الصلاة) أي بعد فراغ ذلك الغسل الذي انتقض
فيه وضوءه قوله: (ثم يندب بدء) أي ثم يندب بعد إزالة الأذى بدء بأعضاء وضوئه أي ما عدا غسل
اليدين للكوعين لأنهما قد فعلا فلا وجه لاعادتهما كما مر، ويأتي في ذلك الوضوء بالمضمضة
والاستنشاق ومسح صماخ الاذنين لعدم فعلهما قبل وتعد هذه السنن حينئذ من سنن الوضوء
لا الغسل على ما قاله الشيخ أحمد وتقدم ما فيه قوله: (ويجوز التأخير) بمعنى أنه خلاف الأولى إذ الأولى
تقديم غسلهما قبل تمام غسله كذا قيل، قال بن: وهو خلاف الراجح والراجح ندب تأخر غسل الرجلين
بعد فراغ الغسل لأنه قد جاء التصريح بتأخير غسلهما في الأحاديث كحديث ميمونة ووقع في
بعض الأحاديث الاطلاق والمطلق يحمل على المقيد اه‍ قوله: (مرة) تبع الصنف في هذا ما ذكره
عياض عن بعض شيوخه من أنه لا فضيلة في تكراره بل هو مكروه، واقتصر عليه في
التوضيح أيضا، قال طفي: ويرد عليه ما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري بأنه قد ورد من
136

طرق صحيحة أخرجه النسائي والبيهقي من رواية أبي سلمة عن عائشة أنها وصفت غسل رسول الله
صلى الله عليه وسلم من الجنابة وفيه تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا
ثم أفاض الماء على رأسه ثلاثا اه‍. فقد علمت أن معتمد المصنف مردود في الجزولي أن التكرار هو الذي
عول عليه أبو محمد صالح واعتمده انظر بن. قوله: (بنية رفع الجنابة) أي ملتبسا بنية رفع الجنابة أي إذا
لم يكن نوى رفعها عند غسل فرجه وإلا فلا وجه لإعادتها. وقوله: بنية رفع الجنابة أي أو الوضوء أو رفع
الحدث الأصغر فنية الجنابة على أعضاء الوضوء غير متعينة. قال ابن عرفة عن اللخمي: وإن نوى بغسلها
الوضوء أجزأه ويدل له قول المصنف فيما يأتي وغسل الوضوء عن غسل محله قوله: (أن يبدأ بغسل
يديه) أي بدأ حقيقيا قوله: (فيغسل الأذى) أي عن جسده قوله: (ناويا بهذا الوضوء الجنابة) أي
إن كان لم ينو رفعها عند إزالة الأذى عن فرجه وإلا فلا وجه لإعادة ذلك، وتقدم أن نية رفع الجنابة
عند غسل أعضاء الوضوء غير متعين قوله: (بلا ماء) أي بل ببلل يسير قوله: (إلى أن ينتهي إلى الكعب
إلخ) ما ذكره من أن اليمين كله بأعلاه وأسفله يقدم على اليسار بأعلاه وأسفله هو الذي اختاره الشيخ
أحمد الزرقاني وزروق. وفي ح: ظواهر النصوص تقتضي أن الأعلى بميامنه ومياسره يقدم على الأسفل
بميامنه ومياسره لا أن اليمين بأعلاه وأسفله يقدم على اليسار بأعلاه وأسفله بل هذا صريح عبارة ابن
جماعة وبه قرر ابن عاشر ونصه ازدحم الأعلى والأسفل في التقديم، فتعارض أعلى الجهة اليسرى
وأسفل الجهة اليمنى في التقديم والذي نص عليه بعضهم تقديم الأعلى مطلقا مع تقديم الجهة اليمنى منه
ثم الأسفل مع تقديم الجهة اليمنى أيضا اه‍. وحاصله أنه بعد أن يغسل الرأس يغسل أعلى الشق الأيمن
للركبتين ظهرا وبطنا وجنبا ثم يغسل أعلى الأيسر كذلك ثم أسفل الشق الأيمن ثم أسفل الشق الأيسر
وكلام المصنف محتمل لكل من الطريقتين، فإن جعلنا الضمير في أعلاه لجانب المغتسل وفي ميامنه
للمغتسل، والمعنى يستحب تقديم أعلى كل جانب على أسفله وتقديم ميامن المغتسل على مياسره كان موافقا
لطريقة الزرقاني، وإن جعل الضمير في أعلاه للمغتسل وفي ميامنه على كل من الأعلى والأسفل والمعنى
يستحب تقديم أعلى المغتسل على أسفله، وتقديم ميامن كل من الأعلى والأسفل على مياسره كان
موافقا لطريقة ح وقد اعتمدها شيخنا تبعا لشيخه الصغير. قوله: (ثم يغسل الجانب الأيسر كذلك) أي
إلى أن ينتهي للكعب وهذا من تتمة الصفة التي اختارها الشارح قوله: (حتى لا يحتاج) أي بعد غسل الشقين
(قوله فإن شك في ذلك) أي في غسله الظهر والبطن مع الشقين أولا قوله: (وقلة الماء) أي وندب تقليل الماء
الذي يجعله على كل عضو ولا يجد الماء الذي يغتسل به بصاع قوله: (فيندب لعوده إلخ) أي فيندب له غسل
الفرج عند عوده لجماع. والحاصل أن من جامع ولم يغتسل يندب له أن يغسل فرجه إذا أراد العود
للجماع مرة أخرى قوله: (أو غيرها) خص بعضهم الندب بما إذا أراد العود لوطئ الأولى
137

وأما إذا أراد العود لغيرها كان غسل فرجه لئلا يدخل فيها نجاسة الغير كذا قيل، وفيه أن غاية
ما يلزم عليه التلطخ بالنجاسة وهو مكروه على المعتمد ولو بالنسبة للغير إذا رضي بها ولذا كان
المعتمد ما مشى عليه الشارح من الاطلاق. قوله: (لنوم) أي عند نوم فليست اللام للتعليل قوله: (أي
لأجل نومه على طهارة) أي هذا أحد قولين في علة الندب وقيل إنما ندب الوضوء للجنب لأجل
النشاط للغسل، وهذا الثاني هو المناسب لقول المصنف لا تيمم إذ من قال أنه لأجل الطهارة يقول إنه
يتيمم لان التيمم مطهر حكما، وقول خش أن قوله لا تيمم مفرع على العلتين غير صواب، ونص ابن
بشير لا خلاف أن الجنب مأمور بالوضوء قبل النوم، وهل الامر بذلك واجب أو ندب؟ في المذهب
قولان وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر الجنب بالوضوء واختلف في علة الامر فقيل لينشط
للغسل وعلى هذا لو فقد الماء الكافي لم يؤمر بالتيمم وقيل ليبيت على طهارة لان النوم موت أصغر
فشرعت فيه الطهارة الصغرى كما شرعت في الموت الأكبر الطهارة الكبرى، فعلى هذا إن فقد الماء
يتيمم اه‍. ومثله في كلام اللخمي وابن شاس ونص ابن الحاجب. وفي تيمم العاجز قولان بناء على أنه
للنشاط أو لتحصيل الطهارة اه‍ بن قوله: (عند عدم الماء) أي الكافي بأن لم يكن عنده ماء أصلا أو
عنده ماء لكن لا يكفي وضوءه قوله: (ولم يبطل) أي بحيث يطالب بوضوء آخر إلا بجماع أي حقيقة
أو حكما فيشمل خروج المني بلذة معتادة من غير جماع، وعلمت من هذا أن المراد بالبطلان المطالبة بالغير
قوله: (فإنه يبطل بكل ناقض) أي كما قاله الآبي ويوسف ابن عمر ونصه: وإن نام الرجل على طهارة
وضاجع زوجته وباشرها بجسده فلا ينتقض وضوءه إلا إذا قصد بذلك اللذة. وقال عياض: ينقضه
الحدث الواقع قبل الاضطجاع لا الواقع بعده والمعتمد الأول قوله: (ولو بعد الاضطجاع) أي
هذا إذا حصل ذلك الناقض قبل الاضطجاع باتفاق بل ولو حصل بعد الاضطجاع على
الأرجح والمراد ببطلانه مطالبته بوضوء آخر بدله. قوله: (أي ممنوعات الحدث الأصغر) أشار
الشارح إلى أن موانع جمع مانع بمعنى ممنوع كدافق بمعنى مدفوق قوله: (بحركة لسان) أي وأولى
إذا كان يسمع نفسه فالشارح نص على المتوهم والمحترز عنه القراءة بالقلب فلا إثم فيها إذ لا تعد قراءة
شرعا ولا عرفا، وقد نقل البرزلي عن أبي عمر أن الاجماع على جوازها وتردد فيها في التوضيح (قوله
ومراده) أي بما هو كالآية قوله: (اليسير الذي الشأن أن يتعوذ به) أي ولا حد فيه فيشمل آية الكرسي
والاخلاص والمعوذتين، بل ظاهر كلامهم أن له قراءة * (قل أوحى إلي) *.. وقوله الذي الشأن أن يتعوذ به فيه
ميل لما في الحطاب عن الذخيرة من أنه لا يجوز للجنب قراءة نحو: * (كذبت قوم لوط المرسلين) *. ونحو آية
الدين للتعوذ لأنه يتعوذ به، وتبعه عج وغيره ونوقش بأن القرآن كله حصن وشفاء، وقد صرح ابن
مرزوق بأنه يتعوذ بالقرآن وإن لم يكن فيه لفظ التعوذ ولا معناه قوله: (ونحوه) من إرادة الفتح على
إمام وقف في الفاتحة فيفتحوا عليه وجوبا فيما يظهر، وهل كذا يفتح عليه في سورة سنة أو لا وهو الظاهر
قوله: (كرقيا) قال عج: الظاهر أن من جملة الرقي ما يقال عند ركوب الدابة مما يدفع عنها مشقة الحمل لان
138

ما يحصن به من جملة ما يقصد بالرقية. قوله: (واستدلال على حكم) أي فقهي أو غيره قوله: (ولو
مسجد بيت) أي ولو مغصوبا لصحة الجمعة فيه على الراجح قوله: (ولو مجتازا) رد بلو على ما قاله
بعض أهل المذهب وفاقا لزيد بن أسلم لا بأس أن يمر الجنب في المسجد إذا كان عابر سبيل، وأجاز
ابن مسلمة دخول الجنب المسجد مطلقا سواء مكث فيه أو كان مجتازا قوله: (وليس لصحيح حاضر
دخوله بتيمم) أي لا للمكث ولا للمرور ولا للصلاة ولو لتحصيل فضل الجماعة، وأجاز الإمام أحمد
للجنب دخول المسجد بالتيمم مطلقا سواء دخل مارا أو للمكث ولو كان حاضرا صحيحا (قوله
فيريد الدخول أو الخروج لأجل الغسل) أي فإنه يجوز له دخوله بالتيمم والخروج منه به. بقي ما إذا
كان نائما في المسجد واحتلم فيه فهل يتيمم لخروجه وهو ما حكاه في النوادر أو لا وهو الأقوى كما في
ح في باب التيمم لما فيه من طول المكث والاسراع بالخروج أولى قوله: (أو يضطر إلى المبيت به)
أي أو للإقامة فيه نهارا كما لو خاف على نفسه أو ماله إن خرج قوله: (يجوز له أن يدخل للصلاة فيه به)
أي يجوز له أن يدخل المسجد للصلاة فيه بالتيمم قوله: (ولا يمكث فيه به) أي ولا يمكث في المسجد
بالتيمم بعد الصلاة قوله: (إلا أن يضطر) أي للمبيت به أو للإقامة فيه نهارا فيجوز له المكث بالتيمم
(قوله ككافر) تشبيه في منع دخول المسجد قوله: (وإن أذن له مسلم) أي خلافا للشافعية
حيث قالوا: إن أذن له مسلم في الدخول جاز دخوله وإلا فلا، وخلافا للحنفية حيث قالوا بجواز
دخوله المسجد مطلقا أذن له مسلم أم لا قوله: (ما لم تدع ضرورة لدخوله كعمارة) أي بأن لم يوجد
نجار أو بناء غيره أو وجد مسلم غيره ولكن كان هو أتقن للصنعة، فلو وجد مسلم غيره مماثل له في إتقان
الصنعة لكن كانت أجرة المسلم أزيد من أجرة الكافر فإن كانت الزيادة يسيرة لم يكن هذا من
الضرورة وإلا كان منها على الظاهر كذا قرر شيخنا قوله: (ذكر علامته) أي التي يعرف بها، وفائدة
التنبيه عليها أنه لو انتبه فوجد بللا رائحته كرائحة الطعام والعجين علم أنه مني لا مذي ولا بول (قوله
في اعتدال مزاج) أي في حال اعتدال مزاجه احترازا عما إذا كان مريضا لانحراف مزاجه فإن
منيه يتغير وتختلف رائحته، والمراد باعتدال المزاج استواء الطبائع الأربع وعدم غلبة واحد
منها على الباقي وهي الصفراء والدم والسوداء والبلغم قوله: (قيل أو بمعنى الواو) أي وفي الكلام
حذف مضاف أي وقرب رائحة طلع وعجين قوله: (وقيل يختلف بينهما) أي بين رائحة الطلع
ورائحة العجين فتارة تكون رائحته كرائحة الطلع وتارة تكون رائحته كرائحة العجين وحينئذ
فأو في كلام المصنف على حالها للتنويع قوله: (أشبهت رائحته البيض) أي رائحة البيض أي
المشوي قوله: (فهو رقيق أصفر) أي ويخرج من غير تدفق بل يسيل كما في بعض الشراح
ورائحته كرائحة طلع الأنثى من النخل كما قيل. قوله: (ويجزي غسل الجنابة عن الوضوء) ظاهره
وإن كان خلاف الأولى وأن الأولى للمغتسل أن يتوضأ بعد غسله لان أكثر ما يستعمل العلماء
هذه العبارة أعني يجزي في الاجزاء المجرد عن الكمال وفيه نظر فقد قال ابن عبد السلام لا خلاف
في المذهب فيما علمت أنه الأفضل في الوضوء بعد الغسل، وأجيب بأن مراد المصنف
139

الاجزاء بالنظر للأولية أي أنه يجزئه ذلك إذا ترك الوضوء ابتداء وإن كان خلاف الأولى وليس
المراد أنه يتوضأ بعد الغسل، فإن ترك ذلك الوضوء أجزأه الغسل عنه مع ارتكابه خلاف الأولى كما فهم
المعترض قوله: (ويجزئ غسل الجنابة) أي سواء كانت تلك الجنابة من جماع أو خروج مني أو من
نزول دم حيض أو كانت ناشئة من نفاس، وأما لو كان الغسل غير واجب فلا يجزي عن الوضوء ولا بد
من الوضوء إذا أراد الصلاة. قوله: (فإن انغمس في ماء مثلا) أي والحال أنه لم يحصل منه وضوء
وكذا إذا أفاض الماء على جسده ابتداء وذلك بنية رفع الأكبر ولم يستحضر الأصغر جاز له أن يصلي
به، ونص ابن بشير والغسل يجزي عن الوضوء فلو اغتسل ولم يبدأ بالوضوء ولا ختم به لأجزأه غسله
عن الوضوء لاشتماله عليه هذا إذا لم يحدث بعد غسل شئ من أعضاء الوضوء بأن لم يحدث أصلا أو
أحدث قبل غسل شئ من أعضاء الوضوء، وأما إن أحدث بعد أن غسل شيئا منها فإن أحدث بعد
تمام وضوئه وغسله فهذا كمحدث يلزمه أن يجدد وضوءه بنية اتفاقا وإن أحدث في أثناء غسله فهذا
إن لم يرجع فيغسل ما غسل من أعضاء وضوئه قبل حدثه فإنه لا تجزيه صلاته، وهل يفتقر هذا في غسل
ما تقدم من أعضاء وضوئه لنية أو تجزيه نية الغسل عن ذلك؟ فيه قولان للمتأخرين، فقال ابن أبي زيد
يفتقر إلى نية. وقال أبو الحسن القابسي: لا يفتقر إلى نية وهذا الخلاف مبني على الخلاف في أنه هل يرتفع
الحدث عن كل عضو بانفراده وهو المعتمد أو لا يرتفع عن كل عضو إلا بكمال الطهارة قوله: (بعد أن
مر على أعضاء الوضوء إلخ) أي بأن لم يحصل منه حدث أصلا أو حصل قبل غسل شئ من أعضاء
الوضوء قوله: (فإن حصل) أي الناقض بعد أن غسل أعضاء الوضوء كلها أو بعضها والحال أنه لم يتيمم
غسله قوله: (فلا يصلي به) أي بذلك الغسل قوله: (فلا بد من إعادة الأعضاء) أي باتفاق ابن أبي
زيد والقابسي. وقوله بنية أي عند ابن أبي زيد، وأما القابسي فيقول: نية الغسل تجزيه. قوله: (وإن تبين
عدم جنابته) دل قوله وإن تبين على أنه كان حين الغسل معتقدا تلبسه بالجنابة فنوى الغسل وهو كذلك
فإن تحقق عدم الجنابة واغتسل ونوى رفع الأكبر بدلا عن الأصغر الذي لزمه فإنه لا يجزيه لتلاعبه
قوله: (ويجزي غسل الوضوء عن غسل محله) هذه المسألة عكس المتقدمة لان المتقدمة أجزأ فيها
غسل الجنابة عن غسل الوضوء وهذه أجزأ فيها غسل الوضوء عن بعض غسل الجنابة. وقوله: غسل
الوضوء الإضافة فيه حقيقية أي ويجزي غسل العضو المغسول في الوضوء وإطلاق الوضوء على
غسل أعضائه في الطهارة الكبرى مجاز لأنه صورة وضوء وهو في الحقيقة جزء من الغسل الأكبر (قوله
بأن ينوي عند غسل أعضائه إلخ) أي بأن كانت نيته هذه قبل الغسل أو بعده كما لو غسل غير أعضاء
الوضوء بنية الأكبر ثم غسل بعد ذلك أعضاء الوضوء بنية الأصغر قوله: (وصلى به) أي وجاز له أن
يصلي بذلك الغسل قوله: (عن مسحه) أي الوضوء قوله: (فإن ممسوح الوضوء) أي وهو الرأس (قوله
ويجزي إن كان فرضه المسح) أي كما قال عبد السلام واعتمده شيخنا خلافا لبعض أشياخ ابن
عبد السلام القائل بعدم الاجزاء ولا بد من إعادة مسحه في الغسل. قوله: (أي من الجنابة) أي من غسلها
140

وقوله: ثم غسلت أي ثم بعد فراغ غسله غسلت في وضوء آخر قوله: (مسح عليها في غسلها) أي الجنابة
قوله: (لأنه المتوهم) أي لان نيابة غسل الوضوء عن غسل الجنابة في عضو صحيح يتوهم فيه عدم ذلك
أكثر مما يتوهم عدم ذلك في عضو مريض والشأن أن المبالغ عليهما كان متوهما.
فصل: رخص إلخ قوله: (رخص) الرخصة في اللغة السهولة وشرعا حكم شرعي سهل انتقل إليه
من حكم شرعي صعب لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي، فالحكم الصعب هنا وجوب غسل الرجلين
أو حرمة المسح والسهل جواز المسح والعذر هو مشقة النزع واللبس والسبب للحكم الأصلي كون
المحل قابلا للغسل وممكنه احترازا مما إذا سقط قوله: (جوازا) أي على المشهور كما قال ابن عرفة ومقابله
ثلاثة أقوال: الوجوب والندب وعدم الجواز، ومعنى الوجوب أنه إن اتفق كونه لابسا له وجب عليه
المسح عليه لا أنه يجب عليه أن يلبسه ويمسح عليه قاله في التوضيح قوله: (إذ الأفضل الغسل) قال
الفاكهاني: اختلف العلماء هل المسح على الخفين أفضل أم غسل الرجلين؟ ومذهب الجمهور أن غسل
الرجلين أفضل لأنه الأصل نقله عج في حاشية الرسالة قوله: (لرجل وامرأة) مراده لذكر وأنثى
فيشمل المكلف وغيره قوله: (وإن مستحاضة) أي سواء لبسته بعد تطهرها وقبل سيلان الدم عليها أو
لبسته والدم سائل عليها وفصل بعض الحنفية فقال: إن لبسته بعد تطهرها وقبل أن يسيل من الاستحاضة
شئ مسحت كما يمسح غيرها، وإن لبسته والدم سائل مسحت ما دام الوقت باقيا على قول أو يوما
وليلة على قول حكاه صاحب الطراز وإنما بالغ على المستحاضة لئلا يتوهم أنه لا يجوز لها أن تجمع بين
الرخصتين وذلك لان طلب الصلاة منها مع وجود الدم الذي من شأنه أن يمنع الصلاة لو كان حيضا
رخصة، فلو أبحنا لها المسح على الخفين وهو رخصة لاجتمع لها الرخصتان فيتوهم عدم جواز الجمع فبالغ
المصنف عليها لدفع ذلك التوهم. قوله: (لازمها إلخ) لا مفهوم له بل يرخص لها في المسح ولو كان دم
الاستحاضة يأتيها أقل الزمان وإن كان ينقض وضوءها فتأمل قوله: (متعلقة بمسح) أي لا برخص
لفساد المعنى لان الترخيص والتجويز والواقع من الشارع لم يكن في الحضر والسفر معا بل في أحدهما
والظاهر أنه الحضر، نعم يصح تعلقه برخص على معنى رخص الشارع في حضر الفاعل وسفره مسح
جورب إلخ، وما ذكره المصنف من جواز المسح على الخف في الحضر والسفر رواية ابن وهب
والأخوين عن مالك، وروى ابن القاسم عنه لا يمسح الحاضرون، وروى عنه أيضا لا يمسح
الحاضرون ولا المسافرون، قال ابن مرزوق: والمذهب الأول وبه قال في الموطأ. قوله: (جلد ظاهره
وباطنه) أي جعل جلد على ظاهره وعلى باطنه قوله: (ما فوق القدم) أي من داخله قوله: (كما يأتي في
قوله بلا حائل) أي وما كان بهذه المثابة كان المسح عليه فوق الحائل الذي على الجلد قوله: (ولو كان
الخف على خف في الرجلين أو في إحداهما) أي وكذا لو كان الخف ملبوسا على لفائف على
الرجلين أو على إحداهما قوله: (مع خف) أي مصاحب له لكون أحدهما فوق الآخر
(قوله إما في فور) أي بأن يلبسهما معا في فور الطهارة قوله: (أو بعد طول) أي أو يلبس
الأعلى بعد مضي زمن طويل من لبس الأسفل، وقوله قبل انتقاضها أي الطهارة
141

التي لبس بعدها الأسفل، وقوله: أو بعد انتقاضها أي أو لبس الأعلى بعد انتقاض الطهارة التي لبس
بعدها الأسفل. قوله: (والمسح على الأسفل) أي وبعد المسح على الأسفل في طهارة أخرى متأخرة
عن الطهارة التي ليس فيها الأسفل، فمن توضأ للصبح مثلا وغسل رجليه ولبس الخف الأسفل ثم توضأ
للظهر ومسح على ذلك الخف ولبس الأعلى مع بقاء تلك الطهارة التي مسح فيها على الأسفل فإنه يمسح على
الأعلى بعد انتقاضها، فإن لبس الأعلى بعد انتقاض الطهارة التي لبس فيها الأسفل وقبل مسحه على
الأسفل لم يمسح على الأعلى بل ينزعه ويقتصر على مسح الأسفل أو ينزعهما ويأتي بطهارة كاملة
(قوله بلا حائل على أعلى الخف) أي وأما الحائل على أعلى القدم فلا يضر كما لو كان على قدميه لفائف
ولبس الخف فوقها كما تقدم قوله: (كطين) أي أو شعر أو صوف نابت في الجلد قوله: (لأنه محل
توهم المسامحة) أي لان شأن الطرق أن لا تخلو منه قوله: (لا إن كان الحائل أسفل إلخ) هذا محترز
قوله على أعلى الخف قوله: (وإنما يندب إزالته) أي إزالة الحائل إذا كان بأسفله. والحاصل أن إزالة
الطين الذي بأعلى الخف واجبة، وأما إزالته إذا كان بأسفله فمندوبة فقد افترق حكم الطين الذي في
أعلى الخف من الطين الذي في أسفله بالوجوب والندب وهذا هو المذهب قوله: (إلا المهماز) أي
إذا كان في أعلى الخف قوله: (أي للراكب إلخ) أشار الشارح إلى أن محل كون الحيلولة بالمهماز لا تمنع
المسح مقيد بقيود ثلاثة: أن يكون مسافرا وشأنه ركوب الدواب وأن يكون المهماز غير نقد، فإن كان
حاضرا أو مسافرا وليس شأنه ركوب الدواب أو كان المهماز من ذهب أو فضة فلا يصح المسح،
والمراد بالمهماز حديدة عريضة تستر بعض الخف تجعل فيه لنخس الدابة وليس المراد به الشوكة
لان محل الشروط المذكورة الأول وأما الشوكة فلا أثر لها. قوله: (ونفى الوجوب إلخ) أي ونفى
الحد الواجب لا ينافي ثبوت الحد المندوب قوله: (بشرط جلد طاهر) قال بن: هذان الشرطان
غير محتاج إليهما أما الأول فلان الخف لا يكون إلا من جلد والجورب قد تقدم اشتراطه فيه، وقد
يجاب بأن لفظ جلد هنا إنما ذكره توطئة لما بعده، وأما الثاني فقد اعترضه طفي بأنه يؤخذ من
فصل إزالة النجاسة ولا يذكر هنا إلا ما هو خاص بالباب وبأن ذكره هنا يوهم بطلان المسح عليه إذا
كان غير طاهر عمدا أو سهوا أو عجزا، كما أن الشروط كذلك وليس كذلك لأنه إذا كان غير
طاهر له حكم إزالة النجاسة من التفريق بين العمد والسهو والعجز والخلاف في الوجوب والسنية اه‍
(قوله لا نجس) أي ولو دبغ إلا الكيمخت على القول بطهارته قوله: (لا ما لصق) أي ولا
ما نسج كذلك على الظاهر قصرا للرخصة على الوارد قوله: (وستر محل الفرض بذاته) أي
ولو بمعونة زر قوله: (لا ما نقص عنه) أي ولا ما كان واسعا ينزل عن محل الفرض لان
نزوله عن محل الفرض يصيره غير ساتر لمحل الفرض وحينئذ فلا يصح المسح عليه خلافا لعبق قاله بن
(قوله وأمكن تتابع المشي به) أي عادة لذوي المروءات وإلا فلا يمسح عليه ذوو المروءات ولا غيرهم
142

(قوله يأتي مفهومه) أي في قوله فلا يمسح واسع يستقر القدم فيه قوله: (بطهارة ماء) أي أنه لا
يمسح عليه إلا إذا لبسه بعد طهارة مائية وهي تشمل الوضوء والغسل كما في الطراز قائلا: وزعم بعض
المتأخرين أنه لا يمسح عليه إذا لبسه بعد طهارة الغسل وهذا غفلة انظر ح قوله: (لا غير متطهر) أي
لا إن لبسه غير متطهر أو لبسه على طهارة ترابية قوله: (عما إذا ابتدأ برجليه) أي بغسلهما أو
رجلا أي أو غسل رجلا قوله: (أو معنى) عطف على حسا قوله: (بلا ترفه) أي وأما إذا لبسه للترفه كلبسه
لمنع برغوث أو لمشقة الغسل أو لابقاء حناء مثلا لغير دواء فلا يمسح عليه قوله: (وأولى خوف شوك أو
عقرب) تبع الشارح في ذلك على الأجهوري قال بن: فيه نظر لنقل ابن فرحون عن ابن رشد أنه لا يمسح
لابسهما لخوف عقارب وأقره وجزم به الشيخ سالم. والحاصل أنه إذا لبسه خوف عقرب فقال عج
يمسح لان هذا ليس ترفها إذ هو أولى من لبسه لاتقاء حر أو برد وهو ظاهر، وقال السنهوري
لا يمسح ونقله ابن فرحون عن ابن رشد قوله: (والمعتمد أن العاصي بالسفر) أي كالآبق
والعاق وقاطع الطريق قوله: (مع جعل إحدى البائين سببية والأخرى للمصاحبة) أي
فرارا من تعلق حرفي جر متحدي المعنى بعامل واحد والمعنى رخص مسح خف ترخيصا
مصاحبا لاشتراط جلد أي لاشتراط الشارع ذلك بسبب طهارة أو رخص مسح خف بسبب اشتراط
جلد مع طهارة إلخ قوله: (في محل الحال) أي فهي متعلقة بمحذوف قوله: (ويحتمل أن باء
بطهارة بمعنى على) أي وأما باء بشرط فهي متعلقة برخص أو بمسح على أنها للسببية قوله: (ولم
يرتبها) أي المفاهيم التي ذكرها. وقوله: على ترتيب محترزاتها أي الشروط المذكورة أولا. قوله: (فلا
يمسح واسع إلخ) سكت عن الضيق، وفي حاشية شيخنا على خش نقلا عن شيخه الشيخ الصغير
أنه متى ما أمكن لبسه مسح لكنه خالف ذلك في حاشيته على عبق فذكر أنه لا يمسح عليه حيث كان لا يمكنه
تتابع المشي فيه وهو الظاهر قوله: (ولا يمسح مخرج قدر ثلث القدم) حاصل فقه المسألة أن الخف المقطع
لا يمسح عليه إذا انقطع منه ثلث القدم سواء كان القطع منفتحا أو كان ملتصقا فإن كان القطع أقل من ثلث
القدم مسح إن كان ملتصقا أو كان منفتحا صغر لا إن كان كبيرا، وما ذكره المصنف من تحديد الخرق
المانع للمسح بثلث القدم فأكثر سواء كان منفتحا أو ملتصقا هو ما لابن بشير وجده في المدونة بجل
القدم، وعبر عنه ابن الحاجب بالمنصوص وحده العراقيون بما يتعذر معه مداومة المشي لذوي المروءة
وعول ابن عسكر في عمدته على القولين الأخيرين، انظر شب والظاهر اعتبار تلفيقه من متعدد (قوله
فلا يمسح) أي لان هذا من باب الشك في الشرط وهو مضر قوله: (بل دونه) أي بل يمسح مخرق دون الثلث
أي على ما لابن بشير في تحديد الخرق المانع من المسح، وعلى مخرق خرقه دون جل القدم على ما للمدونة
وعلى المخرق الذي لا يتعذر فيه مداومة المشي لذوي المروءات على ما للعراقيين. قوله: (وعدمه)
143

أي وعند عدم المشي. وقوله: كالشق تمثيل للملتصق. قوله: (كمنفتح صغر) تشبيه بقوله بل بدونه فهو
موافق لكلام ابن رشد في البيان وظاهره أن المنفتح الصغير لا يمنع المسح ولو تعدد، وقد تقدم عن شب
أن الظاهر اعتبار التلفيق، فإذا تعدد المنفتح الصغير وكان بحيث لو ضم بعضها لبعض كان كثيرا بحيث
يصل بلل اليد منه للرجل فإنه يمنع من المسح قوله: (ولا يمسح من غسل رجليه) أي أولا وأشار الشارح
إلى أن قول المصنف: أو غسل رجليه صلة لموصول محذوف عطف على واسع قوله: (أو معتقد الكمال)
أي أو غسلهما معتقدا الكمال والحال أنه ترك عضوا أو لمعة قوله (فلبسهما) ثنى باعتبار فردتي الخف
ولو أفرد كان أخصر لان الخف اسم للفردتين معا قوله: (بفعل بقية الأعضاء) أي فيما إذا نكس. وقوله
أو بفعل البعض أو اللمعة أي المنسيين فيما إذا غسل الرجلين معتقد الكمال قوله: (ثم يلبسه)
أي المخلوع وهو صادق بكونه واحدا أو متعددا قوله: (والمعتمد الاجزاء) أي مع الحرمة. وقوله
قياسا على الماء المغصوب أي فإنه يجزئ الوضوء به مع الحرمة للتصرف في ملك الغير بغير إذنه
(قوله والثاني) أي وهو القول بعدم إجزاء المسح على المغصوب قوله: (لمجرد قصد المسح) أي
لقصد المسح المجرد عن قصد السنة وعن خوف الضرر، أما لو لبسه بقصد السنة أو لخوف ضرر حر أو
برد أو شوك أو عقارب فإنه يمسح عليه قوله: (ولا لخوف ضرر) عطف على قوله: من غير قصد أي ومن
غير خوف ضرر، وقوله: أو لمشقة أي لمشقة الغسل عطف على قوله لمجرد المسح قوله: (أو لينام) ظاهره
أنه مغاير لقوله المسح وليس كذلك أنه إذا لبسه لينام فيه فإن كان إذا قام نزعه وغسل رجليه
فهذا ليس الكلام فيه، وإن كان لبسه خوفا من شئ يؤذيه فهذا يباح له المسح وإن كان لبسه وإذا قام
مسحه فهذا لابس لمجرد المسح، وأجيب بأنه عطف على محذوف أي أو لحناء أو لينام فيه أو أنه من
عطف الخاص على العام على قول من جوزه بأو. قوله: (ولفظ الأم لا يعجبني) أي المسح لمن لبسه
لمجرد المسح أو لينام فيه أو لحناء قوله: (فاختصرها أبو سعيد على الكراهة) أي فاختصرها أبو سعيد
معبرا بالكراهة تفسيرا لقولها: لا يعجبني، إذا علمت هذا فقول المصنف وفيها يكره أي في المدونة
بمعنى مختصرها لا الأم قوله: (وأبقاها بعضهم على ظاهرها) أي من احتمال المنع
والكراهة. قوله: (وكره غسله) أي ولو كان مخرقا خرقا يجوز معه المسح قوله: (لئلا
يفسده) أي الغسل قوله: (إن نوى به) بالغسل قوله: (ولو مع نية إلخ) أي هذا إذا نوى
144

به رفع الحدث فقط بل ولو نوى ذلك مع نية إزالة الوسخ لانسحاب نية الوضوء قوله: (لا إن نوى) أي
بغسله إزالة وسخ فقط فإنه لا يجزئه كما أنه لا يصلي بالخف إذا مسح عليه وهو ناو أنه إذا حضرت
الصلاة نزعه وغسل رجليه، وأما إذا نوى حين مسحه أنه ينزعه بعد الصلاة به فإنه لا يضر كما في ح (قوله
وكره تكراره) أي المسح أي فليس الضمير عائدا على الخف لئلا ينافي قوله وخف ولو على خف، وقوله
وكره تكراره أي في وقت واحد لا في أوقات، فلا يعارضه قوله وندب نزعه كل جمعة ومحل كراهة
التكرار إذا كان بماء جديد وإلا فلا كراهة قوله: (لم يجدد للعضو) أي للرجل الذي حصل الجفاف في مسحها
وكمل مسحها من غير تجديد قوله: (أي انتهى حكمه) أي وليس المراد أن المسح بطل نفسه وإلا لزم
بطلان ما فعل به من الصلاة ولا قائل بذلك والمراد بحكمه صحة الصلاة به قوله: (بغسل وجب) ظاهر
المصنف أنه لا يبطل إلا بالغسل الواجب بالفعل وأنه لا يبطل بمجرد حصول موجبه من جماع أو
خروج مني أو حيض أو نفاس وليس كذلك. وأجيب بأن في الكلام حذف مضاف أي بموجب غسل
وجب، ولو قال المصنف: وبطل بموجب غسل كان أولى، ويترتب على بطلانه بما ذكر أنه لا يمسح لوضوء
النوم وهو جنب قوله: (قدر ثلث القدم) أي على ما لابن بشير أو قدر رجل القدم على ما في المدونة، أو المراد
بالكثير ما يتعذر معه مداومة المشي كما للعراقيين قوله: (فإنه يبادر إلى نزعه ويغسل رجليه) أي لان
الخرق الكثير بمجرده يبطل المسح لا الطهارة فإن لم يبادر وتراخى نسيانا أو عجزا بنى وغسل رجليه
مطلقا، وإن كان عمدا بنى ما لم يطل فإن طال ابتدأ الوضوء قوله: (قطعها) أي وبادر إلى نزعه ويغسل
رجليه ويبتدئ الصلاة من أولها. قوله: (وبطل المسح) أي لا الطهارة بنزع أكثر رجل لساق خفه
فإذا وصل جل القدم لساق الخف فإنه يبادر إلى نزعه ويغسل رجليه ولا يعيد الوضوء ما لم يتراخ عمدا
وبطل، وقول عج: إذا نزع أكثر الرجل لساق الخف فإنه يبادر لردها ويمسح بالفور غير ظاهر إذ بمجرد
نزع أكثر الرجل تحتم الغسل وبطل المسح انظر طفي. قوله: (وهو) أي ساق الخف ما ستر ساق الرجل
وقوله مما فوق الكعبين بيان لساق الرجل. قوله: (وأولى كل القدم) أي وأولى إذا صار كل القدم في
الساق قوله: (كما هو نص المدونة) حاصله أن المدونة قالت: وبطل المسح بنزع كل القدم لساق الخف، قال
الجلاب: والأكثر كالكل، قال عج: والأظهر أنه مقابل للمدونة، وقال الحطاب: إنه تفسير لها أي مبين
للمراد منها بأن تقول: ومثل الكل الأكثر قوله: (ولا يبطله إلا نزع كل القدم) أي لأنه هو الذي نصت
عليه المدونة وكذلك ابن عرفة وهذا بناء على ما قاله عج من أن كلام الجلاب مقابل للمدونة (قوله
خلافا لمن قاس) أي وهو ابن الجلاب كما علمت قوله: (لا العقب) عطف على أكثر رجل كما أشار له الشارح
لا على رجل لأنه يصير المعنى وينزع أكثر رجل لساق خفه لا أكثر العقب فيقتضي أنه إذا نزع العقب
لساق الخف فإنه يبطل وليس كذلك وإن كان يمكن أن يقال إنه مفهوم موافقة قوله: (في غير أفعال
القلوب) هذا سبق قلم والصواب إسقاطه وذلك لان توالي التثنيتين ممتنع لما فيه من الثقل مطلقا حتى في أفعال
القلوب كما قاله بن. قوله: (في الأولى) أي ما إذا نزع الخفين بعد المسح عليهما قوله: (وكذا الثالثة) أي وهي
ما إذا نزع أحد الخفين المنفردين بعد مسحهما قوله: (بل ينزع إلخ) الأولى التفريع بالفاء على قوله: وكذا
الثالثة. قوله: (لئلا يجمع إلخ) علة لمحذوف أي ولا يغسل الرجل التي نزع الخف منها ومسح الأخرى لئلا
145

إلخ قوله: (ومسح الأسفلين) عطف على قوله: غسل الرجلين في الأولى. وقوله في الثانية أي وهي
ما إذا نزع الأعليين بعد مسحهما قوله: (في الرابعة) أي وهي ما إذا نزع أحد الأعليين بعد مسحها
(قوله فيبني بنية) أي فإذا لم يبادر للأسفل بنى بنية إن نسي مطلقا أي طال أو لم يطل أي أنه يبني على ما
قبل الرجلين ويغسلهما بنية مطلقا قوله: (وإن عجز) أي ويبني على ما قبل الرجلين إن عجز ما لم يطل
وكذا إن كان عامدا على ما مر قوله: (وإن نزع رجلا) قال بن: يصح فرضه فيمن كان على
طهارة وأراد نزعهما ليغسل رجليه ويصح فرضه فيمن كان على غير طهارة وأراد نزعهما ليتوضأ
ويغسل رجليه اه‍ قوله: (فلم يقدر عليه) أي لا بنفسه ولا بغيره كما قال شيخنا قوله: (وضاق
الوقت الذي هو فيه من اختياري أو ضروري) هذا هو الأظهر كما في عبق وشب، وفي ح: قصر
الوقت على الاختياري قوله: (إعطاء لسائر الأعضاء) أي أعضاء الوضوء، وقوله حكم ما تحت
الخف أي وهي التي تعذر نزعها فلما تعذر نزعها صارت متعذرة الغسل وحيث صارت متعذرة الغسل
صارت الأعضاء كلها كأنها متعذرة الغسل فلذا قيل إنه يتيمم. قوله: (وتعذر بعض الأعضاء) أي
وهي الرجل التي تعذر نزع خفيها وهذا توضيح لما قبله قوله: (فيجمع بين مسح وغسل) انظر لو
قلنا بالقول الثاني واحتاج لطهارة أخرى قبل نقض الطهارة الأولى فهل يلبس المنزوعة ويمسح
عليها أو كيف الحال؟ والظاهر الأول قوله: (ما تحت الحائل) أي وهو الخف الذي تعذر نزعه والجبيرة
(قوله مسح كالجبيرة) أي مسح على ما عسر نزعه ويغسل الرجل الأخرى التي نزع خفها فيجمع
بين الغسل والمسح كالجبيرة قوله: (والأظهر اعتبار القيمة بحال الخف) أي فإن كانت قيمته في ذاته قليلة
مزق ولو كانت كثيرة بالنسبة للابس وإن كانت قيمته في ذاته كثيرة فلا يمزق وإن كانت قليلة بالنسبة
للابس، وقيل إن قيمة الخف تعتبر بالنسبة لحال اللابس قوله: (لأجل غسلها) أي لأجل غسل
الجمعة، واعلم أنه يطالب بنزعه كل من يخاطب بالجمعة ولو ندبا كما قاله الجيزي ثم ظاهر التعليل قصر الندب
على من أراد الغسل بالفعل، ويحتمل ندب نزعه مطلقا إذ لا أقل من أن يكون وضوؤه للجمعة
عاريا عن الرخصة قاله زروق. فإن قلت: لم لم يسن نزعه كل جمعة لم يسن له غسلها لان الوسيلة
تعطي حكم المقصد. قلت: سنة الغسل لمن لم يكن لابسا خفا وإلا كان مندوبا كذا قال بعض
لكن هذا يتوقف على نقل اه‍ شيخنا، والأقرب حمل الندب في كلام المصنف على مطلق الطلب (قوله
لأنها إن حضرت) أي لصلاة الجمعة. قوله: (وكذا يندب نزعه كل أسبوع) أي مراعاة للإمام أحمد
قوله: (أي إن لم ينزعه يوم الجمعة إلخ) أي وأما لو نزعه يوم الجمعة فلا يطالب بنزعه
تمام الأسبوع من لبسه قوله: (ووضع يمناه) أي ويجدد الماء لكل رجل كما في مختصر الواضحة
انظر بن قوله: (أو اليسرى فوقها واليمنى تحتها) أي ويمرهما لكعبيه وقوله تأويلان الأول لابن شبلون
والثاني لابن أبي زيد والأرجح منهما الثاني كما في ح وغيره قوله: (أي ندب الجمع بينهما) قد أخرج هذا
146

التقرير وعزاه لبهرام في صغيره وصدر بأن مسح كل من الا على والأسفل واجب وإن مسح في كلام
المصنف فعل ماض واستظهره واستدل له بقول المدونة: لا يجوز مسح أعلاه دون أسفله ولا أسفله
دون أعلاه إلا أنه لو مسح أعلاه وصلى فأحب إلى أن يعيد في الوقت لان عروة بن الزبير كان لا يمسح
بطونهما قوله: (وبطلت إن ترك أعلاه) والظاهر أن أجناب الخف كأعلاه كما قال شيخنا. وقوله إن
ترك أعلاه أي عمدا أو نسيانا أو جهلا أو عجزا نعم له البناء في النسيان مطلقا وفي العمد والعجز
والجهل إذا لم يطل فإن طال ابتدأ الوضوء من أوله قوله: (ففي الوقت المختار يعيدها) أي الصلاة ويعيد
الوضوء أيضا إن كان تركه الأسفل عمدا أو عجزا أو جهلا وطال فإن لم يطل مسح الأسفل فقط وكذا
إن كان سهوا طال أو لا قوله: (أو خوف على نفس أو مال إلخ) أي كما لو كان الماء موجودا في محله وقادرا
على استعماله لكنه خاف بطلبه هلاك نفسه من السباع أو اللصوص أو أخذ اللصوص لماله أو
خاف باستعماله خروج الوقت الذي هو فيه.
فصل: في التيمم قوله: (وهو لغة القصد) أي فيقال: يممت فلانا إذا قصدته ومنه
من أمكم لرغبة فيكم ظفر * ومن تكونوا ناصريه ينتصر
(قوله والمراد بالتراب) أي الذي نسبت له الطهارة قوله: (يتيمم ذو مرض) أي أذن له فيه أعم من كونه
على جهة الوجوب أو غيره قوله: (أو حكما) أي وهو الصحيح الذي خاف باستعماله حدوث مرض فهو
بسبب خوفه المذكور في حكم غير القادر على استعماله قوله: (والجنازة المتعينة عليه) عطف على قوله
لفرض غير الجمعة أي إلا لفرض غير الجمعة وإلا للجنازة المتعينة عليه قوله: (فلا يصلي به النفل) أي
ولا فرض الجمعة قوله: (إلا تبعا) أي للفرض الذي تيمم له قوله: (يتمم ذو مرض) أي عاجز عن
استعمال الماء لخوفه تأخير برئه أو زيادة مرضه وحينئذ فليس منه المبطون المنطلق البطن القادر
على استعمال الماء لان هذا يتوضأ وما خرج منه غير ناقض كما مر في السلس وفاقا لح خلافا لمن
قال إنه يتيمم انظر بن قوله: (بسببه) أي بسبب المرض أو خوفه حدوث المرض قوله: (أبيح) صفة
لسفر لا أنه راجع لمرض أيضا لان من كان مرضه من معصية يتيمم للفرض والنفل اتفاقا والفرق بينه
147

وبين من كان عاصيا بسفره أن الأول لما حصل له المرض بالفعل صار لا يمكنه إزالته بخلاف الثاني
فإنه قادر على الرجوع من السفر، وإذا علمت أن المسافر يجوز له التيمم تعلم أنه لا يلزمه استصحاب
الماء معه في السفر للطهارة كما في ح وغيره. قوله: (كسفر الحج) مثال للفرض والمندوب لان الحج تارة يكون
فرضا وتارة يكون مندوبا قوله: (وخرج المحرم) أي خرج السفر المحرم والمكروه فلا يجوز القدوم على
التيمم فيهما قوله: (كالعاق) أي كسفر العاق وسفر الآبق قوله: (وهو) أي ما ذكره المصنف
من تقييد السفر بالإباحة ضعيف قوله: (يتيمم) أي يجوز له التيمم حتى للنوافل كما في ح ولو كان عاصيا
بسفره قوله: (ويتيمم حاضر صح لجنازة) أي بناء على أن صلاة الجنازة فرض كفاية أما على أنها
سنة كفاية فلا يتيمم لها ولو لم يوجد غيره لأنها تصير سنة عين أصالة وقد قال المصنف لا سنة وحينئذ
فتدفن بغير صلاة، فإن وجد ماء بعد ذلك صلى على القبر قاله شيخنا قوله: (لم يجد ماء) أي وأما لو
كان الماء موجودا وخاف ذلك الحاضر الصحيح بالاشتغال بالوضوء فوات الصلاة على الجنازة
فالمشهور أنه لا يتيمم لها وقيل يتيمم لها، وقال ابن وهب: إن صحبها على طهارة انتقضت تيمم وإلا فلا
انظر ح قوله: (أو تيمم من مريض أو مسافر) ما ذكره من أن وجود مريض أو مسافر يتيمم لها
مناف لتعينها هو ما ذهب إليه عج ومن تبعه، وفي نقل ح وطفي خلافه وأنه لا ينفي تعينها وإذا تعدد
الحاضرون صحت لهم جميعا بالتيمم، وأما من لحق الصلاة في أثنائها فيجري على الخلاف في سقوط
فرض الكفاية لتعينه بالشروع فيه وعدمه قاله في المج قوله: (ولفرض غير جمعة) أي إذا
كان ذلك الفرض غير معاد لفضل الجماعة وإلا فلا يتيمم له لأنه كالنفل على الأظهر كما في ح. قوله: (بناء
على أنها بدل عن الظهر) أي وهو ضعيف فعدم إجزاء تيممه للجمعة مشهور مبني على ضعيف، أي
وأما على أنها فرض يومها فيتيمم لها وهذا ضعيف مبني على مشهور، قال بن: والذي يدل عليه نقل
المواق و ح غيرهما أن محل الخلاف إذا خشي باستعمال الماء فوات الجمعة مع وجود الماء
فالمشهور أنه يتركها ويصلي الظهر بوضوء وقيل يتيمم ويدركها، وأما لو كان فرضه التيمم لفقد الماء وكان
بحيث إذا ترك الجمعة صلى الظهر بالتيمم فإنه يصلي الجمعة بالتيمم ولا يدعها وهو ظاهر نقل ح عن ابن
يونس اه‍ قوله: (ولا يعيد الحاضر الصحيح ما صلاه بالتيمم) أي وهو فرض غير الجمعة والجنازة
التي تعينت عليه قوله: (وأولى المريض والمسافر) أي فلا يعيدان ما صلياه بالتيمم وهو الفرض
مطلقا والجنازة مطلقا أو النافلة قوله: (أي تحرم الإعادة في الوقت وغيره) ما ذكره من
حرمة الإعادة هو ما في عبق، واعترضه شيخنا بأنه ليس في النقل تصريح بالحرمة،
148

وفي بن: لا معنى للحرمة هنا إذ الذي في المدونة وغيرها أنه لا إعادة عليه في وقت ولا غيره أي لا يطالب بذلك
ومقابله ما لابن عبد الحكم وابن حبيب يعيد أبدا انظر التوضيح اه‍. وعلى الأول فالظاهر أن الإعادة
مكروهة مراعاة للقول الثاني تأمل. قوله: (وجنازة لم تتعين عليه بناء على سنيتها) أي وأما على القول
بوجوبها فيتيمم لها هذا ظاهره وليس كذلك بل متى كانت غير متعينة عليه فلا يتيمم لها سواء قلنا أنها
فرض كفاية أو سنة كفاية، وأما إن تعينت تيمم لها على القول بأنها فرض كفاية لا على القول
بأنها سنة. والحاصل أنه على القول بالسنية لا يتيمم لها مطلقا تعينت أم لا، وعلى القول بالوجوب
يتيمم لها إن تعينت وإلا فلا، فقول الشارح لم تتعين عليه لا مفهوم له قوله: (إن عدموا) أي الثلاثة
وهم المريض والمسافر والحاضر الصحيح ماء كافيا أي مع قدرتهم على استعماله لو وجدوه. وقوله: إن
عدموا إلخ أي جزما أو ظنا أو شكا أو وهما كما يفيده كلام المصنف الآتي قاله عج. وقوله: أو خافوا أي
المسافر والصحيح وجمع باعتبار الافراد، وقوله: أو زيادته أي أو خاف المريض باستعماله زيادته أو
تأخر برء فالضمير الأول عائد على ثلاثة والثاني على اثنين والثالث على واحد كذا قرر خش وطفي
وهذا التقرير مبني على أن قوله أو زيادته عطف على قوله مرضا وسيأتي للشارح خلافه وأنه معمول
لمحذوف وأنه من عطف الجمل وهو أحسن، ويصح عود الضمير في خافوا للثلاثة أيضا كالأول كما قال
الشارح، أما عوده للمسافر والصحيح فظاهر، وأما عوده للمريض فالمراد أنه خاف حدوث مرض
آخر غير الحاصل عنده قوله: (كافيا) أي لأعضاء الوضوء الواجبة وهي القرآنية بالنسبة للوضوء
ولجميع بدنه بالنسبة لغسل الجنابة ولو كفى وضوءه. قوله: (أو غير مباح) أي أو وجدوا ماء كافيا
لكنه غير مباح قوله: (من نزلة) بفتح النون كما قال شيخنا قوله: (أو خبر عارف) إلخ عطف على
سبب أي أو استند في خوفه إلى خبر عارف بالطب ولو كافرا عند عدم المسلم العارف به كما قال
شيخنا قوله: (لعدم القدرة إلخ) علة لتيمم الثلاثة إذا خافوا باستعمال الماء مرضا مع كونه موجودا (قوله
والجملة) أي وهي قوله: أو خاف مريض زيادته، وقوله معطوفة على الجملة أي وهي قوله أو خافوا
باستعماله مرضا. قوله: (وليس معطوفا) أي ليس قوله أو زيادته معطوفا على مرضا وذلك لان ضمير
خافوا عائد على الثلاثة والمسافر والحاضر الصحيح لا يخافوا زيادة المرض إذ لا مرض عندهم (قوله
والمراد بالخوف) أي بخوف المرض وخوف زيادته وخوف تأخر البرء قوله: (أو خاف مريد الصلاة
الذي معه الماء) أي ويقدر على استعماله سواء كان حاضرا صحيحا أو مريضا أو مسافرا قوله: (عطش
محترم) مثل العطش ضرورة العجن والطبخ قالوا فإن أمكن الجمع بقضاء الوطر بماء الوضوء فعل ما قاله في
مج. قوله: (من آدمي معصوم) أي بالنسبة له وإن كان غير معصوم بالنسبة لغيره، وقوله: أو دابة أي
مملوكة له أو لغيره وهذا بيان للمحترم وخرج بالمحترم غيره كالكلب الغير المأذون في اتخاذه والخنزير
فلا يتيمم ويدفع الماء لهما بل يعجل قتلهما، فإن عجز عنه سقاهما وتيمم، ومثلهما الجاني إذا ثبت عند الحاكم
جنايته وحكم بقتله قصاصا فلا يدفع الماء إليه ويتيمم صاحبه بل يعجل بقتله، فإن عجز عنه دفع الماء له
149

ولا يعذب بالعطش وليس كجهاد الكفار فإنهم جوزوه بقطع الماء عليهم ليغرقوا أو عنهم
ليهلكوا بالعطش والدب والقرد من قبيل المحترم وإن كان في القرد قول بحرمة أكله فإن كان في الرفقة
زان محصن أو مستحق للقصاص منه لقتله فإن وجد صاحب الماء حاكما سلمه إليه وإلا أعطاه الماء وتيمم
(قوله كما يدل عليه إلخ) أي وذلك لان عطفه على معمول خافوا يقتضي تسلط الخوف عليه والخوف
غم لما يستقبل قوله: (إن خاف هلاك المعصوم أو شدة المرض) أي تيقن ذلك أو ظنه قوله: (إن خاف
مرضا خفيفا) أي إن تيقنه أو ظنه قوله: (لا مجرد جهد إلخ) أي لا إن خاف على المعصوم باستعماله
الماء وتركه حصول الجهد والمشقة له فلا يجوز التيمم قوله: (كأن شك أو توهم الموت) أي موت المعصوم
الذي معه. قوله: (وأما لو تلبس) أي المعصوم الذي معه بالعطش إلخ ما ذكره الشارح من التفصيل بين
كون المعصوم الذي معه تارة يتلبس بالعطش بالفعل وتارة يخاف حصوله في المستقبل وإنه إن تلبس
به فالمراد بالخوف ما يشمل الشك والظن والوهم والجزم وإن لم يتلبس به فالمراد بالخوف والجزم والظن
فقط تبع فيه عج وهو ما في التوضيح وابن فرحون وابن ناجي ومنازعة ح في ذلك قائلا: المراد بالخوف
الجزم والظن فقط في حال التلبس كغيره فيه نظر كما ذكره بن عن المسناوي وأن الصواب ما ذكره
عج من التفصيل. واعلم أنه إذا تلبس بالعطش فلا يحتاج في خوفه إلى الاستناد إلى السبب أو قول حكيم
بخلاف ما إذا لم يلتبس به فلا بد من ذلك كما قاله عج قوله: (أو بطلبه تلف مال) حاصله أن الانسان
إذا كان مسافرا وكان له قدرة على استعمال الماء ونزل في مكان أو كان حاضرا في مكان وكان يعلم أو
يظن أنه إذا طلب الماء في ذلك المكان يتلف ما معه من المال سواء كان له أو لغيره، فإن كان يعلم أو يظن
أن الماء موجود في ذلك المكان فإنه يتيمم إن كان المال الذي يخاف تلفه له بال، وإن كان يشك في
وجود الماء في ذلك المكان أو يتوهم وجوده فيه يتيمم مطلقا كان المال كثيرا أو قليلا قوله: (أو
خاف القادر إلخ) والمراد بالخوف الاعتقاد والظن كما علمت. قوله: (من حاضر أو مسافر) بيان
للقادر على استعماله قوله: (وهو ما زاد على ما يلزمه إلخ) سيأتي أن الحق أن الذي يلزمه بذله في
شراء الماء قيمة الماء في ذلك المحل من غير زيادة قوله: (سواء كان) أي المال الذي خاف بطلب الماء
تلفه. قوله: (وهذا) أي اشتراط كون المال الذي خشي تلفه بسبب طلبه الماء له بال، وقوله: إن تحقق
وجود الماء أي في ذلك المكان الذي هو فيه قوله: (أو خاف بطلبه) أي أو خاف القادر على استعماله
سواء كان حاضرا أو مسافرا بطلبه إلخ، ومثل ذلك من لا يقدر على استعمال الماء باردا وخاف بتسخينه
خروج الوقت كما قال شيخنا قوله: (في هذين الفرعين) وهما قوله أو بطلبه تلف مال أو خروج وقت
(قوله يرجع لعدم الماء) أي فيكون التيمم في هذه الفروع الأربعة لوجود الأمر الأول من الأمور
الأربعة المشار لها بقول الشارح سابقا ثم أشار إلى شرط جواز التيمم وأنه أحد أمور أربعة إلخ (قوله
وكذا إذا احتاج للماء للعجين أو الطبخ) أي فإنه يتيمم ويبقى الماء للعجين أو الطبخ وهذا ما لم يمكن
الجمع كما مر، فإن أمكن الجمع بقضاء الوطر بماء الوضوء فعل قوله: (أو لعدم آلة مباحة) أي فوجود
الآلة المحرمة كإناء أو سلسلة من ذهب أو فضة يخرج به الماء من البئر بمنزلة العدم كذا قال الشارح تبعا
لعبق، قال: بن وفيه نظر بل الظاهر أنه يستعملها ولا يتيمم لان الضرورات تبيح المحظورات، ألا ترى
أن من لم يجد ما يستر به عورته إلا ثوب حرير فإنه يجب سترها به كذا قرره المسناوي وغيره اه‍. وقد
يقوي ما قاله عبق بأن الطهارة المائية لها بدل وهو التيمم فلا يسوغ له ارتكاب المحظور وهو
استعمال الآلة المحرمة لوجود البدل وهو التيمم بخلاف ستر العورة فإنه لا بدل له فلذا جاز له
150

استعمال الثوب المحرم فتأمل. قوله: (وهو لا ينافي قولنا إذا خاف خروج الوقت) أي لأنه ليس المراد به
أنه لا يصلي بالتيمم حتى يضيق الوقت ويخاف خروجه حتى يحصل التنافي، وإنما المراد أنه إن كان
يخاف أنه لا يدخل عليه من يناوله الماء في الوقت أو خاف أنه لا يجد آلة في الوقت وخاف خروجه فإنه
يتيمم ولو كان هذا الخوف في أول الوقت فإن كان آيسا ففي أول الوقت إلى آخر الأقسام الأربعة (قوله
وفاقا إلخ) أي وتقييدنا كلام المصنف بما إذا خاف عادم الآلة والمناول خروج الوقت وفاقا لح، وأما
غيره من الشراح فقد أطلقوا تيمم عادم المناول والآلة ولم يقيدوه بخوف خروج الوقت فعليه إذا تيقن
أو غلب على ظنه وجود المناول أو الآلة في الوقت جاز له التيمم ولو في أول الوقت غاية الأمر أنه يستحب
له التأخير، وأما على كلام ح فينهى عن التقديم، والذي لح هو ما يقتضيه كلام ابن عرفة والتلقين انظر
بن (قوله باستعماله) أي في الأعضاء الأربعة القرآنية بالنسبة للوضوء وفي جميع الجسد بالنسبة
للغسل وهذا القول هو الذي رواه الأبهري واختاره التونسي وصوبه ابن يونس وشهره ابن
الحاجب وأقامه اللخمي وعياض من المدونة قوله: (أو يستعمله) أي الماء ولو خرج الوقت أي وهو الذي
حكى عبد الحق عن بعض الشيوخ الاتفاق عليه فلا أقل من أن يكون مشهورا فلذا قال المصنف خلاف
(قوله قبل الاحرام) أي بعد التيمم وقبل الاحرام وقد تنازع الظرف بقاؤه وخروجه وحاصله أنه إذا
تبين قبل الاحرام أن الوقت باق وأنه قد خرج فلا بد من الوضوء وإن تبين بعدما تيمم ودخل
الصلاة أن الوقت باق أو أنه قد خرج فإنه لا يقطع لأنه دخلها بوجه جائز ولا إعادة عليه وأولى إذا تبين
ذلك بعد الفراغ منها أو لم يتبين له شئ. قوله: (وجاز جنازة) أي ولو تعددت قوله: (بناء على أنها سنة)
أي بناء على القول بأن صلاة الجنازة سنة، وأما على القول بأنها فرض فلا تفعل بتيمم الفرض ولا النفل
تبعا تعينت أم لا، والقول بأنها سنة ضعيف، فيكون جواز فعل الجنازة بتيمم الفرض تبعا مشهورا مبنيا
على ضعيف قوله: (وسنة) عطفه وما بعده بالواو لا بأو إشارة إلى أنه يجوز أن يفعل بتيمم الفرض أو
النفل جميع المذكورات وأولى بعضها تعدد البعض أو اتحد قوله: (ولو من حاضر صحيح) أي هذا إذا
كان من مسافر أو مريض بل ولو من حاضر صحيح وجعله الحاضر الصحيح كغيره هو الذي صرح به
ابن مرزوق كما في بن قوله: (أو نفل) أي أو تيمم لنفل وأولى لسنة استقلالا (قوله تقدمت هذه الأمور
على الفرض أو النفل) أي الذي تيمم به بقصدهما أو تأخرت عنه وظاهره أن القدوم على المذكورات بتيمم
الفرض قبله أو بعده جائز لكن لا يصح الفرض إلا إذا تأخرت عنه، والذي جزم به ح أن القدوم على
فعل هذه المذكورات بتيمم الفرض قبله لا يجوز، ولذا حمل قول المصنف: إن تأخرت على ظاهره من كونه
شرطا في الجواز لا في مقدر كما قال الشارح تبعا لغيره. قوله: (وشرط صحة الفرض المنوي له التيمم إلخ) أي
بخلاف النفل المنوي له التيمم فإنه لا يشترط في صحته تأخر النفل ولا غيره من المذكورات عنه بل هو
صحيح سواء تقدم على المذكورات أو تأخر عنها قوله: (إن تأخرت عنه) أي فإذا تأخرت هذه الأشياء
عن الفرض المنوي له التيمم كان كل من الفرض وتلك الأشياء صحيحا وإن تقدم النفل سواء كان صلاة
أو طوافا على الفرض صح ما تقدم من النفل دون الفرض، فلا بد من إعادة التيمم له ولو كان صبحا فعلمت
من هذا قصر المفهوم على النفل، وأما تقدم مس مصحف وقراءة لا تخل بالموالاة على الفرض فلا تمنع من
صحته كما في مج وإن كان ظاهر الشارح كغيره التعميم في المفهوم قوله: (شرط في مقدر) أي وهو
قول الشارح وشرط صحة الفرض المنوي له التيمم قوله: (لا دليل عليه) قيل: قوله جازت يدل عليه لان
151

الجواز يستلزم الصحة فعندنا حكمان مصرح بأحدهما والآخر ضمني وهو صحة الفرض، فقوله: إن
تأخرت شرط في الحكم الضمني وفيه نظر إذ الجواز لا يستلزم صحة الفرض إلا لو كان الجواز متعلقا
بالفرض نفسه وهنا ليس كذلك إذ الجواز متعلق بفعل هذه الأشياء بتيمم الفرض والنفل والصحة
متعلقة بذات الفرض. تنبيه: لا تشترط نية هذه المذكورات عند التيمم للفرض أو النفل كما أفاده ح
وانظر لو تيمم للفرض أو النفل وأخرج بعض هذه الأشياء فهل له أن يفعل بذلك التيمم ما أخرجه
جريا على اخراج بعض المستباح في نية الوضوء وهو ما استظهره شيخنا في حاشية خش أو لا يفعل
ذلك المخرج لضعف التيمم؟ واستظهره شيخنا في حاشيته على عبق. وانظر إذا تيمم لواحد من مس
المصحف أو الجنازة أو القراءة والطواف هل له أن يفعل به باقيها أو النفل أو لا؟ والظاهر الأول كما قال
عج. قوله: (ويشترط اتصاله) أي اتصال ما ذكر بالفرض إذا فعل ما بعده قوله: (واتصال بعضها)
أي المذكورات قوله: (لا إن طال) أي لا إن فصل بعضها من بعض أو فصلت من الفرض أو النفل
وطال الفصل قوله: (وأن لا يكثر) أي ذلك النفل المفعول بتيمم الفرض أو النفل وذلك كالزيادة
على التراويح مع الشفع والوتر، وأما التراويح والشفع والوتر فيجوز فعلها بتيمم العشاء لعدم كثرتها
جدا بالعرف كذا قرر الشارح. قوله: (لا فرض آخر) أي لا يجوز فرض ولو كان منذورا بتيمم
فرض آخر قوله: (ومنه) أي من يسير الفصل المغتفر بالفصل بآية الكرسي إلخ قوله: (ولو قصدا) رد بلو
على من قال بصحة الفرضين بتيمم واحد إذا قصدا معا بالتيمم، وهذا الخلاف مبني على الخلاف في أن
التيمم لا يرفع الحدث بل مبيح للعبادة أو يرفعه قوله: (وبطل الفرض الثاني خاصة) أي وحينئذ فيجب
إعادته مطلقا قوله: (ولو مشتركة) رد بلو على ما قاله أصبغ إذا صلى فرضين مشتركين بتيمم فإنه يعيد ثانية
المشتركتين في الوقت، وأما ثانية غيرهما فيعيدها أبدا وتصح الأولى على كل حال قوله: (أي بتيمم
مستحب) أي فالمتصف بالاستحباب نفس التيمم سواء كان ما يفعل به عبادة كالتيمم لقراءة القرآن
ظاهرا ولزيارة الأولياء أولا كالتيمم للدخول على السلطان أو لدخول السوق بخلاف قوله سابقا
بتيمم فرض أو نفل فإن المتصف بالاستحباب ما يفعل بالتيمم، وأما التيمم نفسه فهو واجب لتوقف
صحة العبادة عليه، ويجعل اللام مقحمة يندفع ما في كلام المصنف من التعارض بين ما هنا وبين ما مر
من قوله: بتيمم فرض أو نفل. وأجاب بعضهم بجواب آخر بأن مراد المصنف بالمستحب هنا
ما لا يتوقف على طهارة كقراءة القرآن ظاهرا وزيارة الأولياء، ومراده بالنفل فيما مر ما يتوقف على
طهارة كالصلاة. قوله: (فإن فرق) أي بين أفعاله أو بينه وبين ما فعل له ولو ناسيا بطل أي اتفاقا للاتفاق
على وجوب الموالاة هنا لضعف التيمم قوله: (وهذا) أي ما ذكر من الموالاة أحد فرائض التيمم أي
الأربعة وهي: النية والموالاة والضربة الأولى وهي استعمال الصعيد وتعميم وجهه ويديه لكوعيه
بالمسح قوله: (ولزوم قبول هبة ماء) فالأولى الصدقة فإذا كان عادما للماء في حضر أو سفر ووهب له أو
تصدق عليه انسان بماء يكفي طهارته لزمه قبول حيث تحقق عدم المنة أو ظن عدمها أو شك فيها
وأما لو تحقق المنة أي جزم بها أو ظنها فلا يلزمه القبول كما قال الشارح. إن قلت: كما يلزمه
قبول هبة الماء يلزمه أيضا استيهابه أي طلب هبته فكان على المصنف ذكره. قلت: قد ذكره
المصنف بعد ذلك في قوله: كرفقة قليلة إلخ قوله: (أو للثمن) أي أو الضمير للثمن
152

(قوله ويصح عطفه) أي عطف قرضه على ثمن أي وعلى هذا فالضمير في قرضه للثمن لا للماء
وذلك لأنه يلزمه قرضة وقبول قرضه مطلقا كان غنيا ببلدة أم لا، هذا ويصح عطفه أيضا على هبة سواء
جعل الضمير للماء أو للثمن أي لزمه قبول قرض الماء وقبول قرض ثمنه إذا كان مليا ببلده. والحاصل
أن الأوجه خمسة لأنه إما مرفوع عطفا على موالاته والضمير إما للثمن أو للماء أي لزم قرض الماء أو قرض
ثمنه إذا كان مليا ببلده وإما مجرور عطفا على هبة، والضمير إما للماء أو للثمن أي لزم قبول قرض الماء وإن
لم يظن الوفاء لكونه غير ملئ أو قبول قرض الثمن إن ظن وفاء الثمن فهذه أربعة، وإما بالجر عطفا على ثمن
والضمير للثمن لا غير أي لا يلزم قبول قرض الثمن ويفيد بما إذا كان معدما ببلده. وحاصلها أنه يلزمه
اقتراض الماء ويلزمه قبول قرضه وإن لم يظن الوفاء ويلزمه اقتراض الثمن وقبول قرضه إذا كان يرجو
وفاءه وإلا فلا يلزمه ذلك قوله: (هذا إذا كان يأخذه نقدا) أي هذا إذا كان يأخذه بالثمن المعتاد في ذلك
المحل نقدا قوله: (بذمته) أي دينا في ذمته قوله: (إن كان مليا ببلده مثلا) أي أو لم يكن مليا ببلده لكن له
قدرة على الوفاء من عمل يده قوله: (ولو درهما) أي ولو زاد على الثمن المعتاد في ذلك المحل درهما قوله: (وقال
عبد الحق يشتريه) أي يلزمه شراؤه وإن زيد عليه في الثمن المعتاد مثل ثلثه فإن زيد عليه أكثر من الثلث لا
يلزمه الشراء، قال اللخمي: محل الخلاف إذا كان الثمن له بال، أما لو كان بمحل لا بال لثمن ما يتوضأ به فيه كما
لو كان ثمنه فلسا فإنه يلزمه شراؤه ولو زيد عليه في الثمن مثل ثلثيه اتفاقا قوله: (وهو محتاج له) أي لذلك
الثمن المعتاد لأجل إنفاقه في سفره. قوله: (ولزم طلبه لكل صلاة) أي إذا انتقل من محل طلبه للصلاة
الأولى إلى محل آخر أو بقي في محل طلبه أو لا ولكن ظن أو تحقق حدوث ماء أو شك في حدوثه، وأما لو
بقي في محل طلبه أو لا ولم يظن أو شك في حدوث ماء فلا يلزمه الطلب لأنه قد تحقق فيما بعد الطلب
الأول عدمه كما في بن نقلا عن ح. قوله: (حال توهم الوجود) أي كما أنه لا يلزمه الطلب إذا تحقق عدمه
والحاصل أنه لا يلزمه الطلب إلا في ثلاث حالات: إذا تحقق وجوده في المكان الذي هو فيه أو ظن وجوده
فيه أو شك في وجوده فيه وعدم وجوده فيه، ولا يلزمه الطلب في حالتين إذا توهم وجوده أو تحقق عدمه
خلافا للمصنف في حالة التوهم وقواه عج، ومحل الخلاف إذا كان التوهم قبل الطلب بالكلية، وأما لو تحققه
وطلبه فلم يجده ثم توهمه بعد ذلك فلا يلزمه طلبه اتفاقا كذا ذكره شيخنا قوله: (لا تحقق عدمه) المراد
بالتحقق الاعتقاد الجازم لا التحقق في نفس الامر قوله: (وهو على أقل من ميلين) أي والطلب الذي
لا يشق بالفعل الطلب الذي على أقل من ميلين، فإذا ظن أن الماء في محل على أقل من ميلين لزمه طلبه (قوله
كما إذا كان على ميلين) أي كما إذا كان الماء الذي ظنه على ميلين فلا يلزمه الطلب ولو لم يشق لأنه مظنة
المشقة قوله: (أي كما يلزمه الطلب) أي للماء من رفقة بأن يطلب منهم هبته له، والمراد بالرفقة الجماعة
المصطحبون في السفر نزولا وارتحالا مع الارتفاق والانتفاع. قوله: (كأربعة وخمسة) قال شيخنا: الظاهر
أن ما زاد على الخمسة للعشرة من القليلة وما زاد على العشرة فهو من الكثرة فيلحق بالأربعين قوله: (كانت
حوله) أي بأن كانت بفناء بيته أو قريبة منه. وقوله: أو لا أي أو لم تكن حوله ولا قريبة منه
لكن بحيث لا يشق عليه الطلب منهم لكونهم بينهم وبينه أقل من ميلين قوله: (أو حوله من كثيرة)
أي أو كانت الجماعة القليلة حوله حال كونها من جماعة كثيرة فإنه يلزمه الطلب من تلك القليلة ولا
153

يلزمه الطلب من الكثرة لأنه يشق عليه ذلك. قوله: (في المسألتين) أي مسألة الطلب من الجماعة القليلة
ومسألة الطلب ممن حوله من الجماعة الكثيرة قوله: (ونية استباحة الصلاة) أي أو مس المصحف أو
غيره مما الطهارة شرط فيه قاله البدر قوله: (أو استباحة ما منعه الحدث) أي وأما لو نوى رفع الحدث كان
تيممه باطلا لأنه لا يرفع الحدث قوله: (تعيين الصلاة) أي تعيين نوعها لا شخصها بدليل
البيان بقوله: من فرض أو نفل. قوله: (فإن نوى الصلاة) أي من غير تعرض لفرض ولا لنفل، وكذا إذا
نوى الصلاة الشاملة للفرض والنفل معا كما قال بن قوله: (لا إن ذكر فائتة بعده) أي بعد ذلك التيمم
قوله: (وإن نوى مطلق الصلاة الصالحة للفرض والنفل) الأولى أن يقول: إذا نوى مطلق الصلاة
إما الفرض وإما النفل بدليل التعليل الذي ذكره، وأما الصالحة للفرض والنفل فهو مثل الشاملة لهما وقد
علمته انظر بن قوله: (يحتاج لنية تخصه) أي تخصيصا حقيقيا وهنا ليس كذلك بل احتمالا. والحاصل
أن الصور ثلاث إن نوى الصلاة أو مطلق الصلاة من غير تعرض لفرض ولا نفل أو قصد الصلاة الشاملة
للفرض والنفل معا صح ما عليه من الفرض بذلك التيمم، وله أن يصلي به النفل أيضا وإن نوى مطلق
الصلاة إما فرضا أو نفلا صلى به النفل دون الفرض قوله: (وتكون عند الضربة الأولى) أي كما هو ظاهر
كلام صاحب اللمع وصرح به غيره، وقال زروق: إنها تكون عند مسح الوجه، واستظهره البدر القرافي
كما في حاشية شيخنا على خش قياسا على الوضوء، وفي بن القول بأنها عند الضربة الأولى غير صواب لان
الضربة الأولى إنما هي وسيلة كأخذ الماء للوجه في الوضوء ومسح الوجه أول واجب مقصود، وأما
قول ابن عاشر: فروضه مسحك وجها واليدين للكوع والنية أولى الضربتين
فليس قوله: أولى الضربتين ظرفا للنية بل عطف على ما قبله بحذف العاطف كما قاله شارحه، وحينئذ فما
قاله زروق من أنه ينوي عند مسح الوجه بلا خلاف هو النقل اه‍ كلامه. وقال في المج: الأوجه
القول الأول إذ يبعد أن يضع الانسان يده على حجر مثلا من غير نية تيمم بل يقصد الاتكاء أو مجرد
اللمس مثلا ثم يرفعها فيبدو له بعد الرفع أن يمسح بها وجهه ويديه بنية التيمم فيقال: صح تيممه وفرق
بينه وبين الوضوء فإن الواجب في الوضوء الغسل كما قال تعالى: * (فاغسلوا وجوهكم) * ولا مدخل لنقل الماء
في الغسل. وقال في التيمم: * (فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم) * فأوجب قصد الصعيد قبل المسح
(قوله على الأظهر) لا يقال: يلزم عليه أن الضربة الأولى التي هي من جملة فرائض التيمم قد خلت عن
نية لأنا نقول: انها بمنزلة نقل الماء للأعضاء في الوضوء وهو لا يحتاج لنية. وقال بعضهم: إن أخر النية
لمسح الوجه كان التيمم باطلا لخلو الضربة الأولى التي هي فرض عن نية فبطل التيمم ببطلان بعضه
(قوله: (ويندب نية الحدث الأصغر) أي إذا نوى نية استباحة الصلاة أو نوى استباحة ما منعه الحدث، وأما
لو نوى فرض التيمم فلا تندب نية الأصغر. قوله: (فإن ترك نيته ولو نسيانا لم يجزه) هذا هو نص المدونة
كما في المواق وفي سماع أبي زيد يجزيه إذا تركها نسيانا قوله: (وأما إذا نوى فرض التيمم فيجزي) علم من
هنا ومما مر أن نية فرض التيمم تجزي عن نية كل من الأصغر والأكبر قوله: (ولو تكررت الطهارة
154

الترابية) أي كمن عليه فوائت وهو جنب وأراد قضاءها فإنه يلزمه أن ينوي الأكبر في تيممه لكل
صلاة بناء على أن التيمم لا يرفع الحدث فبفراغه من كل صلاة يعود جنبا، وقيل لا يلزمه نية الأكبر إلا
عند التيمم الأول بناء على أن التيمم يرفع الحدث وهذا القول هو المردود عليه بلو قوله: (على المشهور)
أي وهو قول مالك وعامة أصحابه وقيل إنه يرفع الحدث قوله: (إذ كيف الإباحة تجامع المنع) الذي هو
الحدث والحال أن الإباحة والمنع نقيضان. قوله: (فمن قال إلخ) حاصله أن من قال إنه لا يرفع الحدث ليس
مراده أنه لا يرفعه رفعا مطلقا أي في حال الصلاة وبعدها بل مراده أنه لا يرفعه رفعا مقيدا بالكون بعد
الصلاة فلا ينافي في أنه يرفعه ما دام في الصلاة، ومن قال إنه يرفعه فمراده رفعا مقيدا بالفراغ من الصلاة لا
مطلقا وهذا الذي قاله القرافي وإن كان صحيحا بحسب ظاهره لكنه يأباه بناء ا لأصحاب على هذا
الخلاف جواز وطئ الحائض بالتيمم وعدم جوازه وجواز المسح على الخف إذا لبسه بعده وعدم جوازه
وعدم الوضوء إذا وجد ماء بعده وإعادة الوضوء وإمامة المتيمم للمتوضئ من غير كراهة أو معها وصحة
وقوعه قبل الوقت وعدم صحته وصلاة فريضتين به وعدم ذلك، فهذا يؤذن بأن الخلاف حقيقي لا
لفظي كما قال القرافي، فالحق ما قاله ابن العربي من أن الخلاف حقيقي، ويجاب عما أورده الشارح بما قاله
ابن دقيق العيد من أن المراد بالحدث هنا أي في قولهم: التيمم لا يرفع الحدث الوصف الحكمي المقدر قيامه
بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية لا المنع فالتيمم رافع للمنع ولذا حصلت الإباحة، وليس رافعا للوصف
الحكمي ولا تلازم بين الوصف الحكمي والمنع على الصواب فلا يلزم من رفع أحدهما رفع الآخر، ولا من
ثبوت أحدهما ثبوت الآخر، خلافا لما تقدم عند قول المصنف يرفع الحدث بالمطلق وإنما صحت الصلاة
عند عدم ارتفاع الوصف لان التيمم رخصة فهو مبيح مع قيام السبب المانع وهو الوصف لولا العذر انظر
بن. قوله: (ويدخل فيه) أي في الوجه قوله: (الأولى يديه) أي لأجل أن يشمل ظاهر الكفين (قوله
على الراجح) وهو قول ابن شعبان في الزاهي وقبله اللخمي وابن بشير، وقال أبو محمد: لم أر القول بلزوم
تخليل الأصابع في التيمم لغير ابن شعبان وذلك لان التخليل لا يناسب المسح المبني على التخفيف (قوله
وهو) أي الطاهر المفهوم من طهر معنى الطيب في الآية وهو قوله تعالى: * (فتيمموا صعيدا طيبا) * أي طاهرا
(قوله كتراب) أي ولو كان تراب ديار ثمود على المعتمد خلافا لابن العربي القائل بعدم جواز التيمم عليه كما
حكاه عنه القرطبي وصحح خلافه، وأجمع العلماء على جواز التيمم على تراب مقبرة الكفار إذا كان نظيفا
طاهرا كما في ح، ومن التراب الطفل بدليل أنه إذا وضع في الماء يذوب وحينئذ فيجوز التيمم عليه ولو
نقل خلافا لمن قال لا يتيمم عليه لأنه طعام تأكله النساء، وخلافا لمن قال: لا يتيمم عليه إذا صار كالعقاقير
في أيدي الناس كما قاله شيخنا. قوله: (فيجعل مبالغة فيما تضمنه قوله كتراب من الجواز) أي
ويكون رادا بلو على ابن بكير القائل: لا يجوز التيمم على التراب إذا نقل. قوله: (في النقل) أي في جواز
التيمم عليه مع النقل قوله: (حتى تحجر) أي حتى صارت صورته كصورة الحجر الذي هو من أجزاء
155

الأرض فصح التيمم عليه لذلك. قوله: (إذا لم يجد غيره إلخ) أي وأما مع وجود غيره مما يصح التيمم
عليه فلا يصح التيمم على ذلك الطين هذا ظاهره كعبق، وفيه أن هذا مما يستغرب كيف يقال بصحته
على الثلج ولو مع وجود غيره والحال أنه ليس من أجزاء الأرض وبصحته على الخضخاض إن لم
يوجد غيره مع أنه من أجزاء الأرض فمقتضى القواعد العكس، والجواب أن مراد الشارح بقوله: إذا
لم يجد غيره أي وأما إن وجد غيره فينبغي له أن لا يتيمم عليه لئلا يلوث ثيابه وإن كان تيممه عليه
صحيحا فليس كلام الشارح على ظاهره، وحينئذ فالخضخاض كالثلج في صحة التيمم على كل وجد غيره
أو لا كذا قرر شيخنا. قوله: (وجمع في المختصر) أي في مختصر ابن عبد الحكم بينهما فقال: يخفف يديه
في حال وضعهما عليه ثم يجففهما بعد رفعهما عنه في الهواء قليلا اه‍. وكل منهما مستحب خوفا من تشويه
الوجه لا واجب قوله: (غير نقد إلخ) وجه هذا التفصيل أن المعدن الذي لم يتصف بشئ من تلك
الأوصاف لم يباين أجزاء الأرض فساغ التيمم عليه، وما اتصف بشئ من تلك الصفات مباين
أجزاء الأرض فلم يجز التيمم عليه قوله: (كتبر ذهب إلخ) مثال للمنفي قوله: (حتى صار في أيدي
الناس متمولا) أي يباع بالمال فخرج بذلك عن كونه من أجزاء الأرض والذهب والجوهر خرجا
بسبب كونهما في غاية الشرف، ثم إن ظاهر المصنف عدم تيممه على معدن النقد والجوهر ولو ضاق
الوقت ولم يجد سواه وهو ما يفيد ابن يونس والمازري، وذكر اللخمي وسند أنه يتيمم عليهما بمعدنهما
ورجح جسد عج الأول ورجح ح الثاني فإذا كان الشخص في أرض كلها نقد وكان عادما للماء ولم
يجد ما يتيمم عليه سقطت عنه الصلاة على الأول لأنه من أفراد قول المصنف الآتي وتسقط صلاة
وقضاؤها بعدد ماء وصعيد ولا تسقط عنه على الثاني ويتيمم على النقد الموجود. قوله: (وملح) أي
معدني لا إن كان مصنوعا مطلقا من نبات أو تراب كما هو ظاهر تمثيل المصنف به للمعدن، وهذا أظهر
الأقوال الأربعة التي حكاها فيه ابن عرفة وهي جواز التيمم به مطلقا ولو مصنوعا نظرا لصورته، وعدم
جواز التيمم عليه مطلقا، والجواز إن كان معدنيا لا مصنوعا، والجواز إن كان بأرضه وضاق الوقت، وأما
ما في عبق من جواز التيمم عليه إن كان مصنوعا من تراب أو كان أصله ماء وجمد ومنع التيمم عليه إن
كان مصنوعا من نبات كحلفاء فهو استظهار من عند نفسه قاله شيخنا قوله: (ورخام) أي وقيل إن
الرخام لا يجوز التيمم عليه لأنه من المعادن النفيسة المتمولة الغالية الثمن و استظهره بعضهم، والخلاف في
الرخام المستخرج من الأرض ولو دخلته صنعة النشر، وأما ما دخلته صنعة الطبخ فلا يجوز التيمم
عليه قولا واحدا قوله: (فيجوز التيمم عليها بموضعها) أي لا إن نقلت وصارت في أيدي الناس
متمولة كالعقاقير فلا يجوز التيمم عليها قوله: (وكذا الصحيح على الراجح) أي خلافا لمن قال: إن
الصحيح يكره له ذلك والجواز خاص بالمريض قوله: (حائط لبن) أي التيمم على حائط لبن (قوله
كثير) نعت لطاهر ونجس وذلك بأن لا يخلط بشئ أصلا أو يخلط بنجس أو طاهر قليل وهو ما دون
الثلث. قوله: (وإلا لم يتيمم عليه) أي وإلا بأن كان الطوب محروقا أو مخلوطا بنجس أو طاهر كثير
وهو الثلث لم يتيمم عليه، فعلمت أن ما دون الثلث مغتفر والثلث فما فوقه مضر في كل من الخلط الطاهر
والنجس كذا قال بعضهم، وقال بعضهم: إن كان الخلط نجسا ضر الثلث لا ما دونه، وإن كان الخلط
طاهرا فلا يضر، إلا إذا كان غالبا لا إن تساويا قوله: (ولو لم يجد غيره وضاق الوقت) أي خلافا للخمي
حيث قال: إذا لم يجد غيره وضاق الوقت تيمم عليه وإلا فلا. قال بن: وكلام ح يقتضي أن الراجح ما قاله
156

اللخمي وأصله للأبهري وابن القصار والوقار في الخشب، وقاله سند والقرافي وعبد الحق وابن رشد في
المقدمات، وقال الفاكهاني والشبيبي: هو الأرجح والأظهر اه‍ كلامه، وكذلك اعتمده أيضا طفي وشيخنا في حاشية خش وعبق. قوله: (بعد التكفين) أي بعد الادراج في الكفن إذا غسلت. وقوله
أو تيممها أي وبعد تيممها الحاصل بعد التكفين إذا لم تغسل قوله: (فالمتيمم) أي لعدم الماء (قوله
أي الجازم إلخ) علم من كلامه أن الآيس له أفراد ستة والمتردد له أفراد أربعة وإنه يلحق به في الحكم
ثلاثة فالجملة سبعة والراجي له أفراد أربعة فالجملة سبعة عشر. قوله: (أو لحوقه) أي أو الجازم أو الغالب
على ظنه عدم لحوق الماء قبل خروج الوقت مع علمه بوجوده امامه قوله: (أول المختار إلخ) فإن تيمم
الآيس أول الوقت وصلى ثم وجد ماء في الوقت بعد صلاته فلا إعادة عليه مطلقا سواء وجد ما أيس
منه أو غيره كما هو مقتضى نقل ح والمواق ونص المدونة، وقال ابن يونس: إن وجد ما أيس منه أعاد
لخطئه، وإن وجد غيره فلا إعادة، وضعفه ابن عرفة حيث حكاه بقيل بعد أن ذكر ما تقدم انظر بن (قوله
ومثله) أي مثل المتردد في تيممه وسط الوقت مريض عدم مناولا أي أو آلة، وقوله: وخائف لص
أو سبع أي على الماء وأصل هذه العبارة للطراز قوله: (وظاهره ولو آيسا أو راجيا) يعني أن قول الطراز
المريض الذي عدم مناولا أو آلة والخائف من لص أو سبع على الماء والمسجون يندب لهم التيمم وسط
الوقت ظاهره سواء كانوا آيسين أو مترددين أو راجين، لكنه خلاف ما تقدم للشارح عند قول
المصنف كعدم مناول أو آلة من جريان التفصيل، وما قدمه هو الموافق لقول ابن عرفة وعدم آلة رفعه
كعدمه فجعل عدم آلة الماء كعدم الماء في التفصيل، ومثله عدم المناول على الظاهر، ويمكن حمل كلام
الطراز على المترددين وحينئذ فيتوافقان انظر بن قوله: (يتيمم آخره ندبا) هذا هو المعتمد خلافا لمن
قال بالوجوب كما ذكره في التوضيح. قوله: (فدخل في قوله تعالى: * (فلم تجدوا ماء فتيمموا) أي فكان مقتضى
الامر وجوب التيمم أول الوقت لكنه أخر نظرا لرجائه فجعل له حالة وسطى، إن قلت: جعل
التأخير مندوبا يخالف قول المصنف وأعاد المقصر أي المخالف في الوقت فإن ظاهره الوجوب
قلت: المندوب قد تعاد الصلاة لأجله في الوقت ألا ترى أن الصغيرة تؤمر ندبا بالستر الواجب على
الحرة، فإن تركت ذلك أعادت في الوقت على أن الإعادة هنا مراعاة لمن يقول بوجوب تأخير الراجي
(قوله وقولنا كالمعارض) أي ولم نقل أنه معارض له حقيقة قوله: (لجواز أن يكون إلخ)
كذا في التوضيح قال ح: ويمكن أن يقال: أمره بالتأخير مراعاة للخلاف لقوة القول بالامتداد فلا
يلزم أن يكون هذا الفرع مبنيا على مقابل المشهور وتكون هذه الصورة كالمستثناة من قولهم: الراجي
يؤخر لآخر المختار فيقال إلا في المغرب وهو ظاهر المدونة لمن تأملها اه‍ قوله: (إنه لو كان) أي
عادم الماء. قوله: (شرع في سننه) وهي ثلاثة على ما قال المصنف وأربعة على ما قال غيره
157

(قوله وسن المسح من الكوعين إلى المرفقين) قد صرح ابن رشد في المقدمات بترجيح القول بسنية ذلك المسح
واقتصر عليه عياض في قواعده وغيره، فسقط اعتراض البساطي القائل: إن المسح للمرفقين واجب
فكيف يجعله المصنف سنة مع أن النقل وجوبه؟ قوله: (وتجديد ضربة) المراد بالضرب الوضع الخفيف
لا حقيقته وهو الامساس بعنف، وحينئذ ففي كلام المصنف تجوز حيث أطلق اسم الملزوم وأراد اللازم
لأنه يلزم من الضرب الوضع والامساس وقال ليديه رادا على القائل أنه يمسح بالثانية الوجه أيضا مع
اليدين، وعلى المشهور يمسح بالضربة الثانية اليدين فقط. لا يقال: كيف يمسح الواجب أعني اليدين
بالكوعين بما هو سنة؟ لأنا نقول: أثر الواجب باق من الضربة الأولى مضاف إليه الضربة الثانية بدليل أنه
لو تركها وفعل الوجه واليدين معا بالضربة الأولى أجزأه. قوله: (نقل ما تعلق بهما) أي باليدين من الغبار
يعني لوجهه ويديه قوله: (صح) أي تيممه على الأظهر كذا ذكر المصنف في التوضيح عن ابن عبد السلام
ثم قال: وفيه نظر لان تيممه لم يحصل للأعضاء بل الممسوح وشرع النفض الخفيف خشية أن يضره
شئ من الغبار في عينيه اه‍ قوله: (وهو ظاهر) أي لأنه بمثابة التيمم على الحجر، وارتضى هذا العلامة
النفراوي في شرح الرسالة وشيخنا وحينئذ فما في عبق عن الفيشي من بطلان التيمم غير ظاهر (قوله
وندب تسمية) أي بأن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم على الأظهر أو باسم الله فقط على ما مر من الخلاف في
الوضوء ولا يستحب أن يكون في موضع طاهر كالوضوء لفقد العلة المتقدمة في الوضوء وهي التطاير
(قوله بظاهر يمناه) الباء بمعنى من الابتدائية وفي الكلام حذف مضاف أي من مقدم ظاهر يمناه وأما
الباء في قوله بيسراه فهي للآلة. قوله: (بأن يجعل ظاهر أطراف يده اليمنى في باطن إلخ) الذي في حاشية
شيخنا نقلا من خط بعض شيوخه بأن يجعل أصابعه فقط دون باطن كفه على ظاهر يمناه ثم في عوده
على باطن الذراع يمسح بباطن الكف اه‍ قوله: (ثم يخلل أصابعه) أي ثم بعد مسح اليدين يخلل
أصابعه فلا يخلل كل يد بعد مسحها كما مر في الوضوء، وتقدم أن التخليل يكون ببطن أصبع أو
أكثر لا بجنبه لأنه لم يمسه صعيد، وحينئذ فلا يتأتى أن يحصل من تخليل واحدة تخليل الأخرى (قوله
وبطل التيمم) أي سواء كان ذلك التيمم لحدث أصغر أو أكبر ويصير ممنوعا من العبادة بعد
أن كانت مباحة له قوله: (من حدث أو غيره) أي وهو السبب والردة والشك في الحدث أو في
السبب. واعلم أن التيمم يبطل بكل ما أبطل الوضوء، ولو كان ذلك التيمم لحدث أكبر فنواقض الوضوء
وإن كانت لا تبطل الغسل لكنها تبطل التيمم الواقع بدلا عنه ويعود جنبا على المشهور من أنه لا يرفع
الحدث، وثمرته أنه ينوي التيمم بعد ذلك من الحدث الأكبر، ولو قلنا أنه لا يعود جنبا ينوي التيمم من
الحدث الأصغر وثمرته أيضا أنه إذا عاد جنبا لا يقرأ القرآن ظاهرا، وإن قلنا لا يعود جنبا يقرؤه
ظاهرا قوله: (وبطل بوجود الماء قبل الصلاة) أي بناء على المشهور من أن التيمم لا يرفع الحدث أما
على أنه يرفعه فلا يبطل بوجود الماء قبل الصلاة. قوله: (إن اتسع الوقت) أي الذي هو فيه
158

ضروريا أو اختياريا هذا هو المتعين، وأما قول عبق لا يبطل تيممه في الضروري فلا قائل به سواه انظر
بن. تنبيه: لو تيمم ثم وجد ماء ورأي مانعا عليه من سبع ونحوه فإن أبصر الماء أولا ثم أبصر المانع بعد
ذلك بطل تيممه لاحتمال تفريطه وأن السبع إنما جاء بعد تيممه، وأما لو رأى المانع قبل رؤية الماء أو
رآهما معا لم يبطل تيممه. قوله: (لا إن وجده) أي أو قدر على استعماله بعد الدخول فيها فلا يبطل تيممه
بل يجب استمراره فيها، ولا تستحب له الإعادة حيث كان غير مقصر، وسواء كان آيسا من وجود الماء
أو كان مترددا في وجوده أو لحوقه أو كان راجيا فلا يقطع واحد منهم كما هو ظاهر النقل خلافا لما قاله سند
من قطع الراجي، ولعله مبني على القول بأن تأخير الراجي لآخر الوقت واجب لا مندوب، وقد علمت
أنه ضعيف قرره شيخنا. قوله: (لا إن تذكره بعدها) أي فلا تبطل ويعيد في الوقت فقط. وقوله كما
سيأتي أي في قوله وناس ذكر بعدها قوله: (ويعيد المقصر) أي إذا وجد الماء بعد صلاته، والمراد
بالمقصر من قصر عن الطلب المأمور به في قوله سابقا طلبا لا يشق به وقوله في الوقت أي المختار
فأل للعهد الذكرى أي في الوقت المتقدم ذكره في قوله: فالآيس أول المختار قوله: (إن لم يعد) أي سواء
ترك الإعادة ناسيا أو عامدا وإن كانت المسألة مفروضة في المقدمات وابن الحاجب في الناسي لكن
الظاهر أن العامد كذلك كما ذكره في التوضيح انظر بن قوله: (تصريح بما علم التزاما) أي لان كل
من طلبت منه الإعادة في الوقت تصح صلاته إن لم يعد، وإنما صرح بذلك للرد على ابن حبيب
القائل: إن تارك الإعادة في الوقت ولو ناسيا يعيد أبدا وجوبا، ولعل وجهه أنه صار كالمخالف لما أمر به
فعوقب بطلب الإعادة أبدا ولم ير النسيان عذرا يسقط عنه التفريط. قوله: (فصلها) أي بينها
بالتمثيل. قوله: (كواجده بقربه) حاصله أنه إذا كان في محل وجزم بوجود الماء فيه أو ظن ذلك
أو شك في وجود الماء به ثم إنه طلبه طلبا لا يشق به فلم يجده فتيمم وصلى ثم وجد الماء بعد صلاته بقربه
بأن وجده بالمحل الذي طلبه فيه طلبا لا يشق به فإنه يعيد في الوقت، أما لو ترك الطلب تيمم وصلى ثم
وجده فإنه يعيد أبدا لبطلان التيمم، وكذا إن طلبه ولم يجده فتيمم ثم وجد الماء قبل صلاته فإن التيمم
يبطل فإن صلى به أعاد أبدا. قوله: (أو رحله) حاصله أنه إذا جزم بوجود الماء في رحله أو ظن ذلك
أو شك فيه فطلبه في رحله فلم يجده فتيمم وصلى ثم وجد الماء بعد صلاته في رحله فإنه يعيد في الوقت، قال
عج: وشمل قوله أو رحله من نسي الماء ومن جهله كما إذا وضعته زوجته في رحله ولم يعلم بذلك وليس
هذا بتكرار مع قوله وناس ذكر بعدها بالنسبة لصورة النسيان لان هذا فيمن طلب وقصر في الطلب
فلم يقف على عين الموضع الذي وضع فيه، وما سيأتي لم يحصل منه طلب أصلا وإنما تذكر بعد
الفراغ قاله شيخنا في الحاشية. قوله: (فإن وجد غيره فلا إعادة) تبع الشارح في هذا الكلام عبق
قال بن: وفيه نظر بل الذي في النص أنه يعيد مطلقا وإن وجد غيره، وأجاب بعضهم بأن المراد
بقوله: فلو وجد غيره أي وجد ماء لم يكن موجودا حين الطلب بأن طرأ بسبب وجود مطر
أو مجئ رفقة فهذا لا إعادة فيه اه‍ كلامه، أي وأما ما في النص من إعادة من وجد غيره فالمراد
به غير موجود في المحل حين الطلب. قوله: (فإن وجد غيره) أي غير الذي كان برحله بأن طرأ بسبب
مجئ رفقة أو مطر قوله: (ثلاث صور) وذلك لأن الماء الذي يجده بعد صلاته بقربه أو رحله
159

تارة لا يطلبه حين تيممه وتارة يطلبه، وإذا طلبه ولم يجده وتيمم وصلى تارة يجد ما طلبه وتارة يجد
غيره قوله: (حتى خاف خروج الوقت فتيمم إلخ) ظاهره أن من ضل رحله لا يتيمم حتى يضيق
الوقت وليس كذلك، بل ظاهر كلامهم أن من ضل رحله كعادم الماء فيفصل فيه بين الآيس وغيره اه‍
بن (قوله وكخائف لص) صورته: انسان مسافر نزل بمحل وتحقق أن في موضع كذا من ذلك المحل
ماء لكنه خاف على نفسه من لص أو سبع إذا ذهب لذلك الماء وأيس من زواله قبل خروج الوقت فتيمم
وصلى ثم تبين له عدم ما خافه وأنه لم يكن على الماء لص ولا سبع فإنه يعيد في الوقت، واستشكل كون
الخائف مما ذكر مقصرا مع أنه لا يجوز التغرير بنفسه. وأجيب بأنه لما تبين عدم ما خافه وكان خوفه
كلا خوف كان عنده تقصير في عدم تثبته. قوله: (أن يتبين عدم ما خافه) قال طفي: هذا القيد ذكره
البساطي واعتمده عج ومن تبعه، ولم يذكره الشارح بهرام ولا المؤلف في التوضيح ولا ابن عبد
السلام ولذا خالف فيه بعضهم اه‍ بن. قوله: (ومريض عدم منا ولا) قال ابن ناجي: الأقرب
أنه لا إعادة مطلقا على المريض الذي عدم منا ولا سواء كان لا يتكرر عليه الداخلون أو كانوا يتكررون
عليه لأنه إذا لم يجد من يناوله إياه إنما ترك الاستعداد للماء قبل دخول الوقت وهو مندوب إليه على
ظاهر المذهب وذلك لا يضر فلا إعادة مطلقا اه‍ بن. قوله: (وراج قدم) مثله المتردد في الوجود إذا قدم
كما في عبق تبعا لابن فرحون، لكن رده بن بأنه غير صحيح إذ المتردد في وجود الماء لا يعيد مطلقا
سواء تيمم في وقته أو قدم كما نص عليه في الشامل والتوضيح وارتضاه ح أيضا قوله: (ولذا أخره
عن القيد) أي وهو قوله قدم. قوله: (فلا يعيد مطلقا) أي سواء تيمم في الوقت أو قدم ثم وجد
الماء بعد الصلاة. وقوله على المعتمد قد علمت أن مقابله ما ذكره عبق قوله: (يعيد أبدا) وذلك لبطلان
تيممه بمجرد تذكره فيها قوله: (فيعيد في الوقت) أي الاختياري قوله: (وكمتيمم على مصاب بول) أي
فإنه يطالب بإعادة تلك الصلاة ندبا في الوقت، وظاهر أقوال أهل المذهب واطلاقاتهم أنه يطالب بالإعادة
في الوقت مطلقا أي سواء وجد طاهرا حال تيممه عليه أو لم يجد، إلا أنه لم يجد غيره يكون كعادم الماء
والصعيد لان ظهارة الصعيد واجبة والنجس معدوم الطهارة فلا يطالب حينئذ بالتيمم به، فإن تيمم به
ووجد الطاهر في الوقت أعاد، وأما قول عج: محل إعادة المتيمم على مصاب بول إذا وجد حال التيمم عليه
160

طاهرا وإلا فلا إعادة ففيه نظر كما علمت انظر طفي. قوله: (وأول بالمشكوك) يحتمل أن المراد وأول
كلامها بالمشكوك في إصابة النجاسة له أي هل خالطته نجاسة أو لا، فلو تحققت الإصابة لا إعادة أبدا
كما قال الشارح، وعلى هذا فيكون إشارة لتأويل ابن حبيب وأصبغ، وعلى هذا التقرير درج البساطي
وتت وابن مرزوق، ويحتمل أن المراد المشكوك ما لم تظهر فيه عين النجاسة مع تحقق إصابتها له، وأما
إذا ظهرت فيه عين النجاسة لأعاد أبدا، وعلى هذا فيكون إشارة لتأويل أبي الفرج، لكن يبعد
إرادة المصنف بتأويل أبي الفرج مقابلة المشكوك بالمحقق لأنها تقتضي أن المراد الشك في الإصابة
ولذا حمله الشارح كغيره على تأويل ابن حبيب وأصبغ. قوله: (وبالمحقق إلخ) هذا التأويل للقاضي
عياض قوله: (مراعاة إلخ) هذا من باب مراعاة الخلاف وليس فيه تقليد مجتهد لمجتهد آخر الذي هو
ممنوع. قوله: (وظاهره أنه لا فرق إلخ) أي خلافا لقول ابن حبيب وأصبغ إن علم بإصابة النجاسة لما
تيمم عليه حين التيمم أعاد أبدا وإن لم يعلم بذلك حين التيمم بل جهل ذلك أو شك ثم علم بعد التيمم أعاد
في الوقت قوله: (قبل التيمم) متعلق بقوله: تحقق. قوله: (وان المراد بالوقب) أي الذي تطلب فيه الإعادة
(قوله أي كره) على هذا حمل ابن رشد قول المدونة: يمنع وطئ المسافر وتقبيله لعدم ماء يكفيهما، قال
طفي: وهو المعتمد، واستشكل ما ذكره المصنف من المنع بجواز السفر في طريق يتيقن فيه عدم الماء
طلبا للمال ورعي المواشي. وأجيب بالفرق بين تجويز ترك مقدور عليه قبل حصوله والمنع منه بعده
والمقدور عليه الذي جوزوا تركه قبل حصوله هو الطهارة المائية. وحاصله أن الطهارة المائية في المسألة
المعترض بها غير حاصلة بالفعل فلذا جاز تركها، وفي مسألة المصنف حاصلة بالفعل فلذا منع تركها
(قوله من ذكر أو أنثى) فيمنع الرجل من تقبيل زوجته والمرأة من تقبيل زوجها قوله: (وكذا غيره) أي وكذا
يمنع بمعنى يكره غير التقبيل من نواقض الوضوء كإخراج الريح أو البول والغائط واللمس والمس
(قوله إلا أن يشق عليه) أي عدم ذلك الغير كأن يشق عليه عدم اخراج الريح أو البول فإن شق جاز اخراجه
ولا كراهة. قوله: (كذلك) أي يمنع ذكرا أو أنثى وكذا اخراج المني بغير جماع كمباشرة، فلا يجوز للزوج
الجماع إذا كان طاهرا أو عادما للماء، ولا يجوز للزوجة أن تمكنه من نفسها قوله (ولو عادم ماء) أي
والحال أن ذلك المغتسل عادم للماء بأن كان يصلي قبل الجماع بالتيمم. قوله: (ينشأ عنه ضرر) أي
ببدنه أو خوف العنت. وقوله: فيجوز الجماع أي ويجوز لها أن تمكنه من نفسها وينتقلان للتيمم
وقول المصنف: إلا لطول راجع لجماع مغتسل لا له ولما قبله وهو التقبيل لأنه لا يتصور ضرر بترك
التقبيل، وأيضا الجماع فيه انكسار الشهوة وتسكين ما عنده بخلاف التقبيل فإنه يحرك الشهوة ويهيجها
(قوله وإن نسي إحدى الخمس إلخ) أي وإن نسي إحدى النهاريات صلى ثلاثا كل صلاة بتيمم، وإن
نسي إحدى الليلتين صلى اثنتين كل صلاة بتيمم، وهذه المسألة مستفادة من قوله سابقا: لا فرض آخر
161

(قوله وقدم ذو ماء مات ومعه جنب حي) أي فيغسل الميت صاحب الماء ويتيمم الجنب الحي
(قوله لكان أحق به) أي من الميت فيمم الميت ويغتسل بالماء صاحبه الجنب الحي قوله: (إلا لخوف عطش)
استثناء منقطع وينبغي أن يكون مطلق الحاجة من عجن وطبخ مثل العطش كذا في كبير خش
(قوله فيقدم الجنب) أي في الغسل بذلك الماء ويمم الميت قوله: (وضمن قيمته) فيؤديها لورثة الميت حالا
إن كان مليا وتتبع بها ذمته إن كان معدما ولا يرد على هذا قول المصنف في مسألة المضطر الآتية وله الثمن
إن وجد أي فإن لم يوجد فلا يتبع بشئ لان ذلك في المضطر وهذا أخف منه، وأورد على قول المصنف
وضمن قيمته أن الماء مثلي فكان مقتضاه ضمان المثل لا القيمة. وأجيب بأنا لو ضمناه المثل لكان إما
بموضعه وهو غاية الحرج لالزامه بإيصال الماء لذلك المحل، وإما بموضع التحاكم أي عند القدوم لبلد فيها
قاض يحكم وقد لا يكون له قيمة فيه فيكون غبنا على الورثة فارتكبت حالة وسطى لا ضرر فيها على أحد
وهي لزوم القيمة بمحل أخذه. قوله: (وتسقط صلاة وقضاؤها إلخ) ظاهره أمكن إيماؤه للأرض أم لا
وإنما سقط عنه الأداء والقضاء لان وجود الماء والصعيد شرط في وجوب أدائها وقد عدم، وشرط
وجوب القضاء تعلق الأداء بالقاضي، وما ذكره المصنف قول مالك، وقال أصبغ: يقضي ولا يؤدي لان
القضاء فرع عن تعلق الأداء ولو بغير القاضي أي إن وجوب القضاء فرع عن تعلق الخطاب بالأداء
ولو بغير القاضي من الناس، وإنما كان لا يؤدي لان وجود الماء أو الصعيد شرط في وجوب الأداء وقد
عدم. وقال أشهب: يجب الأداء فقط نظرا إلى أن الشخص مطلوب بما يمكنه والأداء ممكن له. وقال ابن
القاسم: يجب الأداء والقضاء احتياطا. وقال القابسي: محل سقوطها أداء وقضاء إذا كان
لا يمكنه الايماء للتيمم كالمحبوس بمكان مبني بالآجر ومفروش به فإن أمكنه الايماء كالمربوط
ومن فوق شجرة وتحته سبع مثلا فإنه يومئ للتيمم إلى الأرض بوجهه ويديه ويؤديها ولا قضاء
عليه. قوله: (كمصلوب إلخ) أي وكراكب سفينة لا يصل إلى الماء قوله: (أو فوق شجرة) أي والحال
أنه لا يمكنه التيمم عليها وإلا تيمم عليها وصلى بالايماء فاندفع ما يقال: قد تقدم أن المعتمد
جواز التيمم على الحشيش أو الخشب عند عدم غيره وحينئذ فكيف يعد من كان فوق الشجرة
وتحته سبع عادما للصعيد، أو يقال: إن الشارح بنى كلامه هنا على ما مر للمصنف من عدم صحة التيمم
على الخشب. فصل: في مسح الجرح أو الجبيرة لما كان المسح عليها رخصة في
الطهارة المائية والترابية ناسب تأخير هذا الفصل عنهما قوله: (إن خيف) المراد بالخوف هنا
162

العلم والظن وقوله: غسل جرح أي في أعضاء الوضوء إن كان محدثا حدثا أصغر أو في جسده إن كان
محدثا حدثا أكبر، ومثل الجرح كما قال الشارح المحل المألوم من رمد أو دمل أو نحو ذلك. قوله: (اسم
للمحل) أي المجروح قوله: (وليس بمراد هنا) أي لان المصدر لا يمسح قوله: (أي كالخوف
المتقدم فيه إلخ) أي فيقال هنا إن خيف بغسل الجرح مرض أو زيادته أو تأخر برء ولا يكفي مجرد
الخوف بل لا بد من استناد إلى سبب كإخبار طبيب أو تجربة أو اخباره موافق له في المزاج قوله: (مسح)
أي ذلك الجرح مباشرة قوله: (مرة) أي وإن كان ذلك المحل المجروح يغسل ثلاثا قوله: (إن
خيف هلاك) أي بغسله قوله: (وإلا فندبا) أي وإلا بأن خاف بغسله مرضا غير شديد كان
المسح مندوبا، وأما إن خاف بغسله مجرد المشقة فلا بد من غسله ولا يجوز المسح عليه فمجرد المشقة
لا تعتبر. قوله: (وفسرها ابن فرحون إلخ) الأولى ما قاله اللقاني في تفسيرها من أنها ما يطيب به
الجرح كان ذرورا أو أعوادا أو غير ذلك قوله: (ويعمها بالمسح) أي وإذا مسح على الجبيرة
فإنه يعمها بالمسح قوله: (على الرمد) أي أو الجرح قوله: (أو أن يضعه) أي أن يضع ما ذكر
من الدواء والخرقة على الرمد أو الجرح. قوله: (ولا يرفعه) أي ما ذكر من الدواء والخرقة أي ولا
يرفعه من على الجرح أو العين بعد المسح عليه حتى يصلي قوله: (ثم عصابته) هو بكسر العين لان
القاعدة أنه إذا صيغ اسم على وزن فعالة لما يشتمل على الشئ نحو العمامة فهو بالكسر كما نقله الشهاب
الخفاجي في حواشي البيضاوي عن الزجاج قوله: (التي تربط) أي وهي التي تربط فوق الجبيرة
قوله: (وكذا إن تعذر حلها) أي وكذا يمسح على العصابة إذا كان يقدر على المسح على الجبيرة
ولكن تعذر حل العصابة المربوطة عليها قوله: (ولو تعددت العصائب) أي فإنه يمسح عليها وهذا
مبالغة في قوله: ثم عصابته قوله: (وإلا لم يجزه) أي وإلا بأن أمكنه المسح على ما تحت لم يجزه المسح
فوق ما قدر عليه عبد الحق من كثرت عصائبه وأمكن مسح أسفلها لم يجزه على ما فوقها
(قوله أي كمسحه على فصد) أي كما يجوز مسحه على فصد ثم جبيرته ثم عصابته فالفصد مثل الجرح في
أنه إذا لم يستطع غسله بأن خاف بغسله مرضا أو زيادته أو تأخر برء فإنه يمسح عليه، فإن لم يستطع
المسح عليه مسح على جبيرته فإن لم يستطع مسح على العصابة. قوله: (ومرارة) بالجر عطفا على
فصد أي كما يجوز المسح على فصد وعلى مرارة إن لم يستطع غسل ما تحتها من الظفر. قوله: (ولو من
غير مباح) أي كمرارة خنزير وسواء تعذر نزعها أو لا قوله: (على قرطاس صدغ) أي وكما يجوز
المسح على قرطاس يلصق على صدغ لصداع حيث كان لا يستطيع غسل الصدغ. قوله: (وعمامة)
أي وكما يجوز المسح على عمامة خيف بنزعها ضرر الرأس أي بأن جزم أو ظن حدوث
مرض فيها أو زيادته أو تأخر البرء. قوله: (كالقلنسوة) أي وهي الطاقية. وقوله إن
163

لم يقدر على المسح ما هي ملفوفة عليه أي فإن قدر على ذلك تعين نقضها والمسح على ما هي ملفوفة عليه
وهذا حيث لم يتضرر بنقضها وعودها وإلا مسح عليها مطلقا كما قال شيخنا. قوله: (وكمل على العمامة
وجوبا على المعتمد) حاصله أنه إذا كان يمكنه مسح بعض الرأس فقط فقيل يمسح عليه فقط ويقتصر
عليه ولا يستحب له التكميل على العمامة، وقيل باستحباب التكميل عليها والقولان ضعيفان، والمعتمد
ما قاله الشارح من وجوب التكميل عليها، فمقابل المعتمد قولان كما علمت. قوله: (وبعضهم) أي
كالعلامة الخرشي قوله: (على أنه معطوف على جبيرة) أي وفيه نظر لأنه يفيد أن المرارة ليست
من الجبيرة مع أنها منها. قوله: (وما تقدم من المسح) أي من ترخيص المسح قوله: (بل وإن بغسل) سواء
كان من حلال أو من حرام لان معصية الزنى قد انقطعت فوقع الغسل المرخص فيه المسح وهو غير
متلبس بالمعصية ولا داخل فيها فلا تقاس على مسألة العاصي بسفره فلا يقصر ولا يفطر. قوله: (نزلة) هو
بفتح النون كما قال شيخنا والمراد من برأسه ذلك والحال أنه جنب قوله: (أو بلا طهر) أي بل وإن وضعها
من غير طهر. قوله: (وإن انتشرت) أي هذا إذا كانت العصابة قدر المحل المألوم بل وإن انتشرت
العصابة وجاوزت محل الألم. وقوله للضرورة أي لان انتشارها من ضروريات الشد ومن لوازمه
(قوله ثم ذكر شرط المسح) أي على المألوم وغسل ما سواه قوله: (إن صح جل جسده). حاصل ما ذكره
المصنف خمس صور: اثنتان يغسل فيهما الصحيح ويمسح على الجريح وثلاث يتيمم فيها، فلو غسل
الصحيح والمألوم في الجميع أجزأ وهو قوله: وإن غسل أجزأ، وأما لو غسل الصحيح ومسح على الجريح
في الصور الثلاث الأخيرة التي يتيمم فيها فإنه لا يجزيه ذلك الفعل ولا بد من التيمم أو غسل الجميع كما في
عبق وهو الظاهر من قول المصنف ففرضه التيمم، لكن نقل ح عن ابن ناجي الاجزاء قائلا نص عليه
المازري وصاحب الذخيرة قوله: (والمراد به) أي بجسده قوله: (والمراد) أي بأعضاء الوضوء. وقوله: أعضاء
الفرض أي الأعضاء التي غسلها فرض قوله: (بدليل المقابلة) أي مقابلته الجل بالأقل قوله: (والحال أنه
لم يضر غسله) أي والحال أن غسل الصحيح في الصورتين لا يضر الجريح قوله: (وإلا ففرضه إلخ) أي
وإلا بأن ضر غسل الصحيح للجريح والموضوع أنه صح جل جسده أو أقله فإذا كانت الجراحات
في يديه وكان غسل الصحيح يضر بيديه لتناول الماء بهما تيمم حينئذ. تنبيه: محل كون فرضه
التيمم عند الضرر إذا كان غسل كل جزء من أجزاء الصحيح يضر بالجريح، وأما إذا كان بعض الصحيح
164

إذا غسل لا يضر بالجريح، وبعضه إذا غسل فإنه يمسح ما يضر ويغسل ما لا يضر ولا يتيمم كما قال
شيخنا، فإذا كان المرض بعينيه وكان غسل باقي وجهه يضر بعينيه وغسل يديه ورجليه لا يضر بهما فإنه
يمسح بقية وجهه ويكمل وضوءه ولا يتيمم. قوله: (أي الفرض له) أي وليس المراد فالفرض عليه
بدليل قوله: وإن غسل أجزأ قوله: (كمن عمته الجراح) أي كمن عمت الجراح جميع جسده وتعذر
الغسل فإنه يتيمم قوله: (كأن قل جدا) أي كما أنه يتيمم إذا قل الصحيح جدا كيد أو رجل ولو لم يضر
غسل ذلك الصحيح بالجريح قوله: (إذ التافه لا حكم له) أي فكأن الجراحات عمت جميع الجسد
(قوله وإن غسل أجزأ) أي وإن تكلف من فرضه الجمع بين المسح والغسل في الأولين أو فرضه
التيمم فيما عداهما وغسل الجميع المألوم وغيره أجزأ لاتيانه بالأصل كصلاة من أبيح له الجلوس قائما
(قوله وغسل الجرح) أي مع الصحيح الذي لا يضر غسله الجرح قوله: (وإن تعذر مسها) هذا
مفهوم قول المصنف فيما سبق إن خيف غسل جرح كالتيمم مسح لان معناه إن خيف غسل جرح وقدر
على مسه بدليل قوله مسح. والحاصل أن الجرح إما أن يقدر على مسه أو لا، فالأول تقدم الكلام عليه
والثاني وهو ما إذا تعذر مسه إما أن يكون في أعضاء التيمم أو لا يكون فيها، وقد أشار له المصنف بقوله
وإن تعذر مسها إلخ. قوله: (وإن تعذر مسها) أي بكل من الماء والتراب والحال أنه لا جبيرة عليها
لتألمه بها، أو كانت لا تثبت لكون الجرح تحت المارن أو لا يمكن وضعها لكون الجرح بأشفار العين
ومفهوم قوله تعذر مسها بكل من الماء والتراب أنه لو تعذر مسها بالماء خاصة وأمكن مسها بالتراب
والفرض أنها بأعضاء تيممه فإنه يتيمم عليها ولو من فوق حائل لأن الطهارة الترابية الكاملة خير
من المائية الناقصة كذا في عبق وخش. قوله: (الوجه واليدين) أي للمرفقين كما قال ح والجيزي لان
هذا هو المطلوب مسحه في التيمم، ولأنه إذا ترك من الكوعين إلى المرفقين أعاد في الوقت، والذي
اختاره عج وعبق أن المراد بأعضاء التيمم الوجه واليدان للكوعين، فلو كان الجرح في ذراعه وتعذر
مسها فإنه يتركها ويتيمم على ما قاله ح. وتجري فيه الأقوال الأربعة الآتية في المتن على ما قاله عج
واختاره شيخنا ما قاله ح. قوله: (تركها) أي لأنها كعضو سقط قوله: (وتوضأ وضوءا ناقصا) أي
بشرطين: الأول أن يكون الوضوء ممكنا أما إذا لم يمكن لفقد الماء أو لعدم القدرة على استعماله فهل تسقط
عنه الصلاة أو يأتي بتيمم ناقص ولا تسقط عنه الصلاة وهو ما استظهره ابن فرحون. الثاني: أن يكون
غسل الصحيح لا يضر بالجريح فإن أضر به فانظر هل تسقط عنه الصلاة كعادم الماء والصعيد أو
يأتي بتيمم ناقص ولا تسقط عنه الصلاة واستظهره شيخنا، فإن كانت أعضاء التيمم كلها مألومة ولا
يقدر على مسها لا بماء ولا بتراب والفرض إن غسل الصحيح يضر بالجريح سقطت الصلاة عنه
165

كعادم الماء والصعيد. قوله: (وإلا بأن كانت الجراح) أي التي تعذر مسها. قوله: (أو لها يتيمم) أي
وهو قول عبد الحق. وقوله: ليأتي بطهارة ترابية كاملة أي بخلاف ما لو توضأ كانت طهارته ناقصة
لتركه الجريح لان الفرض أنه تعذر مسه بالماء ولا جبيرة عليه لتألمه بها أو لعدم ثباتها. قوله: (ثانيها يغسل
إلخ) أي وهو لابن عبد الحكم وصاحب النوادر قوله: (إنما يكون عند عدم الماء أو عدم القدرة على
استعماله) أي الماء هنا موجود وقادر على استعماله بالنسبة لغير الجريح قوله: (ثالثها) أي وهو لابن بشير
قوله: (لان الأقل تابع للأكثر) أي فكأن الجسد كله قد عمته الجراح قوله: (ورابعها) هو لبعض
شيوخ عبد الحق. وقوله: يجمعهما أي التيمم وغسل الصحيح سواء قلت الجراحات أو كثرت
قوله: (ويتيمم للجريح) أي لأجله فلو كان يخشى من الوضوء مرضا ونحوه فإنه يكتفي بالتيمم كما قال ابن
فرحون، وكذا يقال على القول الثاني قوله: (ويقدم المائية) أي ويقدم الطهارة المائية الناقصة
على الطهارة الترابية، والظاهر أنه على هذا القول يفعلهما لكل صلاة ولو لم يحصل منه ناقض لا للصلاة
الأولى فقط كذا قال عج لان التيمم لا بد من فعله لكل صلاة وهو هنا جزء من الطهارة،
وبمجرد فراغه من الصلاة بطلت الطهارة لبطلان جزئها فيجب تجديد الهيئة الاجتماعية بتمامها، والذي
في البناني أن الظاهر أنه إنما يفعلهما للصلاة الأولى وأما غيرها فلا يعيد إلا التيمم إذ لا وجه لإعادة
الوضوء حيث لم يحصل ناقض. قوله: (وإن نزعها) أي الأمور الحائلة من جبيرة وعصابة ومرارة
وقرطاس وعمامة بعد المسح عليها وإن في قوله وإن نزعها شرطية وجوابها محذوف تقديره ردها
ومسح، وأما قوله قطع وردها ومسح فهو جواب إن في قوله وإن كان السقوط بصلاة، ويحتمل أن قوله
قطع جواب للمبالغ عليه وقوله وردها ومسح جواب ما قبل المبالغة وما بعدها وهذا الاحتمال أولى
لان الأصل عدم الحذف قوله: (لدواء) لا مفهوم له بل لو نزعها عمدا أو نسيانا فالحكم واحد وهو أن
يردها ويمسح عليها ولذا قال الشارح لدواء مثلا قوله: (إن لم يكن) أي السقوط بصلاة قوله: (ومسح)
أي ما كان مسح عليه أولا من الجبيرة أو العصابة أو المرارة أو القرطاس أو العمامة. قوله: (إن لم يطل
الزمن) أي زمن تأخير المسح سواء كان التأخير عمدا أو نسيانا قوله: (نسيانا) أي لا عمدا فتبطل
الطهارة. والحاصل أنه إن أخر المسح جرى على حكم الموالاة في الوضوء من كونه يبني بنية إن أخر
ناسيا مطلقا أي طال الزمن أو قصر، وإن أخر عامدا بنى عند القرب من غير نية وإن طال ابتدأ
طهارته من أولها. قوله: (كرأس في جنابة) أي ورجل في وضوء فإذا كان على واحدة منهما جبيرة
ومسح على رجله في الوضوء أو على رأسه في الغسل ثم صح فإنه يغسل الرأس أو الرجل. قوله: (كصماخ
أذن) أي في وضوء أو غسل فإذا كان الصماخ مألوما عليه جبيرة مسح عليها في الغسل أو الوضوء ثم
صح فإنه يمسح الصماخ بعد ذلك أي وكمسح رأس في غسل كما لو اغتسل ومسح على العرقية ثم قدر على
166

مسح الرأس دون غسلها فإنه يمسح رأسه، ولو قال المصنف: وإن صح فعل الأصل كان أخصر وأشمل
لشموله الاذنين والرأس في الغسل وإن صح وهو في صلاة قطع وغسل أو مسح قوله: (وبنى بنية إلخ)
أي ومسح متوض رأسه فورا فإن تراخى بنى بنية إلخ. قوله: (وأما إن لم يكن إلخ) أي وأما إن برئ
الجرح وما في معناه والحال أنه لم يكن على طهارته قوله: (والمحل) أي المألوم الذي كان يمسح عليه
قوله: (وجميع الأعضاء) أي أعضاء الوضوء قوله: (واندرج المحل) أي الذي كان مألوما في ذلك. تنبيه
فهم من قوله: وإن نزعها لدواء إلخ أن الجبيرة لو دارت بأن زالت عن محل الجرح مع بقاء العصابة عليه
ليس حكمها كذلك والحكم أنه باق على طهارته ولا يطلب بالمسح عليها ويطلب بردها لأجل الدواء
لا لأجل أن يمسح عليها، فإن زالت العصابة عن محل الجرح بطل المسح عليها ولو ردها سريعا هذا هو
الصواب، وأما قول عبق بطل المسح عليها إن لم يردها سريعا فإن ردها سريعا فلا يعيد المسح فغير صواب
كما قال بن وشيخنا في حاشيتهما.
فصل في بيان الحيض قوله: (دم كصفرة أو كدرة) قال ابن مرزوق: يحتمل أن يكون تمثيلا للدم
بما هو من أفراده الداخلة تحته وحينئذ فيكون من التمثيل بالأخفى نبه به على أن ما فوق الصفرة
والكدرة من الدم الأحمر ألقاني أحرى بالدخول في التعريف، ويحتمل أن يكون مسمى الدم عنده إنما
هو الأحمر الخالص الحمرة وغيره من الأصفر والأكدر لا يسمى دما فيكون من تشبيه حقيقة بأخرى
على عادته، والاحتمال الأول هو ظاهر التهذيب والجلاب والثاني ظاهر التلقين والباجي والمقدمات
وما ذكره من أن الصفرة والكدرة حيض هو المشهور، ومذهب المدونة سواء رأتهما في زمن الحيض
أو لا بأن رأتهما بعد علامة الطهر، وقيل إن كانا في أيام الحيض فحيض وإلا فلا، وهذا لابن الماجشون
وجعله المازري والباجي هو المذهب، وقيل إنهما ليسا بحيض مطلقا حكاه في التوضيح، وعلى الاحتمال
الثاني يقال إنهما لضعفهما بالخلاف فيهما عن الدم المتفق على كونه حيضا شبهما به ولم
يعطفهما عليه بحيث يقول: دم أو صفرة أو كدرة لان ظاهر العطف المساواة بخلاف المشبه فإنه لا يقوى
قوة المشبه به فاندفع قول الشارح وكان الأولى إلخ. قوله: (تعلوه صفرة) أي في كونه تعلوه صفرة فهو بيان
لوجه الشبه قوله: (شئ كدر) أي ليس بأبيض خالص ولا أسود خالص بل متوسط بينهما
(قوله ليس على ألوان الدماء) المراد بالألوان الأنواع، والمراد بالدماء الدم الأحمر أي ليس مماثلا لنوع من
أنواع الدم الأحمر الخالص الحمرة، فالدم الأحمر له نوعان: قوي الحمرة وضعيفها، وكان الأولى إبدال
الدماء بالدم لان الأنواع إنما هي للمفرد إلا أن يقال: إن الإضافة بيانية. قوله: (ولا غير ذلك) أي كالعلة
والفساد مثل دم الاستحاضة فإن خروجه بسبب علة وفساد في البدن. قوله: (ومن هنا) أي من أجل
اشتراط الخروج بنفسه في الحيض. قوله: (إن ما خرج بعلاج) أي كشربة قوله: (لا تبرأ به من العدة)
أي لا يحصل به براءتها وخروجها منها. وقوله: ولا تحل أي ولا تحل بسببه للأزواج وهذا عطف لازم
على ملزوم وإنما قال المنوفي الظاهر أنها لا تحل به المعتدة ولم يجزم بعدم حلها لاحتمال أن استعجاله
لا يخرجه عن الحيض كإسهال البطن فإنه لا يخرج الخارج عن كونه حدثا. قوله: (قال المصنف) أي
167

في توضيحه قوله: (على بحثه) أي استظهاره قوله: (وإنما قال على بحثه إلخ) هذا الكلام لعج قصد به
بيان وجه تقييد المصنف بقوله على بحثه ولم يطلق. قوله: (وقد يقال إلخ) هذا اعتراض من بعض
الأشياخ على عج حيث قال: الظاهر في نفسه أي بقطع النظر عن بحث المنوفي تركهما وقضاؤهما. وحاصله
أنا لا نسلم أن هذا هو الظاهر لان هذا شك في المانع وهو لغو وحينئذ فالظاهر فعلهما لاحتمال كونه غير
حيض فلا يفوت الأداء في الوقت وقضاء الصوم احتياطا لاحتمال أنه حيض. قوله: (وإنما
توقف) أي المنوفي في تركها الصلاة والصوم. قوله: (فإنما هو فيمن عادتها) أي في الحيض ثمانية أيام
إلخ. وحاصله أن كلام ابن كنانة في استعمال الدواء لأجل تعجيل الطهر من الحيض. قوله: (فما وقع
للأجهوري) أي من اعتراضه على المنوفي بأن توقفه قصور منه واستدلاله بما في السماع، وبكلام ابن
كنانة من أن وجود الدم بدواء يحكم له بحكم الحيض سهو منه، قال بن: ونص السماع كما في ح: سئل عن
امرأة تريد العمرة وتخاف تعجيل الحيض تشرب شرابا لتأخير الحيض قال: ليس ذلك بصواب
وكرهه قال ابن رشد: إنما كرهه مخافة أن تدخل على نفسها ضررا بذلك في جسمها اه‍. وفي البيان أيضا
قال ابن كنانة: يكره ما بلغني أنهن يصنعن ما يتعجلن به الطهر من الحيض من شراب أو تعالج، ابن رشد
كرهه مخافة أن يضر بها، قال ح: فعلم من كلام ابن رشد أنه ليس في ذلك إلا الكراهة خوفا من ضرر
جسمها، ولو كان ذلك لا يحصل به الطهر لبينه ابن رشد خلافا لابن فرحون اه‍. فأنت ترى السماع
المذكور وكلام ابن كنانة يدلان على تأخير الدم عن وقته بدواء أو رفعه بعد حصوله بدواء، وفي كل منهما
تكون المرأة طاهرا خلافا لابن فرحون وليس فيهما تعرض لمسألة وجوده بدواء كما زعمه عج
ولذا لم يذكر فيهما ح إلا كلام المؤلف وكلام شيخه اه‍ كلام بن. والحاصل أن المرأة إما أن تستعمل
الدواء لرفع الحيض عن وقته المعتاد، ففي هذه يحكم لها بالطهر في الوقت المعتاد الذي كان يأتيها فيه وتأخر
عنه وهذه مسألة السماع، وأما أن تستعمل الدواء لأجل تعجيل الطهر من الحيض كما لو كان عادتها أن
يأتيها الدم ثمانية أيام فاستعملته بعد إتيانه ثلاثة أيام فانقطع ففي هذه يحكم لها بالطهر بعد انقطاعه وهذه
مسألة ابن كنانة، وإما أن تستعمل الدواء لأجل تعجيل نزول الحيض قبل وقته وهذه مسألة المنوفي
التي استظهر فيها أن النازل غير حيض وأنها طاهر قوله: (أو ثقبة) ظاهره ولو كانت تحت المعدة وانسد
المخرجان وهو كذلك. قوله: (وسئل النساء في بنت الخمسين) أي كما أنهن يسألن في المراهقة التي
راهقت البلوغ وقاربته وهي بنت تسع إلى ثلاثة عشر فإن جزمن أو شككن فهو حيض وإلا فلا، وأما
من زاد سنها على ذلك إلى الخمسين فيقطع بأنه حيض. قوله: (الدفقة) هو بالفاء والقاف الشئ الذي ينزل
في زمن يسير قوله: (وكلاهما صحيح) أي وإن كان المعنى مختلفا لان الدفعة بالفتح أعم من الدفعة بالضم
الدفعة بالضم معناها الشئ النازل في زمن يسير، وأما بالفتح فمعناها النازل مرة واحدة نزل في زمن يسير
أو كثير، فإذا نزل الدم واسترسل في زمان متطاول قيل له دفعة بالفتح لا بالضم قوله: (والأول) أي وهو
المضموم أولى لعلم الثاني منه بطريق الأولى. إن قلت: بل الأول متعين لان المرة صادقة بانقطاعه
168

وباستمراره كثيرا وهذا لا تصح إرادته لأنه إنما يبالغ على المتوهم، قلت: الاغياء بأن قرينة تدل على انقطاع
المرة لا استمرارها الذي لا تصح إرادته قوله: (ولا حد لأكثره) أي باعتبار الخارج فلا يحد برطل أو
أكثر. قوله: (وهذا) أي عدم تحديده باعتبار الخارج قوله: (حسبت ذلك يوم دم) أي حتى تكمل
خمسة عشر يوما وما جاء بعد ذلك فهو دم علة وفساد. قوله: (فإنه نصف شهر لمبتدأه وغيرها) أي وحينئذ
فإذا عاودها الدم قبل نصف شهر والحال أنها بلغت أكثر حيضها من مبتدأه ومعتادة فإنها تلغي ذلك
الدم ولا تترك العبادة لأجله. قوله: (لأنها تتقرر بالمرة) أي لان العادة تتقرر بالحصول مرة (قوله
ثلاثة استظهارا) أي ولو علمت عقب حيضها أنه دم استحاضة بأن ميزت بخلاف المستحاضة كما يأتي
(قوله فإذا اعتادت خمسة) أي بأن أتاها الدم خمسة أيام أو لا قوله: (مكثت أحد عشر) أي لاستظهارها
على أكثر عادتها زمنا وهي الثمانية بثلاثة أيام ولا تستظهر على الخمسة التي هي عادتها الأولى ولو كانت أكثر
وقوعا. قوله: (مكثت أربعة عشر) أي لاستظهارها على عادتها الثالثة وهي الأحد عشر بثلاثة أيام لأنها
أكثر عادتها زمنا وهي الخمسة والثمانية والأحد عشر. قوله: (ما لم تجاوزه) أي ما لم تجاوز بالأيام الثلاثة
نصف شهر أي تزيد عليه قوله: (فيومان) أي تستظهر بهما قوله: (ومن اعتادته) أي نصف شهر
(قوله ثم هي بعد الاستظهار) أي إن استظهرت على أكثر عادتها. وقوله: أو بلوغ نصف الشهر أي
إذا لم تستظهر بأن كانت معتادة لنصف شهر قوله: (طاهر حقيقة) هذا مذهب المدونة وقيل طاهر
حكما، وعليه فيمنع وطؤها وطلاقها ويجبر مطلقا على رجعتها وتصوم وتصلي وتغتسل بعد الخمسة
عشر يوما وتقضي الصوم وجوبا ولا تقضي الصلاة لا وجوبا ولا ندبا لأنها إن كانت طاهرة فقد
صلتها وإن كانت حائضا لم تخاطب بها. قوله: (فلنية) أي لا قطعية وإلا لما تأتي الحيض من الحامل
(قوله وأكثره لحامل) أي سواء كانت مبتدأة أو معتادة. قوله: (بعد دخول ثلاثة أشهر) أي
وليس المراد بعد مضي ثلاثة أشهر بدليل قوله: وهل ما قبل الثلاثة إلخ. قوله: (النصف)
أي النصف شهر قوله: (ونحوه خمسة أيام) أي فالجملة عشرون. وحاصله أن الحامل إذا
حاضت في الشهر الثالث من حملها أو في الرابع أو في الخامس منه واستمر الدم نازلا عليها
كان أكثر الحيض في حقها عشرين يوما وما زاد على ذلك فهو دم علة وفساد. قوله: (وفي ستة إلخ)
حاصله أن الحامل إذا حاضت في الشهر السابع من حملها أو الثمن أو التاسع منه واستمر الدم نازلا
عليها كان أكثر الحيض في حقها ثلاثين يوما، وأما إذا حاضت في الشهر السادس فظاهر المدونة أن
حكمها حكم ما إذا حاضت في الشهر الثالث وخالف في ذلك جميع شيوخ إفريقية ورأوا أن حكم
169

الستة أشهر حكم ما بعدها لا حكم ما قبلها وهذا هو المعتمد، وكلام المصنف قابل للحمل على كلام الشيوخ
بأن يقال وفي دخول ستة كما قال شارحنا وقابل للحمل على كلام المدونة بأن يقال: وفي مضي ستة كما قال
عبق، وقد علمت أن المعتمد خلاف ظاهرها. قوله: (تمكث عادتها والاستظهار على التحقيق) أي وهو الذي
اختاره ابن يونس كما في التوضيح و ح ونص ابن يونس الذي ينبغي على قول مالك الذي رجع إليه
أن تجلس في الشهر والشهرين قدر أيامها والاستظهار لان الحمل لا يظهر في شهر ولا في شهرين فهي
محمولة على أنها حائل حتى يظهر الحمل ولا يظهر إلا في ثلاثة أشهر اه‍. وخلاف التحقيق قول عبق تبعا لعج أو
كالمعتادة تمكث عادتها لكن بغير استظهار ولا دليل لعج في قول المدونة ما علمت مالكا قال في الحامل
تستظهر بثلاثة لا قديما ولا حديثا لان كلامها في ظاهرة الحمل وهذه ليست كذلك لقول ابن يونس
إنها محمولة على أنها حائل انظر بن. قوله: (قولان) الأول منهما قول مالك المرجوع عنه واختاره الا بياني
وهو مبني على أنه يلزمها ما يلزم الحامل بعلمها بالحمل بقرينة كالوحم المعلوم عند النساء لظهور الحمل
والثاني قول مالك المرجوع إليه واختاره ابن يونس وهو مبني على أنه يلزمها ما يلزم الحامل إذا ظهر
الحمل وهو إنما يظهر في الثالث وما بعده، وبعض الشيوخ رجح القول الأول، وفي كلام ابن عرفة ما
يشعر بترجيح الثاني فكل منهما قد رجح ولكن الثاني أرجح. قوله: (وان تقطع طهر) أي لمبتدأه أو
لمعتادة أو لحامل قوله: (وتساويا) أي تساوت أيام الطهر وأيام الحيض بأن أتاها الدم يوما وانقطع يوما
وهكذا قوله: (أو زادت أيام الدم) أي بأن أتاها الدم يومين وانقطع يوما و هكذا قوله: (أو نقصت)
أي أيام الدم عن أيام الطهر بأن أتاها الدم يوما وانقطع يومين وهكذا قوله: (لا أيام الطهر) أي فلا
تلفقها بل تلغيها وحينئذ فلا تلفق الطهر من تلك الأيام التي في أثناء الحيض بل لا بد من خمسة عشر
يوما بعد فراغ أيام الدم، وما ذكر من كونها تلفق أيام الدم وتلغي أيام الطهر فهو أمر متفق عليه
إن نقصت أيام الطهر عن أيام الدم وعلى المشهور إن زادت أو تساوت خلافا لمن قال: إن أيام الطهر إذا
تساوت أيام الحيض أو زادت فلا تلغى ولو كانت دون خمسة عشر يوما بل هي في أيام الطهر طاهر تحقيقا
وفي أيام الحيض حائض تحقيقا بحيض مؤتنف وهكذا مدة عمرها ولا تلفيق ولا شئ، وفائدة الخلاف
تظهر في الدم النازل بعد تلفيق عادتها أو خمسة عشر يوما، فعلى المعتمد تكون طاهرا والدم النازل دم
علة وفساد وعلى مقابله يكون حيضا. قوله: (ثم هي بعد ذلك) أي بعد تلفيقها أيام الدم على تفصيلها
(قوله وتغتسل كلما انقطع عنها في أيام التلفيق) أي لأنها لا تدري هل يعاودها دم أم لا؟ قوله: (إلا أن
تظن أنه يعاودها قبل انقضاء وقت الصلاة التي هي فيه) سواء كان ضروريا أو اختياريا فلا تؤمر
بالغسل قد تبع الشارح في هذا الكلام عبق، قال بن: وفيه نظر فقد صرح الجزولي
والشيخ يوسف بن عمر والزهري في شرح الرسالة بأنه يحرم تأخير الصلاة لرجاء الحيض
واختلفوا هل تسقط عنها إذا أخرتها وأتاها الحيض في الوقت وهو الذي للجزولي وابن عمر أو يلزمها
القضاء وعليه الزهري؟ وذهب اللخمي إلى أن التأخير لرجاء الحيض مكروه فقط، نقل ذلك ح
عنه عند قوله في الصوم ويفطر بسفر قصر إلخ، ونقله أيضا المواق و ح في موضع آخر لكن
170

الكراهة عند اللخمي ما لم يؤد التأخير لخروج الوقت المختار وإلا حرام وحينئذ فيتعين إبقاء المصنف
على إطلاقه إما على حرمة التأخير فظاهر، وإما على الكراهة فيكون قوله: وتغتسل كلما انقطع عنها
أي ندبا عند رجاء الحيض ووجوبا في غير ذلك، وإذا علمت أنها مأمورة بالغسل والصلاة كلما انقطع،
ولو علمت أن الحيض يأتيها في الوقت ظهر لك أن قول عبق بعد قوله فلا تؤمر بالغسل فإن اغتسلت
في هذه الحالة ولم يأتها الدم فهل تعتد بغسلها إذا كانت بنية جازمة وبالصلاة أو لا تعتد بهما فيه تردد كلام
غير صحيح اه‍ كلام بن. قوله: (وتوطأ) أي على المعروف من المذهب خلافا لصاحب الارشاد
حيث قال: لا يجوز وطؤها قوله: (والدم المميز) إنما قدر الموصوف والدم للاحتراز عن المميز من
الصفرة والكدرة فإنها لا تخرج بهما عن كونها مستحاضة إذ لا أثر لهما كما قاله الشيخ أحمد الزرقاني
كذا في حاشية شيخنا. قوله: (لتبعيتهما للمزاج) أي للأكل والشرب والحرارة والبرودة قوله: (حيض)
أي اتفاقا في العبادة وعلى الشهور في العدة خلافا لأشهب وابن الماجشون القائلين بعدم اعتباره في
العدة. قوله: (فإن لم تميز فهي مستحاضة) أي باقية على أنها طاهر ولو مكثت طول عمرها وتعتد عدة
المرتابة بسنة بيضاء قوله: (وكذا لو ميزت قبل تمام الطهر فهي مستحاضة) أي ولا عبرة بذلك التمييز
ولا فائدة له كما نقله أبو الحسن عن التونسي قوله: (ولا تستظهر على الأصح) أي إذا ثبت أن الدم المميز
بعد طهر ثم حيض واستمر ذلك الدم المميز نازلا عليها فإنها تمكث أكثر عادتها فقط وترجع
مستحاضة كما كانت قبل التمييز ولا تحتاج لاستظهار لأنه لا فائدة فيه لان الاستظهار في غيرها رجاء
أن ينقطع الدم، وهذه قد غلب على الظن استمراره، وهذا قول مالك وابن القاسم خلافا لابن الماجشون
حيث قال باستظهارها على أكثر عادتها. قوله: (ما لم يستمر إلخ) أي إن عدم الاستظهار عند مالك
وابن القاسم مقيد بما إذا تغير الدم الذي ميزته بعد أيام عادتها ولم يستمر على حالته، وأما لو استمر على
حالته فإنها تستظهر على أكثر عادتها على المعتمد خلافا لمن قال إن عدم الاستظهار عند مالك وابن
القاسم مطلق غير مقيد بما ذكر قوله: (وما معه) أي من الكدرة والصفرة قوله: (أو قصة) لا إشكال
في نجاستها كما قال عياض وغيره والفرج ورطوبته عندنا نجس، ولقول صاحب التلقين والقرافي
وغيرهما: كل ما يخرج من السبيلين فهو نجس نقله ح عند الكلام على الهادي ولا سيما وهي من أنواع
الحيض فقد قال ابن حبيب: أوله دم وآخره قصة اه‍ بن قوله: (بل أبلغ) أي بل هي أبلغ حتى لمعتادة
الجفوف كما عند ابن القاسم فهي عنده أبلغ مطلقا. قوله: (خلافا لظاهره) أي من تقييده الأبلغية
بمعتادة القصة وحدها أو مع الجفوف، وأجاب أبو علي المسناوي بأن المراد بأبلغيتها كونها
تنتظر لا أنها تكتفي بها إذا سبقت فإن هذا يكون في المتساويين أيضا، والجفوف إذا اعتيد
وحده صار مساويا للقصة للاكتفاء بالسابق منهما، وحينئذ صح تقييد الأبلغية بمعتادتها فتأمله
وحاصل الفقه أن معتادة الجفوف إذا رأت القصة أولا لا تنتظره وإذا رأته أولا لا تنتظر
القصة، وأما معتادة القصة فقط أو مع الجفوف إذا رأت الجفوف أولا ندب لها انتظار القصة
لآخر المختار وإن رأت القصة أولا فلا تنتظر شيئا بعد ذلك. قوله: (لا تطهر إلا بالجفوف) أي
وحينئذ تنتظره ولو خرج الوقت ولا تطهر بالقصة. قوله: (لمخالفته لقاعدته) أي وهي أبلغية القصة
171

مطلقا لأنها أدل على براءة الرحم. قوله: (وإن كان لا يخلو عن إشكال) أي لافادته المساواة بين القصة
والجفوف مع أنها عنده أبلغ مطلقا كما مر، وقد يقال: إن قوله إذا رأت الجفوف طهرت في نقل المازري
لا يفيد مساواة الجفوف للقصة وذلك لان قوله للسائل لما سأله عن المبتدأة إذا رأت الجفوف طهرت
لا ينافي أن القصة أبلغ، إذ معلوم أن الأبلغية أمر آخر زائد على كونه علامة على الطهر ولم يسأل عن
القصة للعلم بأبلغيتها، وعلى هذا فلا إشكال ولا مخالفة في كلام ابن القاسم، كذا قرر الشارح وتأمله
(قوله نظر طهرها) أي نظر علامة طهرها قوله: (لتعلم حكم صلاة الليل) فإذا رأت الدم قد انقطع
قبل النوم كانت صلاة الليل واجبة عليها وكذلك صوم صبيحته، ولا يقال: يحتمل عود الدم ليلا لان
الأصل استمرار انقطاعه وإذا رأت الدم باقيا كانت صلاة الليل والصوم غير واجبين عليها لان
الأصل بقاء ما كان. قوله: (ولو شكت) أي من رأت علامة الطهر بعد الفجر. وقوله: سقطت الصلاة
هذا ما في النقل. وقوله: يعني إلخ تفسير له قوله: (يعني صلاة العشاءين) أي وأما صلاة الصبح فواجبة عليها
لطهرها في وقتها كما يجب عليها في الصوم إمساك ذلك اليوم وقضاؤه كما يأتي للمصنف في الصوم في قوله
ومع القضاء إن شكت (قوله لا ما في الشراح) يعني عبق وخش تبعا لعج قوله: (من أنها) أي الصلاة
الساقطة عنها قوله: (واجبة قطعا) أي لطهرها في وقتها ويمكن تصحيح ما في الشراح بحمله على
ما إذا استيقظت بعد الشمس وشكت هل طهرت قبل الفجر أو بعده أو بعد الشمس فتسقط عنها
الصبح حينئذ كما تسقط العشاءان انظر بن. قوله: (صحة صلاة وصوم) أي كان كل منهما نقلا أو فرضا
كان الفرض أداء أو قضاء. قوله: (وقضاء الصوم بأمر جديد) أي لا بأمر سابق فاندفع ما يقال إن
وجوب القضاء فرع عن وجوب الأداء فلا يجب القضاء إلا على من تعلق به وجوب الأداء والحيض
مسقط لوجوب الصوم فلم يتعلق وجوب الأداء بالحائض فكيف يجب عليها قضاء الصوم؟ وإنما وجب
قضاء الصوم بأمر جديد من الشارع دون الصلاة لخفة مشقته بعدم تكرره. قوله: (بأمر جديد) أي
بأمر متجدد تعلقه بعد الطهر إذ الحيض منع تعلق الخطاب الأول المكلف به حالة وجوده (قوله
وطلاقا) عطف على صحة كما أشار له الشارح أي ومنع الحيض طلاقا أي حرمه فيكون المصنف
استعمل المنع في الصحة بمعنى الرفع وفي الطلاق بمعنى التحريم فاستعمل اللفظ في حقيقته ومجازه
قوله: (بمعنى أنه يحرم إيقاعه زمنه) أي لما في ذلك من تطويل العدة عليها قوله: (إن دخل) أي
وأما غير المدخول بها فلا حرمة في طلاقها في الحيض لأنه لا عدة عليها قوله: (وكانت غير حامل) أي
وأما الحامل فلا حرمة في طلاقها زمنه لأنه وإن كان يلزمها العدة لكن لا تطويل عليها فيها لان عدتها
بوضع حملها كله سواء طلقت في الحيض أو في غيره. قوله: (ووقع) أي الطلاق في زمن الحيض (قوله
ولو أوقعه على من تقطع طهرها يوم طهرها) هذا مبالغة في قوله: ومنع طلاقا وإنما منع الطلاق في يوم
طهرها لأنه يوم حيض حكما لأنه إنما يحكم عليها بأنها مستحاضة طاهرة بعد أيام التلفيق، وحينئذ فحرمة
الطلاق في زمن الحيض ولو كان ذلك الزمان زمانا له حكما، وبالجملة ما ذكره الشارح تبعا لعبق من حرمة
الطلاق إذا أوقعه على من تقطع طهرها يوم طهرها له وجه، فاعتراض بن بأنه لا سبيل للحرمة فيه نظر، وما
ذكره الشارح من الجبر على الرجعة فهو أحد قولين: فقد نقل بن عن ابن يونس عدم الجبر عليها، ونقل
172

عن أبي بكر بن عبد الرحمن وحذاق أصحابه الجبر عليها لتطويل العدة اه‍. لكن المصنف مر فيما يأتي على
الجبر حيث قال: وأجبر على الرجعة ولو لمعتادة الدم، وهذا يقتضي أنه كالمطلق في الحيض وحينئذ فيحكم
بالحرمة فتأمل. قوله: (وبدء عدة) قال بعضهم: لا فائدة للتنصيص على هذا أصلا لأنه لا يمكن
فرضه إلا في المطلقة في الحيض وهي تعتد بالأقراء وهي الأطهار والحيض ليس منها فلا يتوهم بدؤها
منه حتى ينص على نفيها. قوله: (فيمن تعتد بالأقراء) أي وأما المتوفى عنها زوجها وهي حائض فتحسب
الأربعة أشهر وعشرا من يوم الوفاة ولا يكون الحيض مانعا من ابتداء عدتها قوله: (أو تحت إزار)
أي أو ما تحت إزار أي أو وطئ ما تحت إزار أي أو وطئ المكان الذي شأنه أن يشد عليه الإزار
(قوله يعني أنه يحرم إلخ) أتى بالعناية لاجمال الكلام بالنسبة لما تحت الإزار فإنه ربما كان مسبولا
للقدم فأتى بها لبيان المقصود من ذلك وأنه ما بين السرة والركبة، ثم إن ظاهر كلام الشارح يقتضي أن ما بين
السرة والركبة يحرم الاستمتاع به بالجماع وبغيره من لمس ومباشرة وهو ما قاله عج ومن تبعه، وفي بن
الذي لابن عاشر ما نصه ظاهر عباراتهم جواز الاستمتاع بما تحت الإزار بغير الوطئ من لمس
ومباشرة ونظر حتى للفرج، وقال أبو علي المسناوي: نصوص الأئمة تدل على أن الذي يمنع تحت الإزار
هو الوطئ فقط لا التمتع بغيره خلافا لعج ومن تبعه. وقال ابن الجلاب: ولا يجوز وطئ الحائض في فرجها
ولا فيما دون فرجها، ومثل ذلك في عبارة عبد الوهاب وابن رشد وابن عطية وابن عرفة وغيرهم، إذا
علمت هذا فقول الشارح يعني يحرم الاستمتاع بما بين السرة والركبة لا يصح لأنه خلاف النقل
وأعجب من هذا قوله ولو على حائل فالموافق للنقل أن يقول أي ومنع الحيض وطأ لما تحت إزار اه‍
كلام بن. لكن ذكر شيخنا أن ح ذكر في شرح الورقات أن المشهور حرمة الاستمتاع بما تحت
الإزار ولو بغير الوطئ، وحينئذ فلا اعتراض على الشارح، فظهر من هذا أن الوطئ فيما تحت الإزار سواء
كان فرجا أو غيره حرام باتفاق، وأما التمتع بغير الوطئ كاللمس والمباشرة فيما تحت الإزار ففيه قولان
مرجحان بالمنع ولو من فوق حائل وعدمه ومشهورهما المنع كما ذكره ح. وأما النظر لما تحت الإزار ولو
الفرج فلا حرمة فيه ولو التذ بالنظر. قوله: (ويجوز) أي الاستمتاع. وقوله: كالاستمتاع بيدها
وصدرها أي وكذا عكن بطنها وذلك بأن يستمني بما ذكر من الأمور الثلاثة مثلا. قوله: (ويستمر
المنع) أي من وطئ الفرج ومن وطئ ما تحت الإزار اه‍. فالمبالغة راجعة لوطئ الفرج ولما تحت الإزار
لا لوطئ الفرج فقط بحيث يقال: إذا انقطع يسوغ له التمتع بما تحت الإزار غير الفرج قوله: (ولو بعد نقاء)
أي ولو حصل النقاء من الحيض، ورد المصنف بلو على ابن نافع القائل بجواز وطئ الفرج وما تحت الإزار
بعد النقاء على ابن بكير القائل بالكراهة. قوله: (وتيمم) أي خلافا لابن شعبان القائل: إذا تيممت
لعذر بعد انقطاعه جاز وطؤها ولو لم يخف الضرر قوله: (لأنه وإن حلت) أي الصلاة به (قوله
ولا بد) أي في جواز الوطئ قوله: (إلا لطول) أي لعدم الماء أو عدم القدرة على استعماله
(قوله فله الوطئ بعدم التيمم ندبا) قد يقال: مقتضى النظر أن يكون التيمم واجبا إلا أن يقال إنه لوحظ
قول من اكتفى بالنقاء، أو يقال: المبيح في الحقيقة الطول لعدم اعتبار التيمم هنا في المشهور قوله: (بل ولو
جنابة) أي بل ولو نوت رفع حدث الجنابة التي كانت عليها قبل الحيض أو حصلت لها بعد حصوله
فإن الحيض يمنع حدث الجنابة على المشهور خلافا لمن قال: إن حدث الجنابة يرتفع وينبني على هذا الخلاف أن
173

الحائض إذا كانت جنبا واغتسلت حال الحيض من الجنابة ثم انقطع الحيض فهل يجوز لها القراءة
قبل الغسل من الحيض أو لا؟ فعلى المشهور تمنع من القراءة وتجوز لها القراءة على مقابله. قوله: (فلا
تعتكف ولا تطوف) ليسا ضروري الذكر مع قوله ودخول مسجد. قوله: (ومسح مصحف)
أي ما لم تكن معلمة أو متعلمة وإلا جاز مسها له. قوله: (وكذا بعد انقطاعه) أي وكذا لا تمنع
القراءة بعد انقطاعه. قوله: (إلا أن تكون متلبسة بجنابة قبله فلا يجوز) حاصل كلامه أن المرأة
إذا انقطع حيضها جاز لها القراءة إن لم تكن جنبا قبل الحيض، فإن كانت جنبا قبله فلا يجوز لها
القراءة، وقد تبع الشارح في ذلك عبق وجعله المذهب وهو ضعيف، والمعتمد ما قاله عبد الحق وهو
أن الحائض إذا انقطع حيضها لا تقرأ حتى تغتسل جنبا كانت أو لا إلا أن تخاف النسيان، كما أن
المعتمد أنه يجوز لها القراءة حال استرسال الدم عليها كانت جنبا أم لا خافت النسيان أم لا كما
صدر به ابن رشد في المقدمات وصوبه واقتصر عليه في التوضيح وابن فرحون وغير واحد، قال ح
وهو الظاهر، وفيه أيضا عن ابن عرفة قال الباجي قال أصحابنا: تقرأ الحائض ولو بعد طهرها قبل غسلها
وظاهره كانت متلبسة بجنابة قبله أم لا انظر بن. قوله: (لا قبلها على الأرجح) أي لا قبلها لأجلها
كما هو موضوع قول المصنف للولادة، قال بن: النقل في ح عن عياض وغيره يدل على أن محل الخلاف
ما كان قبل الولادة لأجلها فإن لم يكن لأجلها فلا خلاف أنه حيض لا نفاس، وكلام ح يفيد أن أرجح
القولين أنه نفاس لأنه غزاه للأكثر وإن قدم القول بأنه حيض. قوله: (لا يعد من الستين يوما) أي
لا يعد زمنه من الستين يوما مدة النفاس إذا استمر الدم نازلا عليها، وأما على القول بأنه نفاس فإن أيامه
تضم لما بعد الولادة وتحسب من الستين يوما وتظهر فائدة الخلاف أيضا في المستحاضة، إذا رأت
هذا الدم الخارج قبل الولادة لأجلها فهل هو نفاس يمنع الصلاة والصوم أو دم استحاضة تصلي
معه وتصوم؟ قوله: (ولو بعين توأمين) أي سواء كان بينهما شهران أو أقل، ثم إنه على المشهور من
أن الذي بين التوأمين نفاس لا حيض إن كان بينهما أقل من شهرين فاختلف هل تبني على ما مضى لها
ويصير الجميع نفاسا واحدا وإليه ذهب أبو محمد والبراذعي، أو تستأنف للثاني نفاسا وإليه ذهب
أبو إسحاق التونسي، وأما إن كان بينهما شهران فلا خلاف أنها تستأنف للثاني نفاسا كما أشار له بقوله
فإن تخللهما فنفاسان وهذا محصل كلام الشارح. قوله: (بأن لم يكن بين وضعيهما ستة أشهر)
أي وأما لو كان بين وضعيهما ستة أشهر فأكثر كانا بطنين. قوله: (إن الدم الذي بينهما حيض) أي
وحينئذ فتمكث إذا استرسل الدم عليها عشرين يوما ونحوها كمن جاوزت ستة أشهر وأتاها الحيض
وهي حامل. قوله: (ولا يعد نفاسا إلا بعد نزول الثاني) أي وحينئذ فتمكث ستين يوما بعد ولادة الثاني
إذا استمر الدم نازلا عليها. قوله: (ولا تستظهر) أي إذا بلغتها واستمر الدم نازلا عليها وقد علم ما تقدم
ومن هنا أن أربعة لا تستظهر واحدة منهن وهي المبتدأة والحامل والمستحاضة إذا ميزت الدم بعد
طهر تام والنفساء. قوله: (أقل من أكثره) أي بأن تخللها خمسة وخمسون أو تسعة وخمسون يوما سواء
كانت كلها أيام دم أو كان فيها أيام نقاء لكن أقل من خمسة عشر يوما. قوله: (وتبني على الأول) أي وتبني
174

بعد وضع الثاني على ما مضى منها للأول وهذا قول أبي محمد كما تقدم. قوله: (وقيل تستأنف إلخ) قد تقدم
أن هذا قول أبي إسحاق التونسي فعنده تستأنف النفساء للتوأم الثاني نفاسا مستقلا تخللهما أكثر
النفاس أو أقله. والحاصل أن الدم الذي بين التوأمين قيل إنه حيض وعليه فتمكث إذا استرسل
عليها عشرين يوما ونحوها وتطهر والنفاس لهما واحد بعد نزول الثاني هذا إذا تخللهما أقل من ستين
يوما، وإلا كان لكل واحد نفاس مستقل متصل بولادته، وقيل: إن لكل واحد نفاسا مستقلا تخللهما
أكثر النفاس أو أقله، فعلى هذا لا تضم أحد التوأمين للآخر، وقيل إن تخللهما ستون يوما فنفاسان وإن
تخللهما أقل من ستين يوما كان لهما نفاس واحد ويضم الدم الحاصل مع الثاني لما حصل مع الأول (قوله
وهذا) أي ومحل هذا الخلاف إذا لم ينقطع الدم قبل وضع الثاني نصف شهر بأن لم ينقطع أصلا
أو انقطع أقل من نصف شهر قوله: (فتستأنف إلخ) أي فإن انقطع الدم قبل وضع الثاني نصف شهر فإنها
تستأنف إلخ. قوله: (لأنه إذا انقطع نصف شهر فالدم الآتي بعدها حيض) أي لا نفاس وحينئذ
فيكون دم الولد الذي يأتي بعده نفاسا مستقلا لا من تتمة الأول. قوله: (وتقطعه) أي وتقطع دم النفاس
كتقطع الحيض ومقتضاه أنها تلفق عادتها في النفاس حيث كانت لها عادة فيه وليس كذلك
إذ المنقول أنها تلفق أكثره سواء كانت لها عادة فيه أقل من أكثره أم لا، وتكون بعد تلفيق أكثره
مستحاضة من غير استظهار ومحل التلفيق ما لم يأت الدم بعد طهر تام وإلا كان حيضا مؤتنفا (قوله
فيمنع كل ما منعه الحيض) أي من صحة الصلاة والصوم ومن وجوبهما ومن الطلاق وبدء العدة
ووطئ الفرج وما تحت الإزار ورفع حدثها ولو جنابة ودخول المسجد ومس المصحف ما لم تكن
معلمة أو متعلمة. قوله: (وتجوز القراءة) أي قبل انقطاعه ولو كانت جنبا قبل الولادة، وأما إن انقطع
فإنها تمنع من القراءة قبل الغسل كانت متلبسة بجنابة قبل الولادة أو لا هذا هو المعتمد قوله: (ووجب وضوء
بهاد) أي بناء على أنه يعتبر اعتياد الخارج في بعض الأحوال. قوله: (والأظهر نفيه) أي بناء على اعتبار
دوام الاعتياد، فقول الشارح لأنه ليس بمعتاد أي ليس بدائم الاعتياد. قوله: (والمعتمد الأول) أي وهو
أنه من جملة الاحداث الناقضة للوضوء.
باب الوقت المختار
قوله: (باب) خبر مبتدأ محذوف كما أشار له الشارح، والوقت مبتدأ والمختار صفة له. وقوله للظهر متعلق
بمحذوف مبتدأ ثان أي ابتداؤه للظهر. وقوله: من زوال الشمس خبر المبتدأ الثاني والثاني وخبره خبر
الأول وقوله لآخر القامة حال من الضمير في الخبر وإنما بدأ ببيان وقت الظهر لأنها أول صلاة صليت
في الاسلام وسميت الظهر بذلك لكونها أول صلاة ظهرت في الاسلام واعلم أن معرفة الوقت عند
القرافي فرض كفاية يجوز التقليد فيه، وعند صاحب المدخل فرض عين، ووفق بينهما بحمل كلام
صاحب المدخل على أن المراد أنه لا يجوز للشخص الدخول في الصلاة حتى يتحقق دخول الوقت
وهذا لا ينافي جواز التقليد فيه أنظر بن. قوله: (وهو الزمان المقدر للعبادة شرعا) جعل الزمان
جنسا في تعريف الوقت يقتضي أن الزمان أعم من الوقت والوقت أخف منه وهو كذلك لان الزمان
مدة حركة الفلك سواء كانت مقدرة شرعا أم لا. قوله: (المقدر للعبادة شرعا) خرج الزمان الذي
ليس بمقدار للعبادة فلا يقال له وقت، قال شيخنا: ما أفاده التعريف من أن الزمان المقدر للفعل غير العبادة
لا يقال له وقت لا يسلم بل الزمان المقدر لأي فعل يقال له وقت لذلك الفعل، اللهم إلا أن يقال: مرادهم
تعريف الوقت الشرعي، فقول الشارح وهو أي الوقت الشرعي الزمان المقدر إلخ وهذا لا ينافي أن
175

غيره يقال له وقت إلا أنه عادي تأمل. قوله: (المختار) أي الذي وكل إيقاع الصلاة فيه لاختيار المكلف
من حيث عدم الاثم، فإن شاء أوقعها في أوله أو في وسطه أو في آخره. قوله: (ويقابله الضروري) أي
وهو الذي لا يجوز تأخير الصلاة إليه إلا لأرباب الضرورة الآتي ذكرهم. قوله: (لآخر القامة أي
قامة كانت) كعود أو حائط أو انسان قوله: (بغير ظل الزوال) أي حالة كون القامة معتبرة بغير ظل
الزوال. قوله: (فلا يحسب) أي ظل الزوال من القامة إن وجد فإن لم يوجد اعتبرت القامة
خاصة وإن وجد اعتبرت القامة وذلك الظل. قوله: (وهي تختلف إلخ) قد جعل بعضهم لذلك ضابطا
بقوله: طزه جبا ابدوحي. فالطاء إشارة لاقدام ظل الزوال بطوبة، والزاي إشارة لعدم أقدام
ظل الزوال بأمشير وهكذا لآخرها. قوله: (وذلك بمكة مرتين في السنة وبالمدينة الشريفة مرة إلخ)
بيان ذلك أن عرض المدينة أربع وعشرون درجة. وعرض مكة إحدى وعشرون درجة
وكلاهما شمالي والمراد بالعرض بعد سمت رأس أهل البلد عن دائرة المعدل والميل الأعظم أربع
وعشرون درجة والمراد به غاية بعد للشمس إذا كانت على منطقة البروج من دائرة المعدل فإذا
كانت الشمس على منطقة البروج في غاية الميل الشمالي كانت مسامتة لرأس أهل المدينة فينعدم الظل
176

عندهم ولا تكون الشمس كذلك في العام إلا مرة واحدة وذلك إذا كانت الشمس في آخر الجوزاء، وإذا
كانت الشمس على منطقة البروج وكان الميل الشمالي إحدى وعشرين درجة كانت مسامتة الرأس
أهل مكة فينعدم الظل عندهم في يومين متوازيين يوم قبل الميل الأعظم الشمالي الواقع في آخر الجوزاء
ويوم قبل الميل الأعظم الجنوبي الواقع في آخر برج القوس، فإن كان العرض أكثر من الميل الأعظم
كما في مصر فإن عرضها ثلاثون درجة لم ينعدم الظل أصلا لان الشمس لم تسامتهم بل دائما في جنوبهم
(قوله أخذ الفئ) أي الظل الباقي من ظل الشاخص. قوله: (أي آخر وقت الظهر) أي الذي هو آخر
القامة الأولى بحيث يصير ظل كل شئ مثله. قوله: (للاصفرار) أي لاصفرار الشمس في الأرض
والجدر لا بحسب عينها إذ لا تزال عينها نقية حتى تغرب. قوله: (واشتركا) ذكر باعتبار الفرضين، وقال
ابن حبيب: لا اشتراك بينهما فآخر وقت الظهر آخر القامة الأولى، وأول وقت العصر أول القامة
الثانية. قال ابن العربي: تالله ما بينهما اشتراك ولقد زلت فيه أقدام العلماء. قوله: (وهو المشهور عند
سند) فيه أن سندا إنما شهر الثاني لا الأول، نعم الأول شهره ابن راشد وابن عطاء الله، ثم إنه على الأول
آخر القامة الأولى بقدر ما يسع العصر اختياري لها كما أنه اختياري للظهر لان السياق في الوقت
الاختياري كما في شب وغيره خلافا لقول بعضهم أنه ضروري مقدم العصر ولا معنى له فإن الضروري المقدم
خاص بالجمع للاعذار. قوله: (خلاف في التشهير) أي فالأول استظهره ابن رشد وشهره ابن عطاء الله
وابن راشد وفي جزم المصنف به قبل إشعار بأنه الراجح عنده، والثاني شهره القاضي سند وابن
الحاجب اه‍ بن. وحاصل ما ذكره الشارح أن فائدة هذا الخلاف بالنسبة للظهر تظهر في الاثم
وعدمه عند تأخيرها عن القامة الأولى لأول الثانية، وتظهر بالنسبة للعصر في الصحة وعدمها
إذا قدمها في آخر القامة الأولى، ومنشأ الخلاف قوله عليه الصلاة والسلام في المرة الأولى: أتاني
جبريل فصلى بي الظهر حين زالت الشمس ثم صلى بي العصر حين صار ظل كل شئ مثله وقوله عليه
الصلاة والسلام في المرة الثانية: فصلى بي الظهر من الغد حين صار ظل كل شئ مثله. فاختلف الأشياخ
في معنى قوله في الحديث فصلى هل معناه شرع فيهما أو معناه فرغ منهما؟ فإن فسر بشرع كانت الظهر
داخلة على العصر ومشاركة لها في أول القامة الثانية، وإن فسر بفرغ كانت العصر داخلة على الظهر
ومشاركة لها في آخر القامة الأولى. واعلم أن هذا الخلاف يجري نحوه في العشاءين على القول بامتداد
وقت المغرب بمغيب الشفق لا على ما للمصنف، فإذا قيل بالاشتراك وقيل بدخول المغرب على العشاء
فالاشتراك بمقدار ثلاث ركعات من أول وقت العشاء، وإن قيل بدخول العشاء على المغرب فبمقدار
أربع ركعات. قوله: (غروب الشمس) أي من غروب الشمس أي من مغيب جميع قرصها
إلى انتهاء وقت تحصيلها وشروطها. فقوله بقدر حال إشارة إلى انتهاء الوقت وغروب جميع
القرص هو الغروب الشرعي الذي يترتب عليه جواز الدخول في الصلاة وجواز الفطر
177

للصائم، وأما الغروب الميقاتي فهو مغيب مركز القرص ويترتب عليه تحديد قدر الليل وأحكام أخر
تذكر في الميقات والغروب الميقاتي قبل الشرعي بنصف درجة. قوله: (من طهارتي حدث وخبث) أي من
طهارة حدث أصغر إن كان غير جنب وأكبر إن كان جنبا مائية إن لم يكن من أهل التيمم وترابية
إن كان من أهله، فإن كان متوضئا مغتسلا قدر له مقدار الكبرى، وإن كان مغتسلا غير متوضئ قدر له
مقدار الصغرى، قال شيخنا: وعليه فالوقت يختلف باختلاف الاشخاص، هذا ما يفيده النظر في هذه العبارة
لكن الذي يفيده كلام ابن عرفة والآبي اعتبار مقدار الطهارة الكبرى مطلقا كان محدثا حدثا
أصغر أو أكبر كان فرضه الوضوء أو الغسل أو التيمم، وعليه فالوقت لا يختلف باختلاف المصلين، قال
شيخنا: والظاهر أن هذا هو المعول عليه. واعلم أن ما ذكر من اعتبار طهارة الحدث والخبث إنما هو باعتبار
المعتاد لغالب الناس فلا يعتبر تطويل موسوس ولا تخفيف مسرع نادر كذا استظهره ح قوله: (وستر
عورة) أي على الوجه الأكمل لأنه هو المطلوب شرعا تنبيه ما ذكره المصنف في وقت المغرب
المختار بالنسبة للابتداء لجواز التطويل بعد الدخول فيها لمغيب الشفق لا بعده وبالنسبة للمقيم، وأما
المسافرون فلا بأس أن يمدوا أي يسيروا بعد الغروب الميل ونحوه ثم ينزلون ويصلون كما في المدونة، وقيد
ذلك بن وغيره بما إذا كان المد لغرض كمنهل وإلا صلوا أول الوقت، وهذا كله على رواية ابن القاسم
عن مالك من أن وقت المغرب ضيق يقدر بفعلها بعد تحصيل شروطها، وروى غيره عن مالك امتداد
وقت المغرب المختار للشفق، قال ابن العربي والرجراجي وهو الصحيح من مذهب مالك، ولكن الحق أن
القول بالامتداد ضعيف وإن كان فيه نوع قوة والمعتمد ما مشى عليه المصنف من رواية ابن القاسم
قوله: (من غروب حمرة الشفق) أي من غروب الحمرة التي هي الشفق والإضافة بيانية قال الشاعر
إن كان ينكر أن الشمس قد غربت في فيه كذبه في وجهه الشفق
هذا هو المعروف من المذهب وعليه أكثر العلماء، ابن ناجي: ونقل ابن هارون عن ابن القاسم نحو
ما لأبي حنيفة من أن ابتداء مختار العشاء من غروب البياض وهو يتأخر عن غروب الحمرة لا أعرفه
(قوله للثلث الأول) أي محسوبا من الغروب وقيل إن اختياري العشاء يمتد لطلوع الفجر وعليه
فلا ضروري لها وهو مذهب الشافعية وفيه فسحة. قوله: (المنتشر ضياؤه) أي من جهة القبلة ومن جهة
دبرها حتى يعم الأفق، وظاهر قوله المنتشر ضياؤه أن الفجر الصادق غير الضوء وليس كذلك
بل هو ضوء الشمس السابق عليها، فالأولى أن يحذف ضياؤه بأن يقول أي المنتشر في جهة
القبلة وفي دبرها حتى يعم الأفق. قوله: (بل يطلب وسط السماء إلخ) أي فهو بياض دقيق يخرج من الأفق
ويصعد في كبد السماء من غير انتشار بل بحذائه ظلمة من الجانبين، وأما الصادق فهو بياض يخرج
من الأفق ويمتد لجهة القبلة ولدبرها وينتشر ويصعد للسماء منتشرا قوله: (يشبه ذنب السرحان) هو
بكسر السين مشترك بين الذئب والأسد والمراد أنه يشبه ذنب السرحان الأسود وذلك لان الفجر
الكاذب بياض مختلط بسواد والسرحان الأسود لونه مظلم وباطن ذنبه أبيض فالبياض فيه مختلط بسواد
178

(قوله ولا يكون) أي الفجر الكاذب قوله: (وينتهي المختار) أي مختار الصبح، وقوله: للأسفار
أي لدخول الاسفار والغاية خارجة قوله: (وهو الذي تتميز فيه الوجوه) أي بالبصر المتوسط في محل
لا سقف فيه ولا غطاء، ثم إن ما ذكره المصنف من أن المختار الصبح يمتد للأسفار الأعلى هو رواية ابن
عبد الحكم وابن القاسم عن مالك في المدونة، قال ابن عبد السلام: وهو المشهور وقيل يمتد اختياري
الصبح لطلوع الشمس وعليه فلا ضروري لها وهو رواية ابن وهب في المدونة والأكثر، وعزاه
عياض لكافة العلماء وأئمة الفتوى قال: وهو مشهور قول مالك. والحاصل أن كلا من القولين قد شهر
لكن ما مشى عليه المصنف أشهر وأقوى كما قال شيخنا. تنبيه: ما ذكره المصنف من أن مبدأ
المختار للظهر من زوال الشمس إلى هنا كله بالنسبة لغير زمن الدجال، وأما في زمنه فيقدر للظهر وغيرها
بالنسبة لغير زمانه، ثم إن بعض البلاد السنة فيها يوم وليلة وحينئذ فيقدرون لكل صلاة كزمن الدجال
وفي بعض البلاد الليل من المغرب للعشاء فيخرج الفجر وقت العشاء، فعند الحنفية تسقط عنهم العشاء
وعند الشافعية يقدرون بأقرب البلاد إليهم ولا نص عندنا، ولكن استظهر بعضهم الرجوع في ذلك
لمذهب الشافعي كذا قرر شيخنا. قوله: (وهي) أي صلاة الصبح الصلاة الوسطى المذكورة في قوله
تعالى: * (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) * قوله: (أي الفضلى) أشار بذلك إلى أن الوسطى
تأنيث الأوسط بمعنى المختار والأفضل كما في قوله تعالى: * (قال أوسطهم) * ولا غرابة في تفضيل الأقل على
الأكثر إذ الفاعل المختار يفضل ما يشاء على ما يشاء ألا ترى أنه فضل القصر على الاتمام والوتر على
الفجر؟ وقيل: إنها تأنيث وسط بمعنى متوسط بين شيئين لان قبلها ليلتين مشتركتين وبعدها نهاريتين
مشتركتين وهي منفردة بوقت لا يشاركها فيه غيرها من الصلوات قوله: (وهو الصحيح من جهة
الأحاديث) أي فقد قال عليه الصلاة والسلام في حفر الخندق: شغلونا عن الصلاة الوسطى ملا الله
بيوتهم وقبورهم نارا. وكانت تلك الصلاة صلاة العصر قوله: (وما من صلاة من الخمس إلخ) أي فقيل
إنها الظهر لوقوعها في وسط النهار، وقيل: إنها المغرب لتوسطها بين ظلام الليل وضوء النهار، وقيل إنها
العشاء لتوسطها بين صلاتين لا تقصران قوله: (وقيل غير ذلك) أي وقيل إن الصلاة الوسطى غير
الصلوات الخمس فقيل إنها صلاة عيد الأضحى، وقيل صلاة عيد الفطر، وقيل صلاة الضحى، وقيل
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل معنى الوسطى على هذا الفاضلة لا الفضلى التي هي تأنيث
الأفضل لأنها ليست أفضل من الفرض قوله: (وسط الوقت) بفتح السين وسكونها قوله: (يعني
أثناء) أي وليس المراد بالوسط حقيقته وهو النصف بحيث يكون الموت واقعا في منتصف
الوقت لما فيه من القصور. قوله: (لم يعص) أي بترك الصلاة سواء ظن السلامة أو لم يظن شيئا بأن
كان خالي الذهن وسواء كان عازما على الأداء أو لم يعزم على شئ بل ولو عزم على تركها وإن كان يعصي
من حيث العزم لا من حيث الترك قوله: (إلا أن يظن الموت) أي ولو كان الظن غير قوي كما هو ظاهر
إطلاق نقل المواق، وقيده ح بما إذا كان قويا. قوله: (وكذا إذا تخلف ظنه) أي وكذا يكون عاصيا
إذا ظن الموت وتخلف الظن ولم يمت والحال أنه أوقعها في آخر وقتها الاختياري وإنما أثم لمخالفته لمقتضى
ظنه لكنه أداء نظرا لما في نفس الامر لا قضاء كما قيل نظرا لما اقتضاه الظن من الضيق ووجوب
المبادرة قوله: (صار في حقه مضيقا) أي فيجب عليه المبادرة للفعل قوله: (وهذا) أي إثم من ظن الموت
ومات قبل أن يؤدي إذا أمكنه الطهارة ومات بعد تمكنه منها ولم يفعل. واعلم أن ظن بقية الموانع
كالحيض والنفاس والجنون كظن الموت بناء على ما قاله شراح الرسالة عند قوله: وتغتسل كلما انقطع من
179

حرمة التأخير لظن الحيض، أما على ما قاله اللخمي من كراهة التأخير لظنه فليس ظن بقية الموانع كظن
الموت، لكن تقدم أن كلامه مقيد بما إذا لم يخف بالتأخير خروج الوقت المختار وإلا فلا فيتفق على
الحرمة هذا هو التحقيق كما في بن ولا تركن لغيره. لا يقال: هذا مخالف لما يأتي من أن من علمت مجئ
الحيض في الوقت وأخرت الصلاة عامدة وأتاها الحيض في الوقت فإن الصلاة تسقط عنها ولا
تقضيها لأن عدم القضاء لا ينافي الاثم. قوله: (كالجماعة لا تنتظر غيرها) أي كأهل الربط الذين
لا يتفرقون قوله: (بعد تحقق دخول) أي لا في أول جزء من الوقت لان إيقاعها إذ ذاك من فعل
الخوارج الذين يعتقدون أن تأخير الصلاة عن أول وقتها حرام قوله: (ولو ظهرا إلخ) أي هذا إذا
كانت صبحا أو عصرا أو مغربا أو عشاء أو ظهرا في غير شدة الحر، بل ولو كانت ظهرا في شدة الحر
قوله: (والمراد إلخ) هذا التقرير لح قوله: (وغير هذا إلخ) أي وهو قول عج أن الفذ ومن ألحق به
الأفضل لهم تقديمها مطلقا تقديما حقيقيا فلا يطالبون بالنوافل القبلية وإنما يطالب بها الجماعة التي
تنتظر غيرها، وما ورد في الحديث من تأكد النفل قبل الظهر والعصر فمحمول على من ينتظر الجماعة
سواء كان إماما أم لا. واعلم أن هذا الخلاف الواقع بين ح وعج في كون التقديم في حق الفذ ومن
ألحق به نسبيا أو حقيقيا إنما هو بالنظر للظهر والعصر لأنهما اللتان يتنفل قبلهما دون المغرب
لكراهة التنفل قبلها ودون الصبح إذ لا يصلى قبلها إلا الفجر والورد لنائم عنه باتفاق ودون العشاء
لأنه لم يرد شئ في خصوص التنفل قبلها قوله: (والأفضل له) أي للفذ تقديمها أي الصلاة في أول
الوقت قوله: (ثم إن وجدها إلخ) أي الجماعة أعاد لادراك فضل الجماعة أي فيكون محصلا
للفضيلتين بخلاف ما لو أخر ولم يصل فلم يكن محصلا إلا لفضيلة واحدة، وما ذكره من الإعادة
إذا وجد الجماعة هو الصواب خلافا للبساطي في مغنيه حيث قال: ويتولد من هذا أنه إذا صلى وحده
لا يعيد في جماعة. قوله: (إنما هي في الصبح) أي وأما غيرها ففعلها جماعة آخر الوقت أفضل من فعلها
منفردا أوله إن اتسع وقت ذلك الغير لا إن ضاق كالمغرب، وهذا الاعتراض لابن مرزوق وتعقبه تت
بأن ابن عرفة نقل أن اختلاف أهل المذهب في ترجيح أول الوقت فذا على آخره جماعة أو بالعكس
عام في جميع الصلوات لا في خصوص الصبح وحينئذ فللمصنف سند في الاطلاق فلا اعتراض عليه
كذا قرر شيخنا، ثم إن كلام المصنف مقيد بما إذا لم يعرض مرجح التأخير كرجاء الماء والقصة البيضاء
أو موجبه كذي نجاسة يرجو ما يزيلها به عن بدنه أو ثوبه ومن به مانع القيام يرجو زواله في الوقت قاله
الشيخ سالم قوله: (بناء على أنه لا ضروري لها) أي وأن اختياريها يمتد للطلوع كما مر قوله: (وإلا لوجب)
أي وإلا لو قلنا أن لها ضروريا من الاسفار للطلوع لوجب فعلها أول الوقت ولا تنتظر الجماعة التي
يرجوها بعد الاسفار قوله: (والأفضل للجماعة) أي التي تنتظر غيرها وأما التي تنتظر غيرها فهي كالفذ
كما مر يندب لهم التقديم مطلقا حتى للظهر قوله: (تقديم غير الظهر) أي في أول وقتها تقديما نسبيا
بالنسبة للعصر وتقديما حقيقيا بالنسبة لغيرها. ثم إن غير الظهر صادق بالعصر والمغرب والصبح
والعشاء شتاء وصيفا برمضان وغيره وهو كذلك خلافا لما ذكره ابن فرحون في الدرر من ندب تأخير
العشاء الأخيرة برمضان عن وقتها المعتاد توسعة على الناس في الفطور قوله: (لربع القامة) وهو ذراع
بأن يصير ظل الشخص كذلك زيادة على ظل الزوال قوله: (من معنى الابراد) أي لأجل معنى هو الابراد
فمن للتعليل وإضافة معنى للابراد بيانية. قوله: (لشدة الحر) أي لأجل دفع شدة الحر قوله: (مطلقا) أي
في أي صلاة وفي حق كل مصل سواء كان فذا أو جماعة تنتظر غيرها ولا تنتظر غيرها قوله: (وتحته)
أي وتحت تأخيرها قوله: (وتأخير للابراد) أي لأجل الدخول في وقت البرد قوله: (قدره) أي قدر
التأخير للابراد بخلاف التأخير لانتظار الجماعة فإنه قد عين قدره بربع القامة. قوله: (أن لا يخرجها عن
الوقت) أي ولو كان بعد مضي ثلاثة أرباع القامة، وأفاد ح أن الأولى تأخيرها للابراد لوسط الوقت لأنه
180

الذي أخر له النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الراجح كما قاله شيخنا، وكلام ح يرجع لقول الباجي
(قوله لا مطلقا) أي لا إن ندب تأخير العشاء قليلا للجماعة مطلقا كما هو ظاهر المصنف، وإذا علمت
أن كلامها في خصوص القبائل والحرس فلا يكون كلامها معارضا لما مر من أن الجماعة
لا يؤخرون إلا الظهر لان ما مر محمول على مساجد غير القبائل والحرس وكلاهما محمول على مساجد
القبائل والحرس كما هو نصها وهذا جواب عن المعارضة. قوله: (والقبائل الارباض) أي أهل
الارباض قوله: (أي أطراف المصر) أي الأماكن التي حول البلد خلف السور كالحسينية والناصرية
والفوالة بمصر قوله: (بضم الحاء والراء) أي ويقال أيضا بفتحها وهو الأشهر، وقوله المرابطون أي
الذين شأنهم التفرق. قوله: (ثم الراجح التقديم مطلقا) أي ثم الراجح ندب تقديم العشاء للجماعة مطلقا
حتى لأهل الارباض والحرس وما في المدونة من ندب تأخيرها لهم ضعيف. قوله: (وإن شك في دخول
الوقت إلخ) حاصله أنه إذا تردد هل دخل وقت الصلاة أو لا على حد سواء أو ظن دخوله ظنا غير قوي
أو ظن عدم الدخول وتوهم الدخول سواء حصل له ما ذكر قبل الدخول في الصلاة أو طرأ له ذلك
بعد الدخول فيها فإنها لا تجزيه لتردد النية وعدم تيقن براءة الذمة سواء تبين بعد فراغ الصلاة أنها
وقعت قبله أو وقعت فيه أو لم يتبين شئ اللهم إلا أن يكون ظنه بدخول الوقت قويا فإنها تجزئ إذا
تبين أنها وقعت فيه كما ذكره صاحب الارشاد وهو المعتمد خلافا لمن قال بعدم الاجزاء إذا ظن
دخوله سواء كان الظن قويا أم لا ولو تبين أنها وقعت فيه، وأما إذا دخل الصلاة جازما بدخول وقتها فإن
تبين بعد فراغها قبله أنها وقعت فيه أو لم يتبين شئ فالاجزاء وإن تبين أنها وقعت لم تجزه. تنبيه: قد
علمت ما إذا شك في دخول الوقت، وأما إذا شك في خروجه فينوي الأداء كما قال عج لان الأصل
البقاء، وقال اللقاني: لا ينوي أداء ولا قضاء لأنه غير مطلوب مع المبادرة على الفعل حرصا على الوقت
فلو نوى الأداء لظنه بقاء الوقت ثم تبين خروجه صحت صلاته اتفاقا كما قال ابن عطاء الله والظاهر
أن عكسه كذلك قاله شيخنا. قوله: (وطرأ في الصلاة) أي هذا إذا حصل الشك قبل الدخول
فيها بل ولو طرأ فيها خلافا لمن قال: إذا طرأ الشك بعد الدخول فإنه لا يضر إذا تبين أن الاحرام
حصل بعد دخول الوقت قوله: (أي عقب وتلو إلخ) اعلم أن بعد في الأصل ظرف متسع ولما كان
يتوهم أن بين الضروري والاختياري مدة متسعة مع أنه ملاصق له دفع الشارح ذلك بجعله بعد
بمعنى التلو والعقب فهي هنا مستعملة في معنى مجازي، ثم ما ذكره المصنف من أن الضروري عقب
المختار في غير أرباب الاعذار والمسافر، وأما بالنسبة إليهما فالضروري قد يتقدم على المختار بالنسبة
للمشتركة الثانية قوله: (سمي بذلك) أي سمي ما بعد المختار بالضروري قوله: (لاختصاص جواز
التأخير إليه بأرباب الضرورات) أي وأثم غيرهم وإن كان الجميع مؤدين قوله: (للطلوع) أي
لمبدأ الطلوع قوله: (من دخول مختار العصر) أي الخاص بها وهو آخر القامة الأولى أو
بعد مضي أربع ركعات الاشتراك من القامة الثانية على الخلاف والسابق في أن العصر داخلة على الظهر أو
الظهر داخلة على العصر. قوله: (ويستمر للغروب في الظهرين) هذا يقتضي أن العصر لا تختص بأربع
قبل الغروب وهو رواية عيسى وأصبغ عن ابن القاسم، ورواية يحيى عنه أنها تختص بأربع
قبل الغروب وهو المعتمد، فلو صليت الظهر قبل الغروب بأربع كانت فائتة وقضاء وليست حاضرة
181

ولا أداء على الثاني، ويمكن حمل كلام المصنف عليه بأن يقال قوله للغروب باق على حقيقته بالنظر للعصر
ويقدر مضاف بالنظر للظهر أي لقرب الغروب، وما قيل هنا من الخلاف والتقدير يقال أيضا في قوله
وللفجر في العشاءين كذا قرر شيخنا، لكن الذي في بن أن المشهور رواية عيسى أعني عدم الاختصاص
كما هو ظاهر المصنف. قوله: (وتدرك فيه الصبح بركعة) حاصله أنه إذا زال العذر كالنوم والاغماء
والجنون على ما يأتي وكان الباقي من ضروري الصبح ما يسع ركعة بسجدتيها فإنها تكون مدركة من
حيث الأداء ويتعلق به وجوب فعلها، وإنما خص الصبح بالذكر مع أن الوقت الضروري يدرك
بركعة مطلقا كان للصبح أو لغيرها لان غيرها يؤخذ من قوله بفضل ركعة عن الأولى إن كانت
متعددة وإلا فبركعة قوله: (مع قراءة فاتحة) أي إن قلنا بوجوبها في كل ركعة أما على القول بوجوبها
في الجل فالمعتبر ركعة ولو من غير فاتحة قوله: (ويجب ترك السنن كالسورة) أي وكالاعتدال على
القول بسنيته قوله: (وكذا الاختياري يدرك بركعة) أي على المعتمد وهو أولى من أدرك
الضروري بركعة لأنه هنا بقية الصلاة تقع في الوقت وإن كان ضروريا بخلافها في الضروري فإن
بعضها يقع خارج الوقت قوله: (خلافا لأشهب) أي حيث قال: إن الضروري يدرك بالركوع وحده
وللمبالغة في الرد عليه صرح المصنف بقوله لا أقل وإن كان يكفي في الرد قوله بركعة تأمل. تنبيه
كون الوقت لا يدرك بأقل من ركعة لا ينافي ما قدمه من أن الوقت ممتد للطلوع والغروب والفجر لان
وقت الصلاة أمر مغاير لادراكها فلا يلزم من وجوده وجوده قاله شيخنا. قوله: (في الثانية) أي في الركعة
الثانية الحاصلة خارج الوقت قوله: (فيها) أي في الثانية الحاصلة خارج الوقت قوله: (وهي قضاء فعلا)
الأولى حقيقة وعلى هذا القول لو حاضت في الركعة الثانية أو أغمي عليها فيها
وجب القضاء ويصح الاقتداء به فيها فهو قضاء خلف قضاء وثمرة كون الأداء حكما رفع
الاثم فقط. وورد على كلام ابن قداح إشكال وهو أن نية الامام مخالفة لنية المأموم الذي دخل
معه في الركعة الثانية بعد الوقت لان الامام ناو للأداء والمأموم ناو للقضاء. وأجيب
بأن نية الأداء تنوب عن نية القضاء وعكسه على ما قاله البرزلي من أنه المذهب وظاهره ولو
فعل ذلك عمدا متلاعبا أو سهوا لا على ما يأتي في قوله والأداء أو ضده مما يفيد خلافه فلذا
قال الشارح والتحقيق إلخ قوله: (لم تسقط) أي بل يقضيها وهذا قول محمد بن سحنون عن أبيه
واستظهره ابن قداح و ح، وقال الباجي واللخمي: انه أقيس، وأما ما تقدم من سقوط الصلاة لحصول
العذر وقت الأداء فهو قول أصبغ وشهره اللخمي كما في المواق انظر بن. قوله: (بفضل ركعة) أي بركعة
182

فاضلة أي زائدة عن الصلاة الأولى. قوله: (طهرت لثلاث قبل الفجر إلخ) أي وأما إذا طهرت لثلاث
قبل الغروب فقد أدركت الظهرين اتفاقا وكذا الأربع، وأما إذا طهرت لاثنتين فقد أدركت الثانية من
الظهرين اتفاقا وسقطت الأولى، وهذا معنى قول الشارح فيما يأتي: وأما النهاريتان إلخ قوله: (فعلى المذهب
تدرك العشاء وتسقط المغرب) وذلك لأننا لو قدرنا بالأولى لم يبق للثانية شئ والوقت إذا ضاق
يختص بالأخيرة فيكون الوقت الباقي الذي يسع ثلاث ركعات للأخيرة وتسقط الأولى (قوله ولا ربع)
أي وإذا طهرت أدركتهما لأربع اتفاقا لأنه إن قدر بالأولى فضلت ركعة للثانية وإن قدر
بالثانية فضلت ركعتان للأولى قوله: (ولاثنتين) أي وإذا طهرت لاثنتين أدركت الثانية فقط اتفاقا
لأنها إن قدرت بالأولى لم يبق للثانية شئ، وإن قدرت بالثانية لم يبق للأولى شئ، والوقت إذا ضاق
اختص بالأخيرة قوله: (طهر لأربع قبل الفجر) ذكر باعتبار الشخص وأما لو طهرت لأربع فأقل قبل
الغروب فقد أدركت ثاني الظهرين اتفاقا وسقطت الأولى ولخمس أدركتهما اتفاقا، وكذا ما زاد على
الخمس قوله: (فعلى الأول تدركهما) أي لأنها إذا قدرت بالأولى بقي للثانية ركعة فتكون قد طهرت
في وقتهما. قوله: (كحاضر سافر وقادم) الظاهر أن هذا تشبيه لبيان ما يدرك به القصر والاتمام كما شرح
به المواق واختاره ابن عاشر والشيخ ميارة ونصه ومعنى كلام المؤلف أنه كما تدرك الصلاتان معا
بفضل ركعة عن إحداهما والا أدركت الثانية فقط كذلك يدرك حكم الحضر والسفر بفضل ركعة عن
إحداهما وإلا أدركت الثانية فقط فيقصرها من سافر ويتمها من حضر من سفره، فلو سافر لثلاث قبل
الغروب صلاهما سفريتين وإن سافر قبل الغروب لأقل من ثلاث فالعصر سفرية والظهر حضرية، ولو
قدم لخمس فأكثر صلاهما حضريتين ولما دونها صلى العصر حضرية والظهر سفرية، وهذا ظاهر قول
المصنف كحاضر سافر وقادم، وما ذكره عج ومن تبعه من أن قوله كحاضر سافر إلخ تمثيل، ثم اعترض
بأن ظاهره لا يصح وصوبه بما قاله الشارح فهو تكلف انتهى بن قوله: (لاختصاص الوقت بالأخيرة)
بمعنى أن الوقت إذا ضاق فالذي يجب عليه الأخيرة. إن قلت هذا يقتضي أن آخر الوقت تختص به
الثانية اتفاقا وهذا خلاف ما ذكره ابن عرفة وغيره من الخلاف ونص ابن عرفة وفي اختصاص العصر
بأربع قبل الغروب عن الطهر وعدمه قولان: الأول لسماع يحيى والثاني لسماع عيسى وأصبغ من ابن
القاسم. قلت: لا منافاة لان الاختصاص متفق عليه باعتبار الوجوب أو السقوط لارتفاع العذر أو
طروه باعتبار القصر والاتمام ومختلف فيه باعتبار الأداء وعدمه بمعنى أن الأولى إذا وقعت آخر
الوقت فهي أداء بناء على عدم الاختصاص وهو المشهور وقضاء على مقابله انتهى بن. قوله: (وأما
النهاريتان) أي سواء كانتا حضريتين أو سفريتين كان هناك عذر أم لا فلا يظهر بالتقدير بالأولى منهما
أو بالثانية فائدة، كما أنه لا تظهر فائدة في الليلتين إذا لم يكن عذر كان الشخص بحضر أو سفر، وإنما
تظهر الفائدة بالتقدير بالأولى أو الثانية من الليلتين إذا كان هناك عذر كحيض سواء كانت المرأة
بحضر أو سفر فالأحوال ثمانية ستة لا يظهر فيها فائدة واثنان تظهر فيهما الفائدة. قوله: (من أوقع الصلاة
كلها في الضروري) أي وأما لو أوقع بعضا منها ولو ركعة في الاختياري وباقيها في الضروري فلا إثم
(قوله إلا أن يكون تأخيره له) أي للضروري. قوله: (بكفر وإن بردة) أي إذا أسلم الكافر الأصلي
أو المرتد في الوقت الضروري وصلى تلك الصلاة فيه فإنه لا يأثم، سواء قلنا بخطابهم بفروع الشريعة أم لا
183

لان الاسلام يجب ما قبله قاله شيخنا قوله: (ولو كان صلاها قبل) أي ولو نوى الفرض بحسب زعمه
حين صلاها صبيا فإن بلغ في أثنائها بكإنبات كملها نافلة ثم أعاد فرضا إن اتسع الوقت وإلا قطع وابتدأها
(قوله وإغماء وجنون ونوم) أي فإذا أفاق المغمى عليه أو المجنون أو استيقظ النائم في الوقت
الضروري وصلوا فيه فلا إثم على واحد منهم قوله: (إن ظن الاستغراق) أي لذلك الوقت، وأما لو ظن
عدم الاستغراق جاز له النوم ولا إثم عليه إن حصل استغراق كما يجوز له النوم بعد دخول الوقت إذا ظن
الاستغراق ووكل وكيلا يوقظه قبل خروج الوقت قوله: (وغفلة) أي نسيان فإذا نسي أن عليه صلاة
ولم يتذكرها إلا في وقتها الضروري فلا إثم عليه في فعلها فيه قوله: (كحيض إلخ) أي فإذا انقطع كل من
الحيض والنفاس في الضروري وصلت فيه فلا إثم عليها قوله: (فليس بعذر) أي فإذا سكر بحرام
وأفاق من سكره في الضروري وصلى فيه فإنه يأثم بتأخير الصلاة إليه، وسواء سكر قبل دخول الوقت
أو بعده واثم إيقاعها في الضروري غير إثم تعاطي المسكر فهو زائد عليه قوله: (يجب ما قبله) أي ففي
الحقيقة المانع من الاثم إنما هو الاسلام لا الكفر قوله: (يقدر له الطهر) أي يقدر له زمن يسع طهره
الذي يحتاجه، فإن كان محدثا حدثا أصغر قدر له ما يسع الوضوء، وإن كان محدثا حدثا أكبر قدر له ما يسع
الغسل، هذا إذا كان من أهل الطهارة المائية بأن كان الماء موجودا أو كان له قدرة على استعماله وإلا قدر
له ما يسع التيمم ولا يقدر له زمن يسع إزالة النجاسة عن ثوبه أو بدنه أو مكانه لأنها لا تعتبر مع ضيق
الوقت ولا زمن يسع ستر العورة والاستقبال والاستبراء أن لو كان محتاجا لذلك كما قاله عج، ثم إن المراد
أنه يقدر له زمن يسع الطهر زيادة على التقدير السابق وهو مدة تسع ركعة بسجدتيها وفائدة ذلك
التقدير اسقاط تلك الصلاة التي زال عذره في ضروريها وعدم اسقاطها فإن كان الباقي من الوقت
يسع ركعة بعد تحصيل الطهر لم تسقط وإلا سقطت. قوله: (لأصغر أو أكبر) أي لحدث أصغر أو
لحدث أكبر إن كان من أهله أي من أهل الطهر بالماء بأن كان الماء موجودا وكان له قدرة على
استعماله قوله: (فمن زال عذره) أي في الوقت الضروري قوله: (المسقط للصلاة) أي كالحيض
والنفاس والاغماء والجنون واحترز بذلك عن العذر الذي لا يسقطها فالنائم أو الساهي لا يقدر
له الطهر، بل متى تنبه الساهي أو استيقظ النائم وجبت على كل حال سواء كان الباقي يسع
ركعة مع فعل ما يحتاج إليه من الطهر أم لا بل ولو خرج الوقت ولم يبق منه شئ قوله: (بل إن أسلم
لما يسع ركعة) أي من الضروري قوله: (وصلى بعد الوقت) أي الذي أسلم بقرب آخره
184

قوله: (وكذلك يضم للثلاثة رابعة) أي ولا يكون تنفله بأربع مكروها لأنه غير مدخول عليه كما أنه
لا يحرم عليه التنفل في هذا الوقت أعني وقت الغروب لأنه غير مدخول عليه. قوله: (والحاصل أنه إذا
ظن إدراكهما إلخ) سكت الشارح عن عكس المصنف وهو ما إذا ظن إدراك العصر فقط، فلما فرغ
منها بقيت بقية من الوقت والحكم أنه يصلي الظهر لتبين إدراكه، واختلف هل يعيد العصر أو لا يعيدها
والظاهر وهو الذي في العتبية عدم الإعادة كما في التوضيح اه‍ بن. وأما لو شك هل يدرك ركعة واحدة
منهما أو يدركهما أو لا يدرك شيئا منهما فلا يصلي، وبعد ذلك إن تبين بعد أن الوقت كان يسع خمس ركعات
صلاهما معا قضاء، وإن تبين بعد أن الوقت كان يسع أقل من ذلك قضى الأخيرة فقط، وإن ظن إدراك
ركعة واحدة وشك في الأخرى فيخاطب بالثانية، فإن فعلها وبان له أنه مطالب بالأولى فعلها أيضا ولا
إثم عليه حيث أتى بها بعد خروج الوقت لأنه معذور قاله شيخنا قوله: (ركع أو لم يركع) أي إلا أنه إن
تبين له ذلك قبل أن يركع قطع صلاته وإن تبين له ذلك بعد أن ركع ركعة ضم إليها أخرى ندبا وخرج
عن شفع هذا إذا تبين له إدراك الأخيرة بعد خروج وقتها، وأما إن تبين له أن المدرك الأخيرة قبل
خروج وقتها وعلم أنه إن كمل ما هو فيه نفلا خرج الوقت وجب القطع وصلى الثانية قوله: (وإن
تطهر من ظن إدراكهما) أي من زال عذره وظن إدراكهما إلخ قوله: (فأحدث) أي عمدا أو غلبة أو
نسيانا، وقوله قبل الصلاة أي التي ظن إدراكها قوله: (أو تبين عدم طهورية الماء) بأن تبين أن الماء الذي
توضأ فيه مضاف أو نجس. قوله: (فظن إدراك الصلاة بطهارة أخرى إلخ) هذا القيد أصله للتوضيح
وتعقبه ابن عاشر بأن المراد من هذه المسألة أن الطهر الذي تقدم تقديره لا يشترط بقاؤه حتى تصلي به
الصلاة ولا كونه صحيحا في نفسه، فمتى حصل الطهر ثم انتقض أو تبين فساده وقد بقي من وقت الصلاة
ركعة فقد تقرر وجوبها وهذا هو المطلوب، وأما أنها تتيمم إذا ضاق الوقت أو تغتسل إذا ظنت اتساعه
فهذا أمر زائد اه‍. وقد يجاب بأنه وإن كان أمرا زائدا لكن احتيج إليه لأجل حكم المصنف كابن
الحاجب بقوله: فالقضاء إذ لا يتصور تعينه إلا بالقيد المذكور إذ لو علمت أو ظنت عدم إدراك ركعة
بطهارة أخرى لوجب عليها أن تتيمم على الراجح فتقع الصلاة أداء فتأمل اه‍ بن قوله: (فالقضاء في
الأولى عند ابن القاسم) أي اعتبارا بالتقدير الأول ولا عبرة بما استغرق الوقت من الطهارة الثانية
(قوله خلافا لابن القاسم في الثانية) أي حيث قال بسقوط القضاء فيها لأنه يقدر له طهر ثان
(قوله ولغيره في الأولى) أي وخلافا لغير ابن القاسم وهو المازري في الأولى حيث قال بسقوط القضاء لأنه
يقدر له طهر ثان قوله: (فالقضاء عند ابن القاسم) أي اعتبارا بالتقدير الأول ولا عبرة بما استغرق الوقت
من الفوائت. وقوله فالقضاء أي للمدرك لو لم يحصل ما ذكر قوله: (بطهرها لخمس أو أربع) هذا نشر
على ترتيب اللف فالحائض تدرك الظهرين إذا طهرت وكان الباقي من الوقت ما يسع خمس ركعات
وتدرك العشاءين بطهرها لأربع وتدرك الثانية من الظهرين والعشاء ين إذا طهرت لثلاث أو اثنتين
أو واحدة. قوله: (كذلك يسقطان إلخ) فإذا حاضت والباقي من الوقت يسع خمس ركعات فأكثر سقط
الظهران وسقط العشاءان إن حاضت والباقي للفجر أربع ركعات وإن حاضت وكان الباقي من الوقت
يسع ثلاث ركعات أو اثنتين أو واحدة سقطت الثانية من الظهرين ومن العشاءين وتقررت الأولى
في ذمتها فتقضيها بعد طهرها قوله: (ولا يقدر الطهر في جانب السقوط) بل متى حاضت وكان الباقي
من الوقت يسع ركعة أو ركعتين أو ثلاثا ولو بدون تقدير طهر سقطت الأخيرة وإن حاضت والباقي
من الوقت يسع خمس ركعات ولو بدون تقدير طهر سقطتا معا. قوله: (على المعتمد) أي خلافا لما قاله
اللخمي واختاره عج من أنه يعتبر تقدير الطهر في جانب السقوط كجانب الادراك، فإذا حاضت قبل المغرب
بخمس دقائق إن لم يقدر الطهر ولثلاث إن قدر فعلى ما قاله اللخمي تسقط عنها الثانية فقط، وعلى المعتمد
185

يسقط عنها الظهران معا، وما قاله اللخمي ضعيف، وإن عبر عنه عج بأنه المذهب فقد تعقبه في ذلك طفي
قائلا: أنه لما نقل في التوضيح اعتبار الطهر في جانب السقوط قال: لم أره لغير اللخمي، وكذا ابن فرحون
ولم يذكره ابن شاس ولا ابن الحاجب ولا ابن عرفة فكيف يكون المذهب ما اختاره اللخمي فقط وقد
قال عياض للخمي اختيارات خرج بكثير منها عن المذهب اه‍ قوله: (بخلافه في جانب الادراك) أي
بخلاف الطهر في جانب الادراك فإنه يقدر اتفاقا فإذا طهرت والباقي من الوقت شئ قليل فإن كان
ذلك الباقي من الوقت يسع الطهر وركعة أو ركعتين أو ثلاثة وجبت الأخيرة وإن كان يسع الطهر وخمس
ركعات وجبتا معا. قوله: (فلا يسقطان الصلاة) أي ولو استغرق النوم أو النسيان جميع الوقت
(قوله فكل منها مأمور) أي من جهة الشارع لكن الولي مأمور بالأمر بها والصبي مأمور بفعلها وهذا أي
كون الصبي مأمورا من جهة الشارع بفعلها بناء على أن الامر بالأمر بالشئ أمر بذلك الشئ، وعلى
هذا فالصبي مكلف بالمندوبات والمكروهات، والبلوغ إنما هو شرط في التكليف بالواجبات والمحرمات
وهذا هو المعتمد عندنا، ويترتب على تكليفه بالمندوبات أنه يثاب على الصلاة، وأما على القول بأن الامر
بالأمر بالشئ ليس أمرا بذلك الشئ يكون الولي مأمورا من جهة الشارع فيؤجر دون الصبي فإنه
مأمور من جهة الولي لأجل تدريبه وحينئذ فلا يكون مكلفا بالمندوبات ولا ثواب له عليها، والثواب
عليها لأبويه قيل على السواء وقيل ثلثاه للأم وثلثه للأب. قوله: (أي عند الدخول فيها) أي وهو
سن الاثغار أي نزع الأسنان لا نباتها. قوله: (بلا ضرب) متعلق بأمر قوله: (ضربا مؤلما) أي ولا
يحد بعدد كثلاثة أسواط بل يختلف باختلاف حال الصبيان قوله: (غير مبرح) هو الذي لا
يكسر عظما ولا يشين جارحة قوله: (إن ظن إفادته) شرط في ضربه على تركها إذا دخل في
العشر سنين قوله: (وتندب التفرقة بينهما حينئذ) أي حين الدخول في العشر قوله: (أن لا ينام إلخ) فلا
يشترط في حصول التفرقة أن يكون لكل واحد فراش على حدة بل المدار على كون كل واحد
عليه ثوب سواء كان له فراش على حدة أم لا، فلو كان أحدهما عليه ثوب والآخر عريان والحال أنهما
على فراش واحد فلا يكفي ذلك في حصول ندب التفرقة وقيل إن ذلك يكفي. قوله: (فالمكروه التلاصق)
أي تلاصقهما بعورتيهما من غير حائل بينهما هذا يقتضي أنه لو كان على أحدهما ثوب دون الآخر
كان كافيا في حصول التفرقة وهذا يخالف ما قبله، ولو قال الشارح وقيل إن كان على أحدهما ثوب دون
الآخر كان كافيا في حصول ندب التفرقة فالمكروه التلاصق كان أولى، فالمخاطب بما ذكر من الكراهة
وليه وهم أيضا على المعتمد من خطابهم بالمكروهات ومحل الكراهة ما لم يقصد أحدهما اللذة
بالملاصقة وإلا وجب على الولي منعه منها كما يجب عليه منعه من أكل ميتة ومن كل ما هو معصية
في حق البالغ كشرب الخمر قاله أبو علي المسناوي وغيره، فما في خش وعبق من كراهة تلاصقهما ولو
مع قصد اللذة أو وجودها فيه نظر بل التلاصق في هذه الحالة حرام انظر بن. قوله: (ومنع نفل)
اعلم أن منع النفل في الأوقات الثلاثة التي ذكرها إذا كان النفل مدخولا عليه وإلا فلا منع، كما إذا شرع
في صلاة العصر عند الغروب مثلا أو في صلاة الصبح عند الخطبة فبعد أن عقد منها ركعة تذكر أنه كان
قد صلاها فإنه يشفعها ولا حرمة لان هذا النفل غير مدخول عليه. قوله: (فشمل الجنازة والنفل المنذور)
186

أي وقضاء النفل المفسد وسجود السهو البعدي لأنه لا يزيد على كونه سنة. قوله: (وخطبة جمعة) أي
وأما خطبة غيرها فلا يحرم النفل وقتها بل يكره فقط كما استظهره عج قوله: (لأنه) أي النفل يشغل
عن سماعها الواجب أي عن استماعها الواجب والمراد به السكوت، فلو تفكر بدون كلام حتى لم يسمع
ما قال الامام لم يأثم قوله: (بل من ابتداء إلخ) أي بل يمنع النفل من ابتداء خروجه من الخلوة (قوله
وحال جلوسه عليه) أي إذا كان جلوسه في الوقت المعتاد لصعوده عليه فلو صعد وجلس عليه
قبل الوقت المعتاد فإنما يعتبر الوقت المعتاد إذا جاء فيما يظهر قاله شيخنا قوله: (سينبه عليه في الجمعة) أي من
أنه يحرم بفعل الامام الفعل ويحرم بكلامه الكلام. قوله: (وتذكر فائتة) أي وعند تذكر فائتة
(قوله ولو لداخل مسجد) أي فلا يطالب بتحية المسجد خلافا للخمي حيث قال: لا بأس بالنفل لداخل
المسجد بعد غروب الشمس إلى أن تقام الصلاة أي وكذا بعد الفجر إلى أن تقام الصلاة. قوله: (وكره
بعد أداء فرض عصر) أي وأما النفل بعد دخول وقت العصر وقبل أدائه فلا بأس به بل هو
مندوب كما يأتي. قوله: (إلى أن ترتفع قيد رمح) هذا راجع لقوله: وكره بعد فجر وحاصله أنه تمتد
كراهة النفل بعد الفجر إلى أن يظهر حاجب الشمس فيحرم النفل إلى أن يتكامل ظهور قرصها
فتعود الكراهة إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح، وبهذا التقرير اندفع الاعتراض بدخول وقت المنع
في عموم وقت الكراهة ولم ينبه المصنف على ذلك لقرب العهد بوقت المنع فلا يغفل عنه قوله: (وإلى أن
تصلي المغرب) هذا راجع لقوله: وكره بعد فرض عصر. وحاصله أنه تمتد كراهة النفل بعد أداء
فرض العصر إلى غروب طرف الشمس فيحرم إلى استتار جميعها فتعود الكراهة إلى أن تصلي المغرب
وبهذا التقرير اندفع الاعتراض بدخول وقت المنع في عموم وقت الكراهة. قوله: (إلا ركعتي الفجر
إلخ) هذا مستثنى من قوله: وكره بعد فجر. قوله: (قبل الفرض) أي فلا بأس بايقاعهما قبل صلاة الفرض
فإن صلى الفرض فات الورد والشفع والوتر وأخر الفجر لحل النافلة، وأما لو تذكر الورد أو الشفع
أو الوتر في أثناء الفجر قطعه، وإن تذكره بعد صلاته فإنه يصليه ويعيد الفجر إذ لا يفوت الورد
والشفع والوتر إلا بصلاة الفرض هذا هو المعتمد قوله: (لنائم عنه) أي لكن جواز الورد قبل الفرض
لنائم عنه قوله: (ولم يخف فوات جماعة) أي ولم يخف بفعله بعد الفجر فوات جماعة الصبح وإلا بادر
لفرضه لان صلاة الجماعة أهم من ألف نافلة انظر بن. قوله: (بهذه القيود الأربعة) أي وهي أن يكون
من عادته تأخيره لآخر الليل وأن يكون نام عنه في تلك الليلة غلبة، وأن لا يخاف بفعله بعد الفجر فوات
الجماعة في الصبح، وأن لا يخاف وقوع الصبح في الاسفار. قوله: (وإلا جنازة وسجود تلاوة) هذا
استثناء من وقتي الكراهة أي من مجموع قوله: وكره بعد فجر وفرض عصر. قوله: (لا فيهما فيكرهان على
المعتمد) فلو صلى على الجنازة في وقت الكراهة فإنها لا تعاد بحال بخلاف ما لو صلى عليها في وقت المنع
فقال ابن القاسم: إنها تعاد ما لم تدفن أي ما لم توضع في القبر وإن لم يسو عليها التراب، وقال أشهب لا تعاد
وإن لم تدفن وهذا مع عدم الخوف عليها لو أخرت لوقت الجواز، أما عند الخوف عليها فيصلي عليها
باتفاق ولا إعادة دفنت أم لا، وما قاله أشهب، اقتصر عليه في الطراز وقال: إنه أبين من قول ابن القاسم
(قوله وقطع محرم بنافلة بوقت نهي) أي لأنه لا يتقرب إلى الله بمنهي عنه أي وسواء أحرم بها جاهلا أو
عامدا أو ناسيا وهذا التعميم في غير الداخل والامام يخطب يوم الجمعة فإنه إن أحرم بالنافلة جهلا أو
نسيانا لا يقطع مراعاة لمذهب الشافعي من أن الأولى للداخل أن يركع لو كان الامام يخطب، وأما لو دخل
187

الخطيب عليه وهو جالس فأحرم عمدا أو سهوا أو جهلا، أو دخل المسجد والامام يخطب فأحرم عمدا
فإنه يقطع وسواء في الكل عقد ركعة أو لا قوله: (ولا قضاء عليه) أي لأنه مغلوب على القطع (قوله
مشعر بانعقاده) أي لان النهي عن الصلاة في الأوقات المذكورة ليس لذات الوقت أي ليس لكون
الوقت لا يقبل العبادة كالنهي عن صوم الليل لان الأوقات المذكورة قابلة للصلاة ولا مانع يمنع من
انعقادها كالنهي عن الصوم والصلاة زمن الحيض بل النهي عن الصلاة في تلك الأوقات لامر خارج
عن ذات العبادة وهو كون الساجد في وقت الطلوع والغروب شبيها بالساجد للشيطان والاشتغال عن
سماع الخطبة، وحينئذ فلا يمنع من انعقادها كالصلاة في الدار المغصوبة فإن النهي عنه لامر خارج عن
ذات العبادة وهو شغل ملك الغير بغير إذنه فلا يقتضي الفساد، وقد يقال: إن النهي هنا وإن كان لامر
خارج عن ذات العبادة لكنه ملازم للوقت فكان النهي لذات الوقت، فلذا استظهر العلامة يحيى
الشاوي وشيخنا البطلان وعدم الانعقاد نظير ما قيل في صوم يوم العيد فإن النهي عنه ليس لذات الوقت
ولا لمانع من العبادة بل لامر خارج ملازم للوقت وهو الاعراض عن ضيافة الله، ومعلوم أن صوم يوم
العيد باطل وغير منعقد فتأمل. قوله: (ما لم تدفن) أي ما لم توضع في القبر وإن لم يسو عليها التراب فإذا دفنت
فلا تعاد وهذا قول ابن القاسم، وقال أشهب: لا إعادة مطلقا واختاره في الطراز قوله: (وجازت بمربض بقر
أو غنم) أي من غير فرش يصلي عليه، والمربض بفتح الباء وكسرها محل ربوضها أي بروكها حين القيلولة
والمبيت، وكما يسمى محل بروك الغنم حين القيلولة والمبيت مربضا يسمى أيضا مراحا بضم الميم وفتحها
قوله: (أو بلا حائل) أي هذا إذا جعل بينه وبينها حائل بل ولو بلا حائل يجعله بينه وبينها بأن يصلي
على أرضها من غير أن يفرش شيئا يصلي عليه قوله: (ولو على القبر) أي هذا إذا صلى بين القبور بل ولو صلى
فوق القبر. إن قلت: سيأتي أن القبر حبس لا يمشي عليه ولا ينبش والصلاة تستلزم المشي. قلت: يحمل كلامه
على ما إذا كان القبر غير مسنم والطريق دونه فإنه يجوز المشي عليه حينئذ قوله: (منبوشة أو لا) فيه أن
المقبرة إذا نبشت صار التراب الذي نزل عليه الدم والقيح من الموت ظاهرا على وجه الأرض فيكون
قد صلى على تراب نجس فكيف يحكم بجواز الصلاة؟ وحاصل الجواب أنه سيأتي في كلام المصنف
تقييد الجواز بالأمن من النجاسة بأن يعتقد أو يظن طهارة المحل الذي يصلي عليه والمقبرة إذا نبشت
يمكن أن يعتقد أو يظن طهارة ما صلى عليه وأنه من غير المنبوش، أو أن الدم والصديد النازل من الموتى
لم يعم التراب، أو يقال: إن جواز الصلاة في المقبرة المنبوشة مبني على ما قاله مالك من ترجيح الأصل وهو
الطهارة على الغالب وهو النجاسة عند تعارضهما فتأمل. قوله: (خلافا لمن قال بعدم الجواز في مقبرتهم)
الذي في المواق ترجيح هذا القول فانظره اه‍ بن (قوله وفي تالييه) أي المحجة والمجزرة قوله: (موضع
طرح الزبل) أي والحال أنه لم يصل على الزبل بل في محل لا زبل فيه من غير أن يفرش شيئا طاهرا يصلي
عليه قوله: (ومحجة) مثلها في جواز الصلاة بها من غير أن يفرش شيئا طاهرا يصلي عليه قارعة الطريق
أي جانبه، فالمصنف إنما نص على المتوهم قوله: (موضع الجزر) أي والحال أنه لم يصل على الدم بل في محل
من المجزرة لا دم فيه من غير أن يفرش شيئا طاهرا يصلي عليه قوله: (إن أمنت من النجس) أي بأن تحقق أو
ظن طهارة الموضع الذي صلى فيه منها وقوله هذه الأربعة التي بعد الكاف إنما جعل القيد راجعا لما بعدها
لان ما قبلها وهو مربض البقر والغنم دائما مأمون من النجاسة لان بولها ورجيعها طاهران، وحينئذ فلا
معنى لرجوع القيد له، وقد يقال: إن بولها ورجيعها وإن كان طاهرا لكن منيها نجس فالأولى جعل الشرط
188

راجعا لما بعد الكاف وما قبلها وإن كان ذلك خلاف قاعدة المصنف الأغلبية. قوله: (كموضع منها) أي كأن
يصلي في موضع من هذه الأمور الأربعة: المقبرة والمزبلة والمحجة والمجزرة منقطع عن النجاسة أي بعيد عنها
(قوله وإلا تؤمن) أي بأن شك في نجاسة المحل الذي صلى فيه منها. والحاصل أن هذه الأمور الأربعة
إن أمنت من النجس بأن جزم أو ظن طهارتها كانت الصلاة فيها جائزة ولا إعادة أصلا وإن تحققت
نجاستها أو ظنت فلا تجوز الصلاة فيها وإذا صلى أعاد أبدا، وإن شك في نجاستها و طهارتها أعاد في الوقت
على الراجح بناء على ترجيح الأصل على الغالب وهو قول مالك، وقال ابن حبيب: يعيد أبدا إن كان عامدا
أو جاهلا ترجيحا للغالب على الأصل، فقول المصنف على الأحسن أي خلافا لابن حبيب القائل
بالإعادة أبدا كما علمت وهذا في غير محجة الطريق إذا صلى فيها لضيق المسجد فإن الصلاة فيها حينئذ
جائزة ولا إعادة مع الشك في الطهارة وعدمها كما في كبير خش قوله: (يعني متعبد الكفار) أي سواء
كان كنيسة أو بيعة أو بيت نار قوله: (بدارسة مطلقا) أي سواء اضطر للنزول فيها أو نزلها اختيارا
سواء صلى على فرشها أو فرش شيئا طاهرا وصلى عليه فهذه أربع صور في الدارسة لا إعادة فيها، وذكر
الشارح بعد ذلك في العامرة أربع صور ثلاثة لا إعادة فيها والرابعة فيها الإعادة على الراجح. وحاصلها
أنها إذا كانت عامرة واضطر لنزوله بها فلا إعادة سواء صلى على فراشها أو فرش شيئا طاهرا وصلى
عليه أو طاع بنزوله فيها وصلى على فراش طاهر، وأما إذا نزلها اختيارا وصلى على أرضها أو على فراشها
فإنه يعيد في الوقت على الراجح فجملة الصور ثمانية، وهذه الصور الثمانية من جهة إعادة الصلاة التي
صليت فيها وعدم إعادتها، وأما من جهة كراهة الصلاة فيها وعدمها فالأحوال أربعة الكراهة إن دخلها
مختارا كانت عامرة أو دارسة، وإن دخلها مضطرا فلا كراهة عامرة كانت أو دارسة، وما ادعاه عج من
أن الظاهر من كلام ابن رشد كراهة الصلاة فيها إذا دخلها مضطرا فهو ممنوع إذ لم يذكر ذلك أحد
عن ابن رشد، وكيف يقول ابن رشد بالكراهة مع الاضطرار ويكون ذلك ظاهرا من كلامه والمضطر
يغتفر له ما هو أعظم من هذا كيف ومالك قال في المدونة بالجواز هذا في غاية البعد انظر بن. قوله: (وإلا
أعاد بوقت على الأرجح) أي وهو قول مالك في سماع أشهب بناء على ترجيح الأصل على الغالب
وحمل ابن رشد المدونة عليه لتكون الإعادة في هذا الباب على نمط واحد، وقال به سحنون أيضا، وقال
ابن حبيب: يعيد أبدا وهو مبني على ترجيح الغالب وهو النجاسة على الأصل قوله: (وقيل لا إعادة
أيضا) أي وهو ظاهر المذهب كما في ح بناء أيضا على ترجيح الأصل وهو الطهارة على الغالب
(قوله موضع بروكها) أي وأما موضع مبيتها وقيلولتها فليس بمعطن فلا تكره الصلاة فيه إن أمن
من النجس وهو منيها أو صلى على فراش طاهر وهذا هو الذي في ح واقتصر عليه فيفيد اعتماده، وفي شب
ولا خصوصية لمعطنها بل كذلك محل مبيتها وقيلولتها، وحينئذ فالمراد بالمعطن محل بروكها مطلقا فقد
اعتمد كلام ابن الكاتب قوله: (وهو الثاني) أي وهو الشرب الثاني. وقوله: وهو الأول أي وهو الشرب
الأول. قوله: (وفي الإعادة إلخ) أي وإذا وقع ونزل وصلى في معطن الإبل ففي كيفية الإعادة قولان (قوله
مطلقا) أي سواء كان عامدا أو جاهلا أو ناسيا قوله: (أي أخره الامام أو نائبه) أي أو جماعة المسلمين
إذا كانوا في سفر لأنهم يقومون مقام الامام أو نائبه، ثم إن محل تأخيره وقتله إن كان ماء أو صعيدا وإلا فلا
يتعرض له لسقوطها عنه. قوله: (ويضرب على الراجح) أي وهو قول أصبغ، وقال مالك: لا يضرب وما
في الشرح نحوه في تت وتعقبه طفي بأن خلاف مالك وأصبغ إنما هو في الجاحد في زمن استتابته هل
يخوف بالضرب ثم يضرب وهو قول أصبغ أو يخوف به فقط ولا يضرب وهو قول مالك؟ وكذا النقل في
ابن عرفة وغيره، وأما التارك لها كسلا فاتفقوا على أنه يضرب ولم يذكر أحد أنه لا يضرب وإنما ذكروا ضربه.
189

(قوله ولاربع في العشاءين بحضر) قال عج: الصواب أنه يؤخر لبقاء خمس في العشاءين بحضر اعتبارا
بكون الوقت إذا ضاق اختص بالأخيرة وحينئذ فالتقدير بها، وقد يقال: الأوجه ما قاله الشارح فقد
تقدم أن الراجح التقدير بالأولى ولا وجه للعدول عنه مع أنه أنسب بصون الدماء وإنما عدل عنه
في السفر للتقدير بثلاث مراعاة لصون الدماء قوله: (ولثلاث بسفر) أي في الظهرين والعشاءين
لان التقدير هنا بالأخيرة صونا للدماء كما اختاره البدر القرافي خلافا لعبق حيث قال يؤخر في العشاءين
لأربع حضرا وسفرا قوله: (وتعتبر الركعة مجردة عن فاتحة وطمأنينة واعتدال) أي صونا للدماء
لأننا لو اعتبرناها لبودر بالقتل قوله: (إن كان بحضر) الأولى إن كان من أهلها بأن كان الماء موجودا
وقدر على استعماله فإن لم يكن من أهلها قدر له الطهارة الترابية، وهذا وذكر شيخنا في الحاشية أن بعض
الأشياخ رجح أنه لا يقدر له طهارة أصلا صونا للدماء كما هو ظاهر المصنف قال وهو الظاهر (قوله
وقتل بالسيف) أي على الكيفية الشرعية بمعنى ضرب الرقبة به لا أنه ينخس به حتى يموت صونا للدماء
لعله يرجع كما قال بعضهم. قوله: (فإن لم يطلب بسعة وقتها) أي وإنما طلب بضيقه فإن لم يبق من الوقت
ما يسمع ركعة مع الظهر لم يقتل، وكذا إن طلب بسعته طلبا غير متكرر ثم ضاق الوقت لم يقتل قوله: (حدا)
أورد عليه بأنه لو كان قتله حدا لسقط برجوعه للصلاة قبل إقامته عليه، ألا ترى حد الحرابة فإنه
يسقط بتوبته ورجوعه قبل إقامته؟ لكن القتل هنا لا يسقط برجوعه للصلاة لأنه يقتل، ولو قال: أنا
أفعل وحينئذ فهو ليس بحد. وأجيب بأن بعض الحدود يسقط بالتوبة والرجوع عن سببها كحد
المحارب، وبعضها لا يسقط بالرجوع عن السبب كحد السرقة، وكما هنا فإنه يقتل، ولو رجع عن سببه وهو
الترك وقال: أنا أفعل فقول المعترض لو كان القتل هنا حدا لسقط برجوعه فيه نظر لمنع الملازمة (قوله
خلافا لابن حبيب) أي القائل أنه يقتل كفرا لان ترك الصلاة عنده مكفر قوله: (ولو قال)
أي بعد الحكم بقتله أنا أفعل والمبالغة راجعة لقوله وقتل لا لقوله أخر ولا لقوله حدا، لان
الذي يتوهم على هذين إنما هو إذا قال: أنا لا أفعل أي أخر، ولو قال لا أفعل وقتل حدا لا كفرا ولو
قال لا أفعل حيث لم يكن جاحدا قوله: (ولم يفعل) أي حتى خرج الوقت قوله: (وإلا ترك) أي وإلا بأن
قال: أنا أفعل وفعل ترك ولم يقتل ويعيد من صلى مكرها كما قرر شيخنا والظاهر كما قال غيره أنه يدين
(قوله خلافا لقول ابن حبيب بعدم القتل إلخ) أي لان القتل عنده كفر فيندفع بأدنى دافع
190

(قوله وكرهت) أي الصلاة عليه للفاضل ردعا لغيره، وأما صلاة غير الفاضل عليه فهي إما واجبة أو
سنة على الخلاف فيها قوله: (ولا يطمس قبره) أي لا يخفى أي يكره ذلك فيما يظهر قوله: (لا فائتة) هو
بالنصب عطف على محذوف صفة لفرضا أي حاضرا لا فائتة أو على فرضا بتأويله بحاضرا
(قوله لم يطلب بها في سعة وقتها) أي وإلا أدى إلى أنه لا يقتل أحد لأنه يؤخر إلى أن يبقى مقدار ركعة
ثم يتطهر فيفوت الوقت فنقول: لا يقتل بالفائتة قوله: (الأولى على المقول) أي لان المعتمد للقول بعدم
القتل بالامتناع من فعل الفائتة المازري وأجيب بأن مراد المصنف بقوله وبالقول للمازري اني متى
صرحت بالقول كان للمازري، وليس المراد أنه التزم كل ما كان للمازري يعبر عنه بالقول كذا
أجيب، ولكن هذا الجواب لا يتم لأنه قال بعد وأشير بصحح أو استحسن إلى أن شيخنا غير الذين
قدمتهم، فالأولى في الجواب أن يقال: إن عدم القتل بالفائتة معتمد عند المازري وغيره فالمصنف أشار
لاعتماد غير المازري فقط. تنبيه: حكم من قال لا أصلي من قال لا أتوضأ أو لا أغتسل من الجنابة
فيؤخر إذا طلب بالفعل طلبا متكررا في سعة الوقت إلى أن يصير الباقي من الوقت ما يسع الوضوء أو
الغسل مع الركعة ويقتل بخلاف من قال: لا أغسل النجاسة أو لا أستر عورتي، خلافا لعبق في شرح العزية
للخلاف في ذلك، وقد نص ابن عرفة على أن ترك الصوم كسلا وجحدا كالصلاة أي فتاركه جحدا
كافر وتاركه كسلا يؤخر لقبيل الفجر بقدر ما يوقع فيه النية فإن لم يفعل قتل، وتارك الحج لا يتعرض له
ولو على القول بوجوبه على الفور لأنه منوط بالاستطاعة، ورب عذر في الباطن لا اطلاع لنا عليه وحينئذ
فيدين، وتارك الزكاة تؤخذ منه كرها وإن بقتال، فإن قتل أحدا اقتص منه، وإن مات هو كان هدرا ولا
يقصد قتله وتكفي فيه نية المكره بالكسر. قوله: (الجاحد لوجوبها) أي جملة بأن قال إنها غير واجبة
وقوله: أو ركوعها أو سجودها عطف على ضمير وجوبها أي أو جحد وجوب ركوعها أو وجوب
سجودها مع إقراره بوجوبها بأن قال: الصلاة واجبة لكن الركوع أو السجود أو القيام لها ليس
بواجب فيها قوله: (كافر) قيده ابن عرفة وغيره بما إذا كان غير حديث عهد بالاسلام. قوله: (فإن
تاب) أي فالامر ظاهر قوله: (كجاحد كل معلوم من الدين بالضرورة) أي فإنه يكون مرتدا
اتفاقا سواء كان الدال عليه الكتاب أو السنة أو الاجماع وذلك كالعبادات الخمس، وأما من جحد أمرا
من الدين وكان غير ضروري كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب ففي كفره قولان والراجح
عدم الكفر، كما أن من أنكر أمرا ضروريا وليس من الدين فإنه لا يكون كافرا، كما إذا أنكر وجود بغداد
فصل: في الأذان قوله: (الاعلام بدخول إلخ) يؤخذ من هذا أنه لا يقال أذن العصر
وإنما يقال أذن به قاله البدر. قوله: (سن) أي كفاية. وقوله: الأذان أي الاعلام بدخول وقت الصلاة
بالألفاظ المشروعة. قوله: (أي فعله) أي الأذان بمعنى الألفاظ المشروعة والمراد بفعلها الاتيان
بها. قوله: (أو بعضها) أي أو كان بعضها فوق بعض أو قسم المسجد أهله وإن كان لا يجوز قسمه
ابتداء لارتفاع ملكهم عنه بالتحبيس. قوله: (لا لمنفرد) عطف على قول المصنف لجماعة طلبت
غيرها قوله: (بل يكره لهم) أي للمنفرد والجماعة التي لم تطلب غيرها قوله: (إن كانوا بسفر) أي
بفلاة من الأرض فلا يشترط سفر القصر. قوله: (وخرجت الجنازة أيضا) أي فيكره الأذان
191

لها ولو تعينت ولو على القول بفرضيتها. قوله: (وكان عليه أن يزيد اختياري إلخ) أي وكان عليه أن
يزيد أيضا لا يخشى به خروجه إذ لو خشي أي ظن خروج الوقت بالأذان لم يؤذن لها لأنه يحرم حينئذ
فإن شك فالظاهر الكراهة. قوله: (ولو حكما) الحكمية من حيث نفي الاثم فلا ينافي أن كلا من الصلاة
المقدمة والمؤخرة قد فعلت في وقتها الضروري المقدم أو المؤخر قوله: (لتدخل الصلاة المجموعة) أي فإنه
يؤذن لها عند فعلها قدمت كالعصر في عرفة أو أخرت كالمغرب في المزدلفة قوله: (خلافا لمن قال
بوجوبه لها) هو ابن عبد الحكم قال: إن الأذان الثاني فعلا الذي هو أول في المشروعية واجب، وظاهر
الشرح أن خلاف ابن عبد الحكم في الأذانين معا وليس كذلك، والظاهر أن الوجوب عند ابن عبد الحكم
غير شرطي كما في المج قوله: (وشمل) أي كلام المصنف الأذان الأول والثاني أي فإن كلا منهما سنة كذا
في عبق، قال بن: والحكم على الأول في الفعل بالسنية غير ظاهر لأنه لم يكن في زمن النبي (ص) وإنما
أحدثه بعده سيدنا عثمان فهو أول في الفعل ثان في المشروعية والظاهر أنه مستحب فقط اه‍. قال شيخنا
وقد يقال لما فعله عثمان بحضرة الصحابة وأقروه عليه كان مجمعا عليه إجماعا سكوتيا فالقول بسنيته
له وجه قوله: (ويجب في المصر كفاية) أي فإذا حصل في البلد في أي مكان فقد حصل فرض
الكفاية ويطالبون بعد ذلك بسنية فعله في كل مسجد، وإذا حصل في البلد ومسجدها سقط الفرض
والسنة، وما ذكره الشارح من وجوبه في المصر هو ما جزم به ابن عرفة وجعله المذهب خلافا لظاهر
المصنف وابن الحاجب من أن الأذان سنة مطلقا وأنه لا يجب في المصر، قال ح: ولم يحك ابن عرفة في
وجوبه في المصر خلافا وجعل محل الخلاف وجوبه في مساجد الجماعات وهو الظاهر اه‍ انظر بن (قوله
يقاتل أهل البلد على تركه) أي لأنه من أعظم شعائر الاسلام قوله: (بمعنى الألفاظ) أي لا بمعنى الاعلام
كما تقدم له قوله: (بضم ففتح) أي لا بفتح فسكون المعدول عن اثنين اثنين لئلا يقتضي زيادة كل جملة عن
اثنين، وأن كل جملة تقال أربع مرات لان مثنى معناه اثنان اثنان كذا في عبق وخش، ورد ذلك بأنه
لا يلزم ما قالوا إلا لو كان الضمير راجعا للأذان باعتبار جمله أي وجمل الأذان مثنى أي مثناة لا أنها اثنان
بعد اثنين وإلا كان التكبير مربعا وكذا كل حيلة، وهذا غير متعين لجواز وجعل الضمير راجعا له باعتبار
كلماته، وحينئذ فيصح ضبط قوله مثنى بفتح فسكون والمعنى: وكلمات الأذان مثنى أي اثنان بعد اثنين كما
تقول: جاء الرجال مثنى أي اثنين بعد اثنين فتأمل. تنبيه: يعتبر في كلمات الأذان الترتيب فإن نكس
شيئا منه ابتدأه. وقال المازري في شرح التلقين: إنه يعيد المنكس فقط. قوله: (ولو الصلاة خير من النوم)
الصلاة خير من النوم مبتدأ وخبر والجملة محكية قصد لفظها في محل نصب خبر لكان المحذوفة أي ولو
كان اللفظ الذي يثنى هذا اللفظ وهو الصلاة خير من النوم. قوله: (الكائنة في الصبح خاصة) أي قبل
التكبير الأخير ويقولها المؤذن سواء أذن لجماعة أو أذن وحده خلافا لمن قال بتركها رأسا لمنفرد بمحل
منعزل عن الناس لعدم إمكان من يسمعها من مضطجع لينشط للصلاة كما هو أصل وضعها، ورده سند
بأن الأذان أمر يتبع ألا تراه يقول: حي الصلاة وإن كان وحده وجعل الصلاة خير من النوم في
أذان الصبح بأمر منه عليه الصلاة والسلام كما في الاستذكار وغيره، ففي شرح البخاري للعيني روى
الطبراني بسنده عن بلال أنه أتى النبي (ص) يؤذنه بالصبح فوجده راقدا فقال: الصلاة خير من النوم
مرتين فقال النبي (ص): هذا يا بلال اجعله في أذانك إذا أذنت للصبح اه‍. وأما قول عمر للمؤذن حين
جاء يعلمه بالصلاة فوجده نائما فقال: الصلاة خير من النوم اجعلها في نداء الصبح فهو إنكار على المؤذن
أن يستعمل شيئا من ألفاظ الأذان في غير محله، وهذا لا ينافي أن المشرع لاستعمالها في أذان الصبح
192

