الكتاب: الجوهر النقي
المؤلف: المارديني
الجزء: ٥
الوفاة: ٧٥٠
المجموعة: فقه المذهب الحنفي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الفكر
ردمك:
ملاحظات:

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
..
الجزء الخامس
الجوهر النقي
للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير
بابن التركماني المتوفى سنة خمس وأربعين وسبع مائة
دار الفكر
1

قال (باب ما يدل على أنه عليه السلام احرم احراما مطلقا
ذكر فيه (عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر حجا ولا عمرة) الحديث
5

ثم قال (رواه البخاري في الصحيح عن محمد يقال إنه ابن يحيى عن محاضر) - قلت - اخرج البخاري في صحيحه
حديث حاضت صفية عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش به ثم قال وزادني محمد عن محاضر عن الأعمش
باسناده قلت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر الا الحج فذكر الحديث أتم من الأول وقال أبو علي
الغساني في تقييد المهمل نسبه ابن السكن محمد بن سلام -
6

قال (باب من اختار القران)
ذكر فيه (ان ابن عمر أنكر على أنس رواية القران وقال إن انسا كان يدخل على النساء وهن مكشفات الرؤس)
إلى آخره - قلت - أنكر ابن حزم أن يكون ابن عمر قال هذا وقال كيف يجوز أن يقول هذا وهو لا يزيد على أنس
9

الا عاما واحد الان انسا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان عمره عشر سنين وخدم النبي صلى الله عليه
وسلم عشرا فكان عمره يوم مات صلى الله عليه وسلم عشرين سنة وعمر ابن عمر عند ذلك أحد وعشرين سنة
لأنه عرض يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة وكان الخندق في الرابعة والباقي بعد ذلك ست سنين فإذا
أضيفت إلى خمس عشرة صار الكل احدى وعشرين فذلك عمر ابن عمر عند موت النبي صلى الله عليه وسلم وكيف
يقال إن انسا كان يدخل عليهن عام حجة الوداع وهن مكشفات الرؤس وانس أول من حجبه النبي صلى الله
عليه وسلم قبل ذلك بأربع سنين ثم أوضح ابن حزم ذلك وبسطه فمن أراد ذلك فلينظره في حجة الوداع له على أن
ابن عمر أيضا روى القران ذكره ابن حزم وعنه انه اختاره وفي الصحيح عنه أنه قال أشهدكم اني قد
أوجبت الحج مع العمرة وفي موطأ مالك عن صدقة بن يسار ان رجلا من أهل اليمن قال لابن عمر اني قدمت
10

بعمرة فقال لو كنت معك لامرتك ان تقرن إلى آخره ثم ذكر البيهقي حديث وهيب (عن أيوب عن أبي قلابة عن
انس أهل عليه السلام بحج وعمرة وأهل الناس بهما) الحديث ثم قال (ورواه حماد بن زيد عن أيوب يعنى عن أبي
قلابة فأضاف ذلك إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسند البيهقي ذلك ولفظه) (قال انس وسمعتهم يصرخون بهما
جميعا الحج والعمرة) ثم قال البيهقي (قال سليمان يعنى ابن حرب سمع أبو قلابة هذا من انس وهو فقيه وروى حميد
ويحيى بن أبي إسحاق عن أنس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبى بعمرة وحج قال ولم يحفظا إنما الصحيح ما قال أبو قلابة
انه عليه السلام أفرد وقد جمع بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بين الحج والعمرة فإنما سمع أنس أولئك الذين
جمعوا بينهما هذا الكلام أو نحوه) قال البيهقي (وقد رواه جماعة عن أنس كما رواه يحيى بن أبي إسحاق ورواه
وهيب عن أيوب فالاشتباه وقع لانس لا لمن دونه ويحتمل أن يكون سمعه صلى الله عليه وسلم يعلم غيره كيف يهل
11

بالقران لا لأنه يهل بهما عن نفسه والله أعلم) قلت قول انس رضي الله عنه يصرخون بهما يندرج فيه النبي صلى الله عليه
وسلم وأصحابه كما صرح به في الرواية الأولى حيث قال وأهل الناس بهما وفي هذا جمع بين الروايتين فقول البيهقي
أضاف ذلك إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم دعوى مخالفة للظاهر واثبات للتحالف بين الروايتين بلا ضرورة وقول
سليمان لم يحفظا قول لا دليل عليه بل حفظ (1) وتابعهما على ذلك جماعة كما ذكره البيهقي وذكر ابن حزم في حجة الوداع
هذا الحديث من عدة طرق ثم قال فهؤلاء ستة عشر من الثقات كلهم متفقون على أنس على أن لفظ النبي صلى الله عليه
وسلم كان اهلا لا بحجة وعمرة معا انتهى كلامه وعلى تقدير؟؟ بين الروايتين فرواية هؤلاء الجماعة أولى ولم يرو
أبو قلابة الافراد أصلا فيما علمنا فضلا عن أن يكون ذلك هو الصحيح كما زعم سليمان بل الذي في الصحيح انه روى
القران كما تقدم وقد صرح هؤلاء الجماعة عن أنس انه سمع ذلك منه صلى الله عليه وسلم فانتفى قول سليمان إنما سمعه
من بعض أصحابه وقول البيهقي (الاشتباه وقع لانس) جرأة على صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتغليط له بلا دليل
قوله (يحتمل أن يكون سمعه يعلم غيره) رد للحديث الصحيح بمجرد احتمال بعيد يمكن ان يقال مثله في رواية من روى
12

انه عليه السلام أفرد أو تمتع وكيف يصح ذلك مع قوله سمعته عليه السلام يلبى بعمرة وحج وحكى ابن حزم عن الشافعي
ان جابرا كان أحسن الصحابة اقتصاصا للحديث في حجة الوداع وجعل ذلك ترجيحا لروايته ثم رد عليه ابن حزم بما
ملخصه انه وإن كان كذلك فقد وصف نفسه انه كان في كثرة زحام بقوله نظرت إلى مد بصرى بين يديه من راكب
وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك وعائشة حينئذ في هودجها مع النساء وانس في ذلك اليوم كما
أخبر رديف أبي طلحة إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم يرى أن رجله تمس غرز النبي صلى الله عليه وسلم فمن أولى
بحفظ كلامه من كان أقرب إليه ولصيقه ليس بينه وبينه أحد أو من كان على بعد منه وفى زحام شديد - ثم ذكر البيهقي
حديث أنس (اعتمر عليه السلام أربع عمر) إلى آخره ثم قال (وقد روى عن غير أنس وفي ثبوته نظر) ثم أخرجه
من طريق أبي داود من حديث أبي إسحاق (عن مجاهد سئل ابن عمر) الحديث وفيه (ان عائشة قالت اعتمر عليه السلام
ثلاثا سوى التي قرنها في حجة الوداع) ثم قال (الرواية الثابتة عن مجاهد عن منصور ليس فيها هذا) قلت اسناد
حديث أبي داود صحيح جليل على شرط البخاري وليس من ترك ذكر شئ حجة على من ذكره قال البيهقي (وقد روى
عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب وليس بمحفوظ ثم أخرجه من حديث مالك بن يحيى (عن يزيد بن هارون عن
زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق) قلت أخرجه أبو عمر في التمهيد من حديث أحمد بن حنبل عن يزيد بن هارون
بسنده وهذا سند صحيح قال البيهقي (وقد روى من حديث جابر وليس صحيح) ثم أخرجه وحكى (عن الترمذي انه
سأل عنه البخاري فقال خطأ) - قلت - أخرجه شيخ البيهقي الحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط مسلم وذكره
13

الترمذي وحكى عن البخاري انه لم يعرفه قال ورأيته لا يعده محفوظا - ثم رواه البيهقي من وجه آخر وفي سنده داود بن
عبد الرحمن العطار فحكى عن البخاري أنه قال فيه صدوق ربما يهم في الشئ - قلت - هذا الحديث أيضا أخرجه أبو داود
بسند صحيح وأخرجه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الاسناد وداود هذا ثقة اخرج له في الصحيحين وبقية الكتب
الستة وما رأيت أحدا ذكر هذا الكلام الذي حكاه البيهقي عن البخاري ولا ذكره البخاري في تاريخه وذكره ابن حبان
في كتابه في الثقات وقال كان متقنا من فقهاء أهل الكوفة ومحدثيهم فظهر بهذا ان الحديث ثابت عن غير انس ولا نظر فيه
وفي مسند الشافعي عن عطاء انه عليه السلام سعى في عمره كلهن الأربع بالبيت والصفا والمروة وقال ابن الأثير في شرح
البخاري الذي صح وتعاضدت به الأحاديث انه عليه السلام احرم بأربع عمر - الأولى - عام الحديبية سنة ست
الثانية - عمرة القضاء سنة سبع - الثالثة عمرة الجعرانة سنة ثمان - الرابعة - التي مع حجته سنة عشر (وفي الاستذكار)
وقد روى بمثل ما قال ابن شهاب ان عمره كلها كانت في ذي القعدة الا عمرته التي كانت مع حجته آثار مرفوعة من حديث
عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره - ثم ذكر البيهقي - حديث حفصة (ولم تحل أنت من عمرتك) ثم قال (قال الشافعي
يعنى من احرامك الذي ابتدأته وهم بنية واحدة والله أعلم فقال لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر يعنى والله أعلم
وحتى يحل الحاج لان القضاء نزل عليه ان يجعل من كان معه هدى احرامه حجا) - قلت - في هذا الكلام نظر وفي
شرح مسلم للنووي هذا الحديث دليل للمذهب الصحيح المختار الذي قد قدمناه واضحا بدلائله في الأبواب السابقة مرات
انه عليه السلام كان قارنا في حجة الوداع فقولها من عمرتك اي العمرة المضمونة إلى الحج وقد تأوله من يقول بالافراد
تأويلات ضعيفة ثم ذكر بعضها ثم قال (وكل هذا ضعيف والصحيح ما سبق) وقال أبو عمر في التمهيد حديث حفصة ينفى
انه عليه السلام كان مفردا وحكمه كحكم سائر الأحاديث في أنه عليه السلام قرن أو تمتع وقال الخطابي في المعلم وهذا الحديث
14

سيتبين لك انه قد كانت هناك عمرة ولكنه ادخل عليها حجة فصار بذلك قارنا وقال الطحاوي دل هذا الحديث انه عليه السلام
كان متمتعا لان الهدى لا يمنع من الا حلال الا في المتعة هذا إن كان قال ذلك بعد طوافه للعمرة وإن كان قاله قبل ذلك ولم يطف
حتى احرم بالحج صار قارنا وعلى أيهما كان فقد نفى قول من قال كان عليه السلام مفردا بالحج - ثم ذكر البيهقي الحديث من
رواية موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن حفصة ثم قال (وكذا رواه شعيب بن أبي حمزة عن نافع لم يذكر فيه العمرة)
- قلت - ذكر أبو عمر أن بعض الناس سئل عن هذا الحديث فزعم أنه لم يقل أحد عن نافع ولم تحل أنت من عمرتك الا مالك
ثم رد عليه أبو عمر بان جماعة قالوا ذلك عن نافع منهم مالك وعبيد الله بن عمر وأيوب السختياني وهؤلاء حفاظ أصحاب
نافع والحجة على من خالفهم ولو زاد ذلك مالك وحده لكان مقبولا لحفظه وفقهه واتقانه فكيف وقد تابعه من ذكرنا
ولكن المسؤول لما رأى حديث حفصة يوجب انه عليه السلام كان متمتعا أو قارنا ولا بد من احدى الحالتين دفعه بما لا وجه
له ولو جوز دفع حديث حفصة بمثل هذا الخطل كيف يصنع بأحاديث المتعة والقران (وقال في الاستذكار) الأولى بذوي
الانصاف ان لا يشكوا في حديث حفصة انه دال على أنه عليه السلام كان قارنا مع ما يشهد له من حديث انس وغيره ثم
ذكر أبو عمر قوله عليه السلام سقت الهدى وقرنت ثم قال وليس هو يوجد عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه صحيح
اخبار عن نفسه انه أفرد ولا انه تمتع وإنما يوجد عن غيره إضافة ذلك إليه فيما يحتمل التأويل وهذا اللفظ يرفع الاشكال
ويدفع الاحتمال - ثم ذكر البيهقي حديث علي بن المبارك (عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس عن عمر حديث
اتاني جبرئيل) وفي آخره (وقل عمرة في حجة) ثم قال (كذا قال ابن المبارك عن يحيى وخالفه الأوزاعي في أكثر
الروايات عنه فقال وقال عمرة في حجة) ثم أخرجه كذلك من حديث الوليد بن مسلم وبشر بن بكر عن الأوزاعي ثم قال
(وكذا قاله شعيب بن إسحاق ومسكين بن بكير عن الأوزاعي فيكون ذلك اذنا في ادخال العمرة على الحج لا انه امر
15

النبي عليه السلام بذلك في نفسه) قلت - أخرجه البخاري في الحج من حديث بشر بن بكر والوليد بن مسلم وفي كتاب
المزارعة من حديث شعيب بن إسحاق كلهم عن الأوزاعي ولفظه وقل عمرة في حجة وأخرجه أبو داود كذلك من
حديث مسكين بن بكير وابن ماجة كذلك من حديث محمد بن مصعب والوليد بن مسلم كلهم عن الأوزاعي ورواه أحمد
في مسنده كذلك عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي وهذا أولى من رواية من قال وقال عمرة لان الملك لا يلبى
وإنما يعلم التلبية ولو صحت تلك الرواية نوفق؟ بينهما ونقول المراد قال قل فاختصره الراوي - ثم ذكر البيهقي حديث
عمران بن حصين ثم قال (قوله جمع بين حج وعمرة إن كان الراوي حفظه يحتمل أن يكون المراد اذنه فيه وأمره
بعض أصحابه بذلك) - قلت - لاوجه لقوله (إن كان الراوي حفظه) بعد صحة الحديث والتأويل الذي ذكره في
غاية البعد والمخالفة للظاهر من غير ضرورة - ثم ذكر حديث قدوم على من طريق البراء وفيه (قد سقت الهدى
وقرنت) ثم ذكره من طريق انس وفيه (لولا أن معي الهدى لا حللت) ثم قال (وفيه وفي حديث جابر جعل
العلة في امتناعه من التحلل كون الهدى معه والقارن لا يحل من احرامه حتى يحل منهما سواء كان معه هدى أو لم
يكن ودل ذلك على خطأ تلك اللفظ) - قلت الحديث الأول يقتضي القران وقد أيده ما أخرجه ابن حبان في
صحيحه من حديث النزال بن سبرة ثنا علي بن ابن طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة حاجا
وخرجت انا من اليمن قلت لبيك اهلالا كاهلال النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم فانى أهللت
بالعمرة والحج جميعا والحديث الثاني ينفى الا فراد لان الهدى لا يمنع المفرد من الا حلال فانتفى كونه عليه السلام
مفردا فالحديث حجة على من اختار الافراد -
قال (باب من اختار التمتع)
16

ذكر فيه حديث ابن عمر في التمتع وفيه (ثم لم يحلل من شئ حرم منه حتى قضى حجه وهديه) ثم ذكر عن عائشة مثله
17

ثم قال (وحيث لم يتحلل من احرامه حتى فرغ من حجه ففيه دلالة على أنه لم يكن متمتعا) - قلت - هذا لا يرد على فقهاء
الكوفة فعندهم المتمتع إذا اهدى لا يتحلل حتى يفرغ من حجه وهذا الحديث أيضا ينفى كونه مفردا لان الهدى لا يمنع
المفرد من الا حلال فهو حجة على البيهقي وفي الاستذكار لا يصح عندنا أن يكون متمتعا قران لأنه لا خلاف بين
العلماء انه عليه السلام لم يحل من عمرته وأقام محرما من اجل هديه إلى يوم النحر وهذا حكم القارن لا المتمتع - قلت في
كلام انى عمر هذا نظر فان المتمتع إذا اهدى يقيم محرما إلى يوم النحر عند الحنفية -
18

قال (باب الاعواز من هدى المتعة)
24

ذكر فيه حديثا في سنده يحيى بن سلام فقال (ليس بالقوى) - قلت - كذا قال هنا وقال في باب من قال لا يقرأ
(ضعيف) ثم إن مذهب الشافعي انه لا يجوز للمتمتع إذا لم يجد الهدى ان يصوم أيام التشريق وهذا ظاهر كلام البيهقي
في أبواب الصيام وظاهر كلامه في هذا الباب الجواز وهو قول الشافعي بالعراق ثم قال بمصر لا يصومها أحد لنهيه
عليه السلام عن صيامها - كذا في الاستذكار -
25

قال (باب ميقات أهل العراق)
ذكر فيه حديثا عن أبي الزبير عن جابر ثم عزاه إلى مسلم ثم ذكر من طريق البخاري عن بن عمران عمر حد لهم ذات
عرق ثم قال (ذهب طاوس وجابر بن زيد وابن سيرين إلى أنه عليه السلام لم يوقته وإنما وقت بعده واختاره الشافعي
27

ثم قال (وذهب عطاء إلى أنه عليه السلام وقته) ثم ذكره عنه عن النبي عليه السلام مرسلا وقال (هو الصحيح)
ثم قال وروى ذلك في غير حديث جابر) ثم رواه ثم أخرجه من حديث القاسم (عن عائشة عنه عليه السلام) ثم قال
(رواه أبو داود في سننه) ثم أخرجه من طريق أبي داود من حديث ابن عباس ثم أخرجه من حديث الحارث بن
عمرو وعزاه إلى أبي داود ثم قال (واليه ذهب عروة) ثم أخرجه من حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم - قلت - اخرج
حديث عائشة المذكور أولا النسائي أيضا واخرج أبو عمر في التمهيد من طريق قاسم بن اصبغ ثنا الحارث بن أبي أسامة
ثنا يزيد بن هارون ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكره وفي آخره ولأهل العراق ذات عرق واخرج الطحاوي في أحكام القران بسنده عن أنس انه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل البصرة ذات عرق ولأهل المدائن العقيق -
والبصرة والمدائن كلاهما فقد روى توقيت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل العراق ذات عرق من وجوه كثيرة مسندة
ومرسلة وبعضها في الصحيح وفي التمهيد قال قائلون عمر هو الذي وقت العقيق لأهل العراق لأنها فتحت في زمانه
وقال آخرون هذه غفلة من قائل هذا القول لأنه عليه السلام هو الذي وقت لأهل العراق ذات عرق والعقيق كما وقت
لأهل الشام الجحفة والشام كلها يومئذ دار كفر كالعراق فوقت المواقيت لأهل النواحي لأنه علم أن الله سيفتح على أمته
الشام والعراق وغيرهما ولم يفتح الشام والعراق الا على عهد عمر بلا خلاف وقد قال عليه السلام منعت العراق درهمها
28

ودرهمها (1) الحديث معناه عند أهل العلم ستمنع -

(1) كذا - والمعروف - درهمها وقفيزها -
29

قال (باب الغسل للاهلال)
ذكر فيه حديث زيد بن ثابت (اغتسل عليه السلام لا حرامه) وفي سنده أبو غزية محمد بن موسى فقال (ليس بالقوى
- قلت - فيه أمران أحدهما انه لين الكلام فيه وقال الرازي ضعيف وقال ابن حبان يسرق الحديث ويحدث به
ويروى عن الثقات الموضوعات - والثاني - انه علل الحديث عن الوجه ان يعلل بغيره لان مداره على عبد الرحمن بن أبي
الزناد وقد ضعفه النسائي وغيره فالصواب انه يعلل به لا بابي غزية لان غيره تابعه عليه فأخرجه البيهقي من حديث الأسود بن
عامر وهو ثقة عن ابن أبي الزناد وأخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن يعقوب الرملي عنه أعني عن ابن أبي الزناد وقال
حسن غريب -
32

