الكتاب: الجوهر النقي
المؤلف: المارديني
الجزء: ٩
الوفاة: ٧٥٠
المجموعة: فقه المذهب الحنفي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الفكر
ردمك:
ملاحظات:

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
..
الجزء التاسع
الجوهر النقي
للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير
بابن التركماني المتوفى سنة خمس وأربعين وسبع مائة
دار الفكر
1

قال (باب الرخصة في الإقامة بدار الشرك لم لا يخاف الفتنة)
15

ذكر فيه حديث ابن شهاب عن عمرو بن عبد الرحمن بن أمية عن أبيه عن يعلى ثم قال (ورواه عمرو بن الحارث عن ابن
شهاب فقال عمر بن عبد الرحمن بن أمية ابن أخي يعلى) - قلت - كذا في غير نسخة من نسخ هذا الكتاب عمر، وأخرجه
ابن حيان في صحيحه من حديث عمرو بن الحارث عن ابن شهاب ان عمرو بن عبد الرحمن ابن أخي يعلى وأخرجه النسائي
كذلك ولفظه عمرو بن عبد الرحمن بن أمية ابن أخي يعلى -
16

قال (باب المسلم يتوقى في الحرب قتل أبيه)
26

ذكر فيه حديث إسماعيل بن سميع (عن مالك بن عمير جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم) الحديث ثم قال (مرسل جيد)
قلت ابن سميع تركه جرير وابن عيينة وزائدة لمذهبه ومالك حاله مجهول كذا قال ابن القطان -
27

قال (باب شهود من لا فرض عليه
29

ذكر فيه حديثا في سنده يزيد بن عياض فقال (لا يحتج به) - قلت - هذا جرح يسير ولم أر أحدا ذكر فيه مثل هذا بل اغلظوا
الكلام فيه فقال ابن معين ليس بشئ ولا يكتب حديثه وقال مرة ليس بثقة وضعفه ابن المديني والدارقطني وسئل عنه
مالك فقال الكذب الكذب وقال البخاري ومسلم منكر الحديث وقال السعدي ذهب حديثه وقال النسائي وأحمد بن
صالح والأزدي متروك الحديث جدا ذكر ذلك ابن الجوزي -
30

قال (باب قوله تعالى وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا)
بأيديكم إلى التهلكة
ذكر فيه (عن قيس بن أبي حازم عن مدرك بن عوف انه كان جالسا عند عمر) إلى آخره ثم ذكره من وجه آخر وفيه
45

مالك بن عوف ثم قال (قال يعقوب) يعنى ابن سفيان وهو أحد الرواة (مالك أشبه) - قلت - ذكره ابن أبي حاتم في
كتابه وابن حبان في الثقات وأبو عمر في الاستيعاب فقال مدرك بن عوف ولم يقل أحد منهم مالك -
46

قال (باب النفير وما يستدل به على أن)
الجهاد فرض على الكفاية
47

ذكر فيه حديث أبي قتادة (انه عليه السلام لم يفضل على الجهاد شيئا الا المكتوبة) ثم قال (هذا يدل على أنه فرض
على الكفاية حيث فضل عليه المكتوبة بعينها) - قلت - فروض الأعيان متفاوتة في نفسها بعضها أفضل من بعض فلا يلزم
من تفضيل الصلاة على الجهاد أن يكون فرض كفاية ثم ذكر في آخر هذا الباب (عن علي يجزى عن الجماعة إذا مروا ان
يسلم أحدهم إلى آخره - قلت - هذا غير مناسب للباب وكأنه أراد تشبيه الجهاد بالسلام ورده فقصر في العبارة ويدل على أنه
أراد هذا قوله في كتاب المعرفة وجعله يعنى الشافعي شبيها بالصلاة على الجنازة ورد السلام وغير ذلك من فروض
الكفايات -
48

قال باب سهمان الخيل
قلت - ما ذكره البيهقي في هذا الباب قد ذكره فيما تقدم في باب سهم الراجل والفارس من كتاب قسم الغنيمة والفئ
وقد تكلمنا معه هناك -
52

قال (باب قسم الغنيمة في دار الحرب)
ذكر فيه قسمته عليه السلام غنائم بنى المصطلق ثم ذكر (عن أبي يوسف انه أجاب بان بلادهم صارت دار اسلام وبعث
الوليد بن عقبة يأخذ صدقاتهم) ثم ذكر (عن الشافعي انه اجابه بأنها كانت سنة خمس وانهم أسلموا بعدها بزمان وإنما بعث إليهم
54

الوليد مصدقا سنة عشر) ثم ذكر (ان الوليد كان زمن الفتح صبيا وذلك سنة ثمان ولا يبعثه مصدقا الا بعد ان يصير رجلا)
ثم استدل على ذلك بحديث أبي موسى الهمداني (عن الوليد بن عقبة انه جئ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة
وقد خلق بالخلوق فلم يمسه) ثم قال (قال ابن حنبل وروى أنه سلح يومئذ فتقذره رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى
آخره - قلت - في التمهيد في ترجمة الوليد قال أبو موسى هذا مجهول والحديث منكر مضطرب لا يصح وفى كتاب ابن أبي
حاتم عن البخاري لا يصح حديثه قال أبو عمر ولا يمكن أن يكون من بعث مصدقا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
55

صبيا يوم الفتح ويدل أيضا على فساد حديثه ان الزبير وغيره من أهل العلم بالسير ذكروا ان الوليد وعمارة ابني عقبة خرجا
ليردا أختهما أم كلثوم عن الهجرة وكانت هجرتها في الهدنة بين النبي عليه السلام وبين أهل مكة ومن كان غلاما مخلقا يوم
الفتح ليس يجئ منه مثل هذا وذلك واضح وقد ذكر البيهقي خروج الوليد وأخيه ليردا أختهما فيما بعد في باب نقض الصلح
لا يجوز وذكر في الاستيعاب نحو هذا وزاد انه لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أن قوله تعالى ان جاءكم
56

فاسق بنبأ - نزل في الوليد وذلك أنه عليه السلام بعثه إلى بنى المصطلق مصدقا إلى آخره قال ومن حديث الحكم عن سعيد
ابن جبير عن ابن عباس قال نزل في علي والوليد في قصة ذكرها قوله تعالى أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا - وذكر الحاكم
57

في المستدرك بسنده عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال كان الوليد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا -
58

قال (باب المنع من صبر الكافر بعد الأسئار بان يتخذ غرضا)
ذكر فيه حديث عدى بن ثابت (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال عليه السلام لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا) ثم قال
(أخرجه مسلم وذكره البخاري) - قلت - هذا اللفظ يحتمل انه ذكره محتجا به أو غير محتج به والبخاري ذكر الحديث
الذي ذكره البيهقي بعد هذا من طريق سعيد بن جبير عن ابن عمر ثم قال وقال عدى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم -
70

قال (باب جريان الرق على الأسير وان أسلم إذا كان
اسلامه بعد الأسر)
ذكر فيه حديث الرجل الذي أسر من بنى عقيل - قلت - وذكر في كتاب المعرفة عن الشافعي أنه قال فيه دلالة على أن
لا بأس ان يعطى المسلمون المشركين كل من يجرى عليه الرق وان أسلم إذا كان لا يسترق وهذا العقيلي لا يسترق؟ لموضعه
فيهم انتهى ما ذكره وهو مشكل وفى تجويزه مخالفة الاجماع على ما ذكره الطحاوي فإنه قال اجمعوا على أن ذلك منسوخ
وانه ليس للامام ان يفدى من أسر من المسلمين بمن في يده من اسرى امل الحرب الذين قد أسلموا وذكر ابن حبان في
72

صحيحه هذا الحديث ثم قال ترك عليه السلام قبوله منه لأنه علم باعلام الله إياه انه كاذب في قوله فلم يقبل ذلك منه في اسره كما
كان يقبل مثله من مثله إذا لم يكن أسيرا فاما اليوم فقد انقطع الوحي فإذا قال الحربي إني مسلم قبل منه ورفع عنه السيف
سواء كان أسيرا أو محاربا وفى شرح مسلم للقرطبي قوله إني مسلم ظاهره انه صار مسلما بدخوله في دين الاسلام وظاهر
قوله عليه السلام انه لم يقبل ذلك منه لما اجابه بقوله لو قلتها وأنت تملك امرك أفلحت وحينئذ يلزم منه اشكال عظيم فان
ظاهره انه لم يقبل اسلامه لأنه أسير مغلوب عليه لا يملك نفسه وعلى هذا فلا يصح اسلام الأسير في حال كونه أسيرا وصحة
اسلامه معلوم من الشريعة لا يختلف فيه غير أن اسلامه لا يزيل ملك مالكه بوجه وهو أيضا معلوم من الشرع ولما ظهر
هذا الاشكال اختلفوا في الانفصال عنه فقال بعض العلماء ممكن أن يكون علم النبي صلى الله عليه وسلم من حاله انه لا يصدق في
ذلك بالوحي ولذلك لما سأله في المرة الثانية فقال إني جائع فأطعمني وظمآن فاسقني قال هذه حاجتك - وقال بعضهم بل
اسلامه صحيح وليس فيه ما يدل على أنه رد اسلامه فاما قوله لو قلت وأنت تملك امرك أفلحت - أي لو قلت كلمة الاسلام
قبل ان تؤسر لبقيت حرا من أحرار المسلمين لك ما لهم من الحرية في الدنيا وثواب الجنة في الآخرة وإذا قلتها وأنت أسير
فان حكم الرق لا يزول عنك باسلامك - فان قيل - فلو كان مسلما فكيف يفادى به من الكفار رجلان مسلمان - فالجواب
انه ليس في الحديث نص على أنه رجع إلى بلاده بلاد الكفر فيمكن ان يقال إنما فدى بالرجلين من الرق واعتق منه بسبب
ذلك وبقى مع المسلمين حرا من الأحرار - وفى شرح مسلم لما زرى ومما يسأل عنه من هذا الحديث ان يقال كيف قال له
إني مسلم ثم فادى به ومن اظهر الاسلام قبل منه من غير بحث عن باطنه وقد وقع في أحاديث كثيرة الاخذ بالظواهر في
هذا والبينة على أنه لم يؤمر أن يبحث عما في قلوب الناس قيل اما الشافعي فإنه أباح في أحد قوليه المفاداة بالأسير إذا أسلم
ورأي أنه لما كان للامام قبل اسلامه الخيار في المفاداة به لم يسقط هذا الخيار في ذلك بعد اسلامه ويحتج بهذا الحديث
واما أصحابنا القائلون ان حكم الأسر إذا أسلم ان يسترق فإنهم قد يعتذرون عن المفاداة بهذا بأن يقولوا يمكن أن يكون هذا
من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذا الرجل أوحى إليه انه غير مؤمن وانه مستاح ألا ترى قوله صلى الله عليه
وسلم بعد هذا لما سأله ان يطعمه ويسقيه هذه حاجتك -
73

قال (باب قتل النساء والصبيان)
ذكر فيه قوله عليه السلام في حديث الصعب (هم منهم) ثم ذكر بعثه عليه السلام إلى ابن أبي الحقيق وفيه نهيه عليه السلام
عن قتلهم ثم ذكر (عن سفيان بن عيينة والزهري ان حديث ابن أبي الحقيق ناسخ لحديث الصعب) ثم ذكر (ان الشافعي)
اعترض على ذلك بان حديث الصعب بعد حديث ابن أبي الحقيق قال ولم نعلمه رخص في قتل النساء والولدان ثم نهى
عنه) - قلت - قد صح انه عليه السلام نهى عن ذلك بعد الترخيص وان لم يثبت ذلك بحديث ابن أبي الحقيق فقد تبين
بغيره وذلك أن ابن حيان ذكر في صحيحه حديث ابن عمر أنه عليه السلام في بعض أسفاره رأى امرأة مقتولة فنهى عن
78

قتل النساء والصبيان ثم ذكر حديث الصعب ثم قال - باب البيان بان خبر الصعب منسوخ نسخه حديث ابن عمر الذي
ذكرناه قبل - ثم ذكر في هذا الباب عن الصعب كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أحاديث قال سألت
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين ان نقتلهم معهم قال نعم فإنهم منهم ثم نهى عنهم يوم حنين ثم ذكر
الحديثين الآخرين قال في موضع آخر ذكر الخبر المصرح بان نهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل الذراري من المشركين كان
يعد قوله صلى الله عليه وسلم هم منهم - ثم ذكر هذا الحديث بهذا اللفظ ثم ذكر أيضا في صحيحه قوله عليه السلام أدرك
خالدا وقل له لا يقتل ذرية ولا عسيفا - من حديث المرقع بن صيفي عن جده رباح وعن حنظلة الكاتب كلاهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم وقال سمعه المرقع من حنظلة وسمعه من جده رباح وهما محفوظان وذكر صاحب المستدرك حديث
المرقع عن رباح وقال صحيح على شرط الشيخين وقد ذكر البيهقي هذا الحديث فيما بعد في باب المرأة تقاتل ولفظه
(لا تقتل امرأة ولا عسيفا) واسلام خالد قبل الفتح بعد العمرتين وذكر البيهقي في الدلائل (انه أسلم في صفر سنة ثمان من
79

الهجرة) وذكر ابن حبان أيضا ان اسلامه كان سنة ثمان فحديثه ناسخ لما في حديث الصعب من الإباحة بل النسخ بين في
نفس حديث الصعب كما تقدم ثم ذكر البيهقي (انه عليه السلام كان لا يغير حتى يصبح) ثم ذكر (عن الشافعي ان ذلك
ليس بتحريم للإغارة ولكنه على أن يبصر من معه كيف يغيرون احتياطا من أن يؤتوا من كمين أو من حيث لا يشعرون
وقد يختلط الحرب إذا أغاروا ليلا فيقتل بعض المسلمين بعضا قد أصابهم ذلك في قتال ابن عتيك فقطعوا رجل أحدهم)
80

قلت - ذكر البيهقي في كتب المعرفة ان الشافعي أراد في قتال ابن عتيك خروجه في قتل ابن أبي الحقيق لان في تلك
لقصة ابن عتيك سقط فوثئت رجله ويحتمل انه أراد في قتل كعب بن الأشرف فغلط الكاتب -
81

