الكتاب: المبسوط
المؤلف: السرخسي
الجزء: ٢٨
الوفاة: ٤٨٣
المجموعة: فقه المذهب الحنفي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: قد باشر جمع من حضرات أفاضل العلماء تصحيح هذا الكتاب بمساعدة جماعة من ذوي الدقة من أهل العلم والله المستعان وعليه التكلان

(الجزء الثامن والعشرون من)
كتاب
المبسوط لشمس الدين
السرخسي
وكتب ظاهر الرواية أتت * ستا وبالأصول أيضا سميت
صنفها محمد الشيباني * حرر فيها المذهب النعماني
الجامع الصغير والكبير * والسير الكبير والصغير
ثم الزيادات مع المبسوط * تواترت بالسند المضبوط
ويجمع الست كتاب الكافي * للحاكم الشهيد فهو الكافي
أقوى شروحه الذي كالشمس * مبسوط شمس الأمة السرخسي
(تنبية) قد باشر جمع من حضرات أفاضل العلماء تصحيح هذا الكتاب بمساعدة
جماعة من ذوي الدقة من أهل العلم والله المستعان وعليه التكلان
دار المعرفة
بيروت - لبنان
1

بسم الله الرحمن الرحيم
(باب الوصية بغلة الأرض والبستان)
(قال رحمه الله) وإذا أوصى لرجل بغلة بستانه ولاخر برقبته وهو ثلث ماله فالرقبة
لصاحب الرقبة والغلة لصاحب الغلة ما بقي لان الوصية بالغلة في البستان كالوصية بالخدمة
في العبد والسكنى في الدار وقد بينا هناك أن يقدم حق صاحب الخدمة والسكنى على حق
صاحب الرقبة وان لكل واحد منهما ما أوصي له به فهذا مثله وكذلك أن قال ثمرته لفلان
ثم مات ولا ثمرة فيه فالحاصل أن الوصية بالبغلة تنصرف إلى الموجود وإلى ما يحدث سواء
قال أبدا أولم يقل لان اسم الغلة حقيقة للموجود والحادث جميعا فأما الثمرة اسم للموجود حقيقة
ولا يتناول الحادث الا مجازا فإذا أوصى له بثمرة بستانه ولم يقل أبدا فإن كان في البستان ثمرة
حين يموت الموصى فإنما يستحق الموصي له تلك الثمرة ولاحق له فيما يحدث بعد ذلك لان
اللفظ إذا صار مستعملا في حقيقته ينتفى المجاز عنه وإذا لم يكن في البستان ثمرة عند موت
الموصى فلم يستعمل اللفظ في حقيقته فيجب استعماله في المجاز ويكون له ما يحدث من الثمار
ما عاش بمنزلة الغلة فإن كان قال أبدا فله الموجود والحادث أبدا جميعا في الفصلين لأنه في
التنصيص على التأبيد عم الايجاب الحادث والموجود والسقي والخراج وما يصلحه وعلاج
ما يصلحه على صاحب الغلة لأنه هو المنتفع بالبستان ولو أوصى له بصوف غنمه أو بألبانها
أو بسمنها أو بأولادها أبدا لم يجز الا ما على ظهورها من الصوف وما في ضروعها من اللبن
ومن السمن الذي في اللبن الذي في الضرع ومن الولد الذي في البطن يوم يموت الموصى وما
حدث بعد ذلك فلا وصية له فيه وهذا والغلة والثمرة في القياس سواء ولكني أدعى القياس
فيه واستحسن ذلك قيل مراده ان القياس في الثمرة والغلة أن لا يستحق الا الموجود فيه
2

عند موته كما في الأولاد لأنه إنما يملك بالوصية ما هو مملوك للموصى والعين الحادث بعد
موته لا تكون مملوكة له فلا يستحقها الموصى له ولكنه استحسن فقال الثمار التي تحدث يجوز
أن تستحق بايجابه بعقد من العقود كالمعاوضة على قول من يجيزها فكذلك يجوز استحقاقها
بالوصية عند التنصيص على التأبيد لان الوصية أو سع العقود جواز بخلاف ما في البطن فان
ما يحدث مما ليس بموجود في الحال لا يجوز استحقاقه بشئ من العقود والوصية نوع من العقود
وقيل بل مراده ان القياس في مسألة الصوف واللبن والولد أن يستحق الموجود والحادث
عند التنصيص على التأييد؟ لان المحل الذي يحدث منه هذه الزوائد يجعل مبقى على ملك الميت
حكما لاشتغاله بوصيته والوصية فيما يحدث منها تصير كالمضاف إلى حالة الحدوث فيضع ذلك
كما في الثمار ولكنه استحسن فقال ما في بطون الحيوان ليس في وسع البشر ايجاد ما ليس بموجود
منه فلا يصح ايجابه للغير بشئ من العقود بخلاف الثمار فان لصنع العباد تأثيرا في ايجاده ولهذا
جاز عقد المعاوضة وهو شركة في الخارج فيصح ايجاب الوصية فيما يحدث منه عند التنصيص
على التأييد والدليل على الفرق أنه لو أوصى بيد عبده لإنسان أو لرجل حياته لا تصح الوصية
ولو أوصى بقوائم الخلاف أو سعف النخل صحت الوصية فكان الفرق هذا ان سعف النخل
وإن كان وصفا للنخل فإنه يحتمل التمليك ببعض العقود بخلاف أطراف الحيوان فإذا ظهر
هذا الفرق فيما هو موجود منهما فكذلك فيما يحدث وكذلك لو أوصى له بولد جاريته
أبدا فإنه لا يستحق الا الموجود في البطن عند موته حتى إذا ولدت لأقل من ستة أشهر
بعد موته فهو له من الثلث وإذا ولدته لا كثر من ستة أشهر لم يكن للموصى له فيه حق ولا
فيما تلد بعده لأنه لا يتيقن بوجوده عند الموت وفي الوصية بالثمرة إذا استحق الحادث ثم مات
الموصى له فان مات قبل أن تحدث الثمرة بطلت وصيته لان الثابت له حق الاستحقاق وذلك
لا يورث عنه وإن كان موته بعد ما أثمر البستان فتلك الثمرة لورثته لان تلك العين صارت مملوكة
له فيخلفه وارثة (ألا ترى) انه لو كان باعه في حياته وأخذ ثمنه جاز بيعه وكان الثمن لورثته
بعد موته وإذا أوصى بغلة نخلة أبد الرجل ولاخر برقبتها ولم يدرك ولم تحمل فالنفقة في سقيها
والقيام عليها على صاحب الرقبة لان بهذه النفقة ينمو ملكه ولا ينتفع صاحب الغلة بذلك فليس
عليه شئ من هذه النفقة فإذا أثمرت فالنفقة على صاحب الغلة لان منفعة ذلك ترجع إليه فان
الثمرة به تحصل فان حملت عاما ثم أحالت فلم تحمل شيئا فالنفقة على صاحب الغلة لان منفعة ذلك
3

لصاحب الغلة فالأشجار التي من عادتها أن تحمل في سنة ولا تحمل في سنة يكون ثمارها في السنة
التي تحمل فيها وجود وأكثر منها إذا كانت تحمل في كل عام وهو نظير نفقة الموصى بخدمته
فإنه على الموصى له بالخدمة بالليل والنهار جميعا وإن كان هو ينام بالليل ولا يخدم لأنه إذا
استراح بالنوم بالليل كان أقوى على الخدمة بالنهار فإن لم يفعل وأنفق صاحب الرقبة عليها حتى
تحمل فإنه يستوفى نفقته من ذلك لأنه كان محتاجا إلى الانفاق لكيلا يتلف ملكه فلا يكون
متبرعا فيه ولكنه يستوفى النفقة من الثمار وما يبقى من ذلك فهو لصاحب الغلة ولو أوصى لرجل
بثلث غلة بستانه أبدا ولا مال له غيره فقاسمهم البستان فأغل أحد النصيبين ولم يغل الاخر
فإنهم يشتركون فيما خرج من الغلة لان القسمة في ذلك باطلة فان الموصى له بالغلة لا يملك
شيئا من رقبة البستان والقسمة لتمييز ملك أحدهما من ملك الاخر وذلك لا يتحقق هاهنا
فتبطل القسمة وما حصل من الغلة يكون مشتركا بينهم بالحصة وللورثة أن يبيعوا ثلثي البستان
لأنه لاحق للموصى له بثلث الغلة في ثلثي البستان فإذا نفذ بيعهم قام المشترى مقامهم فيكون
شريك صاحب الغلة ولو أوصى بغلة بستانه الذي فيه لرجل وأوصى بغلته أبدا له أيضا ثم مات
الموصي ولا مال له غيره وفي البستان غلة تساوى مائة والبستان يساوى ثلاثمائة فللموصى له
ثلث الغلة التي فيه وثلث ما يخرج من الغلة فيما يستقبل أبدا لان الوصية تنفذ من الثلث وطريق
تنفيذها من الثلث هو أن يعطى ثلث الغلة الموجودة وثلثاها للورثة ثم يصير كأنه أوصي له
بغلته وليس فيه غلة فيكون له ثلث ما يحدث من الغلة أبدا ولو أوصي بعشرين درهما من غلته
كل سنة لرجل فأغل سنة قليلا وسنة كثيرا فله ثلث الغلة كل سنة يحبس وينفق عليه كل سنة
من ذلك عشرون درهما ما عاش هكذا أوجبه الموصى وربما لا تحصل الغلة في بعض السنين
فلهذا يحبس ثلث الغلة على حقه وكذا لو أوصى بان ينفق عليه خمسة دراهم كل شهر من ماله
فإنه يحبس جميع الثلث لينفق عليه منه كل شهر خمسة كما أوجبه الموصي وعن أبي يوسف أنه قال
يحبس مقدار ما ينفق عليه في مدة يتوهم أن يعيش إليها في العادة فأما ما زاد على ذلك
فلا يشتغل بحبسه لأن الظاهر أنه يموت قبل ذلك وشرط استحقاقه بقاؤه حيا فإنما يثبت هذا
الشرط بطريق الظاهر لما تعذر الوقوف على حقيقته فأما في ظاهر الرواية قال يتوهم أن
تطول حياته إلى أن ينفق عليه جميع الثلث أو يهلك بعض الثلث قبل أن ينفق فيحتاج إلى ما بقي
منه للانفاق عليه فلهذا يحبس جميع الثلث ويستوى ان أمر بان ينفق عليه في كل شهر منه
4

درهما أو عشرة دراهم ولو أوصى أن ينفق عليه كل شهر أربعة من ماله وعلى آخر كل شهر
خمسة من غلة البستان ولا مال له غير البستان فثلث البستان بينهما نصفان لاستواء حقهما
فيه (ألا ترى) ان كل واحد منهما لو انفرد استحق جميع الثلث بوصيته ثم يباع سدس غلة
البستان لكل واحد منهما فيوقف ثمنه على يد الموصى أو على يد ثقة إن لم يكن له وصى وينفق على
كل واحد منهما من نصيبه ما سمى له في كل شهر فان ماتا جميعا وقد بقي من ذلك شئ رد
على ورثة الموصي لبطلان وصيته بالموت وكذلك لو قال ينفق على فلان أربعة وعلى فلان وفلان
خمسة حبس السدس على المنفرد والسدس الاخر على المجموعين في النفقة لأنهما كشخص
واحد فيما أوجب لهما ولو أوصي بغلة بستانه لرجل وبنصف غلته لاخر وهو جميع ماله قسم
ثلث الغلة بينهما نصفان عند أبي حنيفة في كل سنة لان وصية كل واحد منهما فيما زاد على
الثلث تبطل ضربا واستحقاقا فإن كان البستان يخرج من ثلثه كان لصاحب الجميع ثلاثة
أرباع غلته كل سنة وللاخر ربعها القسمة على طريق المنازعة كما هو مذهبه وعندهما
القسمة على طريق العول فإن لم يكن له مال سواه فثلثه بينهما أثلاثا وإن كان يخرج من ثلثه
فالكل بينهما أثلاثا على أن يضرب صاحب الجميع بالجميع والاخر بالنصف ولو أوصى
لرجل بغلة بستانه وقيمته ألف ولاخر بغلة عبده وقيمته خمسمائة وله سوي ذلك ثلاثمائة
فالثلث بينهما على أحد عشر سهما في قول أبي حنيفة لان جميع ماله ألف وثمانمائة فثلثه ستمائة
والموصى له بغلة البستان تبطل وصيته فيما زاد على الثلث ضربا واستحقاقا فإنما يضرب هو
بستمائة والاخر بخمسمائة وقيمة العبد فإذا جعلت كل مائة سهما كان الثلث على أحد عشر
سهما بينهما لصاحب العبد خمسة أسهم في العبد ولصاحب البستان ستة في غلته ولو أوصى
لرجل بغلة أرضه وليس فيها نخل ولا شجر ولا مال له غيرها فان تؤاجر فيكون له ثلث
الغلة وإن كان فيه شجر أعطى ثلث ما يخرج منها لأنه يستحق بمطلق التسمية في كل موضع
ما يتناوله الاسم عرفا وإذا أوصى أن تؤاجر أرضه من رجل سنين مسماة كل سنة بكذا ولا
مال له غيرها فإن كان سمى أجرة مثلها جاز له وإن كان أقل منه حسب ذلك من الثلث لان
المحاباة في الأجرة بمنزلة المحاباة في الثمن فيكون من ثلثه وهذا لان المنفعة تأخذ حكم المالية
بالعقد بدليل انه لو أجر أرضه ولم يسم الاجر كان له أجر مثل ما استوفى المستأجر من المنفعة
كما في البيع إذا لم يذكر الثمن ولو أوصى لرجل بغلة أرضه ولاخر برقبتها وهي تخرج من
5

الثلث فباعها صاحب الرقبة وسلم صاحب الغلة البيع جاز وبطلت وصيته ولاحق له في الثمن
لان الملك لصاحب الرقبة وحق صاحب الغلة في المنفعة فاجازته البيع تكون ابطالا لحقه في
المنفعة ويسلم الثمن لصاحب الرقبة كما لو باع الاخر العين المستأجرة ورضى به المستأجر ولو
أوصى له بغلة بستانة فأغل البستان سنين قبل موت الموصي ثم مات الموصي لم يكن للموصى
له من تلك الغلة شئ الا ما يكون في البستان حين يموت أو ما يحدث بعد ذلك لان وجوب
الوصية بالموت وإنما يضاف إلى البستان من الغلة عند الموت ما يكون موجودا فيه أو ما يحدث
بعد ذلك فان اشترى الموصى له البستان من الورثة بعد موته جاز الشراء وبطلت وصيته كما
لو باعوه من غيره برضاه وكذلك لو أعطوه شيئا على أن يبرأ من الغلة فكذلك جائز لأنه أسقط
حقه بما استوفى منهم من العوض ولو أسقط حقه بغير عوض جاز فذلك بالعوض وكذلك
في سكنى الدار وخدمة العبد إذا صالحوه منه على شئ معلوم فهو جائز لأنه أسقط حقه
بعوض واسقاط الحق عن المنفعة يجوز بالعوض وغير العوض وان كأن لا يحتمل التمليك
بعوض إذا ملكه أو بغير عوض على ما سبق بيانه والله أعلم
(باب الوصية في العتق)
(قال رحمه الله) وإذا أوصى بعتق عبده بعد موته أو قال أعتقوه أو قال هو حر بعد
موتى بيوم وأوصى لإنسان بألف درهم تحاصا في الثلث وليس هذا من العتق الذي يبدأ به
وإنما يبدأ به إذا قال هو حر بعد موتى عنهما أو أعتقه في مرضه البتة أو قال إن حدث لي
حدث من مرضى هذا فهو حر فهذا يبدأ به قبل الوصية وكذلك كل عتق يقع بعد الموت
بغير وقت فإنه يبدأ به قبل الوصية بلغنا عن ابن عمر وإبراهيم قالا إذا كان وصية وعتق فإنه
يبدأ بالعتق وكان المعنى فيه أن العتق الذي يقع بنفس الموت سببه يلزم في حالة الحياة على
وجه لا يحتمل الرجوع عنه بخلاف الوصية بالعتق فإنه يحتمل الرجوع عنه ولكن هذا
لا يستقيم في قوله ان حدث لي حدث من مرضى هذا فان هذا يحتمل الفسخ يبيع الرقبة
ولو قال هو حر بعد موتى بيوم فان سببه لا يحتمل الفسخ بالرجوع عنه ومع ذلك لا يكون
مقدما على سائر الوصايا ولكن الحرف الصحيح أن يقول ما يكون منفذا عقيب الموت من
غير حاجة إلى التنفيذ فهو في المعنى أسبق مما يحتاج إلى تنفيذه بعد الموت لان هذا بنفس
6

الموت يتم والاخر لا يتم الا بتنفيذ من الموصى بعد موت الموصى والترجيح يقع بالسبق *
يوضحه أن العتق المنفذ بعد الموت مستحق استحقاق الديون فان صاحب الحق ينفرد باستيفاء
دينه إذا ظفر بحبس حقه وههنا يصير مستوفيا حقه بنفس الموت والدين مقدم على الوصية
فالعتق الذي هو في معنى الدين يقدم أيضا فأما ما يحتاج إلى تنفيذه بعد الموت فهو ليس في
معنى الدين فيكون بمنزلة سائر الوصايا ولو أعتق أمته في مرضه فولدت بعد العتق قبل أن
يموت الرجل أو بعد ما مات لم يدخل ولدها في الوصية لأنها ولدت وهي حرة وهذا التعليل
مستقيم على أصلهما لان المستسعاة عندهما حرة عليهما دين والعتق في المرض نافذ عندهما
كسائر التصرفات وكذلك عند أبي حنيفة ان كانت تخرج من ثلثه وإن كان الثلث أكثر
من قيمتها فعليها السعاية فيما زاد على الثلث وتكون بمنزلة المكاتبة ما دامت تسعى وحق
الغرماء والورثة لا يثبت في ولد المكاتبة لان الثلث والثلثين لا يعتبر من رقبتها إنما يعتبر
من بدل الكتابة فلا يثبت حق المولى في ولدها حتى يعتبر خروج الولد من الثلث فان
ماتت قبل أن تؤدى ما عليها من السعاية كان على ولدها أن يسعى فيما على أمه في قياس قول أبي حنيفة
بمنزلة ولد المكاتبة وعندهما لا شئ على الولد لأنه حر فلا يلزمه السعاية في دين أمه
بعد موتها ولو دبر عبدا له وقال إن حدث لي حدث من مرضى هذا فأنت حر ثم مات من
مرضه تحاصا في الثلث لأنهما استويا في المعنى الاستحقاق بعد الموت على معنى ان كل واحد
منهما في مرض موته فيتحاصان في الثلث ولو أوصى لعبده بدراهم مسماة أو بشئ من ماله
مسمي لم تجز كما لو وهب له في حال حياته وهذا لان الكسب يملك الرقبة ففي حياته الملك له
في الموصى به والموصى له بعد موته الملك لورثته في جميع ذلك فهذه الوصية لا تفيد شيئا والعقود
الشرعية لا تنعقد خالية عن فائدة قال ولو أوصى له ببعض رقبته عتق ذلك المقدار وسعى في
الباقي في قول أبي حنيفة بمنزلة ما لو وهب له بعض رقبته في حياته لان العتق عند أبي حنيفة
يتجزأ ولو أوصى له برقبته كلها عتق من الثلث وكذلك لو وهب له رقبته أو تصدق بها
عليه في مرضه عتق من الثلث ولو أوصى له بثلث ماله جاز لأن هذه الوصية تتناول ثلث رقبته
فان رقبته من ماله فيعتق ذلك القدر منه بالموت ويصير عندهما حرا وعند أبي حنيفة بمنزلة
المكاتب فتصح الوصية له بالمال فإذا بقي له من الثلث شئ أكمل له ذلك من رقبته وأعطى
ما فضل على ذلك أن كان في المال كان في قيمته فضل على الثلث سعى فيه للورثة بعد موته
7

ولو أوصى بعبده لرجل ثم أوصى بذلك العبد أن يعتق أو يدبر فهذا رجوع عن الوصية الأولى
لان بين الوصيتين في محل واحد منافاة يعنى التمليك والعتق بعد موته فالاقدام على الثانية منه
دليل الرجوع عن الأولى ولأنه صرفه بالوصية الثانية إلى حاجته واستثنى ولاء لنفسه ولو صرفه
إلى حاجته في حياته كان به راجعا عن الوصية الأولى أرأيت لو لم يكن راجعا فأعتق الوصي نصفه
عن الميت كان يضمن للموصى له النصف الباقي من تركة الميت أو يستسعى الغلام فيه أو يكون
شريكا في الغلام هذا كله مستبعدا قال ولو أوصي بعبده لرجل ثم أوصى أن يباع من آخر بثمن
سمى حط عنه الثلث ولا مال له غيره فللموصى له بالبيع أن يشترى خمسة أسداس العبد بثلثي
قيمته ان شاء أو يدع لان الوصية بالمحاباة بمنزلة سائر الوصايا وقد استوت الوصيتان من
حيث استغراق كل واحد منهما الثلث بينها نصفان لصاحب البيع نصفه وهو السدس
وللاخر نصف الثلث وهو سدس الرقية ولا يقال ينبغي أن يباع جميع العبد من الموصى له
بالبيع بخمسة أسداس قيمته لان الوصية بالرقبة وصية بالعين فلا يمكن تنفيذها من محل آخر
بسوى العين وان أبى الموصى له بالبيع ان يشتريها كان للموصى له بالعين ثلث الرقبة لان الوصية
بالمحاباة كانت في ضمن البيع وقد بطلت الوصية بالبيع حين ردها الموصي له فيسلم الثلث للموصى
من ذلك له بالرقبة ولو أوصى بعتقه ثم أوصي له أن يباع وعلى عكس هذا قال آخر بالاخر
لان هاتين الوصيتين لا يجتمعان في محل واحد والثانية منهما دليل الرجوع عن الأولى فهو
كالتصريح بالرجوع وإذا أوصى بعبده ان يباع ولم يزد على ذلك أو أوصي بان يباع بقيمته
فهو باطل لأنه ليس في هذه الوصية معنى القربة فيجب تنفيذها بحق الموصى ولا حق فيها
للعبد أيضا لان صفة المملوكية فيه لا تختلف بالبيع إنما يتغير النسبة من حيث أنه ينسب إلى
المشترى بالملك بعد ما كان منسوبا إلى البائع ولا يمكن تنفيذها لحق الموصى له وهو المشترى
لأنه مجهول جهالة نسبة ولو أوصي أن يباع نسيئة صحت الوصية بنسبة البيع للعتق بان يحسن
العبد خدمة مولاه فيرغب في اعتاقه ولا يتمكن من ذلك لغلة ماله فيبيعه نسيئة ويحط من
ثمنه ممن يعتقه ليحصل به ما هو مقصود وهو تخليص العبد عن ذل الرق وهو معنى قوله عليه
السلام لبعض أصحابه فك الرقبة وأعتق النسمة الحديث في تنفيذ هذه الوصية حق الموصي
وحق العبد فيجب تنفيذها لذلك ثم يباع كما أوصى ويحط من ثمنه مقدار الثلث إن لم يجد من
يزيدهم على ذلك ولان معدن الوصية لثلث وفي تنفيذ هذه الوصية حق الموصى فيجب
8

تنفيذها من معدن هو خالص حقه وهو الثلث ولو أوصى أن يباع من رجل بعينه ولم يسم
ثمنا فإنه يباع منه بقيمته لا ينقص منه شئ لان تنفيذ هذه الوصية لحق المشترى وهو معلوم وإنما
أوصى له بالعين بعوض يعد له فكان تنفيذ هذه الوصية ببيعه منه بمثل القيمة فإن شاء أخذ
وان شاء ترك ولو أوصى بان يعتق عبده وأبى العبد ان يقبل ذلك فإنه يعتق من الثلث لان
تنفيذ هذه الوصية لحق الموصى فإنه استثنى ولاءه لنفسه ولو أوجب العتق له لم يرتد برده
مراعاة لحق المولى في الولاء فكذلك إذا أوصي بعتقه ولو أوصي بأن
يباع عبدا آخر من فلان بكذا وحط من قيمته مقدار الثلث فالثلث بينهما نصفان لأنهما
استويا في القوة من حيث إن كل واحد منهما يحتمل الرجوع عنه ويحتال إلى تنفيذه بعد
الموت فإن كان أعتق العبد بنفسه فأبى عتقه ثم باع العبد الاخر وحط عنه الثلث من جميع
المال قيل للمشترى يحط عنك نصف الثلث واد ما بقي إن شئت ويسعى المعتق في نصف قيمته
وان بدأ بالبيع ثم أعتق سلمت المحاباة للمشترى وعلى العبد السعاية في قيمته وهذا قول أبي حنيفة
رحمه الله فإنه يقول إذا بدأ بالمحاباة ثم بالعتق تقدم المحاباة وإذا بدأ بالعتق تحاصا وان
كانتا محاباتين أو عتقين تحاصا وفي قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله يبدأ بالعتق في الوجوه
كلها ولا يحط شئ من القيمة عن المشترى إلا أن يفضل شئ من الثلث وفي قول زفر رحمه
الله ان ما بدأ به منهما يبدأ به لان لكل واحد منهما نوع قوة وقوة المحاباة من حيث إن سببه
تجارة وهو غير محجور عن التجارة بسبب المرض وقوة العتق من حيث إنه لا يحتمل الفسخ
بعد وقوعه فلما استويا في القوة يبدأ بما بدأ به منهما بمنزلة واجبين أو تطوعين وأبو يوسف
ومحمد قالا المحاباة بمنزلة الهبة حتى لا تصح ممن لا تصح منه الهبة كالأب والوصي والعتق مقدم
على الهبة وان أجره فكذلك المحاباة وهذا لان المحاباة إما أن تكون تمليك العين بغير عوض
أو اسقاطا للعوض فإن كان اسقاطا فهو كالابراء عن الدين وإن كان تمليكا فهو كالهبة والعتق
مقدم على كل واحد منهما لان المعنى الذي لأجله قدمنا العتق على الهبة ان الاستحقاق به يثبت
بنفسه وانه لا يحتمل الفسخ بعد وقوعه بخلاف الهبة وهذا المعنى موجود في المحاباة لأنه يحتمل
الفسخ كالهبة يوضحه في أن الوصية بالمحاباة ثابتة بطريق البيع ولهذا لو فسخ البيع لا تبقى الوصية
بالمحاباة وما يكون مقصودا بنفسه فهو أقوى مما يكون ثابتا تبعا وأبو حنيفة يقول المحاباة أقوى
سببا من العتق لان بسبب المحاباة التجارة فان البيع بالمحاباة عقد تجارة حتى يجب للشفيع
9

الشفعة في الكل والشفعة تختص بالمعاوضات دون التبرعات ولهذا قلت إن البيع بالمحاباة يصح
من العبد المأذون والصبي المأذون وبالمرض لا يلحقه الحجر عن التجارة فاما العتق تبرع محض
وبالمرض يصير محجورا عن التبرعات فمن هذا الوجه المحاباة أقوى ومن حيث الحكم العتق
أقوى لأنه لا يحتمل الفسخ غير أن السبب يسبق الحكم لان الحكم يثبت بالسبب فلهذا بدأ
بالمحاباة قلنا يبدأ بها لبداية الموصى ولقوة السبب فإذا بدأ بالعتق فالعتق يقدم سببه على المحاباة
حسا وسبب المحاباة أقوى حكما فيقع التعارض بينهما في قوة السبب فقلنا بأنهما يتحاصان وإنما
يبدأ بما بدأ به الموصى إذا كانا لمستحق واحد فاما إذا كانا لمستحقين فلا كما لو أوصى بثلثه
لإنسان ثم أوصي بثلثه لاخر ولا يستدل عليهم الا بما قالوا إن الوصية بالمحاباة بيع فان ما يثبت
ضمنا للشئ يعتبر حكمه بذلك الشئ كالبيع الذي يثبت ضمنا للعتق يجعل بمنزلة العتق حتى
لا يتوقف على القبول وهذا لما ثبت ضمنا للتجارة يجعل بمنزله التجارة وإنما لا يحتمل العتق
الفسخ لفوات المحل فان المسقط يكون مثلا شيئا وتعذر الفسخ عند فوات المحل ثابت في
البيع والهبة أيضا يوضح ما قلنا إن المحاباة تستحق استحقاق الديون لان استحقاقها بعقد ضمان
فمن هذا الوجه هي كالديون ومن حيث إنه لا يقابله بدل مقصود كان بمنزلة التبرع فيوفر حظه
عليهما فلشبهه بالتبرع يعتبر من الثلث ولشبهة بالديون يكون مقدما على ما هو تبرع محض
إذا حصلت البداية بها فان بدأ بالبيع وحابى بالثلث ثم أعتق عبدا وهو الثلث ثم باع وحابى
بالثلث فللبائع الأول نصف الثلث ونصف الثلث بين المعتق والمشتري الاخر لأنه لا مزاحمة
للعتق مع المحاباة الأولى فيجعل في حقها كالمعدوم ويقسم الثلث بين المحاباتين نصفين ثم النصف
الذي يصيب المشترى الاخر يزاحمه فيه المعتق لان المعتق مقدم عليه وإنما كان المعتق محجورا
لحق صاحب المحاباة الأولى وقد خرج الوسط حين استوفى حقه ففيما بقي يعتبر حق صاحب
العتق وصاحب المحاباة الأخرى فلهذا كان الباقي بينهما نصفين قال وإذا اشترى الرجل ابنه
في مرضه بألف درهم وذلك قيمته وله ألف درهم سوى ذلك فإنه ابنه يعتق ولا سعاية
عليه ويرثه في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يسعى في جميع قيمته ويقاص بها من
ميراثه لان العتق في المرض وصية ولا وصية لوارث والابن وارث هاهنا بالاتفاق فيلزمه
رد رقبته لبطلان الوصية له وقد تعذر رده فيلزمه السعاية في قيمته وهو بناء على أصلهما ان
المستسعى حر عليه دين فبوجوب السعاية عليه لا يخرج من أن يكون وارثا وأبو حنيفة يقول
10

لو أوجبنا عليه السعاية في قيمته كان مكاتبا لان المستسعى في بدل رقبته عنده مكاتب والمكاتب
لا يرث فيجب تنفيذ الوصية له وإذا أنفذنا الوصية له وأسقطنا عنه السعاية صار وارثا لا يزال يدور
هكذا وقطع الدور واجب فيجمع له بين الميراث والوصية لضرورة الدور لان ثبوت الوصية
للوارث أسهل من ابطال ميراثه (ألا ترى) ان الميراث لا يرتد برد أحد فإنه واجب بايجاب الله
تعالى والوصية للوارث تصح عند إجازة الورثة فلهذه الضرورة جمعنا له بين الوصية والميراث
وهو نظير جواز تنفيذ الوصية فيما زاد على الثلث لضرورة الدور وقد بينا ذلك في كتاب الهبة
انه قد تنفذ الهبة في ثلث المال لضرورة الدور والوصية للوارث بمنزلة الوصية للأجنبي بما زاد
على الثلث ولو اشترى ابنه بألف درهم وقيمته خمسمائة وأعتق عبدا له آخر يساوي خمسمائة
ولا مال له غيرهما ففي قول أبي حنيفة المحاباة تقدم لأنه بدأ بها وقد استغرقت الثلث فيجب على
كل واحد من العبدين السعاية في قيمته ولا يرث الابن شيئا لما عليه من السعاية وعندهما العتق
مقدم إلا أن الابن وارث فلا وصية له ولكن يعتق العبد الاخر محاباة ويسعى الابن في
قيمته ويطالب البائع بالرد فيما زاد على قيمته من الثمن فيكون ميراثا بينهم على فرائض الله تعالى
ولو كان قيمة الابن ألفا فاشتراه بألف وأعتق عبدا آخر يساوى ألفا على قول أبي حنيفة
يتحاصان في الثلث ويسعى الابن فيما زاد على حصته ولا ميراث له لأنه مستسعى في بعض
قيمته فلا يكون وارثا وعند أبي يوسف ومحمد الابن وارث فعليه أن يسعى في جميع قيمته
ويقاص بها من ميراثه قال وإذا أعتق الرجل أمته ثم تزوجها وهو مريض ثم دخل بها وقيمتها
ألف درهم ومهر مثلها مائة فإن كانت قيمتها ومهر مثلها يخرج من الثلث جعلت لها الميراث
والمهر وأجزت النكاح وان كانت قيمتها ومهر مثلها لا يخرج من الثلث دفع لها مهر مثلها
والثلث مما بقي بعد المهر ثم سعت فيما بقي من قيمتها ولا ميراث لها وهذا قول أبي حنيفة وقد
طعن عيسى رحمه الله في اشتراطه خروج القيمة ومهر المثل من الثلث قال كيف يستقيم هذا
والمهر دين يعتبر من جميع المال والقيمة وصية تعتبر من الثلث ولكن يقول مراده من ذلك
خروج القيمة من الثلث بعد دفع مهر المثل من المال لان مهر المثل دين فيعتبر فيبدأ به ثم إذا
كانت القيمة تخرج من ثلث ما بقي فقد عرفنا نفوذ العتق وصحة النكاح وثبوت الميراث لها
ولكن يجمع على أصله لها بين الميراث والوصية لضرورة الدور وان كانت قيمتها ومهر مثلها
لا يخرج من الثلث فقد علمنا بوجوب السعاية عليها في بعض قيمتها وانها كالمكاتبة والمولى إذا
11

تزوج مكاتبته لا يصح النكاح ولكنه لما دخل بها يلزمه مهر المثل للشبهة فيأخذ مهر مثلها
أولا ثم لها الثلث مما بقي بطريق الوصية ويسعى فيما بقي من قيمتها وفي قول أبى يوسف
ومحمد النكاح جائز على كل حال لان المستسعاة عندهما حرة عليها دين فيكون لها مهر مثلها
والميراث وعليها السعاية في قيمتها لأنها حين ورثت لم يكن لها وصية فيحاسب بالقيمة التي عليها
من مهرها وميراثها لأنه لا فائدة في قبض ذلك منها حين وجب ردها عليها فان بقي شئ
أداه إلى الورثة وإن كان زادها شيئا على مهر مثلها بطلت الزيادة لأنها وارثة له ولو أعتق أمته
وقيمتها ألف ثم استدان منها مائة درهم ثم تزوجها ثم مات ولم يدخل بها وترك ألفين سوى
ذلك عندهما هذا والأول سواء والنكاح جائز وترث ولها مهرها لانتهاء النكاح بالموت ولها
دينها الذي استدان منهما لكون ببينة معاينه وعليها السعاية في قيمتها لأنها لا وصية لها وعند أبي
حنيفة النكاح باطل لأنها تستوفى في دينها من المال ثم لها ثلث ما بقي بطريق الوصية وقيمتها ومهر
مثلها يزيد على الثلث فلذلك بطل النكاح ولو أعتقها وليس له مال غيرها ثم تزوجها فاستدان
منها مائتي درهم فأنفقها على نفسه وذلك في مرضه ثم مات فالنكاح باطل في قول أبي حنيفة
ولا ميراث لها ولا مهر إذا لم يكن دخل بها وعليها السعاية في ثلث ما بقي بعد الدين ولو أعتقها
في مرضه ثم تزوجها وليس له مال غيرها ثم اكتسب ما لا تخرج هي ومهرها من ثلثه فان
النكاح جائز ولها المهر والميراث ولا سعاية عليها لان المعتبر عند الموت فان وجوبه الوصية
يكون عند موته وعند ذلك رقبتها تخرج من الثلث بعد المهر فلا تسعى في شئ وتبين ان
النكاح كان صحيحا بينهما بالموت فلها المهر والميراث ويجمع لها بين الميراث و الوصية لضرورة
الدور وإذا أشهد الرجل على وصيته في كتاب شهودا ولم يقرأها عليهم ولم يكتبها بين أيديهم
فان ذلك لا يجوز لأنهم لم يعرفوا ما في الكتاب والشهادة على ما قال في الكتاب لا على الكتاب
وبدون علم الشاهد المشهود به لا يصح الاشهاد وان قرأها عليهم فقالوا نشهد عليك بذلك
فحرك رأسه بنعم ولم ينطق فهذا باطل لأنهم لم يسمعوا اقراره وتحريك الرأس من الناطق
لا يكون اقرار إذ هو محتمل في نفسه يجوز أن يكون لاستبعاد الشئ ويجوز أن يكون
للرضي به وان كتبها بين أيديهم وقال اشهدوا انها وصية أو قرأها عليهم فقال اشهدوا ان هذا
وصية فهو جائز لأنه سمعوا اقراره وعلموا بما كتبه بين أيديهم أو قرأه عليهم وكذلك لو
قالوا نشهد ان هذه وصيتك قال نعم فهو جائز لأنه أخرج كلامه مخرج الجواب فيصير ما تقدم
12

كالمعاد فيه قال تعالى فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم وإذا شهد الشاهدان انه أعتق أحد
عبديه في وصيته وقالا سماه لنا فنسيناه لم تجز شهادتهم لأنهم لو أثبتوا الشهادة وقد أقروا على
أنفسهم بالغفلة وبأنهم ضيعوا الشهادة وان شهدوا انه أعتق أحد عبيده الأربعة بغير عينه فهذا
والأول سواء في القياس ولكني استحسن هذا وأجيزه فيعتق من كل واحد منهم ربعه ان
كانت قيمتهم سواء ويسعى كل واحد في ثلاثة أرباع قيمته وقد تقدم بيان هذا في العتاق فإن كان
ت قيمتهم مختلفة أخذا قلهم قيمة وأكثرهم قيمة فجمعنا قيمتهما ثم أخذنا نصف ذلك
وقسمناه بينهم على قدر قيمتهم حتى إذا كان قيمة أحدهم ألفا وقيمة الثاني ألفين وقيمة الثالث
ثلاثة آلاف وقيمة الرابع أربعة آلاف فإنه يجمع بين أقلهم قيمة وأكثرهم قيمة وذلك خمسة
آلاف ثم يؤخذ نصف ذلك وهو ألفان وخمسمائة فيضرب أحدهم فيه بألف والاخر
بألفين والاخر بثلاثة آلاف والاخر بأربعة آلاف فإذا جعلت كل ألف سهما بلغت السهام
عشرة فللأول عشر ألفين وخمسمائة وذلك مائتان وخمسون ربع قيمته وللثاني عشران وذلك
خمسمائة ربع قيمته وللثالث ثلاثة أعشار وذلك سبعمائة وخمسون ربع قيمته فان قيمته ثلاثة
آلاف وللاخر أربعة أعشار وهو ألف درهم ربع قيمته فإن كان له عبدان فشهد الشاهدان
أنه قال هذا حر وهذا فإنه يعتق من كل واحد منهما ثلثه إن لم يكن له مال غيرهما فإن كان له
مال غيرهما يخرج من ثلثه عتق من كل واحد منهما نصفه وليس للورثة أن يعتقوا
أحدهما ويمسكوا الاخر لان العتق بالموت يشيع فيهما وإنما ينفذ من ثلث ماله ولو شهدوا أنه قال
لفلان عبدي هذا أو عبدي هذا للاخر وصية وهما يخرجان من الثلث كان للورثة أن يعطوه
أيهما شاؤوا لان المستحق واحد وهو الموصى له والأقل متيقن به فللورثة أن لا يعطوه الزيادة
على ذلك بخلاف العتق وهناك العتق وهناك العتق شاع فيهما بالموت لان المستحق مختلف وليس أحدهما
بالتقديم بأولى من الاخر ولو شهدوا انه أعتق عبده هذا وهو يخرج من الثلث ثم شهد
آخران من الورثة انه أعتق عبدا آخر سواه فشهادتهما جائزة ويتحاصان في الثلث لأنه
لا تهمة في شهادة الورثة فان فيه ابطال ملكهم عن العبد وتأخير حقهم إلى خروج السعاية
فكانوا في هذه الشهادة كالأجانب وقد ثبت حق كل واحد منهما بمثل ما ثبت به حق الاخر
فيتحاصان في الثلث ولو شهد الأجنبيان انه أوصى لفلان بالثلث وأجازه القاضي ثم شهد الوارثان
انه أعتق عبده هذا في مرضه وهو الثلث جاز اعتاقه من الثلث وبطلت الوصية بالثلث لان
13

ثبوتهما بالبينة كثبوتهما بالمعاينة والعتق والمنفذ في الثلث مقدم على سائر الوصايا وذكر في
الزيادات ان شهادة الوارثين لا تقبل هاهنا لان الموصى له بالثلث استحق الثلث عليهما بقضاء
القاضي فهما بهذه الشهادة يبطلان استحقاقه وما قضى به القاضي عليهما بهذه الشهادة فلا يقبل
ولكن يعتق العبد لا قرارهما بفساد رقه وعليه السعاية في قيمته لان العتق في المرض نفذ من
الثلث وقد بينا ان الثلث كله مستحق للموصى له بقضاء القاضي ولو شهد الأجنبيان انه أوصى
ان بعتق عبده سالم وهو الثلث وشهدا وارثان انه رجع عن ذلك وأوصى بعتق عبده زياد
وهو الثلث جازت شهادتهما لأنه لا منفعة في هذه الشهادة للورثة إذ لا فرق في حقهم بين
أن يكون الأول هو المستحق للثلث عليهم أو الاخر ولأنهما يشهدان للاخر على الأول فهو
بمنزلة ما لو أوصى لرجل بالثلث فشهد وارثان انه قد رجع عنه وجعله لهذا الاخر أو انه أشركه
معه فيه ولو كانت قيمة العبد الثاني أقل من الثلث أجزت شهادتهما للاخر فأعتقه ولا أصدقهما
على الفصل الذي في الأول لأنهما بشهادتهما على الرجوع عن وصيته يجران إلى أنفسهما منفعة
ولا تقبل شهادتهما على ذلك ولكن يثبت عتق الا آخر بشهادتهما لان أحد الحكمين ينفصل
عن الاخر ولا تهمة في هذا فينفذ العتق للعبدين من الثلث بالحصص ولو شهد شاهدان انه
أعتق عبديه هذين في مرضه وقيمة أحدهما ألف وقيمة الاخر خمسمائة ولا مال له غيرهما
فالثلث بينهما أثلاثا لان الوصية لكل واحد منهما بالبراءة عن السعاية فيضرب بجميع ما أوصى
له به في الثلث وإن كان أكثر من الثلث ولو كان أوصى بأحدهما لرجل وبالاخر لاخر
فكذلك عند أبي يوسف ومحمد الجواب وعند أبي حنيفة الثلث بينهما نصفان لان الموصي
له بالعين تبطل وصيته فيما زاد على الثلث عند عدم الإجازة ضربا واستحقاق وإذا قال الرجل
في مرضه لعبد له ومدبر أحد كما حر ثم مات ولا مال له غيرهما وقيمتها سواء فللمدبر ثلثا الثلث
وللاخر ثلثه لان قوله أحد كما حر يتخير العتق وهو معتبر في حق المدبر لحاجته إلى ذلك
فيجب له حرية رقبته ويشيع فيهما بالموت قبل البيان فكان القن موصى له بنصف رقبته والمدبر
موصى له بجميع رقبته لا يزاد على ذلك شئ بما أصابه من العتق في المرض لان العتق في المرض
وصية كالتدبير فيضرب المدبر في الثلث بجميع رقبته والقن بنصف رقبته فكان الثلث بينهما أثلاثا
ولو كان قال في الصحة سعى المدبر في سدس قيمته والاخر في نصف قيمته لان العتق في
الصحة من جمع المال فإذا فات البيان بالموت عتق من كل واحد منهما نصفه من جميع المال
14

وإنما مال الميت رقبة واحدة والمدبر موصي له بالنصف الباقي من رقبته فتنفذ وصيته من الثلث
فيسلم له بالعتق البات نصف الرقبة وبالتدبير ثلث الرقبة ويسعى في سدس القيمة وإنما
يسلم للقن نصف رقبته بالعتق البات فيسعى في قيمته ولو شهد شاهدان انه دبر عبده
فلانا ان قتل وانه قد قتل وشهد شاهدان انه مات موتا فانى أجيز العتق من الثلث لان في
احدى الشهادتين اثبات العتق والقتل وفي الأخرى نفيهما والمثبت من البينتين أولى وكذلك
لو شهدا أنه أعتقه ان حدث به حدث في مرضه أو سفره هذا وانه قد مات في ذلك السفر
أو المرض وشهد آخران انه رجع من ذلك السفر ومات في أهله فانى أجيز شهادة شهود
العتق لان في شهادتهما اثبات العتق واثبات تاريخ سابق في موته وان شهدا هذان الآخران
أنه قال إن رجعت من سفري هذا فمت في أهلي ففلان حر وانه قد رجع فمات في أهله وجاؤا
جميعا إلى القاضي فانى لا أجيز شهادة اللذين شهدا على الرجوع وأجيزا شهادة اللذين شهدا
انه مات في أهله ذلك لأنهما أثبتا موته بتاريخ سابق ولا بد من القضاء بموته في ذلك
الوقت لانعدام المعارض ثم الموت لا يتكرر عادة فيبطل شهادة الآخرين جميعا ضرورة
(ألا ترى) ان الرجل لو قال إن مت في جمادى الاخر ففلان حر وان مت في رجب
ففلان حر لعبد آخر فشهد شاهدان انه مات في جمادى الاخر وشهد آخر ان انه مات في
رجب أخذنا بقول الشاهدين على الموت الأول لهذا المعنى ولو شهدا أنه قال إن مت من
مرضى هذا ففلان حر وقالا لا ندري مات أم لا فقال الغلام مات منه وقال الوارث صح
منه ثم مات فالقول قول الوارث مع يمينه لان الغلام يدعى شرط العتق والوارث منكر لذلك
فالظاهر وإن كان يشهد للغلام ولكن ثبوت الشرط ظاهرا لا يكفي لثبوت الحرية لأن الظاهر
يدفع به الاستحقاق ولا تثبت به الاستحقاق وان أقاما جميعا البينة فالبينة بنية العبد لأنه هو
المثبت للشرط والعتق وان قال إن مت من مرضى هذا ففلان حر وان برأت منه ففلان
آخر حر فقال العبد قد مات منه وقال الوارث قد برأ فالقول قول الوارث لما بينا فان أقام
الاخر البينة على ما يدعى أعتقته أيضا لأنه يثبت العتق ببينة لنفسه وان قامت البينتان لهما أخذت
ببينة الذين شهدوا على الوقت الأول انه مات من مرضه وأبطلت الأخرى لأنه لا يموت
مرتين وإذا أمته في الأول بطل الاخر ضرورة لان الميت لا يموت والله أعلم
15

(باب عتق النسمة عن الميت)
(قال رحمه الله) وإذا اشترى الموصى نسمة ليعتقها عن الميت كتب هذا ما اشترى
فلان بن فلان وصي فلان بن فلان اشترى مملوكا يقال له فلان الفلاني وهو رجل
قد اجتمع بكذا درهما نسمة كان فلان بن فلان أوصى أن يشتريه بها له فيعتقها عنه ثم يكتب
التقابض وما بعده على الرسم والحاصل ان الصك حكاية ما جرى والمقصود التوثيق فينبغي
أن يكتب على أحوط الوجوه فالنسمة هي الرقبة التي تشرى للعتق وينبغي للوصي إذا لم يعين
الموصي رقبة أن يشترى رجلا مجتمعا لان معنى التقرب إنما يتم باعتاق مثله فان الصغير والمجنون
عاجزان عن الكسب والأنثى كذلك فيصير بعد العتق عيالا على غيره وإذا كان رجلا قد
اجتمع يتخلص من ذلك الرق ويتفرغ للعبادة والتكسب للانفاق على نفسه فإنما يتم معنى
الرقبة في أعتاق مثله وقصد الموصى التقرب وصفة الاطلاق تقتضي الكمال وإذا أوصى أن
يعتق عنه نسمة بمائة درهم فلم يبلغ ثلث ماله مائة درهم لم يعتق عنه في قول أبي حنيفة وقال
أبو يوسف ومحمد يعتق عنه بالثلث رقبة ما بلغت لان وجوب تنفيذ هذه الوصية لحق الموصى
وهو قصده التقرب ولهذا صحت وصيته من غير تعيين النسمة فيجب تنفيذ وصيته من محلها
ويحصل مقصوده بقدر الامكان كما لو أوصي أن يحج عنه بمائة درهم فلم يبلغ الثلث الا خمسين
درهما يحج عنه من حيث يبلغ الثلث وكذلك لو أوصى أن بصدق له من ماله بمائة وأبو حنيفة
يقول تنفيذ الوصية لغير من أوجبها له الموصى لا يجوز وهو إنما أوجب الوصية بنسمة قيمتها
مائة درهم والتي قيمتها خمسون غير التي قيمتها مائة فلو قلنا بأنه يشترى بثلث ما يوجد كان
هذا تنفيذ الوصية لغير من أوجب له الموصى ثم للموصى في تقدير الثمن غرض صحيح وهو
التحرز عن اعتاق الحديث والتقرب باعتاق أفضل الرقاب على ما روى أن النبي عليه الصلاة
والسلام سئل عن أفضل الرقاب فقال أعلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها والانسان قد يرغب في ولاء
عبد كثير القيمة ويتحرز عن ولاء قليل القيمة ففي تنفيذ هذه الوصية من الثلث ابطال
مقصود الموصى والزام ولاء لم يرض بالتزامه وبهذين الحرفين يتضح الفرق بين هذا وبين
الصدقة والحج وإنما نظير هذا من مسألة الحج لو أن صحيحا أمر رجلا أن يحج عنه رجلا
بمائة درهم فأحج عنه رجلا بخمسين درهما وهناك يصير مخالفا ضامنا فكذلك هاهنا وعلى
16

هذا الخلاف لو أوصى أن يعتق نسمة بجميع ماله فلم يجز الورثة ذلك فالوصية تبطل في قول
أبي حنيفة وفي قولهما يشترى له بالثلث نسمة فتعتق عنه واستكثر من الشواهد لهما في الأصل
قال أرأيت لو أوصي أن يعتق عنه نسمة بمائتي درهم مائة من ماله ومائة من مال فلان لرجل
أجنبي أكنت أبطل وصيته من أجل انه سمى مال الأجنبي أرأيت لو أوصى أن يشترى له
نسمة بمائة درهم أو بخمر أو خنزير أو بانسان حر أو يزاد مع هذه المائة شئ لا يصلح من
ماله أكنت أبطل الوصية لا أبطلها وهي جائزة من ثلثه. أرأيت لو أوصى أن يعتق عنه نسمة
بمائة درهم بعينها فإذا فيها درهم ستوقة أو أكثر لا ينفق أما كنت آمره أن يشترى بما بقي
أرأيت لو تجوز بهذا البائع أما كنت آمره أن يشترى بها أرأيت لو استحق منها درهم أو
هلك منها درهم أكنا نبطل الوصية قيل هذا كله على الخلاف ومن عادة محمد رحمه الله
الاستشهاد بالمختلف على المختلف لايضاح الكلام وقيل بل أبو حنيفة رحمه الله يفرق بين
هذه الفصول فيقول إذا أوصى أن يشترى نسمة بجميع ماله فلو أجازت الورثة لكان المشترى
كله والعتق يكون من جهته وولاؤه له وإذا لم يجيزوا لو قلنا يشترى بثلثه كنا نلزمه ولو لم يرض
بالتزامه وأما في مسألة ماله ومال غيره لو أجاز الغير هناك لا يكون المشترى كله له ولا ينفذ
العتق في جميعه من جهته فليس في تنفيذ وصيته في ماله إلزام شئ لم يرض بالتزامه وإذا أوصى
أن يعتق عنه نسمة وأوصي لاخر بالثلث فثلث ماله يقسم على الثلث وعلى أدنى ما يكون من
قيمة النسمة لان بمطلق التسمية لا يثبت الا الأدنى فإنه هو المتقين به وإنما يجب قسمة الثلث
على مقدار ما يثبت من كل وصيته فما أصاب قيمة النسمة يعتق به النسمة وما أصاب الثلث
فهو للموصى له بالثلث ولو أوصى أن يشترى عبد فلان فيعتق عنه فإنه يشترى من ثلثه
لان تنفيذ الوصية محلها الثلث وإذا امتنع صاحبه من البيع بالثلث أوقف الثلث حتى يبيعه
صاحبه لأنه مشغول بالوصية فما دام فيه رجاء التنفيذ يجب أن يوقف الثلث عليه فان مات
العبد فقد انقطع رجاء تنفيذ هذه الوصية لفوات محلها فيرجع إلى الوارث ذلك أن كان سمى
ما يشترى به من الثلث ولو أوصى إلى رجل أن يشترى له نسمة بهذه المائة بعينها فيعتقها من
الثلث عنه فان اشترى بها نسمة فأعتقها عنه ثم استحق رجل تلك المائة أو بعضها أو لحقه دين
والمائة أكثر من ثلثه فالوصي ضامن لتلك المائة لأنه هو المشترى فالثمن مضمون في ذمته
حتى يسلمها للمشترى ثم بما ظهر تبين ان الوصي مخالف لأنه اشترى بأكثر من ثلث مال الميت
17

ولا يمكن تنفيذ وصيته في أكثر من ثلثه فصار مخالفا مشتريا لنفسه فالثمن دين عليه وإنما قضى بمال
الميت دينا عليه فيضمن مثلها ويكون العتق عن نفسه لان أعتق ملك نفسه فان خرج للميت
مال لم يعلم به من دين أو عين يكون ثمن النسمة الثلث من ذلك برئ الوصي من الضمان لان
بما ظهر من المال تبين ان الوصي غير مخالف وانه نفذ الوصية في محلها فلا يلحقه عهد ولا ضمان
وإذا أوصى أن يباع عبده ويشترى بثمنه نسمة فتعتق عنه فباع الوصي العبد واشترى بثمنه نسمة
فأعتقها وهو الثلث ثم رد العبد من عيب بعد ذلك ضمن الوصي الثمن لأنه هو المشترى فتتعلق
حقوق العقد به وذلك رد الثمن عند رد المبيع عليه بالعيب ثم يقال بع العبد فان بلغ ذلك الثمن
فالعتق جائز عن الميت كما كأن لأنه تبين انه غير مخالف في شراء النسمة والعتق عن الميت بل
هو منفذ الوصية في محلها وان نقص عنه أو زاد عليه فالعتق عن الوصي لأنه مخالف في الوجهين
أما إذا نقص ثمن العبد عما اشترى به النسمة فظاهر وكذلك إذا زاد عليه لأنه إنما أمره أن
يعتق عنه نسمة يشتريها بثمن العبد وهذه نسمة اشتراها ببعض الثمن فكان غير ما تتناوله الوصية
فلهذا كان مشتريا لنفسه في الوجهين والعتق عنه ويشترى بالثمن نسمة أخرى فيعتقها عن الميت
ولو لم يرد العبد بالعيب ولكن استحق رجع المشترى على الوصي بالثمن لأنه هو الذي قبض
منه بحكم البيع الثمن فكان العتق عن الوصي نفسه لأنه تبين بطلان الوصية وان اشترى الوصي
النسمة لا يمكن تنفيذها عن الميت فكان مشتريا لنفسه على ما هو الأصل انه متى تعذر تنفيذ
الشراء على من اشترى له ينفذ على العاقد وكان العتق عن الوصي نفسه ولا يرجع على الورثة
في نصيبهم بشئ من المال لان الميت لم يوص في ذلك المال بشئ فكيف يرجع الوصي به. أرأيت
لو اشترى شيئا لليتيم من ميراثه أو باع له فلحقه غرم وليس لليتيم مال أكان يرجع في حصة
غيره من الورثة ولو أوصى بأن يشترى من ثلثي ماله نسمة تعتق عنه وماله ثلاثمائة فاشترى الوصي
بمائة نسمة فأعتقها وأعطى الورثة مائتين فاستحقت النسمة وردت في الرق وقبض الوصي
المائة ليشترى بها نسمة أخرى فتلفت منه مائة يرجع على الورثة بثلث ما أخذوا ليشترى به
في قول أبي حنيفة وما تقدم من المقاسمة باطل ما لم يحصل مقصود الموصى وفي قولهما مقاسمة
الوصي الورثة جائزة ولا يرجع فيما أصاب الورثة بشئ وقد بطلت الوصية وهذا نظير ما تقدم
بيانه في الحج ولو أوصى أن يشترى له نسمة بعينها فتعتق عنه فاشتراها الوصي ثم ماتت فقد
بطلت الوصية لأنها وقعت لشخص بعينه فلا يمكن تنفيذها لشخص آخر وقد فات محل الوصية
18

فتبطل الوصية وكذلك لو جنت جناية قبل أن تعتق فدفعت بها بطلت الوصية لفوات محلها
وهو ملك الموصى ولو فداها الورثة كانوا متطوعين في الفداء وتعتق عن الميت لأنها طهرت
عن الجناية وبقيت على ملكه محلا لوصيته والورثة ما كانوا مجبورين على الفداء فكانوا
متبرعين فيه لان النسمة باقية على ملك الموصى حكما فكأنهم فدوها من الجناية في حياة
الموصى ولو أوصي بعتق أمة له تخرج من ثلثه كان حالها كذلك فان ولدت النسمة أو الأمة
قبل أن تعتق فالولد رقيق للورثة لان الوصية بالعتق لا تسرى إلى الولد فان فيه إلزام الميت
الولاء وإنما التزم الميت ولاء الأمة لا ولاء ولدها والأمة قبل أن تعتق مبقاة على حكم ملك
الميت فيفصل منها الولد لذلك إلا أن الورثة لا يملكونها لكونها مشغولة بوصية الميت وذلك
غير موجود في الولد فكان الولد للورثة وان كانت النسمة والأم ذات رحم محروم من الورثة لم
تعتق بذلك حتى تعتق عن الميت لان اشتغالها بالوصية يمنع انتقالها إلى الوارث بل هي مبقاة
على حكم ملك الميت ولهذا كان ولاؤها له إذا عتقت عنه ولو أعتقها بعض الورثة عن نفسه
كان العتق عن الميت لان العتق في هذه العين مستحق عن الميت وما يكون مستحقا على المرء
في عين بجهة فعلى أي وجه أتى به يقع عن الوجه المستحق وتصريحه بخلافه باطل وكذلك لو
قال أنت حرة ان دخلت الدار أو قال بعد موتى لم تكن مدبرة ولكنها تعتق عن الميت ان
دخلت الدار ومات القائل لان الوارث في حكم المالك لها بدليل انه يملك وزوائدها
وكسبها الا انه لا يجعل ملكا فيما فيه ابطال وصية الموصى فأما فيما فيه تنفيذ وصيته فيجعل
الوارث كالمالك فيصح منه تعليق عتقها بموته أو بشرط آخر وعند وجود الشرط يجعل كالمنجز
لعتقها فيعتق عن الميت وبه فارق الوصي فإنه إذا علق عتقها بالشرط لم يصح التعليق لان الوصي
غير مالك لها وإنما يتصرف بحكم التفويض والمفوض إليه ينجز العتق والمأمور بالتنجيز إذا علق
العتق بالشرط كان ذلك منه باطلا ولو قال لها الوارث أنت حرة على ألف درهم ان قبلت
فقبلت فهي حرة بغير شئ لأنها لا تعتق لوجود الشرط وإنما تعتق بجهة لوصية عن الميت وكان
ذلك بغير جعل ولو أوصى أن تعتق نسمة عن شئ واجب عليه من ظهار أو غيره فإنها تعتق من
ثلثه لأنه لا يجب الاعتاق عنه بعد موته بغير وصية فإذا أوصى كان معتبرا من ثلثه كالتطوعات
وكذلك الزكاة وحجة الاسلام وقد بينا هذا فيما سبق ولو أوصى بعتق نسمة فاشتريت له أو
بعتق أمة له تخرج من الثلث فجنى عليها جناية فالأرش للورثة لان الأرش بمنزلة الولد في كونه
19

فارغا عن الوصية فالوارث بمنزلة المالك لها فيما هو فارغ عن الوصية الميت فكان كسبها
للورثة لهذا المعنى ولو زوجوها لم يجز لأن ولاية التزويج تثبت لملك الرقبة وهم لا يملكون
رقبتها لكونها مشغولة بالوصية فان دخل بها الزوج سقط الحد للشبهة ووجب المهر وكان
ذلك بمنزلة ولد ولدته فيكون للورثة ولو أوصى إلى رجل ببيع عبده هذا ويتصدق بثمنه على
المساكين فباعه الوصي وقبض الثمن فهلك عنده ثم استحق العبد كان أبو حنيفة مرة يقول
يضمن الوصي ولا يرجع على أحد بشئ لان الوصية قد بطلت باستحقاق العبد والوصي هو
الذي قبض الثمن فيضمن مثله للمشترى ولا يرجع على الورثة بشئ لان الميت ما أوصى بشئ
مما وصل إلى الورثة ثم رجع وقال يرجع الوصي بما يضمن من الثمن في مال الميت وهو قولهما لان
الوصي في هذا البيع كان عاملا للميت فما يلحقه من العهدة بسبب عمله يرجع به على الميت
ويكون ذلك بمنزلة الدين له يستوفيه من جميع ماله وروى ابن سماعة عن محمد رحمهما الله انه
يرجع بقدر ثلث ماله مما يغرم لأنه إنما لحقه هذا الغرم باعتبار وصية الميت ومحل الثلث
فلهذا يقتصر رجوعه على ثلث مال الميت والله أعلم
(باب الوصي والوصية)
(قال رحمه الله) ويكتب في كتاب وصيته تركته لان الكتاب للتوثق والرجوع
إليه عند المنازعة وأكثر ما تقع فيه المنازعة التركة التي تصير في يد الموصى فينبغي أن
يذكرها في الكتاب ان كتب فيه أنه يعمل كذا ان مات من مرضه هذا أو في سفره هذا
فرجع من ذلك السفر وبرأ من ذلك المرض بطلت تلك الوصية لأنه عقلها بشرط وقد فات
والوصية إلى الغير اثبات الخلافة أو الاطلاق وهو يحتمل التعليق بالشرط كالوكالة أو هي اثبات
الولاية بمنزلة تقليد القضاء فيحتمل التعليق بالشرط وإذا أوصى إلى رجلين فمات أحدهما جعل
القاضي مكانه وصيا آخر والكلام ها هنا في فصول ثلاثة * أحدها أن أحد الوصيين لا ينفرد
بالتصرف في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله الا في أشياء معدودة استحسانا وفي قول أبى
يوسف ينفرد كل واحد منهما بالتصرف وجه قوله أن الوصايا تثبت؟ الولاية للوصي في
التصرف وكل واحد من الوليين يتصرف بانفراده كأنه ليس معه غيره كالأخوين في النكاح
والأبوين وهذا لان الولاية لا تحتمل التجزء وبتكامل السبب في حق كل واحد منهما
20

بانفراده يثبت الحكم بخلاف الوكيلين فان الوكالة إنابة وإنما جعلهما تائبين عنه في التصرف فلا
تثبت الإنابة لكل واحد منهما بانفراده وبيان ان ثبوت حق التصرف الفرق للموصى لا يكون
الا بعد زوال ولاية الموصى والإنابة تستدعى قيام ولاية المنوب عنه وتبطل سقوط ولايته كالوكالة
وأما الولاية بطريق الخلافة فتستدعى سقوط ولاية من هو أصل ليصير الخلف قائما مقامه كالجد
مع الأب وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله قالا سبب هذه الولاية التفويض فلا بد من مراعاة
سبب التفويض وإنما فوض إليهما حق التصرف وكل واحد منهما في هذا السبب بمنزلة شطر
العلة وشطر العلة لا يثبت شيئا من الحكم بخلاف الأخوين فالسبب هناك الاخوة وهي
متكاملة في حق كل واحد منهما * يوضحه ان ولاية التصرف للوصي بعد موت الموصى
باعتبار اختيار الموصى ورضاه به وهو إنما رضي برأي المثنى فرأى الواحد لا يكون كرأي المثنى
ومقصوده توفير المنفعة عليه وعلى ورثته وذلك عند اجتماع رأييهما أظهر فأشبهت من هذا الوجه
الوكالة فأما الأشياء المعدودة فهو تجهيز الميت وشراء ما لا بد منه للصغير وقضاء الدين ورد
الوديعة وتنفيذ الوصية في العين وقبول الهبة والخصومة والقياس في هذه الأشياء أن لا ينفرد
أحدهما به لما قلنا ولكنا استحسنا لان التجهيز لا يمكن تأخيره وربما يكون أحدهما غائبا ففي
اشتراط اجتماعهما الحاق الضرر لا توفير المنفعة عليه وكذلك شراء ما لابد للصبي منه فان ذلك
لحاجته فلا يحتمل التأخير والظاهر أن الموصى رضى برأي كل واحد منهما على الانفراد فيه
عند تحقق الحاجة وأما قضاء الدين فلان صاحب الدين يستبد باستيفائه من غير حاجة فيه
إلى فعل أو رأى من الوصي فرد الوديعة كذلك والوصية بالعين إذا كانت تخرج من الثلث
كذلك فالوصي له أن يأخذه فكذلك لأحدهما أن يعينه على ذلك بالتسليم والخصومة مما لا
يتحقق اجتماعهما عليه (ألا ترى) انهما وان حضرا لم يتكلم الا أحدهما لأنهما لو تكلما جميعا
لم يفهم القاضي كلام كل واحد منهما ولهذا ملك أحد الوكيلين الخصومة والتفرد بها اما قبول
الهبة والصدقة فإنه لا يستدعى الولاية (ألا ترى) ان الصبي يقبل بنفسه ومن يعوله وإن كان
أجنبيا له ان يقبل الهبة له فأحد الوصيين بذلك أولى فاما اقتضاء الدين واسترداد الوديعة فهو
على الخلاف لان هذا يقبل التأخير ويتحقق اجتماعهما عليه وفيه توفير المنفعة لان حفظ
الواحد لا يكون كحفظ المثنى وإنما رضى الموصى بحفظهما ولم يذكر في الكتاب فأما إذا أوصى
إلى كل واحد منهما على الانفراد وقد قال كثير من مشايخنا ان هاهنا ينفرد كل واحد منهما
21

بالتصرف بمنزلة الوكيلين إذا وكل واحد منهما على الانفراد ولكن الأصح ان الخلاف في
الفصلين لان وجوب الوصية يكون عند الموت وعند الموت إنما تثبت الوصية لهما معا بخلاف
الوكالة وهذا لان بالايصاء إلى الثاني يقصد اشتراكه مع الأول وهو يملك الرجوع عن
الوصية إلى الأول فيملك أشراك الثاني معه وقد يوصى الانسان إلى غيره على ظن أنه يتمكن
من اتمام مقصوده وحده ثم يتبين له عجزه عن ذاك فيضم له غيره فكان بمنزلة الوصية إليهما
معا بخلاف الوكيلين فان رأى الموكل قائم هناك وإذا عجز الوكيل يمكن الموكل من المباشرة
بنفسه فلم يكن قصده ضم الثاني إلى الأول وإنما كان قصده إنابة كل واحد منهما منابه بانفراده
فان مات أحدهما جعل القاضي مكانه وصيا آخر أما عند أبي حنيفة ومحمد فلان الاخر عاجز عن
التفرد بالتصرف والقاضي قائم مقام الميت في النظر فيعجزه بنفسه عن النظر فيضم إليه وصيا
آخر وعند أبي يوسف الحي منهما وإن كان يقدر على التصرف فإنما كان الموصى قصد أن
يخلف متصرفين في حقوقه وتحصيل مقصوده بنصب وصى آخر هاهنا لان رأى الميت منهما
باق حكما برأي من نصبه وروى الحسن عن أبي يوسف ان الحي لا ينفرد بالتصرف هاهنا
لان الموصى ما رضى برأيه وحده ولا يكون للوصي أن يرضى بما يعلم أن الموصى لم يرض به
بخلاف ما إذا أوصي إلى غيره وإذا مات وأوصى إلى آخر فهو وصية في تركته وتركة الميت
الأول عندنا وقال الشافعي لا يكون وصيا في تركة الميت الأول بحال وقال ابن أبي ليلى
لا يكون وصيا في تركة الميت الأول إلا أن يوصي إليه بوصية الأول وجه قول الشافعي ان
الوصي بمنزلة الوكيل لأنه مفوض إليه بوصية الأول التصرف بعد الموت بعقد فهو كالمفوض
إليه التصرف في حالة الحياة بالعقد وهو الوكيل ثم الوكالة تنقطع بموت الموكل ولا يملك الوكيل
أن يوكل به غيره فكذلك الوصي إذا مات ولا معنى للفرق لان حق التصرف للموصى إنما
يثبت بعد سقوط ولاية وصي لان حق التصرف إنما يثبت له في الوقت الذي فوض إليه
التصرف في الوجهين جميعا وإنما تصح الوصية باعتبار قيام ولاية الموصى حكما كما تصح الوصية
له بالمال بعد موته باعتبار قيام ملكه فيه حكما وفقه ما بينا ان الموصى رضى برأيه والناس في
الرأي يتفاوتون فلا يكون ذلك منه رضا برأي غيره ولهذا لا يوكل الوصي أيضا عندي
وحجتنا في ذلك الوصي يتصرف بولاية منتقلة إليه فيملك الايصاء إلى الغير كالجد وتقريره
ان الولاية التي كانت ثابتة للموصى تنتقل في المال إلى الوصي في النفس وإلى الجد في النفس ثم
22

الجد فيما ينتقل إليه قائم مقام الأب فكذلك الوصي فيما انتقل إليه لأنه خلف عن الأول
وباعتبار هذه الخلاف يجعل الأول قائما حكما والخلف يعمل عمل الأصل عند عدم الأصل
ومن شرط ثبوت الخلاف اعدام الأصل * يوضحه ان مقصود الموصى أن يتدارك برأيه
ما فرط فيه بنفسه ولما استعان به في ذلك مع علمه انه قد تخترمه المنية قبل تتميم مقصوده فقد
صار راضيا بايصائه إلى الغير في ذلك لما فيه من تحصيل مقصوده وبه فارق الوكيل لان
الموكل هناك قائم يمكنه أن يحصل مقصوده بنفسه فلا يضمن لوكيله الرضا بوكيل غيره أو
الايصاء إلى غيره عند موته فأما ابن أبي ليلى فيقول هو بمطلق الايصاء يجعل الوصي خلفا
عنه فيما هو من حوائجه وحقوقه التي فرط فيها وهذا مقصور على تركته فاما التصرف في
تركة الموصى فليس من حوائجه في شئ فلا يملك الوصي ذلك الا بالتنصيص عليه ولكنا نقول
بعد قبوله الوصية وموت الموصى صار التصرف في تركة الأول وأولاده الصغار من حوائجه
فيما هو مستحق عليه بمنزلة التصرف في تركة نفسه * يوضحه انه جعل الثاني خلفا عنه قائما مقامه
في كل مكان يملكه بنفسه مما يقبل النقل إلى الغير بعد موته وقد كان ملك التصرف في التركتين
جميعا في حال حياته فيخلفه الوصي الثاني فيهما جميعا بمطلق الايصاء وعن أبي يوسف رحمه الله
كذلك إلى أن يخص تركته عند الايصاء إلى الثاني فحينئذ يعمل تخصيصه لأنه نظر لنفسه في
هذا التخصيص وهو انه لا يتحمل وبال التصرف في ملك الغير حيا وميتا وإذا قبل الوصي
الوصية في حياة الموصي ثم أراد الخروج منها بعد موته فليس له ذلك والوصية له لازمة لان
المقصود توفير المنفعة على الموصى ودفع الضرر عنه وبعد ما قبل الوصي لو جاز له الرد بعد
الموت تضرر به الموصى لأنه ترك النظر والايصاء إلى الغير اعتمادا على قبوله ويصير هذا
الوصي بالقبول كالغار له والغرور حرام والضرر مدفوع بخلاف الوصية بالمال فان هناك وان
قبله في حياته فله أن يرده بعد موته لان المقصود هناك توفير المنفعة على الموصى له وليس في
رده معنى الضرر والغرور حق الموصى لأنه إذا رده لا يضيع المال بل يصير إلى وارثه وذلك
خير للموصى شرعا فأما إذا لم يقبل الوصي حي مات الموصى فهو بالخيار ان شاء قبله وان شاء
رده لأنه متبرع بالتصرف في حق الغير فلا يلزمه ذلك بدون قبوله كالوكالة وليس في رده
هنا غرور من جهته وإنما الموصى هو الذي اغتر حين لم يعرف عن حالة أنه يقبل الوصية أم لا فان
رده في وجه الموصى فقال الموصي ما كان ظني بك هذا فمن يقبل وصيتي إذا أمكث حتى
23

مات الموصى ثم قبل لم تكن وصية لان برده في وجهه بطلت الوصاية فلا يمكن قبولها بعد
ذلك ولو أنه ردها في غير وجه الموصي ثم قبلها بأن سمع كلام الناس في ذلك لا يكون وصيا
عندنا وقال زفر رحمه الله يكون وصيا لان رده في غير وجه الموصي إنما يتم إذا بلغ الموصى
فإذا لم يبلغه حتى قبل صار كأن الرد لم يوجد ولكنا نقول قبل القبول هو ينفرد بالرد في وجه
الموصى وفي حال غيبته فيبطل العقد برده ولا يعتبر القبول بعد ذلك ولو قبلها بعد موته ولم
يكن ردها في حياته فقد لزمته الوصية بمنزلة ما لو قبلها في وجهه بل أولى لان أو ان ولايته
بعد الموت فالقبول في هذه الحالة يكون ألزم منه قبل أوانه ثم دليل القبول كصريح القبول
حتى لو باع بعض تركة الميت أو اشترى للورثة بعض ما يحتاجون إليه أو اقتضى مالا أو قضاه
لزمته الوصية لوجود دليل القبول والرضى به كالمشروط له الخيار إذا وجد منه ما يدل على
الإجازة أو الفسخ كان ذلك بمنزلة التصريح بذلك والأصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام
لبريرة أن وطئك الزوج فلا خيار لك وإذا اشتكى الورثة أو بعضهم الوصي إلى القاضي فإنه
لا ينبغي له أن يعزله حتى تبدو له منه خيانة لان الموصي اختاره ورضى به والشاكي قد يكون
ظالما في شكواه فما لم يتبين خيانته لا يحتاج القاضي إلى النيابة عن الميت في النظر له والاستبدال
به فان علم منه خيانة عزله عن الوصية لان الموصى اعتمد في اختياره أمانته والظاهر أنه لو علم
بخيانته عزله والقاضي بعد موته قائم مقامه نظرا منه للميت وإن كان الوصي هو الذي شكى
إلى القاضي عجزه عن التصرف فعلى القاضي أن ينظر في ذلك فان علم عدالته وعجزه عن
الاستبداد ضم إليه غيره لأنه لو لم يفعل ذلك فاما أن يتصرف الوصي بالعجز عن التصرف في
حقوق نفسه أو يترك التصرف في حوائج الموصى فيتمكن الخلل في مقصوده ويرتفع هذا
الخلل بضم غيره إليه وان ظهر عنده عجزه عن القيام بالوصية استبدل به لأنه مأمور بالنظر
من الجانبين ولو ظهر عند الموصى في حياته عجزه استبدل به فكذلك من قام مقامه في
النظر وهو القاضي وإذا أوصى إلى عبد غيره فالوصية باطلة وان أجاز مولاه لان الوصية
ولاية الرق ينفى ولايته على نفسه فيمنع ولايته على غيره ولأنه عاجز عن تحصيل مقصود
الموصى لان منافعه لمولاه فالظاهر أنه يمنعه من التبرع به على غيره وكذلك بعد اجازته على
غيره لان هذا بمنزلة الإعارة منه للعبد فلا يتعلق به اللزوم فإذا رجع عنه كان عاجزا عن
التصرف وكذلك أن أوصى إلى عبده والورثة كبار أو فيهم كبير فللكبير أن يمنعه من
24

التصرف وله أن يبيع نصيبه منه فيمنعه المشترى من التصرف فإن كانت الورثة صغارا
كلهم فالوصية إليه جائزة في قول أبي حنيفة و لا يجوز في قول أبى يوسف ومحمد وهو القياس
لان الرق الذي ينفى الولاية قائم في عبده كما هو في عبد غيره ولأنه صار مملوكا للورثة واثبات
الولاية للمملوك على المالك من أبعد ما يكون كما لو كان فيهم كبير وأبو حنيفة يقول أوصى إلى
مخاطب مطلع فيجوز كما لو أوصى إلى مكاتبه أو مكاتب غيره ومعنى قولنا مطلع أي مستبد
بالتصرف في حوائج الموصى على وجه لا يملك أحد منعه عن ذلك ولا اكتساب سبب يمنعه
ولو كان الرق يمنع الايصاء إليه لم تجز الوصية إلى المكاتب لقيام الرق فيه إلا أنهما يقولان
المكاتب لا يصير مملوكا للوارث فلا يؤدى إلى اثبات الولاية للمملوك على المالك وأبو حنيفة
يقول الصغار من الورثة وان كانوا يملكون رقبة العبد فلا يملكون التصرف عليه فيجوز
اثبات ولاية التصرف له في حقوقهم بخلاف ما إذا كان فيهم كبير وإنما استحسن أبو حنيفة
هذا لما رأى فيه من توفر المنفعة على الميت وعلى ورثته فان من ربى عبده وأحسن إليه فالظاهر
أن شفقته على الصغار من أولاده بعد موته أكثر من شفقة الأجنبي ولهذا اختاره للوصية
فلتوفير المنفعة عليه جوز الوصاية إليه استحسانا كالوصية إلى مكاتبه فان عجز المكاتب عن
المكاتبة عاد قنا فيكون الجواب فيه كالجواب في العبد وإذا أوصى المسلم إلى ذمي أو إلى حربي
مستأمن أو غير مستأمن فهو باطل لان في الوصية اثبات الولاية للوصي على سبيل الخلافة
عنه ولا ولاية للذمي ولا للحربي على المسلم ثم الوصي يخلف الموصى في التصرف كما أن
الوارث يخلف المورث في الملك بالتصرف ثم الكافر لا يرث المسلم فكذلك لا يكون وصيا
للمسلم وكذلك أن أوصى الذمي إلى الحربي لم تجز لهذا المعنى ولو أوصى الذمي إلى الذمي فهو
جائز لأنه يثبت لبعضهم على البعض ولاية بالقرابة فكذلك بالتفويض وأحدهما يرث صاحبه
فيجوز أن يكون وصيا له أيضا ولو أوصى إلى رجل مسلم أو إلى امرأة أو أعمى أو محدود
في قذف فهو جائز لان هؤلاء من أهل الولاية والخلافة إرثا وتصرفا ولو أوصى إلى فاسق
منهم متخوف على ماله فالوصية باطلة لان الايصاء إلى الغير أنما يجوز شرعا ليتم به نظر الموصى
لنفسه ولأولاده وبالايصاء إلى الفاسق لا يتم معنى النظر ولم يرد بقوله الوصية إليه باطلة أنه
لا يصير وصيا بل يصير وصيا لكون الفاسق من أهل الولاية والخلافة إرثا وتصرفا حتى
لو تصرف نفذ تصرفه ولكن القاضي يخرجه من الوصية ويجعل مكانه وصيا آخر لأنه لم
25

يحصل نظر الموصي لنفسه وكان عليه أن يتدارك ذلك وإذا لم يفعل حتى عجز عن التظر
لنفسه بالموت أناب القاضي منابه في نصب وصي آخر له بمنزلة ما لو أوصى مكانه وصيا آخر
لهذا وإذا أوصى إلى رجل بماله فهو وصى في ماله وولده وسائر أسبابه عندنا وقال الشافعي
لا يكون وصيا الا فيما جعله وصيا فيه لأنه تفويض التصرف إلى الغير فيختص بما خصه به
المفوض كالتوكيل ولئن سلمنا أن الوصي تثبت له الولاية فيثبت هذه الولاية ايجاب الموصى
وقيل يقبل التخصيص كولاية القضاء لما كان سبب التقليد كان قابلا للتخصيص وهذا لان
الايصاء إلى الغير مشروع بحاجة الموصى وهو أعلم بحاجته فربما يكون التفريط منه في نوع
دون نوع فنجعله وصيا فيما فرط فيه وربما يؤتمن هذا الوصي على نوع دون نوع أو يعرف
هدايته في نوع من التصرف دون نوع وربما يعرف شفقة الأم على الأولاد ولا يأتمنها على
ما لهم فيجعل الغير وصيا على المال دون الأولاد للحاجة إلى ذلك فكان هذا تخصيصا مقيدا
فيجب اعتباره ووجه قولنا انه ينصرف بولاية منتقلة إليه فيكون كالجد وكما أن تصرف
الجد لا يختص بنوع دون نوع لأنه قائم مقام الأب عند عدمه فكذلك تصرف الوصي فيما
يقبل النقل إليه ودليل صحة هذه القاعدة أن الايصاء يتم بقوله أوصيت إليك مطلقا ولو
كان طريقه طريق الإنابة لم يصح الا بالتنصيص على ما هو المقصود كالتوكيل فإنه لو قال
وكلتك بمالي لا يملك التصرف وكذلك لو قال جعلتك حاكما لا يملك تنفيذ القضاء ما لم يتبين
له ذلك وههنا لما صح الايصاء إليه مطلقا عرفنا أنه اثبات للولاية بطريق الخلافة والدليل
عليه أن ولايته بعد زوال ولاية الموصى بخلاف التوكيل والتقليد في الحكومة ولئن سلمنا
أن الايصاء تفويض ولكن لما كان هذا التفويض إنما يعمل بعد زوال ولاية الموصى وعجزه
عن النظر كان جوازه لحاجته والحاجة تتجدد في كل وقت فهو عند الايصاء لا يعرف حقيقة
ما يحتاجون فيه إلى النائب بعده فلو لم تثبت للوصي حق التصرف في جميع الأنواع تضرر
به الموصى والظاهر أنه بهذا التخصيص لم يقصد تنفيذ ولايته بما سمى وإنما سمى نوعا لان
ذلك كان أهم عنده والانسان في مثل هذا يذكر الأهم وهذا بخلاف الوكالة لان رأى
الموكل قائم عند تصرف الوكيل فإذا تجددت الحاجة أمكنه أن ينظر فيه بنفسه أو بتفويضه
إليه أو إلى غيره وكذلك في التقليد فان رأى المقلد قائم فيمكنه أن يفصل بنفسه أو يفوض
ذلك إليه أو إلى غيره عند الحاجة ولو أوصي بماله المعين إلى رجل وبتقاضي الدين إلى آخر
26

فهما وصيان في العين والدين جميعا في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه
الله كل واحد منهما وصى فيما سمى له خاصة وهو رواية عن أبي يوسف أيضا وجه قوله أن
الموصى أحسن النظر لنفسه ههنا حين اختار التصرف في العين بمن يكون أمينا قادرا على
التصرف فيه واختار لتقاضي الدين من يكون مهتديا إلى ذلك والفصل الأول إنما قلنا تتعدى
الوصاية من نوع إلى نوع لان به تمام النظر للميت وتمام النظر ههنا في أن يختص كل واحد منهما
بما سمى له فإنما يختار ليتقاضى إلى الناس وللتصرف في العين أمين الناس * يوضحه أن هناك
التصرف في بعض الأنواع للوصي منصوص عليه وفي البعض مسكوت عنه فيلحق بالمنصوص
عليه وههنا التصرف لكل واحد منهما فيما سمى له منصوص عليه فلا يلحق غير المنصوص
بالمنصوص وفي اثبات الشركة بينهما قصر ولاية كل واحد منهما عما سمى له لأنه لا ينفرد
بالتصرف عند أبي حنيفة إذا ثبت الشركة بينهما وأبو حنيفة يقول الايصاء إلى الغير مملوك
للموصى شرعا والتقييد بنوع دون نوع غير مملوك له بدليل أنه لو قيد تصرفه بنوع ونهاه عن
التصرف في سائر الأنواع ولكن لم يوص إلى غيره في ذلك كان له أن يتصرف في الكل
عرفنا أن التقييد غير مملوك له فإنما يعتبر من كلامه ما يكون مملوكا له وذلك الايصاء إليهما
* يوضحه أن في حق كل واحد منهما أحد النوعين منصوص عليه والاخر مسكوت عنه وقد
بينا في الواحد إذا نص له على نوع تتعدى ولايته إلى سائر الأنواع فكذلك ههنا والدليل عليه
أنه لو ذكر لكل واحد منهما نوعا خاصا ولم يتعرض لسائر الأنواع يثبت لهما ولاية التصرف
في سائر الأنواع على سبيل الشركة فكذلك في النوع الذي سمي لكل واحد منهما لان
الولاية بطريق الوصية لا تقبل التمييز في الأنواع على أن يكون نائبه في بعضها على وجه
الاختصاص وفي بعضها على وجه الشركة ولو قال فلان وصي حتى يقدم فلان ثم الوصية إلى
فلان فهو كما قال لأنه قد يحتاج إلى هذا لكون من يختاره لوصيته غائبا فيحتاج إلى نصب
غيره لكيلا يضيع ماله إلى أن يقدم الغائب ثم إذا قدم فهو المختار للوصية وهذا لان الوصية
الخاصة إلى الوصي الأول قد انتهت بقدوم الثاني فهو كالمنتهى ببلوغ الولد وقد جعل الوصية
للثاني معلقة بقدومه والوصية تقبل التعليق ثم بهذا الفصل يستدل محمد رحمه الله فيقول التقييد
تارة يكون من حيث الزمان وتارة يكون من حيث النوع ثم لما صح النوع له أن يقيد بصرف
كل واحد منهما بزمان فكذلك يصح تقييده بالنوع بخلاف ما إذا سمى نوعا ولم يذكر سائر
27