قال (باب من قال يهل خلف الصلاة)
ذكر فيه حديث اختلافهم في اهلاله عليه السلام وفي سنده خصيف فقال (ليس بالقوى) - قلت - هذا الحديث
أخرجه الحاكم في مستدركه وقال على شرط مسلم وأخرجه أبو داود في سننه وسكت عنه وفي شرح المهذب للنوى
قد خالف البيهقي في خصيف كثيرون من الحفاظ والأئمة المتقدمين في هذا الشأن فوثقه يحيى بن معين امام الجرح
والتعديل وأبو حاتم وأبو زرعة ومحمد بن سعد وقال النسائي صالح -
37

قال (باب من لبى لا يريد اخرا ما لم يصر محرما)
قال الشافعي وروى أن ابن مسعود لقى ركبا بالسباخ (2) محرمين فلبوا ولبى ابن مسعود وهو داخل الكوفة - قلت - في

(2) كذا
40

مصنف ابن أبي شيبة ثنا وكيع عن سفيان عن ابن سوقة عن رجل لم يسمه ان ابن مسعود احرم من السباخ (1) وذكر أبو عمر في التمهيد ان جماعة من الصحابة والتابعين أحرموا من المواضع البعيدة قال واحرم ابن مسعود من القادسية انتهى كلامه
فعلى هذا لبى ابن مسعود مريدا للاحرام فالاثر ليس بمطابق للباب -

(1) كذا وتقدم قريبا مثله فيما حكاه من عبارة البيهقي ووقع في نسخ السنن - بالسالحين - وفي كتاب الام ج - 2 - ص 132
- بالساحل - محرمين فلبوا ولبى ابن مسعود وهو داخل إلى الكوفة
41

قال (باب المرأة لا تنتقب)
46

ذكر فيه حديثا في سنده أيوب بن محمد أبو الجميل (1) فقال (ضعيف عند أهل العلم بالحديث ضعفه ابن معين وغيره) - قلت -
كيف يقول هذا وبعض أهل العلم بالحديث وثقوه وفي نفس الاسناد توثيقه وقال أبو حاتم الرازي لا بأس به وفي
الضعفاء للذهبي ضعفه ابن معين ووثقه غيره وفي الميزان وثقه الفسوي -

(1) كذا في الجوهر وفي السنن أبو الجمل وهو الصواب ذكره صاحب الكنى -
47

قال (باب من لم يجد الإزار لبس سراويل)
ثم ذكر الحديث - قلت - هو متروك الظاهر قال القدوري في التجريد وافقونا على أن السراويل لو كان كبيرا يمكن ان
يتزر به من غير فتق لم يجز لبسه لأنه واجد للازار وكذا لو خاط ازاره سراويل وهو قطعة واحدة لا يجوز لبسه وان لم يجد
إزارا غيره لأنه ازار في نفسه إذا فتقه وفي شرح العمدة الحديث يدل على جواز لبس السراويل من غير قطع وهو قوى
ههنا إذا لم يرد بقطعه ما ورد في الخفين وغيره من الفقهاء لا يبيح السراويل على هيئته إذا لم يجد الإزار - ثم إن البيهقي بعد
50

ذكر حديث اللبس (من لم يجد نعلين فليلبس الخفين من غير امر بالقطع) وذكر حديث ابن عمر وفيه الامر بالقطع حكى عن
عمرو بن دينار أنه قال انظروا أيهما قبل حديث ابن عمر أو حديث ابن عباس ثم قال البيهقي (حملهما عمرو على نسخ أحدهما
بالاخر وبين في رواية بان عون وغيره عن نافع عن ابن عمران ذلك كان بالمدينة قبل الاحرام وبين في رواية شعبة عن عمرو
عن جابر بن زيد عن ابن عباس ان ذلك كان بعرفة بعد قصة ابن عمر ثم ذكر الشافعي ما ملخصه انه يرى قطعهما وان زيادة ابن
عمر شيئا عزب عن ابن عباس أو شك فيه أو سكت عنه ليس باختلاف - قلت - تبين بما ذكره البيهقي ان حديث ابن عباس
متأخر فكان الوجه العمل باطلاقه وجواز لبسهما بلا قطع كما ذهب إليه ابن حنبل الا ان في سنن النسائي أخبرنا إسماعيل بن
مسعود ثنا يزيد بن زريع ثنا أيوب هو السختياني عن عمرو عن جابر بن زيد عن ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكر الحديث وفيه فإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين يقطعهما أسفل من الكعبين وهذا سند جيد فيه ان اشتراط القطع
مذكور في حديث ابن عباس فلا نسلم ان الاطلاق بجواز لبسهما هو المتأخر -
51

قال (باب ما لا يجوز للمحرم والمحرمة لبسه من)
(الثياب المصبوغة بالورس والزعفران)
ذكر فيه حديث ابن عمر (نهى عليه السلام ان يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بورس أو زعفران) - قلت - في دخول
المحرمة في هذا نظر والصواب الاستدلال على خصوص المحرمة بحديث ابن عمر المذكور في الباب السابق -
قال (باب لا يغطى المحرم رأسه ويغطى وجهه)
- قلت - الكلام معه في هذا الباب تقدم مبسوطا في كتاب الجنائز -
53

قال (باب لبس المحرم وطيبه جاهلا)
ذكر فيه حديث (المحرم بعمرة وعليه جبة) - قلت - كان هذا قبل التحريم فلهذا لم يأمره عليه السلام بالفدية فاما بعد
التحريم فلا فرق بين الجاهل والناسي والعامد كقتل الصيد -
56

قال (باب من لم ير بشم الريحان بأسا
ذكر فيه اثرا عن ابن عباس - قلت - للشافعي في الريحان ونحوه مما هو طيب ولا يتخذ منه الطيب قولان - أحدهما - انه
طيب تجب الفدية بشمه - والثاني - ليس بطيب واما ما هو طيب ويتخذ منه الطيب كالزعفران والورد والياسمين ففي
شمه الفدية عنده وعند الحنفية لا فدية بالشم لأنه عليه السلام كان يتطيب عند احرامه ويبقى عليه اثره ولا بد من وجود
ريحه فدل انه لا حكم بمجرد الرائحة -
57

قال (باب المحرم يدهن جسده غير رأسه ولحيته بما ليس بطيب)
ذكر فيه (انه عليه السلام ادهن بزيت إلى آخره) - قلت - في سنده فرقد السبخي فسكت عنه وضعفه النسائي والدارقطني
وقال أيوب ليس بشئ كذا في الضعفاء لابن الجوزي ومع ذلك قد اختلف فيه على سعيد بن جبير كما بينه البيهقي بعد ثم على
تقدير صحة الحديث هو مطلق ليس في استثناء الرأس واللحية ومذهب أحمد بن حنبل انه إذا ادهن بالزيت فلا فدية عليه
عملا بهذا الحديث -
58

قال (باب العصفر ليس بطيب)
(قد مضى في رواية ابن إسحاق عن ابن عمر مرفوعا في النساء ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا
أو خزا) - قلت - ابن إسحاق متكلم فيه وقد اختلف عليه فيه كما حكاه البيهقي عن أبي داود في بيان ما تلبس المحرمة من الثياب
وفي التمهيد رواه أبو قرة موسى بن طارق عن موسى بن عقبة عن نافع موقوفا على ابن عمرو في الموطأ مالك عن نافع ان
ابن عمر كأن يقول لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين - ولم يذكر ما بعده فقد رواه مالك موقوفا وهو اجل من ابن
إسحاق بلا شك وقد شهد له رواية موسى بن طارق ولم يذكر مالك في روايته ولتلبس بعد ذلك ما أحبت وكيف يسمع ابن عمر
من النبي صلى الله عليه وسلم إباحة الخف للنساء ثم يأمرهن بقطعه حتى حدثته صفية عن عائشة انه عليه السلام أباح لهن الخفين
فترك ذلك كما ذكره البيهقي في باب ما تلبس المحرمة ثم ذكر البيهقي في هذا الباب أعني باب العصفر (ان عمر أبصر على عبد الله
ابن جعفر ثوبين مضرجين) إلى آخره - قلت - المضرج المصبوغ بالحمرة ولا يختص ذلك بالعصفر وفي المحلى روينا عن عمر
المنع من المعصفر جملة وللمحرم خاصة أيضا عن عائشة ثم ذكر البيهقي حديث مكحول (جاءت امرأة بثوب مصبوغ) - قلت
هو مع كونه مرسلا محمول على الضرورة يدل على ذلك قوله عليه السلام لك غيره قالت لا - وقد روى أبو داود بسند
صحيح عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب الحديث وقد ذكره البيهقي
فيما بعد في باب الأعواد وفيه دليل على أن العصفر طيب ولذلك نهيت عن المعصفر إذ لو كان النهى لكونه زينة لنهيت عن
59

ثوب العصب لأنه في الزينة فوق المعصفر كذا قال الطحاوي والعصب برود اليمن يعصب غزلها إلى تطوى ثم تصنع مصبوغا
ثم تنسج وفي الصحيحين انه عليه السلام استثنى من المنع ثوب العصب - والشافعية خالفت هذا الحديث قال النووي
الأصح عندنا تحريم العصب مطلقا والحديث حجة لمن إجازة وقال أيضا الأصح انه يجوز لها لبس الحرير -
قال (باب نهى الرجال عن لبس المعصفر)
60

ذكر فيه (ان علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يشير إلى أنه يختص بالنهي عنه دون غيره) ثم ذكر حديث على (نهاني رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولا أقول نهاكم) الحديث ثم ذكر (عن عثمان انه رأى على محمد بن عبد الله بن جعفر ملحفة معصفرة فذكر نهيه
عليه السلام عن لبس المعصفر فقال له على أنه عليه السلام لم ينهك ولا إياه إنما عناني انا) ثم قال البيهقي (اسناد غير قوى وحكم
على بالتخصيص في الرواية الصحيحة غير منصوص) - قلت - لو يرد علي رضي الله عنه في الرواية الصحيحة انه مخصوص
بالنهي عن غيره لا نصا ولا إشارة قال النووي ليس معناه ان النهى مختص به إنما معناه ان اللفظ الذي سمعته بصيغة الخطاب
لي فانا أنقله كما سمعته وإن كان الحكم يتناول الناس كلهم وفي شرح مسلم للنووي في باب النهى عن لبس الرجل الثوب
المعصفر أتقن البيهقي المسألة فقال في كتاب معرفة السنن نهى الشافعي الرجل عن المزعفر وأباح له المعصفر قال وإنما
رخصت له في المعصفر لأني لم أر أحدا يحكى عن النبي صلى الله عليه وسلم النهى عنه الا ما قال علي رضي الله عنه نهاني ولا أقول
نهاكم - قال البيهقي وقد جاءت أحاديث تدل على النهى على العموم ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ثم قال
ولو بلغت هذه الأحاديث الشافعي لقال بها إن شاء الله تعالى قال الشافعي وانهى الرجل الحلال بكل حال ان يتزعفر قال البيهقي
فتبع السنة في المزعفر فمتابعتها في المعصفر أولى به -
قال (باب الحناء ليس بطيب)
ذكر فيه حديثا عن عائشة - قلت - روته عن عائشة كريمة بنت همام لم أقف على حالها وقد ورد عنه عليه السلام خلاف
هذا قال أبو عمر في التمهيد ذكر ابن بكير عن ابن لهيعة عن بكير بن الأشج عن خولة بنت حكيم عن أمها ان النبي صلى الله عليه وسلم
قال لام سلمة لا تطيبي وأنت محد ولا تمسى الحناء فإنه طيب - وأخرجه البيهقي في كتاب المعرفة من هذا الوجه وقد عد
61

أبو حنيفة الدينوري وغيره من أهل اللغة الحناء من أنواع الطيب وقال الهروي في الغريبين في الحديث سيد رياحين
الجنة الفاغية - قال الأصمعي هو نور الحناء وفي الحديث أيضا عن أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفاغية -
62

قال (باب المحرم لا ينكح ولا ينكح)
قلت - الكلام على هذا سيأتي إن شاء الله تعالى مبسوطا في أبواب النكاح -
65

قال (باب الاستلام في الزحام)
ذكر فيه حديثا عن شيخ من خزاعة ثم قال (رواه الشافعي عن ابن عيينة عن أبي يعفور عن الخزاعي قال سفيان هو عبد الرحمن
ابن الحارث) - قلت - روينا هذا الحديث في سنن الشافعي رواية الطحاوي عن المزني قال سفيان هو عبد الرحمن بن نافع
ابن عبد الحارث وهي نسخة جليلة بخط أبى محمد الخلال ثم اخرج البيهقي من حديث عروة (انه عليه السلام قال لعبد الرحمن
ابن عوف في حجة الوداع كيف صنعت) إلى آخره ثم قال (مرسل) - قلت - أخرجه أبو عمر في التمهيد مسندا من حديث
80

القاسم بن اصبغ ثنا عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة ثنا يعقوب بن محمد الزهري انا القاسم بن محمد عن ابن أبي نجيح عن أبي سلمة
ابن عبد الرحمن عن أبيه انه عليه السلام قال له - ومن حديث علي بن عبد العزيز هو البغوي ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا
سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن عروة عن عبد الرحمن بن عوف قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث -
81

قال (باب اقلال الكلام بغير ذكر الله في الطواف)
84

ذكر فيه حديث (الطواف بالبيت صلاة) من طريق عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس - قلت - في كتاب
الترمذي لا نعرفه مرفوعا الا من حديث عطاء انتهى كلامه وعطاء متكلم فيه وقد اختلط في آخر عمره ومع هذا اختلف
عليه فيه ورواه غير واحد عن طاوس عن ابن عباس موقوفا كما بينه البيهقي -
قال باب الشرب في الطواف
(قال الشافعي روى من وجه لا يثبت انه عليه السلام شرب وهو يطوف قال البيهقي لعله أراد ما انا أبو عبد الله) فذكر
حديث ابن عباس (انه عليه السلام شرب ماء في الطواف) ثم قال البيهقي (غريب بهذا اللفظ) - قلت - اسناده جيد
وشيخ البيهقي فيه هو الحاكم قد أخرجه في مستدركه وصححه وأخرجه ابن حبان أيضا في صحيحه عن هارون بن عيسى
عن ابن عباس بسنده ولا يلزم من قول البيهقي (غريب) عدم ثبوته وقد شهد له ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه فقال
حدثنا يحيى بن يمان عن سفيان عن منصور عن خالد بن سعد عن أبي مسعود انه عليه السلام استسقى وهو يطوف بالبيت
85

فأتى بذنوب نبيذ السقاية فشرب - فظهر بهذا ان الشافعي لم يرد الحديث الذي ذكره البيهقي هذا هو الظاهر وقال ابن أبي
شيبة ثنا علي بن هشام عن ابن أبي ليلى عن عكرمة بن خالد عن رجل من آل الوداع قال استسقى النبي صلى الله عليه
وسلم وهو يطوف بالبيت فقال رجل الا نسقيك من شراب نصنعه فأتاه باناء فيه نبيذ زبيب فقال الا اكفأت عليه اناء
أو عرضت عليه عودا ثم شرب منه فقطب ثم دعا بماء فصبه فيه فشرب وسقى أصحابه - ولعل هذا الحديث هو الذي
اراده الشافعي فان فيه علتين - إحداهما - ابن أبي ليلى - والثانية - الرجل المجهول ولم يصرح بالسماع من النبي صلى الله
عليه وسلم قال
(باب الطواف على الطهارة)
86

ذكر فيه حديث (الطواف بالبيت مثل الصلاة) - قلت - المراد به مثلها في حصول الثواب لا في جميع الأحكام إذ لا يبطله
المشي والانحراف عن القبلة وتعمد الحديث بخلاف الصلاة ولو سبقه الحدث فبنى جاز على الأصح من مذهب الشافعي
وفي الصلاة يستقبل ولو نذر ان يصلى فطاف لم يجزه -
87

قال (باب من ركع ركعتي الطواف حيث كان)
- قلت - (1) ظرف مكان لا ظرف زمان هذا هو المشهور عند أهل العربية وأراد البيهقي بهذا الزمان ولهذا أورد في هذا
الباب ما يدل على أنه أراد بهما (2) التخيير في الزمان كحديث لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى ان ساعة شاء - وما روى أن
بعض الصحابة صلاهما بعد العصر وبعضهم بعد الصبح والصواب عبارة الشافعي فقد حكى البيهقي في كتاب المعرفة أنه قال
وأحب إلى أن يركع ركعتي الطواف متى ذكرهما حيث كان وذكر البيهقي في هذا الباب (عن عمر انه طاف بعد
الصبح وصلى الركعتين بذى طوى) - قلت هذا الأثر مخالف لمقصوده لان عمر لم يركع بعد الصبح ركعتي الطواف بل
اخرهما ولهذا قال البيهقي في الأوقات المكروهات في باب البيان (ان هذا النهى مخصوص ببعض الأمكنة وروى عن
جماعة من الصحابة والتابعين انهم كانوا يؤخرونهما حتى تطلع الشمس وترتفع) ثم ذكر هذا الأثر ثم ذكر نحوه عن
الخدري ومعاذ بن عفراء ثم قال وهذا يكون محمولا على أنه لم يبلغه التخصيص وفي الموطأ قال مالك ولا بأس بان يطوف
بعد الصبح والعصر ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس كما صنع عمر وفي الاستذكار مذهب عمر والخدري ومعاذ
ابن عفراء ومالك وأصحابه وجماعة إجازة الطواف بعد الصبح والعصر وتأخير الركعتين وعن معاذ بن عفراء ان طاف
بعد العصر أو الصبح فلم يصل وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد الغداة حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر

(1) كذا ولعله سقط - حيث
(2) كذا ولعل الصواب - بها -
91

حتى تغرب وكره الثوري وأبو حنيفة وأصحابه الطواف بعد الصبح والعصر فان فعل قالوا لا يركع حتى تطلع الشمس
أو تغرب وذكر البيهقي في هذا الباب (عن أبي الزبير رأيت ابن عباس يطوف بعد العصر ثم يدخل حجرته فلا ادرى
ما يصنع) - قلت - لا دليل في هذا الأثر على مدعاه -
قال (باب استلام الحجر بعد الركعتين)
ذكر فيه حديث جابر (انه عليه السلام لما خرج إلى الصفا عاد إلى الحجر فاستلمه) ثم قال (وقد مضى ذلك في الحديث
الثابت عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر) - قلت - الحديث الذي أورده ظاهره انه عليه السلام استلمه بعد خروجه إلى الصفار
فليس بمطابق للباب فكان الوجه ان يذكر ههنا الحديث الذي أشار إليه بقوله وقد مضى ذلك في الحديث الثابت إذ فيه انه
عليه السلام صلى الله عليه وسلم ركعتي الطواف ثم عاد إلى الحجر فاستلمه - فترك البيهقي اخراج ما فيه مدعاه صريحا وذكر ما ظاهره
يخالف مقصوده -
قال (باب الملتزم)
92