النبي (ص)، والحاصل أنه لا منافاة بين رواية إسناد صدورها للنبي صلى الله عليه وسلم ورواية
إسناد صدورها لعمر، لان ما صدر من عمر ليس تشريعا بل على جهة الانكار، وأما الصلاة على النبي
(ص) بعد الأذان فبدعة حسنة أول حدوثها زمن الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة
إحدى وثمانين وسبعمائة في ربيع الأول وكانت أولا تزاد بعد أذان العشاء ليلة الاثنين وليلة الجمعة
فقط، ثم بعد عشر سنين زيدت عقب كل أذان إلا المغرب، كما أن ما يفعل ليلا من الاستغفارات والتسابيح
والتوسلات فهو بدعة حسنة كذا ذكر بعضهم، والذي ذكره العلامة الشيخ أحمد البشبيشي في رسالته
المسماة بالتحفة السنية في أجوبة الأسئلة المرضية أن أول ما زيدت الصلاة والسلام على النبي صلى الله
عليه وسلم بعد كل أذان على المنارة زمن السلطان المنصور حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين
ابن الناصر محمد بن المنصور قلاوون وذلك في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وكان قد حدث قبل
ذلك في أيام السلطان يوسف صلاح الدين بن أيوب أن يقال قبل أذان الفجر في كل ليلة بمصر والشام
السلام على رسول الله واستمر ذلك إلى سنة سبع وسبعين وسبعمائة فزيد فيه بأمر المحتسب صلاح
الدين البرلسي أن يقال: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله ثم جعل ذلك عقب كل أذان سنة إحدى
وتسعين وسبعمائة. تنبيه: كان علي رضي الله تعالى عنه يزيد حي على خير العمل بعد حي على الفلاح
وهو مذهب الشيعة الآن. قوله: (خلافا لمن قال بافرادها) أي وهو ابن وهب قوله: (إلا الجملة الأخيرة)
هذا استثناء من قوله: وهو مثنى، والمراد بالجملة الأخيرة لا إله إلا الله قوله: (فلو أوتره كله أو جله)
أي ولو غلطا. وقوله: لم يجزه أي في تحصيل السنة إن كان الأذان سنة أو في تحصيل الواجب إن كان
الأذان واجبا، أو في تحصيل المندوب إن كان الأذان مندوبا قوله: (كالنصف فيما يظهر) أي وأما لو
أوتر أقله فلا يضر وما ذكره في ايتار الأذان يجري مثله في شفع الإقامة فإذا شفعها كلها أو غالبها أو
نصفها فلا تجزي وإن شفع أقلها أجزأت قوله: (مرجع الشهادتين) يعني أنه يسن للمؤذن أن يرجع
الشهادتين بأعلى من صوته بهما أولا، ويكون صوته في الترجيع مساويا لصوته في التكبير، ولا يبطل
الأذان بترك الترجيع، قيل: الأولى أن يقول مرجع الشهادات إشارة إلى أنه إنما يرجع بعد جمع، وأما قوله
مرجع الشهادتين فيصدق بتكرير مرتي الأولى قبل الثانية، وبالجملة انه يذكر أولا أربع شهادات ثم
يعيدها بأرفع من صوته بها أولا فالجملة ثمان شهادات قوله: (أي أعلى) أشار بهذا إلى أن أرفع مأخوذ من
الارتفاع وهو العلو لا من الرفعة وهي الرقة لأنه يقتضي خفض صوته وليس كذلك. والحاصل أن
المؤذن يرفع أولا صوته بالتكبير لمنتهاه ثم يخفضه بالشهادتين دون التكبير بحيث يسمع الناس ثم يرفع
صوته بهما بحيث يساوي رفعه بالتكبير أولا. قوله: (لخفضه صوته بهما) أي أولا قوله: (لكن بشرط الاسماع)
أي أنه يشترط أن يسمع الناس الشهادتين عند الاتيان بهما أولا قبل الترجيع. قوله: (وإلا لم يكن آتيا
بالسنة) أي بسنة الترجيع بل يكون ما أتى به على أنه ترجيع متمما للأذان وفاتته سنة الترجيع
(قوله ساكنها) تفسير لما قبله وهذا جواب عما يقال: إن الجزم إنما يكون في الأفعال مع أن أواخر الجمل التي
يوقف عليها ليست أفعالا حتى تجزم، قال المازري: اختار شيوخ صقلية جزمه وشيوخ القرويين
إعرابه والجميع جائز اه‍. فالخلاف في الأفضل والمندوب، قال ابن راشد: والخلاف إنما هو في
التكبيرتين الأوليين، وأما غيرهما من ألفاظه حتى الله أكبر الأخير فلم ينقل عن أحد من السلف
والخلف أنه نطق به غير موقوف، وحينئذ فجزم ما عدا التكبيرتين الأوليين من صفاته الواجبة أي
التي تتوقف عليها صحته، وأما في عبق تبعا لح من أن جزمه ليس من الصفات الواجبة معتمدا
193

على ما قال المازري فقد رده بن بالنقل عن أبي الحسن وعياض وابن يونس وابن راشد والفاكهاني
وغيرهم المقتضى أنه من الصفات الواجبة فانظره وأعربت الإقامة لأنها لا تحتاج لرفع الصوت
للاجتماع عندها بخلاف الأذان فإنه محتاج فيه لرفع الصوت وامتداده والاسكان أعون على ذلك
واعلم أن السلامة من اللحن في الأذان مستحبة كما في خش وحينئذ فاللحن فيه مكروه وإنما لم يحرم
اللحن فيه كغيره من الأحاديث لأنه خرج عن كونه حديثا إلى مجرد الاعلام قاله شيخنا قوله: (بلا
فصل) أي حالة كونه متلبسا بعدم الفصل وكان الأولى أن يقول متصل ليكون هذا الوصف على سنن
ما قبله وما بعده قوله: (ويكره الفصل) أي بين كلماته بقول أو فعل غير واجب سواء كان الفصل قصيرا
أو طويلا إلا أنه يبني مع الفصل القصير، وأما مع الطويل فإنه يبتدئ الأذان من أوله والإقامة كالأذان
في البناء وعدمه، والمراد بالفصل الطويل ما لو بنى معه لظن أنه غير أذان ولا يلزم من كون الفصل الطويل
مبطلا للأذان أن يكون حراما هذا ما أفاده عج، وظاهر ح أن الفصل بين كلماته إذا كان طويلا فإنه
يحرم وذلك لان صاحب العمدة عبر بالمنع، فحمله عج على الكراهة وأبقاه ح على ظاهره من التحريم
ويوافقه كلام زروق وهو بعيد لان الأذان من أصله سنة، اللهم إلا أن يحمل على ما إذا أراد إفساد
الأذان بذلك الفصل الطويل قوله: (ولو بإشارة) هذا مبالغة في المفهوم أي فإن فصل كره ولو كان ذلك
الفصل بإشارة لكلام وظاهره أن النهي عن الإشارة إنما هو إذا كان يفصل بها بين جمل الأذان، أما إذا
كان يؤذن وهو يشير فلا وليس كذلك بل تكره مطلقا، وما أحسن قول ابن الحاجب فلا يرد سلاما
ولو بإشارة على المشهور اه‍ بن. واعلم أن المؤذن وإن كان لا يرد حال أذانه سلاما ولو بإشارة لكنه يرد
بعد فراغه من الأذان وجوبا وإن لم يكن المسلم حاضرا وأسمعه إن حضر، ولا يكتفي بالإشارة في حالة
الأذان كما يرد المسبوق على إمامه إذا فرغ من صلاته ولو لم يكن الامام حاضرا والملبي كالمؤذن في جميع
ما ذكر، وقاضي الحاجة والمجامع وإن شاركا المؤذن والملبي في كراهة السلام على كل إلا أن قاضي
الحاجة والمجامع لا يجب عليهما رد بعد الفراغ ولو كان المسلم باقيا بخلاف المؤذن والملبي فإنه يجب عليهما الرد
بعد الفراغ ولو ذهب المسلم. قوله: (لا بأس برده) أي برد المؤذن للسلام بالإشارة قوله: (كالصلاة) أي
كالمتلبس بالصلاة فإنه لا بأس برده السلام بالإشارة قوله: (لها وقع في النفس) أي وحينئذ فلا يتطرق
فيها من الإشارة للرد إلى الكلام قوله: (فأبيح) أي أذن فلا ينافي أنه مطلوب فتأمل قوله: (بخلاف
الأذان) أي فإنه وإن كان عبادة لكنها ليس لها وقع في النفس كالصلاة فلو أجيز فيه الرد بالإشارة
لتطرق للكلام لفظا قوله: (وبنى أن فصل) أي بين كلماته بقول أو فعل قوله: (ويبطل لفوات فائدته)
أي وتجب إعادته في الوقت إذا علموا ببطلانه قبل أن يصلوا، وأما إن صلوا في الوقت ثم علموا أن الأذان
قبل الوقت فلا يعيدون الأذان قاله ابن القاسم، فإن تبين أن الأذان والصلاة قبل الوقت أعادوا الأذان
والصلاة وجوبا قاله ح اه‍ قوله: (إلا الصبح) هو بالرفع على البدلية من الضمير المستتر على المختار
ويجوز نصبه لان مستثنى من منفي قوله: (فبسدس الليل الأخير) أي لأنها تأتي الناس وهم نيام فيحتاج
لتقدم الأذان لأجل انتباه الناس من نومهم وتأهبهم لها قوله: (وظاهره أنه لا يعاد عند طلوع الفجر)
أي وهو قول لسند واختاره الشيخ إبراهيم اللقاني وبعض المحققين من المغاربة كذا قرر شيخنا
(قوله قيل ندبا) هذا ما اختاره طفي فعنده الأذان الأول سنة وتقديمه مندوب والأذان الثاني مندوب
(قوله والراجح سنة) أي فكل واحد من الأذانين سنة وهذا ما اختاره عج وارتضاه بن وقواه
بالنقول. قوله: (وقيل الأول مندوب) أي والثاني سنة وهو ما في العزية، وفي أبي الحسن على الرسالة
194

والحاصل أن الصبح قيل لا يؤذن لها إلا أذان واحد، ويستحب تقديمه بسدس الليل الأخير فالأذان
سنة وتقديمه مستحب ولا يعاد الأذان عند طلوع الفجر وهذا قول سند وهو ظاهر المصنف واختاره
اللقاني والراجح إعادته عند الطلوع، واختلف القائلون به فقيل إعادته ندبا فالأول سنة والثاني مندوب
واختار هذا طفي وقيل استنانا فالأول مندوب والثاني سنة وهو ما في العزية وأبي الحسن على الرسالة
وقيل كل منهما سنة، والثاني أوكد من الأول لأنه الذي تبنى عليه العبادة وهذا هو الذي اختاره عج
وقواه بن بالنقول. تنبيه: يحرم الأذان للصبح قبل سدس الليل الأخير كما ذكره عج في حاشيته
على الرسالة ويعتبر الليل من الغروب، وقول البدر القرافي السدس ساعتان مبني على أن الليل اثنتا عشرة
ساعة دائما وأن الساعة تصغر وتكبر. قوله: (بإسلام) أي مستمر فإن ارتد بعد الأذان أعيد إن
كان الوقت باقيا وإن خرج الوقت فلا إعادة، نعم يبطل ثوابه كذا قال عج قال شيخنا: أقول لا يخفى
أن ثمرته وهي الاعلام بدخول الوقت قد حصلت وحينئذ فلا معنى لإعادته، وفي ح عن النوادر أنهم إن
أعادوا الأذان فحسن وإن اجتزوا به أجزأهم اه‍. ووجهه ظاهر وإن كان كلام عج يقتضي ضعفه
قوله: (فلا يصح من كافر) أي لوقوع بعضه في حال كفره قوله: (ولو عزم على الاسلام) أي كما هو
ظاهر إطلاقهم، وبه جزم ح خلافا لاستظهار ابن ناجي الصحة حيث عزم على الاسلام، والفرق على
الأول بين الأذان والغسل حيث قالوا بصحة الغسل مع العزم على الاسلام دون الأذان أن المؤذن
مخبر فلا بد من عدالته لأجل أن يقبل خبره بخلاف المغتسل. قوله: (على التحقيق) أي وقيل لا يكون
به مسلما هذا ظاهره وصرح به في خش وعبق، قال العلامة بن: ما اقتضاه كلامه من أن في كونه مسلما
بأذانه خلافا نحوه للبساطي، ورده ح بقوله: لا أعلم فيه خلافا اه‍ وقال عج: فلو أذن الكافر كان بأذانه
مسلما عند ابن عطاء الله وغيره كلام الشارح يقتضي أن فيه خلافا وليس كذلك اه‍ كلامه. ثم إن
من حكم بإسلامه بالأذان إذا رجع لدينه فإنه يؤدب ولا تجري عليه أحكام المرتد إن كان لم يقف على الدعائم
لا قبل الأذان ولا بعده، فإن وقف عليها كان مرتدا تجري عليه أحكام المرتد فيستتاب ثلاثة أيام فإن لم
يتب قتل، ومحل كونه إذا وقف على الدعائم ورجع يكون مرتدا ما لم يدع أنه أذن لعذر كقصد التحصن
بالاسلام لحفظ ماله مثلا وإلا قبل منه ذلك ولا يكون مرتدا حيث قامت قرينة على ما ادعاه. قوله: (فلا
يصح من مجنون إلخ) أي وأما لو جن في حال أذانه أو مات في أثنائه فإنه يبتدأ الأذان من أوله على
الظاهر وقيل بالبناء على ما فعل الأول قوله: (فلا يصح من امرأة) أي لحرمة أذانها، وأما قول اللخمي
وسند والقرافي يكره أذانها فينبغي كما قال ح أن تحمل الكراهة في كلامهم على المنع إذ ليس ما ذكروه
من الكراهة بظاهر لان صوتها عورة انظر بن، وقد يقال: إن صوت المرأة ليس عورة حقيقة بدليل
رواية الحديث عن النساء الصحابيات وإنما هو كالعورة في حرمة التلذذ بكل وحينئذ فحمل الكراهة
على ظاهرها وجيه تأمل. قوله: (فلا يصح من صبي مميز) أي ولو لم يوجد غيره كما إذا كان مع
نساء بموضع وليس فيه غيره قوله: (إلا أن يعتمد إلخ) أي فإن اعتمد على من ذكر صح أذانه
وظاهره أنه يسقط به فرض الكفاية عن أهل البلد المكلفين به فتأمل قوله: (وندب متطهر)
أي أذان متطهر إذ لا تكليف إلا بفعل قوله: (والكراهة من الجنب) أي بغير دخول المسجد أشد
أي من الكراهة من المحدث حدثا أصغر. إن قلت: ما فائدة شدة الكراهة مع ما تقرر أن المكروه
195

لا ثواب ولا عقاب في فعله. قلت: فائدتها أن ما اشتدت كراهته يكون الثواب في تركه أكثر من
الثواب في ترك ما لم تشتد كراهة فعله، أو أن المعاتبة على ما اشتدت كراهته أكثر من المعاتبة على
ما دونه في الكراهة، والمراد المعاتبة في الدنيا بحسب الاستحقاق كما نقله شيخنا عن شيخه محمد
الصغير، واستظهر هو أن المراد المعاتبة في الدنيا والآخرة إذ لا مانع من إرادة ذلك. قوله: (أي حسن
الصوت) أي وكره غليظه قوله: (مرتفعه) أي من غير تطريب وإلا كره لمنافاته الخشوع
والوقار والكراهة على بابها ما لم يتفاحش التطريب والاحرام كذا قالوا، ولعل مرادهم بالحرمة
البطلان وإلا فالأذان من أصله سنة، أو أن مرادهم الحرمة من حيث الاستخفاف بالسنة تأمل، ويرجع
في تفاحشه لأهل المعرفة الذين لا تلتبس عليهم الأمور. والتطريب تقطيع الصوت وترعيده
كما يفعل ذلك بعض المؤذنين بمصر، ثم إن تفسير الشارح الصيت بأمرين الحسن والارتفاع تبع فيه
عبق وخش قصره على الارتفاع وجعل الحسن زائدا على كلام المصنف. قوله: (بمكان) أي على
مكان عال علوا ظاهرا كمئذنة أو سقف كان سقف المسجد أو غيره أو على حائط كان حائط المسجد
أو غيره أو على دابة لا نحو مصطبة، فلا يكفي في تحصيل المندوب وهذا كله مع الامكان. قوله: (وظاهره
مطلقا) أي ظاهره جواز الجلوس لعذر مطلقا أذن لنفسه أو لغيره قوله: (لكن قال فيها إلخ)
لفظها قال مالك: يكره أذان القاعد إلا أن يكون من عذر من مرض أو غيره فيؤذن لنفسه لا للناس
(قوله مستقبل) أي للقبلة. وقوله: إلا لاسماع أي فإنه يدور حول المنار ويؤذن كيف تيسر ولو أدى
لاستدباره القبلة بجميع بدنه، وظاهرها كالمصنف جواز الدوران حالة الأذان وهو كذلك، وقيل
لا يدور إلا بعد فراغ الكلمة، وقيل إن كان الدوران لا ينقص من صوته فالأول وإلا فالثاني، ورابعها
لا يدور إلا عند الحيعلة والمعتمد الأول، والأولى أن يبتدئ الأذان للقبلة وابتداؤه لغيرها
خلاف الأولى. قوله: (وحكايته لسامعه) أي بلا واسطة أو بواسطة كأن يسمع الحاكي للأذان
وفهم منه أن غير السامع لا تندب له الحكاية وإن أخبر بالأذان أو رأى المؤذن وعلم أنه يؤذن ولو كان
عدم سماعه لعارض كصمم، ثم إن قوله لسامعه يفيد أنه لا يحكي أذان نفسه، ويحتمل أنه يحكيه
لأنه سمع نفسه، وفي الذخيرة عن ابن القاسم في المدونة: إذا انتهى المؤذن لآخر الأذان يحكيه إن شاء اه‍
فلا يحكي أذان نفسه قبل فراغه لما فيه من الفصل وإنما يحكيه بعد الفراغ، وهل يحكي المؤذن أذان مؤذن
آخر سمعه أولا قولان، وعلى الأول فيحكيه بعد فراغه، وإذا تعدد المؤذنون وأذنوا واحدا بعد واحد
فاختار اللخمي تكرير الحكاية وقيل تكفيه حكاية الأول ويجزي على مسألة المترددين بالحطب
لمكة قوله: (إلا أن يكون) أي الأذان مكروها كما لو كان الأذان لفائتة أو لجنازة أو في الوقت
الضروري أو كان فيه تطريب كأذان مصر كما قال ابن راشد وأولى إذا كان محرما قوله: (فإن سمع
البعض اقتصر في الحكاية على ما سمع) تبع في ذلك عبق قال شيخنا: وهو خلاف الظاهر، والظاهر أنه
يحكي الأذان كله كما يفيده خبر: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول إذ المتبادر من قوله: إذا سمعتم ولو
البعض خصوصا وقد قال فقولوا مثل ما يقول ولم يقل مثل ما قال قوله: (لمنتهى الشهادتين) أي فما
196

زاد على ذلك تكره حكايته كما في كبير خش. قوله: (وقيل يبدلهما بحوقلتين) حاصله أن هذا القول يقول
بندب حكاية الأذان لآخره إلا أنه يبدل الحيعلة في كل مرة بالحوقلة، وذكر في المج أن هذا القول هو
الراجح قوله: (ولا يبدلها بقوله صدقت إلخ) أي وقيل يبدلها والأول أقوى قوله: (ومقابل المشهور
يحكيه) الذي في المدونة أن السامع لا يحكي الحيعلتين وأنه مخير في حكاية ما بعد ذلك من التهليل
والتكبير إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، انظر نصها في بن وفي التوضيح، وإذا قلنا لا يحكيه في الحيعلتين فهل
يحكيه فيما بعد ذلك من التهليل والتكبير؟ خيره ابن القاسم في المدونة. والحاصل أن الأذان قيل
تندب حكايته لآخره إلا أنه يبدل الحيعلة بحوقلة ورجحه في المج، وقيل: إن الحكاية لمنتهى الشهادتين
ولا يحكى الحيعلتين ولا يبدلهما بالحوقلتين وهذا هو المشهور، وعلى هذا فقيل: لا يحكي التهليل والتكبير
الأخير، وقيل إنه يخير في حكايته وهو المعتمد. إن قلت: قوله في الحديث فقولوا مثل ما يقول ظاهر
في حكاية كل الأذان. قلت المثلية تصدق عند العرب بالمثلية في الكل وبالمثلية في البعض فأصحاب القول
المشهور حملوا المثلية في الحديث على أدنى الرتب وهي المماثلة في البعض فجعلوا الحكاية لمنتهى الشهادتين
وغيرهم حملوا المثلية على أعلى الرتب وهي المماثلة في الكل فجعلوا الحكاية لآخر الأذان انظر البدر
(قوله فلا يحكي الترجيع) أي إذا كان سمع التشهدين أولا وحكاهما فإن لم يسمعهما حكى الترجيع. قوله: (ويستفاد
منه إلخ) أي من ترك حكاية الترجيع أن المؤذن إلى آخره وذلك لان ترك حكاية التربيع الذي ليس
مشروعا في المذهب أولى من ترك حكاية الترجيع المشروع في المذهب، فإذا لم يحك الترجيع مع أنه
مشروع في المذهب فالأولى تربيع التكبير الذي هو غير مشروع فيه، وهذا قول الشيخ سالم السنهوري
وهو المعتمد، واستظهر بعضهم حكاية التربيع لعموم قوله في الحديث: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول
ومن جملة ما يقول تربيع التكبير، وأما الترجيع فلا يحكى اتفاقا إلا بالقيد السابق قوله: (إن الحاكي لا يربعه)
أي بل يحكي أوليه فقط إن سمعهما وإلا حكى أخيرتيه قوله: (ولو متنفلا) أي خلافا لمن قال: إن المصلي
فرضا أو نفلا لا يحكيه. قوله: (أي مصليا النافلة) أراد بها ما قابل الفرض قوله: (وإلا بطلت) أي إن
فعل ذلك عمدا أو جهلا لا سهوا قوله: (كأن حكى لفظ الصلاة خير من النوم) تشبيه في البطلان يعني إن
حكى ذلك عمدا أو جهلا لا سهوا قوله: (وكذا إن أبدلها بما مر) أي وهو صدقت وبررت أي فتبطل
الصلاة إن صدر ذلك منه عمدا أو جهلا لا سهوا قوله: (لا إن كان مفترضا) أراد بالفرض ما قابل النفل
فيشمل الفرض الأصلي والمنذور، وما ذكره من أن المفترض لا يحكي الأذان هو المشهور خلافا لمن قال
إن سامعه يحكيه ولو كان مفترضا، فقول المصنف لا مفترضا عطف على قوله متنفلا داخلا في حيز المبالغة
لما علمت أن الخلاف جار في القسمين. ولا يقال إنه يلزم على جعل مفترضا عطفا على متنفلا ركة في
اللفظ. لأنا نقول: يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع. قوله: (فيكره له حكايته) أي وهو في الصلاة بدليل
ما بعده، فإن حكاه فلا بطلان مع الكراهة، فإذا زاد في الحكاية على الشهادتين جرى فيه ما تقدم في المتنفل
من قوله: فإن حكى ما زاد إلخ قوله: (ويحكيه بعد الفراغ منه) أي ويحكيه ندبا بعد الفراغ من
الفرض ولو بعد فراغ الأذان قوله: (لا جماعة حاضرة لم تطلب غيرها) أي كأهل الربط والزوايا
(قوله فيكره لها إلخ) أي ما لم يتوقف إعلام غيرهم بدخول الوقت على أذانهم وإلا سن
لهم كما قاله ابن مرزوق قوله: (على المختار) أي على ما اختاره اللخمي من قولي مالك
197

لقوله في قول مالك: لا أحب الأذان للفذ الحاضر والجماعة المنفردة هذا هو الصواب، ومقابله الاستحباب
لقول مالك مرة أخرى: إن أذنوا فحسن، واختاره ابن بشير قال: لأنه ذكر ولا ينهى عن الذكر من
أراده، وحمل قوله الأول لا أحب على معنى لا يؤمرون به كما يؤمر به الأئمة في مساجد الجماعات
أي لا يؤمرون به على جهة السنية. قوله: (إن كان تبعا لغيره فيه) أي إن كان تابعا لغيره في أذانه
(قوله وتعدده) يحتمل أن الضمير راجع للأذان أي وجاز تعدد الأذان بمسجد واحد، وعلى هذا فيدخل في
كلامه تعدده من مؤذن واحد مرات في المسجد الواحد مع أنه مكروه كما قال سند، نعم استظهر ح الجواز
حيث انتقل لركن آخر منه، ويحتمل أن الضمير عائد على المؤذن أي جاز تعدد المؤذن في مسجد أو غيره
كمركب أو محرس وذلك بأن يكون شخصان أو أكثر كل واحد مؤذن بجانب من المسجد أو من غيره من
الأمكنة المعدة للصلاة قوله: (حضرا وسفرا) راجع لقوله أو غيره فغير المسجد في الحضر كالمحرس وفي السفر
كالمركب وليس راجعا للمسجد وغيره لان المسجد لا يكون في السفر، فإن أريد بالمسجد ما أعد لصلاة
الجماعة وهذا يتأتى في الحضر والسفر كان قوله أو غيره مستغنى عنه فتأمل قوله: (وجاز ترتبهم) أي وهو
أفضل من جمعهم الآتي قوله: (بأن يؤذن واحد بعد واحد) أي بأن يؤذن الأول ويفرغ ثم الثاني ويفرغ
وهكذا قوله: (فيكره ترتبهم لضيق وقتها) أي وحينئذ فلا يؤذن لها إلا واحد منفرد أو جماعة مجتمعة
قوله: (إن لم يؤد) أي ترتبهم إلى خروج وقتها قوله: (وإلا كره) أي وحينئذ فلا يحكي ويكره للجالس
عنده يوم الجمعة أن يتنفل كالأذان الممنوع كما استظهره شيخنا قوله: (ما لم يؤد) أي اعتداده وبناؤه على
أذان صاحبه إلى تقطيع اسم الله أو رسوله، فإن أدى لذلك كما لو نطق أحدهما بالميم والحاء من محمد والثاني
بالميم والدال حرم، قال الشيخ أبو علي المسناوي: لم أر هذا إلا لعج ومن تبعه، وانظر هل يصح هذا فإن الاسم
إذا تقطع لتنفس ونحوه على نية التلفظ به لا يمنع، وقد عللوا النهي عن قراءة القرآن جماعة بالتقطيع ومع
ذلك قالوا النهي للكراهة لا أنه منع اه‍ بن. قوله: (وجاز لسامعه حكايته قبله) أي وجاز لسامع أوله من
المؤذن، وقوله حكايته أي حكاية باقيه، وقوله قبله أي قبل تمامه وسواء كان ذلك لحاجة أو لا، والمراد
بالجواز خلاف الأولى لان متابعة الحاكي للمؤذن في لفظه مستحبة كذا قال شيخنا قوله: (بأن سمع
أوله إلخ) أي وأما نطقه به قبل نطق المؤذن بأوله فلا يسمى حكاية أصلا فلا يكون آتيا بمندوبيتها
فيما يظهر قاله عبق، ولا تفوت الحكاية بفراغ المؤذن بل يحكى ولو فرغ المؤذن منه كما قاله الشيخ
أحمد الزرقاني قوله: (تجوز) أي فهو من باب إطلاق ما ثبت للجزء من الحكاية على الكل، هذا
إن لوحظ إطلاق الحكاية على المجموع، أما إن لوحظ إطلاق الحكاية على ما لم يأت به المؤذن فقط كان
من إطلاق ما ثبت للجزء على الجزء المجاور له. قوله: (وأولى أذان وإقامة) بل ويجوز
أخذ الأجرة على الثلاثة إذا استؤجر عليها صفقة واحدة. قوله: (أو وقف المسجد) أي
وأما ما وقف ليستأجر من غلته من يؤم بالناس في المسجد الفلاني فهذا من باب الإجارة كما قاله
198

بعض الموثقين. تنبيه: قد جرت عادة الأكابر بمصر ونحوها بإجارة إمام في بيوتهم والظاهر أنه
لا بأس به لان الأجرة في نظير التزام الذهاب للبيت كذا في المج. قوله: (بناء على كراهته) أي كما يقول
القرافي والمعتمد حرمة لعبه وحينئذ فيحرم السلام على لاعبيه حال لعبهم. قوله: (وأهل المعاصي) أي
كالكافر والمكاس والظالم قوله: (لا في حال المعصية) أي لان السلام عليهم في تلك الحالة حرام لا مكروه
فقط قوله: (وآكل أو قارئ قرآن فلا يكره) أي ويجب عليهما الرد كما قال عج قال بن: وفيه نظر فقد
اقتصر ح على الكراهة فيهما قائلا: إن ابن ناجي وشيخه أبا مهدي لم يقفا على ذلك أي على الجواز فيهما
والحاصل أن القول بجواز السلام على الآكل والقارئ هو ما رجحه عج قائلا إنه المذهب، و ح
اقتصر فيهما على الكراهة ورجحه بن اه‍ قوله: (وكره إقامة راكب) أي بخلاف أذانه فإنه جائز
قوله: (لأنه ينزل إلخ) هذا تعليل بالمظنة فلا يرد من كان عنده خادم. والحاصل أن الكراهة مطلقا
كان له خادم أم لا والتعليل المذكور بالمظنة. قوله: (بخلاف المعيد لبطلانها) أي فلا يكره له الإقامة لتلك
الصلاة التي يعيدها قوله: (كأذانه) أي أنه إذا أذن لصلاة وصلاها ثم أراد إعادتها لفضل الجماعة فيكره
أذانه ثانيا لتلك المعادة قوله: (وأولى إن لم يرد الإعادة فيهما) أي فإذا أقام الصلاة وصلاها ولم يرد
إعادة تلك الصلاة فيكره له إقامتها لجماعة يصلون أو أذن لصلاة وصلاها ولم يرد إعادتها فيكره له أن
يؤذن لتلك الصلاة لجماعة يريدون صلاتها. والحاصل أن من أذن لصلاة وصلاها يكره له أن يؤذن
لها ثانيا سواء أراد إعادتها لفضل الجماعة أم لا، وكذا من أقام صلاة وصلاها يكره له أن يقيم لها ثانيا سواء
أراد إعادتها لفضل الجماعة أم لا. قوله: (بخلاف من أذن ولم يصل إلخ) هذه عكس مسألة المصنف لان
مسألة المصنف أذن لها وصلاها وهذه أذن ولم يصلها، وبقي صورة أخرى وهي ما إذا صلاها بلا أذان
وأراد إعادتها لفضل الجماعة فيكره أذانه لتلك المعادة، وهذه يتناولها كلام المصنف أيضا فتحصل أن
كل من برئت ذمته من صلاة يكره له أن يؤذن لها أو يقيم سواء أراد إعادتها أم لا، وسواء أذن لها أو لا
وأقام أو لا. قوله: (وتسن إقامة) قال بن: لا خلاف أعلمه في عدم وجوبها قال في الاكمال: والقول بإعادة
الصلاة لمن تركها عمدا ليس لوجوبها خلافا لبعضهم بل للاستخفاف بالسنة قوله: (أو مع نساء) أي
إماما بهم. قوله: (وكفاية لجماعة) قال بن: سمع ابن القاسم لا يقيم أحد لنفسه بعد الإقامة ومن فعله خالف
السنة. ابن رشد: لان السنة إقامة المؤذن دون الامام والناس. وفي إرشاد اللبيب قال المازري
كان السيوري يقيم لنفسه ولا يكتفي بإقامة المؤذن ويقول: إنها تحتاج لنية والعامي لا ينويها
ولا يعرف النية، المازري: وكذلك أنا أفعل فأقيم لنفسي اه‍. قال شيخنا: والحق
أن الإقامة يكفي فيها نية الفعل كالأذان ولا تتوقف على نية القربة ونية الفعل حاصلة
من العامي، فما كان يفعله المازري والسيوري إنما يتم على اشتراط نية القرابة. تنبيه
ذكر ح أنه يندب للمقيم طهارة وقيام واستقبال، وفي حاشية الشيخ كريم الدين البرموني عن ابن
عرفة: أن الوضوء شرط فيها بخلاف الأذان لان اتصالها بالصلاة صيرها كالجزء منها ولأنها آكد من
199

الأذان بدليل أن المنفرد الحاضر تسن في حقه دون الأذان اه‍. والمعتمد ما ذكره ح كما في عبق، لكن
الذي في بن أن ما قاله ابن عرفة هو ظاهر المدونة فتأمل. قوله: (ولو قد قامت الصلاة) أي على المشهور
خلافا لرواية المصريين عن مالك من شفع قد قامت الصلاة. قوله: (أو جلها) أي أو نصفها على الظاهر
لا أقلها فلا يضر كما مر في الأذان قوله: (ولو غلطا) أي هذا إذا شفعها عمدا بل ولو غلطا لا إن رأى المقيم
شفعها مذهبا فإنه لا يضر قوله: (لفرض) متعلق بتسن لا بثنى لإيهامه خلاف المقصود وهو الدلالة
على سنية الإقامة مطلقا وأنه بثني التكبير فيها في الفرض دون النفل، ولو قدم قوله لفرض فقال: وتسن
لفرض إقامة إلخ لسلم من الايهام المذكور قوله: (وتتعدد) أي الإقامة بتعدده أي بتعدد ما عليه من
الفرائض القضاء قوله: (ما لم يخف خروج وقته) أي الذي هو فيه سواء كان ضروريا أو اختياريا
قوله: (واشتغال) أي بعدها وقبل تسوية الصفوف بدعاء قوله: (ولا يدخل الامام المحراب إلا بعد تمامها) أي
ليصطف الناس وذلك علامة على فقهه كتخفيف الاحرام والسلام لئلا يسبقه المأموم فتبطل
صلاته وتخفيف الجلوس الأول. وفي ح وغيره: أنها ثلاث يعرف بها فقه الامام لان الشأن أنه لا
يعرفها إلا فقيه. قوله: (ولو تركت عمدا) أي خلافا لابن كنانة القائل ببطلانها إذا تركت عمدا
لاستخفافه بالسنة قوله: (وكذا تندب لصبي صلى لنفسه) علم منه أن الإقامة مندوبة عينا لصبي وامرأة
إلا أن يصاحبا ذكورا بالغين فتسقط عنهما بإقامتهم، ولم تجز إقامة الصبي أو المرأة للبالغ لان المندوب
لا يكفي عن السنة قوله: (وليقم) أي ندبا. وقوله: مريد الصلاة أي غير المقيم، وأما هو فتقدم أنه يندب
قيامه حال الإقامة قوله: (بقدر الطاقة) قصد بذلك التنبيه على مخالفة أبي حنيفة فإنه يقول يقوم عند
حي على الفلاح وعلى سعيد بن جبير القائل أنه يقوم عند قوله أولها: الله أكبر.
فصل: شرط الصلاة قوله: (وهي) أي شروط الصلاة مطلقا لا بقيد كونها شروط صحة. قوله: (وعدم
الاكراه) أي فإن أكره على تركها لم يجب عليه، والظاهر أن الاكراه هنا يكون بما يأتي في الطلاق من
خوف مؤلم من قتل أو ضرب أو سجن أو قيد أو صفع لذي مروءة بملأ، إذ هذا الاكراه هو المعتبر في
العبادات كذا في بن نقلا عن طفي. قوله: (كذا قيل) قائله عبق ومثله في ح قال بن: وفي
عدهما عدم الاكراه شرطا في الوجوب نظر إذ لا يتأتى الاكراه على جميع أفعال الصلاة، وقد نقل
ح نفسه أول فصل يجب بفرض قيام إلخ عن أبي العباس القباب وسلمه أن من أكره على ترك
الصلاة سقط عنه ما لم يقدر على الاتيان به من قيام أو ركوع أو سجود، ويفعل ما يقدر عليه من إحرام
وقراءة وإيماء كما يفعل المريض ما يقدر عليه ويسقط عنه ما سواه اه‍. فالاكراه بمنزلة المرض المسقط
لبعض أركانها ولا يسقط به وجوبها اه‍ كلامه. قوله: (كما يأتي) أي في قول المتن وإن لم يقدر إلا على
نية أو مع إيماء بطرف فقال وغيره لا نص ومقتضى المذهب الوجوب قال شيخنا: وقد يقال إن
200

الشرطية باعتبار الهيئة الخارجية وهذا لا ينافي وجوبها عليه بالنية فاندفع الاعتراض (قوله
والإسلام) جعله شرط صحة فقط بناء على المعتمد من أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وأما على
مقابله من أنهم غير مخاطبين بها فهو شرط وجوب وصحة معا قوله: (والعقل) اعلم أن كونه شرطا لهما
حيث ضم له البلوغ فإن لم يضم له فلا يكون شرطا في الوجوب كذا قيل وفيه نظر فإن عدم الوجوب لازم
لعدم العقل كان البلوغ موجودا أم لا؟ وهذا القدر كاف في تحقق شرطيته لان الشرط ما يلزم من عدمه
عدم المشروط. فإن قلت: وجود العقل لا يقتضي وجود الوجوب إلا إذا ضم له البلوغ. قلت: طرف
الوجود لا يعتبر في الشروط ولو اعتبرناه لزم في الشروط المذكورة كلها أنه لا يكون واحد منها شرطا
إلا مع ضم الباقي له ولا معنى له فتأمل. قوله: (ودخول الوقت) الحق أن دخول الوقت سبب في الوجوب
وشرط في الصحة لصدق تعريف السبب بالنسبة للوجوب عليه قوله: (عامة) أي في الرجال والنساء
(قوله طهارة حدث) الإضافة على معنى اللام أي طهارة منسوبة لحدث وخبث لا على معنى من لان
المضاف إليه ليس أصلا للمضاف كخاتم حديد قوله: (على قسمين) أي وهما ما إذا نزل عليه الرعاف قبل
الدخول في الصلاة وما إذا نزل عليه بعد دخوله فيها قوله: (وإن رعف قبلها إلخ) حاصله أنه إذا نزل
عليه دم الرعاف قبل الدخول في الصلاة واستمر نازلا عليه فإن اعتقد أو ظن انقطاعه قبل خروج
الوقت أو شك في ذلك فإنه يؤخر الصلاة وجوبا لآخر الاختياري، وسواء كان الدم سائلا أو قاطرا
أو راشحا فهذه تسع صور، ومفهومه أنه إن اعتقد دوامه لآخر الاختياري أو ظن ذلك فإنه يقدم
الصلاة في أول وقتها إذ لا فائدة في تأخيرها سواء كان الدم سائلا أو قاطرا أو راشحا فهذه ست صور
فالجملة خمس عشرة صورة موضوعها حصول الرعاف قبل الدخول في الصلاة. قوله: (ودام) أي استمر
نازلا بالفعل قوله: (ورجا انقطاعه) أي اعتقد ذلك أو ظنه قوله: (أو شك) أي في انقطاعه قبل خروج
الوقت وعدم انقطاعه وهذا معلوم بطريق الأحروية مما يأتي في قوله: وإن لم يظن لأنه إذا كان مع
الشك يقطع الصلاة بعد تلبسه بها فلان يؤخرها معه قبل الدخول فيها أحرى وأولى. قوله: (لآخر
الاختياري) أي لمقارب آخره بحيث يدرك فيه ركعة، وما ذكره المصنف من التأخير لآخر الاختياري
هو الراجح وقيل يؤخر لآخر الضروري كما في ح وفيه نظر، إذ قد تقدم في التيمم ما يفيد أن الضروري
لا تأخير فيه. قوله: (فإن ظن استغراقه الاختياري) أي أو اعتقد ذلك. وقوله قدم أي قدم
الصلاة من غير تأخير لها أصلا، بقي ما إذا رعف قبل دخوله صلاة عيد أو جنازة وخاف بانتظار انقطاعه
فوات العيد والجنازة فهل يصلي بحاله أو يتركهما خلاف في ح وغيره الأول لأشهب والثاني لابن المواز
(قوله لم تجب الإعادة) أي بل ولا تستحب على الظاهر كما قاله شيخنا قوله: (أو فيها إلخ) حاصله أنه إذا
رعف وهو في الصلاة فإن ظن دوامه لآخر الاختياري أو اعتقد ذلك أتمها على حالته التي هو عليها
سواء كان الدم سائلا أو قاطرا أو راشحا فهذه ست صور، ومحل الاتمام إن لم يخش تلطخ فرش مسجد
فإن خشي تلطخه ولو بقطرة قطع وخرج منه وابتدأها خارجه. قوله: (وهو في العيد
إلخ) أي أنه ينزل منزلة ظن دوامه لآخر الاختياري في الفريضة ظن دوامه
لفراغ الامام من صلاة العيد والجنازة، وقوله بأن لا يدرك إلخ أي بأن
201

يخاف أن لا يدرك إلخ، فإذا رعف في صلاة العيد أو الجنازة قبل أن يركع ركعة من العيد وقبل أن يكبر
تكبيرة ثانية من الجنازة وخاف إن خرج لغسل الدم لا يدرك معه ركعة من العيد ولا تكبيرة أخرى من
الجنازة فإنه لا يخرج لغسل الدم ويتمادى مع الامام على حالته، وأما لو حصل له الرعاف بعد ركعة من العيد
وبعد تكبيرتين من صلاة الجنازة أو حصل له الرعاف قبل ذلك وظن أنه بعد غسل الدم يدرك مع الامام
ركعة من العيد أو تكبيرة من الجنازة غير الأولى فإنه يخرج لغسل الدم قاله أشهب، وقال ابن المواز: يخرج
مطلقا لغسله ويتم وحده ويبني على صلاته بعد غسله وذهاب الامام قوله: (وقيل في العيد الزوال) صنيع
الشارح يقتضي أن هذا مقابل لما قبله وليس كذلك. وحاصله أن الوقت المعتبر في صلاة العيد فذا هو
الزوال، وفي صلاة الجنازة فذا هو رفعها، والوقت المعتبر فيمن صلاهما جماعة هو فراغ الامام منهما وأصله
لعج، ولم يتكلم ابن المواز وأشهب إلا على الراعف في جماعة، قال بن: لكن قول عج أن المعتبر في صلاة
الجنازة فذا هو رفعها غير ظاهر لأنه إن كان هناك هذا الراعف لم يحتج لهذا الراعف وإلا لم ترفع
حتى يصلي عليها، ولو اعتبروا الوقت بخوف تغيرها كان ظاهرا اه‍. وقد يقال باختيار الأخير ويحمل الرفع
على ما إذا كان لمقتض كخوف تغير أو هجوم قوم كما قرره شيخنا. قوله: (أتمها على حالته) أي سواء كان
الدم سائلا أو قاطرا أو راشحا. قوله: (أو بلاطه) فيه نظر والظاهر كما قال المسناوي أن البلاط ليس
كالفرش لسهولة غسله بل هو كالحصباء انظر بن قوله: (قطع وخرج منه) أي ولو ضاق الوقت بقطعه
وخروجه من المسجد قوله: (أنه يتمها في المترب والمحصب) أي ولو نزل في التراب والحصباء أكثر من
درهم لان التراب والحصباء يشربان الدم. قوله: (لخوف تأذيه) أي لخوف تألمه بحصول ضرر في
جسمه والمراد بالخوف الظن والشك لا الوهم، فلا يجوز الايماء عند توهم الضرر كما قال شيخنا ولا إعادة على من
أومأ ثم ارتفع الدم عنه بعد الصلاة لا في الوقت ولا بعده كما نقله أبو الحسن عن ابن رشد. قوله: (حيث
يفسده الغسل) إنما وجب الايماء في هذه الحالة صيانة للمال لا لكون الطهارة شرطا في حقه
فإن كان لا يفسده الغسل وجب أن يتمادى بالركوع والسجود، ولو تلطخ بالفعل بأكثر من درهم فضلا
عن خوف التلطخ كما قاله شيخنا وبن خلافا لعبق ومن وافقه لان الموضوع أنه ظن دوام الدم لخروج
الوقت والمحافظة على الأركان أولى من المحافظة على عدم النجاسة لأن النجاسة لغو حينئذ. قوله: (بأن اعتقد)
أي انقطاعه قبل خروج الوقت المختار، وقوله أو ظن انقطاعه أي قبل خروج الوقت المختار، وقوله أو
شك فيه أي في انقطاعه قبل خروج الوقت المختار فهذه ثلاثة أحوال، وفي كل منها إما أن يكون الدم
سائلا أو قاطرا أو راشحا فهذه تسع صور تضم للستة قبلها تكون الجملة خمس عشرة صورة فيما إذا طرأ
الدم في الصلاة تضم للخمسة عشر التي في نزول الدم قبل الصلاة فجملة صور الرعاف ثلاثون
(قوله فله ثلاثة أحوال) أي لان الدم إما أن يكون سائلا أو قاطرا أو راشحا. قوله: (وأمكن
فتله بأن لم يكثر إلخ) أي وأما إذا كان لا يمكن فتله لكثرته كان حكمه حكم السائل والقاطر في
التخيير بين القطع والبناء كما يأتي قوله: (وجب التمادي) أي وحرم قطعها بسلام أو كلام فإن خرج
لغسل الدم من غير سلام ولا كلام فسدت عليه وعلى مأموميه. قوله: (وفتله إلخ) ظاهر كلامه أن الفتل
202

إنما يؤمر به إذا كان الدم يرشح فقط، وأما إذا سال أو قطر فلا يؤمر بفتله ولو كان ثخينا يذهبه الفتل وليس
كذلك بل كل ما يذهبه الفتل فلا يقطع لأجله الصلاة ويفتله كما في ح عن الطراز انظر بن. قوله: (فتله)
أي وجوبا، وقوله بأنامل يسراه أي ندبا والفتل بيد واحدة لا بأنامل اليدين معا على أرجح الطريقين
تنبيه: محل وجوب الفتل إذا كان يصلي بغير مسجد أو بمسجد محصب غير مفروش لينزل الدم
في خلال الحصباء فإن كان بمسجد مفروش فلا يجوز له الفتل بل يقطع ويخرج منه من أول ما يرشح
لئلا ينجس المسجد كما قاله القرافي في الذخيرة عن سند، وإليه أشار المصنف بقوله: أو خشي تلوث مسجد
(قوله يعضها على الانف) أي على طاقة الانف ليلاقي الدم عليها قوله: (قطع صلاته وجوبا) ظاهره أن
القطع على حقيقته وبه قال طفي قائلا: جميع أهل المذهب يعبرون بالقطع إذا تلطخ بغير المعفو عنه
وتعبيرهم بالقطع إشارة لصحتها وهذا هو القياس الموافق للمذهب في العلم بالنجاسة في الصلاة وأنها
صحيحة، وتقدم الخلاف هل يحمل على وجوب القطع أو استحبابه؟ فكذلك يقال هنا بل هنا أولى
للضرورة. وحاصله أن الصلاة صحيحة ويؤمر بقطعها فإن خالف وأتمها أجزأته، وقال ح والشيخ
سالم ومن تبعهما: قوله قطع أي بطلت صلاته ولا يجوز التمادي فيها ولو بنى لم تصح لأنها صحيحة ويحتاج
لقطعها كما في قوله وإلا فله القطع وندب البناء، وإنما عبر المصنف بقطع لأجل قوله أو خشي تلوث مسجد
لأنه لا بطلان مع الخوف المذكور، وكلام ابن رشد في المقدمات صريح فيما قاله ح حيث قال: من شروط
البناء أن لا يسقط على ثوبه أو جسده من الدم ما لا يغتفر لكثرته لأنه إن سقط من الدم على ثوبه أو
جسده كثير بطلت صلاته باتفاق اه‍. وهو أيضا سند للمصنف في قوله السابق وسقوطها في صلاة
مبطل كما تقدم هناك بيانه انظر بن قوله: (إن لطخه بالفعل) أي إن لطخ ثوبه أو جسده بالفعل
(قوله واتسع الوقت) هذا شرط في القطع وهو مبني على ما قاله طفي من صحة الصلاة وأمره بالقطع
لا على ما قاله ح من البطلان فتأمل قوله: (السائل أو القاطر) فاعل بقوله لطخه فالمعنى كان لطخ
السائل أو القاطر ثوبه أو جسده بأزيد من درهم أي فيقطع وكان الأولى للشارح زيادة الراشح أيضا
(قوله أو خشي تلوث مسجد) رده ابن غازي و ح إلى ما يفتل أي فإن زاد على درهم قطع، وكذا إن لم يزد
ولكنه خشي تلوث مسجد وهذا هو المتعين، وأما ما ذكره عبق وغيره من رده لسائل أو قاطر لا يفتل فغير
صواب لأنه إذا سال أو قطر ولم يلطخه بالفعل فهو موضع التخيير بين القطع والبناء وحينئذ لا يتأتى
الخوف فيه على المسجد قطعا لأنه يخرج منه على كل حال إما للقطع أو لغسل الدم والبناء. والحاصل
أن السائل والقاطر إذا لم يلطخاه إما أن يقطع أو يبني فيخرج لغسل الدم، فعلى كل حال لا يستقر في المسجد
حتى يلطخه انظر بن، والحاصل أن الأولى أن يعمم في الأول أعني قوله كأن لطخه أي السائل أو القاطر
والراشح ويخصص في الثاني أعني قوله: كأن خشي تلوث مسجد أي بالراشح الذي يفتله قوله: (ولو
ضاق الوقت) مبالغة في قطعه إذا خشي تلوث المسجد أي أنه يقطع ولو ضاق الوقت عن قطعه وخروجه
من المسجد والأولى حذف هذه المبالغة من هنا لان الموضوع أنه لم يظن دوام الدم لآخر الوقت
(قوله بل سال أو قطر ولم يتلطخ به) أي والحال أنه لم يمكن فتله وإلا فكالراشح كما تقدم. قوله: (فله القطع) أي
بسلام أو كلام أو مناف ويخرج لغسل الدم ثم يبتدئها من أولها فإن لم يأت بسلام ولا كلام وخرج
لغسل الدم ورجع ابتدأ صلاته من أولها وأعادها ثالثا لان صلاته الثانية الواقعة بعد غسل الدم
زيادة في الصلاة، قال ابن القاسم في المجموعة: إن ابتدأ ولم يتكلم أعاد الصلاة وهذا صحيح لأنا إذا حكمنا بأن
203

ما هو فيه من العمل لا يبطل الصلاة وحكمنا على أنه باق على إحرامه الأول، فإن كان قد صلى ركعة ثم
ابتدأ بعد غسل الدم أربعا صار كمن صلى خمسا جاهلا، قال ح: والمشهور أن الرفض مبطل فيكفي في
الخروج من الصلاة رفضها وإبطالها، فمحل كونه إذا خرج لغسل الدم ولم يأت بسلام ولا كلام ثم
رجع وابتدأها فإنه يعيدها ما لم ينو رفضها حين الخروج منها وإلا فلا إعادة. قوله: (وندب البناء) هذه
الجملة مستأنفة جوابا عن سؤال مقدر وحاصله أي الامرين أرجح، وما ذكره المصنف من ندب
البناء هو ما عليه جمهور أصحاب الإمام. والحاصل أن الدم إذا كان سائلا أو قاطرا ولم يلطخه ولم يمكنه
فتله فإنه يخير بين البناء والقطع، واختار ابن القاسم القطع فقال: هو أولى وهو القياس لان شأن
الصلاة اتصال عملها من غير تخلل بشغل ولا انصراف عن محلها، قال زروق: وهو أي القطع أولى بمن
لا يحسن التصرف في العلم لجهله، واختار جمهور الأصحاب البناء للعمل وقيل هما سيان، وذكر ابن حبيب
ما يفيد وجوب البناء وأن الامام إذا استخلف بالكلام تبطل صلاة المأمومين. قوله: (إن لم يخش
خروج الوقت) أي بقطع الصلاة وابتدائها من أولها بعد غسل الدم وكان الأولى حذف هذا الشرط
لان الموضوع كما علمت عدم ظنه دوام الدم لآخر الوقت قوله: (فيخرج) أي من هيئته الأولى أو من
مكانه إن احتاج لذلك ولو كان متيمما لان ما يحصل منه ملحق بأحكام الصلاة فلا تبطل الموالاة، ولهذا
لا يكبر إحراما إذا رجع لتكميل صلاته بعد الغسل، وسبق أن وجود المتيمم الماء في الصلاة لا يبطلها
قوله: (ممسك أنفه) هذا إرشاد لأحسن الكيفيات التي تعين على تقليل النجاسة لان كثرتها تمنع من البناء
وليس بشرط في البناء بل الشرط التحفظ من النجاسة لو لم يمسكه كما اختاره ح وفاقا لابن عبد السلام
وعلى هذا فيكون المسك من أعلى الانف على جهة الأولوية فقط كما في خش وغيره خلافا لما ذكره ابن
هارون من أن مسك الانف من أعلاه شرط في البناء وذلك لان داخل الانف حكمه حكم ظاهر
الجسد في الأخباث فيجب إزالة الدم عنه، وإذا أمسكه من أسفله أو تركه من غير مسك صار داخل
الانف متلوثا بالدم، ورده ابن عبد السلام بأن المحل محل ضرورة فيناسبه التخفيف والعفو عن باطن
الانف فمسك الانف إنما طلب للتحفظ من النجاسة لا لخصوصه لان المدار على التحفظ من النجاسة
سواء أمسكه أو لم يمسكه تأمل. قوله: (لئلا يبقى فيه) أي في الانف الدم إن أمسكه من أسفله فيصير في
حال خروجه حاملا للنجاسة وإن كان معفوا عنها على ما تقدم بخلاف ما إذا أمسكه من أعلاه فإنه
يحبس الدم من أصله عن النزول قوله: (ليغسل الدم) أي لا يخرج إلا لغسل الدم فإن اشتغل بغيره بعد
خروجه بطلت صلاته قوله: (ويبني) أي بعد غسل الدم على ما تقدم له من الصلاة قوله: (إن لم يجاوز
أقرب مكان) فإن جاوز الأقرب مع الامكان إلى أبعد منه فظاهر كلامهم بطلانها ولو كانت المجاوزة
بمثل ما يغتفر لسترة أو فرجة وذلك لكثرة المنافيات، ولكن قال ح: ينبغي الجزم باغتفار المجاوزة بمثل
الخطوتين والثلاث، ويجب عليه شراء الماء إذا وجده يباع في أقرب مكان بالمعاطاة بثمن معتاد غير
محتاج إليه لأنه من يسير الأفعال ولا يتركه للبعيد، وقد نص بعضهم على جواز البيع والشراء في
الصلاة بالإشارة الخفيفة لغير ضرورة فكيف بذلك هنا؟ فإن لم يمكن شراؤه بالإشارة فبالكلام
ولا يضر ذلك لأنه كلام لاصلاحها انظر عبق قوله: (فإن لم يمكن) أي فإن لم يكن
الأقرب يمكن الغسل منه بأن كان لا يمكن الوصول إليه أو كان ولكن لا ماء فيه
(قوله لا إن بعد في نفسه) أي تفاحش بعده كما في عباراتهم فمطلق البعد لا يمنع من البناء ولا يمنع
منه إلا المتفاحش وحينئذ فيراد بالقرب ما عدا البعد المتفاحش قاله شيخنا. قوله: (وإن لم يستدبر قبلة
بلا عذر) أي بأن لم يستدبر أصلا أو استدبر عمدا لعذر ككون الماء جهة الاستدبار، فإن استدبر
204

عمدا لغير عذر بطلت ولم يبن، وإن استدبر القبلة ناسيا بلا عذر فهل هو كالاستدبار عمدا أو يكون
كالكلام نسيانا؟ قال شيخنا: والظاهر الثاني، وما ذكره المصنف من اشتراط الاستقبال في البناء إلا لعذر
هو المشهور من المذهب، وقال عبد الوهاب وابن العربي وجماعة: يخرج كيفما أمكنه واستبعدوا اشتراط
الاستقبال لعدم تمكنه منه غالبا، ثم إنه على المشهور من اشتراط الاستقبال يقدم استدبارا لا يلابس
فيه نجسا على استقبال مع وطئ نجس لا يغتفر لأنه عهد عدم توجه القبلة لعذر ولما في الاستقبال من
الخلاف كذا في عبق، قال في المج: والظاهر تقديم القريب مع ملابسة نجاسة على بعيد خلا منها لأن عدم
الأفعال الكثيرة متفق على شرطيته، كما أن الظاهر تقديم ما قلت منافياته كبعيد مع استقبال
بلا نجاسة على قريب مستدبر مع نجاسة فتأمل. قوله: (وإن لم يطأ نجسا عامدا مختارا) أي فإن وطئه
عامدا مختارا بطلت، وأما إن وطئه نسيانا أو عمدا مضطرا فلا يضر فقيد بلا عذر معتبر في هذا أيضا
كما هو ظاهره، وظاهره أيضا عدم الفرق بين كون النجاسة التي وطئها أرواث دواب وأبوالها
أو عذرة أو نحوها رطبة أو يابسة وهذا مخالف للنقل، والذي يفيده النقل كما في ح والمواق أن ما كان
من أرواث الدواب وأبوالها فهو غير مبطل إذا وطئها نسيانا أو اضطرارا لكثرة ذلك في الطرقات
وإن وطئها عمدا مختارا بطلت، ولا فرق بين رطبها ويابسها، وأما غيرها من العذرة ونحوها، فإن كان
رطبا فمبطل اتفاقا من غير تفصيل، وإن كان يابسا فكذلك إن تعمد، وإن نسي أو اضطر فقولان البطلان
لابن سحنون وهو الأظهر والثاني عدم البطلان لابن عبدوس، إذا علمت هذا فمراد المصنف بالنجس
العذرة ونحوها دون أرواث الدواب وأبوالها وهو غير مقيد بنفي العذرة، ولذا قدم المصنف القيد
قبله انظر بن، وقوله: وإن نسي أو اضطر فقولان ظاهره سواء علم الناس بذلك وهو في الصلاة أو
بعدها وهو كذلك خلافا لما في عبق. قوله: (فإن تكلم ولو سهوا بطلت) حاصله أنه إذا تكلم عامدا
أو جاهلا بطلت اتفاقا، واختلف إذا تكلم نسيانا فهل تبطل أيضا أو لا؟ والمشهور البطلان هنا ولو
قل لكثرة المنافيات وظاهره سواء كان الكلام في حال انصرافه لغسل الدم أو كان بعد عوده، والذي
في المواق أنه إن تكلم سهوا حال رجوعه بعد غسل الدم فالصلاة صحيحة اتفاقا، وإذا أدرك بقية من
صلاة الامام حمل الامام عنه سهوه وإلا سجد بعد السلام لسهوه، وأما إن تكلم سهوا في حال
انصرافه لغسل الدم فقال سحنون: الحكم واحد من الصحة ورجحه ابن يونس وقال ابن حبيب
تبطل صلاته كما لو تكلم عمدا. ومحصله أنه رجح أن الكلام سهوا لا يبطل الصلاة مطلقا سواء
تكلم حال انصرافه أو حال رجوعه، قال شيخنا: والمعتمد ما قاله المواق كما قرره شيخنا الصغير
لا ظاهر المصنف، وأما الكلام لاصلاحها فلا يبطلها كما ذكره ح وغيره. قوله: (واستخلف الامام
ندبا) أي في الجمعة وغيرها كما في الشيخ سالم السنهوري وغيره خلافا لتت حيث قال: واستخلف
ندبا في غير الجمعة ووجوبا فيها فالوجوب في الجمعة على الامام كالمأمومين، والمراد أنه يستخلف بغير
الكلام، فإن تكلم بطلت على الكل إن كان الكلام عمدا أو جهلا وعليه دونهم في السهو قاله في التوضيح
قال ح: وهذا القول لابن حبيب وإنما قال بالبطلان لأنه يرى وجوب البناء، والذي في المجموع عن
ابن القاسم أن الامام إذا استخلف بالكلام فإن الصلاة لا تبطل على المأمومين مطلقا وإنما تبطل على
الامام وحده، قال ح: وهو المذهب وذلك لان له القطع فكيف تبطل عليهم بترك أمر مندوب
(قوله وندب في غيرها) أي وندب لهم الاستخلاف أي وجاز لهم تركه وإتمام صلاته وحدانا، وجاز
لهم أيضا انتظاره ليكملوا معه إن لم يعملوا لأنفسهم عملا وإلا بطلت عليهم كما يأتي في الاستخلاف
(قوله فإذا غسل) أي الامام وأدرك الخليفة أتم خلفه أي وجوبا ولم يجوزوا له انفراده عملا بقاعدة ولا
205

ينتقل منفرد لجماعة كالعكس قوله: (وفي صحة بناء الفذ) أي وهو قول مالك، وظاهر المدونة عند جماعة
(قوله وعدمها) أي وحينئذ فيقطع وهو قول ابن حبيب وشهره الباجي ولاختيار المصنف هذا القول
قدمه حيث قال: إن كان في جماعة إذ مقتضاه أن الفذ لا يبني، ثم حكى ما في المسألة من الخلاف ومنشأ الخلاف
هل رخصة البناء لحرمة الصلاة للمنع من إبطال العمل أو لتحصيل فضل الجماعة فيبنى على الأول دون
الثاني والمسبوق حيث لا يدرك الامام كالفذ على الأظهر، ويمكن ترجيح بنائه لأنه لم يخرج عن
حكم الامام، والامام الراتب المصلي وحده حكمه حكم صلاته مع جماعة في البناء على الأشهر، وقيل إنه
كالمنفرد كذا ذكره خش في كبيره قوله: (كملت بسجدتيها) فإن كان ما فعله قبل الرعاف بعض ركعة
فلا يعتد به وظاهره أنه يعتد بالركعة إذا كملت بسجدتيها ولو لم يعتدل بعدها قائما أو جالسا وليس كذلك
بل لا بد من الاعتدال بعد السجدتين قائما إن لم يكن بعدهما جلوس وإلا فلا بد من الاعتدال جالسا كما
أشار لذلك الشارح بقوله: بأن ذهب للغسل بعد أن جلس إلخ، وما ذكره المصنف من أن الباني لا يعتد
بشئ فعله قبل رعافه إلا إذا كان ركعة كاملة بما ذكر هو مذهب المدونة ومقابله الاعتدال بما فعله
قبل الرعاف مطلقا لا فرق بين كل الركعة وبعضها ولو الاحرام، ولا فرق بين الجمعة وغيرها وهو
قول سحنون. قوله: (ألغى ما فعله من تلك الركعة) هذا على مذهب المدونة الذي مشى عليه المصنف
(قوله وبنى على الاحرام) أشار بذلك للفرق بين الاعتداد وبين البناء، فإذا بنى لم يعتد إلا بركعة كاملة
لا أقل سواء كانت الأولى أو غيرها، وأما البناء فيكون ولو على الاحرام، والحاصل أنه يلزم من الاعتداد
البناء ولا يلزم من البناء الاعتداد، وخالف ابن عبدوس حيث قال: إذا لم يكمل الركعة قبل الرعاف ابتدأ
بإحرام جديد ولا يبني على إحرامه في الجمعة وغيرها، فتحصل أن الراعف إذا غسل الدم قيل يعتد بما
فعله قبل الرعاف مطلقا ولو لاحرام في الجمعة وغيرها، وقيل يعتد به إن كان ركعة فأكثر وإلا
ابتدأ بإحرام جديد في الجمعة وغيرها، وقيل يعتد بما فعله إن كان ركعة وإلا بنى على إحرامه في غير
الجمعة، وأما فيها فيقطع ويبتدئ ظهرا بإحرام جديد، وهذا القول هو الذي مشى عليه المصنف وهو
مذهب المدونة وهو المعتمد قوله: (وأتم مكانه) أي الذي فيه غسل الدم ومثله لو رجع لظن بقائه فعلم أو
ظن في أثناء الرجوع فراغه قبل أن يدركه فإنه يتم في ذلك المكان الذي حصل له فيه العلم أو الظن بالفراغ
فإن تعداه مع إمكان الاتمام فيه بطلت، وقوله: وأتم مكانه أي لا فرق بين مسجد مكة والمدينة وغيرهما على
المشهور. قوله: (إن ظن فراغ إمامه) أي قبل أن يدركه سواء ظن فراغه بالفعل بمجرد الغسل أو ظن أنه
إذا ذهب إليه بعد الغسل لا يدركه لفراغه في حال رجوعه وهذا التفصيل الذي ذكره المصنف بقوله
وأتم مكانه إن ظن فراغ إمامه وإلا بطلت، ورجع إن ظن بقاءه أو شك بالنسبة للمأموم والامام لأنه
يستخلف ويصير مأموما فيلزمه من الرجوع ما يلزم المأموم، وأما الفذ على القول ببنائه فإنه يتم مكانه
من غير تفصيل. قوله: (فإن تبين خطأ ظنه) أي ببقاء إمامه صحت ظاهره ولو فرض أنه سلم قبل الامام
وهو كذلك بناء على الراجح من أن الراعف يخرج عن حكم الامام بمجرد خروجه لغسل الدم حتى
يرجع إليه فلا يسري إليه سهوه، وقيل: إنه في حكمه مطلقا، وقيل: إنه في حكمه إن أدرك ركعة قبل
خروجه لغسل الدم انظر ح. قوله: (وإلا يتم في المكان الممكن) أي وإلا يتم في مكان غسل الدم
الممكن الاتمام فيه ولا في الأقرب إليه بل رجع لمكان الامام. قوله: (ورجع) أي لأدنى مكان يصح
فيه الاقتداء لا لمصلاه الأول لأنه زيادة مشي في الصلاة كما في ح عن ابن فرحون قوله: (أو شك
فيه) إنما لزمه الرجوع مع الشك لان الأصل لزوم متابعته للامام فلا يخرج منه إلا بعلم أو ظن
206

(قوله ولو بتشهد) رد بلو على ابن شعبان القائل أنه لا يرجع إذا ظن بقاءه إلا إذا رجا إدراك ركعة فإن
لم يرج إدراكها أتم مكانه قوله: (مطلقا) أي سواء علم أو ظن بقاءه أو فراغه ومحل رجوعه في الجمعة
للجامع إذا كان حصل مع الامام ركعة أو يظن إدراك ركعة إذا رجع وإلا فلا يرجع ويقطع
ويبتدئ ظهرا بإحرام جديد بأي محل شاء كما يأتي. قوله: (لأول جزء إلخ) أي فلو رجع لصدر الجامع
الذي ابتدأها به بطلت صلاته لزيادة المشي قوله: (لا غيره) أي من مسجد آخر أو رحاب أو طرق
متصلة فلا يكفي رجوعه للرحاب ولا للطرق المتصلة به، ولو كان ابتدأ الصلاة في واحد منهما لضيق
حيث أمكن الرجوع للجامع قاله شيخنا، وانظره مع ما سيأتي من ترجيح القول بصحة الجمعة في
الرحاب والطرق المتصلة ولو لم يضق المسجد ولو لم تتصل الصفوف فمقتضاه الاكتفاء بالرجوع لهما
إذا ابتدأها قبل الرعاف بواحد منهما كما قاله ابن عبد السلام قوله: (في الأولى) أي في المسألة الأولى
وهي قوله: ورجع إن ظن بقاءه أو شك ولو بتشهد قوله: (وإلا بطلتا) ولو ظهر أن الصواب ما فعله من
عدم الرجوع بالنسبة للأولى قوله: (أو ظن إدراكها فتخلف ظنه) أي وأما لو ظن إدراكها ولم
يتخلف ظنه فإنه يرجع لها ولا يصلي ظهرا. قوله: (ابتدأ ظهرا) أي قطعها وابتدأ ظهرا أي ما لم يرج
إدراك الجمعة في بلدة أخرى قريبة أو في مسجد آخر بالبلد وإلا وجب صلاتها جمعة ولا يصليها ظهرا
قاله البساطي وهو ظاهر كما قال بن، وما ذكره المصنف من أنه يقطع ويبتدئ ظهر اه‍ والمشهور ومقابله
ما تقدم عن سحنون من الاعتداد بما فعله قبل الرعاف والبناء عليه مطلقا ولو الاحرام في الجمعة وغيرها
وفي بن عن المواق أن ابن يونس نسبه لظاهر المدونة لكن ضعفه أشياخنا قوله: (ولا يبني على
إحرامه) أي بناء على عدم إجزاء نية الجمعة عن الظهر، وقال ابن القاسم: يبني على إحرامه ويصلي
أربعا بناء على إجزاء نية الجمعة عن الظهر والقول بعدم البناء على إحرامه هو المشهور عليه، فلو بنى على
إحرامه وصلى أربعا فالظاهر الصحة كما قال ح كذا في حاشية شيخنا. قوله: (وسلم وانصرف إن
رعف بعد سلام إمامه). إن قلت: لا فائدة لقوله وانصرف ولو قال وسلم إن رعف بعد سلام إمامه كما عبر
به في المدونة لكفى ذلك. قلت: قصد المصنف بذكره الرد على ابن حبيب القائل أنه يسلم ثم يذهب
ليغسل الدم ثم يرجع يتشهد ويسلم كما ذكره شيخنا في الحاشية، وإذا علمت ذلك تعلم أن مراد المصنف بقوله
وانصرف أي بالمرة. قوله: (بل يخرج لغسله) أي ثم يرجع يتشهد ويسلم ولو كان قد تشهد قبل سلام إمامه
لأجل أن يتصل به سلامه كما في المدونة خلافا لابن عبد السلام والتوضيح حيث قالا: إذا كان قد
تشهد قبل سلام الامام ثم خرج لغسل الدم فلا يعيد التشهد بعد غسل الدم بل يسلم فقط. قوله: (ما لم
يسلم الامام قبل الانصراف) أي قبل انصراف المأموم أي فإن سلم قبل انصرافه فإن المأموم يسلم
وينصرف وهذا قيد في كلام المصنف، والظاهر أن مراده بالانصراف المشي الكثير فوافق قول
السوداني وهو الشيخ أحمد بابا: لو انصرف لغسله وجاوز الصفين والثلاثة فسمع الامام يسلم فإنه يسلم
ويذهب، وأما لو سمعه يسلم بعد مجاوزة أكثر من ذلك فإنه لا يسلم بل يذهب لغسل الدم ثم يرجع يتشهد
ويسلم. تنبيه: قول المصنف: وسلم وانصرف إن رعف بعد سلام إمامه لا قبله هذا حكم المأموم، وأما لو
رعف الامام قبل سلامه أو الفذ على القول ببنائه فقال ح: لم أر فيه نصا، والظاهر أن يقال: إن حصل
الرعاف بعد أن أتى بمقدار السنة من التشهد بأن أتى ببعض له بال فإنه يسلم والامام والفذ في ذلك سواء، وإن
رعف قبل ذلك فإن الامام يستخلف من يتم بهم التشهد ويخرج لغسل الدم ويصير حكمه حكم
المأموم، أما الفذ فيخرج لغسل الدم ويتم مكانه. قوله: (ولا يبني بغيره) أي مما هو مناف للصلاة ومبطل
207

لها أشار الشارح، فلا ينافي أنه يبني للازدحام والنعاس لأنه خفيف لا ينقض الوضوء قوله: (لا يبني
به مرة ثانية فتبطل إلخ) هذا ما نقله ح عن ابن فرحون ثم قال: ولم أقف عليه لغيره صريحا إلا ما ذكره
صاحب الجمع، وكلام ابن عبد السلام في مسائل اجتماع البناء والقضاء يقتضي عدم البطلان اه‍ كلامه
وأشار بذلك لقول ابن عبد السلام: وإذا أدرك الأولى ورعف في الثانية ثم أدرك الثالثة ورعف في
الرابعة انتهى. قوله: (فلا يبني) أي لأنه مفرط وهذا هو المعتمد، وقال سحنون يبني لأنه فعل ما يجوز له
قوله: (وتبطل صلاته) أي ولو كان إماما وكذا تبطل صلاة مأموميه أيضا مطلقا على الراجح من
أقوال ثلاثة ثانيها لا بطلان عليهم مطلقا، ثالثها تبطل إن كان بنهار وتصح إن كان بليل لعذر
الامام. قوله: (ومن ذرعه قئ لم تبطل صلاته) أي عند ابن القاسم وهو المشهور لقول ابن رشد
المشهور أن من ذرعه القئ أو القلس فلم يرده فلا شئ عليه في صلاته ولا في صيامه ومقابله ما في
المدونة من تقايا في الصلاة عامدا أو غير عامد ابتدأ الصلاة قوله: (أي غلبه) أي وأما لو تعمد اخراجه
أو اخراج القلس فالبطلان مطلقا. قوله: (ولم يزدرد منه شيئا) أي لم يبتلع منه شيئا قوله: (أو ازدرد
منه شيئا عمدا إلخ) اعلم أنه إذا ازدرد منه شيئا عمدا فالبطلان قولا واحدا في الصلاة والصوم، وإن
كان سهوا أو غلبة فقولان إلا أنهما على حد سواء في الغلبة والراجح الصحة في النسيان وهذا بالنسبة
للصلاة، وأما بالنسبة للصوم فالراجح من القولين بالبطلان ووجوب القضاء في كل من الغلبة
والنسيان. قوله: (والقلس كالقئ) أي في التفصيل المتقدم من أنه إذا غلبه شئ منه وكان طاهرا يسيرا
ولم يرجع منه شئ فإن الصلاة لا تبطل، وإن تعمد اخراجه أو كان نجسا أو كثيرا أبطل، وإن رجع
منه شئ جرى على ما مر من كونه عمدا أو سهوا أو غلبة قوله: (ويسجد للنسيان) أي لازدراد
شئ منه نسيانا بعد السلام إن كان يسيرا قوله: (وهو ما فاته بعد دخوله مع الامام) أي وهو ما يأتي
به عوضا عما فاته بعد دخوله مع الامام فكل من البناء والقضاء عوض عن الفائت إلا أن البناء عوض
عن الفائت بعد دخوله مع الامام والقضاء عوض عن الفائت قبل الدخول، فالباء في بناء إشارة لبعد
والقاف في قضاء إشارة لقبل، وقيل: إن كلا من البناء والقضاء نفس الفائت، فالفائت بعد الدخول
مع الامام بناء، والفائت قبل الدخول مع الامام قضاء، وكأن الشارح التفت في البناء للفائت وفي القضاء
للعوض إشارة للقولين، وأن في كلامه احتباكا، فحذف من كل ما أثبته في الآخر، ثم إن تفسير البناء
والقضاء بنفس الفائت أو بعوضه تفسير بالمعنى الاسمي إذ كل منهما حينئذ بمعنى اسم المفعول، وأما
تفسيرهما بالمعنى المصدري فالبناء فعل ما فاته بعد الدخول مع الامام بصفته والقضاء فعل ما فاته قبل
الدخول مع الامام بصفته، هذا وقد اعترض بعضهم تعريف البناء والقضاء بما ذكر بأنه لا يشمل
ما إذا أدرك حاضر ثانية صلاة مسافر فإن مقتضى التعاريف المذكورة أنه لم يجتمع بناء وقضاء في هذه
الصورة بل وجد فيها القضاء فقط وليس كذلك، فالتعريف الجامع أن يقال: البناء ما انبنى على المدرك
والقضاء ما انبنى عليه المدرك، وقد يجاب بأن المراد بالفوات عدم فعل المأموم فعل الامام
أم لا، فقولهم في تعريف البناء فعل ما فاته بعد الدخول مع الامام أي سواء كان
الامام فعل ذلك الذي فاته أم لا، فظهر اجتماع البناء والقضاء حينئذ في هذه الصورة فتأمل
(قوله ورعف في الرابعة فخرج لغسله ففاتته) أي أو نعس في الرابعة ففاتته أو زوحم
عنها ففاتته قوله: (قدم البناء) أي كما قال ابن القاسم وذلك لانسحاب المأمومية
عليه بالنظر له فكان أولى بالتقديم من القضاء الذي لم ينسحب حكم المأمومية عليه فيه، وقال
208

سحنون: يقدم القضاء لأنه سبق وشأنه يعقبه سلام الامام. قوله: (فيأتي بركعة بأم القرآن فقط سرا
ويجلس لأنها آخرة إمامه وإن لم تكن ثانيته هو) أي بل هي ثالثته وهذا هو المشهور خلافا لابن
حبيب القائل: إذا قدم البناء فإنه لا يجلس في آخرة الامام إلا إذا كانت ثانيته هو قوله: (لأنها أولى
الامام) أي ويجلس بعدها لأنها أخيرته قوله: (وتلقب بأم الجناحين إلخ) أي وأما على ما قاله سحنون
من تقديم القضاء على البناء يأتي بركعة بأم القرآن وسورة من غير جلوس لأنها أولاه وأولى إمامه
أيضا، ثم بركعة بأم القرآن فقط ويجلس لأنها أخيرته وأخيرة إمامه وعلى مذهبه فتلقب هذه الصورة
بالعرجاء لأنه فصل فيها بين ركعتي السورة بركعة الفاتحة وبين ركعتي الفاتحة بركعة السورة
قوله: (أن تفوته الأولى والثانية) أي قبل دخوله مع الامام قوله: (بكرعاف) أي برعاف ونحوه من نعاس
أو غفلة أو ازدحام قوله: (فيأتي بها) أي فعلى مذهب ابن القاسم من كونه يقدم البناء يأتي بها أي بالرابعة
بالفاتحة فقط ويجلس أي باتفاق ابن حبيب وغيره. قوله: (لأنها ثالثته) أي وأولى إمامه. قوله: (ثم بركعة
كذلك) أي بالفاتحة وسورة ويجلس لأنها أخيرته وثانية إمامه قوله: (وتلقب بالمقلوبة) أي لان
السورتين متأخرتان أي وقعتا في الركعتين الأخيرتين عكس الأصل فإن الأصل وقوع السورتين
في الركعتين الأوليين، وعلى مذهب سحنون القائل بتقديم القضاء يأتي بركعة بأم القرآن وسورة
لأنها ثانيته وأولى إمامه ويجلس نظرا لكونها ثانيته ثم بركعة بأم القرآن وسورة لأنها ثانية إمامه
ولا يجلس لأنها ثالثته خلافا لما في خش، ثم بركعة بأم القرآن فقط ويجلس فيها لأنها أخيرته وأخيرة
إمامه وعليه فتلقب بالحبلى لثقل وسطها بالقراءة. قوله: (أن تفوته الأولى) أي قبل الدخول مع الامام
(قوله وتفوته الثالثة والرابعة) أي برعاف أو نحوه من نعاس أو غفلة أو ازدحام قوله: (فيأتي بركعة
إلخ) أي فعند ابن القاسم القائل بتقديم البناء على القضاء يأتي بركعة. قوله: (ثم بركعة كذلك) أي بأم
القرآن فقط. وقوله: ويجلس أي على المشهور وذلك لأنه على القول بتقديم البناء وقع خلاف قيل إنه
يجلس في آخرة الامام ولو لم تكن ثانيته كما هنا فإنها ثالثته على المشهور. وقال ابن حبيب: لا يجلس فيها
إلا إذا كانت ثانيته. قوله: (وتسمى ذات الجناحين) أي لان كلا من الركعة الأولى والأخيرة وقعت
بفاتحة وسورة، وعلى مذهب سحنون القائل بتقديم القضاء يأتي بركعة بأم القرآن وسورة لأنها
أولى إمامه ويجلس فيها لأنها ثانيته ثم بركعتين بأم القرآن فقط ولا يجلس بينهما تنبيه: لو
أدرك مع الثانية الرابعة بأن فاتته الأولى قبل الدخول مع الامام وأدرك معه الثانية وفاتته الثالثة
بكرعاف وأدرك الرابعة فالأولى قضاء بلا إشكال، واختلف في الثالثة فعلى مذهب الأندلسيين أنها
بناء وهو ظاهر نظرا للمدركة قبلها، قال طفي: وعليه فيقدمها على الأولى ويقرأ فيها بأم القرآن فقط
سرا ولا يجلس لأنها ثالثته، ثم بركعة القضاء بأم القرآن وسورة جهرا إن كان، وأطلق في المدونة
على الثالثة قضاء نظرا للرابعة المدركة بعدها، قال طفي: وعليه فيقدم الأولى بأم القرآن وسورة ولا
يجلس لأنها ثالثته فعلا، ثم الثالثة بأم القرآن فقط سرا، ومن مسائل الخلاف أيضا أن يدرك الأولى
ثم يرعف مثلا فتفوته الثانية والثالثة ثم يدرك الرابعة فقال بعض الأندلسيين: هما بناء نظرا
للمدركة قبلهما، وعليه فيأتي بركعتين بأم القرآن فقط من غير جلوس بينهما لان المدركتين مع الامام
209

أولياه، وهاتان اللتان فاتتاه أخيرتاه كما قال ابن ناجي وغيره وهو ظاهر، وعلى مذهب المدونة من أنهما
قضاء نظرا للرابعة المدركة بعدهما، قال أبو الحسن: قال ابن حبيب يأتي بركعتين ثانية وثالثة يقرأ في
الثانية بأم القرآن وسورة ولا يجلس لأنها ثالثته، ويقرأ في الثالثة بأم القرآن ويجلس لأنها آخر صلاته
وقول عج إنه على مذهب المدونة يقرأ في الأولى بأم القرآن وسورة جهرا ويجلس لأنها ثانية إمامه
غير ظاهر كما قال طفي لما علمت ولمخالفة القواعد من القضاء في الأقوال والبناء في الأفعال على المشهور اه‍
وقد مشى شارحنا فيما يأتي على كلام عج وهو من صور الخلاف أن يدرك الأولى وتفوته الثانية بكرعاف
ويدرك الثالثة وتفوته الرابعة، فلا إشكال أن الرابعة بناء وإنما الخلاف في الثانية اه‍. هل هي بناء نظرا
للمدركة قبلها وهو قول الأندلسيين أو قضاء نظرا للثالثة المدركة بعدها وهو مذهب المدونة؟ فعلى أنها
قضاء يبدأ بالرابعة بأم القرآن فقط سرا ويجلس لأنها آخرة الامام ثم بركعة بأم القرآن وسورة جهرا
إن كان ويجلس لأنها آخرته، وعلى أنها بناء يأتي بالثانية والرابعة نسقا من غير جلوس بينهما بأم القرآن
فقط فيهما وهذا هو الظاهر وعليه عج ومن تبعه خلافا لقول الشيخ سالم السنهوري أنه يقرأ في
الثانية بأم القرآن وسورة على مذهب الأندلسيين من غير جلوس قاله طفي. قوله: (أدرك ثانية صلاة
إمام مسافر) أي وفاتته الأولى قبل الدخول معه، أي وأما لو أدرك الأولى وفاتته الثانية بكرعاف
فليس معه إلا بناء فقط. قوله: (فيأتي الحاضر بعد سلام إمامه المسافر بركعة بأم القرآن فقط) أي
لأنها ثالثة إمامه أن لو كان يتمها وما ذكره بناء على مذهب ابن القاسم من تقديم البناء، وأما على مذهب
سحنون من تقديم القضاء فيأتي الحاضر بعد سلام إمامه المسافر بركعة بأم القرآن وسورة لأنها أولى
إمامه ويجلس فيها لأنها ثانيته فعلا ثم بركعة بأم القرآن فقط ولا يجلس لأنها ثالثته وثالثة إمامه إن لو
كان يصليها ثم بركعة بالفاتحة فقط ويجلس لأنها رابعته ورابعة إمامه، وقد ظهر لك فيما تقدم وجه جعل
هذه الصورة وما بعدها من صور اجتماع البناء والقضاء. قوله: (قسم الامام فيه) أي في الحضر الذي حصل
فيه الخوف قوله: (وتصير صلاته كلها جلوسا) أي أنه يجلس فيها عقب كل ركعة وهذه المسألة حكمها
حكم ما قبلها من قول ابن القاسم، وكذا على قول سحنون. قوله: (وأما لو أدرك مع الثانية) أي مع الطائفة
الثانية الركعة الرابعة من الصلاة فقط قوله: (فليس إلا قضاء خاصة) أي لأنه إنما أدرك آخرة الامام
والثلاث ركعات كلها فاتته قبل الدخول مع الامام فهي قضاء وحينئذ فيأتي بعد سلام الامام بركعة
بالفاتحة وسورة ويجلس قطعا لكونها ثانيته، ثم بركعة بالفاتحة وسورة لأنها ثانية إمامه ولا يجلس لأنها
ثالثة له ثم بركعة بالفاتحة فقط لأنها أخيرة له فيقضي القول ويبني الفعل على ما يأتي. قوله: (قدم البناء
في الصور الخمس عند ابن القاسم) أي خلافا لسحنون القائل بتقديم القضاء على البناء فيها
(قوله ولو لم تكن ثانيته) أي خلافا لابن حبيب القائل أنه لا يجلس في آخرة الامام إلا إذا كانت
ثانيته، وهذا الخلاف مفرع على القول بتقديم البناء، قال ابن الحاجب: وعلى تقديم البناء ففي جلوسه في
آخرة الامام قولان: الأول لابن القاسم، والثاني لابن حبيب، وعليه رد المصنف بلو، وأما سحنون
فيقول بتقديم القضاء، لكن يوافق ابن حبيب في نفي الجلوس في آخرة الامام إذا لم تكن ثانيته ولم
يشر المصنف لخلافه خلافا لتت قاله طفي، قال بن: وقد يقال قوله وجلس في آخرة الامام إلخ فرع
مستقل يخالف فيه من يرى تقديم البناء كابن حبيب ومن لا يراه كسحنون فيصح قصد الرد
بلو عليهما معا قوله: (كصورة من أدرك الوسطيين) أي فإنه جلس فيها في آخرة الامام والحال أنها
ثالثة بالنسبة له. واعلم أنه إذا جلس في آخرة الامام وليست ثانيته فإنه يقوم بعد التشهد من
210

غير تكبير لان جلوسه في غير محله وإنما جلس متابعة للامام ذكره بن نقلا عن المسناوي. قوله: (كما
في الصورة الثانية من صورتي أو إحداهما) أي فإن المأموم جلس فيها في ثانيته والحال أنها ثالثة
بالنسبة للامام. قوله: (قضى الوسطيين) قد علمت أن جعلهما قضاء مذهب المدونة نظرا للرابعة
المدركة بعدهما وقد جعلهما الأندلسيون بناء نظرا للأولى المدركة قبلهما، وتقدم ما يتعلق بالمسألة على
كل من القولين وقوله: ويجلس بينهما قد علمت أن هذا قول عج وأنه غير ظاهر، وأن الصواب ما ذكره
أبو الحسن نقلا عن ابن حبيب من عدم الجلوس بينهما لان أولاهما وإن كانت ثانية لامامه لكنها
ثالثة له في الفعل، والمأموم لا يجلس إلا في رابعة إمامه كانت ثانية له أولا أو في ثانيته وهو وإن لم تكن ثانية
لامامه ولا أخيرة له، وأما ثانية إمامه إذا لم تكن ثانية له فلا يجلس فيها قوله: (قضى الأولى والثالثة ولا
يجلس) قد علمت أن جعلهما قضاء مذهب المدونة ومذهب الأندلسيين أن الأولى قضاء والثالثة
بناء فالأولى لا إشكال في كونها قضاء والخلاف في الثالثة فجعلهما الأندلسيون بناء نظرا للثانية
المدركة قبلها، والمدونة جعلتها قضاء نظرا للرابعة المدركة بعدها، وتقدم ما يتعلق بالمسألة على كلا القولين
(قوله ولو أدرك الأولى والثالثة وفاتته الثانية والرابعة) قد علمت أن الرابعة بناء اتفاقا والخلاف في
الثانية فجعلها الأندلسيون بناء نظرا للمدركة قبلها، وجعلها في المدونة قضاء نظرا للمدركة بعدها
فاجتماع البناء والقضاء في هذه الصورة إنما هو على مذهب المدونة، وتقدم ما يتعلق بالمسألة على
كلا القولين.
فصل: في ستر العورة قوله: (هل ستر) هو هنا بفتح السين لأنه مصدر، وأما الستر بالكسر فهو
ما يستتر به قوله: (أو بعضها) أي إن عجز عن ستر كلها ولم يقدر إلا على ستر بعضها قوله: (وأما الصبي
فيعيد في الوقت إن صلى عريانا) أي وأما إذا صلى بلا وضوء فقال أشهب: يعيد أبدا أي ندبا، وقال أصبغ
يعيد بالقرب لا بعد يومين أو ثلاثة قوله: (ما لا يشف في بادئ الرأي) أي ما لا تظهر منه العورة في
بادئ الرأي قوله: (وخرج به ما يشف) أي ما تظهر منه العورة في بادئ النظر. وقوله: فإن وجوده
كالعدم أي وحينئذ فيعيد من صلى فيه أبدا قوله: (فيعيد معه في الوقت) أي إن الصلاة فيه صحيحة مع
الكراهة التنزيهية وحينئذ فيعيد في الوقت فقط كالواصف للعورة المحدد لها، هذا هو الذي انحط عليه
كلام عج وارتضاه بن وهو الظاهر، لا ما في طفي أن الكراهة للتحريم والإعادة أبدية، ولا ما في حاشية
شيخنا عن ابن عبق عن صحة الصلاة فيما يشف مطلقا سواء كانت العورة تظهر منه للمتأمل أو لغير
المتأمل واعتمده. والحاصل أن ستر العورة في الصلاة بالثوب الشاف فيه ثلاث طرق فقيل إنه كالعدم
ويعيد أبدا كانت العورة تظهر منه للمتأمل أو لغيره، وقيل بصحة الصلاة مطلقا، وقيل بالتفصيل بين
ما تظهر منه العورة عند التأمل وما تظهر منه عند عدم التأمل فتصح في الأول دون الثاني. قوله: (وإن
بإعارة) أي هذا إذا كان الستر به حاصلا من غير إعارة لوجوده عنده بل وإن كان إلخ. قوله: (بلا طلب)
أي فإذا أعاره له صاحبه من غير طلب منه لزمه قبوله ولو تحقق المنة وذلك لقلة سبب المانية وهو الانتفاع
به وإنما قيد الإعارة بعدم الطلب لدفع ما يرد على المصنف من أن فيه عطف العام على الخاص بأو
وحاصل جوابه أنه من عطف المغاير. قوله: (أو طلب) أي أو كان الستر به حاصلا بطلب بشراء أو
استعارة فيلزم المصلي بأن يطلب الساتر لكل صلاة بإعارة أو بشراء بثمن معتاد كالماء لا يحتاج له لا بهبة
211

لعظم مانيتها قوله: (أو كان حاصلا بنجس) أي أو كان الستر بالكثيف حاصلا بنجس أي متحققا
في الستر بنجس. وقوله وحده حال من نجس أي حالة كون النجس متوعدا في الوجود (قوله
كجلد كلب أو خنزيرا) أي فيجب عليه أن يستتر بما ذكر إذا لم يجد غيره على ظاهر المذهب ولا يصلي
عريانا ويكون هذا مخصصا لما سبق من منع الانتفاع بذات النجاسة قاله شب قوله: (وأولى المتنجس)
أي أنه أولى من نجس الذات في وجوب الاستتار به إذا لم يجد غيره ولا يصلي عريانا وأولى منهما
الحشيش والماء لمن فرضه الايماء وإلا فالركن مقدم، وأما الطين فقال الطرطوشي: إذا لم يجد غيره وجب
الاستتار به بأن يتمعك به وقال غيره لا يجب الاستتار به لأنه مظنة للسقوط ويكبر الجرم فهو كالعدم
وهذا الثاني أظهر القولين كما قال شيخنا. قوله: (كحرير) ما ذكر من وجوب الاستتار به أو بالنجس
عند عدم غيره هو المشهور من المذهب، ومقابله ما في سماع ابن القاسم يصلي عريانا ولا يصلي بالحرير
ولا بالنجس. قوله: (وهو مقدم على النجس) أي وكذا على المتنجس وهذا قول ابن القاسم، وقال
أصبغ: يقدم كل من النجس والمتنجس على الحرير لان الحرير يمنع لبسه مطلقا، والنجس إنما يمنع
لبسه في حال الصلاة لما تقدم أنه مستثنى من النجس في قوله: وينتفع بمتنجس لا نجس والممنوع في حالة
أولى من الممنوع مطلقا والمعتمد ما قاله ابن القاسم، والظاهر كما قال شيخنا تقديم المتنجس على النجس
لان تقليل النجاسة مطلوب مع الامكان ويحتمل أنهما سواء. قوله: (لأنه لا ينافي الصلاة) أي لأنه
طاهر وشأن الطاهر أن يصلى به دون النجس قوله: (إن ذكر وقدر) أي فإن صلى عريانا ناسيا
أو عاجزا صحت وأعاد بوقت فقط قوله: (لكن الراجح إلخ) اعلم أن طفي تعقب المصنف فقال
إنه تبع ابن عطاء الله في تقييده بالذكر والقدرة، وأما غيره فلم يقيده بالذكر وهو الظاهر فيعيد أبدا من
صلى عريانا ناسيا مع القدرة على الستر، وقد صرح الجزولي بأنه شرط مع القدرة ذاكرا أو ناسيا وهو
الجاري على قواعد المذهب اه‍. قال بن: قلت في ح عن الطراز ما نصه قال القاضي عبد الوهاب
اختلف أصحابنا هل ستر العورة من شرائط الصلاة مع الذكر والقدرة أو هو فرض وليس بشرط
في صحة الصلاة حتى إذا صلى مكشوفا مع العلم والقدرة سقط عنه الفرض وإن كان عاصيا آثما اه‍
وبه يعلم إن تعقبه على المصنف وقوله ولم يقيده به غيره كل ذلك قصور اه‍ كلام بن، فتحصل من هذا
أن القول بأن ستر العورة شرط صحة مقيد بالذكر والقدرة عند بعضهم وبالقدرة فقط عند بعضهم
فالمصلي عريانا ناسيا مع القدرة على الستر صلاته صحيحة على الأول لا على الثاني، والراجح ما مشى عليه
المصنف من التقييد بهما كما قرره شيخنا خلافا للشارح، واعلم أن سقوط الساتر ليس من العجز فيرده
فورا بل المشهور البطلان كما في ح. قوله: (أو واجب غير شرط) هذا القول غير مقيد بالذكر والقدرة
وعليه فالإعادة في الوقت مطلقا بخلاف القول بالشرطية فيعيد أبدا مع الذكر والقدرة ومع عدم أحدهما
يعيد في الوقت. قوله: (كالعاجز والناسي) أي كإعادة العاجز والناسي قوله: (خلاف) الأول شهره ابن
عطاء الله قائلا هو المعروف من المذهب والثاني شهره ابن العربي لكن الراجح منهما الأول، وأما القول
بالسنية فهو قول القاضي إسماعيل وابن بكير والأبهري، وأما القول بالندب فنقله ابن بشير عن اللخمي
كما في المواق ونص المواق ابن شاس الستر واجب عن أعين الناس، وهل يجب في الخلوات أو يندب
قولان، وإذا قلنا لا يجب في الخلوات فهل يجب للصلاة في الخلوة أو يندب لها فيها ذكر ابن بشير في ذلك
قولين عن اللخمي انظر بن قوله: (لم يدخل في كلامه) أي لأنه لم يشهر واحدا منهما (قوله
وهي) أي المغلظة التي تعاد الصلاة لكشفها أبدا على الراجح قوله: (ما بين أليتيه) أي وهو فم
الدبر ويسمى ما ذكر بالسوأتين لان كشفهما يسوء الشخص ويدخل عليه الأحزان قوله: (بوقت)
212

أي لان الأليتين والعانة من العورة المخففة لا المغلظة بالنسبة للرجل ولا إعادة عليه في كشف الفخذ ولو
عمدا لا بوقت ولا غيره، وكذا على ما استظهره عج كشف ما فوق العانة للسرة وإن كان كل منهما من
العورة المخففة. قوله: (ومن أمة) عطف على من رجل وظاهره ولو كان فيها شائبة حرية وهو كذلك
قوله: (الأليتان) أي وما بينهما من فم الدبر، وقوله: وما والاه أي من العانة، وأما الفخذ وكذا ما فوق العانة للسرة
فليس من العورة المغلظة بل من المخففة فتعيد لكشفه في الوقت قوله: (ما عدا صدرها) أي وكذا
ما حاذاه من ظهرها أعني الكتفين قوله: (وأطرافها) أي وما عدا أطرافها وهي الذراعان والرجلان
والعنق والرأس قوله: (وليس منها) أي من المغلظة الساق بل من المخففة أي كما أن صدرها وما حاذاه من
أكتافها وأطرافها من المخففة. والحاصل أن المغلظة من الحرة بالنسبة للصلاة بطنها وما حاذاه ومن
السرة للركبة وهي خارجة فدخل الأليتان والفخذان والعانة وما حاذى البطن من ظهرها، وأما
صدرها وما حاذاه من ظهرها سواء كان كتفا أو غيره وعنقها لآخر الرأس وركبتها لآخر القدم فعورة
مخففة يكره كشفها في الصلاة وتعاد في الوقت لكشفها وإن حرم النظر لذلك كما يأتي قوله: (وهي من
رجل) أراد به الشخص الذكر ولو جنيا فعورته ما بين السرة والركبة قوله: (مع مثله أو مع محرمه)
أي من النساء وأما عورته مع امرأة أجنبية سواء كانت حرة أو أمة فهي ما عدا الوجه والأطراف كما
يأتي في قوله: وترى من الأجنبي ما يراه من محرمه قوله: (بشائبة) أي ملتبسة بشائبة. قوله: (كأم ولد)
أي ومكاتبة ومدبرة قيل في ذكره أم الولد نظر، ففي المدونة: ولا تصلي أم الولد إلا بقناع كالحرة
فهذا يقتضي أن صدرها وعنقها عورة لا أن عورتها ما بين السرة والركبة فقط كما هو ظاهره، ورد بأن
سترها ما زاد على ما بين السرة والركبة مندوب فقط كما يأتي في قوله: ولام ولد وصغيرة ستر واجب على
الحرة والكلام هنا فيما هو عورة يجب ستره قوله: (مع امرأة) راجع للحرة فقط كما هو ظاهر الشارح، وأما
رجوعه للثلاثة كما قاله بعض الشراح فغير صحيح. قوله: (ولو كافرة) أي هذا إذا كانت الحرة
أو الأمة مسلمة بل ولو كانت كافرة وهذا مسلم في الأمة، وأما الحرة الكافرة فعورة الحرة المسلمة
معها على المعتمد ما عدا الوجه والكفين كما في بن لا ما بين السرة والركبة فقط كما هو
ظاهر الشارح وقول عبق ما عدا الوجه والأطراف ممنوع بل في شب حرمة جميع المسلمة على
213

الكافرة لئلا تصفها لزوجها الكافر، فالتحريم لعارض لا لكونه عورة كما أفاده شيخنا وغيره
(قوله وهو بيان لها) أي للعورة بالنسبة للرؤية في حق الثلاثة، وعلى هذا فلا يجوز للرجل أن يرى الفخذ من
مثله، وذكر بعضهم كراهة ذلك مطلقا، وذكر بعضهم كراهة كشفه مع من يستحيا منه فقد كشفه
صلى الله عليه وسلم بحضرة أبي بكر وعمر فلما دخل عثمان ستره وقال: ألا أستحي من رجل تستحي منه
الملائكة؟ قوله: (في حق الأوليين) أي وأما عورة الحرة بالنسبة للصلاة فسيأتي يشير إليها قوله: (وجب
ستر ما عدا العورة) أي زيادة على ستر العورة قوله: (كستر وجه الحرة ويديها) أي فإنه يجب إذا
خيفت الفتنة بكشفها قوله: (والحاصل أن العورة يحرم النظر إليها ولو بلا لذة) هذا إذا كانت غير
مستورة، وأما النظر إليها مستورة فهو جائز بخلاف جسها من فوق الساتر فإنه لا يجوز هذا إذا
كانت متصلة فإن انفصلت فلا يحرم جسها قوله: (مع رجل أجنبي مسلم) أي سواء كان حرا أو عبدا
ولو كان ملكها قوله: (غير الوجه والكفين) أي وأما هما فغير عورة يجوز النظر إليهما، ولا فرق
بين ظاهر الكفين وباطنهما بشرط أن لا يخشى بالنظر لذلك فتنة، وأن يكون النظر بغير قصد لذة
وإلا حرام النظر لهما، وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها ويديها وهو الذي لابن مرزوق قائلا: إنه
مشهور المذهب أو لا يجب عليها ذلك وإنما على الرجل غض بصره وهو مقتضى نقل المواق عن عياض
وفصل زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها وغيرها فيستحب انظر بن قوله: (هذا بالنسبة
للرؤية) أي هذا عورتها بالنسبة للرؤية وكذا بالنسبة للصلاة الشاملة للمغلظة والمخففة والمشار إليه غير
الوجه والكفين. قوله: (وأعادت الحرة الصلاة لكشف صدرها) أي عمدا أو جهلا أو نسيانا كما في
المواق عن ابن يونس قوله: (وظهر قدم) أي وكذلك ساق ونهد قوله: (ما حاذاه من الظهر) أي وهو
الكتفان وما تحتهما مما كان غير محاذ للبطن فتعيد لكشف ذلك في الوقت مثل الأطراف
هذا هو المعتمد خلافا لما يفيده كلام ابن عرفة من أنه من المغلظة قاله شيخنا قوله: (بوقت) المراد به
الاصفرار في الظهرين وإلى الفجر في العشاءين قوله: (وتعيد فيما عدا ذلك أبدا) قد علم من قول
المصنف وأعادت إلخ عورة الحرة بالنسبة للصلاة لأنه يعلم من حكمه بالإعادة في الوقت لكشف
الأطراف أنها عورة مخففة، ويعلم منه بطريق المفهوم أن غير الصدر والأطراف وهو البطن للركبة
وما حاذى ذلك من ظهرها تعيد فيه أبدا لكونه عورة مغلظة. قوله: (كفخذ الرجل) أي فإنه عورة
مخففة ومع ذلك لا إعادة في كشفه قوله: (ومثل الحرة أم الولد) أي في كونها تعيد لكشف صدرها
وأطرافها بوقت قوله: (ككشف أمة) أي ولو كان فيها شائبة حرية. وقوله: فخذا أي أو فخذين
(قوله لخفة أمره) أي لخفة ذلك من الرجل بخلافه من الأمة فإنه منها أغلظ وأفحش قوله: (فيعيد
بوقت) أي وأما الأمة فتعيد فيه أبدا فكل ما أعاد فيه الرجل أبدا تعيد فيه الأمة كذلك، وكل
ما أعاد فيه في الوقت تعيد فيه أبدا وما لا يعيد فيه تعيد فيه في الوقت قوله: (ولو بصهر) أي
هذا إذا كانت محرميته بنسب كأبيها وأخيها وابنها، بل ولو كانت بصهر كزوج أمها أو ابنتها
(قوله فلا يجوز نظر صدر إلخ) أي فلا يجوز للرجل أن يرى من المرأة التي من
214

محارمه صدرها إلخ. وأجاز الشافعية رؤية ما عدا ما بين السرة والركبة وذلك فسحة. قوله: (وترى من
الأجنبي ما يراه من محرمه) أي وحينئذ فعورة الرجل مع المرأة الأجنبية ما عدا الوجه والأطراف،
وعلى هذا فيرى الرجل من المرأة إذا كانت أمة أكثر مما ترى منه لأنها ترى منه الوجه والأطراف
فقط وهو يرى منها ما عدا ما بين السرة والركبة لان عورة الأمة مع كل أحد ما بين السرة والركبة كما مر
(قوله وترى من الأجنبي ما يراه من محرمه) يعني أنه يجوز للمرأة أن ترى من الرجل الأجنبي ما يره
الرجل من محرمه وهو الوجه والأطراف، وأما لمسها ذلك فلا يجوز فيحرم على المرأة لمسها الوجه
والأطراف من الرجل الأجنبي، فلا يجوز لها وضع يدها في يده ولا وضع يدها على وجهه، وكذلك لا
يجوز له وضع يده في يدها ولا على وجهها، وهذا بخلاف المحرم فإنه كما يجوز فيه النظر للوجه والأطراف
يجوز مباشرة ذلك منها بغير لذة، ثم إن قوله: وترى من الأجنبي إلخ مقيد لقوله فيما تقدم وهي من رجل
ما بين سرة وركبة أي أن عورة الرجل بالنسبة لغير المرأة الأجنبية بأن كان مع رجل مثله أو مع محرمه
ما بين سرة وركبة أخذا مما ذكره هنا من أن عورته مع المرأة الأجنبية ما عدا الوجه والأطراف، وقد
أشار الشارح لذلك سابقا وذكر بعضهم أنه غير مقيد له لاختلاف موضوعهما، فما سبق في العورة
وهذا في النظر فما زاد على العورة وهي ما بين السرة والركبة لا يجب على الرجل ستره وإن حرم على المرأة
الأجنبية النظر إليه قوله: (ولا تطلب أمة إلخ) لما قدم تحديد عورة الأمة الواجب سترها أشار لحكم
ما عداها قوله: (غير أم ولد) أي وأما أم الولد فيندب لها تغطية رأسها في الصلاة بدليل قوله الآتي
ولام ولد وصغيرة ستر واجب على الحرة فما يأتي مخصص لما هنا. قوله: (في الصلاة) أي وأما في غيرها
فيندب كشفها اتفاقا. قوله: (لا وجوبا ولا ندبا) أي بل يجوز لها كل من الكشف والتغطية في الصلاة
على حد سواء وهذا القول هو المعتمد، وقال سند: إنه الصواب وهو ظاهر التهذيب ونصه: وللأمة
ومن لم تلد من السراري والمكاتبة والمدبرة والمعتق بعضها الصلاة بغير قناع، وقيل يندب لها كشف
رأسها وعدم تغطيتها في الصلاة كخارجها وهو قول ابن ناجي تبعا لأبي الحسن، واقتصر عليه في الجلاب
فقال: يستحب لها أن تكشف رأسها في الصلاة وعلى هذا فتغطيتها في الصلاة إما مكروهة أو خلاف
الأولى، وذكر عياض أنه يندب كشف رأسها بغير صلاة، ويندب تغطيتها بها لأنها أولى من الرجال، ويدل
لندب الكشف بغير الصلاة ما ورد أن عمر كان يضرب الإماء اللاتي كن يخرجن إلى السوق مغطيات
الرؤوس ويقول لهن: تتشبهن بالحرائر يا لكاع؟ وذلك أن أهل الفساد يجسرون على الإماء فباللبس
يجسرون على الحرة كما قال تعالى: * (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) * نعم حيث كثر الفساد كما في هذا الزمان
فلا ينبغي الكشف لا في الصلاة ولا في غيرها بل ينبغي سترها لكن على وجه يميزها من الحرائر
(قوله بخلاف غير الرأس) أي من بقية جسدها فإنها تطلب بتغطيته في الصلاة إما وجوبا وإما ندبا، فما بين
السرة والركبة يجب عليها ستره وما عداه والحال أنه غير الرأس يندب لها ستره قوله: (لغير مصل)
أي وأما المصلي فالمعتمد أن سترها في حقه واجب صلى في خلوة أو جلوة، وهل هو شرط في
الصحة أو واجب غير شرط؟ قولان كما مر. قوله: (بخلوة) من جملتها مصاحبة غير العاقل
(قوله وما قاربهما) أي وهو الأليتان والعانة ولا يدخل في ذلك الفخذ من رجل أو امرأة ولا البطن
من المرأة قوله: (من كل شخص) أي سواء كان رجلا أو امرأة حرة أو أمة، وعلى ما قاله ابن عبد
السلام يجوز لكل من الرجل والمرأة ولو حرة أن يكشف في الخلوة ما عدا السوأتين وما قاربهما من
العانة والألية، وأما كشف السوأتين وما قاربهما في الخلوة فمكروه، وهذه الطريقة هي المعتمدة، وعليها
فليس المراد بالعورة التي يندب سترها في الخلوة العورة المغلظة فقط ولا ما يشملها ويشمل المخففة، وإنما
215

المراد به عورة خاصة، وقيل: إن العورة التي يندب سترها في الخلوة العورة المغلظة وهي تختلف باختلاف
الاشخاص فهي السوأتان بالنسبة للرجل والأمة وتزيد الأمة الأليتان والعانة، وتزيد الحرة على
ذلك بالظهر والبطن والفخذ، وعلى هذا فستر الظهر والبطن والفخذ في الخلوة مندوب في حق الحرة دون
الرجل والأمة، وشارحنا قد لفق بين الطريقتين، ولو حذف المغلظة من أول كلامه كان أحسن
(قوله وندب لام ولد فقط) أي دون غيرها ممن فيه شائبة حرية قوله: (تؤمر بالصلاة) أي ولو كانت غير
مراهقة قوله: (ستر في الصلاة واجب على الحرة البالغة) أي كستر رأسها وعنقها وصدرها وأكتافها
وظهرها وبطنها وساقها وظهور قدميها، فالمراد الستر الزائد على القدر المشترك بينهما في الوجوب وهو
ستر ما عدا ما بين السرة والركبة هذا هو المراد وإلا فستر عورة أم الولد والصغيرة واجب والوجوب في
الصغيرة متعلق بوليها. قوله: (وكذا الصغير المأمور بها يندب له ستر واجب على البالغ) وهو ستر
السوأتين والعانة والأليتين، فإن صلى الصغير المأمور بها كاشفا لشئ من ذلك أعاد بوقت، والأولى
إبدال قوله واجب بمطلوب لأنه يفيد أن ما يندب للكبير كستر الفخذ لا يندب للصغير والظاهر ندبه له
تأمل قوله: (وأعادت إن راهقت إلخ) هذا من تمام المسألة قبلها، وحاصله أن الصغيرة وأم الولد يندب لهما
في الصلاة الستر الواجب للحرة البالغة زيادة على القدر المشترك بينهم في الوجوب، فإن تركتا ذلك وصلتا
بغير قناع مثلا أعادت أم الولد للاصفرار، وكذلك الصغيرة إن راهقت، إذا علمت هذا تعلم أن قول
المصنف ككبيرة الأولى أن يقول كأم ولد، وقوله إن تركتا القناع لا مفهوم للقناع بل المراد إن تركتا
ستر كل ما ستره واجب على الحرة البالغة مما زاد على ما بين السرة والركبة، فيدخل كشف الصدر
والأطراف والظهر والبطن والساق وترك القناع الساتر للرأس والعنق. واعترض عج على
المصنف بأن كلامه خلاف النقل إذ لم يقل أحد بندب الستر للمراهقة وغيرها والإعادة لخصوص
المراهقة وذلك لان الذي في المدونة ندب الستر للمراهقة وغيرها، لكنه سكت فيها عن الإعادة لترك
ذلك فظاهرها عدم الإعادة، وأشهب وإن قال بندب الستر للمراهقة وغيرها لكنه زاد الإعادة لتركه
في الوقت وأطلق في الإعادة ولم يقيدها بالمراهقة. والحاصل أن ذكر المصنف الإعادة مخالف
للمدونة وتقييدها بالمراهقة مخالف لأشهب. وأجيب بأن المصنف عول في ندب عموم الستر
للمراهقة وغيرها على كلام المدونة، وعول في الإعادة على ما قاله أشهب لأنه غير مناف للمدونة
ولا نسلم أن أشهب أطلق في الإعادة بل قيدها بالمراهقة كما صرح به الرجراجي في مناهل التحصيل
وكفى به حجة وحينئذ فلا اعتراض، ونص الرجراجي كما في بن، وأما الحرائر غير البوالغ
فلا يخلو من أن تكون مراهقة أو غير مراهقة، فإن كانت مراهقة فصلت بغير قناع فهل عليها الإعادة
في الوقت أو لا إعادة عليها؟ قولان: الأول لأشهب والثاني لسحنون، وأما غير المراهقة كبنت ثمان سنين
فلا خلاف في المذهب أنها تؤمر بأن تستر من نفسها ما تستر الحرة البالغة ولا إعادة عليها إن صلت
مكشوفة الرأس أو بادية الصدر اه‍. قوله: (للاصفرار) إنما لم تكن للغروب لان الإعادة مستحبة فهي
كالنافلة ولا تصلى نافلة عند الاصفرار. قوله: (وللطلوع في غيرهما) أي ففي العشاءين لطلوع الفجر وفي
الصبح لطلوع الشمس. قوله: (لأنه قدم حكم إلخ) أي وحينئذ فذكرها هنا بقوله ككبيرة حرة تكرار مع
ما مر قوله: (الأولى إن تركتا) إنما لم يقل الصواب تركتا مع أن الفعل إذا أسند إلى ضمير مجازي
التأنيث أو حقيقة ككلام المصنف وجب تأنيثه لامكان أن يجاب بأنه ذكر نظرا لكون المرأتين بمعنى
الشخصين والشخص مذكر قوله: (كمصل بحرير) تشبيه في الإعادة في الوقت، ومثل الحرير الذهب
ولو خاتما كما في المج. قوله: (لابسا له) أي وأما من صلى به حاملا له في كمه أو جيبة فلا إعادة
216

ولا إثم عليه. قوله: (عجزا) أي لعجزه عن غيره قوله: (وإن انفرد بلبسه) أي هذا إذا لبسه مع غيره بل
وإن انفرد بلبسه مع وجود غيره خلافا لابن حبيب القائل بالإعادة أبدا إذا لبس الحرير وحده مع
وجود غيره وصلى به قوله: (ويحتمل وإن انفرد بالوجود) أي فالمعنى حينئذ هذا إن وجد غيره بل وإن
انفرد بالوجود. قوله: (خلافا لمن قال لا إعادة حينئذ) أي وهو أصبغ قوله: (أو مصل بنجس عجزا
أو نسيانا) أي وأما عمدا فيعيد أبدا كما تقدم، ونبه المصنف على هذه المسألة مع أخذها مما سبق في إزالة
النجاسة دفعا لما يتوهم من عدم الإعادة حيث طلب بالستر بالنجس لعجزه عن الطاهر. قوله: (بغير)
متعلق بيعيد المدلول عليه بالتشبيه لان المعنى كما يعيد مصل في حرير أو في نجس للاصفرار في غيرهما
أي في غير الحرير والنجس، فالمصلي بالحريري لا يعيد في حرير ولا في نجس، وكذلك المصلي في النجس
لا يعيد في نجس ولا في حرير قوله: (أو بوجود مطهر) حاصله أن من صلى في ثوب متنجس لعدم
غيره ثم وجد ماء مطهرا له واتسع الوقت للتطهير فإنه يطالب بإعادة تلك الصلاة في الوقت
للاصفرار، فقوله: أو بوجود مطهر عطف على غير، والمعنى كما يعيد في الوقت مصل في حرير أو نجس
في غيرهما أو بسبب وجود إلخ أي أو مصل في نجس بمعنى متنجس بسبب وجود مطهر، فقول
المصنف بغير راجع للحرير والنجس، وأما قوله أو بوجود مطهر فهو راجع للنجس بمعنى المتنجس
وقول الشارح أو يعيد فيه أي في الوقت أي من كان صلى أولا بنجس بمعنى متنجس بسبب وجود إلخ
وأشار الشارح بتقدير ذلك إلى أن قول المصنف أو بوجود مطهر عطف على بغير كما قلنا قوله: (ويعيد
إذا لم يظن إلخ) أي ويعيد من صلى بحرير أو نجس في الوقت إذا لم يظن عدم صلاته أولا بهما بأن
تحقق أو ظن صلاته أو لا بهما، بل وإن ظن عدم صلاته إلخ، فإذا صلى بثوب نجس أو حرير ثم ذهل عن
كونه صلى بهما وظن أنه لم يصل فصلى تلك الصلاة بثوب طاهر غير حرير ثم ذكر أنه صلى بثوب
نجس أو حرير قبل صلاته بالثوب الطاهر فإنه يعيد ثالث مرة لان الصلاة الثانية لم تقع جابرة للأولى
فيأتي بثالثة للجبر، وإنما كانت الثانية غير جابرة لأنه نوى بها الفريضة، مع أن المطلوب منه صلاتها بنية
الندب والواجب لا يسقط طلب المندوب. قوله: (وإن ظن عدم صلاته إلخ) إن قلت: ظن يتعدى
لمفعولين والمصنف عداها لواحد، قلت: الأصل وإن ظن صلاته معدومة إلا أنه يصح الاقتصار على
مصدر المفعول الثاني مضافا للأول، تقول في ظننت زيدا قائما: ظننت قيام زيد قوله: (لا يعيد بوقت
عاجز إلخ) هذا قول ابن القاسم في سماع عيسى وهو مبني على أن التعري يقدم على الستر بالحرير
والنجس، وقد تقدم أنه خلاف المشهور، وحينئذ فما ذكره المصنف ضعيف مبني على ضعيف
قوله: (والمعتمد الإعادة في الوقت) وهو قول ابن القاسم في المدونة قال المازري: وهو المذهب قوله: (عاجزا)
أي حالة كونه عاجزا عن طاهر يستتر به لعدم وجوده. قوله: (صلاها بنجس) أي عاجزا أو ناسيا
(قوله وكره لباس محدد) أي كره لبس لباس محدد للعورة ولو بغير صلاة، وإنما قدرنا لبس لان
الاحكام إنما تتعلق بالأفعال. قوله: (لرقته) أي وإنما حددها بذاته لأجل رقته أي والفرض أنه
لا تبدو منه العورة أصلا أو تبدو منه مع التأمل، وتقدم أن كراهة لبسه للتنزيه على المعتمد لا للتحريم
(قوله كحزام) أي على ثوب غير رقيق، فالثوب المذكور محدد للعورة بسبب الحزام، وأما الحزام على
القفطان فلا تحديد فيه للعورة المغلظة فلا كراهة، ويحتمل أن المراد بالعورة ما يشمل المغلظة والمخففة
كالأليتين، فيكون الحزام على القفطان مكروها، ومحل كراهة الاحتزام على الثوب ما لم يكن ذلك عادة قوم
أو فعل ذلك لشغل وإلا فلا كراهة ولو في الصلاة كما لو كان محتزما فحضرت الصلاة وهو كذلك فلا
كراهة في صلاته محتزما، ومحل كراهة لبس المحدد للعورة ما لم يلبس فوق ذلك المحدد شيئا كقباء
217

وإلا فلا كراهة. قوله: (كسراويل) هذا هو المسموع لغة دون سروال، وقد علمت أن كراهة لبسه
إذا لم يلبس فوقه ثوبا ولو تردى على ذلك برداء وإلا فلا كراهة، وأول من لبس السراويل سيدنا إبراهيم
وهل لبسه نبينا عليه الصلاة والسلام أو لا؟ فيه خلاف وصح أنه اشتراها كما في السنن الأربع
(قوله لأنه ليس من زي السلف) هذا تعليل لكراهة السراويل لا لكراهة المحدد مطلقا لان العلة في كراهته
التحديد للعورة. والحاصل أن العلة في كراهة السراويل أمران: التحديد وكونه ليس من زي
السلف، فكان الأولى للشارح أن يقول ولأنه إلخ بالواو، وأما كراهة المحدد غيره فللتحديد نفسه ولذا
قيل بكراهة لبس المئزر وإن كان من زي السلف، والمراد بالمئزر على هذا الملحفة التي تجعل في الوسط
كفوطة الحمام، أما إن أريد بالمئزر الملحفة التي يلتحف جميعه بها كبردة أو حرام فلا كراهة في لبسه كما قال
ابن العربي لانتفاء التحديد ولكونه من زي السلف. والحاصل أن بعضهم فسر المئزر بالملحفة التي
يلتحف جميعه بها كابن العربي فحكم بعدم كراهته، وفسره بعضهم بما يشد في الوسط كفوطة الحمام
فحكم بكراهته قوله: (لا إن كان التحديد بريح) أي بسبب ضرب ريح أو بسبب بلل قوله: (ليس
على أكتافه منه شئ) أي مع القدرة على الثياب التي يستر أكتافه بها وإلا فلا كراهة قوله: (وانتقاب
امرأة) أي سواء كانت في صلاة أو في غيرها كان الانتقاب فيها لأجلها أو لا قوله: (لأنه من الغلو)
أي الزيادة في الدين إذ لم ترد به السنة السمحة قوله: (والرجل أولى) أي من المرأة بالكراهة
(قوله ما لم يكن من قوم عادتهم ذلك) أي الانتقاب فإن كان من قوم عادتهم ذلك كأهل مسوفة بالمغرب فإن
النقاب من دأبهم ومن عادتهم لا يتركونه أصلا فلا يكره لهم الانتقاب إذا كان في غير صلاة، وأما فيها
فيكره وإن اعتيد كما في المج. قوله: (فالنقاب مكروه مطلقا) أي كان في صلاة أو خارجها سواء كان
فيها لأجلها أو لغيرها ما لم يكن لعادة وإلا فلا كراهة فيه خارجها بخلاف تشمير الكم وضم الشعر فإنه إنما
يكره فيها إذا كان فعله لأجلها، وأما فعله خارجها أو فيها لا لأجلها فلا كراهة فيه ومثل ذلك تشمير
الذيل عن الساق فإن فعله لأجل شغل فحضرت الصلاة فصلى وهو كذلك فلا كراهة، وظاهر المدونة
عاد لشغله أم لا، وحملها الشبيبي على ما إذا عاد لشغله وصوبه ابن ناجي قوله: (وكان الأولى تأخيره)
أي تأخير قوله لصلاة عن قوله وتلثم أي وذلك لان اللثام إنما يكره إذا فعل في الصلاة لأجلها
لا مطلقا كما هو ظاهره والحق كما في بن أن اللثام يكره في الصلاة وخارجها سواء فعل فيها لأجلها أولا
لأنه أولى بالكراهة من النقاب وحينئذ فلا اعتراض على المصنف قوله: (ككشف رجل مشتر)
أي مريد الشراء ومفهومه أن المرأة لا كراهة في حقها في الكشف المذكور إذا أرادت شراء
أمة، وأما إذا أرادت شراء عبد فلا تنظر منه إلا الوجه والأطراف، ولا يجوز لها أن تكشف
غير ذلك. قوله: (صدرا أو ساقا) لا مفهوم له بل وكذلك كشف معصمها وأكتافها، ثم ما ذكره
المصنف من كراهة كشف الرجل لما ذكر من الأمة التي أراد شراءها ضعيف والمعتمد عدم
الكراهة ففي بن: لم يعرف المواق ولا غيره القول بالكراهة إلا اللخمي وهو إنما ذكره على وجه يفيد
أنه مقابل للمشهور، والمشهور جواز نظر الرجل لما عدا ما بين السرة والركبة من الأمة بلا شهوة
(قوله خشية التلذذ) يقال عليه الغالب على المشتري أنه إنما يقصد بالكشف التقليب لا اللذة فهو علة ضعيفة
218

(قوله وكره صماء) أي لأجل الصلاة قوله: (أي اشتمالها) الإضافة بيانية أي الاشتمال بالثوب الذي هو
الصماء قوله: (أن يرد الكساء إلخ) محصله أن يلتف بثوب كحرام مثلا ويستر به جميع بدنه بأن
يضعه على كتفيه وفوق يديه ولا يخرج من تحته شيئا من يديه، وهذه الصورة مكروهة لأنه صار
كالمربوط لا يتمكن من كمال الأركان وإن كانت ليست صماء عند الفقهاء قوله: (وعاتقه الأيسر)
هو منكبه وكتفه قوله: (فيغطيهما) أي العاتقين قوله: (أو إحدى يديه) أي أو مخرجا إحدى يديه أي
اليمنى أو اليسرى من تحته وأو لحكاية الخلاف، فالقول الأول يعين كون اليد المخرجة من تحته اليسرى
والثاني لا يعين. قوله: (لأنه في معنى المربوط) هذا التعليل يأتي على تفسير اللغويين والفقهاء، وقوله: ولأنه
إلخ إنما يظهر على كلام الفقهاء كما قال الشارح قوله: (ولأنه يظهر منه جنبه) أي جهة اليد التي أخرجها
من تحت الثوب المشتمل بها، وهذا التعليل إنما يتأتى فيما إذا كان ليس لابسا لقميص تحت الثوب
المشتمل بها بل لابسا الإزار، وأما إذا كان لابسا لقميص فعلة الكراهة كونه في معنى المربوط قوله: (لان
كشف البعض وهو الجنب ككشف الكل) فيه أنه لا معنى للبعضية هنا لان الفرض أن الكتفين
مستوران، والذي يبدو منه إنما هو جنبه فقط فكان الأولى أن يقول: لان ما قارب الشئ يعطي حكمه
قاله شيخنا قوله: (وهو ظاهر) أي والتعليل بحصول كشف العورة ظاهر على تفسير الفقهاء، وأما على تفسير
اللغويين فلا يظهر ذلك التعليل وهو حصول الكشف بالفعل، نعم يخاف حصوله وذلك إذا أخرج
إحدى يديه من تحت الثوب الساتر لها وأراد إظهارها للسجود. قوله: (ولعله أراد بالصماء ما يشمل
الاضطباع) أي لان كلا منهما مكروه في الصلاة إن كان معه ساتر وإلا فمنع، فلا وجه للنص على أحدهما
دون الآخر قوله: (وأن يرتدي) أي يجعل الرداء على كتفيه قوله: (ويخرج ثوبه) أي وهو الرداء
(قوله وهو من ناحية الصماء) أي من جهة أن كلا يمنع إتمام الأركان لأنه كالمربوط ولأنه إذا أخرج
يده المستورة بالرداء انكشف جنبه إن كان لابسا لازار تحت الرداء وانكشفت عورته إن لم يكن
ساتر تحته قوله: (كاحتباء لا ستر معه) هذا تشبيه في المنع والفرض أن الثوب الذي احتبى به غير ساتر
لعورته وإلا فالكراهة لاحتمال انحلال حبوته فتبدو عورته. قوله: (فيمنع في غير صلاة) أي إذا كان
يراه الناس وإلا كره. وقوله: وكذا فيها أي سواء كان يراه أحد من الناس أو لا، والحاصل أن الاحتباء
الذي لا ستر معه يمنع إذا كان في صلاة كأن يراه الناس أو لا وتبطل به لظهور عورته وإن كان في
غير صلاة فيمنع إذا كان يراه الناس وإلا كره فقط. قوله: (بظهره) الباء بمعنى على، وقوله إلى صدره
حال أي حال كونهما مضمومين لصدره. وقوله ثوبه أي ثوبا صغيرة غير لابس لها كفوطة حمام أو
حبل مثلا قوله: (فإن كان بستر) أي فإن كان الاحتباء معه ساتر لعورته كسروال أو ثوب لابس له جاز
وقوله: وهو أي الجواز ظاهر. وقوله: في غير الصلاة أي إذا كان الاحتباء في غير الصلاة، وأما إذا كان
فيها فلا يظهر الجواز هو ظاهره وفيه نظر، إذ قد صرح في المدونة بجواز الاحتباء في النوافل مع الساتر
فقال: ولا بأس بالاحتباء في النوافل للجالس. قوله: (وعصى الرجل) أي وأما الصبي فالحرير والذهب
في حقه مكروهان كما ذكره ابن يونس، وفي المدخل المنع أولى، وأما إلباسه الفضة فجائز على المعتمد خلافا
لمن قال بالكراهة قوله: (إن لبس حريرا) أي وأما حمل الحرير فيها من غير لبس فجائز قوله: (مع
وجود غيره) أي وأما عند عدم وجود غيره فالصلاة فيه متعينة عليه وإن كان يعيد أيضا بوقت كما مر
219

(قوله كما مر) أي في قوله كمصل بحرير وإن انفرد فالمصنف بين هنا العصيان مع الصحة وفيما تقدم
الإعادة في الوقت، فالغرض من ذكر هذه المسألة هنا مخالف للغرض من ذكرها سابقا فلا تكرار، ولا
يقال: إن الإعادة في الوقت تستلزم العصيان لان الإعادة في الوقت قد تكون لارتكاب مكروه، نعم
تستلزم الصحة تأمل. قوله: (أو ركوب أو جلوس عليه) أي أو ارتفاق به خلافا لعبد الملك بن الماجشون
القائل بجواز الجلوس والركوب عليه والارتفاق به ولو من غير حائل لما في ذلك من امتهانه. قوله: (ولو
بحائل) أي خلافا لمن أجاز الركوب والجلوس عليه والارتفاق به إذا كان عليه حائل وهو موافق
للحنفية. قوله: (أو تبعا لزوجته) أي خلافا لابن العربي حيث قال بجواز افتراشه والغطاء به تبعا
لزوجته، وعليه فإذا قامت من على ذلك الفرش لضرورة وجب عليه الانتقال من عليه لموضع يباح له
حتى ترجع لفراشها وإن كان نائما أيقظته أو أزالت اللحاف عنه قوله: (أو في جهاد أو لحكة) أي لان
زوال الحكة به وإرهاب العدو به غير محقق، وما ذكره من حرمة لبسه لهما هو المشهور وهو قول ابن
القاسم وروايته عن مالك خلافا لابن حبيب في الحكة فقد أجاز لبسه لها ومحل الخلاف ما لم يتعين
طريقا للدواء وإلا جاز لبسه لها اتفاقا، وخلافا لابن الماجشون في الجهاد فقد أجاز لبسه له معللا ذلك
بأن فيه إرهابا للعدو في الحرب قوله: (كتعليقه ستورا إلخ) أي كما يجوز تعليق الحرير ستورا
للحيطان من غير استناد عليه للرجال قوله: (وكذا البشخانة) أي وكذا يجوز اتخاذ البشخانة وهي
الناموسية من الحرير. قوله: (وخط العلم) أي فلا بأس به وإن عظم كما قال ابن حبيب، وقيل إنه
مكروه والخلاف المذكور فيما إذا كان قدر أربعة أصابع أو ثلاثة أو اثنين أو واحد، أما الخط الرقيق
دون الإصبع فجائز اتفاقا، كما إن ما زاد على الأربع أصابع فحرام اتفاقا، وهذا كله في العلم المتصل
بالثوب على وجه النسج كالطراز الذي يكون بالثوب، وأما المتصل به لا على وجه النسج فأشار له بقوله
بعد: وفي السجاف إلخ قوله: (قيطان الجوخ والسبحة) أي وأما ما يفعل فيها من التسابيح فلا يجوز
إذا كانت من الحرير قوله: (وتجوز الراية في الحرب) أي يجوز اتخاذ راية الحرب من الحرير
وأما رايات الفقراء من الحرير فممنوعة، ومثل ما ذكر في الجواز الطوق واللبنة كما قال بعض أصحاب
المازري، والمراد بالطوق القبة، والمراد باللبنة البنيقة التي تجعل تحت الإبط كالرقعة فيجوز جعلها من
الحرير، ومنع ابن حبيب الجيب وهو الطوق والزر أي زر الجوخة والقفطان، وقد يقال إنه أولى
بالجواز من القيطان ولذا قال شيخنا إنه ضعيف والمعتمد جوازهما من الحرير. قوله: (وفي السجاف)
أي وفي جواز السجاف من الحرير إذا عظم بأن كان قد ربع الجوخة كما نقله سيدي محمد الزرقاني عن
بعضهم قوله: (لا إن كان كأربعة أصابع فالأظهر الجواز) أي كما اختاره الشيخ أحمد النفراوي
في شرح الرسالة كما يجوز اتخاذ غطاء العمامة وكيس الدراهم من الحرير قياسا على الناموسية، ولا يعد هذا
استعمالا للحرير كما استظهره بعضهم. قوله: (والأرجح كراهة الخز) أي وهو ما سداه حرير ولحمته
من الوبر، ومثل الخز ما في معناه وهي الثياب التي سداها حرير ولحمتها قطن أو كتان كما في خش
تبعا لشراح الرسالة، وقال بعضهم بحرمتها وحرمة الخز وهو مقابل الراجح في كلام الشارح
وقال بعضهم بجواز الخز وما في معناه، وقيل بجواز الخز وحرمة ما في معناه فالأقوال
أربعة أرجحها الكراهة في الخز وما في معناه كما قال الشارح. قوله: (أي محرم كان) أي
كما لو نظر لعورة شخص غيره وغير إمامه ولو عمدا قوله: (إلا أن يذهل عن كونه فيها) أي فإن ذهل فلا
بطلان هذا كله تبعا لعج، واعترضه الشيخ أبو علي المسناوي بأن النصوص تدل على أن البطلان في
مجرد العمد من غير تفصيل بين كونه ينسى أنه في الصلاة أو لا، فالحق أنه لا فرق بين عورة الامام
وعورة نفسه من أنه إن تعمد الرؤية بطلت فيهما كان عالما بأنه في صلاة أم لا، وإن لم يتعمد فلا بطلان
220

فيهما كان عالما بأنه في صلاة أم لا، وهذا كله ما لم يلتذ وإلا بطلت لان اللذة تنزل منزلة الأفعال الكثيرة
هذا هو الفقه، وأما ما ذكره الشارح تبعا لعج من التفرقة فلا وجه له. والحاصل أنه إن نظر في الصلاة
لعورة نفسه أو لعورة إمامه فإن كان عمدا بطلت وإلا فلا كان عالما بأنه في صلاة أو ذاهلا عن ذلك، وأما
إن نظر لعورة شخص آخر غير نفسه وغير إمامه فلا تبطل ولو تعمد النظر لها كان عالما بأنه في صلاة أم
لا لأنه لا علاقة للمنظور له بالصلاة، وهذا التفصيل طريقة لسحنون وهي ضعيفة، والمعتمد ما قاله
التونسي من عدم البطلان مطلقا نظر لعورة نفسه أو إمامه أو لعورة غيرهما سواء تعمد النظر أو لا، كان
عالما بأنه في صلاة أو لا، وحينئذ فيبقى قول المصنف أو نظر محرما فيها على إطلاقه. قوله: (فثالثها يخير)
لتساويهما في الفحش ولما لم يكن في تلك الأقوال قول مشهور ولا مرجح عنده أطلق تلك الأقوال
والظاهر منها أنه يستر القبل لأنه ظاهر دائما، بخلاف الدبر فإنه إنما يظهر في حال الركوع والسجود، ومحل
الخلاف إذا لم يكن وراءه حائط وإلا ستر بها الدبر وستر القبل بالثوب اتفاقا، أو يكن أمامه شجرة وإلا
ستر بها القبل وستر الدبر بالثوب اتفاقا كما قال البساطي، وتعقبه تت بأنه مخالف لظاهر إطلاقهم من
جريان الأقوال، ولو كان في ليل مظلم أو في محل منفرد أو صلى خلف حائط أو لشجر تأمل
(قوله ومن عجز) أي عن كل ما يجب الاستتار به قوله: (صلى عريانا) أي بالركوع والسجود. فإن قيل: كل من
الطهارة وستر العورة شرط من شروط الصلاة وقد تقدم أن الصلاة تسقط عند فقد ما يتطهر به ولم
يقولوا بسقوط الصلاة عند فقد الساتر بل قالوا يطالب بالصلاة عريانا فما الفرق؟ قلت: إن الفرق أن
الطهارة شرط في الوجوب والصحة معا فإذا عدم ما يتطهر به سقط عنه الوجوب، وأما ستر العورة
فهو شرط في الصحة إن ذكر وقدر قوله: (فإن اجتمعوا بظلام) أي سواء كان ظلام ليل أو ظلمة مكان
قوله: (فكالمستورين) أي وحينئذ فيصلون الصلاة على هيئتها من قيام وركوع وسجود ويتقدمهم
إمامهم قوله: (ويجب عليهم تحصيله) أي فإن تركوا تحصيله مع القدرة عليه بطلت صلاتهم لأنه بمنزلة
ترك الستر مع القدرة عليه كذا قيل، والحق أنها صحيحة، وإنما يعيدون في الوقت إذ غايته أنهم إنما تركوا
واجبا غير شرط. قوله: (وإلا يكونوا بظلام) أي بأن كان اجتماعهم في ضوء كنهار أو ليل مقمر
(قوله فإن تركوه) أي التفرق مع إمكانه وقوله أعادوا أبدا أي لأنهم بمنزلة من صلى عريانا مع القدرة على الستر
قوله: (كذا قيل) قائله عج ومن تبعه قوله: (وفيه نظر) أي في الإعادة أبدا نظر إذ غايته أنهم
تركوا أمرا واجبا ليس بشرط لان وجوب التفرق إنما هو لحرمة الرؤية والنظر للعورة لا لكونه بمنزلة
الستر، فالأحسن ما قاله غيره من أنهم إذا تركوا التفرق مع القدرة عليه يعيدون في الوقت لتركهم الامر
الواجب الذي ليس بشرط، والمراد يعيدون في الوقت إن وجد ساتر لا يتفرق ولا في ظلام كذا قرر
شيخنا قوله: (فإن لم يمكن تفرقهم) أي لخوف على مال أو على نفس من عدو أو سبع أو لضيق مكان
كسفينة قوله: (جماعة) إنما أمروا بصلاتهم جماعة لأنهم لو صلوا أفذاذا نظر بعضهم من بعض ما ينظر
لو صلوا جماعة فالجماعة أولى قوله: (أي على هيئتها من ركوع وسجود) تقديما للركن المجمع عليه على
الشرط المختلف فيه، وما ذكره المصنف من صلاتهم قياما على هيئتها هو المعتمد خلافا لمن قال: يصلون من
جلوس بالايماء ولم يقل أحد إنهم يصلون قياما بالايماء فقول البساطي: صلوا قياما يومئون للركوع
والسجود فيه نظر لان الموضوع أنهم غاضون أبصارهم فلا وجه للايماء، وأيضا من قال بالايماء يقول
بصلاتهم جلوسا. قوله: (إمامهم وسطهم) أي إمامهم كائن بينهم فهو مبتدأ وخبر والجملة حال قوله: (لم
تبطل فيما يظهر) وذلك لان الفرض أنهم عاجزون عن الستر والغض إنما وجب لحرمة النظر فغاية الامر
221

أنهم تركوا واجبا غير شرط، وهذا هو الذي ارتضاه بن خلافا لما قاله عج من البطلان لترك الغض لان
الغض بمثابة الساتر، فإذا ترك الغض صار كمن صلى عريانا مع القدرة على الستر كذا قال، ورده الشارح
بقوله: لان الغض ليس إلخ قوله: (إلا أن يتعمد إلخ) أي فإن تعمد بطلت ولكن قد تقدم لك أن المعتمد
أنه لا بطلان، ولو تعمد النظر لعورته أو لعورة إمامه أو لعورة أحد من المأمومين كما قال التونسي إلا
أن يتلذذ بذلك قوله: (وإن علمت في صلاة إلخ) أي وأما لو علمت بالعتق قبل إحرامها لجرى فيها ما مر من
قوله: وأعادت لصدرها وأطرافها بوقت قوله: (مكشوفة رأس) أي أو ساق أو صدر أو عنق أو نحو
ذلك مما يجوز لها كشفه. قوله: (استترا وجوبا إن قرب) أي بخلاف واجد الماء بعد تيممه ودخوله فيها
فإنه يتمادى ولا يستعمل الماء ولا إعادة عليه لان واجد الماء لا يمكنه تحصيل الشرط إلا بإبطال ما هو فيه
وهو قد دخلها بوجه جائز بخلاف ما هنا فإنه يمكنه تحصيل الشرط من غير إبطال، ومفهوم
أن قرب أنه إن بعد الساتر أو لم تجد الأمة ساترا فإنهما يكملان صلاتهما على ما هما عليه ثم
يعيدان في الوقت كما في ح ورجحه بعضهم وهو قول ابن القاسم في سماع موسى بن معاوية
وقيل إنهما يكملان صلاتهما ولا إعادة عليهما كما في الشيخ سالم، واستظهره طفي قال: لأنه قول
ابن القاسم في سماع عيسى وصوبه ابن الحاجب، وما ذكره المصنف من التفصيل بين قرب الساتر وبعده
هو المعتمد، ومقابله أن العريان إذا وجد في صلاته ثوبا فإنه يقطع صلاته مطلقا سواء كان الساتر
قريبا أو بعيدا وهو قول سحنون. والحاصل أن العريان إذا وجد في صلاته ثوبا فقيل يقطع مطلقا
وقيل إنه يتمادى على صلاته ويستتر به إن كان قريبا لا إن كان بعيدا، وعليه هل يعيد في الوقت أو لا
قولان. قوله: (كالصفين) أدخلت الكاف صفا ثالثا قوله: (وألا يستترا مع القرب أعادا ندبا بوقت)
أي لا أنهما يعيدان أبدا وإن كان الستر واجبا لدخولهما بوجه جائز وحينئذ فلا منافاة بين وجوب
الستر ابتداء وندب الإعادة. قوله: (وإن كان لعراة ثوب) أي وليس عندهم ما يواري العورة غيره
(قوله يملكون ذاته أو منفعته) أي وأما لو كان بعضهم يملك ذاته وبعضهم يملك منفعته فإنه يقدم
في هذه الحالة صاحب المنفعة ولا يقع النزاع في هذه كما في بن. قوله: (صلوا أفذاذا به واحدا بعد واحد
إن اتسع الوقت) أي لأنهم قادرون على الستر ولا يجوز للقادر أن يصلي عريانا قوله: (وإلا فالظاهر
القرعة) أي وإلا يتسع الوقت بل كان ضيقا فالظاهر القرعة ولا يجوز لأحدهم أن يسلم لغيره بدون
قرعة كما قالوا في ماء المتيممين فإن ضاق الوقت عن القرعة فالظاهر تركها ويصلون عراة قوله: (كما لو
تنازعوا في التقدم) أي كما لو اتسع الوقت وتنازعوا في التقدم أي فإنه يقرع بينهم. قوله: (وإن كان
الثوب لأحدهم) أي والحال أنه لا فضل فيه عن ستر عورته. قوله: (ندب له إعارتهم) أي بعد صلاته به
تعاونا على البر ويجب على المعار له القبول، ولو تحقق المنة ليساره سببها وهو المنفعة بالثوب المعار ولا
تجب الإعارة لأنه لا يجب على الشخص كشف عورته لأجل ستر غيره قوله: (ويمكث) أي ربه بعد
إعارته عريانا حتى يصلي به بقية أصحابه قوله: (فإن كان فيه فضل) أي من غير إتلاف كرداء فلقتين
قوله: (وجب إعارتهم) أي كما قال ابن رشد وهو المعتمد وحينئذ فيجبر عليها وقال اللخمي: تستحب
الإعارة وهو ضعيف.
فصل: في استقبال القبلة قوله: (ومع الامن) متعلق بمحذوف أي وشرط مع الامن إلخ، والجملة إما
معطوفة على جملة شرط لصلاة طهارة حدث أو خبث أو إن الواو للاستئناف وهو أولى لما قاله ابن هشام
في شرح بانت سعاد إن الواو الواقعة في أول القصائد، وفصول المؤلفين الأولى فيها أن تكون
للاستئناف. قوله: (ونحوه) أي كسبع. قوله: (ومع القدرة) قيل: كان الأولى للمصنف ذكرها بدل الامن
222

لأنها تستلزمه بخلاف العكس. قوله: (ذات بناء الكعبة) إضافة ذات لبناء للبيان وكذلك إضافة بناء للكعبة
قوله: (استقبال عين الكعبة) أي يقينا قوله: (بأن لا يخرج شئ منه ولو عضوا) أي عن سمتها هذا تفسير
لاستقبال عينها قوله: (ممن تمكنه المسامتة) أي لقربه منها قوله: (ولا يكفي اجتهاد) أي ولا يكفي من
كان في مكة ومن في حكمها الاجتهاد في استقبال العين قوله: (ولا جهتها) أي ولا يكفيه استقبال جهتها
بدون مسامتة لعينها قوله: (فصلاة الخارج ببدنه) أي كله، وقوله أو بعضه أي كعضو، وقوله عنها أي عن
مسامتتها قوله: (فيصلون دائرة) أي بإمام، وقوله أو قوسا أي نصف دائرة مثلا قوله: (لمن لم يصل بالمسجد
إلخ) أي وأما كيفية استقبال العين لمن يصلي بالمسجد فظاهرة قوله: (بإعلام البيت) أي بالعلامات الدالة
عليه يقينا قوله: (على المسامتة) أي على مسامتة البيت. قوله: (واحترز بالأمن من المسايفة حين الالتحام)
أي ومن خائف من لص أو سبع واحترز بقوله: والقدرة عن المريض الذي لا يقدر على التحول لجهتها
والمربوط ومن هو تحت الهدم فلا يشترط في حق هؤلاء استقبال العين ولا الجهة ولو كانوا بمكة وحينئذ
فيصلون لأي جهة قوله: (فإن قدر) أي من بمكة قوله: (لأمكنه) أي المسامتة قوله: (ففي الاجتهاد
نظر) أي ففي جواز الاجتهاد على مسامتة العين ويسقط عنه الطلب بمسامتتها يقينا ومنعه من
الاجتهاد على مسامتة العين وطلبه بالمسامتة يقينا تردد. قوله: (في طلب العين) أي في معرفة عين الكعبة
قوله: (ويسقط عنه طلب اليقين) أي الطلب بمسامتتها يقينا قوله: (والراجح الثاني) أي وهو أنه لا بد من
مسامتته لها يقينا، ولا يكفي الاجتهاد على مسامتة العين، لا يقال: سيأتي أن وجوب القيام يسقط بالمشقة
مع أنه ركن. لأنا نقول: قد يفوق الشرط الركن في القوة كما هنا وكالاستقبال فإنه شرط في الفريضة
والنافلة والقيام إنما يجب في الفريضة قوله: (وأما من لا قدرة له) أي على المسامتة أي بأن كان لا قدرة
له على صعود السطح ليرى سمت الكعبة والحال أن له قدرة على التحول والانتقال لجهتها قوله: (أقسام)
أي أربعة قوله: (إما بأن إلخ) أي واستقبال العين إما بأن إلخ. قوله: (فإن لم يمكنه طلوع) أي لكون السطح
لا سلم له مثلا ولم يجد سلما يصعد به عليه قوله: (استدل على الذات) أي على ذات البيت أي استدل على
مسامتته قوله: (يمكنه جميع ما سبق في الصحيح) أي أنه يمكنه مسامتة البيت لكونه يمكنه الذهاب
للمسجد والصلاة فيه أو الصلاة في بيته مع قدرته على الصعود للسطح ليرى ذات الكعبة. قوله: (فهذا
فيه التردد) أي قيل يكفيه الاجتهاد على مسامتة العين لانتفاء الحرج من الدين، وقيل لا يكفيه الاجتهاد
بل لا بد من مسامتته لعين الكعبة يقينا لما عنده من القدرة وصوبه ابن راشد. قوله: (لا يمكنه ذلك) أي
المسامتة مع قدرته على التحول والانتقال لجهتها. قوله: (ولا يلزمه اليقين) أي بالمسامتة
223

لذات البيت بالفعل. قوله: (ولا يختص) أي هذا القسم الرابع. قوله: (فالآيس إلخ) المراد به هنا من
جزم أو ظن عدم إتيان من يحوله حتى يخرج الوقت. قوله: (والراجي إلخ) المراد به هنا من ظن إتيان
من يحوله للقبلة قبل خروج الوقت. قوله: (والمتردد إلخ) المراد به هنا من شك هل يأتيه أحد يحوله
للقبلة قبل خروج الوقت أم لا. قوله: (وإلا فالأظهر جهتها) أي أن الواجب استقبال جهتها، قال ابن
غازي: ظاهره أن هذا الاستظهار لابن رشد ولم أجده له لا في البيان ولا في المقدمات وإنما وجدته لابن
عبد السلام وهو ظاهر كلام غير واحد، وأجاب تت بأن ابن رشد في المقدمات اقتصر عليه، ففهم
المصنف من ذلك أنه الراجح عنده، وفي خش أن الاستظهار وقع لابن رشد في قواعده الكبرى
فانظره اه‍ بن. قوله: (خلافا لابن القصار) أي القائل إن الواجب استقبال سمتها. قوله: (والمراد
بسمت عينها) الأولى أن يقول: والمراد باستقبال سمتها أي عينها عنده أن يقدر إلخ أي لان سمتها
هو عينها فلا معنى للإضافة وهذا جواب عما أورد على ابن القصار. وحاصله أن من بعد عن مكة
لم يقل أحد أن الله أوجب عليه مقابلة الكعبة لان في ذلك تكليفا بما لا يطاق، وأيضا يلزم على ذلك عدم
صحة صلاة الصف الطويل فإن الكعبة طولها من الأرض للسماء سبعة وعشرون ذراعا وعرضها
عشرون ذراعا والاجماع على خلافه. وحاصل الجواب أن ابن القصار القائل بوجوب استقبال
السمت ليس المراد عنده السمت الحقيقي كالاجتهاد لمن بمكة بل مراده السمت التقديري كما بينه الشارح
(قوله إن يقدر المصلي المقابلة والمحاذاة لها) أي وإن لم يكن كذلك في الواقع وليس المراد أنهم وإن
كثروا فكلهم يحاذي بناء الكعبة في الواقع حتى يلزم ما ذكر. والحاصل أن كل واحد من الصف الطويل
يقدر أنه مسامت ومقابل للكعبة وإن لم يكن كذلك في الواقع، وليس المراد أنه لا بد أن يكون كل واحد
مسامتا لها في الواقع لأنه يستحيل أن يكون الكل مسامتين لها، وأما على المشهور فالواجب على المصلي
اعتقاد أن القبلة في الجهة التي أمامه ولو لم يقدر أنه مسامت ومقابل لها قوله: (إذ الجسم الصغير إلخ)
الأولى حذف هذا الكلام إلى قوله: فلا يلزم إلخ وذلك لان مفاد هذا الكلام أن الجسم الصغير إذا
بعد تحصل له مسامتة الجملة الكبرى، وحينئذ فالواجب إنما هو مسامتة عين الكعبة مسامتة حقيقية
ولا يكفي تقدير المقابلة والمحاذاة فالعلة المذكورة تنتج خلاف المطلوب فتأمله. قوله: (كغرض الرماة)
أي وهو ما يرمونه بالسهام. قوله: (مجتمعة الأطراف فيه) أي في ذلك المركز وهو الكعبة قوله: (فكلما
بعدت) أي الخطوط عن المركز. وقوله: اتسعت أي الجهة. قوله: (فعلى المذهب) أي وهو قول ابن
رشد: الواجب استقبال جهتها بالاجتهاد. وقوله: وعلى مقابلة أي وهو قول ابن القصار الواجب استقبال
عينها بالاجتهاد. قال بن: الحق أن هذا الخلاف لا ثمرة له كما صرح به المازري، وأنه لو اجتهد وأخطأ فإنما
يعيد في الوقت على القولين، وأما ما قاله الشارح فهو غير صواب لان القبلة على كلا القولين قبلة اجتهاد
والأبدية عندنا إنما هو في الخطأ في قبلة القطع، وكأن عبق التابع له الشارح أخذ ذلك مما في التوضيح
عن عز الدين بن عبد السلام وهو شافعي المذهب اه‍. قوله: (ولو انحرف عنهما ولو يسيرا بطلت)
224

أي لان كلا منهما قبلة قطع أي لان الأولى بالوحي والثانية بإجماع جماعة من الصحابة نحو الثمانين
(قوله فإنه يستقبل الجهة اتفاقا) أي سواء كان بمكة أو بغيرها كما قاله بعضهم وفي عبق: إذا
كان بمكة استقبل السمت باجتهاد، وإن كان بغير مكة استقبل الجهة باجتهاد، فالقبلة على كل حال قبلة
اجتهاد. قوله: (وصلى لغيرها معتمدا) أي وأما لو صلى لغيرها ناسيا وصادف فانظر هل يجري فيه
ما جرى في الناسي إذا أخطأ من الخلاف أو يجزم بالصحة لأنه صادق وهو الظاهر. قوله: (فإنه يعيد في
الوقت) أي إذا كان اجتهاده مع ظهور العلامات، وأما إن كان مع عدم ظهورها فلا إعادة كما قاله
الباجي لأنه مجتهد تحير واختار جهة صلى لها. قوله: (وصوب سفر قصر إلخ) أي أن جهة السفر عوض
للمسافر عن جهة القبلة في النوافل وإن وترا وأحرى ركعتا الفجر وسجدة التلاوة بشرط أن يكون
سفره يصح قصر الصلاة فيه وأن يكون راكبا لدابة ركوبا معتادا. قوله: (متعلق ببدل) أي وإنما
قدمه عليه لأجل جمع القيود بعضها مع بعض قوله: (وراكب غير دابة كسفينة) اعلم أن قول المصنف
لراكب دابة يحتمل أنه احترز عن راكب السفينة فقط كما هو المتبادر، وحينئذ فلو كان مسافرا راكبا لجمل
أو لإنسان جاز له التنفل عليه لجهة سفره وهو الظاهر، ويحتمل أنه أراد بالدابة الدابة العرفية وحينئذ
فلا يشمل الآدمي فيكون كل من الآدمي والسفينة محترزا عنه، والاحتمال الأول هو الذي سلكه الشارح
قال في المج: والظاهر أن الشرط ركوب الدابة وقت الصلاة وإن كانت مسافة القصر لا تتم إلا بسفينة
(قوله بفتح الميم الأولى وكسر الثانية ما يركب فيه) أي وأما المحمل بكسر الميم الأولى وفتح الثانية فهو
خاص بعلاقة السيف قوله: (ونحوه) أي كمحفة وعربة وتختروان قوله: (ويسجد) أي على أرض
المحمل ولا يومئ بالسجود كالراكب في غير محمل كذا قرر الشارح قوله: (وإن وترا) أي وأولى ركعتا
الفجر وسجدة التلاوة قوله: (لا فرض) أي لا في صلاة فرض قوله: (وإن سهل الابتداء لها) أي بأن
كانت الدابة مقطورة أو واقفة قوله: (حينئذ) أي حين إذ سهل الابتداء لها قوله: (وجاز له) أي
للشخص في حالة تنفله على الدابة. قوله: (وتحريك رجل) أي ولا يتكلم ولا يلتفت قوله: (ويومئ
للأرض بسجوده) أي حيث لم يكن راكبا في محمل وإلا سجد على أرضه كما مر. قوله: (لا لقربوس
الدابة) أي خلافا لما في عبق. تنبيه: تجوز الصلاة فرضا ونفلا على الدابة بالركوع والسجود
إذا أمكنه ذلك وكان مستقبلا للقبلة، كذا ذكر سند في الطراز، وقال سحنون: لا يجزي إيقاع الصلاة على
الدابة قائما وراكعا وساجدا لدخوله على الغرر، وما قاله سند هو الراجح كذا قرر شيخنا. قوله: (لغير
ضرورة) أي فإن كان انحرافه لضرورة كظنه أنها طريقة أو غلبته الدابة فلا شئ عليه، ولو وصل
لمحل إقامته وهو في الصلاة نزل عنها إلا أن يكون الباقي يسيرا كالتشهد وإلا فلا ينزل عنها، وإذا نزل
عنها أتم بالأرض مستقبلا راكعا وساجدا إلا بالايماء إلا على قول من يجوز الايماء في النفل للصحيح غير
المسافر فيتم عليها بالايماء، والظاهر أن المراد محل إقامة تقطع السفر وإن لم يكن وطنه خلافا لما في خش فإن
225

لم يكن منزل إقامة خفف القراءة وأتم عليها ليسارته. قوله: (إلا أن يكون إلى القبلة) أي إلا أن يكون
انحرافه لغير ضرورة إلى القبلة فلا بطلان لأنها الأصل قوله: (فيمتنع النفل) أي فيها جهة السفر
(قوله كالفرض) أي كما يمتنع إيقاع الفرض لجهة السفر سواء كان على الدابة أو في السفينة قوله: (وإذا
امتنع استقبال صوب السفر) أي جهة السفر لمن في السفينة قوله: (لغير القبلة) أي وهو جهة سفره
والحال أنه ترك الدوران الممكن له قوله: (إن أومأ) أي إن صلى بالايماء مع قدرته على الركوع
والسجود قوله: (بناء على أن علة المنع الايماء) أي الذي هو غير جائز في النافلة للصحيح إلا إذا كان
مسافرا بالشروط السابقة قوله: (أبي محمد) المراد به ابن أبي زيد قوله: (عدم التوجه للقبلة) أي الذي
هو خلاف الأصل فهذا رخصة يقتصر فيها على ما ورد وهو المسافر على الدابة وعلى كلامه، فيجوز
للمسافر أن ينتقل في السفينة أو في غيرها إيماء للقبلة، وقد علم مما قاله الشارح أنه لا يومئ لغير القبلة
في السفينة اتفاقا، وإنما الخلاف بين أصحاب التأويلين في إنه هل يصلي بالركوع والسجود في السفينة لغير
القبلة أو لا يصلي لغيرها أصلا؟ وهل يجوز أن يتنفل في السفينة إيماء للقبلة أو لا يجوز؟ واعلم أن الايماء
في النافلة للصحيح الذي ليس بمسافر سفرا تقصر فيه الصلاة راكبا لدابة قيل إنه غير جائز وقيل إنه
جائز فالتأويل الأول نظر للمنع، فجعل علة منع الصلاة في السفينة لغير القبلة مع إمكان الدوران وتركه
الايماء والثاني نظر لجوازه فجعل علة المنع فيما ذكر عدم التوجه للقبلة. قوله: (وكلام المصنف) أي قوله
وهل إن أومأ أو مطلقا مفروض في صحيح قادر على الركوع والسجود سافر في سفينة وترك الدوران
معها مع تمكنه منه فهل يمنع من النافلة لغير القبلة مطلقا أو إن صلى بالايماء؟ قوله: (لا في عاجز عنهما)
أي وإلا صلى بالايماء لجهة سفره في السفينة قولا واحدا لعدم تمكنه من الدوران. وقوله لا في عاجز
عنهما أي خلافا لخش حيث حمل المصنف عليه. قوله: (إلا أن يكون لمصر) أي فيجوز له حينئذ تقليده
وقول عبق فيجب تقليده فيه نظر لان ابن القصار وابن عرفة والقلشاني إنما قالوا بجواز تقليده
ولا يفهم من المصنف إلا الجواز لان قوله: إلا لمصر استثناء من المنع، وقد صرح في المعيار بالجواز ونفي
الوجوب قائلا وهو التحقيق اه‍ بن. وقوله: إلا لمصر هو بالتنوين لان المراد أي مصر كان وليس
المراد بلدا معينة حتى يكون ممنوعا من الصرف قوله: (ولو خربت) أي تلك المصر فالمعتبر في محراب
المصر الذي يجوز للمجتهد تقليده أن يعلم أنه إنما نصب باجتهاد جمع من العلماء سواء كان عامرا
أو خرابا، ولو قيد بالعامر لزم أنه لو طرأ خرابه لم يقلد محرابه وهو لا يصح قاله ابن عاشر، فوصف
العامرة في كلام ابن القصار كما في نقل التوضيح عنه طردي لا مفهوم له اه‍ بن. قوله: (كرشيد)
هذا باعتبار الزمان القديم، وأما الآن فقد حررت محاريبها وجعلت في أركان المساجد
(قوله هذا) أي عدم جواز تقليد المجتهد لغيره قوله: (وسأل عن الأدلة) أي سأل عدلا في
226

الرواية عنها. قوله: (أو يقلد محرابا إلخ) ظاهر المصنف التخيير، والظاهر أنه يقدم تقليد المجتهد على محراب
القرية الصغيرة ومحراب المصر على المجتهد قاله البساطي قوله: (فإن لم يجد غير المجتهد مجتهدا يقلده ولا
محرابا) أي تخير له جهة إلخ، وأما لو وجد ذلك المقلد من يقلده من مجتهد أو محراب وترك تقليد ما ذكر
واختار له جهة تركن لها نفسه وصلى لها كانت صلاته صحيحة إن لم يتبين خطؤه، فإن تبين الخطأ فيها قطع
حيث كان كثيرا وإن تبين بعدها فقولان بالإعادة أبدا أو في الوقت قوله: (أو التبست عليه) أي الأدلة
مع ظهورها أي تعارضت عند الامارات، والأولى قصر التحير على هذا أي على من التبست عليه الأدلة
لأنه هو الذي يختار له جهة من الجهات من أول الأمر ولا يقلد غيره ولا محرابا، وأما من خفيت عليه الأدلة
فهذا حكمه كالمقلد كما لسند ونقله في التوضيح عن ابن القصار، وحينئذ فلا يختار له جهة إلا إذا لم يجد
مجتهدا يقلده ولا محرابا انظر بن. قوله: (ولو صلى أربعا لحسن واختير) أي ولا بد من جزم النية عند كل
صلاة. واعلم أن غير المجتهد يجب عليه أن يقلد إماما مكلفا عارفا أو محرابا، فإن لم يجد فقيل يختار له جهة يصلي
لها صلاة واحدة، وقيل يصلي أربعا لكل جهة صلاة، وأما المجتهد المتحير وهو الذي التبست عليه الأدلة
ففيه القولان المذكوران إلا أن يجد مجتهدا فيتبعه إن ظهر صوابه أو جهل وضاق الوقت قوله: (وإن تبين
المجتهد) أي أداه اجتهاده إلى أن هذه الجهة جهة القبلة قوله: (أو مقلد) أي قلد مكلفا عارفا في جهة القبلة
أو قلد محرابا. قوله: (وكذا متحير) أي اختار جهة يصلي إليها. وقوله بقسميه أي وهما المقلد إذا لم يجد
مجتهدا يقلده ولا محرابا والمجتهد الذي التبست عليه الأدلة. قوله: (خطأ يقينا أو ظنا) احترز عما إذا شك
بعد أن أحرم بيقين فإنه يتمادى ويلغي الشك الواقع فيها، ثم فعل بمقتضى ما يظهر بعد من صواب أو خطأ
فإن ظهر له بعد الفراغ منها الصواب فلا إعادة عليه، وإن ظهر بعد الفراغ منها الخطأ جرى على قوله بعد
وبعدها أعاد في الوقت انظر بن. قوله: (نص عليه في المدونة) أي خلافا لما يفيده كلام بعض الشراح
من أن التوجه للشرق أو الغرب من الانحراف اليسير والكثير إنما هو التوجه لدبر القبلة فهو ضعيف
(قوله وأما الأعمى مطلقا) أي سواء كان انحرافه يسيرا أو كان كثيرا قوله: (فإن لم يستقبلا) أي بل أتم كل
واحد صلاته على ما هو عليه بعد ظهور الخطأ قوله: (بطلت في المنحرف كثيرا) أي بطلت في الأعمى
المنحرف كثيرا. وقوله: وصحت في اليسير فيهما أي في البصير والأعمى وما ذكره الشارح من البطلان في
الأعمى المنحرف كثيرا إذا ترك الاستقبال بعد علمه بالانحراف الكثير هو المعتمد لان انحراف
الكثير مبطل مطلقا مع العلم به سواء علم به حين الدخول فيها أو علم به بعد دخولها خلافا لعبق
القائل بعدم البطلان. قوله: (وبعدها أعاد) أي غير الأعمى وغير المنحرف يسيرا وهو البصير
المنحرف كثيرا، وإنما وجب القطع على البصير المنحرف كثيرا إذا ظهر له الخطأ فيها ولم تجب
عليه الإعادة إذا تبين له الخطأ بعدها لان ظهور الخطأ فيها كظهوره في الدليل قبل بت الحكم
وظهور الخطأ بعدها كظهوره فيه بعد بت الحكم، ومعلوم أن القاضي إذا ظهر له الخطأ
في الدليل قبل بت الحكم لا يسوغ له الحكم، وإذا حكم كان حكمه باطلا، وإذا ظهر له الخطأ في
الدليل بعد بت الحكم فقد نفذ الحكم ولا ينقض. قوله: (لا من لا يجب عليه القطع) أي فلا تندب له
الإعادة قوله: (فإنه يقطع) أي فإنه إذا تبين له الخطأ في الصلاة يقطع هذا إذا كان بصيرا منحرفا كثيرا
227

بل ولو أعمى منحرفا يسيرا قوله: (وهو) أي الوقت الذي يعيد فيه البصير المنحرف كثيرا، إذا تبين له الخطأ
بعد الصلاة قوله: (وهل يعيد الناسي لمطلوبية الاستقبال) وذلك بأن كان يعلم أن الاستقبال واجب ثم إنه
ذهل عن ذلك بأن زال ذلك عن مدركته فقط وصلى تاركا للاستقبال لذهوله عن حكمه، فالمراد
بالناسي الذاهل لا الناسي حقيقة وهو من زال الحكم عن كل من حافظته ومدركته وإلا كان هو الجاهل
لوجوب الاستقبال الآتي أنه يعيد أبدا قولا واحدا قوله: (أو لجهة قبلة الاجتهاد أو التقليد) وذلك بأن
كان يعلم جهة القبلة باجتهاد أو بتقليد لمجتهد، ثم إنه ذهل عن تلك الجهة وصلى لغير القبلة فتبين له الخطأ بعد
الفراغ منها قوله: (أبدا) أي لان الشروط من باب خطاب الوضع لا يشترط فيها علم المكلف قوله: (أو في
الوقت) أي وشهره ابن رشد كما قرره شيخنا قوله: (خلاف) محله في صلاة الفرض وأما النفل فلا إعادة
ومحله أيضا إذا تبين الخطأ بعد الفراغ من الصلاة كما أشار له الشارح، وأما لو تبين فيها فإنها تبطل
ويعيد أبدا قولا واحدا قاله شب وانظره مع قول المصنف قطع غير أعمى إلخ ومحله أيضا
إذا كان ذلك الانحراف الذي تبين بعد الفراغ كثيرا، وأما لو كان يسيرا فلا إعادة اتفاقا. قوله: (وأما
الجاهل وجوب الاستقبال) وهو الذي لا يعلم أن الاستقبال واجب أو غير واجب، فإذا صلى لغير
القبلة كانت صلاته باطلة ويعيد أبدا اتفاقا كما قال ابن رشد. بقي ما إذا جهل الجهة بأن علم أن الاستقبال
واجب ولكن جهل عين الجهة فاختار له جهة وصلى إليها فتبين أنه أخطأ وصلى لغير القبلة، والحكم أن
صلاته باطلة إن كان هناك مجتهد يقلده أو محراب لأنه ترك ما هو واجب عليه من تقليدهما وحينئذ
فيعيد أبدا، وقيل إنه يعيد في الوقت وإن لم يوجد واحد منهما تخير كما مر، إذا علمت هذا تعلم أن قول
خش جاهل الجهة كالناسي في الخلاف المذكور محمول على ما إذا خالف جاهل الجهة ما هو واجب
عليه من تقليد مجتهد أو محراب عند وجودهما واختار جهة وصلى إليها فتبين أنه صلى لغير القبلة كذا قرر
شيخنا. قوله: (لأنه) أي الحجر، وقوله: جزء منها أي من الكعبة قوله: (وكذا ركعتا الطواف) أي
الواجب قوله: (وهذا) أي ما ذكره المصنف من جواز السنة فيها قوله: (قياسا) أي لما ذكر من السنة وقوله
على النفل المطلق أي بجامع عدم الوجوب والنفل المطلق جائز فيها اتفاقا. قوله: (وهو المنع في ذلك) أي
لذلك كله أعني السنة وركعتي الطواف، والمراد المنع ابتداء والصحة بعد الوقوع قوله: (والمراد به) أي
بالمنع في كلام المدونة قوله: (المضي بعد الوقوع) أي وهذا لا ينافي الكراهة ابتداء قوله: (بل مندوب)
أي لصلاته عليه الصلاة والسلام فيها النافلة بين العمودين اليمانيين، وقد يقال صلاته عليه الصلاة
والسلام فيها النافلة غير المؤكدة إذن في مطلق صلاته لأنه لما صلى فيها دل على أن استقبال حائط منها
يكفي ولا يشترط استقبال جملتها، وإذا كفى استقبال الحائط في صلاة من الصلوات فليكن الباقي كذلك
فتأمل. قوله: (أو شرق أو غرب) أي استقبل المشرق أو المغرب وظاهره أنه في هذه الحالة غير مستدبر
للقبلة وهو كذلك لأنها إما على جهة يمينه أو يساره قوله: (مع أنه لا يجوز) أي ولا يصح أيضا عنده
(قوله ونازعه بعض معاصريه) فيه أن المنازع له العلامة الشيخ طفي محشي تت وهو غير معاصر له
لان طفي معاصر لعج وهو متأخر عن ح، وعبارة طفي قد يقال لا وجه لعدم صحته وعدم جوازه في
الحجر لأي جهة منه لنص المالكية كابن عرفة وغيره على أن حكم الصلاة في الحجر كالبيت وقد نصوا
228

على الجواز في البيت ولو لبابه مفتوحا وهو في هذه الحالة غير مستقبل شيئا، فكذا يقال في الحجر على ما
يقتضيه التشبيه اه‍. قال بن: وفيما قاله طفي نظر فإن كلام عياض والقرافي صريح في منع الصلاة إلى
الحجر خارجه، وصرح ابن جماعة بأنه مذهب المالكية خلافا للخمي، وحينئذ فمنع الصلاة فيه لغير القبلة
أولى بالمنع، وهذا لا يدفع بظاهر ابن عرفة وابن الحاجب مع ظهور التخصيص اه‍. قوله: (لا فرض)
أي سواء كان عينيا أو كفائيا كالجنازة، ثم إنه على القول بفرضيتها تعاد، وعلى القول بسنيتها لا تعاد، وعلى
كل حال لا يجوز فعلها فيها. قوله: (فلا يجوز فيها ولا في الحجر) أي يحرم وقيل يكره. والحاصل أن
كلا من الفرض والسنة في فعله فيهما خلاف بالكراهة والحرمة والراجح الكراهة في كل وتزيد السنة
قولا بالجواز قياسا على النفل المطلق. قوله: (وإذا وقع) أي وإذا فعل الفرض فيهما قوله: (وهو في
الظهرين للاصفرار) أي وفي العشاءين لطلوع الفجر وفي الصبح لطلوع الشمس وهذا هو المنقول
وما في عبق نقلا عن ح من أن المراد بالوقت الوقت المختار فهو استظهار منه قوله: (أي حمل بعضهم)
المراد به ابن يونس قوله: (وأول بالاطلاق) هذا التأويل للخمي. قوله: (وبطل فرض على ظهرها)
أي على ظهر الكعبة قوله: (فيعاد أبدا) أي على المشهور ولو كان بين يديه قطعة من حائط سطحها
بناء على أن المأمور به استقبال جملة البناء لا بعضه ولا الهواء وهو المعتمد، وقيل: إنما يعاد في الوقت بناء
على كفاية استقبال هواء البيت أو استقبال قطعة من البناء ولو من حائط سطحه قوله: (ومفهوم
فرض جواز النفل) الأولى ومفهوم فرض عدم بطلان النفل وهو جائز على ما في الجلاب قائلا: لا بأس
به وهو مبني على كفاية استقبال الهواء أو استقبال قطعة من البناء ولو من حائط سطحه. قوله: (وإن كان
الفرض يعاد في الوقت) أي والسنن لا تعاد قوله: (كما هو ظاهر) أي لأنه إذا صلى فيها كان مستقبلا
لحائط منها، وإذا صلى على ظهرها كان مستقبلا لهوائها، والأول أقوى من الثاني قوله: (وما ألحق بها) أي
من النوافل المؤكدة كركعتي الفجر وركعتي الطواف والواجب قوله: (أطلق المنع) أي فقال
وتمنع الصلاة على ظهرها وظاهره كانت فرضا أو نفلا كان النفل سنة أو لا مؤكدا أو غير مؤكد
فتحصل من كلام الشارح أن الفرض على ظهرها ممنوع اتفاقا، وأما النفل ففيه أقوال ثلاثة: الجواز مطلقا
والجواز إن كان غير مؤكد والمنع وعدم الصحة مطلقا قال شيخنا: وهذا الأخير أظهر الأقوال. تنبيه
سكت المصنف عن حكم الصلاة تحت الكعبة في حفرة، وقد تقدم أن الحكم بطلانها مطلقا فرضا أو نفلا
لان ما تحت المسجد لا يعطي حكمه بحال، ألا ترى أنه يجوز للجنب الدخول تحته ولا يجوز له الطيران
فوقه؟ كذا قرره شيخنا. قوله: (أي كبطلان صلاة فرض لراكب) أي صحيح بدليل قوله الآتي وإلا
لمريض لا يطيق إلخ ومحل البطلان إذا كان يصلي على الدابة بالايماء أو بركوع وسجود من جلوس
وأما لو صلى على الدابة قائما بركوع وسجود مستقبلا للقبلة كانت صحيحة على المعتمد كما قاله سند خلافا
لسحنون وقد تقدم ذلك. قوله: (من كل قتال جائز) أي لأجل الدفع عن نفس أو مال أو حريم وهذا
بيان لقتال العدو غير الكافر. قوله: (أو لأجل خوف من كسبع أو لص إن نزل عنها) قال عبد الحق: هذا
الخائف من سباع ونحوها على ثلاثة أوجه: موقن بانكشاف الخوف قبل خروج الوقت، ويائس من
انكشافه قبل مضي الوقت، وراج لانكشافه قبل خروج الوقت، فالأول يؤخر الصلاة على الدابة
لآخر الوقت المختار، والثاني يصلي عليها أوله، والثالث يؤخر الصلاة عليها لوسطه. قوله: (فيصلي إيماء) أي
بالايماء ويومئ للأرض لا لقربوس الدابة، وقوله للقبلة أي حالة كونه متوجها للقبلة إن قدر على التوجه
229

إليها. قوله: (وإن لغيرها) أي القبلة قوله: (من كسبع) أدخلت الكاف اللص قوله: (للاصفرار في
الظهرين) أي ولطلوع الفجر في العشاءين ولطلوع الشمس في الصبح قوله: (وأما الملتحم فلا إعادة عليه
أي ولو تبين عدم ما يخاف منه بأن ظن جماعة أعداء فبعد الالتحام تبين أنهم ليسوا أعداء، والفرق بين
الخائف من كسبع والملتحم قوة الملتحم بورود النص فيه، والخوف من لص أو سبع مقيس عليه
قوله: (وإلا راكب لخضخاض) أي سواء كان حاضرا أو مسافرا وفرض الرسالة ذلك في المسافر خرج
مخرج الغالب فلا مفهوم له، ثم إن الخضخاض هو الطين المختلط بماء ومثل الخضخاض الماء وحده في
التفصيل بين إطاقة النزول به وعدمه. قوله: (لا يطيق النزول به) أي لخوف غرقه كما قال الناصر أو لخوف
غرقه أو تلوث ثيابه كما قال تت. قوله: (فيؤدي فرضه) أي على الدابة بالايماء حالة كونه مستقبلا للقبلة
قوله: (لزمه أن يؤديها على الأرض) أي قائما بالايماء ويومئ للسجود أخفض من الركوع إن كان لا
يقدر على الركوع وإلا ركع وأومأ للسجود. قوله: (وخشية تلطخ الثياب) أي إذا صلى على الأرض
بالسجود وهو مبتدأ. وقوله: توجب صحة الصلاة على الدابة إيماء خبره. وقوله: على الدابة لا مفهوم له بل
وكذا على الأرض إذا كان غير راكب، وهل تقيد الثياب بما إذا كان يفسدها الغسل أم لا؟ الثاني نقله ابن
عرفة نصا، والأول نقله تخريجا وهو يفيد ضعفه قاله شيخنا. قوله: (فخلافه) أي وهو قول ابن عبد الحكم
ورواه أشهب وابن نافع يسجد وإن تلطخت ثيابه، وقوله لا يعول عليه أي خلافا لما في خش تبعا لعج
من التعويل عليه. وحاصل المسألة أنه إذا كان لا يطيق النزول عن الدابة لخوف الغرق فلا خلاف في
صحة صلاته على الدابة بالايماء، وإن خاف النزول من على الدابة لتلطخ ثيابه فلا يباح له الصلاة بالايماء
على الدابة عند الناصر بل على الأرض، وعند تت يباح له صلاته بالايماء على الدابة وهو المعتمد، وأما إذا
كان يطيق النزول للأرض أو كان بالأرض غير راكب وكان إذا صلى بالايماء لا يخشى تلوث ثيابه وإن
صلى بالركوع والسجود يخشى بتلوثها ففيه قولان: قيل يباح صلاته بالايماء على الدابة إن كان راكبا وعلى
الأرض إن كان غير راكب وهو المعتمد، وقيل: لا بد من ركوعه وسجوده على الأرض. قوله: (يطيق
النزول معه) أي عن الدابة. وقوله: وهو يؤديها أي والحال أنه يؤديها قوله: (أي فيصليها للقبلة) يعني
على الدابة قوله: (فإن قدر على الركوع والسجود بالأرض) هذا مفهوم قوله: وهو يؤديها عليها كالأرض
قوله: (فلا تصح على الدابة) أي ويتعين نزوله عنها وصلاته بالأرض قوله: (وأما من لا يطيق إلخ) هذا
مفهوم قوله: يطيق النزول معه قوله: (إذ لا يتصور ذلك) أي صلاته على الأرض لان الفرض أنه مريض
لا يطيق النزول بالأرض وإذا نزل حصل له ضرر وليس معه من ينزله. قوله: (فحملها اللخمي والمازري
على الكراهة) أي وهو المتبادر من اللفظ قوله: (وابن رشد وغيره على المنع) أي ورجحه بعضهم
لكن تأولها ابن أبي زيد بتأويل آخر فقال: معنى قوله لا يعجبني أي إذا صلى حيثما توجهت به الدابة
230

وأما لو وقفت له استقبل بها القبلة لجاز وهو وفاق قاله ابن يونس اه‍ بن.
فصل: فرائض الصلاة قوله: (فرائض الصلاة) من إضافة الجزء للكل لان الفرائض بعض الصلاة
لان الصلاة هيئة مجتمعة من فرائض وغيرها. قوله: (خمس عشرة) أي وفاقا وخلافا لان الطمأنينة
والاعتدال وقع فيهما خلاف، والمراد بالفريضة هنا ما تتوقف صحة الصلاة عليها لأجل أن يشمل صلاة
الصبي لا ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه وإلا لخرجت صلاة الصبي قوله: (على كل مصل) فلو صلى
وحده ثم شك في تكبيرة الاحرام فإن كان شكه قبل أن يركع كبرها بغير سلام ثم استأنف القراءة وإن
كان بعد أن ركع فقال ابن القاسم: يقطع ويبتدئ وإذا تذكر بعد شكه أنه كان أحرم جرى على من شك
في صلاته ثم بان الطهر، وإن كان الشاك إماما فقال سحنون: يمضي في صلاته وإذا سلم سألهم فإن قالوا له
أحرمت رجع لقولهم وإن شكوا أعاد جميعهم ذكره اللقاني اه‍ من حاشية شيخنا. والظاهر أن ما جرى
في الفذ يجري في المأموم قوله: (عبارة عن النية والتكبير) أي عبارة عن مجموع الامرين قوله: (إن
قلنا إنه) أي الاحرام النية فقط قوله: (واصل الاحرام إلخ) أي ثم نقل لفظ الاحرام للنية أو لمجموع
النية والتكبير لان المصلي يدخل بهما في حرمات الصلاة. قوله: (في الفرض للقادر) أي وأما
في النفل فلا يجب القيام لها وكذا لا يجب في الفرض للعاجز عن القيام. قوله: (فلا يجزي إيقاعها)
أي في الفرض للقادر على القيام جالسا أو منحنيا أي ولا قائما مستندا لعماد بحيث لو أزيل العماد لسقط
والمراد بالقيام في كلام المصنف القيام استقلالا. قوله: (ابتدأها) أي تكبيرة الاحرام قوله: (وأتمها حال
الانحطاط أو بعده بلا فصل كثير) بأن لا يكون هناك فصل أصلا أو يكون هناك فصل يسير فهذه أحوال
ثلاثة قوله: (فتأويلان) أي ففي فرضية القيام لتكبيرة الاحرام في حقه وعدم فرضيته تأويلان
وسببهما قول المدونة قال مالك: إن كبر المأموم للركوع ونوى به تكبرة الاحرام أجزأه فقال ابن
يونس وعبد الحق وصاحب المقدمات: إنما يصح هذا إذا كبر للركوع من قيام، وقال الباجي وابن بشير
يصح وإن كبر وهو راكع لان التكبير للركوع إنما يكون في حال الانحطاط، فعلى التأويل الأول يجب
القيام لتكبيرة الاحرام على المسبوق وهو المشهور، وعلى الثاني يسقط عنه، ثم إن عج ومن تبعه جعلوا ثمرة
هذين التأويلين ترجع للاعتداد بالركعة وعدمه مع الجزم بصحة الصلاة وهو الذي يفهم مما في
التوضيح عن ابن المواز ونحوه للمازري عنه، وأماح فجعل ثمرة التأويلين ترجع لصحة الصلاة وبطلانها
وهو الذي يتبادر من المؤلف وكثير من الأئمة كأبي الحسن وغيره، لكن ما ذكره عج أقوى
231

مستندا انظر بن. قوله: (العقد) أي الاحرام فقط. وقوله: أو هو والركوع أو لم ينوهما أي فهذه
تسع صور فيها الخلاف في الاعتداد بالركعة وعدم الاعتداد بها مع الجزم بصحة الصلاة على ما قاله
عج، وأما لو نوى بالتكبير مجرد الركوع بطلت صلاته وإن تمادى لحق الامام، وكذا يقال فيما
يأتي قوله: (أو لم ينوهما) أي لأنه إذا لم ينو شيئا انصرف للأصل وهو العقد قوله: (وأما إذا ابتدأه) أي
التكبير قوله: (أو بعده بلا فصل) أي كثير بأن لا يكون هناك فصل أصلا أو كان فصل يسير فهذه
ثلاثة أحوال الركعة فيها باطلة اتفاقا، وسواء نوى في هذه الأحوال الثلاثة بالتكبير الاحرام فقط
أو هو والركوع أو لم ينو شيئا فهذه تسع صور فيها الركعة باطلة اتفاقا والصلاة صحيحة. قوله: (في القسمين)
القسم الأول: ما إذا ابتدأ التكبير في حالة القيام. والقسم الثاني: ما إذا ابتدأه حال الانحطاط، وإنما صحت
الصلاة مع عدم الاعتداد بالركعة التي وقع فيها الاحرام إما اتفاقا أو على أحد التأويلين، مع أن
عدم الاعتداد بها إنما هو للخلل الواقع في الاحرام فكان الواجب عدم صحة الصلاة للخلل
الواقع في إحرامها بترك القيام له لان الاحرام من أركان الصلاة لا من أركان الركعة لأنه لما حصل
القيام في الركعة التالية لهذه الركعة فكان الاحرام حصل حال قيام تلك الركعة التالية فتكون
أول صلاته، فالشرط الذي هو القيام مقارن للمشروط وهو التكبير حكما، وهذا بخلاف الركعة التي
أحرم في ركوعها فإن الشرط لم يقارن فيها المشروط لا حقيقة ولا حكما لعدم وجوده، كذا قال المازري
قال المسناوي: ولا يخفى ما فيه من البعد وقد يقال: إنما حكموا بصحة الصلاة مراعاة لقول من يقول: إن
القيام لتكبيرة الاحرام غير فرض بالنسبة للمسبوق وعدم الاعتداد بالركعة إنما جاء للخلل
في ركوعها حيث أدمج الفرضين الثاني في الأول قبل أن يفرغ منه لأنه شرع في الثاني قبل تمام التكبير
وعلى هذا فالقيام للتكبير إنما وجب لأجل أن يصح له الركوع فتدرك الركعة اه‍ بن قوله: (فإن حصل
فصل) أي كثير بطلت أي الصلاة بتمامها فيهما أي في القسمين وتحت هذا صور ستة وذلك لأنه إما
أن يبتدئ التكبير حالة القيام ويتمه بعد الانحطاط مع فصل كثير، أو يبتدئه في حالة الانحطاط بعده
مع الفصل الكثير، وفي كل إما أن ينوي بالتكبير الاحرام فقط أو هو والركوع أو ولم ينو شيئا فهذه ستة
فجملة صور المسألة أربعة وعشرون. قوله: (فحق التعبير إلخ) فيه نظر لان هذا يوهم أن القيام
للاحرام ليس فرضا في حق المسبوق اتفاقا، وأن التأويلين في الاعتداد بالركعة، وعدم الاعتداد بها
وليس كذلك بل التأويلان في فرضية القيام للمسبوق وعدم فرضيته له ويتفرع عليهما الاعتداد
بالركعة وعدم الاعتداد بها على ما قال عج، وصحة الصلاة وبطلانها على ما قال ح، و الأولى
للشارح حذف هذا الكلام. قوله: (وإنما يجزئ الله أكبر) لما كان معنى التكبير التعظيم فيوهم
إجزاء كل ما دل على ذلك بين انحصار المجزي منه بقوله: وإنما يجزئ إلخ أي أن المصلي لا يجزئه
232

في تكبيرة الاحرام شئ من الألفاظ الدالة على التعظيم إلا لفظ الله أكبر لا غيره من الله أجل أو أعظم
أو الكبير أو الأكبر للعمل، ولان المحل محل توقيف وقد قال عليه الصلاة والسلام: صلوا كما رأيتموني
أصلي ولم يرد أنه افتتح صلاته بغير هذه الكلمة ولا بها بغير العربية مع معرفته لسائر اللغات كما في شرح
المواهب. قوله: (من غير فصل بينهما) قال عبق: ولا يضر زيادة واو قبل أكبر خلافا للشافعية اه‍. وقد
تعقب ذلك بعضهم بقوله: الظاهر أنه مضر إذ لا يعطف الخبر على المبتدأ على أن اللفظ تعبد به ونحوه
نقل عن المسناوي اه‍. بن: نعم لا يضر إبدال الهمزة واوا ولو لغير العامة كإشباع الباء وتضعيف
الراء على الظاهر في ذلك كله وأماتية أكبار جمع كبر وهو الطبل الكبير فكفر، وليحذر من مد همزة
الجلالة فيصير استفهاما كذا في المج. قوله: (أو بمرادفه بالعربية) أي بأن يقول الذات الواجبة
الوجود أكبر أو الله أعظم أو أجل. وقوله: أو العجمية أي كخداي أكبر قوله: (فإن عجز عن النطق) أي
بالتكبير بالعربية جملة قوله: (سقط التكبير عنه) أي ويكتفي منه بنية الدخول في الصلاة ولا يدخلها
بمرادفه من لغة أخرى، وكما يسقط عنه التكبير يسقط عنه القيام له على ما استظهره ابن ناجي قوله (فإن
أتى) أي العاجز عن الاتيان بها عربية. وقوله: بمرادفه أي من لغة أخرى قوله: (لم تبطل فيما يظهر) أي
قياسا على الدعاء بالعجمية ولو للقادر على العربية. وقوله: لم تبطل فيما يظهر أي خلافا لما في عبق من
البطلان قوله: (إن كان له معنى) أي لا يبطل الصلاة سواء دل على ذات الله كأن لم يقدر إلا على
لفظ الله أو على صفة من صفاته مثل بر بمعنى محسن، وأما إن دل على معنى يبطل الصلاة فإنه لا ينطق
به مثل كبر أو كر، وكذا إذا كان ما يقدر عليه لا يدل على معنى لكونه من الحروف المفردة، ثم إن ما ذكره
الشارح من التفصيل بقوله أتى به إن كان له معنى وإلا فلا يأتي به طريقة لعج وهي المعتمدة، وقال الشيخ
سالم: إذا لم يقدر إلا على البعض فلا يأتي به وأطلق. قوله: (ونية الصلاة المعينة) في المواق و ح عن ابن
رشد: أن التعيين لها يتضمن الوجوب والأداء والقربة فهو يغني عن الثلاثة لكن استحضار الأمور
الأربعة أكمل اه‍ بن. قال في المج: ولا يشترط في التعيين نية اليوم وما يأتي في الفوائت وإن علمها دون
يومها صلاها ناويا له فليكون سلطان وقتها خرج فاحتيج في تعيينها لملاحظته، وأما الوقت الحال فلا
يقبل الاشتراك فتأمل اه‍ قوله: (إنما يجب في الفرائض والسنن) أي الخمس الوتر والعيد
والكسوف والخسوف والاستسقاء فلا يكفي في الفرائض نية مطلق الفرض ولا في السنن نية
مطلق السنة، فإذا أراد صلاة الظهر وقال: نويت صلاة الفرض ولم يلاحظ في قلبه أنه الظهر لم تجز
وكانت باطلة، وكذا يقال في السنن: ويستثنى من قولهم: لا بد في الفرائض من التعيين نية الجمعة عن الظهر
فإنها تجز على المشهور بخلاف العكس. والحاصل أن من ظن أن الظهر جمعة فنواها أو ظن أن الجمعة ظهر
فنواه فيه ثلاثة أقوال: البطلان فيهما والصحة فيهما والمشهور التفصيل، إن نوى الجمعة بدلا عن الظهر
أجزأ دون العكس ووجهوه بأن شروط الجمعة أكثر من شروط الظهر، ونية الأخص تستلزم
نية الأعم بخلاف العكس ولا يخلو عن تسمح، فإن الجمعة ركعتان والظهر أربع فلا خصوص
233

ولا عموم بينهما فتأمل، وقد علمت أن الموضوع عند الالتباس لا عند التعمد، فلا يجزي قولا واحدا
للتلاعب، والأولى عند الالتباس أن يحرم بما أحرم به الامام لتصح صلاته اتفاقا، فإن خالف جرى فيه
ما علمت من الخلاف. قوله: (بمعنى خلاف الأولى) لكن يستثنى منه الموسوس فإنه يستحب له التلفظ
بما يفيد النية ليذهب عنه اللبس كما في المواق، وهذا الحل الذي حل به شارحنا وهو أن معنى واسع أنه
خلاف الأولى، والأولى عدم التلفظ هو الذي حل به بهرام تبعا لأبي الحسن، والمصنف في التوضيح
وخلافه تقريران: الأول أن التلفظ وعدمه على حد سواء. ثانيهما: أن معنى واسع أنه غير مضيق فيه فإن
شاء قال: أصلي فرض الظهر أو أصلي الظهر أو نويت أصلي ونحو ذلك. قوله: (فالعقد هو المعتبر) أي
ويجب تماديه عليها لأنها صحيحة، ويستحب له إعادة تلك الصلاة في الوقت مطلقا سواء تذكر قبل
الفراغ منها أو بعدها هذا هو الصواب كما في بن، وإنما استحب له الإعادة في الوقت مراعاة لمن يقول: إنه
يعيد أبدا لبطلان الصلاة إذا خالف لفظه نيته نسيانا كما قاله زورق في شرح الارشاد قوله: (فمتلاعب)
أي لأنه لما التصق تلاعبه بالصلاة صار بمنزلة المتلاعب فيها، والظاهر أن الجاهل ملحق هنا بالعامد كما
قال شيخنا. قوله: (اتفاقا إن وقع في الأثناء) ما ذكره من أن الفرض في الأثناء مبطل اتفاقا فيه نظر فإن
الذي في التوضيح أنه مبطل على المشهور انظر بن قوله: (وعلى أحد مرجحين إن وقع بعد الفراغ منها)
حاصله أن الفرض بعد الفراغ منها قيل إنه يبطلها ورجحه القرافي، وقيل إنه لا يبطلها ورجحه سند وابن
جماعة وابن راشد واللخمي. قوله: (والصوم كالصلاة) أي في بطلانه قولا واحدا إذا رفض في أثناء
النهار، وأما إذا رفض بعد فراغه فقولان مرجحان وأرجحهما عدم البطلان. قوله: (كسلام أوقعه)
أي بالفعل قوله: (ولم يكن منهما شئ) أي إن لم يكن هناك إتمام ولا سلام في الواقع قوله: (فأتم بنفل) إنما
عبر بأتم دون أحرم أو شرع نظرا لكون إحرامه بالنافلة وشروعه فيها إتماما للصلاة الأولى في
الصورة قوله: (فالأولى لو قال إلخ) أي لأنه أظهر في إفادة المراد. قوله: (التي خرج منها يقينا) أي
وهي التي سلم منها بالفعل لظنه إتمامها. وقوله: أو ظنا أي والتي خرج منها ظنا وهي التي ظن السلام منها
لظنه إتمامها. قوله: (بأن شرع في السورة بعد الفاتحة) أي وأما مجرد الفراغ من الفاتحة فليس طولا كما
قال عج، وظاهره أن الشروع في السورة طول ولو درج في القراءة، وأن مجرد إتمام الفاتحة ليس طولا
ولو مطط في القراءة. قوله: (وما لم يطل) أي كما لو ركع بعد الفاتحة أو ركع من غير قراءة لكون القراءة
ساقطة عنه لعجزه عنها، وإنما يندب له الفصل بين تكبيره وركوعه، فقوله: أو ركع أي ولو بدون قراءة
كعاجز قوله: (وإذا بطلت) أي الصلاة التي خرج منها لكونه أطال القراءة فيما شرع فيه أو ركع فيما
شرع فيه. وقوله: في الصورتين أي ما إذا كانت الصلاة الأولى خرج منها يقينا أو ظنا قوله: (فيتم النفل
الذي شرع فيه) أي سواء تذكر بعد أن عقد منه ركعة أو تذكر قبل عقدها إن كان وقت الفرض
الذي بطل متسعا بحيث يمكن إيقاع الفرض فيه بعد إتمام النفل. قوله: (أو عقد ركعة)
أي من النفل. وقوله: وإن ضاق الوقت أي وقت الفرض الذي بطل فإن ضاق وقت الفرض
والحال أنه لم يعقد ركعة من النفل قطعه فالنفل يتمه في ثلاث حالات ويقطعه في حالة
(قوله وندب الاشفاع إن عقد منه ركعة) أي وكان وقت الفرض الذي بطل متسعا وإلا قطع من غير
اشفاع، كما أنه يقطعه من غير اشفاع إذا تذكر قبل أن يعقد ركعة من الفرض المشروع فيه كان وقت
الفرض الذي بطل متسعا أو لا فقطع الفرض من غير اشفاع في ثلاث حالات، وندب الاشفاع في حالة
234

(قوله وقيل إن إتمام الفاتحة طول ولو لم يشرع في السورة) هذا القول للشيخ إبراهيم اللقاني
قوله: (وإلا فلا تبطل) أي الصلاة التي خرج منها. وقوله: ولا يعتد بما فعله أي من الصلاة التي شرع فيها فرضا
أو نفلا، والمراد بعدم الاعتداد به أنه يلغي ذلك الذي عمله ويرجع للحالة التي فارق فيها الفرض
(قوله فيجلس) أي بناء على أن الحركة للركن مقصودة كما هو المعتمد قوله: (ويعيد الفاتحة) أي التي قرأها
في الصلاة المشروع فيها قبل رجوعه لفرضه الأول. قوله: (بل ظن أنه في نافلة) أي وتحولت نيته إليها
(قوله فلا تبطل) الفرق بين هذه المسألة والمسألتين قبلها أنه فيهما قصد الخروج من الفرض لحصول
السلام منه أو ظنه، وفي هذه لم يوجد منه قصد الخروج من الفرض وإنما ظن أنه في نافلة فتحولت نيته
لذلك سهوا، وأما لو تحولت نيته عمدا فإن قصد بنيته رفع الفريضة ورفضها بطلت وإن لم يقصد
رفضها لم تكن نيته الثانية منافية للأولى، كذا في ح عن ابن فرحون، لكنه مخالف لما في المواق
عند قول المصنف في الصوم أو رفع نيته نهارا عن عبد الحق في النكت من أنه من حالت نيته إلى نافلة
عمدا فلا خلاف أنه أفسده على نفسه اه‍. فقد أطلق في العامد البطلان ولم يفصل كما ذكر ابن فرحون
وهو ظاهر فتأمله انظر بن، وما ذكره الشارح من عدم البطلان وإجزاء ما صلى بنية النفل عن فرضه
قول أشهب واقتصر المصنف عليه لترجيحه عنده، ومقابله قول يحيى بن عمر من بطلان تلك الصلاة
والحاصل أن من تحولت نيته من فريضة إلى نافلة فإن كان عمدا فصلاته باطلة اتفاقا لكن من غير
تفصيل عند عبد الحق، وعلى تفصيل عند ابن فرحون وإن كان سهوا فصلاته باطلة عند يحيى بن عمر
وصحيحة عند أشهب وهو المعتمد، قال شيخنا: ونظير ذلك من ظن أنه في العصر وتحولت نيته إليه بعد أن
صلى من الظهر ركعتين ثم بعدما صلى ركعتين بعد تحول نيته تبين له أنه في الظهر فقال أشهب: تجزيه صلاته
وقال يحيى بن عمر: لا تجزيه نقله اللخمي اه‍. قوله: (أو عزبت) من باب نصر وضرب قوله: (ولو لامر
دنيوي) أي فإنه لا فرق بين كون الشاغل عن استصحابها تفكره بدنيوي أو أخروي متقدما على
الصلاة أو طارئا عليها. قوله: (أو لم ينو الركعات) أي إن من لم يتعرض ولم ينص على عدد الركعات في
نيته فصلاته صحيحة اتفاقا عند ابن رشد. قال القلشاني على قول ابن الحاجب: وفي نية عدد الركعات
قولان ظاهره أنه اختلف هل يلزمه أن يتعرض لنية عددها أو لا؟ وأن فيه قولين، وظاهر كلام غير واحد
أن الخلاف في نية عدد الركعات إنما هو على وجه آخر وهو أنه إذا نوى عددا فهل يلزمه ما نواه أو لا
يلزمه؟ وحكم التخيير باق في حقه وذلك كالمسافر يدخل الصلاة بنية صلاة السفر وأراد في أثناء الصلاة
إتمامها أو نوى الاتمام وأراد في أثنائها القصر هل يلزمه ما نواه؟ ولا يجوز له الانتقال عنه أو لا يلزمه
وحكم التخيير باق في حقه، وعلى هذا فالمعنى وفي لزوم عدد الركعات الذي نواه قولان قوله: (أو لم ينو
الأداء في حاضرة أو ضده) ليس في هذا تعرض لنيابة نية أحدهما عن نية الآخر والحكم صحة النيابة
إن اتحدت العبادة ولم يتعمد أما إذا اختلفت فلا تصح النيابة، فمن اعتقد أن الوقت باق فنوى الأداء فتبين
أنه خرج قبل صلاته فإنه يجزيه وكذلك العكس، ومن صلى الظهر قبل الزوال أياما ناويا الأداء أعاد
ظهر جميع الأيام ولا يكون ظهر يوم قضاء عما قبله لان اختلاف زمن العبادة مؤد لاختلافها
(قوله ورابعها) أي رابع فرائض الصلاة قوله: (نية اقتداء المأموم) أي نية متابعته لامامه. واعلم أن نية
الاقتداء ركن بالنسبة للصلاة وشرط في الاقتداء أي المتابعة، فنية المتابعة شرط في المتابعة لأنها خارجة
عنها وركن في الصلاة داخلة فيها وحينئذ فلا معارضة بين ما ذكره هنا من الركنية وما سيذكره في قوله
235

وشرط الاقتداء نيته من الشرطية، وإنما يأتي التعارض لو اعتبرت ركنيتها وشرطيتها بالنسبة للصلاة
فقط أو بالنسبة للاقتداء فقط. قوله: (وجاز له دخول في الصلاة) أي بالنية وهذا مخصص لعموم
قوله: ونية الصلاة المعينة فكأنه يقول: لا بد في صحة الصلاة أن ينوي الصلاة المعينة فإن ترك ذلك
التعيين بطلت إلا أن ينوي ما أحرم به الامام. قوله: (على التحقيق) أي وهو ما قاله ابن غازي و ح
والشيخ سالم خلافا لتت وبهرام حيث حملا كلام المصنف على عمومه لهاتين الصورتين ولصورة
ثالثة وهي: ما إذا دخل المسجد وعليه الظهر والعصر ووجد الامام يصلي ولم يدر أهو في الظهر أو العصر
فينوي ما أحرم به الامام، وإذا تبين بعد الفراغ أن الامام كان يصلي الظهر فالامر ظاهر، وإن تبين أنه
كان يصلي العصر فصلاة المأموم العصر صحيحة، ولو تبين له ذلك في الأثناء ويتمادى عليها ويعيدها
في الوقت فقط بعد فعل ما عليه من صلاة الظهر، وتستثنى هذه من كون ترتيب الحاضرتين واجبا شرطا
ابتداء ودواما، وهذا الذي قالاه خلاف النقل والحق أنه إذا تبين للمأموم أن الامام في العصر وعليه
الظهر فإنه يتمادى معه على صلاة باطلة، وأما لو وجد الامام يصلي بعد دخول وقت العصر فأحرم بما أحرم
به الامام فتبين أنه يصلي الظهر وقد كان المأموم صلاها فإنها لا تجزيه عن العصر اتفاقا لما سيأتي من أن
شرط الاقتداء المساواة في الصلاة وحينئذ فتكون صلاة المأموم نافلة باتفاق. قوله: (فينوي ما أحرم
به الامام) أي وأما لو نوى إحداهما بعينها فتبين أنها الأخرى فقد مر أن فيها ثلاثة أقوال قوله: (لكن
إن كان إلخ) أي وإما إن كانا مقيمين أو مسافرين فالامر ظاهر قوله: (وبطلت بسبقها) أي على فرض
حصول ذلك، إذ يبعد جدا أن ينوي الصلاة ثم يمكث زمنا طويلا ثم يصلي بحيث أنه لو سئل ماذا يفعل
لم يجب بأنه يصلي، أما لو كان لو سئل ماذا يفعل؟ لأجاب: بأنه يصلي كانت صلاته صحيحة اتفاقا لأن النية
الحكمية مقارنة قوله: (كأن تأخرت عنها) أي سواء كثر التأخر أو قل قوله: (في البطلان) أي وهو قول
عبد الوهاب وابن الجلاب وابن أبي زيد واقتصر عليه ابن الحاجب قوله: (بناء على اشتراط المقارنة)
المراد بها عدم الفصل بين النية والتكبير وليس المراد بها المصاحبة كذا قال بعضهم وهو الظاهر قاله
شيخنا. قوله: (وعدمه) أي وعدم البطلان وهو اختيار ابن رشد وابن عبد البر، قال ابن عات: وهو ظاهر
المذهب. والحاصل أن النية إن اقترنت بتكبيرة الاحرام فلا إشكال في الاجزاء وإن تأخرت عنها
فلا خلاف في عدم الاجزاء وإن تقدمت بكثير لم تجز اتفاقا وبيسير فقولان بالبطلان وعدمه وهو
الظاهر كما قال المصنف في التوضيح، وقال ابن عات: إنه ظاهر المذهب انظر بن. قوله: (أي قراءتها)
إنما قدر ذلك لأنه لا تكليف إلا بفعل. قوله: (بحركة لسان) متعلق بمحذوف أي كائنة بحركة إلخ
واحترز به عما إذا أجراها على قلبه فلا يكفي. قوله: (على إمام وفذ) أي سواء كانت الصلاة فريضة أو
نافلة جهرية أو سرية، وهل تجب قراءة الفاتحة ولو على من يلحن فيها؟ وينبغي أن يقال: إن قلنا
إن اللحن لا يبطل الصلاة ولو غير المعنى كما هو المعتمد فإنها تجب إذ هي حينئذ بمنزلة ما لا لحن
فيه. وإن قلنا: إنه يبطلها فلا يقرؤها وعليه إذا كان يلحن في بعض دون بعض فإنه يقرأ ما لا لحن
فيه ويترك ما يلحن فيه، وهذا إذا كان ما يلحن فيه متواليا وإلا فالأظهر أنه يترك الكل
قاله عج. قال شيخنا: واستظهاره وجوب قراءتها ملحونة بناء على أن اللحن لا يبطل الصلاة
استظهار بعيد إذ القراءة الملحونة لا تجوز بل لا تعد قراءة فصاحبها ينزل منزلة العاجز، وفي ح
236

لو قرأ بالزبور أو التوراة أو الإنجيل بطلت وهو كالكلام الأجنبي، ومثل ذلك ما لو قرأ بما نسخت
تلاوته من القرآن فيما يظهر. قوله: (لا على مأموم) أي فلا تجب عليه كانت الصلاة جهرية أو سرية
خلافا لابن العربي القائل بلزومها للمأموم في السرية وهو ضعيف والمعتمد عدم لزومها له، وإنما استحب
له قراءتها في هذه الحالة فقط قوله: (فإنه يكفي في أداء الواجب) أي خلافا لمن قال بعدم الكفاية
وقد رد المصنف على ذلك القول بالمبالغة، نعم إسماع نفسه أولى مراعاة لمذهب الشافعي القائل بعدم
الكفاية عند عدم إسماعه لها قوله: (وقيام لها) اللام للتعليل أي وقيام لأجل الفاتحة في حق الامام والفذ
لا أنه فرض مستقل بنفسه وهذا هو المعتمد، وعليه لو عجز عنها سقط القيام، وقيل إن القيام فرض
مستقل فلا يسقط عمن عجز عن قراءتها، وأما المأموم فلا يجب عليه القيام لها فلو استند حال قراءتها
لعماد بحيث لو أزيل العماد لسقط صحت صلاته. والحاصل أنه لما جاز له ترك القراءة خلف الإمام جاز له
ترك القيام من حيث عدم وجوب القراءة عليه وإن بطلت عليه صلاته بجلوسه حال قراءتها ثم قيامه
للركوع لكثير الفعل لا لمخالفته للامام كما قيل لصحة اقتداء الجالس بالقائم قوله (للقادر عليه) أي
على القيام أي وأما العاجز عنه فلا يجب عليه القيام لها، فلو قدر العاجز على القيام في أثناء الصلاة وجب
عليه، فإن عجز عن القيام لبعضها وقدر على القيام لبعضها فهل يسقط عنه القيام لما يقدر عليه ويأتي
بها كلها من جلوس أو يأتي بما يقدر عليه قائما ويجلس في غيره؟ قولان مشهورهما الثاني قوله: (فيجب تعلمها
إن أمكن) أي فبسبب وجوبها يجب تعلمها إن أمكن فإن فرط في التعلم مع إمكانه قضى من الصلوات
بعد تعلمه ما صلاه فذا في غير الزمان الذي يمكن أن يتعلم فيه، وأما الزمن الذي يمكن أن يتعلم فيه فلا يعيد
الصلاة الواقعة فيه. قوله: (ووجد معلما) عطف على قوله قبل التعلم. قوله: (ائتم وجوبا بمن
يحسنها) أي لان قراءتها واجبة ولا يتوصل بذلك الواجب إلا بالائتمام بمن يحسنها قوله: (وتبطل
إن تركه) أي إن ترك الائتمام وصلى فذا. قوله: (أي التعلم والائتمام) عدم إمكان التعلم إما لعدم
معلم أو لضيق الوقت الذي هو فيه أو لعدم قبوله التعلم لبلادة وعدم إمكان الائتمام لعدم
وجود من يأتم به. قوله: (وصلى منفردا) أي وأراد أن يصلي منفردا. قوله: (في وجوب
الاتيان ببدلها مما تيسر من الذكر) أي وهو قول الإمام محمد بن الإمام سحنون. وقوله: وعدم
وجوبه أي وهو قول القاضي عبد الوهاب وهو المعتمد، فلو عجز عن التعلم والائتمام وشرع
في الصلاة منفردا فطرأ عليه طارئ أو طرأ عليه العلم بها وهو في الصلاة بأن سمع من قرأها
فعلقت بحفظه من مجرد السماع لم يقطع ويتمها كعاجز عن القيام قدر عليه في أثنائها
237

(قوله على ما اختاره اللخمي) أي من عدم وجوب الاتيان ببدلها من الذكر على من لا يمكنه الاتيان
بها ولا الائتمام. قوله: (فصل بين إلخ) أي بأن يقف بعد تكبيره وقوفا ما ساكتا فيه أو ذاكرا فاضلا به
بين تكبيره وركوعه لئلا تلتبس تكبيرة القيام بتكبيرة الركوع فإن لم يفصل وركع أجزأه، وقال
ابن مسلمة: يستحب أن يقف قدر قراءة أم القرآن وسورة معها، قال اللخمي: وليس هذا القول بينا
لان الوقوف لم يكن لنفسه وإنما هو لقراءة القرآن فإن لم يحسن ذلك صار القيام لغير فائدة قوله: (وهو
أولى) أي فالفصل مندوب وكونه يذكر مندوب آخر فإن حفظ غيرها من القرآن كان الفصل به
أولى من غيره من الأذكار. قوله: (وهل تجب إلخ) اعلم أنه وقع في المذهب خلاف في وجوب الفاتحة
في الصلاة وعدم وجوبها فيها، فقيل: إنها لا تجب في شئ من الركعات بل هي سنة في كل ركعة لحمل
الامام لها وهو لا يحمل فرضا وبه قال ابن شبلون، وروى الواقدي نحوه عن مالك فقال عنه: من لم يقرأ
في صلاة لا إعادة عليه، وقيل: إنها تجب وعليه فاختلف في مقدار ما تجب فيه من الركعات على أقوال
أربعة فقيل: إنها واجبة في كل ركعة وهو الراجح، وقيل: إنها واجبة في الجل وسنة في الأقل، وقيل: إنها
واجبة في ركعة وسنة في كل ركعة من الباقي وهو قول المغيرة، وقيل: إنها واجبة في النصف وسنة في الباقي
والمصنف اقتصر على قولين لتشهيرهما لان القول بوجوبها في كل ركعة قول مالك في المدونة، وشهره
ابن بشير وابن الحاجب وعبد الوهاب وابن عبد البر، والقول بوجوبها في الجل رجع إليه مالك وشهره
ابن عسكر في الارشاد وقال القرافي: هو ظاهر المذهب. قوله: (لاتفاق القولين على أن تركها عمدا) أي
كلا أو بعضا ولو في ركعة. وقوله مبطل أي للصلاة لا للركعة فقط. وقوله لأنها سنة إلخ علة للبطلان على
القول بأنها واجبة في الجل وسنة في الأقل وما ذكره من بطلان الصلاة باتفاق القولين فيه نظر، ففي
عبق: أنه إذا ترك الفاتحة كلها أو بعضها عمدا فعلى وجوبها في الجل قيل تبطل الصلاة لأنه ترك سنة
شهرت فرضيتها واقتصر عليه بعض شراح الرسالة، وقيل لا تبطل ويسجد قبل السلام وعليه اللخمي
وهي ضعيف إذ المعتمد أنه لا سجود للعمد وعلى وجوبها بكل ركعة فتبطل الصلاة قطعا وكأن الشارح
نزل قول اللخمي منزلة العدم لشدة ضعفه قوله: (محله في غير الثنائية) أي محله في الرباعية والثلاثية، وأما
الثنائية فلا يتأتى فيها القول بوجوبها في الجل وسنيتها في الأقل، ويتأتى فيها ما عدا ذلك من بقية الأقوال
المتقدمة قوله: (وإن ترك آية منها سجد) هذا مرتب على كل من القولين السابقين أي وإن ترك من
الفاتحة آية سهوا ولم يمكن تلافيها بأن ركع سجد قبل السلام باتفاق القولين، فإن ترك السجود بطلت
الصلاة، وأما إن أمكنه تلافيها بأن تذكر قبل أن يركع تلافاها فإن ترك التلافي مع إمكانه كأن تركها عمدا
فتبطل الصلاة على كلا القولين، واعلم أن من قبيل ترك الآية قراءة بعض الفاتحة أو كلها في حالة
القيام من السجود قبل استقلاله قائما فيسجد قبل السلام حيث فات التلافي وتصح صلاته فرضا كانت
أو نفلا، هذا إذا كانت قراءته في حالة القيام سهوا وأما عمدا فتبطل لأنه بمنزلة من ترك الفاتحة عمدا
(قوله أو تركها كلها) أي في ركعة من ثلاثية أو رباعية قوله: (ولم يمكن التلافي) راجع لترك الآية والأقل
والأكثر ولتركها كلها كما أن قوله سهوا كذلك. قوله: (سجد قبل سلامه) أي ولا يأتي بركعة بدل ركعة
النقص ولا يعيد تلك الصلاة هذا ظاهره وهو قول في المسألة، ولكن ظاهر المذهب أنه إذا ترك الفاتحة كلا
أو بعضا سهوا من الأقل كركعة من الرباعية أو الثلاثية فإنه يسجد قبل السلام ثم يعيد تلك الصلاة احتياطا
وهو الذي اختاره في الرسالة ونصها، واختلف في السهو عن القراءة في ركعة من غيرها أي من غير
238

الصبح فقيل: يجزئ عنه سجود السهو قبل السلام، وقيل: يلغيها ويأتي بركعة، وقيل: يسجد قبل السلام
ولا يأتي بركعة ويعيد الصلاة احتياطا وهو أحسن ذلك إن شاء الله تعالى، وهذا القول أيضا هو
المشهور فيمن تركها من النصف كركعتين من الرباعية أو واحدة من الثنائية كما نقله في التوضيح عن
ابن عطاء الله خلافا لمن قال: إنه يلغي ما ترك من قراءة الفاتحة ويأتي ببدله ويسجد بعد السلام وهو
المشهور أيضا فيمن تركها من الجل كما ذكره ابن الفاكهاني خلافا لمن قال: يلغي ما ترك من القراءة ويأتي
ببدله ويسجد بعد السلام فتحصل أن من ترك الفاتحة سهوا، فأما أن يتركها من الأقل أو من النصف أو
من الجل وإن المشهور في ذلك كله أنه يتمادى ويسجد قبل السلام ويعيدها ندبا ومقابل المشهور
قولان إذا تركها من الأقل وقول واحد إذا تركها من النصف أو الجل والإعادة أبدية كما قال طفي
والشيخ سالم، وإنما أعاد أبدا مراعاة للقول بوجوبها في الكل، ويسجد قبل السلام مراعاة لقول المغيرة
بوجوبها في ركعة، وما فهمه تت وعج من أن الإعادة في الوقت قال طفي: فهم غير صحيح انظر بن
(قوله وركوع) أي انحناء ظهر بحيث تقرب راحتاه من ركبتيه إن وضعهما بالفعل على آخر فخذيه
أو بتقدير وضعهما على آخر فخذيه إن لم يضعهما بالفعل عليه. قوله: (أو بتقدير الوضع إلخ) هذا مبني
على أن وضع اليدين على الفخذين في الركوع ليس بشرط بل مستحب فقط وهو الذي فهمه سند
وأبو الحسن من المدونة خلافا لما فهمه الباجي واللخمي منها من الوجوب انظر بن. قوله: (فإن لم تقرب
راحتاه منهما لم يكن ركوعا إلخ) انظر هل مقدار القرب منهما أن يكون أطراف الأصابع على
الركبتين أم لا؟ وههنا مسألة وهي ما إذا أحرم المسبوق خلف الامام ولم ينحن إلا بعد رفع الامام فمعلوم
أن المأموم لا يعتد بتلك الركعة ولكن يخر ساجدا ولا يرفع مع الامام، فإن رفع معه فإن صلاته لا تبطل
ولا يقال: هو قاض في صلب الامام. لأنا نقول: إنما يعد قاضيا إذا كان ما يفعله يعتد به وهذه الركعة ليست
كذلك قاله خش في كبيره. قوله: (وهذه الكيفية) أي التي ذكرها المصنف وهي انحناء ظهره بحيث
تقرب راحتاه من ركبتيه إن وضعهما أو بتقدير الوضع إن لم يضعهما. قوله: (وندب تمكينهما منهما)
أي فوضع اليدين على الركبتين مستحب على المعتمد كما تقدم وتمكينهما منهما مستحب ثان فإن قصرتا
لم يزد على تسوية ظهره ولو قطعت إحداهما وضع الأخرى على ركبتها كما في الطراز لا على الركبتين
معا كما قال بعضهم. قوله: (مفرقا أصابعه) أي لأجل أن يحصل زيادة التمكين قوله: (ونصبهما)
أي وضعهما معتدلتين من غير إبراز لهما. قوله: (فتبطل بتعمد تركه) أي وأما إن تركه سهوا فيرجع
محدودبا حتى يصل لحالة الركوع ثم يرفع ويسجد بعد السلام إلا المأموم فلا يسجد لحمل الامام لسهوه
فإن لم يرجع محدودبا ورجع قائما لم تبطل صلاته مراعاة لقول ابن حبيب: إن تارك الرفع من
الركوع سهوا يرجع قائما لا محدودبا كتارك الركوع. قوله: (وسجود إلخ) عرفه بعضهم بأنه مس
الأرض أو ما اتصل بها من ثابت بالجبهة اه‍. واحترز بقوله: أو ما اتصل بها عن نحو السرير المعلق
وبقوله من ثابت عن الفراش المنفوش جدا ودخل به السرير الكائن من خشب لا من
239

شريط نعم أجازه بعضهم للمريض، وظاهر قوله أو ما اتصل بها ولو كان أعلى من سطح ركعتي
المصلي وذلك كالمفتاح أو السبحة ولو اتصلت به والمحفظة وهو كذلك، نعم الأكمل خلافه، هذا هو
الأظهر مما في عبق وغيره انظر المج. قوله: (مستدير ما بين الحاجبين) أي فلو سجد على ما فوق
الحاجب لم يكف قوله: (إلى الناصية) هو شعر مقدم الرأس قوله: (أي على أيسر) أي على أقل جزء
منها فلا يشترط في السجود إلصاق الجبهة بتمامها بالأرض بل يكفي فيه إلصاق أقل جزء منها قوله: (على أبلغ
ما يمكنه) أي بحيث تستقر منبسطة. والحاصل أنه يكفي إلصاق جزء منها بالأرض ولو كان صغيرا
وأما إلصاقها على أبلغ ما يمكنه بحيث يلصقها كلها فهو مندوب قوله: (لا ارتفاع العجزة) عطف على
استقرارها أي لا يشترط ارتفاع العجزة قوله: (وأعاد الصلاة لترك السجود على أنفه) أي سواء
كان الترك عمدا أو سهوا قوله: (بوقت) أي وهو في الظهرين للاصفرار وفي غيرهما للطلوع هذا هو
المعتمد خلافا لمن قال بوقت اختياري ولعل مراده بالنسبة للعصر قاله شيخنا. قوله: (ولو في سجدة
واحدة) أي من رباعية، وقوله: سهوا داخل في حيز المبالغة فأولى إذا كان عمدا. قوله: (وسن على
أطراف قدميه وركبتيه) تبع في التعبير بالنسبة ابن الحاجب قال في التوضيح: وكون السجود عليهما
سنة ليس بصريح في المذهب غايته أن ابن القصار قال: الذي يقوي في نفسي أنه سنة في المذهب
وقيل: إن السجود عليهما واجب ووجهه قوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء
قال العلامة بهرام: وعلى قول ابن القصار عول المصنف هنا اه‍ بن قوله: (وركبتيه) أي بأن يجعلهما
على الأرض وكذا يقال في قوله كيديه قوله: (كيديه) قال ابن الحاجب: وأما اليدان فقال سحنون
إن لم يرفع يديه بين السجدتين فقولان، قال في التوضيح: يتخرج في وجوب السجود على اليدين
قولان من القولين اللذين ذكرهما سحنون في بطلان صلاة من لم يرفعهما عن الأرض، فعلى البطلان
يكون السجود عليهما واجبا، وعلى عدم البطلان فلا يكون واجبا وقد صحح سند القول بعدم الإعادة
قول المصنف على الأصح راجع لما بعد الكاف على قاعدته الأكثرية إشارة لتصحيح سند وقال
تت: إنه راجع لما بعد الكاف ولما قبلها فيكون إشارة لما قاله ابن القصار فيما قبلها أيضا. قوله: (بوجوب
ذلك) أي بوجوب السجود على أطراف القدمين والركبتين والكفين فإن ترك شيئا من ذلك
بطلت. قوله: (وهل هو) أي السجود على الأمور الثلاثة المذكورة. قوله: (استظهر الأول فيهما)
أي في الاستفهامين وهذا إشارة لقول الشيخ أحمد الزرقاني: الظاهر أن السجود على مجموع ما ذكر سنة
في كل ركعة وأنه من السنن الغير الخفيفة، وينبغي عدم السجود في ترك القدمين أو الركبتين أو اليدين
لان المتروك بعض سنة اه‍ قاله شيخنا. قوله: (إذا تكرر ترك البعض) بأن تكرر ترك السجود على
القدمين أو على الركبتين. قوله: (جرى على الخلاف) أي فيمن ترك من سنن الصلاة عمدا هل تبطل
صلاته أو يستغفر الله ولا شئ عليه؟ قوله: (ورفع منه) المازري أما الفصل بين السجدتين فواجب
اتفاقا لان السجدة وإن طالت لا يتصور أن تكون سجدتين فلا بد من الفصل بين السجدتين حتى
يكونا اثنين اه‍. ونحوه في التوضيح، وهذا الاتفاق لا يعارض قول ابن عرفة والباجي في - كون الجلسة بين
السجدتين فرضا أو سنة خلاف اه‍ لما في تت من أن هذا الخلاف في الاعتدال لا في أصل الفصل
بينهما وهو حسن اه‍ بن. قوله: (وجلوس لسلام) أي لأجل إيقاع السلام فالجزء الأخير من الجلوس
240

الذي يوقع فيه السلام فرض وما قبله سنة فلا يلزم إيقاع فرض في سنة بل في فرض، ولو رفع رأسه من
السجود واعتدل جالسا وسلم كان ذلك الجلوس هو الواجب وفاتته السنة، ولو جلس ثم تشهد ثم سلم كان
آتيا بالفرض والسنة، ولو جلس وتشهد ثم استقل قائما وسلم كان آتيا بالسنة تاركا للفرض قوله: (عرف
بأل) أي وفي إجزاء أم بدلها في لغة حمير الذين يبدلونها بها قولان والمعتمد عدم الاجزاء لقدرتهم
على غيرها قطعا انظر بن. قوله: (ولا بالتنكير) أي أنه لا يجزئ ما نون إذا كان غير معرف، وأما إن
كان معرفا فقال بعضهم كذلك وجزم بعضهم بالصحة، وقال تت: ينبغي إجراؤه على اللحن في القراءة
في الصلاة. قوله: (فلا بد من السلام عليكم) أي فلو أسقط الميم من أحد اللفظين لم يجزه فلا بد من صيغة
الجمع سواء كان المصلي إماما أو مأموما أو فذا. إذ لا يخلو من جماعة من الملائكة مصاحبين له أقلهم
الحفظة، ولا يضر زيادة ورحمة الله وبركاته لأنها خارجة عن الصلاة، وظاهر كلام أهل المذهب أنها غير
سنة وإن ثبت بها الحديث لأنها لم يصحبها عمل أهل المدينة، بل ذكر في المج أن الأولى الاقتصار على
السلام عليكم وإن زيادة ورحمة الله وبركاته هنا خلاف الأولى وقوله: فلا بد من السلام عليكم
بالعربية أي للقادر عليها ولا يكفيه الخروج بالنية ولا بمرادفها من لغة أخرى، وأما العاجز عنها فيجب
عليه الخروج بالنية قطعا وإن أتى بمرادفها بالعجمية فذكر عج أن الصلاة تبطل، والذي استظهره
بعض الأشياخ الصحة قياسا على الدعاء بالعجمية للقادر على العربية قاله شيخنا. قوله: (فإن أتى بمرادفه)
أي من اللغة العربية أو غيرها بطلت حيث كان قادرا عليها بالعربية، وأولى لو قصد الخروج من الصلاة
بالحدث أو بغيره من المنافيات كالأكل والشرب، قال الباجي: ووقع لابن القاسم أن من أحدث في آخر
صلاته أجزأته، قال ابن زرقون: وهذا مردود نقلا ومعنى، أما نقلا فلان المنقول عن ابن القاسم إنما هو
في جماعة صلوا خلف إمام فأحدث إمامهم فسلموا لأنفسهم فسئل عن ذلك فقال: تجزيهم صلاتهم أي
تجزيهم المأمومين فقط، وأما معنى فلان الأمة على قولين: منهم من يرى لفظ السلام بعينه كمالك، ومنهم من
لا يراه، ولكن شرط أن ينوي بكل مناف الخروج من الصلاة، أما ما حكاه الباجي من إطلاق كلامه فهو
خلاف ما عليه الأمة، وقبل ابن عبد السلام كلام ابن زرقون هذا وقد يرد الثاني بأن سبقية
الخلاف لا تمنع من نقل قول ثالث أو اختياره اه‍ بن. قوله: (وفي اشتراط نية الخروج به خلاف) أي أنه وقع
خلاف هل يشترط أن يجد نية الخروج من الصلاة بالسلام لأجل أن يتميز عن جنسه كافتقار تكبيرة
الاحرام إليها لتمييزها عن غيرها فلو سلم من غير تجديد نية لم يجزه، قال سند: وهو ظاهر المذهب أو لا يشترط
ذلك وإنما يندب فقط لانسحاب النية الأولى، قال ابن الفاكهاني: وهو المشهور، وكلام ابن عرفة يفيد أنه
المعتمد إلا أنه قد يبحث فيما ذكر من التعليل بأن النية الأولى نية مدخلة ولا يناسب السلام الذي به
الخروج إلا نية مخرجة كذا قال شيخنا. قوله: (كونه كالتحليل) أي معرفا بأل مع تقدم لفظ السلام على
عليكم بصيغة الجمع. قوله: (وطمأنينة) اعلم أن القول بفرضيتها صححه ابن الحاجب والمشهور من المذهب
أنها سنة ولذا قال زروق كما في بن: من ترك الطمأنينة أعاد في الوقت على المشهور، وقيل إنها فضيلة
(قوله أي المؤدي من فرائضها) أشار بهذا إلى أن الواجب إنما هو ترتيب الفرائض في أنفسها، وأما
ترتيب السنن في أنفسها أو مع الفرائض فليس بواجب لأنه لو قدم السورة على الفاتحة لم تبطل
ويطالب بإعادة السورة على المشهور، وفي لزوم السجود بعد السلام وعدمه قولان لسحنون وابن حبيب،
فإن فات التلافي كان كإسقاط السورة فيسجد قبل السلام. قوله: (بعد الرفع من الركوع أو السجود)
241

أي فبينه وبين الطمأنينة عموم وخصوص من وجه باعتبار التحقق، وإن تخالفا في المفهوم فيوجدان
معا إذا نصب قامته في القيام أو في الجلوس وبقي حتى استقرت أعضاؤه في محالها زمنا ما ويوجد
الاعتدال فقط إذا نصب قامته في القيام أو في الجلوس ولم يبق حتى تستقر أعضاؤه، وتوجد الطمأنينة
فقط فيمن استقرت أعضاؤه في غير القيام والجلوس كالركوع والسجود. قوله: (والأكثر على نفيه)
قال شيخنا: هذا هو الراجح كما يستفاد من ح، إلا أن الذي في شب أنه ضعيف وهو ظاهر صنيع المصنف
(قوله فلا يجري فيها الخلاف الآتي) أي في ترك السنة عمدا من بطلان الصلاة وصحتها ويستغفر
الله. وقوله: فلا يجري إلخ أي خلافا لما ذكره شيخنا في حاشية خش قوله: (إلا الأربعة الأول)
أي فإن سنيتها خاصة بالفرض ولا يسن شئ منها في النفل ولذا قال في التوضيح: السورة إحدى
مسائل خمسة مستثناة من قولهم السهو في النافلة كالسهو في الفريضة، والثانية الجهر فيما يجهر فيه، والثالثة
السر فيما يسر فيه، والرابعة إذا عقد ركعة ثالثة في النفل أتمها رابعة بخلاف الفريضة، والخامسة إذا نسي
ركعة من النافلة وطال فلا شئ عليه بخلاف الفريضة فإنه يعيدها قوله: (وسورة) أي لا سورتان ولا
سورة وبعض أخرى بل هو مكروه كما يأتي للشارح والسنة حصلت بالأولى والكراهة تعلقت بالثانية
قوله: (بعد الفاتحة) أي إن كان يحفظ الفاتحة وإلا قرأها دون فاتحة قوله: (في الركعة الأولى والثانية)
أي وأما قراءتها في ثالثة ثلاثية أو في أخيرتي رباعية فمكروه. قوله: (والمراد إلخ) أشار بهذا إلى أن
قول المصنف: سورة فيه تجوز من إطلاق اسم الكل وإرادة البعض قوله: (ولو آية) أي سواء
كانت طويلة أو قصيرة كمدهامتان قوله: (في كل ركعة بانفرادها على الأظهر) أي خلافا لظاهر المتن
من أن السورة سنة في مجموع الركعتين قوله: (وكره الاقتصار على بعض السورة) أي مع الاتيان بالسنة
قوله: (على إحدى الروايتين) أي عن مالك والأخرى الجواز وفي التوضيح عن الباجي والمازري أن
القولين لمالك بالكراهة والجواز من غير ترجيح لواحد، وما في عبق من أن ح شهر الكراهة فيه نظر
إذ ليس فيه تشهير قوله: (كقراءة سورتين في ركعة) أي إلا لمأموم خشي من سكوته تفكرا مكروها، فلا
كراهة في حقه إذا قرأ سورتين في ركعة. وقوله في الفرض أي وأما في النفل فقد جوز الباجي والمازري
فيه ذلك من غير كراهة، وكره مالك تكرير الصور كالصمدية في الركعة الواحدة وهو خلاف ما في
كثير من الفوائد، ولا يكره التزام سورة مخصوصة بخلاف دعاء مخصوص لا يعم، ويندب أن يكون ترتيب
السور في الركعتين على نظم المصحف فتنكيس السور مكروه. وفي ح: إن قرأ في الركعة الأولى بسورة
الناس فقراءة ما فوقها في الركعة الثانية أولى من تكرارها، وحرم تنكيس الآيات المتلاصقة في ركعة
واحدة وأبطل الصلاة لأنه ككلام أجنبي، وليس ترك ما بعد السورة الأولى هجرا لها خلافا للحنفية
حيث قالوا بكراهة ذلك وعللوه بأنه هجر لها. قوله: (فلو قدمها لم تحصل السنة) أي ويطالب بإعادة السورة
حيث لم يركع فإن ركع كان تاركا لسنة السورة فيسجد لها. وقوله: لم تحصل السنة يقتضي أن كونها بعد
الفاتحة شرط في تحقق سنيتها لا أنه سنة مستقلة. قوله: (لا في نفل) إذ هي فيه مستحبة قوله: (وإلا وجب تركها)
أي وإلا بأن ضاق الوقت بحيث يخشى خروجه بقراءتها وجب تركها محافظة على الوقت قوله: (وقيام
لها) أي لأجلها فالقيام سنة لغيره لا لنفسه، وحينئذ فيركع إن عجز عن السورة إثر الفاتحة ولا يقوم
قدرها قوله: (فتصح) أي الصلاة إن استند لكعماد حال قراءتها إذ غايته أنه ترك سنة قوله: (لا إن جلس)
أي حال قراءتها ثم قام بعد قراءتها للركوع أي فلا تصح بل تكون باطلة، وإنما بطلت لكثرة الفعل
لا لترك السنة قوله: (أقله أن يسمع نفسه ومن يليه) أي وأما أعلاه فلا حد له. قوله: (إن أنصت له) أي
242

من يليه. قوله: (وجهر المرأة إسماع نفسها فقط) أي فيكون أعلى جهرها وأدناه واحدا، وعلى هذا
فيستوي في حقها السر والجهر لان صوتها كالعورة وربما كان في سماعه فتنة كذا في عبق وخش وفيه
نظر، بل جهرها مرتبة واحدة وهو أن تسمع نفسها فقط وليس هذا سرا لها بل سرها مرتبة أخرى
وهو أن تحرك لسانها فليس لسرها أعلى وأدنى كما أن جهرها كذلك، هذا هو الذي يدل عليه كلام ابن
عرفة وغيره، وعليه فإذا اقتصرت على تحريك لسانها في الصلاة الجهرية سجدت قبل السلام انظر بن
(قوله أقله) أي بالنسبة للرجل حركة لسان وأعلاه إسماع نفسه هذا اصطلاح للفقهاء وإلا
فالتحقيق أن أعلى السر هو أقواه وهو أن يبالغ فيه جدا وأدناه عدم المبالغة فيه، فاندفع ما قاله بن
من أن في الكلام قلبا، والأصل أعلى السر حركة اللسان وأقله إسماع نفسه. قوله: (بمحلهما) أي أن كل
واحد منهما سنة في محله لا أن كل واحد منهما سنة في كل ركعة، ولا يشكل على هذا ما يأتي من السجود
لترك أحدهما في الفاتحة من ركعة لأنه ترك لبعض سنة له بال وترك البعض الذي له بال كترك الكل
(قوله أي كل فرض من التكبير سنة) أشار بهذا إلى أن المراد بالكل في كلام المصنف الكل الجميعي
فيكون ماشيا على طريقة ابن القاسم، ويحتمل أن يكون المراد للكل المجموعي فيكون ماشيا على قول
أشهب والأبهري، والاحتمال الثاني إنما يأتي إذا قرئ بالهاء لا بالتاء، وينبني على الخلاف السجود لترك
تكبيرتين سهوا على الأول دون الثاني وبطلان الصلاة إن ترك السجود لثلاث على الأول دون الثاني
(قوله: (وسمع الله لمن حمده) عطف على تكبيرة أي وكل سمع الله لمن حمده فهو ماش، على أن كل تسمية
سنة وهو قول ابن القاسم في المدونة وهو المشهور، ويحتمل أنه عطف على كل تكبيرة أي ومجموع سمع
الله لمن حمده فيكون ماشيا على قول أشهب والأبهري. قوله: (وكل تشهد) أي ولو في السجود والسهو ويكره
الجهر به كما في كبير خش قوله: (أي كل فرد منه سنة مستقلة) هذا هو الذي شهره ابن بزيزة خلافا لمن
قال بوجوب التشهد الأخير، وذكر اللخمي قولا بوجوب التشهد الأول، وشهر ابن عرفة والقلشاني
أن مجموع التشهدين سنة واحدة، ولا فرق بين كون المصلي فذا أو إماما أو مأموما إلا أنه قد يسقط
الطلب به في حق المأموم في بعض الأحوال كنسيانه حتى قام الامام من الركعة الثانية فليقم ولا يتشهد
وأما إن نسي التشهد الأخير حتى سلم الامام فإنه يتشهد ولا يدعو ويسلم، وسواء تذكر ترك التشهد
قبل انصراف الامام عن محله أو بعد انصرافه عن محله كما ذكره ح في سجود السهو نقلا عن النوادر
عن ابن القاسم خلافا لما في عبق وتبعه شيخنا من أنه إن تذكر ترك التشهد قبل انصراف الامام عن محله
فإنه يتشهد، وإن تذكر بعد انصرافه عن محله فإنه يسلم ولا يتشهد. قوله: (ولا تحصل السنة إلا بجميعه)
أي لا ببعضه خلافا لبعضهم قوله: (وآخره ورسوله) أي وأوله التحيات لله قوله: (يعني ما عدا جلوس
السلام) أي أن كل جلوس من الجلوسات غير الأخير سنة، فمراد المصنف بالجلوس الأول ما عدا الأخير
(قوله والزائد على قدر السلام) أي والجلوس الزائد على قدر السلام حالة كون ذلك الزائد من الجلوس
الثاني قوله: (يعني) أي بالجلوس الثاني جلوس السلام سواء كان أولا أو ثانيا أو ثالثا أو رابعا قوله: (إلى
عبده ورسوله) أي الكائن ذلك الجلوس إلى عبده ورسوله، وقد بين الشارح بهذا ما في كلام المصنف
من الاجمال، فإن ظاهره أن الجلوس الثاني كله سنة ما عدا الجزء الذي يوقع فيه السلام وليس كذلك
وحاصله أن كلام المصنف محمول على ما إذا اقتصر في ذلك الجلوس على التشهد ولم يزد عليه دعاء
243

ولا صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (وندب الجلوس للدعاء) أي ما لم يكن بعد سلام الامام
وإلا كان كل من الدعاء والجلوس له مكروها قوله: (والزائد على الطمأنينة) قال بعضهم: انظر ما قدر
هذا الزائد في حق الفذ والإمام والمأموم قال شيخنا: والظاهر أنه يقدر بعدم التفاحش. بقي شئ آخر
وهو أن الزائد على الطمأنينة هل هو مستو فيما يطلب فيه التطويل وفي غيره كالرفع من الركوع والسجدة
الأولى أم لا، وكلام المؤلف يقتضي استواؤه فيهما، لكن الذي ذكره شيخنا أنه ليس مستويا، بل هو فيما
يطلب فيه التطويل كالركوع والسجود أكثر منه فيما لا يطلب فيه التطويل كالرفع منهما، وعلى ذلك
درج الشارح حيث قال: ويطلب إلخ. واعترض العلامة بن علي المصنف في عده الزائد على
الطمأنينة سنة فقال: انظر من نص على أن الزائد عليها سنة، ونص اللخمي اختلف في حكم الزائد على
أقل ما يقع عليه اسم الطمأنينة فقيل فرض موسع وقيل نافلة وهو الأحسن، وهكذا عباراتهم في أبي
الحسن وابن عرفة وغيرهما اه‍. قوله: (ثم يسن رده على يساره إلخ) عبر بثم إشارة إلى أن رد المقتدي على
إمامه مقدم على رده على من على يساره وهو المشهور ومقابله ما قاله بعضهم من عكس ذلك. قوله: (وبه
أحد) أي والحال أن في يساره أحد من المأمومين أدرك ركعة مع إمامه وهذا يشمل ما إذا كان من
على اليسار مسبوقا أو غير مسبوق. وقوله: أو انصرف إلخ فيما إذا كان غير مسبوق والرد عليه مسبوق
وظاهر قوله: وبه أحد مسامتته له لا تقدمه أو تأخره عنه وظاهره أيضا قرب منه أو بعد وظاهره أيضا
حال بينهما حائل كعمود أو كرسي أم لا قاله شيخنا. قوله: (أو انصرف) أي ولو انصرف إلخ أي هذا إذا
كان كل من الامام ومن على اليسار باقيا بل ولو انصرف كل منهما. قوله: (وجهر بتسليمة التحليل) أي
وأما الجهر بتكبيرة الاحرام فهو مندوب لكل مصل إماما أو مأموما أو فذا، وأما الجهر بغيرها من
التكبير فيندب للامام دون غيره فالأفضل له الاسرار به، ولعل الفرق بين تكبيرة الاحرام حيث ندب
الجهر بها وتسليمة التحليل حيث سن الجهر بها قوة الأولى لأنها قد صاحبتها النية الواجبة جزما بخلاف
الثانية ففي وجوب النية معها خلاف، وأيضا انضم لتكبيرة الاحرام رفع اليدين والتوجه للقبلة مما يدل
على الدخول في الصلاة قوله: (كفذ فيما يظهر) في بن ظاهر التوضيح عدم جهر الفذ بها ونصه قال بعضهم
التسليمة الأولى تستدعي الرد واستدعاؤه يفتقر للجهر وتسليمة الرد لا يستدعي بها رد فلذلك لم يفتقر
للجهر اه‍. ومعلوم أن سلام الفذ لا يستدعي ردا فلا يطلب منه جهر اه‍ كلامه. قوله: (بتسليمة التحليل)
أي بالتسليمة التي يحل بها كل ما كان ممنوعا في الصلاة. قوله: (وإن سلم المصلي) أي عمدا أو سهوا وقوله
مطلقا أي سواء كان فذا أو إماما أو مأموما. وحاصل ما ذكره الشارح من التفصيل أن المصلي إذا سلم أولا
على يساره ثم تكلم أو فعل فعلا منافيا للصلاة كأكل أو شرب فلا يخلو إما أن يكون سلامه أولا على يساره
بقصد التحليل أو بقصد الفضيلة أو لم يقصد شيئا، فإن كان بقصد التحليل لم تبطل صلاته لأنه إنما فاته
التيامن بتسليمة التحليل وهو مندوب، وإن كان سلامه على يساره أولا بقصد الفضيلة ولو كان ناويا
أنه يأتي بتسليمة أخرى بعدها للتحلل بطلت صلاته بمجرد السلام وإن لم يتكلم لتلاعبه، وإن لم يقصد
بسلامه على يساره أولا لا التحليل ولا الفضيلة كانت صلاته صحيحة إن كان فذا أو إماما أو مأموما ليس
244

