الكتاب: الجوهر النقي
المؤلف: المارديني
الجزء: ٧
الوفاة: ٧٥٠
المجموعة: فقه المذهب الحنفي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الفكر
ردمك:
ملاحظات:

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
..
الجزء السابع
وفي ذيله
الجوهر النقي
للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير
بابن التركماني المتوفى سنة خمس وأربعين وسبع مائة
دار الفكر
1

قال (باب لا يسع أهل الأموال حبسه عمن أمروا بدفعه إليه)
2

ذكر فيه حديثا عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة - وفيه (ولا صاحب إبل لا يؤدى حقها ومن حقها حلبها يوم وردها)
ثم زعم البيهقي ان هذا الكلام يشبه أن يكون من قول أبي هريرة - قال (وقد روينا في كتاب الزكاة عن سهيل بن أبي
صالح عن أبيه في هذا الحديث وما من صاحب إبل لا يؤدى زكاتها الا بطح لها) - قلت - هذا دعوى لا دليل عليها بل
هو كلام متصل بكلامه صلى الله عليه وسلم فيكون مرفوعا وقد اخرج البخاري نحو هذا الكلام متصلا من حديث أبي الزناد
عن الأعرج عن أبي هريرة واخرج مسلم نحوه من حديث أبي الزبير عن جابر وليس سقوط ذلك في حديث سهيل
دليلا على أنه من كلام أبي هريرة بل هو زيادة ثقة جاءت متصلة بكلامه صلى الله عليه وسلم من جهات فتكون مرفوعة -
3

قال (باب رب المال يتولى تفرقة زكاة ماله)
4

ذكر فيه حديثا عن محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس - وفيه (وأمرتنا رسلك ان
نأخذ زكاة من حواشي أموالنا ونضعه في فقرائنا) ثم قال البيهقي (هذه اللفظة إن كانت محفوظة دلت على جواز تفريق
رب المال زكاة ماله وحديث انس في هذه القصة آلله امرك ان تأخذ هذه الصدقة من اغنيائنا فتقسمها في فقرائنا
اسناده أصح) - قلت - ابن السائب لم يحتج به البخاري ولا مسلم واختلط في آخر عمره وفي الكمال عن ابن معين قال
جميع من روى عنه في الاختلاط الا شعبة وسفيان فظهر أن حديثه هذا ليس بصحيح ولم يخرج في شئ من الكتب الستة
وحديث انس أخرجه البخاري بهذا اللفظ واخرج مسلم أصله فهو حديث صحيح لا مشاركة بينه وبين ذلك الحديث في
الصحة فكيف يقال اسناده أصح -
5

قال (باب قسم الصدقات على قسم الله تعالى)
(وهي سهمان ثمانية ما داموا موجودين)
ذكر في هذا الباب حديثين - الثاني - عن ابن عباس وضعف اسناده والأول عن زياد بن الحارث - قلت - سكت عنه
وفي سنده عبد الرحمن بن زياد الإفريقي انفرد به وقد ضعفه بعضهم كذا ذكر صاحب التمهيد وضعفه أيضا البيهقي في
باب عتق أمهات الأولاد وقال في باب فرض التشهد (ضعفه القطان وابن مهدي وابن معين وابن حنبل وغيرهم) وإنما
جزأها الله تعالى ثمانية لئلا تخرج الصدقة عن تلك الأجزاء -
6

قال (باب من جعل الصدقة في صنف واحد)
رواه عن عمرو حذيفة وابن عباس من عدة طرق وعللها ومن حملة تلك الطرق انه أخرجه عن الحسن هو ابن عمارة عن
الحكم عن مجاهد عن ابن عباس - قلت - قد جاء هذا من وجه آخر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن مجاهد عن أبيه عن
ابن عباس قال إذا وضعتها في صنف واحد من هذه الأصناف فحسبك - وقال الطحاوي وابن عبد البر لا نعلم لابن عباس
وحذيفة في ذلك مخالفا من الصحابة وقال أبو بكر الرازي روى ذلك عن عمر وحذيفة وابن عباس ولا يروى عن أحد من
الصحابة خلافه -
7

ثم ذكر البيهقي (عن شعبة أنه قال والله لا اكف عن ذكره يعنى الحسن بن عمارة انا والله سألت الحكم عن الصدقة تجعل
في صنف واحد قال لا بأس به قلت ممن سمعت قال كان إبراهيم يقوله وهذا الحسن بن عمارة يحدث عن الحكم عن يحيى بن
الجزار عن علي وعن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس وعن الحكم عن حذيفة لا بأس ان يجعل الرجل الصدقة في صنف واحد)
قلت - لا ينكر مثل هذا على الحسن فان الحكم كان غزير العلم فيحتمل أن يكون سمع ذلك من إبراهيم ومن هؤلاء وقد قد
منافي أبواب الجنائز نحو هذا عن صاحب الفاصل -
قال (باب من قال لا تخرج صدقة قوم من بلدهم)
ذكر فيه حديث (تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) - قلت - في شرح العمدة استدل به على عدم جواز نقل الزكاة
8

وكذلك الرد على فقرائهم وان لم يكن هذا هو الأظهر فهو محتمل احتمالا قويا ويقويه ان أعيان الأشخاص المخاطبين في قواعد
الشرع الكلية لا تعتبر ولولا وجود مناسبته في وجوب الزكاة لقطع بان ذلك غير معتبر وقد ورد صيغة الامر بخطابه في
الصلاة ولا يختص به قطعا أعني الحكم وان اختص بهم خطب المواجهة انتهى كلامه ثم ظاهر الحديث يدل على عدم جواز
النقل من بعض بلاد اليمن إلى بعضها وهو خلاف قول الشافعية ثم ذكر البيهقي حديثا عن أشعث بن سوار عن عون
ابن أبي جحيفة عن أبيه ثم قال (الحديث يعرف بأشعث وليس بالقوى) - قلت - كيف يقول يعرف به وقد أخرجه هو
بعد هذا من حديث الأعمش عن ابن أبي جحيفة عن أبيه - وأشعث وان تكلموا فيه فقد وثقه العجلي واخرج له مسلم مقرونا
بغيره وأخرج الترمذي حديثه هذا وحسنه واختلف كلام البيهقي فيه فقال هنا ليس بالقوى وضعفه في باب من قال للمبتوتة
النفقة ثم ذكر البيهقي (ان معاذا قضى أيما رجل انتقل من مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته فعشره وصدقته إلى إعلاف
9

عشيرته) - قلت - هذا حجة عليه لان ظاهره النقل إلى مخلاف عشيرته وإن كان في غير موضع ماله -
10

قال (باب ما يستدل به على أن الفقير)
أمس حاجة من المسكين
ذكر فيه حديث (المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يتفطن له فيتصدق عليه) ثم قال (فيه كالدلالة على أن المسكين له بعض
11

الغنى فيكتفى به ويعفف عن السؤال) - قلت - لو لزم من تعففه أن يكون له بعض الغنى لزم على هذا أن يكون الفقير أيضا
كذلك ويكون له بعض الغنى لأنه تعالى وصف الفقراء بالتعفف في قوله تعالى (للفقراء الذين أحصروا - إلى قوله من التعفف) -
12

قال (باب الفقير أو المسكين له كسب يغنيه)
فلا يعطى بالفقر والمسكنة شيئا
ذكر فيه حديث (لا يحل الصدقة لغنى ولا لذي مرة سوى)
13

ثم ذكر قوله عليه السلام للرجلين (لا حق فيها لغنى ولا لقوى مكتسب) - قلت - مثل هذا ليس بغنى فيكون فقيرا فيحل
له الصدقة عملا بالظواهر كقوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء) -
وأحاديث رد الصدقة في الفقراء ومعنى لا يحل له الصدقة أي طلبها وإن كان يحل له الاخذ وحملناه على ذلك جمعا بين الأدلة
وذكر أبو داود حديث الرجلين وفيه فرآنا جلدين فقال إن شئتما أعطيتكما - ولفظ الطحاوي جلدين قويين فقوله إن شئتما
أعطيتكما دليل على جواز الدفع ولولا ذلك لما دفع إليهما ما لا يجوز دفعه وقال الطحاوي امر عليه السلام زياد بن الحارث
الصدائي على قومه ومحال ان يؤمره وبه زبانة (1) ثم قد سأله من صدقة قومه وهي زكاتهم فأعطاه منها ولم يمنعه لصحة بدنه -

(1) كذا - ولعله زمانة -
14

قال (باب من يعطى من المؤلفة قلوبهم من سهم الصدقات)
ذكر فيه عن الشافعي (قال للمؤلفة قلوبهم في قسم الصدقات سهم) والذي احفظ فيه ان عدى بن حاتم جاء إلى أبى بكر
19

احسبه قال بثلاثمائة من صدقات قومه فأعطاه منها ثلاثين بعيرا إلى آخره وليس في الخبر من أين أعطاه إياها غير أن
الذي يكاد ان يعرف القلب بالاستدلال بالاخبار انه أعطاه إياه من سهم المؤلفة قلوبهم) - قلت - إن كان عدى عند
البيهقي وامامه من المؤلفة قلوبهم فذلك في غاية البعد فقد ذكر البيهقي فيما مضى في باب نقل الصدقة وعزاه إلى مسلم (ان عديا
قال لعمر رضي الله عنهما أتعرفني يا أمير المؤمنين فقال نعم والله انى لا عرفك آمنت إذ كفروا وأقبلت إذ أدبروا ووفيت
إذ غدروا) وفي الاكتفاء لابن سالم زيادة على هذا أنه قال والله نعرفك من السماء ولما عزمت طيئ على حبس الصدقة في
أول خلافة أبى بكر رضي الله عنه رد عليهم عدى بكلام كثير ذكره ابن إسحاق ومن جملته ان للشيطان قادة عند موت كل
نبي يستخف لها أهل الجهل بجهلهم على قلائص الفتنة وإنما هي عجاجة لا ثبات لها ولا ثبات فيها ان لرسول الله صلى الله عليه
وسلم خليفة من بعده يلي هذا الامر وان لدين الله أقواما يستنهضون به ويقومون به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما
قاموا بعهده وان لم يكن عدى من المؤلفة قلوبهم فيبعد أيضا ان يعطيه أبو بكر من سهمهم وأيضا فان سهمهم سقط في
زمن أبى بكر كما ذكره البيهقي في الباب الذي بعد هذا وقد ذكر القدوري في التجريد ان أبا بكر أعطاه من سهم العاملين
ويدل على ذلك ما حكاه البيهقي في باب نقل الصدقة (عن ابن إسحاق انه عليه السلام بعث عديا علي صدقات طيئ) وذكر ابن
سالم في الاكتفاء وجها آخر في اعطاء أبى بكر له تلك الإبل فقال وأعطى أبو بكر عديا ثلاثين من إبل الصدقة وذلك أن
عديا لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرانيا فارسل وأراد الرجوع إلى بلاده ارسل إليه رسول الله صلى الله عليه
وسلم يعتذر من الزاد ويقول والله ما أصبح عند آل محمد شفه من الطعام ولكن ترجع ويكون خير فلذلك أعطاه أبو بكر تلك
الفرائض -
20

قال (باب لا وقت فيما يعطى الفقراء والمساكين)
23

ذكر فيه حديث سفيان الثوري (عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من سأل وله ما يغنيه جاء يوم القيامة خموش) الحديث ثم ذكر (ان سفيان قيل له كان شعبة لا يروى
عن حكيم بن جبير فقال سفيان فقد حدثنا زبيد عن محمد بن عبد الرحمن) ثم ذكر (عن يعقوب بن سفيان قال هي حكاية
بعيدة لو كان حديث حكيم بن جبير عند زبيد ما خفى على أهل العلم) - قلت - قد جاء ذلك بسند جليل قال المزي في أطرافه
24

رواه النسائي عن أحمد بن سليمان عن يحيى بن آدم عن سفيان عنهما يعنى حكيما وزبيدا وأحمد بن سليمان الرهاوي حافظ قال
فيه النسائي ثقة مأمون صاحب حديث ويحيى بن آدم (أحد) الاعلام روى له الجماعة -
25

قال (باب الرجل يقسم صدقته على قرابته وجيرانه)
26

ذكر فيه (عن طلحة رجل من قريش عن عائشة قالت يا رسول الله ان لي جارين فإلى أيهما اهدى) الحديث ثم قال (رواه
البخاري عن حجاج بن منهال عن شعبة) ثم أخرجه البيهقي من وجه آخر عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن عائشة -
قلت - ذكره المزي في أطرافه في ترجمة طلحة بن عبد الله بن عثمان التيمي عن عائشة ولم يذكر أحد فيما علمت أن طلحة
الراوي لهذا الحديث جده عوف كما ذكره البيهقي في الوجه الثاني وقد اخرج أبو داود هذا الحديث عن طلحة ولم ينسبه
ثم قال قال شعبة في هذا الحديث طلحة رجل من قريش واما البخاري فإنه أخرجه في ثلاثة مواضع ولم يقل في شئ منها رجل
من قريش كما هو المفهوم من ظاهر كلام البيهقي فأخرجه أعني البخاري في الأدب عن حجاج ولفظه عن طلحة ولم ينسبه
وأخرجه في الشفعة عن حجاج وفي الهبة عن محمد بن بشار ولفظه في الطريقين طلحة بن عبد الله -
قال (باب المرأة تصرف من زكاتها في زوجها)
28

ذكر فيه حديث زينب امرأة ابن مسعود - قلت - أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري في حديث طويل وفيه يا معشر
النساء تصدقن فانى رأيتكن أكثر أهل النار فقلن وبم ذلك يا رسول الله قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير وفيه فقالت امرأة
ابن مسعود كان عندي حلي فأردت ان أتصدق به فزعم ابن مسعود انه وولده أحق من تصدقت به عليهم فقال عليه السلام
صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم - فظهر أن المراد بهذه الصدقة التطوع كفارة لكثرة اللعن
وكفران العشير ولما قرن الزوج بالولد ولا يتصدق على الولد الا بالتطوع فكذا الزوج وذكر مسلم قول أم سلمة يا رسول الله
هل لي اجر في بنى أبى سلمة - وقول امرأة ابن مسعود فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي
حاجتها - وقال النووي المذكور في هذه الأحاديث المراد به كل صدقة تطوع وسياق الأحاديث يدل عليه -
قال (باب آل محمد صلى الله عليه وسلم لا يعطون
من الصدقات المفروضات
ذكر فيه حديث (انا لا نأكل الصدقة) - قلت - في شرح مسلم للنووي في هذا الحديث انه لا فرق بين صدقة الفرض والتطوع
29

لقوله عليه السلام الصدقة بالألف واللام وهي تعم النوعين انتهى كلامه وعلم به ان الحديث غير مطابق لمدعى البيهقي -
قال (باب بيان آل محمد صلى الله عليه وسلم
الذين تحرم عليهم الصدقة المفروضة)
30

ذكر فيه قول زيد بن أرقم (أهل بيته من حرم الصدقة بعده) - ثم قال البيهقي (وهكذا بنو المطلب بن عبد مناف بدليل
حديث جبير بن مطعم إنما بنو المطلب وبنو هاشم شئ واحد وأعطاهم من سهم ذوي القربى) - قلت - إنما أعطاهم للنصرة
لقوله عليه السلام لم يفارقوني في جاهلية ولا اسلام - وتحريم الصدقة لا يتعلق بالنصرة عند جميع الفقهاء الا ترى ان من كان
مفارقا له في الجاهلية والاسلام وهو أبو لهب دخل مسلمو ولده في حرمة الصدقة لكونهم من بني هاشم فوجب خروج
بني المطلب من حرمة الصدقة لكونهم ليسوا من النسب من بني هاشم الا ترى ان ولد المطلب يجوز أن يعملوا على الصدقة
ذكره القدوري في التجريد فخالفوا في ذلك بني هاشم على ما ذكره البيهقي في الباب الذي يلي هذا الباب -
قال (باب لا يأخذون بالعمالة شيئا)
قلت - قد تقدم في الباب الذي قبل هذا من كلام القدوري ان لبني المطلب ان يعملوا على الصدقة -
31

قال (باب لا يحرم على آل محمد صلى الله عليه وسلم
صدقة التطوع)
(قال الشافعي وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة وذلك أنه منها تطوع لا صدقة) - قلت -
32

قد صرح صلى الله عليه وسلم بأنه هدية فليس بصدقة لا فرضا ولا تطوعا إذ الهدية غير الصدقة بنوعيها فالحديث أيضا غير مطابق
للباب وقد قال البيهقي فيما مضى في أبواب الهبة (باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ صدقة التطوع ويأخذ الهبة)
ثم ذكر هذا الحديث وهذا مخالف لما ذكر هنا فإن كان ذلك منها تطوعا كما زعم البيهقي فهو دليل على أنه كان يأخذ صدقة
التطوع وهو مخالف لقوله كان لا يأخذ صدقة التطوع -
قال (باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ما كان)
باسم الهدية ولا يقبل ما كان باسم الصدقة اما تحريما واما تورعا
قلت - لا وجه لهذا الترديد مع قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح للحسن اما علمت أنا لا تحل لنا الصدقة - وقد قال النووي
مذهب الشافعي وموافقيه تحريم الزكاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي إن شاء الله تعالى في خصائصه صلى الله عليه
وسلم قول البيهقي (باب ما حرم عليه وتنزه عنه من الصدقة) ثم ذكر البيهقي في أول النكاح خصائصه عليه السلام فمنها -
33

قال (باب ما وجب عليه من تخييره لنسائه)
36

ذكر في آخره قوله عليه السلام لابنة الجون (الحقي باهلك) - قلت - ليس هو من هذا الباب -
قال (باب ما وجب عليه من قيام الليل)
ذكر في آخره حديث (أفلا أكون عبدا شكورا) - قلت - ليس هو بمطابق للباب -
قال (باب ما حرم عليه وتنزه عنه من الصدقة)
39

قلت - ليس هو صلى الله عليه وسلم مخصوصا بتحريم الصدقة بل شاركه في ذلك آله كما بينه البيهقي قريبا -
40

قال (باب ما امر الله تعالى به من المشورة فقال)
وشاورهم في الامر
(قال الشافعي قال الله تعالى وأمرهم شورى بينهم) ثم ذكر البيهقي (عن الحسن قال إن كان صلى الله عليه وسلم لغنيا عن المشورة
45

ولكن أراد ان يستن بذلك الحكام بعده) - قلت - إذا خص صلى الله عليه وسلم بوجوب المشورة عليه فذكر قوله تعالى
(وأمرهم شورى بينهم) غير مناسب وكذا ذكر كلام الحسن أيضا لان المشورة غير واجبة على الحكام بعده إذ لو وجبت
عليهم لم يكن هو صلى الله عليه وسلم مخصوصا بذلك فثبت انها سنة في حقهم وثبت أيضا انها سنة في حقه صلى الله عليه وسلم
ليستنوا به فيها وبهذا بقوي قول من جعل امره صلى الله عليه وسلم بالمشورة للاستحباب لاستمالة القلوب وهذا القول ذكره
الغزالي في الوسيط -
46

(باب الموهوبة - 1)
ذكر فيه حديث عائشة (كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول اتهب المرأة نفسها)
الحديث ثم ذكر (عن سعيد بن المسيب قال لا تحل الهبة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أصدقها سوطا حلت) قلت
في مسند أحمد بن حنبل ثنا محمد بن بشر ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة انها كانت تعير النساء اللاتي وهبن أنفسهن
لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الا تستحيي المرأة ان تعرض نفسها بغير صداق فأنزل الله تعالى (ترجى من تشاء منهن)
الآية وهذا سند على شرط الشيخين وقال الطحاوي ثنا حسين بن نصر ثنا يوسف بن عدي ثنا علي بن مسهر عن هشام
عن أبيه قالت عائشة كنت إذا ذكرت قلت انى لأستحيي امرأة تهب نفسها لرجل بغير مهر الحديث وحسين بن نصر قال
فيه السمعاني وابن يونس ثقة ثبت وبقية السند على شرط البخاري والحديث من الطريقين يدل على أن الذي أنكرته
عائشة هو ترك المهر لا غير وأن الذي خص به صلى الله عليه وسلم هو الانعقاد بغير صداق (وقد قال الشافعي لم يكن لاحد أن

(1) في أصل الجوهر (باب النكاح) فأصلحناه لمناسبة ما في السنن -
55

يقول جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أكثر من أربع ونكح امرأة بغير مهر) ذكره البيهقي فيما بعد في باب الدليل على أنه
صلى الله عليه وسلم لا يقتدى به فيما خص به، وذكر البيهقي فيما بعد في باب الرجل يعتق أمته ثم يتزوج بها (انه عليه السلام)
أعتق صفية وجعل عتقها صداقها) ثم ذكر (عن يحيى بن أكثم قال هذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة) ثم قال البيهقي
(ويذكر هذا عن المزني انه ذكر هذا الحديث للشافعي فحمله على التخصيص وموضع التخصيص انه أعتقها مطلقا ثم تزوجها
على غير مهر ونكاح غيره لا يخلو من مهر) انتهى كلامه وهذا هو الذي يقتضيه كلام ابن المسيب ظاهرا وان غيره عليه السلام
لو تزوج بلفظ الهبة بصداق ولو قل جاز له وهذا غير موافق لمقصود البيهقي وقد وافق ابن المسيب على هذا جماعة من السلف
وذكر عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة ان ابن المسيب ورجلين معه من أهل العلم قالوا لا تحل الهبة
لاحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولو تزوجها على سوط لحلت، وعن طاوس قال لا يحل لاحد أن يهب ابنته بغير مهر الا النبي
صلى الله عليه وسلم، وعن مجاهد (وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي) قال بغير صداق، وعن عطاء سئل عن امرأة وهبت
نفسها لرجل قال لا يكون الا بصداق، وعنه قال لا يصلح الا بصداق لم يكن ذلك الا للنبي صلى الله عليه وسلم، وعن الحكم وحماد
سئلا عن رجل وهب ابنته لرجل فقالا لا يجوز الا بصداق - ذكر الخمسة ابن أبي شيبة في مصنفه بأسانيد صحيحة، ويؤيد ما
قاله هؤلاء وجهان - أحدهما - قوله تعالى (لكيلا يكون عليك حرج) أي ضيق فالآية خرجت مخرج الامتنان والحرج إنما
هو في وجوب الصداق لا في الانعقاد من جهة اللفظ إذ لا فرق في اللفظ بين وهبت وزوجت وذلك أنه قد لا يقدر على المهر
فيضيق عليه التماسه فاما ابدال العبارة بغيرها فلا ضيق فيه - والثاني - انه إذا ثبت ان الذي خص به عليه السلام هو الانعقاد بغير
مهر فقد كفينا مؤنة قوله تعالى (خالصة لك) فانتفت الخصوصية بلفظ الهبة لئلا يلزم كثرة الاختصاص إذ الأصل عدمه -
56

قال (باب ما يستدل به على أنه جعل سبه للمسلمين رحمة)
60

ذكر الحديث من طريق ابن المسيب عن أبي هريرة ثم قال (رواه البخاري ومسلم) ثم اعاده البيهقي من طريق همام
عن أبي هريرة ثم قال (رواه مسلم في بعض النسخ وأخرجاه من حديث ابن المسيب عن أبي هريرة) - قلت - هذا
الكلام الا خير ذكره البيهقي فيما تقدم فهو تكرار لا فائدة فيه ولم يخرجه مسلم فيما عندنا من صحيحه من طريق همام
ولا ذكر ذلك ابن طاهر في أطرافه ولم يذكره أيضا المزي في أطرافه مع تأخره وشدة استقصائه -
61

قال (باب إليه ينسب أولاد بناته)
ثم ذكر نسبته صلى الله عليه وسلم أولاد فاطمة بالبنوة
- قلت - هذه النسبة مجازية ولا اختصاص له صلى الله عليه وسلم بذلك كذا قال القفال (وقد قال) البيهقي فيما مضى في
أبواب الوقف (باب ما يتناوله اسم الولد والابن) وذكر فيه (انه عليه السلام سمى أولاد على باسم الابن) وذكر
أيضا (انه عليه السلام اخذ الحسن والحسين ثم تلا إنما أموالكم وأولادكم فتنة) وظاهر هذا التبويب عدم الخصوصية -
63

قال (باب كان ماله بعد موته قائما على قبضه (1) وملكه)

(1) كذا وفى السنن - نفقته -
64

ذكر فيه حديث (ما تركنا صدقة) - قلت - كيف يبقى على ملكه مع هذا الكلام -
قال (باب دخول المسجد جنبا)
(كذا قال أبو العباس والصواب ان صح الخبر فيه لبثه في المسجد جنبا فالعبور دون اللبث جائز للكافة على الجنابة)
- قلت - ما قاله أبو العباس لم يسلمه القفال بل قال لا أظنه صحيحا وقال امام الحرمين هو هوس ولا يدرى من أين
قاله والى أي أصل أسنده فالوجه القطع بتخطئته انتهى كلامه ثم على تقدير صحة الحديث فعلى أي وجه جمل ليس بخاص
به صلى الله عليه وسلم بل شاركه فيه غيره كما نص عليه في الحديث -
65

قال (باب ما أبيح له من القضاء بعلمه)
ذكر فيه حديث (ان أبا سفيان رجل ممسك) إلى آخره - قلت - ذكر جماعة من المحققين ان ذلك كان فتوى لا قضاء
وقال النووي في شرح مسلم استدل به جماعات من أصحابنا وغيرهم على جواز القضاء على الغائب ولا يصح الاستدلال
66

به لأن هذه القضية كانت بمكة وكان أبو سفيان حاضرا بها وشرط القضاء على الغائب أن يكون غائبا عن البلد أو مستترا
لا يقدر عليه أو متعزز أو لم يكن هذا الشرط في أبي سفيان موجودا فلا يكون قضاء على غائب بل هو افتاء - انتهى كلامه
وأيضا فإنه لم يستحلفها انها لم تأخذ النفقة ولم يقدر النفقة بل قال لها خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف فجعل
التقدير إليها فيما تأخذه ومعلوم ان ما كان من فرض النفقة على وجه القضاء لا يكون تقديره إلى مستحقه -
67

قال (باب التزويج بالأبكار)
80

ذكر فيه حديث (عليكم بالأبكار) من طريقين في الأولى عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده وفي الثانية
عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة ثم قال (عبد الرحمن بن عويم ليست له صحبة) - قلت - اخرج هذا
الحديث ابن ماجة في سننه ولفظه عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم عن أبيه عن جده، وعتبة بن عويم ذكره ابن منده
وغيره في الصحابة، وذكر ابن طاهر والمزي هذا الحديث في أطرافهما في مسند عتبة هذا فتبين بذلك ان الحديث مرفوع
وقد اخرج ابن منده في معرفة الصحابة من حديث عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عتبة بن عويم عن أبيه عن جده
عتبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار لي أصحابا، الحديث فإن كان عبد الرحمن اسم جده عبد الرحمن كما ذكره
البيهقي وابن منده يحتمل على أن عبد الرحمن الذي هو الجد نسب في الطريق الثانية من طريق البيهقي إلى جده عويم وان
أباه هو عتبة كما بينه ابن منده وان سالما في طريق ابن ماجة نسب إلى جده عتبة ويحتمل قوله في الطريق الأولى من طريق
البيهقي عن أبيه عن جده، على أن المراد عن جد الأب هو عتبة كما صرح به ابن منده في ذلك الحديث وإنما فعلنا ذلك توفيقا
بين رواية البيهقي ورواية ابن ماجة -
81

قال (باب الترغيب في التزويج من ذي الدين)
ذكر فيه حديثا عن أبي حاتم المزني ثم قال (له صحبة ذكره البخاري وغيره) - قلت - ذكر ابن القطان انه لم تصح صحبته
وان من زعمها إنما رام اثباتها بهذا الخبر وهذا الخبر يتوقف ثبوته على ثبوت صحبته وثبوت صحبته على ثبوته وقد ذكر
أبو داود هذا الحديث في المراسيل وهو دليل على أنه عنده غير صاحب -
82

قال (باب من تخلى للعبادة)
(قال الشافعي قد ذكر الله تعالى القواعد من النساء فلم ينههن عن القعود ولم يندبهن إلى النكاح وذكر عبدا أكرمه فقال - سيدا
وحصورا - والحصور الذي لا يأتي النساء ولم يندبه إلى نكاح) - قلت - من يرى أن النكاح أفضل من التخلي للعبادة لا يقول
بالنهي عن القعود بل يجوز القعود عن النكاح عنده وإن كان النكاح أفضل وإنما لم يندبهن إليه لأنهن لا طمع لهن فيه
إذ القواعد هن اللاتي قعدن عن الحيض والولد لكبرهن ومعنى (لا يرجون نكاحا) لا يطمعن فيه وروى القاضي إسماعيل في
أحكام القرآن بسنده عن ربيعة في قوله تعالى (والقواعد من النساء) قال التي إذا رأيتها استقذرتها فلا بأس ان تضع الخمار
والجلباب وان تراها، واما الاستدلال بأمر يحيى عليه السلام وإنما نقول ليس الكلام في الحصور وإنما الكلام فيمن له قوة
على الجماع وقال ابن العربي في العارضة هذا منكر لأنك ذكرت يحيى ونسيت محمدا صلى الله عليه وسلم ورغبته ومدحه له
83

وحثه عليه وأيضا فإنك قلت شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا ولا يقتدى منها بحرف، ثم ذكر البيهقي حديث أهل الصفة (وأنهم
أضياف الاسلام لا يأوون إلى أهل ولا مال) - قلت - الكلام في من يجد أهبة النكاح وهؤلاء كانوا فقراء، ثم ذكر البيهقي
(ان امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن حق الزوج وانها قالت لا أتزوج ما بقيت في الدنيا) - قلت - في سنده سليمان
اليمامي ضعيف والراوي عنه القاسم العرني قال أبو القاسم لا يحتج به والراوي عنه ابن المغيرة وفي الميزان محمد بن المغيرة السليماني
فيه نظر -
84

قال (باب تخصيص الوجه والكفين بجواز النظر)
85

ذكر فيه حديث أسماء بنت عميس (ليس للمرأة المسلمة ان يبدو منها الا هكذا) ثم قال (اسناده ضعيف) - قلت - ذكر قبله
حديث عائشة (ان المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح ان يرى منها الا هذا) وسكت عنه وفي سنده الوليد بن مسلم عن سعيد بن
بشير والوليد مدلس وابن بشير قال يحيى ليس بشئ زاد ابن نمير منكر الحديث وضعفه النسائي وقال ابن حبان فاحش الخطاء
ورواه ابن بشير عن قتادة عن خالد بن دريك عن عائشة - وذكر البيهقي في كتاب الصلاة في باب عورة الحرة (عن أبي
داود ان الحديث مرسل وان ابن دريك لم يدرك عائشة) وذكر البيهقي في هذا الباب بعد حديث أسماء الذي ضعف اسناده
حديثين وسكت عنهما - أحدهما حديث غبطة (عن عمتها أم الحسن عن جدتها عن عائشة قال عليه السلام لهند لا أبايعك حتى
تغيري كفيك) وغبطة وأم الحسن لم اعرف حالهما وجدتها مجهولة وقال المزي في أطرافه رواه بشر الجهضمي عن غبطة
حدثتني عمتي عن جدي - والحديث الآخر - حديث مطيع بن ميمون (حدثتنا صفية بنت عصمة عن عائشة انه عليه السلام قال
لو كنت امرأة لغيرت أظفارك بالحناء) ومطيع ضعيف كذا في الكاشف للذهبي وبنت عصمة لم اعرف حالها -
86

قال (باب مساواة المرأة الرجل في)
الحجاب والنظر إلى الا جانب
91

ذكر فيه قوله عليه السلام لام سلمة وميمونة (أفعميا وان أنتما) - قلت - في سنده نبهان سكت عنه البيهقي هنا وقال في
أبواب المكاتب (صاحبا الصحيح لم يخرجا عنه وكأنه لم يثبت عدالته عندهما أو لم يخرج من الجهالة برواية عدل عنه) وقد
تكلمنا معه هناك وقال صاحب التمهيد قوله عليه السلام لفاطمة بنت قيس انتقلي إلى ابن أم مكتوم فإنه أعمى ان وضعت
ثيابك لم ير شيئا - دليل على جواز نظر المرأة للأعمى وكونها معه في بيت وان لم تكن ذات محرم منه وفيه ما يرد حديث
نبهان انه عليه السلام قال لام سلمة وميمونة احتجبا منه - ومن قال بحديث فاطمة احتج بصحته وانه لا مطعن لاحد فيه وان
نبهان ليس ممن يحتج بحديثه وزعم أنه لم يروا لا حديثين منكرين أحدهما هذا والآخر عن أم سلمة في المكاتب إذا كان عنده
ما يؤدى كتابته احتجبت منه سيدته -
92

قال (باب ما في ابداء زينتها لما ملكت يمينها)
ذكر فيه قول عائشة لسليمان بن يسار (ادخل فإنك عبد ما بقي عليك درهم) - قلت - سليمان لم يكن مولاها بل مولى ميمونة
كاتبته بعتق فهو غير مطابق للباب ويحتاج قول عائشة ادخل إلى تأويل -
95

قال (باب ما جاء في مصافحة الرجل الرجل)
ذكر فيه حديثا عن زيد بن أبي الشعثاء عن البراء بن عازب ثم قال (رواه أبو داود في السنن الا أنه قال عن زيد أبى الحكم
العنزي) - قلت - زيد بن أبي الشعثاء يقال له أبو الحكم العنزي ذكره كذلك المزي في أطرافه وذكره غيره أيضا -
قال (باب معانقة الرجل الرجل)
99

ذكر فيه حديثا (عن أبي ذر أنه عليه السلام التزمه) ثم قال (واما الحديث الذي انا أبو الحسن) فذكر بسنده حديث انس
(أينحني بعضنا لبعض) ثم قال (فهذا ينفرد به حنظلة السدوسي تركه القطان لاختلاطه) - قلت - سكت عن الحديث
الأول وفي سنده رجل من عنزة وهو مجهول وفيه أيضا حماد هو ابن سلمة وقد تقدم ان البيهقي قال عنه في باب من
مر بحائط انسان (ليس بالقوى) وقال في باب من صلى وفي ثوبه أو نعله اذى (حماد بن سلمة عن أبي نعامة السعدي عن أبي
نضرة كل منهم مختلف في عدالته) -
100