ذكر فيه حديثا من رواية ابن جريج عن عمرو بن شعيب ثم قال (لا ادرى سمعه من عمرو أم لا) - قلت - ذكر
البيهقي فيما مضى في باب وجوب الفطرة على أهل البادية ان ابن جريج لم يسمع من عمرو -
93

قال (باب وجوب السعي بين الصفا والمروة)
96

ذكر فيه حديث نسوة من بنى عبد الدار - قلت - قد بين البيهقي بعض اضطرا به وبينه ابن القطان مبسوطا وفي بعض
طرقه عبد الله بن المؤمل فسكت عنه البيهقي هنا وضعفه في باب ان النهى مخصوص ببعض الأمكنة وضعفه أيضا يحيى والنسائي
والدارقطني وقال احمد أحاديثه مناكير وقال ابن عدي عامة حديثه الضعف عليه بين وذكر من جملة ما ينكر عليه هذا
الحديث - ثم ذكره من وجه آخر من حديث مهران عن الثوري عن المثنى بن الصباح ثم قال (تفرد به مهران عن الثوري)
- قلت - مهران قال البخاري في حديثه اضطراب وقال ابن شاهين قال عثمان أكثر روايته عن الثوري خطأ والمثنى
سكت عنه البيهقي هنا وضعفه في باب النهى عن ثمن الكلب وفي الاشراف لابن المنذر كان انس وابن الزبير وابن سيربن
يقولون السعي بين الصفا والمروة تطوع وروى ذلك عن ابن عباس وروينا انه في مصحف أبى وابن مسعود (فلا جناح
عليه ان لا يطوف بهما) وفي الاستذكار قال ابن عباس وانس وعبد الله بن الزبير والحسن وابن سيربن هو تطوع وأوجب
الحسن وقتادة والثوري والكوفيون على من تركه الدم وعن الحسن عطاء لا شئ في تركه -

(2) أنكر وفى مص عن أمه بسرة وسماها ى
98

قال (باب ما يفعل المعتمر بعد الصفا والمروة)
101

- قلت - ذكر في آخره اثرا عن ابن عمر في النحر ليس هذا الباب موضعه -
قال (باب اختيار الحلق على التقصير)
102

ذكر في آخره (عن ابن عمر أنه قال للحالق أبلغ العظم) - قلت - ليس فيه اختياره على التقصير -
103

قال (باب المفرد والقارن يكفيهما طواف واحد وسعى واحد)
ذكر فيه حديث عائشة (واما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا ثم قال (إنما أرادت بقولها طافوا
105

طوافا واحدا السعي بين الصفا والمروة) ثم قال (وذلك بين في رواية جابر) ثم ذكرها وهي (انه لم يطف النبي صلى الله
عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة الا طوافا واحدا) - قلت - لا ضرورة إلى تأويل الطواف بالسعي بل المراد
الطواف على ظاهره وهو الطواف بالبيت ويحمل على أنهم طافوا طوافا واحدا وسعوا سعيا واحدا عملا باللفظين ثم ذكر
حديث جابر مستدلا به على أنها كانت قارنة وانه عليه السلام اكتفى لها عن الحج والعمرة بطواف واحد - قلت -
قد أقمنا الدليل فيما مضى في باب ادخال الحج على العمرة وفي باب العمرة قبل الحج على أنها كانت مفردة بالحج وانه عليه
السلام أمرها برفض العمرة وقولها وارجع بحجة واحدة دليل واضح على ذلك فعلى هذا معنى قوله عليه السلام يكفيك
لحجك وعمرتك - أي عمرتك المرفوضة لأنه لا طواف لها ويحتمل ان يريد ثواب هذا الطواف كثواب الحج والعمرة
لأنها قصدت النسكين وإنما تركت الواحد بغير اختيارها -
106

ثم ذكر البيهقي حديث الدراوردي (عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر من جمع بين الحج والعمرة طاف لهما طوافا واحدا)
قلت - هذا الحديث ذكره الترمذي ثم قال وقد رواه غير واحد عن عبيد الله ولم يرفعوه وهو أصح وفي الاستذكار
لم يرفعه أحد عن عبيد الله غير الدراوردي وكل من رواه عنه غيره أوقفه على ابن عمر وكذا رواه مالك عن نافع موقوفا
انتهى كلامه والدراوردي سيئ الحفظ قاله أبو زرعة ذكره عنه الذهبي في الكاشف ثم ذكر البيهقي حديث (دخلت
العمرة في الحج) ثم قال (قيل معناه دخلت في افعال الحج فاتحدتا في العمل) - قلت - هذا الحديث يحتمل معاني -
107

أحدها - دخلت في وقت الحج وشهوره نقضا لما كانت قريش عليه من ترك العمرة في أشهر الحج ذكره البيهقي فيما مضى
في باب العمرة في أشهر الحج - والثاني - وجوب العمرة كالحج ولهذا ذكر البيهقي هذا الحديث فيما مضى في باب وجوب
العمرة مستدلا به على ذلك وقد ذكرنا في ذلك الباب معنى ثالثا عن أبي بكر الرازي ومعنى رابعا عن الخطاب ثم قال البيهقي
(وروى الشافعي في القديم عن رجل أظنه إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال في القارن
يطوف طوافين ويسعى سعيا قال الشافعي وهذا على معنى قولنا يطوف حين يقدم بالبيت وبالصفا والمروة ثم يطوف بالبيت
الزيارة وقال بعض الناس عليه طوافان وسعيان واحتج فيه برواية ضعيفة عن علي وجعفر يروى عن علي قولنا) - قلت -
الرجل الذي روى ذلك عن جعفر مجهول وإن كان كما ظنه البيهقي فامر إبراهيم في السقوط أشد من الجهالة ورواية محمد عن علي
منقطعة كذا قال البيهقي في باب الاعواز من الهدى وذكره أيضا في باب سهم ذوي القربى ولو سلم تأويل الشافعي
الطواف في حق القارن بما ذكر فكيف يفعل برواية ويسعى سعيين ولو كان كما تأول لم يكن فيه خصوصية بالقارن فان
المفرد أيضا يفعل كذلك ويطوف هذين الطوافين وقد ذكر جماعة من العلماء ان مذهب على وابن مسعود ان القارن
يطوف طوافين ويسعى سعيين بخلاف المفرد ولو سلم رواية جعفر من العلتين المذكورتين وكان قوله ويسعى سعيا محفوظا
فسعيا مصدر مؤكد وهو يحتمل القلة والكثرة فيحمل على السعيين المفسرين في بقية الروايات فلا نسلم للشافعي قوله
وجعفر يروى عن علي قولنا ثم قال البيهق (أصح ما روى في الطوافين عن علي ما انا أبو بكر) فذكره سندا في آخره (عن أبي
نصر لقيت عليا) إلى آخره ثم قال (أبو نصر مجهول وقد روى بأسانيد ضعاف عن علي مرفوعا وموقوفا ومدار ذلك
على الحسن بن عمارة وحفص بن أبي داود وعيسى بن عبد الله وحماد بن عبد الرحمن وكلهم ضعيف لا يحتج بشئ
مما رووه) - قلت - قد روى ذلك بأسانيد جيدة ليس فيها أحد من هؤلاء قال أبو بكر بن أبي شيبة وسعيد بن منصور
ثنا هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن زياد بن مالك ان عليا وابن مسعود قالا القارن يطوف طوافين ورجال
هذا السند ثقات وزياد بن مالك ذكره ابن حبان في الثقات وذكر أبو عمر في التمهيد حديث أبي نصر عن علي ثم قال
وروى الأعمش هذا الحديث عن إبراهيم ومالك؟ الحارث عن عبد الرحمن بن أذينة قال سألت عليا فذكره وهذا
108

أيضا اسناد جيد وفي المحلى روينا من طريق منصور بن زاذان عن الحكم بن عتيبة ومن طريق ابن سمعان عن ابن شبرمة
كلاهما عن علي وفي المحلى أيضا روينا من طريق منصور بن زاذان عن زايد بن مالك ومن طريق سفيان عن أبي إسحاق
السبيعي كلاهما عن ابن مسعود قال على القارن طوافان وسعيان - ومن طريق الحجاج بن أرطأة عن الحكم عن عمرو
ابن الأسود عن الحسن بن علي قال إذا قرنت بين الحج والعمرة فطف طوافين واسع سعيين - فظهر بهذا افساد جعل البيهقي
ذلك الاسناد أصح ما روى في الطوافين عن علي وقد روى ذلك من حديث عمران بن حصين أيضا قال الدارقطني في سننه
ثنا أبو محمد بن صاعد ثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا عبد الله بن داود عن شعبة عن حميد بن هلال عن مطرف عن عمران بن
حصين ان النبي صلى الله عليه وسلم طاف طوافين وسعى سعيين - ثم قال الدارقطني يقال إن محمد بن يحيى حدث بهذا
الحديث من حفظه فوهم في متنه والصواب بهذا الاسناد انه عليه السلام قرن الحج والعمرة - وليس فيه ذكر للطواف
ولا للسعى وقد حدث بن محمد بن يحيى على الصواب مرارا ويقال إنه رجع عن ذكر الطواف والسعي - قلت - قوله
حدث به من حفظه فوهم لم ينسبه إلى أحد ممن يعتمد عليه وكذا قوله ويقال إنه رجع عنه والظاهر أن المراد انه سكت
عنه وإذا ذكر هذه الزيادة مرة وسكت عنها مرة لعذر لا تترك الزيادة ولو كان في الحديث علة أخرى غير هذا لذكره
الدارقطني ظاهرا وفي المحلى لابن حزم روينا من طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي ان الصبي
ابن معبد قرن بين العمرة والحج فطاف لهما طوافين وسعى سعيين ولم يحل بينهما واهدى وأخبر بذلك عمر بن الخطاب
قال هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم - انتهى كلامه والنخعي وان لم يدرك عمر ولا الصبي فقد قال أبو عمر في أوائل
التمهيد وكل من عرف بأنه لا يأخذ الا عن ثقة فتدليسه وترسيله مقبول فمراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم
النخعي عندهم صحاح ثم ذكر أبو عمر بسنده عن الأعمش قلت لإبراهيم إذا حدثتني حديثا فاسنده فقال إذا قلت عن عبد الله
يعنى ابن مسعود فاعلم أنه عن غير واحد وإذا سميت لك أحدا فهو الذي سميت قال أبو عمر إلى هذا نزع من أصحابنا من
زعم أن مرسل الامام أولى من مسنده لان في هذا الخبر ما يدل على أن مراسيل النخعي أولى من مسانيده وهو لعمري
كذلك وقال البيهقي في باب ترك الوضوء من القهقهة (قال ابن معين مرسلات النخعي صحيحة الا حديث تاجر البحرين
وحديث الضحك في الصلاة) وفي المحلى قال مجاهد وجابر بن زيد وشريح والشعبي ومحمد بن علي بن الحسين والنخعي
وحماد بن أبي سليمان والحكم بن عتيبة وأبو حنيفة والثوري والحسن بن علي وروى عن الأسود بن يزيد وأشار نحوه الأوزاعي
وذكره صاحب الاستذكار عن جماعة منهم الأوزاعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح -
109

قال باب القرن بين الأسابيع
110

ذكر فيه حديثا ثم قال (ليس بقوي) - قلت - في سنده عبد السلام بن أبي الجنوب قال ابن المديني وغيره منكر الحديث
وقال أبو حاتم متروك وهذا الحديث من منكراته -
111

قال (باب الخطبة يوم عرفة بعد الزوال)
ذكر فيه حديثا (عن الشافعي انا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر بن محمد) إلى آخره ثم قال (تفود بهذا التفصيل إبراهيم) -
قلت - كيف يقول تفرد به والشافعي يقول ثنا إبراهيم وغيره
114

ما وقف (باب حيث من عرفة اجزاه)
- قلت - هذا التعميم يفتضى جواز الوقوف ببطن عرنة وكذا قوله بعد هذا باب حيث ما وقف من المزدلفة أجزأه يقتضى
جواز الوقوف ببطن محسر وقد حكى ابن المنذر عن الشافعي انه من وقف ببطن عرنة فلا حج له قال وبه أقول وفى موطأ
مالك بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا
عن محسر - وقال أبو عمر هذا الحديث يفضل من حديث على وجابر وابن عباس وأكثرها ليس فيه ذكر بطن عرنة واستثناؤه
صحيح عند الفقهاء ومحفوظ من حديث أبي هريرة ذكره عبد الرزاق عن معمر عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة -
115

قال (باب استحباب النزول في الرمي في اليومين الآخرين)
130

ذكر فيه عن إبراهيم بن نافع عن ابن أبي نجيح قال قال عطاء رمى الجمار ركوب يومين ومشى يومين) ثم ذكر اثرا (عن
إبراهيم بن نافع عن عطاء عن جابر كان يكره ان يركب إلى شئ من الجمار الا من ضرورة) ثم قال (كذا وجدته في كتابي
وقد سقط من اسناده بين إبراهيم وعطاء رجل) - قلت - رواه ابن أبي شيبة في المصنف كما وجده البيهقي في كتابه
إبراهيم عن عطاء ولا يلزم من روايته عنه شيئا بواسطة ان لا يروى عنه شيئا آخر بلا واسطة وقد صرح البخاري في تاريخه
ان إبراهيم سمع من عطاء وجعله ابن حبان في كتاب الثقات من اتباع التابعين وذكر انه يروى عن عطاء -
قال (باب الوقت المختار لرمي جمرة العقبة)
قلت - مراده ان رميها بعد نصف النهار يجوز كما بوب عليه في الباب الذي يليه وان المذكور في هذا الباب من الرمي عند
131

الاصباح أو طلوع الشمس أو الضحى محمول على الاختيار لكن قوله عليه السلام في الرواية الأولى من حديث ابن عباس
لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس - وأمره في الرواية الثانية للنساء ان لا ترموها الا مصبحين - يمنع من رميها قبل طلوع
الشمس أو قبل الاصباح فهو مخالف للباب وإذا منع صلى الله عليه وسلم الضعفة ان يرموا قبل الاصباح فغيرهم أولى وليس
في حديث أسماء المذكور في الباب الذي يليه تنصيص انها رمت قبل الفجر لان ما بعد الفجر يسمى أيضا غلسا فيحتمل انها
رمت عند ذلك وأخرت الصلاة قليلا فصلت في منزلها ولو نص في هذا الحديث انها رمت قبل الفجر لم يدل على الجواز
بعد نصف الليل فمن أين للبيهقي هذا القيد حيث يقول باب من أجاز رميها بعد نصف الليل وحديث أم سلمة الذي في الباب
المذكور مضطرب سندا كما بينه البيهقي ومضطرب أيضا متنا كما سنبينه إن شاء الله تعالى وقد ذكر الطحاوي وابن بطال
في شرح البخاري ان أحمد بن حنبل ضعفه وقال لم يسنده غير أبى معاوية وهو خطأ وقال عروة مرسلا انه عليه السلام أمرها
ان توا فيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة - قال احمد وهذا أيضا عجب وما يصنع النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمكة
ينكر ذلك قال فجئت إلى يحيى بن سعيد فسألته فقال عن هشام عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم أمرها ان توافي وليس
توافيه وبين هذين فرق وقال لي يحيى سل عبد الرحمن بن مهدي فسألته فقال هكذا سفيان عن هشام عن أبيه توافي قال
احمد رحم الله يحيى ما كان أضبطه وأشد بعقده وقال البيهقي في الخلافيات توافى هو الصحيح فإنه عليه السلام لم يكن معها
بمكة وقت صلاة الصبح يوم النحر وقال الطحاوي هذا حديث دار على أبى معاوية وقد اضطرب فيه فرواه مرة هكذا
يعنى كما ذكره البيهقي ورواه مرة انه عليه السلام أمرها يوم النحر ان توافي معه صلاة الصبح بمكة فهذا خلاف الأول
لان فيه انه أمرها يوم النحر فذلك على صلاة الصبح في اليوم الذي بعد يوم النحر وهذا أشبه لأنه عليه السلام يكون في ذلك
الوقت حلالا وقال أبو الوليد بن رشد يحتمل أن يكون في الحديث تقديم وتأخير وتقديره أمرها يوم النحر ان توافي صلاة
الصبح بمكة كما في الحديث الثاني فيسقط احتجاج الشافعي به لمذهبه الذي شذ فيه عن الجمهور قال ابن المنذر في الاشراف
لا يجزى الرمي قبل طلوع الفجر بحال إذ فاعله مخالف ما سنه الرسول صلى الله عليه وسلم لامته ولو رمى بعد طلوع الفجر
قبل طلوع الشمس لا يعيد إذ لا اعلم أحدا قال لا يجزيه ولو اختلفوا فيه لأوجبت الإعادة -
132

قال (باب التلبية حتى يرمى جمرة العقبة بأول حصاة ثم يقطع)
ذكر فيه حديث شريك عن عامر بن شقيق - قلت - شريك ضعفه جماعة وعامر ضعفه ابن معين وقال أبو حاتم ليس
بالقوى ثم ذكر حديث الفضل فلم يزل يلبى حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة ثم قطع التلبية مع آخره حصاة - ثم
قال البيهقي (تكبيره مع كل حصاة كالدلالة على قطعه التلبية بأول حصاة واما ما في رواية الفضل من الزيادة فإنها غريبة
137

أو ردها ابن خزيمة واختارها وليست في الروايات المشهورة عن ابن عباس عن الفضل) - قلت - الغريب إذا صح سنده
يعمل به وقد اخرج ابن حزم هذا الحديث في كتاب حجة الوداع بسند جيد من حديث أبي الزبير عن أبي معبد مولى
ابن عباس (1) عن الفضل ولفظه ولم بزل عليه السلام يلبى حتى أتم رمى جمرة العقبة وهذا صريح وهو يقوى الرواية التي
رواها ابن خزيمة واختارها ويدل على أنها ليست بغريبة والعجب من البيهقي كيف يترك هذا الصريح ويستدل بقوله
يكبر على قطع التلبية بأول حصاة مع أن التكبير لا يمنع التلبية إذ الحاج له ان يكبر ويلبى ويهلل وقد بين ذلك ابن مسعود فيما
سيأتي عنه في هذا الباب من قوله فما ترك التلبية حتى رمى الجمرة الا ان بخلطها بتكبير أو تهليل وقال أبو عمر في التمهيد
قال احمد وإسحاق وطائفة من أهل النظر والأثر لا يقطع التلبية حتى يرمى جمرة العقبة بأسرها قالوا وهو ظاهر الحديث
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبى حتى رمى الجمرة - ولم يقل أحد من رواة هذا الحديث حتى رمى بعضها على أن
ه قد قال بعضهم في حديث عائشة ثم قطع التلبية في آخر حصاة - وفي الاشراف لابن المنذر وروى بعض أصحابنا ممن
يقول بظاهر الاخبار خبر ابن عباس ثم قال قطع التلبية مع آخر حصاة -

(1) كذا وكأنه سقط - عن ابن عباس - ح
138

قال (باب الخطبة يوم النحر)
- قلت ذكر الطحاوي في اختلاف العلماء ان خطبه عليه السلام في ذلك اليوم لم تكن لأجل الحج بل ذكر فيما أحكاما
اخر ثم إن خطبته عليه السلام كانت وقت الضحى كما ذكر البيهقي في آخر هذا الباب من طريق أبى داود وكذا ذكر ابن
حزم وغيره ومذهب الشافعي على ما حكاه البيهقي ان الخطبة بعد الظهر -
139

