الكتاب: المبسوط
المؤلف: السرخسي
الجزء: ٢٩
الوفاة: ٤٨٣
المجموعة: فقه المذهب الحنفي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: قد باشر جمع من حضرات أفاضل العلماء تصحيح هذا الكتاب بمساعدة جماعة من ذوي الدقة من أهل العلم والله المستعان وعليه التكلان

(الجزء التاسع والعشرون من)
كتاب
المبسوط لشمس الدين
السرخسي
وكتب ظاهر الرواية أتت * ستا وبالأصول أيضا سميت
صنفها محمد الشيباني * حرر فيها المذهب النعماني
الجامع الصغير والكبير * والسير الكبير والصغير
ثم الزيادات مع المبسوط * تواترت بالسند المضبوط
ويجمع الست كتاب الكافي * للحاكم الشهيد فهو الكافي
أقوى شروحه الذي كالشمس * مبسوط شمس الأمة السرخسي
(تنبيه) قد باشر جمع من حضرات أفاضل العلماء تصحيح هذا الكتاب بمساعدة
جماعة من ذوي الدقة من أهل العلم والله المستعان وعليه التكلان
دار المعرفة
بيروت - لبنان
1

بسم الله الرحمن الرحيم
باب الوصية بأكثر من الثلث لوارث فيجيز ذلك بعض الورثة
(قال رحمه الله) وإذا ترك الرجل ابنين فأوصى لأحدهما بنصف ماله فأجاز ذلك
له أخوه أخذ نصف المال بالوصية والباقي بينهما نصفان لان الوصية بما زاد على الثلث والوصية
للوارث إنما تمتنع بقوله لحق الورثة فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا وصية لوارث إلى أن
يجيزه الورثة فإذا وجدت الإجازة فقد زال المانع فيأخذ الموصى له نصف المال بطريق الوصية
والإرث ينبغي عن المستحق بالوصية يبقي ماله النصف الباقي فيكون بين الاثنين نصفين
بالميراث فان قيل لماذا لم يجعل الميراث مقدما على الوصية للوارث حتى يأخذ نصف المال
بالميراث والنصف الباقي بالوصية لإجازة كما قال في الزيادات في امرأة لا وارث لها الا زوجها
فأوصت له بنصف مالها فإنه يأخذ النصف بالميراث ثم النصف الباقي بالوصية قلنا لان هناك
بعض المال فارغ عن الميراث فايجابها بالوصية ينصرف إلى ذلك الفاضل وهاهنا جميع المال
مشغول بالميراث فليس البعض يصرف الايجاب بالوصية إليه بأولى من البعض فهذا أخذ نصف
المال بالوصية أولا ولو كان أوصى مع هذا بنصف ماله لأجنبي فأجاز ذلك كله الوارثان
فان الأجنبي يأخذ نصف المال ويأخذ الموصى له من الوارثين نصف المال ولا ميراث لهما
لان المانع من تنفيذ الوصية قد زال بإجازة الوارثين وما أوجبه بالوصية شامل لجميع المال
فلهذا يأخذ كل واحد منهما جميع المال بالوصية ثم الموصى له الأجنبي يأخذ ثلث المال بلازمة
الإجازة وهو أربعة من اثنى عشر يبقى في يد الابنين ثمانية في يد كل واحد منهما أربعة
وقد بقي إلى تمام حق الأجنبي سهمان في يد كل واحد منهما سهم فيأخذ ذلك من يد كل واحد
منهما حتى يسلم له نصف المال بقي في يد الموصى له من الابنين ثلاثة فيأخذ ذلك بطريق
2

الوصية ويأخذ يفضل ما في يد أخيه وهو ثلاثة لأنه أجاز له الوصية وقد بقي إلى تمام حقه
ثلاثة فيأخذ ذلك من أخيه ولم يبق شئ من المال ليكون ميراثا لهما ولو كان الابن الذي لم
يوص أجاز جميع وصية أبيه ولم يجز الآخر وصية الأجنبي يأخذ ثلث المال بغير إجازة لان
الثلث محل الوصية ووصية الأجنبي أقوى من الوصية للوارث والضعيف لا يزاحم القوى
فلهذا أخذ الثلث وهو أربعة من اثنى عشر ويبقى لكل واحد من الابنين أربعة وقد بقي إلى
تمام حقه سهمان في يد كل واحد منهما سهم فيأخذ من المجيز سهما واحدا ويسلم للابن
الموصى له وصيته كلها لان في يده أربعة أسهم والباقي إلى تمام وصيته سهمان يأخذهما من
أخيه المجيز يبقى في يد المجيز سهم واحد فيأخذ ذلك أيضا ليكون بمقابلة ما سله المجيز إلى
الأجنبي بإجازته أو يمسك من الأربعة التي في يده سهما بمقابلة ما سلمه المجيز إلى الأجنبي يبقى
في يده ثلاثة وفى يد المجيز ثلاثة فيأخذ جميع ذلك منه باعتبار انه أجاز له الوصية ويخرج
المجيز من الميراث * ولو ترك ابنين فأوصى لأجنبي بنصف ماله وأوصى لاحد ابنيه بكمال النصف
مع نصيبه فأجاز ذلك الوارثان أخذ الأجنبي أربعة بغير إجازة ثم يأخذ الأجنبي ما بقي في يد
كل واحد منهما سهما سهما بالإجازة حتى يسلم له نصف المال ويأخذ الابن الموصى له من
أخيه سهمين بكمال النصف بنصيبه لأنه كان في يده أربعة أسهم إلى تمام النصف سهمان فيأخذهما
من أخيه باعتبار اجازته وصيته فان قيل لماذا لم يعتبر ما بقي في يده وهو ثلاثة أسهم حتى
يأخذ من أخيه ثلاثة قلنا لأنه قد سلم سهما للأجنبي بإجازة وصيته وما سلم إليه من ذلك
محسوب عليك ميراثه فلهذا أخذ من أخيه سهمين فيجعل له كمال النصف بنصيبه فيسلم
للأجنبي ستة وللابن الموصى خمسة ويبقى للابن الاخر سهم ولو أجاز الابن الذي لم يوص
له الأجنبي ولم يجز لأخيه ولم يجز أخوه للأجنبي أخذ الأجنبي ثلث المال بغير الإجازة منه
وأخذ من الذي أجاز له سهم واحد لان المستحق له بالإجازة من نصيبه هذا المقدار فيأخذه
ولا يأخذ بالنصيب الآخر شيئا لأنه لم يجز له الوصية فيصير في يده خمسة وفى يد الابن المجيز
للأجنبي ثلاثة وفى يد الابن الموصى له أربعة نصيبه من الميراث وإذا ترك ثلاثة بنين فأوصى
لرجل بمثل نصيب أحدهم وأوصى لآخر بثلث ماله فهذا على وجهين اما أن يجيز ذلك الورثة
أولا يجيزونه فان أجازوا فالقسمة من ستة للموصى له بالثلث سهمان وللموصى له بمثل نصيب
أحدهم سهم وما بقي فبين الورثة أثلاثا لأنا نأخذ عدد البنين وهم ثلاثة فنزيد عليه للموصى
3

له بمثل النصيب سهما لأنه جعله في الاستحقاق كابن بالغ له ثم الوصية بثلث المال تزيد على ما في
يدنا وهو أربعة مثل نصفه وذلك سهمان فتكون ستة أسهم للموصي له بثلث سهمان
وللموصى له بمثل النصيب سهم والباقي وهو ثلاثة بين البنين أثلاثا فإن لم يجيزوا فالقسمة
من تسعة في قول أبى يوسف والثلث من ذلك ثلاثة للموصى له بالثلث سهمان وللموصى له
بمثل النصيب سهم اعتبارا بحال الإجازة أو لا فرق بين الحالتين في حق الموصى لهما وفى حال
الإجازة كان للموصى له بالثلث ضعف ما للموصى له بمثل النصيب فكذلك عند عدم الإجازة
فيكون الثلث بينهما أثلاثا لكل واحد منهم سهمان ووصية الموصى له بمثل النصيب مثل
نصيب البنين فعرفنا ان نصيبه سهمان ووصية الموصى له بالثلث ثلاثة من تسعة فيضرب كل
واحد منهما بجميع وصيته فلهذا كان الثلث بينهم على خمسة والمال كله على خمسة عشر ولو ترك
ابنا واحدا فأوصى لرجل بمثل نصيبه وأوصى لاخر أيضا بمثل نصيبه فان أجاز الوارث لهما
جميعا فالمال بينهما وبين الابن أثلاثا لكل واحد منهم ثلث المال لأنه جعل كل واحد منهما بما
أوجب له بالوصية كما لو أحد وقد أجاز ذلك الابن المعروف فكانوا بمنزلة ثلاثين بنين فيكون
المال بينهم أثلاثا ولو أجاز لأحدهما ثم أجاز للآخر بعد ذلك كان للأول سدسا جميع المال
وللآخر سدس المال وثلاثة أرباع سدس المال لأنهما استحقا ثلث المال بينهما نصفين قبل الإجازة
وبقي في يد الابن ثلثا المال أربعة من ستة فحين أجاز لأحدهما فقد سواه بنفسه فيضم
ما في يده وهو سهم إلى ما في يد ابنه وهو أربعة فيكون بينهما نصفين لكل واحد منهما سهمان
ونصف فنصف المال انكسر بالانصاف فيكون المال من اثنى عشر في يد كل واحد من الموصي
له سهمان وفى يد الابن ثمانية فإذا ضممنا ما في يد الذي أجاز له لي ما في يد الابن يكون ذلك
عشرة بنيهما نصفان لكل واحد منهما خمسة ثم لما أجاز صحت اجازته فيما بقي في يده لا في
ابطال شئ مما صار مستحقا للأول وهو بهذه الإجازة سوى الثاني بنفسه فيضم ما في يده
وهو سهمان إلى ما في يد الابن فيكون سبعة بينهما نصفان لكل واحد منهما ثلاثة ونصف
فيضعفه للبناء بالانصاف فتكون أربعة وعشرين للأول من ذلك عشرة وهو سدسان ونصف
سدس كل سدس أربعة وللثاني سبعة وهو سدس وثلاثة أرباع سدس ويبقي للابن مثل ذلك
ولو كان أحدهما قابلا للموصى له فاختار الوارث لهما معا أو أجاز للقابل أولا فهو سواء والمال
بينهم أثلاثا لان الوصية للقابل إنما لا تجوز لحق الوارث فيزول المانع بإجازة الوارث لهما معا
4

أو للقابل أولا وهذا لان الموصى له الآخر قد استحق الثلث من غير مزاحمة القابل فيه
واجازته لهما أو للقابل في الحقيقة تكون إجازة للقابل وان أجاز لذي لم يقبل أولا ثم أجاز
للقابل أخذ الأول نصف المال لأنه قد استحق ثلث المال من غير أن يزاحمه القابل فيه فان
الضعيف لا يزاحم القوى وحين أجاز وصيته له فقد سواه بنفسه في استحقاق المال فصار هو
استحقا لنصف المال كاملا ثم اجازته للقابل تعمل في حقه لا في حق الأول وقد سواه بنفسه
فيما بقي والباقي نصف المال فهو بينهما نصفان لكل واحد منهما الربع * ولو ترك ابنين
فأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهما وأوصى لآخر بمثل نصيب أحدهما فأجاز أحد الابنين
لأحدهما ثم أجازا جميعا بعد ذلك للباقي فان الفريضة من أربعة وخمسين سهما للموصى له الذي
أجاز له أحدهما اثنا عشر سهما تسعة منها بغير إجازة وثلاثة من نصيب الذي أجاز له خاصة
وسهمان من نصيب الذي أجاز لصاحبه قبله لأنهما لو أجازا لهما الوصيتين كان المال بينهما أرباعا
ولو لم يجيزا كان للموصى لهما ثلث المال فثلث المال سالم لهما بغير إجازة والثلثان بين الاثنين
نصفان فيكون أصل المسألة من سبعة ثم حين أجاز أحد الابنين لأحدهما فقبول اجازته
لأحدهما معتبرة بإجازتهما له ولو أجازا له لكان يضم نصيبه وهو سهم إلى نصيبهما وهو أربعة
فيكون مقسوما بينهم أثلاثا لا يستقيم فيضرب ستة في ثلاثة فتكون ثمانية عشر في يد كل
واحد من الابنين ستة وفى يد كل واحد من الموصى لهما ثلاثة ثم يضم ما في يده منهم خمسة
فحين أجاز الآخر ضممنا ما في يده وهو ثلاثة إلى ما في أيديهما وهو عشر فيكون ثلاثة
عشر بينهم أثلاثا لا يستقيم فيضرب ثمانية عشر في ثلاثة فتكون أربعة وخمسين ومنه تصح
المسألة في يد الموصى لهما الثلث وهو ثمانية عشر في يد كل واحد منهما تسعة وفى يد كل ابن
ثمانية عشر فحين أجاز أحدهما لاحد الموصى لهما يعتبر اجازته بإجازتهما ولو أجاز كان يأخذ مما
في يد كل واحد منهما ثلاثة حتى يصير له خمسة ويبقى لكل واحد منهما خمسة عشر فإذا أجاز
أحدهما أخذ بما في يده ثلاثة حصته من الإجازة فتكون له اثنا عشر ثم لما أجاز الآخر فإنه يأخذ
من الذي أجاز له خاصة ثلاثة أسهم مثل ما أخذه صاحبه من الأول لان هذا أول مجيز في
حقه ويأخذ من الآخر سهمين لأنهما لو كانا أجازا للأول ثم أجاز للاخر لكان يضم ما في
يده وهو تسعة إلى ما في أيديهما وهو ثلاثون فيكون بينهم أثلاثا لكل واحد منهم ثلاثة عشر
فعرفنا أن الذي يسلم له أربعة أسهم بهذه الإجازة في يد كل واحد منهما سهمان فيجعل فيما
5

يأخذ هو من الذي أجازا للأول ثم أجازا له فإذا أخذ منه سهمين كان له أربعة عشر سهما تسعة
يغير إجازة وثلاثة من الذي أجاز له خاصة وسهمان مما أخذه من الآخر ولو ترك ثلاث
بنين وأوصى لرجل بربع ماله ولآخر بمثل نصيب أحدهم فأجازوا فالفريضة من ستة عشر
سهما لأنا نجعل أصل الحساب من أربعة لمكان الوصية بالربع فيعطى الموصي له بالربع سهمان
بطريق الاعتبار والباقي بين البنين الثلاثة لكل ابن سهم فزيد على ذلك مثل النصيب سهم
فيكون أربعة وقسمة الثلاث على أربعة لا يستقيم فيضرب أربعة في أربعة فتكون ستة عشر
للموصى له بالربع أربعة والموصي له بمثل النصيب ربع ما بقي وهو ثلاثة وما بقي وهو تسعة
بين البنين الثلاثة لكل ابن ثلاثة وإن لم يجيزوا فالثلث بينهما علي سبعة أسهم في قول أبى
يوسف لأنه يعتبر حال عدم الإجازة بحالة الإجازة على معنى أن كل ما واحد منهما يضرب
في الثلث بسهام حقه غير الإجازة وحق صاحب الربع أربعة وحق صاحب النصف ثلاثة
فيكون بينهما على سبعة وعند محمد رحمه الله الثلث بينهما نصفان لان كل واحد منهما لو انفرد
استحق ربع المال فان من ترك ثلاثة بنين وأوصى بمثل نصيب أحدهم كان للموصى له ربع
المال فعرفنا ان حقهما فيما أوجب بهذه الوصية سواء فيكون الثلث بينهما نصفين * ولو ترك
خمسة بنين وأوصى لرجل بنصف ماله ولآخر بنصف نصيب أحدهم فأجازوا فالفريضة من
اثني عشر لان الوصية الموصى له بنصف المال يأخذ النصف والنصف الآخر بين البنين
والموصى له بمثل النصيب علي سته لأنك تأخذ عدد البنين وتزيد عليه لصاحب النصف سهما
فإذا صار النصف علي ستة كان الكل اثنى عشر للموصى له بالنصف ستة وللموصى له بمثل
النصيب سهم وإن لم يجيزوا ففي المسألة ثلاثة أقاويل في قول أبي حنيفة الثلث بينهما على أربعة
لصاحب النصف ثلاثة لان من أصله أن الوصية بما زاد على الثلث تبطل عند عدم الإجازة
ضربا واستحقاقا فيتراجع حق صاحب النصف إلى الثلث والباقي وهو الثلثان بين البنين والموصى
له بالنصيب في ثلاثة يضرب بذلك في الثلث وحق الموصى له بالنصف في سهم يضرب به
في الثلث فيكون الثلث بينهما على أربعة وفى قول أبى يوسف الثلث بينهما على أحد عشر
لان سهام المال تسعة كما قاله أبو حنيفة فانا نجعل للموصى له بالنصف لابتداء الثلث بطريق
الاعتبار لتبيين نصيب الآخر بقسمة الثلثين النصف عند أبي يوسف في الثلث وذلك أربعة
ونصف والموصى له بالنصيب يضرب بسهم فيكون الثلث بينهما على خمسة ونصف فأضعفه
6

للكسر بالانصاف فيكون أحد عشر للموصى له بالنصف تسعة وللآخر سهمان وفى قول محمد
الثلث بينهما على تسعة ونصف لان الموصى له بالنصف يأخذ الثلث بطريق الاعتبار والباقي وهو
الثلثان مقسوم بين البنين أخماسا فإذا صار الثلثان على خمسة كان جميع المال سبعة ونصفا فانكسر
فأضعفه فيكون خمسة عشر الثلث من ذلك خمسة والباقي وهو عشره بين البنين لكل واحد
منهم سهمان ووصية صاحب النصيب مثل نصيب أحدهم وذلك سهمان ثم الموصى له بالنصف
يضرب في الثلث بنصف المال وهو سبعة ونصف لان سهام المال خمسة عشر والموصى له
بالنصيب يضرب بسهمين فيكون الثلث بينهما على تسعة أسهم ونصف لصاحب النصف
سبعة ونصف وللآخر سهمان ولو ترك ابنين وأوصى لرجل بنصف ماله ولآخر بمثل نصيب
أحد ابنيه فأجازوا فلصاحب النصف ثلاثة من ستة ولصاحب المثل سهم لان صاحب النصف
يأخذ النصف ثم يقسم النصف الباقي بين الابنين وصاحب النصف علي ثلاثة لأنا نزيد على
عدد البنين واحدا للموصى له بالنصف فإذا صار النصف ثلاثة كان الكل ستة لصاحب
النصف ثلاثة ولصاحب المثل سهم والباقي بين الابنين وإن لم يجيزوا فالثلث بينهما أخماس في
قياس قول أبى يوسف لان صاحب النصف عند عدم الإجازة يتراجع إلى الثلث فيأخذ الثلث
ويقسم الثلثان على ثلاثة بنين نصيب الموصى له بالنصيب وإذا صار ثلاثة كان المال أربعة
ونصفا فأضعفه للكسر فيكون تسعة فإنما يضرب الموصى له بالنصف في الثلث بثلاثة أسهم
والموصى له بالنصيب بسهمين فيكون الثلث بينهما على خمسة والمال كله خمسة عشر سهما وفى
قول أبى يوسف الثلث بينهما على ثلاثة عشر لان الموصى له بالنصف يعزل له الثلث بطريق
الاعتبار ويقسم ما بقي بينهم أثلاثا لتبين وصية الآخر فيكون المال على أربعة ونصف وبعد
التضعيف يكون تسعة ثم الموصى له بالنصف إنما يضرب بأربعة ونصف وهو نصف المال
والموصى له بمثل النصيب إنما يضرب بسهمين وهو ثلث الثلثين فيكون الثلث بنيهما على ستة
ونصف فإذا أضعفته كان ثلاثة عشر لصاحب النصف تسعة وللاخر أربعة في قول محمد رحمه
الله الثلث بينهما على خمسة كما هو قول أبي حنيفة رحمه الله لأنك إذا عزلت ثلث المال وقسمت
الثلثين بين الابنين نصفين كان جميع المال على ثلاثة فإنما يضرب الموصى له بالنصف بنصف
ذلك وهو سهم ونصف والآخر إنما يضرب بنصيب أحد الابنين وهو سهم فيكون الثلث
بينهما بعد التنصيف على خمسة للموصى له بالنصف ثلاثة وللموصى له بالمثل سهمان ولو ترك
7

ابنين فأوصى لرجل بثلثي ماله ولآخر بمثل نصيب أحدهما فأجازوا فان الموصي له بالمثل في
قياس قول أبي حنيفة رحمه الله يأخذ سهمين من خمسة عشر من جميع المال لأنه الورثة لو لم
يجيزوا كان نصيبه هذا المقدار فلا يجوز أن ينقص حقه بإجازة الورثة لان اجازتهم إنما تعتبر
في حقه لتوفير المنفعة عليه لا الاضرار وإنما قلنا إن نصيبه عند عدم الإجازة هذا لان وصية
صاحب الثلثين فيما زاد علي الثلث عند عدم الإجازة تبطل ضربا واستحقاقا وإنما يضرب هو
بثلاثة من تسعة والموصى له بالمثل بسهمين فيكون الثلث بينهما على خمسة كما في المسألة المتقدمة
فعرفنا ان له عند عدم الإجازة سهمين من خمسة عشر فلو اعتبرنا الإجازة في حقه لكان له سهم
من تسعة للموصى له بالثلثين ستة ولصاحب المثل سهم لأنه بمنزلة ابن ثالث والباقي بين الابنين
والإجازة في قوله خير لهما لأنهم لو لم يجيزوا كانت الفريضة على قوله من أربعة وعشرين
بالطريق الذي قلنا إنه يقول الثلث ويقسم الثلثان بين الابنين ويزاد لصاحب المثل سهم فيصير
على ثلاثة والمال أربعة ونصف وبعد التضعيف يكون تسعة ثم صاحب الثلثين يضرب في
الثلث بجميع وصيته وذلك ستة وصاحب النصيب بوصيته وذلك سهمان فيكون الثلث بينهما
علي ثمانية وإذا صار الثلث على ثمانية كان المال كله أربعة وعشرين فظهر ان في الإجازة منفعة
لهما ولو كان فيه ضرر فذلك أنما يثبت حكما فاما الوارث ما قصد بالإجازة الا توفير المنفعة
عليهما فلا يكون هذا الاضرار مضافا إلى إجازة الوارث وفى قول محمد رحمه الله في حالة
الإجازة مذهبه كمذهب أبى يوسف كما في المسائل المتقدمة وعند عدم الإجازة الثلث بينهما أثلاثا
ثلثاه لصاحب الثلثين وثلثه لصاحب المثل لان عنده المال على ثلاثة أسهم وانا نقول الثلث ونجعل
الباقي بين الابنين نصفين فتبين ان وصية صاحب المثل سهم ثم صاحب الثلثين يضرب بسهمين
في الثلث وصاحب المثل يضرب بسهم فيكون الثلث بينهما أثلاثا ولو ترك ابنين فأوصى
لرجل بمثل نصيب الثالث لو كان فيه ربع المال لان مثل الشئ غيره ومثل نصيب الثالث
بان يزيد على الثالث فيكون أربعة فعرفنا انه ربع المال ولو كان أوصى له بمثل نصيب
الخامس ثم الباقي وهو الخمسة بين الابنين نصفين فيزيد عليه للموصى له بمثل نصيب أحدهما
سهمين ونصف مثل نصيب أحدهما فإذا زدت على خمسة مرة سهما ومرة سهمين ونصفا
فيكون ذلك ثمانية ونصفا تضعفه فيكون سبعة عشر كان للموصى له بمثل نصيب خامس
سهم أضعفه فيكون له سهمان وكان للموصى له بمثل نصيب أحدهما نصفا سهمين ونصفا
8

أضعفه فيكون خمسة والباقي وهو عشر بين الابنين نصفان وأخذ منهما خمسة مثل ما أخذ
الموصى له بمثل نصيب أحدهما ولو قسمت هذه العشرة بين خمسة بنين كان لكل واحد منهم
سهمان مثل ما أخذه الموصى له بمثل نصيب الخامس ولو كان أوصى له بمثل رابع لو كان
ولآخر بمثل نصيب الخامس لو كان فأجازوا كان للموصى له بمثل نصيب الخامس أربعة أجزاء
من تسعة وعشرين جزأ من جميع المال وللآخر خمس الباقي لأنه اجتمع هاهنا وصيتان بمثل
نصيب رابع وبمثل نصيب خامس فيضرب مخرج الربع في مخرج الخمس وذلك أربعة في
خمسة فيكون عشرين ثم يزيدان عليه للموصى له بمثل نصيب رابع وذلك خمسة فللموصى
له بمثل نصيب خامس الخمس وذلك أربعة فتكون تسعة فظهر أن المال على تسعة وعشرين
سهما يأخذ الموصى له بمثل نصيب الرابع من ذلك خمسة والآخر أربعة والباقي بين
الابنين نصفان وان قسمت الباقي بين أربعة كان لكل واحد منهم أربعة وإن لم يجيزوا
فكذلك الجواب في هذا الفصل لان الوصية أقل من الثلث فلا تختلف بالإجازة وعدم
الإجازة وفى الفصل الأول إذا لم يجيزوا كان الثلث بينهما على سبعة لان كل واحد منهما عند
عدم الإجازة يضرب في الثلث بحقه وحق الموصى له بمثل نصيب خامس سهمان وحق الآخر
خمسة فيكون الثلث بينهما أسباعا لهذا * ولو ترك ابنين فأوصى لرجل بمثل نصيب خامس
لو كان فأجازوا فالقسمة من تسعة وثلاثين جزأ وهذا بناء علي الفصل المتقدم فقد جعلنا هناك
المال على تسعة وعشرين وكان المقسوم بين الابنين عشرين لكل واحد منهما عشرة في
هذا الفصل والوصية بمثل نصيب أحدهما تزيد على المال مثل نصيب أحدهما وهو عشرة
فيكون على تسعة وثلاثين للموصى له بمثل نصيب أحدهما أثلاثا وإن لم يجيزوا كان الثلث
بينهم على تسعة عشر لان كل واحد منهم يضرب في الثلث بسهام حقه أحدهم بعشرة والآخر
بخمسة والآخر بأربعة فلهذا كان الثلث بينهم على تسعة عشر * ولو ترك ابنين فأوصى لرجل
بثلث ماله ولآخر بمثل نصيب رابع ومثل نصيب الرابع سبع ما بقي من المال والباقي بين
الابنين والموصي له يمسك نصيب أحدهما أثلاث والفريضة من أحد وعشرين لان الموصى
له بالثلث يأخذ الثلث ثم يوجد عدد الأربعة فيزاد عليه واحد لتبيين نصيب الموصي له بمثل
نصيب الرابع فيكون خمسة للموصى له نصف الرابع سهم والباقي وهو أربعة بين الابنين
نصفان لكل واحد منهما سهمان فيزاد للموصى له بمثل نصيب أحدهما سهمان فإذا قدرناه على
9

ثلثي المال وهو أربعة للموصى له بمثل نصيب الرابع سهم وللموصى له بمثل نصيب أحدهما
سهمان فيصير سبعة أسهم للموصى له بمثل نصيب الرابع من ذلك سهم وهو سبع ما بقي
من المال والباقي بين الابنين والموصي له بمثل نصيب أحدهما أثلاثا فإذا صار ثلثا المال على سبعة
كان الكل عشرة ونصفا تضعفه للكسر فيكون أحدا وعشرين للموصى له بالثلث سبعة
ولصاحب نصيب الرابع سهمان وللثالث أربعة وإن لم يجيزوا كان الثلث بينهم على ثلاثة
عشر لان كل واحد منهم يضرب في الثلث بسهام حقه أحدهم بسبعة والآخر بأربعة والاخر
بسهمين فيكون جملة ذلك ثلاثة عشر * ولو كان أوصى لرجل بمثل نصيب سادس لو كان
ولآخر بمثل نصيب أم لو كانت فان الموصى له بمثل نصيب السادس يأخذ خمسة أسهم من
أربعين سهما وهذا تطويل غير محتاج إليه فان نصيب الأم من هذه التركة السدس ومثل
الشئ ء غيره فالوصية بمثل نصيب السادس والوصية بمثل نصيب الأم لو كانت سواء في المقدار
فإنما يزاد لكل واحد منهما سهم على ستة فتكون القسمة على ثمانية لكل واحد من الموصي لهما
سهم والباقي وهو سهم بين الابنين قال رضي الله عنه في الكتاب خرجه من خمسة أمثال وذلك
أربعون سهما وأعطى كل واحد منهما خمسة ولا فرق بين خمسة من أربعين وبين سهم من ثمانية
* ولو ترك ابنين فأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهما الا ثلث جميع المال فإنه رد على الوارثين
فالفريضة من سبعة للموصى له بمثل نصيب أحدهما أربعة ويرد منها ثلث المال على الورثة وذلك
ثلاثة لأنك تأخذ عدد الابنين فتزيد على ذلك للموصى له بمثل النصيب سهمان فيكون ثلاثة
ثم تضرب ذلك في ثلاثة لمكان الاستثناء وهو قوله الا الثلث فيكون تسعة فهذا هو المال ومعرفة
النصيب بأن تأخذ النصيب وهم سهم فتضربه في ثلاثة فيكون ثلاثة ثم تزيد عليه سهمين لمكان
الاستثناء لان بسبب المستثنى يزداد مال الوارث وكلما ازداد مال الوارث ازداد النصيب فظهر
أن النصيب أربعة فإذا دفعت إلى الموصى له بالنصيب أربعة ففي يد الورثة خمسة ثم يسترجع
بالاستثناء منه ثلث جميع المال وهو ثلاثة فتضمه إلى ما في يد الوارث فيصير ثمانية بين الابنين
لكل واحد منهما أربعة مثل النصيب وعلى طريق الدينار والدرهم تجعل المال دينارا أو درهما
فتعطى بالنصيب دينارا وتسترجع بالاستثناء ثلث دينار وثلث درهم فيصير معك درهم وثلث
دينار وحاجة الورثة إلي دينارين لأنا جعلنا النصيب دينارا بمثله قصاصا يبقى في يدك درهم
وثلث يعدل دينارا وثلثي دينار فتضرب كل واحد منهما في ثلاثة للكسر فتصير الدنانير خمسة
10

والدراهم أربعة ثم نقلت الفضة ونجعل آخر الدراهم آخر الدنانير وآخر الدنانير آخر الدراهم
فصار كل دينار بمعنى أربعة وكل درهم بمعنى خمسة ثم نعود إلى الأصل فنكون كأنا جعلنا المال
دينارا ودرهما فذلك تسعة وأعطينا بالنصيب دينارا وذلك أربعة فتبين أن النصيب أربعة من
تسعة ثم التخريج كما بينا * ولو ترك خمسة بنين وأوصى لأحدهم بكمال الثلث مع نفسه وأوصى
لأجنبي بثلث ما بقي من الثلث فان الأجنبي يأخذ سبع جميع المال لأنه لا مزاحمة للوصية
للوارث مع الوصية للأجنبي فيأخذ الأجنبي كمال حقه كأنه لم يوص لاحد غيره وثلث ما بقي
من الثلث هو الثلث الثلث إذا لم يكن هناك وصية أخرى (ألا ترى) انه لو أوصى له بما
بقي له من الثلث ولم يوص لغيره بشئ استحق جميع الثلث فكذلك ها ههنا يستحق ثلث المال
ثم إن أجازوا فالوارث الموصى له يأخذ مما بقي كمال حقه الثلث مع نصيبه بين جميع المال وذلك
ثلاثة أسهم من تسعة فإذا أخذ هو ثلاثة وللأجنبي سهم يبقي خمسة فتقسم بين البنين بالسوية
أرباعا انكسر بالأرباع فاضرب تسعة في أربعة فتكون ستة وثلاثين للأجنبي أربعة وللوارث
اثنا عشر يبقى عشرون بين البنين الأربعة لكل واحد منهم خمسة فتبين أن الميراث الابن
الموصى له خمسة والوصية له سبعة وقد استحق ذلك بإجازة الورثة * ولو أوصى لأحدهم بمثل
نصيب أحدهم ولأجنبي بثلث ما بقي من الثلث فان الأجنبي يأخذ ثلث المال وهو سهم من
تسعة كما بينا ويقسم ما بقي بين الورثة وبين الموصى له بمثل نصيب أحدهم على ستة لان مثل
الشئ غيره فلا بد من أن يزيد على عدد الورثة وذلك خمسة بينهما لتبيين مثل نصيب أحدهم
فيجعل للموصى له بمثل النصيب سهمان سهم بميراثه وسهم بوصيته والباقي وهو أربعة بين
البنين أرباعا وإذا أردت تصحيح الحساب احتجت إلى ضرب تسعة في ستة فيكون أربعة
وخمسين للأجنبي ستة وللابن الموصى له ستة عشر وثمانية بالميراث وثمانية بالوصية والباقي وهو
اثنان وثلاثون بين أربعة بنين لكل واحد منهم ثمانية ولو أوصي لاحد ورثته بثلث ماله ولأجنبي
بما بقي من ثلثه فأجازت الورثة أو لم يجيزوا أخذ الأجنبي ثلث جميع المال لان الوصية
للوارث غير معتبرة في مزاحمة الأجنبي فكأنه أوصى للأجنبي بما بقي من ثلثه وهو بهذا
اللفظ يستحق جميع الثلث كما يستحق العصبة جميع المال إذا لم يكن هناك صاحب فرض
ثم الباقي بينهم على الميراث إن لم يجيزوا فان أجازوا أخذ الوارث الموصى له ثلث جميع المال من
الباقي باعتبار اجازتهم والباقي بينهم على الميراث * ولو ترك ابنين وأوصى لأجنبي بما بقي من
11

ثلاثة ولم يوص بغير ذلك كان له ثلث جميع المال لان جميع الثلث باقي إذا لم يوص بشئ ء آخر
ولو ترك ثلاثمائة وأوصى لاحد ابنيه بمائة من ماله ولأجنبي بما بقي من ثلاثة فأجازوا أخذ
الأجنبي ثلث جميع المال لأنه لا مزاحمة للوارث معه وأخذ الوارث مائة درهم لإجازة الورثة
وصيته والباقي ميراث * ولو ترك ستمائة وأوصى لأجنبي بمائة من ماله ولآخر بما بقي من
ثلثه أخذ صاحب المال مائة والآخر ما بقي من الثلث لان كل واحد منهما له وصية ثابتة في
حق الآخر وصاحب المال المسمى من الثلث مقدم على صاحب ما بقي كما أن صاحب الفريضة
في الميراث مقدم على صاحب ما بقي كما أن صاحب الفريضة في الميراث مقدم على العصبة
فلهذا يأخذ صاحب المائة من الثلث مائة ثم لصاحب ما بقي قدر الباقي فان رد الموصى له
بالوصية وصيته أو مات قبل موت الموصي حين بطلت وصيته أخذ الآخر جميع الثلث لان
جميع الثلث باقي وهو بمنزلة ما لم يوص لغيره بشئ ولو هلك نصف المال قبل القسمة كان
لصاحب المائة مائة ولا شئ لصاحب ما بقي لأنه لم يبق من الثلث شئ ولو كان أوصى مع
ذلك بثلث ماله ولم يبق شئ من المال كان الثلث بين صاحب الثلث وصاحب المائة أثلاثا لان
صاحب الثلث يضرب في الثلث وهو مقدار الثلث والآخر يضرب بمائة فيكون الثلث بينهما
أثلاثا ولا شئ لصاحب ما بقي لأنه لم يبق من الثلث شئ * ولو ترك ابنين فأوصي لرجل
بثلث ماله ولآخر بربع ماله فأجاز ذلك أحد الابنين كان الثلث بينهم أسباعا بغير إجازة ويكون
نصف ربع المال من نصيب الابن الذي أجاز صاحبي الوصية على سبعة أسهم وأصل هذه
الفريضة من أربعة وثمانين سهما لأنهما يغلقان الذي أجاز لهما الوصية على حسب ما يغلقانه ان
لو أجازا جميعا ويقابلان الذي لم يجز وصيتهما على حسب ما يقابلانه إن لم يجز فنقول لو أجازا
الوصيتين جميعا لكان الموصى له بالثلث يأخذ الثلث والموصى له بالربع يأخذ الربع فيحتاج
إلى حساب له ثلث وربع وذلك اثنا عشر فثلثه أربعة وربعه ثلاثة ولو لم يجيزا لكان الثلث
بينهما على هذا فإذا صار الثلث علي سبعة كان جميع المال أحدا وعشرين ثم عند اجازتهما
الموصى له بالثلث والموصي له بالربع يأخذ الربع وليس لاحد وعشرين ربع صحيح فيضرب
أحد وعشرون في أربعة فيكون أربعة وثمانين فاما ثلث المال وذلك ثمانية وعشرون يأخذانه
بلا منة الإجازة فيقتسمانه أسباعا علي مقدار حقهما للموصي له بالثلث أربعة أسباعه وهو ستة
عشر وللموصى له بالربع ثلاثة أسباعه وذلك اثنا عشر ثم نقول قد بقي إلى تمام حق الموصى
12

له بالثلث اثنا عشر فلو أجازا له الوصية لكان يأخذ من كل واحد من الابنين نصف ذلك
وهو ستة وقد بقي إلى تمام حق الموصى له بالربع تسعة فلو أجازا له الوصية لكان من
كل واحد منهما نصف ذلك وهو أربعة ونصف فإذا أجاز أحدهما الوصية لهما جميعا ولم يجز
الآخر فإنهما يأخذان من نصيب المجيز وهو ثمانية وعشرون مقدار حقهما ان لو أجازا
وذلك عشرة ونصف فيقتسمان ذلك أسباعا فلكل سبع منه سهم ونصف فلصاحب الربع
ثلاثة أسباعه أربعة ونصف لصاحب الثلث أربعة أسباعه وهو ستة ولو كان الابنان أجازا
وصية صاحب الربع ولم يجيزا وصية صاحب الثلث فان الثلث بينهما أسباعا كما بينا ثم يأخذ
صاحب الربع ما بقي من حقه وهو سبعة أسهم من نصيب الابنين لأنهما قد أجازا له لوصية
فيسلم له أحد وعشرون كمال الربع من أربعة وثمانين ويسلم لصاحب الثلث أربعة أسباع الثلث
وذلك ستة عشر ولو أجاز أحدهما لصاحب الثلث والآخر لصاحب الربع فالثلث بينهما
أسباع كما بينا ثم يأخذ صاحب الثلث من نصيب الذي أجاز له نصف ما بقي من الثلث والباقي
إلى تمام الثلث اثنا عشر فيأخذ نصف ذلك منه وهو ستة لأنهما لو أجازا جميعا له أخذ من كل
واحد منهما ستة فكذلك إذا أجاز له أحدهما ويأخذ صاحب الربع من نصيب الذي أجاز
نصف ما بقي إلى الربع والباقي من حقه إلى تمام الربع تسعة فيأخذ منه نصف ذلك وهو
أربعة بمنزلة ما لو أجازا له الوصية والله أعلم
باب الوصية في المال ينقص أو يزيد بعد موت الموصى
(قال رحمه الله) وإذا كان الرجل ثلاث جواري قيمة كل واحدة ثلاثمائة فأوصى لرجل
بجارية منهن بعينها ثم مات فلم يقسم الورثة والموصى له حتى زادت تلك الجارية فصارت
ستمائة أو ولدت ولدا يساوي مائة أو وطئها رجل بشبهة غرم عقرها مائة أو اكتسبت
مائة فهذا كله من مال الميت لان التركة بعد الموت قبل القسمة مبقاة على حكم ملك الميت
فهذه الزيادة تجل على حكم ملكه أيضا ويكون حصولها قبل الموت وحصولها بعد الموت
سواء فإن كانت الزيادة في بدنها فللموصي له تمام ثلث مال الميت منها وماله صار ألفا ومائتين
فللموصى له مقدار الثلث أربعمائة وذلك ثلثا الجارية التي أوصى له بها وثلثها له مع الجاريتين
الأخيرتين وان كانا ضامنا لها فإنه يسلم له الجارية كلها وتمام الثلث من تلك الزيادة حتى تقع القسمة
13

في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله للموصى له الثلث من الجارية ومن الزيادة
لا يبدأ بشئ من ذلك قبل وقد تقدم بيان المسألة في الوصايا والمقصود هاهنا بيان انه
يعتبر مال الميت حتى تقع القسمة لا حين يوصى ولا حين يموته لان حق الموصى له في الثلث
بمنزلة حق الورثة في الثلثين وإنما يتم سلامة الثلثين للورثة عند القسمة فكذلك سلامة الثلث
للموصى له (ألا ترى) انه لو ظهر دين قبل القسمة وجب تنفيذه من الأصل والزيادة جميعا
وإذا كان للرجل أمة تساوى ثلاثمائة لا مال له غيرها فأوصى بها لرجل ثم مات فباعها الوارث
بغير محضر من الموصى له نقد بيعها في ثلثيها لان الموصى له صار أحق بثلثها والوارث أحق
بثلثيها فإذا كانت ولدت عند المشترى ولدا يساوي ثلاثمائة ثم أحضر الموصي له مائة يأخذ ثلث
الجارية ويكون للمشترى ثلثاها وثلثا الولد ويكون للموصى له التسع من الولد ويرد التسعين
إلى الوارث لان ملك المشتري يفوت في ثلثيها فيقرر في ثلثي الولد أيضا ولا يكون ذلك محسوبا
من مال الميت لأنه حدث على ملك المشتري وإنما مال الميت الجارية وثلث الولد فيأخذ الموصي
له بثلث الجارية ويكون له ثلث الولد وذلك تسع الولد لأنه لا يسلم له بالوصية أكثر من ثلث
مال الميت ويرد التسعين إلى الوارث لأنه زائد على الثلث بما تناولته الوصية فيكون مردودا
على الوارث وكذلك المهر والكسب في قول أبي حنيفة رحمه الله وهذا لأنه يبدأ بالجارية في
تنفيذ الوصية ثم بالولد ولو كانت الجارية زادت في بدنها حتى صارت تساوى ستمائة صار كان
الميت ترك من المال أربعمائة لان في ثلثي الجارية يعتبر القسمة وقت البيع من الوارث فان بيعه
من الوارث بمنزلة الاستهلاك لأنه ملكه من غيره فيخرج به من أن يكون مبقى على حكم الميت
فالزيادة الحاصلة في ثلثيها لا تكون محسوبة من مال الميت يبقي مال الميت ثلثها وقيمة ذلك مائتا
درهم فيكون للموصي له الثلث من ذلك وهو ثلثا ثلث الجارية قيمة ذلك مائة وثلاثة وثلاثون
وثلث وللوارث ثلث ثلثيها قيمة ذلك ستة وستون وثلثان فإذا ضممته إلى المائتين استقام الثلث
والثلثان ولو لم تزد الجارية ولكنها نقصت حتى صارت تساوى مائة درهم أخذ الموصى له ثلثها
ورجع على الوارث من قيمتها بأربعة وأربعين وأربعة اتساع درهم لان مال الميت ما صار للوارث
مستهلكا له وقيمة ذلك مائتا درهم وثلث الجارية قيمته ثلاثة وثلاثون وثلث فان نقصان السعر
لا يكون مضمونا على المشترى فللموصى له ثلث مائتي درهم وثلث ومقدار ذلك ما قال في
الكتاب فيأخذ ثلث الجارية لأنها هي الأصل ويرجع على الوارث بأربعة وأربعين وأربعة اتساع
14

درهم حتى يكون السالم له ثلث مال الميت * وإذا كان للرجل ثلاثة أعبد قيمة كل واحد منهم
ثلاثمائة لا مال له غيرهم فأوصى بعبد منهم بعينه لرجل ثم مات الموصى فأعتق الوارث العبدين
الآخرين ثم صارت قيمة كل واحد منهم ستمائة ثم جاء الموصى له فطلب حقه فإنه يأخذ من العبد
الموصى له به ثلثيه لان الوارث بالاعتاق صار مستهلكا للعبدين الباقيين فإنما تعتبر قيمتهم يومئذ
وذلك ستمائة ستمائة فيكون للموصى له بقدر ثلث مال الميت وذلك ثلثا هذا العبد قيمته أربعمائة وثلثه
للورثة قيمته مائتان من الستمائة مع الثمانمائة ولو كان الوارث لم يعتقهما ولكن الموصى له أعتق
العبد الموصى به ثم نقصت قيمة العبيد حتى صار كل واحد منهم يساوى مائه فإنه يأخذ الوارث
العبدين الباقيين ويضمن له مائة وثلاثة وثلاثين وثلثا لان الموصى له صار مستهلكا بالاعتاق
العبد الموصى له به فتعتبر قيمته يومئذ وقيمة العبدين الباقيين عند القسمة فيكون مال الميت
خمسمائة يسلم للموصى له ثلث ذلك مائتان وستة وستون وثلثان ويقوم للوارث ما زاد على
ذلك إلى تمام ثلاثمائة فيأخذه الوارث مع العبدين الباقيين حتى يسلم له ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون
وثلث * وإذا كان للرجل عبد يساوى ثلاثمائة فأوصى به لرجل ثم مات ولا مال له غيره وله
ابن صغير فكاتب الوصي العبد على ألف درهم فأداها إلى الوصي ثم جاء الموصى له يطلب حقه
فيكون الوصي في الكتابة قائما مقام الصغير وحين تنفذ منه الكتابة في ثلثيه صار ذلك مستهلكا
وإنما أدى الألف من كسب اكتسبه بعد الكتابة قلنا الكسب لا يكون محسوبا من مال الميت
وإنما مال الميت العبد وثلث الكسب فيكون جملة ذلك ستمائة وثلاثة وثلاثين وثلثا يسلم
للموصي له ثلث ذلك وهو مائتا درهم واحد عشر وتسع يأخذها من مال الابن إن كان له
مال بثلث قيمة العبد وان شاء أعتق ويرجع الموصى على العبد فيستسعيه الابن في ثلث قيمته
لأنه عتق بقدر الثلثين منه فيخرج الباقي إلى الحرية بالسعاية فان تمكنت السعاية في يد الموصى
قبل أن يحضر الموصى له ثم حضر فإنه يتبع مال الابن إن كان له مال بثلث قيمة العبد وان
شاء أعتق وان شاء استسعاه لان الصبي معتق باستيفاء الوصي بدل الكتابة وقد كان العبد
مشتركا بينه وبين الموصى له فكان للموصى له أن يضمنه قيمة نصيبه إن كان موسرا
وقد بينا في العتاق ان الصبا لا يمنع وجوب ضمان العين والموصى له لا يكون ضامنا من ماله
شيئا لأنه غير مخالف في نصيب الصغير بالكتابة فيكون فعله كفعل الصبي فإن كانت قيمة العبد
زادت بعد أدائه المكاتبة لم ينظر إلى الزيادة ولا إلى النقصان بعد الأداء لأنه لما عتق بعضه
15

وقد خرج من أن يكون مثبتا على ملك الميت ولو كان العبد زاد قبل أن يؤدى المكاتبة
حتى صار يساوى ستمائة ثم أدى المكاتبة فضاع في يد الموصى فلا ضمان علي الوصي فيما قبض
من المكاتبة لأنه غير مخالف في تصرفه بالكتابة وقبض البدل وللموصى له أن يتبع مال الابن
إن كان له مال بثلث أربعمائة لان مال الميت قيمة ثلثي العبد وقت الكتابة وذلك مائتا درهم
وقيمة ثلاثة وقت الأداء وذلك مائتا درهم فيكون أربعمائة فيسلم للموصى له ثلث ذلك وله
الخيار بين التضمين والاعتاق والاستسعاء وان رجع ذلك في مال الصبي رجع الوصي على
العبد بقيمة ثلثه عند الأداء وذلك مائتا درهم فيسعى للصبي في ذلك * وإذا كان للرجل عبدان
قيمة كل واحد منهما ألف درهم فكاتبهما في مرضه كتابة واحدة بألف درهم فمات أحدهما
وأدى الباقي المكاتبة إلى السيد ثم مات السيد بعد ذلك ولم يستهلك المكاتبة فان الورثة
يرجعون علي الحي بمائتي درهم وذلك تمام ثلثي المال لان المريض حاباهما بقدر ألف فذلك
وصية لهما تنفذ من ثلثه وبموت أحدهما قبل موت المريض لا تبطل وصيته لأن هذه الوصية
في ضمن الكتابة والكتابة قائمة ببقاء من يؤدى البدل وهو المكاتب الآخر ولأن هذه
الوصية تلزم بنفسها فتكون بمنزلة العتق المقدم في مرضه فلا تبطل بموته فإنما مال الميت عند
موته بدل الكتابة وهو ألف درهم ونصف رقبة الباقي قيمته خمسمائة والذي مات مستوفيا
لوصيته ويؤدى بموته نصف رقبته فإنما يقسم الباقي بين الوراث والعبد القائم على خمسة لان
للعبد نصف الثلث سهم من سهمين وللوارث أربعة فإذا قسمنا ألفا وخمسمائة بينهم أخماسا للعبد
من رقبته بقدر ثلاثمائة ويسعى فيما بقي وذلك مائتا درهم فحصل للورثة ألف ومائتا درهم وقد سلم
للوصي بالعبد القائم ثلاثمائة والميت صار مستوفيا مثل ذلك بالوصية فيقتسم الثلث والثلثان
وكذلك لو كان أحد المكاتبين مات بعد موت المولي وبقي الآخر فأدى المكاتبة وإذا كان
للرجل ألفا درهم وعبد يساوي ألف درهم فأوصي ان يباع العبد من فلان بمائة درهم وأوصى
لرجل بثلث ماله فان العبد يباع تسعة أعشاره من الموصى له بالبيع بأربعمائة وخمسين درهما لأنه
اجتمع في العبد وصيتان وصية بالبيع وهو مثل الوصية بالرقبة في القسمة ووصية بالثلث
فتكون القسمة على طريق المنازعة للموصى له بالبيع خمسة أسداسه وللآخر سدسه وإذا صار
العبد على ستة فكل ألف من الألفين يكون على ستة أيضا للموصى له بالثلث ثلث ذلك وهو
أربعة فمبلغ سهام الوصايا عشرة فذلك ثلث المال وجملة سهام المال ثلاثون العبد من ذلك عشرة
16

أسهم وهو العشر للموصى له بالثلث وخمسة وهو نصف العبد يباع من الموصى له بخمسين درهما
كما أمر به الموصى وأربعة أعشاره حق الورثة فإنما يباع من الموصى له بالبيع بمثل قيمته أن
رغب فيه لأنه لم يبق من الثلث شئ لتنفذ له المحاباة فيه وقيمة أربعة أعشاره أربعمائة فلهذا يباع
تسعة أعشار العبد من الموصى له بأربعمائة وخمسين فيكون للموصي له بالثلث خمس الألفين
أيضا وذلك أربعمائة ويكون للموصى له من الثمن خمسون درهما وهو حصة نصف العبد الذي
نفذنا فيه الوصية بالبيع مع المحاباة لان ثمن ذلك خمسون وقد فرغ من وصية صاحب البيع
فيسلم لصاحب الثلث فإذا قد سلم للموصى له بالثلث في الحاصل خمسمائة وخمسين ونفذنا للموصى
له بالمحاباة الوصية بقدر أربعمائة وخمسين فذلك ألف درهم وحصل للورثة ألف درهم فقد حصل
لهم من الثمن أربعمائة وأربعة أخماس الألفين فيستقيم الثلث والثلثان وإذا كان للرجل عبد
يساوى ألف درهم لا مال له غيره فباعه من رجل في مرضه بثلاثة ألف درهم بسنة ستة وأوصى
لرجل آخر بثلث ماله ثم مات وأبى الورثة أن يجيزوا فتخريج هذه المسألة ينبنى على فصلين فيهما
الخلاف أحدهما أن عند أبي حنيفة المحاباة المتقدمة تقدم على سائر الوصايا في الثلث والثاني
ان من باع في مرضه عبدا يساوى قيمته ألف درهم بثلاثة ألف سنة فعلى قول أبي حنيفة
وأبى يوسف الآخر إنما يصح التأجيل في ثلث الثمن وفى قوله الأول وهو قول محمد التأجيل
صحيح فيما زاد علي ثلثي قيمة العبد من الثمن وقد تقدم بيان الفصلين ثم التخريج على قياس
قول أبي حنيفة أن نقول يتخير المشترى فإن شاء نقض البيع وان شاء أدى ألفي درهم حالة
وسلم له التأجيل في مقدار ألف لان المحاباة تقدم على الوصية بالثلث أصلا فان نقض البيع
بطلت وصيته ويبقي صاحب الثلث فيأخذ ثلث العبد وان أوصى بالبيع فأدى ألفي درهم حالة إلى
الورثة ثم خلف الألف الباقية فإنها تؤخذ منه وتعطى الموصى له بالثلث لأن هذه الألف
التي من مال الميت وقد فرغت من وصية صاحب المحاباة يمضى الاجل فيسلم للموصى له بالثلث
وأما على قول أبى يوسف فان اختار المشترى امضاء البيع فالتأجيل صحيح له في ربع الثمن
ويؤدي ما بقي فيسلم للوارث من ذلك ألفان وللموصى له بالثلث ما بقي لان الثمن ثلاثة ألف
فربعه سبعمائة وخمسون وإنما لم يصح تأجيله الا في هذا القدر لان الموصي له بالثلث يضرب
بالثلث والموصى له بالبيع يضرب بالجميع فيكون الثلث بينهما علي أربعة والمال اثنى عشر فإنما
يسلم له التأجيل في مقدار ثلاثة أسهم من اثنى عشر وهو الربع ويؤدي ألفين ومائتين وخمسين
17

فيكون للورثة منها ألفان ولصاحب الثلث مائتان وخمسون وإذا حل الاجل كان الباقي وهو
سبعمائة وخمسون كله لصاحب الثلث لأنه من جملة الثلث وقد فرغ من وصية صاحب المحاباة
فيسلم لصاحب الثلث وفى قول محمد التأجيل صحيح في مقدار الألفين وفى ثلاثة أرباع ثلث
الألف الثالثة باعتبار أن محل الوصية ثلث هذه الألف فيضرب فيه الموصى له بالثلث بسهم
والموصى له بالربع بثلاثة فيؤدى ربع هذا الثلث مع ثلثي القيمة ربع هذا الثلث للموصي
له بالثلث وثلثا القيمة للورثة وإذا حل الاجل أدى ما بقي من الثمن فيكون للموصى له بالثلث
من ذلك تمام الألف مع استوفا والباقي للورثة وإنما يتحقق الخلاف قبل حلول الأجل فلعل
بعد حلول الأجل يرتفع الخلاف والله أعلم بالصواب
باب الرجل يموت وليس له وارث فيقر لورث له أو لوصي بمال
(قال رحمه الله) وإذا حضر الرجل الموت وليس له وارث فأوصى رجل بماله كله
لرجل فهو جائز عندنا بلغنا عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال يا معشر همدان انه ليس من
قبيلة أحرى أن يموت الرجل منها لا يعرف له وارث منكم فإذا كان ذلك فليضع ماله حيث
أحب وقد بينا هذه المسألة في كتاب الوصايا فإن كان هذا الميت أسلم على يد رجل ووالاه أو كان
له أحد من ذوي الأرحام كان للموصى له الثلث لان من سمينا وارث له فعقد الموالاة عند
تسبب الإرث وذوي الأرحام من جملة الورثة فلا تنفذ وصيته مع وجود أحد من هؤلاء الا
في مقدار الثلث من ماله وإذا أقر في مرضه بأخ له من أبيه وأمه أو بابن ابن له ثم مات وله عمة
أو خالة أو مولي موالاة فالميراث للعمة أو الخالة وقد تقدم بيان هذا في كتاب الدعوى فلا
يستحق المقر به شيئا مع وارث معروف له ولو لم يكن له وارث من القرابة وغيرهم كان ماله
لهذا المقر به لأنه أقر به بشيئين بالنسب وباستحقاق ماله بعده وهو في النسب مقر علي غيره
وفى استحقاق المال إنما يقر به على نفسه فيعتبر اقراره في ذلك وهذا لأنه غير متهم في هذا
الاقرار فيما يرجع إلى المال لأنه يملك ايجابه له بطريق الوصية ابتداء فلهذا يعتبر اقراره باستحقاق
المال ولو أوصى بماله كله لرجل مع ذلك كان لصاحب الوصية ثلث المال لان التهمة لما انتفت
عن اقراره التحق المقر به بالوارث المعروف فيكون للموصي له ثلث المال معه وقد بينا في
كتاب الدعوى من يصح اقراره به للرجل والمرأة ومن لا يصح اقراره ولو أقر في مرضه بابن
18

ابن أو بأخ وصدقه المقر به في ذلك ثم أنكره المريض وقال ليس بيني وبينه قرابة ثم أوصي بماله
كله لرجل ثم مات ولا وارث له فالمال كله للموصي له ولا شئ للمقر به لان النسب لم يثبت
باقراره وكان اقراره بمنزلة ايجاب المال له بالوصية ورجوعه عن ذلك صحيح فان أنكره
صار بمنزلة الراجع عما أوجبه له فلهذا سلم المال كله له ولو لم يوص بماله لاحد كان ماله لبيت
المال دون المقر به لان حق المقر به قد بطل بجحوده فان قيل كلامه بمنزلة الاقرار بالمال فكيف
يصح رجوعه عنه قلنا لا كذلك بل هو بمنزلة ايجاب المال له بطريق الخلافة وهو الوصية
(ألا ترى) ان ما أقر به لو كان ظاهرا لم يستحق المال الا بهذه الصفة ولو لم يقر المريض بشئ
من ذلك ولكن له عمة أو مولى نعمة فأقرت العمة أو مولي النعمة بأخ للميت من أبيه وأمه
أو بعم أو بابن عم ثم أنكره ثم مات المريض أخذ المقر به الميراث كله لان الوارث المعروف
أقر بأنه مقدم عليه في استحقاق ماله واقراره حجة علي نفسه ولو جدد الاقرار به بعد موت
المريض كان جميع المال للمقر به فكذلك إذا أقر به قبل موته وان أقرت المرأة بزوج وابنة
لها من غير هذا الزوح فصدقها كل واحد منهما بما أقرت له خاصة وجحد صاحبه ثم مات
ولا وارث لها فللزوج نصف المال لان اقرارها بالزوجية صحيح واقرارها بالابنة غير صحيح
في حق الزوج فيأخذ الزوج النصف ثم لما لم يوجد ما يستحق لما بقي من الورثة فيعتبر اقرارها
بالابنة فيما بقي فيكون لها النصف الباقي ولو صدقها الزوج فيما أقرت به من نسب الابنة
وجحدت الابنة الزوج كان للزوج ربع المال لان اقراره حجة في حقه فالتحقت بالابنة المعروفة
عند تصديقه في حقه فيكون له ربع المال والباقي للابنة ولو أقرت في مرضها أو صحتها بزوج
وابنة وأم وأخت لأب فصدقها كل واحد فيما أقرت به له خاصة فللزوج نصف المال لان
اقرارها بالزوجية صحيح ولمن سمى الزوج من جميع من سمينا غير صحيح في حق الزوج فيأخذ
الزوج نصف المال ثم الباقي يقسم بين من بقي على تسعة لأنهم استووا في أن اقرارها لهم
بالنسب لا يصح فيجعل فيما بينهم كأن كل واحد منهم معروف بالنسب الذي أقر له به ولو
كانوا معروفين كانت القسمة من اثنى عشر للزوج الربع ثلاثة وللبنت النصف ستة وللأم
السدس سهمان والباقي وهو سهم للأخت وقد أخذ الزوج كمال حقه فيطرح سهاما ويقسم
ما بقي بينهم على تسعة للابنة ستة وللأم سهمان وللأخت سهم فإن كان المقر بهم لم يصدقوها ولم
يكذبوها حتى ماتت ثم صدقوها بعد موتها على ما بينا ففي قياس قول أبى يوسف ومحمد رحمهما
19

الله الجواب كذلك وفى قياس قول أبي حنيفة رحمه الله لا شئ للزوج في هذه المسألة في
الاقرار عند أبي حنيفة تصديق الزوج بعد موتها باطل فلا شئ له ويقسم الميراث كله علي
ستة لأنه يصير في الحكم كأنه ما أقر الا بالثلاثة سوى الزوج فيكون للابنة نصف ثلاثة من
ستة وللأم السدس سهم والباقي للأخت وهو سهمان وقع في بعض النسخ وللأخت ثلاثة
وهو غلط فان الأخوات مع البنات عصبة فيكون للأخت ما بقي وهو سهمان ولو كانوا
أقروا بذلك في حياتها وتكاذبوا فيما بينهم الا الزوج فإنه أقر بالأم كان للزوج النصف والباقي
علي تسعة أسهم كما بينا ثم يضم للأم نصيبها إلى نصيب الزوج فيقتسمان ذلك على خمسة أسهم
للزوج ثلاثة وللأم سهمان لان الزوج قد صدق بها فالتحقت في حقه بأم معروفة فما يحصل
في أيديهما يقسم بينهما على مقدار حقهما فيكون على خمسة للزوج ثلاثة وللأم سهمان وفى هذا
بعض الشبهة لان بوجوب الأم لا يتحول نصيب الزوج إلى الربع فينبغي أن يضرب هو
بالنصف ستة ولكن نقول الزوج إنما يضرب بثلاثة علي أن تكون المرأة تركت زوجا وأما
فتكون القسمة من ستة للزوج ثلاثة * فان قيل فعلى هذا ينبغي أن يكون ما في أيديهما بينهما
نصفين لان الأم أخذ النصف الباقي مع الزوج قلنا هي بالأمية تستحق الثلث ثم الباقي يرد
عليها ولا يعتبر الرد في المزاحمة عند ضعف المال فلذا كانت القسمة بينهما على خمسة * ولو أقر
في مرضه فصدقه الأخ في ذلك ثم أوصى بماله لرجل آخر ثم مات فقال الأخ لست له بأخ
وكان اقراره لي باطلا فالمال كله للموصى له وإن لم يوص بماله لاحد فالمال كله لبيت المال لان
الأخ صار رادا لما أوجبه حين أنكر الاخوة ولو أقر رجل بامرأة وابنة وأم وأخت
لأب فصدقته كل واحدة منهن في نفسها وكذبته في البقية ثم مات فللمرأة الثمن والباقي للابنة
خاصة لان اقرار الرجل بالمرأة والابنة صحيح فالتحقتا بالمعروفتين فللمرأة الثمن والباقي للابنة
بالغرض والرد ولا شئ للأم والأخت لان الابنة بعد ثبوت نسبها مستحقة لجميع المال وإذا
أقر بان ابن أو بأخ له من أبيه وأمه ثم قتل عمدا فليس للمقر به في القود قول ولكنه إلى
الامام لان المقر له بمنزلة الموصى له والموصى له بالمال لاحق له في القود ولان اقراره إنما
يعتبر فيما يملك الانشاء به وهو لا يملك الانشاء في القصاص (ألا ترى) أنه لو أوفى بذمة
لرجل لم يكن له أن يقبض منه فكذلك إذا أقر له بنسب لا يثبت ذلك النسب باقراره ولكن
الرأي إلى الامام فإن شاء استوفى القصاص وان شاء صالح الفاتل على الدية فان صالحه على
20

ذلك فالدية للمقر به لان حق الموصى له يثبت في الذمة كما يثبت في سائر الأقواد فكذلك في
حق المقر به ولو كان المقتول أقر ببعض من يثبت نسبه منه باقراره كان القود للمقر به إذا
صدقه بنسبه في حياته أو بعد موته لان النسب الثابت باقراره كالثابت بالمعاينة ولو كان
أقر بامرأة ثم مات فالقود إليها والى الامام لان اقراره بالزوجية صحيح فتلتحق بامرأة معروفة
فيكون لها ربع القود والباقي للامام ان شاء استوفيا وان شاء صالحا على الذمة أو أكثر منها
فان صالحا على أقل من الذمة كان ربع ذلك لها لان صلحها صحيح في نصيبها وأما الثلاثة أرباع
فيصالح الامام فيه على أقل من ثلاثة أرباع الدية وإذا مات الرجل وترك أخا لأب وأم فأقر
الأخ في حياته أو بعد موته بابنة ابن ابن الميت ثم أنكرها في حياته أو بعد موته فهو سواء
فيأخذ منه نصف المال لأنه أقر لها بنصف ميراثه وذلك ملزم إياه ولا يعتبر انكاره بعد
ذلك فان أعطاها نصف المال ثم أقر بابنة ابن للميت قان دفع إلي الأولى بغير قضاء دفع إلى
هذه نصف جميع المال لأنه أقر انها مستحقة لنصف المال دون الأولى وما دفعه بغير قضاء
محسوب عليه من نصيبه فيجعل كالقائم في يده ولو كان دفع إلى تلك بقضاء دفع إلى هذه
ثلاثة أخماس ما بقي في يده لان الميت بزعمه خلف ابنة ابن وابنة ابن ابن وأخا فلابنة الابن
النصف ثلاثة وللأخرى السدس والباقي وهو سهمان للأخ وما دفعه إلى الأولى زيادة على
حقها بقضاء قاض لا يكون محسوبا عليه فيجعل ذلك كالتاوي فتضرب الثانية فيما بقي بثلثه
وهو سهمان فلهذا يعطيها ثلاثة أخماس ما بقي في يده لأنه زعم أنها هي المستحقة للنصف وان
للأخ ما بقي بعد السدس وإذا قتل الرجل عمدا وله أخ لأب وأم فأقر الأخ بابنة للمقتول
فإنه هو الخصم في الدية يقبل منه البينة ويحضر معه الابنة التي أقر بها فإذا قضى القاضي بالدم
تركا جميعا القتل أو أمرا من يقتل بحضرتهما ولا يقتل حتى يحضرا لان العفو من كل
واحد منهما صحيح في نصيبه باعتبار زعم صاحبه فلا يقتل الا بحضرتهما فأما الاثبات بالبينة
صحيح من الأخ وإن لم يحضر البينة الا على قول أبى يوسف وهو بناء علي التوكيل باثبات
القول وقد تقدم بيان الخلاف فيه في كتاب الوكالة ولو كان الأخ أقر بابن الميت فان القاضي
لا يقبل أيضا البينة حتى يحضر الابن والأخ جميعا لان الأخ هو المستحق للدم في الحكم وقد
زعم الأخ ان المستحق هو الابن فلا بد من أن يحضرا جميعا لاثبات القود بالبينة ثم اما ان
يتوليا قتله أو بأمر أحدهما صاحبه فيقتله بحضرة الآخر وإذا مات الرجل وترك أخاه لأبيه
21

وأخاه لامه فادعى رجل انه أخو الميت لأبيه وأمه وصدقه الأخ من الأم بأنه أخوه من أمه
وصدقه الأخ من الأب بأنه أخوه لأبيه فإنه يدخل مع الأخ لأب فيقاسمه ما في يده نصفين
ولا يدخل مع الأخ لأم لان في يد الأخ الأم السدس وهو لا ينقص عن السدس وان كثرت
الاخوة من الأب وقد زعم الأخ لأب انه مساو له فيأخذ منه نصف ما في يده وهو سدسان
ونصف وإنما أقر الأخ لأم بان له من التركة السدس وقد وصل إليه أكثر من ذلك فلا
يزاحمه في شئ مما في يده وإذا هلكت المرأة وتركت زوجها وأخاها لأبيها فادعى رجل انه
أخوها لأبيها وأمها وصدقه الزوج بذلك وصدقه الأخ بأنه أخوها لأبيها فللزوج النصف
لا ينقص منه والنصف الباقي بين الأخوين نصفان لان فرض الزوج لا يتغير بالأخ من الأب
وإنما أقر الزوج له بما يستحق بالعصوبة في يد الأخ لأب وهو مصدق بالعصوبة له مكذب له
فيما يدعى من الترجيح عليه فلهذا كان الباقي بينهما نصفين وكذلك لو صدقه الزوج انه أخوها
لامها لان الزوج إنما يقر له السدس بالفريضة ويصل إليه سدس ونصف سدس باقرار الأخ
لأب وإن كان الأخ من الأب أقر بأنه أخ لأم وأقر الزوج بأنه أخ لأب أخذ المقر به من
الأخ ثلث ما في يده لأنه زعم أن الميت خلف أخا لأم وأخا لأب وزوجا فيكون للزوج النصف
ثلاثة وللأخ وللأم السدس سهم والباقي وهو سهمان للأخ لأب ففي هذا اقرار بان حقه في
التركة مثل نصف حق المقر فلهذا يعطيه ثلث ما في يده فيضمه إلى نصيب الزوج فيقتسمانه
أثلاثا للزوج ثلثاه وللمقر به ثلثه لان للميت بزعم الزوج أخوين لأب وزوجا فالفريضة من
أربعة للزوج سهمان ولكل أخ سهم فعلى هذا يقسم ما في يده بينهما أثلاثا فالمراد ينبغي على
قياس هذا الجواب في المسألة الأولى وهو ما إذا أقر الزوج بأنه أخ لأم أن يأخذ هو نصف
ما في يد الأخ لأب ويضمه إلى ما في يد الزوج ويقتسمانه نصفين لان لها بزعم الزوج أخ
لأب وأم وأخ لأب وزوج فيكون المال بين الأخ لأب وأم والزوج نصفين على سهمين فما
يصل إليهما يقسم بينهما على اعتبار زعمهما والله أعلم بالصواب
كتاب العتق في المرض
(قال الشيخ الإمام الزاهد شمس الأئمة وفخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل
السرخسي رحمه الله إملاء بدأ الكتاب بما ذكر عن إبراهيم النخعي رحمه الله في الرجل يعتق
22

عبده عند الموت وعليه دين قال يستسعى في قيمته وبه نأخذ لان العتق في مرض الموت
وصية والدين مقدم على الوصية فإذا كان الدين مثل قيمته أو أكثر ولا مال له سواه فقد بطلت
الوصية ووجب علي العبد رد رقبته ولكن العتق بعد نفوذه لا يحتمل النقض والرد فيكون
رده بايجاب السعاية عليه ولا يلزمه السعاية في أكثر من قيمته لأنه لا يسلم له أكثر من مالية
رقبته وإن كان الدين على المولى أقل من قيمته سعى في مقدار الدين من قيمته للغرماء وفى ثلثي
ما بقي للورثة لان مال الميت ما بقي بعد قضاء الدين فإنما سلم له بالوصية ثلث ما بقي وعليه
السعاية في ثلثي قيمته للورثة وإذا أعتق الرجل في مرضه عبدا قيمته ثلاثمائة ولا مال للمولي
سواه ولا دين عليه فعي العبد السعاية في مائتي درهم للورثة لان الثلث يسلم له بطريق الوصية
فان عجل العبد من السعاية لمولاه مائتي درهم فأنفقها المولى على نفسه ثم مال المولى ولا مال
له غيره فإنه يعتق من العبد ثلث المائة الباقية ويسعى في ثلثيها لان معنى المعاوضة تظهر فيما
أدى وهو قدر الثلثين منه فيخرج ذلك القدر من أن يكون معتبرا من ثلثه (ألا ترى) انه
لو أعتقه بمثل قيمته فاداها إلى المولى لم يعتبر خروجه من الثلث فكذلك إذا أدى ثلثي قيمته
إلى المولى وما أنفقه المولى على نفسه لا يكون معتبرا لان المولى غير ممنوع من أنفاق المال
على نفسه فان حاجته مقدمة علي حاجة ورثته وما أنفقه ليس بقائم عند موته فلا يحتسب من
ماله فإنما يبقى ماله ثلث العبد وقد أوصى له بذلك فيسلم له بالوصية ثلث هذا الثلث ويسعى في
ثلثيه وهو معنى تعليل محمد رحمه الله لان المولي لم يترك الا مائة درهم ولو كان عجل له قيمته
كلها ثم مات المولى وهي عنده رد على العبد منها مائة درهم لأنه موصى له بثلاثمائة ومال
المولى عند موته ثلاثمائة وهو ما استوفاه من العبد لان باعتبار المعاوضة تخرج رقبته من أن
تكون محسوبة من ماله فتنفذ وصيته في ثلث ماله عند موته وذلك مائة درهم وهذا لان ما
أداه العبد إنما أداه من كسب هو أحق به فإنه بمعنى مكاتب أو حر عليه دين فيكون أحق
بكسبه * ولو أن المولى أنفق منها مائة درهم أو أكثر فقد ما أنفقه لا يكون محسوبا من ماله
وإنما ماله ما بقي فيرد ثلثه على العبد بطريق الوصية ولو أنفقها كلها ثم مات لم يكن للعبد وصية
لان المولى لم يترك شيئا فحاجته في النفقة مقدمة على حق الوارث والموصى له وهو حر لا سعاية
عليه لان الحرية سلمت له بعوض فيه وفاء وهو ما إذا أداه من قيمته فهو قد أدى ذلك من
كسب هو خالص حقه وهو نظير ما لو باعه من غيره بمثل قيمته وقبض الثمن فأنفقه على نفسه
23