قال (باب لا نكاح الا بولي)
ذكر فيه حديث معقل ونزول قوله تعالى (فلا تعضلوهن ان ينكحن أزواجهن) ثم قال قال الشافعي هذا أبين ما في القرآن
من أن للمرأة مع الولي في نفسها حقا وان على الولي ان لا يعضلها - قلت - المنهى عن العضل في هذه الآية هم المطلقون
لا الأولياء لان جواب الشرط يجب ان يرجع إلى من خوطب بالشرط وهم المطلقون في قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء
فبلغن أجلهن) والأولياء لم يجر لهم ذكر فيلزم من صرف ذلك إليهم محذوران - أحدهما - اخلاء الشرط عن الجزاء -
والثاني - عدم الالتئام بعود الضمير إلى غير المذكورين أولا والعضل من الأزواج المطلقين ان يمنعوهن من الخروج
والمراسلة في عقد النكاح ويحبسوهن ويضيقوا عليهن ويطولوا العدة عليهن واليه الإشارة بقوله تعالى ولا تمسكوهن ضرارا
لتعتدوا - كانوا يطلقون فإذا قرب انقضاء العدة راجعوا من غير حاجة ضرارا وهذا لان العضل في اللغة هو التضييق
والمنع قال أبو عبيد يقال في تفسير الآية انه يطلقها واحدة حتى إذا كادت تنقضي عدتها ارتجعها ثم طلقها أخرى ثم كذلك
يطول عليها العدة يضارها بذلك ويقع العضل أيضا من المطلق بان يجلس في المشاهد والمجامع فيصفها بالقحة وقلة الحياء وسوء
العشرة وقلة الدين ونحو ذلك مما يزهد الناس فيها ثم لو سلم ان المراد بالآية الأولياء فليس نهيهم عن العضل مما يفهم انه اشتراط
اذنهم في صحة العقد لا حقيقة ولا مجازا بوجه من الوجوه إذ له الخطاب لا ظاهرا ولا نصا قاله ابن رشد وقال الامام فخر الدين
في تفسيره المختار انه خطاب للأزواج لا للأولياء وتمسك الشافعي بها ممنوع على المختار ولئن سلم لم لا يجوز أن يكون المراد
بالعضل ان يخليها ورأيها فيه لان العادة رجوعهن إلى الأولياء مع استبدادهن فيكون النهى محمولا عليه وهو منقول عن ابن
عباس وأيضا ثبوته في حق الولي ممتنع لأنه مهما عضل انعزل فلا يبقى لعضله اثر فلا يتصور صدور العضل منه وقد أضاف
104

النكاح إليها إضافة الفعل إلى فاعله والتصرف إلى مباشره ونهى لمانع عن المنع من ذلك ولو كان فاسدا لما نهى الولي عن منعها
منه ثم ذكر البيهقي حديث (أيما امرأة نكحت نفسها) من طريق ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة
عن عائشة ثم ذكر بسنده (عن محمد بن مصفى ثنا بقية ثنا شعيب بن أبي حمزة قال لي الزهري ان مكحولا يأتينا وسليمان
ابن موسى وأيم الله ان سليمان لا حفظ الرجلين - قلت - ابن مصفى سئل عنه صالح بن محمد فقال كان مخلطا وأرجو أن يكون
صدوقا وقد حدث بأحاديث مناكير ذكره صاحب الكمال وبقية معروف الحال والزهري معدود من أصحاب
مكحول وممن روى عنه فكيف يقول إن مكحولا يأتيه هذا بعيد وسليمان بن موسى متكلم فيه قال ابن جريج والبخاري
عنده منا كبر وقال ابن المديني مطعون عليه وقال العقيلي خولط قبل موته بيسير وقال أبو حاتم في حديثه بعض الاضطراب
فكيف يكون مثل هذا احفظ من مكحول مع جلالته وسعة علمه وانه لم يدع بمصر ثم العراق ثم المدينة علما الا حواه وانه
105

اتى الشام فغربلها والعجب من البيهقي كيف يذكر توثيق سليمان بمثل هذا الاسناد ولا يذكر من تكلم فيه ثم ذكر
حكاية ابن علية عن ابن جريج (أنه قال فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه وان ابن معين قال لم يذكر هذا
عن ابن جريج عير ابن علية) - قلت - على تقدير صحة هذا عن ابن معين أي شئ يلزم من انفراد ابن علية بهذا وقد كان من
الأئمة الحفاظ قال ابن حنبل إليه المنتهى في التثبت بالبصرة وقال شعبة ابن علية سيد المحدثين وقال غندر نشأت يوم نشأت
وليس أحد يقدم في الحديث على ابن علية على أنه لم ينفرد بذلك بل تابعه عليه بشر بن المفضل قال ابن عدي في الكامل قال
الشاذكوني ثنا بشر بن المفضل عن ابن جريج انه سأل الزهري فلم يعرفه وذكر صاحب الكمال بسنده عن أبي داود
السجستاني قال ما أحد من المحدثين الا قد أخطأ الا ابن علية وبشر بن المفضل - ثم قال البيهقي (وقد روى ذلك عن الزهري
من وجهين آخرين وإن كان الاعتماد على رواية سليمان بن موسى) - قلت - في سند الوجه الأول ابن لهيعة عن جعفر بن
106

ربيعة عن الزهري - وابن لهيعة معروف الحال وابن ربيعة قال ابن معين ضعيف ليس بشئ حكاه الساجي وأخرجه أبو داود
في سننه من هذا الوجه وقال جعفر لم يسمع من الزهري كتب إليه وقال صاحب الاستذكار لا احفظه الا من حديث ابن
لهيعة عن جعفر، والوجه الثاني من طريق الحجاج هو ابن أرطأة عن الزهري والحجاج فيه كلام كثير ومع ذلك لم يسمع من
الزهري كذا ذكر احمد وأبو حاتم وذكر العقيلي بسنده عن هشيم قال قال الحجاج صف لي الزهري فانى لم أره فظهر بهذا
ان الوجهين واهيان ولهذا قال البيهقي الاعتماد على رواية سليمان ثم ذكر (عن ابن معين انه سئل عن حديث عائشة هذا
فقال ليس يصح في هذا شئ الا حديث سليمان بن موسى) - قلت - قد تقدم الكلام على سليمان وعدم معرفة الزهري
107

للحديث ثم إن عائشة الراوية للحديث خالفته على ما سيذكره البيهقي في هذا الباب وكذلك الزهري أيضا روى الحديث ثم
خالفه قال صاحب الاستذكار كان الزهري يقول إذا تزوجت المرأة بغير اذن وليها جاز - وهو قول الشعبي وأبي حنيفة
108

وزفر ثم ذكر البيهقي حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى ثم (ذكر ان شعبة وسفيان أرسلاه) ثم
ذكره من وجه آخر عنهما موصولا ثم قال (المحفوظ عنهما غير موصول) - قلت - ذكر صاحب الميزان عن ابن عدي أنه قال
109

الأصل في هذا الحديث مرسل ثم ذكر البيهقي من وجوه (ان عليا أجاز نكاح امرأة زوجها أمها برضاها) ثم قال (مداره
على أبى قيس الأودي وهو مختلف في عدالته) - قلت - احتج به البخاري وصحح الترمذي حديثه وذكره ابن حبان في الثقات
وقد تقدم في أب مس الفرج ببطن الكف توثيقه عن غير واحد ولا اعلم أحدا من أهل هذا الشأن قال فيه انه مختلف
في عدالته غير البيهقي وقد جاء ذلك من وجه آخر قال ابن أبي شيبة ثنا ابن فضيل عن أبيه عن الحكم قال كان على إذا رفع إليه
رجل تزوج امرأة بغير ولى فدخل بها أمضاه - فقد روى من وجوه يشد بعضها بعضا ثم ذكر البيهقي قول عائشة (المرأة
لا تلي عقد النكاح) - قلت - في سنده الشافعي عن الثقة وهذا ليس بحجة على ما عرف وافسده الطحاوي في اختلاف العلماء
بأمرين - أحدهما - ان ابن حنبل قال ابن جريج يقول أخبرت عن عبد الرحمن بن القاسم فصار من بينه وبين عبد الرحمن
مجهولا - الآخر - ان ابن إدريس يرويه عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة مرسلا لا يذكر فيه عن أبيه -
112

ثم قال البيهقي (هذا الأثر يدل على أن تزويج عائشة لحفصة بنت عبد الرحمن وهو غائب بالشام أريد به انها مهدت تزويجها ثم
تولى عقد النكاح غيرها فأضيف التزويج إليها) - قلت - هذا مع بعده ومخالفته للظاهر يظهر منه ان الولي الأقرب إذا
غاب تنتقل الولاية إلى الولي الا بعد والصحيح عند الشافعية خلافه -
قال (باب لا ولاية لوصي في نكاح)
ذكر فيه (ان عثمان بن مظعون أوصى إلى أخيه قد أمة ان يزوج ابنته فزوجها قدامة وانه عليه السلام قال هي يتيمة ولا
تنكح الا باذنها فانتزعت ممن زوجها قدامة له) - قلت - المزوج هنا كان عمها ووصيها والمراد بالحديث البالغة إذ الصغيرة
لا اذن لها ولا يلزم من كون الوصي لا ولاية له على هذه بخصوصها ان لا يكون له ولاية على غيرها كما أنه لا يلزم من كون
عمها لا ولاية له عليها ان لا يكون له ولاية على غيرها فظهر بهذا ان هذا الحديث بخصوصه لا دلالة فيه على أن الوصي
لا ولاية له -
113

قال (باب انكاح الآباء الابكار)
ذكر فيه نزوجه عليه السلام عائشة وهي بنت ست وتزوج عمر ابنة على صغيرة وتزويج غير واحد من الصحابة ابنته صغيرة
وتزويج الزبير ابنته صفية ثم حكى (عن الشافعي أنه قال لو كان النكاح لا يجوز على البكر الا بأمرها لم يجز ان تزوج حتى
يكون لها أمر في نفسها) - قلت - قد كانت عائشة وابنة على صغيرتين وكذا صرح في بنات الصحابة المذكورين بالصغر
وعلى هذا يحمل حال ابنة الزبير ولو زوج أحد منهم ابنته وهي كبيرة لم يدل دليل على أنه لم يستأذنها وقوله صلى الله عليه وسلم
ولا تنكح البكر حتى تستأذن - دليل على أن البكر البالغ لا يجبرها أبوها ولا غيره قال شارح العمدة وهو مذهب أبي حنيفة
وتمسكه بالحديث قوى لأنه أقرب إلى العموم في لفظ البكر وربما يزاد على ذلك بان يقال الاستئذان إنما يكون في حق من
له اذن ولا اذن للصغيرة فلا تكون داخلة تحت الإرادة ويختص الحديث بالبوالغ فيكون أقرب إلى التناول، وقال ابن المنذر
114

ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولا تنكح البكر حتى تستأذن - وهو قول عام وكل من عقد على خلاف ما شرع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو باطل لأنه الحجة على الخلق وليس لاحد ان يستثنى من السنة الأسنة مثلها فلما ثبت ان
أبا بكر الصديق زوج عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم وهي صغيرة لا امر لها في نفسها كان ذلك مستثنى منه انتهى كلامه
وقوله عليه السلام في حديث ابن عباس والبكر يستأذنها أبوها - صريح في أن الأب لا يجبر البكر البالغ ويدل عليه أيضا
حديث جرير عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس وسيذكرهما البيهقي بعد فترك الشافعي منطوق هذه الأدلة واستدل بمفهوم
حديث الثيب أحق بنفسها - وقال هذا يدل على أن البكر بخلافها وقال ابن رشد العموم أولى من المفهوم بلا خلاف لا سيما
وفي حديث مسلم البكر يستأمرها أبوها - وهو نص في موضع الحلاف وقال ابن حزم ما نعلم لمن أجاز على البكر البالغة
انكاح أبيها لها بغير أمرها متعلقا أصلا وذهب ابن جرير أيضا إلى أن البكر البالغة لا تجبر وأجاب عن حديث الأيم أحق بنفسها
بان الأيم من لا زوج له رجلا أو امرأة بكرا أو ثيبا لقوله تعالى وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين - وكرر ذكر البكر بقوله
والبكر تستأذن واذنها صماتها - للفرق بين الاذنين اذن الثيب واذن البكر ومن أول الأيم بالثيب أخطأ في تأويله وخالف
سلف الأمة وخلفها في اجازتهم لوالد الصغيرة تزويجها بكرا كانت أو ثيبا من غير خلاف، وفي التمهيد ملخصا قال أبو حنيفة
وأصحابه والثوري والأوزاعي والحسن بن حي وأبو تور وأبو عبيد لا يجوز للأب ان يزوج بنته البالغة بكرا أو ثيبا الا باذنها
والأيم التي لا بعل لها بكرا أو ثيبا فحديث الأيم أحق بنفسها وحديث لا تنكح البكر حتى تستأذن على عمومهما وخص منهما الصغيرة
لقصة عائشة، ثم ذكر البيهقي حديث ابن عباس (والبكر يستأمرها أبوها) من طريق ابن عيينة ثم عزاه إلى مسلم ثم قال (قال
الشافعي زاد ابن عيينة والبكر يزوجها أبوها فهذا يبين ان الامر إلى الأب في البكر والمؤامرة قد تكون على استطابة النفس لأنه
يروى انه عليه السلام قال وأمروا النساء في بناتهن) - قلت - قوله يزوجها أبوها لم أجده في شئ من الكتب المتداولة
115

ولم يذكر الشافعي سنده لينظر فيه وحمل المؤامرة على استطابة النفس خروج عن الظاهر من غير دليل بل قوله يستأمرها أبوها
خبر في معنى الامر وحديث لا تنكح البكر حتى تستأمر يدل على ذلك وكذا رده عليه السلام انكاح الأب في حديث جرير بن
حازم وغيره ولو ساغ هذا التأويل لساغ في قوله عليه السلام في الصحيح لا تنكح الثيب حتى تستأمر - وحديث آمروا النساء
في بناتهن رواه الثقة عن ابن عمرو ليس ذلك بحجة عند أهل الحديث حتى يسمى الثقة ولو صح الحديث فقد عدل فيه عن الظاهر
للاجماع فلا يعدل عن الظاهر في غيره من الأحاديث وفي الصحيحين من حديث ذكوان عن عائشة قال عليه السلام استأمروا
النساء في انضاعهن - وهذا يعم البكر والثيب وأخرج ابن ماجة عن عدى بن عدي الكندي عن أبيه عنه عليه السلام قال
شاوروا النساء في أنفسهن الحديث وأخرجه البيهقي فيما بعد في باب اذن البكر والثيب وأخرجه هناك من وجه آخر عن عدى
ابن عدي عن أبيه عن العرس بن عميرة عنه عليه السلام ثم أول البيهقي البكر باليتيمة بدليل انه قد جاء في بعض طرق هذا الحديث
واليتيمة تستأمر - قلت - لا ضرورة إلى هذا التأويل بل يعمل باللفظين جميعا وهي أولى من ترك أحدهما وهو قوله والبكر
ثم قال البيهقي (وزيادة ابن عيينة غير محفوظة) - قلت - أراد قوله والبكر يستأمرها أبوها - وقد عزاها البيهقي فيما تقدم
إلى مسلم وكانت غير محفوظة لم يخرجها ثم قال البيهقي (وروينا عن الشعبي لا يجبر الا الوالد) - قلت - لم يذكر سنده
116

وقد صح عن الشعبي خلاف هذا قال ابن أبي شيبة ثنا عبدة بن سليمان عن عاصم عن الشعبي قال يستأمر الرجل ابنته في النكاح
البكر والثيب - ثم ذكر البيهقي رده عليه السلام نكاح بكر زوجها أبوها فأبت من حديث جرير عن أيوب عن عكرمة عن
ابن عباس ثم قال (أخطأ فيه جرير والمحفوظ عن عكرمة مرسلا) - قلت - جرير بن حازم ثقة جليل و قد زاد الرفع
فلا يضره ارسال من أرسله كيف وقد تابعه الثوري وزيد بن حبان فروياه عن أيوب كذلك مرفوعا كذا قال الدارقطني
وأين القطان واخرج رواية زيد كذلك النسائي وابن ماجة في سننهما من حديث معمر بن سليمان عن زيد عن أيوب
والرواية التي ذكرها البيهقي بعد هذا نشهد لهذه الرواية بالصحة وهي ان البيهقي قال (وروى من وجه آخر عن عكرمة)
موصولا وهو أيضا خطأ) ثم ذكره وفى سنده عبد الملك الذماري فحكى عن الدارقطني (انه ليس بقوي وانه وهم فيه
والصواب مرسل) - قلت - هذه كما تقدم زيادة من الذماري وهو اخرج له الحاكم في المستدرك وذكره ابن حبان في
الثقات وذكر صاحب الكمال عن عمر بن علي الصوفي انه ثقة ثم ذكر البيهقي الحديث من رواية عطاء عن جابر ثم قال
117

(الصواب عن عطاء مرسل وان صح فكأنه كان وضعها في غير كفو فخيرها عليه السلام) وعلى ذلك حمل أيضا حديث
عبد الله بن بريدة عن عائشة ثم قال (مرسل ابن بريدة لم يسمع من عائشة) - قلت - إذا نقل الحكم مع سببه فالظاهر تعلقه
به وتعلقه بغيره محتاج إلى دليل وقد نقل الحكم وهو التخيير وذكر السبب وهو كراهية الثيب ولم يذكر سبب آخر وابن
بريدة ولد سنة خمس عشرة وسمع جماعة من الصحابة وقد ذكر مسلم في مقدمة كتابه ان المتفق عليه ان امكان اللقاء والسماع
يكفي للاتصال ولا شك في امكان سماع ابن بريدة من عائشة فروايته عنها محمولة على الاتصال على أن صاحب الكمال صرح
بسماعه منها، وفي قولها اجرت ما صنع دليل على أن النكاح يقف على الإجازة خلافا للبيهقي وأصحابه وسيذكره البيهقي بعد
في باب النكاح لا يقف على الإجازة -
118

قال باب انكاح اليتيمة
ذكر فيه حديث (تستأمر اليتيمة) وحديث (هي يتيمة ولا تنكح الا باذنها) - قلت - المراد باليتيمة هنا البالغة لان
120

الاذن لا يكون الا منها وسماها يتيمة لقرب عهدها باليتم ثم ذكر قول على (إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة أولى) ثم
قال (فهذا يبين ان الأولياء غير الآباء ليس لهم ان يزوجوا اليتيمة حتى تدرك) - قلت - قد ذكر البيهقي فيما بعد في باب
اليتيمة تكون في حجر وليها عن عائشة سبب نزول قوله تعالى (وترغبون ان تنكحوهن) وعزاه إلى الصحيحين وفيه
دليل على أن للأولياء انكاح اليتامى قبل بلوغهن إذ لا يتم بعد الاحتلام وأيضا فلو كن بالغات لكان امر الصداق إليهن ولما نهوا
الأولياء ان ينكحوهن الا ان يبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق وقد دل على هذا أيضا ما أخرجه الطحاوي في مشكل
الحديث بسنده ان عليا اتى برجل فقالوا وجدناه في خربة مراد ومعه جارية مخضب قميصها بالدم فقال له ويحك ما هذا الذي
صنعت قال أصلح الله أمير المؤمنين كانت بنت عمى ويتيمة في حجري وهي غنية في المال وانا رجل قد كبرت وليس لي
مال فخشيت ان هي أدركت ما يدرك النساء ان ترغب عنى فتزوجتها قال وهي تبكى فقال أتزوجته فقائل من القوم عنده
يقول لها قولي نعم وقائل يقول لها قولي لا فقالت نعم تزوجته فقال خذ بيد امرأتك - وفي الاستذكار زوج عروة بن
الزبير ابنة أخيه وهي وصية من ابنه والناس يومئذ متوافرون وعروة من هو، وفيه أيضا قال أبو حنيفة ومحمد والحسن
وعطاء وطاوس وعمر بن عبد العزيز وقتادة وابن شبرمة والأوزاعي يزوج اليتيمة الصغيرة وليها، وفي أحكام القرآن
للرازي روى عن علي وابن مسعود وابن عمر وزيد بن ثابت وأم سلمة والحسن وطاوس وعطاء في آخرين جواز تزويج
غير الأب والجد الصغيرة ولا نعلم أحدا من السلف منع ذلك وتأويل ابن عباس وعائشة للآية يدل على أن مذهبهما جواز ذلك
121

إذا قرب الأولياء الذي تكون اليتيمة في حجره ويجوز له تزويجها هو ابن العم فتضمنت الآية جواز تزويجه يتيمة التي في
حجره - وقد قال البيهقي فيما بعد (باب ولاية ابن العم إذا كان وليا) ثم ذكر حديث عائشة في الآية المذكورة وسبب
نزولها -
122

قال (باب لا نكاح الا ولى مرشد)
ذكر فيه حديث ابن خثيم (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس لا نكاح الا باذن ولى مرشد) - قلت - مداره موقوفا ومرفوعا
على عبد الله بن عثمان بن خثيم وقال فيه ابن معين أحاديثه ليست بقوية وقال ابن الجوزي قال يحيى أحاديثه ليست بشئ -
قال (باب لا نكاح الا بشاهدين عدلين)
124

ذكر فيه عن الشافعي (أنه قال هو ثابت عن ابن عباس وغيره من الصحابة) ثم أسنده البيهقي (عن الشافعي انا مسلم بن خالد
وسعيد القداح عن ابن جريج عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن ابن جبير ومجاهد عن ابن عباس) - قلت - قد تقدم ان
مداره على ابن خثيم وتقدم الكلام عليه ومسلم والقداح متكلم فيهما أيضا فكيف ثبت هذا عن ابن عباس بمثل هذا السند
ثم ذكر البيهقي بسنده (عن عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سعيد بن المسيب ان عمر قال لا نكاح
الا بولي وشاهدي عدل) ثم قال البيهقي (هذا اسناد صحيح وابن المسيب كان يقال له راوية عمر وكان ابن عمر يرسل
إليه يسأله عن بعض شأن عمر وأمره - قلت - عبد الوهاب هو الخفاف قال البخاري والنسائي والساجي ليس بالقوى وروى
العقيلي بسنده عن أحمد أنه قال ضعيف الحديث مضطرب وسعيد هو ابن أبي عروبة خلط سنة ثنتين وأربعين ومائة وأقام
مخلطا مقدار أربع عشرة سنة وقال البيهقي في باب المعسر يستسعى في نصيب صاحبه (الحفاظ يتوقون في اثبات ما ينفرد
به ابن أبي عروبة) وقتادة مشهور بالتدليس وقد عنعن هنا وابن المسيب رأى عمر وهو صغير فلم يثبت له سماع منه كذا
قال ابن معين وقال مالك ولد لنحو ثلاث سنين مضين من خلافة عمر وانكر سماعه منه ولذلك لم يخرج له في الصحيحين
عن عمر شئ فكيف يقول البيهقي (هذا اسناد صحيح) وما الذي ينفعه كونه يقال له راوية عمر وكونه كان يسأل عن
بعض شأنه إذا كان يروى عنه مرسلا ولم يثبت له سماع منه ثم إن الشافعية لم يشترطوا الرشد في الولي إذ الرشد بالعدالة
وهي ليست بشرط في الولي على المذهب عندهم ولم يشترطوا أيضا العدالة في الشاهدين فان النكاح ينعقد عندهم بمستورين
وأيضا فالحديث يدل على صحة النكاح عند وجود ولى مرشد وشاهدي عدل إذا باشرت العقد بحضورهم ورضاهم وهم
لم يقولوا بذلك -
126

قال (باب الابن يزوجها إذا كان عصبة لها بغير البنوة)
ذكر فيه تزويج عمر أمه سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم ثم تزويج انس أمه أم سليم لأبي طلحة - قلت - عمر كان صغيرا
في ذلك الوقت كما ذكر البيهقي في هذا الباب وذكر ابن سعد وغيره انه عليه السلام تزوجها سنة أربع وكان عمر حينئذ ابن
ثلاث سنين والصغير لا ولاية له وذكر ابن الأثير وغيره ان عمر كان يوم توفى النبي صلى الله عليه وسلم ابن سبع سنين فعلى
هذا يكون حين تزوجه عليه السلام بأمه ابن سنة وتزوج أبى طلحة لام سليم كان قبل الهجرة وانس صغير في ذلك الوقت
لأنه كان عند الهجرة ابن عشر سنين فالولاية حينئذ للمرأة كما يقوله الكوفيون وقال بعضهم هذا من خصائصه صلى الله عليه
وسلم ويدل عليه قول البيهقي في هذا الباب (وكان للنبي صلى الله عليه وسلم في باب النكاح ما لم يكن لغيره) وقال فيما مضى
في أبواب الخصائص (باب ما أبيح له من النكاح بغير ولى وبغير شاهدين) فعلى هذا لا يذكر هذا الحديث في هذا الباب
بل موضعه أبواب الخصائص - وفي اختلاف العلماء للطحاوي يحتمل أن تكون هي فعلت ذلك ابتداء وقبوله عليه السلام
العقد من عمر امضاء منه فدل على أن عقود الصبيان بأمر البالغين جائزة كما يقوله أبو حنيفة وأصحابه وقد اعتبر الشافعي وغيره
فعل الصبي في بعض الأحوال فخيروه بين أبويه وقد اجمع المسلمون على أن شخصا لو كان بيده صبي يعبر عن نفسه فادعى
131

انه عبده وادعى الصبي انه حر فالقول قول الصبي فقد جعل لقوله حكم، وقد أجاز مالك وصية الصبي الذي لم يبلغ، وروى أنه
عليه السلام مر بعبد الله بن جعفر وهو يبيع شيئا فقال بارك الله لك في صفقة يمينك -
قال (باب اعتبار الكفاءة)
(قال الشافعي) أصل الكفاءة مستنبط من حديث بريرة كان زوجها غير كفو لها فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم)
- قلت - لا نسلم أولا انه كان غير كفو لأنه كان حرا على ما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب الأمة تعتق ولو سلمنا انه
كان عبدا لم يخيرها لهذا المعنى لأنه كان كفوا لها وقت العقد فلا اعتبار لزوال الكفاءة بعد ذلك ثم قال البيهقي (وفي اعتبار
الكفاءة أحاديث لا تقوم بأكثرها الحجة منها وهو أمثلها)
132

فذكره بسنده حديث (يا علي ثلاثة لا تؤخر) ثم حديث (تخيروا لنطفكم) قلت - ذكرهما صاحب المستدرك وقال عن الأول
غريب صحيح وعن الثاني صحيح الاسناد -
133

قال (باب لا يزوج من نفسه امرأة هو وليها)
كما لا يشترى من نفسه شيئا هو ولى بيعه
- قلت - اقتصر في هذا الباب على أحاديث ضعيفة وهذا القياس تمنعه الحنفية فان للأب والجدان يشتريا مال ابنهما الصغير
142

لنفسهما أو يبيعا ما لهما له أو يبيعا مال ابن صغير لابن آخر صغير وقد دل الكتاب والسنة على جواز تزويجه موليته لنفسه
قال الله تعالى (وترغبون ان تنكحوهن) الآية وقد ذكر البيهقي الآية وسبب نزولها عن عائشة في باب اليتيمة تكون في حجر
وليها فلو لم يقم الولي بنكاحها وحده لما عوتب، وروى أبو داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر انه عليه السلام قال لرجل
أترضى ان أزوجك فلانة قال نعم وقال للمرأة أترضين ان أزوجك فلانا قالت نعم فزوج أحدهما صاحبه الحديث وأخرجه
أيضا ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين وذكره البيهقي فيما بعد في باب النكاح
ينعقد بغير مهر فدل على أن الواحد يتولى طرفي القعد، وفى الصحيحين انه عليه السلام زوج صفية من نفسه، وفي صحيح
البخاري وقال عبد الرحمن بن عوف لام حكيم بنت قارظ أتجعلين امرك إلى فقالت نعم فقال قد تزوجتك، وفيه أيضا خطب
المغيرة بن شعبة امرأة هو أولى الناس بها فأمر رجلا فزوجه - وقال البيهقي في كتاب المعرفة فيه كالدلالة على أن الولي
لا يتولى طرفي العقد - قلنا - مذهبك ان من لا يتولى طرفي العقد لا يوكل بذلك أيضا فقد خالف هذا الأثر أيضا -
قال (باب الكلام الذي ينعقد به النكاح)
143

ذكر في آخره حديث (واستحللتم فروجهن بكلمة الله) ثم قال (قال أصحابنا وهي كلمة النكاح والتزويج اللذين ورد بهما
القرآن) - قلت - لا نسلم ان المراد بالكلمة ما ذكروه بل ذكر الهروي وغيره ان المراد؟ قوله تعالى فامساك بمعروف
أو تسريح باحسان - وقال الحطانى قيل فيها وجوه هذا احسبها وقيل المراد بها كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله
إذ لولا اسلام الزوج لما حلت له وقال القرطبي وأشبه من هذه الأقوال انها عبارة عن حكم الله تعالى بجواز النكاح - ثم
لو سلمنا ان المراد بالكلمة ما ذكروه فذاك لا ينفى الحل بغيرها وقد دل قوله تعالى ان وهبت نفسها للنبي - على جواز النكاح
بلفظ الهبة على ما قدمنا في أبواب الخصائص ان الخصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم في الانعقاد بغير صداق لا في لفظ الهبة
ودل ما في الصحيحين من قوله عليه السلام ملكتكها - على جوازه بلفظ التمليك أيضا - وفي اختلاف العلماء للطحاوي يحتمل
خصوصيته عليه السلام كونه يتزوج بلفظ الهبة أو بلفظ الهبة بلا صداق وقد اجمعوا على الثاني فلا يكون التزويج بلفظ
الهبة خاصا به بل يشترك هو وأمته فيه إذ الأصل عدم التخصيص وقول الشافعي لا ينعقد الا بما يسمى الله تعالى ينتقض
بالطلاق فإنه تعالى ذكره بثلاثة ألفاظ الطلاق والفراق والسراح وقد اجمع أهل العلم أنه لا يختص بها بل يشاركها ما هو في
معناها كالخلع والبائن والبتة والحرام وهبة المرأة لنفسها ان أراد الطلاق -
145

قال (باب الرجل يطلق أربع نسوة له)
بائنا حل له ان ينكح مكانهن
ثم ذكر (ان الشافعي احتج على انقطاع الزوجية بانقطاع أحكامها من الايلاء والظهار واللعان وغير ذلك وهو قول القاسم
وسالم) - قلت - قد اختلف عنهما كذا ذكر صاحب الاستذكار وقد بقي من أحكام الزوجية الحبس والمنع من التزويج
ولحوق النسب والكسوة والنفقة إن كانت حاملا - ثم ذكر البيهقي (عن ابن المسيب في رجل تحته أربع نسوة فطلق واحدة
150

منهن قال إن شاء تزوج الخامسة في العدة وكذلك قال في الأختين) - قلت - قد جاء عن ابن المسيب بسند صحيح على
شرط الجماعة خلاف هذا قال ابن أبي شيبة ثنا ابن عيينة عن عبد الكريم هو الجزري عن سعيد بن المسيب قال لا يتزوج
حتى تنقضي عدة التي طلق - ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج والثوري عن الجزري عن ابن المسيب وعن معمر عن
عن الجزري عن ابن المسيب انه كرهها قال ويقولون في الأختين مثل ذلك وقال ابن حزم صح ذلك عن ابن عباس وابن
المسيب والشعبي والنخعي وغيرهم ثم قال البيهقي (ورويناه يعنى الجواز عن الحسن وعطاء بن أبي رباح) - قلت قد ثبت
عنهما خلاف ذلك قال ابن أبي شيبة ثنا عبد الاعلى هو ابن عبد الاعلى عن يونس هو ابن عبيد عن الحسن انه كان يكره ان
يتزوج حتى تنقضي عدة التي طلق - وبه أيضا عن الحسن كان يكره إذا كانت له امرأة فطلقها ثلاثا ان يتزوج أختها حتى
تنقضي عدة التي طلق، وهذا السند على شرط الجماعة - وله أيضا بسند صحيح عن عطاء سئل عن رجل كان له أربع نسوة
وطلق أحدا هن ثلاثا أيتزوج خامسة قال حتى تنقضي عدة التي طلق، وروى مثل هذا عن جماعة من الصحابة والتابعين
ومن بعدهم، وروى ابن أبي شيبة بسند لا بأس به عن علي قال لا يتزوج خامسة حتى تنقضي عدة التي طلق - وله أيضا بسند
صحيح عنه سئل عن رجل طلق امرأة فلم تنقض عدتها حتى تزوج أختها ففرق علي رضي الله عنه بينهما وجعل لها الصداق بما استحل
من فرجها وقال تكمل الأخرى عدتها وهو خاطب - وله أيضا ان عتبة بن أبي سفيان كانت عنده أربع نسوة فطلق أحدا هن
ثم تزوج خامسة قبل ان تنقضي عدة التي طلق فسأل مروان ابن عباس فقال لا حتى تنقضي عدة التي طلق - وله أيضا بسند
صحيح عن عمرو بن شعيب قال طلق رجل امرأته ثم تزوج أختها فقال ابن عباس لمروان فرق بينه وبينها حتى تنقضي عدة التي
طلق - وفي مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب اتى مروان وهو أمير في رحل كان عنده أربع نسوة فطلق
واحدة فبتها ثم نكح الخامسة في عدتها فناداه ابن عباس وهو جالس في طائفة الدار لا، فرق بينهما حتى تنقضي عدة التي طلق -
وفيه عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال كان للوليد بن عقبة أربع نسوة فطلق امرأة منهن ثلاثا ثم تزوج قبل انقضاء
عدتها ففرق مروان بينهما - وفيه عن الثوري عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار لا اعلمه الا عن زيد بن ثابت قال إذا طلق
الرابعة فلا يتزوج حتى تنقضي عدة التي طلق - وقال ابن أبي شيبة في باب من كره ان يتزوج خامسة حتى تنقضي عدة
التي طلق - ثنا ابن علية عن سفيان عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت ان مروان سأله عنها فكرهها - وله
بسند صحيح عن عبيدة لا يحل له ان يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة التي طلق - وله بأسانيد صحيحة عن مجاهد وابن أبي نجيح
والنخعي وأبى صادق مثل ذلك - وله أيضا عن الشعبي سئل عن رجل نكح امرأة ثم طلقها ثم تزوج أختها في عدتها قال يفرق
بينهما - وفي الاستذكار عند الثوري وأبي حنيفة وأصحابه لا يتزوج في العدة أي عدة الرابعة وروى ذلك عن علي وزيد بن
ثابت وعبيدة وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وإبراهيم -
151

قال (باب تسرى العبد)
ذكر فيه (ان عبدا لابن عباس طلق وليدة له فقال له ابن عباس ارجع فأبى فقال هي لك طأها بملك يمينك ثم حكى (عن الشافعي
قال امره ان يمسكها فأبى فقال هي لك فاستحلها بملك اليمين يريد أنها حلال بالنكاح ولا طلاق لك) - قلت - هذا مخالف
لظاهر قوله طأها بملك يمينك بل هو إباحة له ان يطأها بالتسري وهو مشهور عن ابن عباس واليه ذهب ابن عمر قال ابن حزم
ولا يعرف لهما من الصحابة مخالف - ثم ذكر البيهقي (عن الشافعي قال إنما أحل الله التسري للمالكين ولا يكون العبد مالكا)
قلت - ذكر ابن حزم ان الشافعية قالوا لا يملك العبد ثم تناقضوا فأوجبوا عليه النفقة والكسوة فلولا أنه يملك لما لزماه -
152