قال (باب من اختار الكف عن القطع والتحريق)
ذكر فيه اثر أبى بكر من حديث ابن شهاب عن ابن المسيب ثم ذكر (عن أحمد أنه قال حديث منكر) - قلت - ذكر في
كتاب المعرفة انه لم يقف على المعنى الذي لأجله أنكره وكان ابنه عبد الله يزعم أنه كان ينكر أن يكون ذلك من حديث
الزهري -
85

قال باب تحريم قتل ماله روح الا بان يذبح فيؤكل
ذكر فيه (عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر بعث جيوشا إلى الشام) فذكره إلى أن يقال (ولا تعقرن شاة ولا بعيرا
86

الا لمأكلة) - قلت - إذا جاز الذبح للاكل فلضرر الكفار ونفعه أكثر أولى بالجواز ولهذا عقر الدابة حال القتال
كما يذكره البيهقي في الباب الذي يتلوه وقد ذكر تلك وصية أبى بكر بطولها وذكرها البيهقي في الباب السابق بمعناه وفيها
(فلا تقطعن شجرا مثمرا ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه) - مع أن قطع الشجر يجوز عند الحاجة بالاتفاق وقد ذكر البيهقي
جوازه فيما مضى من قريب -
87

قال (باب من رأى قتل من لا قتال فيه)
91

ذكر فيه قتل دريد وكان شيخا وقتل الزبير بن باطا يوم قريظة وكان أعمى - قلت - دريد كان ذا رأى، وضرر مثله
أشد من ضرر المقاتل وسيأتي من كلام البيهقي أيضا (انه كان ذا رأى) واما الهرم الذي لا يقاتل وليس له رأى فهو ملحق
بالأطفال واما الزبير وغيره من بني قريظة فإنما استحل عليه السلام دماءهم لماظهرتهم الأحزاب عليه وكانوا في عهد
فرأى ذلك نقضا لعدهم، كذا قال أبو عبيد وذكر البيهقي ذلك فيما بعد في باب نقض العهد من أبواب الجزية وذكر البيهقي
فما تقدم في باب ما يفعل بالبالغين (ان الزبير سأل ثابت بن قيس ان يقتله فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأمره بقتله)
ثم ذكر البيهقي حديث الحسن (عن سمرة اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم) = قلت - فيه أمران - أحدهما -
ان في سنده الحجاج بن أرطأة ضعفه البيهقي في باب الوضوء من لحوم الإبل وقال في باب الدية أرباع (مشهور
بالتدليس وانه يحدث عن من لم يلقه ولم يسمع منه قاله الدارقطني) - والثاني - ان أكثر الحافظ لا يثبتون سماع الحسن
من سمرة في غير حديث العقيقة كذا قال البيهقي في باب النهى عن بيع الحيوان بالحيوان ثم على تقدير صحة الحديث لم يرد
بالشيوخ الهرمين وقد ذكر البيهقي الحديث في كتاب المعرفة وفى آخره يعنى الصغار ثم قال البيهقي (فإذا كان المراد
بالشرخ الصغار فالمراد بالشيوخ في مقابلتهم الرجال والشيوخ المسنون) ثم حكى البيهقي (عن الشافعي أنه قال ولو جاز أن
يعاب قتل من عدا الرهبان لمعنى انهم لا يقاتلون لم يقتل الأسير ولا الجريح -
92

إلى أن قال ولا اعلم يثبت عن أبي بكر خلاف هذا) -
ثم قال البيهقي (وإنما قال هذا لان الروايات التي ذكرناها عن أبي بكر كلها مراسيل الا انها رويت من أوجه ورواها ابن
المسيب وهو حسن المرسل) - قلت - قد كفانا مؤنة البحث مع امامه فان الشافعي يحتج بالمرسل في مواضع - منها - ان
يروى من وجه آخر مرسلا أو يكون من مراسيل ابن المسيب على ما ذكره ابن الصلاح وغيره وقد وجد هذان الأمران
ههنا وروى أيضا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ذكرها البيهقي في الباب السابق وذكر فيه حديث على
وقال في آخره (وهو بشواهده مع ما فيه من الآثار يقوى) ومما روى في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم مما
لم يذكره البيهقي ما أخرجه الطحاوي في شرح الآثار فقال ثنا ابن أبي داود يعنى إبراهيم ثنا اصبغ بن الفرج ثنا علي بن
عابس عن أبان بن تغلب عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية
قال لا تقتلوا شيخا كبيرا - وهذا لسند رجاله ثقات ما خلا ابن عابس فإنه متكلم فيه واخرج له الحاكم في المستدرك وابن
بريدة ثقة سواء كان سليمان أو عبد الله واصل الحديث في صحيح مسلم وفى غيره من حديث سليمان وحكى البيهقي في كتاب
المعرفة عن الشافعي أنه قال ويترك قتل الرهبان اتباعا لأبي بكر رضي الله عنه ونص في هذا الكتاب على قتل من لا قتال
فيه سوى الرهبان ونص على أنه إنما قاله في الرهبان اتباعا لا قياسا ثم ذكر البيهقي في الكتاب المذكور اثر أبى بكر من وجوه
ثم قال وفى كل هذه الروايات ذكر الشيخ الكبير فإن كان يتبع أبا بكر في الرهبان فليتبعه في الكبير ويشبه أن يكون
رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما لم ينكر قتله يعنى دريدا لما كان فيه من رأى الحرب وتدبير القتال ثم ذكر في هذا
الكتاب أعني السنن (عن الشافعي انه ضعف حديث المرقع بأنه ليس بالمعروف) - قلت - بل هو معروف اخرج له ابن
حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وروى عنه أبو الزناد ويونس بن أبي إسحاق وموسى بن عقبة وغيرهم وقال الذهبي
في الكاشف ثقة وحديثه هذا أخرجه ابن حبان في صحيحه كما تقدم وأخرجه البيهقي في كتاب المعرفة وقال اسناد لا بأس به -
قال (باب امام العبد)
93

ذكر فيه حديث المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم) - قلت العبد لم يدخل في الحديث
لان دمه لا يكافئ دم الحر ولا ديته ديته - فان قيل - المرأة تدخل وان لم تكافئ ديتها دية الرجل - قلنا - دمها يكافئ دمه
وديتها تكافئ دية النساء ودية العبد لا تكافئ دية غيره من العبيد لاختلاف قيمهم ويدل على أن العبد لم يدخل في الحديث
قوله وهم يد على من سواهم - إذ العبد لا يدله على غيره وإنما اليد للأحرار فإذا المراد الأحرار من الموالي ومن لا عشيرة
له ردا على الجاهلية لأنهم كانوا لا يعتدون بإجازة من لا عشيرة له -
94

قال (باب الغلول حرام)
100

ذكر في أخره من حديث أبي الوليد (ثنا أبو عوانة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان عن ثوبان قال عليه السلام
من مات وهو برئ من ثلاث) الحديث - قلت - أخرجه الترمذي عن قتيبة عن أبي عوانة بسنده الا انه لم يذكر معدان
101

ثم أخرجه من طريق سعيد عن أبي عوانة عن قتادة وذكر معدان ثم قال الترمذي ورواية سعيد أصح -
قال (باب لا يقطع من غل ولا يحرق متاعه)
ذكر فيه من حديث زهير بن محمد (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده انه عليه السلام وأبا بكر وعمر احرقوا متاع الغال)
إلى آخره ثم قال (يقال إن زهيرا هذا مجهول وليس بالمكي) قلت - ذكر الحاكم هذا الحديث في مستدركه وقال غريب
صحيح وذكره أبو داود في سننه وسكت عنه وقال الحافظ المزي في أطرافه زهير بن محمد التميمي عن عمرو بن شعيب
102

عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو ثم ذكر هذا الحديث وقال ابن أبي حاتم في كتابه زهير بن محمد التميمي كأن يكون بالمدينة
ومكة انتهى كلامه وظهر بهذا كله ان زهيرا المذكور في هذا الحديث هو المكي وليس بمجهول -
103

قال (باب من زعم لا تقام الحدود
في ارض الحرب حتى يرجع منه)
104

ذكر فيه (عن الشافعي قال قال أبو يوسف ثنا بعض أشياخنا ثور بن يزيد عن حكيم بن عمير أن عمر كتب إلى عمير بن
سعد) إلى آخره ثم قال (قال الشافعي ما روى عن عمر مستنكر) - قلت - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف فقال ثنا ابن
مبارك عن أبي بكر بن أبي مريم عن حكيم بن عمير قال كتب عمر بن الخطاب الا لا يجلدن أمير جيش ولا سرية أحدا
الحد حتى يطلع على الدرب لئلا يحمله حمية الشيطان ان يلحق بالكفار - وبالاسناد إلى ابن أبي مريم عن حميد بن فلان بن
رومان ان أبا الدرداء نهى ان يقام على أحد حد في ارض العدو - احتج أبو يوسف في كتاب الخراج لهذه المسألة فقال ثنا
الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال غزونا بأرض الروم ومعنا حذيفة وعلينا رجل من قريش فشرب الخمر فأردنا ان نحده
فقال حذيفة تحدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعون فيكم - وذكر ابن أبي شيبة هذا الأثر عن عيسى بن يونس
عن الأعمش، وروى عبد الرزاق عن ابن عيينة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال أصاب أمير الجيش وهو الوليد بن
عقبة شرابا فسكر فقال الناس لأبي مسعود وحذيفة بن اليمان أقيما عليه الحد فقالا لا نفعل نحن بإزاء العدو ونكره ان يعلموا
فيكون جرأة منهم علينا وضعفا بنا - وفى المعالم قال الأوزاعي لا يقطع أمير العسكر حتى يقفل من الدرب فإذا فقل قطع -
105

قال باب بيع الدرهم بالدرهمين في ارض الحرب
ذكر فيه قوله عليه السلام (وأول ربا أضعه ربا العباس) - قلت - مذهب البيهقي وأصحابه ان البيع المذكور لا يجوز وان
الربا ثابت بين المسلم والحربي وهذا الحديث يدل على خلاف ذلك وانه لا ربا بينهما وذلك أنه عليه السلام قال ذلك في
خطبته يوم عرفة في حجة الوداع في السنة التاسعة وكان اسلام العباس قبل ذلك قال صاحب التمهيد أسلم قبل فتح خيبر
وكان يكتم اسلامه وذلك في حديث الحجاج بن علاط انه كان مسلما فسره ما يفتح الله على المسلمين ثم اظهر اسلامه
يوم فتح مكة وشهد حنينا والطائف وتبوك ويقال إن اسلامه قبل بدر وكان يحب ان يقدم على رسول الله صلى الله عليه
وسلم فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان مقامك بمكة خير فلذلك قال عليه السلام يوم بدر من لقى منكم العباس
فلا يقتله فإنه إنما اخرج مكرها - وفى الصحيح انه عليه السلام اتى وهو بخيبر بقلادة الحديث وفى آخره قال عليه السلام
الذهب بالذهب وزنا بوزن فثبت ان الربا كان محرما وان العباس بمكة يعامل بالربا إلى الفتح - قال الطحاوي فدل وضع
النبي عليه السلام رباه على أن الربا بين المسلمين والمشركين في دار الحرب جائز على ما يقوله أبو حنيفة والثوري والنخعي
قبلهما لان قوله عليه السلام وربا الجاهلية موضوع - دليل على أنه كان قائما إلى أن ذهبت الجاهلية بفتح مكة ووضع
ربا العباس دليل على أنه كان قائما إلى ذلك الوقت لأنه لا يضع الا ما كان قائما قال الفقيه أبو الوليد بن رشد وهذا استدلال
صحيح لأنه لو لم يكن الربا بين المسلمين والمشركين حلالا في دار الحرب لكان ربا العباس موضوعا يوم أسلم وما قبض
منه بعد ذلك مردودا لقوله تعالى (وان تبتم فلكم رؤس أموالكم) الآية -
106

قال (باب حمل السلاح إلى ارض العدو)
ذكر فيه من طريق أبى داود حديث أبي إسحاق عن ذي الجوشن إلى آخره - قلت - ذو الجوشن ذكره صاحب الاستيعاب
وغيره في الصحابة وليس في القدر الذي ذكره البيهقي من حديث حمل السلاح إلى ارض العدو وقد ذكر ابن أبي شيبة
في مسنده هذا الحديث كما ذكره البيهقي وزاد فيه ثم قال لي يا ذا الجوشن ألا تسلم فتكون من أول هذا الامر قال قلت لا
قال لم قلت إني رأيت قومك ولعوا بك قال كيف بلغك عن مصارعهم قال قلت قد بلغني قال فانى نهدى بك (1) قلت إن تغلب

(1) كذا - وفى مسند أحمد فانا نهدى لك - ولعل الصواب فأنى يهدى لك - وتكون أنى بمعنى متى ويهدى بمعنى يتبين
كما قيل في قوله تعالى (أو لم يهد لهم) والمعنى فمتى يتبين لك - ح
108

على الكعبة ولقطها (1) قال لعلك ان عشت ان ترى ذلك قال يا بلال خذ حقيبة الرجل فزرده من العجوة فلما أدبرت قال
اما انه خير فرسان بنى عامر قال فوالله انى باهلي إذ أقبل راكب فقلت من أين؟ قال من مكة قلت ما فعل الناس قال قد والله
غلب عليها محمد وقاتها (2) قلت هبلتني أمي أو أسلم يومئذ ثم أسأله الحيرة لا قطعنيها - وروى ابن منده في معرفة الصحابة الحديث
بهذه الزيادة وقال كان ابن ذي الجوشن جارا لأبي إسحاق فلا أراه سمعه الا من ابن ذي الجوشن - انتهى كلامه وبهذه
الزيادة يتم المقصود ويظهر وجه الاستدلال على ما قصده البيهقي من عقد الباب -
قال (باب ما أحرزه المشركون على المسلمين)
ذكر فيه خروج المرأة بناقة النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين ثم أخرجه من وجه ثالث فقال ثنا أبو زكريا وأبو سعيد
قالا ثنا أبو العباس انا الربيع انا الشافعي ثنا سفيان وعبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران الحديث)