قال (باب التقديم والتأخير في عمل يوم النحر)
140

ذكر فيه حديث (لم اشعر فنحرت قبل ان ارمي) إلى آخره قلت - ظاهر قوله لم اشعر يقتضى ان السقوط مختص
بالجاهل والناسي دون العامد - والشافعي اسقط عن العامد - والشافعي اسقط عن العامد أيضا فخالف ظاهر الحديث وفي شرح العمدة سقوط الدم عن
الجاهل والناسي دون العامد قوى من جهة ان الدليل دل على وجوب اتباع افعال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج بقوله
خذوا عنى مناسككم - وهذه الأحاديث المرخصة بالتقديم لما وقع السؤال عنها إنما قرنت بقول القائل لم اشعر فيخصص
الحكم بهذه الحالة وتبقى حالة العمد على أصل وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في الحج وهذا مبنى أيضا على
القاعدة في أن الحكم إذا رتب على وصف يمكن أن يكون معتبرا لم يجز اطراحه والحاق غيره مما لا يساويه به ولا شك ان عدم
الشعور وصف مناسب لعدم التكليف والمؤاخذة والحكم علق به فلا يمكن اطراحه بالحاق العمد إذا لا يساويه فان تمسك
بقول الراوي فما سئل عن شئ قدم ولا اخر الا قال افعل ولا حرج - فإنه قد يشعر بان الترتيب مطلقا غير مراعى في الوجوب
فجوابه ان الراوي لم يحك لفظا عاما عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقتضى جواز التقديم والتأخير مطلقا وإنما أخبر عن
قوله عليه السلام لا حرج بالنسبة إلى كل ما سئل عنه من التقديم والتأخير حينئذ وهذا الا خبرا من الراوي إنما تعلق بما وقع
السؤال عنه وذلك مطلق بالنسبة إلى حال السؤال وكونه وقع عن العمد أو عدمه والمطلق لا يدل على أحد الحالين بعينة فلا تبقى
حجة في حالة العمد انتهى كلامه ثم في التمسك بهذه الأحاديث مخالفة لقوله تعالى (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله)
وقد ترك أكثر الفقهاء العمل بعموم هذا الأحاديث فقالوا ان السعي بين الصفا والمروة قبل الطواف بالبيت لا يجزى الساعي
141

وانه كمن لم يسع - قال الطحاوي وهذا قول عامة فقهاء الأمصار من أهل الحجاز والعراق ولا نعلم لهم مخالفا غير عطاء والأوزاعي
فإنه روى عنهما انه يجزيه ولا يعيده بعد الطواف على أنه جاء ذلك مصرحا به فيما أخرجه أبو داود من حديث أسامة بن
شريك وفيه (ان قائلا قال يا رسول الله سعيت قبل ان أطوف) الحديث وانه عليه السلام قال لا حرج - وقد ذكره
البيهقي فيما بعد في باب التحلل بالطواف وذكر الخطابي في السعي قبل الطواف نحو ما ذكره الطحاوي وقال مالك من حلق
قبل ان يرمى فعليه دم وقال ابن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر البجلي عن مجاهد عن ابن عباس قال من
قدم شيئا من حجه أو أواخره فليهرق كذلك دما - وهذا سند صحيح على شرط مسلم وقال أيضا ثنا جرير عن منصور عن
سعيد بن جبير قال من قدم شيئا من حجه أو حلق قبل ان يذبح فعليه دم وقال أيضا فضيل بن عياض عن ليث عن صدقة
عن جابر بن زيد قال من حلق قبل ان ينحر فعليه الفدية وقال أيضا ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال من حلق
قبل ان يذبح ا هراق دما فقرأ (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله) وفي التهذيب للطبري وقال أبو مرة عن الحسن من
قدم من نسكه شيئا قبل شئ فليهرق دما - ثم ذكر البيهقي حديث عبد الله بن عمر من رواية عبد الرزاق بزيادة ثم قال
(ورواه محمد بن أبي حفصة عن الزهري بزيادة أخرى) ثم ساقها بسنده - قلت - ذكر الدارقطني ان محمد بن أبي حفصة زاد
في حديثه أفضت قبل ان ارمي - قال الدارقطني ولم يتابع عليه واراه وهم فيه ثم قال البيهقي (انا أبو الحسن العلوي انا عبد الله
142

ابن محمد بن شعيب ثم ساق سنده إلى ابن عباس فذكر الحديث وفي آخره ولم يأمر بشئ من الكفار ثم قال البيهقي
(اسناد صحيح) - قلت - هذه الزيادة وهي قوله ولم يأمر بشئ من الكفارة غريبة جدا لم أجدها في شئ من الكتب المتداولة
بين أهل العلم وشيخ البيهقي وشيخ شيخه لم اعرف حالهما بعد الكشف والتتبع وأيضا فإبراهيم بن طهمان وان خرج له
في الصحيح فقد تكلموا فيه ذكره ابن الجوزي في كتاب الضعفاء وحكى عن محمد بن عبد الله بن عمار أنه قال هو ضعيف
مضطرب الحديث ورأيت في كتاب الصريفيني في أسماء الرجال بخطه قال ابن حبان لإبراهيم بن طهمان مدخل في الثقات
ومدخل في الضعفاء وقد روى أحاديث مستقيمة تشبه أحاديث الاثبات وقد روى عن الثقات أشياء معضلات انتهى
كلامه ومع ما فيه من الكلام شد بهذه الزيادة وكل منهما اجل من ابن طهمان وعهدي بالبيهقي فيما مضى من قريب
في باب التلبية حتى يرمى جمرة العقبة بأول حصاة علل الزيادة في حديث ابن عباس وهي قوله ثم قطع التلبية مع آخر حصاة
بأنها غريبة ليست في الروايات المشهورة مع أن سند تلك الزيادة أصح واجل من سند هذه ثم ذكر هذه ههنا وصحح سندها -
143

قال (باب التحلل بالطواف)
145

ذكر فيه حديث أسامة بن شريك ثم قال (كأنه سأله عن رجل سمى عقب طواف القدوم قبل طواف الإفاضة) - قلت -
هذا الصورة مشهورة وهي التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم فالظاهر أنه لا يسأل عنها وإنما سأل عن تقديم السعي على طواف
القدوم وعموم قول أصحابي فما سئل عن شئ قدم ولا أخر الأقل افعل ولا حرج - يدل على جواز ذلك وهو مذهب
عطاء والأوزاعي كما تقدم واختاره ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار وظهر بهذا ان الشافعي وأكثر العلماء تركوا العمل
بعموم الحديث كما تقدم بيانه -
قال (باب سقاية الحاج)
146

ذكر في آخره حديث عبد الله بن المؤمل (عن أبي الزبير عن جابر ماء زمزم لما شرب له) ثم قال (تفرد به عبد الله بن
مؤمل) - قلت - لم ينفرد به بل تابعه إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير كذا أورده البيهقي نفسه فيما بعد في باب الرخصة
في الخروج بماء زمزم
148

قال (باب من شك في عدد ما رمى)
ذكر فيه (ان عليا سئل عن ذلك فقال اما انا لو فعلت في صلاتي لأعدت صلاتي) ثم قال البيهقي (كأنه أراد لأعدت
المشكوك في فعله كذلك في الرمي يعيد المشكوك في رميه) - قلت - ترك الحقيقة من غير ضرورة في موضعين - أحدهما -
ان عليا صرح بإعادة الصلاة فأول البيهقي ببعضها - والثاني - ان فعل المشكوك فيه لا يسمى إعادة بل حقيقة الإعادة أن يكون
في العبادة خلل فتفعل في الوقت مرة أخرى ثم ذكر البيهقي حديثا (عن مجاهد عن سعد بن أبي وقاص) - قلت -
سكت عنه وقال ابن القطان لا اعلم لمجاهد سماعا من سعد وقال الطحاوي في أحكام القران حديث منقطع لا يثبت أهل
الاسناد مثله وذكر ابن جرير في التهذيب انه لم يستمر العمل به لأنه لم يصح لاختلاف الرواة عن ابن أبي نجيح فيه فقد
رواه الحجاج بن أرطأة عنه عن مجاهد عن سعد أن اختلاف رميهم كان بالزيادة على السبع لا بالنقصان عنها وهو أولى بالصواب
وا ن كان من رواية الحجاج لموافقة ما تظاهر به الاخبار من وجوب الرمي بسبع ولان سعدا لم يذكر ان ذلك كان عن
149

أمره عليه السلام وفعله ولأنه ولو صح فهو منسوخ للنقل المستفيض بوجوب السبع -
قال (باب تأخير الرمي عن وقته حتى يمسى)
ذكر فيه حديث ابن طهمان (عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس) وفيه (ولم يأمر بشئ من الكفارة) ثم قال
(أخرجه البخاري من حديث يزيد بن زريع وغيره عن الحذاء) - قلت - قد تقدم الكلام على هذا الحديث في باب
التقديم والتأخير في عمل يوم النحر وظاهر كلام البيهقي ان البخاري أخرجه بذلك اللفظ وليس في صحيحه قوله ولم يأمر
بشئ من الكفارة -
150

قال (باب الرخصة في أن يدعو انها راوير مواليلا)
- قلت - ذكر في هذا الباب أربعة أحاديث وسكت عنها ولا يحتج بشئ منها حديثين مرسلين عن عطاء وأبى سلمة
وحديثا عن ابن عباس في سنده عمر بن قيس هو المكي ضعيف جدا فسكت عنه هنا وقال في باب استلام الركن اليماني
(ضعيف) وحديثا عن ابن عمر في سنده مسلم بن خالد فسكت عنه هنا وضعفه في أبواب التراويح -
151

قال (باب دخول البيت)
ذكر فيه دخوله عليه السلام البيت من طريق الليث (عن يونس عن نافع عن ابن عمر ثم قال (أخرجه البخاري
في الصحيح قال وقال الليث) - قلت - أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد موصولا عن يحيى بن بكير عن الليث
157

بسنده فلا ضرورة إلى قول البيهقي عن البخاري (قال وقال الليث) ثم ذكر حديثا في سنده عبد الله بن مؤمل فقال (ليس
بقوي) - قلت - ضعفه في باب بيان النهى مخصوص ببعض الأمكنة وقال في باب الخلع فسخ أو طلاق (ضعفه احمد
وابن معين والبخاري وتكلم فيه شعبة) -
158

قال (باب ما يستدل به على أن دخوله ليس بواجب)
ذكر فيه حديث ابن أبي أو في (لم يدخل عليه السلام البيت لعمرته) وحديث عائشة في دخوله وحمل الأول على العمرة
والثاني على حجته عليه السلام - قلت - في سند الثاني إسماعيل بن عبد الملك قال ابن حبان يقلب ما روى فكان ابن مهدي
يحدث عنه ثم امسك وقال اضرب على حديثه وكان يحيى لا يحدث عنه فإذا لا حاجة إلى التوفيق بين الحديثين -
159

قال (باب من كره ان يقال للذي لم يحج صرورة)
ذكر فيه حديثا (عن عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس) ثم قال (ورواه عمر بن قيس وليس بالقوى عن عكرمة)
164

- قلت - الان القول في عمر بن قيس هنا وقد تقدم في باب استلام الركن اليماني أنه قال (ضعيف) وزاد في باب من
بنى أو غرس في غير ملكه (لا يحتج به) وفي الضعفاء لابن الجوزي قال احمد لا تساوى أحاديثه شيئا أحاديثه بواطل وقال
مرة متروك وكذا قال النسائي والفلاس والأزدي والدارقطني وقال يحيى ليس بثقة وقال البخاري منكر الحديث
وقال ابن حبان كان يقلب الأسانيد ويروى عن الثقات ما لا يشبه حديث الاثبات ثم إن البيهقي تكلم في عمر بن قيس وفي
الرواية الأولى عمر بن عطاء بن وراز فسكت عنه وهو أيضا ضعيف ضعفه النسائي وابن معين وقال مرة ليس بشئ -
165

قال (باب ما يفسد الحج)
166

ذكر فيه عن يزيد بن نعيم أو زيد ثم قال (يزيد بن نعيم الأسلمي بلا شك) - قلت - أخرجه من طريق أبى داود وفيه
الامر بالتفرق في الرجوع وفي العود والذي في كتاب المراسيل لأبي داود على الشك ونصه مخالف لما ذكره البيهقي إنما فيه
الامر بالتفرق في الرجوع لا في العودة ثم إن زيد بن نعيم مجهول ويزيد بن نعيم ثقة معروف والامر قد دار بينهما وهذا
يضعف الحديث ولا ادرى من أين للبيهقي انه يزيد بلا شك ثم ذكر اثرا (عن عطاء عن عمر - وعن مجاهد عن عمر) - قلت -
كلاهما منقطع عطاء ومجاهد لم يدركا عمر -
167

قال (باب التخيير في فدية الأذى)
ذكر فيه (عن ابن وهب عن مالك عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة) الحديث ثم ذكره
(عن القعنبي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير عن مالك عن عبد الكريم عن ابن أبي ليلى) بدون ذكر مجاهد ثم حكى (عن
الشافعي قال غلط مالك الحفاظ حفظوه عن عبد الكريم عن مجاهد) قلت - ذكر الطحاوي في أحكام القرآن الحفاظ
رووه عن مالك عن عبد الكريم عن مجاهد فالغلط من الشافعي أو غلط مالك في الوقت الذي سمعه منه الشافعي وكان قبل
ذلك أو بعده حدث به صحيحا فممن حدث به عن مالك بلا غلط عبد الله بن وهب والقعنبي روياه عن مالك عن عبد الكريم
عن مجاهد وهذا الذي ذكره الطحاوي مخالف لما ذكره البيهقي عن القعنبي وقال أبو عمر في التمهيد رواه ابن وهب وابن
القاسم ومكي بن إبراهيم وعبد الرحمن بن مهدي وبشر بن عمرو الوليد بن مسلم وإسحاق بن سليمان الرازي ومحمد بن الحسن
وغيرهم عن مالك عن عبد الكريم عن مجاهد -
169

قال (باب محل الهدى والاطعام (1) إلى مكة
ومنى والصوم حيث شاء)
ذكر فيه حديث جابر (منى كلها منحر وفي رواية كل فجاج مكة طريق ومنحر) - قلت الظاهران مراده من التبويب
ان الهدى والطعام لا يكونان الا بمكة ولم يستدل على الطعام واطلاق قوله تعالى (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) -
يقتضى ان الطعام كالصوم وكذا حكى ابن المنذر عن الشافعي فإنه قال قال طاوس والشافعي الدم بمكة والاطعام
والصوم حيث شاء -

(1) كذا
170

قال (باب الرجل يصيب امرأته بعد التحلل الأول وقبل الثاني)
قلت - مذهب الشافعي ان الوطئ قبل الرمي يفسد الحج ذكره ابن المنذر وغيره وهو مخالف لظاهر قوله عليه السلام
الحج عرفة إذ معناه ان الفساد ينبغي بالوقوف وكما أنه لا فساد بعد الرمي اجماعا فكذا قبله إذ الرمي من توابع الحج فلا يتعلق
به الفساد لحصول الوقوف وروى أبو حنيفة في مسنده عن عطاء بن السائب عن ابن عباس في الرجل يواقع امرأته بعد
ما وقف بعرفة قال عليه بدنة وتم حجة - والظاهر أن مراد البيهقي في التبويب أن يكون الإصابة بعد الرمي قبل الطواف
لكنه أخطأ في عبارته حيث أطلق ولم يقيد -
171

قال (باب المفسد لعمرته يقضيها من حيث احرم
ما افسد وكذا المفسد لحجه)
قال (واما من ذهب إلى أن عائشة رفضت عمرتها وأمرها عليه السلام بان تقضيها من التنعيم فقد دللنا فيما مضى انه عليه السلام
172

أمرها بادخال الحج على العمرة) - قلت ذكر الطحاوي في اختلاف العلماء ان من افسد حجته أو عمرته له ان يقضيها
من موضعه عند أبي حنيفة واستدل على ذلك بقضية عائشة وقد قدمنا في باب ادخال الحج على العمرة انه عليه السلام
أمرها برفض العمرة بالحج -
173

قال باب خطأ الناس يوم عرفة
ذكر فيه (عن محمد بن إسماعيل عن سفيان عن ابن المنكدر عن عائشة) حديث (ألا ضحى يوم يضحى الامام) ثم ذكر (ان محمدا
175

هذا تفرد عن سفيان - قلت - أخرجه الترمذي بمعناه من حديث معمر عن ابن المنكدر عن عائشة -
176

قال (باب من رخص في دخولها
بغير احرام وان لم يكن محاربا)
ذكر فيه حديث أبي قتادة (انه اصطاد حمار وحش) إلى آخره - قلت - مراده من الباب من دخلها لغير حج وعمرة إذ
الداخل لأحدهما لا بد له من احرام بلا شك وأبو قتادة ان أراد دخولها كذلك وجب عليه الاحرام من الميقات فالحديث
حينئذ غير مطابق للباب ويحتاج العلماء إلى الاعتذار عنه وان لم يرد دخولها فهو أيضا غير مطابق ودخوله لها مع النبي
صلى الله عليه وسلم لا لحج ولا لعمرة في غاية البعد وفي شرح العمدة تكلموا في كونه لم يكن محرما مع كونهم خرجوا للحج
ومروا بالميقات ومن كان كذلك وجب عليها لا حرام من الميقات وأجيب بوجوه - منها - ما دل عليه أول الحديث انه
ارسل إلى جهة أخرى لكشفها وكان الالتقاء بعد مضى الميقات - ومنها - وهو ضعيف انه لم يكن مريدا للحج والعمرة
- ومنها - انه قبل توقيت المواقيت انتهى كلامه والحرج الطحاوي هذا الحديث في شرح الآثار بسند لا بأس به وفيه انه
عليه السلام بعثه على الصدقة وخرج عليه السلام وأصحابه وهم محرمون حتى نزلوا عسفان وجاء أبو قتادة وهو حل - الحديث -
178

قال (باب قتل المحرم الصيد عمدا)
ذكر فيه (ان رجلا قال لعمر أجريت انا وصاحبي فرسين فأصبنا ظبيا ونحن محرمان) - قلت - سيأتي الكلام عليه
إن شاء الله تعالى -
180

قال (باب ما لا يأكل المحرم من الصيد)
189

ذكر فيه حديث سعيد بن كثير بن عفير (ثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله عن جابر) ثم قال
(وكذلك رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن عمرو وعن الثقة عنده عن سليمان بن بلال ورواه عبد العزيز بن محمد
الدراوردي عن عمرو عن رجل من بنى سلمة عن جابر) ثم قال قال الشافعي ان ابن أبي يحيى احفظ من الدراوردي
وسليمان مع ابن أبي يحيى) قال البيهقي (وكذا يعقوب بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الله بن سالم وهما مع سليمان من الاثبات)
قلت - الدراوردي احتج به الشيخان وبقية الجماعة وقال ابن معين ثقة حجة ووثقه القطان وأبو حاتم وغيرهما واما
ابن أبي يحيى فلم يخرج له في شئ من الكتب الخمسة ونسبه إلى الكذب جماعة من الحفاظ كابن حنبل وابن معين وغيرهما
وقال بشر بن المفضل سألت فقهاء المدينة عنه فكلهم يقولون كذاب أو نحو هذا وسئل مالك أكان ثقة فقال لا ولا في
دينه وقال ابن حنبل كان قدريا معتزليا جهميا كل بلاء فيه وقال البيهقي في التيمم والنكاح (مختلف في عدالته) ومع هذا
190