الأنواع لأنه لو سمى جزأ من الزمان كالوصية إليه شهرا أو سنة كان وصيا بعد ذلك
الوقت إلى أن يدرك الولد ثم إذا نص لكل واحد منهما على جزء من الزمان كان الامر على
ما نص عليه ولكن قد روى عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال إذا قدم فلان فهما وصيان
فعلى هذا يندفع السؤال لان الوصية في حق الثاني تنضاف إلى ما بعد قدومه وفي حق
الاخر مطلقة فيتصرف الأول إلى أن يقدم فلأن لان المضاف إلى وقت أو المعلق بالشرط
لا يكون موجودا قبله فإذا وجد الشرط صار الثاني وصيا والأول وصى فيشتركان في
التصرف ولو سلمناه فالفرق ما ذكرنا من حيث إن ههنا لا تثبت الشركة بينهما بحال فان
العقد في حق أحدهما مطلق وفي الاخر معلق فاما ههنا فتثبت الشركة بينهما فيما سوى
النوعين اللذين نص عليهما والعقد في كل واحد منهما مطلق ولان ثبوت الخلافة لهما واحد
وهو عند موت الموصى فلهذا تثبت الوصية لكل واحد منهما في النوعين جميعا وكذلك لو
أوصي ببعض ولده وميراثهم إلى رجل وببقية ولده وميراثهم إلى آخر فهما وصيان في جميع
المال والولد استحسانا في قول أبي حنيفة وأبى يوسف لأن ولاية الموصى كانت ثابتة في الكل
وهي مما تقبل النقل إلى الغير بالايصاء فيقومان مقامه بعد موته في جميع ذلك وإذا اختلف
الوصيان في المال عند من يكون فإنه يكون عند كل واحد منهما نصفه وان اختلفا استودعاه
رجلا وان أحيا كان عندهما لان حفظ المال إليهما ويتعذر اجتماعهما على حفظه آناء الليل
والنهار لأنهما ينقطعان بذلك عن أشغالهما فيكون لكل واحد منهما أن يحفظ نصفه كالمودعين
فيما يحتمل القسمة وان أحبا استودعاه رجلا لان الوصي لو كان واحدا كان له أن يودع المال
من غيره لأنه قائم مقام الموصى فيما له من ولاية التصرف في المال والايداع يدخل في هذا
وقد يعجز الوصي عن الحفظ بنفسه لكثرة أشغاله فإذا جاز للوصي الواحد أن يودع المال
جاز للوصيين ذلك وأن أحبا أن يكون عندهما جاز لأنهما لما جاز لهما أن يودعاه غيرهما فلان يجوز
لهما أن يودعاه أحدهما وهو أقرب إلى موافقة رأى الموصى كان أولى قال وللوصي أن يتجر
بنفسه بمال اليتيم ويدفعه مضاربة ويشارك به لهم وعلى قول ابن أبي ليلى رحمه الله ليس له
أن يفعل شيئا من ذلك سوى التجارة في ماله بنفسه لان الموصى جعله قائما مقامه في التصرف
في المال ليكون المال محفوظا عنده وإنما يحصل هذا المقصود إذا كان هو الذي يتصرف بنفسه
فلا يملك دفعه إلى غيره للتصرف كالوكيل ولكنا نقول هو قائم مقام الموصى في ولايته في
28

مال الولد وقد كان للموصى أن يفعل هذا كله في ماله فكذلك الوصي وهذا لان المأمور به
ما يكون أصلح لليتيم وأحسن قال الله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن وقال
تعالى ويسئلونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير وقد يكون الأحسن في تفويض التصرف في
ماله إلى غيره ببعض هذه الأسباب لعجزه عن مباشرة ذلك بنفسه اما لكثرة أشغاله أو لقلة
هدايته وقال محمد إذا لم يشهد الوصي على نفسه أنه يعمل بالمال مضاربة كان ما اشترى للورثة
وهذا قولهم جميعا لان الوصي في التصرف في مالهم قائم مقامهم ولو تصرفوا بأنفسهم كان
الريح؟ لهم لأنه نماء ملكهم فكذلك الوصي إذا تصرف ثم هو كتب أعمل فيه مضاربة يريد أن
يتملك عليهم بعض الربح الحاصل وهو ليس بأمين في ذلك إلا أن يشهد قبل العمل أنه يعمل
بالمال مضاربة لأنه بهذا الاشهاد لا يملك شيئا من مالهم عليهم بل يبقى بعض ما يحصل بعمله على
ملكه ويجعل بعض ذلك لهم باعتبار مالهم فلا تتمكن التهمة في تصرفه فلهذا يجوز ولو أوصي
بالثلث والورثة صغار فقاسم الموصى أهل الوصية فأعطاهم الثلث وأمسك الثلثين للورثة فهو
جائز لأنه قائم مقام الورثة فأن الموصى أثبت له هذه الخلافة لحاجة ورثته إلى ذلك وليكون قائما
مقامه في النظر لهم إلى أن يتمكنوا من النظر لأنفسهم فجازت مقاسمته مع أصحاب الوصية كما
تجوز مقاسمة الورثة معهم أن لو كانوا بالغين فان هلكت حصة الورثة في يد الوصي لم يرجعوا
على أهل الوصية بشئ لان الهلاك بعد تمام القسمة يكون على من وقع الهلاك في قسمه فإن كان
الوارث كبيرا وصاحب الوصية صغيرا فأعطى الوصي الوارث الثلثين وأمسك الثلث لصاحب
الوصية لم تصح هذه القسمة على الموصى له حتى إذا هلك الثلث في يد الموصى كان لصاحب
الوصية أن يرجع على الوارث بثلث ما بقي في يده وهذا لان الوصي لا ولاية له على الموصى
له فلا يقوم مقامه في المقاسمة مع الورثة ثم الموصى له يتملك المال ابتداء بالعقد إلا أن يبقي له
ما كان من الملك للميت في المقاسمة ولا ولاية للوصي في تميز الملك الثابت له بقبوله بعقد
جديد فاما الوارث فيخلف المورث في ملكه ويبقى له ما كان ثابتا للمورث ولهذا يرد بالعيب
فيقوم الوصي مقامه في تميز ذلك الملك باعتبار أنه خلف عن الميت وإذا ثبت أن القسمة لم
تصح ههنا فما هلك من المال يهلك على الشركة وما يبقى يبقي على الشركة ولو كانت الورثة
صغارا فقال الوصي أنفقت عليهم كذا درهما فإن كان ذلك نفقة مثلهم في تلك المدة أو زيادة
شئ قليل فهو مصدق فيه وعليه اليمين ان اتهموه لأنه أمين فالقول قوله في المحتمل مع اليمين
29

ثم هو مسلط على الانفاق عليهم بالمعروف وبالقليل من الزيادة لا يخرج انفاقه من أن يكون
بالمعروف لان التحرز عن ذلك القدر غير ممكن والمسلط على الشئ إذا أخبر فيما سلط عليه
بما لا يكذبه الظاهر فيه يجب قبول قوله كالمودع يدعى رد الوديعة وان اتهموه فعليه اليمين
لدفع التهمة وإذا كان في الورثة صغير وكبير فقاسم الوصي الكبير وأعطاه حصته وأمسك
حصة الصغير فهو جائز لأنه قائم مقام الصغير في التصرف في ماله والمقاسمة مع الكبير من
التصرف في ماله لأنه تميز به ملكه عن ملك غيره فيكون فعله كفعل الصغير بعد بلوغه وإذا
كانت الورثة صغارا فقال الوصي أنفقت على هذا كذا وعلى هذا كذا وكانت نفقة أحدهما
أكثر فهو مصدق فيما يعرف من ذلك لأنه النفقة للحاجة وربما تكون حاجة أحدهما أكثر
لان كان أكبر سنا أو لان الناس يتفاوتون في الأكل فباختياره مع التفاوت لا يزول احتمال
الصدق في كلامه ولا يخرج الظاهر من أن يكون شاهدا له فيقبل قوله في ذلك وإذا قال
الوصي للوارثين وهما كبيران قد أعطيتكما ألف درهم وهو الميراث فقال أحدهما صدقت
وقال الآخر كذبت فان الذي صدقه ضامن لمائتين وخمسين درهما يؤديها إلى شريكه بعد ما
يحلف شريكه ما قبض الخمسمائة ولا ضمان على الوصي في ذلك لأنه أمين أخبر بأداء الأمانة
وقد أقر الذي صدقه بقبض خمسمائة وأنكر الاخر أن يكون قبض وقول الوصي غير
مقبول عليه في وصول الخمسمائة إليه وإن كان مقبولا في براءته عن الضمان وإنما بقي من
التركة الخمسمائة التي أقر المصدق بقبضها فيلزمه أن يدفع نصفها إلى شريكه بعد أن يحلف
شريكه ما قبض شيئا لان المصدق يدعى الاختصاص بهذه الخمسمائة والوصي يشهد له بذلك
ولا يثبت الاختصاص بقولهما وما زاد على هذه الخمسمائة من التركة كالبادئ وإذا قسم الوصي
التركة بين الورثة وهم صغار وعزل لكل انسان نصيبه أو كانوا صغارا وكبارا وذلك منه بغير
محضر من الكبار لم يجز وما هلك يهلك منهم جميعا لان القسمة لتمييز الأنصباء والواحد لا
ينفرد بذلك ثم الوصي لا ينفرد بالتصرف في مال اليتامى مع نفسه الا لمنفعة ظاهرة تكون
لهم وبالقسمة لا يحصل ذلك لكل واحد منهم فكانت قسمته باطلة وما هلك يهلك على الشركة
وما بقي يبقى على الشركة وإذا قضى الوصي دينا على الميت بشهود فلا ضمان عليه وإن كان قضى
ذلك بغير أمر القاضي لأنه قائم مقام الموصى في حوائجه وتفريغ الذمة بقضاء الدين من
حوائجه وقد كان لصاحب الدين أن يأخذ دينه إذا ظفر بجنس حقه من التركة فللوصي أن
30

يعطيه ذلك أيضا وإن لم يأمره به القاضي وان لحق الميت دين بعد ذلك فهو ضامن لحصة الغريم
الاخر لأنه خص بعض الغرماء بقضاء دينه وليس للوصي ذلك فان حق الغرماء تعلق بالتركة
وفي التخصيص ابطال حق بعضهم ولا ولاية للوصي على واحد منهم في ابطال حقه فيكون
دفعه جناية في حق الغريم الاخر وإن كان أعطى الأول بأمر القاضي فلا ضمان عليه لان دفعه
بأمر القاضي كدفع القاضي ولكن الغريم يتبع القابض والقاضي بهذا لا يصير ضامنا شيئا
فالمأمور من جهته بالدفع كذلك ولكن الغريم يتبع القابض بحصته لأنه ظهر أن المقبوض
كان مشغولا بحقيهما ثم ليس في الدفع بأمر القاضي ابطال حق الاخر عن المدفوع لأنه إذا
كان ذلك معلوما للقاضي فالقابض لا يتمكن من الجحود وأما إذا دفع بغير أمر القاضي فذلك
منه ابطال لحق الاخر أو بغير نص كذلك لان القابض ربما يجحد القبض فيكون القول قوله
في ذلك فلا يتمكن الغريم الاخر من اتباعه قال ولو كان أوصى إلى رجلين فدفعا إلى رجل
دينا وشهدا أنه له على الميت ثم لحق الميت دين بعد ذلك بشهادة غيرهما فهما ضامنان لجميع ما
دفعا لان شهادتهما بالدين على الميت غير مقبولة في هذه الحالة لتمكن التهمة فيها فقد صارا
ضامنين لما دفعا إلى الطالب من غير حجة وإنما قصدا بشهادتهما اسقاط الضمان عن أنفسهما
فإذا بطلت شهادتهما بذلك بقي دفعهما المال المدعى جناية في حق من أثبت دينه بشهادة
غيرهما فكانا ضامنين لجميع ما دفعا ولو لم يكونا دفعا حتى شهدا عند القاضي فقضى القاضي بالدين
الأول فهما في ذلك كغيرهما من الأجانب وإنما دفعا بعد ثبوت الدين بشهادتهما وأمرهما بالدفع
ثم قامت بينة على دين بعد ذلك لم يكن عليهما ضمان لأنه لا تهمة في شهادتهما بالدين الأول
فهما في ذلك كغيرهما من الأجانب وإنما دفعا بعد ثبوت الدين بأمر القاضي فلا ضمان عليهما
ولكن الغريب يتبع المقضى حتى يأخذ منه حصته لأنه تبين أن المقبوض كان مشغولا بحقهما
قال ولو شهد وارثان بدين على الميت جازت شهادتهما وهي كشهادة غيرهما لأنه لا منفعة
لهما في هذه الشهادة بل عليهما فيها ضرر والوصي مصدق في كفن الميت فيما يكفن به مثله
لأنه مسلط على ذلك أمين منصوب له ولو اشترى الوصي الكفن من ماله ونقد له الثمن كان
له أن يرجع في مال الميت لأنه كفن ومعنى هذا أن الكفن لا يمكن تأخيره وقد لا يكون
مال الميت حاضرا يتيسر الأداء منه في الحال فيحتاج الوصي إلى أن يؤدي ذلك من مال نفسه
ليرجع به من مال الميت وكذلك الوارث قد يحتاج إلى ذلك فلا يكون متبرعا فيما أداه من مال
31

نفسه وكذلك لو قضى الوصي أو لوارث من ماله دينا كان على الميت بشهود فله أن يرجع به في
مال الميت لأنه هو المأخوذ وهو الذي يخاصم في دين الميت معناه قد ثبت عليه الدين في حال
لا يتيسر عليه أداؤه من مال الميت فيحتاج إلى الأداء من مال نفسه ليرجع به في مال الميت
ولا فرق في حق الميت بين أدائه من مال نفسه ليرجع به في ماله وكذلك
الوصي يشترى لليتيم الطعام والكسوة من ماله بشهادة الشهود أو يؤدى من مال نفسه
خراجهم بشهود فله أن يرجع بذلك في مال الميت لان شراء ما يحتاج إليه الصبي لا يقبل
التأخير وفي الخراج بعد ما طولب بالأداء لا يتمكن من التأخير فيؤدى من مال نفسه لعدم
تيسر الأداء من مال الميت في ذلك الوقت فلا يصدق على أداء الخراج ولا شراء شئ من
ماله الا بشهادة شهود على ذلك لأنه يدعى لنفسه دينا في مال الميت وهو لم يجعل أمينا في
ذلك وإن كان للميت عنده مال فقال أديت منه وأنفقت منه عليه فهو مصدق على ذلك بالمعروف
لأنه أمين فيما في يده من المال فهو ينفى الضمان عن نفسه بما يخبر به مما هو محتمل فيقبل قوله
في ذلك وهو نظير المودع إذا أمره المودع بقضاء دينه من الوديعة فزعم أنه قد قضى صاحب
الدين دينه كان القول قوله مع اليمين في براءة نفسه عن الضمان بخلاف ما إذا أمره بقضاء
دينه من مال نفسه فقال قد قضيت لا يقبل قوله في اثبات حق الرجوع له عليه الا ببينة
وإذا قبض الوصي دينا كان للميت على انسان كتب له البراءة بما قبض ولم يكتب البراءة من
كل قليل أو كثير لأنه لا يدرى لعل للميت مالا سوى ذلك فيكون بما يكتب عليه البراءة
من كل قليل وكثير مبطلا لحق الميت ولأنه أمين فيما يقبضه فإنما يكتب له البراءة عما هو
أمين فيه وهو ما وصلت إليه يده ولو أقر الوصي أن هذا جميع ماله عليه لم يصدق على
الورثة لأنه مجازف في هذا الاقرار لا طريق له إلى معرفة كون المقبوض جميع ماله للميت
عليه بخلاف ما إذا أقر الموصى بذلك لأنه عالم بما أقر به ولأنه مسقط لما وراء ذلك من جهته
وهو يملك الاسقاط فاما الوصي فلا يملك اسقاط شئ من حق الورثة وإنما يملك الاستيفاء ثم
هذا من الوصي اقرار على الغير ومن الموصى اقرار على نفسه وكذلك ابراء الوصي الغريم لا
يجوز إلا أن يقول برئت الآن من المال الذي كان عليك فحينئذ هو اقرار بالقبض لأنه
ببراءته بفعل من المطلوب متصل بالطالب وذلك ايفاء المال وفي قوله برئت كذلك الجواب
عند أبي يوسف وعند محمد هو لفظ ابراء كما بيناه في الكفالة وإذا أخذ الصبي مال الورثة
32

إلى رجل لم يجز عليهم وان كانوا صغارا وكذلك أن حط شيئا عن الغريم لان هذا اسقاط في
الدين الواجب لا بعقد هو ثابت في الاستيفاء فيكون في الاسقاط كأجنبي آخر والتأخير
اسقاط المطالبة إلى مدة فهو بمنزلة الابراء فإذا احتال به على انسان أملأ من الغريم فهو جائز لأنه
ليس فيه اسقاط حقهم بل فيه تصرف على وجه النظر لهم لان الدين في ذمة الملئ ئ يكون أقوى
منه في ذمة المفلس فهو بمنزلة ما لو اشترى لهم عينا وإن كان الذي احتال عليه مفلسا والغريم
مليئا فالحوالة باطلة والمال على الأول على حال لأنه لا منفعة لهم في هذا التصريف بل فيه ضرر
عليهم وهو مأمور بقربان مالهم على الأصلح والأحسن وكذلك إذا صالح على حق اليتيم فإن كان
الصلح خيرا له يوم صالح فهو جائز وإن كان شرا له لم يجز معناه إذا كان الدين لليتيم ولا
حجة له على ذلك فصالح الوصي على مال يستوفيه لليتيم خير له من يمين المدعى عليه وإن كان لليتيم
بينة فالصلح شر له لما فيه من اسقاط بعض حقه مع تمكنه من اثباته فان مبنى الصلح على الحط
والتجوز بدون الحق وكذلك أن ابتاع لنفسه من متاعهم شيئا فإن كان ذلك خير لهم فان ابتاع
بأكثر من ثمن مثله وإن كان ثمن المثل أو دون ذلك لم يجز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف
الاخر وفي وقوله الأول وهو قول محمد وزفر رحمه الله لا يجوز بحال وكذلك الخلاف فيما إذا
باع مال نفسه من مال اليتيم فإن كان بمثل قيمته أو أكثر لم يجز وإن كان أقل من قيمته فهو
على الخلاف فأما الأب إذا فعل هذا مع نفسه يجوز في قول علمائنا الثلاثة رحمهم الله بمثل قيمته
أو بغبن يسير وفي قول زفر لا يجوز لان الواحد لا يتولى طرفي العقد من الجانبين في البيع
والشراء كالوكيل وهذا لأنه يؤدى إلى تضاد الاحكام لأنه يكون مستزيدا مستنقصا مسلما
متسلما طالبا مطالبا ثم في حق نفسه هو متهم وليس للأب والوصي أن يتصرف في مال اليتيم
على وجه يؤدى إلى التهمة (ألا ترى) انه لا يعامل الأجنبي بغبن فاحش لأجل التهمة فكذلك
لا يعامل نفسه في ذلك * وجه الاستحسان أن الأب غير متهم في حق ولده لان له من الشفقة
عليه ما يؤثره على نفسه ويكون تصرفه مع نفسه مع أجنبي آخر سواء في انتفاء التهمة
ثم في هذا التصرف يكون تائبا محضا في جانب الصغير ولهذا لو بلغ الصغير كانت العهدة عليه
لان الأب يمكنه التزام سبب إلزام العهدة إياه بأن يأذن له في التجارة فإذا صار تائبا في جانبه
لا يؤدى إلى تضاد الاحكام بخلاف الوكيل وأما وجه قول محمد في الوصيين إنما تركنا
القياس في الأب لمعنى وفور شفقته وذلك لا يوجد في حق الوصي فيؤخذ فيه بالقياس
33

(ألا ترى) أنه لا يملك التصرف مع نفسه بمثل قيمته لهذا ولو كان هو مالكا للتصرف مع
نفسه لملك مثل قيمته كما يملك ذلك مع الأجنبي وأبو حنيفة وأبو يوسف استحسنا إذا كان
للصبي في تصرفه منفعة ظاهرة لأنه قد ظهر منه ما يدل على وفور الشفقة وايثاره الصبي على
نفسه فيما هو المقصود بالتصرف لأنه لا مقصود فيه سوى المالية فباعتبار هذا المعنى يلتحق بمن
هو وافر الشفقة وهذا لأنه يمكن أن يجعل نائبا في جانب الصبي لأنه يملك أن يلزمه العهدة
بالاذن له في التجارة كالأب بخلاف ما إذا كان تصرفه بمثل القيمة لأنه لم يظهر منه ما ينفى
التهمة عنه ولا ما يكون جائزا لنقصان تفويت المقصود بالعين على الصبي وإذا نفذ الوصي
أمور الميت وسلم الباقي إلى الوارث وأراد أن يكتب على الوارث كتاب براءة للوصي من كل
قليل أو كثير فللوارث أن يمتنع من ذلك لأنه لا يدرى ان ما سلم إليه جميع حقه فلعله أخفى
بعض ذلك أو أتلفه فان الخيانة من الأوصياء ظاهرة وأداء الأمانة منهم نادر فلا يجب على
الوارث أن يكتب له البراءة الا بما أخذ منه بعينه فهذا هو العدل بينهما لان على طريقة القياس
من استوفى حق نفسه لا يلزمه أن يكتب البراءة لغيره ولكن لأجل النظر للوصي يأمره أن
يكتب له البراءة وإنما يكتب على وجه لا يتصور هو به وذلك في أن يكتب البراءة مما أخذ
منه بعينه قال وإذا أعطى الوصي أحد الورثة وهو كبير نصيبه مما وصل إليه من الميراث وهو
ألف درهم ثم جحد وقال لم يكن عندي غير هذا فهو ضامن لألف أخرى حصة الصغير لأنه
قد تقدم منه الاقرار بوصول الألفين إليه لان من ضرورة دفعه ألفا إلى أحدهما اقراره ان
المدفوع نصيبه اقرار بان عنده مثل ذلك للصغير فالثابت بضرورة النص كالثابت بالنص
فكان في الجحود بعد ذلك مناقضا فلا يقبل قوله ويضمن للصغير ألف أخرى وإذا كان في الورثة
صغير كان للوصي أن يبيع العقار وسائر الميراث وكذلك لو كان على الميت دين أو أوصى
بوصية وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد ليس له أن يبيع حصة الكبار من العقار
وإنما يبيع حصة الصغار خاصة وكذلك لا يبيع الا بقدر الدين من العقار وهو قول ابن أبي
ليلى والقياس هذا لان ولايته على نصيب الصغير دون نصيب الكبير اعتبار الحالة الاختلاط
بحالة الانفراد وكذلك ولايته باعتبار الدين فيتقدر بقدر الدين وفيما زاد على ذلك يجعل كأنه
لا دين على الميت ولا صغير في ولايته فلا يكون له أن يبيع العقار وأبو حنيفة استحسن فقال لما
ثبتت له الولاية في بيع البعض ثبتت في الكل لان الولاية بسبب الوصاية لا تحتمل التجزء
34

وهذا لان في بيع البعض اضرارا بالصغير والكبير جميعا لأنه يثبت به نصيب الكبير
والاشقاص لا يشترى بما يشترى به الجل فكان في بيع الكل توفر المنفعة عليهم وللوصي
ولاية في نصيب الكبير فيما يرجع إلى توفير المنفعة عليه (ألا ترى) أنه يملك الحفظ وبيع
المنقولات حال غيبته لما فيه من المنفعة له * قال وإذا أوصى بالثلث في أشياء يشترى به ويتصدق
بها والورثة كلهم كبار فللوصي أن يبيع العقار كله في قول أبي حنيفة لما فيه من توفير المنفعة
على الورثة وعندهما ليس له أن يبيع من العقار غير الثلث لان ثبوت الولاية له بسبب الوصية
فيقتصر على معدن الوصية وهو الثلث فإن كانت الورثة كبارا كلهم وليس عليه دين ولم يوص
بشئ فإن كانت الكبار غيبا أو بعضهم كان للوصي أن يبيع الحيوان والعروض لأنه يملك
حفظ التركة إلى أن يحضروا فيقتسموا ويبيع الحيوان والعروض من الحفظ لأنه يخشى عليها
التلف وحفظ الثمن أيسر وليس له ولاية بيع العقار لأنها مختصة بنفسها فبيعها ليس من الحفظ
وان كانوا حضورا لم يكن له أن يبيع شيئا من ذلك ولكن يسلم الكل إليهم لينظروا فيه
لأنفسهم بالبيع أو القسمة بينهم لأنهم يتمكنون من النظر لأنفسهم إذا كانوا حضورا فلا حاجة
إلى نظر الوصي لهم وان كانوا غيبا فأجر الوصي عبدا أو دابة فهو جائز لان هذا من باب النظر
والحفظ فان المنفعة أقرب إلى الهلاك من العين لأنها لا تبقي وقتين ففي استبدال ذلك بما يبقى
لهم وهي الأجرة توفر المنفعة عليهم وما اشترى الوصي للرقيق من الكسوة فلا ضمان على
الوصي فيه لأنه أمين حافظ لهم بحق فهلاكه في يده كهلاكه في أيديهم وإذا قسم الوصي المال
بينهم وهم كبار فأعطى نصيب الحضور منهم وأمسك نصيب الغائب فهو جائز لأنه في العروض
يملك البيع في نصيب الغائب فيملك القسمة أيضا وهذا لان في قسمته معنى الحفظ في حق
الغائب لأنه يتميز بالقسمة ملكه من ملك غيره وإذا قسم الوصيان مال الورثة وأخذ لك واحد
منهما طائفة فقال أحدهما الذي عندي لفلان خاصة والذي عندك لفلان فقسمتهما باطلة لان
الوصيين في التصرف كوصي واحد والوصي الواحد لو قاسم نفسه لم تجز القسمة فكذلك
الوصيان وهذا عند أبي حنيفة ومحمد ظاهر لان كل واحد منهما لا يستبد بالتصرف عندهما
وأما عند أبي يوسف فيستبد كل واحد منهما بالتصرف مع الأجنبي فإذا اجتمعا في تصرف
كانا في ذلك كشخص واحد وقد اجتماع في هذه القسمة فهما فيه كوصي واحد ولو
غاب أحد الوصيين فقاسم الاخر الورثة وأعطى الكبار حصتهم وأمسك حصة الصغير فان
35

ذلك لا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد حتى إذا ضاعت حصة الصغير كان له أن يرجع فيما
قبض الكبار بحصته وفي قول أبى يوسف تجوز هذه القسمة وهذا بناء على ما سبق من بيع أحد
الوصيين وشرائه لليتيم بدون رضا صاحبه وإذا كان للميت وديعة عند رجل فأمره الوصي
أن يقرضها أو يهبها أو يسلفها فأمره باطل لأنه لا يملك مباشرة هذه التصرفات بنفسه فلا
يعتبر أمره به ويكون الضمان على الذي فعل ذلك لأنه هو المستهلك للمال بدفعه إلى الغير على
وجه التمليك منه وان أمره أن يدفعها إلى رجل فدفعها إليه جاز وبرئ منها لان الوصي بهذا
يصير موكلا للقابض بالقبض وهو يملك القبض بنفسه فيملك أن يوكل غيره * يوضحه أنه
لو قبض بنفسه ودفعه إلى هذا الرجل وديعة كان ذلك صحيحا منه فكذلك إذا أمر من في
يده بان يدفعه إليه ولو أمره الوصي بان يعمل بالمال مضاربة أو يشترى به متاعا كان ذلك
جائزا لان هذا تصرف يملك الوصي مباشرته بنفسه فيعتبر أمره فيه ويكون بمنزلة شراء الصبي
بعد بلوغه والله أعلم
(باب اقرار الوراث)
(قال رحمه الله) وإذا أقر الوارث أن أباه أوصى بالثلث لفلان وشهدت الشهود ان أباه
أوصى بالثلث لاخر فإنه يؤخذ بشهادة الشهود ولا شئ للذي أقر له الوارث لان الشهادة
حجة في حق الكل والاقرار حجة في حق المقر خاصة فوصية المشهود له ثابتة في حق المقر له
ووصية المقر له ليست بثابتة في حق المشهود له ومحل الوصية الثلث وإذا صار الثلث مستحقا
للمشهود له بقضاء القاضي لم يبق للمقر له شئ لان الوارث إنما أقر له بالثلث وصية والاستحقاق
بالوصية لا يكون الا في محلها قال ولو أقر الوارث ان أباه أوصى بالثلث لفلان ثم قال بعد ذلك
بل أوصى به لفلان أو قال أوصى به لفلان لا بل لفلان فهو للأول في الوجهين جميعا ولا
شئ للاخر لان الأول استحق الثلث باقرار الوارث له على وجه لا يملك الوارث ابطال
استحقاقه بالرجوع عنه وقوله لا بل لاستدراك الغلط بالرجوع عن الأول وإقامة الثاني مقامه
ولم يصح رجوعه وما بقي الثلث مستحقا للأول لا يملك المقر ايجابه لغيره فاقراره للثاني صادف
محلا هو مستحق لغيره فكان الأول أحق به * قال ولو أقر اقرارا متصلا فقال أوصى
بالثلث لفلان وأوصى به لفلان جعلت الثلث بينهما نصفين لأنه أشرك الثاني مع الأول في الثلث
36

والعطف للاشراك وهو صحيح منه لان الكلام المتصل بعضه ببعض إذا كان في آخره ما يغير
موجب أوله يتوقف أوله على آخره ويصير هذا بمنزلة ما لو أقر لهما معا بخلاف ما إذا لم يكن
كلامه متصلا لان البيان المعير له بمنزلة الاستثناء يصح موصولا لا مفصولا وقد بيناه في
الاقرار * قال وإذا أقر أنه أوصى به لفلان ودفعه إليه ثم قال لا بل لفلان فهو ضامن له حتى
يدفع مثله إلى الثاني ولا يصدق على الأول لأنه بالكلام الثاني اقران الثلث كان مستحقا للثاني
دون الأول وقد دفعه إلى الأول باختياره فصار مستهلكا للمدفوع ويجعل ذلك كالقائم في حقه
فيلزمه دفع مثله إلى الثاني ولا يقبل قوله في الرجوع عن الاستحقاق الذي أقر به للأول ولو
كان دفعه إلى الأول بقضاء القاضي لم يضمن للثاني شيئا لأنه ما استهلك شيئا من المال فان الدفع
كان بقضاء القاضي ومحل الوصية تعين فيما قضى به القاضي للأول فيكون هو شاهدا للثاني على
الأول والشاهد إذا ردت شهادته لم يغرم شيئا بخلاف الأول فهناك هو الذي دفع بنفسه
فكان مستهلكا وتعيينه في حق الثاني غير صحيح فيجعل في حق الثاني كان محل الوصية في يده
على حاله ولو أقر لرجل بوصية ألف بعينها وهو الثلث ثم أقر لاخر بعد ذلك بالثلث ثم رفع
إلى القاضي فإنه ينقد الألف للأول لأنه أقر له والمال فارغ عن حق الغير وبقضاء القاضي يتعين
المدفوع إلى الأول محلا للوصية ولا يكون للثاني على الوارث شئ لأنه لم يبق شئ من محل
الوصية في يده ويتبين أن الوارث في الكلام الثاني كان شاهدا للثاني على الأول لا مقرا له على
نفسه وشهادة الورثة على الوصية جائزة كما تجوز شهادة غير الوارث لأنه لا منفعة له في هذه
الشهادة بل عليه فيها ضرر * قال وإذا شهد وارثان أن الميت أوصى لفلان بالثلث فدفعا ذلك
إليه ثم شهدا إنما كان أوصى به لاخر وقالا أخطأنا فإنهما لا يصدقان على الأول لأنهما رجعا
عن شهادتهما بعد تمام الاستحقاق للأول فلا يعمل رجوعهما في حقه وهما ضامنان للثلث
يدفعانه إلى الاخر لان اقرارهما على أنفسهما صحيح وقد أقرا أنهما استهلكا محل حق الثاني
بالدفع إلى الأول فكانا ضامنين له ولو لم يكونا دفعا شيئا أجزت شهادتهما للاخر وأبطلت
وصية الأول لأنهما يشهدان للأول على الاخر فان محل الوصية ما ثبت مستحقا للأول وقد
شهدا ان استحقاق ذلك المحل للثاني دون الأول فوجب قبول شهادتهما لانتفاء التهمة عنهما
خلاف الأول فقد صارا ضامنين هناك لأنهما متهمان في حق الأول من حيث إنهما قصدا
بشهادتهما للثاني اسقاط الضمان عن أنفسهما * قال وإذا كانت الورثة ثلاثة والمال ثلاثة آلاف
37

فأخذ كل انسان ألفا ثم أقر أحدهم أن أباه أوصى بالثلث لفلان وجحد الآخران ذلك
فإنه يعطيه ثلث ما في يده استحسانا وفي القياس يعطيه في الفصل الثاني نصف ما في يده وفي
الفصل الأول ثلاثة أخماس ما في يده وجه القياس أن المقر في حق نفسه كان ما أقر به حق
ولا يصدق في حق غيره فإذا كانا اثنين فالمقر يزعم أن حقه في التركة وحق المقر له سواء
لأنه يقول له الثلث وصية والثلثان بيني وبين آخر نصفان وإذا كان يزعم أن حقهما سواء
يقسم ما في يده بينهما نصفين كما لو أقرا بأخ آخر وهذا لأنهما يزعمان أن حق الجاحد في
ثلث المال وقد أخذ نصف المال فما أخذه زيادة على حقه كالتاوي فلا يكون ضرر ذلك على
أحدهما دون الاخر وكذلك في الفصل الأول المقر يزعم أن للمقر له الثلث والثلثان بيننا
أثلاثا وحقه في ثلاثة من تسعة وحقي في سهمين فيجعل ما في يده بينهما أخماسا باعتبار زعمه
وجه الاستحسان أن الجاحد مع ما أخذ يجعل كالمعدوم وكأن جميع التركة ما في يد المقر
وهو الوارث فإنما يلزمه أن يدفع الثلث إلى المقر له بطريق الوصية * يوضحه أنا لو أخذنا
بالقياس فأمرناه أن يدفع إليه نصف ما في يده ثم أقر الابن الاخر بالوصية بالثلث الاخر فإنه
يدفع إليه نصف ما في يده أيضا فيؤدى إلى تنفيذ الوصية في نصف المال والوصية لا تنفذ في
أكثر من ثلث المال فلهذا أخذنا بالقياس ولو كان المال ألفا عينا وألفا دينا على أحدهما فأقر
الذي ليس عليه دين أن أباهما أوصى لهذا بالثلث أخذ من هذه الألف ثلثها وكان للمقر ثلثاها
لان في زعم المقر أن حق المقر له في ثلث كل ألف وكان منعه الابن المديون حقه في الدين لا
يلزمه أن يدفع إليه من العين زيادة على حقه فلهذا يعطيه ثلث العين الذي في يده وفي القياس
يعطيه نصف ذلك لإقراره أن حقهما في التركة سواء ولو كان المال كله عينا فأخذ كل واحد
منهما ألفا ثم أقر كل واحد منهما على حياله الرجل غير الذي أقر له صاحبه أن الميت أوصى له
بالثلث فان كل واحد منهما يأخذ ثلث ما في يد الذي أقر به وهذا يدلك على أن ترك القياس
أحسن من القياس وأن القياس في هذا فاحش قبيح يعنى أن القول به يؤدى إلى تنفيذ الوصية
في نصف المال (ألا ترى) أن الميت لو ترك امرأة وابنا فأخذت المرأة الثمن ثم أقرت أن
الميت أوصى لهذا بالثلث فان المقر له يأخذ ثلث ما في يدها ولو أخذنا بالقياس لكان يأخذ
أربعة أخماس ما في يدها لأنها تزعم أن حق الموصي له في أربعة من اثنى عشر وحقها في
واحد وهو ثمن ما بقي فبهذا ونحوه تبين أن الاخذ بالقياس ههنا قبيح * قال ولو ترك اثنين
38

وعشرين درهما فاقتسماها نصفين ثم غاب أحدهما فأقام رجل البينة على الحاضر بوصية الثلث
أخذ منه نصف ما في يده لأنه أثبت بالبينة أن حقهما في التركة على السواء فأخذنا بالقياس ههنا
بخلاف مسألة الاقرار لان ههنا وصية المشهود له ثبتت في حق الحاضر والغائب حتى إذا رجع
الغائب كان لهما أن يرجعا عليه بما أخذاه زيادة على حقه فلا يجعل هو مع ما في يده كالمعدوم
بخلاف مسألة الاقرار * يوضحه أن ههنا لو أقام آخر البينة على الوصية بالثلث أيضا على الغائب
ثم اجتمعا لم يكن لهما الا الثلث بينهما نصفين فلا يؤدى هذا إلى تنفيذ الوصية في أكثر من
الثلث بخلاف الاقرار على ما بينا * وإذا أقر الوارث بوصية لرجل تخرج من الثلث أو بعتق ثم أقر
بدين بعد ذلك لم يصدق على ابطال الوصية والعتق وكان الدين عليه في نصيبه لان محل الدين
جميع التركة وقد بقي في يده جزء من التركة فيؤمر بقضاء الدين منه باقراره وأصل هذا
الفرق فيما إذا أقر أحد الابنين بدين على الميت فإنه يؤمر بقضاء جميع الدين من نصيبه بخلاف
الوصية وقد أوضحنا هذا؟ في كتاب الاقرار فان أقر الوارث بدين ثم أقر بدين يبدأ بالأول
لان صحة اقراره على الميت بالدين باعتبار ما في يده من التركة وقد صار ذلك مستحقا للأول
وهو فارغ حين الاقرار له وإنما أقر للثاني والمحل مشغول بحق غيره فلا يصح اقراره ما لم يفرغ
المحل من حق الأول كالراهن إذا أقر بالمرهون لإنسان فان أقر لهما في كلام متصل استويا
لان في آخر كلامه ما يغير موجب أوله وإذا قال الوارث لفلان كذا من الدين ولفلان كذا
من الوديعة والوديعة بعينها وهو جميع ما ترك الميت فإنهما يتحاصان فيها لأنه حين أقر بالوديعة
فقد أقر هناك بدين شاغل لما في يده من التركة فيكون هذا بمعنى اقراره بوديعة مستهلكة
فكأنه استهلكها بتقديم الاقرار بالدين عليها والاقرار بوديعة مستهلكة اقرار بالدين وكأنه أقر
بدينين في كلام موصول وان بدأ بالوديعة ثم بالدين بدئ؟ بالوديعة لأنه أقر بها ولا دين هناك
فصارت عينها مستحقه للمقر له ثم الاقرار بالدين إنما يصح في تركة الميت لا فيما تبين أنه ليس
من تركته وإذا أقر بوديعة بعينها ثم بوديعة أخرى بكلام متصل بدئ بالأول لان الأول
استحق ذلك العين بنفسه بنفس الاقرار والاقرار الثاني لا يصح في المحل الذي استحقه
الأول وهذا بخلاف الدينين لان موجب ثبوت الدينين الشركة بينهما في التركة فكان في آخر
كلامه ما يغير موجب أوله وههنا ليس موجب ثبوت الوديعة بأعيانهما الشركة بين المقر لهما
في شئ بل كل واحد منهما يستحق ما أقر له بعينه فليس في آخر كلامه ما يغير موجب أوله
39

فلهذا كان المتصل والمنقطع في هذا سواء حتى أنه إذا أقر بوديعتين بغير أعيانهما فهو والاقرار
بدينين سواء * قال وإذا أقر أحد الورثة بدين وأنكر ذلك بقيتهم لزمه في نصيبه جميع الدين
عندنا بخلاف الوصية وفي الحقيقة لا فرق فانا نجعل في موضعين الجاحد مع ما في يده كالمعدوم
وكان الوارث هو المقر والتركة ما في يده ولو كان كذلك لكان يؤمر بقضاء جميع الدين مما
في يده إذا كان بقي بذلك ولا يؤمر بأن يدفع إليه بالوصية الا الثلث وهذا لان الموصى له
شريك الوارث والدين مقدم على الميراث من حيث إنه لا ميراث له الا بعد قضاء جميع
الدين ولو كان الوارث واحدا فقال هذه الوديعة لفلان لا بل لفلان أو قال هي لفلان ثم قال
بعد ما سكت ولفلان معه فإنها للأول دون الثاني لان الأول استحقها على وجه لا يملك
الوارث الرجوع عنه ولا الاشراك لغيره فيه ولو قال هي وديعة لفلان ودفعها إليه ثم أقر أنها
كانت لهذا الاخر وأنه قد أخطأ فهو ضامن للثاني مثلها لأنه قد استهلكها بالدفع إلى الأول
بزعمه وإذا لم يدفع فهو غير مستهلك شيئا وإنما هو شاهد للثاني على الأول وعلى الميت وقد
ردت شهادته فلا يكون ضامنا شيئا * قال ولو قال أوصى إلى هذا بالثلث ولهذا على أبي دين
ألف درهم في كلام متصل والدين يستغرق جميع المال أجزت الدين وأبطلت الوصية لان
الدين مقدم على الوصية وفي آخر كلامه ما يغير موجب أوله لان موجب أول كلامه استحقاق
المقر له ثلث التركة في الوصية مطلقا وموجب آخر كلامه أن يكون استحقاق الوصية مؤخرا
عن الدين والبيان معتبر صحيح إذا كان موصولا (ألا ترى) أنه لو قال أوصى إلى فلان بالثلث
وأعتق هذا العبد وهو الثلث صدقته في العتق وأبطلت الوصية لأنها بيان معتبر فالعتق المنفذ
مقدم في الثلث على سائر الوصايا وان فصل من الاقرارين أجزت الثلث الأول لان البيان
بمنزلة الاستثناء لا يصح مفصولا فيبقى محل الوصية مستحقا للأول وقد فسد رق العبد
باقراره فعليه أن يسعى في جميع قيمته لان سقوط السعاية عنه باعتبار الوصية ولم يبق شئ من
محل الوصية فعليه السعاية في قيمته ولو أقر الوارث ان أباه أوصى لفلان بأكثر من الثلث
وانه قد أجازه بعد موت أبيه ثم مات الوارث قبل أن يقضيه الموصى له وعليه دين فان الوصية
يبدأ بها من مال أبيه قبل دين الوارث لان ما أقر به الوارث من الوصية والإجازة كالمعاينة
فإنه غير متهم في ذلك حين أقر في صحته واستحقاق الموصى له عند إجازة الوارث يكون
بطريق الوصية من جهة المورث فتم استحقاقه بنفس الاقرار به ثم اقراره بالدين إنما يشغل
40

تركته لاما كان مستحقا بعينه لغيره فإن كان الوارث قد استهلك مال أبيه فهو دين فيما ترك الوارث
يحاص صاحبه صاحب دين الوارث لان اقراره بذلك بعد ما استهلكه اقرار بالدين على نفسه
ومن أقر بدين ثم بدين ثم مات تحاص الغرماء؟ في تركته * قال وإذا شهد وارثان على الوصية جازت
وشهادتهما على جميع الورثة لأنه لا تهمة في شهادتهما فإن كانا غير عدلين أو أقرا ولم يشهدا
بالحصة فشهادتهما في نصيبهما لان اقرارهما ليس بحجة على غيرهما وكذلك شهادتهما
بدون صفة العدالة لا تكون حجة على غيرهما وإنما هي حجة عليهما ولا يقال إذا شهدا في
الابتداء وهما عدلان فهما متهمان في اخراج الكلام مخرج الشهادة لأنهما لو لم يذكرا لفظة
الشهادة لزمها في نصيبهما خاصة وهذا لان في الوصية لا يتأتى هذا الاشكال فإنهما لو شهدا
أو أقرا لم يلزمهما الا مقدار حصتهما وإنما هذا الاشكال في الدين ومع هذا تقبل شهادتهما لأنه
لم يلزمهما قبل الشهادة قضاء شئ من نصيبه لتمكن التهمة في اخراجهما الكلام مخرج الشهادة
ولو شهدا وهما عدلان على الوصية وعلى بقية الورثة أنهم أجازوها بعد الموت جازت شهادتهما
لأنهما لم يجران بهذه الشهادة إلى أنفسهما شيئا ولو شاهد أن انه أوصى بالثلث لهذا الرجل
وشهد وارثان أنه رجع عن الوصية بالثلث لهذا وجعله لهذا الاخر جازت شهادتهما لأنهما
يشهدان للثاني على الأول ولا يجران إلى أنفسهما شيئا ولو لم يشهدا على الرجوع ولكن
شهدا بالثلث للاخر تحاصا في الثلث لأنه لا تهمة في شهادتهما فإنه لا فرق في حقهما بين أن يكون
المستحق للثلث عليهما واحدا أو مثنى ولو شهد شاهدان أنه أوصى لهذا الأجنبي
وشهد وارثان أنه أوصى بالثلث لهذا الوارث وأجازت الورثة فالثلث الأجنبي لا استحقاق
الأجنبي الثلث سببه أقوى من حيث إنه غير محتاج إلى إجازة الورثة ولأنه لما ثبت استحقاق
الثلث للأجنبي ثبت أنه لاحق للوارث فيه فشهادتهما على إجازة الورثة ليست بشئ وبدون
الإجازة لا مزاحمة للوارث مع الأجنبي في محل الوصية * قال ولو شهد وارثان أنه رجع عن
وصيته للأجنبي وجعلها لهذا الوارث وأنهما مع جميع الورثة قد سلموا له ذلك بعد الموت كان
ذلك جائزا في قول أبى يوسف رحمه الله الأول وفي قوله الاخر لا تقبل شهادة الوارثين على
ذلك وهو قول محمد رحمه الله وجه قوله الأول ان الورثة بالإجازة قد أخرجوا الثلث
من حق أنفسهم فهذه شهادة بالاستحقاق للثاني على الأول فلا يتمكن فيه التهمة كما لو شهدا
بذلك للأجنبي وجه قوله الاخر أن الأجنبي استحق الثلث عليهما فهما يبطلان ذلك الاستحقاق
41

بشهادتهما على الرجوع فيتهمان في ذلك وهذا لأنهما يوجبان للثاني مع ذلك الاستحقاق حتى
يكون تحويلا من الأول إلى الثاني لان الاستحقاق للأول ثابت من غير اجازتهم والاستحقاق
للثاني لا يثبت الا بإجازتهم ولان الاستحقاق للثاني مع اجازتهم مختلف فيه فمن العلماء من
يقول لا وصية للوارث وان أجازت الورثة ولو قضى القاضي بذلك معتمدا على ظاهر الخبر
ينفذ قضاؤه فمن هذا الوجه يجران إلى أنفسهما شيئا بخلاف ما إذا شهدا بها لأجنبي آخر
(باب اقرار الوارث بالعتق)
(قال رحمه الله) وإذا مات رجل وترك وارثا واحدا وثلاثة أعبد قيمتهم سواء لا مال
له غيرهم فقال ذلك الوارث أعتق أبى هذا في مرضه ثم قال بعد ذلك لا بل هذا ثم قال لا بل
هذا فإنهم يعتقون جميعا لأنه حين أقر للأول عتق كله إذ ليس في قيمته فضل على الثلث ثم
بالكلام الثاني رجع عن الاقرار الأول وأقر للثاني ورجوعه باطل ولكنه زعم أنه
استهلك الأول باقراره فيجعل ذلك كالقائم في حقه فيعتق الثاني كله باقراره وكذلك الثالث
وإنما هذا بمنزلة اقراره بالثلث لفلان وصية ودفعه إليه ثم أقر به للأجنبي لان العتق لا يحتاج
فيه إلى التسليم فنفس الاقرار به بمنزلة التسليم في المال ولو قال في كلام متصل أعتق أبى هذا
وهذا وهذا سعى كل واحد منهم في ثلثي قيمته لان في آخر كلامه ما يغير موجب أوله فيتوقف
أوله على آخر ويصير كأنه أقر لهم في كلام واحد فقال أعتقهم الميت فيعتق ثلث كل واحد
منهم ويسعى في ثلثي قيمته * ولو قال أعتق أبى هذا ثم سكت ثم قال وهذا ثم سكت ثم
قال وهذا عتق الأول كله ونصف الثاني وثلث الثالث لأنه أقر بالثلث للأول في الكلام
الأول فيعتق كله ثم في الكلام الثاني أقران الثلث بينه وبين الأول نصفان فيكون اقراره
للثاني بنصف الثلث صحيحا فيعتق نصفه وابطاله استحقاق الأول في النصف غير صحيح بل
يجعل هو في حق الثاني كالمستهلك لذلك النصف ثم أقر في الكلام للثالث أن الثلث بينهم أثلاث
فيصح ايجاب الثلث للثالث ولا يصح رجوعه عن شئ عما أوجبه للأولين بل يجعل هو
كالمستهلك لما زاد على مقدار حق الأولين في حق الثالث ولو أقر أن أباه أعتق هذا في مرضه
وهو الثلث وشهد الشهود أنه أعتق هذا الآخر وهو الثلث فالذي أقام البينة حر ويسعى
الذي أقر له الوارث في قيمته لان الوارث إنما أقر له بطريق الوصية وقد صار محل الوصية
42

كله للذي أقام البينة ولو أقر الوارث أن أباه دبر هذا العبد في مرضه ثم سكت ثم قال
وأعتق هذا الآخر في مرضه فان المدبر يعتق كله من الثلث ويعتق من الاخر نصف الثلث
لان اقراره بالتدبير له واقراره بالعتق في مرضه سواء فإنه يعتق من الثلث بعد موته في
الوجهين وقد بينا في كتاب العتق أن الأول يعتق كله وأنه يعتق من الثاني نصفه وكذلك لو شهد
الشهود على اقرار الوارث في حياة أبيه أو بعد موته أن أباه أعتق عبده هذا وهو ينكر
أخذ بذلك لان الثابت من اقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة ولو عايناه اقراره بذلك كان
مؤاخذا به سواء أقر بذلك قبل موت أبيه أو بعده وكذلك لو شهد أحد الشاهدين أنه أقر
بذلك قبل موت أبيه وشهد الاخر أنه أقر له بعد موت أبيه فالشهادة جائزة لأنه اقرار
كله يعنى أن الاقرار قول والقول فيما يعاد ويكرر وحكم الاقرار قبل الموت وبعد الموت
واحد في حقه فهو بمنزلة شاهدي الاقرار إذا اختلفا في المكان أو الزمان وذلك لا يمنع قبول
الشهادة فهذا قياسه
(باب الوصية بالعتق على مال أو خدمة)
(قال رحمه الله) وإذا أوصى الرجل لعبده بأن يؤدى كذا وكذا ويعتق فهو جائز على
ما قال إن كان الذي شرط عليه أداؤه أكثر من قيمتها أو مثلها أو دونها بمقدار ثلث ماله فإن كان
النقصان عن القيمة أكثر من ثلث ماله حط عنه ثلث المال ويسعى فيما بقي اعتبار لما أوصى
به بمال نقده في مرضه وهذا لان هذا في معنى الوصية ببيعه من غيره ولو أوصى ببيعه من
معلوم بثمن مسمى وجب تنفيذ وصيته فان حط شيئا من الثمن في قيمته يجعل ذلك من ثلث ماله
وكذلك إذا أوصى بأن يباع من نفسه بل أولى لان في هذه الوصية منفعة الموصى أيضا من حيث
الولاء وإنما جعلنا هذا في معنى البيع لأنه شرط عليه أداء ما يقوم مقام مالية رقبة في توفر
المنفعة على الورثة ودفع الضرر عنهم فان حقهم في المالية وذلك يسلم لهم بهذا الطريق فان أعتق
مع هذا عبدا على غير جعل بدئ بالعتق من غير جعل ثم أعتقنا هذا الآخر بما بقي من الثلث
على ما بينا لان ما نفذ من العتق في حال حياته مقدم على ما أوصى به بعد موته عتقا كان أو
غيره فان ما بعده صار بحيث لا يحتمل الفسخ ولا يحتاج فيه إلى التنفيذ وما أوصى به ليس بهذه
الصفة فلهذا قدمنا العتق المنفذ في ثلثه وإذا أوصى أن يخدم عبده بعد موته ورثته سنة ثم يعتق لم يجز
43

إلا أن يجيزه الورثة لان الوصية بخدمة العبد لبعض ورثته بمنزله الوصية بالرقبة وذلك باطل
إلا أن يجيزه الورثة ثم الوصية بالعتق للعبد مرتبة على الوصية بالخدمة متأخرة عنها فإذا بطلت
الأولى لعدم إجازة الورثة تبطل الثانية لفوات شرطها فإذا صحت الأولى بإجازة الورثة بعد الموت
وهم كبار يجب تنفيذ الأخرى جزما على خدمة العبد سنة كما أوصى به ولو أوصى بأن يخدم
جميع الورثة سنة ثم هو حر فهذا جائز لأنه ليس في هذه الوصية ايثار بعض الورثة ولكنه
ايفاء ما كان من استخدام الورثة إياه سنة بعد موته ثم أوصى بعتقه بعد ذلك فيجب تنفيذ
وصيته من الثلث فان كره ذلك بعضهم أجبر عليه لان سلامة خدمته لهم بطريق الإرث
لا بطريق الوصية والإرث لا يرد لكراهة الورثة فان قيل الخدمة لا تورث قلنا نعم مقصودا
ولكنها تورث تبعا لملك الرقبة ولما لم يجب تنفيذ الوصية بالعتق في الحال صارت الرقبة مع
الخدمة مملوكة لهم إرثا على أن يعاد إلى الميت حكما عند الاعتاق وهو بعد مضى السنة لتسليم
الولاء له ثم مقصود من كره منم ابطال الوصية بالعتق والوارث لا يملك ذلك في محل الوصية
وهو الثلث فان أوصى أن يخدم فلانا سنة ثم هو حر وفلان غير وارث فهو جائز من الثلث
لأنه جمع بين وصيتين تصح كل واحدة منهما منفردة فيصح ترتب إحداهما على الأخرى
أيضا فان أبى أن يقبل الخدمة لم يجبر على ذلك لان الخدمة ههنا تسلم للموصى له بالوصية
وللموصى له حق الرد في الموصى به على ما نبينه في الوصية بالرقبة بعد هذا وإذا بطلت الوصية
الأولى برده بطلت الثانية حكما لأنه أوجبها مرتبة على الأولى وقد فات شرطها حين رد الوصية
بالخدمة وكذلك لو قتل ثم مات قبل سنة لان الوصية بالخدمة تبطل بموت الموصى له فان
الإرث لا يجرى في مجرد المنفعة فوارث الموصى له لا يخلفه في ذلك وكذلك لو قال إذا خدم
فلانا سنة أو أن خدم سنة فهو حر فان الشرط يفوت بموت فلان قبل مضى السنة فتبطل
الوصية بالعتق لفوات الشرط فإن كان فلان غائبا فقدم بعد موته بسنة فالخدمة تكون له
من يوم قدم لان الموصى ذكر سنة منكرة ولا حاجة إلى تعيين السنة التي تعقب موته لان
الجهالة في الموصى به لا تمنع صحة الوصية ولو قال يخدم فلانا هذه السنة ثم هو حر فلم يقدم
حتى مضت السنة بطلت الوصية بالخدمة لفوات محلها فإنه عين الوصية للمنافع التي تحدث في
السنة التي عينها وذلك يفوت بمضيها ويبطل العتق أيضا لفوات شرطه ولو قال يخدم فلانا سنة
ثم هو حر ولا مال له غيره فإنه يخدم فلان يوما والورثة يومين فإذا مضت ثلاث سنين عتق لان
44

الوصية تنفذ من الثلث وفي تسليم العبد إلى الموصى له ليخدمه في جميع السنة قصر يد الوارث
عن جميع التركة لمكان الوصية وذلك لا يجوز وحق الورثة ضعف حق الموصى له فقلنا يخدم
الموصى له يوما والورثة يومين حتى يمضى ثلاث سنين فيصير مستوفيا كمال حقه في الوصية
بالخدمة ويتم به شرط الوصية بالعتق فيعتق ثلثه وعليه السعاية في ثلثي قيمته للورثة ولو
أوصى أن يخدم ورثته سنة ثم هو حر فصالحوه من الخدمة على دراهم وعجلوا عتقه جاز لان الخدمة
مستحقة لهم بالميراث فيجوز الاعتياض عنه بالمال ويجعل وصول البدل إليهم كوصول المبدل
بأن يخدمهم سنة فيعتق منه ثلثه ثم هم أسقطوا حقهم عن الخدمة بعوض ولو أسقطوه بغير
عوض وعجلوا العتق جاز لان الميت صار راضيا بالتزام ولائه فكذلك إذا أسقطوه بعوض
ولو أوصى أن يعتق عنه هذه الجارية بعد موته بسنة فولدت ولدا وأغلت عليه قبل السنة أو
بعدها فذلك للورثة وتعتق هي من الثلث وقد بينا فيما سبق أن الوصية بالعتق لا تسرى
إلى الولد ولا إلى الكسب والغلة والورثة بمنزلة الملك لهما فيما هو فارغ عن الوصية لان
سبب الملك لهم فيها قد تقرر والباقي لملك الميت كذلك إلا أنا نجعلها كالباقية على ملك الميت
حكما لضرورة الحاجة إلى تنفيذ وصيتها وفيما وراء ذلك هي مملوكة للورثة وان جنت جناية
فذلك إلى الوارث ان شاء دفعها بالجناية وأبطل العتق وان أشاء فداها بالأرش وأعتقها؟ عن
الميت لأنه بمنزلة المالك لها في حكم الجناية فان اختار دفعها دفع به محل الوصية بالعتق وهو
ملك الميت وان اختار الفداء فقد طهرت عن الجناية وبقيت محلا للعتق عن الميت كما كانت
والوارث متبرع في الفداء لأنه غير مجبور على ذلك وإذا أعتقها أحد الورثة عن نفسه قبل مضى
السنة فهو حر عن الميت لان الوارث بمنزلة المالك فلا بد من تنفيذ عتقه ثم عتقها مستحق
عن الميت وما استحق في عين بجهة فعلى أي وجه أتى به يقع عن المستحق عليه وعليه حصة
من بقي من الورثة من قيمة الخدمة لاحتباس ذلك عنده حتى نفذ العتق فيه من بعض الورثة
وذلك متقوم فيما هو بينه وبين الورثة على ما بينا وإذا كان أعتقه بعد مضى السنة فلا شئ على
أحد إذا كان يخرج قيمتها من الثلث لان هذا تنفيذ للوصية وأحد الورثة بمنزلة جماعتهم في
تنفيذ جميع وصية الموصى في العتق بعد موته وان دبرها وارث عن نفسه ثم مات فهي حرة عن
الميت بمنزلة ما لو علق عتقها بشرط آخر وقد يوجد الشرط وإن لم يمت فتدبيره باطل لأنه
لا يملك اعتاقها عن نفسه فلا يملك تدبيرها عن نفسه أيضا وليس في التدبير تنفيذ وصية الميت
45

وكذلك لو قال الوصي لإنسان بعد مضى السنة أعتقها عن الميت فأعتقها أو احتضر الوصي
فأوصى إلى آخر أن يعتقها عن الميت جاز ذلك بخلاف المأمور بالعتق في حالة الحياة إذا
أمر غيره به لان المأمور نائب محض والآمر ما أنابه مناب نفسه في الوصية إلى الغير وللوصي
ولاية تحصيل المقصود بنفسه وفي أمره غيره بذلك وايصائه إليه بعد موته تحصيل مقصود
الموصى فيصح ذلك من الموصى وإذا أوصى بعتق ما في بطن جاريته بعد موته بشهر فهو جائز
لان ما في البطن كالمنفصل في حكم مقصود المعتق فيه فان أعتق الأم بعض الورثة فهي حرة
عنه وما في بطنها حر عن الميت لان الجنين تابع للأم في العتق الذي أوجبه المعتق فيها ولو أعتق
الجنين أحدهما عتق عن الميت فذلك إذا أعتق الأم أحدهم وقد صارت الأم مشتركة بينهم
بالميراث لأنها فارغة عن الوصية فإذا أعتقها أحدهم يخير شركاؤه كما هو قول أبي حنيفة في
عتق أحد الشركاء المملوك المشترك وان دبرها قبل أن تلد فتدبيره جائز لأنه يملك نصيبه
منها ومن ضرورة نفوذ التدبير منه في نصيبه منها نفوذه في نصيبه من الولد لان الجنين
لا ينفصل عنها في حكم التدبير كما لا ينفصل في حكم العتق فإنه بمنزلة جزء منها وتبطل وصية
الميت في الجنين لفوات محله وهو أن يكون المملوك باقيا على ملك الموصى حكما ليعتق عنه
فيكون ولاؤه له وينفذ التدبير من الذي دبر في بعض الجنين عن نفسه بتقرر ملكه ويستحق
ولاءه ضرورة فيفوت به محل الوصية ولو أوصى أن يعتق عنه جاريته فلانة بعد موته بسنة
وهي الثلث فباعها الورثة فبيعهم باطل لأنها باقية على ملك الميت حكما مشغولة بحاجته
فبيعهم إياها في هذه الحالة كبيعهم إياها قبل موت الموصى أو كبيع الورثة التركة المستغرقة بالدين
وذلك باطل فهذا أيضا كذلك بل أولى لان في البيع ابطال الوصية بالعتق أصلا فان ولدت
من المشترى فالولد ولده والمشترى مغرور من جهة الورثة حيث لم يعلم بالوصية حين اشتراها
وولد المغرور حر بالقيمة إلا أن ههنا لا قيمة لها لأنها لو وجبت وجبت للورثة وللمشتري أن
يرجع بها عليهم لأجل الغرور فلا فائدة في ايجابها وعليه العقر لهم لأنه وطئها بشبهة وايجاب
العقر مقيد فان المشترى لا يرجع بما يغرم من العقر على البائع بسبب الغرور ويردون عليه
لبطلان البيع وتؤخذ الجارية وتعتق عن الميت بعد سنة كما أوصي ولو أوصى بعتق جاريته
وقيمتها ألف وله ألفان فهلكت الألفان قبل أن يعتقها الوصي فان الجارية يعتق ثلثها وتسعى
في ثلثي قيمتها لان ما هلك من المال قبل استيفاء الورثة صار كأن لم يكن وهو والهالك قبل
46

موت الوصي سواء فلم يبق الا الجارية فلا تنفذ الوصية في أكثر من الثلث فيعتق ثلثها
وتسعى في ثلثي قيمتها والله أعلم
(باب الوصية إذا لم يقبلها الموصى له)
(قال رحمه الله) قد بينا أنه لا حكم لقبول الموصى له ورده في حياة الموصى لان أوان
وجوب الوصية ما بعد موته ولا معتبر بالقبول والرد قبل أوانه فإذا مات الموصى فان قبل
الموصى له الوصية فالملك له في الموصى به قبضه أو لم يقبضه لان بمجرد القبول يلزم العقد
على وجه لا يملك أحد ابطاله فيثبت حكمه وهو الملك بخلاف الهبة بعد القبول قبل القبض
وان رد الموصى له الوصية بطلت برده عندنا وفي قول الشافعي لا تبطل وهو احدى الروايتين
عن زفر لان الملك بالوصية بمنزلة الملك بالإرث على معنى أنه عقب الموت ثم الإرث لا يرتد
برد الوارث فكذلك الوصية وهذا لان الملك هاهنا يثبت بطريق الخلافة وهو أن الموصى
له صار خلفا عن الموصى في ملك الموصى به كالوارث في التركة وجه قول علمائنا رحمهم الله
أن هذا تمليك المال بالعقد فلا يثبت الا بالقبول أو مما يقوم مقامه كالتمليك لسائر العقود وهذا
لان الملك يثبت للموصى له ابتداء ولهذا لا يرد بالعيب ولا يصير مغرورا فيما اشتراه الموصى
والملك المتجدد يستدعى شيئا مبتدأ واحد لا يملك تتميم سبب الملك لغيره بغير رضاه بخلاف
الميراث فإنه يبقى للوارث الملك الذي كان ثابتا للمورث حتى يرده بالعيب ولا يصير مغرورا
فيما اشتراه المورث والبقاء لا يستدعى سببا مبتدأ أو لان أحدا لا يثبت له على غيره ولأنه
ادخال الشئ في ملكه قصدا من عير اختياره وفي الميراث الملك ثبت من غير اختيار من
المورث (ألا ترى) انه لو أراد أن يمنعه لا يتمكن من ذلك وللشرع هذه الولاية فأما ما هنا
فان الملك يثبت بايجاب الموصى بدليل أن له أن يمنعه من ذلك الرجوع عن الوصية قبل موته
ولا يثبت الا بالقبول من الموصى له لانعدام ولاية الموصى عليه ولان تنفيذ الوصية لمنفعة
الموصى له ولو أثبتنا الملك له قبل قبوله تضرر به فإنه لو أوصى له بعبد أعمى تجب عليه نفقته
إذا أثبت الملك له ولو أوصى بدنان مسكرة أو بزبل اجتمعت في داره ولو ثبت الملك له بغير
قبوله وجب عليه نقلها شاء أو أبى وفي هذه من الضرر عليه ما لا يخفى وكذلك لو أوصى له
بآنية أو بمملوك له ذي رحم محرم منه أو مملوك قد حلف بعتقه ان ملكه لو دخل في ملكه
47

من غير قبوله لكان يعتق عليه ويلزمه ولاؤه وليس لاحد أن يلزمه الولاء من غير اختياره
ولو أوصى له بزوجته أو ملكها بدون قبوله نفذ نكاحه وليس للموصى ولاية افساد نكاحه
فلهذا قلنا بأنه لا يثبت له الملك ما لم يقبل وكذلك أن أوصى بأم ولده فما لم يقبلها لا تصير أم
ولد له فإن لم يعلم الموصى له بالوصية بعد موت الموصى حتى مات ففي القياس ورثته بمنزلته
لا يجبرون على القبول وهو احدى الروايتين عن زفر رحمه الله لان الورثة إنما يخلفونه بالقيام
في الملك الذي كان ثابتا له في حياته وهاهنا الملك ما كان ثابتا له في حياته قبل قبول الوصية وإنما
كان الثابت له حق القبول وهو حق متأكد لا يملك غيره ابطاله فيقوم وارثه فيه مقامه فلا
يثبت الملك ما لم يقبل الوارث وهذا لان موت الموصى له مناف للوصية لا متمم لها (ألا ترى)
أنه لو مات في حياة الموصى بطلت الوصية وهاهنا الوصية ما كانت تامة قبل موته ويستحيل
أن يكون الموت الذي هو المنافى متمما للوصية ولكنا ندع القياس في هذا ونجعلها من مال
الموصى له استحسانا حتى إذا كانت أم ولده تعتق وإذا كانت غير أم ولده تصير مملوكة لورثته
لان سبب الملك قديم من جهة الموصى على وجه لا يتمكن هو ولا من يقوم مقامه من ابطاله
وإنما بقي حق الرد للموصى له وذلك يبطل بموته كالمشترى إذا شرط الخيار لنفسه ثم مات في
مدة الخيار ثم الملك لان الثابت له حق الرد ولم يبق بعد موته فيتم الملك فهذا مثله وهذا لان
حق الرد إنما كان ثابتا له لحاجته إلى دفع الضرر عن نفسه وقد انتهت حاجته بموته ولو كان
الموصى له حيا لم يعلم بالوصية وكان يطؤها بالنكاح حتى ولدت له أولادا ثم علم بالوصية فهو
بالخيار لان اقدامه على وطئها قبل العلم بالوصية لا يكون دليل القبول والرضا منه بالوصية والنكاح
كان قائما بينهما قبل القبول وحل الوطئ ثابت له بحكم النكاح فلهذا نفى خياره في القبول إذا
علم بالوصية فان قبلها كانت أم ولد له لأنه ملكها وله منها ولد ثابت النسب وأولاده أحرار
ان كانوا يخرجون من الثلث لأنهم حدثوا بعد تمام الوصية من جهة الموصى وبعد تمام السبب
الموجب للملك قبل ثبوت الملك فكانوا بمنزلة الولد الحادث في مدة الخيار إذا تم الملك للمشترى
وان رد الوصية فهي وأولادها للورثة والنكاح بينه وبينها قائم ونسب الأولاد منه ثابت ولو
أوصى رجل لرجلين بثلثه فرد أحدهما الوصية بعد موته كان للاخر حصته من الوصية إذا
قبل لان في حق الراد منهما بطلت الوصية برده ولو بطلت بسبب آخر بان كان وارثا جاز في
حصة الاخر فكذلك إذا بطلت برده وهذا لان الشيوع لا يمنع صحة الوصية بخلاف الهبة
48

فان القسمة مشروطة في الهبة ليتم القبض والقبض ليس بشرط لوقوع الملك في الوصية وإذا
أوصى رجل بوصية فقبلها بعد موته ثم ردها على الورثة فرده جائز إذا قبلوا ذلك لان الرد عليهم
فسخ للوصية وهم قائمون مقام الميت ولو تصور منه الرد على الميت كان ذلك صحيحا إذا قبله
فكذلك إذا ردها على الورثة الذين يقومون مقامه وهذا لان فسخ العقد معتبر بالعقد
فإذا كان أصل هذا العقد بالايجاب والقبول كذلك يجوز فسخه بالتراضي وبهذا فارق
الصدقة والهبة فان ذلك ابتداء التمليك والشيوع فيما يحتمل القسمة مع صحته وهذا فسخ
الوصية والشيوع لا يؤثر في فسخ الوصية كما لا يؤثر في أصل الوصية وان ردها على بعض
الورثة دون البعض ففي القياس هذا باطل لان هذا تمليك منه لمن ردها عليه فيكون التملك
بلفظ الهبة والاعطاء ولكنا نستحسن فنجعل ذلك كالرد على جماعتهم وكان بينهم على فرائض
الله تعالى لان أصل العقد كان بينه وبين الموصى والرد فسخ لذلك العقد فيجوز بينه وبين
الموصى أيضا وأحد الورثة يقوم مقام الورثة في حقوقهم كجماعتهم فكان الرد على أحدهم
بمنزلة الرد عليهم أو هذا فسخ لقبوله وهو ينفرد بفسخ القبول في حق نفسه وإنما كأن لا يثبت
في حق الورثة إذا أبوا ذلك دفعا للضرر عنهم وعن مورثهم فإذا رضوا بذلك أو رضى به
أحدهم وهو قائم مقامهم في فسخ القبول منهم وصار كأنه رده قبل أن يقبل فيكون ميراثا
للورثة وكذلك لو كان على الميت دين فوهبه الطالب للورثة أو لبعضهم فهو هبة لهم كلهم
كأنه وهبه للميت لان أصل المنفعة بهذه الهبة للميت وانه يبرئ ذمته لها وأحد الورثة يقوم مقامه
فيما هو من حقه ولو أوصى له بخادم ثم مات الموصى فوهب انسان للخادم ألف درهم والخادم
هي الثلث ثم قبل الموصى له الوصية فله الخادم وثلث الألف لان السبب من جهة الموصى قديم
لكن لم يثبت الملك للموصى له لانعدام القبول منه والكسب الحادث بعد تمام السبب
يثبت فيه حكم السبب فإذا قبل فله الخادم وثلث الألف لأنه لو خرج جميع الألف من الثلث
سلمت له فكذلك يسلم له ثلثها وكذلك لو ولدت ولدا فان هلك بعض المال فله الخادم من الثلث
فان بقي شئ من الثلث فله ذلك من الولد والهبة في قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف
ومحمد الثلث؟ من الخادم وولدها وما وهب لها بالحصة لا يقدم شئ من ذلك على شئ لان
حدوث ذلك بعد تمام السبب وقبل تمام الملك بمنزلة المقترن بأصل السبب (ألا ترى) أن
المبيعة قبل القبض إذا ولدت جعل الولد كالموجود عند العقد في اقتسام الثمن عند القبض
49

فكذلك هاهنا ولو كان جميع ذلك موجودا عند العقد وأوصى بالكل كان يسلم للموصى له
بالثلث من الكل بالحصة والدليل عليه أن التركة بعد الموت قبل القسمة مبقاة على حكم الميت
وكذلك الموصى به بعد الموت وقبل القبول ثبوت حكم الوصية في الولد والكسب ليس بطريق
التبعية لان حكم التبعية لا يبقى بعد الانفصال ولا تعتبر السراية لان السراية إلى غير متولد من
الأصل لا تكون والكسب غير متولد من الأصل فعرفنا أن ثبوت الحكم في الولد والكسب
باعتبار أنه يجعل كالموجود ويصير كأن الوصية تناولته قصدا وأبو حنيفة يقول الجارية هي
المقصودة بالوصية والكسب والولد تبع فإنما يبدأ من محل الوصية ما هو المقصود بالوصية
لان استقرار الحكم يكون في محله فيكون هو فيما هو المقصود وبيان ذلك أن وجوب
الوصية بالموت وعند الموت الموجود أم فقط والموجب إنما أوجب الوصية فيها ثم يثبت
حكم الوصية فيما يحدث من الكسب والولد بعد ذلك بطريق التبعية والانفصال لا ينافي التبعية
(ألا ترى) أنه ولد المبيعة قبل القبض يكون مملوكا تبعا ولهذا لا يمنع رد الأصل بالعيب
والدليل عليه ان حكم الوصية لا يثبت في الكسب والولد الحادث قبل موته لان ثبوت الحكم
بطريق التبعية لا يكون الا بعد ثبوته في الأصل فإذا ثبت هذا فنقول الوصية فيما زاد على الثلث
أضعف من الوصية بالثلث وما يثبت حكم الوصية فيه تبعا يكون أضعف مما يثبت حكم الوصية
فيه مقصودا فيتعين للقوى محل أقوى وللضعيف محل يليق به * يوضحه انا لو أخذنا بما قال
أبو يوسف ومحمد أدى إلى أن تبطل الوصية في الأصل لمكان البيع فإنه إذا كان الثلث بقدر
قيمتها قبل أن تلد يجب تنفيذ الوصية في جميعها ثم إذا ولدت ولدا قيمته مثل قيمتها تنفذ الوصية
في نصف الأم ونصف الولد أو في ثلث الأم وثلثي الولد فيؤدى إلى أن تبطل الوصية في بعض
الأصل لأجل تنفيذ الوصية في التبع ولا يجوز أن يكون التبع مبطلا للحكم الثابت في الأصل
بحال والله أعلم
(باب الوصية بمثل نصيب أحدهم)
(قال رحمه الله) وإذا كان للرجل خمس بنين فأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهم وثلث
ما بقي من الثلث فالفريضة من أحد وخمسين سهما لصاحب النصيب ثمانية أسهم ولصاحب
ثلث ما بقي ثلاثة ولكل ابن ثمانية فتخريج المسألة على طريق الكتاب أن نقول السبيل
50

أن يأخذ كل واحد من الخمسة البنين ثمانية وتزيد على ذلك سهما بثمانية لأنه أوصى له بمثل نصيب
أحدهم ومثل الشئ غيره ثم يضرب بعد ذلك في ثلاثة لأجل وصيته له بثلث ما بقي من الثلث
فيكون ثمانية عشر ثم تطرح السهم الذي زدته بقي سبعة عشر فهو الثلث والثلثان ضعف ذلك
فيكون جميع المال أحدا وخمسين وإنما طرحنا هذا السهم الزائد لتبيين مقدار الثلث والثلثين ولا
وصية في الثلثين فلا يمكن اعتبار السهم الزائد فيه فلهذا طرحناه فإذا عرفت أن ثلث المال سبعة
عشر فطريق معرفة النصيب من ذلك أن تأخذ النصيب وهو واحد وتضربه في ثلاثة ثم في
ثلاثة فيكون تسعة ثم تطرح من ذلك سهما كما طرحت في الابتداء يبقى ثمانية فهو النصيب
فإذا رفعت ذلك من سبعة عشر يبقى تسعة فللموصى له ثلث ما يبقى وثلث ذلك ثلاثة يبقى ستة
نضيفها إلى ثلثي المال وذلك أربعة وثلاثون فيكون أربعين بين خمسة بنين لكل ابن ثمانية مثل
النصيب فاستقام والعامة يسمون هذا طريق الحشو على معنى أن محمدا رحمه الله حشا به كتبه
والحساب يسمونه طريق اليتم واليتم هو الأصل ولكن كل ما يعتمدونه في كتب الحساب لكثرة
ما يقع فيه من الاختلاف ويحتاج إلى تغيير بعض الشرط في كل نوع فزعموا أن الطريق الذي
أحكم فيه شرط واحد يخرج عليه أنواع المسائل أولى بالتأمل وأرادوا بذلك الطريق الجبر فاما
المتقدمون من أصحابنا فاختاروا هذا الطريق لأنه أليق بكلام الفقهاء وطريق الدينار والدرهم
يعتمده أهل الحساب وهو في المعنى مثل طريق الجبر ولكنه أقرب إلى فهم من يكون متبدئا في
علم الحساب وبيان تخريج المسألة عليه أن يجعل ثلث المال دينارا أو ثلاثة دراهم لحاجتك إلى الحساب
إذا رفعت منه النصيب يكون لما بقي ثلث صحيح فيعطى بالوصية بالنصيب دينار وبالوصية بثلث
ما يبقى درهما يبقى من الثلاثة درهمان يضم ذلك إلى ثلث المال وهو دينار أو ستة دراهم فحصل
في يدك ديناران وثلاثة دراهم وحاجتك إلى خمسة دنانير لأنك جعلت النصيب دينارا فينبغي
أن يكون لكل ابن دينار فتجعل الدنانير مثلهما قصاصا يبقى في يدك ثمانية دراهم تعدل بعدل
ثلاثة دنانير فاقلب الفضة فاجعل آخر الدراهم آخر الدنانير وآخر الدنانير آخر الدراهم فصار
كل دينار بمعنى ثمانية وكل درهم بمعنى ثلاثة ثم عد إلى الأصل وقل قد جعلت الثلث دينارا وذلك
ثمانية وثلاثة دراهم فجملته سبعة عشر أعطينا بالنصيب دينارا وهو ثمانية وثلث فثلث يبقى درهم
وهو ثلاثة وحصل في يد الورثة ديناران كل دينار ثمانية فذلك ستة عشر وثمانية دراهم كل
درهم بثلاثة فذلك أربعة وعشرون إذا جمعت بينهما يكون الكل أربعين بين خمسة بنين لكل
51

ابن ثمانية مثل النصيب * وأما طريق الجبر والمقابلة وهو الذي يعتمده الحساب فهي أن تأخذ ثلث
مال مجهول فتعطى بالوصية بالنصيب شيئا يبقى معك ثلث مال الا شئ فتعطى بالوصية بثلث
ما يبقى ثلث ذلك وذلك تسع مال الا ثلث شئ يبقى من الثلث في يدك تسعا مال الا ثلثا شئ
يضم ذلك إلى ثلثي المال فيصير ثمانية اتساع مال إلا ثلثي شئ وذلك يعدل خمسة أشياء لأنا
جعلنا النصيب شيئا فينبغي أن يكون لكل ابن شئ فاجبر ثمانية اتساع مال بثلثي شئ وزد على
ما يقابله وهو خمسة أشياء ثلثي شئ فصار معنا ثمانية اتساع مال يعدل خمسة أشياء وثلث شئ غير
أن المال ناقص تسعه وهو ثمن ما معنا فزيد عليه مثل ثمنه ويزيد على خمسة أشياء وثلثي شئ مثل
ثمنه أيضا وليس لذلك ثمن صحيح فانكسر بالأثمان فاضرب خمسة أشياء وثلثي شئ في ثمانية
فيكون خمسة وأربعين وثلثا لان خمسة في ثمانية بأربعين وثلثين في ثمانية بخمسة وثلث زد على
ذلك مثل ثمنه وذلك خمسة وثلثان فيكون أحدا وخمسين فظهر أن المال الكامل أحد وخمسون
فالثلث من ذلك سبعة عشر ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيئا وضربنا كل شئ في
ثمانية فتبين أن النصيب ثمانية إذا رفعتها من سبعة عشر بقي تسعة للموصى له بثلث ما يبقي
ثلاثة بقي ستة تضمها إلى ثلثي المال أربعة وثلاثين فيكون أربعين بين خمسة بنين لكل ابن ثمانية
مثل النصيب * فأما بيان الطريق الخطائين وتسمى طريق التقدير أيضا أن يجعل الثلث أربعة
اسم ويعطى بالوصية بالنصيب سهما وبالوصية بثلث ما يبقى سهما يبقى سهمان يضمهما إلى ثلثي
المال ثمانية يكون عشرة وحاجة البنين إلى خمسة لأنا جعلنا النصيب سهما فظهر الخطأ بالزيادة
خمسا فعد إلى الأصل واجعل الثلث خمسة أسهم ثم أعط بالنصيب سهمين وبثلث ما يبقى سهما
يبقى من الثلث سهمان ضمهما إلى ثلثي المال عشرة كان اثنى عشر وحاجتنا إلى عشرة إلا أنا جعلنا
النصيب سهمين فظهر الخطأ الثاني بزيادة سهمين وكان الخطأ الأول بالزيادة خمسا فلما زدنا
سهما أذهب الخطأ بثلثه وبقي من الخطأ سهمان وقد علمنا أن كل سهم يؤثر في ثلثه فالسبيل
أن يزيد ما يذهب الخطأ سهمين وذلك ثلثا سهم فيجعل الثلث خمسة وثلاثين يعطي بالنصيب
سهمين وثلثين؟ وثلث ما يبقي سهم ويضم السهمين الباقيين إلى ثلثي المال وهو أحد عشر وثلث
فيصير ثلاثة عشر وثلث وبين خمسة بنين لكل ابن سهمان وثلثان مثل النصيب فان أردت
تصحيح الحساب قلت قد انكسر بالأثلاث والسبيل أن يضرب خمسة وثلاثين في ثلثه
فيصير سبعة عشر فهو الثلث وقد كان النصيب سهمين وثلثين ضربت ذلك في ثلثه فهو
52

ثمانية وكان المقسوم بين البنين الخمسة ثلاثة عشر وثلثا ضربت ذلك في ثلاثة فيكون أربعة
بين خمسة بنين لكل ابن ثمانية مثل النصيب وطريق الجامع الأصغر وهو من فروع الخطأين
وهو انه لما ظهر أن الخطأ الأول كان بزيادة خمسة والخطأ الثاني كان بزيادة سهمين فأضرب
المال الأول وهو أربعة في الخطأ الثاني وهو سهمان فذلك ثمانية واضرب المال الثاني وذلك خمسة
في الخطأ الأول وهو خمسة فيكون خمسة وعشرين ثم اطرح الأقل من الأكثر فإذا طرحت
ثمانية من خمسة وعشرين بقي سبعة عشر فهو ثلث المال * ومعرفة النصيب أن يأخذ النصيب
الأول وهو واحد ويضربه في الخطأ الثاني فيكون اثنين ويأخذ النصيب الثاني وذلك اثنان
يضربهما في الخطأ الأول وهو خمسة يكون عشرة ثم اطرح الأقل من الأكثر يبقي ثمانية
وهو النصيب والتخريج الخ كما بينا * وطريق الجامع الأكبر وهو من فروع الخطأين أيضا انه
لما ظهر أن الخطأ الأول كان بزيادة خمسة فالسبيل أن تضعف المال سوى النصيب فيكون الثلث
سبعة أعط النصيب سهما يبقى ستة للموصى له بثلث ما يبقى ثلث ذلك سهمان يبقى أربعة
يضم ذلك إلى ثلثي المال أربعة عشر فيكون ثمانية عشر وحاجتنا إلى خمسة لأنا جعلنا النصيب
سهما فظهر الخطأ الثاني بزيادة ثلاثة عشر فيضرب المال الأول وهو الأربعة في الخطأ الثاني
وهو ثلاثة عشر فيكون اثنين وخمسين فيضرب المال الثاني وهو سبعة في الخطأ الأول
وخمسة فيكون خمسة وثلاثين ثم اطرح الأقل من الأكثر فإذا طرحت خمسة وثلاثين
من اثنين وخمسين يبقي سبعة عشر فهو ثلث المال * ومعرفة النصيب أن يطرح أقل الخطأين
من أكثرهما بلا ضرب وأقل الخطأين خمسة وأكثرهما ثلاثة عشر فإذا طرحت خمسة
من ثلاثة عشر بقي ثمانية فهو نصيب والتخريج إلى آخره كما ذكرنا * وطريق السطوح وهو
برهان الجبر بعمل المهندسين أن تأخذ مربعا مستوى الأضلاع والزوايا فتخط في طوله
خطين فيصير ثلاثة سطوح ثم في عرضه ثلاثة خطوط فيصير في كل سطح أربعة ثم تبدأ بالسطح
الذي على يمينك وتدفع البيت الأول من النصيب وتتم ذلك وتدفع البيت الثاني منه بثلث ما يبقى
وسم ذلك قطعة بقي من هذا السطح بيتان هما قطعتان وتجمعهما إلى السطحين الأخريين
فيكون ذلك نصيبين وثمان قطاع وحاجتنا إلى خمسة أنصباء فيعطى نصيبين إلى اثنين ويبقى
ثمان قطاع بين ثلاثة بنين لكل ابن قطعتان وثلثا قطعة فظهر أن النصيب بمعنى قطعتين وثلثي
قطعة وانا حين أعطينا الموصى له النصيب بيتا كان ذلك بمعنى قطعتين وثلثي قطعة وان الذي
53

حصل في يد الورثة نصيبان كل نصيب قطعتان وثلثا قطعة فذلك خمسة قطاع مع ثمان قطاع
فيكون ثلاثة عشر قطعة وثلث قطعة بين خمسة بنين لكل ابن قطعتان وثلثا قطعة مثل
ما أعطينا بالنصيب فاستقام وهذا صورته
ثم الحاصل بعد هذا أن تخرجها على طريق الكتاب وعلى طريق نصيب نصيب نصيب
الجبر وهو الأصل عند أهل الحساب وتدع ما سوى ذلك للتحرز قطعة قطعة قطعة
عن التطول والاشتغال بما ليس فيه كبير فائدة * ولو كان أوصى بمثل قطعة قطعة قطعة
نصيب أحدهم وبربع ما يبقي من الثلث الاخر فالفريضة من تسعة قطعة قطعة قطعة
وستين لصاحب النصيب أحد عشر ولصاحب ربع ما بقي ثلاثة ولكل ابن أحد عشر وبيانه
على طريق الكتاب أن تأخذ عدد البنين وهم خمسة فتزيد عليه سهما بالوصية بالنصيب ثم
تضرب ذلك في أربعة لمكان الوصية بربع ما يبقى فيصير أربعة وعشرين ثم تطرح منه سهما
يبقى ثلاثة وعشرون فهو الثلث والثلثان ضعف ذلك فتكون الجملة تسعة وستين فهو المال
والثلث وعشرون ومعرفة النصيب أن تأخذ النصيب وهو واحد وتضربه في أربعة ثم في
ثلاثة فيصير أثنى عشر ثم تطرح منه واحد يبقى أحد عشر فهو النصيب فإذا رفعت من ثلاثة وعشرين
أحد عشر بقي اثنا عشر للموصى له بربع ما يبقى ثلاثة يبقى تسعة تضم ذلك إلى ثلثي المال ستة عشر
وأربعين فيكون خمسة وخمسين بين خمسة بنين لكل ابن أحد عشر مثل النصيب * وطريق الجبر في
ذلك أن تأخذ ثلث مال مجهول وتعطى بالوصية بالنصيب شيئا وبالوصية بربع ما يبقى ربع ما بقي
وهو ربع الثلث الا ربع شئ بقي معك ثلاثة أرباع الثلث الا ثلاثة أرباع شئ فتضم ذلك
إلى ثلثي المال فيصير أحد عشر جزأ من اثنى عشر جزء من مال الا ثلاثة أرباع شئ وذلك
يعدل خمسة أشياء فاجبر بثلاثة أرباع شئ وزد على ما يقابله ثلاثة أرباع شئ فيصير أحد عشر
جزأ من اثنى عشر جزء من مال يعدل خمسة أشياء وثلاثة أرباع شئ فالمال ناقص فأكمله
بأن تزيد عليه جزأ من أحد عشر وزد على ما يقابله مثل ذلك وليس لخمسة أشياء وثلاثة
أرباع جزء من أحد عشر جزء صحيح فاضرب خمسة وثلاثة أرباع في أحد عشر فيكون
ثلاثة وستين وربع فان خمسة في أحد عشر خمسة وخمسون وثلاثة أرباع في أحد عشر
ثمانية وربع بم زد عليه مثل جزء من أحد عشر جزأ منه وذلك خمسة وثلاثة أرباع فيكون
54