على يساره أحد لان الغالب قصده بذلك السلام الخروج من الصلاة، وإن كان مأموما على يساره أحد
فإن سلم التحليل عن قرب وكان كلامه قبله سهوا فصلاته صحيحة، وإن سلم التحليل عن بعد أو كان
كلامه قبله عمدا بطلت صلاته، وهذا التفصيل للخمي جمع به بين قول الزاهي بالبطلان ومطرف
بعدم البطلان فيمن سلم عن يساره غير قاصد تحليلا ولا فضيلة وتكلم قبل سلامه عن يمينه سواء كان
عامدا أو ساهيا، وما ذكرناه من أنه إذا سلم على يساره أولا ناويا الفضيلة فإن صلاته تبطل بمجرد سلامه
ولو كان ناويا العود للتحليل هو ما صرح به ابن عرفة واقتصر عليه ح واختاره عج قائلا: إن القواعد
تقتضي ذلك، ولكن مقتضى كلام التوضيح والشارح بهرام اعتماد ما قاله اللخمي، وحاصله أنه إن سلم على
يساره أولا بقصد الفضيلة فإن كان غير قاصد العود لتسليمة التحليل على يمينه فصلاته باطلة بمجرى سلامه
وإن سلم ناويا العود فإن عاد عن قرب من غير فصل بكلام عمدا فالصحة، وإن فصل بكلام عمدا أو
لم يحصل كلام ولكن حصل طول فالبطلان، وعلى هذا القول اقتصر في المج، ومثل ما إذا سلم بقصد
الفضيلة ناويا العود للتحليل في التفصيل المذكور ما إذا سلم على يساره بقصد الفضيلة معتقدا أنه سلم
أولا تسليمة التحليل، فإن عاد للتحليل عن قرب قبل أن يتكلم عمدا صحت وإلا فلا. قوله: (لامام وفذ)
أي سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا أو سجود سهو أو تلاوة قوله: (لان إمامه سترة له) هذا قول
مالك في المدونة. وقوله: أو لان سترة الامام إلخ هذا قول عبد الوهاب، واختلف هل معناهما واحد وأن
الخلاف لفظي وحينئذ ففي كلام مالك حذف مضاف والتقدير لان سترة إمامه سترة له. أو المعنى
مختلف والخلاف حقيقي وحينئذ يبقى كلام الامام على ظاهره وعليه فيمتنع على قول مالك المرور
بين الامام وبين الصف الذي خلفه، كما يمنع المرور بينه وبين سترته لان مرور بين المصلي وسترته
فيهما، ويجوز المرور بين الصف الذي خلفه والصف الذي بعده لأنه وإن كان مرورا بين المصلي
وسترته لان الامام سترة للصفوف كلهم إلا أنه قد حال بينهما حائل وهو الصف الأول، فالامام سترة
لمن يليه حسا وحكما، ولمن بينه وبينه فاصل سترته حكما لا حسا، والذي يمتنع فيه المرور الأول لا الثاني
وأما على قول عبد الوهاب من أن سترة الامام سترة لهم فيجوز المرور بين الصف الأول وبين
الامام لان سترة الصف الأول إنما هو سترة الامام لا الامام نفسه، وقد حال بين الصف الأول وسترته
الامام، كما يجوز المرور بين بقية الصفوف مطلقا، والحق أن الخلاف حقيقي والمعتمد قول مالك كما قال
شيخنا. قال في المج: والميت في الجنازة كاف ولا ينظر للقول بنجاسته ولا أنه ليس ارتفاع ذراع للخلاف
في ذلك كما للشيخ عج قوله: (إن خشيا مرورا بين يديهما) أي ولو بحيوان غير عاقل كهرة
(قوله ولو شك) أي هذا إذا جزم أو ظن المرور بين يديه بل ولو شك في ذلك لا إن توهمه
(قوله لا إن لم يخشيا) أي فلا يطلب بها وذلك كما لو كان يصلي بصحراء لا يمر بها أحد أو بمكان
عال والمرور من أسفله، وما ذكره المصنف من التفصيل هو المشهور قال مالك في المدونة: ويصلي في
موضع يأمن فيه من مرور شئ بين يديه إلى غير سترة، ابن ناجي: ما ذكره هو المشهور، وقال مالك
245

في العتبية: يؤمر بها مطلقا، واختاره اللخمي وبه قال ابن حبيب وهو مقابل المشهور انظر ح
(قوله وأشار لصفتها) أي التي لا تجزي بدونها وكذا يقال في قدرها. قوله: (لا كسوط) أدخلت الكاف
الحبل قوله: (في غلظ رمح) أي إن أقل ما تكون أن تكون في غلظ رمح فأولى ما كانت أغلظ منه، وأما
لو كانت أدنى من غلظ الرمح فلا يحصل بها المطلوب. قوله: (وطول ذراع) أي من المرفق لآخر الإصبع
الوسطى، والمراد أنه لا بد فيها أن تكون طول ذراع فأكثر في الارتفاع بين يديه كما في بن
قوله: (لا دابة) أي فلا تحصل السنة أو المندوب بالاستتار بها قوله: (وتثبت بربط) أي وإلا فلا تحصل
السنة بالاستتار بها لعدم ثباتها قوله: (جعله يمينا أو شمالا) أي ويكره أن يجعله مقابلا لوجهه
قوله: (ولا خط) هذا وما بعده في كلام الشارح محترز قوله في غلظ رمح وطول ذراع قوله: (كنائم) أي
فهو مشغل باعتبار ما يعرض له من خروج شئ منه يشوش على المصلي أو كشف عورته.
(قوله ولا بكافر) أي وأما بغيره فيجوز حيث كان غير مواجه له قوله: (وفي المحرم) أي وفي الاستتار
بظهر المحرم قولان والراجح منهما الجواز وعدم الكراهة. والحاصل أن الاستتار بالشخص المواجه
له مكروه مطلقا، وأما الاستتار بظهره فإن كانت امرأة أجنبية أو كافرا أو مأبونا فالكراهة، وإن
كان رجلا غير كافر جاز من غير كراهة، وإن كانت امرأة محرما فقولان والراجح الجواز قوله: (ثم
الأرجح إلخ) اعلم أنه اختلف في حريم المصلي الذي يمنع المرور فيه قال ابن هلال: كان ابن عرفة يقول
هو ما لا يشوش عليه المرور فيه ويحده بنحو عشرين ذراعا، ويؤخذ ذلك من تحديد مالك حريم البئر
بما لا يضر تلك البئر بحفر بئر أخرى، ثم اختار ما لابن العربي من أن حريم المصلي مقدار ما يحتاجه
لقيامه وركوعه وسجوده، وقيل إنه قدر رمية الحجر أو السهم أو المضاربة بالسيف أقوال
(قوله وأثم مار بين يديه) أي أمامه فيما يستحقه أي وهو حريمه المتقدم تحديده، وللمصلي دفع ذلك المار بين
يديه دفعا خفيفا لا يشغله فإن كثر أبطل صلاته ولو دفعه فأتلف له شيئا كما لو خرق ثوبه أو سقط منه
مال ضمن على المعتمد ولو دفعه دفعا مأذونا فيه كما قاله ابن عرفة، ولو دفعه فمات كانت ديته على عاقلة دافعه
على المعتمد لأنه لما كان مأذونا له فيه في الجملة صار كالخطأ فلذا لم يقتل فيه وكانت الدية على العاقلة
وقيل يكون هدرا، وقيل الدية في مال الدافع انظر ح. قوله: (وكذا مناول آخر شيئا) أي وكذا يأثم
مناول آخر شيئا بين يدي المصلي، وقوله أو يكلم آخر أي بأن يكلم من على أحد جانبي المصلي شخصا
بجانبه الآخر قوله: (إن كان المار ومن ألحق به له مندوحة) حاصله أن المصلي إذا كان في غير المسجد
الحرام فإن كان للمار بين يديه مندوحة حرم عليه المرور صلى المصلي لسترة أم لا، وإن لم يكن له
مندوحة فلا يحرم المرور صلى المصلي لسترة أم لا، وإذا كان في المسجد الحرام حرم المرور إن كان له
مندوحة وصلى لسترة وإلا جاز المرور، هذا إذا كان المار غير طائف، وأما هو فلا يحرم عليه كان
للمصلي سترة أم لا، نعم إن كان له سترة كره. قوله: (إلا طائفا بالمسجد الحرام) أي فإنه لا يحرم عليه المرور بين
يدي المصلي لو صلى لسترة، وكذا يقال فيمن بعده وهو المصلي يمر لسترة أو فرجة والمضطر للمرور
لكرعاف فلا إثم عليهما في المرور في كل مسجد، ولو كان للمصلي الذي حصل المرور بين يديه سترة
(قوله وأثم مصل تعرض) استشكله بعضهم بأن المرور ليس من فعل المصلي والمصلي لم يترك واجبا
فكيف يكون آثما بفعل غيره؟ وأجيب بأن المرور وإن كان فعل غيره لكنه يجب عليه سد طريق الاثم
246

فأثم لعدم سدها قوله: (فقد يأثمان) وذلك إذا تعرض المصلي بلا سترة وكان للمار مندوحة
(قوله وقد لا يأثمان) كما لو صلى لسترة ولم تكن للمار مندوحة في ترك المرور. قوله: (وقد يأثم
أحدهما) أي فإذا تعرض المصلي ولا مندوحة للمار أثم المصلي دون المار، وإذا صلى لسترة وكان للمار
مندوحة أثم المار دون المصلي. قوله: (وإنصات مقتد إلخ) جعله سنة وهو المشهور وقيل بوجوبه كما
يقول الحنفية قوله: (في صلاة جهرية) أي ولو أسر الامام فيها القراءة عمدا أو سهوا
(قوله ولو سكت إمامه) أشار بهذا إلى قول سند المعروف أنه إذا سكت إمامه لا يقرأ، ورد المصنف بلو على
رواية ابن نافع عن مالك من أن المأموم يقرأ إذا سكت إمامه والفرض أن الصلاة جهرية قوله: (أو لم
يسمعه لعارض) أي كبعد أو أسر الامام في الجهرية قوله: (فتكره قراءته إلخ) أي ما لم يقصد بها
الخروج من خلاف الشافعي وإلا فلا كراهة قوله: (لكان أقعد) أي لان ظاهره أنه متى أسر الامام
ندب لمأمومه القراءة ولو كانت جهرية، وخالف الامام وأسر فيها وليس كذلك كما مر. قوله: (أي إن
كانت الصلاة سرية) ظاهره ولو جهر الامام فيها عمدا أو نسيانا وهو كذلك قوله: (ظهورهما للسماء
إلخ) أي مبسوطتان ظهورهما للسماء وبطونهما للأرض على صفة الراهب أي الخائف وهذه
الصفة هي التي ذكرها سحنون ورجحها عج كما قال شيخنا. وقال عياض: يجعل يديه مبسوطتين
بطونهما للسماء وظهورهما للأرض كالراغب. وقال الشيخ أحمد زروق: الظاهر أنه يجعل يديه على صفة
النابذ بأن يجعل يديه قائمتين أصابعه حذو أذنيه وكفاه حذو منكبيه، وصرح المازري بتشهير ذلك كما
في المواق، ورجحه اللقاني أيضا قوله: (لا مع ركوعه ولا رفعه) أي ولا مع رفعه منه وهذا هو أشهر
الروايات عن مالك كما في المواق عن الاكمال وهو اللتي عليها عمل أكثر الأصحاب، وفي التوضيح: الظاهر
أنه يرفع يديه عند الاحرام والركوع والرفع منه والقيام من اثنتين لورود الأحاديث الصحيحة
بذلك اه‍ بن. قوله: (لا قبله) أي ولا بعده أيضا، وكره رفعهما قبل التكبير أو بعده. قوله: (أي
دونها فيه) أي دون الصبح في التطويل وحينئذ فيقرأ في الصبح من أطول طوال المفصل وفي الظهر
من أقصر طوال المفصل. قوله: (وأوله) أي وأول المفصل على المعتمد. قوله: (وهذا) أي استحباب
تطويل القراءة فيما ذكر. وقوله في غير الامام الأولى في حق من يصلي وحده قوله: (فينبغي له التقصير)
أي لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا أم أحدكم فليخفف فإن في الناس الكبير والمريض وذا الحاجة
وانظر إذا أطال الامام القراءة حتى خرج عن العادة وخشي المأموم تلف بعض ماله إن أتم معه أو فوت
ما يلحقه منه ضرر شديد هل يسوغ له الخروج عنه ويتم لنفسه أم لا؟ قال المازري: يجوز له ذلك. وحكى
عياض في ذلك قولين عن ابن العربي انظر بن. قوله: (وطلبوا منه التطويل) أي وعلم اطاقتهم له وعلم أو
ظن أنه لا عذر لواحد منهم فهذه قيود أربعة في استحباب التطويل للامام. قوله: (وتقصيرها بمغرب
وعصر) أي وهما سيان في التقصير، وقيل في المغرب أقصر وعكس بعضهم كذا في المج قوله: (من قصاره)
أي المفصل. وقوله: وأوله أي أول قصار المفصل. وقوله: من وسطه أي المفصل. وقوله: وأوله أي أول
وسط المفصل قوله: (وتقصير قراءة ركعة ثانية إلخ) على هذا لو قرأ في الثانية أقل مما قرأه في الأولى إلا أنه
رتل فيه حتى طال قيام الثانية عن قيام الأولى في الزمان كان آتيا بالمندوب، وقيل: إن المندوب تقصير
ركعة الثانية عن الأولى في الزمان وإن قرأ فيها أكثر مما في الأولى، واستظهر بعضهم هذا القول ويدل له
247

ما يأتي في الكسوف إن شاء الله تعالى. قوله: (وتكره المبالغة في التقصير) أي في تقصير قراءة الثانية عن
قراءة الأولى على ما قاله الشارح أو تقصير زمن الثانية عن زمن الأولى على ما قال غيره. قوله: (فالأقلية) أي
المطلوبة قوله: (فيما يظهر) أي لا أنه مكروه قوله: (يعني غير جلوس السلام) أي ومن الغير جلوس سجود
السهو قوله: (فالفذ مخاطب بسنة ومندوب) أي والامام مخاطب بسنة فقط والمأموم مخاطب بمندوب
فقط قوله: (كدعاء به) أي كما يندب الدعاء فيه أي السجود فالركوع لا يدعي فيه، وأما السجود فيجمع
فيه بين التسبيح والدعاء بما شاء، قوله: (لا إن لم يسمعه وإن سمع ما قبله) أي فلا يندب له التأمين حينئذ بل
يكره قوله: (ولا يتحرى على الأظهر) أي لأنه لو تحرى لربما أوقعه في غير موضعه ولربما صادف آية
عذاب كذا في التوضيح، وبحث فيه بأن القرآن لم يقع فيه الدعاء بالعذاب إلا على مستحقه وحينئذ فلا
ضرر في مصادفته بالتأمين قوله: (ومقابله يتحرى) أي أنه إذا لم يسمع ولا الضالين وسمع ما قبلها فإنه يتحرى
وهو قول ابن عبدوس. قوله: (راجع للمفهوم) أي لا للمنطوق إذ لا خلاف فيه قوله: (وندب إسرارهم به)
أي لأنه دعاء والمطلوب فيه الاسرار قوله: (وندب قنوت) ما ذكره المصنف من كونه مستحبا هو المشهور
وقال سحنون: إنه سنة، وقال يحيى بن عمر: إنه غير مشروع، وقال ابن زياد: من تركه فسدت صلاته وهو
يدل على وجوبه عنده انظر ح قوله: (أي دعاء) أشار بهذا إلى أن المراد بالقنوت هنا الدعاء لأنه يطلق في
اللغة على أمور منها الطاعة والعبادة كما في: * (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا) * ومنها السكوت كما في: * (وقوموا
لله قانتين) * أي ساكتين في الصلاة لحديث زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فأمرنا بالسكوت
ونهينا عن الكلام ومنها القيام في الصلاة ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: أفضل الصلاة طول القنوت أي
القيام، ومنها الدعاء يقال قنت له وعليه أي دعا له وعليه. قوله: (لأفاد أن كل واحد مندوب استقلالا) أي
كما هو الواقع، وأما قول عبق وخش: لما كان السر صفة ذاتية للقنوت لم يعطفه بالواو فغير صحيح
كما في بن، وإنما ندب الاسرار به لأنه دعاء وهو يندب الاسرار به حذرا من الرياء قوله: (بصبح فقط)
أي لا يوتر ولا يفعل في سائر الصلوات عند الحاجة إليه كغلاء أو وباء خلافا لمن ذهب لذلك لكن لو
وقع لا تبطل الصلاة به كما قال سند، والظاهر أن حكم القنوت في غير الصبح الكراهة، وإنما ترك المصنف
العطف في قوله بصبح لان الصبح تعيين للمكان الذي يشرع فيه لما علمت من كراهته في غيره، ولو عطف
لاقتضى أنه إذا أتى به في غير الصبح فعل مندوبا وهو أصل القنوت وفاته مندوب مع أن فعله في غيره
مكروه تأمل قوله: (وندب قبل الركوع) أي لما فيه من الرفق بالمسبوق ولو نسي القنوت ولم يتذكر إلا
بعد الانحناء لم يرجع له وقنت بعد رفعه من الركوع، فلو رجع له بعد الانحناء بطلت صلاته، ولا يقال بعدم
البطلان قياسا على الراجع للجلوس بعد استقلاله قائما لان الجلوس أشد من القنوت، ألا ترى أنه
لو ترك السجود للجلوس لبطلت صلاته بخلاف القنوت؟ وأيضا الراجع للقنوت قد رجع من
فرض متفق على فرضيته وهو الركوع لغير فرض بخلاف الراجع للجلوس فإنه رجع
من فرض مختلف في فرضيته وهو القيام للفاتحة لغير فرض. قوله: (اللهم إنا نستعينك إلخ)
أي ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك
248

نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين
ملحق، ولم يثبت في رواية الامام، ويثني عليك الخير نشكرك ولا نكفرك وإنما ثبتت في رواية غيره كما
قرره شيخنا العدوي، ونخنع بالنون مضارع خنع بالكسر ذل وخضع ونخلع أي نزيل ربقة الكفر من
أعناقنا ونترك من يكفرك أي لا نحب دينه فلا يعترض بجواز نكاح الكتابية ومعاملة الكفار ونحفد
نخدم وملحق بالكسر معناه لاحق وبالفتح بمعنى أن الله يلحقه بالكافرين وهما روايتان. قوله: (اللهم
اهدنا فيمن هديت إلخ) أي وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وقنا واصرف عنا شر ما قضيت
فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يعز من عاديت ولا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت فلك
الحمد على ما أعطيت نستغفرك ونتوب إليك. قوله: (في وقت الشروع) أي بحيث يبتدئ التكبير في كل
ركن عند الشروع في أوله ولا يختمه إلا مع آخره، ويجوز قصره على أوله وآخره إلا أنه خلاف الأولى
وكذا سمع الله لمن حمده. قوله: (وكذا تسميعه) أي كذا يندب أن يكون تسميعه في وقت شروعه في
الركن ليعمره به قوله: (فلاستقلاله قائما) أي فيستحب تأخيره عند استقلاله قائما للعمل ولأنه كمفتتح
صلاة وحمل قيام الثلاثية على الرباعية، فلو كبر قبل استقلاله ففي إعادته بعده قولان ولو كان الامام
شافعيا يكبر حال القيام فالظاهر صبر المأموم المالكي بتكبيره حتى يستقل بعده قائما قوله: (واجبا كان)
أي كبين السجدتين وللسلام. وقوله أو سنة أي كالجلوس للتشهدين قوله: (بإفضاء) أي حالة كونه مصورا
بإفضاء أي بوضع الرجل اليسرى على الأرض، ويصح جعل الباء للمصاحبة أي حالة كون الجلوس
مقارنا لهذه الهيئة فإن لم يكن مقارنا لها حصلت السنة وفات المستحب قوله: (ورك الرجل اليسرى)
ويلزم من إفضاء ورك اليسرى بالأرض إفضاء ساقها للأرض، فترك النص على إفضاء الساق لذلك
فاندفع ما يقال لا حاجة لتقدير ورك لان الافضاء للأرض به وبالساق. قوله: (وأليتيه) الأولى وأليته
بالافراد لان الألية اليمنى مرفوعة عن الأرض إلا أن يقال: إن في الكلام حذف مضاف أي وإحدى
أليتيه قوله: (ونصب الرجل اليمنى) الأولى ووضع ساق الرجل اليمنى عليها. وقوله: أي على اليسرى
الأولى على قدمها قوله: (وباطن إبهامها) أي والحال أن باطن إبهامها للأرض قوله: (مفرجا فخذيه)
حال أي فتصير رجلاه معا كائنتين من الجانب الأيمن حالة كونه مفرجا فخذيه. قوله: (كما في بعض
النسخ) هذه النسخة ذكرها ابن غازي وكأنها إصلاح اه‍ بن قوله: (فهو من تمام صفة الجلوس) أي
لان وضع اليدين على آخر الفخذين في الجلوس مستحب كما نقله ح عن ابن بشير قوله: (أو قربهما)
ظاهر المصنف كالرسالة تساوي الحالتين، ونص الرسالة تجعل يديك حذو أذنيك أو دون ذلك
لكن الذي في شب وكبير خش أن أو لحكاية الخلاف وأنه إشارة لقول آخر، ولم يعلم من كلامهما
مقدار القرب الذي يقوم مقام المحاذاة في الندب فإنه يحتمل أن يكون بحيث تكون أطراف أصابعه
محاذية للأذنين، ويحتمل أن تكون أطراف الأصابع أنزل منهما قوله: (ومجافاة رجل إلخ) اعلم
أن للسجود سبع مندوبات ذكر المصنف منها اثنين وهما مباعدة البطن عن الفخذين ومباعدة
المرفقين عن الركبتين وبقي مجافاة ذراعيه عن فخذيه ومجافاتهما أيضا عن جنبيه وتفريقه بين ركبتيه
ورفع ذراعيه عن الأرض وتجنيحه بهما تجنيحا وسطا، وقد ذكر الشارح بعض ذلك وترك بعضه
قوله: (مجافيا) أي مباعدا لهما أي المرفقين قوله: (في فرض) أي سواء طول فيه أم لا قوله: (يندب كونها منضمة)
249

أي بحيث تلصق بطنها بفخذيها ومرفقيها بركبتيها. قوله: (لكل مصل) أي سواء كان إماما أو فذا أو
مأموما كان يصلي فرضا أو نفلا إلا المسافر، فلا يندب له استعمال الرداء كما ذكر شيخنا في حاشية خش
قوله: (على عاتقيه) ظاهره أن العاتقين غير الكتفين وأنه لا يضع الرداء على الكتفين وليس كذلك
فالأولى أن يقول وهو ما يلقيه على عاتقيه أي كتفيه دون أن يغطي به رأسه، فإن غطاها به ورد طرفه
على أحد كتفيه صار قناعا وهو مكروه للرجال لأنه من سنة النساء إلا من ضرورة حر أو برد، وما لم يكن
من قوم شعارهم ذلك وإلا لم يكره كما تقدم في الانتقاب كذا في بن قوله: (وتأكد) أي ندب استعمال
الرداء قوله: (أي إرسال يديه لجنبيه) أي من حين يكبر تكبيرة الاحرام قوله: (وكره القبض) أي على
كوع اليمنى واليسرى وكذا عكسه ووضعهما فوق السرة قوله: (وهل يجوز القبض في النفل طول أو لا)
أي وهو المعتمد لجواز الاعتماد في النفل من غير ضرورة قوله: (تأويلان) الأول ظاهر المدونة عند غير
ابن رشد والثاني لابن رشد. قوله: (بأي صفة كانت) علم منه أن القبض في الفرض مكروه بأي صفة
كانت وأن الذي فيه الخلاف في القبض النفل إذا لم يطول القبض بصفة خاصة، وأما على غيرها
فالجواز مطلقا وليس فيه الخلاف المتقدم. قوله: (للاعتماد) أي إذا فعله بقصد الاعتماد وهذا التأويل
لعبد الوهاب. قوله: (بل استنانا) أي اتباعا للنبي في فعله ذلك قوله: (أو خيفة اعتقاد وجوبه) هذا التأويل
للباجي وابن رشد وهو يقتضي كراهة القبض في الفرض والنفل ويضعفه تفرقة الامام في المدونة
بين الفرض والنفل. قوله: (واستبعد) أي لأدائه لكراهة كل المندوبات لان خيفة اعتقاد الوجوب
ممكن في جميع المندوبات، وبالجملة فهذا التأويل ضعيف من وجهين كما علمت. قوله: (أو خيفة إظهار
خشوع) أي هذا التأويل لعياض وهو يقتضي كراهة القبض في الفرض والنفل، ويضعفه أن مالكا فرق
في المدونة بين الفرض والنفل فذكر أن القبض في النفل جائز وأنه يكره في الفرض قوله: (اثنان في
الأولى) أي في المسألة الأولى قوله: (وندب تقديم يديه إلخ) لما في أبي داود والنسائي من قوله عليه
الصلاة والسلام: لا يبركن أحدكم كما يبرك البعير ولكن يضع يديه ثم ركبتيه ومعناه أن المصلي لا يقدم
ركبتيه عند انحطاطه للسجود كما يقدمهما البعير عند بروكه ولا يؤخرهما في القيام كما يؤخرهما البعير في
قيامه، والمراد ركبتا البعير اللتان في يديه لأنه يقدمهما في بروكه ويؤخرهما عند القيام عكس المصلي
(قوله وندب عقده) أي ندب للمصلي عقد يمناه فالضمير أن للمصلي قوله: (وأشمل) أي لان تشهده
مفرد مضاف يعم الواحد والاثنين وما زاد عليهما قوله: (الثلاث من أصابعها) بدل من يمناه بدل بعض
من كل. قوله: (وأطرافها على اللحمة) جملة حالية. قوله: (على الوسطى) أي حالة كون الابهام موضوعا
على الوسطى. قوله: (على صورة العشرين) الحاصل أن مد السبابة والابهام صورة العشرين، وأما قبض
الثلاثة الأخر ففي كلام المصنف بالنسبة له إجمال لأنه يحتمل أن يقبض الثلاثة صفة تسعة وهو جعلها
على اللحمة التي تحت الابهام فتصير الهيئة هيئة التسعة والعشرين، ويحتمل جعل الثلاثة في وسط
الكف وهو صفة ثلاثة فتكون الهيئة هيئة ثلاث وعشرين، واختار الأول شارحنا، وأما احتمال جعلها
في وسط الكف مع وضع الابهام على أنملة الوسطى وهي صفة ثلاثة وخمسين فهذا لا يصدق
عليه قول المصنف مادا السبابة والابهام لان الابهام حينئذ غير ممدود بل هو منحن على أنملة الأوسط
250

إلا أن يراد بالمد ما قابل العقد. قوله: (يمينا وشمالا) أي لا لأعلى ولا لأسفل أي لفوق وتحت كما قال بعضهم
(قوله في جميع التشهد) أي من أوله وهو: التحيات لله لآخره وهو عبده ورسوله وظاهره أنه لا يحركها
بعد التشهد في حالة الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الموافق لما ذكروه في علة تحريكها
وهو أنه يذكره أحوال الصلاة فلا يوقعه الشيطان في سهو أنه يحركها دائما للسلام وإنما كان تحريكها
يذكره أحوال الصلاة لان عروقها متصلة بنياط القلب، فإذا تحركت انزعج القلب فيتنبه بذلك
(قوله عند النطق بالكاف والميم) أي من عليكم قوله: (وما قبلهما) أي الكاف والميم قوله: (على المعتمد) أي
لأنه ظاهر المدونة قاله الباجي وعبد الحق ومقابله ما تأوله بعضهم أن المأموم يتيامن كالامام
(قوله يعني تشهد السلام) أي سواء كان أولا أو ثانيا أو ثالثا أو رابعا، ومحل الدعاء بعد التشهد فالباء في قول
المصنف بتشهد ثان بمعنى بعد قوله: (وهل لفظ التشهد إلخ) ظاهر المصنف أن الخلاف في خصوص
اللفظ الوارد عن عمر، وأما أصله بأي لفظ كان فهو سنة قطعا، وبذلك شرح شارحنا تبعا للبساطي و ح
والشيخ سالم، وعليه ينبني ما اشتهر من بطلان الصلاة بترك السجود للسهو عنه، وشرح بهرام على أن
الخلاف في أصله فقال: وهل لفظ التشهد أي بأي صيغة كانت، وأما اللفظ الوارد عن عمر فمندوب
قطعا، وعلى هذا فالمصنف جزم سابقا بالقول بالسنية، ثم حكى هنا الخلاف في أصله وقواه طفي حيث
قال: هذا هو الصواب الموافق للنقل، وتعقبه بن بأن هذا يتوقف على تشهير القول بأن أصل التشهد
فضيلة ولم يوجد ذلك اه‍. وبالجملة فأصل التشهد سنة قطعا أو على الراجح كما يفيده بن وخصوص
اللفظ مندوب قطعا أو على الراجح، وبهذه يعلم أن ما اشتهر من بطلان الصلاة لترك سجود السهو عنه
ليس متفقا عليه إذ هو ليس عن نقص ثلاث سنن قطعا تأمل. قوله: (وهو الذي علمه عمر بن الخطاب
للناس إلخ) أي هو: التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة
الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله. قوله: (ولذا) أي ولأجل جريان اللفظ الوارد عن عمر مجرى الخبر المتواتر اختاره
الامام، واختار أبو حنيفة وأحمد ما روي عن ابن مسعود وهو: التحيات لله والصلوات والطيبات
السلام عليك أيها النبي إلى آخر ما روي عن سيدنا عمر، واختار الشافعي ما روي عن ابن عباس وهو
التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. قوله: (أي يكره فيما يظهر) أي
ولو كان تشهد نفل قوله: (وجازت) المراد بالجواز عدم الكراهة فلا ينافي أن ذلك خلاف الأولى كذا
قرر شيخنا، ولكن ذكر في حاشية خش أن المراد بالجواز الجواز المستوي الطرفين في الفاتحة وغيرها
(قوله كتعوذ) ظاهره قبل الفاتحة أو بعدها وقبل السورة جهرا أو سرا وهو ظاهر المدونة أيضا ومقابله ما في
العتبية من كراهة الجهر بالتعوذ ومفاد شب ترجيحه قاله شيخنا. قوله: (وكرها بفرض) أي للامام وغيره
سرا أو جهرا في الفاتحة أو غيرها ابن عبد البر وهذا هو المشهور عند مالك، ومحصل مذهبه عند أصحابه
وإنما كرهت لأنها ليست آية من القرآن إلا في النمل وقيل بإباحتها وندبها ووجوبها قوله: (الورع البسملة
أو الفاتحة) أي ويأتي بها سرا ويكره الجهر بها، ولا يقال: قولهم يكره الاتيان بها ينافي قولهم يستحب
الاتيان بها للخروج من الخلاف. لأنا نقول: محل الكراهة إذا أتى بها على وجه أنها فرض سواء قصد
الخروج من الخلاف أم لا، ومحل الندب إذا قصد بها الخروج من الخلاف من غير ملاحظة كونها فرضا
251

أو نفلا لأنه إن قصد الفرضية كان آتيا بمكروه ولو قصد النفلية لم تصح عند الشافعي، فلا يقل له
حينئذ أنه مراع للخلاف، وحينئذ فيكره كما إذا قصد الفرضية، والظاهر الكراهة أيضا إذا لم يقصد
شيئا. قوله: (ولو سبحانك اللهم وبحمدك إلخ) تمامه: تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك
وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين قوله: (لأنه لم يصحبه عمل)
أي وإن ورد الحديث به قوله: (وبعد فاتحة قبل السورة) القول بالكراهة كما قال المصنف نقله في
التوضيح عن بعضهم قوله: (والراجح الجواز) أي وهو ما ذكره في شرح الجلاب والطراز، وقال ح
إنه الظاهر قوله: (بأن يخللها به) أي بالدعاء، وقوله: لاشتمالها على الدعاء علة لكراهة الدعاء في أثنائها
وقوله: فهي أولى أي فهي لاشتمالها على الدعاء أولى من دعاء أجنبي قوله: (وجاز لمأموم) أي وجاز
الدعاء لمأموم سواء دعا في حال قراءة الإمام للفاتحة أو للسورة والجواز مقيد بقيود ثلاثة: كون
الدعاء سرا وقليلا وعند سماع سببه كما أشار لذلك الشارح، كما أن جواز الدعاء لسامع الخطبة مقيد
بهذه القيود الثلاثة قوله: (لأنه إنما شرع فيه التسبيح) أي وأما الدعاء فهو غير مشروع فيه فيكون
مكروها. قوله: (وجاز بعد رفع منه) أي وجاز الدعاء بعد الرفع من الركوع، واختلف في الدعاء
الموصوف بالجواز الواقع في الرفع من الركوع فقال بعضهم: المراد به دعاء مخصوص وهو: اللهم ربنا
ولك الحمد لان الحامد لربه طالب للمزيد منه، وقال بعضهم: بل مطلق دعاء والأول ما في عج والثاني
ما في شرح الجلاب. قوله: (وبعد تشهد أول) أي وكره الدعاء بعد التشهد الأول، والمراد ما عدا
التشهد الذي يعقبه السلام، ومن أفراد الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وحينئذ فتكره
في التشهد الأول قوله: (ولا بعد رفع منه) أي من الركوع وهذا مكرر مع ما تقدم. قوله: (وحيث
جاز له الدعاء) أي وفي أي محل جاز له الدعاء فيه قوله: (من جائز شرعا وعادة) احترز من طلب الممتنع
شرعا كأن يقول: اللهم اجعلني نبيا والممتنع عادة كأللهم اجعلني سلطانا أو أطير في الهواء
ومن الممتنع عقلا كأللهم اجعلني أجمع بين الضدين، والدعاء بما ذكر ممنوع وإن صحت الصلاة كما
قرر شيخنا قوله: (إن لم يكن بدنيا) أي بل بأمر من أمور الآخرة قوله: (بل وإن كان لطلب دنيا)
أي كسعة رزق وزوجة حسنة قوله: (وسمى من أحب أن يدعو له أو عليه) كأللهم ارزق فلانا
أو أهلكه. قوله: (ولو قال في دعائه) أي وهو في الصلاة قوله: (يا فلان فعل الله بك كذا) أي يا فلان
رزقك الله أو أهلكك الله مثلا قوله: (إن غاب فلان مطلقا) أي سواء قصد خطابه أم لا قوله: (وكره)
أي لكل مصل ولو امرأة قوله: (على ثوب) أي لان الثياب مظنة الرفاهية فإذا تحقق انتفاؤها
من الثوب لكونها ممتهنة خشنة لم تنتف الكراهة لان التعليل بالمظنة خلافا لابن بشير انظر ح قوله: (لم
يعد لفرش مسجد) أي ولم يكن هناك ضرورة داعية للسجود عليه كحر أو برد أو خشونة أرض
وإلا فلا كراهة، كما أنه لو كان البساط معدا لفراش المسجد فلا كراهة في السجود عليه سواء كان
الفرش به من الواقف أو من ريع الوقف أو من أجنبي فرشه بذلك لوقفه لذلك الفرش. قوله: (وأما الحصر
الناعمة) أي كحصر السمار قوله: (أي شيئا عن الأرض) أي سواء كان متصلا بها أم لا، فالأول ككرسي مثلا
252

يجعله على الأرض ويسجد عليه، والثاني ككرسي يرفعه بيده إلى جبهته ويسجد عليه بالفعل
وإذا فعل ذلك لم يعد، وهذا إذا أومأ له بجبهته بأن انحط له بها كما هو الواجب في الايماء، فإن رفع لجبهته
من غير انخفاض بها لم يجزه كما في المجموعة عن أشهب، ومحل الاجزاء إذا أومأ له بجبهته إذا نوى حين
إيمائه الأرض، وأما إن كان بنية الإشارة إلى ما رفع له دون الأرض لم يجزه كما نقله المواق عن اللخمي
(قوله وأما القادر على السجود على الأرض) أي إذا رفع شيئا عن الأرض بين يديه وسجد عليه
فلا يجزيه، وهو الذي تفيده المدونة خلافا لقول غير واحد أنه مكروه، قال شيخنا: ومحل الخلاف إذا
كان ارتفاعه عن الأرض كثيرا كما هو الموضوع، وأما إذا كان قليلا كسبحة ومفتاح ومحفظة فلا
خلاف في صحة السجود عليه وإن كان خلاف الأولى كما مر. والحاصل أن السجود على شئ مرتفع
على الأرض ارتفاعا كثيرا متصل بها ككرسي مبطل على المعتمد، والسجود على أرض مرتفعة
مكروه فقط، وأما السجود على غير المتصل بالأرض كسرير معلق فلا خلاف في عدم صحته كما مر
أي والحال أنه غير واقف في ذلك السرير وإلا صحت كالصلاة في المحمل. قوله: (وسجود على كور
عمامته) أي لغير حر أو برد وإلا فلا كراهة. قوله: (مجتمع طاقاتها) أي طبقاتها المجتمعة المشدودة
على الجبهة. وحاصله أن كور العمامة عبارة عن مجموع اللفات المحتوي كل لفة منها على طبقات، والمراد
بالطاقات في كلام الشارح اللفات والتعصيبات. قوله: (إن كان) أي الكور المشدود على الجبهة. وقوله
قدر الطاقتين أي التعصيبتين قوله: (فإن كان أكثر من الطاقتين) أي والحال أنه لا يمنع من لصوق
الجبهة بالأرض قوله: (إلا أنها منعت إلخ) وذلك كما لو كان لين الطاقات التي على الجبهة يمنع من
استقرارها بالأرض قوله: (إلا أنها منعت إلخ) وذلك كما لو كان لين الطاقات التي على الجبهة يمنع من
استقرارها بالأرض قوله: (أو غيره من ملبوسه) أي كطرف ردائه. قوله: (ونقل حصباء إلخ) أي
ونقل حصباء من مكان ظل أو مكان شمس حالة كون ذلك النقل في المسجد لأجل السجود عليها
حيث كان ذلك النقل مؤديا لتحفير المسجد وأولى في الكراهة النقل المؤدي للتحفير إذا كان لغير
سجود قوله: (فلا يكره) أي النقل في غير المسجد كما أنه لا يكره فيه إذا كان لا يؤدي لتحفيره
والحاصل أن نقل الحصباء والتراب إن أدى للتحفير كره في المسجد كان النقل للسجود عليه أم لا، ولا
يكره في غيره وإن لم يؤد للتحفير فلا كراهة فيه مطلقا كان في المسجد أو في غيره كان النقل للسجود
أو لغيره فالأحوال ثمانية الكراهة في حالتين منها. قوله: (نهيت ان قرأ القرآن راكعا أو ساجدا)
أي لأنهما حالتا ذل في الظاهر والمطلوب من القارئ التلبس بحالة الرفعة والعظمة ظاهرا تعظيما للقرآن
لا يقال: إن قراءة القرآن عبادة فهي إنما يناسبها الذل والانكسار. لأنا نقول: المراد بالذل والانكسار
المناسب للعبادة القلبي وهذا لا ينافي طلب التلبس بحالة الرفعة ظاهرا تأمل. قوله: (فقمن) أي فحقيق
أن يستجاب لكم وإن تأخر حصول المدعو به عن وقت الدعاء. قوله: (وكره دعاء خاص) أي كره
للمصلي دعاء خاص يدعو به فيها في السجود أو غيره من المواضع التي تقدم جواز الدعاء فيها
ولا يدعو بغيره، وكذا يكره لغير المصلي الدعاء بالدعاء الخاص، والشارح حمل كلام المصنف على
خصوص المصلي، ومحل الكراهة ما لم يكن ذلك الدعاء الخاص معناه عاما وإلا فلا كراهة كقوله
اللهم ارزقني سعادة الدارين واكفني همهما. قوله: (لا يدعو بغيره) هذا تفسير للمراد من الدعاء
الخاص. قوله: (التحديد فيه) أي في الدعاء لان المولى واسع الفضل والكرم، فملازمة الدعاء بشئ
مخصوص يوهم قصر كرمه على إعطاء ذلك. قوله: (وفي عدد التسبيحات) أي في الركوع وهو عطف
على ضمير فيه قوله: (أو دعاء بصلاة بعجمية) أي وأما الدعاء بها في غير الصلاة فهو جائز كما يجوز
الدعاء بها في الصلاة للعاجز عن العربية، وكما يكره الدعاء بها في الصلاة للقادر على العربية يكره الحلف
بها والاحرام بالحج، ويكره أيضا التكلم بها، قيل إذا كان في المسجد خاصة لأنها من اللغو الذي تنزه عنه
المساجد، وقيل إن الكراهة مقيدة بما إذا تكلم بها بحضرة من لا يفهمها سواء كان في المسجد أو غيره لأنه
253

من تناجي اثنين دون ثالث. قوله: (ولو بجميع جسده إلخ) أي هذا إذا كان الالتفات ببعض الجسد
بل ولو كان بجميعه، لكن يخص ما قبل المبالغة بالتصفح بالخد يمينا أو شمالا، ففي الجلاب: أنه لا بأس به
وكذا ظاهر الطراز، فيحمل ما قبل المبالغة على ما عدا الالتفات بالخد إلا أن ح قال: الظاهر أن ذلك أي
عدم كراهة التصفح بالخد إنما هو للضرورة وإلا فهو من الالتفات، وإذا كان من الالتفات فهو بالخد
أخف من لي العنق، ولي العنق أخف من لي الصدر، والصدر أخف من لي البدن كله قوله: (في الصلاة
فقط) أي سواء كان في المسجد أو في غيره، ومفهوم الظرف أن التشبيك في غير الصلاة لا كراهة فيه
ولو في المسجد إلا أنه خلاف الأولى لان فيه تفاؤلا بتشبيك الامر وصعوبته على الانسان
(قوله وفرقعتها فيها) أي ولو بغير مسجد قوله: (على الأرجح) أي وما في ح مما يفيد أن مالكا وابن القاسم
اتفقا على كراهة فرقعة الأصابع في المسجد ولو في غير الصلاة فلا يعول عليه كما يفيده عج لان هذا
رواية العتبية، وظاهر المدونة جواز فرقعتها بالمسجد بغير صلاة قوله: (في جلوسه كله) أي الشامل لجلوس
التشهد، والجلوس بين السجدتين والجلوس للصلاة لمن صلى جالسا قوله: (بأن يرجع على صدور
قدميه) أي بأن يرجع من السجود للجلوس على صدور قدميه، ولو قال بأن يجلس على صدور قدميه
كان أوضح، والمراد بصدورهما أطرافهما من جهة الأصابع أي بأن يجعل أصابعه على الأرض ناصبا
لقدميه ويجعل أليتيه على عقبيه، وينبغي أن يكون مثل الجلوس على صدور القدمين في كونه إقعاء
مكروها جلوسه على القدمين وظهورهما للأرض، وكذلك جلوسه بينهما وأليتاه على الأرض
وظهورهما للأرض أيضا، وكذلك جلوسه بينهما وأليتاه على الأرض ورجلاه قائمتان على أصابعهما
فللاقعاء المكروه أربع حالات. قوله: (فممنوع) أي حرام والظاهر أنه لا تبطل به الصلاة كما قال شيخنا
(قوله وكره تخصر) أي في الصلاة قوله: (في خصره) هو موضع الحزام من جنبه قوله: (في القيام) أي في
حال قيامه للصلاة، وإنما كره ذلك لأن هذه الهيئة تنافي هيئة الصلاة قوله: (وتغميض بصره) أراد
ببصره عينيه إذ البصر اسم للقوة المدركة للألوان القائمة بالعينين اللتين يتصفان بالتغميض فأطلق اسم
الحال على المحل مجازا قوله: (لئلا يتوهم أنه مطلوب فيها) أي لئلا يتوهم هو إن كان جاهلا أو غيره إن
كان عالما أن التغميض أمر مطلوب في الصلاة، ومحل كراهة التغميض ما لم يخف النظر لمحرم أو يكون
فتح بصره يشوشه وإلا فلا يكره التغميض حينئذ قوله: (ورفعه رجلا) أي لما فيه من قلة الأدب مع الله
لأنه واقف بحضرته قوله: (واقرانهما) اعلم أن الاقران الذي نص المتقدمون على كراهته قد وقع
الخلاف بين المتأخرين في حقيقته فقيل: هو ضم القدمين معا كالمقيد سواء اعتمد عليهما دائما أو روح بهما
بأن صار يعتمد على هذه تارة وهذه أخرى، أو اعتمد عليهما معا لا دائما، وعلى هذا مشى الشارح، وقيل أن
يجعل حظهما من القيام سواء دائما سواء فرق بينهما أو ضمهما، لكن الكراهة على هذه الطريقة مقيدة
بما إذا اعتقد أن الاقران بهذا المعنى أمر مطلوب في الصلاة وإلا فلا كراهة، وإنما كره القران لئلا يشتغل
به عن الصلاة، فعلم من هذا أن تفريق القدمين لا كراهة فيه على الطريقة الأولى سواء جعل حظهما
من القيام سواء أو لا ما لم يتفاحش التفريق وإلا كره وضمها مكروه اعتمد عليهما معا دائما أو لا، وأما
على الطريقة الثانية فالكراهة إذا اعتمد عليهما معا دائما ضمهما أو لا بشرط اعتقاد أنه أمر مطلوب
فيها فإن لم يعتقد ذلك أو لم يعتمد عليهما دائما بأن روح بهما أو اعتمد عليهما لا دائما فرق بينهما أو
ضمهما فلا كراهة. قوله: (أعاد أبدا) أي وكان التفكر حراما وإنما لم يبن علي النية مع أنها حاصلة معه قطعا
لان تفكره كذلك بمنزلة الأفعال الكثيرة قياسا للأفعال الباطنة على الأفعال الظاهرة، وهذا التعليل
يقتضي عموم الحكم وهو البطلان للامام والفذ والمأموم. قوله: (وإن شك) أي في عدد ما صلى وقوله بنى
254

على اليقين أي وهو الأقل ما لم يكن مستنكحا وإلا بنى على الأكثر. قوله: (فلا يكره) أي ثم إن لم
يشغله في الصلاة بأن ضبط عدد ما صلى فالامر ظاهر وإن شغله عنها، فإن شك في عدد ما صلى بنى على الأقل
ما لم يكن مستنكحا وإلا بنى على الأكثر، وإن لم يدر ما صلاه أصلا ابتدأها من أولها كالتفكر بدنيوي
وأما إذا كان التفكر بما يتعلق بالصلاة كالمراقبة والخشوع وملاحظة أنه واقف بين يدي الله فإن أداه
ذلك التفكر إلى عدم معرفة ما صلاه أصلا بنى على الاحرام، وإن شك في عدده بنى على الأقل إن كان
غير مستنكح، وأصل هذا الكلام للخمي، وقال غيره: إذا لم يدر ما صلى بنى على الاحرام، وإن شك في عدد
ما صلى بنى على الأقل إن كان غير مستنكح، ولا فرق في ذلك بين كون تفكره بدنيوي أو أخروي أو بما
يتعلق بالصلاة وهو الموافق لما يأتي في السهو من أن الشاك يبني على اليقين فإنهم لم يقيدوه بكون الشك
ناشئا عن تفكر بدنيوي أو أخروي، أو ربما يتعلق بالصلاة بل أطلقوا ذلك، واستصوب هذا القول شيخنا
العدوي ونقله سلمه. قوله: (وحمل شئ بكم) أي ولو خبزا خبز بروث دواب نجسا بناء على المعتمد من
أن النار تطهر كما تقدم قوله: (ما لم يمنعه من اخراج الحروف) أي وإلا كان الحمل في الفم حراما
قوله: (وكذا كتابة فيها) أي ولو كان المكتوب قرآنا قوله: (وتزويق مسجد إلخ) أشار بهذا إلى أنه لا
مفهوم للقبلة بل كما يكره تزويق القبلة بذهب أو غيره يكره أيضا تزويق المسجد سقفه أو حيطانه
بالذهب ونحوه، وأما تزويق غيره من الأماكن فإن كان بالذهب فمكروه وإن كان بغيره فجائز
قوله: (ليصلي له) أي لجهته أو ليصلي متوجها إليه. قوله: (لم يكره) أي لم تكره الصلاة لجهته قوله: (وعبث بلحية
أو غيرها) أي كخاتم بيده إلا أن يحوله في أصابعه لضبط عدد الركعات خوف السهو فذلك جائز لأنه
فعل لاصلاحها وليس من العبث، فإن عبث بيده في لحيته وهو في الصلاة فخرج منها شعر فلا تبطل، ولو كان
كثيرا بناء على المعتمد من أن ميتة الآدمي طاهرة، وأما على أنها نجسة فلا تبطل إن كان الخارج
منها ثلاث شعرات فأقل، كمن صلى وفي ثوبه ثلاث قشرات من القمل وهو ذاكر قادر وإن كان الخارج
أكثر من ثلاث بطلت لان جذور الشعر نجسة قوله: (كبناء مسجد غير مربع) أي فيكره ذلك البناء
وكذا تكره الصلاة في مسجد بني بمال حرام ولم تحرم لان المال يتعلق بالذمم قوله: (لذلك) أي لعدم تسوية
الصفوف به قوله: (وعدمه) أي وعدم كراهتها به أي لان لو تركنا الصلاة فيه لأجل كراهة بنائه لذلك
وذهبنا لغيره لضاع الوقت
فصل: يجب بفرض قيام قوله: (ذكر فيه حكم القيام بالصلاة) أي وهو الوجوب. وقوله: وبدله أي
وهو الجلوس. قوله: (ومراتبهما) أي كون كل منهما مستقلا أو مستندا فالقيام له مرتبتان، وكذلك بدله
وهو الجلوس له مرتبتان قوله: (أي في صلاة فرض) سواء كان عينيا أو كفائيا كصلاة الجنازة على القول
بفرضيتها لا على القول بسنيتها فيندب القيام فقط، وسواء كان الفرض العيني فرضيته أصلية أو عارضة
بالنذر إن نذر فيه القيام، أما إن نذر النفل فقط فالظاهر عدم وجوب القيام، ثم إن حمل الشارح الفرض في
كلام المصنف على الصلاة المفروضة بجعل الباء للظرفية هو المتبادر للفهم، ويحتمل أنها للسببية، وأن المراد
يجب بسبب فرض من أجزاء الصلاة كتكبيرة الاحرام وقراءة الفاتحة والهوي للركوع وقيام إلخ، وهذا
255

الثاني هو المرتضى عند ح قائلا: لئلا يخرج من كلامه الوتر وركعتا الفجر، مع أن ابن عرفة اقتصر على أن
القيام فيهما فرض لقولها لا يصليان في الحجر كالفرض اه‍. لكن ذكر عن ابن ناجي أن هذا ضعيف
وأن الراجح ما أقامه بعض التونسيين منها وهو جواز الجلوس فيهما اختيارا لقولها: إنهما يصليان في
سفر القصر على الدابة، وأورد على الاحتمال الأول الذي مشى عليه الشارح بأنه يوهم وجوب القيام
للسورة، ويجاب بأن المصنف أطلق هنا اتكالا على ما سبق من التفصيل، أو أنه مشى على ما أخذه ابن
عرفة من كلام اللخمي وابن رشد من أن القيام للسورة فرض كالوضوء للنافلة، وأورد على الاحتمال
الثاني بأنه يقتضي وجوب القيام في النافلة، وأجيب بأن المراد يجب بسبب فرض من أجزاء
الصلاة المفروضة فخرج النفل بدليل قوله الآتي ولمتنفل جلوس ولو في أثنائها. قوله: (إلا لمشقة) فيه
بحث لأنه إن أراد المشقة التي ينشأ عنها المرض أو زيادته فصحيح إلا أن ما بعده يتكرر معه وإن أراد
المشقة الحالية وهي التي تحصل في حال الصلاة ولا يخشى عاقبتها ولا ينشأ عنها ما ذكر ففيه نظر لان الذي
لا يخاف إلا المشقة الحالية لا يصلي إلا قائما على المشهور عند اللخمي وغيره وهو ظاهر المدونة، وذلك لان
المشقة الحالية تزول بزوال زمانها وتنقضي بانقضاء الصلاة وذلك خفيف، وأجيب بحمله على المشقة
الحالية في خصوص المريض بأن كان مريضا، وإذا صلى قائما لا يحصل له إلا مجرد المشقة وتزول عن
قرب فله أن يصلي من جلوس بناء على قول أشهب وابن مسلمة، فقد قال ابن ناجي ما نصه: ولقد أحسن
أشهب لما سئل عن مريض لو تكلف الصوم والصلاة قائما لقدر لكن بمشقة وتعب فأجاب: بأن له أن
يفطر وأن يصلي جالسا ودين الله يسر اه‍. والحاصل كما قال عج أن الذي يصلي الفرض جالسا هو من
لا يستطيع القيام جملة، ومن يخاف من القيام المرض أو زيادته كالتيمم، وأما من يحصل له به المشقة الفادحة
فالراجح أنه لا يصليه جالسا إن كان صحيحا، وإن كان مريضا فله ذلك على ما قاله أشهب وابن
مسلمة واختاره ابن عبد السلام، وظاهر كلام ابن عرفة أنه ليس له أن يصليه جالسا انظر بن
(قوله لا يستطيع معها القيام) حمل المصنف على هذا بعيد لان هذا عاجز عن القيام بل مراده من يقدر على
الاتيان بالقيام لكن بمشقة تحصل له في الحال كما تقدم قوله: (ضررا) أي من إغماء أو حدوث
مرض أو زيادته أو تأخر برء أو حصول دوخة قوله: (كأن يكون عادته إلخ) أي أو أخبره
بذلك موافق له في المزاج أو طبيب عارف بالطب بأن قال له: إن صليت من قيام حصل لك الاغماء
أو الدوخة مثلا فخاف وهو في الصلاة أو قبلها حصول ذلك بسبب القيام قوله: (فيجلس) أي على
ما قاله ابن عبد الحكم، وقال سند: يصلي من قيام ويغتفر له خروج الريح لان الركن أولى بالمحافظة
256

عليه من الشرط. قوله: (محافظة على شرطها) أي على شرط الصلاة مطلقا فرضا أو نفلا، والمحافظة
عليها أولى من المحافظة على الركن الواجب في الجملة لان القيام لا يجب إلا في الفرض، وبهذا سقط قول
سند: لم لم يصل قائما ويغتفر له خروج الريح ويصير كالسلس ولا يترك الركن لأجله قوله: (فاستناد)
أي فيجب استناد في قيامه محافظة على صورة الأصل ما أمكن، فإن لم يقدر على الاستناد حال تلبسه
بالصلاة إلا بالكلام تكلم ويصير من الكلام لاصلاحها فلا تبطل به الصلاة ما لم يكثر قوله (ولو
حيوانا) أي هذا إذا كان جمادا بل ولو كان حيوانا قوله: (لا لجنب وحائض محرم) أي فيكره لهما
لبعدهما عن الصلاة قوله: (إن وجد غيرهما) أي من رجال أو نساء محارم لا حيض بهن ولا جنابة
(قوله وأما لغير محرم) أي كالزوجة والأمة والأجنبية، وكذا الأمرد والمأبون، وقوله: فلا يجوز أي ولو كان
غير جنب أو حائض فإن وقع واستند لغير المحرم فإن حصلت اللذة بالفعل بطلت الصلاة وإلا فلا، وقد
علمت أن الرجل للرجل كالمحرم فيجوز استناده إليه على ما في المج أي إذا كان غير جنب وإلا كره
قوله: (مع وجود غيرهما) أي وأما إذا استند لهما لعدم وجود غيرهما فلا إعادة لوجوب ذلك عليه كما مر
(قوله أعاد بوقت) لا غرابة في إعادة الصلاة لارتكاب أمر مكروه كالاستناد للحائض والجنب مع وجود
غيرهما، ألا ترى الصلاة في معاطن الإبل فإنه مكروه وتعاد الصلاة لأجله في الوقت؟ فاندفع قول بعضهم
إن الكراهة لا تقتضي الإعادة أصلا فلعل هناك قولا بالحرمة قوله: (ضروري) اعلم أن الإعادة هنا
كالإعادة للنجاسة فتعاد الظهران للاصفرار والعشاءان لطلوع الفجر والصبح لطلوع الشمس، إذا علمت
ذلك فقول الشارح بوقت ضروري هذا ظاهر بالنسبة لغير العصر، وأما هي فإنما تعاد في الاختياري فإن
اختياريها يمتد للاصفرار وهي لا تعاد بعد الاصفرار تأمل. قوله: (مندوب فقط) أي كما ذكره ابن ناجي
وزروق. وقوله: خلافا لما يوهمه كلامه أي من وجوب الترتيب بينهما، هذا والذي في ح ما نصه: ما ذكره
المصنف من وجوب الترتيب بين الاستناد قائما والجلوس مستقلا هو ما ذكره ابن شاس وابن الحاجب
وذكر ابن ناجي في شرح الرسالة والشيخ زروق أن ابن رشد ذكر في سماع أشهب أن ذلك على جهة
الاستحباب فانظره اه‍. وهذا ليس فيه ترجيح أن ابن ناجي اختار خلاف ما لابن رشد وقال: إنه
ظاهر المدونة عندي، وأيضا ما لابن شاس هو الذي نقله القباب عن المازري مقتصرا عليه وهو الذي
في التوضيح وابن عبد السلام والقلشاني وغيرهم، وبهذا تعلم أن ما ذكره الشارح تبعا لعبق أنه
المعتمد ليس هو المعتمد انظر بن قوله: (وكذا بينه) أي بين القيام مستندا وبين الاضطجاع
(قوله والحاصل إلخ) حاصله أن القيام استقلالا تقديمه على كل ما بعده واجب وكذلك الجلوس
استقلالا تقديمه على كل ما بعده واجب، وتقديم الظهر على البطن واجب كتقديم الجلوس استنادا
على الاضطجاع، وما عدا ذلك فهو مندوب كمراتب الاضطجاع، والقيام مستندا على الجلوس مستقلا
(قوله والمرتبة الأخيرة) أي وهي الاضطجاع قوله: (تحتها ثلاث صور) أي لان الاضطجاع
على أيمن ثم أيسر ثم ظهر. قوله: (مستحبة) أي الترتيب بينهما مستحب أي وأما الترتيب
257

بين كل منها وبين الجلوس مستندا فهو واجب. قوله: (وتربع المصلي جالسا) أي سواء كان
مستقلا أو مستندا فيخالف بين رجليه بأن يضع رجله اليمنى تحت ركبته اليسرى ورجله
اليسرى تحت ركبته اليمنى قوله: (في محل قيامه) متعلق بتربع قوله: (كالمتنفل) الكاف داخلة على المشبه
لأجل إفادة حكم النفل قوله: (ليميز بين البدل) أي بين الجلوس الواقع بدلا عن القيام قوله: (وجلوس
غيره) أي وجلوس غير البدل وهو الجلوس للتشهد وبين السجدتين قوله: (بكسر الجيم) أي لان المراد
الهيئة لا المرة حتى يكون بفتح الجيم. قوله: (كالتشهد) أي كما يغيرها في حالة التشهد ندبا وبغيرها أيضا في
حال السجود لكن استنانا لقول المصنف: وسن على أطراف قدميه وحاصله أنه يقرأ متربعا ويركع
كذلك واضعا يديه على ركبتيه ويرفع كذلك ثم يغير جلسته إذا أراد أن يسجد بأن يثني رجليه في سجوده
وبين سجدتيه ويفعل في السجدة الثانية وفي الرفع منها كذلك ثم يرجع متربعا للقراءة ثم يفعل في
الركعة الثانية كما فعل في الأولى ويجلس للتشهد كجلوس القادر، فإذا كمل تشهده رجع متربعا قبل
التكبير الذي ينوي به القيام للثالثة، كما أنه لو صلى قائما لا يكبر حتى يستوي قائما، فتربعه بدل قيامه، فقد
ظهر لك أنه لا خصوصية لما بين السجدتين بتغيير الجلسة لما علمت أنه يغيرها في السجود وبين
السجدتين وفي التشهد وأن تغييرها في الأول سنة وفي الأخيرين مندوب، ولعله إنما اقتصر على التغيير
بين السجدتين لئلا يتوهم أنه يجلس بينهما متربعا، وأما تغييره في السجود فقد تقدم ما يفهم منه ذلك وهو
سنية السجود على أطراف القدمين. قوله: (ولو سقط قادر على القيام مستقلا إلا أنه صلى مستندا
لعماد إلخ) قصر كلامه على القادر على القيام تبعا لبعض الشراح ولا مفهوم له بل مثله في قسمي البطلان
والكراهة القادر على الجلوس مستقلا فصلى مستندا لعماد قوله: (أي قدر سقوطه) أي وأولى لو سقط
بالفعل حين زوال العماد قوله: (استند عمدا) أي أو جهلا قوله: (وأعاد بوقت) ما ذكره الشارح تبعا
لعبق وخش من الإعادة في الوقت، قال بن: لم أر من ذكره، وأما الكراهة فلا تستلزم الإعادة ولذا
قرر شيخنا أن الصواب عدم الإعادة. قوله: (ثم إن عجز إلخ) أشار الشارح بهذه إلى أن في كلام
المصنف حذف المعطوف بثم مع عاطف ندب والأصل ثم اضطجاع وندب على أيمن ثم أيسر ثم ظهر
والندب منصب على التقديم وإلا فإحدى الحالات الثلاث واجب لا بعينه، وحاصل ما أراده المصنف
أنه يستحب له أن لا ينتقل عن حالة لما بعدها إلا عند العجز، فإن خالف فلا شئ عليه، وهذا الذي قرر به
الشارح بهرام وهو مصرح به في كلام أبي الحسن ونقله عن عبد الحق وابن يونس اه‍ بن قوله: (وإلا
بطلت) أي وإلا يجعل رجلاه للقبلة بل جعل رأسه إليها ورجليه لدبرها بطلت لأنه صلى لغيرها
(قوله ورأسه للقبلة وجوبا) أي كالساجد فإن جعل رجليه للقبلة ورأسه لدبرها بطلت صلاته لصلاته لغيرها
وهذا أي ما ذكره من البطلان لكونه صلى لغير القبلة إذا كان قادرا على التحول ولو بمحول وإلا فلا
بطلان قوله: (وأومأ عاجز إلا على القيام) أي استقلالا أو استنادا فقادر عليه، وما حل به الشارح
كلام المصنف هو المتعين، وأما حل الشارح بهرام ففيه نظر لأنه قال: يريد أن العاجز يباح له الايماء
في كل حال إلا عند العجز عن القيام فإنه لا يباح له ذلك ويصلي الصلاة جالسا بركوعها
وسجودها، ووجه النظر أن العاجز عن القيام فقط لا يتوهم فيه إيماء حتى يستثنيه، وأيضا
هذا المعنى الذي قاله وإن كان صحيحا من جهة الفقه إلا أنه لا يلتئم مع قول المتن بعد ومع
الجلوس أومأ للسجود منه فتأمل. قوله: (فيومئ من قيامه لركوعه وسجوده) أي وكذا
258

بقية أفعال الصلاة، وهل يشترط نية أن هذا الايماء للركوع أو للسجود مثلا أو لا يشترط ذلك لان
نية الصلاة المعينة أولا كافية نظر فيه عج قوله: (أومأ للسجود منه) أي من جلوسه وجوبا فإن لم يفعل
بطلت صلاته، والمراد أنه يومئ للسجدتين معا من جلوس وهو الذي قاله اللخمي، ويحتمل أن ضمير
منه عائد على القيام أي أنه يومئ للسجدة الأولى من قيام لأنه لا يجلس قبلها، وعزاه ابن بشير للأشياخ
اه‍ بن قوله: (حتى لو قصر عنه) أي عن الوسع. وقوله: بطلت أي إن حصل منه التقصير عمدا أو جهلا
لا سهوا كما في حاشية شيخنا قوله: (ويدل له قوله إلخ) أي يدل له من حيث إفراده بالذكر فإن ذلك
يقتضي أنه خارج عن حقيقة الايماء وأنه ليس داخلا في قوله: وهل يجب فيه الوسع وإلا لما ذكره بعد
فالتأويلان اتفقا على أنه خارج عن حقيقة الايماء، لكن إذا وقع وسجد على أنفه هل يجزيه أو لا
(قوله وهل يجزئ من فرضه الايماء إلخ) حاصله أن من بجبهته قروح تمنعه من السجود فلا يسجد على
أنفه وإنما يومئ للأرض كما قال ابن القاسم في المدونة، فإن وقع ونزل وسجد على أنفه وخالف فرضه
وهو الايماء فقال أشهب يجزئه، واختلف المتأخرون في مقتضى قول ابن القاسم: هل هو الاجزاء
كما قال أشهب أو عدم الاجزاء؟ فقال بعضهم وحكاه عن ابن القصار: هو خلاف قول أشهب أي
والمعتمد قول ابن القاسم وهذا التأويل جعله بعضهم هو المعتمد، وقال بعض الأشياخ: هو موافق
لأشهب، فقول ابن القاسم: لا يسجد على أنفه أي يمنع ذلك ولو وقع صحت صلاته لان الايماء لا يختص
بحد ينتهي إليه ولو قارب المومئ الأرض أجزأه اتفاقا، فزيادة إمساس الأرض بالأنف لا يؤثر، وإلى
الخلاف أشار المصنف بالتأويلين، والظاهر أن ابن القاسم يوافق أشهب على الاجزاء إذا نوى
الايماء بالجبهة لا السجود على الانف حقيقة، فقول المصنف: وهل يجزئ أي بناء على أن مقتضى قوله
ابن القاسم في المدونة لا يسجد على أنفه وإنما يومئ بالسجود للأرض وفاق لقول أشهب يجزئه
وقوله أو لا يجزئه أي بناء على أنه مخالف لقول أشهب وكلام أشهب مطروح. قوله: (لان الايماء ليس
له حد) تعليل للاجزاء وهو يقتضي أن السجود على الانف من مصدوقات الايماء، وقوله: وخالف
فرضه وهو الايماء ويقتضي أنه ليس من إفراد الايماء، فلو قال الشارح: وهل يجزئ إن سجد على أنفه
لأنه إيماء وزيادة ولا يجزئ لأنه لم يأت بالأصل ولا ببدله وهو الايماء لأنه الإشارة بالظهر والرأس
للأرض فقط كان أولى قوله: (في كل من المسألتين) ذكر بن أن الذي في المسألة الأولى قولان للخمي
لا تأويلان على المدونة، فالقول الأول أخذه من رواية ابن شعبان من رفع ما يسجد عليه إذا أومأ
جهده صحت وإلا فسدت، والقول الثاني أخذه من قولها يومئ القائم للسجود أخفض من إيمائه
للركوع وحينئذ فالأولى للمصنف أن يعبر في جانب المسألة الأولى بتردد. قوله: (وهل يومئ
بيديه إلخ) حاصله أن عندنا مسألتين في كل منهما قولان: الأولى من قدر على القيام وعجز عن الانحطاط
للسجود وأومأ له أي للسجود من قيام أو قدر على الجلوس وعجز عن السجود وأومأ له من جلوس ولم
يقدر على وضع يديه بالأرض هل يومئ بيديه للأرض مع إيمائه بظهره ورأسه أو لا يومئ بهما
بل يرسلهما إلى جنبيه؟ قولان فعلى الأول لليدين مدخل مع الظهر والرأس في الايماء للسجود
ولا مدخل لهما على الثاني. المسألة الثانية: ما إذا كان له قدرة على الجلوس وعجز عن السجود وأومأ له
من جلوس وكان يقدر على وضع يديه بالأرض هل يضع يديه على الأرض بالفعل حين الايماء له مع
إيمائه له بظهره ورأسه أو لا يضعهما على الأرض بل على ركبتيه؟ قولان فعلى الأول لليدين مدخل
مع الظهر والرأس في الايماء للسجود ولا مدخل لهما فيه على الثاني، إذا علمت هذا فقول المصنف
وهل يومئ بيديه أي إلى الأرض إشارة للتأويل الأول في المسألة الأولى. وقوله: أو يضعهما
على الأرض أو بمعنى الواو أي ويضعهما على الأرض بالفعل إشارة للتأويل الأول في المسألة
259

الثانية، والتأويل الثاني في المسألتين مطوي في كلام المصنف. قوله: (لكان أظهر) أي وإن كانت أو بمعنى
الواو قوله: (فهذا تأويل واحد) فيه أن ما ذكره فردا تأويلان ذكر من كل تأويل طرفا إلا أن يقال لما
كان محصل ما ذكره في المسألتين أنه يلزمه أن يفعل بيديه شيئا ومحصل المطوي أنه لا يلزمه أن يفعل
بيديه شيئا صح ما قاله الشارح من أن ما قاله المصنف تأويل واحد قوله: (بل يضعهما على ركبتيه) أي
لان وضعهما على الأرض حالة السجود تابع لوضع الجبهة عليها وهو لم يسجد على جبهته. تنبيه
اختلف في حكم الايماء باليدين للأرض في المسألة الأولى على القول به، وكذا في حكم وضعهما على
الأرض بالفعل في المسألة الثانية على القول به فقيل: هو الوجوب وإن كان الأصل السنية، وقيل: هو
الندب، وفي حاشية شيخنا السيد البليدي على عبق: أن من عبر بالوجوب ماش على أن السجود على
اليدين واجب وهو خلاف ما سبق للمصنف قوله: (وهو المختار) قال بن: حقه التعبير بالفعل لأنه من
عند نفس اللخمي قوله: (دون ما حذفه) أي فإنه ليس مختار اللخمي وهو قول أبي عمران مع بعض
القرويين. قوله: (بحالتيه) أي ما إذا أومأ للسجود من قيام أو جلوس قوله: (فيجب عليه حسرها)
أي اتفاقا لأنه لو لم يحسرها لكان مومئا بها لا بجبهته قوله: (فيجب عليه حسرها) أي فإن ترك ذلك
بطلت ما لم يكن الذي على جبهته من العمامة شيئا خفيفا. قوله: (تأويلان) حقه تردد لان الواقع أن
القولين للمتأخرين فيمن كان يصلي جالسا هل يضع يديه على الأرض إن قدر ويومئ بهما إن لم
يقدر وهو قول اللخمي أو لا يفعل بهما شيئا وهو قول أبي عمران؟ وليس هنا خلاف متعلق بفهم المدونة
حتى يعبر بتأويلان انظر بن، وقد أشار خش في كبيره لهذا البحث والذي قبله، وإذا تأملت ما قاله
الشارح تعلم أن الخلاف المذكور محله مسألة الايماء للسجود وأما مسألة الايماء للركوع فقد ترك
المصنف الكلام عليها، وحاصل الكلام عليها أنه إن أومأ للركوع في حالة قيامه فإنه يومئ بيديه
لركبتيه من غير خلاف، وإن أومأ له من جلوس وضعهما على ركبتيه من غير خلاف، وهل ذلك واجب
أو مندوب؟ قاله عج، وفي كلام الشارح بهرام إشارة للوجوب قوله: (ولكن إن سجد) أي ولكن إن
جلس وسجد لا ينهض قوله: (أتم ركعة ثم جلس) أي مبادرة للمقدور عليه وهذا قول اللخمي
وابن يونس والتونسي قوله: (ليتم صلاته منه) أي ليتم صلاته بالركوع والسجود من جلوس قوله: (وقيل
يصلي قائما إيماء) أي للسجود، وأما الركوع فإنه يفعله ويلزم على القول الأول الاخلال بقيام ثلاث
ركعات، ويلزم على الثاني الاخلال بسجود ثلاث ركعات قوله: (بأن زال عذره عن حالة أبيحت له) أي
من اضطجاع وجلوس وإيماء، وقوله: انتقل للأعلى أي من جلوس وقيام وإتمام فإن لم ينتقل بطلت
صلاته فيما وجب لا فيما ندب. قوله: (كمضطجع على أيسر) أي وكجالس مستقلا قدر على القيام مستندا
بناء على ما تقدم للشارح من أن الترتيب بينهما مندوب، وتقدم لبن أن الحق أن الترتيب بينهما واجب
فإن لم ينتقل للأعلى في هذه الصورة بطلت صلاته قوله: (جلس) أي جلس بعد إحرامه قائما إن
قدر على الجلوس أو اضطجع إن كان لا يقدر إلا على الاضطجاع، وقوله: لان القيام كان لها أي كان
260

واجبا لأجلها لا لذاته، وهذا تعليل لقوله جلس ولا ثمرة له، فكان الأولى أن يقول: جلس لقراءتها
سواء كان يقدر على القيام من غير قراءة أم لا، لان القيام كان لها فتأمل. ثم إن قول المصنف: وإن عجز عن
فاتحة قائما جلس نحوه لابن الحاجب قال ابن فرحون: ظاهره أنه يسقط عنه القيام جملة حتى لتكبيرة
الاحرام وليس كذلك بل يقوم لها ثم يجلس للفاتحة ثم يقوم للركوع، ولذا قال الشارح: جلس
لقراءتها ثم يقوم ليركع، وقوله: وإن عجز عن فاتحة قائما أي لدوخة أو غيرها ويدخل في كلامه من كان
غير حافظ لها ويقدر على قراءتها في المصحف جالسا اه‍ قوله: (وإن لم يقدر إلا على نية) أي إلا على
قصد الصلاة وملاحظة أجزائها بقلبه ولم يقدر على حركة بعض الأعضاء من رأس أو يد أو حاجب
أو غير ذلك. قوله: (إلا أن ابن بشير قال في مسألته لا نص صريحا) نص كلامه: وإن عجز عن جميع
الأركان فلا يخلو من أن يقدر على حركة بعض الأعضاء من رأس أو يد أو حاجب أو غير ذلك من
الأعضاء فهذا لا خلاف أنه يصلي ويومئ بما قدر على حركته، فإن عجز عن جميع ذلك سوى النية بالقلب
فهل يصلي أم لا؟ هذه الصورة لا نص فيها في المذهب، وأوجب الشافعي القصد إلى الصلاة وهو أحوط
ومذهب أبي حنيفة اسقاط الصلاة عمن وصل لهذه الحالة قوله: (وهو يقتضي أن مقتضى المذهب
الوجوب) فيه أن قوله لا نص لا يقتضي أن مقتضى المذهب الوجوب إذ هو أعم، وقد يجاب بأن
المراد أنه يقتضي بواسطة ما انضم إليه من قوله: وأوجب الشافعي القصد إليها وهو
الأحوط لان قوله وهو الأحوط يتضمن أن مقتضى المذهب الوجوب، ولأنه إذا لم
يقع نص من أصحاب الإمام فيها، وقال الشافعي بالوجوب ينبغي أن لا نخالفه في ذلك
(قوله والمازري قال في مسألته إلخ) نص كلامه في شرحه للتلقين: إذا لم يستطع المريض أن
يومئ برأسه للركوع والسجود فمقتضى المذهب فيما يظهر لي أنه يومئ بطرفه وحاجبه ويكون
مصليا به مع النية، واعترض عليه بأن هذا قصور منه فإن ابن بشير ذكر مسألته وصرح فيها بالوجوب كما
تقدم لك نص كلامه تأمل. قوله: (فقد صح إلخ) أي واندفع اعتراض ابن غازي وحاصله أن المازري إنما
قال: مقتضى المذهب الوجوب ولم يقل لا نص، وابن بشير قال بالعكس وكل واحد منهما كلامه في مسألة
وظاهر كلام المصنف أن كلا من الشيخين قال كلا من العبارتين في المسألتين وليس كذلك، وأجاب
الشارح بأجوبة ثلاثة أولها أولاها لأنه أتم فائدة. قوله: (وهذا) أي التعميم في القول أي أنه أعم
من الصراحة والضمنية قوله: (بالنظر للقائل) هو ابن بشير والمازري والمقول هو قوله لا نص ومقتضى
المذهب الوجوب، فالأول من المقول راجع للثاني من القائلين، والثاني من المقول راجع للأول
من القائلين قوله: (بالنظر للتصوير) هو قوله الأعلى نية أو على نية مع إيماء بطرف قوله: (والمقول)
هو قوله لا نص ومقتضى المذهب الوجوب. قوله: (بلا وجع) الأولى أن يقول
لا لوجع أي أن الخلاف محله إذا كان القدح لعود بصره، أما القدح لوجع أو صداع فلا
261

خلاف في جوازه وإن أدى لاستلقاء. قوله: (أدى لجلوس في صلاته) أي ولو أكثر من أربعين يوما
(قوله ولو مومئا) أي هذا إذا كان يصلي وهو جالس من غير إيماء للركوع والسجود، بل ولو كان يصلي
وهو جالس بالايماء إليهما قوله: (فلا يجوز) أي القدح ولو تحقق نفعه. وقوله: ويجب عليه القيام أي إذا
خالف وقدح. وقوله: فيعيد أبدا إذا خالف وصلى مستلقيا هذا مراد المصنف، وليس معناه أن له أن
يصلي مستلقيا ثم يعيد أبدا كما توهمه بعضهم لأنه توهم فاسد، بل معناه كما مر أنه يمنع من القدح المؤدي
للاستلقاء ويمنع من صلاته مستلقيا فان صلى مستلقيا أعاد أبدا وإنما فرق ابن القاسم بين الجلوس
والاستلقاء لان الجالس يأتي بالعوض عن الركوع والسجود وهو الايماء بالرأس يطأطئه والمستلقي
لا يأتي بعوض وإنما يأتي عند الركوع والسجود بالنية من غير فعل قوله: (وجاز لمريض) أشار بتقدير
جاز إلى أنه عطف على قدح وإن جاز مسلط عليه، ويحتمل أن الواو للاستئناف وهو خبر مقدم وستر
مبتدأ مؤخر قوله: (ستر نجس بطاهر) أي بشرط أن يكون ذلك الطاهر ليس ثوبه وإلا منع كما سبق
ذلك عن شيخنا، ثم ذكر هنا عن النفراوي في شرح الرسالة ميله لجوازه أخذا من جواز كون النجاسة
أسفل نعله كما سبق قوله: (على الأرجح عند ابن يونس) خلافا لمن قال بالمنع في حق الصحيح لأنه
يصير محركا لتلك النجاسة. قوله: (ولو في أثنائها بعد إيقاع بعضها من قيام) لكن الجلوس حينئذ أشد في
مخالفة الأولى من الجلوس ابتداء، ومحل ذلك ما لم يكن في التراويح وكان مسبوقا بركعة وظن أنه إن
أتى بالمسبوق بها بعد سلام الامام من قيام فاته الامام، وإن أتى بها من جلوس لم يفته، وإلا كان الاتيان بها
من جلوس أولى قاله شيخنا. وقوله: وجاز لمتنفل جلوس ولو في أثنائها أي ومن باب أولى عكسه وهو
قيام المتنفل من جلوس في أثنائها لأنه انتقال لأعلى، وما ذكره المصنف من جواز جلوس المتنفل ولو
في أثنائها هو مذهب المدونة، ورد المصنف بلو على ما قاله أشهب من منع الجلوس اختيارا لمن ابتدأه
قائما، وظاهر كلامهم جواز تكرار القيام والجلوس في النافلة، وهل يقيد بما إذا لم يكن من الأفعال
الكثيرة أم لا لان هذا مشروع فيها؟ واستظهر بعضهم هذا الثاني، واستظهر بعض أشياخ شيخنا
الأول قوله: (واستلزم ذلك) أي جواز الجلوس في أثنائها. وقوله: جواز استناده فيها أي قائما
(قوله بالأولى) أي لان القيام مستندا أعلى مرتبة من الجلوس ولو مستقلا، فإذا جاز الأدنى جاز الأعلى
بالأولى، ثم إن جواز الاستناد في النفل منصوص عليه وحينئذ فلا حاجة لما ذكره من الاستلزام
(قوله إن لم يدخل على الاتمام) أي إن لم يلتزم الاتمام قائما بالنذر، فالمراد بالدخول على الاتمام التزامه
بالنذر، ونفيه يشتمل على ثلاث صور: نية الاتمام قائما، نية الجلوس عدم نية شئ أصلا، فهذه الصور
الثلاثة منطوق المصنف يجوز الجلوس فيها ولو في الأثناء على مذهب المدونة خلافا لأشهب، وسواء نذر
أصل النفل أم لا، فإن التزم الاتمام بالنذر سواء نذر أصل النفل كما لو قال لله علي صلاة ركعتين من قيام
أو لا كما لو قال: لله علي القيام في ركعتي الفجر مثلا لزمه إتمام ذلك من قيام، فإن خالف وأتم جالسا بعد
التزامه الاتمام قائما أتم ولا تبطل صلاته، قال شيخنا السيد في حاشيته على عبق: ويعيد للنذر، وقرر
شيخنا العلامة العدوي أنه يخرج من عهدة طلب المنذور بما صلاه من جلوس فتأمل، وما ذكره المصنف
من عموم محل الخلاف المشار له بلو للصور الثلاث هو ما ذهب إليه ابن رشد وأبو عمران، وظاهر ابن
الحاجب ورجحه ابن عرفة وذهب بعض شيوخ عبد الحق إلى قصره على غير الأولى، وأما الأولى وهي
أن ينوي الاتمام قائما فيلزمه باتفاقهما لأنه يصير بالنية كنذر، وذهب اللخمي إلى أن محل الخلاف هو
الأولى فقط، أما إذا نوى الجلوس أو لم ينو شيئا فله الجلوس باتفاقهما وضعفه ابن عرفة وكذا ما قبله. قوله: (فلا
يجوز للمتنفل) بل ولا يصح النفل في هذه الحالة كما في حاشية شيخنا. قوله: (مع القدرة على ما فوقه) أي ولو
262

دخل على ذلك أو لا بالنذر، وظاهره كان صحيحا أو مريضا وهو كذلك على المعتمد، قال ابن الحاجب
ولا يتنفل قادر على القعود مضطجعا على الأصح قال في التوضيح: ظاهره سواء كان مريضا أو صحيحا
وحكى اللخمي في المسألة ثلاثة أقوال أجاز ذلك ابن الجلاب للمريض خاصة وهو ظاهر المدونة
وفي النوادر المنع وإن كان مريضا وأجازه الأبهري حتى للصحيح ومنشأ الخلاف القياس على الرخص
هل يصح أو يمتنع؟ ومفهوم قوله مع القدرة على ما فوقه أنه إذا كان لا يقدر إلا على الاضطجاع ولا قدرة
له على ما فوقه جاز له أن يتنفل مضطجعا باتفاق، وما في عبق من حكاية الخلاف في هذا القسم وجعل
المنع في القسم الأول كالمتفق عليه فهو غير صواب كما في بن
فصل: وجب قضاء فائتة قوله: (يذكر فيه أربع مسائل) اعترض بأنه ذكر في الباب أكثر من
أربعة إلا أن يقال: إن ما عداها من تعلقاتها قوله: (قضاء الفوائت) أي حكم قضائها قوله: (والفوائت
في أنفسها) عطف على الحاضرتين أي وترتيب الفوائت في أنفسها، وكذا قوله ويسيرها إلخ أي
وترتيب يسيرها مع حاضرة قوله: (فورا) أي على الراجح خلافا لمن قال إنه واجب على التراخي
وخلافا لمن قال: إنه ليس بواجب على الفور ولا على التراخي بل الواجب حالة وسطى، فيكفي أن يقضي
في اليوم الواحد صلاة يومين فأكثر، ولا يكفي قضاء صلاة يوم في يوم إلا إذا خشي ضياع عياله إن
قضى أكثر من يوم في يوم، وفي بن نقلا عن أجوبة ابن رشد أنه إنما أمر بتعجيل قضاء الفوائت خوف
معاجلة الموت، وحينئذ فيجوز التأخير لمدة بحيث يغلب على الظن وفاؤه بها فيها وعدم عده مفرطا اه‍
واستدل للفورية بآية: * (فاعبدني وأقم الصلاة للذكرى) * ولان تأخير الصلاة بعد الوقت معصية
يجب الاقلاع عنها فورا. قوله: (من سفرية إلخ) فتقضى السفرية مقصورة ولو قضاها في الحضر
وتقضى الحضرية كاملة ولو قضاها في السفر وتقضى النهارية سرا ولو قضاها ليلا، وتقضى الليلية
جهرا ولو قضاها نهارا لان القضاء يحكي ما كان أداء وحينئذ فيقضيها بصفتها إلا حالتي
القدرة على الأركان أو الماء العجز عنهما فإنها عوارض حالية، فمن فاتته صلاة حال
عجزه عن القيام أو عن الماء ثم قدر عليه قضاها بالقيام والماء، ومن فاتته صلاة حالة قدرته على القيام
263

أو الماء ثم عجز عنه قضاها بما قدر عليه من الجلوس والتيمم ويقنت في قضاء الصبح ويقيم
للمقضية وفي التطويل خلاف قوله: (فيحرم التأخير) أي للقضاء وهذا مفرع على كون القضاء
واجبا على الفور قوله: (إلا وقت الضرورة) أي إلا الوقت الذي يشغله لتحصيل ضروريات، ومن
جملتها درس العلم العيني، وتردد بعضهم في درس العلم غير العيني هل يكون عذرا أم لا؟ قال شيخنا: الظاهر
أنه غير عذر وأن قضاء الفائتة يقدم عليه لأنه عيني وهو مقدم على الكفائي، وإنما لم يجزم بذلك
لامكان أن يقال: إن العلم الكفائي لما كانت الحاجة إليه شديدة ربما يتسامح في شغل الزمان به
تنبيه: لا ينتظر الماء عادمه بل يتيمم ولو أقر الأجير بفوائت لم يعذر حتى يفرغ ما عقد عليه
ولا تفسخ الإجارة لاتهامه انظر عج. قوله: (ويحرم التنفل إلخ) أي ولو قيام رمضان كما في
بن عن ابن ناجي، وقال ابن العربي: يجوز له أن يتنفل ولا يبخس نفسه من الفضيلة. وقال القوري: إن
كان يترك النفل لصلاة الفرض فلا يتنفل وإن كان للبطالة فتنفله أولى، قال زروق: ولم أعرف من
أين أتى به انظر ح قوله: (مطلقا) مرتبط في المعنى بقوله قضاء وبقوله فائتة فهو حال من أحدهما
ومحذوف مثله من الآخر، والمعنى حالة كون القضاء مطلقا أي في جميع الأوقات، ولو وقت طلوع
الشمس ووقت غروبها ووقت خطبة الجمعة وزمن السفر والحضر والصحة والمرض وحالة كون
الفائتة فاتت مطلقا أي عمدا أو سهوا تحقيقا أو ظنا أو شكا لا وهما قوله: (ولو فاتته سهوا) أي هذا
إذا تركها عمدا بل ولو كانت فاتته سهوا، هذا إذا تركها من غير فعل لها بالمرة، بل لو فعلها ثم تبين له
فسادها هذا إذا تحقق أو ظن فواتها بل ولو شك في فواتها، وفي ابن ناجي على الرسالة قال عياض
سمعت عن مالك قولة شاذة لا تقضي فائتة العمد أي لا يلزم قضاؤه ولم تصح هذه المقالة عن أحد سوى
داود الظاهر وابن عبد الرحمن الشافعي وخرجه صاحب الطراز على قول ابن حبيب
بكفره لأنه مرتد أسلم، وخرجه بعض من لقيناه على يمين الغموس اه‍. وقد رد الشارح على
هذه المقالة بالمبالغة المذكورة. قوله: (أو شك في فواتها) أي والحال أنه مستند لقرينة من كونه وجد
ماء وضوئه باقيا أو وجد فراش صلاته مطويا ونحو ذلك، وأما مجرد الشك من غير علامة فلا يوجب
القضاء وأولى الوهم كما قال الشارح قوله: (لا مجرد وهم) أي فإذا ظن براءة الذمة من صلاة وتوهم شغلها
بها فلا قضاء عليه إذ لا عبرة بالوهم. إن قلت: إن من ظن تمام صلاته وتوهم بقاء ركعة منها فإنه يجب عليه
264

العمل بالوهم والاتيان بركعة فأي فرق؟ قلت: ما هنا ذمته غير مشغولة تحقيقا بخلاف المسألة الموردة فإن
الذمة فيها مشغولة فلا تبرأ إلا بيقين لأنه جازم بأن الصلاة عليه، وأما هنا فهو ظان للبراءة وقد مضى الوقت
فالأصل الاتيان بها كذا ذكر شيخنا. قوله: (وتوقى) أي الشخص القاضي للفوائت. قوله: (في المشكوكة)
أي في المشكوك في فواتها، وأما المشكوك في عينها فكالمحققة كما يأتي وحينئذ فلا يتوقى في قضائها وقتا
من الأوقات قوله: (في المحرم) أي في أوقات الحرمة. وقوله في المكروه أي في أوقات الكراهة
قوله: (وندب لمقتدي به إلخ) أي فإذا تذكر أن في ذمته الصبح أو غيرها من الصلوات والامام يخطب أو عند
طلوع الشمس أو غروبها فليقم ويصلها بموضعه، فإذا كان ممن يقتدى به فيندب له أن يقول لمن يليه من
الناس: أنا أصلي فائتة لئلا يوقع الناس في إيهام جواز النفل في ذلك الوقت، وإن كان ممن لا يقتدى به فلا
يندب له إعلامهم قوله: (ولو في الأثناء) أي ووجب مع ذكر هذا إذا كان في الابتداء بل ولو في الأثناء
فإذا أحرم بثانية الحاضرتين مع تذكره للأولى بطلت تلك الثانية التي أحرم بها، وكذا إن أحرم
بالثانية غير متذكر للأولى ثم تذكرها في أثناء الصلاة فإن الثانية تبطل بمجرد تذكر الأولى، وما ذكره
الشارح من أن ترتيب الحاضرتين واجب شرطا في الابتداء، وفي الأثناء تبع فيه عبق وخش حيث
قالا: ووجب مع ذكر ابتداء وكذا في الأثناء على المعتمد ترتيب حاضرتين وهذا القول قال به جماعة
كالناصر اللقاني وشرف الدين الطخيخي ومشى عليه تت في قوله
إذا ذكر المأموم فرضا بفرضه أو الوتر أو يضحك فقد أفسد العمل
وتعقبه بن بأن قوله على المعتمد يحتاج لدليل من كلام الأئمة، ومقتضى ما يأتي عن ابن بشير وابن عرفة
ما قاله الشيخ أحمد الزرقاني من أن الترتيب بين الحاضرتين واجب شرطا في الابتداء لا في الأثناء وهو
ظاهر نقل المواق، فإذا أحرم بالثانية ناسيا للأولى ثم تذكرها في أثناء الصلاة فلا تبطل الصلاة الثانية
ويجري فيها التفصيل الآتي في ذكر يسير الفوائت في حاضرة من القطع أو الخروج عن شفع إلى
آخر ما يأتي، فإن خالف وأتمها استحب له إعادتها بعد فعل الأولى. قوله: (شرطا) صفة لمحذوف أي
وجوبا شرطيا كما أشار لذلك الشارح ويصح أن يكون حالا من ترتيب قوله: (فيدخل في قسم
الحاضرة مع يسير الفوائت) أي فيكون الترتيب بينهما واجبا غير شرط، فإذا أخر الظهر والعصر لقرب
المغرب بحيث صار الباقي للغروب قدر ما يسع صلاة واحدة منهما، فإن تذكر الصلاتين قدم الظهر
وجوبا ولو خاف خروج وقت العصر، فإن نكس وصلى العصر قبل الظهر لم يؤمر بإعادة العصر بعد الظهر
لخروج وقتها سواء قدم العصر عمدا أو نسيانا قوله: (فإن ذكر بعد أن سلم إلخ) هذا مفهوم قوله
ووجب شرطا مع ذكر في الابتداء أو في الأثناء ترتيب إلخ قوله: (ندب إعادتها إلخ) المناسب لكونه
مفهوما أن يقول فإن صلاة العصر لا تبطل نعم يندب إعادتها بعد صلاة الظهر. قوله: (بوقت) فإن ترك
إعادتها نسيانا أو عمدا حتى خرج الوقت لم يعدها عند ابن القاسم ويعيدها عند غيره والقولان نقلهما
ابن وهبان. تنبيه: مثل من قدم الثانية نسيانا وتذكر الأولى بعد فراغه منها في كونه يندب له إعادة
الثانية بعد فعل الأولى من أكره على ترك الترتيب فكان على المصنف أن يزيد وقدرة بعد قوله ومع ذكر
وإنما يتأتى الاكراه على ترتيب الحاضرتين في العشاءين وفي الجمعة والعصر لا في الظهرين لامكان
265

نية الأولى بالقلب وإن اختلف لفظه. قوله: (في أنفسها) أي حالة كون تلك الفوائت معتبرة وملاحظة
باعتبار ذواتها، وما ذكره من أن ترتيب الفوائت في أنفسها واجب غير شرط هو المشهور من المذهب
وقيل إنه واجب شرط وسيأتي التفريع عليه في جهل الفوائت قوله: (ولم يعد المنكس) أي لأنه بالفراغ
منه خرج وقته والإعادة لترك الواجب الغير الشرطي إنما هي في الوقت قوله: (ووجب غير شرط أيضا
إلخ) هذا هو المشهور، وقيل: إن ترتيب يسير الفوائت مع الحاضرة مندوب قوله: (وإن خرج وقتها)
أي الحاضرة قوله: (وهل أكثر اليسير أربع) أي فالخمس من حيز الكثير لا يجب ترتيبها مع الحاضرة
وقوله: أو خمس أي وعليه فالستة من حيز الكثير لا يجب ترتيبها مع الحاضرة بخلاف الخمس فإنها من
حيز اليسير فيجب ترتيبها مع الحاضرة، والذي يلوح من كلامهم كما قال شيخنا قوة هذا القول الثاني
قوله: (أصلا) أي كما لو ترك ذلك القدر ابتداء. وقوله: أو بقاء أي كما لو ترك أكثر من ذلك القدر ابتداء وقضى
بعضه حتى بقي ذلك القدر قوله: (فالأربع يسيرة اتفاقا إلخ) اعلم أن طريقة ابن يونس أن الأربع من
حيز اليسير اتفاقا لحكاية القولين في حد اليسير كما ذكره المصنف وطريقة ابن رشد أن الأربع مختلف
فيها كالخمس لحكاية القولين في حد يسير هل هو ثلاث أو أربع؟ وقد ذكر الطريقتين عياض
وأبو الحسن، إذا علمت هذا فقول الشارح فالأربع يسيرة اتفاقا أي من هذين القولين فلا ينافي أن فيها
خلافا خارجا عنهما، فقد قيل: إن اليسير ثلاث فأقل وأما الأربع فكثيرة كما علمت. قوله: (والخلاف في
الخمس) أي فهي من حيز اليسير على الثاني ومن حيز الكثير على الأول قوله: (وإلا وجب) أي وإلا
بأن خاف خروج وقت الحاضرة بفعل الكثير قبلها وجب تقديمها قوله: (وقدم الحاضرة على يسير
الفوائت سهوا) أي وتذكر يسير الفوائت بعد الفراغ من الحاضرة، وأما لو تذكره في أثنائها فهو ما يأتي
في قوله: وإن ذكر اليسير إلخ، وأشار الشارح بقوله: وقدم الحاضرة إلخ إلى أن قول المصنف فإن
خالف ولو عمدا راجع للمسألة الأخيرة وهي قوله ويسيرها مع حاضرة بدون قوله خرج وقتها إذ
لا يتأتى مع خروجه قوله بوقت الضرورة، ولا يرجع لقوله: ومع ذكر ترتيب حاضرتين شرطا ولا لقوله
والفوائت في أنفسها لعدم تأتي قوله بوقت الضرورة فيهما إذ لحاضرة مع الحاضرة يعيد أبدا
والفوائت بالفراغ منها خرج وقتها. قوله: (ولو مغربا صليت في جماعة وعشاء بعد وتر) وأولى إذا
صلى المغرب فذا والعشاء بدون وتر، وله حين أراد إعادة الحاضرة أن يعيدها في جماعة سواء صلاها
أولا فذا أو في جماعة لان الإعادة ليست لفضل الجماعة بل لأجل الترتيب كما ذكر شيخنا قوله: (بوقت
الضرورة) أي وأولى المختار فيعيد الظهرين هنا للغروب والعشاءين للفجر والصبح للطلوع كما في خش
(قوله وهو الراجح) أي لأنه هو الذي رجع إليه الامام وأخذ به ابن القاسم وجماعة من أصحاب الإمام
ورجحه اللخمي وأبو عمران وابن يونس واقتصر عليه ابن عرفة وابن الحاجب، إذا علمت
هذا فقول عبق وخش، تبعا لشيخهما اللقاني، والراجح من القولين الإعادة فيه نظر انظر ابن قوله: (وهو
إمام) أي والحال أن ذلك الذاكر إمام وكان الأولى للمصنف أن يؤخر قوله ولو جمعة بعد
وإمام ومأمومه قوله: (قطع فذ وجوبا) أي وقيل ندبا والأول ظاهر المصنف وهو مبني على القول
بوجوب الترتيب بين الحاضرة ويسير الفوائت، والثاني مبني على القول بأنه مندوب وإنما أبطل
266

العمل لتحصيل مندوب مراعاة للقول بوجوب الترتيب، وهذا الخلاف جار أيضا في قطع الامام
وفي قطع مأمومه تبعا له. قوله: (ولو ثنائية) أي ولو كانت الحاضرة التي ذكر فيها يسير المنسيات
بعد أن ركع ثنائية كصبح أو جمعة وهذا هو المذهب خلافا لمن قال: إنه يتم الثنائية إذا تذكر يسير الفوائت
بعد أن عقد منها ركعة ولا يشفعها على أنها نافلة لاشرافها على التمام. قوله: (فيقطع ولو ركع) هذا القول
هو ما ذكره في كتاب الصلاة الأول من المدونة، واعتمد أبو الحسن في كتاب الصلاة الثاني منها
أنه يشفعها إذا تذكر بعد أن ركع وضعف هذا القول ورجح ابن عرفة أنه يتمها مغربا إذا تذكر
بعد أن عقد ركعة، فتحصل أن في المغرب إذا عقد ركعة ثلاثة أقوال رجح كل من أولها وآخرها
(قوله فليتأمل) أي في هذا التعليل فإنهم ذكروا أن النفل إنما يكره في أوقات الكراهة إذا كان
مدخولا عليه لا إن جر إليه الحال كما هنا. قوله: (وشفع إن ركع) هذا مقابل لمحذوف أي قطع فذ
إن لم يركع وشفع إن ركع هذا مذهب المدونة، وقيل: إنه يخرج عن شفع مطلقا سواء تذكر قبل أن يركع
أو تذكر بعد الركوع وهو ما ذكره ابن رشد في البيان، وقيل يقطع مطلقا سواء ركع أو لم يركع وهو
أحد قولي مالك في المدونة، وهذه الأقوال الثلاثة تجري فيما إذا تذكر الفذ أو الامام حاضرة في
حاضرة كما لو تذكر الظهر في صلاة العصر. والحاصل أن الصورتين أي تذكر الحاضرة في الحاضرة
وتذكر يسير الفوائت في الحاضرة في الحكم سواء وأن فيهما ثلاثة أقوال، وأن المعتمد منها مذهب
المدونة وهو القطع إن لم يركع أو الشفع إن ركع، فإذا خالف ولم يشفع ولم يقطع وأتمها صحت إلا أنه
يندب له إعادتها بعد فعل التي تذكرها كما مر وهذا كله في تذكر الفذ والامام. قوله: (ولا يستخلف)
أي الامام له من يكمل معه صلاته على المشهور خلافا لرواية أشهب من أنه يستخلف ولا يقطع
مأمومه. قوله: (ذكر اليسير خلف إمامه) أي قبل أن يركع أو بعد الركوع الواحد أو الأكثر
(قوله بل يتمادى معه) أي على صلاة صحيحة وهذا مذهب المدونة، وقيل يقطع مطلقا وهو لابن زرقون
عن ابن كنانة، وقيل يقطع ما لم تكن الحاضرة التي تذكر فيها مغربا فلا يقطعها بل يتمادى مع الامام
وهو للمازري عن ابن حبيب، ومثل تذكر المأموم يسير الفوائت في الحاضرة تذكره حاضرة في
حاضرة فيجري فيهما القولان الأولان، والمعتمد منها مذهب المدونة وهو تماديه مع إمامه مطلقا على
صلاة صحيحة قوله: (ولو كانت الصلاة المذكور فيها جمعة) أي فإنه يتمادى ويعيدها جمعة بعد فعل
يسير المنسيات. وقوله: إن أمكن أي إعادتها جمعة وإلا أعادها ظهرا. قوله: (وكمل صلاته وجوبا) أي بنية
الفرضية فذ وإمام ذكر كل اليسير بعد شفع من المغرب كما يكملها بنية الفرضية إذا تذكر بعد ثلاث
من غير المغرب وهذا كما يجري في تذكر الفذ والامام يسير المنسيات في الحاضرة يجري أيضا في
تذكر كل منهما حاضرة في حاضرة، فإذا تذكر الفذ أو الامام حاضرة في حاضرة بعد ثلاث ركعات منها
فإنه يكملها بنية الفرض كما صرح بذلك سند عن عبد الحق ونحوه لابن يونس، قال في التوضيح: ويكون
كمن ذكر بعد أن سلم اه‍. فتكميلها بنية الفرض يدل على صحة الصلاة، وكذا قول التوضيح ويكون كمن
ذكر بعد أن سلم فإنه صريح في صحتها وأن الإعادة في الوقت فقط وهو مقتضى نقل المواق أيضا، وهذا
يرشح ما تقدم من أن الترتيب في الحاضرتين إنما يشترط عند الذكر ابتداء فقط كما قال الشيخ أحمد لا في
الأثناء أيضا كما قاله الشارح تبعا لعبق. والحاصل أن ما ذكره المصنف من التفصيل كما يجري في ذكر
يسير الفوائت في الحاضرة يجري في ذكر الحاضرة في الحاضرة فهما سواء في الحكم بناء على المعتمد من
أن الترتيب بين الحاضرتين إنما يشترط عند الذكر ابتداء لا عند الذكر في الأثناء أيضا كما قيل انظر بن
267

(قوله وإن جهل عين منسية) المراد بجهل عينها عدم علمه فيشمل الشك فيه وما إذا ظنه أو توهمه
(قوله مطلقا) حال من منسية أي حالة كون تلك المنسية مطلقة عن التقييد بكونها ليلية أو نهارية
(قوله صلى خمسا) أي لان كل صلاة من الخمس يمكن أن تكون هي المتروكة فصار عدد حالات الشك خمسا
فوجب استيفاؤها، ويجزم النية في كل واحدة بالفرضية لتوقف البراءة عليه. قوله: (فإن علم أنها
نهارية صلى ثلاثا) أي لأجل أن يستوفي ما وقع فيه الشك وكذا يقال فيما بعده. قوله: (أي لليوم الذي
تركت منه) أي أو لليوم الذي يعلم الله أنها له قوله: (مندوبة) أي وحينئذ فقوله ناويا له أي على جهة
الكمال لا على جهة الوجوب. قوله: (وإن نسي صلاة وثانيتها) أي من خمس صلوات منها اثنتان ليليتان
ومنها ثلاث نهاريات ولا يدري أهما من صلاة الليل أو من صلاة النهار أو إحداهما من صلاة الليل
والأخرى من صلاة النهار، ولا يدري هل الليل سابق على النهار أو النهار سابق على الليل؟ فيحتمل كونها
ظهرا وعصرا أو عصرا ومغربا أو مغربا وعشاء أو عشاء وصبحا أو صبحا وظهرا فإنه يصلي ست
صلوات متوالية يختم بما بدأ به وجوبا لاحتمال كونه المتروك مع ما قبله فيأتي بأعداد تحيط بحالات
الشك. قوله: (ولم يدر من ليل أو نهار) فإن علم أنهما ليليتان صلى المغرب والعشاء، وإن علم أنهما
نهاريتان صلى النهاريات الثلاث فقط، وإن علم أن إحداهما نهارية والأخرى ليلية صلى العصر والمغرب
إن علم تقدم النهارية وإن علم تقدم الليلية صلى العشاء والصبح، فإن لم يعلم المتقدم منهما صلى العصر
والمغرب والعشاء والصبح قوله: (ولا أن النهار قبل الليل أو عكسه) أي وأما إن نسي صلاة وثانيتها
ولم يدر هل هما من ليل أو نهار أو منهما وتعين عنده تقدم النهار أو الليل صلى خمسا فقط وبدأ بالصبح
في الأولى وبالمغرب في الثانية قوله: (وندب تقديم ظهر في البداءة) أي لأنها أول صلاة ظهرت
في الاسلام فيبدأ بها ويختم بها قوله: (برئ لاتيانه بأعداد إلخ) إن قلت: إن براءة الذمة تحصل خمس
صلوات إذ على تقدير أن المنسي الصبح والظهر فقد برئت الذمة بصلاة الظهر، ولا والصبح
آخرا إذ من نكس الفوائت ولو عمدا لا إعادة عليه، وحينئذ فقول المصنف صلى ستا صوابه
صلى خمسا، وحاصل الجواب: أن قوله صلى ستا بناء على القول الضعيف من أن ترتيب الفوائت
في أنفسها واجب شرط فهذا فرع مشهور مبني على ضعيف، وهذا البناء لا يختص بهذا الفرع
بل يجري في غيره مما سيأتي من مسائل الباب. قوله: (وصلى في نسيان صلاة وثالثتها) أي
268

والحال أنه لا يعلم ما هما، فيحتمل أن يكونا الظهر والمغرب أو المغرب والصبح أو الصبح والعصر أو
العصر والعشاء أو العشاء والظهر. قوله: (أو صلاة ورابعتها) أي وهما ما بينهما صلاتان أي والحال أنه لا
يعرف عينهما فيحتمل أن يكونا الظهر والعشاء أو العشاء والعصر أو العصر والصبح أو الصبح والمغرب
أو المغرب والظهر. قوله: (أو صلاة وخامستها) أي وهما ما بينهما صلوات أي والحال أنه لا يعلم عينهما
فيحتمل أن يكونا الظهر والصبح أو الصبح والعشاء أو العشاء والمغرب أو المغرب والعصر أو
العصر والظهر. قوله: (يثني بالنسبة لما فعله بفرض أنه الأول بباقي المنسي) هذا إشارة لجواب اعتراضين
وإيرادين على المتن: الأول أنه لا مفهوم لقوله يثني بل يثني ويثلث ويربع ويخمس الثاني: أن التثنية ليست
بتمام المنسي بل ببعضه لان المنسي مجموع الصلاتين أي الأولى وثالثتها مثلا وهو لا يثني بهما بل بواحدة
منهما، وحاصل الجواب عن الثاني أن في الكلام حذف مضاف أي يثني بباقي المنسي أي أنه يوقع باقي المنسي
في المرتبة الثانية، والجواب عن الثاني أن في الكلام حذف مضاف أي يثني بباقي المنسي أي أنه يوقع باقي المنسي
في المرتبة الثانية بالنسبة لما فعله بفرض أنه الأول في الواقع. قوله: (ففي الأولى) أي ففي الصورة الأولى
أي وهي ما إذا نسي صلاة وثالثتها قوله: (يثني بالمغرب إلخ) أي يبدأ بالظهر ثم يثني بثالثتها وهي المغرب
ثم يثنيها وهي الصبح ثم يثنيها بثالثتها وهي العصر ثم يثنيها بثالثتها وهي العشاء ثم يثنيها بثالثتها
وهي الظهر قوله: (وفي الصورة الثانية) أي وهي ما إذا نسي صلاة ورابعتها. قوله: (يثني برابعة الظهر)
أي أنه يبدأ بالظهر ثم يثنيها برابعتها وهي العشاء ثم يثنيها برابعتها وهي العصر ثم يثنيها برابعتها وهي
الصبح ثم يثنيها برابعتها وهي المغرب ثم يثنيها برابعتها وهي الظهر. قوله: (وفي الثالثة) أي وفي الصورة
الثالثة وهي ما إذا نسي صلاة وخامستها. قوله: (يعقبها) أي الظهر بخامستها أي أنه يبدأ أولا بالظهر ثم
يعقبها بخامستها وهي الصبح ثم بالعشاء ثم بالمغرب ثم بالعصر ثم بالظهر فيعقب كل صلاة بخامستها
(قوله في نسيان صلاة وسادستها) أي والحال أنه لا يدري ما هما وكذا يقال فيما يأتي قوله: (وكذا في
سادسة عشرتها) أي وهي مماثلتها من اليوم الرابع قوله: (وحادية عشريها) أي وهي مماثلتها من اليوم
الخامس. قوله: (وهلم جرا) أي كسادس عشريها وهي مماثلتها من اليوم السادس وحادي ثلاثيها وهي
مماثلتها من اليوم السابع. قوله: (بأن يصلي الخمس متوالية ثم يعيدها) اعلم أن قول المصنف: وصلى الخمس
مرتين محتمل لامرين: أن يصلي صلوات كل يوم متوالية بأن يصلي خمسا ثم خمسا وهو مختار ابن عرفة وعليه
اقتصر الشارح، والثاني أن يصلي كل من صلاة من الخمس مرتين فيصلي الصبح مرتين ثم الظهر كذلك وهكذا
للعشاء وهو قول المازري، فإن قصر كلام المصنف على الأول لاختيار ابن عرفة يراد بالخمس مرتين صلاة
يومين وإن قصر على الثاني يراد بالخمس صلوات يوم مكررة قوله: (لان من نسي إلخ) أي وإنما وجب عليه
صلاة الخمس مرتين لان من نسي إلخ. قوله: (صفة لصلاتين) أي وأما اليومان فهما إما غير معينين كأن يعلم أن
عليه ظهرا وعصرا من يومين لا يعلمهما ولا يعلم السابق منهما وإما معينين وعرف ما لكل يوم من الصلاتين
لكن لا يعلم السابق من اليومين كأن يعلم أن عليه الظهر من يوم سبت والعصر من يوم أحد، لكن لا يعلم
السابق من اليومين على الآخر، والحكم في هاتين الصورتين ما قاله المصنف اتفاقا، وأما إن عرف اليومين وعرف
السابق منهما لكن لا يعرف أي الصلاتين لأي يوم كأن يعلم أن عليه الظهر والعصر من يوم السبت
والأحد ويعلم أن السبت مقدم على الأحد ولكن لا يعلم ما الذي للسبت من الصلاتين وما للأحد
منهما فهذه محل خلاف، والراجح فيها ما قاله المصنف ومقابله يقول يصلي ظهرا وعصرا للسبت مثلا
وظهرا وعصرا للأحد مثلا. قوله: (ناويا كل صلاة ليومها) أي الذي يعلم الله أنها له كان اليوم
269

في ذاته معينا له أم لا. قوله: (وأعاد المبتدأة) أي وجوبا كما قال الطخيخي قوله: (فيصير ظهرا بين عصرين)
أي إن بدأ بالعصر، وقوله: أو عصرا بين ظهرين أي إن بدأ بالظهر. قوله: (مبني على وجوب ترتيب
الفوائت شرطا) أي والمصلي لما كان يحتمل أنه أخل بترتيبها أمر بإعادة المبتدأة لأجل حصول
الترتيب قوله: (ومع الشك في القصر إلخ) حاصله أنه إذا نسي صلاتين معينتين كظهر وعصر من
يومين ولا يدري السابقة منهما وشك مع ذلك هل كان الترك لهما في الحضر أو في السفر فالصحيح أنه
يصلي ظهرا حضرية ثم سفرية ثم عصرا حضرية ثم سفرية ثم الظهر حضرية ثم سفرية وليست
البداءة بالحضرية متعينة كما يشعر به كلام المصنف، بل يصح العكس، نعم البداءة بالحضرية مندوب
وإعادة السفرية بعدها مندوب، وأما إن ابتدأ أولا بالسفرية وجبت إعادة الحضرية لأنها تجزي
عما ترتب في الذمة سواء كانت حضرية أو سفرية بخلاف السفرية فإنها لا تجزئ عما ترتب في الذمة
إذا كانت حضرية بل إذا كانت سفرية فقط، ومقابل الصحيح أنه يصلي ظهرا وعصرا تامتين ثم
مقصورتين ثم تامتين وهو منقول عن ابن القاسم. قوله: (أعاد ندبا) أي وإن كان القصر سنة ولا
غرابة في ندب الإعادة لترك سنة قاله شيخنا في الحاشية، واستشكل في التوضيح هذه الإعادة بأن
المسافر إذا أتم عمدا يعيد في الوقت فقط كما يأتي والوقت هنا خرج بالفراغ منها. وأجيب بأن الحكم
بندب الإعادة مراعاة لما قاله ابن رشد كما في المواق أن إجزاء الحضرية عن السفرية خاص
بالوقتية، وأما الفائتة في السفر فلا تجزئ عنها الحضرية، وهذا القول وإن كان ضعيفا لكن مراعاة
الخلاف من جملة الورع المندوب. قوله: (إثر كل صلاة حضرية إلخ) لا مفهوم لاثر بل المراد بعد
لان حقيقة الأثر ما كان من غير انفصال وهو لا يشترط، ولو عبر ببعد بدل إثر كان أولى لأنه لا يتقيد
بالفورية والبعدية تصدق بالتراخي قوله: (ولا إعادة في صبح ولا مغرب) أي كما هو المأخوذ من
كلام المصنف لأنهما لا يقصران خلافا لمن يقول بإعادتهما كما هو قول حكاه ابن عرفة ولا فائدة فيها
(قوله صلى سبعا) هذا على ما ذكره المصنف وأما على ما يأتي من المعتمد فيبرأ بثلاث صلوات
وضابط ما يعرف به الصلاة التي تجب على الناس في هذه المسألة على ما مشى عليه المصنف أن تضرب
عدد المنسيات في أقل منها بواحد، وتحمل على الحاصل بالضرب واحدا يحصل المطلوب أو تضرب
عددها في مثله ثم تنقص من حاصل الضرب عدد المنسيات إلا واحدا، أو تضرب عدد المنسيات
إلا واحدا في مثله وتزيد على حاصل الضرب عددها. قوله: (وهي ستة) أي لكل صلاة حالتان
على ما قاله الشارح، وفي الحقيقة حالات الشكوك ستة أي بالنظر لكل صلاة وذلك لان كل صلاة
من الثلاث إما متقدمة وتحت هذه احتمالان بالنظر للصلاتين بعدها لأنه إما أن تليها هذه ثم هذه أو
270

العكس وإما متوسطة، وتحت هذا احتمالان لأنها إما متوسطة مع كون هذه قبلها وهذه بعدها أو العكس
وإما متأخرة وتحت هذا احتمالان أيضا لأنها إذا كانت متأخرة عنهما يحتمل أن هذه الأولى وهذه
الثانية أو العكس، فلكل صلاة ست حالات وللثلاث صلوات في هذه الصورة ثمانية عشر حالا لا تستوفى
إلا بإعادة الثلاث والختم بالمبتدأة ولنبينه في الصبح بعد وضعها هكذا صبح ظهر عصر صبح ظهر عصر
صبح، فبالدور الأول حصل للصبح تقدم على ظهر ثم عصر، وبالدور الثاني حصل لها تقدم على عصر
في الدور الأول، ثم ظهر في الدور الثاني فهذان تقدمان، وحصل لها في الثاني توسط بين ظهر في الأول
وعصر في الثاني، وحصل لها أيضا توسط بين عصر في الأول وظهر في الثاني فهذان توسطان، وحصل
لها تأخر عن ظهر وعصر في الأول، فإذا ختم بها فقد حصل لها تأخر عن عصر في الأول وظهر في الثاني
فهذان تأخران، فقد استكملت الصبح ست حالات، وقس على الصبح غير هذا حاصل المسألة تفصيلا
وما قاله الشارح فهو حاصلها إجمالا. قوله: (فإذا أعاد الصبح) أي في أول الدور الثاني، وكذا يقال في
قوله: فإذا أعاد الظهر. قوله: (وبها) أي بإعادة الظهر حصلت إلخ. قوله: (وبإعادة العصر) أي في الدور الثاني
قوله: (وبإعادة الصبح) أي في أول الدور الثالث. قوله: (وإن نسي أربعا) فيه حذف لدلالة الأول أي
وإن نسي أربعا كذلك أي حالة كونها معينات ولا يدري السابقة منها. قوله: (أربعة منها طبيعية)
وهي احتمال أولية الصبح ويليها الظهر والعصر والمغرب واحتمال أولية الظهر ويليها العصر والمغرب
والصبح واحتمال أولية العصر، ويليها المغرب والصبح والظهر واحتمال أولية المغرب ويليها الصبح
والظهر والعصر. قوله: (إذ كل صلاة إلخ) علة لكون حالات الشكوك ثمانية وعشرين. قوله: (تحتمل
سبع صور) لعل الأولى ست صور لأنه على احتمال أولية الصبح يحتمل أن يليها الظهر والواقع بعدها
أما العصر والمغرب أو المغرب فالعصر، ويحتمل أن الذي يليها العصر والواقع بعدها المغرب فالظهر أو
الظهر فالمغرب، ويحتمل أن الذي يليها المغرب والواقع بعدها الظهر فالعصر أو العصر فالظهر فهذه
احتمالات ست للصبح، وكذا لكل صلاة غيرها من بقية الصلوات الأربع المحتمل احتمالات ستة، وحينئذ
فالجملة أربعة وعشرون احتمالا منها أربعة طبيعية وعشرون غير طبيعية فتأمل. قوله: (وإن نسي خمسا
كذلك) أي معينات من خمسة أيام ولا يدري السابقة من تلك الصلوات. قوله: (وهي خمسة وستون) لعل
الأولى حذف الخمسة وقوله: إذ كل صلاة من الخمس مع غيرها تحتمل عشرة صورة لعل الأولى
271

تحتمل اثنتي عشرة صورة وذلك لأنه على الاحتمال أولية الصبح مثلا فالواقع بعدها، أما الظهر أو العصر
أو المغرب أو العشاء وكل واحدة من هذه الأربعة له ثلاث حالات لأنه على تقدير أن الواقع بعدها
الظهر فيحتمل أن يليها العصر فالمغرب فالعشاء، ويحتمل أن يليها المغرب فالعشاء فالعصر، ويحتمل أن
يليها العشاء فالعصر فالمغرب، وكذا يقال في غير الصبح فتأمل. قوله: (مطلقا) أي معينين أو غير معينين
(قوله أنه لا يطالب بإعادة) أي زيادة على فعلها أو لا. قوله: (ثم تمم إلخ) حاصله أنه لما قدم أن من
جهل عين منسية يصلي خمسا، وأن من نسي صلاة وثانيتها يصلي ستا إلى آخر ما ذكر من المسائل بقوله
وفي ثالثتها ورابعتها وخامستها كذلك يثني بالمنسي شرع في تتميم ذلك، وفي قول الشارح: ثم تمم إلخ: إشارة
إلى أن قول المصنف: وصلى في ثلاث مرتبة مؤخر من تقديم وحقه أن يصله بقوله: وإن نسي صلاة
وثانيتها صلى ستا لأنه من تتمته، ولعل ناسخ المبيضة خرجه من غير محله، ويمكن الجواب بأن المصنف إنما
فعل ذلك لأجل أن يشبه بقوله صلى ستا قوله فيما تقدم وفي ثالثتها ورابعتها وخامستها كذلك طلبا
للاختصار. قوله: (مرتبة) أي متوالية ومتلاصقة وإلا فقد سبق الكلام عليها في قوله: وفي ثالثتها
ورابعتها إلخ قوله: (من يوم وليلة) فيه أي أنه إذا كانت ثلاثا فهي محتملة لان تكون كلها نهارية أو
بعضها من النهار وبعضها من الليل، وإذا كانت أربعا أو خمسا كان جازما بأن بعضها من النهار وبعضها
من الليل، إلا أنه يحتمل سبق النهار على الليل أو العكس، فالأولى حذف قوله من يوم وليلة من هنا
ويقتصر عليها في قوله وأربعا وخمسا فتأمل. قوله: (ولا سبق الليل) أي ولا يعلم سبق الليل على النهار
ولا عكسه قوله: (سبعا) أي لان للواحدة المجهولة من الثلاث خمسا، ولكل واحدة من الاثنتين الزائدتين
عليها واحدة. قوله: (بزيادة واحدة على الست) أي التي للمنسية وثانيتها قوله: (ويخرج) بها أي بتلك
السبعة من عهدة الشكوك أي لأنه يحتمل أنها صبح فظهر فعصر، ويحتمل أنها ظهر فعصر فمغرب
ويحتمل أنها عصر فمغرب فعشاء، ويحتمل أنها مغرب فعشاء فصبح، ويحتمل أنها عشاء فصبح فظهر، فلا
تتم الإحاطة بهذه الاحتمالات الخمسة في الترتيب إلا بصلاتها سبعا، هكذا نزله على هذا صبح ظهر عصر
مغرب عشاء صبح ظهر. تنبيه: لو علم أن الثلاثة من الليل والنهار وجهل السابق صلى ستا فإن علم
بالسابق بدأ به في أربع فعالم سبق النهار يبدأ بالظهر وعالم سبق الليل يبدأ بالمغرب فإن جوز مع علمه
بالسابق أن الكل من أحدهما ولا يكون إلا النهار صلى خمسا يبدأ بالصبح. قوله: (وإن نسي أربعا)
أي متوالية. قوله: (صلى ثمانيا) أي لان للواحدة المجهولة من الأربع خمسا ولما بقي
من المنسيات وهو ثلاثة ثلاثة تزاد على الخمسة. قوله: (فيزيد واحدة على السبع) أي
272

التي للمنسيات الثلاث، وإنما أمر بصلاة ثمانية لاحتمال أن تكون تلك المنسيات الأربع صبحا فظهرا
فعصرا فمغربا، ويحتمل أن تكون ظهرا فعصرا فمغربا فعشاء، ويحتمل أنها عصر فمغرب فعشاء فصبح
ويحتمل أنها مغرب فعشاء فصبح فظهر، ويحتمل أنها عشاء فصبح فظهر فعصر، فلا يستوفي هذه الاحتمالات
إلا بصلاة ثمانية نزله على هذا الوضع صبح فظهر فعصر فمغرب فعشاء فصبح فظهر فعصر قوله: (وإن
نسي خمسا كذلك) أي متوالية من يوم وليلة ولا يعلم الأولى ولا سبق الليل على النهار ولا عكسه قوله: (صلى
تسعا) أي لان للواحدة المجهولة من الخمس خمسا وما زاد على الخمس فلما زاد على الواحدة، وإنما لزمه
التسع لان الخمسة المنسية يحتمل أنها صبح فظهر فعصر فمغرب فعشاء، ويحتمل أنها ظهر فعصر فمغرب
فعشاء فصبح، ويحتمل أنها عصر فمغرب فعشاء فصبح فظهر، ويحتمل أنها مغرب فعشاء فصبح فظهر
فعصر، ويحتمل أنها عشاء فصبح فظهر فعصر فمغرب فلا يستوفي هذه الاحتمالات إلا بتسع صلوات فنزل
ذلك على هذا الوضع صبح فظهر فعصر فمغرب فعشاء فصبح فظهر فمغرب. تنبيه: لو علم أن الخمس
من يوم وليلة وعلم المتقدم منها اكتفي بخمس وابتدأ بالمغرب إن علم تقدم الليل وبالصبح إن علم تقدم النهار
فصل: سن لسهو قوله: (بحيث لو نبه إلخ) أي لكون الشئ قد زال من المدركة مع بقائه في
الحافظة. قوله: (لكن لا يتنبه إلخ) أي لكون الشئ قد زال من المدركة والحافظة معا قوله: (إلا
أن الذهول هنا متعلق بالبعض) أي وما تقدم تعلق بكل الصلاة قوله: (سن لسهو) أراد به موجب
السجود ليشمل الطول بالمحل الذي لم يشرع فيه الطول فإنه يسجد له ولا سهو هنا بل هو عمد، ثم إن
ما ذكره المصنف من سنية السجود للسهو سواء كان قبليا أو بعديا هو المشهور من المذهب، وقيل بوجوب
القبلي، قال في الشامل: وهو مقتضى المذهب قوله: (وإن تكرر) أي السهو بمعنى موجب السجود، وقوله من
نوع أي حالة كون ذلك السهو المتكرر من نوع كزيادة أو نقص، وقوله: أو أكثر أي كزيادة ونقص
(قوله أي سن سجدتان) أي لا أكثر لأجل سهو. وقوله: وإن تكرر أي قبل السجود للسهو، أما إن كان
التكرر بعد السجود فإن السجود يتكرر، كما إذا سجد المسبوق مع إمامه القبلي ثم سها في قضائه بنقص أو
زيادة فإنه يسجد لسهوه الثاني ولا يجتزئ بسجوده السابق مع الامام أو تكلم المصلي بعد سجوده القبلي وقبل
سلامه فإنه يسجد بعد السلام أيضا، وكذا إذا سجد القبلي ثلاثا فإنه يسجد بعد السلام عند اللخمي، وقال
غيره: لا سجود عليه، أما البعدي إذا سجدة ثلاثا فلا يسجد له أصلا. قوله: (بنقص) الباء للملابسة متعلقة
بسهو أي سن سجدتان قبل سلامه لأجل سهو ملتبس بنقص سنة وتلبسه بنقص السنة لكونه سببا له
وهو مسبب عنه، وإضافة نقص إلى سنة من إضافة المصدر للمفعول أي بنقص المصلي سنة أو إضافة المصدر
للفاعل لان نقص يأتي لازما ومتعديا قوله: (بنقص سنة مؤكدة داخلة الصلاة) وأما المؤكدة الخارجة
عنها كالإقامة فلا يسجد لنقصها فإن سجد لها قبل السلام بطلت صلاته، وكذلك إذا كانت السنة
غير مؤكدة وكانت داخلة فيها فلا يسجد لها، فإن سجد لها قبل السلام بطلت صلاته كما يأتي في
قول المصنف: ولتكبيرة ويدخل في السنة المؤكدة الفاتحة بناء على أنها سنة في الأقل، فإذا
273

سها عنها في أقل الصلاة وأتى بها في جلها فإنه يسجد لها فإذا لم يسجد لها كان بمنزلة من ترك
السجود القبلي المترتب عن ثلاث سنن. قوله: (محققا) أي ذلك النقص قوله: (ولو غير مؤكدة) أي
كتكبيرة. وقوله: مع زيادة أي كقيامه مع ذلك لخامسة وعلم منه أن النقص مع الزيادة لا يشترط في
المنقوص أن يكون سنة مؤكدة وهذا هو المشهور خلافا لمن قيد بذلك. قوله: (سجدتان) فلا تجزئ
الواحدة فلو سجد واحدة فإن تذكر قبل السلام أضاف إليها أخرى، وإن تذكر بعد السلام سجد
الأخرى وتشهد وسلم ولا سجود عليه، وتمتنع الزيادة على اثنتين ولا سجود عليه إن زاد عليهما قبليا
أو بعديا، وخالف اللخمي في القبلي فقال: إن سجد ثلاثا سجد بعد السلام كما مر، ولا يكفي عن السجدتين
إعادة الصلاة، فمن ترتب عليه سجود قبلي غير مبطل تركه أو بعدي فأعرض عنه وأعاد الصلاة لم
تجزه تلك الصلاة عن ذلك السجود لترتبه في ذمته، ولا بد أن يأتي بذلك السجود بعدها كما نقله ابن ناجي
في شرح المدونة عن ابن بشير. وقول الذخيرة: ترقيع الصلاة بالسجود أولى من إبطالها وإعادتها
للعمل فقد حملوا أولى فيه على الوجوب كما قال شيخنا قوله: (قبل سلامه) أي وبعد تشهده ودعائه
والظاهر أنه لو سجد قبل التشهد فإنه يكفي ويكفيه له وللصلاة تشهد واحد قاله شيخنا قوله: (ويسجده
بالجامع وغيره) أي سواء كان عن نقص ثلاث سنن أو أقل بناء على أن الخروج من المسجد لا يعد
طولا والطول بالعرف. قوله: (وبالجامع في الجمعة) مثل الجامع رحبته والطرق المتصلة به بناء على
المعتمد من صحة الصلاة فيهما ولو انتفى الضيق واتصال الصفوف قوله: (فسها عن السورة) أي ثم سلم
وتذكر بعد السلام فلا يسجد في غيره قوله: (ولا يسجد في غيره) أي إذا خرج من المسجد بل يرجع له
ويسجد فيه فإن سجدة في غيره كان كتركه فيفصل بين كونه عن ثلاث سنن أو أقل، فإن كان الأول
بطلت الصلاة إن طال بالعرف وإلا فلا، وإن كان الثاني فلا بطلان مطلقا. قوله: (في أي جامع كان) أي
سواء كان الأول الذي صلاها فيه أو غيره وظاهره أنه لا يكفي سجوده في غير مسجد جامع
كالزوايا وهو ما يفيده كلام أبي الحسن قوله: (وأعاد تشهده بعده استنانا) أي على المشهور خلافا للمازري
من عدم إعادة التشهد ولما روي من أن إعادته مندوبة. قوله: (ثم مثل لنقص السنة) أي الموجب للسجود القبلي
قوله: (كترك جهر إلخ) أدخل بالكاف ترك كل ما كان مؤكدا من سنن الصلاة الثمانية عشر غير
السر فالمؤكدة ثمانية: السر والسورة والتشهد الأول والأخير والتكبير غير الاحرام والتسميع
والجهر والجلوس بقدر التشهد، فترك كل واحد من هذه موجب للسجود لكن ترك السر وإبداله
بالجهر يسجد له بعد السلام وما عداه يسجد له قبل. قوله: (في ركعتين) أي لا في
ركعة لأنه فيها سنة خفيفة وتركها لا يوجب سجودا، وكان الأولى أن يقول: لأنه
فيها بعض سنة خفيفة لما مر أن الجهر سنة في محله كله. قوله: (وأتى بدله إلخ) راجع لقول
274

المصنف كترك جهر قوله: (تأمل) إنما أمر بالتأمل إشارة إلى أن قول المصنف: وترك تشهدين إن
حمل على أنه أتى بالجلوس كان ماشيا على قول ضعيف، وهو أن السجود إنما يكون لتركهما ولا يسجد
لواحد وهو ضعيف. قوله: (وإلا إلخ) أي وإلا يكن أتى بالجلوس فتركه مرة موجب للسجود. وقوله: على
المذهب الأولى اتفاقا، والحاصل أن كلا من التشهد والجلوس له سنة فإذا تركهما مرة سجد اتفاقا، وإن أتى
بالجلوس وترك التشهد فقولان بالسجود وعدمه، والمعتمد السجود لان التشهد المتروك سنة مؤكدة، فإذا
علمت هذا فقول المصنف: وترك تشهدين إن حمل على أنه ترك الجلوس لهما أيضا فلا يصح لأنه يقتضي أنه
إذا ترك تشهدا والجلوس له لا يسجد وليس كذلك إذ يسجد اتفاقا، وإن حمل على أنه أتى بالجلوس لهما
وتركهما كان ماشيا على القول الضعيف وهو أن السجود إنما يكون لتركهما لا لترك واحد منهما
(قوله ويتصور إلخ) جواب عما يقال: أنه لا يتصور سجود قبلي لترك تشهدين لان السجود قبل السلام لترك
التشهدين يتضمن ذكره التشهد الأخير قبل السلام ومتى ذكره قبله فإنه يفعله، وحاصل الجواب أنه يعقل
السهو عن التشهدين قبل السلام في اجتماع البناء والقضاء في المسألة الملقبة بأم التشهدات وذات الجناحين
وهي ما إذا أدرك مع الامام الركعة الثانية وفاتته الثالثة والرابعة لرعاف فإنه بعد غسله يأتي بالثالثة
بالفاتحة فقط عند ابن القاسم ويجلس لأنها ثانية نفسه، ثم يأتي بالرابعة كذلك ويجلس لأنها آخرة
الامام ثم يقضي الأولى بفاتحة وسورة ويجلس فيها ويسلم، فقد اجتمع في هذه الصلاة أربع تشهدات
وكل واحد منها سنة. قوله: (بل تمحضت الزيادة) أي وكانت محققة أو مشكوكا فيها قوله: (بعد السلام) أي
الواجب بالنسبة للفذ والامام أو السني بالنسبة للمأموم، والسلام السني يشمل تسليمة الرد على الامام
وعلى المأمومين. قوله: (ما لم تكثر الزيادة) سواء كانت من أقوال غير الصلاة كالكلام نسيانا ويطول
أو كانت من أفعال غير الصلاة مثل أن ينسى كونه في صلاة فيأكل ويشرب معا، أو من جنس أفعال
الصلاة والكثير منه في الرباعية والثلاثية أربع ركعات، وأما إذا كانت من أقوال الصلاة فإن كانت
تلك الأقوال غير فرائض كالسورة مع أم القرآن في الأخيرتين أو السورة مع السورة التي تليها مع أم
القرآن في الأوليين فلا سجود فيه، ولا بطلان، وإن كانت تلك الأقوال فرائض كالفاتحة فإنه يسجد
لتكرارها إن كان التكرار تحقيقا أو شكا على ما استظهره بعضهم وكان سهوا، وأما لو كررها عمدا فلا
سجود، والراجح عدم البطلان مع الاثم، ومن تكرارها الذي جرى فيه ما تقدم إعادتها لأجل سر أو جهر
(قوله كمتم لشك) هذا إذا شك قبل السلام، وأما إن شك بعد أن سلم على يقين فقال الهواري: اختلف فيه
فقيل: يبني على يقينه الأول ولا أثر للشك الطارئ بعد السلام، وقيل: إنه يؤثر وهو الراجح. قوله: (لأجل
شك) أشار إلى أن اللام للتعليل متعلقة بمتم أي متم صلاته لأجل وجود شك وتحققه، فوجوده وتحققه
موجب للاتمام أو بمحذوف أي وإتمامه لأجل دفع شك لا للتعدية متعلقة بمتم لأنه يقتضي أنه يتم
شكه أي يزيد فيه وليس كذلك قوله: (فإنه يبني على الأقل) أي فلو بنى على الأكثر بطلت ولو ظهر
الكمال حيث سلم على غير يقين. قوله: (ويسجد بعد السلام) أي لاحتمال زيادة المأتي به، وهذا مقيد بما
إذا تحقق سلامة الركعتين الأوليين من ترك قراءتهما والجلوس بعدهما وإلا سجد قبل السلام
لاحتمال الزيادة لما أتى به، والنقصان أي نقص الفاتحة أو السورة أو نقص الجلوس أو الركوع من
الأوليين، وعلى هذا يحمل ما في أكثر الروايات من التصريح بالسجود قبل السلام. قوله: (فإنه
لا يكفي) أي فإذا ظن أنه صلى ثلاثا وتوهم أنه صلى ركعتين عمل على الوهم فيبني على الأقل ويأتي بما شك
فيه ويسجد قبل السلام، وما ذكره الشارح من أن المراد بالشك مطلق التردد فيشمل الوهم تبع فيه عج
والذي في بن أن الشك على حقيقته خلافا لعج. قوله: (ومقتصر على شفع إلخ) يعني أن من لم يدر
275

أشرع في الوتر أو هو في ثانية الشفع فإنه يجعلها ثانية الشفع ويسجد بعد السلام ويوتر بواحدة ولا
يستحب إعادة شفعه، وإنما كان يسجد بعد السلام لاحتمال أن يكون أضاف ركعة الوتر إلى الشفع من
غير أن يفصل بينهما بسلام فيكون قد صلى الشفع ثلاثا، وهذا أي سجوده بعد السلام هو المشهور قال
عبد الحق: والتعليل يقتضي أنه يسجد قبل السلام لأنه معه نقص السلام والزيادة المشكوكان ومقابل
المشهور ما نقل عن مالك من رواية علي بن زياد أنه يسجد قبل السلام. قوله: (بخلاف الاتمام) أي المتقدم
في قوله: وكمتم لشك إلخ قوله: (بين ذلك) أي وجه الزيادة قوله: (في قوة العلة) أي فقوله: وكمقتصر على
شفع بيان للحكم وهو جعل تلك الركعة أي التي هو فيها ثانية الشفع، وللسجود أيضا بعد السلام من
حيث عطفه على قوله متم لشك الذي جعل تمثيلا لما يسجد له بعد. وقوله: شك هل هو به إلخ في قوة العلة لذلك
(قوله كذلك) أي هل هو في ثانية الشفع أو في الوتر؟ قوله: (فالسجود إلخ) أي أنه يجعل هذه الركعة
للعشاء ويسجد بعد السلام والسجود هنا للزيادة لاحتمال أن تكون هذه الركعة من الشفع أضافها
للعشاء من غير فصل بسلام فيكون قد صلى العشاء خمس ركعات. قوله: (أو ترك سر) أي بفاتحة
فقط ولو في ركعة وأولى مع السورة أو في سورة فقط في ركعتين لا في ركعة لأنها فيها سنة خفيفة فلا يسجد
لها قوله: (بأدنى الجهر) أي وهو إسماع نفسه ومن يليه. قوله: (فإنه يسجد بعد السلام) قال عبد الوهاب
استحبابا. قال شب: وهو خلاف ظاهر المصنف إلا أن البغداديين ومنهم عبد الوهاب يطلقون المستحب
على ما يشمل السنة فليس هذا جاريا على طريقة المصنف من التفرقة بين السنة والمستحب اه‍ شيخنا
عدوي. قوله: (بل يبني على التمام) أي فإذا شك هل صلى ثلاثا أو أربعا بنى على أربعة وجوبا ويسجد
بعد السلام ترغيما للشيطان، فاندفع ما يقال حيث بنى على الأكثر فلا موجب للسجود، وحاصل الجواب
أن السجود إنما هو لترغيم الشيطان. واعلم أن الشك مستنكح وغير مستنكح والسهو كذلك، فالشك
المستنكح هو أن يعتري المصلي كثيرا بأن يشك كل يوم ولو مرة هل زاد أو نقص أو لا؟ أو هل صلى ثلاثا
أو أربعا ولا يتيقن شيئا يبني عليه وحكمه أن يلهي عنه ولا إصلاح عليه بل يبني على الأكثر ولكن
يسجد بعد السلام استحبابا كما في عبارة عبد الوهاب، وإلى هذا أشار المصنف بقوله: أو استنكحه الشك
ولهى عنه، والشك غير المستنكح هو الذي لا يأتي كل يوم كمن شك في بعض الأوقات أصلى ثلاثا أم أربعا
أو هل زاد أو نقص أو لا؟ فهذا يصلح بالبناء على الأقل والاتيان بما شك فيه ويسجد، وإليه أشار بقوله: كمتم
لشك ومقتصر على شفع إلخ. فإن بنى على الأكثر بطلت ولو ظهر الكمال حيث سلم عن غير يقين، والسهو
المستنكح هو الذي يعتري المصلي كثيرا وهو أن يسهو ويتيقن أنه سها، وحكمه أنه يصلح ولا سجود
عليه وإليه أشار المصنف بقوله: لا إن استنكحه السهو ويصلح، والسهو غير المستنكح هو الذي لا يعتري
المصلي كثيرا، وحكمه أن يصلح ويسجد حسبما سها من زيادة أو نقص وإليه أشار بقوله: سن لسهو
والفرق بين الساهي والشاك أن الأول يضبط ما تركه بخلاف الثاني. قوله: (فإن أصلح) أي عمدا
أو جهلا كما في ح لم تبطل وذلك لان بناءه على الأكثر وإعراضه عن شكه ترخيص له
وقد رجع للأصل قوله: (كطول عمدا) إنما قيد به لان استظهار ابن رشد إنما هو فيه، وأما التطويل
سهوا فالسجود باتفاق من ابن رشد وغيره فلا يصح حمل المصنف عليه، قال في المنتقى: من شك في
276

صلاته لزمه أن يتمهل ليتذكر ما سها عنه، فإن تذكر سهو أكمل على ما سبق من أن المستنكح يبني على
الكمال وغيره يبني على اليقين، وإن تبين أنه لم يسه فلا شئ عليه إذا لم يطول في تمهله، فإن طال فابن القاسم
لا يرى السجود مطلقا وسحنون يراه مطلقا، وفرق أشهب فرأى عليه السجود حيث طول بمحل لم
يشرع فيه التطويل وعدمه حيث طول بمحل يشرع فيه التطويل ابن رشد: وهو أصح الا قوال اه‍
وهذا إذا طول متفكرا لأجل شك حصل عنده فيما يتعلق بصلاته، وأما لو طول فيما لا يشرع فيه التطويل
عبثا أو للتذكر في شئ لم يتعلق بصلاته فانظر ما حكمه، والظاهر عدم البطلان والسجود بالطريق
الأولى ما لم يخرج عن الحد قاله شيخنا. واعلم أن محل السجود إذا طول بمحل لم يشرع فيه التطويل
حيث ترتب على الطول ترك سنة كما إذا طول في الرفع من الركوع أو بين السجدتين لأنه يسن ترك
التطويل في الرفع من الركوع ومن السجود زيادة على الطمأنينة وعلى الزائد عليها استنانا، فإن ترتب
على الطول ترك مستحب فقط فلا سجود عليه كتطويل الجلسة الأولى، فإن ترك التطويل فيها
مستحب ولا سجود لترك مستحب. فإن قلت: حيث كان السجود مقيدا بأن يترتب على الطول ترك
سنة يكون السجود قبل السلام لا بعده. والجواب: أن السجود منوطا بالطول بالمحل الذي لم يشرع فيه
بشرط أن يتضمن ترك سنة فتضمن ترك السنة شرط في كون الطول بمحل لم يشرع فيه مقتضيا
للسجود وليس السجود لترك السنة كذا أجاب عبق. وأجاب بن: بأن السجود القبلي إنما يترتب
على ترك سنة وجودية لأنه حينئذ نقص والسنة هنا عدمية فتركها زيادة لا نقص فلذا كان السجود
بعديا. قوله: (بأن زاد) تصوير للطول المذكور قوله: (فلا سجود عليه) أي إلا أن يخرج عن الحد فيسجد
اه‍ خش. والمراد أنه طول بمحل شرع فيه للتقرب إلى الله تعالى، فلو طول فيه عبثا أو لتذكر شئ في
غير صلاته فانظر ما الحكم؟ قاله عج. قال شيخنا: والظاهر عدم البطلان ويسجد. قوله: (ويسجد
البعدي) أشار بهذا إلى أن قوله: وإن بعد شهر راجع لقوله وإلا فبعده أي وإلا فيسجد بعده وإن
ذكره بعد شهر ولا يتقيد التأخير بالشهر، لكن المصنف تبع المدونة في التعبير بالشهر وهو كناية عن
المدة الطويلة، أو أن في الكلام حذف أو مع ما عطفت أي أو أكثر كما أشار له الشارح، وانظر ما حكم
تأخيره مدة ما عن الصلاة هل هو مكروه أم لا؟ والحاصل أنه يفعله متى ما ذكره، ولو كان الوقت وقت
نهي ما لم يكن في صلاة نافلة أو فريضة وإلا مضى على صلاته، فإذا كملها سجد ولا يفسد واحدة منهما
ولو كانت صاحبة ذلك السجود جمعة. قوله: (لأنه لترغيم الشيطان) جواب عما يقال: لأي شئ كان
السجود القبلي المترتب على سنتين أو سنة مؤكدة لا يؤتى به مع الطول والبعدي يؤتى به مطلقا
وحاصل الجواب: أن البعدي لترغيم أنف الشيطان، والقبلي جابر، والترغيم لا يتقيد بزمان والجابر حقه
أن يتصل بالمجبور أو يتأخر عنه قليلا. قوله: (غير شرط) وحينئذ فلا يبطل السجود بتركه وأحرى ترك
التشهد أو تكبير الهوي أو الرفع، بل لو أتى بالنية وسجد وترك ما عدا ذلك من تكبير وتشهد وسلام
فالظاهر الصحة كما في خش قوله: (لأنه داخلها) أي فنية الصلاة المعينة منسحبة عليه فلو اتفق أنه
أتى بالسجدتين ذاهلا عن كونه ساجدا للسهو لصحت، وما في عبق من احتياج القبلي لنية عند تكبيرة
277

الهوي فهو خلاف النقل كما قال شيخنا. قوله: (وصح إن قدم بعدية) أي ولو كان المقدم له المأموم دون
إمامه والفرض أنه مأموم لا مسبوق، وقوله: أو أخر قبلية أي ولو كان ذلك المؤخر للقبلي مأموما بأن
يسجد الامام القبلي في محله ويؤخره المأموم ولو أخر الامام القبلي فهل يقدمه المأموم ولا يؤخره
تبعا لامامه أو يؤخره تبعا؟ قولان الأول منهما لابن عرفة والثاني لغيره. قوله: (وصح ان قدم بعديه)
أي مراعاة لقول القائل إن السجود دائما قبلي. وقوله: أو أخر قبلية أي مراعاة لقول القائل ببعدية
السجود دائما. والحاصل أنه وقع خلاف في المذهب في محل السجود فقيل: محله بعد السلام مطلقا،
وقيل: قبله مطلقا، وقيل: بالتخيير. وقيل: إن كان النقص خفيفا كالسر فيما يجهر فيه سجد بعده كالزيادة
وإلا فقبله، وقيل: إن كان عن زيادة فبعده وإن كان عن نقص فقط أو نقص وزيادة فقبله، وهذا هو
المشهور الذي مشى عليه المصنف، وعليه لو قدم البعدي أو أخر القبلي صح مراعاة لما ذكر من الأقوال
قوله: (إلا إن تعمد التقديم حرام) أي لادخاله في الصلاة ما ليس منها قوله: (بأن يأتيه كل يوم مرة)
أي وتبين له أنها سها قوله: (فلا سجود عليه) أي مطلقا أمكنه الاصلاح أم لا، وانظر ما حكم سجوده هل
هو حرام أو مكروه أو الأول إن كان قبليا والثاني إن كان بعديا كذا في بعض الشراح؟ قال عج:
فلو سجد في هذه الحالة وكان قبل السلام فهل تبطل صلاته حيث كان متعمدا أو جاهلا لأنه غير
مخاطب بالسجود فهو بمثابة من سجد للسهو ولم يسه أو لا لان هناك من يقول بسجوده؟ قال شيخنا
العدوي: والظاهر الصحة قوله: (هذا في الفرض) أي هذا بيان لامكان الاصلاح وعدم إمكانه فيما
إذا كان المتروك سهوا فرضا. قوله: (وأما في السنن) أي وأما بيان إمكان الاصلاح وعدم إمكانه
فيما إذا كان المتروك سنة قوله: (كغير المستنكح) ظاهر كلام أبي الحسن على الرسالة أنه يصلح ولا
يفوت الاصلاح بمفارقته الأرض بيديه وركبتيه ولو استقل قائما وليس هو كغير المستنكح الذي
يفوت إصلاحه بذلك قوله: (أو شك هل سها إلخ) أي بأن شك هل سها فزاد ركعة أو نقص سورة
مثلا أو لم يسه أصلا قوله: (ثم ظهر له) أي فتفكر في ذلك ثم ظهر له أنه لم يسه فلا سجود عليه سواء كان
التفكر قليلا أو طال لأن الشك بانفراده لا يوجب سجود سهو، وتطويل التفكر في ذلك إنما هو على وجه
العمد فلا يتعلق به سجود، لكن يحمل ذلك على ما إذا كان المحل يشرع فيه التطويل وإلا سجد كما تقدم
قوله: (إن قرب) أي ذلك السلام من الصلاة قوله: (فإن طال) أي شكه جدا بحيث بعد الامر من الصلاة
قوله: (بإحرام) أي نية قوله: (أو سجد واحدة) عطف على قوله: استنكحه الشك أي أو أتى بسجدة
واحدة بسبب شكه فيه هل سجد اثنتين والمعطوف محذوف أي هل سجد اثنتين أو واحدة؟ وقوله
هل إلخ تفسير لشكه أي وصورة شكه هل إلخ. فقوله: أو سجد واحدة بيان لحكم المسألة لا لصورة
278

شكه إذ ليست الواحدة مشكوكا فيها أي أن الحكم إذا شك هل سجد واحدة أو اثنتين فإنه يسجد واحدة
ولا سجود عليه قوله: (فيتسلسل) أي فإذا تسلسل حصلت له المشقة الكبرى ولا نقل وهو
مستحيل لان التسلسل باعتبار المستقبل لا استحالة فيه. قوله: (أو لا) أي ولم يسجد له أصلا
(قوله أو زاد سورة في أخرييه) أي فلا سجود عليه على المشهور مراعاة لمن يقول بطلب قراءة
السورة في الأخيرتين أيضا، ومقابل المشهور ما قاله أشهب من السجود إذا زاد السورة في أخرييه ودل
كلام المصنف بطريق الأخروية أنه لو زاد سورة في إحدى أخرييه لا سجود اتفاقا وهو كذلك
(قوله شرع فيها التطويل) أي فله أن يتركها وينتقل إلى سورة طويلة قوله: (إن كان طاهرا يسيرا) فإن كان
نجسا أو كثيرا بطلت والفرض أنه خرج غلبة، وكذا إن كان طاهرا يسيرا وازدرد منه شيئا عمدا
(قوله فإن ازدرده إلخ) أي والفرض أنه خرج منه غلبة قوله: (قولان) أي على حد سواء ولا سجود
عليه على القول بعدم البطلان كذا في خش، وقرر شيخنا العدوي أن الظاهر من القولين البطلان
قوله: (ولا فريضة) عطف على معنى قوله: إن استنكحه ولا لتأكيد النفي أي لا يسجد لاستنكاح السهو ولا
لفريضة، ويجوز العطف على سنة من قوله بنقص سنة أي سن لسهو سجدتان بنقص سنة لا لفريضة
وما روي عن مالك من أن الفاتحة تجبر بالسجود فمبني على القول بعدم وجوبها في الكل قوله: (ولا لترك
سنة غير مؤكدة) أي كتكبيرة أو تسميعة أي والفرض أنه تركها بمفردها، وأما لو تركها مع زيادة فإنه
يسجد قوله: (كتشهد) ما ذكره المصنف من عدم السجود للتشهد الواحد إذا جلس له نحوه لابن
عبد السلام ونص عليه في الجلاب وجعله سند في الطراز المذهب وهو بخلاف ما صرح به اللخمي وابن
رشد من أنه يسجد للتشهد الواحد وإن جلس له، وصرح ابن جزي والهواري بأنه المشهور وعلى السجود
له اقتصر صاحب النوادر وابن عرفة قال ح: والحاصل أن فيه طريقتين أظهرهما السجود اه‍ بن
(قوله والمعتمد السجود) أي لترك لفظ التشهد إذا جلس له أي لان التشهد في حد ذاته سنة وكونه باللفظ
المخصوص سنة على المعتمد قوله: (ويسير جهر أو سر) معناه لا سجود على من جهر خفيفا في السرية
بأن أسمع نفسه ومن يليه ولا على من أسر خفيفا في الجهر بأن أسمع نفسه فقط، هذا هو الموافق لما في شرح
المصنف على المدونة وعزاه لابن أبي زيد في المختصر، وكذا هو في ابن يونس وغير واحد، وكذا قرر عج
فقول الشيخ سالم أي اقتصر في الجهرية على يسير الجهر وفي السرية على يسير السر ونسب ذلك لابن أبي
زيد ومتابعة عبق له على ذلك كله وهم اه‍ بن قوله: (بكآية) الكاف واقعة في محلها مدخلة للاعلان
بآيتين فهو مثل الاعلان بآية على الظاهر، وانظر هل الثلاث كذلك؟ قال شيخنا: وليست مؤخرة من
تقديم وأن الأصل وكاعلان فتكون مدخلة للاسرار بآية كما قال بعض الشراح لأنه يقتضي أن
الاعلان بآيتين ليس كالاعلان بآية مع أن الظاهر أنه مثله. قوله: (كما هو) أي ما ذكر من إعادتها
قوله: (إلى أنه إن أعاد الفاتحة لذلك) أي أو أعادها مع السورة لذلك فإنه يسجد هذا هو الذي
في سماع عيسى من ابن القاسم، وقيل لا يسجد وهو في المدونة أيضا كالأول اه‍ بن قوله: (وكذا إن
كررها) أي الفاتحة سهوا فإنه يسجد بخلاف السورة ومنه إعادتها لتقديمها على الفاتحة ولا
279

يعول على ما في خش هنا، ويظهر من كلام المقدمات خلاف في بطلان صلاة من كرر أم القرآن عمدا
ولكن الراجح منهما عدم البطلان كما قال شيخنا العدوي قوله: (ولا سجود لترك تكبيرة) أي لأنها
سنة خفيفة، فلو سجد قبل السلام لتركها بطلت إن كان ذلك السجود عمدا أو جهلا لا سهوا، والأولى
حذف قوله أو تكبيرة لاغناء قوله ولا لغير مؤكدة عنه. قوله: (من غير تكبيرة العيد) أي وأما تكبيرة
العيد فيسجد لترك واحدة فأكثر لان كل واحدة سنة مؤكدة، واعلم أنه كما يترتب السجود القبلي على
نقص تكبيرة من تكبير العيد كذلك يترتب السجود البعدي على زيادتها، أما السجود للنقص فقد قال
ابن عرفة في الكلام على تكبير العيد: ويسجد للسهو عن شئ منه اه‍. وأما الزيادة فقد قال مالك في مختصر
ابن شعبان: من سها في العيد فزاد تكبيرة واحدة سجد بعد السلام اه‍ بن قوله: (حال هويه للركوع)
مثل ذلك ما إذا أبدل إحدى تكبيرتي السجود خفضا أو رفعا بسمع الله لمن حمده ففيه الخلاف، وأما إذا
أبدلهما معا بها سجد اتفاقا كذا ينبغي قاله شيخنا العدوي قوله: (لأنه نقص) أي ما هو المطلوب منه
من التكبير في حالة الهوي والتسميع في حالة الرفع من الركوع، وزاد في الأولى التسميع وزاد في الثانية
التكبير، ومعلوم أن اجتماع الزيادة والنقص موجب للسجود. قوله: (ولم يزد ما توجب زيادته السجود)
أي لان الزيادة التي زادها قولية وهي لا توجب سجودا. والحاصل أن القول الأول نظر لكونه
نقص وزاد والثاني نظر لكون الزيادة قولية قوله: (تأويلان) المفهوم من كلام المواق أن هذا خلاف
واقع في المذهب لا أنه اختلاف من شراحها في فهمها إذ لا تأويل في كلامها، هذا والأقوى منهما عدم
السجود كما قال شيخنا قوله: (فإنه يسجد قطعا كما في المدونة) أي لنقصه سنتين قوله: (بأن تلبس
بالركن) أي ففي المسألة الأولى فوات التدارك بالرفع من الركوع وفي الثانية بالسجود قوله: (ولا
لإدارة مؤتم) عطف على لا إن استنكحه السهو أي لا سجود على المصلي إن استنكحه السهو، ولا
سجود على إمام لإدارة مؤتم، وفيه أن الإدارة مستحبة، ومن المعلوم أن السجود لا يكون في فعل أمر
مستحب فالأولى حذفه إذ لا يتوهم السجود فيه إلا أن يقال: إن المصنف تبع النقل. واعلم أن الأمور التي
ذكرها المصنف أنه لا يسجد لها منها ما هو مطلوب ومنها ما هو جائز ومنها ما هو مكروه، فأشار للأول
بقوله: ولا لإدارة مؤتم إلى قوله: ولا لجائز. وإلى الثاني بقوله: ولا لجائز إلى قوله: ولا لتبسم. وإلى الثالث
بقوله: ولا لتبسم. قوله: (لقضية ابن عباس) أي حيث قام على يساره صلى الله عليه وسلم فأداره عن
يساره ليمينه بيده اليمنى قوله: (ولا سجود لاصلاح رداء سقط عن ظهره) بل ذلك مندوب إذا
أصلحه وهو جالس بأن يمد يده يأخذه عن الأرض ويصلحه، وأما إن كان قائما ينحط لذلك فثقيل
كره أي أنه يكره كراهة شديدة ولا تبطل بها لصلاة إذا كان مرة وإلا أبطل لأنه فعل كثير، وأما الانحطاط
لاخذ عمامة أو لقلب منكاب فمبطل ولو مرة لان العمامة لا تصل لرتبة الرداء في الطلب إلا أن يتضرر
لها كما في عبق فلا تبطل بالانحطاط لاخذها. قوله: (ولم ينحط له) أي لكونه جالسا بالأرض. وقوله
وإلا فلا أي وإلا بأن كان قائما وأراد أن ينحط لهما فلا يندب الاصلاح بل يكره كراهة ثقيلة
(قوله أو كمشي صفين إلخ) اعلم أن الذي في النقل جواز المشي للسترة ولذهاب الدابة ودفع المار إن قرب
والقرب يرجع فيه للعرف سواء كان صفين أو أكثر، والتحديد بكالصفين إنما ذكر في الفرجة
وحينئذ فما قاله المصنف من التحديد في الجميع بكالصفين خلاف النقل إلا أن يقال: إن المصنف رأى
أن القرب في العرف قدر الصفين والثلاثة وحينئذ فهو موافق لما في النقل. قوله: (أو كمشي صفين)
الكاف داخلة على المضاف وهو مشى وهي في الحقيقة داخلة على المضاف إليه فتدخل الثلاثة كما
ذكر الشارح، ويحتمل إبقاء الكاف داخلة على المضاف فتدخل ما أشبه المشي من الفعل
280

اليسير كغمز أو حك، والأولى ملاحظة دخولها على كل منهما فتدخل الامرين، وانظر إذا حصل
مشي لكل من السترة والفرجة كمسبوق مشى لفرجة ثم لسترة بعد سلام إمامه، والظاهر كما قال
عج: اغتفار ذلك وعدم السجود له، وكذا يقال في إصلاح الرداء واصلاح السترة اه‍ كلامه، وظاهره
عدم اغتفار أكثر من اثنين والظاهر أنه إذا كان ذلك مطلوبا فلا يضر قاله شيخنا قوله: (الثلاثة) أي
غير الخارج منه والذي يقف فيه قوله: (ويشير له إن كان بعيدا) أي ولا يمشي لرده. والحاصل أنه
إن كان قريبا مشى إليه وإن كان بعيدا أشار إليه قوله: (أو ذهاب دابته) أي سواء كان فذا أو إماما
أو مأموما. قوله: (فإن بعدت) أي الدابة قوله: (إن اتسع الوقت) أي الضروري. وحاصل فقه المسألة
أن الدابة إذا ذهبت وبعدت منه فله أن يقطع الصلاة ويطلبها إن كان الوقت متسعا وكان ثمنها يجحف به
فإن ضاق الوقت أو قل ثمنها فلا يقطعها إلا إذا كان يخاف الضرر على نفسه لكونه بمفازة وإلا قطعها، وغير
الدابة من المال يجري على هذا التفصيل، فقول الشارح: إن اتسع الوقت أي وأجحف ثمنها به وقوله: وإلا
أي بأن ضاق الوقت أو قل ثمنها تمادى أي وإن ذهبت قوله: (إن لم يكن في تركها ضرر) أي فإن كان في تركها
ضرر كما لو كان في مفازة فإنه يقطع الصلاة ويطلبها قوله: (وإن بجنب) أي يمينا أو شمالا قوله: (أو قهقرة)
قيل صوابه قهقري بألف التأنيث لا بتائه كما عبر به في باب الحج في طواف الوداع حيث قال: ولا يرجع
القهقري، وذكر بعضهم أن ذلك لغة وحينئذ فلا اعتراض قوله: (بأن يتأخر بظهره) أي والحال أن وجهه
مستقبل للقبلة قوله: (مضر) أي فلا يجوز له الاستدبار إلا في مسألة الدابة فيجوز له فيها أن يستدبر القبلة في
الصف والصفين والثلاثة إن كان لا يتمكن منها إلا بالاستدبار، والحاصل أن الاستدبار لعذر مغتفر والعذر
إنما يظهر في الدابة كذا قرر شيخنا قوله: (وفتح على إمامه) قيل لا مفهوم لقوله على إمامه بل مثله الفتح على
غيره من مصل آخر أخذا بمفهوم ما يأتي، وقيل إنه إن فتح على غير إمامه بطلت وهو مفهوم ما هنا، وارتضى
عج وبعضهم مفهوم ما هنا وارتضى الشيخ سالم مفهوم ما يأتي. قوله: (ولا سجود في فتح إلخ) أي بل الفتح
في هذه الحالة مندوب قوله: (وطلب الفتح) أي بأن تردد في قراءته قوله: (بأن انتقل لآية أخرى) أي أو
وقف وسكت ولم يتردد في قراءته وإنما لم يفتح عليه في هذه الحالة لاحتمال أنه يتفكر فيما يقرأ. قوله: (وإلا
وجب الفتح) أي مطلقا سواء وقف أو لم يقف فإن ترك الفتح عليه فصلاة الامام صحيحة بمنزلة من
طرأ له العجز عن ركن، وانظر هل تبطل صلاة تارك الفتح بمنزلة من ائتم بعاجز عن ركن أم لا لا نص
(قوله لتثاؤب) أي وأما سده مرة أو مرتين لا لتثاؤب فإنه يكره ولا سجود ولا بطلان قوله: (وهو مندوب)
أي سواء كان في صلاة أو غيرها إذا كان السد بغير باطن اليسرى لا إن كان به فيكره لملابسته النجاسة
وليس التفل عقب التثاؤب مشروعا، وما نقل عن مالك من أنه كان يتفل عقب التثاؤب فلاجتماع ريق عنده
إذ ذاك انظر ح. قوله: (بأن امتلأ فمه) أي وهو جائز في هذه الحالة وإن بصوت كما في المج ولا سجود فيه
اتفاقا. قوله: (وكره لغير حاجة) وفي لزوم السجود له في هذه الحالة قولان انظر بن، وقول الشارح: فإن
كان أي البصاق الذي لغير حاجة بصوت، وقوله: وسجد لسهوه أي على المعتمد خلافا لمن قال بعدم
سجوده حينئذ. والحاصل أن البصاق في الصلاة إما لحاجة أو لغيرها وفي كل إما أن يكون بصوت
أو بغيره، فإن كان لحاجة فهو جائز كان بصوت أو لا ولا سجود فيه اتفاقا، وإن كان لغير حاجة فإن
كان بغير صوت كان مكروها، وفي لزوم السجود له قولان وإن كان بصوت بطلت إن كان عمدا
أو جهلا، وإن كان سهوا سجد على المعتمد إن كان فذا أو إماما لا مأموما لحمل الامام له قوله: (كتنحنح
إلخ) يريد أن التنحنح لحاجة لا يبطل الصلاة ولا سجود فيه من غير خلاف، وما إذا
تنحنح لغير حاجة بل عبثا هل يكون كالكلام فيفرق بين العمد والسهو؟ وهو قول مالك في
281

المختصر أو لا تبطل به الصلاة مطلقا ولا سجود فيه وهو قول مالك أيضا وأخذ به ابن القاسم واختاره
الأبهري واللخمي وإليه أشار المصنف بقوله: والمختار إلخ والتنخم كالتنحنح. قوله: (لحاجة) فسر ابن
عاشر الحاجة بضرورة الطبع قال المازري: التنحنح لضرورة الطبع وأنين الوجع مغتفر وانقال ح تدل
على أن المراد بالحاجة الاحتياج للتنحنح لرفع بلغم من رأسه قوله: (ولم لم تتعلق إلخ) أي هذا إذا كان
لتلك الحاجة تعلق بالصلاة بأن كان لا يقدر على القراءة إلا إذا تنحنح لرفع البلغم وهو واجب حينئذ
في القراءة الواجبة ومندوب في غيرها، بل ولو كانت تلك الحاجة لا تعلق لها بالصلاة كتسميعه به
إنسانا أنه في صلاة قوله: (فلا سجود في سهوه) أي ولا بطلان في عمده قوله: (أي لغير الحاجة) أي بأن
كان عبثا وعدم البطلان مقيد بما إذا قل وإلا أبطل لأنه فعل كثير من جنس الصلاة. قوله: (ولا
سجود في تسبيح رجل وامرأة لضرورة) أي بل هو جائز ولو سبح في غير محل التسبيح وكذا لو أبدله
بحوقلة أو تهليل كما في عبق وغيره قوله: (أي لحاجة) أي أشار إلى أن المراد بالضرورة الحاجة التي هي أعم
من الضرورة قوله: (تعلقت بإصلاحها) أي كما لو جلس الامام في الثالثة فقال له المأموم: سبحان الله لينبهه
على سهوه. قوله: (بأن تجرد للاعلام إلخ) أي كما لو قرع انسان عليه الباب فقال له وهو في الصلاة: سبحان
الله لينبهه على أنه في صلاة واستعمل ذلك اللفظ في غير محله فيحمل قول المصنف الآتي وذكر قصد
التفهيم به بمحله وإلا بطلت على ما عدا التسبيح أخذا مما هنا قوله: (ولا يصفقن) فيه أن المناسب
لقوله: أو امرأة أن يقول ولا تصفق إلا أن يقال: عبر بذلك إشارة إلى أن المراد من المرأة الجنس
وخلاصته أن المراد بالمرأة جنس المرأة المصلية واحدة أو أكثر، ولأجل ذلك قال المصنف: ولا يصفقن
بضمير جمع النسوة مرادا منه المصلية من النساء مطلقا واحدة أو أكثر، فصيغة الجمع غير مستعملة في
حقيقتها، ثم إن النهي في كلام المصنف للكراهة وفيه رد على من قال بندبه للنساء ولعله إنما جاز لها
الجهر بالتسبيح وكره لها الجهر بالقراءة في الصلاة للضرورة. قوله: (وكلام لاصلاحها بعد سلام)
حاصله أن الامام إذا سلم من ركعتين مثلا فحصل كلام منه أو من المأموم أو منهما لأجل إصلاحها فلا
تبطل به الصلاة ولا سجود عليه بل هو مطلوب، لكن إن كان المتكلم لاصلاحها المأموم فيشترط في
عدم بطلان صلاته أمران: الأول أن لا يكثر الكلام فإن كثر بطلت، والثاني أن يتوقف التفهيم على
الكلام وإن كان الكلام لاصلاحها صادرا من الامام، فيشترط فيه زيادة على ما ذكر أمران أيضا: أن
يسلم معتقدا التمام وإن لا يطرأ له بعد سلامه شك في نفسه بأن لا يحصل له شك أصلا، أو يحصل له من
المأمومين. واعلم أن الكلام لاصلاح الصلاة لا سجود فيه ولا بطلان به سواء وقع بعد السلام أو قبله كأن
يسلم من اثنتين ولم يفقه بالتسبيح، فكلمه بعضهم فسأل بقيتهم فصدقوه أو زاد أو جلس في غير محل الجلوس
ولم يفقه بالتسبيح فكلمه بعضهم، وكمن رأى في ثوب إمامه نجاسة فدنا منه وأخبره كلاما لعدم فهمه بالتسبيح
وكالمستخلف بالفتح ساعة دخوله ولا علم له بما صلاه الامام الذي استخلفه فيسألهم عن عدد ما صلى إذا
لم يفقه بالإشارة، إذا علمت هذا فقول الصنف بعد سلام إمامه لا مفهوم له وإنما نص على عدم السجود في
الكلام بعد السلام لاصلاحها ردا على من قال: إن الكلام بعد السلام لاصلاحها لا يجوز وتبطل به الصلاة
وأن حديث ذي اليدين منسوخ كذا أجاب بعضهم، وفيه أن الرد على من ذكر لا يكون بنفي السجود إنما
يكون بإثبات الجواز بأن يقول: وجاز كلام لاصلاحها بعد سلام. قوله: (إن لم يفهم إلا به) أي وأما لو كان
الافهام يحصل بالإشارة أو التسبيح فعدل عنه لصريح الكلام فالبطلان قوله: (وسلم معتقدا الكمال) أي
وأما لو سلم على شك فيه بطلت صلاته قوله: (لا من نفسه) أي وأما إن نشأ له الشك بعد سلامه من نفسه
282

فلا يجوز لذلك الامام السؤال، بل يجب عليه فعل ما تبرأ به ذمته، فإن سأل بطلت صلاته بخلاف ما لو حصل
له الشك من كلام المأمومين فله أن يسأل بقيتهم. قوله: (ورجع إمام إلخ) حاصل فقه المسألة أن الامام إذا
أخبره جماعة مستفيضة يفيد خبرهم العلم الضروري بتمام صلاته أو بنقصها فإنه يجب عليه الرجوع
لخبرهم سواء كانوا من مأموميه أو لا، سواء تيقن صدقهم أو ظنه أو شك فيه أو جزم بكذبهم ولا
يعمل على يقينه، ومثل الامام في ذلك الفذ والمأموم فيجب على كل منهما الرجوع لخبر الجماعة المستفيضة
مطلقا، وإن أخبر الامام عدلان أو أكثر ولم يبلغ مبلغ التواتر فإنه كذلك يجب عليه الرجوع لخبرهما
سواء أخبراه بالتمام أو بالنقص إن لم يتيقن، خلاف ما أخبراه به بأن تيقن صدقهما أو ظنه أو شك فيه، فإن
تيقن كذبهما فلا يرجع لخبرهما بل يعمل على يقينه من البناء على الأقل إن كان غير مستنكح، هذا إذا
كانا من مأموميه وإلا فلا يرجع لخبرهما أخبراه بالتمام أو بالنقص كما هو قول ابن القاسم في المدونة
وإن أخبر العدلان الفذ أو المأموم بنقص أو كمال فلا يرجع واحد منهما لخبرهما بل يعمل على يقين
نفسه كما هو ظاهر المصنف، وإن كان المخبر للامام واحدا فإن أخبره بالتمام فلا يرجع لخبره بل يبني على
يقين نفسه، وإن أخبره بالنقص رجع لخبره إن كان ذلك الامام غير مستنكح لحصول الشك بسبب
اخباره وإن كان مستنكحا بنى على الأكثر ولا يرجع لخبره، وإن أخبر الواحد فذا أو مأموما بنقص
أو تمام فلا يرجع واحد منهما لخبره بل يبني على يقينه. قوله: (لا فذ ولا مأموم) أي فلا يرجع واحد منهما
للعدلين إذا أخبراه بالتمام عند شكه في صلاته بأنها تمت أو لا، وأولى عند جزمه بعدم تمامها بل يعمل كل
واحد منهما على ما قام عنده كان المأموم وحده، أو كان مع الامام ولا ينظران لقول غيرهما ما لم يبلغ
حد التواتر فإنه يرجع إليه ويترك ما عنده ولو كان يقينا وهذا ظاهر المصنف وهو مذهب المدونة، وقيل
إن كلا من الفذ والمأموم يرجع لخبر العدلين كالامام وهو نقل اللخمي عن المذهب وابن الجلاب عن
أشهب قوله: (لعدلين من مأموميه) أي وأما لو كانا من غير مأموميه فلا يرجع لهما لان المشارك في الصلاة
أضبط من غيره وهذا قول ابن القاسم في المدونة، وهذه الطريقة شهرها ابن بشير، والذي اعتمده في
التوضيح طريقة اللخمي وهي الرجوع للعدلين سواء كانا من مأموميه أو من غيرهم، وبها صدر ابن
الحاجب، لكن الذي اختاره ح حمل كلام المصنف على ما شهره ابن بشير اه‍ بن قوله: (وأولى إن ظن
صدقهما) أي أو جزم به قوله: (إن لم يتيقن إلخ) أي بأن جزم بصدقهما أو غلب على ظنه صدقهما أو تردد فيه
(قوله رجع ليقينه إلخ) فإن عمل على كلامهما وكلام نحوهما بطلت عليه وعليهم، وإذا عمل على يقينه ولم
يرجع لقولهما فإن كانا أخبراه بالنقص فعلا معه ما بقي من صلاته، وإذا سلم أتيا بما بقي عليهم أفذاذا أو
بإمام، وإن كانا أخبراه بالتمام كان كإمام قام لخامسة فيأتي فيها تفصيله كذا في حاشية شيخنا قوله: (إلا
لكثرتهم جدا) أي فإنه يرجع لقولهم ولا يعمل على يقينه وهو قول محمد بن مسلمة واستحسنه اللخمي
وقال الرجراجي: الأصح المشهور أنه لا يرجع عن يقينه إليهم ولو كثروا إلا أن يخالطه ريب فيجب
عليه الرجوع إلى يقين القوم اه‍ بن قوله: (وأولى مع شكه) أي في خبرهم قوله: (أخبروه
بالنقص أو بالتمام) هذا التعميم محقق لقوله فيما يأتي أن الاستثناء منقطع، وحاصله أنهم
إذا كثروا جدا فإنه يعتبر قولهم أخبروا بالتمام أو أخبروا بالنقص مستنكحا أم لا كان اخبارهم
له قبل السلام أو بعده تيقن خلاف ما أخبراه به أو شك فيما أخبروه به قوله: (فلا تدخل إلخ)
أي لان دخولها فيه يقتضي أنه إذا لم يتيقن خلاف ما أخبراه به من النقص لا يرجع إلا إذا أخبره
عدلان وليس كذلك قوله: (وندب تركه) أي ندب تركه لكل منهما سرا وجهرا، وكذلك يندب ترك
الاسترجاع أيضا، ولم يعلم من كلام المصنف حكم الحمد هل هو مكروه أو خلاف الأولى والظاهر الأول
283

لقول ابن القاسم: لا يعجبني لان ما هو فيه أهم بالاشتغال به. قوله: (ولا سجود لجائز ارتكابه في الصلاة)
فيه أن السجود للامر الجائز فعله فيها لا يتوهم وحينئذ فلا يحتاج للنص على عدم السجود فيه. قوله: (أي
جائز في نفسه) هذا جواب عما يقال: العطف يقتضي المغايرة، فعطف قوله: ولا لجائز على ما قبله يقتضي
أن ما قبله ليس من الجائز مع أن بعضه جائز، وحاصل الجواب: أن المراد بالجائز هنا نوع خاص من الجائز
وهو الجائز لذاته بخلاف ما تقدم فإنه جائز متعلق بالصلاة قوله: (أي غالبا) أي وغير الغالب لا تعلق له
بالصلاة كالمشي للدابة قوله: (قل) القلة والطول والتوسط معتبرة بالعرف كما في خش، ومفهوم قل أنه
إن طال الانصات جدا ولو سهوا أبطل الصلاة وإن كان متوسطا بين ذلك إن كان سهوا سجد بعد
السلام وإن كان عمدا أبطلها. قوله: (لمخبر) بكسر الباء وعلى هذا ففي الكلام حذف مضاف أي لسماع
مخبر، ويصح فتح الباء على أنه اسم مفعول واللام بمعنى من أي من مخبر لكنه قاصر لا يشمل الانصات
لسماع الاخبار لغيره قوله: (مع عدم رفع الأخرى) أي عن الأرض قوله: (وأما مع رفع الأخرى)
أي عن الأرض سواء وضعها على قدم التي اعتمد عليها أو جعلها معلقة في الهواء قوله: (وقتل عقرب)
أي أو ثعبان وأما غيرهما من طير أو دودة أو نحلة فيكره قتلها مطلقا أرادته أم لا قوله: (أي مقبلة عليه)
أشار بهذا إلى أن المراد بإرادتها إقبالها، وليس المراد بالإرادة القصد لأنها بهذا المعنى من خواص العقلاء
كذا قيل، وانظره مع قولهم الحيوان جسم نام حساس متحرك بالإرادة، هذا وقد يقال إن هذا
تعريف للمناطقة التابعين فيه للفلاسفة وأهل الشرع لا يقولون بتدقيقاتهم. قوله: (فإن لم ترده كره له
تعمد قتلها) أي وفي سجوده قولان: سواء كان عالما أنه في صلاة أو ساهيا عن ذلك والمعتمد منهما عدم
السجود قوله: (ولا تبطل بانحطاطه) أي إذا كان قائما. وقوله لاخذ حجر أي أو لقتلها بخلاف انحطاطه
لاخذ حجر يرمي به طيرا أو لقتله فإنه مبطل، لكن الذي يفيده ح أن الانحطاط من قيام لاخذ حجر أو
قوس من الفعل الكثير المبطل للصلاة مطلقا كان لقتل عقرب لم ترده أو لطائر أو صيد فالتفريق في ذلك
غير ظاهر اه‍ بن قوله: (لا ابتدائه فإنه مكروه) الصواب أنه لا فرق بين الابتداء والرد في أن كلا منهما
ليس بمكروه كما في ح عن سند قوله: (والراجح أن الإشارة للرد واجبة) أي لا جائزة فقط كما هو
ظاهر المصنف، وأما الإشارة للابتداء فقد علمت أن فيها قولين بالجواز والكراهة والمعتمد الجواز
(قوله وأما رده باللفظ فمبطل) أي إن كان عمدا أو جهلا لا إن كان سهوا ويسجد له قوله: (أو
إشارة لحاجة) أي لطلب حاجة أو ردها وهذا جائز إذا كانت الإشارة خفيفة وإلا منعت
(قوله وأخرج من قوله لجائز إلخ) الأولى أن يقول من جواز الإشارة للحاجة قوله إلخ لان
اخراج شئ من أمر يقتضي دخوله فيه، والإشارة للرد على المشمت لم تدخل في قوله لجائز
(قوله كأنين لوجع) أي كأنين غلبة لأجل وجع وبكاء غلبة لأجل خشوع وظاهره قليلا أو كثيرا
(قوله لان ما وقع غلبة إلخ) أي فاندفع قول ابن غازي صوابه وكأنين بالواو عطفا على إنصات إذ هو مما
اندرج تحت قوله: ولا جائز اه‍. وحاصل رد الشارح أنه ليس من أفراد الجائز لان المراد أنين غلبة من
المريض بحيث يصير كالملجأ لما يصدر منه، وليس المراد أن له فيه اختيارا بحيث يمكنه تركه. قوله: (وإلا
يكن لوجع ولا لخشوع) أي غلبة بأن كان لمصيبة أو لوجع من غير غلبة أو لخشوع كذلك قوله: (يفرق
بين عمده وسهوه) أي فالعمد مبطل مطلقا قل أو كثر، والسهو يبطل إن كان كثيرا ويسجد له إن قل
284

(قوله وهو ما كان بلا صوت) أي بأن كان مجرد إرسال دموع. وقوله: ولو اختيارا أي هذا إذا كان
غلبة بل ولو اختيارا كان تخشعا أم لا قوله: (لتبسم) أي وهو انبساط الوجه واتساعه مع ظهور البشرى
من غير صوت. وقوله: إن قل أي وكان سهوا قوله: (فإن كثر أبطل مطلقا) أي عمدا أو سهوا
قوله: (وفرقعة أصابع والتفات إلخ) اعلم أنهما إن كثرا أبطلا الصلاة مطلقا، وإن توسطا أبطل عمدهما
وسجد لسهوهما، فكلام المصنف محمول على اليسير منهما قوله: (ولا في تعمد بلع ما بين أسنانه) أي
لا سجود في ذلك وهو مكروه واعترض بأن العمد لا يتوهم فيه السجود حتى ينفى، ويمكن الجواب بأن
المراد تعمده في ذاته مع كونه ناسيا أنه في صلاة أو يقال: إنه لما كان يتوهم أن عمده مثل الطول في المحل
الذي لم يشرع فيه التطويل في أنه يسجد لعمده نص عليه قوله: (ولو مضغه) قال بن فيه نظر إذ
المضغ عمل كثير بخلاف البلع ولم أجد في أبي الحسن ما ذكره عنه عبق من عدم البطلان إذا مضغ ما بين
أسنانه وبلعه (قوله وكذا تعمد بلع لقمة أو تينه) فيه نظر بل الظاهر أن هذا من العمل الكثير المبطل
للصلاة، ونص المدونة قال مالك: ومن كان بين أسنانه طعام كفلقة الحبة فابتلعه في صلاته لم يقطع صلاته
أبو الحسن: لان فلقة حبة ليست بأكل له بأن تبطل به الصلاة، ألا ترى أنه إذا ابتلعها في الصوم لا يفطر على
ما في الكتاب فإذا كان الصوم لا يبطل فأحرى الصلاة اه‍. فاستدلاله بالصوم يدل على البطلان في
المضغ وفي بلع اللقمة والتينة إذ لا يصح أن يقال بصحة الصوم مع ذلك اه‍ بن. قوله: (ولا في حك
جسده) أي وهو جائز إن كان لحاجة وقل، وقوله وكره لغير حاجة أي والحال أنه قليل. قوله: (فإن
كثر) أي الحك مطلقا كان لحاجة أو لغيرها. وقوله: ولو سهوا أي هذا إذا كان عمدا بل ولو كان سهوا
أبطل فإن توسط أبطل عمده وسجد لسهوه فكلام المصنف محمول على الحك اليسير وهو بالعرف
قوله: (كتسبيح) الأولى أن يقول: كتحميد أو تكبير كما يدل له قوله في آخر العبارة وهذا في غير
التسبيح قوله: (أو يستأذن عليه شخص وهو يقرأ إلخ) من هذا القبيل الاتيان بباء البسملة وسينها لهرة
في محل البسملة كأن يكون بآية النمل أو أتى بها في الفاتحة للخلاف قوله: (وإلا بأن قصد التفهيم به بغير
محله) لا يدخل تحت وإلا ما إذا لم يقصد به التفهيم أصلا لأنها لا تبطل ولا شئ فيه تسبيحا كان الذكر
أو غيره قوله: (بطلت صلاته) أي عند ابن القاسم. وقال أشهب: بالصحة مع الكراهة قوله: (وهذا في غير
التسبيح) مثل التسبيح التهليل والحوقلة فلا يضر قصد الافهام بهما في أي محل من الصلاة، فالصلاة
كلها محل لذلك اه‍ شيخنا عدوي قوله: (على الأصح) مقابله ما قاله أشهب من الصحة كما ذكره بهرام
قوله: (على غير إمامه) أي أعم من أن يكون ذلك الغير مصليا أو تاليا كان المصلي معه في تلك الصلاة بأن
فتح مأموم على مأموم معه في الصلاة أو كان ذلك المصلي ليس معه في تلك الصلاة، وقوله لكان أشمل أي
بخلاف قول المصنف على من ليس معه في صلاة فإنه قاصر على ما إذا كان المفتوح عليه تاليا أو مصليا ليس
معه في تلك الصلاة، ولا يشمل ما إذا كان مصليا معه فيها، والحاصل أن من وقف في قراءته فإن
285

كان هو الامام فيفتح عليه ندبا أو استنانا وربما وجب الفتح كما مر، وإن كان تاليا أو مصليا ليس معه في
صلاته فلا يفتح عليه على الأصح والفتح عليه مبطل، وإن كان مصليا معه في تلك الصلاة بأن فتح مأموم
على مأموم معه في صلاته فاستظهر عج البطلان، والشيخ سالم استظهر الفتح عليه وعدم البطلان عملا
بمفهوم ما هنا، واعتمد شيخنا العدوي ما لعج لأنه ظاهر قول المدونة ولا يفتح مصل على مصل آخر
إذ هو شامل لما إذا كان ليس معه فيها أو كان معه فيها. قوله: (وبطلت بقهقهة) أي سواء كثرت أو قلت
وسواء وقعت عمدا أو نسيانا لكونه في صلاة أو غلبة كان يتعمد النظر في صلاته أو الاستماع لما
يضحك فيغلبه الضحك فيها كان المصلي فذا أو إماما أو مأموما، لكن إن كان فذا قطع مطلقا عمدا أو
نسيانا أو غلبة، وإن كان إماما قطع أيضا في الأحوال الثلاثة ويقطع من خلفه أيضا ولا يستخلف
ووقع لابن القاسم في العتبية والموازية أن الامام يقطع هو ومن خلفه في العمد ويستخلف في الغلبة
والنسيان ويرجع مأموما مراعاة للقول بعدم بطلان الصلاة بالقهقهة غلبة أو نسيانا، وإذا رجع مأموما
أتم صلاته مع ذلك الخليفة ويعيدها أبدا لبطلانها، وأما مأموموه فيتمون صلاتهم مع ذلك الخليفة ولا إعادة
عليهم لا في الوقت ولا في غيره لصحتها، واقتصر عج في شرحه على ما لابن القاسم في الموازية والعتبية
واعتمده شيخنا العدوي، وإن كان مأموما قطع إن تعمدها وإن كانت غلبة أو نسيانا تمادى فيهما مع
الامام على صلاة باطلة مراعاة للقول بصحتها فيهما ويعيد أبدا لكن التمادي مقيد بقيود أربعة ذكرها
الشارح. قوله: (ولو من مأموم) أي هذا إذا كانت من فذ أو إمام بل ولو من مأموم، هذا إذا كانت
عمدا أو غلبة بل ولو سهوا قوله: (بخلاف سهو الكلام) أي إذا كان يسيرا قوله: (إذ الكلام إلخ)
هذا إشارة للفرق بين القهقهة نسيانا والكلام نسيانا حيث بطلت الصلاة بالأول ولو يسيرا ولم
تبطل بالثاني إذا كان يسيرا بل يجبر بالسجود قوله: (وقطع فذ وإمام) أي في الأحوال الثلاثة كانت
عمدا أو غلبة أو نسيانا قوله: (ولا يستخلف) أي الامام مطلقا يعني في الحالات الثلاثة وحينئذ
فيقطع مأمومه أيضا، وقيل إنه يقطع هو ومأمومه ولا يستخلف إذا كانت عمدا، وأما إن كانت سهوا
أو غلبة فإنه يستخلف ويرجع مأموما وصلاته التي يتمها مع الخليفة باطلة، وأما صلاة مأموميه التي
يتمونها مع الخليفة فهي صحيحة قوله: (وتمادى المأموم) أي وجوبا كما قال الزناتي، وقال عبد الوهاب
استحبابا واستبعد طفي الأول، وفي بن: الراجح الوجوب وهو ما في أبي الحسن على المدونة، وقد علمت
أن محل تماديه إذا وقعت منه غلبة أو نسيانا قوله: (مراعاة لمن يقول بالصحة) أي وهو سحنون فإنه
يرى أن القهقهة إذا كانت سهوا أو غلبة لا تبطل الصلاة قياسا لها على الكلام نسيانا وإنما تبطلها إذا
كانت عمدا قوله: (إن لم يقدر على الترك ابتداء ودواما) أي إن لم يقدر على تركه في المدة التي ضحك
فيها غلبة أو نسيانا من أولها إلى آخرها وهذا لا ينافي أن غير المدة التي ضحك فيها له قدرة على الترك فيها
وليس المراد أنه لا قدرة له على الترك رأسا بل استمر دائما وأبدا يضحك، وقد يقال إذا ذهب
الضحك بعد عدم قدرته على تركه فأي فائدة في التمادي بدون قطع مع أن الفائدة في قطعه وابتدائها
من أولها مع الامام. تنبيه: من غلبت عليه القهقهة كلما صلى فإنه يصلي على
حالته ولا يؤخر ولا يقدم، وأما إن كانت تلازم في إحدى المشتركتين فإنه يقدم أو يؤخر
أشار له عج وهذا بخلاف الصوم فإنه يسقط عن كل من إذا صام عطش أو جاع بحيث لا يصبر على
عدم الأكل أو الشرب قاله شيخنا. قوله: (بأن وقع إلخ) أي كما لو كان في أوله غلبة أو نسيانا وكان آخر
المدة اختيارا قوله: (ثم شبه في التمادي إلخ) حاصله أن للمأموم القهقهة حكمين البطلان ووجوب
286

التمادي فشبه المصنف في الثاني من الحكمين وهو وجوب التمادي بقطع النظر عن البطلان مسألتين
والدليل على أن المصنف قصد التشبيه في التمادي لا في البطلان عدم عطفهما على قوله بقهقهة
بل قرن الأولى بكاف التشبيه وجرد الثانية من الباء، ولما رجع للعطف على القهقهة كرر الباء فقال
وبحدث إلخ. قوله: (فصلاته صحيحة) أي ويعيدها احتياطا لأنها لا تجزيه عند ربيعة قوله: (على
المذهب) أي على مذهب المدونة وهو المشهور كذا في حاشية الفيشي. وفي عج: أنه يعيد صلاته أبدا
وجوبا على الراجح ويتمادى مع الامام على صلاة باطلة قال شيخنا، وهو المعول عليه قوله: (وإن التمادي)
أي وإن وجوب التمادي وقوله مراعاة لمن يقوله بصحتها أي وهو يحيى بن سعيد الأنصاري والإمام محمد
بن شهاب كلاهما من أشياخ مالك فقد قالا: إن الامام يحمل عن المأموم تكبيرة الاحرام
(قوله إذ هو الذي يركع إلخ) قد يقال: بل تتصور هذه الصورة أيضا في الفذ إذا كانت القراءة ساقطة عنه
لكونه لم يجد معلما أو ضاق الوقت عليه أو على القول بعدم وجوب الفاتحة في كل ركعة قاله شيخنا
وقد يقال: إنما اقتصروا في التصوير على المأموم لأنه هو الذي يتمادى وجوبا مع الامام إذا تذكر
ذلك، وأما الامام والفذ فإنهما يقطعان كما يأتي في الجماعة. واعلم أن هذه الصورة التي حمل الشارح عليها
كلام المصنف تبعا لبهرام وشب هي عين قول المصنف في الجماعة وإن لم ينوه ناسيا له تمادي
المأموم فقط ذكرها هنا للنظائر، وحمل عبق كلام المصنف تبعا لابن غازي على ما إذا
نوى الصلاة المعينة ثم كبر قاصدا للركوع غافلا عن النية فقد حصل منه التكبير للركوع ونية
الصلاة المعينة قبله بيسير، فقول المصنف: بلا نية إحرام معناه ناسيا للاحرام فيتمادى المأموم
مع إمامه على صلاة صحيحة لأنه كمن نوى بالتكبير الاحرام والركوع قال شيخنا: والمأخوذ من
النقول أن الصلاة باطلة ويتمادى مع إمامه على صلاة باطلة مراعاة لمن يقول بالصحة. قوله: (لكن على
صلاة باطلة) هذا بناء على ما سبق له من أن الترتيب بين المشتركتي الوقت واجب شرط ابتداء
ودواما، وقد علمت أن المعتمد أنه واجب شرط ابتداء لا دواما، فمن ذكر حاضرة في حاضرة فإنه
يتمادى على صلاة صحيحة قوله: (أي بحصول ناقض) أي سواء كان حدثا كريح أو سببا كمس ذكر
أو لمسا مع قصد لذة، وسواء كان حصول الناقض عمدا أو نسيانا أو غلبة خلافا لمن قال: إن الصلاة
لا تبطل بذلك بل يبني على ما فعل كالرعاف، وأشار الشارح بقوله أي بحصول ناقض إلى أن المصنف
أطلق الخاص وأراد العام فهو مجاز مرسل، أو أنه من عموم المجاز أو استعمل الكلمة في حقيقتها
ومجازها. قوله: (لا بالغلبة والنسيان) أي وهو معنى قولهم: كل صلاة بطلت على الامام بطلت على المأموم
287

إلا في سبق الحدث ونسيانه فإذا تذكره الامام استخلف فإن لم يستخلف وكمل بهم بطلت على
المأموم لتعمد الامام صلاته بالحدث. قوله: (وبسجوده قبل السلام لفضيلة) أي عمدا أو جهلا لا إن
سجد سهوا فلا بطلان ويسجد بعد السلام قوله: (ولو كثرت) أي كقنوت وتسبيح بركوع
وسجود قوله: (ما لم يقتد بمن يسجد لها في الجميع) أي فإن اقتدى بمن يسجد لذلك سجد معه وجوبا
فلو سجد إمامه ولم يسجد هو فانظر هل تبطل صلاته أو لا؟ والظاهر عدم البطلان كما أفاده بعضهم
واعلم أن المصنف اعتمد في البطلان بالسجود للفضيلة والتكبير على ما في التوضيح ونصه قد نص
أهل المذهب على أن من سجد قبل السلام لترك فضيلة أعاد أبدا، وكذلك قالوا في المشهور إذا سجد
لتكبيرة واحدة قبل السلام اه‍. وتعقبه بن بأن السجود لفضيلة قد ذكر ح أن ابن رشد ذكر فيه قولين
وأنه صدر بعدم البطلان، وأما السجود لترك التكبيرة الواحدة فقال الفاكهاني لا أعلم من قال
بالبطلان إذا سجد له قبل السلام، وقال سيدي عبد الرحمن الفاسي: إنما وقفت على الخلاف في السجود
للتكبيرة الواحدة ولا يلزم من القول بنفي السجود لها بطلان الصلاة بالسجود لها مع وجود القول به
وبالجملة فلم نر ما يشهد للمصنف فيما ادعاه من البطلان بالسجود لتكبيرة اه‍ قوله: (وبمشغل) أي
وبطلت الصلاة بسبب ملابسة مشغل عن فرض فالمبطل ملابسة المشغل لا ذاته والباء للسببية
(قوله من حقن) هو بالقاف والنون الحصر بالبول، وأما بالقاف والباء الموحدة فهو الحصر بالغائط
وبالفاء والنون الحصر بهما معا، ويقال للحصر بهما معا أيضا حقم، والحصر بالريح يقال له حفز بالحاء
المهملة والفاء والزاي المعجمة قوله: (أو غثيان) المراد به ثوران النفس، واعلم أن محل البطلان بالمشغل
عن الفرض إذا كان لا يقدر على الاتيان بالفرض معه أصلا أو يأتي به معه لكن بمشقة، ومحله أيضا
إذا دام ذلك المشغل، وأما إن حصل ثم زال فلا إعادة كما في البرزلي قوله: (يعيد في الوقت) قال ح: ينبغي
أن يكون هذا الحكم فيمن ترك سنة من السنن الثمان المؤكدات، وأما لو ترك سنة غير مؤكدة أو
فضيلة فلا شئ عليه كان الترك بمشغل أو بغير مشغل كما صرح به في المقدمات، وحينئذ فلا يحمل كلام
المصنف على إطلاقه كما فعل عبق تبعا لعج. وقوله: يعيد في الوقت أي الذي هو فيه اختياريا أو ضروريا
وهذا بعد الوقوع وإلا فهو مخاطب بالقطع كما أفاده البدر القرافي قوله: (متيقنة) أي وأما لو شك
في الزيادة الكثيرة فإنها تجبر بالسجود اتفاقا. وقوله: سهوا أي وأما الزيادة عمدا فإنها تبطل ولو كانت أقل
من ركعة قوله: (ولو في ثلاثية) أي هذا إذا كانت في رباعية بل ولو في ثلاثية وهذا هو المشهور، وقيل
إن الثلاثية تبطل بزيادة مثلها. وقيل: بزيادة ركعتين وإنما شهر الأول لأنه لما كان السبب في مشروعيتها
ثلاثا ايتار ركعات اليوم والليلة اعتنى بأمرها لتقوى جانبها فجعلت كالرباعية، والظاهر كما قال عبق أن
عقد الركعة هنا برفع الرأس من الركوع، فإذا رفع رأسه من ثامنة في الرباعية أو سابعة في ثلاثية أو رابعة
من ثنائية بطلت. قوله: (كجمعة) أي بناء على أنها فرض يومها، وأما على القول بأنها بدل عن الظهر
فلا تبطل إلا بزيادة أربع والقولان أي أنها فرض يومها أو بدل عن الظهر مشهوران قوله: (لا سفرية
فبأربع) أي مراعاة لأصلها بناء على أن الرباعية هي الأصل وهو الصحيح فلا تبطل إلا بصلاتها ستا
وهو ظاهر اه‍ قوله: (وبطل الوتر بزيادة ركعتين إلخ) مثله في ذلك النفل المحدود كالفجر
والعيدين والاستسقاء والكسوف ولو لم يكرر الركوع والسجود في الركعتين المزيدتين
في الكسوف، وأما النفل غير المحدود فلا يبطل بزيادة مثله لقولهم: إذا قام لخامسة في النافلة
288

رجع ولا يكملها سادسة وسجد بعد السلام. قوله: (وبتعمد زيادة ركن فعلي) أي بزيادته عمدا وكذا جهلا
وهذا في الفرض والنفل المحدود كالوتر وانظر غيره هذا ملخص ما في عج. قوله: (لا قولي) أي كتكرير
الفاتحة. وقوله: فلا تبطل على المعتمد أي وقيل تبطل. قوله: (أو بتعمد نفخ بفم) أي سواء كان كثيرا أو
قليلا ظهر معه حرف أم لا لأنه كالكلام في الصلاة وهذا هو المشهور، وقيل: إنه لا يبطل مطلقا وقيل إن
ظهر منه حرف أبطل وإلا فلا قوله: (ما لم يكثر أو يقصد عبثا) أي أو يقصد بفعله العبث واللعب، وأشار
بهذا إلى أن محل عدم الضرر بالخارج من الانف ما لم يكن عبثا، فإن كان عبثا جرى على الأفعال الكثيرة
لأنه فعل من غير جنس الصلاة، وذكر عج عن النوادر أن المأموم يتمادى على صلاة باطلة إذا نفخ عمدا
أو جهلا، وأما الفذ والامام فإنهما يقطعان قوله: (أو بتعمد أكل أو شرب) أي ولو كان مكرها ولو كان
الأكل أو الشرب واجبا عليه لانقاذ نفسه ووجب عليه القطع لأجل ذلك ولو خاف خروج الوقت كما قاله
عج قوله: (أو بتعمد كلام) وفي إلحاق إشارة الأخرس به ثالثها إن قصد الكلام قوله: (وإن بكره)
راجع للجميع من قوله: وبتعمد كسجدة حتى القئ باعتبار الاكراه على تعاطي سببه كالاكراه على
وضع أصبعه في حلقه. قوله: (أو وجب لانقاذ أعمى) أي أو لإجابة أحد والديه وهو أعمى أصم في نافلة
والحاصل أنه إذا ناداه أحد أبويه فإن كان أعمى أصم وكان هو يصلي نافلة وجب عليه إجابته وقطع
تلك النافلة لأنه قد تعارض معه واجبان فيقدم أوكدهما وهو إجابة الوالدين للاجماع على وجوبها
والخلاف في وجوب إتمام النافلة، وأما إن كان المنادي له من أبويه ليس أعمى ولا أصم أو كان يصلي
في فريضة فليخفف ويسلم ويكلمه انظر ح. وأما إذا وجب لاجابته عليه السلام في حالة حياته أو بعد موته
فهل تبطل به الصلاة أو لا تبطل؟ قولان والمعتمد منهما عدم البطلان، وإذا ترك المصلي الكلام لانقاذ
الأعمى وهلك ضمن ديته، وكما يجب الكلام لانقاذ الأعمى وإن أبطل الصلاة يجب أيضا لتخليص المال
إذا كان يخشى بذهابه هلاكا أو شديد أذى كان قليلا أو كثيرا ويقطع الصلاة كان الوقت متسعا أو لا
وأما إذا كان لا يخشى بذهابه هلاكا ولا شديد أذى فإن كان يسيرا فلا يقطع وإن كان كثيرا قطع إن
اتسع الوقت والكثرة والقلة بالنسبة للمال في حد ذاته قوله: (إلا لاصلاحها) مستثنى من قوله: أو كلام
لا من خصوص قوله أو وجب لانقاذ أعمى كذا ظاهر الشارح، والظاهر أنه مستثنى من قوله: أو وجب إلخ
ليفيد أن الكلام لاصلاحها واجب بخلاف جعله مستثنى من قوله: أو كلام فإنه لا يفيده، وقوله إلا أن يكون
تعمد الكلام أي قبل السلام أو بعده لاصلاحها عند تعذر التسبيح. قوله: (حصلت الثلاثة سهوا) أي بأن
سلم ساهيا عن كونه في أثناء الصلاة بأن اعتقد التمام وسلم قاصدا التحليل وأكل وشرب ساهيا عن كونه
في الصلاة، هذا هو محل الخلاف الذي ذكره، وأما إن حصل شئ منها عمدا بطلت اتفاقا، وإن سلم ساهيا
والحال أنه لم يعتقد التمام فأكل أو شرب ساهيا فالصلاة صحيحة اتفاقا ويسجد كذا قرر شيخنا قوله: (كما في
كتاب الصلاة الأول منها) ونصبها فيه وإن انصرف حين سلم فأكل وشرب ابتدأ وإن لم يطل لكثرة
المنافي اه‍ أبو الحسن. وفي بعض رواياتها حين سلم فأكل أو شرب بأو اه‍ ونصها في الكتاب الثاني، ومن
تكلم أو سلم من اثنتين أو شرب في الصلاة ناسيا سجد بعد السلام قوله: (حكم بالبطلان) أي مع
وجود المنافي قوله: (وفي آخر بعدمه) أي مع وجود المنافي فقوله في الرواية الثانية: لا تبطل بالأكل
والشرب أي ولا بالأكل مع الشرب والسلام وأولى بوجود أمرين بل تجبر بسجود السهو، وقوله في
الرواية الأولى وتبطل بالأكل والشرب والسلام أي بالأكل وحده وبالشرب وحده وبالسلام وحده
لان المنافي موجود. قوله: (لشدة منافاته) أي وإنما حكم بالبطلان في هذه الحالة لشدة إلخ أي لان الشارع
289

جعل السلام بذاته علامة على الخروج من الصلاة، فكان اجتماعه مع غيره أشد من وجود غيره بدونه
قوله: (مع الأكل والشرب) هذا ناظر لرواية الواو في الكتاب الأول، وقوله أو مع حصول أحدهما ناظر لرواية
أو قوله: (ولو بين اثنين) أو للجمع بين ثلاثة بل ولو بين اثنين فالجمع بين ثلاثة ناظر لرواية الواو بين اثنين
ناظر لرواية أو قوله: (ثلاثة) واحد منها بالخلاف واثنان بالوفاق قوله: (اتفق الموقفان على البطلان) أي
لحصول السلام مع غيره ولوجود الجمع بين أمرين فأكثر، وسواء كان فذا أو إماما أو مأموما قوله: (على
الصحة) أي ويسجد الفذ والامام، وأما المأموم فلا سجود عليه لحمل الامام لذلك قوله: (اختلف الموقفان)
أي فينجبر على الأول لاناطته البطلان بالسلام مع غيره ولم يحصل لا على الثاني لاناطته البطلان بالجمع، وقد
حصل والجبر على الأول بالنسبة للفذ والامام لا المأموم قوله: (فيطرقه) أي فيجزيه أي فيجعل
الخلاف بالبطلان وعدمه جاريا في حصول الثلاثة والاثنين والواحد. واعلم أن تعليل المدونة في
البطلان في الكتاب الأول بكثرة المنافي يضعف التأويل بالخلاف والتأويل بالوفاق بحصول السلام
لاقتضائه عدم البطلان إذا حصل الأكل والشرب فقط مع أنه قد وجدت كثرة المنافي ويرجح التأويل
بالوفاق بالجمع قاله شيخنا قوله: (أي إعراض إلخ) الصواب حمل الانصراف على حقيقته وهو مفارقة
مكانه لان الاعراض عن الصلاة بالنية رفض لها، وقد مر الكلام على رفضها في قوله: والرفض مبطل
انظر بن، ولو حذف المصنف هذه المسألة من هنا ما ضره لعلمها من قوله في الرعاف ولا يبني بغيره قاله عج.
قوله: (كمسلم) أي من صلاته عمدا أو جهلا وأما سهوا، فإن تذكر عن قرب أصلح وإن تذكر عن بعد بطلت
صلاته. قوله: (شك) قال بن: المراد بالشك هنا التردد على حد سواء لا ما قابل الجزم كما هو ظاهر عبق
إذ مقتضاه أن السلام مع ظن التمام مبطل وليس كذلك كما يفيده نقل ح عن ابن رشد عند قوله ولا سهو على
مؤتم إلخ ولا مفهوم لقوله شك في الاتمام إذ لو سلم معتقدا عدم التمام كذلك بالأولى قوله: (لمخالفته إلخ)
أي ولأنه شك في السبب المبيح للسلام وهو الاتمام، والشك في السبب يضر ومقابله صحة الصلاة إذا
ظهر الكلام وهو قول ابن حبيب لأنه شك في المانع وهو عدم الاتمام، والشك في المانع لا يضر
ولكن رد ذلك بأن المانع أمر وجودي كالحيض وعدم الاتمام أمر عدمي، فالحق أن الشك هنا من
قبيل الشك في السبب قوله: (مع الامام) هذا نص على المتوهم وإلا فالصلاة تبطل بسجود المسبوق
البعدي المترتب على الامام قبل قضاء ما عليه سواء سجدة مع الامام أو قبله أو بعده فنص على قوله
مع الامام لتوهم الصحة باتباعه، وقد يقال: ليس المراد بقوله مع الامام المصاحبة في الزمن، بل المراد
المصاحبة الحكمية بأن يوافقه في السجود قبل قضاء ما عليه وهو صادق بمصاحبة للامام في الزمن
وبما إذا كان قبله أو بعده فتأمل. قوله: (وبسجود المسبوق عمدا إلخ) أي وإما نسيانا فلا تبطل وإما جهلا
فلا تبطل كالناسي عند ابن القاسم وهو الراجح، وقال عيسى: تبطل كالعامد، ابن رشد: وهو القياس على
المذهب من إلحاق الجاهل بالعامد، وعذره ابن القاسم بالجهل فحكم له بحكم الناسي مراعاة لقول
سفيان بوجوب سجود المسبوق مع الامام القبلي والبعدي قال شيخنا: وحل عبق يقتضي ترجيح قول
ابن القاسم ولكن الذي رجحه بعض الأشياخ قول عيسى من أنه لا يعذر بالجهل وهو الظاهر
قوله: (مطلقا) أي سواء كان ذلك المسبوق أدرك مع الامام ركعة أم لا، وإنما بطلت صلاة المأموم بذلك لأنه
أدخل في الصلاة ما ليس منها بخلاف من قدم السجود البعدي فإنها تصح مراعاة لمن يقول بذلك من أهل
المذهب، وفرق أيضا بأن هذا زاد في خلال الصلاة بخلاف ذاك فإنه إنما زاد بعد أن أتمها غاية الأمر
أنه لم
يسلم. تنبيه: ظاهر قوله: وبطلت بسجود المسبوق مع الامام بعديا مطلقا أو قبليا إن لم يلحق ركعة
بطلان صلاة المسبوق الذي دخل مع الامام وهو في سجود السهو، وقيل بصحتها لظنه أن هذا السجود
الذي دخل معه فيه السجود الأصلي والخلاف مذكور في بعض حواشي العزية انظر المج
290

قوله: (مطلقا إلخ) هذا يقتضي أن قول المصنف: إن لم يلحق ركعة راجع للقبلي فقط وأما البعدي
فالبطلان، وفيه أن الأولى رجوع الشرط لكل من القبلي والبعدي لامرين: الأول تعرض
المصنف لهما في المفهوم حيث قال: وإلا سجد وأخر البعدي لان المراد وإلا بأن أدرك ركعة سجد القبلي
والبعدي لكن القبلي يسجد معه قبل قضاء ما عليه وأخر البعدي لتمام صلاته والبطلان حيث سجد
البعدي قبل القضاء يؤخذ من قوله: وأخر البعدي لان الفعل يؤذن بالوجوب والأصل البطلان في ترك
الواجب، والامر الثاني أن رجوع الشرط للثاني فقط يقتضي أنه يسجد البعدي ويؤخره ولو لم يدرك
ركعة لان قوله: وأخر البعدي المتقدم وهو شامل لما إذا لحق ركعة أم لا وليس كذلك بخلاف
ترجيعه لهما فإن المعنى يصير وإلا بأن أدرك ركعة سجد القبلي معه وأخر البعدي وهو سديد قوله: (قبل
قضاء ما عليه) أي فلو خالف وأخره لتمام صلاة نفسه عمدا أو جهلا بطلت لا سهوا كذا في عبق، والذي
في شب أنه إذا خالف في القبلي وأخره لقضاء ما عليه لم تبطل قوله: (فإن أخره بعده) أي فإن أخر الامام
السجود القبلي بعد السلام قوله: (فهل يفعله معه قبل إلخ) أي وهو ما يفيده عجز كلام الشيخ كريم الدين
قوله: (أو بعد تمام القضاء) أي وهو ما يفيده كلام البرزلي وصدر كلام الشيخ كريم الدين قوله: (أو بعده)
أو للتخيير أي أن الواجب فعله بعد القضاء وهو مخير بعده في فعله قبل سلام نفسه قوله: (أو إن كان إلخ)
وذلك لان السجود الذي تبطل الصلاة بتركه بمنزلة جزء منها فهو بمنزلة سجدة منها فعلها الامام فيتبعه فيها
بخلاف ما لا تبطل الصلاة بتركه، وهذا القول لأبي مهدي وارتضاه تلميذه ابن ناجي وبعض من لقيه قال
شيخنا: وهذا القول هو الظاهر لأنه كالجمع بين القولين قبله، بقي ما لو كان السجود بعديا أصالة وقدمه الامام
فإن كان مذهبه ذلك تبعه المأموم وإن كان مذهبه تأخيره فانظر هل يسجد معه المأموم نظرا لفعله أو لا
يسجد معه نظرا لأصله؟ وعلى كل حال لا تبطل صلاة المأموم بسجوده مع الامام مراعاة للخلاف في ذلك
قاله شيخنا. قوله: (ولو ترك إمامه) أي هذا إذا فعله إمامه بل ولو ترك إلخ قوله: (فلو قدمه) أي قبل قضاء
ما عليه بأن سجدة مع الامام قوله: (أو جهلا) أي بناء على ما قاله عيسى لا على ما لابن القاسم من أن الجاهل
كالناسي قوله: (والأولى أن لا يقوم) أي المأموم لقضاء ما عليه، وقوله إلا بعد سلام الامام منه أي من
السجود البعدي المترتب عليه قوله: (غلبه) أي غلب ذلك النقص على ما معه من الزيادة التي حصلت من
الامام قوله: (موجب سهو) أي وهو السجود وأشار الشارح بهذا إلى أن في كلام المصنف حذف
مضاف أي ولا سجود سهو أو لا موجب سهو وإنما احتج لذلك لصحة المعنى، إذ السهو يقع من المؤتم
قطعا فلا صحة لنفيه قوله: (حصل له حالة القدوة) أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف حالة القدوة
معمول لمقدر أشعر به الكلام أي عرض أو حصل السهو له حالة القدوة وليس راجعا لقوله: ولا سجود
لأنه يقتضي أنه يسجد بعد حالة القدوة وليس كذلك قوله: (لحمله الامام عنه) أي بطريق الأصالة قوله: (ولو
نوى) أي الامام قوله: (ولا مفهوم لسهو) أي بل إذا تعمد ترك السنن كلها فإن الامام يحملها عنه
قوله: (ولا يحمل عنه ركنا) أي مطالبا به كالنية وتكبيرة الاحرام والركوع والسجود فخرجت
الفاتحة. قوله: (وبترك قبلي) فهم منه أن البعدي لا تبطل بتركه ولو طال، وحينئذ فيسجده متى
ذكره قوله: (وطال) أي الترك بأن لم يأت به بعد السلام بقرب، ومثل الطول ما إذا حصل
مانع من فعله كالحدث، وكذا إذا تكلم أو لابس نجاسة أو استدبر قبلة عمدا قاله ابن هارون
اه‍ بن. قوله: (وأما عمدا فتبطل وإن لم يطل) علم منه أن قوله: وبترك قبلي شامل للترك سهوا
291

أو عمدا لكن الترك سهوا مقيد بقوله: وطال دون العمد. وقال الشيخ سالم: لا فرق في الترك بين العمد
والسهو، وأما قوله فيما تقدم وصح أن قدم بعديه أو أخر قبلية فهو مقيد بما إذا كان لم يعرض عن الاتيان
به بالمرة وإلا فلا صحة. قوله: (فلا سجود عليه) اعترض بأنه لا ملاءمة بين عدم البطلان وترك السجود
فلو عبر المصنف بالواو كان أحسن أي لا أقل فلا بطلان ولا سجود، وأجاب الشارح بأن قوله: فلا سجود
جواب شرط مقدر، وما ذكره من عدم السجود هو مذهب ابن القاسم وذلك لان السجود القبلي سنة
مرتبطة بالصلاة وتابعة لها، ومن حكم التابع أن يلحق بالمتبوع بالقرب فإذا بعد لم يلحق به ومقابله لابن
حبيب يسجد وإن طال قوله: (وبطلت) كان الأولى أن يقول: وبطلت هي بإبراز الضمير لجريان الحال
على غير من هي له، ولعله ترك الابراز لامن اللبس على مذهب الكوفيين، وأما للتفرقة بين الفعل والوصف
وإن الابراز إنما يجب مع الوصف دون الفعل وهو مذهب أبي حيان اه‍ بن قوله: (وتقدم في قوله وإن
ذكر اليسير في صلاة إلخ) أي فيقطع الفذ إن لم يركع ويشفع إن ركع، وكذلك الامام ومأمومه، وأما
المؤتم فلا يقطع بل يتمادى ويعيد تلك الصلاة في الوقت بعد فعل الأولى التي بطلت قوله: (إن أطال
القراءة) أي في الصلاة الثانية المذكور فيها قوله: (بأن فرغ من الفاتحة) قد تقدم في باب فرائض الصلاة
أن الطول فيه قولان: قيل بمجرد الفراغ من الفاتحة، وقيل لا بد من الزيادة على الفاتحة، وتقدم أن هذا هو
المعتمد فقد نقله ابن عرفة عن ابن رشد قوله: (داخل الصلاة) أي التي شرع فيها قوله: (رجع لاصلاح
الأولى) أي ولو كان مأموما قوله: (بلا سلام من الثانية) أي لئلا يدخل على نفسه بالسلام زيادة
في الأولى لانسحاب حكم الصلاة الأولى عليه ولذا رجع هنا ولو مأموما بخلاف ما قبله، وإذا أصلح
الأولى سجد بعد السلام. قوله: (وأما قوله إلخ) جواب عما يقال قوله فإن سلم بطلت إنما يظهر إذا كان
المتروك غير السجود القبلي، وأما إذا كان هو المتروك فلا مانع من السلام إذ غايته أن السجود القبلي صار
بعديا وقد قال المصنف: وصح إن قدم أو أخر قوله: (مطلقا) أي سواء أطال القراءة في التي شرع فيها أم لا
قوله: (ويسجد بعد السلام) هذا إنما هو في مسألة ذكر البعدي، وأما في ذكر القبلي فإنه يسجد قبل
السلام لا بعده لأنه اجتمع له النقص والزيادة اه‍ بن قوله: (بتعمد ترك سنة) أي بتعمد ترك
غير مأموم سنة فالخلاف في غير المأموم، وأما هو فلا شئ عليه اتفاقا قوله: (داخلة الصلاة)
مقتضى ما في ح عن الرجراجي أن هذا الخلاف موجود في ترك الإقامة فانظره اه‍ بن. وممن
حكى الخلاف مطلقا حتى في سنن الوضوء القرطبي في تفسيره. قوله: (والمراد الجنس) هذا بناء
على ما قاله سند من أن الخلاف جار في السنة الواحدة والمتعددة وعلى ذلك مشى المواق، وقال ابن رشد
محل الخلاف في السنة الواحدة، وأما إن ترك أكثر عمدا بطلت اتفاقا عنده والأول أقوى، فإن قيل
السجود القبلي سنة وقد قالوا إذا تركه وطال بطلت ولم يجروا فيه الخلاف والجواب أنه لما شابه بعض
292

أركان الصلاة تقوى جانبه فلم يجر فيه الخلاف بخلاف غيره من سنن الصلاة فإنه لم يشابه شيئا من
الأركان فلم تحصل له قوة، أو يقال: اللازم على ترك السجود القبلي المرتب عن ثلاث سنن: ترك أمرين
السجود وموجبه بخلاف ترك السنة عمدا من أول الأمر كذا قرر شيخنا العدوي، والأحسن أن
يقال: إنما حكموا ببطلان الصلاة بترك السجود القبلي مراعاة للقول بوجوبه فتأمل. قوله: (ومثلها
السنتان إلخ) أي ومثل السنة المؤكدة في جريان الخلاف في تركها السنتان الخفيفتان الداخلتان
في الصلاة قوله: (أو لا تبطل) أي وعليه فيعيد في الوقت أخذا مما قالوه في المشتغل عن السنة قوله: (وهو
الأرجح) أي لاتفاق مالك وابن القاسم عليه والأول قد ضعفه ابن عبد البر وإن شهره بعضهم كما أشار
له المصنف بخلاف، وقد شنع على القول الأول القرطبي في الكلام على آية الوضوء من سورة المائدة
قال: إنه ضعيف عند الفقهاء وليس له حظ من النظر وإلا لم يكن بين السنة والواجب فرق. قوله: (خلاف)
الأول لابن كنانة وشهره ابن رشد في البيان، وكذا شهره اللخمي، والثاني لمالك وابن القاسم وشهره ابن
عطاء الله اه‍ بن قوله: (فالبطلان اتفاقا) في حكايته الاتفاق نظر فقد قال القلشاني: وعلى وجوب
الفاتحة في الأكثر قال اللخمي: هي سنة في الأقل فيسجد لتركها سهوا قيل: ويختلف إذا تركها عمدا
هل تبطل الصلاة أو تجبر بالسجود على ترك السنة عمدا؟ اه‍ بن قوله: (وبترك ركن وطال) يعني أن
المصلي إذا ترك ركنا من الصلاة سهوا وطال فإنها تبطل والطول إما بالعرف أو بالخروج من المسجد
وأما لو كان الترك عمدا فلا يتقيد البطلان بالطول قوله: (وطال الترك) أي بحيث فات تداركه، ومثل
الطول بقية المنافيات كحدث مطلقا أو أكل أو شرب أو كلام عمدا قوله: (على تفصيله إلخ) أي إن
ترك الشرط مبطل للصلاة لكن لا مطلقا بل على التفصيل السابق في أبواب الشروط من كون الترك
عمدا أو سهوا مع القدرة أو مع العجز، ومن كون الشرط المتروك طهارة حدث أو خبث أو سترا أو
استقبالا فراجعه. قوله: (وتداركه) أي إن كان ممكن التدارك بأن كان تركه بعد تحقق ماهية الصلاة
وانعقادها كالركوع والسجود، وأما ما لا يمكن تداركه كالنية وتكبيرة الاحرام فلا لأنه غير مصل
وسيأتي كيفية التدارك في قوله: وتارك ركوع يرجع قائما إلخ. قوله: (فهو مرتب على مفهوم طال) أي لا على
منطوقه إذ لا معنى لتدارك الركن مع بطلان الصلاة قوله: (بأن لم يسلم أصلا) أي كما لو جلس فتشهد
ولم يسلم قوله: (كسجدة أخيرة) أي فإذا تركها وسلم سهوا أو غلطا فإنه يعيد الجلوس إن قام من محله
ويسجد تلك السجدة ويعيد التشهد والسلام ويسجد بعد قوله: (فإن سلم معتقدا الكمال ولو من
اثنتين إلخ) هذا يقتضي أن السلام يفيت التدارك ولو كان الركن المتروك من غير الأخيرة، فمن سلم
من اثنتين معتقدا الكمال وكان قد ترك ركنا من الثانية فإنه يأتي بركعة بدلها ولا يتداركه وبه قال
بعضهم، والذي ذكره عبق وهو المستفاد من النقول كما قال شيخنا أن قوله: إن لم يسلم هذا شرط في
تدارك الركن المتروك من الركعة الأخيرة، وقوله: ولم يعقد إلخ شرط في تداركه إن كان من غير الأخيرة
وحينئذ فالسلام من اثنتين معتقدا التمام لا يفيت تدارك الركن المتروك من الثانية، وهذا كله في غير
المأموم، وأما المأموم فسيأتي الكلام عليه في قوله: وإن زوحم مؤتم إلخ ثم إن ما ذكره أن السلام يفيت
تدارك الركن من الأخيرة يستثنى منه الجلوس بقدر السلام، فإذا سلم سهوا وهو رافع رأسه من السجود
قبل أن يجلس فلا يفيته السلام كما في المدونة فيجلس بعد التذكر ويتشهد ويسلم ويسجد بعد
السلام إن قرب تذكره وإلا بطلت. قوله: (كما يأتي) أي في قوله: وبنى إن قرب ولم يخرج من المسجد، وقوله
فإنه أي ما يأتي قوله: (على مفهوم هذا الشرط) أعني قول المصنف إن لم يسلم قوله: (وإلا ابتدأ الصلاة) أي
وإلا يقرب سلامه ابتدأ الصلاة قوله: (فإن عقده) أي تارك الركن الذي فات تداركه، وأما لو عقد الامام
ركوع الركعة التالية لركعة النقص وكان المأموم التارك للركن لم يعقده، فلا يفوت عقد الامام تدارك
293

ذلك المأموم كما هو المعتمد وهو الموافق لقول المصنف وإن زوحم مؤتم إلخ. قوله: (كما يأتي) أي في قوله
ورجعت الثانية أولى لبطلانها لفذ وإمام قوله: (فهو) أي ما يأتي قوله: (فكمن لم يرفع) أي وحينئذ
فيأتي بالركن المتروك قوله: (خلافا لأشهب) أي حيث قال: إن عقد الركوع المفيت لتدارك
الركن مجرد الانحناء وإن لم يطمئن. قوله: (فيوافق ابن القاسم فيها أشهب) أي فيقول فيها بقوله من أن
عقد الركعة المفيت للتدارك بمجرد الانحناء وإن لم يطمئن، وظاهر كلام شب أنه لا بد من تمام الانحناء
قوله: (فلا يفيته الانحناء) أي عند ابن القاسم قوله: (وإنما يفيته رفع الرأس) أي من الركوع قوله: (فإذا
ذكره) أي الرفع من الركوع حال كونه منحنيا في الركعة التالية لركعة النقص قوله: (حتى انحنى) أي
فإنه يفيت التدارك ويلزمه السجود قوله: (ترك الجهر) أي بمحله وأبدله بسر قوله: (كلا أو بعضا)
أي تركه كلا أو بعضا ولم يذكر ذلك حتى انحنى فإنه يفوت تدارك ذلك ويسجد لما تركه قوله: (وذكر
بعض) أي فإذا ذكر بعض صلاة مفروضة أو سجودا قبليا من صلاة مفروضة في صلاة أخرى
فريضة أو نافلة أو كان البعض أو السجود من نافلة وذكر ذلك في نافلة أخرى بعد انحنائه للركوع فإن ذلك
يمنع من الرجوع لاكمال الأولى وتبطل كما مر. قوله: (وهي ما إذا كان البعض) أي المتروك سهوا قوله: (في
فرض أو نفل) أي فهذه أربع صور قوله: (وذكرهما في نفل) أي وهاتان صورتان قوله: (ما إذا
ذكرهما في فرض) أي والحال أنهما من نفل قوله: (في فواتهما) أي فوات البعض والقبلي
وقوله منه أي من النفل قوله: (كما مر) أي في قول المصنف ومن نفل في فرض تمادى مطلقا قوله: (فإن
الانحناء في الثالثة إلخ) لما كان في قول المصنف وهو بها إجمال لأنه يحتمل أن الانحناء يفيت القطع
في الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة بين الشارح المراد بقوله: فإن الانحناء إلخ لان هذا هو المنقول عن ابن
القاسم كما قال جد عج. قوله: (فإن لم ينحن فيها) أي في الثالثة بل أقيمت عليه وهو في قيامها أو في الجلوس من
اثنتين أو في قيامه للثانية قوله: (فإنه يتم) أي وأما إن أقيمت عليه المغرب قبل تمام الركعتين بسجودهما فإنه
يقطع ويدخل مع الامام، ولا يمكن حمل كلام المصنف على هذا المعتمد لان كلامه فيما يفيته الانحناء، ولعل
المصنف مشى على القول الضعيف قصدا لجمع النظائر قوله: (فات التدارك للركن) أي المتروك من الركعة
الأخيرة قوله: (بالعرف عند ابن القاسم إلخ) نحوه في التوضيح وهو مشكل إذ ابن القاسم عنده الخروج من
المسجد طول أيضا كما صرح به أبو الحسن فقال في قول المدونة: من سها عن ركعة أو عن سجدة أو عن
سجدتي السهو قبل السلام بنى فيما قرب وإن تباعد ابتدأ الصلاة ما نصه: حد القرب عند ابن القاسم الصفان أو
الثلاثة أو الخروج من المسجد اه‍ نقله طفي. ونقل أبو الحسن أيضا عن ابن المواز أنه لا خلاف أن الخروج من
المسجد طول باتفاق وحينئذ فيتعين أن الواو في كلام المصنف على بابها للجمع لا بمعنى أو كما قاله الشارح
294

تبعا لغيره اه‍ بن. قوله: (ولم يخرج من المسجد) أي برجليه معا بأن لم يخرج منه أصلا أو خرج بإحدى
رجليه قوله: (فإن طال بالعرف) مثله خروج الحدث وحصول بقية المنافيات كالأكل والشرب والكلام
قوله: (أو بالخروج منه) أي برجليه معا ولو كان المسجد صغيرا أو صلى بإزاء بابه قوله: (لا يمكنه فيه
الاقتداء) أي بمن في المحل الذي صلى فيه وذلك بأن لا يرى أفعال الامام ولا المأمومين ولا يسمع قوله ولا
قولهم لان الاقتداء يحصل برؤية فعل الامام أو سماع قوله، وبرؤية فعل المأمومين أو سماع قولهم
قوله: (وندب رفع يديه عنده) أي عند التكبير قوله: (أي الاحرام) أي بمعنى التكبير وأما النية فلا بد منها ولو قرب
جدا اتفاقا قاله عبق. قال بن: وفي الاتفاق نظر بل النية إنما يحتاج إليها عند من يرى أن السلام مع اعتقاد
الكمال يخرجه من الصلاة، قال ابن رشد: وهو قول مالك وابن القاسم، وأما من يرى أنه لا يخرجه منها فلا
يحتاج عنده إلى نية انظر المواق والتوضيح، والحاصل أنهما طريقتان: الأولى للباجي عن ابن القاسم عن
مالك وجوب الاحرام ولو قرب البناء جدا، والثانية لابن بشير الاتفاق على عدم الاحرام إن قرب جدا
والظاهر مما ذكرناه أن اختلافهما في الاحرام بمعنى النية والتكبير لا في التكبير فقط كما قاله عبق اه‍ كلامه
وارتضاه شيخنا قائلا: الذي تفيده النقول المعول عليها أن اختلاف الطريقتين في كل من النية والتكبير
لا في التكبير فقط. قوله: (وجلس له) أي لأجله أي لأجل أن يأتي به من جلوس لأنه الحالة التي فارق فيها
الصلاة وهذا قول ابن شبلون واستظهره ابن رشد اه‍ بن. وقوله: وجلس له أي وجوبا فإن خالف وأحرم
قائما فالصحة مراعاة لمن يقول يحرم قائما وإن جلس للاحرام يجلس من غير تكبير ثم يكبر بعد جلوسه ثم
يستقل قائما مكبرا ليأتي بالركعة التي هي بدل عن الركعة التي بطلت. وقوله إن تذكر إلخ شرط في قول
المصنف وجلس له قوله: (ولمن قال يكبر من قيام ثم يجلس) أي ثم يستقل قائما ليأتي بالركعة التي هي بدل
عن ركعة النقص وهذا القول لابن القاسم وأنكره ابن رشد اه‍ بن. واعلم أن موضع الخلاف المذكور
إذا سلم من الأخيرة معتقدا التمام تاركا لركن منها وتذكره بعد قيامه، ويجري أيضا فيما إذا سلم من اثنتين
معتقدا التمام والحال أنه لم يترك ركنا وتذكر عدم كمال الصلاة بعد قيامه. وأما لو سلم من واحدة تامة
أو من ثلاث تامات فإنه يرجع لحالة رفعه من السجود ويحرم حينئذ لأنها الحالة التي فارقها فيها
ولا يجلس كما قاله ابن رشد، ولا فرق بين كونه تذكر وهو قائم أو تذكر وهو جالس. قوله: (وهذا
إذا طال طولا متوسطا) أي ولم يفارق مكانه. قوله: (وسجد للسهو بعد سلامه) هذا ظاهر فيما
إذا فارق موضعه، وأما مجرد الطول المتوسط فجزم صاحب شرح المرشد أنه لا يسجد وهو ظاهر
لأنه طول بمحل يشرع فيه التطويل اه‍ بن وارتضاه شيخنا. وقد يقال الظاهر ما قاله الشارح
295

تبعا لعبق من السجود لان الطول إنما يشرع في التشهد لدعاء ونحوه، ولا نسلم أن مجرد الطول مشروع
خصوصا مع الذهول ولذا احتاج في رجوعه لاحرام وأعاد التشهد قوله: (فإن طال كثيرا بطلت)
أي لقوله: وبترك ركن وطال وسواء انحرف في هذا القسم عن القبلة أو لا فارق مكانه أو لا. قوله: (ورجع
تارك الجلوس الأول إلخ) الذي ينبغي الجزم به أن الرجوع سنة فإن لم يرجع سهوا سجد قبل السلام
للنقص، وإن لم يرجع عمدا جرى على ترك السنة عمدا، وما نسبه عبق لح من أن الرجوع فيه قولان
بالوجوب والسنية فليس فيه ذلك قوله: (أي جلوس غير السلام) أي سواء كان أولا أو ثانيا
قوله: (بأن بقي بالأرض) أي يداه أو ركبتاه بل ولو كان الباقي يدا إلخ قوله: (وإلا فلا يرجع) لأنه تلبس
بركن فلا يقطعه لما دونه والرجوع مكروه عند ابن القاسم القائل بالاعتداد برجوعه وما ذكره
المصنف من النهي عن الرجوع في غير المأموم، أما هو إذا قام وحده من اثنتين واستقل فإنه يرجع لمتابعة
الامام ويفهم هذا بالأحرى من قوله وتبعه مأمومه اه‍ بن قوله: (ويسجد قبل السلام) أي
لنقص الجلوس والتشهد قوله: (ولا تبطل إن رجع) أي لعدم الاتفاق على فرضية الفاتحة بخلاف من
رجع من الركوع للسورة أو لفضيلة القنوت لغير اتباع إمام. قوله: (ولو عمدا) هذا إذا لم يستقل
اتفاقا بل وكذا إن رجع بعد استقلاله سهوا فالصحة اتفاقا، وأما عمدا فعلى المشهور خلافا للفاكهاني
القائل بالبطلان لرجوعه من فرض إلى سنة، ووجه المشهور مراعاة من يرى أن عليه الرجوع وعدم
الاتفاق على فرضية الركن المشروع فيه قوله: (ولو استقل) مثل الرجوع بعد الاستقلال الرجوع بعد
قراءة بعض الفاتحة، أما لو قرأها كلها ورجع فالبطلان قوله: (في الصور الثلاث) أي في رجوعه إذا لم يفارق
الأرض بيديه وركبتيه وعدم رجوعه إذا فارق الأرض بهما وفي رجوعه لو خالف ورجع بعد استقلاله
فإن خالف المأموم إمامه ولم يتبعه بطلت للعامد والجاهل لا للساهي والمتأول قوله: (إن كان) أي التارك
للجلوس قوله: (فإن قام) أي بعد رجوعه بلا تشهد إلخ بطلت أي كما نقله ح عن نوازل ابن الحاج اه‍ بن
قوله: (وسجد لهذه الزيادة) وهي قيامه سهوا وذلك لان رجوعه وتشهده معتد بهما فقد أتى بالتشهد
والجلوس المطلوب منه فليس معه إلا قيامه سهوا وهو زيادة محضة فليسجد لها بعد السلام، ثم إن قول
المصنف وسجد بعده أي فيما إذا لم يستقل بأن فارق الأرض فقط ورجع وفيما إذا استقل خلافا لمن
قال في الأولى بعدم السجود ليسارة الزيادة وخلافا لأشهب في الثانية حيث قال: إن رجوعه بعد
الاستقلال حرام ولا يعتد به، فإذا رجع وتشهد لم يكن آتيا بما طلب منه من الجلوس والتشهد إذ
ما فعله منهما غير معتد به فمعه نقص التشهد وزيادة القيام وحينئذ فيسجد قبل السلام قوله: (فيرجع
ويسجد بعده) فإن لم يرجع بطلت كذا قال عبق. قال شيخنا العدوي في حاشيته عليه وهو غير مسلم بل
الصواب صحة الصلاة مراعاة لقول بعض العلماء بجواز النفل أربعا بل نحن نقول به غايته الكراهة
ومخالفة الأفضل لا تقتضي البطلان اه‍. ثم إن عبق جزم هنا بالبطلان وتردد بعده بقوله: وأما إذا قام لثالثة
في النفل عمدا فانظر هل لا تبطل إلخ؟ قال بن: والظاهر عدم البطلان رعيا للقول بجواز النفل أربعا، وفي
حاشية شيخنا على خش أنه إذا قام لثالثة في النفل عمدا فالبطلان لدخوله في قول المصنف وبتعمد
296

كسجدة وقد رجع في حاشية عبق عن هذا لما قاله بن لان غايته كراهة الزيادة على اثنتين ومخالفة
الأفضل لا تقتضي البطلان. قوله: (لان زيادة مثلها يبطلها) أي لأنها نفل محدود بحد قوله: (ويرجع في
قيامه إلى الخامسة) أي خلافا للخمي حيث قال: يشفع الخمس والسبع قوله: (والخلاف في الأربع) أي
والخلاف الموجود عندنا في المذهب بجواز النفل بأربع قوي فينبغي مراعاته قوله: (بخلافه في غيره) أي
بخلاف الخلاف في غير الأربع وهو القول بجواز النفل بست ركعات وثمان ركعات فإنه ضعيف،
وحينئذ فلا ينبغي مراعاته، وحينئذ فلا يتم ما قاله اللخمي من شفع الخمس والسبع مراعاة للخلاف
قوله: (فإن لم يرجع) أي بعد تذكره حين قام لخامسة قوله: (لنقص السلام في محله) أي في الصورتين ولوجود
الزيادة أيضا في صورة ما إذا قام لخامسة، وأورد على هذا التعليل أنا لا نسلم أنه إذا نقص السلام يسجد
له قبل السلام، ألا ترى أن من صلى الظهر خمسا فإنه يسجد بعد السلام مع أنه نقص السلام من محله؟ وأجيب
بأن الزيادة في الفرائض محض تعد فهي بمنزلة العدم باتفاق فكان السلام لم يتأخر عن محله بخلاف الزيادة
في النفل فإنه قد قيل بها في الجملة، فهناك من يقول النفل أربع، وعندنا أنه اثنتان فهو قد نقص السلام من
اثنتين عندنا حال تكميله أربعا، ولا يقال: السلام فرض وهو لا ينجبر بالسجود. لأنا نقول: مراعاة كون
النفل أربعا يصير السلام من الركعتين كسنة من حيث أن له تركه فتأمل. قوله: (وتارك ركوع سهوا)
أي تذكره قبل أن يعقد ركوع الركعة التالية لركعة النقص قوله: (يرجع له قائما) أي لان الحركة
للركن مقصودة وهذا إذا تذكره وهو في السجود أو وهو جالس أو رافع من السجود، وأما إن
تذكره وهو قائم فإنه يركع حالا. وقوله: يرجع قائما فلو خالف ورجع محدودبا لم تبطل صلاته مراعاة لمن
قال: إن تارك الركوع يرجع محدودبا لا قائما بناء على أن الحركة للركن غير مقصودة قوله: (وندب له
أن يقرأ شيئا) أي قبل الانحطاط له قوله: (من غير الفاتحة) أي لا منها لان تكريرها حرام ولا يرتكب
لأجل تحصيل مندوب كذا قال شيخنا، وظاهره أنه يقرأ السورة ولو كان في الأخيرتين، والظاهر أن
محل ندب قراءة السورة إن كان المحل لها وإلا فلا يقرأ شيئا أصلا. وفي المج وعبق: وندب قراءته من
الفاتحة أو غيرها وكأنهم اغتفروا تكرار الفاتحة وقراءة السورة في الأخيرتين لضرورة أن شأن
الركوع أن يعقب قراءة فتأمل قوله: (يرجع محدودبا) هذا قول محمد ابن المواز، فلو خالف ورجع قائما لم
تبطل مراعاة للمقابل خلافا لما ذكره عبق من البطلان كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (وقيل يرجع
له قائما) أي كتارك الركوع وهو قول ابن حبيب فيقول: إنه يرجع قائما بقصد الرفع من الركوع
ثم يسجد بعد ذلك الرفع، فكأنه رأى أن المقصود بالرفع من الركوع أن ينحط للسجود
من قيام، فإذا رجع إلى القيام وانحط منه إلى السجود فقد حصل المقصود. واعلم أنه لا يقرأ
على كل من القولين، أما على قول محمد فلانه يرجع محدودبا ولا قراءة في الركوع، وأما على مقابله فلانه
يرجع قائما بقصد الرفع من الركوع ولا قراءة في القيام حينئذ. قوله: (وتارك سجدة) أي
سهوا تذكرها قبل عقد ركوع الركعة التي تلي ركعة النقص قوله: (وسجدة) عطف على ركوع
297

وقوله: يجلس عطف على قوله: يرجع قائما فهو من باب العطف على معمولي عامل واحد وهو تارك، لكن
جهة المعمولية مختلفة لان أحدهما عمل فيه بالإضافة والثاني عمل فيه بالخبرية، وقد سبق أول الكتاب
أن اختلاف الجهة هل ينزل منزلة اختلاف العامل أم لا؟ ويصح أن يكون وسجدة مضافا لمحذوف أي
وتارك سجدة فحذف وبقي المضاف إليه على حاله والشرط موجود وهو كون المحذوف مماثلا لما عطف
عليه وعلى هذا فهو من عطف الجمل. قوله: (إن كانت الثانية) أي إن كانت السجدة المتروكة الثانية فإن
كانت الأولى فإنه ينحط إلخ فيه نظر إذ لا يتصور ترك الأولى وفعل الثانية لان الفرض أنه أتى بسجدة
واحدة وهي الأولى قطعا، ولو جلس قبلها فجلوسه ملغى لوقوعه بغير محله ولا يصيرها الجلوس قبلها ثانية
ولا فعله لها بقصد أنها ثانية وهو واضح، ثم بعد هذا فاعلم أن تارك السجدة قيل إنه يرجع للجلوس
مطلقا ويسجد، وقيل إنه يرجع ساجدا مطلقا من غير جلوس بأن ينحط للسجدة من قيام بناء على أن
الحركة للركن غير مقصودة، وقيل: إن كان جلس أولا قبل نهضته للقيام وبعد السجدة الأولى كما إذا
سجد أولا وجلس بعد تلك السجدة ثم قام ولم يسجد الثانية فإنه لا يجلس بل يخر ساجدا بغير جلوس
وإن كان لم يجلس قبل نهضته للقيام فإنه يجلس وهو مبني أيضا على أن الحركة للركن غير مقصودة
والقول الأول لمالك في سماع أشهب وهو المعتمد، والثاني رواه أشهب عن مالك، والثالث ذكره
عبد الحق، والمصنف مشى على القول الأول وهو أن تارك السجدة يرجع جالسا مطلقا بناء على أن الحركة
للركن مقصودة، إذا علمت هذا تعلم أن قول التوضيح محل كون تارك السجدة يرجع جالسا إذا لم يكن
جلس أولا وإلا خر ساجدا بغير جلوس اتفاقا فيه نظر لان هذا قول مقابل للمعتمد فلا نسلم حكايته
الاتفاق، بقي شئ آخر وهو أنه على القول المعتمد من أن تارك السجدة يجلس لو خالف ورجع ساجدا
من غير جلوس، فاستظهر خش في كبيره البطلان لان الجلوس بين السجدتين فرض، قال شيخنا: وقد
يقال: الظاهر الصحة مراعاة لما رواه أشهب من أن تارك السجدة يخر للسجود من قيام ولا يجلس
قوله: (بل ينحط لهما من قيام) فلو فعلهما من جلوس فلا بطلان ويسجد قبل السلام فالانحطاط لهما غير
واجب كما في التوضيح و ح عن عبد الحق، واعترض بأنه على المشهور من أن الحركة للركن مقصودة
فالانحطاط لهما واجب فكيف يجبر بالسجود وعلى أنها غير مقصودة فليس بواجب ولا سنة؟ وأجاب
بعضهم بمثل ما مر في سلام النفل بأن مراعاة القول بأنها غير مقصودة صيرها كالسنة فلذا جبر بالسجود
قوله: (ولا يجبر ركوع أولاه إلخ) أي أن الركوع الحاصل منه أولا لا يضم إلى سجود ثانيته بحيث
يصير المجموع كله ركعة فأراد بالجبر الضم قوله: (المنسي سجدتاه) هذا الحل حل به حلولو، وحل
المواق بحل آخر حيث صوره بما إذا ترك سجدة فقط من الأولى وأتى بركوع وسجدة وترك الركوع
من السجدة الثانية وسجد لها فلا يجبر الركوع في الأولى بشئ من سجود الثانية لأنه إنما فعله بقصد
الثانية وسجد لها، بل يأتي بسجدة يصلح بها الأولى ويبني عليها، فالحكم في المسألتين واحد، إلا أن حل
حلولو هو المتبادر من المتن فالأنسب حمله عليه. قوله: (فإن ذكرهما) أي سجدتي أولاه جالسا أو ساجدا إلخ
أي وأما إن ذكرهما وهو قائم انحط لهما من ذلك القيام وسجد بعد السلام لزيادة السجدتين الواقعتين في
الركعة الثانية قوله: (لينحط لهما من قيام) أي لأجل إصلاح الأولى لان التدارك لا يفوت إلا بالركوع
ولا ركوع هنا قوله: (فيتداركها بأن يسجد سجدة) أي ثم يأتي بركعة بأم القرآن وسورة ويجلس
298