(1) كذا - وفى مسند أحمد - وقطنتها - ح -
(2) كذا وفى مسند أحمد - وقطنها -
109

وفى آخره (قالا معا أو أحدهما في الحديث وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته) قلت - هذا الحديث أخرجه مسلم
وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة من حصر جماعة (1) عن أيوب وليس في حديث أحد منهم هذه الزيادة
وقد شك الشافعي هل قالاها أو قالها أحدهما وأحدهما وهو عبد الوهاب وان خرج له في الصحيح ففيه ضعف كذا قال
ابن سعد واختلط أيضا وإذا دارت هذه الزيادة بينه وبين ابن عيينة ضعفت على أن النسائي والترمذي وابن ماجة
اخرجوا الحديث من طريق ابن عيينة بدون الزيادة وأخرجها الطحاوي في كتاب اختلاف العلماء من جهة
عبد الوهاب فدل ذلك على أنه هو الذي قالها دون ابن عيينة مع أن عبد الوهاب اختلف عليه فرواه مسلم عن إسحاق
ابن إبراهيم عنه بدون الزيادة - وليس الضمير في قوله قالا أو أحدهما راجعا إلى أبى زكريا وأبى سعيد شيخي البيهقي لأنه
روى الحديث في كتاب المعرفة عن أبي عبد الله وأبى زكريا وأبى سعيد وفى آخره قالا فتعين عود الضمير إلى سفيان
وعبد الوهاب وأخرج البيهقي في كتاب المعرفة الزيادة من وجه آخر وفيه يحيى بن أبي طالب عن علي بن عاصم وابن أبي
طالب وثقه الدارقطني وغيره وقال موسى بن هارون أشهد أنه يكذب عنى في كلامه ولم يعن في الحديث فالله اعلم
وقال أبو عبيد الآجري خط أبو داود على حديثه ذكره صاحب الميزان، وابن عاصم قال يزيد بن هارون ما زلنا نعرفه
بالكذب وكان احمد سيئ الرأي فيه وقال يحيى ليس بشئ وقال النسائي متروك وقال ابن عدي الضعف على حديثه بين -

(1) كذا -
110

قال (باب من فرق بين وجوده قبل القسم وبعده)
ذكر فيه حديثا عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس - قلت - ذكر عبد الحق في الأحكام
عن ابن عدي أنه قال وقد روى يعنى هذا الحديث عن مسعر عن عبد الملك قال وقد روى عن مسلمة بن علي وإسماعيل بن
عياش وفى الاستذكار ذكر الطحاوي ان علي بن المديني روى عن يحيى بن سعيد أنه سأل مسعرا عن هذا الحديث فقال
111

هو من حديث عبد الملك بن ميسرة ثم ذكر البيهقي التفريق المذكور عن عمر مرسلا من ثلاثة أوجه أحدها من رواية قبيصة
عنه ثم قال (منقطع قبيصة لم يدرك عمر) قلت - قد تقدم في باب استبراء أم الولد أن سماعه ممكن وذكر عبد الرزاق
من طريق مكحول وذكره ابن أبي شيبة من طريق زهرة بن يزيد المرادي كلاهما عن عمر فهذه من خمسة أوجه عن عمر
يشد بعضها بعضا وروى عن علي أيضا من ثلاثة أوجه أخرجه البيهقي وغيره عن قتادة عنه وقال ابن أبي شيبة ثنا معتمر بن
سليمان عن أبيه ان عليا كأن يقول فيما احرز العدو من أموال المسلمين انه بمنزلة أموالهم - وقال أيضا ثنا يزيد بن هارون عن
حماد بن سملة عن قتادة عن خلاس عن علي قال ما احرز العدو فهو جائز - وفى المحلى رواية خلاس عن علي صحيحة وقال
أيضا أعني ابن أبي شيبة ثنا يزيد بن هارون عن حجاج عن أبي إسحاق عن سليمان بن ربيعة فيما احرز العدو قال صاحبه أحق به
ما لم يقسم وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال سمعنا ان ما احرز العدو فهو للمسلمين يقتسمونه وفى المحلى
ان الرد إلى صاحبه قبل القسمة لا بعدها صح عن عطاء وشريح والحسن وإبراهيم وهو قول الليث وابن حنبل قال وذكره
ابن أبي الزناد عن أبيه عن القاسم بن محمد وعروة وخارجة وعبيد الله بن عبد الله وأبى بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار في
مشيخة من نظرائهم - وحكاه الخطابي في المعالم عن الثوري والأوزاعي - وفى شرح الآثار للطحاوي روى عن أبي عبيدة
ابن الجراح وزيد بن ثابت وابن عمر وعلي بن أبي طالب ومجاهد وشريح وإبراهيم وعامر وقتادة - وذكر صاحب الاستذكار
انه قول جماعة منهم مالك والحسن بن حي - وفى موطأ مالك بلغه ان عبدا لابن عمر أبق وان فرسا له عار فأصابهما المشركون ثم
غنمهما المسلمون فردا على ابن عمر وذلك قبل ان يصيبهما المقاسم -
112

قال (باب فتح مكة)
ذكر فيه حديث أبي هريرة وفيه (ترون أوباش قريش واتباعهم ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى وفى رواية
احصدوهم حصدا فانطلقنا فما يشاء أحد منا ان يقتل أحدا الا قتله وما أحد يوجه الينا شيئا فقال أبو سفيان أبيحت خضراء
قريش لا قريش بعد اليوم وفى رواية فقال عليه السلام من دخل داره فهو آمن ومن القى السلاح فهو آمن) - قلت -
مذهب الشافعي انها فتحت صلحا وهذا الحديث في الحقيقة حجة عليه أخرجه ابن حبان في صحيحه وقال فيه بيان واضح ان
فتح مكة عنوة لا صلحا وقال النووي في شرح مسلم هذا الحديث (1) قال مالك وأبو حنيفة واحمد وجماهير العلماء وأهل السير
فتحت عنوة واحتجوا بقوله احصدوهم حصدا وبقوله أبيحت خضراء قريش قالوا وقال عليه السلام من فعل كذا فهو آمن

(1) كذا -
117

فلو كانوا كلهم آمنين لم يحتج إلى هذا وكيف يدخلها صلحا ويخفى ذلك على على حتى يريد قتل الرجلين اللذين دخلا في الأمان
وكيف يحتاج إلى أمان أم هانئ بعد الصلح انتهى كلامه (1) وقوله عليه السلام ما ترون انى صانع بكم، يدل على أنه مخير فيهم
وانه لم يكن أمان سابق إذ لو كان أمان لقالوا وما تقدر أن تصنع وقد انعقد بيننا وبينك أمان مع علمهم انه كان أوفى الخلق
ذمة وأصدقهم عهدا وظهر بهذا ان قوله عليه السلام اذهبوا فأنتم الطلقاء - انشاء للمن عليهم والاطلاق وتسمية هذه الغزوة
غزوة الفتح يدل على ذلك أيضا وكذا قوله تعالى انا فتحنا لك فتحا مبينا - وقوله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح - المراد
بهما عند الجمهور فتح مكة وهذا اللفظ لا يستعمل في الصلح إنما يستعمل في الغلبة والقهر وأيضا فان أهل السير عدوا الفتح

(1) وليس هو بنصه بل بحذف وتلخيص - ح -
118

من جملة الغزوات التي قاتل فيها النبي صلى الله عليه وسلم وعدها ابن سعد تسعا منها الفتح ثم قال هذا الذي اجتمع لنا عليه
وادعى المازري ان الشافعي انفرد بقوله فتحت صلحا قال وتأويلهم انه عليه السلام إنما امر بقتل من لم يقبل أمانه وان
المعاقدة على ذلك كانت، دعوى وإضافة إلى الحديث ما ليس فيه وكيف يتفق المعاقدة على مثل هذا ولما رأى الشافعي انه عليه
السلام لم يستبح أموالها ولا قسمها بين الغانمين اعتقد أنه صلح وهذا لا تعلق له فيه لان الغنيمة لا يملكها الغانمون بنفس
القتال على قول كثير من أصحابنا وللامام ان يخرجها عنهم ويمن على الأسرى بأنفسهم وحريمهم وأموالهم وكأنه صلى الله عليه
وسلم رأى من المصلحة بعد إثخانهم والاستيلاء عليهم ان يبقيهم لحرمة العشيرة وحرمة البلد وما رجا من اسلامهم وتكثير
119

عدد المسلمين بهم فلا يرد ما قدمناه من الأدلة الواضحة بمثل هذا المحتمل - وفى التجريد للقدوري لم يكن أبو سفيان رسولا
لأهل مكة حتى يعقد لهم الصلح وإنما خرج متجسسا ولم يعلم أنه عليه السلام قصدهم ولو كان ثم أمان سابق لم يلتجئوا إلى
دخول الكعبة ولم يقاتلوا ولم يستثن عليه السلام بعد ذلك الجماعة الذين استثناهم فدل ذلك أنه عليه السلام دخلها بلا أمان
وأنشأ الأمان بمكة ولهذا قال عبد الله بن رواحة - اليوم نضربكم على تأويله - وذكر شارح العمدة حديث أبي شريح
الخزاعي فلا يحل لاحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة فان أحد ترخص بقتال رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لرسوله ساعة من نهار الحديث قال فيه دليل على
120

ان مكة فتحت عنوة وهو مذهب الأكثرين وقال الشافعي وغيره فتحت صلحا وقيل في تأويل الحديث ان القتال كان
جائزا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة ولو احتاج إليه فعله ولكن ما احتاج إليه وهذا التأويل يضعفه قوله عليه
السلام فان أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يقتضى وجود قتال منه صلى الله عليه وسلم ظاهرا وأيضا
السير التي دلت على وقوع القتال وقوله عليه السلام من دخل دار أبي سفيان فهو آمن إلى غيره من الأمان المعلق على أشياء
بخصوصها يبعد هذا التأويل -
121

قال (باب من قال لا يفرق بين الأخوين)
ذكر فيه حديث ابن أبي ليلى عن علي ثم ذكره من حديث الحجاج عن الحكم عن ميمون بن أبي شبيب عن علي ثم قال
(الحجاج لا يحتج به وحديث أبي خالد الدالاني عن الحكم أولى أن يكون محفوظا لكثرة شواهده) - قلت - اخرج
الحاكم في المستدرك حديث ابن أبي ليلى ثم قال غريب صحيح على شرط الشيخين وقيل عن الحكم عن ميمون عن علي
وهو صحيح أيضا ثم اخرج حديث الدالاني ثم قال هذا متن آخر باسناد صحيح وكذا فعل المزي في أطرافه فجعلهما متنين
وعزا حديث الحجاج إلى الترمذي وحديث الدالاني إلى أبى داود -
127

قال (باب الأسير يستعين به المشركون)
على قتال المشركين
(قال الشافعي قيل يقاتلهم قاتل الزبير وأصحابه ببلاد الحبشة مشركين عن مشركين ولو قيل يمتنع عن قتالهم لمعان ذكرها
143

لكان مذهبا ولا نعلم خبر الزبير يثبت) - قلت - ذكر البيهقي خبر الزبير هنا بسنده وسكت عنه ونص في كتاب المعرفة على أنه
حديث حسن ثم بعد ثبوته في الاستدلال به نظر لان الزبير لم يقاتل معهم وإنما حضر لينظر على من تكون الوقعة ثم
أخبر أصحابه بان الله اظهر النجاشي -
144

قال (باب ما يستحب من الجيوش والسرايا)
ذكر فيه حديثا ثم حكى (عن أبي داود أنه قال أسنده جرير بن حازم وهو خطأ) قلت - هذا ممنوع لان جريرا ثقة وقد
زاد الاسناد فيقبل قوله كيف وقد تابعه عليه غيره قال الترمذي وقد رواه حبان بن علي العنزي عن نفيل عن الزهري عن
156

عبيد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر المزي في أطرافه ان الترمذي قال بعد ذكر هذا الحديث وروى
حبان عن يونس عن الزهري نحوه -
157

قال (باب من يؤخذ منه الجزية من أهل الكتاب)
وهم اليهود والنصارى
(قال الشافعي قال الله تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) إلى قوله (من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية) - قلت -
وفى الخلافيات للبيهقي لا يقبل الجزية من أهل الأوثان قال الله تعالى (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم - ثم استثنى أهل الكتاب
بقوله حتى يعطوا الجزية - انتهى كلامه وعند الحنفية تخصيص أهل الكتاب بأداء الجزية لا ينفى الحكم عن
غيرهم والوثني العجمي لا يتحتم قتله بل يجوز استرقاقه فلم يتناوله قوله تعالى اقتلوا المشركين - بل هو مختص بالوثني
العربي الذي يسقط قتله بعلة واحدة وهي الاسلام بخلاف العجمي لأنه يسقط قتله بعلة أخرى وهي الاسترقاق
184

وذكر البيهقي في هذا الباب حديث بريدة (إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى احدى ثلاث خصال - وفيه - فان هم
أبوا فادعهم إلى اعطاء الجزية) - قلت - التبويب خاص ولفظ المشركين عام فهو غير مطابق لمدعاه قال النووي في شرح
مسلم هذا مما يستدل به مالك والأوزاعي وموافقوهما في جواز أخذ الجزية من كل كافر عربيا كان أو أعجميا كتابيا
أو مجوسيا أو غيرهما - وذكر الخطابي هذا الحديث في المعالم ثم قال ظاهره موجب قبول الجزية من كل مشرك كتابي
أو غير كتابي من عبدة الشمس والنيران والأوثان انتهى كلامه ويؤيد هذا المذهب قوله عليه السلام في حديث ابن
عباس ويؤدى إليهم العجم الجزية أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وذكره البيهقي بعد في باب من زعم إنما يؤخذ
الجزية من العجم - وقوله عليه السلام في المجوس سنوا بهم سنة أهل الكتاب - نص في أنهم ليسوا من أهل الكتاب
ويدل على أن الجزية تؤخذ من غير أهل الكتاب لكونهم في معناهم
185