قال (باب قوله تعالى وأمهات نسائكم)
159

ذكر فيه (ان المثنى بن الصباح غير قوى) - قلت - كذا قال هنا وقال في باب النهى عن ثمن الكلب (ضعيف) وضعفه
أيضا الدارقطني وقال ابن معين ضعيف ليس بشئ وقال احمد والرازي لا يساوى شيئا مضطرب الحديث وقال النسائي
و علي بن الجنيد متروك -
160

قال (باب الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها)
165

ذكر فيه (عن الشافعي قال لم يرو من وجه يثبته أهل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الا عن أبي هريرة) ثم ذكر
البيهقي (انه روى عن جماعة من الصحابة) ثم قال (الا انها ليست من شرط الشيخين وقد اخرج البخاري رواية عاصم
الأحول عن الشعبي عن جابر بن عبد الله الا انهم يرون انها خطأ وان الصواب رواية داود بن أبي هند وابن عون عن
الشعبي عن أبي هريرة) - قلت - قد أثبته أهل الحديث من رواية اثنين غير أبي هريرة فأخرجه ابن حبان في صحيحة من
حديث ابن عباس وأخرجه الترمذي أيضا وقال حسن صحيح وأخرجه البخاري من حديث جابر كما ذكره البيهقي فيحمل
على أن الشعبي سمعه منهما أعني أبا هريرة وجابرا وهذا أولى من تخطية أحد الطريقين إذ لو كان كذلك لم يخرجه البخاري في
صحيحه على أن داود بن أبي هند اختلف عنه فيه فروى عنه عن الشعبي كما ذكر البيهقي وأخرجه مسلم من حديثه عن ابن
سيرين عن أبي هريرة ولا يلزم من كون الشيخين لم يخرجاه ان لا يكون صحيحا كما عرف -
166

قال (باب الزنا لا يحرم الحلال)
ذكر فيه (عن ابن عباس في رجل زنى بأم امرأته وبنتها قال حرمتان تخطاهما ولا يحرمها ذلك عليه) قال (وهو قول ابن
168

المسيب وعروة) - قلت - قد روى عنهم خلاف هذا قال ابن حزم روينا عن ابن عباس انه فرق بين رجل وامرأته بعد
ان ولدت له سبعة رجال كلهم صار رجلا يحمل السلاح لأنه كان أصاب من أمها ما لا يحل، وعن سعيد بن المسيب وأبى سلمة
ابن عبد الرحمن وعروة بن الزبير فيمن زنى بامرأة لا يصح له ان يتزوج ابنتها ابدا، ولابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن
المسيب والحسن قال إذا زنى الرجل بالمرأة فليس له ان يتزوج ابنتها ولا أمها، وروى ذلك عن غير هؤلاء أيضا روى
عبد الرزاق في مصنفه عن عثمان بن سعيد عن قتادة عن عمران بن حصين في الذي يزني بأم امرأته قال حرمتا عليه جميعا، وعن
ابن جريج سمعت عطاء يقول إن زنى رجل بأم امرأته أو بنتها حرمتا عليه جميعا، وعن ابن جريج اخبرني ابن طاوس عن
أبيه في الرجل يزني بالمرأة لا ينكح أمها ولا ابنتها، وفي مصنف ابن أبي شيبة عن قتادة وأبى ها؟ شم في الرجل يقبل أم امرأته
أو ابنتها قالا حرمت عليه امرأته، وقال ابن حزم روينا عن مجاهد ولا يصلح لرجل فجر بامرأة ان يتزوج أمها، ومن طريق
شعبة عن الحكم بن عتيبة قال قال النخعي إذا كان الحلال يحرم الحلال فالحرام أشد تحريما، وعن الشعبي ما كان في الحلال
حراما فهو في الحرام أشد، وعن ابن مغفل هي لا تحل له في الحلال فكيف تحل له في الحرام، وعن مجاهد إذا قبلها أو لامسها
أو نظر إلى فرجها من شهوة حرمت عليه أمها وابنتها، وعن النخعي في رجل فجر بامرأة فأراد أن يشترى أمها أو يتزوجها فكره
ذلك، وعن عكرمة سئل عن رجل فجر بامرأة أيصلح له ان يتزوج جارية أرضعتها هي بعد ذلك قال لا - قال ابن حزم وهو
169

قول الثوري، وفي المعالم للخطابي هو مذهب أصحاب الرأي والأوزاعي واحمد وفي قوله عليه السلام واحتجبي منه يا سودة
حجة لهم لأنه لما رأى الشبه بعتبة علم أنه من مائه فاجراه في التحريم مجرى النسب وأمرها بالاحتجاب منه، وفي أحكام القرآن
للرازي هو قول سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار وحماد وأبي حنيفة وأصحابه وحديث لا يحرم الحرام الحلال - على تقدير
ثبوته لا يصح تعميمه إذ وطئ المجوسية والأمة المشتركة والحائض حرام ويوجب التحريم - فان قيل - الوطئ في هذه
المسائل يثبت به النسب والزنا لا - قلنا اعتبار النسب ساقط إذ وطئ الصغيرة يثبت التحريم ولا يثبت به النسب والعقد
يثبت النسب لا التحريم -
170

قال (باب ما جاء في نكاح إماء المسلمين)
173

ذكر فيه (عن مجاهد - ومن لم يستطع منكم طولا - يقول من لم يجد عنى - ينكح المحصنات - يعنى الحرائر فلينكح الأمة المؤمنة)
قلت - كلامه ساكت عن حكم من وجد الطول هل يجوز له نكاح الأمة المؤمنة وقد جاء عنه جواز ذلك وكذا عن علي
قبله - قال ابن حزم روينا عن عبد الرزاق قال سألت سفيان عن نكاح الأمة قال لم ير على به بأسا، وذكر عبد الرزاق أيضا
عن الثوري عن ليث عن مجاهد قال مما وسع الله به على هذه الأمة نكاح الأمة والنصرانية وإن كان موسرا وبه يأخذ سفيان
وذكر أيضا عن ابن سمعان انه سمع مجاهدا في قوله تعالى - ذلك تخفيف من ربكم - يقول في نكاح الا ماء يقول لا بأس به وقوله
تعالى - ومن لم يستطع منكم طولا - ساكت عن ذلك أيضا وعموم قوله تعالى - والمحصنات من المؤمنات - يقتضى الجواز
وكذا قوله تعالى - وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم - ونحو ذلك من الآيات فتعين الرجوع إليها، ولو نكح
حرة على أمة فقد وجد طول الحرة فوجب بطلان نكاح الأمة والحكم عندهم انه يبقى نكاحها على ما ذكره البيهقي فيما بعد
قريبا ويقسم لها يوما وللحرة يومين، وأيضا مفهوم الآية ان من لم يقدر على نكاح الحرة المؤمنة ينكح الأمة لا الحرة
الكتابية وليس الامر كذلك بل له ان ينكح الحرة الكتابية، وقال الشافعي لا يجوز نكاح الحر الواجد صداق حرة مؤمنة
أو كتابية لامة ذكره ابن حزم ومفهوم الآية انه لو قدر على تزوج حرة كتابية جاز له نكاح الأمة، وأيضا المحصنات جمع
فمفهوم الآية انه لو قدر على نكاح حرة واحدة جاز له تزوج الأمة وهو خلاف قولهم، وهذا الشرط نظير الشرط المذكور
في قوله تعالى - فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة - واتفق الجميع على أنه
يتزوج أربعا وان خاف ان لا يعدل فكذا هذا -
174

قال (باب لا ينكح أمة على أمة)
ثم ذكر (عن ابن عباس قال لا ينكح الحر من الإماء الا واحدة) - قلت - سنده ضعيف والكتاب يقتضى جواز ذلك
لان الأمة المنكوحة زوجة يجرى عليها أحكام الزوجات فوجب جواز أربع منهن عملا بقوله تعالى - فانكحوا ما طاب لكم
من النساء - الآية وبقوله تعالى - فمن ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات - ولابن أبي شيبة عن الحارث قال يتزوج الحر
من الإماء أربعا، وله أيضا بسند صحيح عن الزهري قال يتزوج الحر أربع إماء وأربع نصرانيات والعبد كذلك -
قال (باب لا ينكح أمة على حرة وينكح حرة على أمة)
ذكر فيه (عن الحسن نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تنكح الأمة على الحرة) - ثم قال مرسل الا انه في معنى الكتاب
قلت - يريد قوله تعالى - فمن لم يستطع منكم طولا - الا ان عكسه أيضا في معنى هذه الآية فان من نكح حرة على أمة فقد
وجد طول الحرة كما تقدم فوجب أن يكون أيضا ممنوعا ولهذا قال المزني إذا نكح الحرة على الأمة ينفسخ نكاح الأمة
175

وقد ذكر بعد هذا الباب (باب من زعم أن نكاح الحرة على الأمة طلاق الأمة) ثم ذكر ذلك عن ابن عباس ثم ذكر عن
مسروق (قال هي بمنزلة الميتة فإذا أغناك الله عنها فاستغنه) ثم قال البيهقي (نحن إنما نقول بما روينا في ذلك عن علي
وجابر) - قلت - يريد ما ذكره عنهما في الباب السابق من جواز نكاح الحرة على الأمة الا ان كلام ابن عباس ومسروق
موافق لمعنى الكتاب كما تقدم فوجب القول به وترك ما روى عن علي وجابر -
قال (باب العبد ينكح الأمة على الحرة)
ذكره عن مسروق ثم عن ابن مسعود - قلت - سند الثاني ضعيف ولهذا قال ابن حزم لم يصح ذلك عن ابن مسعود
فوجب القول بامتناع ذلك عملا بعموم الحديث المذكور فيما مضى في باب لا ينكح أمة على حرة لتأيده بمعنى الكتاب
وقول جماعة من الصحابة وغيرهم كما ذكره البيهقي هناك ولان الحر أوسع في النكاح من العبد فإذا لم يجز ذلك للحر
فالعبد أولى -
176

قال (باب لا يحل نكاح أمة كتابية لمسلم) (قال الشافعي لأنها داخلة فيمن حرم من المشركات وغير منصوصة بالاحلال) - قلت - هي مباحة داخلة في عموم قوله
تعالى - والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب - إذ الاحصان العفة قال تعالى - ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها - وقوله
تعالى - من فتياتكم المؤمنات - إباحة للفتيات المؤمنات وسكوت عن الفتيات الكتابيات فهو نظير ما ذكرنا في قوله تعالى - فمن
لم يستطع منكم طولا - الآية وعموم قوله تعالى - والمحصنات - يدل على الجواز كما تقدم فوجب القول به، وقد روى ابن أبي
شيبة بسند صحيح عن أبي ميسرة هو الهمداني قال إماء أهل الكتاب بمنزلة حرائرهم، وكان ان المؤمنات في قوله تعالى -
ومن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات المؤمنات - لا مفهوم له عند الشافعية بحيث ان استطاعة طول الحرة ولو كانت
كتابية مانعة من نكاح الأمة كما تقدم فكذا المؤمنات في قوله تعالى - من فتياتكم المؤمنات -
177

قال (باب من يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة)
ذكر فيه حديث اسلام غيلان من رواية جماعة عن معمر الزهري عن سالم عن أبيه متصلا ثم أخرجه من طريق عبد الرزاق
181

عن معمر عن الزهري مرسلا (ان غيلان أسلم) الحديث - قلت - أخرجه الترمذي ثم قال سمعت محمد بن إسماعيل يقول
هذا حديث غير محفوظ والصحيح ما رواه شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهري حدثت عن محمد بن سويد الثقفي ان
غيلان - الحديث فعاد إلى رواية مجهول وهذه علة قوية قال محمد يعنى البخاري وإنما حديث الزهري عن سالم عن أبيه ان رجلا
من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر لتراجعن نساءك أو لأرجمن قبرك كما رجم قبر أبى رغال - وذكر صاحب التمهيد الحديث من
طريق معمر متصلا ثم قال يقولون إنه من خطأ معمر ومما حدث به بالعراق من حفظه وصحيح حديثه ما حدث باليمين من كتبه
182

ثم ذكر البيهقي حديثا عن الحارث بن قيس ثم ذكره من وجه آخر وفيه قيس بن الحارث ثم ذكره (عن قيس بن عبد الله
بن الحارث قال أسلم جدي) ثم قال (وهذا يؤكد رواية الجمهور عن هشيم حيث قالوا الحارث بن قيس) فلت - ظاهر
183

هذا الكلام ترجيح انه الحارث بن قيس والصواب انه قيس بن الحارث كما حكاه أبو داود عن أحمد بن إبراهيم وقد
ذكره عنه البيهقي في هذا الباب وكذا قال صاحب التمهيد وصاحب الكمال وذكره في حرف القاف في ترجمة قيس وكذا
فعل ابن أبي خيثمة في تاريخه والمزي في أطرافه ثم مع الاضطراب فيه اضطرب في حميضة فقيل ابن الشمر دل وفي سنن
ابن ماجة بنت الشمر دل وفي الضعفاء للذهبي حميضة لا يصح حديثه وقال البخاري فيه نظر ثم ذكر البيهقي (عن يزيد
بن أبي حبيب عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز عن أبيه أسلمت وتحتي أختان) الحديث ثم ذكره من حديث
184

إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن أبي وهب عن أبي خراش عن الديلمي أو ابن الديلمي -
ثم قال (زاد إسحاق بن أبي فروة أبا حراش واسحق لا يحتج به ورواية يزيد بن أبي حبيب أصح) - قلت - الكلام عليه
من وجوه - أحدها -
الحديث غير مناسب للباب - الثاني - ان اسحق كما زاد أبا خراش نقص من السند واحدا إذ في رواية يزيد الضحاك عن
أبيه واسحق ذكر أحدهما خاصة حيث قال عن الديلمي أو عن ابن الديلمي - الثالث - انه لين امره فقال (لا يحتج به) ولا يلزم
من ذلك التضعيف وذاك لوقوعه في سند ينفعه فلما وقع في سند يحتج به خصومه شدد الكلام فيه فقال في باب لا يسجد
المستمع إذا لم يسجد القارئ (ضعيف) وقال في باب من فرق بين وجوده قبل القسم وبعده (متروك لا يحتج به) - الرابع -
ان قوله (رواية يزيد أصح) كأنه يريد به انها أمثل من رواية ابن أبي فروة الا ان ظاهر كلامه يقتضى صحة الروايتين
وليس شئ منهما صحيحا بل في اسناد هذا الحديث نظر كذا قال البخاري بل أحاديث هذا الباب كلها معلولة وليست أسانيدها
قوية كذا قال أبو عمر في التمهيد وعلى تقدير ثبوتها تحمل على أن ذلك كان قبل تحريم الجمع بين الخمس وبين الأختين
فعلى هذا يكون المقد حين وقع صحيحا ثم طرأ التحريم بعد فيكون له الخيار كما يقول في رجل طلق احدى امرأتيه بغير عينها
لا يفسد عقدهما وله الخيار في تعيين الطلاق في إحداهما إذ لا عموم في لفظه عليه السلام فيحمل على ما ذكرناه - فان قيل -
تركه عليه السلام الاستفصال يدل على شمول الحكم للحالين - قلنا - يجوز أن يترك عليه السلام لعلمه بحال وقوع العقد
وقوله عليه السلام في الأختين طلق أيهما شئت - يدل على أن العقد كان وقع في حال الإباحة فان قيل لو تزوج الحربي أربعا
ثم سبى الجميع فسد نكاحهن وان عقد حال الإباحة - قلنا - عقد في حالة يحرم فيها على العبد الا ربعة وهنا الإباحة مطلقة ثم
طرأ التحريم ومذهب أبي حنيفة وأبى يوسف انه ان تزوج الخمس في عقدة بطل الكل وان تزوجهن في عقد (1) بطل نكاح
الخامسة لقوله عليه السلام في حديث بريدة فان أجابوك فأعلمهم ان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين - والمسلم لو تزوج
أختين معا فارقهما ولو تزوجهما متعاقبا فارق الثانية خاصة فكذا من أسلم ولان تحريم جمعهما يستوى فيه الابتداء والبقاء
إذ يحرم تزوجهما ولو تزوج صغيرتين فأرضعتهما امرأة حرمتا وإذا استوى فيه الابتداء والبقاء لا يخير بعد الاسلام لذوات
المحارم -

(1) كذا
185

قال (باب من قال لا ينفسخ النكاح بينهما
باسلام أحدهما حتى تنقضي العدة
ذكر فيه (عن الشافعي انا جماعة عن عدد أن أبا سفيان أسلم وامرأته هند كافرة ثم أسلمت وثبتا على النكاح وأسلمت
امرأة عكرمة بن أبي جهل وامرأة صفوان بن أمية ثم أسلما كل ذلك ونساؤهم مدخول بهن لم تنقض عددهن) -
قلت - أسلم أبو سفيان بمر الظهران وهي من توابع مكة ومكة لم تكن في ذلك الوقت فتحت فلم تصر مر الظهران
دار اسلام بعد فلم يختلف بها الدار وإذا نزل العسكر بموضع لم تصر دار اسلام حتى يجرى فيه أحكام المسلمين ويكون
بحيث لو أرادوا أن يقيموا فيه ويستوطنوا أمكنهم ولم تكن مر الظهران بهذه الصفة واما امرأة عكرمة فخرجت
عقيب خروجه فأدركته ببعض الطريق ولم يتيقن بان ذلك الموضع معدود من دار الكفر ولو كان من دار الكفر
فلم يصل إلى هناك حتى فارقت امرأته مكة واما صفوان فان عمير بن وهب ادركه وهو يريد أن يركب البحر فرجع به
وذكر القدوري في التجريد عن الواقدي انه ادركه بمرفأ السفن لأهل مكة ومنه ركب المسلمون في الهجرة إلى الحبشة
ومنه اخذت قريش السفينة التي سقفت بها الكعبة وهذا الموضع من توابع مكة وفي حكمها فلم يختلف به وبزوجه الدار
186

ثم ذكر البيهقي حديث البخاري (عن ابن جريج قال عطاء قال ابن عباس كان المشركون على منزلتين) - قلت -
في أطراف أبى مسعود الدمشقي حديث كان المشركون على منزلتين الحديث وكان إذا هاجرت امرأة من أهل
الحرب لم تخطب حتى تحيض إلى آخره ثم قال أبو مسعود ثبت هذا الحديث والذي قبله في تفسير ابن عطاء الخراساني
عن ابن عباس والبخاري ظنه ابن أبي رباح وابن جريج لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني إنما اخذ الكتاب من ابنه
عثمان ونظر فيه، وذكر المزي في أطرافه عن ابن المديسي قصة تدل على أنه الخراساني ثم قال قال علي بن المديني وإنما كتبت
هذه لقصة لان محمد بن ثور كان يجعلها عطاء عن ابن عباس فظن الذين حملوها عنه انه عطاء بن أبي رباح انتهى كلامه
والخراساني قال البيهقي في باب المحرم ينظر في المرآة (ليس بالقوى) وقال في باب المفسد بحجة لا يجد بدنة (لم يدرك ابن
عباس) وقال في باب فدية النعام (لم يثبت له سماع من ابن عباس وتكلم فيه أهل العلم بالحديث) ثم لو سلمنا ان هذا هو ابن أبي
رباح كما ظنه البخاري فلم يصرح ابن جريج بسماعه منه بل قال قال عطاء كما أورده البخاري وقد قال يحيى بن سعيد إذا
قال ابن جريج حدثني فهو سماع وإذا قال قال فهو شبه الريح وقال الأثرم قال لي أبو عبد الله إذا قال ابن جريج قال فلان
جاء بمناكير - ثم ذكر البيهقي حديث ابن إسحاق (عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رد صلى الله عليه وسلم ابنته
على أبى العاص بالنكاح الأول بعد سنتين) ثم ذكره من وجه آخر ولفظه (بعد ست سنين) ثم ذكر حديث عمرو بن شعيب
187

(عن أبيه عن جده ردها عليه السلام بمهر جديد ونكاح جديد) ثم ذكر (عن الترمذي قال البخاري حديث ابن عباس
أصح من حديث عمرو) - قلت - في حديث ابن عباس أشياء منها ان ابن إسحاق فيه كلام وقد قال عبد الحق في الأحكام
لم يروه معه فيما علم الا من هو دونه وداود بن الحصين لين كذا قال أبو زرعة وقال ابن عيينة كنا نتقي حديثه وقال ابن المديني
ما رواه عن عكرمة فمنكر (وقال أبو داود أحاديثه عن عكرمة مناكير ذكر ذلك الذهبي في الميزان ثم اخرج هذا الحديث
ثم قال أخرجه الترمذي وقال لا يعرف وجهه لعله جاء من قبل حفظ داود وحكى في الأطراف عن الترمذي قال قال يزيد
يعنى ابن هارون حديث ابن عباس أجود اسنادا والعمل على حديث عمرو بن شعيب - وفى المعالم للخطابي حديث ابن
الحصين عن عكرمة عن ابن عباس نسخة قد ضعف أمرها علي بن المديني وغيره من علماء الحديث ثم ذكر حديث عمرو بن
شعيب ثم قال فقد عارضت هذه الرواية رواية ابن الحصين وفيها زيادة ليست في رواية ابن الحصين والمثبت أولى من النافي
ثم قال ومعلوم ان زينب لم تزل مسلمة وكان أبو العاص كافرا ووجه ذلك أنه عليه السلام إنما زوجها منه قبل نزول قوله تعالى -
ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا - ثم أسلم أبو العاص فردها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعا في الاسلام
والنكاح معا - وقال ابن حزم أسلمت زينب أول؟ بعث صلى الله عليه وسلم بلا خلاف ثم هاجرت وبين اسلامها واسلام
زوجها أزيد من ثمان عشرة سنة وولدت في خلال ذلك ابنها عليا فأين العدة - وذكر صاحب التمهيد حديث ابن عباس ثم قال إن
صح فهو متروك منسوخ عند الجميع لأنهم لا يجيزون رجوعه إليها بعد العدة واسلام زينب كان قبل ان ينزل كثير من
الفرائض وعن قتادة كان قبل ان تنزل سورة براءة بقطع العهود بينهم وبين المشركين وقال الزهري كان هذا قبل ان
تنزل الفرائض وروى عنه سفيان بن حسين ان أبا العاص أسر يوم بدر فاتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه امرأته
ففي هذا انه ردها عليه وهو كافر فمن ههنا قال ابن شهاب كان هذا قبل ان تنزل الفرائض وقال آخرون قصة أبى العاص
188

منسوخة بقوله تعالى فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار - ويدل على أنها منسوخة اجماع العلماء على أن
أبا العاص كان كافرا وان المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر قال الله تعالى - ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا -
فلا يخلوا ذردها عليه أن يكون كافرا أو مسلما فإن كان كافرا فهذا ما لا شك فيه انه كان قبل نزول الفرائض والأحكام إذ القرآن
والسنة والاجماع على تحريم فروج المسلمات على الكفار وإن كان مسلما فلا يخلو أن تكون حاملا فتمادى حملها ولم تضعه حتى
أسلم فردها عليه السلام إليه في عدتها وهذا لم ينقل في خبر أو تكون خرجت من العدة فيكون أيضا منسوخا بالاجماع انه
لا سبيل له عليها بعد العدة الا ما ذكر عن النخعي وبعض أهل الظاهر وكيف ما كان فخبر ابن عباس متروك لا يعمل به عند
الجميع وحديث عبد الله بن عمرو في ردها بنكاح جديد يعضده الأصول - وذكر في الاستذكار ردها بنكاح جديد ثم قال
وكذا قال الشعبي مع علمه بالمغازي انه لم يردها إليه الا بنكاح جديد قال ولا خلاف بين العلماء في الكافرة تسلم فيأبى زوجها
الاسلام حتى تنقضي عدتها انه لا سبيل له عليها الا بنكاح جديد وتبين بهذا كله ان قول ابن عباس ردها عليه السلام إليه على
النكاح الأول ان صح أراد به على مثل الصداق الأول وحديث عمرو بن شعيب عندنا صحيح وفي صحيح البخاري عن ابن
عباس قال إذا أسلمت النصرانية قبل زوجها بساعة حرمت عليه - وهذا يقتضى ان الفرقة تقع بينهما باسلامها فكيف يخالف
ابن عباس ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة زينب وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى العمل بحديث عمرو بن
شعيب وان أحد الحربيين إذا أسلم وخرج الينا وبقى الآخر بدار الحرب وقعت الفرقة باختلاف الدارين لقوله تعالى
فلا ترجعوهن إلى الكفار - فلو كانت الزوجية باقية كما يقوله الشافعي كان هو أحق بها وقال تعالى لا هن حل لهم - الآية وقال تعالى
وآتوهم ما انفقوا - فامر برد المهر على الزوج فلو كانت الزوجية (1) لما استحق البضع وبدله وقال تعالى - ولا جناح عليكم ان
تنكحوهن - ولو كان النكاح الأول باقيا لما جاز لها ان تتزوج وقال تعالى - ولا تمسكوا بعصم الكوافر - فنهانا الله ان نمنع
من نكاحها لأجل زوجها الحربي وفواعل قد تطلق على الرجال قال ابن عطية في تفسيره رأيت لأبي على الفارسي أنه قال
سمعت الفقيه أبا الحسن الكرخي يقول في تفسير قوله تعالى - ولا تمسكوا بعصم الكوافر - انه في الرجال والنساء فقلت له
النحويون لا يرون هذا الا في النساء لان كوافر جمع كافرة فقال وايش يمنع هذا أليس الناس يقولون طائفة كافرة وفرقة
كافرة فبهت وقلت هذا تأييد انتهى ما ذكره ابن عطية وقال تعالى - والمحصنات من النساء الا ما ملكت؟؟؟ قال أبو سعيد
الخدري نزلت في سبايا أو طاس وقال عليه السلام فيهن لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة واتفق الفقهاء
على جواز وطئ المسبية بعد الاستبراء ولو كان لها ثمة زوج لم يسب معها ولان الفرقة اما ان تتعلق باسلامها أو بحدوث
الملك أو باختلاف الدار واتفقوا على أنها لا تتعلق باسلامها وثبت أيضا انها لا تتعلق بحدوث الملك فإنه لو باع أمته المزوجة
فلا فرقة وكذا لو مات عنها وانتقلت للوارث فتعين انها تتعلق باختلاف الدار ومعنى الاختلاف أن يكون أحدهما من أهل
دارنا اما بالاسلام أو ذمة والآخر حربيا من أهل دارهم حتى لو دخل مسلم دارهم بأمان أو دخل حربي دارنا أو أسلما ثمة ثم
خرج أحدهما الينا فلا فرقة -

(1) كذا
189

قال (باب اتيان الحائض)
190

ذكر في آخره (ان الشافعي قال فخالفنا بعض الناس فقال قد روينا ان يخلف موضع الدم ثم ينال ما شاء وذكر حديثا لا يثبته
أهل العلم بالحديث) - قلت - الحديث صحيح أخرجه مسلم عن انس انه عليه السلام قال اصنعوا كل شئ غير النكاح -
وقد ذكره البيهقي فيما تقدم في كتاب الحيض وبه اخذ الأوزاعي والثوري ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل وغيرهم وقال
النووي هو أقوى دليلا واقتصاره عليه السلام على ما فوق الإزار محمول على الاستحباب -
191

قال (باب الجنب يتوضأ كلما أراد اتيان واحدة أو العود)
(قال الشافعي قد روى فيه حديث وإن كان مما لا يثبت مثله) - قلت - هذا أيضا من نمط ما تقدم الحديث فيه صحيح
أخرجه مسلم وقد ذكره البيهقي واعتذر عن الشافعي -
قال (باب الجنب يريد أن ينام)
192

ذكر فيه قوله عليه السلام لعمر (توضأ واغسل ذكرك ثم نم) وحديث عائشة (كان عليه السلام إذا كان جنبا فأراد أن
ينام أو يأكل توضأ) - قلت - اقتصار البيهقي هنا على هذا الباب وهذين الحديثين يوهم وجوب الوضوء على الجنب
إذا أراد النوم أو الاكل وهو مذهب داود الظاهري وليس ذلك مذهب الشافعية بل مذهبهم استحباب الوضوء
وقد قال البيهقي في أبواب الطهارة (باب الجنب يريد النوم فيغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة ثم ينام) ثم ذكر الحديثين
ثم لم يقتصر على ذلك بل قال بعد ذلك (باب ذكر الخبر الذي روى في الجنب ينام ولا يمس ماءا) ثم ذكر حديث أبي إسحاق
(عن الأسود عن عائشة كان عليه السلام ينام وهو جنب ولا يمس ماءا) ثم صححه ثم حكى عن أبي العباس بن سريج
الجمع بينه وبين الحديثين وقد تكلمنا مع البيهقي هناك وذكرنا وجها آخر في الجمع -
193

قال (باب اتيان النساء في ادبارهن)
194

ذكر فيه حديثا (عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الملك بن عمرو عن هرمى بن عبد الله عن خزيمة) ثم أخرجه (عن يزيد بن
الهاد عن عبيد الله عن هرمى عن خزيمة) ثم قال (قصر ابن الهاد فلم يذكر عبد الملك) - قلت - أخرجه ابن حبان في صحيحه
عن أبي يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا يعقوب بن إبراهيم سمعت أبي عن ابن الهاد ان عبيد الله حدثه ان هرمى بن عبد الله حدثه
وأخرجه أحمد في مسنده عن يعقوب عن أبيه كذلك فصرح عبيد الله في هذين الطريقين الصحيحين ان هرميا حدثه
فيحمل على أنه سمعه من هرمى مرة بلا واسطة ومرة بواسطة عبد الملك - وقد أخرجه الطحاوي من حديث الليث بن سعد
عن عبيد الله عن هرمى فتابع الليث يزيد بن الهاد على اسقاط عبد الملك - ثم أخرجه البيهقي من طريق ابن عيينة (عن ابن الهاد
عن عمارة بن خزيمة عن أبيه) ثم قال (مدار الحديث على هرمى وليس لعمارة فيه أصل الامن حديث ابن عيينة) - قلت -
كيف يقول (مداره على هرمى) وقد رواه عن خزيمة غيره أخرجه البيهقي فيما تقدم عن عمرو بن أحيحة عن خزيمة
وأخرجه أحمد في مسنده فقال ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن عبد الله بن شداد عن خزيمة ثم أخرجه البيهقي من حديث
حجاج عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن هرمى عن خزيمة - ثم قال (غلط حجاج فقلب اسمه اسم أبيه) -
قلت - أخرجه الطحاوي كذلك من حديث عبد الله بن علي ابن السائب عن عبيد الله بن الحصين عن عبد الله بن هرمى فذكره
وفي التجريد للقدوري
قال الشافعي الوطئ في الدبر يستقر به المهر وتجب به العدة وان اكره امرأة وجب عليه المهر واجراه مجرى الوطئ في الفرج
الا في الاحصان والإباحة للزوج الأول -
197

قال (باب الشغار)
199

ذكر فيه حديثا عن نافع عن ابن عمر (وفي آخره (قال نافع الشغار أن ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق) ثم من
حديث أبي هريرة وفي آخره (زاد ابن نمير والشغار أن يقول زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي) - قلت - مذهب الشافعي
ان النكاح على هذه الصورة صحيح ولكل منهما مهر المثل وإنما الشغار عنده ان يزيد على ذلك فيقول وبضع كل واحدة
منهما مهر الأخرى -
200

قال (باب نكاح المحرم)
209

ذكر فيه حديث (لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يحطب) - قلت - هو محمول على الوطئ أو الكراهة لكونه سببا للوقوع
في الرفث لا ان عقده لنفسه أو لغيره بأمره ممتنع ولهذا قرنه بالخطبة ولا خلاف في جوازها إن كانت مكروهة فكذا النكاح
والانكاح وصار كالبيع وقت النداء - ثم ذكر حديث ابن عباس (تزوج عليه السلام ميمونة وهو محرم) ثم حديث يزيد بن
الأصم بخلافه ثم قال (ويزيد رواه عن ميمونة) ثم استدل على ذلك - قلت - ذكر الترمذي وغيره انه عليه السلام تزوجها
210

في طريق مكة - وفي الاستذكار قال أبو عبيدة معمر بن المثنى زوجها النبي عليه السلام وهو محرم - وفي التمهيد ذكر الأثرم
عن أبي عبيدة قال لما فرغ صلى الله عليه وسلم من خيبر وتوجه إلى مكة معتمرا سنة سبع وقدم عليه جعفر بن أبي طالب
من ارض الحبشة، خطب عليه ميمونة بنت الحارث وكانت أختها لامها أسماء بنت عميس عنده وأختها لأبيها وأمها أم الفضل
تحت العباس فأجابت جعفرا وجعلت أمرها إلى العباس فأنكحها النبي عليه السلام فلما رجع نبي بها بسرف حلالا - جعلها أمرها
إلى العباس مشهور ذكره موسى بن عقبة أيضا وذكره ابن إسحاق قال وقيل جعلت أمرها إلى أم الفضل فجعلت أم الفضل
أمرها إلى العباس - وفي الاستيعاب لأبي عمر ذكر سنيد عن زيد بن الحباب عن أبي معشر عن شرحبيل بن سعد قال لقى
العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة حين اعتمر عمرة القضية فقال يا رسول الله تأيمت ميمونة هل لك ان تتزوجها
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم فلما ان قدم مكة أقام ثلاثا - الحديث وفي آخره فخرج فبنى بها بسرف فلما
جعلت أمرها إلى غيرها يحتمل ان يخفى عليها الوقت الذي عقد فيه العباس فلم تعلم به الا في الوقت الذي بنى بها فيه وعلم ابن
عباس انه كان قبل ذلك فالرجوع إليه أولى كيف وقد تأيد برواية أبي هريرة وعائشة - وذكر ابن إسحاق في مغازيه والطحاوي
عن ابن عباس انه عليه السلام تزوجها وهو حرام فأقام بمكة ثلاثا فاتاه حويطب في نفر من قريش في اليوم الثالث فقالوا
قد انقضى أجلك فاخرج عنا فقال وما عليكم لو تركتموني فعرست بين أظهركم فصنعنا لكم طعاما فحضرتموه فقالوا لا حاجة
لنا في طعامك فاخرج عنا فخرج وخرج بميمونة حتى عرس بها بسرف - هذا مخالف لحديث ميمونة وانه تزوج بها حلالا
وانه كان بعد أن رجع من مكة - ثم اخرج البيهقي حديث مطر عن ربيعة عن سليمان بن يسار عن أبي رافع قلت - ذكر أبو عمر
في التمهيد ان رواية مطر غلط وانه لا يمكن سماع سليمان من أبى رافع انتهى كلامه ومطر تكلم فيه يسيرا قال يحبى القطان مضطرب وكان يشبهه بابن أبي ليلى في سوء الحفظ وقد روى هذا الحديث عن ربيعة من هو أجل من مطر بلا شك وهو مالك فجعله
211