ثم بركعتين بأم القرآن فقط ويسجد قبل السلام لان معه زيادة وهي الركعات الأول الملغية ونقص
السورة من الرابعة التي صارت أولى، وكذا لو ترك الثمان سجدات أصلح ركوع الرابعة بسجدتين وبنى
عليها، وإنما ذكر المصنف هذه المسألة مع أنها مأخوذة مما تقدم له لدفع توهم بطلان الصلاة بتفاحش
النقص أو لدفع توهم عدم فوات التدارك بركعة طرأ فيها فساد قوله: (إن لم يسلم) أي إن تذكر قبل أن
يسلم. قوله: (وإلا بطلت) أي لان بالسلام فات تدارك الأخيرة وظاهره ولو كان الامر بالقرب وفيه أنه
إذا ترك ركنا من الأخيرة وسلم وكان الامر بالقرب فإنه يبني، والجواب أن القاعدة مفروضة فيما إذا
كان بعض الركعات صحيحا لا إن كانت كلها باطلة كما هنا لأنه بمنزلة من زاد أربعا سهوا كذا في ح
والشيخ سالم السنهوري، ورده طفي بأن القواعد تقتضي عدم البطلان والبناء على الاحرام إن قرب ولم
يخرج من المسجد، وإن قول المصنف: وبنى إن قرب ولم يخرج من المسجد كما يجري في بطلان بعض
الركعات يجري في بطلان كلها وارتضاه شيخنا في حاشية عبق. قوله: (وإن ترك ركنا من ركعة إلخ)
أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف ورجعت إلخ مفرع على مفهوم قوله ولم يعقد ركوعا وليس متعلقا
بما قبله بلصقه لأنه حكم في التي قبلها ببطلان الثلاث الأول، فكيف يقال: رجعت الثانية أولى
قوله: (ورجعت الثانية أولى إلخ) ما ذكره من انقلاب الركعات للفذ والامام وهو المشهور، وقيل: لا انقلاب
فعلى المشهور الركعة التي يأتي بها في آخر صلاته يقرأ فيها بأم القرآن فقط كما يأتي بما قبلها بأم القرآن فقط، وعلى
المقابل الركعة التي يأتي بها آخر صلاته قضاء عن التي بطلت فيأتي بها على صفتها من سر أو جهر وبالفاتحة
وسورة أو بالفاتحة فقط. والحاصل أنه يأتي بركعة على كل حال لكن هل هي بناء أو قضاء؟ وعلى
المشهور يختلف حال السجود وعلى مقابله فالسجود دائما بعد السلام قوله: (ببطلانها) الباء للسببية
وقوله: لفذ وإمام تنازعه قوله ورجعت وقوله ببطلانها فأعمل الثاني وأضمر في الأول وحذفه لكونه
فضلة أي ورجعت الثانية أولى لهما ببطلانها لفذ وإمام، ومحل انقلاب ركعة الامام بناء على المشهور
إن وافقه بعض مأموميه على السهو وإلا فلا انقلاب ببطلان الأولى مثلا، وإن كان يجب عليه أن يتمم
صلاته بركعة بدلها لأجل يقينه لان تلك الركعة يكون فيها قاضيا بخلافها عند الانقلاب فإنه يكون فيها
بانيا، وكل هذا إذا لم يكثروا جدا وإلا فلا بناء ولا قضاء. قوله: (وسجد قبل السلام إن نقص وزاد) وذلك
كما لو عقد ركوع الثالثة وتذكر بطلان الأولى فإنه يجعل الثالثة ثانية، وحينئذ فيأتي بركعتين كل واحدة
بالفاتحة فقط، ولا يجلس في الرابعة في الفعل لأنها ثالثة في نفس الامر ويسجد قبل السلام لنقص السورة
من الركعة الثانية قوله: (وبعده إن زاد) أي كما لو عقد ركوع الثانية وذكر بطلان الأولى فإنه يجعل
الثالثة ثانية ويقرأ فيها بسورة ويجلس فيها والثانية التي تذكر فيها لا يجلس فيها ويسجد بعد السلام لزيادة
الركعة قوله: (والرابعة ثالثة) أي لبطلان الثالثة قوله: (أو بغير سورة) فإن كانت الركعة الأولى أو الثانية
هي التي حصل فيها الخلل فإنه يأتي ببدلها بأم القرآن وسورة جهرا إن كانت جهرية وسرا إن كانت سرية
وإن كان الخلل إنما حصل في الثالثة فإنه يأتي ببدلها بأم القرآن فقط سرا قوله: (لم يدر محلها) بدل من قوله
شك في سجدة بدل كل من كل. قوله: (سجدها) أي فإن ترك الاتيان بها بطلت صلاته لأنه تعمد إبطال
ركعة أمكنه إصلاحها فإن تحقق تمام تلك الركعة لم يسجد، فقوله سجدها مكانها أي ما لم يتحقق تمام تلك
الركعة وإلا فلا يسجدها أصلا وتنقلب ركعاته ويأتي بركعة فقط، وقوله سجدها هنا تم الكلام وهو بيان
لقاعدة على مذهب ابن القاسم، وقوله: وفي الأخيرة إلخ تفصيل لهذه القاعدة، وحينئذ فالأولى للمصنف
أن يأتي بالفاء التفريعية إلا أن يقال: إن الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا قصد بها إيضاح الجملة قبلها لا حال
299

قوله: (إما أن يكون في الأخيرة) أي إما أن يكون حصل له الشك وهو في الجلسة الأخيرة قوله: (وإن
كان شكه في الأخيرة) أي وهو في الجلسة الأخيرة قوله: (فإنه بعد أن يسجدها يأتي بركعة) هذا مذهب
ابن القاسم، وخالفه أصبغ وأشهب فقالا: يأتي بركعة فقط ولا يسجدها لان المطلوب إنما هو رفع
الشك بأقل مما يمكن وكل ما زاد على ما يرتفع به الشك وجب طرحه. قوله: (ولا يتشهد إلخ) هذا قول
ابن القاسم وخالفه ابن الماجشون فإنه وافقه على كل ما قاله إلا أنه خالفه في عدم التشهد فقال: إنه يتشهد
قبل إتيانه بالركعة لان سجوده إنما هو مصحح للرابعة والتشهد من تمامها، وقال ابن القاسم: المحقق له
ثلاث ركعات وليس محلا للتشهد، واختاره محمد بن المواز كذا في حاشية شيخنا قوله: (مع احتمال النقص)
أي نقص السورة من إحدى الأوليين لانقلاب الركعات وهذا بالنسبة للفذ والامام، وأما المأموم
فإنه يسجد السجدة لتكملة الرابعة وبعد سلام الامام يأتي بركعة بالفاتحة، وسورة الاحتمال أن يكون
الخلل من إحدى الأوليين ويسجد بعد السلام لاحتمال زيادة هذه الركعة قوله: (وإن كان في قيام ثالثته)
أي أو في ركوعها وقبل الرفع منه أو كان في تشهد الثانية ففي الأحوال الثلاثة يسجد لاحتمال أنها من
الثانية وتبطل عليه الأولى لاحتمال أنها منها وصارت الثانية أولى فقد تم له بالسجدة ركعة وحينئذ
فيأتي بثلاث ركعات كما قال الشارح، وأما لو حصل له الشك بعد أن رفع من ركوع الثالثة فلا يسجد لفوات
التدارك ويتشهد بعد هذه الثالثة ثم يأتي بركعتين بالفاتحة فقط ويسجد قبل السلام لنقص السورة
والزيادة هذا إذا كان فذا أو إماما، وأما المأموم الذي شك بعد الرفع من ركوع الثالثة فإنه يأتي مع الامام
بركعة وبعده بركعة بالفاتحة وسورة ويسجد بعد السلام قوله: (من الثانية) أي التي لم يفت تداركها
قوله: (لاحتمال كونها منها) أي وقد بطلت بعقد الثانية. قوله: (ثم بركعتين بالفاتحة فقط) هذا كله إذا كان
فذا أو إماما، وأما لو كان مأموما فإنه يصلي مع الامام ركعتين بعد السجدة التي جبر بها الثانية وبعد سلام
الامام يأتي بركعة بالفاتحة وسورة ويسجد بعد السلام لاحتمال زيادة تلك الركعة ولا يضر المأموم إتيانه
بالسجدة في صلب الامام لأنه تلا في إصلاح لا قضاء، فلو كان ذلك المأموم مسبوقا جرى على المسائل
اجتماع البناء والقضاء قوله: (وإن كان في قيام رابعته) أي أو في ركوعها وقبل الرفع منه، وأما إن حصل
له الشك بعد الرفع منه فلا يسجدها لفوات التدارك ولا يتشهد بعد هذه الرابعة لأنها صارت ثالثة ويأتي
بركعة بالفاتحة فقط ويسجد قبل السلام لنقص السورة والزيادة قوله: (جلس وأتى بها) هذا على مذهب
ابن القاسم، وأما على مقابله وهو ما لأصبغ وأشهب فإنه يبني على الركعتين ويأتي بما بقي عليه فقط
قوله: (ويأتي بركعتين) أي يقرأ فيهما بأم القرآن فقط ويسجد قبل السلام هذا إذا كان فذا أو إماما، فإن كان
مأموما فإنه يسجد لجبر الثالثة ولا يتشهد بعدها ويصلي مع الامام ركعة ثم بعد سلام الامام يأتي بركعة
يقرأ فيها بأم القرآن وسورة ويسجد بعد السلام لاحتمال زيادة تلك الركعة. قوله: (وإن سجد إمام سجدة)
أي من أي الركعة كانت من الأولى وقام للثانية أو من الثانية وقام للثالثة أو من الثالثة وقام للرابعة
وقوله: وإن سجد إمام سجدة إلخ ظاهره سواء انفرد الامام بالسهو أو شاركه بعض المأمومين فيه فعلى كل
حال لا يتبعه في قيامه المأموم العالم بسهوه، وقال بعضهم: يتعين أن يحمل كلام المصنف على ما إذا وافق بعض
300

المأمومين الامام في سهوه لأن هذه الحالة هي محل الخلاف بين ابن القاسم وسحنون، وأما إذا لم يشاركه
أحد من المأمومين في السهو كان المأمومون مخاطبين بتلك السجدة باتفاق الشيخين وتجزيهم، وإذا
جلس في الثانية أو الرابعة جلسوا معه، وإذا سلم سلموا وأجزأتهم، والطريقة الأولى طريقة اللخمي
والمازري والثانية طريقة ابن رشد. قوله: (أي له) أي لأجله أي لأجل سهوه قوله: (لعله يرجع) أي
فإن رجع سجدها هو ومأمومه معه قوله: (وسبح به) أي والتسبيح فرض كفاية إذا حصل من
بعضهم كفى. قوله: (لكنها) أي الصلاة قوله: (لا تبطل عليهم) أي بزيادة تلك السجدة التي سجدوها
لأنفسهم مراعاة لمذهب ابن القاسم القائل إنهم يسجدونها لأنفسهم. قوله: (فإن رجع إليها الامام)
أي بعد أن سجدوها. قوله: (ولا يجلسون معه) أي لأنه كإمام جلس بعد الأولى فلا يتبع قوله: (وهي
رابعة) أي والحال أنها رابعة في ظنه فإن تذكر الامام قبل سلامه أتى بركعة وتابعه فيها المأمومون
وصحت للجميع قوله: (فإذا سلم) أي ولم يأت بركعة بطلت عليه أي بمجرد السلام ولو لم يطل لان
السلام عند سحنون بمنزلة الحدث، فقول خش: فإذا سلم بطلت عليه إن طال فيه نظر كما قال شيخنا
وإذا بطلت عليه فلا يحمل عن المأمومين سهوا ولا يحصل لهم فضل الجماعة فيعيدون له. قوله: (وأمهم
فيها أحدهم) ظاهره أن الاستخلاف جائز جوازا مستوي الطرفين والحق أنه مندوب.
قوله: (وصحت) أي وهذه المسألة من جملة المستثنيات من قولهم: كل صلاة بطلت على الامام بطلت على
المأموم قوله: (وسجدوا قبله) أي قبل السلام قوله: (من الركعة) أي الثانية لان الأولى لما بطلت
رجعت الثانية أولى والثالثة ثانية، فكأن الامام أسقط السورة والجلوس الوسط ناسيا عقب الثالثة
التي صارت ثانية في نفس الامر، والنقص الحاصل من الامام يوجب السجود قبل السلام سواء وافقه المأموم
على ذلك أم لا. قوله: (وهو ضعيف) أي لأنه مشكل من جهة أن المأمومين إذا تركوا فعل تلك السجدة
لأنفسهم صاروا متعمدين لابطال الأولى بتركهم السجود، ومن تعمد إبطال ركعة من صلاته
بطل جميعها على أن جلوسهم حال قيام الامام وقيامهم حال جلوسه فيه مخالفة له ومخالفة الامام لا تجوز
قوله: (والمعتمد) أي وهو مذهب ابن القاسم قوله: (أنه لم يفهم بالتسبيح كلموه إلخ) الأولى أن
يقول: والمعتمد أنهم يسبحون له فإن لم يرجع سجدوها لأنفسهم إلخ وذلك لان ابن القاسم وإن
كان يقول: إن الكلام لاصلاح الصلاة جائز ولا يبطلها يقول بعدم كلام المأمومين للامام
في هذه الجزئية فإن كلموه فلا بطلان كذا قرر شيخنا العدوي وانظر ما وجهه. قوله: (فإذا تذكر
ورجع لسجودها) أي قبل أن يعقد ركوع الركعة الثانية بأن رجع في حال قيامه للثانية
قوله: (فلا يعيدونها معه على الأصح) أي وهو قول ابن المواز وصححه اللخمي والمازري
قوله: (ولما بين حكم ما إذا أخل الامام بركن) أي وكذا الفذ لان قوله سابقا وتداركه
301

إن لم يسلم ولم يعقد ركوعا بالنسبة للامام والفذ كما مر. قوله: (وإن زوحم مؤتم) ضمنه معنى بوعد فعداه
بعن وإلا فزوحم يتعدى بعلى لا بعن يقال: ازدحموا على الماء قوله: (لا ينقض الوضوء) أي حتى فاته
الركوع مع الامام قوله: (أو نحوه) فاعل لمحذوف أي أو حصل نحوه لأنه لا يعطف الاسم على الفعل إلا
إذا أشبهه وهنا ليس كذلك فهو من عطف الجمل قوله: (أو أصابه مرض إلخ) أي واشتغل بحل أزراره
أو ربطها حتى رفع الامام من الركوع قوله: (اتبعه في غير الأولى) أي فإن لم يتبعه بطلت صلاته كما قال
شيخنا قوله: (أي فعل المأموم ما فاته به إلخ) أي وليس المراد أنه يتبع الامام فيما هو فيه ويترك ما فعله
الامام وسبقه به من الركوع وما بعده ولا يضر قضاء المأموم في صلب الامام ما فاته به لاغتفار ذلك هنا
قوله: (في غير الأولى) أي في غير الركعة الأولى بالنسبة للمأموم بأن وقع له هذا في ركوع ثانيته أو ثالثته
أو رابعته قوله: (لانسحاب إلخ) علة لقول المصنف اتبعه في غير الأولى قوله: (ما لم يرفع من سجودها)
أي مدة عدم رفع الامام من سجودها أي مدة غلبة ظنه عدم رفع الامام من سجودها وهذا ظرف لابتداء
الاتباع لا لانتهائه، والمعنى حينئذ وابتداء الاتباع مدة غلبة ظنه عدم رفع الامام من السجدتين، فيفيد أن
الامام إذا رفع من السجدتين، فلا يشرع المأموم في الاتيان بما فاته، ويفيد أيضا أنه إذا علم أنه يدرك الامام
في ثاني السجدتين لكنه يفعل السجدة الثانية بعده فإنه يتبعه وهو النقل، بخلاف لو جعل ظرفا لانتهاء
الاتباع فإنه يفيد أنه لا يفعل ما فاته إلا إذا كان يظن أنه يدرك مع الامام السجدتين معا أو يسجد الأولى
حال رفع الامام من الأولى ويسجد الثانية مع الامام تأمل كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (من سجودها)
مفرد مضاف لمعرفة فيعم عموما شموليا فلذا قال من جميع سجودها وأعاد الضمير مؤنثا مع أنه عائد على
الغير وهو مذكر لكون الغير واقعا على الركعة، فراعى المعنى أو اكتسب لفظ غير التأنيث من المضاف إليه
قوله: (فإذا كان يدرك الامام) أي يظن إدراكه. وقوله: ويفعل إلخ أي ولكنه لا يفعل السجدة الثانية
إلا بعد رفع الامام منها. وقوله: ويسجدها أي الثانية بعد رفع الامام قوله: (في شئ منهما) أي من السجدتين
قوله: (ويقضي ركعة) أي عوضا عن تلك الركعة قوله: (فإن ظن الادراك) أي فإن ظن أنه يدرك الامام
في السجود فلما أتى بالركوع فرغ الامام من ذلك السجود فإنه لا يعتد بذلك الركوع، ويتبع الامام فيما
هو فيه والصلاة صحيحة وقضى ركعة. قوله: (ومفهوم في غير الأولى إلخ) حاصله أنه إذا فاته ركوع
الأولى بما ذكر من الازدحام وما معه فلا يجوز له الاتيان به بعد رفع الامام، ولو علم أنه إذا أتى به يدرك
الامام قبل رفعه من السجود بل يخر ساجدا ويلغي هذه الركعة لأنه لم ينسحب عليه أحكام المأمومية فإن
تبعه وأتى بذلك الركوع وأدركه في السجود أو بعده عمدا أو جهلا بطلت صلاته حيث اعتد بتلك
الركعة لا إن ألغاها وأتى بركعة بدلها، ومثل من زوحم عن الركوع في الأولى المسبوق إذا أراد الركوع
فرفع الامام فإنه يخر معه ولا تبطل إن ركع إن ألغى تلك الركعة، ومن هذا تعلم أن ما يقع لبعض الجهلة من
أنهم يأتمون فيجدون الامام قد رفع رأسه من الركوع فيحرمون ويركعون ويدركون الامام في
السجود فإن صلاتهم باطلة إن اعتدوا بتلك الركعة الباطلة، فإن ألغوها وأتوا بركعة بدلها صحت واعلم
أن ما ذكره المصنف من التفصيل في ترك المأموم الركوع مع إمامه لعذر هو المشهور من المذهب، وقيل
إنه لا يتبعه مطلقا لا في الأولى ولا في غيرها، وقيل بعدم الاتباع في الأولى فقط إلا في الجمعة، وقيل
بالاتباع مطلقا ما لم يعقد التالية انظر بهرام قوله: (لكن الراجح أنه يتبعه أيضا في غير الأولى)
أي حيث لم يرفع من سجودها. قوله: (وأما لو تعمد إلخ) حاصله أنه لو تعمد ترك الركوع مع الامام
302

حتى رفع منه معتدلا، فإن كان من الأولى بطلت وإن تعمد تركه من غير الأولى، فإن استمر حتى رفع
الامام من سجودها بطلت أيضا، وأما إن تركه من غير الأولى وأتى به قبل رفع الامام من سجودها
فالراجح صحتها مع الاثم قوله: (أو زوحم مثلا عن سجدة إلخ) تكلم المصنف على حكم ما إذا زوحم عن
ركوع وعن سجدة وسكت عن حكم ما إذا زوحم عن الرفع من الركوع فهل هو كمن زوحم عن الركوع
فيأتي به في غير الأولى ما لم يرفع من سجودها أو هو كمن زوحم عن سجدة فيجري فيه ما جرى فيها من
التفصيل؟ قولان والأول هو الراجح وهو مبني على أن عقد الركوع برفع الرأس، والثاني مبني على أنه
بالانحناء اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (من الأولى أو غيرها) الفرق بين المزاحمة عن الركوع حيث فصل
فيه بين كونه من الأولى أو غيرها، والمزاحمة عن السجدة حيث سوى بين كونها من الأولى أو
من غيرها أن المزاحمة عن السجدة إنما حصلت بعد انسحاب حكم المأمومية عليه بمجرد رفع رأسه من
الركوع، والمزاحمة عن الركوع تارة تكون بعد انسحاب حكم المأمومية عليه وتارة قبل. قوله: (فإن لم
يطمع فيها إلخ) الطمع هو الرجاء فهو من قبيل الظن أي فإن لم يظن الادراك للسجدة قبل رفع الامام
رأسه من ركوع الركعة التالية بأن جزم بعدم الادراك أو ظن عدمه أو شك فيه قوله: (تمادى)
أي مع الامام وترك تلك السجدة وذلك لأنه لو فعلها فاتته الركعة الثانية مع الامام وكان محصلا لتلك
الركعة التي فعل سجدتها، وإن تمادى مع الامام كان محصلا لتلك الركعة الثانية معه وفاتته الأولى المتروك
منها السجدة وموافقته للامام أولى. قوله: (وتبع الامام فيما هو فيه) فلو خالف ولم يتماد صحت صلاته
إن تبين أن سجوده وقع قبل عقد إمامه وإن تبين أنه بعد العقد بطلت قوله: (على نحو ما فاتته) أي من
كونها سرا أو جهرا ومن كونها بالفاتحة فقط أو بالفاتحة والسورة لعدم انقلاب الركعات في حقه
قوله: (وإلا بأن طمع فيها قبل عقد إمامه) بأن ظن أو جزم أنه بعد فعلها يدرك الامام قبل أن يرفع رأسه من
ركوع الركعة التي تليها قوله: (على الوجه المطلوب) أي وهو كونه قبل رفع الامام رأسه من ركوع التالية
قوله: (وإذا تمادى على ترك السجدة) أي لظنه أن الامام يرفع رأسه من ركوع التي تليها قبل إتيانه
بتلك السجدة قوله: (لا سجود عليه لزيادة ركعة النقص) أي وذلك لان ركعة النقص زيادة في صلب
الامام فيحملها الامام عنه قوله: (بأن تيقن) فيه أن الموضوع أنه تيقن تركها، وقد يقال: إن هذا تعميم بقطع
النظر عن الموضوع تأمل قوله: (محض زيادة) أي وليست في صلب الامام، ولا يقال: إن ركعة القضاء
المأتي بها بعد سلام الامام هذه عمد ولا سجود في العمد. لأنا نقول: هو كمن لم يدر أصلى ثلاثا أو أربعا
قوله: (فهذا) أي قول المصنف: ولا سجود عليه إن تيقن. قوله: (وإن قام إمام لخامسة إلخ) حاصل هذه
المسألة أن الامام إذا قام لزائدة بحسب الظاهر فللمأموم حالان: إما أن يتيقن انتفاء الموجب أم لا، وفي
كل منهما أربع صور، لان كل واحد منهما إما أن يفعل ما أمر به أو يخالف عمدا أو سهوا أو تأويلا
فمتيقن انتفاء الموجب إن فعل ما أمر به من الجلوس صحت صلاته بقيدين: إن سبح ولم يتبين
له وجوب الموجب وإلا بطلت لقوله: ولمقابله إن سبح، ولقوله: لا لمن لزمه اتباعه في نفس الامر ولم يتبع
وإن خالف عمدا بأن قام بطلت إن لم يتبين له الموجب، وإلا صحت على قول ابن المواز، واختار اللخمي
البطلان مطلقا أي سواء تبين له موجب قيام إمامه أم لا، وما لابن المواز هو الموافق لمفهوم ولم يتبع في قوله
لا لمن لزمه اتباعه في نفس الامر ولم يتبع، وإن خالف سهوا فقام لم تبطل اتفاقا، وكذا تأويلا على ما
اختاره اللخمي، ثم إن استمر الساهي والمتأول على يقين انتفاء الموجب لم يلزمهما شئ وإن زال يقينهما
لقول الإمام: قمت لموجب فهل يكتفيان بتلك الركعة التي فعلاها مع الامام أو لا بد من ركعة يدل ركعة
303

الخلل؟ وقد جزم المصنف أول كلامه بالثاني في الساهي فأحرى المتأول، لكن مفهوم قوله لم تجزه
الخامسة إن تعمدها أن الساهي يجتزي بها دون المتأول، وأما من لم يتيقن انتفاء الموجب بأن تيقن أن قيامه
لموجب أو ظنه أو توهمه أو شك فيه فإنه يقوم مع الامام، فإن فعل ما أمر به من القيام فواضح وإن خالف فجلس
عمدا بطلت إلا أن يوافق نفس الامر على ما استظهره ح، وإن جلس سهوا لم تبطل ويأتي بركعة، وإن
خالف متأولا فكالعامد على المعتمد اه‍ بن. قوله: (لكان أشمل) أي لصدقه بما إذا زاد رابعة في ثلاثية
أو ثالثة في ثنائية أو خامسة في رباعية، بخلاف كلام المصنف فإنه قاصر على الأخيرة ولا يصدق بغيرها
قوله: (واستمر) أي الامام على قيامه لعدم علمه بزيادتها قوله: (وتحته أربعة) أي لأنه إما أن يتيقن
موجبها لعلمه بطلان إحدى الأربع بوجه من وجوه البطلان أو يظن موجبها أو يظن عدمه أو
يشك في موجبها قوله: (أشار للأول) أي وهو ما إذا تيقن انتفاء موجبها وأنها محض زيادة قوله: (فمتيقن
انتفاء موجبها) أي عن نفسه وعن إمامه أو عن نفسه فقط والأول مبني على أن كل سهو لا يحمله الامام
عمن خلفه فسهوه عنه سهو لهم وإن هم فعلوه، والثاني مبني على أن كل سهو يحمله الامام عمن خلفه فلا
يكون سهوه عنه سهوا لهم، إذا هم فعلوه، والأول قول سحنون والثاني قول ابن القاسم، وقوله: فمتيقن انتفاء
موجبها يجلس أي سواء كان مسبوقا أم لا، لكن غير المسبوق يجلس حتى يسلم مع الامام بعد فراغه من
تلك الركعة التي قام لها، والمسبوق يجلس حتى يسلم الامام من تلك الركعة التي قام لها فيقوم لقضاء ما عليه
فكلام المصنف من هنا لقوله: ولم تجز مسبوقا إلخ يجري في المسبوق وغيره. قوله (ولم يتغير يقينه) أي
بانتفاء الموجب قوله: (فإن لم يسبح له بطلت) أي وكذا إن تغير يقينه بأن تبين له عدم انتفاء الموجب
فإنها تبطل لقول المصنف فيما يأتي لا لمن لزمه اتباعه في نفس الامر ولم يتبع قوله: (فإن لم يفهم بالتسبيح
كلموه) الحق أنه إذا لم يفهم بالتسبيح يشيرون إليه فإن لم يفهم بالإشارة كلموه والتسبيح والإشارة
وكذا الكلام واجب كفاية إذا قام به بعض المأمومين كفى. تنبيه: إذا كلمه بعضهم وجب الرجوع
لقوله: إن تيقن صدقه أو شك فيه فإن لم يرجع بطلت عليه وعليهم في التيقن، وكذا في الشك إن أجمع
مأمومه على نفي الموجب فإن تيقن خلاف خبرهم وجب عليه الرجوع إن كثروا جدا لان تيقنه حينئذ
بمنزلة الشك، فإن لم يرجع بطلت عليه وعليهم، وإن لم يكثروا جدا لم يجب عليه الرجوع، وهل يسلمون قبله
أو ينتظرونه حتى يسلم ويسجد لسهوه؟ قولان قوله: (أي نقص) أي بأن علم بطلان إحدى الركعات
بوجه من أوجه البطلان. قوله: (ثم إن ظهر له) أي للمأموم بعد الفراغ من الخامسة الموجب الذي جزم
به أو ظنه أو توهمه أو شك فيه فواضح قوله: (وإنما قام) أي الامام قوله: (فإن خالف المأموم ما وجب
عليه من جلوس أو قيام إلخ) أي فإذا لم يتيقن انتفاء الموجب وخالف ما أمر به من الاتباع وجلس عمدا
أو جهلا فإنها تبطل ما لم يتبين أن مخالفته موافقة لما في نفس الامر وإلا فلا بطلان على ما استظهره ح
ومن تيقن انتفاء الموجب إذا خالف ما أمر به من الجلوس واتبعه عمدا أو جهلا فإنها تبطل ما لم يتبين
أن مخالفته موافقة لما في نفس الامر، وإلا فلا تبطل كما قال ابن المواز، إلا أن الأظهر أن تلك الركعة التي
تبع فيها الامام لا تنوب عن ركعة الخلل فلا بقصده كما في المج وحينئذ فيأتي بركعة أخرى
واختار اللخمي البطلان مطلقا أي سواء تبين أن مخالفته موافقة لما في نفس الامر أم لا، واعتمد بعض
الأشياخ قول ابن المواز ونص اللخمي في التبصرة، قال ابن القاسم في إمام سها في الظهر فصلى
خمسا فتبعه قوم سهوا وقوم عمدا وقوم قعدوا فلم يتبعوه فإنه يعيد من اتبعه عمدا وتمت صلاة
من سواه، قال محمد: وإن قال الامام بعد سلامه: كنت ساهيا عن سجدة بطلت صلاة من
304

جلس وصحت صلاة من اتبعه سهوا أو عمدا، والصواب أنه تصح صلاة من جلس ولم يتبعه لأنه جلس
متأولا وهو يرى أنه لا يجوز له اتباعه وهو أعذر من الناعس والغافل، وتبطل صلاة من اتبعه عمدا إن
كان عالما أنه لا يجوز له اتباعه وإن كان جاهلا يظن أن عليه اتباعه صحت صلاته. قوله: (إن لم يتبين إلخ)
هذا يعين أن معنى قول المصنف: بطلت تهيأت للبطلان لا أنها بطلت بالفعل قوله: (لا سهوا إلخ) حاصله
أن من تيقن انتفاء الموجب إذا خالف ما أمر به من الجلوس فتبعه سهوا لا تبطل صلاته، وكذلك إذا
كان غير متيقن انتفاء الموجب إذا خالف ما أمر به من الاتباع وجلس سهوا، فإن صلاته صحيحة، فإذا
قال الامام بعد فراغه من الصلاة: قمت لموجب فإن هذا الثاني يأتي بركعة، وكذا الأول يأتي بركعة ولا
تجزيه التي فعلها مع الامام سهوا، وقيل: إنها تجزيه وعلى الأول فيحصل معه في الرباعية ست ركعات
والقولان مخرجان على الخلاف فيمن ظن كمال صلاته فأتى بركعتين نافلة ثم تذكر أنه بقي عليه من
صلاته ركعتان قاله ابن بشير والهواري، قال ابن عبد السلام وابن هارون: وأصل المشهور الإعادة
كذا في ح اه‍. قال بن: قلت قد أنكر ابن عرفة وجود القول بالإعادة الذي اقتصر عليه المصنف
ونصه وأجزأت تابعه سهوا فيها، ونقل ابن بشير: يقضي ركعة في قوله أسقطت سجدة لا أعرفه، وقوله
كالخلاف فيمن صلى نفلا إثر فرض اعتقد تمامه فتبين نقصه ركعتين واضح فرقه قوله: (وإلا فلا)
أي وإلا يقل الامام ذلك فلا يأتي الجالس بركعة ولا يعيدها المتبع. قوله: (وصحت لمن لزمه اتباعه
وتبعه) أي سواء قال الامام: قمت لموجب أم لا. قوله: (إن سبح) أي ولم يتغير يقينه قوله: (فخالف
عمدا بطلت صلاته) أي وإن خالف سهوا لا تبطل قوله: (تأول بجهله وجوبه) أي بأن استند
لحديث: إنما جعل الامام ليؤتم به ونحوه قوله: (لا لمن لزمه اتباعه) هذا معطوف على محذوف وهو
محترزه والتقدير وصحت لمقابله إن سبح ولم يتغير اعتقاده لا لمن لزمه اتباعه إلخ لان معناه لا إن تغير
اعتقاده، وحاصل ذلك أنه إذا جلس لتيقنه انتفاء الموجب ثم تبين له بعد الصلاة خطأ نفسه بأن قال
الامام: قمت لموجب فإن صلاته تبطل، فهذا يفارق قوله: وصحت لمقابله إن سبح أي ولم يتغير يقينه
وهذا تغير عما كان يعتقده، وإنما لم تصح صلاته لأنه تبين إن كان يلزمه اتباعه في نفس الامر فهو أي
من تيقن انتفاء الموجب مؤاخذ بالظاهر تارة من حيث أنه أمر بالجلوس والبطلان إن قام وبما في نفس
الامر تارة أخرى حيث بطلت إن لم يقم بعد أن طرأ له الشك. قوله: (ولم تجز) أي بعد الوقوع والنزول
وأما القدوم على اتباعه فهو حرام، وإنما لم تجزه لأنه لم يفعلها على أنها قضاء عن الركعة وإنما فعلها على
أنها زائدة، وحاصل المسألة أن المسبوق بركعة إذا تبع الامام عمدا في الركعة التي قام لها وهو عالم بأنها
خامسة لامامه لاعتقاده الكمال بسبب حضوره الامام من أول صلاته، والحال أن الإمام قال: قمت لموجب ولم
يجمع المأمومون على نفيه فقال مالك: إن صلاته صحيحة وهذه الركعة لا تنوب عن الركعة التي سبقه
بها الامام لأنه لم يفعلها على أنها قضاء عنها بل على أنها زائدة وصحت صلاته لان عليه في الواقع ركعة
305

فكأنه قام لها، وقال ابن المواز: إنها تجزيه لان الغيب كشف أنها رابعة وأنه ليس مسبوقا لان
الركعة الأولى التي فاتته قبل الدخول ظهر أنها باطلة وهذه الخامسة بدلها فهي رابعة في نفس الامر دون
الظاهر بالنسبة للامام ورابعة في الظاهر والواقع بالنسبة للمأموم قوله: (وتصح صلاته) لا يقال: الحكم
بصحة صلاة المسبوق الذي علم بخامسيتها وتبع الامام فيها يخالف ما مر من أن من وجب عليه الجلوس
لتيقنه انتفاء الموجب تبطل صلاته إذا خالف وقام مع الامام. لأنا نقول: لا مخالفة لان محل بطلان صلاته
إذا خالف ما لم يتبين أن مخالفته موافقة لما في الواقع وإلا صحت، وهنا إنما صحت لكون الإمام قال: قمت
لموجب وأن القيام موافق لما في الواقع تأمل اه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (ولم يجمع إلخ) أي بأن
صدقوه كلا أو بعضا. قوله: (وإن لم يتأول) أي هذا إذا تأول في اتباعه بل ولو كان غير متأول بأن تبعه
عمدا، والصواب أن يقول: ولم يتأول لان العمد هو محل التفصيل، وأما إذا تبعه سهوا أو تأويلا فالصلاة
صحيحة مطلقا انظر بن. قوله: (وهل كذا إلخ) حاصله أن المسبوق إذا تبع الامام في خامسة وهو غير عالم
بكونها خامسة فقيل: لا تجزيه تلك الركعة عما سبق به سواء أجمع المأمومون على نفي الموجب أم لا، وقيل
إنها تجزيه إلا أن يجمع مأمومه على نفي الموجب، فمحل الخلاف في إجزائها وعدمه حيث لم يجمع
المأمومون على نفي الموجب، وأما إذا أجمعوا على ذلك فلا تجزئ اتفاقا، وما ذكر من أنهم إذا لم يجمعوا
على نفي الموجب فقولان، وإذا أجمعوا فلا تجزئ اتفاقا محله إذا قال الامام: قمت لموجب، أما إذا لم يقل
قمت لموجب فصلاته صحيحة ولا تجزيه تلك الركعة اتفاقا قوله: (واعترض عليه) أي على المصنف بأن
القول الأول ليس بموجود إلخ الاعتراض لح، وتعقبه طفي بأن ابن بشير ذكره وحكاه ابن عرفة
وذكره ابن شاس وابن الحاجب وذلك لان كل من ذكر ذكر قولين في إجزاء الخامسة للمسبوق وعدم
اجزائها إذا قال الامام قمت لموجب ولم يقيدوهما بالعالم ولا بغيره والقول بعدم الاجزاء مطلقا هو
الأول في كلام المؤلف، وهناك قول ثالث لابن المواز في العالم وغيره وهو الاجزاء إلا أن يجمع مأمومه
على نفي الموجب والمؤلف جزم بعدم الاجزاء في العالم، وذكر في غير العالم الخلاف بعدم الاجزاء مطلقا
والاجزاء إلا أن يجمع مأمومه على نفي الموجب، ولم يذكر القول بالاجزاء لا في العالم ولا في غيره انظر
بن. قوله: (مطلقا) أي سواء أجمع المأمومون على نفي الموجب أم لا. قوله: (ولم يتنبه لذلك) أي لذلك
الترك إلا بعدما عقد الركعة الزائدة، وأما لو تنبه لذلك قبل فعلها فلا يكون ما يأتي به زائدا لأنه عوض عما
حصل فيه الخلل، ولا يتصور أن ينوي أنها خامسة مع علمه بالخلل قبل عقدها، وعلى تقدير أنه لو نوى
ذلك فلا تضر هذه النية كنية الامام أنه لا يحمل عن المأموم ما يحمله. قوله: (ولم تبطل صلاته) أي نظرا
للواقع وهو ما قاله ابن غلاب وهو المشهور، وقال الهواري: المشهور البطلان حينئذ نظرا للتلاعب في قصده
والقولان في ح. قال بعض الأشياخ: ويمكن حمل ما قاله الهواري على الفذ والامام وما لابن غلاب على
المأموم لان له عذرا في الجملة قوله: (من انقلاب ركعاته) أي وأن عليه في نفس الامر ركعة وهم في هذا
المبحث يراعون ما في نفس الامر قوله: (ومفهوم إن تعمدها) أي وهو ما إذا أتى بها سهوا قوله: (الاجزاء)
أي وهو المشهور. وقال ابن القاسم: لا تجزي الساهي أيضا لفقد قصد الحركة للركن، وعلى هذا جرى
المصنف في قوله السابق ويعيدها المتبع، لكن تقدم عن ابن عرفة إنكاره اه‍ بن. وعلى كلام ابن القاسم
فلا مفهوم لقول المصنف إن تعمدها
فصل: في سجود التلاوة قوله: (سجود) أي طلب منه إيجاد ماهية السجود في أقل أفرادها وهو
واحد لأنه المحقق، فاندفع ما أورد على المؤلف أنه ليس فيه تعرض للوحدة على أنه قد يقال: أنه عبر بالفعل
ولم يقل سجود التلاوة مشروط بشرط الصلاة مثلا إشارة إلى أن الفعل يكفي في تحقق مدلوله واحد من
أفراد الحقيقة إذ هو عندهم له حكم النكرات، ففي كلامه تعرض لقيد الوحدة. قوله: (سجدة واحدة) فلو
306

أضاف إليها أخرى فالظاهر عدم البطلان إذ لا يتوقف الخروج منها على سلام قوله: (بشرط الصلاة) مفرد
مضاف يعم أي بشروطها. وقوله من طهارة حدث إلخ. في الكلام حذف الواو مع ما عطفت أي وغير ذلك
من بقية الشروط كترك الكلام وترك الأفعال الكثيرة، فتبطل سجدة التلاوة بالكلام ونحوه
والظاهر وجوب قضائها قياسا على النفل المفسد. قوله: (واستقبال) يعني في الجملة وفي بعض الأحوال
لأجل أن يشمل سجودها على الدابة لغير القبلة في سفر القصر، ويحتمل أن مراد المصنف بالصلاة صلاة
النافلة وحينئذ فلا يحتاج لقولنا في الجملة. قوله: (أي تكبير إلخ) أي وأما الاحرام بمعنى نية الفعل فلا بد
منه، وكان الأولى للشارح أن يقول: أي بلا تكبير زائد على تكبير الهوى والرفع، ثم محل قوله بلا إحرام
وسلام إن لم يقصد مراعاة خلاف كما قال عبق قوله: (مطلقا) أي من غير شرط سواء صلح للإمامة
أم لا جلس ليسمع الناس حسن قراءته أم لا. قوله: (ومستمع) ذكرا كان أو أنثى قوله: (فقط) إنما
أتى به المصنف لان مستمع صفة وهو لا يعتبر مفهومها فربما يتوهم أنه لا مفهوم له فأتى بقوله فقط
دفعا لذلك التوهم. قوله: (لا مجرد سامع) أي لا سامع مجرد عن قصد السماع قوله: (وينحط لها من قيام)
أي إذا كان ماشيا قوله: (وينزل الراكب) أي فلا يسجدها على الدابة ولا يومئ بها للأرض إلا إذا
كان يسوغ له النافلة على الدابة بأن كان مسافرا سفر قصر فله فعلها بالايماء لجهة سفره ويومئ
بها للأرض على المعتمد لا إلى الاكاف كما مر. قوله: (إن جلس ليتعلم) عبر بالجلوس تبعا لابن رشد
إذ قسمه إلى ثلاثة أقسام: جلوس للتعلم، وجلوس للاستماع للثواب، وجلوس للسجود، وكان المقصود
به هنا الانحياز للقارئ بجلوس أو غيره من قيام أو اضطجاع ولكن عبر بالغالب اه‍ بن
قوله: (أو أحكام) من إظهار وإدغام واقلاب وإخفاء لأجل أن يصون قراءته من اللحن قوله: (لا لمجرد
ثواب) أي لا إن كان استماعه لمجرد ثواب. وقوله: أو غيره أي اتعاظ بكلام الله وتلذذ به أو كان جلوسه
لأجل السجود فقط. قوله: (ولو ترك القارئ) أي السجود لان تركه لا يسقط مطلوبيته من الآخر
إلا أن يكون القارئ إماما وتركه فيتبعه مأمومه على تركه بلا خلاف كما قاله ابن رشد، فلو فعلها بطلت
صلاته فيما يظهر كذا في عبق، ورد المصنف بلو على مطرف وعبد الملك وابن عبد الحكم وأصبغ
القائلين: لا يسجد المستمع إذا ترك القارئ. قوله: (وكذا متوضئا) أي فلا يسجد المستمع من غير
المتوضئ على الراجح خلافا للناصر اللقاني ومن تبعه. قوله: (أي في الجملة) الأولى أن يقول أي ولو في
الجملة أي ولو في بعض الحالات، ولو شك أن المتوضئ العاجز صالح للإمامة في بعض الحالات إذ
يصلح أن يكون إماما لمثله فتأمل. قوله: (ولم يجلس القارئ ليسمع الناس) فإن جلس ليسمع
الناس حسن قراءته فلا يسجد المستمع له لان الشأن أن يدخل قراءته الرياء فلا يكون أهلا للاقتداء
به إن قلت: غاية ما فيه فسقة بالرياء والمعتمد صحة إمامة الفاسق. قلت: أجاب بعضهم بأن القراءة
هنا كالصلاة، فالمرائي في قراءته كمن تعلق فسقه بالصلاة، والفاسق الذي اعتمدوا صحة إمامته من كان
فسقه غير متعلق بالصلاة كما يأتي قاله شيخنا قوله: (في إحدى) متعلق بسجد قوله: (لا في ثانية الحج)
307

أي فيكره، وقول اللخمي يمنع معناه يكره كذا قال عج، فلو سجد في ثانية الحج وما بعدها في الصلاة بطلت
صلاته إلا أن يكون مقتديا بمن يسجدها، وقال بعضهم: لا بطلان وهو المعتمد للخلاف فيها، فلو سجد دون
إمامه بطلت، وإن ترك اتباعه أساء وصحت صلاته اه‍ شيخنا. قوله: (ولا في النجم) أي عند قوله: * (فاسجدوا
لله واعبدوا) * قوله: (تقديما للعمل) أي عمل أهل المدينة من ترك السجود في هذه المواضع الأربعة
وقوله على الحديث أي الدال على طلب السجود فيها، وإنما قدم العمل على الحديث لدلالة العمل على نسخ
الحديث المذكور إذ لو كان باقيا من غير نسخ ما عدل أهل المدينة عن العمل به قوله: (وهل سنة إلخ)
هذه الجملة استئنافية قصد بها تبيين الحكم الذي أجمله في قوله سجد أي طلب منه سجود، والقول
بالسنية شهره ابن عطاء الله وابن الفاكهاني وعليه الأكثر، والقول بأنه فضيلة هو قول الباجي وابن
الكاتب وصدر به ابن الحاجب ومن قاعدته تشهير ما صدر به، وينبني على الخلاف كثرة الثواب وقلته
قوله: (ولو بغير صلاة) رد بلو على من قال: إذا سجد للتلاوة بغير الصلاة فإنه لا يكبر لا في حال الخفض ولا
في حال الرفع بل يسجد سجدة من غير تكبير قوله: (وص وأناب إلخ) ابن ناجي اختار بعض شيوخ
شيوخنا أنه يسجد في الأخير في كل موضع مختلف فيه أي كما يسجد في الأول ليخرج من الخلاف، وإليه
ذهب بعض المتأخرين من المشارقة اه‍ بن. قوله: (وكره سجود شكر) وأجازه ابن حبيب لحديث أبي بكر
أتى النبي صلى الله عليه وسلم أمر فسر به فخر ساجدا رواه الترمذي، ووجه المشهور العمل
قوله: (بخلاف الصلاة) أي للزلزلة فلا تكره بل تطلب لأنها أمر يخاف منه، ومثل الصلاة للزلزلة الصلاة لدفع الوباء
أو الطاعون لأنه عقوبة من أجل الزنى وإن كان شهادة لغيرهم كما أفاده البدر، ويصلون لذلك أفذاذ أو
جماعة، وهل يصلون ركعتين أو أكثر؟ ذكر بعضهم عن اللخمي أنه يستحب ركعتان، ومحل استحباب
الصلاة لما ذكر ما لم يجمعهما الامام وإلا وجبت قوله: (أي بالقراءة) أي المفهومة من السياق، وهذا الحمل
في المصنف هو الظاهر، واستبعده بعضهم بأن فيه التكرار مع قوله: وأقيم القارئ في المسجد وهو غير
صحيح لان الجهر بالقراءة مكروه وإن لم يتخذه عادة فإقامة القارئ مشروطة باتخاذ ذلك عادة، وإن
أراد أن هذا يغني عن الإقامة فغير صحيح أيضا لان الكراهة لا توجب إقامة القارئ قوله: (بتلحين) أراد
أي بأنغام وما ذكره المصنف من الكراهة هو المشهور من مذهب الجمهور، وذهب الشافعي وابن العربي
إلى جوازه بل قال: إنه سنة، واستحسنه كثير من فقهاء الأمصار لان سماعه بالألحان يزيد غبطة
بالقرآن وإيمانا ويكسب القلب خشية، ويدل له قوله عليه الصلاة والسلام: ليس منا من لم يتغن بالقرآن
وقوله: زينوا القرآن بأصواتكم وأجاب الجمهور عن الأول بأن المراد بالتغني الاستغناء، وعن الثاني بأنه
مقلوب اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (يجتمعون فيقرأون معا) إنما كرهت القراءة على هذا الوجه لأنه
خلاف العمل وللزوم تخليط بعضهم على بعض وعدم إصغاء بعضهم لبعض وهو مكروه، وأما اجتماع
جماعة يقرأ واحد ربع حزب مثلا وآخر ما يليه وهكذا، فذكر بعضهم الكراهة في هذه الصورة، ونقل
النووي عن مالك جوازها قال بن: وهو الصواب إذ لا وجه للكراهة قوله: (أي لأجل سجودها) أي
بحيث يكون ليس الحامل له على الجلوس لسماع القراءة إلا أن يسجد السجدة فقط قوله: (وأقيم القارئ
في المسجد) يعني أن القارئ في المسجد يوم الخميس أو غيره يقام ندبا، ولو كان فقيرا محتاجا بشروط
ثلاثة أن تكون قراءته جهرا برفع صوت وقصد دوام ذلك ويعلم ذلك بقوله: أو بقرينة، ولم يشترط
ذلك واقف إلا وجب فعله لما سيأتي أنه يجب اتباع شرطه ولو كره، وأما قراءة العلم في المساجد
فمن السنة القديمة ولا يرفع المدرس في المسجد صوته فوق الحاجة كما سيأتي في إحياء الموات
(قوله وإلا فلا يقام) أي وإلا يقصد دوام ذلك فلا يقام ويؤمر بالسكوت أو القراءة سرا
308

وذلك لأنه إذا قصد دوام ذلك كان الغالب قصده بالقراءة الدنيا كذا قيل، واعلم أن قراءة القرآن على
الأبواب وفي الطرق قصدا لطلب الدنيا حرام، ولا يجوز الاعطاء لفاعل ذلك لما فيه من الإعانة على
ذلك كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (قراءة الجماعة) المراد بها ما زاد على الواحد قوله: (مخافة التخليط) أي
ولأنه لا بد أن يفوت الشيخ سماع ما يقرؤه بعضهم حين الاصغاء لغيره، فقد يخطئ القارئ الذي لم
يصغ الشيخ لقراءته في ذلك الحين ويظن ذلك القارئ أن الشيخ سمعه فيحمل عنه الخطأ ويظنه
مذهبا له. قوله: (وجوازها) أي للمشقة الداخلة على القراء بانفراد كل واحد بالقراءة عليه إذ قد
يكثرون فلا يعمهم فجمعهم أحسن من القطع لبعضهم قوله: (روايتان عن الامام) أي فكان أولا يكره
ذلك ولا يراه صوابا ثم رجع وخففه. فإن قلت: حيث رجع عن الكراهة فالمعمول به الجواز فكان
الأولى للمصنف الاقتصار عليه لان الكراهة مرجوع عنها فلا تنسب لقائلها. وأجيب بأن قواعد
المذهب لما كانت تقتضيها صح نسبتها للامام وإن رجع عنها، قال شيخنا العدوي: والظاهر من الروايتين
الكراهة لان كلام الله ينبغي مزيد الاحتياط فيه، ومحل الخلاف إذا كان في إفراد كل قارئ بالقراءة
مشقة فإن انتفت المشقة فالكراهة اتفاقا. قوله: (واجتماع لدعاء) أي بأي دعاء كان ومثله الذكر
قوله: (وإلا فلا كراهة) أي وأن لا يقصد التشبه بالحاج ولا جعل ذلك من سنة اليوم بل قصد اغتنام فضيلة
الوقت فلا كراهة ولو كان الاجتماع في المسجد قوله: (وقت جواز لها) أي وهو ما عدا وقت
الاسفار والاصفرار وخطبة الجمعة. قوله: (فهل يجاوز محلها أو الآية) في المج: وينبغي ملاحظة
المتجاوز بقلبه لنظام التلاوة بل لا بأس أن يأتي بالباقيات الصالحات كما في تحية المسجد قوله: (لئلا يغير
المعنى) أي لو اقتصر على مجاوزة محل السجود، والمراد أن الاقتصار على مجاوزته مظنة لتغير المعنى، وإلا ففي
بعض المواضع مجاوزة محل السجود فقط لا تغير المعنى فتأمل. قوله: (تأويلان) وعليهما إذا جاوز محلها أو
الآية ثم تطهر أو زال وقت الكراهة فلا يرجع لقراءتها لنص أهل المذهب على أن القضاء من شعار
الفرائض وهذا هو المذهب خلافا للجلاب كذا في عبق نقلا عن تت، ولأبي عمران قول مقابل
للتأويلين وحاصله: أن القارئ إذا كان غير متطهر أو كان الوقت ليس وقت جواز لها فإن القارئ
لا يتعداها بل يقرأ محلها لأنه إن حرم أجر السجود فلا يحرم أجر القراءة، قال بن: وهو ظاهر قوله وإلا
يكن متطهرا أوليس وقت جواز، أي والحال أنه ليس في صلاة فرض فهذا محل التأويلين، أما لو كان
في صلاة فرض وكان الوقت وقت نهي فإنه يقرؤها ويسجد قولا واحدا. قوله: (واقتصار عليها) أي
على قراءة محل السجدة كان في صلاة أم لا حيث كان يفعل ذلك لأجل أن يسجد وإلا فلا كراهة، وإنما
كره ذلك لان قصده السجدة لا التلاوة وهو خلاف العمل، وإذا اقتصر فلا يسجد حيث فعل ما يكره
قوله: (أكره له قراءتها) أي قراءة محلها قوله: (وأما الآية بجملتها فلا كراهة) أي في الاقتصار عليها
ويسجد حينئذ قوله: (وأول أيضا بالاقتصار على الآية) أي وعليه فيكره الاقتصار على الكلمة
بالطريق الأولى قوله: (قال وهو الأشبه) أي المشابه والموافق للقواعد فهو المعتمد. قوله: (فعلم إلخ)
حاصله أنه إذا اقتصر على الآية فعلى القول الأشبه من كراهة الاقتصار عليها لا يسجد، وعلى القول
309

الآخر وهو أول التأويلين يسجد، وإذا اقتصر على الكلمة الدالة على السجود لا يسجد باتفاقهما، واعلم
أن تعبير المصنف هنا بالفعل ليس جاريا على اصطلاحه لان هذا القول مختار للمازري من خلاف لأنهما
تأويلان على المدونة، واختار المازري واحدا منهما، وليس ذلك القول من عند نفسه حتى يكون تعبيره
بالفعل جاريا على اصطلاحه، فلو قال: وهو الأشبه على المقول لناسب اصطلاحه. قوله: (وتعمدها
بفريضة) أي ولو لم يكن على وجه المداومة كما لو اتفق له ذلك مرة وإنما كره تعمدها بالفريضة لأنه إن لم
يسجدها دخل في الوعيد أي اللوم المشار له بقوله تعالى: * (وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون) * وإن سجد
زاد في عدد سجودها كذا قيل، وفيه أن تلك العلة موجودة في النافلة، ويمكن أن يقال: إن السجود لما كان
نافلة والصلاة نافلة صار كأنه ليس زائدا بخلاف الفرض. إن قلت: إن مقتضى الزيادة في الفرض البطلان
قلت: إن الشارع لما طلبها من كل قارئ صارت كأنها ليست زائدة محضة اه‍ عدوي قوله: (ولو صبح
جمعة) أي خلافا لمن قال بندبها فيه لفعله عليه الصلاة والسلام لان عمل أهل المدينة على خلافه فدل على
نسخه. واعلم أن كراهة تعمد قراءة آيتها في الفريضة بالنسبة للفذ والامام، وأما المأموم فلا يكره تعمده
لقراءتها وإن كان لا يسجد وليس من تعمدها بفريضة صلاة مالكي خلف شافعي يقرؤها بصبح جمعة
ولو كان غير راتب، وحينئذ فلا يكون اقتداؤه به مكروها قاله عبق. قوله: (أو خطبة) أي سواء كانت
خطبة جمعة أو خطبة غيرها اه‍ عدوي. قوله: (لاخلاله بنظامها) أي إن سجد وإن لم يسجد دخل في الوعيد
قوله: (مطلقا) أي فذا أو إماما أو مأموما في سفر أو حضر كانت القراءة في ذلك النفل سرا أو جهرا
أمن الامام من التخليط على من خلفه أم لا. قوله: (وإن قرأها في فرض) أي وإن اقتحم النهي وقرأها
عمدا أو قرأها غير متعمد. وقوله: سجد وهل سجوده سنة أو فضيلة خلاف، وهذا إذا كان الفرض غير
جنازة وإلا فلا يسجد فيها، فإن فعل فالظاهر أنه يجري فيها ما يأتي في سجوده في الخطبة اه‍ شيخنا
عدوي. قوله: (أي يكره) فإن وقع وسجد فهل تبطل الخطبة لزوال نظامها أم لا، واستظهره الشيخ
كريم الدين البرموني قوله: (الصلاة السرية) أي سواء كانت فرضا أو نفلا قوله: (بقراءته السجدة) متعلق
بجهر أي جهر الامام بقراءته الآية المتعلقة بالسجدة في الصلاة السرية فرضا كانت أو نفلا، وليس
المراد أنه يجهر بالقراءة كلها كذا قرر شيخنا العدوي قوله: (اتبع في سجوده) أي وجوبا كما في كبير
خش وهو قول ابن القاسم. وقال سحنون: يمتنع اتباعه لاحتمال سهوه قوله: (فإن لم يتبع صحت صلاتهم)
أي لان اتباعه فيها واجب غير شرط لأنها ليست من الأفعال المقتدى به فيها أصالة وترك الواجب الذي
ليس بشرط لا يوجب البطلان قوله: (كآية وآيتين) أي لا أكثر فالكاف استقصائية كما قاله شيخنا
قوله: (من غير إعادة قراءتها) أي من غير إعادة الآية التي فيها السجدة قوله: (أي يعيد قراءتها) أي قراءة
الآية التي فيها السجدة، ثم بعد أن يسجد يعود إلى حيث انتهى في القراءة قوله: (بالفرض) متعلق بعامل
مقدر مماثل للمذكور أي يعيدها بالفرض والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا جوابا لسؤال مقدر تقديره
وماذا يفعل إذا جاوزها بكثير في الفرض والنفل، وإنما لم يجعل متعلقا بيعيدها المذكور لاستلزام
ذلك عدم الإعادة في مسألة مجاوزتها بكثير في غير الصلاة قوله: (ولا يعود لقراءتها في ثانية الفرض)
أي يكره فإن أعادها في ثانيته من غير قراءة لم تبطل على الظاهر لتقدم سببها، ويحتمل البطلان لانقطاع
السبب بالانحناء قوله: (ويعود لقراءتها) أي لقراءة آيتها بالنفل في ثانيته فإن لم يذكرها
حتى عقد الثانية فاتت ولا شئ عليه قوله: (ففي فعلها قبل الفاتحة) أي ففي إعادة آيتها وفعلها قبل
310

الفاتحة بحيث يقوم منها فيقرأ الفاتحة وذلك لتقدم سببها وهذا هو الظاهر، وعليه لو أخرها حتى قرأ
الفاتحة فعلها بعدها بل وكذا بعد القراءة. قوله: (أو بعدها) أي أو يعود لقراءة آيتها ويسجدها بعد
قراءة أم القرآن بحيث يقوم منها لقراءة السورة لأنها غير واجبة والفاتحة واجبة فمشروعيتها
بعد الفاتحة، وعلى هذا لو قدمها على الفاتحة فالصلاة صحيحة، وهل يكتفي بها أو يعيدها بعد الفاتحة
الظاهر الأول كما قال شيخنا. قوله: (قولان) الأول لأبي بكر بن عبد الرحمن والثاني لابن أبي زيد وكان
الأنسب بقاعدته أن يعبر بتردد لتردد المتأخرين لعدم نص المتقدمين قوله: (فقصد الركوع) أي
فتحول قصده إليه قوله: (سهوا عنها) أي حالة كونه ساهيا عن قصدها وصار الملاحظ له بقلبه إنما هو
الركوع فإنه يعتد به سواء تذكرها قبل أن يطمئن في ذلك الركوع أو بعد طمأنينته قوله: (بناء على أن
الحركة إلخ) أي فهو مشهور مبني على ضعيف قوله: (أعادها في ثانيته) أي وإن كان في ثانيته فلا إعادة عليه
قوله: (وقال ابن القاسم لا يعتد به) أي سواء تذكرها قبل أن يطمئن في ذلك الركوع أو بعد طمأنينته أو
بعد رفعه منه. قوله: (ويخر ساجدا) أي للتلاوة ويرجع للركوع بعد ذلك سواء تذكرها قبل أن يطمئن
في ذلك الركوع أو بعد طمأنينته فيه أو بعد رفعه منه إلا أنه يلزمه السجود بعد السلام في الحالتين
الأخيرتين، ولا سجود عليه في الحالة الأولى، والحاصل أنه إذا تذكر وهو راكع فإن كان تذكره قبل أن
يطمئن خر ساجدا للتلاوة ولا شئ عليه، وأما إن تذكر بعد الطمأنينة أو بعد رفعه من الركوع ألغى ذلك
الركوع وسجد للتلاوة وسجد بعد السلام للزيادة قوله: (فإن رفع ساهيا) أي ولم يتذكر السجدة إلا بعد
رفعه. قوله: (ويخر ساجدا) أي للتلاوة ويلزمه السجود البعدي لزيادة ذلك الركوع قوله: (ويسجد) أي
للسهو بعد السلام قوله: (تكريرها) من إضافة المصدر لمفعوله أي بخلاف تكرير الشخص السجدة
للتلاوة سهوا، والحال أنه في صلاة فإنه يسجد بعد السلام وأما لو كررها عمدا أو جهلا فإن الصلاة
تبطل قوله: (أو بخلاف سجود) يعني أنه لو سجد في آية قبلها يظن أنها آية السجدة والحال أنه في صلاة
فإنه يسجد لذلك بعد السلام سواء قرأ آيتها في باقي صلاته بعد ذلك وسجدها أم لا قوله: (حزبا) أي جملة
من القرآن قليلة أو كثيرة، فإذا كرر الربع الأخير من الأعراف مثلا لصعوبة أو غير ذلك فإنه يسجد
كل مرة قوله: (ولو في وقت واحد) أي ولو كان تكرير الحزب في وقت واحد قوله: (والثاني يسمع)
فيه أن المعلم إذا كان ساكتا كيف يسجد مع أن السامع لا يسجد إلا إذا جلس ليتعلم كما مر. وأجيب
بأن المعلم يسجد مع كونه سامعا، وقول المؤلف فيما مر إن جلس ليتعلم فيه حذف أي أو ليعلم كذا في
حاشية شيخنا على خش. قوله: (فأول مرة) أي فيسجد كل منهما في أول مرة فقط. قوله: (واختاره
المازري) أي خلافا لأصبغ وابن عبد الحكم حيث قالا: لا سجود عليهما ولا في أول مرة. واعلم أن الخلاف
محله إذا حصل التكرير لحزب فيه سجدة، وأما قارئ القرآن بتمامه فإنه يسجد جميع سجداته باتفاق ولو
كان معلما أو متعلما كذا قرر شيخنا. قوله: (فكان على المصنف إلخ) وذلك لان صدر العبارة ليس مختارا من
خلاف فناسب التعبير فيه بالفعل وآخرها مختار من خلاف فالمناسب التعبير فيه بالاسم. قوله: (مثلا)
311

أشار بذلك إلى أنه لا مفهوم للأعراف، وإنما خصها بالذكر لئلا يتوهم فيها عدم القراءة لان في القراءة من
سورة غيرها عدم الاقتصار على سورة مع أن الأفضل الاقتصار على سورة، وعلى هذا فيستثنى هذا من ذاك
وقد يقال لا استثناء لأن هذه ليست قراءة لسنة الصلاة وإنما هي قراءة لأجل أن يكون الركوع واقعا
عقب قراءة كما هو طريقته، وأما سنة الصلاة فقد حصلت بالقراءة قبل سجود التلاوة قوله: (ليقع الركوع
عقب قراءة) أي كما هو سنته. قوله: (أي لا يجعل الركوع عوضا عنها) أي كان في صلاة أو لا، وقالت الحنفية
يكفي عنها الركوع وكأنهم رأوا أن المدار على التذلل، وأما سجود الصلاة فلا يمكن نيابته عنها لأنها
تفوت بالانحناء قوله: (فلم يسجدها) أي كان تاركا لسجدة التلاوة. قوله: (وإن قصد به) أي بذلك
الركوع الذي فعله السجدة ولم يقصد الركوع الركني قوله: (فقد أحالها) أي غيرها قوله: (وذلك غير
جائز) ظاهره أنه حرام وأنها تبطل بذلك وبه قال بعضهم، وقال بعضهم: إن ذلك مكروه ولا تبطل
به الصلاة واستظهر قاله شيخنا، وعليه فهل يكفي ذلك الركوع أو يطالب بركوع آخر؟ محل نظر
قوله: (وقصده) أي الركوع الركني وقصد نيابته عنها وأولى إن لم يقصد نيابته عنها قوله: (وركع) أي قاصدا
الركوع من أول الأمر قوله: (اعتد به) أي فيمضي عليه ويرفع لركعته قوله: (ويقرأ شيئا) تفسير لقوله
فيبتدئ الركعة قوله: (كذا قرر) أي كذا قرره ابن غازي وبهرام والبساطي. قوله: (كما ذكره الطخيخي)
حاصل كلام الطخيخي: أن تارك السجدة له ثلاثة أحوال: إما أن يتركها نسيانا ويركع قاصدا الركوع من
أول انحطاطه، وإما أن يتركها عمدا ويقصد الركوع، وإما أن يقصدها أولا وينحط بنيتها فلما وصل
لحد الركوع ذهل عنها فنوى الركوع، ففي الوجه الأول يعتد بالركوع باتفاق مالك وابن القاسم كما قال
اللخمي لان قصد الحركة للركوع قد وجد. وفي الوجه الثاني: يعتد بالركوع أيضا لكن يكره له ذلك الفعل
وإليه أشار بقوله: وإن تركها وقصده صح. وكره في الوجه الثالث خلاف بين مالك وابن القاسم فيعتد
به عند مالك ولا سهو عليه لا عند ابن القاسم قوله: (فيتفق مالك وابن القاسم على الصحة) هذه طريقة
اللخمي، وأما ابن يونس فطريقته تحكي الخلاف في الصورتين، فالتقرير الأول الذي ذكره ابن غازي
ومن معه ظاهر على تلك الطريقة انظر بن
فصل: في بيان حكم صلاة النافلة قوله: (قوله: (ندب نفل) النفل لغة الزيادة والمراد به هنا ما زاد على الفرض
وعلى السنة والرغيبة بدليل ذكرهما بعد، واصطلاحا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يداوم عليه
أي يتركه في بعض الأحيان ويفعله في بعض الأحيان، وليس المراد أنه يتركه رأسا لان من خصائصه
أنه إذا عمل عملا من البر لا يتركه بعد ذلك رأسا، وهذا الحد غير جامع لخروج نحو أربع قبل الظهر، ولما ورد
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداوم عليها، وأما السنة فهي لغة الطريقة واصطلاحا ما فعله
النبي صلى الله عليه وسلم وأظهره حالة كونه في جماعة وداوم عليه ولم يدل دليل على وجوبه، والمؤكد
من السنن ما كثر ثوابه كالوتر، وأما الرغيبة فهي لغة ما حض عليه من فعل الخير واصطلاحا ما رغب
فيه الشارع وحده ولم يفعله في جماعة، والمراد أنه حده تحديدا بحيث لو زيد فيه عمدا أو نقص عمدا
لبطل، فلا يقال إنه صادق بأربع قبل الظهر فقول النبي صلى الله عليه وسلم: من صلى قبل العصر أربعا
حرمه الله على النار لا يفيد التحديد بحيث لا يصح غيرها. قوله: (وتأكد إلخ) قال ابن دقيق العيد في
تقديم النوافل على الفرائض: وتأخيرها عنها معنى لطيف مناسب، أما في التقديم فلان النفوس لاشتغالها
312

بأسباب الدنيا بعيدة عن حالة الخشوع والحضور التي هي روح العبادة، فإذا قدمت النوافل على
الفرائض أنست النفس بالعبادة وتكيفت بحالة تقرب من الخشوع، وأما تأخيرها عنها فقد ورد أن
النوافل جابرة لنقص الفرائض، فإذا وقع الفرض ناسب أن يقع بعده ما يجبر الخلل الذي يقع فيه اه‍ بن
واعلم أن النفل البعدي وإن كان جابرا للفرض في الواقع لكنه يكره نية الجبر به لعدم العمل بل
يفوض وإن كان حكمه الجبر في الواقع كذا في المج. قوله: (وقبلها كعصر) أي إن كان الوقت
متسعا وإلا منع، واعلم أن الرواتب القبلية يطالب بها عند سعة الوقت كل مصل سواء كان فذا أو جماعة
تنتظر غيرها أو لا، وهذا لا يخالف قول المصنف سابقا والأفضل لفذ تقديمها مطلقا لان المراد بتقديمها
فعلها في أول الوقت بعد النفل، فالنفل القبلي لا ينافي تقديمها لا عرفا ولا شرعا لأنه من مقدماتها، هذا هو
الحق كما مر عن ح، خلافا لعج حيث قال: لا يطالب بالرواتب القبلية إلا الجماعة التي تنتظر غيرها
وأما الفذ والجماعة التي لا تنتظر غيرها فالأولى لهم الابتداء بالمكتوبة قوله: (فات أصل الندب) أي
بحيث لا يكون فيه ثواب أصلا لعدم إتيانه بالمندوب قوله: (وتأكد الضحى) أشار الشارح إلى أن
الضحى عطف على الضمير في تأكد لا على نفل وإلا لاكتفى بدخول الضحى في عموم قوله ندب نفل
قوله: (وأوسطه ست) المراد أنها أوسطها من جهة الثواب أي أن من صلى ستا يحصل له نصف ثواب
من صلى ثمانيا، وليس المراد بكون الستة أوسط أن الثمانية تنقسم لمتساويين كل منهما ست كذا قيل
وفيه إن هذا يتوقف على نص من الشارع ولم يرد، فالأولى أن يقال: جعل الست أوسطها مشهور مبني
على ضعيف وهو أن أكثرها اثنا عشر. قوله: (وكره ما زاد عليها) أي إن صلاه بنية الضحى لا بنية نفل
مطلق. إن قلت: الوقت يصرفها للضحى. قلت: صرفه إذا لم يصل فيه القدر المعلوم الذي هو الثمان
هذا وقال بن: ما ذكر من كراهة الزيادة على الثمانية قول عج وهو غير ظاهر، والصواب كما قال الباجي
أنها لا تنحصر في عدد، ولا ينافيه قول أهل المذهب أكثرها ثمان لان مرادهم أكثر بحسب الوارد فيها
لا كراهة الزائد على الثمان فلا مخالفة بين الباجي وغيره قاله المسناوي هذا بن. قوله: (وندب سر) أشار
الشارح إلى أن قوله: وسر عطف على نفل قوله: (وفي كراهة الجهر به) أي وعدم الكراهة بل هو
خلاف الأولى قوله: (نظرا لأصله) أي وهو كونه من نوافل الليل قوله: (ما لم يشوش على مصل
آخر) أي وإلا حرم قوله: (والسر به) أي فيه أي في نوافل الليل جائز بمعنى أنه خلاف
الأولى. قوله: (وتأكد بوتر) أي سواء صلاه ليلا أو بعد الفجر قوله: (وندب تحية مسجد) أشار
الشارح إلى أن قوله: وتحية مسجد عطف على نفل، قال ابن عاشر: الصواب عطفه على ما عطف عليه
الضحى لان تحية المسجد من جملة المتأكد وإلا لم يكن لذكره بعد ذكر النفل معنى، وإنما كانت تحية
المسجد من المتأكد لما رواه الأثرم في مغنيه مرفوعا من قوله صلى الله عليه وسلم: أعطوا المساجد حقها
قالوا: وما حقها يا رسول الله؟ قال: صلوا ركعتين قبل أن تجلسوا وينبغي أن ينوي بهما التقرب إلى الله
تعالى لا إلى المسجد، إذ معنى قولهم تحية المسجد تحية رب المسجد لان الانسان إذا دخل بيت
الملك إنما يحيي الملك لا بيته. قوله: (لداخل متوضئ إلخ) ذكر سيدي أحمد زروق
313

عن الغزالي وغيره أن من قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أربع مرات قامت مقام
التحية، فينبغي استعماله في أوقات النهي لمكان الخلاف اه‍. قال ح: وهو حسن فينبغي استعماله في وقت
النهي أي في أوقات الجواز إذا كان غير متوضئ، وأما إذا كان في أوقات الجواز والحال أنه متوضئ
فلا بد من الركعتين خلافا لما يوهمه ظاهر العبارة من كفاية ذلك مطلقا ولو في أوقات الجواز
والحال أنه متوضئ، إن قلت: فعل التحية وقت النهي عن النفل منهي عنها فكيف يطلب ببدلها
ويثاب عليه؟ قلت: لا نسلم أن التحية وقت النهي عن التنفل منهي عنها بل هي مطلوبة في وقت النهي وفي
وقت الجواز غير أنها في وقت الجواز يطلب فعلها صلاة وفي وقت النهي يطلب ذكرا. قوله: (ليعم مسجد
الجمعة وغيره) انظر هل المراد بالمسجد ما يطلق عليه مسجد لغة فيشمل ما يتخذه من لا مسجد لهم من
بيت شعر أو خص أو غيره وما اتخذه مسجدا في بيته؟ أو المراد بالمسجد المسجد المعروف وهو الظاهر وله
أن يركعهما حيث أراد الجلوس في المسجد ولو كان جلوسه في أقصاه؟ وقيل: إن المستحب أن يركعهما
عند دخوله ثم يمشي إلى حيث شاء أن يجلس، واقتصر ابن عمر على الثاني اه‍ شيخنا عدوي قوله: (في
الحرمة) أي في الاحترام والتعظيم قوله: (والحاجة) أي وعند الشروع في قضاء أي حاجة كانت
قوله: (وبين الأذان والإقامة) أي إذا كان الوقت وقت جواز فخرج المغرب قوله: (وجاز ترك مار) أي جاز
لمن مر في المسجد أن يترك التحية لأجل المشقة لو طلب بها، وهذا يقتضي أن المار مخاطب بالتحية وأنها
إنما سقطت عنه لأجل المشقة، ولكن صرح بهرام والمصنف في توضيحه أن المار غير مخاطب بها وهو
الموافق لما تقدم من أنها إنما تطلب من الداخل المريد للجلوس وحينئذ فلو صلاها المار هل تكون من
النفل المطلق أو تحية؟ وهل يكره أن ينوي بها التحية أم لا وتظهر ثمرة كون ما صلاه المار نفلا مطلقا
لا تحية أنه لو نوى الجلوس بعد صلاته فهل يطالب بالتحية أولا اه‍. وفي بن: أن التحية لا تفتقر لنية
تخصها فأي صلاة وقعت عند دخول المسجد فهي التحية صرح به ح وبه يزول ما ذكر، ثم إن قوله
وجاز ترك مار بالمسجد فيه إشعار بجواز المرور به وهو كذلك كما في المدونة، وقيدها بعضهم بما إذا لم
يكثر، فإن كثر منع أي كره وهذا إذا كان سابقا على الطريق لأنه تغيير للمساجد اه‍ عج قوله: (وتأدت
بفرض) أي غير صلاة الجنازة على الأظهر لأنها مكروهة في المسجد فكيف تكون تحية له؟ كذا
في المج قوله: (حيث طلبت) أي بأن كان متوضئا والوقت وقت جواز، وذكر بعضهم أنه إذا نوى
الفرض والتحية أو نيابته عنها حصل له ثوابها ولو كان الوقت وقت نهي، وقولهم إن التحية تكره في
وقت النهي معناه إذا فعلت صلاة بخصوصها فتأمل. قوله: (لأنه المتوهم) أي لأنه ليس من جنسها
فربما يتوهم عدم كفايته عنها بخلاف السنة والرغيبة فإنهما من جنسها فلا يتوهم عدم كفاية أحدهما
عنها. قوله: (وإن كانت السنة والرغيبة كذلك) الظاهر أنه أراد بالسنة ذات الركوع والسجود
فخرج سجود التلاوة فإنه لا يقوم مقامها كذا ذكر بعضهم وتأمله. قوله: (قبل السلام عليه إلخ) يؤخذ
من هذا أن من دخل مسجدا وفيه جماعة فإنه لا يسلم عليهم إلا بعد صلاة التحية إلا أن يخشى الشحناء
وإلا سلم عليهم قبل فعلها. قوله: (وإيقاع نفل به إلخ) إن قلت: هذا يخالف ما تقرر من أن صلاة النافلة
في البيوت أفضل من فعلها في المسجد. قلت: يحمل كلام المصنف على الرواتب فإن فعلها في المساجد أولى
كالفرائض، بخلاف نحو عشرين ركعة في الليل أو النهار نفلا مطلقا فإن فعلها في البيوت أفضل ما لم يكن
في البيت ما يشغل عنها، أو يحمل كلامه على من صلاته بمسجده عليه السلام أفضل من صلاته في البيت
كالغرباء فإن صلاتهم النافلة بمسجد النبي أفضل من صلاتهم لها في البيوت، وسواء كانت النافلة من الرواتب
أو كانت نفلا مطلقا، بخلاف أهل المدينة فإن صلاتهم النفل المطلق في بيوتهم أفضل من فعله في المسجد
314

قوله: (أي بموضع صلاته) أي وهو بجانب العمود المخلق عند ابن القاسم. وقال مالك: ليس مصلاه
بجانب العمود المخلق ولكنه أقرب شئ إليه، والحاصل أن مصلاه عليه السلام مجهولة عند مالك
فلم يقل بندب الصلاة فيها، ومعلومة عند ابن القاسم فلذا قال بندب الصلاة فيها. قوله: (وندب إيقاع
الفرض إلخ) مثل الفرض النفل إذا صلى في جماعة كالتراويح في ندب إيقاعه في الصف الأول، وانظر
هل يدخل في الفرض صلاة الجنازة أو لا كما تقول الشافعية من استواء صفوفها؟ قوله: (وتحية مسجد
مكة الطواف) ظاهر المصنف أن تحيته نفس الطواف لا الركعتان بعده، وظاهر كلام الجزولي
والقلشاني وغيرهما أن تحيته هي الركعتان بعد الطواف ولكن زيد عليهما الطواف اه‍ بن. ويؤيد
ما للمصنف المبادرة بالطواف. وقوله تعالى: * (وطهر بيتي للطائفين) * والركعتان تبع عكس ما في بن، وعليه
إذا ركعهما خارجه لم يأت بالتحية اه‍ مج قوله: (لمن طلب به ولو ندبا) وذلك كمن دخل المسجد
والحال أنه قدم بحج أو عمرة أو مريدا لطواف الإفاضة والوداع قوله: (أو أراده) أي أنه دخل
المسجد لإرادة الطواف النفل قوله: (آفاقيا فيهما أم لا) أي فهذه أربعة. وقوله: أو لم يرده وهو آفاقي
هذه خامسة تحية مسجد مكة فيها الطواف قوله: (أو لم يرده) بأن دخل المسجد الحرام لأجل
مشاهدة البيت أو الصلاة أو قراءة علم أو قرآن قوله: (فإن كان مكيا) أي ودخله لا لأجل الطواف
بل للمشاهدة أو للصلاة أو لقراءة علم أو قرآن قوله: (فالصلاة) أي فتحية المسجد في حقه الصلاة
قوله: (وتراويح) جعله الشارح عطفا على معمول تأكد تبعا للبساطي والشيخ سالم وهو ظاهر
خلافا لبهرام حيث جعله عطفا على معمول ندب قوله: (ووقته كالوتر) أي بعد عشاء صحيحة وشفق
ويستمر للفجر قوله: (أي فعلها في البيوت ولو جماعة) فيه نظر إذ الأئمة عللوا أفضلية الانفراد
بالسلامة من الرياء ولا يسلم منه إلا إذا صلى في بيته وحده، وأما إذا صلى في بيته جماعة فإنه لا يسلم
منه، نعم إذا كان يصلي في بيته بزوجته وأهل داره فهذا بعيد في الغالب من الرياء قاله أبو علي المسناوي
اه‍ بن. قوله: (إن لم يلزم على الانفراد) أي على فعلها في البيوت قوله: (وكأن ينشط ببيته) حاصله أن
ندب فعلها في البيوت مشروط بشروط ثلاثة: أن لا تعطل المساجد، وأن ينشط لفعلها في بيته، وأن
يكون غير آفاقي بالحرمين، فإن تخلف منها شرط كان فعلها في المسجد أفضل، والمصنف ذكر
شرطا واحدا من هذه الثلاثة، والشارح ذكر شرطا ثانيا وترك الشرط الثالث. قوله: (وسورة تجزئ)
أي وقراءة سورة في تراويح جميع الشهر تجزئ، وكذا قراءة سورة في كل ركعة أو كل ركعتين
من تراويح كل ليلة في جميع الشهر تجزئ، وكلام المصنف صادق بالصورتين. قوله: (وإن كان
خلاف الأولى) أي إذا كان يحفظ غيرها أو كان هناك من يحفظ القرآن غيره وحاصله مرضي
وإلا لم يكن خلاف الأولى، قال ابن عرفة فيها لمالك وليس الختم بسنة ولربيعة لو أقيم بسورة أجزأ
اللخمي: والختم أحسن اه‍. قال أبو الحسن: معناه إذا لم يكن يحفظ إلا هذه السورة ولم يكن هناك
من يحفظ القرآن أو كان ولا يرضى حاله اه‍ بن قوله: (كما كان عليه العمل) أي عمل الصحابة
315

والتابعين. قوله: (والراجح إلخ) أي وما قاله المصنف فهو استظهار للمازري مخالف للمذهب قوله: (أي
يكره إعادته إلخ) أي لقوله عليه الصلاة والسلام: لا وتران في ليلة قوله: (وجاز التنفل بعد الوتر ولو لم
يتقدم له نوم) أي ولا يعيد الوتر بعد ذلك النفل تقديما للنهي المأخوذ من حديث: لا وتران في ليلة على
الامر في حديث: اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا. قوله: (إذا طرأ له نية التنفل بعد الوتر أو فيه) أي
لا قبله وهذا الشرط ذكره ابن عبد السلام وابن هارون والتوضيح واتبعه الشراح وهو مأخوذ من
قول المدونة: ومن أوتر في المسجد فأراد أن يتنفل بعد ذلك تربص قليلا فقوله: فأراد إلخ يفيد القيد
المذكور وبهذا تعلم أن قول طفي: إن القيد المذكور لا أصل له فيه نظر اه‍ بن. قوله: (وندب فعله عقيب
شفع) قال ابن الحاجب: والشفع قبله للفضيلة وقيل للصحة وفي كونه لأجله قولان التوضيح
كلامه يقتضي أن المشهور كون الشفع للفضيلة، والذي في الباجي تشهير الثاني فإنه قال: ولا يكون الوتر
إلا عقب شفع رواه ابن حبيب عن مالك وهو المشهور من المذهب، ثم قال في التوضيح وفي المدونة
لا ينبغي أن يوتر بواحدة، فقولها لا ينبغي يقتضي أنه فضيلة، وكونه لم يرخص فيه يقتضي أنه للصحة
اه‍، أي لم يرخص فيه للمسافر لقولها: لا يوتر المسافر بواحدة، وقول ابن الحاجب وفي كونه لأجله إلخ
قال في التوضيح: أي اختلف في ركعتي الشفع هل يشترط أن يخصهما بالنية أو يكفي بأي ركعتين كانتا
وهو الظاهر قاله اللخمي وغيره اه‍. قال طفي: انظر كيف مشى المصنف على ما صدر به ابن الحاجب
من كون الشفع قبله للفضيلة مع توركه عليه في التوضيح بتشهير الباجي أنه للصحة قلت: لعله مشى على أنه
للفضيلة لموافقته قول المدونة: لا ينبغي أن يوتر بواحدة كما تقدم عن التوضيح اه‍ بن، فتحصل من
كلامه أن المعتمد من المذهب أن تقدم الشفع شرط كمال وأنه لا يفتقر لنية تخصه وارتضاه شيخنا
العدوي. قوله: (إلا لاقتداء بواصل) أي إلا إذا وقع وارتكب الكراهة يواصل فيوصله معه
واقتدى بالواصل مكروه كما يفيده كلام المدونة وانظر نصها في بن، فإن اقتدى بالواصل ولم يوصله معه
بل خالفه وسلم لم تبطل مراعاة لقول أشهب بذلك قوله: (وأحدثها) أي نية الوتر. وقوله: إن لم يعلم أي
بوصل الامام. وفي عج وعبق وخش: إن فات المأموم مع الامام الواصل ركعة قضى ركعة الشفع وكان
وتره بين ركعتي شفع، وإن فاته ركعتان قضاهما بعد سلام الامام وكان وتره قبل شفع، قال في
المج: وقد يقال يدخل بنية الشفع ثم يوتر والنفل خلف النفل جائز مطلقا، على أن المحافظة على الترتيب بين
الشفع والوتر أولى وكأنهم راعوا أن موافقة الامام أولى من مخالفته، لكن المخالفة لازمة لان الثلاث
كلها وتر عند الواصل وقد قالوا: لا تضر مخالفة المأموم له في هذا فليتأمل. قوله: (وكره وصله) أي الشفع
بالوتر. وقوله: بغير سلام تصوير لوصله به. قوله: (لغير مقتد بواصل) أي وأما المقتدي بالواصل فلا كراهة
في وصله بل هو مطلوب وإن كان حكم الاقتداء به الكراهة. قوله: (إمام ثان) أي صلى بالقوم نصف
التراويح الثاني مثلا بعد صلاة الامام الأول بهم نصف التراويح الأول. قوله: (في فرض) أي سواء
كان في أثنائه أو في أوله قوله: (في غير التراويح) حاصله أنه يكره الجمع في النافلة غير التراويح إن
316

كثرت الجماعة كان المكان الذي أريد الجمع فيه مشتهرا كالمسجد أو لا كالبيت، أو قلت: وكان المكان
مشتهرا، فإن قلت: وكان المكان غير مشتهر فلا كراهة إلا في الأوقات التي صرح العلماء ببدعة الجمع فيها
قوله: (ولكنها الأهواء إلخ) هذا شطر بيت من تائية سيدي عمر بن الفارض وصدره
ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى ولكنها الأهواء عمت فأعمت
قوله: (وكره ضجعة بعد صبح وركعتي فجر) أي خلافا لمن قال بندبها لأنها تذكر القبر قوله: (آكد السنن)
أي التي ذكرها بعد، وأما صلاة الجنازة على القول بسنيتها فهي آكد من الوتر كما في المقدمات، والذي في
البيان أنه آكد منها ونحوه في الجواهر انظر ح. وقرر شيخنا أن الظاهر أن آكد السنن ركعتا الطواف
الواجب كالجنازة على القول بسنيتهما لان الراجح وجوبهما، ثم ركعتا الطواف غير الواجب لأنه اختلف
في وجوبهما وسنيتهما على حد سواء، ثم العمرة لان قول ابن الجهم بوجوبهما ضعيف، ثم الوتر ثم العيدان
ثم الكسوف ثم الاستسقاء، وأما الخسوف فسيأتي أنه مندوب على المعتمد. قوله: (للصبح) أي لصلاة
الصبح أي لتمام صلاته بالفعل، والحاصل أن مراد المصنف أن ضروري الوتر يمتد من الفجر إلى صلاة
الصبح مطلقا أي بالنسبة للفذ والإمام والمأموم، ولا يقضي بعد صلاة الصبح اتفاقا كما في ابن عرفة
وما قيل من أنها تقضى بعد الصبح لطلوع الشمس فهو قول خارج المذهب لطاوس، وما ذكره الشارح
من امتداد ضروريها لتمام صلاة الصبح ولو للامام هو الصواب، وأما قول خش أن ضرورية من
الفجر لصلاة الصبح أي للشروع فيها بالنسبة للامام على إحدى الروايتين ولانقضائها بالنسبة للفذ
والمأموم كالامام على الرواية الأخرى فهو سهو وصوابه للفراغ منها مطلقا لان الامام يجوز له
القطع على كلتا الروايتين، وإنما الروايتان في الندب وعدمه بل الامام أولى بأن يتمادى ضروري
الوتر بالنسبة إليه إلى انقضاء الصبح من المأموم كما يفهم من كلام المؤلف اه‍ بن. قوله: (وندب
قطعها أي الصبح له إذا تذكره فيها) أي وأما لو تذكره أي الوتر وهو في صلاة الفجر فهل يتمها ثم يفعله
ويعيد الفجر أو يقطع كالصبح؟ قولان قوله: (عقد ركعة أم لا) هذا قول الأكثر، وقال ابن زرقون
إن تذكر قبل أن يعقد ركعة قطع وإن تذكر بعد أن عقدها فلا يقطع قوله: (ما لم يخف خروج الوقت)
أي بحيث لا يخشى أن يوقعها أو ركعة منها بعد طلوع الشمس فإن خشي ذلك فلا يقطعها ويفوت الوتر
حينئذ قوله: (فيأتي بالشفع) أي وإذا قطع الفذ الصبح لأجل الوتر فيأتي إلخ قوله: (ويعيد الفجر)
أي لأجل أن يتصل بالصبح وهذا هو المعتمد، وقيل إنه لا يعيدها بل يأتي بالشفع والوتر
ثم يصلي الصبح. قوله: (فلا يندب له القطع بل يجوز) أي فهو مخير بين القطع وعدمه فهو
ليس من مساجين الامام، والقول بجواز القطع للمأموم هو الذي رجع إليه الامام وهو الراجح، وكان
أولا يقول: يندب التمادي وعليه فهو من مساجين الامام، وقد مشى عليه تت في نظمه المشهور لمساجين
الامام وهو
إذا ذكر المأموم فرضا بفرضه أو الوتر أو يضحك فلا يقطع العمل
إلخ قوله: (وفي الامام روايتان إلخ) حاصله أن الفذ يندب له القطع اتفاقا، والمأموم يجوز له القطع على
317

الراجح والامام فيه روايتان قيل: يندب له القطع كالفذ، وقيل: يجوز فقط كالمأموم، ومقتضى كلام
الشيخ أحمد الزرقاني ترجيح الرواية الأولى فإنه عزاها لابن القاسم وابن وهب ومطرف، والذي
يظهر من كلام المواق أن المعتمد في الامام ندب التمادي وعدم القطع فإن هذا هو رواية ابن القاسم
فيكون في الامام ثلاث روايات: ندب القطع وندب التمادي والتخيير. قوله: (وعلى القطع) أي على ندبه
قوله: (أو يستخلف) أي وهو الظاهر كما في عبق قوله: (وإن لم يتسع الوقت إلا لركعتين تركه) هذا مذهب
المدونة اللخمي، وقال أصبغ: يصلي الصبح والوتر قوله: (ويصلي الصبح ويقضي الفجر) وخالف فيما
إذا كان الباقي يسع أربعا أصبغ فقال: يصلي الشفع والوتر ويدرك الصبح بركعة. قوله: (أو ست)
خالف أصبغ فيما إذا كان الباقي من الوقت يسع ستا فقال: يصلي الشفع والوتر والفجر ويدرك الصبح
بركعة قوله: (ولسبع زاد الفجر) أي فيصلي الشفع والوتر والفجر والصبح وهذا باتفاق من أصبغ
وغيره. قوله: (وهي رغيبة) أي مرغب فيها زيادة على المندوب، واعلم أن القول بأنها سنة له قوة أيضا
فكان المناسب ذكره مع القول بأنها رغيبة قاله شيخنا. قوله: (من النوافل المطلقة) أي وهي التي لم تقيد
بزمن ولا بسبب قوله: (فيكفي فيه نية الصلاة) أي ولا يحتاج لتعيين بالنية قوله: (وكذا النوافل التابعة)
أي كالرواتب قوله: (من حج وعمرة) أي فيكفي نية الحج والعمرة ولا يحتاج لنية فرضية أو نفلية
وحاله من كونه ضرورة أو لا يعين الفرض من النفل قوله: (بخلاف الفرائض) أي من
الصلوات وكذلك السنن منها. قوله: (فالصور ست) حاصله أنه إذا أحرم بالفجر فإما أن يتحرى ويجتهد
في دخول الوقت، وإما أن لا يتحرى بأن أحرم بها وهو شاك في دخول الوقت، ففي الحالة الثانية
صلاته باطلة سواء تبين بعد الفراغ منها أن إحرامه بها وقع قبل دخول الوقت أو وقع بعد دخوله أو
لم يتبين شئ، وأما إذا أحرم بها بعد التحري والاجتهاد فإن تبين بعد الفراغ منها أن الاحرام بها وقع
قبل دخول الوقت فهي باطلة، وإن تبين أن الاحرام وقع بعد دخول الوقت أو لم يتبين شئ فهي
صحيحة سواء حصل عنده بالتحري جزم أو ظن بدخول الوقت، إذا علمت هذا تعلم أن المبالغة في
كلام المصنف فيها شئ، وذلك لان ظاهره أنه في حالة الشك الذي هو قبل المبالغة إذا تبين أن الاحرام
وقع بعد دخول الوقت أو لم يتبين شئ منها فإنها تجزيه وليس كذلك، فكان الأولى حذف قوله ولو
إلا أن تجعل الواو للحال ولو زائدة. قوله: (وندب الاقتصار على الفاتحة) في شرح الرسالة للشيخ أحمد
زروق ابن وهب كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها ب‍ * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) * وهو في مسلم
من حديث أبي هريرة، وفي أبي داود من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وقال به الشافعي، وقد
جرب لوجع الأسنان فصح، وما يذكر من قرأ فيها بألم وألم لم يصبه ألم لا أصل له وهو بدعة أو قريب
منها اه‍ بن. لكن ذكر العلامة الغزالي في كتاب وسائل الحاجات وآداب المناجاة من الاحياء أن مما
جرب لدفع المكاره وقصور يد كل عدو ولم يجعل لهم إليه سبيلا قراءة: * (ألم نشرح) * و * (ألم تر كيف) * في ركعتي
الفجر قال: وهذا صحيح لا شك فيه قوله: (وندب إيقاعها بمسجد) أي ففعلها في البيت قبل الاتيان للمسجد
خلاف الأولى، وندب فعلها في المسجد جار على كل من القولين بأنها سنة أو أنها رغيبة، أما على الأول فلان
318

إظهار السنن خير من كتمانها، وأما على القول بأنها رغيبة فلأنها تنوب عن التحية، ففعلها في المسجد محصل
للتحية بخلاف فعلها في البيت فإنه مخل بذلك، وأيضا هي أقوى من الرواتب التي ينبغي إظهارها بفعلها في
المسجد ليقتدي الناس بعضهم ببعض في فعلها، فقول عبق: إن ندب إيقاعها في المسجد بناء على أنها سنة
وأما على أنها رغيبة فلا يندب إيقاعها بالمسجد فيه نظر قاله شيخنا. قوله: (ونابت عن التحية) أي في إشغال
البقعة وفي سقوط الطلب، ورد المصنف بهذا قول القابسي يركع التحية ثم يركع الفجر قوله: (إن نواها)
أي نوى نيابتها عنها قوله: (لم يركع فجرا) أي لأنه صلاه في بيته ولا تحية أي لأنه لا يطالب بالتحية في
ذلك الوقت لكراهة النافلة بعد صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس وهذا قول مالك ورجحه ابن
يونس كما في بن. قوله: (وقال ابن القاسم يركع التحية) بناء على أنه مخاطب بها في ذلك الوقت وأنها
مستثناة من كراهة النافلة فيه، قال ابن عرفة: ونقل ابن بشير عن بعض المتأخرين إعادتها بنية إعادة ركعتي
الفجر لا أعرفه قوله: (ولا يقضي غير فرض) أي فإذا فاته الأربع ركعات قبل العصر مثلا فلا
يقضيها بعده، وقوله: أي يحرم إلخ قال شيخنا العدوي: هذا بعيد جدا وليس منقولا لا سيما والإمام الشافعي
يجوز القضاء والظاهر أن قضاء غير الفرائض مكروه فقط. قوله: (ومن نام حتى طلعت
عليه الشمس) لا مفهوم لنام بل كذلك المؤخر لها عمدا حتى طلعت الشمس، وقوله يقدم الصبح أي على
الفجر، وقوله: على المعتمد مقابله أنه يقدم الفجر على الصبح والقولان لمالك قوله: (تركها وجوبا ودخل مع
الامام) أي ولا يصليها ولو كان الامام يطيل القيام في الركعة الأولى بحيث يدركه فيها ولا يخرج من
المسجد ليركعها خارجه قوله: (ولا يسكت الامام المقيم) هذا هو الذي رواه ابن يونس، والذي نقله
الباجي أنه يسكته ولم يحك غيره وعليه اقتصر سند قوله: (محلهما مع اتحاد زمانيهما) أي وأما إذا تفاوتا
زمنا فالأفضل منهما ما كان أطول زمنا اتفاقا قوله: (ولعل الأظهر الأول) الذي في المج: أن الراجح
الثاني أي أفضلية طول القيام
فصل: في بيان حكم صلاة الجماعة قوله: (ولو فائتة) طلب الجماعة في الفائتة صرح به عيسى وذكره
البرزلي ونقله ح اه‍ بن قوله: (سنة مؤكدة) وقال الإمام أحمد وأبو ثور وداود الظاهري وجماعة من المجتهدين
بوجوبها، فتحرم صلاة الشخص منفردا عندهم، بل قال بعض الظاهرية بالبطلان فليحافظ عليها، وظاهره
أنها سنة في البلد وفي كل مسجد وفي حق كل مصل وهذه طريقة الأكثر، وقتال أهل البلد على تركها على
هذا القول لتهاونهم بالسنة، وقال ابن رشد وابن بشير: إنها فرض كفاية بالبلد يقاتل أهلها عليها إذا
319

تركوها وسنة في كل مسجد ومندوبة للرجل في خاصة نفسه، قال الآبي: وهذا أقرب للتحقيق، وحمل
المصنف على كلتا الطريقتين صحيح، فمعناه على طريقة الأكثر سنة لكل مصل وفي كل مسجد وفي البلد
وعلى طريقة ابن رشد إقامتها بكل مسجد سنة قوله: (كعيد إلخ) ما ذكره من استحباب الجماعة في هذه السنن
غير ظاهر، وأصله للشارح بهرام، والصواب ما في ح ونصه: أما اخراج النوافل فظاهر لان الجماعة لا
تطلب فيها إلا في قيام رمضان على جهة الاستحباب، وأما السنن فغير ظاهر لان الجماعة في العيدين
والكسوف والاستسقاء سنة كما سيأتي، قال طفي: وقد صرح عياض في قواعده بالسنية في الثلاث اه‍
نعم ذكر ابن الحاجب في باب الكسوف قولا باستحباب الجماعة فيها وسلمه ح هناك والله أعلم اه‍ بن
قوله: (وشمل قوله بفرض الجنازة) أي فالجماعة فيها سنة كما قاله اللخمي، فإن صلوا عليها وحدانا استحب
إعادتها جماعة قوله: (وقيل بندبها فيها) أي وهو المشهور ولابن رشد أن الجماعة شرط فيها كالجمعة، فإن
صلوا عليها بغير إمام أعيدت ما لم تدفن مراعاة للمقابل قوله: (تفاضلا إلخ) أو المراد لا تتفاضل الجماعات
في الكمية وهذا لا ينافي تفاضلها في الكيفية قوله: (وإنما يحصل فضلها بركعة) نحوه لابن الحاجب وهو
خلاف ما نقله ابن عرفة عن ابن يونس وابن رشد كما في المواق و ح من أن فضل الجماعة يدرك بجزء قبل
سلام الامام، نعم ذكر ابن عرفة أن حكمها لا يثبت إلا بركعة دون أقل منها، وحكمها هو أن لا يقتدي به
وأن لا يعيد في جماعة وأن يترتب عليه سهو الامام وأن يسلم على الامام أو على من على يساره وأن يصح
استخلافه انظر ح اه‍ بن. قوله: (جزءا) قيل: إن الجزء أعظم من الدرجة وحينئذ فمجموع الخمسة
والعشرين جزءا مساوية للسبع والعشرين درجة، وحينئذ فلا معارضة بين الحديثين، وقيل: إن الجزء
والدرجة شئ واحد إلا أن النبي أخبر أولا بالأقل ثم بعد ذلك تفضل المولى بالزيادة فأخبر بها، وقيل غير
ذلك في الجمع بين الحديثين نحو أربعين قولا مذكورة في شرح الموطأ. قوله: (وإنما يحصل فضلها بركعة
كاملة) قيده حفيد ابن رشد بالمعذور بأن فاته ما قبلها اضطرارا، وعليه اقتصر أبو الحسن في شرح الرسالة
فقال عبق: مقتضاه اعتماده وتبعه من تبعه حتى ذكروا أن من فرط في ركعة لم يحصل له الفضل
وفي النفس كما قال بعض العارفين منه شئ فإن مقتضاه أن يعيد للفضل، وها هو ح نقل عن
الأقفهسي أن ظاهر الرسالة حصول الفضل وأنه ينظر هل ما قاله الحفيد موافق للمذهب أو لا
واللقاني كما في حاشية شيخنا على خش قال: إن كلام الحفيد مخالف لظاهر الروايات اه‍ مج
قوله: (بأن يمكن يديه من ركبتيه إلخ) قد تقدم أن هذا ليس بشرط وأنه لو سد لهما لصحت فالأولى أن يقول
بأن يحني ظهره قبل رفع الامام رأسه وإن لم يطمئن إلا بعد رفعه، ولا بد من إدراك سجدتيها قبل سلام
الامام، فإن زوحم أو نعس عنهما حتى سلم الامام ثم فعلهما بعد سلامه فهل يكون كمن فعلهما معه فيحصل
له أو لا؟ قولان: الأول لأشهب والثاني لابن القاسم. كذا في بن، وعكس شيخنا في حاشيته النسبة
للشيخين. قوله: (ما لم يعد) أي ما لم يكن معيدا إلخ. واعلم أن من وجد الامام في التشهد فدخل معه فظهر
بسلامه أنه في التشهد الأخير فمن الواجب عليه إتمام فرضه الذي أحرم به، ثم إن أدرك جماعة
أعاد معهم إن شاء وكانت الصلاة مما تعاد، هذا هو المنصوص في المسألة في العتبية وغيرها، ولم يذكروا
في هذه أمره لا بقطع ولا بانتقال إلى نفل وهو حكم ظاهر لأنه شرع في فرض فلا نبطله لصلاة
الجماعة وهي سنة، ألا ترى أن من استقل قائما ناسيا للجلسة الوسطى لا يرجع إلى الجلوس لان
320

قيامه فرض والجلوس سنة، وإنما يخير بين القطع والانتقال إلى نفل من دخل مع الامام في صلاة معادة
إذا كان صلاها وحده ثم وجد الامام جالسا فدخل معه معيدا لفضل الجماعة فظهر بسلام الامام
أنه في التشهد الأخير، وربما التبست المسألتان على من لا يعرف فأجرى التخيير في غير محله اه‍ بن نقلا
عن المعيار، وحاصله أن من لم يدرك ركعة إن كان غير معيد أتم فرضه وجوبا ثم له الإعادة في جماعة وإن
كان معيدا إن شاء قطع وإن شاء شفع، والذي ذكره غيره أن من لم يدرك ركعة والحال أنه غير معيد
ورجا جماعة أخرى جاز له القطع لأنه لم ينسحب عليه حكم المأمومية فلا يستخلفه الامام بل يجوز الاقتداء
به، ومقتضى هذا أنه إن بطلت صلاة الامام لا يسري البطلان له، وفي ح يعيد احتياطا ولعله لنيته الاقتداء
بذلك الامام. قوله: (ناويا الفرض مفوضا) ظاهره أنه لا بد من نية الفرض مع نية التفويض وهو
ما نقله ح عن الفاكهاني وابن فرحون وذكر أن ظاهر كلام غيرهما أن نية التفويض لا ينوي
بها فرض ولا غيره، وجمع بينهما بعضهم بأن التفويض يتضمن نية الفرض إذ معناه التفويض في قبول
أي الفرضين، فمن قال: لا بد معه من نية الفرض لم يرد أن ذلك شرط بل أشار لما تضمنته نية التفويض
ومن قال: لا ينوي معه فرض مراده أنه لا يحتاج لنية الفرض مطابقة لتضمن نية التفويض لها فقول
عبق: فإن ترك نية الفرض صحت إن لم يتبين عدم الأولى أو فسادها فيه نظر، بل صرح اللخمي بأنه إذا لم ينو
إلا التفويض وبطلت إحداهما لا إعادة عليه وسواء الأولى والثانية نقله ابن هلال في نوازله ونحوه لابن
عرفة عنه وهو ظاهر لما علمت أن التفويض يتضمن نية الفرضية، وما ذكره المصنف من كون المعيد ينوي
التفويض قال الفاكهاني: هو المشهور وقيل ينوي الفرض، وقيل ينوي النفل، وقيل ينوي إكمال الفرضية
ونظم بعضهم هذه الأقوال الأربعة بقوله
في نية العود للمفروض أقوال فرض ونفل وتفويض وإكمال
وكلها مشكلة كما في التوضيح اه‍ بن قوله: (إلا من لم يحصله) أي فضل الجماعة قوله: (فإنه لا يعيد في
غيرها جماعة) أي ولا منفردا وإنما يعيد بها جماعة ولا فرق بين فاضل ومفضول. قوله: (ومن صلى في
غيرها جماعة أعاد بها جماعة) أي وحينئذ فتستثني هذه من مفهوم قول المصنف وندب لمن لم يحصله إلخ
وهذا هو المذهب خلافا لقول اللخمي وسند: لا يعيد على ظاهر المذهب وإذا أعاد فيها من صلى في غيرها
جماعة فإنه يعيد مأموما إذا صلى في غيرها إماما أو مأموما، ولا تبطل صلاة المأموم إلا بالإعادة الواجبة
كالظهر بعد الجمعة عند الشافعية أو بالاقتداء به في نفس الإعادة قاله شيخنا قوله: (لا فذا) هذا هو
الأصح، وقيل لمن صلى بغيرها جماعة أن يعيد فيها ولو فذا لان فذها أفضل من جماعة غيرها، ورد بأنه
لا يلزم من أفضلية شئ الإعادة لأجله، ألا ترى ما سبق في تفاوت الجماعات؟ قوله: (والراجح أنه
لا يعيد مع الواحد إلخ) فإن أعاد مع واحد غير راتب فليس له ولا لامامه الإعادة على ما مشى
عليه المصنف، وأما على الراجح فالظاهر أن لهما الإعادة كذا ذكر عبق في صغيره.
قوله: (غير مغرب كعشاء بعد وتر) قال أبو إسحاق: أجازوا إعادة العصر مع كراهة التنفل
بعدها وإمكان أن تكون الثانية نافلة، وكذلك الصبح لرجاء أن تكون فريضة، وكره إعادة
المغرب لان النافلة لا تكون ثلاثا مع إمكان أن تكون هي الفريضة لان صلاة النافلة بعد
العصر والصبح أخف من أن يتنفل بثلاث ركعات وبه تعلم ما في كلام خش اه‍ بن. قوله: (نظر)
أي لاحتمال أن يكون النهي في قوله: لا وتران في ليلة على جهة الكراهة، والامر في قوله: اجعلوا إلخ
للندب فمخالفة الامر المذكور أو الدخول في النهي المذكور حينئذ لا يقتضي المنع. قوله: (ولم يعقد) أي
321

وتذكر قبل أن يعقد إلخ. وقوله: قطع أي وخرج واضعا يده على أنفه كالراعف خوفا من الطعن
في الامام بخروجه على غير هذا الوجه قوله: (وإلا بأن عقدها) أي وإلا بأن لم يتذكر صلاتها ولا منفردا
إلا بعد أن عقدها قوله: (شفع ندبا إلخ) وما ذكره من أن الأولى الشفع هو ما في المدونة ونصها: ومن صلى
وحده فله إعادتها في جماعة إلا المغرب، فإن أعادها فأحب إلي أن يشفعها إن عقد ركعة اه‍ وفي المواق
نقلا عن عيسى: أن القطع أولى، والعجب للمواق كيف غفل عن نصها مع أن الغالب عليه الاستدلال
بكلامها قاله طفي. ثم إن ظاهر المصنف أنه إذا تذكر أنه صلاها بعد أن عقد ركعة يشفع ولو كان ترك
الفاتحة مع الامام في الركعة التي ذكر بعدها وهو كذلك لأنه إنما تركها بوجه جائز خصوصا وقد قيل
إنما تجب الفاتحة في البعض. قوله: (وسلم قبله) أي ولم ينظر هنا لخشية الطعن في الامام قوله: (ولو فصل إلخ)
مبالغة في قوله شفع. قوله: (وأما العشاء إلخ) أي إذا شرع في إعادتها بعد الوتر سهوا فيقطع مطلقا عقد
ركعة أم لا، كذا قال الشارح تبعا لغيره، والذي لابن عاشر أن العشاء كالمغرب إن تذكر قبل أن يعقد
ركعة قطع، وإن تذكر بعد أن عقدها شفع، وهو الظاهر من التوضيح أيضا وإن كان النص إنما وجد في
المغرب، وغاية هذا أنه تنفل بعد الوتر وهو جائز إذا أراده وحدثت له نية فأحرى إن كان غير مدخول
عليه، وقد نصوا على أن من شرع في العصر ثم تبين له أنه صلاه شفع لأنه غير مدخول عليه اه‍ بن. وذكر
شيخنا أن المعتمد ما قاله ابن عاشر. قوله: (كما لو أعاد عمدا) أي أو جهلا فإنه يقطع مطلقا عقد ركعة أم لا
ما لم يرفض الأولى وإلا فلا يقطع بناء على تأثير الرفض بعد الفراغ، وأما على القول بعدم تأثيره فإنه
يقطع مطلقا ولو رفض الأولى كذا قرر شيخنا قوله: (وأما إن تذكر قبل السلام فيأتي بالرابعة) أي قبل
سلام الامام على الظاهر لأنه ليس من مساجينه كذا قرر شيخنا. قوله: (ولا سجود عليه) إن قلت: أن
المتنفل بأربع يلزمه السجود قبل السلام كما مر لنقص السلام من ركعتين إلخ. قلت: ذاك فيما إذا كان
داخلا على النفل بأربع وما هنا ليس كذا. قوله: (إنه إن بعد) أي تذكره بعد أن أتم المغرب وسلم منها
قوله: (وأعاد مؤتم بمعيد صلاته) صورة المسألة: أنه إذا صلى منفردا ثم خالف ما أمر به من الإعادة
مأموما وصل إماما فيعيد ذلك المؤتم به أبدا فذا وظاهره كابن الحاجب ولو كان هذا الامام نوى بالثانية
الفرض أو التفويض وهو كذلك. وقوله: أفذاذا هو قول ابن حبيب وابن يونس ووجهه أن هذه قد
تكون صلاة الامام فصحت تلك الصلاة للمأمومين جماعة فلا يعيدونها في جماعة ووجب عليهم
الإعادة خوف أن تكون الأولى صلاته وهذه نافلة فاحتيط للوجهين. ابن ناجي: ولم يحك ابن بشير
غير هذا القول، والذي صدر به الشاذلي أنهم يعيدون جماعة إن شاؤوا على ظاهر المذهب والمدونة وهو
الراجح لبطلان صلاتهم خلف معيد، وعدم حكاية ابن بشير غير ما لابن حبيب لا تعادل نسبة المقابل
لظاهر المذهب والمدونة، وأما الامام المرتكب للنهي فلا يعيد لاحتمال أن تكون هذه فرضه ولا يحصل
له فضل الجماعة على التحقيق، وقول عبق: ويحصل له فضل الجماعة كما في الناصر فيه نظر إذ ليس
ذلك فيه قاله شيخنا، فعلم مما ذكر أن مسألة المصنف فيها خلاف، وأما من اقتدى بمأموم سواء كان
ذلك المأموم مسبوقا أم لا كان معيدا لصلاة أم لا فصلاة ذلك المقتدي به باطلة، وحينئذ فيجب عليه
إعادتها فذا أو في جماعة اتفاقا قاله في المجموع. تنبيه: مقتضى النظر أن المسائل التي تبطل فيها صلاة
الامام دون المأموم أن يعيد المأموم فيها في جماعة لانعدام الاقتداء به. وفي ح عن الأقفهسي: إن تبين حدث
الامام فصلاة المأموم صحيحة ولا يعيدها في جماعة، وإن تبين حدث المأموم ففي إعادة الامام خلاف
322

هكذا فرق بين المسألتين وينظر ما وجهه. قوله: (والأولى إلخ) أي لأجل أن تطابق الحال صاحبها
في الافراد لفظا قوله: (لكنه راعى المعنى) أي لان المراد بالمؤتم الجنس الصادق بمتعدد قوله: (إن نوى)
أي بالثانية الفرض مع التفويض أو نوى التفويض فقط بأن قصد التسليم لله في أيهما فرضه، وأما لو
قصد بالثانية النفل أو الاكمال فلا تجزئ هذه الثانية عن فرضه، ثم إن قوله: وإن تبين عدم الأولى راجع
لقوله: وندب لمن لم يحصله أن يعيد مفوضا مأموما فكأنه قال: فإن أعاد وتبين عدم الأولى أو فسادها
أجزأت هذه الثانية، وينبغي رجوعه أيضا لقوله: وأعاد مؤتم إلخ أي وإن تبين عدم الأولى
أو فسادها للمعيد المؤتم به أجزأت صلاة من ائتم به لان صلاته حينئذ فرض فلم يأتموا في فريضة
بمتنفل. قوله: (ولا يطال ركوع) أي وأما التطويل في القراءة لأجل إدراك الداخل أو في السجود
فذكر عبق أنه كذلك تكره إطالته للداخل وفيه نظر إذ لم يذكر ابن عرفة والتوضيح
والبرزلي في غير الركوع إلا الجواز كما قال بن. وإنما كره إطالة الامام الركوع لأجل أن يدرك معه
الداخل الركعة لأنه من قبيل التشريك في العمل لغير الله، كذا قال عياض، ولم يجعله تشريكا حقيقة
حتى يقضي بالحرمة كالرياء لأنه إنما فعله ليحوز به أجر إدراك الداخل. قوله: (ضرر الداخل) أي بما
يحصل به الاكراه على الطلاق على الظاهر قوله: (وأما الفذ إلخ) هذا محترز الامام وإنما اختصت
الكراهة بالامام لطلب التخفيف منه دون الفذ. قوله: (والامام الراتب) أي وهو من نصبه من له
ولاية نصبه من واقف أو سلطان أو نائبه في جميع الصلوات أو بعضها على وجه يجوز أو يكره بأن
قال: جعلت إمام مسجدي هذا فلانا الأقطع لان الواقف إذا شرط المكروه مضى، وكذا السلطان
أو نائبه إذا أمر بمكروه تجب طاعته على أحد القولين، والاذن لإنسان بالإمامة يتضمن أمر الناس
بالصلاة خلفه قوله: (فضلا) أي فيحصل له الخمسة والعشرون جزءا. وقوله: وحكما أي من حيث إنه
لا يعيد في جماعة وحيث كان الامام الراتب كجماعة في الفضل فيكره له إذا لم يجد أحدا يصلي معه
طلب إمام آخر بل يصلي منفردا قوله: (فينوي الإمامة إلخ) اعلم أن الامام إذا كان معه جماعة فغير
اللخمي يقول: لا بد في حصول فضل الجماعة من نية الإمامة، واللخمي يقول: الفضل يحصل مطلقا
ولا يتوقف على نيته إياها، وأما إن لم يكن معه جماعة وكان راتبا فاتفق اللخمي وغيره على أنه
لا يكون كالجماعة بحيث يحصل له فضلها إلا إذا نوى الإمامة لأنه لا تتميز صلاته منفردا عن
صلاته إماما إلا بالنية بخلاف ما إذا صلى معه جماعة. قوله: (ويجمع ليلة المطر) وهل يجمع
بين سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد أو لا يجمع بينهما بل يقتصر على سمع الله لمن حمده
قولان: قال شيخنا: والظاهر جمعه بينهما إذ لا مجيب له. قوله: (إن حصل أذان وإقامة) أي ولو من غيره
323

قوله: (أي يحرم ابتداؤها) أي لما في ذلك من الطعن في الامام وحملت الكراهة في المدونة وابن الحاجب
على التحريم، قال ح: وإذا فعل أجزأته وأساء، وصرح بذلك التوضيح والقباب والبرزلي والآبي اه‍ بن
قوله: (أو رحبته) أي لا الطرق المتصلة به فيجوز على أظهر القولين قوله: (بعد الإقامة) أي فالموضوع أن
صلاة الامام ذات إقامة فهي فرض، فإن كانت صلاة الامام نفلا منع الشروع في النفل فقط، فإذا شرع
الامام الراتب في التراويح في المسجد فلك أن تصلي العشاء الحاضرة أو الفوائت في صلبه، ولو أردت أن
تصلي الوتر فقيل لك ذلك وقيل لا وهو الظاهر، وأما لو أردت صلاة التراويح والحال أنه يصلي
التراويح فإنه يحرم كذا قرر شيخنا العدوي. وقوله للراتب أي وإلا فيجوز كيفما فعل والتقييد به يدل على
تخصيص النهي بالمسجد كما صرح به ابن حبيب، قال ابن يونس: لان النهي عن صلاتين معا إنما كان بالمسجد
قاله بن، والظاهر أن المراد بالمسجد الموضع الذي اعتيد للصلاة وله راتب كما يرشد له علة الطعن
اه‍ شيخنا عدوي قوله: (وهو في صلاة) أي والحال أنه مخاطب بالدخول مع الامام في المقامة بأن كان لم
يصل تلك المقامة أصلا أو صلاها منفردا كما يشعر بذلك قوله قطع إن خشي فوات ركعة قبل الدخول معه
فإن كان غير مخاطب بالدخول معه كصلاته لها جماعة قبل ذلك أو كانت مما لا تعاد لفضل كالمغرب فإنه
لا يقطع ما هو فيه لدخوله بوجه جائز وعدم توجه الخطاب بالمقامة، كذا قال الشيخ سالم على سبيل
الاستظهار لعدم اطلاعه على نص في المسألة كما قال، وفي شب: أن الأولى التعميم في كلام المصنف أي
سواء كان يخاطب بالدخول أو لا، إذ تعارض أمران: حق آدمي وهو الطعن في الامام وحق الله وهو
لزوم النافلة بالشروع فيها فقدم حق الآدمي لأنه مبني على المشاحة اه‍. قوله: (إن خشي بإتمامها) أي إن
كانت نافلة أو فريضة غير المقامة بالخروج عن شفع إن كانت هي المقامة بدليل ما يأتي، وليس المراد
إن خشي بإتمامها مطلقا كما في الشيخ سالم ومن تبعه قاله طفي. والحاصل أن غير المقامة يطلب بتمأديه فيها
إن لم يخش فوات ركعة وإلا قطعها، ولو أمكنه الخروج عن شفع قبل فوات ركعة والمقامة يطالب
بشفعها إن لم يخف فوات ركعة وإلا قطع، وهذا قول مالك الذي درج عليه المصنف لأنه فرق بين المقامة
وغيرها كذا ذكر شيخنا. قوله: (بإتمامها) أي الصلاة التي هو فيها. قوله: (فوات ركعة) أي من المقامة قوله: (أتم
النافلة) أي ويندب أن يتمها جالسا كما في المواق قوله: (وإلا بأن كانت عينها) أي والموضوع أنه
لا يخاف فوات ركعة من المقامة إذا شفع ما هو فيها على ما مر قوله: (انصرف في الثالثة) أي إذا أقيمت
الصلاة عليه وهو متلبس بالركعة الثالثة قوله: (على المعتمد) تبع في ذلك عج والشيخ أحمد الزرقاني وهو
صواب إذ هو ظاهر المدونة وصرح به أبو الحسن خلافا لبهرام وتت والشيخ سالم في قولهم: إن العقد
هنا برفع الرأس من الركوع انظر طفي اه‍ بن. قوله: (كملها فريضة) أي ثم يدخل مع الامام قوله: (أقيمت
عليه) أي فإنه يتمها فريضة ولا يدخل مع الامام الراتب لان المغرب لا تعاد قوله: (كالأولى) أي
كما أنه ينصرف عن شفع إذا أقيمت عليه الصلاة وهو في الركعة الأولى من الصلاة المقامة إن كان قد
عقدها بالفراغ من سجودها، وأما لو أقيمت عليه الصلاة في الركعة الأولى قبل عقدها فإنه يقطعها
قوله: (وهذا) أي شفع الأولى إن عقدها في غير المغرب والصبح وأما هما فيقطعهما ولو عقد ركعة، أما استثناؤه
المغرب فصحيح لقول المدونة: وإن كانت المغرب قطع ودخل مع الامام عقد ركعة أم لا، وإن صلى
اثنتين أتمها ثلاثا وخرج، وإن صلى ثلاثا سلم وخرج ولم يعدها، وأما الصبح فلم يستثنها ابن عرفة ولا
324

غيره بل ظاهره أنها كغيرها تقطع ما لم يعقد ركعة وإلا أنصرف عن شفع لان الوقت وقت نفل في الجملة
ألا ترى فعل الورد لنائم عنه في ذلك الوقت؟ ولذا قال الشيخ أبو علي المسناوي: إن استثناء الصبح مخالف
لظاهر كلام الأئمة أو صريحه اه‍ بن قوله: (خرج وجوبا) أي واضعا يده على أنفه كالراعف. وقوله
لئلا يطعن في الامام أي إن بقي من غير خروج ومن غير صلاة معه، قال شيخنا: وفي هذا التعليل إشارة إلى
أن وجوب الخروج مقيد بما إذا حصل الطعن بالفعل عند المكث لعدم جريان العادة به في المسجد
عند الإقامة للراتب، فإن جرت العادة بالمكث فيه عند الإقامة كالأزهر فلا يجب الخروج تأمل
قوله: (ولا يصلي فرضا غيرها) أي لما فيه من الطعن على الامام، وأما لو صلى خلفه نفلا جاز كما يدل له قوله فيما يأتي
إلا نفلا خلف فرض قوله: (وإلا يكن حصل الفضل إلخ) بقي ما إذا أقيمت الصلاة على من بالمسجد
والحال أنه لم يصلها وعليه ما قبلها أيضا كما لو أقيمت العصر على من بالمسجد ولم يكن صلى الظهر فقيل
يلزمه الدخول مع الامام بنية النفل، وقيل يجب عليه الخروج من المسجد، والأول نقل ابن رشد عن
أحد سماعي ابن القاسم، والثاني للخمي عن ابن عبد الحكم وهو موافق لقول ابن القاسم فيها لا يتنفل
من عليه فرض، ويظهر من كلام ابن عرفة ترجيح الثاني، لكن في ح عن الهواري أن الأول هو
المشهور الجاري على ما قاله المؤلف فيما إذا أقيمت عليه صلاة وهو في فريضة غيرها وخشي فوات ركعة
انظر بن، وفي المسألة قولان آخران قيل: يدخل مع الامام بنية العصر ويتمادى على صلاة باطلة واستبعد
وقيل: يدخل معه بنية الظهر ويتابعه في الأفعال بحيث يكون مقتديا به صورة فقط وهذا أقوى
الأقوال كما قرر شيخنا. قوله: (فيلزمه الدخول معه) أي إذا كان محصلا لشروطها ولم يكن إماما بمسجد
آخر، فكلام المصنف مقيد بهذين القيدين كما قاله الشيخ ميارة. قوله: (كانت المقامة أو غيرها) الأولى
حذف هذا التعميم والاقتصار على ما بعده لان الموضوع أن الصلاة التي أقيمت بالمسجد أحرم بها
خارجه إلا أن يقال: إن هذا التعميم بقطع النظر عن قوله: وقد أحرم بها ببيته. قوله: (بذكر موانعها) أي
لأنه لما حكم بأن الصلاة تبطل بكفر الامام مثلا علم أن الكفر مانع للإمامة وأن شرطها الاسلام، وهذا
المعنى صحيح سواء بنينا على أن عدم المانع شرط أو لا فتأمل. قوله: (كافرا) تمييز محول عن الفاعل
والتقدير بان كفره أو بان كونه امرأة وإن كان مشتقا فهو من القليل وليس مفعولا به لان بان لازم
لا ينصب المفعول به ولا حالا لأنه ليس المعنى بأن في حال كفره، وإنما المراد بان أنه كافر، وما ذكره
المصنف من بطلان صلاة من صلى خلف إمام يظنه مسلما فظهر أنه كافر أحد أقوال ثلاثة أشار لها
ابن عرفة بقوله: وفي عادة مأموم كافر ظنه مسلما أبدا مطلقا وصحتها فيما جهر فيه ثالثها إن كان آمنا
وأسلم لم يعد الأول لسماع يحيى، ورواية ابن القاسم مع قوله وقول الأخوين والثاني لابن حارث عن
يحيى وعن سحنون والثالث للعتبي عن سحنون ونقله المازري عنه بدون قيد إن كان آمنا قال: وتأول قوله
وأسلم بأنه تمادى على إسلامه وتعقبه بعضهم بأنه صلى جنبا جاهلا. والحاصل أن من صلى خلف إمام
يظنه مسلما فظهر أنه كافر فقيل يعيد مطلقا ولو كان زنديقا وطالت مدة صلاته إماما بالناس، وقيل لا
يعيد مأمومه ما جهر فيه ويعيد ما أسر فيه، وقيل إن كان آمنا واستمر على إسلامه بحيث طالت مدة
صلاته إماما بالناس فالصلاة التي صليت خلفه صحيحة ولا إعادة للمشقة، ورد هذا القول بأنه قد صلى جنبا
جاهلا، وهذا الخلاف بالنسبة لإعادة الصلاة خلفه وعدم إعادتها وإن كان يحكم بإسلامه بحصول الصلاة
منه إذا تحقق منه النطق فيها بالشهادتين على المعتمد كما يأتي. لا يقال: حيث حكم بإسلامه صحت صلاته لأنا
نقول: إسلامه أمر حكمي ولا يؤمن من صدور مكفر في خلال الصلاة. قوله: (لان شرطه) أي الامام
325

قوله: (ولا يحكم بإسلامه إلخ) اعلم أن الكافر إذا صلى فقيل إنه يكون مسلما بصلاته، فإذا لم يتماد على
إسلامه فإنه يقتل لجريان حكم الردة عليه، وقيل لا يكون مسلما بصلاته ولكن ينكل ويطال سجنه سواء
كان آمنا على نفسه أم لا. وقيل: ينكل ويطال سجنه إن كان آمنا لا عذر له، الأول: لابن رشد عن الأخوين
وأشهب. والثاني: لابن القاسم وابن حارث. والثالث: للعتبي عن سحنون، وظاهر ابن رشد ترجيح القول
بإسلامه بالصلاة فيكون مرتدا إن رجع عن الاسلام وذلك لأنه قال بعد قول العتبية: سئل مالك عن
الأعجمي يقال له صل فيصلي ثم يموت هل يصلى عليه؟ قال نعم ما نصه هو كما قال لان من صلى فقد أسلم، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله، ومن أبى فهو
كافر وعليه الجزية اه‍. ولما ذكر ابن ناجي هذا الخلاف قال: وهذا الخلاف عندي ضعيف لنقل إسحاق
بن راهويه الاجماع، على أن من رأيناه يصلي فإن ذلك دليل على إيمانه اه‍. وقوله: فإن ذلك دليل على إيمانه
أي إذا تحقق منه النطق بالشهادتين وظاهره ولو لم يكرر الصلاة قوله: (في فرض أو نفل) أي ولو مع
فقد رجل يؤتم به قوله: (مشكلا) أي ولو اتضحت ذكورته بعد ذلك فيها أو بعدها إن اعتقد المأموم
في حال الدخول معه إشكاله، وأما لو اعتقد ذكوريته والناس يقولون باشكاله فاتضحت ذكورته
بعد ذلك كما اعتقد فالصلاة صحيحة، وأما غير المشكل فله حكم ما اتضح به. قوله: (كذلك) أي في فرض
أو في نفل. قوله: (لان شرطه) أي شرط الامام قوله: (تحقق الذكورة) من هذا قيل بعدم صحة إمامة
الملك، وما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من صلاة جبريل به صبيحة الاسراء فهو خصوصية أو أنها صورة
إمامة للتعليم، وقيل بصحتها واعتمده بعضهم، وعليه فالمراد بتحقق الذكورة أن لا يكون محقق الأنوثة
أو الخنوثة أو يقال: إن وصف الذكورة شرط في الامام إذا كان آدميا. لا يقال: إن صلاتهم نفل، لأنا
نقول: الحق أنهم مكلفون، على أنه قد قيل بجواز الفرض خلف النفل، وكما يصح الاقتداء بالملك على
المعتمد يصح الاقتداء بالجني لان لهم أحكامنا تأمل قوله: (وصلاتهما) أي المرأة التي أمت غيرها
والخنثى الذي أم غيره قوله: (ولو نوى كل الإمامة) إنما حكم بالصحة إذا نوى كل الإمامة مع أنه
متلاعب مراعاة لمن قال بصحة إمامة كل منهما لمثله كذا قرر شيخنا العدوي. قوله (أو بان مجنونا
مطبقا) أي لان المجنون لا تصح منه نية وحينئذ فيعيد من ائتم به أبدا. قوله: (فصحيحة) أي كما رواه
الشيخ ابن أبي زيد عن ابن عبد الحكم. قوله: (وليس في ابن عرفة ما يخالفه) بل كلامه موافق لذلك ونصه
سمع ابن القاسم: لا يؤم المعتوه سحنون ويعيد مأمومه الشيخ. روى ابن عبد الحكم: لا بأس بإمامة المجنون
حال إفاقته اه‍. والمراد بالمعتوه الذاهب العقل كما قاله ابن رشد، وبه يتبين أن السماع موافق لرواية ابن
عبد الحكم، وبه قرره الشيخ سالم خلافا لعج ومن تبعه في زعمه أن المعتوه عام يشمل المجنون حال إفاقته
فيكون خلافا مع رواية ابن عبد الحكم وهو غير صحيح لما علمت من كلام ابن رشد انظر طفي.
قوله: (لان شرطه العقل) علة لقول المصنف أو بان مجنونا قوله: (أو بان فاسقا بجارحة) أي بسبب ارتكابه
326

كبيرة غير مكفرة لما ورد: إن أئمتكم شفعاؤكم والفاسق غير صالح للشفاعة فلا تصح إمامته، ولو استغنى بهذا
الشرط عن قوله بمن بان كافرا لأغناه. قوله: (أو يخل بركن أو شرط) أي بأن كان يتساهل بالصلاة ويترك
الرفع من الركوع مثلا أو يصلي بدون وضوء، والمراد أن من شأنه الاخلال بما ذكر في غير هذه الصلاة وإلا
فهذه الصلاة باطلة قطعا لان المحافظة على الأركان والشروط أمر لا بد منه في كل صلاة لا أنه شرط في
الإمامة فقط. واعلم أن من كان شأنه الاخلال بما ذكر إذا اقتدى به شخص وتحقق أو ظن أنه ذو مانع
من صحتها بطلت الصلاة خلفه اتفاقا، فإن شك في ذلك فمقتضى كلام ابن عرفة صحتها ومقتضى ما للقباب
بطلانها قوله: (على أن عدم الاخلال بما ذكر إلخ) على هنا للاستدراك بمعنى لكن، وقوله مطلقا أي سواء
كان المصلي إماما أو غيره وحينئذ فلا يحسن عند عدم الاخلال بما ذكره من شروط الامام لأنه لا يعد من
شروط الشئ إلا ما كان خاصا به قوله: (لان شرطه أن لا يكون مأموما) علة لقول المصنف: أو بان مأموما
وضمير شرطه راجع للامام قوله: (لا إن نسيه) أي لا إن أحدث قبلها ونسيه قوله: (ولم يعمل بهم عملا)
أي بعد تذكره قوله: (إن استخلفوا) اشتراط الاستخلاف في حصول فضل الجماعة محله إذا لم يدركوا
ركعة مع الأول قبل حدثه وإلا حصل لهم فضل الجماعة وإن لم يستخلفوا. قوله: (أو علم مؤتمه بحدثه فيها)
أي بحصول حدثه فيها أو قبلها ظاهره أنها تبطل ولو أعلمه إمامه بذلك فورا وهو ما قاله عبق وفيه نظر، فقد
نقل ح أول الاستخلاف عن ابن رشد أن حكم من علم بحدث إمامه حكم من رأى النجاسة في ثوب إمامه
فإن أعلمه بذلك فورا فلا يضر، وأما إن عمل معه عملا بعد ذلك ولو السلام فقد بطلت عليه اه‍ بن وقوله
أو علم مؤتمه بحدثه فيها أو قبلها أي وأما لو علم به بعدها فلا بطلان. واعلم أن صلاة المأموم باطلة في هاتين
الصورتين مطلقا تبين حدث الامام أو تبين عدمه أو لم يتبين شئ، والمراد بالعلم الاعتقاد الجازم فهذه ست
صور، ومثل ذلك شكه قبل الدخول فيها فتبطل سواء تبين حدث الامام أو تبين عدم حدثه أو لم يتبين شئ
وأما لو شك فيها في حدثه فإنه يتمادى وتبطل إن تبين حدثه أو لم يتبين شئ لا إن تبين عدمه فهذه ستة أيضا
تبطل صلاة المأموم في إحدى عشرة وتصح في واحدة. قوله: (وبعاجز عن ركن قولي) كالفاتحة
وقوله: أو فعلي أي كالركوع أو السجود أو القيام، والفرض أن ذلك المقتدي قادر على ذلك الركن الذي
لا يقدر عليه إمامه، وشمل قوله: وبعاجز عن ركن العاجز عن القيام لكن يقوم بإعانة غيره كما نقله شيخنا
عن بعض شيوخه. قوله: (ولو لم يميز الفرض من غيره) أي وذلك بأن أخذ كلا من الوضوء والغسل
والصلاة عن عالم ولكن لا يعرف الفرض من غيره قوله: (أو يعتقد أن الصلاة مثلا فرض) أي اعتقد
فرضية جميعها والموضوع سلامتها من الخلل. قوله: (أو أن الفرض سنة) قال عبق: وانظر لو اعتقد أن
السنة فرض أو فضيلة، وقد يقال: قد ذكروا البطلان فيما إذا اعتقد أن الصلاة كلها فرائض فوزان هذا أن
يقال هنا بالبطلان ولكن الحق أنها صحيحة إن سلمت من الخلل كما يأتي. قوله: (وكذا اعتقاد أن كل جزء
منها فرض) البطلان في هذه الصورة ذكره العوفي قائلا من غير خلاف، ونقله تت في فرائض الوضوء
لكن قال شيخنا العدوي: وكلام العوفي مفروض فيما إذا حصل خلل وإلا فلا بطلان، والحاصل أنه
إذا أخذ صفتها عن عالم ولم يميز الفرض من غيره فإن صلاته صحيحة إذا سلمت من الخلل سواء علم
327

أن فيها فرائض وسننا، أو اعتقد فرضية جميعها على الاجمال، أو اعتقد أن جميع أجزائها سنن، أو اعتقد أن
الفرض سنة أو العكس أو أنها فضيلة، أو اعتقد أن كل جزء منها فرض، وإن لم تسلم صلاته من الخلل فهي
باطلة في الجميع هذا هو المعتمد كما قرره شيخنا، ويدل له قوله عليه الصلاة والسلام: صلوا كما رأيتموني
أصلي فلم يأمرهم إلا بفعل ما رأوا، وأهل العلم نوابه عليه الصلاة والسلام فهم مثله في الاقتداء بكل فكأنه
قال: صلوا كما رأيتموني أصلي أو رأيتم نوابي يصلون، إذا علمت هذا تعلم أن قول الشارح بشرط أن يعلم
إلخ خلاف المعتمد. قوله: (لعاجز مماثل) أي في العجز لمن اقتدى به قوله: (ومخالف إلخ) أي وشامل
لعاجز مخالف لمن اقتدى به في العجز كما لو اقتدى شخص قادر على القيام وعاجز عن الركوع بإمام عاجز
عن القيام وقادر على الركوع قوله: (ولمن أم قادرا) أي على الركن الذي عجز عنه الامام قوله: (لا تصح
صلاته) وهو ما أفتى به العبدوسي وهو المعتمد كما قال شيخنا العدوي، وأفتى ابن عرفة والقوري
بصحة إمامته، وخرج المازري تلك الفتوى على إمامة صاحب السلس للصحيح والمشهور الكراهة مع
الصحة قوله: (والمشهور أن المومئ لا يصح اقتداؤه بمومئ) أي في غير قتال المسايفة كمريض مضطجع
صلى بمثله وأما فيه فيجوز، وإنما منع في غيره لان الايماء لا ينضبط فقد يكون إيماء المأموم أخفض
من إيماء الامام وهذا يضر، وقد يسبق المأموم الامام في الايماء وهذا المشهور سماع موسى بن معاوية
عن ابن القاسم ومقابله لابن رشد والمازري قوله: (إن وجد قارئ) في التوضيح وأشار ابن عبد السلام
إلى أن الخلاف في الأخرس والأمي مقيد بعدم وجود القارئ وأنهما إذا أمكنهما أن يصليا خلف
القارئ فلا، لان القراءة لما كان الامام يحملها كان تركهما الصلاة خلفه تركا للقراءة اختيارا وفيه نظر
فقد قال سند: ظاهر المذهب بطلان صلاة الأمي إذا أمكنه الائتمام بالقارئ فلم يفعل، وقال أشهب: لا
يجب الائتمام كالمريض الجالس لا يجب عليه أن يأتم بالقائم اه‍ بن، فعلم منه أن الخلاف إنما هو فيما إذا
وجد قارئ، وأما إذا لم يوجد فالصحة اتفاقا، فلو اقتدى الأمي بمثله عند عدم القارئ فطرأ قارئ بعد
الاقتداء لم يقطع له إن كان الوقت ضيقا وإلا قطع. قوله: (وتبطل عليهما معا) أي على ما قاله سند من أن
ظاهر المذهب بطلان صلاة الأمي إذا أمكنه الائتمام بالقارئ فلم يفعل، وعلى كلام أشهب القائل لا
يجب على الأمي الائتمام بالقارئ إذا أمكنه كالمريض الجالس لا يجب عليه أن يأتم بالقائم صلاة كل منهما
صحيحة قوله: (أو قارئ بكقراءة ابن مسعود) أي أو باقتداء بقارئ بكقراءة ابن مسعود قوله: (مخالف
لرسم المصحف) أي كقراءة فامضوا إلى ذكر الله بدل فاسعوا إلى ذكر الله وكقراءة: فبرئ والله مما قالوا
وكان عند الله وجيها قوله: (موافق له) أي كقراءة أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت بضم التاء في الجميع
قوله: (وإن حرمت القراءة) علم منه أن القراءة بالشاذ حرام مطلقا ولا تبطل الصلاة بالشاذ إلا إذا
خالف الرسم قوله: (أو بعبد في جمعة) أراد بالعبد ذا الرق وإن بشائبة كمبعض ولو أم في الجمعة يوم حريته
328

قوله: (أو صبي إلخ) اعلم أن الصبي إذا صلى فإنه لا ينوي فرضا ولا نفلا وله أن ينوي النفل، فإن نوى الفرض
فهل تبطل صلاته لأنه متلاعب إذ لا فرض عليه أو لا تبطل في ذلك؟ روايتان والظاهر منهما الثاني كما
قرر شيخنا هذا في صلاته نفسه، وأما إن اقتدى به واحد فصلاة ذلك المقتدي به باطلة على الاطلاق
إذا أم في فرض فإن أم في النفل صحت الصلاة وإن لم تجز ابتداء على المشهور، وقيل بجواز إمامته في
النافلة وكل هذا إذا كان المؤتم به بالغا وأما إمامته لمثله فجائزة ولو في فرض قوله: (أو في الفاتحة فقط)
أي غير المعنى أم لا قوله: (أو إن غير المعنى) أي في الفاتحة أو في غيرها قوله: (مع وجود غيره) أي مع
وجود قارئ غير ذلك اللاحن قوله: (أو كره) عطف على امتنع، وكذا قوله: أو أجيز أي وإن امتنع
ابتداء وإن كره ابتداء وإن أجيز ابتداء، والحاصل أن من قال بالصحة مطلقا بعضهم قال بالمنع ابتداء
وقال بعضهم بالكراهة ابتداء، وقال بعضهم بالجواز. قوله: (فالأقوال ستة) وهي مطلقة عن التقييد
إلا القول الذي اختاره اللخمي وهو المنع ابتداء مع الصحة فقد قيده بوجود القارئ خلافا
لح فإنه جعل محل الخلاف مقيدا بعدم وجود القارئ مع أن من جملة الخلاف قول اللخمي المقيد
بوجود القارئ، وكذا تقييد محل الخلاف في المسألة الآتية بعدم إمكان التعلم لضيق الوقت أو عدم
وجود معلم أصله في ح، ورد بأنه لا سلف له فيه إلا كلام ابن حبيب وهو محتمل لذلك ولغيره كما في
التوضيح فلا حجة فيه، وحاصل المسألة أن اللاحن إن كان عامدا بطلت صلاته وصلاة من خلفه باتفاق
وإن كان ساهيا صحت باتفاق، وإن كان عاجزا طبعا لا يقبل التعليم فكذلك لأنه ألكن، وإن كان
جاهلا يقبل التعليم فهو محل الخلاف سواء أمكنه التعلم أم لا، وسواء أمكنه الاقتداء بمن لا يلحن أم لا
وإن أرجح الأقوال فيه صحت صلاة من خلفه وأحرى صلاته هو لاتفاق اللخمي وابن رشد عليها، وأما
حكم الاقتداء على الاقتداء باللاحن فبالعامد حرام وبالألكن جائز وبالجاهل مكروه إن لم يجد من
يقتدي به وإلا فحرام كما يدل عليه النقل، ولا فرق بين اللحن الجلي والخفي في جميع ما تقدم قاله أبو علي
المسناوي اه‍ بن. قوله: (وبغير مميز بين ضاد وظاء إلخ) ابن عاشر: كان المصنف صرح بهذه المسألة
لأجل التنصيص على عينها وإن كانت داخلة في اللاحن على كل حال فقد كان الأنسب أن يقول
كغير مميز بين ضاد وظاء أو ومنه غير مميز ونحو ذلك اه‍. وهو كما قال فإن ذلك هو ظاهر كلام الأئمة
كابن رشد وابن شاس وابن الحاجب فإنهم لما ذكروا الخلاف في اللحان قالوا ومنه من لا يميز بين ضاد
وظاء فهذه المسألة من أفراد ما قبلها، وبه تعلم أن حمل الشارح تبعا لعبق وغيره الخلاف هنا على غير ما ذكر
قبله مع أنه عينه غير صواب بل يقرر بالبطلان مطلقا أو في الفاتحة إذ هما القولان المشهوران أفاده بن
قوله: (خلافا لما وقع في بعض الشراح) أي من تقييد محل الخلاف في المسألة الأولى بما إذا وجد
قارئ، وتقييد محل الخلاف في المسألة الثانية بعدم إمكان التعلم لضيق الوقت أو عدم وجود معلم
قوله: (وأعاد بوقت في كحروري) هذا بيان للحكم بعد الوقوع، وأما الاقتداء به فقيل ممنوع وقيل
مكروه والأول هو المعتمد قوله: (مختلف في تكفيره إلخ) خرج المقطوع بكفره كمن يزعم أن الله
لا يعلم الأشياء مفصلة بل مجملة فقط فالاقتداء به باطل ويعيد المقتدي به أبدا، وخرج المقطوع بعدم
كفره كذي بدعة خفيفة كمفضل علي على أبي بكر وعمر وعثمان فهذا لا إعادة على من اقتدى به
قوله: (نقموا عليه) أي عابوا عليه قوله: (في التحكيم) أي بسبب تحكيمه لأبي موسى الأشعري وقالوا
إن هذا ذنب صدر منك وكل ذنب مكفر لفاعله فأنت كافر، فأولا كفروا معاوية بخروجه على علي، ثم كفروا
عليا بتحكيمه لأبي موسى الأشعري وخرجوا عن طاعته فقاتلهم علي قتالا عظيما قوله: (وكره أقطع)
أي وإن حسن حاله كان القطع بسبب جناية أو لا يمينا أو شمالا كان القطع باليد أو بالرجل
329

والشلل يبس اليد قوله: (حيث لا يضعان العضو) أي المقطوع أو الأشل بالأرض فإن وضعاه عليها فلا كراهة
والحاصل أن المصنف قد مشى على قول ابن وهب بكراهة إمامة الأقطع والأشل ولو لمثليهما، ومحل
الكراهة عنده إذا كانا لا يضعان العضو المقطوع بالأرض وإلا فلا كراهة. قوله: (والمعتمد عدم
الكراهة) أي في الأقطع والأشل، وقوله مطلقا أي لمثلهما ولغير مثلهما كما في الجواهر ونصه المازري
والباجي جمهور أصحابنا على رواية ابن نافع عن مالك أنه لا بأس بإمامة الأقطع والأشل لمثلهما ولغير
مثلهما ولو في الجمعة والأعياد وسواء كانا يضعان العضو على الأرض أم لا قوله: (وأعرابي) أبو الحسن
عن عياض الاعرابي بفتح الهمزة هو البدوي كان عربيا أو أعجميا أي ساكن البادية سواء كان
يتكلم بالعربية أو بالعجمية، وحاصله أنه يكره إمامة البدوي أي ساكن البادية للحضري سواء كانا في
الحاضرة أو في البادية بأن كان الحضري مسافرا ولو كان الاعرابي أكثر قرآنا وأحكم قراءة، ولو كانا
بمنزل ذلك البدوي ومحل تقديم رب المنزل إن لم يتصف بمانع نقص أو كره كما يأتي، وعلة الكراهة ما عنده
من الجفاء والغلظة والامام شافع والشافع ذو لين ورحمة قوله: (وكره ذو سلس) أي إمامة ذي سلس
وإمامة ذي قروح سائلة لصحيح. وقوله: وكذا سائر المعفوات أي يكره إمامة صاحبها المتلبس بها
لغيره. قوله: (كره له أن يؤم غيره ممن هو سالم) هذا هو المشهور وإن كان مبنيا على ضعيف وهو
أن الاحداث إذا عفي عنها في حق صاحبها لا يعفى عنها في حق غيره، ولا يقال مقتضى هذا المنع لأنه لما
كان بين صلاة الإمام والمأموم ارتباط صحت مع الكراهة والمشهور أنه إذا عفي عنها في حق صاحبها
عفي عنها في حق غيره وعليه فلا كراهة في إمامة صاحبها بغيره، وأما صلاة غيره بثوبه فاقتصر في الذخيرة
على عدم الجواز قائلا: إنما عفي عن النجاسة للمعذور خاصة، فلا يجوز لغيره أن يصلي به، وذكر البرزلي
في شرح ابن الحاجب في ذلك قولين، ثم تقييد المصنف الكراهة بالصحيح تبع فيه ابن الحاجب مع
أنه في التوضيح تعقبه بأن ظاهر عياض وغيره أن الخلاف لا يختص بإمامة الصحيح ثم قال: وبالجملة
فتقييد المصنف بالصحيح فيه نظر، وقد خالفه ابن بشير وابن شاس في التقييد وأطلقا، وأما ابن
عبد السلام وابن عرفة فقد أقرا كلام ابن الحاجب اه‍ طفي قوله: (أي كرهه أقل القوم) أي لتلبسه
بالأمور المزرية الموجبة للزهد فيه والكراهة له أو لتساهله في ترك السنن كالوتر والعيدين وترك
النوافل كما قرر شيخنا قوله: (فيحرم) أي لما ورد من لعنه وهو قوله عليه الصلاة والسلام: لعن الله من
أم قوما وهم له كارهون ولقول عمر: لان تضرب عنقي أحب إلي من ذلك قوله: (مطلقا) أي سواء كان
إماما راتبا أم لا. قوله: (أو من يشتهي أن يفعل به الفاحشة) أي لعلة في دبره قوله: (فلا ينافي إلخ) أي
لان المنافاة إنما تحصل إذا فسر المأبون بمن يفعل به الفاحشة ولم يتب قوله: (وترتب ولد زنا)
أي وأما إمامته من غير ترتب فلا كراهة فيها، وكذا يقال في مجهول الحال على ما قاله
المصنف قوله: (والنقل أن كراهة المجهول) ظاهره سواء كان مجهول الدين أو النسب وفيه
نظر بل مجهول الأب كولد الزنى إنما تكره إمامته إن كان راتبا كما هو صريح المدونة اه‍ بن
المراد بمجهول الأب اللقيط لا الطارئ لان الناس مؤتمنون على أنسابهم قوله: (وعبد) أي
وترتب عبد في فرض وأما ترتبه للإمامة في النوافل أو جعله إماما غير راتب في الفرائض فهو
جائز وهذا في غير الجمعة، وأما إمامته فيها فلا تجوز. سواء كان راتبا أو لا، والحاصل أن إمامة العبد على
ثلاث مراتب جائزة ومكروهة وممنوعة فيجوز أن يكون إماما راتبا في النوافل وإماما غير راتب
330

في الفرائض. وكره أن يكون إماما راتبا في الفرائض وكذا في السنن كالعيدين والكسوف والاستسقاء
فإن أم في ذلك أجزأت ولم يؤمروا بالإعادة، ويمنع أن يكون إماما في الجمعة راتبا أو غير راتب، وما ذكر
من كراهة ترتبه في الفرض ولو كان أصلح القوم وأعلمهم هو قول ابن القاسم، وقال عبد الملك بجواز
ترتبه في الفرائض كالنوافل، وقال اللخمي: إن كان أصلحهم فلا يكره قوله: (راجع للمسائل الست) أي
وهي المذكورة في قول المصنف وترتب خصي ومأبون وأغلف وولد زنى ومجهول حال وعبد
قوله: (وقد علمت ما في بعضها) أي وهو مجهول الحال والأغلف. تنبيه: الأصل فيما كره للشخص فعله أن يكره
لغيره الاقتداء به، فالكراهة متعلقة بالمقتدي والمقتدى به وهو المترتب ممن ذكر قاله شيخنا
قوله: (وصلاة بين الأساطين) لان هذا المحل معد لوضع النعال وهي لا تخلو غالبا من نجاسة أو لأنه محل الشياطين
ومحلهم ينبغي التباعد عنه، فقد ارتحل عليه الصلاة والسلام عن الوادي الذي ناموا فيه عن صلاة
الصبح حتى طلعت الشمس وقال: إن به شيطانا. قوله: (أو أمام الامام) أي ولو تقدم الجميع لان مخالفة
الرتبة لا تفسد الصلاة كما لو وقف عن يسار الامام فإن صلاة المأموم لا تبطل، ورأي بعضهم أن وقوف
المأموم أمام الامام من غير ضرورة مبطل لصلاته وهو ضعيف، كما أن القول بأنه إذا تقدم
جميع المأمومين عليه تبطل عليه وعليهم وإلا فلا بطلان كذلك ضعيف، قال أبو الحسن على قول المدونة
وإن صلى الامام بالناس في السفينة أسفل وهم فوق أجزأهم إن كان إمامهم قدامهم ما نصه مفهومه لو
لم يكن قدامهم لم يجزهم وليس كذلك بل هي مجزئة ولو لم يكن قدامهم، وإنما المعنى إذا كان قدامهم
يجزيهم بلا كراهة اه‍ بن. قوله: (راجع للمسألتين) أي وهي مسألة الأساطين وما بعدها فلا كراهة
فيهما عند الضرورة قوله: (بخلاف العكس) أي وهو اقتداء من بأعلى السفينة بمن أسفلها فلا كراهة
فيه وذلك لتمكنهم من مراعاة الامام وسهولة ضبط أفعاله قوله: (أي يكره لمن على جبل أبي قبيس أن
يقتدي بإمام المسجد الحرام) أي لبعد أبي قبيس من المسجد الحرام فيعسر على المأموم ضبط أفعال
الامام وانتقالاته. فإن قلت: صحة صلاة من بأبي قبيس مشكلة لان من بمكة يجب عليه مسامتة عين
الكعبة كما مر ومن كان بأبي قبيس لا يكون مسامتا لها لارتفاعه عنها. قلت: صحة صلاة من بأبي قبيس
مبنية على أن الواجب على من بمكة استقبال هوائها وهو من الأرض للسماء، أو يقال: إن
الواجب على من كان بأبي قبيس ونحوه أن يلاحظ أنه مسامت للبناء، وقولهم الواجب على
من بمكة مسامتة العين أي ولو بالملاحظة كما ذكره بعض الأفاضل. قوله: (بين نساء) أي بين
صفوف النساء وكذا محاذاته لهن بأن تكون امرأة عن يمينه وأخرى عن يساره، وقوله بين رجال أي
بين صفوف الرجال وكذا محاذاتها لهم، وشمل كلامه المرأة المحرم لمن تصلي معه من الرجال قوله: (بلا
رداء) أي ولو كانت أكتافه مستورة بثوب لابس له، وكره لغير الامام ترك الرداء إذا كان ليس على
أكتافه شئ وإلا فلا كراهة بل هو خلاف الأولى، ومثل الفذ والمأموم فيما ذكر الأئمة في غير المسجد
كسفر أو منزل أو نحو ذلك. قوله: (وتنفله بمحرابه) وكذا يكره للمأموم تنفله بموضع فريضته كذا في ح
نقلا عن المدخل لكنه خلاف قول المدونة، قال مالك: لا يتنفل الامام في موضعه وليقم عنه بخلاف الفذ
والمأموم فلهما ذلك اه‍ بن قوله: (وكذا جلوسه به على هيئته) أي لئلا يوهم الغير أنه في صلاة فربما يقتدي
به. تنبيه: المشهور أن الامام يقف في المحراب حال صلاته الفريضة كيف اتفق، وقيل إنه يقف خارجه
331

ويسجد فيه أنظر ح قوله: (أي بالمسجد) الأولى جعل الضمير راجعا للامام كما في شب أي فتنفله
بمحراب الامام أي بموضع صلاته كان بمسجد أو غيره في حضر أو سفر قوله: (وكره إعادة جماعة) أي
ولو في صحن المسجد لان صحنه مثله، وكراهة الجمع قبل الراتب وبعده لا ينافي حصول فضل الجماعة
لمن جمع قبله أو بعده بل حرمة الجمع معه لا تنافي حصول فضل الجماعة لمن جمع معه كما قال شيخنا لا
ترى الصلاة جماعة في الدار المغصوبة خلافا لما في عبق. قوله: (أي صلاة جماعة) سمى صلاة الجماعة
بعد الرواتب إعادة بالنظر لفعل الامام السابق على فعلهم قوله: (بعد الراتب) أي سواء كان الراتب
صلى وحده أو صلى بجماعة. واعلم أن المصنف جزم بالكراهة تبعا للرسالة والجلاب، وعبر ابن بشير
واللخمي وغيرهما بالمنع وهو ظاهر قول المدونة: ولا تجمع صلاة في مسجد مرتين إلا مسجدا
ليس له إمام راتب، ونسب أبو الحسن الجواز لجماعة من أهل العلم، قال ابن ناجي: ومحل الخلاف إذا
صلى الراتب في وقته المعلوم، فلو قدم عن وقته وأتت الجماعة فإنهم يعيدون فيه جماعة اه‍ بن. قوله: (ولو
راتبا في البعض) أي في بعض المسجد وذلك كما في مسجد المؤيد بمصر ونحوه من المساجد التي
رتب فيها الواقف أربعة أئمة على المذاهب الأربعة كالمسجد الحرام كل واحد يصلي في موضع
وحاصل ما في هذه المسألة أنه إذا أقام أحدهم الصلاة مع صلاة الآخر فهذا لا نزاع في حرمته
وأما إذا كان أحدهم يصلي في موضعه فإذا فرغ صلى الذي يليه ثم كذلك فأفتى بعضهم بالكراهة
وأفتى بعضهم بالجواز محتجا بأن مواضعهم كمساجد متعددة خصوصا وقد قرره ولي الأمر، وأفتى
بعضهم بالمنع محتجا بأن الذي اختلف فيه الأئمة أعني قول المصنف وإعادة جماعة بعد الرواتب
إنما هو في مسجد له إمام راتب فأقيمت الصلاة فيه ثم بعد فراغها جاءه جماعة آخرون فأرادوا إقامة
تلك الصلاة جماعة فهذا موضع الخلاف، وأما حضور جماعتين أو أكثر في مسجد واحد ثم تقام
الصلاة فيتقدم الامام الراتب فيصلي وأولئك عكوف من غير ضرورة تدعوهم لذلك تاركون
إقامة الصلاة مع الامام الراتب متشاغلون بالنوافل أو الحديث حتى انقضت صلاة الأول ثم
يقوم الذي يليه وتبقى الجماعة الآخرون على نحو ما ذكرنا فالأئمة مجتمعون على أن هذه الصلاة
لا تجوز انظر بن. والقول بالكراهة اعتمده عبق واقتصر عليه شارحنا كذلك قال في المج، وإذا تم
إلحاق البقاع بالمساجد لم يحرم المكث في بقعة من المسجد لإقامة إمام غيرها من البقع. قوله: (هذا
إذا لم يأذن الراتب) أي لغيره بالجمع قبله أو بعده قوله: (إن جمع غيره قبله بغير إذنه) أي ولو كان ذلك
الذي جمع بهم من عادته النيابة عند غيبته. قال أبو الحسن عن اللخمي: ومن كان شأنه يصلي إذا غاب
إمامهم فصلى بهم في وقت صلاة الامام المعتاد أو بعده بيسير كان للامام أن يعيد الصلاة لأن هذه
مسابقة وتعد منه. قوله: (ليجمعوا خارجه أو مع راتب آخر) أي لأجل أن يصلوا جماعة في غيره
إما في مسجد آخر أو في غير مسجد. ثم إن الندب من حيث الجماعة خارجة فلا ينافي أن صلاة الجماعة
سنة ولو فيه قوله: (إن دخلوها) اعترض بأن الأولى حذفه لان الاستثناء يفيده. وأجيب بأنه صرح
به دفعا لما يتوهم أن الاستثناء منقطع وأنهم مطالبون بالصلاة فيها أفذاذا وإن لم يدخلوها وليس
كذلك قوله: (وأما إن علموا بصلاته قبل دخولهم فإنهم يجمعون خارجها ولا يدخلونها) هذا مقيد بما
إذا أمكنهم الجمع بغيرها وإلا دخلوها وصلوا بها أفذاذا، ففي مفهوم قوله: إن دخلوها تفصيل، والحاصل
أنهم إذا لم يدخلوها إن أمكنهم الجمع بغيرها لم يطالبوا بدخولها وإن لم يمكنهم الجمع بغيرها طولبوا
بدخولها والصلاة فيها أفذاذا. قوله: (وقتل كبرغوث بمسجد) أي ولو في صلاة، وقول خش ما عدا
القملة يوهم حرمة قتلها في الصلاة وفيه نظر لقول المدونة قال مالك: أكره قتل البرغوث والقملة في
332

الصلاة. ابن رشد: وقتل البرغوث أخف عنده ومقارنتها مع البرغوث يدل على أن الكراهة على بابها انظر
المواق اه‍ بن. فعلم منه أن قتل القمل في الصلاة مكروه كراهة تنزيه، نعم قتل القمل في الصلاة مبطل لها إن
كثر بأن زاد على الثلاث وقد سبق ما يتعلق بذلك. قوله: (وللقول) أي ومراعاة للقول إلخ قوله: (وقيل
يحرم طرحها حية إلخ) أي فالحاصل أن طرحها حية خارج المسجد قيل بجوازه وقيل بحرمته، وأما
طرحها حية في المسجد قيل بكراهته وقيل بحرمته وقتلها فيه مكروه ورمي قشرها فيه حرام لنجاسته
وأما البرغوث وما أشبهه من البق والذباب يجوز طرحه حيا في المسجد وخارجه ويكره قتله في
المسجد، وكذلك يكره رمي قشره بعد قتله فيه لأنه من التعفيش بالطاهر، وتعفيش المسجد باليابس
الطاهر مكروه بخلاف تعفيشه باليابس النجس فإنه حرام كتقديره بالمائع مطلقا وإن كان طاهرا
قوله: (أفضل) أي لأنه أشد تحفظا من النجاسات وهذا هو المعتمد، وقيل: إن إمامة الأعمى المساوي
الفضل للبصير أفضل لأنه أخشع لبعده عن الاشتغال وقيل إنهما سيان. قوله: (ولو أتى بمناف) أي ولو أتى
في ذلك الامام المخالف في الفروع بمناف لصحة الصلاة أي بمناف على مذهب المأموم والحال أنه غير مناف
على مذهب ذلك الامام قوله: (لان ما كان شرطا) أي خارجا عن ماهية الصلاة، وأما ما كان ركنا داخلا
في ماهيتها فالعبرة فيه بمذهب المأموم مثل شرط الاقتداء، فلو اقتدى مالكي بحنفي لا يرى ركنية السلام
ولا الرفع من الركوع، فإن أتى بهما صحت صلاة مأمومه المالكي وإن ترك الامام الحنفي الرفع من
الركوع أو خرج من الصلاة بأجنبي كانت صلاة مأمومه المالكي باطلة ولو فعل ذلك المأموم المذكور
كذا قرر شيخنا العدوي. وفي ح عن ابن القاسم: لو علمت أن رجلا يترك القراءة في الأخيرتين لم أصل
خلفه نقله عن الذخيرة قوله: (وما كان شرطا في صحة الاقتداء فالعبرة بمذهب المأموم) يعلم من هذا
صحة صلاة مالكي الظهر خلف شافعي فيها بعد دخول وقت العصر لاتحاد عين الصلاة والمأموم يراها
أداء كما في كبير خش قوله: (وهو من لا يستطيع اخراج بعض الحروف) أي لعجزه طبعا عن التعلم وما
مر من الخلاف فيمن لم يميز بين ضاد وظاء فيمن يقدر على التعلم وعمدة المؤلف في الجواز قوله
في التوضيح نقل اللخمي أن لمالك في المجموعة إجازة ذلك ابتداء، وحكى في الجلاب أيضا الجواز وحكى
ابن العربي الجواز في قليل اللكنة والكراهة في بينها، ولابن رشد في الألكن لا يعيد مأمومه اتفاقا
وتكره إمامته مع وجود مرضي غيره، لكن ابن عرفة قد صدر بالجواز وهذا يدل على رجحانه اه‍ بن
قوله: (ومحدود بالفعل) أي إن حسنت حالته وتاب بناء على أن الحدود زواجر والصحيح أنها جوابر
فيكفي الشرط الأول وهو لا يتضمن التوبة لأنه يوجد مع عدم العزم على أنه لا يعود ومع عدم الندم
على ما فعل ومفهوم محدود أنه لو فعل موجب الحد ولم يحد بالفعل فيه تفصيل فإن سقط عنه الحد بعفو
في حق مخلوق أو بإتيان الامام طائعا وترك ما هو عليه في حرابة جاز الاقتداء به إن حسنت حالته وإلا
فلا. قوله: (بأن يؤذي غيره) أي برائحته قوله: (فلينح وجوبا عن الإمامة) وكذا عن الجماعة فإن
أبي أجبر على التنحية قوله: (لا بالغ) أي لا اقتداء بالغ به أي بالصبي قوله: (وعدم إلصاق من على يمين
الامام) أي من كان على جهة يمينه أو من كان على جهة يساره لا الملاصق ليمينه أو يساره فقط
وحاصله أنه إذا وقفت طائفة خلف الامام ثم جاءت طائفة فوقفت جهة يمين الامام أو جهة
يساره ولم تلتصق بالطائفة التي خلف الامام فلا بأس بذلك. قوله: (وأو لمنع الخلو) أي فيجوز
333

أيضا عدم إلصاق من على جهة يمينه ويساره بمن خلفه، وكذا يجوز عدم إلصاق من على يمينه بمن على جهة
يساره، والمراد بالجواز في هذا كله خلاف الأولى لا المستوي الطرفين كما قال الشارح. قوله: (إذ
الأفضل تركه) أي ترك عدم الالصاق قوله: (من تقطيع الصفوف) الأولى الصف إلا أن تجعل أل
للجنس قوله: (ويحصل له) أي لمن صلى خلف الصف وقوله مطلقا أي سواء صلى خلف الصف
لتعسر الدخول عليه فيه أو لا، وأما فضيلة الصف فلا تحصل له إلا إذا صلى خلفه لعدم فرجة فيه قوله: (ولا
يجذب إلخ) نص في القاموس على أن جذب ليس مقلوب جبذ لان كلا من البناءين كامل التصريف
والقلب لا يكون في كامل التصريف اه‍ بن. قوله: (بلا خبب) أي بل بسكينة، وقوله ولو خاف فوات
إدراكها أي الجماعة كانت الصلاة جمعة أو غيرها قوله: (وقتل عقرب أو فأر بمسجد) أي مع
التحفظ من تقذيره وتعفيشه ما أمكن قوله: (ولا تبطل بذلك) أي ولا تبطل الصلاة بقتل ما ذكر فيها
سواء أراده أم لا. قوله: (ويكف إلخ) أي أو يعبث ولكنه يكف عن العبث إذا نهى عنه قوله: (فأحدهما
كاف) أي في الجواز فإذا كان لا يعبث أصلا جاز إحضاره وكذلك إذا كان يعبث ولكن كان إذا
نهي عن العبث يكف عنه. قوله: (الواو بمعنى أو) ما ذكره من أن أحدهما كاف هو ما يفيده كلام
ابن عبد السلام وابن فرحون، وأما ابن عرفة فكلامه يفيد توقف الجواز على الامرين معا عكس
ما نسبه له عبق ونصه سماع ابن القاسم فيها يجنب الصبي المسجد إذا كان يعبث أولا يكف إذا نهي
انتهى، فإذا كان يجنب مع أحدهما لزم أن لا يجوز إحضاره إلا مع فقدهما معا بأن كان لا يعبث أصلا
وكان على تقديره إذا عبث يكف عنه إذا نهي، ونسبة هذا القول للمدونة تفيد ترجيحه وعليه فالواو
على حالها انظر بن قوله: (فإن انتفيا) أي بأن كان شأنه العبث ولا يكف عنه إذا نهي عنه. قوله: (وبصق
به) ملخص المسألة أن تقول: لا يخلو المسجد إما أن يكون محصبا أو مبلطا فالثاني لا يبصق
فيه لعدم تأتي دفن البصاق فيه والأول إما محصر أو لا، فالأول يبصق تحت حصيره لا فوقه
وإن دلك، والثاني يبصق فيه ثم يدفن البصاق في الحصباء، وأما المبلط المحصر فظاهر نقل
الطخيخي عن القرافي جواز البصق تحت حصيره أيضا وصوبه طفي وأبو علي المسناوي واختار
غيرهما منع البصاق فيه أي في المبلط محصرا أو غير محصر وهو الظاهر لقول ابن بشير: وإن لم يكن
محصبا فلا ينبغي أن يبصق فيه بحال وإن دلكه لان دلكه لا يذهب أثره، ثم إن صاحب
التنبيهات ذكر أنه يطلب في البصق في المحصب ترتيب في الجهات وذلك أنه يبصق أولا عن
يساره أو تحت قدمه إلا أن يكون عن يساره أحد ولا يتأتى له تحت قدمه فحينئذ ينتقل لجهة اليمين
لتنزيه اليمين وجهتها عن الأقذار إلا لضرورة، فإن لم يكن بصقه على يمينه لكون تلك الجهة فيها أحد
334

مثلا فأمامه لتنزيه القبلة عن القذر إلا لضرورة، لكن جزم عج ومن تبعه بأن هذا الترتيب خاص بالصلاة
فلا يطلب من غير المصلي به، وقرر المسناوي واختار طفي مثل ما للشيخ أحمد الزرقاني أن هذا الترتيب
يطلب في الصلاة وفي غيرها قال: لاطلاق عياض وابن الحاجب وابن عرفة والمؤلف ولقول الآبي في
شرح مسلم إن كان النهي تعظيما لجهة القبلة فيعم غير الصلاة وغير المسجد لكن يتأكد في المسجد، إذا
علمت هذا فكلام المصنف فيه قلق من وجوه: الأول أنه يوهم أن قوله أو تحت حصيره في غير المحصب
فقط لاقتضاء العطف المغايرة وليس كذلك بل هو في المحصب وغيره وهو المبلط على ما للطخيخي، أو
في المحصب فقط على ما لغيره كما تقدم، وعليه فيتكلف له بتقدير معطوف عليه بعد حصب أي فوق
الحصباء أو تحت حصيره. الثاني: أن قوله ثم قدمه لم يتقدم له ما يصح عطفه عليه وجعله ابن غازي عطفا
على حصيره وفيه أنه لا ترتيب بين الحصير والقدم إذ هما مسألتان لا نسبة بين إحداهما والأخرى كما قال
ابن عاشر وجعله ح عطفا على محذوف تقديره أو تحت حصيره في جهة يساره ثم قدمه قال: وكأنه
تركه لكونه أول الجهات التي ذكرها في التنبيهات فلما ذكر ما عداها معطوفا بثم على أنها هي الأولى
وفيه أنه يقتضي تقدم جهة اليسار على جهة القدم مع أنهما في مرتبة واحدة كما في التنبيهات وغيرها
فالصواب إذا حذف ثم الداخلة على قدمه بأن يقول تحت قدمه فيكون تفصيلا لاجمال قوله وبصق
به أن حصب لا له ولما بعده من مسألة المحصر، ويكون مخصوصا بحالة الصلاة على ما تقدم لعج أو
فيها وفي غيرها وهو ظاهر على ما تقدم لطفي وغيره، هذا ما لخصه المسناوي اه‍ بن وأما شارحنا فجعل
قوله ثم قدمه عطفا على مقدر والأصل وبصق بثوب ثم قدمه والكلام الأول عام في المصلي وغيره
والثاني خاص بالمصلي تأمل، ولو قال المصنف: أو بصق بمحصب فوق الحصباء أو تحت حصيره كفي
طرف ثوب لمصل وإن بغيره ثم على يساره أو تحت قدمه ثم يمينه ثم أمامه في محصب لا حصير به لو في
بالمسألة. قوله: (لا مخط فيكره) أي قياسا على المضمضة في المسجد ومحل كراهة المخط والمضمضة في
المسجد ما لم يؤد للاستقذار وإلا حرم كما إذا كان يتأذى بهما الغير قاله شيخنا. قوله: (إن وقع مرة إلخ)
شرط في قوله وجاز بصق به إن حصب قوله: (كمبلط) أي كما لا يجوز البصق في المبلط أي سواء كان
مفروشا بحصر أو غير مفروش، وكما لا يجوز البصق فوق الحصير سواء جعل فرشا لمحصب أو مبلط
قوله: (وهذا الترتيب) أي بين طرف الثوب وجهة اليسار والقدم واليمين والامام، وقوله: إذ ليس في
المحصب مرتبة إلخ أي حتى يعطف عليها بثم الأولى، وقوله بل التي قبلها أي قبل ثم الأولى، وقوله: خارجة
عن ذلك أي وحينئذ فلا يصح العطف بثم الأولى على ما قبلها وتعين أن يكون العطف على
مقدر كما مر. قوله: (فقط) أي لا مبلط وأما المترب فكالمحصب. قوله: (فوق الحصباء) أي إذا
كان غير محصر، وقوله أو تحت حصيره أي إذا كان محصرا قوله: (أو تحت قدمه) أي فهو في
مرتبة جهة اليسار فيخير في البصق في أيهما. قوله: (وجاز خروج متجالة) أي جاز جوازا مرجوحا
بمعنى أنه خلاف الأولى، قال ابن رشد: تحقيق القول في هذه المسألة عندي أن النساء أربع: عجوز
انقطعت حاجة الرجال منها فهذه كالرجل فتخرج للمسجد للفرض ولمجالس الذكر والعلم وتخرج
للصحراء للعيدين والاستسقاء ولجنازة أهلها وأقاربها ولقضاء حوائجها ومتجالة لم تنقطع حاجة
الرجال منها بالجملة، فهذه تخرج للمسجد للفرائض ومجالس العلم والذكر ولا تكثر التردد في قضاء
حوائجها أي يكره لها ذلك كما قاله في الرواية. وشابة غير فارهة في الشباب والنجابة تخرج
للمسجد لصلاة الفرض جماعة وفي جنازة أهلها وأقاربها ولا تخرج لعيد ولا استسقاء ولا لمجالس ذكر
335

أو علم. وشابة فارهة في الشباب والنجابة فهذه الاختيار لها أن لا تخرج أصلا اه‍. وظاهر كلام المصنف
أن القسم الثاني كالأول في الحكم، وبه صرح أبو الحسن فقال عند قول المدونة وتخرج المتجالة إن أحبت
ما نصه ظاهره انقطعت حاجة الرجال منها أم لا. قوله: (لا أرب) أي لا حاجة قوله: (غالبا) ومن باب
أولى إذا لم يكن فيها حاجة للرجال أصلا قوله: (والفرض أولى) أي وكذا لجنازة أهلها وقرابتها
قوله: (وخروج شابة) أي غير فارهة في الشباب والنجابة وأما الفارهة فلا تخرج أصلا قوله: (لصلاة الجماعة)
أي غير الجمعة ولا تخرج لعيد ولا لاستسقاء ولا لجمعة لأنها مظنة الازدحام ولا لمجالس علم أو ذكر
إن كانت منعزلة عن الرجال وخروجها لما ذكر ممنوع كما في شب، وقال شيخنا: الظاهر أن المراد بالمنع
الكراهة الشديدة قوله: (وظاهره ولو متجالة) الأولى أن يقول: وظاهره أنه يقضى على زوج المتجالة
بالخروج إذا طلبته لان ضمير زوجها للشابة إلا أن يقال قوله وظاهره أي على اعتبار أن الضمير عائد
على المرأة مطلقا، وحاصل المسألة أن الشابة غير مخشية الفتنة لا يقضى على زوجها بخروجها إذا طلبته، وأما
المتجالة فيقضى على زوجها بخروجها على ما يفيده كلام ابن رشد وظاهر السماع والآبي عدم القضاء
لها به أيضا، وكلام المصنف محتمل لكل من الطريقتين بجعل الضمير للشابة أو للمرأة مطلقا وظاهر
المصنف عدم القضاء به ولو اشترط لها في عقد النكاح وهو كذلك وإن كان الأولى الوفاء لها به كما في
السماع. قوله: (ولو سائرة) أي هذا إذا كانت واقفة في المرسى بل ولو كانت سائرة على المشهور لان
الأصل السلامة من طرو ما يغرقها من ريح أو غيره خلافا لمن قال: محل الجواز إذا كانت واقفة لا إن
كانت سائرة فإن فرقهم الريح استخلفوا، وإن شاؤوا صلوا وحدانا، فإن اجتمعوا بعد ذلك رجعوا
لإمامهم وإلا بطلت إلا أن يكونوا عملوا لأنفسهم عملا غير القراءة وإلا فلا يرجعون إليه ولا يلغون
ما عملوا. والحاصل أنهم إذا لم يعملوا عملا أصلا أو عملوا القراءة رجعوا، وإذا كان الامام لم يعمل
عملا فالامر ظاهر، وإن كان عمل عملا جرى فيه قول المصنف وإن زوحم مؤتم إلخ، وأما إن عملوا عملا
غير القراءة فلا يرجعون إليه بخلاف مسبوق ظن فراغ إمامه فقام للقضاء فتبين خطأ ظنه فإنه يرجع
يلغي ما فعله في صلب الامام، والفرق أن تفريق السفن ضروري فلذا اعتدوا بما فعلوا بخلاف المسبوق
فإن مفارقته للامام ناشئة عن نوع تفريط، ومثل ما إذا عملوا لأنفسهم عملا في أنهم لا يرجعون للامام
ما لو استخلفوا ولم يعملوا عملا فلا يرجعون إليه لأنهم خرجوا من إمامته قوله: (أو من يسمع) أي أو
يسمعون من يسمع الناس حال كونه عنده في سفينة. قوله: (ويستحب أن يكون) أي الامام في السفينة
التي تلي القبلة قوله: (لا يمنع إلخ) بيان للصغير، وأما الفصل بالنهر الكبير وهو ما يمنع من سماع الامام
ومأمومه ومن رؤية فعل أحدهما فلا يجوز قوله: (أو طريق) أي ولذا قال اللخمي: يجوز لأهل الأسواق
أن يصلوا جماعة وإن فرقت الطريق بينهم وبين إمامهم. قوله: (وجاز علو مأموم على إمامه) أي مع كونه
يضبط أحوال الامام من غير تعذر فلا يشكل بكراهة اقتداء من بأبي قبيس بمن بالمسجد
الحرام لان ذلك قد يتعذر عليه ضبط أحوال إمامه، فلو فرض التعذر أو عدمه بأن اتصلت
الصفوف فيها استويا قوله: (ولو بسطح) رد بلو قول مالك المرجوع إليه ففي المدونة قال
مالك: ولا بأس أن يصلي في غير الجمعة على ظهر المسجد بصلاة الامام والامام في المسجد ثم كره ذلك
وبأول قوليه أقول اه‍ بن قوله: (في غير الجمعة) إنما قيد بذلك لان الجمعة لا تصح بسطح المسجد كما
يأتي (قوله أي يكره على المعتمد) أي وقيل بالمنع ومحل الخلاف ما لم يقصد الكبر بتقدمه وإلا حرم اتفاقا
قوله: (وبطلت بقصد إمام ومأموم به الكبر) ظاهره سواء كان العلو كثيرا أو يسيرا، وظاهره أيضا
336

أنه لو قصد الكبر بتقدمه للإمامة أو بتقدم بعض المأمومين على بعض أو بصلاة على نحو سجادة فإنها
لا تبطل ولكن المسألة لا نص فيها، واستظهر بعضهم البطلان اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (من قوله
لا عكسه) أي خلافا للطخيخي حيث جعل قوله إلا بكبر استثناء من قوله بقصد إمام ومأموم به
الكبر لما علمت من بطلان الصلاة مع قصده ولو بالعلو اليسير، هذا والذي نقله العلامة أبو علي
المسناوي عن المازري عدم بطلانها بقصد الكبر بالعلو اليسير وأحرى إذا كان بدون علو فانظره
اه‍ بن. وارتضاه شيخنا في حاشيته على كبير عبق، وعليه فيصح جعل قوله إلا بكشبر استثناء من قوله
وبطلت بقصد إمام ومأموم به الكبر كما قال الطخيخي قوله: (إلا بكشبر) أي إلا أن يكون علو الامام
على المأموم يسيرا بأن كان ذلك العلو قدر شبر أو ذراع، أو كان علو الامام بأزيد من ذلك بقصد تعليم إلخ
قوله: (وهل إن كان إلخ) الأنسب أن يقول: وهل مطلقا أو إن لم يكن معه طائفة كغيرهم تردد أي أن
ما ذكره من عدم جواز علو الامام على المأموم كثيرا سواء حمل الكراهة أو الحرمة هل ذلك مطلقا
أي سواء كان الامام يصلي وحده أو كان معه طائفة من المأمومين من خواص الناس أو من عمومهم
أو محل النهي إذا كان الامام وحده في المكان المرتفع أو معه جماعة من خواص الناس؟ وأما لو كان
معه غيره من عموم الناس أو مثل غيرهم في الشرف فلا منع وهو المعتمد، ومحل الخلاف إذا لم يكن المحل
العالي معدا للامام والمأمومين، أما لو كان معدا لهما وكسل بعض المأمومين فصلى أسفل فلا كراهة
ولا منع اتفاقا قرره شيخنا العدوي. قوله: (وجاز مسمع) ظاهره ولو قصد بتكبيره وتحميده مجرد إسماع
المأمومين وهو كذلك خلافا للشافعية حيث قالوا: إن قصد ذلك بطلت صلاته، وإن قصد الذكر
فقط أو الذكر والاعلام فصلاته صحيحة وإن لم يكن له قصد فباطلة قوله: (وجاز اقتداء به) ظاهره
ولو كان صبيا أو امرأة أو محدثا أو كافرا وهو مبني على أن المسمع علامة على صلاة الامام، وأما
على القول بأن المسمع نائب ووكيل عن الامام فلا يجوز له التسميع حتى يستوفي شرائط الامام
وهذه المسألة إحدى المسائل التي زادها سيدي عبد الواحد بن أحمد الوانشريسي في نظم إيضاح
المسالك لوالده فقال:
هل المسمع وكيل أو علم على صلاة من تقدم فأم
عليه تسميع صبي أو مره أو محدث أو غيره كالكفره اه‍ بن.
واختار الأول المازري واللقاني كما قاله شيخنا قوله: (الاقتداء بالامام بسبب إلخ) أشار
إلى أن في كلام المصنف حذفا وأن الباء في به للسببية لا أنها صلة للاقتداء وإلا لأفاد غير المراد لان
الاقتداء بالامام لا بالمسمع قوله: (بسبب سماعه) أي سماع المسمع وأولى سماع الامام قوله: (أو اقتداء
برؤية) أي جاز الاقتداء بالامام بسبب رؤية له أو لمأمومه فقد اشتمل كلامه على مراتب
الاقتداء الأربع وهي الاقتداء برؤية الامام أو المأموم، والاقتداء بالامام بسبب سماع المسمع أو
سماع الامام وإن لم يعرف عينه، ومما يلغز به هنا شخص تصح صلاته فذا وإماما لا مأموما وهو الأعمى
الأصم. قوله: (وإن بدار) راجع للامرين قبله أي وإن كان المقتدي في الأربع بدار والامام
337

خارجها كان بمسجد أو غيره كان بينهما حائل أم لا، قال اللخمي: إذا أراد من في الدار التي بقرب المسجد أن
يصلوا بصلاة المسجد جاز ذلك إذا كان إمام المسجد في قبلتهم يسمعونه ويرونه، ويكره إذا كان بعيدا
يرونه ولا يسمعونه لان صلاتهم معه على التخمين والتقدير، وكذلك إذا كانوا على قرب يسمعونه
ولا يرونه لحائل بينهم لأنهم لا يدرون ما يحدث عليه وقد يذهب عليهم علم الركعة التي هو فيها فإن ترك
جميع ذلك مضت وأجزأتهم صلاتهم اه‍ ونقله أبو الحسن وأقره، وبه تعلم أن المراد بالجواز هنا مطلق
الاذن الشامل للكراهة اه‍ بن. قوله: (ثم نوى الاقتداء بغيره) أي في ثاني ركعة مثلا قوله: (فمحط
الشرطية قولنا أول صلاته) أي فاندفع ما يقال أن ظاهر المصنف يقتضي أن الاقتداء يتحقق خارجا
بدون النية لكنه لا يصح إلا إذا وجدت النية مع أنه لا يتحقق خارجا إلا بها فجعلها شرطا لا يصح
وحاصل الجواب أن الشرطية منصبة على الأولية لا على النية فلو حصل تأخير النية لثاني ركعة حصل
الاقتداء ولكن تبطل الصلاة لفقد شرط الاقتداء وهو الأولية، وأما كون النية في حد ذاتها ركنا أو
شرطا فهو شئ آخر مسكوت عنه قوله: (بخلاف الامام فليست نية الإمامة شرطا إلخ) نعم لو نوى
الإمامة ثم رفضها ونوى الفذية فإن الصلاة تبطل لتلاعبه ولأنها من الأمور التي تلزم بالشروع
قوله: (ولو بجنازة) أي ولو كان الاقتداء به في جنازة، ورد بلو على من قال: لا بد من نية الإمامة في صلاة الجنازة
والألم تصح صلاة الامام والاقتداء به (قوله بل كمال على التحقيق) أي أن الجماعة فيها
مندوبة وقيل سنة، وقال ابن رشد: إنها واجبة فإن صلى عليها فرادى أعيدت ما لم تدفن وإلا فلا إعادة
مراعاة للمقابل، وعلى قول ابن رشد يجب نية الإمامة لكون الجماعة فيها شرط صحة وهو المردود
بالمبالغة في كلام المصنف. قوله: (إلا جمعة إلخ) لا يخفى أن النية الحكمية تكفي فتقدم الامام في الجمعة
والجمع والخوف والاستخلاف دال عليها، فاشتراط نية الامام في صحة الصلاة في هذه الأربع لا فائدة
فيه، وقد يجاب بأن المراد بنية الإمامة فيها عدم نية الانفراد قاله شيخنا قوله: (لان الجماعة شرط صحة
فيها) أي وكل صلاة كانت الجماعة شرطا في صحتها كانت نية الإمامة فيها شرطا في صحة الإمامة وفي
صحة الاقتداء بذلك الامام قوله: (في الصلاتين) أي لان الجمع لا يعقل إلا بين اثنين قوله: (على المشهور)
انظر ذلك فإن التوضيح و ح لم يذكرا ذلك وإنما ذكرا أن ابن عطاء الله تردد في هذه النية هل محلها
الأولى أو الثانية أو هما؟ فلعل ما قاله الشارح استظهار لعج وحينئذ فلا يناسب تعبيره بالمشهور
قوله: (وقيل في الثانية فقط) أي لظهور أثر الجمع فيها قوله: (وتكون عند الأولى فقط) الأولى حذف قوله
فقط لأنه يبعد عدم اشتراطها في الثانية مع أن أثر الجمع إنما يظهر فيها، فالصواب أن نية الجمع تكون عند
الأولى وتستصحب للثانية. قوله: (فإنه يبطلهما) أما الأولى فلترك النية فيها، وأما الثانية فلأنها تبع
للأولى وقد يقال بطلان الثانية ظاهر لأنها هي التي ظهر فيها أثر الجمع، وأما المغرب فقد وقعت في وقتها
فلا تبطل تأمل، ولذا قال العلامة بن: إنه إذا ترك نية الإمامة فيهما بطلت الثانية فقط، لكن قال شيخنا
العدوي الفقه ما ذكره الشارح وإن كان مشكلا قوله: (وإن تركها في الثانية بطلت فقط) أي ولا يعيدها
قبل الشفق على الظاهر للفصل بينها وبين المغرب بالأربع ركعات التي بطلت قوله: (بطلت عليه وعلى
الطائفتين) الصواب أنها إنما تبطل صلاة الطائفة الأولى فقط لأنها فارقت الامام في غير محل المفارقة
وأما صلاة الطائفة الثانية وصلاة الامام فصحيحة قاله شيخنا العدوي في حاشية عبق قوله: (ليميز
بين النيتين) لعل الأولى بين الحالتين قوله: (لتلاعبه) أي وذلك لان كونه خليفة ينافي كونه
مأموما وكونه مأموما ينافي كونه خليفة ونية الامرين المتنافيين تلاعب قوله: (في
الحالين) أعني ما إذا لم ينو الإمامة سواء نوى أنه خليفة عن الامام مع كونه مأموما أو لم ينو ذلك
338

قوله: (بحيث تنعدم) أي الصحة في المسائل الأربعة السابقة، وقوله بعدمه أي بعدم ذلك الشرط الذي
هو نية الإمامة قوله: (وإن لم يكن إلخ) الواو للحال وإن زائدة قوله: (صح تشبيهها) أي مسألة فضل
الجماعة. وقوله بها أي بالمسائل الأربع بجامع أن نية الإمامة في كل شرط أعم من كونه شرطا في حصول
فضل الجماعة أو شرطا في صحة الصلاة قوله: (بهذا الاعتبار) الباء بمعنى في إشارة للجامع المذكور
قوله: (فإنه لا يحصل) أي للامام قوله: (لحصل الفضل لمأمومه لا له) وعلى هذا القول فللامام أن يعيد في جماعة
لأجل تحصيل الفضل وعليه أيضا يلغز ويقال أخبرني عن إمام صلى بقوم وحصل لهم فضل الجماعة وله
أن يعيد في جماعة أخرى اه‍ بن قوله: (واختار إلخ) كان الأولى أن لو عبر بالاسم لأنه اختار قول الأقل
اه‍ بن قوله: (وأن فضل الجماعة يحصل للامام أيضا) أي كما يحصل للمأموم يعني عند عدم نية الإمامة
قال شيخنا: وما اختاره اللخمي هو المعتمد وإن كان مشكلا من جهة أن النية الحكمية كافية وحينئذ فلا
يتأتى عدم نية الامام للإمامة، وقد يقال إنه يتأتى ذلك فيما إذا صلى منفردا ثم جاء من يأتم به ولم يشعر فلم توجد
نية الإمامة لا حقيقة ولا حكما وحينئذ فلا إشكال. قوله: (وإن بأداء وقضاء) هذا مبالغة في المفهوم أي
فإن لم تحصل المساواة بل حصلت المخالفة بطلب هذا إذا كانت المخالفة في عين الصلاة بل وإن
كانت في صفتها كالاختلاف بأداء أو قضاء أو كان الاختلاف في زمنها كظهرين من يومين هكذا
قرر الشارح تبعا لعبق، ويحتمل أن تكون المبالغة راجعة للمنطوق وعليه فالواو في قوله: وقضاء بمعنى
أو أي لا بد من المساواة بأن يكون كل منهما أداء أو قضاء، ويكفي إذا كان كل منهما قضاء وإن كان
أحدهما من يوم والآخر من يوم آخر كظهرين من يومين بعد الوقوع، وإن كان القدوم على ذلك
لا يجوز، وبهذا قرر بهرام في الوسط والكبير، قال ابن عاشر: وهو الأظهر حسبما يظهر من التوضيح
لكن اعترض ح على بهرام من جهة الفقه بأن الراجح المنع في صورة ظهرين من يومين والمعتمد هو
ما في صغيره وعليه اقتصر ابن عرفة وحينئذ فالأولى جعل المبالغة راجعة للمفهوم كما حل به
شارحنا وإن كان خلاف ظاهر المصنف. قوله: (كظهر قضاء) أي كمن يصلي ظهر أمس خلف من
يصلي ظهر اليوم أو العكس قوله: (فصحيحة لأنها في الواقع إلخ) أي وإنما تضر المخالفة في الأدائية
والقضائية إذا كانت باتفاق مذهب الإمام والمأموم، وما ذكره الشارح من الصحة في هذه
الصورة تبع فيه ما في كبير خش وهو الصواب كما قال شيخنا وما في عبق من عدم الصحة
لا يعول عليه قوله: (بعد شمس) أي ولا ينظر هنا لأداء وقضاء لأنهم اغتفروا هنا المخالفة
في العين فأولى المخالفة في الصفة قوله: (بناء إلخ) هذا البناء إنما يحتاج له إذا قلنا أن الاستثناء في
339

كلام المصنف يفيد الجواز، والظاهر أنه يفيد الصحة فقط لأنه استثناء من مفهوم الكلام السابق وهو
البطلان، والمعنى: فإن لم تحصل المساواة بطلت إلا نفلا خلف فرض فإنه صحيح وإن كان مكروها
وحينئذ فلا حاجة لذلك البناء. تنبيه: لو اقتدى متنفل بمفترض وترتب على الامام سهو في الفرض لا
يقتضي السجود في النفل كترك سورة فالظاهر اتباعه في السجود كمسبوق لم يدرك موجبه ومقتد
بمخالف كذا في المج. قوله: (كالعكس) يستثنى من هذا مسائل الخوف والاستخلاف والسهو والرعاف
وباستثنائها يندفع ما ذكره ح من أن قوله كالعكس مبني على قول ابن عبد الحكم بوجوب الاستخلاف إن
طرأ عذر للامام، أما على قول ابن القاسم من أن لهم أن يتموا أفذاذا فلا اه‍. أو يقال وهو الأحسن قوله
كالعكس أي لا ينتقل عن الجماعة مع بقائها وفي المستثنيات انتقل عنها بعد ذهابها اه‍ بن قوله: (أي لا
ينتقل من جماعة للانفراد) أي لان المأمومية تلزم بالشروع وإن لم تجب ابتداء كالنفل، ومحل
عدم جواز الانتقال المذكور ما لم يضر الامام بالمأموم وفي الطول وإلا جاز له الانتقال كذا في المج فالقاعدة
غير كلية. قوله: (قولان) أي وعلى الثاني فالظاهر أنه لا يصح الاقتداء به لأنه كالمسبوق إذا قام لاكمال
صلاته كذا في عبق، ويؤخذ منه أنه يحصل له فضل الجماعة وهو ظاهر إن كان فعل مع إمامه ركعة قبل
صحته وإلا فلا وتأمله. واعلم أن مفهوم قوله: وفي مريض اقتدى بمثله فصح تفصيلا فإن اقتدى
المريض بصحيح ثم صح المقتدي أو اقتدى المريض بمثله فصح الامام أو اقتدى الصحيح بمثله ثم مرض
المأموم فتصح صلاته في الصور الثلاث. وأما إذا اقتدى الصحيح بمثله فمرض الامام فلا تصح صلاة
المأموم الصحيح لان إمامه عاجز عن ركن فيلزمه الانتقال ويتمها فذا قوله: (ومتابعة إلخ) المفاعلة
ليست على بابها قوله: (بأن يوقع كلا منهما بعد الامام) أي بعد فراغ الامام منه وهذا بيان للأكمل فلا
ينافي ما ذكره بعد من أنه إذا سبقه الامام ولو بحرف صحت إن ختم معه أو بعده. قوله: (فتبطل في سبع)
لكن البطلان في أربعة منها اتفاقا وهي ما إذا سبق الامام ولو بحرف وختم معه أو قبله أو بعده أو
ساواه في البدء والختم قبله، وأما إذا ساواه في البدء وختم معه أو بعده فالبطلان فيهما على الراجح وهو
قول ابن حبيب وأصبغ ومقابله لابن القاسم وابن عبد الحكم، وكذلك إذا سبقه الامام في البدء وختم
قبل الامام فالبطلان فيها على المعتمد خلافا لاستظهار ابن عرفة الصحة فيها تبعا للبيان قوله: (سواء فعل
ذلك) أي ما ذكر من السبق والمساواة. وقوله فيهما أي في الاحرام والسلام وحاصله أن الصور
التسع المذكورة تجري في كل من الاحرام والسلام عمدا أو جهلا مطلقا وفي الساهي فيما يتعلق
بالاحرام فيلغي إحرامه معه أو قبله سهوا، وأما إن سلم قبله سهوا فإنه يسلم بعده ويحمل الامام السهو
عنه فإن لم يسلم بعده إلا مع الطول بطلت قوله: (فالمساواة في الاحرام أو السلام) أي في الابتداء
بهما قوله: (وإن بشك) أي هذا إذا لم يحصل شك منهما ولا من أحدهما بأن جزم الامام بأنه إمام وجزم
المأموم بأنه مأموم بل وإن حصل شك قوله: (مبطلة) وفي قطعه إذا حصلت المساواة أو السبق
في الاحرام بسلام أو دونه قولان الثاني للمدونة والأول قال التونسي أنه لسحنون.
قوله: (ولو ختم) أي ذلك المساوي الجازم بالمأمومية أو الشاك فيها، وقوله بعده أي بعد صاحبه وأولى إذا
ختم معه أو قبله قوله: (أو في مأمومية مع أحدهما) أي أنه شك هل هو مأموم أو إمام؟ أو هل
هو مأموم أو فذ؟ قوله: (إذا شك إلخ) حاصله أنه إذا وقع الشك منهما في المأمومية بطلت
340

عليهما معا في المساواة، وأما في السبق من أحدهما فتبطل صلاة السابق مطلقا، وكذا صلاة المتأخر إن
ختمها قبل السابق وإلا صحت، وأما إن وقع الشك من أحدهما فصلاته باطلة في المساواة والسبق أيضا
وكذا صلاة المتأخر إن ختم قبل الآخر. قوله: (أي المتابعة فورا) أي بأن يأتي بالاحرام أو السلام
عقب فراغ الامام منه فورا من غير فصل بزمان لطيف قوله: (فإن السبق والمساواة لا يبطل) المراد
بالسبق الذي لا يبطل مع كونه حراما السبق للركن بأن يشرع فيه قبل الامام ويستمر حتى يأخذ
فرضه معه، وأما السبق بركن كأن يركع ويرفع قبل الامام فهو مبطل لأنه لم يأخذ فرضه معه إلا أن
يكون ذلك سهوا فيرجع له كذا في المج. قوله: (فالمندوب أن يفعل بعده) عياض اختلف في المختار في
اتباعه في غير الاحرام والسلام هل هو بأثر شروعه أو بأثر تمام فعله كاستوائه قائما؟ قوله: (في غير الأولى)
أي وأما فيها فهو مبطل للصلاة كما مر في وإن زوحم مؤتم إلخ قوله: (وأمر الرافع إلخ) لما ذكر أن السبق في
غير الاحرام والسلام لا يبطل ذكر ما يفعل من حصل منه ذلك. وقوله الرافع أي عمدا أو جهلا أو سهوا
أو ظنا أن إمامه رفع قوله: (بعوده) أي ولا يقف ينتظره فإن لم يعد فلا شئ عليه قوله: (لما رفع منه)
أي من ركوع أو سجود. وقوله: ويرفع بعده أي بعد الامام قوله: (إن علم إدراكه) أي إدراك الامام أي
ذلك الركوع أو السجود قبل رفعه منه، وقوله إن علم أي أو ظن. وقوله وإلا لم يرجع أي وإلا بأن علم عدم
إدراكه أو ظن ذلك أو شك في الادراك وعدمه لم يرجع. قوله: (لركوع أو سجود) أي والحال أنه
أخذ فرضه مع الامام من القيام المخفوض منه، ويعلم إدراك الامام في القيام الذي فارقه فيه أن لو عاد قوله: (بل
يثبت) أي راكعا أو ساجدا على حاله. قوله: (لان الخفض ليس مقصودا لذاته) أي اتفاقا كذا في عبق
وخش وبهذا علل في التوضيح، قال ابن عاشر: تأمله مع ما تقرر من الخلاف من أن الحركة للركن هل
هي مقصودة أم لا؟ وعلى قصدها ينبني قوله: وتارك ركوع يرجع قائما قال: والذي يظهر لي في جوابه أن
المنفي هنا قصدها في نفسها والمثبت على الخلاف قصدها لغيرها، وكان المعلل بهذا التعليل يحوم به
على أن الركن من الركوع والسجود إنما هو الانحناء والاتصال بالأرض، وأما الهوي نفسه فوسيلة
ولاحق له في الركنية، بخلاف الرفع منهما فإنه نفس الركن وليس الركن كونه قائما بعد الركوع ولا
كونه جالسا بعد السجود فتأمله، والحاصل أن مراد المعلل بهذا التعليل أن الخفض ليس مقصودا لذاته
بل مقصود تبعا لغيره لان الحركة للركن مقصودة بالتبع ولذا قال الشارح: بل هو مقصود للركوع إلخ
قوله: (بل للركوع أو السجود) أي وحيث كان المقصود الركوع أو السجود فلا يرجع حيث انخفض
ويرجع إذا رفع لأجل حصول المقصود الذي هو الركوع أو السجود. قوله: (والمعتمد أنه يؤمر
بالرجوع) أي وحينئذ فقوله لا إن خفض كان الأولى أن يقول كأن خفض. قوله: (وهل العود) أي
عوده لما رفع منه قبل الامام من ركوع أو سجود وللقيام الذي انخفض منه قبل الامام قوله: (ولم يرجح
واحدا) أي لكن المواق اقتصر على الثاني فيفيد ترجيحه قوله: (ومحلهما) أي محل القولين. وقوله إن
أخذ أي إن كان قد أخذ قبل رفعه أو خفضه فرضه مع الامام بأن اطمأن معه في الركوع والسجود ثم
رفع قبله وفي القيام ثم خفض قبله قوله: (وإلا أعاد وجوبا اتفاقا) أي وإلا بأن كان رفعه أو
خفضه قبل أن يأخذ فرضه مع الامام بأن لم يطمئن معه وجب عوده اتفاقا أي إن كان رفعه
قبل أخذ فرضه سهوا قوله: (فإن تركه) أي العود عمدا بطلت صلاته لأنه كمن سبق
الامام بركن. قوله: (وأما لو رفع عمدا) أي قبل أن يأخذ فرضه بعد انحطاط الامام
341

قوله: (فتبطل بمجرد الرفع) أي سواء اعتد بما فعله أو لم يعتد به لأنه إن اعتد بما فعله كان متعمدا لترك
ركن، وإن لم يعتد به بل أعاده كان متعمدا لزيادة ركن. واعلم أن حاصل ما في المسألة أن تقول: أن من رفع
من الركوع أو السجود قبل الامام فتارة يكون رفعه منهما قبل أخذه فرضه منهما مع الامام وتارة
يكون بعده، فإن كان رفعه بعد أن أخذ فرضه فإن صلاته صحيحة وكذلك الركعة مطلقا كأن انحنى في
ذلك الركوع أو السجود قبل الامام عمدا أو جهلا أو سهوا أو بعد الامام كما هو المطلوب، وسواء رفع
قبل الامام عمدا أو جهلا أو سهوا فهذه اثنتا عشرة صورة، ويؤمر الرافع فيها بالعود بالشرط الذي ذكره
المصنف فإن لم يعد مع تمكنه فلا شئ عليه، وأما إن كان رفعه قبل أن يأخذ فرضه فالصلاة باطلة في ثمانية
وهي ما إذا انحنى قبل الامام في ذلك الركوع أو السجود عمدا أو جهلا أو سهوا أو انحنى بعده ورفع في
هذه الأحوال الأربعة قبله عمدا أو جهلا وذلك لأنه متعمد ترك ركن إن اعتد بما فعله ولم يعده فإن لم
يعتد بما فعله وأعاد فقد تعمد زيادة ركن. وأما إن كان رفعه في الأحوال الأربعة سهوا وجب الرجوع
اتفاقا، فإن لم يرجع عمدا بطلت وإن لم يرجع سهوا حتى رفع الامام كان بمنزلة من زوحم عنه فإن كان
ركوعا فيأتي به حيث يدرك الامام في سجود تلك الركعة وهذا حيث كان من غير الأولى وإن كان منها
تركه وفعل مع الامام ما هو فيه ويأتي به إن كان سجودا ما لم يعقد الامام ركوع الركعة التي تليها
كان من الركعة الأولى أو من غيرها. تنبيه: ذكر ابن رشد أنه لا صلاة لمن رفع رأسه قبل إمامه سهوا في
صلاته كلها قبل أخذه فرضه في الجميع اه‍. وانظر هل معناه أنها تبطل أو المراد أنه لا يعتد بما فعله من الركعات
ويبني على إحرامه؟ وهذا هو الظاهر كما قاله شيخنا. قوله: (كل منهم صالح لها) أي لاستحقاقها وإنما
قدرنا ذلك لأجل دخول المرأة ربة المنزل ونحوها لأنها لا تصلح لمباشرتها قوله: (وندب تقديم سلطان
إلخ) اعلم أن لنا مقامين أحدهما مقام بيان من هو أحق بالتقديم فيقضى له به وهذا هو المشار له
بقول المصنف: وإن تشاح متساوون لا لكبر اقترعوا فيفهم منه أن غير المتساوين يقضى للأفضل منهم
بالتقديم، وثانيهما مقام بيان ما تخاطب به الجماعة دون تشاحح وهذا هو المشار له هنا بقوله: وندب
تقديم سلطان إلخ قوله: (أو نائبه) فيه حمل السلطان على حقيقته، وقال اللقاني: المراد بالسلطان من له سلطنة
كان السلطان الأعظم أو نائبه، ويدخل في ذلك القاضي والباشا ونحوهما كما أفاده شب، فإن اجتمعا قدم
القاضي لأنه الذي يتولى أمر العبادة كما استظهره بعضهم. قوله: (ثم رب منزل) وحكم إمام المسجد
الراتب حكم رب المنزل والمراد بالمنزل الذي يقدم ربه المنزل المجتمع فيه قوله: (وإن كان غيره أفقه وأفضل
منه) هذه طريقة وسيأتي عند قوله: واستنابة الناقص عن ابن حبيب طريقة أخرى تخالف هذه قوله: (لأنه
أحق بداره من غيره) أي ولأنه أدرى بقبلتها وعورتها وما تليق الصلاة فيه. قوله: (وندب تقديم المستأجر
على المالك) أي لملكه لمنفعتها وخبرته بطهارة المكان، والندب لا ينافي القضاء له عند التنازع. قوله: (وإن
عبدا) مبالغة في تقديم رب المنزل على غيره وتقديم المستأجر على المالك، فقول الشارح هذا إذا كان رب المنزل
حرا فيه حذف الواو مع ما عطفت، والأصل هذا إذا كان رب المنزل ومالك المنفعة حرا بدليل ما بعده
وهو قوله: بل وإن كان مالك ذاتها أو منفعتها عبدا، والمراد بمالك المنفعة من ملكها بإجارة أو إعارة أو عمري
342

فالمعار والمعمر بالفتح يقدمان على رب المنزل خلافا لما في عبق قوله: (أو منفعتها) أنث الضمير العائد على
المنزل لأنه في معنى الدار قوله: (كامرأة) أي كما أن الحق في الإمامة للمرأة في منزلها قوله: (واستخلفت)
قال ابن عاشر: المرأة من جملة ما يندرج في قوله: واستنابة الناقص فذكرها هنا تشويش وحشو قوله: (ندبا)
أي وقيل وجوبا والحق أن الخلف لفظي لان من قال وجوبا مراده أنها لا تباشر الإمامة بنفسها، ومن
قال ندبا أراد أنها لا تترك القوم هملا، والحاصل أنه يجب عليها أن لا تتقدم وهذا لا ينافي أنه يندب لها
أن تقدم رجلا ولا تترك القوم هملا. قوله: (ومثلها) أي في ندب الاستخلاف ذكر مسلم لا يصلح
للإمامة والحال أنه رب منزل قوله: (واسع رواية وحفظ) كأن يكون تلقى الكتب الستة مثلا وحفظها
فواسع الرواية هو المتلقي لكثير من كتب الحديث سواء حفظ ما تلقاه أم لا، وواسع الحفظ هو الذي
يحفظ كثيرا من الأحاديث قوله: (ثم زائد قراءة) أي ثم مع تساويهم في الحديث وفيما قبله وهو الفقه
يقدم زائد قراءة قوله: (أي أدرى بالقراءة) أي فيقدم الأحسن تجويدا ولو كان غير حافظ له بتمامه
على غيره ولو كان حافظا له بتمامه قوله: (أو أكثر قرآنا) فيقدم حافظ الثلثين على حافظ النصف
وقوله أو أشد إتقانا فيقدم من لا يغلط فيه على من يغلط فيه قوله: (ثم زائد عبادة) أي ثم مع تساويهم في القراءة
وما قبلها يقدم زائدة عبادة قوله: (ثم عند التساوي) أي في جميع ما مر. وقوله: فالتقديم بسن إسلام أي لزيادة
عمله قوله: (ويعتبر) أي سن الاسلام والتقدم فيه قوله: (ثم بنسب) يحتمل أن المراد ثم بشرف نسب
ويحتمل أن المراد ثم بمعرفة نسب، ويحتمل أن المراد ما هو أعم وهو الذي قرر به شارحنا وخش حمله على
الأول تبعا لتت وعبق وشب حملاه على الثاني. قوله: (بفتح الخاء) أي وهي الصورة الحسنة لان العقل
الكامل والخير قد يتبعانها غالبا، وقد قالت الحكماء: حسن التركيب وتناسب الأعضاء يدل على اعتدال
المزاج وإذا اعتدل المزاج ينشأ عنه كل فعل حسن، قال بن نقلا عن عياض: قرأت في بعض الكتب عن
ابن أبي مليكة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من آتاه الله وجها حسنا واسما حسنا وخلقا حسنا
جعله في موضع حسن فهو من صفوة الله من خلقه. قوله: (ثم بخلق بضمتين) أي بحسن خلق أي بخلق حسن
أي لأنه من أعلى صفات الشرف والخلق الحسن شرعا هو التحلي بالفضائل والتنزه عن الرذائل لاما
يعتقده العوام من أنه مسايرة الناس والمجئ على ريحهم لان هذا ربما كان مذموما قوله: (ومن الناس)
المراد به ابن هارون قوله: (واستظهره المصنف) أي في التوضيح لكن الذي تلقاه المصنف عن شيخه
ما تقدم للشارح وإن كان استظهر خلافه. قوله: (ثم بلباس حسن) أي جميل. وقوله شرعا الأولى عرفا
أي وهو الجديد مطلقا من غير الحرير لان اللباس الحسن شرعا هو البياض خاصة جديدا أو لا فلا
يصح قوله: ولو غير أبيض وإنما قدم صاحب اللباس الحسن على من بعده لدلالة حسن اللباس
343

على شرف النفس والبعد عن المستقذرات، وقدمه الشافعية على الجميل في الخلقة كأنه لتعلق الثياب
بالصلاة. قوله: (ومحل استحقاق من ذكر التقديم إلخ) حاصل تقرير الشارح أن هذا شرط في استحقاق
من ذكر التقديم وفي مفهومه، وهو ما إذا وجد نقص مانع أو موجب للكراهة تفصيل، فإن كان
سلطانا أو رب منزل فلا يسقط حقهما، وندب لهما الاستخلاف وعدم إهمال الامر لغيرهما إذا كان
النقص غير كفر وجنون وإن كان غيرهما سقط حقه قوله: (وإذا اجتمع جماعة كل منهم يصلح للإمامة)
إذ من المعلوم أنه لا يكون كل واحد منهم صالحا للإمامة إلا إذا كان خاليا من الأمور الموجبة للمنع أو
الكراهة. قوله: (وندب استنابة الناقص) كونه عطفا على معمول ندب لا يقتضي تخصيصه بنقص
الكره لما تقدم أن المتلبس بنقص المنع كالمرأة يندب لها الاستنابة، وهو بهذا التقرير يرجع للسلطان
ورب المنزل لا للسلطان فقط. واعلم أن في كلام المصنف وجهين آخرين أحدهما للبساطي والمواق وبهرام
أن من له المباشرة لانتفاء نقص المنع والكره يستحب له إذا حضر من هو أعلم منه وأولى أن يستنيبه
لقول ابن حبيب: أحب إلي إن حضر من هو أعلم من صاحب المنزل أو أعدل منه أن يوليه ذلك الوجه
الثاني للناصر اللقاني وهو أن يجعل قوله: واستنابة الناقص عطفا على معمول عدم ولا يختص بنقص
الكره، وعلى التقريرات الثلاثة يكون كلام المصنف أي قوله: واستنابة الناقص مختصا برب المنزل
والسلطان دون غيرهما اه‍ بن. إن قلت: إن هذا الوجه الثالث غير صحيح لان المعنى عليه ومحل استحقاق
من ذكر للتقديم أن عدم نقص منع أو كره وعدم استنابة الناقص، وهذا يفيد أن السلطان لا يقدم بالفعل
إلا إذا عدم استنابة الناقص فيقتضي أن هناك من يقدم على السلطان وأن السلطان لا يقدم إلا إذا عدمت
استنابة ذلك الغير إذا قام به نقص مع أنه ليس هناك من يقدم عليه. وأجيب بأن عدم استنابة الناقص
شرط باعتبار الثاني وما بعده فقط أي أن رب المنزل وزائد الفقه إنما يقدم إذا عدم استنابة الناقص وهو
السلطان ورب المنزل، وهذا هو المراد بكون كلام المصنف مختصا برب المنزل والسلطان على هذا الوجه.
قوله: (ونساء خلف الجميع) ويقف الخنثى أمامها فيتوسط بين الرجال النساء، وفي ح
ويكره للرجل أن يؤم الأجنبيات وحدهن والكراهة في الوحدة أشد اه‍. وكأنهم لم يحرموا
ذلك كالخلوة لان الصلاة مانعة قوله: (خلفهما) أي بحيث يكون بعضها خلف الامام وبعضها خلف من
على يمينه، والظاهر كما قال شيخنا أنه إذا وقف على يمين الامام أكثر من واحد فإنها تقف خلف
الامام وخلف من بلصقه قوله: (ورب الدابة أولى بمقدمها) كذا في المدونة ونصها والأولى بمقدم
الدابة صاحبها وصاحب الدار أولى بالإمامة إذا صلوا في منزله إلا أن يأذن لاحد اه‍
قال أبو الحسن: لان صاحب الدابة أعلم بطباعها وبمواضع الضرب منها، وصاحب الدار
أولى لأنه أعلم بالقبلة فيها وبالموضع الطاهر منها، وكلاهما دليل على أن الفقيه أولى بالإمامة من غيره وهي
دلالة حسنة. والحاصل أنه لما كان صاحب الدابة أولى لأنه أعلم بطباعها وصاحب الدار أولى لكونه
أعلم بقبلتها كان الفقيه أولى لكونه أعلم بما تصح به الصلاة اه‍ بن قوله: (وذكرت هذه) أي المسألة
هنا مع أن محلها باب الإجارة قوله: (والأورع والعدل والحر) مرتبة هذه الثلاثة بعد قوله، ثم زائد فقه
ثم حديث فكان حقه أن يقدمها هناك ولا يستغني بما تقدم عن ذكر الثلاثة كما قيل لان ما تقدم من
344

باب التحلي بالحاء المهملة وهذه من باب التخلي بالخاء المعجمة فلا بد من ذكرها لكن الأولى تقديما اه‍ بن
قوله: (وقدم العدل إلخ) أي ما لم يكن مقابله أزيد فقها. وكذا يقال في الأورع والحر، واعترض قوله
والعدل بما حاصله أن الذي يقابل العدل هو الفاسق فينحل المعنى وقدم العدل على الفاسق فيقتضي أن
الفاسق له حق في الإمامة وليس كذلك، وأجاب تت بأن المراد قدم العدل على مجهول الحال وفيه
نظر لان الشئ إنما يقابل بنقيضه كقولك: هذا انسان أوليس بإنسان، أو بالمساوي لنقيضه كقولك
هذا الشئ إما قديم أو حادث ومجهول الحال ليس نقيضا للعدل ولا مساويا لنقيضه بل أخص
من نقيضه فإن عدل نقيضه لا عدل، ومجهول الحال أخص من لا عدل لصدقه بمجهول الحال
وبالمغفل، وقال ابن غازي: المراد بالعدل في كلام المصنف الأعدل فإنه يقدم الأعدل على العدل، وفيه أن
هذا تكلف لأنه صرف اللفظ عن ظاهره، فالأولى أن يراد بالعدل عدل الشهادة ولا يلزم أن يكون مقابله
فاسقا لأنهم قابلوه في باب الشهادة بالمغفل وهو ليس بفاسق لان المراد به من يفعل الفعل بحضرته ولا
يتنبه له. قوله: (والأب والعم إلخ) مرتبة هذين بعد رب المنزل فكان حقه أن يقدمهما هناك كذا في
عج، وهو يدل على أن رب المنزل والسلطان يقدم على غيره ولو أبا قوله: (ولو زاد فقها) أي ولو كان
الابن زائدا في الفقه على أبيه وهذا عند المشاحة، وأما عند التراضي فالابن الأفقه أولى من أبيه
بالإمامة، وكذا يقال فيما بعده من العم وابن أخيه كما في أبي الحسن قوله: (ولو زائد فقه) أي ولو كان
ابن الأخ زائد فقه أو أكبر سنا، وخالف في ذلك سحنون وقال: إن كان ابن الأخ زائد فقه أو أكبر
سنا قدم على عمه اه‍ بن قوله: (لا لكبر) يدخل في منطوقه ما إذا كان تشاححهم لأجل حيازة
فائضها وخراجها كوقف على الامام فليس ذلك مما يفسقهم كما قاله أبو علي المسناوي اه‍ بن، وفي حاشية
شيخنا عن البرموني أنه لو كان تشاححهم لأجل حيازة فائض الوظيفة فالظاهر أنه ينظر للفقر ويقدم
به وإلا أقرع بينهم قوله: (ويعتد بتلك الركعة إن أدركها) أي إن تيقن إدراكها بركوعه مع الامام
وإن لم يطمئن إلا بعده فإن لم يتبين إدراكها ألغاها وأتى بركعة بدلها. قوله: (بلا تأخير) متعلق بمقدر
أي ودخل بلا تأخير قوله: (أي يحرم التأخير في الركوع) أي لان في ترك الدخول معه والتأخير طعنا
في الامام والموضوع أن الامام راتب. قوله: (وكره في السجود) أي وكره التأخير في السجود
وقيل إنه حرام. قوله: (إلا أن يشك) هذا استثناء من حرمة التأخير في الركوع وحاصله أن محل
النهي عن التأخير في الركوع ما لم يشك في إدراك الركعة وإلا ندب له التأخير، ومحل النهي عن التأخير في
السجود إذا لم يكن معيدا لفضل الجماعة وإلا أخر دخوله فيه حتى يتم تلك الركعة ويعلم هل بقي معه
ركعة فأكثر فيدخل أو لا فلا يدخل؟ وهل تأخير الدخول حينئذ واجب للنهي عن إيقاع صلاة
مرتين أو مندوب؟ قوله: (وقام المسبوق للقضاء بعد سلام الامام) فإن قام له قبل سلامه بطلت وأجاز
الشافعية نية المفارقة وهذا إذا قام عمدا أو جهلا، فإن قام سهوا ألغى ما فعل ورجع للامام فإن لم
يتذكر إلا بعد سلام الامام فلا يرجع ويلغي كل ما فعله قبل سلام الامام قوله: (بأن أدرك
الركعتين الأخيرتين إلخ) أي فإذا قام لقضاء ما فاته قام بتكبير أي يأتي به بعد استقلاله لا أنه
يكبر حال قيامه قبل استقلاله كما هو ظاهر المصنف. قوله: (إلا مدرك التشهد) أي فإنه
يقوم بتكبير كما هو مذهب المدونة ومقابله ما خرجه سند من قول مالك: إذا جلس في ثانيته
يقوم بلا تكبير أنه هنا يقوم بلا تكبير أيضا، وما نقله زروق عن عبد الملك أنه يقوم
345

بتكبير مطلقا قال: وكان شيخنا القوري يفتي به العامة لئلا يخطئوا كذا نقل ح. والحاصل أن المسألة
ذات أقوال ثلاثة يقوم بتكبير مطلقا وبغير تكبير مطلقا، ويقوم بتكبير إن جلس في ثانيته لا في غيرها
إلا مدرك التشهد. قوله: (لأنه كمفتتح صلاة) يؤخذ منه أنه يؤخر التكبير حتى يستقل قائما لا أنه يكبر
حالة القيام قوله: (وقضى القول وبنى الفعل) أي أنه يفعل الفعل كفعل الباني المصلي وحده، وذهب
أبو حنيفة إلى أنه يقضي القول والفعل، وذهب الشافعي إلى أنه يبني فيهما، ومنشأ الخلاف خبر: إذا أوتيتم
الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وائتوها وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا
وروي: فاقضوا فأخذ الشافعي برواية: فأتموا وأخذ أبو حنيفة برواية: فاقضوا وعمل مالك بكليهما
لقاعدة الأصوليين والمحدثين إذا أمكن الجمع بين الدليلين جمع، فحمل رواية فأتموا على الأفعال، ورواية
فاقضوا على الأقوال، فإذا أدرك أخيرة المغرب فعلى مذهب الشافعي يأتي بركعة بأم القرآن وسورة
جهرا ويجلس ثم بركعة بأم القرآن فقط ويتشهد، وعلى ما لأبي حنيفة يأتي بركعتين بأم القرآن وسورة جهرا
ولا يجلس بينهما لأنه قاض فيهما قولا وفعلا، وأما على ما لمالك يأتي بركعتين بالفاتحة وسورة فيهما
ويجلس بينهما قوله: (فيجمع) أي في حال قضاء ما فاته بين التسميع والتحميد أي لأنهما من جملة
الأفعال والمسبوق في قضاء الركعات التي فاتته بالنسبة للأفعال يفعل كفعل المنفرد وهو يجمع بينهما
فلو قلنا: أن سمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد من جملة الأقوال التي تقضى لاقتصر على ربنا ولك الحمد لان
الركعات التي فاتته بالنسبة للأقوال يفعل فيها فعل المأموم وهو يقتصر على ربنا ولك الحمد هذا هو
الصواب خلافا لما في عبق. قوله: (ويقنت في الصبح) ما ذكره من أن مدرك ثانية الصبح يقنت إذا قام
لقضاء الأولى وأن القنوت ملحق بالأفعال تبع فيه عج وفاقا للجزولي وابن عمر وهو خلاف المعتمد
والمعتمد ما في العتبية والبيان واقتصر عليه في التوضيح والقلشاني وابن ناجي وغيرهم أن مدرك ثانية
الصبح لا يقنت إذا قام لقضاء الأولى التي فاتته، وأن المراد بالقول الذي يقضي القراءة والقنوت
انظر بن قوله: (لأنها ملحقة بالأفعال) الضمير لسمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد والقنوت
قوله: (أي أحرم) الأولى أحرم وركع دون الصف. وقوله: من خشي فوات ركعة أي من خاف فوات ركعة
إن استمر بسكينة إلى دخول الصف وإن ركع خارجه أدركها، والظاهر أن المراد بالخوف غلبة الظن كما
قال شيخنا: وإنما أمر بالركوع دون الصف لان المحافظة على الركعة والصف معا خير من المحافظة على
أحدهما فقط وهو الصف قوله: (فإن لم يظن إدراكه قبله) أي فإن لم يظن إدراك الصف إذا دب قبل رفع
الامام رأسه من الركوع قوله: (تمادى إليه) أي إلى الصف على جهة الندب ولا يركع دونه ولو فاتته الركعة
وهذا قول مالك، وقال ابن القاسم في المدونة: إنه يركع دون الصف ويدرك الركعة فرأى المحافظة على الركعة
أولى من المحافظة على الصف عكس ما قاله مالك، ورجح التونسي قول ابن القاسم وقال ابن رشد: قول مالك
أولى عندي بالصواب انظر بن قوله: (فإن فعل) أي فإن ركع دونه. وقوله أساء أي فعل مكروها
قوله: (إلا أن تكون الأخيرة إلخ) هذا القيد ذكره اللخمي وأبو إسحاق التونسي قال ح: وهو تقييد حسن لا ينبغي
أن يختلف فيه وصرح ابن حزم بالاتفاق عليه، فلو شك في كونها الأخيرة أو لا فيحتاط بجعلها الأخيرة
346

كما قال شيخنا قوله: (يدب إلخ) جملة مستأنفة جوابا لسؤال مقدر كأنه قيل: وماذا يفعل بعد ركوعه
دون الصف؟ فأجاب بقوله يدب. وقوله: ولو خببا أي لان الخبب فيها غير منهي عنه وإنما ينهى عنه إذا كان
لها أي إذا كان خارجا عنها لأجلها كذا قيل، قال المسناوي وهو في غاية البعد أو فاسد، وذلك لان الخبب
إنما كره لها كما لابن رشد لئلا تذهب سكينته، وإذا كان الخبب يكره خارج الصلاة لأجل السكينة
فكيف لا يكره في الصلاة التي طلب فيها الخشوع والتواضع؟ هذا لا يقوله أحد له أدنى تحصيل اه‍ بن
ولذا قال شيخنا: الصواب أنه يدب من غير خبب لمنافاته للخشوع. فإن قلت: إذا كان لا يخب فيها فكيف
يتأتى أنه إذا استمر بلا إحرام لا يدرك الركعة في الصف؟ وإذا أحرم خارج الصف ودب في ركوعه
أدركها مع أن الزمن والفعل واحد. قلت: إن هذا الذي خشي فوات الركعة إذا تمادى للصف معناه أنه
خشي الفوات عند عدم الدبيب أي المشي بسرعة من غير هرولة يؤمر بالركوع خارج الصف ويدب
في حالة ركوعه، وإنما لم نقل يدب قبل الدخول لئلا يتخلف ظنه فتفوته الركعة فقلنا له أدركها، ثم دب
للصف فإن أدركه فذاك وإلا فيدب في الثانية كذا قرره شيخنا. قوله: (على الراجح) أي خلافا لما في
خش من إدخالها للصف الثالث. قوله: (لآخر فرجة) أي بالنسبة لجهة الداخل وإن كانت أولى بالنسبة
لجهة الامام قوله: (إن خاب ظنه) أي أنه إذا أحرم خلف الصف طامعا في إدراكه فدب في حالة الركوع
فرفع الامام قبل أن يصل للصف وتخلف ظنه فإنه يدب في حالة قيامه للركعة الثانية حتى يدرك الصف
قوله: (لا قائما في رفعه) من ركوع أولاه، فلو دب في حال رفعه من الركوع فالظاهر عدم البطلان
مراعاة لظاهر المدونة، ولعل الفرق بين الركوع والرفع أن الدبيب مظنة الطول وهو غير مشروع
في القيام من الركوع. قوله: (أو راكعا في أولاه) هذا هو المعتمد خلافا لأشهب في أنه لا يدب راكعا
إذ لو فعل تجافت يداه عن ركبتيه. والحاصل أنه لا يدب ساجدا ولا جالسا اتفاقا ويدب في حال
قيامه للثانية، وهل يدب في حال الرفع من ركوع الأولى أو لا؟ خلاف. وهل يدب في حال الركوع أو لا
خلاف، وقد علمت المعتمد في ذلك قوله: (لا ساجدا أو جالسا) أي على أنه إذا كان لا يدرك الصف بدبيبه
في ركوع أولاه أو ترك الدبيب حال الركوع فلا يدب حال سجود لأولاه ولا في حال جلوسه
بين سجدتيها بل يصبر حتى يقوم للثانية ويدب في حال قيامه لها قوله: (لقبح الهيئة) انظر هل هو
حرام أو مكروه؟ والظاهر الثاني، وعلى كل فالظاهر عدم البطلان. قوله: (ويرفع معه) أي فإن لم يرفع
معه فالظاهر البطلان حيث فعل ذلك عمدا أو جهلا قاله شيخنا. قوله: (فإن تحقق) أي بعد إحرامه
قوله: (قبل أن يركع) أي قبل شروعه في الركوع وهذا الظرف تنازعه الأفعال الثلاثة قبله وهي تحقق ورفع
واستقل قوله: (فهذا لا يجوز له الركوع حينئذ) أي بل يحرم ويخر ساجدا مع الامام ويلغي تلك
الركعة الناقصة قوله: (وإن ركع لا يجوز له الرفع) أي بل يهوي ساجدا من ذلك الركوع بدون رفع
وقوله: فإن رفع أي عمدا أو جهلا قوله: (لظهور تعمد زيادة الركن) أي الذي هو الركوع قوله: (وإن لم
يتحقق استقلال إمامه قائما) أي قبل أن يركع قوله: (فالالغاء) أي لتلك الركعة ظاهر قوله: (بطلت
مطلقا) أي سواء كان قبل الاحرام جازما بالادراك أو بعدمه أو ظانا الادراك أو عدمه أو كان شاكا
347

في الادراك أو عدمه. قوله: (بل طلب الرفع) أي بل يطلب الرفع في الأحوال الخمسة التي قلناها، فإن لم يرفع
فلا تبطل عنده قوله: (وقيل إلخ) هذا القول للهواري قوله: (وهو الأظهر) الذي قرره شيخنا العدوي
أن المعتمد ما قاله زروق. قوله: (في أحوال ما قبل تكبيرة الاحرام) أي وهي خمسة لأنه حين التكبير
إما جازم بإدراك الركوع أو بعدم إدراكه، أو يظن إدراكه أو يظن عدم إدراكه، أو يشك في الادراك
وعدمه، فإذا أحرم فإما أن يظن الادراك أو يظن عدمه أو يشك فيه أو يجزم بالادراك أو بعدمه
والحاصل من ضرب خمسة في خمسة خمس وعشرون صورة. قوله: (ثم محل الخمسة إلخ) صوابه ثم محل
صحة الركعة والاعتداد بها إن جزم بإدراكها إن أتى إلخ لأنه إذا شك في الادراك أو ظنه أو ظن عدمه
أو جزم بعدمه فالركعة باطلة قطعا، ولا يتأتى التأويلان بصحة الركعة وعدم صحتها تأمل. قوله: (من
وجد الامام راكعا) سواء كان مسبوقا بركعة أو أكثر أو لا، وهذا يرشد إلى أن ما ذكره المصنف
لا يتأتى إلا في المأموم لا في الفذ ولا في الامام، اللهم إلا أن يكون كل منهما ممن تسقط عنه الفاتحة تأمل
قوله: (أي فيه أو عنده) أشار إلى أن لام لركوع ليست للتعليل وإلا نافى ما بعده بل هي بمعنى في أو بمعنى
عند قوله: (أي الاحرام) أي الدخول في حرمات الصلاة. قوله: (أجزأه) أما في الأوليين فظاهر
لنيته بالتكبير الاحرام فيهما، وأما في الثالثة فلانه إذا لم ينو شيئا انصرف للاحرام وذلك لأن النية
تقدمت عند القيام للصلاة وانضمت تلك النية للتكبير الذي أوقعه عند الركوع، وشأن تكبيرة
الركوع أن لا تقارن النية، وإنما هذا شأن تكبيرة الاحرام. قوله: (لا إن أتى به بعد الانحطاط) أي وإلا
كانت الركعة باطلة قوله: (وإلا ألغاها) أي وإلا يجزم بإدراك الامام بل شك في الادراك أو ظنه أو
ظن عدمه أو جزم بعدمه ألغاها قوله: (وإن لم ينوه إلخ) صورته أنه نوى الصلاة المعينة وكبر ناويا بذلك
التكبير الركوع ناسيا تكبيرة الاحرام فإنه يتمادى المأموم فقط على صلاة باطلة، وإنما أمر بالتمادي
مراعاة لمن يقول بالصحة، وأما الفذ الذي كان أميا لا يقرأ وكذلك الامام الأمي فإنه لا يتمادى بل يقطع
كل منهما قوله: (أي الاحرام) أي بمعنى تكبيرة الاحرام ونسيانه لها لا ينافي أنه نوى الصلاة المعينة
كما قلنا. قوله: (على المعتمد) راجع لقوله وجوبا أي خلافا لما نقله تت عن الجلاب من أنه إنما يتمادى ندبا
على صلاة باطلة وقوله على صلاة باطلة أي خلافا للقاني القائل أنه يتمادى على صلاة صحيحة على
الراجح قوله: (مراعاة لمن يقول بالصحة) وهو ابن شهاب وسعيد بن المسيب القائلان بحمل الامام
تكبيرة الاحرام عن مأمومه اه‍ بن. قوله: (لا فرق بين جمعة وغيرها) هذا تعميم في قول المصنف
تمادى المأموم أي تمادى على صلاة باطلة لا فرق بين كون تلك الصلاة جمعة أو غيرها كما هو ظاهر
المدونة ورواية ابن القاسم، أي ولا فرق أيضا بين أن يكون ذلك في الركعة الأولى أو غيرها خلافا
لابن حبيب القائل إن كان ذلك في غير الأولى قطع وابتدأ وإن كان ذلك في الأولى تمادى قوله: (وقيل
إلخ) وهو قول ابن حبيب، ونقل أيضا عن ابن القاسم فقد علمت أن ابن حبيب يخالف في كل من
التعميمين قوله: (إن العامد يقطع) تعبيره بالقطع يشعر بانعقادها والظاهر عدم انعقادها وأنه تجوز
بالقطع عن البطلان قوله: (أو كبر إلخ) أي أو أتيا بالنية وكبر للركوع قوله: (وفهم منه أنه إذا لم يكبر
إلخ) أي بل نوى الصلاة المعينة وركع ولم يكبر أصلا لا للاحرام ولا بقصد الركوع. وقوله: لا يتمادى أي
348

بل يقطع ويستأنف، وهذا المفهوم قد صرح به المصنف بعد بقوله: وإن لم يكبر استأنف. قوله: (وفي تكبير
السجود إلخ) حاصله أنه إذا نوى الصلاة المعينة ووجد الامام ساجدا فكبر بقصد السجود ناسيا
لتكبيرة الاحرام ولم يتذكر تركها إلا بعد عقد الركعة التالية لذلك السجود فقيل يقطع وقيل لا يقطع
ويتمادى وجوبا على صلاة باطلة وهذا هو المعتمد، وأما إن تذكر ترك تكبيرة الاحرام قبل أن يعقد
الركعة التالية لذلك السجود فإنه يقطع قولا واحدا، وأما لو نوى بذلك التكبير الاحرام أو الاحرام
والسجود معا أو لم ينو به شيئا فإنه يجزيه قوله: (إن عقد) أي إن تذكر تركه لتكبيرة الاحرام بعد أن
عقد إلخ وهذا شرط في قوله: يتمادى قوله: (عقد الركعة أم لا) أي بأن تذكر بعد أن عقد ركعة أو قبل
عقدها. قوله: (فإن لم يعقد) أي بأن تذكر قبل أن يعقد الثانية اتفق على القطع فالخلاف محله إذا حصل
التذكر بعد عقد الثانية هكذا ذكر عج وتبعه تلامذته وهو خلاف الصواب لان اللخمي نقل عن ابن
المواز أنه يتمادى مطلقا عقد ركعة أم لا، فلا يصح ما ذكره من الاتفاق، وإلى هذا أشار الشارح بقوله: كذا
قيل ومقتضى النقل الاطلاق، وحاصل ما في المسألة أن ابن رشد وابن يونس واللخمي نقلوا عن ابن
المواز أنه إذا كبر للسجود ناسيا للاحرام تمادى، نقل سند عن المذهب أنه يقطع متى ما ذكر، وإلى هذا
الخلاف أشار المصنف بالتردد فهو لتردد المتأخرين في النقل عن المتقدمين وعلى التمادي، فابن رشد
وابن يونس نقلا عن رواية ابن المواز أنه يتمادى إذا تذكر بعد ركوع الثانية وإن تذكر قبله قطع
واللخمي نقل عن قول ابن المواز أنه يتمادى مطلقا كما في الركوع وهذا خلاف لا تردد خلافا لمن
حمل المصنف عليه اه‍ بن. قوله: (وإن لم يكبر استأنف) وإن كان مأموما لعدم حمل الامام تكبيرة الاحرام
انظر لم لم يقل هنا بوجوب تمادي المأموم على صلاة باطلة مراعاة لقول سعيد بن المسيب وابن شهاب
بحمل الامام تكبيرة الاحرام مثل ما قيل فيما إذا كبر عند الركوع ناويا بذلك التكبير الركوع ناسيا
لتكبيرة الاحرام، ولعله لكون هذا أسوأ حالا من ذلك لترك هذا التكبير بالمرة بخلاف ذلك فإنه قد
وجد منه التكبير في الجملة فتأمله. قوله: (المعبر عنها بالشروط) أي في بعض كتب أهل المذهب. قوله: (وما
يفعله المستخلف) أي من تقدمه لمحل الامام الأصلي إن قرب، ومن قراءته من انتهاء الأول إن علمه
قوله: (مضمنا له أسبابه) أي ضامنا لذلك الحكم أسبابه
فصل: في الاستخلاف قوله: (لامام) متعلق بندب لا باستخلاف لما يلزم عليه من تقدم معمول
المصدر عليه مع كثرة الفصل ومعمول المصدر وإن جاز تقدمه إذا كان ظرفا لكن مع عدم الفصل
قوله: (لا من ترك النية) أي فلا يستخلف لخشية تلف المال أو النفس أو غيرهما من
الأسباب الآتية من تحقق ترك النية أو تكبيرة الاحرام اتفاقا، وكذا من شك فيهما على
المعتمد لأنه لم يتحقق إمامته بل ولا دخوله في الصلاة. قوله: (خشي تلف مال) كانفلات دابة
والمراد بالخشية الظن والشك لا الوهم فلا يستخلف الامام لأجله خلافا لما يفيده عبق قاله شيخنا
قوله: (أو لغيره) أي ولو كان ذلك الغير كافرا ولذا نكر مال قوله: (إن خشي بتركه هلاكا أو شديد
أذى) أي لنفسه أو لصاحبه قوله: (مطلقا) أي سواء قل المال أو كثر ضاق الوقت أو اتسع قوله: (فإن
لم يخش وضاق الوقت مطلقا) أي قل المال أو كثر قوله: (المأموم والفذ) أي فالامام إنما اختص
بندب الاستخلاف فقط قوله: (أو نفس) أي معصومة بالنسبة له كخوفه على صبي أو أعمى أن يقع
349

في بئر أو نار فيهلك أو يحصل له شدة أذى، وأشار الشارح بقوله: أو شدة أذى إلى أن في كلام المصنف
حذف أو مع ما عطفت، ويصح أن يكون التلف في كلام المصنف مستعملا في حقيقته ومجازه. قوله: (أو
منع الإمامة لعجز) أي كعجزه عن الركوع أو قراءة الفاتحة أي طريان عجزه عن ذلك في بقية
صلاته، وأما طريان عجزه عن الصورة فليس من موجبات الاستخلاف، وقوله الإمامة نصب بنزع
الخافض أي منع من الإمامة لأجل طرو عجز أو منع من الصلاة بسبب طرو رعاف. قوله: (اعترض إلخ)
قد تبع الشارح في ذلك عج وشيخه الشيخ سالم السنهوري ولا مستند لهما في ذلك بل التحقيق
أن الرعاف مقتض للاستخلاف وإن كان موجبا للقطع إذ لا يزيد على غيره من النجاسات
وقد شهر ابن رشد فيها أن النجاسات سواء تذكرها أو سقطت عليه الاستخلاف، بل ما ذكره من
الاستخلاف في رعاف القطع هو ظاهر المدونة وابن يونس وابن عرفة، وحينئذ فكلام المصنف يحمل
على رعاف القطع كما هو ظاهره ويستفاد منه رعاف البناء بالأولى ويكون فيه إشارة لموافقة ما شهره
ابن رشد في سقوط النجاسة أو ذكرها اه‍ بن. والحاصل أن التحقيق أن الرعاف الموجب للقطع
يندب فيه الاستخلاف للامام ولا تبطل الصلاة بسببه على المأمومين على المعتمد، وكذلك سقوط
النجاسة على الامام أو تذكره لها فيها على المعتمد فالاعتراض مبني على مقابل التحقيق. قوله: (بأنه) أي
الرعاف. وقوله: إن أوجب القطع أي بأن زاد عن درهم ولطخه قوله: (بطلت عليه وعليهم) أي ولا
استخلاف في هذه الحالة. قوله: (وإن اقتضى البناء) أي أباح البناء أي بأن كان يمكن فتله أو لم يزد عن
درهم قوله: (ولها نظائر) أي في بطلان صلاة الامام دون المأمومين، وندب الاستخلاف لهم من
الامام قوله: (من شك وهو في الصلاة إلخ) أي أنه إذا شك وهو في الصلاة هل دخلها بوضوء أو بغير
وضوء استخلف وخرج قوله: (أو تحقق إلخ) ما ذكره من أنه يستخلف في هذه الصورة تبعا
لعبق قال بن فيه نظر فقد تقدم لعبق نفسه عند قوله: وإن شك في صلاته ثم بان الطهر لم يعد الجزم في هذه
الصورة بأنه يتمادى وإن بان الطهر لم يعد فانظره. قوله: (نائب فاعل ندب) أي وهو محط الندب
فكأنه يقول: يندب للامام استخلاف عند وجود سبب من هذه ويكره له ترك الاستخلاف ويدع
القوم هملا فلا يرد عليه أن كلامه يوهم أن الامام لا يندب له الاستخلاف عند عدم هذه الأسباب بل
يجوز له مع أنه لا يجوز. واعلم أن محل ندب الاستخلاف للامام إذا تعدد من خلفه، فإن كان من خلفه
واحدا فلا إذ لا يكون خليفة على نفسه فيتم وحده قاله ابن القاسم. وظاهر كلام الشيخ سالم السنهوري
أنه الراجح، وقيل يقطع ويبتدئ قاله أصبغ. وقيل له أن يستخلف من خلفه إذا كان واحدا
وحينئذ فيعمل عمل الخليفة، فإذا أدرك رجل ثانية الصبح وقد استخلفه الامام قبل إكمال القراءة
في الركعة الثانية وكان ذلك المأموم وحده فعلى الأول يصلي ركعتي الصبح كصلاة الفذ ولا يبني على
قراءة الإمام، وعلى الثاني يقطعها، وعلى الثالث يصلي الركعة الثانية ويبني فيها على قراءة الإمام ويجلس
بعدها ثم يقضي الركعة الأولى، ومحل الخلاف ما لم يكن الاستخلاف لمنع الإمامة لعجز وإلا استخلف
من وراءه ولو واحدا لأنه يتأخر وراءه مؤتما كما في بن. قوله: (وإن حصل سببه) أي الذي هو
خشية تلف المال وما بعده في كلام المصنف قوله: (ويرفع رأسه إلخ) أي ويرفع الامام الأول وهو
350