ثم مات * ولو ترك الولي مالا أو اكتسبه قبل موته ثم مات وهو عبد كان للعبد الثلث من
ذلك إلا أن يزيده على الثلثمائة ولا يزاد عليها لأنه أوصى له برقبته وقيمة رقبته ثلاثمائة فتنفذ
الوصية من ثلث مال الميت عند موته ولا يستحق أكثر من ثلاثمائة لأنه لا سبب له في استحقاق
الزيادة على ذلك ولو كان على المولى دين كان الدين في ذلك المال يبدأ به لكونه مقدما على الوصية
ثم يكون للعبد ثلث الباقي بعد الدين إلا أن يزيد ذلك علي ثلاثمائة فحينئذ لا يستحق أكثر
من ثلاثمائة وإذا أعتق الرجل عبدا في مرضه وقيمته ثلاثمائة ولا مال له غيره فاكتسب العبد
ألف درهم ثم مات العبد قبل السيد وترك ابنة ثم مات السيد ولا مال له غيره سوى ماله
قبل العبد من السعاية والميراث فان للمولى من الألف خمسمائة درهم وعشرين درهما سعاية
العبد من ذلك أربعون درهما وميراثه أربعمائة درهم وثمانون والباقي للابنة وهذه المسألة تنبني
على أصول منها ان الوصية بالعتق المنفذ في المرض لا تبطل بموت العبد قبل المولى لأنه حصل
مسلما إلى العبد بنفسه ولزم على وجه لا يصح الرجوع عنه فهو بمنزلة هبة أو صدقة في المرض
مقبوضة لا تبطل بموت المتصدق عليه قبل موت المتصدق بخلاف ما إذا أوصى برقبته
لإنسان ثم مات الموصي له قبل موت الموصى لان وجوب تلك الوصية بالموت فيشترط بقاء
الموصى له عند موت الموصى له ومنها ان كلما ظهر زيادة في مال الميت يزداد حق الموصى
له لأنه شريك الوارث فيزداد حقه بزيادة مال الميت كما يزداد الوارث ومنها ان الموصى به
يكون محسوبا من مال الموصى له ويكون مقسوما بين ورثته بعد موته كسائر أمواله ومنها ان
مولي العتاقة آخر العصبات يرث ما بقي بعد أصحاب الفرائض ومنها ان سهم الدور ساقط
لأنه ساعي بالفساد فالسبيل طرحه وإنما يطرح من قبل خروج الدور من قبله ثم في تخريج
المسألة طريقان أحدهما اعتبار الدور في مال المولى والباقي اعتباره في مال العبد فيبدأ بالتخريج
علي اعتبار الدور من جانب المولى فنقول أما علي قول أبي حنيفة رحمه الله يرتفع من الألف
مقدار قيمته للمولى بطريق السعاية وذلك ثلاثمائة لان المستسعى عنده مكاتب فلا يرث ولا
يورث عنه ما لم يحكم تجربته والحكم بحريته بعد أداء السعاية من ماله ويتوهم أن يكون عليه
السعاية في جميع قيمته بان يظهر علي الميت دين محيط بماله فلهذا يعزل للمولى بجهة السعاية
ثلاثمائة يبقى سبعمائة فهو مال العبد ميراث بين الابنة والمولى نصفين فيصير مال المولى ستمائة
وخمسين تنفذ الوصية في ثلث ذلك وهو سهم من ثلاثة ثم هذا السهم يكون مال العبد
24

مقسوما بين الابنة والمولى نصفين فانكسر بالانصاف فأضعفه فيكون ستة سهمان للعبد بالوصية
ويعود أحدهما إلى المولى بالميراث فيصير للورثة خمسة وحقهم في أربعة فهذا السهم الخامس
هو السهم الدائر لأنه يجب تنفيذ الوصية في ثلاثة ثم يعود بالميراث إلى المولى نصف ما يحصل
للعبد بالوصية فلا يزال يدور هكذا فيطرح السهم من أصل حق الورثة وذلك أربعة يبقى
ثلاثة أسهم وللعبد سهمان ثم يعود إلى المولى بالميراث أحدهما فيسلم للورثة أربعة وقد نفذنا
الوصية في سهمين فيستقيم الثلث والثلثان وتبين أن مال المولى وهو ستمائة وخمسون صار
على خمسة كل سهم مائة وثلاثون ووصية العبد خمسا ذلك وذلك مائتان وستون كان عليه
السعاية بقدر أربعين درهما فيأخذ المولى من الألف مقدار أربعين يبقى تسعمائة وستون بين
الابنة والمولى نصفان لكل واحد منهما أربعمائة وثمانون فحصل لورثة المولى خمسمائة وعشرون
وقد نفذنا الوصية في مائتين وستين فيستقيم الثلث والثلثان وعلى قول أبى يوسف ومحمد
رحمهما الله المستسعى حر عليه دين فيبدأ من تركة العبد بدينه وذلك مائتا درهم ثلثا قيمته
بطريق السعاية فيأخذ ذلك ورثة المولى يبقي ثمان مائة فيستقيم ذلك بين المولي والابنة نصفان
للمولى أربعمائة ثم تنفذ الوصية للعبد في ثلث ذلك وهو سهم من ثلاثة ثم ذلك السهم بين
الابنة والمولى نصفان بالميراث فيكون الأربعمائة في الابتداء على ستة أسهم للعبد منه سهمان
بالوصية ثم يعود إلى المولي أحدهما بالميراث وهو السهم الدائر فباعتباره يزداد مال المولى
على ما بينا في تخريج قول أبي حنيفة فيطرح هذا السهم من حق ورثة المولى يبقى في ثلاثة
وحق العبد في سهمين فذلك خمسة ثم يعود أحد السهمين بالميراث إلى ورثة المولى فيسلم لهم
أربعة وقد نفذنا الوصية في سهمين فيستقيم وتبين أن السالم للعبد بالوصية خمسا هذه الأربعمائة
وذلك مائة وستون وقد سلم له بالوصية قبل هذا مائة فذلك مائتان وستون فإنما عليه السعاية
في مقدار أربعين درهما ثم التخريج كما بينا في قول أبي حنيفة وطريق الدينار والدرهم علي
هذا الوجه أن نجعل مال المولى على ستمائة وخمسين دينارا ودرهما تنفذ الوصية للعبد في
دينار ثم يعود نصف ذلك بالميراث إلي المولى فيصير في يد وارث المولى درهم ونصف
دينار وحاجته إلى دينارين لأنا نفذنا الوصية في دينار فنصف دينار بمثله قصاص يبقي في يده
درهم يعدل دينارا ونصفا فأضعفه للكسر فيصير درهمين تعدل ثلاثة دنانير ثم اقلب الفضة
واجعل آخرا الدراهم آخر الدنانير وآخر الدنانير آخر الدراهم فيصير كل دينار بمعنى اثنين
25

وكل درهم بمعنى ثلاثة ثم عد إلى الأصل فقل كنا جعلنا المال دينارا وذلك اثنان ودرهما وهو
ثلاثة فتكون خمسة ثم نفذنا الوصية في دينار وذلك خمسا مال المولى وحصل في يد الورثة
درهم وهو ثلاثة ونصف دينار وهو واحد فيكون أربعة ضعف ما نفذنا فيه الوصية وعلى
طريق الجبر السبيل أن تأخذ مالا مجهولا فتصح الوصية للعبد في شئ منه ثم يعود نصف
ذلك الشئ إلى المولى بالميراث فيصير في يد وارث المولى مال الا نصف شئ يعدل شيئين وهو
حق الورثة غير أن المال ناقص نصف شئ فأجبره بأن تزيد عليه نصف شئ وزد على ما يقابله
نصف شئ فتبين ان المال الكامل شيئان ونصف وقد نفذنا الوصية في شئ وشئ من
شيئين ونصف خمساه فظهر أن الوصية للعبد إنما تنفذ في خمسي مال المولى ثم التخريج كما
بينا * وطريق الخطأين فيه أن نجعل مال المولى خمسة أسهم وننفذ الوصية في سهم ثم نصف
ذلك السهم يعود بالميراث إلى المولى فيصير في يد وارث المولى أربعة أسهم ونصف وحاجته
إلى سهمين لأنا نفذنا الوصية في سهم فظهر الخطأ بزيادة سهمين ونصف فعد إلى الأصل ونفذ
الوصية في سهم ونصف ثم يعود بالميراث إلى المولى نصف ذلك وهو ثلاثة أرباع سهم فيصير
في يد وارث المولى أربعة أسهم وربع وحاجته إلى ثلاثة لأنا نفذنا الوصية في سهم ونصف
فظهر الخطأ بزيادة سهم وربع وكان الخطأ الأول بزيادة سهمين ونصف فلما زدنا في الوصية
نصف سهم ذهب نصف الخطأ فالذي يذهب ما بقي نصف سهم آخر فتنفذ الوصية قي سهمين
من خمسة ثم يعود أحدهما بالميراث إلى المولي فيصير في يد وارث المولى أربعة وقد نفذنا
الوصية في سهمين فيستقيم الثلث والثلثان وإن شئت قلت مال المولى علي ثلاثة أسهم تنفذ
الوصية في سهم منه ثم يعود نصفه بالميراث إليه فحصل في يد وارثه سهمان ونصف وحاجته
إلى سهمين فظهر الخطأ بزيادة نصف سهم فيعود إلى الأصل وتنفذ الوصية في سهم ونصف
فقد ظهر الخطأ الثاني بنقصان ثلاثة أرباع وكان الخطأ الأول بزيادة نصف سهم فلما زدنا في
الوصية نصف سهم أذهب ذلك الخطأ وجلب خطأ ثلاثة أرباع سهم فإنما يزيد في الوصية ما
يذهب ذلك الخطأ ولا يجلب خطأ آخر وذلك خمسا النصف وهو سهم فتنفذ الوصية في سهم
وخمس سهم وخمس من ثلاثة خمساه وإذا أردت إزالة الكسر فاضربه في خمسة فيكون خمسة
عشر خمساه سنة نفذنا فيه الوصية ثم يعود بالميراث إلى المولى ثلاثة فيحصل في يد وارث المولى
اثنا عشر وقد نفذنا الوصية في ستة فيستقيم الثلث والثلثان وأما الطريق الآخر الذي يكون
26

الدور فيه من جانب مال العبد بيانه انه دفع من الألف بالسعاية مائتي درهم للمولى يبقى ثمانمائة
فهو مال العبد نصفه للمولى بطريق الميراث ثم يعود ثلث ذلك النصف بالوصية إلى العبد فيتبين
ان ماله يكون علي ستة أسهم لحاجتنا إلى نصف ينقسم أثلاثا وإذا عاد سهم بالوصية إلى العبد
يثبت فيه حق المولى بالميراث وهذا هو السهم الدائر وإنما ظهر هذا الدور بزيادة هذا السهم
في نصيب الابنة فنطرح من أصل حقها سهما يبقى حقها في سهمين وحق المولي في ثلاثة ثم
نعود بالوصية سهما إلى الابنة فيسلم لها ثلاثة مما أخذه المولى بطريق الميراث فتبين ان الذي
يبقي في يد وارث المولى خمسا ثمانمائة وذلك ثلاثمائة وعشرون كل خمس مائة وستون فإذا ضممت
ثلاثمائة وعشرين إلى مائتين الذي أخذه المولى في الابتداء كان خمسمائة وعشرين فهو السالم
لوارث المولى وطريق الدينار والدرهم على هذا الوجه أن نجعل مال العبد دينارا ودرهما ثم
نعطى المولى بالميراث دينارا ويعود بالوصية إلي الابنة ثلث ذلك فيصير في يدها درهم وثلث
دينار وحاجتها إلى دينار مثل ما سلم للمولى فثلث دينار بمثله قصاص يبقي معها درهم يعدل ثلثي
دينار فانكسر بالأثلاث فاضربه في ثلاثة فيكون في ثلاثة دراهم تعدل دينارين ثم اقلب
الفضة وعد إلى الأصل فنقول كنا جعلنا ماله دينارا وذلك بمعنى ثلاثة ودرهما وذلك بمعنى
اثنين فيكون خمسة ثم أعطينا المولى بالميراث دينارا فاسترجعنا منه بالوصية ثلث دينار فيصير
في يد الابنة ثلث دينار وهو بمعنى واحد ودرهم وهو بمعنى اثنين فذلك مثل ما أعطينا المولى
بالميراث شيئا ويسترجع منه بالوصية ثلث ذلك فيصير مع الابنة مال الا ثلثي شئ يعدل شيئا
لأنا أعطينا المولى بالميراث شيئا فأخذ المولى بثلثي شئ ورد على ما يقابله ثلثي شئ فظهر ان
المال الكامل شئ وثلثا شئ وكنا قد أعطينا المولي شيئا فذلك ثلاثة أخماس مال العبد
والتخريج كما بينا وطريق الخطأ من فيه أن نجعل مال العبد سهمين ثم نعطى المولى بالميراث
أحدهما ونسترجع منه بالوصية ثلث سهم فيصير في يد الابنة سهم وثلث وحاجتها إلى سهم
مثل ما سلم للمولى فظهر أن الخطأ بزيادة ثلث سهم فنعود إلي الأصل ونعطى المولى سهما وثلثا
ثم نسترجع منه بالوصية ثلث ذلك وذلك أربعة اتساع سهم فيصير في يد الابنة سهم وتسع
وحاجتها إلى سهم وثلث فظهر الخطأ الثاني بنقصان تسعى سهم وكان الخطأ الأول بزيادة ثلث
سهم فلما زدنا في نصيب المولى ثلث سهم أذهب ذلك الخطأ وجلب الينا خطأ تسعى سهم فالسبيل
أن نزيد ما يذهب ذلك الخطأ ولا يجلب خطأ آخر وذلك ثلاثة أخماس الثلث فإنما نعطى المولى
27

بالميراث سهما وثلاثة أخماس ثلث سهم وذلك ثلاثة من خمسة عشر فان أردت إزالة الكسر
فاضرب سهمين في خمسة عشر فيكون ذلك ثلاثين أعطينا المولى بالميراث ثمانية عشر فاسترجعنا
منه بالوصية ستة فيحصل للابنة ثمانية عشر مثل ما كنا أعطينا المولى وإنما يسلم لوارث المولى
اثنا عشر واثنا عشر من ثلاثين خمساه فاستقام التخريج ومن اختار التطويل من أصحابنا رحمهم
الله يخرج كل مسألة على هذا الطريق ولكن لا فائدة في هذا التطويل فيقتصر في تخريج
المسائل بعد * هذا على بيان طريق الدور من جانب المولى ومن جانب العبد وربما يذكر في
بعضها طريق الجبر للايضاح أيضا * وإذا أعتق المريض عبدا قيمته ثلاثمائة درهم ولا مال له
غيره فاداها إلى المولي وأنفقها المولي على نفسه ثم مات العبد وترك ألف درهم وترك ابنته
ومولاه ثم مات المولى من ذلك المرض فلابنة العبد من تلك الألف ستمائة ولورثة المولي
أربعمائة ولا خلاف بينهم في طريق تخريج هذه المسألة لان العبد أدى السعاية وعتق وما
أنفقه المولى لا يكون محسوبا من ماله فإنما مال المولى ما ورثه من العبد فقط * وعلى طريق
الذي يعتبر الدور في جانب المولى نقول العبد ترك ألف درهم نصفه وهو خمسمائة ميراثه
للمولى ثم ننفذ وصية العبد في ثلاثة أسهم من ثلثه ونقسم ذلك السهم نصفين فيصير مال المولى
على ستة تنفذ وصيته في سهمين ويعود أحدهما بالميراث إليه فيزداد حق ورثته بسهم وهو
السهم الدائر فيطرح من أصل حق ورثته يبقى سهم ويبقى لهم ثلاثة وللعبد سهمان فيكون ماله
على خمسة تنفذ الوصية للعبد في خمسة وذلك مائتا درهم ثم يعود مائة بالميراث إليه فيسلم
لورثته أربعمائة وقد نفذنا وصيته في مائتين وإذا تبين وصية العبد بقدر مائتين يضم ذلك إلى
ماله وهو ألف درهم فيكون ألفا ومائتين بين المولي والابنة نصفين للمولي ستمائة ثم يرد
مائتين لأنه وصية العبد يبقى له أربعمائة ويسلم للابنة ستمائة مثل ما يسلم للمولى فان اعتبرت
الميراث فقد استوت وان اعتبرت الوصية فقد نفذت وصية المولي في مائتين وسلم لورثته
أربعمائة فكان مستقيما * وعلى طريق الجبر نجعل للمولي مالا وننفذ وصيته في شئ ثم يعود
نصف ذلك بالميراث إليه فيكون الحاصل في يد وارثه مالا الا نصف شئ يعدل شيئين وبعد
الجبر والمقابلة المال الكامل يعدل شيئين ونصف شئ وقد نفذنا الوصية في شئ وشئ من
شيئين ونصف خمساه فظهر أن تنفيذ الوصية في خمسي مال المولى وهو مائتا درهم وان اعتبرت
سهم الدور من جانب العبد فالطريق فيه أن نقول لما لم يبق على العبد شئ من السعاية فماله
28

ألف درهم وهو مقسوم بين الابنة والمولى نصفين ثم النصف الذي للمولى يكون على ثلاثة
أسهم لحاجتنا إلى تنفيذ الوصية في ثلاثة فيكون الكامل ستة ثم يعود بالوصية سهم إلي الابنة
فيزداد نصيبها بسهم فنطرح من أصل حقها سهما ونجعل الألف على خمسة أسهم ثلاثة أخماسه
للمولى وذلك ستمائة ثم يعود بالوصية ثلث ذلك وهو مائتان فيسلم للابنة ستمائة ولوارث
المولى أربعمائة نصف ما نفذت فيه وصيته وعلى طريق الجبر نقول قد وجب علي المولى رد شئ
مما أخذ لعلمنا أن له مالا لا يجب تنفيذ وصيته منه فنأمر الورثة باستقراض ذلك في الابتداء
لنضمه إلى مال العبد وذلك المستقرض نجعله شيئا فيكون مال العبد ألف درهم وشيئا بين
الابنة والمولى نصفين للمولى خمسمائة ونصف شئ ثم يقضي دينه منه بشئ يبقي خمسمائة الا
نصف شئ وهو يعدل شيئين فأجبره بنصف شئ وزد على ما يعدله مثله فصارت الخمسمائة
تعدل شيئين ونصف شئ فالشئ منه يكون مائتين فظهر أن وصية العبد كانت بقدر مائتين
وإذا أعتق المريض عبده وقيمته ثلاثمائة ثم مات العبد وترك ثلاثمائة وترك ابنته وامرأته
ومولاه ثم مات المولى فلورثة المولى من ذلك مائتان وثمانية وعشرون درهما وأربعة أتساع
درهم وللابنة سبعة وخمسون درهما وتسع درهم وللمرأة أربعة عشر درهما وتسعا درهم أما
على قول أبي حنيفة فلان الثلثمائة كلها مال المولى في الظاهر لجواز أن يظهر عليه دين فيكون
على العبد السعاية في جميع القيمة وما ترك الا مقدار قيمة فهو بمنزلة المكاتب لا يورث عنه قبل أداء السعاية ثم هذه الثلثمائة تجعل على ثلاثة تنفذ وصية العبد في سهم منها ثم يكون ذلك
السهم ميراثا عنه بين ورثته على ثلاثمائة للمرأة سهم وللابنة أربعة وللمولى ثلاثة وإذا صار
الثلث علي ثمانية فالثلثان ستة عشر تعود الثلاثة إلى المولى فيزداد ماله بثلاثة أسهم وهي السهام
الدائرة وبطرحها من أصل حق المولي يبقى حقه في ثلاثة عشر وحق البعد في ثمانية فذلك
أحد وعشرون تنفذ الوصية في ثمانية ويعود بالميراث إلى المولى ثلاثة فيسلم لورثة المولى ستة
عشر وقد نفذنا الوصية في ثمانية فيستقيم الثلث والثلثان فظهر أن السالم لورثة المولى ستة عشر
سهما من أحد وعشرين سهما من ثلاثمائة مقدار ذلك بالدراهم مائتان وثمانية وعشرون وأربعة
أتساع لان أربعة عشر تكون مائتي درهم فإنه ثلثا أحد وعشرين وسبع المائة أربعة عشر
درهما وسبعا درهم وسبعاه ثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وللمرأة واحد وهو
أربعة عشر درهما وسبعا درهم وللابنة أربعة أسباع المائة وذلك سبعة وخمسون درهما وسبع
29

درهم ثم قال فجميع المال الذي ترك العبد ثلاثمائة واثنان وأربعون درهما وستة أسباع يريد به
انا نفذنا الوصية له في ثلاثة أسباع المائة والموصي به محسوب من جميع ماله وثلاثة أسباع
المائة اثنان وأربعون درهما وستة أسباع وطريق الجبر نقول تنفذ الوصية للعبد في شئ ثم
يقسم ذلك الشئ بين ورثته على ثمانية فيعود إلي المولى ثلاثة أثمان شئ فيصير في يد ورثته
مال الا خمسة أثمان شئ يعدل ذلك شيئين وبعد الجبر والمقابلة الثلثمائة تعدل شيئين وخمسة
أثمان شئ انكسر بالأثمان فاضرب شيئين وخمسة أثمان في ثمانية فيكون احدى وعشرين
فتبين أن الثلثمائة تكون على أحد وعشرين ومعرفة الوصية انا نفذنا الوصية في شئ وضربنا
كل شئ في ثمانية فظهر أن تنفيذ الوصية كان في ثمانية من أحد وعشرين والتخريج كما بينا
وعلي قول أبى يوسف ومحمد يدفع إلى المولى من تركة العبد مائتا درهم بقدر السعاية ويبقى له
مائة ثم هذه المائة تقسم بين ورثته على ثمانية ثلاثة من ذلك المولى ثم تنفذ الوصية في سهم من
هذه الثلاثة ثم ذلك السهم يصير ميراثا بين العبد وبين ورثته علي ثمانية فيعود ثلاثة إلى المولى
وهو الدائر فيطرح ذلك من حق ورثة المولى يبقى حقهم في ثلاثة عشر وحق العبد في
ثمانية ثم يعود بالميراث إليهم ثلاثة فيسلم لهم ستة عشر وقد نفذنا الوصية في ثمانية فيستقيم فإنما
كان العمل عندهما في ثلاثة أثمان المائة علي نحو ما ذكرنا من العمل في جميع المال على أصل
أبي حنيفة وإذا تأملت تبين لك أن الجواب متفق مع اختلاف التخريج وان اعتبرت سهم
الدور من جانب العبد قلت السبيل أن يؤدى سعايته مائتي درهم يبقى له مائة درهم ثم هذه
المائة تجعل بين ورثته على ثمانية ثلاثة من ذلك للمولى ثم يعود سهم من هذه الثلاثة بالوصية
إلي الابنة والمرأة وهذا هو السهم الدائر فنطرح من أصل حقهما سهما يبقي حقهما في أربعة
ثم يعود إليهما بالوصية فيصير لهما خمسة وهو مقدار حقهما من الميراث أربعة للابنة وسهم
للمرأة فتبين أن هذه المائة صارت على سبعة أسهم والمائتان على أربعة عشر فيكون الجملة أحدا
وعشرين وصل إلى ورثة المولي مرة أربعة عشر ومرة سهمين فذلك ستة عشر مقدار حقهما
من الدراهم مائتان وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وعلى طريق الجبر يجعل
للمولى من هذه المائة ثلاثة أشياء ثم تنفذ الوصية في ثلثه وهو شئ يبقى مائة الا شيئين يعدل
ذلك خمسة أشياء لان حاجتهما إلى خمسة أشياء لما سلم للمولى بالميراث ثلاثة أشياء فأجبر المائة
بشيئين وزد على ما يعد له شيئين فتبين أن المائة التي هي مال يعدل سبعة أشياء وان السالم
30

للمولى من هذا المال الحاصل شيئان وذلك سبعاه مع المائتين فيكون مائتين وثمانية
وعشرين درهما وأربعة أسباع * ولو كان العبد ترك ابنتين وامرأة ومولاه والمسألة بحالها
فالثلاثمائة مقسومة على سبعة وستين سهما للمولى من ذلك ثلاثة وأربعون سهما وخمسة
أسهم مما بقي بميراثه وللابنتين ستة عشر سهما وللمرأة ثلاثة أسهم أما على أصل أبي حنيفة
فلان الثلثمائة كلها مال المولي من حيث الاعتبار فيكون للعبد ثلاثة بطريق الوصية ثم هذا
الثلث ينقسم على أربعة وعشرين سهما بين ورثة العبد للابنتين ستة عشر وللمرأة ثلاثة وللمولى
خمسة فإذا صار الثلث على أربعة وعشرين يكون الثلثان ثمانية وأربعين ثم يعود خمسة بالميراث
إلى المولي فيزداد ماله بهذه الخمسة وهي الدائرة فنطرحها من أصل حقه يبقي حقه في ثلاثة
وأربعين وحق العبد في أربعة وعشرين فذلك سبعة وستون تم يعود خمسة إلى ورثة المولى
فيسلم لهم ثمانية وأربعون وقد نفذنا الوصية في أربعة وعشرين فاستقام الثلث والثلثان وطريق
الجبر السبيل أن نأخذ مالا مجهولا وتنفذ الوصية في شئ ثم يعود بالميراث من ذلك الشئ
إلى المولى خمسة أسهم من أربعة وعشرين في يد ورثة المولى مالا الا تسعة عشر جزأ من
أربعة وعشرين جزأ من شئ يعدل ذلك شيئين وبعد الجبر والمقابلة المال يعدل شينين وتسعة
عشر جزأ من أربعة وعشرين جزأ من شئ فقد انكسر بجزء من أربعة وعشرين جزأ
فالسبيل أن نضرب شيئين وتسعة عشر جزأ في أربعة وعشرين فيكون ذلك سبعة وستين
فظهر أن المال صار على سبعة وستين سهما ومعرفة الوصية انا نفذنا الوصية في شئ وضربنا
كل شئ في أربعة وعشرين فظهر أن تنفيذ الوصية كان في أربعة وعشرين من سبعة وستين
وان جعلت السهم الدائر من جهة العبد فالسبيل فيه أن يؤدى من الثلثمائة سعاية العبد مائتي
درهم يبقى مائة فهو مال العبد وميراث فيما بين ورثته على أربعة وعشرين سهما للمولى خمسة
أسهم بالميراث ثم يرجع إلى العبد بثلث ذلك بالوصية وهو سهم وثلثا سهم فيطرح ذلك من حق
العبد فيصير مال العبد وهو مائة درهم على اثنين وعشرين وثلث سهم والمائتان اللتان للمولي
ضعف ذلك وذلك أربعة وأربعون وثلثان فالكل إذا سبعة وستون ثم أدفع إلى المولى من ذلك
من مال العبد خمسة أسهم ثم يرجع من هذه الخمسة سهم وثلثان إلى العبد بالوصية فيصير تسعة
عشر للمرأة ثلاثة أسهم وللابنتين ستة عشر وللمولى ثمانية وأربعون مثلا ما كان للعبد وصية
وعلى طريق الجبر نقول السبيل فيه أن نجعل للعبد مالا ثم ندفع إلى المولي منه بالميراث خمسة
31

أشياء ثم يرجع بالوصية شئ وثلثا شئ فيصير للعبد مال الا ثلاثة أشياء وثلث شئ وذلك
يعدل تسعة عشر شيئا لأنا قد جعلنا للمولى خمسة أشياء فحاجة الابنتين والمرأة إلى تسعة عشر
فاجبر ذلك بثلاثة أشياء وثلث شئ وزد على ما يعدله مثله فظهر ان المال الكامل يعدل اثنين
وعشرين وثلثا فقد انكسر بأثلاث فاضربه في ثلاثة فيكون سبعة وستين فلما صار المال اثنين
وعشرين وثلثا وقد جعلنا الميراث للمولى خمسة ثم يسترجع بالوصية سهم وثلثا سهم صارت
تسعة عشر للمرأة ثلاثة وللابنتين ستة عشر فكان مستقيما * وإذا أعتق الرجل عبده عند
الموت ولا مال له غيره وقيمته ثلاثمائة درهم فادى العبد مائة إلى المولى فاكلها ثم مات العبد
وترك ثلاثمائة وترك ابنته ومولاه فللمولي من ذلك مائة درهم بالسعاية ومائة بالميراث وإنما
صار هكذا لان مائتي درهم من مال العبد مدفوع إلى المولى فان العبد قد أدى مائة درهم
وإنما بقي عليه من سعايته مائتان فإذا أدينا إلى المولى مائتين بقي مال العبد مائة بين المولى
والابنة نصفان للمولي نصف ذلك فيكون حاصل مال المولى مائتين وخمسين فاجعل ذلك
على ستة أسهم لحاجتنا إلى ثلاثة تنقسم نصفين ثم تنفذ الوصية في سهمين ويرجع إلى المولي
بالميراث سهم فيزداد ماله سهم وهو السهم الدائر فيطرح من أصل حق ورثة المولى
سهما فيصير ماله على خمسة للعبد سهمان ثم يرجع سهم بالميراث إلى المولى فيسلم لورثة المولى
أربعة وقد نفذنا الوصية في سهمين فاستقام الثلث والثلثان فظهر ان وصية العبد خمسا مائتين
وخمسين وذلك مائة درهم فإذا نفذنا الوصية له في مائة وخمسين ثم يرجع إليه بالميراث
خمسون فيصير لورثته مائتان مثل ما نفذنا فيه الوصية ويبقى للابنة مائة وعلى طريق الجبر
السبيل أن تجبر الوصية في شئ ثم يرجع إلى المولى نصفه بالميراث فيصير للمولى مالا الا
نصف شئ يعدل شيئين وبعد الجبر مالا يعدل شيئين ونصفا فأضعفه للكسر بالنصف فيصير
خمسة والشئ يصير شيئين فظهر انا نفذنا الوصية في خمسي مال المولى وذلك مائتان
وخمسون كما بينا وإن أردت أن تطرح سهم الدور من مال العبد فالسبيل أن تقول يدفع إلى
المولى من الثلثمائة ثلث المائتين وهو مائة وثلاثة وثلاثون وثلث لان العبد قد أدى
المائة وإنما بقيت الوصية في رقبته بقدر مائتين فيدفع إلى المولى ثلثا ذلك ويبقى مال العبد
مائة وستة وستون فيكون ذلك نصفين بين الابنة والمولى فاجعل كل نصف على ثلاثة أسهم
ثم أطرح من نصيب العبد سهما فيصير مال العبد خمسة للمولى ثلاثة ولابنة العبد سهمان
32

ثم يرجع إليها سهم بالوصية فيكون ثلاثة مثل ما كان للمولى بالميراث ويخرج مستقيما على طريق
الجبر أيضا إذا تأملت ولو كان العبد أعطى المولى مائتي درهم والمسألة بحالها فأكلها المولى فللمولى
من هذه الثلثمائة عشرون درهما بالسعاية ومائة وأربعون بالميراث لأنا نجعل مال المولى ومال
المولى مائة يأخذه بطريق السعاية ونصف ما بقي من مال العبد بالميراث وذلك مائتان ثم نجعل
ذلك على ستة لحاجتنا إلى ثلاثة تنقسم نصفين ثم نطرح من نصيب المولى سهما كما ذكرنا
فيصير مال المولى على خمسة خمسا ذلك للعبد بطريق الوصية وخمسا المائتين ثمانون درهما
فظهر ان وصيته ثمانون وان الباقي عليه من السعاية بقدر عشرين درهما ندفع من الثلثمائة
عشرين درهما إلى ورثة المولى بالسعاية يبقى مائتان بين المولى والابنة نصفين فيحصل لورثة
المولى بالميراث مائة وأربعون وبالسعاية عشرون فذلك مائة وستون وقد نفذنا الوصية في
ثمانين فيستقيم الثلث والثلثان وان جعلت السهم الساقط من مال العبد قلت قد أدى العبد
مائتين فإنما تثبت الوصية في رقبته بقدر مائة فيدفع إلى المولى ثلثا المائة وذلك ستة وستون
وثلثان يبقي مال العبد مائتان وثلاثة وثلاثون وثلث فاجعل ذلك على ستة ثم أطرح من نصيب
العبد سهما واقسم على خمسة ثلاثة للمولى وسهمان للابنة ثم يعود إليها سهم بالوصية فيسلم لها ثلاثة
مثل ما سلم للمولي بالميراث ولو كان العبد أعطى مولاه ثلاثمائة درهم فاكلها ثم مات وترك
ثلاثمائة وابنته ومولاه فلا سعاية له على العبد ولا يحتسب بشئ مما أكل المولى وإنما مال المولى
ما يرثه من العبد وذلك مائة وخمسون فاجعل ذلك على خمسة بعد طرح السهم الدائر فللعبد خمسا
ذلك بطريق الوصية وذلك ستون درهما ثم يعود إلى المولى نصف ذلك بالميراث وهو ثلاثون
فإنما يسلم لورثة المولى مائة وعشرون درهما وذلك خمسا الثلثمائة في الحاصل ويسلم للابنة مائة
وثمانون وقد سلم للمولى مثل ذلك لأنا نفذنا وصيته في شيئين وقد سلم لورثته مائة وعشرون
فاستقامت القسمة ولو كان العبد أدى إلي المولى خمسمائة فأنفقها المولى على نفسه ثم مات العبد
وترك خمسمائة وابنته ومولاه ثم مات المولي فللمولي من ذلك مائة وعشرون درهما وللابنة
ما بقي لان المولى في الحاصل لم يترك شيئا سوى ما ورث من العبد وميراثه منه مائتان وخمسون
إلا أنه يقضى من ماله دينه أولا وذلك مائتا درهم لان حقه قبل العبد في ثلاثمائة وقد استوفى
منه خمسمائة فالمائتان دين عليه فان قضى الدين بقي للمولي خمسون وقد ظهر للعبد زيادة
مال وهو مائتا درهم الذي استوفاه بالدين فيكون نصف ذلك للمولى بالميراث وهو مائة
33

درهم فصار مال المولي في الحاصل مائه وخمسين ثم نجعل ذلك على ستة أسهم وبعد طرح
السهم الدائر على خمسة للعبد خمسا ذلك بطريق الوصية وخمسا مائة وخمسين يكون شيئين
فظهر ان وصية العبد ستون ثم يرجع إلى المولى بالميراث نصف ذلك وهو ثلاثون فيصير في
يد وارث المولي مائه وعشرون وقد نفذنا الوصية في شيئين فكان مستقيما وان اعتبرت الميراث
قلت إنه قد ورث في الميراث ثلاثمائة وثمانين مرة مائتين وخمسين ومرة مائة ومرة ثلاثين
فذلك ثلاثمائة وثمانون وللابنة مثل ذلك فكان العبد مات في الحاصل عن سبعمائة وستين
لأنه مات وفى يده خمسمائة وقد سلم له مائتان باقتضاء الدين وستون بالوصية فذلك سبعمائة
وستون بين الابنة والمولى نصفين لكل واحد منهم ثلاثمائة وثمانون ولو أعتقه عند موته وقيمته
ثلاثمائة درهم ثم مات العبد وترك ألف درهم وابنا يحرز ميراثه ثم مات ابن العبد وترك ابنة
ثم مات المولى فللمولى من الألف أربعون درهما بالسعاية ونصف ما بقي بالميراث فيجتمع له
خمسمائة وعشرون درهما وقد نفذنا الوصية للعبد في مائتين وستين لان العبد لما مات عن
ابن فلا شئ للمولى من ميراثه ثم مات الابن عن ابنه فيكون ميراثه بين الابنة والمولى
نصفين وحكم هذه المسألة حكم ما تقدم فيما إذا مات العبد وترك ألف درهم وابنة سواء لان
نصف المال يرجع إلى المولي في الفصلين والله أعلم
باب عتق أحد العبدين
(قال رحمه الله) وإذا أعتق عبدين له عند الموت قيمة كل واحد منهما ثلاثمائة ولا مال
له غيرهما فمات أحدهما وترك ألف درهم اكتسبها بعد العتق ولا وارث له غير المولى
ثم مات المولى وبقي العبد الآخر ولم يسع بشئ فعليه سعاية في أربعين درهما وميراثه تسعمائة
وستون لان مال المولى رقبة الحي وهي ثلاثمائة وتركة الميت هي ألف فإنه إن مات حرا فلا
وارث له غير المولى وان مات عبدا فكسبه للمولى ولان بعض هذا المال للمولى بطريق
اقتضاء دين السعاية وبعضه بطريق الميراث ثم نجعل ذلك كله على ستة لحاجتنا إلى ثلث ينقسم
نصفين بين العبدين ثم السهم الذي هو للميت يعود إلى المولى بالميراث فيزداد حقه بسهم وهو
الدائر فيطرح ذلك من أصل حقه وهو أربعة فتتراجع السهام إلى خمسة للعبدين سهمان لكل
واحد منهما سهم وخمس الألف وثلاثمائة مائتان وستون فيسلم للحي من رقبته هذا المقدار
34

ويسعى في أربعين درهما فيصير في يد وارت المولى ألف وأربعون درهما وقد سلم للميت
بالوصية أيضا مائتان وستون فحصل تنفيذ الوصية لهما في خمسمائة وعشرين وسلم لورثة المولى
ضعف ذلك فكان مستقيما * وطريقة أخرى فيه أن أصل الفريضة من ستة لكل عبد سهم
ولورثة المولى أربعة ثم مات أحد العبدين مستوفيا لوصيته فاطرح سهمه يبقى خمسة للعبد الباقي
سهم واحد وللورثة أربعة فصار المال ألفا وثلاثمائة فإذا قسمتها علي خمسة كان للحي سهم واحد
وهو مائتان وستون وللورثة أربعة وقد تبين ان الميت كان مستوفيا لوصيته مائتين وستين
فيكون جميع مال المولى ألفا وخمسمائة وستين بان تضم مائتين وستين إلى الثلثمائة الباقية
تنفذ الوصية لهما في ثلث ذلك خمسمائة وعشرون ويسلم لورثة المولى ألف وأربعون ولو
أعتق عبدين عند الموت قيمة كل واحد منهما ثلاثمائة فمات أحدهما وترك مائة درهم وترك
ابنته ومولاه تم مات المولى فالمائة كلها للمولي بالسعاية ويسعى الحي في مائتين وعشرين
درهما لان مال المولى هنا أربعمائة فان رقبة الباقي ثلاثمائة والمائة التي تركها الميت كلها مال
المولي باعتبار السعاية لان ثلثه فوق هذا المقدار والدين مقدم على الميراث ثم هذه الأربعمائة
تقسم على خمسة لما بينا ان أصل الفريضة من ستة يطرح نصيب الميت ويبقي خمسة فإنما للعبد
الباقي خمس أربعمائة وذلك ثمانون درهما وقد تبين ان الآخر مستوف بالوصية مثل ذلك
فيكون جملة ماله أربعمائة وثمانين الثلث من ذلك مائة وستون بين العبدين لكل واحد منهما
ثمانون والثلثان ثلاثمائة وعشرون وقد أخذ وارث المولى مائة درهم فيسعى الحي لهم في مائتين
وعشرين درهما حتى يصل إلى كل واحد منهما كمال حقه ولو كان العبد الميت ترك مائة
وخمسين درهما أخذ المولي مائة منها بالسعاية ومائة وخمسة وتسعين درهما وخمسة اجزاء من
أحد عشر جزأ من درهم ونصف الباقي سبعة وعشرون درهما وثلاثة أجزاء بالميراث ويسعى
الحي في مائة وخمسة وتسعين جزأ وخمسة اجزاء من أحد وعشرين جزأ من درهم لان الميت
لو ترك زيادة على قيمته كل نصف تلك الزيادة للابنة ونصفه للميتة بالميراث فإذا كان فيما ترك
نقصان عن قيمته نجعل ذلك النقصان عليهما أيضا والنقصان بقدر خمسين فخمسة وعشرون
من ذلك على الابنة فيكون مال الميت في الحاصل خمسمائة وخمسة وسبعين ثلاثمائة قيمة الحي
ومائتان وخمسون تركه الميت يستوفيه بطريق السعاية إلى أن تتبين وصيته وخمسة وعشرون
مما يسلم للابنة إذ نفذنا الوصية لان ذلك القدر محسوب عليها فإذا عرفنا مقدار ماله قلنا السبيل
35

أن يكون ماله على ستة إلا أن السهم الذي هو نصيب الميت يعود نصفه إلى المولي بالميراث
فينكسر بالانصاف فنجعله على اثنى عشر ثمانية من ذلك لورثة المولى ولكل واحد من العبدين
سهمان ثم أحد السهمين من نصيب الميت يعود إلى المولى وهو السهم الدائر فنطرح ذلك
من أصل حق الورثة يبقي أحد عشر لورثة المولى سبعة ولكل عبد سهمان ثم يعود سهم من
نصيب الميت إلى ورثة المولى فيسلم لهم ثمانية وقد نفذنا الوصية في أربعة فكان مستقيما فتبين
أن نصيب الحي سهمان من أحد عشر من مال المولى وماله خمسمائة وسبعون فإذا قسمت ذلك
على أحد عشر كان كل سهم من ذلك اثنين وخمسين وثلاثة أجزاء من أحد عشر جزأ من
درهم وقد سلم للميت بالوصية مثل ذلك فإذا جمعت بين ما سلم لهما بالوصية وبين ما وصل
إلى الورثة بالسعاية والميراث استقام الثلث والثلثان وإذا تبين أنه كان علي الميت السعاية
في مائة وخمسة وتسعين وخمسة أجزاء يأخذ المولى ذلك من تركته يبقى من تركته أربعة
وخمسون وستة أجزاء نصف ذلك للابنة ونصفه للمولى بالميراث وذلك سبعة وعشرون درهما
وثلاثة أجزاء فان قيل لا يجوز أن يعتبر نقصان تركته عن قيمته بالزيادة لان في الزيادة حقا
للمولى والابنة جميعا لو وجدت وضررا بانعدامها يكون عليهما فاما إلى تمام القيمة حق المولى
إذا وجد لما بينا أنه تعتبر السعاية في كمال قيمته فلا يجوز أن يجعل شئ من نقصان ذلك على
الابنة بل يكون كله على المولى فإنما يبقى ماله خمسمائة وخمسين قلنا هو في الصورة كذلك
فأما في الحقيقة هذا النقصان من حقهما لأنا نعلم أنا نسلم الميت بالوصية هذا القدر وزيادة
وما يسلم بالوصية يكون ميراثا بين الابنة والمولي نصفين فلهذا جعلنا الجبران بذلك
النقصان عليهما ولو ترك العبد ثلاثمائة درهم وترك ابنته ومولاه فان قيمة الحي والميت تقسم
على أحد عشر سهما لان مال المولى هنا ستمائة فان الميت خلف ثلاثمائة وذلك كأنه للمولى
بسعايته لجواز أن يظهر عليه دين محيط وقيمة الحي أيضا ثلاثمائة فذلك ستمائة وهي مقسومة
على أحد عشر سهما لما بينا أنه يطرح السهم الدائر من اثنى عشر وهو الذي يعود إلى المولى
بالميراث من نصيب السعاية إذا قسمنا على أحد عشر سهما قلنا يسلم للحي سهمان من أحد
عشر سهما من ستمائة فيسعى فيما بقي ويسلم للميت مثل ذلك بالوصية من تركته ويأخذ ما
وراء ذلك ورثة المولى بالسعاية ثم يعود إليهم نصف ما سلم للميت بالوصية فيحصل لهم ثمانية
أسهم وقد نفذنا الوصية في أربعة فاستقام الثلث والثلثان فإذا ظهر التخريج من حيث السهام
36

فالتخريج من حيث الدراهم سهل * وعلى طريق الجبر نقول يسلم لكل واحد من العبدين
بالوصية ثلثي الذي كان وصية للميت يعود نصفه بالميراث إلى ورثة المولى فتصير في أيديهم
ستمائة الأشياء ونصف شئ ثم يعدل ذلك أربعة أشياء فاجبر بشئ ونصف شئ وزد على ما
يقول مثله فظهر أن الستمائة تعدل خمسة أشياء ونصفا وقد انكسر بالانصاف فأضعفه فيكون
أحد عشر فظهر أن الستمائة الذي هو مال المولي يعد ل أحد عشر وان الوصية لكل عبد
من ذلك سهمان كما بينا وإذا كان للرجل ثلاثة أعبد لا مال له غيرهم اثنان منهم مدبران
فأعتق أحدهم في صحته ثم مات أحد المدبرين قبل السعاية فإنه يعتق من المدبر الباقي
الثلث وخمس ما بقي ويسعى في أربعة أعشار قيمته ويسعى الآخر في ثلثي قيمته لان العتق
المنفذ في صحته يشيع فيهم جميعا بالموت فيعتق من كل واحد سهم ومال المولى عند الموت
ثلثا رقبة كل واحد منهم فيسلم للمدبر ثلث ماله بالوصية بينهما نصفان فيكون ماله على ستة
وقد مات أحد المدبرين مستوفيا لوصيته وتوى ما عليه من السعاية فإنما يضرب المدبر
الآخر فيما بقي بسهم والورثة بأربعة فيكون مقسوما بينهم على خمسة فقد وقع الكسر مرة
بالأثلاث ومرة بالأخماس فالسبيل أن نضرب ثلاثة في خمسة فيكون خمسة عشر فنجعل كل
رقبة على خمسة عشر ثم قد سلم لكل واحد منهم بالعتق البات خمسة وبعد موت أحد المدبرين
يبقى مال المولى عشرون عشرة من رقبة المدبر القائم وعشرة من رقبة القن فإنما يسلم للمدبر الباقي
خمس ذلك وهو أربعة فإذا سلم له مرة خمسة ومرة أربعة يبقى من رقبته ستة فإنما يسعى هو في
ستة أسهم من خمسة عشر سهما من قيمته فإن شئت سميت ذلك خمسي قيمته وإن شئت
سميته أربعة أعشار قيمته ويسعى الآخر في عشرة لأنه لا وصية له فيسلم للورثة ستة عشر سهما
وقد نفذنا الوصية للمدبر القائم في أربعة فظهر أن الميت صار مستوفيا مثل ذلك فحصل تنفيذ
الوصية لهما في ثمانية مثل نصف ما سلم للورثة ولو كان العتق البات في مرضه سعى المدبر في
ثلثي قيمته وسعى الآخر في ثمانية أتساع قيمته لان العتق في المرض وصية بالموت قبل
البيان شاع فيهم فإنما يسلم لكل واحد من العبدين ثلثه ولا يزداد حق المدبر بهذا لأنه موصي
له بجميع رقبته فبعد موت المولى يضرب المدبر في الثلث بجميع رقبته والقن بثلث رقبته فإذا
جعلت كل ثلث سهما كان الثلث بينهم على سبعة والثلثان أربعة عشر فذلك أحد وعشرون وقد
مات أحد المدبرين مستوفيا لوصيته وتوي ما عليه من السعاية فيضرب كل واحد منهم فيما بقي
37

اسهام حقه الورثة بأربعة عشر والمدبر الباقي بثلاثة والقن بسهم فيكون جملته ثمانية عشر سهما
والمال رقبتان كل رقبة على تسعة فقد سلم للمدبر ثلاثة وهو الثلث من رقبته ويسعى في ثلثي
قيمته ويسلم للقن سهم وهو تسع رقبته ويسعى في ثمانية أتساع قيمته وتبين أن السالم للمدبر
الميت مثل ما سلم للحي فيستقيم الثلث والثلثان * ولو كان الرجل عبدان فأعتق أحدهما عند
الموت البتة ثم مات أحدهما قبل السيد ثم مات السيد فان الباقي منهما يعتق من الثلث لان
الذي مات قبل المولى يخرج من أن يكون مزاحما للآخر في العتق المبهم علي ما عرف أن العتق
المبهم والطلاق المبهم إنما يتعين في القائم بعد موت أحدهما ولو مات السيد أولا ثم مات
أحدهما يسعى الباقي في أربعة أخماس قيمته لان العتق المبهم يشيع فيهما بموت المولى ويكون
من الثلث فصار الثلث بينهما نصفين على سهمين ثم مات أحدهما مستوفيا لوصيته وتوى ما عليه
من السعاية فإنما يضرب الآخر في رقبته بسهم والورثة فلهذا يسلم له خمس رقبته ويسعى في
أربعة أخماس قيمته والله أعلم بالصواب
باب السلم في المرض
(قال رحمه الله) الأصل في مسائل هذا الباب أن تبرع المريض بالأجل يكون معتبرا من
ثلثه بمنزلة تبرعه بأصل المال بالهبة أو الابراء وهذا لان الحيلولة تقع بين الورثة وبين المال
عند موت المريض بسبب الاجل كما تقع الحيلولة بسبب الهبة والابراء ولان ما زاد على الثلث
حق الورثة وتصرفه في حق الغير بالتأجيل باطل كتصرفه بالاسقاط وأصل أجرائه إذا
جمع في تبرعه بين المال والأجل فإنه يقدم في ثلث ماله التبرع بأصل المال حتى إذا استغرق
الثلث لم يصح تأجيله في شئ لان التأجيل تبرع من حيث تأخير المطالبة مع بقاء أصل المال
والمحاباة تبرع بأصل المال ولا شك أن التبرع بأصل المال أقوى ولا مزاحمة بين الضعيف
والقوى في الثلث إذا عرفنا هذا فنقول إذا سلم المريض مائة درهم في عشرة أكرار حنطة
إلى رجل بأجل معلوم ونقد الدراهم ولا مال له غيرها ثم مات قبل حل الاجل والطعام
يساوى مائة فالمسلم إليه بالخيار ان شاء عجل ثلثي الطعام فكان الثلث عليه إلى أجله وان شاء
رد عليهم رأس المال الا ان شاء الورثة أن يؤخروا عنه الطعام إلى أجله لان تبرع المريض
كان بالأجل فإنما صح في ثلث ماله وعلى المسلم إليه أن يعجل ثلثي الطعام إلا أنه يثبت له الخيار
38

لأنه تغير عليه شرط عقده فإنه ما رضى بأنه يطالب بحكم هذا العقد بشئ من الطعام قبل حل
الاجل فإذا توجهت المطالبة عليه به فقد تغير عليه شرط عقده وذلك يثبت الخيار لانعدام تمام
الرضى فله أن يفسخ العقد ويرد عليهم رأس المال إلا أن يشاء الورثة أن يؤخروا عنه الطعام
إلى أجل لأنهم إذا نفذوا التأجيل في جميع الطعام فقد سلم له شرط عقده فلا خيار له في
الفسخ وإن لم يتخير شيئا حتى مات حل الاجل وبطل الخيار لأنه لم يتغير موجب العقد هنا
فان الاجل يحل بموت المسلم إليه وتتوجه المطالبة بحكم العقد اما لوقوع الاستغناء له عن
الاجل أو لان الدين لما صار في معنى التحول إلى التركة كان بمنزلة العين والعين لا تقبل
الاجل وإن كان يموت رب السلم فقد حل الاجل فالطعام حال على المسلم إليه ولا خيار له فيه
لأنه لم يتغير عليه شرط عقده * وإن كان السلم يساوى خمسين درهما فمات رب السلم والمسلم
إليه حي فهو بالخيار ان شاء رد على الورثة رأس المال كله وأبطل السلم وان شاء رد عليهم سدس
رأس المال وادى الطعام كله في الحال لأنه جمع في تبرعه هنا بين الاجل والمال وتبرعه بالمال
استغرق الثلث وزاد عليه فلا يصح تبرعه بالأجل في شئ ويسلم للمسلم إليه ثلث المال ثلاثة
وثلاثون وثلث يبقى ستة وستون وثلثان فعليه أن يؤدى الطعام في الحال وقيمته خمسون
رأس المال ستة عشر وثلثان حتى يسلم للورثة ثلثي المال في الحال وإنما يثبت له الخيار لأنه تغير
عليه شرط عقده فإذا اختار الفسخ كان عليه رد جميع رأس المال لان الوصية بالمحاباة كانت
في ضمن العقد فلا تبقي بعد انفساح العقد ولا يقال كان ينبغي أن ينفذ تبرعه في الاجل
والمال كل واحد منهما في نصف الثلث فيعطى ثلثي الطعام في الحال وثلث الطعام عليه إلى
أجله وتسلم له ثلث الخمسين ويرد ثلث رأس المال في الحال وهو ثلاثة وثلاثون وثلث
وهذا لما بينا ان التوزع عليهما بعد ثبوت المساواة بينهما ولا مساواة بين أصل المال والأجل
ثم لو جعلنا هكذا فإذا حل الاجل ووجب قضاء ما بقي من الطعام وجب رد نصف المقبوض
من رأس المال عليه لأنهم لو لم يردوا ذلك حصل للورثة أكثر من الثلث وذلك ممتنع فان عقد
السلم ينتقض في المردود من رأس المال لفوات القبض فلا يتصور أن يعود العقد فيه بدون
التجديد وعلي هذا لو كان المسلم إليه رجلين فان الطريق في التخريج واحد ولم أسلم المريض
ثلاثين درهما في كر يساوي عشرة ثم مات قبل حل الاجل فالمسلم إليه بالخيار ان شاء نقض
السلم وان شاء رد ثلث رأس المال وأدى الكر كله لما بينا بان تبرعه بأصل المال في الثلث مقدم
39

وإذا تبرع بقدر عشرين درهما وثلث ماله عشرة فإذا أدي المسلم إليه الطعام في الحال وقيمته
عشرة ورد ثلث رأس المال وهو عشرة حصل للورثة عشرون وقد نفذنا له الوصية في عشرة
وان اختار فسخ العقد لتغير شرطه رد جميع رأس المال لان الوصية بالمحاباة كانت في ضمن العقد
ولو كان رأس المال أربعين درهما أدى الكر كله ورد من رأس المال ستة عشر درهما وثلثي
درهم حتى يسلم للورثة ثلثا مال الميت ستة وعشرون درهما وثلثا درهم وقد نفذنا الوصية في
ثلاثة عشر وثلث لأنه استوفى أربعين ثم رد ستة عشر وثلثين وكرا قيمته عشرة فيبقى السالم
له بالوصية ثلاثة عشر وثلث وإن كان رأس المال خمسين درهما رد عليه ثلاثة وعشرين
درهما وثلثا يسلم للورثة كر قيمته عشرة وثلاثة وعشرون وثلث فذلك ثلثا مال الميت وقد
نفذنا المحاباة له في ستة عشر وثلثين لأنه سلم له ستة وعشرون وثلثان بكر قيمته عشرة وإن كان
رأس المال مائة درهم رد سته وخمسين درهما وثلثي درهم فيسلم للورثة هذا مع كر
قيمته عشرة فيكون ستة وستين وثلثين وهو ثلثاه مال الميت ويسلم للمسلم إليه ثلاثة
وأربعون بكر قيمته عشرة فيكون السالم له من المحاباة ثلاثة وثلاثون وثلث وهو ثلث مال
الميت والله أعلم
باب هبة أحد الزوجين لصاحبه
(قال رحمه الله) وإذا وهب المريض لامر أنه مائة درهم ولا مال له غيرها فدفعها
إليها ثم مات فالهبة باطلة لأنها بمنزلة الوصية ولا وصية للوارث وهي وارثه ولو ماتت المرأة
قبله ولها عصبة ولا مال للمرأة غير هذه المائة فإنه يرد منها إلى ورثة الزوج ستين درهما
لبطلان الهبة وعشرين درهما بالميراث لأنها حين ماتت قبله فقد خرجت من أن تكون وارثه
له فصح هبته لها من ثلث ماله فان قيل الهبة في المرض وصية وموت الموصى له قبل الموصى
مبطل لوصية صحيحة فكيف يكون مصححا لوصية باطلة قلنا الهبة بمنزلة الوصية في أنه تبرع
معتبر من الثلث فأما الملك به يحصل بنفس القبض وموت الموصى له قبل الموصى إنما يبطل
وصيته لكون التمليك فيها مضافا إلى ما بعد الموت فاما هذه هبة منفذة في الحال فلا
تبطل بموتها قبله ثم وجه تخريج المسألة ان مال الزوج في الأصل مائة درهم وهبته لها صحيح
في ثلثها نصف ذلك يعود بالميراث إلى الزوج فالسبيل أن يجعل المائة على ستة تنفذ
40

الهبة في سهمين ثم يعود بالميراث أحدهما إلى الزوج فيزداد ماله وهذا هو السهم الدائر
فنطرح من أصل حق الورثة سهما يبقى لوارث الزوج ثلاثة وللمرأة سهمان فتكون المائة على
خمسة ثم يعود سهم بالميراث إلى وارث الزوج فيسلم له أربعة وقد نفذنا الوصية في سهمين فاستقام
فتبين ان بطلان الهبة في ثلاثة أخماس المائة وذلك ستون درهما وتنفيذ الهبة في خمس
المائة وذلك أربعون ثم يعود نصفه إلى وارث الزوج وهو عشرون فيحصل له ثمانون درهما
وقد نفذنا الهبة في أربعين وتبقى لعصبتها عشرون درهما * فان اعتبرت طرح سهم الدور من
جانب المرأة فالطريق في ذلك أن نقول مالها ما نفذت الهبة فيه وهو ثلث المائة نصف ذلك
بالميراث يكون للزوج ثم تنفذ لها الوصية في ثلث ذلك لان ما وصل إليه بالميراث من جملة ماله
وفى الثلث والثلثين يعتبر ماله عند موته فصار هذا النصف على هذا ثلاثة والنصف الذي
لعصبتها أيضا على ثلاثة ثم يعود سهم من نصيب الزوج إلى عصبتها فيزداد مالها بذلك وهو
السهم الدائر فيطرح ذلك من حق عصبتها يبقى حق عصبتها في سهمين وحق الزوج في ثلاثة
فذلك خمسة ثم يعود سهم إلى العصبة فيسلم له ثلاثة مثل ما سلم للزوج بالميراث فتبين ان
ثلث المائة صار علي خمسة والسالم للزوج خمساه وهو ثلاثة عشر وثلث إذا ضممته إلى
ثلثي المال يكون مائتين والسالم للعصبة ثلاثة أخماس ثلث المال وذلك عشرون درهما كل خمس
ستة وثلثان ولو كان وهب لها مائتي درهم والمسألة بحالها رجع إلى ورثة الزوج مائة وعشرون
درهما ببطلان الهبة وأربعون بالميراث ووجه التخريج على الطريق الأول ان المائتين مال
الزوج وبعد طرح سهم الزوج يكون على خمسة أسهم كما بينا في المسألة الأولى فتنفذ الهبة
في خمسها وذلك ثمانون درهما ويرد على ورثة الزوج ببطلان الهبة ثلاثة أخماسها وذلك مائة
وعشرون وبميراث الزوج منها أربعين فيسلم لورثة الزوج مائة وستون وقد نقدنا الهبة في
ثمانين فاستقام وعلى الطريق الآخر مالها ثلث المائتين وينقسم هذا الثلث بعد طرح سهم
الدور من نصيب عصبتها على خمسة فالذي يسلم لعصبتها في الحاصل ثلاثة أخماس ذلك وثلث
المائتين ستة وستون وثلثان كل خمس منه ثلاثة عشر وثلث وثلاثة أخماسها أربعون وهو
لعصبة المرأة وخمساها ستة وعشرون وثلثان لورثة الزوج مع ثلثي المائتين فتكون الجملة مائة
وستين ولو كان وهب لها ثلاثمائة وهي جميع ماله أخذ ورثة الزوج مائة وثمانين ببطلان الهبة
وستين بالميراث عنها لان ماله بعد طرح سهم الدور ينقسم أخماسا فإنما تبطل الهبة في ثلاثة
41

أخماس ثلاثمائة وثلاثة أخماس ثلاثمائة وثمانون التخريج كما بينا وكذلك على الطريق الآخر
يخرج مستقيما * ولو كان وهب لها خمسمائة وماتت قبله كان لورثة الزوج ثلاثمائة ببطلان
الهبة ومائة بالميراث وتخريجه على الطريقين واضح أيضا وكذلك لو وهب لها ألف درهم
والمسألة بحالها فالسالم لورثة الزوج ببطلان الهبة ستمائة وبميراث الزوج منها مائتان وطريق
التخريج أن يقسم مال الزوج على خمسة ان طرحت السهم الدائر من جانبه وان يقسم مال
المرأة وهو ثلث الموهوب على خمسة ان طرحت السهم الدائر من جانبها * وإذا وهب المريض
لامرأته ألف درهم وله مائة أخرى ولا مال للمرأة غيرها ثم ماتت قبله ولها عصبة ثم مات
الزوج فإنه يرد إلى ورثة الزوج عشرين درهما ببطلان الهبة وأربعين درهما بالميراث لان
جميع مال الزوج مائتا درهم فإنما تنفذ هبته في ثلث جميع ماله لان ثلث الموهوب خاصة
وبعد طرح سهم الدور على الوجه الذي بينا في المسألة الأولى قسمة المائتين على خمسة فإنما تنفذ
الهبة لها في خمسي المائتين وذلك ثمانون فعرفنا ان بطلان الهبة في عشرين درهما من المائة
الموهوبة لها وان مالها ثمانون درهما نصفه للزوج بالميراث وهو أربعون درهما ونصفه لعصبتها
فجملة ما يسلم لوارث الزوج مائة وستون وقد نفذنا الهبة في ثمانين فاستقام الثلث والثلثان ولو
ترك الزوج مائة وخمسين درهما سوى المائة الموهوبة لها جازت الهبة في المائة كلها ويرجع
بالميراث إلى الزوج خمسون لان مال الزوج مائتان وخمسون وبعد طرح سهم الدور يكون
على خمسة أسهم فإنما تجوز الهبة في الخمسين وذلك مائة درهم مقدار ما وهب ثم يعود إلى
الزوج نصفه بالميراث وذلك خمسون فيسلم لورثة الزوج مائتا درهم وقد نفذنا الهبة في مائة
فاستقام وذلك لو ترك أكثر من خمسين ومائة لأنك تنظر إلى خمسي ما ترك مع ما وهب فإن كان
ت الهبة تخرج من خمسي ذلك سلمت لها الهبة لأنها لم تجاوز ثلث مال الزوج في الحاصل
وإذا وهب المريض لامرأته مائة درهم لا مال له غيرها وللمرأة مائة درهم سوى ذلك ثم
ماتت المرأة قبله ثم مات الزوج فان الهبة تجوز في ستين درهما لان مال الزوج مائة
وخمسون المائة الموهوبة ونصف المائة الأخرى له بالميراث عنها ثم هذه المائة والخمسون
تكون مقسومة على خمسة بعد طرح سهم الدور من جانبه فإنما تجوز الهبة في خمسي ذلك
وذلك ستون كل خمس ثلاثون ثم يعود إلى الزوج بالميراث ثلاثون فيسلم لورثة الزوج
مرة تسعون ومرة ثلاثون فذلك مائة وعشرون وقد نفذنا الهبة في ستين فاستقام وان اعتبرت
42

طرح سهم الدور من جانب المرأة قلت مالها مائة وثلاثة وثلاثون وثلث لان الهبة صحيحة في
مقدار الثلث من المائة التي للزوج ثم يقسم مالها بعد طرح سهم الدور من جانبها على خمسة
للزوج ثلاثة ولعصبتها سهمان ثم يعود بالوصية إلى العصبة سهم فيسلم له ثلاثة مثل ما سلم للزوج
بالميراث فظهر أن السالم للعصبة ثلاثة أخماس مائة وثلاثة وثلاثين وثلث وذلك ثمانون درهما
ولوارث الزوج خمسا ذلك ثلاثة وخمسون وثلث فإذا ضممت ذلك إلى ثلثي المائة ستة
وستين وثلثين تكون مائة وعشرين فيستقيم التخريج كما بينا في الكتاب ولو كان لها مائتا
درهم سوى ذلك جازت الهبة في ثمانين درهما لان مال الزوج مائتا درهم فإنه ورث عنها
نصف مالها ثم هذه المائتان بعد طرح سهم الدور من جانبه على خمسة فإنما تجوز الهبة في
خمسي ذلك وذلك ثمانون ثم يعود نصفه بالميراث إليه وذلك أربعون فيسلم لورثة الزوج مائة
وستون وقد نفذنا الهبة في ثمانين فاستقام ولو كانت للمرأة ثلاثمائة سلمت الهبة لها في جميع المائة
لان الزوج يرث عنها نصف الثلثمائة مائة وخمسين وقد بينا أنه إذا كان له سوى المائة
الموهوبة مائة وخمسون جازت الهبة في جميع الهبة بخروجها من الثلث * وإذا وهب الرجل
لامرأته في مرضه مائة درهم لا مال له غيرها وعليه دين خمسون درهما ولا مال للمرأة غيرها
ثم ماتت قبله فإنما تجوز الهبة لها في عشرين درهما لان الدين مقدم على الهبة في المرض فيسترد
من المائة خمسين لقضاء الدين بها أولا ويخرج ذلك من أن يكون محسوبا من مال الزوج في
حكم الهبة يبقي ماله خمسون درهما وبعد طرح سهم الدور من جانبه تقسم هذه الخمسون
أخماسا فتجوز الهبة في خمسها وذلك عشرون ثم يعود نصف العشرين بالميراث إلى الزوج
فيسلم لورثته أربعون وقد نفذنا الهبة في عشرين فاستقام ولو وهب لها ثمانين درهما لا مال
له غيرها ولا دين عليه وعلى المرأة دين عشرة دراهم ثم ماتت قبله ولا مال له غيرها ثم مات
الزوج جازت الهبة في ثلاثين درهما لان مال الزوج خمسة وسبعون درهما فإنه لو لم يكن عليها
دين كان مال الزوج جميع الثمانين فإذا كان عليها دين عشرة ينتقص من مال الزوج بقدر نصف
دينها وهو خمسة وإنما كان كذلك لان مالها بالميراث يكون نصفين بين الزوج وعصبتها وإنما
يقضى دينها من مالها ولو لم يكن عليها دين عشرة كان نصف هذه العشرة للزوج بالميراث
وإذا كان عليها دين عشرة عرفنا أنه ينتقص من مال الزوج بقدر نصف العشرة وهو خمسة
ثم هذه الخمسة والسبعون بطرح سهم الدور من جانبه تكون على خمسة أسهم وإنما تنفذ الهبة
43

لها في خمس ذلك وكل خمس خمسة عشر فخمساها وثلاثون فعرفنا أن الهبة تجوز في ثلاثين
درهما وتبطل الهبة في خمسين ثم يقضى بعشرة من الثلاثين دينها يبقي عشرون بين الزوج
وعصبتها نصفين بالميراث فيسلم لورثة الزوج ستون درهما وقد نقدنا الهبة في ثلاثين فاستقام
وإذا وهب المريض لامرأته مائة درهم لا مال له غيرها وأوصى لرجل بثلث ماله ثم ماتت
المرأة وقد قبضت المائة ثم مات الزوج قسمت المائة على أحد عشر سهما للمرأة منها سهمان
وللموصى له سهمان في قياس قول أبي حنيفة لان من أصله أن الوصية بما زاد على الثلث تبطل
عند عدم إجازة الورثة ضربا واستحقاقا فهو ان وهب لها جميع ماله فإنما تضرب هي في الثلث
بقدر الثلث وكذلك الموصى له يضرب بالثلث فيكون الثلث بينهما على سهمين ثم السهم الذي
لها ينقسم نصفين فيعود نصفه بالميراث إلى الزوج فانكسر بالانصاف فأضعفه فيكون الثلث
أربعة والثلثان ثمانية فذلك اثنا عشر لأنه يعود بالميراث إلى الزوج أحد سهميها وهو السهم
الدائر فيطرح ذلك من أصل حق ورثة الزوج فيعود حقهم إلى سبعة وحق الموصى لهما أربعة
فذلك أحد عشر سهما سلم للموصى له بالثلث سهمان وللمرأة سهمان ثم يعود بالميراث أحد
السهمين منها إلى الزوج فيسلم لورثة الزوج ثمانية وقد نفذنا الوصية لها في أربعة فاستقام
التخريج * وأما على قول أبى يوسف ومحمد قسمة المائة على أحد وعشرين سهما لصاحب الثلث
سهمان ولورثة المرأة ستة ثم يرجع ثلاثة منها إلى الزوج بالميراث لان عندهما الموصى له بالمال
يضرب في الثلث بجميع ما أوصى له به فهي تضرب بجميع المال مائة والآخر بثلثها فيكون
الثلث بينهما على أربعة أسهم لها ثلاثة وللموصى له بالثلث سهم والثلثان ثمانية فيكون سهام
المال اثنى عشر ثم نصف نصيبها وذلك سهم ونصف يعود بالميراث إلى الزوج فيزداد ماله بثلاثة
أسهم وهي السهام الدائرة فنطرحها من أصل حق الورثة وذلك ستة عشر فيتراجع حقهم
إلى ثلاثة عشر وحق الموصى لهما في ثمانية فذلك أحد وعشرون فلهذا كانت قسمة المائة على
أحد وعشرين سهما لها ستة ويعود نصف ذلك وهو ثلاثة إلى الزوج بالميراث فيسلم لورثة
الزوج ستة عشر وقد نفذنا الوصية في ثمانية فاستقام الثلث والثلثان ولو كانت المرأة هي التي
أوصت بثلث مالها لرجل جازت الهبة لها في ثلاثة أسهم من ثمانية لان مال الزوج وهو مائة
درهم يجعل على تسعة أسهم هنا في الأصل لأنه تنفذ الهبة لها في ثلث ذلك ثم ثلث ذلك الثلث
تنفذ فيه وصيتها في سهم من الثلاثة فيبقى سهمان فيعود أحد السهمين إلى الزوج بالميراث
44

ويزداد ماله بهذا السهم وهو الدائر فنطرح من أصل حق ورثته سهما يبقى حقهم في خمسة
وحق المرأة في ثلاثة عشر ونصف ثم تجوز الهبة في ثلاثة أثمانه وذلك سبعة وثلاثون ونصف
وتبطل الهبة في خمسة أثمانه وذلك اثنان وستون ونصف ثم تنفذ وصيتها في ثلث مالها اثنى
عشر ونصف ويبقي خمسة وعشرون للزوج منها بالميراث نصف ذلك اثنا عشر فيسلم لورثة
الزوج خمسة وسبعون وقد نفذنا الهبة في سبعة وثلاثين ونصف فاستقام * وإذا وهب الرجل
لامرأته مائة درهم وهو مريض لا مال له غيرها ولا مال لها غيرها ثم ماتت المرأة قبله وتركت
ابنها وزوجها ثم مات الزوج فان الهبة تجوز لها في أربعة أسهم من أحد عشر سهما لان تنفيذ
الهبة لها في ثلث مال الزوج ثم يصير بين ذلك الزوج والابن على الأربعة فيحتاج إلى حساب
ينقسم ثلاثة أرباعا وأقل ذلك اثنا عشر فإنما تنفذ الهبة لها في أربعة ثم يعود سهم من أربعة إلى
الزوج بالميراث وهو السهم الدائر فنطرح ذلك من نصيب ورثة الزوج وهو ثمانية فيبقى
حقهم في سبعة وحقها في أربعة فذلك على أحد عشر ثم يعود سهم بالميراث إلى الزوج فيسلم
لورثة الزوج ثمانية وقد نفذنا الهبة في أربعة فاستقام وتبين ان صحة الهبة في أربعة أسهم من
أحد عشر سهما من المائة * ولو تركت زوجها وأختيها قسمت المائة على ثمانية عشر سهما لان
نصيبها وهو الثلث يكون مقسوما بين الزوج والأختين على سبعة للزوج ثلاثة وللأختين
أربعة فاصل الفريضة من ستة وتعول بسهم فإذا صار الثلث على سبعة كان الكل على أحد
وعشرين ثم ثلاثة من هذه السبعة نعود بالميراث إلى الزوج وهي السهام الدائرة فنطرحها من
أصل حق ورثة الزوج أربعة عشر يبقى لهم أحد عشر ولها سبعة فذلك ثمانية عشر فعرفنا ان
المائة تنقسم على ثمانية عشر وان الهبة إنما تجوز في سبعة ثم يعود إلى ورثة الزوج ثلاثة فيسلم
لهم أربعة عشر * ولو كانت تركت أختيها وأمها وزوجها قسمت المائة علي أحد وعشرين لان
نصيبها وهو الثلث بين ورثتها على ثمانية للزوج ثلاثة وللأختين أربعة وللأم سهم وإذا صار
الثلث على ثمانية كان الكل على أربعة وعشرين ثم نعود ثلاثة إلى الزوج بالميراث وهي السهام
الدائرة فنطرحه من أصل حق ورثته فيتراجع الحساب إلى أحد وعشرين وعلى هذا القياس
ما تركت من الورثة فذكر في الأصل انها تركت أختين لأب وأم وأختين لأم وزوج
والقسمة في هذا الفصل على أربعة وعشرين ولو تركت أختين لأب وأم وأختين لأم وزوج
وأم فالقسمة من سبعة وعشرين والحاصل انك تصحح فرضيتها فتجعل الثلث على سهام فرضيتها
45