قال (باب من لحق بأهل الكتاب قبل نزول الفرقان)
قلت - في نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع العلماء ان ذبيحة الكتابي مطلقا حلال للمسلم الا الشافعي فإنه لم يجز الا ذبيحة من
دان هو أو أحد من آبائه بذلك الدين قبل نزول الفرقان واما بعد نزوله فان ذبيحته لا تحل للمسلم - وفى أحكام القران للطحاوي
قال الشافعي من دان بدين النصرانية أو اليهودية بعد نزول الفرقان فليس من أهلها ولا يقر عليها ولا تؤكل ذبيحته ولا يحل
نكاحه - ولم يفرق في سبب نزول - لا اكراه في الدين - بين من دان منهم باليهودية قبل نزول الفرقان وبعده فدل على استواء
الحكم وقد روينا عن ابن عباس قال كلوا من ذبائح بنى تغلب وتزوجوا من نسائهم فإنه تعالى يقول (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)
ولم يفرق أيضا بين من تولاهم قبل نزوله أو بعده ولما قال عدى بن حاتم ان لي دينا سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم
قال له ألست ركوسيا؟ فنسبه إلى صنف من النصرانية ولم يسأله هل دان بذلك قبل النزول أو بعده -
قال (باب من أخذت منهم عربا كانوا أو عجما)
186

- قلت - قد ورد انها لا تؤخذ من العرب قال عبد الرزاق انا معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح عبدة
الأوثان على الجزية الا من كان منهم من العرب - والقائلون بهذا المذهب يحتجون بالمرسل - قال أبو عمر فاستثنى العرب
187

وإن كانوا عبدة أوثان من بين سائر الأوثان وبه يقول ابن وهب -
قال (باب المجوس أهل كتاب والجزية تؤخذ منهم)
188

ذكر فيه حديثا من طريق سعيد بن المرزبان عن نصر بن عاصم عن علي ثم حكى (عن ابن خزيمة أنه قال وهم ابن عيينة
رواه عن أبي سعد البقال يعنى ابن المرزبان عن نصر بن عاصم وإنما هو عيسى بن عاصم الأسدي) ثم ذكر البيهقي حديث
بجالة ثم حكى (عن الشافعي قال حديث بحالة متصل ثابت لأنه أدرك عمر وكان رحلا في زمانه كاتبا لعماله وحديث نصر بن
عاصم عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم متصل وبه نأخذ) قلت - اختلف كلام الشافعي في بجالة فأثبت حديثه هنا
وهو ثناء عليه وقد مضى في باب حد الذميين أنه قال (بجالة مجهول وليس بالمشهور) وقد تقدم ان نصر بن عاصم وهم
وإنما هو عيسى بن عاصم والظاهر أن رواية عيسى هذا عن علي مرسلة لأنهم نصوا على أن روايته عن ابن عمر وابن عباس
مرسلة فما الذي ينفعه اتصال رواية نصر بن عاصم على أن العقيلي قال عن نصر هذا لا يتابع على حديثه كذا في الميزان والبقال
متكلم فيه قال ابن معين ليس بشئ وقال الفلاس متروك وقال أبو زرعة مدلس وقال البخاري منكر الحديث وقال
189

النسائي ضعيف وسكت عنه البيهقي هنا وقال فيما مضى في باب أخذ السلاح في الحرب (غير قوى) وقال في باب دية أهل الذمة
(لا يحتج به) وقال صاحب التمهيد في قوله عليه السلام في المجوس سنوا بهم سنة أهل الكتاب - يعنى في الجزية دليل
على أنهم ليسوا أهل كتاب وعلى ذلك جمهور الفقهاء وقد روى عن الشافعي انهم كانوا أهل كتاب فبدلوا وأظنه ذهب
في ذلك إلى شئ روى عن علي من وجه فيه ضعف يدور على أبى سعد البقال ثم ذكر هذا الأثر ثم قال وأكثر أهل العلم
يأبون ذلك ولا يصححون هذا الأثر والحجة لهم قوله تعالى ان تقولوا إنما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا - يعنى اليهود
والنصارى وقوله تعالى يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل الا من بعده - وقال تعالى يا أهل الكتاب
لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل فدل على أن أهل الكتاب هم أهل التوراة والإنجيل اليهود والنصارى
لا غير وقد روى عبد الرزاق عن ابن جريج قال قلت لعطاء المجوس أهل كتاب قال لا وقال أيضا انا معمر قال سمعت الزهري
سئل أتوخذ الجزية ممن ليس من أهل الكتاب قال نعم أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل البحرين وعمر
190

من أهل السواد وعثمان من بربر - ثم ذكر البيهقي (عن الشافعي قال وقد روى من حديث الحجاز حديثان منقطعان بأخذ الجزية
من المجوس) ثم ذكرهما البيهقي من حديث مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه ان عمر الخ) ومن حديث مالك
(عن ابن شهاب بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين) إلى آخره ثم قال البيهقي (وابن
شهاب إنما أخذ حديثه هذا عن ابن المسيب وابن المسيب حسن المرسل كيف وقد انضم إليه ما تقدم) - قلت - قد روى
ذلك في حديث مسند متصل صحيح وهو حديث عمرو بن عوف الذي أخرجه الشيخان كما ذكره البيهقي بعد في هذا
الباب وحديث ابن شهاب روى مسندا فأخرجه الدارقطني من حديث عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن ابن شهاب
عن السائب بن يزيد أنه عليه السلام أخذ الجزية من مجوس البحرين وبهذا يعلم أن ابن المسيب لم يتعين لكون ابن شهاب
أخذ حديثه عنه كما زعم البيهقي -
191

قال (باب الفرق بين نكاح نساء من يؤخذ منه الجزية وذبائحهم)
ثم ذكر (انه عليه السلام عرض الاسلام على مجوس هجر فمن أسلم قبل منه ومن أبى ضربت عليه الجزية على أن لا تؤكل
لهم ذبيحة ولا تنكح لهم امرأة) - قلت - عبارته في التبويب تعطى أن من تؤخذ منه الجزية بين نكاح نسائهم وبين
أكل ذبائحهم فرق وليس ذلك مراده بل مراده أن من تؤخذ منه الجزية مفترقون فبعضهم تؤكل ذبائحهم وتنكح
نساؤهم والبعض لا كالمجوس -
192

قال (باب كم الجزية)
ذكر فيه حديث الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ ثم ذكر حديث الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن
معاذ ثم ذكر (عن أبي داود أنه قال حديث منكر بلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث انكارا شديدا) ثم زعم البيهقي
(أن المنكر الرواية الثانية وان الأولى محفوظة) - قلت - ذكر ابن حزم ان مسروقا لم يسمع من معاذ ولم يلقه وكذا
ذكر عبد الحق عن ابن عبد البر -
193

قال (باب الذمي يسلم فترفع عنه الجزية)
198

قلت - ذكر صاحب الاستذكار عن الشافعي قال إذا أسلم في بعض السنة أخذت منه بحسابه وحكى عن مالك وأبي حنيفة
وأصحابه وابن حنبل انه يسقط ما مضى قال وهو الصواب لعموم قوله عليه السلام ليس على المسلم جزية - وقال عمر
ضعوا الجزية عمن أسلم - ولا يوضع الا ما مضى والحديث ذكره البيهقي في هذا الباب وذكر فيه (ان رجلا أسلم
فكتب عمر أن لا تؤخذ منه الجزية) -
199

قال (باب الحربي إذ ألجأ إلى الحرم وكذا)
من وجب عليه الحد
- قلت - مراده انه يقام عليه الحد في الحرم ثم استدل على ذلك بقوله عليه السلام (اقتلوه يعنى ابن خطل وبتأمينه
عليه السلام الناس الا أربعة) ثم ذكر قوله عليه السلام في حديث أبي شريح (فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر
ان يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة فان أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا إن الله اذن لرسوله)
212

الحديث ثم حكى عن الشافعي أنه قال (إنما معنى ذلك والله أعلم انها لم يحلل ان ينصب عليها الحرب حتى تكون كغيرها فقد
أمر النبي عليه السلام عندما قتل عاصم بن ثابت وخبيب بقتل أبي سفيان في داره بمكة غيلة ان قدر عليه وهذا في الوقت
الذي كانت فيه محرمة فدل انها لا تمنع أحدا من شئ وجب عليه وانها إنما تمنع من أن ينصب عليها الحرب كما ينصب على غيرها)
ثم ذكر البيهقي بعثه صلى الله عليه وسلم إلى أبي سفيان من يقتله وفى آخره (ان عمرو بن أمية جاء إلى خبيب وهو مصلوب
فأنزله وأهال عليه التراب) - قلت - ذكر شارح العمدة في حديث ابن خطل ان اباحته عليه السلام لقتله قد تمسك به في
إباحة قتل الملتجئ إلى الحرم ويجاب عنه بأنه محمول على الخصوصية التي دل عليها قوله صلى الله عليه وسلم ولم تحل قبلي
ولا تحل لاحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار - وقال في شرح حديث أبي شريح قوله عليه السلام فلا يحل لامرئ
يؤمن بالله واليوم الآخر ان يسفك بها دما - يؤخذ منه أمران - أحدهما - تحريم القتال لأهل مكة وهو الذي يدل عليه سياق
الحديث ولفظه وقد قال بذلك بعض الفقهاء وفى التلخيص في أول كتاب النكاح في ذكر الخصائص لا يجوز القتال بمكة
حتى لو تحصن جماعة من الكفار فيها لم يجز لنا قتالهم فيها وحكى الماوردي أيضا ان من خصائص الحرم ان لا يحارب أهله ان
بغوا على أهل العدل فقد قال بعض الفقهاء يحرم قتالهم بل يضيق عليهم حتى يرجعوا إلى الطاعة ويدخلوا في أحكام أهل
العدل وقد قيل أن الشافعي أجاب عن الأحاديث بأن معناها تحريم نصب القتال عليهم وقتالهم بما يعم كالمنجنيق وغيره إذا
لم يمكن اصلاح الحال بدون ذلك بخلاف ما إذا تحصن الكفار في بلد آخر فإنه يجوز قتالهم على كل وجه وبكل شئ وأقول
هذا التأويل على خلاف الظاهر القوى الذي دل عليه العموم في النكرة في سياق النفي في قوله فلا يحل لامرئ يؤمن بالله
واليوم الآخر أن يسفك بها دما وأيضا فان النبي صلى الله عليه وسلم بين خصوصيته باحلالها ساعة من نهار وقال فان أحد ترخص
بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم - فان هذا اللفظ يفيد أن المأذون لرسول الله
صلى الله عليه وسلم فيه لم يؤذن فيه لغيره والذي أذن للرسول فيه إنما هو مطلق القتال ولم يكن قتال النبي صلى الله عليه وسلم
لأهل مكة بمنجنيق وغيره مما يعم كما حمل عليه الحديث في هذا التأويل وأيضا فان الحديث وسياقه يدل على أن هذا التحريم
لاظهار حرمة المنفعة (1) بتحريم مطلق القتال فيها وسفك الدم وذلك لا يختص بما يستأصل وأيضا فتخصيص الحديث بما يستأصل
ليس لنا دليل على تعيينه لان يحمل عليه الحديث فلو أن قائلا ابدى معنى آخر خص به الحديث لم يكن هذا أولى منه - الثاني

(1) لعله - البقعة - ح -
213

يستدل به أبو حنيفة رحمه الله في أن الملتجئ إلى الحرم لا يقتل به لقوله عليه السلام لا يحل لامرئ ان يسفك بها دما - وهذا
عام يدخل فيه صورة النزاع انتهى كلامه وقد ذكر البيهقي أيضا خصوصيته عليه السلام بالقتل فيه فقال في الخصائص
في كتاب النكاح باب دخوله الحرم بغير احرام والقتل فيه) ثم ذكر حديث ابن خطل وحديث أبي شريح والسند الذي
خرج به البيهقي بعثه عليه السلام لأبي سفيان سند ضعيف وعلى تقدير صحته ليس فيه ان ذلك كان عندما قتل عاصم وخبيب
كما ذكر الشافعي وليس فيه أيضا انه أمر بقتله في داره بمكة كما ذكر الشافعي أيضا بل لفظه فان أصبتما منه غرة فاقتلاه -
وفى مغازي محمد بن سعد ثم سرية كرز بن جابر إلى العرنيين في شوال سنة ست من مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم سرية عمرو بن أمية الضمري وسلمة بن أسلم إلى أبي سفيان بن حرب بمكة إلى آخره ولفظه أيضا ان أصبتما منه غرة
فاقتلاه - ومقتل عاصم وخبيب كان في الثالثة فبينه وبين البعثة إلى أبي سفيان من البعد ما ترى ولم يذكر ابن سعد أن عمرا
انزل خبيبا وأهال عليه التراب كما في رواية البيهقي وكيف يترك هذه المدة الطويلة مصلوبا هذا بعيد جدا وذكر الطحاوي
في كتابه الكبير في اختلاف العلماء قول الشافعي أمر عليه السلام عندما قتل عاصم وخبيب بقتل أبي سفيان إلى آخره ثم
قال الطحاوي هذا الذي حكاه لم نجد له أصلا ولا ندري عمن أخذه - ثم ذكر البيهقي في آخر هذه الباب اثرا عن ابن عباس إلى
آخره ثم قال (وهذا رأى منه تركناه بالظواهر التي وردت في إقامة الحدود دون تخصيص الحرم) إلى آخره - قلت
ذكر الطحاوي في كتابه المشكل حديث عبد الله بن عمرو كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلوا بقبر أبى
رغال فقال كان امرءا من ثمود وكان منزله بالحرم فلما أهلك الله عز وجل قومه بما أهلكهم به منعه لمكانه من الحرم وانه
خرج حتى إذا بلغ ههنا اصابته النقمة بهذا المكان - الحديث ثم قال وإذا كان الحرم يمنع في الجاهلية من العقوبات التي معها
اتلاف الأنفس كان في الاسلام من مثل ذلك امنع وشد ذلك ما روى عن ابن عباس - فذكر الأثر المذكور ثم قال وما
روى عن ابن عمر أنه قال لو وجدت قاتل عمر في الحرم ماهجته - ثم قال ولا نعلم لاحد من الصحابة خلافا لهما وقوله تعالى
ومن دخله كان آمنا - يوجب ذلك والقرآن نزل بلغتهم وهم العالمون بما خوطبوا به انتهى كلامه وروى عبد الرزاق في
مصنفه عن ابن جريج سمعت ابن أبي حسين يحدث عن عكرمة بن خالد قال قال عمر لو وجدت فيه قاتل الخطاب ما مسسته
حتى يخرج منه - ورجال هذا السند على شرط الصحيح وفى اتصاله نظر وابن أبي حسين اسمه عبد الله بن عبد الرحمن
وذكر ابن حزم هذا القول عن جماعة ثم قال فهؤلاء عمر وابنه عبد الله وابن عباس وأبو شريح ولا مخالف لهم من
الصحابة ومن التابعين عطاء وعبيد بن عمير ومجاهد وسعيد بن جبير والزهري ويخبر بذلك عن علمائه وهم التابعون من أهل المدينة
ويخبر أن السنة مضت بذلك وقوله تعالى ومن دخله كان أمنا - ليس بخبر لان الكفرة قتلوا فيه فتعين انه امر انتهى
214