كله كيف يرجح على الدراوردي ثم لو رجح عليه هو ومن معه فالحديث في نفسه معلول عمر وبن أبي عمرو مع اضطرابه
في هذا الحديث متكلم فيه قال ابن معين وأبو داود ليس بالقوى زاد يحيى وكان مالك يستضعفه وقال السعدي مضطرب
الحديث - والمطلب قال فيه ابن سعد ليس يحتج بحديثه لأنه يرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا وعامة أصحابه يدلسون
ثم الحديث مرسل قال الترمذي المطلب لا يعرف له سماع من جابر فظهر بهذا ان الحديث فيه أربع علل - إحداها - الكلام
في المطلب - ثانيتها - انه ولو كان ثقة فلا سماع له من جابر فالحديث مرسل - ثالثتها - الكلام في عمرو - رابعتها - انه
ولو كان ثقة فقد اختلف عليه فيه كما مر - وقد أخرجه الطحاوي من وجه آخر عن المطلب عن أبي موسى - وقال ابن حزم في
المحلى هو خبر ساقط - وكيف يجعل البيهقي يحيى بن عبد الله بن سالم من الاثبات وقد ضعفه الساجي وحكى تضعيفه عن ابن معين
قال الطحاوي ومن جهة النظر حديث أبي قتادة أولى من حديث المطلب لان الشئ لا يحرم على إنسان بنية غيره ان يصيد له
ولأنهم لا يختلفون ان لحم الصيد إذا ذكى في الحل ثم ادخل الحرم جاز أكله فكذلك إذا احرم - وقال صاحب التمهيد في
حديث أبي قتادة دليل على أن المحرم إذا أعان على الصيد بما قل أو كثر فقد فعل ما لا يجوز له وهذا اجماع من العلماء واختلفوا
في المحرم يدل المحرم أو الحلال على الصيد فكرهه مالك والشافعي ولا جزاء عليه وقال أبو حنيفة وأصحابه عليه الجزاء وبه قال
احمد واسحق وهو قول على وابن عباس وعطاء - وقال الطحاوي لم يرو عن أحد من الصحابة خلاف ذلك فصار اجماعا - وفي
الاشراف لابن المنذر هو قول سعيد بن جبير والشعبي والحارث العكلي وبكر بن عبد الله المزني - وفي التجريد للقدوري عن
عطاء قال اجمع الناس على أن على الدال الجزاء - وذكر الطحاوي في اختلاف العلماء ان رجلا قال لعمر اني أشرت إلى ظبي
وانا محرم فقتله صاحبي فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف ما ترى قال شاة قال وانا أرى ذلك -
قال (باب المحرم لا يقبل ما يهدى له من الصيد)
191

ذكر فيه عن جماعة منهم ابن إسحاق عن الزهري حديث هدية الصعب حمار وحش ثم ذكر (ان ابن عيينة خالفهم فرواه
لحم حمار وحش وان مسلما أخرجه كذلك) - قلت - جعل صاحب التمهيد ابن إسحاق مع ابن عيينة وذكر انهما خالفا الجماعة
فقالا لحم حمار وحش ثم قال البيهقي (ورواه الحميدي عن سفيان على الصحة) ثم أخرجه من طريقه ولفظه (حمار وحش)
ثم قال (كذا وجدته في كتابي وهو سماع الحميدي عن سفيان فيما خلا ثم اضطرب فيه فيما بعد) ثم ذكر البيهقي بسنده إلى
الحميدي أنه قال (وكان سفيان يقول في الحديث أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حمار وحش وربما قال يقطر
دما وربما لم يقل وكان فيما خلا ربما قال حمار وحش ثم صار إلى لحم حتى مات) - قلت - الذي في أصل سماعنا من مسند
الحميدي وهو أصل جيد بخلاف ما ذكره البيهقي فان لفظه أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حمار وحش ثم قال
الحميدي وكان سفيان ربما جمعهما مرة في حديث واحد وربما فرقهما وكأن يقول حمار وحش ثم صار إلى لحم ثم ذكر البيهقي
192

(عن الصعب انه اهدى للنبي صلى الله عليه وسلم عجز حمار فأكل منه) ثم قال (اسناد صحيح فكأنه رد الحي وقبل اللحم)
- قلت - هذا في سنده يحيى بن سليمان الجعفي عن ابن وهب اخبرني يحيى بن أيوب هو الغافقي المصري ويحيى بن سليمان
ذكر الذهبي في الميزان والكاشف عن النسائي انه ليس بثقة وقال ابن حبان ربما غرب والغافقي قال النسائي ليس بذاك -
193

القوى وقال أبو حاتم لا يحتج به وقال احمد كان سيئ الحفظ يخطئ خطاءا كثيرا وكذبه مالك في حديثين فعلى هذا لا يشتغل
بتأويل هذا الحديث لأجل سنده ولمخالفته للحديث الصحيح وقول البيهقي وقبل اللحم يرده ما في الصحيح انه عليه
السلام رده -
194

قال (باب ما جاء في حرم المدينة)
196

ذكر في آخره حديث الذي اصطاد نهسا فأرسله زيد ثم قال (قال البوشنجي النهساء الطير الصغير) - قلت - كذا ذكره
بالألف والمعروف فيه نهس بضم النون وفتح الهاء من غير الف -
199

قال (باب كراهة قتل اصيد بوج)
ذكر فيه حديث الزبير - قلت - سكت عنه وفى سنده محمد بن عبد الله بن انسان عن أبيه ومحمد قال فيه أبو حاتم ليس بالقوى
وفي حديثه نظر وذكر له البخاري هذا الحديث وقال لا يتابع عليه وأبوه لا يعرف روى عنه غير ابنه وقال البخاري لا يصح
حديثه وكذا قال ابن حبان والأزدي - ذكر الخلال في العلل ان احمد ضعفه وصحح الشافعي حديثه واعتمده كذا في الميزان -
200

قال (باب جواز الرعى في الحرم)
- قلت - قوله عليه السلام لا يختلى خلاها يدخل فيه الرعى أيضا وكما منع من اتلافه بالقطع يمنع بالرعي كالصيد لما منع من
قتله يمنع ان يرسل عليه كلبا يقتله وكزرع الادمى وقال الطبري في التهذيب الصواب انه لا يجوز الارعاء لأنه سبب
لاستهلاكه كالقطع واستدل البيهقي على الجواز بقوله عليه السلام في المدينة (ولا يخبط فيها شجرة الا لعلف) - قلت - حرم
مكة والمدنية مختلفان فلا يقاس أحدهما على الاخر - قال البغوي في التهذيب لا جزاء في صيد المدينة وشجرها في الجديد -
201

قال (باب النفر يصيبون الصيد)
ذكر فيه (عن مالك عن عبد الملك بن قرير عن ابن سيرين ان رجلا اجرى هو وصاحبه فرسين فأصابا ظبيا فحكم فيه عمر
وعبد الرحمن بن عوف بعنز) - قلت - هذا الأثر منقطع ابن سيرين لم يدرك عمرو ذكر البخاري في تاريخه في ترجمة عبد الملك
203

ابن قريب الأصمعي عن ابن معين أنه قال روى مالك عن عبد الملك بن قرير وإنما هو قريب قال الأصمعي سمع منى مالك وحكى
البيهقي في كتاب المعرفة عن الشافعي ان مالكا وهم في عبد الملك بن قرير وإنما هو عبد العزيز بن قرير وذكر الخطيب في كتاب
التخليص عبد الملك بن قريب الأصمعي ثم ذكر عبد الملك بن قرير وقال هو أخو عبد العزيز ففعل ما ذكر الشافعي والخطيب
عبد الملك بن قرير ليس هو الأصمعي ولم أقف على حاله ولو صح هذا الأثر كان ظاهره حجة على البيهقي لأنهما أوجبا عليه
عنزا ومذهب البيهقي انه يجب عليه نصفه وقوله تعالى (ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل) - شرط وجزاء فكل
من دخل تحت الشرط يلزمه الجزاء كملا نحو من دخل داري فله درهم فكل داخل له درهم كلا - فان قيل - كل منهما
داخل - قلنا - وهنا كل منهما قاتل إذا القتل فعل يجوز أن يكون خروج الروح عنده ولهذا يجب على الجماعة القصاص
فان قيل - إنما أوجب الله تعالى جزاءا واحدا - قلنا - وكذا أوجب الله تعالى في قتل الخطاء كفارة واحدة بقوله تعالى (ومن
قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة) - ومع هذا يجب على كل منهم كفارة تامة ووافق الشافعي على ذلك حكاه عنه ابن المنذر
وغيره - وقال صاحب التمهيد لا يختلفون في ذلك - ثم ذكر البيهقي اثرا عن ابن عباس في سنده عبد الواحد بن زياد عن أبي شيبة
سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي - قلت - أبو شيبة هذا قال ابن عدي لا يتابع على حديثه وكذا حكى العقيلي عن البخاري - وعبد الواحد
خرج له في الصحيح ومع ذلك تكلموا فيه قال الذهبي قال ابن معين ليس بشئ وقال أبو داود الطيالسي عمد إلى أحاديث
كان يرسلها الأعمش فوصلها كلها ثم ذكر البيهقي اثرا عن عمار بن أبي عمار إلى آخره - قلت - اضطرب في هذا الأثر فذكره
البيهقي في هذا الكتاب على وجهين وذكره في كتاب المعرفة على وجهين آخرين فحكى عن الشافعي انا الثقة عن حماد بن
سلمة عن زياد مولى بنى مخزوم وحكى أيضا عن الشافعي في كتاب اختلاف مالك والشافعي ان الثقة عن حماد بن سلمة عن
عمار مولى بني هاشم سئل ابن عباس والى آخره -
204

قال (باب جزاء الحمام)
ذكر فيه (عن جماعة من الصحابة انهم أوجبوا فيه (1) شاة) - قلت - الشاة لا تشبه الحمامة من حيث المنظر فعلمنا انهم أوجبوه
من حيث القيمة وأيضا فقد تقدم ان الشاة تشبه الظبي والظبي لا يشبه الحمامة فكذا الشاة التي تشبه الظبي ثم إن الذين أوجبوا

(1) كذا
205

فيها الشاة بعضهم أطلق الحمامة ومقتضاه انه تجب فيها الشاة مطلقا والشافعي فرق فأوجب في حمام الحرم شاة وفي حمام غير
الحرم قيمته كذا حكى عنه صاحب الاستذكار -
قال (باب جزاء ما دون الحمام)
ذكر فيه (عن ابن عباس قال ما كان سوى حمام الحرم ففيه ثمنه) - قلت - هذا تفريق بن حمام الحرم وغيره كما تقدم عن
الشافعي وليس بمناسب للباب -
206

قال (باب كون الجراد من صيد البحر)
ذكر فيه حديثا في سنده ميمون بن جابان فقال فيه (لا يعرف) - قلت - بل هو معروف روى عنه الحماد ان والمبارك
ابن فضالة ووثقه العجلي وقال المزي في كتابه ثقة وقال صاحب الميزان ذكره ابن حبان في ثقاته -
207

قال (باب ما للمحرم قتله)
209

ذكر في أواخره (عن أبي عبيد أنه قال قد يجوز في الكلام ان يقال للسبع كلب الا ترى انهم يروون في المغاز ان عتبة بن أبي
لهب كان شديد الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم) - قلت - سكت عنه البيهقي موافقا لأبي عبيد وذكر عن أبي الصلاح
أنه قال قوله عتبة مما يغلط فيه وهذه القضية لعتيبة أخي عتبة ذكر ذلك أهل المعرفة بالنسب والمغازي واما عتبة فإنه بقي حتى
أسلم يوم الفتح وهو مذكور في كتب الصحابة رضي الله عنهم - ولم يرد ما عقر من السباع وإنما أراد الكلب المعروف المراد
بقوله عليه السلام إذا ولغ الكلب - من اقتنى كلبا - لأن اطلاق اسم الكلب على هذا حقيقة وهو مراد بالاجماع واطلاقه
على ما عقر من السباع ليس بطريق الحقيقة فلو أريد الاخر لكان جمعا بين المعنيين بلفظ واحد وأيضا فان الضبع أشد عقرا
من الكلب المعروف وأكثر قتلا للناس وأكلا للحومهم وشربا لدمائهم ويعد عليهم ويحتفهم ويبتدئ بالأذى ومع ذلك
جعله النبي عليه السلام صيدا فدل انه لم يرد بالكلب ما يعقر من السباع ولو كان الامر كما قالوا لشمله اسم الكلب العقور
فوجب ان لا يجب شئ بقتله - وفي الاشراف لابن المنذر كان العلماء بالشام يعدونها من السباع ويكرهون أكلها - فان قيل
فلم أبحتم قتل الذئب - قلنا - للنص عليه فيما ذكره البيهقي من حديث ابن المسيب مرسلا وأخرجه الطحاوي من حديث
أبي هريرة مرسلا وعن ابن عمر موقوفا عليه -
211

قال (باب لا يفدى الا ما يؤكل لحمه)
استدلالا بما مضى وبأنه تعالى إنما حرم عليهم بقوله (وحرم عليكم صيد البر) - ما كان حلالا قبل الا حرام - قلت - يباح
صيد المأكول وغيره للانتفاع به فحرم عليهم عند الاحرام الكل الا ما استثناه وقد ثبت في الصحيح نهيه عليه السلام
عن أكل كل ذي ناب من السباع ويندرج الضبع كما تقدم بيانه ويندرج الثعلب أيضا لأنه ذو ناب من السباع ومع ذلك
اباحهما الشافعي ورأي فيهما على المحرم الجزاء -
212

قال (باب المحصر يذبح ويحل حيث احصر)
215

ذكر فيه (عن الشافعي أنه قال الحديبية بعضها في الحل وبعضها في الحرم وإنما نحر الهدى عندنا في الحل) - قلت - قد تقدم
في الباب السابق انه عليه السلام كان مضطربة في الحل وكان يصلى في الحرم واسند الطحاوي عن المسور قال كان النبي
صلى الله عليه وسلم بالحديبية خباؤه في الحل ومصلاه في الحرم - قال الطحاوي ولا يجوز في قول أحد من العلماء لمن
قدر على دخول شئ من الحرم ان ينحر هديه دون الحرم فلما ثبت انه عليه السلام كان يصلى في الحرم استحال أن يكون
نحر الهدى في غيره لان الذي يبيح نحر الهدى في غيره إنما يبيحه في حال الصد عنه لا في حال القدرة عليه انتهى
كلامه ويدل على أنه عليه السلام نحر في الحرم ما أخرجه النسائي بسند صحيح عن ناجية بن كعب الأسلمي انه اتى النبي
صلى الله عليه وسلم حين صد الهدى فقال يا رسول الله ابعث به معي فانا انحره - قال وكيف قال آخذ به في أودية لا يقدر
عليه قال فدفعه إليه فانطلق به حتى نحره في الحرم - وفي الباب الذي بعد هذا الباب من كلام ابن عباس ما يدل على ذلك
وفي مصنف ابن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن أبي العميس عن عطاء قال كان منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية
في الحرم - وفي الاستذكار قال عطاء وابن إسحاق لم ينحر عليه السلام هدية يوم الحديبية الا في الحرم - ثم ذكر البيهقي
اثرا (عن حسين بن علي أنه مرض بالسقيا وان عليا امر برأسه فحلق رأسه ونسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيرا) - قلت - ذكر
الطحاوي ان هذا لا يصح لأنهم لا يبيحون لمن لم يمنع من الحرم ان يذبح في غيره وإنما يختلفون إذا منع منه فلما انحر على
217

في غيره وهو واصل إليه دل على أنه أراد الصدقة عليهم لا الهدى - انتهى كلامه ثم هذا الأثر حجة على البيهقي وأصحابه لأنهم
لا يرون الا حلال في الا حصار بالمرض -
قال (باب لا قضاء على المحصر)
ذكر فيه اثرا (عن ابن عباس أنه قال إنما البدل على من نقض حجه بالبلدة (1) فاما من حبسه عذر أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع
وإن كان معه هدى وهو محصر بجيزه (2) إن كان لا يستطيع ان يبعث به وان استطاع ان يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدى محله)
- قلت هذا الأثر وان دل على ما ذكره فإنه يدل على أن الهدى لا يذبح الا في الحرم كما سبق الوعد به في الباب السابق وقد أوجب
على المحصر القضاء العراقيون ومجاهد وعكرمة والنخعي والشعبي والطبري استدلالا بأنه عليه السلام وأصحابه اعتمروا
في العام المقبل قضاءا لتلك العمرة ولذلك سميت عمرة القضاء ولحديث الحجاج بن عمرو المذكور فيما بعد في باب الاحلال
بالاحصار بالمرض ولفظه من كسرا وعرج فقد حل وعليه أخرى - وعن ميمون بن مهران قال خرجت معتمرا عام حاصر
أهل الشام ابن الزبير بمكة وبعث معي رجال من قومي بهدى فلما انتهينا إلى أهل الشام منعونا ان ندخل الحرم فنحرت الهدى
بمكاني ثم أحللت ثم رجعت فلما كان من العام المقبل خرجت لا قضى عمرتي فأتيت ابن عباس فسألته فقال ابدل الهدى
فان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر أصحابه ان يبدلوا الهدى الذي نحروا عام الحديبية في عمرة القضاء أخرجه أبو داود

(1) كذا - وفي السنن - بالتلذذ - وهو الصواب
(2) كذا وفى السنن - نحره - وهو الصواب (وأخبرنا)
218

في سننه بسند حسن - قال الخطابي من أوجبه يعنى القضاء فإنه يلزمه بدل الهدى لقوله عز وجل (هديا بالغ الكعبة) -
ومن نحر الهدى في الموضع الذي احصر فيه وكان خارجا من الحرم فان هديه لم يبلغ الكعبة فيلزمه ابدا له أو ابلاغه الكعبة
وفي الحديث حجة لهذا القول -
قال (باب من لم ير الاحلال بالاحصار بالمرض)
(قال الله تعالى (فان احصر تم فما استيسر من الهدى) قال الشافعي فمن حال بينه وبين البيت مرض حابس فليس بداخل في
معنى الآية لأنها نزلت في الحائل من العدو) - قلت - ذهب ابن مسعود وعطاء وجمهور أهل العراق وأبو ثر في رواية ان
الاحصار يكون بالمرض كذا في الاستذكار وأكثر أهل اللغة على أن الاحصار بالمرض والحصر بالعدو فوجب استعمال
اللفظ في حقيقته وهو المرض ويدخل العدو فيه بالمعنى ولما كان سبب نزول الآية العدو وعدل عن لفظ الحصر المختص
219

بالعد والى الاحصار المختص بالمرض دل على أنه أريد باللفظ ظاهره وهو المرض ولما حل عليه السلام وامر به أصحابه دل على أن
الحصر من حيث المعنى كذلك وأيضا لما جاز الاحلال بالعد ولتعذر الوصول إلى البيت وذلك المعنى موجود في المرض
ساواه في حكمه ولهذا لو حبس في دين أو غيره فتعذر وصوله كان كالمحصر ولو منعها من حج التطوع بعد الا حرام جاز لها
الا حلال
220