تسعة وستين وهو المال الكامل * ومعرفة النصيب انا جعلنا النصيب شيئا وضربناه في أحد عشر
فتبين ان النصيب أحد عشر والتخريج إلى آخره كما بينا * ولو كان أوصى له بمثل نصيب أحدهم
والاخر بخمس ما يبقى من الثلث فالفريضة من سبعة وثمانين لصاحب النصيب أربعة عشر
وللاخر ثلاثة ولكل ابن أربعة عشر فأما تخريجه على طريق الكتاب فأن تزيد على عدد البنين
واحد للوصية بالنصيب فيكون ستة ثم تضرب ذلك في خمسة لوصيته بخمس ما بقي فيكون
ثلثين ثم تطرح ما زدت وهو واحد يبقى تسعة وعشرون والثلثان ثمانية وخمسون فيكون جملة المال
سبعة وثمانين ومعرفة النصيب أن تأخذ النصيب وذلك واحد وتضربه في خمسة ثم في ثلاثة
فيكون خمسة عشر ثم تطرح منها واحدا يبقى أربعة عشر فهو النصيب فإذا رفعت ذلك من
الثلث تسعة وعشرين يبقي خمسة عشر للموصى له بخمس ما بقي خمس ذلك ثلاثة يبقى اثنا عشر
تضمه إلى ثلثي المال ثمانية وخمسين فيصير سبعين بين خمسة بنين لكل ابن أربعة عشر مثل
النصيب وطريق الجبر في ذلك أن يأخذ ثلث مال مجهول وتعطى بالوصية بالنصيب شيئا يبقي
ثلث مال الا شئ ويعطي بالوصية الاخر خمس ذلك وهو خمس الثلث الا خمس شئ بقي
أربعة أخماس الثلث الا أربعة أخماس شئ ويضم ذلك إلى ثلثي المال فتصير الجملة أربعة عشر
جزأ من خمسة عشر جزأ من المال الا أربعة أخماس شئ وذلك يعدل خمسة أشياء فأجبره
بأربعة أخماس شئ وزد على ما يعدله مثله فيصير أربعة عشر جزأ من خمسة عشر جزأ ثم زد
على ما يعدله مثل ذلك وليس لخمسة وأربعة أخماس جزء من أربعة جزء صحيح فتضرب
خمسة وأربعة أخماس في أربعة عشر فيكون ذلك أحد وثمانين وخمسا لان خمسة في أربعة
عشر سبعون وأربعة أخماس في أربعة عشر أحد عشر وخمس ثم زد عليه جزأ من أربعة عشر
جزء منه وذلك خمسة وأربعة أخماس فيكون سبعة وثمانين فهو المال الكامل الثلث منه
تسعة وعشرون * ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيئا وضربنا في كل شئ أربعة عشر فتبين
أن النصيب أربعة عشر ثم التخريج إلى آخره كما بينا * ولو أوصى بمثل نصيب أحدهم الا ثلث
ما يبقى من الثلث بعد النصيب فالفريضة من سبعة وخمسين النصيب عشرة والاستثناء ثلاثة
ولكل ابن عشرة * وتخريجه على طريق الكتاب أن تأخذ عدد البنين خمسة فتزيد عليها سهما
بالوصية بالنصيب ثم تضرب ذلك في ثلاثة فيكون ثمانية عشر ثم تزيد عليها سهما مثل ما زدت
أولا فيكون تسعة عشر فهو ثلث المال وثلثان ثمانية وثلاثون فالجملة سبعة وخمسون ومعرفة
55

النصيب أن تأخذ النصيب وهو واحد وتضربه في ثلاثة فيكون تسعة ثم تزيد عليه سهما كما
فعلته في أصل المال فيكون عشرة وهو النصيب الكامل إذا رفعته من تسعة عشر بقي تسعة
استرجع بالاستثناء من النصيب مثل ثلث ما بقي وهو ثلاثة وضم ذلك إلى تسعة فيكون اثنى
عشر ثم تضم ذلك إلى ثلثي المال ثمانية وثلاثين فيكون خمسين بين خمسة بنين لكل ابن عشرة مثل
كامل * وطريق الجبر فيه أن تأخذ مثل ثلث مال مجهول فتعطى بالوصية بالنصيب شيئا ثم تسترجع
بالاستثناء مثل ثلث ما بقي وذلك ثلث الثلث الا ثلث شئ فيصير معك أربعة أتساع مال
الأشياء وثلث شئ تضمه إلى ثلثي المال فيكون الجملة مالا وتسع مال الا شيئا وثلث شئ وذلك
يعدل خمسة أشياء فأجبره بشئ وثلث شئ وزد على ما يعدله مثله فصار مالا وتسع مال يعدل
ستة أشياء وثلث شئ والمال زائد بعشرة فاطرح منه عشرا واطرح مما يعد له العشر أيضا
وليس لستة وثلث عشر صحيح فاضرب ستة وثلثا في عشرة فيكون ثلاثة وستين وثلث اطرح
منه عشره وهو ستة وثلث بقي سبعة وخمسون فظهر أن المال الكامل سبعة وخمسون * ومعرفة
النصيب أنا جعلنا النصيب شيئا وضربنا كل شئ في عشرة فتبين أن النصيب الكامل عشرة
والتخريج كما بينا ولو قال الأربع ما يبقى من الثلث بعد النصيب كانت الفريضة من خمسة وسبعين
النصيب منها ثلاثة عشر والاستثناء بثلاثة * وتخريجه على طريق الكتاب أن تزيد على عدد
البنين سهما للموصى له بالنصيب ثم تضرب ذلك في أربعة الوصية بربع ما يبقى فيكون أربعة
وعشرين ثم تزيد عليه سهما فذلك خمسة وعشرون وهو ثلث المال والثلثان خمسون فالمال
كله خمسة وسبعون * ومعرفة النصيب أن تضرب النصيب وهو سهم من أربعة في ثلاثة فيكون
اثنى عشر ثم تزيد عليه سهما فالنصيب الكامل ثلاثة عشر إذا رفعها من خمسة وعشرين مع
اثنى عشر فتسترجع بالاستثناء مثل ربع ما بقي وهو ثلاثة فتضم ذلك إلى اثنى عشر فيكون
خمسة عشر ثم تضم ذلك ثلثي المال وهو خمسون فيكون خمسة وستين بين خمسة بنين
لكل ابن ثلاثة عشر مثل نصيب كامل * وطريق الجبر فيه أن تأخذ ثلث المال وتعطى بالوصية
بالنصيب شيئا ثم تسترجع بالاستثناء مثل ربع ما بقي فيصير معك خمسة أجزاء من اثنى عشر
جزأ من مال الا شيئا وربع شئ تضمه إلى ثلثي المال فتكون الجملة مالا واثنى عشر جزأ من
مالا الأشياء وربع شئ وذلك يعدل خمسة أشياء فأجبره بشئ وربع شئ وزد على ما يعد له
منها فصار مالا وجزأ من اثنى عشر يعدل ستة أشياء وربع المال زائد فاطرح من الجملة جزأ
56

من ثلاثة عشر لتبيين المال الكامل واطرح مما يعدله مثل ذلك وليس لستة وربع جزء
من ثلاثة عشر صحيح فاضرب ستة وربعا في ثلاثة عشر فيكون ذلك أحدا وثمانين وربعا
ثم اطرح منه جزأ من ثلاثة عشر وهو ستة وربع يبقى خمسة وسبعون فهو المال ومعرفة
النصيب انا جعلنا النصيب شيئا فضربنا كل شئ في ثلاثة عشر فتبين ان النصيب الكامل ثلاثة
عشر والتخريج كما بينا * وإذا مات الرجل وترك ابنتين وأما وامرأة وعصبة وأوصى بمثل
نصيب احدى ابنتيه وثلث ما بقي من الثلث فالفريضة من ستة وستين والنصيب ستة عشر وثلث
ما بقي اثنان والسبيل في تخريج المسألة أن نصحح الفريضة الأولى بدون الوصية فنقول أصل
الفريضة من ستة للابنتين الثلثان أربعة وللأم السدس سهم وللمرأة ثمن ثلاثة أرباع سهم والباقي
للعصبة فتكون القسمة من أربعة وعشرين لمكان الكسر باعتبار نصيب المرأة إلا أن في معرفة
حكم نصيب المرأة لا حاجة لنا في ذلك فيجعل أصل الفريضة من ستة ثم يزيد عليها مثل نصيب احدى
الابنتين وذلك سهمان لوصيته بالنصيب فيكون ثمانية ثم تضرب ذلك في ثلاثة فيكون أربعة
وعشرين ثم تطرح ما زدت وذلك سهم بقي اثنان وعشرون فهو الثلث والثلثان أربعه وأربعون
والمال ستة وستون ومعرفة النصيب أن تأخذ سهمين وتضرب ذلك في ثلاثة يكون ستة
ثم في ثلاثة فيكون ثمانية عشر ثم تطرح منها سهمين يبقى ستة عشر فهو النصيب إذا رفعت
ذلك من الثلث اثنين وعشرين يبقى ستة للموصى له بثلث ما بقي ثلث ذلك اثنان بقي أربعة
تضمها إلى ثلثي المال أربعة وأربعين فيكون ثمانية وأربعين للابنتين الثلثان اثنان وثلاثون لكل
واحدة منهما ستة عشر مثل النصيب وللأم السدس ثمانية وللمرأة الثمن ستة والباقي وهو
سهمان للعصبة * وعلى طريق الجبر فالسبيل أن تأخذ ثلث مال وتعطى بالوصية بالنصيب شيئا
وبالوصية بثلث ما يبقى ثلث المال الباقي يبقى ملاك منها مال الا ثلثي شئ تضمه إلى ثلثي المال فيكون
ثمانية أتساع إلى ثلثي شئ الباقي وذلك بعد ونصيب
احدى الابنتين ثلث المال فيظهر أن حاجتنا إلى ثلاثة أشياء فاجبر بما يثبت شئ
وزد على ما يعدله ثلاثة مثل ذلك وليس لثلاثة أشياء جزء صحيح والمال ناقص فزد عليه مثل
ثمنه وزد عليه ما يعدله مثل ذلك وليس لثلاثة وثلاثين ثمن صحيح فاضرب ثلاثة أشياء وثلثي
شئ في ثمانية فيصير تسعة وعشرين وثلثا ثم زد عليه مثل ثمنه وهو ثلاثة وثلثان فيكون ثلاثة
وثلاثين فهو المال الكامل الثلث من ذلك أحد عشر * ومعرفة النصيب انا جعلنا النصيب شيئا
57

وضربنا كل شئ في ثمانية فتبين أن النصيب ثمانية إذا رفعته من أحد عشر يبقى ثلاثة للموصى له
بثلث ما بقي سهم ثم يضم ما بقي وهو سهمان إلى ثلثي المال وهو اثنان وعشرون فيكون أربعة
وعشرين بين الورثة للابنتين الثلثان ستع عشر لكل واحدة منهما ثمانية مثل النصيب وللأم السدس
أربعة وللمرأة الثمن ثلاثة والباقي للعصبة فخرج على هذا الطريق مستقيما على النصف مما أخرجه
محمد رحمه الله ولو أوصى بمثل نصيب احدى الابنتين الا ثلث ما يبقى من الثلث بعد النصيب
فالفريضة من ستمائة وأربعة وعشرين والنصيب مائة وستون وثلث الباقي ستة عشر فقد طول
محمد رحمه الله الحساب في هذه المسألة ليخرج ميراث المرأة مستقيما ولا حاجة بنا إلى ذلك في معرفة
الوصية والمسألة تخرج من دون هذا الأصل الذي ذكرنا أن الفريضة من ستة ثم تزيد للموصى له
بالنصيب مثل نصيب احدى الابنتين سهمين فيكون ثمانية ثم تضرب ذلك في ثلاثة فيكون
أربعة وعشرين ثم تزيد عليه سهمين كما هو الأصل في مسائل الاستثناء فيكون ستة وعشرين
فهو ثلث المال والثلثان ضعف ذلك اثنين وخمسين فيكون جملة المال ثمانية وسبعين ومعرفة
النصيب أن تأخذ النصيب سهمين وتضرب ذلك في ثلاثة فيكون ستة ثم في ثلاثة فيكون
ثمانية عشر ثم تزيد عليه سهمين فيكون عشرين فهو النصيب الكامل إذا رفعته من الثلث يبقي
ستة فتسترجع بالاستثناء مثل ثلث ما يبقى وذلك سهمان فيصير معك من الثلث ثمانية تضمها
إلى ثلثي المال اثنين وخمسين فيكون ذلك ستين بين الورثة للابنتين الثلثان أربعون لكل
واحدة منهما عشرون مثل النصيب الكامل وللأم السدس عشرة وللمرأة الثمن إلا أنه ليس
للستين ثمن صحيح فلهذا ضرب محمد رحمه الله أصل الحساب ثمانية وسبعين في ثمانية فيكون
ستمائة وأربعة وعشرين وخرج المسألة من ذلك لأجلها * وطريق الجبر فيه أن تأخذ ثلث مال
فتعطى بالنصيب شيئا وتسترجع بالاستثناء مثل ثلث ما يبقى من ذلك ثلث الا ثلث
شئ فيكون معك أربعة اتساع مال الأشياء وثلث شئ تضمه إلى ثلثي المال فتصير الجملة
مالا وتسع مال الا شيئا وثلث شئ وذلك ثلاثة أشياء لأنا جعلنا النصيب شيئا ونصيب
احدى الابنتين ثلث المال وجبره بشئ وثلث شئ وزد على ما يعد له مثله فكان مالا وتسع
مال يعدل أربعة أشياء وثلث شئ والمال زائد فاطرح الزيادة وهو عشر الجملة واطرح ما يعد له
مثل ذلك أيضا وليس لأربعة وثلاثة عشر صحيح فاضرب أربعة أشياء وثلثاه في عشرة
فيكون ذلك ثلاثة وأربعين وثلثا ثم اطرح منه عشره وذلك أربعة وثلث يبقى تسعة
58

وثلاثون فهو المال الكامل الثلث منه ثلاثة عشر * ومعرفة النصيب انا جعلنا النصيب شيئا فضربنا
كل شئ في عشرة فتبين ان النصيب الكامل عشرة إذا رفعتها من ثلاثة عشر يبقى ثلاثة
فتسترجع بالاستثناء مثل ثلث ما بقي سهما فيصير معك من الثلث أربعة تضمها إلى ثلثي
المال سته وعشرين فيصير ذلك ثلاثين مقسومة بين الورثة للابنتين الثلثان عشرون لكل
واحدة عشرة مثل النصيب الكامل وللأم السدس خمسة وللمرأة الثمن وذلك ثلاثة وثلاثة
أرباع للعصبة فاستقام التخريج من نصف ما أخرجنا على طريق الكتاب ولو كان أوصى بمثل
نصيب المرأة وثلث ما بقي من الثلث فالفريضة من مائتين وأربعة وثلاثين والنصيب أربعة
وعشرون وثلث الباقي ثمانية عشر والتخريج على طريق الكتاب أن تصحيح الفريضة هاهنا
من أربعة وعشرين لأنه أوصى بمثل نصيب المرأة فلا بد من معرفة نصيب المرأة مستقيما فتجعل
الفريضة من أربعة وعشرين للابنتين الثلثان ستة عشر وللأم السدس أربعة وللمرأة الثمن
ثلاثة والباقي وهو سهم العصبة ثم تزيد على ذلك مثل نصيب المرأة ثلاثة لوصيته بمثل
نصيبها فيكون سبعة وعشرين تضرب ذلك في ثلاثة لوصيته بثلث ما بقي فيكون احدى
وثمانين ثم تطرح ما زدنا وهو ثلاثة بقي ثمانية وسبعون فهو ثلث المال والثلثان ضعف ذلك مائة
وستة وخمسون فيكون جملة المال مائتين وأربعة وثلاثين ومعرفة النصيب أن تأخذ النصيب
وهو ثلاثة وتضربها في ثلاثة فيكون تسعة ثم في ثلاثة فيكون سبعة وعشرين ثم تطرح ثلاثة
يبقى أربعة وعشرون فهو النصيب إذا رفعت ذلك من الثلث ثمانية وسبعين يبقي أربعة وخمسون
للموصى له بثلث ما بقي ثلث ذلك وذلك ثمانية عشر يبقى ستة وثلاثون تضمها إلى ثلثي المال
مائة وستة وخمسون فيكون جملته مائة واثنين وتسعين للمرأة ثمن ذلك وذلك أربعة وعشرون
مثل ما أعطينا الموصى له بنصيبهما وقسمة الباقي بين الورثة معلومة كما بيناه * وطريق الجبر فيه أن
تأخذ ثلث مال وتعطى بالوصية بالنصيب شيئا وبالوصية الأخرى ثلث ما بقي يبقى معك تسعا
مال الا ثلثي شئ تضمه إلى ثلثي المال فيكون ثمانية أتساع مال الا ثلث شئ وذلك يعدل
ثمانية أشياء لأنا جعلنا النصيب شيئا ونصيب المرأة الثمن فعرفنا ان حاجة الورثة إلي ثمانية أشياء
فاجبر ثمانية أتساع مال بثلثي شئ وزد على ما يعدله مثله فيصير ثمانية أتساع مال بثلثي شئ وزد على ما يعدله مثله فيصير ثمانية اتساع مال يعدل ثمانية
أشياء وثلثي شئ والمال ناقص فزد عليه مثل ثمنه وزد علي ما يعدله مثله وليس لثمانية وثلاثين ثمن
صحيح فاضرب ثمانية أشياء وثلثي شئ في ثمانية فيكون سبعة وستين وثلثا وثم زد عليه مثل ثمنه
59

وذلك ثمانية وثلاثون فيصير المال ثمانية وسبعين فهو المال الكامل الثلث من ذلك ستة وعشرون
ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيئا وضربنا كل شئ في ثمانية فعرفنا أن النصيب ثمانية
إذا رفعتها من ستة وعشرين بقيت ثمانية عشر للموصى له بثلث ما بقي ذلك بقي اثنا عشر يضم
ذلك إلى ثلثي المال اثنين وخمسين للمرأة الثمن ثمانية مثل النصيب والتخريج في الميراث كما بينا
* ولو كان لرجل خمس بنين فأوصى لأحدهم بكمال الربع بنصيبه وبثلث ما بقي من الثلث الاخر
فأجازوا فالفريضة من اثنى عشر النصيب اثنان ويكمله الربع واحد وثلث ما بقي من الثلث
واحد * وتخريج المسألة على طريق الكتاب أن نقول المال لولا الوصية بين البنين الخمسة على خمسة
لكل واحد منهم سهم فإذا أوصى لأحدهم بكمال الربع بنصيبه فهذه وصية منه للوارث ولا
يصح ذلك بالإجازة الورثة فإذا أجازوا فالسبيل أن يطرح نصيب الابن الموصى له وهو سهم
يبقى أربعة ثم يضرب ذلك في ثلاثة لوصيته بثلث ما يبقى من الثلث فيكون اثنى عشر فهو المال
الثلث من ذلك أربعة والربع ثلاثة * ومعرفة النصيب أن تأخذ النصيب وهو واحد فتضربه في
ثلاثة فيكون ثلاثة ثم تطرح منه واحدا يبقى اثنان فهو النصيب فإذا دفعت إلى الابن الموصى
له كمال الربع وهو ثلاثة واسترجعت منه مقدار النصف وذلك اثنان بقي واحد فعرفنا أن وصيته
بتكميله الربع واحد فإذا رفعت ذلك السهم من ثلث المال أربعة بقي ثلاثة للموصى له بثلث ما يبقى
ثلث ذلك وهو سهم يبقي سهمان يضمهما إلى ثلثي المال ثمانية فيكون عشرة بين خمسة بنين
لكل ابن سهمان مثل النصيب فإذا ضم الابن الموصى له هذين السهمين إلى السهم الذي أخذه
بالوصية حصل له ثلاثة وذلك كمال ربع المال بنصيبه وطريق الجبر في ذلك أن تأخذ ثلث مال
فتعطى الابن الموصى له ثلاثة أرباعه لأنه أوصى له بكمال الربع بنصيبه ونحن نعلم أن الربع ثلاثة
أرباع الثلث فلهذا تعطيه ثلاثة أرباع الثلث ثم تسترجع منه النصيب شيئا فتضمه إلى ما يبقى
من الثلث وتعطي الموصى له الاخر ثلث ما يبقى وهو ثلث شئ وثلثي ربع الثلث بقي معنا ثلثا
ربع الثلث وثلثا شئ فتضم ذلك إلى ثلثي المال فيصير ثمانية اجزاء وثلث جزء من اثنى عشر جزأ
من مال وثلثي شئ وذلك يعدل خمسة أشياء لأنا جعلنا النصف شيئا فقلنا شئ قصاص بمثله يبقى
ثمانية معنا أجزاء وثلثا جزء من اثنى عشر جزأ من مال يعدل ذلك أربعة أشياء وثلثا وأربعة
وثلث مثل نصف ثمانية وثلاثين فيتبين أن كل جزء بمعنى شئ واحد وأنا في الابتداء أعطينا
الابن ثلاثة أجزاء ثم استرجعنا منه بالنصيب شيئا وذلك بمعنى جزء يبقى له بالوصية بالتكملة
60

جزء واحد فكان الباقي من الثلث ثلاثة اجزاء أعطينا الموصى له بثلث ما يبقى جزأ واحدا
يبقى جزء وان ضممنا ذلك إلى ثلثي المال ثمانية أجزاء فيكون عشرة بين خمسة بنين لكل ابن
جزآن مثل النصيب الذي جعلناه مستثنى وهو الشئ والله أعلم
(باب العين بالدين)
(قال رحمه الله) وإذا مات الرجل وترك ابنين له على أحدهما دين عشرة دراهم وترك
عشرة عينا ولا مال له غير ذلك ولا وارث له غيرهما وأوصى بالثلث فان الفريضة من ثلاثة
الثلث واحد ولكل واحد من الابنين واحد فاطرح نصيب الذي عليه الدين واقسم العين
على سهمين للموصى له خمسة وللابن خمسة وفي تخريج المسألة طريقان أحدهما أن حق الموصى
له بالثلث في سهم من ثلاثة وحق كل ابن في سهم والابن المديون مستوف حقه مما عليه
وزيادة فهو لا يزاحم الآخرين في قسمة العين ولكن العشرة العين بين الموصى له وبين الابن
الذي لا دين عليه نصفان لاستواء حقيهما في التركة فإذا أخذ الابن الذي لا دين عليه خمسة تبين
أن الابن المديون صار مستوفيا مثل ذلك مما عليه خمسة وأن المتعين من التركة خمسة عشر
أعطينا الموصي له بالثلث ثلث ذلك خمسة فاستقام إلى أن يتيسر خروج ما بقي من الدين فإذا تيسر
ذلك أمسك الابن المديون تمام نصيبه مما عليه وذلك ستة وثلثان وأدى ثلاثة وثلثا فكان ذلك
بين الابن الذي لا دين عليه وبين الموصى له نصفين كما كانت العشرة العين فاخذ الموصى له
مرة خمسة ومرة درهما وثلثين وذلك ستة وثلثان ثلث العشرين وسلم لكل ابن ستة وثلثان
* وطريق آخر أن الدين في حكم التاوي ما لم يخرج فلا يعتبر في القسمة ولكن العشرة العين
تقسم أثلاثا فيأخذ الموصى له ثلثها ثلاثة وثلثا والابن الذي لا دين عليه مثل ذلك ويبقى
ثلاثة وثلث نصيب الابن المديون إلا أنه لا يعطى له ذلك فان لهما عليه هذا المقدار وزيادة
وصاحب الدين متى ظفر بجنس حقه من مال المديون يكون له أن يأخذه فهما يأخذان ذلك
بهذا الطريق فيقتسمانه نصفين لاستواء حقيهما في ذمته فحصل لكل واحد منهما خمسة إلا أن
يتيسر خروج ما بقي من الدين ثم القسمة كما بينا * وطريق الجبر فيه أن جزأ من الدين قد تعين
باعتبار أنه نصيب الابن المديون وحاجتنا إلى معرفة مقدار ذلك فالسبيل أن تجعل الخارج
من الدين شيئا وتضمه إلى العشرة العين فتقسم ذلك أثلاثا للموصى له الثلث وذلك ثلاثة دراهم
61

وثلث ثلث شئ ولكل واحد من الاثنين مثل ذلك وحاجتنا إلى شيئين لأنا جعلنا الخارج من
الدين شيئا وهو نصيب أحد الاثنين فكان حاجتنا إلى ستين وثلثي شئ قصاص بمثله يبقى في يد
الاثنين وسنة وثلثان وذلك يعدل شيئا وثلث شئ وإذا كانت ستة وثلثين يعدل شيئا وثلث
شئ عرفنا أن الذي يعدل الشئ من الدراهم خمسة وانا حين جعلنا الخارج من الدين شيئا كان
ذلك بمعنى خمسة دراهم ثم أعطينا الموصى له ثلث العشرة وثلث شئ وذلك خمسة دراهم ثم
التخريج إلى آخره كما بينا وكذلك لو كانت الوصية بثلث العين والدين لان المتعين من الدين
قدر الثلث وزيادة فيجب تنفيذ الوصية الموصى له باعتبار ما تعين من الدين فكان هذا والوصية
بثلث المال سواء ولو لم يوص له بالثلث ولكنه أوصي له بربع ماله فالعين بين الموصى له وبين
الابن الذي لا دين عليه على خمسة لان أصل الفريضة من ثمانية لحاجتنا إلى الحساب إذا رفعنا
منه الربع يقسم ما بقي نصفين وذلك ثمانية للموصى له سهمان ولكل ابن ثلاثة ثم على أحد
الطريقين تطرح السهام الابن المديون وتقسم العين بين الموصى له والابن الاخر على مقدار
حقهما فيضرب الابن فيها بثلاثة والموصى له بسهمين فكانت القسمة على خمسة للموصى له خمسا
العشرة وهو أربعة دراهم وللابن ثلاثة أخماسها ستة وظهر أن المتعين من الدين ستة باعتبار
نصيب الابن المديون فيكون المتعين في الحاصل ستة عشر وقد نفذنا الوصية في ربعها أربعة
إلى أن يتيسر خروج ما بقي فيمسك الابن المديون تمام نصيبه مما عليه وذلك سبعة ونصف
ويؤدى درهمين ونصفا فيقسم ذلك بين الموصى له والابن الاخر على خمسة وخمسها وهو درهم
للموصى له فقد أخذ أربعة مرة ومرة درهما وذلك خمسة كمال ربع العشرين وحصل للابن
الاخر مرة سنة ومرة درهم ونصف وذلك سبعة ونصف وسلم للابن المديون مما عليه مثل
ذلك فاستقام * وعلى الطريق الاخر لا يعتبر الدين في القسمة وتقسم العين بينهم على ثمانية للموصى
له ربعها وذلك درهمان ونصف وللابن الذي لا دين عليه ثلاثة أثمانها وثلاثة أرباعها وللابن
المديون مثل ذلك إلا أنه لا يعطى له ذلك لان عليه لهما فوق ذلك فيستوفيان ذلك من حقهما
ويقتسمانه أخماسا على مقدار حقهما في ذمته خمسا ذلك وهو درهم ونصف للموصى له فحصل
له أربعة وثلاثة أخماسه درهمان ونصف وربع للابن الذي لا دين عليه يحصل له ستة إلى أن
يتيسر خروج بقية الدين ثم القسمة كما بينا * وعلى طريق الجبر يجعل الخارج من الدين شيئا ويضم
العشرة إلى العين فيقسم بينهم للموصى له ربعها درهمان ونصف وربع شئ وللابنين ما بقي وحاجة
62

الابنين إلى شيئين لأنا جعلنا الخارج من الدين شيئا وفي يدهما ثلاثة أرباع شئ فيجعل ذلك
قصاصا بمثله يبقى في يدهما سبعة دراهم ونصف يعدل شيئا وربع شئ فظهر أن الدين يعدل
من الدراهم ستة وانا حين جعلنا الخارج من الدين شيئا كل ذلك بمعنى ستة دراهم ثم
التخريج كما بينا ولو كان أوصى له بالخمس كان له ثلث العين وللابن ثلثاه لان أصل الفريضة من
خمسة لحاجتنا إلى حساب له خمس صحيح وأقل ذلك خمسة للموصى له سهم والباقي وهو أربعة
بين الاثنين نصفين فعلى احدى الطريقين يطرح نصيب الابن المديون ويقسم العين بين
الموصي له والابن الاخر فيضرب الابن فيها بسهمين والموصى له بسهم فله ثلث العشرة العين
وللابن ثلثاها فظهر أن المتعين من الدين ثلثاها أيضا ستة وثلثان وأن جملة أن العين ستة عشر وثلثان
أخذ الموصى له خمس ذلك ثلاثة وثلثا إلى أن يتيسر خروج بقية الدين فيمسك الابن المديون
حصته مما عليه وذلك ثمانية دراهم ويؤدى درهمين فيكون بين الآخرين على ثلاثة للموصى
له الثلث وهو ثلثا درهم فقد أخذ مرة ثلاثة وثلثا ومرة ثلثي درهم فذلك أربعة خمس
العشرين والباقي وهو ستة عشر بين الاثنين نصفان لكل واحد منهما ثمانية وقد أخذ الابن
مرة ستة وثلثين ومرة درهما وثلثا وذلك كمال حقه وعلى الطريق الاخر الدين تاو فتقسم
العين بينهما أخماسا يأخذ الموصى له خمسها درهمين والابن خمسها أربعة دراهم وذلك مثل
نصيب الابن المديون إلا أنه لا يعطي ذلك ولكنهما يأخذ انها قصاصا مما لهما عليه فيقتسمان ذلك
أثلاثا على مقدار حقيهما فله ثلث ذلك وهو درهم وثلث للموصى له فقد أخذ مرة درهمين
ومرة درهما وثلث ذلك ثلاثة وثلث أخذ الابن مرة أربعة ومرة درهمين وثلثين وذلك
ستة وثلثان ثم التخريج كما بينا * وعلى طريق الجبر يجعل الخارج من الدين شيئا فتضمه إلى العشرة
العين وتعطى الموصى له خمس ذلك درهمين وخمس يبقى في يد الاثنين ثمانية دراهم وأربعة
أخماس وحاجتنا إلى شيئين وأربعة أخماس شئ فيجعل أربعة أخماس شئ قصاصا بمثلها يبقى في
يدهما ثمانية دراهم يعدل شيئا وخمس شئ فظهر أن الدين يعدل الشئ ستة وثلثان وانا حين
جعلنا للمتعين من الدين شيئا كان ذلك ستة وثلثين ثم التخريج كما ذكرنا ولو كان أوصى
له بدرهم أو بأكثر إلى خمسة دراهم أخذ وصيته كلها من العين لان الوصية بالدراهم المرسلة
تنفذ من الثلث مقدما على حق الوارث وقد بينا أن ثلث ما تعين من المال خمسة لان جميع
المتعين خمسة عشر وإذا كانت الوصية بخمسة دراهم أو أقل أمكن تنفيذها في الحال من ثلث
63

العين فكذلك وجب تنفيذها بخلاف الأول فالموصى له بالثلث شريك الوارث في التركة
(ألا ترى) ان هناك يزداد حقه بزيادة التركة وينتقص بنقصانها فلهذا كانت القسمة كما بينا
ولو أوصى بالثلث وبالربع كان للابن نصف العين ونصف العين بين صاحبي الوصية على سبعة
لصاحب الثلث أربعة ولصاحب الربع ثلاثة لان الوصيين حازا الثلث ولكن الوصية لا تنفذ
في أكثر من الثلث المتعين من المال وقد بينا أن الثلث المتعين خمسة دراهم نصف العين فيعزل
ذلك لتنفيذ الوصيتين ثم يضرب كل واحد منهما بجميع حقه فيحتاج إلى حساب له ثلث وربع
وذلك اثنا عشر فثلثها أربعة وربعها ثلاثة فإذا ضرب كل واحد منهما بحقه كانت القسمة
بينهما على سبعة أسهم لصاحب الثلث أربعة ولصاحب الربع ثلاثة * ولو أوصى لرجل بثلث
العين ولاخر بربع العين والدين كان نصف العين بين صاحبي الوصية يضرب فيها صاحب
العين بثلاثة وثلث وصاحب ربع العين والدين بخمسة لأنه قد تعين من الدين مقدار
خمسه فالموصى له بربع العين والدين يضرب في محل الوصية بجميع حقه وذلك خمسة دراهم
والموصى له بثلث العين يضرب بجميع وصيته وذلك ثلاثة دراهم وثلث فيقسم محل الوصية
وهو نصف العين بينهما على ثمانية وثلث ثم يحتسب الابن المديون نصيبه مما عليه ستة وثلثان
ويؤدى ما بقي فيأخذ الابن نصفه وصاحب الوصية نصفه فيقتسمان ذلك بينهما على ثمانية
وثلث كما فعلاه في القسمة الأولى ولو أوصى بربع العين لرجل وثلث العين والدين لاخر
فأن لأهل الوصية نصف الدين يضرب فيها صاحب ربع العين بجميع وصيته درهمين ونصف
وصاحب ثلث العين والدين بجميع وصيته ستة وثلاثين لان المتعين من الدين فوق ثلثها
فيكون محل الوصية بينهما على تسعة وسدس إلى أن يتيسر خروج ما بقي من الدين ثم التخريج
كما بينا ولو لم يوص بهذا ولكنه أوصى بنصف المال كله الدين والعين وأجاز الابن المديون
ولم يجز الاخر فان العين بين الابن وصاحب الوصية نصفان لأنه لا معتبر بإجازة الابن
المديون في قسمة العين والابن الاخر لم يجز الوصية فكان الموصى له بالنصف في المقاسمة معه
كالموصى له بالثلث فلهذا يقتسمان العين نصفين إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ يحتسب للابن
المديون نصيبه مما عليه خمسة لأنه مجيز للوصية فيجعل في حقه كأنهما أجازا ولو أجازا كان
للموصى له نصف المال عشرة وكل ابن خمسة فلهذا يحتسب للابن المديون خمسة ويؤدى مما بقي
وهو خمسة فيأخذ الابن منها درهما وثلثين لأنه لم يجز الوصية فيجعل في حقه كأنهما لم يجيزا
64

وتمام حقه ستة وثلثان وقد وصل إليه خمسة فيأخذ الأب درهما وثلثين كما حقه ويأخذ صاحب
الوصية ثلاثة وثلثا فحصل للموصى له ثمانية وثلث وسبعة وثلثان بلا منه أحد لأنه ثلث جميع المال
ودرهم وثلثان حصة المجيز فضل ما بين الثلث والنصف لان ذلك الفضل ثلاثة وثلث فحصة
المجيز نصفها درهم وثلثان * ولو ترك ابنا وامرأة وعشرة دراهما عينا وعشرة على امرأته دينا وأوصى
لرجل بدرهمين ولاخر بما بقي من الثلث ولاخر بالربع فأبوا أن يجيزوا فان الفريضة من اثنى
عشر الثلث أربعة وللمرأة الثمن بعد الثلث وذلك سهم فاطرح نصيبها لان عليها فوقها واقسم
العين على أحد عشر سهما سبعة للابن والأربعة لأهل الوصية فإذا تبين محل الوصية بهذه
القسمة يضرب فيها صاحب دين درهمين وصاحب الربع بما أصاب ثلاثة ولم يرد بقوله
بضرب صاحب الربع ثم ما أصاب ثلاثة دراهم وإنما راد به ثلاثة أسهم من سهام الفريضة
فقد سمى له الربع وذلك ثلاثة أسهم من اثنى عشر وقد فسره في كتاب العين والدين كذلك
إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ المرأة يحسب نصيبها مما عليها وذلك درهم وخمسة أثمان وثلث
لان الوصايا قد استغرقت الثلث فان ميراثها ثمن الثلثين وثلثا المال ثلاثة عشر وثلث وثمن
ذلك درهم وخمسة أثمان وثلث درهم فهما سواء ويؤدى ما بقي فيكون بين
الابن وصاحب الوصية بالربع وصاحب الوصية بالدرهمين مقسوما على نحو ما بينا في العشرة
العين ولا شئ لصاحب الوصية مما بقي لأنه لم يبق من الثلث بعد الوصيتين شئ فثلث المال
ستة وثلثان واحدى الوصيتين درهمان والأخرى الربع خمسة فذلك سبعة فعرفنا أن الوصيتين
جاوزتا الثلث فلا يكون لصاحب ما بقي شئ * ولو ترك ابنين وعشرة عينا وعشرة على أحد
ابنيه دينا وأوصى لرجل بثلث العين والاخر بربع الدين فان العين تقسم أثلاثا فيأخذ صاحب
ثلث العين ثلثها والابن الذي لا دين عليه ثلثها ويبقي ثلثها نصيب الابن المديون فلا يعطى ذلك
بل يضرب فيها الابن بما بقي له وصاحب الوصية بالدين بربع الدين لأنه قد تعين من الدين
ربعها وزيادة فيضرب هو بجميع وصيته ويقسم نصيب الابن المديون وذلك ثلاثة وثلث بينهما
على هذا ولا شئ للموصى له بثلث العين من هذا لأنه قد استوفى كمال حقه فإذا تيسر خروج
الدين أمسك الابن المديون نصيبه مما عليه وذلك سبعة وقيراط لأنه أوصى بثلث العين وهو
ثلاثة وثلث وربع الدين وذلك درهمان ونصف فيكون خمسة وخمسة أسداس وذلك دون جميع
المال فيعطى كل واحد منهما كمال حقه يبقى أربعة عشر درهما وسدس بين الابنين نصفين
65

لكل واحد منهما سبعة وقيراط والقيراط نصف السدس فلهذا قال يمسك للابن المديون نصيبه
مما عليه سبعة وقيراط ويؤدي ما بقي فيقتسمه صاحب ربع الدين والابن الذي لا دين عليه
على ما بقي لكل واحد منهما كما كانا اقتسما ثلث العين بينهما على مقدار حق كل واحد منهما
فقد خرج جواب هذه المسائل في كتاب العين والدين بخلاف هذا وما ذكرنا هناك أدق
نبين ذلك إذا انتهينا إليه إن شاء الله * ولو ترك ابنين له على أحدهما عشرة دراهم دينا وترك
عشرة عينا وترك رجلين غريمين على كل واحد منهما عشرة دراهم فأوصى لكل واحد من
الغريمين بما على صاحبه وأوصى لاخر بثلث العين فجاء أحد الغريمين بما عليه فأداه والاخر
لا شئ له فان هذه العشرة العين والعشرة التي على الابن عين كلها تقسم على ستين سهما
فيأخذ أهل الوصية ما أصاب ثلاثة عشر وثلثا ويأخذ الابنان ما أصابا ستة وأربعين وثلثين
لكل ابن ثلاثة وعشرون وثلث والوجه في تخرج المسألة أن نقول وصيته لكل واحد من
الغريمين بما على صاحبه ووصيته لكل واحد منهما بما عليه سواء لأنه لا فائدة في أن يأخذ
كل واحد منهما من صاحبه مثل ما يعطيه فلان حق كل واحد منهما دين في ذمة صاحبه وقد
ظفر كل واحد منهما بجنس حقه مما هو لصاحبه وهو ما في ذمته ولو كان في يده كان له أن
يأخذه قضاء من حقه فإذا كان في ذمته يتملكه أيضا قضاء لحقه إذا عرفنا هذا فنقول حين
أدى أحدهما ما عليه فقد صار المال العين عشرين فتبين أن جميع الدين الذي على الابن الاخر
قد تعين لان الوصية لا تنفذ في أكثر من الثلث وإذا ضممنا ما على الابن إلى العين كان ثلث
الجملة عشرة ونحن نتيقن ان مقدار الثلث يسلم للابن المديون فلهذا تعين جميع ما عليه ثم حق
الموصى له بثلث العين في ثلاثة وثلث حق كل واحد من الغريمين في عشرة وذلك ثلاثة
وعشرون وثلث وإذا صار الثلث بين أصحاب الوصايا على ثلاثة وعشرين وثلث فالثلثان ستة
وأربعون وثلثان فالجملة سبعون إلا أنه يطرح نصيب الغريم المفلس لان عليه فوق حقه وزيادة
فلهذا جعلت القسمة فيما بقي وهو ستة وأربعون وثلثان بين الابنين نصفين لكل واحد منهما
ثلاثة وعشرون وثلث فيحسب للابن المديون مما عليه ويستوفى الفضل من العين ويحسب
للغريم المقدم نصيبه مما عليه فيحصل تنفيذ الوصية في ثلاثة وعشرين وثلث وللاختصار وجه بان
يجعل كل ثلاثة وثلث سهما فيكون حق أصحاب الوصايا سبعة أسهم والجملة على أحد وعشرين
وثلثين ثم يطرح نصيب المقدم ثلاثة ويقسم الثلثان على ثمانية عشر سهما فيكون كل سهم من
66

ذلك درهما وثلثين فيحصل للموصى له ثلث العين درهم وثلثان وللموصى له المؤدى خمسة
دراهم ولكل واحد من الابنين أحد عشر فيستوفى الابن الذي لا دين عليه أحد عشر
وثلثين فيستوفى المديون درهما وثلثين فيسلم له ما عليه وهو عشرة ويحسب للموصى له المقدم
كما عليه خمسة أيضا فيحصل تنفيذ الوصية في أحد عشر وثلثين ويسلم للابنين ضعف ذلك
إلى أن يتيسر خروج ما بقي من الدين فحينئذ يقسم الكل على أحد وعشرين سهما فيمسك
الغريم المديون نصيبه مما عليه ويؤدى ما بقي فيقتسمه أهل الوصية والورثة على ما اقتسموا
عليه قبل ذلك * ولو ترك ابنين وعشرة دينا على أحدهما وعشرة عينا وأوصى لرجل بثلثي
الدين فنصيب العين للابن الذي لا دين عليه والنصف الآخر هو نصيب الذي على الدين
فكأنه خرج عليه مما عليه فيبدأ بصاحب الوصية ويأخذ الخمسة كلها لان الوصية في محل
غير مقدم في التنفيذ على حق الورثة إذا كان يخرج من الثلث وهاهنا مقدار الخمسة يخرج
من الثلث فباعتبار ما تعين من الدين وهو نصيب الابن المديون فيأخذ الموصى له ذلك إذ
لا فائدة في أن يدفع ذلك إلى المديون ثم يسترده باعتبار دينه قبله فإذا تيسر خروج ما على
المديون يحسب الذي عليه الدين نصيبه مما عليه ستة وثلاثين فيؤدى الفضل ثلاثة وثلثا
ويقتسمانه نصفين كما اقتسما العشرة العين فيحصل للموصى له ستة وثلثان مقدار ثلثي الدين
وهو ثلث جميع المال ويسلم لكل ابن ستة وثلثان ولو أوصى مع هذا بثلث العين لاخر
فان نصف العين بين صاحبي الوصية لان الوصية إنما تنفذ من الثلث وباعتبار ما تعين من الدين
ثلث المال نصف العين ثم يضرب فيه صاحب ثلث العين بثلاثة وثلث وصاحب ثلثي المال
بثلاثة وثلث فيقتسمانه نصفين ويجب للذي عليه الدين نصيبه مما عليه ستة وثلثان ويؤدى ثلاثة
وثلثا فيأخذ الابن نصفها وصاحب الوصية نصفها بينهما نصفان قال الحاكم الجليل رحمه الله
وهذا الجواب على هذا السؤال غلط لأنه أوصى لأحدهما بثلثي الدين فاما أن يضرب بجميع
وصيته ستة وثلاثين أو بما تعين من الدين خمسة فاما أن يضرب بثلاثة وثلث كما يضرب به
صاحب ثلث العين فهذا لا معنى له وقد أجاب بمثله في كتاب العين والدين وإذا كانت
الوصية بثلث الدين وهو صواب لان ثلث الدين وثلث العين سواء لكن مشايخنا رحمهم الله
على تصويب الحاكم فيما ذكر * قال رحمه الله ولما ذكره في الكتاب وجه صحيح أيضا فان نصف
الدين صار في حكم المتعين ولو تعين جميعه لكان الموصى له بثلثي الدين يضرب في محل الوصية
67

بستة وثلاثين فإذا تعين نصفه فإنما يضرب بثلاثة وثلثين * يوضحه أن المتعين من الدين في حق
وصية صاحب الدين لا يزيد على ستة وثلث لان وصية الموصى له بثلث العين في ثلث العين
مقدم وإنما يبقي للابنين ثلثا العين بينهما نصفين لكل واحد منهما ثلاثة وثلث والمتعين من
الدين في حق الموصى له بالدين قدر نصيب الابن المديون من العين وذلك ثلاثة وثلث فلهذا
قال يضرب بثلاثة وثلث في محل الوصية كما يضرب الموصى له بثلث العين ولكن هذا مستقيم
قبل أن يخرج ما بقي من الدين فبعد خروج الدين لا وجه للقسمة بينهما مناصفة إلا أن تكون
المسألة على ما ذكره في كتاب العين والدين أوصى لأحدهما بثلث الدين ولاخر بثلث العين
ولو ترك مع هذا ثوبا قيمته خمسة دراهم فأوصى لرجل بثلث ماله وأوصى لاخر بالثوب فان
نصيب الثوب من الثوب أربعة غير ربع ونصيب صاحب الثلث أربعة غير ربع ويكون ثلث
ذلك في الثوب وثلثاه في العشرة ويأخذ الابن الذي لا دين عليه سبعة ونصفا ويأخذ ما بقي
من الثوب وتمام سبعة ونصف مما بقي من العشرة ويحسب للذي عليه الدين نصيبه ثمانية وثلثا
إلى آخره ووجه تخريج المسألة ان تقول اجتمع في الثوب وصيتان وصية بجميعه وبثلثه فتكون
القسمة على طريق المنازعة عند أبي حنيفة رحمه الله ويكون الثوب بينهما على ستة خمسة للموصى
له بالثوب وسهم للموصى له بالثلث ثم كل خمسة من العشرة العين تكون على ستة وذلك
اثنا عشر للموصى له بالثلث من ذلك أربعة تبلغ سهام الوصايا عشرة وحق الورثة في ضعف
ذلك عشرين إلا أنه يطرح سهام الابن المديون في الحال ويقسم العين وهو خمسة عشر درهما
في الحاصل سبعة ونصف للابن الذي لا دين عليه والثوب مع درهمين ونصف بين الموصى
لهما نصفان نصف ذلك وهو ثلاثة وثلث وثلاثة أرباع للموصى له بالثوب كله في الثوب ونصفه
وهو ثلاثة وثلث وثلاثة أرباع للموصى له بثلث المال ثلث ذلك في الثوب وثلثاه في العشرة على
حساب أصل حقه في الثوب والعشرة فيسلم له من العشرة درهمان ونصف ومن الثوب قدر
درهم وربع إلى أن يتيسر خروج الدين هذا كله مستقيم الا حرفا وقع فيه الغلط من جهة
الكتاب وهو أنه قال يأخذ الابن الذي لا دين عليه ما بقي من الثوب وتمام سبعة ونصف مما
بقي من العشرة ولم يبق من الثوب شئ لان ثلاثة أرباع الثوب أخذه الموصى له بالثوب
وربعه أخذه الموصى له بثلث المال على ما بينا من تخريج قول أبي حنيفة وكذلك عندهما لو قسمنا
الثوب على طريق العول يكون الثوب بينهما هكذا فأي شئ بقي من الثوب حتى يأخذه
68

الابن فعرفنا ان الصحيح أنه يأخذه سبعة ونصفا من العشرة العين فإذا تيسر خروج الدين
فنقول جملة المال خمسة وعشرون وإنما تنفذ الوصية في ثلثها وذلك ثمانية وثلث ويكون نصيب
كل ابن ثمانية وثلثا أيضا فيحسب للابن المديون نصيبه مما عليه ويؤدى درهما وثلثين ثم يستقبل
القسمة في الثلث وهو ثمانية وثلث بين صاحبي الوصية ويضرب معه فيها صاحب الثوب بخمسة
أسداس الثوب وذلك أربعة دراهم وثلث ويضرب معه الاخر بسبعة ونصف وذلك ثلث
العشرين ستة وثلثان وسدس الثوب خمسة أسداس الثوب فيكون سبعة ونصفا فما أصاب
صاحب الثوب كان في الثوب وما أصاب الاخر كان في الثوب له من ذلك خمس ما بقي منه
والباقي من نصيبه في الدراهم لان حقه في الأصل كان في الثوب في ثلاثة مقدار ذلك درهم
وثلثان وفي المال ستة وثلثان فإذا جعلت كل درهم وثلثين سهما يكون ذلك أربعة فعرفنا ان
أصل حقه في المحلين أربعة أخماس خمس نصيبه في الثوب وأربعة أخماسه في الدراهم وإن شئت
قلت يأخذ من الثوب مثل ثلث ما أصاب صاحب الثوب ويأخذ ما بقي من الدراهم وهذا
والأول في المعنى سواء إذا تأملت وان مثل ثلث ما أخذه صاحب الثوب خمس حق صاحب
ثلث المال وإذا ترك ابنين ومائتي درهم عينا وثلاثمائة درهم على أحد ابنيه دينا وسيفا قيمته مائة
فأوصى لرجل بالسيف ولاخر بثلث العين فلأهل الوصية نصف العين يضرب فيه صاحب
السيف بخمسة أسداس السيف وصاحب الثلث بسدس السيف وثلث المائتين إلى آخره لان
قسمة السيف بينهما على طريق المنازعة عند أبي حنيفة وقيمة السيف على ستة خمسة أسداسه
لصاحب السيف وسدسه لصاحب ثلث العين ثم صار كل مائة من العين على ستة أيضا فذلك
اثنا عشر للموصى له بالثلث ثلث ذلك أربعة فتكون سهام الوصيتين عشرة وإذا صار الثلث
عشرة فالثلثان عشرون ثم يطرح سهام الابن والمديون لان عليه فوق حقه وتقسم العين بين
الابن الذي لا دين عليه وبين الموصى لهما نصفين للموصى لهما بالسيف قدر الخمسين من المائتين
وللابن الذي لا دين له قدر مائة وخمسين من العين ويحسب للمديون مثله مما عليه فيستقيم
الثلث والثلثان ثم المعزول لتنفيذ الوصية بين الموصى لهما نصفان لاستواء حقهما نصف ذلك
وذلك خمسة وسبعون للموصى لهما بالسيف كله في السيف وذلك ثلاثة أرباع السيف ونصف
ذلك للموصى له بثلث العين ثلث ذلك في السيف وذلك خمسة وعشرون وثلثاه في المائتين وذلك
خمسون على مقدار أصل حقه في المحلين إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ يحسب للابن
69

المديون نصيبه مما عليه مائتا درهم لان جملة المال خمسمائة والسيف وقيمته مائة وذلك ستمائة
تنفذ الوصية في ثلثها ويسلم لكل ابن ثلثها وذلك مائتا درهم ويؤدى مائة فإذا أداها اقتسموا
الثلث بينهم فيضرب فيه صاحب السيف بخمسة أسداس السيف وصاحب الثلث بسدس السيف
وثلث خمسمائة فما أصاب صاحب السيف كان في السيف وما أصاب صاحب الثلث كان في
السيف أو نقول الابن الاخر يأخذ من هذه المائة ما بقي من حقه وذلك خمسون درهما
لأنه وصل إليه مائة وخمسون وحقه مائتين لم يستقبل قسمة الثلث بين صاحبي الوصية
على نحو ما ذكره * قال الحاكم الجليل رحمه الله قوله يضرب بثلث خمسمائة خطأ بين لأنه إنما
أوصى له بثلث العين فكيف يضرب بثلث العين والدين وقوله يضرب بسدس السيف أيضا
غير سديد لان الوصية بثلث العين لا تقع على العروض وإنما تقع على النقد خاصة وقد
ذكر نحو هذه المسألة في كتاب العين والدين فقال لو أوصى له بثلث العين وبثلث كذا وسمى
تلك العروض وإذا حمل على ذلك وجب تنفيذ وصيتهما إذا خرج من الدين ثلاثة وثلاثون
وثلث لان وصيتهما تخرج الآن من ثلث ما يعين من المال أما طعنه في اللفظ الأول فهو على
ما قاله وأما طعنه في اللفظ الثاني ففيه نظر لان اسم العين فيما هو متعين بمنزلة اسم المال فيما
هو متمول واسم المال في الوصية يقع على كل ما يتمول مال الزكاة وغيره فيه سواء وإن كان
في بعض المواضع يختص بمال الزكاة فكذلك اسم العين في الوصية يقع على كل متعين النقد
والنسيئة فيه سواء وكأنه بالغ في البيان في كتاب العين والدين فسمى ذلك العروض لإزالة
هذا الابهام وأما قوله إذا خرج من الدين ثلاثة وثلاثون وثلث فقد وجب تنفيذ وصيتهما فهو
مستقيم وبيانه أن جملة العين من المال ثلاثمائة درهم وثلاثة وثلاثون وثلث وإنما يعزل ذلك لتنفيذ
الوصيتين اللتين كانتا بالسيف وقيمته مائة وبثلث المائتين وذلك ستة وستون وثلثان فعرفنا أن
بخروج ثلاثة وثلاثين وثلث من الدين يجب تنفيذ الوصيتين وأنه يتعين مما بقي من الدين
مثل نصف العين بسبب الابن المديون * ولو ترك ابنين وامرأة وعلى امرأته عشرة دينا
وعلى أحد ابنيه دين عشرة وترك ثوبا يساوى خمسة وأوصى بالثوب إلى لرجل فان الثوب يقسم
بين الموصى له والابن الذي لا دين عليه على خمسة عشر سهما لصاحب الوصية ثمانية وللابن
سبعة لان الفريضة إنما تستقيم من أربعة وعشرين للموصى له ثمانية وللمرأة ثمن ما بقي سهمان
ولكل ابن سبعة ثم تطرح سهام الابن وسهام المرأة لان عليها فوق ذلك يبقى الثوب فيضرب
70

فيه الابن الذي لا دين عليه بمقدار حقه وهو سبعة والموصى له بثمانية فيكون بينهما على خمسة عشر
سهما ويحسب للابن المديون نصيبه مما عليه وكذلك للمرأة نصيبها مما عليها فتستقيم القسمة إلى
تيسر خروج الدينين فحينئذ يسلم لصاحب الثوب جميع الثوب لأنه موصى له بالعين وقيمته
دون الثلث فيكون حقه فيه مقدما على حق الوارث ويبقى المال عشرين درهما للمرأة الثمن
درهمان ونصف يمسك ذلك مما عليها ويؤدى سبعة ونصفا ولكل ابن ثمانية وثلاثة أرباع
فيمسك الابن المديون مما عليه نصيبه ويؤدى درهما وربعا فيحصل في يد الابن الذي لا دين
عليه ثمانية وثلاثة أرباع مثل ما حبسه المديون فاستقام * ولو مات وترك ابنين وامرأتين على
إحداهما مائة درهم وعلى أحد ابنيه مائة درهم وتلك خادما تساوي مائة درهم فأعتقها عند
الموت فان الخادم تسعى في نصف قيمتها لان العتق في مرض الموت وصية فتنفذ من الثلث
وثلث ماله نصف العين وهو نصف رقبتها فيسلم لها ذلك وتسعى في نصف قيمتها للمرأة من
ذلك ثمنه وللابن سبعة أثمانه فتصير المرأة المديونة مستوفيه مما عليها مثل ما وصل إلى المرأة
الأخرى والابن المديون مستوف مما عليه مثل ما وصل إلى الابن الاخر فيستقيم الثلث
والثلثان إلى أن يتيسر خروج الدينين فحينئذ يرد على الخادم ما اخذ منها من السعاية لأنه تبين
أن جميع المال ثلاثمائة وقيمتها مائة فهي خارجة من الثلث فيرد عليها ما أخذ منها والمال المقسوم
بين الورثة مائتا درهم ثمن ذلك للمرأتين وذلك خمسة وعشرون لكل واحدة منهما اثنا عشر
ونصف فتمسك المديونة مما عليها مقدار حقها تؤدى سبعة وثمانين ونصفا إلى الابن الذي
لا دين عليه ويمسك الابن المديون نصيبه مما عليه سبعة وثمانين ونصفا و يؤدى ما بقي اثنا
عشر ونصف إلى المرأة التي لا دين عليها فقد وصل إلى كل واحد منهما كمال حقه * قال وإذا
ترك ابنين على كل واحد عشرة وترك رجلين على كل واحد منهما عشرة وأوصى لكل واحد
من الرجلين بما على صاحبه وأوصى لاخر بالثلث ثم أدى أحد الرجلين فان هذه العشرة
والعشرين التي على الابنين يجمع كله فيقسم بين الورثة وبين صاحب الثلث والذي أدى العشرة
على ثلاثة وأربعين سهما لان وصيته لكل واحد منهما بما على صاحبه ووصيته بما عليه سواء
وبأداء أحدهما صار ما على الابنين في حكم المتعين أما من حيث الظاهر فلان الوصية تنفذ
من الثلث والثلثان يسلم لهما وذلك مقدار ما عليهما فمن حيث الحقيقة نصيب كل واحد منهما
بالقسمة أكثر مما عليه وبيان ذلك أن العشرة التي أدى أحد الغريمين صارت بين الموصى له
71

بالثلث وبين المؤدى أسداسا فباعتبار القسمة على طريق المنازعة عند أبي حنيفة له السدس
وللمؤدي خمسة وللاخر مما عليه مثل ذلك خمسة للموصى له بالثلث سهم وكذلك ما كان على
كل ابن يصير ستة فذلك اثنا عشر للموصى له بالسدس أربعة فجملة ما للموصى له بالثلث ستة
ولكل واحد من الأخوين خمسة فذلك ستة عشر هذا مبلغ سهام الثلث والثلثان ضعف ذلك
اثنان وثلاثون إلا أن نصيب الغريم الذي لم يؤد يطرح وذلك خمسة يبقى للأخوين أحد عشر
سهما وللورثة اثنان وثلاثون وذلك ثلاثة وأربعون سهما أحد عشر من ذلك لأصحاب
الوصيتين لصاحب الوصية بالثلث ستة ولصاحب العشرة خمسة وللورثة اثنان وثلاثون ونحن
نعلم أن اثنين وثلاثين من ثلاثة وأربعين أكثر من ثلاثة فتبين أن نصيب كل واحد منهما
فوق ما عليه فلهذا جعل ما عليهما كالمتعين في القسمة فإذا قدر الاخر على الأداء يحسب له
نصيبه مما عليه وذلك أن يقسم المال أربعين درهما على ثمانية وأربعين سهما فيمسك نصيبه مما
عليه خمسة ويؤدى ما بقي فيقسم بينهم على ثلاثة وأربعين سهما كما بينا في القسمة الأولى * ولو
مات وترك ابنين وامرأة وخادما يساوى مائة درهم وترك على رجل مائة درهم وأوصى
للرجل بما عليه وأوصى أن يعتق الخادم فان الخادم يعتق منها خمسها وتسعى في أربعة أخماسها
للورثة لان الوصية بالعتق تقدم بالتنفيذ على سائر الوصايا فوصية الخادم مثل وصية الرجل
الاخر لان قيمتها مثل ما أوصى به للاخر فكان الثلث بينهما على سهمين والثلثان أربعة إلا أنه
يطرح سهم المديون لان عليه فوق نصيبه ويبقى الخادم فتضرب هي بسهم فيها والورثة
بأربعة فلهذا يعتق خمسها وتسعى للورثة وتسعى في أربعة أخماس قيمتها فإذا أدى المديون
ما عليه يحسب له نصيبه مما عليه وذلك في الحاصل ثلث ما عليه نصف ثلث جميع المال ويؤدى
ما عليه ويدفع من ذلك إلى الخادم تمام الثلث من قيمتها ويأخذ الورثة الفضل فحصل
للورثة من جهة كل واحد منهما ستة وثلاثون وثلثان ونفذ بالوصية لهما في ستة وستين وثلثين
لكل واحد منهما وثلاثة وثلاثون وثلث هذا قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله فأما قول
أبي حنيفة رحمه الله فبخلاف هذا ذكره في كتاب العين والدين فقال إن الخادم يسعى في
عشرة أجزاء من ثلاثة عشر جزأ من قيمتها لان من أصله أن الموصى له بما زاد على الثلث عند
عدم إجازة الورثة لا يضرب بما زاد على الثلث من وصيته والموصى له بالعتق يضرب بجميع
وصيته في الثلث وههنا أوصى لكل واحد منهما بنصف المال والمديون إنما يضرب في الثلث
72

بمقدار ثلث المال وذلك ستة وستون وثلثان والخادم تضرب بجميع قيمتها وهو مائة فإذا
جعلت كل ثلاثة وثلاثين وثلث سهما صار ذلك خمسة أسهم للخادم ثلاثة وللمديون سهمان
والثلثان عشرة ثم يطرح نصيب المديون ويضرب الورثة في الخادم بعشرة والخادم بثلاثة
فلهذا قال تسعى في عشرة أجزاء من ثلاثة عشر جزأ من قيمتها إلى أن يتيسر خروج الدين
فحينئذ تكون القسمة بينهم على خمسة عشر فإذا قسمت الديون يصيبه مما عليه ستة وعشرون
وثلثان لان له سهمين من خمسة عشر فإذا قسمت المائتين على خمسة عشر كان كل سهم من
ذلك ثلاثة عشر وثلثا فلهذا يمسك ستة وعشرين وثلثين ويؤدى ما بقي فإذا أداه رد على الخادم
إلى تمام أربعين درهما لان حقه في خمس المال في الحاصل وذلك ثلاثة من خمسة عشر وخمس
المائتين أربعون فقد نفذنا الوصية لهما في ستة وستين وثلثين وأخذ الورثة من الخادم ستين
درهما ومن المديون ثلاثة وسبعين وثلثا فذلك مائة وثلاثة عشر وثلث ضعف ما نفذنا فيه
الوصية فاستقام * ولو ترك ابنين وألفين عينا وألفا دينا على رجل وأوصى لصاحب الدين بما عليه
وأوصى لاخر بألف من العين فإنه يأخذ الموصى له بالعين أربعمائة لان الثلث بينه وبين الموصى
له المديون على سهمين فتكون الفريضة من ستة يطرح سهم المديون وتقسم العين بين
الاثنين والموصى له بالعين على خمسة للموصى له بالعين خمسها وخمس العين أربعمائة فإذا خرج
الدين فالموصى له المديون يحبس مما عليه مقدار حقه وذلك خمسمائة درهم نصف الثلث ويؤدى
ما بقي فيقسم بينه وبين الورثة على خمسة له الخمس منه حتى يصير مستوفيا الخمسمائة كمال حقه
ويحصل تنفيذ الوصية لهما في ألف ويسلم للورثة ألفان ولو كان أحد الألفين دينا على أحد
الابنين كان لصاحب الوصية من الألف العين ثلثها لان الابن المديون مستوف حقه مما عليه
فيطرح نصيبه وذلك سهمان يبقى للابن الاخر سهمان وللموصى له بثلث العين سهم فكانت
القسمة في الألف العين بينهما على ثلاثة ثلثها إلى أن يتيسر خروج الدينين فحينئذ يحسب للابن
المديون نصيبه مما عليه وهو ثمانمائة درهم ويؤدى ما يبقى فيكون بينهما على ثلاثة فيأخذ الموصى
له نصيبه من ذلك والموصى له الاخر يمسك نصيبه مما عليه خمسمائة ويؤدى ما بقي فيكون
بينهم على خمسة للابنين أربعة وللموصى له بثلث العين واحد فيسلم في الحاصل لكل واحد
من الابنين ألف درهم وقد نفذنا الوصية لهما في ألف لكل واحد منهما خمسمائة وإنما جعل
نصيب الابن المديون مما عليه ثمانمائة قبل أداء الموصى له المديون لان ما عليه يضم إلى الألف
73

العين ثم يقسم بين الموصى له بالثلث وبين الابنين على خمسة فللابن المديون خمسا ذلك وذلك
ثمانمائة فلهذا قال يحسب له ثمانمائة ويؤدى مائتين والله أعلم بالصواب
(باب الدعوى من بعض الورثة للوارث)
(قال رحمه الله) وإذا مات الرجل وترك ابنين فادعى أحدهما أختا يعنى بنتا للميت
وكذبه الاخر فان الأخت تأخذ من المقر بها ثلث ما في يده عندنا وقال ابن أبي ليلى خمس
ما في يده لأنها إنما تأخذ منه الفاضل على نصيبه بزعمه بما في يده وأصل التركة بزعمه على
خمسة لكل ابن سهمان وللأخت سهم وفي يده نصف المال سهمان ونصف فالفاضل على نصيبه
بزعمه نصف سهم من سهمين ونصف وذلك خمس ما في يده يوضحه أنه أقر لها بسهم من جميع
التركة نصف ذلك السهم في يده ونصفه في يد أخيه والأخ يظلمها بالجحود فليس لها أن
تأخذ شيئا مما لها في يد الجاحد وإنما تأخذ من المقر مقدار مالها من الحق وفي يده وذلك
نصف سهم خمس ما في يده * وجه قولنا ان الذي في يد المقر جزء من التركة وفي زعمها ان
حقها في التركة في سهم وحق المقر في سهمين وزعمه معتبر في حقه فيضرب كل واحد منهما
فيما في يده بحصته فيكون بينهما أثلاثا وهذا لان الجاحد استوفى زيادة على حقه فيجعل ذلك
في حقه بمنزلة ما لو غصبه غاصب فلا يكون ضرره على بعض الورثة دون البعض والحاصل
انه يجعل الجاحد مع ما في يده في حق المقر كالمعدوم فكأن جميع التركة ما في يد المقر وهو
الوارث خاصة فيقسم ذلك بينه وبين أخته * أثلاثا ولو لم يقر بأخت وأقر بزوجة لأبيه أعطاها
سبعي ما في يده لأنه زعم أن الميت ترك ابنين وامرأة فتكون الفريضة من ستة عشر للمرأة
سهمان ولكل ابن سبعة فتضرب هي فيما يده بسهمين وهو بسبعة فيعطيها سعى ما في يده
وعند ابن أبي ليلى ما فضل نصيبه مما في يده وذلك نصف الثمن ولو كانت له امرأة معروفة
سواها فان المقر يعطى هذه التي أقر بها مما في يده لان بزعمه الفريضة من ستة عشر لكل امرأة
سهم ولكل ابن سبعة فهو يضرب فيما هو في يده بسبعة والمقر لها بسهم فيعطيها ثمن ما في يده
* ولو ترك ابنا وبنتا وزوجة فادعت الابنة أختا لها أعطتها نصف ما في يدها لأنها تزعم أن حقهما
في التركة سواء فإن كانت أقرت بأخ لها أعطت ثلثي ما في يدها لأنها تزعم أن حقه في التركة
ضعف حقها ولو تركت زوجا وأما وأختا فادعت الأخت أخا وأقر بذلك الزوج وجحدت
74

الأم فالفريضة من عشرين لان الفريضة بزعم الأم تستقيم على ثمانية وأصلها من ستة للزوج
النصف ثلاثة وللأم الثلث سهمان وللأخت النصف ثلاثة فتكون القسمة من ثمانية لها
سهمان وهو الربع وعلى زعم الزوج والأخت الفريضة من ستة للزوج النصف ثلاثة
وللأم السدس سهم والباقي بين الأخ والأخت أثلاثا فانكسرت بالأثلاث فاضرب
سنة في ثلاثة فتكون ثمانية عشر للأم ثلاثة وللزوج تسعة وللأخ أربعة سهمان فاقرار
الأخ والأخت ولا يكون معتبرا في حق الأم في حق الأم وجحودها لا يكون معتبر في حقها فتجعل في
حق المقرين القسمة على الفريضة الثانية فحقها خمسة عشر وفي حق الأم تجعل القسمة على
الفريضة الأولى وحقها ربع المال فالسبيل أن يضم إلى خمسة عشر مثل ثلاثة حتى لا يكون
المضموم ربع المبلغ وهو نصيب الأم ومثل ثلاثة خمسة فإذا ضممت خمسة إلى خمسة عشر كان
عشرين للأم خمسة فإذا أخذت نصيبها قسم ما بقي وهو خمسة عشر على ما اتفقوا عليه للزوج
سبعة وللأخ أربعة وللأخت سهمان * ولو تركت زوجا وأختا فأقر الزوج أن لها أخا وجحدت
الأخت فان الزوج يعطيه خمسي ما في يده لان بزعمه الفريضة من ستة له ثلاثة وللأخ سهمان
فيقسم ما في يده بينهما باعتبار زعمه فلهذا يأخذ خمسي ما في يده وكذلك لو أقر بأخت مثل الأخت
المعروفة لأب وأم أو لأب أعطاها خمس ما في يده وكذلك لو أقر بأخت مثل الأخت المعروفة
لأب وأم أو لأب فالفريضة من ستة للزوج ثلاثة وللأختين الثلثان أربعة يعول بسهم وهو
يزعم أن حقها في سهمين وحقه في ثلاثة فيعطيها خمس ما في يده * ولو تركت زوجا وأختا لأب
وأم فأقر الزوج بأخت لأب أعطاها ربع ما في يده لأنها خلفت بزعمه زوجا وأختا لأب وأم
وأختا لأب فللزوج النصف ثلاثة وللأخت لأب وأم ثلاثة وللأخت لأب السدس تكملة
الثلثين سهم فهي تضرب فيما في يده بسهم وهو بثلاثة فلهذا يعطيها ربع ما في يده وكذلك
لو أقر بأخ أو أخت لأم لان نصيب المقر له سهم بزعمه وهو السدس وان أقربهما لأم أعطاها
خمسي ما في يده لأنه يقول تركت زوجا وأختا لأب وأم وأخا وأختا لأم فيكون لهما الثلث
سهمان من ستة ويعول بسهمين فحقها بزعمه في سهمين وحقه في ثلاثة فلهذا يعطيهما خمسي
ما في يده ولو تركت زوجا وأختا لأب فأقر الزوج بأم فإنه يعطيها خمسي ما في يده لأنه حقهما
بزعمه الثلث سهمان من ستة وحقه في ثلاثة * ولو تركت زوجا وأختا لأب فأقر الزوج
بأخت لأب وأم أعطاها نصف ما في يده لأنه يزعم أن حقها في التركة سواء لكل واحد منهما
75

ثلاثة من سبعة * ولو ترك ابنين وامرأة فأقر أحد الا بنين بامرأتين أعطاهما أربعة من
خمسة وعشرين سهما مما في يده لأنه يزعم أنه خلف ثلاث نسوة وابنين فللنسوة الثمن بينهن
أثلاثا لا يستقيم وللابن سبعة نصفان لا يستقيم فيضرب ثلاثة في اثنين فيكون ستة ثم
يضرب ثمانية في ستة فيكون ثمانية وأربعين منه تصح القسمة لكل امرأة سهمان ولكل ابن
أحد وعشرون فهو يزعم أن حقها في أربعة أسهم يضربان بذلك فيما في يده وهو واحد وعشرون
فلهذا أعطاهما أربعة من خمسة وعشرين مما في يده * ولو ترك ابنين وأبوين فأقرت احدى
الابنتين بامرأة أعطتها ثلاثة من أحد عشر مما في يدها لان الفريضة بزعمها من أربعة وعشرين
للابنتين الثلثان ستة عشر وللأبوين السدسان ثمانية وللمرأة الثمن ثلاثة فتعول إلى سبعة وعشرين
وهي المنبرية التي أجاب فيها علي رضي الله عنه على المنبر على البديهة فقال انقلب ثمنها تسعا فإذا
هي تزعم أن حق المرأة ثلاثة وحقها في ثمانية فيقسم ما في يدها بينهما على ذلك * ولو ترك امرأة
وابنة وأبوين فأقرت المرأة بامرأة أخرى أعطتها نصف ما في يدها لان نصيب النساء من
التركة في يدها وقد زعمت أن حقها في التركة في ذلك سواء فان أقرت لها احدى الابنتين
أيضا فإنها تأخذ نصف ما في يد المرأة ولا تأخذ من الابنة شيئا لان ميراث النساء الثمن واحدة
كانت أو اثنتين وذلك الثمن في يد المرأة وهي مقرة للأخرى بنصيبها من ذلك فلا تأخذ من
الابنة شيئا لذلك * ولو ترك ابنتين وأبوين فأقرت احدى الابنتين بامرأة وصدقتها الأم فالفريضة
من تسعين سهما للابنتين ستون وللأبوين ثلاثون فخذ نصيب الأم خمسة عشر ونصيب الابنة
ثلاثين وذلك نصف المال من الحاصل واعط المرأة من ذلك تسعة وللابنة أربعة وعشرين
وللأم اثنى عشر وقد طول هذه المسألة وهي تخرج من خمسة عشر لأنهما يزعمان ان المرأة
لها ثلاثة وللابنة ثمانية وللأم أربعة مما في أيديهما وهو نصف المال يقسم بينهما على ذلك تضرب
فيه المرأة بثلاثة والأم بأربعة والابنة بثمانية فتستقيم من خمسة عشر * ولو جحدت الأم ولم تقر
قسمت ما في يد الابنة على ثلاثة وثلاثين وهو تطويل غير محتاج إليه أيضا فقد بينا أن القسمة
تستقيم من أحد عشر ولو لم تقر الابنة بالمرأة وأقرت الأم قسمنا ما في يدها على أحد وعشرين
للأم اثنا عشر وللمرأة تسعة وهذا أيضا تطويل فان القسمة تستقيم من سبعة لأنها تضرب فيما
في يدها فحقها أربعة والمرأة ثلاثة فيكون بينهما على سبعة * ولو تركت زوجا وأخا فادعى الزوج
ابنة كبيرة لها من غيره قاسمها ما في يده على أربعة ونصف للزوج سهم ونصف وللابنة ثلاثة
76

لأنه يزعم أن حقه الربع سهم ونصف من ستة فيقسم ما في يده على اثنى عشر وفي الحاصل
تعطيه ثلثي ما في يدها لأنه يزعم أن حقه في ثمانية وحقها في أربعة فيعطيها ثلثي ما في يدها وإذا
كان الورثة اثنين فأقر أحدهما على ابنة للابن بشركة أو بوديعة بعينها أو مجهولة وكذبه الاخر
فإنه يستوفيه كله من نصيب المقر عندنا وقال ابن أبي ليلى يأخذ منه بقدر حصته وهو قول
الشافعي ومذهبنا مذهب علي رضي الله عنه وقد تقدم بيان المسألة في الاقرار * قال ولو أقر بشركة
كانت بينه وبين ابنه فإن كان أقر بشركة النصف أخذ من حصته الثلثين لأنه يزعم أن المال
على أربعة أسهم للمقر له سهمان ولكل ابن سهم فهو يضرب فيما في يده بسهم والمقر له بسهمين
فيعطي ثلثي ما في يده وإن كان أقر بالثلث أخذ منه النصف لأنه يزعم أن المال على ثلاثة أسهم
للمقر له سهم ولكل ابن سهم فحقه فيما في يده مثل حق المقر له بزعمه فلهذا أخذ منه نصف
ما في يده قال وإذا كان للميت ابنان وعبدان لا مال له غيرهما قيمة كل واحد منهما ثلاثمائة
قأقر أحد الابنين ان أباهما أعتق هذا بعينه في مرضه وأقر الاخر أنه أعتق أحدهما لا يدرى
أيهما هو فان الذي أقر له بعينه يعتق منه ثلثا نصيبه ويسعى له في الثلث الاخر في نصف
قيمته ويعتق من نصيب الاخر الثلث منهما جميعا ويسعيان له في ثلثي نصيبه لان كل واحد
من العبدين صار مشتركا بينهما نصفين والعتق في المرض وصية فالذي أقر بالعتق لأحدهما
بعينه فقد أقر أنه عتق منه بقدر الثلث من مال الميت وذلك ثلثا رقبته واقراره نافذ في
نصيبه غير نافذ في نصيب شريكه فيعتق ثلثا نصيب ويسعى له في ثلث نصيبه والنصف
من الاخر مملوك له وقد تعذر عليه استدامة الرق باقرار شريكه فيسعى له الاخر في
نصف قيمته وقد أقر الآخر بالثلث مبهما لان العتق المبهم بالموت يشيع فيهما فينفذ اقراره
في نصيبه مبهما فيعتق ثلث نصيبه من كل واحد منهما ويسعى كل واحد منهما له في ثلثي
نصيبه وان أقر أحدهما أنه أعتق هذا بعينه وأقر الاخر أنه أعتق هذا بعينه سعى كل واحد
منهما للذي أقر له في ثلث نصيبه منه وللذي أنكر عتقه في جميع نصيبه منه لان اقراره حجة
عليه دون صاحبه وقد تعذر استدامة الرق في نصيبه من الاخر باقرار صاحبه ولو قال أحدهما
أعتق أحدهما في مرضه ولا يدرى أيهما هو وأنكر الاخر عتق من نصيب المقر من كل
واحد منهما ثلث نصيبه لإقراره والثلث لهما ويسعى كل واحد منهما للاخر في نصيبه كاملا
لانكاره عتقهما جميعا ولو شهدا أنه أعتق هذا بعينه وقال أحدهما أعتق هذا الآخر أيضا
77

عتق ثلثا الذي شهدا له ويسعى الاخر في جميع قيمته لهما لان الذي شهدا له أولى بالثلث
من الاخر فان شهادتهما له حجة بمنزلة شهادة غيرهما ولو شهد أجنبيان بالعتق لأحدهما
كان هو أولى بالثلث من الذي أقر له الوارث لان رق الاخر يفسد باقرار أحدهما بعتقه ولم
يبق من الثلث شئ فتلزمه السعاية في جميع قيمته لهما ولو شهد أحدهما انه أعتق هذا بعينه
في صحته وشهد الاخر أنه أعتق هذا الآخر في مرضه عتق نصيب الشاهد من الذي شهد
له في الصحة لان العتق في الصحة من جميع المال فهو مقر بحريته واقراره حجة عليه في نصيبه
ويسعى للاخر في نصف قيمته لانكاره عتقه ويعتق ثلثا نصيب الذي شهد له في المرض من
الذي شهد له ويسعى له في ثلث نصيبه ولأخيه في جميع نصيبه لأنه أقر بالثلث لهذا الاخر
واقراره في نصيبه صحيح وفي زعمه أن شريكه صار متلفا لنصيبه من الاخر فيكون ذلك محسوبا
عليه وان مال الميت رقبتان فالثلث منه ثلثا رقبة فلهذا يعتق ثلثا نصيبه والله أعلم بالصواب
(باب اقرار المريض وأفعال)
(قال رحمه الله) وإذا كان على المريض دين في الصحة فغصب في مرضه من انسان
شيئا ثم قضاه فهو جائز لأنه لو رد عين المغصوب لم يكن لغرماء الصحة عليه سبيل فكذلك
إذا رد عليه مثله أو قيمته لان ذلك يحكى عينه وهذا بدل مال وصل إلى المريض فهو بمنزلة
ما لو اشترى شيئا بمثل قيمته ونقد ثمنه فلا يكون لغرماء الصحة على البائع سبيل لان المريض
ما أتلف عليهم شيئا حين وصل إليه ما تكون ماليته مثل مالية ما أدى وكذلك ما أخذه فأنفقه
على نفسه في كسوته وطعامه ودوائه ثم قضاه فإنه قد وصل إليه ما تكون ماليته مثل مالية
ما أدى ثم حاجته في ماله تقدم على حق غرمائه * ولو استأجر أجيرا أو تزوج امرأة وأعطاهما
ذلك لم يجز وكانا أسوة غرماء الصحة فيه لأنه لم يصل إليه مثل ما يكون ما أدى في صفة المالية
فكان هذا ابطالا منه لحق غرماء الصحة عن ذلك المال وتخصيص بعض غرمائه بقضاء
الدين والمريض ممنوع عن ذلك إلا أن الدين وجب لهما بسبب لا تهمة فيه فكان أسوة غرماء
الصحة في ماله ولو أقر المريض أن دينه الذي على هذا الرجل لفلان فان ذلك لا يجوز حتى
يستوفى غرماء الصحة دينهم لان اقراره في المرض بدين له على الغير كاقراره بعين له في
يده أو في يد غيره وذلك غير صحيح منه في حق غرماء الصحة وهذا بخلاف ما إذا أقر باستيفاء
78

الدين من غريمه وهو غير وارث وقد كان الدين في الصحة لأنه مسلط على الاستيفاء وقد
ثبت للغريم حق براءة ذمته عند اقراره بالاستيفاء منه فلا يتغير ذلك بمرضه وهو غير مسلط
على الاقرار بالدين الواجب له أو لغيره بل هو ممنوع من ذلك لحق غرماء الصحة كما هو ممنوع
من تمليكه منه بالهبة وقد ذكرنا في كتاب الشفعة بيع المريض من الأجنبي بالمحاباة وغير المحاباة
وما يجب فيه من الشفعة للوارث وغير الوارث وما ذلك من اختلاف الروايات وأن بيعه من وارثه
غير صحيح أصلا عند أبي حنيفة وعندهما وابن أبي ليلى إذا باع بالقيمة أو بأكثر جاز قال ولو أوصى
رجل إلى رجل بثلثه يضعه حيث أحب أو يجعله حيث أحب فهما سواء وله أن يجعله لنفسه
ولمن أحب من ولده لأنه قائم مقام الموصى في الوضع والجعل والموصى له وضعه فيه أو في ولده أو
جعله له جاز ذلك فكذلك الوصي إذا فعل ذلك لان الوضع والجعل يتحقق منه في نفسه كما
يتحقق في غيره وليس له أن يجعله لاحد من ورثة الميت لأنه قائم مقام الموصى فان جعله لبعض
ورثته فهو باطل ويرد على جميع الورثة وليس له أن يعطيه بعد ذلك أحد لأنه ممتثل أمر الموصى
فينتهى به ما فوض إليه ويصير فعله كفعل الموصى ولو فعله الموصى لبعض ورثته كان ذاك
باطلا وكان مردودا على جميع الورثة فهذا مثله ولو أوصى بثلثه إليه أن يعطيه من شاء فليس
له أن يعطيه نفسه لأنه مأمور بالاعطاء من جهة الموصى وهو لا يكون معطيا نفسه كما يكون
جاعلا لها واضعا عندها ألا ترى أن من عليه الزكاة أو صدقة الفطر ليس له أن يضعه في نفسه
لأنه مأمور بالايتاء والأداء ولا يحصل ذلك بالصرف إلى نفسه ومن وجد ركازا له أن يضع
الخمس في نفسه إذا كان مصرفا له لان الواجب جعل الخمس لمصارف الخمس ووضعها فيهم وقد
جعل ذلك ولو أوصى إلى رجل فقال قد جعلت ثلثي لرجل سميته فصدقوه فقال الوصي هو
هذا وخالفه الورثة لم يصدق الوصي على ذلك لأنه أوصى بما هو خلاف حكم الشرع وهو
اثبات الاستحقاق بشهادة شاهد واحد لان الوصي هاهنا بمنزلة الشاهد وشهادة الواحد
لا تكون حجة بخلاف الأول فان هناك أوصى إليه بالوضع والواضع يكون متسببا بالتصرف
على وجه النيابة لا شاهدا فلم يكن ذلك وصية بما يخالف الشرع وعلى هذا قال للوصي أعتق
أي عبيدي شئت كان له أن يعتق أيهم شاء ولو قال قد أعتقت عبدي فسميته للوصي فصدقوه
في ذلك لم يصدق ولو أوصى إلى رجلين أن يضعا ثلثه حيث شاء أو يعطياه من شاء أو اختلفا
فقال أحدهما أعطيه فلانا وقال الآخر لا بل فلانا لم يكن لواحد من الرجلين شئ لان الوصيين
79

لم يجمعا على واحد منهما وإنما فوض الموصى الرأي في الوضع إليهما وهذا شئ يحتاج فيه إلى
الرأي لاختيار المصرف ورأي الواحد لا يكون كرأي المثنى ولو قال قد أوصيت بثلثي لفلان
وقد سميته للوصيين فصدقوهما فقال هو هذا وشهدا له بذلك جازت شهادتهما لخلوها عن
التهمة وشهادة المثنى حجة تامة وان اختلفا في ذلك أبطلت قولهما لان كل واحد منهما يشهد
بغير ما شهد به صاحبه ولو أوصى بعبده أن يعتق ثم أوصى له أن يباع أو على عكس ذلك فهذا
رجوع عن الوصية الأولى للمنافاة بين التصرفين في محل واحد وكذلك لو أوصى بان يعتق
نصفه بعد ما أوصى ببيعه من رجل أو على عكس ذلك كانت الثانية رجوعا عن الأولى في
جميع العبد وان أضاف الثانية إلى نصفه لان بين التصرفين في العقد الواحد منافاة وان أوصى
به لرجل ثم أوصى به أن يباع لرجل آخر تحاصا فيه وكذلك أن بدأ بالبيع ثم بالوصية لان كل
واحد منهما تمليك أحدهما بعوض والاخر بغير عوض والجمع بينهما في عبد واحد صحيح
فلا يكون اقدامه على الثانية دليل الرجوع عن الأولى وإذا شهد شاهد ان بعد موته أنه قال
في حياته لعبديه أحدكما حر جازت الشهادة اما عندهما فلان الدعوى ليست بشرط في عتق
العبد وعند أبي حنيفة العتق المبهم يشيع فيهما بالموت فتتحقق الدعوى منهما ويجعل الثابت من
اقراره بشهادتهما كالثابت بالمعاينة ولو سمعا ذلك منه ثم مات عتق من كل واحد منهما نصفه
فهذا مثله والله أعلم بالصواب
(باب الشهادة في الوصية وغيرها)
(قال رحمه الله) وإذا شهد الوصيان أنه أوصى إلى هذا معهما فان كذبهما ذلك الرجل
فشهادتهما باطلة لأنهما متهمان فيها وأنهما يثبتان بشهادتهما من يعينهما على التصرف وان ادعاها
الرجل جازت شهادتهما استحسانا وفي القياس لا تجوز لأجل التهمة ولكنه استحسن فقال
لو سألا من القاضي أن يجعل هذا الرجل وصيا معهما والرجل راغب في ذلك كان على القياس
للقاضي أن يجيبهما إلى ذلك فلا يتهمان في اخراج الكلام مخرج الشهادة في هذه الحالة فأما إذا
كان الرجل مكذبا لهما فهما متهمان في اخراج الكلام مخرج الشهادة لأنهما لو سألا ذلك من
القاضي لم يجبهما إذا لم يكن الرجل راغبا فيه ثم إذا كذبهما الرجل أدخلت معهما آخر لان في
ضمن شهادتهما اقرارا منهما بوصي آخر معهما للميت واقرارهما حجة عليهما فلا يتمكنان من
80