عن سليمان مرسلا وقال الترمذي ورواه أيضا سليمان بلال عن ربيعة مرسلا - ثم أسند البيهقي (عن عبد القدوس عن
الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس تزوج عليه السلام ميمونة وهو محرم فقال سعيد وهل ابن عباس وإن كانت خالته
ما تزوجها الا بعدما أحل) ثم قال (رواه البخاري في الصحيح) - قلت - ليس في صحيح البخاري قال سعيد وهل ابن
عباس والمفهوم من كلام البيهقي انه في صحيحه وذكر البيهقي فيما مضى في باب المحرم لا ينكح ولا ينكح من كتاب الحج
وعزاه إلى مسلم (عن عمرو بن دينار قلت لابن شهاب اخبرني أبو الشعثاء عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم نكح
وهو محرم فقال ابن شهاب اخبرني يزيد بن الأصم انه عليه السلام نكح ميمونة وهو حلال وهي خالته قال فقلت لابن شهاب
أتجعل اعرابيا بوالا على عقبيه إلى ابن عباس وهي خالة ابن عباس أيضا) وهذا الكلام الذي قاله عمرو بن دينار لابن شهاب
ذكره أيضا عبد الرزاق في مصنفه وقال قال لي الثوري لا تلتفت أي قول أهل المدينة في ذلك - ثم ذكر البيهقي حديث ابن أبي
مليكة (عن عائشة تزوج عليه السلام وهو محرم) ثم قال (وقد روى من وجه آخر عن عائشة وليس بمحفوظ)
ثم أخرجه من حديث أبي عوانة عن مغيرة عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة - قلت - بل هو محفوظ أخرجه ابن
حبان في صحيحه كذلك وقال الطحاوي روى عن عائشة ما يوافق ابن عباس روى ذلك عنها من لا يطعن أحد فيه ثم
ذكر هذا السند ثم قال (وكل هؤلاء أئمة يحتج برواياتهم) وقال في مشكل الحديث لم يختلف في ذلك عن عائشة
ثم قال البيهقي (وروى عن مسدد عن أبي عوانة عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قال أبو عبد الله قال
212

أبو علي الحافظ كلاهما خطأ والمحفوظ عن مغيرة عن أبي الظحى عن مسروق مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا
رواه جرير عن مغيرة) قلت - رواية أبى عوانة عن مغيرة مسندا أولى من رواية جرير بن عبد الحميد عنه مرسلا لوجهين
أحدهما - ان أبا عوانة اجل من جرير قال أبو حاتم أبو عوانة أحب إلى من جرير بن عبد الحميد - والثاني - ان أبا عوانة زاد الاسناد وزيادة الثقة مقبولة - وقد جاء هذا الحديث من جهة أبي هريرة أيضا قال الطحاوي في كتاب مشكل الحديث
ثنا سليمان بن شعيب الكيساني ثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ثنا كامل أبو العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة تزوج
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم قال الطحاوي وهذا مما لا نعلم أيضا عن أبي هريرة فيه خلافا انتهى كلامه
والكيساني وثقه أبو سعد السمعاني وخالد وثقوه كذا في التهذيب للمزي وكامل وثقه ابن معين والعجلي وذكره ابن
شاهين في الثقات واخرج له الحاكم في المستدرك - وقال الطحاوي أيضا ثنا روح بن الفرج ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن أبي فديك حدثني عبد الله بن محمد بن أبي بكر سألت انس بن مالك عن نكاح المحرم فقال وما بأس به هل هو الا كالبيع وروح
وثقه الخطيب واخرج له صاحب المستدرك - وإجازة نكاح المحرم تروى عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر وعن
أبيه وعن جده وقال ابن حزم اجازه طائفة صح ذلك عن ابن عباس وروى عن ابن مسعود ومعاذ وبه قال عطاء والقاسم
ابن محمد وعكرمة والنخعي وأبو حنيفة وسفيان -
قال (باب ما يرد به النكاح من العيوب)
213

ذكر فيه عن جميل بن زيد عن ابن عمر حديث المرأة التي رأى عليه السلام بكشحها وضحا فردها ثم ذكر عن ابن عدي (ان
حميلا نفرد به واضطربت رواته عنه) ثم ذكر البيهقي الاختلاف فيه ثم قال (قال البخاري لم يصح حديثه) - قلت - في
هذا الحديث أشياء - منها - ان جميلا قال فيه ابن معين ليس بثقة وقال ابن الجوزي كان يقول ما سمعت ابن عمر شيئا وقال
ابن حبان دخل المدينة فجمع أحاديث ابن عمر بعد موته ثم رجع إلى البصرة فرواها وفي تاريخ البخاري قال احمد عن أبي
بكر بن عياش عن جميل ما سمعت من ابن عمر شيئا إنما قالوا اكتب أحاديثه فقدمت المدينة فكتبتها - ومنها - انه مع ضعفه
وسوء حاله اختلف عليه فيه كما بينه البيهقي هنا وفيما بعد في باب من أغلق بابا وأرخى سترا - ومنها - انه على تقدير صحته ليس
من هذا الباب فان البيهقي ذكر في ذلك الباب (انه عليه السلام قال لها الحقي باهلك - وأكمل لها صداقها) وقد ذكر البيهقي
هذه اللفظة في باب كنايات الطلاق وذكر (انه عليه السلام قال للمرأة التي استعاذت منه الخفي باهلك) جعلها تطليقة فدل
انه عليه السلام لم يدرها بل طلقها ولفظة الرد إن صحت تحتمل الفسخ وتحتمل الطلاق فتحمل على انطلاق توفيقا بين الروايتين
وفيه أيضا دليل على تقدير صحته على أن الحلوة كالوطئ في تكميل الصداق - ثم ذكر البيهقي (عن ابن المسيب عن عمر قال
أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها وذلك لزوجها غرم على وليها) - قلت - ذكر مالك
ان ابن المسيب ولد لنحو ثلاث سنين مضت من خلافه عمر وانكر سماعه منه وقال ابن معين لم يثبت سماعه منه ثم إن الشافعية
خالفوا هذا الأثر في مواضع - منها - أوجب الصداق والصحيح المنصوص عندهم وجوب مهر المثل - ومنها - انه أوجب
الرجوع على الولي والجديد الأظهر عندهم انه لا رجوع - ومنها - انه ساكت عما قبل المسيس وهم فسخوا قبله وبعده
214

ثم ذكر البيهقي (عن جابر بن زيد أربع لا تجوز في نكاح ولا بيع الا ان يمس فان مس فقد جاز) قلت - هم لا يقولون
بذلك - ثم ذكر عن علي بطلان الرد بالدخول من رواية الشعبي عنه ثم قال (فكأنه أبطل خياره بالدخول بها) - قلت -
هم لا يبطلون خياره بالدخول على أن رواية الشعبي عن علي منقطعة قال الحاكم في علوم الحديث رأى عليا ولم يسمع منه
وقد جاء عن علي أنه لا رد في شئ من العيوب قال ابن حزم روينا من طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال
قال على أيما رجل تزوج مجنونة أو جذماء أو برصاء أو بها قرن فهي امرأته ان شاء طلق وان شاء امسك - وذكر مثل
ذلك عن النخعي وعمر بن عبد العزيز وأبى قلابة وذكر عن عطاء فيمن تزوج فلما دخل بدا لها منه برص أو جذام قال
عطاء لا تنزع عنه قال وهو قول أبى الزناد وأبي حنيفة وأبى يوسف والثوري وابن أبي ليلى وداود وأصحابنا -
215

قال (باب الأمة تعتق وزوجها عبد
ذكر فيه حديث شعبة (عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة وكان زوجها حرا قال شعبة ثم سألته بعد فقال لا ادرى
أحر هو أم عبد، قال قد رواه سماك بن حرب عن عبد الرحمن فأثبت كونه عبدا - قلت - شعبة امام جليل حافظ وقد روى
عن عبد الرحمن أنه كان حرا فلا يضره نسيان عبد الرحمن وتوقفه على ما هو معروف عند أهل هذا العلم وقد ذكر البيهقي
في كتاب المعرفة في باب لا نكاح الا بولي ان مذهب أهل العلم بالحديث وجوب قبول خبر الصادق وان نسيه من اخبره
عنه وكيف يعارض شعبة بسماك مع كونه متكلما فيه قال صاحب الكمال كان الثوري يضعفه بعض الضعف وقال ابن أبي
خيثمة أسند أحاديث لا يسندها غيره وقال احمد مضطرب الحديث وقال عبد الرحمن بن يوسف في حديثه لين وفي التهذيب
للمزي قال جزرة ضعيف وقال ابن المبارك ضعيف الحديث وكان شعبة يضعفه - ثم ذكر البيهقي من حديث أسامة بن زيد
عن القاسم عن عائشة وفيه (ان شئت ان تقري تحت هذا العبد) ثم قال (هذا يؤكد رواية سماك - قلت - أسامة هذا
220

هو ابن زيد بن أسلم ضعيف - عندهم - قال البيهقي في باب الحوت والجراد يموتان في الماء (عبد الرحمن وعبد الله وأسامة
بنو زيد بن أسلم كلهم ضعفاء) ومع ضعف أسامة قد اختلف فيه كما بينه البيهقي بعد فكيف يعارض بمثل هذا وبمثل رواية
سماك رواية - شعبة - ثم اخرج البيهقي من رواية عروة (عن عائشة قالت كان زوجها عبدا فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاختارت نفسها ولو كان حرا لم يخيرها) - قلت ذكر ابن حزم انه روى عن عروة خلاف هذا فأخرج من طريق قاسم بن
اصبغ ثنا أحمد بن يزيد ثنا موسى بن معاوية ثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان زوج بريرة حرا -
قال ابن حزم ولو كان حرا لم يخيرها - يحتمل انه من كلام من دون عائشة وقال الطحاوي ويحتمل أن يكون من كلام
عروة وقد اخرج ابن حبان هذا الحديث في صحيحه فقال إنا عبد الله بن محمد الأزدي ثنا إسحاق الحنظلي ثنا جرير بن عبد الحميد
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وفي آخره قال عروة ولو كان جراما خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم -
وكذلك أخرجه النسائي في سننه عن الحنظلي بسنده المذكور - قال البيهقي (ورواه ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن
عائشة) - قلت - ابن إسحاق متكلم فيه وابان هذا ليس بالقوى كذا قال ابن حزم في أبواب الحج من؟؟؟ ومجاهد صار إلى
باب عائشة فحجب ولم يدخل عليها لأنه كان حرا كذا ذكر البرديجي ثم أخرجه البيهقي من طريق عمرة عن عائشة - قلت
221

في سنده عثمان بن مقسم رموه بالكذب ثم ذكر حديث (ان اعتقتهما فابدئى بالرجل) ثم قال (يشبه أن يكون إنما امر بالبداءة
بالرجل كيلا يكون لها الخيار إذا أعتقت) قلت - في سنده عبيد الله بن عبد المجيد عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب
تكلموا فيهما قال ابن معين في الأول ليس بشئ وضعف الثاني ذكر ذلك ابن الجوزي في كتابه في الضعفاء وقال ابن حزم
ولو صح الحديث لم يكن فيه حجة لأنه ليس فيه انهما كانا زوجين ولو صح انهما كانا زوجين فليس فيه انه عليه السلام امر
بذلك ليسقط خيار الزوجية ويمكن أن يكون أمرها بان تبدأ بعتق العبد لقوله تعالى، وللرجال عليهن درجة - ولقوله تعالى
222

وليس الذكر كالأنثى - كما في الخبر أن الاجر في عتق الذكر مضاعف - ونحن نوقن بلا شك انه عليه السلام لا يتحيل في
اسقاط حق أوجبه ربه تعالى للمعتقة -
قال (باب من زعم أنه كان حرا)
ذكر فيه (عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ان زوج بربرة كان حرا ثم قال (رواه البخاري) ثم قال
(قول الأسود منقطع) ثم ذكره البيهقي عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ثم قال (جعله بعضهم من قول إبراهيم
223

وبعضهم من قول الحكم) ثم قال (قال البخاري وقول الحكم مرسل - قلت - إذا كان في السند الأول من قول الأسود
وفي الثاني من قول إبراهيم أو الحكم وقد أدرجا في الحديث فقول البخاري في الأول منقطع وفي الثاني مرسل مخالف
للاصطلاح إذ الكلام الموقوف على بعض الرواة لا يسمى منقطعا ولا مرسلا وقد تابع منصور الأعمش فرواه كذلك عن
إبراهيم هكذا أخرجه ابن ماجة والترمذي وقال حسن صحيح ثم ذكر (البيهقي عن إبراهيم بن أبي طالب قال خالف الأسود
الناس في زوج بريرة) - قلت - قدم تقدم انه لم يخالف الناس بل وافقه على ذلك القاسم وعروة في رواية وابن المسيب
روى عبد الرزاق عن إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار عن سعيد بن المسيب قال كان زوج بريرة حرا - وإذا اختلفت
الآثار في زوجها وجب حملها على وجه لا تضاد فيه والحرية تعقب الرق ولا ينعكس فثبت انه كان حرا عندما خيرت عبدا
قبله ومن أخبر بعبوديته لم يعلم بحريته قبل ذلك وقال ابن حزم ما ملخصه انه لا خلاف ان من شهد بالحرية يقدم على من شهد
بالرق لان عنده زيادة علم ثم لو لم يختلف انه كان عبدا هل جاء في شئ من الاخبار أنه عليه الصلاة إنما خيرها لأنها تحت عبد هذا
لا يجدونه ابدا فلا فرق بين من يدعى انه خيرها لأنه كان عبدا وبين من يدعى انه خيرها لأنه كان اسود واسمه مغيث فالحق
إذا انه إنما خيرها لكونها أعتقت فوجب تخيير كل معتقة ولأنه روى في بعض الآثار انه عليه السلام قال لها ملكت نفسك
فاختاري - كذا في التمهيد فكل من ملكت نفسها تختار سواء كانت تحت حرا وعبد وإلى هذا ذهب ابن سيرين وطاوس
والشعبي ذكر ذلك عبد الرزاق بأسانيد صحيحة وأخرجه ابن أبي شيبة عن النخعي ومجاهد وحكاه الخطابي عن حماد والثوري
وأصحاب الرأي - وفي التهذيب للطبري وبه قال مكحول وفي الاستذكار انه قول ابن المسيب أيضا -
224

قال (باب اجل العنين)
ذكر فيه اثرا عن ابن المسيب عن عمر ثم قال (ورواه ابن أبي ليلى عن الشعبي عن عمر مرسلا) - قلت - تخصيص هذا أنه
مرسل يوهم ان الأول متصل وليس كذلك لان روايات ابن المسيب كلها منقطعة وقد ذكرنا ذلك غير مرة ثم ذكر
226

اثرا (عن هانئ بن هانئ عن علي) ثم حكى عن الشافعي (ان هانئا لا يعرف وان أهل العلم لا يثبتون هذا الحديث لجهالتهم
بهانئ) ثم قال (وروى ابن إسحاق عن خالد بن كثير عن الضحاك عن علي قال يؤجل سنة) إلى آخره - قلت - هانئ
معروف قال فيه النسائي ليس به بأس واخرج له الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وذكره في الثقات من التابعين
وأخرج الترمذي من روايته قوله عليه السلام في عمار مرحبا بالطيب - ثم قال حسن صحيح وقد ذكر ابن حزم اثره هذا
من وجهين جيدين - والأثر الثاني عن علي ليس سنده بطائل وابن إسحاق متكلم فيه وخالد لا يحتج به والضحاك هو ابن مزاحم
متكلم فيه ولهذا قال ابن حزم لم يصح ذلك عن علي -
قال (باب الزوجين يختلفان في الإصابة)
ذكر فيه حديث (حتى يذوق من عسيلتك) - قلت - مقصوده انه عليه السلام جعل القول قوله فأقرها معه ولم يضرب
له اجلا الا ان ذكر هذا الحديث في هذا الباب غفلة من البيهقي لأنها امرأة رفاعة كما نص في هذا الحديث وقد ذكر البيهقي
227

فيما بعد في باب نكاح المطلقة ثلاثا من طريق ابن وهب (عن مالك عن المسور بن رفاعة عن الزبير بن عبد الرحمن عن أبيه
ان رفاعة طلق امرأته) الحديث وفيه (فنكحها عبد الرحمن فاعترض عنها فطلقها ولم يمسها) وذكر فيه أيضا من حديث عائشة
(ان رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت زوجا فطلقها قبل ان يمسها فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحل للأول فقال
لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول وعزاه البيهقي إلى الصحيحين فكيف يضرب الأجل لمن طلق قبل ان يمس وبهذا أيضا
يظهر وهم من استدل به على أنه لا يضرب للعنين اجل قال صاحب التمهيد قد شبه به على قوم منهم ابن علية وداود لما فيه من
قوله فاعترض عنها فظنوا أنها ائت شاكية لزوجها فلم يسأله عن ذلك ولا ضرب له اجلا وخلاها معه قالوا فلا يضرب للعنين
اجل ولا يفرق بينه وبين امرأته وهو كمرض من الأمراض فخالفوا جمهور سلف المسلمين من الصحابة والتابعين في تأجيل
العنين لما توهموه في هذا الحديث وليس فيه موضع شبهة لان مالكا وغيره قد ذكروا طلاق ابن الزبير للمرأة فكيف يضرب
اجل لمن قد فارق امرأته وطلقها قبل ان يمسها -
قال (باب العزل)
228

ذكر فيه حديث قزعة (عن الحدري ليست من نفس مخلوقة الا الله خالقها) ثم قال (رواه مسلم وقال البخاري وقال
مجاهد فذكره - قلت - لا ذكر لهذا الحديث في صحيح البخاري فيما علمت وعزاه ابن طاهر والمزي في أطرافهما إلى مسلم
لم يذكرا البخاري أصلا -
229

قال (باب ما يجوز أن يكون مهرا)
ذكر فيه تزوج عبد الرحمن على وزن نواة من ذهب - قلت - ذكر الخطابي ان النواة اسم لقدر معروف عندهم وفسروها
بخمسة دراهم من ذهب وقال عياض كذا فسرها أكثر العلماء وقال النوري هو الصحيح وفي الاستذكار أكثر أهل العلم
236

يقولون وزنها خمسة دراهم فظاهر هذا أنه تزوج بأكثر من ثلاثة مثاقيل من الذهب ثم ذكر البيهقي (عن حجاج عن
قتادة عن انس قال قومت يعنى النواة بثلاثة دراهم وثلث) - قلت - حجاج هو ابن أرطأة ضعيف وقتادة مدلس
وقد عنعن ولهذا قال أبو عمر هذا حديث لا نقوم به حجة لضعف اسناده - وعن أحمد بن حنبل قال وزن النواة ثلاثة
دراهم وثلث فعلى هذا إن كان الحديث ثابتا يحتمل ان يراد قطعة ذهب زنتها ثلاثة دراهم وثلث - وقال النووي أنكر القاضي
عياض على من احتج به على أقل المهر قال لأنه قال من ذهب وذلك يزيد على دينارين - وحكى الهروي عن أبي عبيد انه أنكر
على من يقول لم يكن ثم ذهب - ثم ذكر البيهقي الحديث من وجه آخر ولفظه (وزن نواة من ذهب قومت خمسة دراهم)
قلت - في سنده سعيد بن بشير قال يحيى ليس بشئ وضعف احمد امره وقال ابن نمير منكر الحديث ليس بشئ يروى
عن قتادة لمنكرات وضعفه النسائي وقال ابن حبان ردى الحفظ فاحش الخطاء يروى عن قتادة مالا يتابع عليه وعن عمرو
ابن دينار ما لا يعرف من حديثه ثم على تقدير ثبوته فالمراد منه كما تقدم قطعة ذهب زنتها خمسة دراهم فتلخص من هذا
انه تزوج على قطعة ذهب زنتها عند الأكثرين خمسة دراهم وعند بعضهم ثلاثة دراهم وثلث وان من استدل بهذا
237

الحديث على أقل المهر فقدوهم ثم ذكر البيهقي حديث جابر (كما ننكح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبضة من
الطعام) وفي سنده يعقوب بن عطاء (فقال غير محتج به) - قلت - ضعفه احمد ويحيى وذكره صاحب الميزان وذكر
له حديثين منكرين هذا أحدهما - ثم ذكر البيهقي حديث صالح بن رومان (عن أبي الزبير عن جابر لو أن رجلا تزوج)
الحديث ثم أخرجه من طريق موسى بن مسلم بن رومان عن أبي الزبير عن جابر - قلت - هذا الخبر كذا في الميزان
وأبو الزبير فيه كلام يسير وهو يد لسر في حديث جابر ولا يؤخذ من حديثه عنه الا ما صرح فيه بالسماع أو كان من رواية
الليث بن سعد عنه كذا قال عبد الحق وغيره وصالح هو ابن مسلم ابن رومان نسب إلى جده وهو ضعيف قوله ابن معين
وموسى المذكور ثانيا قال ابن القطان لا يعرف وضعفه الأزدي ولعله هو صالح المذكورا ولا ولهذا قال الذهبي في الكاشف
موسى بن مسلم ويقال صالح، ومع هذا قد اضطرب هذا الحديث في سنده ومتنه فرواه ابن مهدي عن صالح عن أبي الزبير
عن جابر موقوفا وقال الطحاوي أهل الرواية يذكرون ان أصله موقوف على جابر وقال عبد الحق في أحكامه لا يعول على
من أسنده ورواه أبو عاصم عن صالح عن أبي الزبير عن جابر كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمتع بالقبضة
من الطعام - وهذا من باب المتعة لا من باب الصداق وقد ذكر البيهقي قريبا وعزاه إلى مسلم (ان ابن جريج روى الحديث
عن أبي الزبير عن جابر كرواية أبى عاصم) وهذا الاختلاف ذكره أبو داود في سننه - ثم ذكر البيهقي حديث يحيى بن
عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه عن جده ثم قال (ورواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن ابن أبي لبيبة عن جده) - قلت -
مع هذا الاختلاف اختلف في اسم ابن عبد الرحمن فقال البيهقي وغيره يحيى وقال ابن منده في معرفة الصحابة الحسن وكذا
قال صاحب الاستيعاب وذكر الطحاوي في أحكام القرآن هذا الحديث ثم قال هذا الاسناد لا يقطع به أهل الرواية ثم
238

ذكر البيهقي (ان رجلا تزوج امرأة على نعلين فأجاز عليه السلام نكاحه) وفي سنده عاصم بن عبيد الله فقال (تكلموا فيه ومع
ضعفه روى عنه الأئمة) قلت أنكر عليه هذا الحديث قال أبو حاتم الرازي منكر الحديث يقال ليس له حديث يعتمد عليه
فقال له ابنه ما أنكروا عليه فذكر أبو حاتم هذا الحديث قال وهو منكر - ثم ذكر البيهقي حديثا عن الخدري مستشهدا به هو
ما اصطلح عليه أهلوهم - وفي سنده أبو هارون العبدي فقال (غير محتج به - قلت - الان القول فيه وأهل هذا الشأن اغلظوا
239

فيه فقال حماد بن زيد كذاب وقال السعدي كذاب مضر وقال احمد ليس بشئ وقال هو والنسائي متروك وقال يحيى
ضعيف عندهم لا يصدق في حديثه وقال شعبة لان أقدم فيضرب عنقي أحب إلى من أن احدث عنه وقال ابن حبان لا يحل
كتب حديثه الاعلى جهة التعجب ومثل هذا كيف يستشهد به - ثم ذكر البيهقي (ان الثوري سئل عن حديث داود الأودي
عن الشعبي عن علي قال لا مهر أقل من عشرة دراهم - فقال داود (1) ما زال هذا ينكر عليه فقال السائل ان شعبة روى عنه
فضرب جبهته وقال داود - 1)

كذا - وفى السنن داود داود
240

ثم ذكر البيهقي (عن ابن عدي انا الساجي سمعت ابن المثنى يقول ما سمعت القطان ولا ابن مهدي حدثا عن سفيان عن داود
ابن يزيد شيئا) ثم قال البيهقي (وبمعناه قال عمرو بن علي) - قلت ما حكاه عن الثوري لا اعرف حال سنده وكلام عمرو
ابن علي ذكره ابن عدي في الكامل وفي آخره وكان شعبة وسفيان يحدثان عنه ورأيت في كتاب الصريفيني بخطه وكان
شعبة وسفيان يحدثان عنه - ثم قال البيهقي (وقد روى عن علي بخلافه) ثم أخرجه من طريق محمد بن علي عنه) - قلت -
قد ذكر البيهقي في باب الاعواز من الهدى وفي غيره (ان روايته عنه منقطعة) وفي سنده أيضا أبو شيبة هو العبسي
متروك وقال السعدي ساقط -
241

قال (باب النكاح على تعليم القرآن)
ذكر فيه حديثا عن عسل عن عطاء عن أبي هريرة ثم قال (ورواه شعبة عن عسل فأرسله) - قلت - وكذلك رواه محمد
ابن فضيل عن حجاج بن أرطأة عن عطاء فأرسله ذكره المزي في أطرافه وفيه علة أخرى وهي ان عسلا ضعفه ابن معين وقال
242

الرازي منكر الحديث ثم ذكر في آخره حديثا في سنده عتبة بن السكن (فقال منسوب إلى الوضع) وحكى عن الدارقطني
(أنه قال متروك الحديث) - قلت - طالعت كثيرا من كتب أهل هذا الشأن فأكثرهم لم يذكر عتبة هذا وبعض المتأخرين
ذكره وفيه كلام الدارقطني خاصة وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ ويخالف لم يزد على هذا فلا ادرى من أين
للبيهقي انه منسوب إلى الوضع - وفى التمهيد قال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما والليث لا يكون القرآن ولا تعليمه مهرا وهو
أولى ما قيل به في هذا الباب لان الفروج لا تستباح الا بالأموال لقوله تعالى ان تبتغوا بأموالكم - ولذكره تعالى في النكاح
الطول وهو المال والقرآن ليس بمال ولان التعليم من المعلم والمتعلم يختلف ولا يكاد يضبط فأشبه المجهول ومعنى أنكحتكها
بما معك من القرآن أي لكونه من أهل القرآن على جهة التعظيم للقرآن كما روى انس انه عليه السلام زوج أم سليم أبا طلحة
على اسلامه - وسكت عن المهر لأنه معلوم انه لا بد منه وجوز الشافعي وأصحابه أن يكون تعليم القرآن وسورة منه مهرا
فان طلق قبل الدخول يرجع بنصف اجر التعليم في الرواية المزني وقال الربيع والبويطي بنصف مهر مثلها لان تعليم النصف
لا يوقف على حده فان وقف عليه جعل امرأة تعلمها وأكثر أهل العلم لا يجيزون ما قال الشافعي ودعوى التعليم على الحديث
دعوى باطل لا تصح -
243

قال (باب أحد الزوجين يموت ولم يفرض
لها صداقا ولم يدخل بها)
ثم حكى عن الشافعي (أنه قال في قضية بروع لم احفظه بعد من وجه يثبت مثله هو مرة عن معقل بن يسار ومرة عن معقل
ابن سنان ومرة عن بعض أشجع لا يسمى)
244

ثم أخرجه البيهقي من وجوه ثم قال (هذا الاختلاف لا يوهنه فان جميع هذه الروايات أسانيدها صحاح وفي بعضها ما دل
على أن جماعة من أشجع شهدوا ذلك فكأن بعض الرواة سمى منهم واحدا وبعضهم سمى آخر وبعضهم سمى اثنين وبعضهم
أطلق ولم يسم وبمثله لا يرد الحديث ولولا ثقة من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان لفرح ابن مسعود في روايته
معنى) - قلت - أخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود وكذلك
أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وحكى الحاكم في المستدرك عن شيخه أبى عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ أنه قال لو حضرت
الشافعي لقمت على روس أصحابه وقلت وقد صح الحديث فقل به ثم قال الحاكم إنما حكم شيخنا بصحته لان الثقة قد سمى فيه
رجلا من الصحابة وهو معقل بن سنان الأشجعي ثم اخرج الحديث من طريق فراس عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله
ثم قال فصار الحديث صحيحا على شرط الشيخين -
قال (باب من قال لا صداق لها)
246

ذكر في آخره (عن أبي إسحاق الكوفي عن مزيدة بن جابر أن عليا قال لا يقبل قول اعربي من أشجع على كتاب الله) قلت
الكلام عليه من ثلاثة أوجه - الأول - ان أبا إسحاق هذا هو عبد الله بن ميسرة وهو ضعيف جدا قال يحيى ليس بشئ
وقال مرة ليس بثقة وكذا قال النسائي وقال أبو زرعة واهي الحديث وقال ابن حبان لا يحل الاحتجاج بخبره - والثاني
ان مزيدة هذا قال فيه أبو زرعة ليس بشئ ذكره ابن أبي حاتم في كتابه - والثالث - ان البخاري ذكر في تاريخه انه
يروى عن أبيه عن علي فظاهر هذا الكلام ان روايته عن علي منقطعة ولهذه الوجوه أو بعضها قال المنذري لم يصح هذا
الأثر عن علي - والعجب من البيهقي يصحح روايات حديث معقل ثم يعترض عليه بمثل هذا الأثر الممكر ويسكت عنه
ولا يبين ضعفه -
247

قال (باب الشروط في النكاح)
248

ذكر فيه حديث (المسلمون عند شروطهم) من وجهين ثم قال (ويروى من وجه ثالث ضعيف - قلت - هذا يوهم
ان الوجهين الأولين ليسا بضعيفين وليس كذلك بل في الوجه الأول كثير بن عبد الله واه وقال الشافعي كان ركنا من
أركان الكذب وفي الثاني كثير بن زيد ضعفه النسائي وغيره - ثم ذكر (ان رجلا تزوج امرأة وشرط ان لا يخرجها
فأبطله عمرو قال المرأة مع زوجها) ثم ذكر عنه خلاف ذلك ثم قال (الرواية الأولى أشبه بالكتاب والسنة وقول غيره
249

من الصحابة) ثم استدل على ذلك بقول على (شرط الله قبل شرطها) ثم ذكر (عن أبي الشعثاء قال هو بما استحل من
فرجها) قلت - فهم من كلام أبى الشعثاء انه موافق لكلام على وان الشرط غير معتبر ولهذا اعقبه بقوله عليه السلام من
شرط شرطا ليس في كتاب الله تعالى فليس له ذلك - والظاهر من كلام أبى الشعثاء ان الشرط معتبر وان لها دارها
كما قاله عمر ثانيا وهكذا فهم ابن أبي شيبة في المصنف فذكر كلام أبى الشعثاء في باب اعتبار الشرط مع كلام عمر الثاني
ومع كلام عمر وبن العاص الذي يذكره البيهقي في هذا الباب قريبا وكذا فعل أبو عمر في الاستذكار وقال فيه ذكر
وكيع عن شريك عن عاصم عن عيسى بن حطان عن مجاهد وسعيد بن جبير قالا يخرجها فقال يحيى بن الجزاز فبأي شئ
يستحل فرجها فبأي كذا فبأي كذا فرجعا -
250

قال (باب المرأة ترضى بالدخول قبل ان يعطيها شيئا)
ذكر فيه من وجهين (عن خيثمة ان رجلا تزوج امرأة على عهده عليه السلام فجهزها إليه قيل إن ينقدها شيئا) ثم أخرجه
عن شريك عن منصور عن طلحة عن خيثمة عن عائشة ثم قال (وصله شريك وأرسله غيره) - قلت - ذكر ابن عدي
ان هذا من مناكير شريك -
253

قال (باب من أغلق بابا)
255

ذكر فيه (عن زيد بن ثابت قال إذا دخل الرجل بامرأته فأرخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق) ثم ذكر (عنه في
رجل يخلو بامرأته فيقول لم أمسها وتقول قد مسني فالقول قولها) - ثم قال (ظاهر الرواية عن زيد أنه لا يوجبه بنفس
الخلوة ويجعل القول قولها في الإصابة) - قلت - بل الظاهر المشهور عنه انه أوجب كل الصداق بنفس الخلوة وهو المذكور
في الموطأ وشروحه وذكره ابن المنذر في الاشراف وهذا الذي زعم البيهقي انه ظاهر الرواية عنه استند فيه إلى رواية
عبد الرحمن بن أبي الزناد وعبد الرحمن هذا ذكره ابن الجوزي في كتاب الضعفاء وقال قال أحمد بن مضطرب الحديث وقال
النسائي ضعيف وقال يحيى والرازي لا يحتج به - ثم ذكر البيهقي حديث (من كشف امرأة) باسناد فيه ارسال ثم قال
(ورواه ابن لهيعة عن أبي الأسود عن ابن ثوبان وهو منقطع وبعض رواته غير محتج به) - قلت - أخرجه أبو داود
في مراسيله عن قتيبة عن الليث بالسند المذكورا ولا وهو سند على شرط الصحيح ليس فيه الا الارسال -
256

قال (باب المستحب ان وجد سعة ان يؤلم بشاة)
ذكر فيه قوله عليه السلام لعبد الرحمن بن عوف (أولم ولو بشاة) - قلت - ظاهر الامر الوجوب فهو غير مطابق للتبويب
وقد أوجب أهل الظاهر وعبيد الله بن الحسن إجابة الدعوة استدلالا بهذا الحديث وبقوله عليه السلام في الصحيح إذ ادعى
258

أحدكم إلى الوليمة فليجب - وبقوله عليه السلام في الصحيح من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله - وقد ذكر البيهقي
فيما بعد ولم يذكر لأي شئ ترك ظواهر هذه الأحاديث -
259

قال (باب من لم يدع ثم جاء فاكل)
264

ذكر فيه حديث درست بن زياد (عن أبان بن طارق عن نافع عن ابن عمر من دخل على غير دعوة) الحديث ثم ذكره من
وجهين مدارهما على مجهول ثم قال (وفي حديث ابن عمر كفاية) - قلت - كيف يكون فيه كفاية ودرست قال فيه
يحيى ليس بشئ وقال أبو زرعة واه وقال ابن حبان لا يحل الاحتجاج بروايته وقال الدارقطني ضعيف وأبان بن طارق
قال أبو زرعة مجهول وقال ابن عدي له حديث منكر لا يعرف الا به وذكر هذا الحديث -
265

قال (باب المدعو يرى صورا منصوبة ذوات أرواح)
- قلت - الصواب ان يقال صور ذوات أرواح -
266

قال (باب الرخصة في الرقم في الثوب)
ذكر فيه من حديث مالك (عن أبي النضر عن عبيد الله بن عبد الله انه دخل على أبى طلحة يعوده فوجد عنده سهل بن
حنيف) - قلت - أخرجه النسائي من حديث الوليد عن الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله حدثني أبو طلحة فذكر
نحوه ثم أخرجه من حديث هقل عن الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن أبي طلحة ثم قال هذا هو
الصواب وحديث الوليد خطأ - وذكر صاحب الاستذكار حديث مالك كما ذكره البيهقي ثم قال الحديث منقطع لان
عبيد الله لم يدرك سهلا ولا أبا طلحة ولا حفظ له عنهما ولا عن أحدهما سماع ولا له سن يدركهما به والصحيح بينهما وبينه
ابن عباس كذا رواه الزهري -
271