المستخلف بالكسر رأسه من الركوع بلا تسميع إن حصل له سبب الاستخلاف فيه، ويرفع رأسه من
السجود بلا تكبير إن حصل له سبب الاستخلاف فيه قوله: (فيدب كذلك) أي فيدب ذلك الخليفة
راكعا أو ساجدا حتى يأتي محل الامام ثم يرفع بهم قوله: (ولا تبطل إن رفعوا برفعه قبله) أي على
الأصح ومقابله وهو البطلان مخرج لابن بشير على أن الحركة للركن مقصودة اه‍ بن. وقوله: إن رفعوا
برفعه أي وكذا إن خفضوا بخفضه قبله، وأشار الشارح بقوله قبله أي قبل الاستخلاف إلخ
إلى أن ضمير قبله يحتمل رجوعه للاستخلاف بأن حدث العذر في الركوع ولم يستخلف ورفع
ويحتمل رجوعه للمستخلف بالفتح بأن كان العذر حصل في حالة الركوع، واستخلف في هذه الحالة
ثم رفع بعده. قوله: (وظاهره ولو علموا بحدثه إلخ) تبع في ذلك عبق وهو غير صحيح، بل إذا علموا بحدثه
ورفعوا معه عمدا بطلت صلاتهم كما يقتضيه كلام عبد الحق وابن بشير وابن شاس وابن عرفة
والتوضيح، والحاصل أن محل الخلاف حيث رفعوا برفعه جهلا أو غلطا، فإن اقتدوا به عمدا مع علم
حدثه فالبطلان بلا خلاف انظر بن قوله: (ثم لا بد إلخ) أي أنهم إذا رفعوا برفعه قبل الاستخلاف
أو بعده وقبل رفع المستخلف بالفتح فلا بد من العود مع الخليفة أي فيركعون معه ويرفعون برفعه
وهذا صريح في أن المستخلف بالفتح يعيد الركوع ويعيدونه معه، ولو كان المستخلف بالفتح مع
المأمومين قد أخذوا فرضهم مع الأول قوله: (لم تبطل إن أخذوا فرضهم إلخ) أي بأن ركعوا
واطمأنوا قبل حصول المانع، وما ذكره من عدم البطلان هو قول ابن رشد، ونقل اللخمي عن ابن المواز
البطلان، وأما لو كانوا لم يأخذوا فرضهم مع الامام قبل العذر فالبطلان قولا واحدا إن كان تركهم
العود عمدا، وإن كان الترك لعذر وفات التدارك بطلت تلك الركعة قوله: (وإن أخذ فرضه مع الأول)
أي قبل العذر قوله: (لان ركوعه الأول إلخ) حاصله أن هذا الخليفة نزل منزلة من استخلفه وركوع من
استخلفه غير معتد به فيكون ركوع الخليفة كذلك. قوله: (وندب لهم الاستخلاف) أي ولهم أن
يصلوا أفذاذا وليس مقابله أن لهم الانتظار حتى يرجع إليهم لان صلاتهم تبطل حينئذ كما هو مبني
اعتراض ابن غازي ومحل استخلافهم إن لم يفعلوا لأنفسهم فعلا بعد حصول مانع الأول، فإن فعلوا
لأنفسهم فعلا بعده ثم استخلفوا بطلت كما حكى ح تخريج بعضهم له على امتناع الاتباع
بعد القطع في النحو قوله: (ولو أشار لهم إلخ) رد بلو على ما قاله ابن نافع من أن الامام إذا انصرف ولم يقدم
أحدا وأشار إليهم أن امكثوا لكان حقا عليهم أن لا يقوموا حتى يرجع فيتم بهم اه‍. فلو وقع وأشار لهم
بالانتظار فانتظروه حتى عاد وأتم بهم بطلت عليهم بناء على القول المشهور الذي مشى عليه المصنف
لا على ما قاله ابن نافع، وسيأتي هذا في قول المصنف كعود الامام لا تمامها، ولا منافاة بينه وبين ما هنا لان
المقصود من هنا بيان ندب استخلافهم ولا يلزم منه جواز الانتظار بل جواز عدم الاستخلاف
الصادق بجواز إتمامهم أفذاذا وهو المراد. قوله: (واستخلاف الأقرب) أي إليه بأن يكون ذلك
الخليفة من الصف الذي يليه فإن استخلف غيره خالف الأولى كما في شب قوله: (ليتأتى لهم الاقتداء
به) أي بسهولة وإلا فاقتداؤهم يتأتى بغير الأقرب، ولو قال ليسهل لهم الاقتداء به كان أوضح
قوله: (في كحدث) أي في استخلافه لعذر مبطل لصلاته كحدث سبقه أو ذكره أو رعاف
قطع فيشير لمن يقدمه ولا يتكلم لأجل أن يستتر في خروجه، وأما استخلافه لعذر
لا يبطلها كرعاف بناءا وعجز فترك الكلام في هذه الحالة واجب قوله: (وتأخر مؤتما) المراد
351

بالتأخير الصيرورة بدليل قوله: وجوبا لان التأخر عن المحل مندوب أي وصار الأول مؤتما
أو ورجع الأول مؤتما وجوبا. قوله: (في العجز) أي في الاستخلاف لعجز قوله: (بأن ينوي المأمومية)
أي وإلا بطلت قوله: (واغتفر تغيير النية هنا) أي اغتفر كون النية في أثناء الصلاة مع أن نية الاقتداء
لا بد أن تكون أولا للضرورة. قوله: (ليوهم) أي لأجل أن يوقع في وهم أي ذهن من رآه أنه حصل له
رعاف وليس هذا من باب الرياء والكذب بل من باب التجمل واستعمال الحياء وطلب السلامة من
تكلم الناس فيه قوله: (وتقدمه) أي إلى موضع الامام الأصلي. قوله: (إن قرب من موضع الأصلي)
أي بأن كان قريبا منه كالصفين، فإن بعد محل الخليفة من محل الامام الأصلي أتم بهم الخليفة في موضعه
ولا يمشي لمحل الامام لان المشي الكثير يفسدها. قوله: (وإذا تقدم) أي وإذا تقدم ذلك الخليفة لمحل
الامام الأصلي لقرب محله من محله قوله: (فعلى حالته) أي فيتقدم وهو على حالته التي هو عليها قبل
الاستخلاف من كونه راكعا أو رافعا أو جالسا أو ساجدا قوله: (للعذر هنا) أي وهو التمييز لئلا
يحصل لبس على القوم من جهة عدم تعيين المستخلف قوله: (ولو لغير اشتباه) أي هذا إذا تقدم غيره
لاشتباه كقوله: يا فلان يريد واحدا، وفي القوم أكثر منه يسمى باسمه فتقدم وأم بهم بل وإن تقدم لغير
اشتباه بل عمدا قوله: (صحت) هذا مبني على أن المستخلف لا يحصل له رتبة الإمامة بنفس الاستخلاف
بل حتى يقبل ويفعل بهم بعض الفعل وهو مذهب سحنون واختاره اللقاني، وقيل إنه بمجرد
الاستخلاف وقول المستخلف له: يا فلان تقدم حصل له رتبة الإمامة فإذا تقدم حينئذ غيره بطلت، وهذا
قول بعض شيوخ عبد الحق قوله: (فإن اقتدوا به بطلت) أي فإن اقتدوا به وعملوا معه عملا بطلت إلا
أنه بمجرد نية الاقتداء تبطل وذلك لما علمت أن المستخلف لا يكون إماما حتى يعمل بالمأمومين عملا
في الصلاة كما قال سحنون، ولو كان إماما بمجرد الاستخلاف كما عند بعض شيوخ عبد الحق لبطلت
عليهم ولو لم يقتدوا به، وهناك طريقة أخرى اعتمدها عج، وحاصلها أن المستخلف لا يحصل له رتبة
الإمامة بمجرد الاستخلاف بل حتى يقتدوا به وإن لم يعملوا معه عملا فإذا استخلف لهم مجنونا واقتدوا به
بطلت عليهم ولو كانوا غير عالمين ولو لم يعملوا معه عملا وهذه الطريقة مشى عليها الشارح. قوله: (أو أتموا
وحدانا وتركوا الخليفة) ظاهره الصحة ولو كانوا تركوا الفاتحة مع الامام الأول وهو كذلك لأنهم
تركوها بوجه جائز، وإنما صحت لهم إذا أتموا وحدانا وتركوا الخليفة لأنه لم يثبت له رتبة الإمامة
كالأصل إلا إذا اتبع أي عملوا معه عملا والظاهر عدم إثمهم. واعلم أنهم إذا صلوا كلهم وحدانا مع
كونه استخلف عليهم وصلى الخليفة وحده ولم يدركوا مع الأصلي ركعة فلكل من الخليفة والمأمومين
أن يعيدوا في جماعة وبها يلغز ويقال شخص صلى بنية الإمامة ويعيد في جماعة، ومأموم صلى
بنية المأمومية ويعيد في جماعة قوله: (أو بإمامين) أي وقد أساءت الطائفة الثانية أي فعلت فعلا
حراما بمنزلة جماعة وجدوا جماعة يصلون في المسجد بإمام فقدموا رجلا منهم وصلوا خلفه
قوله: (فلا تصح وحدانا) أي لا تصح للمتمين وحدانا لفقد شرطها من الجماعة والامام وظاهره عدم
الصحة ولو حصل العذر بعد ركعة وهو المشهور وليسوا كالمسبوق الذي أدرك ركعة من الجمعة لأنه
يقضي ركعة تقدمت بشرطها بخلافهم فإن الركعة المأتي بها بناء ولا تصح صلاة ولا شئ من الجمعة
مما هو بناء فذا، ومقابل المشهور أنها تصح للمتمين وحدانا إذا حصل العذر بعد ركعة لان من
أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة قوله: (بطلت عليهما) أي وحينئذ فيعيدونها جمعة ما دام الوقت باقيا
352

قوله: (وقرأ من انتهاء الأول) أي إن علم بانتهاء قراءته كما إذا كانت جهرية أو أخبره الامام بأنه
قد انتهى في قراءته إلى كذا أو كان قريبا منه فسمع قراءته قوله: (وابتدأ بسرية) خص السرية
بالذكر لان الجهرية شأنها العلم بحقيقة الحال فيها قاله شيخنا قوله: (وصحته بإدراك ما) أي بإدراك
جزء قبل تمام الركوع وذلك كما لو كان الامام في القيام للقراءة ودخل معه المأموم فحصل له العذر، فإنه
يستخلفه، أو وجد الامام منحنيا فأحرم وهو واقف فحصل له العذر وهو منحن قبل ركوع ذلك
المأموم، أو كان الامام منحنيا ودخل معه شخص وهو منحن فحصل له العذر بعد انحناء المأموم أعم
من أن يكون العذر حصل قبل الطمأنينة أو بعدها وقبل الرفع، أو حصل في حالة الرفع وقبل
تمامه، فإذا دخل معه في حالة الرفع وقبل تمامه وحصل له العذر قبل التمام فإنه لا يصح الاستخلاف
فيما ذكر ويأتي بالركوع من أوله لأنه لما حصل له العذر قبل تمام الرفع واستخلفه حينئذ لم يعتد بما
فعله الامام منه وكأنه استخلفه قبل شروعه في الرفع، فما يأتي من السجود معتد به فلا يؤدي إلى
اقتداء مفترض بمتنفل. والحاصل أنه متى حصل له العذر قبل تمام الرفع من الركوع كان له استخلاف
من دخل معه قبل العذر بكثير ومن دخل معه حين حصوله، وأما لو حصل للامام العذر بعد تمام
الرفع فليس له أن يستخلف إلا من أدرك معه ركوع تلك الركعة بأن انحنى معه قبل حصول العذر
وأما إذا لم يدرك معه ذلك فلا يصح استخلافه كما لو دخل معه بعد تمام الرفع ثم حصل له العذر أيضا
بعد الرفع. قوله: (قبل عقد الركوع) أي قبل تمامه وتمامه يكون بتمام الرفع منه قوله: (بأن أدرك الركوع
فقط) أي كما لو جاء المأموم فوجد الامام منحنيا فدخل معه وهو منحن وحصل له العذر بعد
انحناء المأموم أعم من أن يكون العذر حصل قبل الطمأنينة أو بعدها وقبل الرفع قوله: (أو ما قبله) أي
أو أدرك مع الامام ما قبل الركوع هذا إذا كان ما قبل الركوع القراءة بل ولو كان تكبيرة الاحرام
قوله: (أو بعد ذلك) أي أو حصل له العذر بعد القراءة بأن حصل له قبل الركوع أو في حالة الركوع
أو في حالة الرفع منه أو في حالة السجود قوله: (من الركعة المستخلف فيها) أي الركعة الثانية
قوله: (بأن أدركه بعد رفعه منه) أي بعد تمام رفعه منه بأن أدركه في السجود وفي الجلوس بين السجدتين
فحصل للامام العذر قوله: (وكذا لو أدركه قبل الركوع وغفل أو نعس حتى رفع الامام رأسه منه) أي
فحصل له العذر بعد رفعه فإنه لا يصح استخلافه في باقي تلك الركعة لان ما يفعله ذلك الخليفة من
بقيتها لا يعتد به وهم يعتدون به، فاقتداؤهم به كاقتداء مفترض بمتنفل قاله عج قوله: (فلا يصح استخلافه)
أي وإن قدمه الامام وجب عليه أن يقدم غيره، فإن لم يتأخر وتمادى بالقوم بطلت عليهم إن اقتدوا
به كما قاله الشارح وهو المشهور، وقيل لا تبطل صلاتهم لأنه وإن كان لا يعتد بذلك السجود إلا أنه
واجب عليه لوجوب متابعته للامام ولو لم يحدث مثلا فصار باستخلافه كأن الامام لم يذهب قاله ابن
شاس وغيره قوله: (لأنه إنما يفعله موافقة للامام) أي لان ذلك السجود الذي اقتدى بالامام فيه
وهو متلبس به فحصل له فيه العذر لا يعتد به ذلك الخليفة وإنما يفعله موافقة للامام والقوم
يعتدون به فلو أجيز إلخ قوله: (إن بنى على فعل الأصل) أي بأن أتى بما كان يأتي به الامام لو لم
353

يحصل له عذر. قوله: (ولو صرح به) أي بجواب الشرط وهو قوله فلا يصح استخلافه قوله: (فحقه أن
يقدمه) أي المفرع عليه وهو قوله: فإن جاء بعد العذر فكأجنبي. وقوله هنا أي قبل ذلك المفرع
قوله: (وأحرم بعد حصول العذر) أي أحرم بعد حصول العذر مقتديا به لظنه أنه في صلاة، وأما لو أحرم مقتديا
به مع علمه بعذره فصلاته باطلة مطلقا من غير تفصيل لتلاعبه قوله: (فكأجنبي) الكاف زائدة لأنه أجنبي
حقيقة قوله: (فإن صلى لنفسه صلاة منفرد إلخ) قال في التوضيح: لا إشكال أن صلاته صحيحة
قال ح: والذي يظهر أنه يدخل الخلاف في صلاته لأنه أحرم خلف شخص يظنه في الصلاة فتبين أنه في
غير الصلاة، وقد ذكر في النوادر ما نصه ومن كتاب ابن سحنون ما نصه: ولو أحرم قوم قبل إمامهم ثم
أحدث هو قبل أن يحرم فقدم أحدهم وصلى بأصحابه فصلاتهم فاسدة، وكذلك إن صلوا فرادى حتى
يجددوا إحراما اه‍. وإنما بطلت عليهم إذا صلوا فرادى لاقتدائهم بمن ظنوه في صلاة فتبين أنه ليس فيها
قوله: (ولم يبن إلخ) أي لكونه لم يقبل الاستخلاف بل صلى ناويا الفذية. قوله: (أو بنى على صلاة الامام)
أي حالة كونه ناويا للإمامة والمراد ببنائه على صلاة الامام بناؤه على ما فعله الامام منه الصلاة بحيث
لو وجد الامام قرأ بعض الفاتحة كملها ولم يبتدئها ولو وجد الامام قرأ الفاتحة ابتدأ بالسورة ولم يقرأ
الفاتحة أو وجده بعد القراءة وحصل له العذر ودخل معه فيركع، وإنما صحت صلاته في هذه الحالة مع أنه
أجنبي من الامام وقد خلت ركعة من صلاته من الفاتحة بناء على أن الفاتحة واجبة في الجل فإن كان في
الرباعية أو الثلاثية فالامر ظاهر، وأما إن كانت الصلاة ثنائية وكان البناء في أولاها فقال الشيخ أحمد
لا يصح البناء لأنه لا جل لها فحمل قوله: أو بنى في الأولى على ما عدا الثنائية وقيل بالصحة بناء على أن
الفاتحة واجبة في كل ركعة، وعلى هذا يتمشى قول الشارح: أو بنى بالأولى مطلقا قوله: (بالركعة الأولى)
الباء في قوله بالأولى ظرفية والجار والمجرور خبر لكان المحذوفة مع اسمها كما أشار له الشارح أو حال
أي بنى حال كونه مستخلفا في الأولى أو الثانية (قوله مطلقا) أي كانت الصلاة ثانية أو ثلاثية أو
رباعية. قوله: (واقتصر على الفاتحة كالامام) يعني أنه استخلف في ثالثة الرباعية واقتصر على القراءة فيها
وفي الرابعة على أم القرآن كما أن الامام الأصلي كان يقتصر عليها فيها لو لم يستخلف لاعتقاده صحة
الاستخلاف جهلا منه، وليس المراد أنه يطالب بالقراءة بما ذكر. والحاصل أن الموضوع أنه جاء بعد
العذر واستخلفه الامام جهلا منه وقبل هو الاستخلاف جهلا منه أيضا ثم إنه بنى في الأولى أو الثالثة
على ما حصل من الامام من الاحرام فقط أو من بعض الفاتحة أو من كلها، وليس المراد أنه يطالب
بقراءة الفاتحة كذا قرر شيخنا العدوي كلام عبق. قوله: (وهذا) أي ما ذكر من الصحة إذا كان بناؤه
بالثالثة من الرباعية قوله: (على ما هو مقتضى البناء إلخ) فيه أنه إذا بنى في الثالثة كان ما حصل
فيه النيابة عن الامام بالنظر لما اعتقده جهلا منه من الثالثة والرابعة فيترك السورة منهما
وإن كانا في الحقيقة أوليين له، ومقتضى جهله أنه يقضي الأوليين بالفاتحة وسورة، فقول
الشارح: وهذا مبني على أن تارك السنن عمدا لا تبطل صلاته ظاهر بالنسبة للثالثة والرابعة اللتين
اعتقد أنه ناب فيهما عن الامام إذ هما في الواقع أوليان له، وأما قوله لأنه إذا بنى في الثالثة من رباعية
354

تكون صلاته بأم القرآن فقط فهو تعليل فاسد، والحق أنه يقضي الأوليين بالفاتحة وسورة كما ذكر ذلك
شيخنا العلامة العدوي في حاشية عبق، ولذا قال في المج: ثم هو إن صلى لنفسه أو بنى بقيام الأولى أو
ثالثة الرباعية صحت لجلوسه بمحله ولا يضره انقلاب الصلاة في الصورة قوله: (في الثانية) أي من
ثنائية أو ثلاثية أو رباعية. قوله: (لاختلال نظامها) أي لجلوسه في غير محل الجلوس قوله: (كعود الامام
لا تمامها) ما ذكره المصنف من البطلان هو المشهور وهو قول يحيى بن عمر، وقال ابن القاسم بالصحة ابن
رشد راعى ابن القاسم قول العراقيين بالبناء في الحدث ومقتضى المذهب بطلانها عليه لأنه بحدثه
بطلت صلاته فصار مبتدئا لها من وسطها وعليهم لأنهم أحرموا قبله اه‍. ونص ابن عرفة: سمع عيسى
ابن القاسم من استخلف لحدثه بعد ركعة فتوضأ ثم رجع فأخرج خليفته وتقدم أتم صلاته وجلسوا
حتى يتم لنفسه وسلم بهم صحت لتأخير أبي بكر الصديق رضي الله عنه لقدومه (ص) وتقدمه، ثم قال
ابن عرفة: وقصر ابن عبد السلام والخلاف على الامام الراعف غير الباني وهم وقصور اه‍
فكلام ابن عرفة نص في أن الخلاف جار في رعاف البناء وغيره خلافا لابن عبد السلام في
قصره على رعاف غير البناء، وبه تعلم أن ما ذكره الشارح تبعا لعج من عدم البطلان في الامام الراعف
الباني إذا أتم بالقوم بعد غسل دمه غير صحيح انظر بن، والحاصل أن الامام إذا عاد بعد زوال
عذره لا تمامها بهم فقال ابن القاسم بالصحة مطلقا أي كان العذر حدثا أو رعاف قطع أو بناء
بشرط أن لا يعملوا لأنفسهم عملا قبل عوده، وقال يحيى بن عمر بالبطلان مطلقا استخلف عليهم قبل
خروجه أم لا، فعلوا فعلا قبل عوده لهم أم لا، وعليه مشى المصنف حيث قال: كعود الامام لا تمامها
فإن ظاهره بطلان الصلاة مطلقا كان العذر حدثا أو رعافا موجبا للقطع أو رعاف بناء، وقد
حمل عج كلام المصنف على ما إذا كان العذر حدثا أو رعاف قطع، وأما رعاف البناء فلا وفيه ما علمته
قوله: (استخلف أم لا) أي استخلف لهم عند خروجه أم لا. قوله: (لا إن كان إلخ) أي
لا إن كان عذره الذي استخلف لأجله رعاف بناء وهو محترز قوله بعد زوال عذره المبطل لصلاته.
قوله: (لان من لم يدرك) أي قبل العذر من الركعة التي وقع الاستخلاف فيها. قوله: (يستحيل
بناؤه في الأولى أو الثالثة) وذلك لان بناءه فيهما يقتضي إدراكه جزءا منهما قبل الرفع من ركوعهما
والفرض أنه لم يدرك جزءا قبل الرفع من الركوع هذا خلف قوله: (وإذا استخلف الامام) أي الأصلي
355

قوله: (وكان يفهم) أي في المأمومين. وقوله أيضا كالخليفة أي وفيهم غير مسبوق
قوله: (أشار لهم) أي المأمومين كلهم مسبوقين وغير مسبوقين قوله: (وجلس لسلامه المسبوق) أي وإذا
قام لقضاء ما عليه جلس لسلامه المسبوق أي وكذا غير المسبوق فلا يسلم قبل سلامه. قوله: (فيقوم
لقضاء ما عليه) أي فإذا سلم ذلك الخليفة قام ذلك المسبوق لقضاء ما عليه منفردا وسلم غير المسبوق مع
الخليفة. قوله: (فإن لم يجلس بطلت) أي فإن لم يجلس ذلك المسبوق وقام لقضاء ما عليه عند قيام الخليفة
للقضاء بطلت وهذا هو المشهور، ومقابله للخمي يخير المسبوق بين أن يقوم لقضاء ما عليه وحده إذا
قام الخليفة للقضاء قياسا على الطائفة الأولى في صلاة الخوف أو يستخلف من يصلي به إماما فيسلم
معه لان كليهما قاض والسلامان واحد، أو ينتظر فراغ إمامه من قضائه ثم يقضي منفردا قاله شيخنا
قوله: (كأن سبق هو) أبرز الضمير لأجل إفادة قصر السبق في الخليفة، وأيضا لو لم يبرز لتوهم أن الضمير
عائد على المسبوق أي كان سبق المسبوق ولا معنى له فلذا أبرز دفعا لذلك التوهم، وقد أشار الشارح للأول
بقوله: أي المستخلف وحده. قوله: (فإنهم ينتظرونه) أي لقضاء ما عليه بعد إتمام صلاة الأول قوله: (وإلا
بطلت) أي وإلا ينتظروه بل سلموا حين قام لقضاء ما عليه بطلت وذلك لان السلام من بقية صلاة
الأول وقد حل هذا الخليفة محله فيه فلا يخرج القوم عن إمامته لغير معنى يقتضيه، وانتظار القوم
لفراغه من القضاء أخف من الخروج من إمامته، وقيل: إن ذلك الخليفة يستخلف لهم من يسلم
بهم قبل أن يقوم لقضاء ما عليه. قوله: (لا المقيم) هو بالجر عطف على الضمير المضاف إليه سلام من
غير إعادة الخافض أي جلس المأموم المسبوق لسلام الخليفة المسبوق لا يجلس المأموم المسبوق لسلام
الخليفة المقيم كذا قيل، لكن فيه أن هذا يقتضي تقييد المأموم هنا بالمسبوق وليس كذلك، ولعل
الأحسن قراءته بالرفع عطفا على معنى قوله: وجلس لسلامه المسبوق، والمعنى حينئذ الخليفة المسبوق
يجلس المأموم لانتظاره لا الخليفة المقيم أو عطفا على المسبوق فتأمل. وحاصله أن الامام المسافر إذا
استخلف مقيما على مسافرين ومقيمين وأكمل صلاة الأول فإن من خلفه من المقيمين يقومون
لاتمام ما عليهم أفذاذا ويسلمون لأنفسهم لدخولهم على عدم السلام مع الأول ولا يلزمهم أن يسلموا
مع الثاني، والمسافرون يسلمون لأنفسهم عند قيام ذلك المستخلف المقيم لما عليه ولا ينتظرونه
للسلام معه إذ لم يدخل هذا الخليفة المقيم على أن يقتدي بالأول في السلام حتى ينتظره المسافرون
ليسلموا بسلامه. قوله: (ويقوم غيره للقضاء) إطلاق القضاء على إتيانه بما بقي من صلاته هنا تسامح
لأنه مكمل لصلاته، فهذا بناء لا قضاء لان القضاء عبارة عن فعل ما فات قبل الدخول مع الامام، وهذا
لم يفته شئ مع هذا الامام ولا مع الأول لأنه دخل مع الامام المسافر من أول صلاته. فإن قلت: لم لم يصح
أن يقتدي المأموم المقيم بهذا المستخلف المقيم المساوي له في الدخول مع الامام المسافر فيما بقي عليه
مع أن كلا منهما بان فيه؟ قلت: لأنه يؤدي إلى اقتداء شخص في صلاة واحدة بإمامين ثانيهما غير
مستخلف عن الأول فيما يفعله لأنه لم يستخلفه على الركعتين اللتين يتم بهما المقيم صلاته، ولا يرد على
هذا الجواب ما تقدم من قول المصنف في السهو وأمهم أحدهم لأنه استخلاف حقيقة لما سبق أن
سلام الامام عند سحنون بمنزلة الحدث فلذا طلب من القوم أن يستخلفوا لأنفسهم. واعلم أنه
يصح لأجنبي من غير مأمومي المستخلف بالكسر أن يقتدي بالمستخلف بالفتح فيما هو بان فيه
سواء كان المستخلف بالكسر يفعله أم لا، ولا يصح الاقتداء به فيما هو قاض فيه، فإذا استخلف
المسافر مقيما مسبوقا في الركعة الثانية فيجوز الاقتداء بذلك المستخلف بالفتح فيما هو بان فيه مما
كان يفعله الامام الأصلي وهي الركعة التي حصل الاستخلاف فيها التي هي ثانية للأول، وأولى
356

للثاني المستخلف ومما لم يفعله وهما الركعتان بعد ركعة الاستخلاف لان ذلك المستخلف بان فيهما
وأما الركعة الرابعة التي يأتي بها ذلك المستخلف بدلا عن الأولى التي فاتته قبل الدخول مع الامام وهي
ركعة القضاء فلا يصح الاقتداء به فيها فإذا كان اقتدى به أجنبي في شئ من ركعات البناء فإنه يجلس
إذا قام ذلك الخليفة لركعة القضاء، فإذا أتى بها وسلم قام ذلك المقتدي الأجنبي لاتمام صلاته كذا ذكر
عبق والحق خلافه، وأن ذلك الخليفة لا يصح اقتداء الأجنبي به إلا فيما يبني فيه مما يفعله المستخلف
بالكسر لا فيما لا يفعله ولا فيما هو فيه قاض فيصح للأجنبي أن يقتدي به في الركعة التي حصل
الاستخلاف فيها التي هي ثانية المستخلف وأولى للخليفة، وأما ما يفعله الخليفة دون المستخلف وهما
الركعتان بعد ركعة الاستخلاف فلا يصح اقتداؤه به فيهما كما لا يصح اقتداؤه به في الرابعة وهي ركعة
القضاء كما ذكر ذلك شيخنا العلامة العدوي. قوله: (وهذا ضعيف) أي لأنه قول ابن كنانة ومقابله
لابن القاسم وسحنون والمصريين قاطبة اه‍ بن. قوله: (لسلام الخليفة) أي فإذا سلم الخليفة سلم معه
المسافر وقام المقيم للقضاء. قوله: (وإن جهل ما صلى) أي وإن جهل عدد ما صلى. قوله: (فأشاروا بما
يفيد العلم) أي بما يفيد العلم بعدد ما صلى، فإن جهلوا أيضا عمل على المحقق ولو تكبيرة الاحرام ويلغي
غيره قوله: (وإلا فيهم) أي وإلا يفهم ما أشاروا له به وهذا مقابل لمحذوف أي فإن فهم فواضح وإلا إلخ
قوله: (سبح به) أي لأجله أي لأجل إفهامه فالباء بمعنى اللام والمراد أنهم يسبحون له بعدد ما صلى، فإن
كان صلى واحدة سبحوا له مرة، ويحتمل أن الباء على حالها، وفي الكلام حذف مضاف أي سبحوا
بعدده، ولا يضر تقديم التسبيح على الإشارة إذا تحقق حصول الافهام بها سواء كان الافهام يحصل
بالتسبيح أيضا أو تحقق عدم حصوله به، خلافا لما في عبق من البطلان في الثانية قاله شيخنا العدوي
وبن. قوله: (وإلا كلموه) أي كما في سماع موسى بن معاوية عن ابن القاسم وقال ابن رشد وهو الجاري على
المشهور من أن الكلام لاصلاح الصلاة غير مبطل لها خلافا لسحنون القائل أن الكلام في الصلاة
مبطل لها ولو لاصلاحها، قال عبق: ويضر تقديم الكلام على التسبيح أو الإشارة إذا كان يوجد الفهم
بأحدهما. قوله: (وللمأمومين) أي مطلقا مسبوقين أم لا قوله: (عمل عليه من لم يعلم خلافه) أي فإذا
حصل الاستخلاف في الثانية ولم يعلموا خلاف ما قال المستخلف جعلوا الثانية أولى وهكذا
قوله: (ومستخلف) أي لأنه قد يعلم ذلك قبل الدخول معه قوله: (فيعمل على ما علم) أي من خلاف قوله فإذا
استخلفه بعد ثانية الظهر وقال له الأصلي بعدما استخلفه قد أسقطت ركوعا من الأولى ولم يعلم
المستخلف خلاف قوله: فمن علم من المأمومين خلاف قوله: فلا يجلس مع الخليفة بعد فعل الثالثة التي
صارت ثانية ويجلس معه من لم يعلم خلافه ثم يأتي بركعة بعد الثالثة التي جلس فيها بالفاتحة فقط، ومن
علم خلافه يجلس فيها لأنها رابعته، ومن لم يعلم خلافه يقوم مع الامام ولا يجلس لأنها ثالثته، ثم يأتي بركعة
خامسة بالفاتحة فقط ويتشهد، فإذا فرغ منه سجد للسهو وتبعه في تلك الركعة والسجود من لم يعلم
خلافه دون من علم، فإذا سجد الإمام قام وأتى بركعة القضاء ثم سلم وسلم معه من لم يعلم خلافه، وكذا من
علم خلافه وإنما سجد قبل السلام لنقص السورة من الثانية وزيادة الركعة الملغاة، هذا حكم ما إذا كان
الخليفة مع بعض المأمومين لم يعلم خلافه وبعضهم يعلم خلافه، فلو كان الذي يعلم خلافه الخليفة فقط فإنه
يجلس في الثالثة ويقوم المأمومون، ثم إذا أتى بركعة بعد الثالثة التي جلس فيها فإنهم يجلسون دونه ثم يأتي
بركعة ولا يتبعه فيها أحد وهذا قول، والقول الثاني يتبعه المأموم في الجلوس وفي الركعة والقولان مبنيان
357

على الخلاف في هل سهو الامام عما لا يحمله عن المأمومين سهولهم وإن هم فعلوه، أوليس سهوا لهم إذا هم
فعلوه، وهذه المسألة يغني عنها ما تقدم من قوله: وإن قام إمام لخامسة إلخ وأعادها لأجل قوله: وسجد قبله إلخ
وإنما فرضها في الخليفة المسبوق مع أن غيره كذلك في أنه يعمل على قول المستخلف حيث لم يعلم خلافه
لأجل قوله: وسجد قبله بعد صلاة إمامه إذ لا يتأتى هذا في غير المسبوق. قوله: (كما إذا أخبره بعد عقد
الثالثة إلخ) هذا مثال للنفي. وقوله بعد عقد الثالثة أي التي استخلفه فيها، وإنما قلنا ذلك لأجل أن يكون
السجود قبل السلام بعد كمال صلاة إمامه وقبل إتمام صلاته هو، وأما لو كان استخلافه في الثانية وقال له
بعد أن عقد الثالثة أسقطت ركوعا من الأولى فإنه في هذه الحالة يسجد القبلي قبل السلام، وعقب إتمام
صلاة إمامه وصلاته هو، لان إتمام صلاة إمامه إتمام له إذ لا قضاء عليه لان الثالثة رجعت ثانية لكل منهما
وصيرورته مسبوقا بالنظر للظاهر. قوله: (وصار استخلافه على ثانية الامام وقد قرأ فيها بأم القرآن)
أي وجلس لأنه حين أخبره بعد عقد الثالثة وقبل استقلاله للرابعة فإنه يجلس للتشهد ثم يكمل صلاة إمامه
بركعتين بالفاتحة فقط، فإذا تشهد بعدهما سجد للسهو ثم قام لركعة القضاء لان الفرض أنه مسبوق ثم سلم
وسلم معه من علم خلاف ما قال الامام الأصلي ومن لم يعلم خلافه ويتبعه في السجود من لم يعلم خلاف قوله
دون من علم خلاف قوله. قوله: (فدخل في صلاته نقص) أي للسورة من الثانية. وقوله: وزيادة أي للركعة
الملغاة قوله: (وسجد قبله) أي بعد كمال صلاة إمامه هذا واضح إن كان ذلك الخليفة أدرك مع الامام
ركعة وإلا فلا يسجد كما تقدم في السهو. وقد يقال وهو الظاهر أنه لنيابته عن الامام ويصير مطلوبا بما
يطلب به الامام فيطلب حينئذ بسجود السهو وإن لم يدرك ركعة، وعلى هذا فيقيد ما تقدم في السهو بغير
ما هنا كذا في عبق وخش
فصل: في أحكام صلاة السفر قوله: (سنة مؤكدة) هذا هو الراجح قال عياض في الاكمال: كونه سنة
هو المشهور من مذهب مالك وأكثر أصحابه وأكثر العلماء من السلف والخلف اه‍. وقيل: إن القصر
فرض، وقيل مستحب، وقيل مباح، وعلى السنية ففي آكديتها على سنية الجماعة وعكسه قولا ابن
رشد واللخمي، وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا تعارضا كما إذا لم يجد المسافر أحدا يأتم به إلا مقيما فهل
لا يأتم به وهو الأول؟ ويؤيده إطلاق المصنف كراهة الائتمام به فيما يأتي أو يأتم به من غير كراهة
بل ذلك مطلوب وهو القول الثاني قوله: (لمسافر) أي ولو كان سفره على خلاف العادة بأن كان بطيران
أو بخطوة، فمن كان يقطع المسافة الآتية بسفره قصر ولو كان يقطعها في لحظة بطيران ونحوه، وأراد المصنف
بالمسافر مريد السفر على جهة المجاز المرسل من إطلاق اسم المسبب على السبب. قوله: (غير عاص به)
أي بسببه، وفهم من قوله به أن العاصي فيه كالزاني وشارب الخمر يقصر الصلاة وهو كذلك اتفاقا
قوله: (وإن عصى به) أي طرأ له العصيان في أثنائه قوله: (أتم وجوبا) أي ولا يقصر قوله: (فإن قصر) أي
العاصي بالسفر سواء كان عصيانه في أول السفر أو في أثنائه، والموضوع أن المسافة مسافة قصر. واعلم
أن في قصر العاصي بالسفر قولين: بالحرمة والكراهة، وفي قصر اللاهي قولان: بالكراهة والجواز
والراجح الحرمة في العاصي والكراهة في اللاهي، فلو قصر العاصي فلا إعادة عليه على الأصوب
كما اقتصر عليه ح وغيره. فقول خش: فإن قصر العاصي أعاد أبدا على الراجح، وإن قصر اللاهي أعاد في
358

الوقت غير ظاهر اه‍ بن. قوله: (وهي) الأربعة برد قوله: (يومين معتدلين) هذا هو ما في الشيخ
أحمد الزرقاني. وقوله: أو يوم وليلة هو ما للشاذلي ورجحه بعضهم وهو قريب من الأول، والظاهر كما قال
شيخنا تبعا لخش في كبيره أن اليوم يعتبر من طلوع الشمس لأنه المعتاد للسير غالبا لا من طلوع الفجر
خلافا لبعضهم ويغتفر وقت النزول المعتاد لراحة أو إصلاح متاع مثلا. قوله: (ولو كان سفرها ببحر)
أشار بهذا إلى أن المبالغة في التحديد بالمسافة خلافا لمن قال: العبرة في البحر بالزمان مطلقا، ولمن قال: العبرة
فيه بالزمان إن سافر فيه لا بجانب البر، وإن سافر بجانبه فالعبرة بالأربعة برد، وليست المبالغة راجعة
لمسافر لأنه لا خلاف في قصر المسافر في البحر قوله: (تقدمت إلخ) هذا التفصيل لابن المواز، وعليه
اقتصر العوفي في شرح قواعد عياض وبهرام واعتمده عج وارتضاه شيخنا العدوي، وحاصله أنه
يلفق بين المسافتين سواء تقدمت مسافة البحر أو تأخرت، سواء كان كل من المسافتين مسافة قصر
أو إحداهما دون الأخرى، أو كان مجموعهما مسافة قصر إذا كان السير في البحر بالمقاذيف أو بها
وبالريح، وكذا إن كان بالريح فقط وكانت مسافة البحر متقدمة أو تقدمت مسافة البر وتأخرت
مسافة البحر وكانت مسافة البر على حدتها مسافة شرعية، فإن كانت أقل منها فلا يقصر حتى ينزل البحر
ويسير بالريح لاحتمال تعذر الريح عليه وكانت فيه المسافة شرعية على حدته ذهابا، ومقابل ما لابن
المواز قول عبد الملك أنه إذا اتفق للشخص سفر بر وبحر فإنه يقصر ويلفق مسافة البر لمسافة البحر مطلقا
من غير تفصيل، فتحصل مما ذكر أن البحر قيل لا تعتبر فيه المسافة بل الزمان وهو يوم وليلة، وقيل باعتبارها
فيه كالبر وهو المعتمد، وعليه إذا سافر وكان بعض سفره في البر وبعض سفره في البحر فقيل يلفق مسافة
أحدهما لمسافة الآخر مطلقا من غير تفصيل، وقيل لا بد فيه من التفصيل على ما مر وهو المعتمد قوله: (حتى
ينزل البحر) أي لاحتمال تعذر الريح عليه قوله: (ذهابا) حال من أربعة برد أي حالة كونها ذا ذهاب أو يؤول
ذهابا بمذهوبا أي حالة كونها مذهوبا فيها أو أنه معمول لحال محذوفة كما أشار له الشارح، فلو كانت ملفقة
من الذهاب والرجوع لم يقصر. قوله: (قصدت دفعة) المراد بقصدها دفعة أن لا ينوي أن يقيم فيما بينها
إقامة توجب الاتمام كأربعة أيام صحاح، فمن قصد أربعة برد ونوى أن يسير منها بردين ثم يقيم أربعة
أيام صحاح ثم يسافر باقيها فإنه يتم، فإن نوى إقامة يومين أو ثلاثة فإنه يقصر وليس المراد بكونها قصدت
دفعة أن يقصد قطعها في سيرة واحدة بحيث لا يقيم في أثناء سفرها أصلا لان العادة قاضية بخلاف
ذلك. قوله: (فإن لم تقصد أصلا) أي فإن لم يقصد بسفره تلك المسافة أصلا قوله: (إن عدى البلدي
البساتين إلخ) اعلم أن تعديتها إذا سافر من ناحيتها أو من غير ناحيتها وكان محاذيا لها وإلا فيقصر
بمجرد مجاوزة البيوت كذا في عبق، وفي بن أنه لا يشترط مجاوزتها إلا إذا سافر من ناحيتها إن سافر من
غير ناحيتها فلا يشترط مجاوزتها ولو كان محاذيا لها إذ غاية البساتين أن تكون كجزء من البلد. تنبيه
مثل البساتين المسكونة القريتان اللتان يرتفق أهل إحداهما بأهل الأخرى بالفعل وإلا فكل
قرية تعتبر بمفردها إن كان عدم الارتفاق لنحو عداوة. وفي شب: إذا كان بعض ساكنيها يرتفق بالبلد
الأخرى كالجانب الأيمن دون الآخر فالظاهر أن حكمها كلها كحكم المتصلة. قوله: (أي الحضري)
359

قاله بن الصواب إسقاطه، إذ المراد بالبلدي من كان يكمل الصلاة في البلد سواء كان حضريا أو بدويا، فإذا
دخل البلدي بلدا ونوى أن يقيم فيها أربعة أيام صحاح ثم أراد الارتحال فلا يقصر حتى يجاوز البساتين
إذا سافر من ناحيتها. قوله: (ولا عبرة بالمزارع) أي فلا يشترط مجاوزتها وكذا ما بعدها. قوله: (ولا عبرة
بالحارس إلخ) أي لا عبرة بإقامته فيها قوله: (ولا فرق بين قرية الجمعة وغيرها) أي في اشتراط مجاوزة
البساتين المسكونة المتصلة بالبلد. قوله: (ويتم المسافر حتى يبرز من قريته) أي فإن المتبادر من بروزه
من القرية مجاوزتها بالمرة وإنما يكون كذلك إذا جاوز ما في حكمها من البساتين المسكونة، والحاصل أن
المعول عليه إنما هو مجاوزة البساتين المسكونة ولا يشترط مجاوزة المزارع ولا فرق في ذلك بين قرية
الجمعة وغيرها. وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك: إن كانت قرية جمعة فلا يقصر المسافر منها
حتى يجاوز بيوتها بثلاثة أميال من السور إن كان للبلد سور وإلا فمن آخر بنائها، وإن لم تكن قرية جمعة
فيكفي مجاوزة البساتين فقط، واختلف هل هذه الرواية تفسير للمدونة وهو اختيار ابن رشد، وعلى
هذا فكلام المدونة خلاف المعتمد المتقدم أو خلاف أي أو قول مخالف لما في المدونة وأن المدونة
موافقة للقول المعتمد المتقدم وأن قولها حتى يبرز عن قريته بمجاوزة البساتين وهو رأي الباجي وغيره
وإلى ما ذكر من التأويلين أشار المصنف بقوله: وتؤولت إلخ أي وتؤولت على مجاوزة ثلاثة أميال
بقرية الجمعة كما تؤولت على مجاوزة البساتين مطلقا، والمعول عليه أن هذه الرواية مخالفة لظاهر المدونة
وليست تفسيرا لها كما قال ابن رشد. ثم اعلم أنه على القول الأول وهو المعتمد فالأربعة برد إنما تعتبر
بعد مجاوزة البساتين المسكونة، وأما على القول الثاني فهل تحسب الثلاثة أميال من جملة الأربعة برد
وإن كان لا يقصر حتى يجاوزها وهو ظاهر كلامهم واختاره البرزلي وغيره وصوبه بعضهم، أولا
تحسب من جملتها وصوبه ابن ناجي، قال عبق وخش: والظاهر أن محل الخلاف أي في اعتبار مجاوزة
البساتين فقط في قرية الجمعة أو الثلاثة أميال حيث لم تزد البساتين على مجاوزة ثلاثة أميال، فإن زادت
عليها اتفق القولان على اعتبار مجاوزة البساتين، وكذا إن كانت ثلاثة أميال، وأما إذا كانت الثلاثة
أميال تزيد على البساتين المسكونة فيجري فيها التأويلان في اعتبار مجاوزتها وعدمه، ورد هذا بن بأن
الحق أن الخلاف مطلق، فإذا زادت البساتين على ثلاثة أميال أو زادت الثلاثة أميال على البساتين
المسكونة جرى الخلاف فيهما، ونقل عن المواق عن نوازل ابن الحاج ما يفيد ذلك أنظره. قوله: (بقرية
الجمعة) أي التي تقام فيها ولو في زمن دون زمن كذا في عبق، ورده بن بأن ظاهر ابن رشد أن المراد بقرية
الجمعة ما كانت الجمعة تقام فيها بالفعل دائما قوله: (والعمودي) أي وهو ساكن البادية سمي بذلك لأنه
يجعل بيته على عمد. وقوله حلته بكسر الحاء أي محلته وهي منزل قومه فالحلة والمنزل بمعنى. قوله: (حيث
جمعهم اسم الحي والدار أو الدار فقط) المراد بالحي القبيلة، والمراد بالدار المنزل الذي ينزلون فيه، وحاصله
أنه إذا جمعهم اسم الحي والدار أو الدار فقط فإنه لا يقصر في هاتين الحالتين إلا إذا جاوز جميع
البيوت لأنها بمنزلة الفضاء والرحاب المجاورة للأبنية، فكما أنه لا بد من مجاوزة الفضاء لا بد من مجاوزة
جميع البيوت، وأما لو جمعهم اسم الحي فقط دون الدار بأن كان كل فرقة في دار فإنها تعتبر كل دار على
حدتها حيث كان لا يرتفق بعضهم ببعض وإلا فهم كأهل الدار الواحدة، وكذا إذا لم يجمعهم اسم الحي
والدار فإنه يقصر إذا جاوز بيوت حلته هو. قوله: (كساكن الجبال) أي فإنه يقصر إذا جاوز محله وساكن
القرية التي لا بساتين بها مسكونة فإنه يقصر إذا جاوز بيوت القرية والأبنية الخراب التي في طرفها
وكذلك ساكن البساتين يقصر بمجرد انفصاله عن مسكنه سواء كانت تلك البساتين متصلة بالبلد أو منفصلة
عنها. قوله: (وقتية) فيه أن الأولى إبداله بحاضرة لان الفائتة إنما تقابل الحاضرة لا الوقتية لان الفائتة وقتية
360

أيضا إلا أن يقال: الوقت إذا أطلق إنما ينصرف لوقت الأداء. قوله: (وإن نوتيا بأهله) أي خلافا
للإمام أحمد بن حنبل، وأحرى غير النوتي إذا سافر بأهله والنوتي إذا سافر بغير أهله فالمصنف
نص على المتوهم. قوله: (إلى محل البدء) المتبادر من المصنف أن المعنى حتى يأتي المكان الذي قصر منه
في خروجه فإذا أتاه أتم، وحينئذ فمنتهى القصر في الرجوع وهو مبدؤه في الخروج فيعترض عليه بأن هذا
خلاف قول المدونة، وإذا رجع من سفره فليقصر حتى يدخل البيوت أو قربها فإن هذا يدل على أن
منتهى القصر ليس كمبدئه، وأجاب بعضهم بحمل كلام المصنف على منتهى سفره في الذهاب لا في
الرجوع فهو ساكت عنه أي يقصر إذا بلغ منتهى سفره إلى نظير محل البدء، فالكلام على حذف
مضاف، أو المراد إلى المحل المعتاد لبدء القصر منه في حق من خرج من ذلك البلد الذي وصل إليه وهو
البساتين في البلد الذي له ذلك أو المحلة في البدوي ومحل الانفصال في غيرهما، وأما كلام المدونة فمحمول
على منتهى السفر في الرجوع للبلد الذي سافر منه، لكن يرد على المدونة شئ وهو أنه يلزم من الدخول
القرب وحينئذ فما معنى العطف؟ وأجيب بأجوبة: منها أن أو بمعنى الواو والعطف تفسيري أي أن المراد
بدخولها الدنو والقرب منها، والمراد بالقرب أقل من ميل. ومنها: أن الدخول لمن استمر سائرا. وقوله
أو قربها بالنسبة لمن نزل خارجها لاستراحة مثلا. ومنها: أن قوله حتى يدخل قول. وقوله: أو يقاربها
قول آخر: وتظهر ثمرة الخلاف فيمن نزل خارجها بأقل من الميل وعليه العصر ولم يدخل حتى غربت
الشمس، فعلى الأول يصلي العصر سفرية وعلى الثاني حضرية، وأما شارحنا فجعل كلام المصنف شاملا
لمنتهى السفر في الذهاب والرجوع، وفيه أنه على شموله لمنتهاه في الرجوع يكون ماشيا على ضعيف
وهو قول ابن بشير وابن الحاجب لا على كلام المدونة تأمل. قوله: (أي جنسه) أي إلى أن يصل إلى
محل جنس البدء فيصدق بعوده للبلد الذي قصر منه وهي التي ابتدأ السير منها وهي النهاية في الرجوع
وبدخوله لبلد أخرى أي وهي منتهى السفر في الذهاب. قوله: (أي يحرم) أي وليس المراد ما يعطيه
ظاهره من أنه لا يسن القصر في أقل من أربعة برد الصادق بجوازه وندبه قوله: (وتبطل إلخ) اعلم
أن القصر فيما دون أربعة برد ممنوع اتفاقا والنزاع إنما هو فيما بعد الوقوع كما قال الشارح، وما
ذكر من الخلاف في الإعادة في الصلاة لا يأتي في الصوم بل متى كانت المسافة أقل من أربعة
برد وأفطر لزمته الكفارة ما لم يكن متأولا قوله: (وتصح فيما بينهما) أي فيما بين الخمسة والثلاثين
والأربعين قوله: (فإنه يسن له القصر في حال خروجه) أي ولا يشترط مجاوزة البساتين أن لو كان
فيها ذلك. قوله: (حيث بقي عليه عمل إلخ) أي كمكي في حال رجوعه من منى لبلده لأنه بقي عليه عمل
يعمله في غير محله وهو النزول بالمحصب، هذا وما ذكره الشارح من التقييد تبعا لغيره ففيه نظر بل
يقصر في رجوعه لبلده مطلقا وإن لم يبق عليه شئ من النسك لا بها ولا بغيرها على ما رجع إليه مالك كما في
ح، فالصواب إبقاء المصنف على إطلاقه اه‍ بن، وعلى هذا فكل من المحصبي والمزدلفي يقصر في حال
رجوعه من منى لبلده. قوله: (والمعتمد أنه كالمكي) أي وعليه اقتصر في التوضيح ونقله عياض في الاكمال
عن مالك ومقابله ما ذكره الشيخ أحمد الزرقاني أن العرفي لا يقصر، وهذا القول ذكره ابن عرفة
عن الباجي قوله: (وصلاته قبل الرجوع صحيحة) أي صلاته التي صلاها مقصورة قبل رجوعه صحيحة، ومفهوم
قوله لدونها أنه إذا رجع بعدها قصر في رجوعه كما يرشد له ما ذكره الشارح من التعليل بقوله: لان الرجوع
يعتبر سفرا بنفسه قوله: (ولو لشئ نسيه) قال طفي: هذا إذا رجع للبلد الذي سافر منه، وأما لو رجع لغيره
لشئ نسيه لقصر في رجوعه قاله ابن عبد السلام اه‍ بن. ورد المصنف بلو على ابن الماجشون القائل
361

إذا رجع لشئ نسيه فإنه يقصر لأنه لم يرفض سفره، ومحل هذا الخلاف إذا لم يدخل قبل رجوعه وطنه
الذي نوى الإقامة فيه على التأبيد، فإن دخله فلا خلاف في إتمامه في حالة الرجوع قوله: (ولا عادل عن
قصير) مقتضى ما ذكره ح من تعليلهم بأن ذلك مبني على عدم قصر اللاهي أنه إذا قصر لا يعيد وهو الظاهر
لان العدول عن القصير للطويل غير محرم، وفي التوضيح هذا مبني على أن اللاهي بصيد وشبهه لا يقصر
وأما على القول بأنه يقصر فلا شك في قصر هذا اه‍ بن قوله: (وهو المتجرد) أي عن التعلق بالدنيا
قوله: (يرتفع) أي يقيم قوله: (إلا أن يعلم إلخ) أي كما إذا خرج سائحا في الأرض حتى يصل لبيت المقدس مثلا
أو سافر طالبا للرعي إلى أن يصل لغزة مثلا فله القصر حيث علم قطع المسافة قبل غزة وبيت المقدس
قوله: (ولا منفصل إلخ) حاصله أنه إذا خرج من البلد عازما على السفر ثم أقام قبل مسافته ينتظر رفقة
لاحقة له، فإن جزم أنه لا يسافر دونها ولم يعلم وقت مجيئها فإنه لا يقصر بل يتم مدة انتظارها لها، فإن نوى
انتظارها أقل من أربعة أيام فإن لم تأت سافر دونها أو جزم بمجيئها قبل الأربعة أيام قصر مدة
انتظاره لها. قوله: (لكن بعد أربعة أيام) أي بأن جلس في انتظارها وعزم على أنها إن جاءت في مدة
الأربعة أيام سافر معها، فإن لم تأت سافر دونها بعد الأربعة أيام قوله: (وقطعه دخول بلده) الظاهر كما قال
شارحنا تبعا لح وابن غازي وطفي أن المراد بالدخول هنا الدخول الناشئ عن الرجوع بدليل قوله
في الاستثناء ورجع إلخ. وفي الآتية بالدخول الناشئ عن المرور فلا تكرار بينهما وإن كان في الأول
تكرار مع قوله إلى محل البدء خلافا للمواق وعبق وحيث حملا على دخول المرور فيهما فلزمهم
التكرار وما دفعوه به من أن المراد ببلده بلده أصالة وبوطنه محل انتقل إليه بنية السكن فيه على التأبيد
إلخ بعيد مع أن الاستثناء يمنع من ذلك وعلى ما لابن غازي، فالريح هنا ألجأته لدخول الرجوع، وفي التي
بعد ألجأته لدخول المرور، وأما على ما قاله المواق وعبق الريح ألجأته لدخول المرور فيهما، ثم إن مراد
المصنف كما يدل عليه كلام ابن غازي رجوعه بعد أن سار مسافة القصر بدليل إسناده القطع للدخول
أي فلا يزال في رجوعه يقصر إلى أن يدخل فينقطع القصر خلافا لما حمله عليه ح من أن مراده الرجوع
من دون مسافة القصر وأن مجرد الاخذ في الرجوع يقطع حكم السفر لأنه غير ظاهر المصنف وغير
مناسب للاستثناء بعده وفيه التكرار مع قوله ولا راجع لدونها. قوله: (سواء كانت وطنه) أي مقيما فيها
بنية التأبيد كانت بلده الأصلية أو غيرها. وقوله أم لا أي بأن مكث فيها مدة طويلة لا بنية التأبيد، وبهذا
التعميم صح الاستثناء بعد ذلك بقوله: إلا متوطن كمكة فالمستثنى منه عام لصورتين والمستثنى إحدى
الصورتين، وإنما كان دخول البلد قاطعا للقصر لان دخول البلد مظنة للإقامة فإذا كفت نية الإقامة
في قطع القصر فالفعل المحصل لها بالظن أولى قوله: (وإن بريح) بالغ عليه ردا على سحنون القائل
بجواز القصر لمن غلبته الريح وردته لبلده ومثل الريح جموح الدابة. قوله: (لامكان الخلاص منه) أي
بحيلة كأن يهرب منه أو يستشفع بآخر أو يستعين عليه بأعلى منه فهو بمظنة عدم إقامة أربعة أيام فهو
حينئذ على حكم السفر بخلاف الريح فإنها لا تنفع معها حيلة قوله: (فليتأمل) أي في هذا الفرق الذي
فرقوا به بين الريح والغاصب هل هو مفيد للمقصود أو لعكسه كما ادعاه شب؟ قال شيخنا: ولم يظهر لي
كونه مفيد العكس المقصود كما ادعاه شب. قوله: (إلا متوطن كمكة إلخ) حمله ح والمواق وغيرهما على
مسألة المدونة ونصها: ومن دخل مكة وأقام بضعة عشر يوما فأوطنها ثم أراد أن يخرج إلى الجحفة ثم
يعود إلى مكة ويقيم بها اليوم واليومين ثم يخرج منها فقال مالك: يتم في يوميه ثم قال: يقصر. قال ابن القاسم
وهو أحب إلي اه‍. ووجه ابن يونس الأول بأن الإقامة فيها أكسبتها حكم الوطن. ووجه الثاني بأنها
362

ليست وطنه حقيقة، وعلى هذا القول حمل طفي كلام المؤلف، لكن اعترض قوله رفض سكناها بأنه
لا حاجة إليه، وليس في المدونة وغيرها ولا فائدة فيه في الفرض المذكور، والأولى حمل المصنف على
مسألة ابن المواز وهي ما إذا خرج من وطن سكناه لموضع تقصر فيه الصلاة رافضا سكنى وطنه، ثم رجع
له غير ناو الإقامة كان ناويا للسفر أو خالي الذهن فإنه يقصر، فإن لم يرفض سكناه أتم قاله ابن المواز ونقله
طفي وغيره، وحينئذ يكون التوطن في كلام المصنف على حقيقته، ويكون قوله رفض سكناها شرطا
معتبرا اه‍ بن. قوله: (يعني مقيما بها إقامة تقطع حكم السفر) أي فالتوطن ليس على حقيقته، وهذا يقتضي
حمل المؤلف على مسألة المدونة، لكن قد علمت أنه على هذا لا يكون قوله رفض سكناها محتاجا إليه
فالأولى للشارح جعل التوطن في كلام المصنف على حقيقته، وحمل كلام المصنف على فرع ابن المواز
قوله: (أو دونها) لا يقال: هذا يعارض قوله ولا راجع لدونها لأنه محمول على ما إذا لم يرفض سكنى
الراجع إليها كذا قال بعض الشراح، ورده طفي بأنه يتعين حمله على ما إذا رجع بعد سيره مسافة القصر إذ
لو رجع قبل مسافة القصر لأتم لقول المصنف ولا راجع لدونها. قوله: (فالمدار على عدم نية الإقامة) أي
فإن رجع ناويا إقامة تقطع حكم السفر فإنه يتم. والحاصل أن دخول بلده أو وطنه يقطع القصر ولو كان
ناويا للسفر حيث لم يرفض سكناها، فإن رفض سكناها فلا يكون دخوله موجبا للاتمام إلا إذا نوى
إقامة أربعة أيام، ومحل اعتبار الرفض إذا لم يكن له بها أهل حين الرفض، فإن كان بها له أهل أي زوجة فلا
عبرة به قوله: (وقطعه دخول وطنه أو مكان زوجة) أي وأما مجرد المرور بهما من غير دخول فلا يقطع
حكم السفر ولو حاذاه ولذا قال في التوضيح: إنما يمنع المرور بشرط دخوله أو نية دخوله لا إن اجتاز
والمراد بمكان الزوجة البلد التي هي بها لا خصوص المنزل التي هي به. قوله: (فلا يتكرر) أي لان هذا
دخول مرور وما مر دخول ناشئ عن الرجوع قوله: (دخل بها) أي فيه ولو لم يتخذه وطنا أي محل إقامة
على الدوام قوله: (قيد في دخل) أخرج به ما إذا عقد عليها ولم يدخل بها، وفي المج: أن الزوجة الناشزة
لا عبرة بها وحينئذ فلا يكون دخول بلدها قاطعا للقصر قوله: (إذ ما به سرية أو أم ولد كذلك) رد به على
الشارح بهرام في الوسط من اخراج السرية، قال ح: وقد نص ابن الحاجب وابن عرفة على إلحاقها
بالزوجة انظر بن قوله: (يحترز به عن الأقارب) أي لا عن السرية وأم الولد قوله: (ونية دخوله) أنت
خبير بأن جعل نية الدخول قاطعة للقصر يقتضي حصوله قبلها وهنا ليس كذلك، فحق العبارة أن يقول
ومنعه نية دخوله، ففي التعبير بالقطع تسمح والضمير في دخوله للوطن ومكان الزوجة كما ذكر الشارح
وحينئذ فإفراد المصنف الضمير باعتبار ما ذكر. قوله: (أي بين البلد الذي سافر منه) أي ونوى وهو فيه
الدخول لوطنه أو لمكان الزوجة قوله: (لأنه أقل إلخ) أي لان المسافة التي بين مكة والجعرانة أقل من مسافة
القصر. قوله: (وإن لم ينو إقامة أربعة أيام) أي فالمدار على نية دخوله الوطن أو مكان الزوجة. قوله: (ثم إذا
خرج) أي من الجعرانة. وقوله: اعتبر باقي سفره أي للمدينة أو لغيرها قوله: (محل النية) أي وهو مكة
وقوله: (والمكان أي الذي نوى دخوله، وهذا مفهوم قول المصنف: وليس بينه وبينه المسافة
قوله: (فالأقسام أربعة) الأول أن يستقل ما قبل وطنه وما بعده بالمسافة وفي هذه يقصر قبل دخوله
لوطنه وبعده الثاني عكسه والمجموع مستقل، وفي هذه إن نوى دخوله قبل سيره أتم قبل دخوله
363

وطنه وبعده وإن لم ينو دخوله قصر، وإن نوى دخوله بعد سيره شيئا ففي قصره قولا سحنون وغيره
الثالث: أن يكون قبل وطنه أقل من المسافة وبعده مسافة مستقلة فإن نوى الدخول قبل سفره فلا
يقصر قبله وإن لم ينو الدخول قصر، وأما بعده فيقصر مطلقا، ولو نوى دخوله في أثناء سفره فحكى في
التوضيح في هذه قولين: القصر لسحنون والاتمام لغيره. الرابع: أن يكون قبل وطنه مسافة مستقلة
وبعده أقل منها فيقصر قبل وطنه مطلقا نوى الدخول أم لا وأما بعده فلا يقصر مطلقا. قوله: (ونية
إقامة أربعة أيام إلخ) الأولى ونزول بمكان نوى إقامة أربعة أيام صحاح فيه ولو بخلاله وذلك لان
ظاهره أنه بمجرد النية المذكورة ينقطع حكم السفر ولو كان بين محلها ومحل الإقامة المسافة وليس كذلك
فإذا سافر بعد ذلك من ذلك المكان الذي نوى به الإقامة المذكورة فلا يقصر إلا إذا وصل
لمحل القصر بالنسبة لمن كان مقيما به لا بمجرد العزم على السفر على أقوى الطريقتين، أما لو نوى الإقامة
بمحل ورجع عن النية قبل دخوله فإنه يقصر بمجرد ذلك قوله: (مع وجوب عشرين صلاة في مدة
الإقامة) بأن دخل قبل فجر السبت ونوى الارتحال بعد عشاء يوم الثلاثاء. قوله: (واعتبر سحنون
العشرين فقط) أي سواء كانت في أربعة أيام صحاح أو لا وعليه فيتم في المثال المذكور قوله: (في ابتداء
سفره) أي أو في آخره قوله: (ولو حدثت بخلاله) يعني أن نية الإقامة معتبرة في قطع القصر ولو حدثت
بخلال السفر أي في أثنائه من غير أن تكون مقارنة لأوله ولا لآخره، ورد بهذه المبالغة على ما رجحه ابن
يونس من أن نية إقامة المدة المذكورة لا تقطع حكم السفر إلا إذا كانت في انتهاء السفر أو في ابتدائه
وأما إذا كانت في خلاله فلا تقطع حكم السفر فله القصر إذا خلل المسافة بإقامات، وكلما سافر قصر ولو دون
المسافة انظر بن. قوله: (إلا العسكر) أفهم قوله العسكر أن الأسير بدار الحرب يتم ما دام مقيما بها، فإن هرب
للجيش فإنه يقصر بمجرد انفصاله من البيت الذي كان فيه، ولا يشترط مجاوزة بناء البلد ولا بساتينها
لأنه صار من الجيش وهو يقصر في بلاد الحرب، وإن هرب لغير الجيش قصر بعد مجاوزة البساتين أو
البناء على ما مر كما حكاه ابن فرحون في ألغازه عن أبي إبراهيم الأعرج قوله: (وهو بدار الحرب) المراد
بها المحل الذي يخاف فيه العدو سواء كانت دار كفر أو إسلام، وأما لو أقام العسكر بدار الاسلام
والمراد به المحل الذي لا يخاف فيه من العدو فإنه يتم قوله: (أو العلم بها) أي وإن لم ينوها كما يعلم من عادة
الحاج أنه إذا دخل مكة يقيم فيها أكثر من أربعة أيام فيتم سواء نوى الإقامة تلك المدة أم لا. قوله: (فلا
يقطع القصر) أي لأجل تلك الإقامة ولو مكث مدة طويلة قوله: (وإن تأخر سفره) هو بالتاء المثناة
الفوقية أي ولو طالت إقامته فهو بمعنى قول الباجي: ولو كثرت إقامته، وفي نسخة: ولو بآخر سفره بباء
الجر أي ولو كانت الإقامة المجردة بآخر سفره وفيها نظر فقد قال ابن عرفة: ولا يقصر في الإقامة التي في
منتهى سفره إلا أن يعلم الرجوع قبل الأربعة. قال ح: أو يظن ولو تخلف بعد ذلك لا مع الاحتمال، وقد
سئل الأستاذ أبو القاسم بن سراج عن المسافر يقيم في البلاد ولا يدري كم يجلس: هل يبقى على قصره أم لا
فأجاب: إن كان البلد في أثناء السفر قصر مدة إقامته، وإن كان في منتهاه أتم وحينئذ فما قاله المصنف تبعا
لابن الحاجب لا يسلم. قوله: (أي الإقامة القاطعة) أي وهي إقامة أربعة أيام، ومثل نية الإقامة المذكورة
ما إذا أدخلته الريح في الصلاة التي أحرم بها سفرية محلا يقطع دخوله حكم السفر من وطنه أو محل
364

زوجة بنى بها قوله: (شفع) أي ثم يبتدئ صلاته حضرية قوله: (إن عقد ركعة) أي وإلا قطعها قوله: (ولا
سفرية) أي إذا لم يتمها أربعا واقتصر على ركعتين قوله: (وبعدها أعاد إلخ) أي وإن نوى الإقامة بعد
تمامها سفرية مثل ما أحرم بها أعاد إلخ، واستشكل بأن الصلاة قد وقعت مستجمعة للشرائط قبل نية
الإقامة وحينئذ فلا وجه للإعادة، وقد يقال: إن نية الإقامة على جري العادة لا بد لها من تردد قبلها في
الإقامة وعدمها فإذا جزم بالإقامة بعد الصلاة فلعله كان عند نيته الصلاة سفرية عنده تردد في الإقامة
وعدمها فاحتيط له بالإعادة. قوله: (وكره) أي إلا إذا كان ذلك المسافر ذا فضل أو سن وإلا فلا كراهة
كما في سماع ابن القاسم وأشهب، وذكر العلامة ابن رشد أنه المذهب ونقله ح على وجه يقتضي اعتماده
وذكر طفي أن المعتمد إطلاق الكراهة وبالجملة فكل من القولين قد رجح قوله: (لمخالفة المسافر سنته)
أي وهو القصر والكراهة مبنية على ما قال ابن رشد من أن سنة القصر آكد من سنة الجماعة وأما على
ما قال اللخمي من أن سنة الجماعة آكد فلا كراهة قوله: (ولو نوى القصر كما في النقل) استشكل إتمامه مع
ما يأتي في قوله: وكأن أتم ومأمومه إلخ من بطلان صلاة من نوى القصر وأتم عمدا، ومع قوله الآتي وإن
ظنهم سفرا إلخ. وأجاب طفي بأن نيته عدد الركعات ومخالفة فعله لتلك النية أصل مختلف فيه، فتارة
يلغونه وتارة يعتبرونه، ففي كل موضع مر على قول فمر هنا على اغتفار مخالفة الفعل للنية لأجل متابعة
الامام، وفيما يأتي مر على عدم اغتفار مخالفة النية ولا معارضة مع الاختلاف اه‍ بن قوله: (إن أدرك إلخ)
شرط في قول المصنف وتبعه، والحاصل أن المسافر إذا اقتدى بالمقيم فإن نوى الاتمام أتم
صلاته مطلقا أدرك مع الامام ركعة أو أكثر أو لم يدرك معه ركعة، وأما إن نوى القصر فإن أدرك مع
الامام ركعة أو أكثر فإنه يتم صلاته وإن لم يدرك معه ركعة فإنه يقصر ولا يتم، وبهذا يعلم أنه إذا اقتدى
المسافر بالمقيم في أخيرتي الرباعية فإنه يتم سواء نوى القصر أو الاتمام قوله: (ولم يعد) أي لأنه لا خلل
في صلاة إمامه. قوله: (والمعتمد الإعادة إلخ) قد صرح أبو الحسن بأن القول هنا بعدم الإعادة قول ابن
رشد وهو خلاف مذهب المدونة من الإعادة قال وهو الراجح لان الصلاة في الجماعة فضيلة
والقصر سنة والفضيلة لا تسد له مسد السنة. قوله: (عن كونه في سفر أو عن كون المسافر يقصر) كذا في
التوضيح ومثله في نقل المواق عن مالك، فقول ابن عاشر الصواب أن السهو هنا إنما هو عن السفر غير
ظاهر. قوله: (وتبعه مأمومه) أي في السجود. وقوله على القول به بالسجود قوله: (والأصح إعادته إلخ)
هذه إحدى الروايتين عن مالك ورجع إليه ابن القاسم واختاره سحنون بقوله: ولو كان
عليه سجود سهو لكان عليه في عمده أن يعيد أبدا، ولعل المصنف أشار بالأصح
لكلام سحنون. قوله: (على القول بها) أي بالإعادة قوله: (والأرجح الضروري) في
جامع ابن يونس قال أبو محمد: والوقت في ذلك النهار كله. وقال الا بياني: الوقت في
365

ذلك وقت الصلاة المفروضة والأول أصوب اه‍ منه بلفظه. قوله: (في عمده) أي إذا نوى الاتمام عمدا
وقوله وسهوه أي إذا نواه سهوا قوله: (إن تبعه في الاتمام) أي بأن نوى المأموم الاتمام كما نواه
إمامه. قوله: (وإلا يتبعه) بأن أحرم بركعتين ظانا أن إمامه أحرم كذلك فتبين أن الامام نوى الاتمام فلم
يتبعه بطلت صلاته لمخالفته للامام نية وفعلا. قوله: (فتبطل في الاثني عشر) أي وهي ما إذا نوى الاتمام
عمدا أو جهلا أو سهوا أو تأويلا وقصر عمدا أو جهلا أو تأويلا قوله: (والساهي إلخ) أي أنه إذا نوى
الاتمام عمدا أو سهوا أو جهلا أو تأويلا ثم قصرها سهوا فحكمه حكم المقيم يسلم من ركعتين سهوا
قوله: (وكأن أتم) عطف على قوله كأن قصر عمدا وهذه عكس ما قبلها لأنه في السابقة نوى الاتمام ثم قصر وهنا
نوى القصر ثم أتم، ثم إن عبارة المصنف تقتضي أن المأموم لا تبطل صلاته إلا إذا أتم كالامام وليس كذلك
بل تبطل مطلقا أتم أم لا كما في المواق عن ابن بشير، ولذا خبط الشارح بقوله: وتبعه مأمومه أو لم يتبعه اه‍
قوله: (مراعاة لمن يقول إلخ) انظر من ذكر هذين القولين ولم أقف في القصر إلا على أربعة أقوال
الفرضية والسنية والاستحباب والإباحة ذكرها ابن الحاجب وغيره بن، وقد يقال: لعل الشارح
أراد مراعاة لمن يقول بذلك ولو خارج المذهب، ففي كتب الحديث أن بعض السلف كان يرى أن
القصر مقيد بالخوف من الكفار كما في الآية وكانت عائشة لا تقصر وربما احتجت بأنها أم المؤمنين
فجميع الأرض وطن لها فتأمل. قوله: (سبح مأمومه) أي تسبيحا يحصل به التنبيه، وسكت المصنف
عن الإشارة وهي مقدمة على التسبيح كما قيل، فإن ترك المأموم التسبيح فاستظهر ابن عاشر البطلان
حملا على ما مر في الخامسة فإن لم يفهم بالتسبيح لم يكلمه على ما لسحنون وتركه من غير اتباع، وقد
مر أن المعتمد أنه يكلمه كما قال غيره، فإن كلمه ولم يرجع لم يتبعه قوله: (ولا يتبعه) أي فإن تبعه فهل
تبطل أو لا؟ والذي استظهره عبق جريه على حكم قيام الامام لخامسة. وتيقن المأموم انتفاء موجبها
من أنه إذا تبعه فيها عمدا أو جهلا بلا تأويل، فالبطلان وإن تبعه سهوا أو تأويلا فلا تبطل قوله: (وإن
ظنهم سفرا) أي مسافرين فنوى القصر ودخل معهم قوله: (اسم جمع لمسافر) أي بمعنى مسافر وما ذكره
من أنه اسم جمع لمسافر لا جمع له بناء على ما قاله الجمهور من أن فعلا لا يكون جمعا لفاعل أما على ما قاله
الأخفش فهو جمع له، وعلى كل حال فهو ليس اسم جمع لمسافر ولا جمعا له قوله: (فظهر خلافه) أي وأما
إذا لم يظهر خلافه بل ظهر ما يوافق ظنه فصلاته صحيحة قوله: (أو لم يظهر شئ) هذا هو النقل عن ابن
رشد كما في التوضيح و ح، وإن كان مفهوم المصنف يصدق بالصحة في الصورتين أي ما إذا ظهرت
الموافقة أو لم يظهر شئ فالمفهوم فيه تفصيل. قوله: (لأنه) أي ذلك الداخل قوله: (خالفه نية وفعلا) أي
لان هذا الداخل نوى القصر وسلم من اثنتين والامام نوى الاتمام وسلم من أربع. قوله: (وإن أتم) أي
ذلك الداخل الذي نوى القصر. قوله: (وفعل خلاف ما دخل عليه) أي فهو كمن نوى القصر وأتم
عمدا قوله: (وأما إذا لم يظهر شئ) أي بأن ذهبوا حين سلم الامام من ركعتين ولم يدر
أهي صلاتهم أو أخيرتا تامة؟ قوله: (احتمال حصول المخالفة) أي أنه يحتمل موافقة الجماعة له
366

في كونهم مسافرين فتكون الصلاة صحيحة، ويحتمل أنهم مقيمون فيلزم إما مخالفة الامام نية وفعلا
إن سلم من اثنتين وإن أتم يلزم مخالفته لامامه نية ومخالفة نيته لفعله. قوله: (أنه لو كان الداخل) أي الذي
ظنهم مسافرين مقيما فنوى الاتمام ودخل معهم فظهر خلاف ما ظن وأنهم مقيمون. قوله: (كعكسه)
تشبيه في الإعادة أبدا إن كان ذلك الداخل مسافرا قوله: (فكان مقتضى القياس الصحة) أي مع أن
ظاهر المصنف كظاهر كلامهم بطلان صلاته. قوله: (وفرق بأن المسافر) أي الذي ظنهم مقيمين فظهر
خلافه. وحاصل الفرق أن المأموم هنا لما خالف سنته وهو القصر وعدل إلى الاتمام لاعتقاده
أن الامام متم كانت نيته معلقة فكأنه نوى الاتمام إن كان الامام متما وقد ظهر بطلان المعلق عليه
وحينئذ فيبطل المعلق وهو نيته الاتمام بخلاف المسألة الأخرى فإنه ناو الاتمام على كل حال.
قوله: (على الموافقة) أي في الاتمام قوله: (لم يغتفر له ذلك) أي ما ذكر من مخالفة الامام في الفعل والنية
قوله: (بخلاف المقيم) أي الذي اقتدى بمسافر. قوله: (وأما إن كان الداخل) أي مع القوم الذين ظنهم
مقيمين فظهر أنهم مسافرون. قوله: (تردد في الصحة والبطلان) أي سواء صلاها حضرية أو سفرية
هذا هو الصواب خلافا لعبق حيث قال: إن محل التردد إن صلاها سفرية وإلا صحت اتفاقا، قال شيخنا
ينبغي أن يكون محل التردد في أول صلاة صلاها في السفر، فإن كان قد سبق له نية القصر فإنه يتفق على
الصحة فيما بعد إذا قصر لان نية القصر قد انسحبت عليه فهي موجودة حكما، وكذا يقال فيما إذا نوى
الاتمام في أول صلاة ثم ترك نية القصر والاتمام فيما بعدها وأتم. قوله: (قيل يجب عليه إتمامها)
أي وهو ما قاله سند قوله: (وقيل الواجب إلخ) الأوضح وقيل يخير في إتمامها وعدمه لان الواجب
عليه صلاة لا بعينها وهذا القول للخمي. قوله: (وقد استفيد من هذا الخلاف) أي الذي ذكره المصنف
وقوله: أنه لا بد إلخ أي لأجل أن تكون الصلاة صحيحة اتفاقا وأنت خبير بأن هذا يعكر على ما
تقدم قريبا من أن الذي ينبغي أن محل الخلاف إنما هو في أول صلاة صلاها في السفر والحق ما مر فتأمل
قوله: (وندب تعجيل الأوبة) أي فمكثه بعد قضاء حاجته في المكان الذي سافر إليه خلاف المندوب
والظاهر أنه خلاف الأولى كما قال شيخنا. قوله: (ويكره ليلا في حق ذي زوجة) ففي مسلم والنسائي
من طريق جابر: نهى رسول الله (ص) أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهم أو يطلب عثراتهم والطروق
هو الدخول من بعد. واعلم أنه يستحب لمن خرج للسفر أن يذهب لإخوانه يسلم عليهم ويأخذ
خاطرهم، وأما إذا قدم من السفر فالمستحب لإخوانه أن يأتوا إليه ويسلموا عليه، وأما ما يقع من قراءة
367

الفاتحة عند الوداع فأنكره الشيخ عبد الرحمن التاجوري وقال: إنه لم يرد في السنة. وقال عج: بل ورد
فيها ما يدل لجوازه فهو غير منكر، وما ذكره من كراهة القدوم ليلا في حق ذي الزوجة ظاهره
كانت الغيبة قريبة أو بعيدة وهو كذلك على المعتمد خلافا لما يفيده عبق من اختصاص الكراهة
بطويل الغيبة قوله: (لغير معلوم القدوم) وأما من أعلم أهله بأنه يقدم في وقت كذا من الليل فلا
يكره له القدوم ليلا. قوله: (وسيذكر الباقي) أي وهو عرفة والمزدلفة. وقوله في محله أي وهو باب
الحج قوله: (رجلا أو امرأة) أي وسواء كان راكبا أو ماشيا على ما في طرر ابن عات وهو المعتمد
خلافا لابن علاق من اختصاصه بالراكب قوله: (وإن قصر عن مسافة القصر) أي لكن لا بد
في الجواز من كونه غير عاص بالسفر وغير لاه به فإن جمعا فلا إعادة بالأولى من القصر. قوله: (إن
جد سيره) أي إن جد في سيره لأجل إدراك رفقة أو لأجل قطع المسافة، وقوله: بل وإن لم يجد
أي بل وإن لم يجد في سيره أصلا قوله: (وفيها شرط الجد) أي الاجتهاد في السير ونصها: ولا يجمع
المسافر إلا إذا جد به السير ويخاف فوات أمر فيجمع وظاهرها سواء كان ذلك الامر مهما أم لا
قوله: (لادراك أمر) أي كرفقة أو مال أو ما يخاف فواته. قوله: (والمشهور الأول) وهو جواز الجمع
مطلقا سواء جد في السير أم لا، كان جده لادراك أمر أم لأجل قطع المسافة، والذي حكى تشهيره
هو الإمام ابن رشد. قوله: (وإن كان في الأصل) أي وإن كان المنهل في الأصل. قوله: (وهو بدل بعض)
أي وحينئذ فالعامل فيه مقدر أي جمعهما بمنهل، وأما قول عبق: إن قوله ببر متعلق برخص وبمنهل متعلق
بجمع فهو فاسد معنى وهو ظاهر وذلك لان الترخيص فعل الشارع وهو متعلق بالجمع بقطع النظر عن كونه
ببر أو بحر فهو غير مقيد بهما، وفاسد صناعة لما فيه من الفصل بين المصدر ومعموله بالأجنبي
قوله: (فيجمعهما جمع تقديم) أي ويؤذن لكل منهما قوله: (لأنه وقت ضروري لها) أي بالنسبة للمسافر
قوله: (لمشقة النزول) أي لأجل صلاة العصر في وقتها الاختياري قوله: (وأخر العصر وجوبا) أي غير شرطي
قاله شيخنا العدوي، ويؤذن لكل من الصلاتين في هذه الحالة لان كلا منهما وقعت في وقتها الاختياري
قوله: (فإن قدمها مع الظهر أجزأت) وندب إعادتها بوقت قوله: (إن شاء جمع فقدمها) أي ويؤذن لكل من
الصلاتين في هذه الحالة. وقوله: وإن شاء أخرها إليه إلخ أي ولا يؤذن لها حينئذ لما مر في الأذان من كراهته
في الضروري المؤخر قوله: (فيما إذا زالت عليه بالمنهل) أي وهو نازل بالمنهل قوله: (أي سائرا) أي سواء
كان راكبا أو ماشيا، وإنما فسر الشارح راكبا بسائرا ليكون ماشيا على المعتمد وهو قول ابن عات من أن
الجمع بين الصلاتين جائز للمسافر مطلقا سواء كان راكبا أو ماشيا كما مر. قوله: (أخرهما) أي وجوبا كذا
قيل وفيه شئ إذ مقتضى القياس جواز تأخيرهما في المسألة الأولى، وأما في الثانية فتأخير الصلاة الأولى
جائز والثانية واجب لنزوله بوقتها الاختياري، كذا كتب والد عبق، وللخمي: إن تأخيرهما جائز أي
ويجوز إيقاع كل صلاة في وقتها ولو جمعا صوريا، ولا يجوز جمعهما جمع تقديم، لكن إن وقع فالظاهر الاجزاء
368

وندب إعادة الثانية في الوقت، ويمكن الجمع بأن من قال بوجوب تأخيرهما مراده أنه لا يجوز له أن يقدمهما
معا، فلا ينافي أنه يجوز له إيقاع كل صلاة في وقتها، والجواز في كلام اللخمي بالمعنى المتقدم فالخلف لفظي
قاله شيخنا العدوي. قوله: (جمعا صوريا) أي في الصورة لا أنه حقيقي لان حقيقة الجمع تأخير إحدى
الصلاتين أو تقديمها عن وقتها. قوله: (كمن لا يضبط نزوله) أي تارة ينزل بعد الغروب وتارة في
الاصفرار وتارة قبله، قوله: (وقد زالت عليه وهو راكب) أي فيجمع جمعا صوريا ويحصل له فضيلة أول
الوقت. قوله: (فإن زالت عليه) أي على من لا يضبط نزوله حالة كونه نازلا. قوله: (وأخر العصر) أي
لوقتها فلو أخر الظهر لآخر القامة الأولى وجمع جمعا صوريا لم يحصل له فضيلة أول الوقت، فلو صلى الظهر
والعصر أيضا قبل ارتحاله صحت العصر وندب إعادتها في الوقت إن نزل قبل الاصفرار. قوله: (ونحوه)
أي من كل من تلحقه مشقة بالوضوء أو بالقيام لكل صلاة لا تلحقه إذا صلاهما مجتمعين قوله: (أي
كالظهرين في التفصيل المتقدم إلخ) وعليه إذا غربت عليه الشمس وهو نازل ونوى الارتحال والنزول
بعد الفجر جمعهما جمع تقديم قبل ارتحاله، وإن نوى النزول في الثلث الأول أخر العشاء وجوبا، وإن نوى
النزول بعد الثلث الأول وقبل الفجر خير في العشاء، وأما إن غربت عليه الشمس وهو سائر ونوى النزول
في الثلث الأول أو بعده وقبل الفجر أخرهما جوازا على ما مر، وإن نوى النزول بعد الفجر جمع جمعا
صوريا، والجمع الصوري مبني على امتداد مختار المغرب للشفق وتقدم أنه قول قوي. قوله: (تأويلان)
لفظ المدونة: ولم يذكر مالك المغرب والعشاء في الجمع عند الرحيل كالظهر والعصر. وقال سحنون: الحكم
مساو فقيل: إن كلام سحنون تفسير وقيل خلاف اه‍. وعزا ابن بشير الأول لبعض المتأخرين
والثاني للباجي ورجح الأول ابن بشير وابن هارون اه‍ بن. قوله: (وإلا اتفق) أي وإلا بأن غربت عليه
الشمس وهو سائر. قوله: (وقدم العصر أول وقت الظهر والعشاء أول وقت المغرب) أي بعد فعل
الصلاة الأولى فيهما. وقوله جوازا أي عند ابن عبد السلام، وندبا عند ابن يونس وهو المعتمد كما قال
بعضهم، وفي بن ما يفيد أن المشهور ما قاله ابن عبد السلام من الجواز، وقال ابن نافع بمنع الجمع بين الصلاة
ويصلي كل صلاة بوقتها بقدر الطاقة ولو بالايماء، فإن أغمي عليه حتى ذهب وقتها لم يكن عليه قضاؤها
واستظهر ذلك لأنه على تقدير استغراق الاغماء للوقت فلا ضرورة تدعو للجمع، وكما إذا خافت أن
تموت أو تحيض فإنه لا يشرع لها الجمع، وفرق بين الاغماء والحيض بأن الحيض يسقط الصلاة قطعا بخلاف
الاغماء فإن فيه خلافا وبأن الغالب في الحيض أن يعم الوقت بخلاف الاغماء، وهذا يقتضي مساواة الجنون
اه‍ خش كبير قوله: (عند الثانية) أي سواء خاف استغراقه لوقت الثانية كله أو لبعضه كما هو ظاهره
لامكان تخلف ظنه قوله: (وإن سلم إلخ) اعترضه المواق بأن الذي نص عليه أصبغ وغيره أنه يعيد ومثله
الجزولي إن سلم أعاد فظاهر ذلك أنه يعيد أبدا خلاف ما عند المصنف، قلت في التوضيح: إذا جمع أول الوقت
لأجل الخوف على عقله ثم لم يذهب عقله فقال عيسى بن دينار: يعيد الأخيرة، قال سند: يريد في الوقت، وعند
ابن شعبان لا يعيد اه‍. وعلى كلام سند اعتمد المصنف هنا اه‍ بن. قوله: (أو قدم المسافر الثانية مع الأولى) أي
لكونه زالت عليه الشمس وهو نازل ونوى الارتحال والنزول بعد الغروب. وقوله لم يرتحل أي طرأ له
عدم الارتحال إما لامر أو لغير أمر هذا ظاهره. قوله: (ونوى الرحيل بعد الغروب) أي فجمع لظنه جواز
الجمع جهلا منه وكان الأولى أن يقول: ونزل عنده فجمع غير ناو الرحيل بعده أعم من أن يكون ناويا
الرحيل بعد الغروب أو لم ينوه أصلا. واعلم أن في كل من الفرع الثاني والثالث صورتين: إحداهما
369

أن يجمع ناويا للرحيل بعد الجمع لجد السير ثم يبدو له فلا يرتحل، والثانية أن يجمع ولا نية له في الرحيل بعد
الجمع أعم من كونه ناويا له بعد ذلك أو لم ينوه أصلا لكنه غير رافض للسفر بالإقامة التي تقطعه، ففي
الأولى لا إعادة عليه في الفرعين، وفي الثانية يعيد العصر في الوقت وهذا كله يفهم من نقل ح، فإن حمل
الفرعان في المصنف على الصورة الثانية سقط الاعتراض عنه اه‍ بن. والاعتراض الوارد عليه هو ما أشار له
الشارح بقوله: والمعتمد إلخ وحاصله أن كلام المصنف مطلق فظاهره أنه يطالب بالإعادة في الفرعين
الأخيرين سواء جمع ناويا الارتحال بعده ولم يرتحل، أو جمع غير ناو الارتحال بعده وهو مسلم في الحالة
الثانية دون الأولى لان المعتمد أنه إذا جمع في الفرعين ناويا الارتحال ولم يرتحل فلا إعادة عليه، وحاصل
الجواب أن كلام المصنف محمول على ما إذا جمع غير ناو الارتحال بعده في الفرعين وحينئذ فلا اعتراض
قوله: (لا إعادة عليه أصلا) أي لا في وقت ولا في غيره حيث كان عند التقديم ناويا الارتحال
قوله: (ورخص ندبا إلخ) أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف في جمع العشاءين متعلق بمحذوف بعد الواو
أي ورخص في جمع إلخ والنائب عن الفاعل بكل مسجد، ويحتمل أن يكون متعلقا بإذن للمغرب الآتي
ويحتمل عطفه على له من قوله سابقا ورخص له ولا يصح عطفه على قوله جمع الظهرين المتعلق بالمسافر
تأمل قوله: (ولو مسجد غير جمعة) بل ولو كان خصا كالذي يفعله أهل القرى للصلاة قوله: (لمطر) أي
أو برد أما الثلج فذكر في المعيار أنه سئل عنه ابن سراج فأجاب بأني لا أعرف فيه نصا، والذي يظهر أنه
إن كثر بحيث يتعذر نقضه جاز الجمع وإلا فلا. بن: ثم إن ظاهر قوله لمطر ولو حصل قبل المجئ للمسجد
وهو كذلك ولا ينافي أن المطر الشديد المسوغ للجمع مبيح للتخلف عن الجماعة لان إباحة التخلف
لا تنافي أنهم يجمعون إذا لم يتخلفوا قوله: (أو متوقع) قلت: المطر إنما يبيح الجمع إذا كثر والمتوقع
لا يتأتى فيه ذلك. قلت: يمكن علم أنه كذلك بالقرينة ثم إنه إذا جمع في هذه الحالة ولم يحصل المطر فينبغي
إعادة الثانية في الوقت كما في مسألة وإن سلم أعاد بوقت اه‍ خش. قوله: (أو طين مع ظلمة للشهر) أي
بشرط كون ذلك الطين كثيرا يمنع أواسط الناس من مشي المداس، واعلم أن الجمع للطين مع الظلمة ظاهر
إذا عم الطين جميع الطرق فإن كان في بعضها فهل لمن لم يكن في طريقه الجمع تبعا لمن في طريقه وهو الظاهر
أولا (قوله: لا ظلمة غيم) إنما لم تعتبر لأنها تول وقد لا تشتد. قوله (لا لطين أو ظلمة) أي ولو كان مع كل
منهما ريح شديدة. قوله: (وأخر قليلا) وقال ابن بشير: لا يؤخر المغرب أصلا، قال المتأخرون
وهو الصواب إذ لا معنى لتأخيرها قليلا، إذ في ذلك خروج الصلاتين معا عن وقتهما المختار انظر بن
ولعله لم يؤخر الظهر قليلا في جمعها مع العصر في السفر رفقا بالمسافر. قوله: (إلا قدر أذان) أي إلا بقدر
أذان أي إلا بفعله بدليل قوله منخفض فإنه يدل على أن المراد بقدره فعله لأنه هو الذي يوصف
بالانخفاض والارتفاع، فاندفع ما يقال الأولى حذف قدر بأن يقول: إلا بأذان منخفض وذلك لان
كلامه لا يدل على حصول الأذان بالفعل مع أنه المطلوب. قوله: (للسنة) اعلم أن الأذان للعشاء بعد صلاة
المغرب مستحب لأنه من جماعة لم تطلب غيرها، ولذا جرى قولان في إعادته وقت الشفق وإن كان
المعتمد إعادته لأجل السنة ولا يسقط بالأول سنيته عند وقتها، بخلاف أذان المغرب فإنه سنة فقول الشارح
للسنة أراد بها طريقة النبي الصادق بالمستحب كما هو المراد. قوله: (لئلا يلبس على الناس) أي فيظنون أن
370

وقت العشاء دخل وهذه العلة تشعر بحرمته على المنار. قوله: (بل عند محرابه) أي بل يؤذن أمام محرابه
كما في المدونة وارتضاه اللقاني وهو المعتمد، وقوله: وقيل بصحته هو قول ابن حبيب قوله: (ولا تنفل
بينهما) اعلم أن الواقع في النفل يمنع الفصل بين الصلاتين المجموعتين بالنفل وكذا بالكلام، وقد استظهر
شيخنا العدوي أن المراد بالمنع الكراهة في الفصل بكل من النفل والكلام إذ لا وجه للحرمة
قوله: (وكذا كل جمع) أي سواء كان جمع تقديم أو تأخير قوله: (ولم يمنعه) الأولى ولا يمنعه أي ولا يمنع التنفل
الجمع فلم لنفي الماضي، والفقيه إنما يتكلم على الاحكام المستقبلة ومحل كون التنفل بينهما لا يمنع جمعهما ما لم
يؤد التنفل إلى الشك في دخول الشفق وإلا منع الجمع حينئذ قوله: (أي يمنع) يعني على جهة الكراهة فلو
استمر يتنفل في المسجد بعدهما حتى غاب الشفق فهل يطالب بإعادة العشاء أو لا؟ قولان قوله: (لان القصد
إلخ) مفاده أنهم لو جلسوا في المسجد حتى غاب الشفق أنهم يعيدون العشاء وهو قول ابن الجهم، وقيل
لا يعيدون، وقيل إن قعد الجل أعادوا وإلا فلا، والراجح الثاني لأنه سماع القرينين أشهب وابن نافع
والثالث للشيخ ابن أبي زيد، والظاهر أن الإعادة واجبة على القول بها كما أفاده شيخنا العدوي. قوله: (وجاز
إلخ) بنى هذا الجواز ابن بشير وابن شاس وابن عطاء الله وابن الحاجب على القول بأن نية الجمع
تجزئ عند الثانية، وبنوا على مقابل هذا القول قول المصنف الآتي ولا إن حدث السبب بعد الأولى
واعلم أنه إنما عبر بالجواز مع أن الجمع مندوب لتحصيل فضل الجماعة لأجل المخرجات الآتية، وفهم
منه أنه إذا لم يكن صلى المغرب ووجدهم في العشاء أنه لا يدخل معهم ويؤخرها لوقتها لان الترتيب
واجب، ولا يصلي الأولى في المسجد لأنه لا يجوز أن تصلى به صلاة مع صلاة الامام اه‍ خش قوله: (وإن
صلاها مع غيرهم جماعة) أي هذا إن صلاها فذا بل وإن صلاها جماعة مع غير جماعة الجمع قوله: (وجاز
الجمع لمعتكف) المراد بالجواز الاذن الصادق بالندب وهو المراد لأجل تحصيل فضل الجماعة
قوله: (ومجاور) أي وغريب بات به وخادم ماكث فيه قوله: (ولذا) أي ولأجل أن جمعية من ذكر
للتبعية إذا كان إلخ قوله: (وجب عليه أن ينيب إلخ) أي لأنه لو صلى بهم لكان تابعا لهم وهم تابعون له
والتابع لا يكون متبوعا، ومحل الاستخلاف إذا كان ثم من يصلح للإمامة وإلا صلى بهم هو كما قاله طفي
عن عبد الحق. تنبيه: نقل ابن عبد السلام والتوضيح أن استخلاف المعتكف مستحب واعترضه
ابن عرفة بأنه لا يعرف القول بالاستحباب، وبأن ظاهر كلام عبد الحق الوجوب وسلمه ح وغيره
وقال المسناوي: قد يقال جوابا عن ابن عبد السلام أن مصب الاستحباب في كلامه هو استخلاف
الامام المعتكف لا تأخره عن الإمامة كما فهمه من اعترض عليه وكلامه ظاهر في ذلك لمن تأمله
ونصه، ولهذا استحب بعضهم للامام المعتكف أن يستخلف من يصلي بالناس ويصلي وراء مستخلفه
اه‍. ولا ريب أن الاستخلاف غير واجب عليه وإن كان تأخره واجبا اه‍ بن. قوله: (كأن انقطع
إلخ) تشبيه في جواز الجمع أي لأنه لا يؤمن عودته ولا إعادة عليهم إن ظهر عدم عودته. وقوله
ولو في الأولى أي هذا إذا كان الانقطاع بعد الشروع في الثانية بل ولو في الأولى قوله: (لا قبل الشروع)
أي لا إن انقطع المطر قبل الشروع فلا يجوز الجمع أي لأجل ذلك المطر، نعم إن كان هناك طين وظلمة
جمع لهما قوله: (واجب أن يشفع) أي ولا يجري فيه القولان اللذان جريا في المعيد لفضل الجماعة يدخل مع
الامام والباقي معه دون ركعة من أنه يقطع أو يشفع، واستحسن المواق الثاني لأنه لم يصل أولا ما دخل
مع الامام فيه فلذا شفع قطعا ولا وجه لقطعه. قوله: (إذ من شرط الجمع إلخ) علة لمحذوف أي ولا يجوز
له أن يجمع لنفسه إذ من شرط الجمع الجماعة. واعلم أنه إذا وجدهم فرغوا من صلاة العشاء فكما لا يجوز له
أن يجمع لنفسه لا يجوز له أن يجمع مع جماعة أخرى في ذلك المسجد لما فيه من إعادة جماعة بعد الراتب، فلو
جمعوا فلا إعادة عليهم اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (فيؤخر للشفق) يجوز فيه الرفع على الاستئناف والنصب
371

بأن مضمرة في جواب الشرط لتنزيله منزلة الاستفهام والجزم عطفا على جواب الشرط بالفاء لان
المعنى لا يجوز الجمع إن فرغوا فيؤخر، قال ابن مالك:
والفعل من بعد الجزا إن يقترن * بالفا أو الواو بتثليث قمن
قوله: (إلا بالمساجد الثلاثة) أي أنه إذا دخلها بالفعل فوجد إمامها قد جمع والحال أنه كان قد صلى المغرب
بغيرها قبل دخولها فله أن يصلي العشاء بها قبل دخول الشفق بنية الجمع. فإن دخلها بالفعل فوجد إمامها
قد جمع ولم يكن صلى المغرب بغيرها قبل دخوله صلى المغرب مع العشاء جمعا منفردا، وأما إذا لم يدخل
وعلم وهو خارجها أن إمامه قد جمع فلا يطالب بدخولها ويبقى العشاء للشفق هذا هو الموافق لما مر
من قوله: فيصلون بها أفذاذا إن دخلوها فيقيد ما هنا بما هناك كما جزم به بعضهم وإن كان بعضهم تردد في
الدخول وعدمه اه‍ شيخنا عدوي قوله: (بناء على وجوب نية الجمع عند الأولى) لكن لو جمعوا لحدوث
السبب بعد الأولى فلا شئ عليهم مراعاة للقول بوجوبها عند الثانية، على أن نية الجمع واجبة غير شرط
كما مر في الجماعة قوله: (وهو الراجح) أي وأما نية الإمامة فإنها تكون عند كل واحدة من الصلاتين
اتفاقا قوله: (ولا المرأة) أي ولا يجوز الجمع للمرأة والضعيف ببيتهما المجاور للمسجد استقلالا، فإن جمعا
تبعا للجماعة التي في المسجد فلا شئ عليهما مراعاة للقول بجواز جمعهما اه‍ خش قوله: (ولا منفرد
بمسجد) أي سواء كان مقيما به أو ينصرف منه لمنزله قوله: (إلا أن يكون راتبا) أي والحال أنه ينصرف
لمنزله وإلا فلا يجمع، وما تقدم من أن الراتب يستخلف ولا يتقدم ويصلي تبعا فذاك في المعتكف الذي
لا يخرج من المسجد، وهذا يذهب لمنزله فلا يحتاج لاستخلاف بل يجمع بمفرده ويخرج في الضوء قوله: (كجماعة
لا حرج عليهم في إيقاع كل صلاة في وقتها) أي لإقامتهم في المسجد. قوله: (كأهل الزوايا والربط
وكالمنقطعين بمدرسة) أي والحال أنهم ليس لهم أماكن ينصرفون إليها وإلا جاز لهم الجمع استقلالا كما
قاله الشيخ كريم الدين البرموني، وأفتى المسناوي أن أهل المدارس يجمعون في المسجد الذي فيه
المدرسة استقلالا وأن الساكن بها يجوز له الجمع بها إماما قال لأنهم ليسوا كالمعتكف مقيمين في
المسجد بل هم جوار المسجد فقط. وقال ابن عرفة: يجمع جار المسجد ولم يقيده بتبعية قال: ولا يعارضه
قول المصنف كجماعة لا حرج عليهم لان موضوعه في الجماعة المقيمين في المسجد، واستدل على ما قال
بما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع إماما وحجرته ملتصقة بالمسجد ولها خوخة إليه
وعليه فيحمل قول الشارح وكالمنقطعين بمدرسة على مدرسة اتحد محل السكنى بها ومحل الصلاة
كالجامع الأزهر بمصر، قلت: وفيما قاله نظر إذ قد نص ابن يونس على أن قريب الدار من المسجد إنما
يجمع تبعا للبعيد ونصه، وإنما أبيح الجمع لقريب الدار والمعتكف لادراك فضل الجماعة اه‍ نقله أبو
الحسن بن. والحاصل أن المنقطعين بمدرسة إن اتحد محل السكنى بها ومحل الصلاة لا يجوز لهم الجمع
استقلالا بل تبعا اتفاقا، وإن كان محل سكناهم غير محل الصلاة فهل يجوز لهم الجمع استقلالا أو
لا يجوز لهم الجمع استقلالا بل تبعا في ذلك خلاف مختار بن ثانيهما ومختار البرموني والمسناوي أولهما
فصل: في الجمعة قوله: (ومسقطاتها) أراد بها الاعذار المبيحة للتخلف عنها قوله: (وقوع كلها) أي
وقوعها كلها فالمؤكد محذوف فاندفع ما يقال: إن كلا المضافة للضمير إنما تستعمل مؤكدة أو مبتدأ
ولا تتأثر بمباشرة العوامل اللفظية والمصنف استعملها مضافا إليه، ثم إن حذف المؤكد بالفتح جائز عند
الخليل وسيبويه والصفار خلافا للأخفش والفارسي وابن جني وابن مالك. قوله: (فلو أوقع شيئا من ذلك)
أي كالخطبة قبل الزوال أي أوقع الخطبة بعد الزوال والصلاة بعد الغروب لم تصح. قوله: (للغروب)
372

أي وإن لم يبق ركعة للعصر، وعلى هذا فقولهم الوقت إذا ضاق يختص بالأخيرة يستثنى منه الجمعة
وهذا القول هو المعتمد في المذهب خلافا لمن قال إنه يمتد للاصفرار، وأجاز أحمد فعلها قبل الزوال
فيدخل وقتها عنده من حل النافلة، ثم إن الوقت المذكور ليس كله اختياريا لها بل هي فيه وفي الضروري
كالظهر سواء قلنا أنها بدل عن الظهر أو فرض يومها قاله شيخنا. ثم اعلم أن المصنف صدر بهذا القول
لكونه هو المعتمد في المسألة ثم حكى ما فيها من الخلاف بعد ذلك وأنه استعمل الغروب كما قال الشارح
في حقيقته ومجازه، فلا يقال جزمه بذلك أو لا ينافي حكاية الخلاف بعده. قوله: (وهل إن أدرك ركعة
من العصر) أي وهل يشترط أن يدرك ركعة من العصر بعد صلاتها بخطبتيها قبل الغروب، فإن لم يفضل
للعصر ركعة سقط وجوبها وهذا رواية عيسى عن ابن القاسم قوله: (وصح هذا القول) أي صححه
عياض وهو ضعيف كما في حاشية شيخنا قوله: (بل الشرط فعلها بخطبتيها قبله) أي وهذا رواية مطرف
وابن الماجشون عن مالك، وظاهر هذا أنها لا تصح بإدراك ركعة بسجدتيها قبل الغروب والمعول
عليه صحتها، قال الشيخ أبو بكر التونسي: فإن عقد ركعة بسجدتيها قبل الغروب فخرج وقتها أتمها جمعة
وإن لم يعقد ذلك بنى وأتمها ظهرا، وهذا إذا دخل معتقدا اتساع الوقت لركعتين أو لثلاث، أما لو دخل
على أن الوقت لا يسع إلا ركعة بعد الخطبة فإنه لا يعتد بتلك الركعة ولا يتمها جمعة بعد الغروب، هذا
حاصل ما ارتضاه طفي خلافا لعج ومن تبعه. قوله: (رويت المدونة عليهما) ففي رواية ابن عتاب
للمدونة: وإذا أخر الامام الصلاة حتى دخل وقت العصر فليصل الجمعة ما لم تغب الشمس وإن كان
لا يدرك العصر إلا بعد الغروب، وفي رواية غير ابن عتاب: وإذا أخر الامام الصلاة حتى دخل وقت
العصر فليصل الجمعة ما لم تغب الشمس وإن كان لا يدرك بعض العصر إلا بعد الغروب عياض وهذه
أصح وأشبه برواية ابن القاسم عن مالك انظر ح اه‍ بن. قوله: (الباء للمعية إلخ) أي فالمعنى شرط
صحة الجمعة وقوعها كلها بالخطبة وقت الظهر حال كون ذلك الوقوع مصاحبا للعزم على الإقامة بنية
التأبيد في بلد، واعترض على المصنف بأن الاستيطان وهو العزم المذكور شرط وجوب كما يأتي، وذكره
هنا في أثناء شروط الصحة يقتضي أنه منها وليس كذلك، فالأولى أن تجعل إضافة بلد للاستيطان من
إضافة الصفة للموصوف وأن الباء بمعنى في وهي متعلقة وقوع أي وقوعها في بلد مستوطنة، ولا شك
أن كون البلد مستوطنة شرط في صحتها، وأما ما يأتي من أن الاستيطان شرط وجوب فالمراد استيطان
الشخص نفسه أي عزمه على الإقامة في البلد على التأبيد. والحاصل أن استيطان بلدها أي كون
البلد مستوطنة شرط صحة واستيطان الشخص في نفسه شرط وجوب، وينبني على هذا كما قال ابن
الحاجب أنه لو مرت جماعة بقرية خالية فنووا الإقامة فيها شهرا وصلوا الجمعة بها لم تصح لهم كما لا تجب
عليهم. واعلم أنه متى كانت البلد مستوطنة والجماعة مستوطنة وجبت عليهم وصحت منهم مطلقا ولو
كانت تلك البلد تحت حكم الكفار كما لو تغلبوا على بلد من بلاد الاسلام وأخذوها ولم يمنعوا
المسلمين المتوطنين بها من إقامة الشعائر الاسلامية فيها كما هو ظاهر إطلاقاتهم. قوله: (نعم إلخ)
استدراك على ما يتوهم من عدم صحتها لأهل الخيم أنها لا تجب عليهم. قوله: (وبجامع إلخ)
373

نص أبي الحسن عن المقدمات: وأما المسجد فقيل إنه من شرائط الوجوب والصحة معا كالامام
والجماعة وهذا على قول من يرى أنه لا يكون مسجدا إلا إذا كان مبنيا وله سقف إذ قد يعدم مسجد
يكون على هذه الصفة وقد يوجد فإذا عدم فلا تجب الجمعة فصح كونه من شرائط الوجوب لتوقفه
عليه وإذا وجد صحت الجمعة فيه فلذا كان من شرائط الصحة، وعلى قياس هذا أفتى الباجي في أهل قرية
إن هدم مسجدهم وبقي لا سقف له فحضرت الجمعة قبل أن يبنوه أنه لا يصح لهم أن يجمعوا فيه وهذا
بعيد لان المسجد إذا جعل مسجدا لا يعود غير مسجد إذا انهدم وإن كان لا يصح أن يسمى الموضع
الذي يتخذ لبناء المسجد فيه مسجدا قبل أن يبنى وهو فضاء، وقيل: إن المسجد بالأوصاف المذكورة
من شرائط الصحة دون الوجوب وهذا على قول من يقول: إن المكان من الفضاء يكون مسجدا ويسمى
مسجدا بمجرد تعيينه وتحبيسه للصلاة فيه فلا يعدم موضع يصح أن يتخذ مسجدا، وحينئذ فما يكون
بالأوصاف المذكورة لا يكون إلا شرط صحة. والحاصل أن وجوب الجمعة منوط بوجود الجامع
والجامع موجود متحقق بمجرد التعيين والتعيين لا كلفة فيه، فصار الجامع متقررا بالأصالة وصحتها
ليست منوطة بمجرد تحقق الجامع المتحقق بالتعيين بل بالأوصاف المشار لها بقوله: مبني إلخ، وحينئذ
فلا يكون الجامع بالأوصاف المذكورة إلا شرط صحة. قوله: (فلا تصح في براح حجر) أي أحيط
بأحجار مثلا من غير بناء لان هذا لا يسمى مسجدا لأنه إنما يتقرر مسمى المسجد إذا كان ذا بناء
وسقف على المعتمد، وعليه فقول المصنف مبني وصف كاشف إلا أن يلاحظ قوله بناء معتادا
وإلا كان مخصصا قوله: (أو قريبا منها) أي بحيث ينعكس عليه دخانها وحده بعضهم بأربعين ذراعا
أو باعا، فلو كان بعيدا عنها فلا تصح فيه ما لم يكن بني أولا قريبا منها فتهدم ما بينه وبينها من البنيان وصار
بعيدا فإن كان كذلك فلا يضر بعده قوله: (متحد) أي فلا يجوز تعدده على المشهور ولو كان البلد كبيرا
مراعاة لما كان عليه السلف وجمعا للكل وطلبا لجلاء الصدور، ومقابله قول يحيى بن عمر بجواز تعدده إن
كان البلد كبيرا وقد جرى العمل به قوله: (والجمعة للعتيق) أي ولا تصح في الجديد ولو صلى فيه
السلطان فإن لم يكن هناك عتيق بأن بنيا في وقت واحد ولم يصل في واحد منهما صحت الجمعة
فيما أقيمت فيه بإذن السلطان أو نائبه، فإن أقيمت فيهما بغير إذنه صحت للسابق بالاحرام إن علم وإلا
حكم بفسادها في كل منهما كذات الوليين ووجب إعادتها للشك في السبق جمعة إن كان وقتها باقيا
وإلا ظهرا قوله: (أي ما أقيمت فيه أولا) أشار بهذا إلى أن العتاقة تعتبر بالنسبة للصلاة لا بالنسبة للبناء
قوله: (وإن تأخر أداء) أي فعلا يعني في غير الجمعة الأولى التي أثبتت له كونه عتيقا، وقوله: وإن تأخر
العتيق أداء أي وأولى إذا ساوى الجديد أو سبقه في الأداء قوله: (ما لم يهجر العتيق) أي وينقلوها
للجديد فإن هجر العتيق وصلوها في الجديد فقط صحت كما قال اللخمي وظاهره كان هجر العتيق لغير
موجب أو لموجب كخلل حصل فيه وظاهره دخلوا على دوام هجران العتيق أو على عدم دوام ذلك
فإن رجعوا بعد الهجران للعتيق مع الجديد فالجمعة للعتيق، اللهم إلا أن يتناسى العتيق بالمرة وإلا كان
الحكم للثاني كذا قرر شيخنا. قوله: (وما لم يحكم حاكم بصحتها في الجديد تبعا لحكمه بصحة عتق عبد
معين إلخ) الأولى تبعا لحكمه بعتق عبد إلخ وقوله علق أي ذلك العتق. وقوله فيه أي في الجديد وحاصله أن
باني المسجد أو غيره يقول لعبد معين مملوك له: إن صحت صلاة الجمعة في هذا المسجد فأنت حر، فبعد
374

الصلاة فيه يذهب ذلك العبد إلى قاض حنفي يرى صحة التعدد فيقول: ادعي على سيدي أنه علق عتقي
على صحة صلاة الجمعة في ذلك المسجد ويثبت عنده أنه صلى في المسجد جمعة صحيحة فيقول ذلك
القاضي لاعتقاده صحتها في الجديد: حكمت بعتقك فيسري حكمه بالعتق إلى صحة الجمعة المعلق علها
العتق، لا فرق بين الجمعة السابقة على الحكم والمتأخرة عنه فالحكم بالصحة تابع للحكم بالعتق لان الحكم
بالمعلق يتضمن الحكم بحصول المعلق عليه، وإنما لم يحكم بالصحة من أول الأمر لان حكم الحاكم لا
يدخل العبادات استقلالا بل تبعا كما للقرافي وهو المعتمد خلافا لابن راشد حيث قال: حكم الحاكم
يدخلها استقلالا كالمعاملات. قوله: (لضيق العتيق) أي أو لحدوث عداوة فإذا حصلت عداوة بين
أهل البلد وصاروا فرقتين وكان الجامع الذي في البلد في ناحية فرقة وخافت الفرقة الأخرى
على نفسها إذا أتوا ذلك الجامع فلهم أن يحدثوا جامعا في ناحيتهم ويصلون فيه الجمعة، فإن زالت العداوة
فلا تصح الجمعة للكل لا في العتيق فإن عادت العداوة صحت في الجديد لان الحكم يدور مع علته وجودا
وعدما، وقد أشار لما قلناه عج وقرره شيخنا أيضا. قوله: (فليتأمل) أشار بهذا لما يرد على الشرط الثالث
من البحث وحاصله أنه لا يتأتى الاحتياج للجديد لضيق العتيق لان العتيق إذا ضاق يوسع ولو بالطريق
والمقبرة ويجبر الجار على البيع لتوسعته ولو وقفا، ويمكن الجواب أن الكلام يفرض فيما لو كان العتيق
بجوار بحر أو جبل، فلا يمكن توسعته أوليس بجوارهما لكن توسعته تؤدي للاختلاط على المصلين
لكثرة المستمعين مثلا اه‍ تقرير عدوي. قوله: (وفي اشتراط سقفه) أي في اشتراط دوام سقفه
وعدم اشتراط ذلك فإن الذي يدل عليه نقل المواق عن الباجي وابن رشد أن التردد بينهما إنما هو في
الدوام مع اتفاقهما على أنه لا يسمى مسجدا إذا بني ابتداء إلا إذا كان مسقوفا فإذا هدم مسجد فهل
يزول عنه اسم المسجدية وهو ما للباجي أو لا وهو ما لابن رشد؟ قوله: (لصحتها فيه) أي اتفاقا والحال
أنه غير مسقوف قوله: (وعدم اشتراطه) أي وعدم اشتراط دوام سقفه فتصح فيما هدم سقفه والذي
ذكره الشيخ سالم وتت وعج أن التردد في الابتداء والدوام والذي رجحه ح عدم اشتراطه ابتداء
ودواما كما في حاشية شيخنا قوله: (وعدمه) أي وعدم اشتراط قصد تأبيدها به قوله: (ومحل قصد
التأبيد إلخ) أي ومحل اشتراط قصد التأبيد قوله: (فالشرط أن لا يقصدوا عدمه) أي عدم التأبيد
قوله: (أو تعطلت به الخمس) لا بد من تقييد التعطيل بكونه لغير عذر، وأما لعذر فالصحة محل اتفاق لان
ابن بشير القائل بالشرطية معترف بأن التعطيل إذا كان لعذر فإنه يغتفر قاله طفي قوله: (وعدم اشتراطه
فتصح) أي في مسجد بني لقصد إقامة الجمعة فقط وفيما بني لها ولغيرها ثم تعطل غيرها ولو لغير عذر
وكلام المصنف يوهم أن هذا المقابل مصرح به وليس كذلك، بل إنما أشار بالتردد في هذا الفرع الأخير
لما ذكر ابن بشير من الاشتراط وسكوت غيره عنه فنزل ذلك منزلة التصريح بعدم اشتراطه إذ لو كان
شرطا لنبهوا عليه قوله: (لا لامام) أي ولو ضاق المسجد فلا بد في صحتها من كون صلاة الامام
والخطبة بالمسجد. قوله: (وطرق متصلة) أي ولا حد لها ولو قدر ميلين، ولا فرق بين كونها مساوية
للمسجد أو كان مرتفعا عنها بحيث ينزل لها منه بدرج كما قال شيخنا، وظاهره صحتها في الطرق ولو كان
فيها أرواث دواب وأبوالها، لكن قيده عبد الحق بما إذا لم تكن عين النجاسة فيها قائمة وإلا أعاد أبدا
إذا وجد ما يبسطه عليها، وإلا كان كمن صلى بثوب نجس لا يجد غيره انظر طفي، وقد يقال: ليس الكلام
375

الآن في الصلاة عليها بل الكلام في ضرر الفصل بها خلافا لمن قال: إن الفاصل النجس يضر كالحنفية
قوله: (من غير حائل من بيوت أو حوانيت) فلو فصل بين حيطانه وبين الطرق بحوانيت
كالجامع الأزهر
بمصر من ناحية باب المغاربة فظاهره أنه يضر وهو ما يفيده كلام الشيخ سالم، واستظهر شيخنا عدم
الضرر إذا صلى على مساطب تلك الحوانيت. قوله: (ومثلها) أي مثل الطرق المتصلة في صحتها بها دور إلخ
وهذا يفيد أن قول المصنف: إن ضاق إلخ ليس مختصا بالطرق والرحاب بل هو شرط في كل ما خرج عن
المسجد منها ومن غيرها وهو كذلك في المدونة، ولذا أتى ابن عرفة بعبارة عامة فقال: وخارجه غير محجور
مثله إن ضاق واتصلت الصفوف اه‍ طفي. قوله: (كالمدارس التي حول الجامع الأزهر) أي وأما الأروقة
التي فيه فهي منه فتصح الجمعة فيها ما لم تكن محجورة وإلا كانت كبيت القناديل، ومقامات الأولياء التي
في المسجد كمقام أبي محمود الحنفي والحسين والسيدة فهي من قبيل الطرق المتصلة فتصح فيها الجمعة ولو
كان ذلك المقام لا يفتح إلا في بعض الأوقات كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (والمعتمد الصحة مطلقا)
أي لان هذا مذهب مالك في المدونة وسماع ابن القاسم كما في المواق عن ابن رشد قوله: (والظاهر الحرمة)
الذي استظهره شيخنا العدوي أن إساءته بالكراهة الشديدة لا بالحرمة. قوله: (كبيت القناديل إلخ) في
معنى ذلك بيت الحصر والبسط والسقاية لأنها محجورة وظاهره عدم الصحة في بيت القناديل ولو مع
ضيق المسجد، هذا وقد بحث القاضي سند في ذلك بأن أصله من المسجد وإنما قصر على بعض مصالحه فهو
أخف من الصلاة في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن نساءه كن يصلين الجمعة في حجرهن على عهده
وإلى أن متن وهي أشد تحجيرا من بيت القناديل، وقد يجاب بأن هذا من خصوصيات أمهات
المؤمنين فلما شدد عليهن في لزوم الحجرات كما قال تعالى: * (وقرن في بيوتكن) * جوز لهن صلاة الجمعة فيها
قوله: (وسطحه ولو ضاق) أفهم كلامه صحتها بدكة المبلغين وهو كذلك إن لم تكن محجورة
والقول بعدم صحتها على سطح المسجد مطلقا لابن القاسم في المدونة، ويعيد أبدا ابن شاس وهو
المشهور، والفرق بين سطحه والطرق أن الطرق متصلة بأرضه وقيل بصحتها عليه مطلقا وهو لمالك
وأشهب ومطرف وابن الماجشون وأصبغ قالوا: وإنما يكره ابتداء وقيل بصحتها عليه للمؤذن لا لغيره
وهو لابن الماجشون أيضا، وقيل: إن ضاق المسجد جازت الصلاة على سطحه وهو قول حمد يس
قوله: (إن كانا محجورين) أي ولو أذن أهلهما بالدخول للصلاة فيهما قوله: (وبجماعة) عطف على قوله: وبجامع
والباء فيه يحتمل أن تكون للمعية أي شرط صحتها وقوعها في الجامع مع جماعة، ويحتمل أن تكون
للظرفية أي شرط صحتها أن تكون في جامع وفي جماعة. قوله: (المثوى) أي الإقامة. قوله: (أول جمعة
أقيمت) أي في البلد. وقوله: فإن حضر منهم أي في أول جمعة أقيمت بالبلد. قوله: (بل فيما بعدها) أي بل
في الجمعة التي بعد الأولى أي بعد التي أقيمت في البلد أولا. قوله: (متوطنين) فإن كان بعضهم غير متوطن
لم تصح جمعتهم ولو كان ذلك الغير المتوطن ممن تجب عليه الجمعة لكون منزله خارجا عن تلك القرية
بكفرسخ فالجمعة وإن وجبت عليه لكن لا تنعقد به. قوله: (غير الامام) أي وأن يكونوا
376

مالكيين أو حنفيين أو شافعيين قلدوا واحدا منهما لا إن لم يقلدوا، فلا تصح جمعة المالكي مع اثني
عشر
شافعيين لم يقلدوا لأنه يشترط في صحتها عندهم أربعون يحفظون الفاتحة بشداتها. قوله: (باقين لسلامها)
أي حقيقة أو حكما كما لو حصل لأحدهم رعاف بناء اه‍ عدوي قوله: (فإن فسدت إلخ) فلو دخل معهم
مسبوق في الركعة الثانية وأحدث واحد من الاثني عشر بعد دخول المسبوق بحيث بقي العدد اثني عشر
بالمسبوق فهل تصح هذه الجمعة أم لا وهو الذي يظهر؟ اه‍ شب لان ذلك المسبوق لم يحضر الخطبة
وحضور الاثني عشر لها شرط في صحتها تأمل. قوله: (والتحرير إلخ) هذا التحرير لح فهمه من كلام
ابن عبد السلام خلافا لما فهمه منه المصنف من التفرقة بين الجمعة الأولى وغيرها وقد ارتضى الأشياخ
ما قاله ح. قوله: (شرط وجوب لإقامتها) أي على أهل البلد فلا تجب إقامتها في البلد إلا إذا كان فيها
جماعة تتقرى بهم القرية ولو كان بعضهم حرا وبعضهم رقيقا ولا تقع صحيحة من الاثني عشر إلا إذا
كان في البلد الجماعة المذكورة ولا فرق بين الجمعة الأولى وغيرها، وحاصل هذا التحرير أن الجماعة الذين
تتقرى بهم القرية وجودهم فيها شرط وجوب وصحة وإن لم يحضروا الجمعة والاثني عشر الأحرار
حضورهم في المسجد شرط صحة تتوقف الصحة على حضور الاثني عشر وعلى وجود الجماعة الذين
تتقرى بهم القرية في البلد وإن لم يحضروا الجمعة، ولا فرق في ذلك بين الجمعة الأولى وغيرها، ويمكن حمل
كلام المصنف على هذا التحرير بأن يقال: قوله أولا أي عند الطلب أي عند توجه الخطاب بها ووجوبها
عليهم، وقوله: وإلا فتجوز إلخ أي وإلا يكن حال الطلب والخطاب بأن كان حال الحضور في المسجد
فتجوز باثني عشر إلخ، فلو تفرق من تتقرى بهم القرية يوم الجمعة في أشغالهم من حرث أو حصاد ولم يبق في
القرية إلا اثنا عشر رجلا والامام جمعوا كما قاله ابن عرفة، فإن ارتحلوا منها ولم يبق فيها إلا اثنا عشر رجلا
والامام جمعوا إن رحلوا في أماكن قريبة من قريتهم بحيث يمكنهم الذب عنها وإلا فلا. قوله: (بإمام إلخ)
لو عطفه بالواو على ما قبله من الشروط كان أولى. قوله: (ولو لم يكن من أهل البلد) أي من المتوطنين فيها
قوله: (فيصح إلخ) بل وكذا يجوز ابتداء ولا يشترط في الجواز عدم وجود خطيب بالبلد خلافا للجزولي
وابن عمر، قال ح: والجواز مطلقا هو الظاهر من إطلاق أهل المذهب اه‍ بن قوله: (لغير قصد الخطبة)
أي وأما لو نوى الإقامة لأجلها فلا تصح إمامته معاملة له بنقيض مقصوده قوله: (ولو سافر بعد الصلاة)
أي ولو من غير طرو عذر قوله: (وكذا خارج عن قريتها) أي وكذا يصح أن يؤمهم شخص منزله خارج
عن قريتها وما ذكره من صحة إمامة المقيم إقامة تقطع حكم السفر ومن كان منزله خارجا عن بلد الجمعة
بكفرسخ هو ما لابن غلاب والشيخ يوسف بن عمر وهو المعتمد، وما في حاشية الطرابلسي على المدونة
من أنه لا تصح إمامة غير المتوطن بقرية الجمعة في الجمعة فهو ضعيف كما قاله شيخنا العدوي. واعلم أن
ذلك المقيم والخارج المذكورين لو اجتمع واحد منهما مع اثني عشر متوطنين تعين أن يكون إماما لهم
ولا يصح أن يكون مأموما ويؤمهم أحد المتوطنين وهذا يلغز ويقال شخص إن صلى إماما
صحت صلاته وصلاة مأموميه وإن صلى مأموما فسدت صلاة الجميع. قوله: (بخلاف الخارج) أي
بخلاف ما إذا كان منزله خارجا عن قريتها بأكثر من كفرسخ فلا تصح إمامته لأهل قريتها إلا إذا
نوى إقامة أربعة أيام فيها لا بقصد الخطبة كما مر لأنه حينئذ مسافر. قوله: (أو نائبه في الحكم والصلاة)
أي وذلك كالباشا وخرج القاضي فإنه نائبه في الحكم فقط. قوله: (قبل صلاتهم) أي لها احترازا
مما إذا قدم بعد صلاتهم لها وكان وقتها باقيا فإنه لا يقيمها على الأصح بل يصلي ذلك الخليفة الظهر
ويحرم عليه إقامة الجمعة، فلو حضر بعد الاحرام بها بل ولو بعد أن عقدوا ركعة فإنها تبطل عليهم
ويصلي هو أو غيره بإذنه ولا يبني على الخطبة بل يبتديها كما يفيده عج. وقيل تصح إن قدم بعد ركعة
377

كما ذكره خش في كبيره. قوله: (أن يجمع بهم) أي يصلي بهم الجمعة وليس المراد أن يجمع بهم بين الظهر
والعصر قوله: (بأن لم تتوفر) أي بأن مر بقرية لم تتوفر فيها شروط الوجوب أي بأن كان أهلها
المقيمون بها لا تتقرى بهم قرية غالبا. قوله: (تفسد عليه وعليهم) أي إذا جمعوا معه ولو أتموا بعده
قوله: (وصف ثان إلخ) فيه نظر بل هو عطف على الشروط السابقة لصحة الجمعة كما هو المتبادر من
كلامه، ولو كان وصفا لامام لقال خاطب وإن كان جعله وصفا لامام محرزا لذلك لان الشرط في
الشرط شرط قوله: (طرأ عليه بعد الخطبة) أي أو بعد الشروع فيها. قوله: (ووجب انتظاره لعذر
قرب) أي والفرض أن ذلك العذر طرأ بعد الشروع في الخطبة سواء كان قبل تمامها أو بعده، أما لو
حصل العذر قبل الشروع فيها فإنه ينتظر إلى أن يبقى لدخول وقت العصر ما يسع الخطبة والجمعة
ثم يصلون الجمعة هذا إذا أمكنهم الجمعة دونه، وأما إذا كانوا لا يمكنهم الجمعة دونه فإنه ينتظر
إلى أن يبقى مقدار ما يصلون فيه الظهر ثم يصلون الظهر أفذاذا في آخر الوقت المختار وهذا هو المنقول
اه‍ عدوي. قوله: (قرب زواله بالعرف) اعتبار القرب بالعرف كما قال الشارح قريب من قول البساطي
القرب بقدر أولتي الرباعية والقراءة فيهما بالفاتحة وما تحصل به السنة من السورة. قوله: (على الأصح)
أي وهو قول ابن كنانة وابن أبي حازم وعزاه ابن يونس لسحنون قوله: (وقيل لا يجب كما لو بعد إلخ)
أي وهو ظاهر المدونة وعليه فيندب للامام أن يستخلف لهم من يتم بهم، فإن لم يستخلف استخلفوا
وجوبا من يتم بهم ولا ينتظرونه، فإن تقدم إمام من غير استخلاف أحد صحت هذا هو الصواب
لا ما ذكره بعضهم من أن استخلاف الامام واجب. قوله: (قبل الصلاة) أي ولا بد أن يكونا داخل
المسجد فلا يكفي إيقاعهما في رحابه ولا في الطرق المتصلة به. قوله: (وإلا استأنفها) أي الخطبة
قوله: (لان من شروطها وصل الصلاة بها) أي ووصل بعضها ببعض كذلك ويسير الفصل مغتفر اه‍
تقرير شيخنا عدوي. قوله: (وكونها عربية) أي ولو كان الجماعة عجما لا يعرفون العربية، فلو كان
ليس فيهم من يحسن الاتيان بالخطبة عربية لم يلزمهم جمعة اه‍ عدوي. قوله: (والجهر بها) أي ولو
كان الجماعة صما لا يسمعون، فلو كان الجماعة كلهم بكما سقطت الجمعة عنهم، فعلم من هذا أن القدرة على
الخطبة من شروط وجوب الجمعة. قوله: (ومما تسميه العرب خطبة) قال بعض المحققين الخطبة عند
العرب تطلق على ما يقال في المحافل من الكلام المنبه به على أمر مهم لديهم والمرشد لمصلحة تعود عليهم
حالية أو مالية وإن لم يكن فيه موعظة أصلا فضلا عن تحذير أو تبشير أو قرآن يتلى، وقول ابن العربي
أقل الخطبة حمد الله والصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه وسلم وتحذير وتبشير وقرآن اه‍ مقابل
للمشهور كما في ابن الحاجب، وعلى المشهور فكل من الحمد والصلاة على النبي والقرآن مستحب
اه‍ بن قوله: (بأن يكون كلاما مسجعا) الظاهر أن كونها سجعا ليس شرط صحة فلو أتى بها نظما
أو نثرا صحت، نعم يستحب إعادتها إن لم يصل فإن صلى فلا إعادة قاله شيخنا. قوله: (يشتمل على وعظ)
أي وندب كونها على منبر قوله: (فإن هلل أو كبر) أي فقط، وقوله: لم يجزه أي خلافا للحنفية فإنهم
قالوا بإجزاء ذلك قوله: (وقراءة شئ من القرآن) أي وكذا يندب فيها الترضي على الصحابة
378

والدعاء لجميع المسلمين، وأما الدعاء فيها للسلطان فهو بدعة ما لم يخف على نفسه من اتباعه وإلا وجب
اه‍ عدوي قوله: (وأوجب ذلك الشافعي) أي جميع ما ذكر من الثناء على الله وما بعده. تنبيه
لا يضر تقديم الخطبة الثانية على الأولى كما في كبير خش قوله: (تحضرهما الجماعة) أي سواء حصل
منهم إصغاء واستماع أم لا، فالذي هو من شروط الصحة إنما هو الحضور لا الاستماع والاصغاء، وكون
الاستماع والاصغاء للخطبة ليس شرطا في صحة الجمعة لا ينافي أنهم مطالبون به بعد الحضور لكن
لا لصحة الجمعة اه‍ عدوي. وذكر بعضهم أن حضور الخطبة فرض عين ولو كثر العدد وهو بعيد
والظاهر أن العينية إذا كان العدد اثني عشر فما زاد على ذلك لا يجب عليه حضور الخطبة. قوله: (واستقبله)
أي لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا قعد الامام على المنبر يوم الجمعة فاستقبلوه بوجوهكم واصغوا إليه
بأسماعكم وارمقوه بأبصاركم وظاهر الحديث طلب استقباله بمجرد قعوده على المنبر ولو لم ينطق، لكن
الذي في عبق أن طلب استقباله عند نطقه لا قبله ولو كان قبل النطق جالسا على المنبر وسلمه من كتب عليه
من الحواشي قوله: (وجوبا) أي وهو ما عليه الأكثر كما قال ح وهو ظاهر المدونة أو صريحها ونصها
وإذا قام الامام يخطب فحينئذ يجب قطع الكلام واستقباله والانصات إليه. قوله: (وقيل سنة) أي وهو
قول لمالك واعتمده بعضهم كما قال شيخنا، وقيل: إنه مستحب وصرح به أبو الحسن في شرح المدونة
قوله: (غير الصف الأول بذواتهم) أي وحينئذ فيغيرون جلستهم التي كانت للقبلة، وأما أهل الصف
الأول فلا يطالبون باستقباله وقد تبع المصنف في استثنائه في الصف الأول ابن الحاجب قال ابن
عرفة: وجعله بعض من لقيته خلاف المذهب والمذهب استقبال ذاته للجميع اه‍ بن. قوله: (وكذا
الصف الأول) أي يستقبلونه بذواتهم من يراه ومن لا يراه من سمعه ومن لم يسمعه كما هو ظاهر
الحديث. قوله: (على الأرجح) مقابله لابن حبيب أن أهل الصف الأول يستقبلونه بوجوههم
لا بذواتهم فلا ينتقلون من موضعهم. والحاصل أن من قال بطلب أهل الصف الأول بالاستقبال
اختلفوا، فبعضهم قال: يستقبلون جهته فقط، وبعضهم قال: يستقبلون ذاته كغيرهم وهو الراجح. قوله: (وفي
وجوب قيامه لهما) أي على جهة الشرطية. قوله: (وسنيته) أي فإن خطب جالسا أساء وصحت، والظاهر
أن المراد بالإساءة الكراهة لا الحرمة وإن كانت هي المتبادرة من الإساءة قاله شيخنا. قوله: (وهو لابن
العربي) أي وابن القصار وعبد الوهاب. قوله: (وهي خمسة) أي فمتى وجدت لزمت وثبت إثم تاركها
وعقوبته، وهل يفسق بتركها ولو مرة أو ثلاثا متوالية من غير عذر؟ قولان: الأول لأصبغ والثاني لسحنون
وهو الحق لان تركها مرة صغيرة، كما أن تركها ثلاثا غير متوالية كذلك، ولا يجرح العدل بصغائر الخسة
إلا إذا كثرت لدلالة ذلك على تهاونه اه‍ عدوي. قوله: (ولزمت المكلف) أي لا الصبي والمجنون، وقوله
الحر أي لا الرقيق ولو كان فيه شائبة حرية ولو أذن له سيده على المشهور، وقوله الذكر أي لا المرأة
فلا تجب عليها، وقوله المتوطن أي فلا تجب على مسافر ولا على مقيم ولو نوى الإقامة زمنا طويلا إلا تبعا
والحاصل أن اشتراط هذه الشروط يقتضي أن المتصف بأضدادها لا تجب عليه الجمعة والواجب
عليه أصالة إنما هو الظهر، لكن الشارع جعل له الجمعة بدلا عن الظهر، فإذا حضرها وصلاها حصل
له ثواب من حيث الحضور وسقط عنه الظهر بفعل البدل ففعله الجمعة فيه الواجب
379

وزيادة كإبراء المعسر من الدين وليست الجمعة واجبة على التخيير، وقال القرافي: إنها واجبة على العبد
والمرأة والمسافر على التخيير، إذ لو كان حضورها مندوبا فقط لورد عليه أن المندوب لا يقوم مقام
الواجب، ورد عليه بأن الواجب المخير إنما يكون بين أمور متساوية بأن يقال: الواجب إما هذا وإما
هذا، والشارع إنما أوجب على من لم يستوف شروط الجمعة الظهر ابتداء، لكن لما كانت الجمعة فيها
الواجب من حيث أنها صلاة وزيادة من حيث حضور الجماعة والخطبة كفت عن الظهر. قوله: (بلا عذر)
أشار بذلك إلى أن هذه الشروط إنما تكون موجبة للجمعة حيث انتفى العذر وأما معه فلا تجب وإنما
يستحب له حضورها فقط. قوله: (المتوطن ببلدها) أي الناوي الإقامة ببلدها على جهة الدوام ولو كان
بين منزله والمسجد ستة أميال باتفاق. قوله: (مما يليه) أي من الجهة التي تلي ذلك المتوطن أي تلي قريته
المتوطن فيها. قوله: (فالعبرة بالعتيق) أي وإلا فيعتبر الفرسخ من القرية النائية إلى العتيق. قوله: (لا
أكثر) أي فإذا كان متوطنا في قرية نائية عن بلد الجمعة بأربعة أميال أو بثلاثة أميال ونصف فلا
يجب عليه السعي إليها قوله: (شرط في صحتها) أي فإذا صلوها في بلد غير متوطنة كانت باطلة
قوله: (ووجوبها) أي فالخارج عن بلد الجمعة بأكثر من كفرسخ لا تجب عليه قوله: (لأنه قدم أن الاستيطان إلخ)
لكن المراد بالاستيطان الذي جعل شرط صحة استيطان بلدها أي كون البلد مستوطنة، والمراد
بالاستيطان الذي جعل شرط وجوب استيطان الشخص في نفسه أي نيته الإقامة دائما، فإذا نزل
جماعة في بلدة خراب ونووا الإقامة فيها شهرا فأرادوا صلاة الجمعة فيها فلا تصح منهم ولا تجب عليهم
قوله: (فهي واجبة عليه) أي لأنها واجبة عليه تبعا إلخ قوله: (وهو من أهلها) يقتضي أن غير
المتوطن وإن كان مقيما بها إقامة تقطع حكم السفر إذا خرج وأدركه النداء أنها لا تلزمه وحينئذ فلا
يؤمر بالرجوع، ومال لذلك شيخنا العدوي. ونقل بعضهم عن الناصر أنه اعترض ذلك وقال: لا فرق بين
كونه من أهلها أو كان مقيما فيها ومثله في بن اه‍. قوله: (أي قبل مجاوزة كالفرسخ) أي وأما لو أدركه النداء
بعد مجاوزة كالفرسخ كما لو خرج من بلده مسافرا فسافر قبل الزوال ثلاثة أميال وثلثا وأدركه النداء
على رأس هذه المسافة فهل تجب عليه الجمعة اعتبارا بشخصه لان شخصه غير مسافر شرعا وتصح
إمامته لأهل تلك البلد التي على رأس هذه المسافة، وبه قال سيدي محمد الصغير ونقله عنه شيخنا العدوي
في حاشيته على ابن تركي أو لا تجب عليه اعتبارا ببلده لان بلده خارجة عن الثلاثة أميال وثلث، ومن كان
كذلك لا تجب عليه الجمعة لا تبعا ولا استقلالا، وحينئذ فلا تصح إمامته لأهل تلك البلد ما لم ينو
إقامة أربعة أيام صحاح واستظهره شيخنا العدوي. قوله: (ولو حكما) أي ولو كان وصول النداء
إليه حكما كدخول الوقت، هذا على ما لابن بشير وابن عرفة من تعليق الرجوع
بالزوال سمع النداء أو لا، وعلقه الباجي وسند على الأذان وهو ظاهر المصنف
380

وحينئذ فلا يلزمه الرجوع إلا بسماع النداء اه‍ بن. قوله: (أو صلى المسافر الظهر) أي فذا أو في جماعة أو
صلاها مجموعة مع العصر كذلك. قوله: (فتجب عليه معهم) فإن كان قد صلى العصر أيضا وهو مسافر ثم
قدم فوجدهم لم يصلوا الجمعة وجب عليه صلاة الجمعة معهم، وأما العصر فالظاهر إعادتها استحبابا لا
وجوبا بمنزلة من صلى العصر قبل الظهر نسيانا، فإن لم يعد الجمعة معهم فهل يعيدها ظهرا قضاء عما لزمه
من إعادتها جمعة أو لا لتقدم صلاته لها قبل لزومها له جمعة، وظاهر قوله الآتي وغير المعذور إلخ الثاني لعذره
بالسفر الذي أوقعها فيه اه‍ عدوي. قوله: (أو صلى الصبي الظهر ثم بلغ) مفهومه أنه لو صلى الجمعة ثم بلغ
ووجد جمعة أخرى فالظاهر وجوبها عليه من غير تردد في ذلك، فإن لم يجد جمعة أخرى صلاها ظهرا
قوله: (نفل) أي كان نفلا في حقه ساعة إيقاعه قوله: (أو صلى الظهر معذور) أي لسجن أو مرض أو رق ثم
زال عذره قبل إقامتها فإنها تجب عليه لان العاقبة أظهرت أنه من أهلها. قوله: (لا بالإقامة) عطف على المعنى
أي لزمت بالاستيطان لا بالإقامة. قوله: (ومثله النائي) أي في كونه لا يعد من الاثني عشر وإن صحت
إمامته نظرا لوجوبها عليه تبعا قوله: (وندب تحسين هيئة) المراد تأكد الندب وإلا فتحسينها مندوب
مطلقا. قوله: (واستحداد) أي حلق عانة وكذا حلق رأس قوله: (وسواك) أي مطلقا وجعله من تحسين
الهيئة لان فيه تنظيف الفم من اللزوجات قوله: (إن أكل كثوم) أي وتوقفت إزالة رائحته عليه قوله: (وجميل
ثياب) أي ولبس ثياب جميلة قوله: (وهو هنا) أي والجميل هنا أي في الجمعة قوله: (فيندب الجديد ولو
أسود) اعلم أن لبس الثياب الجميلة يوم الجمعة مندوب لا لأجل اليوم بل لأجل الصلاة، فيجوز لبس
غير البياض في غير الصلاة ويلبس الأبيض فيها بخلاف العيد، فإن لبس الجديد فيه مندوب لليوم لا
للصلاة، فإن كان يوم الجمعة يوم عيد لبس الجديد غير الأبيض أول النهار والأبيض عند حضور
الجمعة فإذا صلى الجمعة عاد للجديد ولو أسود. قوله: (وندب طيب) أي استعماله سواء كان مؤنثا كالمسك
أو مذكرا كماء الورد، وإنما ندب استعمال الطيب يومها لأجل الملائكة الذين يقفون على أبواب المساجد
يكتبون الأول فالأول وربما صافحوه أو لمسوه. قوله: (في الثلاثة) أي في تحسين الهيئة ولبس جميل الثياب
واستعمال الطيب وأما للنساء فهو حرام. قوله: (ومشى في ذهابه) أي لما فيه من التواضع لله عز وجل
لأنه عبد ذاهب لمولاه فيطلب منه التواضع له فيكون ذلك سببا في إقباله عليه ولقوله صلى الله عليه وسلم: من
اغبرت قدماه في سبيل الله أي في طاعته حرمه الله على النار وشأن الماشي الاغبرار وإن اتفق عدم الاغبرار
فيمن منزله قريب واغبرار قدمي الراكب نادر أو أنه مظنة لعدم ذلك غالبا. والحاصل أن الاغبرار
لازم للمشي فأطلق اسم اللازم وأريد به الملزوم الذي هو المشي على طريق الكناية قوله: (في ذهابه
فقط) أي وأما في رجوعه فلا يندب المشي لان العبادة قد انقضت. قوله: (ويكره التبكير خشية الرياء)
أي ولأنه لم يفعله النبي ولا الخلفاء بعده. قوله: (والمراد) أي بالذهاب في الهاجرة الذهاب في الساعة
السادسة أي وهي المقسمة إلى الساعات أي الاجزاء في حديث الموطأ وهو قوله عليه الصلاة والسلام
من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة
الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة
فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الامام أي في أول
السابعة حضرت الملائكة يستمعون الذكر، وما قلناه من أن تلك الساعة أجزاء للسادسة التي يليها
الزوال هو ما ذهب إليه الباجي وشهره الرجراجي خلافا لابن العربي القائل إنه تقسيم للساعة
السابعة وذلك لان الامام يطلب خروجه في أولها وبخروجه تحضر الملائكة لسماع الذكر
381

قوله: (وندب للامام إقامة إلخ) الندب منصب على إقامة الامام بنفسه أو بوكيل من ناحيته، وأما من في
السوق فمن تلزمه يجب عليه القيام ومن لا تلزمه فلا يجب عليه، فالمصنف ساكت عن قيام من في السوق
وإنما ندبت إقامة من لا تلزمه ولو كان كافرا لئلا يشتغل بال من تلزمه لاختصاص من تلزمه بالأرباح
فيدخل الضرر على من تلزمه فأقيم من لا تلزمه لأجل صلاح العامة قوله: (وهو الأذان الثاني) أي في الفعل
وهو الذي يفعل بين يدي الخطيب وهو أول في المشروعية. قوله: (عند خروجه على الناس) أي من
الخلوة أو من البيت. واعلم أن الخلوة قد جرى العمل باتخاذها، وانظر هل اتخاذها مستحب أو جائز فقط
وعلى أنه مستحب هل يستحب جعلها على يسار المنبر أم كيف الحال؟ اه‍ عدوي قوله: (وندبه في هذه
الحالة) أي حالة الخروج. وقوله لا ينافي أنه في ذاته سنة أي فهو متصف بالسنية باعتبار ذاته، وبالندب
باعتبار كونه عند خروجه على الناس. قوله: (ورده) أي إذا سلم على الناس حال خروجه عليهم قوله: (لا وقت
انتهاء) أي لا تأخيره لوقت إلخ. قوله: (ولا يجب رده) أي لان المعدوم شرعا كالمعدوم حسا. وقوله
كما جزم به بعضهم أي وهو الشيخ كريم الدين البرموني خلافا لما استظهره البدر القرافي من
وجوب الرد قوله: (وجلوسه بينهما) قال ابن عات: قدر * (قل هو الله أحد) * قوله: (والاستراحة) أي
من تعب القيام قوله: (لان الجلوس الأول سنة على المشهور) أي وقيل بندبه وهو ضعيف. وقوله والثاني
سنة إلخ أي ولم يقل أحد بندبه. قوله: (والثانية أقصر) أي ويستحب أن تكون الثانية أقصر من الأولى
فهو مندوب ثان وكذا يندب تقصير الصلاة لما مر أن التخفيف لكل إمام مجمع على ندبه. قوله: (ورفع
صوته بهما) أي زيادة على الجهر. وقوله للاسماع أي ولأجل ندب رفع الصوت للاسماع ندب
للخطيب أن يكون مرتفعا على منبر. قوله: (واستخلافه إلخ) لو قال: واستخلاف إلخ بحذف الضمير
كان أولى ليشمل الإمام والمأموم عند عدم استخلاف الامام. قوله: (أو بعدهما) أي في الصلاة
قوله: (حاضرها) أي كلا أو بعضا ويخطب الثاني من انتهاء الأول إن علم وإلا ابتدأها كذا ينبغي كما في عبق.
قوله: (وإلا فأصل الاستخلاف واجب) ظاهره في حق الامام والمأمومين وليس كذلك بل
الاستخلاف للامام مستحب فقط في الجمعة كغيرها فإن تركه وجب على المأمومين في الجمعة كما يدل
عليه كلامهم اه‍ بن قوله: (وقراءة فيهما) أي في مجموعهما لان القراءة إنما تندب في الأولى كما في عبق
قوله: (وكان (ص) يقرأ فيهما إلخ) الواقع في عبارة غيره وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في خطبته
الأولى: * (يا أيها الذين آمنوا) * إلخ. قوله: (وقيل إلخ) قائله ابن يونس ونص كلامه وينبغي قراءة
سورة تامة في الأولى من قصار المفصل. قوله: (وأجزأ في حصول الندب) أي وكفى فيه
أن يقول بدل قوله: يغفر الله لنا ولكم اذكروا الله يذكركم وإن كان هذا الثاني دون الأول
في الفضل فكل منهما مندوب إلا أن الأول أقوى في الندب، وتعبير المصنف بالاجزاء لا
يفيد ذلك بل يقتضي أنه منهي عنه ابتداء وليس كذلك بل كل منهما حسن لكن الأول
أحسن، وأما ختمها بقوله تعالى: * (إن الله يأمر بالعدل والاحسان) * الآية، فظاهر كلامه أنه غير مطلوب
في ختمها، وأول من قرأ في آخرها * (إن الله يأمر بالعدل) * عمر بن عبد العزيز فإنه أحدث ذلك بدلا عما كان
يختم به بنو أمية خطبهم من سبهم لعلي رضي الله عنه لكن عمل أهل المدينة على خلافه. قوله: (على كقوس)
أي قوس النشاب، والمراد القوس العربية لطولها واستقامتها لا العجمية لأنها قصيرة وغير مستقيمة
382

قوله: (وهي أولى) أي والعصا أولى من القوس والسيف كما في المدونة. قوله: (فيندب له قراءتها في ركعة
القضاء) ظاهره كالمدونة وإن لم يكن الامام قرأها وهو كذلك. قوله: (وأجاز الامام) أي في تحصيل
المندوب أن يقرأ إلخ فيكون الخطب مخيرا بين الثلاثة، وهذا هو الذي فهم عليه في التوضيح قول ابن
الحاجب، وفي الثانية * (هل أتاك) * أو * (سبح) *، أو * (المنافقون) * واحتج لذلك بكلام ابن عبد البر والباجي والمازري
ولم يعرج على ما ذكر ابن عبد السلام من أنها أقوال اه‍ ابن. والحاصل أنه مخير في القراءة في الركعة
الثانية بين الثلاثة وأن كلا يحصل به الندب، لكن * (هل أتاك) * أقوى في الندب وهذا ما اعتمده طفي، وفي
كلام بعضهم ما يفيد أن المسألة ذات قولين وأن الاقتصار على * (هل أتاك) * مذهب المدونة وأن التخيير بين
الثلاثة قول الكافي. قوله: (وحضور مكاتب وصبي) أي لأجل أن يعتاد ذلك، وكذلك المسافر يستحب
له الحضور إذا كان لا مضرة عليه في الحضور ولا يشغله عن حوائجه وإلا خير كذا ينبغي قاله في
التوضيح. قوله: (ولو لم يأذن السيد) أي لسقوط تصرفه فيه بالكتابة. قوله: (أذن سيدهما) والظاهر أنه
يندب للسيد الاذن لهما لأنه وسيلة لمندوب. واعلم أن المكاتب إذا حضرها لزمته فيما يظهر لئلا يطعن على
الامام بخلاف المسافر والأنثى والعبد فلا يلزمهم إذا حضروها الدخول مع الامام، لكن إذا دخلوا
مع الامام أجزأتهم عن الظهر، هكذا استظهر عبق اللزوم في المكاتب، قال طفي وتبعه بن: وفيه نظر
بل الظاهر عدم اللزوم وأي فرق بينه وبين المسافر، وأما إذا حضر واحد من أرباب الاعذار الآتية
فإنها تلزمه لزوال عذره بحضوره، قال عج:
من يحضر الجمعة من ذي العذر * عليه أن يدخل معهم فادر
وما على أنثى ولا أهل السفر * والعبد فعلها وإن لها حضر
كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (وأخر الظهر ندبا معذور راج زوال عذره إلخ) أي قبل صلاتها، فقول
الشارح قبل صلاتها تنازعه زوال عذره وظن الخلاص، وقوله: وأخر الظهر أي عن أول وقتها، فإن
خالف المندوب فقدم الظهر ثم زال العذر بحيث يدرك ركعة من الجمعة وجبت عليه الجمعة.
قوله: (فله التعجيل) أي في أول الوقت لكن بعد فراغ الامام من صلاة الجمعة قوله: (وغير
المعذور إن صلى الظهر مدركا لركعة لم يجزه) أي على الأصح وهو قول ابن القاسم وأشهب وعبد الملك
بناء على أن الجمعة فرض يومها والظهر بدل عنها في الفعل فالواجب عليه جمعة ولم يأت بها
وسواء أحرم بالظهر عازما على أنه لا يصلي الجمعة أم لا عمدا أو سهوا، فإن لم يكن وقت إحرامه
بالظهر مدركا لركعة من الجمعة لو سعى إليها أجزأته ظهره، والقابل الأصح ما في التوضيح عن ابن
نافع أن غير المعذور إذا صلى الظهر مدركا لركعة فإنها تجزيه قال: إذ كيف يعيدها أربعا وقد صلى
383

أربعا لأنه قد أتى بالأصل وهو الظهر وذكر ابن عرفة أن المازري بنى هذا الفرع على الخلاف في الجمعة
هل هي فرض يومها أو بدل عن الظهر؟ قوله: (ولو لم تنعقد به) أي كالمسافر الذي أقام بمحل الجمعة إقامة
تقطع حكم السفر، وأما من لا تجب عليه أصلا لكونه من المعذورين أو غير مكلف فتجزيه صلاة الظهر
ولو كان يدرك صلاة الجمعة بتمامها. قوله: (كثير الوقوع) أشار بذلك إلى أن التنوين في عذر للنوعية أي إلا
من فاتته لنوع من العذر وهو العذر الكثير الوقوع وهو ما لا يمكن الحضور معه لصلاة الجمعة احترز
بذلك عمن فاتته لعذر يبيح التخلف ويمكن معه حضورها كخوف بيعة الأمير الظالم وعمن فاتته لغير
عذر كمن فاتته نسيانا أو عمدا فإنه يكره له الجمع، وإذا جمعوا لم يعيدوا على الأظهر خلافا لمن قال بإعادتهم
إذا جمعوا كما في بهرام ابن رشد لان المنع لم يرجع لأصل الصلاة وإنما يرجع لوصفها وهو الجمع فهي
مجزئة بأصلها مكروهة بوصفها. قوله: (كمرض وسجن وسفر) قصر العذر الكثير الوقوع على الثلاثة هو
الواقع في الرواية، وزاد ابن عرفة المطر الغالب وعزاه لابن القاسم اه‍. قوله: (فالأولى لهم الجمع) أي ولا
يحرمون فضل الجماعة. قوله: (وإخفاء جماعتهم) أي فإذا جمعوا فلا يؤذنون ويجمعون في غير مسجد أو في
مسجد لا راتب له وأما جمعهم في مسجد بعد راتبه فهو مكروه. قوله: (في ابتداء إقامتها) أي في بلد
توفرت فيها شروط الإقامة قوله: (فإن أجاب فظاهر) أي فظاهر وجوب إقامتها عليهم، ومثل ما إذا
أجاب ما إذا أهمل ولم يجب بإجازة ولا بمنع. قوله: (أي لم تصح) مقتضاه دخول حكم الحاكم في
العبادات قصدا قاله شيخنا. قوله: (واستظهر بعضهم) هو العلامة ابن غازي قائلا: إن هذا التعليل فيه شئ
لأنه جعل علة عدم الاجزاء المخالفة مع أنها موجودة فيما إذا أمنوا والنص وجوب إقامتها في تلك الحالة
قوله: (وضبط المصنف إلخ) أي لم يجز لهم إقامتها فلو وقع وخالفوا وأقاموها صحت لهم ولا إعادة عليهم
وحاصل فقه المسألة على ما قاله الشيخ أبو زيد الفاسي واختاره أبو علي المسناوي أن الامام إذا امتنع من
إقامتها فإما أن يكون ذلك اجتهادا منه بأن رأى أن شروط وجوبها غير متوفرة، وإما أن يكون ذلك
جورا منه، فإن كان الأول وجبت طاعته ولا تحل مخالفته ولو أمنوا فإن خالفوا وصلوا لم تجزهم
ويعيدونها أبدا، وإن كان الثاني ففيه تفصيل فإن أمنوا على أنفسهم منه وجبت عليهم وإلا لم تجز لهم
مخالفته، ولكن إذا وقع ونزل أجزأتهم، وعلى ما إذا كان منعهم جورا منه يحمل كلام المصنف وعليه
فيقرأ قوله: تجز بفتح التاء وضم الجيم من الجواز أي وإذا وقع ونزل أجزأتهم وهذا الحمل موافق لما فيه
ابن غازي، وإن كان خلاف ظاهر ما في التوضيح والمواق عن اللباب، وقد أشار ابن غازي لتأويل ما
يخالفه من النص اه‍ بن. وحاصل ما في التوضيح والمواق أنه إذا منعهم من إقامتها وجب عليهم
إقامتها إن أمنوا على أنفسهم منه سواء منعهم جورا أو اجتهادا فإن منعهم من إقامتها ولم يأمنوا
على أنفسهم منه لم تجزهم سواء منعهم جورا أو اجتهادا فالمسألة ذات طريقتين وقد رجح
بن أولاهما. قوله: (وسن لمريد صلاة الجمعة غسل) أي لا لغيره لان الغسل للصلاة
لا لليوم وما ذكره من سنية الغسل للجمعة هو المشهور من المذهب وقيل إنه واجب
وقيل مندوب، ومحل الخلاف إذا لم يكن له رائحة لا يذهبها إلا الغسل وإلا وجب اتفاقا ابن عرفة
والمعروف من المذهب أنه سنة لآتيها ولو لم تلزمه والمشهور شرط وصله بالرواح إليها وكونه
384

نهارا فلا يجزئ قبل الفجر اه‍. وفي افتقاره لنية قولان ذكرهما ح عن المازري وذكر عن الشبيبي أن
الصحيح افتقاره إليها. قوله: (متصل بالرواح) أي المطلوب عندنا وهو وقت الهاجرة، فلو راح
قبله متصلا به غسله لم يجزه وفيه خلاف، قال أبو الحسن: قال ابن القاسم في كتاب محمد: إن اغتسل عند
طلوع الفجر وراح فلا يجزيه، وقال مالك: لا يعجبني، وقال ابن وهب: يجزيه واستحسنه اللخمي اه‍ بن
قوله: (ولا يضر يسير الفصل) أي بين الغسل والذهاب للمسجد كأكل خف واصلاح ثيابه وتبخيرها
ونحو ذلك. قوله: (تتوقف إزالتها عليه) أي على الغسل قوله: (إن تغذى بعده) أي أو حصل له عرق
أو صنان ولو في المسجد أو خرج من المسجد متباعدا. قوله: (خارج المسجد) أي في بيت لا إن
تغذى ماشيا في الطريق أو في المسجد فلا يضر كما في حاشية شيخنا، وقوله للفصل أي بينه وبين الرواح
للمسجد. قوله: (اختيارا) قال عبق: ينبغي تقييد الأكل به، قال: فيه نظر بل هو خلاف إطلاقهم
في الأكل وإنما قيد به عبد الحق النوم، وقال شيخنا العدوي: قوله اختيارا راجع لكل من الأكل
والنوم على المعتمد لا للنوم فقط كما قيل، وقوله بخلاف المغلوب أي على الأكل أو النوم أي فلا يطلب
بإعادته. قوله: (وبخلاف ما إذا كان ما ذكر) أي من الأكل والنوم داخل المسجد فلا يبطله أي
وكذا إذا كان الأكل في الطريق، وانظر لو اغتسل ودخل المسجد لا يريد الصلاة به وطال مكثه فيه
أو نام أو تغذى ثم انتقل لغيره فهل يبطل غسله أم لا؟ واستظهر شيخنا الثاني قائلا: لان له أن يصلي في
الأول ولا يبطل غسله قوله: (لا يعيد لأكل خف) أي خارج المسجد وقصره الخفة على الأكل يقتضي
أن النوم الخفيف ليس كذلك، وكلام ابن حبيب يفيد أنه لا فرق بين الأكل والنوم الخفيفين، فالنوم
إذا لم يطل لا يضر كما لا يضر نقض الوضوء ولو قبل دخول المسجد قاله شيخنا. قوله: (والذي في
النقل إلخ) ما ذكره أولا من كراهة الكلام حين الإقامة وحرمته بعد إحرام الامام هو ما ذكره عبق
وغيره من الشراح فبعد ذكر الشارح له استدرك عليه بقوله: والذي في النقل إلخ، وعبارة بن الذي
يدل عليه نقل المواق هنا و ح في آخر الأذان جواز الكلام حين الإقامة، وفي المدونة: ويجوز
الكلام بعد فراغه من الخطبة وقبل الصلاة، وفي ح في المحل المذكور عن عروة بن الزبير: كانت
الصلاة تقام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي الرجل طويلا قبل أن يكبر، وأما الكلام بعد
الاحرام فقد نص ابن رشد على أنه مكروه نقله ح في المحل المذكور قال: إلا أن يكون فيه تشويش
على غيره من المصلين فيحرم اه‍ بن. وبالجملة فالمسألة ذات طريقتين وكل منهما قد رجح كما قرر
شيخنا. قوله: (الكراهة) أي كراهة الكلام بعد إحرام الامام قوله: (والجواز قبله) أي سواء كان قبل
الإقامة أو حينها أو بعدها وقبل الاحرام. قوله: (وجاز خروج كمحدث بلا إذن) أي وإن كان
الاستئذان أولى. قوله: (بمعنى خلاف الأولى) أي لان ترك ذلك مندوب كما في المدونة، وقوله على المعتمد
مقابله ما ذكره عبق من أن ذلك مندوب قوله: (إقبال) أي حال الخطبة والمراد بالاقبال على الذكر
فعله مطلقا عند السبب وغيره قوله: (ومنع الكثير) أي سرا قوله: (ولعل المراد بالمنع) أي بمنع الكثير
سرا ومنع الجهر باليسير والمراد بذلك البعض بن قوله: (كتأمين) أي كما يجوز تأمين وتعوذ
385

واستغفار وتصلية أي وكذا دعاء وطلب جنة أو نجاة من النار كما قرر شيخنا. قوله: (لأن هذه غير مقيدة
باليسارة) أي بل تجوز مطلقا عند ذكر السبب سواء كانت قليلة أو كثيرة بشرط كونها سرا قوله: (المراد
منه الندب) أي لا خلاف الأولى كما في الذي قبله ولا المستوي الطرفين كما يفيده ح قوله: (بمعنى
الندب) فيه إشارة كما قال طفي إلى أن الجواز في كلام المصنف منصب على الاقدام عليه في هذه الحالة
وإلا فهو في نفسه مطلوب، وفي المدونة: ومن عطس والامام يخطب حمد الله سرا اه‍ بن. وهل الحمد
مطلوب على جهة الندب أو السنية؟ قولان رجح عبق وشب الأول واقتصر تت على الثاني. وأقره طفي
قوله: (قيد فيه وفيما قبله) أي وهو التأمين والتعوذ عند ذكر السبب وهذا التقييد مبني على قول مالك أن
التأمين والتعوذ عند السبب لا يفعلان إلا سرا أو الجهر بهما ممنوع. وقال ابن حبيب: يفعلان ولو جهرا
لكن ليس بالعالي لان العلو بدعة والمعتمد الأول كذا قرر شيخنا قوله: (وجاز إجابته) أي جاز لمن أمره
الخطيب بأمر أو نهاه عن أمر إجابته، وأما لو وقف الخطيب في الخطبة فلا يرد عليه أحد لأنه إجابة
للامام من غير أن يطلب منه الكلام قوله: (فيما يجوز له التكلم فيه) أي كما إذا تكلم لامر أو نهي لاغيا أو
فاعل فعل لا يليق، وكلام الشارح يقتضي أن قول المصنف وإجابته من إضافة المصدر لمفعوله، أي أن
الخطيب إذا خاطب إنسانا في شأن أمر جاز له إجابته، ويصح أن يكون من إضافة المصدر لفاعله أي
إذا خاطبه أحد في شأن أمر جاز له إجابته كقول علي لسائله وهو على المنبر صار ثمنها تسعا قوله: (وجاز
للاستراحة) أي ما لم يترتب عليه ضياع عياله وإلا حرم. قوله: (وكره بيع كعبد إلخ) ما ذكره من الكراهة
اعتراضه طفي بأن النص حرمة البيع وقتها لمن تلزمه ومن لا تلزمه، وفي المدونة: وإذا قعد الامام على
المنبر وأذن المؤذن حرم البيع حينئذ ومنع منه من تلزمه الجمعة ومن لا تلزمه فقال الوانوغي: قيده ابن رشد
بما إذا كان في الأسواق ويجوز في غير الأسواق لمن لا تجب عليه ويمتنع في الأسواق للعبيد وغيرهم اه‍
وكلام ابن رشد هذا نقله ح عند قول المصنف الآتي وفسخ بيع إلخ وفهمه على الحرمة مطلقا، وتعقب
بعضهم ذلك بأن قول المدونة ومنع منه من تلزمه ومن لا تلزمه ليس معناه حرم بل معناه أن الامام يمنعهم
من ذلك فلا يدل على الحرمة مطلقا، ويرد بأن إطلاق قولها حرم البيع حينئذ وتسويتها من تلزمه ومن
لا تلزمه دليل على إرادتها الحرمة مطلقا كما هو ظاهرها، وعبارة الوانوغي صريحة في الحرمة اه‍ بن.
قوله: (من حين جلوس الخطيب على المنبر) أي عند الأذان الثاني لا قبله قوله: (وأما من تلزمه فيحرم
عليه البيع والشراء وقتها) أي سواء كان بسوق أو غيره سواء وقع البيع بينه وبين من تلزمه أو من لا تلزمه
وتتعلق بالحرمة بمن لا تلزمه أيضا كالعبد على المعتمد لأنه أشغل من تلزمه خلافا لمن قال بالكراهة
في حق من تلزمه كذا قرر شيخنا. قوله: (أو لانتظار الجماعة) أي أو دخل بعد ولكن جلس لانتظار
الجماعة. قوله: (ممن يقتدى به) هل يقيد أيضا بما إذا كان أحد من الجهال الذين يقتدون به حاضرا أو
مطلقا لان فعله ذلك مظنة الاقتداء به؟ انظره اه‍ تقرير شيخنا عدوي قوله: (عند الأذان الأول) أي
الذي قبل خروج الخطيب فلا يعارضه قوله في المحرمات وابتداء صلاة بخروجه وتقييده بالأذان الأول
386

تبع فيه ح وتت وهو أولى مما قاله ابن غازي من أنه محمول على أذان غير الجمعة وإلا ناقض ما يأتي من تحريم
ابتداء صلاة بخروج الامام اه‍. وذلك لان خروج الامام عند الأذان الثاني، وكلامنا هنا في الأذان
الأول وحينئذ فلا مناقضة، نعم لو حمل الأذان في كلام المصنف على الأذان الثاني حصلت المناقضة
تنبيه: كما يكره التنفل للجالس في المسجد يوم الجمعة عند الأذان الأول بالقيد المذكور يكره أيضا
المبادرة به عند الأذان للجالس في المسجد في غير الجمعة، فينبغي له أن يؤخر حتى يفرغ الأذان بخلاف
الداخل. قوله: (لا أرب للرجال إلخ) أي وأما ما للرجال فيها أرب فهي كالشابة غير المخشية الفتنة اه‍
عدوي قوله: (وكره لمن تلزمه سفر بعد الفجر) هذا هو المشهور خلافا لما رواه علي بن زياد وابن وهب
عن مالك من إباحته لعدم تناول الخطاب له، وقوله بعد الفجر يومها أي وأما السفر بعد الفجر يوم العيد
فقال ابن رشد: وكره السفر بعد فجر يوم العيد وقبل طلوع الشمس ويحرم بعد طلوعها، قال ح: وفيه
نظر إذ كيف يكون السفر حراما مع أنه إنما ترك سنة وتركها في ذاتها ليس حراما؟ وحاصل الجواب
أن ما ذكره من الحرمة مشهور مبني على ضعيف وهو القول بأن العيد فرض عين أو كفاية حيث لم يقم بها
غيره، ولا غرابة في بناء مشهور على ضعيف اه‍. ولكن الحق أن كلا من المبني والمبني عليه ضعيف وإن
السفر بعد طلوع شمس يوم العيد مكروه فقط اه‍ عدوي. قوله: (أو يخشى بذهاب رفقته دونه) أي
إذا جلس للصلاة على نفسه إلخ أي فيباح له السفر حينئذ واستظهره في التوضيح. قوله: (فإنه يحرم) أي
لوجوب الانصات لهما قوله: (بقيامه) الباء للظرفية وهي متعلقة بمحذوف صفة لخطبتيه أي الكائنتين
في حال قيامه لا أنه بدل من خطبتيه لإيهامه أن بالقيام لهما يحرم الكلام ولو من غير أخذ في الخطبة
وليس كذلك تأمل. قوله: (ولو حال الترضية وكذا حال الدعاء إلخ) مبالغة في عدم حرمة الكلام بعدهما
وذلك لان الكلام في حال الترضية مكروه، وفي حال الدعاء للسلطان جائز على ما قيل وهو غير مسلم
بالنظر للأول أعني حال الترضية، إذ الكلام في هذه الحالة ممنوع لان الترضية على الصحابة من جملة
الخطبة لندب اشتمالها على ذلك، ولا تنتفي حرمة الكلام حال الخطبة إلا إذا لغا الخطيب، والذي في النص
أن اللغو أن يتكلم بما لا يعني الناس أو يخرج إلى اللعن والشتم كما في أبي الحسن عن ابن حبيب واللخمي
والمجموعة والترضي لا يدخل في ذلك أنظر بن. وقوله: وهو غير مسلم بالنظر للأول أي وكذا هو غير
مسلم بالنظر للثاني وهو الدعاء للسلطان إذا كان واجبا لان المصنف إنما استثنى جواز الكلام إذا لغا
الخطيب والترضية والدعاء للسلطان ليسا لغوا بل مطلوبان، وحينئذ فيحرم الكلام في حالتيهما، ولا
يقال إن الخطبة قد انتهت قبل الترضي والدعاء للخليفة وقد قال المصنف سابقا: وجاز كلام بعدها
لأنا نقول: هما ملحقان بها لطلب اشتمالها على ذلك، فقول المصنف: وكلام بعدها أي بعد فراغها
حقيقة وحكما كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (وهو مكروه) أي الدعاء في الخطبة للسلطان. وقوله
إلا أن يخاف أي الخطيب على نفسه من اتباع السلطان بترك الدعاء له في حال الخطبة وإلا كان
الدعاء له واجبا حينئذ ولا يعد لغوا بل من ملحقات الخطبة كالترضية قاله شيخنا. قوله: (ولو لغير
سامع) أبو الحسن: إنما منع الكلام لغير السامع سدا للذريعة لئلا يسترسل الناس على الكلام حتى
يتكلم من يسمع الامام، وأشار المصنف بلو لرد ما نقله ابن زرقون عن ابن نافع من جواز الكلام لغير
السامع ولو داخل المسجد كما حكاه ابن عرفة اه‍ بن. قوله: (لا خارجهما) أي بأن كان في الطرق
المتصلة بالمسجد ولو سمعها وفيه نظر، بل الراجح حرمة الكلام وقت الخطبة مطلقا كان في المسجد أو في
رحابه أو كان خارجا عنهما بأن كان بالطرق المتصلة بالمسجد، وسواء سمع الخطبة أو لم يسمعها لقول ابن
عرفة الأكثر على أن الصمت واجب على غير السامع ولو بغير مسجد اه‍ مواق. وفي المدونة: ومن أتى
387

والامام يخطب فإنه يجب عليه الانصات في الموضع الذي يجوز له أن يصلي فيه الجمعة اه‍. وقال
الاخوان: لا يجب حتى يدخل المسجد، وقيل يجب إذا دخل رحاب المسجد نقله ح اه‍ بن. والحاصل أن
حرمة الكلام وقت الخطبة قيل خاصة بمن في المسجد، وقيل بمن فيه والرحاب، وقيل بمن فيهما وفي الطرق
والثاني رجحه بعضهم وبن قد رجح الثالث ووافقه شيخنا في حاشية عبق على ذلك. قوله: (ومثل الكلام)
أي في الحرمة حال الخطبة قوله: (إلا أن يلغو إلخ) أي فليس على الناس الانصات له ويجوز لهم الكلام
حينئذ سواء أكان اللغو محرما كالمثالين الأولين في الشارح أو غير محرم كالمثالين الأخيرين فيه، وكذا
يجوز لهم التنفل كما نقله البرزلي عن ابن العربي، ولا عبرة بظاهر المصنف وابن عرفة لأنه لا يرد المنصوص
كذا في عبق، وكذا يجوز تخطي رقاب الجالسين على ما استظهره ح وارتضاه شيخنا خلافا لعبق
قوله: (ممن يجب عليه الانصات) أي سواء كان في المسجد أو في رحابه أو في الطرق المتصلة بالمسجد
قوله: (ورده عليه ولو بالإشارة) نقل ابن هارون عن مالك جواز الرد بالإشارة وأنكره في التوضيح واعترضه
طفي بأن أبا الحسن نقل جواز الرد بالإشارة عن اللخمي، وحينئذ فلا محل لانكار المصنف على ابن هارون اه‍
قلت: لم أجد في نسختين من أبي الحسن ما نقله عنه طفي اه‍ بن. قوله: (من غير الخطيب) أي وأما هو
فيجوز له الأمر والنهي كما مر. قوله: (ويقطع مطلقا) أي أحرم عمدا أو جهلا بالحكم أو ناسيا مجيئه عقد
ركعة أم لا قوله: (وإن لداخل) أي بل وإن كان ذلك الذي ابتدأ صلاة النافلة في حال خروج الخطيب
داخل المسجد، ولو قال: ولو لداخل كان أولى لان السيوري جوزه للداخل حال خروج الامام للخطبة
وهو من أهل المذهب، قال في التوضيح وهو مذهب الشافعي لحديث سليك الغطفاني وفيه أنه عليه
الصلاة والسلام قال له لما جلس: إذا جاء أحدكم للجمعة والامام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين ثم يجلس
وتأوله ابن العربي على أن سليكا كان صعلوكا ودخل ليطلب شيئا فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن
يصلي لأجل أن يتفطن له فيتصدق عليه اه‍ بن. قوله: (ولو علم إلخ) أي هذا إذا علم إتمامها قبل دخوله أو شك
في ذلك بل ولو علم أنه يدخل عليه قبل إتمام تلك النافلة، وقوله عقد ركعة أي قبل الخطيب. وقوله أم لا أي
بأن دخل الخطيب قبل أن يعقد ركعة. قوله: (وفسخ بيع إلخ) أي على المشهور، وقيل لا فسخ والبيع ماض
ويستغفر الله قوله: (وهو ما حصل ممن تلزمه ولو مع من لا تلزمه) نص المدونة: فإن تبايع اثنان تلزمهما و
أحدهما فسخ البيع وإن كان ممن لا تجب الجمعة على واحد منهما لم يفسخ اه‍. وإنما أطلق المصنف هنا لان
حكمه بالكراهة فيما مر على من لا تجب عليه يستلزم عدم الفسخ فاتكل عليه هنا وإن كانت الكراهة مبحوثا
فيها كما مر اه‍ بن. واعلم أن محل حرمة البيع إذا حصل ممن تلزمه مع غيره ما لم ينتقض وضوءه واحتاج لشراء
ماء الوضوء وإلا جاز له الشراء. واختلف أشياخ ابن ناجي في جوازه للبائع، واستظهر ابن ناجي و ح جوازه
وهو صريح قول أبي الحسن في تعليل الجواز ما نصه: لان المنع من الشراء والبيع إنما هو لأجل الصلاة وبيع
الماء وشراؤه حينئذ إنما هو ليتوصل به للصلاة فلذلك جاز اه‍ بن قوله: (أي عنده) أي عند الشروع فيه خلافا
لمن قال: إن الحرمة بالفراغ منه فإن تعدد المؤذنون فالعبرة بالأول في وجوب السعي وحرمة المذكورات
على الظاهر، وقيل العبرة بالأخير وظاهره فسخ ما ذكر إذا وقع عند الأذان وهو في المسجد أو في حالة
السعي وهو كذلك اتفاقا في الأول على أحد وقولين في الثاني سدا للذريعة كما في عبق عن ابن عمر. قوله: (وهو
ما يفعل حال الجلوس على المنبر) فهو ثان في الفعل وإن كان أولا في المشروعية، وأما ما يفعل على المنارة
388

فهو أول في الفعل وثان في المشروعية لأنه أحدثه بنو أمية قوله: (فإن فات فالقيمة حين القبض) هذا هو
المشهور، وقيل إذا فات فالواجب القيمة حين العقد، وقال المغيرة: إذا فات فإنه يمضي بالثمن قوله: (لان هذا
مما اختلف فيه) أي في فسخه ومضيه، وأما الاقدام عليه مع اشتغاله عن السعي الواجب فلا يجيزه أحد
كما قال ح. فإن قلت: إن البيع المختلف فيه إذا فات يمضي بالثمن كما سيأتي للمصنف يقول فإن فات مضى
المختلف فيه بالثمن مع أن هذا قد مضى بالقيمة على المشهور وهو مختلف فيه. قلت: هذا مستثنى مما يأتي
على المشهور وأما على القول بأنه يمضي بالثمن فالامر ظاهر. قوله: (فلم يلزم تشبيه الشئ بنفسه) أي
لاختلاف المشبه والمشبه به لان المشبه البيع الفاسد لوقوعه عند الأذان الثاني، والمشبه به البيع الفاسد من
غير وقوعه عند الأذان الثاني، أو يقال: إن المشبه بيع فاسد مختلف في فساده والمشبه به البيع الفاسد المتفق
على فساده كما أشار لذلك الشارح. قوله: (لا نكاح وهبة) أي لغير ثواب، وأما هبة الثواب فهي كالبيع
وإنما لم يفسخ النكاح وما معه كالبيع وما معه لان البيع وما معه ليس في فسخه ضرر على أحد لان
كل واحد يرجع له عوضه، بخلاف النكاح وما معه فإنه ليس فيه عوض متمول فإذ فسخت عاد الضرر
على من لم يخرج من يده شئ. قوله: (وكتابة وخلع) أي لالحاق الخلع بالنكاح والكتابة بالصدقة
قوله: (والجماعة) عطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار مثل قولهم ما فيها غيره وفرسه أي
والعذر المبيح لتركها ولترك الجماعة شدة وحل أي وحل شديد. قوله: (بالتحريك على الأفصح) أي
ويجمع حينئذ على أوحال كسبب وأسباب مقابل الأفصح السكون كفلس ويجمع على أوحل
كأفلس. قوله: (وجذام) أي وشدة جذام فالجذام غير الشديد لا يكون عذرا خلافا لعبق ونص التوضيح
واختلف في الجذام فقال سحنون: إنه مسقط، وقال ابن حبيب: إنه لا يسقط والتحقيق الفرق بين ما تضر
رائحته وما لا تضر اه‍. فقول المصنف: وجذام بالجر عطفا على وحل اه‍ بن. واعلم أن محل الخلاف في
كون الجذماء تجب عليهم الجمعة أو لا تجب عليهم إذا كانوا لا يجدون موضعا يتميزون فيه، أما لو
وجدوا موضعا يصح فيه الجمعة يتميزون فيه بحيث لا يلحق ضررهم بالناس فإنها تجب عليهم اتفاقا
لامكان الجمع بين حق الله وحق الناس ولو كان ذلك المكان من الطرق المتصلة، وما قيل في الجذام يقال في
البرص قوله: (ومرض) أي ومنه كبر السن الذي يشق معه الاتيان إليها راكبا وماشيا. قوله: (يشق معه
الاتيان) أي راكبا وماشيا فإن شق معه الاتيان ماشيا لا راكبا وجبت عليه إن كانت الأجرة لا تجحف
به وإلا لم تجب عليه اه‍ تقرير عدوي قوله: (وخشي عليه بتركه الضيعة) أي كالعطش أو الجوع أو الوقوع
في نار أو مهواة أو التمرغ في نجاسة قوله: (فعذر مطلقا) أي كان له من يقوم به غيره أو لا كان يخشى عليه
الضيعة بترك تمريضه له أم لا. قوله: (وغير الخاص) أي وتمريض القريب غير الخاص كالعم وابن العم
قوله: (فلا بد من القيدين) أي وهما أن لا يكون له من يقوم به وأن يخشى عليه الضيعة لو ترك وجعل القريب الغير
الخاص كالأجنبي هو ما لابن عرفة وهو المعتمد، خلافا لابن الحاجب حيث جعل تمريض القريب مطلقا
سواء كان خاصا أو غير خاص عذرا من غير اعتبار شئ من القيدين المعتبرين في تمريض الأجنبي
قوله: (وإشراف قريب) أي مطلقا ولو لم يكن خاصا. وقوله: وإن لم يمرضه أي بأن كان الذي يمرضه غيره قوله: (وأولى
موت كل) ابن القاسم عن مالك: ويجوز التخلف لأجل النظر في أمر الميت من إخوانه من مؤن تجهيزه. قال ابن رشد
389

إن خاف عليه الضيعة أو التغير والمعتمد ما في المدخل من جواز التخلف للنظر في شأنه مطلقا ولو لم يخف
ضيعة ولا تغيرا كما قال شيخنا العدوي. قوله: (وكذا شدة مرضه) أي القريب كأحد الأبوين والولد
والزوجة ونحوه وإن لم يشرف وذلك لان التخلف عن الجمعة والجماعة ليس لأجل تمريضه بل لما علم مما
يدهم ويتعب الأقارب من شدة المصيبة، وأما الصديق فلا يبيح التخلف شدة مرضه ويبيحه الاشراف
كما في عج. قوله: (فلو نص المصنف على شدة مرضه) أي القريب قوله: (وخوف على مال) أي من ظالم
أو لص أو من نار، وقوله له بال أي وهو الذي يجحف بصاحبه، ومثل الخوف على المال المذكور الخوف
على العرض أو الدين كأن يخاف قذف أحد من السفهاء له أو إلزام قتل الشخص أو ضربه ظلما أو إلزام
بيعة ظالم لا يقدر على مخالفته بيمين يحلفها للظالم أنه لا يخرج عن طاعته ولا من تحت يده. قوله: (أو حبس
أو ضرب) بالرفع عطف على خوف بعد حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أي أو خوف حبس
أو ضرب وظاهره ولو كان ذلك قليلا لا بالجر عطفا على مال لفساد المعنى لان المعنى أو خوف على حبس أو
ضرب إلا أن تجعل على بمعنى من قوله: (والأظهر والأصح) خبر لمبتدأ محذوف أي وهو الأظهر
والأصح والجملة معترضة بين المعطوف وهو أو حبس معسر والمعطوف عليه وهو ضرب، ولو قال
المصنف كحبس معسر على الأظهر والمختار لكان أظهر وطابق النقل أما مطابقة النقل فمن جهة أن
هذا ليس إلا مختارا اللخمي لا مختار غيره كما يفيده التعبير بالأصح، وأما كونه أظهر فمن حيث أن قوله
والأظهر إلخ متعلق بحبس المعسر لا بما قبله. قوله: (أو خوفه) أي خوف حبس المعسر من الاعذار المبيحة
وأشار الشارح بذلك إلى أن في كلام المصنف حذف المضاف قوله: (فخاف بالخروج إلخ) أي فخوفه
المذكور عذر يبيح له التخلف عن الجمعة والجماعة عند ابن رشد واللخمي لأنه مظلوم في الباطن وإن
كان محكوما عليه بحق في الظاهر. وقال سحنون: لا يعد هذا عذرا لان الحكم عليه بالحبس حتى يثبت عسره
أمر حق، وأما من علم إعساره وكان ثابتا فلا عذر له ولا يباح تخلفه لأنه لا يجوز حبسه، نعم إن خاف
الحبس ظلما كان من أفراد ما مر. قوله: (بأن لا يجد إلخ) كذا نقل ح عن بهرام والبساطي. ابن عاشر: ولا
يقيد بمراعاة ما يليق بأهل المروءة اه‍. بن: فعلى هذا إذا وجد ما يستر عورته فلا يجوز له التخلف ولو كان
من ذوي المروءات. وقوله ما يستر به عورته زاد خش: التي تبطل الصلاة بتركها، فعلى هذا لو وجد خرقة
تستر سوأتيه دون أليتيه وجبت عليه ولا عذر له في التخلف كان ذلك يزري به لكونه من ذوي
المروءات أم لا وهذا بعيد، وهناك طريقة ثانية وحاصلها: أن المراد بالعري الذي جعل عذرا أن لا يجد
ما يستر به ما بين السرة والركبة، فإذا لم يجد ما يستر به ذلك لم تجب عليه وإن وجد ما يستر به ذلك وجبت
عليه كان ذلك يزري به أم لا، واعتمد بعضهم هذه الطريقة، وهناك طريقة ثالثة قررها شيخنا عن شيخه
سيدي محمد الصغير وحاصلها أنه إن وجد ما يليق بأمثاله ولا يزري به وجبت عليه وإلا لم تجب عليه وهذه
الطريقة هي الأليق بالحنيفية السمحاء اه‍ تقرير شيخنا عدوي. قال في المج: والظاهر أنه لا يخرج لها
بالنجس لان لها بدلا كما قالوا لا يتيمم لها لان لها بدلا. قوله: (قود) يشمل النفس وغيرها، ومثل القود سائر
ما يفيد فيه العفو من الحدود كحد القذف على تفصيل بخلاف ما لا يفيد فيه العفو كحد السرقة والشرب
قوله: (باختفائه) متعلق برجا قوله: (وأكل كثوم) أي ما لم يكن معه ما يزيل به رائحته. قوله: (وحرم أكله
يوم الجمعة إلخ) وأما أكله خارج المسجد في غير الجمعة فمكروه إن لم يرد الذهاب للمسجد وإلا فقولان
بالحرمة وهو المعتمد والكراهة ومحلهما ما لم يتأذ بذلك أحد من أهل المسجد وإلا حرام اتفاقا اه‍ عدوي
390

قوله: (بخلافها نهارا) أي فلا يكون عذرا مبيحا للتخلف عن الجماعة، وكذا البرد والحر ما لم يشتدا
جدا بحيث يجففان الماء لأهل البوادي وإلا كان كل عذرا مبيحا للتخلف كالزحمة الشديدة لاضرارها
لا مطلق زحمة قاله شيخنا. قوله: (أي ليس الابتناء بها من الاعذار) أي خلافا لبعضهم قال: لان لها حقا
في إقامة زوجها عندها سبعا إن كانت بكرا أو ثلاثا إن كانت ثيبا قوله: (أو عمى) أي أن العمى لا يكون
عذرا يبيح التخلف عن الجمعة والجماعة إذا كان من قام به العمى ممن يهتدي للجامع بلا قائد أو كان
عنده من يقوده إليه وإلا فلا يباح له التخلف، فلو وجد قائدا بأجرة وجبت عليه الجمعة حيث كانت تلك
الأجرة أجرة المثل وكانت لا تجحف به. قوله: (أو شهود عيد إلخ) يعني أنه إذا وافق العيد يوم الجمعة فلا
يباح لمن شهد العيد التخلف عن الجمعة ولا عن جماعة الظهر إذا كان العيد غير يوم الجمعة، وسواء من
شهد العيد منزله في البلد أو خارجها عن كفرسخ من المنار. قوله: (وإن أذن له الامام في التخلف) أي فإذنه
لهم في التخلف لا ينفعهم ولا يكون عذرا يبيح لهم التخلف، ورد المصنف بالمبالغة على مطرف وابن
وهب وابن الماجشون القائلين: إن الامام إذا أذن لأهل القرى التي حول قرية الجمعة بتخلفهم عن
الجمعة حين سعوا وأتوا لصلاة العيد فإن إذنه يكون عذرا لهم، وأما إذنه لأهل قرية الجمعة فلا يكون عذرا
فصل: في حكم صلاة الخوف قوله: (يذكر فيه حكم صلاة الخوف) أي حكم إيقاع الصلاة على
الكيفية المخصوصة التي تفعل حالة الخوف والمعول عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في ثلاثة
مواضع: ذات الرقاع وذات النخيل وعسفان خلافا لمن قال صلاها في عشرة مواضع. قوله: (استنانا)
أي وهو الذي في الرسالة ونقله ابن ناجي عن ابن يونس وقوله على الراجح ومقابله أنها مندوبة وهو
ما نقله سند عن ابن المواز، وكلام المصنف محتمل لكل من القولين. قوله: (والمحاربين) أي قطاع الطريق
وقوله: والبغاة أي الخارجين عن طاعة السلطان. قوله: (القاصدين إلخ) صفة لكل من المحاربين والبغاة
قوله: (كقتال مريد المال). إن قلت: إن حفظ المال واجب وحينئذ فمقتضاه أن يكون قتال مريد
أخذه واجبا حتى يتحقق الحفظ الواجب. قلت: معنى وجوب حفظه أنه لا يجوز إتلافه بنحو
إحراق أو تغريق مثلا وهذا لا ينافي جواز تمكين غيره من أخذه له ما لم يحصل موجب لتحريمه كأن
يخاف على نفسه التلف إن أمكن غيره منه، وقوله من المسلمين حال من مريد المال. قوله: (لا حرام) أي
كقتال الإمام العدل. قوله: (والبعض الآخر) أي لكون البعض الآخر فيه مقاومة للعدو فالواو
للتعليل ومفاد حل الشارح أن قول المصنف لبعض متعلق بأمكن أي أمكن لبعضهم تركه لكون
البعض الآخر فيه مقاومة العدو. قوله: (قسمهم) أي وصلى بهم في الوقت فالآيسون من انكشافه
يصلون أول المختار والمترددون وسطه والراجون آخره، وفي بن: طريقة بعدم هذا التفصيل هنا
وانهم يصلون أول المختار مطلقا. قوله: (وجاه القبلة) أي متوجهين جهة القبلة قوله: (خلافا لمن قال بعدم
القسم حينئذ) أي ويصلون جماعة واحدة قوله: (أو على دوابهم يصلون بالايماء) أي وكذلك إمامهم يصلي
بالايماء وهذه مستثناة مما مر من أن المومي لا يؤم المومي لان المحل محل ضرورة واعلم أنهم يصلون
على الدواب إيماء مع القسم مؤتمين لامكانه بخلاف ما يأتي فإنهم يصلون على دوابهم أفذاذا لعدم إمكان
القسم. والحاصل أنهم في حالة عدم إمكان القسم يصلون أفذاذا مطلقا ركبانا أو مشاة، وأما في حالة إمكانه
391

فإن لهم أن يصلوا على دوابهم إيماء بإمام لكن لا يصلون على الدواب إلا عند الحاجة لها قوله: (تساويا أم لا)
أي فلا يشترط تساوي الطائفتين في العدد، وسواء كثروا أو قلوا كثلاثة يصلي اثنان ويحرس الثالث
كما في الطراز والذخيرة قوله: (كانوا مسافرين أو حاضرين) أي كان السفر في البحر أو في البر والجمعة
وغيرها سواء والظاهر أنه لا بد في كل طائفة في الجمعة من اثني عشر غير الامام ممن تنعقد بهم، وما ذكره
من الاطلاق هو المشهور خلافا لما نقل عن مالك من أنها لا تكون إلا في السفر. قوله: (أو خاف
تخليطهم) المراد بالخوف ما يشمل الشك في ذلك وتوهمه قوله: (وإلا فندبا) أي وإلا يخف التخليط
فندبا قوله: (وصلى بأذان) إما عطف على قوله: وعلمهم أي والحكم أنه يصلي بأذان وإقامة، ويحتمل
أن تكون هذه الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا كأن قائلا قال له: إذا قسمهم فما كيفية ما يفعل؟ فأجاب
بقوله: وصلى فالواو للاستئناف والباء في قوله بأذان للملابسة، وفي قوله بالأولى للمصاحبة وكل منهما
متعلق بصلى فلا يلزم تعلق حرفي جر متحدي المعنى بعامل واحد أي وصلى الامام مع الطائفة الأولى
صلاة متلبسة بأذان وإقامة والإمامة سنة، وكذا الأذان إن كانوا بحضر وإلا كان مندوبا إن لم يطلبوا
غيرهم كما مر قوله: (كالصبح والمقصورة) أي وكالجمعة فإنها من الثنائية لكن لا يقسمهم إلا بعد أن
يسمع كل طائفة الخطبة ولا بد أن تكون كل طائفة اثني عشر، فإن كان كل طائفة أكثر من اثني عشر
فلا بد من سماع الخطبة لاثني عشر من كل طائفة، ثم إنه يصلي بالطائفة الأولى ركعة وتقوم تكمل
صلاتها وتسلم أفذاذا ثم تأتي الطائفة الثانية تدرك معه الركعة الباقية ويسلمون بعد إكمال صلاتهم
وهذا مستثنى من قول المصنف باقين لسلامها لان المحل محل ضرورة. قوله: (فإذا استقل فارقوه) المراد
بالاستقلال تمام القيام، وهل المراد بتمامه القيام مع الاطمئنان أو مجرد الانتصاب؟ والظاهر الأول كما في
عج كذا قرر شيخنا قوله: (أو قارئا) أي بما يعلم أنه لا يتمه حتى تفرغ الأولى من صلاتها وتكبر معه
الطائفة الثانية قوله: (في الصلاة الثنائية) متعلق بقوله: ثم قام الامام بهم قوله: (ساكتا أو داعيا) أي لا
قارئا لان قراءته هنا بأم القرآن فقط فقد يفرغ منها قبل مجئ الطائفة الثانية وهي لا تكرر في ركعة. قوله: (وفي
قيامه) أي وفي تعين قيامه لانتظاره الطائفة الثانية، وقوله ويستمر جالسا أي ويتعين استمراره جالسا
كذا في البدر القرافي قوله: (وهو المعتمد) أي وهو قول ابن القاسم ومطرف ومذهب المدونة
وعليه فيأتمون به في حال قيامه فإذا استقل فارقوه ووقف داعيا أو ساكتا، وعلى هذا القول فإذا أحدث
في حالة قيامه عمدا بطلت على الطائفة الأولى كهو، وأما لو أحدث بعد قيامه فلا تبطل على الأولى وتبطل
على الثانية إذا دخلوا معه، وأما على القول الثاني فلا تبطل على الأولى إذا أحدث في حال قيامه لأنه
إنما يقوم إذا جاءت الطائفة الثانية وذلك بعد إكمال الأولى صلاتها قوله: (وعدم قيامه) وهذا قول ابن
وهب مع ابن عبد الحكم وابن كنانة، وهذا أعني حكاية الخلاف في غير الثنائية والاتفاق على القيام
في الثنائية هو طريقة ابن بشير وعياض، والطريقة الثانية طريقة ابن بزيزة تحكي الخلاف
في الثنائية والاتفاق على الجلوس في غيرها والطريقة الأولى أصح لموافقتها المدونة. قوله: (كان أحسن)
أي لان إشارته بالتردد لقولين من أقوال المتقدمين خلاف اصطلاحه. قوله: (وأتمت الأولى) أي ولا
يرد أحد منهم السلام على الامام وإنما يسلم على من على يمينه وعلى من على يساره ولا يسلم على
392

الامام لأنه لم يسلم عليه، وإذا بطلت صلاة الامام بعد مفارقتهم لم تبطل عليهم قوله: (ثم صلى بالثانية) أي
بعد سلام الأولى والمعتبر سلام من دخل معه من الطائفة الأولى أولى صلاته، فلا ينتظر بصلاته مع
الثانية إتمام صلاة مسبوق من الأولى اه‍ عدوي قوله: (فأتموا لأنفسهم) أي أفذاذا فإن أمهم أحدهم
سواء كان باستخلافهم له أم لا فصلاته تامة وإن نوى الإمامة إلا لتلاعب وصلاتهم فاسدة كما في الطراز
عن ابن حبيب، وكذا يقال في قوله: وأتمت الأولى صلاتها أفذاذا وانصرفت وإنما فسدت عليهم لأنه
لا يصلى بإمامين في صلاة واحدة في غير الاستخلاف. واعلم أن ما تأتي به الطائفة الأولى بعد مفارقة
الامام بناء وما تأتي به الطائفة الثانية بعد مفارقته قضاء فيقرأون فيه بالفاتحة وسورة كذا في المواق
قوله: (ولو صلوا بإمامين) أي أو بأئمة وهذا الفرع ليس بمنصوص وإنما هو مخرج خرجه اللخمي على
ما إذا صلى بعض فذا وبعض بإمام كما في الجواهر وابن عرفة وغيرهما قوله: (جاز) أي مضى ذلك بعد
الوقوع وإن كان الدخول على ذلك مكروها لمخالفة السنة أو المندوب لما مر أن إيقاع الصلاة على الوجه
السابق في حالة الخوف قيل أنه سنة، وقيل مندوب، وليس المراد بالجواز المستوي الطرفين وإلا
لاقتضى أن صلاة الخوف مباحة ولم يقل به أحد. قوله: (وإن لم يمكن ترك القتال) أي وذلك بأن كان
العدو لا يقاومهم إلا جماعة المسلمين بتمامهم قوله: (أخروا لآخر الاختياري) هذا إذا رجوا الانكشاف
قبل خروج الوقت بحيث يدركون الصلاة فيه، وأما إن أيسوا من انكشافه في الوقت صلوا صلاة
مسايفة في أول الوقت فإن ترددوا أخروا الصلاة لوسطه اه‍ عدوي قوله: (واستظهر إلخ) قال ابن
ناجي: ولا يبعد أن تكون المسألة أي ما إذا لم يمكن قسم القوم ورجوا انكشاف العدو قبل خروج
الوقت ذات قولين كالخلاف في الراعف إذا تمادى به الدم قبل دخوله في الصلاة وخاف خروج
الوقت فإنه يعتبر الاختياري، ونقل ابن رشد قولا أنه يعتبر الضروري اه‍. وفي كلام الذخيرة ما يؤيد
ما اختاره المصنف من أنه الاختياري انظر ح اه‍ بن قوله: (زاد المصنف من عند نفسه) أي في
التوضيح على سبيل الاستظهار ومشى على ذلك الذي استظهره هنا قوله: (وبقي منه) أي من الوقت
قوله: (صلوا إيماء) أي ركبانا ومشاة، وقوله أفذاذا أي لان مشقة الاقتداء هنا أشد من مشقته فيما إذا
أمكن القسم. قوله: (لم يمكنهم إلخ) شرط في قوله صلوا إيماء فإن أمكنهم الركوع والسجود
فلا بد منه. قوله: (كأن دهمهم إلخ) هذا تشبيه في النوعين أعني ما إذا لم يمكن قسم القوم طائفتين وما
إذا أمكن، وحاصله أنهم إذا افتتحوا صلاتهم آمنين من غير قسم ثم فجأهم العدو في أثنائها فإنهم يكملون
أفذاذا على حسب ما يستطيعون مشاة وركبانا من إيماء إن لم يقدروا على الركوع والسجود وإلا
كملوا بالركوع والسجود، وفي الأول يصير بعضها بركوع وسجود وبعضها بالايماء، وما قاله المصنف
هو المشهور خلافا لمن قال إذا دهمهم العدو فإنهم لا يبنون على ما تقدم ويقطعون وهذا كله إذا دهمهم
العدو وكان لا يمكنهم القسم، فإن أمكنهم فلا بد من قطع طائفة تقف وجاه العدو ويصلي الامام بالطائفة
الباقية معه بانيا على ما فعله ركعة من الثنائية أو ركعتين من غيرها على نحو ما تقدم خلافا
لمن قال أنهم يقطعون ويبتدئ القسم من أولها ولا يبني مع الطائفة الأولى على ما تقدم
393

لهم، ومحل القسم على ما قلنا إن كان الامام لم يشرع في الصف الثاني من الصلاة، فإن فجأهم العدو بعدما
شرع فيه وأمكن القسم وجب القطع على جماعة وجوبا كفائيا، فمتى بادرت جماعة بالقطع حصل الواجب، وإذا
قطعت جماعة وقفت تجاه العدو وأتم الباقون صلاتهم مع الامام، فإذا أتموا وقفوا تجاه العدو وابتدأت
التي قطعت صلاتها من أولها إما أفذاذا أو بإمام قوله: (وحل للضرورة) أي في صلاة المسايفة المشار لها
بقول المصنف وإن لم يمكن إلخ. قوله: (وكلام) أي لغير إصلاحها ولو كان كثيرا إن احتاج له
قوله: (وإمساك ملطخ) أي سواء كان محتاجا لمسكه أو في غنية عنه لان المحل محل ضرورة، وقيل لا يجوز له
مسك الملطخ بالنجاسة سواء كان سلاحا أو غيره إلا إذا كان محتاجا له وإلا فلا وهذا هو المعتمد اه‍
عدوي قوله: (كبغيره) أي كملطخ بغير الدم من النجاسات قوله: (أي فيها) الضمير راجع لصلاة الخوف
مطلقا كانت صلاة مسايفة أو قسمة، وقوله: أتمت جواب الشرط وفاعله ضمير مستتر راجع
لصلاة الخوف أي أتمت إن سفرية فسفرية وإن حضرية فحضرية. وقوله: صلاة أمن حال من ضمير
أتمت قوله: (ودخلت الثانية معه) أي على ما رجع إليه ابن القاسم بعد أن كان يقول: يصلي بالثانية بإمام ولا
تدخل معه لأنه لما اعتقد الاحرام صلاة خوف وكان إتمامها أمنا بحكم الحال صار كمن أحرم جالسا ثم
صح بعد ركعة فقام فإنه لا يحرم أحد خلفه قائما اه‍ عدوي قوله: (رجع إليه وجوبا من لم يفعل لنفسه شيئا)
أي من الطائفة الأولى، وانظر هذا مع قولهم: إذا فرق الريح السفن ثم اجتمعوا فلا يرجع للامام من عمل
لنفسه شيئا أو استخلف قال عج: ويمكن الفرق بأنهم هنا لم يمكن الاستخلاف كان ارتباطهم
بالامام أشد ممن فرقهم الريح في السفن. تنبيه: إذا حصل للطائفة الأولى سهو بعد مفارقتهم الامام ثم
حصل الامن قبل سلامهم ورجعوا فالظاهر أنه لا يحمله عنهم ويسجدون القبلي قبل سلامهم وبعد
سلام الامام والبعدي بعد سلامهم، والظاهر أنه لو سها الامام وحده بعد مفارقتهم له ثم رجعوا إليه
أنهم يسجدون معه تبعا لوجوب متابعة المأموم للامام في السجود وإن لم يدرك موجبه. قوله: (ومن
فعل شيئا انتظر الامام إلخ) فإن لم ينتظره وكمل صلاته وحده قبل الامام عمدا أو جهلا بطلت وإن
كملها قبله سهوا فلا بطلان ويعيد ما فعله، فإن لم ينتظر الامام ودخل معه وأعاد مع الامام ما سبق به
الامام، فإن كان عمدا أو جهلا بطلت لا سهوا فهي صحيحة لحمل الامام عنه ذلك السهو اه‍ عدوي
قوله: (وبعدها) عطف على الجار والمجرور كما أشار له بالخياطة، وقوله لا إعادة خبر لمحذوف والجملة جواب
الشرط فاندفع ما يقال: كان الواجب إدخال الفاء على الجملة الاسمية لان حذف الفاء منها شاذ، وحاصل
الجواب أن المبتدأ محذوف مع الفاء وهو غير شاذ، والشاذ إنما هو حذفها وحدها، وما ذكره المصنف من
عدم الإعادة إن أمنوا بعدها هو المشهور خلافا لقول المغيرة بالإعادة في الوقت قوله: (وإن أمنوا بعدها)
أي بعد تمامها على صفة صلاة الخوف قوله: (كسواد) أي جماعة من الناس قوله: (فصلوا صلاة خوف) أي
على وجه المسايفة أو على وجه القسم، وحاصل المسألة أنهم إذا رأوا جماعة من الناس مضبوطين بالعدد أو
غير مضبوطين فظنوهم عدوا فصلوا صلاة التحام أو صلاة قسم ثم تبين أنه لا عدو فلا إعادة عليهم لا في
الوقت ولا في غيره. قوله: (سجدت بعد إكمالها صلاتها) أي فإن لم تسجده بطلت صلاتهم إن ترتب عن نقص
ثلاث سنن وطال، ثم إن كان موجب السجود مما لا يخفى كالكلام أو زيادة ركوع أو سجود أو تشهد
فلا يحتاج لإشارة الامام لها وإن كان مما يخفى أشار لها، فإن لم تفهم بالإشارة سبح لها، فإن لم تفهم به
394

كلمها إن كان النقص مما يوجب البطلان وإلا فلا كذا ينبغي قاله عج. قوله: (والبعدي بعد
سلامها) وجاز سجودها القبلي والبعدي قبل إمامها للضرورة قوله: (إلا أن يترتب عليها إلخ) هذا
استثناء من قوله والبعدي بعد سلامها، وحاصله أن محل كونها تسجد البعدي بعد سلامها ما لم يترتب
عليها بعد مفارقة الامام قبلي وكان سهو الامام بعديا وإلا غلب جانب ذلك القبلي وسجدت قبل السلام
قوله: (مع أن الثانية حكمها ما يأتي) أي في قوله: سجدت القبلي معه إلخ سواء كان سهوه معها أو مع الأولى
والحاصل أن ظاهر قوله: وإلا سجدت القبلي معه إلخ وإلا يسه مع الأولى بأن سها مع الثانية سجدت
الثانية القبلي إلخ فقضيته أن الثانية لا تسجد إذا سها مع الأولى أو بعد مفارقتها وقبل دخول الثانية
مع أنها تسجد فالأولى حذف قوله وإلا، وقد يجاب بأن النفي ليس راجعا للسهو مع الأولى بل راجع
لمطالبة الأولى بالسجود المفهوم من قوله سجدت بعد إكمالها وحينئذ فالمعنى: وإلا يكن المخاطب
بالسجود الأولى بل الثانية سجدت إلخ وهذا صادق بكون الامام سها معها أو مع الأولى أو بعد مفارقة
الأولى وقبل دخول الثانية. واعلم أنه لا يلزم الأولى سجود لسهوه مع الثانية لانفصالها عن إمامته حتى
لو أفسد صلاته لم تفسد عليها كذا في خش وظاهره ولو في الجمعة لان كل طائفة اثنا عشر وقد
كانت الأولى في حال صلاتها معه صلاته صحيحة وهو الظاهر واستظهار عبق البطلان في الجمعة
لا يسلم اه‍ عدوي. فتحصل أن الطائفة الأولى تخاطب بالسجود إذا سها الامام معها فقط، وأما الثانية
فتخاطب به سواء سها معها أو مع الأولى أو بعد مفارقة الأولى وقبل دخول الثانية. قوله: (وسجدت
القبلي معه) انظر لو أخرته لاكمال صلاتها وسجدته قبل سلامها والظاهر أنه يجري فيه ما جرى في
المسبوق المتقدم في سجود السهو، وتقدم أن البطلان قول ابن القاسم واختاره عبق وأن الصحة
قول عيسى بن دينار واختاره شب ثم إنها تسجد القبلي ولو تركه إمامهم وتبطل صلاته إذا كان مترتبا
عن نقص ثلاث سنن وطال اه‍ عدوي قوله: (وسجدت البعدي بعد القضاء) أي وبعد سلامها فإن
سجدته معه بطلت صلاتهم كما مر في المسبوق قوله: (وإن صلى في ثلاثية إلخ) هذا مفهوم قوله سابقا
قسمهم قسمين. وحاصله أن الامام إذا قسم القوم أقساما عمدا أو جهلا وصلى بكل طائفة ركعة في
الثلاثية والرباعية فإن صلاته صحيحة، وأما صلاة القوم فتبطل صلاة من فارقه في غير محل المفارقة وهي
الطائفة الأولى في الثلاثية والرباعية والثالثة في الرباعية وتصح صلاة الطائفة الثانية في الثلاثية
والرباعية والثالثة في الثلاثية والرابعة في الرباعية. قوله: (لأنها فارقت في غير محل المفارقة) أي ولأنهم
كانوا يصلون الركعة الثانية مأمومين فصاروا يصلونها أفذاذا. قوله: (مطلقا) أي في الثلاثية والرباعية
أي لأنهم صاروا كمن فاتته ركعة من الطائفة الأولى وأدرك الثانية فوجب أن يصلي ركعتي البناء ثم
ركعة القضاء فذا وقد فعل هؤلاء كذلك. قوله: (والثالثة في الثلاثية إلخ) أي وكذا تصح للثالثة في الثلاثية
لموافقته بهما سنة صلاة الخوف وللرابعة في الرباعية لأنها كمن فاتته ركعة من الطائفة الثانية فيأتي بالثلاث
ركعات قضاء وقد فعل هؤلاء كذلك قوله: (كغيرهما) أي كالبطلان على غير الطائفة الأولى للثالثة في
الرباعية وهي الثانية فيهما والثالثة في الثلاثية والرابعة في الرباعية وكذا صلاة الامام قوله: (على الأرجح)
395

أي على قول سحنون المرجح عند ابن يونس أي وإنما بطلت صلاة الجميع الامام وبقية الطوائف لمخالفة
السنة، وقوله: وصحح خلافه أشار به لتصحيح ابن الحاجب القول الأول وهو قول الأخوين وأصبغ
وهو قصر البطلان على الطائفة الأولى والثالثة في الرباعية دون ما عداهما من الطوائف ودون الامام
فصل: في أحكام صلاة العيد قوله: (في أحكام صلاة العيد) أي في أحكام الصلاة التي تفعل في
اليوم المسمى عيدا وسمي ذلك اليوم عيدا لاشتقاقه من العود وهو الرجوع لتكرره، ولا يرد أن أيام
الأسبوع والشهور تتكرر أيضا ولا يسمى شئ منها عيدا لأن هذه مناسبة ولا يلزم اطرادها، وقال
عياض: يعوده على الناس بالفرح وقيل تفاؤلا بأن يعود على من أدركه من الناس، وليست هذه الأقوال
متباينة وهو من ذوات الواو وقلبت ياء كميزان وجمع بها وحقه أن يرد لأصله فرقا بينه وبين
أعواد الخشب، وأول عيد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة. قوله: (سن
عينا) هذا هو المشهور وقيل إنه سنة كفاية، وقيل إنه فرض عين وهو ما نقله ابن حارث عن ابن
حبيب، وقيل إنها فرض كفاية، وحكاه ابن رشد في المقدمات قال: وإليه كان يذهب شيخنا الفقيه ابن
رزق. فإن قلت: يؤخذ من استحباب إقامتها لمن فاتته أنها سنة كفاية إذ لو كانت سنة عين لسنت في
حق من فاتته. قلت: إنها سنة عين في حق من يؤمر بالجمعة وجوبا بشرط إيقاعها مع الامام، فلا ينافي
استحبابها لمن لم يحضرها في جماعة، أو يقال: إن استحباب فعلها لمن فاتته فرع مشهور مبني على ضعيف
وهو القول بأنها سنة كفاية قوله: (لعيد) متعلق بسن، وكذا قوله لمأمور الجمعة ولا يلزم تعلق حرفي جر
متحدي المعنى بعامل واحد لان اللام هنا بمعنى في أو للتعليل ولام لمأمور بمعنى من قوله: (أي لمن يؤمر
بالجمعة وجوبا) وهو المكلف الحر الذكر غير المعذور المستوطن وإن القرية نائية بكفرسخ من المنار
قوله: (ولا تشرع لحاج) أي لان وقوفهم بالمشعر يوم النحر منزل منزلة صلاتهم فيكفيهم عنها قوله: (ولا
لأهل منى) أي لا تشرع في حقهم ندبا جماعة بل تندب لهم فرادى إذا كانوا غير حجاج، وإنما لم تشرع في
حقهم جماعة لئلا تكون ذريعة لصلاة الحجاج معهم وهذا كله بالنسبة لعيد الأضحى، أما عيد
الفطر فصلاته سنة في حقهم جماعة كغيرهم قوله: (ووقتها من حل النافلة للزوال) هذا مذهب مالك
وأحمد والجمهور، وقال الشافعي: وقتها من طلوع الشمس للغروب، وقوله من حل النافلة للزوال الظاهر
أن هذا بيان لوقتها الذي لا كراهة فيه وأنه لو فعلها بعد الطلوع وقبل ارتفاعها قيد رمح فإنها تكون
صحيحة مع الكراهة بمنزلة غيرها من النوافل ويكون الخلاف بيننا وبين الشافعية إنما هو في
مجرد هل صلاتها في ذلك الوقت مكروهة أم لا لا في الصحة والبطلان إذ هي صحيحة على كل من
المذهبين تأمل اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (الصلاة جامعة) أي طالبة جمع المكلفين إليها وإسناد الجمع إليها
مجاز عقلي لان الطالب إنما هو الشارع. قوله: (بل هو مكروه أو خلاف الأولى) أي لعدم ورود ذلك فيها
وبالكراهة صرح في التوضيح والشامل والجزولي، وصرح ابن ناجي وابن عمر وغيرهما بأنه بدعة، وما
ذكره خش من أنه جائز هنا غير صواب، وما ذكره من أن الحديث ورد بذلك فيها فهو مردود بأن
الحديث لم يرد في العيد، وإنما ورد في الكسوف كما في التوضيح والمواق و غيرهما عن الاكمال، وقياس
العيد عليه غير ظاهر لتكرر العيد وشهرته وندور الكسوف، نعم في المواق في أول باب الأذان أن عياضا
استحسن أن يقال عند كل صلاة لا يؤذن لها الصلاة جامعة لكن لم يعرج عليه المصنف اه‍ بن
وفي المج: أن الاعلام بكالصلاة جامعة جائز وأن محل النهي في المتن إذا اعتقد أن الاعلام مطلوب
396

بخصوصي هذا اللفظ فانظره. قوله: (وافتتح) أي ندبا على ما للقاني وعج أي وأتى أولا أي قبل القراءة
ندبا بسبع تكبيرات. والحاصل أن كل تكبيرة منها سنة كما يأتي، وتقديم ذلك التكبير على القراءة مندوب
فلو أخر التكبير بعد القراءة فاته المندوب فقط. قوله: (بالاحرام) أي متحصلة بالاحرام فالباء للصيرورة
كما أشار له الشارح لا للمصاحبة وإلا لاقتضى أنه يكبر سبعا غير الاحرام كما يقول الشافعي. قوله: (فلا
يكبر معه الثامنة) أشار بهذا إلى ما ذكره سند من أن الامام إذا زاد على السبع أو الخمس فإنه لا يتبع وظاهره
زاد عمدا أو سهوا أو رآه مذهبا وكذلك لا يتبع في نقص التكبير. واعلم أن العدد الذي ذكره المصنف
وارد عن أبي هريرة في الموطأ ومرفوع في مسند الترمذي قال الترمذي: سألت عنه البخاري فقال صحيح
قوله: (ولو اقتدى بحنفي إلخ) حاصله أن الحنفي يكبر في الركعة الثانية ثلاثا بعد القراءة وقبل الركوع فإن
اقتدى مالكي به فلا يؤخر التكبير تبعا له خلافا لح. قوله: (يسجد الامام أو المنفرد لتركها سهوا) أي
قبل السلام ويسجد كل منهما لزيادتها بعد السلام بخلاف تكبير الصلاة قاله شيخنا قوله: (موالي) خبر
لكان المحذوفة مع اسمها كما أشار له الشارح وأصله مواليا تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا
قوله: (أي لا يفصل بين آحاده) أي لا بسكوت ولا بقول قوله: (إلا بتكبير المؤتم) أي إلا بقدر تكبير المؤتم
قوله: (بلا قول) متعلق بمحذوف كما أشار له الشارح قوله: (وتحراه مؤتم) أي تحرى تكبير العيد ندبا
غير تكبيرة الاحرام، وأما هي فلا يجزئ فيها التحري بل لا بد فيها من اليقين أي تيقن أنها بعد إحرام
الامام فإن كبر بلا تحر فاته مندوب وأتى بالسنة. قوله: (وكبر ناسيه) أي كلا أو بعضا قوله: (وأعاد القراءة)
أي في الحالتين والظاهر أن الإعادة على سبيل الاستحباب لما علمت أن الافتتاح بالتكبير مندوب باتفاق
عج واللقاني فإن ترك إعادتها لم تبطل صلاته اه‍ عدوي. قوله: (لزيادة القراءة التي أعادها) هذا يفيد أن سبب
السجود القراءة الثانية وليس كذلك بل هي مطلوبة، وأما الأولى فهي في غير محلها فهي السبب. والحاصل
أن السبب في السجود في الحقيقة القراءة الأولى لأنها هي التي لم تصادف محلها فهي الزائدة في الجملة
وإنما قلنا في الجملة لأنه لو فرض اقتصاره عليها لأجزأت، هذا وقد سبق لنا أن الزيادة القولية يسجد لها إذا
كانت ركنا كما في المقدمات كمن كرر الفاتحة سهوا، وحينئذ فلا يرد قول القلشاني عورض هذا بقولها
فيمن قدم السورة على الفاتحة يعيد السورة بعد الفاتحة ولا سجود عليه ولا حاجة لفرق بعضهم بأنه في
هذه قدم قرآنا على قرآن، وفي مسألة العيد قدم قرآنا على غيره وذلك لان المكرر في مسألة المدونة السورة
والمقرر في مسألة العيد الفاتحة. قوله: (فاستظهر البطلان) أي وليس كمن رجع للجلوس الوسط بعد أن استقل
قائما لان الركن المتلبس به هنا وهو الركوع أقوى من المتلبس به هناك لوجوب الركوع باتفاق
والاختلاف في الفاتحة في كل ركعة قوله: (غير المؤتم) تنازعه كل من قوله وسجد بعده، وقوله وسجد قبله
قوله: (لان الامام يحمله عنه) أي وهو قد أتى به. قوله: (يكبر) أي يأتي بالتكبير بتمامه حال قراءة الإمام
قوله: (يكبر خمسا غير الاحرام) أي بناء على أن ما أدرك آخر صلاته وحينئذ فيكبر في ركعة
القضاء سبعا بالقيام كما سيقول المصنف، وأما على القول بأن ما أدركه المسبوق مع الامام أول صلاته
فإنه بكبر سبعا بالاحرام ويقضي خمسا غير القيام، فإن جاء المأموم فوجد الامام في القراءة ولم يعلم هل
397

هو في الركعة الأولى أو الثانية فقال عج: الظاهر أنه يكبر سبعا بالاحرام احتياطا، ثم إن تبين أنها الأولى
فظاهر، وإن تبين أنها الثانية قضى الأولى بست غير القيام، ولا يحسب ما كبره زيادة على الخمس من
تكبير الركعة الثانية، وقال اللقاني: إنه يشير للمأمومين فإن أفهموه عمل على ما فهم وإلا رجع لما قاله عج
كذا قرر شيخنا. قوله: (بأنه مبني على القول بأنه يقوم بالتكبير) أي بأن المسبوق يقوم بتكبير مطلقا
سواء جلس مع الامام في ثانية نفسه أم لا، ولا غرابة في بناء مشهور على ضعيف بل قال زروق: كان شيخنا
القوري يفتي به العامة لئلا يخلطوا، ففي ذلك القول نوع قوة وليس ضعيفا بالمرة قوله: (قضى الأولى
بست) أي قضى الأولى بعد سلام الامام بست تكبيرات خلافا لابن وهب حيث قال: من فاتته الركعة
الثانية فإنه لا يدخل مع الامام قوله: (تعد من الست) أي بحيث لا يكبر إلا ستا بتكبيرة القيام أي أو لا تعد
بل يكبر ستا غير تكبيرة القيام قوله: (وليس كذلك) أي بل يكبر ستا قولا واحدا والخلاف إنما هو
في هل يكبر للقيام زيادة على ذلك أو لا يكبر له؟ هذا وما قاله شارحنا تبع فيه ابن غازي وهو الصواب خلافا
لخش وتت حيث حملا المصنف على ظاهره واستدلا بكلام التوضيح، ورد عليهما بأن كلام التوضيح
شاهد عليهما لا لهما كما في بن. قوله: (وهل يكبر للقيام) وعليه فيكون التكبير سبعا أو لا يكبر له بل يقوم
من غير تكبير ويأتي بعد استقلاله بست فقط، والأول منهما هو الأظهر كما قاله شيخنا عدوي
قوله: (تأويلان) الأول لابن رشد وسند وابن راشد، والثاني لعبد الحق اه‍ بن قوله (وندب إحياء ليلته)
أي لقوله عليه الصلاة والسلام: من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب
ومعنى عدم موت قلبه عدم تحيره عند النزع والقيامة بل يكون قلبه عند النزع مطمئنا وكذا في القيامة
والمراد باليوم الزمن الشامل لوقت النزع ووقت القيامة الحاصل فيهما التحير قوله: (وذكر) من جملة
الذكر قراءة القرآن. قوله: (ويحصل بالثلث الأخير من الليل) واستظهر ابن الفرات أنه يحصل بإحياء
معظم الليل، وقيل يحصل بساعة، ونحوه للنووي في الأذكار، وقيل يحصل بصلاة العشاء والصبح في جماعة
وقرر شيخنا أن هذا القول والذي قبله أقوى الأقوال فانظره قوله: (وغسل) ذكر في التوضيح أن
المشهور استحبابه كما هنا وهو مقتضى نقل المواق عن ابن رشد، ولم يشترط فيه اتصاله بالغدو لأنه لليوم
لا للصلاة، قال ح: ورجح اللخمي وسند سنيته، وقال الفاكهاني: إنه سنة اه‍ بن. قوله: (السدس الأخير)
أي فلو اغتسل قبله كان كالعدم ولا يكون كافيا في تحصيل المندوب أو السنة. قوله: (وتطيب وتزين)
هذا في غير النساء، وأما النساء إذا خرجن بأن كن عجائز فلا يتطيبن ولا يتزين لخوف الافتتان بهن
اه‍ تقرير عدوي. قوله: (راجع لجميع ما قبله) أي حتى الاحياء كما قاله والد عبق. تنبيه: لا ينبغي لاحد
ترك إظهار الزينة والتطيب في الأعياد تقشفا مع القدرة عليه، فمن تركه رغبة عنه فهو مبتدع قاله ح،
وذلك لان الله جعل ذلك اليوم يوم فرح وسرور وزينة للمسلمين، وورد أن الله يحب أن يرى أثر نعمته
على عبده، قال ح: ولا ينكر في ذلك اليوم لعب الصبيان وضرب الدف فقد ورد ذلك
قوله: (ومشي في ذهابه) أي لأنه عبد ذاهب لخدمة مولاه فيطلب منه التواضع لأجل إقباله عليه
ومحل ذلك ما لم يشق عليه المشي وإلا فلا يندب له ذلك قوله: (لا في رجوعه) أي لان العبادة قد انقضت
قوله: (ورجوع في طريق إلخ) أي لأجل أن يشهد له كل من الطريقين أو لأجل تصدقه على
فقرائهما قوله: (وفطر قبله في الفطر) أي لأجل أن يقارن فطره اخراج زكاة فطره المأمور
398

باخراجها قبل صلاة العيد قوله: (على تمر وترا) ظاهره أنهما مندوب واحد، والظاهر أن كل واحد
منهما مندوب مستقل، وقوله على تمر أي إن لم يجد رطبا، فإن لم يجدهما حسا حسوات من ماء كذا قرر
شيخنا قوله: (وإن لم يضح) تعليل التأخير بقولهم: ليكون أول طعمته من كبد أضحيته يفيد عدم
ندب التأخير لمن لم يضح لكنهم ألحقوا من لا أضحية له بمن له أضحية صونا لفعله عليه الصلاة
والسلام وهو تأخيره الفطر فيه عن الترك. قوله: (وندب تأخير خروج الامام إلخ) أي فلا يخرج
للمصلى إلا بعد اجتماع الناس فيها بحيث يعلم أنه إذا ذهب إليها تقام الصلاة ولا ينتظرون أحدا لعدم
غياب أحد. قوله: (وتكبير فيه) أي بصيغة التكبير في أيام التشريق الآتية قوله: (لا جماعة فبدعة)
والموضوع أن التكبير في الطريق بدعة، وأما التكبير جماعة وهم جالسون في المصلى فهذا هو الذي استحسن
قال ابن ناجي: افترق الناس بالقيروان فرقتين بمحضر أبي عمران الفاسي وأبي بكر بن عبد الرحمن
فإذا فرغت إحداهما من التكبير كبرت الأخرى فسئلا عن ذلك فقالا: إنه لحسن اه‍ تقرير شيخنا
عدوي قوله: (لا قبله) أي لان التكبير المذكور من تعلقات صلاة العيد فلا يؤتى به قبل وقتها وقوله
لا قبله هذا هو ظاهر المدونة قوله: (إن خرج قبله) أي قبل الطلوع وبعد صلاة الصبح فابتداء وقت
التكبير على ذلك القول المصحح بعد صلاة الصبح ونص ح وقال ابن عرفة: وفي ابتدائه بطلوع الشمس
أو الاسفار أو الانصراف من صلاة الصبح رابعها وقت غدو الامام تحريا الأول للخمي عنها والثاني لابن
حبيب والثالث لرواية المبسوط والرابع لابن مسلمة اه‍. قال ح: ورواية المبسوط هي التي أشار لها
المصنف بقوله: وصحح خلافه أي وصحح ابن عبد السلام خلاف ظاهر المدونة وهو ما في المبسوط عن
مالك حيث قال: إنه الأولى. قوله: (وهل لمجئ الامام للمصلى) أي وهو فهم ابن يونس، وقوله أو لقيامه
للصلاة وهو فهم اللخمي والتأويلان المذكوران جاريان في تكبير الامام وفي تكبير غيره من
المأمومين كما في بن، وقوله للمصلى أي للمحل الذي اجتمع فيه الناس للصلاة من المصلى بحيث يظهر
للناس، وقوله أي دخوله فيها المراد دخوله في محل صلاته الخاص به كالمحراب وإن لم يدخل الصلاة
بالفعل وهذا هو الموافق للنقل خلافا لعج حيث قال: إلى أن يدخل الصلاة بالفعل كذا قرر شيخنا
العدوي تبعا لطفي وبن. قوله: (فلا يندب بل يجوز) نص المدونة: ولو أن غير الامام ذبح أضحيته
في المصلى بعد ذبح الامام لجاز وكان صوابا وقد فعله عمر رضي الله عنه اه‍. قال شيخنا العدوي: قولها
لجاز أي لكان مأذونا فيه فيثاب عليه لكن ليس مثل الثواب الحاصل للامام. والحاصل أن ذبح كل
من الامام وغيره أضحيته بالمصلى مندوب إلا أن ذبح الامام آكد ندبا اه‍. وبهذا يعلم ما في كلام
الشارح قوله: (وأما القرى الصغار) المناسب أن يقول: وأما غيرها من الأمصار والقرى مطلقا
والظاهر أنه أراد بالأمصار الكبار ما لا يعلم من فيها بذبحه إذا ذبح وأراد بالقرى الصغار ما يعلم من
فيها بذبحه إذا ذبح قوله: (فلا يطلب منه) أي فلا يطلب من الامام ذلك أي نحره أضحيته بالمصلى
قوله: (وندب إيقاعها به) أي لأجل المباعدة بين الرجال والنساء لان المساجد وإن كبرت يقع الازدحام
فيها وفي أبوابها بين الرجال والنساء دخولا وخروجا فتتوقع الفتنة في محل العبادة قوله: (صلاتها
بالمسجد) أي ولو مسجد المدينة المنورة. قوله: (بدعة) أي مكروهة وأما صلاتها في المسجد
لضرورة كمطر أو وحل أو خوف من اللصوص فلا كراهة فيه، قال مالك: ولا تصلى العيد بموضعين في
المصر أي كل موضع بخطبة كالجمعة خلافا للشافعي، وكما يشترط في إمام الفريضة كونه غير معيد
399

كذلك العيد فلا يصح لمن صلاها في محل إماما أو مأموما ثم جاء لمحل آخر أن يصلي إماما بأهله على
ما يظهر وإن اقتدوا به أعيدت ما لم يحصل الزوال كذا في شرح الرسالة للنفراوي. قوله: (وهي عبادة إلخ)
لخبر: ينزل على البيت في كل يوم مائة وعشرون رحمة ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون
للناظرين إليه قوله: (أي أولى التكبير) أي الكائن في العيد الشامل للمزيد والأصلي، وحينئذ فأولاه
تكبيرة الاحرام حقيقة، وأما إن جعل الضمير عائدا على التكبير المزيد في العيد كأن جعل الاحرام
أولى له مجازا علاقته المجاورة والأول ظاهر والثاني بعيد. قوله: (بكسبح) أي * (سبح) *، و * (والشمس وضحاها) *
وما شابههما من وسط المفصل. قوله: (وندب خطبتان) انظر هل هما مندوب واحد كما هو المتبادر من
المصنف أو كل واحدة مندوب مستقل؟ قال شيخنا: والأول هو الظاهر، هذا وقد اقتصر ابن عرفة على
سنية الخطبتين ونصه خطبة العيد أثر الصلاة سنة اه‍ ابن حبيب. ويذكر في خطبة عيد الفطر زكاة
الفطر وما يتعلق بها، وفي خطبة عيد الأضحى الضحية وما يتعلق بها، وإذا أحدث فيهما فإنه يتمادى ولا
يستخلف لان فعلها بعد الصلاة قوله: (من الجلوس في أولهما) الظاهر أن الجلوس فيهما مندوب لا سنة
كما في الجمعة خلافا لظاهره، وانظر هل يندب القيام فيهما أم لا؟ قوله: (أي استماعهما) إنما احتيج لذلك
لأنه هو الذي في قدرة الشخص دون السماع فكيف يكلف به؟ وما ذكره المصنف من ندب الاستماع
لهما وكراهة الكلام فيهما جار على رواية القرينين وابن وهب، وظاهر سماع ابن القاسم الوجوب
ابن عرفة سمع ابن القاسم ينصت في العيدين والاستسقاء كالجمعة وروى القرينان وابن وهب
ليس الكلام فيهما كالجمعة اه‍. وقرر ابن رشد السماع المذكور على ظاهره من الوجوب، وتأوله ح
بأن المراد يطلب لها الانصات كما يطلب لخطبة الجمعة وإن اختلف الطلب فيهما قال طفي: وهو
تأويل بعيد اه‍ بن قوله: (أي الانصات) فإن تكلم ولم ينصت كره له ذلك. قوله: (واستقباله) أي
وندب استقبال الامام في حال الخطبتين أي استقبال ذاته ولا يكفي استقبال جهته، ولا فرق بين من
في الصف الأول ومن في غيره لأنهم ليسوا منتظرين صلاة حتى يفرق بين الصف الأول وغيره كالجمعة
بناء على ما تقدم للمصنف وإن كان المعتمد أنه لا فرق بين الصف الأول وغيره في طلب الاستقبال
في الجمعة مثل ما هنا. قوله: (وأعيدتا ندبا إن قدمتا) ما ذكره من ندب إعادتهما إن قدمتا مبني على ما مشى
عليه المصنف من أن بعديتهما مستحبة، وأما على أن بعديتهما سنة فتكون إعادتهما إذا قدمتا سنة
قوله: (واستفتاح لها بتكبير) أي بخلاف خطبة الجمعة فإنه يطلب افتتاحها وتخليلها بالتحميد
وسيأتي أن خطبة الاستسقاء تفتتح بالاستغفار، وما ذكره المصنف من أن افتتاح خطبة العيد بالتكبير
مندوب خلاف ما في المواق فإنه قد اقتصر على سنيته، ونص الواضحة والسنة أن يفتتح خطبته
الأولى والثانية بالتكبير وليس في ذلك حد اه‍ بن. وقد يقال: لعل الظاهر أن المراد بالسنة
هنا الطريقة فلا مخالفة فتأمل. قوله: (أي بالجمعة إلخ) حاصله أن من أمر بالجمعة وجوبا
يؤمر بالعيد استنانا ومن لم يؤمر بها وجوبا وهم النساء والصبيان والعبيد والمسافرون وأهل
القرى الصغار أمر بالعيد استحبابا، فالضمير في بها عائد على الجمعة من قوله لمأمور الجمعة لا على العيد
ويصح عوده على العيد ويراد بالأمر المنفي السنية والمعنى، وندب إقامة العيد لمن لم يؤمر بصلاة العيد
استنانا. قوله: (ومسافر) يستثنى منه الحجاج فإنهم لا يطالبون بها لا ندبا ولا استنانا لا جماعة ولا
فرادى بل تكره في حقهم كما مر قوله: (لصلاة العيد) متعلق بإقامة أي يندب لمن لم يؤمر بالجمعة
أن يقيم صلاة العيد أي أن يفعلها فذا أو ولو جماعة، ورد المصنف بهذا على من قال لا يفعلها أصلا
والحاصل أن من لم يؤمر بصلاة الجمعة وجوبا قيل إنه يندب له صلاة العيد فذا لا جماعة فيكره
وقيل يندب له فعلها فذا وجماعة، وقيل لا يؤمر بفعلها أصلا ويكره له فعلها فذا وجماعة، والراجح
من هذه الأقوال الثلاثة أولها، فقول المصنف: وندب إقامة من لم يؤمر بها رد به على
400

القول الثالث وأطلق المصنف في الإقامة فلم يبين كونها فذا فقط أو فذا وجماعة وهو المتبادر من
إطلاقه، لكن قد علمت أن الراجح القول بندب إقامتها لمن لا تلزمه فذا فقط، وحكاية الأقوال الثلاثة
في هذه المسألة على ما قلناه هو الصواب كما في بن نقلا عن ابن عرفة والتوضيح وأبي الحسن وليس
فيها إقامتها جماعة لا فذا انظر بن. قوله: (فذا أو جماعة) وقيل بل يصلونها أفذاذا فقط ورجح وقيل إن
فاتتهم لعذر صلوها جماعة وإن فاتتهم لغير عذر صلوها أفذاذا مثل ما مر فيمن فاتته الجمعة، قال ح: وعلى
القول بجواز صلاة من فاتته جماعة فمن فاتته من أهل المصر لا يخطب لها بلا خلاف، وكذا من تخلف
عنها لعذر وكذا العبيد والمسافرون، واختلف في أهل القرى الصغار على قولين اه‍ قوله: (إثر خمس
عشرة فريضة) هذا هو المعتمد خلافا لابن بشير القائل إثر ست عشرة فريضة من ظهر يوم النحر لظهر
الرابع. قوله: (كالمتقدم) أي كالقرب الذي تقدم في البناء وهو بالعرف أو بعدم الخروج من المسجد ولا
يشترط رجوعه لموضعه بل متى كان الامر قريبا رجع للتكبير سواء رجع لموضعه إن كان قام منه أو لا
قوله: (من غير زيادة) أي فإن زاد شيئا كان خلاف الأولى لان هذا هو الوارد في الحديث، فإذا اقتصر
على التكبيرات الثلاث كان آتيا بمندوبين: ندب التكبير وندب لفظه الوارد، وإن زاد شيئا كما هو الواقع
الآن فقد أتى بمندوب وترك مندوبا. قوله: (فحسن والأول أحسن) لأنه الذي في المدونة والثاني في
مختصر ابن عبد الحكم، وقيل إن الأول حسن والثاني أحسن فقد علمت أن المسألة ذات قولين والراجح
ما مشى عليه المصنف وهو أولهما. قوله: (وكره تنفل بمصلى قبلها) أي لان الخروج للصحراء منزل منزلة
طلوع الفجر وكما لا يصلي بعد طلوع الفجر نافلة غيره، فكذا لا يصلي بعد الخروج للصحراء نافلة غير
العيد. قوله: (وبعدها) أي لئلا يكون ذلك ذريعة لإعادة أهل البدع الذين يرون عدم صحة الصلاة خلف
غير المعصوم. قوله: (لا إن صليت) أي العيد بمسجد، وقوله فلا يكره أي التنفل فيه قبل صلاتها ولا بعد صلاتها
أما عدم كراهته قبل صلاتها فمراعاة للقول بطلب التحية في المسجد بعد الفجر، وبه قال جمع من العلماء
وإن كان ضعيفا عندنا، وأما عدم كراهته بعد صلاتها فلندور حضور أهل البدع لصلاة الجماعة في المسجد
فصل: في صلاة الكسوف والخسوف قوله: (الكسوف) اعلم أن الكسوف والخسوف قيل
مترادفان وأن ذهاب الضوء كلا أو بعضا يقال له كسوف وخسوف، وقيل: الكسوف ذهاب ضوء
الشمس والخسوف ذهاب ضوء القمر، قال في القاموس وهو المختار وقيل عكسه ورد بقوله تعالى
* (وخسف القمر) * وقيل الكسوف اسم لذهاب بعض الضوء، والخسوف اسم لذهاب جميعه، وقيل
الكسوف اسم لذهاب الضوء كله والخسوف اسم لتغيير اللون، وهذه الأقوال كلها في أبي الحسن إلا
أنه عكس الأخير اه‍ بن. قوله: (عينا) أي على المشهور وقيل سنة كفاية. قوله: (للمأمور بالصلاة) أي
للمأمور بالصلوات الخمس وجوبا وهو البالغ العاقل سواء كان ذكرا أو أنثى حرا أو عبد حاضرا أو
مسافرا، وأما الصبي فلا تسن في حقه صلاة الكسوف بل تندب فقط. قوله: (وإن لعمودي) لم يأت بلو
المشيرة للخلاف في المذهب إشارة إلى أنه لم يرتض ما نسبه اللخمي لمالك من أنه لا يؤمر بها إلا من تلزمه
الجمعة لان صاحب الطراز وغيره اعترضوا على اللخمي في ذلك أنظر ح اه‍ بن وكان الأولى للمصنف أن
يحذف اللام من قوله: وإن لعمودي إذ التقدير سن لمأمور الصلاة هذا إذا كان بلديا بل وإن كان عموديا
قوله: (وصبي) جعله مخاطبا بصلاة الكسوف على جهة السنية فيه نظر، قال بن: لم أر من ذكر السنية
401