التصرف بعد ذلك بمنزلة ما لو مات أحد الأوصياء الثلاثة وكذلك لو صدقهما وقال لا أقبل
الوصية كان له ذلك لأنه لم يسبق منه القبول ولكن يتعذر على الوصيين التصرف بدون رأى
الثالث فيدخل القاضي معهما وصيا ثالثا وهذا القياس والاستحسان في فصول أربعة أحدها
ما بينا والثاني إذا شهد ابنا الميت ان أباهما أوصى إلى هذا ففي القياس لا تقبل شهادتهما لأنهما
ينصبان نائبا عن أبيهما ومن يتصرف لهما ولو شهدا أن أباهما وكل هذا الرجل ففي حياته والأب
غائب لم تقبل الشهادة فكذلك إذا شهدا بالوصية وفي الاستحسان إذا كان الرجل مدعيا للوصية
تقبل شهادتهما لخلوها عن التهمة فإنهما لو سألا من القاضي أن يجعل هذا الرجل وصيا والرجل
راغب فيه أجابهما القاضي إلى ذلك بخلاف ما إذا لم يكن الرجل مدعيا للوصية وبخلاف الوكالة
فإنما لو سألاه أن يوكل هذا الرجل عن أبيهما لم يفعل ذلك وهذا لأنه ليس للقاضي ولاية في
مال أبيهما والثالث الموصى لهما إذا شهدا أن الموصى أوصى إلى هذا فهو القياس والاستحسان
لان الموصى له بالثلث شريك الوارث فهو في هذه الشهادة كالوارث والرابع غريمان لهما على
الميت دين له شهدا أنه أوصى إلى هذا الرجل في القياس لا تقبل الشهادة بمنزلة ما لو شهدا في
حياته أنه وكل هذا الرجل بقضاء ديونه وهذا لان في هذه الشهادة منفعة لهما فإنهما يطالبانه
بقضاء دينهما وفي الاستحسان إذا كان الرجل مدعيا للوصية قبل الشهادة لان للقاضي أن
ينصب وصيا بالتماسهما من غير شهادة فلا يتهمان في اخراج الكلام مخرج الشهادة * ولو أن
غريمين للميت عليهم دين شهدا أن الميت أوصى إلى هذا جازت شهادتهما قياسا واستحسانا
لخلوها عن التهمة فإنهما ينصبان بشهادتهما من يطالبا بقضاء الدين فتقبل الشهادة لخلوها عن
التهمة ولو شهدا بنا الميت الموصى أو أبوه ورجل آخر أن الميت أوصى إليه أبطلته لأنه يشهد
للوصي بثبوت ولاية التصرف له والولادة تمنع قبول شهادة أحدهما للاخر * وكذلك لو شهد
ابنا أحد الوصيين أن الميت أوصى إلى أبيهما والى هذا الآخر فشهادتهم باطلة لأنهما يشهدان
لأبيهما والمشهود به كلام واحد فإذا بطل في حق أبيهما بطل في الاخر وشهادة ابني
الوصيين على أن الموصى عزله وأوصى إلى رجل أخر جائزة لأنهما يشهدان على أبيهما بالعزل
ويشهدان للأجنبي بولاية التصرف * وكذلك شهادة ابني الغريمين أو غريمه على أنه عزل
هذا وأوصى بولاية التصرف إلى الاخر جائزة لأنهما يشهدان بثبوت الولاية للثاني
وينقل ولاية التصرف من الأول إلى الثاني فلا تتمكن التهمة فيهما واختلاف الشاهدين
81

على أنه أوصى إليه في الوقت والمكان لا تفسد الشهادة لان الايصاء إلى العين قول تكرر
فلا يختلف المشهود به باختلافهما في المكان والزمان * ولو شهد أنه قال هو وكيلي فيما تركت
بعد موتى جعله وصيا له لان النائب بعد الموت وصي سواء شهد بلفظة الوصاية أو بلفظة
الوكالة قال ولا تجوز شهادة الوصي للموصى للميت لأنه متهم في شهادته باثبات حق القبض
لنفسه وكذلك لو شهد الوصي للميت شهادة بعد أن يدرك ورثته ويقبضوا مالهم لم أجز شهادته
لأنه لو قبض ذلك جاز قبضه عليهم فكان هو الخصم في ذلك فلا شهادة له فيما كان خصما فيه
ولو شهد الوصي لوارث كبير أو صغير على الميت بدين لم تجز شهادته له في قول أبي حنيفة
رحمه الله وفي قولهما وابن أبي ليلى رحمهم الله تجوز شهادته للكبير ولا تجوز شهادته للصغير لأنه
إذا شهد للصغير فهو الذي يقبض وإذا شهد للكبير فليس له حق القبض فيما للكبير الحاضر
فلا تتمكن التهمة في شهادته وأبو حنيفة يقول كان هو الخصم فيما شهد به حين كان هذا الكبير
صغيرا فلا يكون شاهدا فيه * وقد بينا المسألة في الشهادات وأما فيما ليس من الميراث فان
شهادة الوصي للصغير لا تقبل على الصغير لأنه هو القابض وتجوز للكبير لأنه أجنبي في ذلك
فإنه إنما صار خصما بقبوله الوصاية فيما هو من جملة ميراث الميت فاما فيما للوارث الكبير على
الأجنبي لا بطريق الإرث فهو أجنبي * وإذا شهد شاهدان لرجل على الميت بدين وشهد
رجلان للشاهدين على الميت بدين فهو جائز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمها الله وقال أبو
يوسف تبطل شهادتهم وهذه ثلاثة فصول أحدها لا تقبل الشهادة بالاتفاق وهو أن يشهد
رجلان لرجلين بوصية الميت لهما بالثلث ويشهد المشهود لهما للشاهدين بالوصية بالثلث وهذا
لان الثلث مشترك بين الموصي لهم فشهادة كل فريق لاقت محلا مشتركا بين الشاهد والمشهود
له وفي الوجه الثاني الشهادة مقبولة بالاتفاق وهو أن يشهد الرجلان أن الميت أوصى لهما بهذا
العبد ويشهد الاخر أن الميت أوصى للشاهدين بهذه الجارية فالشهادة تقبل لان كل واحد
من الفريقين يثبت الحق للمشهود عليهما في محل لا شركة لهما في ذلك المحل والفصل الثالث
على الخلاف وهو فصل الدين فأبو يوسف يقول حق الغرماء بعد الموت يتعلق بالتركة ولهذا
لا يثبت الملك للوارث ولا ينفذ تصرفه فيه إذا كان الدين محيطا بها فشهادة كل فريق تلاقى
محلا مشتركا فهو نظير مسألة الوصية بالثلث وهذا لان المقصود من اثبات الدين بعد الموت
الاستيفاء من التركة وباعتبار المقصود تتحقق الشركة بينهم فيه وأبو حنيفة ومحمد قالا كل
82

فريق إنما يشهد للفريق الاخر بالدين في ذمة الميت ولو شهدا بذلك في حياته كانت الشهادة
مقبولة فكذلك إذا شهدوا به بعد موته وهذا لان الدين بالموت لا يتحول من الذمة إلى التركة
(ألا ترى) أن التركة لو هلكت لا يسقط شئ من الدين وأن للوارث أن يستخلص التركة
لنفسه بقضاء الدين من محل اخر فلا تتمكن الشركة بينهم ههنا بخلاف الوصية بالثلث فان حق
الموصى له ثبت في عين التركة حتى لا يبقى بعد هلاك التركة ولو أراد الوارث أن يستخلص
التركة لنفسه ويقضى حق الموصى له من محل آخر لم يكن له ذلك فكانت الشركة بينهم ثابتة
في التركة باعتبار شهادتهما وكذلك لو شهد بذلك ابنا هذين لهذين فهذا
والأول في الفصول الثلاثة سواء لان الشركة كما تمنع قبول شهادة الشريك لنفسه قبول
شهادة ابنه له ولو شهد الميت أو غيرهما بدين لرجلين على الميت ثم شهد هذان الرجلان بدين
لاخر على الميت فهو جائز لأنهما يضران أنفسهما فان دينهما قد ثبت فيها وبشهادتهما يثبتان
من يزاحمهما في التركة وهذا بخلاف الأول على قول أبى يوسف لان هناك تتمكن تهمة المواضعة
بين الفريقين لنفع كل واحد منهما صاحبه بشهادته ولا يتمكن مثل ذلك ههنا وإذا شهد الوصيان
بدين على الميت أو بوصية فشهادتهما جائزة لخلوها عن التهمة فان دفعا ذلك قبل أن يشهدا به
ثم شهد فشهادتهما باطلة لأنهما صارا ضامنين لما دفعا بغير حجة فهما بشهادتهما يدفعان الضمان
عن أنفسهما وكذلك شهادة ابنيهما أو أبويهما لا تقبل بعد الدفع لأنهما يدفعان الضمان بشهادتهما
عن أبيهما أو ابنيهما والله أعلم
(باب الاستثناء)
(قال رحمه الله) وإذا أوصى رجل لرجل بدينار الا درهما أو بمائة درهم الا دينارا فهو
كما قال يعطى من ثلثه دينار الا درهما وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف فأما عند محمد يعطى
ما سمى له أولا والاستثناء باطل وقد بينا المسألة في الاقرار أن الاستثناء بخلاف الجنس لغو
عند محمد رحمه الله لان الاستثناء لاخراج ما وراءه ولولاه لكان الكلام متناولا له ولا يتحقق
ذلك مع اختلاف الجنس فلا يكون هذا استثناء على الحقيقة بل يكون استثناء منقطعا بمعنى
لكن فمعناه أوصيت له بالدينار ولكن لم أوص له بدرهم فلا يكون رجوعا على شئ وهما يقولان
المجانسة في المقدار ثابتة معنى من حيث إنها ثبتت في الذمة ثبوتا صحيحا وإنما كان الاستثناء عبارة
83

عما وراء المستثنى بطريق المعنى دون الصورة فكان اعتبار المعنى فيه مرجحا فلهذا صح استثناء
المقدر من المقدر وإن لم يكن من جنسه صورة فعلى هذا لو قال كر حنطة الا درهما أو كر شعير
الا مختوم حنطة نقص من الشعير قيمة ذلك وكذلك لو قال له داري هذه أو عبدي هذا الا
مائة درهم فعندهما يبطل من ذلك قيمة مائة درهم ويجوز له ما بقي من الثلث وهذا مشكل فان
الدار والعبد ليسا بمقدورين ولكنهما يشترطان أن يكون المستثنى مقدرا والمستثنى هنا مقدر
وكأنهما يعتبران الاستثناء فاعتبار المالية في المقدرات يعرف بالتسمية فيصح استثناء القدر من
خلاف جنسه مقدرا كان أو غير مقدر أو يقول هذا في معنى وصية ببيع الدار والعبد منه بمائة
فكأنه يقول جعلت ملك هذه الدار وماليتها محاباة الا بقدر مائة درهم فانى لا أخلفها له بعوض
ولو كانت الدار قيمتها ألفا فأوصى ببيعها منه بمائة جازت المحاباة من الثلث فهاهنا كذلك إلا أن
هناك التمليك مضاف إلى جميع الدار وههنا إلى ما وراء المستثنى معنى وقيمة مائة درهم من الدار
يكون للورثة والباقي للموصى له * ولو قال أوصيت له بما بين العشرة والعشرين أو من العشرة
إلى العشرين أو ما بين العشرة إلى العشرين فهو سواء وله تسعة عشر درهما في قول أبي حنيفة
وعندهما له تمام العشرين استحسانا وروى زفر عن أبي حنيفة أن له ثمانية عشر وهو قول زفر
وكذلك لو قال بما بين المائة إلى المائتين فعند أبي يوسف ومحمد يدخل الغايتان استحسانا فله
المائتان وفي رواية زفر لا يدخل الغايتان فله تسعة وتسعون وفي قول أبي حنيفة تدخل الغاية
الأولى للضرورة ولا تدخل الغاية الثانية فله مائة وتسعة وتسعون وقد بينا المسألة في الاقرار
* ولو أوصى له بعشرة دراهم في عشرة فله عشرة وعلى قول زفر عشرون باعتبار أن حرف في
بمعنى حرف الواو أو بمعنى حرف مع وعند الحسن بن زياد له مائة بطريق الحساب فإنك إذا
سألت واحدا من الحساب كم عشرة في عشرة يقول مائة ولكنا نقول له عشرة لان حرف
في للظرف والعشرة لا تصلح ظرفا للعشرة فيلغو آخر كلامه ويجعل بمعنى الواو ومع مجازا
وبالمجاز لا يثبت تمليك المال كما لا يثبت بالسك والضرب من حيث الحساب تكثر السهام
لا أصل المال فعشرة دراهم وان ضربتها في عشرة أو في مائة تكثر السهام فيها ولا يزداد
وزنها * ولو قال بعشرة أذرع في عشرة أذرع من داره أو أرضه جعلت له مائة ذراع مكسرة
لان لذوي المساحات طولا وعرضا فقوله فيها عشرة في عشرة لبيان الطول والعرض وذلك
لا يتناول الا مائة ذراع مكسرة بخلاف الدراهم فليس فيها لا طول ولا عرض وإنما يعرف
84

مقدارها بالوزن وبأول كلامه صار مقدار الوزن معلوما فيكون آخر كلامه خاليا عن الفائدة
ولو أوصى له بثوب سبع في أربع جعلت له ذلك كما قال لان للثوب طولا وعرضا فإنما مراده
بهذا اللفظ فيه بيان الطول والعرض على أن يكون الأكثر لبيان طوله والأقل لبيان العرض
وهذا لان اسم الثوب لا يتغير بزيادة الطول والعرض ونقصانهما وإنما يتغير الوصف فكان
قوله سبعا في أربع بيانا لصفة ما أوصى له به من الثوب بخلاف الدراهم فبزيادة المقدار يتبدل
الاسم لأنه لا يقال للمائة عشرة دراهم بحال وكذلك لا يقال لها عشر مرات عشرة في العادة
فلم يبق الا إلغاء آخر الكلام فيه * ولو أوصى له بحنطة في جوالق أعطيته الحنطة دون الجوالق
لأنه أوجب له مظروفا في ظرف فإنما يستحق المظروف خاصة وذكر الجوالق لتعيين محل
الجوالق وهذا لان حرف في للظرف وإنما يقال أوصى له بكذا ولا يقال أوصى له في كذا
فإنما يتناول الوصية بهذا اللفظ ما اتصل به حرف الباء وهو الحنطة دون ما اتصل به حرف
في وهو الجوالق ولو أوصى له بهذا الجراب الهروي أعطيته الجراب وما فيه لأنه أوصل
حرف الباء بالجراب والجراب الهروي اسم للجراب المملوء بيانا دون الجراب فارغا * ولو
أوصى له بهذا الدن الخل أعطيته الدن وما فيه كأنه قال بهذا الدن والخل فيكون حرف الباء
متصلا بهما جميعا معنى ولأنه وصل هذا الحرف بالدين وسمى الدين الخل وإنما يسمى به حقيقة
إذا كان مملوءا خلا * وكذلك لو أوصى له بقوصرة تمر ولو أوصى له بسيف أعطيته السيف
بجفنه وحمائله لان اسم السيف عند الاطلاق يتناول الكل ولو أوصى له بسرج أعطيته السرج
وما حمل من متاعه ولو أوصى له بقبة أعطيته عيدان القبة من غير كسوة لان الاسم للعيدان
(ألا ترى) أن في العادة لا يكون مع القبة كسوة ولكن كل مالك يتخذ كسوة القبة لنفسه
على حسب ما يريده بخلاف السرج والسيف ولو أوصى بقبة تركية أعطيته القبة بالكنود لان
الاسم يطلق على الكل عادة (ألا ترى) أنه لا يتخذ كل مالك للعيدان الا كنودا آخر عادة
وان أوصى له بحجلة فله الكسوة دون العود لان اسم الحجلة يتناول الكسوة بدون العيدان
والعيدان بدون الكسوة لها اسم آخر وهي القبة فلهذا لا يستحق باسم القبة الكسوة ولا باسم
الحجلة العيدان * ولو أوصى له بسلة زعفران أعطيته الزعفران دون السلة وكان ينبغي على قياس
ما تقدم أن يستحق السلة لأنه وصل حرف الباء بالسلة ولكنه ترك القياس لعرف الناس فإنهم
إذا قالوا سلة زعفران فإنما يريدون به بيان مقدرا الزعفران لا حقيقة السلة كما يقال كيل حنطة
85

وكيل شعير * وكذلك لو أوصى له بهذا العسل وهو في زق أعطيته العسل دون الزق وكذلك
لو قال بهذا السمن أو الزيت وما أشبه ذلك لأنه سمى في وصيته له المظروف وبتسمية المظروف
لا يستحق الظرف فلهذا لم يكن له من الوعاء شئ والله أعلم بالصواب
(باب الوصية بما في البطن)
(قال رحمه الله) وإذا أوصى رجل لرجل بما في بطن هذه الجارية ثم ولدت بعد موته
لستة أشهر أو أكثر فلا وصية له لأنه أوصى بالمعدوم ولم يعلم وجوده عند موت الموصى حقيقة
ولا حكما ووجوب الوصية بالموت فما لم تكن العين معلومة الوجود عند وجوب الوصية لا تكون
الوصية به صحيحة وبيان ذلك أن أدنى مدة الحبل ستة أشهر فيحتمل أن يكون هذا الولد من
علوق حادث بعد موته وقد بينا أن الوصية بما في بطن الحيوان لا تصح قبل الوجود واسناد
العلوق إلى وقت سابق يكون لضرورة الحاجة إلى اثبات نسبه وذلك لا يوجد ههنا وان
جاءت به لأقل من ستة أشهر وجب الوصية به من الثلث لأنا تيقنا بوجوده عن وجوب
الوصية وهو حالة الموت * ولو قال إن كان في بطن فلانه جارية فلها وصية الف وإن كان في
بطنها غلام فله وصية الفين فولدت جارية لستة أشهر الا يوما ثم ولدت غلاما بعد ذلك بيومين
فيها جميعا الوصية لأنا حكمنا بوجود الذي انفصل قبل تمام ستة أشهر عند موت الموصى وهما
توأمان خلقا من ماء واحد فمن ضرورة الحكم بوجود أحدهما في وقت الحكم بوجود الاخر
فيه والوصية أخت الميراث وفي الميراث الجنين في البطن والمولود في الحكم سواء إذا انفصل
حيا فكذلك في الوصية ثم شرط الوصية بالألف وجود الجارية في بطنها وقد وجد الشرطان
وان ولدت غلامين أو جاريتين لأقل من ستة أشهر فذلك إلى الورثة يعطون اي الغلامين
شاؤوا أو أي الجاريتين شاؤوا لأنه أوجب الوصية لأحدهما ومثل هذه الجهالة اليسيرة المستدركة
لا تمنع صحة الوصية كما لو أوصى بثلاثة لفلان أو فلان والبيان إلى الورثة لأنهم قائمون مقام
مورثهم * ولو قال إن كان الذي في بطنك غلام فله ألفان وان كانت جارية فلها الف فولدت
غلاما وجاريه فليس لواحد منهما شئ لان اللفظ المذكور يتناول جميع ما في بطنها بمنزلة
قوله إن كان ما في بطنك أو جميع ما في بطنك ولم يكن جميع ما في بطنها ولم يكن جميع ما في بطنها على احدى الوصيتين
اللذين بهما علق استحقاق الوصية * وكذلك لو قال إن كان حملك فهو اسم جميع المذكور لجميع
86

المجهول قال الله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ثم العدة لا تنقضي الا بوضع
جميع ما في البطن وإذا ترك امرأة حبلى فأوصى رجل لما في بطنها وصية ثم وضعت الولد لأقل
من ستة وجبت له الوصية لأنا نسند العلوق إلى حال حياته لضرورة الحاجة إلى اثبات نسب
الولد منه وإذا أسندنا فقد حكمنا بكون الولد موجودا في البطن حين أوجب له الوصية فكان
ذلك بمنزلة علمنا حقيقة وان ولدت ميتا فلا وصية له لأنه لا يستحق الوصية الا باعتبار صفة
الحياة فيه بعد موت الموصي ولا يعلم ذلك حين انفصل ميتا بخلاف ما إذا انفصل حيا ثم مات
(ألا ترى) أن في حكم الميراث الذي انفصل ميتا لا يجعل ولدا في حكم الاستحقاق فكذلك
في الوصية وان ولدت ولدين أحدهما حي والاخر ميت فالوصية للحي منهما بخلاف ما إذا
ولدتهما حيين لأنه تم استحقاق الوصية لهما فبموت أحدهما بعد ذلك يصير نصيبه لورثته وأما
إذا انفصل أحدهما ميتا فلم تعلم حياته بعد موت الموصى فلا يصح ضمه إلى الحي فكانت الوصية
كلها للحي بمنزلة ما لو أوصى لحي وميت وهما منفصلان والله أعلم بالصواب
(باب الوصية بالجزء والسهم)
(قال رحمه الله) وإذا أوصى لرجل بسهم من ماله فله أحسن سهام ورثته سهام يزاد
ذلك على الفريضة إلا أن يكون أحسن السهام أكثر من السدس فلا يزاد عليه في قول
أبي حنيفة رحمه الله وفي موضع آخر قال له السدس فيتناوله فيما إذا لم يكن في سهام ورثته أقل
من ذلك وعلى قول أبى يوسف ومحمد رحمهم الله يزاد على الفريضة للموصى له بسهم كسهم
أحدهم قل ذلك أو كثر إلا أنه إذا زاد على الثلث رد إلى الثلث إن لم يجز الورثة لا لان السهم
لا يتناول ذلك بل لان الوصية لا تنفذ فيما زاد على الثلث بدون الإجازة * وجه قولهما أن التركة
بموته تصير سهاما بين ورثته لكل واحد منهم سهم فتسمية السهم للموصى له في هذه الحالة
إنما تتناول أحد تلك السهام ولا يثبت الا أقلها لان في كون الأقل مرادا تيقن وفيما زاد على
ذلك شك وأبو حنيفة اعتبر السدس لحديث ابن مسعود رضي الله عنه حين سئل عمن أوصى
لرجل بسهم من ماله فقال له السدس وهكذا نقل عن اياس بن معاوية وجماعة من أهل اللغة
قالوا لسهم السدس والدليل عليه أن لفظة السهم إنما تتناول سهم من يكون من جملة ورثته باعتبار
الأصل لا باعتبار سبب عارض وذلك القرابة دون الزوجية فما يكون عارضا في مزاحمة ما هو
87

أصلى كالمعدوم وسهام من يستحق بالقرابة السدس أو الثلث أو النصف فاما الربع والثمن إنما
يستحق بالزوجية فيتناول اللفظ أدنى ما يستحق من السهام بالقرابة وهو السدس حتى لا يزاد
على ذلك ولكن ينقص عنه إذا كان في سهم ورثته أقل من ذلك لأنه إنما يوجب له مثل سهم أحد
ورثته فلا يستحق الا المتيقن به وهو الأقل وهذا لأنه لما ذكر السهم دون الثلث عرفنا انه
مالك أداء الثلث لا النصف لأنه ليس له أن يوصى بالنصف فيتعين السدس مرادا له * يوضحه أن
أعدل الاعداد في خروج سهام الفرائض منه الستة فإنها تشتمل على ما يستحق من السهام
بالقرابة الأصلية كالسدس والنصف والثلث والثلثين (ألا ترى) ان الدراهم تجرى على الأسداس
فيجعل للسدس سبيلا على حدة ولا يجعل ذلك للثمن ولا للربع فعرفنا ان السدس عدل في هذا
الباب فيستحق ذلك بالتسمية إلا أن يكون أحسن سهام ورثته دون ذلك ثم يزاد ذلك القدر
على سهام الفريضة لأنه يجعل الموصى له شريك ورثته بسهم وقد علمنا أنه لم يرد تحويل سهم
أحد ورثته إليه لأنه لا سبيل إلى ذلك فعرفنا أن المراد ايجاب مثل أحد السهام له ومثل الشئ
غيره ولو أوصى له بجزء من ماله أو بنصيب من ماله أو بطائفة من ماله أو ببعض ماله أو بشقص
من ماله أعطاه الورثة ما شاؤوا لأنه سمى له شيئا مجهولا وليس لنا عبارة من جنس ما سمي ليصرف
مقدار المسمى بالرجوع إلى عبارة وجهالة الموصى به لا تمنع صحة الوصية والوراث في البيان يقام
مقام المورث بخلاف السهم فقد وجدنا هناك عيارا من جنس ما سمى عند وجوب الوصية يمكن
أن يعلم به مقدار الوصية وذلك سهام ورثته بعد موته * ولو أوصى له بالثلث الا شيئا أو الا
قليلا أو الا يسيرا أو بزهاء ألف أو بعامة هذه الألف أو جل هذه الألف أو بعظم هذه الألف
وذلك يخرج من الثلث فله النصف من ذلك وما زاد على النصف فهو إلى الورثة يعطون
منه ما شاؤوا لأنه ليس فيه أكثر من مستثنى مجهول وأن جهالته توجب جهالة المستثنى منه ولكن
الوصية في المجهول صحيحة ثم في العادة المستثنى بهذه الألفاظ يكون دون المستثنى منه والكلام
المقيد بالاستثناء يكون عبارة عما وراء ذلك المستثنى فيجعل كأنه أوصى بنصف الألف وزيادة
فيكون القول في مقدار بيان الزيادة إلى الورثة ثم عاد إلى بيان قول أبي حنيفة قال إذا أوصى
بسهم من ماله وله ابنتان وامرأة وأبوان فله ثلاثة من ثلاثين سهما عندهم جميعا لأن هذه الفريضة
من سبعة وعشرين بعد العول وأخس السهام نصيب المرأة فيزاد للموصى له مثل نصيبها
فيكون له ثلاثة من ثلاثين وكان له عشرة بنين وعشرة بنات فله سهم من أحد وثلاثين لان
88

المال بين أولاده على ثلاثين سهما وأخس السهام سهم بنت فيزاد ذلك على سهام الفريضة
للموصى له * ولو كانت امرأة لها أبوان وابنتان وزوج فللموصى له سهم من ثمانية أسهم ونصف
لان أصل هذه الفريضة من بعد العول من سبعة ونصف للابنتين الثلثان أربعة وللزوج
الربع سهم ونصف وللأبوين السدسان فزدنا على ذلك مثل أخس السهام وذلك سهم * ولو
تركت المرأة أختين لأب وأم وأختين لأم وأما وزوجا جعلت له سهما من أحد عشر سهما
لأن هذه الفريضة بعد العول من عشرة للأختين لأب وأم وأربعة وللأختين لأم سهمان وللأم
سهم وللزوج ثلاثة فيزاد على ذلك سهم للموصى له * ولو تركت زوجا وأخوين وأوصت بسهم
من مالها ففي قول أبي حنيفة له السدس لان سهم أحد الورثة زائد على السدس فله السدس
ولأنه ليس للأخوين فريضة معلومة وإنما الفريضة من ستة باعتبار أنها أعدل الاعداد كما بينا
وفي قولهما له الخمس لان أخس الأنصباء الربع وهو نصيب أحد الأخوين فيزاد على أربعة
للموصى له سهم وهو الخمس * ولو ترك الرجل امرأة وأما وأختين لأب وأم وأختين لأم
فأوصى بسهم من ماله جعلت لصاحب الوصية سهما من تسعة أسهم ونصف لان أصل الفريضة
من ثمانية ونصف بعد العول للأختين لأب وأم أربعة وللأختين لأم سهمان وللأم سهم
وللمرأة سهم ونصف فذلك ثمانية ونصف ثم يزاد للموصى له مثل أخس السهام سهما فلهذا
كان له سهم من تسعة ونصف والله أعلم بالصواب
(باب الوصية على الشرط)
(قال رحمه الله) وإذا أوصى الرجل لامته أن تعتق على أن لا تتزوج ثم مات فقالت
لا أتزوج فإنها تعتق من ثلاثة لان الشرط قبولها الامتناع من التزوج وقد قبلت (ألا ترى)
أنه لو أعتقها على مال عتقت بنفس القبول فكذلك إذا أوصى بعتقها على أن لا تتزوج تجب
الوصية لها بنفس القبول فتعتق من ثلثه * يوضحه أنه لم يقصد المولى بهذا اللفظ انعدام التزوج
منها أبدا فان ذلك لا يتم الا بموتها وبعد موتها لا يتصور عتقها فعرفنا أن مراده انعدام التزوج
عقيب موته وقد وجد ذلك حين قبلت أن لا تتزوج فتعتق ثم الامتناع من التزوج لا يصير
دينا في الذمة لاحد على أحد فان تزوجت بعد ذلك جاز نكاحها ولم تبطل وصيتها لأنها قد
عتقت والعتق بعد ما نفذ لا يمكن رده ولم يكن للمولى في هذا الشرط منفعة ظاهرة ولا لورثته
89

ففواته لا يوجب عليها السعاية كما لو كان شرط عليها أن تصوم أو تصلى تطوعا * يوضحه أن
القدر المشروط امتناعها من الزواج عقيب موته ولم يعقب ذلك وان تزوجت بعد ذلك *
وكذلك لو قال هي حرة ان ثبتت على الاسلام أو على أن لا ترجع عن الاسلام فان أقامت
على الاسلام ساعة بعد موته فهي حرة من ثلثه لأنه لم يكن الشرط بثلثها على الاسلام إلى
وقت موتها فان الجزاء وهو العتق لا يترك فيها بعد ذلك واللفظ إذا تعذر فيه اعتبار الأقصى
يعتبر الأدنى وذلك في أن تثبت على الاسلام ساعة بعد موته ثم ظاهر ما قال يدل على أن
العتق يتنجز فيها من غير تنجيز وتأويله أنه لم يضف ذلك إلى ما بعد الموت فأما إذا أضافه إلى
ما بعد الموت فإنها لا تعتق لان العتق إذا لم يتنجز بنفس الموت فلا بد من التنفيذ
بعد ذلك وقد بينا ما في هذا الكلام في كتاب العتاق في قوله أنت حر بعد موتى بيوم
* ولو أوصى لأم ولده بألف درهم على أن لا تتزوج أو قال إن لم تتزوج أو على أن تثبت مع
ولدى فقبلت وفعلت ما شرط عليها بعد موته يوما أو أقل أو أكثر فلها الوصية لان المعتبر
وجود أدنى ما يتناوله اللفظ لعلمنا انه لم يرد به الأقصى فيتم استحقاقها بقبولها لوجود ذلك
الأدنى منها ثم لو تزوجت بعد ذلك لم تبطل وصيتها * ولو أوصى لخادمة أن تقيم مع أبيه أو مع
ابنيه حتى يستغنيا ثم هي حرة ولا وارث له غيرهما وهي تخرج من ثلثه فإن كانا كبيرين خدمتهما
حتى تتزوج الجارية ويصيب الغلام خادما أو ما لا يبلغ خادما يستغنى به عن خدمتها وان كانا
صغيرين تخدمهما حتى يدركا فإذا أدركا عتقت لان مطلق اللفظ محمول على ما يتفاهم الناس في
مخاطباتهم وهو شرط عليها الخدمة إلى غاية وهو استغناؤهما عن خدمتها فلا بد من اعتبار تلك
الغاية وهي استغناء الكبير عن خدمتها فإذا كانا صغيرين فاستغناؤهما يكون بالادراك لأنهما عند
ذلك يتمكنان من القيام بخدمتهما فإذا وجدت تلك الغاية فقد وجد ما شرط عليها فيجب
اعتاقها من ثلثه حتى إذا لم يكن له مال غيرها أعتقت وسعت في ثلثي قيمتها للورثة فان مات
أحدهما أو ماتا قبل أن يستغنيا بطلت وصيته بالعتق لفوات الشرط * وإذا أوصى النصراني بخادم
له بالعتق ان ثبتت على النصرانية بعد موته أو على الاسلام فثبتت على ذلك بعد موته ساعة أو
أكثر فإنها تعتق من ثلثه فان تغيرت بعد ذلك لم تبطل وصيتها وعتقها ماض وان أسلمت عقيب
موته بلا فصل ولم تثبت على النصرانية فإنها لا تعتق لان المعتبر أدنى ما يتناوله اللفظ وشرط
ثبوت الوصية ثباتها على ما شرط عليها وهو أن تثبت عليه بعد موته فان ثبتت على ذلك ساعة
90

فقد تم الشرط وإن لم تثبت فقد بطلت الوصية لفوات الشرط * ولو أوصى لأم ولده بألف درهم
إن لم تتزوج أبدا أو وقت لذلك وقتا فهو كما قال لأنه لا وجه لحمل اللفظ على أدنى ما يتناوله
بعد تصريحه بالتأبيد أو بعد التوقيت نصا بل ما نص عليه أولى بالاعتبار فان تزوجت قبل
ذلك الوقت فوصيتها باطلة لفوات الشرط * وكذلك لو قال لامته أعتقوها إن لم تخرج من
عند ولدي إلى شهر أو قال هي حرة إن لم تتزوج شهرا فإذا تزوجت قبل الشهر أو خرجت
من عند ولده بطلت وصيته لها لفوات الشرط * ولو أوصى لها بالعتق على أن لا تتزوج فلانا
بعينه فقبلت ذلك عتقت من ثلثه فان تزوجت بعد ذلك لم يضرها ذلك لأنه ذكر الشرط مطلقا
فيتناول الأدنى ويتم بوجود ذلك منها بعد موته ساعة فيجب اعتاقها وبعد ما عتقت لا يمكن
ردها إلى الرق * ولو أوصى لها بالعتق على أن لا تتزوج فلانا بعينه أبدا فقبلت ذلك فإنها
تعتق من ثلثه فان تزوجته بعد ذلك أو لم تتزوج فلا شئ عليها لأنا علمنا أن المولى لم يقصد
تأخير عتقها امتناعها عن التزوج أبدا إذ لا يتصور العتق بعد ذلك بأنه شرط وإنما شرط
قبولها ذلك وامتناعها من التزوج بعد موته ساعة وقد وجد ذلك ثم لا منفعة للمولى في هذا
الشرط ففواته لا يوجب عليها السعاية في شئ بعد ما عتقت وإن كان فلان ذلك وارثه لا وارث
له غيره وقد أعتقها على أن تتزوجه فأبت أن تزوجه نفسها فإنها تسعى في قيمتها لان في التزوج به
منفعة الوارث واشتراط منفعة لوارثه عليها كاشتراطه منفعة لنفسه ولو أعتقها في حياته على أن تتزوج
به فأبت كانت عليها السعاية في قيمتها لان الشرط الذي فيه منفعة موجبه المطالبة به والامتناع
منها يلزمها رد بمقابلته والعتق بعد ما نفذ لا يمكن رده فكان الرد بايجاب السعاية عليها * ولو
أوصى بعتق عبد له على أن لا يفارق ولده أبدا وعليه دين يحيط بماله بطلت وصيته ويباع في
الدين لان الدين مقدم على الوصية والميراث فان أعتقه الورثة لم يجز عتقهم لكون الدين محيطا
بالتركة فكذلك بعد وصية الأب فإن كان فيه فضل على الدين جاز عتق الورثة لان الدين الذي
هو عين محيط لا يمنع ملك الوارث في جميع التركة في قول أبي حنيفة رحمه الله الاخر وإذا
نفذ العتق منهم ضمنوا الدين للغرماء لان حقهم تعلق بمالية رقبته وقد أتلفوا ذلك عليهم بالاعتاق
والله أعلم بالصواب
(باب وصية الصبي والوارث)
(قال رحمه الله) وإذا أوصى الصبي بوصية فوصيته باطلة سواء مات قبل الادراك
91

أو بعده عندنا وقال الشافعي وصيته بما يرجع إلى الخير ويكون مستحسنا عند أهل الصلاح
صحيحة يجب تنفيذها وكذلك الخلاف في المجنون واستدل في ذلك بحديث عمر رضي الله عنه
أنه أجاز وصية غلام يفاع أو قال يافع وهو الذي قارب البلوغ ولم يبلغ بعد وهذا لان
أوان وجوب الوصية ما بعد الموت وبالموت يستغنى هو عن المال وإنما لا يصح تصرفه في
حياته لمعنى النظر له حتى يبقي له المال فيصرفه إلى حوائجه بعد البلوغ ومعنى النظر له في تنفيذ
وصيته إذا مات في ذلك لأنه يكتسب الزلفى والدرجة بعد ما استغنى عن المال بنفسه والدليل
عليه أن الوصية أحب الميراث والصبي في الإرث عنه بعد الموت مساو للبالغ فكذلك في
الوصية قال ولا يلزمني على قولي هذا أن اسلامه لا يصح بنفسه وأن قبول الهبة والصدقة
لا يصح لان ما فيه منفعة للصبي إذا أمكن تحصيله له بوليه لا يعتبر فيه عقله ورشده وإذا
لم يمكن تحصيله بوليه يعتبر فيه عقله ورشده توفيرا للمنفعة عليه والإسلام يحصل له بغيره وكذلك
قبول الهبة والصدقة فاما اكتساب الاجر بالوصية فلا يمكن تحصيله له بغيره فلا بد من اعتبار
عقله فيه وأصحابنا رحمهم الله يقولون هذا تمليك المال بطريق التبرع ولا يصح من الصبي والمجنون
كالهبة والصدقة وهذا لان اعتبار عقله فيما ينفعه دون ما يضره (الا ترى) أنه لم يعتبر
عقله في حق الطلاق والعتاق لان ذلك يضره باعتبار أصل الوضع فكذلك تمليك المال بطريق
التبرع فيه ضرر باعتبار أصل الوضع وان تصور في الوصية منفعة فذلك باعتبار الحال وفي
التصرفات يعتبر أصل الوضع لا الأحوال (ألا ترى) أن الطلاق قد ينفعه في بعض الأحوال بأن
يطلق امرأته الفقيرة ويتزوج بأختها الموسرة ولم يعتبر هذا فهذا مثله وكما أن منفعة الوصية
لا يمكن تحصيلها له بوليه فمنفعة الهبة والصدقة من حيث الاجر وصلة الرحم لا يمكن تحصيلها
بوليه وهذا لا يدل على أنه كان يملك ذلك بنفسه وتأويل حديث عمر رضي الله عنه أنه كان
الغلام بالغا ولكنه كان قريب العهد بالبلوغ ومثله يسمى يافعا بطريق المجاز (ألا ترى) أنه
لم يستفسر وصيته كانت بعمل القربة أو بغيره وكذلك لو قال الصبي إذا أدركت ثم مت فثلثي
لفلان فهو باطل لان قول الصبي هدر في التبرعات كما هو هدر في الطلاق والعتاق ثم لا يصح
منه إضافة الطلاق والعتاق إلى ما بعد البلوغ كما لا يصح منه غيرهما فكذلك إضافة التبرع
وهذا بخلاف المكاتب إذا قال إذا أعتقت فثلث مالي وصية لفلان لان المكاتب مخاطب له
قول ملزم في حق نفسه فيصح إضافة التبرع إلى حالة حقيقة ملكه فاما الصبي فغير مخاطب
92

وليس له قول ملزم في التبرعات أصلا فأما المكاتب إذا أوصى بثلث ماله ثم أدى فعتق ثم
مات فعند أبي حنيفة الوصية باطلة وعند أبي يوسف هي صحيحة وهذا نظير ما سبق في كتاب
العتاق إذا قال المكاتب كل مملوك أملكه فيما استقبل فهو حر ثم عتق فملك مملوكا وإذا أوصى
الحربي المستأمن بماله لمسلم أو ذمي فهو جائز من قبل أن حكمنا لا يجرى على ورثته ومعنى
هذا أن امتناع نفوذ الوصية فيما زاد على الثلث لحق الورثة بدليل أنهم إذا أجازوا كان نافذا
وليس لورثته حق مرعى عندنا لان من في دار الحرب في حق من هو في دار الاسلام كالميت
ولان ثبوت الحرمة في هذا بسبب الأمان والأمان كان لحقه لا لحق ورثته ومن حقه تنفيذ
وصيته لا ابطالها وان أوصى بأقل من ذلك القدر أجزت وصيته ورددت الباقي على ورثته
لان ذلك مراعاة لحق المستأمن أيضا لا لحق ورثته ومن حقه تسليم ماله إلى ورثته إذا
فرغ عن حاجته وتصرفه والزيادة على مقدار ما أوصى به فارغ عن ذلك * وكذلك لو أعتق
عبدا له عند الموت أو دبر عبدا له في دار الاسلام فذلك صحيح منه من غير اعتبار الثلث وان
شهد على وصيته أهل الذمة أجزت ذلك وان كانوا على غير ملته لان الكفر كله ملة واحدة
وشهادة أهل الذمة على المستأمن مقبوله ولو أوصى له مسلم أو ذمي بوصية جاز ذلك لأنه ما دام
في دارنا فهو في المعاملات بمنزلة الذمي بدليل عقود التمليكات في حالة الحياة وذكر في الأمالي
أن على قول أبي حنيفة وأبى يوسف لا تصح الوصية من المسلم والذمي للمستأمن لأنه وإن كان
في دارنا صورة فهو من أهل دار الحرب حكما حتى يتمكن من الرجوع إلى دار الحرب
ولا يتمكن من إطالة المقام في دار الاسلام ووصية من هو من أهل دار الاسلام لمن هو من
أهل دار الحرب باطلة لان لتباين الدارين تأثيرا في قطع العصمة والموالاة ومحمد قال الوصية
تبرع بالتمليك ابتداء بعد الموت فتعتبر بالتبرع في حالة الحياة كالهبة والصدقة وذلك صحيح
من المسلم للمستأمن فكذلك هذا وان أوصى الحربي في دار الحرب بوصية ثم أسلم أهل
الدار وصاروا ذمة ثم اختصموا في تلك الوصية فإن كانت قائمة بعينها أجزتها وان كانت قد
استهلكت قبل الاسلام أبطلتها من قبل أنى لا آخذ أهل الحرب بما اغتصب بعضهم من بعض
فالمستهلك قبل الاسلام بمنزلة المغصوب والمستهلك لا ضمان فيه على المستهلك وما كان قائما بعينه
فالاسلام الموجود منه بعد العقد قبل حصول المقصود بمنزلة المقترن بالعقد فيجب تنفيذها
ولا تجوز وصية الذمي بأكثر من الثلث لان أهل الذمة التزموا أحكام الاسلام فيما يرجع
93

إلى المعاملات فكما أن الوصية فيما زاد على الوصية والوصية لبعض الورثة لا تجوز من المسلم
مراعاة لحق ورثته فكذلك لا تجوز من الذمي وان أوصى لغير أهل ملته فهو جائز لأنهم
أهل ملة واحدة في حكم الإرث فكذلك في حكم الوصية وان أوصى لحربي في دار الحرب
لم تجز لتباين الدارين بينهما حقيقة وحكما ولهذا لا يجرى التوارث بينهما وان أوصى الذمي
للبيعة أو للكنيسة أن ينفق عليها في اصلاحها أو أوصى أن يبنى بماله بيعة أو كنيسة أو بيت
نار أو أوصى بأن يذبح لعيدهم أو للبيعة أو لبيت نارهم ذبيحة جاز في قول أبي حنيفة ولم يجز
شئ منه في قول أبى يوسف ومحمد (ووصايا أهل الذمة على ثلاثة أوجه) منها أن يوصى بما هو
قربة عندنا وعندهم كالوصية بالصدقة والعتق والاسراج في البيت المقدس فهذا يجب تنفيذه
من ثلثه بالاتفاق كما يجب تنفيذه إذا كان الموصى مسلما فإنهم يتقربون إلى الله تعالى بذلك بزعمهم
وان كانوا لا يثابون على ذلك * ووجه منها أن يوصى بما هو قربة عندنا معصية عندهم كالوصية
بالحج والغزو إلى الروم إذا كان الموصى منهم فهذه الوصية تبطل لأنه لا يعتقد القربة فيه وإنما
أمرنا أن نبني الاحكام على ما يعتقدون إلا أن يوصى بشئ من ماله لأقوام معينين يصرفونه
إلى هذه الجهة فحينئذ تنفذ الوصية لأعيانهم لا لمعنى القربة وهو نظير المسلم يوصى بشئ من
ماله للمغنيات أو للنائحات فإن كانوا أقواما بعينهم يحصون جازت الوصية لهم والا بطلت *
ووجه منها أو يوصى بما هو قربة عندهم معصية عندنا وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله بمنزلة
الوجه الأول يجب تنفيذها وعندهما بمنزلة الوجه الثاني لأنه ليس في هذه الوصية معنى القربة
حتى يقال إنها وقعت لله تعالى فإذا لم يكن لقوم معينين كان كان الموصى له مجهولا جهالة مستبهمة
فلا تصح الوصية وان كأن لأقوام معينين فهذه وصية منه لهم فيجب تنفيذها كما في الوجه
الثاني وأبو حنيفة يقول الموصى في هذه الوصية قصد التقرب إلى ربه فيجب تنفيذ وصيته
وان كأن لا يثاب عليه أو كان معصية في الحقيقة كما في الوجه الأول فان اصراره على الكفر
واشتغاله بالوصية معصية منه وهو غير مثاب على ما يوصى به من الصدقة ومع ذلك يجب تنفيذ
وصيته وهذا لأنا أمرنا بان نبني احكامهم على ما يعتقدون (ألا ترى) انا نجوز التصرف منهم
في الخمر والخنزير بناء على اعتقادهم وإنما نعتبر ما يظهرون من غير أن نعتبر حقيقة ما يضمرون
في ذلك ولهذا يحلفون بالله في الخصومات والدليل عليه ان فيما تبطل الوصية بغير اعتقادهم
لا اعتقاد المسلمين فكذلك فيما تصح الوصية وان بني في حياته بيعة أو كنيسة أو بيت نار ثم
94

مات كان ميراثا أما عندهما فلان هذه معصية وعند أبي حنيفة هذا بمنزلة الوقف والوقف
عنده لا يلزم في حالة الحياة ولا يمنع الإرث بخلاف ما إذا كان مضافا إلى ما بعد الموت وهذا
بخلاف بناء المسجد من المسلم فان ذلك تقرب بتحرير تلك البقعة وجعلها لله تعالى خالصا (ألا ترى)
انه يعدها لعباد الله تعالى فاما بقعة البيع فاما يعدها للتبرك وعباده الشياطين فلا تتحرر به عن
ملكه فلهذا تصير ميراثا لورثته ووصية الذمي بالخمر والخنزير جائزة لأنها مال متقوم في حقهم
بمنزلة الشاة والعصير في حقنا ولو أوصى الذمي إلى المسلم فذلك جائز عندنا والشافعي لا يجوز
ذلك لان الوصي يخلف الموصى وكما أن اختلاف الدين يمنع الخلافة بسبب الإرث في الملك
والتصرف فكذلك يمنع الخلافة في التصرف بجهة الايصاء إليه ولكنا نقول تفويض التصرف
بجهة الايصاء إليه بعد موته بالوصية كتفويض التصرف إليه في الوكالة في حياته الا انه إذا كان
في التركة خمر أو خنزير فينبغي للمسلم أن يوكل ببيع ذلك من يثق بأمانته من أهل الذمة ولا
يباشره بنفسه لأنه ممنوع من التصرف في الخمر والخنزير شرعا ومنهى عنه وإذا شهد قوم
من أهل الذمة بدين على الذمي والوصي مسلم فالشهادة جائزة لان الدين بهذه الشهادة
لا يثبت في ذمة الوصي إنما يثبت في ذمة الميت فيكون القضاء به على الميت وعلى ورثته وهي
حجة عليهم (ألا ترى) أن ذميا لو وكل بخصومته مسلما فشهد عليه شهود من أهل الذمة
جازت الشهادة قال ولا تجوز شهادتهم بما تولاه الوصي من عقوده لان مباشرته العقد لغيره
بمنزلة مباشرته لنفسه وإنما يجب الدين في ذمته فلا يثبت الا بشهادة هي حجة في حقه * ولو
أوصى الذمي للمسلم أو المسلم للذمي بوصية جاز ذلك عندنا اعتبارا للتبرع بالتمليك بعد الوفاة
بالتبرع حالة الحياة * ولو أوصى المسلم ببيت له يبني مسجدا فهو جائز من ثلثه لأنه تقرب بتلك
البقية إلى الله تعالى حين جعلها معدة لإقامة الطاعة فيها ولو فعل ذلك في حياته جاز فكذلك
إذا أوصى بعد موته * ولو أوصى بان يرم مسجد مبنى أو يلقى فيه حصى أو يجصص أو يعلق
عليه أبواب فهو جائز من ثلثه لوجود معنى القربة فيما أوصى به ولم يذكر في الكتاب إذا أوصى
بشئ من ماله للمسجد وذكر في نوادر هشام أن ذلك لا يجوز عند أبي يوسف إلا أن يبين
فيقول لمرمة المسجد أو لعمارته أو لمصالحه فان مطلق قوله للمسجد يوجب التمليك من المسجد
كقوله لفلان والمسجد ليس من أهل الملك وعلى قول محمد هذه الوصية جائزة من ثلثه لان
العرف يقيد مطلق لفظه وفي العرف إنما يفهم من هذا اللفظ مرمة المسجد أو عمارته وان جعل
95

السفل مسجدا والعلو مسكنا أو على عكس ذلك فهو ميراث يباع لان الأصل في المساجد
الكعبة وتلك البقعة جعلت لله تعالى وتحررت عن حقوق العباد فكل ما يكون في معنى ذلك
فهو نافذ وما لم يكن في معناه فليس بمسجد وعلى قول الحسن ان جعل السفل مسجدا دون
العلو جاز وان جعل العلو مسجدا دون السفل لا يجوز لان المسجد ماله قرار وتأبيد وعن أبي
يوسف أنه جوز ذلك كله حين قدم بغداد ورأي ضيق المنازل بأهلها وقد بينا هذا الحبس في
كتاب الوقف وإذا أوصى المسلم ببيعة أو كنيسة فوصيته باطلة لان المسلم لا يتقرب إلى الله
تعالى بمثل هذه الوصية وهو لم يقع لإنسان بعينه * ولو أوصى المسلم بغلة جارية تكون في نفقة
المسجد ومرمته فانهدم المسجد وقد اجتمع من غلتها شئ أنفق عليه ذلك في بنائه لان وصيته
بهذا اللفظ تقع لمصالح المسجد ومن المصالح بناء المسجد بعد الانهدام ولو انهد المسجد وليس
بيده غلة مجتمعة فانى أبنى المسجد ثانيا وأنفق عليه من غلتها يعنى بطريق الاستقراض فيقضى
ذلك من غلتها في المستقبل وان شاء أجمعوا على بناء المسجد من غير ذلك لان التدبير فيه إلى
أهل المسجد والله أعلم بالصواب
(باب الوصية بسدس داره)
(قال رحمه الله) وإذا قال الرجل في مرضه ثلثي لفلان أو سدسي لفلان ثم مات قبل
أن يقبض فهو في القياس باطل لأنه مجهول غير معروف وحكمها مختلف وهذا التعليل لأنه
لم يبين أن مراده الهبة في حياته أو الوصية بعد موته وحكمهما مختلف وقيل معناه ان مطلق
هذا اللفظ يتناول الهبة والموهوب مجهول غير مقبوض وذلك دون هبة المشاع فيما يحتمل
القسمة وقيل معناه ان حقيقة هذا اللفظ يتناول اللفظ نفسه لأنه قال ثلثي وسدسي ونفسه
لا تحتمل الايجاب للغير ولا يمكن حمله على ماله لأنه مجهول فإنه لا يدرى أله مال أم لا وأي
مقدار ماله ومن أي جنس ماله ولكنه أستحسن فجعل ذلك وصية من جميع تركته كما سمي
لان حقيقته تسقط اعتباره بدليل العرف كمن حلف لا يشترى بنفسجا ينصرف إلى الدين
دون الورق بدليل العرف والعرف الظاهر أنهم لا يريدون باطلاق هذا اللفظ في المرض
ايجاب الوصية في ثلث المال فكأنه أوصى له بثلث ماله ومعنى قوله بثلثي أي بالثلث الذي
جعل لي الشرع حق التصرف فيه بالوصية بعد موتى على ما قال رسول الله صلى الله عليه
96

وسلم ان الله تعالى تصدق عليكم الحديث * وإذا قال في وصيته سدس داري لفلان فان ذلك
جائز وليس هذا باقرار لأنه أضاف ما جعله لفلان إلى نفسه أولا فبه تبين أن المراد ايجابه له
لا الاخبار أنه كان له وبذكر هذا اللفظ في حالة الوصية يستدل على أن مراده الوصية دون
الهبة والشيوع لا يمنع صحة الهبة لان القسمة تتمة القبض وأصل القبض ليس بشرط في معنى
الوصية فكذلك القسمة بخلاف الهبة * ولو قال له السدس في داري فهذا اقرار لان اللام لثبات
الملك فقد أخبر بملكه في سدس منكر وجعل داره ظرفا لذلك السدس فلا يصير هو بإضافة
الظرف إلى نفسه بمضيف ملك السدس إلى نفسه حتى يكون ذلك تمليكا منه ابتداء فهو بمنزلة
قوله ذرة في كفى لفلان أو نواة في كمي لفلان * ولو قال له ألف درهم من مالي لم يكن هذا
اقرارا وهو وصية إذا كان ذكر في وصيته بخلاف قوله له ألف درهم في مالي لان حرف في
للظرف وحرف من للتبعيض فإذا جعل الألف بعضا من ماله كان مضيفا الألف إلى نفسه ثم
موجبا لفلان * وان قال عبدي هذا لفلان أو داري هذه لفلان فهذا مثل قوله سدس داري
لفلان في القياس إن لم يقبضها في حياته فهو باطل بخلاف قوله سدس داري لفلان لان حقيقة
هذا اللفظ للتمليك في الحال ففي العبد والدار يمكن تحصيل مقصوده مع اعتبار حقيقة اللفظ
لان اللفظ فيها يصح وفي قوله سدس داري لا يمكن تحصيل مقصوده مع مراعاة حقيقة اللفظ
فلهذا حملنا ذلك على الوصية * ولو قال درهم من دراهمي لفلان فليس هذا باقرار لان من للتبعيض
فقد جعل ما أوجبه لفلان من بعض ملكه وكذلك لو قال بيت من داري لفلان فليس هذا
باقرار بخلاف قوله بيت في داري * ولو قال سدس داري لفلان ولم يقل بعد موتى ولم يقل
ذلك في حالة الوصية فهذه هبة لأنه لا يمكن حمل لفظه على الوصية من غير دليل وليس في لفظه
ما يدل ولا في حاله ما يدل على ذلك فتكون هذه هبة غير مقسومة ولا مقبوضة ولو قال
أوصيت بان يوهب لفلان سدس داري بعد موتى وصية أو يتصدق به عليه وصية أجزت
ذلك وكذلك لو قال سدس داري لفلان بعد موتى هبة أو صدقة جاز ذلك لأنه لما قال بعد
موتى فقد صرح بالوصية فإنه أضاف التصرف إلى ما بعد الموت والتصرف المضاف إلى ما بعد
الموت يكون وصية فيجب تنفيذها من الثلث والله أعلم بالصواب
97

(باب الوصية بالكمال)
(قال رحمه الله) رجل ترك خمس بنين وبنتا فأوصى لاحد بنيه بكمال الربع بنصيبه فأجازوا
فالقسمة من ستة وثلاثين الربع من ذلك تسعة ونصيبه من ذلك ستة وكمال الربع ثلاثة
والباقي بين الآخرين لكل ابن ستة وللابنة ثلاثة فتخريجه على طريق الكتاب أن تقول أصل
الفريضة لو لم يكن فيها وصية من أحد عشر لكل ابن سهمان وللابنة سهم فاطرح نصيب
الموصى له وذلك سهمان واضرب ما بقي وهو تسعة في أربعة لأجل الوصية بكمال الربع
فيكون ستة وثلاثين سهما فهو المال * ومعرفة النصيب أن تأخذ ما طرحت وذلك سهمان فتضربهما
في أربعة فيكون ثمانية ثم اطرح من ذلك اثنين يبقى ستة فإذا ظهر المال والنصيب يأخذ
الموصى له ربع المال تسعة ستة من ذلك ميراثه بلا منة الإجازة وثلاثة الوصية فإذا تبين أن
وصيته ثلاثة أسهم يرفع ذلك من رأس المال قبل قسمة الميراث فإذا رفعت ثلاثة من ستة
و ثلاثين يبقى ثلاثة وثلاثون بين خمسة بنين وبنت لكل ابن ستة مثل النصيب وللابنة ثلاثة
* وطريق الدينار والدرهم في ذلك أن يجعل المال أربعة دراهم وأربعة دنانير لحاجتك إلى حساب
له ربع صحيح ثم يدفع إلى الموصى له الربع وذلك دينار ودرهم ويسترد منه بالنصيب دينار فيصير
في يد الورثة أربعة دنانير وثلاثة دراهم وحاجتهم إلى خمسة دنانير ونصف لأنا جعلنا نصيب
الابن دينارا فأربعة دنانير التي في أيديهم قصاص بمثلها يبقى له ثلاثة دراهم يعدل دينارا ونصفا
فانكسر فإذا ضوعف يكون ستة دراهم تعدل ثلاثة دنانير ثم اقلب القضية فيصير كل دينار
بمعنى ستة فذلك أربعة وعشرون وأربعة دراهم كل درهم بمعنى ثلاثة فتكون الجملة ستة
وثلاثين ثم أعطينا الموصى له دينارا ودرهما وذلك تسعة واسترجعنا منه بالنصيب دينارا
وذلك ستة فظهر التخريج كما بينا * وطريق الجبر فيه أن يأخذ مالا فيعطى الموصى له ربعه
ثم يسترد بالنصيب شيئا فيكون في بدل ثلاثة أرباع مال وشئ وحاجة الورثة إلى خمسة
أشياء ونصف شئ لأنا جعلنا النصيب شيئا فاجعل الشئ بالشئ قصاصا يبقى في يدك ثلاثة
أرباع مال يعدل أربعة أشياء ونصف شئ فزد على ما يعدله مثل ذلك وذلك شئ ونصف
شئ فإذا زدت على أربعة أشياء ونصف شيئا ونصف شئ يصير ستة أشياء فظهر أن المال الكامل
يعدل ستة أشياء فإذا أردت تصحيحه على وجه لا ينكسر فاضرب ستة في ستة فيكون ستة
98

وثلاثين فهو المال الربع منه تسعة * ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيئا وضربنا كل شئ في
ستة فتبين أن النصيب ستة وطريق الخطأين فيه أن يجعل ثلث المال أربعة ويعطى الموصى له
ثلاثة كمال الربع ويسترد منه بالنصيب سهما فيضم ذلك إلى ما في يد الورثة فيصير عشرة وحاجتهم
إلى خمسة ونصف لأنا جعلنا نصيب الموصى له سهما فظهر الخطأ بزيادة أربعة ونصف فعد إلى
الأصل وزد في النصيب نصف سهم فتبين أن النصيب سهم ونصف وحاجتهم إلى ثمانية وربع
لأنا جعلنا نصيب الابن سهما ونصفا فيكون لخمسة بنين سبعة ونصف وللابنة ثلاثة أرباع فذلك
ثمانية وربع فظهر الخطأ الثاني بزيادة سهمين وربع وكان الخطأ الأول بزيادة أربعة ونصف
فلما زدنا في النصيب نصف سهم أذهب نصف الخطأ فالسبيل أن تزيد سهما كاملا ليذهب جميع
الخطأ فيسترد بالنصيب من الموصى له سهمين يضمه إلى ما بقي من الثلث فيكون ثلاثة ثم يضم
ذلك إلى ما في يد الورثة وهو ثمانية فتصير أحد عشر مقسوما بين خمسة بنين والابنة لكل ابن
سهمان وللابنة سهم فاستقام التخريج فإذا عرفت طريق الخطأ فطريق الجابرين تخرج عليه
مستقيما أيضا * ولو ترك ثلاثة بنين وابنة وأوصى للابنة بالربع بنصيبها وأوصى بثلثي ما بقي من
الثلث فأجازوا فالفريضة من ثمانية وأربعين نصيب الابنة من ذلك خمسة وتمام الربع سبعة
وثلثا ما بقي من الثلث ستة ولكل ابن عشرة * أما على طريق الكتاب فنقول أصل الفريضة بدون
الوصية على سبعة لكل ابن سهمان وللابنة سهم فاطرح نصيب الموصى لهما وذلك واحد ثم
اضرب ما بقي وهو ستة في ثلاثة لوصيته بثلثي ما بقي من الثلث فيكون ثمانية عشر ثم زد على
ذلك سهمين لأنه لو كان أوصى بثلث ما بقي من الثلث كنا نزيد سهما واحدا و إذا أوصى بثلثي
ما بقي من الثلث تزيد سهمين فيكون ذلك عشرين ثم يضرب ذلك في أربعة لمكان وصيته بكمال
الربع فيكون ثمانين فهو ثلث المال وجملة المال مائتان وأربعون الربع من ذلك ستون * ومعرفة
النصيب أن تأخذ ما طرحت وهو واحد فتضرب ذلك في أربعة ثم تطرح واحدا ثم تضرب
ذلك في ثلاثة فيصير تسعة ثم في ثلاثة فيكون سبعة وعشرين ثم تطرح من ذلك سهمين لما
بينا أنه لو كان أوصى له بثلث ما بقي من الثلث كنا نطرح من مبلغ عدد النصيب سهما فإذا أوصى
بثلثي ما بقي من الثلث نطرح لأجل ذلك سهمين يبقى خمسة وعشرون وهو النصيب فإذا أخذت
الابنة ربع المال ستين واسترد منها بالنصيب فإذا أخذت خمسة وعشرين يبقى لها خمسة
وعشرون مقدار وصيتها ثم يرفع ذلك من ثلث المال وهو ثمانون يبقى خمسة وأربعون للموصى له
99

بثلثي ما بقي ثلثا ذلك وذلك ثلاثون يبقى خمسة عشر يضم ذلك إلى ثلثي المال مائة وستين
فيكون مائة وخمسة وسبعين بين ثلاثة بنين وابنة لكل ابن خمسون وللابنة خمسة وعشرون
مثل نصيبها فاستقام التخريج * وطريق الجبر في ذلك أن يأخذ ثلث مال مجهول فيعطى الموصى
له بالربع ثلاثة أرباع ذلك لان ثلاثة أرباع الثلث ربع الجميع ثم يسترد منها بالنصيب شيئا
فيكون الباقي من الثلث سهما من أربعة وشئ فللموصى له بثلث ما يبقى سهم وثلثا شئ يضم
ذلك إلى ثلثي المال وذلك ثمانية أسهم وثلث سهم وثلث شئ وذلك يعدل سبعة أشياء لأنا
جعلنا نصيب الابنة شيئا فيجعل ذلك ثلث شئ قصاصا يبقي ثمانية أسهم وثلث يعدل ذلك ستة
أشياء وثلث شئ فزد عليه بقدر ثلاثة أسهم وثلثي سهم ليتم المال وزد على ما يعدله وهو ستة
أشياء وثلثا شئ مثل ذلك ولا طريق لمعرفة ذلك والا بأن تضرب ستة في ثمانية يكون ثمانية
وأربعين وثلثين في ثمانية يكون خمسة وثلثا وستة في ثلث اثنان وثلثان في ثلث تسعان فذلك
خمسة وخمسة اتساع ثم تزيد عليه ثلاث مرات ستة وثلثين فذلك عشرون وثلثا ستة وثلاثين
وذلك أربعة وأربعة اتساع فيكون أربعة وعشرين وأربعة اتساع إذا زدت ذلك على خمسة
وخمسين وخمسة اتساع كان ذلك ثمانين فتبين أن المال الكامل ثمانون وليس له ثلث صحيح
فيضرب ذلك في ثلاثة فيصير مائتين وأربعين فهو جميع المال الثلث ثمانون والربع ستون
ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيئا وقد ضربنا كل شئ في ثمانية وثلث ثم يضرب ذلك
في ثلاثة كما ضربنا أصل المال فيكون ذلك خمسة وعشرين فظهر أن النصيب خمسة وعشرون
ثم التخريج كما بينا في الطريق الأول قال ثم بين هذه الاجزاء موافقة بالخمس فيختصر على الخمس
من كل واحد وخمس مائتين وأربعين ثمانية وأربعون وخمس خمسة وعشرين خمسة فهو النصيب
وخمس خمسة وثلاثين سبعة وخمس خمسين الذي هو نصيب كل ابن عشرة فاستقام قال
رحمه الله رجل أوصى بداره تباع لرجل بألف درهم وأوصى لرجل بقرض ألف درهم سنة
فاستهلك الوارث المال بعد موت أبيه وقد كان أبوه ترك ألفي درهم ودارا قيمتها ألف درهم
فإنه تباع الدار من الذي أوصى له ببيع الدار بألف درهم ويستوفى منه الألف فيدفع ذلك
إلى الموصى له بالقرض سنة ثم يؤخذ منه ذلك فهو للوارث لأنه ليس في البيع محاباة وإنما
تنفذ الوصية للموصى له بالفرض في جميع الثلث والثلث ثمن الدار فيقرض ذلك منه سنة ولا
يقال الاجل لا يلزم في القرض لان هذا في حالة الحياة فاما بعد الموت فالاجل يلزم في القرض
100

لا القرض بمنزلة العارية؟ ولو أوصى بأن تعار داره من فلان سنة كان يجب الوفاء بذلك
فكذلك إذا أوصى بأن يقرض الألف منه سنة فإذا مضت السنة فقد فرغ الألف من الوصية
فيرد على الوارث * رجل مات وترك أربعة بنين وأوصى لأحدهم بالثلث بنصيبه وبربع ما يبقى
من الثلث الاخر فأجازوا قال هي من تسعة وثلاثين سهما النصيب ثمانية وتكملة الثلث خمسة
وربع ما بقي من الثلث سهمان * وتخريجه على طريق الكتاب أن نقول أصل الفريضة من أربعة
لكل ابن سهم فيطرح نصيب الموصى له يبقى ثلاثة ثم تضرب ذلك في أربعة لوصيته بربع
ما يبقى فيكون اثنى عشر ثم تزيد عليه سهما فيكون ثلاثة عشر ثم تضرب ذلك في ثلاثة لوصيته
بتكملة الثلث فيكون تسعة وثلاثين سهما فهو المال الثلث منه ثلاثة عشر * ومعرفة النصيب أن
تأخذ واحدا وتضربه في ثلاثة فيكون ثلاثة ثم تطرح منه سهما لمكان وصيته بربع ما يبقى ثلاثة
عشر واسترجعت منه بالنصيب ثمانية بقي خمسة فهو مقدار الوصية له فإذا رفعت ذلك من الثلث
بقي ثمانية للموصى له بربع ما يبقى ربع ذلك سهمان بقي ستة فتضم ذلك إلى ثلثي المال ستة وعشرين
فيكون ذلك اثنين وثلاثين بين أربعة بنين لكل ابن ثمانية * وطريق الجبر فيه أن تأخذ ثلث
مال مجهول فتعطيه الموصى له بتكملة الثلث ثم تسترد منه بالنصيب شيئا فتعطى الموصى له بربع ما يبقى
ربع ذلك الشئ يبقى من الثلث ثلاثة أرباع شئ تعدل أربعة أشياء لأنا جعلنا النصيب شيئا
فثلاثة أرباع شئ قصاص بمثله يبقى ثلثا المال يعدل ثلاثة أشياء وربع شئ فيكمل المال بان يزيد
عليه بمثل نصفه ثم يزيد على ما يعدله مثل نصفه وذلك شئ وستة أثمان شئ وقد انكسر
بالأثمان فيضرب ثلاثة وربع في ثمانية فيكون ذلك ستة وعشرين يزيد عليه مثل نصفه وذلك
ثلاثة عشر فيكون تسعة وثلاثين فظهر أن المال الكامل يعدل تسعة وثلاثين ومعرفة النصيب
أنا جعلنا النصيب شيئا وضربنا كل شئ في ثمانية فإذا ظهر أن النصيب ثمانية والثلث
ثلاثة عشر استقام التخريج كما بينا فان ترك أبويه؟ وامرأته وثلاث بنات فأوصى لإحداهن
بالثلث من جميع المال بنصيبها والأخرى بالخمس بنصيبها فأجازوا ذلك قال هي من مائة سهم
وخمسة أسهم والوصية من ذلك أربعة وعشرون بقي واحد وثمانون للمرأة منها تسعة وللأبوين
أربعة وعشرون ولكل واحد من البنات ستة عشر فاعط صاحبة الثلث مع نصيبها تسعة عشر
وصاحبة الخمس مع نصيبها خمسة والتخريج على طريق الكتاب أن تصحح الفريضة فيكون
أصلها من أربعة وعشرين لحاجتنا إلى ثمن وسدس وثلثين ويعول بثلاثة فيكون من
101

سبعة وعشرين حظ البنات ستة وعشر بينهن أثلاثا لا يستقيم فتضرب سبعة وعشرين في ثلاثة
فيكون أحدا وثمانين يستقيم منها للمرأة تسعة ولكل واحد من الأبوين اثنا عشر ولكل ابنة
ستة عشر ثم يحتاج لمعرفة الوصية إلى حساب له ثلث وخمس وذلك بان يضرب ثلاثة في خمسة
فيكون خمسة عشر ثم يطرح نصيب الابنتين الموصى لهما من أحد وثمانين وذلك اثنان
وثلاثون يبقى تسعة وأربعون فاضرب تسعة وأربعين في خمسة عشر فيكون ذلك سبعمائة وخمسة
وثلاثين فهو مبلغ المال * ومعرفة النصيب أن نأخذ نصيب واحدة منهما وذلك ستة عشر
فيضرب ذلك في خمسة عشر بعد ما يطرح منه الثلث والخمس والثلث خمسة والخمس ثلاثة فإذا
طرحتهما بقي سبعة فاضرب ستة عشر في سبعة فيكون ذلك مائة واثنى عشر هذا نصيب
كل واحدة منهما ثم بين المال وبين النصيب موافقة بالسبع فيختصر على السبع من واحدة
منهما وسبع سبعمائة وخمسة وثلاثين مائة وخمسة وسبع مائة واثنى عشر ستة عشر فعند
الاختصار المال مائة وخمسة والنصيب ستة عشر وثلث جميع المال خمسة وثلاثون فيعطى الموصى
لهما بالثلث خمسة وثلاثون ويسترد منهما بالنصيب ستة عشر يبقى وصيتهما تسعة عشر وخمس
جميع المال أحد وعشرون فيعطى ذلك الموصى لهما بالخمس نصيبها من ذلك ستة عشر ووصيتهما
خمسة فإذا ظهر مقدار وصيتهما وذلك أربعة وعشرون يرفع ذلك من أصل المال ويبقى
واحد وثمانون مقسوما بينهم بالميراث للمرأة تسعة وللأبوين الأربعة وعشرون وللبنات ثمانية
وأربعون بينهن لكل واحدة منهن ستة وعشر مثل نصيبها وطريق الجبر فيه أن تأخذ مالا
مجهولا فتعطي ثلثه إحداهما وخمسا للأخرى وقد انكسر المال بالأثلاث والأخماس فظهر فيه
عدد السهام خمسة عشر بطريق الضرورة فلصاحبة الثلث خمسة ولصاحبة الخمس ثلاثة ثم
تسترجع بالنصيب من كل واحدة منهما شيئا فتضم ذلك إلى ما في يدك فيصير معك سبعة
أجزاء من خمسة عشر جزأ من مائة وستين وحاجتك إلى خمسة أشياء ونصف ثمن شئ لأنا
جعلنا نصيب كل ابنة شيئا فلهن ثلاثة أشياء وذلك ستة عشر بقي وراء ذلك أحد عشر نصيب
الأبوين والأم وإذا كان ستة عشر ثلاثة أشياء فأحد عشر يكون شيئين وثلث سهم نصف
ثمن شئ فإذا عرفت هذا قلت الشيئان بمثلهما قصاص يبقى سبعة أجزاء من خمسة عشر جزأ
من مال يعدل ثلاثة أشياء ونصف ثمن والمال ناقص فيزيد عليه مثله ومثل سبعة وهو ثمانية
أجزاء حتى يتم المال ثم يزيد على ما يعدله مثل ذلك وليس لثلاثة أشياء ونصف ثمن سبع صحيح
102

فالسبيل أن يضرب ثلاثة أشياء ونصف ثمن في مخرج نصف الثمن وهو ستة عشر فيكون
ذلك تسعة وأربعين يضم إليه مثله فيكون ثمانية وتسعين ومثل سبعة وسبعة فيكون مائة
وخمسة فتبين أن المال الكامل يعدل مائة وخمسة ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيئا وضربنا
كل شئ في تسعة عشر فظهر أن النصيب ستة عشر ثم التخريج إلى آخره كما بينا * وان ترك
ثلاثة بنين وامرأة فأوصى لاحد بنيه بثلاثة أرباع الثلث بنصيبه ولرجل أجنبي بربع الثلث
قال هي من مائتين وثمانية وثمانين للأجنبي من ذلك أربعة وعشرون والباقي بينهم بالميراث
وليس للابن وصية ههنا لان ميراثه أكثر من ثلاثة أرباع الثلث وإنما يتبين لك هذا إذا
صححت الفريضة فتقول للمرأة الثمن سهم من ثمانية والباقي وهو سبعة بين البنين الثلاثة ثلاثا
لا يستقيم فتضرب ثمانية في ثلاثة فتكون أربعة وعشرين للمرأة ثلاثة ولكل ابن سبعة فعرفنا
أنه ما أوصى للابن بشئ وطلب منه أنه يتجوز بدون حقه فيسقط اعتبار وصيته للابن وتبقى
وصيته للأجنبي بربع الثلث فالسبيل أن نضرب أصل الفريضة في حساب له ثلث وربع وأقل
ذلك له اثنا عشر فإذا ضربت أربعة وعشرين في اثنى عشر يكون ذلك مائتين وثمانية وثمانين
الثلث من ذلك ستة وتسعون وإنما أوصى للأجنبي بربع الثلث وربع ستة وتسعين أربعة
وعشرون فيأخذ الموصى له ذلك المقدار وإذا رفعت من مائتين وثمانية وثمانين أربعة وعشرين
يبقى مائتان وأربعة وستون للمرأة ثمن ذلك وذلك ثلاثة وثلاثون يبقى مائتان واحدى وثلاثون
بين البنين الثلاثة لكل ابن سبعة وسبعون فاستقام التخريج فإذا ترك امرأة وثلاث أخوات
وجدا فأوصى لاحد أخواته بالثلث بنصيبها وللأخرى خمسة أسداس الوصية فأجازوا قال هي
من مائتين واحدى وستين سهما الوصية من ذلك مائة واحد وعشرون لاحدى الأختين
وصيتها ستة وستون وللأخرى خمسة أسداس الوصية خمسة وخمسون بقي بعد ذلك مائة
وأربعون بين الورثة للمرأة الربع والباقي بين الأخوات والجد في قول زيد للجد اثنان وأربعون
ولكل واحد عشرون فأما التخريج على طريق الكتاب فأن تصحح أصل الفريضة وهي من
أربعة للمرأة الربع والباقي بين الأخوات والجد بالمقاسمة لان ذلك خير للجد من السدس
ومن ثلث ما بقي وعلى أصل زيد ينظر في الجد إلى المقاسمة والى السدس والى ثلث ما بقي فأي ذلك
كان خيرا له أعطي ذلك والمقاسمة هاهنا خير ثم قسمة ثلاثة على خمسة لا تستقيم فتضرب
أربعة في خمسة فيكون عشرين للمرأة خمسة وللجد ستة ولكل أخت ثلاثة ثم يحتاج في معرفة
103

الوصية إلى حساب له ثلث ولثلثه خمسة أسداس وأقل ذلك ثمانية عشر بان تضرب ثلاثة
في ستة ثم تطرح من أصل الفريضة نصيب احدى الأختين وهو ثلاثة وخمسة أسداس
نصيب الأخرى وهو سهمان ونصف يبقى أربعة عشر ونصف في ثمانية عشر فيكون المبلغ
مائتي سهم واحدى وستين سهما * ومعرفة النصيب أن نأخذ نصيب احدى الأخوات وذلك ثلاثة
فنضرب ذلك في ثمانية عشر وهو أن نطرح منها الثلث وخمسة أسداس الثلث وذلك أحد
عشر يبقى سبعة وثلاثة في سبعة يكون أحدا وعشرون فهو النصيب الكامل وثلث المال سبعة
وثمانون فتعطى الموصى لها بالثلث سبعة وثمانين وتسترد منها بالنصيب أحدا وعشرين يبقى
ستة وستون فإذا تبينت وصيتها تبينت وصية الأخرى وهو خمسة أسداس هذا المقدار خمسة
وخمسون فيكون جملة الوصية لهما مائة واحدا وعشرين إذا رفعت ذلك من مائتين واحدى
وستين يبقى مائة وأربعون للمرأة الربع من ذلك خمسة وثلاثون يبقى مائة وخمسة
بين الجد والاخوة بالمقاسمة للجد اثنان وأربعون ولكل أخت واحد وعشرون مثلا
النصيب فاستقام التخريج وطريق الجبر فيه أ ن نأخذ مالا مجهولا فنعطي الثلث احدى
الأخوات وخمسة أسداس الثلث للأخرى فيظهر في المال عدد ثمانية عشر سهما من السهام
بطريق الضرورة وأعطينا أحدهما ستة و الأخرى خمسة ثم استرجعنا من إحداهما شيئا
ومن الأخرى خمسة أسداس شئ فيصير معنا سبعة أسهم من ثمانية عشر جزأ من مال
وشئ وخمسة أسداس وشئ وحاجتنا إلى ستة أشياء وثلثي شئ فقد جعلنا نصيب الأخت
وهو ثلاثة من عشرين شيئا كما بينا فعرفنا أن حاجتنا إلى ستة أشياء وثلثي شئ فشئ وخمسة
أسداس شئ بمثله قصاص يبقي أربعة أشياء وخمسة أسداس بعد ذلك سبعة أجزاء من
ثمانية عشر جزأ من مال والمال ناقص فاكماله بان تزيد عليه مثله ومثل أربعة أسباعه وإذا زدت
على المال هذا فزد على ما يعدله وهو أربعة أشياء وخمسة أسداس شئ مثله ومثل أربعة أسباعه
وليس ذلك بصحيح فالسبيل أن تضرب ثلاثة في سبعة فيكون أحدا وعشرين وإنما فعلنا ذلك
لأنا ضممنا إلى أربعة وخمسة أسداس مثله فيكون الكسر على الا ثلاث ثم تضرب أربعة وخمسة
أسداس في أحد وعشرين فيكون ذلك مائة سهم وسهمين ونصفا يضم إليه مثله فذلك مائتان
وثلاثة أسهم ومثل أربعة أسباعه فلكل سبعة من مائة واحد ونصف يكون أربعة عشر ونصفا
فأربعة أسباعه يكون ثمانية وخمسين إذا ضممت ذلك إلى مائتين وثلاثة يكون مائة واحدى
104

وستين وتبين أن المال الكامل مائتان واحد وستون * ومعرفة النصيب انا جعلنا النصيب
شيئا وضربنا كل شئ في أحد وعشرين فتبين أن النصيب أحد وعشرون ثم التخريج كما بينا
أما قول أبي حنيفة وهو مذهب أبي بكر رضي الله عنه الأخوات كالأجانب لا يرثن مع
الجد فجازت الوصية كأنه أوصى لصاحبة الثلث بكمال الثلث بنصيبها ان كانت وارثة وإن لم
تكن وارثة فبالثلث وللأخرى خمسة أسداس الثلث فاحتجنا إلى حساب له ثلث وخمسة
أسداس وأقله ثمانية عشر فاضربه في أصل الفريضة وذلك أربعة فيصير اثنين وسبعين فثلثه
أربعة وعشرون وخمسة أسداس الثلث عشرون فكانت وصية أحداهما أربعة وعشرين
ووصية الأخير عشرين ومبلغهما أربعة وأربعون يبقى ثمانية وعشرون للمرأة ربعه سبعة
والباقي وهو أحد وعشرون للجد هذا إذا أجزن وإن لم يجزن جعلت الثلث على سهام
الوصايا ووصية أحداهما الثلث ستة من ثمانية عشر ووصية الأخرى بخمسة أسداس الثلث
خمسة فمبلغهما أحد عشر والثلثان ضعفه اثنان وعشرون والجميع ثلاثة وثلاثون والثلث
لأصحاب الوصايا بينهما على قدر حقهما يبقى اثنان وعشرون ربعه للمرأة خمسة ونصف
والباقي للجد * فان ترك ابنين وخمس بنات فأوصى لابنه بخمسة أسداس الثلث بنصيبه
وأوصى لاحدى البنات بالخمس من جميع المال بنصيبها فأجازوا فهي من ثلاثمائة وستين سهما
الوصية منها أحد وثلاثون سهما للابن من ذلك ستة أسهم وللابنة خمسة وعشرون والباقي
ميراث بينهم * وتخريجه على طريق الكتاب أن تصحح الفريضة فيكون ذلك من سبعة للابن
سهمان ولكل ابنة سهم ثم يحتاج في معرفة الوصية إلى حساب له خمس وسدس وثلث وذلك
بأن يضرب المخارج بعضها في بعض خمسة وستة وثلاثة وثلاثون في ثلاثة يكون تسعين
ثم تطرح من أصل الفريضة نصيب الموصى لهما وذلك ثلاثة يبقى أربعة فتضرب أربعة في
تسعين يكون ذلك ثلاثمائة وستين فهو مبلغ المال ومعرفة النصيب أن تأخذ نصيب الابن
وذلك سهمان فتضرب ذلك في تسعين بعد ما تطرح منها الخمس وخمسة أسداس الثلث خمسة
وعشرون والخمس ثمانية عشر وذلك ثلاثة وأربعون إذا طرحت من تسعين ثلاثة وأربعين
يبقى سبعة وأربعون فإذا ضربت نصيب الابن وذلك سهمان في سبعة وأربعين يكون ذلك
أربعة وتسعين وإذا تبين نصيب الابن تبين نصيب الابنة لان نصيبها نصف نصيبه وذلك سبعة
وأربعون ثم ثلث المال مائة وعشرون فخمسة أسداس الثلث مائة ونصيب الابن أربعة وتسعون
105

فتبين أن نصيب الوصية له كانت بستة أسهم تمام خمسة أسداس الثلث وخمس ثلاثمائة
وستين اثنان وسبعون نصيب الابنة من ذلك سبعة وأربعون فظهر أن الوصية لهما خمسة
وعشرون وإذا رفعت مقدار وصيتهما وذلك أحد وثلاثون من أصل المال ثلاثمائة وستين يبقى
ثلاثمائة وتسعة وعشرون بين الابن والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين فللابن أربعة وتسعون
مثل نصيبه ولكل ابنة سبعة وأربعون مثل نصيب الابنة فاستقام وطريق الجبر يتيسر تخريجه
في هذه المسألة بالقياس على ما سبق إذا تأملت في ذلك فلا يكون في الاشتغال به الا مجرد
التطويل من غير فائدة فان ترك امرأتيه وأبويه وثلاث بنات فأوصى لاحدى امرأتيه
بنصيبها بالخمس وللأخرى بالسدس بنصيبهما وبربع ما بقي من الثلث فأجازوا قال هي من
خمسمائة وأربعين سهما الوصية منها مائة واثنان وستون بينهما لصاحبه الخمس من ذلك
سبعة وثمانون وميراثها أحد وعشرون فذلك مائة وثمانية خمس جميع المال ولصاحبة الثلث
تسعة وستون وميراثها أحد وعشرون فذلك تسعون سدس جميع المال ولصاحبة ربع ما بقي
ستة أسهم * وأما تخريجه على طريق الكتاب فان نقول أصل الفريضة من ستة للأبوين
السدسان وللبنات الثلثان وللمرأتين ثلاثة أرباع سهم فتعول بثلاثة أرباع فتكون القسمة
من ستة وثلاثين فإذا أردت معرفة الوصية احتجت إلى حساب له خمس وسدس وثلث
فتضرب خمسة في ستة فتكون ثلاثين ثم تطرح المرأتين وذلك ثلاثة أرباع من
أصل الفريضة يبقى ستة فتضرب ذلك في تسعين فيكون خمسمائة وأربعين سهما الخمس
من ذلك مائة وثمانية والسدس من ذلك تسعون ومعرفة نصيب المرأتين أن تأخذ نصيبهما
وذلك ثلاثة أرباع فيضرب في تسعين بعد ما يطرح من ذلك الخمس والسدس وخمس
تسعين ثمانية عشر والسدس خمسة عشر فإذا طرحتهما من تسعين يبقى سبعة وخمسون
فإذا ضربت ثلاثة أرباع في سبعة وخمسين يكون ذلك اثنين وأربعين وثلاثة أرباع فاطرح
منه ثلاثة أرباع مقدار ما أخذت في الابتداء يبقى اثنان وأربعون لكل واحدة منهما أحد
وعشرون فإذا أعطينا إحداهما مائة وثمانية واسترجعنا منها بالنصيب أحدا وعشرين يبقى
سبعة وثمانون فهذه وصيتها وأعطينا الأخرى تسعين فاسترجعنا منها أحدا وعشرين يبقي
تسعة وستون فهذه وصيتها فإذا ضممت تسعة وستين إلى سبعة وثمانين يكون ذلك مائة
وستة وخمسين يبقى أربعة وعشرون للموصى له بربع ما يبقى من الثلث ربع ذلك ستة ويضم
106