قال (باب غسل اليد قبل الطعام وبعده)
275

ذكر فيه حديث (بركة الطعام الوضوء قبله) وفي سنده قيس بنا لربيع فقال (غير قوى) قلت - كذا قال هنا وضعفه
في باب من زرع ارض غيره بغير امره وضعفه أيضا ابن المديني والدارقطني وغيرهما وقال النسائي متروك وقال ابن
معين ليس بشئ وقال السعدي ساقط وذكر أبو الفتح الأزدي ان أبا جعفر استعمله على المدائن فكان يعلق النساء
بأثدائهن ويرسل عليهن الزنابير - ثم قال البيهقي (ولم يثبت في غسل اليد قبل الطعام حديث) قلت في كتاب
الطهارة من سنن النسائي انا محمد بن عبيد ثنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وإذا أراد أن يأكل غسل يديه - ثم روى النسائي الحديث بمعناه
عن سويد بن نصر عن ابن المبارك بسنده وسويد ثقة كذا في الكاشف للذهبي ومحمد بن عبيد هو أبو جعفر البخاري قال
النسائي لا بأس به وباقي السند على شرط الصحيحين -
276

قال (باب الأكل والشرب باليمين)
ذكر فيه (انه عليه السلام أبصر بشر بن راعى العير) وذكر (انه في رواية بعضهم بسر بضم الباء والسين غير معجمة)
ثم قال (والصحيح بشر بخفض الباء والشين معجمة كذا ذكره ابن منده (1) وغيره من الحفاظ) - قلت - ذكره ابن
منده في معرفة الصحابة في باب بسر بضم الباء والسين المهملة فقال بسر بن راعى العير ويقال بشر وقال النووي في
شرح مسلم بضم الباء والسين المهملة كذا ذكره ابن منده وأبو نعم الأصبهاني وابن مأكولا وآخرون وابن نقطة أيضا
ذكره في باب بسر بالباء المضمومة والسين المهملة -

(1) وقع في نسخة مص من السنن بدل ابن منده - ابن منذر -
277

قال (باب الطعام الحار)
ذكر فيه (عن أبي هريرة اتى عليه السلام بطعام سخن) الحديث ثم قال (وهذا إن صح فيحتمل معنى الأول) - قلت -
أخرجه ابن ماجة عن سويد بسنده وهذا السند على شرط مسلم -
280

قال (باب تفتيش التمر عند الاكل)
ذكر في آخره (عن انس انه كان يكره ان يضع النوى مع التمر على الطبق) - قلت - هو غير مناسب للباب -
قال (بابا الأكل والشرب قائما)
281

ذكر النهى عن ذلك نم قال (اما أن يكون نهى تنزيه أو نهى تحريم ثم صار منسوخا) ثم ذكر أحاديث في جواز ذلك - قلت
النسخ يحتاج إلى التاريخ ولم يبين ذلك قال النووي من ادعى النسخ فقد غلط غلطا فاحشا وكيف يضار إلى النسخ وانى
له بذلك يعنى التاريخ -
282

قال (باب الاكل متكئا)
حكى فيه (عن الخطابي ان المتكئ هو المعتمد على الوطاء) إلى آخره - قلت - اقتصاره على كلام الخطابي دليل على رضاه به
والمشهور ان المراد بالاتكاء في الحديث هو الاعتماد على أحد الجانبين وهذه الهيئة التي نفاها النبي صلى الله عليه وسلم
عن نفسه لأنها فعل المتجبرين والمتكبرين ويدل عليه قوله عليه السلام بعد ذلك - انا عبد آكل كما يأكل العبد - وقوله عليه
السلام ان الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبارا عصيا وما قاله الخطابي فيه بعد كذا قال ابن الجوزي وما أدرى لأي معنى
عدل عن المعنى الأول مع شهرته وصحة معناه -
283

قال (باب الشرب بثلاثة أنفاس)
ذكر في آخره حديث (إذا شرب أحدكم فليمص مصا - قلت - هو غير مناسب للباب -
284

قال (باب النثار في الفرح)
287

ذكر في آخره حديث (من شاء اقتطع) ثم قال (اسناده حسن الا انه يفارق النثار في المعنى) - قلت - بل هو مثله في المعنى
لأنه إباحة وكل أحد لا يعلم مقدار ما أبيح له قال ابن المنذر قال الشافعي إذا نثر على الناس أكرهه لمن يأخذه ثم قال أعني ابن
المنذر لا يكره اخذه لأنه مباح أسند لا لا بحديث عبد الله بن قرط - وذكر الخطابي الحديث في المعالم ثم قال فيه دلالة على
جواز اخذ النثار في عقد الاملاك وانه ليس من باب النهى وإنما هو من باب الإباحة وقد كره ذلك بعض العلماء خوفا ان
يدخل فيما نهى عنه من النهى -
288

قال (باب بيان حقه عليها يعنى الزوج)
292

ذكر فيه حديث (ما أنفقت من كسبه) ثم حمله على انفاقها مما أعطاها - قلت - تقدم الكلام على هذا الحديث في أواخر
كتاب الزكاة -
293

قال (باب كراهية كفرانها معروف زوجها)
ذكر فيه (عن عمر بن إبراهيم عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمر وقال عليه السلام لا ينظر الله إلى امرأة
لا تشكر لزوجها وهي لا تستغنى عنه) ثم قال (الصحيح انه قول عبد الله بن عمرو) - قلت - أخرجه النسائي من طريق
شعبة عن قتادة موقوفا وأخرجه أيضا أعني النسائي من وجه آخر عن عمرو بن منصور عن محمد بن محبوب عن سرار بن
مجشر بن قيصة ثقة عن سيعد بن أبي عروبة عن قتادة بسنده مرفوعا كذا ذكر المزي في أطرافه ورجال هذا السند ثقات
وابن أبي عروبة أحد الاعلام اخرج له الجماعة وقد زاد الرفع فوجب قبول زيادته والحكم له كيف وقد تابعه على ذلك
عمر بن إبراهيم كما أخرجه البيهقي وعمر هذا وثقة ابن حنبل وابن معين وقال عبد الصمد بن عبد الوارث ثقة وفوق الثقة
ذكره صاحب لكمال -
قال (باب لا تطيع زوجها في معصية)
ذكر فيه (ان امرأة زوجت ابنة لها فسقط شعرها فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم ان زوجها امرني ان أصل في شعرها
فقال لا) الحديث - قلت - ذكر النووي في شرح مسلم انها ان وصلت بشعر طاهر من غير آدمي فإن لم يكن لها زوج
ولا سيد فحرام وإن كان ففيه أوجه أصحها عندهم ان فعلته باذن الزوج أو السيد حاز والا فحرام وكذا لو اذن في تحمير
الوجنة والخضاب بالسواد وتطريف لأصابع جاز على الصحيح هذا تلخيص كلام أصحابنا -
294

قال (باب قوله تعالى - ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء)
297

ذكر فيه (عن الشافعي قال سمعت بعض أهل العلم يقول) إلى آخره (ثم قال الشافعي وما أشبه ما قالوا عندي بما قالوا
- قلت - حكى البيهقي هذا اللفظ عن الشافعي في مواضع وحكاه عن الربيع وغيره وفيه التعجب من شبه الشئ بنفسه
ومراده وما أشبه ما قالوا بالحق أو نحوه -
298

قال (باب الحال التي يختلف فيها النساء)
300

ذكر فيه الإقامة عند البكر والثيب مرفوعا عن انس - قلت - في الاستذكار لم يرفع حديث خالد الحذاء عن أبي قلابة
عن انس في هذا غير أبى عاصم فيما زعموا واخطأ فيه -
302

قال (باب ما جاء في ضربها يعنى المرأة)
ذكر فيه حديث اياس بن عبد الله بن أبي ذباب ثم ذكر (عن البخاري أنه قال لا يعرف له صحبة) - قلت - ذكر ابن أبي
حاتم في كتابه عن أبي حاتم وأبى زرعة قالا له صحبة وكذا قال أبو عمر في الاستيعاب وذكره ابن حبان والمزي وغيرهما
في الصحابة -
304

قال (باب المختلعة لا يلحقها الطلاق)
ذكره من قول ابن عباس وابن الزبير ثم ذكر (انه روى خلافه عن مجهول عن الضحاك بن مزاحم عن ابن مسعود من
قوله وهو منقطع ضعيف) - قلت - في مصنف ابن أبي شيبة ثنا وكيع عن علي بن مبارك عن يحيى بن أبي كثير قال كان
عمران بن حصين وابن مسعود يقولان في التي تفتدي من زوجها لها طلاق ما كانت في عدتها ورجال هذا السند على شرط
الجماعة - وفي الاستذكار هو قول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي وابن المسيب وشريح وطاوس والزهري وظاهر
الكتاب يشهد لهذا القول لأنه تعالى قال (الطلاق مرتان) ثم قال (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) ثم قال (فان طلقها
فلا تحل له) وهذا يقتضى وقوع الطلاق بعد الخلع وان من طلق ثنتين فان أخذ فداء له ان يطلق الثالثة وعند الشافعي إذا
أخذ فداء لا يطلق الثالثة -
قال (باب الطلاق قبل النكاح)
317

ذكر فيه حديث (لا طلاق قبل النكاح) - قلت - ذكر صاحب الاستذكار أن هذا الحديث روى من وجوه الا انها عند
أهل الحديث معلولة وقال البخاري أصح ما في هذا الباب حديث عمرو بن شعيب - وقال الترمذي هوا حسن شئ
روى في هذا الباب - والكلام في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده معروف - وقد ذكر البيهقي (ان حماد بن سلمة رواه
عن حبيب المعلم عن عمرو عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو) ثم ذكر البيهقي (ان بعضهم رواه كذلك) ولم يعين ذلك الغير
لينظر فيه وحماد بن سلمة تكلم فيه أعني البيهقي في مواضع وقد ساق الدارقطني وغيره طرق هذا الحديث ولفظهم عن عمرو
ابن شعيب عن أبيه عن جده ولم يذكروا عبد الله بن عمرو وقد ذكر البيهقي في باب من قال يرث قاتل الخطاء حديثا
من رواية عمرو عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو ثم قال (الشافعي كالمتوقف في روايات عمرو إذا لم ينضم إليها
ما يؤكدها) وفي الاستذكار قيل لابن شهاب أليس فد جاء لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل الملك - فقال إنما ذلك إذا قال
318

فلانة طالق ولا يقول إن تزوجتها واما ان قال إن تزوجتها فهي طالق فهو كما قال إذا وقع النكاح وقع الطلاق وبهذا قال
مكحول وأبو حنيفة وأصحابه وعثمان البتي وروى عن الأوزاعي والثوري وفي موطأ مالك بلغه ان عمر وابنه وعبد الله
ابن مسعود وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وسليمان بن يسار وابن شهاب كانوا يقولون إذا حلف الرجل بطلاق المرأة
قبل ان ينكحها ثم اثم إن ذلك لازم له إذا نكحها - وقال صاحب الاستذكار لا اعلم أنه روى عن عمر في الطلاق قبل النكاح
شئ صحيح وإنما روى عنه فيمن ظاهر من امرأة ان تزوجها انه لا يقربها ان نزوجها حتى يكفر وجائز ان يقاس على هذا
الطلاق وحكى أبو بكر الرازي هذا القول عن عمرو النخعي والشعبي ومجاهد وعمر بن عبد العزيز قال واتفق الجميع على أن النذر
لا يصح الا في ملك وان من قال إن رزقني الله ألفا فلله على أن أتصدق بمائة منها انه ناذر في ملك حيث اضافه إليه وان لم يكن
مالكا في الحال ولو قال لامته ان ولدت ولدا فهو حر فولدت عتق وان لم يكن مالكا
حال القول لأنه أضاف العتق إلى
319

الملك وان لم يكن مالكا في الحال وفى مشكل الحديث للطحاوي وقال عليه السلام لعمر حبس الأصل وسبل الثمرة - فدل على
جواز العقود فيما لم يملكه وقت العقد بل فيما يستأنف واجمعوا على أنه ان أوصى بثلث ماله يعتبر وقت الموت لا وقت الوصية
وقال الله تعالى (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن) فهذا نظير إن تزوجت فلانة فهي طالق - وفى الاستذكار
لم يختلف عن مالك انه ان عمم لم يلزمه وان سمى امرأة أو أرضا أو قبيلة لزمه وبه قال ابن أبي ليلى والحسن بن صالح
والنخعي والشعبي والأوزاعي والليث وروى عن الثوري وخرج وكيع عن الأسود أنه طلق امرأة ان تزوجها فسأل
ابن مسعود فقال اعلمها بالطلاق ثم تزوجها يعنى انه كان قد تزوجها إذ سأل ابن مسعود فاجابه بهذا وتكون عنده على اثنتين
ان تزوجها وروى عنه فيمن قال إن تزوجت فلانة فهي طالق انه كما قال - وقال ابن أبي شيبة ثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة
عن يحيى بن سعيد قال كان القاسم وسالم وعمر بن عبد العزيز يرون الطلاق جائزا عليه إذا عين قال وثنا أبو أسامة عن عمر
ابن حمزة انه سأل القاسم بن محمد وسالما وأبا بكر بن عبد الرحمن وأبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وعبيد الله بن عبد الرحمن عن
رجل قال يوم أتزوج فلانه فهي طالق البتة فقالوا كلهم لا يتزوجها وقال أيضا ثنا حفص بن غياث عن عبد الله بن عمر قال
سألت القاسم عن رجل قال يوم أتزوج فلانة فهي طالق قال فهي طالق وقال أيضا ثنا إسماعيل بن علية عن عبد الله قلت
لسالم بن عبد الله رجل قال وكل امرأة يتزوجها فهي طالق وكل جارية يشتريها فهي حرة فقال اما انا فلو كنت لم أنكح
320

ولم اشتر ثم ذكر البيهقي (عن ابن عباس انه استدل على عدم الوقوع بقوله تعالى - إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن) -
قلت - الآية دلت على أنه إذا وجد النكاح ثم طلق قبل المسيس فلا عدة ولم تتعرض الآية لصورة النزاع أصلا -
321

قال باب كراهية الطلاق
ذكر فيه حديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) من طريق محمد بن خالد عن معرف عن محارب عن ابن عمر ثم ذكره
من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة وأبى داود كلاهما عن أحمد بن يونس عن معرف عن محارب مرسلا ثم قال (وفي
رواية ابن أبي شيبة عن ابن عمر موصولا ولا أراه حفظه) - قلت - أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق ابن أبي شيبة
322

موصولا ثم قال صحيح الاسناد وقد أيده رواية محمد بن خالد الموصولة كما تقدم وأخرجه ابن ماجة من طريق عبد الله
ابن الوليد الرصافي عن محارب موصولا وقد ذكره البيهقي بعده فهذا يقتضى ترجيح الوصل لأنه زيادة وقد جاء من
وجوه -
323

قال (باب الاختيار أن لا يطلق الا واحدة)
(قال الشافعي ولا يحرم ان يطلق ثنتين أو ثلاثا واستدل على ذلك بأنه عليه السلام علم ابن عمر موضع الطلاق ولو كان في
عدده مباح أو محظور علمه إياه) - قلت - حديث ابن عمر إنما سيق لبيان موضع الطلاق كما ذكر الشافعي ولم يسق لبيان
327

عدده على أنه قد جاء في بعض طرق هذا الحديث انه عليه السلام قال مرة فليراجع ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر
ذكره البيهقي فيما مضى في باب طلاق السنة والبدعة وعزاه إلى الصحيحين وذلك ليكون بين كل تطليقتين حيضة ففيه دليل
على أنه لا يوقع أكثر من واحدة قال الخطابي فيه مستدل لمن ذهب إلى أن السنة ان لا يطلق أكثر من واحدة لأنه لما امره ان
لا يطلق في الطهر الذي يلي الحيض علم أنه ليس له ان يطلقها بعد الأولى حتى يستبرئها فخرج من هذا انه ليس له ان يوقع تطليقتين
في قرء واحد ثم إن ابن عمر راوي الحديث قد ذكر عنه في الصحيحين في آخر الحديث أنه قال إن كنت طلقتها ثلاثا فقد حرمت
عليك حتى تنكح زوجا غيرك وعصيت فيما امرك من طلاق امرأتك - وقد ذكر البيهقي في هذا الباب كلام ابن عمر هذا ثم
أوله (بأنه عصى حين طلقها في حال الحيض) فيكون راجعا إلى أصل المسألة وهذا تأويل بعيد جدا ومن نظر في كلام ابن
عمر علم بأول وهلة انه لم يرد هذا بل أراد انه عصى بايقاع الثلاث جملة - وفي مصنف عبد الرزاق عن معمر عن الزهري
عن سالم عن ابن عمر قال من طلق امرأته ثلاثا طلقت وعصى ربه - وفيه أيضا عن الثوري عن ابن أبي ليلى عن نافع
ابن عمر مثله وقال ابن أبي شيبة ثنا أسباط بن محمد عن أشعث عن نافع قال قال ابن عمر من طلق امرأته ثلاثا فقد عصى
ربه وبانت منه امرأته وذكر القاضي إسماعيل في أحكام القرآن معنى ما ذكرنا ثم قال وقد ذكرنا ما روى عن غير واحد
من الصحابة نحو قول ابن عمر وهو الذي لم يزل عليه جماعة أهل العلم وظاهر كتاب الله عز وجل يدل عليه قال الله تعالى
يا أيها النبي إذا طلقتم النساء إلى قوله لعل الله يحدث بعد ذلك امرا - فقيل في التفسير انها المراجعة والمراجعة لا تكون لمن
طلق ثلاثا ثم ذكر بسند صحيح عن عكرمة لعل الله يحدث بعد ذلك امرا - قال فأي امر يحدث بعد الثلاث ثم ذكر
بأسانيد نحو ذلك عن الشعبي والضحاك وعطاء وقتادة ثم قال قال الله تعالى فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن
والذي طلق ثلاثا ليس له من الامساك ولا من الفراق شئ وفي الاشراف لابن المنذر قال أكثر أهل العلم الطلاق الذي
يكون مطلقه مصيبا للسنة ان يطلقها إذا كانت مدخولا بها طلاقا يملك فيه الرجعة واحتجوا بظاهر قوله تعالى (لا تدرى لعل
الله يحدث بعد ذلك امرا) - وأي امر يحدث بعد الثلاث ومن طلق ثلاثا فما جعل الله له مخرجا ولا من امره يسرا وهو
طلاق السنة الذي اجمع عليه أهل العلم وما لا رجعة لمطلقه وليس للسنة ومن فعل ذلك فقد خالف ما امر الله به وما سنه عليه السلام
وقد امر الله ان يطلق للعدة فمن طلق ثلاثا فأي عدة تحصى وأي امر يحدث وقد روينا عن عمرو على وابن مسعود وابن
عباس وابن عمر ما يدل على ما قلناه ولم يخالفهم مثلهم ولو لم يكن في ذلك الا ما قالوه لكان فيه كفاية وفي الاستذكار أكثر
السلف على أن جمع الثلاث مكروه وليس بسنة وذكر الكراهة عن عمرو ابنه وابن عباس وعمران بن حصين ثم قال لا اعلم
لهؤلاء مخالفا من الصحابة الا ما قدمنا ذكره عن ابن عباس وهو شئ لم يروه عنه الا طاوس وسائر أصحابه رووا عنه خلاف
الثلاث واحدا يريد بذلك جعل أو سنتكلم عليه قريبا إن شاء الله تعالى ثم ذكر البيهقي (ان الشافعي استدل أيضا بحديث
328

عويمر وقال فقد طلق ثلاثا ولو كان محرما لنهاه عليه السلام عنه) - قلت - مذهبهم ان الفرقة تقع بنفس اللعان فطلق في
غير موضع الطلاق فلم يصادق نفاذا ولا مجاز مملوكا لأنه طلقها وهي بائن منه والشافعي لا يلحق البائن بالبائن فلذلك استغنى
عليه السلام عن الانكار عليه وحكى البيهقي في آخر باب سنة اللعان عن الشافعي (انه أوله بان طلقها ثلاثا جاهلا بان اللعان
فرقة فكان كمن طلق عليه بغير طلاقه) وظاهر هذا الكلام انه عليه السلام لم يوقع الثلاث عليه وقال الخطابي اجمعوا
على أنها لا تحل له بعد زوج آخر وانها ليست في حكم المطلقات ثلاثا فدل على أن الفرقة وقعت بنفس اللعان - ثم قال البيهقي
(واحتج الشافعي أيضا بحديث فاطمة بنت قيس ان أبا عمر وبن حفص طلقها البتة يعنى والله أعلم ثلاثا فلم يبلغنا انه عليه
السلام نهى عن ذلك) - قلت - قد جاء مصرحا انه طلقها ثلاثا ذكره البيهقي بعد فلا حاجة للشافعي إلى الاستدلال
بالبتة وتفسيرها بالثلاث فان ذلك دعوى ثم إنه لم يرسل الثلاث جملة ففي الصحيح انه طلقها آخر ثلاث تطليقات وروى
طلقها طلقة بقيت من طلاقها ذكره البيهقي فيما بعد في باب المبتوتة لا نفقة لها وعزاه إلى مسلم وجمع النووي بين هذه
الروايات بأنه طلقها قبل هذه طلقتين ثم طلقها هذه الثالثة فمن روى ثلاثا أراد تمام الثلاث ثم إن المطلق لم يكن
حاضرا حتى ينهاه عليه السلام عن ذلك - قلت ثم حكى البيهقي (عن الشافعي أنه قال طلق ركانة امرأته البتة فسأله عليه
السلام عن نيته ولم نعمله نهى ان يطلق البتة يريد بها ثلاثا) - قلت - هذا الحديث ضعفوه كذا قال صاحب التمهيد وعلى
تقدير صحته لا نعلم ماذا كان عليه السلام يريد أن يقول له لو قال أردت الثلاث ثم قال الشافعي وطلق عبد الرحمن امرأته ثلاثا
ثم أخرجه البيهقي بسند فيه محمد بن راشد وسكت عنه وضعفه فيما بعد في باب اللعان على الحمل وقال في باب الدية أرباع
329

(ضعيف عند أهل العلم بالحديث) وذكر صاحب الموطأ بسند جيد انه طلقها البتة - ولم يذكر الثلاث وذكر أيضا عن
ربيعة انه بلغه انها سألته انه يطلقها فطلقها البتة أو تطليقة لم يكن؟؟؟ له عليها من الطلاق غيرها وذكر البيهقي فيما بعد في باب
توريث المبتوتة في المرض تطليقة من طرق في بعضها البتة وفي بعضها فبت طلاقها وفي بعضها تطليقة لم يكن بقي له عليها
من الطلاق غيرها ولم يذكر الثلاث الا من كلام الشافعي بغير اسناد كما فعل هنا وقال ابن حزم صح انه يعنى عثمان
ورث امرأة عبد الرحمن بن عوف الكلبية وقد طلقها وهو مريض آخر ثلاث تطليقات وأخرج ابن عساكر في تاريخه في
ترجمة تماضر من حديث أبي العباس السراج ثنا قتيبة ثنا الليث عن ابن شهاب عن طلحة بن عبيد الله ان عثمان ورث
تماضر من عبد الرحمن بن عوف وكان طلقها تطليقة وهي آخر تطليقاتها الثلاث في مرضه واخرج أيضا من حديث
الأوزاعي عن الزهري عن طلحة ان عثمان ورث تماضر وكان عبد الرحمن طلقها تطليقة وهي آخر طلاقها في مرضه
واخرج أيضا بسنده إلى ابن سعد صاحب الطبقات انا يزيد بن هارون انا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال كان
في تماضر سوء خلق وكانت على تطليقتين فلما مرض عبد الرحمن جرى بينه وبينها شئ فقال والله لئن سألتني الطلاق لأطلقنك
فقالت والله لأسألنك فقال أعلميني إذا حضت وطهرت فلما حاضت وطهرت أرسلت إليه فأعلمته فطلقها - واخرج أيضا
بسنده عن ابن أخي ابن شهاب عن عمه عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم بنت عقبة قالت كان عبد الرحمن
قد طلق تماضر تطليقتين فكانت عنده على تطليقة فلما اشتكى شكواه الذي توفى فيه نازعته يوما في بعض الامر - فذكره وفيه
أنه قال إن آذنتني بطهرك لأطلقنك فقالت والله لأؤذننك بطهري فلما طهرت أرسلت إليه جاريتها فأذنته بطهرها فطلقها
تطليقة هي آخر طلاقها - ثم ذكر البيهقي - (ان الشافعي احتج أيضا بما رواه عن ابن عباس وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو
فيمن طلق امرأته ثلاثا قبل ان يدخل بها لا ينكحها حتى تنكح زوجا غيره وانهم لم يعتبوا عليه حين طلق ثلاثا) - قلت
330

ذكر ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن طاوس وعطاء وجابر بن زيد انهم قالوا إذا طلقها ثلاثا قبل ان يدخل بها فهي
واحدة وذكر البيهقي فيما بعد في باب طلاق التي لم يدخل بها عن ابن عباس مثل ذلك فما ذكر عن ابن عباس وأبي هريرة
331

وابن عمرو سيق لبيان نفى القول بالواحدة ولبيان انها تحرم عليه ولم يسق لبيان وصف الثلاث إذا وقعت هل يقع بصفة
الكراهة أو بصفة الإباحة - ثم ذكر البيهقي (ان رجلا طلق ثلاثا فقال له ابن عباس عصيت ربك) إلى آخره ثم ذكر من
وجه آخر (انه طلق ألفا) ومن وجه آخر (مائة) ثم حكى (عن الشافعي أنه قال فعاب ابن عباس كلما زاد على الثلاث
ولم يعب الثلاث) - قلت - بل عاب الثلاث أيضا لصحة السند الأول الوارد بذلك وقد أخرجه القاضي إسماعيل في أحكام
القرآن عن سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب فذكره بسنده وأخرجه ابن أبي شيبة من وجه آخر صحيح أيضا
فقال ثنا ابن نمير عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن ابن عباس اتاه رجل فقال إن عمى طلق امرأته ثلاثا فقال إن عمك
عصى الله فأندمه الله فلم يجعل له مخرجا - ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري ومعمر عن الأعمش وذكره البيهقي
من هذا الطريق فيما بعد في باب من جعل الثلاث وحدة وهذا شاهد للمروى عن ابن عباس في الوجه الأول - ثم ذكر البيهقي من
طريق حميد (عن رافع ان عمران بن حصين سئل عن رجل طلق ثلاثا في مجلس فقال اثم بربه) إلى آخره - قلت - وكذا
رواه أيضا ابن أبي شيبة عن سهل بن يوسف عن حميد بسنده وهو مخالف لرأى امامه فلا ادرى لأي شئ ذكره هنا وذكر
البيهقي في الباب الذي يلي هذا الباب (ان رجلا اتى عمر فقال طلقت امرأتي البتة وهي حائض فقال عمر عصيت ربك
وفارقت امرأتك فقال الرجل وان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر ابن عمر حين فارق امرأته ان يراجعها فقال عمر امره
332

ان يراجع امرأته لطلاق بقي له وانه لم يبق لك ما ترتجع به امرأتك) وذكر هناك أيضا (ان عمر كان إذا اتى بمن طلق امرأته
ثلاثا قبل ان يدخل أوجعه (وقال ابن أبي شيبة ثنا علي بن مسهر عن شقيق بن أبي عبد الله عن انس قال كان عمر إذا أتى
برجل قد طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد أوجعه ضربا وفرق بينهما - وصح عن علي أنه قال ما طلق رجل طلاق؟؟؟
فندم - ومن طلق ثلاثا يندم ولا يبقى له مخرج كما مر من كلام ابن عباس - وقد ورد في هذا الباب حديث صحيح صريح
فاخرج النسائي في باب الثلاث المجموعة وما فيه من التغليظ بسند صحيح عن محمود بن لبيد قال أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان فقال أيلعب بكتاب الله وانا بين أظهركم فقام رجل فقال يا رسول الله
الا اقتله -
قال (باب امضاء الثلاث وان كن مجموعات)
333

ذكر فيه (ان الشافعي احتج بحديث العجلاني وفاطمة بنت قيس) - قلت - تقدم الكلام عليهما في الباب الذي قبل هذا -
334

قال (باب من جعل الثلاث واحدة)
ذكر فيه حديث طاوس عن ابن عباس ثم ذكره عن طاوس ان أبا الصهباء قال لابن عباس الحديث
336

ثم قال (أخرجه مسلم وتركه البخاري أظنه لمخالفته سائر الروايات عن ابن عباس) - قلت - ذكر البيهقي في باب القراءات
في العيدين حديث عبيد الله بن عبد الله (ان عمر سأل أبا واقد) ثم قال البيهقي (عبيد الله لم يدرك أيام عمر ومسألته إياه
وبهذه العلة ترك البخاري اخراج هذا الحديث) انتهى كلامه وعبيد الله أدرك أبا واقد ولكنه لما قال إن عمر جعل البيهقي
ذلك رواية عن عمر ولما لم يدركه جعله بذلك منقطعا فمقتضى هذا ان قول طاوس ان أبا الصهباء دليل على أن أبا الصهباء له
مدخل في رواية هذا الحديث عند البيهقي وأبو الصهباء ممن روى عنهم مسلم دون البخاري وتكلموا فيه - قال الذهبي في
الكاشف قال النسائي ضعيف فعلى هذا يحتمل ان البخاري ترك هذا الحديث لأجل أبى الصهباء وذكر صاحب الاستذكار ان
هذه الرواية وهم وغلط لم يعرج عليها أحد من العلماء وقد قيل أبو الصهباء لا يعرف في موالي ابن عباس وطاوس يقول
337

ان أبا الصهباء مولاه سأله عن ذلك ولا يصح ذلك عن ابن عباس لرواية الثقات عنه خلافه ولو صح عنه ما كان قوله حجة
على من هو من الصحابة اجل واعلم منه وهم عمر وعثمان وعلى وابن مسعود وابن عمر وغيرهم - ثم ذكر البيهقي عن
الساجي (انه أول حديث ابن عباس بان معناه إذا قال للبكر أنت طالق أنت طالق أنت طالق كانت واحدة فغلظ عليهم عمر فجعلها
ثلاثا) ثم قال البيهقي (رواية أيوب السختياني تدل على صحة هذا التأويل) ثم اخرج الرواية المذكورة من حديث أيوب
(عن غير واحد عن طاوس ان أبا الصهباء قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل ان يدخل بها جعلوها واحدة) إلى آخره
قلت - أراد الساجي بالبكر غير المدخول بها وتأويله هذا الذي استحسنه البيهقي صرح فيه بان الذي استقر عليه الحال في زمن عمر
انه إذا قال لغير المدخول بها ثلاث مرات أنت طالق تطلق ثلاثا وليس ذلك مذهب الشافعي بل مذهبه انها تبين بالأولى ولا حكم
338

لما بعدها وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه والثوري واحمد واسحق ذكره الخطابي ورواية أيوب ضعيفة فكيف يستدل بها
البيهقي على صحة هذا التأويل الذي خالفه هو وامامه وأكثر الفقهاء ثم ظاهر رواية أيوب انها جاءت في ارسال الثلاث
جملة على غير المدخول بها - قال الخطابي وقد ذهب إلى هذا الرأي جماعة من أصحاب ابن عباس منهم سعيد بن جبير
وطاوس وأبو الشعثاء وعطاء وعمر وبن دينار وقالوا من طلق البكر ثلاثا فهي واحدة وعامة أهل العلم على خلاف
قولهم -
339

قال (باب ما جاء في موضع الطلقة الثالثة من كتاب الله تعالى)
ذكر فيه حديثا عن انس ثم قال (وروى عن قتادة عن انس وليس بشئ) - قلت - رواه الدارقطني في سننه فقال - الحسين
ابن إسماعيل ثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة ثنا عبيد الله بن عائشة ثنا حماد بن سلمة ثنا قتادة عن انس ان رجلا قال يا رسول الله
أليس يقول الله (الطلاق مرتان) الحديث قال ابن القطان صحيح، عبيد الله بن محمد بن جعفر يعرف بابن عائشة ثقة أحد
الأجواد وعبيد الله بن جرير بن جبلة بن أبي رواد قال الخطيب كان ثقة -
340

قال (باب ما جاء في التخيير)
344

ذكر فيه (عن حماد عن إبراهيم ان عمرو ابن مسعود كانا يقولان) إلى آخره ثم ذكر (عن الشعبي عن علي إذا خير) إلى آخره
345

قال (وكان ابن مسعود يقول) إلى آخره ثم ذكر (أنه يقول بقول ابن مسعود لموافقته معنى السنة المشهورة عن ركانة)
ثم قال (الصحيح عن ابن مسعود ما روينا) - قلت - الذي رواه عنه في سنده الأول حماد هو ابن أبي سليمان ضعفه
البيهقي فيما مضى في باب الزنا لا يحرم الحلا والنخعي عن عمر وابن مسعود منقطع وقال البيهقي في الباب المذكور (الشعبي
عن ابن مسعود منقطع) وقال في باب من اشترى جارية فأصابها فوجدنها عيبا (لم يدرك عمر) وإذا كان هذا حال السندين
فكيف يصح ذلك عن ابن مسعود على أنه قد جاء عنه خلاف ذلك اخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح إلى الشعبي قال قال ابن
معسود إذا خير الرجل امرأته فاختارت نفسها فواحدة بائنة وان اختارت زوجها فلا شئ - وقد تقدم ان حديث ركانة
ضعفوه فكيف يسمى سنة مشهورة - ثم ذكر البيهقي عن شعبة عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عبد الله
(إذا قال استفلحي امرك أو امرك لك أو وهبها لأهلها) إلى آخره ثم قال (الصحيح انه من قول مسروق) ثم استدل على ذلك
بما أخرجه من طريق إسرائيل عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق أنه قال إلى آخره - قلت - الصحيح انه من
346

قول عبد الله لان شعبة اجل من إسرائيل بلا شك وقد زاد في السند عبد الله فيحمل على أن مسروقا رواه عن عبد الله
مرة وانه مرة أخرى أفتى بذلك ويؤيد ذلك ان عبد الرزاق روى عن قيس بن الربيع عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب
عن مسروق عن عبد الله قال إن قبلوها فهي واحدة بائنة - فوافق قيس شعبة في ذكر عبد الله وروى عبد الرزاق أيضا
عن الثوري عن أشعث عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود قال يعنى في الموهوبة ان قبلوها فواحدة بائنة وان لم يقبلوها
فليس بشئ - فوافق الشعبي في هذا الطريق يحيى بن وثاب على ذكر عبد الله في الموهوبة - ثم قال البيهقي (وقد روى عن
شريك عن أبي حصين مرفوعا إلى عبد الله في الهبة فقبلوها فهي تطليقة وهو أحق بها) - قلت - لم يذكر سنده إلى شريك
وقد قال ابن أبي شيبة ثنا شريك عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب قال أصحابنا هو عن مسروق عن عبد الله إذا قال الرجل
استفاحى بأمرك أو اختاري أو قد وهبتك لأهلك فهي تطليقة - وليس فيه وهو أحق بها وفي سنده هذا المجهول وشريك
متكلم فيه فلا تعارض هذه الرواية رواية شعبة لصحة سندها ولمتابعة رواية الشعبي لها -
قال (باب ما جاء في التمليك)
ذكر فيه عن الشافعي حكاية عن عبيد الله بن موسى عن ابن أبي ليلى عن طلحة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله (قال لا يكون
طلاق بائن الا خلع أو ايلاء) - قلت - فيه فيه أشياء - أولها - ان الشافعي لم يذكر سنده - الثاني - ان ابن أبي ليلى متكلم فيه
347