والثلثان ضعف ذلك ثم تطرح من نصيب ورثة الزوج ما يعود إلى الزوج بالميراث منها
وتستقيم القسمة على ما بقي * ولو تركت ابنتها وأبويها وزوجها قسمت المائة على اثنين وأربعين
سهما لان نصيبها وهو الثلث يكون مقسوما على خمسة عشر سهما والثلثان ثلاثون ثم يعود
إلى الزوج بالميراث منها ثلاثة فيطرح من أصل حق ورثته ثلاثة أسهم يبقي لهم سبعة وعشرون
ولها خمسة عشر فذلك اثنان وأربعون منه يستقيم التخريج * ولو وهبت المرأة لزوجها مائة
درهم وهي مريضة ولا مال لهما غيرها ثم مات قبلها وهي وارثته مع عصبته ثم ماتت فإنه
يجوز له الهبة في أربعة أسهم من أحد عشر سهما من المائة لأنه لما مات قبلها فقد خرج من
أن يكون وارثا لها فجازت هبتها له في الثلث ثم هذا الثلث يكون ميراثا بينها وبين عصبة
الزوج أرباعا فعرفت ان أصل المائة على اثنى عشر سهما لحاجتك إلى ثلث ينقسم أرباعا ثم
سهم من نصيب الزوج يعود إليها بالميراث وهو الدائر فيطرح ذلك من سهام ورثتيها يبقي
حقهم في سبعة وحق الزوج في أربعة فذلك أحد عشر فإنما نفذنا الهبة للزوج في أربعة من
أحد عشر ثم يعود إليها من الميراث سهم من ذلك فيسلم لورثتها ثمانية وقد نفذنا الهبة في أربعة
فاستقام * ولو كان له دار قسمت المائة على ثمانية وعشرين فتجوز الهبة للزوج في ثمانية أسهم
من ذلك لان الثلث الذي هو نصيب الزوج يكون بينها وبين ولد الزوج على ثمانية لها من
ذلك الثمن فإذا صار الثلث على ثمانية كان الكل على أربعة وعشرين ثم يعود من الثمانية بالميراث
إليها سهم واحد وهو السهم الدائر فيطرح ذلك من سهام ورثتها وهو ستة عشر يبقي لهم خمسة
عشر وللزوج ثمانية فذلك ثلاثة وعشرون فتبين ان الهبة إنما صحت للزوج في ثمانية من ثلاثة
وعشرين ثم يعود إليها بالميراث سهم فيكون السالم لورثتها ستة عشر ضعف ما نفذنا فيه الهبة
* وإذا مرض الزوج وامرأته ولكل واحد منهما مائة درهم فوهب كل واحد منهما مائة
لصاحبه فهذه المسألة على ثلاثة أوجه اما أن تموت المرأة أولا ثم الزوج أو الزوج أولا ثم
المرأة أو ماتا معا فإن كانت المرأة هي التي ماتت أولا ولا ولد لها جازت الهبة لها من مائة
الزوج في ستين درهما ولم يجز للزوج من مائتها شئ لان الزوج ورثها حين ماتت قبله فإنما
وهبت لوارثها في مرضها وذلك باطل واما المرأة فهي لا ترث من الزوج شيئا حين ماتت
قبله فجازت الهبة لها في ثلث مال الزوج ثم الزوج يرث عنها نصف مائتها فيكون ماله في
الحاصل مائة وخمسين درهما وبعد طرح سهم الدائر من جانبه تقسم هذه المائة والخمسون
46

على خمسة أسهم وإنما تجوز الهبة لها في خمسي ذلك وذلك ستون درهما يعود بالميراث نصفه
إلى الزوج فيسلم لورثته مائة وعشرون وقد نفذنا الهبة في ستين فاستقام ولو كان الزوج
مات أولا لم يجز للمرأة من مائته شيئا لأنها وارثته وجاز له من مائة المرأة خمسة وأربعون
وخمسة أجزاء من أحد عشر جزأ من درهم لان مالها مائتها وربع مائة الزوج يسلم لها
بالميراث فذلك مائة وخمسة وعشرون ثم تنفذ الهبة في ثلث ذلك وينقسم ذلك الثلث بينها
وبين عصبة الزوج أرباعا فتبين أن مالها في الأصل اثنا عشر سهما تنفذ الهبة في أربعة ثم يعود
سهم إليها وهو السهم الدائر فيطرح ذلك من أصل حق ورثتها يبقى لهم سبعة وللزوج أربعة
فذلك أحد عشر فإنما ينقسم مالها على أحد عشر سهما فكل سهم من ذلك يكون أحد عشر
وأربعة أجزاء من أحد عشر جزأ من درهم كما قال في الكتاب ولو ماتا معا جاز لها نصف مائته
وجاز له نصف مائتها لان كل واحد منهما لا يرث من صاحبه شيئا حين ماتا معا فتصح الهبة
من كل واحد منهما لصاحبه في مقدار الثلث فيكون مال كل واحد منهما في الأصل ثلاثة إلا أن
سهما من ثلاثة يعود إلى كل واحد منهما من جهة صاحبه بطريق الوصية وهو الدائر
فنطرح من أصل حق وارث كل واحد منهما سهما فيبقى حق وارث كل واحد منهما في سهم
وحق الموهوب له في سهم فلهذا قسمنا كل مائة على سهمين فيسلم لوارث كل واحد منهما مائة
درهم نصفه ببطلان الهبة ونصفه بالوصية من جهة الآخر وقد نفذنا الهبة في حق كل واحد
منهما في خمسين درهما فيستقيم الثلث والثلثان * وإذا تزوج المريض امرأة على مائة لا مال له
غيرها ومهر مثلها خمسون ثم ماتت المراة ولها عصبة ثم مات الزوج فان المحاباة لها تجوز في
ثلاثين درهما وتبطل في عشرين درهما لان ما زاد على مقدار مهر المثل محاباة وذلك خمسون
درهما فتكون وصية لها من ثلث مال الزوج حيث ماتت قبله ومال الزوج خمسة وسبعون
مقدار المحاباة وذلك خمسون ونصف مهر مثلها بميراثه عنها ثم هذه الخمسة وسبعون تجعل على
خمسة أسهم بعد طرح سهم الدور من جانب الزوج فإنما تجوز المحاباة لها في خمسي ذلك ثلاثين
فيسلم لورثة الزوج خمسة وأربعون ويعود إليهم نصف الثلاثين خمسة عشر بالميراث فيكون
جملة ما يسلم لهم ستون وقد عرفنا المحاباة في ثلاثين فاستقام * وان جعلت طرح سهم الدور
من قبل المرأة قلت مالها مهر مثلها وذلك خمسون وثلث الخمسين الأخرى بالوصية فيكون
ستة وستين وثلثين بين عصبتها وزوجها نصفين ثم نصيب الزوج يكون على ثلاثة لان الثلث
47

من ذلك وصية لها ونصيب العصبة أيضا على ثلاثة ثم يعود سهم من نصيب الزوج إلى العصبة
فيزداد نصيبه فالسبيل أن نطرح من أصل العصبة سهما فيتراجع إلى خمسة ثلاثة أخماسها للزوج
وذلك أربعون درهما وخمساه للعصبة وذلك ستة وعشرون وثلثان ثم يعود إلى العصبة ثلاثة
عشر وثلث فيسلم للعصبة أربعون مثل ما سلم للزوج بالميراث وقد نفذنا الوصية لهما مرة في
ستة عشر وثلثين ومرة في ثلاثة عشر وثلث فذلك ثلاثون * وإذا وهب المريض لامرأته
مائة درهم فماتت المرأة قبله عن عصبة وعليها دين فإن كان عليها من الدين مثل ثلث المائة أو
أكثر فلها من المائة والموهوبة الثلث يقضى منه دينها لأنه لا يعود شئ من ذلك إلى الزوج
بالميراث فان الدين مقدم على الميراث فلا يقع فيه الدور وإن كان عليها من الدين عشرة دراهم
كانت وصيتها ثمانية وثلاثين درهما ونرد على ورثة الزوج بنقص الهبة اثنين وستين درهما
لان مال الزوج خمسة وتسعون فإنه لو لم يكن عليها دين كان جميع المائة مال الزوج وقد بينا
أن الدين الذي عليها نصفه مقضى من نصيب العصبة ونصفه من نصيب الزوج فيجعل نصف
العشرة كأنه على الزوج ثم هذه الخمسة والتسعون تجعل على خمسة أسهم بعد طرح سهم
الدور من جانب الزوج فإنما تجوز الهبة في خمسه وذلك ثمانية وثلاثون يقضى بعشرة من ذلك
دينها ويبقى ثمانية وعشرون بين الزوج والعصبة نصفين فيعود إلى ورثة الزوج أربعة عشر
وقد كان وصل إليهم بنقص الهبة اثنان وستون فيكون ذلك ستة وسبعين مثل ما نفذ ما فيه الهبة
وإن كان عليها دين عشرون درهما كانت الوصية ستة وثلاثين ونرد على ورثة الزوج أربعة
وستين لان نصف الدين وهو عشرة في المعنى كأنه على الزوج فيبقى ماله تسعون درهما وإنما
تنفذ الهبة في خمسي ذلك بعد طرح سهم الدور وذلك ستة وثلاثون ثم يقضى بعشرين من ذلك
دينها يبقى ستة عشر للزوج نصف ذلك وهو ثمانية وقد عاد إليه بنقص الهبة أربعة وستون فذلك
اثنان وسبعون مثل ما نفذنا فيه الهبة والله أعلم بالصواب
باب الرجل يهب العبد في مرضه فيجنى على سيده أو غيره
(قال رحمه الله) وإذا وهب المريض عبدا لرجل لا مال له غيره وقيمته ألف درهم
فقتل العبد رجلا خطأ ثم مات المولى فإنه يرد ثلثيه إلى ورثة المولى لان الهبة في المرض بمنزلة
الوصية فلا تنفذ في أكثر من الثلث وبعد رد الثلثين إلى ورثة المولى بقي العبد كله مشغولا بالجناية
48

فيقال لهم وللموهوب له ادفعوه أو افدوه أي ذلك فعلوا رجع ورثة المولى على الموهوب له
بثلثي قيمته لان ثلثي العبد استحق من يدهم بجناية كانت عند الموهوب له وقد كان الموهوب له
قبضه لنفسه على وجه التملك فكان مضمونا عليه فإذا لم يسلم الرد جعل كأنه هلك في يده
فترجع ورثة المولي عليه بثلثي قيمته وقد كانوا يستفيدون البراءة بدفعه فكانوا مختارين في
التزامه الزيادة باختيار الفداء فلا يرجعون الا بالأقل بمنزلة العبد المغصوب يجنى ثم يرده
الغاصب على المغصوب منه فيدفعه بالجناية أو يفديه ولو أعتقه الموهوب له قبل أن يرد ثلثيه إلى
الورثة نفذ عتقه لأنه تملك العبد كله بالقبض فبقي ملكه ما بقي القبض وأن وجوب رد الثلثين
على الورثة لفساد الهبة فيه واشتغاله بحق ولى الجناية لا يمنع نفوذ عتق المولى فيه ثم إن كان
يعلم بالجناية فعليه كمال الدية لولي الجناية وثلثا قيمته لورثة المولى لان رد الثلثين عليهم كان
مستحقا على الموهوب له وقد تعذر الرد باعتاقه فعليه رد ثلثي قيمته وإن لم يعلم بالجناية فعليه
قيمته لولى الجناية لان ملكه تقرر في جميعه وقد صار مستهلكا رقبته علي رد الجناية على وجه
لم يصر مختارا فيجب عليه قيمته لولى الجناية وثلثا قيمته لورثة المولى لما بينا * ولو كان العبد قتل
الواهب قيل للموهوب له ادفعه إلى ورثة المولى أو افده فان اختار الدفع دفعه كله فيكون
نصفه بالجناية ونصفه لهم بنقض الهبة لان الهبة إنما تصح في ثلث العبد ثم يدفع ذلك الثلث
بالجناية فيزداد مال الواهب بسهم فنطرح من أصل حق ورثة الواهب سهما يبقى له سهم
وللموهوب له سهم فكان العبد سهمين تجوز الهبة في أحدهما ثم يدفع ذلك بالجناية فيسلم لورثة
الواهب سهمان وقد نفذنا الوصية في سهم فاستقام الثلث والثلثان وظهر بهذا أن الميت إنما ترك
عبدا ونصف عبد في الحكم فثلث ذلك يكون نصف عبد فلهذا جوزنا الهبة في نصف عبد
وهي مسألة كتاب الهبة * وان اختار الفداء جازت الهبة في جميع العبد لأنه يفديه بالدية عشرة
آلاف فيكون مال الواهب أحد عشر ألفا وقيمة العبد ألف درهم وهو دون الثلث فلهذا
جازت الهبة في جميعه فان أعتقه بعد ما قتل المولى فإن كان يعلم بالجناية كان مختارا للفداء فيغرم
عشرة آلاف وتبين أن الهبة صحت في جميعه وإن لم يعلم فعليه قيمته وثلث قيمته للورثة لان
ملكه تقرر فيه بالاعتاق فكان عليه قيمته باستهلاك العبد الموهوب وقيمته بالجناية لأنه صار
مستهلكا رقبته على ولى الجناية فتبين أن مال الميت قيمتان فإنما تجوز الهبة في ثلث ذلك فيسلم
له ثلثا قيمته وثلث قيمته للورثة فان قيل لما غرم قيمته بالاستهلاك قامت القيمة مقام العين
49

وقد بينا أن العبد لو كان باقيا كان يدفعه النصف بالجناية والنصف بنقض الهبة ولا شئ عليه
سوى ذلك بعد الاعتاق وهذا لأنه لما كأن لا يسلم لورثه الواهب بالجناية الا نصف العبد فهو
بالاعتاق ما أتلف عليهم الا ذلك النصف فيكون الواجب عليه قيمة ونصف يسلم له بالهبة
ثلث ذلك ويغرم قيمة واحدة قلنا عند قيام العبد ما يرد منه بنقض الهبة يعود إلي ملك الواهب
فيبطل حكم الجناية فيه لان جناية المملوك على مالكه هدر وهذا المعنى لا يوجد بعد الاعتاق
لان برد القيمة لا يعود شئ من العبد إلى ملك الواهب فلا يتبين أن الجناية كانت من المملوك
على مالكه في شئ من العبد فوجب اعتبار الجناية كلها وتبين أن حق الأولياء في قيمة كاملة
بسبب الجناية فلهذا كان التخريج كما بينا * ولو قتل الواهب ولم يعتقه الموهوب له وقيمته أكثر
من ألف فان اختار الدفع فالجواب على ما بينا أنه يدفع العبد كله نصفه بالجناية ونصفه بنقض
الهبة وحكم الدفع لا يختلف بقلة قيمته وكثرة قيمته إذا لم يجاوز عشرة آلاف درهم وان اختار
الفداء فإن كانت قيمته خمسة آلف فداه بالدية وجازت الهبة في جميعه لان مال الواهب
عند اختيار الفداء خمسة عشر ألفا العبد وقيمته خمسة آلاف والدية وهي عشرة آلاف فتبين
أن العبد خارج من ثلث ماله فلهذا جازت الهبة في جميعه فإن كانت قيمته ستة آلاف واختاره
الموهوب له رد إلى ورثة الواهب ربعه وجازت الهبة في ثلاثة أرباعه يفديه بثلاثة أرباع الدية
لان العبد في الأصل يكون على ثلاثة أسهم تنفذ الهبة في سهم ثم يفدى ذلك السهم بمثله ومثل
ثلثه لان الدية من قيمة العبد مثله ومثل ثلثه فإنما يفدى كل سهم من العبد بمثله ومثل ثلثه
ويزداد مال الواهب بذلك القدر فيطرح من أصل حق ورثة الواهب بسهم وثلثي سهم
يبقى لهم ثلث سهم وللموهوب له سهم فاجعل كل ثلاثة سهما فيصير العبد على أربعة ثلاثة
للموهوب له وسهم لورثة الواهب بنقض الهبة ثم يفدي الموهوب له هذه الثلاثة بمثله ومثل
ثلثه وذلك خمسة أسهم فيسلم لورثة الواهب ستة وقد نفذنا الهبة في ثلاثة فيستقيم الثلث والثلثان
ومحمد رحمه الله يذكر طريقة أخرى بعد هذا فيقول السبيل أن يجعل كل ألف على ثلاثة
أسهم فقيمة العبد تكون ثمانية عشر سهما والديه ثلاثون سهما ثم تجوز الهبة في ثلث العبد فيفديه
بثلث الدية وذلك عشرة زيادة تظهر في جانب ورثة الواهب فتطرح من أصل نصيبهم في
العبد وهو اثنا عشر عشرة يبقي حقهم في سهمين وحق الموهوب له في ستة فتبين أن العبد
كان على ثمانية فان الهبة إنما تجوز في ستة من ثمانية وهو ثلاثة أرباعه تخريجه من حيث الدراهم
50

أن قيمة ثلاثة أرباع العبد أربعة آلاف درهم وخمسمائة فإذا جوزنا الهبة في ثلاثة أرباعه وفداه
بثلاثة أرباع الدية فذلك سبعة آلاف وخمسمائة يسلم لورثة الواهب مع هذا ربع العبد وقيمته
ألف وخمسمائة فيكون جملة ما يسلم لهم تسعة آلاف وقد نفذنا الهبة في أربعة آلاف وخمسمائة
فاستقام وقع في بعض النسخ وقيل للموهوب له ادفع ثلاثة أرباعه أو افده بثلاثة أرباع الدية
وهذا غلط والصحيح انه عند الدفع يدفع العبد كله نصفه بالجناية ونصفه ببعض الهبة هكذا
ذكر في بعض نسخ هذا الكتاب وفى كتاب الدور أيضا فإن كانت قيمته ثمانية آلاف
واختار الموهوب له الفداء رد ثلاثة أسباعه إلى الورثة ويفدى أربعة أسباعه بأربعة أسباع الدية
لأنا نجوز الهبة في ثلث العبد سهما من ثلاثة ثم يفدى ذلك بسهم وربع لان الدية من القيمة
كذلك فيزداد مال الواهب بهذا القدر فيطرح من أصل حق ورثته سهم وربع يبقى لهم
ثلاثة أرباع سهم وللموهوب له سهم فقد انكسر بالأرباع فنضرب سهما وثلاثة أرباع في
أربعة فيكون سبعة للموهوب له أربعة ولورثة الواهب ثلاثة فتبين ان الهبة تبطل في ثلاثة
أسباع العبد وتكون في أربعة أسباعه ثم يفدى ذلك بمثله ومثل ربعه وهو خمسة أسهم فيحصل
لورثة الواهب ثمانية أسهم وقد نفذنا الهبة في أربعة فاستقام وعلى طريق الثاني يخرج مستقيما
على نحو ما بينا وكذلك طريق الحساب فان علي طريق الدينار والدرهم يعدى ما يجوز فيه الهبة
وهو الدينار بمثله ومثل ربعه وعلى طريق الجبر يفدى الشئ الذي تجوز فيه الهبة بشئ وربع
شئ ثم التخريج واضح عند التأمل وان كانت قيمته عشرة آلاف فلا فرق هنا بين اختيار
الدفع والفداء لان القيمة مثل الدية فيرد نصفه إلى الورثة بنقض الهبة ويدفع نصفه بالجناية
أو يفديه بنصف الدية وان كانت قيمته خمسة عشر ألفا رد أربعة أسباعه إلى الورثة وقيل له
ادفع ثلاثة أسباعه أو افدها بثلاثة أسباع الدية أما عند اختيار الفداء فالجواب صحيح لأنا نجوز
الهبة في سهم من ثلاثة ثم نفدى ذلك السهم بثلثي سهم لان الدية من القيمة مثل ثلثيه فيزداد
مال الواهب بذلك القدر فنطرح من أصل حق الورثة ثلثي سهم يبقي لهم سهم وثلث وللموهوب
له سهم فقد انكسر بالأثلاث فنضرب سهمين وثلثا في ثلاثة فيكون سبعة حق الورثة في
أربعة وحق الموهوب له في ثلاثة ثم نفدى هذه الثلاثة بسهمين من الدية فيسلم لورثة الواهب
ستة وقد نفذنا الهبة في ثلاثة فكان مستقيما وأما عند اختيار الدفع فما ذكره في المختصر غلط
والصحيح ما ذكره في بعض نسخ الأصل قال تدفعه على ما فسرت لك يعنى ان حكم الدفع
51

لا يختلف بقلة القيمة وكثرة القيمة فيدفع العبد كله نصفه بنقض الهبة ونصفه بالدفع بالجناية
وان كانت قيمته عشرين ألفا واختار الفداء رد ثلاثة أخماسه إلى الورثة وفدى خمسة بخمس
الدية لان الهبة تجوز في سهم من ثلاثة ثم يفدى ذلك بنصف سهم لان الدية من القيمة هكذا
فيزداد مال الواهب بنصف سهم فيطرح من أصل حق ورثته نصف سهم يبقى لهم سهم
ونصف للموهوب له سهم فأضعفه بالكسر بالنصف فيكون خمسة تبطل الهبة في ثلاثة أخماسه
وقيمة ذلك اثنا عشر ألفا وتجوز في خمسي قيمته ثمانية آلاف ثم يفديه بخمسي الدية وهو أربعة
آلاف يسلم لورثة الواهب ستة عشر ألفا وقد نفذنا الهبة في ثمانية آلاف فإن كانت قيمته
ثلاثين ألفا رد خمسة أثمان العبد على الورثة وفدى ثلاثة أثمانه بثلاثة أثمان الدية لان الهبة تجوز
في سهم من ثلاثة ثم يفدى ذلك السهم بثلث سهم لان الدية من القيمة هكذا فيزداد مال الواهب
بثلث سهم فإذا طرحنا ذلك من حق الورثة يتراجع العبد إلى ثلثين وسهمين فيضرب ذلك
في ثلاثة فيكون ثمانية للموهوب له ثلاثة ولورثة الواهب خمسة ثم يفدى هذه الثلاثة بمثل ثلاثة
وهو سهم له واحد فيسلم لورثة الواهب ستة وقد نفذنا الهبة في ثلاثة وان كانت قيمته خمسين
ألفا رد على الورثة أربعة أسباع ونصف سبع وتجوز الهبة في سبعين ونصف فيفدي ذلك بسبعي
الدية ونصف سبع لأنا جوزنا الهبة في سهم من ثلاثة ثم يفدى ذلك بخمس سهم فيزداد
مال الواهب بهذا القدر فإذا طرحنا ذلك من حق الورثة يتراجع العبد إلى سهمين وأربعة
أخماس فيضرب ذلك في خمسة فيكون أربعة عشر حق الورثة في تسعة وحق الموهوب له في
ستة وخمسة من أربعة عشر سبعان ونصف سبع ثم يفدى ذلك بمثل خمسة وهو سهم واحد
فيسلم للورثة عشرة وقد نفذنا الهبة في خمسة * وان كانت قيمته مائة ألف رد على الورثة تسعة
عشر جزأ من العبد ونفدى الباقي وهو عشرة أجزاء بعشرة أجزاء من تسعة وعشرين من الدية
لان الهبة إنما تجوز في سهم من ثلاثة ثم نفدى ذلك السهم بعشرة لان الدية من القيمة مثل
عشرة فإذا طرحنا عشر سهم من أصل حق الورثة يتراجع العبد إلى سهمين وتسعة أعشار
فيضرب ذلك في عشرة فيكون تسعة وعشرين حق الورثة تسعة عشر وحق الموهوب له عشرة
ثم تفدى هذه العشرة أسهم بسهم واحد فيسلم للورثة عشرون وقد نفذنا الهبة في عشرة
فيستقيم الثلث والثلثان فإن كانت قيمة العبد ستة آلاف فأعتقه الموهوب له بعد ما قتل الواهب
فإن كأن لا يعلم بالجناية فعلية قيمة وثلث لما بينا ان مال الواهب قيمتان في الحاصل فيسلم له
52

الثلث بالوصية وإن كان يعلم بالجناية فهو مختار للدية ضامن لقيمة العبد بحكم الهبة فتضم الدية
إلى القيمة فتكون ستة عشر ألفا هو مال الواهب فيسلم له من ذلك الثلث وهو خمسة آلاف
وثلث ألف ويؤدى إلى ورثة الواهب عشرة آلاف وثلثي ألف وإذا كانت قيمته تسعة آلاف
فأعتقه وهو يعلم غرم ثلثي الدية وثلثي القيمة وهو ما بينا انه يضم الدية إلى قيمة العبد فيكون
تسعة عشرة ألفا يسلم له من ذلك الثلث وهو ستة آلاف وثلث ألف ويغرم اثنى عشر ألفا
وثلث ألف وذلك ثلث القيمة ستة آلاف وثلث ألف وثلث الدية ستة آلاف وثلث ألف
وان كانت قيمته عشرة آلاف أو أكثر فأعتقه وهو يعلم أو لا يعلم فهو سواء وهو ضامن لثلثي
الدية وثلثي القيمة كما بينا الا انه ان كأن لا يعلم رفعنا عنه ثلثي عشرة دراهم من ثلثي الدية لان
قيمة العبد بسبب الجناية مقدرة بعشرة آلاف الا عشرة (ألا ترى) انه لو كان مجنيا عليه
كانت هذه قيمته في الجناية فكذلك إذا كان جانيا وإذا وهب المريض عبده لرجل وقيمته
عشرة آلاف ولا مال له غيره ثم إن العبد والموهوب له قتلا المولى فان الهبة تبطل ويرد
العبد إلى ورثة المولى لان الموهوب له قاتل ولا وصية للقاتل فيرد العبد كله بنقض الهبة
ويغرم الموهوب له خمسة آلاف درهم لأنه جنى على نصفه فيغرم نصف الدية ولو كان العبد
وأجنبي قتلا المولى فعلي الأجنبي خمسة آلاف لأنه جنى على نصفه وتجوز الهبة في ثلاثة أخماس
العبد فيرد الموهوب له خمسي العبد بنقض الهبة ويفدى ثلاثة أخماسه بثلاثة أخماس نصف
الدية إذا اختار الفداء لان مال المولى خمسة عشر ألفا فان قيمة العبد عشرة آلاف والدية
الواجبة على الأجنبي خمسة آلاف فذلك خمسة عشر ألفا بعد طرح سهم الدور من جانب
المولى هذه الخمسة عشر ألفا تكون على خمسة أسهم فإنما تجوز الهبة في جميعها وهو ستة آلاف
مقدارها من العبد ثلاثة أخماسه فعرفنا ان الهبة تجوز في ثلاثة أخماس العبد ويرد الخمس
بنقض الهبة قيمة ذلك أربعة آلاف ويفدى بثلاثة أخماسه نصف الدية لان العبد إنما
جنى على نصف النفس وثلاثة أخماس الدية ثلاثة آلاف فإذا جمعت ما وصل إلى ورثة
الواهب كان اثنى عشر ألفا وقد نفذنا الهبة في ستة آلاف فيستقيم الثلث والثلثان وان اختار
الدفع رد ربعه بنقض الهبة وتجوز الهبة في ثلاثة أرباعه لان مال الميت خمسة عشر ألفا كما
بينا وعند اختيار الدفع إنما تجوز الهبة في نصف ذلك على ما بينا ان الهبة تجوز في سهم من
ثلاثة ثم يدفع ذلك السهم بالجناية فيزداد مال الواهب بسهم فتطرح من أصل حق الورثة سهما
53

يبقى لهم سهم وللموهوب له سهم فعرفنا ان الهبة إنما تصح في نصف ماله وذلك سبعة آلاف
وخمسمائة وذلك من العبد ثلاثة أرباعه فيرد ربع العبد بنقض الهبة وقيمته ألفان وخمسمائة
ويدفع ثلاثة أرباعه بالجناية فيحصل في يد الورثة العبد وقيمته عشرة آلاف ونصف الدية التي
أخذوها من الأجنبي وذلك خمسة عشر ألفا وقد نفذنا الهبة في سبعة آلاف وخمسمائة
فاستقام الثلث والثلثان والله أعلم بالصواب
باب السلم في المرض وبيع المكيل بمثله من المكيل ووزنه بمحاباة
(قال رحمه الله)
اعلم أن بناء هذا الباب على الأصل الذي بينا ان المحاباة في الأصل بمنزلة
المحاباة في المال في الاعتبار من الثلث فان المال مقدم على الأصل في تنفيذ المحاباة فيه من
الثلث فنقول إذا أسلم المريض ثوبا يساوى عشرة دراهم في كر حنطة يساوى عشرة إلى
أجل ودفع إليه الثوب ثم مات قبل أن يحل السلم ولا مال له غيره ذلك فإن شاء المسلم إليه
عجل ثلثي الكر وان شاء نقض السلم لأنه حاباه بالأجل في جميع ماله وثبوت الخيار له لتغير شرط
العقد عليه فإن كان الثوب يساوى عشرين درهما ان شاء نقض السلم وان شاء أدي الكر
ورد سدس الثوب لان المحاباة بالمال هنا جاوزت الثلث فلا يظهر حكم المحاباة بالأجل وإنما
يسلم له من المحاباة بقدر ثلث ماله وذلك ستون وثلثان فيرد الكر حالا ويرد سدس الثوب
حتى يسلم للوارث ثلاثة عشر وثلث وقد نفذنا المحاباة في مثل نصفه تصفه وما يرد من الثوب
يكون حظا من رأس المال وذلك مستقيم في السلم وإن كان قيمة الثوب ثلاثين درهما رد
ثلث الثوب لأنه حاباه بقدر العشرين وثلث ماله عشرة فيرد ما زاد على ذلك من الثوب حتى
يسلم للورثة كرا يساوى عشرة وثلث الثوب وقيمته عشرة مثل ما نفذنا فيه المحاباة ولو أسلم
عشرة دراهم وثوبا يساوى عشرة في كر حنطة يساوى عشرة ثم مات ولا مال له غير ذلك
فإن شاء المسلم إليه نقض السلم وان شاء أدى الكر ورد سدس الثوب وسدس العشرة فذلك
القدر مما زاد على الثلث وليس تنفيذ المحاباة له من أحد المالين بأولى من الاخر فإنما يرد السدس
منهما من الكر حتى يسلم للوارث ثلاثة عشر وثلث وقد نفذنا المحاباة له في ستة وثلاثين * ولو
كان أسلم ثوبا يساوى عشرة دراهم في كر حنطة يساوي عشرة دراهم رد
ثلث الثوب وثلث العشرة لأنه حاباه بقدر عشرين وثلث ماله عشرة فيسلم له ذلك منهما ويرد
54

ما زاد على الثلث سهما ولو أسلم ثوبين قيمة أحدهما ثلاثون وقيمة الآخر خمسة عشر في كر
يساوى خمسة عشر درهما أدى الكر كله ورد ثلث الثوبين لأنه حاباه بقدر ثلاثين درهما فإنما
يسلم له بقدر ثلث ماله وذلك خمسة عشر من الثوبين جميعا ويرد ما زاد على الثلث من الثوبين
وان شاء نقض السلم وأصل ذلك أن ينظر إلى قيمة الثوبين والى قيمة السلم فيعطى السلم إليه
قيمة السلم وثلث ما ترك الميت محاباة له ويرد ما بقي من السلم وكذلك سائر ما يسلم فيه وكذلك
الصرف في جميع ذلك الا في الجنس بجنسه فإنه شيئا من هذا وفى الأصل استكثر من هذا
الجنس من المسائل والكل يخرج على ما بينا والله أعلم
باب الإقالة في السلم والبيع في المرض
(قال رحمه الله) وإذا أسلم المريض عشرة دراهم في كر حنطة يساوي عشرة ثم أقاله
السلم وقبض منه الدراهم فهو جائز لأنه ما حاباه بشئ فإنه أعاد الكر بالإقالة واسترد منه العشرة
التي بمقابلته وهما في المالية سواء والإقالة بمنزلة البيع وكما أن البيع الذي لا محاباة فيه نافذ
من المريض فكذلك الإقالة * ولو كانت قيمة الكر ثلاثين درهما ولا مال له غير ذلك ثم مات
فإن كان له مال يكون ثلثه بقدر عشرين أو أكثر جازت الإقالة لان المحاباة تخرج من ثلث
ماله وإن لم يكن له مال سواه جازت الإقالة في نصف الكر ويقال للمسلم إليه أد إلى الورثة
نصف الكر ورد عليهم نصف رأس المال لأنه حاباه بقدر العشرين درهما فإنه أخرج بالإقالة
من ملكه جزأ يساوى ثلاثين بعشرة دراهم والإقالة في هذا كالبيع فلا يمكن تصحيح المحاباة
له فيما زاد على الثلث ولا يمكن أن يؤمر بأداء ما زاد على الثلث من المحاباة لان الإقالة قبل
القبض فسخ فلا يمكن أن يثبت فيه ما لم يكن ثابتا في أصل العقد لان الفسخ رفع العقد وإنما
يرفع الشئ في المحل الوارد عليه لامن محل آخر ولا يمكن ابطال في الكل لأنها نفذت من
المريض في مقدار الخارج من الثلث وإقالة السلم لا تحتمل الفسخ لان بالإقالة يسقط طعام
السلم والمسقط يكون متلاشيا وفسخ الإقالة إنما يصح في القائم دون المتلاشى فعرفنا أن الإقالة
جازت في البعض دون البعض فاحتجنا إلى معرفة مقدار ما جازت الإقالة فيه فنقول المحاباة
بقدر عشرين وثلث ماله عشره ولو كانت ثلث ماله نصف المحاباة قلنا تجوز الإقالة في نصف
الكر ويسلم للوارث نصف كر قيمته خمسة عشر ونصف رأس المال وهو خمسة دراهم فذلك
55

عشرون فيسلم للمسلم إليه نصف كر قيمته خمسة عشر بخمسة فتسلم له المحاباة بقدر العشرة وعلى
طريق الجبر تجوز الإقالة في شئ من الكر بثلث شئ لان رأس المال بقدر الثلث من السلم
فيبقى للورثة كر الا ثلثي شئ يعدل ذلك شيئا وثلثا لأنا نفذنا المحاباة في ثلثي شئ فحاجة الورثة
إلى ضعف ذلك فاجبر الكر بثلث شئ وزد على ما يعدله مثله فظهر أن الكر يعدل شيئين وقد
جوزنا الإقالة في شئ وذلك نصف الكر في المعنى ولو أسلم عشرين درهما في كر يساوي
ثلاثين درهما ثم أقاله في شئ وذلك نصف الكر في المعنى ولو أسلم عشرين درهما في كر
يساوي ثلاثين في مرضه ومات فالاقالة جائزة لان المحاباة بقدر عشرة وهو مقدار الثلث
من ماله * ولو أسلم عشرة في كر يساوى عشرين درهما ثم أقاله في مرضه ومات فالاقالة
جائزة لان المحاباة بقدر عشرة وهو مقدار الثلث من ماله ولو أسلم عشرة في كر يساوى
عشرين درهما ثم أقاله في مرضه ثم مات جازت الإقالة في ثلثي الكر ويقال للمسلم إليه أد ثلث
الكر ورد عليهم ثلثي رأس المال لأنه حاباه بقدر عشرة دراهم وثلث ماله ستة وثلثان لان
جميع ماله عشرون فإنما يجوز الإقالة في مقدار الثلث وذلك قدر ثلثي المحاباة فلذا جازت الإقالة
في ثلثي الكر ويرد على الورثة ثلثي رأس المال ستة وثلثين وثلث كر قيمته ستة وثلثان ويسلم
للوارث ثلاثة عشر وثلث وسلم للمسلم إليه ثلثا كر قيمته ثلاثة عشر وثلث بستة دراهم وثلاثين
فعرفنا أنه سلم من المحاباة بقدر ثلث المال وعلى طريق الجبر تجوز الإقالة في شئ من الكر
بنصف شئ لان رأس المال من المسلم إليه فيه مثل نصفه فيحصل في يد الورثة كر الا نصف شئ
وحاجتهم إلى شئ فيجبر الكر بنصف شئ ويزيد علي ما يقايله مثله فظهر أن الكر يعدله شئ
ونصف شئ وانا حين جوزنا الإقالة في ذلك كان ذلك بمعنى ثلثي الكر * ولو أسلم عشرة دراهم
في كر يساوى ثلاثين درهما ثم أقاله في مرضه وقبض منه العشرة فاستهلكها ثم مات ولا مال
له غيرها جازت الإقالة في ثلثي الكر ويقال للمسلم إليه أد إلى الورثة ثلثي الكر وارجع عليهم
بثلثي العشرة التي كنت أعطيتها الميت لأنه حاباه في الإقالة بقدر عشرين وماله عند لموت
عشرون فان ما استهلكه لا يكون محسوبا من ماله بل ذلك في حكم الدين عليه إذا لم يجز الإقالة
فثلث ماله ستة وثلثان والمحاباة إنما تجوز بقدر ثلث ماله وذلك الثلث من جملة ما حاباه فباعتباره
جازت الإقالة في ثلث الكر ويؤدى المسلم إليه إلى الورثة ثلثي كر قيمته عشرون درهما ويرجع
عليهم بثلثي العشرة حصة ما بطلت فيه الإقالة فيعطونه ذلك مما أخذوا من الطعام يبقى لهم ثلاثة
56

عشر وثلث وقد سلم للمسلم إليه ثلث كر قيمته عشرة بثلاثة دراهم وثلث فعرفنا انه قد سلم له
من المحاباة بقدر ثلث ماله * وعلى طريق الجبر فيه نقول الإقالة تصح في شئ من الكر ثم على
الوارث أن يقضى المسلم إليه بثلث ذلك وهو حصته من رأس المال فيدفع ثلث كر الا ثلث شئ
يبقى في يد الوارث ثلثا شئ وذلك يعدل شيئا وثلثا فاجبر ثلثي كر بثلثي شئ وزد على ما يعدله
مثله فظهر أن ثلثي الكر يعدل شيئين فالكر الكامل يعدل ثلاثة أشياء وقد جوزنا الإقالة في
شئ من ذلك فذلك بمعنى ثلثي الكر ثم التخريج كما بينا * ولو أسلم عشرين درهما في كر يساوى
خمسين درهما ثم أقاله المسلم وهو مريض ثم مات ولا مال له غيره جازت الإقالة في خمسة
أتساع الكر ويقال للمسلم إليه أد إلى الورثة أربعة أتساع الكر وخمسة أتساع رأس المال لأنه
حاباه بقدر ثلاثين درهما وثلث ماله ستة عشر وثلثان لان جميع المال خمسون فننظر إلى ثلث
ماله كم هو من مقدار المحاباة وطريق معرفته أن تجعل كل ثلاثة وثلث درهم سهما وجملة المحاباة
تسعة دراهم وستة عشر وثلثان تكون خمسة فعرفنا أن ثلث ماله من جملة المحاباة خمسة أتساع
وصحة الإقالة باعتبار خروجه من الثلث فإنما تصح الإقالة في خمسة أتساع الكر ويقال للمسلم
إليه أد إلى الورثة أربعة أتساع الكر وقيمة ذلك اثنان وعشرون وتسعان وخمسة أتساع رأس
المال مقدار ذلك أحد عشر وتسع فيسلم للورثة ثلاثة وثلاثون وثلث مقدار ثلثي المال ويكون
في يد المسلم إليه خمسة أتساع الكر قيمته سبعة وعشرون وسبعة أتساع درهم بأخذ أحد عشر
درهما وتسع الذي أعطى الورثة من رأس المال فيبقي ستة عشر وثلثان محاباة له وهو ثلث ما
ترك الميت * وعلى طريق الجبر تصح الإقالة في شئ من الكر بخمسي شئ لان رأس المال من قيمة
الكر كذلك فيبقى في يد الوارث كر الا ثلاثة أخماس شئ وذلك يعدل شيئا وخمس شئ فأجبر
الكر بثلاثة أخماس شئ وزد على ما يعدله مثله فظهر أن الكر يعدل شيئا وأربعة أخماس شئ
وقد جوزنا الإقالة في شئ وشئ من شئ وأربعة أخماس شئ يكون خمسة أتساع فظهر أن
الإقالة إنما جازت في خمسة أتساع الكر وهذا كله إذا كانت الإقالة قبل قبض الكر فإن كانت
الإقالة بعد قبض الكر فالعمل فيه كما وصفنا في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لان الإقالة
عندهما بعد القبض فسخ كما قبله فلا تجوز بأكثر من رأس المال وأما في قول أبى يوسف
رحمه الله فالاقالة بعد القبض بمنزلة البيع المستقبل فإن كان رأس المال عشرة دراهم وقيمة الكر
ثلاثون وتقابضا ثم أقاله إياه في مرضه وقبض منه الدراهم ودفع إليه الكر قيل للمسلم إليه
57

أنت باختيار فإن شئت أد إلى الورثة عشرة دراهم أخرى وإن شئت فرد الكر وخذ دراهمك
لان الإقالة عنده لما كانت بمنزلة البيع أمكن اثبات الزيادة في البدل منه فيكون هذا وأما لو باع
المريض كرا يساوى ثلاثين درهما بعشرة سواه فهناك يخير المشترى بين أن يؤدى عشرة
أخرى حتى تسلم له المحاباة بقدر ثلث المال وبين أن يفسخ البيع ويرد المبيع فهنا أيضا يخير المسلم
إليه بين أن يرد الكر ويأخذ دراهمه وبين أن يؤدى ما زاد على الثلث من المحاباة وإنما ننظر
إلى قيمة السلم إذا كانت فيه محاباة في جميع ذلك يوم يختصمون وقول أبى يوسف رحمه الله مفسرا
بهذه الصفة لم يذكره في الكتب سوى في هذا الموضع * وإذا اشترى الرجل عبدا بخمسين
درهما وقيمته مائة درهم فلم ينقد الثمن ولم يقبض العبد وليس له مال غير خمسين ثم مرض
المشترى فاقاله البائع ثم مات فإنه يخير البائع فإن شاء سلم العبد وأخذ خمسين وان شاء سلم
ثلثي العبد وأخذ منه ستة عشر درهما وثلثي درهم لان المشترى حاباه بقدر نصف ماله فلا يسلم
له من المحاباة الا مقدار الثلث غير أن إقالة البيع محتملة للفسخ بخلاف إقالة السلم لان البيع قائم
بعد الإقالة ولهذا إذا اختلفا في رأس المال بعد الإقالة تحالفا في البيع وترادا الإقالة وفى السلم
لا يتحالفان فلكون الإقالة بغرض الفسخ هنا أثبتنا الخيار للبائع لأنه تعين عليه شرط الإقالة
فإن شاء سلم العبد وأخذ الخمسين بطريق فسخ الإقالة وان شاء سلم ثلثي العبد وتصح الإقالة
في ثلث العبد فيأخذ منهم ثلث الثمن ستة عشر وثلثين ويحصل في يد الورثة من الثمن ثلاثة
وثلاثون وثلث وقيمته مثل ذلك فذلك ستة وستون وثلثان وقد سلم للبائع ثلث العبد قيمته
ستة وستون وثلثان بثلاثة وثلاثين وثلث فيكون السالم له من المحاباة بقدر ثلاثة وثلاثين وثلث
مثل نصف ما سلم للورثة والله أعلم بالصواب
باب السلم في المرض وله على الناس ديون
(قال رحمه الله) وإذا أسلم الرجل في مرضه ثلاثين درهما في كر يساوى عشرة دراهم
وقبض ولا مال له من العين غيرها وله على الناس دين كثير ثم مات فالمسلم إليه بالخيار ان
شاء رد الثلاثين درهما ونقض السلم وان شاء أدى الكر ورد من رأس المال عشرة دراهم
لان عقد السلم يحتمل الفسخ فيثبت الخيار هنا للمسلم إليه لتعين شرط العقد عليه فإن شاء
فسخ السلم ورد المقبوض من رأس المال لان الوصية بالمحاباة كانت في ضمن البيع فلا تبقى
58

بعد فسخ البيع وان شاء أمضى العقد وأدى الكر في الحال لان المحاباة بالثلث بالمال جاوزت
الثلث فلا يسلم له شئ من الاجل ولكن يؤدى الكر كله ويرد من رأس المال ما زاد على الثلث
ماله من المحاباة وذلك عشرة دراهم ويكون هذا بمنزلة حظ بعض رأس المال وعقد السلم يحتمل
ذلك فان اقتضوا الدين بعدما اختصموا وقضى القاضي بينهم بهذا وفسخ السلم لم يرد على
المسلم إليه شئ لان الدين الذي للميت على الناس لا يكون محسوبا من ماله ما لم يخرج فان
بدا الوارث لا يصل إليه وإذا لم يحتسب به بعد قضاء القاضي بينهم يفسخ السلم ان اختار المسلم
إليه ذلك وفسخ السلم لا يحتمل النقض فلهذا لا يعاد بخروج الدين وكذلك أن اختار رد عشرة
من رأس المال لان ذلك القدر يخرج من أن يكون رأس المال وينتقض القبض فيه من الأصل
فلا يعود بعد ذلك وان اقتضوا الدين قبل أن يختصموا أسلم للمسلم إليه إلى أجله وجازت له
المحاباة لان المحاباة بالمال والأجل تخرج من الثلث حين وصل إلى يد الوارث ضعف ذلك
من مال الميت ولو أسلم عشرين درهما في مرضه في كر يساوي عشرة ونقد الدراهم ثم مات
وله على الناس دين فاقتضي الورثة بعد موته عشرة دراهم قبل أن يختصموا فالسلم جائز لأنه
حاباه من المال بقدر عشرة وهي تخرج من ثلاثة فيقال للمسلم إليه أد إلى الورثة الكر
وقيمته عشرة فيكون في أيديهم عشرون وهي ثلثا ما ترك الميت من العين فيكون في يد
المسلم إليه عشرون درهما عشرة قيمة الكر الذي أدى وعشرة محاباة ولو كان رأس المال
ثلاثين درهما والمقبوض من الدين بعد موته عشرون درهما فالمسلم إليه بالخيار ان شاء نقض
السلم ورد الدراهم وان شاء أدى الكر حالا ورد من رأس المال ثلاثة دراهم وثلثا لأنه
حاباه بقدر عشرين درهما وثلث ما تعين من المال ستة وعشرون وثلثان وإنما يسلم له من
المحاباة ذلك القدر ورد ما زاد على ذلك وهو ثلاثة دراهم وثلث وان شاء نقص السلم لأنه تغير
عليه شرط عقده وإذا اختار النقض بطلت الوصية بالمحاباة فيرد جميع ما قبض من الدراهم
والله أعلم بالثواب
باب بيع المكيل بمثله من المكيل
(قال رحمه الله) وإذا باع الرجل في مرضه كر تمر فادي قيمته ثلاثين درهما بكر دقل
قيمته عشرة دراهم ثم مات البائع وليس له مال غيره فالمشترى بالخيار ان شاء نقض البيع وأخذ
59

كره لتغير شرط العقد عليه حين لم تخرج المحاباة من ثلث ماله وان شاء أخذ نصف الكر
الفارسي بنصف الدقل ورد نصف الكر الفارسي لان المحاباة حصلت بقدر ثلثي ماله ولا يمكن
إزالة المحاباة بزيادة الدراهم لان ذلك ربما كان في بيع المكيل بمكيل من جنسه والفضل ربا
فينظر إلى ثلث ماله كم هو من جملة المحاباة فيجوز في البيع بقدره لأنه لو كانت المحاباة بقدر
الثلث جاز البيع في الكل وهنا الثلث مثل نصف المحاباة فيجوز البيع في نصف الكر فيرد على
الوارث نصف كر قيمته خمسة عشر ونصف كر دقل قيمته خمسة ويسلم للمشترى نصف كر
فارسي قيمته خمسة عشر بنصف كر دقل قيمته خمسة فيحصل تنفيذ الوصية له في ثلث ماله وان
باعه كرا قيمته ستون بكر حشف قيمته عشرة دراهم فان البيع يجوز في خمس الكر لأنه
حاباه بقدر خمسين وثلث ماله وعشرون فكان الثلث بقدر خمسي المحاباة فيرد على الورثة ثلاثة
أخماس الفارسي وقيمته ستة وثلاثون وخمسا الحشف وقيمته أربعة فذلك ثلثا تركة الميت ولو
باعه كرا قيمته خمسون يكر قيمته عشرون جاز البيع في خمسة اتساع الكر لأنه حاباه بقدر
ثلاثين وثلث ماله ستة عشر وثلثان وذلك خمسة اتساع الكر لأنه حاباه كل ثلاثة وثلث
سهما فيرد على الورثة أربعة اتساع الكر الجيد وخمسة اتساع الكر الردئ فان اعتبرت
قيمتها فهي ثلثا تركة الميتة يسلم لورثته ويحصل تنفيذ الوصية في ثلث ماله وهذا بمنزلة إقالة
السلم في جميع ما ذكرنا والله أعلم بالصواب
باب العفو عن الجناية في المرض
(قال رحمه الله) وإذا جرح رجلا حرا خطأ فمات الحر منها وقد عفى عن هذا
الدم في مرضه وليس له مال وقيمة العبد ألف درهم قيل لمولاه أتدفع أو تفدى فان اختار
الدفع دفع ثلثه لان العبد صار مستحقا بجنايته ولا مال للعافي غيره والعفو وصية منه لمولاه
لان الاستحقاق مال على المولى فيجوز في ثلاثة وان اختار الفداء جاز العفو في خمسة أسداس
العبد ويفدى سدسه بسدس الدية لأنه يمكن تصحيح العفو في جميعه فإنه لا يسلم لورثته شئ
من المال إذا صححنا العفو في جميعه ولا يمكن ابطاله في الكل لأنه يفديه حينئذ بعشرة آلاف
فيكون العبد خارجا من ثلثه وزيادة فعرفنا ان صحة العفو هنا في البعض وطريق معرفة ذلك أنه
لو كان للميت ألفا درهم ضعف قيمة ذلك العبد لكان العفو يجوز في جميعه فالسبيل أن
60

نضم نصف القيمة إلى الدية ثم نبطل من العفو حصة ضعف القيمة من الجملة لان بطلان
العفو باعتبار انا لم نجد ذلك القدر وضعف القيمة ألفا درهم فإذا ضممته إلي الدية كانا اثنا عشر
ألفا ضعف القيمة من الجملة هو السدس فلهذا جازت الهبة في خمسة أسداس العبد وبطلت في
السدس فيفديه بسدس الدية وذلك ألف وثلثا ألف فيسلم ذلك للورثة وقد نفذنا العفو في
نصف ذلك وهو خمسة أسداس العبد قيمته ثمانمائة درهم وثلاثة وثلاثون وثلث * وعلى طريق
الجبر يجوز العفو في شئ من العبد ثم يفدى ما بقي منه وهو عبد الا شئ بعشرة أمثاله لان
الدية من القيمة هكذا فيصير في يد الوارث عشرة أموال الا عشرة أشياء تعدل شيئين لأنا
جوزنا العفو في شئ وحاجة الورثة إلى شيئين فتجبر الأموال بعشرة أشياء ويزيد على ما نفذ
مثلها فكانت عشرة أموال تعدل اثنى عشر شيئا فالمال الواحد يعدل شيئا وخمسا فانكسر
بالأخماس فاضرب شيئا وخمسا في خمسة فيكون ستة فظهر ان المال الكامل ستة وقد جوزنا
العفو في شئ فضربنا كل شئ في خمسة فتبين ان العفو إنما جاز في خمسة أسداس العبد وان
كانت قيمته ألفين واختار الفداء فدى سبعة بسبعي الدية لأنا نأخذ ضعف قيمة العبد وهي أربعة
آلاف فنضمه إلى الدية فيكون أربعة عشر ألفا ثم ننظر إلى ضعف القيمة كم هو من الجملة
فنبطل الهبة بقدره وذلك سبعاه فتجوز الهبة في خمسة أسباع العبد وتبطل في السبعين
فنفديه بسبعي الدية مقداره ألفان وثمانمائة وسبعة وسبعون وسبع وقد نفذنا الهبة في خمسة
أسباع العبد قيمته ألف وأربعة وثمانية وعشرون وثلاثة أسباع مثل نصف ما سلم للورثة
وعلى طريق الجبر تأخذ مالا مجهولا فيجوز العفو في شئ منه ويبطل في مال الأشياء ثم
تفديه بخمسة أمثاله فيحصل في يد الورثة خمسة أموال الا خمسة أشياء يعدل ذلك شيئين
فأجبره بخمسة أشياء وزد علي ما يعدله مثله فصار خمسة أموال تعدل سبعة أشياء والمال الواحد
يعدل شيئا وخمسي شئ فاضرب ذلك في خمسة حتى يتبين ان المال الكامل يعدل سبعة أشياء
وقد جوزنا العفو في شئ وضربنا كل شئ في خمسة فذلك خمسة أسباع العبد فإن كان قيمة
العبد ألفا وعلى المقتول دين ألف فالسبيل فيه إذا اختار الفداء ان يضم نصف القيمة إلى
الدية فيكون اثنى عشر ألفا ثم يبطل العفو بحصة نصف القيمة وحصة الدين وذلك ثلاثة
من اثنى عشر فعرفنا ان العفو إنما بطل في الربع فنفديه بربع الدية الفين وخمسمائة فنقضي
به الدين ألف درهم وشئ للورثة ألف وخمسمائة وقد أجزنا العفو في ثلاثة أرباع العبد قيمته
61

سبعمائة وخمسون فاستقام الثلث والثلثان وعلى طريق الجبر نجوز العفو في شئ ونبطله في عبد
الا شئ ثم نفدى ذلك بعشرة أمثاله وذلك عشرة أموال الا عشرة أشياء ثم يقضى الدين بمال
كامل لان الدين ألف درهم وقد جعلنا العبد وقيمته ألف مالا كاملا فيبقى في يد الورثة تسعة
أموال الا عشرة أشياء يعدل ذلك شيئين وبعد الجبر والمقابلة تكون تسعة أموال تعدل اثنى
عشر شيئا فالمال الواحد يعدل شيئا وثلثا فقد انكسر بالأثلاث فاضرب شيئا وثلثا في ثلاثة
فيكون أربعة وقد جوزنا العفو في شئ وضربنا كل شئ في ثلاثة وثلاثة من أربعة بثلاثة
أرباعه فصح ان العفو إنما صح في ثلاثة أرباع العبد ولو لم يكن على الميت دين وكان له ألف درهم
موضوعة فدى نصف سدس العبد بنصف سدس الدية لأنك تأخذ نصف القيمة فتضمه
إلى الدية فيجوز العفو بحصة الدية وخمسة أسداس وبحصة الألف الموضوع وذلك نصف
سدس فإنما تبطل الهبة في نصف سدس العبد فيفديه بنصف سدس الدية وذلك ثمانمائة
وثلاثة وثلاثون وثلث فحصل للورثة هذا مع الألف وقد نفذنا الهبة في خمسة أسداس العبد
نصف سدسه قيمة ذلك تسعمائة وستة عشر وثلثان فاستقام الثلث والثلثان وعلى طريق الجبر
نجوز العفو في شئ ونبطله في عبدا لا شئ فنفديه بعشرة أمثاله وذلك عشرة أموال الا عشرة
أشياء تعدل شيئين وبعد الجبر والمقابلة أحد عشر مالا يعدل اثنى عشر شيئا فالمال الواحد يعدل
شيئا وجزأ من أحد عشر جزأ من شئ فاضربه في أحد عشر فظهر ان المال الكامل يعدل اثنى
عشر وقد جوزنا العفو في شئ وضربنا كل شئ في أحد عشر فتبين ان العفو إنما جاز في أحد
عشر جزأ من اثنى عشر جزأ من العبد وذلك خمسة أسداسه ونصف سدسه والله أعلم بالصواب
باب قتل العبد الموهوب له والواهب أو غيره
(قال رحمه الله) رجل له عبدان قيمة كل واحد منهما عشرة آلاف فوهب أحدهما
لرجل في مرضه وقبضه ولا مال له غيرهما ثم إن العبد الموهوب قتل الواهب فالهبة جائزة
في جميع العبد ويقال له ان ادفعه كله أو افده لان العبد كله يخرج من ثلثه فان ماله في الأصل
على ثلاثة تجوز الهبة في سهم ثم يدفع ذلك أو يفديه بمثله لان الدية والقيمة سواء فيزداد في
نصيب الورثة سهم وهو الدائر فنطرحه من أصل حق الورثة فيبقى لهم سهم وللموهوب له سهم
فعرفنا ان الهبة إنما تجوز في سهم من سهمين وهو العبد الموهوب كله فان قيمة العبدين سواء
62

ثم يدفعه بالجناية أو يفديه بعشرة آلاف فيسلم للورثة عشرون ألفا وقد نفذنا الهبة في عشرة
آلاف فاستقام الثلث والثلثان وصار في المعنى كأن الميت ترك ثلاثة أعبد لان المدفوع بالجناية
من جملة تركته فتبين ان الموهوب خارج من ثلثه فإن كان وهب الآخر لرجل آخر أيضا
فإنه يرد ثلاثة أخماس العبد القاتل إلى الورثة وهو ثلاثة أخماس العبد الآخر نقضا للهبة ويقال
لمولى القاتل ادفع خمسة أو افده بخمسي الدية لان الثلث بين الموهوب لهما نصفان على سهمين
والثلثان أربعة ثم إن مولى القاتل يدفع سهمه أو يفديه بمثله فيحصل في يد الورثة خمسة فيطرح
السهم الدائر من أصل حقهم يبقى حقهم في ثلاثة وحق الموهوب لهما في سهمين فذلك خمسة
ثم يدفع مولى القاتل نصيبه أو يفديه بسهم فيسلم للورثة أربعة وقد نفذنا الهبة في سهمين
فاستقام فتبين ان الهبة إنما جازت لكل واحد منهما في خمسي عبده وذلك أربعة آلاف وبطلت
في ثلاثة أخماس كل واحد منهما فيكون ذلك اثنى عشر ألفا ثم دفع الموهوب له نصيبه أو فداه
بخمسي الدية فيصير في يد الورثة ستة عشر ألفا وقد نفذنا الهبة لهما في ثمانية آلاف وعلى طريق
الجبر تأخذ مالا مجهولا فتجوز الهبة لهما في شئ ثم إن مولى القائل يدفع نصيبه أو يفديه بمثله
وذلك نصف شئ فيحصل في يد الورثة مال الا نصف شئ يعدل شيئين وبعد الجبر والمقابلة
يعدل شيئين ونصفا إنما جوزنا الهبة في شئ وشئ من شيئين ونصف خمساه فعرفنا أن الهبة إنما
جازت لكل واحد منهما في خمسي عبده * ولو كان أحد العبدين وأجنبي قتلا الواهب غرم
الأجنبي خمسة آلاف لأنه أتلف نصف النفس بجنايته ويقال لمولى العبد القاتل أتدفع أم تفدى
فان اختار الفداء كان لكل واحد منهما خمسة أجزاء من أحد عشر جزأ من العبد الذي في
يده ورد البقية بنقص الهبة ويقال لمولى القاتل افد ما جاز لك فيه الهبة بخمسة اجزاء من أحد
عشر جزأ من نصف الدية لان مال الميت خمسة وعشرون ألفا العبدان ونصف الدية وإنما تجوز
الهبة لهما في ثلثه وذلك الثلث بينهما نصفان على سهمين ثم إن مولى القاتل يفدى سهمه بنصف
سهم لان عبده إنما جنى على نصف النفس فحصته من الدية مثل نصف قيمته فالسبيل أن نضعفه
للكسر بالانصاف فيصير على اثنى عشر سهما لكل واحد من الموهوب لهما سهمان وللورثة
ثمانية ثم يفدى الموهوب له سهمه بسهم من الدية وهذا السهم هو الدائر فنطرحه من أصل
حق الورثة يبقي حقهم في سبعة وحق الموهوب لهما في أربعة فذلك أحد عشر ثم مولى القاتل
يفدى بسهم فيحصل في يد الورثة ثمانية وقد نفذنا الهبة لهما في أربعة فاستقام الثلث والثلثان *
63

إذا عرفنا هذا فنقول السبيل أن نضرب أحد عشر في خمسة وعشرين فيكون مائتين وخمسة
وسبعين وإنما جوزنا الهبة لكل واحد منهما في سهمين من أحد عشر وقد ضربنا ذلك في خمسة
وعشرين فعرفنا أن الهبة إنما جازت لكل واحد منهما في خمسين وذلك خمسة أجزاء من
أحد عشر جزأ من عبده لان جملة ماله لما صار على مائتين وخمسة وسبعين فكل عبد يكون مائة
وعشرين ونصف الدية خمسة وخمسون من مائة وعشرة يكون خمسة أجزاء من أحد عشر
جزأ فتبين تخريج المسألة * وان اختار الدفع جازت الهبة لكل واحد منهما في نصف العبد
ورد النصف بنقص الهبة ويدفع مولى الجاني النصف بالجناية لما بينا أن جملة ماله خمسة
وعشرون ألفا وقد انقسم ذلك بعد طرح سهم الدور بين الورثة والموهوب لهما على خمسة
لكل واحد من الموهوب لهما خمس ذلك وذلك خمسة آلاف وهو قيمة نصف العبد الذي
وهب له فتبين أن الهبة تبطل في نصف قيمة كل عبد فيحصل في يد الورثة خمسة عشر ألفا ثم
يدفع مولى القاتل نصف العبد بالجناية فيسلم للورثة عشرون ألفا وقد نفذنا الهبة لهما في عشرة
آلاف فاستقام الثلث والثلثان فإذا كان لرجل عبد قيمته عشرة آلاف درهم وله خمسة آلاف
درهم فوهب العبد في مرضه لرجل وقبضته ثم قتل العبد الواهب فإنه يرد ربع العبد نقصا
للهبة ويدفع ثلاثة أرباعه أو يفديها بثلاثة أرباع الدية لان مال الميت خمسة عشر ألفا وبعد
طرح سهم الدور إنما تنفذ الهبة في نصف ذلك وهو سبعة آلاف وخمسمائة قيمة ثلاثة أرباع
العبد فعرفنا أن الهبة إنما جازت في ثلاثة أرباعه فيرد عليهما ربع العبد وقيمته ألفان وخمسمائة
ثم يدفع ثلاثة أرباعه أو يفدى بثلاثة أرباع الدية فيجتمع في يد الورثة خمسة عشر ألفا وقد
نفذنا الهبة في سبعة آلاف وخمسمائة فاستقام الثلث والثلثان * وإذا وهب المريض عبدا له
يساوى عشرة آلاف درهم لا مال له غيره وعليه دين عشرة آلاف درهم أو أكثر وقبضه
الموهوب له ثم قتل العبد الواهب فان الهبة تبطل لان الهبة في المرض وصية فتتأخر عن
الدين والدين محيط بالتركة فتبطل الهبة في جميع العبد لهذا وتبطل الجناية أيضا لان ببطلان
الهبة تبين أن العبد جنى على مولاه وجناية الخطأ من العبد على مولاه هدر فيكون هذا وما
لو مات حتف أنفه سواء فيباع العبد في الدين * ولو أعتقه الموهوب له قبل أن يرفعوا إلى
القاضي وهو لا يعلم بالجناية نفذ عتقه لأنه ملكه بالقبض بحكم فلا يبطل ملكه بفساد السبب
ما لم يسترد منه والعتق متى صادف ملكه نفذ سواء كان سببه فاسدا أم صحيحا وبنفوذ العتق
64

تقرر ملكه فيجب اعتبار الجناية إلا أن المولى إذا أعتقه وهو لا يعلم بالجناية يصير مستهلكا للعبد
فإن كان الدين عشرين ألفا أو أكثر غرم الموهوب له قيمتين قيمة كاملة وهي عشر آلاف
بالاستهلاك لأنه وجب عليه رده بانتقاض الهبة وقد تعذر رده بالاستهلاك فيغرم قيمته وعليه
عشرة آلاف الا عشرة بالجناية لأنه في حكم الجناية صار مستهلكا له حين أعتقه وهو لا يعلم
بالجناية ولكن قيمة العبد بالجناية لا تزاد على عشرة آلاف الا عشرة وإن كان الدين عشرة
آلاف كان على الموهوب له عشرة آلاف لحق الغرماء ثم يغرم ثلثي ما بقي من القيمة في الجناية
للورثة لان ذلك الباقي مال الميت في الحاصل فيسلم له الثلث بحكم الوصية ويغرم للورثة ثلثي
ذلك وإن كان الدين خمسة آلاف ولم يعتقه الموهوب له رد على الورثة ثلاثة أرباعه ويقال
للموهوب له ادفع الربع أو افده بربع الدية لان الهبة تبطل في نصف العبد لمكان الدين
يبقى نصف العبد فيجعل ذلك النصف بمنزلة عبد كامل في حال ما إذا لم يكن على الواهب دين
وقد بينا في العبد الكامل انه إذا كان قيمة العبد والدية سواء فإنما تجوز الهبة في نصف العبد
ويدفع النصف بالجناية أو يفديه بنصف الدية فهنا أيضا تجوز الهبة في ذلك النصف وتبطل
في نصف فعرفنا أن الهبة إنما بطلت في ثلاثة أرباع العبد وجازت في ربعه قيمته ألفان وخمسمائة
فإذا دفع الموهوب له أو فداه حصل في يد الوارثة عشرة آلاف فيقضون الدين خمسة آلاف
لقتل العبد المريض فإنه يقال للموهوب له أتدفع أم تفدى فان اختار الدفع جازت الهبة
في ثلاثة أثمان العبد ورد خمسة أثمانه نقضا للهبة ويصير في الحكم كأن الميت ترك عبدا وثلاثة
أثمان العبد لان المدفوع بالجناية ماله وطريق التخريج فيه عند اختيار الدفع أن الهبة تبطل
في مقدار الدين وهي خمسة آلاف قيمة ربع العبد ويبقي ثلاثة أرباعه فيجعل هذه الثلاثة
الأرباع بمنزلة عبد كامل في حال ما لو لم يكن على الميت دين وفى العبد الكامل بعد طرح
سهم الدور إنما تجوز الهبة في نصفه فهنا أيضا تجوز الهبة في نصف ثلاثة أرباع العبد ونصف
ثلاثة أرباع العبد ثلاثة أثمانه فيحصل للورثة خمسة أثمان العبد ويدفع إليهم ثلاثة أثمانه
بالجناية فيحصل لهم العبد فيقضون منه الدين خمسة آلاف يبقى لهم ثلاثة أرباع العبد وقيمته
خمسة عشر ألفا وقد نفذنا الهبة في ثلاثة أثمان العبد وقيمته سبعة آلاف وخمسمائة فاستقام
الثلث والثلثان وان اختار الفداء جازت الهبة في ثلاثة أعشار العبد ورد سبعه أعشار العبد إلى
الورثة نقضا للهبة ثم يفديه بثلاثة أعشار الدية * وطريق التخريج فيه أن الهبة تبطل في ربع
65

العبد باعتبار الدين يبقى ثلاثة أرباعه فيجعل ذلك كعبد كامل ثم كل سهم تفدي فيه الهبة يفديه
بمثل نصفه لان الدية مثل نصف القيمة فإذا جعلنا ثلاثة على ثلاثة وجوزنا الهبة في سهم فداه
بنصف سهم فيظهر في يد الورثة زيادة نصف سهم وهو الدائر فيطرح هذا من أصل حقهم
ويكون ثلاثة أرباع العبد على سهمين ونصف انكسر بالانصاف فأضعفه فيكون خمسة فتجوز
الهبة له في سهمين من خمسة ثم يفدى ذلك بسهم واحد فيحصل للورثة أربعة أسهم وقد نفذنا
الهبة في سهمين فكان مستقيما فإذا صار ثلاثة أرباع العبد على خمسة كان ربعه سهما وثلثين
وجميعه ستة وثلثان فاضربه في ثلاثة للكسر فيكون عشرين وإنما جوزنا الهبة في سهمين وقد
ضربناهما في ثلاثة وذلك ستة وستة من عشرين ثلاثة أعشار فلهذا قال يفدى ثلاثة أعشاره
بثلاثة أعشار الدية ووقع في بعض النسخ قيل للموهوب له ادفع ثلاثة أعشاره أو افده بثلاثة
أعشار الدية وهو غلط في حق الدفع بل الصحيح عند اختيار الدفع ما بينا أن الهبة تجوز في
ثلاثة أثمانه * ولو كان له عبد يساوى عشرة آلاف درهم لا مال له غيره ولا دين عليه فوهبه
لرجل في مرضه وقبضه ثم قتل العبد الواهب وأحيينا معه ثم أعتقه الموهوب له وهو يعلم
بالجناية فهو ضامن عشرة آلاف درهم لورثة الأجنبي ويضمن ثلثي الدية وثلث القيمة لورثة
الواهب لان ملكه يتقرر بالاعتاق وهو بالاعتاق مع العلم بالجناية يصير مختارا للجنايتين
فيضمن للأجنبي كمال الدية ولورثة الواهب الدية بسبب الجناية والقيمة بسبب الاستهلاك
فظهر أن مال الميت الدية والقيمة فيسلم له الثلث منها بطريق الوصية فيضمن للورثة ثلثي كل
واحد منهما وان أعتقه وهو لا يعلم بالجناية صار في حكم الجنايتين مستهلكا رقبة العبد فيغرم
قيمته وقيمته في الجناية لا تزيد على عشرة آلاف الا عشرة فيغرم نصف ذلك وهو خمسة
آلاف الا خمسة لورثة الأجنبي ويغرم لورثة الواهب ثلثي قيمته وثلثي خمسة آلاف الا خمسة
لان ماله قيمة كاملة وهي الواجبة باستهلاك الموهوب ونصف القيمة بسبب الجناية وذلك
خمسة آلاف الا خمسة فتنفذ وصيته في ثلث ذلك ويغرم للورثة الثلثين وإن كان الموهوب
له لم يعتقه واختار الفداء فإنه يرد نصفه إلى ورثة الواهب نقضا للهبة وتجوز الهبة في نصفه ثم
يفدى ذلك النصف بنصف الدية لورثة الأجنبي وبنصف الدية لورثة الواهب لان عند اختيار
الفداء يظهر أن مال الواهب خمسة عشر ألفا وأن الهبة تصح في مقدار الثلث وهو نصف العبد
قيمته خمسة آلاف باعتبار ان العبد في الأصل على ثلاثة وبعد طرح سهم الدور على سهمين
66

فتجوز الهبة في أحد السهمين ويفدى ذلك بسهم فيسلم للورثة سهمان وقد نفذنا الهبة في سهم
ثم بقال لورثة الواهب ادفعوا النصف الذي رد عليكم إلى ورثة الأجنبي أو افدوه بخمسة آلاف
لان بانتقاض الهبة عاد ذلك النصف إلى قديم ملك الواهب وقد جنى على الأجنبي فيقوم
وارثه مقامه باختياره الدفع أو الفداء ثم يرجعون بنصف القيمة على الموهوب له لأنه قبض
النصف فارغا ورده مشغولا بالجناية وقد استحق بها وان اختار الدفع رد ثلاثة أخماس العبد إلى
ورثة الواهب نقضا للهبة ويدفع الخمسين بالجناية إلى ورثة الواهب وورثة الأجنبي بينهما نصفين
لان العبد في الأصل على ستة فان الثلث الذي تجوز فيه الهبة مدفوع بالجنايتين نصفين
فتجوز الهبة في سهمين ثم يدفع أحد السهمين إلى ورثه الواهب وهو السهم الدائر فيطرح
من أصل حقهم وإنما نجعل العبد على خمسة فتجوز الهبة في الخمسين ثم يدفع أحد الخمسين
إلى ورثة الواهب فيسلم لهم أربعة أخماسه وقد نفذنا الهبة في خمسين فاستقام * وقع في بعض
النسخ بقال للموهوب له ادفع نصفك أو افده بنصف الدية وهو غلط عند اختيار الدفع والصحيح
ما بينا وبه أجاب في بعض النسخ هنا وفى كتاب الدور ثم يقال لورثة الواهب ادفعوا الثلاثة
الأخماس التي ردت إليكم إلى ورثة الأجنبي أو افدوه بثلاثة أخماس الدية وارجعوا بقيمة ذلك
على الموهوب له لأنه كان قبضه فارغا ورده عليهم مشغولا بالجناية وقد استحق ذلك وإن كان
لرجل عبدا يساوى خمسة آلاف فوهبه لرجل في مرضه ولا مال له غيره ثم إن
الموهوب له وهبه لآخر ثم قتل العبد الواهب الأول فإنه يقال للموهوب له الثاني ادفعه
بالجناية أو افده لان الملك له في الحال فان دفعه بالجناية جازت الهبة من الواهب الأول
للموهوب له في ثلثي العبد ورجع ورثة المقتول على الموهوب له الأول بثلث قيمته لان
بالدفع تبين ان ملك الواهب الأول في الحكم عبدان فتجوز الهبة في ثلث ذلك للموهوب
له الأول وهو ثلثا عبد ويلزمه رد ثلث العبد المقبوض وقد تعذر رده حين وهبه لغيره
فيغرم ثلث قيمته حتى يسلم لورثة الواهب عبد وثلث عبد وقد نفذنا الهبة في ثلثي عبد فان
فداه بجميع الدية فلا شئ على الموهوب له الأول لان ملك الواهب الأول الدية والعبد
وذلك خمسة عشر ألفا وقيمة العبد خمسة آلاف فهو خارج من الثلث فتجوز الهبة في جميعه
ولو كانت قيمته خمسة عشر ألفا فوهبه لرجل في مرضه وقبضه ثم إن الموهوب له وهبه
لآخر وهو مريض وقبضه الآخر ثم إن العبد قتل الموهوب له الأول ومات الواهب من
67