ما بقي وهو ثمانية عشر إلى ثلثي المال ثلاثمائة وستين فيكون ثلاثمائة وثمانية وسبعين مقسوما
بينهم بالميراث للمرأتين من ذلك اثنان وأربعون قسمتها بينهم مع العول لكل واحدة أحد
وعشرون مثل نصيبها وللأبوين مائة واثنا عشر سهما لكل واحد ستة وخمسون وللبنات
مائة وأربعة وعشرون لكل ابنة أربع وعشرون وثلثان فاستقام التخريج فان ترك خمس بنات
وأبوين وأوصى لاحدى بناته بالثلث وبنصيبهما وبثلاثة أرباع الوصية لاخر فأقر الأب بابن
وأنكر البنات وأجازوا كلهم الوصية فالفريضة من ثمانمائة وثمانية وعشرين الوصية منها ثلاثمائة
وثمانية وسبعون لصاحب الثلث من ذلك مائتان وستة عشر وميراثها ستون فذلك تمام الثلث
وللأخرى مائة واثنان وستون فذلك ثلاثة أرباع وصية الأول ويدخل الابن مع الأب في
نصيبه وهو خمسة وسبعون فيأخذ منها أربعين أو لا نقول اقرار أحد الورثة بوارث آخر
صحيح في حقه على أن يشارك المقر له في نصيبه لان المقر يعامل في اقراره كأن ما أقر به حق
ثم تصحيح الفريضة بدون هذا الاقرار فنقول أصلها من ستة للأبوين السدسان وللبنات
أربعة وعلى ما أقر به الأب للأبوين السدسان والباقي بين الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين
أسباعا فنضرب ستة في سبعة فيكون اثنين وأربعين للأب من ذلك سبعة وهو السدس
وللأم كذلك تبقى ثمانية وعشرون بين الابن والبنات للابن ثمانية ولكل ابنة أربعة فتبين
أن نصيب الابن بزعم الأب ثمانية ونصيب الأب سبعة فالسدس هو نصيب الأب
يضرب كل واحد منهما فيه بجميع حقه فيصير على خمسة عشر وإذا صار السدس على خمسة
عشر كان جميع المال تسعين هذا وجه تصحيح سهام الفريضة وإذا أردت معرفة الوصية
احتجت إلى حساب له ثلث وربع وذلك اثنا عشر ثم تطرح من أصل الفريضة نصيب
احدى البنات وثلاثة أرباع نصيب الأخرى على حسب وصيته لهما ونصيب احدى البنات
اثنا عشر وثلاثة أرباع نصيب الأخرى تسعة فذلك أحد وعشرون إذا طرحت ذلك من
تسعين يبقى تسعة وستون فإذا ضربت تسعة وستين في اثنى عشر يكون ذلك تمام مائة
وثمانية وعشرين فهو مبلغ المال الثلث من ذلك مائتان وستة وسبعون فتأخذ احدى المرأتين
ذلك وتسترد منها نصيبها وطريق معرفة ذلك أن تأخذ نصيبها اثنى عشر وتضرب ذلك
في اثنى عشر بعد ما تطرح منها وثلثها وثلاثة أرباع الثلث ثلثها أربعة وثلاثة أرباع الثلث ثلاثة
فذلك سبعة إذا طرحت سبعة من اثنى عشر تبقى خمسة تضرب اثنى عشر في خمسة فيكون ستين
107

فهو نصيبها إذا رفعت ذلك من مائتين وستة وسبعين يبقى مائتان وستة عشر فهو وصيتها
ووصية الأخرى ثلاثة أرباع ذلك مائة واثنان وستون فإذا ضممت ذلك إلى مائتين وستة
عشر يكون ثلاثمائة وثمانية وسبعين إذا رفعت ذلك من أصل المال يبقى هناك أربعمائة
وخمسون مقسومة بينهم للأبوين السدسان مائة وخمسون لكل واحد منهما خمسة وسبعون
وللبنات ثلاثمائة بينهن أخماسا لكل واحدة منهن ستون مثل النصيب ثم ما أخذ الأب يقسم
بينه وبين المقر له على خمسة عشر فيكون كل جزء من ذلك خمسة فثمانية أجزاء من ذلك
للابن وذلك أربعون سهما وسبعة للأب وذلك خمسة وثلاثون سهما فاستقام التخريج *
ولو ترك ابنين وعشرة دراهم عينا وعشرة دينا على أحدهما وأوصى بخمس ماله الا الا درهما
فإنك ترفع من العين درهمين للموصى له وذلك خمس المال ثم تسترجع منه بالاستثناء درهما
فترد ذلك على الابنين فتصير العين في أيديهما تسعة نصف ذلك للابن الذي لا دين عليه
ونصفه نصيب الابن المديون فلا يعطي ذلك لان عليه فوق حقه ولكن يقسم ذلك بين
الابن الذي لا دين عليه والموصى له أثلاثا لان حق الموصي له في خمس الدين الذي على
المديون وحق الابن الذي لا دين عليه في خمس ذلك فما تعين لهما من ذلك يقسم بينهما أثلاثا
ثلثه وهو درهم ونصف للموصى له وثلثاه وهو ثلاثة للابن فقد وصل إلى الابن مرة أربعة
ونصف ومرة ثلاثة وذلك سبعة ونصف وقد تعين من الدين مثل ذلك للابن المديون فكان
جملة المال العين سبعة عشر درهما ونصفا خمس ذلك ثلاثة ونصف وقد نفذنا الوصية في
الدفعتين في ذلك فاسترجعنا درهما بالاستثناء فبقي له درهمان ونصف والمقسوم بين الابنين
خمسة عشر لكل واحد منهما سبعة ونصف ولو كان أوصى بالخمس الا درهمين فالسبيل أن
يعطى للموصى له خمس العشرة وذلك درهمان ثم استرجعهما بالاستثناء فيصير في يدك
عشرة دراهم بين الابنين نصفين فيأخذ الابن الذي لا دين عليه خمسة والخمسة التي هي
نصيب الابن المديون تقسم بين الموصى له والابن الذي لا دين عليه أثلاثا كما بينا في الفصل
الأول فيسلم للموصى له درهم وثلثا درهم وللابن في المرتين ثمانية وثلث فظهر أن المتعين من
الدين ثمانية وثلث وأن جملة المال ثمانية عشر وثلث خمس ذلك ثلاثة وثلثان وقد نفذنا الوصية
في هذا المقدار في الدفعتين واسترجعنا بالاستثناء درهمين بقي له درهم وثلثا درهم * ولو
أوصى بخمس ماله لرجل الا درهما منه لاخر فإنك تأخذ ثلث العشرة العين فتعطى صاحب
108

الدرهم درهما ويبقى في يد الموصى له بالخمس الا درهما درهمان وثلث لان الموصى له بالمستثنى
حقه في الثلث مقدم فان الموصى له بالخمس شريك الوارث في التركة والموصى له بالثلث بشئ
مسمى حقه مقدم على حق الوارث فلهذا يعطي صاحب الدرهم من الثلث درهما ويبقى للاخر
من الثلث درهمان وثلث ويسلم للابن الذي لا دين عليه ستة وثلثان إلى أن يتيسر خروج
ما بقي من الدين فحينئذ القسمة واضحة على ما تقدم في بابه * ولو ترك ثلاثة بنين وأوصى
بمثل نصيب أحدهم لرجل وبثلث ماله لاخر فأجازوا فالفريضة من ستة لصاحب الثلث
اثنان وللموصى له بمثل نصيب أحدهم واحد ولكل واحد من الاثنين سهم لان الموصى
له بمثل النصيب عند الإجازة كابن آخر فكأنه ترك أربع بنين وأوصى بثلث ماله فالفريضة
من ستة للموصى له بالثلث سهمان ولكل واحد من الابنين سهم فيأخذ الموصى له بمثل
النصيب سهما من أربعة من الثلثين وإن لم يجيزوا فالفريضة من تسعة فالثلث من ذلك بين
الموصى له بالثلث وبين صاحب النصيب سهمان من ذلك لصاحب الثلث وسهم للموصى له
بالنصيب على اعتبار أحوالهما عند الإجازة فإنهم لو أجازوا كان حق الموصى له بالثلث ضعف
حق الموصى له بالنصيب فكذلك عند عدم الإجازة يقسم الثلث بينهما على مقدار حقهما
أثلاثا وهذا قول أبى يوسف رحمه الله بناء على أصله أن الوصية الواقعة في حق الورثة تبطل
عند عدم الاستحقاق ولا تبطل في حق الضرر بها في الثلث فأما على قول محمد رحمه الله فالثلث
بينهما على خمسة للموصى له بالثلث ثلاثة وللموصى له بالنصيب سهمان لان أصل الفريضة من
تسعة لحاجتنا إلى حساب ينقسم ثلثاه أثلاثا للموصى له بالثلث ثلاثة ولكل ابن ثلث الثلثين
وذلك سهمان وفي حال عدم الإجازة الموصى له بمثل النصيب لا يستحق من الثلثين شيئا وإنما
جعل الموصى نصيب أحد ورثته عيارا لما أوجبه له بالوصية ونصيب أحد البنين سهمان فعرفنا أنه
أوجب للموصى له بمثل النصيب سهمين وللموصى له بالثلث ثلاثة فيقسم ذلك الثلث بينهما على
مقدار حقهما فتكون الوصية على خمسة للموصى له بالثلث ثلاثة ولصاحب النصيب سهمان (مسألة)
قالها محمد رحمه الله في وصى الأم فيما تركت من الميراث ووصى الأخ والعم وابن العم وجميع من
يورث من الصغار والكبار والغائب من الورثة بمنزلة وصي الأب ووصى الجد أب لأب إذا
لم يكن له أب ولا وصى أب في الكبير الغائب فكل شئ جائز لوصي الأب على الوارث الكبير
الغائب فهو جائز لوصي من ذكرناه ومالا فلا ومعنى هذا الكلام أن لوصي من سميناه حق
109

الحفظ ومنع ما يخشي عليه التلف لان ذلك من الحفظ وحفظ الدين أيسر من حفظ العين كما
إذا أوصى الأب في حق الكبير الغائب ولأنه الحفظ وهذا لوجهين أحدهما أن الحفظ من
حق الميت ربما يظهر عليه دين يحتاج إلى قضائه من تركته والوصي قائم مقامه فيما هو من حقه
والثاني أن وصى الأم بمنزلة الأم وللأم ولاية الحفظ على ولدها الصغير في ماله كما أن لها ولاية
حفظ نفسه فكذلك لوصي الأم ذلك ولو أن وصى الأب باع رقيقا أو شيئا من الميراث
على الكبير الغائب جاز بيعه فيما سوى العقار ولا يجوز في العقار فكذلك وصى الأم في حق
الصغير ومن ذكرنا من الصغير والكبير الغائب ولا يتجر وصى الأب على الكبير الغائب
لان التجارة تصرف دون الحفظ وليس له سوي الحفظ في حق الكبير الغائب فكذلك
وصى الأم في حق الصغير وكل شئ ورثه الكبير الغائب من غير ابنه فليس لوصي أبيه
عليه سبيل لان ثبوت حق الحفظ له في الموروث عن الأب لحق الأب وذلك لا يوجد فيما
ورثة الكبير من غير الأب فكذلك وصى الأم وأما وصى الأب على الولد الصغير فأمره
عليه جائز فيما باع واشترى في جميع ذلك لأنه قائم مقام الأب وللأب ولاية مطلقة في
التصرف في مال ولده الصغير فيثبت تلك الولاية لوصية الذي هو قائم مقامه بعد موته
والله أعلم بالصواب
(كتاب العين والدين)
(قال) الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة رضي الله عنه وعن والديه * إعلم أن جميع
مسائل هذا الكتاب وترتيبها من عمل محمد بن الحسن رحمه الله فأما أصل التخريج والتفريع
فمن صنعة الحسن بن زياد وقد كان له من البراعة في علم الحساب ما لم يكن لغيره من أصحاب
أبي حنيفة رحمه الله ولكنه كان شكس الخلق فكأن لا يؤلف معه لصغره وكان يخلو
فيصنف ثم عثر محمد رحمه الله على تصنيفاته سرا فانتسخ من ذلك ما ظهر في بعض أبواب
الجامع وأكثر كتب الحساب من تلك الجملة خصوصا هذا الكتاب وفيه من دقائق الفقه
وا لحساب ما لم يوجد مثله في غيره ثم بدأ الكتاب بوصية الرجل بثلث ماله لان محل الوصية
الثلث شرعا قال عليه الصلاة والسلام ان الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم الحديث
وذكر الطحاوي في مشكل الآثار أن من الناس من أنكر صحة هذا اللفظ عن رسول الله
110

صلى الله عليه وسلم لان في لفظ التصدق ما ينبئ عن التقرب فلا يستقيم أن يقال إن الله تعالى
يتقرب إلى عباده قال وليس كما ظنوا ومراده صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى جعل لكم ثلث
أموالكم لتكتسبوا به لأنفسكم في حال حاجتكم إلى ذلك ولفظ التصدق مستعار لهذا المعنى
وهو كقوله تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا والاستقراض يكون للحاجة ولا
يجوز أن يقال إن الله تعالى يحتاج إلى عباده فيستقرض منهم ولكن لفظ القرض على وجه المجاز
والاستعارة مع أنه لا يبعد أن يقال إن الله تعالى يتقرب إلى عباده قال النبي صلى الله عليه وسلم
فيما يأثره عن ربه لا أزال أتقرب إلى عبدي وهو يتباعد عنى وقال من تقرب إلي شبرا تقربت
إليه ذراعا ثم نقول الموصى له بالثلث شريك الوارث في التركة ولهذا يزاد حقه بزيادة التركة
وينتقص بنقصان التركة ولا يقدم تنفيذ الوصية له تسليم الميراث إلى الوارث لوجهين أحدهما
أن الاستحقاق ثبت له بمثل ما ثبت به الاستحاق للوارث وهو السهم السابع المذكور ممن
يملك الايجاب له فالميراث للورثة مذكور في كتاب الله تعالى بذكر السهام والسدس والربع
والثلث فالوصية بالثلث والربع والسدس تكون مثل ذلك والثاني أن الايجاب في الابتداء
كان إلى الموصى للأقارب والأجانب جميعا ثم بين الله تعالى نصيب الأقارب في آية المواريث
فبقي الايجاب للأجانب في محل الوصية على ما كان إلى الموصى وهو بهذا الايجاب يجعل
الموصى خليفة نفسه فيما سمى له لان الوارث خليفته شرعا (ألا ترى) أن الوصية بثلث المال
صحيحة فيمن له مال له في الحال فعرفنا أنه أثبت له الخلافة ثم ملك المال من ثمرات تلك الخلافة
ولهذا كان وجوبها بالموت بمنزلة الوراثة * إذا عرفنا هذا فنقول إذا أوصى الرجل بثلث ماله
لرجل وله ثلاثون دينارا قيمتها ثلاثمائة درهم لا مال له غيرها كان له ثلث الدنانير أو ثلث الدراهم
لان ماله عند موته الجنسان وقد أوجب له الوصية بثلث ماله وليس صرف هذا الايجاب
إلى أحد الجنسين بأولى من الاخر فيستحق ثلث كل جنس وهو شريك الوارث فكما أن حق
الوارث يثبت في ثلثي كل جنس فكذلك حق الموصى له في ثلث كل جنس فان هلك منها
عشرون دينارا بعد موت الموصى أو قبله كان للموصى له ثلث العشرة الباقية أو ثلث ثلاثمائة
درهم لان ما هلك قبل موت الموصى صار كأن لم يكن فان وجوب الوصية بالموت وإنما
يتناول ثلث ماله عند الموت وكذلك ما هلك بعد موت الموصى قبل القسمة لان التركة
بعد الموت قبل القسمة مبقاة على حكم ملك المورث ولهذا لو ظهر فيها زيادة يقضى
111

من الزيادة دينه وتنفذ وصيته فكان الهالك بعد موته بمنزلة الهالك قبل موته وإنما يكون
للموصى له ثلث المال يوم تقع القسمة والثاني أن المال بالموت صار مشتركا بين الوارث
والموصى له والأصل في المال المشترك إذا توى منه شئ أن التاوي يكون من نصيب
الشركاء بالحصة والباقي كذلك لأنه ليس بعضهم بادخال الضرر عليه بالتوي بأولى من البعض الاخر
وكذلك لو كان أوصى له بسدس ماله فإنما له سدس الباقي من الدنانير والدراهم لو كان أوصى
له بثلث الدنانير أو ثلث الدراهم ثم مات ولم يترك شيئا غيرها كان للموصى له ثلث كل جنس
إلا أن في هذا الفضل يقدم تنفيذ وصيته على حق الورثة لأنه استحق عند الموت مالا يسمى
فيكون هو في معنى الغريم في أنه تقدم حجته في محله على حق الوارث (الا ترى) أنه لو
كان له أموال سوى الدراهم والدنانير لم يكن للموصى له من ذلك شئ والدراهم والدنانير
لو هلكت قبل موت الموصى أو بعده بطلت الوصية وأنه لا بد من تمام ملكه فيهما وقت
الايصاء لتصحيح الوصية فبهذا تبين أنه يستحق العين بهذا الايجاب فلا يكون بينه وبين
الوارث شركة بل يكون حقه مقدما على حق الوارث في العين الذي ثبت استحقاقه له فيعطى
له ثلث الدنانير وثلث الدراهم وما بقي بعد ذلك فهو للوارث فان هلك عشرون دينارا قبل
موته أو بعد موته فإن كان للميت سواهما مال فان الموصى له يستحق الدنانير العشرة مع
ثلث الدراهم إذا كان يخرج ثلث ذلك من ثلث ماله لان حق الموصى له في هذين الجنسين
مقدم على حق الوارث فكان حقه كالأصل وحق الوارث فيهما كالتبع والأصل أن المال
الذي يشتمل على أصل وتبع إذا هلك منه نجعل الهالك من التابع دون الأصل كمال المضاربة
إذا كان فيها ربح فعرفنا أن بهلاك بعض المال لا يقوم شئ من محل الوصية فيجب تنفيذ جميع
وصيته مما بقي إذا وجد شرطه وهو كونه خارجا من ثلثه وإن لم يكن له مال سواهما فله
ثلث ما بقي من المال نصفه فيما بقي من الدنانير ونصفه فيما بقي من الدراهم لان بهلاك بعض
الدنانير لم يبطل شئ من وصيته فقد تبقى من الدنانير مقدار ما أوصى له بمقداره وببقاء ذلك
يبقى جميع وصيته فيها إلا أنه لا يجوز تنفيذ الوصية في أكثر من الثلث بدون إجازة الورثة
وإنما يتقرر استحقاقه في ثلث الباقي من المال وذلك في المالين على السواء فيكون نصف حقه
من الدنانير ونصفه من الدراهم وبيان ذلك بأن تجعل ما بقي من الدنانير كأنه دراهم فيكون
ماله أربعمائة للموصى له ثلث ذلك وذلك مائة وثلاثة وثلاثون وثلث نصف ذلك من
112

الدراهم وذلك ستة وستون وثلثان ونصف ذلك من الدنانير وذلك ستة وثلثا دينار أو
نجعل الدراهم دنانير فيكون الكل بمعنى أربعين دينارا والتخريج كما بينا بخلاف ما لو أوصى
له بثلث ماله فان هناك حقه مختلط بحق الوارث فبعد هلاك بعض المال إنما يبقى من وصيته
في كل مال بقدر ما يبقى منه فلهذا كان له ثلث ما بقي من الدنانير وثلث الدراهم * ولو كان
أوصى له بسدس الدنانير وسدس الدراهم ثم هلك من الدنانير عشرون دينارا أخذ السدس
كله من الباقي لان جميع وصيته باق بعد هلاك بعض الدنانير وهو خارج من ثلث ما بقي
من المال فان جميع وصيته خمسة دنانير وخمسين درهما وقد بقي من المال ما يزاد ثلثه على
هذا المقدار فيأخذ جميع وصيته (ألا ترى) أنه لو ظهر في المالين زيادة لم يكن للموصى له
الا مقدار ما سمى له فكذلك إذا هلك بعض المال قلنا لا يبطل شئ من وصيته لكون حقه
مقدما على حق الوارث في المحل الذي غير الوصية فيه * ولو هلك من الدراهم أيضا مائتا درهم
وقد كان أوصى له بسدس ماله فإنه يأخذ سدس المائة الباقية وسدس العشرة الدنانير لان ما
هلك صار كأن لم يكن فهو شريك الوارث في الباقي بسهم شائع سماه له الموصى فيأخذ ذلك
السهم من المالين فإن كان أوصى له بسدس الدراهم وسدس الدنانير كان له من الدنانير الباقية
ثلثها ومن الدراهم الباقية كذلك لان جميع وصيته باق ببقاء ثلث كل نوع لأنه لا تنفذ له الوصية
الا في ثلث ما بقي من المال وثلثه بقدر ستة وستين وثلثين إذا جعلت العشرة دنانير بمعنى مائة
درهم فيأخذ ذلك من المالين نصفين نصفه مما بقي من الدنانير وذلك ثلاثة وثلث ونصفه مما
بقي من الدراهم وذلك ثلاثة وثلاثون وثلث بل هذا مال له ثلث ما بقي من المالين * وإذا ترك
الرجل ألف درهم ومائة شاة قيمتها ألف درهم وأوصى لرجل بسدس ماله فاستحق نصف
القيمة أخذ الموصى له سدس الباقي من القيمة وسدس الدراهم لان الموصى له شريك الوارث
حكما إذا لهالك يكون من نصيب الشركاء بالحصص فكذلك المستحق إذا استحق تبين انه لم
يكن مالا له وإنما أوجب له الموصى سدس ماله وماله نصف القيمة وجميع الدراهم فيستحق
سدس كل واحد منهما وكذلك ولو استحق نصف الدراهم أيضا وكذلك لو كان أوصى له
بالثلث فإنه يأخذ ثلث ما بقي من كل مال باعتبار ان المستحق صار كأن لم يكن * ولو كان أوصي
بسدس الغنم وسدس الدراهم ثم استحق نصف المالين أخذ ثلث ما بقي كله نصفه في الغنم
ونصفه في الدراهم لان حقه هاهنا مقدم على حق الوارث فقد أوجب الوصية له في عين فيتعين
113

جميع وصيته باعتبار ما بقي من المالين وبالاستحقاق لا يبطل شئ من وصيته كما إذا هلك
بعض المالين وزفر رحمه الله يقول في هذا الموضع للموصى له سدس ما بقي منهما لان بالاستحقاق
تبين أن المستحق لم يكن مملوكا له وصحت هذه الوصية باعتبار قيام ملكه وفيه الايصاء
فلا يستحق الا سدس ما كان مملوكا فاما بالهلاك فلا يتبين ان الكل لم يكن مملوكا له وقت
الايصاء فاستحق هو سدس الجميع ثم تبقى وصيته ببقاء محلها وقد بينا هذه المسألة في الوصايا
وأصلها فيما ذكر في الجامع الصغير إذا أوصى بثلث ثلاثة دراهم فاستحق منها درهمان فللموصى
له جميع الدرهم الباقي إذا كان يخرج من ثلثه عندنا وعند زفر له ثلث الدرهم الباقي ولو كان
هلك منها درهمان كان للموصى له جميع الدرهم الباقي بالاتفاق وكذلك لو كان مكان الغنم
إبل أو بقر أو ثياب من صنف واحد أو شئ مما يكال أو يوزن فاما إذا ترك ألف درهم وثلاثة
أعبد وأوصى لرجل بسدس الا عبدا وسدس الدراهم أو أوصى له بسدس ماله ثم هلك عبد
كان له في الوجهين سدس العبد الباقي وسدس الدراهم وكذلك الاستحقاق أما في الوصية
بسدس المال فالجواب واضح وفي الوصية بسدس الا عبد والدراهم قيل هذا الجواب قول
أبي حنيفة فاما عند أبي يوسف ومحمد رحمهم الله فهذا وما سبق سواء ويكون له نصف العبد
الباقي مع سدس الدراهم لان عندهما الرقيق يقسم قسمة واحدة بمنزلة سائر الحيوانات من
جنس واحد (ألا ترى) انها تثبت في الذمة بمطلق التسمية في العقود المبنية على التوسع
كسائر الحيوانات فكانت الوصية بسدس الرقيق كالوصية بسدس الغنم وسدس الإبل وعند
أبي حنيفة الرقيق لا يقسم قسمة واحدة على وجه الجبر لان المقصود بالقسمة الانتفاع فلا بد
من المعادلة في المنفعة للاجبار على القسمة وذلك في العبيد متعذر لما فيها من التفاوت العظيم في
المنفعة وذلك في العبد باعتبار التفاوت في المعاني الباطنة فتكون العبيد بمنزلة أجناس مختلفة *
ولو أوصى له بسدس ثلاثة أشياء من أجناس مختلفة كالإبل والبقر والغنم واستحق جنسان
أو هلكا لم يكن له الا سدس الباقي فكذلك أن كان أوصى له بسدس الأعبد الثلاثة فاستحق
عبدان أو هلكا لم يأخذ الا سدس العبد الباقي (ألا ترى) انه لو بقي الكل له يستحق بتلك
التسمية نصف العبد الباقي بطريق الاجبار على القسمة فكذلك بعد هلاك العبدين بخلاف
صنف واحد مما توجد فيه القسمة بطريق الاجبار وقيل هذا الجواب قولهم جميعا كما أطلق
في الكتاب لان الرقيق عندهما وإن كان يقسم قسمة واحدة فقيل القسمة هنا بمنزلة الأجناس
114

المختلفة (ألا ترى) أن مال المضاربة إذا كان ألف درهم فاشترى بها المضارب عبدين كل عبد
يساوى ألفا لم يملك المضارب شيئا منهما ويجعل كل واحد منهما مشغولا برأس المال بمنزلة
الجنسين بخلاف ما إذا اشترى بها مائة شاة تساوى ألفين فان المضارب يملك حصته من الربح
فذلك في حكم الوصية يفصل بين الموضعين ولو كان مكان العبيد دار فاستحق نصفها مقسوما
أو غير مقسوم فهما سواء فإن كان أوصى له بسدس ماله فله سدس الباقي وان أوصى له بسدس
الدار وسدس الدراهم أخذ ثلث ما بقي من الدار وسدس الدراهم لان الدار الواحدة تقسم
قسمة واحدة واستحقاق نصفها لا يبطل شيئا من وصيته (ألا ترى) أنه لو لم يستحق منها
شئ كان يأخذ ثلث نصفها بتلك التسمية عند القسمة فكذلك بعد استحقاق النصف ولم يذكر
الهلاك في الدار لان ذلك لا يتحقق فإن كان مكان الدار ثلاثة دور متفرقة أو مجتمعة إلا أن
كل دار منها عليها حائط على حدة فأوصى له بسدس ماله أو بسدس الدور والدراهم فاستحق
داران منها فله سدس الدراهم وسدس الدار الباقية في الوجهين أما عند أبي حنيفة رحمه الله
فلان الدور كالأجناس المختلفة من حيث إنها لا تقسم قسمة واحدة وإنما تقسم كل دار على
حدة وكذلك عندهما لأنهما لا يطلقان القول في الدور انها تقسم قسمة واحدة ولكنهما يقولان
ان رأى الامام النظر في قسمة الدور له أن يفعل ذلك قبل أن يرى النظر في حكم أجناس مختلفة
فلذلك قلنا لا يكون للموصى له الا سدس الباقي * ولو أوصى لرجل بسدس ماله وقد ترك
ألف درهم وثلاثة أثواب أحدها هروي والاخر مروى والاخر قوصي فهلك ثوبان منها فله
سدس الباقي وكذلك لو كان أوصى له بسدس الثياب وسدس الدراهم لان الثياب أجناس
مختلفة ههنا (ألا ترى) أن مطلق التسمية لا يثبت دينا في الذمة في شئ من العقود والأجناس
المختلفة لا تقسم قسمة واحدة وإنما استحق الموصى له سدس كل ثوب بما أوجب له الموصى
فبعد هلاك الثوبين لا يستحق من الثوب الباقي الا سدسه ولو هلك نصف الدراهم أيضا
فإن كان أوصى له بسدس ماله فله سدس الباقي وإن كان أوصى له بسدس الدراهم وسدس
الثياب كان له سدس الباقي وثلث الدراهم الباقية لان في الدراهم وصيته تبقى ببقاء ما بقي منها
وقد كان أوصى له منها بسدس وذلك ثلث الدراهم الباقية فيأخذها كلها وهو ما استحق
من الثوب الباقي الا سدسه بما أوجب له الموصى فلهذا لا يأخذ من الثوب الباقي الا سدسه
وإذا ترك ثلاثمائة درهم وعدلا زطيا يساوى ثلاثمائة وقد أوصى لرجل بثلث ماله ولاخر بثلث
115

العدل وثلث الدراهم فان الموصي يقتسمان الثلث بينهما نصفين لاستواء حقيهما فان ثلث العدل
وثلث الدراهم ثلث جميع المال إذ لا مال له سوى هذين النوعين فيكون الثلث بين الموصى
لهما نصفين نصف ذلك يأخذه الموصى له بثلث العدل وثلث الدراهم من المالين أولا لان
الموصى له بالثلث شريك الوارث فكما أن حق الموصي له بمال معين مقدم على حق الوارث
في التنفيذ في محله فكذلك هو مقدم على حق الموصى له بثلث المال فإذا أخذ هو سدس العدل
وسدس الدراهم خرج من البين ثم يقسم ما بقي بين الموصى له بثلث المال وبين الورثة أخماسا
لان الموصى له يضرب في الباقي بسهم والورثة بحقهم وهو أربعة أسهم فان ضاع نصف الدراهم
قبل موت الموصى أو بعده اقتسما ثلث ما بقي يضرب فيه صاحب ثلث المال بثلاثة أسهم
والاخر بأربعة أسهم في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لان بما هلك من الدراهم يبطل
من وصية الموصى له بثلث المال بعض وصيته ولا يبطل من وصية الموصى له بثلث العين شئ
وقد بقي من العين مقدار ما أوصى له به وزيادة فإذا حق الموصى له بثلث المال في ثلث المال
يوم تقع القسمة وذلك مائة وخمسون والموصى له بثلث العين في المائتين مائة فما بقي من
الدراهم ومائة ثلث العدل فيجعل كل خمسين سهما فيكون حقه أربعة أسهم وحق الموصى له
بثلث المال ثلاثة أسهم والثلث بينهما على سبعة والثلثان أربعة عشر فيكون جملته أحدا وعشرين
للموصى له بثلث العين من ذلك أربعة أسهم يأخذه مقدما من المالين نصفين لان حقه فيهما
سواء ثم يقسم ما بقي من المالين بين الوارث وبين الموصى له بثلث المال على سبعة عشر سهما
يضرب الوارث في ذلك بجميع حقه أربعة عشر والموصى له بالثلث في ثلاث فأما في قياس
قول أبي حنيفة رحمه الله فالثلث بينهما نصفان لان من أصله أن الموصى له بالعين تبطل وصيته
فيما زاد على الثلث ضربا واستحقاقا عند عدم إجازة الوراثة فإنما يضرب هو في الثلث بثلث ما
بقي من العين وذلك مائة وخمسون وكذلك الموصى له بثلث المال ولهذا كان الثلث بينهما نصفين
* قال وإذا ترك الرجل ثلاثمائة درهم وجراب هروي يساوى ستمائة درهم وأوصى لاحد
رجلين بثلث ماله وللاخر بسدس الجراب وثلث الدراهم فان الموصى له بثلث المال يضرب
في الثلث بثلاثة أسهم ويضرب الموصى له الاخر بسهمين فما أصاب الموصى له بسدس الجراب
وثلث الدراهم كان له نصف ذلك في الجراب ونصفه في الدراهم لان وصيته بقدر مائتي
درهم سدس الجراب وثلث الدراهم ووصية الاخر بثلث جميع المال وذلك ثلاثمائة فإذا
116

جعلت كل مائة سهما كان حق الموصي له بثلث المال في ثلاثة أسهم وحق الاخر في سهمين
فيكون الثلث بينهما على خمسة والثلثان عشرة حق الورثة فيكون الجملة على خمسة عشر سهمان
من ذلك حق الموصى له بالعين بأحدهما أولا من المالين نصفين لان حقه في المالين على السواء
ثم يقسم ما بقي بين الموصى له بالثلث وبين الورثة يضرب فيه الورثة بعشرة والموصي له بالثلث
بالثلاثة فتكون القسمة بينهما على ثلاثة عشر سهما فإن لم يقتسموا شيئا حتى هلك نصف الجراب
لم يبطل شئ من وصية الموصى له بالعين فهو يضرب في الثلث بثمانين والموصى له بثلث المال
فكذلك يضرب بثمانين وهو ثلث المال حتى تقع القسمة فلهذا كان الثلث بينهما نصفين
نصف الثلث للموصى له بالعين يأخذ ذلك من المالين نصفين ثم يقسم الباقي بين الورثة والموصى
له بالثلث على خمسة أسهم فان ضاع كأن ضاع من الدراهم ولم يضع من الجراب شئ ضرب
الموصى له بالعين في الثلث بأربعة أسهم وضرب الاخر فيه بخمسة لان وصيته باقية كلها
فهو يضرب بثمانين والموصى له بالثلث إنما يضرب بثلث الباقي من المال والباقي سبعمائة وخمسون
والجراب ونصف الدراهم فثلث ذلك مائتان وخمسون إذا جعلت كل خمسين سهما يكون
له خمسة وللاخر أربعة فكان الثلث بينهما على تسعة وجملة المال على سبعة وعشرين للموصى
له بالعين من ذلك أربعة أسهم يأخذها أولا من المالين نصفين ثم يقسم ما بقي من المال بين
الورثة والموصى له بالثلث على ثلاثة وعشرين سهما لان الورثة يضربون بجميع حقهم وذلك
ثمانية عشر سهما والموصى له بخمسة قال ولو ترك ثلاثمائة درهم وسيفا يساوى مائة درهم
وأوصى لرجل بربع ماله وأوصى لاخر بسدس السيف وثلث الدراهم فالثلث بينهما على
خمسة أسهم للموصى له بالعين سهمان وللموصى له بالربع ثلاثة أسهم لان جملة المال أربعمائة
فوصية الموصى له بالربع مائة درهم و وصية الاخر بسدس السيف وذلك ستة عشر
وثلثان وسدس الدراهم وذلك خمسون درهما فيكون ذلك ستة وستين فإذا جعلت تفاوت ما بين
الأول والأكثر وهو ثلاثة وثلاثون وثلث بينهما يكون للموصى له بالعين سهما فلذا كان الثلث
بينهما على خمسة و جملة المال على خمسون عشر للموصى له بالعين من ذلك سهمان ربع ذلك في
السيف وثلاثة أرباعه في الدراهم بحسب وصيته في كل المال ثم الباقي بين الورثة والموصى
له بالربع على ثلاثة عشر سهما لان كل واحد منهما يضرب في الباقي بجميع حقه فإن لم
يقتسموا حتى ضاع مائة درهم كان الثلث بين صاحبي الوصية على سبعة عشر سهما لان هلاك
117

بعض الدراهم لا يبطل من وصية الموصى له بالعين شيئا فهو يضرب في الثلث بستة وثلاثين
والموصى له بالربع إنما يضرب بربع ما بقي وذلك خمسة وسبعون درهما فاجعل تفاوت ما بين
الأقل والأكثر وذلك ثمانية وثلث بينهما فيكون حق الموصى له بالعين ثمانية أسهم وحق
الموصى له بالربع تسعة وإن شئت قلت قد انكسرت المائة بالأثلاث والأرباع فتجعل المائة
على اثنى عشر سهما للموصى له بالعين ثلثا ذلك ثمانية أسهم وللموصى له بربع المال ثلاثة
أرباع ذلك تسعة فإذا جمعت بينهما كان تسعة عشر سهما وهو الثلث وجملة المال أحد وخمسون
سهما للموصى له بالعين منها ثمانية أسهم ربع ذلك في السيف وثلاثة أرباعه فيما بقي من الدراهم
والباقي مقسوم بين الموصى له بالربع وبين الورثة على ثلاثة وأربعين سهما لان الورثة يضربون
بجميع حقهم وذلك أربعة وثلاثون والموصى له بالربع يضرب بتسعة فان هلك من الدراهم
مائة أخرى قبل القسمة فالثلث بين الموصى لهما على سبعة أسهم لان الموصى له بالعين يضرب
بستة وستين وثلثين على حاله والاخر إنما يضرب بربع الباقي وذلك خمسون فإذا جعلت
تفاوت ما بين الأول والاخر إنما يضرب والأكثر وذلك ستة عشر وثلثان للموصى له بالربع
ثلاثة وللاخر أربعة فلهذا كان الثلث بينهما على سبعة وجملة المال أحد وعشرون للموصى له
بالعين أربعة ربع ذلك في السيف وثلاثة أرباعه فيما بقي من الدراهم والباقي مقسوم بين الاخر
والورثة على سبعة عشر سهما لان الوارث يضرب في الباقي بأربعة عشر والموصى له بالربع
بثلاثة * وإذا ترك عبدا يساوى ألف درهم وترك ألفي درهم سواه فأوصى بالعبد لرجل وبثلث
ماله لاخر فالثلث بينهما نصفان لان من أصل أبي حنيفة رحمه الله أن القسمة في العبد بينهما
على طريق المنازعة فيكون على ستة أيضا خمسة للموصى له بالعبد وسهم للآخر وكل ألف من
الألفين يكون على ستة أيضا فللموصى له بالثلث ثلث ذلك أربعة فحصل لكل واحد منهما خمسة
فلهذا كان الثلث بينهما نصفين وعندهما يقسم العبد على طريق العول أرباعا للموصى له بالعبد
ثلاثة وللموصى له بالثلث سهم من العبد ثم يجعل كل ألف على ثلاثة باعتبار الأصل إذ ليس فيها
عول فيكون للموصى له بالثلث سهمان من الألفين وسهم من العبد فله ثلاثة أيضا فلهذا كان
الثلث بينهما نصفين فقد اتفق الجواب مع اختلاف التخريج وقد تقدم بيان هذا في الوصايا
فإن لم يقتسموا حتى هلك ألف درهم فالثلث في قول أبي حنيفة على سبعة أسهم لان العبد
صار على ستة والألف الباقية كذلك على ستة للموصى له بالثلث منها سهمان وله من العبد سهم
118

فهو يضرب في الثلث بثلاثة والموصى له بالعبد بأربعة لان حقه وإن كان في خمسة إلا أنه إنما
يضرب بقدر الثلث وثلث الباقي أربعة فوصيته فيما زاد على أربعة تبطل ضربا واستحقاقا كما
هو أصل أبي حنيفة رحمه الله فلهذا يضرب هو بأربعة أسهم والثلث بينهما على سبعة وجملة المال
أحد وعشرون للموصى له من ذلك أربعة أسهم كله في العبد فيأخذه وما بقي من العبد يضم إلى
الألف الباقية فيقسم بين الورثة وصاحب الثلث على سبعة عشر سهما يضرب الوارث بأربعة
عشر والموصى له بالثلث بثلاثة وأما على قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله فالثلث بينهما على
خمسة لان العبد يصير على أربعة أسهم باعتبار الأصل للموصى له بالثلث سهم ثم الألف الباقية
تكون على ثلاثة أسهم باعتبار الأصل للموصى له بالثلث سهم فكان حقه في سهمين وحق
الاخر في ثلاثة فلهذا كان الثلث بينهما على خمسة وجملة المال على خمسة عشر للموصى له بالعبد
ثلاثة أسهم كله في العبد ثم يقسم ما بقي بين الورثة والموصى له بالثلث على أثنى عشر سهما للموصى
له بالثلث سهمان وذلك سدس ما بقي في الحاصل يأخذه من المالين وخمسة أسداس ما بقي
للورثة وإذا ترك عبدا يساوى ألف درهم وترك ألف درهم فأوصى بعتق العبد وأوصى لرجل
بثلث الألف فالثلث بينهما يقسم أخماسا للعبد ثلاثة أخماسه بعتق منه ذلك ويسعى فيما بقي لان
الوصية بالعتق غير مقدمة على الوصية الأخرى إنما ذلك في العتق المنفذ باعتبار انه لا يحتمل
الرجوع عنه فأما الوصية بالعتق في احتمال الرجوع عنه كغيره فيضرب العبد في الثلث بقيمته
وهو ألف درهم والاخر بثلث الألفين فيكون التفاوت ما بين الأقل والأكثر وذلك ثلاثمائة
وثلاثة وثلاثون وثلث سهم فيكون للعبد ثلاثة أسهم وللموصى له بثلث الألف سهمان فإذا صار
الثلث بينهما على خمسة كان جميع المال على خمسة عشر والمال ثلاثة ألف فكل آلاف على خمسة
ثم يسلم للعبد ثلاثة أخماس رقبته وذلك ستمائة ويسعى للورثة في أربعمائة ويأخذ الموصى له
بثلث الألفين خمسي الألف وذلك أربعمائة فيبقى للورثة من الألفين ألف وستمائة وقد استوفوا
من العبد أربعمائة فيسلم لهم ألفان وقد نفذنا الوصية هذا ان أدى العبد السعاية وإن كان
مفلسا لا يقدر على أداء ما عليه قسمت الألفان بين الموصى له بثلث الألفين وبين الورثة
على ستة لان ما في ذمة العبد تاو فيعول هو بوصيته ويبقى حق الموصى له بثلث الألفين في
أربعمائة وحق الورثة في الفين فيجعل كل أربعمائة بينهما فيكون حق الورثة خمسة أسهم وحق
الموصى له سهما فيأخذ سدس الألفين وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث وتبين ان السالم
119

للعبد من رقبته مثل هذا ومثل نصفه وذلك خمسمائة فالمتعين من المال ألفان وخمسمائة وقد
نفذنا الوصية لهما في ثمانمائة وثلاثة وثلاثين وثلث وسلم للورثة ضعف ذلك ألف وستمائة وستة
وستون وثلثان فاستقام التخريج إلى أن يؤدى العبد السعاية فإذا قدر على ذلك أمسك مقدار
وصيته وذلك ستمائة فادى أربعمائة فيأخذ الموصى له بثلث الألفين من ذلك ستة وستين
وثلثين حتى يتم له أربعمائة كمال حقه وتأخذ الورثة ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثا حتى يسلم
كمال الألفين وفي الكتاب يقول ما خرج من السعاية أخذ الموصى له من الورثة مثل سدس
الخارج وهذا موافق لما بينا إذا تأملت وإذا ترك عبدا يساوى ألف درهم وأوصى بعتقه
وترك أيضا ألف درهم وأوصى لرجل بثلث ماله وللاخر بسدس الألفين بعينهما فالثلث بينهما
على أحد عشر سهما لان وصية العبد بقيمته وهي ألف فيضرب في الثلث بجميعها وان كانت
أكثر من الثلث لأنه وصية البراءة عن السعاية فيكون بمنزلة الوصية بالألف المرسلة يستحق
الضرب بجميعها وان جاوزت الثلث وصاحب ثلث المال وصيته ستمائة وستة وستون وثلثان
وصاحب ثلث الألف وصيته مائة وستة وستون وثلثان فيجعل هذا سهما فيكون حقه في
سهم واحد وحق صاحب الثلث في أربعة أسهم وحق العبد في ستة أسهم فإذا جمعت بين
هذه السهام كانت أحد عشر وهو الثلث والجملة ثلاثة وثلاثون للعبد من ذلك ستة عشر
ونصف يسلم له من ذلك ستة ويسعى في عشرة ونصف والموصى له بسدس الألف يأخذ
سهما من ستة عشر ونصف من الألف ويجمع ما بقي فيقسم بين الموصى له بثلث المال وبين
الورثة على ستة وعشرين سهما للورثة من ذلك اثنان وعشرون وللموصى له بالثلث أربعة هذا
إذا أدى العبد ما عليه من السعاية فإن لم يقتسموا حتى ضاع نصف الدراهم واستحق نصف
العبد قسمت الثلث على ستة أسهم لان وصية العبد ترجع إلى النصف رقبته وذلك ثلاثة ووصية
صاحب الثلث ترجع إلى سهمين لان ثلث المال ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث ولم ينتقص
من وصية صاحب السدس الألف شئ فيكون الثلث بينهم على ستة والمال ثمانية عشر نصف
العبد الباقي تسعة يسلم من ذلك ثلاثة وهو ثلث النصف ويسعى في ثلثي النصف ويأخذ
الموصى له بسدس الألف من الخمسمائة إلى السعاية فيكون مقسوما بين الورثة والموصى له
بالثلث على أربعة عشر سهما للورثة من ذلك اثنا عشر وللموصى له سهمان على قدر سبعة
للموصى له بالثلث سبع ذلك ولا فرق بين سهم من سبعة وبين سهمين من أربعة عشر. وقال
120

محمد في جميع هذه المسائل إذا أوصى لرجل بشئ بعينه ولاخر بثلث ماله مرسلا قسم
الثلث على وصاياهما فيأخذ الموصى له بشئ بعينه حصته من الثلث فيما أوصى له ثم يعطى
صاحب الثلث من الذي أوصى به بعينه للرجل مثل ثلث ما أخذ ذلك الرجل وما بقي من
حصته جعل فيما بقي من المال لان وصيته شائعة في المالين جميعا فيجب تنفيذها من كل مال
بحصته والله أعلم بالصواب
(باب الوصية بأكثر من الثلث)
(قال رحمه الله) وإذا أوصى لرجل بثلث ماله ولاخر بجميع ماله فأجاز ذلك الورثة
فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يقسم المال بينهما على طريق المنازعة وبيان ذلك أنه لا منازعة
لصاحب الثلث فيما زاد على الثلث فيسلم ذلك لصاحب الجميع وهو ثلثا المال فقد استوت
منازعتهما في الثلث فيكون بينهما نصفين فحصل لصاحب الجميع خمسة أسداس المال ولصاحب
سدس الثلث المال قال الحسن رحمه الله وهذا خطأ بل على قول أبي حنيفة يقسم المال بينهم
أرباعا بطريق المنازعة وبيان ذلك أنه يبدأ بقسمة الثلث فان حقهما فيه على السواء فيكون
بينهما نصفين ثم يأتي إلى الثلثين فيقول كان لصاحب الثلث سهمان من ستة ووصل إليه سهم
فإنما بقي من حقه سهم واحد فلا منازعة فيه له فيما زاد على سهم واحد من الثلثين وذلك ثلاثة
فيسلم ذلك لصاحب الجميع ويبقى سهم استوت منازعتهما فيه فيكون بينهما نصفان فحصل لصاحب
الثلث سهم ونصف من ذلك وذلك الربع وحصل لصاحب الجميع أربعة ونصف وذلك ثلاثة
أرباع المال وتخريج الحسن رحمه الله أصح فان على ما ذكره محمد رحمه الله يؤدى إلى أن لا ينتفع
صاحب الثلث بالإجازة أصلا لأنه لو لم تجز الوصية لهما كان الثلث بينهما نصفين ثم يأخذ
صاحب الثلث سدسا آخر من الورثة بالإجازة ليسلم له كمال حقه فكذلك عند الاجتماع
ينبغي أن ينتفع كل واحد منهما بالإجازة وذلك فيما قلنا وعلى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما
الله القسمة على طريق العول فيضرب صاحب الجميع بثلاث وصاحب الثلث بسهم فيكون
المال بينهم أرباعا وإن لم تجز الورثة ذلك فعندهما يقسم الثلث بينهما أرباعا وعند أبي حنيفة
رحمه الله نصفين لان وصية صاحب الجميع فيما زاد على الثلث تبطل ضربا واستحقاقا * قال
ولو أوصى لرجل بثلث ماله ولاخر بثلثي ماله ولاخر بجميع ماله فأجازوا ففي قياس قول
121

أبي حنيفة على ما ذكره محمد رحمه الله ما زاد على الثلثين لا منازعة فيه لصاحب الثلثين
ولا لصاحب الثلث فيسلم لصاحب الجميع ثم ما زاد على الثلث إلى تمام الثلاثين لا منازعة
لصاحب الثلث وصاحب الجميع وصاحب الثلثين يدعيانه فيكون بينهما نصفين وقد استوت
منازعتهم في الثلث فيكون بينهم أثلاثا يحتاج إلى حساب له ثلث ينقسم أثلاثا وينقسم نصفين
وذلك ثمانية عشر يسلم لصاحب الجميع مرة ستة ومرة ثلاثة ومرة سهمين فذلك أحد عشر
ولصاحب الثلثين مرة ثلاثة ومرة سهمين فذلك خمسة عشر ولصاحب الثلث سهمين وأما
على تخريج الحسن فيقول يقسم الثلث أولا بينهم أثلاثا بالتسوية فيكون المال من تسعة ثم
حق صاحب الثلثين في تسعة وصل إليه سهم يبقى له خمسة فما زاد على خمسة من الثلثين
وهو سهم واحد لا منازعة فيه لصاحب الثلثين فيأخذه صاحب الجميع وحق صاحب الثلث
كان في ثلاثة وصل إليه سهم بقي له سهمان فما زاد على السهمين إلى تمام خمسة وذلك ثلاثة
لا منازعة فيها فيكون بين الأخوين نصفين وقد استوت منازعتهم في سهمين فيكون بينهم
أثلاثا فقد انكسر بالأثلاث والانصاف فتضرب ثلاثة في اثنين فيكون ستة ثم ستة في
تسعة أصل المال فيكون أربعة وخمسين منه تصح المسألة. وعلى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما
الله القسمة على طريق العول يضرب فيه صاحب الجميع بثلاثة وصاحب الثلثين بسهمين
والثلث بسهم فيكون على ستة أسهم وإن لم تجز الورثة فالثلث بينهما كذلك عندهما يقسم
على ستة وعند أبي حنيفة رحمه الله يقسم الثلث بينهما أثلاثا * قال ولو أوصى لرجل بثلث ماله
ولاخر بنصفه ولاخر بنصفه فأجازوا فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يأخذ صاحبا النصف
كل واحد منهما سدس المال لأنه لا منازعة لصاحب الثلث معهما فيما زاد على الثلث وكل واحد
منهما يدعى الزيادة إلى تمام النصف وفي المال سعة فيأخذ كل واحد منهما ذلك القدر ثلاثة
استوت منازعتهم فيه فيكون بينهم أثلاثا فحصل لصاحب الثلث تسعة ولكل واحد من
الآخرين ثلاثة أتساع ونصف تسع وإن لم تجز الورثة فالثلث بينهم أثلاثا وعند أبي حنيفة
هما ان أجازت الورثة فجميعه مقسوم بينهما على ثمانية بطريق العول يضرب فيه صاحب
النصف كل واحد منهما بثلاثة وصاحب الثلث بسهمين وإن لم يجيزوا فالثلث بينهم على
ثمانية فلو أوصى بثلث ماله وبنصف ماله وبثلثي ماله وبخمسة أسداس ماله فأجازوا أما قياس
قول أبي حنيفة على ما ذكره محمد رحمه الله فإنما زاد على ثلثي المال إلى خمسة أسداس لا يدعيه
122

أحد منهم الا صاحب خمسة أسداس فيأخذ ذلك بلا منازعة وهو سدس المال ثم زاد على
النصف الثلثين لا يدعيه الا صاحب الثلثين وصاحب خمسة أسداس وفي المال سعة
فيأخذ كل واحد منهما سدسا آخر ثم ما زاد على الثلث إلى تمام النصف وذلك سدس واحد
لا يدعيه صاحب الثلث ويدعيه الباقون فيكون بينهم أثلاثا والثلث الباقي استوت منازعتهم
فيه فيكون بينهم أرباعا فقد انكسر بالأثلاث والأرباع فاضرب ثلاثة في أربعة فيكون اثنى
عشر ثم اثنى عشر في ستة فيكون اثنين وسبعين فصاحب خمسة أسداس يأخذ مرة اثنى
عشر ومرة أربعة فذلك ثمانية وعشرون ومرة ستة فذلك أربعة وثلاثون وصاحب الثلثين
أخذ مرة اثنى عشر ومرة أربعة ومرة ستة فذلك اثنان ولو عشرون وصاحب النصف أخذ
مرة أربعة ومرة ستة فذلك عشره وصاحب الثلث ما أخذ الا ستة فتكون القسمة بينهم
على هذا * وعلى تخريج الحسن يقسم الثلث أولا بينهم أرباعا بالسوية فيكون من اثنى عشر
ثم صاحب خمسة أسداس حقه في عشرة وصاحب الثلث حقه في ثمانية ويأخذ كل واحد
منهما سهما فما زاد على سبعة إلى ثمانية وهو سهم واحد يأخذه صاحب خمسة أسداس بلا
منازعة وصاحب النصف حقه في ستة وصل إليه واحد بقي له خمسة فما زاد على ذلك إلى تمام
سبعة وذلك سهمان هو لا ينازع فيه وكل واحد من الآخرين يدعيه فيكون بينهما
نصفين وما زاد على ثلاثة إلى تمام خمسة وذلك سهمان لا يدعيه صاحب الثلث فيكون بين
الثلاثة أثلاثا والباقي وهو ثلاثة استوت منازعتهم فيه فيكون بينهم أرباعا وقد انكسر
بالأثلاث والأرباع فاضرب ثلاثة في أربعة فيكون اثنى عشر ثم في اثنى عشر فيكون
مائة وأربعة وأربعين منه تصح المسألة وإن لم تجز الورثة فالثلث بينهم أرباعا كما بينا فإن كان
أوصى مع هذا أيضا بجميع ماله فعلى تخريج محمد نقول ما زاد على خمسة أسداس لا يدعيه
أحد سوى صاحب الجميع فيأخذه بلا منازعة وفيما زاد على الثلثين إلى خمسة أسداس
لا منازعة لصاحب الثلثين فيكون بين صاحب خمسة أسداس وصاحب الجميع نصفين وما
زاد على النصف إلى تمام الثلثين وذلك سدس آخر لا يدعيه صاحب النصف فيكون بين
الثلثين وصاحب خمسة أسداس وصاحب الجميع أثلاثا وما زاد على الثلث إلى تمام النصف
وهو سدس آخر بينهم وبين صاحب النصف أرباعا وقد استوت منازعتهم في الثلث فيكون
بينهم أخماسا فقد انكسر بالأخماس والأثلاث والانصاف فالسبيل أن تضرب هذه المخارج
123

بعضها في بعض إلا أن الأربعة تجزى عن اثنين فيضرب خمسة في أربعة فتكون عشرين ثم
في ثلاثة فتكون ستين ثم يضرب أصل الفريضة وهو ستة في ستين فيكون ثلاثمائة وستين منه
يصح التخريج في قول أبي حنيفة وعلى تخريج الحسن الثلث يقسم بينهم أخماسا أو لا فيكون
المال من خمسة عشر ثم صاحب خمسة أسداس حقه في اثنى عشر ونصف وصل إليه سهم بقي
له أحد عشر ونصف وقد انكسر بالانصاف فأضعفه فيكون المال من ثلاثين وصل إلى كل
واحد منهم سهمان وحق صاحب الثلثين في عشرين وصل إليه سهمان بقي له ثمانية عشر فما زاد
على ذلك إلى عشرين وذلك سهمان بين صاحب الجميع والخمسة أسداس نصفين ثم ما زاد على
ثلاثة عشر إلى ثمانية عشر وذلك خمسة بينهما وبين صاحب الثلثين أثلاثا ثم ما زاد على ثمانية
إلى ثلاثة عشر وذلك خمسة بينهم وبين صاحب النصف أرباعا ثم الباقي وهو ثمانية بينهم
أخماسا وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى القسمة عولية عند الإجازة في جميع المال
فيكون على عشرين سهما لان صاحب الجميع يضرب بستة وصاحب خمسة الأسداس بخمسة
وصاحب الثلثين بأربعة وصاحب النصف بثلاثة وصاحب الثلث بسهمين وعند عدم الإجازة
يكون الثلث بينهم على عشرين سهما * قال ولو أوصى لرجل بثلث ماله ولاخر بربع ماله
ولاخر بسدس ماله فأجازت الورثة الوصية أخذ كل واحد منهم وصيته كاملة لان المال وفي بما
أوجبه لكل واحد منهم وزيادة وإن لم يجيزوا ضرب كل واحد منهم في الثلث بوصيته فتكون
القسمة بينهم على طريق العول بالاتفاق لان الوصايا كلها وقعت في الثلث واستوت في القوة
فيضرب كل واحد منهم بجميع حقه فإن كان أوصى مع هذا بجميع ماله وبنصف ماله وأجازت
الورثة فان أبا يوسف رحمه الله ذكر أن قياس قوله أبي حنيفة رحمه الله في ذلك أن لصاحب
الجميع نصف المال وسدس المال بينه وبين صاحب الثلث أثلاثا ونصف سدس بينهم وبين
صاحب الربع أرباعا والباقي بينهم وبين صاحب السدس أخماسا قال لأنه لا بد من اعتبار
القسمة بطريق المنازعة فبعض الوصايا قد جاوزت الثلث وإذا وجب باعتبار القسمة بطريق
المنازعة سقط اعتبار القسمة بطريق العول لان بينهما تضادا عند القسمة بطريق المنازعة فيكون
التخريج ما قال إن كل جزء فرغ من منازعة بعضهم فيدعى ذلك بعضهم فيقسم ذلك بين الذين
يدعونه بالسوية قال محمد رحمه الله وليس هذا بقياس قول أبي حنيفة في الوصايا التي لم تجاوز
الثلث ان كل انسان يضرب في الثلث بوصيته ولا نجعل لبعضهم شيئا دون بعض ولكن قياس
124

قول أبي حنيفة أن كل شئ زاد على الثلث فكان إلى الورثة اجازته ورده فإنه يقسم على
ما وصفه أبو يوسف وأما الثلث الذي ليس إلى الورثة اجازته ولا رده فإنه يقسم على الوجه
الذي كان يقسم عليه لو لم يجز الورثة وقد وجد هاهنا محل القسمة بطريق العول ومحل القسمة
بطريق المنازعة فلا بد من اعتبارهما جميعا فيكون القول في هذه المسألة أن النصف لصاحب
الجميع خالصا والسدس بينه وبين صاحب النصف نصفان ثم يبقى الثلث الذي لا إجازة فيه
للورثة فهو بين أصحاب الوصايا كلهم يقتسمونه كما كانوا يقتسمونه لو لم يجز الورثة يضرب
فيه صاحب الجميع وصاحب النصف وصاحب الثلث كل واحد منهم بالثلث وذلك أربعة
من اثنى عشر وصاحب الربع بثلاث وصاحب السدس بسهمين فإذا جمعت بين هذه السهام
بلغت سبعة عشر وإذا صار سهام الثلث سعة عشر فسهام جميع المال أحد وخمسون ثم إذا
أخذ الموصى له بالجميع نصف ذلك خمسة وعشرين ونصفا فقد انكسر بالانصاف فأضعفه
فيكون سهام المال مائة واثنين منه تصح المسألة * قال ولو كان قوله على التفصيل الأول
الذي قاله أبو يوسف لكانت الإجازة ببعض وصية بعضهم ومعلوم أنه ليس للوارث على
الموصى له هذه الولاية أن ينقص نصيبه بالإجازة وبيان ذلك فيما إذا أوصى لرجل بجميع
ماله ولا آخر بسدس ماله فأجازوا ففي قياس القول الأول لصاحب الجميع ثلث المال وسدسه
بينه وبين صاحب الثلث نصفين والثلث الباقي بينهما وبين صاحب السدس أثلاثا فنصيب
صاحب السدس عند الإجازة ثلث سدس وهو سهم من ثمانية عشر وإن لم يجيزوا كان له
خمس الثلث لأنه يضرب في الثلث بالسدس بسهم ويضرب الا آخران كل واحد منهما بالثلث
سهمين فيكون الثلث بينهم خمسة وسهام المال خمسة عشر فعند عدم الإجازة يسلم له سهم
من ثمانية عشر فينقص حقه بالإجازة وهذا لا يستقيم فعرفنا أن الطريق ما قلنا وهو أن
صاحب الجميع يأخذ ثلثي المال ثم يقسم الثلث بينهم على طريق العول فيكون أخماسا * قال
الحسن رحمه الله وهذا الذي قاله محمد غير صحيح أيضا فان على ما ذهب إليه يؤدى إلى أن
لا ينتفع صاحب السدس وصاحب الثلث بالإجازة أصلا بل يسلم لكل واحد منهما عند
وجود الإجازة ما يسلم له عند عدم الإجازة ومعلوم أن كل واحد منهما ينتفع إذا انفرد به
فكذلك عند الجميع ينبغي أن ينتفع كل واحد منهم بالإجازة وإنما يتحقق ذلك على ما ذهبت
إليه من البداءة بقسم الثلث وهذا لان القسمة بطريق العول تكون عن موافقة فهذا
125

أقوى من القسم بطريق المنازعة وإنما يبدأ بالأقوى فيقسم الثلث بينهم في المسألة المذكورة
آخرا على خمسة ويكون المال على خمسة عشر ثم صاحب الثلث كان حقه في خمسة وصل
إليه سهمان بقي له ثلاثة فما زاد على ثلاثة وهو سبعة وهو لا يدعيه فيسلم لصاحب الجميع
وصاحب السدس كان حقه في سهمين ونصف وصل إليه سهم بقي له سهم ونصف فما زاد على
سهم ونصف إلى تمام ثلاثة يكون بين صاحب الجميع وصاحب الثلث نصفين يبقى سهم ونصف
استوت منازعتهم فيه فيكون بينهم أثلاثا فحصل لصاحب السدس عند الإجازة سهم ونصف
وعند عدم الإجازة كأن لا يسلم له الا سهم واحد فقد انتفع بالإجازة وحصل لصاحب الثلث
مرة سهمان ومرة ثلاثة أرباع سهم ومرة نصف سهم فيكون ثلاثة وربع وعند عدم الإجازة
ما كان يسلم الا سهمان فقد انتفع بالإجازة وسلم له بها سهم وربع فعرفت أن الصحيح من
الطريق ما ذهب إليه الحسن ثم تخريج المسألة الأصلية على تخريج الحسن أن يبدأ بثلث المال
فيضرب فيها صاحب النصف والثلث والجميع كل واحد منهم بالثلث وهو أربعة ويضرب
فيه صاحب الربع بثلاثة وصاحب السدس بسهمين فيكون بينهم على سبعة عشر وإذا صار
الثلث على ستة عشر كان جميع المال أحدا وخمسين فإذا اقتسموا الثلث على سبعة عشر فتقول
صاحب الثلث كان حقه في خمسة وعشرين ونصف وصل إليه أربعة بقي حقه في أحد
وعشرين ونصف ما زاد على ذلك إلى اتمام ثلثي المال وذلك اثنا عشر ونصف يسلم لصاحب
الجميع بلا منازعة وصاحب الثلث كان حقه في سبعة عشر وصل إليه أربعة بقي له ثلاثة عشر
فما زاد على ذلك إلى أحد وعشرين ونصف وذلك ثمانية ونصف بين صاحب الجميع وصاحب
النصف نصفان لكل واحد منهما أربعة وربع وصاحب الربع كان حقه في سبعة عشر وثلاثة
أرباع وصل إليه ثلاثة بقي حقه في تسعة وثلاثة أرباع فما زاد على تسعة وثلاثة أرباع إلى تمام
ثلاثة عشر لا منازعة له فيه فتكون القسمة بين صاحب الثلث والنصف والجميع أثلاثا لكل
واحد منهما سهم وثلث وحق صاحب السدس كان في ثمانية ونصف وصل إليه سهمان بقي
حقه في ستة ونصف فما زاد على ذلك إلى تسعة وثلاثة أرباع وهو ثلث وربع يكون بين
الأربعة الباقين أرباعا فيبقي ستة ونصف وقد استوت منازعتهم فيه فيكون بينهم أخماسا * ثم
طريق التصحيح يضرب المخارج بعضها في بعض وإذا خرجت المسألة بهذه الصفة ظهر أن
كل واحد منهم ينتفع بالإجازة كما بينا * قال ولو أوصى لرجل بنصف ماله ولاخر بسدس
126

ماله فأجازت الورثة فان صاحبي النصفين يأخذان ما زاد على الثلث دون المال وذلك الثلثان
لكل واحد منهما الثلث فيضرب صاحبا السدس بثلث المال وفي المال سعة فيأخذ كل واحد
منهما ثلث المال ثم يبقى لكل واحد منهم الوصية بسدس المال فيقتسمون الثلث بينهم على ثلاثة
فتكون القسمة من تسعة * قال في الأصل لان صاحبي النصفين لم يبق لهما من وصيتهما الا
سدس السدس وهذا غلط وإنما الباقي لكل واحد منهما السدس لا سدس السدس إلا أن
يقال الألف واللام زيادة من الكاتب والصحيح انه لم يبق لهم من وصيتهم الا سدس سدس
أي لكل واحد منهما سدس وهذا في بعض النسخ العتيقة وعند عدم الإجازة كل واحد
منهما يضرب في الثلث بالثلث وصاحبا السدس بالسدس فيقتسمون الثلث على خمسة أسهم
والله تعالى أعلم
(باب الوصية بالعتق والمال يفضل فيه أحد الورثة صاحبه)
(قال رضي الله عنه) وإذا أعتق عبدا له في مرضه قيمته ألف درهم لا مال له غيره
ثم قتل رجل المولى عمدا وله ابنان فعفا أحدهما فان حصة الذي لم يعف على القاتل خمسة
آلاف درهم فإذا أداها عتق العبد كله ولا شئ عليه لان المؤدى مال الميت فإنه بدل نفسه
ولو وجب بالخطأ كان له بمنزلة الدية فيقسم الكل قسمة واحدة وهاهنا العبد ليس من جنس
الدية فكذلك إذا وجب بالعمد بعد عتق أحد الوليين وقد ظهر خروج قيمته من الثلث
فيعتق كله ثم يقسم كل الخمسة آلاف بين الاثنين على اثنى عشر سهما للعافي منهما سهم
وللاخر أحد عشر سهما لأنه ظهر أن التركة ستة آلاف ألف قيمته العبد ونصف الدية ولو
لم يوص بشئ لكانت تقسم على اثنى عشر لان العبد بينهم نصفان ونصف الدية للذي لم يعف
فيكون حق العافي خمسمائة وحق الاخر خمسة آلاف وخمسمائة بينهما يكون ذلك اثنى عشر
سهما فكذلك بعد تنفيذ الوصية لا يختص به بعض الورثة بل يكون عليهم بالحصة فان
المستحق بالوصية في حق الورثة كالتاوي وما يتوى من المال المشترك يكون على الشركاء
بالحصة فهذا مثله وإنما يكون الضرر عليهم بالحصة فإذا قسمنا الباقي على اثنى عشر سهما كما
كان يقسم الكل لو لم يكن هناك وصية * فان قيل كيف يستوفي العافي شيئا من الدية وقد أسقط
نصيبه بعفوه * قلنا ما يستوفيه في حقه ليس بدية بل هو عوض عما تلف من نصيبه بالعبد باعتبار
127

حصة شريكه لان الاعتاق في حكم الوصية بالعتق للعبد فيقدم في الثلث على حق الورثة فيكون
ضرره على الورثة بالحصة فيأخذ هو جزأ مما في يد صاحبه من المال عوضا عما سلم للعبد من
نصيبه فما لم يكن مستحقا عليه في نصيبه فان قيل حقه كان في ثلث العبد بدليل أنه لو لم يعف
لكان العبد يسعى في ثلثي قيمته بينهما فكيف يضرب بنصف العبد وحقه في ثلثي العبد * قلنا
نعم كان حقه في ثلث العبد لضيق المحل وقد اتسع المحل بظهور خمسة آلاف للميت وهذا لان
ضرر تنفيذ الوصية على الوارثين بالحصة (ألا ترى) انه لو ترك ابنا وامرأة وأوصى بعين ماله
فإنه تقسم التركة وتنفذ الوصية بينهما على ثمانية فيكون ضرر تنفيذ الوصية عليهما بحسب
ميراثهما فهاهنا كذلك فان حق الذي لم يعف في التركة اضعاف حق العافي فينبغي أن تكون
صورة تنفيذ الوصية عليهما بحسب ذلك في الوصية بقدر الألف فجزء من اثنى عشر جزأ منه
حصة العافي وذلك ثمانية وثمانون وثلث بقي له في العبد أربعمائة وستة عشر وثلثان وقد تلف
ذلك بتنفيذ الوصية في جميع العبد فيأخذ ذلك القدر مما في يد صاحبه وإذا قسمنا خمسة
آلاف على اثنى عشر كان كل سهم من ذلك أربعمائة وستة وعشر وثلثين ولو كانت قيمة
العبد ثلاثة آلاف درهم سعى العبد في ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث جملة مال الميت ثمانية
آلاف فإنما يسلم للعبد الثلث من ذلك والثلث ألفان وثلث ألف يسلم ذلك القدر من رقبته
ويسعى فيما بقي وهو ثلث ألف فإذا أدى السعاية جمع ذلك إلى خمسة آلاف واقتسمها
الابنان على ستة عشر سهما ثلاثة للعافي والباقي للاخر لأنه لو لم يكن هاهنا وصية لكانت
قيمة جميع التركة بينهما على هذه السهام لان حق العافي في نصف العبد ألف وخمسمائة وحق
الاخر في نصف العبد ونصف الدية وذلك ستة آلاف وخمسمائة فإذا جعلت كل خمسمائة
سهما كان حق الذي لم يعف ثلاثة عشر سهما وحق العافي ثلاثة أسهم فكذلك بعد تنفيذ
الوصية تكون قسمة ما بقي من التركة بينهما على هذه السهام والباقي من التركة خمسة
آلاف وثلاثمائة وثلاثين وثلثا فإذا قسمت على ستة عشر كان لك سهم من ذلك ثلاثمائة وثلاثة
وثلاثين وثلثا فيكون للعافي في الحاصل ألف درهم وللذي لم يعف ما بقي فإن كان العبد مات
قبل أن يؤدى ما عليه من السعاية كان للعافي سدس الخمسة والباقي للاخر لان العبد حين
هلك علمنا أن وصيته مثل نصف الباقي من المال وهو خمسة آلاف فان الوصية تنفذ في
الثلث والثلث مثل نصف ما يسلم للورثة فإذا كان السالم من التركة خمسة آلاف
128

عرفنا أن الوصية للعبد تنفذ في نصفه ألفين وخمسمائة وأن جملة التركة سبعة آلاف وخمسمائة
حق العافي من ذلك ألف ومائتان وخمسون فإذا جعلت كل ألف ومائتين وخمسين سهما يكون
حق العافي في سهم وحق الاخر في خمسة وإنما تقسم التركة بعد تنفيذ الوصية على ما كانت تقسم
عليه لو لم يكن هناك وصية فيكون حق العافي سدس الخمسة آلاف والباقي كله للذي لم يعف
* ولو كان على الميت مع ذلك دين ألف درهم قضوا الدين من هذه الخمسة آلاف لان الدين
يقدم في التركة على الميراث والوصية ثم يقسم الباقي بين الابنين على سبعة للعافي سهم وللآخر ستة
لأنه لما قضى الدين كله بألف درهم كان الباقي في يد الورثة أربعة آلاف وإنما تنفذ الوصية للعبد
في نصف ذلك وذلك ألفان فهو الذي جبى من العبد فإذا ضممته إلى نصف الدية يكون سبعة
آلاف فلو لم يكن هاهنا دين ولا وصية لكان حق العافي في ألف درهم نصف ما جبى من
العبد وحق الاخر في ستة آلاف فكذلك يقسم ما بقي بعد قضاء الدين وتنفيذ الوصية ليكون
ضرر الدين والوصية عليهما بالحصة وإذا جعلت كل ألف سهما يكون ذلك على سبعة أسهم
ينقسم الباقي وهو سبعة آلاف بينهما على سبعة سبعه للعافي وستة أسباعه للاخر * وإذا كان
لرجل عبدان يساوى كل واحد منهما ألفي درهم فأعتقهما في مرضه ثم قتل عمدا وله ابنان فعفا
أحدهما وغرم الاخر خمسة آلاف فإنه يسعى كل واحد من العبدين في خمس ثلثه لان جملة
التركة تسعة آلاف وإنما تنفذ الوصية لهما في ثلثه وذلك ثلاثة آلاف لكل واحد منهما ألف
وخمسمائة ثلاثة أرباع قيمته ويسعى كل واحد منهما في ربع قيمته فإذا أديا ذلك ضم إلى الخمسة
آلاف فيقسمه الابنان على تسعة أسهم سهمان للعافي وسبعه للاخر لأنه لو لم يكن ههنا وصية
لكان حق العافي في الفين وحقه في سبعة آلاف فكذلك بعد تنفيذ الوصية يقسم الباقي على
مقدار حقيهما وتجعل كل ألف سهما فان مات أحد العبدين قيل أن يؤدي شيئا يسعى الباقي في
ستمائة لان الباقي قيمته ألفان فإذا ضممته إلى نصف الدية يكون سبعة آلاف يقسم ذلك
بينه وبين الابنين أخماسا لان حقه في نصف الثلث سهم من ستة وحق الورثة في أربعة
وخمس سبعة آلاف ألف وأربعمائة وظهر أن السالم له من قيمته ألف وأربعمائة ويسعى في
ستمائة وظهر أن السالم للاخر أيضا ألف وأربعمائة وان جملة المال ثمانية آلاف وأربعمائة نفذنا
الوصية لهما في ألفين وثمانمائة وحصل في يد الورثة خمسة آلاف وستمائة فاستقام الثلث والثلثان
ثم ما في يد الاثنين يقسم بينهما اثنين وأربعين سهما فما أصاب ثلاثة وثلاثين ونصفا فهو للذي
129

لم يعف وما أصاب ثمانية ونصفا فهو للعافي لان جملة المال في الحاصل ثمانية آلاف وأربعمائة
ولو لم يكن هناك وصية لكان للعافي من ذلك ألف وسبعمائة وللذي لم يعف ستة آلاف
وسبعمائة فالسبيل أن نجعل كل مائة سهما فيكون حق العافي سبعة عشر سهما وحق الذي لم
يعف سبعة وستون سهما فجملته أربعة وثمانون فكذلك بعد تنفيذ الوصيتين يقسم على أربعة
وثمانين سهما سبعة عشر للعافي والباقي للاخر إلا أنه خرجه في الكتاب من نصف ذلك إلى
اثنين وأربعين ولا يجوز لأنه انكسر بالانصاف فجعل للعافي ثمانية ونصف وهو نصف سبعة
عشر وللذي لم يعف ثلاثة وثلاثون ونصف نصف سبعة وستين فإن كان للميت ألف درهم سوى
العبدين فان لكل واحد من العبدين ألفا وستمائة درهم وصية فيسعى العافي منهما في أربعمائة
وقد استحق من الميت ألفا وستمائة وما بقي منه تاو فجملة التركة تسعة آلاف وستمائة وإنما كان
كذلك لان الباقي في يد الورثة ستة آلاف فإذا ضممته إلى قيمة العبد الباقي يكون ثمانية آلاف
خمس ذلك للعبد الباقي بطريق الوصية وذلك ألف وستمائة فإذا تبين وصية العبد الباقي تبين
أن السالم للميت من رقبته مثل ذلك وأنه استحق منه بقدر ألف وستمائة فيكون جملة المال
تسعة آلاف وستمائة وقد نفذنا الوصية لهما في ثلث ذلك ثلاثة آلاف ومائتين دخل يد الورثة
ستة آلاف وأربعمائة ثم يقسم بين الابنين على ثمانية وأربعين سهما فما أصاب ستة وثلاثين
ونصفا فهو للذي لم يعف وما أصاب أحد عشر سهما ونصفا فهو للعافي لأنه لو لم يكن هناك
وصية فان نصف الدية للذي لم يعف خاصة والباقي وهو أربعة آلاف وستمائة بينهما نصفان
لكل واحد منهما ألفان وثلاثمائة فيكون حق العافي في الفين وثلاثمائة وإذا جعلت كل مائة سهما
يكون ثلاثة وعشرين وحق الذي لم يعف في سبعة آلاف وثلاثمائة وإذا جعلت كل مائة سهما
يكون ذلك ثلاثة وسبعين وجملة السهام ستة وتسعون فكذلك بعد تنفيذ الوصية يقسم الباقي
بينهما على هذه السهام ليكون ضرر تنفيذ الوصية عليهما بالحصة ولان الكتاب خرج المسألة
من ذلك على ثمانية وأربعين لأنه لا يجوز الكسر بالانصاف قال وإذا ترك الرجل عبدين يساوى
كل واحد منهما ألفي درهم وقد أعتقهما في مرضه ولا مال له غيرهما ثم قتل عمدا وله ثلاثة
بنين فعفا أحدهم عن الجناية فعلى القاتل ثلثا الدية والعتيق من العبدين ثلاثة عشر ألفا
وستمائة وستة وثلاثون لان جملة مال الميت هذا المقدار وهو رقبتهما مع ثلثي الدية فيسلم لهما
الثلث بطريق الوصية وذلك ثلاثمائة وخمسمائة وخمسة وخمسون وخمسة أتساع فعليهما السعاية
130

فيما بقي من قيمتهما وذلك أربعمائة وأربعة وأربعون وأربعة أتساع فإذا أديا ضم ذلك إلى ثلثي
الدية ويقسم ذلك على اثنين وثلاثين سهما أربعة منها للعافي والباقي للآخرين لأنه لو يكن
هاهنا وصية لكان جميع التركة بينهم على هذه السهام فان مقدار أربعة آلاف وهو قيمة
العبدين بينهم أثلاثا لكل واحد منهم ألف وثلث ألف فإذا جعلت كل ألف على ثلاثة أسهم
كان ذلك بينهم على اثنى عشر سهما وثلثي الدية إذا جعلت كل ألف على ثلاثة يكون عشرين
سهما فيكون حق العافي أربعة أسهم وحق كل واحد من الآخرين أربعة عشر سهما فكذلك
بعد تنفيذ الوصية يضرب كل واحد منهم في الباقي بجميع حقه فتكون القسمة على اثنين وثلاثين
سهما للعافي أربعة ولكل واحد من الآخرين أربعة عشر فإذا مات أحد العبدين قبل أن يؤدى
شيئا عتق من رقبة الباقي منهما خمس ثمانية آلاف وثلثا ألف فيسعى فيما بقي لان الميت منهم
مستوف لوصيته وقد توى ما عليه من السعاية فإنما يعتبر في الحال رقبة الباقي مع ثلثي الدية
وحق الباقي منهما في نصف الثلث وحق الورثة في الثلثين فيكون ذلك بينهم على خمسة أسهم
خمسة للعافي وأربعة للورثة فقد انكسر الألف بالأثلاث والأخماس فتضرب ثلاثة في خمسة
فيكون خمسة عشر ثم تضرب ثمانية وثلاثين في خمسة عشر فيكون مائة وثلاثين للباقي خمس
ذلك وذلك ستة وعشرون وإذا سلم له بالوصية هذا المقدار تبين أن السالم للميت مثل ذلك
وأن جميع المال مائة وستة وخمسون نفذنا الوصية للعبدين في اثنين وخمسين لكل واحد منهما
في ستة وعشرين وحصل للورثة مائة وأربعة فاستقام الثلث والثلثان ثم تقسم الديون من
السعاية وثلثي الدية على اثنين وخمسين سهما للعافي منهم ستة أسهم والباقي للآخرين فهذا
طريق الاختصار واعتبره محمد رحمه الله فأما على طريق البسط الذي بينا فنقول لو لم يكن
هاهنا وصية لكان جملة المال مائة وستة وخمسون مقسوم بينهم فأما مائة سهم من ذلك فهو
بينهما وثلثا بين الذين لم يعفوا ستة وخمسين هذا للعبد الباقي وما جبى من العبد الميت
فيكون بينهم أثلاثا لكل واحد منهم ثمانية عشر وثلثان انكسر بالأثلاث فاضرب ستة وخمسين
في ثلاثة فيصير مائة وثمانية وستين وسهام ثلثي الورثة فيصير ثلاثمائة فتكون جملته أربعمائة وثمانية
وستين للذي عفا ستة وخمسون وللآخرين لكل واحد منهما مائتا سهم وستة أسهم فكذلك
بعد تنفيذ الوصية تكون القسمة بينهم على هذا ولكنه اعتبر طريق الايجاز فقال لما وجب قسمة
ثمانية آلاف وثلثي ألفين بين الباقي والورثة على خمسة تضرب ثمانية وثلاثين في خمسة فتكون
131

خمسة وأربعين وثلث الباقي خمس ذلك وهو ثمانية وثلثان ويسلم للميت مثل ذلك من رقبته إذا
ضممته إلى هذا تكون الجملة اثنين وخمسين فلو لم يكن هاهنا وصية لكان مقدار ثلثي الدية
وذلك ستة وثلثان ضربته في خمسة فتكون ثلاثة وثلاثين وثلثا بين الذين لم يعفوا نصفين وما
بقي وذلك ثمانية عشر وثلثان بينهم أثلاثا لكل واحد منهم ستة وتسعون فكذلك بعد تنفيذ
الوصية يقسم ما بقي بينهم على هذه السهام حق العافي في ستة أسهم ويسعى في سهم وحق الآخرين
في خمسة وأربعين سهما وسبعة أتساع سهم بينهما نصفان فتكون القسمة على هذا ومعرفة ذلك
من حيث الدراهم سهل إذا تأملته قال وإذا أوصى الرجل لرجل بعبد بعينه يساوى أربعة
آلاف لا مال له غيره ثم قتل رجل الموصى عمدا وله ابنان فعفا أحدهما فللموصى له ثلاثة
أرباع العبد ويرد ربع العبد إلى الخمسة آلاف التي تؤخذ من القاتل فيقتسمها الابنان على أربعة
وخمسين سهما للعافي منهما اثنا عشر لان جملة مال الميت تسعة آلاف فتنفذ الوصية في ثلثه وذلك
ثلاثة آلاف وثلاثة آلاف قيمته ثلاثة أرباع العبد ثم لو لم يكن ههنا وصية لكان المائتان بين الابنين
اتساعا للعافي تسعا ذلك وهو نصف قيمة العبد والباقي للاخر فكذلك بعد تنفيذ الوصية
ما بقي يقسم بينهم على هذه السهام لا أن ما يصيب العافي يكون بعض ذلك في العبد وبعضه
في الدية فلا بد من بيان ما يسلم له من العبد ومن الدية فالسبيل في معرفة ذلك أن تضرب
تسعة في ستة فيكون ذلك أربعة وخمسين كان حق العافي من ذلك في سهمين ضربتهما في ستة
فيكون اثنى عشر سهما فيأخذ نصف ما بقي من العبد والباقي من العبد ربعه مقدار ذلك بالسهام
تسعة فنصفه أربعة ونصف ويكون ما بقي له من هذه الاثني عشر سهما وذلك سبعة ونصف
في نصف الدية ويكون للذي لم يعف اثنين وأربعين سهما نصف ما بقي من العبد وهو أربعة
ونصف ما بقي له من المال بعد ذلك لان الضرر في تنفيذ الوصية يكون عليهما على قدر ميراثهما
وقد كان العبد بينهما قبل الوصية فذلك بعد تنفيذ الوصية فجعل ما بقي بينهما نصفين وإنما
فعل هذا في هذه المسألة بخلاف ما بعده لان هناك الباقي سعى به وهو دراهم من جنس الدية
فقسم الكل قسمة واحدة وههنا العبد ليس من جنس الدية فلا بد من قسمة ما بقي من العبد
بينهما نصفين كما كان جميع العبد قبل الوصية ثم يعطى العافي من الدية مقدار ما بقي من
حقه بما نفذنا منه الوصية باعتبار نصيب الابن الاخر فلهذا كانت القسمة على ما بينا والله
أعلم بالصواب
132

(باب الوصية بالعتق والمحاباة)
(قال رحمه الله) وإذا باع الرجل في مرضه عبدا من رجل بألف درهم وقيمته ألفان ثم
أعتق عبدا له آخر يساوى ألف درهم ولا مال له غيره فالمحاباة أولى من العتق في قول أبي حنيفة
وقد بينا هذه المسألة في الوصايا وعند أبي حنيفة رحمه الله للمحاباة قوة من حيث السبب وهو أن
سببه عقد الضمان وللعتق قوة من حيث الحكم وهو أنه لا يحتمل الرد فإذا بدا بالمحاباة كانت
مقدمة في الثلث وإذا بدأ بالعتق تحاصا فيه وعند أبي يوسف ومحمد العتق أولى على كل حال
فعندهما يعتق العبد مجانا لان قيمته بقدر الثلث فيخير المشترى فإن شاء نقض البيع ورد العبد
لما لزمه من الزيادة في الثمن ولم يرض به وان شاء نقض العقد وأدى كمال قيمة العبد ألفي درهم
وعند أبي حنيفة المحاباة أولى لأنه بدأ بها فيسلم العبد للمشترى بالألف ولم يبق من الثلث شئ
لان العتق لا يمكن رده فيسعى العبد في قيمته للورثة فإن كان قيمة المعتق ألفا وخمسمائة فعلى قول
أبي حنيفة يبدأ بالمحاباة كما بينا ثم يسلم للمعتق باقي الثلث من قيمته وهو مائة وستة وستون وثلثان
لان جملة المال ثلاثة آلاف وخمسمائة وقد سلم للمشترى بالمحاباة مقدار ذلك ألف فيسلم للعبد
ما بقي من الثلث وعندهما العتق مقدم فيسلم للعبد مقدار الثلث ويسعى فيما بقي وهو ثلاثمائة وثلاثة
وثلاثون وثلث ويخير المشترى كما بينا فان مات العبد قبل أن يؤدى شيئا فالمشترى بالخيار في
قول أبي حنيفة رحمه الله ان شاء أخذ العبد بألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث وان شاء نقض
البيع لان العبد ما كان يسلم له من الوصية شئ قبل سلامة المحاباة للمشترى وقد هلك فصار كأن
لم يكن وإنما المال في الحاصل ألف درهم فيسلم للمشترى من المحاباة بقدر ثلث المال وثلث الألفين
ثلث ألف فعليه أن يؤدى ما زاد على ذلك ويتخير لأنه لزمه زيادة في الثمن ولم يرض بالالتزام
وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله العتق مقدم فالعبد فيما مر مستوف لوصيته ويتخير المشترى
بين أن يغرم كمال قيمة العبد المعتق ألف درهم وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يتحاصان في الثلث
والمحاباة مثل قيمة العبد فيكون الثلث بينهما نصفين فيعتق نصف العبد ويسعى في نصف قيمته
ويأخذ المشترى عبده بألف وخمسمائة لان السالم له من المحاباة بقدر نصف الثلث ويخير المشترى
لما لزمه من الزيادة في الثمن فان اختار فسخ البيع عتق العبد كله وبطلت عنه السعاية لان الوصية
بالمحاباة كانت في ضمن البيع فتبطل ببطلان البيع وببطلانها ينعدم مزاحمة المشترى مع العبد
في الثلث فيعتق العبد كله من الثلث وان اختار المشترى أخذ العبد بألف وخمسمائة ثم مات
133