كلامه وتبين بهذا ان الذي ذهب إليه هؤلاء هو الموافق لظواهر الكتاب والسنة وآراء الصحابة نصا ودلالة وكيف
يترك هذا كله ببعثه عليه السلام إلى أبي سفيان وهي واقعة عين محتملة للتأويل وبما قد قام الدليل على أنه كان خاصا
بالنبي عليه السلام -
215

قال (باب ذبائح نصارى بنى تغلب)
216

ذكر اباحتها من رواية مالك عن ثور عن ابن عباس ثم من روايته عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس ثم قال قال الشافعي
(سكت صاحبنا عن ذكر عكرمة) قال البيهقي (يعنى مالكا لم يذكر عكرمة في أكثر الروايات عنه وكأنه لا يرى أن يحتج به
وثور إنما رواه عنه فلا ينبغي ان يحتج به) - قلت - ذكر صاحب الاستذكار أن الزهري وأكثر العلماء ذهبوا إلى اباحتها
وقال في التمهيد زعموا أن مالكا اسقط عنه ذكر عكرمة لأنه كره أن يكون في كتابه لكلام ابن المسيب وغيره فيه
ولا ادرى صحة هذا لان مالكا ذكره في الحج وصرح به ومال إلى روايته عن ابن عباس وترك رواية عطاء في تلك
المسألة وعطاء اجل التابعين في المناسك والثقة والأمانة وعكرمة من أجلة العلماء لا يقدح فيه كلام من تكلم فيه لأنه لا حجة
معه وقال الشافعي في بعض كتبه نحن نتقي حديثه وقد روى عن ابن أبي يحيى والقاسم العمرى وإسحاق بن أبي فروة وهم
ضعفاء متروكون وهؤلاء أولى ان يتقى حديثهم - وذكر ابن حبان عكرمة في الثقات وقال من زعم انا كنا نتقي حديثه
فلم ينصف إذ لم يتق الرواية عن ابن أبي يحيى وذويه انتهى كلامه - وقد ذكرنا فيما مضى في باب من صلى وفى ثوبه اذى عن
ابن معين أنه قال إذا رأيت الرجل يقع في عكرمة وحماد بن سلمة فاتهمه في الاسلام وقال أبو عبد الله المروزي اجمع عامة
أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا منهم احمد وابن
راهويه وابن معين وسألت ابن راهويه عن الاحتجاج بحديثه فتعجب من سؤالي وقال عكرمة عندنا امام الدنيا -
217

قال (باب المهادنة إلى غير مدة)
ذكر فيه حديث عبد الرزاق (عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن عمر أجلى اليهود والنصارى)
الحديث ثم قال (رواه مسلم وأخرجه البخاري فقال وقال عبد الرزاق وكذلك رواه الفضيل بن سليمان عن موسى بن
عقبة) - قلت - كذا أخرجه البخاري في كتاب المزارعة معلقا وأخرجه في الخمس عن أحمد بن المقدام عن فضيل بن
سليمان متصلا فذهل البيهقي عن هذا وجعله من تعليقات البخاري -
224

قال (باب من جاء من عبيد أهل الحرب مسلما)
229

ذكر في آخره (عن ابن عباس قال وان هاجر عبد منهم يعنى أهل الحرب أو أمة فهما حران ولهما ما للمهاجرين) ثم قال
(أخرجه البخاري في الصحيح - قلت - لم أجد هذا الأثر في صحيح البخاري بعد الكشف -
230

قال (باب ذكاة ما في بطن الذبيحة)
234

قال (باب البزاة المعلمة إذا أكلت)
ذكر فيه (عن ابن عباس قال إذا أكل الكلب فلا تأكل وإذا أكل الصقر فكل) إلى آخره - قلت - ذكر صاحب
الاستذكار قول ابن عباس هذا ثم قال ولا مخالف له من الصحابة من وجه يصح - وفى نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا
ان البازي إذا أكل منه أكل صاحبه بقيته الا الشافعي فإنه منع من أكله -
238

قال (باب من ترك التسمية وهو ممن تحل ذبيحته)
- قلت - مراده انها تحل ولو ترك التسمية واستدل على ذلك بما أخرجه من حديث هشام بن عروة (عن أبيه عن عائشة
قالوا يا رسول الله ان ههنا أقواما حديث عهد بشرك) إلى أخره ثم ذكر (ان جماعة رووه عن هشام كذلك موصولا)
ثم أخرجه من حديث جعفر بن عون عن هشام عن أبيه مرسلا ثم قال (وكذلك رواه مالك وحماد بن سلمة عن هشام)
- قلت - (وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن هشام) وذكر صاحب التمهيد أن جماعة رووه عن هشام
مرسلا كما رواه مالك منهم ابن عيينة ويحيى القطان انتهى كلامه فقد اضطرب سند هذا الحديث كما ترى ومع اضطرابه
لا دليل فيه على مدعى البيهقي إذ ليس فيه ترك التسمية قال صاحب التمهيد فيه ان ما ذبحه المسلم ولم يعرف هل سمى الله عليه
أم لا انه لا بأس بأكله وهو محمول على أنه قد سمى والمؤمن لا يظن به الا الخير وذبيحته وصيده ابدا محمول على السلامة حتى
239

يصح غير ذلك من تعمد ترك التسمية ونحوه - وقال ابن الجوزي في الكشف لمشكل الصحيحين في شرح هذا الحديث
الظاهر من المسلم والكتابي انه يسمى فيحمل امره على أحسن أحواله ولا يلزمنا سؤالنا عن هذا وقوله سموا أنتم - ليس
بمعنى انه يجزى عما لم يسم عليه ولكن لان التسمية على الطعام سنة -
قال (باب سبب نزول ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه)
ذكر فيه (عن ابن عباس ان سبب نزولها قول اليهود نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله) - قلت - الصحيح المشهور أن
العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وأيد ذلك قوله عليه السلام في حديث أبي ثعلبة في الصحيحين وما صدت بقوسك
فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل - وفى حديث عدى إذا أرسلت كلبك المعلم
فاذكر اسم الله وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله - والأصل تحريم الميتة وما خرج عن ذلك الا ما كان مسمى عليه فغيره
يبقى على أصل التحريم داخلا تحت النص المحرم للميتة - وفى الموطأ ان عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي أمر غلاما له
ان يذبح ذبيحة فلما أرد أن يذبح قال له سم فقال الغلام قد سميت فقال له سم الله ويحك قال قد سميت الله تعالى فقال ابن عياش
والله لا أطعمها ابدا - قال صاحب الاستذكار هذا واضح في أن من ترك التسمية عمدا لم تؤكل ذبيحته وهو مذهب مالك
240

والثوري وأبي حنيفة وأصحابه والحسن بن حي وإسحاق بن راهويه عن ابن حنبل ثم ذكر البيهقي عن ابن عباس في قوله تعالى
وان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم - (قال يقولون ما ذبح الله فلا تأكلوه وما ذبحتم أنتم فكلوه فأنزل الله
تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) - قلت - ذكر الحاكم في المستدرك عن ابن عباس وان الشياطين ليوحون قال
يقولون ما ذبح فذكر اسم الله عليه فلا تأكلوه وما لم يذكر اسم الله عليه فكلوه فقال الله عز وجل ولا تأكلوا مما لم يذكر
اسم الله عليه - ثم قال الحاكم صحيح على شرط مسلم -
241

قال (باب من رمى صيدا أو ارسل كلبا فقطعه قطعتين)
244

ذكر فيه حديث (ما ردت عليك قوسك ويدك فكل) - قلت - ذكر في الخلافيات إذا ضرب الصيد فقطعه قطعتين أكل
وإن كانت احدى القطعتين أقل من الأخرى وقال أبو حنيفة ان ابان الرأس أكل الجميع وان ابان يدا أو رجلا لم يؤكل
المبان منه انتهى كلامه والحديث المذكور في الباب الذي يليه وهو قوله عليه السلام ما أبين من البهيمة وهي حية فهو ميتة
حجة لأبي حنيفة لان العضو امين منها وهي حية ويتصور بقاؤها حية وهذا الخبر وان ورد على سبب خاص فالصحيح ان
العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وقوله عليه السلام ما ردت عليك أي من الصيد والعضو المبان ليس بصيد -
245

قال (باب ما لفظ البحر أو طفا من ميتة)
253

ذكر فيه حديث القاء البحر الدابة (وان أبا هريرة وزيد بن ثابت لم يريا بأكل ما لفظ البحر بأسا وان عمر قرأ أحل لكم
صيد البحر وطعامه فقال طعامه ما رمى به وقول ابن عباس طعامه ما لفظ به) قلت - لا خلاف في حل ما ألقاه البحر
ورمى به وذكر البيهقي في هذا الباب (عن جعفر عن أبيه عن علي قال الحيتان والجراد ذكى كله) قلت - في سنده عبد الله
ابن الوليد متكلم فيه يسير أو على تقدير صحته فعمومه مخصوص بالطافي بدليل ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه فقال ثنا حفص
عن جعفر عن أبيه قال قال على ما مات في البحر فإنه ميتة وقال الطحاوي ثنا محمد بن خزيمة ثنا حجاج ثنا حماد عن عطاء بن
السائب عن ميسرة ان عليا قال ما قذف البحر حلال وكان يكره الطافي من السمك وذكر صاحب الاستذكار الكراهة
عن ابن المسيب والحسن والنخعي ثم ذكر البيهقي (عن شعبة عن أجلح عن ابن أبي الهذيل عن ابن عباس قال لا بأس
بالطافي من السمك) قلت - في مصنف ابن أبي شيبة ثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن ابن أبي الهذيل سأل رجل ابن
عباس قال إني آتي البحر فأجده قد جفل سمكا كبيرا فقال كل ما لم تر سمكا طافيا وذكر عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري
254

عن الأجلح عن ابن أبي الهذيل سأل ابن عباس عن أشياء وفى آخره أنه قال لابن عباس انى أجد البحر قد جفل سمكا
قال فلا تأكل منه طافيا -
قال (باب من كره أكل الطافي)
ذكر فيه حديثا رواه جماعة عن الثوري عن أبي الزبير عن جابر موقوفا ثم قال (وخالقهم أبو أحمد الزبيري فرواه عن الثوري
مرفوعا وهو واهم فيه) - قلت - الزبيري ثقة وقد زاد الرفع فوجب قبوله وقد جاء له شواهد ستجئ إن شاء الله تعالى
255

ثم أسنده البيهقي عن يحيى بن سليم ثنا إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير مرفوعا ثم قال (يحيى بن سليم كثير الوهم سيئ الحفظ
وقد رواه غيره عن إسماعيل موقوفا) - قلت - ذكر الدارقطني في سننه رواية يحيى ثم قال رواه غيره موقوفا ثم أخرجه
من حديث إسماعيل بن عياش عن إسماعيل موقوفا فتبين ان ذلك الغير الذي رواه موقوفا هو ابن عياش وقد قال البيهقي في
غير موضع (لا يحتج به) وقال في باب ترك الوضوء من الدم (ما روى عن أهل الحجاز ليس بصحيح) وإسماعيل بن أمية
مكي ويحيى بن سليم وثقة ابن معين وغيره واخرج له البخاري ومسلم والجماعة كلهم وقد زاد الرفع فكيف تعارض روايته
برواية ابن عياش مع روايته لهذا الحديث عن مكي ورواية ابن أبي ذئب لهذا الحديث عن أبي الزبير مرفوعا تشهد لرواية
يحيى بن سليم وقول البخاري لا اعرف لابن أبي ذئب عن أبي الزبير شيئا هو على مذهبه في أنه يشترط لاتصال الاسناد
المعنعن ثبوت السماع وقد أنكر مسلم ذلك انكارا شديدا وزعم أنه قول مخترع وان المتفق عليه انه يكفي للاتصال امكان
اللقاء والسماع وابن أبي ذئب أدرك زمان أبى الزبير بلا خلاف وسماعه منه ممكن ثم قال (ورواه عبد العزيز بن عبيد الله
عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعا وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به) - قلت - اخرج له الحاكم في المستدرك في أبواب
الأحكام حديثا وصحيح سنده واخرج حديثه هذا الطحاوي في أحكام القرآن فقال ثنا الربيع بن سليمان المرادي ثنا أسد
ابن موسى ثنا إسماعيل بن عياش حدثني عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب بن كيسان ونعيم بن عبد الله المجمر عن جابر بن
عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما جزر عنه البحر فكل وما القى فكل وما وجدته ميتا طافيا فوق الماء فلا تأكل
وقوله تعالى حرمت عليكم الميتة - عام خص منه غير الطافي من السمك بالاتفاق وبالحديث المشهور والطافي مختلف فيه
فبقي داخلا في عموم الآية -
قال (باب ما جاء في أكل الجراد)
256

ذكر فيه حديث ابن عمر (أحلت لنا ميتتان) إلى آخره ثم قال (الصحيح انه موقوف على ابن عمر) - قلت - قد تقدم
الكلام على هذا الحديث في باب الحوت يموت في الماء والجراد في أثناء أبواب ما يفسد الماء -
257