في حق الصبي إلا ما نقله ح عن ابن حبيب، وهو يحتمل أن يكون إنما عبر بالسنية تغليبا لغير الصبي
عليه، وإنما عبر ابن بشير وابن شاس وابن عرفة بلفظ يؤمر الصبي بها فيحمل الامر على الندب كما
هو حقيقته، وإذا صح هذا سقط استغراب أمر الصبي بالكسوف استنانا وبالفرائض الخمس ندبا اه‍
كلام بن. قوله: (ومسافر) أي ونساء وعبيد مكلفين قوله: (أو جد لغير مهم) أي كقطع المسافة. وقوله
فإن جد لامر مهم أي كأن يجد لادراك أمر يخاف فواته، وأشار الشارح إلى أن في مفهوم المصنف
تفصيلا تبعا لتت وعبق، ومفاد المواق أنه إذا جد السير مطلقا لا تسن في حقه وهو ظاهر المصنف
وهو المعتمد قوله: (لكسوف الشمس) أي لا لغيرها من الآيات. وفي ح قال في الذخيرة: ولا يصلى
للزلازل وغيرها من الآيات، وحكى اللخمي عن أشهب الصلاة واختاره اه‍ بن قوله: (ما لم يقل)
أي ما ذهب من ضوئها وإلا فلا يصلى لذلك. قوله: (سرا) هذا هو المشهور وقيل جهرا لئلا يسأم الناس
واستحسنه اللخمي ابن ناجي وبه عمل بعض شيوخنا بجامع الزيتونة. قوله: (لأنهما لا خطبة إلخ) ومن
المعلوم أن كل صلاة نهارية لا خطبة لها ولا إقامة لها فالقراءة فيها سرا. قوله: (بزيادة قيامين) أي مع
زيادة قيامين أي مصاحبين للزيادة المذكورة. قوله: (أي بزيادة قيام وركوع في كل ركعة) اعلم أن الزائد في
كل من الركعتين القيام الأول والركوع الأول فكل واحد منهما سنة، وأما القيام الثاني والركوع
الثاني في كل ركعة فهو الأصلي وهو واجب، ويترتب على سنية الأول منهما السجود لتركه، وأم تطويل
الركوع كالقيام والسجود كالركوع ففيه خلاف بالندب والسنية كما سيأتي، ويترتب على القول بالسنية
السجود إذا ترك قوله: (وهكذا) أشار إلى أن في كلام المصنف حذف الواو مع ما عطفت كما أن فيه
حذف العاطف. قوله: (أي لذهاب ضوئه أو بعضه) أي ما لم يقل الذاهب جدا وإلا لم يصل لذلك
قوله: (في الحكم وهو الندب والصفة) متعلق بمحذوف أي تشبيه في الحكم والصفة، وما ذكره من الاستحباب
هو المعتمد وهو الظاهر من كلامهم، والذي لابن عرفة ما نصه: وصلاة خسوف القمر اللخمي والجلاب
سنة ابن بشير والتلقين فضيلة اه‍. وفي ح: أن الأول أعني السنية شهره ابن عطاء الله والثاني
وهو الندب اقتصر عليه في التوضيح وصححه غير واحد وصرح القلشاني بأنه المشهور اه‍ بن
وبالجملة فكل من القولين قد شهر ولكن المعتمد القول بالندب، فلذا حمل الشارح كلام المصنف عليه
وإن كان المتبادر منه القول بالسنية. قوله: (مبتدأ) أي وليس عطفا على ركعتان من قوله سن
لكسوف الشمس ركعتان لأنه يقتضي السنية، مع أن المعتمد أن صلاة خسوف القمر مندوبة
قوله: (بل يندب فعلها في البيوت) أي وحينئذ ففعلها في المساجد مكروه سواء كانت جماعة أو
فرادى، إلا أنها إن فعلت جماعة في المسجد كانت الكراهة من جهتين، وإن فعلت فيه فرادى كانت
الكراهة من جهة كما أن فعلها في البيوت جماعة مكروه من جهة. قوله: (ووقتها الليل كله)
في ح أن الجزولي ذكر في صلاتها بعد الفجر أي إذا غاب عند الفجر منخسفا أو طلع عند الفجر
402

منخسفا قولين، وأن التلمساني اقتصر على الجواز، وأن صاحب الذخيرة اقتصر على عدم الجواز اه‍ بن
ووجه القول بعدم الجواز ما مر أنه لا يصلي نفل بعد طلوع الفجر إلا ركعتا الفجر والورد لنائم عنه
ووجه القول بالجواز وجوب السبب لتلك الصلاة وهو حصول الانخساف للقمر. قوله: (وهذا) أي
ندب فعلها في المسجد. قوله: (وندب قراءة البقرة إلخ) ظاهره أنه يندب قراءتها وموالياتها من السور
بخصوصها، وكلام المدونة يفيد أن المندب إنما هو الطول بقدرها سواء قرأ تلك السورة أو قرأ غيرها
لقولها، وندب أن يقرأ نحو البقرة والمعول عليه كلام المدونة ويمكن رجوع كلام المصنف لكلامها بأن
يجعل في كلام المصنف حذف مضاف أي وقراءة نحو البقرة، وقيل إن المعول عليه ظاهر كلام المصنف
وهو أن المندوب قراءة خصوص هذه الصورة، ويرجع كلام المدونة لكلام المصنف بأن يقال: إن
الإضافة في قولها نحو البقرة للبيان وهذا القول هو الظاهر كذا قرر شيخنا. قوله: (ثم موالياتها في
القيامات بعد الفاتحة إلخ) ما ذكره من قراءة الفاتحة في كل قيام هو المشهور كما في التوضيح وابن عرفة
و ح ونص ابن عرفة وفي إعادة الفاتحة في القيام الثاني والرابع قولا المشهور وابن مسلمة اه‍. فقول
خش: ان ما لابن مسلمة هو المشهور غير صحيح اه‍ بن. قوله: (أي يقرب منه طولا) أي أنه يقرب
في ركوعه من قراءته في الطوال لا أنه يطول في الركوع قدر القراءة وفي السجود قدر الركوع، فكلام
المصنف مفيد للمراد لان الأصل قصور المشبه عن المشبه به في وجه الشبه، ألا ترى أنك إذا قلت زيد
كالأسد في الجرأة لا يلزم أن يساويه فيها بل الأصل القصور. قوله: (ندبا) راجع لقول المصنف وركع
كالقراءة إلخ. واعلم أن تطويل الركوع كالقراءة وتطويل السجود كالركوع قيل إنه مندوب وهو لعبد
الوهاب كما في المواق، وقال سند: أنه سنة ويترتب السجود على تركه واقتصر عليه ح والشيخ زروق
وهو الذي يظهر من المؤلف حيث غير الأسلوب ولم يقل وركوع كالقراءة أي وندب ركوع كالقراءة
وسجود كالركوع اه‍ بن. قوله: (أو يخف خروج وقتها) فإذا كسف وقد بقي للزوال ما يسع منها
ركعة بسجدتيها إن صليت على سنتها وطولت وإن ترك تطويلها صلاها بتمامها بصفتها فإنه يسن
تقصيرها ليدرك كلها في الوقت. قوله: (ووقتها كالعيد) قال أبو الحسن: حكى ابن الجلاب في وقتها
ثلاث روايات عن مالك: إحداها أنها من حل النافلة للزوال كصلاة العيدين والاستسقاء، والثانية أنها
من طلوع الشمس للغروب، والثالثة أنها من طلوع الشمس إلى العصر، والأولى هي التي في المدونة اه‍ بن
قوله: (من حل النافلة) أي فلو طلعت الشمس مكسوفة لم يصل لها حتى يأتي وقت حل النافلة، وكذلك
إذا جاء الزوال وهي مكسوفة أو كسفت بعده لم يصل لها هذا على رواية المدونة، وأما على الرواية الثانية
إذا طلعت مكسوفة فإنه يصلي لها حالا لان الصلاة علقت برؤية الكسوف وهي ممكنة في كل وقت
كذا يصلى لها إذا جاء الزوال أو دخل وقت العصر وهي مكسوفة أو كسفت عندهما، وعلى الرواية
الثالثة يصلى لها حالا إذا طلعت مكسوفة، وإذا دخل وقت العصر وهي مكسوفة أو كسفت عنده لم يصل
لها، واتفق الأقوال الثلاثة على عدم الصلاة إذا غربت مكسوفة أو كسفت عند الغروب
قوله: (وتدرك الركعة بالركوع الثاني) أي وحينئذ فمن أدرك مع الامام الركوع الثاني من
الأولى لم يقض شيئا وإن أدرك الركوع الثاني من الركعة الثانية قضى الركعة الأولى
403

بقيامها فقط ولا يقضي القيام الثالث. قوله: (فرض مطلقا) أي في القيامات الأربع وهو الذي يظهر
مما نقله ح عن سند، وظاهر نقل المواق عن ابن يونس وذلك لان كل قراءة يعقبها ركوع يجب أن
يكون فيها أم القرآن، وتحصل من كلام الشارح قولان في الفاتحة قيل إن الفرض الواقعة قبل الركوع
الثاني، وأما الواقعة قبل الركوع الأول فسنة، وقيل إن الفاتحة واجبة في القيامين وهو في المشهور وإن
كان مشكلا من جهة أن القيام الأول في كل ركعة ذكروا أنه سنة، والظاهر أن قيام الفاتحة تابع لها فتأمل
وبقي ثالث وحاصله نفي قراءة الفاتحة قبل الركوع الثاني وهذا قول ابن مسلمة وهو شاذ، ووجهه أن
صلاة الكسوف ركعتان والركعة الواحدة لا تكرر فيها الفاتحة، وعلم من الشارح أيضا أن الركوع
الأول سنة والفرض إنما هو الثاني. قوله: (وإن ما زاد عليها) أي على الفاتحة من القراءة مندوب أي
وإن تطويل القراءة على الوجه السابق مندوب ثان. قوله: (وإن انجلت في أثنائها إلخ) انظر ما إذا زالت
عليه الشمس في أثنائها هل يكون بمنزلة ما إذا انجلت في أثنائها فيجري فيه الخلاف على الوجهين
المذكورين من كون الزوال تارة يكون بعد أن عقد ركعة أو قبل أن يعقد ركعة أو يفصل بين كونه أدرك
ركعة قبل الزوال فيتمها على سنتها لان الوقت يدرك بركعة وبين ما إذا لم يدرك ركعة، فيحتمل أن يقال
بالقطع، أو يتمها كالنافلة والظاهر الثاني اه‍ عدوي. وقوله كلها احترازا عما لو انجلى بعضها في أثنائها فإنه
مأمور بإتمامها على صفتها قولا واحدا قوله: (لأنها) أي الصلاة على الكيفية المتقدمة شرعت لعلة أي
لسبب وهو الكسوف. قوله: (والقول بالقطع) أي إذا انجلت في أثناء الصلاة قبل إتمام ركعة قوله: (فلا
ينبغي حمل كلام المصنف عليه) أي على ذلك القول الضعيف بحيث يقال: وإن انجلت في أثنائها أي
وقبل أن يعقد ركعة ففي إتمامها كالنوافل أي وقطعها قولان، وإنما لم يصح حمله على ذلك لان القول
الثاني ضعيف وهو لا يعبر بقولان إلا إذا لم توجد أرجحية لأحدهما وهنا قد وجدت أرجحية لأحدهما
قوله: (لوجود إلخ) أي وعادته لا يعبر بقولان إلا عند عدم وجود الأرجحية. قوله: (وقدم فرض خيف
فواته) أي وقدم فرض خيف فواته على صلاة الكسوف وجوبا. وقوله ثم كسوف أي على عيد أي ثم يقدم
الكسوف على العيد ندبا. وقوله ثم عيد أي على استسقاء أي ثم يقدم العيد على الاستسقاء ندبا فالترتيب
بين هذه الأمور منه ما هو واجب ومنه ما هو مندوب. قوله: (كفج ء عدو) أي فإذا فجأ العدو بلدا يوم
كسوف وخيف بتقديم صلاة الكسوف على الجهاد اشتغال المسلمين وظفر العدو وجب تقديم الجهاد
على صلاة الكسوف أو وقوع أعمى في بئر أو في نهر وخيف بتقديم الكسوف على إنقاذه هلاكه وجب
تقديم إنقاذه على الصلاة المذكورة، وإذا حضرت جنازة وخيف بتقديم صلاة الكسوف عليها تغيرها
قدمت الصلاة على الجنازة على صلاة الكسوف، وبحمل الشارح الفرض على ما ذكر يندفع ما يقال: إن
وقت الكسوف من حال النافلة للزوال وهذا ليس وقتا لشئ من الصلوات الفرائض حتى يخاف فواته
بفعل الكسوف. قوله: (ثم كسوف على عيد) استشكل بأن أهل الهيئة أحالوا اجتماع العيد والكسوف
لان الكسوف لا يكون إلا في التاسع والعشرين من الشهر والعيد، إما أول يوم من الشهر أو عاشره
والحاصل أنهم يقولون: إن الكسوف سببه حيلولة القمر بيننا وبين الشمس ولا تكون الحيلولة إلا عند
اجتماع القمر مع الشمس في منزلة واحدة، وفي عيد الفطر يكون بينهما منزلة كاملة ثلاث عشرة درجة
وفي عيد الأضحى نحو مائة وثلاثين درجة، وحينئذ فلا يتأتى اجتماع العيد والكسوف، ورد ابن العربي
عليهم بأن لله أن يخلق الكسوف في أي وقت شاء لان الله فاعل مختار فيتصرف في كل وقت بما يريد
وفي حاشية الرسالة لح: أن الرافعي نقل أن الشمس كسفت يوم مات الحسين وكان يوم عاشوراء، وورد
404

أنها كسفت يوم مات إبراهيم ولد النبي صلى الله عليه وسلم وكان موته في العاشر من الشهر عند الأكثر
وقيل في رابعه، وقيل في رابع عشره، وكان ذلك الشهر ربيعا الأول، وقيل رمضان، وقيل ذا الحجة. قوله: (ثم عيد
على استسقاء) أي لان العيد أوكد والأوكد يقدم على خلافه إذا لم يكن مقتض لتقديم غير الأوكد
قوله: (وإلا فعل مع العيد) أي في يوم واحد ويقدم العيد في الفعل كما لو اجتمع الاستسقاء والكسوف
فإنهما يفعلان في يوم واحد ويؤخر الاستسقاء خوفا من انجلاء الشمس
فصل: في حكم صلاة الاستسقاء قوله: (سن عينا لذكر إلخ) اعلم أن شرط وقوعها سنة ممن ذكر إذا
وقعت في الجماعة، فمن فاتته مع الجماعة ندبت له الصلاة فقط فهي كالعيد كما مر قوله: (أي صلاته) أي لان
الاستسقاء طلب السقي وطلبه ليس سنة والسنة إنما هو الصلاة التي تفعل عنده. قوله: (وندب لصبي)
أي وكذا متجالة. قوله: (أي بسبب تخلفه إلخ) قال بن: هذا تكلف والصواب كما لابن عاشر أن
قوله بنهر متعلق باستسقاء لما فيه من معنى السقي أي سن طلب السقي بنهر كالنيل لأهل مصر أو غيره
كالمطر لغيرهم، وفهم من كلامه أن الاستسقاء لا لاحتياج زرع ولا لحاجة شرب بل لطلب السعة
والمزيد من فضل الله ليس سنة وهو كذلك بل هو مندوب، وما في عبق من إباحته ففيه نظر إذ لا توجد
عبادة مستوية الطرفين، اللهم إلا أن يقال: مراده بالإباحة الاذن فلا ينافي أنها مندوبة كذا قرر شيخنا
قوله: (لا طلب السقي) أي بدون صلاة قوله: (ويقرأ فيهما جهرا ندبا) أي لأنها صلاة ذات خطبة وكل
صلاة لها خطبة فالقراءة فيها جهر لاجتماع الناس فيسمعونها ولا يرد الصلاة يوم عرفة لان الخطبة ليست
للصلاة بل لأجل تعليم الوقوف والانصراف. قوله: (وكرر الاستسقاء) أي صلاته. وقوله لاحد السببين
وهما الاحتياج للشرب واحتياج الزرع وما ذكره الشارح تبعا لعبق من أن تكرير الاستسقاء لاحد
السببين المذكورين إن تأخر المطلوب استنانا فقد اعترضه العلامة طفي وتبعه بن بأن المدونة وغيرها إنما
عبرا بالجواز، فيحمل كلام المصنف عليه، وجاز تكرير الاستسقاء لاحد السببين إن تأخر المطلوب
وقال شيخنا: الظاهر حمل كلام المصنف على الندب، قال العلامة الأمير: وقد يقال الظاهر ما قاله الشارح وأن
الجواز بمعنى الاذن لان الأصل بقاء كل أمر على حكمه الأصلي. قوله: (وخرجوا ندبا) الندب منصب على
قوله ضحى ومشاة وإلا فأصل الخروج سنة لأنه وسيلة للصلاة التي هي سنة. قوله: (لأنه وقتها للزوال) أي
فلا تفعل قبل الضحى وهو وقت حل النافلة ولا بعد الزوال. قوله: (وجلين) أي خائفين من الوجل وهو
الخوف. وقوله مشايخ حال من الواو في خرجوا أي خرجوا حال كون الخارجين مشايخ إلخ
قوله: (المراد بهم الرجال) أي مطلقا وليس المراد بهم هنا خصوص المعنى المذكور في الوقت وهو من
زاد عمره على ستين سنة. قوله: (ومتجالة) إنما كررها ولم يستغن بذكرها في الجماعة بقوله: وخروج
متجالة لعيد واستسقاء لكون هذا الموضع موضع ذكرها الخاص بها الذي يرجع إليه. قوله: (لا من
لا يعقل) عطف على محذوف أي صبية يعقلون لا من لا يعقل منهم ولا بهيمة، فليس خروجهم بمشروع
بل هو مكروه على المشهور خلافا لمن قال بندب خروج من ذكر لقوله عليه الصلاة والسلام: لولا
أشياخ ركع وأطفال رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا وأجيب بأن المراد لولا وجودهم وليس
405

المراد لولا حضورهم تأمل. قوله: (ولا حائض ولا نفساء) أي فيمنعان من الخروج على جهة الكراهة، ولا
فرق بين حال جريان دمهما وبين انقطاعه وقبل الغسل منه. قوله: (ولا يمنع ذمي) أي من الخروج كما
لا يؤمر به. وقوله ولا يمنع إلخ أي سواء خرج من غير شئ بصحبته أو خرج معه صليبه فلا يمنع من اخراجه
معه ولا من إظهاره حيث تنحى به عن الجماعة وإلا منع. قوله: (أي وقت) أشار بهذا إلى أن المصنف عبر
باليوم وأراد به مطلق الزمن والمعنى وانفرد بمكان يجلس فيه عن المسلمين لا بوقت يخرج فيه، قال ابن
حبيب: يخرجون وقت خروج الناس ويعتزلون في ناحية ولا يخرجون قبل الناس ولا بعدهم. قوله: (ولا
يدعو) أي الامام في خطبته لاحد من المخلوقين لا للسلطان ولا لغيره، وهذا ما لم يخش من السلطان أو
من نوابه وإلا دعا له فيها. قوله: (وبدل) أي ترك وغير التكبير. وقوله: بالاستغفار أي فيأخذه ويفعله فالباء
داخلة على المأخوذ لا على المتروك كما أشار له الشارح بقوله: بأن يستغفر إلخ قوله: (وبالغ في الدعاء إلخ)
المراد بالمبالغة في الدعاء الإطالة فيه كما هو المأخوذ من كلام ابن حبيب. قوله: (رداءه) أي وأما البرانس
والغفائر فإنها لا تحول إلا أن تلبس كالرداء. قوله: (يجعل يمينه إلخ) أشار بهذا إلى أن يمينه منصوب بعامل
محذوف، ويجوز أن يكون منصوبا على أنه بدل بعض من كل. قوله: (والمصنف ظاهر إلخ) أي لان
المتبادر أن قوله: ثم حول إلخ عطف على قوله: وبالغ في الدعاء، ولك أن تجعل قوله: ثم حول عطفا على قوله
مستقبلا أي ثم بعد الاستقبال حول إلخ. وحينئذ يكون ماشيا على المذهب كذا في ح. أو أن ثم للترتيب
الذكري. قوله: (دون النساء) أي الحاضرات فلا يحولن لئلا ينكشفن ولا يكرر الامام ولا الرجال
التحويل. قوله: (وندب خطبة بالأرض) الظاهر أن الخطبة في ذاتها مستحبة وكونها بالأرض مستحب
آخر قاله شيخنا. قوله: (فيخرجون مفطرين للتقوي على الدعاء كيوم عرفة) فيه أنهم في يوم عرفة
لكونهم مسافرين يضعفهم الصوم وهنا ليس كذلك، ولذا اعتمد البناني ما لابن حبيب من خروجهم
صائمين، وبه قال ابن الماجشون أيضا كما قال البدر القرافي وارتضاه شيخنا. قوله: (والمعتمد أنه يأمر بهما
الامام) هذا قول ابن حبيب ونص البيان في كتاب الصيام، قال ابن حبيب: ولو أمرهم الامام أن
يصوموا ثلاثة أيام آخرها اليوم الذي يبرزون فيه كان أحب إلي اه‍ بلفظه. وهو يقتضي أنهم يخرجون
صائمين وهو خلاف ما يقتضيه المصنف اه‍. وفي المواق أن مالكا قال فيه: من تطوع خيرا فهو خير له
ولا يصح نفي الصوم على العموم غاية الأمر أنهم يوكلون لاختيارهم ولا يأمر به الامام كما قال المصنف
خلافا لابن حبيب القائل إن الامام يأمر بالصوم فقد علمت أن في الصوم قولين هل يأمر به الامام أو لا
وأنه لم يقل أحد بأنه يأمر به الامام إلا ابن حبيب. وأما الصدقة ففي ح قال ابن عرفة ابن حبيب ويحض
الامام على الصدقة ويأمر بالطاعة ويحذر من المعصية اه‍. وفي بهرام قال ابن شاس: يأمرهم بالتقرب
والصدقة بل حكى الجزولي الاتفاق على ذلك اه‍. قال تت: ولعل ما ذكره الجزولي طريقة فلا نظر
قال طفي: لم يقل أحد فيما أعلم أنه طريقة لابن عرفة ولا غيره بل لم يقل به أحد فيما أعلم أنه لا يأمر
بالصدقة فضلا عن أن يكون طريقة اه‍ بن إذا علمت ذلك تعلم أن المعتمد في الصدقة أنه يأمر بها وأن
المعتمد في الصوم عدم الامر به. قوله: (وجبت طاعته) أي لأنه إن أمر بمندوب أو مباح وجبت طاعته
406

وإن أمر بمكروه ففي وجوب طاعته قولان، وإن أمر بمحرم فلا يطاع قولا واحدا إذ لا طاعة لمخلوق في
معصية الخالق. واعلم أن محل كون الامام إذا أمر بمباح أو مندوب تجب طاعته إذا كان ما أمر به
من المصالح العامة وما هنا ليس كذلك، فقول الشارح: ثم إذا أمر بهما وجبت طاعته فيه نظر انظر بن. هذا
وقد أفتى الشيخ زيد الجيزي بعدم الوجوب حيث أمر الباشا بذلك ومال تلميذه البدر القرافي للوجوب
قوله: (وهي الندم على ما وقع من الذنب) أي لأجل قبحه شرعا لا لأجل إضراره بالبدن أو ازدراء الناس
به فلا يكون ذلك توبة. قوله: (لم تنتقض) اعلم أن توبة الكافر مقبولة قطعا، وأما توبة المؤمن العاصي فمقبولة
ظنا على التحقيق وقيل قطعا، وعلى كل إذا أذنب بعدها لا تعود ذنوبه على الصحيح، والذي عليه الجمهور
عدم قبول التوبة من الكفر ومن المعصية عند الغرغرة وعند طلوع الشمس من مغربها وقال بعضهم: إن
توبة المؤمن عند الغرغرة وعند طلوع الشمس من مغربها مقبولة ومحل ما ورد من عدم قبول التوبة عند
الغرغرة وبعد طلوع الشمس على الكافر دون المؤمن أنظر بن. قوله: (ورد تبعة) أي باقية عينها وهذا
تتضمنه التوبة والاعدام الاقلاع الذي هو من جملة أركانها فإن عدمت عينها فرد العوض واجب
مستقل لا تتوقف التوبة عليه لصحة التوبة من بعض الذنوب دون بعض. قوله: (إقامة غير المحتاج
بمحله) أي وأما لو ذهب غير المحتاج لمحل المحتاج لصار من جملة المحتاجين فيخاطب معهم بالسنة ويجوز
له إقامتها باتفاق. قوله: (قال) أي المازري ولم يصرح به للعلم به مما قدمه في الخطبة.
فصل: ذكر فيه أحكام الجنائز قوله: (في وجوب غسل الميت إلخ) أما وجوب الغسل فهو قول
عبد الوهاب وابن محرز وابن عبد البر وشهره ابن راشد وابن فرحون، وأما سنيته فحكاها ابن أبي زيد
وابن يونس وابن الجلاب وشهره ابن بزيزة، وأما وجوب الصلاة فهو قول سحنون ابن ناجي
وعليه الأكثر وشهره الفاكهاني، وأما سنيتها فلم يعزه في التوضيح ولا ابن عرفة إلا لأصبغ، وفي المواق
عن المازري: إن بعض المتأخرين استنبطه من كلام مالك وذكر ح عن سند أن المشهور فيها عدم
الفرضية وهو يفيد تشهير السنية على ما فهمه منه اه‍ بن. قوله: (ودخل) أي بقوله ولو حكما. قوله: (أي
بماء مطلق) هذا هو المشهور ومقابله قول ابن شعبان بماء الورد ونحوه بناء على أن الغسل للنظافة
قوله: (لا يجوز إلخ) أي لتشريفه وتكريمه لا لنجاسته وحمل بعضهم عدم الجواز في كلامه على الكراهة
ليكون وفاقا للمذهب. وذكر ابن عبد السلام أنه لا يكفن بما غسل بماء زمزم، ورده ابن عرفة بأن ذلك
إنما يجري على قول ابن شعبان وبأن أجزاء الماء قد ذهبت منه انظر ح اه‍ بن. وقوله: ولا يجوز به
407

غسل ميت ولا نجاسة أي لتشريفه وتكريمه لا لنجاسته. قوله: (وإدراجه في الكفن) قال ح: لا خلاف
في وجوب ستر عورة الميت وما حكاه بهرام عن ابن يونس من أن كفنه سنة يحمل على ما زاد على العورة إذ
لا خلاف في وجوب سترها اه‍ بن. قوله: (أرجحه الأول) أي وهو وجوب كل منهما. قوله: (وتلازما)
أي في الطلب كما أشار له الشارح بقوله: فكل من طلب غسله إلخ، وليس المراد أنهما متلازمان في الفعل
وجودا وعدما لأنه قد يتعذر الغسل وتجب الصلاة عليه، وقوله: ومن لا يغسل أي ومن لا يطلب تغسيله
لفقد إلخ، وأما من تعذر غسله وتيممه كما إذا كثرت الموتى جدا فغسله مطلوب ابتداء لكن يسقط للتعذر
ولا تسقط الصلاة عليه، وبهذا قرر طفي فيما يأتي عند قوله وعدم الدلك لكثرة الموتى. قوله: (على الأرجح)
وعليه فيوضئه عند الغسلة الأولى ثلاثا لا مرة قاله في التوضيح عند قول ابن الحاجب. وفي استحباب
توضيئه قولان، وعلى المشهور ففي تكرره مع تكرر الغسل قولان اه‍، ونصه الباجي، وينبغي على القول
بتكريره بتكرير الغسل أنه لا يوضئه في كل غسلة ثلاثا بل مرة مرة حتى لا يقع التكرار المنهي عنه، وإذا لم
نقل بتكريره أتى بثلاث أو لا اه‍. وما ذكره من أرجحية عدم تكرير الوضوء تبع فيها عج، قال أبو علي
ولم أرها لغيره اه‍ بن قوله: (فيوضئه مرة مرة إلخ) قد علمت أن هذا خلاف نقل التوضيح عن الباجي
قوله: (تعبدا) أي حالة كون الغسل المفهوم من غسل تعبدا أي متعبدا به أي مأمورا به من غير علة أي حكمة
واعلم أن الحكم التعبدي عند أكثر الفقهاء مالا علة له أصلا، وعند أكثر الأصوليين ما له علة لم نطلع عليها
وهذا الخلاف مبني على الخلاف في كونه سبحانه وتعالى جميع أفعاله الموجودة في الدنيا لا تخلو عن
مصلحة وحكمة تفضلا منه أو يجوز خلوها عنها، وما ذكره المصنف من أن طلب غسل الميت تعبدي هو
قول مالك وأشهب وسحنون، وقوله وقيل للنظافة لم يقل به إلا ابن شعبان كما في التوضيح، وينبني على
الخلاف غسل الذمي وعدم غسله فمالك يقول لا يغسل المسلم أباه الكافر. وقال الشافعي: لا بأس أن يغسل
المسلم قرابته المشركين ويدفنهم، وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور، وسبب الخلاف هل الغسل تعبد أو للنظافة
فعلى التعبد لا يجوز غسل الكافر وعلى النظافة يجوز. قوله: (لأنه في فعل الغير) أي والتعبد إنما يحتاج لنية إذا
كان فعلا في النفس قوله: (أي الحي منهما) فإن كان الحي أكثر من زوجة فالظاهر كما قال تشاركهما خلافا
لمن قال باقتراعهما. تنبيه: كما يقدم الزوج بالقضاء على أولياء زوجته في غسلها يقدم عليهم أيضا
بالقضاء في إنزالها قبرها ولحدها، وأما الزوجة فلا تقدم على أولياء زوجها في ذلك وإن قدمت عليهم
في غسله. قوله: (إن صح النكاح) أي ابتداء أو انتهاء بأن كان فاسدا ومضى بالدخول أو الطول، وقوله
لا إن فسد أي فلا يقدم ما لم يمض بشئ مما يمضى به الفاسد من دخول ونحوه كما أشار له بقوله: إلا أن يفوت
فاسده ومحل كونه إذا فسد النكاح لا يقدم الحي منهما إذا وجد من يجوز منه الغسل، فإن عدم وصار
الامر للتيمم كان غسل أحدهما للآخر من تحت ثوب أحسن لان غير واحد من أهل العلم أجازه كذا
نقل ح عن اللخمي قوله: (إن أراد المباشرة) هذا شرط في تقديم الحي من الزوجين بالقضاء. قوله: (وإن
رقيقا أذن سيده في الغسل) أي ولا يكفي إذنه له في الزواج وظاهره ولو كانت المرأة التي ماتت غير حرة
408

وهو كذلك وفاقا لابن القاسم، والذي يدل عليه نقل ح عن اللخمي أن سحنونا يخالف ابن القاسم
إذا ماتت الزوجة وهي أمة أو مات الزوج مطلقا ويوافقه في القضاء إذا ماتت الزوجة وهي
حرة فيقضي للزوج ولو رقيقا حينئذ باتفاقهما حيث أذن له السيد. والحاصل أن الزوج إذا مات
يقضى للزوجة بتغسيله مطلقا كان حرا أو رقيقا كانت الزوجة حرة أو أمة أذن سيدها، وكذا إذا
ماتت الزوجة يقضى للزوج بتغسيلها كانت حرة أو أمة كان الزوج حرا أو رقيقا إن أذن له سيده
فيه، هذا مذهب ابن القاسم وهو المعتمد، ومذهب سحنون: إن مات الزوج فلا يقضى لها بتغسيله كان
حرا أو عبدا كانت حرة أو أمة، وإن ماتت الزوجة فإن كانت أمة فلا يقضى للزوج بتغسيلها كان
حرا أو رقيقا، وإن كانت حرة قضى للزوج بتغسيلها كان حرا أو رقيقا إن أذن له سيده فيه وهو
ضعيف كما قال شيخنا. قوله: (كالميراث) أي فإنه يقضى به للزوجة ولو خرجت من العدة لأنه ثبت
لها بالزوجية فلا يتقيد بالعدة. قوله: (والأحب نفيه) أي وغسلها له مكروه كما يكره تغسيله لها في التي
قبلها واستحباب نفي التغسيل في المسألة الثانية لابن يونس من عنده وفي التي قبلها لابن القاسم
وأشهب، وذلك لان ابن يونس لما نقل الاستحباب في الأولى قال في هذه ما نصه: وكذلك عندي
إذا ولدت المرأة وتزوجت غيره أحب إلي من أن لا تغسله خلافا لابن الماجشون وابن حبيب
حيث قالا: تغسله كذا في المواق وغيره اه‍ بن. وإذا علمت أن الاستحباب في الثانية لابن يونس
من عند نفسه تعلم أن في تعبير المصنف بالاسم وهو الأحب المسلط على هذا المعطوف نظرا فالمناسب
لاصطلاحه أن يعبر في جانب المعطوف برجح، وقد يجاب أن معنى قوله في أول الكتاب أنه إذا عبر
برجح فهو إشارة إلى أنه من عند نفسه لا أنه متى كان من عند نفسه يشير له بالفعل. قوله: (لا رجعية)
عطف على المعنى أي ويغسل أحد الزوجين صاحبه لا رجعية فلا تغسيل لواحد منهما للآخر
وهذا مذهب المدونة. قوله: (لحرمة استمتاعه بها) أي لانحلال عقد الزوجية بخلاف المولى منها
والمظاهر منها إذا كانت زوجة فيغسل كل منهما صاحبه لبقاء عقد الزوجية من غير انحلال
قوله: (وهذا فرع إلخ) فيه أن قولهم: هل غسل الميت تعبد أو للنظافة قولان، وعليهما اختلف في غسل
الذمي ليس من إضافة المصدر لفاعله حتى يتم ما قاله الشارح من البناء بل من إضافة المصدر لمفعوله كما فرض
المسألة ابن عبد البر وغيره في تغسيل المسلم قريبه الكافر كما تقدم، وحينئذ فتغسيل الذمية لزوجها
المسلم يأتي على كل من القولين. قوله: (وقد يقال إلخ) أي وحينئذ فهذا الفرع هو مبني على كل من
القولين. قوله: (وإباحة الوطئ إباحة مستمرة للموت) احترز بذلك من المكاتبة والمبعضة والمعتقة
لأجل وأمة القراض والأمة المشتركة، وأمة المديون بعد الحجر عليه، والأمة المتزوجة فلا تغسل
واحدة منهن سيدها ولا يغسلها سيدها كذا في خش، وكذا خرج الأمة المولى منها أي المحلوف على
ترك وطئها، ولو كانت المدة أقل من أربعة أشهر والأمة المظاهر منها لعدم إباحة الوطئ فيهما، وفي
النوادر: كل أمة لا يحل للسيد وطؤها لا يغسلها ولا تغسله ولا معنى لتفرقة عبق بين المولى منها
والمظاهر منها حيث قال لا تغسله الأولى ولا يغسلها بخلاف الثانية فالحق ما استظهره ح من المنع
فيهما، لكن يقال على ما استظهره ح من المنع فيهما ما الفرق بينهما وبين الزوجة المولى منها والزوجة
المظاهر منها، وفرق طفي بأن الغسل في الأمة وفي المالك منوط بإباحة الوطئ، وفي الزوجين بعقد
الزوجية انظر بن. ولا يضر منع الوطئ بحيض أو نفاس لا في الأمة ولا في الزوجة كما قال شيخنا، وفي
قول المصنف: وإباحة الوطئ إلخ إشارة إلى أن مجرد الإباحة كاف وإن لم يحصل وطئ بالفعل. قوله: (لكن
لا يقضى لها إلخ) أي باتفاق كما حكاه ابن رشد في سماع موسى ونقله في التوضيح قال طفي: وأما
409

السيد فالظاهر تقديمه على أولياء أمته بالقضاء لأنها ملكه مع إباحة وطئها اه‍ بن. قوله: (ثم أقرب
أوليائه) أي من المسلمين، وأما من الكفار فلا إذ لا علقة لهم به كما يأتي المصنف يقول: ولا يترك مسلم
لوليه الكافر، وقيل إن الولي الكافر يغسل المسلم، ومحل الخلاف مقيد بما إذا لم يوجد معه إلا النساء
الأجانب، أما إن وجد معه مسلم ولو أجنبيا فلا يجوز أن يغسله الكافر ولو من أوليائه، وهذا الخلاف قد
نقله ابن ناجي ونصه وقد اختلف في ذلك فقال مالك تعلمه النساء ويغسله، وقال أشهب في المجموعة
لا يلي ذلك كافر ولا كافرة، وقال سحنون: يغسله الكافر ثم يحتاط بتيممه انظر بن. قوله: (فيقدم ابن إلخ)
استفيد منه أن الأخ وابنه يقدمان على الجد هنا وما أحسن قول عج:
بغسل وإيصاء ولاء جنازة * نكاح أخا وابنا على الجد قدم
وعقل ووسطه بباب حضانة * وسوه مع الآباء في الإرث والدم
تنبيه: أقرب في كلام المصنف مستعمل في حقيقته بالنظر لما قبل القريب الأخير لان كل واحد أقرب
مما بعده بخلاف الأخير فإنه قريب لا أقرب فأقرب مجاز فيه. قوله: (بنسب أو رضاع كصهر) أي
ومحرم النسب تقدم على محرم الرضاع ومحرم الرضاع تقدم على محرم الصهارة عند الاجتماع
قوله: (على المعتمد) أي كما قال ابن عرفة خلافا لسند القائل: أن محرمه من الصهارة لا تغسله. قوله: (وهل تستره
جميعه) أي ولا تباشره إلا بخرقة. قوله: (أو تستر عورته فقط) أي وهو الراجح وعليها فإن لم يوجد
ساتر غضت بصرها ولا تترك غسله، وقوله وهي كرجل إلخ أي أن عورته بالنسبة إليها ما بين السرة
والركبة كعورة الرجل مع رجل مثله. قوله: (يمم لمرفقيه) أي يممته تلك الأجنبية لمرفقيه قوله: (وإلا فلا)
أي وإلا لم بأن يوجد الماء إلا بعد الدخول في الصلاة عليه فلا يغسل، وهذا التفصيل يجري فيما إذا
يممت الرجل امرأة أجنبية ثم جاء رجل فإن كان مجيئه قبل الدخول في الصلاة غسله وإن جاء بعد
الدخول فيها فلا يغسله. قوله: (وكخوف تقطيع الجسد إلخ) حمله على الخوف تبع فيه ح وبهرام
وحمله تت على حصول التقطيع والتزليع بالفعل وقيده بما إذا كان فاحشا، وصوبه طفي واعترض
ما حمله عليه ح ومن تبعه بأنه يوجب التكرار مع قول المصنف الآتي وصب على مجروح أمكن ماء
إن لم يخف تزلعه انظر بن. قوله: (ولا حاجة له) أي لقوله: إن لم يخف تزلعه. قوله: (لو تعذر) أي أو
كان لها زوج أو سيد لكن تعذر تغسيله لمرض أو سفر، وقوله: أو لم يباشره لاسقاطه لحقه أو لعدم
معرفته بذلك. قوله: (أقرب امرأة) المراد بالأقرب ما يشمل القريبة بدليل قوله ثم أجنبية لان الأجنبية
إنما تكون بعد القريبة. قوله: (ثم أجنبية) أي ولو كافرة بحضرة مسلم أجنبي ومعناه أنه يعلمها
لا أنه يحضر الغسل. قوله: (فلا تباشر عورتها بيدها) أي بل تلف على يدها خرقة، وأما قول عبق:
وتباشر الأجنبية غسلها بلا خرقة حتى عورتها فغير صحيح لأنه إذا كان يمنع النظر فمنع الجس باليد
من باب أولى، وفي المواق عن المازري ما نصه: وأما غسل المرأة المرأة فالظاهر من المذهب أنها تستر
منها ما يستر الرجل من الرجل من السرة إلى الركبة اه‍ بن. قوله: (ولف شعرها) أي أدير على
رأسها كالعمامة كذا قال شيخنا. قوله: (والمعتمد أنه يندب ضفره) حمل بعضهم كلام المتن على أن
410

المعنى ولا يضفر وجوبا بل ندبا لأنه حمل ابن رشد لقول ابن القاسم يفعل بالشعر كيف شاء من لفه، وأما
الضفر فلا أعرفه فقال ابن رشد يريد أنه لا يعرفه من الامر الواجب وهو إن شاء الله حسن في الفعل
انظر المواق اه‍ بن. قوله: (غسلها محرم) أي رجل من محارمها قوله: (نسبا أو صهرا أو رضاعا) التعميم
في المحرم هنا وفي محرم الرجل فيما مر هو ظاهر الحطاب لاطلاقه له. وقال بعضهم: إن التعميم فيه هو مذهب
المدونة وحينئذ فاعتراض بن ساقط كذا قرر شيخنا. قوله: (فوق ثوب) المناسب تحت ثوب
والجواب أن المراد بفوق وخلف أو أن المعنى حالة كونه ناظرا فوق ثوب اه‍. قوله: (وإن كان إلخ) أي
هذا إذا كان الغاسل غير زوج وسيد بل وإن كان إلخ قوله: (وندبا فيما بعدها) هو قول ابن ناجي خلافا
للشاذلي وتبعه عبق من وجوب الستر حتى للزوج. قوله: (النية) أي وحينئذ فتعاد على من لم ينو الصلاة
عليه كائنين اعتقدهما واحدا إلا أن يعين واحدا منهما فتعاد على غيره، وأما إن اعتقد الواحد متعددا فإنه
لا يضر لان الجماعة تتضمن الواحد دون العكس. قوله: (ولا يضر عدم استحضار كونها فرض كفاية)
أي كما لا يضر عدم وضعها عن الأعناق على الأظهر كما قال شيخنا. قوله: (وحينئذ) أي حين
كونه لم يعرف هل هو ذكر أو أنثى؟ وقوله بالتذكير أي نظرا لكون الميت شخصا. وقوله: وإن شاء بالتأنيث
أي نظرا لكونه نسمة. قوله: (وأربع تكبيرات) أي لانعقاد الاجماع زمن الفاروق عليها بعد أن كان
بعضهم يرى التكبير ثلاثا وبعضهم أربعا وبعضهم خمسا وهكذا إلى تسع، والذي لابن ناجي أن
الاجماع انعقد بعد زمن الصحابة على أربع ما عدا ابن أبي ليلى فإنه يقول إنها خمس، ومثل ما لابن
ناجي للنووي على مسلم. قوله: (فلا يشركها معها) أي بل يتمادى في صلاته على الأولى حتى يتمها ثم
يبتدئ الصلاة على الثانية، قال أبو الحسن: لأنه لا يخلو إما أن يقطع الصلاة ويبتدئ عليهما جميعا، وهذا
لا يصح لقول الله عز وجل: * (لا تبطلوا أعمالكم) * أو لا يقطع ويتمادى عليهما إلى أن يتم تكبير الأولى
ويسلم، وهذا يؤدي إلى أن يكبر على الثانية أقل من أربع أو يتمادى إلى أن يتم التكبير على الثانية فيكون قد
كبر على الأولى أكثر من أربع فلذا قيل: لا يدخلها معها اه‍ بن. قوله: (لم ينتظر) هذا مذهب ابن
القاسم، وهل انتظاره حرام أو مكروه وهو الظاهر كما قال شيخنا، وقال أشهب: إنه ينتظر ليسلموا معه
ونص ابن يونس: قال ابن المواز قال أشهب: لو كبر الامام في صلاة الجنازة خمسا فليسكتوا حتى يسلم
فيسلمون بسلامه. وقال ابن القاسم: يقطعون في الخامسة اه‍. وظاهره الاطلاق أي كبر الخامسة عمدا
أو سهوا أو تأويلا قوله: (صحت فيما يظهر) أي مراعاة لقول أشهب. قوله: (فإن نقص) أي سهوا وإما عمدا
فهو قول المصنف الآتي: وإن سلم بعد ثلاث أعاد. وحاصله أن الامام إذا سلم عن أقل من أربع تكبيرات
فإن مأمومه لا يتبعه بل إن كان نقص ساهيا سبح له، فإن رجع وكمل سلموا معه وإن لم يرجع وتركهم كبروا
لأنفسهم وصحت صلاتهم مطلقا تنبه عن قرب وكمل صلاته أم لا، وقيل: إن لم يتنبه عن قرب فإن صلاتهم
تبطل تبعا لبطلان صلاة الامام والأول هو المعتمد، وإن كان نقص عمدا وهو يراه مذهبا لم يتبعوه
وأتوا بتمام الأربع وصحت لهم وله وإن كان لا يراه مذهبا بطلت عليهم ولو أتوا برابعة تبعا لبطلانها
على الامام وحينئذ فتعاد ما لم تدفن، فإن دفنت صلى على القبر على ما قال المصنف وسيأتي ما فيه
411

قوله: (وإلا كبروا وسلموا لأنفسهم) ظاهره أنه إذا لم يفقه بالتسبيح لا يكلمونه، وتقدم أن المشهور
قول ابن القاسم أنهم يكلمونه خلافا لسحنون. قوله: (وقيل تبطل) أي صلاتهم إن لم يتنبه عن قرب
وهذا ضعيف، فإن الذي في ح عن سند ظاهره يخالف هذا. قوله: (من إمام ومأموم) أي لان المطلوب
كثرة الدعاء للميت قال في المج: والذي يظهر كفاية من سمع من المأمومين دعاء الامام فأمن عليه لان
المؤمن أحد الداعيين كما قالوه في قد أجيبت دعوتكما أن موسى كان يدعو وهارون يؤمن. قوله: (وأحسنه
دعاء أبي هريرة إلخ) أي وأما قول ابن الحاجب تبعا لابن بشير ولا يستحب دعاء معين فقد تعقبه
ابن عبد السلام بأن مالكا في المدونة استحب دعاء أبي هريرة. قوله: (وهو أن يقول) أي بعد كل
تكبيرة قوله: (كان يشهد أن لا إله إلا أنت) زاد في رواية وحدك لا شريك لك بعد قوله: لا إله إلا أنت
والأحسن الجمع بين الروايتين. قوله: (من فتنة القبر) أي وهي السؤال فيه ويؤخذ من هذا أن الأطفال
يسئلون وقيل لا يسألون وقيل بالوقف وهو الحق لأنه لم يرد نص بشئ. واعلم أن هذا الدعاء يقال عقب
كل تكبيرة حتى بعد الرابعة ويزيد بعده لكن عقب الرابعة فقط: اللهم اغفر لاسلافنا وأفراطنا من
سبقنا بالايمان، اللهم من أحييته منا فأحيه على الايمان ومن توفيته منا فتوفه على الاسلام واغفر
للمسلمين والمسلمات ثم يسلم. قوله: (والجمهور على عدم الدعاء) أي بعد الرابعة وحينئذ فالمشهور
خلاف ما للخمي لقول سند كما في ح: وقال سائر أصحابنا لم يثبت الدعاء بعد الرابعة، ولقول الجزولي
أثبت سحنون الدعاء بعد الرابعة وخالفه سائر الأصحاب اه‍. ومثله في الذخيرة اه‍ بن. وكان
شيخنا أولا يقرر ذلك ثم رجع عنه، وقرر أن المعتمد كلام اللخمي كما صرح بذلك الأفاضل وكلام
غيره ضعيف وأن المصنف إنما ذكر مختار اللخمي لكونه هو المعتمد في الواقع لا للتنبيه على قوته في
الجملة. قوله: (وخير ابن أبي زيد) أي في الدعاء بعد الرابعة وعدم الدعاء بعدها قوله: (وطال) راجع
للنسيان فقط فإن سلم بعد ثلاث نسيانا ولم يحصل طول يمنع البناء رجع بالنية وأتم التكبير ولا يرجع
بتكبير لئلا يلزم الزيادة في عدده، فإن كبر حسبه من الأربع قاله العلامة ابن عبد السلام، وصوب ابن ناجي
رجوعه بتكبير ولا يحسب تكبيرة الرجوع من الأربع وإنما جعلنا قوله: وطال راجعا للنسيان لأنه
إذا سلم بعد ثلاث عمدا فإنها تبطل بمجرد السلام وإن لم يحصل طول. قوله: (وإن دفن فعلى القبر) ظاهره
سواء فات اخراجه أو لا. قوله: (راجع للثانية إلخ) حاصل ما في المواق أن الصلاة الناقصة بعد التكبير
إما أن نجعلها كترك الصلاة رأسا أو لا، فإن جعلناها كتركها رأسا كما عند ابن شاس وابن الحاجب
جرى فيها ما جرى في ترك الصلاة رأسا، وقد أشار له ابن عرفة بقوله: من دفن دون صلاة أخرج لها ما لم
يفت، فإن فات ففي الصلاة على قبره قولان لابن القاسم وابن وهب، والثاني لسحنون وأشهب، وشرط
الأول ما لم يطل حتى يذهب الميت بفناء أو غيره وفي كون الفوت إهالة التراب عليه أو الفراغ من دفنه
ثالثها خوف تغيره الأول لأشهب، والثاني لسماع عيسى من ابن وهب، والثالث لسحنون وعيسى وابن
القاسم اه‍. وإن جعلناها ليست كترك الصلاة وجب أن يقال فيها أي في مسألة نقص بعض
412

التكبير بما نقله ابن يونس فيها كأنه المذهب من عدم الصلاة على القبر، وكلام المصنف مخالف لكل
من الوجهين، ولا يندفع هذا الاشكال بما نقله عبق عن الشارح بهرام من أن القول بالصلاة على القبر
هو مذهب الجمهور لا بقول ح أنه المشهور لان قول الجمهور والمشهور إنما هو في إثبات الصلاة على
القبر في الجملة. قلت: والظاهر أن يحمل المصنف على الوجه الأول، ويقيد قوله فعلى القبر بما إذا فات
الاخراج لخوف التغير، وقال طفي: أن المصنف جرى على مختار اللخمي فإنه في التوضيح بعد أن نقل
الخلاف المتقدم قال: والظاهر أنه لا يخرج مطلقا ويصلي على القبر كما هو اختيار اللخمي لامكان أن
يكون حدث من الله شئ قال: لكن لا ينبغي له اعتماد اختيار اللخمي واستظهاره وترك المنصوص اه‍ بن.
قوله: (للثانية فقط) أي وأما الأولى وهي ما إذا والى بين التكبير فإنها تعاد ما لم تدفن، فإن دفنت فقد
تم أمرها ولا تعاد على القبر، هذا وجعله راجعا للثانية كما قال الشارح تبعا لعبق هو ما ارتضاه طفي وجعله تت
وجد عج راجعا للأولى ورده طفي بما يعلم بالوقوف عليه. قوله: (ضعيف) أي والمعتمد أنه إذا سلم
بعد ثلاث عاد ما لم تدفن فإن دفنت فلا إعادة. والحاصل أن المعتمد على ما ارتضاه طفي وتبعه
شيخنا أنه إذا دفن فلا إعادة لا في المسألة الأولى ولا في الثانية كما هو قول ابن يونس. قوله: (وتسليمة
خفيفة) أي لكل من الإمام والمأموم فلا يرد المأموم على إمامه ولا على من على يساره خلافا
لابن حبيب القائل: أنه يندب رده على الامام إن سمعه، وخلافا لسماع ابن غانم من ندب رد المأموم على
الامام وعلى من على يساره. قوله: (وسمع الامام من يليه) المراد بمن يليه جميع المأمومين كما هو ظاهر
المواق، وقال عج: أهل الصف الأول فقط. قوله: (وقد فرغ إلخ) أي وأما لو وجد الامام في حالة
التكبير أو وجد المأمومين يكبرون فإنه يكبر كما أشار لذلك الشارح بقوله: فإن أدركهم في التكبير كبر
معهم. قوله: (ولا يكبر حال اشتغالهم بالدعاء) أي لان كل تكبير بمنزلة ركعة فيلزم القضاء في صلب
الامام قوله: (ولا يعتد بها عند الأكثر) قال عبق: ومقتضى سماع أشهب اعتداده بها وأنت خبير بأن هذا
يقتضي أن سماع أشهب يقول بالانتظار أو لا، لكن يعتد بالتكبيرة إن لم ينتظر وليس كذلك، بل الذي
في سماع أشهب أنه إذا جاء وقد فرغ الامام ومأمومه من التكبير واشتغلوا بالدعاء فإنه يدخل معهم
ولا ينتظر لأنه لا تفوت كل تكبيرة إلا بالتي بعدها اه‍ بن. قوله: (لئلا تصير صلاة على غائب) استشكل
هذا بأن الصلاة على الغائب مكروهة كما يأتي والدعاء ركن كما تقدم، وكيف يترك الركن خشية الوقوع
في مكروه؟ وأجيب بأن الدعاء وإن كان ركنا لكن خففوه بالنسبة للمسبوق أي أنه ركن بالنسبة لغيره
كما قالوا في القيام لتكبيرة الاحرام في الفرض العيني أنه فرض بالنسبة لغير المسبوق على أحد التأويلين
وما ذكره المصنف من التفصيل بين ما إذا تركت فيدعو وإذا لم تترك فيوالي التكبير وجيه لنفع الميت
بالدعاء وأيده بن، والذي ارتضاه شيخنا تبعا لطفي أن المسبوق إذا سلم إمامه فإنه يوالي التكبير مطلقا
أي سواء تركت أو رفعت فورا. قوله: (والركن الخامس القيام لها) جعل القيام فيها واجبا بناء على القول
بوجوبها، أما على القول بسنيتها فهو مندوب. قوله: (وكفن ندبا بملبوسه لجمعة) أي ولو كان قديما وهذا
عند اتفاق الورثة على تكفينه فيه. وقوله: وقضى به عند التنازع أي عند تنازع الورثة بأن
413

طلب بعضهم تكفينه فيه وبعضهم تكفينه في غيره، وفيه أن القضاء إنما يكون بواجب
لا بمندوب، ولذا قال بن ما ذكره عبق من الندب فيه نظر، والظاهر من عباراتهم الوجوب ولذا
عبر المصنف بالفعل الدال عليه. قوله: (لا زوجية إلخ) ما ذكره من أن الزوج لا يلزمه كفن الزوجة ولو
فقيرة هو المعتمد، وقيل إنه لازم له مطلقا، وقيل يلزمه إن كانت فقيرة لا إن كانت غنية. قوله: (لمن
حضرته إلخ) أشار بهذا إلى أن الضمير في قوله ظنه راجع للميت لا بمعنى من قام به الموت بل بمعنى من
حضرته علاماته وإطلاق الميت عليه باعتبار المآل. قوله: (أي أن يحسن) أشار إلى أن إضافة تحسين
للظن من إضافة المصدر لمفعوله. قوله: (زيادة على حال الصحة) أي زيادة على رجائه ما ذكر في حال
الصحة. قوله: (فإنه إنما طلب إلخ) ذكر العلامة ابن حجر أن المحتضر وقع الاتفاق على طلب تحسين ظنه
فيرجح الرجاء على الخوف، وأما الصحيح ففيه ثلاثة أقوال: قيل إنه مثل المحتضر لاحتمال طروق الموت
له في كل نفس وهو الذي لابن عربي الحاتمي، وقيل يعتدل عنده جانب الخوف والرجاء فيكونان
كجناحي الطائر متى رجح أحدهما سقط، والثالث أنه يطلب منه غلبة الخوف ليحمله على كثرة العمل
وهذا هو التحقيق، وحمل حديث أنا عند ظن عبدي بي إلخ على المحتضر اه‍ بن. قوله: (وندب لحاضره)
أي للحاضر عنده أي عند المحتضر الذي حضرته علامات الموت. قوله: (عند احداده) أي لا قبله
لئلا يفزعه. قوله: (على شق أيمن) أي ورجلاه للمشرق ورأسه للمغرب. قوله: (ثم ظهر) ظاهره
أنه لا يجعل على شقه الأيسر قبل الظهر وهو كذلك بناء على قول ابن القاسم في صلاة المريض من تقديم
الظهر على الأيسر، وحينئذ ففي عبارة المصنف حذف أي ثم أيسر. قوله: (وتجنب حائض إلخ) المراد
بتجنب المذكورات له أن لا يكونوا في البيت الذي هو فيه. قوله: (لأجل الملائكة) أي الذين يحضرون
عنده في ذلك الوقت لدفع التفاتات قوله: (وندب حضور طيب) أي عنده كأن يطلق بخور عنده مثلا
أو يرش بماء ورد. قوله: (وأحسن أهله) أي خلقا وخلقا، ولا ينبغي حضور الوارث إلا أن يكون ابنا أو
زوجة أو نحوهما. قوله: (وكثرة الدعاء له) أي بتسهيل الامر الذي هو فيه قوله: (إذ هو من مواطن
الإجابة) أي لتأمين الملائكة على الدعاء في ذلك الوقت. قوله: (وعدم بكا) بالقصر وهو مجرد
إرسال الدموع من غير صوت والمراد عدم بكا عنده لا في البيت، وإنما ندب عدم ذلك لان التصبر
أجمل، وأما البكاء بالمد فهو العويل والصراخ وهو حرام فعدمه واجب مطلقا عنده أو خارج البيت
قوله: (وتلقينه الشهادة) أي ولو كان صبيا على ظاهر الرسالة وهو الراجح، ولا يكرر التلقين على
الميت إذا نطق بالشهادتين إلا أن يتكلم بأجنبي من الشهادتين بعد نطقه بهما فإنه يلقن ثانيا ليكون آخر
كلامه من الدنيا النطق بهما. قوله: (ولا يقال له قل) أي لأنه قد يقول للفتانات مثلا لا فيساء به الظن
قوله: (إذا قضى) أي إذا قضى أجله أي فرغ أجله. قوله: (شرط في الامرين) وهما تغميضه
وشد لحييه فيكره فعل شئ منهما قبل خروج روحه لئلا يفزعه. قوله: (ورفعه عن الأرض)
414

بأن يرفع فوق دكة أو باب أو طراحة أو شئ مرتفع. قوله: (الفساد) أي التغير بسبب نيل الهوام له وفي
رفعه عن الأرض بعد للهوام عنه. قوله: (وستره بثوب) أي حتى وجهه والمراد ستره بثوب زيادة على
ما عليه من الثياب حالة الموت كما فعل به صلى الله عليه وسلم قاله بهرام وارتضاه عج. والذي اختاره ح
ما قاله سند وصاحب المدخل أنه يستر بثوب بعد نزع ما عليه من الثياب ما عدا القميص. قوله: (خيفة
تغيره) أي عند التأخير قوله: (وندب للغسل سدر) أي في الغسلة التي بعد الأولى إذ هي بالماء القراح للتطهير
والثانية بالماء والسدر للتنظيف، والثالثة بالماء والكافور لأجل التطييب، والمراد بالثانية ما تخلل بين
الأولى والأخيرة فيصدق بأكثر من واحدة. قوله: (ويعرك به جسد الميت) أي ثم يصب عليه الماء ونص
ابن ناجي في شرح الرسالة وقول الشيخ بماء وسدر مثله في المدونة، وأخذ اللخمي منه جواز غسله
بالمضاف كقول ابن شعبان وأجيب بأن المراد أنه لا يخلط الماء بالسدر بل يحك الميت بالسدر ويصب عليه
الماء، وهذا الجواب عندي متجه وهو اختيار أشياخي والمدونة قابلة لذلك. فإن قلت: إنه إذا عرك جسده
بالسدر ثم صب الماء عليه يتغير الماء. قلت: اختار أشياخ ابن ناجي أن الماء الطهور إذا ورد على العضو طهورا
أو انضاف بعد ذلك لا يضره. قوله: (وما في معنى ذلك) من أطرون وخطمي وهو برز الخبيزي قوله: (وندب
تجريده) أي ولو أنحل المرض جسمه خلافا لعياض قال في المج: وتغسيله صلى الله عليه وسلم في ثوبه
تعظيم وغسله العباس وعلي والفضل وأسامة وشقران مولاه صلى الله عليه وسلم وأعينهم معصوبة
لما ورد: ما رأى أحد عورتي إلا طمست عيناه ومات ضحوة الاثنين. وانظر هل غسل ثلاثا أو خمسا أو
غير ذلك؟ ودفن ليلة الأربعاء فما يقال استمر ثلاثة أيام بلا دفن فيه جعل الليلة يوما تغليبا وتأخيره
لأجل اجتماع الناس، وأول من صلى عليه عمه العباس ثم بنو هاشم ثم المهاجرون ثم الأنصار ثم أهل القرى
وجملة من صلى عليه من الملائكة ستون ألفا ومن غيرهم ثلاثون ألفا وصلوا عليه كلهم فرادى لأنه لم يكن
خليفة يجعل إماما قاله شيخنا. قوله: (ما عدا العورة) فإنها لا تجرد بل يجب سترها. وقوله ليسهل الانقاء أي
إنقاء ما على بدنه من الأوساخ والنجاسة. قوله: (ولئلا يقع شئ من ماء غسله على غاسله) أي فينجسه إن
كان الماء نجسا أو يقذر ثيابه إن كان غير نجس. قوله: (ثم المطلوب الانقاء) حاصله أنه إذا حصل الانقاء
بمرتين كانت الغسلة الثالثة مستحبة، وإذا حصل الانقاء بأربع كانت الغسلة الخامسة مستحبة، وإذا حصل
الانقاء بست كانت السابعة مستحبة ثم بعد السبع فالمطلوب الانقاء لا الايتار إذ الايتار ينتهي ندبه
للسبع فلا تندب التاسعة إذا حصل الانقاء بثمان وهكذا. قوله: (في حق المرأة) بخلاف السبع في
الغسل إذا احتيج له فلا يخص بالرجل ولا بالمرأة. قوله: (ولم يعد كالوضوء لنجاسة) أي ولا لايلاج
415

قوله: (وكفنه) أي إذا خرجت بعد تكفينه. قوله: (وعصر بطنه) أي قبل الشروع في غسله ليغسل
ما يخرج من الأذى قبل تغسيله. قوله: (متواليا) هذا مصب الندب وإلا فأصل الصب واجب
قوله: (بخرقة) أي حال كونه ملتبسا بخرقة أو مصاحبا لخرقة وجوبا قوله: (يلفها بيده) أي اليسرى فيغسل
المخرجين بيساره وبقية الجسد بيمينه. قوله: (ولا يفضي بيده) أي لمخرج الميت ما أمكنه أي مدة
إمكانه الغسل بالخرقة. قوله: (وله الافضاء إلخ) هذا مثل قوله في المدونة وإن احتاج أن يباشر بيده
فعل اه‍. قال اللخمي: ومنعه ابن حبيب وهو أحسن لان الحي إذا كان لا يستطيع إزالتها لعلة أو
غيرها إلا بمباشرة غيره ذلك فإنه لا يجوز أن يوكل من يمس فرجه لإزالة ذلك منه، ويجوز أن يصلي على
حالته فهو في الموت أولى بذلك فلا يكشف ويباشر ذلك منه، إذ لا يكون الميت في إزالة تلك النجاسة
أعلى من الحي قوله: (مرة مرة) في التوضيح عن الباجي أنه على القول بتكرير الوضوء بتكرير الغسل
لا يوضأ ثلاثا بل مرة مرة لئلا يقطع التكرار المنهي عنه، وأما على القول بعدم تكرار الوضوء بتكرار
الغسل فإنه يوضأ ثلاثا ثلاثا في الغسلة الأولى اه‍ بن. قوله: (وأنفه بخرقة) أي خرقة أخرى غير
الخرقة الأولى التي غسل بها مخرجه كما في التوضيح، ويفهم ذلك من إعادة النكرة نكرة اه‍ بن. وتعهد
الأسنان والأنف بالخرقة قبل الوضوء فيما يظهر قاله شيخنا. قوله: (وإمالة رأسه) أي لصدره.
قوله: (لمضمضة) أي وكذا الاستنشاق. قوله: (وندب كافور في الغسلة الأخيرة) اعلم أن الندب يحصل بوضع
أي نوع من الطيب في ماء الغسلة الأخيرة لكن كونه كافورا أفضل من غيره فهو مستحب ثان. قوله: (يسد
المسام) أي كما يمسك الجسد فيمنع سرعة التغير، ويؤخذ منه أن الدفن في الأرض التي لا تبلى
أفضل وعكس الشافعية فقالوا بأفضلية التي تبلى فالدفن فيها عندهم أولى، وصفة الغسل بالكافور ونحوه
في الغسلة الأخيرة أن يخلط الكافور بالماء ويغسل به بدن الميت ولا يتبع بعد ذلك بماء، بخلاف غسلة
السدر فإنها صب الماء بعد عرك البدن به، كذا نقل شيخنا عن بعض شيوخه، لكن الذي في المدخل
وصفته أن يؤخذ شئ من الكافور فيجعل في إناء فيه ماء ويذيبه فيه ثم يغسل الميت به فهذا يقتضي
أن غسلة الكافور كغسلة السدر في الصفة، ولعل هذه الطريقة أولى. قوله: (نشف ندبا) أي لا
وجوبا كما يوهمه التعبير بالفعل، ولو قال وتنشيف كان أظهر. قوله: (واغتسال غاسله) أي لامر النبي
صلى الله عليه وسلم به كما في حديث أبي هريرة الذي في الموطأ: من غسل ميتا فليغتسل وقد اختلف العلماء في
ذلك فقال بعضهم: إن الامر هنا تعبدي لا معلل وحمله على مقتضاه من الوجوب، وقال بعضهم: إن
الامر معلل وحملوه على أنه للندب، ثم اختلفوا في العلة فمنهم من قال: إنما أمر بالغسل لأجل أن يبالغ في غسل
الميت لأنه إذا غسل الميت موطنا على الغسل لم يبال بما تطاير عليه منه فكان سببا لمبالغته في غسله، ومنهم
من قال ليس معنى أمره بالغسل أن يغسل جميع بدنه كغسل الجنابة وإنما معناه أنه يغسل ما باشره به أو
تطاير عليه منه لأنه ينجس بالموت، وإلى هذا ذهب ابن شعبان اه‍. وعلى كلا القولين لا يحتاج هذا
الغسل لنية فليس كغسل الجنابة وإنما لم يؤمر بغسل ثيابه على الثاني للمشقة. قوله: (وبياض الكفن)
أي جعله أبيض. قال ح عند سند: ويندب أن يكون قطنا لأنه أستر، قال عج: وفيه نظر لان
من الكتان ما هو أستر من القطن، والظاهر أن يقال: لان النبي صلى الله عليه وسلم كفن فيه
416

ومثله في التوضيح عن الأصحاب. قوله: (خوف خروج شئ منه) أي لو حصل التأخير. لا يقال: الخوف
موجود عند عدم التأخير، وحينئذ فلا وجه لندب عدم التأخير. لأنا نقول: الخروج عند عدم التأخير
نادر بخلافه عند التأخير فإنه يكثر لأنه كلما طال الزمان كثر الخارج. وقوله: فيطلب غسله أي غسل ذلك
الخارج. قوله: (وإن كان) أي الواحد وترا فمحل كون الايتار أفضل من الزوج إذا كان الوتر غير الواحد
قوله: (ولا يقضى) أي على الوارث أو الغريم بالزائد إلخ هذا التقرير الذي قرر به الشارح كلام المصنف
هو ما اعتمده اللقاني وقرره عج بتقرير آخر. وحاصله أن قوله: ولا يقضى بالزائد أي في الصفة على
ما يلبسه في جمعه وأعياده فإذا تنازع الورثة في أنه يكفن في بفت هندي أو محلاوي فلا يقضى بالزائد في
الصفة على ما يلبسه في جمعه وأعياده، وأما الزائد في العدد على الواحد فإنه يقضى به ولو شح الوارث لان
تكفينه في ثلاث حق واجب لمخلوق كما قال الأقفهسي، فإذا تنازع الورثة فقال بعضهم: يكفن في واحد،
وقال بعضهم: يكفن في ثلاثة فإنه يقضى بالثلاثة، وكذا لو اتفق كل الورثة على تكفينه في ثوب واحد
وطلب الحاكم أو جماعة المسلمين تكفينه في الثلاثة قضى بها، واقتصر خش على ما قاله اللقاني واعتمده
الشيخ الصغير واقتصر عبق على ما قاله عج واعتمده بن. وقال: إن هذا قول عيسى بن دينار وأيده بنقول
أخر فانظره. والحاصل أنه لا يقضى إلا بواحد على ما قاله اللقاني ويقضى بالثلاث على ما قاله عج
والمتبادر من المتن ما قاله اللقاني. لا يقال: ما قاله عج ينافيه ما ذكره المصنف سابقا من أن الزائد على الواحد
مندوب والمندوب لا يقضى به وقوله الآتي: وهل الواجب ثوب يستره إلخ؟ لأنا نقول: محل ما ذكر من
القضاء بالثلاث إذا كان للميت تركة وطلب تكفينه في الزائد على الواحد، ومحل كون الزائد على الواحد
مندوبا وأن الواجب ثوب يستره أو يستر عورته فقط فيما إذا لم يكن للميت تركة وكفن من بيت المال
أو كفنه جماعة المسلمين. قوله: (خلاف) قال عج: هما قولان لم يشهرا فكان على المؤلف أن يقول قولان
اه‍. وأصله قول ابن غازي سلم في التوضيح أن الأول ظاهر كلامهم ونسب الثاني للتقييد والتقسيم
ومقتضى كلامه هنا أن الخلاف في التشهير اه‍. وفي المج: أن الراجح من هذين القولين أولهما
قوله: (ستر جميع بدنها) ظاهره ولو الوجه والكفين قاله شيخنا قوله: (والخمسة على الستة) قال مالك: ولا أرى
أن يجاوز السبعة لأنه في معنى السرف قوله: (وتقميصه وتعميمه) أي ندب أن يجعل القميص والعمامة
من جملة أكفانه الخمسة، وهل يخيط القميص ويجعل له أكمام أو لا؟ والظاهر الأول كما في كبير خش، قال
في التوضيح: إن المشهور من المذهب أن الميت يقمص ويعمم، أما استحباب التعميم فهو في المدونة. وسئل
مالك كيف يعمم أي هل يلف من اليمين أو اليسار؟ فقال: لا أدري إلا أنه من شأن الميت، وأما استحباب
التقميص ففي الواضحة عن مالك ومقابل المشهور رواية يحيى بن يحيى يستحب أن لا يقمص أو لا يعمم
وحكاية ابن القصار كراهة التقميص عن مالك. قوله: (وندب أزرة تحت القميص) أي وسراويل
بدلها وهو أستر منها، والمراد بالأزرة هنا ما يستر من حقويه إلى نصف ساقيه لا ما يستر العورة
فقط. قوله: (فهذه) أي الأزرة واللفافتان والقميص والعمامة خمسة الرجل ويزاد على
خمسة الرجل وسبعة المرأة الحفاظ وهو خرقة تجعل فوق القطن المجعول بين الفخذين خيفة
ما ينزل من أحد السبيلين كما قال شيخنا. قوله: (وخمار) أي يخمر به رأسها وعنقها. قوله: (وحنوط)
أي طيب مثل كافور أو مسك أو زبد أو شند أو عطر شاه أو عطر ليمون أو ماء ورد إلخ
قوله: (وعلى قطن) أي ويجعل على قطن يلصق بمنافذه. قوله: (يعني الأفضل إلخ) هذا بيان للمعنى
417

المراد من العبارة، وليس المراد ما هو المتبادر منها إذ لا معنى لجعل الكافور في الحنوط، ولو قال المصنف
وكونه كافورا كان أحسن. والحاصل أن الحنوط في ذاته مستحب وكونه كافورا مستحب آخر
وجعل البدر القرافي ضمير فيه للقطن وعليه فلا إشكال. قوله: (وفي مساجده) عطف على بمنافذه
قوله: (من غير قطن) أي وكذا يقال في الحواس وما بعدها. قوله: (هي بعض منافذه) أي لان المراد بحواسه
عيناه وأذناه وأنفه فقط قوله: (وركبتيه) أي وتحت ركبتيه وأما فوقهما فهو داخل في مساجده
قوله: (لحرمة مس الطيب عليهما) يؤخذ منه أنه يجوز توليته إذا تحيلا في عدم مسه بيد وغيرها ولو كان هناك
من يتولاه غيرهما وهو كذلك. قوله: (في ذهابه) أي في حال الذهاب به للمقبرة وللمصلى. قوله: (ودون
الخبب) أي ودون الهرولة لأنها تنافي السكينة، واستحب الشافعية القرب من الميت في حال تشييعه
للاعتبار، واستحب الحنفية التأخر في صفوف الصلاة تواضعا في الشفاعة قوله: (عن الجنازة) أي لا عن
الماشي الصادق بتقدمه على الجنازة. قوله: (وسترها بقبة) أي في حال الحمل والدفن، وفي المواق عن ابن
حبيب: لا بأس أن يجعل على النعش أي فوق القبة للمرأة بكرا أو ثيبا أشاح أو رداء ما لم يجعل مثل
الا خمرة الملونة فلا أحبه، وكذا لا بأس أن يستر كفن الذكر بثوب ساذج ونحوه وينزع عند الحاجة اه‍.
وأما ما يفعل الآن من وضع الثياب الملونة والحلي والنقود والجواهر فوق النعش فهو أمر منكر
قوله: (ورفع اليدين بأولى التكبير فقط) أي وأما رفعهما في غير أولاه فخلاف الأولى وهذا هو المشهور، ومقابله
قولان لا يرفعهما أصلا ورفعهما عند الجميع. قوله: (للدعاء) أي الحاصل عقب كل تكبيرة في الصلاة
قوله: (إثر كل تكبيرة) ظرف لقوله: وابتداء بحمد وصلاة على نبيه وهذا هو المعتمد، وفي الطراز: لا
تكون الصلاة والتحميد في كل تكبيرة بل في الأولى ويدعو في غيرها وعزاه ابن يونس للنوادر.
قوله: (إلا أن يقصد الخروج من خلاف الشافعي) أي القائل بوجوبها بعد التكبيرة الأولى فإن قصد بقراءتها
الخروج من خلاف الشافعي فلا كراهة، لكن لا بد من الدعاء قبلها أو بعدها. قوله: (ولو ليلا) أي ولو
صلى عليها ليلا ولا يتوهم الجهر بالدعاء إن صلى عليها ليلا كما يجهر بالقراءة في صلاة الليل
قوله: (ووقوف إمام بالوسط) أي عند وسط الميت من غير ملاصقة له، بل يسن أن يكون بينهما فرجة قدر شبر
وقيل قدر ذراع. قوله: (ومنكبي المرأة) عطف على الوسط أي عند الوسط وعند منكبي
المرأة. وقوله: رأس الميت عن يمينه جملة حالية من أمام. وقوله: إلا في الروضة الشريفة أي
فإنه يجعل رأس الميت على يسار الامام جهة القبر الشريف. قوله: (فيسطح) أي فيجعل عليه سطح
كالمصطبة، ولكن لا يسوى ذلك السطح بالأرض بل يرفع كشبر، وقليل يرفع قليلا بقدر ما يعرف.
واعلم أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر روي أنها مسنمة وروي أنها مسطحة
ورواية التسنيم أثبت. قوله: (ثلاثا) ويقول عند المرة الأولى: * (منها خلقناكم) * وفي المرة الثانية: * (وفيها
418

نعيدكم) * وفي الثالثة: * (ومنها نخرجكم تارة أخرى) * كما ورد ذلك في الخبر. قوله: (من ترابه) الأولى من التراب.
قوله: (وتهيئة طعام لأهله) أي لكونهم حل بهم ما يشغلهم ما لم يجتمعوا لنياحة أي بكاء برفع صوت
وإلا حرم إرسال الطعام لهم لأنهم عصاة، وأما جمع الناس على طعام بيت الميت فبدعة مكروهة
قوله: (وتعزية) أي إن كان الميت مسلما فلا يعزى المسلم بقريبه الكافر كما هو قول مالك، واختار ابن رشد
تعزية المسلم بأبيه الكافر مخالفا لمالك انظر المواق اه‍ بن قوله: (وهي الحمل إلخ) أي يقول كأن عظم
الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك وليس في ألفاظ التعزية حد معين. قوله: (إلا مخشية الفتنة
والصبي) أي فإنهما لا يعزيان. قوله: (والأفضل كونها بعد الدفن وفي بيت المصاب) أي وأما كونها
عند القبر بعد تسوية التراب كما هو الشائع الآن فخلاف الأفضل. قوله: (إلا أن يكون) أي ولي الميت
الذي يعزى غائبا وقت الموت. قوله: (وعدم عمقه) أي القبر أي لان خير الأرض أعلاها وشرها
أسفلها لان أعلى الأرض محل للذكر والطاعات، فيحصل للميت بالقرب منه بركة ذلك قاله
شيخنا. قوله: (واللحد) هو أن يحفر في أسفل القبر جهة القبلة من المغرب للمشرق بقدر ما يوضع فيه
الميت في الأرض الصلبة أي الماسكة قوله: (من الشق) وهو أن يحفر في أسفل القبر أضيق من أعلاه
بقدر ما يسع الميت ثم يغطى فم الشق ثم يصب فوقه التراب، وإنما فضل اللحد على الشق لخبر اللحد لنا
أي معشر الأمة المحمدية، والشق لغيرنا أي معشر أهل الكتاب. قوله: (مقبلا) أي ورأسه جهة
المغرب ورجلاه جهة المشرق. قوله: (على جسده) أي ملاصقة لجسده. قوله: (وهي عدم تسوية
التراب) أي فإن سوى عليه التراب فات التدارك. قوله: (كتنكيس رجليه موضع رأسه) أي بأن
يجعل رأسه جهة المشرق ورجلاه جهة المغرب قوله: (وشبه في مطلق التدارك) أي لان التدارك في
المشبه به بالحضرة وفي المشبه ما لم يخف التغير. قوله: (وكترك الغسل) أي فإنه يتدارك بأن يخرج من
القبر ويغسل ويصلى عليه ما لم يخش تغيره، وكذا إذا دفن بغير صلاة، قال ابن رشد: ترك الغسل والصلاة
أو الغسل فقط أو الصلاة فقط في الحكم سواء، وأن الفوات الذي يمنع من اخراج الميت من قبره
للصلاة عليه هو أن يخشى عليه التغير اه‍ عدوي. قوله: (إن لم يخف عليه التغير) أي فإن خيف فإنه
لا يخرج ويصلى على القبر في المسألة ترك الصلاة إذا غسل ما بقي به ولو بعد سنين كما هو قول ابن القاسم
على ما مر لك، وأما في مسألة ترك الغسل فلا يصلى على القبر لقول المصنف: وتلازما، كذا قال عج
والمعول عليه ما قاله غيره من الصلاة على القبر في المسألة ترك الغسل أيضا، وأن معنى قوله المصنف وتلازما
أي في الطلب فمن طلب تغسيله تطلب الصلاة عليه وإن لم يغسل بالفعل كما تقدم ذلك. قوله: (راجع لما بعد
كاف التشبيه) وهو ترك الغسل ودفن من أسلم بمقبرة الكفار، قال بن: وهو الصواب وعليه حمله المواق
لأنه قول سحنون وعيسى بن دينار وروايته عن ابن القاسم. قوله: (خلافا لمن وهم) وهو ح قال طفي
والعجب من ح كيف جعل القيد خاصا بالأخيرة وأن بقية المسائل تفوت بالفراغ من الدفن الذي هو
الحضرة اه‍ كلامه. ولم يتنبه طفي إلى أن هذا قول ابن وهب فقط وحيث كان منصوصا فلا عجب
غايته أن تمشية المصنف على ذلك تمشية له على قول ضعيف انظر بن. قوله: (وهو الطوب النيئ) هذا
التفسير بمعنى قول المواق هو ما يصنع من الطين بالتبن وربما عمل بدونه، وكما يندب سده باللبن يندب سد
الخلل الذي بين اللبن قوله: (ثم آجر) وهو الطوب الأحمر قوله: (وسن التراب) أي وسد اللحد بالتراب عند
419

عدم ما تقدم، لكن بعد عجنه بالماء أو رش الماء عليه لأجل أن يثبت أولى من الدفن في التابوت وهو
الخشبة المسماة في زماننا بالسحلية، واعترض بعضهم على المصنف بأن الأولى أن يقول: ثم بالتراب وفيه
نظر، بل ما فعله المصنف أولى إذ لا يكون ما ذكره المعترض أولى إلا لو كان بعد سده بالتراب مرتبة
أخرى مع أنه لا مرتبة بعده، وكان ذلك المعترض نظر له مع ما قبله كذا قرر شيخنا. قوله: (وأدخلت
الكاف الثامنة) أي من جاوز السنة الثامنة. قوله: (للمراهقة) أي إلى أن يصل إلى حد المراهقة بأن يصل
لثنتي عشرة سنة، أما ابن ثلاثة عشر فلا يجوز لها النظر لعورته كما لا يجوز لها تغسيله، والحاصل أن
الأقسام ثلاثة فابن ثمانية فأقل يجوز لها تغسيله والنظر لعورته وابن تسع لاثني عشر يجوز لها نظر عورته
لا تغسيله، وأما ابن ثلاثة عشر فأكثر فلا يجوز لها تغسيله ولا النظر لعورته لان ابن ثلاثة عشر مناهز
والمناهز كالكبير كما في عبق، فعلم من هذا أنه لا يلزم من جواز النظر للعورة جواز التغسيل لان في
التغسيل زيادة الجس باليد. قوله: (وجاز غسل رجل صبية إلخ) قال في التوضيح: إذا كانت الصبية مطيقة
للوطئ لم يجز للرجل تغسيلها اتفاقا وإن كانت رضيعة جاز اتفاقا، واختلف فيما بينهما، فمذهب ابن القاسم
لا يغسلها ومذهب أشهب يغسلها. ابن الفاكهاني: والأول مذهب المدونة. قوله: (وأما على الشهرين
الملحقين إلخ) ينبغي أن يكون من القريب لمدة الرضاع ستة أشهر فيجوز للرجل أن يغسل بنت سنتين
وثمانية أشهر كما يجوز له النظر لعورتها، وأما إذا كانت تشتهى كبنت ست سنين فلا يجوز له تغسيلها ولا
نظر عورتها، وأما بنت ثلاث سنين أو أربع فلا يجوز له تغسيلها وإن جاز له النظر لعورتها، هذا وقد تقدم
للمصنف جواز تغسيل الرجل للذكر سواء كان بالغا أو صبيا بقوله: ثم أقرب أوليائه ثم أجنبي، وتقدم
له أيضا جواز تغسيل المرأة للأنثى بالغة أو صبية بقوله: والمرأة أقرب امرأة ثم أجنبية فقد استوفى
المصنف الأقسام الأربعة قوله: (المشقة الفادحة) أي في الدلك والمراد بها الخارجة عن المعتاد
قوله: (وكذا عدم الغسل) أي وكذا يجوز عدم الغسل لكثرة الموتى كثرة توجب المشقة الفادحة في
تغسيلهم بلا دلك. قوله: (وإلا صلى) أي وإلا بأن كان يشق تيممهم مشقة فادحة صلى عليهم بلا غسل
وبلا تيمم، وهذا لا يعارض ما مر من قوله وتلازما لما علمت أن المراد تلازما في الطلب، ولا شك أن الغسل
مطلوب عند كثرة الموتى ابتداء وإن اغتفر تركه للمشقة الفادحة، وهذا الذي قاله الشارح هو ما قاله
الشيخ إبراهيم اللقاني وصوبه بن خلافا لعج القائل بعدم الصلاة عليهم، وأن المراد بقول المصنف
وتلازما أي في الفعل قوله: (وتكفين بملبوس) أي وإن كان الجديد أفضل فالجواز هنا بمعنى الخلاف
الأولى قوله: (وإلا كره) أي وإلا يكن طاهرا نظيفا بأن كان وسخا أو كان نجسا كره في هذين. وقوله
وندب في الأخير أي إذا شهد به مشاهد الخير قوله: (غير أربعة) أي كاثنين أو ثلاثة قوله: (خلافا لمن قال
بندب الأربعة) أي وهو أشهب وابن حبيب، وفي خش: أن ابن الحاجب شهر قول أشهب وابن حبيب
باستحباب الأربعة ومثله في عج وهو سهو منهما فإن ابن الحاجب لم يشهر إلا ما عند المصنف ونصه: ولا
يستحب حمل أربعة على المشهور اه‍. فأنت تراه إنما شهر نفي الاستحباب وهو خلاف ما نسباه له اه‍ بن
قوله: (بأي ناحية إلخ) قال عبق: استعمل أي هنا بمعنى كل البدلية أي الدالة على العموم بطريق البدل لا الشمول
مجاز أي وجاز البدء بكل ناحية شاء الحامل البدء بها من اليمين أو اليسار من مقدمه أو مؤخره، وفيه أن هذا
خلاف الظاهر، والظاهر أنها هنا موصولة بناء على قول ابن عصفور وابن الصائغ من جواز إضافتها للنكرة
وجعلا من ذلك قول الله تعالى: * (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) * والتقدير: وسيعلم الذين ظلموا المنقلب
420

الذي ينقلبونه وكذلك التقدير هنا وبدء بالناحية التي شاء الحامل البدء بها غاية ما فيه حذف الصلة وهو
جائز كقوله: نحن الأولى فأجمع * جموعك ثم وجههم إلينا
أي نحن الأولى عرفوا بالشجاعة قوله: (من اليمين) أي بأن يبدأ من يمين النعش أو من يساره
قوله: (والمعين للبدء) كأشهب وابن حبيب فأشهب يقول: يبدأ بمقدم السرير الأيمن فيضعه الحامل على
منكبه الأيمن ثم بمؤخر الأيمن ثم بمقدمة الأيسر ثم بمؤخرة الأيسر. وابن حبيب يقول: يبدأ بمقدم
يسار السرير ثم بمؤخر يساره ثم بمؤخر يمينه ثم بمقدم يمينه كذا في عبق. قوله: (مبتدع) أي مخترع
لامر لا أصل له قوله: (لجنازة كل واحد) أي سواء كان قريبا أو أجنبيا قوله: (أو شابة) ومثلها متجالة
للرجال فيها أرب قوله: (وابن) مراده به ما يشمل ابن الابن قوله: (وكره لغير من ذكر) أي كابن عم
وابن أخ وابن أخت، وأما العم فمقتضى كلامه أنها لا تخرج له، ولكن عبارة ابن عرفة وابن رشد تقتضي
أن العم تخرج له تأمل قوله: (وجاز جلوس قبل وضعها) أي وجاز البقاء على القيام حتى توضع
قوله: (بشرط أن لا ينفجر إلخ) فإن تخلف شرط من هذه الشروط الثلاثة كان النقل حراما
قوله: (وأن لا تنتهك حرمته) انتهاك حرمته أن يكون نقله على وجه يكون فيه تحقير له، وعدم
الانتهاك يتحقق بقرب المسافة واعتدال الزمن وتمام الجفاف مع اللطف في حمله قاله شيخنا
قوله: (وإن كان النقل إلخ) ظاهره أن المعنى هذا إذا كان النقل من حضر لبدو بل وإن كان من
بدو لحضر. قوله: (حقه قلب المبالغة) أي بأن يقول: وإن من حضر لبدو وذلك لأنه إنما
يبالغ على المتوهم والمتوهم عدم جواز النقل من الحضر للبدو لا العكس قوله: (بكى بالقصر) هو إرسال
الدموع من غير رفع صوت قوله: (لان ما كان إلخ) أي لان إرسال الدموع الذي برفع صوت لا يسمى إلخ
وهذه التفرقة بين المقصور والممدود هي أحد قولين في اللغة، والقول الآخر أنهما مترادفان
وهو الذي في القاموس، فإرسال الدموع سواء كان برفع صوت أو بدونه يقال له بكى وبكاء.
قوله: (وحرم معهما) أي حرم البكاء بمعنى إرسال الدموع مع رفع الصوت ومع القول القبيح أو مع أحدهما
421

والقول القبيح كيا قتال الأعداء ويا نهاب الأموال وما يقوله النساء من التعديد. والحاصل أن البكاء
يجوز عند الموت وبعده بقيدين عدم رفع الصوت وعدم القول القبيح، وأما معهما أو مع أحدهما فهو
حرام كما يحرم اللطم على الصواب، ومحل جواز البكاء بالقيدين المذكورين إن لم يجتمعوا له وإلا كره
قوله: (وجمع أموات بقبر لضرورة) أي ولو كانوا أجانب قوله: (كضيق مكان) أي كما في قرافة مصر فإنه
لو أفرد كل من أهلها بقبر لم تسعهم القرافة. قوله: (ولو بأوقات) أي ولو كان الجمع بأوقات. قوله: (فلا يجوز
فتح قبر لدفن آخر فيه) ولو كان الثاني من محارم الأول. قوله: (ذكورا) أي سواء كان الأموات الذين
جمعوا للضرورة ذكورا أو إناثا أو بعضهم ذكورا والبعض إناثا، هذا إذا كانوا أقارب بل ولو أجانب
قوله: (وكره إلخ) هذا محترز قوله: فلا يجوز فتح قبر إلخ. قوله: (وقدم الذكر) أي في الايلاء للقبلة
قوله: (فمجبوب كذلك) أي حر كبير فصغير فعبد كبير فصغير. قوله: (فالأنثى كذلك) أي حرة كبيرة فصغيرة
فأمة كبيرة فصغيرة. قوله: (وجاز في الصنف الواحد أيضا الصف) أي وجاز جعل الصنف الواحد صفا كما
جاز جعل الأصناف صفا واحدا، وحاصله أنه إذا اجتمع جنائز من صنف واحد بأن كانوا كلهم رجالا
أحرارا أو عبيدا أو مخاصي أو مجانيب أو خناثى أو إناثا جعلوا صفا واحدا من المشرق للمغرب، وقوله
أيضا غير ظاهر إذ لم يتقدم له في الصف الواحد شئ. وأجاب تت بأن في الكلام حذفا أي جاز في الصنف
الواحد ما تقدم وجاز فيه أيضا الصف أو أن أل في الصنف للجنس الصادق بجميعها كما يأتي للشارح
وهذا أولى من ارتكاب الحذف. قوله: (وجاز جعل المفضول على يمينه) أي على يمين الامام فوق رأس
الفاضل. وقوله بتقديم الأفضل أي منهم فالأفضل. قوله: (بل المتعدد) أي من الأصناف كذلك يجوز
جعلهم صفا واحدا من المشرق للمغرب. قوله: (إلا أن يحمل على الجنس) أي فقوله: وجاز في الصنف أي
في جنس الصنف الشامل لجميع الأصناف المتقدمة وهذا الحمل هو الصواب، ويدل عليه قول المصنف
أيضا أي وجاز في الأصناف المجتمعة الصف من المشرق للمغرب أيضا كما جاز فيهم ما مر من جعلهم
واحدا خلف واحد. قوله: (بل هي مندوبة) أي لقوله عليه الصلاة والسلام: كنت نهيتكم عن زيارة
القبور فزوروها ولأحاديث أخر تقتضي الحث على الزيارة. وذكر في المدخل في زيارة النساء
للقبور ثلاثة أقوال: المنع والجواز على ما يعلم في الشرع من الستر والتحفظ عكس ما يفعل اليوم
والثالث الفرق بين المتجالة والشابة اه‍. وبهذا الثالث جزم الثعالبي ونصه: وأما النساء فيباح
للقواعد ويحرم على الشواب اللاتي يخشى منهن الفتنة. قوله: (بلا حد إلخ) أشار بهذا القول
مالك بلغني أن الأرواح بفناء المقابر فلا يختص زيارتها بوقت بعينه وإنما يختص يوم الجمعة
لفضله والفراغ فيه نفله الشيخ زروق وقد سهل في المعيار تصبيح القبور محتجا بما ذكره ابن
طاوس أن السلف كانوا يفعلونه اه‍ بن. قوله: (وليحذر من أخذ شئ من صدقات إلخ) أي
وأما ما يفعله الناس من حمل تراب المقابر للتبرك فذكر في المعيار أنه جائز قال: ما زالت الناس يحملونه
ويتبركون بقبور العلماء والشهداء والصالحين اه‍ بن. قوله: (لا يحرم حلقه) أي كشعر الرأس
422

وقوله: وإلا أي بأن كان يحرم حلقه حال الحياة كحلق لحيته وشاربه قوله: (ويؤخذ إلخ) أي أنه إذا سال
منها شئ بنفسه بعد الغسل ولو دون درهم فإنه يندب إزالته بالغسل أو بغيره لأجل النظافة وإن كان معفوا
عنه لكونه سال بنفسه. قوله: (إن فعلت استنانا) ظاهر السماع الكراهة مطلقا، وذهب ابن حبيب إلى
الاستحباب وتأول ما في السماع من الكراهة قائلا إنما كره ذلك مالك إذا فعل ذلك استنانا نقله عنه ابن
رشد، وقاله أيضا ابن يونس، واقتصر اللخمي على استحباب القراءة ولم يعول على السماع، وظاهر الرسالة
أن ابن حبيب لم يستحب إلا قراءة يس، وظاهر كلام غيرها أنه استحب القراءة مطلقا اه‍ بن. قوله: (أي
تبخيرها) أي لأجل زوال رائحة الموت في زعمه. قوله: (لأنه ليس من عمل السلف) أي فقد كان عملهم
التصدق والدعاء لا القراءة، ونص المصنف في التوضيح في باب الحج على أن مذهب مالك كراهة القراءة
على القبور، ونقله ابن أبي جمرة في شرحه على مختصر البخاري قال: لأنا مكلفون بالتفكر فيم قيل لهم وماذا
لقوا ومكلفون بالتدبر في القرآن فآل الامر إلى اسقاط أحد العملين اه‍. وهذا صريح في الكراهة مطلقا.
تنبيه: قال في التوضيح في باب الحج: المذهب أن القراءة لا تصل للميت حكاه القرافي في قواعده
والشيخ ابن أبي جمرة اه‍. وفيها ثلاثة أقوال: تصل مطلقا لا تصل مطلقا والثالث إن كانت عند القبر
وصلت وإلا فلا، وفي آخر نوازل ابن رشد في السؤال عن قوله تعالى: * (وإن ليس للانسان إلا ما سعى) *
قال: وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذلك وحصل للميت أجره اه‍. وقال ابن هلال
في نوازله: الذي أفتى به ابن رشد وذهب إليه غير واحد من أئمتنا الأندلسيين أن الميت ينتفع بقراءة القرآن
الكريم ويصل إليه نفعه ويحصل له أجره إذا وهب القارئ ثوابه له، وبه جرى عمل المسلمين شرقا وغربا
ووقفوا على ذلك أوقافا واستمر عليه الامر منذ أزمنة سالفة، ثم قال: ومن اللطائف أن عز الدين بن
عبد السلام الشافعي رؤي في المنام بعد موته فقيل له: ما تقول فيما كنت تنكر من وصول ما يهدي من قراءة
القرآن للموتى؟ فقال: هيهات وجدت الامر على خلاف ما كنت أظن اه‍ بن. قوله: (خلفها) لا مفهوم له كما
قال ابن عاشر: بل الصياح منهي عنه مطلقا بن قوله: (وهذا ينافي ما تقدم) أي من أن الصياح أي البكاء
مع رفع الصوت حرام قوله: (وقول استغفروا لها) وذلك كما يقع بمصر يمشي رجل قدام الجنازة
ويقول هذه جنازة فلان استغفروا له. قوله: (ولو طولوا) أي ولو حصل طول في تجهيزها
قوله: (أو لحاجة) أي أو كان الانصراف لحاجة. قوله: (أو بعد الصلاة) أي أو كان الانصراف بعد الصلاة
وقبل الدفن. وحاصل الفقه أن الانصراف قبل الصلاة مكروه مطلقا سواء حصل طول في تجهيزها
أو لا، كان الانصراف لحاجة أو لغير حاجة، كان الانصراف بإذن من أهلها أم لا، وأما إن كان
الانصراف بعد الصلاة وقبل الدفن فيكره إن كان بغير إذن من أهلها والحال أنهم لم يطولوا، فإن كان
بإذن أهلها فلا كراهة طولوا أو لا، وإن طولوا فلا كراهة كان بإذن أهلها أم لا. قوله: (بلا وضوء)
أي للحامل قوله: (ولو على القول بطهارته) أي لاحتمال خروج قذر منه ومراعاة للقول بنجاسته
قوله: (وكره لصلاة عليه فيه) فإن صلى عليه فيه كره له من حيث إيقاع الصلاة في المسجد
وأثيب على الصلاة من حيث أنه مأمور بها، وقول ابن رشد: وعلى الكراهة فلا
يأثم في صلاته ولا يؤجر مراده أنه لا يأثم في إيقاعها في المسجد ولا يؤجر في إيقاعها
فيه فنفي الاثم والأجر مصروف إلى الايقاع في المسجد لا إلى الصلاة نفسها. قوله: (وإلا ندب إعادتها)
أي وإلا تقع أولا جماعة بإمام بأن وقعت أولا من فذ ندب إعادتها أي جماعة ولو تعدد الفذ
قوله: (كسقط) أي كما يكره أيضا تغسيل سقط، نعم يندب غسل دمه ووجب لفه بخرقة ومواراته
423

وندب كونها بغير دار. قوله: (وهو من لم يستهل صارخا إلخ) أي ولو تحرك أو عطس أو بال أو رضع قليلا
قوله: (ودفنه بدار) إنما كره لأنه لا يؤمن عليه أن ينبش مع انتقال الملك. قوله: (بخلاف دفن الكبير) راجع
إلى الحكمين قبله فيجوز دفنه في الدار كما قال المواق وإن كان الأفضل مقابر المسلمين وهو عيب يوجب
ردها اه‍ بن قوله: (صارت كالجنب) أي في كراهة تغسيل الميت قوله: (إن لم يخف إلخ) أي وإلا فلا
كراهة في صلاة الفاضل عليهما قوله: (وكره صلاة الامام على من حده القتل) أي بخلاف من حده الجلد
فإنه لا يكره صلاته عليه ولو مات بالجلد. قوله: (ففيه تردد) أي لأبي عمران واللخمي قال عبق: وانظر هل
يدخل فيه من مات بالحبس؟ قلت: كلام التوضيح صريح في أن من قدم للقتل فمات خوفا من القتل قبل إقامة
الحد عليه من محل التردد المذكور، وأن أبا عمران يقول: يصلي عليه الامام، واللخمي يقول: يستحب للامام
أن لا يصلي عليه فانظره وحينئذ فتنظير عبق قصور اه‍ بن قوله: (ونجس) يؤخذ منه أنه لا يشترط
في صلاة الميت طهارته بل طهارة المصلى قوله: (وكره زيادة رجل على خمسة) أي لأنه غلو.
قوله: (واجتماع نساء لبكى) أي سواء كان عند الموت أو بعده وهذا مقيد لقوله سابقا. وجاز بكى أي ما لم يجتمعوا
له وإلا كره وكان الأولى تقديمه هناك، ولا مفهوم للنساء بل الرجال كذلك، وإنما خص النساء بالذكر
لان الاجتماع لذلك شأنهن. قوله: (للحال لا للمبالغة) فيه نظر بل المبالغة على بابها لان المحرم إنما هو البكاء
بالصوت العالي وأما مطلقه فكعدمه، وقد قال ابن عاشر كما في طفي ما قبل المبالغة اجتماعهن للبكاء جهرا فهو
محكوم له بالكراهة، وقد نص البرزلي على أن الصراخ العالي ممنوع اه‍ بن قوله: (إن ستره به جائز) أي إذا
كان ذلك الحرير ساذجا غير ملون وإلا كره كما في نقل المواق. قوله: (للسرف) أي إن كان لذلك الطيب
بال اه‍ بن قوله: (لا النداء بكحلق بصوت خفي) أي في المسجد وأولى في غيره قوله: (فالمراد الاعلام)
أي إعلام المحافل بموته، وأشار إن أنه ليس المراد بالنداء حقيقته الذي هو رفع الصوت بل المراد به
الاعلام مجازا قوله: (وقيام لها) اعلم أن القيام للجنازة كان مطلوبا أولا ثم إنه نسخ، ففهم ابن
عرفة أن نسخه من الوجوب للإباحة أو الندب قولان، وما ذكره المصنف من الكراهة فلعله
فهمه من قول ابن رشد ثم نسخ بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم للجنازة ثم جلس
وأمرهم بالجلوس، قال ح: وفهم الكراهة من كلام الباجي وسند فانظره اه‍ بن. قوله: (وتطيين
قبر أو تبييضه) أكثر عباراتهم في تطيينه من فوق، ونقل ابن عاشر عن شيخه أنه يشمل تطيينه
ظاهرا وباطنا، وعلة الكراهة ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا طين القبر لم يسمع صاحبه
424

الأذان ولا الدعاء ولا يعلم من يزوره اه‍ بن. قوله: (لغير مباهاة) أي وكان ذلك التحويز لغير مباهاة
قوله: (وما عطف عليه) أي من التبييض والتحويز والبناء عليه في الأراضي الثلاثة المتقدمة في
الشارح. قوله: (أو صار) أي القبر بسبب ما بني عليه أو حوله مأوى لأهل الفساد. قوله: (أو في أرض
محبسة إلخ) أي أو كان ذلك القبر في أرض محبسة أو مرصدة أي فيحرم البناء عليه وتحويزه
بالبناء وإن لم يقصد بذلك مباهاة ومراده بالمحبسة للدفن ما صرح بوقفيتها له، وبالمرصدة له ما وقفت
لذلك من غير تصريح بوقفية بل بالتخلية بين الناس وبينها، وعلمت مما قلناه أن قول الشارح أو في
أرض محبسة عطف على قوله: وإن بوهي به حرم لان الحرمة فيه مطلقة. قوله: (ما فعلوا إلا المهلكات)
أي وحينئذ فيجب هدم ما بني بالقرافة المذكورة من المدارس والمساجد والأسبلة و البيوت والقبب
والحيشان. قوله: (وجاز ما ذكر) مراده بما ذكر البناء فوقه وحوله قوله: (وهو إنما يكون إلخ) أي
والبناء للتمييز إنما يكون جائزا إذا كان يسيرا لا إن كان كثيرا كمدرسة وقبة، وظاهره جواز البناء
اليسير للتمييز ولو في الأرض المحبسة للدفن وهو كذلك، ففي بن ما نصه: الذي اختاره ح أن التحويز
بالبناء اليسير لأجل تمييز القبور جائز في مقابر المسلمين قال: وهو الذي يفهم من كلام اللخمي وابن
بشير وابن عبد السلام. ومن أجوبة ابن رشد للقاضي عياض ونقل نصها ثم قال: وهو الذي يفهم
من آخر كلام التوضيح اه‍ كلامه. وتحصل مما تقدم أن البناء على القبر أو حوله في الأراضي الثلاثة
وهي المملوكة له ولغيره بإذن، والموات حرام عند قصد المباهاة وجائز عند قصد التمييز وإن خلا عن
ذلك كره. وأما البناء فوقه أو حوله في الأرض المحبسة فحرام إلا بقصد التمييز فجائز إن كان البناء يسيرا
قوله: (وإلا كره) أي وإلا بأن كان في الحجر أو الخشبة نقش كره. وفي ح: التخفيف في الكتابة
على قبور الصالحين قوله: (وينبغي الحرمة إلخ) أي وأما كتابة ورقة فيها ذكر أو دعاء وتعليقها
في عنق الميت فحرام، ويجب اخراجها إن لم يطل الامر، وأما المصحف فيجب اخراجه مطلقا
قوله: (استغناء) حال من ضمير شرع أي حالة كونه مستغنيا بذكر أضداد تلك الأوصاف عنها لان
الضدين متلازمان، فإذا حكم على أحدهما بالانتفاء كان الثاني ثابتا ولا محالة لان الضدين لا يرتفعان
قوله: (وبنفي) عطف على قوله بذكر أي واستغناء بنفي إلخ قوله: (كما قال بعضهم) ممن صرح
بحرمة تغسيله ابن رشد في المقدمات قوله: (فقط) احترز بذلك عن بقية الشهداء كالمبطون والغريق
والحريق وميت الطاعون فإنه يغسل. قوله: (ولا حاجة له بعد قوله معترك) أي لخروج الشهداء
المذكورين بقوله معترك. بقي شئ آخر وهو أن قول المصنف: ولا يغسل شهيد
معترك يقتضي أن مقتول الحربي الكافر بغير معركة يغسل وهو قول ابن القاسم، ومقتضى
موضع من المدونة، وروى ابن وهب لا يغسل شهيد كافر حربي بغير معركة لكونه له حكم
من قتل بها وهو نص المدونة في محل آخر، وتبعه سحنون وأصبغ وابن يونس وابن رشد ويحيى
القرطبي فتمنى أنه لم يكن غسل أباه وصلى عليه حين قتله عدو كافر بقرطبة حين أغار عليها الكفار
425

على غفلة والناس في أحراثهم. وذكر شيخنا أن ما قاله ابن وهب هو المعتمد، وقد اتفق سنة اثنتين وخمسين
وألف أن أسرى نصارى بأيد مسلمين أغاروا على الإسكندرية في وقت صلاة الجمعة والمسلمون في صلاتها
فقتلوا جماعة من المسلمين فأفتى عج بعدم غسلهم وعدم الصلاة عليهم. قوله: (بأن كان غافلا)
أي حين القتال. قوله: (أو قتله مسلم يظنه كافرا أو داسته الخيل) فيه نظر إذ لم يذكر المواق و ح
في هاتين الصورتين إلا أنه يغسل ويصلى عليه فهو المعتمد اه‍ بن قوله: (وإن أجنب على الأحسن)
في المواق قال أشهب: لا يغسل الشهيد ولا يصلى عليه وإن كان جنبا، وقاله أصبغ وابن الماجشون
خلافا لسحنون، ورجع ابن رشد ترك غسل الجنب اه‍ وصوابه لو قال: ولو أجنب على الأظهر اه‍ بن
قوله: (لا إن رفع حيا إلخ) حاصل كلام المصنف أنه إذا رفع حيا فإنه يغسل ولو منفوذ المقاتل ما لم يكن
مغمورا وهو المشهور من قول ابن القاسم كما نقله في التوضيح عن ابن بشير، ونقل المواق عن ابن
عرفة وابن يونس والمازري ما يوافقه، وطريقة سحنون أنه متى رفع منفوذ المقاتل أو مغمورا
فلا يغسل وهو الذي اقتصر عليه ابن عبد البر في الكافي وصاحب المعونة والمعول عليه الأول، وقول
سحنون ضعيف وقد اعترضه المواق بتغسيل عمر رضي الله عنه بمحضر الصحابة مع أنه رفع
منفوذ المقاتل، ثم نقل أي المواق عن ابن عرفة وابن يونس والمازري ما ظاهره يوافق المصنف وجعل
قول سحنون مقابلا للمشهور فانظر قول الشارح تبعا لعبق المعتمد أنه لا يغسل من أين أتى به
انظر بن. قوله: (بمعنى مع) أي ودفن بثيابه حالة كونها مصاحبة لخف فدفنه بثيابه لازم وجعله بدلا
من قوله بثيابه وكأنه قيل بخفه إلخ فاسد لان المبدل منه في نية الطرح فيقتضي أنه إنما يدفن بالخف
والقلنسوة وما معهما فقط وليس كذلك. قوله: (لا بآلة حرب) أي لا يدفن مع آلة حرب. قوله: (ولا
يغسل دون الجل) النهي هنا على جهة الكراهة بخلافه فيما مر فإنه للتحريم، فالعلة في ترك الصلاة على
ما دون الجل خوف الوقوع في المكروه وهو الصلاة على غائب. إن قلت: إن ترك الصلاة على ما دون الجل
يؤدي لترك الصلاة رأسا وكيف يترك واجب وهو الصلاة عليه خوف ارتكاب مكروه وهو الصلاة
على غائب؟ قلت: أجاب في التوضيح بما محصله: إنا لا نخاطب بالصلاة على الميت إلا بشرط الحضور
وحضور جله كحضور كله وحضور الأقل بمنزلة العدم. قوله: (على المعتمد) فيه نظر فإن عدم الغسل
في هذا إنما نقله في التوضيح عن أشهب على وجه يقتضي أنه مقابل للمشهور الذي هو غسل
الجل اه‍ بن. فعلى هذا المراد بالجل ثلثا الجسد ولو مع الرأس بناء على المشهور، وعلى كلام
أشهب فلا يغسل إلا الكامل، وأما البعض فلا يغسل ولو كان ثلاثة أرباعه. قوله: (فإن وجد
بعضه فالحكم للغالب) كما إذا وجد ثلثاه وفقد ثلثه فاستخفوا الصلاة عليه لان اليسير تبع
للكثير فلا حكم لليسير حينئذ. قوله: (وهو ما دونهما) أي ما دون الثلثين قوله: (ولا يغسل محكوم
بكفره) أي من زنديق وساحر ومجوسي وكتابي ومرتد إلى أي دين. قوله: (أو نوى به) أي
بالصغير وهو عطف على ارتد أي وإن صغيرا ارتد أو صغيرا نوى به سابيه الاسلام. قوله: (وهذا في
الكتابي) لان صغار الكتابيين لا يجبرون على الاسلام على الراجح وكبارهم لا يجبرون عليه
اتفاقا، والمراد بالكبير من يعقل دينه لا البالغ فقط. قوله: (وما يأتي في الردة من أنه) أي الصغير
426

قوله: (فهو في المجوسي) أي لأنه يجبر على الاسلام، وهل المجوسي الذي يجبر على الاسلام يكون مسلما
بمجرد ملك المسلم له وهو لابن دينار مع رواية معن؟ أو حتى ينوي مالكه إسلامه وهو لابن وهب؟ أو حتى
يقدم ملكه ويزييه بزي الاسلام ويشرعه بشرائعه وهو لابن حبيب؟ أو حتى يعقل ويجيب حين اغاره
نقله ابن رشد. خامسها: حتى يجيب بعد احتلامه وهو لسحنون، قال ابن عرفة: وعزا عياض الأولين
لروايتين فيها فعلم منه ترجيح الأولين وعليهما إذا مات قبل الجبر فإنه يغسل ويصلى عليه، والحاصل
أن الصغير من سبي المجوس لا خلاف في أنه يجبر على الاسلام إلا أن يكون معه أبواه أو أحدهما فإن مات
قبل الجبر فعلى الخلاف المتقدم. قوله: (بل ولو مات بدار الحرب إلخ) أشار بهذا إلى أن قول المصنف: ونفر
من أبويه لا مفهوم له لأنه لو أسلم بدار الحرب وبقي فيها حتى مات فإنه يغسل أيضا، وكذا من أسلم من
أولاد أهل الذمة الماكثين عندنا أهل كتاب أم لا وبقي عند أهله حتى مات فإنه يغسل لان إسلامه
معتبر قوله: (غسلوا وكفنوا إلخ) أي ومؤنة غسلهم وكفنهم من بيت المال إن كان المسلم منهم فقيرا
لا مال له. ولا يقال: الكافر له لا حق له في بيت المال. لأنا نقول: غسل المسلم وتكفينه ومواراته لا تتحقق
إلا بفعل ذلك في الكافر وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، أما إن كان للمسلم مال سواء كان معه
أم لا فإن مؤنة جميعهم تؤخذ من مال المسلم، واحترز الشارح بقوله غير شهيد عما إذا اختلط المحكوم بكفره
بشهيد معركة فإنه لا يغسل واحد منهم، ودفنوا بمقبرة المسلمين تغليبا لحق المسلم، بقي ما لو اختلط مسلم
بغسل شهيد معترك والظاهر أن يغسل الجميع ويكفنوا مع دفنهم بثيابهم احتياطا في الجانبين وصلي
عليهم، وهل يميز غير الشهيد بالنية أو لا؟ لأنه قد قيل بالصلاة على الشهيد فليس كالكافر. قوله: (ولا يغسل
سقط) أي يكره كما قال الشارح بعد قوله: (ولو تحرك) اللخمي: اختلف في الحركة والرضاع والعطاس
فقال مالك: لا يكون له بذلك حكم الحياة وعارضه المازري بأنا نعلم يقينا أنه محال بالعادة أن يرضع الميت
وأجاب المواق بما حاصله: أن المراد أنه محكوم له بحكم الميت لا أنه ميت حين رضاعه حقيقة اه‍ بن
قوله: (إذ قد يتحرك المقتول) أي وقد يكون العطاس من الريح وقد يكون البول من استرخاء المواسك
قوله: (أو رضع) أي يسيرا وأما كثرة الرضاع فمعتبرة، والكثير ما تقول أهل المعرفة أنه لا يقع مثله إلا ممن فيه
حياة مستقرة قوله: (إذ واحد إلخ) أي لان كل واحد منها لا يدل إلخ. قوله: (فيهما) أي في لفه بخرقة
ومواراته قوله: (وفي غسل الدم نظر) قال شيخنا العدوي: الظاهر أنه مستحب قوله: (ولا يصلى
على قبر) أي بعد أن صلي عليه قبل دفنه قوله: (على الأوجه) أي خلافا لقول عبق أي يمنع على المشهور
فإنه لا وجه للمنع إذ غاية ما يلزم على الصلاة على القبر تكرار الصلاة والحكم فيه الكراهة كما قدمه المصنف
وما وقع لابن عرفة من التعبير هنا بالمنع فيحمل على الكراهة لما ذكرناه اه‍ بن قوله: (ومحل الصلاة
على القبر) أي إذا خيف عليه التغير. وقوله ما لم يطل إلخ أي وإلا فلا يصلى على القبر. قوله: (ولا يصلى
على غائب) أي يكره، وأما صلاته عليه الصلاة والسلام وهو بالمدينة على النجاشي لما بلغه موته بالحبشة
فذاك من خصوصياته، أو أن صلاته لم تكن على غائب لرفعه له صلى الله عليه وسلم حتى رآه
فتكون صلاته عليه كصلاة الامام على ميت رآه ولم يره المأمومون ولا خلاف في جوازها، ورد
ابن العربي والجوابين معا بأن كلا من الخصوصية والرفع يفتقر لدليل وليس بموجود اه‍ بن
قوله: (ولا تكرر الصلاة على من صلي عليه) أي يكره ذلك إذا كان صلى عليه أولا جماعة وإلا ندب
إعادتها جماعة كما تقدم قوله: (أوصاه لرجاء خيره) أي وأما لو أوصاه لإغاظة من بعده
لعداوة بينهما لم تنفذ وصيته بذلك لعدم جوازها وكان من بعده أحق بالإمامة إن رجي
427

خيره أيضا وإلا قدم الوصي لان من بعده إذا كان لا يرجى خيره والفرض أن بينهما عداوة فيخشى أن
يقصر في الدعاء له والامام عمود الصلاة وصلاة المأمومين مرتبطة به قوله: (إلا مع الخطبة) أي مع
مباشرتها على الظاهر إلا أن المراد مع توليتها للغير كالقاضي المولى على الحكم والتقرير في الخطبة والصلاة
قوله: (ثم أقرب العصبة) أي ولا مدخل للزوج، وأما السيد فله مدخل بالعتق قوله: (وإن تعدد العاصب
لجنازة) أي والحال أنهم تساووا في القرب قوله: (أو أكثر) أي أو تعدد العاصب لأكثر من جنازة
كما لو اجتمع ميتان أو أكثر وكان لكل جنازة ولي فيقدم الأفضل من هؤلاء الأولياء. قوله: (أو غيرهما)
أي من المرجحات المتقدمة في باب الإمامة قوله: (ولو ولي امرأة) كما لو اجتمع ميتان ذكر وأنثى
لكل منهما ولي وكان ولي المرأة أفضل من ولي الرجل فيقدم ولي المرأة الأفضل إذا صلى عليهما معا
صلاة واحدة قوله: (أي القول بترتبهن) أي بجواز ترتبهن. والحاصل أن القول الأول يقول إنهن
يصلين دفعة ويكره ترتبهن، والقول الثاني يقول بجواز كل من الامرين صلاتهن دفعة وترتبهن
قوله: (والقبر حبس) أي على الدفن فإن نقل منه الميت أو بلي لم يتصرف فيه بغير الدفن كالزرع وبنائه بيتا
للانتفاع به قوله: (حيث كان مسنما والطريق دونه) أي وظن دوام شئ من عظامه فيه كما قال المصنف
فكراهة المشي مقيدة بقيود ثلاثة قوله: (وإلا جاز) أي وإلا بأن كان مسطحا أو كان مسنما وكان في الطريق
أو ظن فناؤه وعدم بقاء شئ منه في القبر جاز المشي عليه وأولى لو كان مسطحا في الطريق قوله: (ولو بنعل)
ظاهره ولو كانت متنجسة ولو كثر المرور ولو كان المار كافرا والظاهر جواز المشي بالدواب قياسا على النعل
المتنجسة قاله شيخنا. قوله: (وكذا الجلوس عليه) أي يجوز مطلقا كما هو ظاهر ح لأنه أخف من
المشي خلافا لما في عبق من أن الجلوس كالمشي يكره إن كان القبر مسنما والطريق دونه وظن بقاء شئ من
الميت فيه، فإن انتفى قيد من القيود الثلاثة جاز فإن هذا لم يقله أحد كذا قرر شيخنا، وأما ما ورد من حرمة
الجلوس على القبر فهو محمول على الجلوس لقضاء الحاجة قوله: (ما دام به) هذا قيد للنفيين فقط أي نفي
المشي ونفي النبش لا لقوله أيضا حبس إذ هو حبس وإن لم يبق فيه شئ إلا عجب الذنب، وأشار لذلك
الشارح بقوله: لا بناؤه دارا إلخ. ولا يجوز أخذ حجارة المقابر الفانية لبناء قنطرة أو مسجد أو دارا بالأولى
وقوله: ولا حرثه للزراعة لكن لو حرثت جعل كراؤها في مؤنة دفن الفقراء اه‍ خش قوله: (مسائل)
أي ثلاثة وتقدمت رابعة وهي نبشه لأجل نقله فيجوز بالشروط المتقدمة، وخامسة وهي نبشه لدفن غيره
عند الضرورة قوله: (إن أبى) أي ربه من أخذ القيمة قوله: (أو يشح رب قبر حفر بملكه) حاصله أنه
إذا دفن في ملك غيره بدون إذنه فقال ابن رشد للمالك: اخراجه مطلقا سواء طال الزمن أم لا. وقال اللخمي له
اخراجه إن كان بالفور، وأما مع الطول فليس له اخراجه وجبر على أخذ القيمة. وقال الشيخ ابن أبي زيد: إن
كان بالقرب فله اخراجه وإن طال فله الانتفاع بظاهر الأرض ولا يخرجه انظر بن. قوله: (أو نسي معه
مال) أي كثوب غطي به في القبر أو خاتم أو دنانير، وفي المواق: إن لرب المال أن يخرجه بمجرد دعواه من
غير توقف على بينة أو تصديق بخلاف الكفن المغصوب وانظر الفرق بينهما اه‍. وقد يقال: الفرق
أن التكفين حوز لوضع اليد فلا بد في نقله عن الحائز من بينة أو تصديق بخلاف مصاحبة المال له فلا
يعد حوزا قوله: (بما يملك فيه الدفن) أي في مكان يملك فيه الميت الدفن خاصة. وقوله كأرض محبسة له
أي للدفن، وقرر شيخنا أن القبور التي بقرافة مصر كالمملوكة للكلفة فيها وحينئذ فينبش القبر
ويخرج الميت على الخلاف السابق فيه. قوله: (فدفن فيه) أي في ذلك القبر المحفور في الأرض
428

المذكورة. قوله: (وعليهم) أي من تركته فإن لم يكن له تركة كانت قيمته من بيت المال ولا تلزم الورثة من
مالهم. قوله: (أي قيمة الحفر) أي وليس المراد قيمة القبر لئلا ينافي الموضوع من أن القبر حفر في أرض
ليست ملكا لاحد وإنما يملك كل أحد الدفن فيها، فالحافر كمن سبق لمباح، وما ذكره من لزوم قيمة الحفر
هو قول ابن اللباد وهو المعتمد، وقيل عليهم حفر مثله، وقيل الأكثر من قيمة الحفر وقيمة الأرض
المحفورة، وقيل الأقل منهما قوله: (بأن كان نصابا) استحسن بعض الأشياخ أن المراد به نصاب الزكاة
لا نصاب السرقة اه‍ شيخنا عدوي قوله: (ولو ثبت) أي ابتلاعه له بشاهد ويمين والظاهر أنه لا يتأتى
هنا يمين استظهار لعدم تعلق المدعي به بذمة الميت وحينئذ فيلغز بها، ويقال دعوى على ميت ليس فيها
يمين استظهار وإذا بقر عن المال فلم يوجد عزر كل من المدعي والشاهد، وقوله إما لقصد إلخ أي إما ابتلاعه
لقصد إلخ قوله: (لا يبقر عن جنين) أي ولو رجي خروجه حيا وهذا قول ابن القاسم وهو المعتمد وذلك
لان سلامته مشكوكة فلا تنتهك حرمتها لأجله بخلاف المال فإنه محقق قوله: (وتؤولت أيضا على البقر)
أي من خاصرتها اليسرى حيث كان الحمل أنثى، أما إن كان ذكرا فإنه يكون من خاصرتها اليمنى اه‍ عدوي
وذكر أيضا أن محل الخلاف في جنين الآدمي، أما جنين غيره فإنه يبقر عنه إذا رجي قولا واحدا. قوله: (وهو)
أي اخراجه بحيلة من الميتة مما لا يستطاع لأنه لا بد لاخراجه من القوة الدافعة وشرط وجودها
الحياة إلا لخرق العادة اه‍ عدوي. قوله: (عدم جواز أكله) أي ولو أدى عدم الأكل لموت ذلك
المضطر قوله: (لم يجد غيره) هذا محل الخلاف أما لو وجد غيره فلا يجوز أكله قولا واحدا. قوله: (وصحح
أكله) وعلى هذا فانظر هل يتعين أكله نيئا أو يجوز له طبخه بالنار؟ وللشافعية يحرم طبخه وشيه لما فيه من
هتك حرمته مع اندفاع الضرر بدونه قوله: (أي كافرة) سواء كانت كتابية أو مجوسية قوله: (شبهة) أي
شبهة ملك أو نكاح مطلقا أي سواء كانت كتابية أو مجوسية قوله: (ولا نتعرض لهم) أي سواء استقبلوا
بها قبلتنا أو قبلتهم قوله: (وعلى واجده) أي ويجب على واجد ميت البحر الذي رمي فيه مكفنا وكذا
ميت البحر الغريق فيه. قوله: (ولا يعذب ببكاء) أي لا يتألم به كما قال عياض فليس المراد به التعذيب بالنار
أو المناقشة، لكن ورد أنه يقال للميت أجب نوائحك فحمل على إيصائه كما قال المصنف، وهذا يناسب
429

بقاء العذاب على حقيقته. قوله: (ولا يترك مسلم لوليه الكافر) أي يحرم قوله: (ولا يغسل مسلم أبا كافرا)
أي بناء على أن غسل الميت تعبد لا للنظافة وإلا جاز قوله: (أي لا يجوز له ذلك) أي لزوال حرمة أبويه
بموته. قوله: (ولا خصوصية للأب) أي بل غيره من الأقارب كذلك بل لو وجد كافر ميت وليس
معه أحد من أهل دينه ولا من أقاربه المسلمين وخيف ضياعه وجبت مواراته كما في المدونة،
وظاهره ولو كان حربيا وقيل إن الحربي يترك للكلاب تأكله. قوله: (وإلا كان النفل والجلوس في المسجد
أي مسجد كان أفضل) اعترض بأن المصلي على الجنازة يحصل له ثواب الفرض وهو أعظم من ثواب
النفل فكيف يكون النفل أحب منه؟ وأجيب بأن هذا مبني على القول بسقوط فرض الكفاية عن
الغير بالشروع فيه لا بالفراغ منه، وفي هذا الجواب نظر لما تقرر في فرض الكفاية من أن اللاحق
بالداخل فيه يقع فعله فرضا، وإن قيل بسقوطه بالشروع فيه فالبحث باق على القولين اه‍ بن. ولعل
الأولى أن يقال: إنهم توسطوا هنا فلم يقولوا بأفضليتها من النفل مطلقا نظرا لما قيل إنها صلاة لغوية
القصد منها الدعاء حتى أجازها بعضهم بلا وضوء، وليس فيها السجود الذي هو أقرب ما يكون العبد
من ربه إذا كان متلبسا به وقوي النظر لفرضيتها حق الجار وبركة الصالح
باب الزكاة
قوله: (وشرعا اخراج إلخ) هذا تعريف لها بالمعنى المصدري. وقوله: وتطلق على الجزء المذكور أي الجزء
المخصوص المخرج من المال المخصوص إذا بلغ نصابا المدفوع لمستحقه إن تم الملك وحول غير المعدن
وهذا تعريف لها بالمعنى الأسمى، وسمي ذلك الجزء المأخوذ زكاة مع كونه ينقص المال حسا لنموه في
نفسه عند الله تعالى كما في حديث: ما تصدق عبد بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا كأنما
يضعها في كف الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون كالجبل أو لأنه يعود على
المال بالبركة والتنمية باعتبار الأرباح أو لان صاحبها يزكو بأدائها، قال الله تعالى: * (خذ من أموالهم
صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) * قوله: (من مال مخصوص) وهو النعم والحرث والنقدان وعروض
التجارة والمعادن قوله: (تجب زكاة إلخ) هذا في قوة قولنا كل نصاب من أنواع النعم تجب فيه
الزكاة وظاهره كان ملكا لواحد أو لأكثر وهو كذلك، والمراد بالزكاة المعنى المصدري وهو
الاخراج لا المعنى الاسمي إذ لا تكليف إلا بفعل. قوله: (نصاب النعم) النصاب لغة الأصل وشرعا
القدر الذي إذا بلغه المال وجبت الزكاة فيه، وسمي نصابا أخذا له من النصب لأنه كعلامة
430

نصبت على وجوب الزكاة أو لان للفقراء فيه نصيبا، والنعم واحد الانعام وهي المال الراعية
فيصدق بالإبل والبقر والغنم سمي ما ذكر نعما لكثرة نعم الله فيها على خلقه من النمو وعموم الانتفاع
والنعم اسم جمع لا اسم جنس لأنه لا واحد له من لفظه بل من معناه، واسم الجنس هو الذي يفرق بينه وبين
واحده بالتاء غالبا. قوله: (بملك) أي بسبب ملك للنصاب وبسبب حول أي مرور حول عليه أو على
أصله، فالأول كما لو كان يملك أربعين نعجة تمام الحول، والثاني كما لو كان ملك عشرين نعجة حوامل
ثم ولدت قبل تمام الحول فقد حال الحول على أصله، واعلم أن الحول شرط بلا خلاف لصدق تعريف
الشرط عليه لأنه يلزم من عدمه عدم وجوب الزكاة ولا يلزم من وجوده وجوبها ولا عدمه لتوقف
وجوبها على ملك النصاب وفقد المانع كالدين في العين، وأما الملك فقال القرافي: أنه سبب لأنه يلزم من
عدمه عدم الوجوب، ومن وجوده وجود الوجوب بالنظر لذاته، وقال ابن الحاجب: أنه شرط نظرا
للظاهر وهو أنه يلزم من عدمه عدم الوجوب، ولا يلزم من وجوده وجود الوجوب ولا عدمه
لتوقفه على شروط أخر كالحول وانتفاء مانع كالدين، وقرن المؤلف له بالشرط يؤكد كونه شرطا ولا
يشكل عليه التعبير بالباء التي للسببية لان جعلها للسببية غير متعين لجواز أن تكون للمعية أو أنه استعملها
في حقيقتها وهو السببية ومجازها وهو المعية. قوله: (كمال العبد ومن فيه شائبة رق) أي كالمكاتب
والمدبر لان كلا منهم وإن كان يملك لكن ملكه غير تام لان تصرفه مردود لا لان لسيده انتزاعه
لعدم صدق هذه العلة على المكاتب. قوله: (بشرطه) أي بأن كان ما بيده من المال قدر ما عليه من الدين
431

أو أزيد منه بأقل من نصاب. قوله: (فرخصة) أي ولان ما قارب الشئ يعطي حكمه. قوله: (وهي
الراعية) أي التي ترعى الكلأ والعشب النابت. واعلم أن السائمة تجب الزكاة فيها إذا توفرت فيها الشروط
واختلف في المعلوفة في كل الحول أو بعضه وفي العاملة في حرث ونحوه فمذهبنا وجوب الزكاة فيهما
وقال الشافعي: إذا علفت في الحول ولو جمعة لا زكاة فيها. وقال أبو حنيفة وأحمد: إذا علفت كل الحول أو
غالبه فلا زكاة فيها وإلا فالزكاة والعاملة لا زكاة فيها عند الشافعي وأبي حنيفة و لو سائمة. قوله: (بل وإن
كانت معلوفة) أي والتقييد بالسائمة في الحديث لأنه الغالب على مواشي العرب فهو لبيان الواقع
لا مفهوم له قوله: (وعاملة) أي هذا إذا كانت مهملة بل وإن كانت عاملة قوله: (ونتاجا) أي هذا
إذا كانت غير نتاج بل وإن كانت كلها نتاجا خلافا لداود الظاهري القائل إن النتاج لا يزكى ولا يلزم
من وجوب الزكاة في النتاج الاخذ منه بل يكلف ربها شراء ما يجزئ. وقوله: ونتاجا ولو كان النتاج
من غير صنف الأصل كما لو نتجت الإبل أو البقر غنما وتزكى النتاج على حول الأمهات إن كان فيها
نصاب أو مكملة لنصاب الأمهات، فإذا ماتت الأمهات كلها زكي النتاج على حول الأمهات إذا كان
فيها نصاب، وكذا إذا مات بعض الأمهات وكان الباقي منها مع النتاج نصابا زكى الجميع لحول الأمهات
قوله: (لا منها ومن الوحش) أي مطلقا هذا هو المشهور وقيل: بالزكاة مطلقا. وقيل: إن كانت الأم
وحشية فلا زكاة. وإلا فالزكاة قوله: (أو بواسطة) أي واحدة أو أكثر كذا في خش وعبق. قال بن
وفيه نظر بل ظاهر النقل خلافه وذلك لان ظاهر نقل المواق قصر ذلك النتاج الذي لا زكاة فيه على
المتولد منها ومن الوحش مباشرة، وأما إذا كان ذلك النتاج بواسطة أو أكثر فالزكاة واجبة فيه من غير
خلاف، واستظهر ذلك البدر القرافي قوله: (وضمت الفائدة له) أي سواء كانت نصابا أو أقل منه
وحاصله أن من كان له ماشية وكانت نصابا ثم استفاد ماشية أخرى بشراء أو دية أو هبة نصابا أو لا فإن
الثانية تضم للأولى وتزكى على حولها، سواء حصل استفادة الثانية قبل كمال حول الأولى بشهر
أو يوم، فإن كانت الأولى أقل من نصاب فلا تضم الثانية لها، ولو كانت الثانية نصابا ويستقبل بهما من
يوم حصول الثانية إلا إن حصلت الفائدة بولادة الأمهات فحولها حولهن، وإن كانت الأمهات أقل من
نصاب اتفاقا لان النتاج كالربح يقدر كامنا في أصله، ثم إن ضم الفائدة للنصاب مقيد بما إذا كانت من
جنسه، وأما لو كانت من غير جنسه كإبل وغنم لكان كل على حوله اتفاقا، فإذا كان عنده أربعون من
الغنم وقبل كمال حولها ولو بيوم ملك خمسا من الإبل، أو كان عنده أربعون من الغنم فدخل عليها
الحول ثم قبل مجئ الساعي ملك خمسا من الإبل فكل على حوله فيستقبل بالإبل حولا من يوم
ملكها. قوله: (لا لأقل من نصاب) فلا تضم الفائدة له ولو صارت أقل قبل الحول بيوم أو بعده وقبل
مجئ الساعي، ففي كلام المصنف حذف من الآخر لدلالة الأول. قوله: (وهذا إلخ) هذا مقابل لقوله
وضمت الفائدة من النعم له قوله: (فإنها موكولة لأربابها) أي ولا مشقة عليهم في اخراج زكاة كل مال
432

عند حوله، وهذا الفرق اعترضه اللخمي وغيره بأن في العتبية أن هذا الحكم جار فيمن لا سعاة لهم
أبو إسحاق: ولعله لما كان الحكم هكذا في السعاة صار أصلا مطردا اه‍ طفي. قوله: (فيشمل الذكر
والأنثى) أي فكل منهما يقال له ضائنة ويجزئ اخراجه هنا لان الشاة المأخوذة زكاة عن الإبل
كالشاة المأخوذة زكاة عن الغنم كما صرح بذلك في الجواهر وغيرها ونص اللباب كما في ح الشاة
المأخوذة عن الإبل سنها وصفتها كالشاة المأخوذة عن الغنم، وسيأتي أنه يؤخذ عنها الذكر والأنثى وهذا
مذهب ابن القاسم وأشهب، واشترط ابن القصار الأنثى في البابين، وأما التفريق بين البابين فقال ح
لم أقف عليه لاحد. تنبيه: لا بد أن تكون تلك الضائنة بلغت السن المجزئ بأن تكون جذعة
أو جذعا ولعل المصنف إنما ترك ذلك اعتمادا على ما يأتي في زكاة الغنم. قوله: (أو تساويا إلخ) مثله في
عبارة ابن الحاجب واعترضه ابن عبد السلام وابن هارون بأن ظاهره أنه إذا تساويا يؤخذ من الضأن
والأقرب من هذا أنه يخير الساعي. قوله: (وجب منه) أي وجب أن يخرج منه إما ذكرا أو أنثى فيخير
في اخراج الأفضل أو الأدنى قوله: (إلا أن يتطوع المالك بدفع الضأن) أي فإنه يجزئه ويجبر الساعي
على قبوله، وهذا بخلاف ما لو خالف في صورة منطوق المصنف وأخرج معزا فإنه لا يجزيه قوله: (وإن
خالفته) مبالغة في المفهوم أي فإن كان جل غنم البلد المعز وجب منه وإن خالفته غنم المالك
بأن كانت ضأنا أو مبالغة في المنطوق أي تجب الضائنة حيث كان جلها غير معز وإن خالفت غنم المالك
جل غنم البلد بأن كانت غنمه معزا أو مبالغة في المنطوق والمفهوم معا كما أشار له الشارح بقوله: أي
فالعبرة بغنم البلد وإن خالفته. قوله: (وإلا صح) أي كما قاله عبد المنعم القروي وصححه ابن عبد السلام
خلافا للباجي وابن العربي القائلين بعدم الاجزاء، وخرجه المازري على اخراج القيم في الزكاة قال ابن
عرفة: وهو بعيد لان القيم بالعين اه‍. قال ح: ولا بعد إذ ليس مراده حقيقة القيم وإنما مراده أنه من
بابه، ألا ترى أنهم قالوا في مصرف الزكاة: لا يجوز اخراج القيم وجعلوا منه اخراج العرض عن العين
قوله: (إجزاء بعير) تعبيره بالاجزاء يفيد أنه غير جائز ابتداء وهو كذلك، وقوله بعير أي ذكرا وأنثى
لاطلاق البعير على كل منهما، وظاهره إجزاء البعير عن الشاة ولو كان سنه أقل من عام وهو ما ارتضاه عج
قائلا خلافا لما عليه بعض الشراح ومراده به ح حيث قال: لا بد في إجزاء البعير عن الشاة من بلوغه السن
الواجب فيها. وقوله عن الشاة أي وأما عن شاتين فأكثر فلا يجزئ قولا واحدا ولو زادت قيمته على قيمتهما
قوله: (إن كانت له سليمة) أي إن كانت موجودة ملكا له حال كونها سليمة، وهل ولو كانت كريمة
لأنها الأصل ولا ينتقل للبدل مع إمكان الأصل وهو ظاهر المصنف أو محله ما لم تكن كريمة وإلا أخذ
ابن اللبون للنهي عن أخذ كرائم الناس انظر في ذلك. قوله: (فابن لبون ذكر) وتجزئ بنت اللبون
بالأولى، وهل يخير الساعي في قبولها أو لا يخير بل يجبر على قبولها؟ قولان: واقتصر في التوضيح على القول
بجبره ونسبه للمدونة فهو المعتمد، وليس في الإبل ذكر يؤخذ عن أنثى إلا ابن اللبون فإنه يؤخذ عن بنت
المخاض كما علمت، وحينئذ لا يجزئ ابن المخاض عن بنت المخاض ولا ابن اللبون عن بنت
اللبون وهكذا. قوله: (كحكم وجودهما) في تعين بنت المخاض وإنما يكتفي بابن اللبون إذا عدمت بنت
المخاض فقط حقيقة أو حكما، والحاصل أنه إن وجد أحد الشيئين تعين وإن وجدا معا تعين بنت المخاض
وكذا إن عدما لكن إن أتى في هذه الحالة الأخيرة بابن اللبون بعد إلزامه بنت المخاض كان للساعي
أخذه إن رآه نظرا لكونه أكثر لحما لكبر سنه أو أكثر ثمنا وإلا ألزمه بنت المخاض أحب أو كره
كما لابن القاسم في المدونة، فإن عدم الأمران وقبل إلزامه بنت المخاض أتى بابن اللبون فقال
ابن القاسم: يجبر الساعي على قبوله ويكون بمنزلة ما لو كان موجودا فيها. وقال أصبغ: لا يجبر
433

قوله: (ولا يجزئ عنها حق) أي ولو لم توجد أو وجدت معيبة، وأما أخذ الحقة عن بنت اللبون فتجزئ
والفرق بين ابن اللبون يجزئ عن بنت المخاض والحق لا يجزئ عن بنت اللبون أن ابن اللبون
يمتنع من صغار السباع ويرد الماء ويرعى الشجر، فقابلت هذه الفضيلة الأنوثة التي في بنت المخاض
والحق ليس فيه ما يزيد عن بنت اللبون فليس فيه ما يعادل فضيلة الأنوثة التي فيها. قوله: (وفي مائة
وإحدى وعشرين إلى تسع وعشرين حقتان أو ثلاث بنات لبون الخيار للساعي) اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم
بعد أن بين ما تقدم من التقادير وبين أن في الإحدى وتسعين إلى مائة وعشرين حقتين قال: ثم ما زاد
ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ففهم الامام مالك أن المراد بالزيادة زيادة عقد أي عشرة
وهو الراجح، وحمل ابن القاسم الزيادة على مطلق الزيادة ولو حصلت بواحدة ففي مائة وثلاثين حقة
وبنتا لبون باتفاق، وأما في مائة وإحدى وعشرين إلى تسع الخلاف بينهما فعند الامام يخير الساعي
بين أخذ حقتين أو ثلاث بنات لبون وهو ما مشى عليه المصنف وذلك لان المائة والواحد والعشرين
يصلح فيها حقتان ويصلح فيها ثلاث بنات لبون إذ فيها أكثر من خمسين وأكثر من ثلاث أربعينات
فلذا خير الساعي، وقال ابن القاسم: يتعين ثلاث بنات لبون قوله: (الخيار للساعي) أي فإن اختار الساعي
أحد الصنفين وكان عند رب المال الصنف الآخر أفضل أجزأه ما أخذه الساعي ولا يستحب له
اخراج شئ زائد قاله سند. قوله: (إن وجدا أو فقدا) فإن وجد أحد الصنفين تعين رفقا بأرباب المواشي
ومثله ما إذا وجد أو كان أحدهما معيبا فهو كالعدم، وكذا إذا كان أحدهما من كرائم الأموال فيتعين
الصنف الآخر إلا أن يشاء ربها بدفع الكرام، فإن وجد الصنفان سليمين واختار الساعي أحدهما وكان
الصنف الآخر أفضل عند رب الماشية أجزأه ما أخذ الساعي ولا يستحب له اخراج شئ زائد قاله
سند. قوله: (وتعين أحدهما) أي الحقتان أو الثلاث بنات لبون حال كونه منفردا في الوجود فإذا وجد
أحدهما وفقد الآخر أخذ الساعي ما وجد ولم يكلفه ما فقد. قوله: (ثم في تحقق كل عشر) إنما قدر الشارح
تحقق لأجل أن يدخل في كلام المصنف المائة والثلاثون فإن الواجب يتغير فيها، ولو أبقى كلام المصنف
على ظاهره لم تدخل هذه الصورة فيه لان ظاهره ثم في كل عشر بعد المائة والتسعة والعشرين يتغير
الواجب، وضابط الاخراج فيما إذا زادت الإبل على المائة والثلاثين أن تقسم عدد عقود ما يراد
تزكيته على عدد عقود الخمسين أو على عدد عقود الأربعين، فإن انقسمت على الخمس فقط دون كسر
فالواجب عدد الخارج حقاقا أو على الأربعة فقط دون كسر، فعدد الخارج بنات لبون أو عليهما
معا دون كسر، فالواجب عدد خارج أحدهما ويأتي الخيار كما في مائتي الإبل وإن انكسر عليهما فألغ
قسمتها على الخمسة وأقسمها على الأربعة وخذ بعدد الخارج الصحيح بنات لبون وأنسب الكسر
للأربعة المقسوم عليها فإن كان ربعا فأبدل واحدة من بنات اللبون بحقة، وإن كان ربعين فأبدل
ثنتين، وإن كان ثلاثة أرباع فأبدل ثلاثة. قوله: (هي الموفية سنة) وأما قبل تمام السنة فتسمى
حوارا، ولا يأخذها الساعي عن بنت المخاض مع زيادة ثمن ولا يأخذ ما فوق الواجب ويدفع ثمنا قاله ابن
القاسم وأشهب، فإن وقع ذلك ونزل أجزأ اه‍ عدي قوله: (فأمها حامل) أي فإذا تمت سنة التربية
على الولد فأمه حامل قوله: (قد مخض الجنين) أي تحرك الجنين في بطنها قوله: (لان أمها صارت لبونا)
أي صار لها لبن جديد قوله: (استحقت الحمل) أي طروق الفحل. وقوله: وأن يحمل أي واستحقت
434

أن يحمل على ظهرها فالعطف مغاير. قوله: (البقر) إنما لم يعطفها فيقول والبقر والغنم لأن هذه نصب
مستقلة ليس فيها تابع ولا متبوع، ثم إن البقر مأخوذ من البقر وهو الشق لأنه يشق الأرض بحوافره
وهو اسم جنس جمعي، والبقرة تقع على المذكر والمؤنث لان تاءه للوحدة لا للتأنيث. قوله: (والأنثى
أفضل) أي وحينئذ فيجبر الساعي على قبولها ولا يجبر المالك على دفعها. قوله: (ذو سنتين) أي ودخل في
الثالثة سمي تبيعا لان قرنيه يتبعان أذنيه أو لأنه يتبع أمه. قوله: (وفي أربعين مسنة) وتستمر المسنة إلى
تسع وخمسين فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان إلى تسعة وستين، فإذا بلغت سبعين ففيها مسنة وتبيع، فإذا
بلغت ثمانين ففيها مسنتان، فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاثة أتبعة، فإذا بلغت مائة ففيها تبيعان ومسنة، فإذا
صارت مائة وعشرة ففيها تبيع ومسنتان، فإذا بلغت مائة وعشرين خير الساعي كما قال الشارح. قال
ابن عرفة: والضابط في معرفة واجبها قسم عقود ما أريد زكاته فإن انقسمت على عدد عقود
الأربعين من غير كسر فالواجب عدد الخارج مسنات وعلى عقود الثلاثين فالواجب عدد الخارج
أتبعة، وإن انقسم عليهما فالواجب عدد الخارج أحدهما، ويأتي الخيار كما في الإبل وانكسارها على
عقود الثلاثين والأربعين يلغي قسمها على عقود الأربعين ويقسم على عقود الثلاثين فالواجب عدد
صحيح خارجه أتبعة وبدل لكل ثلث من كسره مسنة من صحيح خارجه. قوله: (يخير الساعي إلخ) أي
إذا وجد الصنفان أو عدما وتعين أحدهما إذا وجد منفردا. قوله: (كمائتي الإبل) تشبيه في مطلق التخيير
وشبه بمائتي الإبل وإن لم يتقدم له ذكر التخيير فيها لاخذ ذلك من ضابطه المتقدم في قوله: ففي كل أربعين
بنت لبون وفي كل خمسين حقة فليس فيه إحالة على مجهول. قوله: (الغنم) هو مبتدأ أول وشاة مبتدأ ثان
وفي أربعين خبر الثاني والجملة خبر الأول والرابط محذوف أي الغنم شاة في أربعين منها قوله: (شاة) التاء
فيها للوحدة أي للدلالة على أن المراد واحد من أفراد الجنس وليست للتأنيث ولذا أبدل من الشاة
المذكر والمؤنث بقوله: جذع أو جذعة أي ذكر أو أنثى. قوله: (ذو سنة) أي تامة كما قال ابن حبيب
أبو محمد، وقيل ابن عشرة أشهر، وقيل ابن ثمانية أشهر، وقيل ابن ستة أشهر وكان الأولى للمصنف أن يزيد أو ثني
بأن يقول جذع أو جذعة ذو سنة أو ثني كما في المدونة والرسالة والجواهر، وعليه يأتي هل الخيار للساعي
أو للمالك؟ قولان ابن عرفة كون التخيير بين الجذع والثني للساعي أو لربها قولا أشهب وابن نافع
قاله طفي، وقد يقال: إن المصنف إنما تكلم على أقل ما يجزئ وهو الجذع، وأما الثني فهو أكبر من الجذع
لان الجذع من الضأن والمعز ذو سنة تامة على ما مر فيه من الخلاف، وأما الثني منهما فهو ما أوفى
سنة ودخل في الثانية انظر بن. قوله: (ولو معزا) مبالغة في قوله جذع أو جذعة لان الخلاف موجود
فيهما لقول ابن حبيب: لا يجزئ الجذع ولا الجذعة من المعز لا عن الضأن ولا عن المعز، ولقول ابن
القصار: لا يجزئ إلا الأنثى من المعز دون الذكر منه، ولو أراد الرد على ابن القصار فقط لقال: ولو معزا
ذكرا اه‍ عدوي. وقوله معزا أي إذا كانت الشياه المزكى عنها معزا أخذ مما يأتي. قوله: (ثم لكل مائة)
أي بعد الأربعمائة شاة فلا يتغير الواجب بعد الأربعمائة إلا بزيادة المئين. قوله: (ولزم الوسط) أي أن
الانعام كانت من نوع أو من نوعين إذا كان فيها الوسط فلا إشكال في أخذه، فإن لم يكن فيها وسط بأن
كانت كلها خيارا أو شرارا فإن الساعي لا يأخذ منها شيئا ويلزم ربها الوسط ما لم يتطوع المالك بدفع
الخيار ومحل إلزامه بالوسط عند عدم التطوع بالخيار إلا أن يرى الساعي أخذ المعيبة أحظ للفقراء فله
أخذها. قوله: (إلا أن يرى الساعي أخذ المعيبة) أي أحظ للفقراء فله ذلك لبلوغها من الاجزاء ولكن
برضا ربها ثم إن هذا جار فيما فيه الوسط، وما انفرد بالخيار والشرار فالاستثناء راجع للحالات كلها كما
435

يدل عليه كلام التوضيح والجواهر، وتخصيص عج رجوعه لغير الأولى مخالف لاطلاق أهل
المذهب وظواهر نصوصهم اه‍ طفي. قوله: (بخت) هي إبل ضخمة مائلة للقصر لها سنامان أحدهما خلف
الآخر تأتي من ناحية خراسان، وإنما ضمت البخت للعراب لأنهما صنفان مندرجان تحت نوع الإبل
وكذا الضأن والمعز صنفان مندرجات تحت نوع الغنم، وكذلك الجاموس صنف من البقر.
قوله: (وجاموس لبقر) اعلم أن الجاموس والحمر صنفان مندرجان تحت البقر والحمر بسكون الميم جمع حمراء
كأنه لغلبة الحمرة على لونها سميت بذلك، فإذا علمت هذا تعلم أن الأولى للمصنف أن يقول: وجاموس لحمر
لان الشأن أن الصنف إنما يضم للصنف الآخر المندرج معه تحت نوع لا أن الصنف يضم للنوع
المندرج تحته كذا في البساطي. قوله: (وخير الساعي) دليل لجواب الشرط. وقوله وخير مفرع على قوله
وضم بخت لعراب أي وإذا ضم أحد الصنفين للآخر، فإن وجبت واحدة في الصنفين وتساويا خير الساعي
في أخذها من أيهما شاء، وهذا إذا وجد السن الواجب في الصنفين أو فقد منهما وتعين المنفرد كما نقله
ح عن الباجي عند قوله: وفي أربعين جاموسا اه‍ بن. قوله: (كخمسة عشر من الجاموس) أي وكثلاثة
عشر بعيرا من البخت ومثلها من العراب قوله: (كعشرين بختا) أي فالواجب فيها أي في الستة والثلاثين
بنت لبون. قوله: (وكعشرين جاموسا إلخ) أي فالواجب فيها تبيع كما مر قوله: (فمن الأكثر) أي فتؤخذ
تلك الواحدة من الأكثر. قوله: (إذ الحكم للغالب) قال ابن عبد السلام: وهذا متجه إن كانت الكثرة
ظاهرة، وأما إن كانت كالشاة والشاتين فالظاهر أنهما كالمتساويين اه‍ شيخنا عدوي.
قوله: (كاثنين وستين ضأنا) أي وكثمانية وثلاثين عرابا ومثلها بختا فالجملة ستة وسبعون فيها بنتا لبون
وكثلاثين جاموسا ومثلها بقرا فالجملة ستون فيها تبيعان. قوله: (أي إنما يؤخذ من الأقل) أي إنما
تؤخذ الواحدة من الأقل كما تؤخذ واحدة من الأكثر بشرطين إلخ قوله: (أي أوجب الثانية) أي
فالأقل لما كان له تأثير في وجوب الثانية صار كالمساوي قوله: (ولو غير وقص) أي هذا إذا كان الأقل
من النصاب وقصا كمائة وثلاثين معزا وثلاثين ضأنا بل ولو كان غير وقص كما مثل قوله: (كمائة وعشرين
ضأنا) أي وكمائة من الضأن وإحدى وعشرين من المعز قوله: (يؤخذان منه) أي من الأكثر ولا يؤخذ
من الأقل شئ في هذه المسائل الثلاث الداخلة تحت إلا قوله: (وتساويا) أي حقيقة أو حكما كتفاوت
أحدهما للآخر باثنين أو بثلاثة كما في التوضيح عن ابن عبد السلام قوله: (غير وقص) بأن كان هو
الموجب للشاة الثالثة وذلك كمائة وسبعين ضائنة وأربعين معزا فالجملة مائتان وعشرة فيها ثلاث شياه
قوله: (وإلا أخذ الجميع من الأكثر) أي وإلا بأن كان الأقل أقل من نصاب وهو وقص كمائتين وشاة
ضأنا وثلاثين معزا أو كان غير وقص كمائتين من الضأن وثلاثين من المعز أو كان نصابا وهو وقص أي
لم يوجب الثالثة كمائتين وشاة من الضأن وأربعين معزا وهذا مذهب ابن القاسم، ومقابله ما لسحنون
من أن الحكم للأكثر فيؤخذ الكل منه مطلقا. قوله: (واعتبر في الشاة الرابعة) أي في مقام أخذها أو في
وجوبها، وقوله كل مائة نائب فاعل اعتبر أي أنه في مقام أخذ الرابعة تعتبر كل مائة على حدتها من
خلوص وضم، فالمائة الخالصة يؤخذ زكاتها منها شاة، والمائة التي فيها ضم إن تساوى صنفاها خير في أخذ
436

زكاتها من أي الصنفين وإن اختلفا أخذت زكاتها من أكثرهما. قوله: (فيخرج التبيع الثاني منها) نظير
ذلك ما لو كان عنده ثلاثمائة وأربعون ضأنا وستون معزا فإنه يؤخذ منه ثلاث من الضأن وواحدة من
المعز لكونه الأكثر من المائة الرابعة فالمائة الرابعة ينظر فيها على حدتها كما لو انفردت، ولذا عقب
المؤلف هذه المسألة بقوله: واعتبر في الرابعة فأكثر كل مائة قوله: (مع أن الأقل) أي في كلام المصنف
وهو البقر قوله: (لم تتقرر النصب) أي لم يتحقق الموجب في عدد معين، ألا ترى لما مثل له سابقا من
مائة وعشرين ضائنة وأربعين معزا فإن الموجب للثانية لا يتوقف على كونه أربعين بل يتحقق فيها
وفي أقل منها. قوله: (وما هنا بعد تقررها) هل الأنسب وما هنا عند تقرر النصب أي تحقق الموجب في عدد
معين، ألا ترى أن الموجب للتبيع الثاني الثلاثون لا أقل منها وتقرر الموجب في عدد معين إما انتهاء كما
في الغنم فإن في كل مائة شاة من الأربعمائة لما لا نهاية له، وإما ابتداء كما في البقر فإن في كل ثلاثين تبيعا وفي
كل أربعين مسنة. قوله: (نظر لكل ما يجب) أي لكل قدر يجب فيه شئ، وقوله بانفراده راجع لكل أي
نظر لكل قدر بانفراده يجب فيه شئ واحد. قوله: (فيؤخذ) أي الشئ الواحد. وقوله من الأكثر أي
من أكثر الصنفين إن كان أكثر. وقوله: وإلا بأن تساويا. قوله: (أن يستقر) أي يتحقق النصاب أي
الموجب في شئ معين كمائة من الغنم بعد الثلثمائة فإن المائة موجبة لشاة والثلاثين موجبة لتبيع
والأربعين موجبة لمسنة دون الأقل منها. قوله: (ومن هرب إلخ) الباء في قوله: بإبدال ماشية
للاستعانة لا باء السببية ولا المصاحبة أي من هرب من الزكاة مستعينا على هروبه بإبدال ماشية
فالابدال مهروب به والزكاة مهروب منها، وحاصله أن من ملك نصابا من الماشية سواء كان للتجارة
أو للقنية ثم أبدله بعد الحول أو قبله بقرب بماشية أخرى من نوعها أو من غير نوعها كانت الأخرى
نصابا أو أقل من نصاب، أو أبدلها بعرض أو بنقد فرارا من الزكاة ويعلم ذلك من إقراره أو من
قرائن الأحوال فإن ذلك الابدال لا يسقط عنه زكاة المبدلة، بل يؤخذ بزكاتها معاملة له بنقيض قصده
ولا يؤخذ بزكاة البدل وإن كانت زكاته أكثر لان البدل لم تجب فيه زكاة الآن لعدم مرور الحول
عليه. قوله: (أو بقرائن الأحوال) أي كأن يسمع الهارب يقول يريد الساعي أن يأخذ مني زكاة في هذا
العام هيهات ما أبعده منها ثم بعد ذلك أبدلها. قوله: (وهي نصاب) أي الماشية التي أبدلها نصاب وهذا مأخوذ
من قول المصنف أخذ بزكاتها إذ لا زكاة لدون النصاب. قوله: (ولو وقع الابدال قبل الحول) أي هذا
إذا وقع الابدال بعد الحول، بل ولو وقع الابدال قبل الحول بقرب أي كشهر ولا يحتاج فيما بعده لقرينة
تدل على الهروب أو إقرار لان الابدال حينئذ نفسه قرينة عليه. وأشار الشارح بقوله: ولو وقع الابدال
إلخ إلى أن المبالغة في الهروب والابدال لا في الاخذ بالزكاة لان الزكاة لا تؤخذ قبل الحول لا من
الفار ولا من غيره. قوله: (على الأرجح) أي عند ابن يونس خلافا لقول ابن الكاتب أنه لا يؤخذ بزكاتها
إلا إذا كان إبدال بعد مرور الحول وقبل مجئ الساعي، أما إذا وقع الابدال قبل الحول ولو بقرب فلا
يكون هاربا وإنما عبر بصيغة الاسم لان ابن يونس نقل عن عبد الحق مثل ما صوبه كما نقله عنه
في التوضيح، فهو اختيار من خلاف لا قول من عند نفسه. قوله: (لا ببعد) لا إن كان الابدال قبل
الحول ببعد فإنه لا يؤخذ بزكاتها ولو قامت القرائن على هروبه هذا ظاهره وهو الصواب خلافا لما
في عبق كذا قرر شيخنا. قوله: (فإن كان المبدل دون نصاب) هذا مفهوم قوله: وهي نصاب. قوله: (لم
يتصور هروبه) أي لأنه لا زكاة فيما دون النصاب. قوله: (وإنما ينظر للبدل) أي فهو الذي
يزكى. قوله: (وبنى بائع الماشية) أي سواء باعها بعين أو بنوعها أو بمخالفها وحاصله أن من
437

باع ماشية بعدما مكثت عنده نصف عام مثلا سواء باعها بعين أو بعرض أو بنوعها أو بمخالفها كان
فارا من الزكاة به أم لا، فمكثت عند المشتري مدة ثم ردت على بائعها بعيب، أو بسبب فلس المشتري أو
بسبب فساد البيع فإنه يبني على حولها عنده ولا يلغي الأيام التي مكثتها عند المشتري بحيث لا يحسبها
من الحول بل تحسب منه، ويفهم من قول المصنف بنى أنها رجعت قبل تمام الحول كما صورنا، فإن
رجعت بعده زكاها حين الرجوع، فإن زكاها المشتري عنده ثم ردها رجع على البائع بما أداه إن لم يكن دفع
منها. قوله: (وأولى بفساد بيع) كان الفساد مختلفا فيه كالبيع وقت نداء الجمعة أو متفقا عليه كالبيع
لأجل مجهول، والموضوع أن تلك الماشية المبيعة لم تفت عند المشتري بمفوت من مفوتات البيع الفاسد
وإنما كان الرجوع بفساد البيع أولى لان البيع الفاسد لا ينقل الملك. قوله: (كمبدل ماشية تجارة)
لما كان النظر هنا إنما هو في زكاة البدل، وأما المبدلة فلا زكاة فيها قطعا لعدم قصد الفرار شرطوا هنا في
البدل أن يكون نصابا إذ لا زكاة فيما دون النصاب، وأما المبدل فلا يشترط أن يكون نصابا عكس ما تقدم
في الهارب فإنه لا بد في المبدل أن يكون نصابا، وأما البدل فلا يشترط فيه ذلك لكونها غير مزكاة
وحاصله أن من أبدل ماشية للتجارة سواء كانت نصابا أو أقل منه فإما أن يبدلها بعين أو عرض أو بنوعها
فإن أبدلها بعرض أو بعين وكان نصابا فقال أشهب: يستقبل بالعين والعرض. وقال ابن القاسم: يبني على
حول الأصل أي الثمن الذي اشتريت به ماشية التجارة، فإن كان ذلك الثمن عرض تجارة فالحول من
يوم ملك ذلك العرض وإن كان عرض قنية فمن يوم اشتريت به تلك الماشية وإن كان اشتراها بعين فالحول
من يوم ملكه إن لم يزكه وإلا فمن يوم زكاه، هذا كله إن أبدلها قبل جريان الزكاة في عينها لكونها
دون نصاب أو لم يحل عليها الحول، وأما إن وقع الابدال بعد أن زكاها فالحول الذي يزكي فيه بدلها العين
والعرض حول زكاة عينها، لان زكاة عينها أبطلت حول الأصل الذي هو ثمنها وإن أبدلها بنوعها
كبخت بعراب أو بقر بجاموس أو ضأن بمعز بنى على حول المبدلة وهو يوم ملكها أو زكاها باتفاق
الشيخين لا على حول الأصل وهو الثمن الذي اشتريت به المبدلة، إذا علمت هذا تعلم أن في كلام المصنف إجمالا
لاختلاف كيفية بناء المبدل بعين والمبدل بنوعها. قوله: (بنصاب عين) المراد بالعين ما قابل الماشية فيشمل
العرض كما في كبير خش. قوله: (فيبني) أي في زكاة العين أو العرض الذي أبدل به ماشية التجارة. وقوله على
حول أصلها أي أصل الماشية المبدلة قوله: (وهو النقد الذي اشتريت به) وحوله من يوم ملكه إن لم يزكه
أو من يوم زكاه إن كان قد زكاه قوله: (ولو كان الابدال المذكور) وهو الابدال بعين أو نوعها. قوله: (فإنه
يبني) أي في زكاة ذلك البدل وقوله على حول أصلها أي أصل الماشية المستهلكة فإن صالح عنها
بنوعها زكى ذلك البدل لحول المستهلكة وهو يوم ملكها أو زكاها، وإن صالح عنها بعين فيزكي تلك العين
لحول النقد الذي اشترى به المستهلكة وهو يوم ملكه إن لم يزكه، ويوم زكاته إن زكاه إن لم تجر الزكاة
في عين المستهلكة وإلا فمن يوم زكاتها. واعلم أن إبدالها في الاستهلاك بنوعها فيه قولان لابن القاسم
في المدونة الأول أنه يبني في زكاة البدل على حول الأصل المبدلة وهو ما مشى عليه المصنف، والثاني أنه
يستقبل بذلك البدل حولا من يوم أخذه، قال بن: وهذا القول إما مساو للأول أو أقوى منه، ولذا عيب
على المصنف في اقتصاره على الأول ورده على الثاني بلو، وأما إبدالها في الاستهلاك بعين فابن القاسم
يقول فيه بالبناء على حول الأصل، وأشهب يقول بالاستقبال فليس الاستقبال حينئذ متفقا
عليه، خلافا لعبق لقول ابن الحاجب: أخذ العين في الاستهلاك كالمبادلة اتفاقا، فقد حكى
الاتفاق على إلحاق أخذ العين في الاستهلاك بالمبادلة الاختيارية، ومذهب ابن القاسم فيها البناء على
حول الأصل، ومذهب أشهب الاستقبال كما مر قريبا عند قول المصنف: كمبدل ماشية تجارة
438

إلخ. وإذا علمت ذلك ظهر لك أن الأولى جعل المبالغة في قول المصنف: ولو لاستهلاك راجعة للعين والنوع
كما قال ح، وتبعه شارحنا حيث قال: ولو كان الابدال المذكور وأن المردود عليه بلو قول ابن القاسم الثاني
في النوع، وقول أشهب بالاستقبال في العين والنوع كذا ذكر شيخنا، ثم إنه على قول ابن القاسم بالبناء
على حول الأصل في إبدال الاستهلاك قال عبد الحق: محله ما لم تشهد بينة بالاستهلاك وإلا استقبل
به، وقال غيره: إن الخلاف الذي لابن القاسم مطلق أي كان الاستهلاك بمجرد الدعوى أو كان
ثابتا ببينة انظر بن. قوله: (أبدله بنصاب عين) فلو أبدله بأقل من نصاب العين أو الماشية فلا زكاة عليه اتفاقا
قوله: (فإنه يبني على حول أصلها) أي من يوم ملك رقابها أو زكاها قوله: (فيهما) أي في إبداله بعين أو
نوعها، ولا يقال: إذا كان الابدال بعين إنه يبني على حول الثمن الذي اشترى به الماشية المبدلة أي
من يوم ملكه أو زكاه كما تقدم في مسألة التجارة خلافا لما قاله بعضهم إذ ما قاله الشارح هو النقل
قوله: (فإن لم تكن) أي ماشية القنية المبدلة. قوله: (لا إن أبدل ماشية التجارة) أي سواء كانت نصابا أم لا
وقوله: أو القنية أي والحال أنها نصاب بمخالفها وهذا مخرج من قوله سابقا: وبنى لكن بالنظر لقوله أو نوعها
وقوله: أو راجعة بإقالة عطف على المخرج لكن بالنظر لقوله: بعيب فهو من اللف والنشر المشوش، والتقدير
وبنى في راجعة بعيب لا في راجعة بإقالة كمبدلها بنوعها أي كما يبني مبدل الماشية التي للتجارة أو للقنية إذا
أبدلها بنوعها لا إن أبدلها بمخالفها قوله: (أو راجعة بإقالة) أي سواء وقعت الإقالة قبل قبض الثمن أو
بعده قوله: (يعني اشترى ماشية للتجارة أو القنية بعين) أي كانت تلك العين عنده أما لو كانت عنده
ماشية باعها بعين ثم قبل قبض الثمن أو بعده أخذ فيه ماشية مخالفة لنوعها من المشتري، فإنه كمبدل
ماشية بماشية فيجري على ما تقدم من قوله: كنصاب قنية لا بمخالفها، وهذا إذا أخذ من المشتري ماشية
غير التي باعها له، أما لو أخذ منه نفس تلك الماشية كان إقالة. قوله: (فإنه يستقبل بها) أي من يوم اشتراها
سواء اشتراها للقنية أو للتجارة. قوله: (وخلطاء الماشية كمالك إلخ) أي وأما الخلطاء في غيرها فالعبرة بملك
كل واحد قوله: (المتحدة النوع) قال بعض: هذا قيد لا بد منه في كون الخليطين يزكيان زكاة المالك
الواحد ولم يذكره المصنف، وقد يجاب بأنه مأخوذ من قوله كمالك فيما وجب لان الإبل والبقر لا تجمع
في الزكاة ولو جمعهما في ملك فكيف بالخلطة. قوله: (فيما وجب من قدر إلخ) أي لا في كل الوجوه التي يوجبها
الملك من ضمان ونفقة وغيرهما إذ حكم الخلطاء في ذلك حكم الانفراد. قوله: (وسن) الواو بمعنى أو
ولا يضر أن الثمرة معه ومع الصنف حاصلة في القدر أيضا. قوله: (فحصل بها تغير في السن) أي وتنقيص
في القدر أيضا. قوله: (فقد حصل بها تغير في الصنف إلخ) أي وتنقيص في القدر أيضا، فالثمرة في السن
والصنف وهي تغير كل منهما مصاحبة للقدر ولا ضرر في ذلك. واعلم أن الخلطة كما توجب التخفيف كما
في الأمثلة التي ذكرها الشارح قد توجب التثقيل كاثنين لكل واحد منهما مائة وشاة عليهما ثلاث شياه
وقد كان الواجب على كل واحد لو لم توجد الخلطة شاة واحدة فقد أوجبت الخلطة عليهما زيادة واحدة
على كل واحد نصفها، وقد لا توجب الخلطة شيئا كاثنين لكل منهما مائة شاة، فإن كل واحد عليه شاة سواء
اختلطا أم لا. قوله: (وفي الحقيقة إلخ) هذا جواب عما يقال: إن النية الحكمية كافية وتوجههما للخلطة
نية لها حكما وحينئذ فلا يمكن خلطة بدون نية فلا حاجة لاشتراطها. وحاصل الجواب أن المراد
بنية الخلطة عدم نية الفرار بالخلطة قوله: (عدم نية الفرار) أي أن لا ينويا أو أحدهما الفرار بالخلطة
439

من تكثير الواجب لتقليله سواء نويا الخلطة أم لا. قوله: (فإن فقدا) بأن كان أحد الخليطين عبدا كافرا
وقوله: أو أحدهما أي بأن كان أحد الخلطين عبدا مسلما أو حرا كافرا. والخليط الثاني حر مسلم
قوله: (وخالط به أو ببعضه) أي صاحب نصاب فيضم ما لم يخالط به إلى مال الخلطة ويزكي الجميع
زكاة مالك واحد وكذا لو كان عند كل نصاب وخلط كل بعض نصابه ببعض نصاب الآخر بحيث
صار ما وقع فيه الخلطة نصابا هذا ظاهر كلام المصنف لأنه قال ملك نصابا ولم يقل خلط بنصاب وهو
الموافق لما قاله ابن عبد السلام وعليه يتمشى قول المصنف الآتي وذو ثمانين إلخ و اعتمده بن وشيخنا
العدوي وضعفا قول التوضيح شرط الخلطة أن يكون لكل واحد نصاب وخالط به. قوله: (مصاحبا
لمرور الحول) أي فالمشترط إنما هو مصاحبة الحول للملك لا للخلطة، واعلم أن الحول الذي يزكى
في آخره الخليطان ابتداؤه من وقت الخلطة إن كان كل من الخليطين ملك النصاب حينها ومن وقت
الملك أو التزكية له إن كان ذلك قبلها متفقا عليه، وإلا زكى كل على انفراده. قوله: (لم تؤثر الخلطة) أي
ويزكي من حال الحول على ماشيته زكاة انفراد ولا زكاة على من لم يجاوز ملكه حولا. قوله: (بل يكفي إلخ)
أي فإذا مكثت الماشية عند كل واحد ستة أشهر ثم اختلطا ومضت ستة أشهر من الخلطة زكيا
زكاة خلطة لان الحول قد صاحب الملك وإن لم يصاحب الخلطة. قوله: (أو منفعة) أي أو ملك منفعة
وهو عطف على مقدر كما أشار له الشارح. واعلم أن ملك رقبة الخمس متأت، و كذلك ملك منفعتها بإجارة
أو إعارة، وأما ملك المنفعة بالإباحة لعموم الناس فإنما يتأتى في البعض أعني الماء والمراح والمبيت كما أشار
لذلك الشارح. قوله: (مراح) أي فلا بد أن يكون مملوكا لهما ذاتا أو منفعة، أو أحدهما يملك نصف ذاته
والآخر يملك نصف منفعته وكذا يقال فيما بعد. قوله: (ثم تساق منه للمبيت) أي أو للسروح
قوله: (ولو تعدد) أي وكذا يقال في المراح، والحاصل أنه إذا كان كل من المبيت والمراح متعددا فلا يضر
بشرط الحاجة لذلك. قوله: (ولو لم يحتج لهما) أي لقلة الماشية على المعتمد خلافا للباجي حيث قال: لا بد
من اشتراط الاحتياج في تعدد الراعي وهو الذي صححه في التوضيح ولم يذكر المواق غيره، لكن
اعترض ابن عرفة كلام الباجي بأنه خلاف ظاهر نقل الشيخ عن ابن حبيب وابن القاسم من الاكتفاء
بالتعاون في تعدد الراعي كثرت الغنم أو قلت. قوله: (بإذنهما) أي للراعي في الرعي إن كان الراعي
واحدا أو للرعاة في التعاون إن تعددوا. قوله: (وإلا لم يصح إلخ) أي وإلا يكن هناك إذن من المالكين
للراعي بأن اجتمعت مواش بغير إذن أربابها واشترك رعاتها في الرعي والمعاونة لم يصح عد الراعي من
الأكثر لان أرباب الماشية لم تجتمع فيه فلا بد من اجتماعهما في ثلاثة غيره. قوله: (وفحل) أي كأن يكون
واحدا مشتركا أو مختصا بأحدهما يضرب في الجميع أو لكل ماشية فحل يضرب في الجميع أيضا
قوله: (إن كانت إلخ) أي وإلا فلا يشترط ذلك أي الاجتماع في الفحل لأنه لا يتأتى ضرب الفحل في جميعها
حينئذ. قوله: (برفق) أي بقصد الترافق والتعاون في جميع ما تقدم لا بقصد الفرار من الزكاة
قوله: (راجع للجميع) والمراد به بالنسبة للمبيت والمراح الارتفاق بكل من الموضعين إن تعدد، وبالنسبة
للماء الاشتراك في منفعة الماء كأن يملكا بئرا أو يستأجراه على أخذ قدر معلوم ككل يوم مائة دلو
مثلا أو يستأجر أحدهما من الآخر لأنه يجوز الاستئجار على شرب يوم أو يومين مثلا
كل يوم كذا، وفي الفحل جعل مالكه إياه يضرب في الجميع وفي الراعي التعاون حيث
تعدد قوله: (يعني رجع إلخ) أشار بهذا إلى أن المفاعلة على غير بابها وأن المراد بشريكه
خليطه، ولو قال المصنف: ورجع المأخوذ منه على صاحبه كان أولى قوله: (بنسبة عدديهما) أي
440

بنسبة عدد كل منهما لمجموع العددين. قوله: (إن لم ينفرد أحدهما بوقص) أي بأن كان لا وقص لأحدهما
كما لو كان لكل منهما خمسة من الإبل أو كان لكل منهما وقص، ثم إن ظاهر المصنف أنه إذا كان الوقص
بين الجانبين يتفق على رجوع المأخوذ منه على صاحبه بالنسبة سواء كان يتلفق من مجموع الوقصين
نصاب كتسعة وستة، أو كان لا يتلفق منهما نصاب كثمانية وستة، ومثله في التوضيح اغترارا بظاهر ابن
الحاجب وليس كذلك، بل إن كان يتلفق من مجموع الوقصين نصاب كان رجوع المأخوذ منه على
صاحبه بالنسبة باتفاق، وإن كان لا يتلفق منهما نصاب فهو من محل الخلاف، كما لو انفرد أحدهما بالوقص
كما ذكره ابن عرفة وابن عبد السلام والباجي وغيرهم، فلو قال المصنف: ولو بوقص غير مؤثر كما قال ابن
عرفة لأجاد اه‍ بن. قوله: (على صاحب التسعة ثلاثة أخماسها) أي الثلاث شياه لان نسبة التسعة للخمسة
عشر ثلاثة أخماس ونسبة الستة للخمسة عشر مجموع الماشيتين خمسان، فإذا أخذ الساعي الثلاث شياه
من صاحب التسعة رجع على صاحب الستة بخمسي قيمتهما، وإن أخذها من صاحب الستة رجع على
صاحب التسعة بثلاثة أخماس قيمتها. قوله: (بل ولو انفرد وقص لأحدهما) أي بناء على المشهور من
أن الأوقاص مزكاة فإذا كان لاحد الخليطين تسع وللآخر خمس فكان مالك يقول: على كل واحد
منهما شاة ثم رجع إلى القول بأن على صاحب التسع شاة وسبعين، وعلى الآخر خمسة أسباع شاة
والقولان في المدونة والأخير منهما هو المشهور فلذا مشى المصنف عليه ورد على القول الأول بلو
قوله: (على صاحب التسعة تسعة أسباع) وذلك لان الأربعة عشر بعيرا إذا قسمت عليها الشاتان الواجبتان
فيها خرج سبع شاة فكل بعير من الأربعة عشر عليه سبع شاة، فإذا اعتبرت الأربعة عشر سبعا ونسبت
تسعة إليها كانت تسعة أسباع، وإذا نسبت خمسة إليها كانت خمسة أسباع، فإذا أخذ الساعي الشاتين
من صاحب التسعة رجع على صاحبه بنسبة الخمسة للأربعة عشر وهو سبعان ونصف سبع الشاتين
وذلك خمسة أسباع شاة، وإن أخذهما من صاحب الخمسة رجع على صاحبه بنسبة التسعة للأربعة عشر
ذلك أربعة أسباع ونصف سبع الشاتين وهو تسعة أسباع شاة واحدة وذلك شاة كاملة وسبعان
قوله: (والرجوع يكون في القيمة) أي في قيمة ما أخذه الساعي، وأشار الشارح بقوله: والرجوع يكون
إلى أن قول المصنف في القيمة متعلق براجع. واعلم أن الواجب على المرجوع عليه إما أن يكون جزءا
من شاة أو شاة، فالأول كما إذا كان لأحدهما تسع من الإبل وللآخر خمسة، وفي هذه الحالة يتفق ابن
القاسم وأشهب على أن الرجوع في القيمة، لكن ابن القاسم يقول: تعتبر القيمة يوم الاخذ بناء على أن
أخذ الشاة عنهما في معنى الاستهلاك فكان أحدهما استهلكها على دافعها، ومن استهلك شيئا لزمه قيمته
يوم الاستهلاك. وقال أشهب يوم التراجع بناء على أن المرجوع عليه كالمتسلف، ومن تسلف شيئا وعجز
عن رده وأراد أن يرد قيمته تعتبر قيمته يوم القضاء، وأما إن كان الواجب المرجوع عليه شاة كما لو
كان لأحدهما خمسة عشر وللآخر خمسة فاختلف ابن القاسم وأشهب فقال ابن القاسم: إن الرجوع في
القيمة يوم الاخذ كالجزء لأنه بمعنى الاستهلاك. وقال أشهب: يرجع بمثلها بناء على أن الرجوع عليه
كالمتسلف، فقول الشارح والرجوع في القيمة يوم الاخذ أي عند ابن القاسم سواء كان الرجوع بجزء أو
بشاة كاملة خلافا لأشهب فيهما. قوله: (كتأول الساعي الآخذ إلخ) بأن رأى في مذهبه أنه إذا اجتمع لهما نصاب
تجب الزكاة عليهما ولو لم يكن لواحد منهما نصاب قبل الخلطة. قوله: (كما لو كان لكل منهما عشرون من الغنم)
وأخذ الساعي واحدة من أحدهما أي أو كانوا أربعة لكل واحد عشرة وأخذ الساعي من أحدهم واحدة
فيقع التراجع في قيمة تلك الشاة المأخوذة، ففي المثال الأول: يرجع المأخوذ منه على صاحبه بنصف قيمتها
441

وفي الثاني يرجع على كل واحد من أصحابه بربع قيمتها، فلو أخذ الساعي من أحد الخلطاء شاتين كانت
إحداهما مظلمة وترادا في الثانية بينهما إن استوت قيمتها بأن كانت قيمة كل واحدة تساوي أربعة
وإن اختلفت فنصف قيمة كل منهما مظلمة وترادا النصفين الآخرين. قوله: (فعلى صاحب المائة أربعة
أخماسهما) قد علمت مما مر أن المذهب لزوم شاة واحدة لصاحب المائة، لكن لما كان أخذه بالتأويل
أشبه حكم الحكم في مسائل الخلاف فلا ينقص. قوله: (لا إن أخذ من أحدهما غصبا) أي فيما مر وهو ما إذا
اجتمع للخليطين نصاب أو كان لأحدهما نصاب ولصاحبه أقل من نصاب وأخذ من أحدهما واحدة
غير متأول. قوله: (أو لم يكمل لهما نصاب) أي أو ممن لم يكمل لهما فالمعطوف محذوف وذلك بأن كان لكل
واحد منهما خمسة عشر من الغنم وأخذ الساعي واحدة من أحدهما. قوله: (كالخليط الواحد) خبر المبتدأ
وهو ذو وهو جواب عن المسألتين أي كالمخالط الواحد وإن كان مخالطا لاثنين حقيقة في الأولى
ولاثنين أحدهما حقيقة والآخر حكما في الثانية لان صاحب الثمانين خليط حكما بالنسبة للأربعين التي بيده
لم يخالط بها فلم يلزم تشبيه الشئ بنفسه. قوله: (بناء على أن خليط الخليط إلخ) اعترضه البساطي بأن هذا
لا يجري في المسألة الثانية لان معناه أن المخالط لشخص مخالط لشخص آخر مخالط لذلك الشخص
الآخر كما في المسألة الأولى، فإن صاحب الثمانين مخالط لكل من صاحبي الأربعين، فيكون كل من
صاحبي الأربعين مخالطا للآخر، لان مخالط المخالط لشخص مخالط لذلك الشخص، ولا يتأتى في
المسألة الثانية لأنه ليس فيها إلا واحد مخالط لآخر وليس فيها خليط خليط. وأجيب بأن فيها خليط
خليط باعتبار الأربعين التي لم يخالط بها فذو الثمانين معه خليط وهو صاحب الأربعين، وخليط خليط
وهو الأربعون التي لم يخالط بها. والحاصل أن صاحب الثمانين خليط لصاحب الأربعين والأربعين
التي لم يخالط بها خليط خليط بالنسبة له أيضا. قوله: (وهو المشهور) أي وقيل: إن خليط الخليط غير خليط
واعترض على المصنف بأن الحكم في المسألة الأولى لا يختلف إذ على صاحب الثمانين شاة وعلى غيره
نصف بالقيمة سواء قلنا إن خليط الخليط خليط أو قلنا إن خليط الخليط لشخص ليس بخليط لذلك
الشخص، فالمثال الذي يظهر فيه ثمرة الخلاف ذو خمسة عشر بعيرا خالط بخمسة منها صاحب خمسة
وبعشرة منها صاحب خمسة على الجميع بنت مخاض بناء على أن خليط الخليط خليط وعلى مقابله
خمس شياه. قوله: (يغني عنه) أي لان المعنى على صاحب الثمانين شاة وعلى كل من غيره نصف ويرجع
دافعها على صاحبيه بالقيمة. وقال خش: وليس قوله هنا بالقيمة تكرار مع قوله وراجع المأخوذ منه
شريكه بالقيمة لان ذاك في تراجع الخلطاء وهذه في الساعي يعني إذا وجب له جزء من شاة أو من بعير
أخذ القيمة لا جزءا وعليه فيقدر له عامل يتعلق به أي وإن وجب للساعي جزء شاة أو جزء بعير على
أحد الخليطين أخذ القيمة والباء زائدة على حد قوله:
ونأخذ بعده بذناب عيش أجب الظهر ليس له سنام
اه‍ كلامه وهو تخريج لكلام المصنف على ما قاله ابن عبد السلام وارتضاه في التوضيح لكنه معترض
قال طفي: لعل المؤلف أراد ما قاله ابن عبد السلام أن الواجب على كل من الطرفين في المسألة الأولى القيمة
وعلى الوسط شاة وارتضاه في التوضيح واستظهره، لكن اعترضه ابن إدريس الزواوي
قائلا: هذا غلط فاحش إذ لو كان الامر كما قال لما كان تراجع بين الخلطاء لان من
وجبت عليه شاة دفعها ومن وجب عليه جزء دفع قيمته فلا تراجع وهو مخالف للحديث
والقواعد اه‍. فكلامه في التوضيح يدل على ما ارتضاه هنا وإن كان غير صحيح اه‍ بن والأولى
حمل ما هنا وما تقدم على تراجع الخلطاء بعضهم على بعض، وارتكاب التكرار خير من ارتكاب
442

الفساد تأمل. قوله: (وخرج الساعي) أي لجباية الزكاة كل عام وجوبا كما في سماع ابن القاسم لقوله
تعالى: * (خذ من أقوالهم صدقة) * وحينئذ فلا يلزم رب الماشية أن يسوق صدقته للساعي بل هو يأتيها إلا
أن يبعد عن محل اجتماع المواشي على الماء فيلزمه أن يسوقها إليه، وهذا الوجوب ظاهر إن كان ساع
وأما إحداث الامام ساعيا وتوليته فقد قيل إنه واجب أيضا وفيه نظر اه‍ بن. والحاصل أنه اختلف
في تولية الامام للساعي فقيل بوجوبه وقيل بعدم وجوبه، وعلى كل إذا ولاه وجب خروجه فلا يلزم
رب الماشية سوق صدقته إليه بل هو يأتيها، وكون الخروج وقت طلوع الثريا فهو مندوب كما يأتي
قوله: (أي مع جدب) أي لان الضيق على الفقراء أشد فيحصل لهم ما يستغنون به خلافا لأشهب القائل إنه
لا يخرج سنة الجدب، وعليه فهل تسقط الزكاة عن أربابها في ذلك العام أو لا تسقط ويحاسب بها أربابها
في العام الثاني؟ قولان، وعلى المعتمد من خروجه عام الجدب فيقبل من أرباب الماشية ولو الشرار
قوله: (طلوع الثريا) أي وندب أن يكون خروجه زمن طلوع الثريا بالفجر فطلوع مصدر نائب عن ظرف
الزمان. واعلم أن الثريا عدة نجوم في برج الثور طلوعها تارة يكون مع الغروب، وتارة عند ثلث الليل، وتارة
عند نصفه، وتارة عند غير ذلك فهي موجودة دائما ولا تغيب إلا مدة الخماسين لأنها حينئذ تظهر في
النهار، وتارة يكون طلوعها وقت الفجر، وذلك في السابع والعشرين من بشنس والشمس في منتصف
برج الجوزاء قبيل فصل الصيف. قوله: (رفقا بالساعي) أي لوجود المواشي مجتمعة على الماء، فلو خرج
في غير ذلك الوقت كزمن الربيع مثلا وجد الماشية متفرقة بعضها على الماء وبعضها في المرعى فيشق
عليه السير لكل. قوله: (وبأرباب المواشي) أي لان من وجب عليه سن وليس عنده واحتاج لشرائه
يسهل عليه أن يفتش عليه وأن يشتريه لاجتماع المواشي على الماء. قوله: (أي مجيئه) إنما قدر الشارح
ذلك لان الساعي اسم ذات وهو لا يكون شرطا، وإنما الذي يكون شرطا اسم المعنى، ولو قال المصنف
وبلوغه شرط وجوب إن كان ويحذف قوله وبلغ كان أولى. قوله: (وبلغ) أي أمكن بلوغه ووصوله
لأرباب المواشي وليس المراد وبلغ بالفعل وإلا لزم اشتراط الشئ في نفسه لان بلوغه بالفعل عين مجيئه
قوله: (مما ذكر) أي من الموت والضياع بغير تفريط. قوله: (لان البلوغ إلخ) أي لان مجئ الساعي شرط
في وجوبها وجوبا موسعا قوله: (كدخول وقت الصلاة) أي كما أن دخول وقت الصلاة شرط
في وجوبها وجوبا موسعا. قوله: (كذلك الموت بعد المجئ والعد) أي فإنه يسقط زكاة ما نقص بعدهما
قبل الاخذ لأنه بغير صنعه، فكما أن الحيض مانع للحكم كذلك التلف قبل الاخذ بدون تفريط مانع
للحق، وقوله مثلا أي أو الضياع. قوله: (ليسا بشرط يتوقف عليهما الوجوب) أي بل إنما يتوقف على
المجئ. قوله: (كما وهم) أي إن بعضهم وهو الشيخ سالم السنهوري توهم أن العد والاخذ شرطان يتوقف
عليهما الوجوب، وأن الأولى للمصنف أن يقول: إن كان وبلغ وعد وأخذ واعترض عليه بأن الصواب
عدم هذه الزيادة إذا توقف الوجوب على العد والاخذ لاستقبل الوارث إذا مات مورثه بعد مجيئه
وقبل عده وأخذه وليس كذلك، وأيضا الوجوب هو المقتضي للعد والاخذ فهو سبق عليهما ولأنه لو
جعل الاخذ شرطا في الوجوب للزم أنها لا تجب إلا بعد الاخذ فيكون الاخذ واقعا قبل الوجوب
وهو باطل، وأما الزيادة والنقص فمبحث آخر يأتي. قوله: (بغير قصد الفرار) أي وأما بقصد الفرار
فتجب زكاته ولو كان ذلك قبل الحول اتفاقا كما مر. قوله: (ففيه الزكاة ويحسب على المعتمد) أي وهو قول
443

ابن عرفة، وذلك لحصول كل من الذبح والبيع بصنعه خلافا لما في التوضيح تبعا لابن عبد السلام من عدم
وجوب الزكاة فيه بناء على أن الاخذ بالفعل شرط في الوجوب. قوله: (فإن لم يكن ساع إلخ) هذا مفهوم
قول المصنف ومجيئه شرط إن كان، وقوله أو لم يبلغ أي أو لم يمكن بلوغه، فقوله: وتعذر إلخ عطف تفسير
وهذا مفهوم قول المصنف وبلغ لان المراد كما مر وأمكن بلوغه. قوله: (ولا تبدأ إلخ) أشار بهذا لقول
مالك في المدونة: من له ماشية تجب فيها الزكاة فمات بعد حولها وقبل مجئ الساعي وأوصى بزكاتها فهي من
الثلث غير مبدأة، وعلى الورثة أن يصرفوها للمساكين التي تحل لهم الصدقة وليس للساعي قبضها لأنها
لم تجب على الميت وكأنه مات قبل حولها إذ حولها مجئ الساعي بعد مضي عام اه‍. وحاصله أنه
إن أوصى بها ومات قبل مجئ الساعي فهي من الثلث تصرف للفقراء لا للساعي لأنها لم تجب عليه
ولا يبدأ بتلك الوصية على ما يخرج من الثلث أولا بل هي في مرتبة الوصية بالمال فيقدم عليها ما يخرج
من الثلث أولا كما يأتي بيانه آخر الكتاب وإن مات بعد مجئ الساعي دفعت للساعي من رأس المال
لأنها قد وجبت أوصى بها أم لا إذ لا فائدة في الوصية حينئذ وقيد اخراجها من الثلث في صورة المصنف
بما إذا لم يعتقد وجوبها لان مراده حينئذ إنما هو الصدقة فلذلك كانت من الثلث وأما إن اعتقد وجوبها
فإنها لا تنفذ لان الوصية حينئذ مبنية على نية فاسدة فيقيد كلام المصنف بهذا كما في ح وأما زكاة
العين فما فرط فيه وأوصى باخراجه فإنه من الثلث مبدأ على ما سواه من العتق والتدبير في المرض ونحوهما
وإن اعترف بحلولها عليه في المرض وأوصى بإخراجها فهي من رأس المال لأنه لم يفرط وإن لم يوص
بها لم يلزم الورثة اخراجها بل يستحب فقط قوله: (من أنها) أي زكاة الماشية. قوله: (ولا تجزئ) هذا
مفرع على المشهور من أن مجئ الساعي شرط وجوب، وعلى مقابله أيضا أنه شرط أداء أي صحة كما
بحثه المصنف وابن عبد السلام وجزم به ابن عرفة اه‍ بن. قوله: (ولا تجزئ إن أخرجها قبل مجئ
الساعي) أي وأما قوله الآتي وقدمت بكشهر في عين وماشية فمحمول على من لا ساعي لهم أو لهم ساع
ولم يبلغ بأن تخلف في تلك السنة لفتنة مثلا كما سيأتي في قوله: وإن تخلف وأخرجت أجزأ. قوله: (كمروره إلخ)
هذا مفرع أيضا على المشهور من أن مجئ الساعي شرط وجوب، وقوله: كمروره بها أي بعد الحول
قوله: (وإن كان لا ينبغي له الرجوع) أي في ذلك العام. قوله: (فإن ربها يستقبل بها حولا من يوم مروره)
أي أولا لا من يوم رجوعه ولا من يوم التمام، وإنما استقبل من يوم مروره أولا لأنه بمنزلة ابتداء حول
وقد تقدم أن النتاج حوله حول أمه، وأن مبدل الماشية بماشية يبني على حول المبدلة، وقد علمت أن مروره
أولا حول للمبدلة قوله: (مع إمكان الوصول) أي مع تمكنه منه لولا ذلك العذر. قوله: (وأخرجت)
أي بعد مرور الحول قوله: (وجاز ابتداء) أي كما جزم به ابن عرفة، وفي كلام الرجراجي ما يفيده
قوله: (على المختار) وقيل يجب تأخيرها ولو أعواما حتى يأتي الساعي فإن أخرجها فلا تجزئه
وهو قول عبد الملك. قوله: (وإنما يصدق) أي ربها في اخراجها ببينة قوله: (وأما لغير
عذر) أي وأما لو تخلف لغير عذر مع إمكان الوصول. قوله: (ولكنه إن أخرجها أجزأت) أي
اتفاقا فيما إذا كان التخلف لغير عذر وعلى المختار إذا كان لعذر. قوله: (وليس للساعي) أي إذا أتى
في العام القابل وهذه ثمرة إجزائها. قوله: (إذا ثبت الاخراج) أي ببينة وإلا كان له المطالبة بها
444

قوله: (وإلا يخرجها عند تخلفه) أي كما هو المطلوب قوله: (من زيادة) أي على ما كان موجودا حين التخلف
أو نقص عنه، وقوله حال مجيئه ظرف لما وجد. قوله: (بتبدئة العام الأول) أي على المشهور كما قال ابن بشير
وقيل بتبدئة العام الأخير قوله: (فأو في كلامه مانعة خلو فقط) أي فتجوز الجمع لان الاخذ إذا نقص
تارة ينقص النصاب، وتارة ينقص الصفة، وتارة ينقصها معا، وقد لا ينقص الاخذ واحدا منهما كأن يتخلف
عن الغنم أربع سنين ثم يجدها مائة وثلاثين على حالها من غير زيادة ولا نقص فيأخذ عن الأربع سنين ثمانيا
ولا ينقص الاخذ نصابا ولا صفة. قوله: (وقد كمل النصاب) أي بولادة أو بدل أو بفائدة كهبة أو
صدقة أو ميراث، ونص ابن عرفة: ولو تخلف عن دون نصاب فتمم بولادة أو بدل ففي عده كلا من
يوم تخلفه أو من يوم كماله مصدقا ربها في وقتها قولا أشهب وابن القاسم مع مالك ثم قال: ولو كمل
بفائدة فالثاني اتفاقا أي إنه يعتبر كلا من وقت الكمال اتفاقا. قوله: (وأخرج من قوله وصدق قوله لا إن
نقصت هاربا) أي لان المعنى لا إن نقصت هاربا فلا يصدق في دعواه النقص في مدة الهروب
بل يؤخذ بزكاة ما فر به، ولو جاء تائبا كما اختاره ابن عرفة خلافا لقول ابن عبد السلام يصدق إذا جاء
تائبا. قوله: (إلا ببينة) أي فإن قامت بينة على كل عام بما فيه عمل عليها كما في المواق و ح قوله: (ويراعى هنا إلخ)
فإذا هرب بها وهي مائتان وتسع شياه ثم قدر عليه بعد خمسة أعوام فوجدها أربعين فإنه يأخذ عن العام
الأول والثاني والثالث تسع شياه، وعن الرابع شاتين وعن الخامس شاة واحدة. قوله: (بالنسبة لماضي الأعوام
لا لعام القدرة) هذا الذي قاله الشارح تبع فيه عبق وتعقبه بن بأنه على القول بتبدئة العام الأول الذي مر
عليه المصنف وهو الأشهر تعتبر التبدئة به حتى على عام القدرة، ويعتبر النقص فيما بعد العام الأول حتى في عام
القدرة، ونصه في المواق اللخمي إن هرب بماشية وهي أربعون شاة خمس سنين ثم قدر عليه الساعي وهي بحالها
فقال ابن القاسم: يؤخذ منه شاة خاصة لأنه يبدأ بأول عام والباقي تسعة وثلاثون فلا زكاة فيها اللخمي وهذا
أحسن ثم قال اللخمي: وعلى القول بأنه يبدأ بآخر عام يؤخذ من الأربعين خمس شياه اه‍. فهذا صريح في أنه على
المشهور لا يبدأ بعام القدرة بل بالعام الأول وأنه يعتبر نقص الاخذ للنصاب حتى بالنسبة لعام الاطلاع اه‍ كلام بن
445

قوله: (ولا يأخذ زكاة ما أفاد آخر الماضي) أي ولا يأخذ زكاة الأربعمائة مثلا التي استفادها
في العام الأخير لما مضى من الأعوام قبله، وهذا الذي ذكره المصنف من أنه يزكى لكل عام ما وجد فيه
قول مالك قال اللخمي: وهو قول جميع أصحابنا المدنيين والمصريين إلا أشهب فإنه قال: يؤخذ للماضي
على ما وجد ولا يكون الهارب أحسن حالا ممن تخلف عنه السعاة فإنه لا يتهم، ومع ذلك أخذ منه للماضي
على ما وجد فيكون هذا مثله بالأولى قال سند: ويكفي في رده اتفاق أهل المذهب على خلافه. قوله: (فإن
قامت له بينة إلخ) أي أنه على المشهور يقال: إن قامت له بينة إلخ فهذا التفصيل على القول المشهور، وأما
أشهب فيقول يؤخذ بزكاة ما وجد للماضي والحاضر كانت له بينة أم لا. وقوله: فإن قامت له بينة على دعواه
عمل عليها أي وعلى هذا يحمل قول المصنف: وإن زادت فلكل ما فيه وأقل البينة هنا شاهد ويمين لأنها
دعوى مالية. وقوله: إنما حصلت هذا العام أي وزادت في العام الثاني كذا وفي العام الثالث كذا
قوله: (فهل يصدق) أي في تعيين عام الزيادة بلا يمين إلا لبينة على كذبه. وقوله: أو لا أي لا يصدق أي وحينئذ
فتؤخذ منه زكاة ما مضى من الأعوام على ما وجد الآن وكذا عام القدرة، واستشكل البساطي هذا القول
بقوله: كيف لا يصدق مع عدم البينة مع أن حالها في تلك الأعوام لا يعلم إلا منه؟ وهذا القول لابن
الماجشون. قوله: (وهو الأرجح) أي وهو قول ابن القاسم وسحنون وابن حارث وابن رشد واللخمي
كما في ابن عرفة اه‍. واعلم أن محل الخلاف فيما عدا العام الذي هرب بها فيه وأما هو فيصدق فيه من غير
خلاف، وحينئذ فيؤخذ بزكاة ما أقر به فيه اتفاقا كما في ح عن ابن عرفة قال: وهو ظاهر كلام ابن رشد
اه‍ بن. قوله: (والا صدق اتفاقا) فيه نظر بل كلام ابن عرفة يقتضي أن التائب لا يصدق في الموضعين
أي ما إذا نقصت ماشية الهارب وعين عام النقص أو زادت وعين عام الزيادة ونصه وفيها القدرة
عليه كتوبته. ونقل ابن عبد السلام تصديق التائب دون من قدر عليه لا أعرفه إلا في عقوبة شاهد
الزور والمال أشد من العقوبة لسقوط الحد بالشبهة دونه انظر بن. وقوله القدرة عليه أي على
الهارب، وقوله كتوبته أي في كونه لا يصدق. قوله: (ورجع عليه) أي في ذلك العام نفسه.
قوله: (فوجدها نقصت) أي بموت أو ذبح لم يقصد به الفرار كذا قال ابن عبد السلام وتبعه خش، واعترضه
ابن عرفة بأن الصواب قصر النقص على ما إذا كان بسماوي كالموت، وأما المذبوح فيحسب، وأما التسوية
بينهما فخلاف النقل واعتمد شيخنا ما لابن عرفة. قوله: (وزادت) أي بولادة أو بفائدة. قوله: (حين
الاخبار) أي حين اخباره أولا بعددها. قوله: (أو صدق ربها) أي أو صدق الساعي ربها فيما
أخبره به أو لا، والحال أنها نقصت عما أخبره به، فالمعتبر الموجود أيضا ومحله إن كانت الزكاة من
عينها، وأما لو أخبره بأنها عشرون جملا فصدقه في عددها ثم رجع فوجدها قد نقصت قبل الاخذ
فلا بد من أربع شياه انظر المواق اه‍ بن. قوله: (وفي الزيد) يعني زيادتها بولادة كما لابن بشير وابن
الحاجب أو بفائدة كما لابن عبد السلام. قوله: (تردد) أي طريقتان. وقوله: وهل العبرة بما وجد أي
وتصديقه بما أخبره به لا يعد كحكم الحاكم، وقوله: أو بما أخبر به أي لأنه لما صدقه فيه عد تصديقه له بمنزلة
حكم الحاكم، وفي ح: أن التردد يجري في الزيادة بعد العد وقبل الاخذ أيضا وأن العد والتصديق سواء
ونسبه اللخمي. تنبيه: لو عزل من ماشيته شيئا للساعي فولدت قبل أخذه لا يلزمه دفع الأولاد قاله سند،
قال: ولو عين له طعاما تعين فلا يجوز له أن يتصرف فيه ببيع ونحوه، فإن باعه مضى ولا يفسخ وضمن مثله
لان الزكاة في ذمة ربها كالدين، فإذا تصرف فيها كان التصرف ماضيا ويضمنها كمتسلف الوديعة
وتسلف الوصي من مال المحجور. قوله: (فلو حذف إلخ) أي لأنه يعمل على ما وجد مطلقا سواء ساوى
ذلك الموجود العدد الذي أخبر به ربها أو زاد عليه أو نقص عنه، وسواء في الثلاثة صدقه الساعي أو
446

كذبه. قوله: (وأخذ الخوارج) أي الطوائف الخوارج أي الذين خرجوا عن طاعة الامام.
قوله: (بالماضي من الأعوام) أي بزكاة الماضي من الأعوام ويعاملون معاملة من تخلف عنه الساعي
فيؤخذون بزكاة ما وجد معهم حال القدرة عليهم لماضي الأعوام ولعام القدرة، ولا يعاملون بمعاملة
الهارب بحيث يؤخذون بزكاة ما كان معهم حال الخروج لماضي الأعوام ولعام القدرة، ولا يلغى النقص
إذا كان ما وجد معهم عام القدرة أقل مما كان معهم حال الخروج، وهذا إذا كانوا متأولين في خروجهم،
وأما إذا كان خروجهم لمنعها فإنهم يعاملون معاملة الهارب قوله: (فيصدقون) أي ولو في عام القدرة، وهذا
إذا تأولوا في خروجهم على الامام بأن كانوا يزعمون أنهم على الحق وأن هذا الامام غير عادل فلا تدفع
له الزكاة. قوله: (فلا يصدقون في ادعائهم أنهم أخرجوها) أي لاتهامهم في دعواهم حينئذ. قوله: (وفي
خمسة أوسق) أي بشرط أن تكون في ملك واحد، فلو خرج من الزرع المشترك ثمانية أوسق وقسمت
بين الشريكين فلا زكاة فيها. قوله: (وإن بأرض خراجية) أي وإن حصلت من أرض خراجية أي
فالخراج الذي على الأرض لا يضيع زكاة ما خرج منها من الزرع كانت الأرض له أو لغيره كما في المدونة،
قال ابن يونس: لان الخراج كراء. قال ح: والخراج نوعان ما وضع على أرض العنوة، والثاني ما يصالح
به الكفار على أرضهم فيشتريها مسلم من الصلحي ويتحمل عنه الخراج بعد عقد البيع، ورد للمصنف
بقوله: وإن بأرض خراجية على الحنفية القائلين لا زكاة في زرع الأرض الخراجية، وفي البدر القرافي:
إن الزرع الذي يوجد في الأرض المباحة لا زكاة فيه وهو لمن أخذه. قوله: (كل صاع أربعة أمداد)
فالجملة ألف ومائتا مد والمد ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين وبالوزن رطل وثلث،
وقد حرر النصاب بالكيل عن قريب فوجد أربعة أرادب وويبة بكيل بولاق وذلك لان كل ربع
مصري الآن ثلاثة آصع والأربعة أرادب وويبة ثلاثمائة صاع وذلك قدر الخمسة أوسق. قوله: (ووزنا
ألف وستمائة رطل) أي فيوزن القدر المذكور من الشعير ويكال ويجعل مقدار الكيل ضابطا فيعول
عليه، فاندفع ما يقال: إن الوزن يختلف باختلاف الحبوب فيلزم اختلاف النصاب باختلاف الحبوب
والثمار وهو بعيد. قوله: (أي متوسط) هذا تفسير مراد وإلا فمطلق الشعير يصدق بالضامر والممتلئ
أي الغليظ والمتوسط ولذا قال بعضهم: كان الأولى للمصنف أن يقول: من متوسط الشعير لان مطلق
الشعير يصدق بما ذكر من الأمور الثلاثة مع أن المراد واحد منها وهو المتوسط. قوله: (بيان للخمسة
الأوسق) الأولى نعت للخمسة أوسق لان من هنا ليست بيانية. قوله: (القطاني السبعة) هي الحمص
والفول واللوبياء والعدس والترمس والجلبان والبسيلة. قوله: (وحب الفجل) أي الأحمر، وأما الفجل
الأبيض فلا زكاة في حبه إذ لا زيت له. قوله: (وغير ذلك) أي كالبرسيم والحلبة والسلجم والتين خلافا
لمن ألحقه بالتمر كالزبيب ومحل عدم وجوب الزكاة فيما ذكر وغيره ما لم تكن من عروض التجارة
وإلا زكيت على الوجه الآتي. قوله: (منقى) أي إذا أخذ بعد يبسه. وقوله مقدر الجفاف إذا أخذ فريكا
قوله: (الذي لا يخزن به) احترز بذلك عن قشر الأرز فلا يشترط النقاء منه. قوله: (فيقال) أي لأهل
447

المعرفة الذين شأنهم التخريص وهذا بيان له. قوله: (فإن قيل ثلثه) أي مثلا. وقوله اعتبر الباقي أي فإن
كان خمسة أوسق فأكثر زكي وإلا فلا. قوله: (هذا إذا كان) أي الذي أخذ قبل يبسه قوله: (بيان
ما يخرجه) أي فيما يجف وما لا يجف وما له زيت وما لا زيت له من جنس ماله زيت. قوله: (نصف عشره)
ذكر الضمير العائد على الخمسة أوسق باعتبار كونها نصابا وهذا بيان للقدر المخرج. قوله: (خبره وفي خمسة
أوسق) هو واجب التقديم لاشتمال المبتدأ على ضمير يعود عليه، فلو أخر عن المبتدأ لعاد الضمير على متأخر
لفظا ورتبة وهو لا يجوز. قوله: (أي نصف عشر حبه) هذا بالنسبة لما شأنه الجفاف من الحب سواء ترك
حتى يجف بالفعل أم لا. قوله: (إن بلغ حب كل نصابا) أي فمتى بلغ حبه نصابا أخرج نصف عشر زيته
وإن قل الزيت. قوله: (فلا بد من الاخراج من زيته) أي سواء كان عصره أو أكله أو باعه ولا يجزئ اخراج
حب أو من الثمن أو القيمة، وهذا إذا أمكن معرفة قدر الزيت ولو بالتحري أو بإخبار موثوق به، وإلا
أخرج من قيمته إن أكله أو أهداه أو من ثمنه إن باعه. قوله: (وإلا فنصف عشر القيمة) أي وإلا يبعه بل
أكله أو أهداه أو تصدق به فيلزمه نصف عشر القيمة، فلو أخرج زبيبا أو تمرا فلا يجزئ، وكذا يقال فيما
لا زيت له من جنس ما له زيت أنه يتعين الاخراج من ثمنه أو قيمته، فإن أخرج من حبه أو أخرج عنه زيتا
فإنه لا يجزئ. والحاصل أن ظاهر المصنف تعين الاخراج من الثمن في هاتين المسألتين فلا يجزئ أن
يخرج عنه من حبه بأن يخرج عنه تمرا أو زبيبا أو رطبا أو عنبا أو زيتونا وهو كذلك. ابن عرفة
ما لا يتزبب. قال محمد: يخرج من ثمنه أو قيمته إن أكله لا زبيبا. وروى علي وابن نافع من ثمنه إلا أن يجد زبيبا فيلزم
شراؤه. ابن حبيب: من ثمنه وإن أخرج عنبا أجزأه، وكذا الزيتون الذي لا زيت له والرطب الذي
لا يتتمر إن أخرج من حبه أجزأه اه‍. والقول الأول هو مذهب المدونة كما في المواق اه‍ بن. قوله: (وأما
ما يجف) أي بالفعل من العنب والتمر سواء كان شأنه الجفاف أو كان شأنه عدم الجفاف لكن
فرض أنه بقي حتى جف كما في المج. قوله: (أو باعه رطبا) أي لمن يجففه أو لمن لا يجففه كما هو مذهب
المدونة ما لم يعجز عن تحريه إذا باعه وإلا أخرج من ثمنه اه‍ بن. قوله: (وإن شاء أخرج عنه حبا يابسا)
أي خلافا لما يقتضيه ظاهر المصنف من تعين الاخراج من ثمنه أو قيمته كالمسألتين قبله. قوله: (تعين
الاخراج من حبه) هذا قول مالك في العتبية وقواه بن واقتصر عليه خش. وقوله: ورجح بعضهم
هو العلامة طفي وسلمه شيخنا العدوي، وهذا القول قول مالك في كتاب محمد بن المواز، وما ذكره الشارح
من جريان الخلاف في الفول الذي شأنه أن ييبس دون ما شأنه أنه لا ييبس لا وجه له كما قال بن فإن
ظاهر النقل جريان الخلاف فيهما، ففي العتبية عن مالك: أن الفول إذا أكل أو بيع أخضر يتعين الاخراج
من حبه. ابن رشد: وهو كما قال لان الزكاة قد وجبت في ذلك بالافراك فبيع ذلك أخضر بمنزلة بيع
الحائط من النخل أو الكرم إذا أزهى ثم قال: ولمالك في كتاب ابن المواز في الفول والحمص أنه إن أدى
من ثمنه فلا بأس ولم يقل ذلك في النخل والكرم فتصديره بالأول مع توجيهه يفيد أنه المعتمد، ولذا
صدر به ابن عرفة فقال مالك: ما أكل من قطنية خضراء أو بيع إن بلغ خرصه يابسا نصابا زكاه
بحب يابس، وروى محمد أو من ثمنه اه‍ بن. واعلم أن وجوب الزكاة في الفول الأخضر والفريك
الأخضر والحمص والشعير الأخضرين موافق لقول المصنف الآتي والوجوب بافراك الحب
فهو مبني عليه وسيأتي أنه المشهور، وأن القول بأن الوجوب بيبس الحب ضعيف، وحينئذ
فالقول بوجوب الزكاة في الفول الأخضر وما معه مشهور مبني على مشهور لا على
ضعيف كما قال عبق. قوله: (فإن كان شأنه مما ييبس) أي وأكل أو بيع أخضر قبل
448

الجفاف. قوله: (من ثمنه أو حبه) الضميران للفول الأخضر قوله: (إن سقي بآلة) أي كالسواقي وأما
النقالات من البحر وهي النطالة والشادوف كما قرر شيخنا فقال عبق وخش: إنها داخلة في الآلة، وفي
شب أنها لا تدخل وحرر الفقه. قوله: (وإلا فالعشر) ومما يجب فيه العشر ما يزرع من الذرة ويصب
عليه عند زرعه فقط قليل من الماء. قوله: (ولو اشترى السيح) أي الماء الجاري على وجه الأرض ورد
بلو على القائل بوجوب نصف العشر إذا اشترى السيح أو أنفق عليه. قوله: (وتساوى عدده) أي عدد
السقي بهما وإن اختلفت المدة أو تساوت مدة السقي بهما وإن اختلف العدد. وقوله أو قارب أي السقي
بأحدهما السقي بالآخر في العدد أو في المدة. وقوله بأن لم يبلغ أي السقي بأحدهما ثلث السقي بالآخر في العدد
أو المدة. واعلم أن ما ذكره الشارح من أن ما لم يبلغ الثلثين مقارب مثله في عبارة ابن رشد عن ابن القاسم
وأن الأكثر ما بلغ الثلثين والذي في عبارة ابن يونس عنه: أن ما قارب الثلثين من الأكثر وما زاد على
النصف بقليل من المساوي اه‍. قوله: (فيؤخذ لما سقي إلخ) أي أنه يقسم الحب نصفين ويزكي
أحدهما بالعشر والثاني بنصف العشر. قوله: (أو كل على حكمه) أي فيقسم الحب الثلث والثلثين مثلا
ويزكي أحدهما بالعشر والآخر بنصف العشر. قوله: (خلاف) الأول منهما شهره في الجواهر والثاني
شهره في الارشاد. قوله: (وهل المراد بالأكثر) أي الذي جرى فيه الخلاف في كونه يغلب غيره
أو لا يغلب بل كل على حكمه. قوله: (الأكثر مدة ولو كان إلخ) وذلك كما لو كانت مدة السقي ستة
أشهر فيها شهران بالسيح وأربعة بالآلة لكن سقيه بالسيح عشر مرات وسقيه بالآلة خمس مرات.
ثم إن قوله: وهل المراد بالأكثر الأكثر مدة؟ إلخ هذا هو الذي رجحه المواق وعزاه بعضهم لابن عرفة
وقوله أو الأكثر سقيا هو قول الباجي وظاهر كلام الشيخ أحمد ترجيحه. قوله: (الأظهر الثاني) وهو
أن المراد بالأكثر الأكثر سقيا وإن قلت مدته قوله: (بالسقي بالآلة) أي لا بمدة السقي بها
قوله: (كأصناف التمر) أي كما تضم أصناف التمر وأصناف الزبيب فالكاف للتشبيه. قوله: (وأخرج من
كل بحسبه) أي أخرج من كل صنف بقدر ما يخصه. قوله: (ويجزئ اخراج الأعلى منها أو المساوي
عن الأدنى) لا مفهوم لقوله منها إذ اخراج الأعلى عن الأدنى إجزاؤه لا يختص بالقطاني والتمر
والزبيب، بل متى أراد أن يخرج من صنف عن صنف آخر ما وجب عليه فيه جاز أن يخرج من الأعلى
لا من الأدنى، لا فرق بين القطاني والتمر والزبيب وغيرها، لكن مع اتحاد الجنس واختلاف الأصناف
المضمومة كما هو السياق فلا يجزئ قمح عن عدس، والظاهر أن الأعلى والأدنى والمساوي يعتبر
بما عند أهل كل محل، وإذا أخرج الأعلى عن الأدنى فإنه يخرج بقدر مكيلة المخرج عنه لأنه عوض عنه
ولا يخرج عنه أقل من مكيلته لئلا يكون رجوعا للقيمة. قوله: (وإنما يضم إلخ) أشار بهذا إلى أن قوله
: إن زرع إلخ شرط لضم الصنفين والأصناف مطلقا أي حيث قلنا بضمها زرعت ببلد أو ببلدان سواء
كان المضمومان من القطاني أو من قمح وشعير وسلت فلا بد أن يزرع إلخ، وخالف تت وجعل هذا
شرطا لضم ما زرع ببلدان، وأما ما زرع ببلد فيضم وإن لم يوجد هذا الشرط وهو ضعيف
قوله: (إن زرع أحدهما) أي المضمومين المفهومين من قوله: يضم إلخ وهذا الشرط ذكره ابن رشد ونسبه
لابن القاسم. قوله: (ولو بقربه) أي بقرب استحقاقه الحصاد. قوله: (وبقي من حب الأول إلخ)
عطف على قول المصنف: إن زرع أحدهما إلخ فهو شرط ثان للضم مطلقا. وقوله: وبقي من حب الأول
449

أي عنده. وقوله: ما يكمل به النصاب أي من الثاني فاعل بقي. قوله: (إلى استحقاق حصاد الثاني) أي إلى
وقت وجوب الزكاة فيه بالافراك أو يبس الحب، أما لو أكل الأول قبل وجوب الزكاة في الثاني فلا
يضم الثاني للأول بل إن كان الثاني نصابا زكي وإلا فلا. قوله: (لأنهما كفائدتين جمعهما ملك وحول)
وذلك لان استحقاق الحصد في الحب كتمام الحول في غيره، فلو زرع أحدهما بعد حصاد الآخر لم يجتمعا
في الحول فلا يضم أحدهما للآخر. قوله: (فيضم الوسط) أي فبسبب اشتراط الاجتماع في الأرض لأجل
أن يجتمعا في الملك والحول لو كانت الزروع ثلاثة زرع ثانيها قبل حصاد الأول وثالثها بعده وقبل
حصاد الثاني ضم الوسط لهما قوله: (ولم يخرج زكاة الأولين إلخ) عطف على قوله: إذا كان فيه إلخ أي
وأما لو كان أخرج زكاة الأولين قبل حصد الثالث فلا يضم الوسط لذلك الثالث. والحاصل أن ضم
الوسط للطرفين مقيد بقيدين: أن يكون فيه مع كل منهما نصاب وأن لا يخرج زكاة الأولين حتى يحصد
الثالث، وأما إذا أخرج زكاة الأولين قبل حصد الثالث فإنه لا يضم الوسط لذلك الثالث ويزكي الثالث
وحده إن كان نصابا وإلا فلا، ووجه عدم الضم أن الثاني لما زكي أولا وحصل فيه نقص بسبب
الزكاة في المثال المذكور لم يبق من الثاني ما يكمل به النصاب إن ضم للثالث فلا يضم له لما تقدم في الشرط
الأول هذا محصل الشارح، وبقي قيد ثالث وهو أن يبقى حب السابق لحصاد اللاحق، فإن أكل حب
الأول قبل حصاد الثاني أو أكل حب الثاني قبل حصاد الثالث فلا يضم الوسط لهما. قوله: (لا يضم
زرع أول) أي لا يعتبر ضم أول الثالث بحيث لو اجتمع من الجميع أي الثلاثة نصاب زكى كما في مثال
الشارح قوله: (على البدلية) أي وإن كان فيه معهما على سبيل المعية نصاب. قوله: (وزرع الثالث) أي والحال
أنه زرع الثالث إلخ. قوله: (بعد حصاد الأول) أي وقبل حصاد الثاني، وأما لو كان الثالث زرع قبل
حصاد الأول كما أن الثاني كذلك زكى الجميع، وإن زرع الثالث بعد حصاد الثاني وقبل حصاد الأول
ضم الأول للثالث لان الأول صار وسطا حكما. قوله: (أو العكس) أي الأول اثنين والثالث ثلاثة
والوسط اثنان على كل حال. قوله: (فإنه يضم له) أي للوسط الطرف الذي يكمل نصابا سواء كان الطرف
الأول والثالث. قوله: (ولا زكاة في الآخر) أي في الطرف الآخر قوله: (إن كمل) أي النصاب من
الوسط مع الأول كما لو كان الأول ثلاثة والثاني اثنين والثالث اثنين أيضا. قوله: (دون العكس)
أي دون ما إذا كمل النصاب من الوسط والأخير كما لو كان الأول وسقين والثاني اثنان والثالث
ثلاثة فيزكي الأخيرين دون الأول. قوله: (لا يضم قمح أو غيره) أي من الحبوب التي تقدمت لعلس
وعدم ضم القمح للعلس هو قول ابن القاسم وابن وهب وأصبغ، وقيل إنه يضم إليه وهو قول مالك
وأصحابه إلا ابن القاسم وهو قول ابن كنانة ومختار ابن يونس واستقر به في التوضيح. قوله: (وهي) أي
المذكورات من العلس وما بعده أجناس. قوله: (لا يضم بعضها لبعض) أي فلا يضم العلس لدخن ولا لذرة
ولا لأرز وهكذا. قوله: (الأحمر) صفة للفجل لا لبزر والفجل الأحمر موجود بالمغرب. قوله: (في وجوب
الزكاة) أي إذا بلغت نصابا قوله: (في الضم وعدمه) أي لا في بيان ما تجب فيه الزكاة وما لا تجب فيه لان
هذا قد سبق في قوله: من حب وتمر. قوله: (لا الكتان) أي فليس كالزيتون في وجوب الزكاة
قوله: (وحسب في النصاب قشر الأرز) أي حسب على المالك من النصاب الشرعي قشر الأرز، فلو كان الأرز
مقشورا أربعة أوسق فإن كان بقشره خمسة أوسق زكي، وإن كان أقل فلا زكاة، وله أن يخرج عن الأرز
450

مقشورا، وله أن يخرج غير مقشور خلافا لمن قال يتعين الثاني. قوله: (وحسب ما يتصدق به على الفقراء) أي
لأجل أن يزكي عنه، وكذا يقال فيما بعده، واستثنى ابن يونس وابن رشد الشئ التافه اليسير فإنه لا يحسبه
إذا تصدق به أو أهداه أو وهبه قاله أبو الحسن وهو تقييد للمدونة انظر ح. وهذا كله فيما تصدق به أو
أهدى أو وهب بعد الطيب، وأما قبله فلا يحسب وتسقط عنه زكاته، كما أنه لا زكاة عليه إذا تصدق
بالزرع كله، فكلام المصنف مقيد بقيود ثلاثة: أن يكون ما تصدق به بعض الزرع لاكله، وأن يكون
ذلك البعض ليس تافها، وأن يكون التصدق به بعد الطيب. قوله: (وحسب ما استأجر به) أشار بهذا إلى أن
استأجر به عطف على تصدق به الواقع صلة لما. قوله: (قتا) أي حال كونه قتا أي مقتوتا ومحزوما قوله: (أو
غيره) أي اغمارا أو كيلا فكل هذا يحسب ويخرج زكاته، وكذلك يحسب لقط اللقاط الذي مع الحصاد
لأنه في معنى الإجارة لا لقط اللقاط لما تركه ربه على أن لا يعود إليه وهو حلال لمن أخذه كما قاله أبو
الحسن. قوله: (لا يحسب أكل دابة في حال درسها) أي لمشقة التحرز منه فنزل منزلة الآفات السماوية
وأكل الوحوش والطيور، وإذا علمت أن مأكول الدابة حال درسها لا يحسب فلا يجب عليه تكميمها
لأنه يضر بها. وفي حاشية عج على الرسالة أنه يعفى عن نجاسة الدواب حال درسها فلا يغسل الحب من
بولها النجس. قوله: (والوجوب بافراك الحب) أي كما صرح به في الأمهات، ونص اللخمي الزكاة تجب
عند مالك بالطيب أي بلوغه حد الأكل فإذا أزهى النخل أو طاب الكرم وحل بيعه وأفرك الزرع
واستغني عن الماء واسود الزيتون أو قارب الاسوداد وجبت فيه الزكاة اه‍. فقد اقتصر في الزرع على
الافراك وذكر إباحة البيع في غيره كذا في بن. ثم بعد أن ذكر كلاما طويلا قال: فتحصل أن المشهور
تعلق الوجوب بالافراك كما للمصنف وابن الحاجب وابن شاس والمدونة وشهره ابن الحاجب، وأن
ما لابن عرفة من أن الوجوب باليبس ضعيف. قوله: (خلافا لمن يقول) أي وهو عج وتبعه عبق قال
شيخنا: والظاهر أن اليبس يرجع للافراك إذ المراد باليبس بلوغ الحب حد الطيب ونهايته بحيث لو
حصد لم يحصل فيه فساد ولا تلف وعلى أنهما مختلفان كما حققه طفي من أن الافراك بلوغ الحب حد
الأكل وأنه قبل اليبس، فالمعتمد أن الوجوب بالافراك ولا يرد قوله تعالى: * (وآتوا حقه يوم حصاده) *
لان المراد وأخرجوا حقه يوم حصاده فالوجوب بالافراك وإن كان الاخراج بعد اليبس. قوله: (لم
يصر له نصاب) أي ولو كان المتروك أكثر من نصاب لان الموت حصل قبل الوجوب فهو إنما يزكى
على ملك الوارث، فإن ورث نصابا زكاه، وإن ورث أقل منه فلا زكاة عليه إلا أن يكون له زرع يضمه له
وقيد عبد الحق كون زكاة الزرع الذي مات مالكه قبل الوجوب على ملك الوارث بما إذا حصل
للوارث شئ منه. أما لو مات قبلهما وقد اغترق ذمته دين لوجب أن يزكى على ملك الميت لأنه باق على
ملكه ولا ميراث للوارث فيه لتقدم الدين نقله ح اه‍ بن. قوله: (فإن بلغت حصة بعضهم إلخ) أي
كما لو مات عن أخ لام وعم وترك زرعا خرج منه ستة أوسق فلا زكاة على الأخ للأم وعلى العم الزكاة
والفرض أن المورث مات قبل الوجوب. قوله: (حيث كان المجموع نصابا) أي فإن كان مجموع
المتروك أقل من نصاب فلا زكاة فيه ولا يضم الوارث ما خصه منه لزرعه ويزكيه خلافا لعبق
لان الموضوع أن الزكاة على ملك المورث لا الوارث فلا وجه للضم. والحاصل أن
المالك إذا مات بعد الوجوب فإن الحب يزكى على ملك الميت وإن مات قبل الوجوب، فكذلك إن
كان عليه دين وإلا زكي على ملك الوارث. قوله: (أي يفتقر) تفسير لكل من الضبطين لان كلا من
أعدم وعدم بمعنى افتقر، ولعدم معنى آخر غير مراد هنا وهو فقد. قوله: (إن بقي إلخ) هذا التفصيل
451

الذي ذكره الشارح مثله في أبي الحسن إذ قال: إذا أعدم البائع أخذت الزكاة من المشتري إن كان قائما بعينه
أو أتلفه بأكل ونحوه وإن تلف بسماوي أو أتلفه أجنبي فلا تؤخذ من المشتري وهو موافق لقول ابن
القاسم في الرجوع على المشتري، ففي الأمهات قال ابن القاسم: فإن لم يكن عند البائع شئ يأخذ منه المصدق
ووجد المصدق الطعام بعينه عند المشتري أخذ المصدق منه الصدقة ورجع المشتري على البائع بقدر ذلك
من الثمن. وقال سحنون: وقد قال بعض أصحاب مالك ليس على المشتري شئ مطلقا كان المبيع قائما أو
تلف بسماوي أو أتلفه هو أو أجنبي لان البيع كان له جائزا ويتبع بها البهائم إذا أيسر اه‍ بلفظه. والقول الثاني
قول أشهب وصوبه سحنون والتونسي وقال اللخمي: هذا أي قول أشهب إن باع ليخرج الزكاة وإن
كان البائع ممن يعلم أنه لا يخرج الزكاة أخذ من المشتري قائما وفائتا اه‍ انظر بن. قوله: (بثمن ما أدى من
زكاته) أي بثمن القدر الذي أداه زكاة والصواب يرجع على البائع بما ينوب ما أداه زكاة من الثمن
كما هو الواقع في عبارة ابن رشد. قوله: (فإن تلف بسماوي أو أتلفه أجنبي لم يتبع بزكاته المشتري)
أي في الحالتين. وقوله: وأتبع بها البائع إذا أيسر هذا في الحالة الثانية أعني ما إذا أتلفه أجنبي، وأما الحالة
الأولى وهي ما إذا تلف بسماوي فلا زكاة فيه لأنه جائحة على الفقراء وحينئذ فلا يتبع بها أحد
والحاصل أنه إذا أتلفه أجنبي فإنه لا يتبع بها المشتري بل البائع إذا أيسر، والظاهر أن الرجوع على الأجنبي
يكون من البائع وإن تلف بسماوي فلا تتبع واحدا منهما بها لسقوطها بالجائحة هذا هو الصواب، خلافا
لظاهر الشارح وعبق من أنه في حالة التلف بسماوي يتبع بها البائع انظر المج، والظاهر أن الرجوع على
الأجنبي من المشتري لأنه المالك لما أتلفه قوله: (والنفقة على الزرع والتمر الموصى به) أي على الجزء
الموصى به من الزرع، فالمراد بالزرع الموصى به الجزء الذي حصلت به الوصية لا الزرع الذي وقعت
الوصية فيه، فإذا أوصى لزيد بثلث زرعه أو ثمره قبل الطيب أو بعده فإن نفقة ذلك الجزء الذي وقعت
الوصية به من سقي وعلاج تكون لازمة لزيد الموصى له، لأنه بمجرد الوصية والموت يستحق ذلك
الجزء، وله فيه النظر والتصرف العام فصار شريكا. قوله: (ودخل إلخ) أي فتكون النفقة على جزء الزكاة
على الموصى له. قوله: (في المسائل الثلاث) أي وهي الوصية لمعين بكيل والوصية لغير معين بجزء أو
كيل، ولو قال المصنف: والنفقة على الموصى له المعين بجزء وإلا فعلى الميت كان أخصر. قوله: (وسكت
المصنف عن الزكاة) أي عن زكاة الوصية هل تكون لازمة للموصي أو للموصى له؟ والحاصل أن
المصنف تكلم على النفقة على الوصية وسكت عن حكم زكاتها. قوله: (فعلى الموصي) أي فزكاة تلك
الوصية على الموصي في ماله قوله: (مطلقا) أي سواء كانت الوصية لمعين أو غيره كانت بكيل أو بجزء
شائع كأوصيت لزيد أو للفقراء بربع زرعي أو بعشرة أرادب. قوله: (وإن كانت قبله) أي قبل الوجوب
قوله: (ومات قبله) أي قبل الوجوب. وقوله: ففي ماله أيضا هذا مشكل مع ما مر من أنه لا زكاة عليه إذا مات
قبل الوجوب إلا أن يقال: ما مر لم يتعلق بالزكاة وصية وهنا أوصى بها. قوله: (إن كانت بكيل لمساكين
أو لمعين) كأوصيت بعشرة أرادب للمساكين أو لفلان. قوله: (كربع لمعين) أي كأوصيت بربع زرعي لفلان
قوله: (ولمساكين) عطف على قوله: لمعين. قوله: (وزكيت على ذمتهم) أي ولو كان كل واحد من المساكين
يخصه مد واحد لأنهم كمالك واحد. قوله: (ولا ترجع) أي المساكين على الورثة. وقوله: بما أخذ أي بما أدوه
من الزكاة قوله: (وهو الحزر) أي حزر ما على النخل من البلح تمرا، وأما الخرص بالكسر فهو الشئ
المقدر. قوله: (مشيرا للعلة) أي وهي الاحتياج. قوله: (وإنما يخرص التمر والعنب إلخ) أي وإنما يحرر الثمر
والعنب على رؤوس الأشجار ليعلم هل منه نصاب أم لا إذا حل بيعه واحتاج أهله للتصرف فيه
452

هذا وكأنه أراد ما يصير تمرا لأنه بعد صيرورته تمرا لا يخرص لأنه يقطع وينتفع به، ففي تخريصه حينئذ
انتقال من معلوم لمجهول، وقد يمنع ضبطه بالمثناة فوق بل يضبط بالمثلثة ويكون من إطلاق العام وإرادة
الخاص وهو تمر النخل. واعترض الحصر في كلام المصنف بالشعير الأخضر إذا أفرك وأكل أو بيع
زمن المسغبة وبالفول الأخضر والحمص الأخضر فإن كلا منهما يخرص إذا أكل أو بيع في زمن
المسغبة أو غيره بناء على المشهور الذي مشى عليه المصنف من أن الوجوب بالافراك. وأجيب بأن
الحصر منصب على أول شروطه قال طفي: وهذا الاعتراض لا ورود له أصلا لان الثابت في هذه
تحري مقدار ما أكل أو بيع، وليس هذا هو التخريص لان التخريص حرز الشئ على أصوله،
والحاصل أن الذي تقدم في الفول ونحوه أنه إذا أكل أو بيع أخضر فإنه يحزر ما أكل أو بيع منه، وهذا
غير التخريص الذي كلامنا فيه هنا، إذ فرق بين إحصاء ما أكل بالتحري أي بالحزر والتخمين وبين
حزر الشئ باقيا على أصوله اه‍ عدوي. قوله: (سواء كان شأنهما الجفاف أم لا) هذا التعميم صرح
به في الجواهر، وقال بعض الشراح: أراد المصنف الثمر الذي لو بقي يتتمر بالفعل والعنب الذي يتزبب
بالفعل أن لو بقي فخرج بلح مصر وعنبها فإنه لا بد من تخريصهما، ولو لم يكن حاجة من أكل ونحوه
لتوقف زكاتهما على تخريصهما من حل بيعهما اه‍. ومراده بقوله: فخرج إلخ أن ما ذكر خارج عن التقييد
بحاجة الأهل للتصرف بدليل قوله فإنه لا بد إلخ لا رد هذا طفي بأنه غير صحيح، بل كلام المصنف شامل
لما يتتمر ويتزبب، ولما لا يتتمر ولا يتزبب، وقوله: لا بد من تخريصهما غير صحيح أيضا لان الذي لا يتتمر
ولا يتزبب إذا لم يحتج أهلهما للأكل مثلا يستغنى عن تخريصهما بإحصاء الكيل في الرطب والوزن
في العنب بعد الجذ وتقدير جفاف ذلك بعد الاحصاء المذكور، فالذي لا بد منه تقدير جفافهما
وفرق بين تقدير الجفاف والتخريص، فالزيتون ونحوه لا يخرص ويقدر جفافه، فعنب مصر ورطبها
إن خرصا فعلى رؤوس الأشجار وإن لم يخرصا كيلا ثم قدر جفافهما، وهذا كله إذا شك فيما لا يتتمر وفيما
لا يتزبب هل يبلغ النصاب أم لا؟ أما إذا تحقق بلوغه النصاب فلا يحتاج لتقدير جفاف أصلا لان المزكي
حينئذ ثمنه كما مر اه‍ كلامه. والحاصل أن العنب والتمر مطلقا إن احتاج أهله للتصرف فيه خرص
على رؤوس الأشجار، وإن لم يحتاجوا للتصرف فيه فالذي يتتمر ويتزبب ينتظر جفافه وتخرج زكاته
الذي لا يتتمر ولا يتزبب ينتظر جذهما أو يكال البلح ويوزن العنب ثم يقدر جفافهما، هذا إذا شك في
كونه يبلغ نصابا أم لا، أما ما تحقق بلوغه النصاب فلا يحتاج لتقدير جفاف أصلا. قوله: (إذا حل بيعهما
ببدو صلاحهما) أي ولا يكفي هنا ما في البيع من بدو صلاح البعض. قوله: (ليعلم بالخرص إلخ) أي إنما
يخرص التمر والعنب إذا اختلفت حاجة أهلهما ليعلم إلخ. قوله: (دون غيرهما) أي من الزيتون والفول
والحمص والشعير إذا أكل أخضر فهذه وإن كان يحب بالتحري ما أكل منها لكنها لا تخرص قائمة
على أصولها. قوله: (واعترض إلخ) قد يجاب بأن المصنف قد أطلق الملزوم وهو الاختلاف وأراد لازمه
وهو الوجود لأنه يلزم من الاختلاف الوجود اه‍ عدوي. قوله: (نصب على الحال) أي من نائب
فاعل يخرص أي إنما يخرص التمر والعنب حالة كون كل منهما مفصلا نخلة نخلة قوله: (أي انه يحزر
كل نخلة على حدتها) أي ولا يجمع الخارص الحائط في الحزر ولا يجزئه أرباعا أو أثلاثا مثلا ويحزر
كل ربع أو ثلث على حدته، وكذا لا يجمع ما زاد على واحدة كالاثنين والثلاثة مثلا ولو علم
ما فيها جملة هذا إذا اختلفت في الجفاف ولو كانت من صنف واحد، فإن اتحدت في الجفاف جاز جمعها
في الخرص ولو كانت عشرة ولو اختلفت أصنافها، ففي مفهوم نخلة تفصيل بين تخريص الحائط كله
وجملة من النخل، فقول الشارح: ما لم تتحد أي النخلات المجموع، وقوله: وإلا جاز جمع أكثر من نخلة
453

فيه أي الحزر. قوله: (بإسقاط نقصها) أي مصورا ذلك التخريص بإسقاط نقصها إلخ، يعني أن
الخارص يسقط باجتهاده ما يعلم عادة أنه إذا جف التمر والزبيب ينقص منه يفعل ذلك في كل نخلة بأن
يقول: هذه النخلة عليها من البلح والعنب وسق لكنه إذا جف وصار تمرا أو زبيبا نقص ثلثه وصار
الباقي ثلثي وسق وهكذا، وأما ما يرميه الهواء أو يأكله الطير وما أشبه ذلك فإنه لا يسقط لأجله شيئا
تغليبا لحق الفقراء. قوله: (وينظر للباقي) أي فإن بقي ما تجب فيه الزكاة زكاه وإلا فلا قوله: (وإلا فالأول)
أشار بذلك لما نقله ح عن الذخيرة ونصه: قال ابن القاسم: وإذا ادعى رب الحائط حيف الخارص
وأتى بخارص آخر لم يوافق لا عبرة بقوله لان الخارص حاكم. قوله: (زكى عن تسعة) أي لأنها ثلث
مجموع الأقوال الثلاثة وذلك لأنك إن لم تجمع العشرة والتسعة والثمانية يكن سبعة وعشرين تأخذ ثلثها
يكن تسعة ولو كانوا ثلاثة قال أحدهم ستة وقال الثاني ثمانية وقال الثالث عشرة زكى عن ثمانية لأنها ثلث
الأربعة والعشرين مجموع الأقوال الثلاثة وهكذا. قوله: (وإن أصابته جائحة إلخ) حمله بعضهم على
العموم أي على ما بيع بعد الطيب ثم أجيح وعلى ما لم يبع أصلا، وحمله الشيخ عبد الرحمن على ما بيع بعد
الطيب أي إنه إذا بيع بعد الطيب ثم أصابته جائحة فإن كانت ثلثا فأكثر سقط عن البائع زكاة ما أجيح
لوجوب رجوع المشتري بحصته من الثمن على البائع، ونظرا لما بقي فإن كان نصابا زكاه وإلا فلا، وإن
كانت دون الثلث زكى جميع ما باع وظاهره ولو كان الباقي بعدها دون النصاب. والحاصل أن الجائحة
التي لا توضع عن المشتري لا توضع عن البائع في الزكاة، وما توضع عن المشتري توضع عن البائع
زكاتها، والحل الثاني أولى لان الحل الأول يؤدي إلى نوع تكرار مع مفاد قوله: وإن تلف جزء نصاب
ولم يمكن الأداء سقطت اه‍ عدوي. قوله: (اعتبرت إلخ) ظاهره وإن لم يرجع بها المشتري على البائع
بالفعل وهو ما نقله المواق عن فتوى ابن القاسم ووجهه أن المشتري إذا لم يرجع بالفعل فكأنه قد وهب
للبائع ذلك القدر الذي ملك الرجوع به والتعليل الذي لابن رشد يوافقه انظر المواق. قوله: (على تخريص
إلخ) مفهومه أنه لو كان غير عارف أو لم يكن عدلا عمل على ما تبين أي فيجب الاخراج عما زاد اتفاقا نقله
في التوضيح عن ابن بشير اه‍ بن. قوله: (وهل على ظاهره من الندب) أي لتعليل الامام بقلة إصابة
الخراص، ولو كان على الوجوب لم يلتفت إلى إصابة الخراص ولا إلى خطئهم وهذا تأويل عياض وابن
رشد. قوله: (أو على الوجوب) أي لان تخريص المخرص في الحالة المذكورة بمنزلة حكم الحاكم ثم يظهر
أنه خطأ. قوله: (وأخذ الواجب من الحب كيف كان) يعني أن الحب إذا اجتمع من أنواعه نصاب فإن
الزكاة تؤخذ من كل نوع بقدره، فإن كان الحب نوعا واحدا كالقمح مثلا فإنه يؤخذ منه جيدا كان
أو رديئا أو وسطا، فإن اختلفت صفته كسمراء ومحمولة فإنه يؤخذ من كل بقدره، وإن كان نوعين كقمح
وشعير أخذ من كل منهما بقدره، وكذا إن كان ثلاثة أنواع كقمح وشعير وسلت فمن كل بقدره ولا
يلزمه أن يدفع الوسط عن الطرفين، نعم إن أطاع باخراج النوع الأعلى عن النوع الأدنى أجزأه حيث
كان الجنس متحدا، وأما إن أخرج النوع الأدنى عن الأعلى فلا يجزئ كما لا يجزئ الاخراج من جنس
عن جنس آخر ولو كان النوع المخرج أعلى من المخرج عنه كأرز عن عدس مثلا. قوله: (طيبا) أي سواء
كان كله طيبا إلخ قوله: (كالتمر نوعا إلخ) أراد بالنوع الصنف لان التمر نوع تحته أصناف برني
وصيحاني وعجوة، فقوله: نوعا أي بأن كان برنيا، وقوله: أو نوعين أي صنفين مثل برني وصيحاني، وأشار
المصنف بقوله كالتمر نوعا لقول المدونة إذا كان في الحائط صنف واحد من أعلى التمر أو من أدناه أخذ
454