العبد المعتق قبل أن يؤدي شيئا فالمشترى بالخيار ان شاء أخذ العبد بألف وستمائة وان شاء
تركه لان العبد مات مستوفيا لوصيته وتوى ما عليه من السعاية وذلك خمسمائة فيكون ضرر
التوى على المشترى وعلى الورثة بعد حقهما خمسه على المشترى وذلك مائة درهم ونصف وإن شئت
قلت الباقي وهو ألفا درهم مقسوم بين المشترى والورثة أخماسا لان المشترى يضرب
فيه بنصف الثلث والورثة بالثلثين فإنما يسلم للمشترى بالمحاباة خمس ذلك وهو أربعمائة فعليه أن يؤدي ألفا وستمائة وقد تبين أن السالم للعبد الميت مثل دلك وهو أربعمائة فيكون جملة
ذلك ألفين وأربعمائة نفذنا الوصية لهما في ثلث ذلك وهو ثمانمائة لكل واحد منهما في
أربعمائة ولو أعتق ثم حابى ثم أعتق تخلص المعتق الأول والمشترى في الثلث لان العتق الثاني
انفرد عن المحاباة فلا يزاحمهما والعتق الأول مقدم على المحاباة فيزاحمهما في الثلث ثم ما أصاب
المعتق الأول يشاركه فيه المعتق الاخر للمجانسة والمساواة بينهما وإذا كان الثاني محجوبا
بصاحب المحاباة فإذا استوفى هو حقه خرج من البين فان قيل كيف يستقيم هذا ولم يصل
إلى صاحب المحاباة كمال حقه فما يأخذه صاحب العتق الثاني يسترده منه صاحب المحاباة لان
حقه مقدم على حقه قلنا لا كذلك فإنه لو استرد ذلك منه المعتق الأول لكان حقهما في الثلث
سواء ثم يؤدى إلى وقت لا ينقطع والسبيل في الدوران يقطع فان نقض صاحب المحاباة البيع
لما لزمه من زيادة الثمن كان الثلث بين المعتق نصفين لاستواء حقهما فان عند المجانسة المتقدم
والمتأخر سواء لأنهما قد جمعهما حالة واحدة وهي حالة المرض * ولو أعتق ثم حابى ثم أعتق
ثم حابى فالثلث بين المعتق الأول وبين صاحبي المحاباة أثلاثا لان المحابين من جنس واحد
وسبب كل واحد منهما عقد الضمان فاستويا والمعتق الأول مقدم عليهما فيزاحمهما في الثلث
وإذا قسم الثلث بينهم أثلاثا وصل المعتق الاخر فما أصاب المعتق فيهما أصاب صاحب المحاباة
الاخر فيقتسمون ذلك كله بينهم أثلاثا أما مزاحمته مع المعتق الأول فللمجانسة ومع صاحب
الاخر لان عتقه كان مقدما على هذه المحاباة إلا أنه كان محجوبا بحق صاحب المحاباة الأول
وقد استوفى هو حصته وخرج من البين فيقسم ما بقي بين الثلاثة أثلاثا بالسوية ولو حابى ثم
أعتق ثم حابى فالثلث بين صاحبي المحاباة لاستوائهما في السبب والمجانسة بينهما ولا مزاحمة
للعتيق مع صاحب المحاباة الأول فإذا سلم نصف الثلث لصاحب المحاباة الأول دخل المعتق في
النصف الذي أصاب صاحب المحاباة الاخر فيتحاصان فيه لان عتقه كان مقدما على المحاباة
134

الأخيرة فهو مزاحم له فيما يخصه * ولو حابى ثم أعتق ثم حابى ثم أعتق فالثلث بين صاحبي المحاباة
نصفان للمساواة بينهما في السبب ولا مزاحمة لواحد من المعتقين مع المحاباة فيما أصابه لان
عتقه كان مقدما على المحاباة الأخيرة فيكون هو مزاحما له في حصته ثم يشارك المعتق
الاخر المعتق الأول فيما أصابه للمساواة والمجانسة بينهما وإنما كان المعتق الاخر محجوبا لصاحبي
المحاباة وقد خرجا من البين قال وعلى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله المحاباة وسائر الوصايا
سوى العتق البات أو التدبير أو العتق الذي يقع بعد الموت بغير أجل سواء يتحاصان في الثلث
لان المحاباة بمنزلة الهبة وهي لا تحتمل الفسخ كالهبة وقد ثبت بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه
ما أن العتق المنفذ مقدم على سائر الوصايا فكذلك على سائر المحاباة وثبت بطريق المعنى
المحاباة وسائر الوصايا فيتحاصان في الثلث * قال وإذا تصدق الرجل في مرضه على رجل بألف
درهم فقبضها ووهبها لذي رحم محرم منه وقبضها وهو غير وارث ثم أعتق عبدا ثم مات بدئ
بالعتق في قولهم جميعا لان سبب هذه الوصايا استوى في القوة وهو أن يجعل ذلك تبرع وهذا
دليل لأبي حنيفة رحمه الله في أنه ينظر إلى السبب دون الحكم فان الهبة لذي الرحم المحرم والصدقة
لا رجوع فيها بخلاف سائر الوصايا ثم مع ذلك يسوي بينهما وبين سائر الوصايا إلا أنهما
يقولان التصدق والهبة تمليك فيكون محتملا للرجوع فيه إلا أن حصول المقصود به وهو
نيل الثواب وصلة الرحم لا يرجع فيه لا أنه غير محتمل للفسخ بخلاف العتق فإنه اسقاط
للرق والمسقط يتلافى ما يتصور فلا يتصور الرجوع فيه ولو لم يعتق مع الهبة والصدقة ولكنه
حابى فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يبدأ بالمحاباة على كل حال لان سببه عقد الضمان فيكون
مقدما على التبرع وإن كان من أصله تقديم المحاباة على العتق إذا بدأ بها فلان يقدم على سائر
الوصايا أولى وعندهما يتحاصان صاحب المحاباة وصاحب الهبة والصدقة لان المحاباة عندهما
كغيرها من الوصايا سوى العتق وقد استوت في الحكم فان الموصى لا ينفرد بفسخ الهبة
والصدقة كما لا ينفرد بفسخ البيع الذي فيه المحاباة فيتحاصون في الثلث والله أعلم بالصواب
(باب الوصية في العتق والدين على الأجنبي)
(قال رحمه الله) كان لرجل مائة درهم عين ومائة درهم على آخر دين فأوصى لرجل
بثلث ماله فإنه يأخذ ثلث العين لأنه سمي له ثلث المال ومطلق اسم المال يتناول العين دون
135

الدين (ألا ترى) أن من حلف لا مال له وله ديون على الناس لم يحنث ثم ما خرج من الدين بعد
ذلك أخذ منه ثلثه حتى خرج الدين كله لأنه يعين الخارج مالا له فيلتحق بما كان عنيا في
الابتداء ولا يقال لما لم يثبت حقه في الدين قبل أن يخرج فكيف يثبت حقه فيه إذا خرج
فان مثل هذا غير ممتنع (ألا ترى) أن الموصى له بثلث المال لا يثبت حقه في القصاص فإذا
انقلب مالا ثبت حقه فيه وهذا لان الموصى له بثلث المال شريك الوارث في التركة إلا أن الملك
في الدين يثبت بالإرث ولا يثبت بالوصية كالملك في القصاص وإذا تعين الدين والموصى له
شريك الوارث في مال الميت وهذا المتعين مال الميت جعلناه مشتركا بينهما حتى يكون السالم
للموصى له قدر الثلث من مال الميت وكذلك لو كان أوصى له بثلث المائة العين وثلث الدين
وفي الحقيقة مسائل هذا الباب نظير مسائل الباب المتقدم في الفرق بين الوصية بالمال المرسل
والوصية بالمال العين إلا أن هناك التفريغ على نقصان المال بالهلاك والاستحقاق وهاهنا التفريع
على نقصان زيادة المال بخروج الدين والمعنى جامع للفصلين فنقول إذا أوصى لرجل بثلث ماله
ولاخر بثلث المائة العين اقتسما ثلث المائة العين نصفين لان حقهما قبل خروج الدين سواء
فكل واحد منهما لو انفرد استحق ثلث المائة العين فإذا اجتمعا قسم ثلث العين بينهما نصفين
فان خرج من الدين خمسون درهما ضمت إلى العين وكان ثلث جميع ذلك بينهما على خمسة
لان حق الموصى له بثلث العين في ثلاثة وثلاثين وثلث وحق الموصى له بثلث المال في خمسين
ثلث ما بقي من المال فيجعل تفاوت ما بين الأقل والأكثر بينهما فإنما يضرب الموصى له بالثلث
ثلاثة والموصى له بثلث العين بسهمين فيكون العين الثلث بينهما على خمسة والثلثان عشرة ثم
صاحب ثلث العين حقه مقدم فيأخذ خمس الثلث وذلك عشرون درهما وذلك كله من العين
ويقسم الباقي بين صاحب ثلث المال والورثة على ثلاثة عشر سهما لان الموصى له بثلث المال
شريك الوارث في التركة * قال ولو كان أوصى بثلث العين لرجل وبثلث العين والدين لاخر
ولم يخرج من الدين شئ اقتسما ثلث العين فكان لصاحبي الوصية ثلث ذلك خمسون درهما
بينهما أثلاثا في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله الثلث لصاحبي الوصية في العين والثلثان
للاخر لأنه لما تعين من الدين خمسون فقد ظهر جميع ما هو محل حق صاحب الوصية بثلث
العين والدين على ما بينا أن حقه في الحال المحل المضاف إليه وصيته مقدم على حق الوارث
فيضرب هو في الثلث بجميع وصيته وذلك ستة وستون وثلثان والا آخر إنما يضرب بثلث
136

العين فيكون الثلث بينهما أثلاثا لهذا بخلاف الأول فان الموصى له بثلث المال شريك الوارث
وإنما يضرب هو بثلث ما تعين من المال فذلك خمسون درهما وأما على قول أبي حنيفة رحمه
الله فالثلث بينهما في هذه المسألة على خمسة أيضا لان حق صاحب الثلث في العين والدين
وإن كان ستة وستين وثلثين إلا أنه لا يضرب في الثلث بأكثر من خمسين لان الثلث
المتعين من المال هذا المقدار ووصيته فيما زاد على الثلث تبطل ضربا واستحقاقا عند أبي
حنيفة فإنما يضرب هو بثلاثة أسهم والاخر بسهمين فكان الثلث بينهما مقسوما على خمسة
ولو كان الدين مائتي درهم فأوصى لرجل بثلث العين ولاخر بثلث الدين فثلث العين للموصى
له بثلث العين خاصة لان وصية كل واحد منهما مضافة إلى محل عين وانه إنما يستحق وصيته
من ذلك المحل خاصة فلهذا لا يزاحم الموصى له بثلث الدين صاحب العين في شئ من
العين فان خرج من العين خمسون درهما ضممته إلى المائة وأخذ صاحب الوصية من ذلك
الثلث واقتسماه على خمسة أسهم لان صاحب ثلث الدين يضرب في الثلثين بجميع ما تعين من
الدين فان حقه فيه مقدم على حق الوارث فهو يضرب بخمسين وثلث وصاحب العين بثلاثة
وثلاثين وثلث وكانت القسمة على خمسة فما أصاب صاحب وصية العين وهو عشرون درهما
كان له في العين وما أصاب الاخر وهو ثلاثون درهما كان له في الخارج والدين * قال ولو
كان أوصى بثلث ماله لرجل وبثلث الدين لاخر وقد خرج من الدين خمسون درهما اقتسم
صاحب الوصية الثلث نصفين لأن العين من المال مائة وخمسون فإنما يضرب صاحبا ثلث
المال بخمسين وكذلك صاحب ثلث الدين يضرب بما تعين من الدين وذلك خمسون فكان
الثلث بينهما نصفين ولكن يصير الموصى له بثلث الدين وذلك خمسة وعشرون درهما يأخذ
من الخارج من الدين ثم ما بقي منه مع المائة العين يقسم بين الموصى له بثلث المال وبين الوارث
أخماسا لان الموصى له بثلث المال شريك الوارث * ولو كان أوصى بثلث العين والدين لرجل
وبثلث الدين لاخر ثم خرج من الدين خمسون درهما ضمت إلى العين وكان ثلث ذلك بين
صاحبي الوصية على ثمانية أسهم ثلاثة لصاحب الوصية في الدين في الخارج منه وخمسة منها
للاخر سهمان في العين وثلاثة أسهم في الخارج من الدين في قول أبى يوسف ومحمد ورحمهما
الله لان المتعين من الدين حقهما فيه على السواء وذلك خمسون درهما فصاحب ثلث الدين إنما
يضرب في الثلث بخمسين وصاحب ثلث العين والدين إنما يضرب بثلاثة وثمانين وثلث العين
137

قدر الخارج من الدين فيجعل كل ستة عشر وثلثين سهما فيكون حق صاحب ثلث الدين في
ثلاثة أسهم وحق الاخر في خمسة فيقسم الثلث بينهما على ثمانية وما أصاب صاحب الدين
يأخذ جميعه من الخارج من الدين وما أصاب الاخر يأخذ خمسة من العين وثلاثة أخماسه من
الدين على مقدار وصيته في المحلين وأما في قياس قول أبي حنيفة فالثلث بينهما أثلاثا ثلاثة
لصاحب ثلث العين والدين وثلاثة لصاحب ثلث الدين وهذا بناء على أصلين له أحدهما اعتبار
القسمة بطريق المنازعة عند اجتماع الحقين في محل هو عين والاخر بطلان الوصية فيما زاد
على الثلث عند عدم الإجازة ضربا واستحقاقا فيقول منازعتهما في الخارج من الدين سواء
فيكون بينهما نصفين ولصاحب ثلث العين والدين من العين ثلاثة فيكون جميع حقه ثمانية
وخمسين وثلثا إلا أن ذلك فوق ثلث المتعين من المال فتطرح الزيادة على الثلث من حقه
وذلك ثمانية وثلث فإنما يضرب هو في الثلث بخمسين درهما وصاحب ثلث العين بخمسة وعشرين
فيكون الثلث بينهما أثلاثا ثلث ذلك وذلك ستة عشر وثلثان للموصى له بثلث الدين كله في
الخارج من الدين وثلثا ذلك للموصى له بثلث العين والدين ثلاثة أسباعه من الخارج من الدين
وأربعة أسباعه من المال العين لان وصيته في المالين كانت بهذا المقدار خمسة وعشرين من
الدين وثلاثة وثلاثين وثلث من العين وما طرحنا من أحد المحلين لا يكون خاصة بل يكون
منهما بالحصة فلهذا استوفى ما أصابه من المحلين بحسب حقه فيهما ولو أوصى لرجل آخر
معهما بثلث العين ولم يخرج من الدين شئ كان ثلث العين بين الموصى له بثلث العين وبين
الموصى له بثلث العين والدين نصفين لاستواء حقهما في العين فان خرج من الدين خمسون
درهما كان ثلث جميع ذلك بين أصحاب الوصايا على عشرة ثلاثة منها لصاحب ثلث الدين وسهمان
لصاحب ثلث العين وخمسة لثالث في قول أبي يوسف ومحمد لان صاحب ثلث الدين يضرب
بخمسين وصاحب ثلث العين يضرب بثلاثة وثلاثين وثلث وصاحب ثلث العين والدين يضرب
بثلاثة وثمانين وثلث فإذا جعل كل ستة عشر وثلثين سهما يصير حق صاحب ثلث العين
سهمين وحق صاحب ثلث الدين ثلاثة وحق الاخر خمسة فيكون الثلث بينهم على عشرة
ويستوفى كل واحد منهم ما أصابه في محل حقه فاما قياس قول أبي حنيفة رحمه الله فالثلث
بينهم على ثلاثة عشر سهما لصاحب ثلث العين والدين ستة ولصاحب ثلث العين أربعة ولصاحب
ثلث الدين ثلاثة لان على أصله الخارج من الدين مقسوم بين الدين لهم وصية في الدين نصفين
138

لكل واحد منهما خمسة وعشرون فصاحب ثلث العين إنما يضرب بثلاثة وثلث وصاحب ثلث
الدين يضرب بخمسة وعشرين وحق صاحب ثلث العين والدين في ثمانية وخمسين وثلث إلا أنه
لا يضرب بما زاد على الخمسين لما بينا فإذا جعلنا كل ثمانية وثلث سهما نصف الخمسين ستة
أسهم وخمسة وعشرون وثلاثة وثلاثون وثلث أربعة فتكون جملة السهام ثلاثة كله في الخارج
من الدين ولصاحب ثلث العين أربعة كله في العين والثالث ستة في العين والدين جميعا على
مقدار حقه منهما أسباعا كما بينا فان قيل لماذا اعتبر أبو حنيفة رحمه الله القسمة بطريق المنازعة
في الخارج من الدين وفي العين أعتبر القسمة بطريق العول وفي كل واحد من الموضعين إنما
أوصى بالثلث قلنا نعم ولكن وصيتهما في الخارج من الدين ضعيفة من حيث إنه لا يتمكن تنفيذها
الا باعتبار مال آخر وهو ما لم يخرج من الدين وفي الوصية الضعيفة عند القسمة باعتبار المنازعة
كما في الوصية التي جاوزت الثلث فأما وصية كل واحد منهما في العين فوصيته قوية لا تنفيذها
يمكن من غير اعتبار مال آخر فاعتبر العول فيه لهذا ولو لم يكن هذا أوصى لأحدهم بثلث
العين والدين ولكنه أوصى له بثلث ماله مرسلا فقبل أن يخرج شئ من الدين ثبت العين
بين صاحب ثلث المال وثلث العين أن يخرج شئ من الدين ثلث العين بين صاحب ثلث المال
وثلث العين نصفين لاستواء حقهما في العين ولا شئ لصاحب ثلث الدين منه لأنه لم يتعين
شئ من محل حقه فان خرج شئ من الدين خمسون درهما فالثلث بينهما على ثمانية سهمان منها
لصاحب وصية العين وثلاثة لصاحب ثلث المال في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لان
صاحب ثلث العين يضرب في الثلث بثلاثة وثلاثين وصاحب ثلث الدين يضرب بجميع ما
خرج من الدين العين ثم يقسم بين الورثة والموصى له بثلث العين وبربع الدين والمؤدى على
ستمائة وستة وتسعين سهما لأنه يحتسب بسهام الربع هاهنا وذلك خمسة عشر فيكون
ثلث المال مائتين وثمانية وستين والثلثان ضعف ذلك خمسمائة وستة وثلاثون ثم تطرح سهام من
لم يؤد من الثلث وذلك مائة وثمانية يبقى من الثلث مائة وستون إذا ضممته إلى ثلثي المال يصير
ستمائة وستة وتسعين لصاحب الثلث منها أربعون كلها من المائة العين وللمؤدي مائة وخمسة
كله مما أدى ولصاحب الربع خمسة عشر كله من المؤدى أيضا والباقي للورثة ولو خرجت
المائة الأخرى قسم المال كله على ثمانمائة وأربعين لأنه يحتسب بسهام حق صاحب الخمس أيضا
فقد تعين محل حقه فيكون سهام الثلث على مائتين وثمانين والثلثان ضعف ذلك خمسمائة وستون
139

فتكون الجملة ثمانمائة وأربعين لصاحب ثلث العين أربعون ولصاحب الربع خمسة عشر وللأكبر
مائة وخمسة ولصاحب الخمس اثنا عشر وللأصغر مائة وثمانية يستوفى كل واحد منهم حقه في
محله والباقي للورثة * وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله إذا لم يخرج من الدين شئ فالمائة العين
بين الورثة والموصى له بثلث العين على ثلاثمائة سهم لصاحب ثلث العين منها عشرون والباقي
للورثة وهذا تطويل غير محتاج إليه فإنه يستقيم من جزء من عشرين جزأ من ثلاثمائة وهو
خمسة عشر * وبيان ذلك أن القسمة عندهما بطريق العول وقد انكسرت المائة بالأثلاث
والأرباع والأخماس فصارت كل مائة على ستين سهما إلا أنه لا يحتسب بسهام حق صاحب
الربع وا لخمس ما لم يتعين محل حقهما فإنما يضرب كل واحد من الغريمين في الثلث بستين
وصاحب ثلث العين بعشرين فتكون الثلاثمائة أربعين سهما والثلثان مائتين وثمانين ثم
تطرح سهام حق الغريمين يبقي حق صاحب ثلث العين في عشرين وحق الورثة في مائتين
وثمانين فتكون القسمة على ثلاثمائة وعلى ما قلنا من الاختصار لما بين أنه لا يحتسب بنصيب
صاحب الربع والخمس فإنما يصير كل غريم في الثلث بمائة درهم وصاحب ثلث العين بثلاثة
وثلاثين وثلث فإذا جعلت الأقل سهما كان سهام الثلث سبعة والثلثان أربعة عشر ثم يطرح
سهام الغريمين يبقي حق ثلث العين في سهم وحق الورثة في أربعة عشر فتكون القسمة بينهم
على خمسة عشر فان خرجت المائة التي أوصى بربعها ضمت إلى المائة العين ثم كانت القسمة
على أربعمائة سهم وخمسة وعشرين سهما لأنه تعين محل حق صاحب الربع والقسمة بينهما
بطريق العول فكان حق الأكثر في ستين وحق صاحب الربع في خمسة عشر فيكون
خمسة وسبعين وحق الأصغر في ستين وذلك مائة وخمسة وستون وثلثان وحق
صاحب ثلث العين في عشرين فيكون ذلك مائة وخمسة وخمسين هذا ثلث المال والثلثان
ثلاثمائة وعشرة إلا أن يطرح نصيب من عليه الدين وذلك ستون يبقى من الثلث خمسة
وتسعون فإذا ضممته إلى ثلاثمائة وعشرة يكون أربعمائة وخمسة فتقسم العين بينهم على ذلك
وعلى ما قلنا من الاختصار صاحب الربع يضرب بخمسة وعشرين وكل غريم يضرب بمائة
وصاحب ثلث العين بثلاثة وثلاثين وثلث فيجعل كل مائة على اثني عشر للكسر بالأثلاث
والأرباع فصاحب ثلث العين يضرب بأربعة وكل واحد من الغريمين باثني عشر وصاحب
الربع بثلاثة فيكون الثلث بينهم على أحد وثلاثين والثلثان اثنان وستون ثم يطرح نصيب
140

المديون يبقى من الثلث تسعة عشر فإذا ضممته إلى اثنين وستين يكون أحدا وثمانين فتقسم
العين بينهم على هذا لصاحب الربع ثلاثة ولصاحب الثلث أربعة والغريم المؤدى اثنا عشر
والباقي للورثة وفي الكتاب خرجه من خمسة أمثاله فان خرجت المائة الأخرى اقتسموا
جميع المال على خمسمائة سهم وسهم وهو على الطريق المطول لأنه يحتسب حق صاحب الربع
والخمس هاهنا فقد تعين محل حقهما فيضرب كل واحد من الغريمين بستين وصاحب الخمس
باثني عشر وصاحب الربع بخمسة عشر وصاحب ثلث العين بعشرين فتكون جملة سهام
الوصايا مائة وسبعة وستين فهو ثلث المال والثلثان ضعف ذلك وذلك ثلاثمائة وأربعة وثلاثون
فإذا ضممت إليه الثلث فيكون خمسمائة سهم وسهم فتقسم المال بينهم على ذلك عشرون لصاحب
الثلث وخمسة عشر لصاحب الربع واثنا عشر لصاحب الخمس ولكل غريم ستون يأخذ
كل واحد منهم ذلك من محل حقه والباقي للورثة * ولو كان أوصى لكل واحد من الغريمين
بما عليه ولرجل بثلث ماله ولاخر بربع المائتين الدين قسمت المائة العين بين الورثة
والموصى له بثلث المال في قياس قول أبي حنيفة على خمسمائة وسبعين سهما للموصى له بالثلث
من ذلك تسعون سهما وما بقي فللورثة لأنه اجتمع في كل مائة من الدين ثلاثة وصايا وصية
بجميعها وبثلثها وبربعها والقسمة عنده على طريق ا لمنازعة وقد صار كل مائة على أربعة
وعشرين سهما في الحاصل لحاجتنا إلى حساب له ثلث وربع وينقسم نصف سدسه نصفين
ثم قلنا ما على الأكثر وهو ستة عشر يسلم له بلا منازعة ويفاوت ما بين الثلث والربع
وذلك سهم لا منازعة فيه لصاحب الربع فيكون بين الآخرين نصفين وقد استوت
منازعتهم في الربع وهو ستة فيكون بينهم أثلاثا فحصل لكل غريم مما عليه تسعة عشر سهما
وللموصى له بالربع مما على كل واحد منهما سهمان وللموصى بالثلث مما على كل واحد منهما
ثلاثة وله من المائة ربع الثلث ثمانية أسهم فجملة حقه أحد عشر سهما إلا أنه لا يحتسب
بنصف صاحب الربع لأنه لم يتعين شئ من محل حقه فإنما يضرب كل غريم بتسعة عشر
سهما والموصى له بالثلث بأربعة عشر سهما فجملة هذه السهام اثنان وخمسون فهو ثلث المال
والثلثان مائة وأربعة إلا أنه يطرح نصيب الغريمين وذلك ثمانية وثلاثون يبقى حق الورثة
في مائة وأربعة وحق الموصى له بالثلث في أربعة عشر فيقسم المائة العين بينهم على مائة
وثمانية عشر سهما أربعة عشر لصاحب ثلث العين والباقي للورثة * وفي الكتاب قد خرجه
141

من خمسة أمثال ما ذكرنا وهو تطويل غير محتاج إليه وكأنه بناه على ما سبق من جعل كأنه
مائة على ستين سهما ولكن لا حاجة إلى ذلك هاهنا لانعدام الوصية بالخمس * فان قيل هذا
الجواب لا يستقيم فإنكم قلتم لا يحتسب بسهام حق صاحب الثلث في الدين ولم يتعين محل
حقه أيضا فينبغي أن لا يحتسب بنصيبه من الدين وإنما يحتسبه بنصيبه من المائة العين فقط *
قلنا قد بينا أن الموصى له بثلث المال شريك الورثة وقد وجب الاحتساب بسهام حق
الغريمين وحق الورثة في ذلك الدين لدفع الضرر عن الورثة فمن ضرورة الاحتساب بحقهم
الاحتساب بحق صاحب الثلث أيضا ولا ضرورة في حق الموصى له بربع الدين فلهذا كانت
القسمة على ما بينا فان خرجت احدى المائتين ضمت إلى العين ثم قسمت بين الورثة وصاحب
الثلث وصاحب الربع والمؤدى على سبعمائة وخمسة عشر وهو يخرج مستقيما من خمس ذلك
على ما بينا أنه يحتسب في القسمة هاهنا بسهام صاحب الربع في المؤدى وذلك سهمان وحق
المؤدى في تسعة عشر فيكون ذلك أحدا وعشرين وحق الغريم الاخر في تسعة عشر
فيكون ذلك أربعين وحق الموصى له بالثلث في أربعة عشر فيكون أربعة وخمسين هو ثلث
المال والثلثان ضعف ذلك مائة وثمانية إلا أنه يطرح نصيب من لم يؤد من الثلث وذلك
تسعة عشر يبقي خمسة وثلاثون إذا ضممته إلى مائة وثمانية يكون ذلك مائة وثلاثة وأربعين
فيقسم ما تعين بينهم على هذا لصاحب الربع سهمان وللمؤدي تسعة عشر ولصاحب الثلث
أربعة عشر والباقي للورثة * وفي الكتاب خرجه من خمسة أمثال ما ذكرنا فان خرجت
المائة الأخرى فهو على قياس ما بينا يعتبر سهام صاحب الربع في المائة الأخرى أيضا يكون
الثلث ستة وخمسين ولثلث المائة اثنى عشر فيكون جملة المال على مائة وثمانية وستين لصاحب
الربع أربعة عشر والباقي للورثة * وفي الكتاب خرجه من خمسة أمثال ما ذكرنا فجعل
القسمة من ثمانمائة والعين سهما وعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله إذا لم يخرج من
العين شئ اقتسم الورثة والموصى له بثلث المائة العين على سبعة أسهم لأنه لا يحتسب بوصية
صاحب الربع إذا لم يتعين شئ من محل حقه ولكن كل غريم يضرب في الثلث ثمانية
وصاحب ثلث المال يضرب بثلث المال وذلك مائة أيضا فيكون الثلث بينهم أثلاثا وإذا
صار الثلث على ثلاثة فالثلثان ستة ثم يطرح نصيب الغريمين ويبقى حق الموصى له بالثلث
في سهم وحق الورثة في ستة فيقسم المائة العين بينهما أسباعا فان خرجت احدى المائتين
142

ضمت إلى العين وقسم بينهم على مائة وخمسة لأنه وجب اعتبار وصية صاحب الربع في
المائة التي خرجت وقد انكسر كل مائة بالأثلاث والأرباع ويجعل كل مائة على اثني عشر
فإنما يضرب كل غريم باثني عشر والموصى له بالثلث كذلك والموصى له بالربع بثلاثة فيكون
الثلث بينهم على تسعة وثلاثين والثلثان ثمانية وسبعون إلا أنه يطرح نصيب الذي لم يؤد وذلك
اثنا عشر يبقى من الثلث سبعة وعشرون إذا ضممت ذلك إلى ثمانية وسبعين يصير ذلك كله
مائة وخمسة فلهذا كانت قسمة العين بينهم على هذا فان خرجت المائة الباقية قسم جميع المال
بينهم على اثنين وأربعين سهما لان الموصى له بالربع إنما يضرب بربع المائتين وذلك خمسون
وكل غريم يضرب بمائة والموصى له بثلث المال يضرب بمائة أيضا فإذا جعلت كل خمسين سهما
تصير سهام الوصايا سبعة أسهم فهو الثلث والثلثان ضعف ذلك فتكون الجملة احدى وعشرين
للموصى له بالربع سهم إلا أن هذا السهم نصفه بما أدى كل غريم فلذلك ضعف الحساب
فجعل القسم من اثنين وأربعين للموصى له بالربع سهمان ولكل غريم أربعة ويأخذ ذلك من
محل حقه ثم يقسم ما بقي بين الورثة وصاحب الثلث على ثمانية أسهم لان حق الورثة في ثمانية
وعشرين وحق صاحب الثلث في أربعة فان جعلت كل أربعة أسهم سهما يكون حق الورثة
سبعة أسهم وحق صاحب الثلث سهما فلهذا قال القسمة بينهم على ثمانية * قال وإذا كان الرجل
مائة درهم عينا ومائتان على رجلين دينا كل واحد منهما مائة فأوصى لرجل بثلث ماله ولكل
واحد من صاحبي الدين بما على صاحبه فلصاحب الثلث ثلث العين وللورثة ثلثاها لأنه لا يحتسب
بوصية الغريمين هاهنا فان محل حق كل واحد منهما في ذمة الاخر فما لم يتعين شئ منه بالأداء
لا يحتسب بوصيته فيه كما لو كانت الوصية لأجنبي آخر فتبقى المائة العين مقسومة بين الورثة
والموصى له بثلث المال أثلاثا فان خرجت احدى المائتين ضمت إلى العين وقسمنا على قول
أبي حنيفة على سبعة وثلاثين سهما بين الورثة ولصاحب الثلث والموصى له بالمائة التي لم تخرج لأنه
لما تعين احدى المائتين وجب الاحتساب بوصيه الموصى له بها في هذه المائة ومن ضرورته
الاحتساب بوصية الموصى له بالمائة الأخرى أيضا لان الذي لم يوجد لا يتمكن من استيفاء
نصيبه وقد بقي عليه فوق حقه فلا بد من أن يجعل مستوفيا حقه مما عليه إذا عرفنا هذا فنقول كل
مائة من الدين صار على ستة أسهم للموصى له بالثلث سهم منها بطريق المنازعة وخمسة لمن أوصى
له بها وللموصى له بالثلث من المائة العين سهمان فيكون جملة سهام الوصايا أربعة عشر هو
143

الثلث والثلثان ثمانية وعشرون فتكون الجملة على اثنين وأربعين سهما إلا أنه يطرح نصيب
الذي لم يؤد وهو خمسة أسهم فيبقى تسعة وثلاثون سهما فتقسم العين للموصى له المؤدى من ذلك
خمسة أسهم يأخذه عوضا عما يسلم لصاحبه من حقه وإنما يأخذ ذلك من المائة التي أداها والباقي من
المال بين الورثة والموصى له بالثلث على ثمانية لان حق الورثة في ثمانية وعشرين وحق الموصى
له بالثلث في أربعة فإذا جعلت كل أربعة سهما تكون القسمة بينهم على ثمانية وإن لم يخرج
من الدين غير خمسين درهما من احدى المائتين ضممت الخمسين إلى المائة العين ثم اقتسمتها
الورثة وصاحب الثلث أثلاثا لأنه لا يحتسب هاهنا بشئ من وصية صاحبي الدين فقد بقي
على كل واحد منهما مقدار حقه وزيادة فلا يسلم لواحد منهما شئ من العين وإنما كان لوصيتهما
لضرورة تعين شئ لحق أحدهما ولم يوجد ذلك هاهنا فإذا ثبت أنه لا يحتسب بوصيتهما
والموصى له بثلث المال شريك للوارث فيقسم ما تعين بينهم أثلاثا إلى أن يؤدى أحدهما مما
عليه مقدار الزيادة على نصيبه من المائة فإذا لم يبق عليه الا بقدر نصيبه وصار هو مستوفيا
لنصيبه جعل هذا وما لو أدى جميع المائة سواء فحينئذ تكون القسمة على سبعة وثلاثين
سهما كما بينا وقول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله في هذا كقول أبي حنيفة رحمه الله الا في
فصل وهو أنه إذا خرج الدين على أحدهما فحينئذ يقسم ما تعين عندهما على ثمانية أسهم
للمؤدى سهم من ذلك لان كل غريم يضرب بمائة درهم وصاحب الثلث كذلك فيكون
الثلث بينهم على ثلاثة والثلثان ستة إلا أنه يطرح السهم الذي هو نصيب من لم يؤد وتقسم
العين بين من بقي منهم على ثمانية أسهم للمؤدى سهم من ذلك يأخذه مما أدى على سبيل
العرض عما له في ذمة صاحبه إن كان أدى جميع المائة وان بقي عليه شئ من ذلك يقاص ذلك
الذي بقي عليه إذا لم يكن ذلك فوق حقه ثم يقسم ما بقي بين صاحبي الثلث والورثة على مقدار
حقهما أسباعا لصاحب الثلث سبعة وللورثة ستة أسباعه والله أعلم بالصواب
(باب الوصية في العين والدين على بعض الورثة)
(قال رحمه الله) وإذا كان لرجل مائة درهم عينا ومائة درهم دينا على أحد ابنيه فأوصى
لرجل بثلث ثم مات ولم يدع وارثا غير ابنيه ولا مالا غير هاتين المائتين وللموصى له بثلث
المال نصف المائة العين وفي تخريج المسألة طريقان أحدهما أن الموصى له بالثلث شريك
144

الوارث وحقه في سهم وحق الابنين في سهمين إلا أن المديون مستوف حقه مما عليه
فيطرح سهم لان عليه مثل حقه والزيادة ويبقى في العين حق الذي لا دين عليه وحق الموصى
له بالثلث وحق كل واحد منهما في سهم فلهذا تقسم العين بينهما نصفين والثاني أن الدين
في حكم التاوي فلا يعتبر في القسمة ولكن تقسم العين بين الابنين والموصى له بالثلث
أثلاثا إلا أن نصيب الابن المديون لا يسلم له لان عليه للآخرين هذا القدر وزيادة ويستوفيان
هذا القدر قضاء مما لهما عليه فان صاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه من مال المديون أخذه
وحقهما سواء قبله فيقتسمان هذا الثلث بينهما نصفين فعلى الطريقين يسلم للآخرين الذي
لا دين عليه خمسة وتبين أن السالم للمديون مما عليه مثل هذا لان ذلك القدر تعين من الدين
فإذا ضممته إلى العين صار المال خمسة عشر درهما وقد نفذنا الوصية في مثلها خمسة * وقد
ذكرنا بعض طريق الحساب في هذه المسألة في كتاب الوصايا ولا نشتغل بإعادة تلك الطريق
هاهنا فان من سلك طريق الورع من أصحابنا لا يستحسن الاشتغال بتلك الطريق وقد أشرنا
إلى بعض ذلك في حساب الوصايا * ولو كان أوصى بربع ماله كان للموصى له المائة العين أما
على طريق الأول فلأنك تحتاج إلى حساب ينقسم ثلاثة أرباعه نصفين وأقل ذلك ثمانية
للموصى له سهمان ولكل ابن ثلاثة ثم يطرح نصيب الابن المديون ويضرب الابن الاخر
في العين بثلاثة والموصى له بسهمين فكانت القسمة بينهما على خمسة وعلى الطريق الاخر
الموصى له بالربع يسلم له ربع العين وثلاثة أرباعه بين الابنين نصفين نصيب الابن المديون من
العين سبعة وثلاثون ونصف ولكن لا يسلم له بل يستوفيان قضاء مما لهما قبله وحقهما قبله
أخماسا فيستوفيان هذا القدر بينهما أخماسا ففي الحاصل يسلم للموصى خمسا العين أربعون درهما
وللابن ستون ويتعين من الدين مثل ذلك فيكون جملة المال مائة وستين وقد نفذنا الوصية
في ربعها أربعين إلى أن ينسب خروج ما بقي من الدين فيمسك الابن المديون بمقدار حصته
وذلك خمسة وستون فيؤدى خمسة وعشرين فيقسم بين الموصى له والابن الاخر أخماسا
خمساه للموصى له وذلك عشرة فإذا ضمه إلى أربعين يسلم له خمسون كمال الربع ويسلم لكل
ابن خمسة وسبعون * ولو كان أوصى بخمس ماله فالمائة العين بين الابن الذي لا دين عليه
والموصى له أثلاثا لان أصل الحساب من خمسة للموصى له سهم وهو الخمس ولكل ابن
سهمان ثم يطرح نصيب الابن المديون فيضرب كل واحد من الآخرين في العين بسهام حقه
145

فيكون بينهما أثلاثا لهذا وعلى الطريق الاخر يأخذ الموصى له خمس العين وذلك عشرون
ولكل ابن نصف ما بقي وذلك أربعون إلا أنه لا يسلم للمديون نصيبه ولكن الآخرين يأخذان
ذلك قضاء مما لهما قبله وحقهما قبله أثلاثا فيقسمان هذه الأربعين بينهما للموصى له بثلاثة عشر
وثلث إذا ضمه إلى العشرين يكون ثلاثة وثلاثين وثلث وذلك ثلث المائة وللابن ستة وستون
وثلثان وقد نفذنا الوصية في خمس ذلك ثلاثة وثلاثين وثلث فإذا تيسر خروج ما بقي من الدين
أمسك المديون كمال حقه مما عليه من الدين وذلك ثمانون فأدى عشرين فاقتسمه الموصى
له والابن الاخر أثلاثا للموصى له من ذلك ستة وثلثان فإذا ضمه إلى ما كان أخذه كانت
الجملة أربعين درهما وذلك خمس المائتين وعلى هذا لو أوصى بثلث العين وثلث الدين فهي
بمنزلة الوصية بثلث المال في التخريج إلا أن ما يسلم للموصى له هاهنا يكون مقدما في التنفيذ
باعتبار أنه يوصى بالعين وفيما تقدم هو شريك الوارث باعتبار أن الوصية له كانت بثلث المال
مرسلا وقد بينا هذا الفرق * وكذلك لو أوصى بربع العين والدين فهو نظير ما تقدم في
التخريج إلا أن هاهنا الموصى له يأخذ نصف العين بخلاف ما إذا كان أوصى له بربع المال لأنا
نعلم أنه تعين من الدين قدر الربع وزيادة وحق الموصى له مقدم هاهنا في التنفيذ من ثلث المال
فجميع وصيته هاهنا تخرج من ثلث المتعين من المال لان وصيته بقدر خمسين درهما ربع المالين
وقد تعين من الدين هذا المقدار باعتبار أن الابن المديون يصير مستوفيا بقدر حصته مما عليه
فإذا أخذ الموصى له نصف العين وسلم الابن الذي لا دين عليه نصف العين ظهر أن المتعين من
الدين مثل ذلك فان حق الاثنين في التركة سواء فان ظهر أن المتعين من الدين مقدار
خمسين تبين أن وصية الموصى له ما جاوز من الثلث فلهذا يعطى جميع حقه مقدما على حق
الوارث بخلاف ما تقدم فهناك إنما أوصى له بربع المال فهو بهذه الوصية يكون شريك الوارث
بربع المال فلهذا لا ينفذ جميع وصيته من القدر المتعين من المال واستوضح هذا الفرق بما لو
كان الدين على رجل آخر فأوصى بربعه لإنسان ثم خرج من الدين عشرة أو عشرون فان
ذلك كله يسلم له للموصى له بربع الدين ويكون حقه في ذلك مقدما على حق الوارث
بخلاف ما إذا كانت الوصية له بربع المال وعلى هذا لو كانت الوصية بخمس العين والدين استوفى
الموصى له جميع حقه من العين وذلك أربعون درهما لأنه قد تعين من دينه مقدار حقه والزيادة
وحقه فيما تعين مقدم على حق الورثة وجميع وصيته دون ثلثي ما تعين فلهذا يأخذ جميع حقه من
146

المال العين * ولو كان أوصى بثلث ماله لرجل وبربع ماله لاخر فالقول ان الوصيتين جاوزنا
الثلث فيعزل لتنفيذهما ثلث المتعين من المال وذلك خمسون درهما نصف العين ثم يقسم ذلك
بين الموصى لهما على سبعة أسهم لان الموصى له بالثلث يضرب بثلث ما تعين وذلك خمسون
والموصى له بالربع يضرب بما تعين وذلك سبعة وثلاثون ونصف فإذا جعلت تفاوت ما بين
الأكثر والأقل وهو اثنا عشر درهما ونصف بينهما يكون حق صاحب الثلث أربعة أسهم
وحق صاحب الربع ثلاثة فلهذا قسم نصف العين بينهما على سبعة إلا أن يتيسر خروج ما بقي
من الدين فحينئذ يمسك المديون كمال حقه وذلك ستة وستون وثلثان ويؤدى ثلاثة وثلاثين
وثلثا فيأخذ الابن الذي لا دين عليه نصفها ويقسم نصفها بين الموصى لهما على سبعة أسهم
كما ذكرنا في القسمة الأولى وان قسمته على طريق السهام قلت قد انكسرت المائة بالأثلاث
والأرباع فيحتاج إلى حساب له ثلث وربع وذلك اثنا عشر فالموصى له بالثلث يضرب بالثلث
وهو أربعة والموصى له بالربع يضرب بثلاثة فتكون القسمة على ما يسلم لهما بينهما على سبعة
* ولو كان أوصى بثلث ماله وخمسه كان نصف العين بين الموصي لهما على ثمانية لان حق صاحب
الثلث في كل عشرة دراهم سهم يكون حق صاحب الثلث في خمسين خمسة أسهم وحق صاحب
الخمس ثلاثة فلهذا يقسم محل الوصية بينهما على ثمانية وعلى الطريق الاخر يحتاج إلى حساب له
خمس فخمسه ثلاثة فتكون القسمة بينهما على ثمانية * ولو كان أوصى بثلث ماله وربعه وخمسه
كان نصف العين بينهم على خمسة وأربعين سهما عشرين منها لصاحب الثلث وخمسة عشر
لصاحب الربع واثنا عشر لصاحب الخمس لان صاحب الثلث يضرب بخمسين وصاحب
الربع خمسة عشر سهما وحق صاحب الخمس اثنا عشر سهما فيضرب كل واحد منهم في
محل الوصية بسهام حقه وعلى طريق السهام يحتاج إلى حساب له ثلث وربع وخمس وذلك
بأن نضرب ثلاثة في أربعة ثم في خمسة فتكون ستين للموصى له بالثلث ثلاثة وعشرون
وللموصى له بالربع ربعه خمسة عشر وللموصى له بالخمس خمسه اثنا عشر فإذا جمعت بين
هذه السهام كانت سبعة وأربعين سهما * ولو أوصى بثلث العين والدين وبخمس ماله كان بمنزلة
من وصى بثلث ماله وخمس ماله لان الوصيتين جاوزتا الثلث وقد بينا أن عند مجاوزة الثلث
لا فرق بين الوصيتين بالعين وبين الوصية بالمال مرسلا في أنه تنفذ الوصية لهما في نصف
العين فأما في القسمة بينهما فقال أبو حنيفة هذا والأول أيضا سواء لان حق الموصي له بثلث
147

العين والدين في ستة وستين وثلثين فقد تعين من الدين مقدار حقه فيها وزيادة وحق
الموصى له بخمس المال في خمس ما تعين وذلك ثلاثون درهما إلا أن من أصله أن الموصى له
بالزيادة على ثلث المتعين من المال تبطل وصيته في الزيادة ضربا واستحقاقا فإنما يضرب هو
بخمس الاخر بثلاثين فتكون القسمة بينهما ثمانية أسهم كما في الفصل المتقدم فأما على قول أبي
يوسف ومحمد رحمهما الله فالموصى له بثلث العين والدين يضرب فيه بجميع حقه وذلك ستة
وستون وثلثان فالسبيل أن يجعل كل عشرة على ثلاثة أسهم فيكون حق صاحب الخمس في
تسعة أسهم وحق صاحب الثلث في عشرين سهما فيقسم نصف العين بينهما على تسعة وعشرين
سهما وقد فسره بعد هذا ونص على الخلاف بهذه الصفة * ولو كان أوصى الرجل بثلث ماله
ولاخر بربع العين والدين اقتسما نصف العين نصفين لان الموصى بثلث المال حقه في خمسين
ثلث المتعين من المال وكذلك حق الموصى له بربع العين والدين فقد تعين من الدين والعين مقدار
حقه فيهما وزيادة وحقه فيهما مقدم على حق الورثة فلهذا ضرب هو بخمس كما ضرب صاحب
الثلث فكان قسمة نصف العين بينهما نصفين * ولو أوصى لرجل بثلث ماله ولاخر بربع العين
والدين اقتسما نصف العين نصفين لان المتعين من الدين نصفه وفيه وفاء بوصية صاحب
الدين وزيادة فهو يضرب بجميع وصيته وذلك خمسون وصاحب ثلث المال يضرب بخمسين
أيضا ثلث المتعين من المال فكان محل الوصية بينهما نصفين * ولو كانت الوصية بثلث ماله
وبخمس العين والدين كان نصف العين بين الموصى لهما أتساعا لصاحب الثلث خمسة ولصاحب
الخمس أربعة لان صاحب الخمس يضرب بجميع حقه وذلك أربعون درهما فقد تعين من الدين
مقدار حقه وزيادة وصاحب الثلث يضرب بخمس فإذا جعلت كل عشرة سهما كان لصاحب
الثلثين خمسة ولصاحب الخمس أربعة فلهذا كانت القسمة بينهما أتساعا * ولو كانت الوصية
بثلث العين والدين وبربع ماله كان نصف العين بينهما على خمسة وعشرين سهما تسعة منها
لصاحب الربع وستة عشر لصاحب الثلث في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله وأما في
قياس قول أبي حنيفة رحمه الله فهو بينهما على سبعة أسهم وقد ذكر هذه المسألة قبل هذا
وأجاب فيها بجواب مبهم فقال هذا بمنزلة وصيته بثلث المال وبربع المال وقد تبين بما ذكر
هاهنا أن مراده هناك المساواة بينهما في أن تنفيذهما من نصف العين خاصة أو المساواة
بينهما في التخريج على قول أبي حنيفة رحمه الله خاصة دون قولهما ثم بيان التخريج على قولهما
148

أن صاحب ثلث العين والدين يضرب في محل الوصية بثلث العين وثلث الدين جميعا فقد
تعين من الدين فوق ثلث وثلث الدين ستة وستون وثلثان وصاحب ربع المال إنما يضرب
بسبعة وثلاثين ونصف ربع ما تعين من المال فقد انكسر العشر بالأثلاث والأرباع فالسبيل
أن تجعل كل عشرة على اثني عشر مكان حق صاحب الربع خمسة وأربعين وحق صاحب
ثلث العين والدين في ثمانين ولكن بينهما موافقة بالخمس فيقتصر بالخمسة من خمسة وأربعين
على خمسها وذلك تسعة ومن ثمانين على خمسها وذلك ستة عشر فصاحب الربع يضرب بتسعة
وصاحب الثلث بستة عشر فكانت القسمة بينهما على خمسة وعشرين سهما وأما على قول
أبي حنيفة فصاحب ثلث العين والدين إنما يضرب بخمسين لان ما زاد على ذلك إلى تمام ستة
وستين وثلثين جاوز الثلث فبطلت وصيته في ذلك ضربا واستحقاقا وصاحب الربع إنما يضرب
أربعة أسهم وحق صاحب الربع ثلاثة فلهذا كانت القسمة بينهما على سبعة أسهم * ولو كانت
الوصية بربع ماله وبخمس العين والدين اقتسما نصف العين على أحد وثلاثين سهما خمسة عشر
سهما لصاحب الربع وستة لصاحب الخمس لان صاحب الخمس إنما يضرب بألف درهم
وصاحب ربع المال إنما يضرب بسبعة وثلاثين ونصف فيكون كل عشرة على أربعة أسهم
فحق صاحب الخمس ستة عشر وحق صاحب الربع خمسة عشر * ولو أوصى مع هذا بثلث
ماله اقتسم أصحاب الوصايا نصف العين على أحد وخمسين سهما لان صاحب الثلث إنما
يضرب بثلث ما تعين وذلك خمسون وقد جعلنا كل عشرة على أربعة أسهم فيصير حقه في
عشرين سهما إذا ضممت ذلك إلى أحد يكون أحدا وثلاثين وخمسين فيقسم محل الوصية
وهو نصف العين بينهم على هذا الصاحب الثلث عشرين ولصاحب الربع خمسة عشر ولصاحب
الخمس ستة عشر * ولو لم يكن أوصي بثلث ماله ولكنه أوصى بثلث العين والدين اقتسم أصحاب
الوصايا نصف العين على سبعة وخمسين سهما وثلثي سهم لصاحب الخمس منهما ستة عشر
ولصاحب الرد خمسة عشر والباقي لصاحب الثلث في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لان
صاحب ثلث العين والدين إنما يضرب بستة وستين درهما وثلثين وصاحب الخمس بأربعين
وصاحب ربع المال بسبعة وثلاثين ونصف فيجعل كل عشرة على اثني عشر سهما فيكون
لصاحب الربع خمسة وأربعون ولصاحب الخمس ثمانية وأربعون فذلك ثلاثة وتسعون
149

ولصاحب ثلث العين والدين ثمانون فجملته تكون مائة وثلاثين وسبعين وفي الكتاب اقتصر
على الثلث من ذلك لأنه يجوز بالكسر بالأثلاث فجعل محل الوصية بينهم على سبعة وخمسين
وثلثي سهم وجعل لصاحب الخمس ستة عشر وهو ثلث ثمانية وأربعين ولصاحب الربع
خمسة عشر وهو ثلث خمسة وأربعين ولصاحب الثلث ستة وعشرون وثلثان وهو ثلث ثمانين
فاما على قول أبي حنيفة رحمه الله بالتخريج على الأصلين المعروفين له أن في الوصايا في العين
تكون القسمة على طريق المنازعة وان الوصية بما زاد على الثلث تبطل عند عدم الإجازة ضربا
واستحقاقا فنقول قد تعين من الدين خمسون واجتمع فيها ثلاثة وصايا وصية بثلاثة وثلاثين
وثلث لصاحب ثلث الدين وبعشرين لصاحب خمس الدين وباثني عشر ونصف لصاحب ربع
المال فما زاد على عشرين إلى تمام ثلاثة وثلاثين وثلث لا منازعة فيه لصاحب الخمس والربع فيسلم
لصاحب الثلث وذلك ثلاثة عشر وثلث ثم ما زاد على اثنى عشر ونصف إلى تمام عشرين لا منازعة
فيه لصاحب الربع وكل واحد من الآخرين يدعى ذلك وفي المال سعة فيأخذ كل واحد
منهم سبعة ونصفا فإذا قد رجعنا من الخمسين ثمانية وعشرين وثلثا يبقى أحد وعشرون وثلثان
استوت منازعتهم فيه فيكون بينهم أثلاثا لكل واحد منهم سبعة وتسعون ثم تخريجه من
حيث السهام فذلك أيسر فنقول قد انكسرت العشرة بالأثلاث والأرباع فيجعل كل عشرة
على اثني عشر فيصير الخمسون الدين على ستين سهما حق صاحب الخمس في أربعة وعشرين
وحق صاحب الربع في خمسة عشر فما زاد على ذلك إلى أربعة وعشرين وهو تسعة لا منازعة
فيه لصاحب الربع وكل واحد من الآخرين يدعيه وفي المال سعة فيأخذ كل واحد منهما
تسعة ويبقى هناك ستة وعشرون استوت منازعتهم فيه فانكسر الا ثلاث فتضرب ستين في ثلاثة
فيكون مائة وثمانين كان ما أخذ صاحب الثلث خمسة وعشرين ضربت في ثلاثة فذلك خمسة
وسبعون وما أخذ صاحب الخمس تسعة ضربته في ثلاثة فذلك سبعة وعشرون وثمانية وسبعون
بينهم لكل واحد منهم ستة وعشرون فحصل لصاحب ثلث العين والدين من الدين مائة وواحد
ولصاحب الخمس ثلاثة وخمسون ولصاحب الربع ستة وعشرون ثم المائة العين تصير على ثلاثمائة
وستين كل خمسين على مائة وثمانين لصاحب الثلثين من ذلك مائة وعشرون فجملة ماله مائتان
وأحد وعشرون إلا أن ثلثا المتعين من المال مائة وثمانون فما زاد على ذلك من وصيته يبطل
ضربا واستحقاقا فهو إنما يضرب بمائة وثمانين وصاحب الخمس حقه من العين اثنان وسبعون
150

ومن الدين ثلاثة وخمسون فيكون جملة ذلك مائة وستة عشر فإذا جمعت بين هذه السهام
كانت الجملة أربعمائة وأحد عشر سهما فيقسم نصف العين بينهم على ذلك عند أبي حنيفة رحمه الله
لصاحب الربع مائة وستة عشر ولصاحب الخمس مائة وعشرون ولصاحب الثلث مائة
وثمانون * ولو أوصى لرجل بربع ماله ولاخر بربع العين ولاخر بربع العين والدين كان
نصف العين بينهما على سبعة لان صاحب ربع العين والدين يضرب بخمسين كمال حقه وصاحب
ربع العين يضرب بسبعة وثلاثين ونصف ربع ما تعين من المال فيجعل كل اثني عشر ونصف
سهما فيصير حقه في ثلاثة وحق الاخر في أربعة فلهذا كانت تضرب العين بينهم على سبعة *
ولو أوصى بثلث ماله لرجل وبثلث العين والدين فعلى قولهما نصف العين بينهما على سبعة لان
صاحب العين والدين يضرب بستة وستين ثلثين وصاحب ثلث المال يضرب بخمسين فإذا
جعلت كل ستة عشر وثلثا سهما كانت القسمة بينهما على سبعة وفي قول أبي حنيفة رحمه الله
الثلث بينهم نصفان لان صاحب العين لا يضرب بما زاد على الخمسين فيستوى هو بصاحب
ثلث المال ولو أوصى بخمس ماله لرجل وبخمس العين والدين لاخر فنصف العين بينهما على
سبعة لان صاحب خمس العين والدين إنما يضرب بأربعين وصاحب خمس المال إنما يضرب
بثلاثين خمس العين والمال فإذا جعلت كل عشرة سهما صار حق أحدهما في أربعة أسهم وحق
الاخر في ثلاثة فلهذا كانت القسمة بينهما على سبعة * ولو أوصى لرجل بثلث العين ولا خر بثلث
الدين كان نصف الدين بينهما نصفين لأنه قد تعين من الدين مقدار وصية صاحب الدين
وزيادة فهو يضرب بجميع وصيته في محل الوصية وهو نصف العين كما يضرب صاحب العين
بجميع وصيته فللمساواة كانت نصف العين بينهما نصفين * وكذلك لو أوصى بربع العين لرجل
وربع الدين لاخر إلا أن هاهنا إذا اقتسما نصف العين بينهما نصفين فقد وصل إلى كل واحد
منهما كمال حقه فما يخرج من الدين بعد ذلك يكون للابن خاصة وفي الأول ما وصل إليهما
كمال حقهما فإذا خرج الدين امسك المديون كما حقه وأدى الفضل وهو ثلاثة وثلاثون
وثلث فكان نصف ذلك للابن الذي لا دين عليه ونصفه بين صاحبي الوصية نصفان * ولو كان
أوصى بخمس العين لرجل وبخمس الدين لاخر أخذه جميع وصيتهما بقدر أربعين درهما لان
وصيتهما دون نصف العين فان وصيتهما بقدر أربعين درهما ونصف العين خمسون فيأخذ كل
واحد منهما كمال حقه يبقى من العين ستون فهي للابن الذي لا دين عليه وقد سلم للمديون
151

مثل ذلك مما عليه إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ يمسك المديون كمال حقه وذلك ثمانون
ويؤدى إلى أخيه عشرين * ولو أوصى بثلث العين لرجل وبربع الدين لاخر كان نصف
العين بينهما على سبعة لصاحب الربع ثلاثة للاخر أربعة لان وصيتهما فوق نصف العين
هاهنا فإنما يقول نصف العين لتنفيذ الوصيتين باعتبار أنه ثلث المتعين من المال ثم يضرب فيه
صاحب ثلث العين بثلاثة وثلاثين وثلث وصاحب ربع الدين بخسمة وعشرين فإذا جعلت
تفاوت ما بين الأقل والأكثر وهو ثمانية وثلث سهما يكون لهذا ثلاثة وللاخر أربعة
وما خرج من الدين أخذ نصفه إلى أن يستوفيا وصيتهما ثم ما يخرج بعد ذلك يكون للابن
الذي لا دين عليه لان الباقي من وصيتهما ثمانية وثلث فإذا خرج ستة عشر وثلثان وأخذا
نصفه فاقتسماه بينهما على سبعة فقد استوفى كل واحد منهما كمال وصيته فما يخرج بعد ذلك
يكون للابن الذي لا دين عليه * ولو أوصي بثلث ماله وبثلث العين لاخر وبربع الدين
لاخر كان نصف العين بينهم على ثلاثة عشر سهما لان صاحب ثلث المال يضرب بخمسين ثلث
المتعين من المال وصاحب ثلث العين يضرب بثلاثة وثلاثين وثلث وصاحب ربع الدين
يضرب بخمسة وعشرين فإذا جعلت كل ثمانية وثلث سهما يصير حق صاحب ثلث المال ستة
أسهم وحق صاحب ربع الدين ثلاثة فلهذا قسم محل الوصية بينهم على ثلاثة عشر سهما * ولو
كان أوصى بثلث العين والدين مكان وصيته بثلث المال مرسلا فنصف العين بينهم على خمسة
عشر في قول أبى يوسف ومحمد لان صاحب ثلث العين والدين يضرب بستة وستين وثلثين
فإذا جعلت كل ثمانية وثلث سهما يكون حقه في ثمانية أسهم فلهذا كانت قسمته العين بينهم
على خمسة عشر لصاحب ثلث العين والدين ثمانية ولصاحب ثلث العين أربعة ولصاحب ربع
الدين ثلاثة فاما في قياس قول أبي حنيفة نصف العين بينهم على خمسة وعشرين للأصلين
المعروفين له على ما بينا * ووجه التخريج أنه يتعين من الدين خمسون وفيه وصيتان لصاحب ثلث
العين والدين بثلاثة وثلاثين وثلث ولصاحب ربع الدين بخمسة وعشرين بمقدار ثمانية وثلث
تفاوت ما بين الحقين يسلم لصاحب الثلث بلا منازعة يبقى أحد وأربعون وثلثان وقد استوت
منازعتهما فيه فيكون بينهما نصفين لكل واحد منهما عشرون وخمسة أسداس فكان لصاحب
ربع الدين عشرون وخمسة أسداس وللاخر تسعة وعشرون وسدس قبله من العين ثلاثة
وثلاثون وثلث فيكون جملة حقه اثنين وستين وأربعة أسداس فالسبيل أن تجعل كل أربعة
152

وسدس سهما فيكون حق صاحب ربع الدين خمسة أسهم وحق صاحب ثلث العين ثمانية
أسهم فكان حق صاحب ثلث العين والدين اثنين وستين وأربعة اتساع؟ الا انه لا يضرب
بما زاد على الخمسين لان وصيته في الزيادة على الثلث تبطل ضربا واستحقاقا فإنما يضرب هو
بخمسين فإذا جعلت كل أربعة وسدس سهما يكون ذلك اثني عشر سهما فهو يضرب باثني
عشر وصاحب ثلث الدين بثمانية وصاحب ربع الدين بخمسة فتكون الجملة خمسة وعشرين سهما
فيقسم نصف سهم على ذلك * وإذا كان لرجل مائة درهم عينا ومائتا درهم على أحد ابنيه
فأوصى لرجل بربع ماله ولاخر بثلث العين ولاخر بخمس الدين فنصف العين بين أصحاب
الوصايا على مائة وثلاثة وثلاثين في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لان صاحب ربع المال
إنما يضرب بسبعة وثلاثين ونصف وصاحب ثلث الدين يضرب بثلاثة وثلاثين وثلث وصاحب
خمس الدين يضرب بأربعين لأنه قد تعين من الدين خمسون وذلك فوق حقه فقد انكسر
على عشرة بالأثلاث والأرباع فيحمل كل عشرة على اثني عشر فكان حق صاحب خمس
الدين في ثمانية وأربعين وحق صاحب ربع المال في خمسة وأربعين وحق صاحب ثلث العين
في أربعين فإذا جمعت بين هذه السهام كانت الجملة مائة وثلاثة وثلاثين سهما فلهذا قسم نصف
العين بينهم على ذلك وأما على قياس قول أبي حنيفة فنصف العين بين أصحاب الوصايا على
مائتين وستين لأنه اجتمع مما تعين من الدين وصيتان وصية بأربعين منها لصاحب الخمس
وباثني عشر ونصف لصاحب ربع المال فقدر سبعة وعشرين ونصف خرج عن منازعة صاحب
الربع فيسلم لصاحب الخمس يبقى اثنان وعشرون ونصف استوت منازعتهما فيه فكان بينهما
نصفين لكل واحد منهما أحد وعشرون عشر وربع فقد انكسر الدرهم بالأرباع ولصاحب
ثلث العين من العين ثلاثة وثلاثون وثلث ولصاحب ربع المال من ذلك خمسة وعشرون فجملة
ما أصاب الربع ستة وثلاثون وربع ولصاحب الخمس ثمانية وثلاثون وثلاثة أرباع فقد انكسر
بالأثلاث والأرباع فالسبيل أن تجعل كل درهم على اثني عشر سهما فيصير ما تعين من الدين
وذلك خمسون ستمائة والمائة العين ألف ومائتان ولكنك تجعل الموافقة بينهما بالخمس فاختصر
من ستمائة على خمسها وهو مائة وعشرون والمائة العين على مائتين وأربعين ثم نعود إلى الأصل
فنقول حق صاحب خمس الدين في أربعة وتسعين وحق صاحب الربع في ثلاثين مقدار ستة
وستين تسلم لصاحب الخمس بلا منازعة يبقى أربعة وخمسون استوت منازعتهما فيه فكان
153

بينهما نصفين فحصل لصاحب ربع المال من الدين سبعة وعشرون ولصاحب خمس الدين مرة ستة
وستون ومرة سبعة وعشرون فذلك ثلاثة وتسعون ولصاحب الربع من المائة العين ستون
سهما فإذا ضممت إليه سبعة وعشرين يكون سبعة وثمانين لصاحب ثلث العين ثمانون ثلث
مائتين وأربعين فإذا جمعت بين هذه السهام كانت الجملة مائتين وستين وان ثلاثة وتسعين مع
سبعة وثمانين يكون مائة وثمانين إذا ضممت إلى ذلك ثمانين يكون مائتين وستين وكانت
القسمة بينهم على ذلك عند أبي حنيفة * ولو لم يكن أوصى بربع ماله ولكنه أوصى بربع العين
والدين كان نصف العين على تسعة وثمانين سهما في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لان صاحب
خمس الدين يضرب بأربعين وصاحب ربع العين والدين إنما يضرب بخمسة وسبعين لأنه تعين
من الدين مقدار الربع فهو يضرب بجميع وصيته فيها وصاحب العين بثلاثة وثلاثين وثلث
فتجعل كل عشرة على ستة لأنه انكسر كل عشرة بالأثلاث والانصاف فتضرب اثنين في
ثلاثة فيكون ستة وإذا صار كل عشرة على ستة فسهام ما تعين من الدين ثلاثون وسهام المائة
العين ستون ثم صاحب خمس الدين إنما يضرب بأربعة وعشرين وذلك أربعة أخماس ما تعين
من الدين وصاحب ربع العين والدين إنما يضرب بخمسة وأربعين ثلاثون بسهام ما تعين من
الدين خمسة عشر سهام ربع المائة العين وأربعة وعشرون إذا ضممته إلى خمسة وأربعين يكون
تسعة وستين وصاحب ثلث العين يضرب بعشرين سهام ثلث العين فيكون ذلك تسعة وثمانين
فلهذا كانت قسمة نصف العين بينهم على تسعة وثمانين سهما وهذا قول أبى يوسف ومحمد
رحمهما الله ولم يذكر قول أبي حنيفة * قال رضي الله عنه وكان شيخنا الامام يقول إنما لم يذكره
لأنه مل من ذلك ويمكن تخريجه على الأصلين اللذين بيناهما له فنقول اجتمع فيما تعين من
الدين وصيتان لصاحب الخمس بأربعين ولصاحب الربع بخمسين إلا أن القسمة عنده على
طريق المنازعة فالعشرة تسلم لصاحب الربع بلا منازعة ونصف الباقي بالمنازعة له ثلاثون
ولصاحب الخمس عشرون ولصاحب الربع من العين خمسة وعشرون فيجتمع له خمسة وخمسون
إلا أن فيما زاد على الخمسين تبطل وصيته ضربا واستحقاقا فإنما يضرب هو بخمسين وصاحب
الخمس بعشرين وصاحب ثلث العين بثلاثة وثلاثين وثلث فيجعل كل عشرة على ثلاثة أسهم
لانكسار العشرة بالأثلاث فيكون حق صاحب ثلث العين عشرة وحق صاحب ربع العين
والدين خمسة عشر لان حقه كان في خمسين وقد جعلنا كل عشرة على ثلاثة فتكون خمسة
154

عشر وحق صاحب ربع الدين كان في عشرين فيكون ستة فإذا جمعت بين هذه السهام كان
أحدا وثلاثين سهما فيقسم نصف العين بينهم على أحد وثلاثين سهما في قول أبي حنيفة رحمه
الله بهذا * وإذا كان للرجل مائتا درهم عينا ومائة على أحد ابنيه دينا فأوصى لرجل بثلث ماله
ولاخر بربع الدين ولاخر بخمس العين فالمال كله عين لان نصف العين محل لتنفيذ الوصية
ونصفه للابن الذي لا دين عليه وهو مائة درهم ويسلم للمديون منه مثل ذلك وذلك جميع ما عليه
فظهر أن المال قد تعين كله فيعول المائة وهو ثلث المال لتنفيذ الوصايا فيضرب فيه الموصى له
بربع الدين بخمسة وعشرين والموصى له بخمس العين بأربعين والموصى له بثلث المال بمائة فالسبيل
أن يجعل كل عشرة على سهمين فيكون لصاحب الثلث عشرون ولصاحب ربع الدين خمسة
ولصاحب خمس العين ثمانية فإذا جمعت بين هذه السهام كان ثلاثة وثلاثين والثلثان ضعف
ذلك فيكون جملة المال بينهم على تسعة وتسعين سهما عندهم جميعا * وإذا كان للرجل مائة درهم
عينا ومائة على امرأته دينا ثم مات وترك امرأته وابنه وأوصى لرجل بثلث ماله فالمائة العين
بين الابن والموصى له على أحد عشر سهما فالسبيل في هذا أن يصحح الفريضة فيخرجها من
ثمانية للمرأة الثمن سهم وللابن سبعة ثم يريد الموصى له مثل نصف الفريضة لان الوصية؟ بثلث
المال وبكل عدد ردت عليه مثل نصفه تكون الزيادة ثلث الجملة فإذا زدت أربعة على ثمانية
صار اثنى عشر ثم يطرح نصيب المرأة لأنها مستوفية لحقها بما عليها فيضرب الابن في العين
بسبعة والموصى له بأربعة فيكون بينهما على أحد عشر ولو كانت الوصية بربع ماله كانت المائة
العين بينهما على تسعة وعشرين للموصى له ثمانية وللابن أحد وعشرون لا بل يزيد على ثمانية
مثل ثلثه وليس له ثلث صحيح فاضرب ثمانية في ثلاثة فيكون أربعة وعشرين يزيد عليه مثل
ثلثه ثمانية فيكون اثنين وثلاثين يطرح من ذلك نصيب المرأة وهو ثلاثة ويضرب الابن بأحد
وعشرين والموصى له بثمانية ولو كانت الوصية بخمس ماله فالمائة العين بينهما على تسعة أسهم
لأنك تزيد على ثمانية مثل ربعها وذلك سهمان ثم تطرح نصيب المرأة سهما يبقى تسعة تقسم
العين على ذلك للموصى له سهمان وللابن سبعة فإن كان مكان الابن أخ لأب وأم وقد أوصى
بثلث ماله فالعين بين الأخ والموصى له بالثلث على خمسة لان أصل الفريضة من أربعة فتزيد
عليه للموصى له مثل نصفه سهمين فيكون ستة ثم يطرح نصيب المرأة فيبقى حق الابن في
ثلاثة وحق الموصى له في سهمين فعلى ذلك تقسم العين بينهما * ولو ترك مائة عينا ومائة على
155

امرأته دينا ومائة على ابنه دينا وترك مع ذلك بنتا وقد أوصى لرجل بثلث ماله فالمائة العين بين
البنت والموصى له على تسعة عشر لان أصل الفريضة من ثمانية والقسمة من أربعة وعشرين
للموصى له ثلاثة وللابن أربعة عشر وللابنة سبعة فيزاد للموصى له بالثلث مثل نصفه اثنا
عشر ثم يطرح نصيب الابن والمرأة فكل واحد منهما مستوف حقه مما عليه وإنما تقسم العين
بين الابنة والموصى له على تسعة عشر للابنة سبعة وللموصى له اثنا عشر فان أدت المرأة ما
عليها صار المال كله عينا مقسوما على ستة وثلاثين سهما لأنها إذا أدت ما عليها فقد صار نصيب
الابن أكثر مما عليه وبيان ذلك أن جملة المال ثلاثمائة اقسمها على ستة وثلاثين سهما يكون كل
مائة اثني عشر ونصيب الابن أربعة عشر فعرفنا أن نصيبه أكثر من مائة فيجب له ما عليه
وللمرأة نصيبها بما عليها ثلاثة أسهم ويؤدى ما بقي فيكون ذلك مع المائة العين مقسوما بين
الابنة والموصى له والابن على أحد وعشرين سهما لأنه قد وصل إلى الابن اثنا عشر بما عليه
من الدين يبقى حقه في سهمين وحقهما في تسعة عشر كما بينا * ولو كانت الوصية بخمس ماله
ولم تؤد المرأة شيئا فالمال الذي على الابن عين لان نصيبه أكثر من مائة وبيان ذلك أنه يطرح
نصيب المرأة ويقسم المائة العين مع ما على الابن بينهم على سبعة وعشرين لان الفريضة
كانت من أربعة وعشرين وزدنا الموصى له بالخمس مثل ربعها ستة فيكون ثلاثين ثم يطرح
نصيب المرأة ثلاثة يبقى سبعة وعشرون فيكون كل مائة على ثلاثة عشر ونصف فحق الابن
أربعة عشر فعرفنا أن نصيبه أكثر من المائة فلهذا قسمنا المائتين على سبعة وعشرين للموصى
له بالخمس ستة وللابنة سبعة وللابن أربعة عشر ثلاثة عشر ونصف قد كان مستوفيا له ويستوفي
نصف سهم مما بقي * قال وإذا كان للرجل مائة درهم عينا ومائة على ابنته دينا ثم مات وترك
من الورثة امرأته وابنته وابنه لا وارث له غيرهم وأوصى لرجل بثلث ماله فالمائة العين بين
الابن والمرأة والموصى له على تسعة وعشرين سهما للموصى له من ذلك اثنا عشر وللابن أربعة
عشر وللمرأة ثلاثة لان القسمة بين الورثة من أربعة وعشرين للمرأة ثلاثة وللابن أربعة عشر
وللابنة سبعة ثم تزاد الوصية بثلث المال مثل نصفه اثنى عشر فيكون ستة وثلاثين ثم يطرح
من ذلك نصيب الابنة لأنها مستوفيه حقها مما عليه فيبقي تسعة وعشرون فلهذا تقسم العين
بينهم على تسعة وعشرين كما بينا * وإذا كان للمرأة مائة درهم عينا ومائة على زوجها دينا من
صداقها فأوصت لرجل بربع مالها ثم ماتت وتركت من الورثة زوجها وأمها وأختيها لأبيها
156

وأمها وأختين لامها فالمائة العين تقسم بين الأم والأخوات والموصى له على أحد وثلاثين لأنا
نصحح قبل الوصية فنقول للزوج النصف ثلاثة وللأم السدس سهم وللأختين للأم الثلث
سهمان وللأختين لأب وأم الثلثان أربعة فتكون القسمة من عشرة وهي مسألة أم الفروج
ثم تزاد الوصية بالربع مثل ثلاثة وليس للعشرة ثلث صحيح فاضرب ثلاثة في عشرة فيكون
ثلاثين ثم يزاد للموصى له مثل ثلثها عشرة ثم يطرح نصيب الزوج لان عليه فوق حقه ونصيبه
كان ثلاثة ضربناها في ثلاثة فتكون تسعة فإذا طرحت ذلك من أربعين يبقى أحد وثلاثون
فتقسم العين بينهم على هذا للموصى له عشرة وقد كان للأم سهم ضربناه في ثلاثة فهو ثلاثة
وللأختين للأم سهمان ضربناهما في ثلاثة فتكون ستة؟ وللأختين لأب وأم أربعة ضربناها
في ثلاثة فتكون اثني عشر * قال وإذا كان للرجل على امرأته مائة درهم دينا فمات وترك
مائة عينا وأوصى لرجل بخمس ماله وترك من الورثة امرأته وابنيه وأبويه فالمائة العين بين
الموصي له وبين الابنين والأبوين على مائة وثلاثة عشر سهما لأن هذه الفريضة إذا صححتها
كانت من سبعة وعشرين فإنها مسألة المنبرية ثم يزاد للموصى له ربع ذلك لأنه أوصى له بمثل
سبعة وعشرين فتكون مائة وخمسة وثلاثين إلا أنه يطرح نصيب المرأة لأنها استوفت حقها
مما عليها وقد كان نصيبها ثلاثة ضربناها في أربعة فتكون اثنى عشر يبقى ثلاثة ومائة وعشرون
فتقسم العين بينهم على هذا للموصى له سبعة وعشرون وللابنين أربعة وستون وقد كان لهما
ستة عشر وضربنا ذلك في أربعة ويحسب للمرأة نصيبها مما عليه سبعة عشر درهما وسبعة اتساع
فيؤدى ما بقي فيقتسمونه على ما وصفنا * قال وإذا كان للرجل عشرة دراهم عينا وعشرة على أحد
ابنيه دينا فأوصى لرجل بخمس ماله الا درهما فان الموصى له يأخذ من العشرة العين درهمين
ونصفا ويأخذ الابن الذي لا دين عليه ما بقي وطريق التخريج لهذه المسألة من أوجه أحدها
انا لا نعتبر الاستثناء في الابتداء ولكن يعطى الموصى له بالخمس خمس العين وذلك درهمان
ثم يسترجع بالاستثناء أحدهما فيكون في يد الورثة تسعة بين اثنين لكل واحد منهما أربعة
ونصف ولكن لا يعطى الابن المديون نصيبه فان عليه فوق حقه بل يقسم ذلك بين الابن الذي
لا دين عليه وبين الموصى له على مقدار حقهما قبله وحقهما قبله أثلاثا فان درهمين من الدين
للموصى له لأنه خمس العشرة الدين ولكل ابن أربعة فإذا اقتسما أربعة ونصفا بينهما أثلاثا
يكون للموصى له درهم ونصف وللابن ثلاثة فقد أخذ الموصى له مرة سهما قدره درهم
157

ونصف وأخذ الابن مرة أربعة ونصفا ومرة ثلاثة فيكون ذلك تسعة وقد تعين من الدين
مثل ذلك فتبين ان العين تسعة عشر ونصف خمس ذلك ثلاثة ونصف وقد نفذنا الوصية في
ثلاثة ونصف واسترجعنا بالاستثناء درهما إلى أن يؤدى الابن المديون ما عليه فحينئذ يمسك
من ذلك كمال حقه ثمانية ونصفا ويؤدى ما بقي وهو درهم ونصف فيقسم بين الابن والموصى
له على مقدار حقهما أثلاثا فيحصل للموصى له ثلاثة ولكل ابن ثمانية ونصف * والطريق
الثاني أن تجعل العشرة العين مقسومة بين الابن الذي لا دين عليه وبين الموصى له على مقدار
حقهما أثلاثا لان المديون استوفى حقه مما عليه فتطرح سهامه فإذا طرحت قسمنا العشرة
أثلاثا وكان للموصى له ثلاثة وثلث ثم منه بالاستثناء خمسة أسداس درهم لان المستثنى درهم من
خمس جميع المال وهو أربعة وهو ربع ما يسلم للموصى له وربع ثلاثة وثلث خمسة أسداس فيبقي
للموصى له درهمان ونصف ويسلم للابن سبعة ونصف والتخريج كما بينا وعلى طريق الدينار
والدرهم نقول السبيل أن يجعل الخارج من الدين دينار ويضمه إلى العشرة العين فيكون
للموصى له عشرة خمس ذلك وذلك درهم وخمس دينار ثم يسترجع بالاستثناء درهما فيضمه
إلى الباقي فيكون بين الاثنين نصفين ولكل واحد منهما أربعة دراهم ونصف وخمسا دينار
وحاجتنا إلى دينارين فانا جعلنا الخارج من الدين وهو نصيب الابن المديون دينارا فأربعة
أخماس دينار قصاص بمثلها يبقى في يد الورثة تسعة دراهم يعدل دينارا أو خمسا فتبين ان قيمة
الدينار سبعة ونصف وانا حين جعلنا الخارج من الدين دينارا كان ذلك يجزى سبعة ونصفا
وأعطينا الموصى له درهمين وخمس دينار قيمته درهم ونصف فكانت ثلاثة ونصفا استرجعنا
منه درهما يبقى له درهمان ونصف فاستقام وطريق الجبر فيه أن تجعل الخارج من الدين
شيئا وتضمه إلى العشرة العين ويعطى الموصى له خمس ذلك درهمين وخمس شئ فيسترجع
بالاستثناء درهما وحصل في يد الورثة تسعة دراهم وأربعة أخماس شئ في يد الورثة قصاصا بمثلها
يبقي في أيديهم تسعة دراهم تعدل شيئا وخمس شئ فأكمل ذلك شيئين بأن تزيد على ذلك مثل
ثلثه وزد ما يعدله أيضا مثله مثليه وذلك ستة فيكون خمسة عشر فإذا تبين أن الشيئين يعدلان
خمسة عشر عرفنا أن الشئ الواحد يعدل تسعة دراهم ونصفا فاما حين جعلنا الخارج من
الدين شيئا كان ذلك بمعنى سبعة ونصف وطريق الخطائين في ذلك أن تجعل الخارج من الدين
درهما فيكون عدل أحد عشر ثم يعطى الموصى له خمس ذلك درهمين وخمسا ويسترجع بالاستثناء
158

درهما فيكون في يد الورثة تسعة دراهم وأربعة أخماس وحاجة الورثة إلى درهمين ظهر الخطأ
بزيادة سبعة وأربعة أخماس فعد إلى الأصل واجعل الخارج من الدين درهمين فاعط الموصى
له خمس ذلك درهمين وخمس درهم واسترجع بالاستثناء درهما فيكون في يد الورثة عشرة
وثلاثة أخماس وحاجته إلى أربعة ظهر الخطأ بزيادة ستة وثلاثة أخماس وكان الخطأ الأول
بزيادة سبعة وأربعة أخماس فلما زدنا في النصيب درهمين ثبت خطأ درهم وخمس وبقي خطأ
ستة وثلاثة أخماس فعرفنا ان كل درهم يؤثر في درهم وخمس وبقي خطأ ستة وخمس فالسبيل
أن يزيد ما يذهب خطأ ما بقي وذلك خمسة دراهم ونصف فان خمسة دراهم يذهب خطأ ثلاثة
أخماس درهم إذا كان ما بين كل درهم خمس فإذا زدنا هذا في الخارج من الدين ظهر أن
الخارج من الدين سبعة ونصف والتخريج الخ كما بينا وعند معرفة طريق الخطائين يتيسر
التخريج على طريق الجامعين * قال ولو كان أوصى له بخمس ماله الا ثلاثة دراهم أخذ
الموصى له من العشرة والعين خمسة أسداس درهم يكون للذي لا دين عليه منها تسعة دراهم
وسدس أما على الطريق الأول فنقول لا يعتبر الدين في الابتداء لأنه تاو ولا الاستثناء
ولكن يعطى الموصى له خمس العين وذلك درهمان ثم يسترجع منه بالاستثناء ثلاثة دراهم
وفي يده درهمان فالدرهم الثالث يكون دينا عليه ويسمى هذا ومالا عليه على المال فإذا استرجعنا
منه بالاستثناء ثلاثة صار معنا أحد عشر فيقسم ذلك بين الاثنين نصفين لكل واحد منهما خمسة
ونصف إلا أن نصيب الابن المديون يأخذه الابن الذي لا دين عليه والموصى له قصاصا بحقهما
وحقهما قبله أثلاثا فان للموصى له من تلك العشرة درهمين وللابن أربعة فيقسم بين الاثنين
هذه الخمسة ونصف بينهما أثلاثا ثلث ذلك درهم وخمسة أسداس للموصى له فإذا أخذ ذلك
قضى ما عليه بدرهم وتبقى له خمسة أسداس والباقي للابن وهو تسعة دراهم وسدس ويسلم
للمديون مثل ذلك مما عليه إلى أن يتيسر خروج ما بقي من الدين فحينئذ يمسك المديون مما عليه
كمال حقه تسعة دراهم ونصف لان خمس المال أربعة والمستثنى ثلاثة فإنما يبقى للموصى له درهم
والباقي بين الاثنين وذلك تسعة عشر لكل واحد منهما تسعة ونصف فيؤدى المديون نصف
درهم ثم يقسم ذلك بين الموصى له والابن الذي لا دين عليه أثلاثا على مقدار حقهما فيكون
كل واحد منهما مستوفيا كمال حقه وعلى الطريق الثاني السبيل أن تقسم العين بين الابن الذي
لا دين عليه والموصى له على مقدار حقهما أثلاثا ويحصل للموصى له ثلاثة وثلث ثم يسترجع
159

منه بالاستثناء ثلاثة أرباع ما سلم له كان مقدار ذلك درهمين ونصفا فتبقى خمسة أسداس درهم
ثم التخريج إلى اخره كما بينا وتخريجه على طريق الحساب على نحو ما قلنا في المسألة الأولى *
قال ولو أوصى لرجل بدرهم من ماله أو بدرهمين ثم مات ولم يترك غير ابنه فان الموصي له
يأخذ جميع وصيته من العشرة العين لان ما سمى له أقل من ثلث العين والموصى له بقدر
سهمين من المال وحقه مقدم على حق الورثة في الثلث فلهذا قلنا يأخذ جميع وصيته سواء
أوصى له بثلاثة أو أربعة أو خمسة وإن كان أوصى له بستة فحينئذ لا يأخذ الا خمسة لان ثلث
المتعين من المال خمسه فإنه قد تعين من الدين نصيب الابن المديون وذلك خمسة دراهم مثل
نصف العين فان السالم للابن الاخر نصف العين فلهذا يأخذ الموصي له نصف العين فان خرج
من الدين شئ كان الخارج بين الابن والموصى له بمنزلة العين إلى أن يصل إلى الموصي له كمال
حقه وهو سته دراهم ثم يسلم ما بقي ما بعد ذلك للابن الذي لا دين عليه قال فان أوصى لرجل
بدرهم ولاخر بخمس ماله فان الموصى له بالدرهم يأخذ من العين درهما ويأخذ الموصى
له بالخمس من العين ثلاثة دراهم وسدسا والباقي للابن الذي لا دين عليه وذلك لان الموصى
له بخمس المال شريك الوارث كما أن حق الموصى له بمال مسمى يكون مقدما على حق
الوارث فكذلك يكون مقدما على حق من هو شريك الوارث فيبدأ وبالموصى له بالخمس بالدرهم
فيعطي درهما يبقى تسعة دراهم فيأخذ الموصى له بالخمس خمس العين درهمين يبقى سبعة بين
الابنين نصفين ولكن الابن المديون لا يعطى نصيبه بل يكون نصيبه للموصى له بالخمس
وللابن الاخر مكان مالهما عليه وحقهما قبله أثلاث لان حق الموصى له في الدرهمين مما عليه
وحق الابن في أربعة فيقتسمان نصيبه هو ثلاثة ونصف بينهما أثلاثا للموصى له درهم
وسدس فقد أخذ مرة درهمين فصار له ثلاثة وسدس وللابن خمسة أسداس وقد تعين من
الدين مثل ذلك المتعين خمسة عشر درهما وخمسة أسداس وقد نفذنا الوصية في خمس ذلك
ثلاثة وسدس إلى أن يتيسر خروج ما بقي من الدين فيمسك المديون نصيبه مما عليه سبعة
ونصفا ويؤدى درهمين ونصفا فيقسم بين الموصى له والابن الاخر أثلاثا حتى يحصل للموصى
له كمال حقه أربعة دراهم وللابن سبعة ونصف وعلى الطريق الاخر يجعل كان المال كله عين
فلا يعتبر في الابتداء وصية الموصي له بالدرهم في مقاسمة الورثة فيكون حق صاحب الخمس
في أربعة دراهم وحق الابن الذي لا دين عليه في ثمانية فتقسم العين بينهما على مقدار حقهما
160