مرضه فإنه يسلم للموهوب له الآخر سبع العبد ويرد ستة أسباعه إلى ورثة الموهوب له
الأول ويجئ ورثة الواهب الأول فيأخذون من ذلك ثلثي العبد ويقال للموهوب له الآخر
ادفع السبع الذي في يدك أو افده بسبع الدية هكذا ذكره في بعض النسخ وهو صواب
عند اختيار الفداء فأما عند اختيار الدفع تجوز له الهبة في السدس وهو الصحيح وهكذا ذكره في
بعض النسخ أما عند اختيار الفداء يجعل العبد في الأصل على تسعة لحاجتنا إلى حساب له ثلث
والثلاثة ثلث فإنما تجوز الهبة للموهوب له الأول في ثلاثة ثم تجوز الهبة من الأول للثاني
في سهم من هذه الثلاثة ويفدى هذا السهم بمثل ثلاثة من هذه الدية لان الدية مثل ثلثي
القيمة فيظهر في حق ورثة الموهوب له الأول زيادة بثلثي سهم فيطرح ذلك من أصل حقهم
يبقي حقهم في سهم وثلث وحق الموهوب له الثاني في سهم فذلك سهمان وثلث فعرفنا ان
ثلث العبد صار على سهمين وثلث فيكون جميع العبد على سبعة فإنما تصح الهبة للموهوب له
الثاني في سهم من سبعة فيفدى ذلك بسبع الدية ويرد ثلثي العبد على ورثة الواهب الأول
لأنه لا تظهر الزيادة في مال مورثهم فإنما تجوز الهبة منه في ثلث العبد وأما عند اختيار الدفع
الثلث الذي جازت الهبة فيه للموهوب له الأول يكون على ثلاثة أسهم فتجوز الهبة في سهم
منه ثم يدفع الموهوب له الثاني ذلك السهم فيزداد حق ورثة الموهوب له الأول بسهم فيطرح
ذلك من أصل حقهم ويجعل الثلث على سهمين فتجوز الهبة بالثاني في أحدهما ثم يدفعه بالجناية
فيحصل لورثة الموهوب له الأول سهمان وقد نفذنا الهبة في سهم فاستقام وإذا صار الثلث
علي سهمين كان جميعه ستة فعرفنا ان الهبة إنما تصح في سدس العبد فيدفع الموهب له ذلك السدس بالجناية ويرد إلى ورثة الواهب الأول ثلثي العبد ولو كان العبد قتل الواهب
الأول والمسألة بحالها وقيمة العبد عشرة آلاف ومات الموهوب له الأول من مرضه جازت
الهبة للموهوب له الآخر في سدسه ورد خمسة أسداسه إلى الموهوب له الأول ويجئ ورثة
الواهب الأول فيأخذون من هذه الخمسة الأسداس ثلاثة أسداس وهو نصف العبد ويبقي
في يد ورثة الثاني ثلث العبد لأنا نحتاج إلى حساب له ثلث والثلاثة ثلث ذلك تسعة فتصح
الهبة من الأول للثاني في ثلاثة ثم يعود ذلك إليهم بالدفع بالجناية أو الفداء بمثله فيطرح ذلك
من أصل حق ورثة الواهب الأول لمكان الدور يبقى حقهم في ثلاثة وحق الموهوب له في
ثلاثة فيكون العبد على ستة ثلاثة أسداسه وهو نصف العبد لورثة الواهب الأول بنقض
68

الأول وسدسان وهو ثلث العبد لورثة الموهوب له الأول وسدسه للموهوب له الآخر
ثم يقال لورثة الموهوب له الأول وللموهوب له الآخر ادفعوا ما في أيديكم إلى ورثة المقتول
أو افدوه بمثله لان القيمة والدية سواء وأي ذلك فعلوا فقد حصل لورثة الواهب ستة وقد
نفذنا الهبة في ثلاثة فكان مستقيما ثم يرجع ورثة الواهب والآخر على الموهوب له الآخر
بثلث قيمة العبد لأنه قبضه فارغا ورده عليهم مشغولا بالجناية وقد استحق من يدهم بذلك
السبب فلهذا رجعوا عليه بمثل قيمته سواء اختاروا الدفع أو الفداء ولو قتل العبد الواهب
الأول والآخر جميعا وهما مريضان فهذه المسألة على أربعة أوجه اما أن يختار الموهوب له
الآخر وورثة الموهوب له الأول الدفع أن يختاروا جميعا الفداء أو يختار ورثة الموهوب له
الأول الدفع والموهوب له الآخر الفداء أو يختار ورثة الموهوب له الأول الفداء والموهوب
له الآخر الدفع فان اختاروا جميعا الفداء قيل للموهوب له الآخر رد ستة أثمان العبد على
ورثة الواهب الآخر نقضا للهبة ويبقى في يدك ثمناه ثم يجئ ورثة الواهب الأول إلى ورثة
الموهوب له فيأخذون منهم أربعة أثمان العبد ويبقي في أيديهم ثمنان ويأخذون منهم فداء
الثمنين ربع الدية وإنما قلنا ذلك لان العبد في الأصل على تسعة ستة من ذلك لورثة الواهب
الأول وهو فارغ عن الجنايتين وسهمان لورثة الموهوب له الأول وفيهما جناية واحدة
وهي الجناية على الواهب الأول لان جناية هذين السهمين على الموهوب له الأول هدر فإنه
جناية المملوك على مالكه وسهم حق الموهوب له الآخر وفيه جنايتان فعند اختيار الفداء
يفدى الموهوب له الآخر نصيبه بسهم لورثة الموهوب له الأول فيزداد نصيبهم بهذا السهم
فنطرح من أصل حقهم سهما فيتراجع العبد إلى ثمانية لورثة الموهوب له الأول سهم
وللموهوب له الآخر سهم ثم يفدى سهمه بسهم من الدية لورثة الموهوب له الأول فيحصل
لهم سهمان وقد نفذنا الهبة في سهم فاستقام ثم يقال للموهوب له الآخر افد ما في يدك
وذلك ثمنان لورثة الواهب الأول بسهمين وكذلك ورثة الموهوب له الأول يفدون ما كان
في أيديهم وذلك ثمنان لورثة الواهب الأول بسهمين فيزداد في حقهم أربعة أسهم فيطرح
ذلك من أصل حقهم وإذا طرحنا أربعة من ثمانية يبقى أربعة أسهم فتبين ان العبد في الحاصل
يكون على أربعة أسهم سهمان لورثة الواهب الأول وسهم لورثة الواهب الثاني وسهم للموهوب
له الأول الآخر ثم يفدى الموهوب له الآخر الواهب الأول سهمه بربع الدية وكذلك
69

الموهوب له الأول فيحصل لورثه الواهب الأول عشرة آلاف وقد نفذنا الهبة في خمسة
آلاف ثم يفدى الموهوب له الآخر لورثة الموهوب له الأول بربع الدية أيضا فيسلم لهم
خمسة آلاف وقد نفذنا الهبة في ألفين وخمسمائة ثم يرجع ورثة الواهب الاخر على الموهوب
له الآخر بقيمة ربع العبد لان الموهوب له الآخر قبضه فارغا ورده مشغولا ولم يسلم لهم
الا بالفداء وان اختاروا جميعا الدفع قيل للموهوب له الآخر رد تسعة أجزاء من أحد عشر
جزأ من العبد على ورثة الواهب الآخر فيأخذ ورثة الأول منهم ستة أجزاء من أحد عشر
جزأ ويبقى في يدي ورثة الثاني ثلاثة اجزاء فيدفعونها بالجناية إليهم أيضا ويرجعون بقيمتها
على الموهوب له الآخر ويقال للموهوب له الآخر ادفع الجزأين الذين بقيا في يدك أحدهما
إلى ورثة الواهب الأول والآخر إلى ورثة الواهب الاخر لان العبد يكون على تسعة لما
بينا ثم السهم الذي للموهوب له الآخر يدفع بالجنايتين نصفين فيكسر بالانصاف فيجعله على
ثمانية عشر لورثة الواهب الأول اثنا عشر ولورثة الواهب الثاني أربعة وللموهوب له الآخر
سهمان يدفعها بالجنايتين فيحصل لورثة الواهب الثاني خمسة وحقهم في أربعة فيطرح السهم
الدائر من أصل حقهم يبقى حقهم في ثلاثة وحق الموهوب له الآخر في سهمين فذلك خمسة
وإذا صار ثلث العبد على خمسة كان الكل على خمسة عشر ثم الموهوب له الآخر يدفع سهما من
نصيبه إلى ورثة الواهب الأول وورثة الموهوب له الأول يدفعون ثلاثة أسهم وهو ما عاد
إليهم بنقض الهبة إلى ورثة الواهب الأول فيزداد حق ورثة الواهب الأول بأربعة أسهم
فيطرح من أصل حقهم أربعة يبقى حقهم في ستة وحق الآخرين في خمسة فذلك أحد عشر
فتبين ان العبد صار على أحد عشر وان الموهوب له الآخر يرد تسعة على ورثة الواهب
الآخر بحكم نقض الهبة فيأخذ ورثة الواهب الأول من ذلك ستة في يد ورثة الواهب الآخر
ثلاثة ويدفع الموهوب له الآخر إليهم سهما فيحصل لهم أربعة ونفذنا هبة مورثهم في سهمين
فاستقام ثم يدفع الموهوب له الآخر إلى ورثة الواهب الأول سهما وورثة الواهب الثاني
يدفعون إليهم ثلاثة فيحصل لهم عشرة وقد نفذنا هبة مورثهم في خمسة فاستقام الثلث والثلثان
ويرجع ورثة الواهب الثاني بقيمة الثلاثة الأسهم التي دفعوا إلى ورثة الواهب الأول على
الموهوب له الاخر لان الموهوب له الاخر قبض ذلك من مورثهم فارغا ورده مشغولا
بالجناية وقد استحق تلك الجناية وان اختار الأوسط الدفع والاخر الفداء فهذا وما لو اختار
70

الفداء سواء وان اختار الأوسط الفداء ولآخر الدفع فهذا وما لو صار الدفع سواء لأنه
ليس في نصيب ورثة الواهب الثاني الا جناية واحدة فلا يتغير الحكم باختيارهم الدفع أو
الفداء وفى نصيب الموهوب له الآخر جنايتان فيتغير الحكم باختياره الدفع أو الفداء لأنه
عند اختيار الدفع يدفع نصيبه إليهما نصفين وعند اختيار الفداء يفدى كل واحد منهما بكمال
نصيبه فلهذا يغير الحكم باختياره والله أعلم بالصواب
باب العتق في المرض
(قال رحمه الله) وإذا أعتق الرجل عبدين له في مرضه ولا مال له غيرهما وقيمة كل
واحد منهما ثلاثمائة فمات أحدهما بعد موت المولى فان الثاني يسعى في أربعة أخماس قيمته لان
الميت منهما مستوفى لوصيته وقد توى ما عليه من السعاية فإنما يضرب كل واحد منهما في
الباقي بحقه فيقول قد كان الثلث بين العبدين نصفين على سهمين وللورثة أربعة أسهم فبعد
موت أحدهما الباقي في رقبة الآخر فهوى يضرب في رقبته بسهم والورثة بأربعة فتكون رقبته
علي خمسة يسلم له الخمس ويسعى في أربعة أخماس قيمته فإن كان العبد الميت ترك مائة درهم
أضيف المائة إلى قيمة الباقي ثم يجعل له الخمس من ذلك لان على الميت من السعاية فوق ما
تركه فيجعل ما ترك مال المولى فيكون ماله أربعمائة فيضرب فيه الورثة بأربعة والعبد الباقي
فيسلم له الخمس من ذلك وذلك ثمانون ويسعى في مائتين وعشرين من قيمته فيحصل للورثة
ثلاثمائة وعشرون وقد نفذنا الوصية للحي في ثمانين وللميت في مثله فيحصل تنفيذ الوصية لهما
في مائة وستين ولو لم يمت واحد من العبدين حتى سعى أحدهما في مائة درهم ثم مات أو
أبق أو عجز عن السعاية ضم ما سعى فيه إلى رقبة الآخر ثم جعل للباقي خمس ذلك
للتخريج الذي بينا ولو عجلا للمريض ثلثي قيمتهما فاستهلكها ثم مات كان عليهما أو يسعيا في
ثلثي الثلث لان مال الميت عند الموت ثلث رقبة كل واحد منهما وقد وصل إليه عوض الثلثين
وما استهلك الا بعد جملة ماله فإنما ننفذ الوصية لهما في ثلث الثلث وعلى كل واحد منهما
أن يسعى في ثلثي ثلث قيمته ولو كان أحدها عجل له ثلثي قيمته فاستهلكها ثم مات ضم ما بقي
من قيمته إلى رقبة الآخر فيصير أربعمائة وهو جميع تركة المولى فثلث ذلك بينهما نصفان
وذلك مائة وثلاثة وثلاثون وثلث لكل واحد منهما ستة وستون وثلثان ويسعى الذي لم يجعل
71

شيئا في مائتين وثلاثة وثلاثين وثلث ويسعى الآخر في ثلاثة وثلاثين وثلث فيحصل للورثة
مائتان وستة وستون وثلثان وقد نفذنا الوصية لهما في مائة وثلاثة وثلاثين وثلث فان قيل
لماذا لا يضرب كل واحد منهما بما بقي من رقبة الذي عجل بسهم والذي لم يعجل بثلاثة قلنا
لان كل واحد منهما موصى له بجميع رقبته فإنما يضرب في الثلث بوصيته فلا بد من أن يجعل
الثلث بينهما نصفان ثم يحتسب للذي عجل ما أدى ولو عجل أحدهما جميع قيمته للمولى
فاستهلكها ثم مات سعى الآخر في ثلثي قيمته للورثة وفى سدس قيمته للعبد الذي عجل القيمة
لان مال المولى عند موته ثلاثمائة وهي رقبة الذي لم يعجل شيئا فتنفذ الوصية في ثلثه وهو مائة
درهم بينهما نصفين لكل واحد منهما خمسون فالذي لم يعجل يسلم له خمسين ويسعى في
مائتين وخمسين الذي عجل ثلاثمائة وقد تبين أنه كان السالم له بالوصية خمسين وقد استوفى
ذلك المولى منه فكان دينا له في تركته فيأخذ خمسين من هذه السعاية بحساب ديته ويبقى
للورثة مائتان وقد نفذنا الوصية في مائة ولو عجل أحدهما جميع قيمته وعجل الآخر نصف
قيمته فاستهلك المولى جميع ذلك ثم مات سعى الذي عجل النصف في ثلث القيمة للورثة وفى
نصف سدس القيمة للعبد الآخر لان ماله عند الموت مائة وخمسون فإنما يسلم لهما بالوصية
ثلث ذلك بينهما نصفين فيسلم للذي عجل النصف خمسة وعشرين بما بقي من رقبته ويسعى
في مائه وخمسة وعشرين يأخذ العبد الآخر بحساب دينه لان المولى قد استوفى منه جميع
القيمة وقد ظهر أنه كان سلم له بالوصية خمسة وعشرين فيرد عليه ذلك القدر ولو كان عجل
أحدهما للمولى خمسين درهما وعجل له الآخر مائتين وخمسين فاستهلك المولى جميع ذلك
ثم مات يسعى البعد الذي عجل خمسين درهما في مائتي درهم للورثة فقط لان ماله عند الموت
ثلاثمائة فيسلم لهما بالوصية ثلاثة لكل واحد منهما خمسين وقد عجل أحدهما مائتين وخمسين
وهو مقدار ما عليه من السعاية وعجل الآخر خمسين فيسعى للورثة في مائتي درهم حتى
يصير مؤديا جميع ما عليه من السعاية فيسلم للورثة مائتي درهم وقد نفذنا الوصية لهما في مائة
وإذا أعتق عبدا له في مرضه لا مال له غيره وقيمته ثلاثمائة ثم مات المولى ثم مات العبد وله
ورثة أحرار وترك خمسمائة درهم كان لورثة المولى من ذلك مائتا درهم والباقي لورثة العبد
لان عند موت المولى يسلم للعبد ثلث رقبته بالوصية وتلزمه السعاية في ثلثي رقبته فلما مات
عن ورثة أحرار فإنما يبدأ بقضاء الدين من تركته وذلك مائتا درهم والباقي لورثته وكذلك
72

لو مات العبد قبل المولى وله ورثة يحوزون ميراثه لان شيئا من ماله لا يعود إلى السيد بالميراث
فلا يقع الدور وكذلك لو مات العبد قبل السيد وترك خمسمائة ثم مات المولى وله أولاد رجال
ونساء ولا وارث للعبد غير السيد فالمائتان من الخمسمائة بين ورثة المولى للذكر مثل حظ
الأنثيين لان ذلك للمولى من تركة العبد بحساب دينه وثلاثمائة الباقية من تركة العبد تكون
للذكر من أولاد المولى بسبب الولاء هذا إذا كان موت العبد بعد المولى فإن كان موت العبد
قبل موت المولى فالخمسمائة كلها بين ورثة المولى للذكر مثل حظ الأنثيين لان جميع ذلك
صار للمولى بعضه بحساب الدين وبعضه بحساب الميراث فتكون الخمسمائة كلها تركة المولى
ولو أن العبد مات بعد موت المولى وترك ابنته كانت المائتان من الخمسمائة لورثة المولي بحساب
دين السعاية وكانت الثلثمائة بين ابنة العبد والذكور من أولاد المولى نصفين لان تركة العبد
في الحاصل هذا فيكون نصفه لابنته ونصفه لعصبة المولى ولو مات العبد قبل السيد وترك
خمسمائة وترك ابنته ومولاه كانت وصية العبد مائة وستين درهما لان مال المولى في الحاصل
أربعمائة قيمة العبد ثلاثمائة والباقي وهو مائتان بين الابنة والمولى نصفان ثم تنفذ الوصية للعبد
في خمسي هذه الأربعمائة باعتبار طرح سهم الدور من نصيب المولى كما بينا فإذا ظهر أن
وصيته خمسا أربعمائة وذلك مائة وستون يبقي عليه من السعاية مائة وأربعون فيأخذها ورثة
المولى من الخمسمائة ويبقى من تركة العبد ثلاثمائة وستون بين المولى والابنة نصفان فيسلم للابنة
مائة وثمانون ولورثة المولى في الحاصل ثلاثمائة وعشرون وعلى الطريق الآخر وهو أن يجعل
طرح سهم الدور من نصيب العبد واليه أشار في الكتاب هنا السبيل أن نرفع من تركة العبد
ثلثي قيمته بالسعاية يبقى ثلاثمائة بين الابنة والمولى نصفان ثم نصيب المولى يكون على ثلاثة أسهم
لحاجتنا إلى تنفيذ الوصية للعبد في ثلث ذلك فيكون هذه الثلثمائة على ستة أسهم ثلاثة للمولى
ثم يعود سهم من ذلك بالوصية إلى الابنة فيطرح ذلك من أصل نصيبها يبقى لها سهمان
وللمولى ثلاثة فذلك خمسة فهذه تكون أخماسا خمساها مائة وعشرون ثم يعود إليها بالوصية
خمس آخر وذلك ستون فيسلم لها مائة وثمانون وقد كنا أعطينا المولى بالميراث مثل هذا
فاستقام التخريج ولو مات العبد قبل السيد وترك سبعمائة درهم والمسألة بحالها فوصية العبد
مائتا درهم أما علي الطريق الأول فان مال المولى خمسمائة وقيمة العبد مع نصف ما بقي ثم بعد
طرح سهم الدور من جانبه وهذه الخمسمائة تكون أخماسا للعبد خمساها بالوصية وذلك مائتا
73

درهم فإذا تبين أن وصيته مائتا درهم يبقى عليه السعاية في مائة درهم فيأخذ المولى ذلك من
تركته مع نصف ما بقي فيسلم لورثته أربعمائة وقد نفذنا وصيته في مائتين وعلى الطريق الآخر
ترفع ثلثي قيمته من تركته بقي تركة العبد خمسمائة وتقسم هذه الخمسمائة بعد طرح سهم الدور
من نصيب الابنة على خمسة أسهم ثلاثمائة للمولي ومائتان للابنة ثم تعود مائة بالوصية فيسلم
لها ثلاثمائة مثل ما سلم للمولى وقد نفذنا الوصية في المرتين في مائتي درهم * ولو ترك العبد
مائتي درهم أو أقل منها كان ذلك كله لورثة السيد لان على العبد السعاية في المائتين وقد تبين أن
دينه محيط بتركته فلا ميراث لورثته ولو ترك ثلاثمائة كانت وصيته عشرين ومائة لأن هذه
الثلثمائة كلها مال المولى وبعد طرح سهم الدور من جانبه تقسم أخماسا للعبد خمساها بطريق
الوصية وذلك مائة وعشرون يبقى عليه من السعاية بقدر مائة وثمانين فيأخذ المولى ذلك أولا
ثم يسلم له نصف المائة والعشرين بالميراث فيسلم لورثته مائتان وأربعون وقد نفذنا الوصية في
مائة وعشرين * وعلى الطريق الآخر يرفع ثلثا قيمته يبقى تركة العبد مائة فيقسم ذلك بين
الابنة والمولي أخماسا للمولى ثلاثة أخماسه ستون ثم يعود إليها بالوصية ثلث ذلك عشرون
فيسلم لها ستون مثل ما سلم للمولى بالميراث وقد نفذنا الوصية مرة في مائة ومرة في عشرين
فاستقام * وعلى هذا القياس لو ترك العبد أكثر من ذلك ما ثلثه بين ألف ومائتين الا شئ
فان التخريج فيه كما بينا * ولو ترك ألف درهم ومائتي درهم أو أكثر فلا سعاية عليه وهو
كله ميراث لان نصف تركته يكون للمولى بطريق الميراث وذلك ستمائة فتبين أن جميع
رقبته خارج من ثلث مال المولى فلهذا لا سعاية عليه ولو ترك العبد ابنتين وثلاثمائة درهم كانت
وصيته في ثلث ذلك ثم ذلك الثلث بين الابنتين والمولى أثلاثا فالسبيل أن تجعل أصله من
تسعة ثم يعود سهم إلى المولى بالميراث وهو الدائر ثم نطرحه من أصل حقه ونجعل الثلثمائة على
ثمانية فإنما تنفذ الوصية في ثلاثة أثمان هذه الثلثمائة وثمن الثلثمائة سبعة وثلاثون ونصف فثلاثة
أثمانه تكون مائة واثنى عشر ونصفا فتبين أن السالم له بالوصية هذا المقدار فيأخذ المولى من
تركته ما بقي عليه من السعاية وذلك مائة وسبعة وثمانون ونصف ويعود إليه بالميراث سبعة
وثلاثون ونصف فذلك مائتان وخمسة وعشرون وقد نفذنا الوصية في مائة واثنى عشر
ونصف على الطريق الآخر يرفع ثلثا قيمته من تركته يبقى مائة فهذه المائة تقسم بين الابنتين
والمولى أثلاثا ثم الثلث الذي للمولى يكون على ثلاثة لحاجتنا إلى تنفيذ الوصية في ثلثي ذلك
74

فتكون هذه المائة على تسعة وبعد طرح سهم الدور من جانب الابنتين تكون علي ثمانية يسلم
للمولى بالميراث ثلاثة ثم يعود إلى الابنتين بالوصية سهم فيكون لهما ستة وذلك الثلثان من
تركة العبد وللمولى الثلث وإذا قسمت ذلك بالدراهم ظهر أن تنفيذ الوصية في مائة واثنى
عشر ونصف لأنا نفذنا الوصية مرة في مائة ومرة في ثمن المائة وذلك اثنا عشر ونصف
وكذلك على هذا القياس يخرج لو ترك أكثر من ذلك إلى ألف وثمانمائة درهم فإن كانت
تركة العبد ألف درهم وثمان مائة أو أكثر فلا سعاية عليه لأن لابنتيه من تركته الثلثين والباقي
للمولي وذلك ستمائة فتبين أن رقبته تخرج من ثلث ماله فلهذا لا يجب عليه السعاية ولو كان
العبد ترك ابنتيه وأمه والمولى فإن كانت تركته قدر ثلثي قيمته أو أقل فهو لورثة المولى كله
بحساب دين السعاية وان كانت تركته أكثر من ذلك نظرت إلى ما بقي فتقسمه على أربعة
عشر سهما ثم نظرت إلى سهم من سبعة عشر فأضفته إلى ثلث رقبة العبد فذلك ثلث تركة المولى
فهو الوصية من قبل أن أصل الفريضة من ثمانية عشر للابنتين الثلثان اثنا عشر وللأم السدس
الثلاثة وما بقي وهو الثلاثة فهو للسيد يعود ثلث ذلك وهو سهم بالوصية إلى ورثة العبد فاطرح
ذلك من أصل حقهم فيبقى لهم أربعة عشر وهذه الثلاثة التي بقيت ميراث المولى فذلك سبعة
عشر فلهذا صار الباقي بعد المائتين مقسوما على سبعة عشر الوصية من ذلك سهم واحد ولو
ترك العبد وابنه وامرأة ومولاه رفعت من تركته ثلثي القيمة ثم نظرت إلى ما بقي فأخذت
سبعة فأضفته إلى ثلث قيمة العبد فجعلته لوصيته لان أصل الفريضة من ثمانية للمرأة سهم
وللابنة أربعة والباقي وهو ثلاثة للمولى ثم يعود سهم من هذه الثلاثة بالوصية إلى ورثة العبد
فيطرح هذا السهم من أصل حقهم وتجعل قسمة الباقي على سبعة ولو ترك العبد ابنة وأما
وامرأة والمسألة بحالها قسم ما بقي من التركة بعد رفع ثلثي القيمة على سبعة وستين سهما
فنظرت إلي خمسة أسهم من هذه السبعة والستين فأضفتها إلي ثلث قيمة العبد وجعلت ذلك
الوصية لان الفريضة من أربعة وعشرين للابنة اثنى عشر وللأم أربعة وللمرأة ثلاثة يبقى
خمسة فهي للمولى بالعصوبة ثم تنفذ الوصية في ثلث ذلك وليس للخمسة ثلث صحيح فيضرب
أصل الفريضة في ثلاثة فصار اثنين وسبعين للمولى من ذلك خمسة عشر ثم يعود ثلث ذلك
وهو خمسة إلى ورثة العبد بالوصية فيطرح ذلك من أصل حقهم وإذا طرحت من اثنين
وسبعين خمسة يبقى سبعة وستون الوصية من ذلك سبعة أخرى مع ثلث القيمة كما بينا
75

ولو كان العبد ترك ابنين وأما وامرأة كانت وصية جزأ من أحد وسبعين مع ثلث رقبته
لان أصل الفريضة من أربع وعشرين للابنتين الثلثان ستة عشر وللأم أربعة وللمرأة ثلاثة
وبقي سهم واحد فهو للمولى ثم ذلك العبد وصية فالسبيل أن تضرب أربعة وعشرين
في ثلاثة فيكون اثنين وسبعين للمولى بالميراث من ذلك ثلاثة ويعود إلى ورثة العبد سهم منه
بالوصية فيطرح من أصل حقهم سهم يبقى أحد وسبعون فتبين ان الوصية له بثلث رقبته
وبجزء من أحد وسبعين مما بقي من تركته بعد رفع ثلثي قيمته * ولو مات العبد قبل المولى
وترك ثلاث مائة درهم ثم مات المولى وعليه دين مائة درهم فوصية العبد من ذلك ثمانون
درهما والسعاية مائتان وعشرون لان القدر المشغول بالدين من ثلاثمائة لا يعد مالا للمولى
في حكم الوصية يبقى ماله مائتا درهم وبعد طرح سهم الدور من قبل المولى يقسم على خمسة أسهم
خمساه للعبد بالوصية وذلك ثمانون درهما وثلاثة أخماسه للمولى ثم يعود نصف الثمانين بالميراث
إلى المولى فيسلم لورثته مائة وستون وقد نفذنا الوصية للعبد في ثمانين فاستقام وعلى الطريق
الآخر يجعل طرح سهم الدور من قبل العبد قال يرفع مقدار الدين وهو مائة وثلثا ما بقي فإنما
يكون للعبد ثلث ما بقي وذلك ستة وستون وثلثان فذلك بين الابنة والمولى نصفان ثم نصيب
المولى يكون على ثلاثة أسهم لتنفيذ الوصية للعبد في ثلاثة فيطرح سهم من قبل الابنة لان
ذلك يعود إليها بالوصية ويقسم هذا الباقي على خمسة خمساها للابنة وثلاثة أخماسها للمولى ثم
يعود خمس بالوصية إليها فيسلم إليها مثل ما سلم للمولى وقد حصل تنفيذ الوصية مرة في
ستة وستين وثلثين ومرة في ثلاثة عشر وثلث فذلك ثمانون ثم التخريج كما بينا وكذلك أن
كان الدين أقل من ذلك أو أكثر فهو على هذا القياس وكذلك لو كان مع الابنة امرأة أو أم
أو كلاهما فهو يخرج مستقيما إذا تأملت على الطريق الذي قلنا ولو لم يكن على المولى دين وترك
المولى أيضا ثلاثمائة فوصية العبد مائتان وأربعون درهما لأنا نصم ما ترك المولى إلى ما تركه
العبد فإنه ليس فيه فضل على قيمته فيجعل ذلك كله مال المولى ثم بعد طرح سهم الدور من
جانب المولى ننفذ الوصية للعبد في خمسي ذلك وخمسا ستمائة مائتان وأربعون يبقي من تركة
العبد ستون يأخذه بطريق السعاية ويأخذ نصف المائتين وأربعين بطريق الميراث فيسلم
لورثته أربعمائة وثمانون وقد نفذنا الوصية في مائتين وأربعين وعلى الطريق الآخر يقول
وصية العبد من ثلاث مائة فإذا ترك مائة والوصية للعبد من كل ثلاث مائة عرفنا ان
76

له مائتين فيأخذ المولى مائة درهم من تركة العبد بطريق السعاية ونصف المائتين بطريق
الميراث ثم ثلث ذلك للعبد وصية فتكون هذه المائتان بعد طرح سهم الدور أخماسا وإنما تنفذ
الوصية في خمسها وخمس المائتين أربعون فظهر انا نفذنا الوصية له مرة في مائتين ومرة في
أربعين فذلك مائتان وأربعون وكذلك أن ترك أكثر من ذلك من المال فعلى هذا القياس
يخرج ولو أعتق المريض عبدا قيمته ثلاثمائة فتعجل المولى من العبد جميع القيمة فأكلها ثم مات
العبد وترك خمسمائة درهم ولا وارث له غير ابنته ومولاه فالوصية من ذلك مائة درهم لان
ما ترك العبد صار ميراثا بين الابنة والمولى نصفين فمال المولى عند موته مائتان وخمسون
وبعد طرح سهم الدور يقسم ذلك أخماسا الوصية للعبد خمسا ذلك وذلك مائة درهم فتبين
أن المولى أخذ من العبد مائة زيادة على حقه فيكون ذلك دينا عليه فيضم ذلك إلى تركة العبد
وهو خمسمائة فيصير ستمائة بين الأخت والمولى نصفين لكل واحد منهما ثلاثمائة فيحسب
للمولى ما عليه وذلك مائة ويأخذ ورثته مائتين من الابنة فيسلم للابنة ثلاث مائة ولو كان
المولى تعجل من العبد ثلثي قيمته فأكلها ثم مات العبد وترك خمسمائة فالوصية هنا عشرون
ومائة لأنه يدفع للمولى مائة درهم من هذه الخمسمائة ونصف ما بقي بطريق الميراث فيكون
مال المولى ثلاث مائة وبعد طرح سهم الدور من هذه الثلاثمائة تكون أخماسا الوصية للعبد
خمساها وذلك مائة وعشرون فتبين ان السعاية على العبد كانت مائة وثمانين وقد أخذ المولى
مائتين فمقدار عشرين من ذلك دين عليه يضم إلى الخمسمائة ويجعل ذلك بين الابنة والمولى
نصفان لكل واحد منهما مائتان وستون فيحتسب للمولى ما عليه وذلك عشرون ويأخذ
من الخمسمائة ما بقي وأربعين ويسلم للابنة مائتان وستون ولو كان عجل مائة درهم فاستهلكها
كانت الوصية أربعين ومائة لأنه يدفع للمولى من الخمسمائة ما بقي من قيمة العبد وذلك مائتان
ونصف ما بقي بالميراث فيكون ثلاث مائة وخمسين الوصية للعبد خمسا ذلك باعتبار طرح
سهم الدور وذلك مائة وأربعون فظهر أن السعاية عليه مائة وستون وقد أخذ مائة درهم
يبقى على العبد من السعاية ستون درهما فيأخذ المولى ذلك من الخمسمائة ونصف ما يبقى بالميراث
وذلك مائتان وعشرون فيسلم لورثته مائتان وثمانون وقد نفذنا الوصية في ثمانية وأربعين
فاستقام ولو لم يؤد العبد شيئا من السعاية حتى مات وترك خمسمائة كانت الوصية ستين ومائة
درهم لان المولى يرفع قيمة العبد من تركته وذلك ثلاثمائة ونصف ما بقي بالميراث فيكون
77

ماله أربعمائة خمساها للعبد بطريق الوصية وذلك مائة وستون درهما فظهر ان السعاية على
العبد مائة وأربعون فيأخذها ورثة المولى من الخمسمائة يبقى ثلاث مائة وستون بين الابنة
والمولى نصفان للمولى من ذلك مائه وثمانون فيصير في أيديهم ثلاث مائة وعشرون وقد
نفذنا وصية العبد في مائة وستين فاستقام الثلث والثلثان والله أعلم بالصواب
باب السلم في المرض
(قال رحمه الله) وإذا أسلم المريض عشرة دراهم في كر يساوى عشرة إلى أجل معلوم
وقبض الدراهم ثم مات رب السلم وعليه دين محيط بماله ولم يحل السلم فالمسلم إليه بالخيار ان
شاء رد الدراهم ونقض السلم وان شاء أدى الكر كله حالا لان المريض حابى بالأجل فقد
بينا ان الوصية بالأجل بمنزلة الوصية بالمال في الاعتبار من الثلث بعد الدين والدين محيط بتركة
الميت هنا فلا يمكن تنفيذ الاجل للمسلم إليه وقد تغير عليه شرط عقده بذلك فثبت له الخيار
وإن كان الكر قد حل قبل موت رب السلم أو مات المسلم إليه قبل موت رب السلم حتى حل
الاجل بموته فلا خيار له ولا لورثته هنا ولكن يجبرون على أداء الكر لأنه لم يتغير موجب
العقد هنا ولو كان أسلم عشرين درهما في كر يساوى عشرة وعليه دين عشرة فالمسلم إليه
بالخيار ان شاء رد الدراهم ونقض السلم وان شاء أدى الكر ورد من رأس ماله ستة وثلاثين
لان المحاباة هنا حصلت بالمال والأجل جميعا فتعتبر من الثلث بعد الدين والثلث بعد الدين
ثلاثة دراهم وثلث فذلك القدر سلم للمسلم إليه بالوصية ويثبت له الخيار لتغير شرط العقد عليه
فإذا اختار الامضاء أدى الكر حالا لان وصيته نفذناها من ثلث المال فلا يسلم له شئ من
الاجل فيؤدى الكر حالا ويرد من رأس المال ستة وثلاثين حتى يقضى الدين بعشرة ويسلم
للورثة ستة وثلثان وقد نفذنا الوصية في ثلاثة وثلث ولا حاجة إلى نقض العقد هنا في شئ لما
أمكن رد بعض رأس المال من غير أن يؤدى إلى الربا بخلاف الإقالة وبيع الكر بالكر على
ما بينا فلو كان أسلم خمسين درهما في كر يساوى ثلاثين وعليه دين عشرون فإن شاء المسلم
إليه نقض السلم وان شار رد الكر وأدى عشرة دراهم من رأس المال لأنه حاباه بقدر عشرين
من رأس المال فيسلم له من ذلك قدر الثلث بعد الدين وذلك عشرة وثبت الخيار له لتغير شرط
العقد عليه فإذا اختار امضاء العقد أدى الكر ورد عشرة دراهم من رأس المال فيقضى دينه
78

عشرون درهما ويبقى للورثة عشرون وقد نفذنا الوصية في عشر فاستقام ولو كان السلم مائة
درهم في كر يساوى خمسين وعليه دين أربعون فإن شاء المسلم إليه نقض السلم وان شاء أدى
الكر ورد ثلاثين رأس المال لأنه يسلم له بالوصية الثلث بعد الدين وذلك عشرون ويثبت
له الخيار لتغير شرط العقد فإذا اختار امضاء العقد أدى الكر ورد ثلاثين من رأس المال حتى
يقضى دينه بأربعين ويسلم للورثة أربعون وقد نفذنا الوصية في عشرين وفى الحاصل يسلم
للمسلم إليه قيمة كره وثلث تركة الميت بعد الدين ورد ما زاد على ذلك من رأس المال وإذا
أسلم المريض عشرة دراهم إلى رجلين في كر حنطة يساوى عشرة إلى أجل وقضى الدراهم ثم
مات أحدهما ثم مات رب السلم قبل حل الاجل فإنه يخير ورثة الميت على أن يؤدوا نصفه لان
طعام السلم حل بموته في نصيبه فلم يتغير موجب العقد على ورثته والحي بالخيار ان شاء نقض
السلم في حقه لتغير موجب العقد عليه وان شاء أدى ثلث ما عليه لأنه موصى له بالأجل في
نصيبه فإنما تنفذ الوصية له في ثلث مال الميت وذلك ثلثا ما عليه فقد سلم للورثة ثلثي كر قيمته
ستة وثلثان وبقي ثلث الكر عليه مؤجلا وقيمته ثلاثة وثلث ولو كان رأس المال عشرين درهما
وقد مات أحدهما قبله أو بعده قبل أن يختصموا فالحي وورثة الميت منهما بالخيار لأنه حاباهما
بقدر نصف ماله ولا يسلم المحاباة لهما الا بقدر الثلث فقد تغير على كل واحد منهما شرط
العقد فلهذا ثبت لهم الخيار فان اختاروا امضاء العقد أدو الكر وردوا ثلاثة دراهم وثلثا من
رأس المال لأنه إنما يسلم لهم من المحاباة مقدار ثلث المال وذلك ستة وثلثان فيؤدى الكر حالا
وقيمته عشرة وثلاثة دراهم وثلث من رأس المال حتى يسلم للورثة ثلاثة عشر وثلث وقد
نفذنا الوصية في ستة وثلاثين فيكون السالم لهما قيمه الكر من رأس المال وثلث مال الميت
بالوصية فإن كان الميت منهما مات معسرا فالآخر بالخيار ان شاء رد حصته من الدراهم ونقض
السلم وان شاء رد نصف الكر وثلاثة دراهم من رأس المال لان الميت منهما مات مستوفيا
لوصيته ويؤدى ما عليه وقد كان الثلث بينهما نصفين فيكون حق كل واحد منهما في سهم
وحق الورثة في أربعة فنصيب الحي يجعل على خمسة يسلم له من الخمس بطريق الوصية ويؤدى
أربعة أخماسه وذلك نصف كر قيمته خمسة دراهم وثلاثة دراهم من رأس المال فيسلم للورثة
ثمانية وقد نفذنا الوصية للحي في درهمين وللميت في مثله فاستقام ولو كان رأس المال ثلاثين
درهما ولم يمت واحد منهما ولكن غاب أحدهما وقالت ورثة رب السلم لا نجيز هذا السلم
79

فالمسلم إليه بالخيار ان شاء نقض السلم في حصته ورد حصته من الدراهم وان شاء أدى نصف
الكر ورد من رأس المال سبعة على ما بينا ان الثلث بينهما نصفان فإنما يضرب الحاضر في نصيبه
بسهم وورثة رب السلم بأربعة فيسلم له الخمس مما عليه وذلك ثلاثة دراهم بالوصية فيرد إلى
الورثة نصف كر قيمته خمسة وسبعة دراهم من رأس المال فيكون ذلك اثنى عشر وقد نفذنا
الوصية للحاضر في ثلاثة وللغائب في مثله فاستقام فان حضر الغائب بعد ما قضى القاضي بينهم
بهذا فإنه يكون بالخيار ان شاء رد الدراهم على الورثة في نقض السلم لتغير شرط العقد عليه
وان شاء أدى نصف الكر ورد ثلاثة من رأس المال لأنه قد سلم للورثة اثنى عشر فإنما يبقى
إلى تمام حقهم ثمانية فإذا أعطاهم نصف الكر قيمته خمسة رد عليهم من رأس المال ثلاثة فقد
سلم لهم عشرون درهما وقد نفذنا الوصية لأحدهما في ثلاثة وللآخر في سبعة فاستقام
التخريج ولا يرد على الأول بشئ لان حكم السلم قد انتقض فيما رد ومن رأس المال بانتقاض
قبضه من الأصل فلا يعود بعد ذلك حكم العقد في شئ منه وإذا أسلم الرجل في مرضه ستين
درهما إلى ثلاثة نفر في كر قيمته ثلاثون وقبض الدراهم ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها
فأخذ الورثة أحدهم ولم يظفروا بالآخرين فهو بالخيار لتغير شرط العقد عليه فان اختار امضاء
العقد أدى ثلث الكر ورد من رأس المال سبعة دراهم وسبعا لان الثلث بينهم أثلاث فالحاضر
إنما يضرب في نصيبه بسهم والورثة بستة فيسلم له السبع من نصيبه ونصيبه عشرون درهما
فسبعه يكون درهما وستة اتساع فعليه أن يرد على الورثة ما زاد على ذلك وهو ثلث كر قيمته
عشره ومن رأس المال سبعة دراهم وسبعا فان ظفروا بأحد الغائبين بعد ما قضى القاضي بينهم
بهذا وفسخ السلم فيما بينهم وبين الأول فهذا الثاني أيضا بالخيار ان شاء نقض السلم في حصته
وان شاء أدى ثلث الكر ورد من رأس المال ثلاثة دراهم الا تسعا لان في يد الورثة سبعة
عشر درهما وسبعا فإذا أعطاهم ما بينا يسلم للورثة ثلاثون درهما وذلك ثلاثة أرباع ما كان أسلم
إليهما ويكون في يد المسلم إليه الثاني عشرة دراهم وسبعا فإذا أعطاهم عشره قيمة ما أدى من
الطعام وسبعة وسبعا محاباة فذلك كمال ربع ما أسلم إليهما بما أخذ الأول من المحاباة ولا يرد
الثاني على الأول شيئا لان الأول قد فسخ القاضي حصته من رأس مال المسلم إليه فيما رده عليه فلا
يعود الحق فيه بعد وذلك لهذا فان فعلوا ذلك ثم ظفروا بالثالث جاز السلم في حصته وجازت
له حصته من المحاباة لأنهما كمال الثلث سواء فيؤدى إلى الورثة حصته وذلك ثلاثة عشر قيمته
80

عشرة حتى يسلم للورثة تمام أربعين درهما وهي ثلث تركة الميت ويكون في يد المسلم إليه
الثالث عشرون درهما عشرة قيمة ما أدي وعشرة محاباة وهي تمام ثلث تركة الميت بما أخذ
الأولان والأصل في ذلك أنهم حين ظفروا بالأول كانت القسمة بينه وبينهم أسباعا كما بينا
فحين ظفروا بالثاني كانت القسمة بينهم وبين الأول والثاني على ثمانية لان الثالث مستوفى
لسهمه بقي حق الورثة في ستة وحقهما في سهمين فعرفنا انه سلم لهما الربع مما عليهما وقد أخذ
الأول حصته كما بينا فيسلم للثاني ما بقي من الربع ثم إذا ظفروا بالثالث فحق الورثة في الثلثين
وحق الموصى لهم في الثلث وقد أخذ الأولان حقهما على وجه يتعذر ايصال شئ آخر إليهما
فيسلم ما بقي من الثلث كله للثالث وإذا أسلم المريض عشرين درهما في كر يساوى عشرين إلى
أجل وأخذ به رهنا قيمته عشرة فضاع ثم مات قبل أن يحل السلم فقد ذهب الرهن بنصف
الكر لان في قيمته وفاء بنصف الكر وبهلاك الرهن إنما يصير مستوفيا بمقدار قيمة الرهن
ويقال للمسلم إليه أنت بالخيار فإن شئت أد ثلثي ما بقي عليك من الكر ويكون ما بقي عليك
إلى أجله وإن شئت فرد الدراهم وخذ من الورثة نصف الكر لان المحاباة بالأجل لا تتعذر
الا في مقدار الثلث وماله عند الموت نصف الكر فإنما يسلم له الاجل في ثلث ذلك ويثبت له
الخيار لتغير شرط العقد فإذا اختار فسخ العقد رد الدراهم وأخذ من الورثة نصف الكر
لان الرهن حين ضاع في يده صار هو به مستوفيا نصف الكر فكأنه أداه إليه وإذا فسخ
العقد وجب على الورثة رد ذلك إليه إلا أن تجيز له الورثة ما بقي عليه إلى أجله فيكون لهم ذلك
حينئذ ويسقط به خيار المسلم إليه لأنه ما تغير عليه موجب العقد فان موجب العقد وجوب
تسليم ما بقي عليه بعد حل الاجل وقد سلم له ذلك حين رضى الورثة بالأجل فيما بقي ولو أسلم
المريض عشرين درهما في كر قيمته عشرة دراهم وأخذ منه رهنا قيمته تساوى عشرة فضاع
ثم مات المريض فإن شاء المسلم إليه رد الدراهم كلهما أخذ من الورثة كرا مثل كره وان شاء
رد من رأس المال ستة دراهم وثلثين لأنه حاباه بنصف المال ولا يسلم له من المحاباة الا مقدار
الثلث فيثبت له الخيار لتغير شرط العقد عليه وإذا اختار فسخ العقد رد رأس المال واسترد كرا
مثل كره لأنه صار مستوفيا الكر بهلاك الرهن فكأنه استوفاه حقيقة فيلزمه رده عند فسخ
السلم وإذا اختار امضاء العقد فمال الميت عند موته عشرة دراهم لان الكر صار مستهلكا
فيسلم له بالمحاباة ثلاثة وثلث ويرد ستة دراهم وثلثين ولو أسلم إليه خمسين درهما في كر قيمته
81

عشرون وأخذ منه رهنا يساوى ثلاثين فضاع الرهن ثم مات المريض فالمسلم إليه بالخيار كما
قلنا إن شاء رد الدراهم وأخذ كرا مثل كره لأنه بهلاك الرهن صار مستوفيا للكر
وهو أمين في الزيادة فعند انفساخ العقد يرد كرا مثل كره وان شاء رد من رأس المال إلى الورثة
عشرين درهما لان ماله عند الموت ثلاثون درهما فان الكر مستهلك فلا يحتسب من تركته
فإنما يسلم له بالوصية عشرة ويرد من رأس المال عشرين درهما وذلك ثلثا تركة الميت ولو أسلم
عشرة دراهم في كر قيمته عشرة وأخذ منه رهنا قيمته عشرة ثم مات المريض وقد حل الكر
وقيمته خمسة فليس للورثة الا عين الكر لأنه لم يحابه بشئ من المال حين أسلم وإنما مات بعد
حل الاجل فإذا لم يكن في العقد محاباة كان مباشرته في الصحة والمرض سواء ولو أسلم ثلاثين
درهما في مرضه في كر حنطة قيمته يومئذ عشرون ثم مات المريض وقيمة الكر يوم مات
عشرة فلم تجز الورثة فالمسلم إليه بالخيار لتغير شرط العقد وعند امضاء العقد يؤدى الكر ويرد
من رأس المال عشرة لأنه قد يمكن في أصل العقد هنا محاباة وإنما يسلم المحاباة له بطريق الوصية
فينظر إلى قيمة الكر وقت الخصومة وقيمته وقت الخصومة عشرة وحق الورثة في عشرين
فعليه أن يرد مع الكر من رأس المال عشرة بخلاف الأول فهناك لا محاباة في أصل العقد حين
وقع السلم فكانت مباشرته في المرض ومباشرته في الصحة سواء إذا لم يكن فيه وصية
فان أعطاه الكر رهنا ففي حكم الرهن ينظر إلى قيمة الكر يوم الرهن لان بدء الاستيفاء إنما
يثبت بقبض الرهن فيعتبر قيمته عند ذلك وتفسير ذلك مريض أسلم ثلاثين درهما في كر قيمته
عشرون وأخذ منه رهنا بالكر قيمته عشرون ثم مات رب السلم فصار قيمة الكر عشرة دراهم
وقد ضاع الرهن فان الرهن يذهب بالكر على قيمته يومئذ لأنه كان في قيمته وفاء بالكر
فينعقد به الاستيفاء بقبض الرهن ويتم بهلاكه ثم يكون المسلم إليه بالخيار ان شاء رد الدراهم
وأخذ كرا مثل كره لان استيفاء الكر بهلاك الرهن بمنزلة استيفائه حقيقة وان شاء رد
من رأس المال إلى الورثة ستة دراهم وثلثين لان الكر مستهلك فإذا رفعت قيمته من رأس
المال يوم يقع السلم بقي عشرة دراهم فذلك مال الميت فيسلم لصاحب المحاباة ثلث ذلك ويرد على
الورثة ثلثيها وذلك ستة وثلثان ولو أسلم خمسين درهما في كر يساوى عشرين وأخذ منه رهنا
قيمته عشرون فزادت قيمة الكر حتى صارت ثلاثين ثم مات رب السلم وقد ضاع الرهن فان
الرهن يذهب بقيمة الكر يومئذ لان بقبض الرهن يثبت له بدء الاستيفاء في جميع الكر فان في
82

قيمته وفاء بالكر فيتم الاستيفاء بهلاك الرهن ولا ينظر إلى زيادة قيمة الكر بعد ذلك والمسلم
إليه بالخيار ان شاء رد الدراهم وأخذ كرا مثل كره وان شاء رد من رأس المال عشرين درهما
وهو ثلثا تركة الميت بعد الذي ذهب به الرهن لان الكر مستهلك وقيمته وقت العقد كان
عشرين فإن كانت المحاباة بقدر ثلاثين ومال الميت منه مقدار المحاباة فقط فإنما يسلم له من ذلك
الثلث وهو عشرة دراهم فيرد على الورثة مقدار عشرين درهما حتى يستقيم الثلث والثلثان
والله أعلم بالصواب
باب السلم في مرض المسلم إليه
(قال رحمه الله) وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في كر موصوف قيمته أربعون درهما
إلى مريض وقبض المريض الدراهم ثم مات المسلم إليه ولا مال له غير الكر فرب السلم
بالخيار لان المسلم إليه حاباه بثلاثين درهما وذلك فوق ثلث ماله وإنما يسلم له المحاباة بقدر ثلث
ماله فيتخير حين لم يسلم له شرط عقده فإن شاء نقض السلم ورجع على الورثة بدراهمه وان شاء
أخذ نصف الكر وكان للورثة نصف الكر فيكون السالم لرب السلم نصف كر قيمته
عشرون درهما عشرة منها بالعشرة التي أسلمها وعشرة بالمحاباة وهي ثلث ما ترك الميت ويسلم
للورثة نصف كر قيمته عشرون وذلك ثلثا تركة الميت * وذكر الحاكم في المختصر ان شاء أخذ
الكر وأعطى الورثة عشرين درهما وإنما أراد به أن يرد من المحاباة ما جاوز الثلث بطريق
لزيادة في رأس المال على قياس بيع العين وهذا غلط لان الزيادة في رأس المال بعد موت
المسلم إليه لا تجوز فإنه لو لم يقبض رأس المال حتى مات المسلم إليه لم يجز قبضه بعد الموت
فلم تثبتت الزيادة التي التحقت بأصل العقد وإنما قبضت بعد موت المسلم إليه وذلك لا يجوز فان
قيل كيف يستقيم القول بسلامة نصف الكر للورثة من غير أن يجب عليهم رد شئ من رأس
المال لان سلامة نصف الكر لهم لا يكون الا بطريق انتقاض العقد في نصف الكر وانتقاض
العقد في نصف المعقود عليه لا تجوز بغير بدل قلنا إنما يسلم للورثة نصف الكر بطريق الحط
وهو أن رب السلم حين اختار امضاء العقد فكأنه حط نصف الكر وقد بينا في جانب رأس المال
أنه يرد بعض رأس المال على ورثة رب السلم بطريق الحط وكما يجوز الحط في رأس المال يجوز
في المسلم فيه لان الابراء عن المسلم فيه قبل القبض صحيح فحط بعضه يجوز أيضا فإن كان على
83

الميت دين محيط بتركته لم تجز المحاباة لأنها وصية ويحاص رب السلم الغرماء برأس ماله في
التركة لأنه تعذر تسليم الكر لمكان حق الغرماء فيجب رد رأس المال وقد استهلكه المسلم إليه
فيكون دينا عليه كسائر الديون فلهذا يتحاصون في التركة بقدر ديونهم فإن كان رب السلم قد
أخذ منه رهنا بالسلم وعلى ذلك بينة ثم مات المسلم إليه ولا مال له غير الرهن وعليه ديون استوفى
رب السلم رأس المال من الرهن ورد ما بقي على الغرماء لان تعلق حق السلم بالرهن أسبق من
تعلق حق سائر الغرماء فيستوفى رأس ماله ويرد ما بقي على الغرماء لان الدين مقدم على الوصية
* وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم إلى مريض في كر قيمته مائة وقبض الدراهم فاستهلكها ثم مات
وقد أوصى الرجل بثلث ماله ولا مال له غير الكر فإن شاء صاحب السلم نقض السلم وأخذ
دراهمه لأنه لم يسلم له شرط عقده وإذا نقض العقد بطلت وصيته بالمحاباة فيجوز للآخر وصيته
في ثلث مال الميت وان شاء أخذ خمسي الكر وأعطى الورثة منه ثلاثة أخماسه بطريق الحط فيسلم له
خمسي كر قيمته أربعون درهما بعشرة دراهم فالوصية له من ذلك ثلاثون ويسلم للورثة ثلاثة أخماس
الكر وقيمته ستون درهما فيستقيم الثلث والثلثان * والحاكم رحمه الله يقول إن شاء أخذ الكر
وأعطي الورثة ستين درهما وهذا غلط لما بينا ولا شئ لصاحب الوصية في قول أبي حنيفة لان
المحاباة على أصله مقدمة على سائر الوصايا والمحاباة هنا بقدر سبعين فهو أكثر من ثلث ماله فإنما
يسلم الثلث لصاحب المحاباة ولا شئ للآخر وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله يتحاصان في
الثلث فيضرب صاحب المحاباة بجميع المال وصاحب الثلث بالثلث فيصير الثلث بينهم على أربعة
والثلثان ثمانية فإذا اختار رب السلم امضاء العقد كان له من الكر قدر اثنين وثلاثين ونصف
ورد على الورثة قدر سبعة وستين ونصف من الكر بطريق الحط فيكون لصاحب الوصية
من ذلك سبعة ونصف وهو ربع ثلث ما ترك الميت لان التركة بقدر سبعين فمقدار العشرة
من الكر مستحق بعوضه وهو رأس المال ولهذا قلنا إن صاحب المحاباة يضرب بجميع المال
لان جميع ذلك محاباة له ويسلم للورثة ما يساوى ستين وذلك ثلثا التركة ولرب السلم من الكر
ما يساوي اثنين وثلاثين ونصف عشرة منها بإزاء دراهمه واثنان وعشرون ونصف ومحاباة وهي
ثلاثة أرباع ثلث التركة فإن كان له عبد فأعتقه في مرضه فعلى قول أبى يوسف ومحمد العتق
أولى ويرجع صاحب السلم برأس ماله ولا شئ له غير ذلك وعند أبي حنيفة رحمه الله ان بدأ
بالمحاباة فهي مقدمة على العتق وان بدأ بالعتق فهو والمحاباة سواء وقد تقدم بيان هذه المسألة
84

في العين والدين * وإذا اشترى الرجل بعشرة دراهم كر حنطة قيمته ثلاثون درهما من
مريض ثم مات البائع ولا مال له غير الكر وقد باعه من انسان آخر بعشرة أيضا فالأول
أولى بالبيع والمحاباة له دون الآخر لان الوصية بالمحاباة في ضمن البيع والبيع من الثاني باطل
فإن كان له كر آخر فباعه في مرضه من انسان آخر وحاباه فيه ثم مات تحاصا في الثلث فما
أصاب كل واحد منهما كان في الكر الذي اشترى ويردون ما بقي من قيمة الكرين دراهم
على الورثة لان في بيع العين يمكن إزالة المحاباة بالزيادة في الثمن بعد موت البائع فان قبض
الثمن قبل موته ليس بشرط بخلاف السلم على ما بينا والله أعلم بالصواب
باب هبة المريض العبد يقتله خطأ ويعفو عنه
(قال رحمه الله) وإذا وهب المريض في مرضه الذي مات فيه عبد الرجل قيمته ألف
درهم وقبضه ولا مال له غيره ثم إن العبد قتل الواهب خطأ فعفا عنه الواهب قبل موته فإنه
يقال للموهوب له ادفعه أو افده فان اختار الدفع دفع أربعة أخماسه وجاز له الخمس لأنه جمع
بين الهبة والعفو وكل واحد منهما وصية تجوز من الثلث فحق الموهوب له باعتبار الهبة في سهم
ثم لولا العفو لكان يدفع ذلك السهم فيسلم له ذلك السهم بالعفو فحق الورثة في أربعة لما نفذنا
الوصية له في سهمين سهم بالعفو وسهم بالهبة فلهذا يكون العبد على خمسة تجوز الهبة في سهم
ثم يجوز العفو في ذلك السهم فيكون ذلك السهم بمعنى سهمين ويصير كأن الميت إنما ترك عبدا
وخمسي عبد فيسلم للورثة أربعة أخماس عبد ويسلم للموصى له خمسا عبد في الحكم فيستقيم الثلث
والثلثان * وعلى طريق الجبر يجعل العبد مالا وتجوز الهبة في شئ ثم يجوز العفو في ذلك الشئ
يبقى في يد الورثة مال الا شئ وذلك يدل أربعة أشياء لأنا جوزنا الهبة في شئ والعفو في
شئ فحاجة الورثة إلى ضعف ذلك وهو أربعة أشياء فأجبر المال بشئ وزد على ما يعدله مثله
فظهر أن المال الكامل يعدل خمسة أشياء وانا حين جوزنا الهبة في شئ كان ذلك بمعنى خمس
العبد وجوزنا العفو فيه أيضا وان اختار الفداء فدى ثلثه بثلث الدية ويسلم له العبد كله لأنه
لو كان العفو دون الهبة لكان يفدى سدس العبد بالطريق الذي قلنا أنه لو كان للميت ألفا درهم
جاز العفو في جميع العبد فيضم الألفين إلى الدية ثم يجوز العفو في مقدار الدية ويبطل العفو
في حصة الألفين وذلك سدس الجملة فيفديه بسدس الدية فإذا اجتمعت الهبة والعفو يتضاعف
85

ما يلزمه الفداء فيه فإنما يفدى ثلث العبد بثلث الدية وذلك ثلاثة آلاف وثلث ألف ويسلم
له العبد كله بالهبة وثلثا العفو وذلك ستمائة وستة وستون وثلثان لان موجب الجناية أحد
شيئين القيمة أو الدية وإنما يعتبر الأقل وهو القيمة لأنه المتيقن به فيكون السالم للموهوب
له في الحاصل ألف وستمائة وستة وستون وثلثان وقد سلم للورثة ضعف ذلك من الدية فكان
مستقيما فإن كانت قيمته ألفي درهم فاختار الدفع دفع أربعة أخماسه كما بينا وان اختار الفداء
فدى أربعه أسباعه بأربعة أسباع الدية ويسلم له العبد كله لأنا نضم ضعف قيمة العبد وهو
أربعة آلاف إلى الدية ثم نوجب عليه الفداء بحصة ما عدمنا وذلك سبعان لو لم يكن هنا هبة
فبعد وجود الهبة يتضاعف لفداء فيفدى أربعة أسباعه بأربعة أسباع الدية وذلك خمسة آلاف
وخمسة أسباع ألف ويسلم للموهوب له العبد بالهبة وقيمته ألفان وثلاثة أسباعه بالعفو وذلك
ستة أسباع الف فيكون له ألفان وستة أسباع ألف فذلك ثلث تركة الميت ولو كانت قيمته
ثلاثة آلاف فدى ثلاثة أرباعه بثلاثة أرباع الدية لأنا نضم إلى الدية ضعف القيمة وذلك ستة
آلاف فيكون ستة عشر ألفا فلو كان العفو خاصة لكان يفدى بحساب المضموم وذلك ثلاثة
أثمان الدية فعند اجتماع الهبة مع العفو يتضاعف الفداء فيفدي ثلاثة أرباعه بثلاثة أرباع الدية
وذلك سبعة آلاف وخمسمائة فيسلم له العبد بطريق الهبة وقيمته ثلاثة آلاف ربعه بالعفو
قيمته سبعمائة وخمسون فذلك ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسون نفذنا فيه الوصية وقد سلم
للورثة ضعف ذلك ولو كانت قيمته أربعة آلاف فدى ثمانية اتساع بثمانية اتساع الدية لأنا
نضم ضعف القيمة وهو ثمانية آلاف إلى الدية فلو لم يكن الا العفو لكان يفدى بحصة المضموم
وذلك أربعة اتساعه فإذا اجتمعت الهبة والعفو يتضاعف الفداء فلهذا يفدى ثمانية اتساعه
بثمانية اتساع الدية ولو كانت قيمته خمسة آلاف فداه كله بجميع الدية ويسلم له العبد بإلهية
لأنا نضم ضعف القيمة إلى الدية فيكون عشرين ألفا فلو كان العفو دون الهبة لكان يفدى
بحصة المضموم وذلك نصف العبد فإذا اجتمعت الهبة مع العفو يتضاعف الفداء عليه فيفدي
جميعه بجميع الدية وذلك عشرة آلاف ويسلم له العبد بالهبة وقيمته خمسة آلاف فيستقيم الثلث
والثلثان وهذا لأنا نصحح الهبة له في جميع العبد أولا فان بتصحيح الهبة في جميع العبد يزداد
الفداء عليه وبزيادة الفداء يزداد مال الميت فلا بد من تصحيح الهبة في جميع العبد ثم إن
بقي من الثلث شئ يصح العفو بقدر ما بقي من العبد ويفدى ما زاد على ذلك كما في المسائل
86

المتقدمة وإن لم يبق من الثلث شئ لا يصح العفو في شئ كما في هذه المسألة فإنه إذا كانت
قيمته خمسة آلاف وقد نفذنا الهبة في جميع ذلك العبد لا يبقى من ثلث مال الميت فلهذا
يبطل العفو ويفدى جميع العبد بجميع الدية وإذا وهب المريض عبدا لرجل لا مال له غيره
وقيمته ألف درهم وقبضه ثم وهب الموهوب له الآخر وقبضه ثم جرح العبد المريض جراحة
خطأ فمات منها وعفا عن الجناية فإنه يخير الموهوب له الثاني في الدفع والفداء لان الملك في
العبد له فان اختار دفعه دفع بثلثين وأمسك الثلث وضمن الموهوب له الأول ثلثي قيمة العبد
لورثة المقتول لان مال الواهب في الحكم عبدان عبد يستحق له بالجناية وعبد كان على ملكه
فوهبه فتصح وصيته في ثلثه وذلك ثلثا عند نصف ذلك للموهوب له الأول بالهبة ونصفه
الثاني بالعفو فيكون السالم للموهوب له الأول ثلث العبد وقد وجب عليه رد الثلثين وقد تعذر
رده بالاستهلاك فيضمن ثلثي قيمته لورثة المقتول ويسلم للثاني ثلث العبد بالعفو ويدفع ثلثيه
إلى ورثة المقتول فيسلم لهم عبد وثلثا عبد وقد نفذنا الوصية لهما في ثلثي عبد فاستقام فإن كان
الموهوب له الأول معسرا دفع الموهوب له الثاني أربعة أخماس العبد وأمسك الخمس
لان الموهوب له الأول مستوف لوصيته وما عليه تاوي فإنما يعتبر ما هو قائم وهو رقبة العبد
بالجناية يضرب فيه الورثة بسهام حقهم وهو أربعة والموهوب له الثاني بسهم فيكون العبد على
خمسة يسلم له الخمس ويدفع إلى ولى المقتول أربعة أخماسه فإذا تيسر استقاما علي الموهوب له
الأول وذلك ثلثا قيمة العبد رد على الموهوب له الثاني إلى تمام ثلث العبد لان ذلك حقه
بالوصية وان اختار فداء العبد فدى بسبعه وخمسي تسعه بتسعي الدية وخمسي تسعها ويؤخذ
من الأول تسعا قيمة العبد وخمسا تسعه والطريق في ذلك أن يأخذ ضعف القيمة لأجل العفو
وذلك ألفان وضعف القيمة لأجل الهبة فيضم ذلك إلى العبد فيكون خمسة آلاف ثم يضم
ذلك إلى الدية فيكون خمسة عشر ألفا ثم ينظر إلى المضموم كم هو من الجملة فيجد العبد والدية
أربعة أسهم من خمسة عشر سهما من الجملة فيجوز العفو فيما زاد على ذلك وهو أحد عشر سهما
من خمسة عشر سهما ويفدى أربعة أسهم من خمسة عشر بعشرة أمثاله من الدية لان الدية من
القيمة عشرة أمثاله فيكون ذلك أربعون وتجوز الهبة للموهوب له الأول في أحد عشر سهما
من خمسة عشر فإنما يضمن قيمة أربعة أسهم من خمسة عشر سهما للورثة فيسلم للورثة أربعة
وأربعون سهما وقد نفذنا الوصية لهما في اثنين وعشرين سهما فاستقام الثلث والثلثان وإذا
87

أردت معرفة ما قال في الكتاب أنه يفدي بتسعه وخمسي تسعه بتسعي الدية وخمسي تسعها
فالسبيل أن تضرب خمسة عشر في ثلاثة فيكون خمسة وأربعين وإنما لزمه الفداء في أربعة من
ذلك فيضرب تلك الأربعة في ثلاثة فتكون اثنى عشر واثنا عشر من خمسة وأربعين يكون
تسعاه خمسا تسعه فان كل تسع يكون خمسة وتسعاه عشرة وخمسا تسعه سهمان فظهر انه
إنما يفدى بتسعه وخمسي تسعه وكذلك الموهوب له الأول إنما ضمن أربعة من خمسة عشر
وقد ضربنا ذلك في ثلاثة فهو اثنا عشر فعرفنا أنه يضمن تسعى قيمة العبد وخمسي تسعه فإن كان
ت قيمته ألفا فدى خمس العبد بخمسي الدية لأنا نأخذ ضعف القيمة لأجل العفو ومثله
لأجل الهبة فيكون ثمانية آلاف إذا ضممت ذلك إلى الدية مع قيمة العبد يكون عشرين ألفا
ثم يبطل العفو بحصة المضموم والمضموم كان ثمانية آلاف فحصته خمسا الجملة فلهذا يفدى
خمسي العبد بخمسي الدية وذلك أربعة آلاف ويضمن الموهوب له الأول خمسي قيمة العبد
وذلك ثمانمائة ويسلم له بالهبة ثلاثة أخماس العبد قيمته ألف ومائتان وقد نفذنا العفو للموهوب
له الثاني في مثل ذلك فحصل تنفيذ الوصيتين في ألفين وأربعمائة وقد سلم للورثة أربعة آلاف
وثمانمائة فاستقام الثلث والثلثان وان كانت قيمته ثلاثة آلاف فدى أربعة أعشاره وأربعة أخماس
عشره بالطريق الذي قلنا أنه يؤخذ ضعف القيمة مرتين وذلك اثنا عشر ألفا فيضم إلى
الدية مع القيمة فيكون الجملة خمسة وعشرين ألفا ثم يفدى حصة المضموم والمضموم من
الجملة أربعة أعشاره وأربعة أخماس عشره لان المضموم اثنا عشر واثنا عشر من خمس وعشرين
يكون أربعة أعشاره وأربعة أخماس عشره وإن أردت معرفة ذلك فاضرب خمسة وعشرين
في عشره فيكون مائتين وخمسين ثم اضرب اثنى عشرة في عشرة فتكون مائتين وعشرين
وعشر مائتين وخمسين خمسة وعشرون فمائة تكون أربعة أعشاره وعشرون تكون أربعة
أخماس عشر ثم التخريج الخ كما بينا وعلى هذا الطريق يخرج ما إذا كانت قيمته خمسة آلاف
أو أكثر فإنه إذا كانت قيمته خمسة آلاف فدى أربعة أسباعه وان كانت ستة آلاف فدى
ثلاثة أخماسه وان كانت سبعة آلاف فدى ثلاثة أخماسه وتسع خمسه وان كانت ثمانية
آلاف فدى ثلاثة أخماسه وخمس خمسه وان كانت تسعة آلاف فدى منه ستة وثلاثين
سهما من خمسة وخمسين سهما وكل ذلك يخرج مستقيما على الطريق الذي قلنا فإن كانت قيمته
عشرة آلاف فدى ثلثيه لأنا نضم ضعف القيمة مرتين وذلك أربعون ألفا إلى الدية والقيمة
88

فيكون ستين ألفا يبطل العفو والهبة في حصة المضموم وذلك ثلثا الجملة فإذا بطل العفو في ثلثي
العبد فداه بثلثي الدية وكذلك الهبة تبطل في ثلثي العبد فيضمن الموهوب له الأول ثلثي قيمته فيسلم
لورثة الواهب ثلاثة عشر ألفا وثلث ألف وقد نفذنا الهبة والعفو لهما في ستة آلاف وثلثي ألف
فكان مستقيما ولو كانت قيمته عشرين ألفا فدى ثلثيه بثلثي الدية ويرد الموهوب له الأول ثلثي
القيمة لأنا نعتبر في العفو هنا الدية دون القيمة فان الدية أقل من القيمة والمتيقن به هو الأقل
وإذا اعتبرنا الدية كان هذا وما لو كانت قيمته عشرة آلاف سواء من حيث أنه يجوز العفو
في الثلث وذلك ثلاثة آلاف وثلث ألف ويؤدى ثلثي الدية ويرد الموهوب له الأول ثلثي
القيمة وذلك ثلاثة عشر ألفا وثلث ألف فيسلم للورثة عشرون ألفا وقد نفذنا الهبة في عشرة
آلاف للموهوب له الأول في ثلث عبد قيمته ستة آلاف وثلثا الف وللموهوب له
الثاني في ثلث الدية فيكون ذلك عشرة آلاف وكذلك لو كانت قيمته خمسة عشر ألفا لأنا
نعتبر في العفو الدية فيسلم له الثلث بالعفو ويؤدى ثلث الدية ويغرم الموهوب له الأول
ثلثي قيمته وذلك عشرة آلاف فيسلم للورثة ستة عشر ألفا وثلثا ألف وقد نفذنا الوصية
للموهوب له الأول في خمسة آلاف ثلث العبد وللموهوب له الثاني في ثلث الدية فذلك
ثمانية آلاف وثلث ألف مثل نصف ما سلم للورثة فكان مستقيما وان أردا الدفع دفع خمسة
أثمانه وضمن له الموهوب له الأول خمسة أثمان قيمته لان الوصية بالهبة كانت في خمسة عشر
ألفا وبالعفو في عشرة آلاف وهو الدية لأنه أقل الواجبين فيكون ذلك خمسة وعشرين ألفا
وحاجة الورثة إلى ضعف ذلك وذلك خمسون ألفا فالسبيل أن تضم خمسين ألفا إلى نصف
قيمة العبد وذلك ثلاثون ألفا فيكون جملة ذلك ثمانين ألفا ثم تبطل من الهبة والعفو بحساب
ما عدمنا وذلك خمسة أثمان الجملة فإذا بطل العفو في خمسة أثمانه دفع قيمة ذلك تسعة آلاف
وثلاثمائة وخمسة وسبعين ويغرم الموهوب له خمسة أثمان قيمته وهو هذا المقدار أيضا فتكون
الجملة ثمانية عشر ألفا وسبعمائة وخمسين وسلم للموهوب له الأول ثلاثة أثمان العبد وللموهوب
له الثاني ثلاثة أثمان الدية بالعفو فإذا جمعت بينهما من حيث الدراهم كان مثل نصف ما سلم
للورثة فيستقيم الثلث والثلثان * مسألة من إقالة السلم وإذا كان للمريض كر حنطة على رجلين
يساوى ثلاثين درهما ورأس ماله فيه عشرة دراهم فأقالهما ولا مال له غيره ثم مات وأحدهما
غائب قيل للحاضر رد ثلاثة أعشار نصف رأس المال وذلك درهم وأد سبعة أعشار نصف الكر
89