الثالث - ان ابن أبي شيبة رواه عن وكيع وابن عيينة عن ابن أبي ليلى عن طلحة عن إبراهيم عن عبد الله ولم يذكر علقمة
وكذلك رواه عبد الرزاق عن الثوري عن ابن أبي ليلى والثوري ووكيع وابن عيينة أئمة أكابر كل منهم اجل من عبيد الله
- الرابع - انه تقدم قريبا عن ابن مسعود بسند صحيح انه جعل استفلحي بأمرك أو امرك لك أو وهبها لأهلها تطليقة بائنة
فهذه أشياء زائدة عن الخلع والايلاء - ثم ذكر البيهقي بسنده (عن عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن أشعث عن الشعبي عن
مسروق عن ابن مسعود قال إن قبلوها فواحدة وهو أحق بها - قلت - ابن الوليد هو العدني متكلم فيه يسيرا قال احمد
لا يحتج به ولم يعرفه ابن معين وعلى كل حال عبد الرزاق اجل منه وقد تقدم انه رواه عن الثوري بالسند المذكور ولفظه
ان قبولها فواحدة بائنة - ثم ذكر البيهقي عن الشافعي حكاية عن شريك عن أبي حصين إلى آخره - قلت - قد تكلمنا عليه
348

في الباب السابق - ثم ذكر حديث كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة ثم قال (لم يثبت من معرفته ما يوجب قبول روايته
وقول العامة بخلافه) - قلت - هو كثير بن أبي كثير معروف روى عنه أيوب وقتادة ومنصور وغيرهم وقال احمد
ابن عبد الله بصرى تابعي ثقة وروى له أصحاب السنن الأربعة وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال وروى عنه قتادة
والبصريون وخرج الحاكم في المستدرك حديثه وقال غريب صحيح وقد ذكرنا في النكاح جماعة من الصحابة والتابعين
وغيرهم حدثوا بالحديث ثم نسوه -
349

قال (باب من قال لامرأته أنت على حرام)
350

قال فيه (وروينا فيما مضى عن علي أنها ثلاث إذا نوى الا انها رواية ضعيفة) - قلت - أراد بذلك ما ذكره في باب من قال في
الكنايات انها ثلاث وذكر هناك عن علي روايتين الأولى - (انه جعل الخلية والبرية والبتة والحرام ثلاثا - والثانية -
إذا نوى فهي بمنزلة الثلاث ثم قال (ا لرواية الأولى أصح اسنادا) وظاهر هذا يقتضى صحة الثانية وهو مخالف لقوله في
هذا الباب الا انها ضعيفة - وقال صاحب الاستذكار الصحيح عن علي أنها ثلاث وكذا مذهب زيد وذهب الشافعي رحمه الله
إلى أنه إذا قال لزوجته أو أمته أنت على حرام ونوى تحريم عينها تلزمه كفارة يمين بنفس اللفظ ولا يكون يمينا وان قال ذلك
لطعام أو لشراب أو نحوهما فهو لغو ولا شئ عليه بتناوله - وقال القاضي عياض اختلف في سبب نزول قوله تعالى (لم تحرم ما
أحل الله لك) - فقالت عائشة في قصة العسل وعن زيد بن أسلم في تحريم ما رية والصحيح انه في العسل لا في قصة ما رية
التي لم تأت من طريق صحيح - انتهى كلامه وظهر منه ان تحريم العسل يمين بظاهر قوله تعالى (قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم)
فان صحت قصة مارية يحتمل ان الآية نزلت في الامرين ففيها دليل على أن تحريم الأمة أيضا يمين بخلاف ما قاله الشافعي وليس
في النص الا التحريم فقط فمن ادعى انه عليه السلام حرم وحلف فقد زاد على النص - وذكر البيهقي في هذا الباب عن جماعة
من الصحابة وغيرهم (قالوا الحرام يمين بكفرها) وهذا يرد قول الشافعي ولا يكون يمينا وإذا كان الحرام يمينا فاليمين
لا يكفر الا بعد الحنث وكلام هؤلاء محمول على ما إذا أطلق التحريم ولم يكن له نية وكلام على وغيره ممن جعله طلاقا
محمول على ما إذا نوى الطلاق -
352

قال (باب طلاق التي لم يدخل بها)
354

ذكر فيه في آخره حديث طلاق التي لم يدخل بها واحدة ثم قال (يحتمل ان صح أن يكون أراد أن طلاقها طلاق المدخول
بها واحد كما قال ابن مسعود) - قلت لفظ ابن مسعود المطلقة ثلاثا قبل ان يدخل بها بمنزلة التي قد دخل بها وقد ذكره
البيهقي فيما مضى في باب امضاء الثلاث وهذا الحديث لا ذكر فيه للمدخول بها فتأويل البيهقي له ضعيف وفيه علتان وهو
أبعد ما يكون من الصحة فكان الوجه رده كما فعله أولا ولا حاجة إلى تأويله -
355

قال (باب طلاق المكره)
ذكر فيه عن الشافعي في قوله تعالى (الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان) - قال (الأعظم ذا سقط عن الناس سقط ما هو
أصغر منه) - قلت - الكفر يعتمد الاعتقاد بدليل انه لو نوى الكفر بقلبه يكفر والاكراه يمنع الحكم بالاعتقاد في الظاهر
والطلاق يعتمد ارسال اللفظ مع التكليف وهذا موجود في طلاق المكره ولهذا لو نوى الطلاق لم يقع - ثم ذكر البيهقي
حديث التجاوز عن الخطأ والنسيان والاكراه من حديث أبي العباس محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان ثنا بشر بن بكر
ثنا الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس ثم قال (ورواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي فلم يذكر عبيد بن عمير
356

ابن عمير) قلت - وأيضا اختلف فيه على الربيع قال صاحب المستدرك وثنا أبو العباس غير مرة يعنى محمد بن يعقوب
ثنا الربيع بن سليمان ثنا أيوب بن سويد ثنا الأوزاعي عن عطاء عن عبيد - فذكره - ثم ذكر البيهقي حديث (وضع الله عن أمتي
الخطاء) إلى آخره - قلت - نفس الفعل ليس بموضوع فالمراد وضع الاثم ولفظ البخاري في الحديث السابق يدل على
ذلك - فان قالوا - المراد رفع الحكم - قلنا - حكم الخطاء ليس بموضوع بالاجماع بدليل وجوب الدية وضمان الأموال
ثم ذكر البيهقي حديث (لا طلاق ولا عتاق في اغلاق) من حديث محمد بن إسحاق عن ثور بن يزيد عن محمد بن عبيد عن صفية
- قلت - اختلف فيه عن ثور فأخرجه ابن ماجة في سننه من طريق محمد بن إسحاق عنه عن عبيد بن أبي صالح عن صفية
وفيه علة أخرى وهي ان عبد الله بن سعيد الأموي رواه عن ثور فأسقط من الاسناد محمد بن عبيد ذكره صاحب المستدرك
357

وفى الاستذكار كان الشعبي والنخعي والزهري وابن المسيب وأبو قلابة وشريح في رواية يرون طلاق المكره جائزا
وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وكذا ذكرهم ابن المنذر في الاشراف الا انه ابدل شريحا بقتادة ويدل لهذا المذهب
ما رواه أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة -
صحيح الحاكم اسناده وقال الترمذي حسن غريب والعمل عليه عند أهل العلم والصحابة وغيرهم وذكره البيهقي فيما مضى
في باب صرائح ألفاظ الطلاق واحتج الطحاوي بقوله عليه السلام لحذيفة ولأبيه حين حلفهما المشركون نفى لهم بعهدهم
ونستعين الله عليهم - قال وكما ثبت حكم الوطئ في الاكراه فيحرم به على الواطئ ابنة المرأة وأمها فكذا لا يمنع الاكراه
وقوع ما حلف عليه -
358

قال (باب طلاق العبد بغير اذن سيده)
ذكر فيه حديثا عن أبي الحجاج المهري عن موسى بن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس ثم قال (خالفه ابن لهيعة فرواه عن
موسى بن أيوب عن عكرمة مرسلا) - قلت - أخرجه ابن ماجة في سننه من طريق ابن لهيعة موصولا كرواية المهري
فقال ثنا محمد بن يحيى ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ثنا ابن لهيعة عن موسى بن أيوب الغافقي عن عكرمة عن ابن عباس فذكره -
قال (باب الاستثناء في الطلاق والعتاق والنذر)
360

ذكر فيه حديث ابن عمر (إذا حلف الرجل) الحديث ثم قال (وروى فيه حديث ضعيف عن معاذ) - قلت - ظاهر
هذا الكلام مع قوله في آخر هذا الباب (وفي حديث ابن عمر كفاية) انه صحيح وقد اعاده البيهقي في كتاب الايمان
وذكر فيه علتين - إحداهما - ان أيوب كان يرفعه ثم تركه - والثانية - ان رواية الجماعة من أوجه صحيحة عن نافع عن
ابن عمر من قوله غير مرفوع - ثم ذكر البيهقي حديثا في سنده حميد بن مالك فقال (مجهول) - قلت - روى عنه ابنه الربيع
361

وإسماعيل بن عياش ومعاوية بن حفص والمسيب بن شريك كذا ذكر ابن عدي فليس هو بمجهول لكنه ضعيف -
قال (باب توريث المبتوتة في المرض)
ذكر فيه (عن عبد الله بن الزبير أن عبد الرحمن بن عوف طلق تماضر فبتها ثم مات وهي في عدتها فورثها عثمان) ثم ذكر
عن (ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف وأبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ان عثمان ورثها بعد انقضاء عدتها) ثم
قال (قال الشافعي حديث ابن الزبير متصل وحديث ابن شهاب مقطوع) - قلت - الظاهر أن حديث ابن شهاب أيضا
متصل ويدل عليه ما حكاه البيهقي بعد عن الشافعي أنه قال في الاملاء ورثها عثمان بعد انقضاء العدة وهو فيما يخيل إلى أثبت
الحديثين - ثم قال البيهقي (والذي يؤكد رواية ابن شهاب عن طلحة وأبى سلمة ما انا أبو الحسين) فذكر بسنده (عن يونس
عن ابن شهاب قال سمعت معاوية بن عبد الله بن جعفر يقول هذا السائب بن يزيد يشهد على قضاء عثمان في تماضر ورثها من
362

عبد الرحمن بعد ما حلت) إلى آخره ثم قال البيهقي (وتابعه ابن أخي ابن شهاب عن عمه) وفي الاستذكار اختلف عن عثمان
هل ورث زوجة عبد الرحمن في العدة أو بعدها وأصح الروايات انه ورثها بعد انقضاء العدة ثم ذكر البيهقي (ان الشافعي)
حكى عن بعضهم انها ترث ما لم تنقض العدة) قال (ورواه عن عمر باسناد لا يثبت مثله) ثم ذكر البيهقي (عن إبراهيم عن
عمر) ثم قال (منقطع) - قلت - في مصنف ابن أبي شيبة ثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيرة عن إبراهيم عن شريح قال
اتاني عروة البارقي من عند عمر في الرجل يطلق امرأته ثلاثا في مرضه انها ترثه ما دامت في العدة ولا يرثها - قال ابن
حزم وإنما يصح من هذا الطريق وقال ابن أبي شيبة ثنا يزيد بن هارون انا سعيد بن أبي عروبة عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة قال في المطلقة ثلاثا وهو مريض ترثه ما دامت في العدة - وقال أيضا ثنا عباد بن العوام عن أشعث عن
الشعبي ان أم البنين ابنة عيينة بن حصن كانت تحت عثمان بن عفان فلما حصر طلقها وقد كان ارسل إليها يشترى منها ثمنها
فأبت فلما قتل أتت عليا فذكرت ذلك له فقال تركها حتى إذا أشرف على الموت طلقها، فورثها - وهذا السند رجاله على
شرط مسلم - ثم حكى البيهقي (عن الشافعي أنه قال لا ترث قال الربيع وهو قول ابن الزبير وعبد الرحمن طلقها على أنها لا ترثه)
363

قلت - وقد روى عن ابن الزبير ما ظاهره انه وافق الجماعة على التوريث فذكر ابن حزم بسنده عن الحجاج بن أرطأة عن
ابن أبي مليكة عن ابن الزبير أنه قال لولا أن عثمان ورثها لم أر لمطلقة ميراثا - وروى أيضا عن عبد الرحمن بن عوف ما يدل
ظاهره على موافقته لعثمان في ذلك وهو ان ابن عساكر اخرج في تاريخه من حديث هشام بن عروة عن عبد الرحمن أنه
طاق امرأته في مرضه فقال له عثمان اما انك ان مت ورثتها فقال له عبد الرحمن اما انى لا اجهل ذلك ولكني كانت على يمين
فمات فورثها منه عثمان - قال ابن حزم وروينا من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه ان عبد الرحمن بن عوف
طلق امرأته ثلاثا في مرضه فقال له عثمان لئن مت لأورثنها منك فقال قد علمت فمات في عدتها فورثها عثمان - وفي الاستذكار
روى عن عمرو على في المطلق ثلاثا وهو مريض انها ترثه ان مات في مرضه ذلك - وروى مثله عن عائشة ولا اعلم لهم
مخالفا من الصحابة وجمهور علماء المسلمين وافقوا الصحابة الا طائفة فإنهم وافقوا ابن الزبير في أن لا ترث مبتوتة بحال وعند
ابن حنبل ترثه بعد العدة ما لم يتزوج وعن مالك ترثه بعد العدة ولو تزوجت أزواجا -
قال (باب الشك في الطلاق)
ذكر فيه (عن ابن عباس في رجل له أربع نسوة فطلق إحداهن ولم يدر أيهن إلى آخره) - قلت - الطلاق لا شك فيه بل
في المطلقة فهو غير مناسب للباب -
قال (باب ما يهدم الزوج من الطلاق)
364

ذكر فيه (عن ابن عمرو ابن عباس انها تكون على طلاق مستقبل) - قلت - وبه قال عطاء وشريح وإبراهيم وميمون بن
مهران وأبو حنيفة وأبو يوسف كذا في الاستذكار - ثم ذكر البيهقي اثرا عن عبد الا على عن ابن الحنيفة عن علي ثم؟؟؟
(روايات عبد الاعلى عن ابن الحنيفة ضعيفة عند أهل الحديث) - قلت - هذا يوهم ان رواياته عن غير ابن الحنفية ليست
365

بضعيفة وعبد الاعلى هذا ذكره ابن الجوزي في الضعفاء وقال ضعفه احمد وأبو زرعة وقال البيهقي في باب اخراج
زكاة الفطر (هو غير قوى) -
366

قال (باب عدد طلاق العبد)
368

ذكر فيه حديث القاسم عن عائشة ثم ذكر كلاما عن القاسم وفيه سنده هشام بن سعد - قلت - سنتكلم على هذا الحديث
في كتاب العدة إن شاء الله تعالى وهشام هذا ضعفه النسائي وغيره وقال يحيى ليس بشئ - ثم ذكر البيهقي (عن علي الطلاق
أراه قال بالرجال والعدة بالنساء -) - قلت - هذا لا يصح بل صحح ابن حزم عن علي أنه قال السنة بالنساء يعنى الطلاق والعدة
وفي الاستذكار قال الكوفيون أبي حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي الطلاق والعدة بالنساء وهو قول على وابن
370

مسعود وابن عباس في رواية وبه قال إبراهيم والحسن وابن سيرين ومجاهد - ثم ذكر البيهقي حديث ابن عباس في مملوك
تحته مملوكة فطلقها ثنتين ثم أعتقا له ان يخطبها - وفي سنده عمرو بن معتب عن أبي الحسن فذكر عن ابن المبارك أنه قال من
أبو الحسن هذا لقد تحمل صخرة عظيمة يريد به انكار ما جاء به من هذا الحديث ثم ذكر (عن ابن الديني ان عمرو بن معتب
مجهول لم يرو عنه غير يحيى بن أبي كثير) - قلت - ذكر ابن أبي حاتم في كتابه عن أبي عبد الله بن أبي عمر الطالقاني
قال سمعت عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال قال لنا أحمد بن حنبل اما أبو الحسن فعندي معروف وابن معتب ذكره ابن
حبان في الثقات من اتباع التابعين وذكر صاحب الكمال عن ابن حنبل انه روى عنه محمد بن أبي يحيى أيضا - ثم ذكر البيهقي
(ان عامة الفقهاء على خلافه يعنى حديث ابن عباس وانه روى عن ابن مسعود وجابر من قولهما بخلافه) ثم ذكر اثر ابن
مسعود في مملوك طلق امرأته تطليقتين ثم أعتقت (قال لا يتزوجها حتى تنكح زوجا غيره) وذكر (عن جابر قال إذا
أعتقت في عدتها فإنه يتزوجها وتكون عنده على واحدة) - قلت ليس في اثر ابن مسعود انه أعتق وإذا كان رقه باقيا وقلنا
العبرة بحاله فإنه لا يتزوجها وفي حديث ابن عباس الرجل أيضا أعتق فلا يلزم من منع ابن مسعود النكاح في اعتاقها خاصة
ان يمنعه في اعتاقهما فلم يتحقق مخالفته لحديث ابن عباس وكلام جابر أيضا لم يتعرض لا عتاقه فيحمل على أن مراده إذا أعتق
هو أيضا فكلامه حينئذ موافق لحديث ابن عباس لا مخالف ولا يحمل على ما إذا أعتقت هي خاصة وهو مملوك لأنه لا يجوز
ان يتزوجها إذا كان العبرة بحاله ولئن جوز جابر النكاح في هذه الصورة فإنه يجوز فيما إذا اعتقاد بالطريق الأولى فثبت انه
أيضا على كل حال غير خالف لحديث ابن عباس -
371

قال (باب الرجعية محرمة عليه تحريم المبتوتة حتى يراجعها)
ذكر فيه (ان ابن عمر طلق امرأته فكان يسلك الطريق الآخر كراهية ان يستأذن عليها) وذكر (عن عطاء وعمرو بن دينار
قالا لا يحل له منها شئ) - قلت رجع امام الحرمين ان الطلاق الرجعي لا يزيل الملك واستدل على ذلك النووي في
الروضة بوقوع الطلاق وعدم الحدو صحة الايلاء والظهار واللعان وثبوت الإرث وصحة الخلع وعدم الاشهاد على الأظهر
فيهما واشتهر لفظ الشافعي ان الرجعية زوجة في خمس آيات من كتاب الله تعالى واردا الآيات المشتملة على هذه الأحكام
وقال ابن حزم واذهى زوجته جاز أن ينظر منها إلى ما كان ينظر قبل ان يطلقها وان يطأها إذ لم يأت نص يمنعه من شئ
من ذلك وقد سماه الله تعالى بعلا فقال وبعولتهن أحق بردهن - وروينا عن الحكم بن عتيبة وسعيد بن المسيب ان الوطئ
رجعة وصح هذا عن النخعي وطاوس والحسن والزهري وعطاء ورويناه عن الشعبي وروى عن ابن سيرين وهو قول
الأوزاعي وابن أبي ليلى وقال مالك وابن راهويه ان نوى بالنكاح الرجعة فهو رجعة انتهى كلامه - وفي نوادر الفقهاء لابن
بنت نعيم اجمع الفقهاء على أن الجماع في العدة رجعة الا الشافعي قال ليست رجعة - وروى الطحاوي بسنده عن إبراهيم النخعي
والشعبي قالا إذا جامع ولم يشهد فهي رجعة - وعن النخعي غشيانه لها في العدة مراجعة - وعن الحكم وعطاء مثله - قال
الطحاوي ولا نعلم لمخالف هذا القول اما ما كأحد من هؤلاء - وحكى صاحب الاستذكار عن الشافعي انه ان جامعها فليس
برجعة ولها عليه مهر المثل قال ولا اعلم أحدا أوجب عليه مهر المثل غيره ولس قوله بالقوى لأنها في حكم الزوجات وترثه
ويرثها فكيف يجب مهر بوطئه امرأة في حكم الزوجة وروى عن علي أنه قال لتتشوف له وكان جماعة من فقهاء التابعين
يأمرون الرجعية ان تتزين وتتعرض لزوجها انتهى كلامه - ولم يكن لابن عمر مقصود في الاستئذان عليها ولو اراده لجاز
له فكذا لا يلزم من تركه الاستئذان امتناعه فكذا لا يلزم امتناع الوطئ لوارده - وقد روى عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر
عن نافع ان ابن عمر طلق امرأته تطليقة فكان يستأذن عليها إذا أراد ان يمر - وروى ابن أبي شيبة عن عبيد الله نحوه وذكره
البيهقي بعد هذا قريبا وقد ترك هو وامامه ما دل عليه ظاهر القرآن من بقاء الملك استدلا لا بما تقدم مع أن الصحيح الجديد
عندهم عدم الاحتجاج بآثار الصحابة فكيف من دونهم -
372

قال (باب الاشهاد على الرجعة)
ذكر فيه (عن عمران بن حصين انه سئل عن رجل طلق ولم يشهد وراجع ولم يشهد فقال طلق في غير عدة وراجع في غير سنة
فليشهد الآن) - قلت - ظاهره ان الاشهاد ليس بواجب لأنه جعله مراجعا وان ترك السنة قال الطحاوي ولا نعلم له مخالفا
من الصحابة وروى بسنده عن إبراهيم والشعبي قالا إذا جمع ولم يشهد فهي رجعة ومعنى قوله تعالى (فأمسكوهن) أي
راجعوهن (بمعروف أو فارقوهن) أي خلوا عنهن حتى يبن منكم (بمعروف) فينكحن من بدالهن ثم قال تعالى (واشهدوا)
أي على هذين الفعلين قال ابن عباس أراد الرجعة والطلاق ذكره ابن عطية في تفسيره والاشهاد على الطلاق ليس بواجب
فكذا الرجعة والامر بالاشهاد للندب كقوله تعالى (واشهدوا إذا تبايعتم) (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) -
قال (باب نكاح المطلقة ثلاثا)
373

ذكر فيه حديث سفيان عن علقمة عن رزين عن ابن عمر ثم ذكر (عن شعبة انه خالف سفيان) ثم قال (ورواية سفيان
أصح واسدل عليه (بان قيس بن الربيع رواه عن علقمة كذلك) - قلت - قد رواه عن علقمة كرواية سفيان غيلان بن
جامع كذا ذكر المزي في أطرافه وغيلان خرج له في الصحيح فهذا هو المرجح لرواية سفيان لا رواية قيس فإنه ضعيف
عند أهل العلم بالحديث كذا ذكره البيهقي في باب من زرع ارض غيره بغر اذنه -
375

قال (باب من قال يوقف المولى)
376

ذكره عن جماعة وذكر اثرا عن هشيم عن الشيباني عن بكير إلى آخره ثم قال (اسناد صحيح موصول) - قلت - سنذكر
في الباب التالي لهذا الباب عن جماعة ممن ذكرهم في هذا الباب بخلاف ذلك وهشيم مدلس وقد عرف ان عنعنة المدلس
قادحة في الصحة -
377

قال (باب من قال عزم الطلاق انقضاء الأشهر)
378

ذكر فيه (عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد الله) إلى آخره ثم قال (قال الشافعي اما ما رويت فيه عن
ابن مسعود فمرسل وحديث ابن بذيمة لم يسنده غيره يعنى لم يوصله ولو ثبت لكان قول بضعة عشر من الصحابة أولى من
قول واحد أو اثنين) - قلت رواية ابن بذيمة سندها جيد لأنه ثقة عندهم وثقه ابن معين وأبو زرعة وابن سعد والعجلي
والنسائي وغيرهم واخرج له الجماعة وقد روى معنى هذا عن ابن مسعود بسندين آخرين صحيحين قال ابن أبي شيبة ثنا
ابن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال آلى ابن انس من امرأته فلبثت ستة أشهر فبينما هو جالس في المجلس إذ ذكر
فأتى ابن مسعود فقال اعلمها انها قد ملكت أمرها إلى آخره - وقال أيضا ثنا ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة ان النعمان بن
بشير آلى من امرأته فقال ابن مسعود إذا مضت أربعة أشهر فاعترفت بتطليقة - وقد روى أيضا عنه من وجهين مرسلين
أحدهما - رواه أبو حنيفة في مسنده عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن ابن مسعود قال إذا آلى الرجل من امرأته فمضت
أربعة أشهر بانت بتطليقة وكان خاطبا في العدة لا يخطبها في العدة غيره - والثاني - رواه ابن أبي شيبة عن جرير عن المغيرة
عن النخعي، وقد ذكر البيهقي في هذا الكتاب عن ابن معين ان مرسلات النخعي صحيحة الا حديثين ليس هذا منهما وقد
بسطنا الكلام على صحة مرسل النخعي في باب المبتوتة وظهر بهذا كله ان ابن مسعود يرى وقوع الطلاق بمضي المدة
ولهذا قال صاحب الاستذكار هو مذهبه المحفوظ عنه - وقال ابن أبي شيبة ثنا حفص ويزيد بن هارون عن سعيد عن قتادة
عن الحسن عن علي قال إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة - وقال ابن حزم روينا من طريق حماد بن سلمة عن قتادة
عن خلاس بن عمرو أن عليا قال إذا مضت الأربعة الأشهر فقد بانت عنه ولا يخطبها غيره - وقال الطحاوي في أحكام
القرآن ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن عطية بن جبير عن أبيه عن علي أنها تطلق
بمضي المدة - وعطية هذا ذكره ابن حبان في الثقات - وقال ابن أبي شيبة ثنا وكيع عن الأعمش عن حبيب هو ابن أبي
ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عمرو وابن عباس قال إذا آلى فلم يفئ حتى يمضى الأربعة الأشهر فهي تطليقة بائنة -
وقال أيضا ثنا ابن فضيل عن الأعمش فذكر بسنده بمعنى ما تقدم وقال أيضا ثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن مقسم عن
ابن عباس قال عزيمة الطلاق انقضاء الأربعة والفئ الجماع وهذه الأسانيد الثلاثة صحيحة فظهر بهذا ان هذا

كذا ولعل الصواب ابن عمر -
379

القول قد صح عن أكثر من واحد واثنين من الصحابة - وفي الاشراف لابن المنذر كذا قال ابن عباس وابن مسعود
وروى ذلك عن عثمان بن عفان وعلى وزيد بن ثابت وابن عمر - وقال صاحب الاستذكار هو قول ابن عباس وابن مسعود
وزيد بن ثابت ورواية عن عثمان وابن عمر وهو قول أبى بكر بن عبد الرحمن وهو الصحيح عن ابن المسيب ولم يختلف
فيه عن ابن مسعود وقاله الأوزاعي ومكحول والكوفيون أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن صالح وبه قال عطاء
وجابر بن زيد ومحمد بن الحنفية وابن سيرين وعكرمة ومسروق وقبيصة بن ذؤيب والحسن والنخعي وذكره مالك عن
مروان بن الحكم واخرج ابن أبي شيبة عن أبي سلمة وسالم إذا مضت المدة فهي تطليقة - ثم حكى البيهقي (عن الشافعي أنه قال
في احتجاجهم بقول ابن عباس أنت تخالفه في الايلاء ثم ذكر الشافعي بسنده ان ابن عباس قال المؤلى الذي يحلف
لا يقرب امرأته ابدا) - قلت - ان أرادا ابن عباس ان هذه صورة من صور الايلاء فأبو حنيفة وأصحابه لا يخالفونه بل
يقولون بهذا اللفظ يصير مؤليا ويصير بغيره أيضا وان أراد ابن عباس الحصر وان من لا يحلف على الأبد لا يكون مؤليا فالحنفية
لم يخالفوه وحدهم بل الشافعي وعامة العلماء خالفوه ولم يقصروا الايلاء على الحلف على الأبد فلا يلزم من مخالفة ابن
عباس في هذا ان يخالف في غيره وقد ذكر البيهقي بعد هذا في باب الرجل يحلف لا يطأ امرأته أقل من أربعة أشهر (عن
ابن عباس أنه قال وقت الله أربعة أشهر فإن كان أقل من أربعة أشهر فليس بايلاء) وهذا ظاهره مخالف لما ذكره ههنا عن
ابن عباس -
380

قال (باب كل يمين أكثر من أربعة أشهر ايلاء)
- قلت - في أحكام القرآن لأبي بكر الرازي قال مالك والشافعي إذا حلف على أربعة أشهر فليس بمؤل حتى يحلف على
أكثر - قال الرازي هذا قول يدفعه ظاهر قوله تعالى تربص أربعة أشهر - فجعل هذه المدة تربصا للفئ فيها ولم يجعل تربصا
أكثر منها فمن حلف على هذه المدة أكسبه ذلك حكم الايلاء ولا فرق بين الأربعة وبين أكثر منها إذ ليس له تربص أكثر
منها - وذكر البيهقي في هذا الباب (عن ابن عباس قال كل يمين منعت جماعا فهي ايلاء) - قلت - هذا عام يشمل أربعة
أشهر وأقل وأكثر فهو غير مطابق للياب -
381

قال (باب المظاهر الذي تلزمه الكفارة)
ذكر فيه (عن الشافعي قال والذي حفظت في يعودون لما قالوا - ان المظاهر إذا أتت عليه مدة بعد الظهار ولم يحرمها
بالطلاق ولا بغيره فقد وجب الكفارة كأنهم يذهبون إلى أنه إذا امسك ما حرم على نفسه فقد عاد لما قال فخالفه فأحل ما حرم
ولا اعلم له معنى أولى به من هذا ولا اعلم مخالفا ان عليه الكفارة وان لم يعد بتظاهر آخر فلم يجز أن يقال ما لم اعلم مخالفا في أنه
ليس بمعنى الآية) - قلت - قد خالف في ذلك بعضهم فزعم أنه لا كفارة حتى يكرر لفظ الظهار مرة ثانية قال ابن حزم
روى ذلك عن بكير بن الأشج ويحيى بن زياد الفراء وروى نحوه عن عطاء انتهى كلامه ثم في تفسير العود أقوال أخر
غير ذلك مذكورة في بعضها فقيل هو الوطئ والمشهور عن مالك انه العزم على الوطئ وهو مذهب أبي حنيفة واحمد
وذكر النووي ان أبا حاتم القزويني حكاه قولا عن القديم للشافعي وقال القاضي إسماعيل إذا قصد الوطئ فقد قصد ابطال
ما كان منه من التحريم فقد عاد في ذلك القول كما يقال عاد في هبته أي رجع عنها وما ذهب إليه الشافعي من تفسيره بالامساك
استضعفه إسماعيل وغيره وردوه بأشياء - منها - ان المظاهر لم يفارق زوجته وامساكه لها موجود حال الظهار وقبله وبعده
وإنما فارق المسيس فهو يريد أن يعود - ومنها - ان الامساك وترك الطلاق متصل بالظهار وقوله ثم يعودون - يقتضى
تراخى العود - ومنها - ان العود يقتضى احداث معنى يكون به عامدا والامساك بقاء على الحالة الأولى وبقاء الانسان على
حالته لا يسمى عودا إليها فيقال للشافعي قد علم أن ثم مخالفا يقول بان العود هو التكرير ثم لو لم يقل بذلك أحد ففي تفسير العود
أقوال أخر فلم يتعين انه الامساك كما اخترته أنت مع ما فيه - وحكى الطحاوي في أحكام القرآن عن الشافعي قال لو اتبع الظهار
طلاقا يحرمها عليه ثم راجعها فعليه الكفارة ولو طلقها ساعة نكحها لان مراجعته إياها أكثر من حبسها بعد الظهار ثم قال
قال المزني هذا خلاف لأصله وهو ان كل نكاح جديد لا يعمل فيه طلاق ولا ظهار الا جديد ثم إن البيهقي اقتصر في هذا
الباب على حديث مرسل لأبي العالية الرياحي وقد قال الشافعي حديث الرياحي رياح وحكى البيهقي في باب ترك الوضوء
384

من القهقهة في الصلاة عن ابن سيرين انه كان لا يبالي عمن اخذ حديثه وفي سنده أيضا علي بن عاصم قال ابن معين ليس
بشئ وقال النسائي متروك وقال يزيد بن هارون ما زلنا نعرفه بالكذب وفيه أيضا من يحتاج إلى النظر في حاله فإن كان
اقتصار البيهقي على هذا الحديث من اجل ان الرجل صرح فيه بلفظ الظهار فقال للمرأة أنت على كظهر أمي فللبيهقي
عنه مندوحة فان هذا اللفظ قد ورد في حديث مرفوع وسنده أجود من سند هذا الحديث بلا شك أخرجه أبو داود
وسكت عنه من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام عن خويلة بنت ثعلبة وذكره البيهقي بعد في من باب له الكفارة
بالصيام -
385

قال (باب عتق المؤمنة في الظهار)
ذكر فيه (ان الشافعي شرط في هذه الكفارة الاسلام قياسا على كفارة القتل) - قلت - ألزمه صاحب المحلى فقال
فقيسوها عليها في تعويض الا طعام منها وقال غير قيد الله تعالى الصيام في الظهار والقتل بالتتابع ولم يقس عليه يعنى
الشافعي قوله تعالى في كفارة الأذى (ففدية من صيام) وقوله تعالى في كفارة الصيد (أو عدل ذلك صياما) وقوله
تعالى في التمتع (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسيعة إذا رجعتم) فلم يشترط التتابع في هذه المواضع وأشباهها
وقال ابن المنذر في الاشراف أجازت طائفة اعتاق اليهودي أو النصراني عن الظهار على ظاهر الكتاب هذا قول عطاء
والنخعي والثوري وأبى ثور وأصحاب الرأي وبه أقول لأنهم لم يجعلوا حكم أمهات النساء حكم الربائب وقالوا لكل
آية حكمها من منع ان يقاس أصل على أصل - ثم ذكر البيهقي حديثا (عن مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن
عمر بن الحكم) ثم قال (كذا رواه جماعة عن مالك ورواه يحيى بن يحيى عن مالك مجودا فقال معاوية بن الحكم) ثم ذكره
بسنده عن يحيى عن مالك عن هلال عن عطاء عن معاوية - قلت - الذي في موطأ يحيى بن يحيى بهذا السند عمر بن الحكم
لا معاوية وهكذا أورده أبو عمر في التمهيد ثم قال هكذا قال مالك في هذا لحديث عن هلال عن عطاء عن عمر بن الحكم
لم يختلف الرواة عنه في ذلك وهو وهم عند جميع أهل العلم بالحديث -
387