أثلاثا لان الابن المديون يستوفى حقه مما عليه فيحصل للموصى له ثلاثة وثلث ثم نقول وصية
صاحب الدرهم مثل ربع وصية صاحب الخمس فيسترد من الابن الذي لا دين عليه مثل ربع
ما أخذ منه الموصى له بالخمس وذلك خمسة أسداس درهم فيضم إلى ما في يده فيصير أربعة
دراهم وسدسا ثم حق الموصى له بالدرهم مقدم فيعطى درهما من هذه الجملة ويبقي للموصى
له بالخمس ثلاثة دراهم وسدس والتخريج كما بينا * ولو كان المال اثنى عشر درهما عينا واثنى عشر
على أحد ابنيه دينا وأوصى لرجل بسدس المال يأخذ من العين ثلاثة دراهم وسبع درهم لان
وصيته لأحدهما بدرهمين من العين وهو مقدم كما بينا فيأخذ درهمين والموصى له بسدس
المال يأخذ من العين درهمين فسدس المال بينه وبين الابن الاخر على مقدار حقهما قبله أسباعا
فان حق الموصى له قبله في الدرهمين وحق الابن في خمسة فسبعاه درهم فيكون للموصى له سبعا
هذه الأربعة وللابن خمسة أسباعه وكل سبع أربعة أتساع فسبعاه درهم وسبع إذا ضم ذلك
إلى الدرهمين كان ثلاثة وسبعا يبقى في يد الابن ستة وستة أسباع وقد نفذنا الوصية في سدس
ذلك ثلاثة وسبع إلى أن يثبت خروج الدين فيمسك الابن المديون حصته وذلك تسعة دراهم
ويؤدي ثلاثة فيقتسمها الابن وصاحب سدس المال أسباعا سبعاه للموصى له وذلك تسع درهم
إذا ضمه إلى ما أخذ يحصل له أربعة سدس المال ويبقى للأب درهمان وسبع إذا ضمه إلى ما أخذ
كان ذلك له تسعة دراهم كمال حقه * وعلى الطريق الاخر يجعل المال كله كأنه عين ولا تعتبر
الوصية بسدس العين في الابتداء فيكون للموصى له بسدس المال وللابن الاخر على مقدار
حقهما أسباعا سبعاه للموصى له وذلك ثلاثة دراهم وثلاثة أسباع ثم وصية الموصى له بسدس
العين مثل نصف وصية الموصى له بسدس المال فيسترد من الابن مثل نصف ما أخذه الموصى
له وذلك درهم وخمسة أسباع فإذا ضم ذلك إلى ثلاثة وثلاثة أسباع يكون خمسة دراهم وسبع
يأخذه الموصى له وذلك درهم وخمسة أسباع فإذا ضم ذلك إلى ثلاثة وثلاثة أسباع يكون خمسة
دراهم وسبع يأخذ الموصى بسدس العين من ذلك درهمين لان حقه مقدم ويبقى للموصى له
بسدس المال ثلاثة دراهم وسبع والتخريج كما بينا * وإذا كان للرجل مائة درهم عينا ومائة
على أحد ابنيه دينا فأوصى لرجل بنصف العين أخذ الموصى له نصفها لان وصيته ما زادت على
ثلث المتعين من المال فقد تعين من الدين مثل نصف العين وهو نصيب الابن المديون فلهذا ينفذ
للموصى له مثل جميع وصيته فلو أوصى له بثلثي العين أخذ أيضا نصفها لان وصيته * زادت
161

على الثلث والمتعين من الدين يكون مثل نصيب الابن الذي لا دين عليه فلو نفذنا الوصية في
ثلث العين كان السالم للابن ثلاثة وثلثا ويتعين من الدين مثل ذلك فيحصل تنفيذ الوصية في
نصف المال وذلك لا يجوز فلهذا يسلم له نصف العين ولو أوصى لرجل بنصف ماله وأجاز
الابنان الوصية له ولم يجز كل واحد منهما ما أجاز صاحبه فإجازة الابن الذي عليه الدين
باطلة في المال أما قوله ولم يجز كل واحد منهما ما أجاز صاحبه فإنما تظهر فائدة هذا في المسألة
الثانية وأما قوله ان إجازة الابن المديون باطلة فلان المديون لا يسلم له شئ من العين وأما
من الإجازة في سلامة شئ من المال منها للموصى له فإنما تعمل إجازة من يكون متمكنا من
استيفاء شئ من العين دون من لا يكون متمكنا (ألا ترى) أن الابن الذي أجاز وصية
أبيه لو لم يكن وارثا بأن كان قاتلا كانت اجازته باطلة فهذا مثله ثم يأخذ الموصى له نصف العين
وذلك خمسون درهما بلا منة لاحد ويكون للابن الذي لا دين عليه النصف الباقي وقد
أجاز للموصى له وصيته فيعطيه من هذا النصف اثنى عشر ونصفا فيؤمر بدفع ذلك القدر
إلى الموصى له وعلى الطريق الاخر يجعل كأن المال عين فيكون للموصى له الثلث ستة
وستون وثلثان بلا منة الإجازة يبقي من حقه ثلاثة وثلاثون وثلث نصف ذلك في حصة كل
واحد من الاثنين وذلك ستة عشر وثلثان فيعطى له من العين الثلث وذلك ثلاثة وثلاثون
وثلث يبقى ستة وستون وثلثان بين الاثنين نصفين ثم لا يعطى المديون نفسه بل يقسمه
الآخران على مقدار حقهما قبله وحقهما قبله سواء فيأخذ الموصى له ستة عشر وثلثين فيحصل
له خمسون درهما ثم إن الموصى له يأخذ من الابن الذي لا دين عليه مثل ربع نصيبه الأصلي
وذلك ثمانية وثلث فيصير له ثمانية وخمسون وثلث و يأخذ أيضا مثل ربع ما أخذه في المرة
الثانية وهو في أربعة دراهم وسدس فيكون ذلك اثنين وستين ونصفا وإنما يأخذ مثل أربعة
لما بينا أنه إنما أجاز له الوصية فيما زاد على الثلث إلى تمام النصف وما زاد على الثلث إلى تمام
النصف يكون ربع الثلثين فعرفنا أن كل واحد منهما إنما أجاز له الوصية في ربع ما يسلم
له إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ الابن المديون يمسك ميراثه وذلك ستة وستون وثلثان
ويؤدى ثلاثة وثلاثين ونصفا فيقسم بين الآخرين لكل واحد منهما ستة عشر وثلثان ثم
يستوفى الموصى له من الابن الذي لا دين عليه ربع ما أخذ باعتبار اجازته وذلك أربعة
وسدس فيسلم له ستة وستون وثلثان ويأخذ من الابن الذي عليه الدين ما أجاز الوصية فيه
162

لأنه لما تعين الدين عملت أجازته وذلك ستة وعشر وثلثان فيصير له ثلاثة وثلاثون وثلث وقد
كان السالم له بلا منة خمسون وظهر الآن أن ثلث المال ستة وستون وثلثان فيأخذ من كل
واحد منهما أيضا ثمانية وثلثا حتى يسلم له كمال مائة درهم ويبقى لكل واحد منهما خمسون
درهما فان قال الابن الذي لا دين عليه قد أجزت له جميع وصيته وجميع ما أجاز له أخي من
ذلك كله أخذ الموصى له من المائة العين ثلثها لان إجازة المديون في العين إنما تصح بحق الابن
الذي لا دين عليه وقد أجاز هو اجازته فكما أن وصية الموصى تنفذ بإجازته في حقه وإذا
نفذت اجازتهما قلنا المائة العين تقسم بين الابن والموصى له على مقدار حقهما وحق الموصى له
مائة في درهم وحق كل ابن في خمسين فتقسم المائة العين بينهما أثلاثا ثلثاها للموصى وذلك
ستة وستون وثلثان وثلثها للابن وقد تعين من الدين مثل ذلك فظهر أن المتعين من المال مائة
وثلاثة وثلاثون وثلث وإنما نفذنا الوصية في نصفها فإذا تيسر خروج الدين أمسك المديون
حصته وذلك خمسون درهما وأدى خمسين فاقتسمها الابن والموصى له أثلاثا للموصى له ثلثاها
وذلك ثلاثة وثلاثون وثلث فيصل إليه كمال حقه مائة درهم ويسلم لكل ابن خمسون درهما
* ولو كان أوصى له بنصف العين ونصف الدين فأجاز الوارثان ذلك فإجازة الذي عليه الدين
باطلة ويأخذ الموصى له ثلثي المال العين لأنه قد تعين من الدين نصفه باعتبار نصيب الابن
المديون وقد بينا أن الموصى له بالمال العين حقه مقدم على حق الوارث وقد أجاز الابن الذي
لا دين عليه وصيته واجازته صحيحة في حقه فيضرب الموصى له بنصف العين ونصف الدين
وذلك مائة درهم والابن إنما يضرب فلهذا كانت العين بينهما أثلاثا للموصى له ثلثاها وللابن
ثلثها * فان قيل فإذا سلم للابن ثلثها وظهر أن المتعين من الدين ثلثها * قلنا السالم للابن ثلث
العين في الصورة وفي الحكم نصف العين لان الموصى له إنما استحق تلك الزيادة عليه باعتبار
اجازته فيكون كالسالم له في حكم وبهذا يتبين أن المتعين من الدين في الحكم خمسون درهما * ولو
أجاز له الابن الذي لا دين عليه وصيته وأجاز أيضا ما أجاز له أخوه أخذ الموصى له من المال
المعين خمسة وسبعين درهما والابن الذي لا دين عليه خمسة وعشرين درهما لأنه إنما يستحق
بإجازة كل واحد منهما ستة عشر درهما وثلثي درهم نصف ذلك في الدين ونصفه في العين
وقد بينا أن إجازة الابن المديون في العين غير صحيح بحق الذي لا دين عليه ولو لم يجز الابن
الآخر اجازته لكان الموصى له يأخذ ستة وستين وثلثين فإذا أجاز اجازته أخذ مع ذلك ثمانية
163

وثلثا حصته من الإجازة في المائة العين فتكون خمسة وسبعين درهما وعلى الطريق الاخر
تقسم المائة العين أثلاثا ثم الموصى له يأخذ من الابن الذي لا دين عليه حصة اجازته في المائة
العين وذلك ثمانية وثلث ويقسم نصيب الابن المديون وهو ثلث المائة بينهما نصفين فيسلم له
أيضا ستة عشر وثلثان فيكون ذلك ثمانية وخمسين وثلثا والنصف الذي أخذه الابن الذي
لا دين عليه يأخذه أيضا بالإجازة لان ذلك قد تعين من الدين وإنما يسلم له عوضا عن حصته
من الدين وقد أجاز وصيته فيه فيكون حق الموصى له فيه مقدما على حقه فإذا ضم ذلك إلى
ما أخذه كان له خمس وسبعون فإذا ثبت خروج ما بقي من الدين أمسك المديون من ذلك
خمسين ودفع من ذلك إليهما خمسين فيكون بينهما نصفين لان حصة الإجازة في الدين قد
وصلت إليه فبقي حقهما فيما بقي من الدين سواء فإذا اقتسما هذه الخمسين نصفين سلم للموصى له
مائة درهم كمال حقه ولكل ابن خمسون ولو كان أوصى له بثلث ماله أجاز أو لم يجز فهو
سواء ويأخذ الموصى له نصف العين لان الموصى له يستغنى عن إجازة الورثة في استحقاق
ثلث المال بالوصية وهو شريك الورثة بالثلث فيما يتعين من المال وما يتوى منه ولو كان
أوصى بثلث العين وبثلث الدين لرجل فأجاز أخذ من العين مائة وخمسين وثلثا * قال
رضي الله عنه واعلم بأن اجازتهما هاهنا في الابتداء معتبره وفي الانتهاء غير معتبره ثم نصف
العين وهو خمسون سالم للموصى له بلا منة الإجازة يبقى إلى تمام حقه ستة عشر وثلثان فإنه قد
تعين من الدين مقدار حقه والزيادة فيه وحقه مقدم وما يسلم له بالإجازة يكون من جهة
الابنين نصفين إلا أن إجازة الابن المديون غير معتبرة في العين وإجازة الابن الاخر معتبرة
فيأخذ حصته ثمانية وثلثا فلهذا كان له ثمانية وخمسون وثلث فان أجاز الابن الاخر ما أجاز له
لابن المديون أيضا أخذ الموصى له من المائة العين ستة وستين وثلثين لان حصة المديون
إنما كانت لا تسلم للموصى له بالإجازة لدفع الضرر عن الابن الاخر فإذا رضى به الابن
الاخر أخذ كمال حقه فقد تعين من الدين مقدار حقه وقد صحت الإجازة منهما جميعا وحقه
فيما تعين يقدم على حق الورثة * قال رضي الله عنه طعن عيسى في هذا الفصل وقال إنه أعطى
الموصى له جميع وصيته قبل خروج ما بقي من الدين ولم يفعل مثل هذا فيما تقدم لا في الوصية
بثلث المال ولا في الوصية بثلث العين والدين ومن حيث المعنى لا فرق بين هذا وبين ما سبق
ولكنا نقول إنما فعل ذلك استحسانا لاظهار تأثير الإجازة فان اجازتهما بعد خروج الدين
164

لغو فلو لم يحصل له جميع وصيته قبل خروج ما بقي من الدين صارت منة الإجازة لغوا أصلا
وهي معتبرة بخلاف ما سبق فهناك الإجازة موثرة بعد خروج ما بقي من الدين لان الوصية
بنصف المال فمن هذا الوجه يقع الفرق بينهما ثم إذا خرج ما بقي من الدين بطلت الإجازة
وأمسك الابن المديون ستة وستين وثلثين كمال حقه وأعطى ثلاثة وثلاثين إلى أخيه وقد سلم
للموصى له كمال حقه لو كان أوصى بنصف ماله فأجاز الابن الذي عليه الدين ولم يجز
الاخر فاجازته باطلة لان المديون لا يتمكن من أخذ شئ من العين ولا تتعين اجازته فيه
ولأنه مستوف جميع ميراثه ولكن الموصى له يأخذ نصف العين فإذا خرج ما بقي من الدين
وذلك ثلاثة وثلاثون وثلث اقتسماه نصفين حتى يستوفى الذي لا دين عليه ستة وستين وثلثين
كمال حقه ثم يرجع الموصى له على الابن المديون بستة عشر وثلثين لأنه لما تعين المال كله عملت
اجازته في حصته وذلك ستة عشر درهما وثلثا درهم فيأخذ ذلك منه ويبقى للابن المديون
خمسون درهما لأنه في حقه يجعل كأنهما أجازا وقد سلم الابن الاخر ستة وستين وثلثين لأنه
في حقه يجعل كأنهما لم يجيزا وإذا ترك الرجل ابنين وله على أحدهما ألف درهم وترك دارا
تساوي ألف درهم فأوصى لرجل بماله فللموصى له ثلث الدار وللابن الذي لا دين عليه ثلث
الدار في يد الوارث والموصى له حتى يرفع إلى القاضي الامر بخلاف ما سبق فان هناك المال العين
من جنس الدين فنصيب المديون منه يأخذه الموصى له والابن الاخر قضاء بما لهما عليه لان
صاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه يكون له أن يأخذه وهاهنا نصيبه من الدار ليس من
جنس ما عليه من الدين فلا يبقى وصاحب الدين يأخذه لما في أخذه من معنى البيع وذلك لا يتم
لصاحب الدين وحده ولكنه يوقف في أيديهما لما له من الدين عليه بمنزلة المرهون في يد
المرتهن والمبيع في يد البائع محبوس بالقبض والابن محبوس بالجعل وهذا لأنه لو سلم ذلك
إلى الابن المديون ازداد نصيبه على الابن الاخر من التركة وذلك لا يجوز ثم يرفع
الامر إلى القاضي فيقول القاضي للابن المديون أد ثلثي الألف التي لهما عليك والا بعنا ثلث
الدار الذي صار لك وأوفينا هؤلاء حقوقهم لان القاضي نصب للنظر ودفع الضرر عن الجانبين
وذلك فيما قلنا فان أدى إليهما ثلثي الألف أخذ ثلث الدار لأنه وصل إليهما كمال حقهما ويصل
إليه كمال حقه أيضا وإن لم يفعل باعه القاضي فأخذا ثمنه نصفين قيل هذا قولهما فاما عند أبي
حنيفة رحمه الله فلا يبيع القاضي نصيبه من الدار لان لهما عليه دينا ومن أصل أبي حنيفة رحمه
165

الله أن القاضي لا يبيع؟ على المديون ماله وقيل بل هو قولهم جميعا لان نصيبه من الدار تركة الميت
وللقاضي في التركة ولاية البيع لمكان الدين فيبيع نصيبه ويدفع الثمن إليهما نصفين لان حقهما
فيما عليه سواء ثم يرجعان عليه بما بقي لهم وكذلك كل مال تركه الميت سوى الدراهم فهو والدار
سواء لان نصيب الابن المديون من هذا المال ليس من جنس ما عليه وكذلك المال لو كان دنانير
الأعلى قول ابن أبي ليلى فإنه يقول يأخذون ذلك قضاء مما لهما عليه وهذا مذهبه أيضا في
صاحب الدين إذا ظفر بشئ من مال المديون يأخذ النقدين ودينه من النقد الاخر وهو اختيار
بعض مشايخنا أيضا لان الدراهم والدنانير في كثير من الاحكام كجنس واحد وأما في
ظاهر الرواية فأخذ الدنانير مكان الدراهم يكون مبادلة فلا ينفرد به صاحب الدين وكذلك
ان كانت الدراهم التي عليه نبهرجة وما تركه الميت أجود منها لأنهما لو استوفيا نصيبه مكان
ما عليه باعتبار الوزن كان فيه ابطال حق المديون في الجودة ولو استوفيا باعتبار القيمة التي
في الدار فإن كان ما عليه أجود مما خلفه الميت من الدراهم فرضيا بأخذ نصيب المديون
قصاصا فلهما ذلك لأنهما تجوزا بدون حقهما وأسقطا حقهما في الجودة وإن لم يرضيا بذلك
كانت كجنس آخر من الدنانير وغيرها لأنهما لا يتمكنان من استيفاء ذلك باعتبار القيمة
لما فيه من معنى الربا وقد انعدم الرضا منهما باستيفاء ذلك قضاء من حقهما باعتبار الوزن
فيكون في معنى خلاف جنس الدين فيرفع إلى القاضي حتى يبيعه لهم فيوفيهم حقهم * ولو كان
للميت على أحد ابنيه ألف درهم دينا وترك عبدا يساوى ألف درهم ودارا تساوى ألف
درهم ولم يوصى بشئ فالابن الذي لا دين عليه يستوفى حصته من العين ويمنع المديون من
حصته حتى يستوفى منه ما عليه من الدين لأنه لا يتمكن من استيفاء نصيبه مكان ما عليه من
الدين لانعدام المجانسة ولا يتمكن المديون من أخذه لأنه حينئذ يسلم له من التركة أكثر
مما يسلم لأخيه فيبقى نصيبه موقوفا إلى أن يعطى نصف ما عليه من الدين إلى أخيه فان
أعتق الابن المديون العبد نفذ العتق من نصيبه لأنه مالك لنصيبه وإن كان ممنوعا عنه
لحق أخيه فينفذ عتقه فيه كالمشترى إذا أعتق المبيع قبل القبض ومولى الآبق إذا أعتقه قبل
أداء الجعل فإذا أنفذ العتق في نصيبه كان الشريك بالخيار في نصيبه كما هو الحكم في عبد
بين شريكين يعتقه أحدهما ولا شئ على العبد من الدين الذي على الابن الاخر لان ذلك
الدين ما تعلق بماليته وإن كان هو محبوسا في يده بمنزلة الآبق والمبيع بخلاف المرهون إذا
166

أعتقه الراهن وهو معتبر فان على العبد السعاية في الدين وكان متعلقا بماليته وتلك المالية سلمت
للعبد فللابن الذي لا دين عليه أن يحبس نصيب أخيه من التركة حتى يستوفي منه نصف
الدين لان قبل اعتاق العبد كان حق الحبس ثابتا له في هذا النصف من الدار فلا يبطل
ذلك باعتاق العبد وان أعطاه نصف الدار لسكنه ولو بأجرة ثم بدا له أن يأخذه حتى يعطيه
نصف الدين لم يكن له ذلك لأنه بالتسليم إليه على أي وجه صار مسقطا حقه في الحبس والساقط
يكون متلاشيا فلا يحتمل الإعادة كالبائع إذا سلم المبيع إلى المشترى بإعارة أو إجارة * وإذا ترك
الرجل ثلاثمائة درهم دينا على أحد ابنيه وهو معسر وأعتق عبدا في مرضه يساوى ثلاثمائة
سعى العبد في نصف قيمته للابن الذي لا دين عليه لان حقهما في سعايته سواء إلا أن الابن
المديون يستوفي جميع حقه ما عليه فلا يكون له أن يرجع على العبد بشئ من السعاية ولكن
نصف قيمته يسلم للابن الذي لا دين عليه يوضحه أن المعتق في المرض وصية فالعبد موصى
له بنصف المال وقد بينا أن المال المعين يقسم بين الموصى له والابن الذي لا دين عليه نصفين
وسعايته بمنزلة مال العين فيكون بينهما نصفين إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ يمسك
المديون نصيبه وذلك مائة درهم ويؤدى مائة درهم فيكون بين الابن المعتق نصفين
حتى يسلم للابن الذي لا دين عليه مائتا درهم وقد نفذنا الوصية للعبد في مائتين فاستقام
الثلث والثلثان * ولو كان الغلام قيمته مائة درهم يسعى العبد أيضا في نصف قيمته لما بينا أن
سعايته في حكم المتعين من المال والدين تاو فيسعى في نصف القيمة للابن الذي لا دين عليه
فإذا تيسر خروج الدين أمسك المديون كمال حقه مائة وخمسين فادى مائة وخمسين فيقسم
مائة من ذلك بين الابن الذي لا دين عليه والعبد نصفين وما بقي للابن الذي عليه دين
لأنه لما خرج العين تبين أن رقبة العبد كان ربع مال الميت فينفذ عتقه في جميعه مجازا
ويكون لكل ابن نصف ثلاثمائة وذلك مائة وخمسون وقد أخذ من العبد خمسين درهما فيرد
ذلك عليه ويسلم للابن الذي لا دين عليه في الحاصل مائة وخمسون وقد أمسك المديون
مثل ذلك مما عليه فاستقام التخريج * وإذا مات الرجل وترك ابنا وامرأة وترك مائة
دينا على امرأته ومائة عينا وقد أوصى من ماله بعشرين درهما لرجل ولاخر بما بقي من
ثلثه ولاخر بربع ماله فان الوصية بما بقي من الثلث تبطل لان الموصى له بالباقي بمنزلة
العصبة فإنما يستحق ما يفضل عن حق ذوي السهام ولم يفضل شئ لاستغراق الوصيتين
167

الأخيرتين ثم العين بين الموصى له بالربع والموصى له بالدراهم على أحد عشر سهما أربعة
من ذلك للموصى له بالدراهم وللموصى له بالربع لأنا نصحح السهام قبل الوصية فللمرأة الثمن
سهم من ثمانية والباقي للابن ثم يزاد للوصيتين مثل نصفه أربعة ثم يطرح نصيب المرأة لأنها
مستوفية حقها مما عليها يبقى أحد عشر سهما وإذا قسمت المائة العين على أحد عشر كان كل سهم
من ذلك تسعة دراهم وجزأ من أحد عشر جزأ من درهم فيكون للموصى لهما ستة وثلاثون
درهما وأربعة أجزاء من أحد عشر جزأ من درهم وللابن ما بقي وقد يظهر أن المتعين من الدين
تسعة دراهم وجزأ من أحد عشر جزأ من درهم إذا ضممت ذلك إلى مائة كان ثلثه ستة
وثلاثين درهما وأربعة أجزاء من أحد عشر ثم يضرب الموصى له بالربع بربع ذلك وذلك
تسعة وعشرون درهما وثلاثة أجزاء من أحد عشر جزأ من درهم فقد انكسر بجزء من
أحد عشر جزأ فالسبيل أن يضرب سبعة وعشرين وثلاثة أجزاء في أحد عشر فيكون ثلاثمائة
والموصى له بالدراهم يضرب بعشرين درهما إذا ضربت ذلك في أحد عشر يكون مائتين
وعشرين ثم بين هذه الاجزاء موافقة بنصف العشر فإذا اقتصرت من ثلاثمائة على نصف
عشرها يكون ذلك أحد عشر فيقسم الثلث على ستة وعشرين سهما وإذا صار الثلث على
هذا فالثلثان اثنان وخمسون نصيب المرأة يطرح وذلك ستة ونصف ويأخذ الموصى له بالدراهم
أحد عشر فيقسم ما بقي بين الموصى له بالربع وبين الابن يضرب فيه الابن بحقه والموصى له
بخمسة عشر تكون القسمة بينهما على هذا إلى أن يتيسر خروج ما بقي من الدين فيجب للمرأة
نصيبها مما عليها ويؤدى ما بقي ثم تنفذ الوصيتان في ثلث المال يضرب فيه الموصى له بالعشرين
بعشرين والموصى له بالربع بالخمس فيقتسمان الثلث بينهما على سبعة هذا هو الصحيح من
الجواب وقد ذكر في كتاب الوصايا أن القسمة تكون بينهما على خمسة وبينا أن ذلك غلط
والصحيح ما ذكرنا هاهنا مفسرا * وإذا مات الرجل وترك ابنين له على أحدهما مائة درهم
دينا وترك مائة درهم عينا وعلى أجنبيين على كل واحد منهما مائة دينا فأوصى لكل واحد
من الأجنبيين بما عليه وأوصى لاخر بثلث المائة العين فأدى أحد الأجنبيين ما عليه والاخر
مفلس فان هذه المائة العين والمائة التي على الابن تقسم على ثمانية عشر سهما ثلاثة للمؤدى
وسهم للموصى له بثلث العين والباقي بين الاثنين نصفين لأنه لما أدى أحد الغريمين صار ما
على الابن عينا فإنه يسلم للابن الاخر نصف الدين وذلك مائة ويسلم للمديون مثل ذلك
168

وهو جميع ما عليه ثم يقول كل واحد من الغريمين الموصى له بمائة والذي لم يؤد مستوف
وصيته مما عليه فلا بد من أن تغير سهامه فيجعل كل مائة على ثلاثة يضرب الموصى له بثلث العين
فيسلم وكل غريم بثلاثة فيكون الثلث بينهم على سبعة والثلثان أربعة عشر فذلك أحد وعشرون
ثم يطرح نصيب الغريم الذي لم يؤد يبقى ثمانية عشر فلهذا كانت القسمة ثلاثمائة بينهم على
ثمانية عشر كل مائة على ستة فيكون كل سهم ستة عشر وثلثان يسلم للموصى له بثلث العين ستة
عشر وثلثان وللغريم المؤدى خمسين وللاخر مما عليه مثل ذلك فظهر أن المتعين من المال ثلاثمائة
وخمسون وإذا نفذنا الوصية لهم في ثلث ذلك مائة وستة عشر استقام ولو لم يكن أوصى
لكل واحد من الغريمين بما عليه ولكنه أوصى لكل واحد منهما بما على صاحبه فلم يؤد واحد
منهما شيئا فالمائة العين بين الموصى له بثلث العين والابن على ثلاثة أسهم لان الغريمين لا يقع لهما
وصية ما لم يتعين محل حقهما بالأداء فإن كان كل واحد منهما موصى له بما على صاحبة وان أدى
أحدهما ما عليه فهذا والفصل الأول في التخريج سواء لان محل احدى الوصيتين تعين
بالأداء فيتعين له محل الوصية الأخرى أيضا من قبل أن للموصى على صاحبه مثل ما لصاحبه
فيما أدى فيأخذه قصاصا به وبطريق المقاصة يتعين ما على الاخر فلا فرق بين هذا وبين وصيته
لكل واحد منهما بما عليه * وإذا ترك الرجل على أحد ابنيه مائة دينا وترك ثوبا يساوى مائه
درهم فأوصى لرجل بثلث ماله فثلث الثوب للموصى له وثلث الابن الذي لا دين عليه وثلث
موقوف إلى أن يؤدى المديون ما عليه وقد تقدم بيان نظير هذا أن عند اختلاف الجنس لا
يتمكنان من أخذ نصيب الابن المديون فصالحهما * ولو ترك مع الثوب مائة عينا والثوب يساوي
خمسين درهما وأوصى لرجل بثلث ماله والاخر بالثوب فان في قياس قول أبي حنيفة يقسم
العين والثوب بين الابن الذي لا دين عليه وبين أصحاب الوصايا على ستة وعشرين سهما وهذه
من أدق المسائل من هذا الجنس لاجتماع قسمتين فان العين تحتاج إلى قسمة على حدة
لوجود المجانسة والثوب يحتاج إلى قسمة على حدة وقد اجتمع في الثوب وصيتان وصية
بجميعها ووصية بثلثه والقسمة عنده في مثل هذا على طريق المنازعة فيكون الثوب على ستة
أسهم ثم المائة العين تكون اثنى عشر سهما كل خمسين منها ستة للموصى له بالثلث أربعة
فيحصل لكل واحد من الموصى لهما خمسة وإذا كان المال المتعين مائة وخمسين ظهر أن المتعين
من الدين مثل نصفه وذلك خمسة وسبعون فيكون تسعة أسهم ولصاحب الثوب خمسة فيجعل
169

الثلث بينهما على ثلاثة عشر والثلثان ستة وعشرون ثم يطرح نصيب المديون ويضرب الابن
الذي لا دين عليه بثلاثة عشر والموصى لهما بثلاثة عشر فتكون قسمة العين بينهم على سته
وعشرين والثوب ثلث العين فإذا صار الكل على سته وعشرين كان الثوب من ذلك ثمانية
وثلاثين للموصى له بالثلث من الثوب خمسة أسهم ثمانية وثلاثين نأخذ ذلك يبقى من الثوب
ثلاثة وثلثان يضم ذلك إلى المائة العين فنقسم بين الابن الذي لا دين عليه وبين الموصى له فأما
المائة فتقسم بينهما على أحد وعشرين قسما يضرب الابن ثلاثة عشر والموصى له بثمانية وأما
ما بقي من الثوب فيقسم على أربعة وخمسين فيه الموصى له بالثلث ثمانية والاثنان بستة
وعشرين هذا لأنه لا مجانسة بين الثوبين وبين الدراهم فلا بد من اعتبار نصيب الابن المديون
من الثوب على أن يوقف ذلك في يد الابن الذي لا دين عليه إلى أن يؤدى ما عليه من الدين
أو يبيعه القاضي لحق الموصى لهما فان قيل فلهذا تبين ان المتعين من الدين مقدار خمسة وسبعين
قلنا لا كذلك فان القدر الذي يوقف من الثوب لما لم يكن سالما للمديون في الحال كان السالم
له في العين عوضه مما عليه باعتبار المالية فبهذا الطريق يتبين أن المتعين من الدين ما ذكرنا فان
أدى المديون والا بيع نصيبه من الثوب فيقسم ثمنه بينهما على أحد وسبعين سهما باعتبار
حقهما فيما في ذمته فإن لم يبع ذلك حتى أدى الابن ما عليه فان القسمة الأولى تنتقض ويقسم
المال كله على اثنين وأربعين بينهما لان الثوب يكون بين الموصى لهما على ستة بطريق المنازعة
والمائتان على أربعة وعشرين كل خمسين على ستة فيكون للموصى له بالثلث ثمانية وله من الثوب
سهم فذلك تسعة وللموصى له بالثوب خمسة فيكون الثلث بينهما على أربعة أسهم والثلثان ثمانية
وعشرون فتكون القسمة على اثنين وأربعين سهما خمسة من ذلك للموصى له بالثوب كله من
الثوب ثم يضم ما بقي من الثوب إلى المائتين فيقسمهما الاثنان وصاحب الثلث على سبعة
وثلاثين تسعة من ذلك للموصى له بالثلث تسع ذلك فيما بقي من الثوب وثمانية أتساعه في
الدراهم والباقي بينهما نصفين فأما على قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله إذا لم يؤد الابن ما
عليه قسمت المائة العين والثوب على عشرة أسهم لأنه اجتمع في الثوب وصيتان والقسمة
عندهما بطريق العول فيكون الثوب على ستة ويستقيم في الابتداء أن يجعل عليه ثلاثة ولكن
في الانتهاء ينكسر بالانصاف فجعلناه على ستة لهذا يضرب صاحب الثوب في الثوب بستة
وصاحب الثلث بسهمين فتكون سهما الثوب ثمانية وقد بينا أن المتعين من الدين خمسة
170

وسبعون فتجعل كل خمس على ستة فتكون سهام المائة العين اثنى عشر وسهام خمسة وسبعين
تسعة فذلك أحد وعشرون للموصى له بالثلث ثلث ذلك تسعة إذا ضممته إلى ثمانية يكون
خمسة عشر فهو سهام الثلث والثلثان ضعف ذلك وذلك ثلاثون إلا أنه يطرح نصيب المديون
مما عليه وتقسم العين بين الابن الذي لا دين عليه وبين الموصى لهما على ثلاثين والثوب من
ذلك مقدار الثلث فتكون عشرة للموصى له بالثوب من ذلك ستة يضم ما بقي من الثوب إلى
المائة العين للقسمة بين الابن الذي لا دين عليه وبين الموصى له بالثلث فأما المائة العين والموصى
له بالثلث فيضرب في ذلك بتسعة والابن بخمسة عشر فتكون القسمة بينهما على أربعة وعشرين
سهما وأما ما بقي من الثوب فيكون مقسوما بينهما على تسعة وثلاثين لأنه يضرب الورثة في
ذلك بثلاثين والموصى له بتسعة فالقسمة بينهم على تسعة وثلاثين يوقف نصيب الابن
المديون مما عليه لهما وان خرجت المائة الدين فقد انتقضت القسمة الأولى ويجب إعادة القسمة
على أربعة وعشرين سهما لان الثوب يكون على أربعة ثلاثة للموصى له بالثوب وكل خمسين
من المائتين على ثلاثة لأنه لا عول فيها فيكون ذلك اثنى عشر للموصى له بالثلث ثلث ذلك أربعة
فيحصل له خمسة وللاخر ثلاثة فيجعل الثلث بينهما على ثمانية والثلثان ستة عشر فيكون المال
على أربعة وعشرين سهما ثلاثة لصاحب الثوب كله في الثوب ثم يضم ما بقي من الثوب
إلى المائتين فيقسم بين الاثنين والموصى له بالثلث على أحد وعشرين سهما للموصى له بالثلث خمسة
خمس ذلك فيما بقي من الثوب وأربعة أخماسه في المائتين والباقي بين الاثنين نصفين وإذا
ترك الرجل مائتي درهم عينا وثلاثمائة على أحد ابنيه دينا وترك كر حنطة يساوى مائة درهم
فأوصى الرجل ولاخر بثلث المائتين العين وثلث الكر فان قول أبي حنيفة رحمه الله فيه
أن المائتين والكر يقسم على أربعة أسهم لان اجتمع في الكر وصيتان بجميعه وثلثه والقسمة على
طريق المنازعة عنده كان الكر على ستة و كل مائة من العين كذلك للموصى له بثلث المائتين
العين أربعة أسهم منها وسهمان من الكر فذلك خمسة وللموصى له بالكر خمسة فيكون الثلث
بينهما على عشرة ولا يعتبر في حق الموصى له بغير شئ من الدين لان وصيته في العين خاصة
فإذا صار الثلث بينهما على عشرة والثلثان عشرون يطرح نصيب المديون وهو عشرة وتقسم
العين بين الابن والموصى لهما على عشرين سهما خمسة أسهم من ذلك وهو الربع للموصى له
بالكر كله في الكر والربع ثلاثمائة خمسة وسبعون وهو ثلاثة أرباع الكل في الحاصل ثم يضم
171

ما بقي إلى الكر إلى المائتين العين فيقسم بين الموصى له بالثلث والابن الذي لا دين عليه على
خمسة عشر سهما فما أصاب خمسة أسهم فهو للموصى له بثلث العين خمس ذلك في الكر وأربعة
أخماسه في المائتين العين على مقدار حقه فيهما وخمس ذلك خمسة عشر درهما فيكون له من الكر
ثلاثة أخماس الربع الباقي ومن المائتين ستون درهما ويكون للابن بينه وبين الابن المديون
نصفين فتوقف حصة المديون من الكر في يد أخيه حتى يبيعه القاضي أو يؤدى ما عليه فإذا
أدى ما عليه انتقضت القسمة الأولى وصار المال كله عينا فيأخذ الموصى له بالكر خمسة أسداس
الكر والاخر سدس الكر وثلث المائتين العين وذلك ستة وستون وثلثان لان الوصيتين
دون ثلث المال فيجب تنفيذهما وقسمة ما بقي بين الاثنين نصفين فاما على قولهما فالقسمة في
الكر بطريق العول فتكون على أربعة وثلث المائتين العين سهمان لأنا نجعل كل مائة على
ثلاثة فيكون للموصى له بالثلث ثلاثة وللموصى له بالكر كذلك فإذا صار الثلث على ستة كان
الثلثان اثنى عشر ثم يطرح نصيب المديون ويقسم ما بقي بين الابن الذي لا دين عليه والموصى
لهما على اثنى عشر وبين هذه الاجزاء موافقة بالثلث فيقتصر على الثلث وهو أربعة للموصى
لهما سهمان وللابن سهمان وفي الحاصل للوصي له بالكر ثلاثمائة وهو ثلاثة أرباع الكر كما هو
قول أبي حنيفة رحمه الله وللموصى له بالثلث ربع ذلك أيضا من الكر و المائتين أثلاثا فيصير
مستوفيا الربع الباقي من الكر بحصته ويسلم للابن الذي لا دين عليه مائة وخمسون إلى أن
يتيسر خروج الدين فيمسك الابن المديون مقدار حقه ويؤدى ما بقي فيأخذ الموصى له
بالثلث ذلك ما بقي من حقه وهو ستة عشر وثلثان وما بقي يكون للابن وإذا مات الرجل
وترك امرأة وابنين وترك على امرأته عشرة دينا وعلى أحد ابنيه عشرة دينا وترك سيفا يساوى
خمسة دراهم فأوصى لرجل بالسيف فالسيف يقسم بين الابن الذي لا دين عليه والموصى له على
خمسة عشر سهما لان أصل الفريضة من ثمانية والقسم من ستة عشر ثم يزداد بنصف الموصى
له مثل نصف ذلك ثمانية ثم يطرح نصيب الابن المديون ونصيب المرأة لان على كل واحد
منهما فوق نصيبه ويضرب الموصى له في السيف بثمانية والابن الذي لا دين عليه بسبعة
فيكون بينهما على خمسة عشر ثمانية للموصى له وسبعة للابن الذي لا دين عليه ويحسب للمرأة
نصيبها مما عليها اثنين ونصف وتؤدى ما بقي ويحسب للابن الاخر نصيبه مما عليه ثمانية وثلاثة
172

أرباع فيؤدى درهما وربعا يأخذ الابن ذلك كله ويأخذ صاحب السيف جميع السيف قال عيسى
وهذا غلط فان السيف ليس من جنس ما على المرأة والابن من الدين فكيف يأخذ الابن
من الدين نصيبهما من السيف قضاء عما له عليهما ولكن ينبغي أن يعتبر في قسمة السيف سهامهم
جميعا ثم يوقف نصيب المديون من ذلك على قياس ما ذكرنا ومن أصحابنا من يقول ما ذكره
صحيح لان السيف كله مشغول بالوصية ليس للورثة منه شئ وإذا خرج الدين فإنما يعتبر فيه
حق الابن الذي لا دين عليه خاصة قبل خروج الدين ولا يعتبر فيه حق الآخرين ولكن هذا
المعنى موجود فيما سبق من مسألة الكر وقد قال هناك يوقف نصيب الابن المديون من
الكر إلى أن يبيعه القاضي فلا بد من أن يكون أحد الجوابين غلطا هذا ما تقدم ولكنه ذكر
في الأصل وما أصاب سبعة أسهم فهو للابن الذي لا دين عليه على ما وصفت لك فكأنه بهذا
اللفظ يشير إلى التوقف ويريد أن حصته تسلم له وحصة الآخرين تكون موقوفة في يده *
وإذا ترك ابنين وامرأتين وترك على أحد امرأتيه مائة درهم وعلى أحد ابنيه مائة وترك
خادما يساوى مائة فأعتقها عند الموت فإنها تنصف قيمتها للمرأة والابن الذي لا دين عليه
لان القسمة من ستة عشر ثم تزاد في الوصية مثل نصفه ثمانية ويطرح نصيب الغريمين مما
عليهما يبقى حق الخادم في ثمانية وحق اللذين لا دين عليهما فلهذا يسلم للخادم نصف قيمتها
للمرأة من ذلك الثمن والابن سبعة أثمان ولا يوقف شئ مما يتعين للغريمين هاهنا لان الواجب
على الخادم السعاية والسعاية من جنس ما عليها من الدين فيأخذ اللذان لا دين عليهما نصيب
الآخرين من ذلك قصاصا بما لهما عليه بخلاف ما سبق فإذا تيسر خروج الدينين رد على الخادم
ما أخذ منها من السعاية لأنها خرجت من الثلث وتمسك المرأة المديونة حصتها مما عليها اثنى
عشر ونصفا وتؤدى سبعة وثمانين ونصفا للابن الذي لا دين عليه ويمسك الابن المديون مما
عليه حصته وذلك سبعة وثمانون ونصف ويؤدي اثنى عشر ونصفا إلى المرأة التي لا دين عليها
فقد وصل إلى كل ذي حق حقه وإذا ترك ابنين على كل واحد منهما مائة درهم دينا وترك
على رجلين على كل واحد منهما مائة فأوصى لكل واحد من الرجلين بما على صاحبه وأوصى
لاخر بثلث ماله ثم أدى أحد الرجلين ما عليه فان هذه المائة والمائتين العين التي على الاثنين
تجمع فيقسم ذلك كله بين الوارثين والموصى له بالثلث والذي أدى المائة في قياس قول أبي حنيفة
رحمه الله على ثلاثة وأربعين سهما والحاصل أن المال كله صار في حكم العين بأداء أحد
173

الغريمين ما عليه لان الوصايا لا تنفذ في أكثر من الثلث فنحن نعلم بالقسمة أن نصيب كل
واحد من الابنين المائة عليه وأكثر فيصير ما على الابنين عينا بهذا الطريق ثم المؤدى يأخذ
نصيب الغريم الاخر بما أدى قضاء مما عليه قبله فيتعين ذلك القدر مما عليه ويثبت عليه حق
الموصى له بالثلث فبقدر ما يجعل للموصى له بالثلث من ذلك ينتقص فيه استيفاء ما عليه فيصير
مستوفيا مثله مما بقي ولا يزال كذلك حتى يصير جميع ما عليه في حكم العين فلهذا جعلناه كله
عينا وقد اجتمع في كل مائة مما على الابنين يصير على ستة أنصباء للموصى له بالثلث من ذلك
أربعة فكان له في الحاصل ستة أسهم ولكل غريم خمسة فيكون الثلث بينهم على ستة عشر
والثلثان ضعف ذلك فتكون سهام الجملة ثمانية وأربعين فتطرح من ذلك سهام الغريم الذي لم
يؤد خمسة أسهم ويقسم ثلاثمائة على ذلك ثلاثة وأربعين خمسة من ذلك للمؤدى في المائة التي أداها
صاحبه وثمانية وثلاثين للابن وللموصى له بالثلث للموصى له من ستة يستوفيه من المائة
العين ويحسب للابنين ما عليهما بنصيبهما ويأخذان ما بقي ويؤدى الذي عليه المائة ما بقي عليه
من المائة وهو ثمانية وخمسون وثلث فيستوفى كل واحد منهما حصته على ما بينا ولو ترك
ابنين وامرأة وترك خادما يساوى مائة درهم وعلى رجل مائة فأوصى للرجل بما عليه
وأوصى بأن يعتق الخادم فإنه يعتق من الخادم خمسها وتسعى في أربعة أخماسها للورثة في قول
أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لان الوصية بالعتق لا تكون مقدمة على الوصية الأخرى فالثلث
بينهما وبين الموصى له الاخر نصفين على سهمين والثلثان أربعة ثم يطرح نصيب الموصى له
لان عليه فوق حقه فيضرب الخادم فيه بسهمه والورثة بأربعة فلهذا سعت في أربعة أخماس
قيمتها حتى يؤدى الرجل ما عليه فحينئذ يمسك مقدار حقه وهو ثلث ما عليه من المائة ويؤدى
الثلثين فيدفع إلى الخادم من ذلك تمام الثلث من قيمتها وهو ثلاثة عشر وثلث وما بقي فهو
للورثة وأما في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله فان الخادم تسعى في عشرة أجزاء من ثلاثة
عشر جزأ من قيمتها لان من أصله أن الموصي له بالسعاية يضرب بجميع وصيته وإن كان
أكثر من الثلث والموصى له بالعين لا يضرب بما زاد على الثلث والثلث هاهنا ستة وستون
وثلثان والموصى له بالدين يضرب بهذا القدر والخادم يضرب بجميع قيمتها فإذا جعلت المائة
على ثلاثة يكون الثلث بينهم على خمسة ثم يطرح نصيب الغريم ثم يبقى حق الخادم في سهمين
وحق الورثة في عشرة فلهذا قال إنها تسعى في عشرة أجزاء من ثلاثة عشر جزأ من قيمتها
174

فإذا تيسر خروج الدين يحسب المديون نصيبه مما عليه فذلك ستة وعشرون وثلثان ويؤدى
ما بقي فيرد على الخادم من ذلك إلى تمام أربعين درهما وذلك خمس المال لان حقها في ثلاثة
أخماس الثلث هو خمس المال والله تعالى أعلم
(باب العتق في المرض والصحة)
(قال رحمه الله) وإذا قال الرجل في مرضه لجارية لا مال له غيرها هذه أم ولدي ثم
مات فان صدقه الورثة فهي حرة لا سبيل عليها وان كذبوه سعت في ثلث قيمتها فالحاصل
أن هذه المقالة من المولى اما أن يكون معها ولد أولا يكون معها ولد واما أن تكون ولدت
الولد في ملكه أو اشتراها في صحته أو مرضه واما أن يصدقه الورثة في ذلك أو يكذبوه
فان صدقوه في ذلك فهي حرة مع ولدها لا سعاية عليها لان الثابت بتصادقهم في حقهم
كالثابت بالبينة وان كذبه الورثة في ذلك فإن كان معها ولد ولدته في ملكه فهي حرة مع
ولدها سواء كان قال في صحته أو مرضه لان ثبوت نسب الولد يكون شاهدا لها ويكون ذلك
كإقامة البينة في اثبات حريتها وحرية الولد وإنما قلنا بقول المولى في حق النسب لان ذلك
من حوائجه وإن لم يكن معها ولد فإن كان هذا القول في صحته فهي حرة من جميع المال
لأنه يملك اعتاقها في صحته فلا تتمكن التهمة في اقراره بأمية الولد لها فان قيل هذا المعنى موجود
فيما إذا أقر لها بالتدبير في صحته قلنا نعم ولكن بسبب انتفاء التهمة يصير ما أقربه كأنه أنشأه
ولو أسند الاستيلاد في صحته اعتبرت من جميع المال ولو أنشأ التدبير كان معتبرا من الثلث
وهذا لان التدبير مضاف إلى ما بعد الموت بخلاف الاستيلاد وإن كان قال في مرضه ولم يكن
معها ولد فإنها تسعى في ثلثي قيمتها لأنه صار متهما في اقراره فإنه لو أعتقها في هذه الحالة كانت
من ثلثه فلعله أخرج الكلام مخرج الاقرار لابطال حق الورثة عنها فلهذا لا تصدق فيما زاد
على الثلث وتسعى في ثلثي قيمتها وإن كان معها ولد قد اشتراهما فإن كان اشتراهما في صحته
عتقا من جميع المال لأنه يسند اقراره لهما إلى وقت الشراء وقد كان ذلك منه بالصحة وإن كان
اشتراهما في مرضه فان الولد يسعى في ثلثي قيمته لان دعوته دعوة التخديم فيكون
بمنزلة الاعتاق وإنما عتق عليه من حين ملكه وذلك في مرضه فيسعى في ثلثي قيمته فيرث
ذلك أقرب الناس من الميت بعد هذا الولد عند أبي حنيفة رحمه الله لان المستسعى عنده
175

مكاتب فلا يرث شيئا وعندهما المستسعى حر فيرثه مع سائر الورثة وإذا كان وارثا عندهما
لم يكن وصية وكان عليه السعاية في جميع القيمة وهي لا تسعى في شئ لان ثبوت نسب الولد
شاهد لها في حق أمية الولد فينزل ذلك منزلة إقامة البينة فلهذا لا يلزمها السعاية في شئ ولو
قال في صحته هذه أم ولدى أو مدبرتي ثم مات ولا مال له غيرها فإنها تعتق وتسعى في ثلث
قيمتها لأنه خير نفسه بين الجانبين التدبير وأمية الولد وحكمهما مختلف فكان البيان إليه ما دام
حيا وبموته فات البيان وليس أحدهما بأولى من الاخر فيثبت حكم كل واحد من الكلامين في
نصفه فيعتق نصفها من جميع المال باقراره بالاستيلاد في صحته والنصف الآخر منها إنما يعتق
بالتدبير فيكون من الثلث وماله نصف رقبتها فيعتق ثلث ذلك النصف وتسعى في ثلثيه وذلك
ثلث قيمتها في الحاصل ولو قال هذه أم ولدى أو حرة أو مدبرة فهذا والأول سواء تعتق
وتسعى في ثلث قيمتها لان العتق في المرض معتبر من الثلث كالتدبير فكان قوله أو حرة أو
مدبرة ككلام واحد لان حكمهما واحد وإنما اعتبار الكلام بحكمه لا بصورته فلهذا كان هذا
الفصل والأول في التخريج سواء ولو أن رجلا له جارية ولها ابنة ولا بنتها ابنة وله عبد وجميع
هؤلاء يولد مثلهم لمثله فقال في صحته أحد هؤلاء ولدى ثم مات ولم يثبت نسب أحدهم لان
المقر له بالنسب منهم مجهول والنسب في المجهول في حكم العين كالمعتق بخطر البيان والنسب
لا يحتمل التعليق بالشرط فلا يصح ايجابه في المجهول وإذا لم يثبت النسب به كما لو قال لمعروف
النسب هذا ابني ثم يعتق من الغلام ربعه ويسعى في ثلاثة أرباع قيمته لأنه يعتق في الحال
وهو أن يكون هو المقصود ويرث في ثلاثة أحوال وتسعى الجارية في ثلثي قيمتها لأنها تعتق
في حالين لأنها ان كانت هي المقصودة فهي حرة وإن كان المقصود ولدها فهي حرة بالاستيلاد
أيضا ولكن أحوال الإصابة كحالة واحدة في أصح الروايات يعتق ثلثها وتسعى في ثلثي قيمتها
ويسعى كل واحد من الاثنين في نصف قيمتها لان العليا منهما تعتق في ثلاثة أحوال بأن
تكون هي المقصودة وابنتها أو أمها وأحوال الإصابة حالة واحدة فكأنها تعتق في حال دون
حال وكذلك الصغرى ان كانت هي المقصودة أو أمها أوجدتها فهي حرة وإن كان المقصود
هو الغلام فهي أمة فيعتق نصفها وإن كان هذا منه في مرضه اقتسموا الثلث على ذلك
يضرب فيه الغلام بربع قيمته والجارية بثلث ذلك وواحد من الولدين بالنصف فيحتاج إلى
حساب له ثلث وربع ونصف وذلك اثنا عشر ونصف ثم الطريق في التخريج معلوم * ولو قال
176

في صحته لامة له حامل أنت حرة أو ما في بطنك ثم مات قبل أن يبين فالابنة حرة لا سبيل
عليها لأنا قلنا بحريتها فان الأم ان كانت هي المقصودة فهي حرة ويعتق من الأم نصفها لأنها
تعتق في حال دون حال فتسعى في نصف قيمتها وإن كان قال ذلك في مرضه وقيمة كل واحد
منهما ثلاثمائة درهم ولا مال له غيرهما سعت الأم في ثلاثة أرباع قيمتها والابنة في ربع قيمتها
لان النصيب من الابنة يعتق بطريق التبعية وفي حال لائمة لا يعتبر الخروج من الثلث في
هذا الوصف لأنا لو اعتبرنا ذلك جعلناه مقصودا وفيما هو تبع فيه لا يكون مقصودا ولان
بطريق التبعية إنما يعتق حال كونه تخلق في البطن وهو ليس بمال متقوم عند ذلك فإذا ثبت
أنه لا يجعل هذا النصف مالا للمولى يبقى مال المولى فيه ونصف الثلث من ذلك وذلك نصف
رقبة بينهما نصفان لان كل واحد منهما يضرب في الثلث بنصف رقبته من الولد النصف بطريق
التبعية والربع من الثلث فلهذا كان عليه السعاية في ربع قيمته ولو أعتق من الأم ربعها فتسعى
في ثلاثة أرباع قيمتها فان ماتت الأم قبل موت السيد ثم مات السيد سعت الابنة في ثلثي
قيمتها لان الأم حين ماتت قبل موت السيد وقد خرجت من أن تكون مستحقة لشئ من
هذه الحرية وإنما كان يستحق الولد بطريق التبعية سعيا بناء على استحقاقها فإذا بطل ذلك في
حقها بقي الولد كله مالا للمولى وقد أعتقه في مرضه ولا مال له سواه فيعتق ثلثه ويسعى في ثلثي
قيمته ولو قال المولى قبل الموت قد أوقعت العتق على الابنة سعت الابنة في ثلث قيمتها وتكون
بالأمانة لان بتعين المولى خرجت الأم من أن تكون مستحقة لشئ من الحرية فلا يكون شئ
من الولد تبعا لها أيضا وكان مال المولى رقبتها وقد عتقت الابنة في مرضة فينفذ العتق من ثلثه
وثلث ماله ثلثان فيه للابنة وإن لم يوقع ولكن الابنة ماتت قبل السيد سعت الأم في ثلثي قيمتها
لان الابنة بموتها خرجت من أن تكون محلا أو مزاحما للأم فيتعين العتق في الأم ولا مال
له سواهما جعلتها السعاية في ثلثي قيمتها فان قال المولى في مرضه وهما حيان قد أوقعت العتق على
الأم عتقت الابنة كلها بغير سعاية لان ببيانه تعين العتق فيها من حين أوقع والابنة كانت في
بطنها عند ذلك فتعتق كلها بطريق التبعية وعلى الأم أن تسعى في ثلثي قيمتها لأنه لا مال للمولى
سوى رقبة الأم ولو لم يوقع العتق على واحد منهما حتى مات ثم ماتت الأم سعت الابنة في قول
أبي حنيفة رحمه الله في جميع ما كان على الأم من السعاية لان المستسعى عندهما حر عليه دين من
السعاية وهي ثلاثة أرباع قيمتها لان نصف الولد الذي هو تبع الأم لا يعتق الا بعتق الأم والأم
177

لا تعتق الا بأداء السعاية وهي قبل الأداء بمنزلة المكاتبة وولد المكاتبة بعد موت الأم يسعى فيما
عليه لأنه لا ينال العتق الا بذلك وعليه أن يسعى في ربع قيمته أيضا مع ثلاثة أرباع قيمة أمه لان
النصف الذي هو مقصود منه لا يعتق الا بأداء السعاية وفي قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله
لا يسعى الولد في شئ مما كان على الأم لان المستسعى عندهما حر عليه دين وليس على ولد الحرة
السعاية في دين الأم بعد موتها ولكنها تسعى في خمسي قيمتها لان نصفها عتق بغير وصية
والوصية في النصف الباقي وقد ماتت الأم مستوفية لوصيتها وهي نصف الثلث ويؤدى
ما عليها من السعاية فإنما مال الميت نصف الولد يضرب فيه الولد بسهم والورثة بأربعة فيكون
عليه السعاية في أربعة أخماس نصف قيمته وذلك خمسا جميع قيمته ولو لم تجب الأم ومات الولد
سعت الأم في أربعة أخماس قيمتها لان الولد مستوف لوصيته وقد توى ما عليه من السعاية فإنما
تضرب الأم في رقبتها بنصف الثلث وذلك سهم والورثة بأربعة ولو أن رجلا قال لامة لا
مال له غيرها وفي صحته أنت حرة الساعة أو إذا مت سعت في ثلثي قيمتها لأنه أدخل حرف أو
بين كلامين مختلفين الحرية والتدبير وقد فات البيان لموته فإنما يثبت من كل واحد منهما نصفه
فقد عتق نصفها بالحرية الثابتة في صحته فلا يكون ذلك معتبرا من الثلث والنصف الباقي يعتق
بالتدبير من الثلث فإنما يسلم لها ثلث ذلك النصف وعليها السعاية في ثلثي قيمتها ولو قال أنت
حرة الساعة أو إذا مرضت فإنها تعتق إذا مرض ولا يعتق منها في الصحة شئ فإذا مات من
مرضه سعت في ثلثي قيمتها لأصل قد بيناه في الزيادات أنه من ذكر وقتين وأضاف الحرية
إلى أحدهما بحرف أو فإنما يقع في آخر الوقتين ومتى عتق بأحد فعلين فإنما يقع عند وجود
أولهما فإذا جمع بين وقت وفعل لا يقع الطلاق والعتاق ما لم يوجد الفعل لأنه ان وجد الفعل
أولا جعل في حق الموجود كأن الاخر مثله وان وجد الوقت أولا يجعل في حق الموجود كأن
الاخر مثله فهنا اما أن يقول هو منصف العتق إلى أخر الوقتين فان زمان المرض وقت كزمان
الصحة فلا يقع الا في زمان المرض أو جمع بين وقت وفعل بقوله وإذا مرضت فإنما يقع عند
وجود المرض وعتق المرض يكون معتبرا من الثلث بخلاف قوله إذا مت فان ذلك تدبير
لا تعليق بمنزلة قوله في الصحة أنت حرة أو مدبرة والتدبير واقع في الحال بعتق البيان ولهذا
يمنع به البيع قال رضي الله عنه طعن أبو حازم في هذه المسألة وقال في المسألة الأولى أيضا
ينبغي أن لا يعتق منها في الصحة لان قوله وإذا مت تعليق بالشرط في الظاهر والحقيقة جميعا ولا
178

يترك شئ من العتق الا بعد الموت بخلاف قوله أنت حرة أو مدبرة فان ذلك ليس بتعليق
واللفظ معتبر في التعليق (ألا ترى) أنه لو قال أنت مدبرة أن دخلت الدار كأن ذلك باطلا
وما كان الا باعتبار لفظة التعليق في أحد الفصلين دون الاخر ولو قال أن شئت فأنت طالق
غدا تعتبر المشيئة في الحال وما كان الا باعتبار لفظة فكذلك هاهنا ولكنا نقول ما ذكره محمد
رحمه الله أصح لان قوله و إذا مت وإن كان تعليقا في الصورة فقد غلب عليه معنى التدبير
(ألا ترى) أنه يمنع له البيع في الحال وبعد ما غلب على صورة اللفظ معنى يسقط اعتبار تلك
الصورة كما لو قال لامرأته أنت طالق إن شئت فإنه يكون هذا تفويضا حتى يقتصر على
المجلس ولا يكون يمينا وان وجدت صورة الشرط لأنه غلب عليه معنى آخر فهذا كذلك بخلاف
قوله ان مت فأنت حرة ان دخلت الدار لان هناك علق بالموت عتقا معلقا بالدخول وذلك
باطل حتى لو قال ههنا أنت حرة الساعة وإذا مت في سفري هذا فإنه لا يعتق شئ من هذا الا
بعد موته لأنه لم يغلب على صورة الشرط معنى التدبير فإنه لا يمنع البيع بذلك الكلام
فيبقى التعليق معتبرا وكذلك لو قال أنت حرة الساعة وأو إذا مت من مرضى هذا فإذا مات
من هذا المرض عتقت من ثلثه بتا ولو قال لعبدين له في صحته أنتما حران أو أحدكما مدبر
وقيمتها سواء ثم مات ولا مال له غيرهما فإنه يعتق من كل واحد منهما نصفه بغير وصية ويكون
لكل واحد منهما سدس قيمته من وصيته ويسعى في ثلث قيمته لأنه خير نفسه بين حرية
وتدبير فكان الخيار إليه وقد انقطع خياره بموته فيثبت نصف كل واحد منهما وذلك حرية رقبة
واحدة وتدبير نصف رقبة وليس أحدهما بأولى من الاخر فتشيع الحرية فيهما ويعتق كل
واحد منهما نصفه وكذلك تدبير نصف رقبه يشيع فيهما إلا أن العتق بالتدبير يكون من
الثلث وماله رقبة واحدة فيسلم لهما بالتدبير ثلث رقبة لكل واحد منهما السدس ويسعى كل
الا واحد منهما في ثلث قيمته وكذلك لو قال أنتما حران أو مدبران لأنه لا يسلم لهما بالتدبير
ثلث رقبة بل ما أوجب لهما من التدبير أو أكثر ولو قال في صحته أنتما حران أو أحدكما حر
ثم مات ولا مال له غيرهما سعى كل واحد منهما في نصف قيمته لأنه خير نفسه بين تدبير
رقبتين وحرية رقبة فإنما يثبت بعد موته نصف كل واحد منهما فيعتق نصف رقبته بالعتق
الثابت بينهما لكل واحد منهما الربع ويكون مال الميت رقبة ونصفا فإنما يعتق بالتدبير نصف
رقية بينهما نصفان ففي الحاصل يعتق من كل واحد منهما نصفه ويسعى في نصف قيمته
179

وكذلك لو قال أحد كما حر أو مدبر فان الثابت بعد موته حرية نصف رقبة وتدبير نصف
رقبة ويتبع كل واحد منهما فيهما فيعتق من كل واحد منهما نصفه ويسعى في نصف قيمته ولو
قال لعبد ومدبر في صحته وقيمتها سواء ولا مال له غيرهما أحدكما حر ثم مات سعى العبد
في نصف قيمته والمدبر في سدس قيمته ولأنه أوجب عتق رقبة لأحدهما فبموته وتشييع
فيهما فيعتق من كل واحد منهما نصفه ثم ما بقي من المدبر يعتق من ثلث ماله وماله رقبة
واحدة فإنما يسلم له بالتدبير ثلث رقبة ويلزمه السعاية في سدس قيمته وإنما يعتق من العبد
نصف رقبته ويسعى في نصف قيمته فان مات العبد بعد موت السيد قبل أن يؤدى شيئا سعى
المدبر في ثلث قيمته لان نصف العبد قد توى بموته وخرج من أن يكون محسوبا من مال
المولى فإنما ماله نصف رقبة المدبر فيعتق بالسدس ثلث ذلك النصف مع النصف الذي عتق
منه بالعتق الثابت فيلزمه السعاية في ثلث قيمته ولو مات المدبر وبقي العبد سعى في نصف
قيمته على حاله لأنه لاحظ للعبد من الوصية فموته في حقه وبقاؤه سواء لو كان هذا القول
في المرض من المولى ولم يمت واحد منهما ومات السيد كان للعبد ثلث الثلث وللمدبر ثلثا
الثلث لان العتق في المرض وصية فالعبد يوصى له بنصف رقبته والعبد يوصى له بجميع رقبته
ولا تزاد وصيته بالعتق في المرض فكان الثلث بينهما أثلاثا فان قيل لما لم يكن للمدبر في العتق
في المرض نصيب ينبغي أن يسلم ذلك كله للقن فيكون هو موصى له بجميع رقبته قلنا إنه
لا تظهر فائدة اعتبار العتق في حق المدبر بعد موته فاما في حال حياته فهو مفيد فلا بد من
اعتبار مزاحمته مع القن في العتق الثابت فلهذا جعلنا العتق موصى له بنصف رقبته فان مات
المدبر بعد موت السيد قبل أن يؤدى شيئا سعى العبد في ستة أسباع قيمته لان المدبر مات
مستوفيا لوصيته ويؤدى ما عليه من السعاية فإنما بقي من مال المولى رقبة العبد يضرب فيه
العبد بحقه وهو سهم والورثة بستة مقدار حقهم ولو كان العبد مات سعى المدبر في ثلاثة أرباع
قيمته لان العبد مات مستوفيا لوصيته وإنما مال الميت رقبة المدبر خاصة فيضرب فيه المدبر بحقه
سهمين والورثة بستة فيسلم له الربع ويسعى في ثلاثة أرباع قيمته ولو قال لعبد ومدبر في
صحته أو مرضه أحد كما حر أو مدبر ثم مات عتق بالتدبير والاخر رقيق لأنه خير نفسه بين
كلامين فهو صادق في أحدهما فإن كان أحدهما مدبرا فيكون كلامه اخبارا لا ايجابا كما لو
قال أحدهما حر أو عبد وجمع بين حر وعبد وقال هذا الكلام ان صيغة كلامه اخبار
180

في الوجوه كلها وإنما جعلناه ايجابا وبالضرورة يصحح الخبر به سابقا فلا حاجة بنا
إلى أن نجعل كلامه ايجابا بل يكون اخبار عن مال المدبر كما هو صيغة كلامه ولو قال لمدبرين
له وعبد في صحته أحدكم حر وقيمة كل واحد ثلاثمائة ثم مات ولا مال له غيرهم سعى العبد
في ثلثي قيمته وكل واحد من المدبرين يعتق من ثلث ماله وماله رقبتان فلهم الثلث من ذلك
وهو ثلثان فيه يعتق من كل واحد منهما ثلاثة العتق الثابت في ثلثه بالتدبير ويسعى في ثلثي
قيمته فان مات أحد المدبرين قبل أن يؤدى شيئا سعى العبد في ثلثي قيمته على حاله والمدبر
في خمسي قيمته لان المدبر وإن كان مستوفيا لوصيته توى ما عليه من السعاية ولاحظ
للعبد في الوصية فهو يسعى في ثلثي قيمته على حال ومال الميت ثلثا رقبة كل واحد من ساقين
فيضرب المدبر الباقي في ذلك بسهم والورثة بأربعة فيكون بينهم على خمسة وإنما يسلم للمدبر
خمس الباقي وقيمة الباقي أربعمائة فخمسة ثمانون فقد سلم للمدبر بالعتق الثابت الثلث وذلك مائة
وبالتدبير ثمانون وإنما بقي عليه السعاية في مائة وعشرين ومائة وعشرين من ثلاثمائة خمساه *
ولو مات العبد أيضا سعى العبد في أربعة أخماس ثلثي قيمته لأنه لم يبق من مال الميت الا ثلثا
رقبته فهو يضرب في ذلك بسهم والورثة بأربعة فلهذا سعى في أربعة أخماس ثلثي قيمته * ولو قال
المولى ذلك في مرضه ثم مات كان الثلث بينهم أسباعا لان القن أصابه من هذا الايجاب
ثلث رقبة فهو موصى له بثلث رقبة ولا يزاد حقهما بالايجاب الذي كان في المرض فإذا جعلنا
كل ثلث رقبة سهما يكون لكل واحد منهما ثلثه وللقن سهم وإذا صار الثلث على سبعة فالثلثان
أربعة عشر والمال كله أحد وعشرون كل رقبه سبعة ويسلم للقن سهم وهو السبع من رقبته
ويسعى في ستة أسباع قيمته فإذا مات العبد قبل أن يؤدى شيئا
سعى كل واحد من المدبرين في سبعة أعشار قيمته لان العبد مات متسوفيا لوصيته وتوى
ما عليه من السعاية فان مال الميت رقبة المدبرين وهما يضربان في ذلك بستة و الورثة بأربعة عشر
فيكون ذلك عشرين كل رقبة عشرة يسلم لكل واحد منهما ثلاثة ويسعى في سبعة * ولو كان
الميت أحد المدبرين يسعى المدبر الباقي في ثلثي قيمته والقن في ثمانية أتساع قيمته لان الباقي
من مال الميت رقبتها يضرب فيه القن بسهم والمدبر بثلاثة والورثة بأربعة عشر فيكون ثمانية
عشر لكل رقبة تسعة يسلم للمدبر وذلك ثلث رقبته والقن سهم وذلك تسع رقبته ويسعى
في ثمانية أتساع قيمته وان مات العبد أيضا سعى المدبر الباقي في أربعة عشر جزأ من سبعة
181

عشر جزأ من رقبته لان الباقي من الحاصل من مال الميت رقبته خاصة فيضرب الورثة بحقهم
وذلك أربعة عشر والمدبر بحقه ثلاثة فتكون رقبته على سبعة عشر وقد مات كل من الآخرين
مستوفيا لوصيته إذا ضممت ذلك القدر إلى ما يسلم للباقي استقام الثلث والثلثان وإذا كان
للرجل خمسة أعبد قيمة كل واحد منهم أربعمائة فقال في مرضه أحدكم حر فمات أحدهم
قبل موت السيد ثم مات السيد وقع العتق على الأربعة الباقين لان الذي مات خرج من
أن يكون مزاحما للباقين في الحرية المتهمة بين الأربعة الباقين بعد موت المولى لكل واحد
منهم ربعه ويسعى كل واحد منهم في ثلاثة أرباع قيمته فان مات أحدهم قبل أن يؤدى شيئا
لم ينتقص من حق الباقين شئ لان الذي مات مستوف لوصيته وتوى ما عليه من السعاية الا
انه قد بقي ثلاثة فان بوصية كل واحد منهم إذا جمعتها كان دون الثلث من مال الميت فلهذا
لا ينتقض حقهم بما توى من السعاية على الميت وان مات أحد الباقين أيضا يسعى الباقيان كل
واحد منهما في أربعة أخماس قيمته لان الميتين قد استوفيا وصيتهما وتوى ما عليهما من السعاية
وإنما مال الميت رقبة الباقين وهما يضربان بحقهما كل واحد منهما بسهم والورثة بحقهم وذلك ثمانية
فان الثلث بينهم على أربعة فتكون السهام عشرة كل رقبة خمسة فلهذا يسعى كل واحد منهما
في أربعة أخماس قيمته وإذا قال الرجل في مرضه لامة إن كان أول ولد تلدينه غلاما فهو
حر وإن كان أول ولد تلدينه جارية فأنت حرة فولدت غلاما وجارية لا تدري أيهما أول ثم
مات من مرض ولا مال له غيرهم وقيمة كل واحد منهم ثلاثمائة فالابنة رقيق ويعتق الغلام
نصفه من ثلث ونصفه بعتق الأم لأنا تيقنا برق الابنة كمال الشرط ثم الغلام يعتق على كل
حال لأنها ان ولدت الغلام أولا فالغلام حر وان ولدت الجارة أولا فالغلام حر أيضا تبعا للأم
فلهذا يعتق كله والجارية تعتق في حال دون حال لأنها ان ولدت الغلام أولا فهي أمة وان
ولدت الجارية أولا فهي حرة فيعتق نصفها طعن عيسى في هذا الجواب وقال ينبغي أن لا يعتق
شئ من الأم لأنه وقع الشك في شرط عتقها فان شرط عتقها ولادة الجارية أولا وهذا
مشكوك فيه وما لم يقع الشرط لا يترك شئ من الجزء (ألا ترى) أنه لو قال إن لم أدخل
الدار اليوم فعبده حر فمضى اليوم ومات المولى ولا يدرى أدخل أو لم يدخل لم يعتق العبد
للشك فيما هو شرط وإن كان الظاهر أنه لم يدخل ولكنا نقول ما ذكره في الكتاب صحيح فان
شرط عتقها ولادة الجارية وقد وجد ذلك ولكن كون ولادة الغلام سابقا مانع وهذا المانع
182

مشكوك فيه فإنما هذا اعتبار الأحوال في المانع لا في الشرط فان ولادة الجارية صارت وما
لم يكن موجودا أو أعلم وجوده كان أولا ما لم يعلم تقدم غيره عليه فإذا كانت هذه المقالة في
مرضه يسعى الغلام في نصف سدس قيمته وتسعى الأم في ثلاثة أسداس ونصف سدس قيمتها
لان نصف رقبة الغلام لا يعد مالا للمولى فان العتق فيه تبع الأم فإنما مال الميت رقبتان
ونصف ثم الغلام بنصف رقبة وكذلك الأم تضرب بنصف رقبتها فان وصية كل واحد منهما
هذا المقدار فكان الثلث بينهما على سهمين والثلثان أربعة فتكون جملته ستة والمال رقبتان
ونصف فقد انكسر بالانصاف فأضعفه فيكون خمسة ثم ستة على خمسة لا يستقيم فتضرب
ستة في خمسة فتكون ثلاثين فصارت كل رقبة على اثني عشر ونصف الرقبة ستة فاما العبد
فقد عتق منه نصفه تبعا للأم ويسلم له في النصف الباقي خمسة لأنه كان حقه في سهم وقد ضربناه
في خمسة فإنما يبقى عليه السعاية في سهم بالاثني عشر وذلك نصف سدس قيمته والأم صارت
رقبتها على اثني عشر سهم لها من ذلك خمسة وذلك سدسان ونصف سدس فعليها السعاية في
ثلاثة أسداس ونصف سدس فان مات الغلام قبل أن يؤدى شيئا سعت الأم في ثلاثة أخماس
قيمتها لان الغلام مات مستوفيا لوصيته وتوى ما عليه من السعاية فإنما مال الميت رقبة الأم
والابنة يضرب الورثة في ذلك بأربعة والأم بسهم فيكون أخماسا ولكن إذا قسمت خمسة على
رقبتين كان كل رقبة سهمين ونصفا فأضعف فيكون كل رقبة على خمسة فإنما يسلم للأم من
رقبتين سهمان من خمسة وتسعى في ثلاثة أخماس قيمتها ولو ماتت الأم وبقي الغلام وسعى الغلام
في قول أبي حنيفة رحمه الله في جميع ما كان على أمه وعليه بمنزلة العبد ما لم يؤد جميع ذلك
لان المستسعى عنده بمنزلة المكاتب فالنصف الذي هو تبع الأم من الغلام لا يعتق الا بعتق
الأم فهو محتاج إلى أداء سعاية الأم ليستند العتق في ذلك النصف فلهذا في جميع ما على أمه
كولد المكاتب بعد موت الأم وعلى قولهما ليس عليه أن يسعى فيما على أمه لان المستسعى عندهما
حر عليه دين وليس على ولد الحرة سعاية في دين أمه ولكن عليه أن يسعى في خمسي نصف
قيمة نفسه لان الأم ماتت مستوفيه لوصيتها ويعاد ما عليها من السعاية وإنما مال الميت نصف
رقبة الغلام مع رقبة الابنة يضرب الورثة في ذلك بأربعة والغلام بسهم فيكون خمسة وقسمه
رقبة ونصف على خمسة لا تستقيم فالسبيل أن يضعف رقبة ونصفا فيكون ثلاثة ثم تضرب
ذلك في خمسة فتكون خمسة عشر للابنة من ذلك عشرة ونصف رقبة الغلام خمسة يسلم له
183

من ذلك ثلاثة لأنه كان حقه في سهم ضربناه في ثلاثة فإنما يجب على السعاية في خمسي نصف
رقبته وإذا كان لرجل ثلاثة أعبد قيمة كل واحد منهم في ثلاثمائة فقال في مرضه أحدكم حر
على مائة درهم وقبلوا ذلك جميعا ثم مات السيد قبل البيان ولا مال له غيرهم فإنه يعتق ثلث
كل واحد منهم بثلث المائة لان العتق بعوض يصح ايجابه في المجهول كالعتق بغير عوض
فان الايجاب في المجهول كالمعلق بالشرط والعتق بعوض يحتمل التعليق بالشرط كالعتق بغير
عوض ولما قبلوا جميعا فقد وجد القبول ممن يتناوله الايجاب فيعتق أحدهم وكان للمولى
الخيار في البيان وقد انقطع خياره بموته فيشيع العتق فيهم جميعا ويكون على كل واحد منهم
ثلث المائة بحصة ما يسلم له من العتق لان المال هاهنا تبع العتق وثبوت التبع يثبت المتبوع ثم
إنما حصلت الوصية لهم بقدر المائتين وذلك دون الثلث فيسلم لكل واحد منهما مقدار ثلث
المائتين ويسعى كل واحد منهما في ثلثي قيمته فهو دية مع ثلث المائة هي عوض ولو لم يكن
الا عبدان قيمة أحدهما مائة درهم وقيمة الاخر ثلاثمائة فقال في مرضه أحدكما حر على مائة
درهم فقبلا ثم مات السيد فإنه يعتق من كل واحد منهما نصف بنصف المائة لما بينا والغلام
الذي قيمته مائة يسعى في نصف قيمته ولا وصية له إلا أنه يسلم له نصف رقبته بخمسين درهما
وذلك مثل قيمة نصفه فعرفنا أنه لا وصية له ويسعى الاخر في نصف قيمته أيضا مع الخمسين
فله من قيمته مائة درهم وصية لأنه سلم له نصف رقبته بخمسين وقيمة نصف رقبته مائة
وخمسون فعرفنا أنه لو أوصى له بمائة وهذا لأنه إن كان هو المراد بالايجاب ففي هذا الايجاب
وصية له بمائة درهم وإن كان المراد صاحبه فلا وصية في هذا الايجاب لاحد فباعتبار الأحوال
ثبتت الوصية بقدر المائة ويكون ذلك كله للأرفع فإنه لا وصية للأوكس ولو كان له ثلاثة
أعبد قيمة كل واحد منهم ثلاثمائة فقال في صحته أحدكم حر على مائة درهم والآخران حران
بغير شئ فقبلوا ذلك فهم أحرار لأنه أوجب الحرية لأحدهم بعوض في قبولهم فقبلوا قبول
من يتناوله الايجاب ونزول العتق بعوض باعتبار القبول وقد وجد وأعتق الآخرين بغير شئ
فقد تيقنا بحريتهم ولا خيار للمولى في الايقاع لان ايقاع العتق المتهم بالبيان إنما يصح ممن
يملك الايجاب وبعد ما عتقوا لا يملك المولى ايجاب الدين فيهم ابتداء فلا خيار له في الايقاع
ولا شئ عليهم لان الذي يرث المال منهم مجهول والقضاء بالمال على المجهول غير ممكن
(ألا ترى) أن ثلاثة نفر لو قالوا لرجل لك على أحدنا ألف درهم لم يجب على أحدهم شئ
184

وهذا بخلاف ما سبق فان هناك للمولى حق البيان في العتق فيكون المال عليهم وههنا ليس
للمولى في العتق حق البيان فيبقي مقصودا بالوجوب ولا يمكن ايجابه على المجهول مقصودا
ولو قال أحدكم حر على مائة درهم والاخر على مائتي درهم والثالث على ثلاثمائة فقبلوا جميعا
فهم أحرار لان كل واحد منهم حر قيل مطلقا فقد قبل ما يتناوله من الايجاب فيعتقون جميعا
وعلى كل واحد منهم مائة درهم لأنه لا يجب من المال على كل واحد منهم الا المتيقن به
والمتعين في حق كل واحد منهم مقدار المائة فقط وهو بمنزلة ثلاثة نفر أقروا أن الرجل على
أحدهم مائة وعلى الاخر مائتين وعلى الثالث ثلاثمائة فليس له أن يأخذ من كل واحد منهم
الا مائة فلو قال لعبدين له في مرضه قيمة كل واحد منهما ثلاثمائة أحدكما حر بمائة
درهم والاخر بمائتي درهم فقبلا ذلك ثم مات السيد سعى كل واحد منهما في ثلثي قيمته
لأنه أوصى لهما بنصف قيمته ولا يمكن تنفيذ وصيته الا في مقدار الثلث فيسلم لكل واحد
منهما ثلث قيمته بالوصية ويسعى في ثلثي قيمته ولو أن رجلا قال لعبده ان أديت إلى ألفا
فأنت حر وان أديت إلى ألفين فأنت حر فلكل واحد من الكلامين صحيح لان تعليق العتق
بالشرط صحيح من المولى ما لم يترك العتق مرة كان أو مرات كما لو قال لعبده ان دخلت
الدار فأنت حر أو ان كلمت فلانا فأنت حر فأي الشرطين وجد عتق العبد فهاهنا ان أدى
الألفين عتق بالكلام الثاني لوجود الشرط فان وجد المولى احدى الألفين ستوقية عتق
العبد بالألف الخيار خاصة وليس له على العبد بدل الستوقة لان الستوقة ليس من جنس
الدراهم فتبين أن العبد إنما أدى إلى المولى ألف درهم وأنه إنما أعتق بالكلام الأول لوجود
الشرط وهو أداء الألف ستوقة للمولى ان كانت من كسب العبد ولا دين عليه وان كانت
الستوقة دينا على العبد ردها على الغرماء لأنهم أحق بكسبه من مولاه وكذلك لو وجد في
الألفين درهما ستوقا أو وجدها تنقص من وزن ألفي درهم شيئا لأنه تبين أن بأدائه تم الشرط
الأول ولم يتم الشرط الثاني فإنما يعتق بالكلام الأول وان وجد الألف زيوفا أو نبهرجة
واستحقت فعلى العبد بدلها لأنه إنما عتق بالكلام الثاني هاهنا فان الزيف من جنس الدراهم
والمستحق كذلك فيكون العبد مؤديا الألفين ثم المال المقبوض باعتبار هذا الشرط في حكم
العرض فإذا وجده زيوفا استبدله به فإذا استحقت رجع بمثله بمنزلة بدل الكتابة فان قيل
القبض في المستحق ينتقص من الأصل بالاستحقاق وكذلك في الزيوف بالرد ولهذا بطل
185

الصرف والسلم عند أبي حنيفة رحمه الله إذا وجد الكسر زيوفا فرده فكان ينبغي أن يعتق
بالكلام الأول لان قبض المولى إنما تم في الألف درهم قلنا نعم بالرد ينتقص القبض ولكن
لا يتبين أن القبض لم يكن قائما فينتقص بانتقاص القبض ما يحتمل النقص ودن مالا يحتمله
والعتق الواقع لا يحتمله النقص فبالرد والاستحقاق لا يتبين من نزول العتق ما لم لكن باعتبار
أداء الألفين وكذلك لو كان هذا في المرض ثم مات السيد فوجد الورثة الامر على ما وصفت
لك الا ان السيدان كان حابى الغلام من قيمته شيئا وكان هذا الغلام أقل من قيمته كان الفضل
له من الثلث وقد بينا أصل هذه المسألة في كتاب العتاق أن القدر المؤدى من المال في حكم
العوض استحسانا ولهذا يجبر المولى على القبول إذا حابى العبد فلا يعتبر معنى الوصية في قدر
المؤدى لوجود العوض وفيما زاد على ذلك تعتبر الوصية فيكون ذلك من ثلث ماله وكذلك ولو
قال لعبده ان أديت إلى ألفا فأنت حر وان أديت إلى مائة دينار فأنت حر فأداهما جميعا فإنه
يعتق بهما لوجود الشرطين جميعا والعتق يصير مضافا إلى العلة ثبوتا فكان يستقيم إضافة الحكم
إلى علتين إلى كل واحد منهما بكماله فكذلك يصح اضافته إلى شرطين فان وجد الألف
ستوقه أو نبهرجه أو ناقصة أو استحقت فعلى ما وصفنا في الألفين يعنى أن في الستوق يكون
العتق واقعا بأداء المائة الدينار خاصة وفي الزيوف والمستحق يكون العتق واقعا بأدائهما
فيستبدل بالزيوف المستحق والله أعلم بالصواب
(باب اقرار الوارث لوارث معه فيصدقه صاحبه أو يكذبه)
(قال) الشيخ الامام الاجل شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله
* وإذا مات الرجل وترك ابنا لا وارث له غيره وترك مالا فأقر الابن لرجل أنه أخوه لأبيه؟
فإنه لا يصدق على النسب حتى لا يثبت نسبة من الميت لا في رواية عن أبي يوسف قال
إذا كان الابن واحدا يثبت النسب باقراره بابن آخر لأنه قائم مقام أبيه فاقراره كاقرار الأب
والأصل فيه ما روى أن عبد الله بن ربيعة وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما لما تنازعا بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولد وليدة زمعة قال عبد الله ولد أبى ولد على فراش
أبى وقال سعد ابن أخي عهد إلى فيه أخي فقال عليه السلام هو لك يا عبد الله الولد للفراش
وللعاهر الحجر فقد أثبت النسب من زمعة باقرار عبد الله لأنه كان هذا الوارث دون أخيه
186

سودة فقد كانت مسلمة عند موت الأب وزمعة قتل كافرا وعبد كان على دينه يومئذ فكان
هو الوارث خاصة وجه ظاهر الرواية أنه يحمل هذا النسب على غيره باقراره واقراره لا يكون
حجة على الغير وبيانه أن الاخوة لا تثبت بينهما الا بواسطة الأب فما لم يثبت نسبه من أبيه
لا يكون أخا له فعرفنا أنه يحمل نسبه على أبيه وإنما يقوم هو مقام الأب فيما يخلفه فيه من المال
وفي النسب لا يحلفه فلا يكون قائما مقامه في الاقرار ولا حجة في حديث عبد بن زمعة لان
قوله عليه السلام هو لك قضاء بالملك لعبد في ذلك الولد فإنه كان ولد أمة أبيه وقوله الولد
للفراش لتحقيق نفى النسب من عتبة بن أبي قاص فقد كان عاهرا لا فراش له على أنه روى أن
تلك الوليدة كانت أم ولد لزمعة وليست ولد أم الولد بسبب من غير دعوة وفي بعض الروايات
قال عند أبي ولد على فراش أبى أقربه أبى فإنما أقامه مقام أبيه في إظهار اقراره بقوله ثبوت
النسب كان باقرار معه لا باقرار عبد ثم نقول المقر له يشارك المقر في الميراث فيأخذ منه نصف
ما ورث من الأب لان في كلامه اقرارا بشيئين بالنسب وبالشركة في الميراث والنسب إنما
يقربه على غيره فلم يصح والشركة في الميراث إنما يقر بها على نفسه لأنه صار أحق بجميع
الميراث فصح اقراره بذلك ولا يبعد أن يثبت له الشركة في الميراث وإن لم يثبت النسب كما لو
قال لعبده وهو معروف النسب من غيره هذا ابني فإنه يعتق عليه وإن لم يثبت نسبه منه فان
دفع النصف إليه ثم أقر بابن آخر لأبيه وكذبه الأول فيه وكذبه الآخر في الأول فإن كان دفع
النصف إلى الأول بقضاء القاضي أخذ الاخر نصف ما بقي في يده لأنه بالكلام الثاني أقر
أن حقه وحق الثاني في الشركة سواء واقراره حجة في حقه فيدع إليه نصف ما بقي في يده
ولا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الأول لأنه إنما دفع ذلك بقضاء القاضي فلا يصير ضامنا شيئا من
ذلك المدفوع لاحد ويجعل ما أخذه الأول زيادة على حقه كالتاوي فيكون ضرر ذلك عليهما
جميعا وإن كان دفعه إلى الأول بدون قضاء القاضي أخذ الاخر ثلثي ما بقي في يده وهو ثلث
جميع المال لاقرار حق كل واحد منهم في ثلث المال وأنه دفع إلى الأول قدر السدس زيادة
على حقه وإنما دفعه بعد قضاء فيكون ذلك محسوبا من نصيبه فيدفع إلى الاخر مما بقي في يده
كمال حقه وهو ثلث جميع المال أو ما دفع إلى الأول زيادة على حقه كالقائم في يده حكما ويجعل
كأن الباقي في يده ثلثا التركة فيدفع الثاني نصف ذلك هو ثلث جميع التركة والدليل
على صحة الفرق بين الدفع بقضاء وغير قضاء أن الوصي إذا قضى دين بعض الغرماء من التركة
187