قال (باب ما جاء في الضفدع)
ذكر فيه حديث النهى عن قتل الضفدع - قلت - فيه دلالة على أنه ليس كل ما يسكن الماء له حكم السمك فكما خرج
258

الضفدع عن عموم قوله عليه السلام الحل ميتته - بهذا الدليل يخرج خنزير الماء ونحوه بدليل آخر وهو قوله تعالى أو لحم
خنزير - وحكى الطحاوي عن الشافعي انه لا بأس بأكله -
قال (كتاب الأضحية)
ذكر فيه من حديث ابن عقيل (عن علي بن الحسين عن أبي رافع كان عليه السلام إذا ضحى اشترى كبشين) الحديث - قلت
في التهذيب لابن جرير الطبري رواه مؤمل واسحق عن سفيان عن ابن عقيل عن أبي سلمة عن عائشة أو عن أبي هريرة
ورواه مسلم بن إبراهيم عن حماد عن ابن عقيل عن عبد الرحمن بن جابر وذلك دليل على وهائه وقد ذكره البيهقي فيما بعد في
259

باب الرجل يضحى عن نفسه وأهل بيته وذكر الاختلاف في سنده وقال بعد ذلك (باب قول المضحي اللهم منك
واليك وقوله عن غيره اللهم تقبل من فلان) وذكر حديثين ثم قال (قال الشافعي وقد روى من وجه لا يثبت مثله انه
عليه السلام ضحى بكبشين فقال في أحدهما عن محمد وآله وفى الآخر عن محمد وأمته) ثم ذكر البيهقي (انه أراد حديث ابن
عقيل هذا) ثم ذكر البيهقي حديث زيد بن الحباب (عن عبد الله بن عياش عن الأعرج عن أبي هريرة من وجد سعة)
إلى آخره ثم قال (وكذا رواه حياة بن شريح ويحيى بن سعيد العطار عن عبد الله بن عياش وبلغني عن الترمذي قال
الصحيح انه موقوف قال ورواه جعفر بن ربيعة وغيره عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفا وحديث ابن الحباب غير
محفوظ قال وكذلك رواه عبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفا) - قلت - تبين بهذا ان ثلاثة
رووه مرفوعا عن ابن عياش حياة ويحيى العطار وابن الحباب ومن طريقه أخرجه ابن ماجة في سننه وأخرجه الحاكم في
المستدرك من حديث عبد الله بن يزيد المقري عن ابن عياش كذلك مرفوعا وقال صحيح الاسناد أوقفه ابن وهب الا ان
الزيادة من الثقة مقبولة والمقري فوق الثقة وأخرجه الدارقطني في سننه من طريق عبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج
مرفوعا بخلاف ما ذكر البيهقي وعلم بذلك ان حديث ابن الحباب محفوظ وان الذين رووا الرفع عن ابن عياش أربعة
260

وتابعهم على ذلك ابن أبي جعفر عن الأعرج كما ذكر الدارقطني والرفع زيادة فوجب قبوله ثم ذكر البيهقي حديث
(ما أنفقت الورق في شئ أفضل من نحيرة في يوم عيد) وفى سنده إبراهيم الخوزي فقال (ليس بالقوى) قلت - الان
القول فيه هنا وقد ضعفه في باب الرجل يطيق المشي وحكى عن ابن معين (انه ليس بثقة) وفى الضعفاء لابن الجوزي قال
احمد والنسائي وعلي بن الجنيد متروك وقال يحيى ليس بشئ وقال الدارقطني منكر الحديث - ثم ذكر البيهقي قوله عليه
السلام في الأضاحي (سنة أبيكم إبراهيم) وفى سنده عائذ الله المجاشعي عن أبي داود نفيع بن الحارث فحكى (عن البخاري
قال عائذ الله المجاشعي عن أبي داود لا يصح حديثه) قلت - سكت البيهقي عن أبي داود نفيع وهو متروك ذكره الذهبي
في كتابيه الكاشف والضعفاء -
261

قال (باب الأضحية سنة)
ذكر فيه حديث من (ذبح قبل ان يصلى فليعد مكانها) ثم ذكر حديث البراء (ان خاله أبا بردة ذبح) إلى آخره ثم قال
(استشهد به البخاري) - قلت - هذا الحديث أخرجه في مواضع محتجا به متصلا وأخرجه في بعض المواضع مستشهدا به
فتخصيص البيهقي استشهاده يوهم انه لم يحتج به وليس الامر كذلك ثم الامر بالإعادة في هذا الحديث وفيما قبله وفيما
262

بعده يدل على الوجوب وهو خلاف مدعى البيهقي ثم ذكر البيهقي (عن الشافعي أنه قال فاحتمل أن يكون إنما امره ليعود
لضحيته ان الضحية واجبة واحتمل أن يكون امره ان يعود إن أراد أن يضحى لان الضحية قبل الوقت ليست بأضحية
تجزيه فيكون في عداد من ضحى فوجدنا الدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الضحية ليست بواجبة وهي سنة ثم
ذكر الشافعي حديث أم سلمة إذا دخل العشر فأراد أحدكم ان يضحى الحديث ثم قال فيه دلالة على أن الضحية ليست
بواجبة لقوله عليه السلام فأراد أحدكم ان يضحى - ولو كانت واجبة أشبه أن يقول فلا يمس من شعره حتى يضحى)
قال البيهقي (وفى الحديث الثابت ان أول ما نبدأ به في يومنا هذا ان نصلى ثم نرجع فننحر فمن يعمل ذلك فقد أصاب سنتنا)
قلت - قول الشافعي واحتمل أن يكون امره ان يعود أن أراد أن يضحى - في غاية البعد لأنه مخالفة للظاهر وتقدير شئ لا ضرورة
إليه ولا دلالة في الكلام عليه وذكر الإرادة في حديث أم سلمة لا ينفى الوجوب لان الإرادة شرط لجميع الفرائض وليس كل
أحد يريد التضحية وقد استعمل ذلك في الواجبات كقولهم من أراد الحج فليلب وكقوله عليه السلام من أراد الجمعة فليغتسل
من أراد الحج فليتعجل - وقوله عليه السلام فقد أصاب سنتنا - أي سيرتنا وطريقتنا وذلك قدر مشترك بين الواجب والسنة
المصطلح عليها ومثله قوله عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب - من سن سنة حسنة - ولم تكن السنة مصطلح عليها
263

معروفة في ذلك الوقت وقد قال البيهقي فيما تقدم في أثناء أبواب حد الشرب في قول ابن عباس الختان سنة (أراد سنة
النبي عليه السلام الموجبة) ثم ذكر البيهقي حديث (ثلاث هن على فرائض) - قلت - في سنده أبو جناب يحيى بن أبي
حية الكلبي سكت عنه البيهقي هنا وضعفه فيما مضى في باب لا فرض أكثر من الخمس وفى كتاب الضعفاء لابن الجوزي
كان يحيى القطان يقول لا استحل ان أروى عنه وقال عمرو بن علي متروك الحديث وقال يحيى وعثمان بن سعيد والنسائي
والدارقطني ضعيف وقال ابن حبان كان يدلس على الثقات ما سمع من الضعفاء فالتزقت به المناكير التي يرويها عن المشاهير
فحمل عليه أحمد بن حنبل حملا شديدا ثم ذكر البيهقي (ان بعض أصحابهم احتج بحديث عمر ومولى المطلب عن المطلب
ورجل من بنى سلمة عن جابر انه عليه السلام صلى للناس) الحديث وفيه (انه دعا بكبش فذبحه وقال عنى وعن من
لم يضح من أمتي) - قلت - فيه أشياء - أحدها - ان المطلب لم يسمع من جابر كذا قال أبو حاتم وذكر الترمذي هذا
الحديث ثم قال غريب ويقال إن المطلب لم يسمع من جابر وفى موضع آخر من كتاب الترمذي قال محمد لا اعرف للمطلب
سماعا من أحد من الصحابة الا قوله حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول
264

لا نعرف له سماعا من أحد من الصحابة انتهى كلام الترمذي قال محمد بن سعد لا يحتج بحديث المطلب لأنه يرسل عن النبي
صلى الله عليه وسلم كثيرا وليس له لقاء - الثاني - ان مولى المطلب قال فيه ابن معين ليس بالقوى وليس بحجة - الثالث -
ان هذا الحديث متروك عند الشافعية إذ الكبش الواحد لا يجوز عن أكثر من واحد وقد نص الشافعي على ذلك في آخر
هذا الباب والحديث لا ينفى وجوب الأضحية لأنه عليه السلام تطوع عنهم بذلك ويجوز أن يتطوع الرجل عمن وجب عليه
كما يتطوع عن نفسه ودل الحديث على أن الانسان له ان يتطوع عن غيره بما شاء وهم لا يقولون بذلك - وفى التهذيب
لابن جرير الطبري ما ملخصه ظن بعض أهل العبارة ان ذلك كان باشراكه لهم في ملك ضحيته فزعم أن للجماعة ان يشتركوا
في الشاة ويجزيهم عن التضحية ولو كان كذلك لم يحتج أحد من هذه الأمة إلى التضحية ولما كان لقوله عليه السلام من
وجد سعة فلم يضح وجه وكيف يقول ذلك وقد ضحى هو عنهم وذبحه أفضل -
265

قال (باب السنة لمن أراد أن يضحى ان لا يأخذ)
من شعره وظفره إذا أهل ذو الحجة حتى يضحى
ذكر فيه حديث أم سلمة (إذا دخل العشر وأراد أحدكم ان يضحى فلا يمس من شعره ولا بشره شيئا) ثم ذكر (عن الشافعي
انه اختيار لا واجب) واستدل على ذلك بحديث عائشة (انا فتلت قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفى آخره
(فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ أحله الله حتى نحر الهدى - قال الشافعي البعثة بالهدى أكثر من إرادة التضحية)
قلت - في بعض طرق هذا الحديث في الصحيح كنت افتل قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث بهديه إلى
الكعبة فما يحرم عليه شئ مما حل للرجل من أهله حتى يرجع الناس - فثبت بهذا ان الذي كان لا يجتنبه هو ما يجتنبه المحرم من
أهله لا ما سوى ذلك من حلق شعر وقص ظفر ولا يخالف حديث أم سلمة - ثم لو كان لفظ الحديث كما أورده البيهقي أمكن
العمل بالحديثين فحديث أم سلمة يدل على أن إرادة التضحية تمنع من الحلق والقلم وحديث عائشة يدل على أن بعث الهدى
266

غير مانع فيعمل ولا يلزم من كون البعث غير مانع أن يكون إرادة التضحية غير مانعة - وفى التمهيد ذكر الأثرم ان احمد كان
يأخذ بحديث أم سلمة قال ذكرت ليحيى بن سعيد الحديثين قال ذاك له وجه وهذا له وجه حديث عائشة إذا بعث بالهدى
وأقام وحديث أم سلمة إذا أراد أن يضحى بالمصر - والأشبه في الاستدلال ان يقال كان عليه السلام يريد التضحية لأنه
لم يتركها أصلا ومع ذلك لم يجتنب شيئا على ما في حديث عائشة فدل على أن إرادة التضحية لا تحرم ذلك -
قال (باب الرجل يضحى عن نفسه وأهل بيته)
267

ذكر فيه حديثا عن ابن عقيل عن أبي سلمة ثم ذكر (انه روى عن ابن عقيل عن عبد الرحمن بن جابر) ثم ذكر أنه روى عن
ابن عقيل عن علي بن الحسين ثم قال وكأنه سمعه منهما قلت الصواب ان يقال وكأنه سمعه منهم -
268

قال (باب لا يجزى الجذع الا من الضأن)
269

ذكر فيه من حديث إسحاق بن إبراهيم الحنيني (قال ذكره هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي
هريرة قال جاء جبريل إلى النبي عليهما السلام) الحديث ثم قال (وإسحاق ينفرد به وفى حديثه ضعف) - قلت - ذكر
الحاكم في المستدرك هذا الحديث من طريق إسحاق المذكور ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم فذكره بسنده ثم قال
صحيح الاسناد -
271

قال (باب وقت الأضحية)
276

ذكر فيه حديث (ان أول ما نبدأ به في يومنا هذا ان نصلى ثم نرجع فننحر) وفى رواية أخرى (ومن ذبح بعد الصلاة
فقد تم نسكه) ثم قال البيهقي (من ضحى بعد الوقت الذي تحل فيه الصلاة ويمضى مقدار صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
وخطبته أجزأت أضحيته) - قلت - ألفاظ هذا الحديث تقتضي فعل الصلاة فمن اعتبر وقت الصلاة والخطبتين فقد ادعى
شيئا مخالفا للظاهر - وفى المحلى لا معنى لمنع الشافعي الضحية قبل تمام الخطبة لأنه عليه السلام لم يحد وقت التضحية بذلك -
277

قال (باب يستحب ان يتولى ذبح نسكه أو يشهده) - قلت ذكر في هذا الباب حديثا عن علي وضعفه ثم ذكر حديث عمران بن حصين (انه عليه السلام قال يا فاطمة قومي
فاشهدي أضحيتك) وسكت عن هذا الحديث واخره عن ذلك الحديث والحاكم قد صحح في المستدرك اسناده -
283

قال (باب قول المضحي اللهم منك واليك)
286

ذكر فيه من حديث حنش بن الحارث قال (كان على يضحى بكبش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى آخره - قلت
ذكر الحافظ المزي هذا الحديث في أطرافه في ترجمة حنش بن ربيعة ويقال ابن المعتمر عن علي وعزاه إلى أبى داود
والترمذي ووقع في سنن البيهقي حنش بن الحارث كما ترى وأظنه وهما -
288