وذلك يساوى عشرة ونصفا وإنما كان كذلك لأنه بالإقالة حاباهما بقدر عشرين درهما وإنما
تجوز المحاباة لهما في الثلث فيكون لكل واحد منهما نصف الثلث وأحدهما غائب
مستوف لوصيته فإنما يعتبر حصة الحاضر خاصة وذلك خمسة عشر فهو يضرب بسهم والورثة
بأربعة فيكون ذلك خمسة فإنما نسلم له خمس هذا النصف وذلك ثلاثة ثم المحاباة لهما كانت بقدر
عشرين فيكون لكل واحد منهما عشرة وثلاثة من عشرة تكون ثلاثة أعشاره والأصل في
الإقالة ما قدمنا أنه إنما تصح الإقالة في مقدار ما يخرج من الثلث من المحاباة (ألا ترى) أن
في هذه المسألة لو كانا حاضرين كانت الإقالة تجوز لهما في النصف لان الثلث من جملة المحاباة مثل
نصفه فكذلك هنا إنما تجوز الإقالة للحاضر في مقدار نصيبه من المحاباة وذلك ثلاثة أعشار
نصف رأس المال ونصف رأس المال خمسة دراهم فثلاثة أعشاره درهم ونصف ويؤدى سبعة
أعشار نصف الكر قيمة ذلك عشرة ونصف فيكون جملته اثنى عشر هو السالم للورثة وقد
سلم للحاضر بالوصية ثلاثة دراهم وللغائب مثل ذلك فيستقيم الثلث والثلثان إلى أن يقدم
الغائب فإذا قدم رد نصف رأس مال حصته ونصف كر ويرد الورثة على الأول من الطعام
بقيمة ثلاثة من عشرة ونصف ويأخذون منه درهما من رأس المال حتى تسلم الإقالة لهما في
نصف الكر وقيمته خمسة عشر بخمسه فتكون الوصية لهما في عشرة ويسلم للورثة نصف
كر قيمته خمسة عشر درهما فاستقام الثلث والثلثان وإنما كان هذا بخلاف ما تقدم من مسائل
السلم إلى رجلين لان قضاء القاضي هناك على الحاضر عند غيبة أحدهما يكون فسخا لعقد السلم
فيما أمره بالرد وفسخ السلم لا يحتمل النقض فلا يعود حقه بحضور الثاني فاما في هذه المواضع
هذا إقالة السلم فكأنه فسخ الإقالة أو منع صحتها في النقض عند غيبة أحدهما فإذا حضر وأمكن
اعماله وجب اعماله فلهذا كان الراجع فيما بينهما حتى يستوفيا في الوصية وفيما وجب لكل واحد
منهما بالإقالة * وإذا وهب المريض لرجل صحيح عبدا يساوى ثلاث مائة فقبضه ثم باعه
من المريض بمائة درهم وقبضه المريض ثم مات ولا مال له غير العبد فان العبد يسلم لورثة
المريض ويرجعون أيضا على الموهوب له بثلاثة وثلاثين وثلث وإنما يسلم لهم الهبة في ثلثي العبد
وثلثي ثلثه لان مال المريض في الحاصل خمسمائة العبد الموهوب والعبد المشترى وهو في
كعبد آخر إلا أن عليه مائة درهم دين وهو ثمنه فإذا رفعنا المائة من ستمائة يبقي خمسمائة
فإنما تجوز الهبة في ثلث ذلك وذلك مائة وستة وستون وثلثان وعليه رد مائة وثلاثة وثلاثين
90

وثلث باعتبار نقض الهبة لأنه صار مستهلكا للعبد بالبيع إلا أن مقدار المائة دين له على الميت
وهو ثمن العبد فتقع المقاصة بقدره ويؤدى ثلاثة وثلاثين وثلثا فيسلم للورثة العبد وقيمته ثلاثمائة
وثلاثة وثلاثون وثلث وقد نفذنا الهبة في مائة وستة وستين وثلثين مثل نصف ما سلم للورثة
فاستقام الثلث والثلثان والله أعلم
كتاب الدور
(قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل
السرخسي رحمه الله) إملاء في كتاب الدور * قال وإذا جرح العبد رجلا فعفا عنه المجروح في
صحته أو في مرضه ثم مات من ذلك المرض ولم يترك مالا فإن كانت الجراحة عمدا فالعفو
صحيح من غير أن يعتبر من الثلث لان الواجب هو القصاص والقصاص ليس بمال واسقاط
المريض حقه فيما ليس بمال لا يكون معتبرا من الثلث وهذا استحسان قد بيناه في الديات وان
كانت الجراحة خطأ فإن لم يكن صاحب فراش حين عفا جاز العفو في الكل أيضا لأنه في
حكم الصحيح ما لم يصر صاحب فراش في التصرفات والتبرعات وهذا تصرف بعده في الحال
فإنما يعتبر حاله حين نفذ التصرف وإن كان صاحب فراش حين عفا جاز العفو من ثلثه لان
الواجب في الجناية الخطأ الدفع أو الفداء فعفوه يكون اسقاطا بطريق التبرع وذلك معتبر من
الثلث إذا باشره في مرضه وبعد ما صار صاحب فراش فهو في حكم المريض فيكون عفوه
من الثلث ثم المسألة على ثلاثة أوجه اما أن يكون قيمة العبد مثل الدية عشرة آلاف أو
أقل من الدية أو أكثر من الدية فإن كانت قيمته مثل الدية فالعفو صحيح في ثلثه ويخير بين
أن يدفع ثلثه وبين أن يفديه بثلثي الدية ولا يقع الدور هنا سواء اختار الدفع أو الفداء وان
كانت قيمته أقل من عشرة آلاف لم يقع الدور عند اختيار الدفع ويقع الدور عند اختيار الفداء
لان وقوع الدور بزيادة مال الميت وإنما يحسب مال الميت في الابتداء ما هو الأقل لان مولى
العبد الجاني يتخلص بدفع الأقل فإنما يتبين بذلك القدر انه مال الميت وما زاد عليه إنما يظهر
باختياره الدفع فإذا كانت قيمته أقل من عشرة آلاف درهم فظهور الزيادة عند اختياره الفداء
لا عند اختياره الدفع وان كانت قيمته أكثر من عشرة آلاف فظهور الزيادة عند اختيار الدفع
لا عند اختيار الفداء ثم جملة هذا النوع من المسائل ان قيمة العبد اما أن تكون ألفا أو ألفين
91

أو ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف أو خمسة آلاف أو ستة آلاف أو سبعة آلاف أو ثمانية آلاف
أو تسعة آلاف أو عشرة آلاف أو خمسة عشرة ألفا أو عشرين ألفا أو ثلاثين ألفا أو أربعين ألفا
أو خمسين ألفا أو مائة ألف وفى الأصل إنما بدأ بما كانت قيمته خمسة آلاف وفى المختصر ذكر
بعض المسائل ولم يذكر البعض والأولى أن نخرج جميع هذه المسائل على الترتيب ليكون
أوضح في البيان وأقرب إلى الفهم فنقول أما إذا كانت قيمته ألف درهم فان اختار الدفع
لا تدور المسألة ولكنه يدفع ثلثي العبد ويجوز العفو في الثلث فان اختار الفداء فإنه يقع الدور
هنا لأنه يتعذر تصحيح العفو في جميع العبد فإنه لا يجب شئ من الدية عند ذلك ولا يظهر
للميت مال آخر فتبين انا صححنا تبرعه في جميع ماله وذلك لا يجوز ولا يمكن ابطال العفو في
جميعه لأنه حينئذ يفديه بعشرة آلاف درهم فتبين ان للميت عشرة آلاف وان العبد خارج
من الثلث وزيادة فعرفنا انه يجب تصحيح العفو في بعضه ثم طريق معرفة ذلك البعض ما
أشار إليه محمد رحمه الله في الأصل انه لو كان معنا مال آخر ضعف قيمة العبد لكان يصح العفو
في الكل لان مال الميت هو أقل وذلك ألف درهم قيمة العبد فإذا جاز العفو في الكل وسلم
للورثة ألف درهم استقام الثلث والثلثان ولا معتبر بالدية هنا لأنها لا تجب عند صحة العفو فإنما
وجب الاعتراض على هذا العفو لأنا عدمنا ألفي درهم فالسبيل أن يضم ذلك القدر إلى الدية
وهو عشرة آلاف درهم ثم ينظر إلى المضموم كم هو من الجملة فيبطل العفو بقدر ذلك المضموم
وإذا ضممت إلى عشرة آلاف ألفي درهم كان اثنى عشر ألفا وكان المضموم من هذه الجملة
السدس فعرفنا ان العفو يصح في خمسة أسداس العبد مقدار ذلك ثمانمائة وثلاثة وثلاثون
وثلث ويبطل في السدس فيفديه بسدس الدية وذلك ألف وستمائة وستة وستون وثلثان
فيحصل للورثة هذا القدر وما نفذنا فيه العفو مثل نصفه فيستقيم الثلث والثلثان وطريق
الدينار والدرهم فيه أن تجعل العبد دينارا أو درهما وتجبر العفو في الدينار وتبطله في الدرهم
فيفديه بعشرة أمثاله لان الدية عشرة أمثال قيمة العبد فكل جزء بطل فيه العفو فداه بعشرة
أمثاله فيصير في يد الوارث عشرة دراهم وحاجتهم إلى دينارين فاقلب الفضة فيكون كل دينار
بمعنى عشرة وكل درهم بمعنى اثنين ثم عد إلى الأصل فقل قد جعلنا العبد دينارا ودرهما الدينار
عشرة والدرهم اثنان فذلك اثنا عشر وقد نفذنا العفو في الدينار وذلك خمسة أسداس العبد * أو
نقول لما كان عشرة دراهم تعدل دينارين عرفنا أن كل دينار يعدل خمسة فتقلب الفضة وتجعل
92

الدينار بمعنى خمسة والدرهم بمعنى واحد ثم تعود إلى الأصل فتقول قد كان العبد دينارا ودرهم
فالدينار بمعنى خمسة والدرهم بمعنى واحد ثم صححنا العفو في الدينار وذلك خمسة أسداس العبد
وبطل في السدس فيفديه بالسدس الدية والتخريج كما بينا وعلى طريق الجبر نقول السبيل أن
تأخذ مالا مجهولا يصح العفو في شئ منه ويبطل في مال الا شئ فتفديه بعشرة أمثاله وهو
عشرة أموال الا عشرة أشياء وحاجة الورثة إلى شيئين فالسبيل أن تجير عشرة أموال بعشرة
أشياء وتزيد على ما يعدله مثل ذلك فصار عشرة أموال تعدل اثنى عشر شيئا فالمال الواحد يعدل
شيئا وخمس شئ فقد انكسر بالأخماس فتضرب شيئا وخمس شئ في خمسة فيكون سبعة وقد
نفذنا العفو في شئ فضربنا كل شئ في خمسة فتبين انا نفذنا العفو في خمسة أسداس العبد وأبطلناه
في السدس فنفديه بسدس الدية كما بينا وعلى طريق الخطأين السبيل أن تجعل على العبد ثلاثة
أسهم فتجبر العفو في سهم وتبطله في سهمين فتفدى هذين السهمين بعشرة أمثالها وذلك
عشرون وحاجة الورثة إلى سهمين فظهر الخطأ بزيادة ثمانية عشر فتعود إلى الأصل وتجبر
العفو في سهمين وتبطله في سهم فيفديه بعشرة أمثاله فيحصل في يد الورثة عشرة وحاجتهم
إلى أربعة فظهر الخطأ بزيادة ستة وكان الخطأ الأول بزيادة ثمانية عشر فلما زدنا سهما في العفو
ذهب خطأ اثنى عشر فعرفنا أن الذي يذهب ما بقي من الخطأ وذلك ستة ونصف سهم فنجوز
العفو في سهمين ونصف ونبطله في نصف سهم ثم نفدي ذلك بعشرة أمثاله وذلك خمسة أسهم
ونسلم للورثة خمسة وقد نفذنا العفو في سهمين ونصف فيستقيم وسهمان ونصف من ثلاثة
تكون خمسة أسداس فظهر ان العفو إنما يصح في خمسة أسداس العبد وإذا عرفنا طريق
الخطأين تيسر طريق الجامعين على ذلك وقد بينا في وجه تخريجه فيما تقدم من كتب الحساب
فان أعتقه مولاه أو باعه وهو يعلم فهو مختار للفداء لأنه فوت الدفع بتصرفه وعليه سدس
الدية بمنزلة ما لو اختار الفداء ولم يعلمها بالجناية كان مستهلكا للعبد فعليه ثلث القيمة بمنزلة
ما لو اختار الدفع فإن كان قيمة العبد ألفي درهم واختار الفداء فداه بسبعي الدية * والطريق
في ذلك أن تقول لو كان هنا مال آخر ضعف قيمة العبد وهو أربعة آلاف لكان العفو يصح
في جميع العبد فيضم ما عدمنا وهو أربعة آلاف إلى الدية فيكون أربعة عشر ألفا ثم ننظر
إلى المضموم كم هو من الجملة فنجده سبعي الجملة فنبطل العفو في سبعي العبد باعتبار ما عدمنا
ونجوز في خمسة أسباع العبد مقدار ذلك من الدراهم ألف وأربعمائة وعشرون وأربعة أسباع
93

وما أبطلنا فيه العفو وذلك سبعا فنفدى بسبعي الدية مقدار ذلك ألفان وثلاثمائة وسبعة
وخمسون وسبع يسلم للورثة ضعف ما نفذنا فيه العفو فاستقام الثلث والثلثان وعلى طريق الدينار
والدرهم نجعل العبد دينارا ودرهما وتجبر العفو في الدينار ونبطله في الدرهم فنفديه بخمسة
أمثاله لان الدية خمسة أمثال قيمة العبد فيحصل في يد الورثة خمسة دراهم وحاجتهم إلى دينارين
فإذا قلبت الفضة كان كل دينار بمعنى خمسة وكل درهم بمعنى اثنين ثم نعود إلى الأصل فنقول
قد كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما فالدينار خمسة والدراهم اثنان فذلك سبعة وقد صححنا العفو
في الدينار وذلك خمسة أسباع العبد فتبين أن العفو إنما بطل في سبعة والتخرج كما بينا * وعلى
طريق الجبر نصحح العفو في شئ ونبطله في مال الا شئ فنفديه بخمسة أمثاله فيحصل في يد
الورثة خمسة أموال الا خمسة أشياء وذلك شيئان فأجبره بخمسة أشياء فيكون خمسة أموال
تعدل سبعة أشياء فعرفنا ان كل مال يعدل شيئا وخمسي شئ فانكسر بالأخماس فنضرب شيئا
وخمسي شئ في خمسة فيكون سبعة فظهر أن المال الكامل سبعة وفد كنا صححنا العفو في
شئ وضربنا كل شئ في خمسة فتبين انا صححنا العفو في خمسة أسباع العبد والتخريج كما بينا
وعلى طريق الخطأين نجعل العبد على ثلاثة أسهم ونصحح العفو في شئ ونبطله في سهمين
فنفديهما بخمسة أمثالهما وذلك عشرة وحاجة الورثة إلى سهمين فظهر الخطأ بزيادة ثمانية فنعود
إلى الأصل ونصحح العفو في سهمين ونبطله في سهم فنفديه بخمسة أمثاله فيحصل في يد الورثة
خمسة وحاجتهم إلى أربعة فظهر الخطأ بزيادة سهم وكان الخطأ الأول بزيادة ثمانية فلما زدنا سهما
اذهب سبعة فنزيد في العفو ما يذهب خطأ السهم الباقي وذلك سبع سهم ونصحح العفو في
سهمين وسبع ونبطله في ستة أسباع سهم فنفدي ذلك بخمسة أمثاله وذلك أربعة وسبعان فيسلم
للورثة هذا المقدار وقد نفذنا العفو في سهمين وسبع فيستقيم الثلث والثلثان وستة أسباع من
ثلاثة سبعاه في الحاصل فظهر أنا أبطلنا العفو في سبعي العبد وجوزناه في خمسة أسباعه ولو كان
قيمة العبد ثلاثة آلاف واختار الفداء فداه بثلاثة أثمان الدية لأنا ننظر إلى ضعف قيمة العبد
وذلك ستة آلاف فنضمه إلى الدية فيكون ستة عشر ألفا ثم ننظر إلى المضموم كم هو من الجملة
فإذا هو ثلاثة أثمانه فنبطل العفو باعتباره في ثلاثة أثمان العبد ونصححه في خمسة أثمانه مقدار
ذلك من الدراهم ألف وثمانمائة وخمسة وسبعون ونفدى بثلاثة أثمان الدية وذلك ثلاثة
آلاف وسبعمائة وخمسون فان كل ثمن من الدية ألف ومائتان وخمسون فيستقيم الثلث
94

والثلثان * وعلى طريق الدينار والدرهم نجعل العبد دينارا ودرهما فتجوز العفو في الدينار وتبطله
في الدرهم ثم تفدى ذلك بثلاثة أمثاله وثلث لان الدية مثل ثلاثة أمثال قيمة العبد ومثل
ثلثه فيحصل في يد الورثة ثلاثة دراهم وثلث وحاجتهم إلى دينارين فقد وقع الكسر بالأثلاث
فتضرب كل شئ في ثلاثة فصارت الدراهم عشرة والدنانير ستة ثم تقلب الفضة وتعود إلى
الأصل فتقول قد كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما فالدينار عشرة والدرهم ستة فذلك ستة عشر
ثم صححنا العفو في الدينار وذلك خمسة أثمان العبد وأبطلنا في الدرهم وذلك ثلاثة أثمان العبد
وهو ستة فتفديه بثلاثة أمثال وثلث وذلك عشرون فيسلم للورثة عشرون وقد صححنا العفو
في عشرة فيستقيم الثلث والثلثان * وعلى طريق الجبر تصحح العفو في شئ منه وتبطله في مال
الا شيئا منه فتفديه بثلاثة أمثاله ومثل ثلثه فيحصل في يد الورثة ثلاثة أموال وثلث الا ثلاثة
أشياء وثلثا تعدل خمسة أشياء وثلثا انكسر بالأثلاث فتضرب خمسة وثلثا في ثلاثة فيكون
ستة عشر وتضرب ثلاثة أموال وثلث في ثلاثة فيكون عشرة فظهر ان كل مال يعدل شيئا
وستة أعشار شئ وهو ثلاثة أخماس فتضرب شيئا وثلاثة أخماس في خمسة فيكون ثمانية وتبين ان المال الكامل ثمانية وقد نفذنا العفو في شئ وضربنا كل شئ في خمسة فتبين انا نفذنا العفو
في خمسة أثمان العبد وأبطلناه في ثلاثة أثمانه وطريق الخطأين فيه على نحو ما بينا يخرج مستقيما
إذا تأملت فتركته للتحرز عن التطول * ولو كان قيمة العبد أربعة آلاف فداه بأربعة أسباع
الدية لأنا نأخذ ضعف قيمة العبد وذلك ثمانية آلاف فنضمه إلى مقدار الدية فيكون ثمانية
عشر ألفا ثم ننظر إلى المضموم كم هو من الجملة فنجد ذلك أربعة اتساع الجملة فنبطل العفو بقدره
ونصحح العفو في خمسة اتساع العبد مقدار ذلك من الدراهم ألفان ومائتان وعشرون
وتسعان ونفدى أربعة اتساع العبد بأربعة أتساع الدية وذلك أربعة آلاف وأربعمائة وأربعة
وأربعون وأربعة اتساع فيستقيم الثلث والثلثان * وعلى طريق الدينار والدرهم نجعل العبد دينارا
ودرهما ونصحح العفو في الدينار ونبطله في الدراهم فنفدى ذلك بمثله ومثل نصفه وذلك درهمان
ونصف ثم درهمان ونصف يعدل دينارين وقد وقع الكسر فيه بالانصاف فأضعفه فيصير أربعة
دنانير تعدل خمسة دراهم ثم اقلب الفضة وعد إلى الأصل فتقول كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما
فالدينار بمعنى خمسة والدرهم بمعنى أربعة فذلك تسعة وصححنا العفو في الدينار وذلك خمسة
وأبطلنا في الدرهم وهو أربعة فنفدى ذلك بمثله ومثل نصفه وذلك عشرة فيحصل للورثة
95

عشرة وقد نفذنا العفو في خمسة فيستقيم الثلث والثلثان * وطريق الجبر فيه أن تصحح
العفو في شئ وتبطله في مال الا شئ فتفديه بمثله ومثل نصفه فيحصل في يد الورثة مالان
ونصف الا شيئين ونصف شيئا وحاجتهم إلى شيئين فاجبر مالين ونصفا بشئ ونصف شئ
وزد على ما يعدله شيئين ونصف شئ فيصير مالين ونصفا يعدل أربعة أشياء ونصفا فانكسر
بالانصاف فأضعفه فيكون خمسة أموال يعدل تسعة أشياء فالمال الكامل يعدل شيئا فتضربه
في أربعة أخماس فتضربه في خمسة وشئ وأربعة أخماس إذا ضربته في خمسة يكون تسعة وقد
صححنا العفو في شئ وضربنا كل شئ في خمسة فتبين انا جوزنا العفو في خمسة اتساع العبد
والتخريج كما بينا فإن كان قيمة العبد خمسة آلاف فإنه يفدى نصفه بنصف الدية لأنا نأخذ
ضعف قيمة العبد وهو عشرة آلاف فنضمه إلى الدية فيكون ذلك عشرين ألفا ثم ننظر إلى
المضموم وكم هو من الجملة فإذا هو نصف الجملة فنبطل العفو باعتباره في العبد ونجوز في نصف
العبد مقدار ذلك ألفان وخمسمائة ثم نفدى ما أبطلنا فيه العفو بنصف الدية وذلك خمسة
آلاف فيحصل للورثة خمسة آلاف وقد نفذنا العفو في ألفين وخمسمائة فيستقيم الثلث
والثلثان * وعلى طريق الدينار والدرهم نجعل العبد دينارا ودرهما فنصحح العفو في الدينار ونبطله
في الدرهم فنفدى ذلك بضعفه لان الدية ضعف قيمة العبد فيصير في يد الورثة درهمان تعدل
دينارين وتبين ان قيمة الدينار والدرهم سواء وانا صححنا العفو في الدينار وذلك نصف العبد
وأبطلناه في الدرهم وقد فدى المولى ذلك بضعفه فيحصل للورثة ضعف ما نفذنا فيه
العفو وعلى طريق الجبر نصحح العفو في شئ ونبطله في مال الا شيئا فنفدى ذلك بضعفه
وذلك مالان الا شيئين وحاجة الورثة إلى شيئين فاجبر مالين بشيئين وزد على ما يعدلهما
مثل ذلك فيكون مالين يعدل أربعة أشياء كل مال يعدل شيئين وقد نفذنا العفو في شئ
وشئ من شيئين يكون نصف شيئين فتبين انا صحنا العفو في نصف العبد والتخريج كما
بينا وان كانت قيمته ستة آلاف فالطريق فيه أن تأخذ ضعف قيمة العبد وذلك اثنا عشر ألفا
فتضمه إلى الدية فتكون الجملة اثنان وعشرون ألفا ثم تنظر إلى المضموم كم هو من الجملة فتجد
ذلك ستة أجزاء من أحد عشر جزأ فتبطل العفو في ستة أجزاء من أحد عشر جزأ من العبد
وتفدى ذلك بستة أجزاء من أحد عشر جزأ من الدية فيستقيم الثلث والثلثان إذا تأملت
وعلى طريق الدينار والدرهم تجوز العفو في الدينار وتبطله في الدرهم فتفديه بمثله وبمثل ثلثه
96

لان الدية من القيمة مثلها ومثل ثلثيها ثم التخريج كما بينا وعلى هذا يخرج فيما إذا كانت قيمته
سبعة آلاف أو ثمانية آلاف أو تسعة آلاف فإن كانت قيمته عشرة آلاف فالعفو هنا صحيح
في ثلث العبد ولا دور في المسألة لان الدية مثل قيمة العبد فلا يمكن زيادة في مال الميت
سواء اختار الدفع أو الفداء فإن كانت قيمة العبد أكثر من عشرة آلاف فالأصل فيه أن
تأخذ ضعف الدية وتضمه إلى القيمة ثم تدفع حصة الضعف من العبد لأنه لو كان العبد ضعف
الدية لكان يجوز العفو في جميع العبد لان مال المولى هو مقدار الدية هنا فله أقل المالين وإنما
تتبين الزيادة عند اختيار الدفع وصارت الدية في هذا النوع كالعبد في النوع الأول ولهذا
لو اختار الفداء هنا لا يقع الدور لأنه لا يظهر زيادة في مال الميت وإنما يقع الدور عند اختيار
الفدع فتقول إذا كانت قيمته عشرون ألفا صح العفو في النصف لأنك تأخذ ضعف الندية
وذلك عشرون ألفا فتضمه إلى القيمة فيصير أربعين ألفا ثم يدفع حصة الضعف من العبد وذلك
نصف العبد فيجوز له العفو في النصف مقدار ذلك من الدية خمسة آلاف ويدفع إلى الورثة
نصف العبد وقيمته عشرة آلاف فيستقيم الثلث والثلثان وسائر الطرق تخرج على هذا فإنك
تجعل العمل في الدية هنا على طريق بمنزلة العمل في العبد فيما سبق * ولو كانت قيمته ثلاثين
ألفا فخذ ضعف الدية وضمه إلى القيمة فيصير خمسين ألفا ثم تدفع حصة الضعف وذلك خمسا
العبد ويجوز العفو في ثلاثة أخماسه مقدار ذلك من الدية ستة آلاف ويسلم للورثة خمسا العبد
وقيمته اثنا عشر ألفا فيستقيم الثلث والثلثان * ولو كانت قيمته أربعين ألفا فخذ ضعف الدية
وضمه إلى القيمة فيصير ستين ألفا ثم تدفع العبد ما أصاب حصة الضعف وذلك ثلث العبد
ويجوز العفو في الثلثين ومقدار ذلك من الدية ستة آلاف وثلثان ويسلم للورثة ثلث العبد
وثلاثة عشر ألفا وثلث ألف فيستقيم الثلث والثلثان وان كانت قيمته خمسة عشر ألفا واختار
الدفع فالعفو جائز في ثلاثة أسباع العبد ويدفع أربعة أسباعه لأنك تأخذ ضعف الدية
فتضمه على القيمة فيصير خمسة وثلاثين ثم تدفع حصة النصف من العبد وذلك أربعة أسباع
العبد ويجوز العفو في ثلاثة أسباعه مقداره من الدية أربعة آلاف ومائتان وخمسة وثمانون
وخمسة أسباع ويسلم للورثة أربعة أسباع العبد قيمته بنصف هذا المقدار إذا تأملت فيستقيم
الثلث والثلثان * ولو كانت قيمة العبد مائة درهم فان اختار الدفع دفع ثلثي العبد لما بينا ان
قيمته إذا كانت أقل من عشرة آلاف فان الدور لا يقع في الدفع وإنما يقع في الفداء ولو
97

اختار الفداء فإنه يفدى بجزأين من مائة جزء وجزئين من الدية لأنك تأخذ ضعف القيمة
وذلك مائتان فتضمه إلى الدية وهي عشرة آلاف فإذا جعلت كل مائة سهما تصير الدية مائة
سهم والضعف سهمين فذلك مائة وجزآن ثم تفدى مائتي الضعف من العبد وذلك جزآن
من مائة جزء ومن جزأين من الدية وهو يخرج مستقيما على طريق الحساب باعتبار ان كل جزء
تفديه إنما يفدى بمائة أمثاله لان الدية من القيمة مائة أمثاله ولو أن عبدا جرح رجلا خطا فعفا
عنه المجروح في مرضه ثم مات وترك ألف درهم وقيمة العبد ألف درهم فالأصل في هذه المسائل
أن تأخذ ضعف القيمة وتضمها إلى الدية ثم تقسم العبد علي الدية وعلى الضعف فيجوز العفو
بحصة الدية وبحصة التركة ويبطل بحصة الضعف وبيان ذلك أن ضعف القيمة هنا ألفا درهم
فإذا ضممنه إلى الدية يصير اثنى عشر ألفا ثم إذا قسمت العبد على اثنى عشر فالعفو صحيح بحصة
الدية ودلك عشرة بحصة التركة وهو سهم لان التركة سوى العبد ألف فتبين أن العفو إنما
يجوز في أحد عشر جزأ من اثني عشر جزأ من العبد وذلك خمسة أسداسه ونصف سدسه
ويبطل في سهم واحد وذلك نصف سدس العبد فتفديه بنصف سدس الدية وذلك ثمانمائة
وثلاثة وثلاثون وثلث فيصير للورثة ألف وثمانمائة وثلاثة وثلاثون وثلث وجاز العفو في
خمسة أسداس العبد ونصف سدسه مقدار ذلك تسعمائة وستة عشر وثلثان * وعلى طريق
الدينار والدرهم السبيل أن تجعل العبد دينارا ودرهما وتجيز العفو في الدينار وتبطله في الدرهم
فتفديه بعشرة أمثاله وقد كان للورثة ألف درهم مثل قيمة العبد فذلك دينار ودرهم أيضا
فيصير للورثة أحد عشر درهما ودينارا يعدل دينارين فالدينار قصاص وبقي أحد عشر درهما
تعدل دينارا فاقلب الفضة وعد إلى الأصل فتقول قد كنا جعلنا العبد دينارا وذلك أحد
عشر درهما ودرهما فذلك اثنا عشر ثم جوزنا العفو في الدينار وذلك خمسة أسداس العبد
ونصف سدسه ثم التخريج إلى آخره كما بينا * وعلى طريق الجبر والمقابلة السبيل أن تجيز
العفو في شئ وتبطله في مال الا شيئا فتفدى ذلك بعشرة أمثاله فيصير في يد الورثة عشرة
أموال الا عشرة أشياء وقد كان عندهم مال كامل وهي الألف التي هي مثل قيمة العبد صار
عندهم أحد عشر مالا الا عشرة أشياء تعدل شيئين فأجبره بعشرة أشياء وزد على ما يقابله
مثله فصار أحد عشر مالا يعدل اثنى عشر شيئا كل مال يعدل شيئا وجزأ من أحد عشر جزأ
من شئ فقد انكسر بجزء من أحد عشر جزأ فاضرب شيئا وجزأ من أحد عشر جزأ في
98

أحد عشر جزأ فيصير ذلك اثنى عشر جزأ وقد جوزنا العفو في شئ وجعلنا كل شئ أحد عشر
فتبين أن العفو إنما صح في أحد عشر جزأ من اثنى عشر جزأ من العبد ولو كانت قيمة العبد خمسة
آلاف وقد ترك الميت ألف درهم واختار الفداء فإنما يفدى بتسعة أجزاء من عشرين جزأ من
الدية لأنك تأخذ ضعف القيمة وذلك عشرة آلاف فتضمه إلى الدية فيكون عشرين ألفا ثم
تقسم العبد على الدية وعلى النصف فيجوز العفو بإزاء الدية وذلك عشرة أسهم وبإزاء التركة وذلك
سهم واحد فذلك أحد عشر سهما من عشرين سهما وتبطل في تسعة أجزاء من عشرين * وطريق
الدينار والدرهم أن تجعل العبد دينارا ودرهما فتجيز العفو في الدينار وتبطله في الدرهم فتفدى
الدرهم بضعفه لان الدية ضعف قيمة العبد فيصير للورثة درهمان وقد كان عندهم ألف درهم
فذلك خمس دينار وخمس درهم فصار في يد الورثة درهمان وخمس دينار وخمس درهم يعدل
دينارين فخمس دينار بمثله قصاص يبقى درهمان وخمس درهم يعدل دينارا وأربعة أخماس دينار
فاجعل كل خمس دينارا فيصير الدينار تسعة والدرهم أحد عشر ثم اقلب الفضة وعد إلى الأصل
فقل قد كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما فالدينار أحد عشر والدرهم تسعة فذلك عشرون وقد
أجزنا العفو في الدينار وذلك أحد عشر وأبطلناه في الدرهم وذلك تسعة ثم فدى الدرهم بمثليه
وذلك ثمانية عشر وقد كان عندهم خمس دينار وخمس درهم وذلك أربعة فإذا جمعت الكل كان
اثنين وعشرين ضعف ما نفذنا فيه الوصية فاستقام * وطريق الجبر فيه أن تجيز العفو في شئ وتبطله
في مال الا شيئا فتفديه بمثله وذلك مالان الا شيئين وعند الورثة أيضا خمس مال فصار عندهم مالان وخمس مال الا شيئين يعدل شيئين فأجبر بشيئين وبعد الجبر والمقابلة يصير مالين وخمس
مال يعدل أربعة أشياء فاجعل كل خمس سهما فيصير المالان والخمس أحد عشر والأشياء
عشرين لأنا متى ضربنا مالين وخمس مال لأجل الكسر في خمسة فقد ضربنا أربعة أشياء
في خمسة أيضا والأربعة متى ضربت في الخمسة تصير عشرين وإذا تأملت كان كل شئ أحد
عشر وكل مال عشرين وقد جوزنا العفو في شئ وذلك أحد عشر وأبطلناه في مال الا شيئا
وذلك تسعة أجزاء من عشرين جزأ وقد جعلنا العبد مالا فذلك عشرون وجوزنا العفو في
شئ وذلك أحد عشر جزأ من عشرين جزأ * ولو كان الميت ترك ألفي درهم والمسألة بحالها
فإنه يفدى بثمانية أجزاء من عشرين جزأ من الدية لأنك تأخذ ضعف القيمة وذلك عشرة
آلاف وتضمه إلى الدية فيصير عشرين ألفا ثم تجيز العفو بإزاء الضعف وهو عشر ه وبإزاء
99

التركة وهو ألفان فذلك اثنا عشر وتبطل في ثمانية فتفديه بثمانية أجزاء من عشرين جزأ من
الدية * وان ترك الميت ثلاثة آلاف درهم فداه بسبعة آلاف من عشرين جزأ من الدية
لأنك تأخذ ضعف القيمة وذلك عشرة آلاف فتضمه إلى الدية فيكون عشرين ألفا ثم تجيز
العفو بحصة الدية وذلك عشرة أسهم وبحصة التركة وذلك ثلاثة يبقى سبعة أسهم فتفديه بسبعة
أجزاء من عشرين جزأ من الدية ولو كانت قيمة العبد خمسة آلاف وقد ترك الميت ألف
درهم فاختار الدفع فإنه لا يقع فيه الدور لأنه يتبين في مال الميت هنا زيادة ولكنه يدفع
ثلاثة أخماس العبد ويسلم له خمساه لان مال الميت ستة آلاف فيجوز العفو في ثلث ماله وذلك
ألفا درهم وإذا جاز العفو في العين مقداره من العبد خمساه كان عليه أن يدفع ما بقي من العبد
وذلك ثلاثة أخماسه * ولو كان مال الميت ألفي درهم دفع خمسي العبد وثلثي خمسه لان مال
الميت سبعه آلاف فيجوز العفو في ثلثه وذلك ألفان وثلث ألف ويدفع ما بقي من العبد وذلك
ألفان وثلثا ألف وكل ألف خمس العبد فذلك خمساه وثلثا خمسه وإن كان الميت ترك ألف
درهم دفع خمسي العبد وثلث خمسه لان مال الميت ثمانية آلاف فيجوز العفو في ثلثه وذلك ألفان
وثلثا ألف ويدفع ما بقي وذلك ألفان وثلث ألف وإن كان الميت ترك أربعة آلاف فإنه يدفع
خمسي العبد لان مال الميت تسعة آلاف فيجوز العفو في ثلثه وذلك ثلاثة آلاف ويبقي له
من العبد ألفان وخمسمائة وان كانت قيمة العبد أكثر من عشرة آلاف فالدور هنا يقع في الدفع
ولا يقع في الفداء والأصل فيه أن تأخذ ضعف الدية وتضمه إلى القيمة ثم تطرح من الضعف
مقدار تركة الميت وتدفع الباقي وبيان هذا ان قيمة العبد لو كانت عشرين ألفا وقد ترك الميت
عشرة آلاف فخذ ضعف الدية وذلك عشرون فتضمه إلى القيمة فيصير أربعين فلو لم يترك
الميت شيئا لكان يدفع مقدار النصف وهو نصف العبد فلما ترك عشرة آلاف وجب أن
يطرح منها مقدار عشرة فيبقى من الضعف عشرة وهو الربع فيدفع ربع العبد مقداره خمسة
آلاف ويبقى للمولى ثلاثة أرباع العبد فإنما سلمت له بالوصية ثلاثة أرباعه مقداره من الدية
سبعة آلاف وخمسمائة وقد سلم للورثة من العبد خمسة آلاف ومن التركة عشرة آلاف
فذلك خمسة عشر * ولو ترك الميت عشرين ألفا أو أكثر سلم العبد كله للمولى وجاز
العفو في الكل لان الدية مقدار عشرة آلاف وإنما تنفذ الوصية من الدية هنا لأنها أقل وقد
ترك الميت ألفا مثل ما نفذنا فيه الوصية ولو لم يترك الميت مالا ولكن عليه دين وقيمة العبد
100

أكثر من عشرة آلاف فالأصل فيه أن تقول لو ترك الميت مقدار الدين وضعف القيمة به
مع ذلك كان يصح العفو في الكل وإذا لم يترك شيئا من ذلك يجب أن يرفع من العبد مقدار
الدين فيجعل كأن ذلك المقدار لم يكن ويجعل الباقي من العبد كأنه عبده على حدة * ثم التخريج
على قياس ما ذكرنا في العبد الكامل وبيانه أن العبد إذا كانت قيمته عشرين ألفا والدين
عشرة آلاف دفع ثلاثة أرباع العبد لأنه لو لم يكن عليه دين لكان يدفع نصف العبد فإذا كان
عليه دين يدفع ربعه أيضا لمكان الدين فيصير في يد الورثة ثلاثة أرباع العبد وقيمته خمسة
عشر ألفا ويصح العفو في الربع مقداره من الدية ألفان وخمسمائة ثم الوارث يقضى الدين
بعشرة آلاف ويبقى له خمسة آلاف ضعف ما نفذنا فيه الوصية أو تقول مقدار عشرة آلاف
من العبد يجعل كأن ليس لأنه مشغول بالدين ويبقي نصف العبد فاجعل كأن هذا النصف
عبد على حده ثم أخذ ضعف ما فيه من الدية وذلك عشرة آلاف وضمه إلى قيمته فيصير
عشرين ألفا ثم يجوز العفو في نصفه ويبطل في نصفه فقد بطل نصف هذا الباقي مع النصف الأول
فذلك ثلاثة أرباع ولو كانت قيمته خمسة آلاف وعلى الميت ألف درهم فاختار الدفع فإنه لا يقع
الدور هنا ولكن تقول مال الميت بعد قضاء الدين أربعة آلاف فيجوز العفو في ثلث ذلك
وهو ألف وثلث ألف مقداره من العبد خمسه وثلث خمسه يدفع ما بقي وهو ثلاثة أخماس
العبد وثلثا خمسه فيقضى منه الدين بخمس العبد ويبقى للورثة خمسان وثلثا خمس ضعف ما
نفذنا فيه الوصية وإن كان الدين ألفا درهم فمال الميت بعد قضاء الدين ثلاثة آلاف فإنما يجوز
العفو في ثلثه وهو ألف درهم وذلك خمس العبد ويدفع أربعة أخماس العبد فيقضى الدين
بخمسيه ويبقي للورثة خمسه ضعف ما نفذنا فيه الوصية وإن كان ثلاثة آلاف فماله بعد قضاء
الدين ألفا درهم فيجوز العفو في ثلثه وذلك ثلثا ألف يدفع ما بقي من العبد وهو أربعة أخماسه
وثلث خمسه فيقضى الدين بثلاثة أخماسه ويسلم للورثة خمسا وثلث خمس ضعف ما نفذنا
فيه الوصية وإن كان الدين أربعة آلاف فإنه يدفع أربعة أخماسه وثلثي خمسه لان ماله بعد
قضاء الدين ألف درهم فيجوز العفو في ثلث ذلك وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث
ويدفع ما بقي وذلك أربعة أخماس العبد وثلثا خمسه وإن كان الدين خمسة آلاف فالعفو
كله باطل لان العبد كله مشغول بالدين ومع الدين المستغرق بالتركة لا تنفذ الوصية في شئ
ولو اختار الفداء وقيمته خمسة آلاف وعليه دين عشرة آلاف أو أكثر فإنه يفديه كله
101

لأنه إذا فداه بعشرة آلاف فإنه يقضى بجميعه الدين ولا يبقي للميت مال فلهذا بطل العفو
ولو كان عليه دين ألف درهم فاختار الفداء فإنه يفديه بأحد عشر جزأ من عشرين جزأ من
الدية لأنك تأخذ ضعف القيمة فتضمه إلى الدية فيصير عشرين ألفا ثم تبطل العفو بحصة الضعف
وذلك عشرون بحصة الدين وذلك سهم فذلك أحد عشر فيجوز العفو في تسعة أجزاء من
عشرين جزأ * وعلى طريق الدينار والدرهم تجعل العبد دينارا ودرهما فتجيز العفو في الدينار
وتبطله في الدرهم فتفدي الدرهم بمثليه فيصير مع الورثة درهمان يقضى من ذلك الدين ومقدار
الدين خمس دينار وخمس درهم فيبقى درهم وأربعة أخماس درهم الا خمس دينار يعدل
دينارين فالدرهم وأربعة أخماس درهم الا خمس دينار يعدل دينارين وخمسا فقد وقع
الكسر بالخمس فاجعل كل خمس سهما فيصير الدرهم تسعة والدينار أحد عشر ثم اقلب الفضة
وعد إلى الأصل فقل قد كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما فالدينار تسعة والدرهم أحد عشر
فذلك عشرون وقد أجزنا العفو في الدينار وذلك تسعة وأبطلناه في الدرهم وذلك أحد
عشر وقد فداه بمثل ضعفه وذلك اثنان وعشرون فيقضى الدين بخمس دينار وخمس درهم
وذلك أربعة فيبقى للورثة ثمانية عشر ضعف ما نفذنا فيه الوصية وإنما قلنا إن الدين يقضى بأربعة
لان مبلغ الدينار والدرهم عشرون ودينه مقدار خمس ذلك وطريق الجبر فيه أن تجعل العبد
مالا فتجيز العفو في شئ يفدى ما بقي بمثليه فيصير مع الورثة مالان الا شيئين ثم يقضى
الدين بخمس مال فيبقى مع الورثة مال وأربعة أخماس مال الا شيئين يعدل شيئين وبعد الجبر
والمقابلة يعدل أربعة أشياء فاجعل كل خمس سهما فيصير أربعة أشياء عشرين والمال وأربعة
أخماس تسعة وبعد الضرب يكون المال وهو العبد عشرون ويجوز العفو في شئ منه وذلك
تسعة وتبطله فيما بقي وذلك أحد عشر * ولو كان الدين ألفي درهم فان العفو يجوز في ثمانية
أجزاء من عشرين لأنك تأخذ ضعف القيمة فتضمه إلى الدية فيصير عشرين ثم تفدى حصة
الضعف وذلك عشرة وحصة الدين وذلك سهمان فذلك اثنا عشر وهو في الأصل ثلاثة
أخماس العبد فإنما تفديه بثلاثة أخماس الدية وذلك ستة آلاف تقضى الدين بألفين وتسلم
للورثة أربعة آلاف وقد صححنا العفو في خمسي العبد وذلك ألفان فاستقام الثلث والثلثان ولو
كان الدين خمسة آلاف فإنه يفدى بخمسة عشر جزأ من عشرين جزأ ويجوز العفو في
خمسة أجزاء لأنك تضم ضعف القيمة إلى الدية فيصير عشرين ثم تفدي ما بإزاء الضعف
102

وذلك عشرة وما بإزاء الدين فذلك خمسة فيكون خمسة عشر وذلك خمسة أرباع العبد فإنما
تفديه بثلاثة أرباع الدية وذلك سبعة آلاف وخمسمائة يقضى الدين بخمسة آلاف ويسلم
للورثة ألفان وخمسمائة وقد جوزنا العفو في ربع العبد ومقداره ألف ومائتان وخمسون
فاستقام الثلث والثلثان ولو أن عبد الرجل جرح رجلا ثم جرح آخر فعفا عنه الأول وهو
مريض ثم مات من ذلك فإنه ينظر إلى نصف العبد كم قيمته فيعمل فيه كما وصفنا في العبد
إذا جرح رجلا واحدا فعفا عنه يعنى انه إن كان قيمة النصف عشرة آلاف لا يقع الدور في
الدفع ولا يقع في الفداء وإن كان قيمة النصف أقل من عشرة آلاف لا يقع الدور في الدفع
ويقع في الفداء وان كانت قيمته أكثر من عشرة آلاف فان الدور يقع في الدفع ولا يقع في
الفداء لان نصف العبد مدفوع بالجناية الثانية مستحق بها والنصف كان مستحقا بالجناية التي
وقع العفو عنها وموجب تلك الجناية عشرة آلاف فصار حكم هذا النصف وحكم عبد جنى
جناية سواء فيما بينا ولو أن عبدين لرجل جرحا رجلا فعفا عنهما المجروح في مرضه ثم
مات وقيمتهما سواء عشرة آلاف أو أكثر قيل لسيدهما ادفع ثلثيهما أو افده ذلك بثلثي
الدية وهذا صحيح فيما إذا كانت قيمتهما عشرة آلاف فأما إذا كانت قيمتهما أكثر من عشرة
آلاف فإنما يصح الجواب في الفداء ولا يصح في الدفع لان العبدين إذا كانا لواحد وجرحا
رجلا واحدا كان حكمهما حكم عبد واحد جرح رجلا فإن كانت قيمته عشرة آلاف لا يقع
الدور في الدفع ولا في الفداء ولكن يدفع ثلثيه أو يفدي ثلثيه بثلثي الدية وان كانت قيمته
أكثر يقع الدور في الدفع فكذلك في العبدين ولو كانت قيمة أحدهما عشرة آلاف وقيمة
الاخر خمسة آلاف فمات الذي قيمته عشرة آلاف واختار الدفع فإنه يدفع أربعة أخماس
الباقي أو يفديه بأربعة أخماس نصف الدية والسبيل ان تتبين الجواب قبل موت أحدهما ثم
تبنى عليه الجواب بعد موت أحدهما فتقول العبد ان هنا في الحكم كعبد واحد لأنهما لرجل
واحد جنيا على واحد فصارا كعبد واحد قيمته خمسة عشر ألفا ثم السبيل أن تأخذ ضعف
الدية فتضمه إلى القيمة فيصير خمسة وثلاثين ألفا ويجب الدفع فيما بإزاء الضعف وذلك أربعة
أسباعه ويصح العفو في ثلاثة أسباع العبد وذلك في الحكم بمنزلة سبعين لان الدية مثل ثلثي
القيمة فإنما يعتبر تنفيذ الوصية من الأصل فإذا سلم للمولي ثلاثة أسهم وذلك في معنى سهمين
ودفع إلى الورثة أربعة أسهم من العبد استقام الثلث والثلثان ثم لما مات أحدهما فقد صار المولى
103

مستوفيا الوصية فيه فإنما يقسم الباقي على حق الورثة وعلى ما بقي من حق المولى فتقول حين
مات الذي قيمته عشرة آلاف فإنما يضرب الوارث في الباقي بأربعة أسهم والمولى بسهم لان
وصيته بالعفو كانت تجوز في سهم واحد من العبد الأوكس فيصير هذا العبد على خمسة أسهم
يدفع أربعة أخماسه إلى الورثة ويبقى له من هذا العبد سهم وتبين انه صار مستوفيا من العبد
الاخر سهما فيحصل تنفيذ الوصية في سهمين ويسلم للوارث أربعة وكذلك أن اختار الفداء
لان قيمة العبد والدية سواء فان قيمة العبد خمسة آلاف وقيمته من الدية خمسة آلاف * ولو
مات الذي قيمته خمسة آلاف وبقي الاخر فان اختار المولي الدفع دفع ثلثيه لان الذي مات قد
صار المولى مستوفيا لوصيته فإنما يضرب الورثة في الباقي بأربعة والمولى بسهمين لان له وصية
في هذا العبد سهمين فيكون على ستة أسهم سهمين للمولي من هذا العبد وهو في الحكم كأنه
السهم لان المعتبر ما فيه من الدية وهو خمسة آلاف قيمته وذلك نصف فحصل للورثة من هذا
العبد أربعة وللمولى في الحكم سهم وله من العبد الاخر سهم فيستقيم الثلث والثلثان ومن حيث
الدراهم سلم للورثة ثلثي هذا العبد وقيمته ستة آلاف وستمائة وستة وستون وثلثان للمولى
بالوصية من هذا العبد ثلث نصف الدية ومن العبد الاخر ثلث نصف الدية أيضا فيكون ذلك
ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث فيستقيم الثلث والثلثان ولو أن عبدين لرجلين
لكل واحد منهما عبد جرحا رجلا وقيمة أحدهما ألف وقيمة الاخر عشرون ألفا فعفا عن الذي
قيمته ألف جاز عفوه ويدفع الاخر عبده أو يفديه بنصف الدية لأنا نتيقن بخروج الوصية
من الثلث فان مولى الاخر ان اختار الدفع يسلم للورثة عشرين ألفا وان اختار الفداء يسلم
للورثة خمسة آلاف ففي الوجهين جميعا هو خارج من الثلث وإن لم يعف عن هذا ولكن عفا
عن الذي قيمته عشرون ألفا فإنه يجبر المولى الذي قيمة عبده ألف حتى ينظر أختار الدفع أم
الفداء حتى يتبين مال الميت فان اختار الدفع فدفعه كان هذا بمنزلة مال خلفه الميت فكان
المجروح ترك ألف درهم فيقال لمولى العبد الا رفع تختار الدفع أو الفداء فان اختار الدفع دفع
من عبده ما يساوى ستة آلاف وهو خمس العبد ونصف خمسه وصار العفو فيما بقي وذلك من
الدية ثلاثة آلاف وخمسمائة لان فيه نصف الدية فحصة ما جاز فيه العفو ثلاثة أخماس نصف
الدية ونصف خمسه وهذا لأنك تأخذ ضعف الدية وهو عشرة آلاف فان في هذا العبد
من الدية خمسة آلاف فيضم ضعفه إلى القيمة فيصير ثلاثين ألفا فما أصاب حصة الضعف
104

من العبد وهو خمس العبد ونصف خمسه لان كل خمس من الثلاثين يكون ستة ونصف
الخمس ثلاثة ثم انظر إلى العبد كم يكون قيمة خمسه ونصف خمسه وقيمة العبد عشرون
ألفا فخمسه أربعة آلاف ونصف خمسه ألفان فيكون جملة ذلك ستة آلاف فيدفع ذلك القدر
إلى الورثة وقد سلم الألف لهم فذلك سبعة آلاف وقد نفذنا الوصية في ثلاثة أخماس نصف
الدية ونصف خمسه مقدار ذلك ثلاثة آلاف وخمسمائة فاستقام الثلث والثلثان * وان اختار
الفداء فدى منه قدر ثلاثة أخماسه بثلاثة أخماس الدية وهو ثلاثة آلاف فيصير في يد الورثة
مع العبد الاخر أربعة آلاف وقد نفذنا الوصية له في خمسي نصف الدية وذلك ألفان فيستقيم
الثلث والثلثان وفى الحاصل هذه المسألة على أربعة أوجه اما أن يختار صاحب العبد الأوكس
الدفع أو الفداء واما أن يختار صاحب العبد الا رفع الدفع أو الفداء وفى كتاب ذكر ما
إذا اختار صاحب الأوكس الدفع ثم اختار صاحب الا رفع الدفع أو الفداء ولم يذكر ما إذا
اختار صاحب الأوكس الفداء وأوجه في ذلك أن تقول إذا اختار الفداء فإنما يفدى عبده
بخمسة آلاف ويصير كأن الميت ترك خمسة آلاف فان اختار الاخر الدفع قسم على الضعف
وعلى القيمة فخذ ضعف الدية عشرة آلاف ضمه إلى القيمة فيصير ثلاثين ألفا فما أصاب صاحب
حصة الضعف دفعه الا مقدار خمسة آلاف فان ذلك المقدار سقط عنه باعتبار وجوده في
يد الورثة ويكون الذي يدفع منه خمسة أجزاء من ثلاثين جزأ وهو سدس العبد قيمته ثلاثة
آلاف وثلث ألف فيصير في يد الورثة ثمانية آلاف وثلث ألف وقد جوزنا العفو في خمسة
أسداس الا رفع مقداره خمسة أسداس نصف الدية أربعة آلاف وسدس ألف فيستقيم
الثلث والثلثان وان اختار صاحب الأربع الفداء كان مال الموصى الدية عشرة آلاف فتجوز
وصيته في ثلث ذلك وهو ثلاثة آلاف وثلث ألف ويدفع ما بقي إلى تمام خمسة آلاف
وذلك ألف وثلثا ألف فيصير للورثة ستة آلاف وثلثا ألف وهذا لأنه لا يظهر زيادة في مال الميت
هنا باختيارهما جميعا الفداء وهو أقل المالين ولا يقع الدور فيه والله أعلم بالصواب
باب العفو والوصية
(قال رحمه الله) ولو أن عبدا جرح رجلا خطأ فعفا عنه المجروح في مرضه وأوصى
لرجل بثلث ماله وقيمة العبد عشرة آلاف فاختار المولى الدفع خمسة أسداسه لأنه أوصى
105

لمولى الجارح بجميع عبده حيث عفا عنه والعفو لا يجوز فيما زاد على الثلث في مرضه فيصير
كأنه أوصى للمولى بالثلث وللاخر بالثلث فيكون ثلث ماله بينهما نصفين لكل واحد منهما
سدس العبد ودفع خمسه أسداسه فيأخذ الموصى له بالثلث سدسه ويسلم للورثة أربعة أسداسه
فيستقيم الثلث والثلثان وهذا الجواب على أصل أبي حنيفة رحمه الله خاصة لان من أصله أن
الموصى له بجميع المال لا يضرب الا بالثلث فيكون الثلث بينهما نصفين وأما عندهما ينبغي أن
يضرب الموصى له بسهم واحد ويضرب المولى بثلاثة أسهم وهو جميع المال فيصير الثلث بنيهما
على أربعة فصار العبد كله اثنى عشر فإنما يدفع ثلاثة أرباع العبد وهو تسعة ويسلم للمولي ثلاثة
ويأخذ صاحب الثلث من التسعة سهما واحدا ويبقى للورثة ثمانية أسهم وكذلك إذا اختار
الفداء لان ماله في حال الدفع والفداء واحد لا يختلف وقد جرى هذا الباب إلى آخره على
نحو هذا وقال في آخره وعلى هذا جميع هذا الوجه على قياس قول أبى يوسف ومحمد رحمهم
الله ولا وجه لذلك إلا أن يقال هذا يكون رواية عنهما مثل قول أبي حنيفة أن الموصى له
بالجميع عند عدم الإجازة لا يضرب بما زاد على الثلث ولو كانت قيمته خمسة آلاف فان
اختار الدفع فالجواب كذلك لأنه لا يقع الدور عند اختيار الدفع إذا كانت قيمته أقل من عشرة
آلاف فان اختار الفداء فدي خمسة أسباعه بخمسة أسباع الدية أربعة للورثة وسهم للموصى
له لأنه لو لم يكن من العافي وصية سوى العفو كان الطريق عند اختيار الفداء أن يضم ضعف
القيمة إلى الدية فيصير عشرين ألفا ثم يفدى ما بإزاء الضعف وذلك نصف الدية فلما كان للاخر
وصية من مثل وصيته وجب أن يزاد مثل وصيته لمكان حق الموصى له وذلك خمسه آلاف
ويزاد ضعف ذلك لمكان حق الورثة لأنه إذا أراد الوصية يزاد ضعف ذلك فيصير كله خمسة
وثلاثين ألفا ثم يفدى حصة الضعفين وحصة الوصية فذلك خمسة وعشرون وهو خمسة أسباع
العبد فان كل سبع من خمسة وثلاثين خمسة فيأخذ الموصى له بثلث المال سبع الدية والورثة
أربعة أسباعه وقد جاز له العفو في سبعي العبد فيستقيم الثلث والثلثان وأشار في الأصل إلى
طريق آخر فقال السبيل ان تنظر إلى الدية فتزيد عليها مثل ما لو ترك المجروح من المال لكان
يجوز العفو ولوصية كلاهما ثم تفدى ذلك القدر لان بانعدامه امتنع تنفيذ كلا العفو والوصية
وذلك خمسة وعشرون ألفا لان الميت لو كان له خمسة وعشرون ألفا جازت الوصية والعفو
لأنه يسلم للمولى العبد وقيمته خمسة آلاف ويأخذ صاحب الثلث خمسة آلاف ويبقي للورثة
106

عشرون ألفا فلما كان بوجود خمسة وعشرين ألفا يكون امكان تنفيذ الوصيتين فيجب أن
يضع ذلك المقدار على الدية ثم يضم على ذلك * وعلى طريق الدينار والدرهم فالسبيل أن تجعل
العبد دينارا ودرهما فتجيز العفو في الدينار وتفدي الدرهم بمثله ويصير في يد الورثة درهمان
تعدل خمسة دنانير لان حاجة الورثة إلى أربعة دنانير وحاجة الموصى له بالثلث إلى دينار فاقلب
الفضة وعد إلى الأصل فقل قد كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما الدرهم خمسة والدينار اثنان
فذلك سبعة أجزنا العفو في الدينار وذلك سهمان وفدى الدرهم وذلك خمسة أسهم بمثله وذلك
عشرة ثم يسلم للموصى له بالثلث سهمان وثمانية للورثة * وطريق الجبر فيه أن تجعل العبد
مالا وتجيز العفو في شئ وتبطله في مال الا شيئا فتفديه بمثله وذلك مالان الا شيئين يعدل
خمسة أشياء وبعد الجبر مالان يعدل سبعة أشياء فالمال الواحد يعدل ثلاثة أشياء ونصفا وقد
جوزنا العفو في شئ منه وشئ من ثلاثة ونصف سبعاه فعرفنا ان العفو إنما جاز في السبعين
وطريق الخطأين فيه أن تجعل العبد على سبعة وتجيز العفو في أربعة وتبطله في ثلاثة ثم تفدى
ذلك بمثليه فيصير في يد الورثة ستة وإنما حقهم مع حق الموصى له في عشرين أربعة للموصى له
وستة عشر للورثة فقد ظهر الخطأ بنقصان أربعة عشر فعد إلى الأصل وأجز العفو في ثلاثة
أسباعه وأبطله في أربعة أسباعه فيفدى ذلك بثمانية وحاجة الورثة مع الموصى له إلى خمسة
عشر فيكون للموصى له ثلاثة وللورثة اثنا عشر فقد ظهر الخطأ الثاني بنقصان سبعة وكان
الخطأ الأول بنقصان أربعة عشر فلما نقصنا سهما ارتفع من الخطأ سبعة يجب أن تنقص سهما
آخر ليرتفع جميع الخطأ فتجيز العفو في السبعين وتبطله في خمسة أسباعه فيفدى ذلك بمثليه
وهو عشرة أسهم للموصى له من ذلك سهمان وللورثة ثمانية فقد نفذنا الوصية في أربعة أسهم
وسلم للورثة ثلاثة أسهم فاستقام الثلث والثلثان * ولو كانت قيمة العبد ستة آلاف فإنه يفدى
ثلاثة أرباعه بثلاثة أرباع الدية وذلك سبعة آلاف وخمسمائة ستة آلاف منها للورثة وألف
وخمسمائة للموصى له لأنه لو لم يكن هنا وصية سوى العفو لكان يؤخذ ضعف القيمة ويضم
إلى الدية فيصير اثنين وعشرين ألفا ثم تفدى حصة الضعف وذلك ستة أسهم من أحد عشر
فلما كان هنا وصية مثل العفو وجب أن يزداد على اثنين وعشرين ألفا مثل القيمة لمكان الوصية
وذلك ستة آلاف ومثلي ذلك لمكان حق الورثة فتصير الجملة مائة وأربعين ألفا فيجب عليه أن
يفدى حصة الضعفين وحصة الوصية وذلك ثلاثون من أربعين فيكون ثلاثة أرباع العبد
107

وقيمته أربعة آلاف وخمسمائة يفديه بمثله ومثل ثلثيه لان الدية من القيمة هكذا فذلك
سبعة آلاف وخمسمائة ويسلم للمولى بالعفو ربع العبد قيمته ألف وخمسمائة ويأخذ الموصى له
بالثلث مثل ذلك ألفا وخمسمائة فحصل تنفيذ الوصيتين في ثلاثة آلاف ويسلم للورثة ستة
آلاف فيستقيم الثلث والثلثان وهو يخرج مستقيما على الطريق الاخر الذي أشار إليه محمد
رحمه الله في الأصل وعلى طريق الحساب على النحو الذي ذكرنا في الفصل الأول ولو كانت
قيمته ألف درهم فإنه يفدى ثلث العبد بثلث الدية ويأخذ الموصى له من ذلك ستمائة وستة
وستين وثلثين ويسلم للورثة ألفان وستمائة وستون وثلثان لأنه لو لم يكن هنا وصية لكان
يؤخذ ضعف القيمة ألفان فيضم إلى الدية فيكون اثنى عشر ألفا ثم يفدى حصة الضعف وهو
السدس فلما أوصى بثلث ماله وجب أن يؤخذ مثل القيمة لمكان الموصى له وهو ألف يؤخذ
ضعف ذلك لحق لورثة ويزيد كله على الدية فيصير خمسة عشر ألفا ثم يفدى حصة الضعفين
وحصة الوصية وذلك خمسة من خمسة عشر وهو الثلث فصار للمولى بالعفو ثلثا العبد قيمته
ستمائة وستة وستون وثلثان وقد فدى ثلاثة بثلث الدية وذلك ثلاثة آلاف وثلث ألف
فيأخذ الموصى له بالثلث ثلث الألف ويبقى للورثة ألفان وثلثا ألف وقد نفذنا الوصيتين في
ألف وثلث ألف فاستقام الثلث والثلثان ولو كانت قيمة العبد ألف درهم وأوصى لرجل بربع
فدى أربعة أجزاء وربع جزء من أربعة عشر جزأ وربع جزء من العبد بحصة ذلك من الدية
لأنك تأخذ ضعف القيمة وذلك ألفان وتأخذ ثلاثة أرباع القيمة لأجل الموصى له لان الوصية
مثل ثلاثة أرباع وصية صاحب العفو فإنه أوصى له بربع المال والربع مثل ثلاثة أرباع الثلث
فخذ ثلاثة أرباع الألف لأجل الموصى له وضعف ذلك لأجل الورثة فذلك كله ألفان وربع
الألف ضم هذا كله إلى الدية مع ضعف القيمة فتكون الجملة أربعة عشر ألفا وربع ألف ثم
يفدى ما بإزاء الضعفين وما بإزاء وصية صاحب الربع وذلك جزء وربع جزء من أربعة عشر
جزأ وربعا بحصته من الدية فيحصل للورثة ثلاثة أجزاء ونصف من أربعة عشر وربع وللموصى
له ثلاثة أرباع سهم من أربعة عشر وربع من الدية أو تقول بطل العفو في أربعة وربع من
أربعة عشر وربع من العبد ويفديه بعشرة أمثاله وذلك اثنان وأربعون ونصف فيكون للموصي
له سبعة ونصف وللورثة خمسة وثلاثون وقد أجزنا العفو في عشرة وأعطينا للموصى له ثلاثة
أرباع ذلك وهو سبعة ونصف وقد نفذنا الوصية له في سبعة عشر ونصف وسلم للورثة خمسة
108

وثلاثون فاستقام الثلث والثلثان ولو أوصى بالسدس وقيمة العبد ألفان فدى سبعة أجزاء من
سبعة عشر جزأ من العبد بحصته من الدية فيكون للموصى له جزء وللورثة سبعة أجزاء لأنك
تزيد على الدية ضعف القيمة وذلك أربعة آلاف لمكان العفو ويزيد عليه مثل نصف القيمة
لحق الموصى له بالسدس لان حقه مثل نصف حق صاحب العفو يزيد عليه ضعف ذلك لحق
الورثة وذلك ألفان فمبلغ الضعفين والوصية سبعة آلاف فإذا ضممت ذلك إلى الدية يصير سبعة
عشر ألفا فيفدى من ذلك حصة الضعفين والوصية وذلك سبعة أجزاء من سبعة عشر جزأ من
العبد بخمسة أمثالها لان الدية خمسة أمثال القيمة وخمسة أمثال السبعة يكون خمسة وثلاثين
فيأخذ الموصى له بالسدس من ذلك خمسة وقد سلم له صاحب العفو عشرة فحصل تنفيذ الوصيتين
في خمسة عشر وقد سلم للورثة ثلاثون * وعلى طريق الدينار والدرهم تجعل العبد دينارا ودرهما
وتجيز العفو في الدينار ثم تفدى الدرهم بخمسة أمثاله فذلك خمسة دراهم فصار في يد الورثة
خمسة دراهم تعدل ثلاثة دنانير ونصفا وللورثة ثلاثة دنانير وللموصى له بالسدس نصف دينار
أضعفه لمكان الكسر فيصير عشرة دراهم تعدل سبعة دنانير ثم عد إلى الأصل وقد كنا جعلنا
العبد دينارا ودرهما فذلك سبعة عشر الدينار عشرة والدرهم سبعة ثم صححنا العفو في الدينار
وذلك عشرة وأبطلناه في الدرهم وهو سبعة فنفديه بخمسة أمثاله وذلك خمسة وثلاثون فيكون
للموصى له خمسة وللورثة ثلاثون * وعلى طريق الجبر السبيل أن تجيز العفو في شئ وتبطله في
مال الا شيئا فتفديه بخمسة أمثاله فيصير في يد الورثة خمسة أموال الا خمسة أشياء تعدل
ثلاثة أشياء ونصف شئ وبعد الجبر خمسة أموال تعدل ثمانية أشياء ونصف شئ وفيه كسر
فأضعف فيصير عشرة أموال يعدل سبعة عشر شيئا والمال الواحد يعدل شيئا وسبعة أجزاء من
عشرة من شئ فقد انكسر بالأعشار فاضربه في عشرة فتبين أن العفو إنما صح في عشرة
أسهم من سبعة عشر من العبد وانه يفدى سبعة أجزاء بخمسة أمثاله من الدية والتخريج
كما بينا * رجل وهب عبد الرجل في مرضه ثم إن العبد قتل الواهب خطأ ولا مال للواهب
غير ذلك فان الموهوب له يخير بين الدفع والفداء لأنه مالك العبد وتصرف المريض فيما يحتمل
النقص يكون نافذا قبل موته فان اختار الدفع دفع العبد كله نصفه بحكم نقص الهبة ونصفه
بالجناية لان الهبة في ثلث العبد جائزة في ثلث العبد ثم يدفع الموهوب له ذلك الثلث بالجناية
فيزداد مال الواهب وهو السهم الدائر فتطرح من أصل نصيب الورثة سهما وتجعل العبد علي
109

سهمين فتصح الهبة في أحدهما فتدفعه بالجناية فيحصل للورثة سهمان وقد نفذنا الهبة في سهم
فاستقام ويستوى ان قلت قيمته أو كثرت عند اختيار الدفع وان اختار الفداء فإن كانت
قيمته خمسة آلاف أو أقل فالهبة جائزة في جميع العبد لأنه إذا فداه بعشرة آلاف كان
العبد خارجا من الثلث * وان كانت قيمته ستة آلاف جازت الهبة في ثلاثة أرباع العبد لأنا
نجعل العبد في الأصل ثلاثة أسهم ونجيز الهبة في سهم ثم يفدى ذلك السهم بمثله ومثل ثلثيه
لان الدية من القيمة هكذا فيزداد في مال الواهب سهم وثلثان فالسبيل أن تطرح من نصيب
الواهب سهما وثلثين فيبقى ثلث سهم ونصيب الموهوب له سهم فإذا جعلت كل ثلث سهما
صار العبد على أربعة نصيب الموهوب له ثلاثة فتجوز الهبة في ثلاثة أسهم من أربعة ثم تفدى
ذلك بمثلها ومثل ثلثيها وذلك خمسة فيصير لورثة الواهب ستة أسهم لأنا نفذنا فيه الوصية *
وعلى الطريق الاخر الذي نقدم بيانه تقول لو كان للميت ألفان سوى العبد لكانت تجوز الهبة
في جميع العبد لأنه يفديه بالدية الكاملة عشرة آلاف فيسلم للورثة اثنى عشر ألفا وقد نفذنا الهبة
في ستة آلاف فيبطل من الهبة بحساب ما عدمناه وهو ربع الجملة إذا ضممت الألفين إلى القيمة
فنفذنا الهبة في ثلاثة أرباع قيمته أربعة آلاف وخمسمائة ثم يفدى ذلك بثلاثة أرباع الدية وهو
سبعة آلاف وخمسمائة فإذا ضممت إليه ربع العبد وقيمته ألف وخمسمائة كان تسعة آلاف
ضعف ما نفذنا فيه الهبة ولو كانت قيمته عشرة آلاف واختار الفداء جازت الهبة في النصف لان
الدية مثل العبد فحكم الدفع والفداء فيه سواء ولو كانت قيمته عشرين ألفا جازت الهبة في خمس
العبد لأنا نجعل العبد على ثلاثة ونجوز الهبة في سهم ثم نفدي ذلك السهم بمثل نصفه لان
الدية مثل نصف العبد فإنما يزداد مال الواهب بنصف سهم فيطرح من نصيب الواهب نصف
سهم يبقى سهم ونصف سهم ونصيب الموهوب له سهم فإذا ضعفت الكسر بالانصاف صار
العبد على خمسة وإنما تجوز الهبة في خمسة مقدار ذلك ثمانية آلاف وتبطل في ثلاثة أخماسه
مقدار ذلك اثنا عشر ألفا ثم تفدى الخمسين بخمسي الدية ربعة آلاف فإذا ضممت ذلك إلى
ثلاثة أخماس العبد يسلم للورثة ستة عشر ألفا وقد نفذنا الهبة في ثمانية آلاف فاستقام * ولو كانت
قيمته ثلاثين ألفا جازت الهبة في ثلاثة أثمانه لأنا نجعل العبد على ثلاثة ونجيز الهبة في سهم ثم
نفدى ذلك بثلث سهم فاطرح من نصيب الواهب ثلث سهم يبقى له سهم وثلثا سهم وللموهوب
له سهم فإذا جعلت كل ثلث سهما صار نصيب وارث الواهب خمسة ونصيب الموهوب له
110