منه وألحق به المصنف الصنفين لما فهم من قول الجواهر، وإن اختلف نوع التمر على صنفين أخذ من كل
صنف بقسطه. قوله: (كالتمر) تشبيه فيما علم من قوله وأخذ من الحب كيف كان أي يؤخذ من كل بقدره
كالتمر حالة كونه نوعا أو نوعين. قوله: (وإلا بأن كان أكثر من نوعين) أي وإلا بأن اختلف نوع التمر
على أكثر من صنفين. وقوله فمن أوسطها أي فيؤخذ الواجب من أوسط الأصناف. وأشار المصنف
بهذا لقول المدونة: وإذا كان في الحائط أجناس من التمر أخذ من أوسطها والمراد بالأجناس في
كلامها الأصناف. والحاصل أنه إذا اجتمعت أصناف حب أخذ من كل صنف قسطه كالتمر إذا
كان صنفا أو صنفين فإن كان أكثر منهما لزمه أن يخرج من أوسط تلك الأصناف. قوله: (قياسا إلخ)
أشار بهذا للفرق بين التمر وغيره عند الزيادة على النوعين. قوله: (وفي مائتي درهم شرعي) قد تقدم أن
قدره خمسون وخمسا حبة من مطلق الشعير. قوله: (أو عشرين دينارا) قدره اثنتان وسبعون حبة من
مطلق الشعير. قوله: (فأكثر) عطف على مائتي فيكون حذفه من الثاني لدلالة الأول أو عطف على عشرين
فحذفه من الأول لدلالة الثاني وهذا أولى لسلامته من الفصل بين المتعاطفين بأجنبي. قوله: (فلا وقص
في العين) أي خلافا لأبي حنيفة حيث قال: لا شئ في الزائد عن النصاب حتى يبلغ أربعة دنانير
في الذهب وأربعين درهما في الفضة. وقوله: كالحرث أي بخلاف الماشية، والفرق أن الماشية لما كانت تحتاج
إلى كثرة كلفة خفف عن صاحبها بخلاف الحرث فكلفته يسيرة والعين كذلك. فائدة: لا زكاة على
الأنبياء لان ما بأيديهم ودائع لله تعالى وهذا على مذهبنا كما قال بعضهم من أنهم لا يملكون وهو
خلاف مذهب الشافعي كما قاله بعض شراح الرسالة اه‍ عدوي. قوله: (أي التجزئة والمقابلة) بأن
يجعل كل دينار في مقابلة عشرة دراهم قوله: (لا بالجودة) أي لا المجمع منهما بالجودة. قوله: (والقيمة)
لا يخفى أن القيمة تابعة للجودة والرداءة فالالتفات لأحدهما التفات للآخر فالعطف كالتفسيري
قوله: (من باب خطاب الوضع) أي وهو يتعلق بالطفل والمجنون وغيرهما ويصدق الولي في اخراجها
إذا ادعى عليه الولد أو المجنون بنقص المال بعد ذلك بلا يمين إن لم يتهم وإلا فبيمين قوله: (والعبرة بمذهب
الوصي) أي لان التصرف منوط به. قوله: (ولا بمذهب أبيه) أي أبي الطفل لموته وانتقال المال عنه ولا
بمذهب الطفل لأنه غير مخاطب بها فلا يزكيها الوصي إن كان مذهبه يرى سقوطها عن الطفل كالحنفي
وإلا أخرجها من غير رفع لحاكم إن لم يكن في البلد حاكم أصلا أو كان فيها لكن كان مالكيا فقط أو
كان فيها مالكي وحنفي وخفي أمر الصبي على ذلك الحنفي وإلا رفع الوصي فيها الامر للمالكي، فإن لم يكن
إلا حنفي أخرجها الوصي المالكي إن خفي أمر الصبي على الحنفي وإلا ترك، فإذا بلغ الصبي فإنه يعمل
بالمذهب الذي يقلده، فإن قلد من يرى الوجوب وجبت عليه في الماضي وإن قلد من يرى السقوط
سقطت عنه في الماضي، وانظر إذا كان مذهب الوصي الوجوب ولم يخرجها حتى بلغ الصبي ومذهبه
سقوطها وانفك عنه الحجر فهل تؤخذ عن الأعوام الماضية من المال أو تؤخذ من الوصي أو
تسقط؟ وانظر في عكسه أيضا وهو ما لو كان مذهب الوصي عدم وجوبها وبلغ الصبي وقلد من يقول
بوجوبها هل تؤخذ من المال أو تسقط؟ اه‍ عج. قال بن: وكل من النظرين قصور والنقل اعتبار
مذهب الصبي بعد بلوغه حيث لم يخرجها وصيه قبله، فإن قلد من قال بسقوطها فلا زكاة عليه ولا على
الوصي، وإن قلد من قال بوجوبها وجبت الزكاة عليه في الأعوام الماضية. قوله: (أو وإن نقصت
العين) أي التي هي مائتا درهم أو عشرون دينارا. وقوله في الوزن أي لا في العدد بدليل قوله
وراجت ككاملة لان اشتراط الرواج ككاملة إنما هو في ناقصة الوزن، وأما لو نقصت في العدد
كملت في الوزن كالمجوز زكيت من غير شرط كان التعامل بها وزنا أو عددا، فإن نقصت في الوزن والعدد
455

فلا زكاة فيها باتفاق إن كان التعامل بها عددا، وإن كان التعامل بها وزنا فكناقصة الوزن إن راجت
ككاملة زكيت وإلا فلا. قوله: (كحبة أو حبتين) أي من كل دينار من النصاب أي لأنه لا يضر إذا كان
كل دينار ناقصا حبة أو حبتين كان التعامل بها عددا أو وزنا بشرط رواجها رواج الكاملة بأن تكون
السلعة التي تشترى بدينار كامل تشترى بذلك الدينار الناقص لاتحاد صرفهما، وهذا معنى قوله
وراجت ككاملة بالنسبة للناقصة، ويقال مثله في المضافة، وليس المراد أن كلا يشترى به السلعة وإن
اختلف الصرف. وقوله كحبة أو حبتين أي أو ثلاثة فالمدار على الرواج كرواج الكاملة قل نقص
الوزن أو كثر، كذا قال ابن الحاجب وهو ظاهر المصنف وارتضاه طفي، وخلاصته: أن الدنانير
إذا نقصت في الوزن فقط كان التعامل بها وزنا أو عددا إن راجت رواج الكاملة زكيت وإلا فلا
وقيد الشارح بهرام وتت وتبعهما شارحنا وجوب الزكاة بكون النقص قليلا وإلا سقطت وهو
الصواب إذ هو قول مالك وابن القاسم وسحنون، قال ابن هارون وهو المشهور نقله ابن ناجي في شرح
الرسالة ثم قال: وجعل ابن الحاجب الوجوب مطلقا قل النقص أو كثر، قال ابن هارون: وليس كما قال اه‍.
وبه تعلم ما ارتضاه طفي من حمل المصنف على ظاهره من الاطلاق في النقص اعتمادا على تشهير
ابن الحاجب كما علمت وقصوره لعدم اطلاعه على ذلك. ثم قال ابن ناجي: واختلف في حد اليسير
فقال عبد الوهاب: هو كالحبة والحبتين وإن اتفقت الموازين عليه. وقال الأبهري وابن القصار: إنما
ذلك إذا اختلفت الموازين في النقص، وأما إذا اتفقت عليه فهو كالكثير اه‍. بن. وقد شهر في
الشامل الأول من القولين. قوله: (أو نقصت في الصفة برداءة أصل إلخ) فيه أنه لا داعي لتقدير
النقص في هذا وما بعده، بل المعنى أو كانت ملتبسة برداءة أصل أو إضافة تأمل قوله: (من ناقصة
الوزن) فيه إشارة إلى أن قوله: وراجت إلخ راجع للطرفين ولا يرجع للثانية أي وهي الناقصة في الصفة
برداءة أصل. قوله: (وأما ناقصة الوزن) أي والحال أنها عدد النصاب ولا تروج رواج الكاملة
قوله: (وزن كل واحد منها نصف دينار إلخ) فيه أن عدم وجوب الزكاة فيها لكون النقص فيها كثيرا
لا لكونها لا تروج رواج الكاملة فالأولى أن يقول كعشرين دينارا مقصصة كل واحد منها ناقص
قدر حبة أو حبتين والحال أنها لا تروج كالكاملة. قوله: (ولا يعقل فيها خلوص) هذا إشارة للرد على
خش حيث قال: إن القيد وهو قوله: وراجت ككاملة راجع لدنيئة الأصل أيضا إن كان يخرج
منها شئ بالتصفية، وإن كان لا يخرج منها شئ بالتصفية زكيت مطلقا من غير اعتبار ذلك القيد
وحاصل الرد عليه أن هذا التفصيل لا يتأتى فيها إذ لا يعقل خروج شئ منها بالتصفية، إذ ليس فيها
شئ دخيل كالمغشوشة حتى يخرج منها وتخلص منه وإنما معدنها ردئ وحينئذ فالقيد ليس راجعا لها
قوله: (إن تم الملك إلخ) جعله الملك شرطا طريقة لابن الحاجب، وجعله القرافي سببا قال بعض وهو
الظاهر لصدق حده عليه. قوله: (وهو) أي شرط الوجوب المذكور مركب من أمرين قوله: (فلا زكاة
على غاصب) قيده ح بما إذا لم يكن عنده وفاء بما يعوضه به وإلا زكاه، وعلى هذا يحمل قول الشيخ أحمد
الزرقاني: قال ابن القاسم المال المغصوب في ضمان الغاصب حين غصبه فعلى الغاصب فيه الزكاة
اه‍ بن. قال بعضهم: يؤخذ من شرط تمام الملك عدم زكاة حلي الكعبة والمساجد من قناديل وعلائق
وصفائح أبواب، وصدر به عبد الحق قائلا: وهو الصواب عندي. وقال ابن شعبان: يزكيه
الامام كالعين الموقوفة للقرض اه‍ عدوي. لكن سيأتي في النذر أن نذر ذلك لا يلزم والوصية به
باطلة، وحينئذ فهي على ملك ربها فهو الذي يزكيها لا خزنة الكعبة ولا نظار المساجد ولا الامام
تأمل. قوله: (لعدم تمامه) أي لان للسيد وأرباب الدين انتزاعه فلهم فيه حق.
456

قوله: (وأما هما فالزكاة بالوجود في الركاز) كذا ذكر ابن الحاجب، واعترضه ابن عبد السلام بأن الركاز
فيه الخمس وليس بزكاة، وأجاب في التوضيح بأن فيه الزكاة في بعض صوره كما يأتي أي إن احتاج لكبير
نفقة أو عمل في تخليصه ولا يشترط مرور الحول. قوله: (بعد أعوام) أي ولو غاب المودع بها. قوله: (فإنه
يزكيها لكل عام مضى) أي مبتدئا بالعام الأول فما بعده إلا أن ينقص الاخذ النصاب، وما ذكره من
تعدد زكاة المودعة بتعدد الحول هو المشهور، ومقابله ما روي عن مالك من زكاتها لعام واحد بعد
قبضها لعدم التنمية، وما رواه ابن نافع عن مالك من أنه يستقبل بها حولا بعد قبضها. قوله: (بعد قبضها)
أي ظاهره أنه قبل القبض لا يزكيها وإنها إنما تزكى بعد القبض، واستظهر ابن عاشر أن المالك يزكيها كل
عام وقت الوجوب من عنده اه‍ بن. قوله: (ومتجر فيها بأجر) حاصله أنه إذا دفع مالا لمن يتجر فيه
وجعل له أجرة كل يوم عشرة أنصاف فضة مثلا والربح لرب المال فإن الزكاة تجب في ذلك المال على
المالك فيزكيه من عنده كل عام مضى عليه وهو عند العامل، لان تحريك العامل له كتحريك ربه لأنه
كالوكيل عنه، لكن تزكيته كل عام وقت الوجوب حيث لم يقبضه من العامل مقيد بقيدين: الأول
علم المالك بقدره، والثاني أن يكون المالك مديرا فيقوم ما بيد العامل من البضاعة كل عام ويزكيها
مع ماله، فإن غاب العامل ولم يعلم قدر المال أخرت زكاته إلى وقت علمه بقدره ويزكيه لما مضى
وإن كان رب المال محتكرا فإنه يزكي لعام واحد بعد قبضها من العامل. قوله: (وأولى بغيره) أي فلا
مفهوم لقول المصنف بأجر بل يزكيها كل عام وهي عند العامل كانت مدفوعة له بأجر أو بدون
أجر كما يفيده كلام ابن رشد ونقله المواق، وأما ما يؤخذ من كلام عج من أن المتجر فيها بدون أجر
تتعدد فيها لكن إنما يزكيها بعد قبضها فغير صواب انظر بن. قوله: (وإنما يزكيها لعام واحد) أي مما
مضى لا لجميع الأعوام الماضية لأنه لا يقدر على تحريكها لنفسه فأشبهت اللقطة وهذا القول هو
المشهور، وقال ابن شعبان: يزكيها لكل عام مضى، وقيل إنه يستقبل بها حولا كالفوائد كما في بهرام. واعلم
أن العين المغصوبة يجب على الغاصب أن يزكيها كل سنة من ماله في المدة التي هي فيها عنده حيث كان
عنده ما يجعله في مقابلة تلك العين المغصوبة وهذه غير زكاة ربها لها إذا قبضها فتحصل أنها تزكى
زكاتين: إحداهما من ربها إذا أخذها لعام واحد مما مضى، والثانية زكاة الغاصب لها كل عام ولا يرجع
الغاصب على المالك بما دفعه زكاة عنها، وأما الماشية إذا غصبت وردت بعد أعوام فالمشهور أنها تزكى
لكل عام مضى إلا أن تكون السعاة أخذوا زكاتها من الغاصب، هذا ما رجع إليه مالك ورجحه ابن
عبد السلام وصوبه ابن يونس، وقيل: إنما تزكى لعام واحد كالعين وعزاه ابن عرفة للمدونة، وأما
النخلة إذا غصبت ثم ردت بعد أعوام مع ثمرتها فإن ثمرتها تزكى لكل عام مضى بلا خلاف إن لم
يكن زكاها الغاصب وعلم أن فيها في كل سنة نصابا. قوله: (ولا مدفونة بصحراء أو عمران) أي بموضع
لا يحاط به أو يحاط به خلافا لمحمد بن المواز من أنها إذا دفنت بصحراء أي في موضع لا يحاط به فهي
كالمغصوبة تزكى لعام واحد، وإن دفنت في البيت والموضع الذي يحاط به زكاها لكل عام وعكس
هذا لابن حبيب اه‍ شيخنا عدوي ونحوه في الشامل وزاد فيه قولا رابعا وهو زكاتها لكل عام مطلقا
سواء دفنت بصحراء أو ببيت، لكن الذي نقله بن عن ابن يونس أن محل كون المدفونة التي ضل صاحبها
عنها أعواما ثم وجدها يزكيها لعام واحد إذا دفنت بمحل لا يحاط به، وأما لو دفنها بموضع يحاط به ثم وجدها
بعد أن ضل عنها أعواما فإنه يزكيها لسائر الأعوام اتفاقا، ولعل مراده اتفاق طريقة إذ هذا الذي ذكره
طريقة ابن المواز فتأمل. قوله: (ضل صاحبها عنها) أي وأما لو كان عالما بمحلها وتركها مدفونة اختيارا فإنها
457

تزكى لسائر الأعوام اتفاقا. قوله: (ما لم ينو الملتقط تملكها) أي بل نوى حبسها لربها أو التصدق عنه بها ولم
يتصدق بها. قوله: (فإنها تجب على الملتقط) أي إن كان عنده ما يجعل في مقابلتها وإلا لم تجب عليه. قوله: (بعد
قبضها) وأما العامل فيستقبل بالربح بلا خلاف كما في ح قوله: (إن لم يكن مديرا) وإلا فلكل عام هكذا
في السماع كما نقله ح والمواق، وبه اعترض طفي وغيره على المصنف فقال: إن هذه المسألة مساوية
لقوله: أو متجر فيها بأجر في أن المدير يزكي لكل عام دون غيره فلا وجه لتفريق المصنف بينهما اه‍. قال
بن: قلت بينهما فرق وذلك أن المدفوعة على أن الربح للعامل بلا ضمان لا يعتبر فيها حال العامل من إدارة
أو احتكار، بل هي كالدين إن كان ربها مديرا زكاها العامل على حكم الإدارة مطلقا، وإن كان محتكرا
زكاها لعام واحد على حكم الاحتكار مطلقا، بخلاف السابقة فيراعى فيها كل منهما كما يدل عليه كلام
التوضيح، فإن احتكر العامل وأدار رب المال فإن تساويا أو كان ما بيد العامل أكثر فكل على حكمه وإلا
فالجميع للإدارة كما يأتي في قوله: وإن اجتمع إدارة واحتكار إلخ وإن احتكرا أو العامل فكالدين وإنما
روعي كل منهما لان العامل في هذه الحالة وكيله فشراؤه كشرائه بنفسه اه‍ كلامه. وقد يقال: إن الدين
الذي يزكيه المدير كل عام هو دين التجر كما يأتي وحيث كان الربح كله للعامل فهو كالقرض، وحينئذ
فمقتضاه أنه لا يزكي إلا لعام بعد قبضه ولو كان مديرا كما هو ظاهر نص التوضيح، لكنه خلاف السماع
الذي في المواق من أنه يزكيه لكل عام فتأمل. قوله: (حيث علم بقاءها) أي وأما إن لم يعلم فإنه يصبر حتى
يعلم فإن علم زكاها لماضي الأعوام. قوله: (وإن كان على أن الضمان على العامل) أي وإن دفعت للعامل
يتجر فيها والربح له خاصة وشرط الضمان عليه. قوله: (فالحكم كما في المصنف) أي من أن ربها يزكيها لعام
واحد بعد قبضها وإن اختلفا من جهة أنه في صورة اشتراط الضمان على العامل يجب على العامل أن
يزكي تلك العين كل عام من عنده إن كان عنده من العروض ما يساويها لتعلقها بذمته كالدين، وأما
في صورة اشتراط عدم الضمان فلا يزكيها العامل أصلا، ولو كان عنده من العروض ما يقابلها لعدم تعلقها
بذمته وإنما يزكيها ربها لعام بعد قبضها كما قال المصنف. قوله: (إلى القرض) أي فصارت دينا في ذمته
ودين القرض لا يختلف فيه المدير والمحتكر فكل منهما يزكيه لعام بعد قبضه ممن هو عليه. قوله: (وأقامت
أعواما) أي قبل أن يقبضها الوارث قوله: (إن لم يعلم) أي إن انتفى علم الوارث بها وانتفى إيقافها عند أمين
حتى يأتي الوارث. قوله: (بمعنى الواو) إنما لم تجعل أو على حالها لأنه لو بقيت على معناها لزم عليه خلل
إذ منطوق الأول يخالف مفهوم الثاني، ومنطوق الثاني يخالف مفهوم الأول، إذ منطوق الشرط الأول أنه
إذا لم يعلم بها فلا زكاة لما مضى وظاهره وقفت أم لا، ومنطوق الشرط الثاني أنها إذا لم توقف فلا زكاة لما
مضى وظاهره علم بها أم لا، ومفهوم الأول أنه إذا علم بها زكيت لما مضى وقفت أم لا، ومفهوم الثاني أنها إذا
وقفت زكيت علم بها أم لا، فمنطوق الأول يخالف مفهوم الثاني، ومنطوق الثاني يخالف مفهوم الأول، كذا
ذكر الشيخ أحمد الزرقاني، قال بن: وفيه نظر بل لا تخالف ولا تدافع في كلامه لان العطف بأو يفيد أن
المراد نفي أحدهما فيصدق منطوقه بثلاث صور: نفي العلم دون الايقاف وعكسهما ونفيهما معا، ومفهومه
صورة واحدة وهي وجودهما، فدل كلامه على نفي الزكاة في صور المنطوق الثلاث وهو صحيح، ودل
على وجوبها في صورة المفهوم وهو محل الاعتراض على المصنف إذ هو مخالف لمذهب المدونة فإن
مذهبها اعتبار القبض فقط اه‍. والحاصل أن كلام المدونة يقتضي أنه لا زكاة في تلك العين إلا إذا
قبضت، فإذا قبضت استقل بها حولا، ولا زكاة لما مضى من الأعوام ولو وقفت وعلم بها،
ومفهوم المصنف يقتضي أنها إذا وقفت وعلم بها فإنها تزكى لماضي الأعوام والمعول عليه مذهب
المدونة من اعتبار القبض فقط في الوجوب ولا يعتبر القسم فيه ولو كان هناك شركاء، فمتى
458

قبضوه واستقبلوا حولا ولو لم يقسموا كما يدل عليه قول المدونة، وكذلك الوصي يقبض للأصاغر عينا
أو ثمن عرض باعه لهم فليزك ذلك لحول من يوم قبضه الوصي اه‍. وقبض الشركاء البالغين لأنفسهم
كقبض الوصي لمن في حجره بل أقوى، نعم إذا كان في الورثة صغار وكبار فقبض الوصي كلا قبض كما في
المدونة، فقول عج: إن اعتبار القسم إن كان شركاء هو المعتمد من المذهب فيه نظر بل القبض كاف كما
قاله طفي وارتضاه بن. قوله: (أو بعد قبضها) أي إن لم يتعدد الوارث قوله: (يستقبل بها حولا
بعد قبضها) أي ولو وقفت وعلم بها قوله: (واحترز بقوله فقط عن الحرث والماشية) أي فإنهما يزكيان
مطلقا من غير قيد الايقاف والعلم لحصول النماء فيهما من غير كبير محاولة. قوله: (وقد سبق الكلام عليهما)
حاصل ما مر أنه إن مات المورث قبل افراك الحب أو طيب التمر زكي على ملك الوارث، فمن نابه
نصاب ما مر زكاه وإلا فلا ما لم يكن عنده ما يكمل به نصابا من زرع آخر، وإن مات بعد الافراك زكي على
ملك الميت وإن لم ينب كل وارث نصاب، وأما الماشية فيزكى كل عام من يوم موت المورث ولو لم يقبضها
الوارث إلا بعد أعوام سواء علم بها الوارث أم لا وقفت على يد أمين أم لا. قوله: (ولا موصى بتفرقتها)
سواء كانت الوصية في الصحة أو المرض، ويؤخذ من كلام المصنف أنه لا زكاة فيما تجمد عند الناظر
للمستحقين، وأما ما تجمد عنده بمجرد مصالح الوقف فإنها تزكى قاله شيخنا. قوله: (ومات الموصي قبل
الحول) أي والفرض أنها حيزت عنه لتفرق اه‍ بن قوله: (فإن فرقت بعد الحول وهو حي إلخ)
الأولى فإن مات الموصي بعد الحول وهي نصاب أي وهي مع ما عنده نصاب فإنها تزكى على ملكه لأنها
إذا فرقت بعد الحول وهو حي لا تكون وصية وإن كان الحكم مسلما تأمل. قوله: (ولا يزكيها إلخ)
أي وإذا فرقت فلا يزكيها إلخ. قوله: (وأما الماشية إذا أوصى بها إلخ) ما ذكره من زكاتها إذا كانت
لمعينين وصار لكل نصاب هو قول ابن القاسم في المدونة لأنهم كالخلطاء. وأما قوله في غيرها فهو عدم
الزكاة فيها مطلقا كالعين وهو ضعيف ومشى عليه خش وعبق. قوله: (تفصيل) تقدم عند قوله
والنفقة على الموصي له المعين. وحاصل ما تقدم أنه إذا أوصى بشئ من الحرث، فإن كانت الوصية بعد
الوجوب أو قبله ومات بعده فالزكاة على الموصي مطلقا كانت الوصية لمعين أو لغيره، كانت بكيل
أو بجزء شائع، وإن كانت الوصية قبل الوجوب ومات الموصي قبله فالزكاة أيضا في مال الموصي إن
كانت بكيل كانت الوصية لمساكين أو لمعين، وإن كانت بجزء شائع فإن كانت لمعين زكاها ذلك
المعين إن كانت نصابا ولو بالانضمام لماله، وإن كانت لمساكين زكيت على ذمتهم إن كانت نصابا
قوله: (ولا في مال رقيق) أي سواء كان عينا أو ماشية أو حرثا أو تجارة. قوله: (استقبل به) أي إن كان
عينا أو ماشية، وأما الحرث إذا انتزعه منه قبل وجوب الزكاة فيه فإنه يزكيه عند طيبه، وكذا لو أعتق
فإنه يستقبل حولا بما بيده من النقد والماشية، وأما الحرث إذا عتق قبل وجوبها فيه فإنه يزكيه عند
طيبه. قوله: (إن كان المال عينا) أي بخلاف ما إذا كان حرثا أو ماشية أو معدنا فإن الزكاة في
أعيانها فلا يسقطها الدين. قوله: (ما يجعله فيه) أي ما يجعله في مقابلة الدين الذي عليه، أما لو كان عنده
من العروض ما يجعله في مقابلة الدين الذي عليه ولو كانت كتبا فإنه يزكي تلك العين
قوله: (وسكة) عطف على عين لان المعاطيف إذا تكررت تكون على الأول على التحقيق
أو عطف على ما قبله على خلافه. واعلم أن الوصف القائم بالعين يقال له سكة والقائم بالحلي يقال له صياغة
وأما الجودة فإنها تكون في العين والحلي، لكن تارة يكون باعتبار ذاتهما وتارة يكون باعتبار السكة
أو الصياغة فلا يلزم من جودة السكة والصياغة أي حسنهما حسن الذات ولا العكس. قوله: (في
قيمة سكة) أشار الشارح بتقدير قيمة إلى أن النفي ليس مسلطا على السكة والصياغة والجودة لان
459

هذه الثلاثة أعراض والزكاة إنما تكون في الذوات. قوله: (ولسكتها) أي إذا كانت نقدا. وقوله
أو صياغتها أي إذا كانت حليا وقوله فلا زكاة عليه أي سواء كانت الصياغة محرمة كمبخرة وقمقم وإناء
أو جائزة كالحلي للنساء. قوله: (ولا في حلي إلخ) حاصل الفقه في هذه المسألة على ما قال المصنف أن الحلي
إذا انكسر فلا يخلو إما أن يتهشم أو لا، فإن تهشم وجبت زكاته سواء نوى إصلاحه أو نوى عدم إصلاحه
أو لم ينو شيئا وإن لم يتهشم بأن كان يمكن إصلاحه وعوده على ما كان عليه فلا يخلو إما أن ينوي عدم إصلاحه
أو لا، فإن نوى عدم إصلاحه فالزكاة، وإن نوى إصلاحه أو لم ينو شيئا فلا زكاة فيه، فمعنى كلام المصنف
أنه لا زكاة في الحلي المتخذ للقنية وإن تكسر إن انتفى تهشمه، ونية عدم إصلاحه بأن نوى إصلاحه
أو لم ينو شيئا ومفهومه صادق بأربع صور تجب فيها الزكاة: أحدها التهشم ونية عدم إصلاحه. ثانيها
التهشم مع نية إصلاحه. ثالثها: التهشم مع عدم نية شئ أصلا. رابعها: عدم التهشم مع نية عدم إصلاحه
قوله: (وسواء نوى) أي بعد تهشم إصلاحه. وقوله أم لا أي أو لم ينو إصلاحه بأن لم ينو شيئا أو نوى
عدم إصلاحه قوله: (ولم ينو عدم إصلاحه) قيد في قوله: وإن تكسر قوله: (والمعتمد الزكاة في الثانية)
أي وهي ما إذا تكسر ولم ينو شيئا لا إصلاحه ولا عدم إصلاحه. قوله: (فالزكاة في خمس صور) أي
وعدم الزكاة في صورتين ما إذا كان صحيحا لم يتكسر أو تكسر ونوى إصلاحه. قوله: (في المتهشم
مطلقا) أي سواء كان إصلاحه أو عدم إصلاحه أو كان لا نية له. قوله: (أو كان لرجل إلخ) أي أو وإن
كان لرجل فهو داخل في حيز المبالغة لعطفه على المبالغ عليه وهو قوله: تكسر. قوله: (وسيف) قال الناصر
وانظر لو كان السيف محلى واتخذته المرأة لزوجها هل لا زكاة فيه كما لو اتخذ الرجل الحلي لنسائه؟ اه‍
قال شيخنا العدوي: والظاهر وجوب الزكاة فيه لان الشأن اتخاذ الرجل الحلي لنسائه لا العكس
قوله: (أو اتخذه لمن يجوز له استعماله كزوجته وابنته) أي والحال أنه باق على ملكه، وأما لو ملكهما إياه فهو
داخل فيما قبل المبالغة قوله: (أو متخذا لأجل كراء) حاصل كلام الشارح أن الحلي إذا اتخذه انسان
لأجل الكراء فإنه لا زكاة فيه سواء كان المتخذ له رجلا أو امرأة، وإنما نص على عدم وجوب الزكاة
فيه لئلا يتوهم أنه كالمنوي به التجارة فيكون فيه الزكاة. ثم إن ظاهر المصنف أن المتخذ للكراء لا زكاة
فيه سواء كان يباح استعماله لمالكه كأساور أو خلخال لامرأة أو كان لا يباح استعماله لمالكه
كأساور أو خلخال لرجل وهو كذلك خلافا لقول الباجي المشهور أن ما يتخذه الرجل للكراء من
حلي النساء فيه الزكاة. والحاصل أن الراجح على ما قاله تبعا لطفي أن المتخذ للكراء لا زكاة فيه مطلقا
كان المالك له يحرم عليه استعماله أم لا، وإن قول المصنف إلا محرما في غير المعد للكراء، وارتضى ما قاله
طفي. شيخنا العدوي في حاشيته على خش، والذي اعتمده بن ما في خش وعبق وهو ما قاله الباجي
من أن محل كون المعد للكراء لا زكاة فيه إذا كان يباح لمالكه استعماله كأساور أو خلخال لامرأة
أما لو كانت ذلك لرجل لوجبت الزكاة فيه ونص بن بعد كلام طويل فتلخص أن المعتمد ما عند هذا
الشارح أي عبق ومن وافقه أي كخش قاله الشيخ المسناوي وهو ظاهر المدونة، وبه تعلم أن
ما ذكره طفي من المعتمد غير صواب إذ لا مستند له إلا ما في التوضيح، وظاهر ابن الحاجب
وقد علمت ما في ذلك اه‍ كلامه. قوله: (أو إعارة) عطف على قول المصنف: أو كراء. قوله: (إلا
محرما) أي سواء كان معدا للاستعمال أو للعاقبة، ولا يدخل في ذلك الحلي الذي اتخذه لولد
صغير لان ذلك ليس من المحرم على الراجح اه‍ عدوي قوله: (كالأواني) أي كدواة وعدة
فرس من لجام وسرج قوله: (أو معدا لعاقبة) أي مع كونه مباحا كسيف لرجل وخلاخل لامرأة
معدين للعاقبة فتجب الزكاة فيهما، وأما المحرم المعد للعاقبة فهو داخل في قوله: إلا محرما
اه‍ شيخنا عدوي. وقوله: لعاقبة أي حوادث الدهر. وقوله: ففيه الزكاة أي على المشهور خلافا لمن
460

قال بعدمها فيه اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (ولو لامرأة) أي هذا إذا كان لرجل بل ولو كان لامرأة، هذا
إذا اتخذته للعاقبة ابتداء بل ولو اتخذته لذلك انتهاء كما لو اتخذته للباس فلما كبرت اتخذته للعاقبة.
قوله: (أو صداق إلخ) أي أنه تجب الزكاة في الحلي إذا اتخذه الرجل لأجل أن يصدقه لامرأة يتزوجها
أو يشتري به أمة يتسرى بها وهذا هو المشهور خلافا لمن قال بسقوط الزكاة فيه. قوله: (أو منويا به
التجارة) يريد ولو كان أولا للقنية ثم نوى به التجارة فيزكيه لعام من حين نوى به التجارة كذا
في خش، والذي في بن أنه إذا اتخذ الحلي للقنية ابتداء ثم نوى به التجارة فلا زكاة، وأما إذا اتخذه
للتجارة ثم نوى به القنية فلا ينتقل بها ولا عبرة بتلك النية لأنها ناقلة عن الأصل والنية إنما تنقل للأصل
ولا تنقل عنه. قوله: (هذا إن لم يرصع إلخ) المشار إليه المحرم والمعد للعاقبة والصداق والمنوي به التجارة
قوله: (وزكى الزنة إلخ) يعني أن كل عام يزنه بعد قلع الجواهر منه ويزكيه إن أمكن نزع الجواهر منه
بلا ضرر، ومفهومه أنه إن لم يمكن نزعها منه أصلا أو أمكن نزعها منه لكن بتضرر ككسر الجواهر أو
كان يترتب على نزعها منه غرم دراهم لمن ينزعها منه فإنه يتحرى الزنة كما أشار له المصنف بقوله
وإلا تحرى أي في كل سنة إن كان يستعمل وينقصه الاستعمال وإلا اكتفى بالتحري في أول عام.
قوله: (ويزكي الجوهر زكاة العروض) أي من إدارة أو احتكار إن كان شأنه التجارة فيها وإلا فلا زكاة
فيها أصلا اه‍ عدوي. قوله: (ثم شرع في الكلام على نماء العين) أي ثم بعد فراغه من الكلام على زكاة العين
شرع في الكلام على نمائها قوله: (ربح وغلة وفائدة) أما الربح فقد عرفه الشارح هنا، وأما الغلة فسيأتي
أنها ما تجدد من سلع التجارة قبل بيع رقابها كغلة العبد ونجوم الكتابة وثمر النخل المشترى للتجارة،
وحكمها أنه تستقبل بها حولا من يوم قبضها، وأما الفائدة فسيأتي أنها ما تجدد لا عن مال أو عن مال غير
مزكى كعطية وميراث وثمن عرض القنية وحكمها الاستقبال بها من يوم حصولها. قوله: (وضم الربح
لأصله) معناه أن من عنده نصاب من العين فاتجر فيه فربح أو دون نصاب منها فاتجر فيه فربح وصار
بربحه نصابا فإنه يزكي الأصل والربح لتمام حول من يوم ملك الأصل كالنتاج على المشهور لا من يوم
الشراء ولا من يوم الربح وهذا قول ابن القاسم. وقال ابن عبد الحكم: إنه يستقبل بالربح حولا كالفائدة
سواء كان يملك أصله أو لا بأن تسلفه، فإن كان الأصل أقل من نصاب استأنف بالجميع حولا وإن كان نصابا
زكاه ولا يزكي ربحه إلا إذا تم له حول. قوله: (زائد إلخ) لم يقل زيادة لان الربح في اصطلاحهم العدد الزائد
لا الزيادة واحترز بثمن من زيادة ذات المبيع كنموه في ذاته فإنه لا يسمى ربحا بل هو غلة، فإذا اشترى
صغيرا للتجارة بعشرين ثم باعه بثمانين بعد كبره زكى من الثمن قدر ما يباع به الآن كستين مثلا، ولو بقي صغيرا
وما بقي ينوب نماءه فلا يزكيه لأنه غلة لا ربح. قوله: (ذهبا أو فضة) أي حال كون ذلك الزائد ذهبا أو فضة
واحترز به عما لو كان الزائد عرضا فإنه لا يسمى ربحا وهو كعروض التجارة من إدارة أو احتكار
فالأول يقوم كل يوم دون الثاني. قوله: (لا مفهوم لها) فيه نظر لما علمت مما قلناه. قوله: (فاحترز به عن مبيع
القنية) أي كما إذا اشترى سلعة للقنية بعشرة ثم باعها بعشرين فالعشرة الزائدة لا تسمى ربحا اصطلاحا
ولا تزكى لحول العشرة الأصل. وقوله: على ثمنه الأول احترز به عن زيادة ثمن مبيع التجر إذا نما ذلك الثمن
في نفسه أي بقطع النظر عن كونه زائدا على الثمن الأول أولا، وصورة ذلك: أن يشتري سلعة بعشرة فيبيعها
بعشرين ولم ينظر لكون العشرين زائدة على العشرة أو لا وإن كانت زائدة عليها في الواقع وهذا إنما
يكون فيما اشترى للقنية. قوله: (فإن تم النصاب بالربح بعد الحول) أي كما لو ملك دينارا وأقام عنده أحد عشر
شهرا ثم اشترى به سلعة باعها بعد شهرين بعشرين فإنه يزكي الآن وصار حولها فيما يأتي من يوم التمام.
461

قوله: (ربحا حكما) فيه نظر بل هو ربح حقيقة عند ابن القاسم لأنه إنما اشترى منافع الدار بقصد الربح
والتجارة، فإذا أكراها فقد باع ما اشتراه فقد ظهر أنه ربح حقيقة لا حكما، فقوله مشبها له الصواب أنه
مثال اه‍ بن قوله: (لا فائدة على المشهور) أي خلافا لا شهب القائل: إن غلة المكتري للتجارة فائدة
يستقبل بها بعد قبضها قوله: (فمن عنده خمسة دنانير) أي ملكها في المحرم قوله: (عن غلة مشتري للتجارة)
أي مثل غلة عبيد التجارة وأجرة الدار المشتراة للتجارة. قوله: (فإنه يستقبل بها حولا) أي لأنها غلة
لا ربح قوله: (ولو ربح دين) متعلق بالربح قبله وما بينهما كالاعتراض بناء على ما قاله الشارح من أن غلة
المكتري للتجارة ليست ربحا حقيقة أي ضم الربح لأصله وإن كان ربح دين لا عوض له عنده،
ومعنى ضمه هنا أنه يزكى لحول من يوم السلف حيث تسلف الثمن واشترى به، ومن يوم الشراء حيث
اشترى بدين. قوله: (كأن يتسلف عشرين دينارا) أي في المحرم مثلا. وقوله: أو اشترى أي في المحرم مثلا.
وقوله: فباعها بخمسين بعد حول أي من المحرم الذي وقع فيه الشراء في الذمة أو التسلف. قوله: (وأولى
إن كان عنده عوض) أي ما يجعل في مقابلته وهذا داخل فيما قبل المبالغة وليس داخلا فيها لان
القائلين بضم الربح لأصله إنما اختلفوا فيما ليس له أصل يملكه، ولذا بالغ عليه المصنف ردا على
أشهب القائل باستقباله بالربح حينئذ قاله طفي اه‍. بن: ومعنى قول المصنف وضم الربح لأصله هذا إذا
كان له أصل يملكه بل ولو لم يكن له أصل يملكه كربح دين لا عوض له عنده، واعلم أنه يشترط فيما
يزكيه من ربح الدين الذي لا عوض له عنده أن يكون نصابا كما في مثال الشارح وإلا لم يزكه ولو كان
مع أصله نصابا. قوله: (ولمنفق إلخ) عطف على لأصله أي وضم الربح لأصله وضم لمال منفق كما أشار
لذلك الشارح، وحاصله أن من بيده أقل من نصاب قد حال عليه الحول ثم اشترى ببعضه سلعة وأنفق
البعض بعد الشراء فإنه إذا باع السلعة بما يتم به النصاب إذا ضم لما أنفقه تجب عليه الزكاة، وسواء
باع بقرب الشراء أم لا لان الفرض أن الحول قد تم قبل الشراء، وأما إذا أنفق قبل مرور الحول فلا
ضم لان المال المنفق والمشترى به لم يجمعهما الحول، كما أنه لو أنفق بعد الحول وقبل الشراء فلا ضم ولا
يزكي ثمن ما باع به إلا إذا كان نصابا قوله: (لجموده) فيه أن الظرف يكفيه رائحة الفعل. قوله: (متعلقان
بمنفق) الأقرب أن مع ووقت حالان من منفق أي ضم الربح لمال منفق حالة كون إنفاقه بعد تمام
حوله المصاحب لأصله وحالة كون إنفاقه وقت الشراء. قوله: (قبل شراء السلعة) أي والحال أنه
بعد مرور الحول. قوله: (وهي التي تجددت إلخ) أشار الشارح إلى أن في كلام المصنف حذف
المبتدأ والخبر الموصل وذلك للعلم بهما إذ ليس لنا فائدة غير هذه وحذف ما يعلم جائز كما قال ابن
مالك، وهذه الجملة مستأنفة جوابا لسؤال مقدر كأن قائلا قال له: ما الفائدة؟ فأجاب بقوله وهي العين
التي تجددت إلخ. قوله: (لا عن مال) عطف على مقدر أي وهي التي تجددت عن غير مال لا عن مال
أي لا إن تجددت عن مال فلا يستقبل بها والمعطوف عليه بلا يجوز حذفه إذا علم كقولك: أعطيتك
لا لتظلم أي لتعدل لا لتظلم. قوله: (أخرج به الربح) أي وهو زائد ثمن المبيع الذي للتجارة على ثمنه الأول
والغلة ما تجدد عن السلع المشتراة للتجارة قبل بيعها كغلة عبد وكتابته وثمرة مشتري للتجارة
قوله: (كعطية وميراث) أي وهبة وصدقة واستحقاق من وقف أو وظيفة أو حاكمية أو أرش
462

جناية أو دية لنفس أو طرف وصداق قبضته من زوج ومنتزع من رقيق. قوله: (أو تجددت عن مال إلخ)
أشار الشارح بهذا إلى أن قوله: أو غير مزكى عطف على المقدر قبل قوله: لا عن مال أي تجددت عن غير
مال أو عن مال غير مزكى، واحترز بقوله: غير مزكى عما تجدد عن مال مزكى كربح ثمن سلع التجارة فإنه
يزكى لحلول أصله كما مر قوله: (بناء على أن ما تجدد عن سلع التجارة بلا بيع) أي لها كغلة عبد وثمر نخل مشترى
للتجارة، وكان الأولى أن يقول بناء على أن غلة المكترى للتجارة لا يسمى فائدة أي بل يسمى ربحا
كما قال ابن القاسم، وأما على ما قال أشهب من أنه فائدة فتكون الفائدة المتجددة عن مال غير مزكى لها
فردان. قوله: (كثمن مقتن) يرد على حد المؤلف المعشرات بعد اخراج عشرها فإنها إذا بيعت ثمنها فائدة
وهو ثمن مزكى إلا أن يقال: إنه بعد اخراج عشرها صارت غير مزكى لان المراد بالمزكى ما تقرر
زكاته كل سنة اه‍ بن قوله: (أو غيرهما) أي كثياب وأسلحة وحديد ونحاس والعقار الأرض وما اتصل
بها من بناء أو شجر قوله: (فعلم منه أن الفائدة نوعان) أي من جعل قوله تجددت صلة موصول حذف
مع مبتدئه لا أنه صفة لفائدة وإلا لاقتضى أن الفائدة أعم مما ذكر من النوعين وإن كان الاستقبال إنما
هو فيهما. قوله: (وتضم ناقصة) اعلم أن أقسام الفوائد أربعة: إما كاملتان أو ناقصتان، أو الأولى كاملة
والثانية ناقصة أو العكس، فالكامل لا يضم للناقص الذي بعده كامل يضم إليه، والناقص بعد الكامل لا
يضم لسبقه بالكامل، والناقص يضم للناقص بعده كما يضم للكامل بعده. قوله: (والثانية في رمضان كذلك)
أي عشرة أي أو عشرين أو أكثر قوله: (وتبقى الثالثة على حولها) أي فتزكى على حولها وإن كانت
أقل من نصاب لان الكامل لا يضم لغيره والناقص لا يضم للكامل قبله كما علمت، وهذا كله بالنسبة للعين
وأما الماشية فقد تقدم أن ما حصل من فائدتها ولو بعد النصاب فإنه يضم. والحاصل أن الفائدة
في العين لا تضم لما قبلها إذا كان نصابا وتضم له إذا كان أقل، وأما الماشية فتضم الفائدة فيها لما قبلها إن
كان نصابا كانت هي نصابا أم لا، لا إن كان أقل من نصاب، فلا تضم له مطلقا كانت نصابا أو أقل.
قوله: (وهكذا لرابعة) أي وهكذا تضم الثلاثة لرابعة والأربعة لخامسة إلى أن يكمل النصاب، فإذا
كمل النصاب وقف عن الضم ويصير لما بعده حول مؤتنف فيزكى لحوله وإن كان أقل من النصاب.
قوله: (إلا بعد حولها كاملة) هذا مستثنى من قوله: وتضم ناقصة لثانية أي إلا إذا نقصت الأولى بعد أن
حال حولها وهي كاملة فإنها لا تضم لما بعدها وتزكى على حولها. قوله: (وتزكيتها) أي واستحقاقها
للتزكية سواء زكيت بالفعل أم لا فهو لازم لما قبله، كذا قرر بن وعبق وسلمه شيخنا. قوله: (فإذا جاء المحرم
زكى عشرته) استشكله في التوضيح بما حاصله أنه إذا زكينا الأولى عند مجئ حولها، فإما أن ننظر
في زكاتها للثانية أو لا، فإن نظرنا في زكاتها للثانية قال شارحنا ورد عليه أن الثانية لم تجتمع مع
الأولى في كل الحول وحينئذ فيلزم اعتبار المال قبل حوله في وجوب الزكاة لان الفرض
أن الثانية لم يحل حولها، وإن لم ننظر للثانية لزم زكاة ما دون النصاب، ولأجل استشكاله بذلك
استظهر قول ابن مسلمة من ضم الأولى للثانية في الحول كما لو نقصت الأولى قبل أن يحول
عليها الحول وهي كاملة، وقد أجيب عن ذلك الاشكال باختيار الشق الأول، ونقول: إن
هذا فرع مشهور مبني على ضعيف وهو قول أشهب أنه يكفي في إيجاب الزكاة في المالين
القاصر كل منهما عن النصاب ومجموعهما نصاب اجتماعهما في الملك وبعض الحول. قوله: (وإذا جاء
رجب زكى الأخرى) أي وهكذا ما دام في مجموعهما نصاب، فإن نقصتا ضمتا لما بعدهما
إن مر عليهما الحول ناقصتين، وأما إن كملتا قبل مروره عليهما ناقصتين بقيتا على حوليهما.
463

قوله: (فلا تضم لما بعدها) أي ولا يضاف أيضا ما بعدها إليها ولو كان ناقصا. قوله: (وإن نقصتا معا) أي
والحال أنه ليس بعدهما ما يكمل به النصاب بدليل قوله فربح تمام نصاب. وأما إن نقصتا عن النصاب
وبقي من مجموعهما نصاب فكل على حولها، وكذا لو كان فيهما مع ما بعدهما نصاب فكل على حوله
أي أنه يزكي الأولى في حولها نظرا للثانية والثالثة، والثانية يزكيها في حولها نظرا للأولى والثانية،
والثالثة يزكيها في حولها نظرا للثانية والأولى. قوله: (ناقصتين) أي وليس بعدهما ما يضمان إليه.
قوله: (ورجعتا كمال إلخ) فإن أفاد من غيرهما ما يتم به معهما ما فيه الزكاة استقبل بالجميع حولا من يوم أفاد المال
الثالث، هذا كله ما لم يتجر فيهما أو في أحدهما قبل مضي الحول الثاني ويربح ما يكمل به النصاب.
قوله: (عند حول الأول أو قبله) عد هذين وجها واحدا، وعد قوله: وعند حول الثانية أو شك فيه لأيهما وجهين
والظاهر العكس اه‍ بن. قوله: (فعلى حوليهما) أي فيبقيان على حوليهما أو فهما باقيتان على حوليهما
لكن جعل الجواب جملة اسمية أكثر قاله البدر. قوله: (وإلا زكى) أي وإلا يخلطهما زكى كل واحدة
وربحها عند حولها قل ربحها أو كثر. قوله: (فمنه) أي انتقلت الأولى إلى حول الثانية وزكيتا معا عنده.
قوله: (أي عند أيهما) أشار إلى أن اللام بمعنى عند. قوله: (وإن علم وقته) الواو للحال وإن زائدة.
قوله: (اعتبر) أي ويجري على ما ذكر من التفصيل. وقوله: وجعل أي الربح للثانية فإن حصل الربح عند
حول الأولى أو قبله وشك في الربح لأي الفائدتين فكل على حولها ويزكى الربح مع الثانية، وإن حصل
الربح بعد حول الأولى بشهر انتقل حول الأولى إليه، والثانية على حولها تزكى فيه مع الربح، وإن
حصل الربح عند حول الثانية انتقلت الأولى لحول الثانية وزكيتا معا والربح عنده. قوله: (أي كحصول
الربح بعد الحول إلخ) أي حول الثانية أشار الشارح بهذا إلى أن الكاف في قول المصنف كبعده داخلة
على محذوف لا على بعد، فاندفع ما يقال أن بعد ملازمة للنصب على الظرفية ولا تجر إلا بمن فكيف يجرها
المصنف بالكاف؟ قوله: (في مطلق الانتقال) الأولى في مطلق الانتقال المتأخر. قوله: (وإن حال حولها
فأنفقها إلخ) اعلم أن كلام المصنف محمول على ما إذا كان للشخص فائدتان لا تضم إحداهما للأخرى
كما لو كان عنده عشرون محرمية حال حولها ثم صارت بعد الحول عشرة واستفاد بعد ذلك في رجب
عشرة، فإنه إذا جاء المحرم وعنده العشرون فإنه يزكي العشرة المحرمية بالنظر للعشرة الرجبية، فإذا أنفقها
أي المحرمية أو تلفت بعد الزكاة فلا زكاة عليه في العشر الرجبية لقصورها عن النصاب لأنها إنما كانت
تزكى نظرا للأولى، وإنما حملنا كلام المصنف على ما إذا كانت الفائدتان لا تضم إحداهما للأخرى لأنه
أثبت لكل من الأولى والثانية حولا، وهذا الحمل للشيخ أحمد الزرقاني، وحمله بعضهم وهو الشارح
بهرام والمواق وتت على ما إذا كانت الفائدتان تضم إحداهما للأخرى مثل أن يستفيد عشرة فتبقى
بيده ستة أشهر ثم يستفيد عشرة فأقامت بيده ستة أشهر فحال الحول على الأولى فأنفقها، ثم أقامت الثانية
ستة أشهر فتم حولها فلا زكاة عليه لأنه لم يجمعهما حول، وهذا التقرير وإن كان صحيحا فقها لكنه بعيد من
كلام المصنف وذلك لانتقال الحول للأولى لأنها تضم للثانية، والمصنف قد أثبت لها حولا كما أثبت
للثانية إلا أن يقال: إنه جعل لكل واحدة حولا نظرا للظاهر، وإن لم يكن للأولى حول شرعا لان الحول
464

في عرفهم إنما يكون للكاملة، وجعل ح كلام المصنف شاملا لهما فهو أتم فائدة كذا قرر شيخنا.
قوله: (وبالمتجدد من نقد ناشئ عن سلع التجارة) أي كغلة الحيوان المشترى للتجارة. قوله: (وأولى
سلع القنية) أي وأولى النقد الناشئ عن سلع القنية كأجرة عقار أو حيوان القنية قوله: (أو
المكتراة للقنية) كعقار اكتراه لسكناه ثم استغنى عنه فأكراه. قوله: (كالربح) الأولى حذف
الكاف لان غلتها ربح حقيقة عند ابن القاسم كما مر. قوله: (بلا بيع لها) أي للسلع التي للتجارة
قوله: (وإلا كان إلخ) أي وإلا بأن بيعت تلك السلع التي للتجارة كان الزائد إلخ. قوله: (ونجوم كتابة) أي
لان الكتابة ليست بيعا حقيقيا وإلا لرجع العبد بما دفع إن عجز قوله: (وثمرة مشترى) وسواء باع
الثمرة مفردة أو باعها مع الأصل لكن إن باعها مع الأصل، فإن كان بعد طيبها فض الثمن على
قيمة الأصل والثمرة، فما ناب الأصل زكاه لحول الأصل، وما ناب الثمرة فإنه يستقبل به حولا من يوم
يقبضه فيصير حول الأصل على حدة والثمرة على حدة، وإن باعها مع الأصل قبل طيبها زكى ثمنها لأنه
تبع لحول الأصل كثمن الأصل. قوله: (وجدت) أي حدثت تلك الثمرة بعد الشراء. وقوله: ولم تطب
الأولى ولم تؤبر. قوله: (وصوف) أي وثمن صوف غنم اشتريت للتجارة وكذا يقال فيما بعده. قوله: (إلا
المؤبرة إلخ) هذا استثناء من قوله: وبالمتجدد عن سلع التجارة فهو استثناء متصل بالنسبة لكل
من المؤبرة والصوف التام، ولا يصح استثناؤه من قوله: وثمرة مشتري لأنه يصير متصلا منفصلا
متصلا بالنسبة للمؤبرة ومنفصلا بالنسبة للصوف التام. قوله: (فلا يستقبل بثمنهما بل يزكيه الخ)
أي لان كلا من الثمرة المؤبرة والصوف التام يوم الشراء بمنزلة سلعة ثانية اشتراها للتجارة، وما ذكره
المصنف نص عليه عبد الحق واللخمي. قوله: (لكن المعتمد في الثمرة المؤبرة إلخ) اعلم أن ما ذكره
المصنف في المأبورة إنما هو تخريج ذكره عبد الحق عن بعض شيوخه فقيد به المصنف كلام ابن
الحاجب واعتمده هنا، والصواب خلافه لقول بعض المحققين من شراح ابن الحاجب المأبورة حين
الشراء المنصوص أنها غلة، وقال ابن محرز: أهل المذهب قالوا أنه يستقبل بثمن الثمرة وإن كانت مأبورة
يوم الشراء، نعم إن كانت حين الشراء قد طابت فقال بعض شراح ابن الحاجب أنها كسلعة، وأما
ما ذكره في الصوف التام فهو منصوص لا مخرج كما يفيده عبارة اللخمي على ما في ح ونصها: اختلف
إذا اشترى الغنم وعليها صوف تام فجزه ثم باعه فقال ابن القاسم: إنه مشترى يزكيه لحول الأصل الذي
اشترى به الغنم، وعند أشهب أنه غلة والأول أبين لأنه مشترى يزاد في الثمن لأجله اه‍ بن.
قوله: (إذا بيعت مفردة) ولا يكون ذلك إلا بعد بدو الصلاح. وقوله: أو مع الأصل ولا يشترط
في ذلك بدو الصلاح لكن إن بدا الصلاح استقبل بما قابل الثمرة من الثمن، وإن لم يبد الصلاح فلا
عبرة بالثمرة بل هي بمنزلة العدم، والعبرة بالأصول والحول حول الأصل ولذا قال الشارح بعد طيبها.
قوله: (كغيرها) أي كغير المؤبرة. والحاصل أن الثمر إذا كان غير مؤبر وقت شراء الشجر فإن
ثمنه يستقبل به اتفاقا وإن كان مؤبرا فقيل إن ثمنه يزكى لحول الأصل، وقيل يستقبل به حولا كثمن
غير المؤبر وهو المعتمد، بخلاف الصوف التام فإنه ليس كغير التام إذ ثمن غير التام غلة يستقبل به
بخلاف ثمن التام فإنه يزكى لحول الثمن الذي اشتري به الأصل على المعتمد. وقوله: ولو زكيت عينها أي
عين الثمرة فإنه يستقبل بثمنها حولا خلافا لظاهر قول المصنف الآتي ثم زكى الثمن لحول التزكية.
قوله: (وإن اكترى إلخ) أي وإن اكترى بمال التجارة أرضا بقصد التجارة. قوله: (زكى ثمن إلخ)
أي حيث كان ذلك الثمن نصابا وكانت الغلة الخارجة من الزرع المبيعة بذلك الثمن أقل من
نصاب، وأما لو كانت نصابا فسيأتي أنه يزكي عينها، ثم إذا باعها زكى ثمنا لحول التزكية لا
لحول الأصل. والحاصل أن ما ذكره المصنف من أن ثمن الحب يزكى لحول الأصل مقيد بما
465

إذا كان الحب أقل من نصاب وإلا زكى الثمن لحول من يوم زكى الحب كما يأتي، فما يأتي مقيد لما هنا.
قوله: (لحول الأصل الذي اكترى به الأرض) وهو يوم التزكية إن كان قد زكاه وإلا فمن يوم ملكه
ولا يستقبل به حولا من يوم البيع فثمن ما حصل من غلتها من قبيل الربح لا من قبيل الغلة ولا من قبيل
الفائدة، ولذلك قال بن: الظاهر أن هذه المسألة من أفراد قوله فيما تقدم كغلة مكتري للتجارة ويدل
عليه كلام ح وحينئذ فكان الأولى للمصنف تقديمها هناك. قوله: (كون البذر) أي المبذور من غلة
مشتراة للتجارة، فلو كان المبذور مما اتخذه لقوته فإنه يستقبل بثمن ما حصل من الزرع حولا بعد قبضه
قوله: (أو لا يشترط) أي لان بذر الزرع مستهلك فلا يلتفت له وحينئذ فلا يضر كونه لقوته. قوله:
(والأولى تأويلان) لان الأول تأويل لابن يونس وأكثر القرويين وابن شبلون، والثاني تأويل
لأبي عمران، والتأويلان للفظ المدونة على الصواب لان أحدهما لكلام المدونة والآخر لكلام الأمهات
كما قال بعضهم انظر بن. قوله: (لا إن لم يكن أحدهما للتجارة) أي لا إن انتفى الكون للتجارة عن
كل واحد منهما بأن كانا معا للقنية فلا يزكى ثمن الزرع لحول الأصل بل يستقبل، ومفهومه أنه لو كان
أحدهما للقنية والآخر للتجارة فإنه لا يستقبل ويزكى لحول الأصل، وهو يخالف ما دل عليه منطوق
قوله: وإن اكترى وزرع للتجارة زكى أي ثمن الزرع لحول الأصل فإنه يفيد أنه لا يزكى لحول الأصل
إلا إذا ثبت الكون للتجارة لكل منهما لا إن ثبت لأحدهما هذا محصل كلام الشارح. قوله: (بأن كانا معا
للقنية) أي بأن اكترى بقصد القنية وزرع بقصدها. قوله: (فلو قال لا إن كان أحدهما للقنية إلخ) فيه
نظر إذ لو قال ذلك لاقتضى أنه إذا لم ينو شيئا فكالتجارة وليس كذلك بل كالقنية كما في التوضيح، فكان
الصواب أن يقول كما في ح لا إن لم يكونا للتجارة وهو ظاهر اه‍ بن. وأجاب شيخنا عن المصنف بأن
كلامه من باب سلب العموم وأن معناه لا إن انتفت الكونية للتجارة عنهما معا، وهذا صادق بما إذا
كانا معا للقنية أو أحدهما لها والآخر للتجارة لا من باب عموم السلب حتى يأتي الاعتراض تأمل.
قوله: (لكن يجب إلخ) أي ان الواجب أن يعمم في أول الكلام ثم يخصص في آخره لأجل أن يكون ماشيا
على الراجح إذ لو عمم في آخره كأوله لكان ماشيا على القول الضعيف، ولو خصص أولا وآخرا لكان فيه
قصور قوله: (من أن ما عداها) أي وهي مسألة ثمر الأصول المشتراة للتجارة قوله: (على زكاة الدين) أي
إذا كان قرضا سواء كان من مدير أو محتكر أو من غيرهما، أو كان ثمن عرض تجارة لمحتكر بدليل قول
المصنف لسنة من أصله، وأما لو كان الدين ثمن عرض تجارة لمدير فإنه يقوم ويزكيه كل عام، فالمدير
والمحتكر إنما يفترقان في دين التجارة. قوله: (ومحط الحصر إلخ) أي فالمعنى إنما يزكى الدين لسنة من أصله أي
لسنة من يوم زكي أصله إن كان قد زكاه أو من يوم ملك أصله إن لم تجب الزكاة فيه بأن لم يقم عنده حولا
ولو أقام عند المدين أعواما بشروط أشار لها المصنف بقوله: إن كان إلخ قوله: (فأقرضه) أي للمدين سواء
كان ذلك المقرض مديرا أو محتكرا وغيرهما قوله: (أو نحو ذلك) بأن كان أصله من ميراث وكان في يد
الوصي على تفرقة التركة. قوله: (إلا بعد حول من قبضه) أي ولو أخر قبضه فرارا من الزكاة. فائدة: لو
بقيت العطية بيد معطيها قبل القبول والقبض سنين فلا زكاة فيها لماضي الأعوام لا على المعطى بالفتح
لعدم القبض ولا على المعطي بالكسر، لأنه بقبول المعطى بالفتح تبين أنها على ملكه من يوم الصدقة قاله
466

سحنون. قوله: (أو كان أصله عرض تجارة) أي سواء ملكه بشراء أو بهبة أو ميراث أو نحوهما وقصد
به التجارة وكان محتكرا وباعه بدين، واحترز المصنف عما إذا كان أصل الدين عرضا من عروض
القنية أو الميراث ولم يقصد به التجارة وباعه بدين فلا يزكيه إلا بعد حول من قبضه. قوله: (إن كان
أصله قرضا إلخ) هذا شرط فيما قبله والمعنى: فلا زكاة فيما لم يقبض من الدين إن كان قرضا لمدير أو لمحتكر أو
لغيرهما، أو كان ثمن عروض تجارة لمحتكر لا إن كان ثمن عرض تجارة المدير ولا زكاة كل عام وإن لم
يقبضه. قوله: (أو عرض محتكر) أي أو ثمن عرض محتكر قوله: (غير القرض) بأن كان ثمن سلعة باعها
بالدين، وأما القرض فإنما يزكيه لسنة من أصله كما علمت. قوله: (فيزكيه) أي لكل عام وإن لم يقبضه
قوله: (لا إن قبضه عرضا) أي لا إن قبض عرضا عوضا عن الدين فإنه لا يجب عليه الزكاة حتى يبيعه،
فإذا باع ذلك العرض زكى ثمنه لحول من يوم قبض العرض لا من حول الأصل، وهذا إذا كان محتكرا،
وأما إن كان مديرا فإنه يقوم ذلك العرض الذي قبضه كل عام ويزكيه وإن لم يبعه، وكلام الشارح غير
واف بذلك. قوله: (ولو بهبة) أشار بلو لرد قول أشهب: لا زكاة في الموهوب لغير من عليه الدين انظر
التوضيح. قوله: (فإن الواهب يزكيه) أي لسنة من أصله قوله: (لأنها) أي الهبة لا تتم إلا به أي إلا
بالقبض فكأن رب الدين قد قبضه حين قبضه الموهوب له. قوله: (إلا لشرط) أي إلا أن يشترط
الواهب على الموهوب له أن يخرج زكاة ذلك الدين الموهوب منه. وقوله: أو ادعى أي الواهب أنه
حين الهبة أراد أن زكاته تكون منه فيعمل بقوله: وهل مطلقا أو بعد حلفه انظره. والحاصل أن
زكاة الدين الموهوب منه إن نوى ذلك الواهب أو شرط ذلك على الموهوب له، فإن لم ينو ولم يكن شرط
فإن الواهب يزكيه من غيره، هذا محصل كلام الشارح وهو قول أبي الحسن القابسي، وظاهر كلام ابن
عرفة أن الدين الموهوب زكاته منه مطلقا سواء شرط الواهب ذلك أو نواه أو لم يكن شرط ولا نية
وهو قول ابن رشد قوله: (لعدم قبضه) أي بل هو إبراء، وكذا لا زكاة أيضا على المدين إلا أن يكون
عنده ما يجعله في مقابلته فإنه يزكيه لكل عام قبل الابراء. قوله: (أو بإحالة) أي أو كان قبضه بإحالة.
والحاصل أن كلا من الهبة والحوالة قبض حكمي للدين إلا أنه لا بد في زكاة الدين الموهوب لغير
المدين من قبض الموهوب له، بخلاف ما وقعت فيه الحوالة فإنه يجب على المحيل بمجرد حصول الحوالة
الشرعية أن يزكي ذلك الدين لحول أصله وإن لم يقبضه المحال على المذهب خلافا لابن لبابة، والفرق
بين الحوالة والهبة أن الهبة وإن كانت تلزم بالقول قد يطرأ عليها ما يبطلها من فلس أو موت فلا تتم إلا
بالقبض بخلاف الحوالة. قوله: (وأما المحال فيزكيه منه) أي لسنة من أصله. قوله: (إن كان عنده إلخ)
أي فإذا كان عنده ما ذكر فإنه يزكيه بمرور الحول عليه وهو بيده، فقد ظهر لك أن المال المحال به يخاطب
بزكاته ثلاثة ولو من غيره. قوله: (كمل نصابا) أي كمل المقبوض نصابا بنفسه أي بذاته من غير انضمام
شئ إليه سواء قبض النصاب في مرة أو في مرات، هذا إذا استمر البعض المقبوض أولا عنده لقبض
الباقي بل ولو لم يستمر بل تلف المتم أي البعض الذي قبضه أولا قبل قبض الباقي. قوله: (لا بانضمام شئ
معه) أي ما لم يكن فائدة جمعها معه ملك وحول، فقول الشارح: لا بانضمام شئ معه أي غير ما سيأتي
في المصنف لا مطلقا. قوله: (ولو تلف المتم) أي حيث قبض نصابا فإنه يزكيه ولو تلف بعضه قبل كماله
وهو مراده بالمتم اسم مفعول، كما إذا قبض من دينه عشرة فتلفت منه بإنفاق أو ضياع ثم إنه قبض منه
أيضا عشرة فإنه يزكي عن العشرين عند قبض الثانية ولا يضر تلف العشرة الأولى لان
العشرين جمعها ملك وحول، خلافا لابن المواز حيث قال: إذا تلف المتم من غير
سببه سقطت زكاته وسقطت زكاة باقي الدين إن لم يكن فيه نصاب، وأما إذا تلف بسببه
467

فالزكاة اتفاقا، وقد رده المصنف بلو واستظهره ابن رشد. قوله: (إن تلف بعد إمكان تزكيته) هذا شرط في
قول المصنف: ولو تلف المتم. وحاصله أن محل كونه يزكى المتم بالفتح عند قبض ما يتممه ولو تلف ذلك
المتم قبل قبض ما يتممه إذا كان تلفه بعد إمكان تزكيته أن لو كان نصابا كما إذا كان تلفه بعد حلول
حول الأصل، وأما لو كان تلفه قبل إمكان تزكيته فإن كان قبل حلول حول الأصل فإنه لا يزكي ما قبض
بعده إلا إذا كان نصابا قوله: (أو بفائدة) أي أو كمل المقبوض من الدين نصابا بسبب فائدة، وليس
المراد بالفائدة هنا ما تجدد لا عن مال فقط بل المراد بها هنا ما تجدد أعم من أن يكون عن مال أو غيره، فقول
الشارح أو غيرها لا حاجة له، ولا حاجة لقول المصنف ملك لان الفائدة لا يقال لها فائدة إلا إذا كانت
مملوكة والدين لا يكون إلا مملوكا قوله: (وحول) أي وكمل الحول، ثم إن هذا يفيد أنه لو مر للفائدة عنده
ثمانية أشهر واقتضى من دينه ما يصيرها نصابا فأكثر فإنه لا يزكي ما اقتضاه إلا إذا بقي ما اقتضاه لتمام
حول الفائدة وبقيت أيضا لتمامه ليحصل جمع الحول للفائدة والاقتضاء وجمع الملك لهما فيه، فلو قبض
عشرة فأنفقها بعد حولها وقبل حول الفائدة أو استفاد وأنفق بعد حولها ثم اقتضى من دينه قبل الحول
ما يكمل النصاب فلا زكاة اه‍ عدوي. قوله: (كما لو ملك عشرة دنانير) أي بعطية مثلا قوله: (فإنه يزكيهما)
أي لحول من أصل الدين. واعلم أنه لا يشترط تقدم ملك الفائدة على الاقتضاء بل لا فرق بين أن تكون
الفائدة تقدمت أو تأخرت، لكن إن تأخرت يشترط بقاء الاقتضاء حتى يتم حولها، وإن تقدمت
فالشرط مضى حول بعدها سواء بقيت الفائدة للاقتضاء أو تلفت قبله فإذا استفاد عشرة في محرم ثم
اقتضى عشرة في رجب الذي في العام القابل فإنه يزكي العشرين حالا سواء بقيت المحرمية حتى قبض
الرجبية أو أنفقها قبل قبضها كما يأتي للمصنف في قوله: وإن اقتضى خمسة بعد حول إلخ قوله: (أو كمل
المقبوض من الدين نصابا بمعدن) أي فيزكي ذلك المقبوض بمجرد كماله نصابا بالخارج من المعدن على
المنقول أي على ما اختاره المازري من الخلاف وهو قول القاضي عياض، واختار الصقلي عدم ضم
المعدن للمقبوض قوله: (لان المعدن لا يشترط فيه الحول) أي لان خروج العين من المعدن بمنزلة حلول
الحول قوله: (لسنة) متعلق بقوله: يزكى كما أشار لذلك الشارح بقوله: وإنما يزكى الدين المقبوض وليس
متعلقا بقبض، وقد يقال: إنه يصح تعلقه بقبض والمعنى وقبض لسنة من أصله لان ما قبض قبل مضي
سنة من أصله لا يزكى ولا يضم لما قبض بعدها، فلعل الأولى جعل العاملين المذكورين متنازعين فيه
فتأمل. قوله: (ولو أقام عند المدين سنين) أي هذا إذا أقام عند المدين سنة أو بعضها كما لو أقام عند مالكه
بعد زكاته أو بعد ملكه له ستة أشهر ومثلها عند المدين بل ولو أقام عند المدين سنين قوله: (من أصله) أي
لا من حين قبضه. وقوله: من يوم ملك أصله أي إن كانت الزكاة لا تجب في عينه لعدم إقامته عنده حولا
قوله: (وإلا زكاه لكل عام مضى عند ابن القاسم) قال ابن عرفة: ولو أخره فرارا ففيها زكاة لعام واحد،
وسمع أصبغ ابن القاسم لكل عام اه‍. وقال ابن الحاجب بعد قوله زكاه بعد قبضه زكاة واحدة ما
نصه: وعند ابن القاسم ما لم يؤخر قبضه فرارا وخولف اه‍. وقد ذكر ابن غازي أن كلامها غير
صحيح والمعول عليه كلام ابن القاسم. قوله: (بخلاف ما إذا كان الدين إلخ) هذا مفهوم
الشرط الأول وهو قول المصنف: إن كان أصله عينا بيده أو عرض تجارة قوله: (إن كان عن
كهبة) أي إن كان الدين الذي ليس أصله عينا بيده ولا عرض تجارة ترتب عن كهبة عند
الواهب أو أرش جناية عند الجاني. قوله: (فهو مبالغة في محذوف) أي والكلام مستأنف
لبيان مفهوم الشرط الأول. قوله: (لا دليل عليه) فيه أن هذا ممنوع لايهام الفساد فلعل النسخة
468

التي ليس فيها قوله استقبل تكون المبالغة في مفهوم الشرط المتقدم في قوله: إن كان أصله عينا بيده أو
عرض تجارة أي فإن لم يكن أصله ذلك استقبل به ولو فر بتأخيره. وقوله: إن كان عن كهبة إلخ تفصيل في
ذلك المفهوم تأمل. قوله: (وأخر قبضه) أي بعد مضي الاجل. وقوله: وأولى إذا باعه على الحلول أي وأخر
القبض فرارا. قوله: (قاله ابن رشد) حاصل ما لابن رشد على ما في المواق أنه إما أن يبيع العرض المشترى
للقنية بحال أو بمؤجل، وفي كل إما أن يترك قبضه فرارا من الزكاة أو لا، فإن باعه بحال ولم يؤخره فرارا
استقبل حولا من يوم قبضه، وإن باعه بمؤجل ولم يؤخر قبضه فرارا زكاه لعام من يوم بيعه، وإن فر بتأخيره
زكاه لكل عام من يوم البيع مطلقا باعه بحال أو بمؤجل، لكن ما قاله ابن رشد في قصد الفرار قال أبو الحسن:
هو خلاف ظاهر كلام ابن يونس، وجزم ابن ناجي في شرح المدونة بأن قصد الفرار كعدمه، وما قاله في
البيع لأجل دون قصد فرار، قال ابن عرفة: طريقة مخالفة لطريقة اللخمي حيث قال: المشهور أنه يستقبل
بالثمن من قبضه اه‍ انظر المواق. قوله: (الموافقة للنقل) أي باعتبار ظاهرها من الاطلاق، وحاصل
ما تقدم أن كل عين تجددت وكانت ناشئة عن غير مال أو عن مال غير مزكى فإنه يستقبل بها حولا
من يوم قبضها ولو أخر قبضها فرارا من الزكاة، وهذا يشمل العطية والهبة والصداق والخلع وأرش
الجناية وثمن سلع القنية سواء اشتراها بنقد أو بعرض ويشمل غير ذلك. قوله: (بعد قبضه) أي ولو أخر قبضه
أعواما فرارا من الزكاة. قوله: (وزكى وقت قبض الثانية) ولا يضر تلف المتمم بالفتح قبل التمام كما مر.
قوله: (من وقت قبض الثانية) خلافا لأشهب القائل: إن كلا من العشرتين حوله من شهر قبضه
قوله: (زكى كلا على حوله) فيزكي الأولى على حولها نظرا للثانية، وكذا تزكى الثانية عند حولها نظرا للأولى.
قوله: (ما دام النصاب فيهما) أي فلو نقصتا عنه بقي الأول على حوله وزكاه إن بقي من الدين على المدين
ما يكمل النصاب وقبض منه ما يكمله، وأما إذا لم يقبض منه ذلك فلا زكاة قاله شيخنا العدوي قوله: (بقي) أي
ما قبض أولا لما قبضه ثانيا أو تلف قبل القبض ثانيا، ويحتمل أن المراد بقي ذلك النصاب الذي قبضه في مرة
أو مرات لما قبضه بعد ذلك أو تلف قبل قبضه وكل صحيح قوله: (ثم زكى المقبوض وإن قل) راجع
لقوله: وحوله المتم من التمام، ولقوله: لا إن نقص بعد الوجوب إن كان فيه مع ما بعده نصاب أي ثم بعد
قبض تمام النصاب في مرة أو مرات زكى المقبوض ولو قل، ويبقى كل ما اقتضاه على حوله، وإذا نقص
المقبوض بعد الوجوب وبقي كل على حوله زكى المقبوض بعد ذلك وإن قل، والشارح اقتصر على
رجوعه لقوله: وحول المتم من التمام. قوله: (وإن قل) هذا قول ابن القاسم وأشهب، وقال ابن المواز:
إذا اقتضى نصابا في مرة أو مرات لا يزكى المقبوض بعده إلا إذا كان نصابا نقله الرجراجي قال: أما إذا
تلف بتفريطه أو أنفقه فلا كلام في تزكية ما يقبض بعده وإن قل. قوله: (ويبقى كل اقتضاء على
حوله) أي ما دام الحول معلوما، أما إن جهل الحول فهو ما أشار له المصنف بقوله: وضم لاختلاط
469

أحواله آخر لأول. قوله: (فالمراد إلخ) أي وإنما فرضها في أقل ما تجب فيه الزكاة وهو العشرون
ليسهل فهم ذلك على المبتدي. قوله: (فإن باعهما معا) أي حالة كونهما مصطحبين في البيع. وقوله: اجتمعتا
أي السلعتان قوله: (وهما في الصور الثلاث) أي مضروبان في الأحوال الثلاث أي الشراء بهما
معا بالأول قبل الثاني أو العكس. قوله: (فيما إذا باعهما معا) أي وقد كان اشتراهما معا أو بالأول
قبل الثاني أو العكس. قوله: (زكى الأربعين دينارا في الصور التسع) أي كما هو مقتضى كلام ابن
الحاجب وابن شاس والقرافي واللخمي. قوله: (فيزكي حين يبيع الأولى أحدا وعشرين) عشرون
ثمنها والدينار الذي اشترى به الأخرى. قوله: (بأن باع الأولى) أي السلعة التي اشتراها بالمقبوض
أولا. وقوله: أو باع الثانية أي السلعة المشتراة بالمقبوض ثانيا قوله: (ويستقبل بالثانية) أي بثمن الثانية.
قوله: (ثلاثة في الأولى) أي في الحالة الأولى وهي ما إذا باع السلعتين معا قوله: (وست في الثانية) أي في
الحالة الثانية وهي ما إذا باع إحدى السلعتين الأولى أو الثانية بعد شراء الأخرى قوله: (في الأخيرة)
أي في الحالة الأخيرة وهي ما إذا باع الأولى قبل شراء الثانية، أو باع الثانية قبل شراء الأولى
قوله: (لكن المعتمد إلخ) أي كما هو قول صاحب النوادر وابن يونس واختاره ابن عرفة و ح واعتمده
طفي. ولو قال المصنف: وإن اقتضى دينارا فآخر فاشترى بكل سلعة باعها بعشرين فإن اشتراهما معا
زكى الأربعين وإلا أحدا وعشرين لطابق ما لابن يونس. قوله: (وضم لاختلاط أحواله) حاصله
أنه قد تقدم أنه إذا قبض من الدين نصابا في مرتين فإنه يزكيه لحول من أصله من حين التمام، وكل
ما اقتضاه بعد ذلك فإنه يزكيه لحوله، هذا إذا علم أوقات الاقتضاءات، فإذا نسي أوقات الاقتضاءات
مع علمه بوقت المتقدم منها سواء علم وقت المتأخر منها أيضا أم لا فإنه يضم ما جهل وقته للمتقدم
عليه المعلوم وقته، ولا يضم المنسي وقته للآخر المعلوم وقته كما لو اقتضى ثلاث اقتضاءات كل اقتضاء
عشرة أو أولها عشرة والثاني خمسة عشر والثالث خمسة، وعلم أن الاقتضاء الأول في المحرم وجهل وقت
الثاني والثالث أو جهل وقت الثاني فقط، وعلم أن وقت الثالث رجب أو جهل وقت الثالث
فقط، وعلم أن وقت الأول المحرم ووقت الثاني جمادى، فإن جهل وقت الثاني والثالث كان حول
الثلاثة المحرم، وإن جهل وقت الثاني فقط وعلم وقت الثالث والأول كان حول الثاني والأول
المحرم وكان حول الثالث رجب، ولا يضم الثاني للثالث بحيث يكون حولهما رجب، وإن نسي
وقت الثالث فقط كان حوله حول الثاني وهو جمادى، وإن نسي وقت الأول منها دون ما بعده ضم
الأول للثاني على الظاهر. قوله: (أخر منها) أي من الاقتضاءات. قوله: (ويجعل الحول)
أي حول الثاني منه أي من حول الأول. قوله: (مع علمه المتقدم) أي مع علمه وقت الاقتضاء
المتقدم. وقوله: سواء علم المتأخر أي سواء علم وقت المتأخر منها أيضا أم لا. قوله: (بل مطلق متقدم ومتأخر)
470

أي الأعم من الحقيقي والإضافي. قوله: (سواء علم إلخ) أي كما في المثال الذي قلناه. وقوله
أم لا كما اقتضى ثلاث اقتضاءات أولها في المحرم ولم يعلم وقت الثاني والثالث وكان يعلم أن مجموع
الاقتضاءات ثلاثون أو عشرون ولم يعلم قدر كل اقتضاء على حدته فيجعل المحرم حولا للثلاثة.
قوله: (عكس الفوائد) اعلم أنه قد تقدم أن أقسام الفوائد أربعة: إما ناقصتان أو كاملتان، أو الأولى كاملة
والثانية ناقصة أو العكس، فالناقصتان تضم أولاهما للثانية في الحول بحيث يزكيان عند حلول الثانية
والكاملتان كل على حولها ولا تضم إحداهما للأخرى، وكذا إذا كانت الأولى كاملة والثانية ناقصة،
وأما إذا كانت الأولى ناقصة والثانية كاملة ضمت الأولى للثانية كالناقصتين، ومحل كون الكاملة
لا تضم لما بعدها كانت ما بعدها كاملة أو ناقصة إذا علم حول الأولى، وأما إذا نسي فإنها تضم للثانية في
الحول، فإن نسي وقت آخر الفوائد فالظاهر كما قاله شيخنا أنه يضم لما قبله المعلوم أخذا من مفهوم قول
المصنف عكس الفوائد. قوله: (قد يكون كل منهما معلوما في الاقتضاءات والفوائد) وذلك كأن يقضي
ثلاث اقتضاءات، ويعلم وقت الأول وهو المحرم ووقت الثالث وهو رجب وينسى وقت الثاني فيضم
الثاني للأول، وإذا استفاد ثلاث فوائد كل منها كامل وعلم وقت الأولى والثالثة دون الثانية ضمت
الثانية للثالثة. قوله: (وقد يكون المعلوم في الاقتضاءات أولها فقط إلخ) أي كما لو اقتضى ثلاث
اقتضاءات كل واحد منها عشرة، وعلم وقت الأولى منها وهو محرم، ونسي وقت الثاني منها والثالث فيضم
الثاني والثالث للأول في الحول ويجعل المحرم حول الثلاثة، وإذا استفاد ثلاث فوائد كوامل وجهل
وقت الأولى والثانية وعلم وقت الثالثة ضمت الأولى والثانية للثالثة في الحول وجعل حول الثالثة
المعلوم حولا للثلاثة. والحاصل أنه لا يضم إلا المختلط دون غيره، فإن اختلط عليه الأواسط فقط
دون الأول والآخر ففي الاقتضاءات تضم الأواسط فقط للأولى ويستمر الأول والآخر على
حاله وفي الفوائد عكسه، وأما إذا لم يعلم شئ أصلا فالظاهر أنه يحتاط لجانب الفقراء في الاقتضاءات
ولنفسه في الفوائد قاله شيخنا عدوي. قوله: (فلو ضم له) أي فلو ضم آخرها للأول. وقوله: كان فيه الزكاة
قبل الحول أي كان في ذلك الآخر المضموم للأول الزكاة قبل الحول. قوله: (وإنما منع منها وهو على
المدين خوف عدم القبض) أي فإذا حصل اقتضاءات زكيت لما مضى فلما كانت الاقتضاءات تزكى
لما مضى كانت أنسب بالتقديم. قوله: (مطلقا) فيه نوع تكرار مع قوله سابقا: ولو تلف المتم لكن التكرار
مبني على أن المراد بالاطلاق ما قاله الشارح وحينئذ فالأولى أن يفسر الاطلاق بقولنا سواء
كان ذلك المماثل له في الاقتضاء مماثلا له في القدر أيضا أم لا. قوله: (وضمت الفائدة
للمتأخر منه) أي كما لو استفاد عشرة في المحرم وحال عليها الحول عنده ثم اقتضى عشرة في رجب
ثاني عام فيزكيها في رجب بمجرد الاقتضاء، سواء بقيت الفائدة لوقت اقتضائه أو أنفقت قبله، وفي
هذا تكرار مع قوله أو بفائدة جمعهما ملك وحول إلا أن يقال: إن ما هنا زاد بتخصيص الفائدة
بالمتأخر لا المتقدم إلا أن يبقى المتقدم لحلول حولها وإلا ضمت له. قوله: (لا للمتقدم) أي لا للاقتضاء
المتقدم المنفق قبل حصولها لعدم اجتماعهما في الحول والملك كأن اقتضى عشرة في المحرم ثم استفاد
عشرة في رجب بعد إنفاق العشرة الأولى سواء كانت الأولى حال حولها قبل حصول الثانية
أم لا. قوله: (المنفق قبل حصولها إلخ) أما لو استمر الاقتضاء المتقدم باقيا حال حول الفائدة فإنه يضم إليها.
قوله: (أو حولها) أي أو المنفقة بعد حصولها وقبل حولها كما لو اقتضى في المحرم واستفاد في
رجب وأنفق ما اقتضاه في رمضان. قوله: (وأنفقها) أي قبل حصول العشرة المستفادة أو بعد
حصولها وقبل حولها، ولا بد في هذا القيد من زكاة العشرتين دون الخمسة، أما لو بقيت إلى تمام حولها
471

فإنها تضم للفائدة وتزكى الخمسة والعشرون ولا يحتاج في زكاة الخمسة إلى اقتضاء خمسة أخرى بعد ذلك،
وربما أرشد للتقييد المذكور قول المصنف أو بفائدة جمعهما ملك وحول. قوله: (زكى العشرتين) أخذا من
قول المصنف: وضمت الفائدة للمتأخر منه سواء أنفقت قبل اقتضائه أو بقيت قوله: (دون الخمسة) أي بناء على
أن خليط الخليط غير خليط وإلا زكى خمسة وعشرين ولا يحتاج إلى اقتضاء خمسة أخرى وذلك لان
العشرة المفادة خليط لعشرة الاقتضاء وعشرة الاقتضاء خليط لخمسة الاقتضاء ولو لم يجتمعا في الحول عند
رب الدين لان الحول قد حال عليهما عند المدين، ولا خلطة بين عشرة الفائدة وخمسة الاقتضاء لأنها
أنفقت قبل حولها. قوله: (والأولى إن اقتضى خمسة) أي انه إذا اقتضى خمسة فإنه يزكي الأولى والأخيرة
فقط إذا كان زكى العشرين قبل اقتضاء الأخيرة وإلا زكى الجميع لما علمت أنه يضم بعضها البعض. قوله: (مع
تزكية هذه الخمسة المقتضاة) أي فإن اقتضاها زكاها مع تزكية إلخ. قوله: (لحصول النصاب في مجموع
الاقتضاءات) أي وقد علمت مما سبق أن حول المتم من التمام. قوله: (لمشاركتها له في حكمه) أي لمشاركة
العروض للدين في حكمه وهو الزكاة بعد القبض لسنة من أصله. قوله: (لان أحد قسميها) أي لان أحد
قسمي العروض وهي عروض المحتكر زكاتها مقيسة على زكاة دينه فكل منهما يزكى بعد القبض لسنة
من أصله كما مر. قوله: (أي عوض عرض) قدر الشارح عوض دفعا للتنافي الواقع في كلام المصنف
حيث أثبت الزكاة للعرض أولا ثم نفاها عنه ثانيا. قوله: (فيشمل إلخ) أي وبتقدير عوض دون ثمن صار
كلام المصنف شاملا للامرين المذكورين، بخلاف تقدير ثمن فإنه يصيره قاصرا على أحدهما. قوله: (كثياب)
أي وعبيد وعقار وحديد ونحاس وغير ذلك. قوله: (فلا يقوم) الأولى فلا يزكى عوضه أي ثمنه
ولا قيمته بل تزكى ذاته، ثم إن ظاهر قوله كنصاب ماشية وحلي أن الحلي إذا كان أقل من نصاب
فإنه يقوم وليس كذلك، بل الحلي لا يقوم ولو كان أقل من نصاب وإنما يعتبرونه مع ما يكمل به إن كان
كما في بن. قوله: (بمعاوضة) هذا هو المقصود، وأما قوله ملك فهو عام في كل ما يزكى لأنه يشترط في كل
ما يزكى أن يكون ملكا. قوله: (أي ملك مع نية تجر مجردة) احترز بذلك مما إذا لم ينو شيئا أو نوى
به القنية لأنها هي الأصل في العروض حتى ينوي بها غير القنية. قوله: (أو مع نية غلة) أي أو كانت
نية التجارة مصاحبة لنية الغلة، وإنما وجبت الزكاة حينئذ لان مصاحبة نية القنية لنية التجارة حيث
لم تؤثر عدم الزكاة فأولى مصاحبة نية الغلة لنية التجارة لان نية القنية أقوى من نية الغلة، فإذا لم تؤثر
مصاحبة الأقوى فأولى مصاحبة الأضعف. قوله: (لان اضمامهما لنية التجر) أي بأن ينوي عند
شرائه أنه يكريه وينتفع به بنفسه بركوب أو حمل عليه وإن وجد ربحا باع قوله: (على المختار) أي
عند اللخمي، والمرجح عند ابن يونس وهو رواية أشهب عن مالك خلافا لابن القاسم وابن المواز
والاختيار والترجيح يرجعان للتجر مع القنية كما في التوضيح، قال ابن غازي: وأما التجر مع الغلة فهذا
الحكم فيه أبين فكأنه قطع به من غير احتياج للاستظهار عليه بقول من اختاره وهو اللخمي،
وأما ابن يونس فلم يذكره أصلا اه‍ بن. والحاصل أن اختيار اللخمي واقع في المسألتين
الأخيرتين، وأما ترجيح ابن يونس فإنما صدر منه في الأخيرة فقط لكنه يجري فيما قبلها بطريق الأولى،
وإذا علمت هذا ظهر لك صحة قول الشارح فيهما تأمل. قوله: (أو نية غلة فقط) أي كشرائه بنية كرائه
فلا زكاة على ما رجع إليه مالك خلافا لاختيار اللخمي الزكاة فيه قائلا: لا فرق بين التماس الربح من رقاب
472

أو منافع. قوله: (أو هما) أصله أو نيتهما فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فانفصل الضمير، وحينئذ
فهو في محل جر بطريق النيابة لا الأصالة لان هما ليس من ضمائر الجر، لان ضمير الجر لا يكون إلا متصلا.
قوله: (هذا من عكس التشبيه) المحوج لذلك أمران: الأول أن في كلامه تشبيه المعلوم بالمجهول لأنه
شبه العرض المنوي به التجارة الذي قد علم حكمه مما مر أنه لا بد أن يكون ملك بمعاوضة مالية بأصله
الذي لم يعلم حكمه مما مر إذ لم يعلم ما هو ذلك الأصل، وتشبيه المعلوم بالمجهول عكس ما تقرر عندهم من أنه
يشبه المجهول بالمعلوم، ألا ترى لقولك زيد كالأسد فإن الجرأة معلومة في الأسد ومجهولة في زيد
فشبه به لإفادة ثبوتها له. الأمر الثاني عدم صحة قوله أو عينا بيده عند إبقائه على حاله إذ تقديره أو كان
العرض عينا وفي هذا قلب الحقيقة. قوله: (أي كان أصله عرضا ملك بمعاوضة) أي مالية وتقييد
الأصل إذا كان عرضا بكونه ملك بمعاوضة طريقة لابن حارث وطريقة اللخمي الاطلاق. قوله: (سواء
كان أصله عرض تجارة إلخ) أي فلا يشترط في أصله أن يكون لتجارة كهو فقوله أي وكان أصله
كهو أي في الجملة فهو تشبيه غير تام، وهذا هو الصواب في تقرير المؤلف كما ارتضاه ح وطفي، خلافا
لما اقتضاه ظاهره من أن الذي أصله عرض القنية لا يزكى لحول من أصله بل يستقبل به لقول ابن
عبد السلام: أنه لا يكاد يقبل لشذوذه وضعفه اه‍ بن والقولان لابن القاسم. قوله: (لحول أصله الثاني)
أي لا لحول أصله الأول، والمراد بأصله الثاني عرض التجارة وبأصله الأول عرض القنية، وتظهر
ثمرة ذلك فيما إذا مضى حول من أصله الأول ولم يمض حول من أصله الثاني فلا زكاة قوله: (فإن كان أصله
عرضا إلخ) هذا صادق بصورتين: ما إذا ملك بغير معاوضة أصلا كالإرث والهبة، وما إذا ملك بمعاوضة
غير مالية كالخلع والصداق. وقوله: فإن كان أصله إلخ هذا محترز قول المصنف وكان أصله كهو أو عينا
بيده، والحاصل أن الصور ثلاث ما أصله عرض تجر يزكى لحول من أصله كالدين اتفاقا، وما أصله عرض قنية
ملك بمعاوضة المشهور زكاة عوضه لحول من أصله وقيل إنه يستقبل به حولا، وما أصله عرض ملك
بغير معاوضة مالية بأن ملك بغير معاوضة أصلا أو بمعاوضة غير مالية، ففيه طريقتان: الأولى للخمي
تحكي القولين المتقدمين، والثانية لابن حارث تقول إنه يستقبل بالثمن اتفاقا. قوله: (أو كان أصله عينا بيده)
أطلق في العين فيشمل ما إذا جاءته من هبة أو صدقة أو نحو ذلك، بخلاف ماذا كان أصله عرضا.
قوله: (لكن المحتكر إلخ) قال ابن بشير: فإن أقامت عروض الاحتكار أحوالا لم تجب عليه إلا زكاة سنة
واحدة لان الزكاة متعلقة بالنماء أو بالعين لا بالعروض، فإذا أقامت أحوالا ثم بيعت لم يحصل فيها
النماء إلا مرة واحدة فلا تجب الزكاة إلا مرة واحدة، ولا يجوز أن يتطوع بالاخراج قبل
البيع، فإن فعل فهل يجزئه؟ قولان والمشهور عدم الاجزاء لان الزكاة لم تجب بعد، وكذلك القولان
عندنا في اخراج زكاة الدين قبل قبضه والمشهور المنع أي عدم الاجزاء وهو قول ابن القاسم،
والاجزاء قول أشهب انظر بن. قوله: (وبيع بعين) أي أنه يشترط في وجوب الزكاة في العرض
أن يبيع منه وأن يكون الثمن الذي باع به عينا، وأشار الشارح بقوله: لكن المحتكر إلخ إلى أن هذين
الشرطين وما قبلهما تعم المدير والمحتكر، وإنما يختلفان من جهة أن المحتكر لا بد أن تكون العين
التي باع بها نصابا سواء بقي ما باع به أم لا بخلاف المدير فإن الشرط بيعه بشئ من العين ولو قل.
قوله: (أو بيع بعرض) أي فلا زكاة عليه إلا أن يفعل ذلك فرارا من الزكاة، فإن فعل ذلك فرارا منها
أخذ بها كما نقله ح عن الرجراجي وابن جزي، ويؤخذ من هذا أن من يملك ماله قبل الحول لولده
أو لعبده ثم ينتزعه منه بعد الحول أنه لا ينفعه ذلك ولا تسقط عنه الزكاة، بخلاف ما إذا ملك ماله لعبده
ولو لم يعينه له لاغتفار الجهل في التبرع، وكلما أنفق السيد شيئا من ذلك المال نوى انتزاعه فلا زكاة عليه
473

قوله: (لا أقل) أصله لعج فهم من ذكرهم الدرهم في المدونة وغيرها أنه تحديد لأقل ما يكفي
في النضوض ونصها، وإذا نض للمدير في السنة درهم واحد في وسط السنة أو طرأ فيها قوم عروضه لتمام
السنة وزكى اه‍. وفي فهمه نظر، فإن كلام أبي الحسن عليها صريح في أن ذكر الدرهم مثال للقليل
لا تحديد، وأنه مهما نض له شئ وإن قل لزمته الزكاة وهو الصواب اه‍ بن. قوله: (أخرج عما قوم عينا
لا عرضا) أي بقيمته وهذا هو المشهور خلافا لمن أجاز له اخراجه عرضا بقيمته. قوله: (بشروط) وهي أن لا
يكون لا زكاة في عينه وملك بمعاوضة إلخ. فالشروط المذكورة شروط لزكاة العرض، وأما قوله: إن
رصد إلخ فهو شرط لكون زكاته كالدين. قوله: (وهو الذي يبيع بالسعر الواقع) أي ولو كان فيه خسر.
قوله: (كأرباب الحوانيت إلخ) ابن عاشر: الظاهر أن أرباب الصنائع كالحاكة والدباغين مديرون، وقد
نص في المدونة على أن أصحاب الاسفار الذين يجهزون الأمتعة إلى البلدان أنهم مديرون. وفي المواق
عند قوله: ولا تقوم الأواني ما نصه: ورأيت فتيا لابن لب أن البسطريين جمع بسطري وهو صانع البلغ
والنعال لا يقومون صنائعهم بل يستقبلون بأثمانها لحول لأنها فوائد كسبهم استفادوها وقت بيعهم.
وقال أبو إسحاق الشاطبي في مسألة الصانع المذكور: حكمه حكم التاجر المدير لأنه يصنع ويبيع أو يعرض
ما صنعه للبيع فيقوم كل عام ما بيده من السلع ويضيف القيمة إلى ما بيده من الناض ويزكي الجميع إن
بلغ نصابا. قلت: وظاهره يخالف فتيا ابن لب ويمكن رده إليه انظر بن، أي بأن يحمل الصانع في كلام
الشاطبي على من يشتري للتجارة ماله بال ويعمل فيه كالعقادين بمصر، والمراد بالصانع الذي
يستقبل في كلام ابن لب صانع له عمل اليد فقط أو اشترى ما لا بال له وعمل فيه فيستقبل بما يقابل عمل
يده، وصرح بهذا التفصيل سند كما في المواق. قوله: (وإلا زكى عينه) إنما نص المصنف على زكاة العين مع
أنه لا خصوصية للمدير بزكاتها لأجل أن يستوفي الكلام على أموال المدير قوله: (ودينه) أي الكائن
من التجارة كما أشار لذلك الشارح بقوله المعد للنماء: واحترز بذلك عن دين القرض فإنه لا يزكيه كل عام
بل لسنة بعد قبضه. قوله: (وزكى القيمة) أي لأنها هي التي تملك لو قام غرماء ذلك المدين قوله: (ولو طعام
سلم) كذا قال أبو بكر بن عبد الرحمن وصوبه ابن يونس ورد بلو قول الا بياني وأبي عمران بعدم تقويمه
اه‍ بن. قوله: (كسلعه) اعلم أن الذي يقومه المدير من السلع هو ما دفع ثمنه وما حال عليه الحول عنده وإن لم يدفع
ثمنه وحكمه في الثاني حكم من عليه دين وبيده مال، وأما إن لم يدفع ثمنه ولم يحل عليه الحول عنده فلا
زكاة عليه فيه ولا يسقط عنه من زكاة ما حال حوله عنده شئ بسبب دين ثمن هذا العرض الذي لم يحل
حوله إن لم يكن عنده ما يجعل في مقابلته نص عليه ابن رشد في المقدمات اه‍ بن قوله: (إذ بوارها لا ينقلها
للقنية ولا للاحتكار) هذا هو المشهور وهو قول ابن القاسم، ومقابله ما لابن نافع وسحنون لا يقوم
ما بار منها وينتقل للاحتكار، وخص اللخمي وابن يونس الخلاف بما إذا بار الأقل قالا: فإن بار النصف
أو الأكثر لم يقوم اتفاقا. وقال ابن بشير: بل الخلاف مطلقا بناء على أن الحكم للنية لأنه لو وجد
474

مشتريا لباع أو للموجود وهو الاحتكار قاله في التوضيح اه‍ بن. قوله: (بضم الباء) أي وأما البوار
بالفتح فهو الهلاك كذا في المصباح، والذي في الصحاح والقاموس أن البوار بالفتح بمعنى الكساد
والهلاك معا. قوله: (وتؤولت إلخ) محل التأويلين هو قولها في زكاة المدير والمدير الذي لا يكاد يجتمع ماله
كله عينا كالخطاط والبزاز والذي يجهز الأمتعة للبلدان يجعل لنفسه شهرا يقوم فيه عروضه التي للتجارة
فيزكي ذلك مع ما بيده من عين وماله من دين يرتجى قضاءه اه‍. فحمل بعضهم الدين على المعد للنماء وهو
دين غير القرض، وأما دين القرض فلا يقوم لقولها في محل آخر، ومن حال الحول على مال عنده ولم
يزكه حتى أقرضه ثم قبضه بعد سنين زكاه لعامين فقد أسقط عنه مالك زكاته مدة القرض إلا سنة قبضه
وبعضهم عمم في الدين، والتأويل الثاني لعياض وابن رشد وهو ظاهرها والأول للباجي قوله: (الذي
يزكى فيه عينه) أي الناض ودينه يعني النقد الحال المرجو. وقوله: وسلعه أي ويقوم عنده سلعه، وكان
الأولى للشارح أن يقول: وهل حوله الذي يقوم عند تمامه ما يجب تقويمه إذا تأخرت إلخ لان محل
الخلاف في الحول الذي يقوم عند تمامه، وأما حول ناضه إذا بلغ نصابا فإنه حول الأصل قطعا كما
في الشيخ سالم وتبعه عج وعبق وخش وأصله في التوضيح، واعترضه طفي بأن الحق أن التأويلين
في الناض والعرض من كل ما يزكيه المدير كما يدل عليه عموم لفظها، ولم تفصل هي ولا شراحها بين الناض
وغيره وإنما يعرف هذا لأشهب كما نقله اللخمي وابن عرفة وغيرهما، وحينئذ فكلام الشارح ظاهر
لا غبار عليه. قوله: (للأصل) أي الحول المنسوب للأصل. قوله: (ومن وقت الإدارة) الأولى ومن شهر
الإدارة كما يدل عليه مثاله بعد قوله: (تأويلان) الأول للباجي ورجحه جماعة من الشيوخ وهو قول
مالك واستحسنه ابن يونس حتى قال طفي: كان من حق المصنف الاقتصار عليه، والتأويل الثاني
للخمي قال المازري: وهو ظاهر الروايات اه‍ بن قوله: (فعلى الأول يكون حوله المحرم) أي ابتداء
المحرم وقد علمت أن محل هذا الخلاف إذا اختلف وقت الملك والإدارة، أما إذا لم يختلفا فحوله الذي
يقوم فيه ويزكى الشهر الذي ملك فيه الأصل اتفاقا قوله: (لاحتمال ارتفاع إلخ) أي لاحتمال أن هذه
الزيادة من ارتفاع سوق أو رغبة مشتر وليس هناك خطأ في التقويم قوله: (فلذا إلخ) أي فلأجل كون
الزيادة تحتمل الاحتمال المذكور لو كانت تلك الزيادة لتحقق الخطأ لم تلغ. قوله: (فلا تلغى الزيادة) أي
لظهور الخطأ قطعا. قوله: (والقمح) مبتدأ. وقوله: كغيره خبره أي كغيره مما سبق في التقويم قوله: (ويزكي
القيمة) أي مضافة لما معه من النقد. قوله: (أو كان في غير العام إلخ) أي أو كان نصابا لكن
كان في غير العام الذي زكيت فيه عينه. قوله: (وأما العام الذي وجبت فيه الزكاة في عينه
فيزكي عينه ولا يقوم) أي وإذا باعه بعد ذلك زكى الثمن لحول من يوم زكى عينه،
وكذا يقال في الماشية التي وجبت الزكاة في عينها لا تقوم بل تزكى من رقابها، وإذا باعها
زكى الثمن لحول من يوم زكى عينها، وأما إذا كانت الماشية أقل من نصاب فإنها تقوم.
قوله: (وفي نسخة والفسخ) وعليها ففي الكلام حذف مضاف أي وذو الفسخ أي السلعة التي فسخ بيعها
واعلم أنه إنما تظهر فائدة التنبيه على الفسخ والمرتجع من المفلس فيما لم ينوبه شيئا عند رجوعه
475

إليه، فعلى أنه حل بيع وهو المشهور يرجع لما كان عليه قبل البيع من إدارة أو احتكار، وعلى أنه ابتداء
بيع يحمل على القنية، وأما إذا نوى به القنية أو التجارة فالامر واضح اه‍ بن. قوله: (والعرض
المرتجع إلخ) أي فإذا باع المدير سلعة لشخص بثمن مؤجل في ذمته ثم فلس المشتري فوجد البائع سلعته
فأخذها فإنه يقومها كغيرها من عروض الإدارة الباقية عنده من غير بيع. قوله: (والعبد المشترى
للتجارة) أي إنه إذا اشترى عبدا بقصد التجارة فكاتبه ثم عجز عن أداء نجومها فإنه يرجع على ما كان
عليه قبل الكتابة من كونه عرضا من عروض التجارة فيقوم حيث كان سيده مديرا. قوله: (ليس ابتداء
ملك) أي لان ما كان للتجارة لا يبطل إلا بنية القنية والكتابة ليس فيها ذلك. قوله: (من هذه الثلاثة)
أي وهي السلعة الراجعة لفسخ البيع أو لفلس المشتري والمكاتب إذا عجز، وإنما لم تحتج لتجديد نية
التجارة ثانيا لان نية التجارة لا تبطل إلا بنية القنية كما يأتي ولم تحصل، وظاهر المصنف تقويم الراجعة
بالفسخ ومن المفلس والمكاتب إذا عجز، ولو حصل الفسخ والارتجاع من المفلس والعجز للمكاتب
بعد عام أو أكثر فيزكيه لماضي الأعوام مراعاة لحق الفقراء واستظهره عج. قوله: (بخلاف رجوعها)
أي سلعة التجارة التي باعها إليه بإقالة أو هبة أو صدقة فإنها ترجع على القنية وتبطل نية التجارة حتى
ينوي بها التجارة ثانيا. قوله: (وانتقل العرض المدار) أي بالنية أو الفعل للاحتكار بالنية، فإذا اشترى
عرضا لنية الإدارة ثم نوى به الاحتكار فإنه ينتقل إليه بمجرد النية إلا أن يقصد الفرار من الزكاة، وإلا
فلا ينتقل عما هو عليه بمجرد النية ويقوم كل عام على ما تقدم كذا في عبق، والمراد أنه يثبت عليه أنه
قصد ذلك بإقراره، أما مجرد التهمة فلا كما في المواق ونصه. قال ابن القاسم: لو نوى حكرته قبل حوله بشهر
صار محتكرا، وتعقبه المازري بتهمة الفرار وأجاب بأن الأصل سقوط زكاة العرض. قوله: (ينتقل
كل منهما للقنية بالنية) فإذا اشترى عرضا بنية الإدارة أو بنية الاحتكار ثم نوى به القنية
فإن ذلك ينتقل إليها على المشهور، خلافا لما رواه ابن الجلاب من عدم النقل وأنه يزكي، ثم إنه على المشهور
هل يقيد بغير قصد الفرار أم لا؟ وهو ظاهر بعض الشراح اه‍ عدوي قوله: (أي أن المحتكر لا
ينتقل للإدارة بالنية) هذا هو الراجح خلافا لما في الشامل من أن عرض الاحتكار ينتقل للإدارة
بالنية، والفرق بينهما على الراجح أن الاحتكار قريب من الأصل وهو القنية لدوام العرض معها فينتقل
إليه بالنية بخلاف الإدارة فإنها لبعدها عن الأصل لا ينقل إليها بالنية، كذا في تكميل التقييد لابن غازي
فظهر لك أن قول المصنف لا العكس راجع للمسألتين قبله على الراجح لا للأخيرة منهما فقط.
قوله: (والمقتنى لا ينتقل لواحد منهما بالنية) وذلك لان الأصل في العروض القنية والنية وإن نقلت للأصل
وما أشبهه لا تنقل عنه لأنها سبب ضعيف. قوله: (فلا ينتقل عنها إلى التجارة ثانيا بالنية) أي كما هو قول
مالك وابن القاسم خلافا لأشهب القائل بنقلها للتجارة كما كانت أولا وهو المردود عليه بلو في كلام
المصنف، ونسبة القول بعدم النقل للتجارة لمالك وابن القاسم كاف في ترجيحه، فاندفع قول المواق انظر
من رجحه. قوله: (ولا ترجع للصورة الأولى) أي من صورتي العكس وهو ما إذا نوى الإدارة بعرض
الاحتكار. قوله: (كما هو ظاهر) أي لأنه لو رجعت المبالغة للصورة الأولى من صورتي العكس كان المعنى
لا ينتقل العرض المحتكر للإدارة بالنية، هذا إذا لم يشتره أولا للتجارة بأن اشتراه أولا للقنية ثم نوى به الحكرة
بل وإن اشتراه أولا للتجارة، ولا شك أن هذا المعنى فاسد لان المقتنى لا ينتقل للاحتكار بالنية فما قبل
المبالغة غير صحيح. قوله: (واحتكار في آخر) أي سواء كان من جنس العرض الأول أم لا، وسواء اجتمع
العرضان بيده أو بيد وكيله أو كان اجتماعهما بيده ويد وكيله. قوله: (يزكي المدار كل عام) أي إذا باع منه
476

ولو بدرهم على ما مر. قوله: (والمحتكر بعد بيعه) أي والعرض المحتكر يزكيه إذا باعه لعام واحد من أصله
واعلم أن ما ذكره المصنف من أن كلا على حكمه متفق عليه إذا تساوى العرضان، وأما إذا لم يتساويا
فالمسألة ذات أقوال ثلاثة المشهور منها ما عند المصنف وهو قول ابن القاسم وعيسى بن دينار
في العتبية، وقال ابن الماجشون: يتبع الأقل الأكثر مطلقا، وقال أيضا هو ومطرف: كل على حكمه مطلقا.
وتأول ابن لبابة المدونة على أن الجميع للإدارة أدير الأقل أو الأكثر أو النصف وهو ظاهر سماع
أصبغ فهو قول رابع اه‍ بن. قوله: (إلا أن تجب الزكاة في عينها) أفي عين الإبل المعدة لحمل سلع
التجارة والبقر المعد للحرث إن بلغت نصابا فإذا بلغت نصابا زكى عينها كل سنة. قوله: (وفي تقويم
الكافر) أي من كان كافرا ثم أسلم المدير أخذا من قوله تقويم أي حيث باع ولو بدرهم كالمدير المسلم
ابتداء، وحاصله أن الكافر إذا أسلم وكان مديرا فقيل إنه إذا نض له شئ بعد إسلامه ولو درهما فإنه
يقوم عروضه وديونه ويزكيها مع ما بيده من العين لحول من إسلامه، وقيل إنه يستقبل بثمن ما باع
به من عروض الإدارة حولا بعد قبضه إذا كان نصابا لأنه كالفائدة فإن كان أقل من نصاب فلا زكاة
عليه. قوله: (والقراض الحاضر) أي ومال القراض الحاضر يزكيه ربه أي كل سنة قبل المفاصلة بدليل
ما بعده من غيره إن كان كل من العامل ورب المال مديرا أو كان العامل وحده مديرا، لكن في الأولى
يقوم المالك ما بيده وما بيد العامل من رأس المال وحصة المالك من الربح ويزكي عنهما، وفي الثانية يقوم
المالك ما بيد العامل فقط رأس المال وحصته من الربح ويزكيهما، وأما حصة العامل من الربح
في الصورتين فإنما تزكى لسنة واحدة بعد المفاصلة، هذا حاصل كلام الشارح. ثم إن ما ذهب إليه المصنف
من أن رب المال يزكيه كل عام قبل المفاصلة أحد أقوال ثلاثة وهو طريقة لابن يونس وعزاه
اللخمي لابن حبيب كما في المواق قال في التوضيح وهو ظاهر المذهب، قال طفي: لا أدري كيف يكون
ظاهر المذهب مع كون ابن رشد لم يعرج عليه، والثاني وهو المعتمد أنه لا يزكي إلا بعد المفاصلة ويزكي
حينئذ للسنين الماضية كلها كالغائب فيأتي فيه قوله فزكى لسنة الفصل ما فيها إلخ، وهذا القول هو الذي اقتصر
عليه ابن رشد وعزاه لقراض المدونة والواضحة ولرواية أبي زيد وسماع عيسى قول ابن القاسم، وعزاه
اللخمي لابن القاسم وسحنون كما ذكره ابن عرفة قال طفي: وقد اشتهر عند الشيوخ أنه لا يعدل عن قول
ابن القاسم مع سحنون، والثالث أنه لا يزكي إلا بعد المفاصلة ولكن يزكي لسنة واحدة كالدين حكاه
ابن بشير وابن شاس انظر التوضيح اه‍ بن. قوله: (فإنما يزكي حصته من الربح بعد المفاصلة لسنة) نحوه
للمواق عن ابن يونس، والذي لابن رشد في البيان والمقدمات زكاته لكل عام أيضا بعد المفاصلة آن أدار
أو العامل قوله: (إن أدار إلخ) تقدم أن المدير لا بد في وجوب الزكاة عليه أن ينض له ولو درهما فهل إذا كان
كل من العامل ورب المال مديرا يكفي النضود لأحدهما؟ وإذا أدار العامل فقط فلا بد أن ينض له
شئ وهو ظاهر ما لابن عبد السلام أم لا؟ قاله الشيخ أحمد الزرقاني، وقال اللقاني: يشترط النضوض
فيمن له الحكم اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (وحده) أي وكان رب القراض محتكرا قوله: (فيقوم) أي رب
المال ما بيده كل سنة. وقوله: ويد العامل أي وما بيد العامل من رأس المال وحصة المالك من الربح أي
وبعد أن يقوم هذه الأمور الثلاثة يزكي عنها. وقوله في الأولى أي إن أدار، والمراد بالثانية ما إذا أدار
العامل وحده قوله: (وما بيد العامل فقط) أي من رأس المال وحصة المالك من الربح ويزكي عنهما، وأما
حصة العامل من الربح فلا تقوم في الحالتين لان العامل إنما يزكيها بعد المفاصلة لسنة على ما تقدم
477

للشارح. قوله: (وسواء كان ما بيده إلخ) هذا الاطلاق صرح به ابن رشد كما في المواق وهو الصواب كما
قال ابن عرفة، وأما تقييد بعض الشراح بقوله: محل كون ربه يزكيه كل عام إن أدار العامل فقط إن كان ما
بيده من مال ربه أكثر وما بيد ربه المحتكر أقل فخلاف الصواب انظر بن. قوله: (من غيره) قال الرجراجي
زكاته من عند ربه أو من المال مشكل لان في اخراجها من غيره أي من عند رب المال زيادة في القراض
وفي اخراجها من مال القراض نقص منه، وكل من الزيادة في القراض والنقص منه ممنوع، وقد سبق
الرجراجي بهذا الاشكال ابن يونس وأجاب عنه بأن الزيادة التي لا تجوز هي التي تصل ليد العامل
وينتفع بها وهذه بخلاف ذلك وحينئذ فلا إشكال في اخراجها من عند ربه اه‍ نقله ح عند قوله: وهل
عبيده كذلك؟ قوله: (والربح يجبره) أي والحال أن الربح يجبر النقص والحاصل فيه قوله: (إلا أن يرضى
العامل) أي باخراج زكاته منه أي ويحسبه ربه على نفسه وإلا منع. قوله: (ولم يعلم حاله) أي من بقاء
أو تلف ومن ربح أو خسر قوله: (ولا يزكيه العامل) أي لاحتمال دين ربه أو موته، فإن وقع وزكاه ربه قبل
علمه بحاله فالظاهر الاجزاء. ثم إن تبين زيادة المال على ما زكى أخرج عن الزيادة، وإن تبين نقصه عما
أخرج رجع بها ربه على الفقير إن كانت باقية بيده وإلا فلا رجوع له قاله المسناوي وارتضاه بن معترضا
على عبق في قوله: إن تبين نقص عما أخرج فالظاهر أنه لا يرجع به على من دفعه له ولو كان باقيا بيده لأنه
مفرط باخراجه قبل علم قدره. قوله: (أو يؤخذ بها) أي أو يأخذها السلطان منه قهرا عنه. قوله: (ثم إذا حضر
المال) أي وإذا صبر ربه بزكاته أعواما لغيبته وعدم علمه بحاله ثم حضر المال فلا يخلو حاله إلخ قوله: (إما
أن يكون) أي في السنين الماضية. وقوله مساويا لها أي لسنة الحضور. قوله: (وإن لم يحصل مفاصلة) أي
انفصال أحدهما من الآخر. قوله: (وسقط ما زاد قبلها) أي وسقط عنه بالنسبة لزكاة ما قبلها ما زاد فيما
قبلها، يعني أن ما زاد في السنين الماضية عن سنة الحضور تسقط عنه زكاته لأنه لم يصل ليده، ولو زكاه العامل
عن ربه لم يرجع العامل بما أخرجه زكاة عليه. قوله: (ويبدأ في الاخراج بسنة الفصل) هذا ظاهر المصنف
واعترضه طفي بأن الذي قاله ابن رشد وغيره أنه يبدأ بالأولى فالأولى، فإذا كان المال في أول سنة أربعمائة
دينار وفي الثانية ثلاثمائة وفي الثالثة وهي سنة الحضور مائتين وخمسين فإنه يزكي عن الأولى في المثال المذكور
عن مائتين وخمسين ويسقط عنه في السنة الثانية والثالثة ما نقصته الزكاة فيما قبلها. قلت: والظاهر كما قاله
بعض الشيوخ أن المآل واحد سواء بدأ بالسنة الأولى أو سنة المفاصلة، ومثل هذا يقال في بقية الصور
اه‍ بن. قوله: (ويراعى) أي في غير سنة الفصل تنقيص الاخذ النصاب أي ويراعى أيضا تنقيصه لجزء
الزكاة، فالأول كما لو كان عنده أحد وعشرون دينارا فغاب بها العامل خمس سنين ووجدت بعد
الحضور كما هي فيبدأ بالعام الأول في الاخراج فما بعده ويراعى تنقيص الاخذ النصاب وحينئذ فلا
يزكي عن الأعوام الثلاث. والثاني كأن يكون المال في العام الأول أربعمائة وفي الثاني ثلاثمائة وفي
الثالث وهو العام الذي حضر فيه مائتين وخمسين فإذا زكى عنها لعام الفصل وأخرج ستة دنانير وربعا
زكى عن العام الذي قبله عن مائتين وخمسين إلا ستة دنانير وربعا التي أخرجها زكاة عن عام الفصل
وزكى عن العام الأول عن مائتين وخمسين إلا اثني عشر دينارا ونصف دينار تقريبا. ولا يقال: إن
اعتبار تنقيص الاخذ للنصاب أو لجزء الزكاة مقيد بما إذا لم يمكن له ما يجعل في مقابلة دين الزكاة وإلا
فيزكي عن الجميع كل عام كما هو المعهود في دين الزكاة. لأنا نقول: لا يجري ذلك هنا لان هذا لم يقع فيه
تفريط فلم يتعلق بالذمة بل بالمال فيعتبر نقصه مطلقا، ويدل على عدم تعلقها بالذمة وعلى اعتبار
النقص مطلقا قوله: وسقط ما زاد قبلها، وما ذكره ح عن ابن القاسم وغيره من أنه إن
478

تلف قبل عام المفاصلة فلا زكاة اه‍ بن. قوله: (كما إذا كان في الأولى مائة إلخ) أي فيزكي عن مائتين ثم
عن مائة وخمسين ثم عن مائة، ولا يتأتى إذا زكى عن كل سنة ما فيها اعتبار تنقيص الاخذ النصاب ولا
تنقيصه لجزء الزكاة. قوله: (وإن كان ما قبلها أزيد مما فيها وأنقص) أي وإن كان ما قبل سنة الانفصال
بعضه أزيد مما فيها وبعضه أنقص منه. قوله: (قضى بالنقص على ما قبله) هذا ظاهر فيما إذا تقدم الأزيد
على الأنقص كما في مثال الشارح، وأما إن تقدم الأنقص على الأزيد كما لو كان في سنة الفصل أربعمائة
وفي التي قبلها خمسمائة وفي التي قبلها مائتين فإنه يزكي عن أربعمائة لسنة الفصل ولما قبلها، ويزكي عن
مائتين للعام الأول. قوله: (فقط) أي وكان رب المال مديرا. وقوله: فكالدين أي فلا يزكيه ربه إلا
لسنة واحدة بعد قبضه له ولو طالت إقامته بيد العامل. قوله: (وإلا كان تابعا للأكثر) أي ويبطل حكم
الاحتكار وحينئذ فيقوم رب المال ما بيد العامل كل سنة ويزكيه إن علم به. قوله: (وإنما يعتبر ما بيد ربه) أي
من جهة كونه أقل مما بيد العامل أو مساويا أو أكثر منه. وقوله: ما بيد العامل فقط أي قليلا كان أو كثيرا،
فإن كان العامل مديرا زكاه ربه كل عام، وإن كان محتكرا زكاه لعام واحد بعد قبضه. قوله: (وعجلت
زكاة إلخ) أي فتخرج من عينها كل عام حيث كانت نصابا ولا ينتظر بها المفاصلة و العلم بحالها لتعلق
الزكاة بعينها. قوله: (حضر) أي ببلد ربه قوله: (وحسبت إلخ) فلو كان رأس المال أربعين دينارا اشترى
بها العامل أربعين شاة أخذ الساعي منها بعد مرور الحول شاة تساوي دينارا ثم باع الباقي بستين دينارا
فالربح على المشهور أحد وعشرون دينارا ورأس المال تسعة وثلاثون لحسبان الشاة على رب المال وعلى
مقابله الربح عشرون ويجبر رأس المال ويبقى المال على حاله الأول أربعين. قوله: (فلا تجبر بالربح)
أي فلا تلغى عليهما وتجبر بالربح، كما أن الخسارة إن كانت تلغى عليهما وتجبر بالربح وهذا هو المشهور،
ومقابله قول أشهب: إنها تلغى عليهما وتجبر بالربح كالخسارة. قوله: (وهذا) أي أخذ الزكاة من
رقابها وحسابها على رب المال إن كانت تلك الماشية غائبة عن بلد رب المال. قوله: (فهل يأخذها) أي
زكاة تلك الماشية. وقوله: منها أي من رقابها. قوله: (أو من عند ربها) أي أو تؤخذ من عند رب المال ولا
تؤخذ من رقابها. قوله: (وتجبر بالربح) بيان لمعنى إلغائها قوله: (أي يزكيه العامل) أي لا رب المال خلافا
لبهرام حيث قال: إن ما خص العامل من الربح يزكيه رب المال، ولو قال المصنف: وزكى العامل ربحه
لكان أولى لتصريحه بأن ما ينو به من الزكاة على العامل كما هو مذهب المدونة وابن رشد لا على رب المال
لأنه خلاف المشهور كما في ح. وقوله: وزكى ربح العامل أي لسنة واحدة بعد القبض كما في المواق عن
ابن يونس سواء كان العامل ورب المال مديرين أو محتكرين أو مختلفين. والحاصل أن العامل هو
الذي يزكي ما نابه من الربح الحاصل في مال القراض عن المقاسمة لسنة واحدة، ولو أقام مال القراض
بيده أعواما سواء كان العامل مديرا أو محتكرا سواء كان في حصته نصاب أو أقل، لكن الذي لابن
رشد في البيان والمقدمات أنهما إن أدارا أو العامل لزم العامل زكاة حصته لكل عام بعد المفاصلة، واقتصر
479

عليه ابن عرفة ورجحه بعضهم وقال: إنه مذهب المدونة. قوله: (وإن قل) لو عبر بلو كان أولى لرد
قول الموازية: لا زكاة فيما قل وقصر عن النصاب، قال في التوضيح: والمشهور مبني على أنه أجير، ومقابله
مبني على أنه شريك اه‍. قال الناصر: وفيه بحث ظاهر لان كونه أجيرا يقتضي استقباله لا زكاته لسنة،
وكونه شريكا يقتضي سقوط الزكاة عنه إذا كان جزؤه أقل من نصاب، إذ لا زكاة على شريك حتى تبلغ
حصته نصابا. قلت: أصل الزكاة في ربح العامل مع قطع النظر عن قلته مبني على أنه شريك ووجوبها في القليل
مع قطع النظر عن كونها على العامل مبني على أنه أجير، هذا هو الذي عناه في التوضيح فلا بحث، ويدل
لذلك أن الزكاة كما علم مبنية على أنه شريك وبعض شروطها مبني على أنه أجير، وما ذاك إلا لقطع النظر عن
كونها على العامل. قوله: (بناء على أنه أجير) أي فربح العامل منظور فيه لكونه بعضا من المال الذي
اتجر فيه أخذه أجرة، فزكاة ذلك الربح تبعا للمال فلذا لم يشترط كونه نصابا. قوله: (إن أقام بيده حولا)
اشتراط هذا الشرط في العامل مبني على أنه شريك لرب المال لا أجير له وإلا فلا يشترط
للاكتفاء بحول الأصل. قوله: (بلا دين) اعلم أن اشتراط هذه الشروط الثلاثة في رب المال بناء
على أن العامل أجير، أما لو نظرنا لكونه شريكا فلا يشترط ما ذكر في رب المال بالنسبة
لتزكية حصة العامل لان المنظور له ذات المالك واشتراطها في العامل بناء على أنه شريك،
إذ لو قلنا أنه أجير لاكتفى بحصول ما ذكر في رب المال. قوله: (وحصة ربه) أي وكان رأس
المال مع ربح رب المال مجموعهما نصاب، والواو في قوله وحصة واو الحال أي زكى ربح العامل
إن أقام بيده حولا، والحال أن حصة ربه إلخ والمراد بالحصة رأس المال. وقوله: وإن نابه نصاب
بناء على أن العامل أجير، فإذا كان رأس المال عشرة دنانير ودفعها ربها للعامل على أن يكون
لربها جزء من مائة جزء من الربح فربح المال مائة فإن ربه لا يزكي لان مجموع رأس المال وحصته
من الربح أحد عشر، وكذا العامل لا يزكي بل يستقبل بما خصه وهو تسعة وتسعون حولا من وقت
قبضه. قوله: (إلا أن يكون إلخ) هذا في نقل ابن يونس ونصه: قال ابن المواز قال أشهب فيمن عنده أحد
عشر دينارا فربح فيها خمسة وله مال حال حوله إن ضمه إلى هذا صار فيه الزكاة يريد وقد حال على
أصل هذا المال حول فليزك العامل حصته لان المال وجبت فيه الزكاة وبه أخذ سحنون، قال أبو محمد:
قال ابن القاسم: ولا يضم العامل ما ربح إلى مال له آخر ليزكي بخلاف رب المال، وقاله أصبغ في العتبية
اه‍ بن. قوله: (أن ينض) أي يبيع بنقد قوله: (بالنسبة لزكاة حصته) أي فكل هذه المسائل مبنية على
أنه أجير خلاف ما ذكر. قوله: (وحول ربح المال إلخ) هذه المسائل مبنية على أنه شريك وينبني على أنه
أجير وينبني على أنه شريك خلاف ما ذكره فيها. قوله: (وتسقط عنه تبعا) كما إذا كان رأس المال مع
حصة ربه من الربح أقل من نصاب وناب العامل من الربح نصاب. قوله: (فليس الخلاف إلخ)
حاصله أنه اعترض على المصنف بأن ظاهره أن الخلاف في التشهير في كونه شريكا أو أجيرا وليس
كذلك لان المشهور منهما أنه أجير، وأما القول بأنه شريك فلم يشهر، وإنما الخلاف في المبني على القولين
فبعضهم شهر ما انبنى على هذا القول، وبعضهم شهر ما انبنى على الآخر هذا حاصله، لكن اللقاني ذكر
أن في الذخيرة ما يشهد لظاهر المتن وحينئذ فلا حاجة لجعل الخلاف في التشهير في المسائل المبنية
على القولين. قوله: (زكاة حرث) أي محروث. قوله: (ومعدن) مثله الركاز إذا وجبت فيه الزكاة
فلا يسقطها الدين ولا ما معه، بل وكذلك إذا وجب فيه الخمس فلا يسقطه دين ولا فقد ولا أسر.
قوله: (بدين) أي بسبب دين على أربابها سواء كان الدين عينا بأن استقرضه أو اشترى به في الذمة أو كان
480

عرضا أو طعاما بأن كان سلما فيهما. قوله: (لحمله على الحياة) يؤخذ من هذا أنه إذا فقد أو أسر وأخرجت
زكاة ماشيته أو حرثه وهو مأسور أو مفقود فإنها تجزي، ولا يضر عدم نيته لان نية المخرج تقوم مقام نيته.
قوله: (وإن ساوى إلخ) أي هذا إذا نقص الدين عما بيده من الحرث والماشية والمعدن بل وإن ساواه،
وكذا إن زاد الدين على ما بيده فهو مفهوم موافقة، واعلم أن صورة المساواة و الزيادة فيهما الخلاف،
فرد المصنف بالمبالغة على المساواة على المخالف فيها ويعلم منه صورة الزيادة بطريق الأولى، ولو بالغ على
الزيادة لاقتضى أن المساواة متفق فيها على عدم السقوط مع أن فيها الخلاف كذا قيل وتأمل وجه
الأولوية. قوله: (ما بيده من ذلك) أي من ذلك الحرث والمعدن والماشية. قوله: (إلا زكاة فطر عن عبد)
استثناء منقطع قال المدونة: ومن له عبد وعليه عبد مثله في صفته فلا يزكي الفطر عنه إن لم يكن له مال.
أبو الحسن: قولها إن لم يكن له مال ظاهره ليس له مال يقابل به الدين وإن كان له ما يخرج منه زكاة الفطر.
عبد الحق: وفيه نظر لان العبد الذي في يده ليس كالعين المستحقة إنما عليه عبد في ذمته ولو هلك لطولب
به، فيجب أن يكون عليه زكاة الفطر إن قدر أن يزكيها، وأما إن لم يكن عنده شئ فلا شئ عليه لأنه إن
باعه أدى عنه زكاة الفطر من ثمنه فالدين أولى به، وقد قال ابن القاسم: الذي جنى عبده فمضى عليه يوم
الفطر قبل أن يسلمه عليه زكاة فطره مع كون عين العبد كالمستحقة لكون الجناية متعلقة به لا بالذمة، فإذا
كان هذا العبد الذي كالمستحق عليه زكاة فطره فكيف هذا الذي هو غير مستحق ولو هلك لبقي
الدين في ذمته؟ ولعل ابن القاسم إنما أراد أنه ليس له مال يؤدي منه زكاة الفطر اه‍. فقد ناقض كلام
المدونة إن حملت على ظاهرها بمسألة الجناية، ويظهر من كلامه ومن كلام المدونة أن المسألة مخصوصة
بما إذا كان في ذمته عبد مثله، فأما إن كان في ذمته مثل قيمته فلا تسقط عنه زكاة فطره لما عللوه به فيما تقدم
من أن العبد الذي في يده ليس كعين مستحقة وليس كذلك إذا كان عليه قيمته، وقد تردد ابن عاشر
في ذلك اه‍ بن. قوله: (وعليه مثله) أي عبد مثله أي سلما أو قرضا. وقوله في مقابلته أي في مقابلة العبد.
وحاصله أنه إذا كان عنده عبد وعليه دين عبد مماثل للعبد الذي عليه عنده من قرض أو سلم وليس عنده
ما يجعله في مقابلة ذلك العبد الدين سوى ذلك العبد الذي بيده، وإن كان عنده ما يؤدي منه زكاة الفطر
لو طولب بها فإنه لا تجب عليه زكاة فطر ذلك العبد الذي عنده وهذا مذهب المدونة، وخالف عبد الحق
فقال بوجوبها. قوله: (بخلاف العين) أي ويدخل فيها قيمة عروض التجارة فتسقط زكاتها
بالدين مطلقا وبالفقد والأسر. قوله: (فإن الدين) أي سواء كان عينا أو عرضا وماشية. وقوله: يسقطها
أي يسقط زكاة القدر المساوي له من العين وذلك لان المدين ليس كامل الملك إذ هو بصدد الانتزاع
منه كالعبد، والمفقود والأسير مغلوبان على عدم التنمية فأشبه مالهما الأموال الضائعة، ولأجل كون
أموالهما كالأموال الضائعة ينبغي أنه إذا زال المانع وهو الفقد والأسر أن يزكي لسنة واحدة كذا
في خش، وخالف عبق تبعا لعج فقال ظاهر المصنف أنه إذا حضر المفقود أو الأسير فلا يزكيها
بعد زوال مانعه لسنة بل يستقبل حولا بعد حضوره وزوال المانع، والفرق بينها وبين الضائعة
ونحوها أن رب الضائعة عنده من التفريط ما ليس عند المفقود والمأسور، قال بن: وكل هذا
غير ظاهر بل ظاهر كلامهم كما أفاده طفي التزكية لكل عام، وذكر أن معنى كون الفقد والأسر
يسقطان الزكاة أنهما يسقطان وجوب اخراجها الآن لاحتمال موته، فلا ينافي أنه إذا حضر
يزكى لكل عام، فالفقد والأسر ليسا مسقطين للزكاة بالمرة، وإنما يوجبان التوقف عن اخراجها
مخافة حدوث الموت. قوله: (ولو دين زكاة) أي سواء كان دين الزكاة المترتب في ذمته من حرث
481

أو عين أو ماشية. قوله: (ويعتبر عدده) أي فلو كان بيده أحد وعشرون دينارا وعليه ديناران مؤجلان
فإن الزكاة تسقط عنه وإن كانت قيمتهما دينارا واحدا. قوله: (لا قيمته) مثله في المواق وهذا بخلاف
دين له مؤجل على غيره فإنما يجعل ما عليه في قيمته كما يأتي، وعلة ذلك فيهما كما لابن يونس أنه لو مات أو
فلس لحل الدين الذي عليه وبيع دينه المؤجل لغرمائه انظر المواق. قوله: (أو كان كمهر) هذا هو
قول مالك وابن القاسم وهو المشهور. وقال ابن حبيب: تسقط الزكاة بكل دين إلا مهور النساء إذ ليس
شأنهن القيام به إلا في موت أو فراق فلم يكن في القوة كغيره اه‍ عدوي. قوله: (لزوجة) أي مطلقة أو
في العصمة. وقوله: ولو مؤجلا أي بأجل معلوم أو لموت أو فراق على مذهب الحنفي. قوله: (أو نفقة زوجة)
أي متجمدة عليه لما مضى قوله: (أو ولد إن حكم) انظر هل يقوم مقام الحكم ما إذا أنفق على الولد
شخص غير متبرع؟ وانظر هل حكم المحكم يقوم مقام حكم الحاكم في ذلك أم لا؟ اه‍ شيخنا عدوي.
قوله: (فاندفع ما أورد) أي ما أورده البساطي وأجاب باختيار الأول، لكن المراد بالحكم الفرض أي أن
فرضها وقدرها حاكم وفرضه ليس حكما حقيقة، وأما ما ذكره الشارح من الجواب فهو للفيشي. وحاصله
اختيار الشق الثاني، لكن المراد أنه حكم بها غير المالكي كالحنفي الذي يرى عدم سقوط نفقة الأولاد
بمضي الزمان، وصوب بن وطفي ما قاله البساطي من أن المراد بالفرض التقدير، فنفقة الأولاد الماضية
تسقط بمضي الزمان ما لم يكن فرضها القاضي وقدرها وإلا كانت دينا عليه فتسقط بها زكاة العين،
فإذا كان عند الأب عشرون دينار حال حولها وعليه نفقة شهر عشرة دراهم لولده قد فرضها عليه
القاضي قبل الحول بشهر مثلا فلتجعل النفقة فيما بيده من النصاب فتسقط عنه زكاته. قوله: (وإن حكم
بالماضي فلا يلزمه إلخ) أي فلا يصح الحكم لأنه لا يلزمه إلخ. قوله: (وسواء تقدم للولد يسر) أي وسواء
حصل للولد يسر في أيام ترك النفقة عليه أم لا باتفاق من ابن القاسم وأشهب لان الموضوع أنه حكم.
قوله: (فقال ابن القاسم لا تسقط) أي لا تسقط تلك النفقة الزكاة فتسقط بضم التاء من أسقط. قوله: (إن تقدم)
أي إن حصل. قوله: (أو يبقى إلخ) أي بأن يقال قول ابن القاسم إذا لم يحكم حاكم بها فلا تسقط الزكاة عن
الأب مطلقا سواء حصل للولد يسر أيام قطع النفقة عنه أم لا. ويحمل قول أشهب بسقوطها عن الأب
على إطلاقه أي حصل للولد يسر أم لا. قوله: (تأويل الوفاق) وهو لبعض القرويين، وأما تأويل
الخلاف فهو لعبد الحق. قوله: (ويكون المذكور تأويل الخلاف) أي لان المصرح به حينئذ الاطلاق
وهو تأويل الخلاف. قوله: (بحكم) المراد بالحكم هنا الفرض والتقدير أو حقيقته على ما مر.
قوله: (فإن لم يحكم بها) أي سواء تسلف الولد أم لا. وقوله: لم تسقط عن الابن أي لم تسقط زكاة العين عن الابن،
وإنما شدد في نفقة الولد حيث جعلت دينا مسقط لزكاة العين بمجرد الحكم بها دون نفقة الأبوين، فإنها
لا تكون دينا مسقطا إلا إذا انضم للحكم بها تسلف لان الوالد يسامح ولده أكثر من مسامحة الولد لوالده،
لان حب الوالد لولده موروث من آدم ولم يكن يعرف حب الولد لوالده قوله: (لا بدين كفارة أو هدي)
482

قال في التوضيح نقلا عن ابن راشد: والفرق بينهما وبين دين الزكاة أن دين الزكاة تتوجه المطالبة به من
الإمام العادل ويأخذها كرها من مانعي الزكاة، بخلاف الكفارة والهدي فإنه لا يتوجه فيهما ذلك اه‍.
وتعقب هذا الفرق أبو عبد الله بن عتاب من أكابر أصحاب ابن عرفة قائلا: لا فرق بين دين الزكاة ودين
الهدي والكفارة في مطالبة الامام بهما، ونقل ذلك عن اللخمي والمازري كما في المعيار. قلت: ونص اللخمي
الذي يقتضيه المذهب أن الكفارات مما يجبر الانسان على اخراجها ولا توكل لأمانته قال: وهذا هو
الأصل في الحقوق التي لله في الأموال، فمن كان لا يؤدي زكاته أو وجبت عليه كفارات أو هدي
وامتنع من أداء ذلك فإنه يجبر على إنفاذه. وقال ابن المواز فيمن وجبت عليه كفارات فمات قبل
اخراجها: إنها تؤخذ من تركته إذا لم يفرط اه‍ بن. والحاصل أن دين الكفارة والهدي
في إسقاطه لزكاة العين كدين الزكاة وعدم إسقاطه لها طريقتان: الأولى مختار ابن عتاب. والثانية مختار
المصنف وابن راشد. قوله: (أو مما أفهمته المخالفة في قوله بخلاف العين) فكأنه قال بخلاف العين فإنه
تسقط زكاتها بكل دين مما ذكر إلا أن يكون عنده إلخ. قوله: (زكى) أي وجبت فيه الزكاة لكونه نصابا
كخمسة أوسق فأكثر. وقوله: إن لم تجب فيه زكاة أي لكونه أقل من خمسة أوسق، ولا يشترط في المعشر
والنعم غير المزكى ما اشترط في العرض وهو إقامة ذلك عنده حولا كما يأتي. قوله: (أو معدن) ليس المراد
أن ذات المعدن تجعل في مقابلة الدين، بل المراد أن ما أخرجه من المعدن يجعله في دينه ابن الحاجب
اتفاقا اه‍ بن. قوله: (أو قيمة كتابة) أي فإذا كانت عليه أربعون دينارا دينا وبيده أربعون دينارا
وقيمة الكتابة عشرون جعلها في مقابلة عشرين من الدين ويجعل العشرين الباقية من الدين في مقابلة
عشرين مما بيده ويزكي عن العشرين الباقية، فلو كانت قيمة الكتابة عشرة فلا زكاة عليه لان الباقي
في يده ليس في مقابلة الدين عشرة فقط وهي أقل من نصاب، ثم ما ذكره المصنف من جعل قيمة الكتابة
فيما عليه من الدين هو قول ابن القاسم وهو المشهور. وقال أشهب: يجعل في قيمة المكاتب على أنه مكاتب.
وقال أصبغ: قيمة المكاتب على أنه عبد اه‍. ثم إنه على الأول إذا كانت الكتابة عروضا قومت بعين، وإن
كانت عينا قومت بعروض ثم قومت بعين، فإن عجز المكاتب وفي رقبته فضل أي زيادة على
الكتابة زكى من ماله مقدار ذلك الفضل بناء على مذهب ابن القاسم القائل بجعل قيمة الكتابة
في الدين، فإذا كان عليه أربعون دينارا وبيده أربعون وقيمة الكتابة عشرة فلا زكاة فيما بيده
كما مر، فلو عجز المكاتب والحال أن رقبته تساوي عشرين ففي رقبته فضل عن الكتابة وهي عشرة،
فإذا جعلت قيمة ذلك العبد في مقابلة الدين كان الباقي مما بيده عشرين فيزكيها، فقد زكى الفضل بين
الرقبة والكتابة وهو عشرة. قوله: (كان التدبير سابقا إلخ) ما ذكره من جعل قيمة رقبة المدبر
في الدين ظاهر، فيما إذا كان التدبير حادثا بعد الدين لبطلان التدبير حينئذ وبيع العبد في الدين، وأما لو كان
التدبير سابقا على الدين فجعل قيمة رقبته في الدين مشكل، إذ لا يجوز بيع المدبر حينئذ فيقال: هذا
مراعاة لمن يقول: إن المدبر يجوز بيعه كالقن. واعلم أن جعل قيمة رقبة المدبر في الدين إذا كان الدين سابقا
على التدبير لا خلاف فيه، بخلاف ما إذا تقدم التدبير على الدين ففيه خلاف فقال ابن القاسم: يجعل
في رقبته أيضا. وقال أشهب: يجعل في خدمته. قال في التوضيح: وكأن ابن القاسم راعى قول
من قال بجواز بيعه، فتبين أن قول المصنف أو رقبة مدبر على إطلاقه اتفاقا في تأخير التدبير عن
الدين وعلى المشهور في تقدمه عليه انظر بن. قوله: (أخدمه له الغير سنين أو حياته) هكذا في نص ابن
المواز كما في التوضيح، لكن قال اللخمي: قوله يجعل الدين في قيمة الخدمة إذا كانت حياته ليس بحسن
لان ذلك مما لا يجوز بيعه بنقد ولا بغيره، وأظنه قاس ذلك على المدبر وليس مثله لان الجواز في المدبر
483

مراعاة للخلاف في جواز بيعه في الحياة، ولا خلاف أنه لا يجوز للمخدم أن يبيع تلك الخدمة حياته،
فكذلك لا يجوز أن يجعل فيه الدين لان بيعه لا يجوز اه‍ بن. والحاصل أن المخدم إن أخدمه صاحبه
سنين فإن قيمة الخدمة تجعل في مقابلة الدين اتفاقا وإن أخدمه صاحبه حياته، ففي جعل قيمة خدمته
في الدين قولان لابن المواز واللخمي. قوله: (فإن عمرا يجعل قيمته) بأن يقال: ما تساوي هذه الرقبة على
أن يأخذها المبتاع بعد استيفاء الخدمة. ولا يقال: إن فيه بيع معين يتأخر قبضه. لأنا نقول: إن قبض
المخدم ينزل منزلة قبض المشتري اه‍ عدوي. قوله: (حل حوله) أي مضى له حوله و هو عنده، والمراد
بالحول السنة كما هو المأخوذ من كلامهم كما قال طفي، وما في عبق عن الشيخ سالم من أن حول كل
شئ بحسبه إلخ ففيه نظر، وإنما يشترط هذا الشرط إذا مر على الدين حول على المدين وإلا فلا، فالشرط
مساواة الدين لما يجعل فيه زمانا، كذا في بن عن ابن عاشر، واشتراط مرور الحول على ما يجعل
في الدين من العروض قول ابن القاسم. وقال أشهب بعدم اشتراطه بل تجعل قيمته في مقابلة الدين
وإن لم يمر عليه حول عنده. قال طفي: وبنوا هذا الخلاف على أن ملك العرض في آخر الحول هل هو
منشئ لملك العين التي بيده من الآن وحينئذ فلا زكاة عليه فيها لفقد الحول وهو قول ابن القاسم،
أو كاشف أنه كان مالكا لها وحينئذ فيزكي وهو قول أشهب، وأنت خبير بأن هذا البناء يوجب عموم
شرط الحول. عند ابن القاسم في كل ما يجعل في مقابلة الدين من معشر ومعدن وغيرهما لكنهم لم
يشترطوا مرور الحول إلا في العرض ولم يشترطوه في المعشر والمعدن وغيرهما كما في المواق انظر بن.
قوله: (وظاهره أن غير العرض مما تقدم) أي وهو المعشر والمخرج من المعدن والكتابة ورقبة المدبر
وخدمة المخدم ورقبته وخدمة المعتق لأجل. قوله: (بعض المحققين) أراد به العلامة طفي، وأراد ببعض
الشراح عبق تبعا لعج. (وكتب فقه) أي ودار سكن فيها فضل قوله: (وقت الوجوب) تنازعه بيع
وقوم على الظاهر لان العبرة في كونه يباع على المفلس أولا بوقت الوجوب. قوله: (متعلق بقوله بيع)
أي والجملة قبله اعتراض بين بيع ومتعلقه. قوله: (لا آبق) عطف على معشر أي إلا أن يكون عنده معشر
لا إن كان عنده آبق، ولو قال لا كآبق أي لا مثل آبق كان أولى ليدخل البعير الشارد. قوله: (إذ لا يجوز
بيعه إلخ) أي فلا يجعل ذلك في دينه بل تسقط زكاة ما معه من العين إذ لا يجوز إلخ قوله: (أو دين لم يرج)
أي سواء كان حالا أو مؤجلا. قوله: (فلا يجعله في دينه) أي لأجل أن يزكي ما معه من النقد بل تسقط
زكاته. قوله: (منشئ لملك النصاب) أي الآن فلم يحل حوله. وقوله: فلا بد أي في وجوب الزكاة. وقوله:
من استقبال حول أي بذلك النصاب قوله: (لا تكرار) أي لان ذكر المحترز بعد القيد ليس تكرارا
والمصنف لا يعتبر غير مفهوم الشرط. قوله: (فإذا مر الحول الثاني إلخ) الحاصل أنه إنما لم يزك العشرين
الأولى آخر الحول الأول لأنها كانت عنده بمثابة الوديعة ولم يتحقق ملكه لها إلا في آخر الحول الأول
فإذا مر الحول الثاني زكاها، وكذا العشرون الثانية عنده وديعة فلا يتملكها إلا في آخر
الحول الثاني فإذا مر الحول الثالث زكاها وهكذا. قوله: (هو المعتمد) أي لقول ابن رشد
في البيان أنه الذي يأتي على مذهب الامام مالك في المدونة في الذي وهب له الدين بعد حلول الحول
484

على المال الذي بيده أو أفاده مالا فإنه يستقبل اه‍ نقله في التوضيح. قوله: (خلافا لما رجحه عج إلخ) هذا
الذي رجحه عج قول لمالك، وفي المواق ما يفيد أنه الذي تجب به الفتوى لا ما اقتصر عليه المصنف، ورده
طفي بأن كلام ابن رشد في البيان والمقدمات يقتضي ترجيح ما مشى عليه المصنف اه‍ عدوي.
قوله: (ويجعل الرجبية) أي قبل حلول حولها في مقابلة الدين فلا يزكيها إذا جاء حولها رجب الثاني قوله: (على
المشهور) ومقابله يزكي المائتين كل واحدة عند حولها فيجعل الأخرى في الدين. قوله: (وقفت
للسلف) وقفت لكون المحتاج يتسلفها ويرد بدلها عند يساره وسواء وقفت على معينين أو غير معينين،
وما ذكره مبني على المعتمد من جواز وقف العين للسلف وقيل بعدم صحة ذلك، والخلاف في ذلك
يأتي في باب الوقف. قوله: (أو المتولي عليها) أي وهو الناظر قوله: (إن مر إلخ) شرط أول. وقوله: وكانت
نصابا شرط ثان قوله: (ما لم يوقف) أي من مال الوقف قوله: (إذ وقفها لا يسقط زكاتها عنه منها)
أي لبقاء ملك الواقف تقديرا كما يأتي في باب الوقف إن شاء الله. قوله: (كل عام) أي ويزكيها من ذكر من
الواقف والمتولي عليها كل عام. قوله: (ويزكيها المتسلف) أي كل عام أيضا. وقوله: وربحها أي ويزكي
المتسلف ربحها أيضا إن اتجر فيها. وقوله: إن مر إلخ شرط في زكاة ربحها، وحاصل ما ذكره أن العين
الموقوفة للسلف إذا لم يتسلفها أحد وجب على الناظر أو الواقف زكاتها كل عام إن مر لها حول من يوم
ملكها، أو زكيت وكانت نصابا بذاتها أو بانضمامها لما لم يوقف، وأما إذا تسلفها أحد وجبت زكاتها لعام
بعد قبضها كغيرها من الديون، ويجب على المتسلف زكاتها أيضا كل عام إن كان عنده ما يجعل في مقابلتها،
وإذا اتجر فيها فربح زكى ربحها إن مضى حول من يوم تسلفها ولو ردها قبل أن يتم لربحها حول.
قوله: (إن مر حول إلخ) فلو مكث المال عنده نصف عام ثم ربح فيه ورد الأصل ثم بقي الربح عنده النصف
الثاني فإنه يزكى عند انقضاء النصف الثاني لأنه يصدق عليه حينئذ أنه مر حول من يوم تسلفها، والحاصل
أن حول ربحها من السلف على ما سبق ولو رد الأصل قبل عام، وهذا بخلاف ربح القراض إذا رد العامل
رأس المال قبل السنة فإنه يستقبل به حولا من يوم المفاصلة. قوله: (وقف ليزرع) وأما الحب الذي وقف
للسلف فلا زكاة فيه كما يفيده قوله: وزكيت عين وقفت للسلف اه‍ عدوي. قوله: (ليزرع كل عام في
أرض مملوكة) أي للواقف أو مستأجرة أو موات. قوله: (ويفرق ما زاد على القدر الموقوف) أي وأما
الموقوف فيبقى ليزرع كل سنة. قوله: (ويزكى الحب) أي الخارج من الزرع وزكاته من عينه
قوله: (إن وجد) أي وإلا فلا زكاة فالنصاب المذكور زكاته على ملك الواقف. قوله: (ليفرق لبنه) أي
وأما الحيوان الذي وقف لتفرق عينه فلا زكاة فيها إذا كان الوقف على غير معينين لا في جملته
ولا في أبعاضه، لا على المالك لأنه خرج عن ملكه لأنه أوصى بتفرقة أعيانه، ولا على المساكين
لأنهم غير معينين وإن كان على معينين، فمن بلغت حصته نصابا زكى لحول من يوم الوقف وإلا فلا،
وإن وقف الحيوان لتفرق أثمانه فلا زكاة كان الوقف على معينين أم لا، ولذا لم يحمل الشارح المصنف
على ذلك. قوله: (تبع له) أي في الوقفية أي هذا إذا شرط دخولها في الوقفية بل ولو سكت
عن ذلك. قوله: (أو لتفرقة نسله) قدر الشارح التفرقة إشارة إلى أن قوله: أو نسله عطف على
محذوف أي أو حيوان لتفرقة غلته أو نسله. قوله: (دون الوسط) أي وهو الحيوان الموقوف لتفرق غلته
وذلك لان التفصيل الذي ذكره المصنف لم يقله أحد في وقف الحيوان لأجل تفرقة غلته كما قال الشارح.
قوله: (إن تولى إلخ) شرط في قوله كعليهم أي وأما إن كان الوقف على مساجد أو على غير معينين
485

فالزكاة في جملته على ملك الواقف إن بلغ نصابا أو نقص عن النصاب وكان عند الواقف ما يكمل به النصاب،
ولو ناب كل واحد شيئا قليلا سواء تولى المالك علاجه أم لا. قوله: (وسقيه وعلاجه) هذا إشارة إلى أن
قول المصنف تفرقته ليس المراد خصوص التفرقة بل المراد إن تولى تفرقته وغيرها، والفرق أن المالك
إذا تولى تفرقته وعلاجه فكأن الملك لم يخرج عنه فلذلك اعتبرت الجملة، وإن لم يتول المالك ما ذكر فكأنه
خرج عن ملكه فصار كالصدقة المسبلة فلذلك اعتبر نصيب كل واحد. قوله: (ولو قال إلخ) أي لان هذا
القيد معتبر في الحيوانات كالنبات كما ذكر الشيخ سالم أن العوفي نقل القيد المذكور عن اللخمي فيهما،
وظاهر المصنف أن القيد المذكور معتبر في النبات فقط، وقول بهرام لم أر هذا القيد إلا في النبات
قصور لما علمت. قوله: (وحازوه) المراد بحوزهم له توليهم لذلك الموقوف، فقوله: وصاروا يزرعون إلخ تفسير
له لا قيد زائد كما استظهره طفي. قوله: (فلا يرجع له واحد منهما) أي من المعينين وغيرهم. قوله: (فإنه لا فرق) أي
باتفاق. والحاصل أن الحيوان الذي وقف لتفرقة غلته أو ليحمل عليه في نقل من الأنقال التفرقة
فيه بين وقفه على معينين أو غيرهم بل تزكى جملته على ملك الواقف مطلقا، وإنما ورد الخلاف في النبات
الموقوف والحيوان الموقوف لتفرقة نسله. قوله: (ثم ما ذكره المصنف من التفصيل إلخ) حاصل ما ذكره
المصنف من التفصيل أن الموقوف إذا كان حيوانا وقف لتفرقة غلته فإنه تزكى جملته على ملك الواقف إن بلغ
نصابا كان الوقف على معينين أم لا، تولى المالك علاجه أم لا، وإن كان الموقوف نباتا أو حيوانا وقف
لتفرقه نسله، فإن كان على مساجد أو على غير معينين فكذلك تزكى جملته على ملك الواقف، وكذا إن كان
على معينين إن تولى المالك علاجه وإن تولاه الموقوف عليهم إن حصل لكل نصاب زكاة وإلا فلا ما لم
يكن عنده ما يكمل به نصابا. واعلم أن هذا الذي درج عليه المصنف من التفصيل بين المعينين وغيرهم تبع فيه
تشهير ابن الحاجب مع قوله في التوضيح: لم أر من صرح بمشهوريته كما فعل المؤلف، ونسبه في الجواهر
لابن القاسم، ونسبه اللخمي وغيره لابن المواز، واقتصر عليه التونسي واللخمي، ثم قيد اللخمي ما ذكره
من اعتبار الأنصباء في المعينين بما إذا كانوا يسقون ويلون النظر له لأنها طابت على أملاكهم، وذكر المؤلف
هذا القيد تبعا له، وأما مقابل ما درج عليه من التفصيل فهو لسحنون والمدنيين، وفهم صاحب المقدمات
وأبو عمر أن المدونة عليه انظر ح اه‍ بن. قوله: (نظرا إلى الأب) أي فإنه معين. وقوله نظرا إلى أنفسهم أي فإنهم
غير معينين وإن كان أبوهم معينا. قوله: (وقد علمت المذهب) أي من أنه لا فرق بين المعينين وغيرهم من أن
الموقوف يزكى جملته على ملك الواقف أي وحينئذ فالخلاف المذكور إنما يأتي على الطريقة الضعيفة التي
ذكرها المصنف. قوله: (وإنما يزكى إلخ) فهم من قوله: يزكى اشتراط ما يشترط في الزكاة أي من حرية المالك
له وإسلامه لا مرور الحول، وهذا هو الذي اقتصر عليه ابن الحاجب، وقيل لا يشترط فيه حرية ولا
إسلام وأن الشركاء فيه كالواحد، قال الجزولي: وهذا هو المشهور نقله ح قوله: (معدن عين) أي فإذا خرج
منه نصاب زكى وزكاته ربع العشر كالزكاة في غيره. قوله: (كنحاس وحديد) أدخل بالكاف الرصاص
والقزدير والكحل والعقيق والياقوت والزمرد والزئبق والزرنيخ والمغرة والكبريت فإن هذه
المعادن كلها لا زكاة فيها. قوله: (يقطعه لمن يشاء) أي يعطيه لمن يعمل فيه لنفسه مدة
486

من الزمان أو مدة حياة المقطع بفتح الطاء، وسواء كان في نظير شئ يأخذه الامام من المقطع أو من
غير شئ، وإذا أقطعه لمن شاء في مقابلة عين كانت تلك العين لبيت المال فلا يأخذ الامام منها إلا بقدر
حاجته، قال الباجي: وإذا أقطعه لاحد فإنما يقطعه له انتفاعا لا تمليكا، فلا يجوز لمن أقطعه له الامام أن
يبيعه ابن القاسم ولا يورث عمن أقطعه له لان ما لا يملك لا يورث اه‍ بن. وقوله: أو يجعله للمسلمين
أي فيقيم فيه من يعمل للمسلمين بأجرة، وإذا جعله للمسلمين فلا زكاة فيه لأنه ليس مملوكا لمعين حتى
إنه يزكى، وإن أقطعه لشخص وجب عليه زكاته إن خرج منه نصاب على ما مر والمعدن لا يزكى مطلقا
بل في بعض الأحوال. قوله: (إن كان إلخ) راجع لقول المصنف: وحكمه إلخ. قوله: (كالفيافي) أي فهي
غير مملوكة لاحد ولو كانت في بلاد المسلمين. قوله: (أو ما انجلى عنها أهلها) أي بغير قتال بأن ماتوا
جميعا بغير قتال. قوله: (ولو مسلمين) أي هذا إذا كان أهلها الذين انجلوا عنها كفارا بل ولو كانوا مسلمين
على المعتمد. والحاصل أن الصواب أن الأرض التي انجلى عنها أصحابها المسلمون ما وجد فيها من
المعادن فهو للامام خلافا لقول بعضهم: إن المسلمين لا يسقط ملكهم عن أراضيهم بانجلائهم، وحينئذ
فيكون ما وجد فيها من المعادن لهم ولورثتهم، وفي المبالغة تسمح لاقتضائها أن الأرض التي انجلى عنها
أهلها المسلمون غير مملوكة فتأمل. قوله: (كأرض العنوة) فيه أن أرض العنوة بمجرد فتحها تكون وقفا
فلا يتأتى فيها ملك فما معنى جعل الشارح لها مملوكة؟ وأجيب بأنه أراد بالملك ما يشمل ملك المنفعة، ومعلوم
أن الوقف تملك منافعه وإن لم تملك ذاته فأرض العنوة لا تملك ذاتها، ويملك منفعتها كل من مكنه منها
الامام أو نائبه. قوله: (ولو بأرض معين) أي ولو كان المعدن بأرض مملوكة ذاتها لشخص معين كزيد
قوله: (ويفتقر إقطاعه في الأراضي الأربع إلى حيازة) أي ويفتقر إقطاع الامام للمعدن إذا كان
في الأراضي الأربع إلى حيازة. قوله: (على المشهور) أي بناء على المشهور من أن إقطاعات الامام تفتقر
لحيازة، وذكر في المج أن هذا هو المعتمد وأن إمضاء عطية تميم مع أنه لم يحزها في حياته عليه الصلاة
والسلام خصوصية له ومقابل المشهور ما لابن هندي من أن عطية الامام لا تفتقر لحوز، فإذا مات
الامام قبل أن تحاز عنه لم تبطل، وقوى بن القول بعدم الافتقار حيث قال: جعل القول بافتقار هو
المشهور فيه نظر، فقد قال المتيطي في النهاية في باب ما يقطعه الامام ما نصه: ولا يحتاج الاقطاع لحيازة
بخلاف الهبة، وقيل لا بد فيه من الحيازة وبالأول العمل اه‍. فظاهره أن عدم افتقاره لحيازة هو المشهور
المعمول به، قال أبو علي المسناوي: وهو ظاهر لان الامام ليس بواهب حقيقة إنما هو نائب عن
المسلمين وهم أحياء ولذا قالوا: لا ينعزل القاضي بموت الأمير اه‍ كلام بن. قوله: (إلا مملوكة لمصالح)
الحاصل أن مواضع المعدن خمسة: أرض غير مملوكة لاحد كالفيافي وما انجلى عنها أهلها، وأرض مملوكة
لغير معين كأرض العنوة، وأرض مملوكة لمعين، وأرض الصلح فالثلاثة الأول داخلة قبل لو، والرابعة
محل الخلاف، والخامسة المستثناة، ورد المصنف بلو في قوله: ولو بأرض معين على من قال: إن المعدن الذي
يوجد فيها يكون لمالكها مطلقا، وعلى من قال: إن كان المعدن عينا فللامام وإن غير عين فلمالك
الأرض المعين والمعتمد أنها للامام لان المعادن قد يجدها شرار الناس، فلو لم يكن حكمه للامام
لأدى إلى الفتن والهرج. وقوله: لمصالح بكسر اللام وفتحها ومفهوم مملوكة إلى ما وجد من
المعادن في موات أرض الصلح الغير المملوكة فحكمه للامام. قوله: (فله) أي فما وجد فيها من المعدن
فهو له ولا يزكى، فقوله: إلا مملوكة مخرج من قوله: يزكى، ومن قوله: وحكمه للامام أي إنه مخرج من
الامرين معا. قوله: (إلا أن يسلم فيرجع حكمه للامام) أي على مذهب المدونة وهو الراجح
لزوال أحكام الصلح بالاسلام، خلافا لسحنون القائل أنها تبقى له ولا ترجع للامام
قوله: (وضم بقية عرقه) يعني أن العرق الواحد من المعدن ذهبا كان أو فضة أو كان
487

بعضه ذهبا وبعضه فضة يضم بعضه إلى بعض إذا كان متصلا، فإذا أخرج من العرق نصابا زكى
ما يخرج بعد ذلك ولو كان الخارج شيئا قليلا ولو تلف الخارج أولا. قوله: (المتصل) أخذه من قول المصنف
بقية إذ لا يقال بقية إلا عند اتصاله. قوله: (أو اضطرار) أي لفساد آلة أو مرض العامل. قوله: (فليس
المراد بالتراخي العمل على الهينة) أي بأن يعمل كل يوم عملا قليلا لان هذا من قبيل اتصال العمل.
قوله: (وإلى الثاني والرابع بقوله إلخ) في الحقيقة الإشارة لهما إنما هي بقوله: ولا يضم عرق آخر للذي
كان يعمل فيه أولا في معدن واحد أي سواء انقطع العمل أو اتصل. قوله: (فلا يضم ما خرج من واحد
منها لما خرج من آخر) أي بل يعتبر كل معدن على حدته ولو اتحد جنسها، فإن خرج منه نصاب زكى وإلا
فلا. قوله: (ولو في وقت) أي هذا إذا كان الخروج منها في أيام لانقطاع العمل، بل ولو كان في وقت واحد
لعدم انقطاعه. قوله: (ولا يضم عرق آخر) ظاهر المصنف عدم ضم أحد العرقين للآخر من معدن واحد،
ولو وجد الثاني قبل فراغ الأول، وفي ح ما يفيد أنه يضم حيث بدا العرق الثاني قبل انقطاع الأول،
سواء ترك العمل فيه حتى أتم الأول أو انتقل للثاني قبل تمام الأول وهذا هو المعتمد كما قرر شيخنا، ثم
إن قوله: ولا عرق آخر يغني عما قبله لأنه إذا كان لا يضم عرق من معدن لعرق آخر منه فأولى أن لا يضم
معدن لمعدن آخر. قوله: (وفي وجوب ضم فائدة إلخ) يعني لو كان عنده مال دون نصاب من فائدة وحال
عليه الحول وهو عنده ثم أخرج من المعدن ما يكمل به النصاب فهل يجب أن تضم تلك الفائدة لما أخرجه
من المعدن ويزكى أو لا؟ في ذلك قولان، فالقول بالضم للقاضي عبد الوهاب واللخمي والقول بعدمه
لسحنون قياسا على عدم ضم المعدنين، وفهم ابن يونس المدونة عليه ولكن المعتمد ما قاله عبد الوهاب
من الضم. قوله: (نصابا أو دونه) به صرح في التوضيح وهو المفهوم من كلام غيره لكنه خلاف ما في
الذخيرة عن سند من أن عبد الوهاب إنما يقول بالضم إذا كانت الفائدة دون نصاب، فإن كانت نصابا
وأخرج من المعدن دون نصاب لم يزكه انظر ح اه‍ بن. والحاصل أن محل الخلاف على ما قال
سند إذا كانت الفائدة أقل من نصاب وإلا فلا تضم اتفاقا. قوله: (أو تصفيته) أي أو لا يتعلق الوجوب
به إلا عند تصفيته من ترابه وسبكه لا بمجرد اخراجه من المعدن، والقول الأول للباجي واستظهره
بعضهم كما قال شيخنا. قوله: (وثمرة الخلاف تظهر إلخ) من ثمرته أيضا كما في ح عن الجزولي أنه لو أخرجه
ولم يصفه وبقي عنده من غير تصفية أعواما ثم صفاه فعلى الثاني يزكيه زكاة واحدة، وعلى الأول يزكيه
لكل عام. قوله: (أو تلف بعد إمكان الأداء) أي وكان التلف بعد الاخراج وقبل التصفية. قوله: (وجاز
دفعه) من إضافة المصدر لمفعوله أي وجاز أن يدفع السلطان أو نائبه أو المقطع له المعدن. قوله: (بأجرة)
أي يأخذها الامام أو نائبه أو المقطع له. وقوله: في نظير أخذه أي أخذ العامل ما يخرجه. قوله: (نفيا
للجهالة في الإجارة) الأولى تقليلا للجهالة في القدر المسقط فيه الحق لأنه ليس هنا إجارة لشئ. لا يقال:
المستأجر هنا الأرض التي فيها المعدن. لأنا نقول: شرط صحة الإجارة السلامة من استيفاء عين قصد
وإلا فسدت. قوله: (وسمى العوض المدفوع) أي للامام أو نائبه أو لرب المعدن وهو المقطع له، وكان
الأولى أن يقول: وسمى المدفوع أجرة لا ثمنا لأنه إلخ تأمل. قوله: (بل في مقابلة اسقاط الاستحقاق)
أي فلما كان المدفوع في مقابلة اسقاط الحق والاختصاص عبر بأجرة دون ثمن.
488

قوله: (ولذا) أي ولأجل أن العلة في منع أخذ الأجرة من النقد الوقوع في أخذ العين في العين نظر
للصورة جاز دفع إلخ. قوله: (نقد وغير نقد) أي بشرط أن يكون غير النقد ليس من جنس المعدن وإلا منع
للمزابنة وهي بيع معلوم بمجهول من جنسه نظرا للصورة، والحاصل أن معدن العين يجوز دفعه بأجرة غير
نقد ويمتنع بها للنسيئة صورة ومعدن غير النقد يجوز دفعه بأجرة من النقد ومن العرض لكن من غير جنس
المعدن وإلا منع للمزابنة صورة. قوله: (واعتبر ملك كل من العمال) أي سواء كان المعدن دفع لهم مجانا أو
بأجرة يأخذها الامام منهم، وإنما كان العامل يزكيه في هذه الحالة، مع أن من اشترى شيئا لا يزكيه لأنه ليس
شراء حقيقة بل الذي دفعوه إنما هو في نظير اسقاط الحق كما علمت. قوله: (بجزء للعامل مما يخرج منه) أي
في مقابلة عمله والقول بالجواز لمالك وعلله بأن المعادن لما لم يجز بيعها جازت المعاملة عليها بجزء كالمساقاة
والقراض والقول بالمنع لأصبغ. قوله: (وبين القراض) أي وإن كان في القراض غرر أيضا. قوله: (بأن
القراض فيه رأس مال) أي معلوم فخفت الجهالة فيه لأنه قد يحمل على ربحه بخلاف ما هنا. قوله: (لان
العامل هنا) أي على القول بجواز دفعه له بجزء مما يخرج منه في مقابلة عمله. قوله: (وفي ندرته الخمس)
أي عند ابن القاسم وعند ابن نافع فيها الزكاة ربع العشر لان الخمس مختص بالركاز وهي عنده ليست
من الركاز بل من المعدن لان الركاز عنده مختص بما دفنه آدمي، وأما عند ابن القاسم فهي من الركاز
لأنه عنده ما وجد من ذهب أو فضة في باطن الأرض مخلصا سواء دفن فيها أو كان خاليا عن الدفن.
قوله: (وهي القطعة إلخ) كذلك فسرها عياض وغيره، وفسرها أبو عمران بالتراب الكثير الذهب
السهل التصفية، وهذا ليس مخالفا لما قبله لان المراد أن ما نيل من المعدن مما لا يحتاج لكبير عمل
فهو الندرة وفيه الخمس وعلى هذا يدل كلامهم قاله طفي، ولا شك أن ما نيل من المعدن مما لا يحتاج
لكبير عمل يشمل القطعة الكبيرة الخالصة والقطع الصغار الخالصة المبثوثة في التراب ويشمل
التراب الكثير الذهب السهل التصفية. قوله: (الخالصة) أي التي توجد في الأرض من أصل خلقتها
لا بوضع واضع لها في الأرض. قوله: (كالركاز فيه الخمس) اعلم أن مصرف الخمس في الندرة والركاز
غير مصرف الزكاة، أما خمس الركاز فقد قال اللخمي: إن مصرفه ليس كمصرف الزكاة وإنما هو
كخمس الغنائم فمصرفه مصالح المسلمين فيحل للأغنياء وغيرهم نقله المواق ثم قال: وأما مصرف
خمس الندرة من المعدن فلم أجده، ومقتضى رواية ابن القاسم أنه كالمغنم والركاز أي فمصرفه مصالح
المسلمين ولا يختص بالأصناف الثمانية اه‍. بن: فقول عبق ويدفع خمس كل للامام العدل ليفرقه على
المساكين فيه نظر. قوله: (دفن جاهلي) الجاهلية كما في التوضيح ما عدا الاسلام كان لهم كتاب أم لا، وقال
أبو الحسن في كتاب الولاء: اصطلاحهم أن الجاهلية أهل الفترة الذين لا كتاب لهم، وأما أهل الكتاب
قبل الاسلام فلا يقال لهم جاهلية، والحاصل أن من قبل الاسلام إن لم يكونوا أهل كتاب فهم جاهلية
باتفاق التوضيح وأبي الحسن، وإن كان لهم كتاب كاليهود والنصارى فيقال لهم جاهلية على كلام
التوضيح لا على كلام أبي الحسن، وعلى كل حال دفنهم ركاز، فلو قال المصنف وهو دفن كافر غير ذمي لكان
أحسن لشموله من قبل الاسلام ومن بعده من كل كافر غير ذمي كتابيا أو غيره بدليل قوله الآتي ودفن
مسلم أو ذمي لقطة اه‍ تقرير عدوي قوله: (أي غير مسلم وذمي) أي من كل كافر قبل الاسلام أو بعده كان له
كتاب أم لا وهذا تفسير مراد للجاهلي. قوله: (والمراد ما له ولو لم يكن مدفونا) هذا الكلام لتت وتبعه بعض
الشراح وهو يقتضي أن ما وجد فوق الأرض من أموالهم فهو ركاز، وأن المصنف إنما اقتصر على الدفن
لأنه شأن الجاهلية في الغالب، قال طفي: وهو غير ظاهر لان المصنف فسر الركاز بأنه دفن الجاهلي، وكذا
489

فسره في المدونة والموطأ وأهل المذهب، فلم يقتصر المصنف على الغالب بل غير المدفون ليس بركاز وإن
كان فيه الخمس قياسا عليه، نعم يعترض على التعريف المذكور بأنه لا يشمل ما وجد في الأرض من ذهب
أو فضة مخلصا من غير دفن بل من أصل خلقته وهو المسمى بالندرة فإنه من جملة أفراد الركاز عند ابن
القاسم كما في أبي الحسن والتعريف لا يشمله. قوله: (وإن بشك) أي وإن كان ملتبسا بشك لان الغالب
في الدفن أن يكون دفن جاهلي قوله: (بأن لا يكون عليه علامة) أي أصلا. وقوله: أو انطمست أي أو
كان عليه علامة وانطمست أو كان عليه العلامتان كما قاله سند. قوله: (أو وإن قل كل من الندرة والركاز)
هذه مبالغة في تخميسهما، وما ذكره المصنف من تخميسهما وإن قلا هو المشهور ومقابله ما قاله ابن سحنون
من أن اليسير لا يخمس. قوله: (أو عرضا) أي أو كان الركاز عرضا كنحاس وحديد وجوهر ورخام
وصخور وهي الحجارة الكبار كالمجاديل ما لم تكن مبنية وإلا فحكمها حكم جدرها، فإن كانت الأرض
عنوة كانت تلك الصخور المبنية حبسا على المسلمين تبعا للأرض، وإن كانت الأرض مملوكة لاحد فتلك
الأحجار لمالك الأرض، وما ذكره من أن الركاز يخمس إذا كان عرضا هو المشهور خلافا لما روي
عن مالك من أنه لا خمس في العرض. قوله: (وهو خاص إلخ) الضمير راجع للعرض أي أن العرض
خاص بالركاز ولا يتعداه للندرة إذ لا تكون عرضا كما تقدم في تعريفها خلاف الركاز فإنه يكون عينا
ويكون عرضا. قوله: (أي اخراجه من الأرض) أي بالحفر عليه. قوله: (وهو أظهر) أي من قوله
تخليصه لان المتبادر تخليصه بالتصفية ولا معنى لها في الركاز لعدم احتياجه لها. قوله: (فالزكاة) أي
فالواجب القدر المخرج في الزكاة وهو ربع العشر من غير اشتراط بلوغ النصاب ولا غيره من شروط
الزكاة كما قاله ابن عاشر، وما ذكره من وجوب الزكاة إذا توقف تخليصه على كبير نفقة أو عمل
هو تأويل اللخمي وتأول ابن يونس المدونة على وجوب الخمس مطلقا ولو توقف اخراجه من الأرض على
كبير نفقة أو عمل انظر بن. قوله: (على المعتمد) أي كما قال طفي وأيد ذلك بالنقول خلافا لما قاله
بعض الشراح من أن الاستثناء راجع للركاز فقط، فعليه يكون في الندرة الخمس مطلقا كما أن المعدن فيه
الزكاة مطلقا والركاز فيه الخمس إلا في هاتين الحالتين وهما ما إذا توقف اخراجه من الأرض على كبير
نفقة أو عمل، وأما فيهما فالواجب اخراج ربع العشر. قوله: (وكره حفر قبره) هذا هو المشهور خلافا
لأشهب القائل بجواز نبش قبر الجاهلي وأخذ ما فيه من مال وعرض وفيه الخمس. قوله: (أي الجاهلي)
أي لأجل أخذ ما فيه من الدنيا. قوله: (وخوف مصادفة صالح) أي قبر شخص صالح من نبي أو ولي،
واعلم أن مثل قبر الجاهلي في كراهة الحفر لأجل أخذ ما فيه من المال قبر من لا يعرف هل هو من المسلمين
أو الكفار؟ وكذا قبور أهل الذمة أي الكفار تحقيقا، وأما نبش قبور المسلمين فحرام، وحكم ما وجد
فيها حكم اللقطة، فإن عرف أن أربابه موجودون عرف، وإلا وضع في بيت المال بدون تعريف، ومثل ما
وجد في قبور المسلمين من كونه لقطة ما وجد في قبور أهل الذمة أو في قبر من شك في كونه ذميا أو مسلما
اه‍ عدوي. قوله: (كالعلة إلخ) فالمعنى كره حفر قبره لأجل طلب الدنيا فيه، ويحتمل أن المعنى
والطلب فيه بلا حفر كفعل بخور أو عزيمة، أو يحمل الأول على حفر لشئ يعلم وجوده والثاني على
حفر لطلب ما لم يعلم وجوده، وعلم من ذلك الكراهة في كل بانفراده. قوله: (وباقيه) أي وهو الأربعة
أخماس إذا كان الواجب فيه الخمس والباقي بعد ربع العشر إذا كان الواجب فيه الزكاة. قوله: (لا بشراء فللبائع
على الأصوب) قال بهرام. فرع: لو اشترى رجل أرضا من أهل العنوة أو الصلح فوجد فيها ركازا
أهل يكون له أو لهم؟ فحكى اللخمي عن مالك أنه يكون للبائع دون المشتري، وحكى عن ابن قاسم أنه يكون
490

للمشتري، ثم قال: وقول مالك أصوب اه‍ عدوي. قوله: (وجده هو) أي المالك أو وجده غيره قوله: (ولو
جيشا) أي هذا إذا كان مالك الأرض مالكا حقيقيا، بل ولو كان مالكا حكما بأن كان جيشا وجعله
مالكا حكما بناء على المعتمد من أن أرض العنوة لا تملك للجيش، ويحتمل أن مراد المصنف المالك
الحقيقي وأن المعنى هذا إذا كان المالك الحقيقي غير جيش بل ولو كان جيشا وجعله الجيش مالكا
حقيقيا بناء على القول الضعيف من أن أرض العنوة مملوكة للجيش، هذا محصل كلام الشارح، ورد
بلو على مطرف وابن الماجشون القائلين أنه إذا لم يوجد المالك الحقيقي بأن كانت الأرض أرض عنوة
كان الباقي لواجده ولا يدفع للجيش ولا لوارثه، والحاصل أنه إذا لم يوجد المالك الحقيقي للأرض
التي وجد فيها الركاز بأن كانت الأرض أرض عنوة فقال مطرف وابن الماجشون وابن نافع: إن الباقي
يكون لواجده ولا يدفع للجيش، ومقابل ذلك يقول: إنه لمالك تلك الأرض حكما وهو الجيش الذي
فتحها عنوة فيدفع الباقي لمن وجد منهم، فإن لم يوجد الجيش فلوارثه إن وجد، فإن انقرض الوارث فقال
سحنون: إنه لقطة فيجوز التصدق به عن أربابه ويعمل فيه ما يعمل في اللقطة، وحكاه عنه ابن شاس،
وقال بعضهم: إذا انقرض الوارث محله بيت المال من أول الأمر لأنه مال جهلت أربابه وهذا هو
المعتمد وهو ما مشى عليه الشارح. قوله: (أو هذا) أي قول المصنف ولو جيشا وهذا عطف على قوله:
فهي كالمملوكة. قوله: (وأما باقي الندرة وما في حكمها) أي من القطع الصغار المبثوثة في التراب التي
لا تحتاج لتصفية. وقوله: فحكمه حكم المعدن أي فالتصرف فيه للامام. قوله: (وإلا فلواجده) أي وإلا
فالباقي بعد التخميس لواجده. قوله: (كموات أرض الاسلام) أي التي فتحت عنوة ومن ذلك
ما يوجد من الدفائن في س الكفري فهي لواجدها بعد التخميس لان الكيمان غير مملوكة لاحد
كما قرره شيخنا، ومثلها فيافي العرب أي الفيافي التي تحل فيها العرب وتنتقل من موضع لموضع، ولم
تتصف بالفتح عنوة ولا أسلم عليها أهلها كالفيافي التي بين برقة والإسكندرية. قوله: (وإلا دفن أرض
المصالحين يجده) أي في أرضهم شخص ولو من غيرهم. قوله: (فلهم) أي فلو انقرضوا كان كمال جهلت
أربابه محله بيت المال. وقوله: فلهم أي بتمامهم ولا يختص به واحد منهم فإن كان واجده منهم شارك فيه
وإلا فلا شئ له. قوله: (ولو دفنه غيرهم) أي ولو كان الذي دفنه في أرضهم غيرهم. قوله: (إلا أن يجده رب
دار منهم بها أو يجده غيره بها فله) حاصل تقرير الشارح أن الدار إذا كانت لصلحي فوجد بها ركاز
فهو لربها مطلقا وجده هو أو غيره كمستأجر لها أو أجير على حفر أو هدم، وهذا تأويل عبد الحق
وابن محرز، وهو قول ابن القاسم في كتاب ابن المواز لكنه خلاف ظاهر المصنف بل ظاهره أن الدار
إذا كانت لصلحي فإن وجده بها ربها فهو له، وإن وجده غيره فهو لجميع المصالحين، وهذا تأويل
أبي سعيد وابن أبي زيد، ولما لم يترجح عند المصنف الأول تبع الثاني، فاعتراض عبق وخش عليه
تبعا لعج غير ظاهر، وحاصل اعتراضهم أن ظاهر المصنف أن الركاز إنما يكون لرب الدار إذا
وجده هو لا إن كان الواجد غيره وليس كذلك، فإن الذي تجب به الفتوى أنه لربها إذا كان من أهل
الصلح سواء وجده هو أو غيره، إذ ليس الأول بأولى من الثاني حتى يجب المصير إليه انظر طفي، وهذا
كله إذا كانت الدار لصلحي، فإن كانت الدار في أرض الصلح وكانت لغير صلحي بأن كان دخيلا
فيهم أي ليس منهم وملك منهم دارا بشراء أو هبة ووجد بها ركازا فهو لأهل الصلح لا لربها وجده ربها
أو غيره، كذا قال الشارح وهو قول مالك وصوبه اللخمي، وقال ابن القاسم: إنه لرب الدار وهو المشهور،
ولا يعارضه ما يأتي في تناول البناء والشجر من أن من اشترى أرضا أو دارا فوجد فيها دفينا فإنه
يكون لبائعه أو لوارثه إن ادعاه وأشبه وإلا فلقطة لان ما يأتي فيما إذا كان الدفن لمسلم أو ذمي وما هنا
491

في كافر غير ذمي. قوله: (فإن أسلم) أي الصلحي رب الدار التي وجد الركاز فيها عاد حكمه للامام كالمعدن،
تبع الشارح في ذلك الشيخ سالم وفيه نظر، بل فرق بينه وبين المعدن لان المعدن مظنة التنازع لدوام
العمل فيه بخلاف الركاز، على أن قوله: إلا أن يجده رب دار بها إلخ إنما تظهر فائدته إذا أسلم الصلحي رب
الدار وتنازع أهل الصلح معه، وإلا فلا نتعرض لهم إلا أن يترافعوا إلينا اه‍ بن قوله: (لقطة) أي فيعرف
سنة ما لم يغلب على الظن انقراض أربابها وإلا وضعت في بيت المال من أول الأمر بدون تعريف، ولا
مفهوم لقول المصنف ودفن، ولو قال المصنف: ومال مسلم أو ذمي لقطة ليشمل غير المدفون كان
أولى إلا أن يقال: إنما اقتصر على المدفون لدفع توهم أنه ركاز. قوله: (كعنبر) أي ولؤلؤ ومرجان ويسر
قوله: (فلواجده) فلو رآه جماعة فبادر إليه أحدهم كان له خاصة كالصيد يملكه المبادر له. قوله: (وإن كان
لمسلم أو ذمي فلقطة) فيه نظر بل الذي في المدونة أنه إن كان لذمي النظر فيه للامام ولا يكون لقطة.
وفصل ابن رشد فيما هو لمسلم فقال: إن كان ربه تركه لكونه معطوفا فلقطة، وإن كان ألقاه ربه للنجاة
فلواجده، انظر ح والمواق اه‍ بن.
فصل: ومصرفها فقير ومسكين قوله: (لا يملك قوت عامه) الأولى أن يقول: هو من يملك شيئا
لا يكفيه قوت عامه، وإلا فكلامه يقتضي أن الفقير أعم من المسكين تأمل. قوله: (وهو أحوج إلخ)
أفهم كلامه أن الفقير والمسكين صنفان متغايران خلافا لمن قال: إنهما صنف واحد وهو من لا يملك
قوت عامه سواء كان لا يملك شيئا أو يملك دون قوت العام، وتظهر ثمرة الخلاف إذا أوصى بشئ
للفقراء دون المساكين أو العكس فهي صحيحة على الأول دون الثاني. قوله: (وصدقا في دعواهما إلخ)
أي بغير يمين كما هو ظاهره. قوله: (فلا يصدقان إلا ببينة) انظر هل يكفي فيها الشاهد مع اليمين؟ ولا بد من
شاهدين كما ذكروه في دعوى المدين العدم، ودعوى الولد العدم لأجل أن لا تلزمه نفقة والديه، وعلى أنه
لا بد من شاهدين فهل يحلف معهما كما في المسألتين المذكورتين أو لا يحلف كما في مسألة دعوى الوالد
العدم لأجل أن ينفق عليه ولده؟ قوله: (إن أسلم وتحرر) في تعبيره بالفعل إشارة إلى كفايتهما ولو حدثا
بعد وجوب الزكاة كذا ذكره شيخنا، قال بن: وكان الأولى أن يؤخر الحرية والإسلام وعدم
بنوة هاشم عن الأصناف الثمانية كما فعله ابن الحاجب وابن شاس لأنها لا تختص بالفقير والمسكين بل
الاسلام شرط فيما عدا المؤلف والحرية شرط في غير الرقاب وعدم بنوة هاشم شرط في الجميع انظر
طفي اه‍ كلامه. قوله: (فلا تعطى لكافر) أي ما لم يكن جاسوسا أو مؤلفا. قوله: (كأهل المعاصي) أي كما
أنه لا يجزئ دفعها لأهل المعاصي إن ظن إلخ. قوله: (فلا تعطى لمن فيه شائبة رقية) أي لان العبد غني
بسيده كالزوجة بزوجها والولد بوالده، ولا يرد المكاتب فإن نفقته على نفسه لا على سيده لان نفقته
كأنها اشترطت عليه بكتابته فهي في الحقيقة على سيده لأنه ما كاتبه بثلاثين مثلا إلا لكونه ينفق على
نفسه، ولولا ذلك لكاتبه كأربعين فالعشرة قد أسقطها السيد عنه في مقابلة النفقة. قوله: (وعدم كفاية
بقليل) أي وكانت كفاية كل منهما بالقليل من المال معدومة ومنفية. قوله: (ولو حذف هذا ما ضر) أي
بل الأولى حذفه لان اشتراطه من قبيل اشتراط الشئ في نفسه. قوله: (أو إنفاق) عطف على قليل
كما أشار له الشارح وهو صادق بصورتين، لان المعنى ولم يكن له منفق ينفق عليه نفقة كافية بأن لا يكون
له منفق أصلا، أو له منفق ينفق عليه ما لا يكفيه، ففي الأولى يعطى ما يكفيه، وفي الثانية يعطى تمام
ما يكفيه. قوله: (فمن لزمت نفقته مليئا) أي أو كان له مرتب في بيت المال يكفيه لا يعطى منها، وظاهره
492

ولو كان ذلك المنفق لم يجز النفقة عليه بالفعل وهو كذلك لأنه قادر على أخذها منه بالحكم وقيد باللزوم
ولم يقل فمن كانت نفقته على ملئ لا يعطى منها تبعا للتوضيح وغيره وهو صحيح، فمن كان له منفق ملئ
ينفق عليه تطوعا فله أخذها كما ذكره ح في التنبيه الأول، وذلك لان للمنفق المذكور قطع النفقة، ولا فرق
بين كون ذلك المنفق المتطوع قريبا أو أجنبيا. ابن عرفة: روى الشيخ لا يعطيها لمن يأكل في عياله غير
لازمة نفقته له قريبا أو أجنبيا فإن فعله جهلا أساء وأجزأته إن بقي في نفقته. ابن حبيب: إن تطوع بذلك
لم تجزه ونقله الباجي في القريب فقط ولم يقيد إجزاء إعطائه بجهله اه‍. والحاصل أن من كانت
نفقته لازمة لملئ لا يعطى اتفاقا وإن تطوع بها ملئ ففيها أربعة أقوال: قيل يجوز له أخذها وتجزئ ربها
مطلقا وهو الذي في ح وهو المعتمد. وقيل: لا تجزئ مطلقا وهو لابن حبيب. وقيل: لا تجزئ إن
كان المنفق قريبا وتجزئ إن كان أجنبيا وهو ما نقله الباجي. وقيل: إنها تجزئ مطلقا مع الحرمة وهو
ما رواه ابن أبي زيد. فائدة: نقل المواق عن ابن الفخار أنه لا يعطى من الزكاة شئ في شوار يتيمة،
وفي ح عن البرزلي عن بعض شيوخه الجواز، ومثله في المعيار عن ابن عرفة أنه سئل عن ذلك فأجاب
بأن اليتيمة تعطى من الزكاة ما يصلحها من ضروريات النكاح، والامر الذي يراه القاضي حسنا في حق
المحجور اه‍ بن. قوله: (أي عدم كفاية بصنعة) أي وأما لو كان له صنعة يتعاطاها تكفيه وعياله وكانت
غير كاسدة فإنه لا يعطى شيئا منها. قوله: (لا المطلب) أي لا يشترط في أخذ الزكاة عدم بنوة المطلب فيجوز
إعطاؤها لمن للمطلب عليه ولادة. قوله: (أخو هاشم) أي الذي هو أبو عبد المطلب فعبد المطلب
ابن أخي المطلب وكان عبد المطلب اسمه شيبة الحمد وكان في لونه سمرة ومات أبوه هاشم وهو صغير
فكفله عمه المطلب وكان يردفه خلفه فظن لسمرة لونه أنه عبده فقيل فيه عبد المطلب. قوله: (فالصحيح
أنهما ليسا ولدي عبد مناف وإنما هما ابنا زوجته إلخ) هذا الذي قاله الشارح يدل على أن بين هاشم
والمطلب ائتلافا وقد سرى ذلك في أولادهما من بعدهما، وكذا عبد شمس ونوفل، ولهذا لما كتبت
قريش الصحيفة بينهم وبين بني هاشم وحصروهم في الشعب دخل بنو المطلب مع بني هاشم ولم
يدخل بنو نوفل ولا بنو عبد شمس معهم، وهذا يشهد للقول الضعيف بأن بني المطلب آل وبه قال
الإمام الشافعي، وقوله فالصحيح إلخ مقابله أن الأربعة: هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل أولاد
عبد مناف، وأن الأولين شقيقان أمهما من بني مخزوم والأخيرين شقيقان أمهما من بني عدي،
والذي في صحيح البخاري في كتاب فرض الخمس أن عبد شمس شقيق لهاشم والمطلب ونصه: قال
ابن إسحاق عبد شمس والمطلب وهاشم إخوة لام وأمهم عاتكة بنت مرة وكان نوفل أخاهم لأبيهم.
وقال الكلاعي: ولد عبد مناف أربعة: هاشم وعبد شمس والمطلب ونوفل وكلهم لعاتكة بنت مرة
بن هلال السلمية إلا نوفلا منهم فإنه لواقدة بنت عمرو من بني مازن ابن صعصعة. قوله: (ليس بآل قطعا)
أي وحينئذ فيعطون من الزكاة ولعله أراد نفي خلاف معتبر وإلا ففي البدر القرافي وغيره الخلاف
في ذلك. قوله: (آل قطعا) أي وحينئذ فلا يعطون من الزكاة. قوله: (ليس بآل على المشهور) أي وحينئذ فيعطون
من الزكاة، ومقابل المشهور أنهم آل فلا يعطون منها، ومن جملة فرع المطلب الإمام الشافعي رضي عنه
قوله: (فلا يدخل في بني هاشم ولد بناته) أي لأنهم أولاد الغير وحينئذ فيعطون من الزكاة. واعلم أن محل
عدم إعطاء بني هاشم منها إذا أعطوا ما يستحقونه من بيت المال، فإن لم يعطوا وأضر بهم الفقر أعطوا
منها، وإعطاؤهم حينئذ أفضل من إعطاء غيرهم، وقيده الباجي بما إذا وصلوا لحالة يباح لهم فيها أكل الميتة
لا مجرد ضرر والظاهر خلافه وأنهم يعطون عند الاحتياج ولو لم يصلوا لحالة إباحة أكل الميتة
إذ إعطاؤهم أفضل من خدمتهم لذمي أو ظالم اه‍ تقرير شيخنا عدوي. وهذا كله في الصدقة الواجبة كما
493

هو الموضوع، وأما صدقة التطوع فيجوز لهم أخذها مع الكراهة على المعتمد، وما يأتي في الخصائص
من حرمتها عليهم أيضا فهو ضعيف وإن شهره ابن عبد السلام. قوله: (ليس عنده ما يجعله في الدين) هذا
تفسير مراد للعديم. وقوله: بأن يقول إلخ تصوير لحسابها على المدين. وقوله: أوله قيمة دون أي قليلة جدا
فهي كالعدم. قوله: (وقال أشهب يجزئ) قال ح: متى علم من حال من تجب عليه الزكاة أنه إن لم يحسب
ما على العديم من زكاته لم يزك فإنه ينبغي العمل بما قاله أشهب لان اخراج الزكاة على قول أحسن من
لزومها له على كل قول. قوله: (فيجوز حسبه عليه) هذا هو الذي يفهم من المدونة، واعترضه أبو الحسن بأن
الدين في هذه الحالة وإن لم يكن ثاويا أي هالكا لكن قيمته دون فلا يجوز حسبه، وسلمه ح قال: وعليه
فلا مفهوم لقوله عديم اه‍ بن، فتحصل أن في حسب ما على المدين الملئ من الزكاة قولين بالاجزاء
وعدمه وكل منهما قد رجح. قوله: (وجاز إعطاؤها لمولاهم) أي عند ابن القاسم وهو المعتمد ومنع منه
أصبغ والاخوان. قوله: (وقادر على الكسب) أي على تكسب ما يكفيه بصنعة تارك لها وغير مشتغل
بها ولو كان تركه التكسب بها اختيارا على المشهور خلافا ليحيى بن عمر القائل: لا يجوز دفعها لقادر على
التكسب. وفي المواق عن اللخمي عند قول المصنف أو صنعة: إن للشخص ثلاثة أحوال: إحداها أن
يكون له صنعة مشتغل بها يقوم بها عيشه فهذا إن كانت تكفيه وعياله لم يعط وإن لم تكفه أعطي تمام
كفايته وإلى هذا أشار بقوله قبل: أو صنعة. الثانية: أن لا يكون له صنعة أو تكون وكسدت ولم يجد ما
يحترف به فهذا يعطى. الثالثة: أن يجد ما يحترف به لو تكلف ذلك بأن كان له صنعة مهملا لها وغير مشتغل
بها اختيارا وهذا محل الخلاف هنا، وهكذا في نقل التوضيح عن اللخمي أيضا اه‍ بن. قوله: (ومالك
نصاب) أي وجاز دفعها لمالك نصاب أو أكثر ولو كان له الخادم والدار التي تناسبه حيث كان لا يكفيه
ما عنده لعامه لكثرة عياله فيعطى منها ما يكمل به العام وهذا هو المشهور، خلافا لما رواه المغيرة عن مالك
أنها لا تعطى لمالك النصاب. قوله: (ودفع أكثر منه) أي يجوز أن يدفع من زكاته لفقير واحد أكثر من
نصاب ولو صار به غنيا لأنه دفع له بوصف جائز، وظاهر قوله: ودفع أكثر منه ولو كان ذلك يكفيه سنين.
وظاهر قوله: وكفاية سنة أنه لا يعطى أكثر من ذلك ففي كلامه تدافع. والجواب أن قوله: ودفع
أكثر من نصاب أي بشرط أن يكون كفاية سنة لا أكثر كما أشار لذلك الشارح بقوله: فالمدار إلخ، وقد
يقال: إذا كان كذلك صار قوله: وكفاية سنة مغنيا عن قوله: ودفع أكثر منه لان قوله: ودفع أكثر منه صار
معناه ودفع كفاية سنة أكثر من نصاب وهو فرد من أفراد كفاية سنة لأنه صادق بنصاب وبأقل
وبأكثر تأمل. قوله: (وكفاية سنة) يعني أنه يجوز أن يدفع من الزكاة للفقير في مرة واحدة من عين
أو حرث أو ماشية كفاية سنة من نفقة وكسوة. وفي ح عن الذخيرة: إنه إن اتسع المال زيد العبد ومهر
الزوجة، قال المسناوي: وقيدوا السنة بأن يكون لا يدخل في بيته العام شئ قال: وربما يؤخذ من هذا القيد
أنه إذا كانت الزكاة لا تفرق كل عام أنه يأخذ أكثر من كفاية سنة وهو الظاهر اه‍ بن. قوله: (فلا يعطى
أكثر من كفاية سنة) أي لان وصف الفقر والمسكنة لم يبقيا حتى يأخذ بهما. قوله: (وفي جواز دفعها
لمدين وهو المعتمد) أي وعدم جواز ذلك. قوله: (حيث لم يتواطئا على ذلك) أي فإن تواطأ على ذلك لم
تجز اتفاقا لأنه كمن لم يعطها، وهذا الذي قاله الشارح هو الظاهر وهو الذي في ح، ويكون المصنف أشار
بالتردد كما في ابن غازي و ح لقول ابن عبد السلام بالجواز، وما يفهم من كلام الباجي من المنع فهو لعدم
نص المتقدمين، وجعل تت محل التردد إذا تواطأ على ذلك وإلا جاز اتفاقا وأشار بالتردد لرأي ابن عبد السلام
بالجواز، ورأي المصنف بالمنع اه‍ بن. وقوله: ثم أخذها منه في دينه ثم لمجرد الترتيب لا للترتيب
والتراخي لقول طفي: الظاهر من كلامهم أنه لا فرق بين أن يأخذه من حينه أو يتراخى في أخذه، ولم أر من
494

شرط في محل الخلاف التراخي، وسلمه بن وأفهم كلام المصنف الاجزاء اتفاقا إذا دفعها للمدين وأخذ
غيرها أو أخذ دينه ثم دفعها له. قوله: (وجاب) أي وهو القابض لها. قوله: (وحاشر وهو الذي يجمع أرباب
الأموال للاخذ منهم) اعترض بأن السعاة عليهم أن يأتوا أرباب الماشية وهم على المياه ولا يقعدون
في قرية ويبعثون لأرباب الماشية إذ لا يلزمهم السير لقرية أخرى كما في ح عند قوله: فإن تخلف وأخرجت
إلخ وحينئذ فلا حاجة للحاشر. وأجيب بأن مراد الشارح كما قال غيره أن الحاشر هو الذي
يجمع أرباب الأموال من مواضعهم في قريتهم إلى الساعي بعد إتيانه إليها. قوله: (لا راع وحارس)
أي لان الشأن عدم احتياج الزكاة لهما لكونها تفرق غالبا عند أخذها بخلاف الجابي ومن معه فإن
شأن الزكاة احتياجها إليهم، فإن دعت الضرورة لراع أو لسائق أو لحارس على خلاف الشأن فأجرتهم
من بيت المال مثل حارس الفطرة الآتي. قوله: (أي عدالة كل أحد فيما ولي فيه) المراد بالعدالة عدم
الفسق أي عدم فسق كل أحد فيما ولي فيه أي عدم مخالفته للامر المطلوب فيما ولي فيه، وإذا علمت أن
المراد بالعدالة ما ذكر كان هذا شاملا للكافر فاحتاج لاخراجه بقوله غير كافر. قوله: (عالم بحكمها) أي
من تدفع له ومن تؤخذ منه وقدر ما يؤخذ وقدر المأخوذ منه. قوله: (لأنها أوساخ الناس) أي وأخذها
على وجه الاستعمال عليها لا يخرجها عن كونها أوساخ الناس، وهذا يفيد أنه لا بد في المجاهد أن يكون
غير هاشمي، وكذا في الجاسوس حيث كان مسلما، وأما الكافر فإنه يعطى ولو هاشميا لخسته بالكفر. واعلم
أن كون العامل عدلا عالما بحكمها شرطان: في كونه عاملا وفي إعطائه منها أيضا، وأما كونه حرا غير
هاشمي وغير كافر فشروط في إعطائه منها فقط، فإن كان عبدا أو كافرا أو هاشميا صح كونه عاملا، ولكن
لا يعطى منها بل يعطى أجرة مثله من بيت المال، إذا علمت هذا تعلم أن قول الشارح سابقا وأشار
لشروط العامل الأولى أن يقول: وأشار لشروط إعطاء العامل منها بقوله إلخ قوله: (فيعطى) أي العامل
من جاب ومفرق وكاتب وحاشر. قوله: (أي بالعامل) الشامل للجابي والمفرق وكان الأولى أن يقول
أي بمن ذكر لان العامل لم يتقدم له ذكر بهذا العنوان. قوله: (وأخذ العامل الفقير إلخ) لكن لا يأخذ إلا
بإعطاء الامام، وكذا لا يأخذ العامل بوصف الغرم إذا كان مديانا إلا بإعطاء الامام لان العامل يقسمها
فلا يحكم لنفسه. قوله: (وكذا كل من جمع بين وصفين فأكثر) كأن يكون فقيرا ومديانا فإنه يأخذ
بالوصفين إن لم يصر غنيا بحظ أحدهما. قوله: (وهو كافر إلخ) هذا القول الذي اقتصر عليه المصنف قول
ابن حبيب. قوله: (وقيل إلخ) بهذا صدر ابن عرفة ومقتضى عزوه أنه أرجح قوله: (وحكمه باق لم ينسخ)
هذا قول عبد الوهاب وصححه ابن بشير وابن الحاجب قال طفي: والراجح خلافه فقد قال القباب
في شرح قواعد عياض: المشهور من المذهب انقطاع سهم هؤلاء بعزة الاسلام، والقول الأول مبني على
القول بأن المقصود من دفعها إليه ترغيبه في الاسلام لأجل إنقاذ مهجته من النار، والثاني مبني على القول
بأن المقصود من دفعها له ترغيبه في الاسلام لأجل إعانته لنا. وقال بعضهم: إن دعت الحاجة إلى استئلافهم
في بعض الأوقات رد إليهم سهمهم وهذا هو الذي رجحه اللخمي وابن عطية، فكان على المؤلف
الاقتصار على المشهور أو يذكر القول الذي ذكره وينبه على ترجيح اللخمي اه‍ بن. واعلم أن هذا
الخلاف الواقع في كون التأليف بالدفع من الزكاة باقيا أو نسخ مفرع على القول الذي مشى عليه المصنف
من أن المؤلف كافر يعطى ترغيبا له في الاسلام، أما على القول المقابل له الذي ذكره الشارح فحكمه باق اتفاقا.
495

قوله: (ورقيق) ذكر أو أنثى. وقوله: مؤمن قال عبق ظاهر المصنف ولو هاشميا وهو كذلك، وذلك كما لو
تزوج هاشمي أمة غيره فحملت بهاشمي رقيق لسيدها اه‍. وتعقب بن قوله وهو كذلك بأنه غير صحيح
لما تقدم أن عدم بنوة هاشم شرط في جميع الأصناف كما نص عليه ابن عبد السلام. اه‍. وقد ارتضى
شيخنا ما قاله عبق لان تخليص الهاشمي من الرق أولى ولأنه لم يصل له من تلك الأوساخ شئ، وعليه
فيجوز أن يؤلف منها الهاشمي أيضا لان تخليصه من الكفر أهم، ولان الكفر قد حط قدره فلا يضر
أخذه الأوساخ. قوله: (ولو بعيب) أي هذا إذا كان سالما بل ولو كان ملتبسا بعيب، ورد بلو قول أصبغ بعدم
اغتفار العيب مطلقا. وقول ابن القاسم باغتفار الخفيف فقط، وما اختاره المصنف عزاه اللخمي لمالك
وأصحابه، ونقله الباجي عن ابن حبيب عن مالك، وقوله كثير أشار إلى أن التنوين للتعظيم. قوله: (بأن
يشترى منها) أي ثم يعتق بشرط أن يكون ذلك الرقيق لا يعتق بنفس الملك على رب المال كالأبوين
والأولاد، فإن اشترى بزكاته من يعتق عليه فلا يجزيه إلا أن يدفعها للامام فيرى هو أن يشتري بها والد رب
المال أو ولده ويعتقه فيجزى حيث لا تواطؤ اه‍ تقرير عدوي قوله: (ويكفي عتق ما ملكه بغير شراء منها
على الراجح) وذلك بأن يعتق المالك رقبة بقيمتها عن زكاته. وأشار بقوله على الراجح لقول أبي الحسن
سوى اللخمي بين شراء الرقيق منها وعتق المالك رقبة بقيمتها عن زكاته، ومقابل الراجح ظاهر
ابن الحاجب حيث قيد الرقيق بأن يشترى منها. قوله: (فإن فعل لم يجزه) أي عن الزكاة ولا يرد العبد لما كان
عليه وهذا قول مالك المرجوع عنه والمرجوع إليه أنه لا يجزئ عن الزكاة ولا يرد العبد لما كان عليه بل
يمضي عتقه كذا في ح عن النوادر. قوله: (وولاؤه للمسلمين) أي فإذا مات ذلك العتيق ولا وارث له أصلا
أو له وارث لا يستغرق جميع المال كان المال كله في الأولى وما بقي عن الوارث في الثانية لبيت المال
لا لمعتقه، وقوله: وولاؤه للمسلمين سواء صرح المعتق بذلك أو سكت عنه بل ولو شرطه لنفسه
قوله: (وعليه) أي على الاستئناف. وقوله: فالضمير البارز أي في اشتراطه قوله: (فلا يجزئه العتق عن زكاته)
ومن باب أولى ما إذا قال حر عني وأطلق ولم يقل والولاء للمسلمين فلا يجزئ خلافا لأشهب
في الصورتين اه‍ عدوي قوله: (أو فك بها أسيرا) أي غيره أو نفسه هذا ظاهره وهو المذهب. وأما
قول بعض الشراح كشب أو فك بها أسير أي غيره، وأما فكه بزكاة نفسه فإنها تجزئ كما في ح ونصه:
لو أخرجها فأسر قبل صرفها جاز فداؤه بها ولو افتقر لم يعط منها وفرق بعودها له وفي الفداء
بغيره قاله في الشامل ونقله ابن يونس وغيره اه‍. فقد تعقب بأن ح نقل هذا الفرع هنا عن ابن يونس
وغيره. ونقله عند قوله: وهل يمنع إعطاء زوجة زوجها عن اللخمي عن ابن عبد الحكم، ومذهب
ابن عبد الحكم هو جواز فك الأسير بالزكاة مطلقا كما لعبق، وحينئذ فيكون ما ذكره ح مقابلا
للمذهب لا موافقا له، فالأولى إبقاء المصنف على ظاهره من العموم انظر بن. وأشعر قوله: أو فك
أسيرا أنه لو أطلق الأسير بفداء دينا عليه أنه يعطى منها وهو كذلك اتفاقا لأنه غارم ذكره ابن عرفة
اه‍ أشهب. قوله: (لم يجزه) أي والفك ماض كالعتق. قوله: (إن كان حرا مسلما غير هاشمي) فلا تدفع
للمدين إذا كان هاشميا لأنها أوساخ الناس وقذارتهم والدين تصنعه الناس الأكابر فقد تداين أفضل
الخلق ومات وعليه الدين فمذلتها أعظم من مذلة الدين. قوله: (ولو مات) رد بلو على من قال: لا يقضى
دين الميت من الزكاة لوجوب وفائه من بيت المال. قوله: (فيوفي دينه منها) بل قال بعضهم: دين الميت
أحق من دين الحي في أخذه من الزكاة لأنه لا يرجى قضاؤه بخلاف دين الحي. قوله: (ووصف الدين
إلخ) أشار بهذا إلى أن جملة يحبس فيه صفة لمحذوف أي ومدين دينا شأنه أن يحبس فيه وإن لم يحبس
بالفعل لمانع كثبوت العسر فيما إذا كان الدين على معدم، وكالعقوق فيما إذا كان الدين للولد على
والده، وحينئذ فتعطى للوالد لأجل قضاء دين ولده على المعتمد خلافا لما في الفيشي على العزية.
496

قوله: (أي شأنه أن يحبس فيه) هذا التأويل متعين وإلا خرج من ثبت عدمه والوالد. قوله: (وخرج
دين الكفارات والزكاة) أي لان الدين الذي شأنه أن يحبس المدين فيه الدين الذي لآدمي لا الدين
الذي لله قوله: (واستدان في مصلحة) الأولى أن يقول تقديره ومدين استدان دينا يحبس فيه وصرفه
في مصلحة شرعية لا في فساد إلخ. قوله: (كأن يكون عنده ما يكفيه) أي بالمعروف. قوله: (وتوسع
في الانفاق بالدين) أي فاستدان وتوسع في الانفاق بسبب الدين بحيث صرف ما عنده والدين معا. قوله: (إلا
أن يتوب) رجعه بهرام أو غيره لقوله لا في فساد، وهل يقال أيضا فيمن تداين لاخذها أو يقال
التداين لاخذها ليس محرما فلا يحتاج لتوبة، وعلى هذا من تداين لاخذها لا يعطى منها بحال كذا ذكر
عبق والظاهر الأول كما قال شيخنا العدوي وتبعه الشارح لان من تداين وعنده كفايته كان سفها
والسفه حرام يحتاج لتوبة. قوله: (على الأحسن) هو قول ابن عبد الحكم واستحسنه ابن عبد السلام
وتبعه في التوضيح اه‍ بن. قوله: (وفضلت عليه بقية) كما لو كان عليه أربعون دينارا وبيده عشرون
دينارا فلا يعطى من الزكاة شيئا إلا بعد إعطاء العشرين التي بيده للغرماء فيبقى عليه عشرون فيعطى إ حينئذ ويكون من الغارمين. قوله: (وفضل غيرها) أي مما يباع على المفلس كدار السكنى والدابة. قوله: (وفضل
غيرها) أي حيث كان ذلك الغير فضلا أي زيادة على ما يحتاجه. قوله: (ويدفع الزائد) أي ما زاد على
قيمة الدار التي تكفيه واعترض بأنهم قد ذكروا أن المفلس تباع دار سكناه ويسكن بالكراء إلا أن
يحمل ما هنا على ما إذا كان يخشى عليه الضياع. واعلم أنهم نظروا في الدار التي تستبدل هل يشترط
أن تكون مناسبة له أو تكون صالحة للسكنى وإن لم تكن مناسبة؟ قال عج: ظاهر كلامهم الثاني، ومثل
ذلك يقال في الخادم والمركوب، إذا علمت ذلك فقول الشارح وتكفيه دار إشارة لما قاله عج من أن
الملتفت له كون الدار صالحة للسكنى من حيث أنها تكفيه لا كونها مناسبة لمقامه اه‍ تقرير شيخنا عدوي.
قوله: (فلو كان الفاضل) أي من قيمة الدار التي تكفيه. قوله: (أي المتلبس به) أي والتلبس به يحصل
بالشروع فيه أو في السفر له حيث احتيج له كما قال عبق، وظاهره أن من عزم على الخروج للجهاد
أو على السفر له لا يعطى منها، قال بن: وهو غير ظاهر ففي المواق عن ابن عرفة أنه يعطى من عزم على
الخروج للجهاد أو السفر له. قوله: (إن كان) أي ذلك المجاهد ممن يجب الجهاد عليه لكونه حرا إلخ، فإن
تخلف وصف من هذه الأوصاف فلا يعطى ذلك المجاهد منها شيئا. وقوله: ويدخل فيه أي في المجاهد.
قوله: (وآلته) لا يشترط فيها أن يكون المقاتل بها غير هاشمي لأنها تبقى للجهاد ولا يأخذها. قوله: (ولو
غنيا) رد بلو على ما نقل عن عيسى بن دينار من أنه إذا كان معه في غزوه ما يغنيه فإنه لا يأخذ منها وهو
ضعيف. قوله: (فيعطى) أي بشرط الحرية. وقوله: ولو كافرا أي هذا إذا كان مسلما بل ولو كان كافرا لكن
إن كان مسلما فلا بد من كونه حرا غير هاشمي، وأما إن كان كافرا فلا بد من كونه حرا فقط، ولا يشترط
فيه كونه غير هاشمي بل تدفع له ولو كان هاشميا لخسته بالكفر. قوله: (لا سور ومركب) هذا قول ابن
بشير، ومقابله ما لابن عبد الحكم فيجوز عنده عمل الأسوار والمراكب منها ولم ينقل اللخمي غيره
واستظهره في التوضيح، وقال ابن عبد السلام: هو الصحيح ولذا اعترض المواق على المصنف بأنه
تبع تشهير ابن بشير وقال: إنه لم ير المنع لغير ابن بشير فضلا عن تشهيره اه‍ بن. تنبيه: لا تعطى
الزكاة للعالم والمفتي والقاضي إلا أن يمنعوا حقهم من بيت المال وإلا جاز لهم الاخذ بوصف
497

الفقر، أما الغني فلا يجوز له الاخذ. وقال اللخمي وابن رشد: إذا منعوا حقهم من بيت المال جاز لهم أخذ
الزكاة مطلقا سواء كانوا فقراء أو أغنياء بالأولى من الأصناف المذكورة في الآية، كذا ذكر شيخنا
في حاشية خش وقرر أن الراجح من القولين الأول. قوله: (تغرب في غير معصية) أشار إلى أن المجرور
متعلق بغريب لما فيه من رائحة الفعل أي تغرب في غير معصية بالسفر بأن كان غير عاص أصلا، أو كان
عاصيا في السفر فيعطى في هاتين الحالتين، ومفهومه أنه لو كان عاصيا بالسفر لم يعط كما قال الشارح.
قوله: (ولو خشي عليه الموت) أي لان نجاته في يد نفسه بالتوبة، وقيل إذا خيف عليه الموت فإنه يعطى ولو لم
يتب لأنه وإن عصى هو لا نعصي نحن نقله ابن عرفة، ونقل أبو علي المسناوي عن التبصرة ما يفيد تفصيلا
ونصها: ولا يعطى ابن السبيل منها إن خرج في معصية كأن يريد قتل نفس أو هتك حرمة وإن خيف
عليه الموت إلا أن يتوب، ولا يعطى منها ما يستعين به على الرجوع إلا أن يكون قد تاب أو يخاف
عليه الموت في بقائه إن لم يعط فقد فصل بين المسير والرجوع وهو ظاهر اه‍ بن. قوله: (ولم يجد مسلفا)
أي في ذلك الموضع الذي هو فيه يسلف ما يوصله لبلده. قوله: (أي لم يجد مسلفا في هذه الحالة) أشار إلى
أن هذا الشرط عدمي مقيد بقيد وجودي يعني أنه إنما يعطى إذا لم يجد مسلفا بشرط أن يكون غنيا ببلده
فإن وجد مسلفا وهو غني ببلده فقد انتفى أحدهما فينتفي الحكم وهو الاخذ من الزكاة وإن وجد مسلفا
وهو فقير ببلده فقد انتفى الشرطان فوجود المسلف كعدمه، وحينئذ فيثبت الحكم وهو الاخذ من
الزكاة لانتفاء شرط ضده فضد الاخذ عدمه وشرط الغنى ببلده فإن لم يجد مسلفا وهو فقير ببلده بأن
انتفى الشرط الثاني ثبت الحكم أيضا وهو الاخذ من الزكاة، فمفهوم الثاني مفهوم موافقة. وحاصل
الفقه أن الغريب إذا كان محتاجا لما يوصله وكان تغربه في غير معصية بالسفر، فإن لم يجد مسلفا أصلا
أعطي منها كان معدما ببلده أو مليا، وإن وجد مسلفا أعطي إن كان عديما ببلده لا إن كان مليا، أما لو كان
معه ما يوصله فلا يعطى منها كما أنه لو كان تغربه في معصية لا يعطى منها. قوله: (وصدق في دعواه الغربة)
أي لأنه لا يجد من يعرفه في ذلك الموضع حتى يكلف بالبينة قوله: (نزعت منه) أي إن كانت باقية كما
يشعر به تعبير بنزعت، فإن ذهبت لم يرجع عليه كما هو المنصوص للخمي وغيره قوله: (إلا أن يكون فقيرا
ببلده) أي فيسوغ له أخذها لفقره ولا تنزع منه. قوله: (وأتبع بها إن أنفقها) أي فهي دين في ذمته فليس
الغازي كالغريب عند عدم بقائها في يده. قوله: (وفي نزعها من غارم يستغني) أي لأنه أخذ لشئ ولم يحصل.
وقوله: وعدم نزعها أي لأنه أخذ بوجه جائز. قوله: (للخمي وحده) أشار الشارح بهذا إلى أن المراد
بالتردد هنا التحير من شخص، ونص كلامه على ما في المواق و ح، وفي الغارم: يأخذ ما يقضي به دينه ثم
يستغني قبل أدائه إشكال، ولو قيل تنزع منه لكان وجيها. قوله: (فكان الأولى للمصنف إلخ) أي لان
حكاية التردد إنما تحسن لو كان اللخمي باقيا عليه مع أنه قد اختار بعد التردد النزع فتأمل. قوله: (دون
عموم الأصناف الثمانية فلا يندب) فيجوز دفع جميعها لصنف واحد إلا العامل فلا تدفع إليه كلها إلا إذا
كانت قد عمله فأقل كما في ح. قوله: (إلا أن يقصد الخروج من خلاف الشافعي) أي فيندب التعميم
حينئذ، فالمنفي أولا الندب الذاتي الأصلي، والمثبت الندب العرضي، وفهم أصحابنا أن الواو في قوله تعالى: * (إنما
الصدقات للفقراء) * الآية بمعنى أو، وأن معنى الاختصاص في الآية عدم خروجها عنهم قاله في المج قوله: (خوف
قصد المحمدة) أي خوفا عليه من أنه إذا تولى تفرقتها بنفسه يقصد حمد الناس وثنائهم عليه. قوله: (إن
كان لا تلزمه) أي يلزم رب المال نفقة ذلك القريب المخصص وإلا منع التخصيص بل يمنع الاعطاء
له وإن لم يكن على وجه التخصيص، وأما تخصيص النائب قريبه مطلقا سواء كانت تلزمه نفقته أم لا فهو
498

مكروه حيث كان أجنبيا من رب المال. قوله: (وإلا منع) في البرزلي عن السيوري من له ولد غني وأبى من
طلب نفقته منه فإنه يعطى من الزكاة البرزلي لأنها لا تجب إلا بالحكم فكأنه لم يكن له ولد، فإن كان الامر
على العكس ففيه نظر على مذهب ابن القاسم وأشهب، فابن القاسم يقول: نفقة الولد تمنع الاخذ من الزكاة
إن حكم بها، وأشهب يقول: ولو لم يحكم بها اه‍. ولا دلالة في هذا، على أن للأب أن يأخذ الزكاة من ولده ولا
عكسه، لأن الظاهر أن مراده الاخذ من زكاة الغير وحينئذ فلا دلالة فيه لما ادعاه عبق من جواز أخذ
الأب من زكاة ولده، وفي التوضيح عن ابن عبد السلام: أن فقر الأب له حالان: الأولى أن يضيق حاله
ويحتاج لكن يشتد عليه ذلك فهذا يجوز إعطاؤه من الزكاة ولا تلزمه نفقته بل تبقى ساقطة عن ابنه. الثانية:
أن يشتد ضيق حاله ويصير في فقره إلى الغاية وهذا يجب على ابنه أن ينفق عليه ولا يجوز لابنه أن يدفع
له زكاته اه‍ بن. قوله: (تأويلان) لفظ المدونة: ولا تعطي المرأة زوجها من زكاتها فاختلف الأشياخ في
ذلك فحملها ابن زرقون ومن وافقه على المنع وعليه فلا يجزئها، وحملها ابن القصار وجماعة على الكراهة
وهو الراجح. قوله: (ومحل المنع) أي في مسألة المصنف وفي عكسها ما لم إلخ. وقوله: وإلا جاز أي اتفاقا،
ومثل ذلك إعطاء الولد لوالده حيث تجب نفقته عليه وعكسه ليدفعه، ففي دينه فإنه جائز أيضا كما
في عبق قوله: (فالمشهور الاجزاء) خلافا لمن يقول بعدم الاجزاء لأنه من باب اخراج القيمة عرضا.
قوله: (مع الكراهة) هكذا في التوضيح و ح نقله عن النوادر وقال: وشهره غير واحد، ولم يجد المواق
في ذلك نصا، قال أبو زيد الفاسي: وهذا في اخراجها عن أحد النقدين، أما اخراجها عن نفسها بأن
تعطى عن الواجب فيها فيما إذا نوى بها التجارة فلا يختلف في الاجزاء وليست من اخراج القيمة
اه‍ بن. وقول الشارح: فالمشهور الاجزاء أي بناء على القول بنقديتها ومقابل المشهور يقول بعدم
الاجزاء لان اخراجها عنهما من باب اخراج القيمة عرضا. قوله: (بصرف وقته) الباء للملابسة متعلقة
باخراج أي ملتبسا ذلك الاخراج بصرف وقته، وأما الباء في قوله: بقيمة السكة فهي بمعنى مع
متعلقة باخراج أيضا أي حالة كون الاخراج مصاحبا لقيمة سكة المخرج عنه. قوله: (ولو بعد زمن
الوجوب) أي ولو كان وقت الاخراج بعد إلخ. قوله: (سواء ساوى الصرف الشرعي) أي وهو كل دينار
بعشرة دراهم أو نقص أو زاد، ويسمى هذا الصرف أيضا الصرف الأول لكونه أول في التشريع، وهذا
الاطلاق هو قول ابن المواز، قال عبد الوهاب: وهو الصواب، وقال المازري: هو المشهور، وعزاه الباجي
لابن القاسم ومقابله ما قاله ابن حبيب يعتبر صرف وقت الاخراج ما لم ينقص عن الصرف الشرعي
وإلا اعتبر الصرف الشرعي وشهره ابن الحاجب ولكن المعتمد الأول. قوله: (وسواء ساوى وقت
الوجوب أو لا) أي سواء ساوى الصرف وقت الاخراج الصرف وقت الوجوب أو لا بأن زاد عنه
أو نقص. قوله: (ويجب عليه مراعاة سكة الدينار إلخ) فإذا كان صرف الدينار المسكوك عشرة دراهم
وصرف غير المسكوك تسعة اعتبر في الاخراج قيمة السكة فيخرج عن الدينار المسكوك الواجب عليه
في الأربعين المسكوكة عشرة دراهم. قوله: (فيزيدها على وزن الدينار) لان صرف الدينار المسكوك أزيد
من صرفه غير مسكوك. قوله: (وإليه) أي وإلى هذا الفرع المشار له بقوله: وكذا إن أراد إلخ أشار بقوله: ولو
في نوع أي هذا إذا أخرج من غير نوع المخرج عنه بل وإن كان المخرج من نوع المخرج عنه ففي بمعنى من،
وما ذكره من اخراج قيمة السكة إذا أخرج من نوعه غير مسكوك مثله لابن الحاجب وابن بشير وابن عبد
السلام والتوضيح وغير واحد، وقال ابن حبيب: إذا أخرج من نوعه غير مسكوك فلا يدفع قيمة السكة بل
يخرج وزن الجزء الذي يجب اخراجه فقط. قوله: (فالمراد) أي من قوله: بقيمة السكة ولو من نوعه أنه
499

أخرج عن المسكوك غير المسكوك يعني غير من نوعه أو منه. وقوله: وإلا فصرف إلخ أي وإلا نقل أن هذا
هو المراد، بل المراد أنه أخرج عن المسكوك مسكوكا من نوعه أو غيره أو ما هو أعم أي أخرج عن المسكوك
مسكوكا أو غير مسكوك من نوعه أو غيره فلا يصح لان صرف الوقت إلخ. قوله: (يتضمن السكة) أي
وحينئذ فلا يحتاج لقول المصنف بقيمة السكة بعد قوله: بصرف وقته. قوله: (كان أبين) أي وعليه
فيكون قوله: بصرف وقته مطلقا فيما إذا خرج مسكوكا عن مسكوك من غير نوعه. وقوله: وبقيمة السكة
إلخ فيما إذا أخرج غير مسكوك عن مسكوك من نوعه أو من غير نوعه. قوله: (فالمعتبر الوزن) أي ولا
يعتبر زيادة قيمة السكة، فعلم أن السكة إنما تعتبر إذا كانت في المخرج عنه لا في المخرج. قوله: (هو المسكوك)
أي والمخرج غير مسكوك. قوله: (وإن كان العكس) أي بأن أخرج المسكوك عن غير المسكوك.
قوله: (كإخراج ورق). حاصله أنه إذا كان عنده ذهب مصنوع وزنه أربعون دينارا ولصياغته يساوي
خمسين دينارا وأراد أن يخرج عنه ورقا فهل يخرج من الورق عن أربعين دينارا أو عن خمسين؟ تردد
أي خلاف بين ابن الكاتب وأبي عمران، فابن الكاتب يقول: تلغى قيمة الصياغة وإنما يزكى عن الزنة،
وأبو عمران يقول: تعتبر قيمة الصياغة حيث اختلف نوع المخرج والمخرج عنه، وحينئذ فيزكى عن الزنة
وقيمة الصياغة. قوله: (ليخرج قدر إلخ) الأولى وإن كان ليخرج إلخ. قوله: (إلا لسبك) أي إلا لقصد
سبك وإن لم يحصل سبك بالفعل خلافا لظاهره من أن الحرمة لا تنتفي إلا إذا حصل سبك بالفعل.
قوله: (ووجب على المزكي) أي عن نفسه أو عن صبي أو مجنون نيتها بأن ينوي أداء ما وجب في ماله أو في مال
محجوره، ولو نوى زكاة ماله أو مال محجوره أجزأه كما قال سند، والنية الحكمية كافية، فإذا عد دراهمه
وأخرج ما يجب فيها ولم يلاحظ أن هذا المخرج زكاة لكن لو سئل ما يفعل لأجاب أن هذا زكاة ماله
أجزأه. إن قلت: إذا كانت النية الحكمية كافية فما المحترز عنه بقوله: ووجب نيتها؟ قلت: المحترز عنه
ما لو كانت عادته يعطي زيدا كل سنة دينارا مثلا فلما أعطاه له نوى بعد الدفع الزكاة كذا قرر
شيخنا. قوله: (عند عزلها أو دفعها لمستحقها) هكذا نقله ح عن سند وهو أنه إذا نوى عند عزلها
كفاه عن النية عند دفعها، وإن لم ينو عند عزلها وجبت النية عند دفعها، قال بعض الشيوخ: ويفهم من كلام
سند أنه لا يشترط إعلام المدفوع له أنها زكاة وهو ظاهر اه‍ بن، بل ذكر بعضهم أنه لا يشترط
علم المدفوع له أنها زكاة لا من المزكي ولا من غيره وهو المعتمد. قوله: (فإن لم ينو) أي لا عند عزلها
ولا عند دفعها وإنما نوى بعده أو قبلهما لم تجزه، ومن هنا يعلم أنه إذا نوى رب مال بما يسرق منه الزكاة
لم تفده هذه النية لان شرطها أن تكون عند عزلها أو دفعها. قوله: (على الفور) وأما بقاؤها عنده
وكل ما يأتيه أحد يعطيه منها فلا يجوز كما قاله شيخنا عدوي. قوله: (بموضع الوجوب) أي ولو
لمسافر لها وليس انتقاله لها كنقلها له على أظهر الطرق ولو لم يقم أربعة أيام كذا في المج.
قوله: (في حرث) أي بالنسبة للحرث والماشية. قوله: (إن وجد به مستحق) وإلا نقلت لغيره.
قوله: (وفي النقد) أي وبالنسبة للنقد. قوله: (موضع المالك) وقيل بموضع المال، ونص ابن شاس:
وهل المعتبر مكان المال وقت تمام الحول أو مكان المالك؟ قولان. قوله: (كان المستحق فيه) أي في
موضع الوجوب أعدم أو لا. قوله: (فلا تنقل إليه) أي حيث كان بمحل الوجوب أو قربه مستحق
500

أشار بذلك إلى أن الاستثناء من مقدر أي بموضع الوجوب أو قربه لا في غير ذلك إلا لأعدم فينقل
أكثرها له الأقرب فالأقرب. قوله: (فأكثرها ينقل له وجوبا) الأظهر ما قاله العجماوي من أن النقل مندوب
لما مر من أن إيثار المضطر مندوب فقط قاله شيخنا قوله: (فإن نقلها كلها له) أي لذلك الأعدم الذي في غير
محل الوجوب أو قربه. قوله: (وتنقل بأجرة إلخ) أي وتنقل للأعدم الذي في غير محل الوجوب بأجرة
من الفئ، وأما نقلها لمحل قريب من محل الوجوب فهي بأجرة منها كما قرر شيخنا. قوله: (بأجرة من الفئ)
أي لا منها ولا من عند مخرجها. قوله: (مثلها) أي في الجنسية لا في القدر. قوله: (هنا) أي بمحل الوجوب.
وقوله هناك أي في المحل المنقول إليه. قوله: (كالعين) أي كما إذا كانت عينا، فإنها تفرق عليهم، ولا ضمان
على المخرج إذا ضاع الثمن أو العين المنقولة في أثناء الطريق أو تلفت الزكاة التي نقلها بأجرة من الفئ
كما قرر شيخنا. قوله: (كعدم مستحق إلخ). حاصل فقه المسألة أنه إن لم يكن بمحل الوجوب أو قربه
مستحق فإنها تنقل كلها وجوبا لمحل فيه مستحق ولو على مسافة القصر، وإن كان في محل الوجوب أو
قربه مستحق تعين تفرقتها في محل الوجوب أو قربه، ولا يجوز نقلها لمسافة القصر إلا أن يكون المنقول
إليهم أعدم فيندب نقل أكثرها لهم، فإن نقلها كلها أو فرقها كلها بمحل الوجوب أجزأت. قوله: (وقدم إلخ)
هذا تقديم نقل أي نقل المزكي المال قبل الحول لمحل التفرقة ليصل لموضع التفرقة عند الحول
حيث لم يكن بمحل الوجوب أو قربه مستحق وهذا قول ابن المواز وهو المشهور، وقال الباجي: لا ينقل
حتى يتم الحول. قوله: (وإن قدم معشرا) هذا تقديم اخراج أي وإن أخرج زكاة ما فيه العشر قبل وجوبه
ولو بيسير لم يجزه، وأما لو أخرجها بعد الافراك وقبل التصفية فإنها تجزئ كما في خش. قوله: (فليس
المراد قدم نقله إلخ) أي لأنه لا يعقل تقديم النقل على الوجوب هنا إذ لا يتأتى نقله قبل الافراك. والحاصل
أن تقديم المتعلق بالعين والماشية تقديم نقل والمتعلق بالحرث تقديم اخراج، وأما تقديم العين والماشية
تقديم اخراج فسيأتي في قول المصنف أو قدمت بكشهر في عين وماشية. قوله: (لم يجزه) أي لأنه زكاة
عما لا يملكه ملكا كاملا، ألا ترى أنه لا يجوز بيعه؟ وهذا جواب قوله: وإن قدم قوله: (حال حوله) أي
من يوم ملكه أو زكاه. قوله: (أو عرضا) أي أو زكى ثمن عرض محتكر بعد حول وبعد بيعه. قوله: (فإن
لم يبع عرض الاحتكار) أي وزكى قيمته قوله: (دين المدير) أي الكائن للتجارة بأن كان من بيع والحال
أنه على معسر أو من قرض كان على معسر أو ملئ، وذلك لما تقدم أن المدير لا يزكي دين القرض مطلقا،
ولا دين التجارة على المعدم إلا بعد قبضه لعام مضى، فإذا زكاه قبل قبضه لم يجزه ولا بد من زكاته بعد
القبض. قوله: (على معسر) أي إذا زكاه قبل قبضه لم يجزه ولا بد من زكاته بعد قبضه. قوله: (وأما على ملئ)
أي والحال أنه مرجو. قوله: (أو نقلت لدونهم في الاحتياج لم يجزه) اعترضه المواق بأن المذهب الاجزاء
نقله عن ابن رشد والكافي وهو ظاهر لأنها لم تخرج عن مصارفها اه‍ بن. قوله: (أخذها) أي إن كانت باقية.
قوله: (بغير سماوي) أي بل بأكل أو بيع أو هبة سواء غره في هذه الحالة أم لا. قوله: (وغره) أي وغر الآخذ
الدافع بأن أظهر له الفقر والحرية والإسلام. قوله: (لا إن لم يغره) أي فلا يرجع عليه بعوضها ويغرمها ربها
501

للفقراء والفرض أنها تلفت عند الآخذ بسماوي. قوله: (ولو أمكن ردها) فيه نظر، ففي كلام ابن عرفة
: والتوضيح وغيرهما ما يفيد أنها تنزع من يد من دفع له الحاكم إذا كان غير مستحق إن أمكن وهو
ظاهر، إذ كيف تكون الزكاة بيد الأغنياء ولا تنزع من أيديهم؟ ويدل لذلك ما في المواق عن اللخمي
وهو ظاهر المصنف لان موضوع كلامه التعذر اه‍ بن. فعلم من هذا أن الامام كالوصي ومقدم القاضي
وأن أقسام الدافع اثنان لا ثلاثة. قوله: (لجائر في صرفها) أي لامام جائر في صرفها بأن يصرفها في غير
والأصناف الثمانية. قوله: (وأطاع بقيمة) أي بدفع قيمة لم تجز ما ذكره المصنف من عدم الاجزاء
تبع فيه ابن الحاجب وابن بشير، وقد اعترضه في التوضيح بأنه خلاف ما في المدونة، ونصه المشهور في
إعطاء القيمة أنه مكروه لا محرم، قال في المدونة: ولا يعطى عما لزمه من زكاة العين عرضا أو طعاما
ويكره للرجل اشتراء صدقته اه‍. فجعله من شراء الصدقة وأنه مكروه، ومثله لابن عبد السلام. قال الباجي:
ظاهر المدونة وغيرها أنه من باب شراء الصدقة والمشهور فيه أنه مكروه لا محرم، فقول المصنف:
أو بقيمة لم يجز خلاف ما اعتمده في التوضيح، قال أبو علي المسناوي: ظاهر كلامهم أن ما في التوضيح
وابن عبد السلام هو الراجح ويدل له اختيار ابن رشد حيث قال: الاجزاء أظهر الأقوال، وتصويب
ابن يونس له كما نقله الشيخ أحمد الزرقاني قال أبو علي المسناوي: وأما تفصيل عج وهو الذي ذكره
شارحنا فلم أره لاحد اه‍ بن، أي بل الموجود في المذهب الطريقتان السابقتان عدم إجزاء القيمة
مطلقا وإجزاؤها مطلقا. قوله: (لا إن أكره على دفعها أو دفع قيمتها) أي فإنها تجزئ ولو أخذها
الجائر لنفسه كما يدل عليه كلام أبي الحسن وصرح به ابن رشد، وقال البرزلي: إنه المشهور الذي عليه العمل
وإن كان في ابن عبد السلام ما يخالفه، وهذا كله إذا أخذها باسم الزكاة وإلا فلا تجزي كما صرح به
البرزلي وزروق وغيرهما اه‍ بن. قوله: (فهو راجع للأخيرتين) أي قوله: أو طاع بدفعها لجائر أو بقيمتها
قوله: (على المعتمد) أي وهو رواية عيسى عن ابن القاسم، وقيل حد اليسير الذي يغتفر فيه التقديم
الشهران ونحوهما، وقيل يوم ويومان، وقيل ثلاثة أيام، وقيل خمسة، وقيل عشرة، وقوله: أو قدمت بكشهر
أي فتجزئ مع كراهة التقديم وسواء كان التقديم لأربابها أو لوكيل يوصلها لهم. قوله: (من بيع)
وأما من قرض إذا زكاه قبل قبضه لا يجزيه ولا بد من زكاته بعد قبضه، ومثله دين المحتكر القرض.
قوله: (بخلاف ما لها فكالحرث لا تجزئ) أي إذا قدم اخراجها قبل الحول لغير الساعي، وأما إذا
دفعت للساعي قبل الحول بكشهر فإنها تجزي كما صرح بذلك ح عن الطراز عند قول المصنف: وإن
ضاع المقدم فقال: إن الماشية إذا كان لها ساع ودفعت له قبل الحول بكشهر فإنها تجزئ اه‍ بن.
قوله: (لا يجوز) المراد بعدم الجواز ما يشمل الكراهة والحرمة لأنها إن قدمت بكشهر كره بأكثر حرم
قوله: (قبل وصوله) متعلق بضاع. قوله: (من الوكيل أو الرسول) الفرق بينهما التفويض في الوكيل دون
الرسول. قوله: (الجائز) الأولى الواجب لان نقلها قبل الحول للأعدم لتصل عند الحول واجب كما
مر إلا أن يقال: أراد بالجائز ما قابل الممنوع فيشمل الواجب كما مثل، والجائز المستوي الطرفين وذلك كما
إذا عجل الزكاة قبل الحول بالزمن اليسير كاليومين والثلاثة، وضاع ما عجله قبل وصوله لمستحقه فقد قال
ابن المواز: إنها تجزيه ولا يضمنها، وذكر في الطراز أنه مقتضى المذهب قال: لأنها زكاة وقعت موقعها لان ذلك
الوقت في حكم وقت وجوبها خلافا لما جزم به ابن رشد من عدم الاجزاء وهو ظاهر المصنف انظر بن.
502

قوله: (ولا يخرج عن الباقي) أي كما في أبي الحسن وكما نقل ابن عرفة عن النوادر. قوله: (وإن تلف جزء نصاب
أي بحيث صار الباقي أقل من نصاب. وقوله: بعد الحول أي كما يدل له قوله: ولم يمكن الأداء لأنه يشعر
بأنه خوطب بها قوله: (فيعتبر الباقي لا تفصيل) أي فإن كان الباقي نصابا زكاه وإلا فلا، وسواء فرط أو
لم يفرط أمكن الأداء أو لم يمكن قوله: (ومنه ما قبل هذه) أي وهو قوله: فإن ضاع المقدم فعن الباقي، وقد
يقال: إن ما قبل هذه التي نظر فيها لما يفي فيما إذا تلف جزء الزكاة قبل الحول بعد عزلها، وأما هذه فقد تلف
النصاب أو جزؤه قبل عزلها فتأمل. قوله: (لزمه اخراجها) أي ولو كان حين وجدها فقيرا مدينا
قوله: (وأما لو عزلها قبل الحول) أي بكشهر واستمرت عنده أو عند الوكيل أو الرسول الذي يوصلها
فضاعت. قوله: (لا إن ضاع أصلها بعد الحول) أي دونها وذلك بأن عزل الزكاة من ماله بعد الحول ثم
ضاع المال الذي هو أصلها دون الزكاة فلا تسقط عنه، ومفهوم قوله بعد الحول أنه لو عزلها قبله فتلف
أو ضاع أصلها قبل تمامه لم يلزمه اخراجها. قوله: (وضمن إن أخرها) أي أخر اخراجها وحاصله أنه
إذا حال الحول وأخر اخراجها عن الحول أياما مع تمكنه من الاخراج فتلف المال كله أو بعضه بحيث
صار الباقي أقل من نصاب فإنه يضمن جزء الزكاة لتفريطه بعد اخراجه مع التمكن منه، وأما لو أخر
اخراجها عن الحول يوما أو يومين مع تمكنه من الاخراج حتى تلف المال أو بعضه بحيث صار الباقي
أقل من نصاب فإنه لا ضمان عليه حيث لم يقصر في حفظ المال وإلا ضمن جزء الزكاة، فقول الشارح:
إلا أن يقصر في حفظها الأولى في حفظه أي المال. قوله: (بأن كان يمكنه الأداء) أي ثم ضاع ذلك العشر
وحده أو مع زرعه. قوله: (أو لا يمكنه وفرط في حفظه) أي حتى ضاع وحده أو مع بقية الزرع، فقول
المصنف مفرطا أي منسوبا للتفريط فيشمل الصورتين، والأولى حمل المصنف على الثانية لان
الأولى داخلة في قوله: وضمن إن أخرها عن الحول كذا في بن قوله: (بخلاف ما لو ضاع في الجرين)
أي وحده لكونه كان معزولا أو ضاع مع الزرع فإنه لا ضمان عليه ما لم يؤخر اخراجه مع إمكان الأداء.
قوله: (لا محصنا) أي لا إن أدخله محصنا له حتى يفرقه على مستحقيه. قوله: (وهل يصدق في دعواه) أي
لان التحصين هو الغالب في إدخال البيت. وقوله: أم لا أي لان الأصل بقاء الضمان. والظاهر من القولين
الأول لأنه حيث انتفت القرائن الدالة على التفريط والتحصين فلا يعلم كون الادخال للتحصين أو
لغيره إلا منه. قوله: (على الوجه الآتي) أي من كونها تخرج تارة من رأس المال وتارة من الثلث، فإن
أوصى بها فمن الثلث، وإن اعترف بحلولها وأوصى بإخراجها فمن رأس المال. قوله: (وأخذت من
الممتنع) أي إذا كان له مال ظاهر، فإن كان ليس له مال ظاهر وكان معروفا بالمال فإنه يحبس حتى
يظهر ماله، فإن ظهر بعض واتهم في اخفاء غيره فقال مالك: يصدق ولا يحلف أنه ما أخفى وإن اتهم
وأخطأ من يحلف الناس. قوله: (بضم الكاف وفتحها) وعلى كل حال هو اسم مصدر بمعنى إكراه.
قوله: (وإن بقتال) أي ولا يقصد قتله، فإن اتفق أنه قتل أحدا قتل به، وإن قتله أحد كان هدرا.
قوله: (وأجزأت نية الامام) أي الآخذ لها كرها. قوله: (وأدب الممتنع) أي من أدائها بعد أخذها منه كرها من
غير قتال وإلا كفى في الأدب. ولو قال المصنف: أو أدب بأو كان أظهر. قوله: (وإن كان جائرا في غيرهما)
503