قال (باب الرخصة في الاكل من لحوم الضحايا)
290

ذكر فيه حديث أبي مسهر (ثنا يحيى بن حمزة حدثني الزبيدي عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن ثوبان) ثم ذكره من طريق
محمد بن المبارك (حدثني يحيى بن حمزة بسنده عن ثوبان قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلح هذا اللحم فلم يزل
يأكل منه حتى بلغ المدينة زاد أبو مسهر في حجة الوداع) ثم قال (ولا أراها محفوظة) - قلت - قد تقدم في أوائل
كتاب الأضحية قول صاحب المستدرك زيادة الثقة مقبولة والمقبرى فوق الثقة وكذا نقول هنا أبو مسهر عبد الاعلي بن
مسهر شيخ الشام فوق الثقة قال ابن معين منذ خرجت من باب الأنبار إلى أن رجعت لم أر مثله فكيف لا يقبل زيادته
هذه ولو كانت غير محفوظة لم يذكرها مسلم في صحيحه وهو اجل من محمد بن المبارك قال ابن معين محمد بن المبارك شيخ الشام
بعد أبي مسهر ذكره صاحب الكمال -
291

قال (باب الأضحية في السفر)
ذكر فيه حديث ثوبان (انه عليه السلام ذبح أضحيته في السفر) الحديث ثم قال (رواه مسلم في الصحيح) - قلت - لفظ مسلم
ذبح أضحيته ثم قال يا ثوبان - وليس فيه قوله في السفر وهذا هو مقصود البيهقي الذي عقد الباب لأجله والمتبادر إلى الذهن من
قوله (رواه مسلم في الصحيح) ان قوله في السفر في صحيحه وليس الامر كذلك -
قال (باب من قال الأضحى جائز يوم النحر وأيام منى)
295

ذكر فيه حديثا من طريق سليمان بن موسى عن جبير بن مطعم - قلت - سليمان هذا متكلم فيه وحديثه هذا اضطرب اضطرابا
كثيرا بينه صاحب الاستذكار وبين البيهقي بعضه في هذا الباب قال (ورواه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف عند بعض
أهل النقل (قلت هو ضعيف عند كلهم أو أكثرهم وقد ذكره البيهقي فيما مضى في باب المعتكف يصوم فقال (ضعيف
بمرة لا يقبل منه ما ينفرد به) ثم ذكر (عن ابن عباس قال الأضحى ثلاثة أيام بعد يوم النحر) - قلت - في سنده طلحة بن
عمرو الحضرمي ضعفه ابن معين وأبو زرعة والدارقطني وقال احمد متروك ذكره الذهبي في كتاب الضعفاء وقد ذكر
الطحاوي في أحكام القرآن بسند جيد عن ابن عباس قال الأضحى يومان بعد يوم النحر
296

قال (باب من قال الأضحى يوم النحر ويومين بعده)
- قلت - لم يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ وقد ذكر البيهقي في هذا الباب عن ثلاثة من الصحابة
(أن أيام النحر ثلاثة) وقد تقدم في الباب السابق انه روى عن ابن عباس أيضا وقال الطحاوي في أحكام القرآن لم يرو عن
أحد من الصحابة خلافهم فتعين اتباعهم إذ لا يوجد ذلك الا توقيفا وفى الاستذكار روى ذلك عن علي وابن عباس وابن عمر
ولم يختلف فيه عن أبي هريرة وأنس وهو الأصح عن ابن عمر وهو مذهب أبي حنيفة والثوري ومالك - وفى نوادر الفقهاء
لابن بنت نعيم اجمع الفقهاء أن التضحية في اليوم الثالث عشر غير جائزة الا الشافعي فإنه أجازها فيه -
قال (من قال الضحايا إلى آخر الشهر)
297

قال في آخره (وفى كلاهما نظر وحديث سليمان بن موسى أولا هما ان يقال به) - قلت - كذا رأيته في هذه النسخة
وفى نسخة أخرى جيدة والصواب ان يقال في كليهما - وقول الصحابة الذين لم يرو عن غيرهم من الصحابة خلافه أولى ان
يقال به في هذه المسألة كما سبق تقريره والله أعلم -
قال (باب العقيقة سنة)
298

ذكر في أوله حديث سلمان وسمرة وظاهرهما دليل على وجوبها فهما غير مطابقين لمدعاه -
299

قال (باب ما يستدل به على أنها على الاختيار)
ذكر فيه حديثا (عن عمرو بن شعيب مرسلا انه عليه السلام قال) ثم ذكره من وجه آخر (عن عمرو بن شعيب عن
أبيه أراه عن جده) - قلت - اقتصر على هذين الوجهين وللحديث وجه ثالث أحسن منهما قال ابن أبي شيبة ثنا عبد الله
ابن نمير ثنا داود بن قيس وقال عبد الرزاق انا داود بن قيس سمعت عمرو بن شعيب يحدث عن أبيه عن جده قال سئل
النبي صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال لا أحب العقوق الحديث وأخرجه النسائي عن أحمد بن سليمان هو الرهاوي الحافظ
عن أبي نعيم عن داود كذلك -
قال (باب ما يعق عن الغلام والجارية)
ذكر فيه حديث ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت ثم أخرجه من حديث
300

حماد بن زيد عن عبيد الله عن سباع ثم قال (قال أبو داود حديث سفيان وهم) - قلت - اعترض صاحب التمهيد على
أبى داود فقال لا ادرى من أين قال هذا وابن عيينة حافظ وقد زاد في الاسناد وله عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن
سباع عن أم كرز ثلاثة أحاديث ثم قال البيهقي (ورواه المزني عن الشافعي عن سفيان عن عبيد الله عن سباع بن وهب)
ثم قال (والمزني واهم فيه في موضعين أحدهما ان سائر الرواة رووه عن ابن عيينة عن عبيد الله عن أبيه والآخر أنهم قالوا
سباع بن ثابت ورواه الطحاوي عن المزني في كتاب السنن في أحد الموضعين على الصواب كما رواه سائر الناس) - قلت -
أخرجه البيهقي في كتاب المعرفة من حديث الطحاوي عن المزني ثنا الشافعي ثنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن
سباع بن ثابت وكذا رويناه في كتاب السنن المذكور من طريق الطحاوي عن المزني من نسخة جيدة قديمة فظهر بهذا
أن رواية الطحاوي عن المزني على الصواب في الموضعين معا لا في أحدهما كما ذكر البيهقي في هذا الكتاب -
301

قال (باب من اقتصر في عقيقة الغلام على شاة)
ذكر فيه من حديث أيوب (عن عكرمة عن ابن عباس عق عليه السلام عن الحسن كبشا وعن الحسين كبشا) - قلت -
قد اضطرب فيه على عكرمة من وجهين - أحدهما - أن أبا حاتم قال روى عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا
وهو الأصح - الثاني - أن النسائي اخرج من حديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس انه عليه السلام عق عن الحسن
والحسين بكبشين كبشين -
302

قال (باب التأذين في أذن من يولد)
ذكر فيه (انه عليه السلام اذن في أذن الحسن) - قلت - في سنده عاصم بن عبيد الله سكت عنه البيهقي هنا وهو ضعيف
عندهم وقد ضعفه البيهقي أيضا في باب استبانة الخطأ
305

قال (باب ما جاء في الرخصة في الجمع بينهما يعنى أبا القاسم ومحمدا)
ذكر فيه حديث على (ان ولد لي بعدك) الحديث ثم قال (مختلف في وصله) - قلت - أخرجه الترمذي فقال ثنا محمد بن
بشار ثنا يحيى القطان ثنا فطر بن خليفة حدثني منذر الثوري عن ابن الحنفية عن علي الحديث ثم صححه الترمذي والسند إلى
منذر متصل وصرح البيهقي في روايته بسماع منذر من ابن الحنفية وابن الحنفية سمع عليا فالسند إذا متصل وفطر اخرج
له البخاري فيما ذكر صاحب الكمال وأبو الوليد الباجي وباقي السند على شرط الشيخين وإلى جواز التكني بابى القاسم لمن
اسمه محمد ذهب مالك وجمهور السلف وفقهاء الأمصار وجمهور العلماء وقد اشتهر جماعة تكنوا بأبى القاسم في العصر الأول
وفيما بعد ذلك إلى اليوم مع كثرة فاعلي ذلك وعدم الانكار كذا في شرح مسلم للنووي -
309

قال (باب أقروا الطير على اكنانها
ذكر فيه الحديث بهذا اللفظ ثم قال (وقال غيره عن سفيان على مكناتها وهي بنصب الكاف أيضا جمع مكان كما بلغني)
قلت الوجه ان يقال بفتح الكاف وقد تتبعت كتب أهل الحديث واللغة فلم أجد في شئ منها هذه اللفظة مقيدة بفتح
الكاف وليست جمع مكان كما زعم وفى الصحاح المكنة بكسر الكاف واحدة المكن والمكنات وفى الحديث أقروا الطير
على مكناتها - ومكناتها بالضم وفى الفائق للزمخشري مكناتها وروى مكناتها المكنات بمعنى الأمكنة يقال الناس على
مكناتهم وسكناتهم وقيل المكنة من التمكن كالتبعة والطلبة من التتبع والتطلب والمكنات والأمكنة أيضا جمع المكان
على مكن ثم على مكنات كقولهم حمر وحمرات وصعد وصعدات -
قال (باب ما جاء في الفرع والعتيرة)
311

ذكر فيه حديثا في آخره (وتكفأ اناءك) ثم قال في آخر الباب (قال أبو عبيد الفرع أول شئ تنتجه الناقة إلى أن قال
وقوله خير من أن تكفأ اناءك يقول إذا ذبحته حين تضعه أمه بقيت الام بلا ولد ترضعه فانقطع لذلك لبنها يقول فإذا فعلت
ذلك فقد كفأت اناءك وأهرقته) - قلت - إذ انقطع اللين أي شئ يبقى منه ولو بقي شئ لماذا يهراق والصواب في معناه
312

ما ذكره الخطابي في المعالم فقال وقوله وتكفأ اناءك يريد بالاناء المحلب الذي يحلب فيه يقول إذا ذبحت حوارها انقطعت
313

مادة اللبن فترك الاناء مكفوء الا يحلب فيه -
قال (باب ما يحرم من جهة ما لا تأكله العرب)
ذكر فيه قوله تعالى (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ثم قال (قال الشافعي وإنما يكون الطيبات والخبائث عند
الآكلين كانوا لها وهم العرب الذين سألوا عن هذا وفيهم نزلت الأحكام - قلت - اعترض أبو بكر الرازي في أحكام
314

القرآن على الشافعي بما ملخصه انه عليه السلام لم يعتبر هذا بل جعل كونه ذا ناب من السباع وذا مخلب من الطير علما على
التحريم فلا يزاد عليه ولا ينقص منه ولان الخطاب بالتحريم لم يختص بالعرب فاعتبار ما يستقذره لا دليل عليه ثم إنه
ان اعتبر استقذار جميع العرب فجميعهم لم يستقذروا الحيات والعقارب والأسد والذئب والفار، بل الاعراب يستطيبون
315

هذه الأشياء وان اعتبر بعضهم ففيه أمران - أحدهما - ان الخطاب لجميعهم فكيف يعتبر بعضهم - والثاني - لم كان اعتبار
البعض المستقذر أولى من اعتبار البعض المستطيب وزعم أنه أباح الضبع والثعلب لان العرب كانت تأكله وقد كانت تأكل
الغراب والحدأة والأسد إن لم يكن فيهم من يمتنع من ذلك واعتباره ما يعد وعلى الناس ان أراد في سائر أحواله فذلك
لا يوجد في الغراب والحدأة والحية وقد حرمها والأسد قد لا يعدو إذا شبع وان أراد العدو في بعض الأحوال فالجمل الهائج
قد يعدو على الانسان وكذا الثور ولم يعتبر ذلك هو ولا غيره والسنور لا يعدو ثم ذكر البيهقي حديث أم شريك (أمر
عليه السلام بقتل الأوزاغ) ثم قال (رواه البخاري في الصحيح عن عبيد الله بن موسى أو عن رجل عن عبيد الله) - قلت
هذه العبارة موهمة والبخاري اخرج هذا الحديث في صحيحه في أحاديث الأنبياء فقال ثنا عبيد الله بن موسى أو ابن سلام
عنه فذكره وأخرجه في بدء الخلق عن صدقة بن الفضل عن ابن عيينة عن عبد الحميد بن جبير -
316

قال (باب ما جاء في الضبع والثعلب)
ذكر فيه حديث ابن أبي عمار عن جابر - قلت - حديث النهى عن كل ذي ناب من السباع صحيح ثابت مشهور مروى
من عدة طرق فلا يعارض به حديث الضبع صيد - لأنه انفرد به عبد الرحمن بن أبي عمار وليس هو بمشهور بنقل العلم
318

ولا ممن يحتج به إذا خالفه من هو أثبت منه كذا قال صاحب التمهيد - فان قيل - فقد رواه البيهقي فيما بعد من طريق
عطاء أيضا عن جابر - قلنا - في ذلك الطريق شخصان فيهما كلام وهما حسان بن إبراهيم عن إبراهيم بن ميمون الصائغ اما
حسان فقد ذكره النسائي في الضعفاء وقال ليس بالقوى وأم الصائغ فقد ذكره الذهبي في كتابه في الضعفاء وقال قال
أبو حاتم لا يحتج به وفى مصنف عبد الرزاق عن الثوري عن سهيل بن أبي صالح قال سأل رجل ابن المسيب عن أكل
الضبع فنهاه فقال له ان قومك يأكلونها فقال إن قومي لا يعلمون قال سفيان وهذا القول أحب إلى قلت لسفيان فأين ما جاء
عن عمر وعلى وغيرهما فقال أليس قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع فتركها أحب إلى وبه
يأخذ عبد الرزاق واخرج الدارمي من حديث عبد الله بن يزيد السعدي سألت سعيد بن المسيب عن الضبع فقال إن أكلها
لا يصلح وهل يأكلها أحد فقال شيخ سمعت أبا الدرداء يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي نهبة وعن كل
خلسة وعن كل مجثمة وعن كل ذي ناب من السباع - قال صدقت - وفى الاشراف لابن المنذر قال الأوزاعي كان
العلماء بالشام يعدون الضبع من السباع ويكرهون أكلها - ثم ذكر البيهقي (عن عبد الرحمن بن معقل السلمي قال قلت
يا رسول الله ما تقول في الضبع فقال لا آكله والا انهى عنه) الحديث ثم قال (روى عن خزيمة بن حزء حديث يوافق
حديث السلمي في بعضه ويخالفه في بعضه وفى كلا الاسنادين ضعف) - قلت - ذكر الترمذي حديث خزيمة ولفظه
أو يأكل الضبع أحد - وذكره ابن ماجة ولفظه ومن يأكل الضبع - وكذا ذكره ابن أبي شيبة في كتابيه المصنف والمسند
وكذا في تاريخ البخاري ومعرفة الصحابة لابن منده فظهر بهذا انه غير موافق لحديث السلمي في الضبع الذي عقد البيهقي
319