قال (باب حصر المرأة تحرم بغير اذن زوجها)
ذكر فيه حديث حسان بن إبراهيم (قال إبراهيم الصائغ قال نافع قال ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها ان
تنطلق إذ باذن زوجها) - قلت - هذا الحديث في اتصاله نظر وقال البيهقي في كتاب المعرفة تفرد به حسان بن إبراهيم
223

وفي الضعفاء للنسائي حسان ليس بالقوى وقال العقيلي في حديثه وهم وفي الضعفاء لابن الجوزي إبراهيم بن ميمون الصائغ
لا يحتج به قاله أبو حاتم -
قال باب من قال ليس له منعها لفريضة الحج
ذكر فيه حديث (إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها وفي رواية لا تمنعوا ماء الله مساجد الله) - قلت - المراد
بالحديث الصلوات بدليل قوله في الحديث وبيوتهن خير لهن - إذ الخروج إلى الحج خير من بيوتهن ذكره أبو بكر الرازي
وفي الاشراف لابن المنذر اجمع كل من يحفظ قوله من أهل العلم على أن للرجل منع زوجته من الخروج إلى الحج التطوع (1)
واختلفوا في منعه إياها حجة الاسلام فقال إبراهيم النخعي واحمد واسحق وأبو ثور وأصحاب الرأي ليس له منعها من حجة
الاسلام وقال الشافعي ان أهلت بغير اذنه ففيه قولان - أحدهما أن تكون كمن احصر فتذبح وتقصر وتحل - والاخر ان
عليه تخليتها قال وأصح مذهبيه الذي يوافق سائر العلماء ولا أعلمهم يختلفون انه ليس له منعها من صوم ولا صلاة واجب -
قال (باب المرأة يلزمها الحج بوجود السبيل إليه وكانت
مع ثقة من النساء في طريق (آمنة)

(1) كذا
224

- قلت - هذا مخالف لظاهر الحديث الذي ذكره في الباب الذي بعد هذا وهو قوله عليه السلام لا تسافر المرأة ثلاثا - الحديث
وكما شرط جميع العلماء الصحة وإن كان لا ذكر لها في الآية وفسر البيهقي الاستطاعة بالزاد والراحلة بحديث ضعفه هو فيما تقدم
فلغيره ان يفسر الاستطاعة في حق المرأة بالمحرم بحديث متفق على صحته وذهب الحسن والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه واحمد
واسحق وأبو ثور إلى أن المحرم أو الزوج من السبيل فإن لم تجد هما فلا حج عليها - وفي المعالم للخطابي المرأة وصفها الشافعي
لا تكون ذا حرمة (1) وقد حظر صلى الله عليه وسلم ان تسافر الا معه ذو محرم - فإباحة الخروج مع عدمه خلاف السنة وسببها (2)
أصحاب الشافعي بالكافرة تسلم في دار الحرب والأسيرة من المسلمين تتخلص من الكفار تهاجر إلى المسلمين بلا محرم لأنه
سفر واجب فكذا الحج ولو كانا سواءا لجاز لها ان تحج وحدها بلا محرم أو امرأة ثقة فلما لم يبح لها الا مع امرأة ثقة دل على
الفرق بينهما - وقال ابن المنذر أغفل قوم القول بظاهر هذا الحديث يعنى حديث اشتراط المحرم في سفر المرأة وشرط كل
منهم شرطا لا حجة لهم فيما اشترطوه فقال مالك تخرج مع جماعة من النساء وقال الشافعي تخرج مع ثقة حرة مسلمة وقال
ابن سيرين تخرج مع رجل من المسلمين وقال الأوزاعي تخرج مع قوم عدول وتتخذ سلما تصعد عليه وتنزل ولا يقربها
الرجل الا انه يأخذ برأس البعير ويضع رجله على ذراعه وقال ابن المنذر ظاهر الحديث أولى ولا نعلم مع هؤلاء حجة توجب
ما قالوا - ثم ذكر البيهقي حديث ابن عمر (من استطاع إليه سبيلا الزاد والراحلة) ثم قال (ورويناه من أوجه صحيحة عن
الحسن مرسلا وفيه تقوية المسند) - قلت - في هذا الكلام تقوية لهذا الحديث وكذا كلامه تقوية لهذا الحديث وكذا كلامه في أوائل الحج في باب بيان

(1) كذا
(2) كذا ولعل الصواب - وشببها - ح -
225

السبيل وقد ذكرنا هناك انه ضعف الحديث بعد ذلك ببابين وليس في هذا الحديث ولا في هذا الباب اشتراط الثقة من النساء
ولا امن الطريق - وقال أبو بكر الرازي اسقط الشافعي اشتراط المحرم وهو منصوص عليه وشرط المرأة ولا ذكر لها - ثم
ذكر البيهقي حديث عدى في خروج المرأة من الحيرة إلى مكة - قلت - هذا خبر منه عليه السلام ان ذلك يقع بعده
ولم يقل ان ذلك يجوز أولا وقبل معناه ان الاسلام ينتشر ويظهر الا من بحيث تخرج المرأة لا تخاف أحدا الا الله لكونها
خالفته وحجت بغير محرم وقد قال صلى الله عليه وسلم في الصحيح لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول
يا ليتني مكانه - وهذا وإن كان فيه تمنى الموت المنهى عنه لكنه خبر منه صلى الله عليه وسلم ان ذلك سيكون من غير تعرض
منه صلى الله عليه وسلم لجوازه -
قال (باب الاختيار لوليها ان يخرج معها)
ذكر فيه حديث (انطلق فاحجج مع امرأتك) قلت هذا الحديث يرد على البيهقي في جواز خروجها مع ثقة إذ لو جاز لها
ذلك لقال عليه السلام امض أنت فيما اكتتبت فيه فلا حاجة لها إليك -
226

قال (باب المرأة تنهى عن كل سفر لا يلزمها بغير محرم)
قلت - أحاديث هذا الباب تشتمل السفر لما يلزمها ولما لا يلزمها وبهذا تبين ان المحرم للمرأة من جملة الاستطاعة كما قررناه -
227

قال (باب جواز الجذع من الضان)
ذكر فيه حديث (يوفى الجذع مما يوفى منه الثنى) - قلت هذا عام يدخل فيه الجذع من غير الضان فهو غير مطابق -
قال (باب لا محل للهدى في غير الاحصار دون الحرم)
لقوله تعالى (ثم محلها إلى البيت العتيق) - قلت - هذه الآية لم يستثن فيها الاحصار فهي غير مطابقة لمدعاه وكذا كلام
ابن المسيب ومن وافقه -
231

قال (باب الحرم كله منحر)
ذكر فيه حديث أسامة بن زيد (عن عطاء عن جابر كل عرفة موقف) الحديث ثم قال (قال يعقوب) يعنى ابن سفيان
(أسامة عند أهل بلده المدينة ثقة مأمون) - قلت - أسامة هذا هو الليثي تركه يحيى بن سعيد لأجل هذا الحديث كذا قال
ابن حنبل وقال أيضا روى عن نافع أحاديث مناكير فقال له ابنه عبد الله هو حسن الحديث فقال احمد ان تدبرت حديثه
239

فستعرف فيها النكرة وفي رواية انظر في حديثه يتبين لك اضطراب حديثه -
قال (باب الاكل من الضحايا والهدايا التي يتطوع بها صاحبها)
(قال الله تعالى فكلوا منها وأطعموا) - قلت يقتضى التبويب انه لا يأكل من هدى المتعة والقران وهو مذهب الشافعي
وذلك مخالف لظاهر الآية لأنهما داخلان في عموم قوله تعالى (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله فكلوا) الآية وأيضا فإنه
عليه السلام يأكل من مجموع هديه وكان بعضه أو كله عن متعة لأنه صح من حديث جابر وغيره انه عليه السلام قال لولا
الهدى لا حللت وهدى المتمتع لا يمنع من الاحلال والقارن لا يحل ولو ساق الهدى وقد صرح البيهقي فيما بعد انه لا يأكل
من المتعة والقران -
240

قال (باب لا يبدل ما أوجبه من الهدايا)
ذكر فيه حديث جهم بن الجارون (عن سالم عن أبيه اهدى عمر) إلى آخره - قلت - جهم مجهول كذا في الضعفاء والميزان
للذهبي - وقال ابن القطان مجهول لا يعرف روى عنه غير أبى عبد الرحمن ذكره البخاري وأبو حاتم - وفي التاريخ للبخاري
لا يعرف له سماع من سالم -
241

قال (باب ما لا يجزى من العيوب في الهدايا)
ذكر فيه حديث البراءة - قلت - سكت عنه هنا واعاده في كتاب
242

الأضحية وعلله وأطال الكلام عليه -
244

كتاب البيوع
قال (باب إباحة التجارة)
ذكر فيه حديثا عن شريك عن وائل عن جميع بن عمير عن أبي بردة ثم قال (الصحيح رواية وائل عن سعيد بن عمير عن
263

النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا) - قلت - أخرجه الحاكم في المستدرك من حديث الثوري عن وائل عن سعيد بن
عمير عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال صحيح الاسناد وذكر ابن معين ان عم سعيد البراء بن عازب
وإذا اختلف الثوري وشريك فالحكم للثوري انتهى كلامه وظهر بهذا ان الصحيح في هذا الحديث الرفع لجلالة الثوري
ولأنه زاد -
264

قال (باب كراهية اليمين في البيع)
ذكر فيه حديث السماسرة من طريق الأعمش عن قيس بن أبي غرزة - قلت - أخرجه أبو داود وابن ماجة من طريق
الأعمش عن أبي وائل عن قيس وهو الصواب ولعل سقوط أبى وائل من سنن البيهقي من الكاتب -
265

قال (باب من قال لا يجوز بيع العين الغائبة)
ذكر فيه حديث النهى عن بيع الغرر وعن بيع ما ليس عندك - قلت - في المحلى إذا وصف الغائب عن رؤية وخبرة وملكه
المشترى فأين الغرر ولم يزل المسلمون يتبايعون الضياع في البلاد البعيدة بالصفة - باع عثمان لطلحة أرضا بالكوفة ولم يرياه
فقضى جبير بن مطعم ان الخيار لطلحة وما نعلم للشافعي سلفا في منع بيع الغائب الموصوف ولا خلاف في اللغة ان ما في ملك
بايعه فهو عنده وما ليس في ملكه فليس عنده وإن كان بيده - وفي نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع الصحابة على جواز
بيع الغائب المعذور (1) على تسليمه وان لمشتريه خيار الرؤية إذا رآه - وفي اختلاف العلماء للطحاوي قال الله تعالى

(1) كذا والصواب - المقدور - ح
266

(ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم) فأباح تعالى التجارة عن تراض ولما فرق بينهما
رؤى أو لم يروا جاز عليه السلام بيع العنب إذا اسود والحب إذا اشتد وهما غير مرئيين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم جوز وأبيع الغائب وليس هو من باب الملامسة والمنابذة كما زعم أصحاب الشافعي ولا من باب الغرور لان الغرور لان الغرر ما كان
على خطر لا يدرى أيكون أم لا كالطير في الهواء والسمك في الماء وما لا يقدر على تسليمه كذا قال أهل اللغة والغائب ليس
كذلك - فان قيل قد يهلك - قلنا - وكذا سائر أشياء وليس هذا بيع ما ليس عند الانسان إذ المراد من ذلك ما ليس
في ملكه ولا خلاف في اللغة ان الانسان يقول عندي ضياع ودور أي في ملكي وإن كانت غائبة - فان قيل - الآبق
متفق على منع بيعه فكذا الغائب - قلنا - لم يمتنع بيع الآبق لغيبة بل لتعذر تسليمه كالطير في الهواء انتهى كلامه على أنهم
تركوا ظاهر قوله عليه السلام لا تبع ما ليس عندك - إذ يجوز بيع ما ليس عنده اتفاقا إذا كان قد رآه ويبطل عندهم بيع
ما عنده إذا لم يكن رآه ذكره القدوري في التجرى - ثم ذكر البيهقي في آخر هذا الباب حديث (يوسف بن ماهك عن حكيم
ابن حزام لا تبع ما ليس عندك) - قلت - هذا الحديث اختلف فيه على ابن ماهك فروى عنه كذلك وروى عنه عن عبد الله
ابن عصمة عن حكيم كذا ذكره البيهقي فيما بعد في باب النهى عن بيع ما لم يقبض وسنتكلم عليه هناك إن شاء الله تعالى
وعلى تقدير صحته تقدم الجواب عنه -
267

قال (باب المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا)
268

ذكر فيه حديث أبي برزة وقوله (ما أراكما افترقتما) - قلت - لا حجة في هذا الحديث لان قيامه إلى فرسه مفارقة قال
الطحاوي قد أقاما بعد البيع مدة يعلم أن كلا منهما قد قام إلى مالا بدله منه من حاجة الانسان وقيامه إلى صلاة يكون بذلك
تاركا لما كان فيه ومشتغلا بما سواه مما لو وقع مثله في صرف تصارفاه قبل القبض لفسد الصرف فكذلك لو كان الخيار
واجبا في البيع بعد عقده لقطعته هذه الأشياء فدل ذلك على أن التفريق عند أبي برزة لم يكن بالأبدان ثم ذكر حديثا
في سنده حفص بن غيلان عن سليمان بن موسى - قلت - كلاهما متكلم فيه ثم ظاهر قوله فوجب له متروك عندهم
إذ لا يجب له ما داما في المجلس -
270

ثم ذكر البيهقي في آخر الباب (عن ابن عيينة انه حدث الكوفيين يعنى بحديث الخيار قال فحدثوا به أبا حنيفة فقال) إلى آخره
- قلت - هذه حكاية منكرة لا تليق بابى حنيفة مع ما سارت به الركبان وشحنت به كتب أصحابه ومخالفيه من ورعه المشهور
ولقد حكى الخطيب في تاريخه ان الخليفة في زمنه ارسل إليه يستفتيه في مسألة فارسل إليه بجوابها فحدثه بعض من كان
جالسا في حلقته بحديث يخالف فتياه فرجع عن الفتيا وأرسل الجواب إلى الخليفة على مقتضى الحديث ويحتمل أن تكون
الآفة من بعض رواة الحكاية ولم يعين ابن عيينة من حدثه بذلك بل قال حدثونا وعلى تقدير صحة الحكاية لم يرد بقوله
ليس هذا بشئ الحديث وإنما أراد ليس هذا الاحتجاج بشئ يعنى تأويله بالتفرق بالأبدان فلم يرد الحديث بل تأوله بان
التفريق المذكور فيه هو التفرق بالأقوال لقوله تعالى وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته) ولهذا قال أرأيت لو كانا في سفينة
أو تأول المتبايعين بالمتساومين على ما هو معروف من مذهب الحنفية ومذهبه هو قول طائفة من أهل المدينة واليه ذهب
مالك وربيعة والنخعي وأهل الكوفة ورواه عبد الرزاق عن الثوري -
272

قال (باب الدليل على أنه لا يجوز شرط
الخيار أكثر من ثلاثة أيام)
ذكر فيه حديث المصراة - قلت - لا حجة فيه إذ جعل فيه الخيار للمشترى بلا رضا البائع ولا بان يشترط عند العقد ثم ذكر
273

حديث (لا خلابة) - قلت - لا حجة فيه أيضا إذ الشافعي لا يقول به ويجعله خاصا بذلك الرجل حكاه عنه البيهقي فيما بعد
في باب ما جاء في عهدة الرقيق وذلك أنه جعل له الخيار بقوله عند التبايع لا خلابة رضى معامله أولا فلا يشبه الخيار الذي
يتفقان عليه -
274

قال (باب تحريم التفاضل في الجنس الواحد)
278

ذكر فيه حديثا عن ابن عمر في آخره (هذا عهد نبينا صلى الله عليه وسلم الينا) ثم ذكر عن الشافعي أنه قال هذا خطأ)
واستدل على ذلك بأنه (روى الحديث عن ابن عيينة عن ورد ان عبن عمر) ولفظه (هذا عهد صاحبنا الينا قال الشافعي
يعنى بصاحبنا عمر) - قلت - حكى صاحب التمهيد هذا القول عن الشافعي ثم قال قول الشافعي عندي غلط على أصله لان
قول صاحبنا مجمل يحتمل ان يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الأظهر ويحتمل ان يريد عمر فلما قال مجاهد عن ابن عمر
هذا عهد نبينا فسر ما أجمل وردان وهذا أصل ما يعتمد عليه الشافعي في الآثار ولكن الناس لا يسلم منهم أحد من الغلط
وإنما دخلت الداخلة على الناس من قبل التقليد لأنهم إذا تكلم العالم عند من لا يمعن النظر بشئ كتبه وجعله دينا يرد به
279

ما خلفه دون ان يعرف الوجه فيه فيقع الخلل وبالله التوفيق - ورد بعض أصحابنا على صاحب التمهيد بان ابن عمر لم يسمع ذلك
من النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح به ابن عمر في بعض الروايات ولا يرد ذلك عليه لأنه لم يلتزم ان ابن عمر سمعه من
النبي صلى الله عليه وسلم بل لو عهده عليه السلام إلى عمر أو غيره ثم سمعه ابن عمر منه جاز له أن يقول عهد نبينا وليست هذه
العبارة بأغرب من قول النزال بن سبرة قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انا وإياكم كنا ندعى بنى عبد مناف والنزال
لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أراد قال لقومنا - ثم ذكر البيهقي ان معاوية باع سقاية من ذهب أو ورق
بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء) إلى آخره - قلت - تقدم في الباب السابق ان هذه القصة جرت لمعاوية مع عبادة
ابن الصامت وقال صاحب الاستذكار لا اعلم أنها جرت له مع أبي الدرداء الا من حديث ابن أسلم عن عطاء وليست معروفة
له الا مع عبادة والطرق بذلك متواترة -
قال (باب من قال الربا في النسيئة)
280

ذكر فيه حديث البراء وابن أرقم (سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف فقال ما كان منه يدا بيد فلا بأس) من
رواية ابن جريج قال (وأخرجه مسلم عن محمد بن حاتم عن ابن عيينة عن عمرو عن أبي المنهال باع شريك لي ورقا بنسيئة
وبمعناه رواه البخاري عن ابن المديني عن سفيان وروى عن الحميدي عن سفيان عن عمرو عن أبي المنهال باع شريك لي
دراهم بدراهم) ثم قال (هذا عندي خطأ والصحيح ما رواه ابن المديني وابن حاتم وهو المراد بما أطلق في رواية ابن
جريج فيكون الخبر واردا في بيع الجنسين أحدهما بالاخر) - قلت - رواية ابن المديني وابن حاتم مطلقة أيضا لم يذكر فيها
باع الورق فكيف ترد رواية ابن جريج إليها وتفسر بها بل الأظهر ان قوله في رواية ابن حاتم بنسيئة معناه بورق نسيئة
وكذا ما في معناه من رواية ابن المديني لان نسيئة في قوله بنسيئة صفة لموصوف محذوف دل عليه قوله أولا ورقا فيكون
التقدير بورق نسيئة فعلى هذا هو موافق لرواية الحميدي عن سفيان -
281