ثلاثة فيكون العبد على ثمانية ثم يفدى الموهوب له الثلاثة بسهم فيصير للورثة ستة وقد نفذنا
الهبة في ثلاثة * ولو أن رجلا وهب لرجل عبدا في مرضه وقيمة العبد عشر آلاف ثم إن
العبد قتل الواهب خطأ وعلى الواهب دين فإن كان عشرة آلاف أو أكثر فالهبة باطلة
لان العبد كله مشغول بالدين وبطلت بالجناية أيضا لأنه جنى على مولاه فإن كان الدين خمسة
آلاف رد ثلاثة أرباعه لان نصف العبد مشغول بالدين فلا تجوز الهبة فيه ونصفه فارغ
فاجعل ذلك النصف كعبد على حدة فتجوز الهبة في نصف ذلك النصف كما في الفصل الأول
* ولو كان عليه من الدين ستة آلاف جازت الهبة في خمس العبد ونفديه بخمس الدية لان
الهبة تبطل بحصة الدين وذلك ثلاثة أخماس العبد بقي من العبد خمساه قيمته أربعة آلاف فإذا
جعل ذلك القدر كأنه عبد على حدة فيرد نصف ذلك بحكم نقص الهبة وتجوز الهبة في نصفه
وهو ألفا درهم فنفديه بذلك القدر من الدية لان الدية هنا مثل القيمة فيستوى حكم الدفع
والفداء والأصل فيه أن ننظر إلى حصة الدين فنبطل الهبة بقدره ثم نجوز الهبة في نصف
الباقي سواء اختار الدفع أو الفداء لأنهما سواء * وإن كان الواهب ترك مالا فان التركة تضم
إلى قيمة العبد ثم تنفذ الهبة من جملة ذلك وبيانه أنه لو ترك الواهب خمسة آلاف فان الهبة تجوز
في ثلاثة أرباعه لان مال الميت خمسة عشر ألفا فاجعلها على ثلاثة أسهم فأجز الهبة في سهم
وأبطلها في سهمين ثم تدفع ذلك السهم فيزداد مال الواهب فنطرح من نصيب الواهب سهما
فصار المال كله على سهمين ثم تجوز الهبة في سهم وماله خمسة عشر ألفا فإنما تجوز الهبة في نصف
ذلك وهو ثلاثة أرباع العبد قيمته سبعة آلاف وخمسمائة * ولو كان ترك الواهب عشرة
آلاف جازت الهبة في جميع العبد لأنك تجعل مال الميت بعد طرح سهم الدور على سهمين
فيكون نصف ماله مثل العبد فلهذا جازت الهبة في جميع العبد لأنك تجعل مال الميت بعده
فيسلم للورثة عشرون ألفا وقد نفذنا الهبة في عشرة آلاف فاستقام * ولو أن مريضا وهب
عبده لرجل وقيمته ألف درهم ثم قتله العبد ثم أعتقه الموهوب له أو باعه فإن كان يعلم بالجناية
فهو ضامن للدية وإن لم يعلم فعليه القيمة لأنه إذا كان عالما فهو مختار للدية وإذا لم يكن عالما فهو
مستهلك للعبد في الموضع الذي كان مختارا للعبد خارجا من الثلث لان مال الميت أحد عشر
ألفا وفى الموضع الذي كان مستهلكا يغرم قيمته وثلث قيمته لأنه وجب عليه القيمة بسيب
الجناية فيصير مال الميت ألفي درهم فتجوز الهبة في ثلث ذلك وهو ثلثا العبد فيغرم ثلث القيمة
111

لتعذر بعض الهبة في ثلث العبد بتصرفه وجميع القيمة بسبب الجناية وان كانت قيمة العبد خمسة
آلاف فكذلك الجواب على ما خرجنا فإن كانت قيمته أكثر من خمسة آلاف فإن كان
يعلم بالجناية تضم الدية إلى الرقبة فتجوز الهبة له في ثلث ذلك وان كانت قيمته عشرين
ألفا فان الدية تضم إلى الرقبة فيصير مال الواهب ثلاثين ألفا تجوز الهبة للموهوب له في ثلث
ذلك وهو عشرة آلاف ويغرم ما بقي إلى تمام قيمة العبد وهو عشرة آلاف فيسلم لورثة
الواهب مع الدية عشرين ألفا وإن كان لم يعلم بالجناية فإنه يغرم عشرة آلاف درهم لان قيمة
العبد في الجناية لا تكون أكثر من ذلك كما لم لو كان مجنيا عليه فيصير مال الواهب ثلاثين
ألفا غير عشرة فيسقط عن الموهوب له ثلث ذلك ولو مات العبد في يد الموهوب له والقتل
عمدا أو خطأ فهو سواء وجنايته هدر لان جنايته متعلقة برقبته فبالموت يبطل حكم الجناية
ويبقى حكم الهبة فعلى الموهوب له أن يغرم ثلثي قيمته ولو أنه قتل الموهوب له ولم يقتل الواهب
فان جنايته هدر لأنه جنى على مالكه وكذلك لو قتل الواهب والموهوب له جميعا فجنايته على
الموهوب له هدر وعلى الواهب معتبرة وصار كأنه لم يجن الأعلى الواهب فيخير ورثة الموهوب
له بين الدفع والفداء كما لو كان يخير الموهوب له لو كان حيا ولو أن مريضا وهب عبده
وقيمته ألف درهم فقتل العبد الواهب ورجلا أجنبيا قيل للموهوب له ادفع العبد إليهما أو
افده فان اختار الدفع رد ثلاثة أخماسه على الورثة بنقص الهبة وتجوز الهبة في خمسه ثم يقال
له ادفع الخمسين إلى ورثة الواهب وورثة الأجنبي بالجناية لان الهبة تجوز في ثلث العبد
وهو سهم من ثلاثة ثم يدفع ذلك السهم بالجناية إليهما فيقع فيه الكسر فيجعل على العبد ستة
وتجوز الهبة في سهمين ثم يدفع إلى كل واحد منهما سهما بالجناية فيزداد مال الواهب بسهم
فتطرح من نصيب ورثة الواهب سهما فيصير على خمسة ثم تجوز الهبة في سهمين وتبطله
في ثلاثة ثم تدفع إلى كل واحد منهما سهما فيصير للورثة أربعة مثلا ما نفذنا فيه الوصية ثم يقال
للورثة ادفعوا الثلاثة الأسهم إلى الأجنبي بالجناية لان الهبة لما فسخت في تلك الثلاثة
صارت جنايته على الواهب هدرا وعلى الأجنبي معتبرة فإذا دفع الورثة تلك الثلاثة أو فدوا
رجعوا على الموهوب له بقيمة ذلك لان تلك الثلاثة الأسهم قد تلفت بسبب كان عند
الموهوب له وفى ضمانه فصارت كأنها تلفت في يده فان اختار الفداء فإنه يفدى لكل واحد
منهما بعشرة آلاف وكذلك أن اختار الفداء للواهب والدفع إلى الآخر وان قال أنا أدفع إلى
112

ورثة الواهب وأفدى لورثة الأجنبي فان الهبة تجوز في خمسة وتبطل في ثلاثة أخماسه وصارت
المسألة في الحاصل على أربعة أوجه اما أن يختار الفداء إليهما أو الفداء للواهب والدفع إلى
الأجنبي أو كان على العكس فان اختار الدفع إليهما أو إلى الأجنبي أو إلى الواهب خاصة
جازت الهبة في خمسيه فان اختار الفداء إليهما وللواهب جازت الهبة في الكل لان باختياره
الفداء تظهر الزيادة في مال الواهب على وجه تخريج العبد من الثلث فان اختار الفداء لهما
وقيمته ستة آلاف فإنه يرد ربع العبد ثم يفدى لكل واحد منهما ثلاثة أرباع الدية لأنه
لو قتل الواهب ولم يقتل الأجنبي جازت الهبة في ثلاثة أرباعه عند اختيار الفداء فكذلك
إذا قتل الأجنبي معه لان بحكم جناية الأجنبي لا يتغير ما لم يتعين مقدار ما جازت الهبة فيه فإذا
جازت الهبة على ثلاثة أرباعه فدى كل واحد منهما بثلاثة أرباع الدية ويرد الهبة في ربع العبد
فيقال لوارث الواهب ادفع الربع إلى وارث الأجنبي أو افده بربع الدية لان حكم جنايته على
الواهب يقابل ذلك الربع لأنه جنى على مولاه ولم يبق في ذلك الربع الا جناية الأجنبي فيدفع
الوارث أو يفديه ثم يرجع بالأقل على الموهوب له لأنه تلف بسبب كان في ضمانه ولو وهب
عبده في مرضه من رجل وقيمته خمسة آلاف أو أقل ثم إن العبد ورجلا أجنبيا قتلا الواهب
خطأ فعلى الأجنبي خمسة آلاف لأنه أتلف نصف النفس بجنايته ويقال للموهوب له ادفعه
أو افده فان اختار الدفع دفعه كله بالجناية لان الهبة تجوز في جميع العبد لان مال المولى هنا
عشرة آلاف لان العبد قيمته خمسة آلاف ونصف الدية التي أخذت من الأجنبي خمسة
آلاف فذلك عشرة آلاف فيحتاج أن يجعل مال الميت على ثلاثة أسهم وتجوز الهبة في
سهم ثم يدفع ذلك بالجناية فيزداد مال الميت بسهم واحد فيطرح من نصيبه سهم فيصير ماله
سهمين وتجوز الهبة في سهم وهو نصف المال وماله عشرة آلاف فنصفه خمسة آلاف فتبين
ان الوصية تجوز في خمسة آلاف وهو العبد كله ثم يدفعه بالجناية فيصير للورثة عشرة آلاف
مثلا ما نفذنا فيه الوصية فان اختار الفداء جازت الهبة في جميع العبد لأنه يفديه بخمسة
آلاف وان اختار الدفع جازت الهبة في جميع العبد أيضا لأنه يفديه بخمسة آلاف فان العبد
أتلف بجنايته نصف النفس فيصير مال الميت سوى العبد عشرة آلاف وتبين خروج العبد
من الثلث ولو كانت قيمة العبد عشرة آلاف فاختار دفعه رد الربع بنقص الهبة ودفع ثلاثة
أرباعه بالجناية لان مال الميت خمسة عشر ألفا العبد وقيمته عشرة آلاف ونصف الدية التي
113

أخذت من الأجنبي فذلك خمسة عشر ألفا اجعلنا على ثلاثة أسهم واجبر الهبة في سهم ثم ادفعه
بالجناية فيزداد مال الميت فاطرح من نصيب الميت سهما فيصير ماله على سهمين وتجوز الهبة في
نصفه وذلك سبعة آلاف وخمسمائة وهو ثلاثة أرباع العبد ثم يدفع بالجناية فيصير للورثة
خمسة عشر ألفا وان اختار الفداء فدي ثلاثة أخماسه بثلاثة آلاف ورد خمسه بنقص الهبة
لأنا نجعل المال كله وهو خمسة عشر على ثلاثة أسهم ثم نجيز الهبة في سهم ثم نفدى ذلك السهم
بمثل نصيبه فيصير في يد الورثة سهمان ونصفا فاطرح من نصيبهم نصف سهم فيبقى للورثة
سهم ونصف وللموهوب له سهم واحد فذلك سهمان ونصف فقد وقع فيه كسر فأضعفه
فيصير خمسة ثم جازت الهبة في خمس ذلك وهو ستة آلاف لان ماله خمسة عشر ألفا كل
خمس ثلاثة آلاف وخمساه ستة آلاف وذلك ثلاثة أخماس العبد لان قيمة العبد عشرة آلاف
فثلاثة أخماسه ستة آلاف ثم تفديه بمثل نصفه وذلك ثلاثة آلاف فيصير للورثة اثنى عشر ألفا
مثلي ما نفذنا فيه الوصية ويتيسر تخرجه على سائر الطرق أيضا وقد تركناه كراهية التطويل
ولو وهب في مرضه عبد الرجل وقبضه الموهوب له ثم جني على الواهب جناية خطا فعفا عنها
ثم مات منها وقيمة العبد ألف فاختار الموهوب له دفعه فإنه تجوز الهبة في خمسه ويدفع أربعة
أخماسه واعلم بأنه جمع في هذا الفصل بين الهبة والعفو عن الجناية بعد ما ذكر فصولا في
العفو عن الجناية خاصة ثم فصولا في الهبة من غير عفو عن الجناية فنقول إذا كانت الجراحة
عمدا فالعفو صحيح لأنه أبطل القصاص والقصاص ليس بمال وإنما بقي حكم الهبة فيجوز في
الثلث ويبطل في الثلثين فاما إذا كانت الجناية خطأ فإنما تجوز الهبة للموهوب له في سهم ثم
يجوز العفو في ذلك السهم أيضا فتصير وصيته سهمين فلا بد من أن يكون للورثة أربعه أسهم
والسبيل أن نجعل العبد على خمسة فتصير الهبة في سهم ثم نجيز العفو في ذلك السهم أيضا
ونبطل الهبة في أربعة فقد بطلت الجناية في تلك الأربعة فصار للورثة أربعة أسهم وللموهوب
له سهما واحدا وهو في الحكم سهمان فيستقيم الثلث والثلثان * وعلى طريق الدينار والدرهم
السبيل أن نجعل العبد دينارا ودرهما نجيز الهبة في الدينار ثم نجيز العفو في ذلك الدينار ونبطل
الهبة في الدرهم فيصير للورثة درهمان تعدل أربعة دنانير لأنا نفذنا الوصية في الدينارين فاقلب
الفضة وعد إلى الأصل وقل قد كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما والدرهم أربعة والدينار واحدا
وذلك خمسة ثم أجزنا الهبة في الدينار وذلك خمس العبد على ما بينا * وعلى طريق الجبر السبيل
114

أن نجيز الهبة في شئ ثم نجيز العفو في ذلك الشئ ونبطله في مال الا شيئا فصار للورثة مال الا
شئ يعدل أربعة أشياء وبعد الجبر يعدل خمسة أشياء وإنما جوزنا لهبة في شئ من خمسة وهو خمسه
ويدفع أربعة أخماسه وان اختار الفداء فان الهبة تجوز في جميع العبد ويفدى ثلاثة بثلث الدية
لأنه لو لم تكن هنا الهبة وكان العبد للموهوب له فجنى على المريض وعفا عنه فإنه يجب عليه
أن يفديه بسدس الدية للمعنى الذي بيناه انه يؤخذ ضف القيمة فيضم إلى الدية فيصير اثنى
عشر ألفا ثم يفدى ما بإزاء الضعف وذلك السدس بسدس الدية فهنا لما كانت الهبة والعفو جميعا
فقد اجتمعت الوصيتان فيجب أن يفديه بضعف ذلك السدس لمكان الهبة وسدس لمكان
العفو فذلك ثلث الدية فيسلم للورثة ثلاثة آلاف وثلث ألف وقد نفذنا الوصية في ألف
وثلثي ألف ألف بالهبة وثلثا ألف بالعفو فيستقيم الثلث والثلثان ولو كانت قيمته أكثر من عشرة
آلاف واختار الدفع فإن كانت قيمته عشرين ألفا جاز العفو في ربعه ودفع ثلاثة أرباعه
لأنه لو لم يكن هنا هبة كان يؤخذ ضعف الدية ويضم إلى القيمة فيصير أربعين ألفا ثم يدفع
ما بإزاء الضعف وهو نصف العبد فلما وجدت الهبة هنا فالسبيل أن يوضع مثلا قيمة العبد وهو
أربعون ألفا على ذلك فيصير ثمانين ألفا ثم يدفع حصة ضعف القيمة وحصة ضعف الدية وهو
ثلاثة أرباع العبد فيحصل في يد الورثة ثلاثة أرباع البعد وقيمته خمسة عشر ألفا ويحصل في
يد الموهوب له ربع العبد بالهبة وذلك خمسة آلاف وفيه من الجناية التي جاز فيه العفو ألفان
وخمسمائة فذلك سبعة آلاف وخمسمائة * وعلى طريق الدينار والدرهم السبيل فيه أن تجعل
العبد دينارا ودرهما فتجيز الهبة في الدينار ثم العفو في نصف ذلك الدينار لان الجناية مثل
نصف العبد وتبطل الهبة في الدرهم فيصير مع الورثة درهم يعدل ثلاثة دنانير لان تنفيذ الوصية
كان في الديار ونصف الدينار للهبة والنصف للعفو فاقلب الفضة وعد إلى الأصل وقل قد
كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما فالدينار واحد والدرهم ثلاثة ثم أجزنا العفو في الدينار وهو
ربع العبد * وعلى طريق الجبر تجيز الهبة في شئ ثم العفو في نصف ذلك الشئ وتبطل الهبة
في مال الا شيئا وذلك يعدل ثلاثة أشياء وبعد الجبر المال يعدل أربعة أشياء وقد أجزنا الهبة
في شئ فذلك ربع العبد * ولو كانت قيمته ثلاثين ألفا فاختار الدفع دفع منه ثمانية أجزاء من
أحد عشر جزأ والوجه فيه أن تضعف الدية وهي عشرون ألفا والقيمة وهي ستون ألفا تضمها
إلى القيمة أيضا فتصير مائة ألف وعشرة فما أصاب حصة ضعف القيمة وضعف الدية يدفعه
115

وذلك ثمانون ألفا فيكون ثمانية اجزاء من أحد عشر جزأ من العبد وسلم له ما بقي وان كانت
قيمته أربعين ألفا فإنه يدفع خمسة أسباع العبد وتجوز الهبة في سبعه لأنا نأخذ ضعف الدية
فنضمه إلى القيمة فيصير ستين ألفا ثم نزيد عليه مثل القيمة مائة وألف وأربعين ألفا فما أصاب
حصة ضعف القيمة وضعف الدية وذلك مائة الف يدفعه وذلك خمسة أسباع العبد كل سبع
عشرون ألفا ثم نجيز الهبة في سبعين والعفو في نصف سبع فيحصل تنفيذ الوصية في سهمين
ونصف ويسلم للورثة خمسة * ولو كانت قيمته ألفا واختار الفداء فنقول لو لم يكن هنا العفو
لجازت الهبة في جميع العبد لأنه يفديه بعشرة آلاف ويخرج العبد من الثلث ولو لم تكن
الهبة وكان العفو بانفراده فكان يؤخذ ضعف القيمة ويضم إلى الدية ثم يفدى حصة الضعف
وهو السدس فإذا اجتمعا فلا بد من أن يفدى الهبة بسدس العبد فيصير الفداء كله في الثلث
لان الهبة مثل الوصية بالعفو فإذا فداه بالثلث حصل للورثة ثلث الدية وحصل للموهوب له
ثلث العبد بالهبة وثلثاه بالعفو وهو نصف ما حصل للورثة فيستقيم الثلث والثلثان * وعلى طريق
الدينار والدرهم السبيل أن تجعل العبد دينارا ودرهما ثم تجيز الهبة في الدينار والدرهم لان
العفو لا يتبين ما لم تجز الهبة في الكل ثم تجيز العفو في الدينار وتبطله في الدرهم فتفدى الدرهم
بعشرة أمثاله فيصير للورثة عشرة دراهم تعدل أربعة دنانير فاقلب الفضة وعد إلى الأصل وقل
قد كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما والدرهم أربعة والدينار ثمانية فذلك اثنا عشر وقد أجزنا الهبة
في الدرهم وذلك أربعة ثم فداه بعشرة أمثاله وذلك أربعون فيستقيم الثلث والثلثان وهذا
التخريج ما دامت قيمة العبد أقل من خمسة آلاف * وان كانت قيمته خمسة آلاف أو أكثر
فانا نجعل العفو كأن لم يكن ونعتبر الهبة خاصة فنقول لو لم يكن العفو جازت الهبة في الكل
لأنه يخرج من الثلث فلو أجزنا شيئا من العفو بنقص الفداء وباعتباره تنتقص الهبة وإذا
انتقصت الهبة انتقص ماله فلهذا أبطلنا حكم العفو عن الجناية * أو نقول لو لم يكن هناك هبة
لكان يفديه بنصف الدية للمعنى الذي قلنا إنه يفدى بمقدار الضعف وهو النصف فإذا كان
هنا هبة فلا بد من أن يفدى بمثله أيضا وذلك جميع الدية ولو وهب عبده في مرضه لرجل
فقتل العبد الواهب عمدا وله وليان فعفا أحدهما قيل للموهوب له ادفعه أو افده فان اختار
دفعه رد ثلاثة أخماسه بنقص الهبة ويدفع أحد الخمسين الباقيين إلى الذي لم يعف ويسلم له
الخمس ويقتسم الاثنان الأربعة الأخماس بينهما علي اثنى عشر سهما يضرب فيها الذي لم يعف
116

بسبعة والذي عفا بخمسة وفى المسألة حكمان حكم بين الموهوب له وبين الوارثين وحكم فيما بين
الوارثين فأما الحكم بينهما وبين الموهوب له فالسبيل أن يجعل العبد على ثلاثة أسهم وتجيز
الهبة في سهم وتبطلها في سهمين ثم يدفع نصف ذلك السهم بالجناية فوقع فيه كسر فضعفه فيصير ستة
ثم تجيز الهبة في سهمين وتبطلها في أربعة ثم تدفع سهما واحدا بالجناية لأنه عفا أحدهما وبقي
حق الذي لم يعف فإذا دفع ذلك السهم بالجناية زاد مال الميت فتطرح من نصيب الورثة سهما
فيصير العبد على خمسة ثم تجيز الهبة في سهمين وتبطلها في ثلاثة ثم تدفع سهما بالجناية فيصير للورثة
أربعة مثلا ما نفذنا فيه الوصية وأما الحكم بين الوارثين فنقول التركة نقسم بعد تنفيذ الوصية
على ما تقسم ان لو لم يكن هناك وصية ولو لم يكن هنا وصية لكان العبد بينهما نصفين لكل
واحد منهما سهمان ونصف ثم السهم المدفوع بالجناية للذي لم يعف خاصة لان ذلك السهم
بمنزلة مال على حدة فيصير للذي لم يعف ثلاثة أسهم ونصف وللذي عفا سهمان ونصف فضعفه
فيصير نصيب الذي لم يعف سبعة أسهم ونصيب الذي عفا خمسة فذلك اثنا عشر فتستقيم الأربعة
الأخماس على ذلك وهذه المسألة بعينها قد أوردها في الاقرار وقد بيناها ثمة وان اختار الفداء
فإن كانت قيمة العبد ألف درهم فإنه يفدى بخمسة آلاف درهم وتجوز الهبة في الكل لان
مال الميت صار ستة آلاف فيخرج العبد كله من الثلث ويقسم الخسمة آلاف بين الاثنين على
اثنى عشر سهما للذي لم يعف أحد عشر وللعافي سهم لأنه لو لم يكن هنا وصية لكانت الخمسة
للذي لم يعف خاصة والعبد بينهما نصفان فبعد تنفيذ الوصية يضرب الذي لم يعف في الباقي بخمسة
آلاف وخمسمائة والعافي بخمسمائة فإذا جعلت كل خمسمائة سهما يصير ذلك اثنى عشر سهما
وكذلك أن كانت قيمته ألفي درهم أو ألفين وخمسمائة جازت الهبة في الكل لأنه إذا فداه بخمسة
آلاف صار مال الميت سبعة آلاف وخمسمائة فيكون ألفان وخمسمائة مقدار ثلث ماله فيخرج
العبد من ثلثه ويقتسم الاثنان الخمسة آلاف يضرب فيها الذي لم يعف بنصف الدية وبنصف
قيمة العبد والعافي بنصف قيمة العبد فيكون مقسوما بينهما على ذلك * وان كانت قيمته بثلاثة
آلاف رد ربع العبد وصارت الهبة في ثلاثة أرباعه فيفديه بثلاثة أرباع نصف الدية لأنا
نجعل العبد على ثلاثة ونجيز الهبة في سهم ثم نفدى ذلك السهم بمثله ومثل ثلثيه لان القيمة من
نصف الدية هكذا فمقدار ما تجوز الهبة فيه منه ينبغي أن يفديه بذلك المقدار فيزداد مال
الميت بسهم وثلثي سهم فاطرح من نصيب الورثة سهما وثلثي سهم فيبقى من نصيبهم ثلث سهم
117

ومن نصيب الموهوب له سهم فإذا جعلت كل ثلث سهما صار ذلك أربعة أسهم وقد جازت
الهبة في ثلثه مقدار ذلك ألفان ومائتان وخمسون وبطلت في سهم فيفدى تلك الثلاثة بمثلها
ومثل ثلثيها فيصير للورثة ستة مثل ما نفذنا فيه الوصية ثم يقتسم ذلك الاثنان بينهما فيضرب
فيه الذي عفا بنصف قيمة العبد والآخر بثلاثة أرباع نصف الدية ونصف قيمة العبد ونجعل
ربع العبد سهما في هذه القسمة نصفين يحتسب كل واحد منهما ما أصابه من ذلك مقدار حقه
لان جنس المالين يختلف فلا يتأتى قسمة الكل دفعة واحدة فلا بد من أن يجعل ما بقي من
العبد بينهما نصفان كما أن أصل العبد بينهما نصفين لو لم يكن هنا هبة وأجاز محمد رحمه
الله في الكتاب طريقا آخر قال السبيل أن يجعل كل ألف على ثلاثة أسهم فيصير نصف
الدية خمسة عشر سهما ويصير العبد تسعة أسهم ثم نجيز الهبة في ثلث العبد وهو ثلاثة أسهم
ثم نفدي تلك الثلاثة بمثلها ومثل ثلثيها وذلك خمسة فتظهر الزيادة في نصيب الورثة بخمسة
أسهم فالسبيل أن نطرح من نصيبهم خمسة فيصير العبد أربعة أسهم للورثة سهم واحد وللموهوب
له ثلاثة ثم نفدي تلك الثلاثة بمثلها ومثل ثلثيها وهو خمسة فيصير ستة مثلي ما نفذنا فيه الوصية
فيستقيم الثلث والثلثان * ولو أن رجلا وهب في مرضه عبدا من رجل ثم إن العبد قتل
الواهب خطأ وله وليان فعفا عنه الوليان فان الموهوب له يرد نصف العبد ويجوز له النصف
* والسبيل فيه أن ينظر انه لو لم يعف كان كم يدفع بالجناية وكم يدفع بحكم نقص الهبة فمقدار
ما كان يدفع بحكم نقص الهبة يرد بعض العفو ومقدار ما كان يدفع بالجناية يسلم له لأنهما لما
عفوا فقد بطل حكم الجناية وإنما بقي حكم الهبة فنقول لو لم يكن العفو لكان يدفع جميع العبد
نصفه بحكم نقص الهبة فلما بطل حكم الجناية بالعفو رد النصف بحكم نقص الهبة ويسلم للموهوب
له النصف وصار في الحكم كأنه مات عن عبد ونصف ويسلم للموهوب له نصف العبد وللورثة
نصف عبد في الظاهر وفى الحكم عبد كامل لأنه من استهلكوا نصفه بالعفو * ولو وهب عبده
لرجل في مرضه ثم إن العبد قتل عبدا للموهوب له وقيمتها سواء فعفا عنه الأولياء فان
الموهوب له يرد ثلثي العبد ويجوز له الثلث والجناية على عبده باطلة لأنه جنى على عبد مالكه
وجناية العبد على مال مالكه خطأ تكون هدرا * ولو كان الميتة ترك عبدين أحدهما
الذي جنى والآخر الذي وهب فان عفو الأولياء بمنزلة قبضهم موجب الجناية ويرد
الموهوب له نصف العبد وسلم له النصف هكذا قال في بعض النسخ وفى بعض النسخ
118

قال يرد ثلث العبد وسلم له الثلثان وهذا هو الأصح * وتفسير المسألة أنه لو وهب لرجل
عبدا في مرضه ثم إن عبدا آخر للموهوب له جنى على الواهب ثم عفا الأولياء عنه فإنه
يجعل في الحكم كأن الميت ترك عبدين لان الموهوب له كان مخاطبا بالدفع أو الفداء فلما
عفا الأولياء صار في الحكم كأنهم استوفوا وحصل للميت عبدين فتجوز الهبة في الثلث
وهو ثلثا عبد فتبطل في ثلث عبد فيرد الثلث ويجعل للورثة ثلثا هذا العبد والآخر الذي
سلم لهم بحكم الجناية فيسلم لهم عبد وثلث مثلا ما نفذنا فيه الوصية * فظهر أن الصحيح ما
ذكره في بعض النسخ أنه يرد ثلث العبد وهذا كله إذا كانت قيمته عشرة آلاف فإن كانت
قيمته عشرين ألفا وقد قتل العبد الواهب ولا مال له غيره فينبغي أن يعرف أنه لو لم يكن
العفو كيف يكون حكمه حتى يبنى عليه عند العفو فنقول لو لم يكن العفو لكان يسلم له الخمسان
ثم يفدى ذلك بخمسي الدية لأنا نجيز الهبة في الثلث ثم نفدى ذلك بخمسي الدية لأنا نجيز الهبة
في الثلث ثم نفدى ذلك الثلث بمثل نصفه فيكون العبد علي ستة أسهم نجيز الهبة في سهمين
ونفديه بسهم فيصير للورثة خمسة فاطرح من نصيبهم سهما ويبقى للورثة ثلاثة وللموهوب له
سهمان فصار العبد على خمسة وقد جازت الهبة في خمسة ثم يفدى ذلك بسهم واحد فصير للورثة
أربعة أسهم وهو يخرج مستقيما أيضا على الطريق الذي ذكره محمد رحمه الله في المسألة المتقدمة
بأن نجعل كل ألف ثلاثة أسهم فصارت القيمة ستين والدية ثلاثين ثم نجيز الهبة في الثلث
وهو عشرون سهما ثم نفدى ذلك بعشرة وهو الدائر فيطرح من نصيب الورثة عشرة فصار
العبد خمسين سهما وقد أجزنا الوصية في عشرين وذلك خمسا العبد وإذا أردت أن تعرف مقداره
بالدرهم فقل قد أجزنا الهبة في خمسي العبد وذلك ثمانية آلاف وبقي للورثة اثنا عشر ألفا ثم
تفدى الورثة ذلك بخمسي الدية وذلك أربعة آلاف فيصير للورثة ستة عشر ألفا وهو مثلا
ما نفذنا فيه الوصية فإذا عفوا لا يختلف الجواب لان أربعة آلاف من الفداء كأنهم في أيديهم
إذا ضممت ذلك إلى ما قبضوا يتبين ان السالم لهم ستة عشر ألفا * وإذا وهب عبدا في
مرضه لرجل ثم إن العبد قتل الواهب خطأ وله وليان فعفا عنه أحدهما فإنه يقال للموهوب
له ادفع نصفه إلى الذي لم يعف أو افده فان اختار الدفع دفع إلى الذي لم يعف نصفه والى
العافي ربعه ويبقي له الربع لأنهما لو لم يعفوا كان يدفع جميع العبد إليهما نصفه بالجناية ونصفه
بنقص الهبة ولو عفوا لكان يدفعه إليهما نصفه بنقص الهبة ولا يدفع بالجناية شيئا فلما عفا أحدهما
119

وجب عليه أن يدفع إلي الذي لم يعف نصفه ربعه بالجناية وربعه بنقص الهبة بمنزلة ما لو لم يعفوا
ويدفع إلى العافي ربعه بنقص الهبة بمنزلة ما لو عفوا فان اختار الفداء فداه للذي لم يعف بخمسة
آلاف وسلم له العبد كله إذا كانت قيمته قدر ثلث الدية أو أقل لأنهما لو لم يعفوا لكان عند
اختيار الفداء يسلم له كله بالهبة فلما عفا أحدهما بطل حقه في الجناية وبقي حق الآخر فيفديه
بنصف الدية وهو خارج من الثلث لان قيمته إذا كانت قدر ثلث الدية فمال الميت في الحاصل
عشرة آلاف فان الفداء خمسة آلاف وقيمة العبد ثلاثة وثلث ألف وقد استهلك العافي نصف
موجب الجناية وذلك ألف وثلثا ألف فكأنه في يده فيصير في يد الموهوب له عبد قيمته
ثلاثة آلاف وثلث وفى يد الورثة ستة آلاف وثلثان فلهذا سلم العبد للموهوب له وأما
حكم القسمة فيما بين الاثنين أن نقول يضرب الذي لم يعف بالفداء وبنصف قيمة العبد والعافي
يضرب بنصف قيمة العبد وبنصف قيمته أيضا لمكان المعفو لأنا جعلنا مال الميت الفداء وهو
للذي لم يعف وعبدا بالهبة وهو بينهما ونصف عبد قد استهلكه الآخر بالعفو فيضرب هو
به كما يضرب الآخر بالفداء وبيان ذلك أنه لو كانت قيمته ألفي درهم وقد اختار الفداء
بخمسة آلاف فاجعل في الحكم كأن الآخر استوفى نصف العبد وهو ألف درهم فيجمع
إلى نصف الدية فيصير ستة آلاف فيقسم بينهما على حساب ما لو لم يكن هناك وصية وذلك
عبد بالميراث ونصف عبد ونصف الدية بالجناية فيضرب الذي لم يعف بنصف الدية وبنصف
العبد وذلك ستة آلاف فاجعل كل ألف سهما والآخر يضرب بنصفي عبد وذلك ألفان
فيكون الكل ثمانية نصيب العافي من ذلك ربع ستة آلاف وذلك ألف وخمسمائة وقد وصل
إليه نصف العبد هو ألف درهم بالعفو بقي حقه في خمسمائة فيأخذ من الفداء خمسمائة ولو كانت
قيمة العبد خمسة آلاف واختار الفداء بطلت الهبة في ثلاثة ويرد ثلث العبد إلى الوارثين ثم
يفدي للذي لم يعف بثلث الدية لان العبد هنا لا يخرج كله من الثلث فإنه حين كانت قيمته
ثلاثة آلاف وثلث ألف استوي الثلث والثلثان فيما ذكرنا من الفداء فإذا جاوزته قيمته ذلك
لم يخرج العبد كله من الثلث فلا بد من اعتبار معنى الآخر فيه والطريق فيه أن نجعل العبد
على ثلاثة أسهم تجوز الهبة في سهم وتبطل في سهمين ويفدى السهم الذي جازت الهبة فيه بمثليه
لان الدية ضعف قيمة العبد وقد جاز العفو في نصف ذلك السهم فيفدى النصف الآخر
بمثله وإنما نجعل العبد على ستة لان الثلث انقسم على نصفين ثم نجيز الهبة في سهمين ونفدى
120

أحدهما بمثليه فيصير في يد الورثة ستة أسهم أربعة من العبد وسهمان من الدية وفى الحكم كأنه
سبعة فان العافي قد استهلك سهما واحدا وهو محسوب عليه بمنزلة القائم في يده فقد ازداد
مال الميت بثلاثة أسهم لان حاجتهم إلى أربعه لما نفذنا الهبة في سهمين فهذه الثلاثة هي السهام
الدائرة فنطرحها من نصيبهم يبقي في أيديهم سهم من العبد وسهمان من الدية وسهم قد استهلكه
العافي فذلك أربعة وقد نفذنا الهبة في سهمين فيستقيم الثلث والثلثان وتبين بهذا ان العبد صار
على ثلاثة أسهم وان الهبة إنما بطلت في ثلثه وصحت في ثلثيه مقدار ذلك ثلاثة آلاف
وثلث ألف ويفدى الثلث بثلث الدية وذلك ثلاثة آلاف وثلث ألف ويحصل للورثة ثلث
العبد أيضا وقيمته ألف وثلثا ألف وقد استهلك العافي ثلثي ألف فذلك كله ستة آلاف وثلثا
ألف فيستقيم الثلث والثلثان وأما بيان الحكم فيما بين الوارثين وهو أن يقسم ثلث الدية وثلث
العبد بين الاثنين يضرب فيه العافي بنصف القيمة وثلث القيمة أيضا ويضرب الذي لم يعف
بنصف القيمة وثلث الدية لان حق العافي في مال الميت هو العبد الذي تركه الميت ونصف
العبد الذي وصل إليه بالجناية فان الدية إنما وجبت للذي لم يعف ولم يجب للعافي شئ من الدية
فلهذا لم يضرب هو بشئ من الدية وإنما الآخر هو الذي يضرب بنصف الدية وعلى الطريق
الذي يشير إليه محمد رحمه الله في الكتاب السبيل أن تجعل نصف الدية خمسه عشر سهما كل
ألف على ثلاثة ونصف العبد الذي استهلكه العافي تسعة ونصفا ثم تجيز الهبة في ثلث العبد
وذلك خمسة أسهم لان العبد كله صار خمسة عشر سهما فإذا جازت الهبة في خمسة يفدى
ذلك بعشرة لان الدية ضعف القيمة فيزداد مال الورثة بخمسة أسهم وقد استهلك العافي
نصف ذلك بالعفو وهو سهمان ونصف فاطرح من نصيب الورثة هو عشرة سبعة أسهم
ونصفا يبقى من نصيبهم سهمان ونصف ونصيب الموهوب له خمسة فإذا جعلت كل سهمين
ونصف سهما يصير العبد على ثلاثة وإنما تجوز الهبة في ثلثه وتبطل في ثلثيه ثم التخريج كما
بينا ولو أن عبد الرجل قتل رجلا خطأ وله وليان فدفع نصفه إلى أحدهما والآخر غائب ثم
مات العبد ثم حضر الغائب ولا مال للمولى رجع الغائب على القابض بربع قيمة العبد لأنه
قبض نصفه لنفسه فكان مضمونا عليه وإنما يسلم ذلك النصف له إذا سلم النصف الآخر
لشريكه ولم يسلم ولا ضمان على المولى للغائب لان الحق في النصف الباقي كان في رقبة العبد
وقد مات العبد فتبطل لفوات محله وحكم ضمان المولى لم يذكره في الكتاب والأصح أن
121

يقال إن كان المولى دفع بقضاء القاضي فلا ضمان عليه وإن كان دفع بغير قضاء القاضي فللغائب
أن يضمن أيهما شاء ربع قيمة العبد فإن شاء المولى بالتسليم وان شاء القابض بالقبض ولو
كان المولى فدى النصف من الشاهد بنصف الدية والآخر غائب ثم مات العبد فإنهما يقتسمان
نصف الدية بينهما نصفين ثم يأخذان من المولى نصف الدية أيضا فيقتسمانه نصفين لأنه إذا
اختاره من أحدهما فهو اختيار من الآخر لان النفس واحدة فأيهما حضر فهو خصم عن جميع
الورثة ويجعل اختيار المولي الفداء بحضرة أحدهما بمنزلة اختياره الفداء بحضرتهما وهذا لان
بالفداء يتحول الحق من الرقبة إلى ذمة المولى ولو فدى من أحدهما ثم قتل العبد فأخذ السيد
قيمته فإنه يدفع نصف القيمة إلى الغائب ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشئ قال رضي الله عنه
واعلم بأن هذا الجواب في الظاهر متناقض لأنه ذكر أولا ان اختياره الفداء من
أحدهما اختيار من الآخر وتجب لهما جميع الدية ثم قال إذا قتل العبد بعد ما فداه من أحدهما
فإنه يدفع نصف القيمة إلى الغائب فينبغي على قياس الجواب الأول ان يدفع نصف الدية فأما
أن تحمل المسألة على روايتين كما هو في اختياره الدفع فان اختياره الدفع في حق أحدهما هل
يكون اختيارا في حق الآخر فيه روايتان بيناهما في الصلح والجامع أو يقال فرق بين قتل
العبد وموته كأنه إذا مات فلم يوجد هنا شئ يقوم مقامه فيجعل حقهما متحولا إلى الدية فأما
إذا قتل فقد وجبت القيمة على القاتل وهو قائم مقام العبد فيتحول من الآخر إلى القيمة
ويكون حقه في نصف القيمة وحق الأول في نصف الدية أو يقال يحتمل أن موضع المسألة
فيما إذا كانت قيمة العبد مثل الدية أو أكثر فلو دفع المولى نصف العبد إلى أحدهما واختار
الفداء في النصف الآخر فقد ذكر في الجامع ان اختيار دفع النصف إلى أحدهما يكون اختيارا
في حق الآخر وفى كتاب الصلح ذكر ان اختياره دفع ثلث العبد إلى أحدهما بطريق الصلح
لا يكون اختيارا في حق الآخر وقد وفق بعض مشايخنا رحمهم الله بين الروايتين فقالوا ما ذكر
في كتاب الصلح ان المصالحة تجوز بدون حقه وإنما اختيار الدفع إليه بناء على هذا فاما إذا اختار
دفع نصف العبد إليه يكون اختيارا في حق الآخر كما ذكره في الجامع ولكن يتبين بما ذكر
هنا ان الجواب سواه وأن اختيار دفع النصف إلى أحدهما لا يكون اختيارا للدفع في حق
الآخر لأنه يقول دفع النصف إلى أحدهما اختيار الفداء في النصف الآخر فصارت المسألة
علي روايتين وجه تلك الرواية ان الأولياء يقومون مقام الميت والحق في الحاصل للميت فهم
122

جميعا كشخص واحد في حق ذلك فيكون اختياره في حق البعض اختيارا في حق الكل
ووجه هذه الرواية هو أن الحق قد تفرق بين الوليين فصار لكل واحد منهما نصفه ويجعل
هذا في الحكم كجناية العبد على شخصين فلا يكون اختيار الدفع في نصيب أحدهما
اختيارا للدفع في نصيب الاخر فإذا اختار الفداء في نصيب الآخر وهو معسر لا يقدر على
شئ فإنه يرجع على صاحبه بربع الدية إلا أن يشاء صاحبه أن يعطيه نصف قيمة العبدان كان
مستهلكا وهذا قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله إلا أن مذهبهما إذا كان معسرا كان اختياره
باطلا ويجبر علي دفع العبد بالجناية فيصير الاخر ضامنا له نصف ما قبضه على وجه التملك
وهو ربع قيمة البعد إلا أن يشاء أن يعطيه ربع الدية وفى قياس قول أبي حنيفة رحمه الله اختياره
صحيح وإن كان معسرا وقد بينا المسألة في الديات وإنما حق الآخر في ذمة المولى يطالبه به
إذا أيسر ولا سبيل على شريكه ولو وهب المريض عبده لرجل بثلث ماله وقيمته ألف درهم
فان اختار المولى الدفع دفعه كله خمسه بالجناية وأربعة أخماسه بنقص الهبة لان الهبة إنما تجوز
في سدس العبد ووصية الآخر بالسدس أيضا فان الثلث بينهما نصفين لاستواء حقهما فيه
وللورثة أربعة أسهم ثم يدفع السهم الذي جازت الهبة فيه بالجناية فيصير للورثة خمسة وحاجتهم
إلى أربعة فظهرت الزيادة في نصيبهم سهم وهو السهم الدائر فيطرح ذلك من أصل حقهم
يبقى حقهم في ثلاثة وحق الموصى له في سهم وحق الموهوب له في سهم فيكون العبد على خمسة
ثم يدفع الموهوب له خمسة بالجناية فيصير للورثة أربعة مثلا ما نفذنا فيه الوصية ويصير في الحكم
كان المريض مات عن عبد وخمس عبد على قياس ما تقدم من المسائل ثم هذا الجواب منى
على قول أبي حنيفة فأما عندهما ينبغي أن يضرب الموصى له بثلث العبد وبثلث خمس العبد
لان الميت في الحكم إنما ترك عبدا وخمسا فالموصى له بالثلث يضرب في الثلث بجميع ذلك
والموهوب له يضرب بالثلث بجميع العبد كما هو مذهبهما ان الموصى له عند عدم إجازة الورثة
يضرب بجميع وصيته وإن كان أكثر من الثلث وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله لا يضرب الا
بمقدار الثلث فإنما تتحقق المساواة بينهما على أصل أبي حنيفة رحمه الله فعرفنا أن الجواب بناء
على مذهبه وان اختار الفداء فداه بجميع الهبة فان الهبة تصح بجميع العبد فان ماله في الحاصل
أحد عشر ألفا الدية والعبد فيكون نصيب الموهوب له من الثلث مقدار قيمة العبد فلهذا
جازت الهبة في جميعه فيفديه بعشرة آلاف ثم يعطى الموصى له بالثلث من الدية إلى تمام الثلث
123

وثلث ماله ثلاثة آلاف وثلثا ألف وقد سلم للموهوب له مقدار ألف فيأخذ الموصي له من
الدية ألفين وثلثي ألف ويسلم للورثة سبعة آلاف وثلث ألف وقد نفذنا الوصية في ثلاثة
آلاف وثلثي ألف فاستقام الثلث والثلثان وان كانت قيمته ألفي درهم فان اختار الدفع
فالجواب كما بينا وان اختار الفداء فإنه يفديه بجميع الدية لأنه يصير مال الميت اثنى عشر ألفا
فيكون ثلثه أربعة آلاف وللموهوب له نصف الثلث فعرفنا أن قيمة العبد لم تزد على مقدار
حقه فلهذا جازت الهبة في جميع العبد ويسلم للموصى له ما بقي من الثلث وذلك ألفا درهم وللورثة
ثمانية آلاف فيستقيم الثلث فان قيل هذا الجواب يحتمل أن أحدهما موصى له بثلث المال
وذلك أربعة آلاف والآخر موصى له بالعبد وقيمته ألفان فكيف يجعل الثلث بينهما نصفين
وحق أحدهما ضعف حق الآخر بل ينبغي أن يجعل الثلث بينهما أثلاثا قلنا هو كذلك في
الحقيقة وإنما جعل الثلث بينهما نصفين للضرورة لأنه لم لو نقص حق الموهوب له احتاج
إلى نقص الهبة في بعض الهبة وبقدر ذلك ينقص من الدية لأنه إنما يلزمه من الفداء بقدر
ما تجوز فيه الهبة فاما ما تنتقص فيه الهبة من العبد لا يجب على الموهوب له أن يفديه وإذا انتقص
الفداء انتقص حق الموصى له بالثلث فلم يبق هنا وجه سوى تصحيح الهبة في جميع العبد
ليفديه بجميع الدية فان في ذلك توفير المنفعة على الموصى له بالثلث وحكى أن ابن جماعة رحمه
الله كتب إلى محمد رحمه الله حين كان بالرقة ان هذه المسألة لا تخرج على الأصول المعروفة فكتب
إليه محمد رحمه الله هو كما قلت وإنما لم نعرف حسابا يتبين لنا به قدر مال الميت فانا كلما نقصنا الهبة
في شئ انتقص مال الميت بقدره فإن كان عندك ذلك الحساب فمن علينا به وان كانت قيمته
أكثر من الفين فان اختار الدفع رد أربعة أخماسه بنقص الهبة ويدفع الخمس بالجناية ويكون
للموصى له خمس العبد لما بينا في الفصل الأول فان الطريق عند اختيار الدفع لا يختلف وان
قال إنا أفدي وقيمة العبد ثلاثة آلاف رد خمسة أثمانه بنقص الهبة وفدى ثلاثة أثمانه بثلاثة
أثمان الدية ويعطى الموصي له بالثلث من الدية مثل ثلاثة أثمان العبد وما بقي فهو للورثة لان تجويز
الهبة في جميع العبد هنا غير ممكن فإنه لا يفديه بأكثر من عشرة آلاف فصار مال الميت ثلاثة
عشر ألفا فثلث ماله أربعة آلاف وثلث ألف فإذا جوزنا الهبة في جميع العبد لم يبق للموصى له
من الثلث الا ألف وثلث ولا يجوز أن تكون وصيته أقل من وصية العبد فإذا تعذر تنفيذ
الهبة في جميعه قلنا السبيل في معرفة مقدار ما تجوز فيه الهبة أو تقول الهبة يكون على ستة أسهم
124

وإنما تجوز الهبة في سهم منه وهو نصف الثلث ثم يفدى ذلك السهم بثلاثة أمثاله ومثل ثلثه
لان الدية من القيمة هكذا فان القيمة بثلاثة آلاف والدية عشرة آلاف فإذا فداه بذلك ازداد
مال الميت بثلاثة أسهم وثلث * فالسبيل أن يطرح من أصل حقهم ثلاثة أسهم وثلث يبقي
العبد على سهمين وثلثي سهم فانكسر بالأثلاث فاضربه في ثلاثة فيكون ثمانية وحق الورثة
في سهمين وحق الموصى له في ثلاثة وحق الموهوب له في ثلاثة فلهذا جازت الهبة له في ثلاثة أثمانه
ثم يفدى ذلك بثلاثة أثمان الدية وذلك ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسون ومن حيث السهام إنما
يفدى هذه الثلاثة بعشرة أسهم ثلاثة أمثاله ومثل ثلثه فيصير للورثة اثنا عشر وقد نفذنا الهبة
لكل واحد منهما في ثلثه فيستقيم الثلث والثلثان * وعلى الطريق الآخر يقول يجعل كل ألف
على ثلاثة أسهم فتكون الدية ثلثين والعبد تسعة ثم يجوز للموهوب له الهبة في سدس العبد
فيفديه بسدس الدية وهو خمسة فيزداد نصيب الورثة والموصى له بهذه الخمسة * فالسبيل أن
يطرح من نصيبهما خمسة يبقى لهما سهمان ونصف لان سهام العبد تسعة للموصى له سهم ونصف
وللورثة ستة فذلك سبعة ونصف إذا طرحت منه خمسة يبقي سهمان ونصف فأضعفه فيصير
حقهما خمسة وحق الموهوب له ثلاثة فلهذا صار العبد على ثمانية أسهم وإنما تجوز الهبة في ثلاثة
أثمانه مقدار ذلك من الدراهم ألف ومائة وخمسة وعشرون ثم يفدى ذلك بثلاثة أثمان الدية
وهو ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسون فيأخذ الموصى له من ذلك ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين
مثل ما سلم للموهوب له يبقى للورثة من الدية ألفان وستمائة وخمسة وعشرون ومن العبد
خمسة أثمانه مقدار ذلك ألف وثمانمائة وخمسة وسبعون فإذا جمعت بينهما تصير أربعة آلاف
وخمسمائة وذلك مثلا ما نفذنا فيه الهبة والوصية فاستقام الثلث والثلثان وكذلك أن كانت
قيمته أكثر من ذلك إلى عشرة آلاف وطريق التخريج فيه كما بينا فان أوصى في هذه
المسألة بالسدس من ماله وقيمة العبد ألف درهم فان اختار الدفع دفع العبد كله خمسة أسباعه
بنقص الهبة وسبعيه بالدفع بالجناية لان وصية الموهوب له مثلا وصية صاحب السدس فإنه
أوصى له بالعبد كله بالهبة وإن لم تجز في جميع العبد تجوز في ثلثه فوصية الموهوب له مقدار
الثلث ووصية الآخر السدس فاجعل ثلث المال بينهم أثلاثا وإذا صار ثلث المال على ثلاثة
فالمال كله تسعة ستة للورثة وسهمان للموهوب له ثم يدفع الموهوب له سهمه بالجناية فيزداد
نصيب الورثة فيطرح من نصيبهم سهمان فيجعل العبد على سبعة للموهوب له سهمان
125

وللموصى له سهم وللورثة أربعة ثم يدفع الموهوب له سهميه بالجناية فيصير للورثة ستة
مثلا ما نفذنا فيه الوصية فان اختار الفداء فإن كانت قيمته ألف درهم جازت الهبة في الكل
لان مال الميت أحد عشر ألفا وحق الموهوب له في ثلثي الثلث وقيمة العبد أقل من ثلثي الثلث
فيسلم له العبد كله ويسلم للآخر سدس المال وذلك ألف وثمانمائة وثلاثة وثلاثون وثلث
فحصل تنفيذ الوصيتين في ألفين وثمانمائة وثلاثة وثلاثين وثلث وان كانت قيمة العبد ألفي درهم
فعند اختيار الفداء مال الميت يصير اثنى عشر ألفا وثلثه أربعة آلاف فتجوز الهبة في جميع
العبد وللموصى له الآخر سدس المال وذلك ألفان وهو تمام ثلث المال وكذلك أن كانت قيمة
العبد أكثر من ألفين فالجواب كذلك إلا أن تكون قيمة العبد مقدار سبعي الدية أو أقل
فان زاد على ذلك حينئذ لا يخرج العبد من الثلث وإنما تتبين هذه المسألة بمسألة أول الباب فقد
ذكرنا هناك أن عند اختيار الدفع تجوز الهبة في الخمس وعند اختيار الفداء تجوز الهبة في
الكل إذا كانت قيمته مثل خمس الدية أو أقل فان زادت على ذلك لا يخرج العبد كله من
الثلث فهنا لما جازت الهبة عند الدفع في سبعي الدية فعند الفداء تجوز الهبة في الكل إذا كانت
القيمة مثل سبعي الدية أو أقل وكذلك في المسائل التي بعد هذا ينظر إلى حال الدفع فمقدار
ما تجوز فيه الهبة عند الدفع فعند الفداء إذا كان قيمة العبد مثل ذلك الجزء من الدية أو أقل
تجوز في الكل حتى إذا كان عند الدفع يدفع سدس العبد بالجناية فعند الفداء إذا كان العبد
مثل سدس الدية أو أقل جازت الهبة في الكل ولو كان أوصى بربع ماله فان اختار الدفع
وقيمة العبد ألف درهم فهو على سبعة عشر سهما لان الموهوب له عند أبي حنيفة رحمه الله إنما
يضرب بقدر الثلث والآخر يضرب بالربع فيحتاج إلى حساب له ثلث وربع وذلك اثنا عشر
ثلثه أربعة وربعه ثلاثة فيصير ثلث المال بينهم على سبعة والثلثان أربعة عشر والمال كله أحد
وعشرون للموهوب له أربعة ولصاحب الربع ثلاثة وللورثة أربعة عشر ثم يدفع إلى الموهوب
له الأربعة بالجناية فيزداد مال الميت فالسبيل أن يطرح من نصيب الورثة أربعة فيصير نصيب
الورثة عشرة وللموصى لهما سبعة فيكون العبد على سبعة عشر ثم يدفع الأربعة بالجناية فيصير
للورثة أربعة عشر مثلا ما نفذنا فيه الوصية وينبغي في قياس قول أبى يوسف ومحمد رحمهما
الله أن يضرب الموهوب له في الثلث بجميع العبد وهو أربعة والآخر بالربع وهو سهم
واحد فيصير الثلث على خمسة أسهم والمال خمسة عشر إلا أن في الكتاب خرج المسألة على
126

قول أبي حنيفة رحمه الله * وان اختار الفداء وكان قيمة العبد مثل أربعة أجزاء من سبعة
عشر جزأ من الدية أو أقل فان الهبة تجوز في الكل ويفديه بجميع الدية ويبطل الموصى له
بالربع الأقل من ربع جميع العبد كله بالهبة لأنه لو جازت الهبة في كله صار نصيبه فيجب
أن يقسم الثلث بينهما على الحساب الذي قلنا إذا كانت الهبة أربعة آلاف جازت الهبة في أربعة
أجزاء من أحد عشر جزأ من العبد لأنه يفدى ذلك بمثله ومثل نصفه فالدية من القيمة
كذلك ثم التخريج على قياس ما بينا * ولو أن رجلا وهب في مرضه عبدا من رجل وقبضه
فأعتقه ثم إن العبد قتل الواهب عمدا وله وليان فعفا عنه أحدهما فلا شئ على الموهوب له ويأخذ
الذي لم يعف من العتق نصف الدية * واعلم بأن هذه المسألة على ثلاثة أوجه اما أن يكون
أعتقه قبل القتل أو بعد القتل وقبل عفو أحدهما أو بعد القتل والعفو وكل وجه على
وجهين اما أن يكون القتل عمدا أو خطأ وفى كل فصل حكمان حكم بين الموهوب له وبين
الورثة وحكم فيما بين الوارثين فأما إذا كان القتل عمدا والعتق قبل القتل فلا شئ على
الموهوب له لأنه لما عفا أحدهما صار نصيب الآخر مالا وإنما قتله وهو حر فيجب على العبد
للذي لم يعف خمسة آلاف والعبد خارج من الثلث لان قيمته ألف درهم ومال الميت ستة
آلاف ثم يقسم نصف الدية بين الاثنين على اثنى عشر سهما للذي لم يعف أحد عشر وللعافي
سهم لان مال الميت يقسم بينهما بعد تنفيذ الوصية على ما يقسم ان لو لم يكن وصية ولو كان
القتل خطأ لم يكن على الموهوب له شئ أيضا لان التركة أحد عشر ألفا فالألف خارج من
الثلث ويجب على القاتل خمسة آلاف للذي لم يعف خاصة لأنه قد وجب لكل واحد
منهما خمسة آلاف بالقتل فلما عفا أحدهما صار مستهلكا نصيبه فيكون بمنزلة المستوفى بخلاف
قتل العمد فان هناك بالعفو لا يصير مستهلكا ولا مستوفيا شيئا من المال فلهذا لا يسلم نصف
الدية للذي لم يعف ولو كان القتل قبل الاعتاق والمسألة بحالها فإذا كان القتل عمدا فعلى العبد أن
يسعى في نصف قيمته للذي لم يعف لان نصيبه صار مالا بعد ما صار حرا ولكن أصل
الجناية منه كان في حالة الرق فيكون الواجب من القيمة فلهذا يستسعيه الآخر في نصف قيمته
وإذا استسعاه في ذلك تبين أن مال الميت عبد ونصف فيجوز للموهوب له من ذلك الثلث
وهو نصف القيمة ويضمن نصف القيمة فإذا وصل ذلك إلى الورثة كان الواصل إليهم تمام
قيمة العبد وهو مثلا ما نفذنا فيه الهبة ثم يقتسم الاثنان هذه القيمة فيضرب الذي لم يعف
127

بقيمة واحدة لان نصف القيمة وجب له بالميراث ونصف القيمة وجب بالجناية ويضرب
العافي بنصف القيمة لأنه أبطل حقه في الجناية بالعفو فتقسم القيمة بينهما أثلاثا ولو كان القتل
خطأ فعلى الموهوب له قيمة وثلث لان القتل الخطأ يوجب المال وقد كان الموهوب له يخير
بين الدفع والفداء وقد استهلكه بالعتق وهو لا يعلم بالجناية فوجب عليه القيمة وصار كان
الميت ترك عبدين لان الواجب قيمتان قيمة باعتبار القبض بحكم الهبة وقيمة بسبب الجناية ثم
يسلم للموهوب له ثلث ذلك وهو ثلث القيمة ويدفع قيمة وثلثا إلى الورثة حتى يصير للورثة
ضعف ما نفذنا فيه الهبة إلا أنه لما عفا أحدهما فقد أبطل حقه في النصف فسقط عن الموهوب
له نصف القيمة وبقي عليه خمسة أسداس القيمة لأنا إذا أسقطنا عن قيمة وثلث نصف قيمة
يبقي خمسة أسداس القيمة نصف القيمة من ذلك للذي لم يعف وثلث القيمة بينهما نصفان
للذي لم يعف في الحاصل ثلثا القيمة وللعافي سدس القيمة ولو كان العتق بعد القتل والعفو
فإن كان الموهوب له لا يعلم بالجناية فعليه قيمة واحدة لان تركة الميت قيمة بالهبة ونصف
قيمة بالجناية فيسلم للموهوب له ثلث ذلك وهو نصف القيمة وعليه قيمة واحدة بين الاثنين
أثلاثا لان حق أحدهما في جميع القيمة وحق الآخر في نصف القيمة فإنما يقتسمانه بعد تنفيذ
الوصية كما يقتسمانه ان لو لم يكن وصية ولو كان القتل خطأ كان القتل على الموهوب نصف
القيمة إذا لم يعلم بالجناية لان موجب الخطأ المال فلما عفا أحدهما صار كأنه استوفى نصف
القيمة لما بينا انه في حكم القابض ثم المتلف ووجب عليه للآخر نصف القيمة ويكون
ذلك النصف كله للذي لم يعف وعلى الموهوب له أيضا ثلث القيمة بينهما نصفان لان مال
الميت في الأصل قيمتان فيجوز للموهوب له من ذلك الثلث ويجب عليه قيمة وثلث إلا أنه
لما عفا أحدهما فقد أسقط نصف القيمة فإنما يبقى خمسة أسداس القيمة ولو كان الموهوب له
دبر العبد ثم إن العبد قتل الواهب عمدا ثم عفا أحد الاثنين فهذا مثل الأول لان مال المولى
قيمة ونصف القيمة من جهة الهبة والنصف من جهة الجناية وجميع ذلك على المولى فان موجب جناية المدبر على مولاه فيجوز للموهوب له من ذلك الثلث وهو نصف القيمة وعليه قيمة
واحدة يقتسمها الاثنان أثلاثا ولو كاتبه الموهوب له فالجواب كذلك الا نصف القيمة يجب
على المكاتب والقيمة على الموهوب له فصار ماله قيمة ونصفا فيسقط عن الموهوب له نصف
القيمة بالوصية ويؤدى نصف القيمة ويسعى العبد في نصف القيمة فيقتسمها الاثنان أثلاثا
128

وكذلك لو وهبه الموهوب له من غيره فدبره الثاني أو كاتبه فهو على ما وصفنا ولو كاتب
الموهوب له الأول ثم إنه قتل الواهب خطأ وله وليان فعفا أحدهما فعلى الموهوب له ثلث قيمته
بينهما نصفين وفى بعض النسخ قال فعلى الموهوب له ثلثا القيمة والأول أصح لان مال المولى
في الأصل قيمتان قيمة بالهبة وقيمة بالجناية عن المكاتب فيسقط عن الموهوب له ثلث ذلك
وهو ثلثا القيمة ويبقى عليه ثلث القيمة بينهما نصفين وقد صار العافي بمنزلة المستوفى لنصف
القيمة من المكاتب فيبقى على المكاتب نصف القيمة للذي لم يعف ولو كان الموهوب له وهبه
من رجل آخر ثم قتل العبد الواهب خطأ فالموهوب له الثاني بالخيار فان اختار الدفع تبين
ان مال الميت قيمتان فيجوز للموهوب له الثلث وهو ثلثا القيمة ويضمن ثلث القيمة فيكون
ذلك مع العبدين بين الاثنين نصفين لأنه لم يعف واحد منهما فان اختار الفداء فالعبد خارج
من الثلث إذا كانت قيمته خمسة آلاف أو أقل فإنه يفديه بجميع الدية فيصير مال الميت
خمسة عشر ألفا وان كانت قيمته أكثر من خمسة آلاف ضمت القيمة إلى الدية حتى يتبين
مال الميت كم هو فيسقط عن الموهوب له ثلث ذلك ويغرم ما وراء ذلك إلى تمام القيمة وبيانه
إذا كانت قيمته ستة آلاف فان مال الميت ستة عشر ألفا فيسلم للموهوب له ثلثه وهو خمسة
آلاف وثلث ألف وإنما يغرم ثلثي ألف وكذلك ما زادت قيمته فهو على هذا الحساب فان
عفا أحد الاثنين فإنه يقال للموهوب له الآخر ادفعه أو افده فان اختار الدفع دفع نصف
العبد وتبين ان مال الميت عبد ونصف والعافي صار مستوفيا للنصف بالعفو فجازت الهبة في
ثلثي القيمة وهو ثلث المال وعلى الموهوب له الأول ثلث القيمة بينهما نصفين ونصف العبد
للموهوب له الآخر ونصفه للذي لم يعف وان اختار الفداء فدى نصف بخمسة آلاف
وجازت الهبة في جميع العبد إذا كانت قيمته مثل ثلث الدية أو أقل لان مال المولى هنا قيمة
ونصف الدية لان في نصيب الذي عفا يعتبر أقل المالين فالزيادة على ذلك أنما تظهر بالاختيار
والاختيار فيما جاز فيه العفو فيجب أن يعتبر في نصيب الذي عفا نصف القيمة وفى نصيب الذي
لم يعف نصف الدية ونصف القيمة ثم يجوز للموهوب له ثلث ذلك وإذا أردت معرفة ذلك
فاجعل كل قيمة العبد ألفي درهم فيكون مال الميت ثمانية آلاف أما خمسة آلاف فهو نصف
الدية وألفان قيمة العبد وألف استهلكه العافي فتبين أن العبد خارج من الثلث ويقتسم الاثنان
الخمسة آلاف ونصف القيمة الذي هو محسوب على العافي فيضرب فيه العافي بنصف قيمته من
129

قبل الميراث ونصف قيمته من قبل الجناية ويضرب فيه الذي لم يعف بنصف نصف الدية وبنصف
القيمة الذي كان على الموهوب له فما أصاب العافي حسب عليه من ذلك نصف القيمة الذي
أتلف ويأخذ الفضل وما أصاب الذي لم يعف يسلم له فإن كانت قيمته أكثر من ثلث القيمة
أو أقل من جميع الدية فإنه لا يخرج العبد من الثلث فالسبيل أن يضم مال الميت بعضه إلى
بعض وهو قيمة ونصف قيمة ونصف الدية فيجوز للموهوب له الثلث من ذلك ويضمن
الفضل ثم يقتسم الاثنان فيضرب قيمة الذي لم يعف بنصف القيمة ونصف الدية والعافي بنصف
القيمة من جهة الهبة ونصف القيمة الذي استهلكه بالجناية فيكون بينهما على ذلك وان كانت
قيمته عشرة آلاف سلم نصف الدية للذي لم يعف وعلى الموهوب له ثلث الدية أيضا بينهما
نصفين لان مال الميت عشرون ألفا في الحاصل عشرة آلاف قيمة العبد وخمسة آلاف نصف
الدية للذي لم يعف ومثله قد استهلكه العافي بالعفو فتصح الهبة في ثلث ذلك وذلك ثلثا قيمة
العبد ويغرم الموهوب له ثلثي القيمة فيكون بينهما نصفان لاستواء حقهما في العبد قبل الهبة
وبعدها وان كانت قيمته أكثر من عشرة آلاف وقد اختار الفداء من الذي لم يعف فالسبيل
أن يضم جميع الدية إلى جميع القيمة لان العافي استهلك بالعفو نصف الدية فكأنه استوفى
ذلك ثم أتلفه وقد وجب للذي لم يعف نصف الدية فتضم الدية إلى القيمة ثم يسلم للموهوب
له ثلث جميع ذلك بطريق الوصية ويؤدى الفضل فيقتسمه الاثنان نصفين حتى إذا كانت قيمته
عشرين ألفا فإذا ضمت الدية إلى القيمة كانت الجملة ثلاثين ألفا فيسلم للموهوب له من ذلك
عشرة آلاف وهو نصف قيمة العبد ويغرم نصف القيمة فيكون ذلك بين الاثنين نصفين
ونصف الدية للذي لم يعف خاصة ولو أن رجلا وهب في مرضه عبدا من رجل ثم إن العبد
قتل الواهب عمدا فعفا الوليان عنه جاز العفو وللموهوب له ثلث ذلك العبد وللورثة ثلثاه لان
حكم الجناية بطل بعفوهما فكأنه مات حتف انفه ولا مال له سوى العبد فتجوز هبته في ثلثه
فلو عفا أحد الوليين واختار الموهوب له الدفع فإنه يدفع ثلاثة أخماس العبد فيكون بينهما
نصفين ويدفع الخمس إلى الذي لم يعف ويبقى للموهوب له الخمس لان الهبة في الابتداء تجوز
في الثلث فلما عفا أحدهما وجب دفع نصف ذلك الثلث فيصير العبد على ستة وتجوز الهبة في
سهمين ثم يدفع سهما بالجناية وهو الدائر فنطرح من نصيب الورثة سهما ويجعل العبد على خمسة
فيرد ثلاثة أخماسه بنقص الهبة وخمسة بالجناية ثم يقتسم الاثنان هذه الأربعة فيضرب الذي عفا
130

بنصف قيمة العبد والذي لم يعف بنصف الرقبة وخمس العبد وأورد المسألة بعينها في الاقرار
إلا أنه اعتبر اللفظ هنا وقال هناك للذي لم يعف ثلاثة أسهم ونصف وللعافي سهم ونصف ولو
عفا أحدهما ثم عفا الآخر بعده دفع إليهما ثلاثة أخماس العبد بنقص الهبة ويسلم له الخمسان
لأنهما لما عفوا فقد جعل الذي عفا منهما آخر بمنزلة المستوفى خمس ذلك العبد بالاتلاف فإذا
سلم لهما ثلاثة أخماس العبد مع ذلك استقام الثلث والثلثان ثم يقتسم الاثنان هذه الثلاثة أخماس
فيضرب فيه الذي عفا أولا بنصف القيمة والذي عفا آخرا بنصف القيمة وبخمسة إلا أنه
يحسب عليه بالخمس الذي أتلفه لأنه إنما عفا بعد ما صار مالا والأول منهما عفا وقد كان
الواجب هو القصاص ولو أعتقه الموهوب له ثم عفوا معا ضمن الموهوب له ثلثي قيمة العبد
لان عفوهما معا يبطل حكم الجناية ولم يظهر للميت مال سوى ذلك العبد فيسلم له الثلث بالهبة
ويضمن الثلثين لأنه أتلفه بالعتق ولو عفا أحدهما قبل صاحبه بعد العتق فعلى الموهوب له
نصف قيمة العبد وعلى المعتق نصف قيمته لان مال الميت هنا قيمة ونصف قيمة ونصف القيمة
من جهة الهبة ونصف القيمة بالجناية وإنما صار مالا بعد عتق العبد فيكون ذلك النصف عليه
ثم يقسم القيمة بين الاثنين فيضرب فيه العافي أولا بنصف القيمة والعافي آخرا بقيمة كاملة
فتكون القيمة بينهما أثلاثا ثلثاها للذي عفا آخرا ويحسب عليه نصف القيمة الذي أتلفه بالعفو
ويبقى له سدس القيمة الذي أتلفه بالعفو ويبقى له سدس القيمة وفى الكتاب يقول يضرب
الاخر بثلثي القيمة وهذا الجواب غلط وقع من جهة الكاتب والصحيح أنه يضرب بقيمة كاملة
للمعنى الذي قلنا إلا أن يعنى به أنه يحصل له ثلثا القيمة ولو كان الموهوب له أعتقه ثم إن العبد
قتل الواهب عمدا فعفا الاثنان عنه معا فالموهوب له ضامن ثلثي قيمة العبد لان حكم الجناية
قد بطل بعفوهما فلا يتبين للميت مال سوى العبد ولو عفا أحدهما جازت الهبة في الكل ان
كانت قيمته ما بينه وبين الفين وخمسمائة لأنه وجب على المعتق نصف الدية للذي لم يعف فإنه
قتله وهو حر ونصف الدية خمسة آلاف فإذا ضممت إليه ألفين وخمسمائة يكون سبعة آلاف
وخمسمائة فيتبين أن العبد خارج من الثلث فيكون سالما للموهوب له الأول ثم يقتسم الاثنان
بينهما هذه الخسمة آلاف يضرب فيه الذي لم يعف بنصف الدية ونصف القيمة والعافي بنصف
القيمة على ما كان يضرب فيه لو لم يكن هناك وصية ولا يضرب بحصة الجناية لان نصيبه لم
يصر مالا فتكون القيمة بينهما على اثنى عشر ولو عفا أحدهما ثم الآخر فعفو الأول جائز
131

ولا شئ على الموهوب له لما قلنا فلما عفا الآخر يجوز عفوه في نصيب نفسه ويبطل عن العبد
مقدار حصته من نصف الدية وذلك أحد عشر سهما من اثنى عشر ويكون على العبد للذي
عفا أول مرة حصته من ذلك وهو سهم من اثنى عشر لان اسقاط الثاني إنما يصح في نصيبه
لا في نصيب شريكه ولا يضمن ذلك العافي آخرا للذي عفا أولا لأنه بالعفو مسقط لا مستوفى
وان كانت قيمته خمسة آلاف وقد عفا أحدهما فان مال الميت قيمة العبد ونصف الدية وذلك
عشرة آلاف فإنما تجوز الهبة في ذلك وهو ثلاثة آلاف وثلث ألف مقدار ثلثي العبد ويغرم
الزيادة إلى تمام خمسة آلاف فيقتسم الاثنان ذلك يضرب فيه الذي عفا بنصف القيمة فقط
لان نصيبه لم يصر مالا ويضرب الذي لم يعف بنصف الدية لان ذلك وجب له بالجناية وبنصف
القيمة فيقتسمانه وعلي ذلك مريض وهب عبده من مريض وقبضه ثم إن الموهوب له وهبه لصحيح
ثم إن العبد قتل الواهب الأول ومات الثاني من مرضه ولا مال لواحد منهما سواه فإنه يقال
للثالث ادفعه أو افده لأنه هو المالك عند جنايته فان اختار الدفع لورثة الثاني انتقصت الهبة
في نصف العبد منهما جميعا لأنك تحتاج إلى حساب له ثلث وربع ولثلثه ثلث وذلك تسعة فأجر
الهبة للأول في ثلاثة وللثاني في سهم وقد بطلت الجناية في الستة التي عادت إلى الواهب الأول
بنقص الهبة لان الهبة لما بطلت في تلك الستة صارت جنايته على مولاه وجناية المملوك على
مولاه خطأ تكون هدرا فإنما تبقي الجناية في ثلاثة أسهم سهمين في يد الموهوب له الأول
وسهم في يد الموهوب له الثاني ويدفعان تلك الثلاثة بالجناية فيزداد مال الأول بقدر ثلاثة
أسهم وهي السهام الدائرة فاطرح ثلاثة أسهم من نصيب الواهب الأول ويصير العبد على
ستة أسهم ثلاثة للواهب الأول بنقص الهبة وثلاثة بالدفع بالجناية ويسلم لورثته ستة أسهم
مثلا ما نفذنا فيه الوصية ثم يغرم الموهوب له الثاني لورثة الموهوب له الأول ثلث قيمة العبد
إلا أن يكون ثلثا الدية أقل لأنه قد أخذ العبد فارغا ثم رد السهمين عليهم مشغولا بالجناية وقد
استحق بذلك الشغل فكأنه تلف عنده إلا أن الورثة كانوا يتمكنون من اختيار الأقل وهو
الدفع أو الفداء فلا يضمن لهم الا الأقل ولو أنهم اختاروا الفداء فإن كانت قيمة العبد خمسة
آلاف أو أقل يرد الثالث على ورثة الثاني بثلثيه ثم فدوه بعشرة آلاف الثالث بثلث الدية
وورثة الثاني بثلثي الدية فيصير كأن الأول ترك خمسة عشر ألفا فتجوز الهبة في جميع العبد
ثم يضمن الثالث لورثة الثاني ثلثي قيمته لأنه أخذ عبدا فارغا على طريق التملك ورده مشغولا
132