قال (باب اعتاق الجارية إذا أشارت بالايمان)
ذكر فيه حديث (أعتقها فإنها مؤمنة) - قلت - ذكر صاحب المحلى انها لم تكن كفارة يمين ولا ظهار ولا وطئ في رمضان وهم
يجيزون الكافرة في الرقبة المنذورة فقد خالفوا هذا الخبر وأيضا فنحن لا ننكر عتق المؤمنة وليس في الخبر أنه لا يجوز الكافرة -
قال (باب وصف الاسلام)
ذكر في آخره حديث الشريد (قلت) يا رسول الله ان أمي أوصت ان أعتق عنها رقبة)
388

وفي آخره (أعتقها فإنها مؤمنة) - قلت - ذكر صاحب المحلى انه عليهم لا لهم لأنهم يجيزون في رقبة الوصية كافرة -
389

قال (باب لا يجزيه ان يطعم أقل من ستين مسكينا كل مسكين مدا)
ذكر فيه (انه عليه السلام أعطى سلمة بن صخر عرقا فيه خمسة عشر أو ستة عشر صاعا) إلى آخره ثم ذكره من حديث
390

سليمان بن يسار عن سلمة وفيه (انطلق إلى صاحب صدقة بنى زريق فليدفعها إليك فأطعم منها وسقا ستين مسكينا واستغن
بسائرها عليا لك) إلى آخره - قلت - صحح صاحب المستدرك هذا الحديث وقال على شرط مسلم وأخرجه أبو داود وقال
الخطابي فيه حجة لأبي حنيفة في أن خمسة عشر صاعا لا تجزيه عن كفارة الظهار ثم ذكر ان الشافعي قدرها بخمسة عشر صاعا
وان الثوري وأصحاب الرأي ذهبوا إلى حديث سلمة وهو أحوط الامرين وقد يحتمل أن يكون الواجب ستين صاعا ثم
يؤتى بخمسة عشر فيقول تصدق بها ولا يدل على أنها تجزيه عن الجميع ولكن يتصدق بها في الوقت والباقي دين عليه كما يكون
للرجل على صاحبه ستون صاعا أو درهما فيجئ بخمسة عشر فإنه يأخذها منه ويطالبه بخمسة وأربعين انتهى كلامه ويؤيده
ما أخرجه الدارقطني عن انس ان أوسا قال ما أجد الا ان تعينني منك بعون وصلة فاعانه صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا
قال وكانوا يرون ان عنده مثلها وذلك لستين مسكينا - واستدل الطحاوي على هذا بما أخرجه بسند جيد من حديث يوسف
ابن عبد الله بن سلام عن خولة انه عليه السلام أعان زوجها حين ظاهر منها بعرق من تمر واعانته هي بعرق آخر وذلك
ستون صاعا - وهذا الحديث ذكره البيهقي في هذا الباب وفي باب من له الكفارة بالصيام بلفظ آخر واستدل الطحاوي
أيضا بما في الصحيحين انه عليه السلام قال لكعب بن عجرة في فدية الأذى أو أطعم ستة مساكين كل مسكين نصف صاع -
وانهم اجمعوا على العمل بذلك - ثم ذكر البيهقي حديث سلمة من وجه آخر ولفظه (فليدفع إليك وسقا من تمر فأطعم ستين مسكينا
وكل بقيته) ثم أوله (بأنه يعطى من الوسق ستين مسكينا ثم يأكل بقيته أي بقية الوسق) - قلت - يحمل على أن كل بقية
التمر أي بقية ما عند صاحب الصدقة من التمر وهذا لتتفق هذه الرواية مع الرواية الأولى ثم ذكر البيهقي حديث يوسف
391

ابن عبد الله بن سلام عن خويلة ولفظه (فاتى بعرق من تمر قلت وانا أعينه بعرق آخر قال والعرق ستون صاعا) ثم ذكره
من طريق أبى داود نحوه ولفظه (قال والعرق مكتل يسع ثلاثين صاعا ثم قال أبو داود هذا أصح) - قلت - فالعرقان
392

إذا ستون صاعا من التمر فهو حجة عليهم لأبي حنيفة لان عنده يكفي من البر ثلاثون صاعا لكل مسكين نصف صاع ومن
التمر ستون صاعا لكل مسكين صاعا -
قال (باب الزوج يقذف امرأته فيخرج من موجب)
قذفه بان يأتي بأربعة يشهدون عليها بالزنا أو يلتعن
393

قلت عطف قوله أو يلتعن علي قوله فيخرج من موجب قذفه بأن يأتي بأربعة دليل على أنه إذا أتى بالشهود لا يلتعن وقد قال
صاحب التمهيد قال مالك والشافعي يلاعن كان له شهود أو لم يكن لان الشهود ليس لهم عمل في غير درء الحد واما رفع
الفراش ونفى الولد فلا بد فيه من اللعان وقال أبو حنيفة وأصحابه إنما جعل اللعان للزوج إذا لم يكن له شهداء غير نفسه زاد
في الاستذكار وهو قول داود -
394

قال (باب من يلاعن من الأزواج)
(قال الشافعي) لما ذكر الله اللعان على الأزواج كان اللعان على كل زوج جاز طلاقه ولزمه الفرض) إلى آخره - قلت -
قوله تعالى (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء الا أنفسهم) استثناء للزوج من الشهداء فعدل انه منهم لان المستثنى
395

من جنس المستثنى منه والكافر والعبد ليسا من أهل الشهادة فلم تتناولهما الآية وقال الله تعالى (والخامسة ان لعنة الله عليه إن كان
من الكاذبين) - والكافر لا يشترط في استحقاقه اللعنة كذبه في القذف وإنما يختص هذا بالمسلم فثبت ان الآية لم تتناول
الكافر ثم قال البيهقي (قال الشافعي) - قالوا - روى عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال أربع لالعان بينهن الحديث - قلنا - رويتم هذا عن رجل مجهول ورجل غلط وعمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو
396

منقطع) ثم ذكر البيهقي للحديث طرقا وضعفها ثم قال (لعله نقل إلى الشافعي كما حكاه عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو
وذلك منقطع ولكن من رواه مرفوعا أو موقوفا إنما رواه عن عمرو عن أبيه عن جده وذلك موصول عند أهل الحديث
فقد سمى بعضهم جده فقال عبد الله بن عمرو وسماع شعيب صحيح من عبد الله لكن لم تصح أسانيد الحديث إلى عمرو)
قلت - لم يسم الشافعي المجهول ولا الذي غلط ولا بينهما البيهقي وقد روى هذا الحديث عبد الباقي بن قانع وعيسى بن ابان من
حديث حماد بن خالد الخياط عن معاوية بن صالح عن صدقة أبى توبة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عنه عليه السلام
وحماد ومعاوية من رجال مسلم وصدقة ذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال روى عنه معاوية بن صالح وذكره ابن أبي
حاتم في كتابه وقال روى عنه أبو الوليد وعبيد الله بن موسى وهذا يخرجه عن جهالة العين والحال وقول الشافعي
ورجل غلط أظنه أراد به عمرو بن شعيب وقد ذكرنا في باب من قال المعدن ركاز أنه ثقة وقد عمل العلماء بأحاديثه وعمل
بها الشافعي في مواضع وعمل بها أيضا خصومه فلا نسلم انه غلط ثم من جملة طرق البيهقي لهذا الحديث انه أخرجه من حديث
عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثم حكى (عن الدارقطني انه ضعف عثمان) ثم قال
البيهقي (وعطاء أيضا غير قوى) انتهى كلامه وعطاء وثقه ابن معين وأبو حاتم وغيرهما واحتج به مسلم في صحيحه وابنه
عثمان ذكره ابن أبي حاتم في كتابه وقال سألت عنه أبى فقال يكتب حديثه ثم ذكر عن أبيه قال سألت دحيما عنه فقال
لا بأس به فقلت ان أصحابنا يضعفونه فقال وأي شئ حدث عثمان من الحديث واستحسن حديثه فعلى هذا أقل الأحوال أن تكون
روايته هذه متابعة لرواية صدقة والبيهقي قد خالف الشافعي في قوله إن الحديث منقطع وأثبت اتصاله واعتذر عن
الشافعي وقد تبين بما قلنا إن سند هذا الحديث جيد فلا نسلم قول البيهقي (لم تصح أسانيده إلى عمرو) -
397

قال (باب اللعان على الحمل)
ذكر فيه حديثا عن سهل وحديثا عن ابن مسعود - قلت - كان اللعان فيهما بالقذف لا بنفي الحمل - ثم ذكر حديث ابن مسعود
(لاعن عليه السلام بالحمل) - قلت - أصله حديثه المتقدم وكان اللعان فيه بالقذف كما تقدم - ثم ذكر من حديث سليمان
405

ابن بلال (عن يحيى بن سعيد اخبرني عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن ابن عباس) الحديث وفيه (فوضعت
شبيها بالذي ذكر زوجها انه وجده عندها فلا عن عليه السلام بينهما) ثم قال البيهقي (هذه الرواية توهم انه لاعن بينهما
بعد الوضع) - قلت - ليست بموهمة لذلك بل هي صريحة فيه وقد وافق سليمان على هذا الحديث بهذا اللفظ الليث فأخرجه
البخاري ومسلم من حديثه عن يحيى بن سعيد بسنده فإن كان اللعان فيه بالقذف فلا خلاف فيه وإن كان بالحمل فبعد أن وضع
وبانت حقيقته فلا حجة فيه وقال الطحاوي مذهب أبي حنيفة انه إذا نفى حملها لا يلاعن لأنه يجوز أن لا يكون حملا ولهذا
لو كانت امتنه حاملا فقال لعبده إن كانت أمتي حاملا فأنت حر فمات أبو العبد قبل ان تضع لا يرثه العبد في قول جميعهم فقد
لا يكون حملا فلا يستحق العتق وإنما نفى النبي عليه السلام الولد لأنه علم بالوحي وجوده ولهذا قال إن جاءت به كذا فهو
406

لقلان الحديث - فان قيل - أوجب الله تعالى النفقة للمطلقة الحامل بقوله تعالى (وان كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى
يضعن حملهن) فكما ينفق عليها ما يغتذى به ولدها قبل وضعه فكذا اللعان - قلنا - النفقة عليها بسبب العدة إذ لو كانت
للحمل سقطت إذا كان للحمل مال بإرث أو غيره ولو أوصى للحمل بمال لا ينفق على المطلقة من ذلك المال ولو كانت
المطلقة آئسة من الحمل تجب النفقة وقوله تعالى (حتى يضعن حملهن) - غاية لوجوب النفقة به يقتضى وجوبها عليه وبعد الوضع
يعلم حقيقة انها كانت حاملا وذكر ابن رشد في القواعد وجها آخر وهو ان اللعان إذا مضى لا يمكن رده والنفقة يمكن ردها
وعن مالك لا تفقه للمطلة الحامل حتى تضع فيقضى لها بنفقة ما مضى وهو قياس القول بأن اللعان لا يكون الا بعد وضعه الا انه
مخالف لظاهر قوله تعالى (وان كن أولات حمل) الآية - فان قيل - قضاؤه عليه السلام في دية شبه العمد بالخلفات التي في
بطونها أولادها دليل على أن الحمل يدرك - قلنا - هن حوامل بغلبة الظن ظاهرا لا تحقيقا فان تبين ذلك الظاهر بوضعهن
مضى الامر والاردهن وطالب بالحوامل ولا يمكن ذلك في اللعان إذا امضى وقال أبو بكر الرازي وإنما ترد الجارية بعيب
الحمل إذا قال النساء هي حبلى لان الرد بالعيب ثبت مع الشبهة كسائر الحقوق التي لا تسقطها الشبهة والحد لا يجوز اثباته بالشبهة -
407

قال (باب ما يكون بعد التعان الزوج من الفرقة)
ذكر فيه حديث ابن عمر (ان رجلا لاعن امرأته في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرق بينهما) - قلت - لا عن فاعل
والمفاعلة من الطرفين والفاء في قوله ففرق يقتضى التعقيب فظاهر هذا الحديث ان التفريق وقع بعد التعانهما ولو وقعت
الفرقة بلعان الزوج لاستحال قول عويمر كذبت عليها ان أمسكتها لأنه في تلك الحال غير ممسك لها فدل ذلك على أن الفرقة
لم تقع بعد وقرره عليه السلام على ذلك وقال تعالى (والذين يرمون أزواجهم) - فأوجب تعالى اللعان بين الزوجين ثم قال
تعالى (ويدرأ عنها العذاب) - يعنى الزوجة فلو وقعت الفرقة بلعان الزوج للاعنت وهي أجنبية وذلك خلاف ظاهر الآية
وعلى هذا لو قذفها ثم طلقها ثلاثا فأكثر الحنفية انه لا يلاعن وقال الشافعي يلاعن - قال الطحاوي أوجب تعالى اللعان
بين الزوجين فإذا زالت الزوجية سقط اللعان كما لو شهدوا بالزنا فحم القاضي بشهادتهم ثم رجعوا كان ذلك شبهة في سقوط
الحد كذلك الفرقة مسقطة للعان إذ في غير النكاح لالعان بحال - وفي نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع الفقهاء على أن الزوج
409

إذا الاعن لم تقع الفرقة الا الشافعي فإنه قال تقع الفرقة بلعانه وقال الطحاوي لم نجد هذا القول عن أحد تقدمه من أهل العلم
وفي تطليق عويمر لها دليل على أن النكاح عنده قائم إلى الان ولم ينكر النبي عليه السلام ذلك عليه ولم يقل له طلاقك لا يقع
عليها وقال أبو بكر الرازي لو كانت الفرقة وقعت قبل ذلك لاستحال قوله لها بحضرته عليه السلام كذبت عليها ان امسكتها
- وهو غير ممسك لها وليس في الأحاديث التي ذكرها البيهقي في هذا الباب دلالة على مدعاه -
قال (باب لا لعان ولاحد في التعريض)
410

ذكر فيه حديث (لعله نزعه عرق) - قلت - سيأتي الكلام على هذا في الحدود إن شاء الله تعالى -
411

قال (باب الولد للفراش بملك اليمين والنكاح)
ذكر فيه حديث ابن أمة زمعة قلت - هذا حديث مشكل خارج عن الأصول المجمع عليها لان الأمة مجمعة على أن أحدا
لا يدعى عن أحد دعوى الا بتوكيل من المدعى ولم يذكر هنا توكيل عتبة لأخيه سعد بأكثر من دعواه وهو غير مقبول
عند الجميع ولان عبد بن زمعة لم يأت بينة تشهد على اقرار أبيه ولا خلاف ان دعواه لا تقبل على أبيه ولا دعوى أحد على
غيره قال الله تعالى (ولا تكسب كل نفس الا عليها) وعند مالك رحمه الله لا يستلحق أحد غير الأب والمشهور من مذهب
الشافعي ان الأخ لا يستلحق ولا يثبت بقوله نسب ولا يلزم المقر بأخ ان يعطيه ميراثا وقال في غير موضع من كتبه لو قبل
استلحاق غير الأب كان فيه حقوق على الأب من غير اقراره ولا بينة عليه - واختلف في قوله هو لك يا عبد - قال بعضهم
معناه هو أخوك قضاء منه عليه السلام بعلمه لا باستلحاق عبد له لان زمعة كان صهره عليه السلام وسودة ابنته كانت زوجته
عليه السلام فيمكن انه عليه السلام علم أن زمعة كان يمسها وقال ابن جرير الطبري معناه هو لك يا عبد ملكا لأنه ابن وليدة أبيك
412

أبيك وكل أمة تلد من غير سيدها فولدها عبد ولم يقر زمعة ولا شهد عليه والأصول تدفع قبول قول ابنه فلم يبق الا انه عبد
تبعا لامه - وقال الطحاوي لا يجوز ان يجعله عليه السلام ابنا الزمعة ثم يأمر أخته ان تحتجب منه هذا محال لا يجوز أن يضاف
إلى النبي صلى الله عليه وسلم - وفي الاستذكار عند الكوفيين ولد الأمة لا يلحق الا بدعوى السيد سواء أقر بوطئها أم لا وسلفهم
في ذلك ابن عباس وزيد بن ثابت - روى شعبة عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس انه كان يأتي جارية له
فحملت فقال ليس منى انى اتيتها اتيانا لا أريد به الولد يعنى العزل، وروى سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد
بن ثابت ان أباه كان يعزل عن جارية فارسية فجاءت بحمل فأنكره وقال إني لم أكن أريد ولدك، وروى شعبة عن قتادة
عن سعيد بن المسيب قال ولدت جارية لزيد بن ثابت فقال إنه ليس منى وانى كنت اعزل عنها -
413

قال (باب من قال الأقراء الحيض)
ذكر فيه من حديث ابن علية (عن أيوب عن سليمان بن يسار أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها
ان تدع الصلاة أيام أقرائها) ثم قال (وكذا رواه عبد الوارث وحماد بن زيد عن أيوب الا انهما ذكرا أن أم سلمة
استفتت لها وزعم إبراهيم بن إسماعيل بن علية ان ابن عيينة رواه عن أيوب هكذا قال الشافعي ما حدث سفيان بهذا قط وإنما
قال عن أيوب عن سليمان بن يسار عن أم سلمة انه عليه السلام قال تدع الصلاة عدد الأيام والليالي التي كانت تحيض -
أو قال أيام أقرائها - الشك من أيوب ونافع احفظ عن سليمان بن يسار من أيوب وهو يقول مثل أحد معنيى أيوب) قال
البيهقي (الأحاديث التي فيها هذا اللفظ مختلف فيها فبعضا الرواة يقول أيام أقرائها وبعضهم أيام حيضها وكل ذلك من
الرواة كل يعبر بما يقع له والأحاديث الصحيحة متفقة على العبارة بأيام الحيض دون الأقراء) - قلت - ان وقع في رواية
416

ابن عيينة عن أيوب شك فرواية ابن علية وعبد الوارث وحماد بن زيد عن أيوب لا شك فيها ففيها كفاية وحديث نافع
اختلف عليه في اسناده فرواه مالك وغيره عنه عن سليمان عن أم سلمة وأخرجه أبو داود من طريق عبيد الله بن عمرو بن عثمان
عن رجل (1) من الأنصار أن امرأة كانت تهراق الدماء فاستفتت لها أم سلمة - ومن طريق الليث عنه عن سليمان عن رجل اخبره
عن أم سلمة واختلف على نافع في لفظه أيضا فروى عنه كما تقدم وروى عنه بلفظ الأقراء قال ابن أبي شيبة في مسنده ثنا
يزيد بن هارون انا حجاج عن نافع عن سليمان بن يسار أن امرأة أتت أم سلمة نسأل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
المستحاضة فقال تدع الصلاة أيام أقرائها - وقد وقع لفظ الأقراء في رواية أخرى لابن عيينة بسند جيد قال النسائي انا محمد
ابن المثنى ثنا سفيان عن الزهري عن عمرة عن عائشة ان أم حبيبة كانت تستحاض فسألت النبي عليه السلام فأمرها ان تترك
الصلاة قدر أقرائها وحيضها وهذا من باب العطف إذا تغايرت الألفاظ كقوله - والفي قولها كذبا ومينا - واخرج
النسائي أيضا بسند رجاله ثقات عن عمرة عن عائشة ان أم حبيبة استحيضت فذكرت شأنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لتنظر قد قرئها التي كانت تحيض لها - الحديث ووقع أيضا لفظ الأقراء من غير وجه من رواية عروة عن عائشة
واخرج أيضا النسائي وأبو داود بسند رجاله ثقات ان فاطمة بنت أبي حبيش شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم
فقال إن اتاك قرؤك فلا تصلى فإذا مر قرؤك فتطهري ثم صلى ما بين القرء إلى القرء - فظهر بهذا ان الأحاديث الصحيحة
وقعت بلفظ الأقراء أيضا وفى بعضها تصريح بأنها من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن حزم ثبت انه عليه السلام
قال للمستحاضة إذا اتاك قرؤك فلا تصلى وانه أمرها ان تترك الصلاة قدر أقرائها وحيضتها انتهى كلامه وإذا ثبت اطلاقه
عليه السلام القرء على الحيض يعنى (2) حمل الآية على ذلك -

(1) كذا والذي في سنن أبي داود عن عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن رجل
(2) كذا ولعله - تعين -
417

قال (باب الحيض على الحمل)
422

ذكر في آخره (عن عطاء في الحامل ترى الدم فإنها تتوضأ وتصلى ولا تغتسل) - قلت - إلى هذا ذهب عامة أهل العلم أن
الحامل لا تحيض وبه قال عطاء وابن المسيب والحسن وعكرمة وجابر بن زيد ومكحول ومحمد بن المنكدر وسليمان بن يسار
والزهري والشعبي والنخعي والثوري والأوزاعي والحكم وحماد وأبو حنيفة وأصحابه واحمد وداود وأبو ثور وأبو عبيد
وابن المنذر واحتجوا بحديث لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة - وسنذكره في الباب الذي يلي هذا
الباب وبما أخرجه أحمد بن حنبل من حديث رويفع بن ثابت قال عليه السلام لا يحل لاحد ان يسقى ماءه زرع غيره ولا يقع
على أمة حتى تحيض أو يبين حملها - فجعل عليه السلام وجود الحيض علما على تعرف براءة الرحم من الحبل في الحديثين
فلو جاز اجتماعهما لم يكن دليلا على انتفائه ولو احتمل الحبل بعد الاستبراء بحيضة لم يحل وطوها للاحتياط في امر الابضاع
وعن علي قال إن الله رفع الحيض عن الحبلى وجعل الدم بما تغيض الأرحام وعن ابن عباس قال إن الله رفع الدم عن الحبلى
وجعله رزقا للولد - رواهما ابن شاهين وقد اجمعوا على أن طلاق الحامل ليس ببدعة في زمن الدم وغيره فلو كانت تحيض
لكان طلاقها فيه بدعة -
424

قال (باب عدة الأمة)
425

ذكر في آخره حديثا فيه مظاهر فقال (مجهول والصحيح عن القاسم انه سئل عن عدة الأمة فقال الناس يقولون حيضتان)
- قلت - مظاهر معروف روى عنه ابن جريج والثوري وأبو عاصم النبيل وذكره ابن حبان في الثقات من اتباع التابعين
وقال الحاكم في المستدرك لم يذكره أحد من مقتدى مشايخنا يجرح فالحديث إذا صحيح وروى ابن ماجة بسند جيد عن
عائشة قالت أمرت بريرة ان تعتد بثلاث حيض - وذكر الطحاوي في أحكام القرآن أن عمر جعل عدة الأمة حيضتين وذلك
بحضرة الصحابة رضي الله عنهم وفي المحلى مذهب جمهور السلف من الصحابة والتابعين ان عدة الأمة حيضتان وصح عن
عمر وابنه وزيد ثم لا منافاة بين حديث القاسم هذا وبين قوله الناس يقولون حيضتان وقد ورد عنه أنه قال مضى الناس إلى
هذا ذكره ابن حزم وغيره وذكره البيهقي فيما مضى في باب عدد طلاق العبد عن زيد بن أسلم قال سئل القاسم عن الأمة
كم تطلق قال طلاقها اثنتان وعدتها حيضتان فقيل له أبلغك عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا قال لا - ومذهب الشافعي وأصحابه
ان عدة الأمة طهران وانها إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة خرجت من عدتها فخالفوا السلف والخلف وما في هذا الباب من
الحديث والآثار فزعموا أن عدتها طهران ولم يستوعبوا الحيضتين مع النص عليهما وإذا ثبت ان عدة الأمة حيضتان كانت
عدة الحرة ثلاث حيض وثبت ان الأقراء هي الحيض مع ما أيده من حديث المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها وقوله
عليه السلام في سبايا أو طاس (لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة) - أخرجه البيهقي فيما بعد في
باب استبراء من ملك الأمة من حديث أبي داود السجستاني وقال أبو بكر الرازي معلوم ان أصل العدة موضوع
للاستبراء ومعرفة براءة الرحم من الحبل وقال تعالى (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر
واللائي لم يحضن) فأقام تعالى الأشهر مقام الحيض فدل على أن الحيض هي الأصل ولأنه تعالى حصر الأقراء في ثلاثة
فوجب استيفاؤها ومن فسرها بالأطهار لا يستوفيها لان طلاق السنة ان يوقع في طهر لم يجامعها فيه فلا بد أن يصادف
طهر امضى بعضه ثم تعتد بعده بطهرين فصارت طهرين وبعض طهر وليس هذا كقوله تعالى (الحج أشهر معلومات)
لأنه لم يحصر بعدد وهنا عينت الثلاث فلا بد من استيفائها ولهذا كان الأكابر من الصحابة يقولون الأقراء هي الحيض
وفي الاستذكار قال الأوزاعي الجماعة من أهل العلم على أن الأقراء هي الحيض وحى الطحاوي وأبو عمر انه مذهب
426

عمرو على وابن مسعود وأبي موسى وأبى الدرداء ومعاذ - وزاد الطحاوي زيد بن ثابت وابن عمر وزاد أبو عمر عبادة
وابن عباس قال وهو مذهب الثوري والأوزاعي وأبي حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى وابن شبرمة والحسن بن صالح
وإسحاق وأبى عبيد وسائر الكوفيين وأكثر العراقيين وحكاه الأثرم عن أحمد بن حنبل وذكر الحربي انه الذي استقر عليه
427

قال (باب عدة الحامل)
428

ذكر فيه (عن أبي عطية مالك بن الحارث عن عبد الله يعنى ابن مسعود أنه قال أنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى)
قال (أخرجه البخاري في الصحيح فقال وقال سليمان بن حرب وأبو النعمان) فذكره - قلت - الكلام عليه من وجهين
- أحدهما - ان البخاري أخرجه في الصحيح من تفسير سورة البقرة متصلا فقال حدثني حبان ثنا عبد الله انا عبد الله بن
عون فأغفل البيهقي هذا وجعله من تعليقات البخاري والثاني ان النسائي اخرج هذا الحديث وسمى أبا عطية مالك بن عامر
وكذا فعل البخاري في تفسير سورة النساء وأخرجه في تفسير سورة البقرة وقال مالك بن عامر أو مالك بن عوف على
الشك وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال مالك بن عامر وقيل مالك بن زيد وذكره ابن أبي حاتم في كتابه فقال
مالك بن عامر ويقال مالك بن زبيد ولم يقل أحد فيما علمت ابن الحارث كما قال البيهقي -
430

قال (باب قوله تعالى الا ان يأتين بفاحشة مبينة)
431

ذكر فيه (عن ابن عباس ان الفاحشة المبينة ان تفحش المرأة على أهل الرجل وتؤذيهم) ثم ذكر (عن الشافعي ان سنته
عليه السلام في حديث فاطمة تدل على أن الآية كما تأول ابن عباس) - قلت - حديث فاطمة منهم من رده كما ذكر البيهقي
في هذا الباب وكما سنذكره في باب المبتوتة لا نفقة لها إن شاء الله تعالى وفي بعض طرقه الصحيحة فقال عليه السلام لا نفقة
لك ولا سكنى - وقال صاحب التمهيد ومنهم من زعم أن المبتوتة لا سكنى لها ولا نفقة وقالوا لو كان لها السكنى لما أمرها
عليه السلام ان تخرج من بيت زوجها وبه قال ابن حنبل وابن راهويه وأبو ثور وداود وروى عن علي وابن عباس وجابر
432

ثم ذكر التأويلين في خروجها - أحدهما - ما ذكره الشافعي وغيره وهو البذاء والاستطالة بلسانها - والثاني - الخوف
عليها ثم قال (ولكن من طريق الحجة وما يلزم عنها قول ابن حنبل ومن تابعه أصح وأحج لأنه لو وجب السكنى عليها
وكانت عبادة تعبدها الله بها لا لزمها عليه السلام ولم يخرجها من بيت زوجها) وقد أجمعوا على أن المرأة التي تبذو على
احمائها بلسانها تؤدب وتقصر على السكنى في المنزل الذي طلقت فيه وتمنع من اذى الناس فدل ذلك على أن من اعتل بمثل
هذه العلة في انتقالها اعتل بغير صحيح ولا متفق عليه من الخبر - وفي شرح العمدة من قال لها السكنى يحتاج إلى الاعتذار
433

عن حديث فاطمة فقيل إنها كانت استطالت وقيل خافت في ذلك المنزل وسياق الحديث على خلاف هذه التأويلات فإنه
يقتضى ان سبب اختلافها مع الوكيل بسبب سخطها الشعير وانه ذكر لا نفقة لها فسألت النبي عليه السلام فالتعليل هو
لاختلاف في النفقة لا هذه الأمور فان قام دليل أقوى من هذا الظاهر عمل به -
434

قال (باب الاحداد)
437

ذكر في آخره حديثا (عن محمد بن طلحة عن الحكم عن عبد الله بن شداد عن أسماء) ثم قال (لم يثبت سماع عبد الله من
أسماء وقد قيل عن أسماء فهو مرسل ومحمد بن طلحة ليس بالقوى) - قلت ابن شداد لم يذكر من المدلسين والعنعنة من
غير المدلس مجمولة على الاتصال إذا ثبت اللقاء أو أمكن على الاختلاف المعروف بين البخاري ومسلم ومسلم لا يشترط ثبوت
السماع وحكى ابن عبد البر عن جمهور أهل العلم أن عن وأن سواء قال واجمعوا على أن قول الصحابي عن رسول الله أو ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أو سمعت سواء ومحمد بن طلحة هو ابن مصرف اتفق الشيخان عليه وقد جاء لحديثه هذا
متابعة وشاهد أخرجه قاسم من طريق شعبة ثنا الحكم عن عبد الله بن شداد أنه عليه السلام قال لامرأة جعفر إذا كان ثلاثة
أيام أو من بعد ثلاثة البسي ما شئت - وروى أيضا من طريق الحجاج بن أرطأة عن الحسن بن سعد عن عبد الله بن شداد
ان أسماء استأذنت النبي عليه السلام ان تبكى على جعفر فأذن لها ثلاثة أيام ثم بعث إليها ان تطهري واكتحلي - ذكر ذلك
صاحب المحلى وذكر رواية الحسن بن سعد ابن منده أيضا في معرفة الصحابة -
438

قال (باب أقل الحمل)
ذكر فيه (ان عليا أنكر على عمر حين هم برجم امرأة ولدت لستة أشهر) ثم ذكره من وجه آخر (انه أنكر ذلك على
عثمان) - قلت - ذكره أبو عمر في الاستذكار من وجهين آخرين - أحدهما - ان ابن عباس هو الذي أنكره على عمر
والثاني - ان ابن عباس أنكره على عثمان -
442

قال (باب استبراء أم الولد) ذكر فيه (عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ومطر عن رجاء عن؟؟؟ بن ذؤيب عن عمرو بن العاص
447

قال لا تلبسوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم الحديث ثم ذكر (عن الدارقطني قال لم يسمع قبيصة من عمرو) - قلت -
قد قدمنا مرارا أن هذا على مذهب من يشترط ثبوت السماع وان مسلما أنكر ذلك انكارا شديدا وزعم أن المتفق عليه انه
يكفي للاتصال امكان اللقاء وقبيصة ولد عام الفتح وسمع عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وأبا الدرداء فلا شك في امكان
سماعه من عمرو وقال صاحب التمهيد أدرك أبا بكر الصديق وله سن لا ينكر معها سماعه منه - وقد اخرج صاحب المستدرك
هذا الحديث وقال صحيح على شرط الشيخين وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى عن أبي بكر بن أبي شيبة عن
عبد الاعلى عن سعيد عن مطر فذكره ثم قال سمع ابن أبي عروبة من قتادة ومطر فمرة يحدث عن هذا وأخرى عن ذاك
ثم ذكر البيهقي آخر الباب اثرا عن خلاس عن علي ثم ضعف روايته - قلت - وذكر عبد الرزاق في مصنفه عن ابن المبارك
عن الحجاج عن الحكم بن عتيبة عن علي قال عدة السرية ثلاث حيض وقال الطحاوي في اختلاف العلماء لا يختلفون انها
لا يجوز لها التزويج مدة الحيض فدل على أنها عدة لا استبراء لان الاستبراء لا يمنع التزويج كالأمة المستبرأة وإذا ثبت
انها عدة ولم نجد في العدد حيضة واحدة وجب أن تكون ثلاث حيض -
448

قال (باب استبراء من ملك الأمة)
ذكر فيه حديثنا من طريق أبى داود ثم ذكره من وجه آخر من طريقه (قال ثنا سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية عن ابن
إسحاق بهذا الحديث قال حتى يستبرئها بحيضة قال أبو داود الحيضة ليست بمحفوظة) قال البيهقي (يعنى في حديث رويفع)
قلت - الذي في سنن أبي داود رواية ابن داسه انه ذكر حديث أبي معاوية ثم قال زاد فيه بحيضة وهو وهم من أبى
معاوية وهو صحيح من حديث أبي سعيد وهذا بين لا يحتاج إلى تفسير البيهقي بقوله (يعنى في حديث رويفع) ثم ذكر
البيهقي حديث أبي الدرداء كيف (يورثه كيف يسترقه) ثم قال (وهذا لأنه قد يرى أن بها حملا وليس بحمل فيأتيها فتحمل
منه فيراه مملوكا وليس بمملوك) قلت هذا التأويل يدفعه قوله كيف يورثه وإنما معنى الحديث انه قد تتأخر ولادتها
فيشتبه هل الولد من الأول أم من الثاني فبتقدير انه من الثاني يكون ولده ويتوارثان وبتقدير كونه من الأول لا يتوارث
مع الثاني بل يستخدمه لأنه مملوكه فمعنى الحديث انه قد يستلحقه مع أنه لا يحل توريثه ومزاحمة بقية الورثة وقد يستخدمه
449

ويتملكه مع أنه لا يحل له لاحتمال انه منه ذكره النووي بمعناه في شرح مسلم - ثم ذكر البيهقي من حديث ابن عياش عن
الحجاج بن أرطأة عن الزهري عن انس استبرأ عليه السلام صفية بحيضة) ثم قال (في اسناده ضعف) - قلت - ذكره
عبد الرزاق في مصنفه عن إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن انس فيقوى الحديث بهذه المتابعة -
450