قال (باب اقتضاء الذهب من الرق)
ذكر فيه حديث سعيد بن جبير (عن ابن عمر كنت أبيع الإبل في البقيع) ثم قال (ينفرد برفعه سماك عن ابن جبير من بين
أصحاب ابن عمر) - قلت - ذكر الترمذي هذا الحديث ثم قال لا نعرفه مرفوعا الا من حديث سماك وروى داود بن أبي
هند هذا عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفا - فاختلف الرواية عن سعيد بن جبير - والمفهوم من كلام البيهقي
ان ابن جبير رواه مرفوعا وان غيره من أصحاب ابن عمر رواه بخلاف ذلك -
284

قال (باب جريان الربا في كل ما يكون مطعوما)
ذكر فيه حديث (الطعام بالطعام مثلا بمثل) - قلت - فهم البيهقي من لفظة الطعام كل مطعوم وخالف ذلك فيما تقدم
ففهم من حديث الخدري في صدقة الفطر صاعا من طعام انه البر وحده وقد تكلمنا معه هناك ولا نسلم العموم ههنا
إذ لا يقال لاكل الهليلج اكل الطعام وقال ابن حزم اجرى الشافعي الربا في السقمونيا ولا يطلق عليه اسم الطعام - وفي التجريد
للقد ورى تبطل عليهم بجواز بيع الحيوان بالحيوان متفاضلا مع كونه مطعوما والا (1) لم يكن في الحال كما أن السمك والجراد
ليسا بمطعومين في الحال حتى يصلحا ومع ذلك لا يجوز بيعهما متفاضلا وكذلك الطين الخراساني مأكول مشتهى وإن كان
فيه ضرر لكثير (2) من المعلومات -
قال (باب من قال بجريان الربا في كل ما يكال ويوزن)

(1) لعل الصواب - وان - ح
(2) لعل صواب - ككثير - ح
285

ذكر فيه حديثا في سنده (حيان بن عبيد الله فقال تكلموا فيه) - قلت - اخرج هذا الحديث شيخه الحاكم في مستدركه
وقال صحيح الاسناد وحيان هذا ذكره ابن حبان في الثقات من اتباع التابعين وقال الذهبي في الضعفاء جائز الحديث وقال
عبد الحلق في أحكامه قال أبو بكر البزاز حيان رجل من أهل البصرة مشهور ليس به بأس وقال فيه أبو حاتم صدوق وقال
بعض المتأخرين فيه مجهول ولعله اختلط عليه بحيان بن عبيد الله المروزي -
قال (باب لا ربا في ما خرج من المأكول
والمشروب والذهب والفضة)
286

ذكر فيه حديث (شراء العبد بعبدين وشراء صفية بسبعة أرؤس) - قلت - لا يلزم من جواز ذلك جواز كل ما خرج
من المأكول والمشروب والثمنين - والفلوس إذا نفقت فهي أثمان ومع ذلك لا ربا فيها -
قال (باب بيع الحيوان وغيره مما لا ربا فيه بعض ببعض نسيئة)
ذكر فيه (انه عليه السلام قال لعبد الله بن عمرو خذ في قلاص الصدقة فجعلت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة) ثم
ذكره من وجه آخر ولفظه (إلى خروج المصدق) - قلت - هذا اجل مجهول لأنه يتقدم ويتأخر وهو مفسد البيع فيحمل
على أنه امره ان يستسلف الزكاة من أربابها فيأخذ بعيرا يصلح للحمل والقتال ببعيرين من أسنان الصدقات أو يأخذ
ذلك من أهل الحرب على قول من يجوز الربا معهم أو كان ذلك قبل تحريم الربا ثم نهى عليه السلام عن بيع الحيوان
287

بالحيوان نسيئة كما يجئ في الباب الذي يتلوه إن شاء الله تعالى ثم ذكر البيهقي (عن الحسن بن محمد بن علي عن علي أنه باع
جملا بعشرين بعيرا إلى اجل) - قلت - ذكر ابن الأثير في شرح مسند الشافعي ان هذا الحديث مرسل لان الحسن لم يلق
جده عليا وقد جاء عن علي خلاف هذا قال عبد الرزاق في مصنفه اخبرني عبد الله بن أبي بكر عن ابن قسيط عن ابن المسيب
عن علي أنه كره بعيرا ببعيرين نسيئة فان صح الأول يحمل على أنه فعله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قبل التحريم ثم ذكر
البيهقي (عن ابن عمر أنه اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه يوفيها صاحبها بالربذة) - قلت - قد جاء عن ابن عمر
خلاف هذا قال عبد الرزاق انا معمر عن ابن طاوس عن أبيه اخبرني انه سال ابن عمر عن بعير ببعيرين نظرة فقال لا وكرهه
فيحمل الأول على أن الأبعرة كانت بالربذة فهذا بيع غائب وليس بنسيئة وإنما شرط الضمان لان من مذهب ابن عمر أن
المبيع لا يكون مضمونا على البائع الا بالشرط كذا ذكره القدوري في التجريد قال وروى عن ابن مسعود وابن عباس
والحكم بن عمرو الغفاري مثل قولنا -
قال (باب النهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة)
ذكر فيه حديثا عن الحسن عن ثم قال (أكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن بن مسرة في غير حديث العقيقة) - قلت - حسن
الترمذي هذا الحديث وصححه وقال العمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة وغيرهم وهو قول الثوري وأهل الكوفة
واحمد وسماع الحسن من سمرة صحيح هكذا قال على ابن المديني - وفي الاستذكار قال الترمذي قلت للبخاري في قولهم
لم يسمع الحسن من سمرة الا حديث العقيقة قال سمع منه أحاديث كثيرة وجعل روايته عنه سماعا وصححها - وقال البيهقي فيما
بعد في باب قتل الحر بالعبد (كان شعبة يثبت سماعه منه) وقال أيضا في باب من مر بحائط انسان (أحاديثه عن سمرة لا يثبتها
بعض الحفاظ) وكلامه هذا مخالف لكلامه في هذا الباب ثم ذكر حديثا عن إبراهيم بن طهمان عن معمر عن يحيى بن أبي
288

كثير عن عكرمة عن ابن عباس ثم قال (وكذا رواه داود العطار عن معمر موصولا وكذا روى عن الزبير وعبد الملك
الذماري عن الثوري عن معمر وكل ذلك وهم والصحيح عن عكرمة عن النبي عليه السلام مرسلا) ثم أخرجه كذلك
من حديث الفريابي عن الثوري عن معمر ثم قال (وكذا رواه عبد الرزاق وعبد الاعلى عن معمر وكذا رواه علي بن المبارك
عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة وروينا عن البخاري انه وهن رواية من وصله) ثم اخرج (عن ابن خزيمة قال الصحيح
عند أهل المعرفة هذا الخبر مرسل ليس بمتصل) ثم ذكر عن الشافعي (ان حديث النهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة غير
ثابت) - قلت - حاصله انه اختلف على الثوري فيه فرواه عنه الفريابي مرسلا ورواه عنه الزبيري والذماري متصلا واثنان
أولى من واحد كيف وقد تابعهما أبو داود الحفري فرواه عن سفيان موصولا كذا أخرجه عنه أبو حاتم بن حبان في صحيحه
فظهر بهذا ان رواية من رواه عن الثوري موصولا أولى من رواية من رواه عنه مرسلا واختلف أيضا على معمر فيه فرواه
عنه عبد الرزاق وعبد الاعلى مرسلا على أن عبد الرزاق رواه أيضا عنه متصلا كذا رأيت في نسخة جيدة من نسخ المصنف
له ورواه عن معمر ابن طهمان والعطار موصولا وتأيدت روايتهما بالرواية المذكورة عن عبد الرزاق وبما رجح من رواية
الثوري فظهر أن رواية من رواه عن معمر موصولا أولى ومعمر احفظ من علي بن المبارك فروايته عن يحيى موصولا
أولى من رواية ابن المبارك عنه مرسلا وبالجملة فمن وصل حفظ وزاد فلا يكون من قصر حجة عليه وقد اخرج البزاز هذا
الحديث وقال ليس في هذا الباب حديث اجل اسنادا منه - وقد ورد في هذا الباب حديثان آخر ان جيدان وحديث ثالث
مرسل فالأول أخرجه الطحاوي من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة -
وأخرجه البيهقي أيضا في كتاب المعرفة وقال تفرد به محمد بن دينار الطاحى وسئل ابن معين عنه فقال ضعيف انتهى كلامه -
وقد ذكر الذهبي في الكاشف ابن دينار هذا وقال حسنوا حديثه وفي الميزان قال أبو زرعة صدوق وقال النسائي ليس به
بأس وكذا قال ابن معين في رواية أحمد بن أبي خيثمة عنه وقال ابن عدي حسن الحديث - والحديث الثاني عن أبي الزبير
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحيوان اثنان بواحد لا يصلح نساء ولا بأس به يدا بيد - أخرجه ابن ماجة
289

والترمذي وقال حسن - والحديث الثالث أخرجه الشافعي في مسنده عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عبد الكريم الجزري
ان زياد بن أبي مريم مولى عثمان اخبره ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث مصدقا له فجاء بظهر مسنات فلما نظره النبي صلى الله
عليه وسلم قال هلكت وأهلكت فقال يا رسول الله انى كنت أبيع البكرين والثلاثة بالبعير المسن يدا بيد وعلمت من حاجة
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الظهر فقال عليه السلام فذاك إذا - قال ابن الأثير في شرحه يدل على صحة قول من منع
النسيئة في الحيوان بالحيوان لأنه لما قال له يدا بيد أقره على فعله فظهر بهذه الأحاديث المختلفة الطرق التي أيد بعضها بعضا ان هذا
الحديث ثابت خلافا للشافعي رحمه الله - وروى عبد الرزاق انا الثوري وإسرائيل عن عبد العزيز بن رفيع سمعت محمد بن الحنفية
يكره الحيوان بالحيوان نسيئة - ورواه عبد الرزاق عن عكرمة وعن أيوب وابن سيرين نحوه وروى ابن أبي شيبة بسنده
عن عمار بن ياسر نحوه -
290

قال (باب من ابتاع ذهبا بذهب مع أحد
الذهبين شئ غير الذهب)
- قلت - عمم المنع وجوزه أبو حنيفة والثوري إذا كان الذهب المنفرد أكثر من الذهب المنضم للسلعة والحديث الذي
292

استدل به البيهقي تبين من رواية الليث التي أخرجها مسلم انه ورد في صورة خاصة وهي ان الذهب الذي في القلادة كان
أكثر من الذهب المنفرد وخصمه يمنع هذا -
293

قال (باب بيع الرطب بالتمر)
ذكر فيه حديث مالك عن عبد الله بن يزيد عن زيد أبى عياش عن سعد ثم ذكر أنه روى عن مالك عن داود بن الحصين
عن عبد الله بن يزيد ثم أخرجه من حديث يحيى بن أبي كثير عن عبد الله ولفظه (نهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة) ثم ذكر
عن الدارقطني أنه قال (خالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد رووه عن عبد الله ولم يقولوا نسيئة
294

اجتماع هؤلاء يدل على ضبطهم وفيهم امام وهو مالك) ثم قال (وقد رواه عمران بن أبي انس عن أبي عياش نحو رواية
الجماعة أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ الربيع ثنا ابن وهب حدثني مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمران)
فذكره - قلت - اخرج أبو داود رواية يحيى ثم قال عقيبها رواه عمران بن أبي انس عن مولى لبنى مخزوم عن سعد نحوه وظاهر
هذا ان عمران رواه كرواية يحيى وعلى خلاف رواية الجماعة ويوضح ذلك ما ذكره الطحاوي في مسلك الحديث فقال
ثنا يونس ثنا ابن وهب اخبرني عمرو بن الحارث ان بكير بن عبد الله بن الأشج حدثه عن عمران بن أبي انس ان مولى لبنى
مخزوم حدثه انه سأل سعدا عن الرجل يسلف الرجل الرطب بالتمر إلى اجل فقال سعد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن هذا - فظهر بهذا ان عمران رواه على موافقة رواية يحيى ومخالفة رواية الجماعة وهذا السند اجل من السند الذي ذكره
البيهقي يونس هو ابن عبد الاعلى حافظ احتج به مسلم وهو اجل من الربيع وهو المرادي لأنه كان في عقله شئ حكاه ابن أبي
حاتم عن النسائي ولم يخرج له صاحبا الصحيحين وعمرو بن الحارث المصري الراوي عن بكير حافظ جليل وهو اجل من
مخرمة بن بكر بلا شك لان مخرمة ضعفه ابن معين وغيره وقال ابن حنبل وابن معين لم يسمع من أبيه إنما وقع له كتابه ومالك
قد اختلف عليه في سند الحديث كما ذكره البيهقي واختلف أيضا على إسماعيل فروى عنه نحو رواية مالك ذكره البيهقي وغيره
وروى الطحاوي عن المزني ثنا الشافعي عن ابن عيينة عن إسماعيل عن عبد الله بن يزيد عن أبي عياش الزرقي عن سعد الحديث
قال الطحاوي وهذا محال أبو عياش الزرقي صحابي جليل وليس في سن عبد الله بن يزيد لقاء مثله واختلف أيضا على أسامة
فرواه عنه ابن وهب نحو رواية مالك ورواه الليث عن أسامة وغيره وعن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الطحاوي وابن عبد البر وفي أطراف المزي رواه زياد بن أبي أيوب عن علي
ابن غراب عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد عن أبي عياش عن سعد موقوفا ولم يذكر الدارقطني ولا غيره فيما علمنا
سند رواية الضحاك لينظر فيه ولو سلم حديث هؤلاء من الاختلاف كان حديث يحيى بن أبي كثير أولى بالقبول من حديثهم
لأنه زاد عليهم وهو امام جليل وزيادة الثقة مقبولة كيف وفي رواية عمران بن أبي انس التي ذكرناها ما يقوى حديثه وتبين
انه لم ينفرد به ويظهر من هذا كله بن الحديث قد اضطرب اضطرابا شديدا في سنده ومتنه وزيد مع الاختلاف فيه هو مجهول
لا يعرف كذا قال ابن حزم وغيره واخرج صاحب المستدرك هذا الحديث من طرق منها رواية يحيى ثم صححه ثم قال
لم يخرجه الشيخان لما خشيا من جهالة زيد وفي تهذيب الآثار للطبري علل الخبر بأن زيدا انفرد به وهو غير معروف في نقلة العلم
295

- ثم ذكر البيهقي حديث ابن عمر (لا تبيعوا الثمر حتى يبد وصلاحه ولا تبيعوا الثمر بالتمر) ثم عزاه إلى البخاري ثم قال
(ورواه مسلم على ارسال في هذا المقدار من الحديث) - قلت - يعنى قوله ولا تبيعوا الثمر بالتمر والامر ليس كما ذكر
والحديث كله متصل عند مسلم ولا ارسال في شئ منه -
296

قال (باب ثمر الحائط يباع بأصله)
ذكر فيه حديث (من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع) إلى آخره - قلت - ذكر في الخلافيات انها إذا لم تؤبر فالثمر للمشترى
قال الشافعي إذا جعل الا بار حد الملك البائع فقد جعل ما قبله حد الملك المشترى انتهى كلامه وهذا استدلال المفهوم وأبو حنيفة
وأصحابه لا يقولون بذلك قال أبو عمر في التمهيد الكوفيون والأوزاعي لا يفرقون بين الابر وغيره ويجعلون الثمرة للبائع
إذا كانت قد ظهرت قبل البيع ومن حجتهم انه لم يختلف قول من شرط التأبير انها لو لم تؤبر حتى تناهت وصارت بلحا
وبسرا ثم يبيع النخل ان الثمرة لا تدخل فيه فعلمنا ان المعنى في ذكر التأبير ظهور الثمرة وفي قواعد ابن رشد قال أبو حنيفة
هي للبائع قبل الا بار وبعده ولم يجعل المفهوم هنا من باب دليل الخطاب بل من باب الأحرى والأولى وذلك أنه إذا وجبت
للبائع بعد الا بار فهو أحرى ان تجب له قبل الا بار وشبهوا خروج الثمرة بالولادة فقالوا من باع أمة لها ولد فولدها للبائع الا ان
297

يشترط المبتاع كذلك الامر في الثمر انتهى كلامه - وقد ذكر البيهقي فيما بعد في باب ما جاء في مال العبد من حديث عكرمة
ابن خالد (عن ابن عمر أنه عليه السلام قال وأيما رجل باع نخلا قد أينعت فثمرتها لربها الأول الا ان يشترط المبتاع) فلم
يقيد بالتأبير الا ان البيهقي زعم أنه منقطع فقال (وقد روى عن هشام الدستوائي عن قتادة عن عكرمة بن خالد عن الزهري
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم) وقد صرح صاحب الكمال بان عكرمة بن خالد سمع من ابن عمر أيضا فان روايته
عنه مخرجة في الصحيحين وخرجها الترمذي أيضا وقال حسن صحيح فان صح ما ذكره البيهقي يحمل على أنه سمعه من ابن عمر
مرة بلا واسطة ومرة بواسطة ثم إن الذي في كتب الشافعية ومخالف لما حكاه البيهقي عن الشافعي من الاستدلال بالمفهوم قال
البغوي في التهذيب ان باع بعد تشقق النخل سواء أبر أولم يؤبر فالثمرة تبقى على ملك البائع لأنها ظهرت من اكمامها بالتشقق
فلا تتبع الأصل الا ان يبيعها مع النخلة فتكون للمشترى هذا كما أن الحمل يدخل في مطلق بيع الامام ولو باع الامام بعد خروج
الولد لا يتبعها الولد الا ان يبيعها (1) معها انتهى كلامه - فقد تركوا القول بمفهوم الحديث كما ترى -
قال (باب النهى عن بيع المخاضرة)
ذكر فيه (عن أنس نهى عليه السلام عن المخاضرة) الحديث ثم قال (قال أبو عبيد المخاضرة بيع الثمار قبل ان يبد وصلاحها

(1) كذا
298

ويدخل في المخاضرة بيع الرطاب والبقول ولهذا كره من كره بيع الرطاب أكثره من جزة واحدة) - قلت - الحديث
يقتضى كراهية الجزة الواحدة أيضا -
قال (باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار)
- قلت - يفهم من هذا الكلام انه لا يحل بيع الثمار قبل هذا الوقت ومذهب الشافعي وغيره انه يحل بشرط القطع
وذكر البيهقي في هذا الباب حديثا عن ابن عمر قال (أخرجه البخاري من حديث الليث عن يونس) - قلت - هذه
الرواية أخرجها البخاري تعليقا فكان الوجه ان يقال أخرجه البخاري من حديث الليث فان البيهقي أخرجه فيما مضى في باب
النهى عن بيع الرطب متصلا من حديث الليث عن عقيل وعزاه كذلك إلى البخاري -
299

قال (باب بيع الحنطة في سنبلها)
- قلت - ذكر صاحب المحلى عن الشافعي قال ماله قشران لا يجوز بيعه حتى يزال الا على قال ابن حزم لا فرق بين كونه في قشر
302