وقد استحق بذلك الشغل وان كانت قيمته أكثر من خمسة آلاف وكانت ستة آلاف
فان الهبة تجوز في ثلاثة أرباع العبد لأنا نجيز الهبة من الأول في ثلث العبد فيفدون ذلك بمثله
ومثل ثلثه فيزداد مال الأول سهما وثلثين فاطرح من نصيب الأول سهما وثلثي سهم يبقى
لورثة الواهب الأول ثلث سهم وجازت الهبة في سهم فإذا جعلت كل ثلث سهما جازت الهبة
له في ثلاثة أرباعه ثم تجوز الهبة للثاني في سهم من الثلاثة ثم يفديان تلك الثلاثة بمثلها ومثل ثلثيها
وذلك خمسة فيصير للأول ستة مثلا ما نفذنا فيه الوصية ثم يرجع الموهوب له الأول على الثاني
بقيمة سهمين وهو نصف العبد في الحاصل لأنه استحق بسبب كان في ضمانه فإن كانت قيمته
عشرين ألفا فان الهبة تجوز في خمسي العبد لان الهبة من الأول تجوز في الأصل في سهم من
ثلاثة ثم يفديان ذلك بمثل نصفه فان الدية مثل نصف القيمة فإنما يطرح من نصيب الأول
نصف سهم فيصير العبد علي سهمين ونصف أضعفه للكسر فيكون خمسة ثم تجوز الهبة في
سهمين وتبطل في ثلاثة فيفديان ذلك بسهم واحد فيصير للأول أربعة مثلا ما نفذنا فيه الوصية
ثم رجع ورثة الثاني بما أدوا من ذلك على الثالث لان ما أدوا هو الأقل وإنما لزمهم ذلك بجناية
كانت من العبد في ضمان الثالث وان اختار الثالث الفداء وورثة الثاني الدفع وقيمته خمسة
آلاف فان تجوز الهبة للثاني في ثلاثة أخماس العبد ومن الثاني للثالث في خمس العبد لأنك تجعل
العبد على تسعة لحاجتك إلى حساب له ثلث ولثلثه ثلث فيجوز للأول ثلاثة وللثاني من ذلك
واحد ثم يدفع الأول السهمين ويفدى الثاني سهمه بسهمين لان الدية بنصف القيمة فيرجع
إلى الواهب الأول أربعة ويزداد ماله بذلك فالسبيل أن يطرح أربعة من ورثته يبقى لهم سهمان
وصار العبد كله خمسة للواهب الأول سهمان وللأوسط سهمان وللثالث سهم ثم يدفع الأوسط
سهميه ويفدى الثالث سهمه بسهمين من الدية فيصير للورثة ستة أسهم مثلا ما نفذنا فيه الوصية
ثم يرجع ورثة الموهوب له الأول على الثاني بقيمة الخمسين لأنه استحق ذلك من أيديهم
بجناية كانت في ضمانه * وعلى طريق الدينار والدرهم السبيل أن تجعل العبد درهما ودنانير
فتجوز هبة الأول في ثلاثة دنانير وهبة الثاني في دينارين ثم يدفع ورثة الثاني الدينارين ويفدى
الثالث ديناره بدينارين فيصير للواهب الأول درهم فأربعة دنانير تعدل ستة دنانير لأنا
جوزنا هبة الأول في ثلاثة دنانير فأربعة دنانير بمثلها قصاص في درهم يعدل دينارين فاقلب
الفضة وعد إلى الأصل وقل قد كنا جعلنا العبد درهما وثلاثة دنانير الدرهم اثنان وكل دينار
133

واحد فذلك خمسة ثم أجزنا الهبة في ثلاثة دنانير وهو ثلاثة أخماس العبد كما بينا * وعلي
طريق الجبر تجعل العبد مالا ثم تجيز الهبة للأول في ثلاثة أشياء وللثاني في شئ ثم يدفع ورثة
الأول شيئين ويفدى الثالث شيئا بشيئين فيصير للواهب الأول مال وشئ يعدل ستة أشياء
فالشئ بمثله قصاص وبقي مال كامل يعدل خمسة أشياء وقد أجزنا الهبة في ثلاثة أشياء فذلك
ثلاثة أخماس العبد وان اختار الثالث الدفع واختار ورثة الثاني الفداء جازت الهبة للثاني في
ثلاثة أرباع العبد وللثالث في ربعه ويرجع ربعه إلى ورثة المقتول بانتقاص الهبة وربعه يدفع
للثالث ويفدي ورثة الثاني بنصف الدية لأنك تجعل العبد على تسعة ثم يدفع الثالث سهمه
ويفدى الثاني سهميه بأربعة فيزداد مال الواهب الأول بخمسة فيطرح من نصيب ورثته
يبقى لهم سهم وللثاني وللثالث ثلاثة فصار العبد كله أربعة فتجوز الهبة في ثلاثة أرباعه للأوسط
من ذلك سهمان والثالث سهم ثم يدفع الثالث سهمه ويفدى الأوسط سهميه بأربعة فيصير
لورثة الأول ستة مثلا ما نفذنا فيه الوصية ويرجع ورثة الثاني على الثالث بنصف قيمة العبد
كما بينا * ولو كان العبد قتل المريض الآخر ولم يقتل الأول فان الهبة تنتقص في الثلثين فيرد
ذلك إلى ورثة المقتول فيردونه إلى ورثة الواهب الأول ولا شئ فيه من الجناية اما لأنه جنى
على سيده أو لأنه ان اعتبر حكم الجناية فيه لم يكن مفيدا وإنما الحق لورثة الواهب الأول في
ذلك فيرجعون به في تركة الموهوب له ويبقى ثلث العبد فان اختار الثالث دفعه فعلى الثالث
أن يدفع ذلك الثلث نصفه بنقص الهبة ونصفه بالدفع بالجناية لان ذلك الثلث فيما بين الموهوب
له الأول والموهوب له الآخر بمنزلة عبد تام وهبه من رجل في مرضه ثم قتل العبد الواهب
وقد بينا في العبد التام ان الموهوب له إذا اختار الدفع رد نصفه بنقص الهبة ودفع نصفه
بالجناية فكذلك الثلث فان اختاروا الفداء فداه بثلث الدية وتجوز الهبة في ذلك الثلث إذا
كانت قيمته خمسة أو أقل يعنى إذا كانت قيمة العبد خمسة آلاف أو أن قيمته ثلاثة آلاف
وثلثا ألف فإذا فداه بثلث الدية وهو ثلاثة آلاف وثلث يسلم لورثة الأوسط ضعف ما نفذنا
فيه هبه الأوسط فيستقيم الثلث والثلثان * وان كانت قيمته أكثر من خمسة آلاف عملت
في هذا الثلث بعد أن تجعل في هذا الثلث ثلث النفس فيجعل كعبد كامل جنى على ثلث النفس
ولو كان العبد قتل الأول والثاني جميعا واختار الثالث وورثة الثاني الدفع فإنه تجوز الهبة من
الأول للثاني في خمسة أسهم من أحد عشر سهما ومن الثاني للثالث في سهمين لأنك تجعل
134

العبد على تسعة ستة للأول لا جناية فيها وسهمان للأوسط فيهما جناية واحدة وهي الجناية
على الأول وسهم للآخر فيه جنايتان جناية على الأول وجناية على الأوسط فاجعل ذلك
السهم على سهمين واضعف الحساب للكسر بالانصاف فيكون ثمانية عشر للأول اثنا عشر
وللأوسط أربعة وللآخر سهمان ثم يدفع الآخر إلى الأوسط سهما واحدا فيزداد نصيبه بسهم
فاطرح من نصيبه سهما يبقى نصيبه ثلاثة ونصيب الثالث سهمين فيصير ثلث العبد على خمسة
فيكون كله خمسة عشر ثم يدفع الثالث إلى الأوسط سهما واحدا فيصير أربعة مثلا ما نفذنا
فيه الوصية ثم يدفع الآخر سهمه الثاني إلى الأول ويدفع الأوسط ثلاثة أسهم أيضا إلى الأول
فيزداد نصيبه بأربعة وهي السهام الدائرة فيطرح من نصيبه أربعة وقد كان سهامه عشرة يبقى
ستة ويصير العبد كله أحد عشر ثم يدفع الأوسط والآخر إلى الأول أربعة فيصير لورثته
عشرة مثلا ما نفذنا فيه الوصية ثم يرجع ورثة الواهب الثاني على الثالث بقيمة ثلاثة أسهم من
أحد عشر سهما كما بينا وان اختاروا جميعا الفداء وقيمته خمسة آلاف أو أقل فالفداء كله على
الثالث يسلم له العبد ويؤدى الديتين لأنه يفدى الأول بعشرة آلاف والأوسط بعشرة آلاف
فيكون العبد خارجا من ثلث كل واحد منهما وكذلك أن اختار الثالث الفداء من الثاني خاصة
لأنه يزداد مال الواهب الثاني فان ماله يصير خمسه عشر ألفا فتجوز الهبة في جميع العبد ويزداد
أيضا مال الواهب الأول لان الآخر يدفع نصف العبد إلى الأول ويغرم الأوسط ثلثي قيمة
العبد للأول لأنه أتلفه بالهبة من الثاني قالوا وهذا الجواب غير صحيح لان مال الأوسط إذا
صار خمسة عشر ألفا فإنما يبدأ بقضاء دينه وذلك ثلثا قيمة الواهب الأول فلا يخرج العبد من
ثلث ماله بعد قضاء الدين لتصحيح الهبة من الثاني في جميع العبد إلا أن يحمل على أنه كان
قيمته ألف درهم فحينئذ يكون الجواب صحيحا ولو كانت عشرة آلاف واختار الفداء بطل
هبة الأول في نصف العبد وهبة الثاني في نصف النصف والحاصل ان الهبة عند اختيارهما
الفداء تجعل على تسعة أسهم للأول ستة وللأوسط سهمان وللآخر سهم ثم إن الآخر فدي
الأوسط بسهم فان الدية مثل القيمة فيطرح من نصيب الأوسط سهم فيصير ثلث العبد على
سهمين والعبد كله ستة للأول أربعة وللأوسط سهم وللثالث سهم ثم يفدى الثالث الأوسط
بسهم فيصير للأوسط سهمان مثلا ما نفذنا فيه الوصية ثم يفدى الثالث للأول بسهم ويفديه
الأوسط أيضا بسهم فتظهر الزيادة في مال الأول بسهمين ونطرح من نصيب الأول سهمين
135

فيصير العبد كله أربعة أسهم للأول سهمان وللأوسط سهم وللثالث سهم ثم يدفعان السهمين
إلى الأول فيصير للأول أربعة مثلا ما نفذنا فيه الوصية فكان مستقيما على ما بينا من حاصل
الجواب والله أعلم بالصواب
كتاب الفرائض
قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة فخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل
السرخسي رحمه الله إملاء اعلم بأن الفرائض من أهم العلوم بعد معرفة أركان الدين حث
رسول الله صلى الله عليه وسلم على تعليمها وتعلمها كما رواه ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي
صلى الله عليه وسلم قال تعلموا القرآن وعلموه الناس وتعلموا الفرائض وعلموها الناس فانى
أمرؤ مقبوض وسيقبض هذا العلم من بعدي حتى يتنازع الرجلان في فريضة فلا يجدان من
يفصل بينهما وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول لأصحابه عند رواية هذا الحديث تعلموا
الفرائض ولا يكونن أحدكم كرجل لقيه اعرابي فقال أمهاجر أنت قال فان انسانا من أهلي
مات فكيف يقسم ميراثه قال لا أدرى قال فما فضلكم علينا تقرؤن القرآن ولا تعلمون الفرائض
وفى حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تعلموا العلم
وعلموه الناس وتعلموا الفرائض فإنها نصف العلم وهي أول ما ينزع من بين أمتي وقد كان
أكثر مذاكرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم إذا اجتمعوا في علم
الفرائض ومدحوا على ذلك حتى قال عليه السلام أقرؤكم لكتاب الله أبي بن كعب وأقضاكم
على وأفرضكم زيد وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل رضي الله عنهم أجمعين فقد نوه
بذكر زيد في علم الفرائض ثم طرق الفرضيين قد اختلفت في شرح هذا الكتاب فمن بين
مطول أمل ومن بين موجز أخل فالسبيل أن نجري القصد وندع التطويل بذكر ما لا يحتاج
إليه والاخلال بترك نص ما يحتاج إليه فان خير الأمور أوسطها فنقول إذا مات ابن آدم يبدأ
من تركته بالأقوى فالأقوى من الحقوق عرف ذلك بقضية العقول وشواهد الأصول
فأول ما يبدأ به تجهيزه وتكفينه ودفنه بالمعروف كما روي أن ابن عمر رضي الله عنه لما استشهد
يوم أحد لم يوجد له الا نمرة فكان إذا كان غطى بها رأسه بدى رجلاه وإذا غطى بها رجلاه
بدى رأسه فامر صلى الله عليه وسلم أن يغطى بها رأسه ويجعل على رجليه من الإذخر وقد نقل
136

ذلك في حال حمزة رضي الله عنه أيضا ولم يسأل عن الدين عليهما فلو كان الدين مقدما على
الكفن لسأل عن ذلك كما سأل عن الدين حتى كأن لا يصلى على من مات وعليه دين فقال هل
على صاحبكم دين ثم الكفن لباسه بعد وفاته فيعتبر بلباسه في حياته ولباسه في حياته مقدم على
دينه حتى لا يباع على المديون ما عليه من ثيابه فكذلك لباسه بعد موته ومن مات ولا شئ له
يجب على المسلمين تكفينه فيكفن من مال بيت المال وماله يكون أقرب إليه من مال بيت
المال وبهذا يتبين أن الكفن أقوى من الدين فإنه لا يجب علي المسلمين قضاء دينه من بيته المال
ثم بعد الكفن يقدم الدين على الوصية والميراث لحديث علي رضي الله عنه قال إنكم تقرون الوصية
قبل الدين وقد شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بالدين قبل الوصية وقيل لابن عباس
رضي الله عنه انك تأمر بالعمرة قبل الحج وقد بدأ الله تعالى بالحج فقال وأتموا الحج والعمرة
لله فقال كيف تقرؤون آية الدين فقالوا من بعد وصية يوصى بها أو دين فقال بماذا يبدأ فقالوا
بالدين قال هو ذلك ولان قضاء الدين من أصول حوائجه فإنه يفك به رهانه وتنفيذ الوصية
ليس من أصول حوائجه ثم قضاء الدين مستحق عليه والوصية لم تكن مستحقة عليه وصاحب
الدين ليس يتملك ما يأخذ عليه ابتداء ولكنه في الحكم يأخذ ما كان له ولهذا ينفرد به إذا
ظفر بجنس حقه والموصى له يتملك ابتداء بطريق التبرع وأيد هذا كله ما روى أن رجلا أعتق
عبدا في مرضه وعليه دين فاستسعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قيمته وإنما فعل ذلك
لأنه قدم الدين على الوصية وعلى هذا قال علماؤنا رحمهم الله الدين إذا كان محيطا بالتركة يمنع
ملك الوارث في التركة وإن لم يكن محيطا فكذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله الأول وفى
قوله الآخر لا يمنع ملك الوارث بحال لأنه يخلف المورث في المال والمال كان مملوكا للميت في
حال حياته مع اشتغاله بالدين كالمرهون فكذلك يكون ملكا للوارث وحجتنا في ذلك قوله
تعالى من بعد وصية يوصى بها أو دين فقد جعل الله تعالى أوان الميراث ما بعد قضاء الدين
والحكم لا يسبق أو انه فيكون حال الدين كحال حياة المورث في المعنى ثم الوارث يخلفه فيما
يفضل من حاجته فأما المشغول بحاجته لا يخلفه وارثه فيه وإذا كان الدين محيطا بتركته فالمال
مشغول بحاجته وقيام الأصل يمنع ظهور حكم الخلف ولا يقول يبقى مملوكا بغير مالك ولكن
تبقى مالكية المديون في ماله حكما لبقاء حاجته وأصل هذه المسألة فيما بيناه في النكاح ان
المكاتب لا يعتبر ميراثا للوارث بموت المولى عندنا لبقاء حاجته إلى ولاية وعند الشافعي رحمه
137

الله يصير ميراثا ثم بعد قضاء الدين تقدم الوصية في محلها علي الميراث ومحل الوصية الثلث قال
عليه السلام ان الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم ففي مقدار الثلث تقدم الوصية على
الميراث لان الله تعالى جعل الميراث بعد الوصية ولان تنفيذ الوصية من حوائج الميت أيضا
فاما ما زاد عن الثلث لا يظهر فيه تقديم الوصية لان حق الوارث فيه يمنع الوصية إلا أن
يجيز الوارث وبعد تنفيذ الوصية يقسم الميراث * فنقول الأسباب التي بها يتوارث ثلاثة الرحم
والنكاح والولاء والولاء نوعان ولاء نعمة وولاء موالاة وكل واحد منهما سبب الإرث
عندنا على ترتيب بينهما وبينه والأسباب التي بها يحرم الميراث ثلاثة الرق واختلاف الدين
ومباشرة القتل بغير حق في حق من يتحقق منه التقصير شرعا والوارثون أصناف ثلاثة أصحاب
الفرائض والعصبات وذووا الأرحام وأصحاب الفرائض هم الذين لهم سهام مقدرة ثابتة بالكتاب
والسنة أو الاجماع والعصبات أصناف ثلاثة عصبة بنفسه وعصبة بغيره وعصبة مع غيره فالعصبة
بنفسه الذكر الذي لا يفارقه الذكور في نسبته إلى الميت والعصبة بغيره الأنثى التي تصير
عصبة بمن في درجتها من الذكر كالبنات بالبنين والأخوات بالاخوة والعصبة مع غيره
كالأخوات يصرن عصبة مع البنات وفرق فيما بين العصبة بغيره والعصبة مع غيره انه لا يكون
عصبه بغيره الا وأن يكون ذلك الغير عصبة والعصبة مع غيره أن لا يكون ذلك الغير عصبة
في نفسه كالأخوات مع البنات فالبنت ليست عصبة بنفسها والأخت تصير عصبة معها وذووا
الأرحام ما عدا هذين الصنفين من القرابة ثم أقوى أسباب الإرث العصوبة فإنه يستحق بها
جميع المال ولا يستحق بالفريضة جميع المال والعصوبة في كونها سببا للإرث مجمع عليها بخلاف
الرحم فكانت العصوبة أقوى الأسباب ثم إن محمدا رحمه الله بدأ الكتاب ببيان ميراث الاباء
وقد استحسن مشايخنا رحمهم الله البداءة ببيان ميراث الأولاد اقتداء بكتاب الله فقد قال الله
عز وجل يوصيكم الله في أولادكم ولان الابن مقدم في العصوبة على الأب وقد بينا ان أقوى
الأسباب العصوبة فقدمنا بيان ميراث الأولاد لهذا والله أعلم بالصواب
باب الأولاد
(قال رحمه الله) اعلم أن الابن الواحد يحرز جميع المال ثبت ذلك بإشارة النص فان
الله تعالى قال للذكر مثل حظ الأنثيين ثم جعل للبنت الواحدة النصف بقوله تعالى وان
138

كانت واحدة فلها النصف وثبت أن للذكر ضعف هذا وضعف النصف الجميع * وثبت ذلك
استدلالا بآية الاخوة فان الله تعالى قال وهو يرثها إن لم يكن لها ولد أي يرثها جميع المال
وإذا ثبت بالنص ان للأخ جميع المال ثبت للابن بدلالة النص لان الأخ ولد أبيها وولدها
أقرب إليها من ولد أبيها والميراث ينبنى على الأقرب * قال الله تعالى مما ترك الوالدان
والأقربون وزيادة القرب تدل على قوة الاستحقاق إلا أن الله تعالى لم ينص على جميع المال
للبنين لان ذلك كان معروفا فيما بين العرب فقد كانوا في الجاهلية لا يورثون الا البنين ومنهم
من كان لا يورث الا الكبار من البنين الذين يحملون السلاح ويورثون العشيرة فإنما بين ما لم
يكن معلوما لهم فان اجتمع البنون فالمال بينهم بالسوية لاستوائهم في سبب الاستحقاق
وللبنت الواحدة إذا انفردت النصف ثبت ذلك بالنص وهو قوله تعالى وان كانت واحدة فلها
النصف واستدلالا أيضا بميراث الأخت فقد قال الله تعالى وله أخت فلها نصف ما ترك
والبنت أقرب إليه من الأخت فان كن ثلاثا فصاعدا فلهن الثلثان بالنص وهو قوله تعالى
فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك فهذا تنصيص على أنه لا يزاد للبنات على الثلثين عند
الانفراد وان كثرن فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان في قول عامة الصحابة رضوان الله عليهم
وهو قول جمهور الفقهاء وكان ابن عباس يقول للبنين النصف ويستدل بظاهر الآية فان الله
تعالى شرط في استحقاق البنات الثلثين أن يكن فوق اثنتين والمعلق بالشرط معدوم قبل الشرط
وقد تجاذب البنين حالتان اما أن تعتبرهما بالثلاث أو بالواحدة واعتبارهما بالواحدة أولى لان
في اعتبارهما بالثلاث ابطال شرط منصوص والقياس لابطال النص باطل وفى أول الآية ما يدل
على أن للابنتين النصف لان الله تعالى قال للذكر مثل حظ الأنثيين ومن ترك ابنا وابنتين
فللابن النصف وهذا إشارة إلى أن حظ الأنثيين النصف وفى قوله تعالى فلهن دليل أيضا على
ذلك لان هذا للفظ الجمع والجمع المتفق عليه ثلاثة فأهل اللغة جعلوا الكلام على ثلاثة أوجه
الفرد والتثنية والجمع فكان اتفاقا منهم على أن التثنية غير الجمع وللواحد عندهم أبنية مختلفة
وكذلك للجمع وليس للتثنية الا بناء واحدا ومن حيث المعقول في المعنى يعارض الفردين فلا
يظهر ترجيح أحد الجانبين وفى الثلاث تتعارض البنات مع الفرد فيترجح جانب الجمع على
جانب الفرد وإذا ثبت أن اسم الجمع لا يتناول ما دون الثلاث فقد ظهر الحاق البنتين بالواحدة
هذا بيان أصل ابن عباس رضي الله عنه في هذا وفى الاخوة في حكم الحجب وحجتنا في ذلك
139

قوله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين فقد جعل للذكر حاله الاختلاط مثل نصيب الابنتين
وأدنى الاختلاط أن يجمع ابن وبنت وللابن هنا الثلثان بالاتفاق فعرفنا ان حظ الأنثيين
الثلثان ولما صار نصيب البنين معلوما بهذه الإشارة لم يذكر الله تعالى نصيب البنتين أيضا وذكر
نصيب ما فوق البنتين بقوله عز وجل فان كن نساء فوق اثنتين والدليل على صحة ما قلنا سبب
نزول الآية فان سعد بن الربيع رضي الله عنه لما استشهد يوم بدر وكان خلف بنتين وامرأة
فاستولى الأخ علي ماله فجاءت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت إن سعدا قتل
معك وخلف ابنتين وقد غلب عمهما على مالهما ولا يرغب في النساء الا بمال فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم ينزل الله في ذلك شيئا ثم ظهر أثر الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما سرى عنه قال النبي عليه السلام قفوا مال سعد فقد أنزل الله تعالى في ذلك ما ان بينه لي
ببينته لكم وتلا عليهم قوله تعالى للرجال نصيب الآية ثم نزل قوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم
للذكر مثل حظ الأنثيين فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخا سعد وأمره أن يعطى البنتين
الثلثين وللمرأة الثمن وله ما بقي وفى الحديث المعروف ان أبا موسى الأشعري رضي الله عنه
سئل عن فريضة فيها بنت وابنة ابن وأخ فجعل للابنة النصف وللأخ ما بقي فبلغ ذلك ابن
مسعود رضي الله عنه فقال لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين والباقي للأخ فهذا دليل على
استحقاق البنتين الثلثين بطريق الأولى لان حال البنتين أقوى من حالة الابنة وابنة الابن
والدليل عليه أن حالة التثنية في معنى حالة الجمع لوجود الاجتماع وانضمام أحد الفردين إلى
الآخر ولا معنى في الجمع سوى هذا ومن حيث الحكم الامام يتقدم على المثنى كما يتقدم
على الجماعة واليه إشارة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله الاثنان فما فوقهما جماعة * وقيل في
تأويل قوله تعالى فان كن نساء فوق اثنتين أي اثنتين فما فوقهما وكلمة فوق صلة فيه كما في
قوله تعالى فاضربوا فوق الأعناق يعنى مع الأعناق مع انا قد سلمنا أن في هذا اللفظ بيان
نصيب الثالث والتعليق بالشرط عندنا لا يوجب نفى الحكم عند عدم الشرط بل يجوز أن يثبت
الحكم بدليل آخر وقد أثبتنا بإشارة النص أن للبنتين الثلثين كما قررنا فان اختلط الذكور
بالإناث من الأولاد فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين بالنص واستدلالا بميراث الاخوة
فقد قال الله تعالى فإن كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين والأولاد أقرب
140

من الاخوة وأولاد الابن يقومون مقام أولاد الصلب عند عدم أولاد الصلب في جميع ما
ذكرنا لقوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم واسم الأولاد يتناول أولاد الابن مجازا قال الله تعالى
يا بني آدم وعند نزول الآية لم يكن بقي أحد من صلب آدم عليه السلام وقال ابن عباس
رضي الله عنه لرجل أي أب لك أكبر فتحير الرجل ولم يفهم ما قال له فتلا ابن عباس قوله
عز وجل يا بني آدم وجعل يقول من كنت ابنه فهو أبوك فان اجتمع أولاد الصلب وأولاد
الابن فإن كان في أولاد الصلب ذكر فلا شئ لأولاد الابن ذكورا كانوا أو إناثا أو مختلطين
لان الذكر من أولاد الصلب مستحق لجميع المال باعتبار حقيقة الاسم وعند العمل بالحقيقة
يسقط اعتبار المجاز فان الجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد في حاله واحدة متعذر والدليل
على أن الاسم يتناول أولاد الابن مجازا انه يستقيم نفيه عنه باثبات غيره فيقال ليسوا بنيه
ولكنهم بنوا ابنه وهذا حد المجاز مع الحقيقة لأنه لا يمكن نفى الحقيقة ويمكن نفى المجاز باثبات
غيره والدليل عليه ان أولاد الابن يدلون بالابن ويرثون بمثل نسبه فيحجبون به كالأجداد
بالأب والجدات بالأم بخلاف الاخوة لأم فإنهم يرثون مع الأم وان كانوا يدلون بها لأنهم
لا يرثون بمثل نسبها فإنها ترث بالأمومة وهم بالاخوة وأيد ما ذكرنا قوله عليه السلام ما أبقت
الفرائض فلأولى رجل ذكروا ولى رجل ذكر الابن دون أولاد الابن فإن لم يكن في أولاد
الصلب ذكر ولا في أولاد الابن ذكر فإن كانت ابنة الصلب واحدة فلها النصف ولبنات
الابن السدس تكملة الثلثين واحدة كانت أو أكثر من ذلك لحديث ابن مسعود رضى لله أعنه
وان كانت ابنة الصلب بنتين فلهما الثلثان ولا شئ لبنات الابن لان حظ البنات الثلثان وقد
استحق البنتان جميع ذلك فلم يبق من حق البنات شئ لبنات الابن وإن لم يكن في أولاد
الصلب ذكر وكان في أولاد الابن ذكر فان انفرد الذكور من أولاد الابن فالباقي بعد نصيب
البنات لهم نصفا كان أو ثلثا لقوله عليه السلام الحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت فلأولى رجل
ذكر ولا يقال بأن هذا جمع بين الحقيقة والمجاز لان الاسم يتناول أولاد الصلب حقيقة وأولاد
الابن مجازا وهذا لان ما يعتبر فيه الحقيقة لا يعتبر فيه المجاز وهو ما استحقه بنات الصلب
فاما ما زاد على ذلك فالحقيقة غير معمول بها في استحقاق ذلك وإنما يعمل بالمجاز في استحقاق
ما لم يثبت فيه الاستحقاق باعتبار الحقيقة فلا يكون جمعا بين الحقيقة والمجاز فان اختلط الذكور
بالإناث من أولاد الابن * فنقول إن كان بنات الصلب بنتين فصاعدا فلهن الثلثان والباقي بين
141

أولاد الابن للذكر مثل حظ الأنثيين عند على وزيد رضي الله عنهما وهو قول جمهور العلماء
وكان ابن مسعود يقول الباقي لبني الابن خاصة ولا شئ لبنات الابن فإن كانت ابنة الصلب
واحدة فلها النصف والباقي بين أولاد الابن للذكر مثل حظ الأنثيين عند علي وزيد وعند
عبد الله بن مسعود ينظر إلى المقاسمة والسدس لبنات الابن فأي ذلك كان شرا لهن فلهن ذلك
والباقي لبنى الابن ويسمى هذا الجنس مسائل الاضرار على قول ابن مسعود واحتج في ذلك
بالآية فان الله تعالى اعتبر في ميراث الأولاد أحد الحكمين أما الثلثان للبنات بقوله تعالى فان
كن نساء فوق اثنتين واما القسمة فللذكر مثل حظ الأنثيين بقوله عز وجل للذكر مثل
حظ الأنثيين وقد وجد أحد الحكمين هنا وهو اعطاء البنات الثلثين فلا يجوز اعتبار الحكم
الآخر في هذه الحادثة لان الجمع بينهما متعذر بالاجماع فلا يبقى لأولاد الابن استحقاق بحكم
هذه الآية بعد ما أخذت البنات الثلثين فإنما يثبت الاستحقاق للذكور منهم بقوله عليه السلام
فلأولى رجل ذكر وان كانت ابنة الصلب واحدة قد بقي السدس مما يستحقه البنات ولكن
ذلك لهن عند الانفراد لا عند الاختلاط فلا يعطين الا الأقل لأنه المتيقن به فلهذا ينظر إلى
المقاسمة والى السدس فيما يعطى بنات الابن ولان بنات الابن لو انفردن مع الابنتين لم يكن
لهن شئ ومع الواحدة من البنات لا يكون لهن الا السدس ومعلوم أن حالة الانفراد في
حكم الاستحقاق أقوى من حالة الاجتماع وإنما تصير الأنثى عصبة بالذكر إذا كانت صاحبة
فرض عند الانفراد كالبنات والأخوات فاما إذا لم تكن مستحقة شيئا عند الانفراد لم تصر
عصبة بالذكر كبنات الاخوة مع بنى الاخوة وبنات العم مع بنى العم وحجتنا في ذلك أن
الذكر مع أولاد الابن يعصب الإناث في درجته في استحقاق جميع المال بالاتفاق وهو ما
إذا لم يكن هناك ولد للميت لصلبه فكل ذكر يعصب الأنثى في استحقاق جميع المال بالاتفاق
يعصبها في استحقاق ما بقي كالأخ مع الأخوات في درجة واحدة والبنات مع البنين وهذا
لان بنات الصلب لما أخذن نصيبهن خرجن من البنين وصار فيما بقي كأنه ليس هناك ابنة
ويكون الحكم فيما بقي هو الحكم في الجميع إذا لمن يكن هناك بنات الصلب وبهذا يتبين أنا
لا نجمع بين الحكمين في محل واحد وإنما نثبت في كل محل أحد الحكمين ففي الثلثين عملنا
بقوله تعالي فان كن نساء فوق اثنتين وفيما وراء ذلك عملنا بقوله تعالى للذكر مثل حظ
142

الأنثيين يوضحه أن الذكر من أولاد الابن يعصب الأنثى في درجته في حكم الحرمان وبيانه
إذا اجتمع مع الزوج والأبوين ابنة وابنة ابن فان للبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة
الثلثين فإن كان مع ابنة الابن ابن الابن في هذه الصورة لم يكن لها شئ لأنها تصير عصبة
به ولم يبق من أصحاب الفرائض شئ فلما كان يعصبها في حكم الحرمان فلان يعصبها في حكم
الاستحقاق كان أولى لان التعصيب في الأصل للاستحقاق لا للحرمان فإن كان الذكر من
أولاد الابن دون الأنثى بدرجة فان اجتمع مع ابنتي الصلب بنت ابن وابن ابن ابن فظاهر
المذهب عندنا أن الباقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين * وقال بعض المتأخرين أن الباقي
للذكر خاصة هنا لان الأنثى إنما تصير عصبة بذكر في درجتها لا بذكر هو دونها في الدرجة
(ألا ترى) أن البنت لا تصير عصبة بابن الابن في ابنة واحدة صلبية وابنة ابن وابن ابن
ابن فإنه لا تصير ابنة الابن عصبة بابن الابن فكذلك مع البنتين لمعنى وهو أن الذكر إذا
كان أبعد بدرجة فلو جعل للأنثى التي هي أقرب منه بدرجة عصبة كان الذكر محروما في نفسه
لان في ميراث العصبات الأقرب يقدم على الأبعد ذكرا كان أو أنثى (ألا ترى) أن الأخت
لما صارت عصبة مع البنت كان الباقي لها دون ابن الأخ والعم وإذا صار محروما لا يعصب
أحدا وجه قولنا ان هذه الأنثى لو كانت في درجة الذكر كانت عصبة به مستحقة معه فإذا
كانت أقرب منه بدرجة كان أولى لان تأثير القرب في قوة سبب الاستحقاق لا في الحرمان
وفى هذا بيان أن التعصيب كان لمعنى النظر للأنثى ولا يتحقق ذلك في ابنة مع ابن الابن لان
بالتعصيب هناك ينتقص حقها لأنه يصير المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين فنصيب البنت
الثلث فلذا جعلناها عصبة بابن الابن وحقها بدون التعصيب النصف وكذلك في حق ابنة الابن
مع ابنة واحدة للصلب فان بالتعصيب هناك بابن ابن الابن لا يزداد نصيبها بحال وقد يؤدى
إلى حرمانها في بعض الأحوال لأنه إذا كانت البنت الصلبية واحدة فحق ابنة الابن معها
السدس دون التعصيب ولو عصبنا بنت الابن بابن ابن الابن لا يزداد نصيبها على السدس
فان الباقي من النصف وهو النصف يقسم بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين سهم لبنت الابن
وسهمان لابن ابن الابن كما في غير حالة التعصيب فأما في التعصيب هنا توفير المنفعة على ابنة
الابن باعتبار زيادة القرب * يوضحه ان من كانت في درجة الذكر هنا تستحق شيئا فالقول
بأن الأبعد من البنات يستحق والأقرب يصير محروما بنسبة المحال فلا يصار إليه * فصل ثم جملة
143

من يرث مع الأولاد ستة نفر الأب والجد لأب وان علا والأم والجدة أم الأم أو أم الأب
والزوجة ولا يرث غير هؤلاء مع الابن بالفريضة لا بالعصوبة ولا يكون غير هؤلاء صاحب
فرض مع الابنة وإن كان قد يرث بالعصوبة فأما الأب فله في الميراث ثلاثة أحوال فرض
وعصوبة وكلاهما فالفرض مع وجود الابن وابن الابن وان سفل والعصوبة عند عدم الولد
وولد الابن ذكرا كان أو أنثى وكلاهما مع البنت وبنت الابن وفريضته السدس لا ينقص من
ذلك الا عند العول ولا يزاد عليه بالفريضة بحال وذلك منصوص عليه في كتاب الله تعالى قال
الله تعالى ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فهو تنصيص على أنه صاحب
فرض مع الولد وان فريضته السدس * قال الله عز وجل فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه
فلأمه الثلث معناه وللأب ما بقي كما هو الأصل أن المال متى أضيف إلى اثنين وبين نصيب
أحدهما منه كان للآخر ما بقي فذلك تنصيص على أنه عصبة حال عدم الولد وأما مع البنت
فهو صاحب فرض يأخذ السدس بالفرضية والبنت تأخذ النصف ثم للأب ما بقي بالسنة وهو
قوله عليه السلام ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر وهو أولى رجل ذكر
فيكون عصبة فيما بقي الجد وأب الأب عند عدم الأب يقوم مقامه باعتبار أنه يدلى به وأنه
يتناوله اسم الأب مجازا الا في فصل وهو في زوج وأبوين وامرأة وأبوين فان للأم ثلث
ما بقي والباقي للأب فإن كان مكان الأب جد فللأم ثلث جميع المال والباقي للجد على ما نبينه
فأما الأم فإنها صاحبة فرض ولها في الميراث حالان اما السدس واما الثلث لا تنقص من
السدس الا عند العول ولا تزاد على الثلث الا عند الرد أما السدس لها مع الولد ثبت ذلك
بقوله تعالى ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد والثلث بقوله تعالى
وورثة أبواه فلأمه الثلث والسدس لها مع وجود الاخوة بقوله تعالي فإن كان له اخوة فلأمه السدس
ولا خلاف ان فرضيتها السدس مع الولد ذكرا كان أو أنثى لان اسم الولد حقيقة لهما
فاما مع الاخوة فقد اختلفوا في فصول بعد ما اتفقوا ان الذكور والإناث في هذا الحكم سواء
عند الاختلاط وعند الانفراد حتى أن فرضها السدس مع الأخوات المفردات كما في الذكور
المفردين وكما مع الذكور مع الإناث عند الاختلاط وإنما الاختلاط في المثني من الاخوة والأخوات
فعلى قول أكثر الصحابة رضي الله عنهم وهو قول جمهور العلماء الفقهاء فريضتها السدس معهما
وعلى قول ابن عباس فريضتها الثلث معهما إلا أن يكونوا أثلاثا لظاهر قوله تعالى فإن كان له
144

اخوة وذلك اسم جمع وأدنى الجمع المتفق عليه ثلاثة والحجب لا يثبت الا بعد التيقن بشرطه
ولكنا نقول قد ثبت بالنص ان المثنى من الأخوات كالثلاث في الاستحقاق قال الله تعالى فإن كان
تا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك فكذلك المثنى كالثلاث في الحجب وقد بينا في البنات ان المثنى
حكم الجمع في الحجب والاستحقاق جميعا وهذا وإن كان نوعا من المجاز فقد حملنا اللفظ عليه
بدليل النص وذلك مستقيم على قول جمهور العلماء الاخوة لأم كغيرهما من الاخوة في حجب
الأم من الثلث وعلى قول الزيدية الحجب إنما يثبت بالاخوة لأب وأم أو لأب ولا يثبت
بالاخوة لأم فآلوا لان هذا الحجب بمعنى معقول وهو ان عند وجود الاخوة لأب وأم أو
لأب يكثر عيال الأب فيحتاج إلى زيادة مال للانفاق عليهم والأم لا تحتاج إلى ذلك إذ ليس
عليها شئ من النفقة وهذا المعنى لا يوجد في الاخوة لأم لان نفقتهم ليست على الأب وإنما
ذلك على الأم فهي التي تحتاج إلى زيادة مال لأجلهم فلا تحجب من الثلث إلى السدس باعتبارهم
وحجتنا ظاهر الآية فان اسم الاخوة حقيقة للأصناف الثلاثة لان الأخ من جاور غيره في
صلب أو رحم وهذا حكم ثابت بالنص وقولهم غير معقول المعني فان الاخوة يحجبون الأم
إلى السدس بعد موت الأب ولا نفقة هنا على الأب ويحجبون إذا كانوا كبارا وليس على الأب
من نفقتهم شئ ثم السدس الذي يحجب عنه الاخوة لأم يكون للأب في قول عامة الصحابة
وهو مذهبنا وعن ابن عباس رضي الله عنه في رواية شاذة ان ذلك للاخوة بيانه فمن مات
وترك أبوين وأخوة عندنا للأم السدس والباقي للأب وعنده للأم السدس والسدس للاخوة
والباقي للأب واستدل بحديث رواه طاووس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الاخوة
السدس مع الأبوين ولان من لا يرث لا يحجب (ألا ترى) ان الاخوة لو كانوا كفارا أو أرقاء
لا يحجبون فلما حجبوا الأم مع وجود الأب عرفنا انهم ورثة مع الأب ولا يرثون شيئا من
نصيب الأب لأنهم يدلون به ولان الأب أقرب منهم فإنه يتصل بالميت من غير واسطة فلم
يبق لهم من الميراث الا مقدار ما نقصوا من نصيب الأم وذلك سدس وحجتنا في ذلك قوله
تعالى فإن كان له اخوة فلأمه السدس معناه وللأب ما بقي لأنه معطوف على قوله عز وجل
وورثه أبواه فلأمه الثلث ثم هناك المراد وللأب ما بقي وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه *
يوضحه انه بين في أول الآية حالا يكون الوارث فيه الأبوان فقط بقوله تعالى وورثه أبواه
فبين نصيب الأم ثم عطف عليه بغير نصيبها بوجود الغير فيبقي ما سوى ذلك على ما كان وهو
145

ان الوارث هم الأبوان فقط وأما الحديث فقد روى عن طاووس لقيت ابن رجل من الاخوة
الذي أعطاهم رسول الله السدس مع الأبوين فسألته عن ذلك فقال كان ذلك وصية فعلى
هذا يصير الحديث دليلا لنا لان الوارث لا يستحق الوصية فلما أعطي رسول الله صلى الله
عليه وسلم الاخوة بالوصية مع الأبوين عرفنا انهم لا يرثون والمعنى الذي قال هو كما قال إن من
لا يرث لا يحجب غير أن الشرط أن يكون وارثا في حق من يحجبه والأخ وارث في حق الأم
وإنما يحجب الأم بخلاف الرقيق والكافر ثم هو محجوب بالأب لان حال الاخوة مع وجود
الأم لا يكون أقوى من حاله عند عدم الأم وهم لا يرثون مع الأب شيئا عند عدم الأم لان
الله تعالى شرط في توريث الاخوة أن يكون الميت كلالة والكلالة من ليس له ولد ولا والد
وهذا لا يتغير بوجود الأم فلهذا لا يرث الأخ شيئا مع الأب والأصح ان هذه الرواية عن
ابن عباس لا تثبت فان مذهبه في الجد مع الاخوة كمذهب الصديق رضي الله عنه انهم
لا يرثون شيئا فكيف يرثون مع الأب ويختلفون أيضا في زوج وأبوين فعلى قول عمر وعلي
وابن مسعود وزيد رضي الله عنهم للزوج النصف وللأم ثلث ما بقي والباقي للأب
وهو قول جمهور الفقهاء وعلى قول ابن عباس للأم ثلث جميع المال والباقي للأب وكذلك في
امرأة وأبوين للأم ثلث ما بقي عند من سمينا وعند ابن عباس ثلث جميع المال * وحكى أن
ابن عباس لقي زيدا رضي الله عنهما فقال نشدتك الله هل تجد في كتاب الله ثلث ما بقي فقال
لا ولكنني قلت ذلك برأيي فقال كتاب الله أحق أن يؤخذ به من رأيك وحجته ظاهر الآية
فان الله تعالى قال فلأمه الثلث يعنى ثلث التركة لأنه معطوف على قوله تعالى فلهن ثلثا ما ترك
وعلى قوله تعالى وان كانت واحدة فلها النصف يعنى نصف ما ترك فكذلك قوله عز وجل
فلأمه الثلث ثم لا يجوز أن ينتقص نصيب الأم بالزوج لان سبب وارثه الأم أقوى من سبب
الزوج فان سبب وراثتها لا يحتمل النقص والدفع فهو قائم عند الوراثة وقد ترث جميع المال
في بعض الأحوال بخلاف الزوج ولو جاز أن ينقص نصيب أحدهما لمكان الزوج لكان الأولى
به الأب * وقد ينتقص نصيب الأب لوجود الزوج فان المرأة إذا تركت أباها وحده كان له
جميع المال وإن كان مع الأب زوجها فله نصف المال * ولا ينتقص نصيب الأم لمكان الزوج
بحال فادخال ضرر النقصان على الأب أولي منه علي الأم وهذا المعنى فقهي وهو أن الأب
عصبة في هذه الحالة ولا مزاحمة بين العصبات وأصحاب الفرائض ولكن أصحاب الفرائض
146

مقدمون فيعطون فريضتهم ثم ما بقي للعصبة قل أو أكثر واعتبار الثلث والثلثين بين الأب
والأم عند وجود المزاحمة ويقاس بما لو كان مكان الأب جدا في هذين الفصلين وحجتنا في
ذلك قوله تعالى فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث معناه فلامه ثلث ما ورثه أبواه
إذ لو لم يحمل على هذا صار قوله وورثه أبواه فصلا خاليا عن الفائدة وقد كان يحصل البيان
بقوله فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث كما قال تعالى فان كن نساء فوق اثنتين فلهن
ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف فلما قال هنا وورثه أبواه عرفنا أنه إنما جعل لها ميراث
الأبوين وميراث الأبوين ما بقي بعد نصيب الزوج والزوجة يوضحه انه علق إيجاب الثلث
لها بشرطين أحدهما عدم الولد والآخر أن يكون الوارث أبوين فقط لان قوله تعالى فإن لم
يكن له ولد شرط وقوله تعالى وورثه أبواه عطف علي شرط والمعطوف علي الشرط شرط
والمتعلق بشرطين كما ينعدم بانعدامهما ينعدم بانعدام أحدهما فبهذا تبين أن ثلث جميع التركة
لها غير منصوص في هذه الحالة فوجب المصير إلى هذا المعنى المعقول وهو أن الأبوين في
الأصول كالابن والبنت في الفروع لان سبب وراثة الذكر والأنثى واحد وكل واحد منهما
متصل بالميت بغير واسطة ثم لا يجوز تفضيل البنت على الابن ولا التسوية بينهما في الفروع
بل يكون للأنثى مثل نصف نصيب الذكر فكذلك في الأصول ويقاس ما بقي بعد نصيب
الزوج والزوجة بجميع المال عند عدم الزوج والزوجة فأما إذا كان مكان الأب جد فيقول
تفضيل الأنثى على الذكر أو التسوية إنما تجوز عند المساواة في القرب ولا مساواة فالأم متصلة
بالميت من غير واسطة والجد لا يتصل به الا بواسطة (ألا ترى) ان الجد قد يحرم الميراث بمن
هو أقرب منه وهو الأب والأم لا تحرم بمن هو أقرب منها بحال بمنزلة الأب فلهذا أعطيناها
مع الجد ثلث جميع المال ومع الأب ثلث ما بقي وكان يقول أبو بكر الأصم لها ثلث ما بقي مع
الزوج وثلث جميع المال مع الزوجة ويروى ذلك عن معاذ رضي الله عنه لان مع الزوج لو
أعطيناها ثلث جميع المال لم يكن للأب الا السدس فيكون فيه تفضيل الأنثى على الذكر ولا
إلى التسوية بينهما فاما الجدة فهي صاحبة فرض فريضتها السدس لحديث أبي سعيد الخدري
أعطى الجدة السدس ويستوى في ذلك أم الأم وأم الأب فان اجتمعتا فالسدس بينهما ثبت ذلك
باتفاق الصحابة رضي الله عنهم على ما روى أن أم الأم جاءت إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه
وقالت أعطني ميراث ولد ابنتي فقال لا أجد لك في كتاب الله تعالى نصيبا ولم أسمع من
147

رسول الله صلى الله عليه وسلم فيك شيئا ولكني أشاور أصحابي فجمعهم وسألهم عن ذلك فشهد
محمد بن سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس ثم جاءت أم الأب بعد ذلك
إلى أبي بكر فقالت أعطني ميراث ولد ابني فقال لا أجد لك في كتاب الله نصيبا ولم أسمع من
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيك شيئا ولكني أرى ان ذلك السدس بينكما إذا اجتمعتا
وهو لمن أنفرد منكما ثم لا يزداد نصيب الجدات علي السدس وان كثرن الا عند الرد ولا
ينقص الا عند العول فأما الزوج فهو صاحب فرض وله حالان النصف عند عدم الولد وولد
الابن ذكرا كان أو أنثى والربع عند وجوده ثبت ذلك بقوله تعالى ولكم نصف ما ترك
أزواجكم الآية ولا يزداد الزوج على النصف بذلك بحال ولا ينقص عن الربع الا عند العول
وأما الزوجة فهي صاحبة فرض ولها حالان الربع عند عدم الولد وولد لابن ذكرا كان
أو أنثى والثمن عند وجوده ثبت ذلك بقوله تعالى ولهن الربع مما تركتم الآية ونصيب الزوجات
بينهن بالسوية اثنتين أو ثلاثا أو أربعا لا يزاد لهن على الربع بحال ولا ينقص عن الثمن الا عند
العول ولا يحجب الزوج والزوجة عن الميراث بأحد ولا سبب الا بقتل أو كفر أو رق
والحاصل ان الحجب نوعان حجب حرمان وحجب نقصان فحجب الحرمان نحو حجب
لأجداد بالأب والجدات بالأم وحجب النقصان نحو حجب الزوج والزوجة ولا خلاف
في أن حجب الحرمان لا يثبت بمن هو غير وارث بسبب القتل أو الرق أو اختلاف
الدين وكذلك حجب النقصان في أكثر قول الصحابة رضي الله عنهم وهو مذهبنا وقال ابن
مسعود رضي الله عنه ثبت حجب النقصان بمن لا يكون وارثا واستدل في ذلك فقال هذا
الحجب بالنص ثابت بالولد وبالاخوة وبسبب الرق والقتل والكفر لا بقيد هذا الاسم
فالتقييد بكون الأخ والولد وارثا يكون زيادة على النص وهذا بخلاف حجب الحرمان لان
حجب الحرمان باعتبار تقديم الأقرب على الأبعد وإنما يتحقق ذلك إذا كان الأقرب مستحقا
فاما حجب النقصان باعتبار أن السبب مع وجود الولد والاخوة لا يوجب له الا أقل النصيبين
وفى هذا المعنى فرق بين أن يكون الولد والأخ وارثا أو لا يكون وارثا وحجتنا في ذلك أن
من ليس بوارث جعل في استحقاق الميراث كالميت فكذلك في الحجب هو كالميت وكما أنه
مع الرق لا يخرج من أن يكون ولدا فبالموت لا يخرج من أن يكون ولدا ثم شرطنا كونه ولدا
حيا للحجب بالاتفاق فكذلك يشترط كونه وارثا حرا للحجب ونفس حجب النقصان على
148

حجب الحرمان في المعنى لا فرق بينهما لان في حجب الحرمان تقديم الأقرب في الكل
وفى حجب النقصان تقديم الحاجب على المحجوب في البعض فإذا شرط هناك صفة الوراثة في
الحاجب فكذلك يشترط هنا والله أعلم بالصواب
باب التشبيه في ميراث الأولاد
(قال رضي الله عنه) ويسمى هذا باب التفويض وباب ترتيب الأنساب واعلم بأن
الصحابة رضي الله عنهم لم يتكلموا في جنس مسائل هذا الباب وإنما ذكر المتأخرون رحمهم
الله في ذلك لتسجيل الخواطر فنقول انك تسأل عن ثلاثة بنات ابن بعضهن أسفل من بعض
فالأصل في تخريج الجواب ما قدمنا ان ابنة الابن تقوم مقام ابنة الصلب عند عدمها وابنة ابن
الابن تقوم مقام ابنة الابن عند عدمها ثم صورة هذه المسألة ان العليا منهن ابنة الابن والوسطي
ابنة ابن الابن والسفلى ابنة ابن ابن الابن فيكون للعليا النصف لأنها قائمة مقام ابنة الصلب
والوسطى السدس تكملة الثلثين ولا شئ للسفلى فإن كان مع واحدة منهن غلام قلت إن كان
الغلام مع العليا فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كان مع الوسطى فللعليا النصف
والباقي بين الغلام والوسطى للذكر مثل حظ الأنثيين ولا شئ للسفلى لان الذكر لا يعصب
من دونه بدرجة وإن كان الغلام مع السفلى فللعليا النصف وللوسطى السدس تكملة الثلثين
والباقي بين السفلى والغلام للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كان مع العليا جدها أب أبيها فقل
هذا الميت ذكر أم أنثى فإن كان الميت ذكرا فالسؤال محال لان أب الأب أب أب العليا
وهو الميت نفسه وإن كان الميت امرأة فالسؤال صحيح وهذه امرأة ماتت وتركت زوجها
وثلاث بنات ابن فيكون للزوج الربع وللعليا النصف وللوسطى السدس فان قيل لم يذكر
في السؤال قيام الزوجية بينهما عند الموت فكيف يورثه قلنا قد ذكر ذلك إشارة بذكره
إياه في جملة الورثة مع انا عرفنا ان الزوجية بينهما وما عرف ثبوته فالأصل بقاؤه حتى يقوم
دليل الزوال فإن كان مع العليا جدتها أم أبيها قلنا إن كان الميت امرأة فالسؤال محال لان أم
أب العليا هي الميتة نفسها وإن كان الميت ذكرا فالسؤال مستقيم وأم أب العليا زوجة الميت
فيكون لها الثمن ولابنة الابن النصف ولابنة ابن الابن السدس تكملة الثلثين وإن كان مع
العليا عمها فنقول عم العليا ابن الميت فالمال كله له وإن كان مع العليا عمتها فعمة العليا ابنة الميت
149

فلها النصف وللعليا السدس وإن كان مع العليا عم ابنها فعم أبنها أخ الميت فيكون للعليا النصف
وللوسطى السدس والباقي للأخ وإن كان مع العليا عمة ابنها فعمة ابنها أخت الميت فللعليا
النصف وللوسطى السدس والباقي للأخت فان الأخوات مع البنات عصبة فإن كان مع العليا
ثلاثة أعمام متفرقين فنقول إن كان الميت ذكرا فالمال بين عم العليا لأب وأم وعمها لأب
نصفان ولا شئ لعمها لامها لان عمها لأم ابن امرأة الميت وإن كان الميت امرأة فالمال بين
عم العليا لأب وأم وعمها لأم نصفان لأنهما ابنا الميت ولا شئ لعمهما لأب لأنه ابن زوج
الميت وإن كان مع العليا ثلاث عمات متفرقات فهو كذلك أن كان الميت رجلا فعمة العليا لأب
وأم وعمتها لأم ابنتا الميت فلهما الثلثان وإن كان مع العليا ثلاث اخوة متفرقين فالمال بينها
وبين أختها لأب وأم وأختها لأب للذكر مثل حظ الأنثيين ولا شئ لأختها لأم لأنها ابنة
امرأة ابن الميت وإن كان مع العليا ثلاث أخوات متفرقات فاخوتها لأبيها وأمها وأختها لأبيها
في درجتها فيكون لهم الثلثان ولا شئ لأختها لامها لأنها ابنة ابن امرأة ابن الميت ويستوي
في هذا الفصل إن كان الميت ذكرا أو أنثى فإن كان ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل
من بعض وثلاث بنات ابن ابن بعضهن أسفل من بعض فنقول العليا من الفريق الثاني في
درجة الوسطى من الفريق الأول والوسطى من الفريق الثاني في درجة السفلى من الفريق
الأول فيكون للعليا من الفريق الأول النصف وللوسطى من الفريق الأول والعليا من
الفريق الثاني السدس تكملة الثلثين ولا شئ لمن سواهن فإن كان مع الوسطى من الفريق
الثاني غلام فالباقي بين السفلى من الفريق الأول والوسطى من الفريق الثاني والغلام للذكر
مثل حظ الأنثيين ولا شئ للسفلى من الفريق الثاني وإن كان الغلام مع السفلى من الفريق
الثاني فالباقي بين الغلام وبين من بقي منهن للذكر مثل حظ الأنثيين لما بينا أن الغلام كما
يعصب من في درجته يعصب من هو فوقه بدرجة إذا لم يستحق شيئا بالفريضة وإن كان الغلام
مع العليا من الفريق الثاني فللعليا من الفريق الأول النصف والباقي بين الوسطي من الفريق
الأول والعليا من الفريق الثاني والغلام للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كان الغلام مع العليا
من الفريق الأول فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين * وان ترك ثلاث بنات ابن بعضهن
أسفل من بعض ومع العليا ثلاث بنى أعمام متفرقين فالمال بين العليا وبين ابن عمها لأب وأم
وبين ابن عمها لأب للذكر مثل حظ الأنثيين لان ابن عمها في درجة ابن ابن الميت رجلا كان
150

أو امرأة فإن كان مع العليا ثلاث بنات أعمام متفرقين فللعليا وما يكون من هذا الجنس فطريق
تخريجه ما بينا * ويتصل بهذا الباب مسائل المعاياة ومتشابه الأنساب * ولكن أورد محمد
رحمه الله لذلك بابا في آخر الكتاب * فيؤخر البيان إلى ذلك الموضع ليكون أسهل والله أعلم
بالصواب
باب الاخوة والأخوات
(قال رحمه الله) الأصل في توريثهم آيتان من كتاب الله تعالى إحداهما قوله تعالى وإن كان
رجل يورث كلالة وله أخ أو أخت معناه أخ أو أخت لأم هكذا في قراءة سعد بن أبي
وقاص رضي الله عنه وتسمى هذه الآية آية النساء لأنها في النساء نزلته والثانية قوله تعالى
يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إلى آخر السورة والمراد الاخوة والأخوات لأب وأم
أو لأب هكذا فإنه الصديق رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسمي هذه
الآية آية الصيف لان نزولها كان في الصيف ثم اختلفت الصحابة رضى الله تعالى عنهم ومن بعدهم
في معنى اللفظ المذكور في الآيتين وهو الكلالة أنه عبارة عما خلا عن الولد والوالد وفى آية
النساء الكلام مبهم جدا وفى آية الصيف زيادة بيان بقوله عز وجل ان أمرؤ هلك ليس له ولد
وكان عمر رضي الله عنه أحرص الناس على السؤال عن الكلالة حتى أنه روى لما ألح على رسول
الله صلى الله عليه وسلم في السؤال عنه وضع في صدره فقال أما يكفيك آية الصيف وإنما
أحاله على الآية ليجتهد في طلب معناها فينال ثواب المجتهدين * وروى أن ابن عمر رضي الله عنه
قال لحفصة رضي الله عنها متى وجدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبة نفس فسليه
عن الكلالة فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثيابه يوما ليخرج فقالت حفصة أخبرني عن
الكلالة يا رسول الله فقال عليه السلام أبوك أمرك بذلك ما أراه يعرف الكلالة فكان عمر
رضي الله عنه يقول ما أراني أعرف الكلالة بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال
وكان عمر رضي الله عنه يقول قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبين لنا ثلاثا ولو
علمتها لكان أحب إلى من الدنيا وما فيها الكلالة والخلابة والربا وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه
انى رأيت في الكلالة رأيا فان يك صوابا فمن الله ورسوله وان يك خطأ فمنى ومن
الشيطان أرى الكلالة ما خلى عن الولد والوالد فاتبعه عمر رضي الله عنه على رأيه وقال لا أرضى
151

من نفسي أنى أنسب إلى مخالفة أبى بكر رضي الله عنه وأثبت ذلك في كتف فلما طعن وأيس
من نفسه دعا بالكتف ومحاه وقال اشهدوا أنى ألقي الله تعالى ولا قول لي في الكلالة ثم
اتفق أكثر الصحابة أبو بكر وعلى وزيد وابن مسعود رضي الله عنهم أن الكلالة ما عدى
الولد والوالد وهو قول جمهور العلماء وقد روى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه وقد صح
عنه في زوج وأبوين أن للأم ثلث جميع المال ولا يظن به أنه يسقط الأب بالأخ ولا أنه
ينقص نصيبه من السدس بسبب الأخ ولم يبق السدس يعنى أن الله تعالى أثبت للأخ لأم
السدس إذا كانت المرأة كلالة وأما إذا ماتت المرأة عن زوج وأبوين وأخ لأم فعلى قول ابن
عباس للزوج النصف وللأم ثلث جميع المال ولم يبق الا السدس فلو كانت المسألة كلالة مع
قيام الأب عنده لصار ذلك السدس للأخ لأم فيصير الأب محجوبا بسبب الأخ لأم ولا
يظن به هذا فعرفنا أن الصحيح من مذهبه أن الكلالة ما خلا الولد والوالد وأظهر الروايتين
عنه أن الكلالة ما خلا الولد فإن كان هناك والد فقلت إنهم يقولون ما عدا الوالد والولد فغضب
فقال أنتم أعلم أم الله قال الله تعالى قل الله يفتيكم في الكلالة ان أمرؤ هلك ليس ولد يعنى
الكلالة هالك ليس له ولد وعامة الصحابة والعلماء استدلوا بحديث رواه أبو سلمة بن عبد
الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكلالة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من ليس له ولد ولا والد وأما الآية فقد قيل المراد بقوله ليس له ولد وهو يشمل الولد والوالد
جميعا فان اسم الولد مشتق من الولادة ويطلق ذلك على الوالد لتولد الولد منه وعلى الولد
لتولده من الوالد كاسم الذرية يتناول الأولاد والآباء قال الله تعالى وآية لهم أنا حملنا ذريتهم
في الفلك المشحون يعنى آباءهم فسمى الأب بهذا الاسم لان الولد ذرى منه وسمى به الولد
لأنه ذرى من الأب والمراد بقوله عز وجل ليس له ولد الولد ومن يقوم مقام الولد
(ألا ترى) أن من له ولد ابن لا يكون كلالة لوجود من يقوم مقام الولد فكذلك من له أب
لا يكون كلالة لوجود من يقوم مقام الولد ومن حيث معنى اللغة والاشتقاق الحجة فيه لعامة
العلماء رحمهم الله أن السبب نوعان سرد وكلالة فالسرد لا يتبع فردا فردا قال الله تعالى وقدر في
السرد منه قول القائل
نسب توارث كابر عن كابر
كالرمح أنبوبا على أنبوب
152

وهذا المعنى في الاباء والأولاد لأنه يتبع فردا فردا فعرفنا ان الكلالة ما سوى ذلك ومن
حيث الاشتقاق لأهل اللغة ولان أحدهما ان اشتقاق الكلالة من قولهم تكلله النسب أي
أحاط به ومنه يقال تكال الغمام السماء أي أحاط به من كل جانب ومنه الإكليل فإنه يحيط
بجوانب الرأس ومنه الكل والمراد به الجمع والإحاطة وذلك لا يتحقق في الآباء والأولاد
لان اتصال كل واحد منهما بصاحبه من جانب وأحد وإنما يتحقق هذا فيما سوى الآباء
والأولاد فان الاتصال يحيط من الجانبين ومن ذلك قول الفرزذق
ورثتم قناة المجد لان عن كلالة * عن ابني مناف عبد شمس وهاشم
وقيل اشتقاق الكلالة من قولهم حمل فلان على فلان ثم كل عنه أي بعد ومنه الكل وهو
اسم لما تباعد عن المقصود ومعنى التباعد إنما يتحقق فيما عدا الوالد والولد لكون الاتصال
بواسطة أو واسطتين أو واسطات والدليل عليه قول القائل
وان أب المرء حمالة * ومولى الكلالة لا يعصب
فقد أخرج الأب من الكلالة ثم اختلفوا في أن الكلالة اسم للميت أو للورثة فقال أبو عبيدة
معمر بن المثنى هو اسم لميت ليس له ولد ولا والد وهو اختيار أهل البصرة * وقال أهل الكوفة
وأهل المدينة هو اسم لورثه ليس فيهم ولد ولا والد وحجة القول الأول قوله تعالى وإن كان رجل
يورث كلالة أي يورث في حال ما يكون كلالة فهو نصب على الحال * كما يقال ضرب زيدا قائما
وإنما يورث الميت فعرفنا ان الكلالة صفة له وحجة القول الثاني قوله تعالى يستفتونك قل الله
يفتيكم في الكلالة أي يستفتونك عن الكلالة وإنما يستقيم الاستفتاء عن ورثة ليس فيهم ولد ولا
والد فاما إذا سئل عن ميت ليس له ولد ولا والد لا يفهم بهذا السؤال شئ والآية قرئت بالنصب
بيورث وبالكسر بورثة والقراءة بالكسر دليل على أن الكلالة اسم للورثة وتأويل القراءة
بالنصب ما أشرنا إليه ان اسم الكلالة يتناول الورثة ويتناول الميت كاسم الأخ بتناول كل واحد
منهما ثم قد ثبت بالسنة ان المراد بالكلالة الورثة قال عليه السلام ومن ترك كلا وعيالا فعلي
نفقته يعنى كلالة إذا عرفنا هذا فنقول الاخوة والأخوات أصناف ثلاثة بنو الأعيان وهم
الاخوة والأخوات لأب وأم سموا بذلك لان عين الشئ أتم ما يكون منه وتمام الاتصال من
الجانبين في حقهم وبنو العلات وهم الاخوة والأخوات لأب قال القائل
ويوسف إذ دلاه أولاد علة * فأصبح في قعر الركية ثاويا
153

وبنو الأحياف وهم الاخوة والأخوات لأم سموا بذلك من قولهم فرس أحيف إذا كانت
احدى عينيه رزقا والأخرى كحلا * فنسب بإحدى عينيه إلى شئ وبأخرى إلى شئ آخر *
فحال الاخوة والأخوات لأم كذلك ثم نبدأ ببيان ميراث بنى الأحياف اقتداء بكتاب الله
تعالى فقد ذكر الله تعالى في أول السورة ميراثهم بقوله تعالى وإن كان رجل يورث كلالة أو
امرأة وله أخ أو أخت أي لأم وهكذا في قراءة سعد رضي الله عنه وهم أصحاب الفريضة
للواحد منهم السدس ذكرا كان أو أنثى وللمثنى فصاعدا منهم الثلث بين الذكر والأنثى
بالسوية لا يزاد لهم على الثلث وان كثروا الا عند الرد فلا ينتقص الفرد منهم عن السدس
الا عند العول وهذا حكم ثابت بالنص قال الله تعالى لكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر
من ذلك فهم شركاء في الثلث ولفظ الشركة يقتضى التسوية فهو دليل على أنه سوى بين
ذكورهم وإناثهم والمعنى يدل عليه فإنهم يدلون بالأم * فيعتبر ميراثهم بميراث المدلى به وللأم
في الميراث حالان فالفرد منهم يعتبر حاله بأسوأ حالي الأم فله السدس والجماعة منهم يعتبرون
بأخس حالي الأم لتقوى حالهم بالعدد وفى معنى الادلاء بالأم الذكور والإناث سواء ويفضل
الذكر على الأنثى باعتبار العصوبة ولاحظ له في العصوبة ثم هم لا يرثون مع أربعة نفر بالاتفاق
مع الولد وولد الابن ذكرا كان أو أنثى ومع الأب والجد فان الله تعالى شرط في توريثهم
الكلالة وقد بينا ان الكلالة ما خلا الوالد والولد واتفقوا انهم لا يسقطون ببني الأعيان ولا
بنى العلات ولا ينقص نصيبهم بنى العلات وإنما يختلفون في أنه هل ينقص نصيبهم بنى الأعيان
أم لا وبيان هذا الاختلاف في امرأة ماتت وتركت زوجا وأما وأخوين لأم أو أختين أو
أخا وأختا وأخوين لأب وأم فالمذهب عند على وأبي موسى الأشعري وأبي بن كعب رضي الله عنه
م ان للزوج النصف وللأم السدس وللاخوة لأم الثلث ولا شئ للاخوة لأب وأم
وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله * وقال عثمان وزيد رضي الله عنهما الثلث مقسوم بين الاخوة لأم
وبين الاخوة لأب وأم بالسوية وهو مذهب شريح والثوري ومالك والشافعي وهذه
المسألة المشركة وكان عمر رضي الله عنه ينفى التشريك ثم رجع إلى التشريك وعن ابن عباس
رضي الله عنه روايتان أظهرهما التشريك وعن ابن مسعود رضي الله عنه روايتان أظهرهما
نفى التشريك وتسمى هذه المسألة مسألة التشريك والحمارية وذلك لأنه روى أن الاخوة لأب
وأم سألوا عمر رضي الله عنه عن هذه المسألة فأفتى بنفي التشريك كما كان يقوله أولا فقالوا هب
154

ان أبانا كان حمارا ألسنا من أم واحدة فقال عمر رضي الله عنه صدقتم ورجع إلى القول بالتشريك
وهو المعنى الفقهي فان استحقاق الميراث باعتبار القرب والادلاء وقد استوفوا في الادلاء إلى
الميت بالأم ويرجح الاخوة لأب وأم بالإدلاء إليه بالأب فإن كانوا لا يتقدمون بهذه
الزيادة فلا أقل من يستووا بهم * وإنما لم يتقدموا لان الادلاء بالأب بسبب العصوبة واستحقاق
العصبات متأخر عن استحقاق أصحاب الفرائض فلا يبقي هنا شئ من أصحاب الفرائض فيسقط
اعتبار الادلاء بقرابة الأب في حقهم وإنما يبقى الادلاء بقرابة الأم وهم في ذلك سواء
واحتجاجنا على القوم الذين قالوا هب ان أبانا كان حمارا انا إذا جعلنا أباكم حمارا فانا نجعل أمكم
أتانا فلا يستحق بالإدلاء بها شئ ومعنى هذا الكلام وهو أن الادلاء بقرابة الأب سبب
لاستحقاق العصوبة وبعد ما وجد هذا السبب لا تكون قرابة الأم علة الاستحقاق بل
تكون علة للترجيح فلهذا يرجح الأخ لأب وأم على الأخ لأب * وما يكون علة للاستحقاق
بانفراده لا يقع به الترجيح وإنما يقع الترجيح بما لا يكون علة للاستحقاق فلهذا يتبين أن قرابة
الأم في حقهم ليست بسبب للاستحقاق ثم العصوبة أقوى أسباب الإرث والضعيف لا يظهر
مع وجود القوي فلا يظهر الاستحقاق بالفرضية في حق الاخوة والأخوات لأب وأم وإذا
لم يظهر ذلك وجب الحاق الفرائض بأهلها فان بقي سهم فهو للعصبة وإن لم يبق فلا شئ لهم وإذا
اعتبر التسوية بينهم في قرابة الأم لترجح قرابة الأب فينبغي أن يكون الثلث كله لهم كما
يرجح الاخوة لأب وأم على الاخوة لأب بقرابة الأم والدليل عليه لو كان هناك أخ واحد
لأم وعشرة لأب وأم فللأخ لأم السدس والباقي بين الاخوة لأب وأم ولا أحد يقول
بالتسوية بينهم هنا فلو كان معنى الاستواء في قرابة الأم معتبرا لوجب أن يعتبر ذلك وبقي
تفضيل الأخ لأم علي الأخ لأب وأم إذا عرفنا هذا فنقول لو كان مكان الأخوين لأب وأم
أختين لأب وأم لا تكون المسألة مشركة لان للأختين لأب وأم الثلثين بالفريضة وتكون
المسألة عولية وكذلك لو كان مكانهما أخوين لأب لا تكون المسألة مشركة لان من يقول
بالتشريك إنما يقول به لوجود المساواة في الادلاء بالأم وذلك لا يوجد في الاخوة لأب
وكذلك إذا كان الأخ لأم واحدا لا تكون مشتركة لأنه يبقى بعد نصيب أصحاب الفرائض
* فاما بيان ميراث بني الأعيان فنقول انهم يقومون مقام أولاد الصلب عند عدمهم في
التوريث ذكورهم مقام ذكورهم وإناثهم مقام إناثهم حتى أن الأنثى منهم إذا كانت واحدة
155