قال (باب من قال لا يحرم من الرضاع الا خمس رضعات)
453

ذكر فيه حديث عائشة (ثم نسخن بخمس معلومات؟؟؟ عليه السلام وهي فيما يقرأ من القرآن) - قلت - قد ثبت ان
هذا ليس من القرآن الثابت ولا تحل القراءة به ولا اثباته في المصحف ومثل هذا عند الشافعي ليس بقرآن ولا خبر
وقد ذكرنا ذلك غير مرة فيما مضى وفي موطأ مالك عن نافع ان سالم بن عبد الله حدثه ان عائشة أرسلت به إلى أختها أم كلثوم
بنت أبي بكر فقالت ارضعيه عشر رضعات حتى يدخل على فأرضعتني ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعني غير ثلاث مرات
فلم أكن ادخل على عائشة من اجل ان أم كلثوم لم تتم لي عشر رضعات - وذكره البيهقي في آخر هذا الباب وذكره أيضا
صاحب التمهيد ثم قال فلأجل هذا الحديث قال أصحابنا انها تركت حديثها وفعلها هذا يدل على وهن ذلك القول لأنه
يستحيل ان تدع الناسخ وتأخذ بالمنسوخ - واسند ابن حزم عن إبراهيم بن عقبة سألت عروة عن الرضاع فقال كانت عائشة
لا ترى شيئا دون عشر رضعات فصاعدا ثم ذكر عنها قالت إنما تحرم من الرضاع سبع رضعات - قال ابن حزم الأول عنها
أصح وهذا كله يدل على أن مذهبها مخالف لهذا الخبر وانها لا تعتبر في التحريم خمس رضعات ثم ذكر البيهقي حديث ابن
الزبير (لا تحرم المصة ولا المصتان) ثم قال إنما اخذه ابن الزبير من عائشة - قلت - رده محمد بن جرير الطبري في تهذيب
454

الآثار بأنه حديث مضطرب روى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه عن أبيه مرفوعا وعنه عن عائشة مرفوعا وموقوفا
ورده أيضا ابن عبد البر وغيره بان مدار هذا الحديث على عروة وقد صح عنه انه يحرم بقليل الرضاع وكثيره كذا ذكر
ابن حزم عنه وفي موطأ مالك عن إبراهيم بن عقبة انه سأل سعيد بن المسيب عن الرضاعة فقال كل ما كان في الحولين وإن كان
ت قطرة واحدة فهو محرم وما كان بعد الحولين فإنما هو طعام يأكله قال إبراهيم ثم سألت عروة فقال مثل ما قال سعيد -
قال الطحاوي فلم يخالف عروة ما رواه في ذلك الا لثبوت نسخه عنده - ثم ذكر البيهقي حديث أم الفضل (لا يحرم الاملاجة
ولا الاملاجتان) - قلت - رد صاحب التمهيد حديث عائشة باضطرابه كما تقدم ثم قال (وحديث أم الفضل في ذلك
أضعف) وقال ابن جرير حديث أم الفضل مضطرب الاسناد رواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن صالح أبى الخليل عن
عبد الله بن الحارث عن مسيكة عن عائشة موقوفا عليها - ثم هذا الحديث وحديث ابن الزبير غير مطابقين للباب إذ لا يلزم
من عدم تحريم المصة والمصتين التحديد بخمس إذ بينهما واسطة قال أبو عمر وقال أبو ثور وأبو عبيدة وداود لا يحرم
الا ثلاث رضعات واحتجوا بحديث المصة والمصتين والاملاجة والاملاجتين قالوا فأقل زيادة على الرضعتين تحرم
455

وهي الثلاث وذكر في الاستذكار انه مذهب احمد واسحق أيضا - ثم ذكر البيهقي (أمر النبي عليه السلام امرأة أبى حذيفة
ان ترضع سالما) - قلت - هو خاص بسالم كما بينه البيهقي بعد في باب رضاع الكبير وأيضا فان راويه وهو عروة خالفه
كما تقدم على أنه حديث مضطرب الاسناد والمتن كما بين صاحب التمهيد وقد ورد انه عليه السلام قال لها ارضعيه عشر
رضعات ثم ليدخل عليك - قال ابن حزم اسناده صحيح ثم ذكر البيهقي (عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت لا تحرم
دون خمس رضعات) - قلت - قد اضطرب مذهبها في ذلك كما تقدم وقال ابن جرير الرواية عنها في ذلك مضطربة
فروى أنها كانت لا تحرم الا بعشر وروى بخمس والمعروف عنها بنقل الثقات انها كانت لا تحرم الا بسبع مع اختلاف في
ذلك عنها انتهى كلامه ثم إن عروة خالف عائشة في ذلك كما تقدم وكذا الزهري قال مالك عن ابن شهاب انه كان
يقول الرضاعة قليلها وكثيرها إذا كان في الحولين تحرم - ثم ذكر البيهقي حديث (فإنما الرضاعة من المجاعة) - قلت - لا حجة
فيه لأنه لم يذكر عددا والجوعة تسد بأقل من الخمس - ثم ذكر البيهقي عن أبي هريرة موقوفا ومرفوعا (لا يحرم من الرضاع
الا ما فتق الا معاء) - قلت - قال في الخلافيات الصحيح عن أبي هريرة موقوف وذكر أبو عمر انه لا يصح مرفوعا
456

ثم إنه لا حجة فيه أيضا قال المازري هذا لم يسلمه أصحابنا وزعموا أن للمصة الواحدة قسطا في فتق الا معاء ونشز العظم ثم ذكر
البيهقي حديث سعيد بن يحيى (ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن المغيرة قال عليه السلام لا تحرم العيفة قلنا وما العيفة
قال المرأة تلد فتحصر اللبن في ثديها فترضع لها جارتها المرة والمرتين) - قلت - رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن وكيع
عن إسماعيل بسنده موقوفا على المغيرة وكذا رواه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار عن تميم بن المنتصر عن يزيد هو ابن
هارون عن إسماعيل وتميم هذا وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات واخرج له في صحيحه وسعيد بن يحيى يعرف
بسعد ان قال فيه الدارقطني ليس بذاك ولا شك ان كلا من وكيع ويزيد بن هارون اجل منه وقال ابن جرير العيفة من
قولهم عاف الشئ إذا كرهه واحسب ان المغيرة ذهب في ذلك إلى أن الصبي إذا عاف ثدي أمه فلم يقبله فأرضعته أخرى المصة
فلم يصل ذلك إلى جوفه لم يحرمها ذلك عليه وكان بعضهم يقول لا تعرف العيفة في الرضاع وإنما هي العفة وهي البقية من
اللبن في ثدي المرأة ثم ذكر البيهقي ارسال عائشة سالما إلى أم كلثوم ثم حكى (عن الشافعي قال ولم يتم له خمس فلم يدخل
عليها) - قلت - هذا تأويل بعيد مخالف لقول سالم فلم أكن ادخل على عائشة من اجل ان أم كلثوم لم تكمل لي عشر
رضعات لان ظاهر هذا الكلام انها ولو أرضعته خمسا لم يدخل عليها حتى تكمل عشرا بل قد جاء ذلك مصرحا فروى
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري ان عائشة أمرت أم كلثوم ان ترضع سالما فأرضعته خمس رضعات ثم مرضت فلم يكن
يدخل سالم على عائشة - ثم ذكر البيهقي (عن حفصة انها أرسلت بعاصم إلى أختها فاطمة ترضعه بعشر رضعات) - قلت
هذا غير مطابق لمدعاه -

(1) كذا والصواب المزة والمزتين كما نبهنا عليه في السنن - ح
457

قال (باب من قال يحرم قليل الرضاع وكثيره)
- قلت - ذكر صاحب الاستذكار انه قول على وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن المسيب والحسن ومجاهد وعروة
وعطاء وطاوس ومكحول والزهري وقتادة والحكم وحماد وأبي حنيفة ومالك وأصحابهما والثوري والليث والأوزاعي
والطبري وقال الليث اجمع المسلمون على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المدة - قال أبو عمر لم يقف الليث على الخلاف
في ذلك وذكر البيهقي في هذا الباب (عن عبيد الله بن عبد الله ان ابن عباس كان يقول قليل الرضاع وكثيره يحرم ثم
ذكر (عن إبراهيم بن عقبة عن عروة ان عائشة كانت لا تحرم الا عشرا فصاعدا قال فاتيت ابن المسيب فسألته فقال لا أقول
كما قال ابن الزبير وابن عباس كانا يقولان لا يحرم المصة ولا المصتان ولا يحرم دون عشر رضعات فصادا) قال البيهقي
458

(ورواية الزهري عن عروة أصح في مذهب عائشة ورواية عروة عن ابن عباس في مذهبه أصح) - قلت - ردف رواية
الزهري عن عروة مذهب عائشة بان كلا منهما خالفها في ذلك كما تقدم وقد ذكرنا عن الطبري أنه قال المعروف عنها بنقل
الثقات انها كانت لا تحرم الا بسبع وذكرنا أيضا عن ابن حزم ان رواية العشر أصح من رواية السبع ولم يذكر البيهقي في
هذا الباب ولا الذي قبله رواية عروة عن ابن عباس في مذهبه فان تجوز ذلك عما ذكره من رواية عروة عن ابن المسيب
عن ابن عباس فالمشهور عن ابن عباس خلاف ذلك فقد ذكر مالك عن ثور بن زيد عن ابن عباس كان يقول ما كان في
الحولين وإن كانت مصة واحدة فهي تحرم - وقال ابن أبي شيبة ثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن حبيب عن طاوس
قال سألت ابن عباس فقال المرة (1) الواحدة تحرم - وقال الطبراني روى المسور بن مخرمة عن ابن عباس في المصة والمصتين
فقال قال الله تعالى (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) وقد تقدمت رواية البيهقي عن عبيد الله بن عبد الله
ان ابن عباس كان يقول إلى آخره فهؤلاء جماعة رووا عن ابن عباس بخلاف رواية عروة التي ذكرها البيهقي فروايتهم
أصح وذكر البيهقي في كتاب المعرفة ان الدراوردي عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس ان قليل الرضاعة وكثيرها
يحرم في المهد - وروى عن ابن عباس بخلاف ذلك في القليل قال والأول أصح وهذا الذي قاله في كتاب المعرفة مخالف
لما ذكره هنا -
قال (باب رضاع الكبير)

(1) كذا والصواب المزة
459

ذكر فيه حديث (إنما الرضاعة من المجاعة) - قلت - في الاستدلال به نظر لان للكبير من طرد المجاعة نحو ما للصغير فهو
عموم لكل رضاع -
460

قال (باب ما جاء في تحديد ذلك بالحولين)
ذكر فيه من حديث سعيد بن منصور (ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال لارضاع الا ما كان في الحولين)
ثم قال (هذا هو الصحيح موقوف) ثم ذكر من حديث الهيثم بن جميل ثنا سفيان فذكره بسنده عن ابن عباس مرفوعا
- قلت - الهيثم هذا وثقة ابن حنبل وغيره وقال الدارقطني حافظ فعلى هذا الحكم له على ما هو الأصح عندهم لأنه ثقة
وقد زاد الرفع -
462

قال (باب وجوب النفقة للزوجة)
قال تعالى (ذلك أدنى ان لا تعولوا قال الشافعي لا يكثر من تعولوا) - قلت - قد أنكروا ذلك على الشافعي وقالوا لو كان
465

كذلك لقال إن لا تعيلوا لأنه يقال في كثرة العيال أعال الرجل والذي ذكره المفسرون ان معناه ان لا تجوروا ولا تميلوا
قال الزجاج فاما من قال إن لا تعولوا ان لا يكثر عيا لكم فزعم جميع أهل اللغة ان هذا خطأ انتهى كلامه وفيه نظر فان ذلك
محكى عن الكسائي وغيره وقد اعتذر الزمخشري للشافعي باعتذار حسن مذكور في الكشاف وقال ابن حبان في صحيحه ذكر
الخبر المدحض قول من زعم أن قوله تعالى (ذلك أدنى ان لا تعولوا) أراد به كثرة العيال ثم ذكر بسنده عن عائشة عن
النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى (ذلك أدنى ان لا تعولوا) قال إن لا تجوروا - وقال الطحاوي ما ملخصه سياق الآية
يدل على هذا لأنه تعالى أباح أربعا ثم قال (فان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة) أي لا ثانية معها فبذلك يأمن اثم الميل (أو ما ملكت
ايمانكم) إذ لا قسم لهن فله ان يفضل بعضهن فذلك أبعد من الجور وليس المراد النفقة إذ الا ماء أيضا تجب نفقتهن وقول
الشافعي لم يقله غيره ولا نعلم له أصلا من المتقدمين انتهى كلامه ولو كان الاقتصار على واحدة لكراهة كثرة العيال لما
أباح تعالى التسري بأكثر من واحدة وكيف يظن ذلك بالله تعالى وهو (يقول إن الله هو الرزاق - وما أنفقتم من شئ
فهو يخلفه) وعنه عليه السلام تناسلوا فانى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة -
466

قال (باب لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه)
رزقه فلينفق مما آتاه الله
(قال الشافعي في نفقه المقتر انها مد؟؟؟ صلى الله عليه وسلم) - قلت - الآية تدل على عدم التقدير لقوله فلينفق مما آتاه الله
فهو مخالف لمدعى الشافعي وكذا قوله عليه السلام لامرأة أبي سفيان خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف - قال
النووي في شرح مسلم في هذا الحديث فوائد - منها - ان النفقة مقدرة بالكفاية لا بالامداد وهو مذهب أصحابنا ان نفقة
القريب مقدرة بالكفاية كما هو ظاهر هذا الحديث ونفقة الزوجة مقدرة بالامداد على الموسر كل يوم مدان وعلى المعسر
مد وعلى المتوسط مد ونصف وهذا الحديث يرد على أصحابنا انتهى كلامه وأيضا فقد اتفقوا على أن الكسوة غير مقدرة
468

قال (باب الرجل لا يجد نفقة امرأته)
ذكر فيه (ان عمر كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم ان يأخذوهم بان ينفقوا أو يطلقوا) - قلت
ذكر ابن حزم انه لا حجة لهم فيه لأنه لم يخاطب بذلك الا أغنياء قادرين على النفقة وليس فيه ذكر حكم المعسر بل قد صح
عن عمر اسقاط طلب المرأة للنفقة إذا أعسر بها الزوج - ثم ذكر البيهقي (عن أبي الزناد سألت ابن المسيب عن الرجل
لا يجد ما ينفق على امرأته قال يفرق بينهما قال قلت سنة فقال سعيد سنة) - قلت - ذكره ابن حزم ثم قال روينا من
469

طريق عبد الرزاق عن الثوري عن يحيى الأنصاري عن ابن المسيب قال إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته أجبر على
طلاقها - ثم قال لم؟؟؟ لأهل هذه المقالة حجة أصلا الا تعلقهم بقول ابن المسيب انه سنة وقد صح عنه قولان - أحدهما -
يجبر على مفارقتها والا يفرق بينهما وهما مختلفان ولم يقل انه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو قال ذلك كان مرسلا
ولعله أراد سنة عمر كما روينا من فعله ثم قال روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج سألت عطاء عمن لم يجد ما يصلح
امرأته من النفقة قال ليس لها الا ما وجدت ليس لها ان يطلقها، ومن طريق حماد بن سلمة عن غير واحد عن الحسن في
الرجل يعجز عن نفقة امرأته قال تواسيه وتتقى الله عز وجل وتصبر وينفق عليها ما استطاع، ومن طريق عبد الرزاق
عن معمر سألت الزهري عن رجل لا يجد ما ينفق على امرأته أيفرق بينهما قال نستأنى به ولا يفرق بينهما وتلا (لا يكلف الله
نفسا إلى وسعها) سيجعل الله بعد عسر يسرا) قال معمر وبلغني عن عمر بن عبد العزيز مثل قول الزهري سواء، ومن
طريق عبد الرزاق عن الثوري في المرأة بعسر زوجها بنفقتها قال هي امرأة ابتليت فلتصبر ولا تأخذ بقول من يفرق بينهما
وهو قول ابن شبرمة وأبي حنيفة وأبي سليمان وأصحابهما ويؤيد قولنا قوله تعالى (لينفق ذو سعة من سعته) إلى قوله (بعد
عسر يسرا) وذكر أيضا حديث مسلم عن جابر ان أبا بكر قال يا رسول الله لو رأيت ابنة خارجة سألتني النفقة فقمت إليها
فوجأت عنقها فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هن حولي كما ترى سألتني النفقة فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها
وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها كلاهما يقول تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده الحديث ومن المحال المتيقن
ان يضرا طالبة حق انتهى كلام ابن حزم - وجعله صاحب الاستذكار قول الشعبي أيضا - ثم ذكر البيهقي من طريق الدارقطني
(عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال يفرق بينهما قال وثنا حماد بن
سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم - قلت - ذكر الدارقطني في سننه من
طريق شيبان بن فروخ ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال المرأة
تقول لزوجها الحديث ثم ذكر عن شيبان ان؟؟؟ أحدثهم بكلام ابن المسيب ثم ذكر الدارقطني سنده بذلك إلى حماد ثم
ذكر بسنده إلى حماد عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله فقوله بمثله راجع
إلى حديث أبي هريرة الذي ذكره الدارقطني أولا ثم ذكر بعده كلام ابن المسيب ثم انعطف على الحديث الأول فذكره
من وجه آخر عن حماد بسنده الأول والبيهقي لم يذكر الحديث الأول بل ذكر كلام ابن المسيب من طريق الدارقطني
470

ثم ذكر السند الذي بعده وآخره عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ففهم عن الدارقطني ان المراد بقوله مثله كلام ابن المسيب
وان ذلك من هذا الوجه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصرح البيهقي بذلك في الخلافيات فذكر كلام ابن المسيب
ثم قال وروى عن أبي هريرة مرفوعا في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته يفرق بينهما وليس الامر كما فهم البيهقي ولا يعرف
هذا مرفوعا في شئ من كتب الحديث بل قوله مثله راجع إلى الحديث الأول كما ذكرنا والسند من حماد إلى آخره سند
واحد وأيضا يبعد في العادة ان يذكر كلام تابعي ثم يستشهد عليه بحديث مرفوع - ثم ذكر البيهقي حديث أبي هريرة وفيه
(امرأتك تقول اطعمني والا فارقني) ثم ذكره البيهقي من وجه آخر وقد جعل آخره وهو هذا الكلام من قول
أبي هريرة - قلت - على تقدير تسليم انه مرفوع فليس فيه الا مطالبتها له بالفراق ولأنه فيمن لا ينفق ومعه النفقة ولا خلاف
ان الفرقة هنا غير مستحقة -
قال (باب المبتوتة لا نفقة لها الا أن تكون حاملا)
(قال الله تعالى وان كن أولات حمل فأنفقوا عليهن - فجعل لهن نفقة بصفة) - قلت - قوله تعالى في أول السورة إذا طلقتم
النساء - يشمل المبتوتة وغيرها فكذا ما عطف عليه وهو قوله تعالى (وان كن أولات حمل) - فوجب على قول البيهقي وأصحابه
471

ان غير المبتوتة أيضا لا تستحق النفقة الا إذا كانت حاملا وهم لا يقولون ذلك فلما لم يكن الحمل شرطا في استحقاقها في غير
المبتوتة فكذا المبتوتة وكل منهما يستحقها لكونها معتدة من طلاق وخصم البيهقي لا يقول بالمفهوم فالتخصيص بشرط الحمل
لا يدل عنده على أن غير الحامل لا تستحقها - فان قلت - فما فائدة هذا الشرط حينئذ - قلنا - ذكروا فيه فائدتين -
إحداهما - ان مدة الحمل تطول في الغالب فربما ظن ظان ان النفقة تسقط إذا مضى مقدار مدة حيض فأزال الله تعالى
ذلك وأفاد أن نفقة الحامل مستحقة على الزوج مع بقاء العدة وان طالت المدة ذكر ذلك أبو بكر الرازي والزمخشري
والثانية - ان الحمل قد يكون له مال فيشبه علينا هل النفقة في ماله أو على الزوج ما فاذنا الله تعالى انها على الزوج لا في مال
الحمل - فان قلت - قوله تعالى (إذا طلقتم النساء) أريد بن الرجعي بدليل قوله تعالى بعد ذلك (فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن
بمعروف) الآية - قلنا - هذا ذكر لبعض ما انتظمه الكلام أولا كقوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)
472

فذلك يشمل الرجعي والبائن ثم قوله بعد ذلك (وبعولتهن أحق بردهن) خاص في الرجعي ولو كان قوله تعالى (إذا طلقتم
النساء) للرجعي ثم باقي الكلام معطوف عليه لكان المراد بقوله تعالى (وان كن أولات حمل) الرجعي فيبطل حينئذ
استدلال البيهقي به على المبتوتة - ثم ذكر البيهقي حديث فاطمة بنت قيس من طريق زهير (ثنا هشيم ثنا سيار وحصين
ومغيرة وأشعث ومجالد وداود وإسماعيل كلهم عن الشعبي) الحديث وفي رواية مجالد (إنما السكنى والنفقة على من كانت
له الرجعة) - قلت - قال الدارقطني ثنا ابن صاعد ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا هشيم فذكره بسنده المذكور وجعل قوله
إنما السكنى والنفقة من رواية هؤلاء الجماعة كلهم عن الشعبي - ثم ذكر البيهقي الزيادة المذكورة من رواية فراس أيضا
473

عن الشعبي ثم ذكر الاختلاف في الحديث في نفى النفقة دون السكنى أو نفيهما ثم قال (والأشبه بسياق الحديث انه عليه السلام
نفى النفقة وأذن في الانتقال لعلة لعلها استحيت من ذكرها وقد ذكرها غيرها ولم يرد نفى السكنى أصلا واما قوله إنما السكنى
والنفقة لمن كانت عليه رجعة فليس بمعروف ولم يرو من وجه يثبت مثله واما انكار من أنكر على فاطمة فإنما هو؟؟؟
السبب في نقلها) - قلت - ذكر مسلم وغيره من طرق عديدة زيادة نفى السكنى على نفى النفقة وهي زيادة ثقة فوجب
قبولها ولهذا روى عن علي وجابر وابن عباس رضي الله عنهم انه لا نفقة لها ولا سكنى واليه ذهب ابن حنبل وابن راهويه
وأبو ثور وداود وغيرهم وقال أبو عمر هذا القول من طريق الحجة أصح وأحج لأنه لو وجب السكنى عليها وكانت عبادة
تعبدها الله بها لألزمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخرجها عن بيت زوجها إلى بيت أم شريك ولا إلى بيت ابن
أم مكتوم وقد أجمعوا ان المرأة التي تبذو على اختانها بلسانها تؤدب وتقصير على السكنى في المنزل الذي طلقت فيه وتمنع من
اذى الناس فدل ذلك على أن من اعتل بمثل هذه العلة في انتقالها اعتل بغير صحيح ولا متفق عليه من الخبر وإذا ثبت قوله
عليه السلام لا سكنى لك ولا نفقة وإنما السكنى والنفقة لمن عليها الرجعة - فأي شئ يعارض به هذا هل يعارض الا بمثله
ولا شئ عنه عليه السلام يدفع ذلك انتهى كلامه وفي دعواه الاجماع على ذلك نظر وفي صحيح ابن حبان من حديث سلمة بن
كهيل عن الشعبي عن فاطمة قال عليه السلام المطلقة ثلاثا ليس لها سكنى ولا نفقة - وقوله عليه السلام إنما السكنى والنفقة
474

زيادة في الحديث من ثقة وقد ذكرها البيهقي فيما تقدم من رواية اثنين عن الشعبي وأخرجها الدارقطني من رواية اولائك
الجماعة كلهم كما تقدم وأخرجها النسائي من وجه آخر بسند لا بأس به من حديث سعيد بن يزيد الأحمسي عن الشعبي فوجب
أن يكون معروفا ثابتا ومن نظر في الحديث وتأمله عرف انهم إنما أنكروا عليها امر السكنى وخالفوها في ذلك -
قال (باب من قال لها النفقة)
ذكر فيه قول عمر (لا ندع كتاب ربنا) ثم قال (ورواه) أشعث عن الحكم وحماد عن إبراهيم عن الأسود عن عمر قال
فيه وسنة نبينا ثم ذكره من حديث أبي احمد الزبيري (ثنا عمار بن زريق عن أبي إسحاق كنت مع الأسود فذكر عن الشعبي
انه حدث بحديث فاطمة فأخذ الأسود كفا من حصى فحصبه ثم قال ويلك تحدث بمثل هذا قال عمر رضي الله عنه لا نترك
475

كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة) إلى آخره (ورواه يحيى بن آدم عن عمار ولم يقل فيه وسنة نبينا) ثم حكى عن الدارقطني
(ان يحيى بن آدم احفظ من الزبيري وأثبت منه) ثم قال (قال الشافعي ما نعلم في كتاب الله ذكر نفقة إنما في كتاب الله ذكر
السكنى) - قلت - قوله تعالى (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) ايجاب للنفقة لأنها إذا حبست لحقه ولم ينفق عليها فقد ضارها
وضيق عليها - فان قيل - المراد به ايجاب السكنى إذ التضييق إنما هو في المكان - قلنا - هذا حمل للكلام على التكرار إذا
السكنى مذكور أو لا بقوله تعالى (أسكنوهن من حيث سكنتم) وفيما قلنا اثبات فائدة أخرى ولان منع النفقة تضييق ومنع
السكنى ليس بتضييق إذ الواجب ان تقيم في مكان واحد فإذا منعها منه تقيم حيث شاءت وذكر توسعة ذكر ذلك
القدوري في التجريد ولا تعارض بين رواية الزبيري ورواية يحيى حتى يرجح يحيى عليه لان الزبيري ما خالفه بل وافقه وزاد
عليه قوله سنة نبينا وهو امام حافظ قال محمد بن بشار ما رأيت رجلا احفظ من الزبيري فهذه زيادة من ثقة فوجب ان تقبل
وقال مسلم عقيب حديث الزبيري ثنا أحمد بن عبدة ثنا أبو داود ثنا سليمان بن معاذ عن أبي إسحاق بهذا الاسناد نحو حديث أبي
احمد عن عمار بن رزيق بقصته فهذا شاهد لحديث الزبيري ورواية أشعث تشهد له أيضا وهو يصلح للمتابعة لان العجلي
وثقه ووثقه ابن معين في رواية وروى له مسلم في المتابعان واخرج له ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في مستدركه ويشهد
له أيضا ثلاثة أوجه - وجهان - أخرجهما ابن أبي شيبة فقال ثنا وكيع ثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال قال عمر
لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة - وقال أيضا ثنا جرير عن مغيرة ذكرت لإبراهيم حديث فاطمة فقالت قال
عمر لا ندع كتاب ربنا وسنة رسوله لقول امرأة لا ندري حفظت أو نسيت وكان عمر يجعل لها السكنى والنفقة - والوجه
الثالث - في مصنف عبد الرزاق عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت طلقني زوجي ثلاثا
فجئت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فقال لا نفقة لك ولا سكنى قال فذكرت ذلك لإبراهيم فقال قال عمر بن الخطاب
لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا لها النفقة والسكنى - وفي صحيح ابن حبان انا أبو خليفة ثنا محمد بن كثير العبدي انا الثوري
فذكره وإذا ثبت هذه الزيادة وهي قوله وسنة نبينا وهي حديث مرفوع عندهم فالظاهر أنه أراد بسنة نبينا النفقة وأراد
بالكتاب السكنى وقوله آخرا لها النفقة والسكنى أي في الكتاب والسنة كما بينا وأيد ذلك ما أخرجه القاضي إسماعيل فقال
ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن الشعبي ان فاطمة بنت قيس طلقها زوجها طلاقا بائنا فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لا نفقة لك ولا سكنى قال فخبرت بذلك النخعي فقال إن عمر أخبر بقولها فقال لسنا بتاركي آية من كتاب الله
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لعلها أو همت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها السكنى
والنفقة - وذكره ابن حزم أيضا الا انه ادخل بين حماد بن سلمة والشعبي حماد بن أبي سليمان وكذا أخرجه الطحاوي
أيضا والنخعي وان لم يدرك عمر الا ان مراسيله صحيحة الا حديثين كذا قال ابن معين وليس هذا الحديث منهما وقال
صاحب التمهيد في أوائله مراسيل النخعي صحيحة ثم ذكر بسنده عن الأعمش قلت للنخعي إذا حدثتني حديثا فأسنده فقال
476

إذا قلت عن عبد الله فاعلم أنه عن غير واحد وإذا سميت لك أحدا فهو الذي سميت قال أبو عمر في هذا ما يدل على أن مراسيله
قوى من أسانيده وقال في موضع آخر مراسيله عن ابن مسعود وعمر صحاح كلها وما ارسل منها أقوى من الذي أسند
حكاه يحيى القطان وغيره وفي سنن أبي داود أن عائشة عابت على فاطمة أشد العيب وروى الطحاوي وغيره ان فاطمة
كانت إذا ذكرت شيئا من ذلك رماها أسامة بن زيد بما كان في يده وقال ابن المسيب تلك امرأة فتنت الناس وقال
الطحاوي لم يبلغنا عن أحد من الصحابة غير المنكرين لحديثها قبله ولا عمل بن غير شئ يروى عن ابن عباس ومداره على
الحجاج بن أرطأة ومذهبهم فيما لم يذكر سماعه فيه لا خفاء - وحكى الطحاوي عن الشافعي قال قوله لا نفقة لك أي لأنك
غير حامل ثم قال الطحاوي هذا تأويل لم نجده منصوصا وقد تأوله غيره بأنها منعت النفقة لبذائها الذي أخرجت به
الخروج اللازم لها بفعل صدر منها لنشوز فحرمت لأجله النفقة واخرج الدارقطني من حديث حرب بن أبي العالية عن أبي
الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة - فان قيل - حرب ضعفه ابن معين
قلنا - اختلف قوله فيه كذا ذكر المزي وغيره فيرجع فيه إلى غيره وقد وثقه عبيد الله بن عمر القواريري ويكفيه ان مسلما
اخرج له في صحيحه واخرج له أيضا الحاكم في المستدرك وذكر صاحب التمهيد عن عمر وابن مسعود قال المطلقة ثلاثا لها
السكنى والنفقة - وروى ذلك الطحاوي بسنده أيضا وروى بسنده أيضا عن ابن المسيب مثله وما ذكره البيهقي في الباب
السابق وعزاه إلى مسلم من قول مروان سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها دليل على أن العمل كان عندهم على خلاف
حديث فاطمة وقال القاضي إسماعيل وإذا كان هذا الانكار كله وقع في حديث فاطمة فكيف يجعل أصلا -
قال (باب النفقة على الأولاد)
(قال الله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن إلى قوله بالمعروف - وقال - فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) - قلت -
لا ذكر للنفقة على الأولاد في الآية الثانية وكذا الأولى والضمير في قوله رزقهن وكسوتهن - يعود على الوالدات -
477

قال (باب قوله تعالى وعلى الوارث مثل ذلك)
ذكر فيه (عن الشعبي عن ابن عباس أي لا يضار) - قلت - في سنده أشعث هو ابن سوار فسكت عنه وضعفه قريبا في باب من
قال لها النفقة أي للمبتوتة وقد فسر الشعبي قوله تعالى مثل ذلك بأنه رضاع الرضيع ذكره القاضي إسماعيل بسند جيد وذكره ابن أبي
شيبة أيضا ثم ذكر البيهقي (عن مجاهد وعلى الوارث مثل ذلك قال يعنى الولي من كان) - قلت - في سنده عبد الرحمن بن الحسن
القاضي نسب إلى الكذب ذكره الذهبي في كتاب الضعفاء على أن مجاهدا لم يتعرض لقوله تعالى مثل ذلك هل المراد به نفى المضارة
كما مضى عن ابن عباس أو وجوب الرضاع كما تقدم عن الشعبي وقد جاء عن مجاهد مصرحا ان المراد المعنى الثاني قال ابن أبي
شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال على الوارث مثل ما على أبيه ان يسترضع له وهذا سند
478

صحيح وأخرجه القاضي إسماعيل عن علي بن المديني عن ابن عيينة ثم ذكر البيهقي (عن ابن المسيب عن عمر جبر عصبة صبي
إلى آخره وذكر (عن الزهري ان عمر أغرم ثلاثة) إلى آخره وذكر (ان كلا منهما منقطع - قلت - مرسل ابن
المسيب قد ارسل من رواية الزهري أيضا كما ذكره البيهقي وارسل أيضا من وجه ثالث ابن أبي شيبة ثنا حفص
هو ابن غياث عن إسماعيل يعنى ابن أبي خالد عن الحسن ان عمر جبر رجلا على نفقة ابن أخيه والحاج يحتج بمثل هذا المرسل
كما عرف وذكر ابن أبي شيبة بسنده عن زيد بن ثابت قال إذا كان عم وأم فعلى الام بقدر ميراثها وعلى العم بقدر ميراثه
وذكر ابن أبي شيبة أيضا عن جماعة من التابعين وغيرهم ان المراد بقوله تعالى (وعلى الوارث مثل ذلك) وجوب النفقة
والرضاع وذكر عبد الرزاق وعبد بن حميد والقاضي إسماعيل وغيرهم بأسانيدهم عن جماعة من السلف مثل ذلك حكى
ذلك عنهم ابن حزم ثم قال فهؤلاء عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت ولا يعرف لهما محالف من الصحابة ومن التابعين عبد الله
ابن عتبة بن مسعود وقبيصة بن ذويب والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وأصحاب ابن مسعود وقتادة
والشعبي ومجاهد وشريح وزيد بن أسلم وهو قول الضحاك بن مزاحم وسفيان الثوري وعبد الرزاق انتهى كلامه ونفى
المضارة مع قلة من قال به وضعف سنده لا يختص بالوارث فلا فائدة حينئذ في تخصيصه به فظهر أن تفسير الآية بوجوب
النفقة والرضاع أولى منه لصحة معناه وكثرة القائلين به ويمكن حمل الآية على الامرين جميعا وليس التفسير بنفي المضارة
منافيا للتفسير الآخر بل هو موافق له في المعنى إذ لا مضارة فوق موت مورثه جوعا وعطشا وبردا وهو غنى فلا يرحمه -
قال (باب نفقة الأبوين)
479

ذكر فيه حديث محمد بن المنكدر (ان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم) ثم قال (هذا منقطع وقد روى موصولا من
أوجه لا يثبت مثلها) - قلت - وقد روى موصولا من وجه صحيح قال أبو بكر البزار ومن صحيح هذا الباب حديث ذكره
بقي بن مخلد فقال ثنا هشام بن عمار ثنا عيسى بن يونس ثنا يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر أن
رجلا قال يا رسول الله ان لي مالا وولدا وان أبى يريد أن يجتاح مالي قال أنت ومالك لأبيك - وأخرجه أيضا ابن ماجة
في سننه عن هشام بن عمار بسنده المذكور والطحاوي من حديث عبد الله بن يوسف ثنا عيسى بن يونس فذكره بسنده -
خاتمة المجلد السابع
وقع الفراغ من المجلد السابع من السنن الكبرى للامام البيهقي رحمه الله تعالى
مع ما يقابله من الجوهر النقي في يوم الاثنين السابع والعشرين من
شهر ربيع الثاني سنة أربع وخمسين وثلاث مائة والف
من هجرة النبي الكريم عليه وسلم وصحبه
أفضل الصلاة وأكمل التسليم -
والحمد لله رب العالمين
481