أو قشرين وهو قد جوز بيع البيض مع كونه في قشرين يعنى الظاهر والرقيق مع أنه قول لا نعلمه عن أحد قبله وفى قواعد
ابن رشد جوز بيع الجب في سنبله جمهور العلماء أبو حنيفة ومالك وأهل المدينة والكوفة وحجتهم ما روى نافع عن ابن عمر
انه عليه السلام نهى عن بيع النخل حتى تزهى وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة - وهي زيادة على ما رواه مالك من
هذا الحديث والزيادة إذا كانت من الثقة مقبولة وروى عن الشافعي انه لما وصلته هذه الزيادة رجع عن قوله وذلك أنه
لا يصح عنده قياس مع جود الحديث - وذكر البيهقي في هذا الباب حديث النهى عن بيع الغرر - قلت - تقدم
في باب بيع العين الغائبة ان الغرر ما لم يدر أيكون أم لا كالسمك في الماء - والحنطة في السنبل موجودة معلومة بالمشاهدة
وصارت كالشعير في سنبله فإنه يجوز عند الشافعي وأصحابه
303

قال (باب من قال لا توضع الجائحة)
304

ذكر فيه حديث عائشة (سمع عليه السلام صوت خصوم بالباب) إلى آخره ثم قال (رواه مسلم عن بعض أصحابه عن إسماعيل
- قلت - لفظ مسلم حدثني غير واحد من أصحابنا عن إسماعيل وهذا مخالف لما عزاه البيهقي إليه -
305

قال (باب المزابنة والمحاقلة)
307

ذكر فيه (عن عكرمة عن ابن عباس نهى عليه السلام عن المحاقلة والمزابنة وكان عكرمة يكره بيع القصيل) ثم قال (رواه
البخاري) - قلت - لم يذكر البخاري وكان عكرمة يكره بيع القصيل -
قال (باب بيع العرايا)
308

ذكر فيه حديثا عن ابن عمر ثم حديثا عن زيد بن ثابت ثم قال (أخرجهما مسلم على ارسال في الأول) - قلت - قد قدمنا
في باب بيع الرطب بالتمر أنه عند مسلم متصل ولا ارسال فيه -
309

قال (باب ما يجوز من العرايا)
310

ذكر فيه حديث أبي هريرة (فيما دون خمسة أوسق أو خمسة أوسق) وحديث جابر (الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة)
- قلت - جوز مالك والشافعي العرية في خمسة أوسق والنهى عن المزابنة ثابتة بيقين فوجب ان لا يستثنى منها الا الثابت
بيقين وهو أربعة أوسق لا الخمسة المشكوك فيها ذكر معناه ابن المنذر وصححه الخطابي وقال ألزمه المزني الشافعي وهو
لازم على أصله -
قال باب من أجاز بيع العرايا بالرطب أو التمر)
ذكر فيه حديث (رخص في العرية بالرطب أو التمر ولم يرخص في غير ذلك) - قلت - تركت الشافعية العمل بهذا الحديث
حيث جوزوا العرية في العنب -
311

قال (باب النهى عن بيع ما لم يقبض)
312

ذكر فيه حديثا عن عبد الله بن عصمة عن عكيم ثم قال (اسناد حسن) - قلت - كيف يكون حسنا وابن عصمة متروك
كذا قال صاحب المحلى وفي الأحكام لعبد الحق ضعيف وأيضا قد قدمنا في باب بيع العين الغائبة انه اختلف في سنده
وأيضا المراد منه الطعام قاله صاحب الاستذكار واستدل على ذلك برواية الحفاظ لحديث حكيم بن حزام انه عليه السلام
قال له إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تقبضه - وقد ذكره البيهقي في آخر الباب السابق وأخرجه أيضا النسائي -
313

قال (باب الرجل يبتاع طعاما كيلا فلا يبيعه حتى يكتاله)
315

ذكر فيه حديثا عن عثمان رضي الله عنه ثم قال (وروى من وجه آخر مرسلا عن عثمان) ثم أخرجه من حديث مطر الوراق
عن بعض أصحابه ان حكيم بن حزام أو عثمان بن عفان إلى آخره - قلت - ذكر القاضي عياض ان قول الراوي حدثني غير
واحد أو حدثني الثقة أو حدثني بعض أصحابنا ليس من المقطوع ولا المرسل ولا المعضل عند أهل هذا الفن بل هو من باب
الرواية عن المجهول حكاه عنه النووي في شرح مسلم ثم قال وهذا هو الصواب -
قال (باب ما ورد في العينة)
ذكر فيه حديثا عن ابن عمر ثم قال (وروى من وجهين ضعيفين عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر) - قلت - ذكره
316

ابن القطان من وجه صحيح عن عطاء عن ابن عمر فقال نقلت من كتاب الزهد لأحمد بن حنبل قال ثنا الأسود بن عامر
ثنا أبو بكر هو ابن عياش عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال أتى علينا زمان وما يرى أحد منا انه أحق
بالدينار والدراهم من أخيه المسلم - ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا يعنى الناس تبايعوا بالعين واتبعوا
أذناب البقر و تركوا الجهاد في سبيل الله انزل الله بهم بلاء فلم يرفعه حتى يراجعوا دينهم - ثم صححه أعني ابن القطان وقال
هذا الاسناد كل رجاله ثقات كذا قال في النسخة بلاء واراه مصحفا من ذلا -
317

قال (باب الحكم فيمن اشترى مصراة)
318

ذكر فيه حديثا في سنده جميع بن عمير فقال (قال البخاري فيه نظر) - قلت - ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين وحسن
الترمذي له حديثا -
319

قال (باب من اشترى جارية فأصابها ثم وجد بها عيبا)
ذكر فيه من وجهين (عن علي يرد البائع ما بين الصحة والداء) ثم ذكر اثرا عن عمر ثم اعل الجميع ثم قال (قال الشافعي
لا نعلمه يثبت عن عمر وعلى ولا واحد منهما) - قلت - قد جاء عن علي بسند جيد روى أبو حنيفة في مسنده عن الهيثم هو ابن
حبيب الصير في عن الشعبي عن علي قال في الرجل يشترى الجارية فيطؤها ثم يصيب بها عيبا انه لا يستطيع ردها ويرجع
بنقصان العيب والهيثم ذكره ابن حبان في الثقات من اتباع التابعين -
322

قال (باب ما جاء في عهدة الرقيق)
ذكر فيه الحديث ثم قال مداره على الحسن عن عقبة بن عامر - قلت - رواه ابن أبي شيبة قال ثنا عبدة ومحمد بن بشر عن
323

سعيد هو ابن أبي عروبة ورواه ابن ماجة عن محمد بن عبد الله بن نمير عن عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن الحسن عن سمرة وهذا سند صحيح وتبين بهذا انه اختلف فيه على ابن أبي عروبة -
قال (باب ما جاء في العبد)
ذكر فيه حديثا عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر ثم قال (وهذا منقطع وقد روى عن عكرمة عن الزهري عن ابن عمر)
324

قلت - نص البخاري وغيره على أن عكرمة هذا سمع من ابن عمر فيحمل على أنه سمع هذا الحديث منه بلا واسطة مرة
325

وبواسطة أخرى وهذا أولى من تخطئة احدى الروايتين ورميها بالانقطاع وقد فعل البيهقي مثل هذا في غير موضع ثم
اخرج هذا الحديث (عن سلمة بن كهيل حدثني من سمع جابرا يقول) إلى آخره ثم قال (مرسل حسن) - قلت - هذا
لا يسمى مرسلا بل هو من باب الرواية عن المجهول كما تقدم قريبا وكيف يكون حسنا وفي سنده إبراهيم بن أبي الليث قال
الساجي متروك وقال صالح جزرة كان يكذب عشرين سنة واشكل امره على احمد وعلى حتى ظهر بعد وقال أبو حاتم كان
ابن معين يحمل عليه كذا في الميزان وقول البيهقي (وكذلك رواه يحيى القطان) وغيره عن سفيان لم يذكر سنده لينظر فيه -
326

قال (باب بيع البراءة)
327

ذكر فيه (ان ابن عمر باع غلاما بالبراءة وان عثمان قضى عليه بارتجاع العبد) ثم حكى عن الشافعي (أنه قال في الرجل يبيع
العبد أو شيئا من الحيوان بالبراءة من العيوب فالذي نذهب إليه قضاء عثمان انه برئ من كل عيب لم يعلمه ولم يبرأ من عيب
علمه ولم يسمه البائع) - قلت - ذكر صاحب المحلى ما معناه ان الشافعي أشد الناس انكارا للتقليد ولم يقلد ابن عمر في جواز
البيع بالبرائد في الرقيق بل قلد عثمان ولم يقلده في قضائه على ابن عمر بالنكول وهو صحيح عنه وعثمان إنما قضى في عبد
فوجب ان يقتصر عليه - فان قالوا - قسنا الحيوان عليه - قلنا - فقيسوا جميع المبيعات عليه وما نعلم لهم سلفا من الصحابة
في تفريقهم هذا - وفي اختلاف العلماء للطحاوي قال الشافعي إذا باع الحيوان بالبراءة فالذي اذهب إليه قضاء عثمان انه برئ
من كل عيب يعلمه ولا يبرأ من عيب علمه والقياس ان لا يبرأ من عيوب لم يرها ولو سماها - ثم روى الطحاوي بسنده
عن زيد بن ثابت انه كان يرى البراءة من كل عيب جائزة - وروى عن ابن عمر أيضا كذلك ثم قال كيف لم يقلد الشافعي
328

ابن عمرو القياس معه - وقوله القياس ان لا يبرأ من عيوب لم يرها ولو سماها لم يقله أحد من أهل العلم قبله - وفي نوادر
الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع الفقهاء على أن البراءة من عيوب سماها المشترى ولم يرها جائزة الا رواية شذت عن الشافعي
انه لم يجزها عن عيوب غير موجودة - وفي التجريد للسدوري البراءة من العيوب توجب جهالة صفة المعقود عليه وذلك
لا يمنع من جواز العقد كجهالة قدر الصبرة وهذا مبنى على أصلنا ان البراءة من الحقوق المجهولة جائزة عندنا انتهى كلامه
وسيأتي الدليل على ذلك في باب صلح الابراء إن شاء الله تعالى -
329

قال (باب الرجل يبيع الشئ إلى اجل ثم يشتريه بأقل)
ذكر فيه قضية عائشة مع زيد بن أرقم ثم ذكر (ان الشافعي قال انا لا نثبت مثله ولو كان ثابتا عابت البيع إلى العطاء لأنه
اجل غير معلوم) - قلت - العالية معروفة روى عنها زوجها وابنها وهما امامان وذكرهما (1) ابن حبان في الثقات من التابعين
وذهب إلى حديثهما (2) هذا الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه ومالك وابن حنبل والحسن بن صالح وروى عن الشعبي

(1) كذا ولعله وذكرها - ح
(2) كذا ولعله حديثها - ح
330

والحكم وحماد فمنعوا ذلك كذا في الاستذكار - وقد ذكر جماعة انها كانت تجيز البيع إلى العطاء وذكر ابن أبي شيبة في مصنفه
ان أمهات المؤمنين كن يشترين إلى العطاء - وقال أبو بكر الرازي - ان قيل - كيف أنكرت الأول وهو صحيح عندها -
قلنا - لأنها علمت أنها قصدت به ايقاع البيع الثاني كما يفعل الناس وفي قولها أرأيت ان لم آخذ الا رأس مالي وتلاوة عائشة
الآية دليل على ابقائها العقد الأول وان المنكر هو الثاني ولو كانت إنما أنكرته لكونه بيعا إلى العطاء كما زعم الشافعي لما أبقت
الأول - ثم ذكر البيهقي (ان ابن عمر لم ير بذلك بأسا) - قلت - يعارضه ما رواه وكيع ثنا سفيان الثوري عن سليمان التيمي
عن حيان بن عمير القيسي عن ابن عباس سأله رجل يبيع الحرير إلى اجل فكره ان يشتريه يعنى بدون ما باعه - وهذا سند
صحيح - ثم ذكر البيهقي (ان رجلا باع رجلا بعيرا فقال اقبل منى بعيرك وثلاثين درهما فلم يربه شريح بأسا) - قلت -
هذه واقعة عين ويحتمل ان البيع الأول كان نقدا ولا خلاف في جواز ذلك -
قال (باب اختلاف المتبايعين)
331

ذكر فيه حديث عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث عن أبيه عن جده ثم قال (اسناد حسن موصول) - قلت - في كل من
حسنه واتصاله نظر فان عبد الرحمن وأباه وجده محمدا حالهم مجهول كذا قال ابن القطان وقال ابن عبد البر اسناده ليس بحجة
وفيه مقال من جهة انقطاعه وضعف نقلته وذكر ابن القطان انه عنى بجده محمد بن الأشعث وان الانقطاع بينه وبين ابن مسعود
وما حكاه البيهقي فيما بعد (عن الشافعي أنه قال لا اعلم أحدا يصله عن ابن مسعود) يدل أيضا على انقطاعه وفي المحلى الحديث
مرسل محمد بن الأشعث لم يسمع ابن مسعود وعبد الرحمن ظالم من ظلمة الحجاج لا حجة في روايته وإنما هو عبد الرحمن بن
محمد بن قيس بن محمد بن الأشعث وهو مجهول ابن مجهول وأيضا فلم يسمع منه أبو عميس شيئا لتأخر سنه عن لقائه انتهى كلامه
والسند الذي اخرج البيهقي هذا الحديث به قال فيه عن أبي عميس اخبرني عبد الرحمن بن قيس وهذا يرد على ابن حزم ويدل
على سماعه منه - وقال المزي في أطرافه رواه يعقوب بن سفيان عن عمرو بن حفص وقال فيه عبد الرحمن بن محمد بن قيس بن محمد
332

ابن الأشعث ويظهر من مجموع ما تقدم الاختلاف في نسبة عبد الرحمن هذا - ثم قال البيهقي (ورواه محمد بن أبي ليلى عن
القاسم عن أبيه) ثم قال (أنبأ الروذباري ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا النفيلي ثنا هشيم - وأنبأ السلمي وأبو بكر الأصبهاني
ثنا علي بن عمر ثنا عبد الله بن محمد ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا هشيم ثنا ابن أبي ليلى) فذكر الحديث ثم قال (لفظ حديث ابن أبي
شيبة) - قلت - المفهوم من هذا الكلام ان أبا داود ذكر حديث ابن أبي ليلى بمعنى حديث ابن أبي شيبة وأبو داود
333

لم يذكر لفظ الحديث أصلا وإنما قال ثنا النفيلي ثنا هشيم انا ابن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه ان ابن مسعود باع
من الأشعث بن قيس رقيقا - فذكر معناه والكلام يزيد وينقص - هذا للفظ أبى داود -
قال (باب كراهية مبايعة من أكثر ماله حرام)
334

ذكر فيه حديث همام (عن أبي هريرة انى لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة) إلى آخره ثم قال (أخرجه البخاري فقال
وقال همام) - قلت - أخرجه البخاري في اللقطة محتجا به عن محمد بن مقاتل عن ابن المبارك عن معمر عن همام فلا حاجة إلى
قول البيهقي (فقال وقال همام) -
335

قال (باب من اشترى مملوكا ليعتقه)
337

- قلت - مقصوده ان الشراء بشرط العتق جائز واستدل على ذلك بحديث بريرة وليس فيه اشتراط العتق -
338

قال (باب النهى عن بيع ما ليس عندك)
- قلت - مراده بذلك منع بيع مال الغير بدون اذنه وجوزه أبو حنيفة ذكره البيهقي في الخلافيات في أثناء هذه الأبواب
واستدل له بحديث عروة البارقي وحكيم بن حزام وسيأتيان إن شاء الله تعالى في باب المضارب يخالف -
339

قال (باب بيع الصوف على ظهر الغنم)
ذكر فيه حديثا في سنده عمر بن فروخ فقال (ليس بالقوى) - قلت - عمر هذا يعرف بالقتاب لم يتكلم فيه أحد بشئ من
جرح فيما علمت غير البيهقي وذكره البخاري في تاريخه وسكت عنه ولم يتعرض ابن عدي إلى ضعفه بل وثقه ابن معين
وأبو حاتم ورضيه أبو داود -
340

قال (باب كل قرض جر منفعة فهو ربا)
349

ذكر في آخره حديثا من رواية الحسن بن علي المعمري عن هشام بن عمار عن إسماعيل عن عتبة عن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس
ثم قال (قال المعمري قال هشام يحيى بن أبي إسحاق الهنائي ولا أراه الا وهم وهذا حديث يحيى بن يزيد الهنائي عن أنس)
- قلت - ذكر المزي في أطرافه هذا الحديث من رواية يحيى بن أبي إسحاق الهنائي وعزاه إلى ابن ماجة ثم ذكر يحيى بن
يزيد الهنائي واخرج له حديثا عن أسن وعزاه إلى مسلم وأبى داود وهو غير هذا الحديث وذكرهما الذهبي في الكاشف
في ترجمتين وعلم لابن أبي إسحاق الهنائي علامة ابن ماجة ولابن يزيد الهنائي علامة مسلم وأبى داود وذكر عبد الحق في أحكامه
هذا الحديث من طريق بقي بن مخلد عن هشام بن عمار وفيه أيضا يحيى بن أبي إسحاق الهنائي وبهذا يظهر أن الحديث لابن أبي
إسحاق لا لابن يزيد -
350

قال (باب قرض الحيوان غير الجواري) - قلت - إذا جاز قرض الحيوان فكذا الجواري لعموم الدليل وبذلك قال المزني ومحمد بن جرير والظاهرية وكما في السلم
352

ومن منع قرض الحوارى قال كيف يطؤها ثم يردها فيكون فرجا معارا وأجاب عن ذلك صاحب المحلى بما ملخصه انهم
يوجبون هذا في التي يجد بها عيبا فهلا قاسوا تلك على هذه وليس ذلك فرجا معارا لان العارية لا تزيل ملك المعير فحرام وطؤها
واما المستقرضة فملكها المستقرض وحلت له فيردها أو يرد غيرها - وفي الاستذكار وممن منع استقراض الحيوان والسلم فيه
عبد الله بن مسعود وحذيفة وعبد الرحمن بن سمرة وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن صالح وسائر الكوفيين وحجتهم
ان الحيوان لا يوقف على حقيقة صفته وادعوا نسخ حديث أبي هريرة وأبى رافع بحديث ابن عمر أنه عليه السلام قضى
فيمن أعتق نصف عبد مشترك بقيمة نصف شريكه ولم يوجب عليه نصف عبد وعن يحيى بن سعيد قلت لربيعة حدثني
أهل انطابلس ان خير بن نعيم كان يقضى عندهم بان لا يجوز السلف في الحيوان وقد كان يجالسك ولا احسبه قضى به
الا عن رأيك فقال ربيعة قد كان ابن مسعود يقول ذلك -
قال (باب فضل الاقراض)
353

ذكر في آخره حديثا في سنده عبد الله بن الحسين أبو حريز فقال (ليس بالقوى) - قلت - اخرج ابن حبان هذا الحديث
في صحيحه من طريق أبى حريز هذا وأخرج الترمذي في أبواب النكاح حديثا في سنده أبو حريز هذا وقال حسن صحيح -
354

* * وقع الفراغ من طبع المجلد الخامس من.. مع ما يقابله من الجوهر النقي
في يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر شعبان سنة 1352 من هجرة النبي الكريم
عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأكمل التسليم - ويليه الجزء السادس
وأوله (باب تجارة الوصي بمال اليتيم أو اقراضه)
يسر الله تعالى اتمامه بفضله وكرمه آمين
والحمد لله رب العالمين
* (تمت) *
358