بقضاء القاضي لم يكن ضامنا لسائر الغرماء شيئا ولو دفع بغير قضاء القاضي كان ضامنا حصة
سائر الغرماء وكذلك لو كان لوارث هو الذي قضى بعض الغرماء دينهم وعلى هذا في
جناية المدبر إذا دفع المولى القيمة ثم جنى جناية أخرى يفصل الدفع بقضاء وبغير قضاء في
قول أبي حنيفة رحمه الله على ما بينا في الديات وهما يستويان هناك بين الدفع بقضاء وبغير قضاء
والفرق لهم بحرف وهو أنه متى دفع إلى الأول وليس هناك حق واجب بغيره لم يكن ضامنا
سواء دفع بقضاء أو بغير قضاء لأنه فعل بنفسه عين ما يأمر القاضي به لو رفع الامر إليه ومتى
كان حق الثاني ثابتا عند الدفع إلى الأول يفضل بين الدفع بقضاء وبغير قضاء بيانه فيما قال في
كتاب العتق في المرض رجل زوج أمته واستوفى صداقها ثم أعتقها في صحته ثم مات ولم يدخل
الزوج بها فيضرب الوارث في التركة ثم اختارت هي نفسها حتى صار الصداق دينا على المولى
وهو مستغرق للتركة فان تصرف الوارث في التركة لم ينفذ تصرفه لان في الفصل الأول
الدين لم يكن واجبا حين تصرف وفي الفصل الثاني واجبا حين تصرف وقد سبق نظائره
في كتاب الرهن فهاهنا قد تبين باقراره أن حق الثاني كان ثابتا حين دفع إلى الأول ففصل
بين الدفع بقضاء وبغير قضاء وفي مسألة الجناية لم يتبين أن حق الثاني كان ثابتا حين دفع
القيمة إلى الأول فلا يغرم الثاني شيئا سواء دفع بقضاء أو بغير قضاء وإن كان المقر دفع
النصف إلى الأول بقضاء قاض ودفع الربع إلى الثاني بغير قضاء قاض ثم أقر بابن آخر وأنكر
الأولان وأنكرهما الثالث أيضا فان الثالث يأخذ منه ثلثي ما بقي في يده وهو سدس جميع
الميراث لأنه لا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الأول فإنه دفع بقضاء القاضي فيجعل ذلك
كالتاوي يبقى نصف التركة في يده وقد أقر أن حقه وحق الثالث والثاني في هذا لنصف
سواء لكل واحد منهم ثلثه وهو سدس جميع الميراث لأنه لا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الأول
فإنه دفع ذلك بقضاء القاضي في المال وقد دفع إلى الثاني زيادة على حقه بغير قضاء القاضي فيكون
ذلك محسوبا عليه من نصيبه فيدفع إلى الثالث كمال حقه وهو سدس جميع المال ثلثي ما بقي
في يده وثلث المدفوع إلى الثاني لما كان محسوبا عليه جعل كالقائم في يده فكان الباقي في يده
ثلثي النصف فيدفع إلى الثالث نصف ذلك وهو سدس جميع المال ولو كان دفع النصف إلى
الأول بغير قضاء القاضي ودفع الثلث إلى الثاني بقضاء القاضي ثم أقر بالثالث فصدقه فيه الأول
وكذبه الثاني وكذبا جميعا للثاني فان الثالث يأخذ منه نصف ما بقي في يد الابن المعروف
188

فيضمه إلى ما في يد المقر به الأول فيقتسمانه نصفين قال في بعض النسخ وهذا قول أبى يوسف
ومحمد رحمهما الله وأما على قول محمد فيأخذ منه ثلث ما بقي في يده فيضمه إلى ما في يدي الأول
فيقتسمانه نصفين وزعم كل واحد منهما أن تخريجه على قياس قول أبي حنيفة وذكر الخصاف طريقا
آخر لتخريج جنس هذه المسائل وزعم أنه هو الصحيح على أصل أبي حنيفة رحمه الله وأجاب
في هذه المسألة أن الثالث يأخذ منه خمسي ما بقي في يده فيضمه إلى ما في يدي المقر به الأول
فيقتسمانه نصفين وهذه المسألة تنبني على ما بينا في كتاب الاقرار رجل مات وترك ابنين
فأقر أحدهما بابنين آخرين للميت وصدقه الاخر فان المتفق عليه يأخذ من المقر ربع ما في يده
في قول أبى يوسف رحمه الله فيضمه إلى ما في يد المصدق فيقتسمانه نصفين وما بقي في يد المقر بينه
وبين المجحود نصفان وجه البناء عليه أن المقر به الأول هاهنا بمنزلة التصديق لأنه لما أقر له في
وقت لم يكن له بشئ صار كالابن المعروف والثالث بمنزلة المتفق عليه لان المعروف قد أقر به
وصدقه الأول به ثم بيان تخريج أبى يوسف أن المقر قد أقر بان الثالث مساو له في تركة الميت
فإنه دافع أربعة والتركة بينهم أرباعا إلا أنه لا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الثاني لأنه دفعه بقضاء
القاضي ولا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الأول وان دفعه بغير قضاء قاض لان الأول مصدق به
فيسلم له نصيبه في المدفوع الأول من جهته فيبقى ما بقي في يد المقر له وقد أقر أن حقهما فيه
على السواء فيأخذ منه نصف ما بقي في يده لهذا ثم يضمه إلى ما في يد الأول فيقتسمانه نصفين
لأنهما تصادقا أن حقهما في التركة سواء * وجه تخريج محمد رحمه الله أن المقر يقول للثالث انا
قد أقررت بان حقي في سهم وحقك في سهم وحق الباقي في سهم إلا أن السهم الذي فيه
حقك نصفه في يدي ونصفه في يد الأول وذلك يصل إليك من جهته لأنه أقر بك ولا غرم
على شئ مما دفعته إلى الثاني لأني دفعته بقضاء القاضي فبقي ما في يدي وحقك فيه في نصف
سهم وحقي في سهم فيضرب كل واحد منهما بجميع حقه فيكون ما في يده بينهما أثلاثا لهذا
وجه تخريج الخصاف أن المقر يقول للثالث أنا قد أقررت بأنك رابع أربعة ولا غرم لك
على في شئ مما دفعته إلى الأول لان حقك في ذلك النصف يصل إليك من جهته يبقى حقك
في سهم من أربعة من النصف الذي هو في يدك والباقي وهو ثلاثة بيني وبين الثاني نصفين
لكل واحد منها سهم ونصف وما دفعت إليه زيادة على حقه إنما دفعته بقضاء القاضي فلا
يكون مضموما على فانا اضرب فيما في يدي بحقي وهو سهم ونصف وأنت تضرب بحقك
189

وهو سهم فانكسر بالانصاف فتضعفه فيكون للثالث سهمين وللمقر ثلاثة فصار ما في يده على
خمسة فلهذا يأخذ منه خمسي ما في يده فيضمه إلى ما في يد الأول فيقتسمانه نصفين * ولو كان
المقر به الأول وأنكر الثاني والثالث وأقر الثاني بالثالث وأنكرا جميعا الأول فان الثالث يأخذ
مما في يد المعروف سدس جميع المال وهو جميع ما بقي في يده فيضمه إلى ما في يد الثاني فيقتسمانه
نصفين لأنه أقر أن المال بينهم أرباعا وأن حق الأول كان في ربع المال وقد دفع إليه النصف
بغير قضاء القاضي فالربع الذي دفعه إليه زيادة على حقه يكون من نصيبه خاصة أو يجعل ذلك
كالقائم في يده فكان في يده ثلاثة أرباع المال فيلزمه أن يدفع إلى الثاني والثالث كمال حقهما
وهو نصف المال وقد دفع إلى الثاني ثلث المال فيدفع إلى الثالث السدس حتى يجتمع في
يدهما نصف المال فيقتسمانه نصفين لتصادقهما ويصير كل واحد منهما مستوفيا كمال حقه
تزعمه ولو لم يصدق كل واحد منهما بالثالث والمسألة بحالها فإنه يدفع إلى الثالث ما بقي في يده
وهو سدس المال ويغرم له أيضا ثلث سدس جميع المال لأنه أقر أن المال بينهما أرباعا إلا أنه
دفع إلى الثاني ثلث المال بقضاء القاضي فلا يغرم شيئا من ذلك للثالث وقد دفع إلى الأول
النصف بغير قضاء القاضي فيكون ضامنا للثالث ما دفعه إلى الأول زيادة على حقه ويجعل ذلك
كالقائم في يده ثلثا التركة فعليه أن يدفع إلى الثالث ثلث الثلثين وثلث الثلثين سدس وثلث
سدس والباقي في يده السدس فيدفع إليه ذلك ويغرم له ثلث سدس من ماله حتى يصير هو
مستوفيا كمال حقه بزعمه * ولو أن رجلا مات وترك ابنين وألفى درهم فأخذ كل واحد منهما
ألفا ثم أقر أحدهما بأخ من أبيه وأنكره صاحبه فإنه يأخذ من المقر نصف ما في يده لأنه أقر
أن حقهما في التركة سواء واقراره حجة فيما في يده وإن لم يكن حجة فيما في يد أخيه فيدفع
إليه نصف ما في يد أخيه فان أعطاه ذلك ثم أقر بأخ آخر من أبيه وصدقه فيه الأخ والمعروف
وأنكره المقر به الأول فإن كان الابن المعروف دفع نصف ما في يده إلى الأول بقضاء
القاضي أخذ منه المقر به الثاني خمس ما في يده فيضمه إلى ما في يد الابن الاخر المعروف
فيقتسمانه نصفين فإن كان دفع النصف الأول بغير قضاء قاض أخذ منه المقر به الثاني
خمس ما في يده فيضمه إلى ما في يد الابن الاخر المعروف فيقتسمانه نصفين في قول أبى
يوسف وقال محمد رحمه الله إن كان دفع النصف إلى الأول بقضاء القاضي أخذ الباقي منه ثلث
ما في يده وإن كان دفعه بغير قضاء أخذ منه خمس جميع ما كان في يده فيضمه إلى ما في يد
190

الابن المعروف فيقتسمانه نصفين وهذا بناء على مسألة الاقرار التي بيناها * وجه تخريج أبى
يوسف أن المقر لو أقر بهما جميعا وصدقه المعروف في أحدهما لكان المتفق عليه يأخذ منه ربع
ما في يده في قول أبى يوسف رحمه الله لأنه يقول له أنا قد أقررت بان حقك في ربع التركة
ونصف التركة في يد أخي وهو مقر بنصيبك فإنما يبقى حقك فيما في يدي في الربع وهو
سهم من أربعة وما بقي وهو ثلاثة بيني وبين المجحود نصفان فإذا أقررت به أولا ودفعت
إليه نصف ما في يدي فما دفعته زيادة على حقه لا يكون مضموما على لأني دفعته بقضاء القاضي
فيبقى حقك فيما في يدي في سهم وحقي في سهم ونصف فلهذا يعطيه خمس ما في يده وإن كان
دفع النصف إلى الأول بغير قضاء القاضي فما دفعه زيادة على حقه يكون محسوبا عليه ويجعل
القائم في يده فيدفع إلى الثاني جميع حقه إذ لو أقربهما معا وذلك ربع النصف ثمن جميع المال
فيضمه إلى ما في يد الابن المعروف فيقتسمانه نصفين لأنهما تصادقا أن حقهما في التركة سواء *
وجه تخريج محمد رحمه الله أنه لو أقر بهما معا لكان المتفق عليه يأخذ من المقر خمس ما في يده
لأنه يقول حقك في سهم وحقي في سهم وحق الجحود في سهم إلا أن السهم الذي هو حقك
نصفه في يدي ونصفه في يد شريكي وهو مقر لك بذلك وإنما تضرب فيما في يدي بنصف سهم
وأنا بسهم والمجحود بسهم فلهذا يأخذ خمس ما في يده فإذا أقر بالمجحود أولا ودفع إليه نصف
ما في يده بقضاء القاضي لم يكن ذلك مضمونا فإنما يضرب هو فيما بقي في يده بسهم والمتفق
عليه بنصف سهم فلهذا يأخذ ثلث ما في يده وإن كان الدفع بغير قضاء القاضي فما دفعه زيادة
على حقه محسوب عليه فيدفع إلى المتفق عليه جميع ما كان يدفع أن لو أقر بهما معا وذلك خمس
نصف المال فيضمه إلى ما في يد المعروف فيقتسمانه نصفين ولو تصادق المقر بهما فيما بينهما
أخذ الثاني من الابن المعروف الذي أقر به خاصة لأنه يحتاج إلى قسمة ما يأخذ مع الآخرين
أيضا فيما بينهم ثم يأخذ منه ثلث ما في يده لأنه أقر له بثلث التركة نصف في يده ونصف في
يد أخيه وهو يقر له بذلك فلا يأخذ منه الا ما أقر به مما في يده وذلك الثالث بمنزلة ابن
للميت أقر بابنته فإنها تأخذ منه ثلث ما في يده فإذا أخذ كل ضمه إلى ما في يد الأول والمعروف
لذي أقر بهما لأنهم تصادقا أن حقهم في التركة سواء فما يصل إليهم يقسم بينهم أثلاثا باعتبار
تصادقهم وإنما يتوى بأخذ الابن الاخر زيادة على حقه ويكون عليهم بالحصة وما يبقى يبقى لهم
بالحصة كما هو الحكم في المال المشترك لو أن رجلا مات وترك ثلاثة أخوة له من أبيه وأمه
191

فاقتسموا المال بينهم أثلاثا ثم أقر أحدهم بأخ للميت من أبيه وأمه فدفع إليه نصف ما في يده
ثم أقر بأخ آخر وصدقه فيه أحد أخوته المعروفين وتكاذب المقر بهما فيما بينهما فإذا كان
دفع نصف ما في يده إلى الأول بقضاء قاض أخذ منه الاخر خمس ما بقي في يده فضمه إلى
الذي أقر به خاصة فاقتسماه نصفين وإن كان دفع النصف إلى الأول بغير قضاء قاض دفع
إلى الثاني ربع ثلث جميع المال يضمه إلى ما في يد الذي أقر به فاقتسماه نصفين في قول أبى يوسف
وقال محمد إلى الأول بقضاء قاض دفع إلى الثاني ثلث ما في يديه وإن كان دفعه
بغير قضاء قاض أخذ منه الاخر خمس ما بقي في يده فضمه إلى الذي أقر به خاصة فاقتسماه
نصفين وإن كان دفع إلى الأول بغير قضاء قاض دفع إلى الثاني ربع ثلث جميع المال
فضمه إلى ما في يده الذي أقر به فاقتسماه نصفين في قول أبى يوسف وقال محمد رحمه الله إن كان
دفع إلى الأول بقضاء قاض دفع إلى الثاني ثلث ما في يديه وإن كان دفعه بغير قضاء قاض
دفع إلى الثاني خمس جميع المال فضمه إلى ما في يد الذي أقر به فاقتسماه نصفين وجه تخريج
أبى يوسف أن المقر زعم أن حق الثاني في خمس المال إلا أن أحد أخوته المعروفين كذبه وصار
هو مع ما أخذ المعدوم وا نما نعتبر القسمة ببين الباقيين فمن حجته أن يقول للثاني إنما
أقررت بان لك ربع ما في أيدينا والذي في يد المصدق بك يصل إليك من جهته يبقى حقك
فيما في يدي في سهم من أربعة وذلك ربع ثلث المال والباقي وهو ثلاثة بيني وبين المقر له
الأول نصفان إلا أنى دفعت إلى الأول زيادة على حقه بقضاء القاضي فلا يكون محسوبا على
وإنما يبقى ما في يده فأنت تضرب بسهم وأنا بسهم ونصف فانكسر بالانصاف فأضعفه فيكون
لي ثلاثة ولك سهمان فلهذا يأخذ منه خمس ما في يده وإن كان دفعه بغير قضاء فما دفع إليه
زيادة على حقه هو محسوب على الدافع فيدفع إلى الثاني جميع ما أقر له به وذلك ربع ثلث
جميع المال ثم يضم ذلك إلى ما في يد المصدق به فيقتسمانه نصفين لتصدقهما على أن حقهما
في التركة سواء ووجه تخريج محمد أن المقر يقول للمقر له حقك في سهم ولكن نصف ذلك
السهم في يدي ونصفه في يد المصدق لك وهو يصل إليك من جهته فأنت تضرب فيما في
يدي بنصف سهم وأنا بسهم والمقر له الأول بسهم فيكون الثلث الذي في يدي بينا أخماسا
لك منه الخمس فإن كان دفع إلى الأول زيادة على حقه بقضاء القاضي لم يكن ذلك محسوبا عليه
وإنما يبقى ما في يده يضرب فيه الثاني بسهم والمقر بسهمين فلهذا يأخذ ثلث ما بقي في يده
192

وإن كان دفعه بغير قضاء كان ذلك محسوبا عليه فيدفع إلى الثاني كمال حقه مما في يده وهو خمس
جميع المال فيضمه إلى ما في يد المصدق به فيقتسمانه نصفين لتصادقهما على أن حقهما سواء
وإنما خرجا هذه المسألة على أن الذي كذب بهما مع ما أخذ صار في حكم المعدوم وهذا لأنه
إنما أخذ ما أخذ بنسبه المعروف فلا يكون ذلك مضمونا على أحد سواء كان أخذه بقضاء
قاض أم لا ولو كان المقر به الاخر أقر به الاخوة المعروفون جميعا فإن كان المقر بهما دفع النصف
إلى الأول بقضاء قاض دفع إلى الثاني ثلث ما بقي في يده وإن كان دفعه إليه بغير قضاء قاض
دفع إليه خمس ثلث جميع المال فضمه إلى ما في يد الأخوين المعروفين فاقتسموها أثلاثا لان
المقر يقول للثاني حقك في خمس جميع المال والذي في يد أخوى لك بيني وبين الأول لي
سهمان وله كذلك فان دفعك بغير قضاء فما دفعه زيادة على حقه محسوب عليه فيدفع إلى الثاني
كمال حقه مما في يده وهو خمس ثلث جميع المال فيضمه إلى ما في يد الأخوين المعروفين
لأنهم تصادقوا على أن حقهم سواء فيقتسمون ذلك أثلاثا ولم يذكر قول محمد الا في بعض
النسخ فإنه قال على مذهبه التخريج بطريق السهام فالمقر له يقول للثاني حقك في سهم وحقي
في سهم وحق الأول في سهم إلا أن السهم الذي حقك ثلثه في يدي ثلثاه في يد كل واحد
من الآخرين وهما مقران بك فإنما تضرب فيما في يدي بثلث سهم وأنا بسهم والأول بسهم
فإذا جعلت كل ثلث سهما كانت القسمة أسباعا للثاني سبع ما في يده فإذا كان دفع إلى الأول
بقضاء لم يغرم شيئا من ذلك فالمقر يضرب فيما في يده بثلاثة والثاني بسهم فيقسم ما في يده
بينهما أرباعا وإن كان دفعه بغير قضاء كان ذلك محسوبا عليه فيأخذ الثاني منه مقدار حقه مما
في يده وهو ثلث جميع المال فيضمه إلى ما في يد المعروفين فيقتسمونه بينهم أثلاثا * ولو أن رجلا
مات وترك ابنا وابنة فأقرت الابنة بأخ لها وأنكره أخوها فإنه يأخذ ثلثي ما في يد الابنة
لأنها أقرت أن حقه ضعف حقها فإنها زعمت أن الميت خلف ابنين وابنة وأن المال بينهم على
خمسة لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم إلا أن الابن المعروف أخذ زيادة على حقه بنسبه
المعروف فلا يكون شئ من ذلك مضمونا عليهما ولكن يجعل ذلك كالتاوي فيقسم ما في يده
بينهما على مقدار حقهما أثلاثا فان أعطته ذلك ثم أقرت بأخت من أبيها وصدقها فيها الابن المعروف
المقر به الأول وصدقت هي به أيضا فإنها تأخذ من الابن المعروف ربع ما في يده فتضمه إلى ما
وفي يد الابنة والمقر به الأول فيقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين لان الابن المعروف يزعم
193

أن الميت خلف ابنا وابنتين وأن المال بينهم أرباعا حق هذه في ربع المال وبعض المال في يد
الابنة والمقر له وحقها في ذلك يصل إليها لاقرارهما به فإنما يأخذ مما في يد الابن مقدار حقه مما
في يده وذلك ربع ما في يده فيضمه إلى ما في يد الابنة والمقر به الأول فيقتسمونه للذكر
مثل حظ الأنثيين لتصادقهم فيما بينهم ولو كانت المقر بها كذبت بالأول أخذت من الابنة
المعروفة ثلاثة أثمان؟ ما بقي في يدها ان كانت أعطت الأول بقضاء قاض وان كانت أعطته بغير
قضاء أخذت هذه الأخيرة منها سدس ثلث جميع المال فضمته إلى ما في يد الابن المعروف
فيقتسمانه أثلاثا في قول أبى يوسف وقال محمد رحمهما الله إذا أعطت الأول بقضاء قاض أخذت
الثانية ربع ما في يدها فضمته إلى ما في يد الآخر فيقتسمانه على ثلاثة وجه تخريج أبى يوسف
أن الابنة زعمت أن حق الثانية في سدس المال لأنها تقول الميت ترك ابنين وابنتين فتكون
القسمة من ستة لكل ابن سهمان ولكل ابنة سهم فإنما حق الثانية في سهم من ستة من كل جزء
من المال ونصيبها في يد الابن المعروف يسلم لها من جهته يبقي حقها في سهم مما في يدها وما
بقي وهو خمسة بينهما وبين المقر به الأول أثلاثا للمقر به الأول ثلاثة وثلث وللمقرة سهم وثلثان
فما دفعت إلى الأول زيادة على حقه إنما دفعت بقضاء قاض ولا يغرم شيئا من ذلك ولكن
الثانية تضرب فيما بقي في يدها بسهم وهي بسهم وثلثين فإذا جعلت كل ثلث سهما يصير حق
المقرة خمسة وحق الثانية ثلاثة فلهذا أخذت منها ثلاثة أثمان ما بقي في يدها وإن كان
الدفع بغير قضاء كان ذلك محسوبا عليها وإنما تأخذ الثانية كمال حقها مما في يدها وذلك سدس
ثلث جميع المال فضمت ذلك إلى ما في يد الابن المعروف وقاسمته أثلاثا لتصادقهما فيما بينهما
* ووجه تخريج محمد رحمه الله أن المقرة زعمت أن حق الثانية في سهم ولكن ثلثا ذلك السهم
في يد الابن المعروف وهو مقر بها فإنما تضرب هي فيما في يد المقرة بثلث سهم والمقرة بسهم
والمقر به الأول بسهمين فإذا جعلت كل ثلث سهما كان ذلك عشرة أسهم لها عشر ما في يدها
وهو الثلث فان دفعت إلى الأول زيادة على حقه بقضاء قاض لم يكن ذلك محسوبا عليها فلهذا
أخذت ربع ما في يدها وإن كان الدفع بغير قضاء كان ذلك محسوبا عليها فتأخذ الثانية كمال
حقها مما في يدها وذلك عشر ثلث جميع مال * وإذا ترك الرجل ابنين ومالا فاقتسماه نصفين
ثم إن أحدهما أقر بأخوين له من أبيه معا فصدقه أحدهما في أحدهما وتكاذب المقر بهما فيما
بينهما فالذي أقرا به جميعا يأخذ من يد المقر بالأخوين ربع ما في يده فيضمه إلى ما في يد الذي
194

أقر به خاصة فيقتسمانه نصفين في قول أبى يوسف وقال محمد يأخذ منه خمس ما في يده فيضمه
إلى ما في يد المقر خاصة فيقتسمانه نصفين وما بقي في يد الابن المقر بهما اقتسمه هو والابن
الذي أنكره أخوه نصفين وأبو يوسف رحمه الله يقول ولو صدقه فيهما لكان يأخذ كل واحد
منهما ربع ما في يد المقر بهما فكذلك إذا صدقه في أحدهما يأخذ المتفق عليه ربع ما في يد
المقر اعتبار الحال تصديقه به خاصة بحال تصديقه بهما لان تكذيبه بالاخر لا يغير نصيبه فيما
في يده ومحمد يعتبر السهام فيقول في زعم المقر أن حق المتفق عليه في سهم ولكن نصف
ذلك السهم في يد المصدق وهو يصل إليه من جهته فإنما يضرب المتفق عليه فيما في يد المقر
بنصف سهم والمقر بسهم فلهذا يأخذ خمس ما في يده وهذه المسألة أصل هذه المسائل وكان من حقه أن يقدمها ولكنه قد ذكر هذه المسألة في كتاب الاقرار فلهذا بدأ بالتفريعات عليه
هاهنا ثم أعاد المسألة أيضا لتكون أوضح في البيان فان تصادق المقر بهما فيما بينهما بدأ المتفق
عليه بالذي أقر به خاصة لتصادقهما فيما بينهم ثم يأخذ منه ثلث ما في يده لأنه يزعم أن الميت
ترك ثلاث بنين وأن حقه في ثلث ما في يده وثلث ما في يد أخيه وإنما يأخذ منه مقدار ما أقر
له به مما في يده فيضمه إلى ما في يد المقر بالأخوين فيقتسمونه لأنهم تصادقوا أن حقهم في
التركة سواء * وإذا ترك الرجل ابنا وامرأة فاقتسما المال ثم أقرت المرأة بابنين للمرأة معا وصدقها
الابن في أحدهما وتكاذب المقر بهما فيما في يدهما فان الابن الذي أقر به الابن المعروف يأخذ
مما في يد المرأة وهو سبعة أجزاء من أربعة وعشرين جزأ فيضمه إلى ما في يد الابن المعروف
فيقاسمه نصفين ورجع محمد رحمة الله عليه عن هذا وقال لا نأخذ مما في يد المرأة شيئا وفي بعض
النسخ ذكر رجوع أبى يوسف مكان رجوع محمد وقال ما في يد المرأة بينهما وبين الابن المجحود
على عشرة أسهم له سبعة ولها ثلاثة وفي بعض النسخ قال ذلك بينهما على ثمانية لها سهم وللمجحود
سبعة * فوجه ظاهر الرواية أن الذي أقر به الابن المعروف يأخذ مما في يد المرأة سبعة
من أربعة وعشرين للمرأة ثلاثة ولكل ابن سبعة فهي تزعم أن حق كل واحد من المقر بهما
في سبعة أسهم من أربعة وعشرين من التركة والذي في يدها جزء من التركة فيدفع إلى
الذي أقر به الابن المعروف مقدار حقه مما في يدها وذلك سبعة من أربعة وعشرين فيضمه
إلى ما في يد الابن المعروف فيقاسمه نصفين لتصادقهما على أن حقهما سواء * ووجه رجوعهما
عن هذا القول أن حق المرأة في ثمن المال سواء كان للميت ابن أو ثلاث بنين وليس في يدها
195

الا مقدار نصيبها وهو الثمن فهي أنما أقرت للمتفق عليه بأن نصيبه في يد الابن المعروف وذلك
يصل إليه من جهته فلا يأخذ شيئا مما في يدها (ألا ترى) أن الابن المعروف لو صدقها فيهما لم
يأخذ واحد منهما شيئا مما في يدهما فكذلك إذا صدقهما في أحدهما ولكن المعاملة له مع الابن
المعروف فيقاسمه فيما في يده نصفين وتبقى معاملة المجحود مع المرأة في بعض النسخ بنى الجواب
على زعمها وهي زعمت أن حق المجحود في سبعة من أربعة وعشرين وحقها في ثلث فيضرب
كل واحد منهما فيما في يدها بحقه فلهذا كانت القسمة على عشرة وفي بعض النسخ بنى على زعم
الابن المجحود وفي زعمه أن الميت خلف ابنين وامرأة وأن القسمة من ستة عشر لها سهمان
ولكل ابن سبعة فيضرب هو بسبعة وهي بسهمين فكانت القسمة بينهما على تسعة وفي بعض
النسخ قال الابن المعروف لما كذب المجحود صار هو مع ما في يده في حق المجحود كالمعدوم
فيجعل كأن جميع التركة ما في يد المرأة وهي الوارثة مع المجحود فتكون القسمة بينهما على
ثمانية لها الثمن وللمجحود سبعة أثمانه ولو تصادق المقر بهما فيما بينهما أخذ الابن المتفق عليه من
الابن المعروف سبعة أسهم من ستة عشر سهما مما في يده وإنما بدأ به لحاجته إلى مقاسمة ما
يأخذ مع المقر به الاخر ثم في زعم الابن الاخر المعروف أن الميت خلف ابنين وامرأة وأن
القسمة على ستة عشر للمتفق عليه سبعة أسهم من ستة عشر سهما من جميع التركة والذي في
بعض التركة فيعطيه نصيبه من ذلك وهو سبعة أسهم من ستة عشر ثم يجمع إلى ما في يد المرأة
فيقسم بين المقر بهما والمرأة على سبعة من ستة عشر ثم يجمع إلى ما في يد المرأة فيقسم بين المقر
بهما والمرأة على سبعة عشر سهما لأنهم تصادقوا أن الميت خلف امرأة وثلاث بنين وأن
القسمة من أربعة وعشرين لها ثلاثة ولكل ابن سبعة فيقسم ما وصل إليهم باعتبار زعمهم تضرب
فيه المرأة وكل واحد من المقر بهما بسبعة فتكون القسمة بينهم سبعة عشر سهما * وإذا
ترك الرجل ثلاثة بنين فاقتسموا المال ثم أقر أحدهم بثلاثة اخوة معا وصدقه أحد اخوته في
ابنين منهما وصدقه الاخر في واحد من هذين وتكاذب الثلاثة فيما بينهم فإنما يسمى كل واحد
منهم ليكون أوضح في البيان فالذي أقر به بالثلاثة نسميه الأكبر والذي صدقه في الاثنين
نسميه الأوسط والذي صدقه في واحد نسميه الأصغر ثم نسمى الذي أقروا به جميعا متفقا
عليه والذي أقر به اثنان مختلفا فيه والذي أقر به الأكبر خاصة نسميه مجحودا ثم نقول المتفق
عليه يأخذ من الأكبر سدس ما في يده ومن الأوسط خمس ما في يده فيضمه إلى ما في يد
196

الأصغر ويقاسمه نصفين لان الأكبر زعم أن الميت ترك ستة بنين وان حق المتفق عليه في
سدس كل جزء من التركة والذي في يده جزء من التركة فأخذ المتفق عليه منه سدس ما في
يده لهذا والأوسط زعم أن الميت ترك خمسة بنين وأن حق المتفق عليه في خمس التركة وفي
يده جزء من التركة فيعطيه خمس ما في يده ثم يضم ذلك كله إلى ما في يد الأصغر فيقتسمانه
نصفين لتصادقهما أن حقهما في التركة سواء ثم يأخذ المختلف فيه من الأكبر خمس ما في
يده لان الأصغر قد كذب به فهو مع ما في يده في حقه كالمعدوم فإنما تبقى المعاملة بين خمسة
فالأكبر يزعم أن حقه في خمس التركة وأن التركة في حقه ما في يده وما في يد الأوسط
والأوسط مصدق به فإنما يأخذ هو مما في يد الأكبر خمس ما في يده لهذا ثم يضم ذلك
إلى ما في يد الأوسط فيقاسمه نصفين وما بقي في يد الأكبر بينه وبين المجحود نصفين لأنهما
تصادقا فيما بينهما فقد انكسر الحساب بالأخماس والأسداس فالسبيل أن يضرب خمسة
في ستة فتكون ثلاثين ثم تضعف ذلك للحاجة إلى المقاسمة بالانصاف فمنه تخرج المسألة وإن كان
الأصغر إنما أقر بالذي أنكره الأوسط والمسألة بحالها فان اللذين أقر بهما الأوسط
يأخذان من الأكبر خمس ما في يده لان الأصغر يكذب بهما فيجعل هو كالمعدوم في حقهما
وإنما يبقى المعتبر في حقهما الأكبر والأوسط مع ما في يدهما ففي زعم الأكبر أن حق كل واحد
منهما في الخمس وأن مالهما في يد الأوسط واصل إليهما من جهته فإنما يأخذان مما في يد
الأكبر ما أقر لهما به وذلك خمسا ما في يده فيضمانه إلى ما في يد الأوسط ويقتسمانه أثلاثا
لتصادقهم فيما بينهم ويأخذ الابن الذي أقر به الثالث ثلث ما في يد الأكبر لان الأكبر زعم
أن حقه في سهم وحقي في سهم إلا أن السهم الذي هو حقه نصفه في يدي ونصفه في يد
الأصغر فان الأوسط في حقه كالمعدوم لأنه مكذب به فإنما يضرب هو فيما في يده بنصف سهم
والأكبر بسهم فلهذا يأخذ ثلث ما في يده فيضمه إلى ما في يد الثالث ويقاسمه نصفين
لتصادقهما فيما بينهما فان قيل كيف يستقيم مقاسمة الأولين مع الأوسط أثلاثا وهما مكذبان
فيما بينهما قلنا نعم ولكن الأوسط مقر بهما والذي في يد كل واحد منهما مثل ما في يد صاحبه
وإنما حاجتهما إلى المقاسة مع الأوسط وذلك لا يختلف بتكاذبهما فيما بينهما وبتصادقهما فإن كان
الثلاثة المقر بهم صدق بعضهم ببعض والذي أقر به الثالث هو أحد الابنين اللذين أقر
بهما الأوسط فان المتفق عليه هاهنا يبدأ بالأصغر لحاجته إلى مقاسمة صاحبه بتصديقه بهما
197

فيأخذ من الأصغر ربع ما في يده لان الأصغر يزعم أن الميت ترك أربعة بنين وأن حق المتفق
عليه في ربع ما في يد الآخرين وذلك يصل إليه من جهتهما فلهذا يأخذ منه ربع ما في يده
ويأخذ الأوسط خمس ما في يده لان الأوسط يزعم أن الميت خلف ابنين لان حقه في
خمس كل جزء وفي يده جزء من التركة فيعطيه خمس ما في يده ويأخذ المختلف فيه من
الأوسط في حقه لان له ربع ما في يده وربع ما في يد الأكبر والأكبر مصدق به فلهذا
يأخذ ربع ما في يده ثم يجمعان ذلك كله إلى ما في يد الابن المعروف وهو الأكبر فيقتسمون
ذلك مع المجحود على أربعة أسهم بينهم بالسوية لتصادقهم أن حقهم في التركة سواء ولو كان
الذي أقربه الثالث يأخذ منه ثلث ما في يده لان الثالث وهو الأصغر مقر له بثلث ما في يده
فان الأوسط في حقه كالمعدوم لأنه مكذب له وإذا صار هو كالمعدوم ففي زعمه أن الابن
للميت هو الأكبر وهذا الذي هو أقربه فلهذا يأخذ منه ثلث ما في يده ويأخذ اللذان أقر
بهما الأوسط نصف ما في يد الأوسط لان الأصغر في حقهما كالمعدوم فإنه مكذب بهما يبقي
البنون أربعة في زعم الأوسط هو والأكبر وعلى هذا فلكل من واحد من هذين ربع التركة
باعتبار زعمه وفي يده جزء من التركة فإذا أخذ كل واحد منهما ربع ما في يده بزعمه عرفنا أنهما
أخذا مما في يده النصف ثم يجمعون ذلك كله إلى ما في يد الأكبر فيقتسمونه على أربعة أسهم
لتصادقهم فيما بينهم ولو أن رجلا ترك ابنين وامرأة فاقتسموا ماله ثم أقر الابنان جميعا
بامرأة للميت وكذبتهما المرأة فإنها تأخذ من الابنين سهما من خمسة عشر لأنهما أقرا أن
الميت ترك ابنين وامرأتين فتكون القسمة من ستة عشر لكل امرأة سهم ولكل ابن
سبعة وما أخذته المعروفة زيادة على حقها فإنما أخذت ذلك المعروف ولا يغرم الابنان شيئا
من ذلك ولكن يقسم ما في يدهما بينهما وبين المقر لهذا هي تضرب بسهم وكل واحد منهما
بسبعة فلهذا أخذت منهما سهما من خمسة عشر بينهم * ولو لم يترك الا ابنين فاقتسما المال ثم
أقر أحد الابنين بامرأة وأنكرها الاخر أخذت تسعى ما في يده لأنه يزعم أن الميت خلف
امرأة وابنين وأن لها سهمين من ستة عشر ولكل ابن سبعة فهي تضرب فيما في يده بسهمين
وهو بسبعة فلهذا أخذت تسعى ما في يده فان وقع ذلك إليها بقضاء قاض ثم أقر بامرأة أخرى
وصدقه فيها أخوه وتكاذبت المرأتان فيما بينهما فإنهما يأخذان مما في يد المقر بهما جزءا من
198

أربعة عشر جزءا وثمن جزء مما في يده فيجمع ذلك إلى ما في يد الابن الاخر ويقاسمه على
تسعة أسهم لها سهمان وله سبعة في قول أبى يوسف وقال محمد رحمه الله عليهما أخذ منه جزأ
من خمسة عشر جزأ مما في يده فيضمه إلى ما في يد الابن الاخر ويقاسمه أتساعا فاما تخريج
قول أبى يوسف وهو أن في زعم المقر أن حق الثانية في نصف ثمن ما في يديه وذلك
سهم من ستة عشر جزأ وحق الأول في مثل ذلك إلا أن ما دفع إلى الأول زيادة على حقها
كان بقضاء القاضي ولا يكون مضمونا عليه فإذا أخذت الثانية سهما من ستة عشر يبقى هناك
خمسة عشر بين المقر وبين الأولى للمقر سبعة وللأولى سهم فظهر أن حق الأول كان في
ثمن خمسة عشر سهما وسبعة أثمان فان ثمن ثمانية واحد وثمن سبعة سبعة أثمان فإذا رفعت من
خمسة عشر سهما وسبعة أثمان يبقى عشر وثمن هذا حق المقر فيضرب فيما بقي في يده بثلاثة
عشر وثمن والثانية بسهم واحد فيصير ما بقي في يده بينهما على أربعة عشر جزأ وثمن جزء
وقد انكسر بلا ثمان فالسبيل أن يضرب أربعة عشر وثمنا في ثمانية فيكون ذلك مائة وثلاثة
عشر كان حق الثانية في سهم ضربته في ثمانية فذلك ثمانية فهو لها فإذا أخذت ذلك ضمت
إلى ما في يد الابن الاخر وتقاسمه على تسعة أسهم لان الابن الاخر يزعم أن الميت خلف
ابنين وامرأة فيكون لها سهمان من ستة عشر ولكل ابن سبعة فلهذا يقسم ما في يده على
تسعة أسهم لها سهمان وله سبعة وأما على قول محمد رحمه الله يأخذ منه جزءا من خمسة عشر
جزأ مما في يده فيضمه إلى ما في يد الآخر فيقاسمه أتساعا لأنه لو أقر مما في يد شريكي
وهو يقربك فإنما تضرب فيما في يدي بنصف سهم وأنا بسبعة فانكسر بالانصاف فيضعفه
فيصير حقها سهما وحق المقر أربعة عشر فلهذا أخذت منه جزأ من خمسة عشر جزأ
فضمت إلى ما في يد الابن فيقاسمه أتساعا * ولو كان دفع إلى الأول نصيبه بغير قضاء
أخذت الأخرى منه نصف ثمن نصيبه لأنه قد أقر أن حقها في نصف ثمن المال وفي يده
جزء من المال وما دفع إلى الأخرى زيادة على حقه إنما دفع بغير قضاء فيكون محسوبا عليه
ويجعل كالقائم في يده فيعطى الثانية كمال حقها مما في يده وذلك نصف الثمن فيضمه إلى
الاخر ويقاسمه أتساعا لما بينا ولو تصادقت المرأتان فيما بينهما أخذت المرأة المجمع عليها من
الابن الذي أقر بها وحدها ثمن ما في يده لأنه أقر أن حقها في ثمن المال وفي يده جزء من
199

المال فيدفع ثمن ذلك إليها بحكم اقراره ثم يضمه إلى ما في يد المقر بهما ويقسم ذلك بينه وبين
المرأتين على تسعة أسهم للمرأتين سهمان وللابن سبعة لأنهم اتفقوا فيما بينهم على أن الميت
خلف ابنين وامرأتين والقسمة من سنة عشر للمرأتين سهمان ولكل ابن سبعة فيجعل ما في
أيديهم مقسوما بينهم على هذا للابن سبعة ولكل امرأة سهم * ولو أن رجلا هلك
وترك أخوين فأقر أحدهما بامرأة للميت وأنكرها الاخر أخذت من الذي أقر بها
خمس ما في يديه لان في زعمه أن قسمة التركة من ثمانية للمرأة الربع سهمان ولكل أخ
ثلاثة فزعمه معتبر في حقه فهو يضرب فيما في يديه بثلاثة والمرأة بسهمين فلهذا أخذت منه
خمس ما في يديه فإذا دفع إليه ثم أقر بأخ لهما وللميت وصدقه أخوه فيه وأنكر المقر به المرأة
فإن كان دفع المرأة نصيبها بقضاء قاض أخذ منه الأخ خمسي ما بقي في يده فيجمعه إلى ما في
يد الأخ ومقاسمة نصف في قول أبى يوسف بأخذ ثلث ما في يده وجه قول أبي يوسف
أن المقر يزعم أن حق الباقي في ربع المال لأنه يقول الميت خلف امرأة وثلاثة اخوة فيكون
للمرأة الربع ولكل أخ مثل ذلك وهو يقول للمقر له أما لو أقررت بك وبالمرأة معا كيف
تأخذ منى ربع ما في يدي سهما من أربعة يبقى ثلاثة بيني وبين المرأة نصفين لكل واحد
سهم ونصف وقد أخذت هي زيادة على حقها وإنما أخذت بقضاء القاضي فلا يكون ذلك
محسوبا على فأنت تضرب فيما بيدي بسهم وأنا بسهم ونصف فهذا الطريق يعطيه سهما من
سهمين ونصف مما بقي في يده وذلك خمسا ما في يده لأنه وقع الكسر بالانصاف فإذا أضعفته
يكون خمسة وأما محمد رحمه الله فيقول المقر يقول للمقر له أنا قد أقررت بأن حقك في سهم
وحقي في سهم وحق المرأة في سهم ولكن السهم الذي هو حقك نصفه في يدي ونصفه في
يد شريكي وهو مقر بك وما دفعته إلى المرأة بقضاء القاضي لا يكون محسوبا على فأنت
تضرب فيما في يدي بنصف سهم وأنا بسهم فلهذا يعطيه ثلث ما في يده ويضمه إلى ما في يد الآخر
فيقاسمه نصفين لأنهما تصادقا على أن حقهما في التركة سواء وإن كان دفع إلى المرأة
نصيبها بغير قضاء أخذ منه المقر به جميع نصيبه لأنه أقر أن حقه في ربع كل شئ وما دفعه
إلى المرأة بغير قضاء القاضي محسوب عليه ويجعل كالقائم في يده فلهذا يعطيه ربع جميع نصيبه
فيضمه إلى ما في يد الآخر فيقسم نصفين وإن كان الأخ المقر به قد صدق بالمرأة فإنه يأخذ
من الأخ الذي أقر به وحده ثلث ما في يده لان الذي أقر به وحده زعم أن الميت إنما خلف ثلاث
200

أخوة وأن المال بينهم أثلاثا فهو مقر لهذا الأخ بثلث ما في يده فيأخذ ذلك منه ويضمه إلى
ما في يد المرأة والأخ المقر بهما فيقتسموه أثلاثا لأنهم يتصادقون فيما بينهم أن حقهم في
الذكر سواء وأن لكل واحد منهم ربع التركة فما يصل إلى يدهم يقسم بينهم باعتبار تصادقهم
* ولو هلك وترك ابنين فأقر أحدهما بامرأتين معا وصدقه أخوه في إحداهما وكذبه في
الأخرى وتكاذبت المرأتان فيما بينهما فان المرأة التي أقر بها الاثنان تأخذ من الابن الذي أقر
بهما نصف ثمن نصيبه لأنه يزعم أن الميت خلف ابنين وامرأتين وأن حق كل امرأة في نصف
الثمن سهم من ستة عشر وفي يده جزؤ من التركة فتأخذ منه نصف ثمن ذلك وتضمه إلى
ما في يد الابن والاخر وتقاسمه أتساعا لان الابن الاخر يزعم أن الميت خلف ابنين امرأة
وأن للمرأة سهمان من ستة عشر ولكل أبن سبعة فما تحصل في يدهما من التركة يقسم بينهما
على زعمهما يضرب فيه الابن بسبعة والمرأة بسهمين ويقاسم الابن المقر بهما المرأة الباقية ما في
يديه على ثمانية لان في زعمه حقها في سهم وحقه في سبعة فما بقي في يده يقسم بينهما على ذلك
فان أقر الاثنان بعد ذلك بأخ لهما من أبيهما وأنكرت المرأتان وأنكرهما هو أيضا وقد كان
الاثنان دفعا إلى المرأتين نصيبهما بغير قضاء قاض أخذ من كل واحد من الابنين الثلث من
جميع نصيبه بعد الثمن لأنهما زعما أن للمرأة الثمن وأن الباقي بينهما أثلاثا وقد دفعا إلى المرأتين
زيادة على حقهما بغير قضاء قاض فيجعل ذلك محسوبا عليهما فإنما يدفعان إلى المقر له الثلث مما
أصاب كل واحد منهما بعد الثمن باعتبار زعمه وإن كان الدفع بقضاء القاضي أخذ كل واحد
منهما ثلث ما بقي في يده لان ما دفعا إلى المرأتين زيادة على حقهما كان بقضاء فلا يكون
مضموما عليهما فلهذا يدفع كل منهما إلى المقر له ثلث ما بقي في يده ولم يذكر في هذا الفصل
الخلاف بين أبى يوسف ومحمد رحمهما الله وفي المختصر في بعض نسخ الأصل ذكر أن المرأة
التي اجتمع عليها ابنان تأخذ من الذي أقر بهما جميعا على قول محمد رحمه الله سهما من سبعة
عشر سهما مما في يده فيضمه إلى ما في يد المقر بهما خاصة فيقتسمانه على تسعة وهو صحيح على
أصل محمد رحمه الله في اعتبار السهام لأنه يقول أنا قد أقررت لك بان حقك في سهم وحق
الأخرى في سهم وحقي في سبعة ولكن السهم الذي هو حقك نصفه في يد أخي وهو مصدق
بك فإنك تضربين فيما في يدي بنصف سهم والأخرى بسهم وأنا بسبعة فتكون القسمة على
ثمانية ونصف انكسر بالانصاف فأضعفه فيكون سبعة عشر فهذا الطريق تأخذ منه سهمان
201

من سبعة عشر سهما ولو هلك وترك ثلاث بنين فأقر أحدهم بثلاث نسوة لأبيه وصدقه
أحد الابنين في امرأتين منهم وصدقة الثالث في احدى هاتين وتكاذب النسوة فيما بينهن
فإنما تسمى المرأة التي أقر بها البنون مجمعا عليها والتي أقر بها اثنان مختلفا فيها والثالثة مجحودة
والابن الذي أقر بثلاثة نسوة الأكبر والذي أقر بامرأتين الأوسط والذي أقر بواحدة
الأصغر ثم نقول المجموع عليها تأخذ من الأكبر ثلث ثمن نصيبه ومن الأوسط نصف ثمن
نصيبه فتضمه فيها من الأكبر جزأ من سبعة عشر جزءا من نصيبه فتضمه إلى ما في يد الأكبر
بينه وبين المجحودة على ثمانية أسهم لها سهم وله سبعة في قول أبى يوسف ووجه تخريجه أن
الأكبر أقر أن الميت خلف ثلاث نسوة وثلاث بنين وأن القسمة من أربعة وعشرين لكل
امرأة سهم وذلك ثلث الثمن فالمجمع عليها تأخذ مما في يد الأكبر مقدار ما أقر لها به في يده
وذلك ثلث ثمن نصيبه جزأ من أربعة وعشرين وتأخذ من الأوسط نصف ثمن نصيبه لان
الأوسط يزعم أن الميت خلف امرأتين وأن لكل واحدة منهم نصف الثمن فالمجمع عليها
تأخذ مما في يده نصف الثمن باعتبار اقراره ثم يضم جميع ما أخذت إلى ما في يد الأصغر
فيقاسمه على عشرة أسهم لأنهما يتصادقان فيما بينهما أن الميت خلف ثلاث بنين وامرأة واحدة
وأن لها ثلاثة من أربعة وعشرين ولكل ابن سبعة مما في أيديهما يقسم باعتبار تصادقها يضرب
فيه الابن بسبعة والمرأة بثلاثة والمختلف فيها تأخذ من الأكبر جزأ من سبعة عشر من نصيبه
من قبل أن الأصغر يكذب بها ولا تعتبر سهامه في حقها يبقى حق الأكبر في سبعة وحق
الأوسط في سبعة وحق النسوة في ثلاثة فإذا جمعت هذه السهام كانت عشر فإنما أقر لها
بسهم من سبعة فلهذا أخذت مما في يده جزأ من سبعة عشر جزأ يضم ذلك إلى ما في يد الأوسط
ويقاسمه على سبعة عشر سهما للمرأة ثلاثة وللأوسط أربعة عشر لان في زعم الأوسط أن الثمن بين
المرأتين نصفان وذلك ثلاثة من أربعة عشر لكل واحد سهم ونصف ولكل ابن سبعة فيضرب
هو فيما حصل في أيديهما بسبعة والمختلف فيها بسهم ونصف انكسر بالانصاف فأضعفه فيكون
سبعة عشر لها ثلاثة وله أربعة عشر ثم المجحودة تقاسم الأكبر ما بقي في يده على ثمانية لان
في زعم الأكبر أن حقها في سهم وحقه في سبعة فما بقي في يده يقسم بينهما على هذه فيكون
على ثمانية لها سهم وله سبعة وأما في قول محمد فالجمع عليها تأخذ من الأكبر سهما من ستة
وعشرين سهما ونصف سهم فتضمه إلى ما في يد الأوسط والأصغر فيجعل كل واحد منهما
202

نصف ذلك وإنما أخذت من الأكبر هذا المقدار لان الأكبر يزعم أن حقها في ثلث الثمن
وحق المختلف فيها في نصف ثمن وحق المجحودة في ثمن وحقه في سبعة أثمان وثلث الثمن سهم
من أربعة وعشرين ونصف الثمن سهم ونصف والثمن ثلاثة فحقه في أحد وعشرين وهو سبعة
أثمان وحق المجحودة في ثلث وحق المختلف فيها في سهم ونصف وحق المجمع عليها في سهم
فإذا جمعت هذه السهام كانت ستة وعشرين ونصفا فلهذا أخذت مما في يده سهما من ستة
وعشرين ونصف ثم يضم ذلك إلى ما في يد الآخرين نصفين ليتيسر معاملتهما في المقاسمة
معها وتأخذ المختلف فيها مما في يد الأكبر سهما ونصفا من ستة وعشرين ونصف سهم لما أن
حقهما فيما يده هذا المقدار لان الأصغر مكذب بها فإذا أخذت ذلك ضمت إلى ما في يدي
الأوسط ثم تأخذ المجمع عليها من الأوسط سهما ونصفا من ثمانية عشر سهما نصف الثمن
وأن حق المختلف فيها في ثلاثة وحقه في أربعة عشر وهو سبعة أثمان فإذا جمعت هذه السهام
كانت ثمانية عشر ونصفا فيأخذ منه سهما ونصفا من ثمانية عشر ونصف لهذا ويضمه إلى
ما في يد الأصغر فيقاسمه على عشرة أسهم لها ثلاثة وله سبعة لأنهما تصادقا على أن حقهما في
ثمن المال ثلاثة من أربعة وعشرين وأن حقه في سبعة عشر فيقسم ما في يده بينهما على هذا ثم يقاسم
الأوسط مع المختلف فيها ما بقي في يده على سبعة عشر سهما لتصادقهما على أن حق الأوسط
في أربعة عشر وحقها في ثلاثة فيقاسم الأكبر المجحودة ما بقي على ثمانية لتصادقهما أن حقها
في سهم وحقه في سبعة ولو كانت المرأة التي أقر بها الأصغر هي التي أنكرها الأوسط
والمسألة بحالها أخذت تلك المرأة من الأكبر جزأ من نصيبه لان الأوسط مكذب بها
فيسقط اعتبار سهامه في حقها وذلك سبعة من أربعة وعشرين يبقي سبعة عشر فلهذا أخذت
منه سهما من سبعة عشر مما في يده وضمت ذلك إلى ما في يد الأصغر فيقاسمه على عشرة
لها ثلاثة وله سبعة لتصادقهما على هذا واللتان أقر بهما الأوسط تأخذان من الأكبر جزئين
من سبعة عشر جزأ من نصيبه لان الأصغر مكذب بهما فلا تعتبر سهامه في حقهما وذلك
سبعة يبقى سبعة عشر فلهذا أخذنا منه سهمين من سبعة عشر ثم يضمان ذلك إلى ما في يد
الأوسط ويقاسمهما على عشرة أسهم للمرأتين ثلاثة وللأوسط سبعة لان الأوسط مقربان
حقهما في ثلاثة من أربعة وعشرين وهو الثمن وحقه في سبعة فان تصادق النسوة فيما بينهن
والتي أقر بها الاخر احدى المرأتين اللتين أقر بهما الأوسط فان المجحودة تأخذ من
203

الأصغر ثمن نصيبه لأنه أقر لها بثمن جميع التركة وفي يده جزأ من التركة فتأخذ منه ثمن ما في يده
وتأخذ من الأوسط نصف ثمن نصيبه لان الأوسط أقر بان الثمن بينهما وبين الأخرى نصفان
لها نصف ثمن التركة وفي يده جزأ من التركة فيعطيها نصف ثمن ذلك وتأخذ المختلف فيها
من الأوسط جزأ ونصفا من سبعة عشر جزأ من نصيبه لان الأصغر مكذب بها فتطرح
سهامه وذلك سبعة من أربعة وعشرين يبقى سبعة عشر وقد أقر لها بنصف الثمن وهو سهم
ونصف فلهذا أخذت مما في يده سهما ونصفا من سبعة عشر سهما ثم يجمع ما في يد النسوة إلى
ما في يد الأكبر فيقتسمون ذلك على عشرة أسهم للنسوة ثلاثة ولكل ابن سبعة فما يجمع في
أيديهم يقسم بينهم على ما تصادقوا ولو كان الأصغر إنما أقر بالتي أنكرها الأوسط
والمسألة على حالها أخذت تلك من الأصغر ثلاثة أجزاء من سبعة عشر جزأ من نصيبه
لان الأوسط مكذب بها فيسقط اعتبار نصيبها في حقه وقد أقر الأصغر لهذه بثمن كامل
فلهذا تأخذ منه ثلاثة أسهم من سبعة عشر سهما من نصيبه لان الأصغر يكذب بهما فيسقط
اعتبار سهامه في حقهما والأوسط أقر لهاتين بثمن كامل فلهذا تأخذان منه ثلاثة أسهم من
سبعة عشر من نصيبه ثم يجمع ما في يد النساء إلى ما في يد الأكبر ويقسم ذلك بينه وبينهن
على عشرة له سبعة ولكل امرأة سهم لأنهم تصادقوا فيما بينهم على أن القسمة من أربعة
وعشرين وأن لكل ابن سبعة ولكل امرأة سهم فما يجمع في أيديهم يكون مقسوما بينهم
على ما تصادقوا عليه * وإذا تركت المرأة زوجها وأبويها فأقر الزوج بثلاث بنين للمرأة من
غيره وصدقته الأم في اثنين منهم وصدقه الأب في الثالث وتكاذب البنون فيما بينهم فان
الابنين اللذين أقرت بهما الأم يأخذان من الزوج الثلث من نصيبه وثلث خمس نصيبه
فيضمانه إلى نصيب الأم ويقتسمونه على أربعة عشر سهما للأم أربعة ولكل ابن خمسة ويأخذ
الابن الذي أقر به الأب من الزوج السدس من نصيبه فيجمعه إلى نصيب الأب ويقاسمه
على سبعة للابن خمسة وللأب سهمان وفي رواية أبى حفص رحمه الله قال يأخذ الابنان اللذان
صدقت بهما الأم من الزوج خمس نصيبه وثلث خمس نصيبه أما أصل الفريضة قبل الاقرار
فمن ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم ثلث ما بقي وهو سهم والباقي للأب فإذا اقتسموا بهذه
الصفة ثم وجد الاقرار كما بينا فيبدأ بالابن الذي أقر به الأب فنقول يأخذ من الزوج السدس
من نصيبه في الروايتين جميعا لان الزوج يزعم أن الميت ترك ثلاث بنين وزوجا وأبوين أصله
204

من اثني عشر للزوج الربع ثلاثة وللأبوين السدسان أربعة والباقي وهو خمسة بين البنين
لا ينقسم أثلاثا فيضرب اثنى عشر في ثلاثة فيكون ستة وثلاثين للزوج تسعة وللأبوين اثنا
عشر لكل واحد منهما ستة والباقي وهو خمسة عشر بين البنين الثلاث لكل واحد منهم
خمسة ثم يطرح نصيب الأم في حق هذا الابن لأنها كذبت به فلذا طرحنا من ستة وثلاثين
الثلث فلهذا أخذ من الزوج سدس ما في يده فيضمه إلى ما في يد الأب ويقاسمه على سبعة
باعتبار زعمهما لأنهما يقولان الورثة زوج وأبوان وابن والقسمة من اثنى عشر للزوج الربع
وللأبوين السدسان والباقي وهو خمسة للابن والابن يضرب فيما وصل إليهما بخمسة والأب
بسهمين فتكون القسمة على سبعة فأما الابنان اللذان صدقت بهما الأم فقد قال في رواية
أبى حفص يأخذان من الزوج خمس نصيبه وثلث خمس نصيبه وثلث خمس نصيبه وهذا غلط
من الكاتب والصحيح ثلثي خمس نصيبه لان حقهما يطرح من نصيب الابن في المقاسمة
مع الزوج لأنه كذب بهما وفي زعم الزوج أن حقهما في عشرة أسهم وهما يأخذان عشرة من
ثلاثين مما في يده وذلك خمس نصيبه وثلثا خمس نصيبه صار على خمس فخمسه ستة وثلثا خمسه
أربعة فذلك عشرة وفي رواية أبى سليمان رحمه الله قال يأخذان منه ثلث نصيبه وثلث خمس
نصيبه لأنهما يقولان له لو أخذنا منك عشرة فقط كنت على جميع حقك لأنه يبقى لك خمسة
عشر وفي يدك نصف المال فقد صار على ثلاثين فجميع المال يكون ستين الربع منه خمسة عشر
وقد وافقنا على أن الأب أخذ فوق حقه لان حقه السدس وقد أخذ الثلث فلا يجوز ضرر الزيادة
علينا خاصة بل يكون علينا وحقك على ما زعمت في تسعة فادفع أنت تسعة ونحن ندفع
عشرة ويبقى في يدك ستة لان ما في يدك صار على ثلاثين وقد دفت إلى الابن الذي أقر
به الأب خمسة والينا عشرة ودفعت أنت تسعة يبقى ستة فهذه الستة تقسم بيننا و بينك على
اعتبار أصل حقنا وحقك في خمسة عشر وحقنا في عشرة إلا أن الزوج يقول لهما وحق الابن
الاخر مع حقي لأني مقر له وقد أخذ هو مني فيصير حقنا في الأصل عشرين وحقكما عشرة
فتقسم هذه الستة بينهم أثلاثا للابنين من ذلك سهمان فتبين أن جميع ما أخذ من الزوج اثنا
عشر سهما من ثلاثين وذلك ثلث نصيبه وثلث خمس نصيبه لان ثلث نصيبه عشرة وثلث
خمس نصيبه منهم ثم يضمان ذلك إلى نصيب الأم ويقتسمونه على أربعة عشر سهما لان بزعمهم
أن الميت خلف زوجا وأبوين والابنين وأن القسمة من أربعة وعشرين للزوج ستة وللأم أربعة
205

وللأب كذلك والباقي وهو عشرة بين الابنين نصفان فيضرب كل واحد منهما فيما اجتمع في
أيديهم بخمسة والأم بأربعة فتكون القسمة بينهم على أربعة عشر سهما فان تصادق البنون فيما
بينهم فان الذي أقر به الأب يأخذ منه نصف نصيبه ويأخذ الآخران من الأم نصف نصيبها
فيقسم جميع ذلك مع ما في يد الزوج على أربعة وعشرين سهما أما الذي أقر به الأب يأخذ
منه نصف نصبيه لان في يد الأب ثلث التركة وقدم أن حقه السدس وأن ما زاد على السدس
مما في يده نصيب الابن فعليه أن يدفع ذلك إليه وذلك نصف نصيبه واللذان أقرت بهما الأم
قال في رواية أبى سليمان يأخذان منها نصف نصيبها أيضا لان حقها مثل حق الأب وقد أقرت
هي أيضا بابنين للميت كما أقر الأب بابن فكما أن الذي أقر به الأب يأخذ منه نصف نصيبه
فكذلك يأخذان هذان من الأم نصف نصيبها ليكون الباقي لها مثل نصف ما بقي للأب
* وفي رواية أبى حفص قال لا يأخذ ورثة الأم شيئا وهو الصواب لان في يد الأم سدس
التركة ولا ينقص نصيبها عن السدس مع البنين كيف يأخذان منها شيئا وبين جميع الورثة اتفاق
أن حقها السدس وإنما يفضل الأب على الأم عند عدم الولد فاما بعد وجود الولد فحقها مثل
حقه وقد بقي في يد الأب سدس التركة فينبغي أن يسلم لها من التركة السدس ونصيب هذان
يصل إليهما من محله لوجود الاقرار من الزوج والابن الثالث لهما فلهذا لا يأخذان منها شيئا
ولكن يقسم ما اجتمع في يد الزوج والبنين بينهم على أربعة وعشرين لاعتبار زعمهم وقد زعموا
أن القسمة من ستة وثلاثين وأن للزوج تسعة وللبنين خمسة عشر فإذا جمعت ذلك كان أربعة
وعشرين ولو لم يتصادقوا فيما بينهم ولكن اللذان أقرت الأم بهما صدق الأم أحدهما
بالذي أقر به الأب وكذبا جميعا بالباقي وكذبا بهما فان اللذين تصادقا فيما بينهما يأخذان من
الزوج ثلث نصيبه فيجمعانه إلى ما في يد الأب فيقسمونه على أربعة عشر أربعة للأب وعشرة للابنين
نصفان هكذا ذكر في نسخ أبى سليمان وفي نسخ أبى حفص زيادة وهو الصواب فإنه قال
الذي أقرت به الأم من هذين اللذين تصادقا يأخذ سهما أو لا ربع ما في يدها لان الأم تزعم
أن القسمة من أربعة وعشرين وأن حق هذا في جميعه إلا أن الأب قد كذب به فيطرح نصيب
الأب في حقه وذلك أربعة يبقى عشرون فحقه في خمسة من ذلك وخمسة من عشرين هو
الربع فلهذا أخذ منها ربع ما في يدها ثم يأخذان من الزوج ثلث نصيبه لان بزعم الزوج
القسمة من ستة وثلاثين إلا أنه يطرح من ذلك ستة لان الأب يكذب بأحدهما والأخ
206

بالاخر فلا بد من أن يطرح نصيب أحدهما في مقاسمة الزوج مع هذين فإذا طرحنا ستة
يبقى ثلاثون فيأخذان منه عشرة من ثلاثين وهو الثلث ويجمعان ذلك إلى ما في يد الأب
فيقسمونه على أربعة عشر لان بزعمهما القسمة من أربعة وعشرين للأب أربعة ولكل واحد
منهما خمسة فلهذا يسهم بينهم على أربعة عشر فان قيل كيف يستقيم هذا والأب يكذب
بأحدهما قلنا نعم ولكن لو اعتبرنا المقاسمة بين الأب وبين الذي صدق به خاصة أدى إلى الدور
لان ما يأخذه الذي صدق به الأب لا يسلم له ولكنه يقاسم الاخر لتصادقهما فيما بينهما ثم
يرجع على الأب فيقاسمه للتصادق فيما بينهما فلا يزال يدور هكذا فلضرورة الدور قلنا بان
الأب يقاسمهما خمسا وهذا لان نصيب الأب لا يختلف بعدد البنين سواء كان الابن واحدا
أو أكثر كان للأب السدس فلهذا جعلنا تصديقه في أحدهما كتصديقه فيهما؟ في المقاسمة إذا
تصادقا بينهما ثم يأخذ الابن الباقي ستة أجزاء ونصف جزأ من ثلاثين جزأ من نصيب
الزوج لان الأب يكذب به فيطرح نصيبه في المقاسمة بينه وبين الزوج فتكون القسمة من
ثلاثين إلا أنه يقول للزوج قد دفعت إلى أب الأخوين عشرة فلو دفعت إلى خمسة فقط تبقى
خمسة عشر وذلك ربع جميع التركة فلا يدخل عليك من ضرب النقصان شئ وقد دفعت
عشرين فادفع أنت تسعة تبقي ستة فهذه الستة تقسم بيننا وبينك على مقدار حقنا وحقك
وا نما حقك في التركة خمسة عشر وصل إليك ثلاثة أخماس حقك يبقى حقك في خمسين
وذلك ستة وحقنا في جميع التركة بزعمك خمسة وعشرون وصل الينا خمسة عشر يبقى عشرة
وذلك خمسا نصيبنا وقد أخذ الابنان حقهما وزيادة تبقى قسمة هذه السنة بيني وبينك فانا
أضرب بخمسي حقي وذلك سهمان وأنت تضرب بستة فتكون قسمة هذه الستة بيننا أرباعا
لي ربعه وربع ستة سهم ونصف فإذا أخذت منه سهما ونصفا مع الخمسة يكون ستة ونصفا
فلهذا قال يأخذ ستة ونصفا من ثلاثين من نصيب الزوج قال الحاكم غلط في هذا الجواب
في نصف سهم والصواب أنه يأخذ منه ستة أجزاء فقط هكذا قاله ابن منصور لأنه
يصل إليه بعض نصيبه من جهة الأم فإنها مصدقة فلا يضرب في السنة الباقية معه بسهمين
ولكن إنما يضرب بسهم وخمس والزوج يضرب بستة فتكون قسمة هذه الستة بينهما أسداسا
للابن منه سهم وقد أخذ منه خمسة فظهر أنه إنما يأخذ منه ستة فقط فيضمه إلى نصيب الأم
ويقاسمها على تسعة للأم أربعة وللابن خمسة لأنهما تصادقا على أن القسمة من أربعة وعشرين
207

وأن نصيب الأم أربعة ونصيب الابن خمسة فما يجتمع في أيديهما يقسم بينهما على ذلك وإذا
مات الرجل وترك ابنا فأقر الابن بأخ له من أبيه فأعطاه نصف ما في يده ثم إن الابن المقر له
أقر بأخ لهما وقال المقر به للاخر أنا ابن الميت وأما أنت فلست له بابن فقد كذب الأخ
الابن المعروف فيك لم يلتفت إلى قوله ولا يأخذ مما في يد هذا المقر الا نصف ما في يده
وذكر في كتاب الفرائض إذا أقر بامرأة ودفع إليها نصيبها ثم أقرت المرأة بابن فقال المقر به
أنا ابن الميت وأما أنت فلست بامرأة له فإنه يأخذ منها جميع ما في يدها وكذلك لو كان
الميت امرأة فأقر ابنها بزوج ودفع إليه نصيبه ثم أقر الزوج بابن فقال المقر به أنا ابن لها
وأنت لست بزوج لها فإنه يأخذ منه جميع ما في يده * وقال زفر رحمه الله في الفصلين جميعا
يأخذ المقر به الاخر من المقر جميع ما في يده وهو القياس لأنهما تصادقا على نسب المقر به
الاخر ولم يوجد التصادق في حق المقر به الأول فمن تصادقا عليه يكون أولى بالمال بمنزلة ما
لو مات رجل وله ابنان قد كانا عبدين فقال أحدهما لصاحبه عتقنا جميعا قبل موت الأب وقال الآخر
أما أنا فعتقت قبل موته وأما أنت فإنما عتقت بعد موته فإنه يكون المال كله للذي اتفق
أنه عتق قبل موته وعن أبي يوسف قال في الفصلين لا يأخذ المقر به الاخر الا مقدار حصته
مما في يد الأول على ما أقر له به ولا يعتبر تكذيبه به فان الأول يقول استحقاقك إنما يثبت
باعتبار اقراري فإذا كنت غير وارث كما زعمت لا يثبت لك باقراري شئ وأنت تأخذ شيئا
من التركة فمن ضرورة أخذك الشئ من التركة باعتبار اقراري الحكم بقرابتي ونفذ الحكم
بذلك ولا يعتبر تكذيبك في وأما وجه ظاهر الرواية في الفرق بين الفصلين أن الزوج
والمرأة إنما يأخذان الميراث بسبب ليس بقائم في الحال فان النكاح يرتفع بالموت وإنما يأخذان
بنكاح قد كان في حالة الحياة فليس من ضرورة الحكم به في حق الأول الحكم به في حق الثاني
وقد كذب الثاني بهما فلا تكون لهما المزاحمة معه في استحقاق التركة فاما ذو القرابة فإنما
يستحق التركة بسبب قائم في الحال وهو سبب لا يحتمل الرفع بعد ثبوت وقد جرى الحكم
به حين أخذ شيئا من التركة من الابن المعروف فلا يعتبر تكذيب الثاني في حقه فلهذا لا يأخذ
من المقر به الأول الا نصف ما في يده وكذلك لو لم يقر الابن المعروف بأخ ولكنه أقر أن لهذا
الرجل على الميت ألف درهم وأنكر صاحب الألفين لا يأخذ من الألفين الا الثلثين لان تكذيبه
بعد ما جرى الحكم في الدين بالدين الأول غير معتبر (ألا ترى) أنا لو أبطلنا حق صاحب
208

الألف بهذا التكذيب فأقر صاحب الألفين بألف لاخر وكذبه المقر له بدين صاحب
الألفين نأخذ منه خمسي الألف حتى تناسخ ذلك عشرة ثم إن العاشر أقر للأول الذي أقر له
الوارث فإنه يأخذ هو الألف منه ثم يأخذون منه حتى يدور عليهم جميعا ولا يزال يدور كذلك
فهذا لا يستقيم ولكن الحكم فيه ما بينا أن تكذيبه لا يعتبر بعد ما حكمنا بدفعه * وإذا ترك
الرجل ثلاثة بنين فأقر أحدهم بابنين وصدقه الاخر ان في أحدهما وتكاذب الاثنان فيما بينهما
فان المتفق عليه يأخذ من الذي أقر بهما خمس ما في يده في قول أبى يوسف وفي قول محمد
سبع ما في يده لان المقر بهما يزعم أن الميت ترك خمسة بنين وان حق المتفق عليه في خمس
التركة وفي يده جزء من التركة فيعطيه خمس ما في يده (ألا ترى) أن الآخرين لو صدقاه
فيهما كان يأخذ كل واحد منهما خمس ما في يده فتكذيبهما بالاخر لا يغير الحكم فيما بينهما
ومحمد رحمه الله يقول المقر يقول للمتفق عليه حقي في سهم وحق المجحود في سهم وحقك في سهم
إلا أن ثلثي سهمك في يد الآخرين وقد صدقا بك متحملا على ثلثي ما بيدك؟ فأنت تضرب
فيما في يدي بثلث سهم وأنا بسهم والمجحود بسهم فجعلنا كل ثلاثة سهما فلهذا نأخذ سبع ما في يده
فنضمه إلى ما في يد الآخرين ويقتسمون ذلك أثلاثا لتصادقهم على أن حقهم في التركة سواء
ولو أقر أحدهم بابنين فصدقه أحد اخوته في أحدهما وكذبه الثالث فيهما وتكاذبا فيما بينهما
أخذ الابن الذي أقر به الاثنان من المقر بهما ربع ما في يده في قول أبى يوسف لان الذي كذب
بهما لا يعتبر في المقاسمة بين المقر والمقر به وإذا سقط اعتباره يجعل كأن المعروف اثنان والتركة
ما في أيديهما فأقر أحدهما بابنين وصدقه الاخر في أحدهما وقد بينا في هذا بعينه أن على قول
أبى يوسف يأخذ المتفق عليه من المقر ربع ما في يده وعلى قول محمد خمس ما في يده فكذلك
في هذا الفصل وفائدة هذه الإعادة بيان أنه لا يقيد بالذي أنكرهما جميعا ولا يدخل نصيبه
في شئ من فريضتهما فيكون ايضاحا لجميع ما سبق وإذا تركت المرأة زوجها وأختها وأمها
فأقرت الأخت بأخ لها وصدقها في ذلك الزوج وكذبتها الأم فان الفريضة من عشرين سهما
والحاصل أن هاهنا فريضتان فريضة معروفة بدون اعتبار الاقرار وفريضة مجهولة باعتبار الاقرار
فالمقاسمة بين المقرة وسائر الورثة على الفريضة المعروفة وبين المقرة والمصدق والمقر به على الفريضة
المجهولة فأما الفريضة المعروفة فهي عولية من ثمانية لان للزوج النصف ثلاثة من ستة وللأخت
النصف ثلاثة وللأم الثلث سهمان فتكون القسمة من ثمانية للأم سهمان وهو الربع والفريضة
209

المجهولة أصلها من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم السدس سهم والباقي بين الأخ والأخت
للذكر مثل حظ الأنثيين أثلاثا لا يستقيم فيضرب ستة في ثلاثة فيكون ثمانية عشر للزوج
تسعة وللأم ثلاثة والباقي بين الأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين فما في يد الزوج
والأخت وهو ثلاثة أرباع التركة تكون مقسومة على الفريضة المجهولة من خمسة عشر سهما
وإذا صار ثلاثة أرباع المال على خمسة عشر كان جميع المال على عشرين سهما للأم من ذلك
الربع خمسة باعتبار الفريضة المعروفة وللزوج من الباقي تسعة وما بقي هو ستة بين الأخ
والأخت للأخ أربعة وللأخت سهمان فان أنكر الزوج أيضا فان الأخت قد أقرت للزوج
بأمر هو أكثر لنصيبه لو صدقها فإذا لم يصدقها فالفريضة من أربعين سهما وبيان هذا الكلام
أن باعتبار الفريضة المعروفة للزوج ثلاثة أثمان المال وباعتبار الفريضة المجهولة على ما أقرت
الأخت به للزوج نصف المال كاملا فعرفنا أنها أقرت للزوج بالزيادة فإذا كذبها الزوج في
ذلك كانت الفريضة من أربعين لان الفريضة المجهولة من ستة والفريضة المعروفة عولية من
ثمانية وقد صارت القسمة من عشرين كما بينا فالزوج يدعى أن حقه في ثلاثة أثمان وذلك سبعة
ونصف والأخت تقر له بتسعة من ثمانية عشر فما زاد على سبعة ونصف إلى تمام تسعة وهو
سهم ونصف قد أقرت الأخت به للزوج وكذبها الزوج في ذلك وقد انكسر بالانصاف
فأضعف الحساب فيكون من أربعين سهما للأم كمال الربع وهو عشرة يبقى ثلاثون
فالأخت نزعم أن للزوج في ذلك ثمانية عشر والزوج يدعى أن له من ذلك خمسة عشر فيأخذ
خمسة عشر ويأخذ الأخ والأخت اثنى عشر فيقسمان ذلك للذكر مثل حظ الأنثيين ويبقى
ثلاثة أسهم قد أقر الأخ والأخت بها للزوج والزوج كذبهما فتكون موقوفة في يد الأخت
حتى يصدقها الزوج فيأخذ ما أقرت به وليس للأخ والأم على ذلك سبيل لان الأم استوفت
كمال حقها والأخ كذلك استوفى كمال حقه بزعمه * وإذا ترك الرجل امرأته وأبويه فأقرت
المرأة بابنين للميت وصدقها الأب في أحدهما وكذبتهما الأم فيهما وتكاذبا فيما بينهما أخذ الابن
الذي أقر به الأب من المرأة ثلاثة عشر سهما من أربعين سهما من نصيبها في قول أبى يوسف وفي
قول محمد يأخذ من المرأة أربعة أسهم وثلث سهم من ثلاثة وعشرين سهما وثلث سهم لان الفريضة
المعروفة من اثنى عشر للمرأة الربع ثلاثة وللأم ثلث ما بقي وهو ثلاثة والباقي للأب والفريضة
المجهولة على ما أقرت به المرأة من أربعة وعشرين للمرأة الثمن ثلاثة وللأبوين السدسان ثمانية
210

لكل واحد منهما أربعة والباقي بين الابنين نصفان وذلك ثلاثة عشر فانكسر بالانصاف فأضعفه
فيكون من ثمانية وأربعين للمرأة ستة ولكل ابن ثلاثة عشر وللأبوين لكل واحد منهما ثمانية
ثم يطرح نصيب الأم في مقاسمة الابن الذي صدق به الأب مع المرأة لأنها قد كذبت به فإذا
طرحنا ثمانية من ثمانية وأربعين يبقى أربعون فقد أقرت المرأة أن حق هذا الابن في ثلاثة
عشر سهما من أربعين من التركة وفي يدها جزء من التركة فيعطيها مقدار حقها من ذلك
وذلك ثلاثة عشر سهما من أربعين فيضمه إلى نصيب الأب ويقاسمه على سبعة عشر سهما
للأب من ذلك أربعة وله ما بقي لأنهما تصادقا على أن الفريضة من أربعة وعشرين لان
الميت خلف ابنا واحدا وأن للأب أربعة وللابن ثلاثة عشر فما يصل إليهما يقسم بينهما على اعتبار
زعمهما ويقاسم الابن الباقي المرأة ما بقي في يدها على تسعة عشر سهما لها ستة وله الباقي لأنهما
تصادقا على أن القسمة من ثمانية وأربعين وأن للمرأة ستة وللابن الباقي ثلاثة عشر فما بقي في
يدها يقسم بينهما على ذلك وجه قول محمد رحمه الله أن الابن الذي أقر به الأب يأخذ من يدي
المرأة أربعة أسهم وثلث سهم من ثلاثة وعشرين سهما وثلث لأنها زعمت أن حق هذا الابن
في ثلاثة عشر ولكن ثلث ذلك في يدها وثلثا ذلك في يد الأب لان في يدها ربع التركة على
الفريضة المعروفة وفي يد الأب نصف التركة وقد صدق الأب بهذا الابن فيكون متحملا
عنها ثلثي نصيبه وذلك ثمانية وثلثان فإنما يبقى حقه فيما في يدها في أربعة وثلث وحق الابن
الاخر في ثلاثة عشر وحق المرأة في ستة فإذا جمعت هذه السهام كانت ثلاثة وعشرين وثلثا
فلهذا يأخذ منها أربعة وثلثا من ثلاثة وعشرين وثلث ثم يقاسمه كل واحد منهما مع من أقر
به كما بينا في تخريج قول أبى يوسف ولو تصادق الابنان فيما بينهما أخذ الابن الذي أقر به
الأب منه ثلاثة عشر سهما من عشرين سهما من نصيبه لأنه يزعم الأب أن الفريضة من
أربعة وعشرين إلا أنه يطرح نصيب الأم وهو أربعة لأنها مكذبة به يبقى عشرون ففي
زعم الأب ان للابن ثلاثة عشر سهما من عشرين سهما من نصيبه فتأخذ منه هذا المقدار
ونضمه إلى نصيب المرأة فيقتسمونه على اثنين وثلاثين سهما لأنهم تصادقوا على أن القسمة
من ثمانية وأربعين وان نصيب المرأة ستة ونصيب كل ابن ثلاثة عشر فما تحصل في أيديهم
يقسم بينهم على ذلك يضرب فيه كل ابن بثلاثة عشر والمرأة بستة فتكون القسمة من اثنين
وثلاثين سهما وقيل هذا الجواب غلط والصحيح أن الابن إنما يأخذ من الأب ثلاثة
211

عشر سهما وثلث سهم من عشرين سهما لان الأب لا يدعي الزيادة على سدس التركة فإنه أقر
أن الميت ترك ابنا وفي يده نصف التركة وقد صار على عشرين فيكون جميع التركة أربعين
سهما السدس من ذلك ستة وثلثان فإذا كان الأب لا يدعي أكثر من ستة وثلاثين كان عليه
أن يدفع ما زاد على ذلك إلى الابن لأنه يدعى جميع ذلك وذلك ثلاثة عشر وثلث * وحكى الحاكم
هذا الطعن عن السرى * وقال صوابه أن يأخذ أربعة عشر سهما من عشرين سهما وهو
غلط من الكاتب إنما الصواب أن يأخذ ثلاثة عشر سهما وثلثا كما بينا وإذا ترك الرجل ابنين
وعبدين وقيمتهما سواء فأخذ كل واحد منهما عبدا ثم أقر أحد الابنين بأخت له من أبيه
وأنكرها صاحبه أخذت من العبد الذي في يده خمسة لأنه أقر أن الميت خلف ابنين وابنة
وأن حقها في خمس كل عبد فيعطيها خمس العبد الذي في يده ويضمن لها المقر سدس قيمة العبد
الذي في يد أخيه لان ذلك العبد كان في يدهما فلا ضمان على المقر له في النصف الذي كان
منه في يد الجاحد في الأصل وهو ضامن لنصيبها من النصف الذي كان في يده لأنه أعطاه إلى
الجاحد باختياره ونصيبها من ذلك الثلث لان ذلك النصف لو كان في يده لكان يعطيها ثلث
ذلك باعتبار اقراره فيضمن لها ثلث النصف باعتبار اخراجه من يده وذلك سدس جميع قيمته
ولو ترك دارين وابنا وابنة فاقتسما كل واحد منهما دارا ثم أقرت الابنة بأخ لها من أبيها
وكذبها فيه أخوها فإنه يأخذ منها خمسي الدار التي في يدها لأنها زعمت أن الميت خلف ابنين
وابنة وأن القسمة من خمسة لكل ابن سهمان فنعطيه خمسي الدار التي في يدها لهذا وتضمن
له خمسي قيمة الدار التي في يد أخيها لان ثلث ذلك الدار باعتبار الأصل في يدها وقد دفعت
إلى أخيها باختيارها فكانت ضامنة للمقر له نصيبه من ذلك بزعمها ونصيبه ثلثا تلك الثلث فإنه
لو كان ذلك في يدها أمرت بدفع ثلثيه إلى الأخ فلهذا ضمنت له خمسي قيمة تلك الدار * وإذا
ترك الرجل إبلا وبقرا وابنين فاقتسما فأخذ أحدهما الإبل بنصيبه والاخر البقر بنصيبه ثم أقر
أحدهما بأخ وأخت معا وصدقه أخوه في الأخت وكذبه في الأخ وتكاذب المقر بهما فيما
بينهما فان الابنة تأخذ من المقر بها سبع ما في يده فيسلم لها لأنها تزعم أن الميت خلفه ثلاثة
بنين وابنة فتكون القسمة من سبعة ونصيبها السبع فلهذا يعطيها سبع ما في يده ولا يضمن لها
شيئا مما دفعه إلى الابن الاخر لان الابن الاخر يصدق بها فيصل إليها نصيبها من ذلك ثم
يرجع على أخيها الذي أقر بها خاصة بخمس ما صار له لأنه يزعم أن الميت خلف ابنين وابنة
212

وان نصيبها الخمس فلهذا يعطيها ما صار له ويضمن لها أيضا ثلث سبع قيمة ما صار لأخيه
وهو المقر بها وقيل هذا غلط والصواب أن يضمن لها ثلثي سبع قيمة ما صار لأخيه المقر بها
لأنه قد دفع نصف ذلك إليه باختياره ولو كان ذلك في يده لكان يلزمه أن يدفع إليها ثلث
ذلك النصف فيكون غارما لها قيمة ذلك إلا أنه قد وصل إليها سبع ذلك من جهة الأخ فيحتاج
إلى حساب له سبع وثلث وأقل ذلك أحد وعشرون فسبعة ثلاثة وثلثه سبعه فإذا صار النصف
على أحد وعشرين كان جميع ذلك اثنين وأربعين فحقها بزعمه في ثلث النصف وذلك سبعة من
اثنين وأربعين وقد وصل إليها السبع وذلك ستة نصف ذلك وهو ثلاثة مما كان في الأصل
في يد أخيه ونصف ذلك من النصف الذي دفعه إلى أخيه فإنما يسقط عن الدفع ضمان هذه
الثلاثة ويبقى عليه ضمان أربعة أسهم وسبع الكل ستة فأربعة تكون ثلثي السبع فلهذا يضمن لها
ثلثي سبع قيمة ما صار لأخيه ويأخذ الأخ المقر به مما صار للمقر سبعيه لان الميت بزعمه ثلاثة
بنين وابنة والقسمة من سبعة للأخ من ذلك سهمان فلهذا نعطيه سبعي ما صار له فان قيل الأخ
الاخر مكذب له فلماذا لا يطرح نصيبة في المقاسمة معه على قياس المسائل المتقدمة قلنا لأنه
ضامن له من حصته مما دفع إلى أخيه باعتبار اختلاف جنس المال فلا حاجة إلى أن يطرح نصيبه
من ذلك قال ويضمن له خمس ما صار لأخيه لأنه دفع النصف إلى أخيه باختياره ولو كان
ذلك في يده لكان يعطيه خمس ذلك النصف لان بزعمه أن للأخت من ذلك سهما والباقي
منه بينه وبين الأخ نصفان لكل واحد منهما سهمان وخمسا النصف خمس الجميع فلهذا يضمن
له خمس ما صار لأخيه قال الحاكم هذا الحرف غلط وصوابه انه يضم له ثلاثة أسهم من أربعة
عشر سهما مما صار في يد أخيه هكذا ذكره أبو عصمة عن المقبري عن عيسى ابن أبان لأنه
لو لم يكن دفع إليه لكان يعطى الأخت سبع ذلك على ما بينا والباقي وهو ستة أسباع بينهما
نصفان لكل واحد منهما ثلاثة وإذا صار النصف على سبعة كان الجميع أربعة عشر فعرفنا ان
حصته من ذلك بزعمه ثلاثة أسهم من أربعة عشر سهما فإنما يضمن ذلك القدر لصاحبه يدفعه
إلى أخيه باختياره والله تعالى أعلم
(تم الجزء الثامن والعشرون من كتاب المبسوط)
(ويليه الجزء التاسع والعشرون * وأوله باب الوصية بأكثر من الثلث)
213