الباب لأجله ثم إنه لا ذكر للثعلب في هذا الباب الا في هذين الحديثين وظاهر قوله عليه السلام فيه في حديث السلمي
أو يأكل ذلك أحد - وفى حديث خزيمة ومن يأكل الثعلب - يقتضى حرمته وظاهر عطف البيهقي الثعلب على الضبع
يقتضى حله وكذا نقل ابن حزم في المحلى عن الشافعي انه يبيح الثعلب فالحديثان إذا غير مطابقين لمدعى البيهقي ثم ذكر
حديث سلمان (الحلال ما أحل الله في القرآن والحرام ما حرم الله في القرآن وما سكت عنه فقد عفا عنه) - قلت - هذا
الحديث روى مرفوعا وموقوفا قال الترمذي وكأن الموقوف أصح ثم إنه لا مناسبة لهذا الحديث للباب بخصوصه الا ان
يريد البيهقي إباحة الضبع والثعلب لكون القرآن سكت عنهما فان أراد ذلك لزمه إباحة كل ذي ناب من السباع وذي
مخلب من الطير -
320

قال (باب ما جاء في الضب)
322

ذكر فيه حديث (إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن
شبل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اكل الضب) ثم قال (تفرد به ابن عياش وليس بحجة) قلت - ضمضم حمصي وابن
عياش إذا روى عن الشاميين كان حديثه صحيحا كذا قال ابن معين والبخاري وغيرهما وكذا قال البيهقي فيما مضى في باب
ترك الوضوء من الدم ولهذا اخرج أبو داود هذا الحديث وسكت عنه وهو حسن عنده على ما عرف وقد صحح
الترمذي لابن عياش عدة أحاديث من روايته عن أهل بلده - منها - حديث لا وصية لوارث - أخرجه من حديث ابن
عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة - ومنها - حديث ما ملا آدمي وعاء شرا من بطن - أخرجه من حديث ابن عياش
قال حدثني أبو سلمة الحمصي وحبيب بن صالح عن يحيى بن جابر الطائي عن مقدام بن معد يكرب وحبيب بن صالح شامي
أيضا -
325

قال (باب بيان ضعف الحديث الذي روى)
في النهى عن لحوم الخيل
ذكر فيه حديث بقية (حدثني ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد قال نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير) ثم ذكره من طريق آخر من حديث الدارقطني وفيه
(نهى يوم خيبر) ثم قال (ورواه محمد بن حمير عن ثور عن صالح سمع جده المقدام ورواه عمر بن هارون البلخي عن
ثور عن يحيى بن المقدام عن أبيه عن خالد فهذا اسناد مضطرب) ثم ذكر البيهقي (عن البخاري أنه قال صالح بن يحيى فيه
نظر وعن موسى بن هارون قال لا يعرف صالح بن يحيى ولا أبوه الا بجده وهذا ضعيف قال وزعم الواقدي ان خالدا أسلم
بعد فتح خيبر) - قلت - هذا الحديث أخرجه أبو داود وسكت عنه فهو حسن عنده وقال النسائي انا إسحاق بن إبراهيم اخبرني
بقية أخبرني ثور بن يزيد عن صالح فذكره بسنده وقد صرح فيه بقية بالتحديث عن ثور وثور حمصي اخرج له البخاري
وغيره وبقية إذا صرح بالتحديث عن ثقة كان السند حجة كذا قال ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وغيرهم
خصوصا إذا كان الذي حدث عنه بقية شاميا قال ابن عدي صاحب الكامل إذا روى بقية عن أهل الشام فهو ثبت - وصالح
ذكره ابن جبان في الثقات وأبوه يحيى ذكره الذهبي في الكاشف وقال وثق وأبوه المقدام بن معد يكرب صحابي فهذا
سند جيد كما ترى وقد أخرجه أبو داود من وجه آخر وسكت عنه فقال ثنا عمرو بن عثمان ثنا محمد بن حرب ثنا أبو سلمة
يعنى سليمان بن سليم عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معد يكرب عن خالد بن الوليد قال غزوت مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر فأتت اليهود فشكوا ان الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ألا لا يحل أموال المعاهدين الا بحقها وحرام عليكم حمر الأهلية وخيلها وبغالها وكل ذي ناب من السباع وكل ذي
مخلب من الطير - ورجال هذا السند ثقات ولم يذكر البيهقي سنده إلى محمد بن حمير وعمر بن هارون لينظر في علي أن عمر
328

ابن هارون متروك ومحمد بن حمير ذكره ابن الجوزي في كتاب الضعفاء وقال قال يعقوب بن سفيان ليس بالقوى فكيف
توجب رواية مثل هذين اضطرابا لما رواه إسحاق الحنظلي وغيره عن بقية واختلف في وقت اسلام خالد فقيل هاجر بعد
الحديبية وقيل بل كان اسلامه بين الحديبية وخيبر وقيل بل كان اسلامه سنة خمس بعد فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم
من بني قريظة وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست وخيبر بعدها سنة سبع انتهى كلامه وهذا الحديث يدل على أنه
شهد خيبر ولو سلم انه أسلم بعدها فغاية ما فيه انه ارسل الحديث ومراسيل الصحابة في حكم الموصول المسند لان روايتهم
عن الصحابة كما ذكره ابن الصلاح وغيره -
قال (باب لحوم الحمر الأهلية)
329

ذكر فيه حديث الحكم وقول جابر أبى ذلك البحر يعنى ابن عباس ثم قال البيهقي (لو علم ابن عباس انه عليه السلام حرمه
لم يصر إلى غيره الا انه لم يعلمه) - قلت - قد ورد عنه ما يدل على أنه علمه فاخرج الدارمي بسند على شرط الشيخين من
حديث مجاهد عن ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر وقال صاحب التمهيد
لا خلاف بين العلماء في تحريم الحمر الانسية الا ابن عباس وعائشة كانا لا يريان بأكلها بأسا على اختلاف في ذلك عن ابن
330

عباس والصحيح عنه فيه ما عليه الناس روى عبيد الله بن موسى عن الثوري عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الانسية - وقال الطحاوي في أحكام القرآن ثنا يونس ثنا ابن
وهب حدثني يحيى بن عبد الله بن سالم عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه
وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الانسية - واخرج صاحب التمهيد من حديث محمد ابن الحنفية عن علي أنه مر
331

بابن عباس وهو يفتى في متعة النساء انه لا بأس بها فقال له على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها وعن لحوم الحمر
الأهلية يوم خيبر - واخرج أيضا عن ابن الحنفية قال تكلم على وابن عباس في متعة النساء فقال له على أنك امرؤ تائه ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية -
332

قال (باب ذكاة ما في بطن الذبيحة)
334

ذكر فيه من طرق حديث (ذكاة الجنين ذكاة أمه) - قلت - ذكر عبد الحق في الأحكام ان أسانيده لا يحتج بها
ولو خرج حيا يجب تذكريته باتفاق العلماء فقد تركوا عمومه ولأنه إذا كان حيا ثم مات بموت أمه فإنه يموت خنقا فهو من
335

المنخنقة التي ورد النص بتحريمها والى تحريمه ذهب أبو محمد بن حزم ولم يرض بسند الحديث ثم ذكر البيهقي عن جماعة في
قوله تعالى (أحلت لكم بهيمة الأنعام - انه الجنين) - قلت - يعكر على هذا التفسير الاستثناء في قوله تعالى الا ما يتلى عليكم
إذ ليس في الأجنة شئ يستثنى من الأول وقد جاء عن ابن عباس الا ما يتلى عليكم - الخنزير وعن مجاهد الميتة وما ذكر
معها وعن الحسن بهيمة الأنعام الشاة والبقرة والبعير -
336

قال (باب إباحة قطع العروق والكي)
ذكر فيه حديث معمر (عن الزهري عن انس انه عليه السلام كوى أسعد بن زرارة) قلت ذكر أبو عمر في الاستذكار أن
حديث أسعد بن زرارة قد روى عن ابن شهاب باسنادين - أحدهما - رواه معمر عن ابن شهاب عن انس ولم يروه عن
342

ابن شهاب غير معمر وهو عند أهل العلم بالحديث مما أخطأ فيه معمر بالبصرة فيما أملاه من حفظه هنا لك والآخر رواه ابن
جريج ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف وهو أولى بالصواب عندهم في الاسناد انتهى
كلامه ولم يذكر البيهقي الاسناد الثاني -
343

قال (باب أدوية النبي صلى الله عليه وسلم)
ذكر فيه من حديث زيد بن الحباب (ثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال عليه السلام عليكم
بالشفائين العسل والقرآن ثم قال رفعه غير معروف والصحيح موقوف) إلى آخره - قلت - زيد بن الحباب وثقه ابن
344

المديني وابن معين وغيرهما وقد زاد الرفع فوجب قبوله وقد جاء من وجه آخر مرفوعا أخرجه صاحب المستدرك من
345

حديث عبد الله بن محمد بن إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالشفائين الحديث
ثم قال صحيح على شرط الشيخين -
346

قال (باب من أباح الاستصباح به)
أي بالزيت النجس - ذكر فيه حديث (انتفعوا به ولا تأكلوه) ثم قال (وروى عن ابن جريج عن ابن شهاب والطريق
إليه غير قوى) ثم ذكره من رواية يحيى بن أيوب عن ابن جريج - قلت - ذكره عبد الحق في أحكامه وعلله بيحيى هذا
فقال لا يحتج به والظاهر أن البيهقي لأجله جعل هذا الطريق غير قوى وهو ممن احتج بهم الشيخان في صحيحيهما ويعرف
بالغافقي المصري وقد جاء لهذا السند شاهد بسند رجاله ثقات فقال الطحاوي في كتابيه المشكل واختلاف العلماء ثنا فهد
ابن سليمان ثنا الحسن بن الربيع ثنا عبد الواحد بن زياد عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن فارة وقعت في سمن فقال إن كان جامدا فخذوها وما حولها فألقوه وإن كان ذائبا
أو مائعا فاستصبحوا به أو فاستنفعوا به وذكر هذا الحديث صاحب التمهيد أيضا وقد ذكرنا في أبواب البيع القائلين بجواز بيع
الزيت النجس والانتفاع به -
354

قال (باب ما يحل من الميتة)
ذكر فيه قوله تعالى (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل بن لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه -)
355

قال مجاهد غير باغ ولا عاد يقول غير قاطع للسبيل ولا مفارق الأئمة ولا خارج في معصية الله تعالى) - قلت - هذا التفسير
يقتضى أن العاصي لا يأكل الميتة حال المخمصة وليس كذلك على ما قدمنا في باب لا تخفيف عمن كان سفره في معصية
وقد بسطنا الكلام على هذه الآية هناك وذكرنا من خالف مجاهدا في تفسيرها ثم ذكر البيهقي حديث أبي واقد (ان رجلا
قال يا رسول الله انا نكون بالأرض فتصيبنا بها المخمصة فمتى تحل لنا الميتة فقال ما لم يصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا بها بقلا
فشأنكم قال أبو عبيد هو من الحفأ وهو مهموز مقصور وهو أصل البردي الأبيض الرطب وهو يؤكل فقوله تحتفئوا
يقول ما لم تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه) - قلت - ذكر الهروي في الغريبين هذا القول ثم قال قال أبو سعيد صوابه تحتفوا بها
356

بقلا مخفف الفاء وكل شئ استؤصل فقد احتفى ومنه احفاء الشعر ويقال احتفى الرجل يحتفى إذا أخذ من وجه الأرض
بأطراف أصابعه ومن قال تحتفئوا بالهمز من الحفأ فباطل لان البردي ليس من البقل والبقول ما ينبت من العشب على
وجه الأرض مما لا عرق له ولا بردى في بلاد العرب - وذكر الزمخشري في الفائق الحديث ثم قال الاحتفاء اقتلاع الحفأ
وهو البردي وقيل أصله، فاستعير لاقتلاع البقل وروى تحتفوا من احتفى القوم المرعى إذا رعوه وقلعوه وروى تحتفوا من
احتفاف النبت وهو جزه وحفت المرأة وجهها واحتفت وروى تجتفئوا بالجيم من اجتفأت الشئ إذا قلعته ورميت به ومنه
الجفاء وروى تختفوا بالخاء من اختفيت الشئ إذا أخرجته والمختفي النباش -
357

قال (باب ما جاء فيمن مر بحائط انسان)
358

ذكر فيه (ان الشافعي قال روى فيه حديث لو كان يثبت مثله عندنا لم نخالفه) ثم ذكره البيهقي وتكلم عليه ثم قال
(وقد روى من أوجه اخر ليست بقوية) ثم ذكر منها حديثا عن الحسن عن سمرة ثم قال (أحاديث الحسن عن سمرة
لا يثبتها بعض الحفاظ) - قلت - قد قدمنا في باب النهى عن بيع الحيوان بالحيوان ما على هذا ثم ذكر البيهقي من حديث
359

يزيد بن هارون عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد ثم علله بان (يزيد روى عن الجريري بعد اختلاطه) ثم قال
(ورواه حماد بن سلمة عن الجريري وليس بالقوى) - قلت - هذا الحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق
يزيد بن هارون وكذا أخرجه ابن ماجة في سننه وحماد بن سلمة اخرج له مسلم وذكره أبو الوليد الباجي في رجال
البخاري وقد قدمنا في باب من صلى وفى ثوبه أو نعله اذى ثناء العلماء عليه وقال العجلي روى عن الجريري في الاختلاط
يزيد بن هارون وابن المبارك وابن أبي عدى وكل ما روى عنه مثل هؤلاء الصغار فهو مختلط وإنما الصحيح حماد بن
سلمة وابن علية وعبد الاعلى من أصحهم سماعا منه -
360