هذا يقتضي أن الدفع له حيث جار في غير الصرف والاخذ واجب كدفعها للعدل وليس كذلك بل
مكروه كما في ح والتوضيح. قوله: (على الأرجح) مقتضى نقل المواق أن هذا ترجيح لابن
يونس من عند نفسه، فيكون الأولى لو عبر بالفعل، ثم رأيت لفظ ابن يونس ونصه: قيل فإن غر عبد فقال
إن حر فأعطاه من زكاته فأفات ذلك فقال بعض أصحابنا في ذلك نظر هل يكون في رقبته كالجناية لأنه
غره أو يكون في ذمته لان هذا متطوع بالدفع. ابن يونس: والصواب أنه جناية إلخ، وبهذا يظهر صحة
تعبيره بالاسم دون الفعل اه‍ بن. قوله: (بين فدائه) أي بقدر ما أخذه من الزكاة. قوله: (مسافر) لا مفهوم
له بل كذلك الحاضر يزكى ما معه وما غاب عنه كذا في خش وعبق وأصله للشيخ سالم وفيه
نظر، بل ظاهر كلامهم أن الشرطين في الغائب فقط، فلا يؤخر الحاضر زكاة ما غاب عنه من المال لضرورة
إنفاق أو غيره خلافا لهما. والحاصل أن الحاضر يزكي ما حضر وما غاب من غير تأخير مطلقا، ولو دعت
الضرورة لصرف ما حضر بخلاف المسافر فإنه لا يزكيهما إلا بشرطين. قوله: (ما معه من المال) هذا شامل
للماشية يعني إذا لم يكن لها ساع، أما إن كان لها ساع فإنها تزكى في محلها فلا يشملها كلامه اه‍ بن. وما ذكره
المصنف من أن المسافر يزكي ما غاب عنه ولا يؤخر زكاته حتى يرجع له أحد قولي مالك، وقال أيضا: انه
يؤخر زكاته مطلقا اعتبارا بمواضع المال، ويتفرع على الخلاف في اعتبار موضع المال أو المالك لو مات
شخص ولا وارث له إلا بيت المال ببلد سلطان وماله ببلد سلطان آخر، والذي في أجوبة ابن رشد: أن ماله لمن
مات ببلده. قوله: (في الغائب) أي وأما ما معه فيزكيه بكل حال اتفاقا لاجتماع المال مع ربه. قوله: (أو يأخذها)
بالجزم عطفا على يكن أي ولم يأخذها الامام الذي في بلد الغائب. قوله: (ولا ضرورة عليه) أي والحال
أنه لا يلحقه ضرر في اخراج الزكاة عن الغائب مما معه، ولو كان عدم الضرر والاحتياج بوجود
مسلف. قوله: (أي احتاج) أي لما يخرجه زكاة عن الغائب في نفقة مثلا، وقوله: أخر الاخراج أي عن
ذلك الغائب عنه حتى يرجع لبلده. والحاصل أن محل اخراج المسافر عما غاب عنه إن لم تدعه الضرورة
لعدم اخراجه عنه في ذلك الموضع الذي هو فيه، فإن كان محتاجا لما يخرجه زكاة عنه ولو لما يوصله في عوده
لوطنه فإنه يخرج عما معه ولا يخرج عما غاب عنه، ويؤخر الاخراج عنه حتى يرجع لبلده. قوله: (زكاة
الأبدان) هذا يقتضي أن المراد بالفطر الذي أضيفت إليه الزكاة في قولهم: زكاة الفطر الفطرة بمعنى
الخلقة وبه قيل، وقيل: المراد به المقابل للصوم لوجوبها عنده، وعلى هذا فاختلف هل المراد به الفطر
الجائز أو الواجب؟ فلذا وقع الخلاف في وجوبها بأول ليلة العيد أو بفجره.
فصل: في زكاة الفطر قوله: (يجب بالسنة) أي لا بالقرآن لان آيات الزكاة العامة سابقة عليها، فعلم
أنها غير مرادة منها أو أنها غير صريحة في وجوبها خلافا لمن قال: إن وجوبها ثبت بعموم: * (وأقيموا الصلاة
وآتوا الزكاة) * الآية. قوله: (في رمضان) أي الكائن في رمضان أي منه قوله: (وحمل الفرض على التقدير)
كما هو قول من قال: إن زكاة الفطر سنة. وقوله: بعيد أي لان فرض وإن كان في أصل اللغة بمعنى قدر
لكل نقل في عرف الشرع إلى الوجوب فيتعين الحمل عليه. قوله: (في فجاج المدينة) أي في طرقها والصواب
في فجاج مكة كما في سنن الترمذي، ولا يقال: إن فرضها في السنة الثانية من الهجرة ومكة حينئذ
دار حرب فكيف يتأتى فيها النداء بما ذكر؟ لأنا نقول: بعث المنادي يحتمل أنه سنة فتحها وهو سنة ثمان من
الهجرة، ويحتمل أنه سنة حج أبي بكر بالناس وهو سنة تسع، ويحتمل أنه سنة حجة الوداع وهي سنة عشر،
وليس بلازم أن يكون بعث المنادي عقب الفرض، ولذا لم يقل الترمذي بعث حين فرضت، وكون البعث
عام الفتح هو الأظهر لان الأصل المبادرة بإظهار الشعائر في البلد بمجرد فتحها، ولا موجب للتأخير بعد
زوال المانع. قوله: (وقد حرر الصاع) أي الذي هو أربعة أمداد. وقوله: فوجد أربع حفنات إلخ
504

مراده بالحفنة المتوسطة ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين وليس مراده بالحفنة ملء
اليد الواحدة. قوله: (وذلك قدح وثلث إلخ) فعلى هذا الربع المصري يجزئ عن ثلاثة قوله: (أو في عبد
إلخ) ما حمل عليه قوله: أو جزؤه من الصور الثلاث هو مختار ح، وحمله الشارحان على الثالثة فقط، وحمله
ابن غازي على الأولين. قوله: (فضل) نعت لقوله: صاع أو جزؤه أي فضل ما ذكر من الصاع أو جزئه
فأفرد الضمير باعتبار ما ذكر أو نظرا لكون العطف بأو فإن قدر على الزكاة يومها أخرجها فإن دفعها
لمعطيه فالظاهر تجزيه على ما مر من دفع الزكاة لغريم وأخذها منه. وقوله: اللازم له صفة لقوت عياله.
وقوله: بعده أي بعد ذلك اليوم. وقوله: وهم أي عياله. وقوله: وإن قدر عليه أي على ذلك الصاع أو جزئه
بتسلف وهذا مبالغة في وجوب الصاع أو جزئه، ثم ما اقتضاه كلامه من وجوب التسلف هو ظاهر
المدونة قوله: (وقيل لا يجب التسلف) أي بل يستحب وعليه اقتصر ابن رشد وأشار المصنف بالمبالغة
للرد عليه. قوله: (خلاف) الأول لابن القاسم في المدونة وشهره ابن الحاجب وغيره. والثاني لرواية
ابن القاسم والأخوين عن مالك وشهره الأبهري وصححه ابن رشد وابن العربي قال بعضهم: والأول
مبني على أن الفطر الذي أضيفت إليه في خبر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر في
رمضان الفطر الجائز وهو ما يدخل وقته بغروب شمس رمضان. والقول الثاني مبني على أن المراد الفطر
الذي أضيفت إليه الفطر الواجب الذي يدخل وقته بطلوع الفجر اه‍. واعترض ذلك شيخنا بأن عدم
نية الصوم واجب فيهما وتناول المفطر جائز فيهما، وحينئذ فلا وجه لجعل الفطر الأول جائزا والثاني
واجبا فتأمل، وبقي ثلاثة أقوال أخرى: أحدها أن الوجوب يتعلق بطلوع الشمس يوم العيد ولا يمتد وقت
الوجوب على هذا القول أيضا. الثاني: أن وقته يمتد من غروب ليلة العيد إلى غروب يومه. الثالث: أنه يمتد
من غروب ليلة العيد إلى زوال يومه، ذكره في التوضيح وعزاه لابن الماجشون اه‍ بن. قوله: (لم تجب)
أي على كل من القولين، ومثل من ذكر من ولد أو أسلم بعد الفجر فلا تجب اتفاقا قوله: (وحصل
المانع) أي وهو الموت والبيع والطلاق. قوله: (من أغلب القوت بالبلد) أي من غير نظر لقوت المخرج.
واعلم أن المنظور له إنما هو غالب قوت أهل البلد في رمضان على ما يظهر من ح ترجيحه لا في العام
كله ولا في يوم الوجوب اه‍ بن. واستظهر في المج أن المعتبر الأغلب وقت الاخراج. قوله: (من معشر)
أي حالة كون ذلك الأغلب من معشر أي مزكى بالعشر. وقوله: فهذه ثمانية جمعها بعضهم بقوله:
قمح شعير وزبيب سلت تمر مع الأرز ودخن ذرة
قوله: (خاص) أي لا مطلق معشر وإلا لاقتضى أنها تخرج من عشرين صنفا وهي الحبوب والثمار التي
تجب زكاتها بالعشر وليس كذلك. قوله: (خثر اللبن) أي ثخينه. قوله: (الذي زاده على التسعة) أي فأجاز
الاخراج منه إن غلب اقتياته على التسعة أو ساوى الموجود منها في الاقتيات، وروى ذلك ابن حبيب
في مختصر الواضحة عن مالك. قوله: (إلا أن يقتات غيره) أي في زمن الرخاء والشدة معا لا في زمن
الشدة فقط كما قاله أبو الحسن وابن رشد، والذي يظهر من عبارات أهل المذهب أن غير التسعة
إذا كان غالبا لا يخرج منه، وإنما يخرج منه إذا كان عيشهم دون غيره من التسعة كما في المدونة
وغيرها، ولذا قال المصنف: إلا أن يقتات غيره أي إلا أن ينفرد غيره بالاقتيات فيخرج منه
حينئذ انظر بن قوله: (فيدخل فيه) أي في غير ما ذكر. وقوله: فيخرج مما غلب أي اقتياته من
505

الغير إن تعدد ذلك الغير، كما لو كان المقتات فولا وحمصا وغلب أحدهما في الاقتيات. وقوله: ومما اتحد أي كما
لو كان المقتات فولا فقط أو حمصا فقط قوله: (وإلا تعين إلخ) أي وإلا بأن وجد شئ منها تعين الاخراج
منه أي من ذلك الموجود من التسعة وإن كان غير مقتات، وما ذكره من التعيين ضعيف كما يأتي للشارح.
قوله: (فمتى وجدت إلخ) في قوة قوله: والحاصل فكأنه قال: والحاصل أنه متى وجدت إلخ وقد اشتمل هذا
الحاصل على خمسة صور. قوله: (ومع غلبة واحد منها) أي في الاقتيات. وقوله: كأن انفرد أي واحد منها
في الاقتيات ولو كان غيره موجودا. وقوله: وتبعه الجماعة أي جماعة الشراح كخش وعبق وشب وعج
قوله: (ورده بعض المحققين) هو العلامة طفي وحاصل كلامه أن عبارة المدونة والبيان واللخمي وابن
عرفة أن غير التسعة إذا كان غالبا لا يخرج منه، وإن كان هو عيشهم فقط أجزأ الاخراج منه، ولو وجد
شئ من التسعة وهو ظاهر قول المصنف إلا أن يقتاتوا غيره أي فيخرج من ذلك المقتات ظاهره وجد
شئ من التسعة التي هي غير مقتاتة أو لا. قوله: (يخرج صاعا بالكيل إلخ) قال ابن عرفة: وفيها لا يخرج من
الدقيق. ابن حبيب: يجزئ بريعه وكذلك الخبز الصقلي وبعض القرويين قول ابن حبيب تفسير
والباجي خلاف أي وعليه فالمعتمد ظاهرها من عدم إجزاء الدقيق ولو بريعه، لكن مقتضى نقل المواق
ترجيح الاجزاء وهو التأويل الأول، وأما اخراج دقيق من غير ريع فلا يجزئ قطعا قوله: (وبالوزن
من نحو اللحم) أي من اللحم ونحوه كاللبن بأن يخرج خمسة أرطال وثلثا بالبغدادي كما مر للشارح، ورد
بقوله: والصواب على من قال: إنه يخرج من اللحم واللبن مقدار عيش الصاع، فإذا كان الصاع من الحنطة
يغدي إنسانا ويعشيه أعطى من اللحم أو من اللبن ما يغدي ويعشي. وفي المج: وهل يقدر نحو اللحم بجرم
المد أو شبعه؟ وصوب كما في ح أو بوزنه خلاف اه‍. فمنه يعلم أن ما ذكره شارحنا خلاف المصوب فتأمل.
قوله: (بشرطه) أي وهو إطاقة الوطئ. قوله: (هذا إذا كانت له) أي هذا إذا كانت الزوجة له بل وإن
كانت تلك الزوجة لأبيه سواء كانت زوجة أبيه وأمه أو كانت غيرها. قوله: (من قرابة أو زوجية له أو لأبيه)
فيدخل خادم أبيه وخادم زوجته هو وخادم زوجة أبيه سواء كانت أمه أو غير أمه. واعلم أن محل لزوم
زكاة خادم من ذكر من زوجته وزوجة أبيه إذا كانت من أهل الاخدام وإلا فلا تلزمه لخادمها نفقة
ولا زكاة، فلو كانت أهلا للاخدام بأكثر من واحد إلى أربع أو خمس فقيل: يلزمه زكاة فطر الجميع، وقيل:
لا يلزمه إلا زكاة فطر واحد فقط، وقيل: يلزمه أن يزكي عن خادمين. ونص ابن عرفة: وفي وجوبها عن
أكثر من خادم إلى أربع أو خمس إن اقتضاه شرفها ثالثها عن خادمين فقط الأول للعتبي عن أصبغ مع
ابن رشد عن رواية ابن شعبان، والثاني ليحيى عن ابن القاسم مع ابن رشد عن ظاهرها، والثالث لسماع أصبغ
عن ابن القاسم، وما يأتي في النفقات من قوله: وإخدام أهله ولو بأكثر من واحد لا يأتي على مذهب المدونة
انظر بن. قوله: (أو لأبيه) أي أو لامه أو أراد بأبيه أصله فيشمل الأم. قوله: (لا بأجرة) أي لا إن كانت
خدمته بأجرة أي غير المؤنة ليغاير ما بعده. وقوله: وهذه أي المسألة وهي التي فيها الخدمة بالأجرة لا بالرق
من جملة المسائل إلخ. قوله: (وهذه الثلاثة) أي التي تلزم فيها النفقة دون الزكاة. وقوله: لأنه حصر الأسباب
أي المقتضية للزكاة. قوله: (أو رق) فيلزمه أن يزكي عن عبيده وإمائه، ولا فرق بين القن ومن فيه شائبة
كالمدبر وأم الولد والمعتق لأجل، وكذا المكاتب على المشهور كما أشار لذلك المصنف بالمبالغة، ولا فرق بين
كونهم للقنية أو للتجارة كانت قيمتهم نصابا أو دونه أصحاء أو مرضى أو زمنى، وأدرج ح في قوله أو رق
من أعتق صغير إلا يقدر على الكسب قال: لان نفقته بالرق السابق، وذكر خلافا فيمن أعتق زمنا فانظره
506

قوله: (لأنه لا يمونه) أي لكونه ليس رقيقا له إذ لا يملكه إلا بانتزاع. قوله: (ولا تجب) أي زكاة رقيق
الرقيق على سيدهم الرقيق أيضا ولا على أنفسهم لان نفقتهم على سيدهم، وإنما لم تجب على سيدهم الرقيق
لان ملكه غير مستقر، ولان شرط من تجب عليه الزكاة أن يكون حرا مسلما موسرا فلا يخاطب بها
العبد لا عن نفسه إنفاقا ولا عن زوجته كما في بن خلافا لعبق ولا عن رقيقه. قوله: (يقدر إلخ) أي
فصدق حينئذ على المكاتب أن سيده يمونه بالرق. قوله: (وآبقا رجي) عطف على ما في حيز لو مشاركا له
في الخلاف، وكذا قوله: ومبيعا بمواضعة أو خيار إذ قد قيل فيهما إنهما بمجرد العقد عليهما يدخلان في
ضمان المشتري فنفقة كل منهما وزكاة فطره عليه. قوله: (كذلك) أي مرجو عوده. وقوله: وإلا أي وإلا
يكن واحدا منهما مرجوا لم تلزمه زكاته وإذا خلص من غاصبة فلا يزكي عنه ربه لشئ من ماضي
الأعوام، بخلاف الماشية إذا خلصت من الغصب لأنها تنمو بنفسها قاله بن. قوله: (كأن يقول له) أي
كأن يقول السيد للعبد. قوله: (أنه لو كان مرجعه لشخص) أي غير سيده قوله: (كنفقته إن قبل) حاصله
أن العبد المخدم إن كان مرجعه بعد الخدمة لسيده فزكاته على المخدم بالكسر وهو السيد، وإن كان مرجعه
لحرية فزكاته على المخدم بالفتح، وإن كان مرجعه لشخص آخر فزكاته على ذلك الشخص الذي مرجعه
له لوجوب نفقة المخدم على من ذكر. قوله: (والمشترك بقدر الملك إلخ) هذا هو الراجح ومقابله أنها على
عدد رؤوس المالكين، ولهذه المسألة نظائر في هذا الخلاف، وضابطها كل ما يجب بحقوق مشتركة هل
استحقاق ذلك الواجب بقدر الحقوق أو على عدد الرؤوس؟ قولان، لكن الراجح منهما مختلف،
فالراجح الثاني وهو اعتبار عدد الرؤوس في مسائل كأجرة القسام وكنس المراحيض والسواقي
وحارس أعدال المتاع وبيوت الطعام والجرين والبساتين وكاتب الوثيقة، وكذا صيد الكلاب فلا
ينظر لكثرة الكلاب وإنما ينظر في اشتراك الصيد لرؤوس الصيادين والراجح القول الأول وهو اعتبار
الملك في مسائل كزكاة الفطر والشفعة ونفقة الأبوين اه‍ بن. أي فالراجح أنها توزع على الأولاد
بقدر اليسار لا على الرؤوس ولا بقدر الميراث خلافا لبعضهم وكذا زكاة فطرهما. قوله: (إن قبضه) أي من
البائع فإن لم يقبضه كانت زكاته على البائع لان ضمانه منه. قوله: (وقبل الصلاة) أي وقبل صلاة العيد ولو
بعد الغدو إلى المصلى كذا قال عبق، والذي يدل عليه كلام المدونة وغيرها أن المندوب إنما هو
الاخراج قبل الغدو للمصلى، لكن قال أبو الحسن: محل الاستحباب إنما هو قبل الصلاة، فلو أداها قبل
الصلاة بعد الغدو للمصلى فهو من المستحب اه‍ ح. قوله: (الأحسن من قوت أهل البلد) أي إذا كان
لهم قوت واحد. وقوله: أو من أغلب قوتهم أي أو الأحسن من أغلب قوتهم إذا تعدد قوتهم، وليس
مراد المصنف الأحسن من قوته إذا اختلف لصدقه بالأدون من قوت البلد. قوله: (فيجب غربلته
إن زاد الغلث على الثلث) هذا قول ابن رشد، وعليه إذا كان الغلث الثلث أو دونه بيسير كالربع
فتستحب الغربلة. قوله: (وقيل بل إلخ) أي وقيل: بل تجب الغربلة ولو كان الغلث الثلث أو ما قاربه
كالربع. وقوله: وهو الأظهر أي كما قال ابن عرفة. قوله: (ظرف لزوال) أي لا لدفع لان ندب الدفع لا
يتقيد بكونه يوم العيد. قوله: (أي ندب لمن زال فقره أو رقه يوم الفطر) أي بعد فجره، أما لو كان الزوال
قبل فجره لوجبت. قوله: (ويجب على سيد العبد إلخ) أي ويلغز بهذه المسألة فيقال: زكاة فطر
طلب اخراجها عن واحد مرتين، وتوقف المواق في اخراج العبد لها مع أن سيده أخرجها
قال نعم في المبعض يظهر اخراجه إذا كملت حريته يوم العيد عن البعض الذي قلنا لا شئ فيه فانظره.
507

قوله: (للامام العدل) أي في أخذها وصرفها. قوله: (بل تكره الزيادة عليه) أي إذا كانت الزيادة متعلقة
بالصاع كما نقل عن الامام وإلا فلا كراهة قوله: (في الحالة إلخ) وذلك إذا أوصاهم بإخراجها ووثق منهم
أو كانت عادتهم الاخراج عنه وهو غائب. قوله: (وإلا) أي وإلا يكن أوصاهم ولم يكن عادتهم الاخراج
عنه. قوله: (في القسمين) أي وهما إخراجهم عنه وإخراجه عنهم. قوله: (فإن لم يعلم) أي قوت المخرج عنه
قوله: (ولا يجوز الاخراج عنه منهم) الأوضح ولا يجوز إخراجهم عنه أي ولا يجزئ أيضا قوله: (بخلاف
العكس) أي وهو اخراجه في مصر عنهم فإنه يجوز. قوله: (وإن كان الأولى إلخ) فيه نظر
إذ ما ذكره رواية مطرف وهي المقابلة لمذهب المدونة، قال أبو الحسن: ويجوز أن يدفعها الرجل عنه وعن
عياله لمسكين واحد هذا مذهب ابن القاسم، وقال أبو مصعب: لا يجزئ أن يعطي مسكينا واحدا
أكثر من صاع ورآها كالكفارة، وروى مطرف يستحب لمن ولي تفرقة فطرته أن يعطي لكل مسكين
ما أخرج عن كل انسان من أهله من غير إيجاب اه‍ بن. وعلم منه أن الجواز في كلام المصنف مستوي
الطرفين لأجل أن يكون ماشيا على مذهب المدونة لا بمعنى خلاف الأولى وإلا كان ماشيا على رواية
مطرف. قوله: (ومن قوته الأدون إلخ) حاصل فقه المسألة: أن من اقتات الأدون إن اقتاته لعجز عن
قوت البلد أجزأ اتفاقا وإن كان لشح لم يجزه اتفاقا، وإن كان لعادة ففيه قولان اعتمد المصنف منهما
القول بالاجزاء وهو ضعيف، والمذهب القول بعدم الاجزاء كما ذكره ابن عرفة اه‍ بن. وإنما كان
المصنف معتمدا للقول بالاجزاء لان حكمه بجواز الاخراج من قوته الأدون إذا كان اقتياته لغير شح
صادق باقتياته لعجز أو لعادة أو هضم نفس، وشارحنا قصره على ما إذا كان اقتياته لعجز بحيث يكون
الاستثناء منقطعا لأجل تمشية المصنف على القول المعتمد فتأمل. قوله: (وإخراجه قبله بكاليومين)
فلو أخرجها قبل الوجوب فضاعت فقال اللخمي: لا تجزئ واعترضه التونسي واختار أنه متى أخرجها
فضاعت في وقت لو أخرجها فيه لأجزأت أنها تجزئ انظر التوضيح. قوله: (وفي المدونة) أي وهو
المعتمد فلا يجوز اخراجها قبله بثلاثة أيام، وما في الجلاب ضعيف وإن كان موافقا لما في الموطأ
قوله: (سواء دفعها بنفسه) أي للفقراء أو دفعها لمن يفرقها. قوله: (تأويلان) الراجح منهما الأول وهو فهم
اللخمي المدونة وعليه الأكثرون، والثاني فهم ابن يونس. قوله: (وإلا أجزأ اتفاقا) أي لان لدافعها
إن كانت لا تجزيه أن ينتزعها فإذا تركها كان كمن ابتدأ دفعها حينئذ. قوله: (ولا تسقط بمضي زمنها)
أي ولا يسقط طلبها بمضي زمنها مع يسره فيه بل يخرجها لماضي السنين عنه وعمن تلزمه عنه،
وأما لو مضى زمنها وهو معسر فيه فإنها تسقط عنه، والمراد بزمنها زمن وجوبها وهو أول ليلة
العيد أو فجره. قوله: (فتدفع لمالك نصاب) أشار بهذا إلى أن المراد بالفقراء هنا فقراء الزكاة وهو
المشهور، وقيل: إنما تدفع لعادم قوت يومه والأول قول أبي مصعب وشهره ابن شاس وابن
الحاجب، والثاني قول اللخمي وإذا لم يوجد في بلدها فقراء نقلت لأقرب بلد فيها ذلك بأجرة من المزكي
508

لا منها لئلا ينقص الصاع هذا إن أخرجها المزكي، فإن دفعها للامام ففي نقله لها لأقرب البلاد لبلدها حين
فقدهم منها بأجرة منها أو من الفئ قولان قاله أبو الحسن على المدونة. قوله: (دفعها لزوجها الفقير) إنما جزم هنا
بجواز دفعها لزوجها الفقير دون زكاة المال فإن فيها قولين: بالمنع والكراهة للفرق بقلة النفع بالنسبة
لزكاة المال. قوله: (بخلاف العكس) أي فلا يجوز ولو كانت الزوجة فقيرة لان نفقتها تلزمه ومن أيسر بعد
أعوام لم يقضها اه‍ عبق. باب في الصيام
قوله: (عن شهوتي البطن والفرج) يبطل طرد هذا التعريف بما إذا جومعت نائمة أو قاء متعمدا، فالتعريف
يقتضي صحة صومه لامساك كل عن شهوتي البطن والفرج وليس كذلك. قوله: (فله ركنان) أي
الامساك والنية وإنما كانا ركنين لدخولهما في ماهيته ومفهومه. وأما شروط وجوبه فالإطاقة
والبلوغ وشروط صحته الاسلام والزمان القابل للصوم. وأما شروط وجوبه وصحته فالعقل وعدم
الحيض والنفاس ومجئ شهر رمضان. قوله: (أي يتحقق في الخارج) سواء حكم بثبوته حاكم أو لا.
قوله: (وكذا ما قبله) أي وكذا بكمال ما قبله وهو رجب ثلاثين وكذا ما قبل رجب، وقوله: إن غم شرط
في كمال كل شهر ثلاثين أي إذا كانت السماء ليلة الثلاثين مغيمة في آخر كل شهر، وأما إذا كانت السماء
مصحية فلا يتوقف ثبوته على إكمال ثلاثين بل تارة يثبت بذلك إن لم ير الهلال وتارة يثبت برؤية الهلال
ليلة الثلاثين فيكون شعبان أو غيره حينئذ تسعة وعشرين يوما كما سيأتي يقول أو برؤية عدلين
للهلال. قوله: (لا بحساب نجم) عطف على قوله بكمال شعبان، وقوله: وسير قمر تفسير وقوله على المشهور
خلافا لمن قال إنه يثبت بحساب سير القمر، وإذا ثبت بالحساب أن قوس القمر في تلك الليلة مرتفع بحيث
أنه يرى ثبت الشهر وإلا فلا، والثبوت بالنسبة لذلك الحاسب لسير القمر ولمن يصدقه في حسابه
وهذا القول الضعيف هو مذهب الشافعي. قوله: (أناط الحكم) أي الذي هو ثبوت الشهر قوله: (تسعة
وعشرون) قيل إنه محمول على الغالب فيه لقول ابن مسعود رضي الله عنه: صمنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين أخرجه أبو داود والترمذي. وقد صام صلى الله عليه
وسلم تسعة أعوام منها عامان ثلاثون وسبعة أعوام كل عام تسعة وعشرون، ومعناه أن الشهر يكون
تسعة وعشرين، وهكذا وقع في حديث أم سلمة في البخاري. قوله: (فلا تصوموا حتى تروا الهلال)
أي ليلة ثلاثين. قوله: (فإن غم عليكم) بضم المعجمة وتشديد الميم أي حال بينكم وبينه غيم ليلة الثلاثين
قوله: (فاقدروا له) بضم الدال وكسرها وهمزته همزة وصل أي فأتموه ثلاثين وهذا محط الاستدلال بالحديث،
وعلم مما قلناه أن المراد بإقداره إتمامه ثلاثين، وأن اللام في قوله زائدة مثل ردف لكم وإتيان التقدير بمعنى
التمام واقع بكثرة قال تعالى: * (قد جعل الله لكل شئ قدرا) * أي تماما. قوله: (فأكملوا عدة شعبان) أي ثلاثين ليلة.
قوله: (وهي مفسرة لما قبلها) أي لما علمت أن الاقدار يأتي بمعنى الاتمام والاكمال. قوله: (ويقضون إن تبين
لهم خلاف ما هم عليه) أي كما إذا تبين أن شعبان تسعة وعشرون وأن رمضان كامل فإنهم يقضون يوما،
وإذا تبين نقص رجب وشعبان وكمال رمضان قضوا يومين قال عج: ينبغي أن يقيد قول المصنف بكمال
شعبان بما إذا لم تتوال أربعة أشهر قبل شعبان على الكمال وإلا جعل شعبان ناقصا لأنه لا يتوالى خمسة
أشهر على الكمال، كما لا يتوالى أربعة على النقص عند معظم أهل الميقات اه‍. وهذا ضعيف والمعتمد أنه إذا
غم ليلة ثلاثين من شعبان لم يثبت رمضان إلا بكمال شعبان وإن توالى قبله أربعة كوامل أو ثلاثة نواقص،
ولا عبرة بقول أهل الميقات اه‍ عدوي. واعلم أنه إذا كانت السماء مصحية ليلة إحدى وثلاثين من
شعبان وقد كان هلاله ثبت برؤية عدلين من رجب فإن رمضان حينئذ لا يثبت بكمال
شعبان لتكذيب الشاهدين أولا. ولا يصح أن يقيد كلام المصنف بهذا
509

لان هذا لم يكمل فيه شعبان بدليل تكذيبهما. قوله: (على المشهور في الكل) خلافا لابن الماجشون في
الأول ولأشهب في الثاني ولابن مسلمة في الثالث قوله: (أي فلا يجب على من سمع العدل) أي سمعه يخبر
بأنه رأى الهلال. قوله: (أي ويعم) ثبوته البلاد والأقطار. قوله: (ولا يعم) أي ولا يعم ثبوته برؤيتهما
بل إنما يجب الصوم في حق من أخبراه بالرؤية أو سمعهما يخبران غيره بها كما مر قوله: (إلا إذا نقل إلخ)
أي فكل من نقل إليه بعدلين عنهما وجب عليه الصوم. قوله: (ولو ادعيا إلخ) أي هذا إذا ادعيا الرؤية
في غيم أو في صحو ببلد صغيرة، بل ولو ادعيا الرؤية بصحو بمصر كما هو قول مالك وأصحابه، قال ابن
رشد: وهو ظاهر المدونة وظاهره ولو ادعيا الرؤية في الجهة التي وقع الطلب فيها من غيرهما، ورد المصنف
بلو قول سحنون بردهما للتهمة ابن بشير هو خلاف في حال أن نظر الكل إلى صوب واحد ردت وإن
انفردا بالنظر إلى موضع ثبتت شهادتهما، وعده ابن الحاجب قولا ثالثا واعترضه في التوضيح.
قوله: (فإن ثبت برؤيتهما ولم ير لغيرهما بعد ثلاثين صحوا) ليس هذا مفرعا على شهادة الشاهدين في الصحو
والمطر فقط كما قيل بل هو أعم من ذلك أي سواء كانت رؤيتهما مع الغيم أو الصحو كان البلد صغيرا
أو كبيرا، وكذا قال ابن غازي وأشار بقوله كما قيل لابن الحاجب وشراحه حيث فرعوه على المشهور فيما
قبله، واعترض ح إطلاق ابن غازي بأن أمر الشاهدين مع الغيم أو صغر المصر يحمل على السداد.
قوله: (بعد ثلاثين) أي ليلة إحدى وثلاثين. وقوله: كذبا أي وحينئذ فيصام الحادي والثلاثون. والحاصل
أن تكذيبهما مشروط بأمرين: عدم رؤيته لغيرهما ليلة إحدى وثلاثين، وكون السماء صحوا في تلك
الليلة، فلو رآه غيرهما ليلة إحدى وثلاثين أو لم يره أحد وكانت السماء غيما لم يكذبا، ووقع النزاع في أمر ثالث
هل يشترط في تكذيبهما أن تكون رؤيتهما بصحو بمصر فإن كانت بغيم أو بصحو في بلد صغير
لم يكذبا أو يكذبان مطلقا كانت رؤيتهما بصحو أو غيم كانت البلد صغيرا أو مصرا. الأول لشراح
ابن الحاجب واختاره ح، والثاني لابن غازي، ومثل العدلين في كونهما يكذبان بالشرطين المذكورين
ما زاد عليهما ولم يبلغ عدد المستفيضة، وأما الجماعة المستفيضة فلا يتأتى فيهم ذلك لإفادة خبرهم القطع،
والظاهر أنه إن فرض عدم الرؤية بعد الثلاثين من إخبارهم بالرؤية دل على أن شرط الاستفاضة لم
يتحقق فيهم وحينئذ فيكذبون، والنية أول الشهر مع التكذيب صحيحة للعذر ولخلاف الأئمة لان
الشافعي يقول: لا يكذب العدلان ويعمل في الفطر على رؤيتهما أولا. وظاهر كلام المصنف أنهما
يكذبان ولو حكم بشهادتهما حاكم وهو كذلك حيث كان مالكيا، أما لو كان الحاكم بهما شافعيا
لا يرى تكذيبهما فإنه يجب الفطر. قوله: (وأما شهادتهما إلخ) الأوضح أن يقول كذبا في شهادتهما
ولو رؤي لهما إذ شهادتهما برؤيته بعد الثلاثين صحو كالعدم لاتهامهما على ترويج شهادتهما
الأولى. قوله: (مستفيضة) أي منتشرة. وقوله: لا يمكن إلخ اعلم أن الخبر المستفيض وقع فيه
خلاف، فالذي ذكره ابن عبد السلام والتوضيح أنه المحصل للعلم أو الظن وإن لم يبلغ الذين أخبروا به
عدد التواتر، والذي لابن عبد الحكم أن الخبر المستفيض هو المحصل للعلم لصدوره ممن لا يمكن
تواطؤهم على باطل لبلوغهم عدد التواتر، واقتصر على هذا ابن عرفة والآبي والمواق وكذا
شارحنا، فالأول أعم من الثاني، فقول الشارح: لا يمكن تواطؤهم إلخ أي لبلوغهم عدد التواتر
قوله: (وعم الصوم) أي وعم وجوبه سائر البلاد القريبة والبعيدة إن نقل بهما عنهما وأولى
إن نقل بهما عن الحكم برؤية العدلين أو الجماعة المستفيضة خلافا لعبد الملك القائل: إذا نقل بهما
على الحكم فإنه يقصر على من في ولايته. وقال أبو عمر بن عبد البر: إن النقل سواء كان عن حكم
أو عن رؤية العدلين أو الجماعة المستفيضة إنما يعم البلاد القريبة لا البعيدة جدا وارتضاه ابن
عرفة انظر ح. ويمكن أن يكون مراد الشارح بالبعيد البعيد لا جدا فيكون ماشيا على ذلك القول.
510

قوله: (ولا يكفي نقل واحد عن واحد) أي بأن ينقل واحد عن أحد العدلين وينقل واحد آخر
عن العدل الآخر قوله: (بشرطه) وهو أن ينقل عن كل واحد اثنان ليس أحدهما أصلا. قوله: (وظاهر ابن
عبد السلام) هو بالرفع عطفا على مقتضى القواعد. قوله: (وكيف إلخ) استفهام إنكاري بمعنى النفي.
وقوله لمن بلغه إلخ أي بالسماع منهم. قوله: (فالقول) مبتدأ. وقوله بعد مما لا وجه له خبر قوله: (والحالة هذه)
أي والحال أنه نقل عن رؤية العدلين عدلان. قوله: (وإنما يخص) أي وجوب الصوم من رأى وهو
العدلان. وقوله: ومن سمع منه أي ممن رأى وهما الناقلان. قوله: (إذا حكم حاكم) أي بثبوته ونقل ذلك
الحكم. وقوله: أو ثبت عنده أي أو ثبت عند الحاكم بعدلين أو جماعة مستفيضة ولم يحكم ونقل ذلك
الثبوت. قوله: (وأما النقل عن الحكم بثبوت الهلال برؤية العدلين) أي أو الجماعة المستفيضة وقد
تحصل من كلام الشارح أن صور النقل ستة لأنه إما عن رؤية العدلين أو عن رؤية المستفيضة أو عن
الحكم، والناقل في الثلاث إما عدلان أو مستفيضة وكلها تعم ويشملها كلام المصنف لان قوله وعم أن
نقل بهما عنهما أي وأولى إن نقل بهما عن الحكم، وأما إن كان الناقل عدلا فإن نقل رؤية العدلين كان
نقله غير معتبر، وإن نقل ثبوته عند الحاكم وإن لم يحصل منه حكم أو نقل ثبوته برؤية المستفيضة فإنه يعم
كل من نقل إليه كما سيأتي ذلك للشارح. والحاصل أن الأقسام ثلاثة: نقل عن الحاكم أو عن المستفيضة
أو عن العدلين، فالتعدد شرط في الأخير دون الأولين، والمراد بالنقل عن الحاكم ما يشمل النقل لحكمه
أو لمجرد الثبوت عنده. قوله: (لا برؤية منفرد إلخ) أشار الشارح بتقدير رؤية إلى أنه مخرج من الرؤية
لا من النقل فهو عطف على قوله عدلين من قوله أو برؤية عدلين، وإنما صرح به مع الاستغناء عنه بقوله
عدلين لأنه مفهوم عدد وهو غير معتبر، ولأجل أن يرتب عليه ما بعده من الاستثناء قوله: (إلا كأهله)
أي إلا بالنسبة لأهله ولمن لا اعتناء لهم بأمر الهلال سواء كانوا أهله أو كانوا غيرهم قوله: (ولو عبدا) أي
ولو كان ذلك المنفرد عبدا قوله: (حيث ثبتت العدالة) أي عدم الاشتهار بالكذب. قوله: (مطلقا) أي
سواء كان أهلا أو غيره وكذا يقال فيما بعد. قوله: (وليس عطفا) أي وليس قوله: لا بمنفرد عطفا على
قوله: إن نقل بهما. قوله: (على المعتمد) أي كما هو قول ابن بشير وأبي بكر بن عبد الرحمن وحكاه عن ابن
حبيب وصوبه ابن رشد وابن يونس ولم يحك اللخمي والباجي غيره، ومقابله لأبي عمران قال: لا يثبت
بنقله إلا بالنسبة لأهله الذين لا اعتناء لهم بأمره انظر ح. قوله: (فلا يعتبر) أي كما نقله ح عن ابن عبد السلام
اللهم إلا أن يرسل ليكشف الخبر فيكون كالوكيل سماعه بمنزلة سماع المرسلين له وحينئذ فيجب عليهم
الصوم على خلاف في ذلك قاله في المج. قوله: (والمختار) أي والمختار عند اللخمي على العدل والمرجو
أو غيرهما الرفع لأجل فتح باب الشهادة أو أن قوله: أو غيرهما عطف على عدل السابق عطف تلقين
قوله: (المنكشف) أي الظاهر الفسق للناس. قوله: (وظاهره أنه يجب عليه) أي على الفاسق الرفع كما يجب
على العدل ومجهول الحال. قوله: (لم يختره) أي القول بوجوب الرفع. قوله: (بالندب) أي بندب
رفع الفاسق بخلاف العدل ومجهول الحال فإن رفعهما واجب اتفاقا. قوله: (أي في القدر المشترك إلخ)
511

أي فهو من عموم المجاز. قوله: (فتأويلان في الكفارة وعدمها) قال في التوضيح: وهذا خلاف في حال
هل هذا تأويل قريب أو بعيد؟ قوله: (وكذا لو أفطر من ذكر) أي وهو العدل والمرجو وغيرهما
قوله: (والمعتمد) أي من التأويلين في كلام المصنف. وقوله: وجوب الكفارة أي إذا أفطر من ذكر من
غير رفع للحاكم قوله: (لا بمنجم) وهو الذي يحسب قوس الهلال هل يظهر في تلك الليلة أو لا؟ وظاهره
أنه لا يثبت بقول المنجم ولو وقع في القلب صدقه وهو كذلك خلافا للشافعية وذلك لأننا مأمورون
بتكذيبه لأنه ليس من الطرق الشرعية. قوله: (وأما فطره بالنية فواجب) لكنه لا يخبر به أحدا، فإن أخبر
به أحدا كان كمن تعاطى المفطر ظاهرا فيوعظ إن كان ظاهر الصلاح وإلا عزر. قوله: (إلا بمبيح) أي
إلا إذا كان المنفرد برؤية هلال شوال متلبسا بعذر مبيح للفطر من مرض أو حيض أو سفر فيجب عليه
الفطر ظاهرا كما يجب عليه بالنية عند عدم العذر كذا في خش ومثله في ح عن ابن عبد السلام وهو
مشكل، إذ لم لا يقال: إن الفطر بالنية يكفي إذ الذي يحرم يوم العيد هو الصوم والفطر بالنية مناف له اه‍ بن
قوله: (وفي تلفيق إلخ) القول بالضم بينهما تخريج لابن رشد، والقول بعدم الضم ليحيى بن عمر ورجحه
ابن زرقون وشهره ابن راشد فكان ينبغي للمؤلف أن يقتصر عليه انظر ح. قوله: (وجب الفطر) أي
إن كان ذلك في شوال لأنهما اتفقا على أن ذلك اليوم من الشهر الثاني، ولا يلزم قضاء اليوم الأول لان
الشهر قد يكون تسعة وعشرين. قوله: (وجب قضاء اليوم الأول) أي لان شهادة الثاني مصدقة
للأول إذ لا يمكن رؤيته بعد ثمانية وعشرين يوما. قوله: (ولم يجز الفطر) أي لان شهادة الأول
لا توجب كون هذا اليوم من شوال لجواز كون الشهر كاملا. قوله: (ولزومه بحكم المخالف) حاصله
أن المخالف إذا حكم بثبوت شهر رمضان أو بوجوب صومه بشهادة شاهد فهل يلزم المالكي الصوم
بهذا الحكم لأنه حكم وقع في محل يجوز فيه الاجتهاد وهو العبادات؟ وهذا قول ابن راشد القفصي.
أو لا يلزم المالكي صومه لأنه إفتاء لا حكم لان حكم الحاكم لا يدخل العبادات وحكمه فيها
بعد إفتاء فليس الحاكم أن يحكم بصحة صلاة أو بطلانها وإنما يدخل حكمه حقوق العباد من
معاملات وغيرها؟ وهذا قول القرافي وهو الراجح عند الأصوليين، والقرافي شيخ ابن راشد
كما نص عليه هو أوائل شرحه على ابن الحاجب، وذكره ابن فرحون في الديباج لا تلميذه خلافا لما
في تت وخش. وللناصر اللقاني قول ثالث في المسألة وهو أن حكم الحاكم يدخل العبادات تبعا
لا استقلالا، فعلى هذا إذا حكم بثبوت الشهر لزم المالكي الصوم لا إن حكم بوجوب الصوم قاله شيخنا.
واعلم أنه إذا قيل بلزوم الصوم للمالكي وصام الناس ثلاثين يوما ولم ير الهلال وحكم الشافعي بالفطر
فالذي يظهر أنه لا يجوز للمالكي لان الخروج من العبادات أصعب من الدخول فيها كما قاله الشيخ
سالم السنهوري. قوله: (ولو قبل الزوال) أي خلافا لمن قال: إن رؤي قبله فللماضية فيجب الامساك إن
وقع ذلك في آخر شعبان والفطر إن وقع ذلك في آخر رمضان، وإن رؤي بعده فهو لليلة القابلة فيستمر
على الفطر إن كان في آخر شعبان وعلى الصوم إن كان في آخر رمضان. قوله: (للقابلة) أي لليلة المقبلة
512

لا للماضية، وعلم من قوله: فيستمر إلخ أنه لا فرق بين هلال رمضان وغيره خلافا لمن خصه بهلال شوال اه‍ خش.
قوله: (وإن ثبت رمضان) أي بوجه مما سبق كأن يثبت بالنقل أنه رأى الهلال في الليلة الماضية
عدلان أو جماعة مستفيضة أو حكم حاكم بثبوته. قوله: (أمسك) أي ويجب القضاء ولو بيت النية لعدم الجزم
بالمنوي. واعلم أنه إذا ثبت نهارا وأمسك فإنه يمسك من غير نية صوم لان نية الصوم وقتها لا بد
أن يكون بعد الغروب، فإن نوى نهارا كانت كالعدم فعلى هذا لو أمسك بعد ثبوت الشهر نهارا ونوى
صوم رمضان في ذلك الوقت عند إمساكه ولم يجدد تلك النية في بقية الشهر كان صومه كله باطلا، وأما
قول صاحب الرسالة والنية قبل ثبوت الشهر باطلة حتى أنه لو أصبح لم يأكل ولم يشرب ثم تبين أن ذلك
اليوم من رمضان لم يجزه فمفهوم قوله قبل ثبوت الشهر أنها صحيحة بعد ثبوته، يعني إذا وقعت في محلها
بأن كانت بعد الغروب كذا قرر شيخنا. قوله: (بعلمه) الباء للسببية والمراد بالحكم وجوب الامساك.
قوله: (فلا كفارة) أي لان اعتقاده المذكور وإن كان فاسدا تأويل قريب. قوله: (وإن غيمت) الصواب
ضبطه بتشديد الياء مبنيا للفاعل كما في القاموس والمصباح. قوله: (يوم الشك) أي صبيحة يوم الشك
للشك في كونه من رمضان أو من غيره. وقوله: كان أي صبيحة تلك الليلة. قوله: (واعترضه) أي اعترض
كلام المصنف الذي عبر به ابن الحاجب. قوله: (جزما) أي وحينئذ فلا وجه لتسميته يوم الشك
قوله: (فالوجه أن يوم الشك إلخ) حاصله أن يوم الشك صبيحة الثلاثين إذا كانت السماء صحوا وتحدث فيها
بالرؤية من لا يثبت به كعبد أو امرأة وذلك لأن عدم رؤيته إذا كانت السماء مصحية مع انضمام حديث
من لا يثبت به، وقولهم أنه رؤي مثير للشك بخلاف عدم الرؤية ليلة الثلاثين مع الغيم فإنه لا يثير شكا لان
صبيحة تلك الليلة من شعبان جزما أخذا من الحديث. قوله: (أي أذن فيه) أعم من أن يكون الاذن على
جهة الندب كما في قوله عادة أو تطوعا أو على جهة الوجوب كما في قوله: وقضاء. قوله: (وتطوعا) أي على
المشهور خلافا لابن مسلمة القائل بكراهة صومه تطوعا، ويؤخذ من قوله وتطوعا جواز الصوم تطوعا
في النصف الثاني من شعبان خلافا للشافعية القائلين بالكراهة، واستدلوا بحديث: لا تقدموا رمضان
بصوم يوم أو يومين إلا رجلا كان يصوم صوما فليصله أي كأن يصوم صوما معتادا له فيستمر فيه على ما
كان. وأجاب القاضي عياض بأن النهي في الحديث محمول على التقديم بقصد تعظيم الشهر، كما أن
الرواتب القبلية في الصلاة إذا قصد بها تعظيم الفريضة بعدها تكره. قوله: (فحصلت المغايرة) أي فاندفع
ما يقال: إن ما صيم عادة تطوع فالمتعاطفان غير متغايرين مع أن العطف يقتضي المغايرة، وحاصل الجواب
أن الأول تطوع معتاد والثاني تطوع غير معتاد. قوله: (قال مالك هو الذي أدركت عليه أهل العلم) أي
جواز صوم يوم الشك تطوعا لا لعادة. قوله: (وقضاء عن رمضان السابق) ويجزئه إن لم يثبت أنه من
رمضان الحاضر وإلا فلا يجزئه عن رمضان الحاضر ولا الفائت، ويلزمه قضاء يوم لرمضان الحاضر وقضاء
يوم لرمضان الفائت، فلو شرع في صومه قضاء عما في ذمته وتذكر في أثناء اليوم أنه قد قضى ما في ذمته فقال
ابن القاسم: لا يجوز له الفطر فإن أفطر فهل يقضيه أو لا؟ قولان لابن القاسم وأشهب وصوب الثاني لأنه
إنما التزمه ظنا أنه عليه. قوله: (وكفارة عن هدي) الأولى وكفارة عن ظهار أو قتل أو يمين لان الصيام من
جزئيات الهدي والفدية لا أنه كفارة عنهما اه‍ عدوي. قوله: (وكذا نذرا غير معين) أي وكذا يجوز
صومه إذا كان نذرا غير معين كأن يقول: لله علي صوم يوم فصام يوم الشك، وإذا صامه وثبت أنه من
رمضان لم يجزه عنهما على المشهور وقضى ما في ذمته ويوما عن رمضان الحاضر اه‍ خش. قوله: (ولنذر
صادف) أي وأما لو نذر صومه تعيينا بأن نذر صوم يوم الشك من حيث هو يوم الشك سقط لأنه نذر
513

معصية انظر ح. وقال شيخنا العدوي: الحق أنه يلزمه صومه، ألا ترى أنه يجوز صومه تطوعا وإن لم يكن
له عادة؟ وحينئذ فالمعول عليه مفهوم قول المصنف لا احتياطا لا مفهوم قوله صادف. قوله: (كنذر يوم خميس
أو يوم قدوم زيد) أي فصادف أن يوم الخميس أو يوم قدوم زيد يوم الشك فيجوز له صومه ويجزئه عن
النذر إن لم يثبت أنه من رمضان، وإلا لم يجزئه عن واحد منهما وعليه قضاء يوم لرمضان الحاضر فقط،
ولا قضاء عليه للنذر لكونه معينا فات وقته بغير اختياره. قوله: (وأجزأه) أي إذا صامه قضاء عن
رمضان الفائت أو لكونه نذرا صادف، وقوله عن واحد منهما أي من رمضان الحاضر والفائت إذا
صامه قضاء عن رمضان ولا عن رمضان الحاضر والنذر إذا كان صامه لنذر صادف. قوله: (ويوم
للفائت) أي لرمضان الفائت وهذا فيما إذا صامه قضاء عن رمضان الفائت. قوله: (ولا قضاء عليه للنذر)
أي إذا صامه لنذر صادف. قوله: (لا احتياطا) أي لا يصام احتياطا وإذا صامه وصادف أنه من رمضان
فلا يجزئه لتزلزل النية. قوله: (أي يكره على الراجح) أي ولا يرد قول عائشة: من صام يوم الشك فقد
عصى أبا القاسم لان ظاهره غير مراد بل كنى بالعصيان عن شدة الكراهة. قوله: (وندب إمساكه) أي
يوم الشك أي ندب الامساك فيه. قوله: (بقدر ما جرت العادة فيه بالثبوت) أي ثبوت الشهر من
المارين في الطريق من السفارة وذلك بارتفاع النهار. قوله: (لتزكية شاهدين) يعني لو شهد اثنان برؤية
الهلال واحتاج الامر إلى تزكيتهما فإنه لا يستحب الامساك لأجل التزكية، وهذا مقيد بما إذا كان في
تزكيتهما طول كما في الرواية، وأما إن كان ذلك قريبا فاستحباب الامساك متعين كما قال ح بل هو
آكد من الامساك في الفرع السابق. واعلم أنه إذا كانت الشهادة بالرؤية نهارا أو ليلا وكانت السماء
مصحية وأخر أمر التزكية للنهار فلا إمساك أصلا ولا يجب تبييت الصوم، وإن كانت السماء مغيمة وأخر
أمر التزكية للنهار فالمنفي إنما هو الامساك الزائد على ما يتحقق فيه الامر، وإن زكيا بعد ذلك أمر
الناس بالامساك والقضاء، وإن كان في الفطر بأن رأيا هلال شوال واحتاج الامر للتزكية فصام الناس
ثم زكيا بعد ذلك فلا إثم عليهم فيما صاموا. قوله: (زيادة على الامساك للثبوت) هذا إنما يحتاج إليه كما في
بن تبعا لح إذا كان اليوم يوم شك بأن كان صبيحة غيم، فإن لم يكن يوم شك بأن كان صبيحة صحو
فلا إمساك أصلا، وكذا إن شهدا نهارا فلا إمساك أصلا كما علمت. قوله: (أو زوال عذر) محصل كلامه
أنه إذا كان مفطرا لأجل عذر يباح لأجله الفطر مع العلم برمضان ثم زال عذره فلا يستحب له الامساك،
فإذا زال الحيض أو النفاس في أثناء نهار رمضان أو انقضى السفر أو زال الصبا وبلغ في أثناء نهار
رمضان أو زال الجنون أو الاغماء أو قوي المريض المفطر أو زال اضطرار المضطر للأكل
أو الشرب فلا يستحب لهم الامساك ويجوز لهم التمادي على تعاطي المفطر. قوله: (مع العلم) متعلق بمباح
أي أبيح لأجله الفطر مع العلم لا بزوال اه‍ عدوي. قوله: (من جوع) أي من أجل جوع إلخ
قوله: (وصبي) أي بيت الفطر كما هو الموضوع. قوله: (عن الناسي) أي عمن أفطر ناسيا قوله: (فيجب
الامساك) أي لان كلا من النسيان والشك عذر يباح لأجله الفطر لكن لا مع العلم برمضان
قوله: (كصبي بيت الصوم إلخ) أي فيجب عليه الامساك لانعقاد الصوم له نافلة كما في ح. قوله: (أو أفطر
ناسيا) أي قبل بلوغه فيجب عليه بعده الامساك. قوله: (ولا قضاء) أي في هاتين السورتين اللتين
يجب فيهما الامساك. قوله: (وأورد على منطوقه المكره على الفطر) أي فإن الاكراه عذر
يباح لأجله الفطر مع العلم برمضان مع أن المكره على الفطر لا يباح له الفطر بعد زوال
الاكراه. قوله: (وعلى مفهومه) أي بالنظر لقوله مع العلم برمضان، وحاصله أن الجنون عذر يباح
لأجله الفطر لكن لا مع العلم برمضان، ومع ذلك إذا أفاق المجنون يباح له الفطر بعد زوال عذره.
514

قوله: (مع أنه يعلم إلخ) أي لكونه لا تمييز عنده قوله: (بأن فعلهما) أي فعل المجنون والمكره قبل زوال
العذر لا يتصف بإباحة ولا غيرها أي وحينئذ فالفطر الحاصل منعهما قبل زوال العذر، لا يقال فيه إنه
لعذر يباح معه الفطر لأنه يقتضي أن فطرهما مباح وليس كذلك فلم يدخلا في كلامه. والحاصل أنا
لا نسلم أن المجنون والمغمى عليه والمكره من أهل الإباحة فكل منهم وإن كان له عذر لكنه غير مبيح
للفطر مع العلم بخلاف المضطر فهو مكلف وعذره مبيح لاختياره، وحينئذ فالمجنون والمغمى عليه
والمكره لم يدخلوا في منطوق يباح له الفطر ولا في مفهومه. قوله: (لم تبيت الصوم) لا مفهوم له بل له وطؤها
ولو بيتته لأنها لا تؤمر بالصوم لا وجوبا ولا ندبا كذا قرر شيخنا، ولا يقال هي وإن لم تؤمر بالصوم
لا وجوبا ولا ندبا لكن إذا بيتته انعقد تطوعا كما مر عن ح. لأنا نقول: سيأتي للمصنف أنه ليس للمرأة
التي يحتاج لها زوجها أن تتطوع بالصوم بغير إذنه فإن تطوعت به بغير إذنه كان له إفساده عليها
قوله: (أو كافرة) قال عبق: ولو صائمة في دينها وفيه نظر بل إذا كانت صائمة في دينها لا بفطرها، ففي سماع
أصبغ من ابن القاسم أن النصرانية إذا كانت صائمة في دينها لا يفطرها زوجها المسلم قال ابن رشد: وهذا
مما لا اختلاف فيه إذ ليس له أن يمنعها من التشرع بدينها اه‍ بن قوله: (عن فضول الكلام) أي عن
الكلام الفاضل الزائد على الحاجة من المباح فخرج ذكر الله. قوله: (قبل الصلاة) أي قبل صلاة المغرب كما
قال مالك لان تعلق القلب به يشغل عن الصلاة ثم يتعشى بعدها، وأما حديث: إذا حضر العشاء والعشاء
فابدؤوا بالعشاء فلم يأخذ به مالك لعمل أهل المدينة على خلافه وأخذ به الشافعي، وحمل العشاء على ظاهره
من الأكل الكثير، وحمله بعض المالكية على الأكل الخفيف الذي لم يطل كثلاث تمرات أو زبيبات
فهو مخالف لما قاله مالك. قوله: (فتمرات) أي فما في معناه من الحلويات لان السكر وما في معناه من
الحلاوة يقدم على الماء والتمر يقدم على ما ذكر. قوله: (حسوات) جمع حسوة كمدية ومديات والفتح في
الجمع لغة والحسوة ملء الفم من الماء قوله: (وكون ما ذكر وترا) ظاهره ولو واحدة وهو كذلك فهي أفضل
من الاثنين والثلاث أولى منهما. قوله: (وندب أن يقول) أي بعد فطره على ما ذكر قوله: (وتأخير
السحور) هو بالضم الفعل وبالفتح ما يؤكل آخر الليل، والمراد هنا الأول لقرنه بالفطر ولأنه الموصوف
بالتأخير، وقوله: وتأخير السحور أي للثلث الأخير من الليل، ويدخل وقت السحور بنصف الليل الأخير
وكلما تأخر كان أفضل، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤخره بحيث يكون ما بين فراغه
منه وبين الفجر قدر ما يقرأ القارئ خمسين آية، وعلم مما قلناه أن الأكل قبل نصف الليل ليس سحورا.
قوله: (وصوم بسفر) أي يندب للمسافر أن يصوم في سفره المبيح للفطر وسيأتي شروطه لقوله تعالى:
* (وان تصوموا خير لكم) * ويكره الفطر، وأما قصر الصلاة فهو أفضل من إتمامها وذلك لبراءة الذمة
بالقصر وعدم براءتها بالفطر. فإن قلت: ما ذكره المصنف من ندب الصوم بالسفر يعارضه قوله صلى الله
عليه وسلم: ليس من البر الصيام في السفر قلت: الحديث محمول على صوم النفل أو الفرض إذا شق ويروى
الحديث باللام والميم. قوله: (وإن علم دخوله بعد الفجر) أي أول النهار قوله: (وهو يكفر سنتين إلخ) أي كما
ورد بذلك الحديث الصحيح قال بعضهم: يؤخذ منه أن من صام يوم عرفة لا يموت في العام القابل لان
التكفير يشعر بحياته وصدور ذنوب منه فتأمل. ثم إن قوله: وندب صوم يوم عرفة إلخ المراد تأكد الندب وإلا
فالصوم مطلقا مندوب. قوله: (واليوم الثامن) أي وهو يوم التروية. وقوله: يكفر أي يكفر صومه سنة
ماضية وهذا قول القرافي، وفي ح: إن صومه يكفر شهرا. قوله: (عطف عام على خاص) لأنها شاملة ليوم
515

عرفة وكان الأولى أن يقول: من عطف الكل على الجزء إذ عشر ذي الحجة ليس عاما تأمل. قوله: (تغليب)
أي لأنها تسعة في الحقيقة إذ العاشر وهو يوم العيد لا يصام، والأولى حذف قوله تغليب والاقتصار
على ما بعده إذ لا تغليب هنا. قوله: (من بقية التسع) أي غير الثامن والتاسع وأما هما فقد مر ما يكفره كل
واحد منهما. وقوله: يكفر سنة أي وهو قول القرافي. وقوله: أو شهرين أي وهو قول تت. وقوله: أو
شهرا أي وهو قول ح قوله: (وعاشوراء) هو عاشر المحرم وتاسوعاء تاسعه. قوله: (وقدم عاشوراء) أي
مع أن تاسوعاء سابق في الوجود على عاشوراء. قوله: (لأنه) أي عاشوراء يكفر سنة أي ذنوب سنة من
الصغائر فإن لم يكن صغائر حتت من كبائر سنة وذلك التحتيت موكول لفضل الله فإن لم يكن كبائر رفع
له درجات. قوله: (وندب فيه توسعة إلخ) اقتصر عليها مع أنه يندب عشر خصال جمعها بعضهم في قوله:
صم صل صل زر عالما ثم اغتسل * رأس اليتيم امسح تصدق واكتحل
وسع على العيال قلم ظفرا * وسورة الاخلاص قل ألفا تصل
لقوة حديث التوسعة دون غيرها. قوله: (ورجب) اعترض ح ذكر رجب بما نقله عن ابن حجر بأنه لم
يرد فطر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شئ منه معين حديث صحيح يصلح للحجة انظره ولذا
قال: ولو قال المصنف والمحرم وشعبان لوافق المنصوص اه‍. وبه يعلم أن قول الشارح تبعا لعبق وندب بقية
الأربعة غير المنصوص قال ح: وذكر ابن عرفة في الأشهر المرغب فيها شوالا ولم أره في كلام غيره من
أهل المذهب، لكن وقفت في الجامع الكبير للجلال السيوطي على حديث ما ذكره فيه ونصه: من صام
رمضان وشوالا والأربعاء والخميس دخل الجنة انظر بن. قوله: (وندب قضاؤه) انظر هل ندب
القضاء خاص بما إذا أمسك بقيته، أما إذا لم يمسك فإنه يجب القضاء أو عام فيمن أمسك بقية اليوم
أو أفطر فيه وهو الظاهر من كلامهم كما قال شيخنا قوله: (ولم يجب) أي الامساك مع أن وجوب الامساك
هو مقتضى القاعدة السابقة في قوله: وزوال عذر يباح له الفطر مع العلم برمضان لان الكفار مخاطبون
بفروع الشريعة على الصحيح. قوله: (لم يلزم تتابعه) أي وأما الصوم الذي يلزم تتابعه فتتابع قضائه
واجب ما عدا رمضان. قوله: (وتمتع) سيأتي أن المتمتع يلزمه دم أو صوم عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة
إذا رجع لبلده فقوله: وثلاثة إلخ الأولى حذفه لاغناء التمتع عنها. قوله: (وصيام جزاء) أي إذا قتل
صيدا وهو محرم ولم يكن له مثل من النعم وقوم بطعام وأراد أن يصوم عن كل مد يوما. قوله: (بكصوم
تمتع أو قران) أي إذا عجز عن دم التمتع أو القران مثلا وأراد الصوم قدمه على قضاء رمضان. قوله: (لجواز
تأخير القضاء لشعبان) أي فقضاء رمضان موسع وصوم التمتع وما معه مضيق والقاعدة تقديم المضيق
على الموسع. قوله: (فتأمل) أمر بالتأمل إشارة إلى أن العلة إنما تجري في صوم التمتع لان في صوم
القران وجزاء الصيد ففيها قصور، على أن تلك العلة فيها شئ وهو أنه قد يقال: إن الفصل غير
مضر على أنه قد وقع فيه الفصل بالرجوع لبلده قوله: (وندب فدية لهرم وعطش) ما ذكره
المصنف من ندب الفدية لهما هو المشهور خلافا لما في المواق عن اللخمي من أنه لا شئ
عليهما وللعطش أن يتناول غير الشرب كما تقدم أن المضطر للأكل أو الشرب إذا أكل أو
شرب لا يندب له إمساك بقية اليوم بل له تناول كل شئ خلافا لما نقله ح عن مختصر الوقار أن
المتعطش يشرب إذا بلغ الجهد منه ولا يعدل عن الشرب إلى غيره. قوله: (ولا فدية) أي لا وجوبا
516

ولا ندبا. قوله: (وصوم ثلاثة من الأيام) أي غير معينة وهذا زيادة على الخميس والاثنين لأنهما مستحبان
مستقلان. قوله: (أول يومه إلخ) أي لان الحسنة بعشرة أمثالها، فاليوم الأول بحسنة وهي بصوم عشرة
أيام وحادي عشره أول العشرة الثانية وحادي عشريه أول العشرة الثالثة، فإذا صام أول يوم من كل
شهر وحادي عشره وحادي عشريه فكأنه صام الدهر والحكم للغالب، فلا يرد النقض بأول يوم من
شوال اه‍ تقرير عدوي قوله: (وحادي عشريه) كذا قاله تت لا أوله وعاشره ويوم عشريه كما في
الشارح بهرام عن المقدمات كذا في عبق، قال بن مثله في ح عن المقدمات والذخيرة، ويا للعجب كيف
يكون ما لتت أرجح مما في المقدمات، ويمكن أن يقال: إن ما لتت قد تأيد عند عبق نقلا كما تأيد بما ذكرناه
من المناسبة وقد قالوا: إن الدراية كانت أغلب على ابن رشد من الرواية قوله: (أي أيام الليالي البيض) أي
فقد حذف المضاف للموصوف. وقوله: ثالث عشره أي الشهر وتالياه وصفت الليالي المذكورة
بالبيض لشدة نور القمر فيها. وقوله: وفرارا إلخ الأولى تقديم هذه العلة على قوله مخافة إلخ. قوله: (إذا
قصد صومها بعينها) بأن اعتقد أن الثواب لا يحصل إلا بصومها خاصة. قوله: (وأما إن كان على سبيل
الاتفاق) بأن قصد صيامها من حيث أنها ثلاثة أيام من الشهر اه‍ تقرير عدوي. قوله: (لمقتدى به) خوفا
من اعتقاد العامة وجوبها، وانظر التقييد به مع ما في ح عن مطرف من أنه إنما كره مالك صومها لذي
الجهل خوفا من اعتقاده وجوبها اه‍ بن. قوله: (معتقدا سنة اتصالها) أي معتقدا أن الثواب لا يحصل
إلا إذا كانت متصلة. واعلم أن الكراهة مقيدة بهذه الأمور الخمسة، فإن انتفى قيد منها فلا كراهة،
وعلى هذا يحمل خبر أبي أيوب: من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر الحسنة
بعشرة أمثالها، فشهر رمضان بعشرة أشهر وستة أيام بشهرين تمام السنة اه‍. كذا قال بعضهم وتبعه
شارحنا، وبحث فيه شيخنا بأن قضيته أنه لو انتفى الاقتداء به لم يكره ولو خيف عليه اعتقاد الوجوب
وليس كذلك، وقضيته أيضا أنه لو انتفى إظهارها لم يكره ولو كان يعتقد سنية اتصالها وليس كذلك،
بل متى أظهرها كره له فعلها اعتقد سنية اتصالها أو لا، وكذا إن اعتقد سنيته كره فعلها أظهرها أو لا،
فكان الأولى أن يقال: فيكره لمقتدى به ولمن خاف عليه اعتقاد وجوبها إن صامها متصلة برمضان
متتابعة وأظهرها أو كان يعتقد سنية اتصالها فتأمل. قوله: (ومضغ علك) أشار بهذا إلى أن علك معمول
لمحذوف لا عطف على ملح لان العلك لا يذاق اللهم إلا أن يضمن ذوق معنى تناول تأمل قوله: (ثم يمجه)
يحتمل أنه من تتمة تصوير المسألة، وحينئذ فيقرأ بالنصب لأنه من عطف الفعل على المصدر الصريح،
ويحتمل أن يكون مستأنفا فيقرأ بالرفع أي وإذا وقع ونزل وذاق الملح أو مضغ العلك فيمجه أي
وجوبا، وعليه فإن أمسكه بفيه ولم يبتلع منه شيئا حتى دخل وقت الغروب فهل يأثم أم لا؟ اه‍ عدوي.
قوله: (ومداواة حفر زمنه) مفهومه جواز مداواته ليلا، فإن وصل لحلقه نهارا فهل يكون مثل هبوط
الكحل نهارا أم لا وهو الظاهر لان هبوط الكحل ليس فيه وصول شئ من الخارج إلى الجوف
بخلاف دواء الحفر اه‍ عدوي. قوله: (ولا شئ عليه إن سلم) أي من وصول شئ من الدواء لحلقه.
وقوله: فإن ابتلع منه أي من الدواء المفهوم من مداواة. قوله: (إلا لخوف ضرر) من ذلك غزل الكتان
للنساء إذا كن يرقنه فيكره لهن ذلك ما لم تضطر المرأة لذلك وإلا فلا كراهة، وهذا إذا كان له طعم
يتحلل كالذي يعطن في المبلات، وأما ما كان مصريا أي يعطن في البحر فيجوز مطلقا
كما في ح وغيره، ومن ذلك حصاد الزرع إذا كان يؤدي للفطر كره ما لم يضطر الحصاد لذلك،
وأما رب الزرع فله الخروج للوقوف عليه ولو أدى إلى الفطر لان رب المال مضطر لحفظه
كما في المواق عن البرزلي اه‍ بن قوله: (في تأخيره) أي في تأخير الدواء أي في تأخير استعماله ليلا.
وقوله: وإن لم يحدث منه أي من التألم. قوله: (فيكون لغير الطاعة أقرب) أي وأيضا لان
517

التكرر مظنة الترك. قوله: (ولا مفهوم إلخ) قد يقال: إن المصنف اقتصر على أقل ما يكرر فإذا كان
أقل ما يكرر نذر صومه مكروها كان المكرر أكثر أولى بالكراهة. قوله: (إذ مثله أسبوع) أي كقوله: لله
علي صوم أسبوع من كل شهر، أو لله علي صوم كل رجب، أو لله علي صوم كل عام فيه خصب.
تنبيه: من جملة الصيام المكروه كما قال بعضهم صوم يوم المولد المحمدي إلحاقا له بالأعياد، وكذا
صوم الضيف بغير إذن رب المنزل قاله في المج. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا بأن كان الأسبوع أو الشهر أو
العام معينا فلا كراهة. قوله: (وكره مقدمة جماع) أي لشخص شاب أو لشيخ رجلا كان أو امرأة
قوله: (كقبلة وفكر ونظر) أي ومباشرة وملاعبة، وجمع المصنف بين المثالين لأنه لو اقتصر على القبلة
لتوهم عدم الكراهة في الفكر لأنه دون القبلة، لو اقتصر على الفكر لتوهم أن القبلة حرام لأنها أشد.
ثم إن ظاهر المصنف كراهة الفكر والنظر إذا علمت السلامة ولو كانا غير مستدامين، لكن قال الشيخ
أبو علي المسناوي وكلامه يدل على أن النظر والفكر غير المستدامين لا يكرهان إذا علمت السلامة
خلافا لظاهر المصنف، ثم إن محل كراهة ما ذكر من القبلة والنظر إذا كانا بقصد لذة لا إن كانا بدون
قصدها أو كانت القبلة لوداع أو رحمة وإلا فلا كراهة. ثم إن ظاهر المصنف كراهة المقدمات المذكورة
إذا علمت السلامة وإنه لا شئ عليه ولو حصل إنعاظ وهو رواية أشهب عن مالك في المدونة وهو
المعتمد، وروى ابن القاسم عنه لزوم القضاء، وقال ابن القاسم بالفرق بين المباشرة فيقضي وما دونها فلا
قضاء عليه، وهذا القول أنكره سحنون كذا في بن نقلا عن البيان. قوله: (إن علمت السلامة) أي
أو ظنت، وقوله: وأولى إن علم عدمها أي أو ظن عدمها. واعلم أنه إن أمذى بالمقدمات المذكورة في حالة
الكراهة أو في حالة الحرمة فالقضاء اتفاقا، فإن حصل عن نظر أو فكر من غير قصر ولا متابعة ففيه
قولان أظهرهما أنه لا قضاء عليه، وإن أنزل ففي حالة الحرمة تلزمه الكفارة اتفاقا، وفي حالة الكراهة
ثلاثة أقوال أصحها قول أشهب أنه لا كفارة عليه إلا أن يتابع حتى ينزل، والثاني: قول مالك في المدونة
عليه القضاء والكفارة مطلقا، والثالث: الفرق بين اللمس والقبلة والمباشرة وبين النظر والتفكر، فالانزال
الناشئ عن الثلاثة الأول موجب للكفارة مطلقا، والناشئ عن الأخيرين لا كفارة فيه إلا أن يتابع
ذلك حتى ينزل، وهذا القول هو ظاهر ابن القاسم في المدونة انظر بن، فإن شك في الخارج منه في
حالة العمد أمذي أو مني فالظاهر أنه لا يجري على الغسل لان الكفارة من قبيل الحدود فتدرأ بالشك
خصوصا، والشافعي لا يراها في غير مغيب الحشفة كما هو أصل نصها قاله في المج. قوله: (إن شك في
السلامة) أي من المرض الموجب للفطر قوله: (فإن علمها جازت) أي وكذا إذا ظنها. وقوله: وإن علم
عدمها حرمت أي وكذا إذا ظن عدمها أو أراد بالعلم ما يشمل الظن وكذا يقال فيما بعد. قوله: (فالفرق
إلخ) حاصله أن المريض والصحيح إذا علمت سلامتهما أو ظنت جازت الحجامة لهما، وإن علم أو
ظن عدم السلامة لها حرمت لهما، وفي حالة الشك تكره للمريض وتجوز للصحيح وهذا الذي قاله
الشارح، ومثله في ح عن ابن ناجي قائلا انه المشهور، وظاهر المدونة والرسالة، استواء المريض
والصحيح في الكراهة حالة الشك، ثم إن محل المنع إذا لم يخش بتأخيرها لليل هلاكا أو شديد أذى وإلا
وجب فعلها وإن أدت للفطر ولا كفارة عليه، والفصادة كالحجامة كما قال ح. قوله: (وكره تطوع
بصيام) حاصله أنه يكره التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب كالمنذور والقضاء والكفارة وذلك
لما يلزم من تأخير الواجب وعدم فوريته وهذا بخلاف الصلاة فإنه يحرم كما تقدم، وظاهر المصنف
الكراهة مطلقا، سواء كان صوم التطوع الذي قدمه على الصوم الواجب غير مؤكد أو كان مؤكدا
كعاشوراء وتاسع ذي الحجة وهو كذلك على الراجح، ففي ابن عرفة ابن رشد في ترجيح صوم يوم عرفة
قضاء أو تطوعا ثالثها سواء والأرجح الأول يعني أنه اختلف في صوم يوم عرفة لمن عليه قضاء فقيل إن
518

صومه قضاء أرجح وأفضل من صومه تطوعا وصومه تطوعا مكروه وقيل بالعكس، وقيل هما
سواء لا أرجحية لأحدهما على الآخر، والأرجح القول الأول وهو أول سماع ابن القاسم واختاره
سحنون، والقول الثاني سماع ابن وهب، والقول الثالث آخر سماع ابن القاسم. واعلم أن من عليه قضاء
من رمضانين يبدأ بأولهما ويجزئ العكس كذا في المواق. قوله: (فلا يكره التطوع قبله) أي لأنه لا أثر
له قبل زمنه لعدم اشتغال الذمة به. قوله: (ولا يجوز التطوع في زمنه) أي لتعين الزمان للنذر. قوله: (فإن
فعل لزمه قضاؤه) أي بعد فعل التطوع قال الشيخ سالم: وانظر هل تطوعه صحيح أم لا لتعين الزمن
لغيره؟ اه‍ والظاهر الأول لصلاحية الزمن في ذاته للعبادة، بخلاف التطوع في رمضان لان ما عينه
الشارع أقوى مما عينه الشخص قاله شيخنا. قوله: (كمل الشهور) أي الواجب في حقه أن يكمل كل شهر
ثلاثين يوما، فإذا دخل رمضان على مقتضى ذلك العدد صاموا كذلك ثلاثين. قوله: (كما إذا توالى غيمها)
أي كما إذا توالى الغيم في شهور كثيرة فإنه يكمل كل شهر ثلاثين يوما، فإذا غيمت السماء جماد الآخرة
ورجب وشعبان ورمضان وكمل عدة هذه الشهور ثم تبين له من أهل المعرفة أن الثلاثة الأول ناقصة
قضى ثلاثة أيام لتبين أن الثلاثة التي أفطرها من آخر شعبان من رمضان وأن الثلاثة التي صامها في آخر
رمضان هي يوم العيد وتاليها. قوله: (عرف الأهلة) أي بأن كان يراه لكن لا يعرف هلال أي شهر هو.
وقوله أم لا أي بأن كان محبوسا تحت الأرض ولم يعرف هو في أي شهر. قوله: (وظن شهرا) أي وترجح
عنده شهر أنه رمضان. إن قلت: كيف يحصل له الظن مع أن المصنف فرض المسألة في الالتباس وهو التردد
على حد سواء ولا لبس مع الظن؟ قلت: مراده بالالتباس عدم التحقق أي فإن لم يتحقق شهرا من الشهور
وعدم التحقق صادق بالظن. قوله: (تخير شهر إلخ) هذا إذا تساوت جميع الشهور عنده في الشك فيها كما
في ح، والظاهر أن الأكثر كالكل بل ما زاد على الأربعة كالكل أخذا من تحديدهم اليسير بالثلث في
غير موضع، وأما لو شك في شهر قبل صومه هل هو شعبان أو رمضان أو قطع فيما عداهما بأنه غير رمضان
صام شهرين لان كلا من الشهرين محتمل لكونه رمضان والذمة لا تبرأ إلا بيقين، فإذا صام الشهرين
صادف رمضان ولا محالة، وكذا لو شك هل هو شعبان أو رمضان أو شوال فإنه يصوم شهرين أيضا،
فإذا صامهما فلا بد وأن يصادف رمضان، ولو شك في شهر هل هو شوال أو رمضان صامه فقط، لأنه إن
كان رمضان فلا إشكال، وإن كان شوالا كان قضاء له، نعم يلزمه أن يقضي يوما عن العيد لان القضاء على
احتماله بالعدد، ولو شك هل هو رجب أو شعبان أو رمضان صام ثلاثة أشهر، وكذا يقال في أكثر كما لو
شك هل هو رجب أو شعبان أو رمضان أو شوال، وبالجملة الشك في رمضان وما بعده يكفيه شهر، والشك
في رمضان وما قبله يزيد على ما قبله شهرا، فإذا زاده فإما أن يصادف رمضان أو قضاءه، وما ذكره المصنف
من تخيره شهرا إذا تساوت عنده الاحتمالات ولم يظن شهرا هو المشهور، وقال ابن بشير: يلزمه صوم سنة
قياسا على صلاة أربع في التباس القبلة، وفرق المشهور بعظم المشقة هنا. قوله: (فإن فعل ما طلب منه) أي
من صومه ما ظن أنه رمضان أو ما تخيره. قوله: (فله أحوال أربعة) لأنه إما أن يتبين له أن الشهر الذي
ظنه وصامه أو تخيره وصامه رمضان أو بعده أو قبله أو يستمر باقيا على التباسه وعدم تحققه شيئا
قوله: (مساواتهما بالعدد) بأن تكون أيام ذلك الشهر الذي صامه مساوية لأيام رمضان في العدد قوله: (فإنه
لا يعتد بالعيد وأيام التشريق) أي فيقضي أربعة أيام إن كان رمضان والحجة كاملين أو ناقصين على
ما مر قوله: (لا قبله) أي لا ما صامه قبله فلا يجزئ، فالمعطوف بلا محذوف، وهو ما الموصولة وحينئذ فلا
عاطف لمفرد على مفرد، وظاهر صنيع الشارح أنه من عطف الجمل مع أن لا لا تعطف الجمل إلا أن
يقال: حل الشارح حل معنى لا حل أعراب فتأمل. قوله: (ولو تعددت إلخ) أي هذا إذا كان ذلك في
سنة واحدة باتفاق بل وإن كان في سنين متعددة، فلا يجعل شعبان الثاني قضاء عن رمضان الأول لعدم
519

نية القضاء، ولا قضاء عن رمضان الثاني لتقدمه عليه، فلا بد من قضاء الجميع على المشهور خلافا لعبد
الملك حيث قال بإجزاء ما صامه في العام الثاني قبل رمضان قضاء عن رمضان في العام الأول، والقول
الأول مبني على أن نية الأداء لا تكفي عن نية القضاء، والقول الثاني مبني على أنها تكفي عنها.
قوله: (أو بقي على شكه) أي التباسه وعدم تحققه شهرا فلا يجزئ عند ابن القاسم لاحتمال وقوعه قبله، ولا
تبرأ الذمة إلا بيقين، ويجزئ عند أشهب وابن الماجشون وسحنون ورجحه ابن يونس لان فرضه
الاجتهاد وقد فعل فهو على الجواز حتى ينكشف خلافه وهذا هو المعول عليه، ولم يحك اللخمي خلافه
حيث قال: وإن لم يتبين له شئ ولا حدث له أمر يشككه سوى ما كان عليه أجزأ صومه، وإن شك هل كان
ما صامه رمضان أو بعده؟ أجزأه، وإن شك هل كان رمضان أو قبله قضاء. قوله: (وفي الاجزاء إلخ)
أي وهو ما جزم به اللخمي ونسبه في النوادر لابن القاسم قوله: (وعدمه) أي وهو ما نسبه ابن رشد
لابن القاسم، ووجهه مع أنه إذا تبين أنه بعده يجزئ أن ما صادف من الأداء وما بعده من القضاء
ويغتفر في القضاء ما لا يغتفر في الأداء. قوله: (تردد) أي بين ابن رشد وابن أبي زيد في النقل عن ابن
القاسم ففي البيان: فإن علم أنه صادفه لم يجزئه على مذهب ابن القاسم ويجزئه على مذهب أشهب وسحنون،
ونقل في النوادر عن ابن القاسم الاجزاء إذا صادفه، وكذلك صدر صاحب الاشراق بذلك قاله في
التوضيح اه‍. قال بن: ولو اقتصر المصنف على الاجزاء لكان أولى لضعف القول بعدمه وذكر ما يدل
لذلك فانظره. قوله: (فجزم اللخمي بالاجزاء من غير تردد) ظاهره أن التردد إنما هو فيمن اختار
شهرا وصامه والحق أن التردد في الظان أيضا وإن جزم اللخمي بالاجزاء فيهما، وكلام البيان يفيد أن
الظان مثل الشاك في جريان الخلاف، فالأولى حمل كلام المصنف على المتخير والظان كما قاله شيخنا.
قوله: (أي شرط صحة الصوم إلخ) ما ذكره المصنف هنا من جعل النية شرطا أظهر مما ذكره في الصلاة
من جعلها ركنا لأن النية القصد إلى الشئ، ومعلوم أن القصد للشئ خارج عن ماهية الشئ ولأنها لو
كانت ركنا لكان التلبس بها مشروعا فكانت تجب العبادة بمجرد النية فيما يتعين بالشروع، وما تقدم
للشارح أول الباب من أن النية ركن فهو تسمح، وأشار الشارح بقوله: ولو لم يلاحظ إلخ إلى أن الذي
يشترط في صحة نية الصوم الفعل لا نية القربة، وذلك بأن يقصد صوم غد جازما بذلك على أنه نفل
أو قضاء أو عن النذر، فإن جزم بالصوم ولم يدر بعد ذلك هل نوى التطوع أو النذر أو القضاء انعقد تطوعا،
وإن دار شكه بين الآخرين لم يجز عن واحد منهما ووجب إتمامه لانعقاده نفلا فيما يظهر انظر المج.
قوله: (من الغروب إلخ) بيان لليل فلا تكفي قبل الغروب عند الكافة ولا بعد الفجر لأن النية هي القصد وقصد
صوم الجزء الماضي من اليوم محال. قوله: (فيبطلانها إن استمرا للفجر) فيه نظر بل الاغماء والجنون
يبطلان النية السابقة عليهما مطلقا، لكن إن لم يستمرا للفجر أعيدت قبله وإلا لم تصح وسيأتي ذلك اه‍ بن.
قوله: (أو مع الفجر) المراد بوقوعها مصاحبة لطلوع الفجر وقوعها في الجزء الأخير من الليل الذي يعقبه
طلوع الفجر وكفت النية المصاحبة للفجر لان الأصل في النية المقارنة للمنوي. والحاصل أنه لا يشترط
في النية هنا المقارنة للفجر بل يجوز تقدمها عليه إذا أتى بها ليلا والمضر تأخيرها عنه بخلاف الصلاة
والطهارة والحج فلا بد من المقارنة أو التقدم اليسير على ما مر. واعلم أن ما ذكره المصنف من كفاية النية
المقارنة للفجر هو قول عبد الوهاب وصوبه اللخمي وابن رشد وهو خلاف رواية ابن عبد الحكم أنها
لا تجزئ، ورد ابن عرفة الأول بما حاصله: أن النية تتقدم على المنوي لأنها قصد إليه والقصد مقدم على
المقصود وإلا كان غير منوي. وأجيب بأن هذه الأمور جعلية وقد اكتفى الشارع بالمقارنة
في الصلاة، فإن تكبيرة الاحرام ركن منها، والنية مقارنة لها مع صحة الصلاة، بل كلام ابن بشير وابن
520

الحاجب والقرافي يدل على أن المقارنة للفجر هي الأصل لكن للمشقة لم تشترط اه‍ بن. وهذا يدل على
جواز مقارنة النية للفجر وأولوية تقدمها عليه فقط، وكلام المصنف لا يدل على ذلك. قوله: (فلا تكفي
قبل الغروب ولا بعد الفجر) أي فإن أتى بها نهارا بعد الفجر فلا يجزئ ولو في عاشوراء على المشهور، خلافا
لما نقله المواق عن ابن يونس من إجزاء النية نهارا في عاشوراء فإنه ضعيف كما ذكره ابن عرفة وبن،
وعند الشافعي تصح نية النافلة قبل الزوال، وعند أحمد تصح نية النافلة في النهار مطلقا لحديث: إني إذن
صائم بعد قوله عليه الصلاة والسلام: هل عندكم من غداء؟ وللشافعي: أن الغداء ما يؤكل قبل الزوال. وأجاب
ابن عبد البر بأنه مضطرب، ولنا عموم حديث أصحاب السنن الأربع: من لم يبيت الصيام فلا صيام له
والأصل تساوي الفرض والنفل في النية كالصلاة قوله: (يجب تتابعه) صفة أو صلة لما وخرج بذلك
ما يجوز تفريقه من الصوم كقضاء أيام من رمضان أفطر فيها لعذر، وصيام رمضان في السفر وكفارة
اليمين وفدية الأذى والقران والتمتع فلا تكفي فيه النية الواحدة بل لا بد من التبييت كل ليلة. قوله: (بناء
إلخ) علة لقول المصنف: وكفت نية إلخ. وقال ابن عبد الحكم: لا بد في الصوم الواجب المتتابع من النية
لكل يوم نظرا إلى أنه كالعبادات المتعددة من حيث عدم فساد ما مضى منه بفساد ما بعده. قوله: (وإن
كانت لا تبطل إلخ) أي لأنه عبادة لا يتوقف أولها على آخرها بخلاف الصلاة. وقوله: كالصلاة تشبيه
في المنفي لا في النفي قوله: (لا مسرود) عطف على ما من قوله لما يجب تتابعه، واعترض بأن شرط العطف
بلا أن لا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر، فلا يقال: جاء زيد لا رجل ولا جاء رجل لا زيد، والمسرود
معناه المتتابع وهو صادق بواجب التتابع وغير واجبه فقد صدق أحد متعاطفيها على الآخر، وأجاب
شارحنا بأن في كلام المصنف حذف الصفة أي لا مسرود غير واجب التتابع فصح العطف. قوله: (كأيام
اختار صيامها مسرودة) أي كما إذا نوى صوم رجب مثلا فلا بد من التبييت كل ليلة ولا يكفي فيه
النية الواحدة، وكذا يقال فيما بعده من المعين. قوله: (ويوم معين) ظاهره سواء عينه بالنذر أو بالنية
كما قال الشارح وهو ما يفيده كلام ابن يونس كما في المواق، خلافا لابن الحاجب من تقييده بالمنوي
وأقره في التوضيح اه‍ بن. قوله: (بسفر) قيد في قوله: وصيام رمضان. قوله: (أي في المسرود واليوم
المعين إلخ) أي لمشابهة كل منهما لرمضان، أما المسرود فلانه بالتتابع يحصل له الشبه برمضان في مطلق
التتابع، وأما المنذور المعين فلوجوبه وتكرره وتعين زمانه أشبه رمضان فيما ذكر. قوله: (ولو استمر
صائما) أي هذا إذا أفطر للمرض والسفر بل ولو استمر صائما وهذا هو المعتمد كما في العتبية خلافا
لما في المبسوط من أن المريض أو المسافر إذا استمر صائما فإنه لا يحتاج لتجديد نية. بقي من أفسد
صومه عامدا فهل يحتاج لنية أو لا ينقطع تتابعه والظاهر الأول كما قال ح، كما أن من بيت الفطر ولو
ناسيا يحتاج إلى تجديدها لا إن أفطر نهارا ناسيا فلا ينقطع تتابعه، ومن أفطر مكرها فحكمه عند
اللخمي حكم من أفطر ناسيا، وعند ابن يونس حكم من أفطر لمرض اه‍ عدوي. قوله: (كحيض ونفاس
إلخ) أي فإذا حصل شئ من ذلك ثم زال فلا تكفي النية الأولى لما بقي بل لا بد من تجديدها، نعم يكتفى
بنية واحدة لجميع ما بقي قوله: (وبنقاء) جعله شرطا فيه تسامح لأنه في الحقيقة عدم مانع كما قال ابن رشد
إلا أن الفقهاء كثيرا ما يتساهلون فيطلقون على عدم المانع شرطا. قوله: (ولو لمعتادة القصة) أي
فمعتادة القصة لا تنتظرها هنا بل متى رأت أي علامة كانت جفوفا أو قصة وجب عليها الصوم.
521

قوله: (صح صومها) أي وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر بل وإن لم تغتسل أصلا لأن الطهارة ليست شرطا
في الصوم قوله: (أخذا مما قدمه) أي من صحة الصوم بالنية المقارنة للفجر قوله: (ووجب عليها الصوم
مع القضاء إن شكت) يعني أنها إذا شكت بعد الفجر هل طهرت قبل الفجر أو بعده؟ فإنه يجب
عليها الامساك لاحتمال طهرها قبله والقضاء لاحتماله بعده. قال في المج: والظاهر أنه لا كفارة
عليها إن لم تمسك، وليس كيوم الشك لظهور التحقيق فيه. ابن رشد: وهذا بخلاف الصلاة فإنها
لا تؤمر بفعل ما شكت في وقته هل كان الطهر فيه أم لا؟ فإذا شكت بعد الفجر هل طهرت قبل الفجر
أو بعده؟ فلا تجب عليها العشاء. واستشكل ذلك بأن الحيض مانع من وجوب الأداء في كل من الصلاة
والصوم والشك فيه موجود في كل منهما فلم وجب الأداء في الصوم دون الصلاة؟ وأجيب بأن سلطان
الصلاة قد ذهب بخروج وقتها، فلذا لم تؤد بخلاف الصوم فإنه يستغرق النهار فللزمن فيه حرمة
فوجب عليها الامساك كمن شك هل كان أكله قبل الفجر أو بعده؟ قوله: (إن شكت) أراد بالشك
مطلق التردد أو ما قابل الجزم. قوله: (وإن جن ولو سنين كثيرة فالقضاء) أي سواء كان الجنون
طارئا بعد البلوغ أو قبله على المشهور وهو قول مالك وابن القاسم في المدونة، ورد بلو ما رواه
ابن حبيب عن مالك والمدنيين إن قلت السنون كالخمسة ونحوها فالقضاء، وإن كثرت كالعشرة فلا
قضاء اه‍ بن. قوله: (والأولى التفريع بالفاء) فيه أن القضاء إذا كان بأمر جديد كما قال الشارح بعد
لم يكن مرتبا على شرط العقل، فالمناسب إنما هو الواو. وعن أبي حنيفة والشافعي: لا قضاء على المجنون لان
من زال عقله لم يتعلق به وجوب الأداء، ووجوب القضاء فرع عن تعلق الوجوب بالأداء بالشخص
لنا أن الجنون مرض وقد قال تعالى: * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر) * فالقضاء
بأمر جديد بدليل الآية. قوله: (يوما أو أياما إلخ) الأولى إبدال يوم بيومين لان تقدير ما قبل
المبالغة يوما يقتضي أن جنون اليوم لا يجري فيه التفصيل الآتي في الاغماء، وسيأتي للشارح جريانه
فيه. قوله: (كثيرة) إنما أتى به لان سنين جمع قلة يصدق على الثلاثة ونحوها مع أنها ليست من محل
الخلاف. قوله: (أو أغمي يوما إلخ) حاصله أنه متى أغمي عليه كل اليوم من الفجر للغروب أو أغمي
عليه جل اليوم سواء سلم أوله وهو وقت النية أو لا، أو أغمي عليه نصفه أو أقله ولم يسلم أوله
فيهما فالقضاء واجب في كل هذه الصور الخمس، فإذا أغمي عليه قبل الفجر ولو بلحظة واستمر بعده
ولو بلحظة وجب عليه قضاء ذلك اليوم، فإن أغمي عليه نصف اليوم أو أقله وسلم أوله فلا قضاء فيهما،
فالصور سبعة يجب القضاء في خمسة وعدمه في اثنتين. قوله: (والمراد إلخ) تفسيره الأقل بهذا بعيد
فالأولى للمصنف كما قال ابن عاشر أن لو كان كنصفه أو أقله ولم يسلم إلخ ليبين أن النصف كالأقل
وأن القيد خاص بهما اه‍ بن. قوله: (في الحالتين) أي حالة الأقل الحقيقي وحالة النصف. قوله: (وإن
لم يوقعها على الراجح) فيه نظر بل إن حدد النية في وقتها فصحيح وإلا فلا، لان الاغماء والجنون
يبطلان النية السابقة عليهما كما تقدم، ويدل له قوله: لا إن انقطع تتابعه إلخ اه‍ بن قوله: (فيه
تفصيل الاغماء على التحقيق) أي وترك المصنف التفصيل في الجنون في المدة القصيرة كاليوم
وعكس في الاغماء فلم يتعرض لكثيره نظرا للغالب فيهما. قوله: (وظاهر النقل إلخ) أي لان
ابن يونس كما في المواق علل التفصيل المذكور في الاغماء بقوله: لان المغمى عليه غير
مكلف فلا تصح له نية، والنائم مكلف لو نبه تنبه، وهذا يدل على أن السكر مثل الاغماء
مطلقا، وأن الغيبة في حب الله مثله مطلقا أيضا، وهذا ما استظهره العلامة النفراوي في شرح
522

الرسالة وبن خلافا لعبق وخش تبعا لاستظهار شيخهما عج من التفرقة بين الحلال والحرام،
فجعلا السكر الحرام كالاغماء في تفصيله، وجعلا الحلال كالنوم لان الحرام أدخله على نفسه بخلاف
الحلال، وفيه أن السكران بحلال لو نبه ما تنبه بخلاف النائم، وقد جعلوا السكر بحلال في الوضوء
كالاغماء وحينئذ فلا يظهر ما ذكره. قوله: (وبترك جماع) قال ح: الأحسن كما قال الشارح أن يعد
هذا وما بعده من الأركان إذ لم يبق للشروط محل إلا أن يراد بالشرط ما لا تصح الماهية بدونه داخلا
كان أو خارجا قوله: (في فرج مطيق) سواء كان الفرج قبلا أو دبرا، وسواء كان ذلك المطيق المغيب فيه
مستيقظا أو نائما، سواء كان حيا أو ميتا، كان آدميا أو بهيمة، فلو غيبها بالغ في فرج غير مطيق أو غيبها
غير بالغ في فرج مطيق أو غيره فلا يفسد صومه ولا صوم موطوءته البالغة حيث لم تمن ولم تمذ، قال
شيخنا: وانظر لو جامع ليلا ونزل منيه بعد الفجر والظاهر أنه لا شئ عليه كمن اكتحل ليلا ثم هبط
الكحل لحلقه نهارا، وانظر هل مثله إذا احتلم وخرج منيه بعد انتباهه بلذة معتادة؟ قوله: (وترك
اخراج مني يقظة بلذة معتادة) أي فإن أخرجه كذلك فسد الصوم ووجب القضاء والكفارة،
واحترز بقوله يقظة بلذة معتادة عن الاحتلام والمني المستنكح فإنه لا أثر لهما. قوله: (ومذي كذلك)
أي بلذة معتادة فإذا أخرجه كذلك فسد الصوم ووجب القضاء. قوله: (لا بلا لذة) أي لا إن خرج بلا
لذة أصلا أو خرج بلذة غير معتادة فلا يفسد صومه. وقوله: أو مجرد إلخ أي أو حصل مجرد إنعاظ فلا
يفسد صومه ولو نشأ عن مقدمات على المعتمد، وهذا رواية أشهب عن مالك في المدونة خلافا لقول
ابن القاسم فيها وروايته عن مالك في العتبية بالقضاء، وقد تقرر عند الأشياخ أن رواية غير ابن القاسم
عن مالك فيها مقدمة على قول ابن القاسم فيها، وعلى روايته في غيرها عن الإمام قال بن: وهذا الذي
تقرر صحيح في نفسه، لكن ذكر في التوضيح عن ابن عبد السلام أن قول ابن القاسم بالقضاء في
الانعاظ هو الأشهر. واعلم أن الخلاف في القضاء والانعاظ الناشئ عن قبلة أو مباشرة فإن نشأ
عن نظر أو فكر فقال ح: الظاهر فيه عدم القضاء اتفاقا ولو أستديم، واستدل على ذلك بكلام التنبيهات
وابن بشير وغيرهما وأطلق في البيان والتحصيل الخلاف اه‍ بن. قوله: (فإن استدعاه) أي دعاه أي
طلب خروجه أي وخرج بالفعل. قوله: (ما لم يرجع منه شئ ولو غلبة) أي وإلا فالكفارة. قوله: (إلا
أن يرجع منه شئ) أي غلبة قوله: (أي مائع) أي ما يماع ولو في المعدة فإن وصل المائع للمعدة من منفذ
عال أو سافل فسد الصوم ووجب القضاء. قوله: (فلا يضر) أي ابتلاعه نهارا لأنه أخذه في وقت يجوز
له فيه أخذه. قوله: (ولو ابتلعه عمدا) ما ذكره من أن ابتلاع ما بين الأسنان لا يفطره ولو ابتلعه عمدا
شهره ابن الحاجب وهو مذهب المدونة كما في التوضيح والمواق عند قوله: وذباب، وقد استبعد ابن
رشد نفي القضاء في العمد، والمدونة لم تصرح بعدم القضاء في العمد لكنه يؤخذ من إطلاقها اه‍ بن.
قوله: (كدرهم) أي أو حصاة فإذا وصل شئ من ذلك للمعدة عمدا أو سهوا فسد الصوم ووجب القضاء
بشرط أن يكون وصوله لها من منفذ عال كما قال الشارح. قوله: (من منفذ عال فقط) أي لا من سافل
عن المعدة كدبر وفرج امرأة. وعلم من كلامه أن ما وصل للمعدة إن كان من منفذ عال فهو مفسد
للصوم سواء كان مائعا أو غير مائع، وإن كان من منفذ سافل فلا يفسد إلا إذا كان مائعا إلا إن كان
جامدا، فوصول المائع للمعدة مفسد مطلقا كان المنفذ عاليا أو سافلا، ووصول الجامد لها
لا يفسد إلا إذا كان المنفذ عاليا. قوله: (على المختار) هذا خاص بقوله: أو غيره، فلو
قال كغيره بالكاف كان أوفق بعادته. ونص كلام اللخمي: اختلف في الحصاة والدرهم فذهب
ابن الماجشون في المبسوطة إلى أن للحصاة والدرهم حكم الطعام فعليه في السهو القضاء وفي العمد
523

القضاء والكفارة، ولابن القاسم في كتاب ابن حبيب: لا قضاء عليه إلا أن يكون متعمدا فيقضي
لتهاونه بصومه، فجعل القضاء مع العمد من باب العقوبة والأول أشبه لان الحصاة تشغل المعدة
اشتغالا ما وتنقص كلب الجوع وإليه أشار المصنف بالمختار اه‍ عدوي. قوله: (لمعدة) هي ما انخسف
من الصدر إلى السرة. قوله: (بحقنة بمائع) أي فإن أوصل للمعدة حقنة من مائع وجب القضاء
على المشهور، ومقابله ما لابن حبيب من استحباب القضاء بسبب الحقنة من المائع الواصلة للمعدة
من الدبر أو فرج المرأة. قوله: (أي ترك إيصال ما ذكر) أي من المتحلل لمعدته بسبب حقنة من
مائع أي كائنة من مائع، وأشار الشارح بهذا إلى أن الباء في قوله: بحقنة للسببية متعلقة بإيصال، وأن الباء
في قوله بمائع بمعنى من متعلقة بمحذوف صفة لحقنة. وقوله بسبب حقنة أي بسبب إيصال حقنة
كائنة من مائع أو ترك إيصال هذا الكلي المتحقق بسبب إيصال هذا الجزئي، أو أن المراد بالحقنة
الاحتقان، والباء في قوله بمائع للملابسة. قوله: (في دبر أو قبل) أي أو في ثقبة تحت المعدة أو فوقها على
الظاهر. قوله: (ولا فتائل عليها دهن) أي ولا في فتائل عليها دهن وهو عطف على مقدر أي فلا قضاء
فيها ولا في فتائل عليها دهن لخفتها كما قال مالك اه‍ عدوي قوله: (معطوف على معدة) أي ولا يجوز أن
يكون عطفا على حقنة لأنه ينحل المعنى، وترك وصول متحلل لمعدته سواء كان وصوله للمعدة بسبب
حقنة أو بسبب مرور على حلق، فيقتضي أن الواصل من الأعلى يشترط فيه أن يجاوز الحلق وهو قول
ضعيف، والمذهب أن ذلك لا يشترط وحينئذ فلا يعطف على حقنة بل على معدة قوله: (لكن بشرط
أن لا يرد غير المتحلل) أي لكن محل فساد الصوم بوصول غير المتحلل للحلق بشرط أن لا يرده.
قوله: (فإن رده بعد وصوله الحلق فلا شئ فيه) أي وحينئذ فلا يحصل الفطر بغير المتحلل إلا إذا وصل للمعدة
بخلاف المتحلل فإنه يفسد الصوم بمجرد وصوله للحلق سواء رده أو لا، وقد تبع الشارح في ذلك
البساطي واختاره في المج، وفي المواق و ح عن التلقين أنه يجب القضاء بوصول الجامد للحلق كالمتحلل
كان الجامد مما ينماع أو مما لا ينماع وصوبه بن. قوله: (مطلقا) أي سواء كان مائعا أو غيره. قوله: (أو
للحلق) عطف على قوله للمعدة. وقوله كذلك أي بشرط كونه مائعا وقد علمت ما فيه. قوله: (وإن وصل
له من أنف) أي تحقيقا أو شكا. واعلم أنه عند تحقق الوصول يحرم الاستعمال ويكره عند الشك.
وقوله: وأذن وعين أي أو مسام رأس على المعروف لان ما وصل للمعدة من منفذ عال موجب
للقضاء سواء كان ذلك المنفذ واسعا أو ضيقا، بخلاف ما يصل للمعدة من منفذ سافل فإنه يشترط فيه
كونه واسعا كالدبر وقبل المرأة والثقبة لا كإحليل وجائفة وهي الخرق الصغير جدا الواصل للبطن
وصل للمعدة أو لا، ثم إن مقتضى المصنف إن نبش الاذن بكعود لا شئ فيه ولو أخرج خرأها لأنه لم
يصل به شئ للحلق وهو كذلك. قوله: (عدم وصوله من هذه المنافذ) أي نهارا، وعلم منه أن الكحل
نهارا لا يفطر مطلقا بل إن تحقق وصوله للحلق أو شك فيه أفطر، فإن تحقق عدم وصوله فلا يفطر.
قوله: (كأن اكتحل ليلا إلخ) مثله في الذخيرة ونصها من اكتحل ليلا لا يضره هبوط الكحل في حلقه
نهارا نقله ابن غازي، وفصل ابن هلال فقال في الكحل والحناء: يجوز فعلهما أول الليل
ويحرم آخر الليل كالنهار، وسئل عن غسل الرأس بالغاسول فأجاب: لا شئ فيه على من فعله في ليل
أو نهار اه‍ بن. قوله: (ووصول) أي وترك وصول إلخ. وقوله: وإن من غير فم أي كأنف وأذن وعين.
524

وقوله: أو لمعدة من كدبر أي من دبر ونحوه من كل منفذ سافل متسع كما تقدم. وقوله: كلها أي كوصوله
للمعدة بغير مائع من فم قوله: (وبترك إيصال بخور) أي لحلق. قوله: (ومثله بخار القدر) أي كأن استنشق
قدر الطعام حتى وصل البخار لحلقه. قوله: (فمتى وصل) أي دخان البخور أو بخار القدر للحلق وجب
القضاء أي لان دخان البخور وبخار القدر كل منهما جسم يتكيف به الدماغ ويتقوى به أي تحصل له
قوة كالتي تحصل له من الأكل. واعلم أن محل وجوب القضاء بوصول البخور وبخار القدر للحلق إذا
وصل باستنشاق سواء كان المستنشق صانعه أو غيره. وأما لو وصل واحد منهما للحلق بغير اختياره
فلا قضاء لا على الصانع ولا على غيره على المعتمد خلافا لمن قال: إذا وصل بغير اختياره فلا قضاء على
صانعه وعلى غيره القضاء قياسا على ما يأتي في مسألة تراب الكيل كذا قرر شيخنا. قوله: (ومنه) أي
ومن قبيله أي ومن قبيل البخور الدخان إلخ. وقوله: فإنه يصل للحلق أي ويتكيف به الدماغ أي يحصل
له به كيفية وقوة، وكذلك الدخان الذي يستنشق به وحينئذ فهو مفطر، وأما الدخان الذي لا يحصل به
غذاء للجوف كدخان الحطب فإنه لا قضاء في وصوله للحلق ولو تعمد استنشاقه لأنه لا يحصل للدماغ
به قوة كالتي تحصل له من الأكل قوله: (ونحوه) أي كالمسك والعنبر والزبد والأعطار قوله: (فلا يفطر)
أي ولو جاءته الرائحة واستنشقها لان الرائحة لا جسم لها. قوله: (ويترك إيصال قئ) أي ترجيع قئ أو
قلس أو بلغم لمعدته أو لحلقه، فإن وصل لما ذكر فالقضاء مطلقا وهذا قول سحنون. وقوله: لكن المعتمد
إلخ هو قول ابن حبيب مع ابن القاسم قال اللخمي: ومحل الخلاف في البلغم فيما وصل للهوات جمع لهاة
وهي اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى الفم، فإن لم يصل فلا خلاف في لغوه وإن قدر على طرحه. ونص
ابن عرفة: وفي لغو ابتلاع تمامه أي البلغم ولو عمدا بعد إمكان طرحه ونقضه أي الصوم قول ابن
حبيب مع ابن القاسم قائلا: أراني سمعته عن مالك والشيخ عن سحنون اه‍. وفي المواق: أن القول
الأول هو الذي عليه اللخمي وابن يونس والباجي وابن رشد وعياض، وقال القباب: هو الراجح اه‍ بن.
قوله: (ولو وصل إلى طرف اللسان) قال عبق: ولا شئ على الصائم في ابتلاع ريقه إلا بعد اجتماعه
فعليه القضاء وهذا قول سحنون، وقال ابن حبيب: لا قضاء مطلقا وهو الراجح اه‍ تقرير عدوي.
قوله: (أي وبترك وصول شئ غالب) أي وصحته بترك وصول شئ يغلب سبقه لحلقه من أثر ماء
مضمضة أو رطوبة سواك قوله: (بأن لم يمكن طرحه) تفسير لكونه غالبا وهذا نص على المتوهم إذ
وصول ما أمكن طرحه من باب أولى. قوله: (في الفرض خاصة) أي فإن وصل لمعدته أو لحلقه شئ من
ذلك فالقضاء في الفرض خاصه، وأما وصول أثر المضمضة أو السواك للحلق في صوم النفل فلا
يفسده. قوله: (ونبه على ذلك) أي مع أنه يمكن الاستغناء عنه بقوله: وبترك إيصال متحلل لمعدة أو
حلق قوله: (وقضى في الفرض إلخ) لما فرغ من الكلام على شروط صحة الصوم شرع في بيان الأمور
المترتبة على فطر الصائم وهي سبعة: الامساك والقضاء والاطعام والكفارة و التأديب وقطع التتابع
وقطع النية الحكمية. قوله: (مطلقا) أي بكل فطر وصل من أي منفذ على أي وجه كان من عمد أو سهو أو
غلبة أو إكراه أوجب الكفارة أم لا كما قال الشارح. قوله: (أو غلبة) أي بأن سبقه المفطر لحلقه
قوله: (حراما) بأن كان لغير مقتض أو جائزا بأن كان لشدة تألم أو لخوف حدوث مرض أو زيادته.
قوله: (وأما الامساك إلخ) حاصل ما ذكره الشارح أن الصوم الذي أفطر فيه الشخص إما أن يكون نفلا
أو فرضا، والفرض إما معين أو غير معين، وغير المعين إما واجب التتابع أو غير واجب
525

التتابع، فالنفل يجب فيه الامساك إن كان الفطر فيه سهوا، وكذا إن كان عمدا على القول المرجوح،
والفرض المعين كرمضان، والنذر المعين يجب فيه الامساك مطلقا اتفاقا، وغير المعين الواجب تتابعه
ككفارة الظهار والقتل يجب فيه الامساك إن كان الفطر سهوا إلا في اليوم الأول فالامساك فيه
مستحب، وأما الفطر عمدا فيفسده، وأما الذي لا يجب تتابعه ككفارة اليمين وقضاء رمضان وجزاء
الصيد وفدية الأذى فيخير في الامساك وعدمه كان الفطر عمدا أو سهوا. قوله: (كالتطوع) أي كما
يجب الامساك في فطر التطوع. وقوله: وإن كان أي الفرض كالظهار أي وكفارة القتل قوله: (ونذر
مضمون) وهو النذر الغير المعين قوله: (مطلقا) أي سواء كان الفطر عمدا أو سهوا قوله: (وعليه الكفارة
عنها) هذا يقتضي أي الفرع الأول أعني قول المصنف وأن يصب في حلقه نائما لا كفارة فيه على
الفاعل، ومثله في القرافي وفي بن عن أبي الحسن على المدونة ترجيح الكفارة على الصاب، وأنه
لا فرق بين الفرعين في المصنف في لزوم الكفارة للفاعل فيهما، ونص المدونة: ومن أكره أو كان نائما
فصب في حلقه ماء في رمضان أو جومعت امرأة نائمة في رمضان فالقضاء يجزئ بلا كفارة اه‍.
ونقله ابن عرفة والمواق و ح قال أبو الحسن وسكت عن الفاعل: هل تلزمه كفارة أم لا؟ وأوجبها
ابن حبيب على الفاعل فيهما: وبه قال أبو عمران وهو ظاهر ما في كتاب الحج الثالث قال وهو تفسير
لقول ابن القاسم فتبين أنه لا فرق بين الفرعين والله أعلم. والفرق الذي فرق به عبق بين الفرعين
حيث قال فيمن صب ماء في حلق نائم لا كفارة عليه لعدم لذة ذلك الصاب، ومن جامع نائمة تلزمه
الكفارة عنها للذة المجامع إنما فرق به في التوضيح بين من أكره زوجته على الوطئ ومن أكره شخصا
وصب في حلقه ماء وهما غير فرعي المصنف هنا اه‍ بن. قوله: (وكأكله شاكا في الفجر إلخ) أي وكأكله
حالة كونه شاكا في الفجر أي فالقضاء مع الحرمة وإن كان الأصل بقاء الليل، والمراد بالشك عدم
اليقين فيدخل فيه ما لو قال له رجل: أكلت بعد الفجر، وقال له آخر: أكلت قبله. واعلم أن النفل يخالف
الفرض في هذا فليس عليه فيه قضاء كما هو الظاهر قاله عبق، ورده بن بأن الأكل شاكا في الفجر من
العمد الحرام وهو يوجب القضاء حتى في النفل. قوله: (فالقضاء مع الحرمة) اعلم أن الحرمة عند
الشك في الفجر مختلف فيها إذ قد قيل بالكراهة كما في خش، وعند الشك في الغروب متفق عليها،
وعدم الكفارة في الأكل شاكا في الفجر متفق عليها ومختلف فيها في الأكل شاكا في الغروب وإن
كان المشهور عدمها قوله: (إن لم يتبين أنه أكل قبل الفجر وبعد المغرب) أي فإن تبين ذلك فلا قضاء عليه.
قوله: (أو طرأ الشك) عطف على قوله شاكا أي وكأكله حالة كونه شاكا في الفجر وكأكله حالة كونه
طارئا له الشك فهي حال منتظرة، ويحتمل عطفه على معنى أكله أي وإن أكل شاكا في الفجر أو طرأ له الشك
فيه فالقضاء. واعلم أن وجوب القضاء في مسألة طرو الشك خاص بالفرض، وأما النفل فلا قضاء فيه
اتفاقا لان أكله ليس من العمد الحرام كما في المواق عن المدونة. قوله: (من فجر) راجع لقوله: وجودا.
وقوله: أو غروب راجع لقوله: عدما، وذلك لان الفجر يستدل به على وجود الصوم والغروب يستدل
به على الفطر. قوله: (أو المستند إليه) أي أو اقتدى بالمستند للمستدل العدل العارف بالدليل أي أو اقتدى
بالمقتدي بالمستند لذلك المستدل العدل العارف. قوله: (وإن قدر على المعرفة) هذا هو ظاهر كلامهم وهو
المعول عليه خلافا لقول ابن عبد السلام يمكن حمل كلامهم على العاجز. قوله: (ولذا قال ومن لم ينظر) أي
الشامل لما إذا كان عدم نظره في الدليل لعجزه عن الاستدلال ولما إذا كان قادرا عليه. قوله: (بأن لم يجد
مستدلا) أي أصلا أي أو وجده لكن فاقدا بعض ما يعتبر فيه بأن كان غير عدل. قوله: (احتاط في سحوره)
526

أي بالتقديم. وقوله وفطره أي بالتأخير. قوله: (أو نسيان) تبع في ذلك ابن الحاجب وهو ضعيف. وقوله:
والمعتمد أي الذي هو مذهب المدونة. قوله: (أن من تركه) أي عمدا أو نسيانا قوله: (لان عنده نوعا من
التفريط) هذا إشارة للفرق بين النسيان والمرض، فالناسي عنده نوع من التفريط بخلاف المريض.
قوله: (وكذا إن أفطره مكرها) أي عليه القضاء وهو الذي في الطراز. وقال ح: إنه المشهور. وفي خش:
إنه لا قضاء في الاكراه وأصله في التلقين لكنه خلاف المشهور اه‍ بن. لكن الذي مال إليه شيخنا
العدوي القول بعدم قضائه قائلا: إن المكره أولى من المريض تأمل. قوله: (كصوم يوم الأربعاء يظنه
الخميس المنذور) أي وأصبح مفطرا في الخميس ولم يدر إلا في أثنائه فيجب عليه إمساكه وقضاؤه.
قوله: (بالفطر العمد) أي ولا يجب الامساك إذ لا وجه له مع وجوب القضاء بخلاف الفطر نسيانا فإنه
يجب فيه الامساك هذا هو المعول عليه. وقول ابن الحاجب بوجوب الامساك إذا أفطر عمدا قال ابن
عرفة: لا أعرفه. قوله: (ولو لسفر طرأ عليه) أي خلافا لابن حبيب القائل بعدم القضاء في فطره عمدا في
النفل لأجل سفر طرأ عليه. قوله: (لا بالفطر نسيانا) هذا محترز العمد وما بعده كله محترز الحرام.
قوله: (ولو بطلاق إلخ) رد بلو على من قال: إذا حلف عليه بالطلاق الثلاث أن يفطر جاز له الفطر ولا قضاء ولا
يحنثه في يمينه قوله: (كتعلق قلبه إلخ) هذا مثال الوجه. وقول المصنف: كوالد إلخ تشبيه بالوجه هذا ما
ذكره ح واختاره طفي. قوله: (أب أو أم) أي دنية لا الجد والجدة والمراد الأبوان المسلمان لا إن
كانا كافرين فلا يطعهما إلحاقا للصوم بالجهاد بجامع أن كلا من الدينيات هذا هو الظاهر قوله: (أي كأمر
بالفطر) أي من صوم التطوع فيجوز له الفطر ولا قضاء عليه إن كان الامر على وجه الحنان إلخ.
قوله: (أخذ على نفسه العهد إلخ) اعترض بأن العهد إنما يكون في الطاعات وإفساد الصوم حرام. وأجيب بأنه
لما اختلف العلماء في إفساد صوم النفل قدم فيه نظر الشيخ، ألا ترى أن الشافعية يقولون بجواز إفساده
واستدلوا بحديث الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر. قوله: (شيخ العلم الشرعي)
أي وكذا آلته كما قرره شيخنا قوله: (مطلقا) أي سواء كانت فرضيته أصلية كرمضان أو عارضة
بالنذر. قوله: (قد تجب في بعضه) أي في بعض افراده وهو خصوص رمضان. قوله: (أو من أفطر غلبة)
أي لشدة عطش أو جوع أو لزيادة مرض أو حدوثه. قوله: (منتهكا لحرمة الشهر) أي غير مبال بها، ثم إن
الانتهاك حال الفعل إنما يعتبر حيث لم يتبين خلافه، فمن تعمد الفطر يوم الثلاثين منتهكا للحرمة ثم تبين
أنه يوم العيد فلا كفارة ولا قضاء عليه، وكذلك الحائض تفطر متعمدة ثم تعلم أنها حاضت قبل فطرها
فلا كفارة عليها على المعتمد كما في ح. قوله: (وأما جهل وجوبها) أي الكفارة مع علمه حرمة الفطر فلا
يسقطها. والحاصل أن أقسام الجاهل ثلاثة: فجاهل حرمة الوطئ، وجاهل رمضان لا كفارة عليهما،
وجاهل وجوب الكفارة مع علمه بحرمة الفعل تلزمه الكفارة. قوله: (خامسها أشار له إلخ)
أي فالشرط الخامس أن يكون ذلك الصوم أداء رمضان. قوله: (في أداء رمضان) متعلق بتعمد
527

لا بقوله كفر لأنه يكفر في غير رمضان ما تعمده في رمضان. قوله: (لا في قضائه) أي لان النص إنما
ورد في أداء رمضان، والقياس لا يصح في الكفارات على ما قيل أو يدخلها لكن لأداء رمضان
حرمة ليست لغيره، فلو قسنا غيره عليه لكان قياسا مع الفارق. قوله: (ولا في كفارة أو غيرها) أي ولو كان
ذلك الغير نذر الدهر على المعتمد، وقيل: إن ناذر الدهر يكفر عن فطره عمدا وعليه فقيل يكفر كفارة
صغرى وقيل كبرى، وعليه فالظاهر تعين غير الصوم، فإن ترتب على ناذر الدهر كفارة لرمضان وعجز
عن غير الصوم رفع لها نية النذر كالقضاء لأنهما من توابع رمضان، قال في المج: والظاهر أن ناذر الخميس
والاثنين مثلا إذا أفطر عامدا يقضي بعد ذلك فقط ولا كفارة عليه وإن أجرى ح فيه الخلاف
السابق. قوله: (يوجب الغسل) أي بأن كان من بالغ في مطيقة وغيب الحشفة بتمامها أو قدرها في محل
الافتضاض أو في مسلك البول أو في الدبر لا في هواء الفرج ولا من صغير في كبيرة فلا كفارة على
واحد منهما ما لم تنزل الكبيرة، ولا على بالغ في صغيرة ما لم ينزل فتجب من حيث الانزال. قوله: (أو تعمد
رفع نية نهارا) بأن قال في النهار وهو صائم: رفعت نية صومي أو رفعت نيتي فمن عزم على الأكل أو
الشرب ناسيا مثلا ثم ترك ما عزم عليه فلا شئ عليه لان هذا ليس رفعا للنية. وقد سئل ابن عبدوس عن
مسافر صام في رمضان فعطش فقربت له سفرته ليفطر فأهوى بيده ليشرب فقيل له: لا ماء معك
فكف فقال: أحب له القضاء. وصوب اللخمي سقوطه وقال: إنه غالب الروايات عن مالك
قوله: (وأولى ليلا) المراد برفعها ليلا أن يلاحظ أنه غير ناو للصوم وأنه ليس عنده نية له، ووجه الأولوية أن
الليل لما كان محلا للنية فرفعها في النهار ربما يتوهم أن هذا الرفع لا يضر لوقوعها في محلها، وأما رفعها في الليل
فظاهر أنه مضر لأنه رفعها في محلها فلم تقع النية في مركزها فلا يتوهم عدم الضرر قوله: (فلا قضاء
عليه) الذي في حاشية شيخنا العدوي وعبق أنه إذا علق الفطر على وجود أكل أو شرب وحصل
المعلق عليه نهارا لزمه القضاء والكفارة ولو لم يتناوله، وأما إذا علقه على وجود أحدهما فلم يجده فلا
شئ عليه وهو وجيه لحصول المعلق عند حصول المعلق عليه وهذا غير مخالف لما في الشارح لان
مسألة الشارح علق الأكل على وجود مأكول ووجده ولم يأكل. قوله: (أو تعمد أكلا) أي ولو شيئا قليلا
كفلقة طعام تلقط من الأرض. قوله: (أو بلعا لنحو حصاة) هذا هو ظاهر المصنف لأنه جرى فيما تقدم
على ما اختاره اللخمي من قول عبد الملك: أن حكم الحصاة والدرهم حكم الطعام فعليه في السهو القضاء
وفي العمد الكفارة. وقال ابن عبد السلام: الأقرب سقوط الكفارة بغير المتحلل انظر ح. قوله: (بفم
فقط) أي ووصل للجوف إذ هو حقيقة الأكل والشرب، وأما ما وصل للحلق من المتحلل ففيه
القضاء فقط كما مر. قوله: (فلا كفارة فيما يصل) أي للجوف. وقوله: من نحو أنف أي من أنف ونحوه
كأذن وعين. قوله: (الذي هو أخص من العمد) أي لان العمد موجود في الوصول من الانف والاذن
والعين وليس هناك انتهاك، وفيه أن الانتهاك عبارة عن عدم المبالاة بالحرمة وهذا متأت في الوصول
من الانف والاذن والعين، فلذا علل بعضهم بقوله: لان هذا لا تتشوف إليه النفوس وأصل الكفارة
إنما شرعت لزجر النفس عما تتشوف إليه. قوله: (وإن باستياك بجوزاء) أي وإن وصل للجوف شئ من
ذلك بسبب استياك بجوزاء، وحاصل ما قاله الشارح أنه إن تعمد الاستياك بها نهارا كفر في صورتين
وهما إذا ابتلعها عمدا أو غلبة لا نسيانا فالقضاء فقط، وإن تعمد الاستياك بها ليلا كفر في صورة واحدة
وهي ما إذا ابتلعها نهارا عمدا لا غلبة أو نسيانا فالقضاء فقط هذا كلامه تبعا لعبق، قال بن: وفيه نظر فإن
الكفارة لم يذكرها التوضيح إلا عن ابن لبابة وهو قيدها بالاستعمال نهارا لا ليلا وإلا فالقضاء فقط،
وكذا نقله ابن غازي والمواق عن ابن الحاج اه‍ كلامه. وقد استظهر في المج ما قاله الشارح تبعا لعبق لان
528

الجوزاء مقام تشديد فتأمل. قوله: (أي تعمد الاستياك بها نهارا إلخ) وأما لو استاك بها نهارا نسيانا
فلا يكفر إلا إذا ابتلعها عمدا فإن ابتلعها غلبة أو نسيانا فالقضاء فقط اه‍ خش قوله: (وكان عادته
الانزال) أي بالفكر والنظر المستدامين قوله: (فإن لم يدمهما) أي الفكر والنظر بل أمنى بمجرد الفكر
أو النظر فلا كفارة قطعا. والحاصل أنه إن أمنى بمجرد الفكر أو النظر من غير استدامة لهما فلا كفارة
قطعا وإن استدامهما حتى أنزل، فإن كانت عادته الانزال بهما عند الاستدامة فالكفارة قطعا، وإن
كانت عادته عدم الانزال بهما عند الاستدامة فخالف عادته وأمنى فقولان، هذا محصل كلام الشارح
قوله: (راجع للمبالغ عليه) أي وهو الفكر المستدام قوله: (وأما قبل المبالغة) أي وهو خروج المني
بالقبلة أو المباشرة. وقوله: وإن خالف عادته أي بأن كانت عادته عدم الانزال بهما فخالف عادته وأمنى.
قوله: (وإن خالف عادته على المعتمد) كذا قال الشارح تبعا لعبق. قال بن: انظر من أين أتى له ذلك الاعتماد،
وقد يقال أتى له ذلك من كونه ظاهر قول ابن القاسم في المدونة كما ستراه. واعلم أن في مقدمات الجماع
إذا أنزل ثلاثة أقوال حكاها في التوضيح وابن عرفة عن البيان الأول لمالك في المدونة وهو القضاء
والكفارة. والثاني لأشهب القضاء فقط. والثالث لابن القاسم في المدونة والقضاء والكفارة إلا أن ينزل
عن نظر أو فكر غير مستدامين اه‍. قال طفي: ولم يعرج ابن رشد على موافقة العادة ولا على مخالفتها
وإنما ذكر ذلك اللخمي، فإنه بعد أن حكى الخلاف المتقدم قال: والذي يجب أن ينظر إلى عادته فمن عادته
أن ينزل عن قبلة أو مباشرة أو اختلفت عادته كفر، وإن كانت عادته السلامة لم يكفر اه‍. ثم قاله طفي
فالمؤلف باعتبار المبالغة جار على مذهب ابن القاسم في المدونة كما علمت، ثم أشار لاختيار اللخمي وهو
جار في جميع المقدمات، نعم اللخمي في اختياره لم ينظر للمتابعة ولا لعدمها وإنما نظر للعادة وهذا لا يضر
المؤلف بل نسج على منوال اللخمي فإنه ذكر اتفاقهم على شرط المتابعة في النظر، ثم أعقبه بذكر
اختياره الراجح لمقدمات الجماع وليس اختياره خاصا بالقبلة والمباشرة كما قيل بل ذكرهما على سبيل
المثال لا التخصيص كما ترى فتأمل اه‍. وبه تعلم أن تخصيص الشارح الاستثناء بما بعد المبالغة. وقوله:
إن اللخمي ليس له اختيار إلا في القبلة والمباشرة كله غير ظاهر بل غيرهما أحرى بذلك اه‍ كلام
بن. وقال شيخنا العدوي: الحق أن الاستثناء راجع لما قبل المبالغة وهو اخراج المني بالقبلة والمباشرة
ولما بعدها وهو اخراجه بإدامة الفكر، وأن كلام اللخمي ضعيف بالنسبة لما قبل المبالغة، وأن المعتمد
أن اخراج المني بالقبلة والمباشرة فيه الكفارة وإن خالف عادته وإن لم يستدم كما هو ظاهر قول ابن
القاسم في المدونة خلافا للخمي. قوله: (جريانه في الفكر والنظر بالأولى) أي لأنهما أضعف من القبلة
والمباشرة، وما كان قيدا في الأقوى فهو قيد في الأضعف بطريق الأولى، هذا وقد علمت أن هذا
الاعتراض لا ورود له لان اختيار اللخمي عام في جميع المقدمات، وإنما ذكر القبلة والمباشرة على سبيل
التمثيل. قوله: (بأن القيد لابن عبد السلام) قد علمت أن القيد للخمي فلا اعتراض على المصنف، نعم يعترض
عليه من حيث التعبير بقوله على المختار بصيغة الاسم بأن هذا اختيار اللخمي من عند نفسه فالأولى أن
يعبر بالفعل. وأجيب بأنه لما لم يخرج به عن إطلاق أشهب القضاء فقط وإطلاق الامام الكفارة صار
كأنه اختيار من الخلاف فتدبر. قوله: (وإن أمنى إلخ) قد علمت أن قول ابن القاسم في المدونة سقوط
الكفارة إذا أنزل عن فكر أو نظر غير مستدامين. وقال القابسي: يكفر إن أمنى عن نظرة واحدة
متعمدا فحمله عبد الحق على الوفاق، فحمل ما في المدونة على ماذا لم يتعمد النظر، وحمله ابن يونس على
الخلاف، وإلى التأويلين أشار المصنف بقوله: وإن أمنى إلخ، فالتأويلان بالوفاق والخلاف لا بلزوم
الكفارة وعدمها كما فهمه الشارح، وقد يقال: المعنى وإن أمنى بتعمد نظرة فتأويلان أي قيل عليه الكفارة
بناء على أن كلام القابسي وفاق للمدونة وأنها محمولة على من لم يتعمد الفطر، وقيل لا كفارة بناء على أنه
529

خلاف كما عند ابن يونس والمعول عليه ظاهرها. قوله: (وإلا فلا كفارة) أي وإلا بأن خالف عادته كما
لو كانت عادته عدم الامناء فنظر نظرة فأمنى فلا كفارة. قوله: (تمليك إلخ) أشار إلى أن المدار على تمليك
المسكين للمد سواء) أكله أو باعه قوله: (ولا يجزئ غداء أو عشاء) أي بدلا عن المد. قوله: (لا في اليوم الواحد)
أي فلا تتعدد بتعدد الأكلات أو الوطآت في يوم واحد. قوله: (أو كان) عطف على حصل أي ولو
كان إلخ. قوله: (وهو الأفضل) أي لأنه أكثر نفعا لتعديه لافراد كثيرة، والظاهر أن العتق أفضل من
الصوم لان نفعه متعد للغير دون الصوم. قوله: (ولو للخليفة) أي خلافا لما أفتى به يحيى بن يحيى أمير الأندلس
عبد الرحمن من تكفيره بالصوم بحضرة العلماء فقيل له في ذلك فقال: لئلا يتساهل ويجامع ثانيا
قوله: (محررة للكفارة) احترز بذلك عما إذا اشترى أمة اشترط بائعها على مشتريها عتقها فلا تجزئ.
قوله: (والتخيير) أي بين الأنواع الثلاثة قوله: (فإنما يكفر بالصوم) أي إن قدر عليه قوله: (ما لم يأذن له سيده
في الاطعام) أي فإذا أذن له فيه كفر به بخلاف العتق فإنه لا يجزيه التكفير به ولو أذن له سيده.
قوله: (كفر عنه بأدنى النوعين) أي الاطعام والعتق والمراد كفر عنه بأقلهما قيمة، فإن كانت قيمة الرقبة أقل
كفر عنه بالعتق، وإن كانت قيمة الطعام أقل كفر عنه بالاطعام. وقال عبد الحق: يحتمل بقاؤها في ذمته
إن أبى الصوم. قال في التوضيح: وهذا بين وهو يفيد أنه لا يجبره على الصوم، وأما الصبي فلا قضاء عليه
ولا كفارة فلا يتأتى فيه ما ذكر. قوله: (ولو طاوعته) أي هذا إذا أكرهها بل ولو طاوعته لان طوعها
إكراه لأجل الرق. قوله: (فيلزمها الكفارة) أي بالصوم ما لم يأذن لها سيدها في الاطعام. قوله: (أو عن
زوجة أكرهها الزوج) أي بخوف شئ مؤلم كضرب فأعلى كالطلاق، فقد ذكر طفي في الموالاة في
الوضوء أن الاكراه في العبادات يكون بما ذكر انظر بن. قوله: (بالغة إلخ) فلو كانت الزوجة صغيرة أو
كافرة أو غير عاقلة لم يجب عليها أن يكفر عنها لأنه يكفر عنها نيابة وهي إذا كانت بصفة من هذه الصفات
لا كفارة عليها فلا كفارة على مكرهها عنها، وهذه الشروط كما تعتبر في التكفير عن الزوجة تعتبر
أيضا في التكفير عن الأمة التي أكرهها فلا بد من كونها عاقلة بالغة مسلمة. قوله: (أسلمه لها إلخ) وإذا أسلمه
لها فقد ملكته وانفسخ النكاح، وهل تعتقه حينئذ فيصير معتقا عما لزمه في الأصل أو لا تكفر به بل
تكفر بعتق غيره أو بالاطعام؟ قولان نقلهما تت اه‍ عدوي. قوله: (وليس لها أن تأخذه) أي الزوج العبد
وتصوم أي بل متى أخذته لا بد أن تكفر بالاطعام أو العتق، وكذا إذا أخذت من سيده الأقل من القيمتين
فلا تكفر بالصوم لأنها لو صامت فقد أخذت العبد أو أقل القيمتين ثمنا للصوم. قوله: (نيابة) أي حالة كون
تكفير السيد والزوج المذكورين نيابة عنهما أي عن الأمة والزوجة. قوله: (فلا يصوم إلخ) حاصله أنه لا
يكفر عن واحدة منها بالصوم بل الزوجة الحرة يكفر عنها بالاطعام أو العتق، والأمة يكفر عنها بالاطعام
ولا يصح أن يعتق عنها إذ لا ولاء لها. قوله: (وإن أعسر الزوج عما لزمه عنها) أي عن الزوجة أي وأما لو
عسر السيد عما لزمه عن الأمة كانت الكفارة عنها دينا في ذمته. قوله: (كفرت) ظاهره أنها مطلوبة بذلك وأن
المعنى كفرت ندبا، واعترضه طفي بأن عبارة عبد الحق تدل على أنها غير مطالبة بذلك حيث قال: لأنها غير
مضطرة لان تكفر عن نفسها ولا مؤاخذة بذلك إلا أن يقال: معنى قوله ولا مؤاخذة بذلك أي على جهة
الوجوب فلا ينافي الاستحباب وهو بعيد اه‍ بن. قوله: (إن لم تصم) أي وأما لو كفرت بالصوم فلا ترجع عليه
530

بشئ لأن الصوم لا ثمن له. قوله: (ونفس كيل الطعام) قدر نفس إشارة إلى أن قوله: وكيل الطعام عطف على
الرقبة. قوله: (هذا إذا أخرجته من عندها) أي فإذا أخرجته من عندها فإنها ترجع بقيمة الرقبة إن كانت أقل
من قيمة الطعام، وبمثل الطعام إن كانت قيمته أقل من قيمة الرقبة، فالأقلية بين القيمتين والرجوع بكيل
الطعام لأنه مثلي. قوله: (رجعت بالأقل من القيمتين) أي فإذا كانت قيمة الرقبة أقل رجعت بها، وإن
كانت قيمة الطعام أقل رجعت بها هذا إذا أخرجت الرقبة من عندها. قوله: (وإلا) أي وإلا تكن الرقبة
التي كفرت بها عندها بل اشترتها فإنها ترجع بالأقل منها أي من قيمتها ومن ثمنها ومن قيمة الطعام،
فعلم مما ذكره أنها لا ترجع بمثل الطعام إلا إذا كفرت به وكانت قيمته أقل، فإن لم تكفر به كان الرجوع
بقيمته لا بمثله. قال بن: وهذا التفصيل المذكور غير صواب، والذي ذكره عبد الحق وابن عرفة
وابن محرز أنها إن كفرت بالاطعام رجعت بالأقل من مكيلة الطعام أو الثمن الذي اشترته به أو قيمة
الرقبة أي إن كان ذلك أقل رجعت به، وإذا كفرت بالعتق رجعت بالأقل من قيمة الرقبة أو الثمن الذي
اشترته به أو مكيلة الطعام لأنها أبدا لا تعطى الأقل. قوله: (إذ المدار إلخ) أي مدار التأويلين على إنزالها،
وإنما نص المصنف على إنزالهما دفعا لتوهم أنه لو تعلقت به الكفارة عن نفسه لا يلزمه أن يكفر عنها
اتفاقا فنص على المتوهم. واعلم أنه على القول الأول يجري هنا ما مر من قوله: إن أعسر كفرت إلخ
قوله: (وعدم تكفيره عنها) أي وإنما يكفر عن نفسه إذا أنزل. قوله: (تأويلان) الأول لابن أبي زيد
والثاني للقابسي، قال عياض: والثاني منهما ظاهر المدونة اه‍ بن. قوله: (فلا كفارة عليه مطلقا رجلا
أو امرأة قطعا) أي اتفاقا وفيه نظر فقد قال عياض والباجي: إن المكره بالفتح عليه الكفارة في قول
عبد الملك نظرا لانتشاره، وأكثر أقوال أصحابنا أنه لا كفارة عليه وهو الصحيح، وقول عبد الملك ضعيف
انظر بن، والحاصل أن المكره بالكسر قيل يلزمه أن يكفر عن المكره بالفتح وقيل لا يكفر عنه وهو
الراجح، وعليه فهل على المكره بالفتح كفارة عن نفسه نظرا لانتشاره أو لا؟ قولان والمعتمد منهما الثاني،
وكل هذا إذا كان الاكراه على الجماع، وأما لو أكره غيره على الأكل أو الشرب فلا كفارة على المكره
بالكسر كما ذكره الشيخ سالم نقلا عن ابن عرفة، ولا على المكره بالفتح أيضا، ونص ابن عرفة: ولا كفارة
على مكره على أكل أو شرب أو امرأة على وطئ، وفي الرجل قولان لها ولابن الماجشون اه‍. قوله: (على
الأظهر) أي خلافا لمن قال: إن من أكره شخصا على الأكل أو الشرب يلزمه الكفارة عنه، ونقل عبق
هذا عن ابن عرفة وفي نقله عنه نظر لما علمت من نص كلامه. قوله: (لا إن أفطر ناسيا) عطف على قوله:
إن تعمد أي وكفر إن تعمد لا إن أفطر ناسيا، أو أنه عطف على قوله بلا تأويل قريب وهو ظاهر الشارح.
قوله: (وهو المستند فيه إلى أمر موجود) أي يعذر به شرعا. قوله: (فظن لفساد صومه الإباحة) أي
إباحة الفطر لاعتقاده أن صوم ذلك اليوم لا ينعقد. قوله: (تسحر في الفجر) أي تسحر في الجزء الملاقي له
قوله: (لأنه من البعيد) أي لان المتسحر قربه لم يستند لامر موجود يعذر به شرعا وإن كان مستندا لامر
موجود حقيقة. قوله: (أي بلصق الفجر) أي الجزء الملاصق للجزء الذي طلع فيه الفجر، وليس المراد
أنه تسحر في الجزء الذي طلع فيه الفجر. قوله: (أو سافر دون القصر) وأما من أصبح في الحضر صائما فسافر
531

دون القصر فأفطر فالظاهر أنه يجري على الخلاف، فيمن سافر سفر قصر فأفطر لذلك، وسيأتي الخلاف
فيه بل هذا أحرى بوجوب الكفارة اه‍ ح. قوله: (فظنوا الإباحة إلخ) قد ذكر المصنف أمثلة ستة
للتأويل القريب وزيد عليها: من أكل يوم الشك بعد ثبوت الصوم ظانا الإباحة كما قدم المصنف، ومن
أفطر متأولا عدم تكذيب العدلين بعد ثلاثين صحوا. لقول الشافعي بذلك، ومن أفطر ظانا الإباحة
لأجل حجامة فعلها بغيره أو فعلت به على الراجح خلافا لما يأتي للمصنف من أن هذا من التأويل البعيد،
وبالجملة فالظاهر أن النظر في قرب التأويل للشأن والمثال لا يخصص. قوله: (بخلاف بعيد التأويل) هذا
مخرج من قوله: بلا تأويل قريب. ولا يقال: إنه منطوقه فكيف يخرج منه؟ لأنا نقول: بل قوله بلا
تأويل قريب أعم منه لصدقه بانتفاء التأويل أصلا وبالتأويل البعيد فكأنه قال: يشترط في الكفارة
انتفاء التأويل القريب بخلاف التأويل البعيد فلا يشترط انتفاؤه لان فيه أنتها كالحرمة حكما لقوله
كالعدم. قوله: (فعليه الكفارة) أي عند ابن القاسم وهو المشهور. وقال أشهب: لا كفارة عليه، وعد هذا
تأويلا قريبا، وقد استقر به ابن عبد السلام قائلا: إن هذا أقرب تأويلا ممن قدم ليلا أو تسحر حال
الفجر، قال عج: هو في هذا الفرع قد استند في فطره لموجود وهو رد الشهادة فلا يكون تأويلا بعيدا اه‍.
وقد يقال: هو وإن استند في فطره لامر موجود لكنه لم يعذر به شرعا، والتأويل البعيد هو المستند
فيه لامر معدوم أو موجود لكنه لم يعذر به شرعا، ووجه المشهور بأن رفعه للقاضي ناشئ عن رؤيته
للهلال فلذا عد هذا التأويل بعيدا. قوله: (فالكفارة) أي وهذا بخلاف من أفطر عامدا ثم تبين أن ذلك اليوم
يوم العيد أو تبين أن الحيض أتاها قبل الفطر فلا كفارة على المعتمد خلافا لحمديس اه‍ عدوي. تنبيه:
ما ذكره من الكفارة في هاتين المسألتين هو المشهور. وقال ابن عبد الحكم: لا كفارة فيهما ورآه
من التأويل القريب. قوله: (أو أفطر لأجل حجامة) أي أو أفطر ظانا الإباحة لأجل حجامة إلخ. وما
ذكره المصنف من أن هذا تأويل بعيد وفيه الكفارة مذهب ابن حبيب وهو ضعيف. وقوله والمعتمد
إلخ وهو مذهب ابن القاسم. قوله: (أفطر الحاجم والمحتجم) فالمتأول استند لظاهر الحديث وإن كان
غير مراد والمراد أنهما فعلا ما يتسبب عنه الفطر، أما الحاجم فلمصه الدم، وأما المحتجم فلما يلحقه من
الضرر. قوله: (أو غيبة) يعني أن من اغتاب شخصا في نهار رمضان فظن إباحة الفطر لاكله لحم أخيه
فأفطر فعليه الكفارة، قال ح: لو جرى في هذا من الخلاف ما جرى في الحجامة ما بعد لكن لم أر فيها إلا
قول ابن حبيب بوجوب الكفارة اه‍ عدوي. وبقي من أمثلة التأويل البعيد ما لو أكره على الفطر ثم أكل
متعمدا بعد زوال الاكراه لاعتقاده جواز الافطار فقد استظهروا وجوب الكفارة، وإن هذا من
التأويل البعيد، والظاهر أنه لا كفارة عليه وأنه من التأويل القريب اه‍ عدوي قوله: (بينه) أي بين عدم
التلازم قوله: (فالقضاء على ذلك الغير) أي لأنه لا يقبل النيابة قوله: (منعكسا) وحاصله أن كل فطر عمدا
حراما في النفل يوجب قضاء. قوله: (ذكر له هنا ضابطا آخر) حاصله كل ما يوجب الكفارة في
رمضان يوجب القضاء في التطوع، وتقدم أن الذي يوجب الكفارة في رمضان هو الفطر عمدا بلا جهل
ولا تأويل قريب قوله: (فكل ما إلخ) أي فكل فطر وجبت به الكفارة في الواجب وهو الفطر عمدا بلا
532

تأويل قريب وجهل. قوله: (وعلى كل حال) أي سواء حمل كلام ابن القاسم على نزولها غلبة أو عمدا.
قوله: (لا قضاء في النفل) أي كما في نقل ابن عرفة عن ابن القاسم وكذا في المواق قوله: (فمن قيده) أي فمن قيد
ابتلاع الحصاة بالغلبة كخش. قوله: (ولان إلخ) عطف على قوله: فلقول ابن القاسم. قوله: (وأما فساد
المفهوم) أي وهو كل فطر لا يوجب كفارة في الفرض لا يوجب قضاء في النفل. قوله: (وممن أصبح إلخ)
عطف على قوله بمسائل التأويل، ويرد عليه أيضا من أفطر من غير الفم ومن أمذى فإن في كل القضاء
في الفرض والنفل ولا كفارة. قوله: (بعد ما شرع في السفر) أي السفر الذي تقصر فيه الصلاة
قوله: (ما لم يزدرد) أي يبتلع منه شيئا أي عمدا أو غلبة أو نسيانا وإلا فالقضاء، والفرض أنه وصل
لمحل يمكن طرحه، وأما إذا لم يصل لموضع يقدر على طرحه منه كما إذا لم يصل لحلقه فلا شئ عليه في
ابتلاعه. قوله: (وغالب ذباب) أي وذباب غالب وقاهر وظاهره وإن لم يكن كثيرا. وقوله: أو بعوض
أي ناموس وغير الذباب والبعوض كالبراغيث والقمل ليس مثلهما كما يفيده التعليل الذي ذكره
الشارح. قوله: (غبار طريق) أي وإن لم يكثر الغبار، وأما غبار غير الطريق كغبار كنس البيت
فالقضاء في وصوله للحلق فيما يظهر، وانظر إذا كثر غبار الطريق وأمكن التحرز منه بوضع حائل على
فيه هل يلزمه وضع حائل على فيه أم لا؟ وهو ظاهر كلام غير واحد اه‍ عدوي. وقوله: أو كيل أي
غبار مكيل من سائر الحبوب. قوله: (أو جبس لصانعه) وكذا غبار الدباغ لصانعه، وإنما اغتفر
غبار الدقيق وما معه للصانع نظرا لضرورة الصنعة وإمكان التحفظ لغيره، وقال بعضهم: إنه لا يغتفر
ذلك ولا للصانع ويجب القضاء. قوله: (قيد في الدقيق) لان الخلاف في الدقيق وما بعده إنما هو في
الصانع كما في التوضيح، وأما غيره فلا يغتفر له ذلك اتفاقا. قوله: (وحقنة من إحليل) أي لأنها لا تصل
لمعدته. وقوله: من إحليل وأما من الدبر أو فرج المرأة فتوجب القضاء إذا كانت بمائع لا بجامد كما مر.
كذا قال عبق، واعترضه أبو علي المسناوي بأن فرج المرأة ليس متصلا بالجوف فلا يصل منه شئ
إليه. وفي المدونة: كره مالك الحقنة للصائم فإن احتقن في فرض بشئ يصل إلى جوفه فليقض ولا
يكفر اه‍. وفي ح عن النهاية: إن الإحليل يقع على ذكر الرجل وفرج المرأة اه‍ بن. فعلم منه أن
الحقنة من فرج المرأة لا قضاء فيها كالحقنة من ثقب الذكر. قوله: (ومني) بالتنوين ومستنكح
بكسر الكاف أي غالب من رجل أو امرأة ويصح قراءته بالإضافة مع فتح كاف مستنكح أي
ومني شخص مستنكح رجل أو امرأة. قوله: (أو مذي) لا يحتاج إلى تقييده بالمستنكح
لأنه عطف على المقيد بقيد، والمعطوف على المقيد بقيد يعتبر فيه القيد أيضا. قوله: (ونزع
مأكول أو مشروب) يعني أن من نزع المأكول أو المشروب من فمه في حال طلوع الفجر فلا
شئ عليه على المشهور بناء على أن اخراج المائع من الحلق ليس ايصالا له، ولا يقال إذا نزع
المأكول في حال الطلوع كان نازعا في النهار لأنه لا يكون نازعا في النهار إلا إذا كان النزع
بعد طلوع الفجر وليس مرادا، وإنما المراد أن النزع في حال الطلوع لا بعده ولا في الجزء الملاقي
لطلوع الفجر لان النزع حينئذ ليلا فلا خلاف فيه. قوله: (أو فرج) أي أنه إذا نزع فرجه من
فرج موطوأته في حال طلوع الفجر فلا شئ عليه على المشهور بناء على أن نزع الذكر لا يعد وطأ.
533

ونص ابن شاس: ولو طلع الفجر وهو يجامع فعليه القضاء إن استدام، فإن نزع أي في حال الطلوع ففي
إثبات القضاء ونفيه خلاف بين ابن الماجشون وابن القاسم سببه أن النزع هل يعد جماعا أم لا؟ قوله: (أو
حصل مني أو مذي بعد نزع الذكر) أي إن لم يخرج ذلك عن فكر مستدام بعد النزع وإلا فالكفارة في
الأول والقضاء في الثاني اه‍ عدوي. قوله: (وجاز سواك) أي بما لا يتحلل منه شئ، وكره بالرطب لما
يتحلل منه فإن تحلل منه شئ ووصل لحلقه فكالمضمضة إن وصل عمدا كان فيه القضاء والكفارة وإلا
فالقضاء. قوله: (كل النهار) أي وفاقا لأبي حنيفة لقوله عليه الصلاة والسلام: لولا أن أشق على أمتي
لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة وهذا يعم الصائم وغيره. قوله: (خلافا لمن قال) أي وهو الشافعي وأحمد
واستدلا بقوله عليه الصلاة والسلام: لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك. والخلوف بالضم
ما يحدث من خلو المعدة من الرائحة الكريهة في الفم، وشأن ذلك أن يحدث عند الزوال فإذا استاك بعد
الزوال أزال ذلك الخلوف المستطاب عند الله فلذا كان مكروها، وقد يقال: هذا لا يدل على الكراهة
لان سبب الخلوف خلو المعدة وخلو المعدة موجود لم يذهب فليكن الخلوف باقيا لم يذهبه السواك. فإن
قلت: ما معنى كونه أطيب عند الله مع أن الله منزه عن استطابة الروائح و الانبساط منها لان هذا من
صفات الحيوان؟ قلت: هذا كناية عن رضاه تعالى به وثنائه على الصائم بسببه وتقريبه منه كتقريب
ذي الرائحة الطيبة ولا يخص ذلك بالآخرة. قوله: (لان فيه تغريرا) أي مخاطرة لاحتمال سبق شئ
منها إلى الحلق فيفسد صومه. قوله: (واصباح) أي تعمد البقاء بالجنابة حتى يطلع الفجر ويصبح.
قوله: (وصوم دهر وجمعة فقط) أي خلافا لمن قال بكراهتهما، وحجة القائل بجواز صوم الدهر الاجماع
على لزومه لمن نذره، ولو كان مكروها أو ممنوعا لما لزم على القاعدة، وأما صوم الجمعة بخصوصها مع
ورود النهي عن ذلك وهو قوله عليه الصلاة والسلام: لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم
يوما قبله أو يوما بعده فمحل النهي على خوف فرضه، وقد انتفت هذه العلة بوفاته عليه الصلاة
والسلام. قوله: (وجاز له) أي للصائم. قوله: (بأن يبيت الفطر إلخ). أشار الشارح إلى أن المراد
بالفطر ما يشمل الفطر بالفعل وتبييت الفطر، وعليه فيوزع في الشروط بأن يجعل قوله: شرع فيه
إلخ شرطا في جواز تبييت الفطر. وقوله: ولم ينوه فيه شرطا في جواز الفطر بالفعل. وفي بن: إنه يتعين
أن المراد بالفطر هنا تعاطي المفطر إذ لو كان بمعنى تبييت الفطر لم يلائمه قوله شرع فيه قبل الفجر، ولا
قوله: ولم ينوه فيه لان تبييت الفطر في السفر يستلزم الشروع فيه قبل الفجر وإنه لم ينو الصوم
فيه فيكون اشتراط ذلك من قبيل تحصيل الحاصل اه‍ كلامه فتأمله. قوله: (ولجوازه أربعة شروط)
منها ما يعم يوم السفر وما بعده وهو قوله: سفر قصر، وقوله: ولم ينوه فيه، ومنها ما يخص يوم السفر دون
ما بعده وهو قوله: شرع فيه قبل الفجر اه‍ عدوي. قوله: (بسفر قصر إلخ) قال الشيخ أحمد
الزرقاني: يفهم من ذلك أنه يجوز للصائم المسافر الفطر ولو أقام يومين أو ثلاثة بمحل ما لم ينو إقامة أربعة
أيام كالصلاة كما صرح به في النوادر ونقله ابن عرفة انظر ح. قوله: (قبل الفجر) أي وكان ذلك الشروع
أي الوصول لمحل البدء قبل الفجر. قوله: (وإلا قضى) الأولى وإلا فلا يجوز لعلم القضاء من قوله:
534

وقضى في الفرض مطلقا على أن القضاء لازم على كل حال سواء تخلف شئ من الشروط أم لا. وأجاب
الشارح بأنه إنما ذكر القضاء وإن علم مما مر لأجل أن يرتب عليه قوله ولو تطوعا. قوله: (على أن هذا
مستغنى عنه) أي لكن هذا مستغنى عنه بقوله وفي النفل بالعمد الحرام أي وحينئذ فالأولى حذفه
وإبداله بقوله فلا يجوز، وأيضا المبالغ عليه لا بد أن يكون ما قبل المبالغة صادقا عليه، ولا شك أن قوله
وفطر بسفر قصر المراد به الفطر في رمضان كما أشعر به قوله: ولا كفارة إلخ وهذا لا يصدق على التطوع.
قوله: (إلا أن ينويه بسفر) حاصله أنه إذا بيت نية الصوم في السفر وأصبح صائما فيه ثم أفطر لزمته
الكفارة سواء أفطر متأولا أو لا فهاتان صورتان. وقوله: وأحرى إلخ حاصله أنه إذا أصبح مفطرا
في الحضر بأن رفع نية الصوم ليلا وطلع الفجر رافضا لها والحال أنه عازم على السفر فإنه يلزمه الكفارة
سواء سافر أم لا، كان متأولا أو لا، فهذه أربع صور تضم للاثنين قبلها فالجملة ستة. قوله: (مطلقا) أي
تأول أو لا. وقوله: كأن سافر أي بعد الفطر. قوله: (ولم يتأول) أي والحال أنه أفطر غير متأول، وهذه
ثلاث صور فيها الكفارة تضم للستة المتقدمة فالجملة تسع صور فيها الكفارة، و سيأتي في المصنف
صورة عاشرة. قوله: (عزم على السفر إلخ) أي فهذه أربع صور لا كفارة فيها تضم للصورة التي قبلها
فالجملة خمسة لا كفارة فيها. قوله: (والفرق بينه) أي بين من بيت الصوم في الحضر ثم أفطر بعد أن شرع
في السفر بعد الفجر. وقوله وبين من بيت الصوم في السفر فأفطر أي الذي أشار المصنف بقوله: إلا أن
ينويه بسفر. قوله: (فلما اختار الصوم إلخ) أي فلما شدد على نفسه بنيته الصوم وترك الرخصة شدد
عليه بلزوم الكفارة. وفي ح خلاف فيمن سافر لأجل الفطر هل يعامل بنقيض مقصوده وتلزمه
الكفارة أم لا؟ قوله: (وجاز الفطر بمرض إلخ) أي وجاز للصائم ولو حاضرا الفطر بسبب مرض قائم به
خاف زيادته فالباء في بمرض سببية، وما ذكره المصنف من الجواز هو المشهور قال البرزلي: اختلف إذا
خاف ما دون الموت على قولين المشهور الإباحة نقله ح، فما في المواق عن اللخمي من منع الصوم
ووجوب الفطر مقابل للمشهور اه‍ بن. قوله: (أو لموافق) أي أو لاخبار موافق. قوله: (بخلاف
الصحيح) أي فإنه لا يجوز له الفطر إذا حصل له بالصوم مجرد شدة تعب وهذا هو المشهور، وسيأتي
للشارح قول آخر بجواز فطره، وكذلك لو خاف الصحيح حصول أصل المرض بصومه فإنه لا يجوز
له الفطر على المشهور، إذ لعله لا ينزل به المرض إذا صام وقيل يجوز له الفطر. قوله: (ووجب إن خاف هلاكا)
هذا كالاستثناء من قوله: وجاز الفطر بمرض خاف زيادته فكأنه قال: إلا أن يخاف هلاكا فيجب.
قوله: (أو شديد أذى) أي أذى شديدا فهو من إضافة الصفة لموصوفها قوله: (وهو إرضاعها بنفسها) أي مع
كفايته. وقوله إن خافتا عليه المرض أي حدوثه بسبب صوم الحامل أو من قلة اللبن بسبب صوم
المرضع قوله: (أي لم يمكنها واحد إلخ) هذا جواب عما يقال: إن المرضع إذا خافت على ولدها لا يجوز
لها الفطر إلا إذا انتفى إمكان كل من الاستئجار وغيره، فكان الواجب العطف بالواو لا بأو.
535

وحاصل الجواب أن أو إذا وقعت في حيز النفي كانت لنفي الأحد الدائر، والأحد الدائر لا يتحقق
نفيه إلا بنفي الجميع. قوله: (على حد) أي على طريقة أي فهو على طريقة ولا تطع إلخ. وذلك لان
العطف بأو بعد النفي كما في المصنف أو بعد النهي كما في الآية المراد منه نفي الأحد الدائر والنهي عن
الفعل المتعلق به قوله: (خافتا على ولديهما) أي أحد الامرين السابقين المجوز للفطر والموجب له ومفهوم
خافتا إلخ أنه لا يباح لهما الفطر بمجرد حصول المشقة الشديدة، لكن اللخمي قد صرح بجوازه لهما، وحكى
ابن الحاجب الاتفاق عليه واستظهره المصنف في توضيحه وعزاه ابن رشد لسماع ابن القاسم ونصه
للمرضع على المشهور من مذهب مالك ثلاثة أحوال: حال لا يجوز لها فيه الفطر والاطعام وهو ما إذا قدرت
على الصوم ولم يجهدها الارضاع ولم يحصل لولدها ضرر بسببه، وحال يجوز لها فيها الفطر والاطعام
وهي ما إذا جهدها الارضاع ولم تخف على ولدها أو خافت عليه حدوث مرض أو زيادته ولم يمكنها
الارضاع، وحال يجب عليها فيها الفطر والاطعام وهي ما إذا لم يمكنها الارضاع وخافت على ولدها شدة
الأذى انظر بن قوله: (ولذا) أي ولأجل كون الحمل مرضا حقيقة والرضاع في حكم المرض وليس
مرضا حقيقة. قوله: (فإن أمكنها الاستئجار إلخ) هذا شروع في بيان مفهوم قوله: لم يمكنها استئجار أو
غيره قوله: (والأجرة في مال الولد) أي أجرة إرضاعه إذا لم تقدر على إرضاعه وخافت عليه وأجرت له
مرضعة ترضعه وهذا متعلق بمفهوم قوله: لم يمكنها استئجار أي فإن أمكنها ذلك وجب الصوم واستأجرت
والأجرة في مال الولد إلخ قوله: (لأنه) أي إرضاعه قوله: (تأويلان) الأول للخمي والثاني لسند كما في
التوضيح، وكان الأولى للمصنف أن يعبر بتردد أو بقولان إذ ليس هذا خلافا في فهم المدونة، قال
شيخنا: والراجح من القولين الأول فكان على المصنف الاقتصار عليه فإن عدم مال الأب فمن مال
الأم. قوله: (حيث يجب الرضاع عليها) أي بأن كانت غير علية القدر وكانت غير مطلقة طلاقا بائنا
وإلا فلا يجب عليها اتفاقا وكانت في مال الأب. قوله: (والقضاء بالعدد) عطف على فاعل وجب
المستتر في قوله: ووجب إن خاف هلاكا إلخ. والشرط في العطف على ضمير الرفع المستتر موجود وهو
الفصل قوله: (بالعدد) أي سواء صام القضاء بالهلال أو بغيره على المشهور. وقال ابن وهب: القضاء
بالعدد إن صام بالعدد ولم يصم بالهلال وإن صام بالهلال أجزأه ذلك الشهر سواء وافقت عدة أيامه
عدة رمضان أو نقص عدد القضاء عنه. قوله: (أبيح صومه) أي بزمن أبيح الصوم فيه فخرج الزمان
الذي يحرم فيه الصوم كيومي العيد وتالي يوم النحر فلا يصح صومها قضاء، وخرج أيضا الزمان
الذي يكره صومه كرابع النحر فلا يصح صومه قضاء، وخرج أيضا الزمان الذي وجب
صومه كرمضان بالنسبة للحاضر، وكذلك الأيام المعينة التي نذر صومها فلا يصح صومها قضاء عن
رمضان الماضي، ولما كان قوله بزمن أبيح صومه شاملا لرمضان بالنسبة للمسافر أخرجه بقوله:
غير رمضان، ولو قال المصنف بزمن أبيح صومه تطوعا لأغناه عن قوله غير رمضان، ولا ينتقض قول
المصنف بزمن أبيح صومه بيوم الشك فإن صومه حرام أو مكروه مع أنه يصام قضاء كما مر. لأنا
نقول: صومه من حيث ذاته مباح والحرمة أو الكراهة إنما عرضت له من حيث قصد الاحتياط
اه‍ خش. قوله: (ولا في أيام التشريق الثلاثة) أما عدم صحة القضاء في ثاني العيد وثالثه فباتفاق للنهي
عن صومهما نهي تحريم، وأما عدم صحة القضاء في رابع العيد وهو ثالث أيام التشريق فعلى المشهور
لكراهة صومه تطوعا وعدم إباحته. قوله: (فلا يقضي إلخ) أي فلو قضى المسافر ما عليه من رمضان
الماضي في هذا الحاضر فإنه لا يجزئ عن واحد منهما اتفاقا، وأما الحاضر إذا صام رمضان
536

الحاضر قضاء عن الماضي فقيل: لا يجزئ عن واحد منهما وهو قول مالك وأشهب وسحنون وابن
حبيب وابن المواز وصححه ابن رشد، ثم اختلف أصحاب ذلك القول فقيل إنه لا يلزمه كفارة كبرى مع
كون صومه لا يجزئه عن رمضان الحاضر ولا الماضي وذلك لأنه صامه ولم يفطر، وصوبه ابن أبي زيد،
وقال ابن المواز: يلزمه كفارة كبرى مع الكفارة الصغرى عن كل يوم لفطره فيه عمدا برفعه نية
رمضان إلا أن يعذر بجهل أو تأويل، واقتصر ابن عرفة عليه، فيفيد اعتماده كما قال ح، والذي ذكره
ابن القاسم في المدونة أن الحاضر إذا صام رمضان الحاضر قضاء عن الفائت بأنه يجزئ عن الحاضر
وإن لم ينوه وصوبه في النكت كما قال المواق وعليه للماضي مد عن كل يوم قال عبق: وينبغي أن يكون
به الفتوى قاله شيخنا العدوي وصححه بعض شيوخنا، والحاصل أن كلا من القولين قد صحح.
قوله: (ووجب إتمامه إلخ) أي فإذا ظن أن في ذمته صوم يوم من رمضان أو من نذر غير معين فشرع فيه فتذكر
قضاءه قبل ذلك أو تذكر سقوط صوم ذلك اليوم عنه بأن تذكر أنه بلغ في ذلك اليوم وجب إتمامه
لأنه صار نفلا، والنفل يجب إتمامه بالشروع فيه عند ابن القاسم، ومثل ذلك من شرع في الظهر يظنها
عليه فتبين أنه صلاها فإنه يخرج عن شفع ولو لم يعقد ركعة، وفي العصر يخرج عن شفع إن تذكر بعد أن
عقد ركعة وإلا قطع، والفرق أن العصر لا يتنفل بعدها، وكذلك من اعتقد أن عليه الحج أو العمرة
فشرع فيهما فتبين أنه فعلهما فإنه يتمهما لأنهما لا يرتفضان اه‍ عدوي. قوله: (فإن أفطر وجب
قضاؤه) أي فإن أفطر عمدا وجب عليه قضاؤه، هذا قول ابن أبي زيد وابن شبلون، وقال أشهب:
لا يجب قضاؤه، والأول هو الجاري على قول المصنف سابقا وقضى في النفل بالعمد الحرام، وقد تبين
لك أن الخلاف خاص بالفطر عمدا، وأما إن أفطر ناسيا فلا قضاء عليه اتفاقا خلافا لعبق حيث جعل
الخلاف في كل من العمد والسهو. قوله: (ويوما عن القضاء) فإن أفطر فيه عمدا قضى يومين وهكذا ولو
تسلسل. قوله: (خلاف) شهر الثاني ابن الحاجب في باب الحج واختاره ابن عبد السلام والأول شهره
ابن غلاب في وجيزه قوله: (فلا يقضي اتفاقا) أي كما قال القرافي في الذخيرة وخالفه القاضي سند فجعل
الخلاف جاريا فيمن أفطر في القضاء عمدا أو سهوا وتبعه خش. قوله: (ووجب أدب المفطر إلخ)
أشار الشارح بتقدير وجب إلى أن أدب مصدر عطف على فاعل وجب في قوله: ووجب إن خاف
هلاكا. قوله: (ولو بنفل) تبع عج في ذكر النافلة وهو غير صحيح لان المسألة للخمي وقد صرح بأن ذلك
في رمضان كما في المواق والتوضيح وابن عرفة، على أن في جواز الفطر في النفل عمدا خلافا بين المذهب اه‍
بن قوله: (ولو كان فطره بما يوجب الحد) أي كزنى أو شرب خمر. قوله: (وقدم الأدب إن كان الحد رجما)
استظهر بعضهم سقوط الأدب في هذا لان القتل يأتي على الجميع اه‍ بن. ومفهومه أنه لو كان الحد جلدا
فإنه يقدم على الأدب قوله: (لمفرط) اللام بمعنى على كما قال الشارح، واللام في قوله لمثله بمعنى إلى التي
لانتهاء الغاية مرتبط بمفرط أي تفريطا منتهيا فيه إلى دخول مثله، وقوله لمفرط أي ولو عبدا أو سفيها
كان التفريط حقيقة أو حكما كناسي القضاء لا المكره على تركه، والجاهل بوجوب تقديمه على رمضان
التالي له فليسا بمفرطين كمسافر ومريض. واعلم أن التفريط الموجب للاطعام إنما ينظر فيه لشعبان
الواقع في السنة التي تلي سنة رمضان المقضي خاصة، فإذا لم يفرط فيه فلا إطعام ولو فرط فيما قبله أو فيما
بعده من العام الثاني اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (ولا يتكرر) أي المد بتكرر المثل فإذا كان عليه يومان
من رمضان ومضى على ذلك ثلاث رمضانات أو أكثر فإنه إنما يلزمه مدان، ولو قال المصنف لمثله أو
أكثر لوفى بذلك إلا أن يقال: ان قوله لمثله مفرد مضاف يعم. قوله: (ولو كل واحد) أي ولو كان كل
واحد من المدين دفعه له في يومه الذي صامه قضاء عما في الذمة. قوله: (فإن كانا عن عامين) أي
537

فرط فيهما بأن دفع له مدين عن يومين كل يوم من عام جاز كما يجوز للمرضع دفع كفارة فطرها وتفريطها
لمسكين واحد. قوله: (ولا يعتد بالزائد على مد) أي إذا كان ذلك من كفارة واحدة، أما لو كان عليه
كفارتان فإنه يجزيه أن يعطي كل واحد مدين، مثال الأول: إذا فرط وعليه عشرة أيام من شهر حتى
دخل عليه رمضان الثاني، ومثال الثاني: ما إذا فرط في رمضانين في كل واحد عشرة أيام، فالمراد بالكفارة
الواحدة كفارة التفريط الذي في عام واحد قوله: (إن بقي وبين) أي إن بقي بيده وبين له عند الدفع أن
ذلك كفارة. قوله: (إن أمكن إلخ) شرط في قوله: ووجب إطعام مده إلخ يعني أنه إنما يلزم المفرط إطعام
المد عن كل يوم لمسكين إذا كان يمكن قضاء ما عليه في شعبان وذلك بأن صار الباقي من شعبان بقدر ما
عليه من رمضان وهو صحيح مقيم خال من الاعذار ولم يقض حتى دخل رمضان الآخر، وعلى هذا فمن
عليه خمسة أيام مثلا من رمضان وترك قضاءها أول شعبان وأخرها إلى أن بقي منه خمسة أيام ثم لما بقي ذلك
مرض إلى أن دخل عليه رمضان الثاني فلا إطعام عليه، ثم إن المعتبر إمكان القضاء في شعبان الأول، فإن حصل
في آخره بقدر ما عليه عذر وتراخى في شعبان الثاني لا يلزمه إطعام، قال الشيخ أحمد الزرقاني: وانظر لو
كان عليه ثلاثون يوما ثم صام من أول شعبان ظانا كماله فإذا هو تسعة وعشرون يوما هل يجب عليه الاطعام
ليوم أو لا؟ والظاهر الثاني لأنه لم يفرط في القضاء لأنه لم يمكنه قضاء ذلك اليوم بشعبان. قوله: (لا إن اتصل
مرضه إلخ) هذا مفهوم قوله: إن أمكن قضاؤه بشعبان صرح به لزيادة الايضاح قوله: (والجهل) أي بوجوب
تقديم القضاء على رمضان الثاني، وجعل الجهل المذكور عذرا أحد قولين، وقيل إنه ليس بعذر، والخلاف
المذكور جار في النسيان وفي السفر وفي المج وليس النسيان والسفر عذرا هنا بل الاكراه اه‍ قوله: (فلا
إطعام عليه) أي ولو كان متمكنا فيما قبل ذلك من الأيام ولا عذر له قوله: (مع القضاء) متعلق بإطعام أي
ووجب إطعام مده عليه السلام لمفرط حالة كون ذلك الاطعام مصاحبا للقضاء أو بعده على جهة الندب
قوله: (مع كل يوم يقضيه) أي فكلما أخذ في قضاء يوم أطعم فيه. قوله: (فإن أطعم بعد الوجوب وقبل الشروع
في القضاء أجزأ) أي كما قال ابن حبيب ولا ينافيه قول المدونة لا تفرق الكفارة الصغرى قبل الشروع
في القضاء لحملها على أن المراد لا تفرق على جهة الأولوية، ومفهوم قوله بعد الوجوب أنه لو أطعم قبل الوجوب
وقبل الشروع في القضاء فإنه لا يجزئ. قوله: (ووجب منذوره) الضمير للناذر المفهوم من الوصف أي
لزوم الناذر الوفاء بمنذوره أي بأي نوع من أنواع الطاعات من صوم أو صدقة أو حج أو نحو ذلك، ورجعه
بعضهم للصوم وهو المناسب للمقام وهذه المسألة تأتي في باب النذر، وإنما ذكرها هنا ليرتب عليها ما بعدها.
وقوله: بلا نية أي حال كون لفظه ملتبسا بعدم النية المتعلقة بواحد منهما أي من الأقل والأكثر
قوله: (كنذر شهر) أي الصادق بثلاثين وتسع وعشرين. وقوله: فيصوم ثلاثين أشار إلى أن الثلاثين معمول
لفعل مقدر. قوله: (لزمه إتمامه كاملا أو ناقصا) أي ولا يلزمه زيادة عليه إذا كان ناقصا ولو قال: نذر علي أن
أصوم هذا الشهر يوما لزمه يوم، ولو قدم اليوم بأن قال: لله علي أن أصوم هذا اليوم شهرا فيحتمل تكراره
في أسابيع الشهر، ويحتمل أن يصومه ثلاثين، فإذا كان يوم الخميس صام ثلاثين خميسا فيحمل على الأكثر
538

عند عدم النية وهو ثلاثون كما سبق، ولو قال: نذرت غدا يوم الجمعة أو عكسه أي يوم الجمعة غدا فإذا هو
يوم الخميس فالعبرة بما عول عليه في نيته، فإن لم تكن له نية فالأظهر أنه يلزمه ما قدمه. قوله: (كجزاء الصيد)
سيأتي بقول المصنف: أو لكل مد صوم يوم وكمل لكسره. قوله: (وقيل يسقط إلخ) أي ذلك النذر بمعنى
أنه لا يلزمه. وقوله: لأنه لم ينذر طاعة أي من حيث صيام نصف اليوم قوله: (ووجب ابتداء سنة) حاصله
أنه إذا قال: لله علي صوم سنة أو عام أو إن فعلت كذا أو إن لم أفعل كذا فعلي صوم سنة أو عام وحنث فإنه
يلزمه صوم سنة ولا يجتزئ بباقي سنة حلفه أو نذره، ولا يلزمه الشروع فيها من حين نذره أو من حين
حنثه إلا أن ينوي ذلك، ولا يلزم تتابعها ويلزمه قضاء ما لا يصح صومه منها، وما ذكره من لزوم سنة في
الحلف بالسنة أو العام هو المشهور من المذهب. وفي حاشية شيخنا السيد البليدي على عبق قول لابن وهب
وابن القاسم بلزوم ثلاثة أيام كمذهب الشافعي، وقيل يكتفي بستة أيام من شوال لحديث: فكأنما صام
الدهر كله وقيل يلزمه ثلاثة أيام من كل شهر لان الحسنة بعشر أمثالها والحمد لله على اختلاف العلماء.
قوله: (وقضى إلخ) في التعبير بالقضاء تجوز لان ما لا يصح صومه ليست أياما بعينها فاتت تقضى إنما هي
شئ في الذمة، فلو قال وصام بدل ما لا يصح صومه كان واضحا. وقوله: وقضى ما لا يصح صومه يعني
تطوعا بأن كان صومه منهيا عنه كالعيدين وأيام الحيض والنفاس أو كان واجبا كرمضان والمعين
بالنذر ولو كان مكررا ككل خميس وكما يقضي ما لا يصح صومه يقضي ما يصح صومه إذا أفطر فيه
سواء كان فطره لعذر كمرض أو نسيان أو إكراه أو كان لغير عذر بأن أفطر عمدا حراما. قوله: (وثاني
النحر وثالثه) أي وأما رابعه فإنه يصومه ولا يقضيه كما هو ظاهر المدونة على نقل المواق واعتمده
ابن عرفة وذلك لأنه لما صح صومه تناوله النذر، ويكون من افراد قول المصنف الآتي، ورابع النحر
لناذره في الجملة، وقال الشارح بهرام وتت و ح: إنه لا يصام الرابع ويقضى، قال المواق: وهو أبين
لان صومه مكروه لغير ناذر بعينه، وناذر السنة ليس ناذرا له بعينه ولا داخلا في ضمن نذره لان
السنة مبهمة، واعتمد ذلك طفي، واعتمد بعض شيوخنا كلام ابن عرفة وهو ظاهر المصنف لأنه قال:
وقضى ما لا يصح صومه، والرابع يصح صومه إلا أن يريد ما لا يصح صومه أصلا أو صحة كاملة
اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (في سنة) أي في نذر سنة أو في التزامها قوله: (في الثانية فقط) أي لان التسمية
في الأولى نص في الباقي، وأما هذه فيحتمل أن يريد أولها من الآن فلا تنصرف للباقي إلا بالنية
قوله: (يبتدئه من حين النذر إلخ) أشار إلى أن المبهمة والمعينة يفترقان في ثلاثة أمور: الفورية والمتابعة وصوم
رابع النحر فهذه الثلاثة لازمة في المعينة دون المبهمة على ما علمت من الخلاف في رابع النحر في المبهمة.
قوله: (ويلزمه صوم رابع النحر) أي في هاتين الصورتين لأنه منذور بعينه فلا خلاف في صومه
بخلاف الأولى فإنه لا يصام على ما قال ح ومن وافقه على كلام ابن عرفة كما يصام هنا يصام فيما تقدم
قوله: (ولا ما أفطره لمرض) لان المعين يفوت بفوات زمنه إن فات لعذر. قوله: (بخلاف فطره
لسفر) مخرج من قوله: ولا يلزم القضاء أي لا يلزم قضاء ما لا يصح صومه بخلاف ما يصح إذا أفطره
لسفر قوله: (أو أكره) المعتمد أن ما أكره على فطره لا يلزمه قضاؤه اه‍ عدوي. قوله: (صبيحة القدوم)
حاصله أنه إذا قال: لله علي صوم يوم قدوم زيد فإنه يلزمه صوم صبيحة ليلة قدومه إن قدم ليلا وكانت
تلك الليلة التي قدم فيها ليست ليلة عذر بأن قدم ليلة يوم يصام تطوعا، فإن قدم نهارا أو ليلا وكانت ليلة
عذر فلا يلزم ذلك الناذر شئ، وإذا كانت صبيحة القدوم من رمضان فلا يجب صومه للنذر بل لرمضان
وسقط عنه النذر. قوله: (لزمه مماثله) أي مماثل يوم صبيحة ليلة القدوم في المستقبل، وقوله أيضا أي
539

كما يلزمه صوم يوم صبيحة القدوم، فإذا قدم ليلة الاثنين لزمه صوم يوم الا ثنين صبيحة ليلة القدوم
وكل اثنين جاء بعد ذلك دائما وأبدا. قوله: (وإلا لزمه مماثله) أي فيما إذا قدم نهارا أو ليلة عذر كما أشار
لذلك الشارح بالمبالغة، فإذا قدم يوم الاثنين أو ليلة الاثنين وكانت ليلة الاثنين صبيحتها يوم عذر فإن
ذلك اليوم بخصوصه لا يلزمه صومه ولا قضاؤه أيضا ويلزمه صوم كل اثنين دائما ما لم يأت في يوم
الاثنين عيد أو عذر كحيض أو إغماء أو جنون فإنه لا يصوم ذلك الاثنين الذي حصل فيه العذر
ويصوم ما بعده من الاثنينات. قوله: (ولو في قدومه ليلة عيد فيما يظهر) هذا هو الحق خلافا لما في عج
من التفرقة بين قدومه ليلة العيد فلا يلزمه المماثل وقدومه ليلة الحيض أو نهارا فيلزمه، وذلك لان
المتبادر عند التقييد بأبدا المماثلة في اليوم لا في الوصف بكونه عيدا أو يوم حيض، إذ لو اعتبرت الصفة
لسقط مطلقا حتى في ليلة الحيض لان اليوم يوصف كونه يوم حيض لا يصام انظر بن
قوله: (الأولى التعبير بالفعل) أي بأن يقول على ما اختير قوله: (لأنه من عند نفسه إلخ) فيه نظر إذ القول الذي
ذكره المصنف هو أحد أقوال سحنون، ونص ابن الحاجب: ولو نذر يوما بعينه ونسيه فثلاثة يتخير
وجميعها وآخرها لأنه إما هو أو قضاؤه، قال في التوضيح: الأقوال كلها نقلت عن سحنون وآخر أقواله
أنه يصومها جميعها واستظهر للاحتياط اه‍. وفي المواق الذي رجع إليه سحنون: أن من نذر صوم
يوم بعينه فنسيه أنه يصوم الجمعة كلها للاحتياط اه‍. فتبين أن ما اختاره اللخمي قول لسحنون لا من
عند نفسه اه‍ بن. فلو نذر يوما معينا ونسيه وكان مكررا فعلى القول بالجمعة في غير المكرر يصوم هنا
الدهر، وعلى القول بأنه يتخير يختار يوما يصومه في كل جمعة، وعلى القول بأنه يصوم آخرها يفطر
ستة أيام ويصوم يوما وهكذا. قوله: (فيما إذا قال من جمعة) أي فيما إذا قال: لله علي صوم اليوم الفلاني من
جمعة ونسيه فيلزمه صوم الأسبوع بتمامه. قوله: (ككل خميس أو الحجة) أي كما إذا قال: لله علي صوم كل
خميس فصادف خميس رابع النحر فإنه يصومه، أو قال: لله علي صوم شهر الحجة فإنه يصوم رابع النحر
الذي هو من جملة ذلك الشهر المنذور. قوله: (وإن تعيينا) بحث فيه بأن المبالغة مقلوبة لان من نذره
مفردا يصومه اتفاقا، ومن نذر صوم ذي الحجة مثلا صام رابع النحر عند ابن القاسم خلافا لعبد الملك.
وأجيب بأن المصنف لم يأت بلو التي لرد الخلاف بل بأن التي لدفع التوهم، والتوهم عند التعيين أشد لان
من نذره بعينه فقد نذر مكروها، والنذر إنما يلزم به ما ندب فلما كان يتوهم عدم لزومه بالغ عليه. إن قلت:
مقتضى كونه يكره صومه تطوعا والنذر إنما يلزم به ما ندب فلما كان يتوهم عدم لزومه بالغ عليه. إن قلت:
مقتضى كونه يكره صومه تطوعا والنذر إنما يلزم به ما ندب أنه لا يلزم ناذره. قلت: أجيب عن ذلك
بأن كراهة صومه تطوعا نظرا لذات الوقت ولزومه بالنذر ونظرا لذات العبادة، وقولهم المكروه
لا يلزم بالنذر أي إذا كان له جهة واحدة باعتبارها تكون الكراهة ويكون اللزوم. قوله: (وإن كره
صومه تطوعا) حال من قوله: ووجب صوم رابع النحر أي والحال أنه يكره صومه تطوعا.
قوله: (لا سابقيه) اعترض بأن حقه لا سابقاه بالرفع عطفا على رابع. وأجاب الشارح بأن في الكلام
حذف مضاف أي لا صوم سابقيه، فحذف المضاف وبقي المضاف إليه على جره.
قوله: (إلا لمتمتع) الأولى إلا لكمتمتع ليشمل ما ذكره الشارح من القارن وما بعده، وهذا الاستثناء
منقطع لان الحكم السابق هو عدم الوجوب للناذر وهذا في غير الناذر فتأمل. قوله: (أو من لزمه
هدي) مثل الهدي الفدية على ما عزاه ابن عرفة للمدونة ومشى عليه المصنف فيما يأتي بقوله: أو
صيام ثلاثة أيام ولو أيام منى. قوله: (لا يجب) أي بل يندب أي لا يجب عليه التتابع في سنة
نذر صومها أو شهر نذر صومه أي وأيام نذر صومها، فقوله: سنة أو شهر أو أيام أي منذورة
في الجميع، فإذا قال: لله علي صوم سنة أو صوم شهر أو صوم سبعة أيام مبهمة فلا يجب عليه التتابع في صوم
540

صوم ما ذكر بل يندب فقط. قوله: (وإلا وجب على التحقيق) أي كما قاله طفي وبن وهو مذهب
المدونة واختاره شيخنا خلافا لعج وعبق حيث قالا: لا يجب التتابع ولو نواه. قوله: (أو نوى في سفره
قضاء رمضان الخارج) أي ونوى بصومه في سفره قضاء رمضان الخارج فلا تجزئه عن واحد منهما،
وعليه للخارج إطعام التفريط، وليس عليه لرمضان الذي هو فيه كفارة كبرى لأنه مسافر سفر قصر.
قوله: (إلا أن مفهوم سافر إلخ) حاصله أن الحاضر إذا نوى بصوم رمضان الحاضر قضاء رمضان الفائت
فقال ابن القاسم في المدونة: أنه يجزئ عن الحاضر وإن لم ينوه وصوبه عبد الحق في النكت، وقال مالك
وأشهب وسحنون وابن المواز وابن حبيب: لا يجزئ عن واحد، وصححه ابن رشد وابن الجلاب
فكل من القولين قد صحح لكن في عبق أن الذي تجب به الفتوى قول ابن القاسم وهو إجزاؤه عن
الحاضر. قوله: (ومثلها في الحاضر) أشار الشارح بهذا إلى أن صور المسألة ست عشرة صورة حاصلة من
ضرب اثنين وهما: الحضر والسفر في ثمانية وهي أن ينوي برمضان الحاضر تطوعا أو نذرا أو كفارة
أو قضاء الخارج فهذه أربعة تضرب في الحضر والسفر بثمانية أو ينوي عامه وعاما قبله أو هو ونذرا أو هو
وكفارة أو هو وتطوعا فهذه أربعة تضرب في الحضر والسفر بثمانية. قوله: (ما عدا الصورة التي فيها
الخلاف) أي انفرادا أو اجتماعا بأن نوى برمضان الحاضر قضاء الخارج أو نوى به الحاضر وقضاء
الخارج معا. قوله: (يحتاج لها زوج) أو علمت أو ظنت أنه يحتاج لها للوطئ. قوله: (فيدخل فيه النذر إلخ)
أي ويدخل فيه أيضا ما وجب عليها الكفارة أو فدية أو جزاء صيد قوله: (تطوع) أي بصوم أو بغيره.
وقوله: بلا إذن مثله إذا استأذنته فمنع. قوله: (المراد به) أي التطوع. قوله: (فله إفساده عليها) أي ويجب
عليها القضاء لأنها متعدية وداخلة على أن له تفطيرها فكأنها أفطرت عمدا حراما قوله: (لا بأكل) أي
لا يجوز له إفساده عليها بأكل أو شرب لان احتياجه إليها الموجب لتفطيرها إنما هو من جهة الوطئ.
باب في الاعتكاف
قوله: (مميز) هو الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب ولا ينضبط بسن بل يختلف باختلاف الاشخاص،
والمراد بفهم الخطاب ورد الجواب أنه إذا كلم بشئ من مقاصد العقلاء فهمه وأحسن الجواب عنه
لا أنه إذا دعي أجاب. قوله: (مسجدا) خرج لزوم البيت، وقوله مباحا أي لكل الناس لا يحجر على
أحد خرج مسجد البيت. قوله: (بصوم) أي حالة كون المسلم المذكور متلبسا بصوم. قوله: (يوما
وليلة) ظرف لقوله لزوم أي سوى وقت خروجه لما يتعين عليه الخروج لأجله من البول والغائط
والوضوء وغسل الجنابة. قوله: (للعبادة) أي لأجل العبادة فيه من ذكر وقراءة وصلاة، ولا
يقال: هذا يشمل لزوم المسجد لأجل تدريس العلم والحكم بين الناس. لأنا نقول: هذا عبادة
لأنها ما توقف على معرفة المعبود وما ذكر ليس كذلك تأمل. قوله: (وهو مندوب) أي على
المشهور كما في خش وعبق، واعترضه أبو علي المسناوي قائلا: طالعت شراح الرسالة وشراح
المختصر وابن عرفة وغيرهم فلم أجد من صرح بتشهيره، ولفظ التوضيح والظاهر أنه مستحب إذ لو
كان سنة لم يواظب السلف على تركه، ومقابله ما قاله ابن العربي أنه سنة، وما قاله ابن عبد البر في الكافي
أنه سنة في رمضان ومندوب في غيره، ففي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله
عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله وكانت أزواجه يعتكفن بعده
والتنوين للتعظيم، أي وحينئذ فالمعنى أنه نافلة عظيمة أي مندوب مؤكد قوله: (وصحته) مبتدأ.
541

وقوله: لمسلم خبر أول. وقوله: بمطلق صوم خبر ثان أي صحته كائنة لمسلم، وصحته بمطلق صوم وما ذكره
من أن الصوم شرط في صحته هو المشهور، وقال ابن لبابة: يصح من غير صوم. قوله: (بمطلق صوم) الباء
للملابسة أي وصحته متلبسة بمطلق صوم. وأما الباء في قوله: وبمطلق مسجد فيصح جعلها للملابسة
وللظرفية، وإنما لم يقل بصوم مطلق لئلا يخرج ما قيد بزمنه كرمضان، وما قيد بسببه كنذر وكفارة
فمطلق الصوم أعم من الصوم المطلق لان مطلق الصوم يشمل الصوم المطلق وهو الذي لم يقيد بزمن
أو بسبب، ويشمل ما كان مقيدا بواحد منهما، بخلاف الصوم المطلق فإنه لا يشمل المقيد لأنه مباين له
لأنه قسيمه. قوله: (ككفارة ونذر) أي فالصوم المنذور والكفارة لا يوجدان إلا إذا وجد سببهما
وهو النذر وموجب الكفارة. قوله: (وأطلق) أي عند التقييد بالزمن والسبب قوله: (فمن لا يستطيع
الصوم) أي لكبر أو لضعف بنية. قوله: (فلا يحتاج المنذور) أي الاعتكاف المنذور. وقوله بل يجوز فعله
في رمضان وغيره أي وفي غيره بصوم كفارة أو نذر أو تطوع كما أن الاعتكاف غير المنذور كذلك.
قوله: (على المشهور) هو قول مالك وابن عبد الحكم، فعلى المشهور يصح الاعتكاف في أربعة أحوال: إذا
كان الاعتكاف والصوم منذورين أو متطوعا بهما أو الأول منذور، والثاني متطوع به وعكسه
والمراد بكون الصوم منذورا أنه نذره قبل الاعتكاف، والمراد بتطوعه نيته للصوم قبل نية الاعتكاف،
فلا ينافي كون صحته متوقفة عليه، ومقابل المشهور قبل عبد الملك وسحنون: لا بد للاعتكاف المنذور
من صوم يخصه بنذره أي يخصه بسبب نذر الاعتكاف أي أن النذر كما هو سبب في وجوب الاعتكاف
سبب أيضا في وجوب الصوم، والحاصل أنه ليس مرادهما أنه لا بد من صوم منذور كالاعتكاف، فلا
يصح في صوم تطوع بل المراد أنه لا يصح في كفارة ولا في رمضان لان نذر الاعتكاف نذر للصوم،
فلا يصح بصوم رمضان ولا بصوم الكفارة ولا بالصوم الذي نذره قبل الاعتكاف، وأما صوم
التطوع الذي نواه قبل الاعتكاف الذي نذره فيصح فيه الاعتكاف المنذور لأنه يصير منذورا بنذر
الاعتكاف كذا أفاده عج. واعلم أن الخلاف مبني على أن الصوم شرط أو ركن في الاعتكاف، فنذر
الاعتكاف أوجب عليه الصوم لأنه من أركانه ونذر الماهية نذر لاجزائها على الثاني لا على الأول.
قوله: (وبمطلق مسجد) أي سواء كانت تقام فيه الجمعة أم لا؟ وقوله لا بمسجد بيت أي ولا في الكعبة ولا في
مقام ولي. قوله: (ابتداء) مرتبط بقوله: ويجب فيه. وقوله هو المتعين أي لذلك الاعتكاف. قوله: (أي في
كل مكان) أشار بذلك إلى أن من بمعنى في، وإنما عبر بمن مع أن في أوضح لأنه أخصر لأنه بسبب إدغام
النون في الميم سقط حرف في الخط بخلاف في فإن ياءها لا تدغم في الميم. قوله: (مما تصح فيه الجمعة)
راجع للجامع وكذا للمسجد بتقدير إقامة الجمعة فيه على أنه بدل منهما بدل بعض من كل والرابط
محذوف أي مما تصح فيه الجمعة منهما. قوله: (فلا يصح برحبته) هذا تفريع على اشتراط الاختيار
في الصحة، والصواب أن الرحبة والطرق خارجة بنفس المسجد، إذ لا يقال لواحد منهما مسجدا وإن هذا
القيد وهو قول المصنف مما تصح فيه الجمعة لاخراج نحو بيت القناديل والسقاية والسطح مما كان في
المسجد ولا حاجة لقيد الاختيار، ولو سلمنا أن كلا من الرحبة والطرق المتصلة يقال لهما مسجد فقيد
الاختيار لا يخرجهما لما تقدم أن مذهب المدونة صحة الجمعة فيهما مطلقا ضاق المسجد أم لا، اتصلت
الصفوف أم لا، خلافا لتفصيل المصنف فيما مر انظر بن، ثم ذكروا هنا عدم صحة الاعتكاف في الرحاب
والطرق، فما هنا فرع مشهور مبني على ضعيف اه‍ عدوي. قوله: (وإلا خرج وبطل اعتكافه) أي ما لم يكن
يجهل أن الخروج منه مبطل كحديث عهد بالاسلام فيعذر ولا يبطل اعتكافه بخروجه قاله الشارمساحي
ومثله في خش، وقيد خش أيضا قوله وبطل بما إذا نذر أو نوى أياما تأخذه فيها الجمعة قال: فلو نذر
542

أياما لا تأخذه فيها فمرض فيها بعد أن شرع ثم خرج ثم رجع يتم فصادف الجمعة فلا خلاف في أن هذا
يخرج إليها ولا يبطل اعتكافه وهو ظاهر شارحنا أيضا وفيه نظر لان المصنف في التوضيح إنما
نسب هذا التفصيل لابن الماجشون وجعله مقابلا للمشهور ومثله لابن عرفة، وحاصل ما في المسألة
أن من اعتكف في غير الجامع وهو ممن تلزمه الجمعة ووجبت عليه الجمعة وهو في معتكفه وجب عليه
أن يخرج لها وقت وجوب السعي لها، وفي بطلان اعتكافه بذلك الخروج وعدم بطلانه أقوال ثلاثة:
البطلان مطلقا أي سواء وجبت عليه الجمعة في الابتداء والانتهاء وهو المشهور وعدمه مطلقا
وهو رواية ابن الجهم عن مالك، والثالث التفصيل بين ما إذا وجبت عليه في الابتداء أو الانتهاء لابن
الماجشون انظر بن قوله: (وبطل اعتكافه بخروجه) أي من المسجد. وقوله برجليه معا أي لا بإحداهما.
قوله: (سواء دخل إلخ) أي المسجد الذي اعتكف فيه عازما على أنه يخرج منه للجمعة. وقوله: ويقضيه
أي يقضي ذلك الاعتكاف. قوله: (فإن لم يخرج) أي للجمعة من ذلك المسجد الذي اعتكف فيه
والحال أنه غير جامع. وقوله ولم يبطل أي اعتكافه. قوله: (إذ لم يرتكب) أي بعدم خروجه للجمعة
كبيرة حتى أن الاعتكاف يبطل، وإنما ارتكب صغيرة وهي لا تبطله لان ترك الجمعة لا يكون كبيرة إلا
إذا كان ثلاث جمع متواليات فيجري على خلاف الكبائر الآتي. قوله: (أحد أبويه) أي وأحرى هما.
وقوله: فيخرج أي لأجل أن يعوده وإنما وجب الخروج للعيادة لأجل برهما أي وسواء كانا مسلمين
أو كافرين كما في عج. وقوله: دنية خرج الأجداد والجدات فلا يجب الخروج من المعتكف لعيادتهم.
قوله: (ويبطل اعتكافه) أي لان الخروج لذلك ليس من جنس الاعتكاف ولا من الحوائج الأصلية
التي لا انفكاك للمعتكف عنها فهو عارض كالخروج لتخليص الغرقى فإنه واجب ومبطل للاعتكاف،
فكذا ما كان مثله وهو الخروج لبر الوالدين. قوله: (على أحد التأويلين الآتيين) أي من بطلانه
بالكبائر وعدم بطلانه بها والعقوق من جملة الكبائر. قوله: (لا جنازتهما معا فلا يجوز خروجه) هذا
هو المشهور خلافا للجزولي القائل بوجوب خروجه لجنازتهما كما يجب خروجه لزيارتهما، وعلى
القولين إذا خرج بطل اعتكافه، وقيد المشهور بما إذا لم يتوقف التجهيز على خروجه وإلا وجب
اتفاقا وبطل اعتكافه. قوله: (فإن كان الآخر حيا خرج) أي وجوبا وبطل اعتكافه. قوله: (لأن عدم
الخروج مظنة إلخ) أي لان الحي يقول: إن هذا الولد لا خير فيه لأنه إذا لم يخرج لجنازة أمه فأنا كذلك
لا يمشي خلف جنازتي. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا يكن الآخر حيا فلا يخرج لجنازة ذلك الذي مات
منهما. قوله: (وكشهادة) عطف على جنازتهما أي لا جنازتهما ولا كشهادة أي ولا مثل شهادة
فالكاف اسم بمعنى مثل، ومثل الشهادة الدين فإذا كان عليه دين فليوفه في المسجد ولا يجوز له الخروج
لأدائه. قوله: (ليكون مشبها بقوله لا جنازتهما) أي والمعنى حينئذ لا يخرج لجنازتهما كما لا يخرج
للشهادة. وقوله ويدل عليه ما بعده أي وهو قوله: ولتؤد بالمسجد. قوله: (وإن وجبت) مبالغة
في عدم الخروج. قوله: (من بعد غيبة إلخ) أي غيبة المنقول عنه أو مرضه أو موته. قوله: (وكردة)
عطف على قوله: كمرض أحد أبويه والمشاركة في أحد حكميه وهو البطلان لا في مجموع
حكميه من وجوب الخروج والبطلان. قوله: (ولا يجب عليه استئناف) أي لذلك الاعتكاف
الذي بطل بالردة وفيه نظر، فقد نص ابن شاس في الجواهر على وجوب الاستئناف كما نقله المواق
اه‍ بن. لكن ما قاله الشارح أليق بالقواعد، إذ مقتضى ما قاله ابن شاس قضاء رمضان وكفارته
إذا ارتد في رمضان وتاب تأمل. قوله: (ورجع) أي للاسلام بعد ردته. قوله: (أي وكشخص
مبطل) أي وكابطال شخص مبطل صومه لان الكلام في بيان المبطلات. قوله: (فيفيد أنه تعمد
543

إفساده) أي الصوم والإفادة من حيث إسناد الابطال للشخص. قوله: (أو جماع) الأولى حذفه لان
الحكم وإن كان مسلما، لكن كلام المصنف محمول على خصوص الافساد بالأكل والشرب كما يأتي
للشارح في آخر العبارة. قوله: (فيستأنفه) أي فإذا تعمد إفساده بشئ مما ذكر فيبطل اعتكافه
ويستأنفه من أوله ولا يبني على ما فعله قبل الافساد، وسواء كان الصوم الذي تعمد إفساده فرضا
أصليا أو نذرا معينا أو غير معين أو كان تطوعا. قوله: (ويقضي ما) أي الاعتكاف الذي حصل في
صومه ما ذكر متصلا ذلك القضاء باعتكافه الأول. قوله: (إن كان الصوم فرضا ولو بالنذر) أي إن
كان فرضا أصليا كرمضان أو كان نذرا معينا أو غير معين، أي وطرأ الحيض أو النفاس أو المرض
بعد التلبس به وإلا فلا يقضي. لا يقال: ما ذكره هنا من قضاء النذر المعين إذا حصل فيه مرض أو
حيض أو نفاس وأفطر لذلك مخالف لما مر في الصوم من أن النذر المعين يفوت بفوات زمنه إذا كان
الفوات لعذر كالمرض والحيض والنفاس. لأنا نقول: الصوم هنا لما انضم الاعتكاف تقوى جانبه
فلذا وجب قضاؤه. قوله: (فكذلك) أي يقضيه متصلا باعتكافه الأول على المعتمد قوله: (لتقوى
جانبه بالاعتكاف) جواب عما يقال: كيف يلزمه القضاء مع أن الصوم إذا كان تطوعا وأفطر فيه
ناسيا لا يلزمه قضاؤه. قوله: (وإن أفطر لحيض) أي في صوم التطوع. قوله: (سواء في الافساد) أي
وحينئذ فلا يدخل الافساد بالجماع في كلامه هنا لأنه سيذكره، وكلامه هنا خاص بتعمد الأكل
أو الشرب، وحاصل المسألة أنه إذا تعمد إفساد الصوم بأكل أو شرب فإن اعتكافه يبطل ويستأنفه من
أوله سواء كان الصوم رمضان أو نذرا معينا أو غير معين أو كان تطوعا، وكذلك إذا حصل منه جماع
عمدا أو سهوا، فإن لم يتعمد إفساد الصوم بأن أفطر ناسيا أو لمرض أو حيض أو نفاس فصوره ستة
عشر حاصلة من ضرب الأربعة المذكورة في أقسام الصوم الأربعة وهي رمضان والنذر المعين
وغيره والتطوع، فإن كان الصوم غير تطوع قضى الاعتكاف الذي أفطر فيه كان الفطر لمرض أو
حيض أو نفاس أو نسيانا، وإن كان الصوم تطوعا لم يقض إن كان الفطر لمرض أو حيض أو نفاس
وقضى إن كان الفطر نسيانا. قوله: (وكسكره ليلا حراما) وأولى سكره نهارا، ومثل السكر بحرام
كل مخدر استعمله ليلا وخدره. قوله: (حراما) أي وأما سكره بحلال فيبطل اعتكاف يومه إن كان السكر
نهارا والحال أن الشرب ليلا كالجنون والاغماء فيجري فيه ما جرى فيهما من التفصيل المذكور في
قوله: أو أغمي يوما أو جله أو أقله ولم يسلم أوله فالقضاء. قوله: (كغيبة) أي وقذف وغصب. قوله: (بجامع
المعصية) أي بجامع الذنب في كل والأولى بجامع أن كلا كبيرة. قوله: (تأويلان) فيها إن سكر ليلا
وصحا قبل الفجر فسد اعتكافه فقال البغداديون: لأنه كبيرة، وقال المغاربة: لتعطيل عمله قاله ابن عرفة،
ولهما أشار المصنف بالتأويلين اه‍ بن. قوله: (عدم إبطاله بالصغائر) أي اتفاقا وهو كذلك في نقل
الأكثر، وأما في نقل الأقل ففيها الخلاف. قوله: (وبعدم وطئ ليلا) أي فإن وطئ ليلا عمدا أو سهوا
بطل اعتكافه واستأنفه من أوله ولو كان الوطئ لغير مطيقة لان أدناه أن يكون كقبلة الشهوة
واللمس، وقوله ليلا الأولى ولو ليلا، ولا يقال: الوطئ نهارا داخل في قوله وكمبطل صومه. لأنا نقول:
تقدم أنه خاص بالأكل والشرب. قوله: (كذلك) أي بشهوة ففيه الحذف من الآخر لدلالة الأول.
وحاصله أنه إذا قبل وقصد اللذة أو لمس أو باشر بقصدها أو وجدها بطل اعتكافه واستأنفه من
أوله، فلو قبل صغيرة لا تشتهى أو قبل زوجته لوداع أو رحمة ولم يقصد لذة ولا وجدها لم يبطل
اعتكافه. واعلم أن وطئ المكرهة والنائمة مبطل لاعتكافهما كغيرهما بخلاف الاحتلام. وقوله قبلة
شهوة من إضافة السبب إلى المسبب، ثم إن اشتراط الشهوة في القبلة إذا كانت في غير الفم، وأما إذا كانت
فيه فلا تشترط الشهوة على الظاهر لأنه يبطله، من مقدمات الوطئ ما يبطل الوضوء كما في ح انظر بن.
544

قوله: (وإن لحائض) هذا مبالغة في المفهوم، واللام بمعنى من أي وصحته بعدم ما ذكر، فإن حل شئ مما
ذكر بطل الاعتكاف، هذا إذا حصل من غير حائض بل وإن حصل من حائض ناسية لاعتكافها،
وحاصله أن المعتكفة إذا حاضت وخرجت عليها حرمة الاعتكاف فحصل منها ما ذكر ناسية لاعتكافها
فإنه يبطل وتستأنفه من أوله، ومثل الحائض غيرها من بقية أرباب الاعذار المانعة من الصوم كالعيد أو
الاعتكاف كالمرض كما يأتي، فلو قال المصنف: وإن من كحائض كان أولى. قوله: (وإن أذن لعبد أو امرأة
إلخ) حاصله أن السيد إذا أذن لعبده الذي تضر عبادته بعمله أو لزوجته التي يحتاج لها في نذر عبادة من
اعتكاف أو صوم أو إحرام في زمن معين فنذراها فليس له بعد ذلك منع الوفاء بها وإن لم يدخلا في تلك
العبادة بأن لم يحصل دخول في المعتكف ولا تلبس بالصوم ولا بالاحرام بل حصل النذر خاصة إلا أن
يكون النذر الذي أذنا فيه مطلقا غير مقيد بأيام معينة فله المنع ولو دخلا في العبادة ومن باب أولى ما إذا
نذرا بغير إذنه معينا أم لا، وأما إن أذن السيد لعبده أو الزوج لامرأته في الفعل خاصة بدون نذر فلا
يقطعه عليهما إن دخلا فيه أي في ذلك الفعل الذي أذنهما فيه صوما أو اعتكافا أو إحراما، فإن لم يدخلا
فيه كان له منعهما من الدخول فيه، فإن أذن الزوج أو السيد في النذر ثم منعا منه فقال العبد أو الزوجة:
وقع مني النذر، وقال السيد أو الزوج: لم يقع فالقول قول العبد والمرأة. قوله: (فهذه ثلاث صور) أي
وهي طرو عدة على اعتكاف أو على إحرام أو طرو اعتكاف على عدة ففي هذه الثلاثة تتم السابق قوله: (إلا
أن تحرم إلخ) هذا الاستثناء منقطع لان ما قبل الاستثناء طرو العدة على الاعتكاف أو الاحرام، وطرو
الاعتكاف على العدة وما بعده في طرو الاحرام على العدة، وقوله: إلا أن تحرم وإن بعدة موت أي إلا
أن تحرم وهي ملتبسة بعدة، هذا إذا كانت عدة طلاق بل وإن كانت عدة وفاة قوله: (لا أصل العدة) أي
بحيث تتزوج من غير عدة أو أنها تترك الاحداد. وقوله بالياء التحتية أي في قوله يبطل. قوله: (فتتم
السابق إلخ) قد علمت من مجموع كلام المصنف والشارح أن الصور ستة وأنها تتم السابق في خمسة
منها ويبطل الأول في واحدة قوله: (إلا أن تخشى في الثانية) أي من هاتين الصورتين وهي طرو
الاحرام على الاعتكاف أي أن محل إتمامها للاعتكاف ما لم تخش بإتمامه فوات الحج إلخ،
وهذا التقييد أصله لعج، واعترضه طفي بأن إطلاق أبي الحسن وأبي عمران ينافيه حيث
قالا: إن المعتكفة إذا أحرمت ينعقد إحرامها ولا تخرج له حتى ينقضي اعتكافها انظر ابن غازي اه‍ بن،
والحاصل أن ظاهر إطلاقهما أنها تتم الاعتكاف مطلقا خافت فوات الحج أم لا وسلم ذلك شيخنا
العدوي، لكن كلام عج أنسب بما يأتي من ترجيح القول بتقديم الوقوف بعرفة إذا خشي فواته على
الصلاة خلافا لقول المصنف وصلى ولو فات فتأمل. قوله: (بغير إذنه) حمل المصنف على غير المأذون فيه
لقوله: إن عتق لان المأذون فيه يفعله وإن لم يعتق بأن يرفع أمره للحاكم فيجبر سيده على أن يمكنه
من فعله. قوله: (فإن منعه ما نذره بإذنه إلخ) هذا ظاهر وإن كان غير منصوص لان طاعته لسيده
فيما نذره بإذنه لا تجوز، وقد تقدم أن النذر المعين يجب قضاؤه إن تركه اختيارا اه‍ بن قوله: (ولو
معينا فات وقته) أي هذا إذا كان مضمونا أو معينا وبقي وقته، بل ولو كان معينا وفات وقته لأنه
545

فوته على نفسه حيث أطاع سيده ولم يخالفه ويرفعه للحاكم ليجبره على تمكينه من فعله لأنه حيث أذنه في
النذر ليس له منعه قوله: (ولا يمنع مكاتب يسيره) أي من يسير الاعتكاف الذي شرع فيه ولو بلا إذن من
سيده، قال خش: ومثله المرأة أي التي يحتاج لها زوجها فليس له منعها من يسير الاعتكاف، وظاهره مطلقا
سواء كان أذن لها فيه أم لا وفيه نظر لما تقدم من قوله: وإن أذن لعبد أو امرأة في نذر فلا منع فإن مفهومه
المنع عند عدم الإذن ولو يسيرا، ويدل على بطلانه أيضا ما تقدم في الجماعة من قوله: ولا يقضى على زوجها
به وإذا كان له منعها من المسجد لصلاة واحدة فأحرى الاعتكاف اه‍ بن. والحاصل أن المرأة إذا كان
يحتاج لها الزوج فهي كالعبد فيما ذكر من القسمين أي من الاذن وعدمه، وأما إن كان لا يحتاج لها فيجوز لها
أن تعتكف بغير إذنه وليس له منعها منه ولو كثر. قوله: (ولزم يوم) أي زيادة على الليلة قوله: (وأولى عكسه)
أي فإن نذر يوما لزمه ليلة زيادة على اليوم الذي نذره والليلة التي تلزمه في هذه ليلة اليوم الذي نذره لا الليلة
التي بعده كما هو ظاهر ما لابن يونس وغيره، وحينئذ يلزم في هذه الصورة دخوله المعتكف قبل الغروب
أو معه، وكذا في مسألة المصنف قاله شيخنا. قوله: (فلا يلزمه شئ) أي عندنا خلافا للشافعية اه‍ بن. وقوله: فلا
يلزمه شئ أي ما لم ينو الجوار وإلا لزمه ما نذره. واعلم أن ما ذكره من عدم لزوم شئ باتفاق ابن القاسم
وسحنون واختلافهما في أن من نذر طاعة ناقصة كصلاة ركعة وصوم بعض يوم يلزمه إكماله عند الأول
ولا يلزمه شئ عند الثاني في غير الاعتكاف، وأما هو فلا يلزمه فيه شئ باتفاقهما لضعف أمر الاعتكاف،
وبخلاف الصوم والصلاة والحج فإن أمرها قوي لكونها من دعائم الاسلام قوله: (خلافا لسحنون) أي
حيث قال: لا يلزم شئ كالاعتكاف. قوله: (ولزم تتابعه) أي الاعتكاف المنذور في مطلقه أي فيما إذا
نذره مطلقا غير مقيد بتتابع ولا تفريق، فإذا نذر اعتكاف عشرة أيام فإنه يلزمه تتابعها لان طريقة الاعتكاف
وشأنه التتابع قوله: (فإن نوى أحدهما عمل به) فيه نظر بل إذا نوى عدم التتابع لم يلزمه تتابع ولا تفريق اه‍ بن.
قوله: (حين دخوله المعتكف) أي لان النفل يلزم إتمامه بالشروع فيه، فإن لم يدخل معتكفه فلا
يلزمه ما نواه. قوله: (متعلق بلزم) أي فيكون الدخول سببا في اللزوم قوله: (وهو ظاهر) أي إن ما نواه
حين دخوله لازم له قوله: (وما قيل) القائل لذلك خش وعلل بعلة لا معنى لها. قوله: (كمطلق الجوار) الأولى
أن يقول: كالجوار المطلق إذ فرق بين مطلق الماهية والماهية المطلقة فإن الثاني عبارة عن الماهية بقيد
الاطلاق وهو أخص من الأول، وقوله كمطلق الجوار كأن يقول: لله علي أن أجاور المسجد عشرة أيام
ولم ينو ليلا ولا نهارا ولم يتلفظ بذلك ولم ينو الفطر ولم يتلفظ به، فإذا قال ذلك وكان كذلك فكأنه قال: لله
علي اعتكاف عشرة أيام، وحينئذ فهو اعتكاف بلفظ الجوار فيلزمه ما يلزم في الاعتكاف ويمتنع ما يمتنع
فيه، وحينئذ فيلزمه تتابعها إن نواه أو لم ينو شيئا، فإن نوى التفريق عمل بها، وإذا نوى في قلبه أن يجاور في
المسجد عشرة أيام ولم ينو ليلا ولا نهارا ولا فطرا فهو اعتكاف في المعنى غير منذور، فإذا دخل المسجد لزمه
اعتكاف عشرة أيام، وإن لم يدخل فلا يجب عليه شئ، ومفهوم لم يقيد بليل ولا نهار أنه إذا قيد بذلك بالتلفظ
أو النية لزمه ما قيد به فقط لكن بلا صوم، وكذلك لو كان الجوار مطلقا ولكن نوى الفطر أو تلفظ به
فإنه يلزمه من غير صوم، ومحل لزومه إذا قيد بالفطر أو الليل أو النهار إذا نذر الجوار، أما إذا نواه فقط فلا
يلزمه شئ ولو دخل المسجد. والحاصل أن الجوار إما مطلق أو مقيد بليل أو نهار، فإن كان مطلقا ولم
ينو فيه فطرا لزم بالنذر إذا نذره ولزم بالدخول إذا نواه، وإن نوى فيه الفطر فلا يلزم إلا بالنذر ولا يلزم
بالدخول إذا نواه، وكذا المقيد بليل أو نهار فلا يلزم إلا بالنذر ولا يلزم بالدخول إذا نوى ذلك من غير نذر.
546

قوله: (فإن قيده) أي بالليل فقط أو النهار فقط. وقوله: أو نوى أي أو أطلق ولكن نوى إلخ قوله: (بنذره)
أي بنذر النهار وكذا الليل قوله: (المقيد بالفطر) أي وبالليل أو النهار قوله: (وفي يوم دخوله إلخ) حاصله
أن الجوار إذا كان مقيدا بليل أو نهار أو بالفطر فلا يلزم إلا بالنذر كما مر ولا يلزم ولو دخل إن كان منويا
وهل عدم اللزم في المنوي مطلقا حتى في يوم الدخول فله الخروج من المسجد بعد دخوله أو عدم
اللزوم إنما هو بالنسبة لغير يوم الدخول وأما بالنسبة له فيلزمه إتمامه؟ تأويلان والراجح منهما الأول،
فالخلاف إنما هو في يوم الدخول وأما بعده فلا يلزم اتفاقا. وهل التأويلان في يوم الدخول سواء
نوى مجاورة يوم أو أيام وهو ما قاله ح وبهرام ومثله في التوضيح واعتمده اللقاني أو الخلاف إنما
هو فيما إذا نوى مجاورة أيام وأما إذا نوى مجاورة يوم فلا يلزم إكماله بالدخول قطعا وهو ما قاله المواق
واعتمده عج. إذا علمت ذلك تعلم أن الشارح ماش على طريقة عج اه‍ قوله: (كمن نوى جوار مسجد
ما دام فيه أو وقتا معينا) فلا يلزم بقية ذلك اليوم ولا بقية الوقت المعين قوله: (وإتيان ساحل) عطف
على يوم من قوله: ولزم بيوم قوله: (كدمياط) بالدال المهملة والمعجمة كما في اللب للسيوطي قوله: (سمي
بذلك) أي سمي محل الرباط ساحلا قوله: (على شاطئ البحر) أي فالساحل في الأصل شاطئ البحر
الذي يلقى فيه رمله فأطلق هنا وأريد به محل الرباط تسمية للحال باسم محله قوله: (لا اعتكاف) أي
لأن الصوم والصلاة لا يمنعان الجهاد والحرس والاعتكاف يمنع ذلك فلذا كان ناذره لا يأتي إليه.
قوله: (كان) أي الناذر مقيما في مكان مفضول أي بالنسبة لمكان الرباط أو كان مكانه أفضل كما لو كان مكانه
أحد المساجد الثلاثة أو كان مكانه مساويا لمكان الرباط. قوله: (ولزم إتيان المساجد الثلاثة) ظاهره
ولو كان الموضع الذي هو فيه أفضل كمن بالمدينة نذر الاعتكاف مثلا ببيت المقدس أو مكة وبه قيل،
وقيل إنه لا يأتي من الفاضل للمفضول ويأتي من المفضول للفاضل، وسيأتي القولان في باب النذر
والراجح منهما الثاني قوله: (أن من نذر شيئا من الثلاثة) أي وهي الصلاة والصوم والاعتكاف وقوله:
لزمه الذهاب إليه أي وفعل ما نذره فيه، وهل مطلقا أو إلا أن يكون محل الناذر أفضل وإلا فعله فيه؟
قولان. وقوله كساحل أي كما يلزمه الاتيان لساحل قوله: (وإلا فقولان) أي وإلا يكن بعيدا بل كان
قريبا وهو ما لا يحوج لشد راحلة فقولان في فعل المنذور بموضع النذر أو بالمحل الذي نذر الفعل فيه،
وهذا إذا كان المنذور صلاة أو اعتكافا، وأما إن كان صوما فهل كذلك وهو ما قاله بعضهم أو يفعل
الصوم بموضعه من غير خلاف لأنه لا ارتباط للصوم بالمكان وهذا هو المتبادر من كلام ح.
قوله: (وكره أكله خارج المسجد). حاصله أنه يستحب للمعتكف أن يأكل في المسجد أو في صحنه
أو في المنارة، ويكره أكله خارج المسجد بالقرب منه كفنائه أي قدام بابه ورحبته وهي ما زيد
بالقرب منه لتوسعته، وأما أكله خارجا عما يكره أكله فيه فهو مبطل للاعتكاف، وهذا التفصيل
هو ظاهر المدونة والمجموعة، والذي للباجي البطلان بالخروج من المسجد وأطلق كما في المواق،
ويمكن أن يحمل الاطلاق في كلامه على التفصيل الذي ذكره في المدونة، وظاهر المصنف
كالمدونة كراهة الأكل خارجه ولو خف الأكل وعدم كراهة الشرب خارجه وهو كذلك.
547

قوله: (غير مكفي) أي ليس معه ما يكفيه من المأكل والمشرب وظاهره ولو وجد من يكفيه ذلك
بأجرة أو مجانا كما قيل: ما حك جسمك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك
وفي المدونة ما لم يجد كافيا وعليه إذا وجد كافيا وخرج لشراء ما يحتاجه هل يبطل أم لا؟ انظره.
قوله: (أصله مكفوى) أي فقلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون وأدغمت الياء في الياء
وقلبت الضمة التي قبل الياء كسرة لأجل أن تصح قوله: (فإن اعتكف غير مكفي) أي مرتكبا للكراهة
قوله: (ولا يتجاوز أقرب مكان) أي إذا تعددت الأسواق في البلد قوله: (كاشتغاله) أي كما يفسد إذا
خرج لقضاء حاجة فاشتغل خارجه بشئ إلخ وذلك لان اشتغاله بما ذكر يخرجه عن عمل الاعتكاف
والحال أن حرمة الاعتكاف عليه. قوله: (ودخوله منزله) أي لقضاء حاجة، وأشار الشارح إلى أن الكراهة
مقيدة بقيدين: أن يكون المنزل قريبا وأن يكون فيه أهله أي زوجته أو سريته مخافة أن يشتغل بهم عن
اعتكافه، ولا يرد على هذا التعليل جواز مجئ زوجته إليه في المسجد وأكلها معه وحديثها لان المسجد
وازع أي مانع من الجماع ومقدماته ولا مانع من فعل ذلك في البيت قوله: (ومثله) أي مثل ما إذا لم يكن
أهله في البيت في عدم الكراهة. قوله: (واشتغاله بعلم) هذا على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك من أن
الاعتكاف يختص من أعمال البر بذكر الله وقراءة القرآن والصلاة، وأما على مذهب ابن وهب من أنه
يباح للمعتكف جميع أعمال البر المختصة بالآخرة فيجوز له مدارسة العلم وعيادة المرضى في موضع
معتكفه والصلاة على الجنائز إذا انتهى إليه ازدحام الناس، ويجوز له كتابة المصاحف للثواب لا لأجرة
يأخذها بل ليقرأ فيها وينتفع بها من كان محتاجا اه‍ بن قوله: (غير عيني وإلا لم يكره) ظاهر المدونة
كما في المواق الكراهة مطلقا، وانظر من أين هذا القيد؟ اه‍ بن. وقد يقال: إن العيني متعين لا ترخيص
في تركه فلا تصح كراهته فالنص وإن كان مطلقا فينبغي أن يقيد به تأمل. قوله: (لان المقصود إلخ)
جواب عما يقال: الاشتغال بالعلم غير العيني أفضل من صلاة النافلة فلم كره هنا واستحبت هي والذكر
وقراءة القرآن. قوله: (ورياضة النفس) أي تخليصها من صفاتها المذمومة. قوله: (لا بالاشتغال بالعلم) أي
لان العلم لشرفه عند النفس ربما شمخت به قوله: (إن كثر ما ذكر من العلم) أي غير العيني قوله: (وكتابته)
الضمير للمعتكف لا للعلم بدليل المبالغة فهو من إضافة المصدر لفاعله ومحل كراهة الكتابة له ما لم
تكن لمعاشه الذي يحتاج له في مدة اعتكافه وإن لعياله وإلا فلا كراهة، كذا ينبغي لان الامر المحتاج
له لا يرخص في تركه فلا تصح كراهته قوله: (فيستحب فعلها) أي بأن يشغل الوقت تارة بهذا وتارة
بهذا، وليس المراد أنه يفعل جميعها في فور واحد لان هذا لا يتأتى. وقوله: فيستحب فعلها أي أخذا
من حكم المصنف بالكراهة على فعل غيرها من أنواع البر. قوله: (كعيادة لمريض بالمسجد) وأما إن
كان خارجه كانت العيادة غير جائزة وتبطل الاعتكاف قوله: (إن بعد عنه) بأن كان ينتقل من
محله لعيادته، وأما لو كان قريبا منه فلا بأس أن يسلم عليه وهو جالس في محله. قوله: (وجنازة) أي
وصلاة على جنازة ولو كان جارا أو صالحا فيخص ما تقدم في الجنائز وهو قوله: والصلاة أحب
من النفل إذا قام بها الغير إن كان كجار أو صالح بغير المعتكف، هذا إذا وضعت بعيدة عنه بل ولو
لاصقته، ومحل الكراهة إذا لم تتعين عليه وإلا فلا كراهة لان المتعين لا يرخص في تركه فلا تصح كراهته.
قوله: (لا بمكانه إلخ) ما لم يكن يخرج لرصد الأوقات وإلا كان أذانه في صحنه مكروها كذا قال عياض،
والحاصل أن الأذان على المنار أو على سطح المسجد مكروه مطلقا كان يرصد الأوقات أم لا، وأما أذانه في
محله أو في صحنه فجائز إن لم يكن يرصد الأوقات وإلا كره هذا هو النقل قوله: (لأنه يمشي إلى الامام) مفاده
548

أنه لا كراهة إذا كان لا يمشي وهو كذلك على ما أفاده اللقاني، وعورضت الكراهة بما تقدم من جواز
تأذينه بصحن المسجد ولكن النص متبع. قوله: (وإخراجه لحكومة) أي لدعوة توجهت عليه ولا
يبطل الاعتكاف حينئذ، ومحل هذا إذا أخرج قهرا عنه، وأما خروجه باختياره لذلك ونحوه فإنه يبطل
اعتكافه، قال في المدونة: فإن خرج يطلب حدا أو دينا أو خرج فيما عليه من حد أو دين فسد اعتكافه.
وقال ابن نافع عن مالك: إن أخرجه قاض لحكومة أو غيرها كارها فأحب إلى أن يبتدئ اعتكافه وإن
بنى أجزأه اه‍. وظاهر إطلاقها سواء ألد باعتكافه أو لا. وقال القلشاني في شرح الرسالة: إن أخرج كارها
وكان اعتكافه هربا من دفع الحق فخروجه يبطل اعتكافه اتفاقا اه‍، ونحوه في الجواهر فيقيد إطلاق
كلامها بذلك اه‍ بن. قوله: (ما لم تطل مدة الاعتكاف) أي ما لم يكن الباقي من مدة الاعتكاف كثيرا
قوله: (وإلا فلا كراهة) أي في اخراجه قوله: (إن لم يلد به) أي ان محل كراهة اخراجه لأجل سماع
دعوى توجهت عليه إذا لم يتبين لدده وأنه إنما اعتكف فرارا من إعطاء الحق وإلا تعين اخراجه كان
الباقي من مدة الاعتكاف كثيرا أو قليلا كما في خش وهو الصواب ويبطل اعتكافه بهذا الخروج.
والحاصل أنه إن خرج طائعا لطلب حق له أو لدعوى متوجهة عليه فسد اعتكافه ولو كان غير
ملد بذلك الاعتكاف وإن أخرجه الحاكم قهرا عنه فسد اعتكافه إن كان ملدا به، وإن كان غير ملد به فلا
يبطل اعتكافه وله أن يبني على ما فعله. قوله: (وجاز إقراء قرآن على غيره إلخ) أي ولا يحمل المصنف على
ظاهره من تعليمه القرآن لغيره بموضعه كما في الجلاب فإنه معترض بأن هذا مكروه كما في ح عن سند
لا جائز، وما في الجلاب من الجواز ضعيف كذا في خش وعبق، وفيه أن كلام الجلاب قد اقتصر
عليه في التوضيح، وكذا اقتصر عليه ابن عرفة وابن غازي في تكميل التقييد والمواق وغيرهم، واقتصارهم
عليه يؤذن بأنه المذهب، لكن ما في الجلاب قيده شارحه الشرمساحي ونصه: وإقراء القرآن فيجوز
وإن كثر لأنه ذكر إلا أن يكون قاصدا للتعليم فيمتنع كثيره اه‍ نقله أبو علي المسناوي، وبهذا يجمع
بين كلامي سند والجلاب اه‍ بن. فقول سند: إن سماعه من الغير مكروه إذا كان على وجه التعليم محمول على
ما إذا كان كثيرا. وقول الجلاب: إن إقراء القرآن للغير جائز ولو كثر محمول على ما إذا لم يقصد تعليمه
ويكثر وإلا كره. قوله: (أي سؤاله عن حاله) محل الجواز إذا كان السؤال لطيفا لا طول فيه. قوله: (وإلا
كره) أي وإلا بأن وجد انتقال أي في المسجد أو طول في السؤال بدون انتقال كره. وأما لو حصل
انتقال لخارج المسجد بطل اعتكافه. قوله: (فهو داخل في الذكر) أي لما قيل: إن السلام من أسماء الله
كذا ذكر بعضهم. قوله: (وتطيبه) أي جاز تطيب المعتكف بأنواع الطيب في ليل أو نهار سواء كان
رجلا أو امرأة وهذا هو المشهور خلافا لحمديس القائل بكراهته في حقهما اه‍ شيخنا عدوي.
قوله: (بغير انتقال) أي لمحل آخر من المسجد وإلا كره وأما لو كان الانتقال بمحل خارج المسجد بطل اعتكافه.
قوله: (وأخذه) أي قصه وإزالته. وقوله: إذا خرج أي من معتكفه قوله: (أو جنابة أو عيد) أي أو لحر أصابه
فالكاف في كلام المصنف في الحقيقة داخلة على جمعة كذا في عبق، والأولى ملاحظة دخولها على كل
من المضاف والمضاف إليه ليدخل خروجه لشراء طعام أو ماء تأمل، وأشعر قوله: إذا خرج أنه لا يخرج
لمجرد قص الشارب والظفر وما معهما وهو كذلك قوله: (وكره فيه) أي ولو جمع ذلك في ثوبه وألقاه
خارجه لحرمة المسجد كما في المدونة. قوله: (مطلقا) أي سواء كان في المسجد أو خارجه، والذي له فعله إذا
خرج إنما هو إزالة الظفر والشارب والإبط والعانة لا حلق الرأس كما يفيده أبو الحسن، خلافا لما في خش
من أنه إذا خرج لغسل الجمعة جاز له حلق الرأس ولا يخرج لها استقلالا ووافقه في المج على ذلك.
قوله: (انتظار إلخ) أي ويجوز له أن يجلس خارج المسجد عند من يغسلها له منتظرا غسلها وتجفيفها. قوله: (إذا لم
يكن له غيره) أي ولم يجد من يستنيبه في الجلوس عند الغسال أو عند الثوب إلى أن يجف فالجواز مقيد
549

بقيدين. قوله: (وإلا كره) أي الانتظار المذكور ولا بطلان فيهما كما في شب. قوله: (وندب له إعداد ثوب
آخر يلبسه) أي يأخذه معه لاحتمال أن يصيب الذي عليه نجاسة فيلبسه. قوله: (وكان آخر اعتكافه
إلخ) أشعر كلامه هذا أنه لو كان اعتكافه العشر الأول أو الأواسط من رمضان لم يندب له مبيت الليلة
التي تلي ذلك العشر وهو كذلك فيخرج إذا غربت الشمس آخر أيام اعتكافه قاله تت. قوله: (فظاهر
المدونة الوجوب) أي وجوب مكثه في المسجد مفطرا وعليه حرمة الاعتكاف، وقيل: لا يجب عليه
المكث ليلة العيد بل يجوز له أن يخرج بمجرد غروب الشمس آخر يوم من رمضان وعليه حرمة
الاعتكاف فتحصل أن الأقسام ثلاثة: الأول: ما إذا كانت ليلة العيد آخر مدة الاعتكاف. والثاني: ما إذا
كانت ليلة العيد في أثناء المدة. والثالث: ما إذا كانت ليلة العيد لم تأت في مدة الاعتكاف أصلا. قوله: (قبل
الغروب) الظاهر أن الدخول مع الغروب بمثابة الدخول قبله في تحصيل المندوب. قوله: (والراجح
الوجوب) أي وجوب الدخول قبل الغروب أو معه بناء على المعتمد من أن أقل الاعتكاف يوم وليلة،
وأنه إذا نذر يوما لزمه يوم وليلة وكذا إذا نذر ليلة. قوله: (وأما المنذور فيجب إلخ) قال ابن الحاجب:
ومن دخل قبل الغروب اعتد بيومه وبعد الفجر لا يعتد به وفيما بينهما قولان التوضيح واختلف إذا
دخل بينهما والمشهور الاعتداد، وقال سحنون: لا يعتد، وحمل بعضهم قول سحنون على أنه ليس بخلاف
وأن المشهور محمول على النفل، وقول سحنون على النذر، وقال ابن رشد: حمل قول سحنون والمعونة على
الخلاف أظهر، إذا علمت هذا لا تعلم أن الأولى إبقاء كلام المصنف على الاطلاق لاستظهار ابن رشد أن
بين القولين خلافا وأن المعتمد قول المعونة بالاعتداد انظر بن. ومن هذا تعلم أن قول الشارح والراجح
أنه يصح هذا قول سحنون وجعله الراجح فيه نظر قوله: (وصح ان دخل إلخ) غايته أنه ترك المندوب
إن كان الاعتكاف غير منذور وخالف الواجب إن كان منذورا. ثم إن كلام المصنف هنا مخالف لما
سبق له من أن أقل الاعتكاف يوم وليلة وأن من نذر يوما لزمه يوم وليلة. وأجاب الشارح بأن كلام
المصنف هنا مبني على ضعيف وهو أن أقل الاعتكاف يوم فقط. قوله: (والراجح أنه لا يصح) أي إذا
دخل قبل الفجر سواء كان منويا أو منذورا. تنبيه: اعلم أنه وقع خلاف في أقل الاعتكاف أي في أقل
ما يتحقق به على قولين: فقيل أقله يوم وليلة وهو المعتمد، وعلى هذا إذا دخل المعتكف قبل الفجر أو معه
فلا يجزئه ما لم يضم له ليلة في المستقبل سواء كان الاعتكاف منويا أو منذورا، وعلى هذا القول يأتي
ما مضى من أنه إذا نذر يوما لزمه يوم وليلة، وقيل إن أقله يوم فقط وحينئذ إذا دخل قبل الفجر أو معه
أجزأ ذلك اليوم ولو كان ناذرا للأقل لكنه خالف الواجب إذا كان ناذرا له لان هذا القول يقول
بلزوم الليلة بالنذر فلزومها لا من حيث أقل الاعتكاف بل من حيث أن النذر أوجبها، وأما أقله كمالا
بحيث يكون ما نقص عنه، إما مكروها أو خلاف الأولى على ما فيه من الخلاف فقيل يوم وليلة وأكثره
كمالا بحيث يكره ما زاد عليه عشرة، ونقل هذا القول في التوضيح عن بعضهم، وقيل أقله كمالا ثلاثة أيام
وأكمله عشرة، وقيل أقله كمالا عشرة وأكثره شهر وهو مذهب المدونة والرسالة، إذا علمت هذا
تعلم أن من نذر اعتكافا ودخل فيه ولم يعين قدره فإنه يلزمه أقل الحقيقة وهو يوم وليلة على المعتمد
أو يوم فقط على مقابله، وإذا نذر أقل الاعتكاف كمالا لزمه أقله على الخلاف المذكور في
هذه الأقوال الثلاثة اه‍ تقرير عدوي. قوله: (وبآخر المسجد) أي عجزه المقابل لصدره
الذي هو أمامه قوله: (لليلة القدر) أي لأجل التماس ليلة القدر بسكون الدال وفتحها، سميت بذلك
إما لتقدير الكوائن فيها من أرزاق وغيرها أي إظهارها للملائكة ولعظم قدرها أو قدر القائم بها.
550

قوله: (وفي كونها دائرة بالعام) وهو ما صححه في المقدمات حيث قال: وإلى هذا ذهب مالك
والشافعي وأكثر أهل العلم وهو أولى الأقاويل. وقوله: أو دائرة في رمضان وهو الذي
شهره ابن غلاب اه‍ بن قوله: (واعلم أن العمل) أي عمل الطاعات. وقوله: * (خير من ألف
شهر) * أي خير من عمل الطاعات ألف شهر. وقوله: سواء علمت أي ليلة القدر التي عمل فيها. قوله: (ولها
علامات ذكرها العلماء) من جملتها أن تطلع الشمس صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها كما في
الحديث، وأن تكون السماء ليلتها صحوا لا غيم فيها، وأن يكون الوقت ليلتها معتدلا لا حارا ولا باردا.
قوله: (وإذا نذر إلخ) حمل الشارح كلام المصنف على صور النذر الثلاث جريا على ما عزاه ابن رشد
للمدونة من أن النذر المعين من غير رمضان إذا طرأ فيه عذر فإنه يقضي لا على قول سحنون أنه لا يقضي
مطلقا. وحاصل كلام المقدمات أن الناذر أياما بأعيانها إما أن يكون من رمضان فعليه قضاؤها وإن
مرضها كلها لوجوب قضاء الصيام عليه وإن مرض بعضها قضى ما مرض فيها وإن كانت من غير
رمضان فمرضها كلها أو بعضها فثلاثة أقوال: أحدها وجوب القضاء مطلقا على رواية ابن وهب في
الصوم. الثاني: عدم القضاء مطلقا وهو مذهب سحنون. الثالث: التفرقة بين أن يمرض قبل دخوله في
الاعتكاف فلا يلزمه وهو مذهب ابن القاسم في المدونة على تأويل ابن عبدوس، وإن نذر أياما بغير
أعيانها قضى ما مرض منها أو أفطره ساهيا يصل ذلك باعتكافه ولا خلاف في هذا، قال في التوضيح: فإن
كان الاعتكاف تطوعا فأفطر فيه لمرض أو حيض فلا قضاء عليه لكن إن بقي عليه شئ من المنوي
بعد زوال المانع بنى كما في ابن عاشر اه‍ بن. (وحاصل إيضاح المقام) أن تقول العذر إما إغماء أو جنون أو
حيض أو نفاس، أو مرض، والاعتكاف إما نذر معين من رمضان أو من غيره أو نذر غير معين أو تطوع
معين بالملاحظة أو غير معين فهذه خمسة وعشرون من ضرب خمسة في خمسة، وفي كل منها إما أن يطرأ
العذر قبل الشروع في الاعتكاف أو بعد الشروع فيه أو يقارن الشروع فيه فهذه خمس وسبعون صورة،
فإن كان الاعتكاف نذرا معينا من رمضان أو نذرا غير معين وطرأت خمسة الاعذار قبل الشروع في
الاعتكاف أو بعده أو مقارنة له فإنه يبنى في هذه الثلاثين صورة، وإن كان نذرا معينا بغير رمضان فإن
طرأت خمسة الاعذار قبل الشروع في الاعتكاف أو مقارنة له فلا يجب القضاء، وإن طرأت بعد
الشروع فالقضاء متصلا فصوره خمسة عشر، وإن كان تطوعا معينا بالملاحظة أو غير معين فلا قضاء
سواء طرأت خمسة الاعذار قبل الشروع أو بعده أو مقارنة له فصوره ثلاثون فالجملة خمس وسبعون
صورة، وبقي حكم ما إذا أفطر ناسيا والحكم أنه يقضي سواء كان الاعتكاف نذرا معينا من رمضان
أو من غيره أو كان نذرا غير معين أو كان تطوعا معينا بالملاحظة أو لا فصوره خمسة فجملة الصور
ثمانون. قوله: (ملاصقا لبنائه إلخ) أشار إلى أن الباء للملاصقة ويصح جعلها للمصاحبة وعليهما
يتفرع قول المصنف بعد وإن أخره بطل ولا يصح جعلها للسببية لعدم ظهور التفريع المذكور،
قال شيخنا السيد البليدي في حاشيته على عبق: ويغتفر التأخير اليسير وهو ما لا يعد به متوانيا عرفا.
قوله: (كأن منع من الصوم إلخ). حاصله أنه إذا طرأ له مرض خفيف منعه من الصوم أو
جاء يوم العيد في أثناء الاعتكاف وزال المرض ومضى يوم العيد فإنه يجب عليه البناء على ما فعله
سابقا، وكذلك إذا أفطر ناسيا، فقوله: كأن منع من الصوم لمرض أي لوجود مرض خفيف طرأ عليه
551

أو لوجود عيد ولفظ المدونة إذا عجز عن الصوم لمرض خرج فإذا صح بنى ثم قالت: ولا يلبث يوم الفطر
في معتكفه إذ لا اعتكاف إلا بصيام فإذا مضى يوم الفطر عاد لمعتكفه فيبني على ما مضى اه‍ به. قوله: (أو
زوال حيض نهارا) أي فإذا طرأ لها الحيض وخرجت لمنزلها ثم طهرت نهارا فإنها يجب عليها البناء
والرجوع للمسجد لتبني ولو لم تكن صائمة فهذا الحيض الموصوف بالانقطاع نهارا يمنع من الصوم لا من
الاعتكاف. قوله: (أن مراده بالحيض إلخ) الأولى أن مراده بالحيض هنا الحيض الذي انقطع واغتسلت
منه نهارا، فإذا اغتسلت رجعت للمسجد ولو كانت غير صائمة فصدق عليه أن الحيض منع من الصوم
فيه لا المكث اه‍ عدوي. قوله: (إنه يجب عليها الرجوع للمسجد) أي لتكمل بقية اليوم وإن كانت غير
صائمة. قوله: (مطلق الحيض) أي الشامل للمسترسل عليها جميع النهار. قوله: (في العذر المانع إلخ) أي
كالاغماء والجنون والحيض والنفاس والمرض الشديد الذي لا يطيق الإقامة معه في المسجد والوجوب
متعلق بالولي في الأولين وبالمعتكف في الباقي. قوله: (والراجح إلخ) أي فعليه قول المصنف وخرج
من طرأ له عذر خاص بالاعذار المانعة من المسجد والصوم، وأما قول خش: وخرج من حصل له
عذر من هذه الاعذار لكن وجوبا في المانع من الاعتكاف وجوازا في المانع من الصوم فهو مبني على خلاف
الراجح لاقتضائه أنه لو جاء العيد في أثناء الاعتكاف جاز له أن يخرج يوم العيد، وكذلك إذا مرض
مرضا خفيفا وهو خلاف الراجح على ما قال عج، وقد يقال: إن خش ارتضى ما ذكر تبعا للتوضيح
فإنه جعل جواز الخروج في العذر المانع من الصوم فقط مذهب المدونة. قوله: (كعيد ومرض خفيف)
أي يطيق معه الإقامة في المسجد دون الصوم، فإذا طرأ له شئ منهما وهو في المسجد فلا يجوز له الخروج
من المسجد كما في الرجراجي والمواق، وقيل: إنه يجوز لهما الخروج، والحاصل أنهم ذكروا في جواز خروج
كل منهما وعدم جواز خروجه قولين فروى في المجموعة يخرج، وقال عبد الوهاب: لا يخرج هكذا في
ابن عرفة وابن ناجي وغيرهما. قال في التوضيح: والخروج مذهب المدونة، وكذا عزاه اللخمي
أيضا لظاهرها كما نقله ح. وأما القول بوجوب البقاء في المسجد فقد شهره ابن الحاجب وصوبه اللخمي كما
في ح واختاره عج انظر بن. قوله: (وإن أخره بطل) أي إذا كان التأخير كثيرا وهو ما يعد به متوانيا
عرفا، ومحل البطلان به ما لم يكن التأخير لكون الوقت وقت خوف. كما قال عبد الحق، وذلك كما لو زال
العذر ليلا وأخر الذهاب للمسجد حتى طلع النهار لخوفه في ذهابه ليلا. قوله: (إلا ليلة العيد) صورته أن
الشخص المعتكف إذا حصل له حيض أو نفاس أو إغماء أو مرض شديد في أثناء الاعتكاف فخرج
من المسجد للبيت ثم زال ذلك العذر ليلة العيد فأخر الرجوع للمسجد حتى مضى يوم العيد وتالياه في
عيد الأضحى فإن اعتكافه لا يبطل. واعلم أن المصنف اعتمد في عدم البطلان في اللبث يوم العيد
على نص المدونة، وفي ليلته على اختيار التونسي. وقوله: لعدم إلخ جواب عما يقال المريض يصح والحائض
تطهر نهارا غير يوم العيد يؤمران بالرجوع فإن أخر أبطل اعتكافهما فما الفرق بينهما وبين من زال عذره
ليلة العيد ويومه مع أن الجميع يتعذر منه الصوم؟ وحاصل الجواب أن اليوم الذي طهرت فيه الحائض
وصح فيه المريض يصح صومه لغيرهما بخلاف يوم العيد فإنه لا يصح صومه لاحد. قوله: (وإن اشترط إلخ)
حاصله أن المعتكف إذا شرط أي عزم في نفسه على ما ينافي اعتكافه سواء كان ذلك العزم قبل
دخوله المعتكف أو بعده بأن قال: إن حصل لي موجب للقضاء لا أقضي أو أعتكف ولكن أطأ زوجتي أو
أعتكف ولا أصوم، بل يفده شرطه أي يبطل على المعتمد واعتكافه صحيح ويجب عليه القضاء إن حصل
له العذر، وقيل: لا يلزمه اعتكاف، وقيل: إن كان الشرط قبل الدخول في الاعتكاف لم يلزمه الاعتكاف،
وإن كان بعد أن دخل بطل الشرط.
552