فلها النصف وللمثنى فصاعدا الثلثان وذلك يتلى في القرآن قال الله تعالى وله أخت فلها نصف
ما ترك ثم قال عز وجل فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك كما في ميراث البنات إذا كن فوق
اثنتين ولم يذكر ذلك هنا ونص على ميراث البنتين هنا ولم ينص عليه ثمة ليستدل بأحدهما
على الاخر وللفرد منهم إذا كان ذكرا جميع المال ثبت بقوله تعالى هو يرثها إن لم يكن لها
ولد أي يرثها جميع المال وان كثروا فالمال بينهم بالسوية اعتبار بالأبناء وعند اختلاط الذكور
بالإناث يكون المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ثبت بقوله تعالى وان كانوا اخوة رجالا
ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين كما هو في ميراث الأولاد وشئ من المعقول يدل عليه فالإرث
خلافة مشروعة لمن يقوم مقام الميت عند استحقاقه عما يخلفه من المال بعد موته والخلافة اما
بالمناسبة أو بالمواصلة أو بالقرابة وميراث بين العلات كميراث أولاد الابن على معنى انهم عند
عدم بنى الأعيان يقوم ذكورهم مقام ذكورهم وإناثهم مقام إناثهم كأولاد الابن عند عدم
أولاد الصلب فإنهم لا يرثون مع الذكر من بنى الأعيان شيئا كما لا يرث أولاد الابن مع الابن
حتى أن الأخت لأب لا ترث مع الأخ لأب وأم ولا تصير عصبة مع البنت إذا كان معها أخ
لأب وأم بل يكون النصف للبنت والباقي للأخ لأب وأم ولا شئ للأخت لأب وإن كان بنو
الأعيان إناثا مفردات فإن كانت واحدة فلها النصف ولبنى العلات إذا كن إناثا مفردات
السدس تكملة الثلثين وان كانوا مختلطين فالباقي بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وعلى قول ابن
مسعود رضي الله عنه ينظر للإناث منهم إلى المقاسمة والى السدس فلهن شرهما وإن كان بنو
الأعيان بنتين من الإناث فصاعدا فلهما الثلثان ولا شئ للأخوات إلا أن يكون معهن ذكر
فيعصبهن فيما بقي وعلى قول ابن مسعود الباقي للذكر خاصة وهو نظير ما ذكرنا من مسائل
الاضرار علي قول ابن مسعود رضي الله عنه في أولاد الابن مع بنات الصلب ولا خلاف أنهم
لا يرثون مع الأب شيئا الا في رواية شاذة عن ابن عباس وقد بينا في توريثهم مع الجد اختلافا
ظاهرا نبينه في موضعه ولا خلاف أنهم لا يرثون مع الابن شيئا لان شرط توريثهم أن يكون
الميت هالكا قال الله تعالى ان امرؤ هلك ومن له ابن فليس بهالك وإنما يختلفون في توريثهم
مع البنات وهذا الاختلاف في الإناث المفردات منهم دون الذكور حتى أن من مات وترك
ابنة أو ابنتين وأخا لأب وأم أو لأب فللأخ ما بقي نصفا كان أو ثلثا وذلك ثابت بالسنة فقد
قال عليه السلام الحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت فلأولى رجل ذكر وأقرب رجل ذكر هو
156

الأخ فاما إذا كان مع الابنة أو الابنتين أخت لأب وأم أو لأب فعلي قول عمر وعلى وزيد وابن
مسعود ما بقي للأخت نصفا كان أو ثلثا وعلى قول ابن عباس لا شئ للأخت في هذه الحالة
وأصله أن الأخوات يصرن عصبة مع البنات عند أكثر الصحابة وهو قول جمهور الفقهاء
وعند ابن عباس رضي الله عنه لا يصرن عصبة واختلفت الرواية عنه فيما إذا اختلط الذكور
بالإناث من الاخوة فروى عنه أن الباقي بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وهو الأصح من
مذهبه وروى عنه أن الباقي كله للذكر فالأخت تصير عصبة مع البنت سواء كانت لأب
وأم أو لأب إلا أنه إذا كان مع الأخت لأب أخ لأب وأم بأن ترك بنتا وأخا لأب وأم
وأختا لأب فللبنت النصف والباقي للأخ لأب وأم ولا شئ للأخت لأب وكذلك أن كان
هناك ابنة وأخت لأب وأم وأخ وأخت لأب فقد روى عنه أن الباقي كله للذكر والأظهر
من مذهبه أن الباقي بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وعندنا الباقي كله للأخت لأب وأم
وحجته ما روى معمر عن الزهري عن أبي مسلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال سألت
ابن عباس رضي الله عنه عن فريضة فيها ابنة وأخت فقال للابنة النصف ولا شئ للأخت
فقلت قد كان عمر رضي الله عنه يقول للابنة النصف وللأخت ما بقي فغضب وقال أنتم أعلم أم الله
قال الله تعالى ان امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت قال الزهري فلم أفهم مراد ابن عباس
حتى سألت عنه عطاء فقال مراده ان الله تعالى إنما جعل للأخت النصف بشرط عدم الولد
ولم يجعل لها النصف مع الولد فان اسم الولد حقيقة للذكر والأنثى جميعا (ألا ترى) أن
الله تعالى لما حجب الأم من الثلث إلى السدس بالولد استوى فيه الذكر والأنثى لما حجب
الزوج عن النصف إلى الربع والمرأة إلى الثمن من الربع بالولد استوى فيه الذكر والأنثى
فكذلك هنا شرط عدم الولد لتوريث الأخت فيستوى فيه الذكر والأنثى والدليل عليه أن
الباقي بعد نصيب صاحب الفريضة يستحقه العصبة بالنسبة والأخ عصبة فأما الأخت فليست
بعصبة لأنها عند الانفراد لا تكون عصبة فعرفنا أنها ليست بعصبة في نفسها وإنما تعتبر عصبة
بغيرها إذا كان ذلك الغير عصبة والابنة ليست بعصبة فلا يجوز أن يجعل عصبة معها ولو صار
عصبة معها لشاركها في الميراث وبالإجماع لا يشاركها في نصيبها فعرفنا أنها ليست بعصبة أصلا
إلا أن يخالطها ذكر فحينئذ تصير عصبة بالذكر * وحجتنا في ذلك قوله تعالى ان امرؤ هلك ليس
له ولد ومعناه ابن بدليل ما عطف عليه بقوله تعالى وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فان معناه بالاتفاق
157

إن لم يكن لها ابن حتى أن الأخ يرث مع الابنة فان قيل هما شرطان ذكر كل واحد منهما
في حادثة على حدة فان قام الدليل على أن المراد بأحدهما الذكر لا يتبين ان المراد بالثاني الذكر
قلنا كذلك بل الكل شرط واحد لأنه ذكرا ولا إذا كان الأخ هو الميت يجعل للميت النصف
ثم قلت المسألة بجعل الأخت هي الميت والأخ هو الوارث وجعل له جميع المال فبهذا يتبين
أن الشرط واحد وهو عدم الولد ثم المراد في أحد الموضعين الذكر دون الأنثى فكذلك
المراد في الموضع الآخر والسنة تدل على ذلك فقد روى أن أبا موسى الأشعري سئل عن
ابنة وابنة ابن وأخت فقال للابنة النصف وللأخت ما بقي فسئل عن ذلك ابن مسعود رضى
عنه فقال قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
للبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين والباقي للأخت ففي هذا تنصيص على أن
الأخت عصبة مع البنت والمعني فيه أن حالة الانفراد حال الأخت أقوى من حال الاختلاط
بالاخوة لان حالة الاختلاط حال مزاحمة وحال الانفراد حال عدم المزاحمة فإذا كانت هي
لا تحجب عن الميراث في حالة الاختلاط بالاخوة فلأن لا تحجب في حالة الانفراد كان أولى
وبهذا يتبين أن وجود عين الولد ليس بموجب حرمان الاخوة والأخوات وإنما يحجبون
بفريضة الابنة (ألا ترى) أن للأخوات المفردات لأبوين السدس مع الابنة الواحدة ولو
لم يكن حجب الأخوات بفريضة البنات لكانت تثبت المزاحمة بينهن وبين الابنة الواحدة في
فريضة البنات كبنات الابن فإنهن يزاحمن الابنة الواحدة في فريضة البنات فيكون لهن
السدس وإذا ثبت أن حجب الأخوات بفريضة البنات فيما وراء فريضة الابنة انعدم
الحجب فيثبت الاستحقاق لهن بخلاف بنات الابن مع الابنتين لان حجبهن بوجود البنات
لا بفريضة البنات يدل عليه أن استحقاق البنات الميراث ينبنى على القرب وذلك يكون بالولادة
فولد الرجل أقرب إليه من ولد ابنه وولد ابنه أقرب من ولده جده كما أن الأب أقرب إليه
من الجد والأخوات ولد الأب والعصوبة تستحق بالولادة بالأب في الجملة فعند الحاجة
يثبت حكم العصوبة لولد الأب ذكرا كان أو أنثى وقد تحققت الحاجة إلى ذلك في حق
الأخوات مع البنات لأنهن صرن محجوبات عن فريضة البنات فإذا كان هناك ذكر معهن
فجعلن عصبة بالذكر أولى وإذا لم يكن يجعلهن عصبة في استحقاق ما وراء فريضة البنات
بخلاف فريضة بنات الابن فالحاجة لا تتحقق إلى ذلك في حقهن فإنهن لا يحجبهن عن فريضة
158

البنات بخلاف الأخوات لأم لأنهن يدلين بالأم ولا تأثير لقرابتها في العصوبة (ألا ترى)
أن الذكر هو الذي يدلى بقرابتها * يوضحه أن الله تعالى شرط كلالة مبهمة لتوريث أولاد
الابن ومن له ابنة فليس بكلالة مطلقا وشرط توريث أولاد الأب كلالة مقيدة بقوله تعالى
ان امرؤ هلك ليس له أي ولد ذكر بدليل آخر الآية وهو قوله تعالى وان كانوا اخوة رجالا
ونساء فالشرط هناك عدم ولد ذكر بالاتفاق ولم يذكر الشرط هناك نصا بل هو معطوف
على ما في أول الآية والدليل عليه أن من له ابنة فهو كلالة معنى وليس بكلالة صورة فان
الكلالة من يكون منقطع النسب ولا نسب لأحدهم فان الاخوة لا ينسبون إلى أخيهم
وأولاد البنت لا ينسبون إلى أب أمهم وإنما ينسبون إلى أب أبيهم فلكونه كلالة معنى قلنا
يرثه الأخوات لأب وأم أو لأب ولكونه غير كلالة صورة قلنا لا يرثه الأخوات لأم إذا عرفنا
هذا فنقول الاخوة والأخوات وان كانوا ينزلون منزلة الأولاد في الإرث فلا ينزلون
منزلتهم في الحجب حتى أنهم لا يحجبون الزوج والزوجة والواحد منهم لا يحجب الأم من
الثلث إلى السدس بخلاف الأولاد لان الحجب ثابت بالنص من غير أن يعقل فيه المعنى فإنما
يثبت في مورد النص وإنما ورد النص به في الأولاد خاصة بخلاف الإرث فإنه معقول المعنى
وهو القرب على ما قررنا (فصل) في ميراث الإخوة والأخوات فان سئلت عن ثلاث اخوة
متفرقين مع كل واحد منهم ثلاث اخوة متفرقون فقل هذا ميت ترك أخوين لأب وأم
وأربع أخوات لأب وأربع اخوة لأم لان أخ أخيه لأب وأم مثله أخ للميت لأب وأم
وأخوة لأب الميت كذلك وأخوة لأم للميت كذلك فأما أخ الأخ لأب وأم وأخوه
هما أخوا الميت لأب وأخوه لأم أجنبي عن الميت فحصل للميت أخوان لأب وأم وأربع
اخوة لأب وأربع اخوة لأم فللاخوة لأم الثلث والباقي للأخوين لأب وأم ولا شئ للاخوة
لأب فان قال ترك ثلاث أخوات متفرقات مع كل واحدة منهن ثلاث أخوات متفرقات
فهو في الحاصل ترك أختين لأب وأم وأربع أخوات لأب وأربع أخوات لأم على التفصيل
الذي قلنا فلأخوات لأم الثلث وللأختين لأب وأم الثلثان * فان قال ترك ثلاث اخوة
متفرقين وثلاث أخوات متفرقات مع كل أخ ثلاث اخوة متفرقين ومع كل أخت ثلاث
أخوات متفرقات فهذا في الحاصل ترك أخوين وأختين لأب وأم وأربع أخوات لأم وأربع
اخوة وأربع أخوات لأب علي التفسير الذي قلنا فيكون للاخوة والأخوات لأم الثلث بينهم
159

بالسوية والباقي بين الاخوة والأخوات لأب وأم للذكر مثل حظ الأنثيين وعن ابن
عباس رضي الله عنه في رواية شاذة ان الثلث الذي هو نصيب الاخوة والأخوات لأم
بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين قال لأنهم يدلون بالأم فيكون قسمة هذا الميراث بينهم على
نحو قسمة ميراث الأم بينهم وميراث الأم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين فكذلك
ميراث الذي يستحقونه بقرابة الأم ولكنا نستدل بقوله تعالى فهم شركاء في الثلث والشركة
تقتضي التسوية ثم يفضل الذكر على الأنثى في حالة الاختلاط من حكم العصوبة ولا تأثير
لقرابة الأم في استحقاق العصوبة بها وإنما يستحقون الميراث بالإدلاء بالأم والأنثى قد
استوت بالذكر في ذلك فيستويان في الاستحقاق كما لو أعتق رجل وامرأة عبدا بينهما ثم
مات العبد استويا في الميراث عنه لاستوائهما في السبب فان قال ترك ابن أخ لأب معه
ثلاثة أعمام متفرقين فنقول أما عمه لأب وأم فهو أخ الميت لأب لأنه مثل أبيه وأبوه أخ
للميت لأب وأما عمه لأم فهو أجنبي عن الميت وأما عمه لأب فإن كانت أمه أم الميت فهو أخ
الميت لأب وأم وان كانت أمه امرأة أخرى غير أم الميت فهو أخ الميت لأب ففي حال ترك
الأخوين لأب وابن أخ فالمال كله للأخوين وفى حال ترك أخ لأب وأم وأخت لأب فالمال
كله للأخ لأب وأم فان قال ترك ابن الأخ لأب معه ثلاث بني أعمام متفرقين قلنا ابن عمه
لأبيه وأمه مثله ابن أخ الميت لأب وابن عمه لامه أجنبي عن الميت وابن عمه لأبيه يجوز أن
يكون ابن الميت لان الميت عمه لامه فان قال السائل وليس للميت فقل حينئذ ابن عمه لأبيه
إن كان أبوه من أم الميت فهو ابن أخ الميت لأب وأم فيكون أولى بالميراث فإن كان من امرأة
أخرى غير أم الميت فإنما ترك ثلاث بنى أخ لأب فالميراث بينهم بالسوية وما كان من هذا
الجنس فعلى هذا القياس يخرج والله أعلم بالصواب
باب العول
(قال رضي الله عنه) اعلم أن الفرائض ثلاثة فريضة عادلة وفريضة قاصرة وفريضة
عائلة فالفريضة العادلة هي أن تستوى سهام أصحاب الفرائض بسهام المال بأن ترك أختين
لأب وأم وأختين لأم فللأختين لأم الثلث وللأختين لأب وأم الثلثان وكذلك أن كان
سهام أصحاب الفرائض دون سهام المال وهناك عصبة فان الباقي من أصحاب الفرائض يكون
160

للعصبة فهو فريضة عادلة وأما الفريضة القاصرة أن يكون سهام أصحاب الفرائض دون سهام
المال وليس هناك عصبة بأن ترك أختين لأب وأم وأما فللأختين لأب وأم الثلثان وللأم
السدس ولا عصبة في الورثة ليأخذ ما بقي فالحكم فيه الرد على ما نبينه في بابه والفريضة العائلة
أن يكون سهام أصحاب الفرائض أكثر من سهام المال بان كان هناك ثلثين ونصفا كالزوج
مع الأختين لأب وأم أو نصفين وثلثا كالزوج مع الأخت لأب وأم ومع الأم فالحكم
في هذا العول في قول أكثر الصحابة عمر وعثمان وعلى وابن مسعود رضي الله عنهم وهو
مذهب الفقهاء وكان ابن عباس رضي الله عنه ينكر العول في الفرائض أصلا وأخذ بقوله
محمد بن الحنفية وعلي بن الحسين وزين العابدين وأول من قال بالعول العباس ابن المطلب فإنه
قال لعمر رضي الله عنه حين وقعت هذه الحادثة أعيلوا الفرائض وقيل لابن عباس رضي
الله عنه من أول من أعال الفرائض فقال ذلك عمر بن الخطاب ثم أتى بفريضة فيها ثلثان
ونصف أو نصفان وثلث فقال لا أدرى من قدمه الله فأقدمه ولا من أخره الله فأؤخره
وأعال الفريضة وأيم الله لو قدم من قدمه الله تعالى وأخر من أخره الله تعالى ما عالت فريضة
قط فقيل ومن الذي قدمه الله يا ابن عباس فقال من نقله الله من فرض مقدر إلى فرض مقدر
فهو الذي قدمه الله تعالى ومن نقله الله تعالى من فرض مقدر إلى غير فرض مقدر فهو
الذي أخره الله تعالى * وعن عطاء رحمه الله ان رجلا سأل ابن عباس رضي الله عنه فقال كيف
بصنع في الفريضة العائلة فقال أدخل الضرر على من هو أسوأ حالا فقيل ومن الذي هو
أسوأ حالا فقال البنات والأخوات فقال عطاء رحمه الله ولا يغنى رأيك شيئا ولو مت لقسم
ميراثك بين ورثتك على غير رأيك فغضب فقال قل لهؤلاء الذين يقولون بالعول حتى نجمع
ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ان الذي أحصى رمل عالج عددا لم يجعل في مال نصفين
وثلثا فإذا ذهب هذا بالنصف وهذا بالنصف فأين موضع الثلث فقال لم لم تقل هذا في زمن عمر
رضي الله عنه فقال كان رجلا مهيبا فهبت حتى قال الزهري رحمه الله لولا أنه يقدم في العول
قضاء امام عادل ورع لما اختلف اثنان على ابن عباس رضي الله عنه في قوله في مسألة المباهلة
يعنى مسألة العول * ثم اشتبه مذهب ابن عباس رضي الله عنه في فصول فمنها إذا تركت زوجا
وأما وابنة وابنة ابن فعلي قول عامة الصحابة للزوج الربع ثلاثة من اثنى عشر وللأم السدس
سهمان وللابنة النصف ستة ولابنة الابن السدس تكملة الثنتين فتعول بسهم فتكون القسمة
161

من ثلاثة عشر واختلفوا علي قول ابن عباس رضي الله عنه فيمن يدخل عليه ضرر النقصان
منهم فقال سفيان وهو مذهب أهل الكوفة على مذهبه إنما يدخل الضرر على ابنة الابن
خاصة فتأخذ الابنة فريضتها ستة وللأم السدس سهم والباقي وهو ثلاثة ونصف مقسومة بين
الابنة وابنة الابن أرباعا ثلاثة أرباعه للابنة وربعه لابنة الابن لان كل واحد منهما ينتقل من
فرض مقدر إلى غير فرض مقدر فضرر النقصان يدخل عليها فان صح هذا عن ابن عباس
رضي الله عنه فهو قول بالعول لان العول ليس إلا هذا فان ثلاثة ونصفا لا يسع لأربعة فتضرب
كل واحد منهما فيها بجميع حصتها فيقسم بينهما أرباعا وهذا هو العول * ومن هذه الفصول
إذا تركت زوجا وأما وأختين لأب وأم وأختين لأم فعلى قول عامة الصحابة للزوج النصف
ثلاثة من ستة وللأم السدس سهم وللأختين لأم الثلث سهمان وللأختين لأب وأم الثلثان
أربعة فتعول بأربعة والقسمة من عشرة واختلفوا علي قول ابن عباس فقال سفيان رحمه الله
على قوله للزوج النصف وللأم السدس وللأختين لأم الثلث ولا شئ للأختين لأم وأب لأنه
يتغير ضرر الحرمان بضرر النقصان فكما أن ضرر النقصان على قوله علي الأختين لأب وأم
دون الأختين لأم فكذلك ضرر الحرمان وقال طاوس على قول ابن عباس رضي الله عنه الثلث
الباقي بين الأختين لأم والأختين لأب وأم بالسوية ليدخل الضرر عليهما جميعا وهذا يرجع إلى
القول بالتشريك ثم حجة ابن عباس الكلام الذي ذكرناه عنه فإنه لا يدخل في وهم أحد من
العقلاء يوهم نصفين وثلثا أو ثلثين ونصفا في مال واحد فكان تقرير ذلك من المحال وإنما يحتاج
هو إلى بيان من يكون أولى بادخال الضرر عليه فقال أصحاب الفرائض يقدمون على العصبات
كما قال عليه السلام * ألحقوا الفرائض بأهلها الحديث فهو ينتقل من فرض مقدار إلى غير فرض
مقدر فهو صاحب فرض من وجه عصبة من وجه فيكون ادخال ضرر النقصان عليه أولى
وعلى الحرف الآخر قال يدخل الضرر على من يكون أسوأ حالا وهم الأخوات والبنات أما
الأخوات فلا يشكل لأنهن يسقطن بالأب والجد على الاختلاف وبالابن ويصرن عصبة إذا
خالطهن ذكر والزوج والزوجة والأم لا يسقطون بحال وكذلك البنات فلهن يصرن عصبة
إذا خالطهن ذكر والعصبة مؤخر عن صاحب الفريضة فإذا كن أسوأ حالا كان ادخال الضرر
والنقصان عليهن أولي * وحجتنا في ذلك أنهم استووا في سبب الاستحقاق في ذلك وذلك
يوجب المساواة في الاستحقاق فيأخذ كل واحد منهم جميع حقه ان اتسع المحل ويضرب كل
162

واحد منهم بجميع حقه عند ضيق المحل كالغرماء في التركة * وبيان المساواة ان كل واحد منهم
يستحق فريضة ثابتة له بالنص * يوضحه ان ايجاب الله تعالى يكون أقوى من ايجاب العبد
ومن أوصى لإنسان بالثلث ولآخر بالربع ولاخر بالسدس ضرب كل واحد منهم في الثلث
بجميع حقه ومراد الموصى أن يأخذ كل واحد منهم ما سمي له عند سعة المحل بإجازة الورثة
ويضرب كل واحد منهم بما سمى له عند ضيق المحل لعدم الإجازة فكذلك لما أوجب الله
تعالى في الفريضة نصفين وثلثا عرفنا ان المراد أخذ كل واحد منهم ما سمي له عند سعة المحل
والضرب به عند ضيق المحل وفيما قلناه عمل بالنصوص كلها بحسب الامكان وفيما قاله عمل
ببعض النصوص وابطال للبعض وهذا لا وجه له إلا أن يذب عنه يقول فيما قاله ابن عباس
رضي الله عنه التعيين في بعض النصوص دون البعض والتعيين فيما قلتم في جميع النصوص
فنقول الطريق الذي ذهب إليه ابن عباس في ادخال النقصان على بعض المستحقين بما اعتمده
من المعنى غير صحيح فإنه يعتبر التفاوت بينهم في حالة أخرى سوى حالة الاستحقاق وهذا
غير معتبر (ألا ترى) ان رجلا لو أثبت دينه في التركة بشهادة رجلين وأثبت آخر دينه
بشهادة رجل واحد وامرأتين استويا في الاستحقاق وإن كان في غير هذه الحالة شهادة
الرجل أقوى من شهادة النساء مع الرجال ثم العصوبة أقوى أسباب الإرث فكيف يثبت
الحرمان والنقصان لاعتبار معنى العصوبة في بعض الأحوال ولو جاز ادخال النقصان على
بعضهم لكان الأولى به الزوج والزوجة لان سبب توريثهما ليس بقائم عند التوريث وهو
يحتمل الرفع فيكون أضعف مما لا يحتمل الرفع والعجب أنه يدخل على الأخوات لأب وأم
دون الأخوات لأم وهن أسوأ حالا (ألا ترى) أنهن يسقطن بالبنات وبالجد بالاتفاق
بخلاف الأخوات لأب وأم * فعرفنا أن الطريق ما أخذ به جمهور الفقهاء رحمهم الله * ثم بيان
الفريضة العائلة أن نقول أصل ما يخرج به منه هذه الفريضة ستة ثم تعول مرة بنصف سهم
ومرة بثلاثة أرباع سهم ومرة بسهم ومرة بسهم ونصف * ومرة بسهمين ومرة بسهمين
ونصف ومرة بثلاثة ومرة بأربعة فالتي تعول بنصف سهم صورتها امرأة ماتت وتركت
زوجا وابنة وأبوين فللأبوين السدسان سهمان وللابنة النصف ثلاثة وللزوج الربع سهم
ونصف فتعول بنصف سهم والتي تعول بثلاثة أرباع سهم صورتها رجل مات وترك امرأة
وابنتين وأبوين فللأبوين السدسان سهمان وللابنتين الثلثان أربعة وللمرأة الثمن ثلاثة أرباع
163

سهم فتعول بثلاثة أرباع وإذا أردت تصحيحها ضربت ستة وثلاثة أرباع في أربعة فيكون سبعة
وعشرين وهذه هي المنبرية فان عليا رضي الله عنه سئل عنها على المنبر فأجاب علي البديهة وقال
انقلب ثمنها تسعا يعنى ان لها ثلاثة من سبعة وعشرين وهو تسع المال والتي تعول بسهم صورتها
إذا ترك أختين لأب وأم وأختين لأم وأما فللأختين لأب وأم الثلثان أربعة وللأختين لأم
الثلث سهمان وللأم السدس سهم فتعول بسهم والتي تعول بسهم ونصف بان ترك الرجل
أختين لأب وأم وامرأة وأختين لأم فللمرأة الربع سهم ونصف وللأختين لأب وأم الثلثان
أربعة وللأختين لأم الثلث سهمان فتعول بسهم ونصف والتي تعول بسهمين صورتها فيما إذا تركت
زوجا وأختا لأب وأم وأختين لأم فللزوج النصف ثلاثة وللأخت لأب وأم النصف ثلاثة
وللأختين لأم الثلث سهمان فتعول بسهمين والتي تعول بسهمين ونصف بان ترك أختين
لأب وأم وأختين لأم وأما وامرأة فللمرأة الربع سهم ونصف وللأم السدس سهم وللأختين
لأب وأم الثلثان أربعة وللأختين لأم الثلث سهمان فتعول بسهمين ونصف والتي تعول بثلاثة
بان تركت زوجا وأختين لأب وأم وأختين لأم فللزوج النصف ثلاثة وبها تعول والتي
تعول بأربعة صورتها فيما قدمنا إذا تركت أختين لأب وأم وأختين لأم وأما وزوجا فإنها تعول
بنصيب الأم وبنصيب الزوج ثلاثة فعرفنا انها تعول بأربعة ولا تعول الفرائض بأكثر من
هذا وتسمى هذه المسألة أم الفراخ لكثرة العول فيها وتسمى الشريحية لأنها رفعت إلى شريح
رحمه الله فقضى بهذا فجعل الزوج يسأل الفقهاء بالعراق فيقول امرأة ماتت وتركت زوجا
ولم تترك ولدا فماذا يكون للزوج فقالوا النصف فقال والله ما أعطيت نصفا ولا ثلثا فبلغ مقالته
إلى شريح فدعاه وقال للرسول قل له قد بقي لك عندنا شئ فلما أتاه عزره وقال أنت تشنع
على القاضي وتنسب القاضي بالحق إلى الفاحشة فقال الرجل هذا الذي كان بقي لي عندك
وحق الله ان الظلم لؤم * فما زال المسيئ هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي * وعند الله يجتمع الخصوم
فقال شريح ما أخوفني من هذا القضاء لولا أنه سبقني به امام عادل ورع يعنى عمر بن
الخطاب رضي الله عنه ثم المسائل المسائل على ما ذكرنا من الأصل بكثرة تعدادها ولكنا بينا
لكل فريضة صورة فذلك يكفي لمن له فهم يقيس عليه ما يشاء من ذلك والذي بقي في الباب
مسألة الالتزام وهي امرأة تركت زوجا وأما وأختين لأم فمذهبنا فيه ظاهر للزوج النصف
164

وللأم السدس وللأختين الثلث وهي فريضة عادله ويتعذر على ابن عباس رضي الله عنه تخريج
هذه المسألة على أصله فان من مذهبه أن الأختين لا ينقلان الأم من الثلث إلى السدس فان
قال للزوج النصف والأم الثلث والأختين الثلث لزمه القول بالعول وان قال للزوج النصف
وللأم السدس كان تاركا مذهبه في أن الأختين لا يحجبان الأم من الثلث إلى السدس ولا يمكنه
ادخال النقصان هنا على واحد منهن لان الأم صاحبة فرض محض والأخوات لأم كذلك
فإنهن لا يصرن عصبة بحال فان قال الأخوات لأم أسوأ حالا من الأم فقد يسقطن بمن
لا تسقط الأم به قلنا هذا اعتبار التفاوت في غير حالة الاستحقاق وقد بينا أن التفاوت إنما
يعتبر في حالة الاستحقاق وقد أدخل هو الضرر على البنات والأخوات لأب وأم دون
الأخوات لأم وفى غير حالة الاستحقاق الأخوات لأم أسوأ حالا فهذا يتبين أن قول ابن
عباس رضي الله عنه لا يتمشى في الفصول وأن الصحيح ما قالت به عامة الصحابة رضي الله عنه
م والفقهاء والله أعلم بالصواب
باب الجدات
(قال رضي الله عنه) اعلم بأن الجدة صاحبة فرض وفريضتها وإن كان لا تتلى في القرآن
فهي ثابتة بالسنة المشهورة واجماع الصحابة والسلف والخلف وكفى باجماعهم حجة * ثم
الكلام في فصول أربعة أحدها في بيان من يرث من الجدات والثاني في مقدار نصيب
الجدات * والثالث في ترتيب بعض الجدات على البعض في الميراث والرابع في حجب
الجدات فاما في الفصل الأول فالمذهب عند على وزيد بن ثابت رضي الله عنهما ان كل جدة
تدلى بعصبة أو صاحبة فريضة فهي وارثة وكل جدة تدلى بمن ليس بعصبة ولا صاحبة فريصة
فهي غير وارثة وبه أخذ علماؤنا وهو معنى قول الفقهاء كل جدة دخل في نسبها إلى الميت أب
بين أمين فإنها لا ترث لان أب الأم ليس بعصبة ولا صاحب فرض هكذا روى عن عمر
رضي الله عنه فقد ذكر الشعبي رحمه الله أن عمر رضي الله عنه سئل عن أربع جدات
متحاذيات أم أم الأم وأم أم الأب وأم أب الأب وأم أب الأم فورثهن الا هذه الواحدة
لان في نسبها إلى الميت أب بين أمين وعن ابن مسعود رضي الله عنه روايتان إحداهما هكذا
والثانية أن الجدات وارثات كلهن والقربى والبعدى منهن سواء على تفصيل نبينه وعن ابن
عباس رضي الله عنه ثلاث روايات ثنتان كما روينا عن ابن مسعود والثالثة أنها لا ترث من
165

الجدات الا واحدة وهي أم الأم وتقوم هي مقام الأم عند عدم الأم في فريضة الأم اما
السدس أو الثلث وبه أخذ ابن سيرين وأما سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فالمروي
عنه أنه لا يرث الا جدتان حتى روى أن ابن مسعود رضي الله عنه لما عابه في الوتر بركعة
قال سعد يعيبني ان أوتر بركعة وهو يورث ثلاث جدات إلا أن أبان ذكر أن مراد سعد من
هذا الاخذ عليه في توريث البعدى مع القربى لا في تورث ثلاث جدات في الأصل
(ألا ترى) أنه روى في بعض الروايات أن سعدا لما بلغه قول ابن مسعود رضي الله عنه قال
هلا يورث حواء وأما مالك وأبو ثور حملا قول سعد على ظاهره وأخذا به فقالا لا يرث
من الجدات الا اثنتان قال أبو ثور وهو قول الشافعي فأما إبراهيم النخعي والأوزاعي رحمهما
الله فقد روى عنهما تورث ثلاث جدات حتى ذكر سفيان عن منصور عن إبراهيم أن النبي
صلى الله عليه وسلم ورث ثلاث جدات قال سفيان فقلت لإبراهيم وما هن فقال أم الأم وأم
الأب وأم أم الأب ولكن ذكر جرير عن منصور عن إبراهيم هذا الحديث وذكر فيه عن
إبراهيم فقال هي أم أم الأم وأم أم الأب وأم أب الأب فيكون موافقا لمذهبنا والرواية
الأخرى لا تكاد تصح لما فيها من توريث البعدى مع القربى والمشهور عن العلماء رحمهم الله
بخلاف ذلك وحجتنا في ذلك أن الجدات كما يرثن في الأصول بالولاء فيعتبر حالهن بحال من
يرث من الفروع بالولاء وهم ذووا الأرحام من أولاد البنين والبنات وهناك عند التساوي
في الدرجة الميراث لمن هو ولد عصبة أو ولد صاحب فرض فكذلك هنا الميراث لمن هي
والدة عصبة أو صاحب فرض يوضحه أن أم أب الأم تدلى بأب الأب وأب الأم ليس بوارث
مع أحد من أصحاب الفرائض والعصبات كان تدلى به أولى أن لا يرث معهم ولان المدلى لا يكون
أقل حالا من المدلى به والدليل عليه أنه إذا اجتمع أم أب الأم وأم أم الأم مع أب الأم فاما أن يقال
الميراث لأب الأم دونهما وهذا بعيد لان أب الأم إذا انفرد عن أمه لا يستحق شيئا فكيف
يستحق مع أمه ولا جائز أن يكون الميراث للجد دون أب الأب لان أم الأب تدلى بأب
الأم وهو لا يستحق مع أم أم الأم شيئا فأمه التي هي أبعد كيف تستحق فلم يبق إلا أن يكون
الميراث لأم أم الأم وإذا ثبت هذا في حال حياة أب الأم فكذلك بعد موته فأما ابن مسعود
رضي الله عنه قد كان يقول توريث الجدات ليس باعتبار الادلاء لان أم الأم تدلى بالأم كما
أن أب الأم يدلى بالأم والادلاء بالأنثى إذ كأن لا يوجب استحقاق الميراث للذكر كما لا يوجب
166

استحقاق الميراث للأنثى كالإدلاء بالابنة فان بنت البنت كابن البنت في حكم الفريضة
والعصوبة وكذلك بنت الأخت كابن الأخت فعرفنا أن استحقاق الجدات إنما ثبت شرعا
بمجرد الاسم وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أطعم الجدة السدس فهذه طعمة أطعم رسول
الله الجدات بهذا الاسم والقربى والبعدى ومن يدخل في نسبتها أب بين ابنين ومن لا يدخل في
ذلك سواء * ولكنا نقول مجرد الاسم يثبت بالرضاع كما يثبت بالنسب ولا يتعلق به استحقاق
الميراث * فعرفنا أنه لا بد من اعتبار معنى القرب والادلاء ومن يدلى منهن بعصبة أو صاحبة
فرض يكون سببه أقوى ممن يدلى بمن ليس بعصبة ولا صاحبة فرض وبهذا الادلاء تثبت
الفريضة وفى حق الأم إنما تثبت العصوبة دون الفريضة وبالإدلاء بالأنثى لا تثبت العصوبة
فأما ابن عباس رضي الله عنه يقول أم الأم تدلى بالأم وترث بمثل سببها وهي الأمومة فتقوم
مقامها عند عدمها كالجد أب الأب فإنه يقوم مقام الأب عند عدمه وابن الابن يقوم مقام الابن
عند عدمه وإذا كانت الأم ترث في بعض الأحوال الثلث وفى بعضها السدس فكذلك أم الأم
بخلاف الأخ لأم فإنه وإن كان يدلى بالأم فلا يرث بمثل سببها ثم كما لا يزاحم أحد من الجدات
الأم فكذلك لا يزاحم أم الأم شئ من الجدات في فريضة الأم يوضحه أن حال المدلى مع
المدلى به كحال المدلى به مع الميت والمدلى أم المدلي به وصاحبة فرض كما أن المدلى به أم للميت
وصاحبه فرض فكما أن ميراث المدلى من الميت الثلث فكذلك ميراث المدلى به ولكنا
نستدل بحديث قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم أطعم الجدة السدس وهكذا
روى عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس
وقد روينا في حديث أبي بكر رضي الله عنه أن محمد بن مسلمة رضي الله عنه شهد عنده أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعم الجدة السدس فأعطاها أبو بكر رضي الله عنه ذلك وروى
في بعض الروايات أنها كانت أم الأم ثم جاءت أم الأب إلى عمر رضي الله عنه في خلافته
وقالت مالي من ميراث ابن ابنتي فقال عمر رضي الله عنه لا أجد لك في كتاب الله تعالى
شيئا ولم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيك شيئا وأراك غير الجدة التي أعطاها
أبو بكر ولست برائيك في كتاب الله ولكني أرى ان ذلك السدس بينكما وانه لمن أنفرد
منكما فتبين بهذه الآثار انه لا يزاد في فريضة الجدات على السدس فالجدتان في استحقاق
السدس سواء وهذا لان الادلاء بالأنثى لا يكون سببا لاستحقاق فريضة المدلى به بحال
167

كبنات الأخوات وبنات البنات الا انا تركنا هذا القياس في حق الجدات بالسنة فانا نعتبر
ما ورد به السنة وليس في شئ من الآثار زيادة على السدس لواحدة من الجدات فلهذا كان
لهن السدس هذا بيان الفصل الثاني * والفصل الثالث في الترتيب فالمذهب عند على أن القربى
من الجدات أولى بالسدس من البعدي سواء كانت من جانب الأم أو من جانب الأب
وهكذا يرويه العراقيون عن زيد بن ثابت وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله فاما أهل المدينة يروون
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه ان القربى ان كانت من قبل الأم والبعدى من قبل الأب
فكذلك الجواب وان كانت البعدى من قبل الأم والقربى من قبل الأب فهما سواء وهو
قول الشافعي فاما ابن مسعود رضي الله عنه فله روايتان إحداهما ان القربى والبعدى سواء
إلا أن تكون البعدى أم القربى أو جدة القربى فحينئذ لا ترث معها والأخرى القربى والبعدى
سواء إلا أن يكونا من جانب واحد فحينئذ القربى أولى وإن لم تكن القربى أم القربى ولا
جدتها أما هو أمر على أصله ان الاستحقاق باسم الجدودة شرعا والقربى والبعدى في هذا
الاسم سواء إلا أن البعدى إذا كانت أم القربى أو جدتها فإنما تدلى بها وترث بمثل نسبها
فتكون محجوبة بها كالجد مع الأب وفى الرواية الأخرى قال إذا كانت الجهة واحدة فسواء
كانت تدلى بها أو لا تدلي بها كانت محجوبة بها لمعنى ايجاد السبب كأولاد الابن مع الابن فإنهم
لا يرثون شيئا لايجاد السبب وان كانوا لا يدلون بهذا الابن وإنما يدلون بابن آخر فهذا مثله *
وجه قول زيد رضي الله عنه ان الجدة إنما تستحق الميراث بالأمومة ومعنى الأمومة في التي
من قبل الأم أظهر لأنها أم في نفسها تدلي بالأم والأخرى أم تدلى بالأب فإذا كانت القربى
من قبل الأم فقط ظهر الترجيح في جانبها من وجهين زيادة القرب وزيادة ظهور صفة
الأمومة في جانبها فهو أولى وان كانت القربى من قبل الأب فلها ترجيح من وجه وهو
زيادة القرب وللتي من قبل الأم ترجيح من وجه وهو زيادة ظهور صفة الأمومة فاستويا
فيكون الميراث بينهما كما هو مذهب زيد في الجد مع الأخ ان للأخ زيادة قرب وللجد زيادة
قوة من حيث الأبوة فيستويان في الميراث ولكنا نأخذ بقول على فنقول الجدة ترث باعتبار
الأمومة والأمومة هي الأصل ومعنى الأصلية في القربى أظهر منه في البعدى من أي جانب
كانت القربى لأنها أصل الميت والأخرى أصل أصل أصل الميت فإذا كان معنى الأصلية في
القربى أظهر تقدمت على البعدى كما لو كانت القربى من قبل الأم (ألا ترى) ان أم الأم
168

وأم الأب إذا اجتمعتا كان الميراث بينهما ولو كان كما قاله زيد من زيادة قوة الأمومة لوجب
أن يكون الميراث لأم الأم دون أم الأب * وأما الفصل الرابع وهو الكلام في الحجب فنقول
الأم تحجب الجدات أجمع بالاتفاق سواء كانت من قبلها أو من قبل الأب لما روي أن النبي
عليه السلام أطعم الجدة السدس حين لم يكن هناك أم ففي هذا إشارة إلى أنها لا ترث مع الأم
وفى رواية بلال بن الحارث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس حين
لم يكن هناك أم دونها فهذا يفيد ما أفاده الأول وزيادة وهو ان البعدي لا ترث مع القربى
فان قوله أم دونها إشارة إلى ذلك والمعنى فيه أن الجدة ترث بالأمومة وفرض الأمهات معلوم
بالنص وقد استحقت الأم ذلك فلا يبقي لاحد من الجدات شئ من فرض الأمهات ولا
تثبت المزاحمة بين شئ من الجدات وبين الأم لان الجدة التي من قبلها تدلى بها وترث بمثل
سببها فلا تزاحمها كما لا يزاحم الجد الأب والتي من قبل الأب وان كانت لا تدلي بها فهي
لا تزاحمها في فريضتها لكونها أقرب إلى الميت هنا وهي بمنزلة ابنة الابن مع الابنتين فان
فرض البنات لما صار مستحقا للابنتين لم يكن لابنة الابن معهما مزاحمة ولا شئ من الميراث
بالفريضة وان كانت لا تدلي بهما إنما تدلى بالابن * واختلفوا في حجب الجدة بالأب بعد ما
اتفقوا أن الجدة من قبل الأم لا تصير محجوبة بالأب لأنها تدلى به ولا ترث بمثل نسبه فهي
ترث بالأمومة وهو بالأبوة والعصوبة واختلفوا في الجدة التي من قبله فقال على وزيد وأبى
ابن كعب وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم لا ترث أم الأب مع الأب شيئا وهو اختيار
الشعبي وطاووس وهو مذهب علماؤنا رحمهم الله وقال عمر وابن مسعود وأبو موسى الأشعري
وعمر بن الحصين ترث أم الأب مع الأب وهو اختيار شريح وابن سيرين وبه أخذ مالك
والشافعي واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة
السدس وابنها حي وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أم حسكة رضي الله عنها السدس
من أبى حسكة وحسكة حي والمعنى فيه ما بينا ان ارث الجدات ليس باعتبار الادلاء فالإدلاء
بالأنثى لا يؤثر في استحقاق شئ من فريضتها ولا في القيام مقامها في التوريث بمثل سببها
كالبنات والأخوات ولكن الاستحقاق باسم الجدة في هذا الاسم أم الأم وأم الأب
سواء فإذا كان الأب لا يحجب أم الأم فكذلك لا يحجب أم الأب إذ لا فرق بينهما الا في معنى
الادلاء والاستحقاق ليس بالإدلاء ولو كان الأب ممن يحجب شيئا من الجدات لاستوى في
169

ذلك يكون في جانبه ومن لا يكون في جانبه كالأم * وجه قولنا ان استحقاق الميراث
لابد فيه من اعتبار الادلاء ما بينا أن مجرد الاسم بدون القرابة لا يوجب الاستحقاق والقرابة
لا تثبت بدون اعتبار الادلاء فهنا معينان أحدهما ايجاد السبب والآخر الادلاء ولكل
واحد منهما تأثير في الحجب ثم ايجاد السبب وان انفرد عن الادلاء تعلق به حكم الحجب كما
في حق بنات الابن مع الابنتين فإنهن يحجبن بايجاد السبب ولا يدلين إلى الميت بالبنات فكذلك
الادلاء وان انفرد عن ايجاد السبب يتعلق به حكم الحجب إذا تقرر هذا قلنا الجدة التي
من قبل الأب تدلى بالأب ولا ترث معه لوجود الادلاء وان انعدم معنى ايجاد السبب
والجدة التي من قبل الأم ترث مع الأب لانعدام الادلاء وايجاد السبب جميعا فأما الأم
تحجب الجدة التي من قبلها لوجود الادلاء وايجاد السبب وتحجب الجدة التي من قبل الأب
لايجاد السبب وان انعدم الادلاء وبه فارق الأخ لأم فكان وارثا معها * يوضحه ان معني
الادلاء الموجود في جانب الأب يحجب الذكر هنا فان أب الأب يحجبه الأب لأنه يدلى به
فإذا كان الأب بحجب من يدلى به إذا كان ذكرا فكذلك يحجب من يدلى به إذا كان أنثى
(ألا ترى) ان الأب كما يحجب الإخوة يحجب الأخوات وبه فارق الأم مع الاخوة لأم
لان هناك الذكر من الاخوة لا يصير محجوبا بها وإن كان يدلى بها فكذلك الأنثى فأما
تأويل الحديث يحتمل ان ابنها كان رقيقا أو كافرا على أنه قال ورث جدة وابنها حي ولم يتبين
ان ابنها أب الميت فيحتمل ان ابنها الحي غير أن الميت والحديث حكاية حال وحديث حسكة
لا يثبت مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو عن عمر رضي الله عنه وقد بينا
مذهب عمر * واختلف الفرضيون على قول علي رضي الله عنه في فصل وهو انه إذا اجتمع أم
الأب مع الأب وأم أم الأم فقال الحسن بن زياد على قياس قول علي رضي الله عنه أن ميراث
الجدة لأم أم الأم وان كانت أبعد من أم الأب لان على قول على القربى إنما تحجب البعدى إذا كانت
وارثه وهنا القربى ليست بوارثه مع ابنها فهي بمنزلة الكافرة والرقيقة فيكون فرض الجدات
للبعدي وأكثرهم على أن المال كله للأب هنا لان القربى هنا وارثة في حق البعدى ولكنها
محجوبة بالأب حتى إذا لم يكن هناك أب كان الميراث للقربى فصارت البعدى محجوبة بالقربى
ثم صارت القربى محجوبة بابنها فيكون المال كله للأب ونظيره ما تقدم في الأخوين مع الأب
لأنهما يحجبان الأم من الثلث إلى السدس وان كانا لا يرثان شيئا مع الأب
170

(فصل) فان اجتمع جدة لها قرابتان أو ثلاث قرابات مع جدة لها قرابة واحدة
وصورة المسألة امرأة لها بنت ولابنتها بنت ولها ابن ولابنها ابن فتزوج ابن ابنها بنت بنتها
فولد بينهما ولد فهذه الجدة أم أم أم هذا الولد وأم أب أب هذا الولد فإذا مات هذا الولد
وله مع هذه الجدة جدة أخرى وهي أم أم أب هذا الولد فعلى قول زفر ومحمد والحسن بن زياد
ميراث الجدتين بينهما أثلاثا ثلثان للتي لها قرابتان وثلث للتي لها قرابة واحدة وعند سفيان
وأبى يوسف الميراث بينهما نصفان ولا رواية فيه عن أبي حنيفة وكذلك امرأة لها ابنتان لاحدى
ابنتيها ابنة وللأخرى ابن فتزوج ابن ابنتها ابنة ابنها وولد منها ولدا فهي لهذا الولد أم أم الأب
فان مات هذا الولد وله معها جدة أخرى وهي أم أب الأب فهي على الخلاف الذي بيتا
وصورة ما إذا كان لها ثلاث قرابات أن يكون لهذه المرأة ابنة ابن ابنة أخرى وهذا الولد
ذكر فتزوج الابنة السفلى فولد بينهما ولد فلهذه الجدة من هذا الولد ثلاث قرابات لأنها أم
أم أم أمه وأم أم أم الأب وأم أم أب الأب فان اجتمع معها لهذا الولد جدة أخرى محاذية
لها وهي أم أب أب ابنه فعلى قول محمد ميراث الجدة بينهما أرباعا ثلاثة أرباعه للتي لها ثلاث
قرابات وربعه للتي لها قرابة واحدة وعند أبي يوسف الميراث بينهما نصفان ثم على قول محمد
رحمه الله في حق التي لها جهات إذا فسد بعض تلك الجهات بان دخل في تلك النسبة أب
بين أمين لا تعتبر تلك الجهة وإن كان بعض الجهات أقرب من بعض فإنما يعتبر في حقها
أقرب الجهات خاصة ثم ينظر إلى الأخرى فإن كانت تساويها في أقرب الجهات فالميراث
بينهما نصفان وان كانت أبعد منها في هذه الجهة فالميراث كله لها بناء على أن القربى تحجب
البعدى * وجه قول محمد رحمه الله ان الاستحقاق باعتبار الأسباب لا باعتبار الاشخاص
(ألا ترى) ان الرقيق والكافر لا يخرج من أن يكون شخصا ولكن لما انعدم في حقه سبب
الاستحقاق وهو الفريضة أو العصوبة جعل كالمعدوم فدل ان الاستحقاق باعتبار السبب فمن
اجتمع في حقه سببان فهو في الصورة شخص واحد ولكنه في الحكم باعتبار تعدد السبب
متعدد فيثبت له الاستحقاق باعتبار كل سبب بمنزلة ما لو وجد كل سبب في شخص على
حدة وهو نظير ما ترك ابني عم أحدهما أخ لأم فأن لابن العم الذي هو أخ لأم السدس
بالفريضة والباقي بينهما نصفان وكذلك المجوسي إذا ترك أمه وهي أخته لأبيه فإنها ترث بالسببين
لهذا المعنى وهذا بخلاف الأخ لأب وأم فإنه يرث بالسببين لان السبب هناك واحد وهو
171

الاخوة ثم الاخوة لأم اعتبرناها في الترجيح ويقوى السبب بها حتى ينعدم الأخ لأب فلم
يكن معتبرا في حق الاستحقاق بها بخلاف ما نحن فيه * وجه قول أبى يوسف ان استحقاق
الميراث للجدات ليس باعتبار الادلاء لما قررنا أن الادلاء بالإناث لا يؤثر في استحقاق
الفرضية بمثل سبب المدلى به ولكن الاستحقاق باسم الجدة وبتعدد الجهة لا بتعدد الاسم في التي
لها قرابة واحدة والمساواة في سبب الاستحقاق يوجب المساواة في الاستحقاق وكل واحدة
من هذه الجهات علة تامة للاستحقاق وبتعدد العلة لا يزداد الاستحقاق كما لو أقام رجل شاهدين
على ملك عين وأقام الآخر عشرة من الشهود فإنه يسوي بينهما ومن جرح رجلا جراحة
واحدة وجرحه آخر عشر جراحات فمات من ذلك فالدية بينهما نصفان ولا معنى لقول من
يقول فقد اعتبرنا الادلاء في حكم الحجب كما قررنا في الفصل الرابع وهذا لان حكم الحجب
غير حكم الاستحقاق والاستدلال بحكم على حكم إنما يجوز إذا عرفت المساواة بينهما فبان ان
اعتبار الادلاء في حكم الحجب يدل علي أنه يعتبر في الاستحقاق وهذا بخلاف ما استشهد
به فكل واحد من السببين هناك معتبر في الاستحقاق يعني الاخوة لأم مع العصوبة بالأمومة
والزوجية مع العصوبة والأختية مع الأمومة في حق المجوسي فإذا كان كل واحد من السببين
هناك معتبرا في الاستحقاق جعلنا الاستحقاق مبنيا على السبب بخلاف ما نحن فيه على ما قررنا
(فصل) التثبيت في الجدات قال رضي الله عنه الجدات في الأصل ستة جدتاك وجدتا
أبيك وجدتا أمك وهي الأصول في الجدات إذ لم يتفرع بعضهن من بعض وما سواهن من
الجدات في المعنى كالفروع لهذه الجدات لتفرع بعضهن من بعض فان سئلت عن عدد من
الجدات متحاذيات هن وارثات كيف صورتهن فالطريق في ذلك عند أهل البصرة انهم
يذكرون بعددهن أمهات ثم في المرة الثانية بعد دهن أمهات الا الآخرة وفى الثالثة الا
الآخرة والتي تليها هكذا إلا أن تبقي أم واحدة وأهل المدينة يذكرون بعددهن أبناء الا
الأولى وفى المرة الثانية الا الأولى والتي تليها وهكذا في كل مرة وأهل الكوفة يذكرون
الجدات بقراباتهن وبيانه إذا قبل خمس جدات متحاذيات وارثات كيف صورتهن فعلي قول
أهل البصرة نقول إحداهن أم أم أم أم الأم والثانية أم أم أم أم الأب والثالثة أم أم أم أب
الأب والرابعة أم أم أب أب الأب والخامسة أم أب أب أب الأب وعلى طريق أهل المدينة
على عكس ذلك وعلى طريق أهل الكوفة نقول إحداهن أم جدة جدات الميت والثانية أم
172

جدة أم أب الميت والثالثة جدة جدة أب الميت والرابعة جدة جدات الميت والخامسة أم جد
جد الميت فان سئلت عن قول ابن مسعود عن جدتين متحاذيتين على أدنى ما يكون ثلاث
جدات متحاذيات على أدنى ما يكون وأربع جدات متحاذيات على أدنى ما يكون وخمس
جدات متحاذيات على أدنى ما يكون كم الوارثات منهن فقل خمسة الجدتان المتحاذيتان إحداهما
أم الأم والأخرى أم الأب فهما وارثتان ومن الثلاث الواحدة وارثة لان الثلاث منهن
على أدنى ما يكون أم أم الأم وأم أم الأب وهما غير وارثين هنا لأنهما يدليان باللتين هما
وارثتان والثالثة أم أب الأب فهي الوارثة من الفريق الثاني وكذلك من الفريق الثالث الوراثة
واحدة وهي أم أب أب الأب فاما الثلاث غير وارثات لان من يدلين بها وارثات وكذلك
من الفريق الرابع الوارثة واحدة فعلى هذه الصورة إذا تأملت تجد الوارثات منهن الخمسة
عند ابن مسعود رضي الله عنه على مذهبه في توريث القربى مع البعدى إذا لم تكن العبدي
أم القربى أو جدتها فان سئلت عن عدد الجدات متحاذيات وارثات كم الساقطات بإزائهن
فالسبيل في معرفة ذلك أن تحفظ العدد المذكور بيمينك ثم تطرح اثنتين من ذلك وتحفظهما
بيسارك ثم تضعف ما بيسارك بعدد ما بقي بيمينك فما بلغ فهو مبلغ جملة العدد والوارثات من
ذلك عدد معلوم إذا رفعت ذلك من الجملة فما بقي عدد الساقطات بيانه إذا قيل ثلاث جدات
متحاذيات وارثات كم الساقطات بإزائهن فالسبيل أن تحفظ الثلاث بيمينك ثم تطرح من ذلك
اثنتين فتحفظهما ثم تضعف ما بيسارك بعدد ما بقي في يمينك وهو الواحدة فإذا أضعفت الاثنتين
مرة تكون أربعة فكان عدد الجملة أربعا ثلاث منهن وارثات والساقطة واحدة فالوارثات
أم أم الأم وأم أم الأب وأم أب الأب والساقطة أم أب الأم فان قيل أربع جدات وارثات
متحاذيات كم بإزائهن من الساقطات فالسبيل أن تأخذ الأربع بيمينك ثم تطرح من ذلك اثنتين
وتأخذهما بيسارك ثم تضعف ما بيسارك بعدد ما في بيمينك فإذا ضعفت الاثنتين مرتين يكون
ثمانية فإذا كان الوارثات منهن أربعا عرفت أن الساقط بأذائهن أربعا فان قال خمس جدات
وارثات متحاذيات كم بإزائهن من الساقطات فهو على نحو ذلك فإنك تضعف الاثنتين ثلاث
مرات فيكون خمس منهن وارثات والبواقي ساقطات * فان قال ست جدات متحاذيات
وارثات فهو على هذا القياس أيضا تضعف الاثنتين أربع مرات فيكون ذلك اثنين وثلاثين
فهو عدد الجملة ستة عشر منهن من قبل الأم وستة عشر من قبل الأب * وليس في اللاتي
173

من قبل الأم الوارثات الا واحدة وهي أم أم الأم إلى أن تذكر ستة عشر مرة وفى اللاتي
من قبل الأب الوارثات خمسة وهن من لا يدخل في نسبهن إلى الميت أب بين أمين ومن
سواهن ساقطات وما كان من هذا النحو فطريق تخريجه ما بينا والله أعلم بالصواب
باب أصحاب المواريث
(قال رضي الله عنه) أصحاب الموارث بالاتفاق صنفان أصحاب الفرائض والعصبات
فأصحاب الفرائض اثنا عشر نفرا أربعة من الرجال وثمانية من النساء * فالرجال الأب والجد
والزوج والأخ لأم * والنساء الأم والجدة والبنت وبنت الابن والأخت لأب وأم والأخت
لأب والأخت لأم والزوجة فستة من هؤلاء صاحب فرض في عموم الأحوال وهم الزوج
والأخ لأم والأم والجدة والأخت لأم والزوجة وستة يتردد حالهم بين الفريضة والعصوبة
وهم الأب والجد والبنت وبنت الابن والأخت لأب وأم والأخت لأب وأما العصبات
لا يحصون عددا ولكن يحصون جنسا وهم أصناف ثلاثة عصبة بنفسه وعصبة بغيره وعصبة
مع غيره فاما العصبة بغيره والعصبة مع غيره فقد تقدم بيانهما وهذا الباب لبيان من هو عصبة
بنفسه وهو الذكر الذي لا يفارقه الذكور في نسبة إلى الميت فأقرب العصبات الابن ثم ابن
الابن وان سفل ثم الأب ثم الجد أب الأب وان علا ثم الأخ لأب وأم ثم الأخ لأب ثم ابن
الأخ لأب وأم ثم ابن الأخ لأب ثم العم لأب وأم ثم العم لأب ثم ابن العم لأب وأم ثم ابن
العم لأب ثم عم الأب لأم ثم عم الأب لأب ثم ابن عم الأب لأب وأم ثم ابن عم الأب لأب
ثم عم الجد هكذا والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام ما أبقت الفرائض فلأولى رجل
ذكر معناه فلأقرب رجل ذكر والابن أقرب إلى الميت من الأب لان الابن تفرع من
الميت فالميت أصله والأب تفرع منه الميت فهو أصل له واتصال الفرع بالأصل أظهر من
اتصال الأصل بالفرع (ألا ترى) أن الفرع يتبع الأصل فيصير مذكورا بذكر الأصل
والأصل لا يصير مذكورا بذكر الفرع فان البناء والأشجار يدخل في البيع باعتبار الاتصال
بالأصل فإذا تبين أن اتصال الفرع بالأصل أظهر عرفنا أن الفرع إلى الأصل أقرب وأيد
هذا المعنى قوله تعالى ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كال له ولد معناه وللولد
ما بقي فعرفنا أن الابن أقرب في العصوبة من الأب ثم ابن الأب لان سببه البنوة وقد بينا
174

أن الاعتبار بالسبب دون الشخص ثم بعده الأب فهو أقرب في العصوبة من الجد والاخوة
لأنه يتصل إلى الميت بغير واسطة ثم بعده الجد أب الأب لان سببه الأبوة وفيه خلاف
معروف نبينه في بابه ثم بعده الأخ فإنه أقرب إليه من العم لان الأخ ولد ابنه والعم ولد جده
* فإذا أردت معرفة القرب في الفروع فاعتبر كل فرع بأصله فاتصال الأخ بأخيه بواسطة
واحدة واتصال العم به بواسطتين فعرفنا أن الأخ أقرب ثم الأخ لأب وأم أقرب من الأخ
لأب وهو مقدم في العصوبة لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية
وبالميراث لبنى الأعيان دون بني العلات ولان الاخوة عبارة عن المجاورة في صلب أو رحم
والقرب بينهما باعتبار ذلك والأخ لأب وأم جاوره في الصلب والرحم جميعا والأخ لأب
جاوره في الصلب خاصة فما يحصل به القرب في جانب الأخ لأب وأم أظهر فهو أقرب حكما
ثم الأخ لأب مقدم على ابن الأخ لأب وأم لأنه أمس قربا فإنه يتصل بالميتة بواسطة واحدة
وابن الأخ يتصل به بواسطتين فصار الحاصل في هذا أنهما إذا استويا في الدرجة فمن يكون
أظهرهما قربا يكون أولى وإذا تفاوتا في الدرجة فمن يكون أمسهما قربا أولي ثم من بعدهم العم
ثم عم الأب على هذا القياس وإنما يختلفون في مولى العتاقة فقال على وزيد رضي الله عنهما مولى
العتاقة آخر العصبات مقدم على ذوي الأرحام وهو قول علمائنا رحمهم الله وقال ابن مسعود
ومولى العتاقة مؤخر عن ذوي الأرحام وكذلك الخلاف فيما إذا كان هناك صاحب فرض
مع مولى العتاقة فعندنا وهو قول على وزيد مولى العتاقة مقدم علي الرد وعند ابن مسعود رضي الله عنه
مؤخر عن ذلك بيانه فيما إذا ترك ابنة ومولى العتاقة فعندنا للابنة النصف والباقي لمولى
العتاقة وعن ابن مسعود الباقي رد عليها ولا شئ لمولى العتاقة واستدل في ذلك بقوله تعالى
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله أي بعضهم أقرب إلى بعض ممن ليس له رحم
والميراث يبنى على القرب وروينا في أول العتاق أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بعد فساومه
الحديث إلى أن قال وان مات ولم يدع وارثا كنت أنت عصبته فقد شرط في تورث مولى
العتاقة أن لا يدع المعتق وارثا وذووا الأرحام من جملة الورثة والمعنى فيه هو أن هذا نوع ولا
يستحق به الميراث فيعتبر بولاء الموالاة وبحقيقة هو أن الأصل في التوريث القرابة وبأدلاء
لا تثبت القرابة ولكن الولاء شبيه بالقرابة شرعا قال عليه السلام الولاء لحمة كلحمة النسب
وما تشبه بالشئ لا يكون معارضا لحقيقته فكيف يترجح على حقيقته بل إنما يعتبر ما يشبه الشئ
175

في الحكم عند انعدام حقيقة ذلك الشئ والدليل علي ان الولاء أضعف انه يحتمل الرفع في الجملة
(ألا ترى) أنه إذا كان الولد مولى لمولى الأم فظهر له ولاء في جانب الأب انعدم به الولاء
الذي كان لعموم الأم والقرابة لا تحتمل الرفع بحال وكذلك يستحق الإرث بالقرابة من الجانبين
وبالولاء لا يستحق من الجانبين فالمعتق لا يرث من المعتق شيئا وعليه يخرج الزوجية فإنها وان
كانت تحتمل الرفع فالإرث بها من الجانبين وهذا لان الزوجة أصل فان القرابات تتفرع
منها فحكم الفرع يثبت للأصل وان انعدم فيه معناه كما يعطى لبيض الصيد حكم الصيد في حق
المحرم وان انعدم فيه معنى الصيد ثم إذا ادعينا هذا فيما ينبنى على القرب وهو العصوبة فالزوجية
لا تستحق العصوبة فتخرج على ما ذكر * وحجتنا في ذلك ما روى أن ابنه حمزة أعتقت عبدا ثم
مات العبد وترك ابنة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف ماله لابنته والباقي لابنة
حمزة فهو نص في أن مولى العتاقة مقدم على الرد ودليل على أنه مقدم على ذوي الأرحام فمن
ضرورة كون المعتق مقدما على الرد أن يكون مقدما على ذوي الأرحام وبهذا يتبين أن معنى
قوله عليه الصلاة والسلام وان مات ولم يدع وارثا هو عصبة وقد أشار إلى ذلك بقوله كنت
أنت عصبته ولم يقل كنت وارثه وفى هذا التنصيص على أن مولى العتاقة عصبة والعصبة مقدم
على ذوي الأرحام فأما قوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض فسبب نزوله ما روى
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة آخا بين الأنصار والمهاجرين فكانوا يتوارثون بذلك
فنسخ الله تعالى ذلك الحكم بهذه الآية وبين أن الرحم مقدم على المؤاخاة والولاء وبه نقول
وهذا لان مولى الموالاة بمنزلة الموصى له بجميع المال فاستحقاق لا يثبت له بعقد يحتمل
الرفع والفسخ فيكون ضعيفا جدا والمعنى في المسألة أن ولاء العتاقة بمنزلة الأبوة صورة ومعنى
أما من حيث الصورة فلان المعتق ينسب إلى معتقه بالولاء كما ينسب الابن إلى أبيه بالولادة
وأما من حيث المعنى فلان الوالد كان سبب ايجاد ولده والمعتق سبب احياء المعتق من
حيث إن الرق تلف والحرية حياة الانسان بصورته ومعناه فالمعتق سبب لايجاد معنى الانسانية
في المعتق وهو صفة المالكية وبه باين الانسان سائر الحيوانات فعرفنا انه في المعنى بمنزلة الوالد
(ألا ترى) هذا المعنى يوجد من الأعلى خاصة دون الأسفل بخلاف الولادة فحقيقة العصبة
هناك تشمل الجانبين فلهذا يثبت هناك الإرث من الجانبين وهنا يثبت من الجانب الأعلى ثم
أقوى ما يستحق بالولاء العصوبة فإذا انعدمت يقام الولاء مقامها في استحقاق العصوبة
176

به وإذا تبين بهذا المعنى ان المستحق بالولاء العصوبة قلنا تقديم العصوبة على ذوي الأرحام
ثابت بالنص والاجماع واختلفوا في ابني عم أحدهما لأخ لأم فنبين صورة المسألة أولا ثم
نذكر حكمه فنقول اخوان للأكبر منهما امرأة ولد بينهما ابن ثم مات الأكبر فتزوجها
الأصغر وولد بينهما ابن ثم مات الأصغر وله ابن من امرأة أخرى ثم مات ابن الأكبر فقد
ترك ابني عم وهما ابنا الأصغر أحدهما أخوه لامه فأما بيان الحكم فنقول على قول على وزيد
للأخ لأم السدس والباقي بينهما نصفان بالعصوبة وهو قول علمائنا وقال ابن مسعود المال
كله لابن العم الذي هو أخ لأم وعن عمر فيه روايتان أظهرهما كما هو قول ابن مسعود رضي
الله عنه * وجه قوله أن ابن العم الذي هو أخ لأم أظهرهما قربا فيكون هو أحق بجميع المال
كما لو ترك أخوين أحدهما لأب وأم والآخر لأب وبيان هذا لوصف القرب باعتبار
الاتصال فابن العم الذي هو أخوه لامه يتصل به من الجانبين من جانب الأب ومن جانب
الأم واتصال الاخر به من جانب واحد فعرفنا انه أظهرهما قربا والدليل عليه ان العمومة
والاخوة في المعنى سواء (ألا ترى) ان في كل واحد منهما يترجح الذي لأب وأم على الذي
لأب فإذا استويا كأن لابن العم الذي هو أخ لأم سببان للميراث الفريضة بالاخوة لأم
والعصوبة بالعمومة ويرث بكل واحد من السببين ويجعل اجتماع السببين في شخص واحد
كوجودهما في شخصين فيستحق السدس بالفريضة ثم يزاحم الآخر فيما بقي بالعصوبة
وهذا لان الترجيح مما لا يصلح علة للاستحقاق بانفراده فاما ما يصلح علة للاستحقاق بانفراده
لا يقع به الترجيح وقد بينا ذلك في الجراحات والشهادات ولذلك يترجح أحد الجانبين على
الآخر بزيادة وصف وهو معنى القوة في التأثير ولا يترجح قياسان على قياس واحد إذا
عرفنا هذا فنقول كل واحد من السببين هنا معتبر في الاستحقاق بانفراده فلا يقع الترجيح
بأحدهما بخلاف الاخوة والسبب هناك واحد وهو الاخوة والاخوة لأم في معنى زيادة
الوصف في الاخوة لأب فيجوز أن يحصل به الترجيح فاما هنا الاخوة لأم لا يمكن أن تجعل
زيادة في وصف العمومة فلا بد من أن تجعل سببا للاستحقاق بانفراده فلا يقع به الترجيح
وبيان ذلك أن العمومة باعتبار المجاورة في صلب الجد وباعتبار المجاورة في رحم الجدة لا تستحق
الفريضة فلا يمكن أن تجعل المجاورة في رحم الأم موجبا زيادة وصف في معنى المجاورة في
صلب الجد فاما الاخوة مجاورة في صلب الأم فيمكن أن تجعل المجاورة في رحم الأم موجبا
177

لتلك المجاورة زائدا في وصفها فلهذا يرجح الأب لأب وأم على الأخ لأب ولو ترك أخوين
لأم وأخا لأب فان للأخوين لأم الثلث بينهما نصفان والباقي كله للأخ لأب ولا يرجح الأخ
لأب هنا على الآخرين بخلاف ما سبق لان بالاخوة لأم تستحق الفرضية واستحقاق الفرضية
ليس ينبنى على القرب ولا مزاحمة بين الصعبة وصاحب فرض بل صاحب الفرض مقدم على
العصبة كما قال عليه السلام ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت فلأولى رجل ذكر فلهذا لا يجعل
الأخ لأب وأم مرجحا على الأخ لأم بل يعطى الأخ لأم فرضه وهو السدس فاما الاخوة
لأب يستحق بها العصوبة وفى العصبات الأقرب يترجح فجعلنا الاخوة لأم في معنى زيادة
وصف ورجحنا به الأخ لأب وأم على الأخ لأب ولو ترك أخوين لأم أحدهما ابن عم
وصورته ما ذكرنا إلا أن لتلك المرأة ولد آخر من غير الأخوين فإذا مات ولد الأصغر فقد
ترك أخوين لأم أحدهما ابن عمه فللأخوين لأم الثلث بينهما نصفان وما بقي كله للذي هو ابن
عم اما على قول علي وزيد فظاهر وعلى قول ابن مسعود رضي الله عنه فلانه يجعل العمومة
كالاخوة وقد بينا ان الأخوين لأم إذا كان أحدهما أخا لأب لا يستحق الترجيح لجميع المال
فكذلك لإخوان الأم إذا كان أحدهما ابن عم ولو ترك ابني عم أحدهما أخ لأم وأخوين
لأم أحدهما ابن عم وصورته فيما ذكرنا فعلى قول على وزيد رضي الله عنهم الثلث بين الأخوين
لأم نصفين والباقي بين ابني العم بالسوية نصفين فتكون القسمة من ستة وعلى قول ابن مسعود
للأخ لأم الذي ليس بابن عم السدس والباقي كله لابن العم الذي هو أخ لأم ولا شئ لابن العم الآخر
ولو ترك ثلاثة بنى عم أحدهم أخ لأم وثلاثة اخوة لأم أحدهما ابن عم وصورته فيما ذكرنا فعلى
قول على وزيد رضي الله عنهما للاخوة للأم الثلث بينهم بالسوية * والباقي بين بنى الأعمام أثلاثا
بالسوية فتكون القسمة من تسعة وعلى قول ابن مسعود رضي الله عنه الثلث للأخوين للأم
اللذين ليسا بابن عم بينهما نصفان والباقي كله لابن العم الذي هو أخ لأم ولا شئ للآخرين
واختلف الفرضيون رحمهم الله على قول ابن مسعود رضي الله عنه في فصلين أحدهما إذا ترك
ابن عم لأب وأم وابن عم لأب هو أخ لأم فقال يحيي بن آدم على قياس قول ابن مسعود رضي الله عنه
المال كله لابن العم الذي هو أخ لأم لأنه يجعل العمومة كالاخوة وابن العم الذي هو
أخ لأم عنده في معنى الأخ لأب وأم فيكون مقدما في العصوبة علي ابن العم لأب وأم وقال
الحسن بن زياد على قياس قول ابن مسعود رضي الله عنه للأخ للأم السدس هنا والباقي كله
178

لابن العم لأب وأم كما هو مذهب على وزيد رضي الله عنهما لأنه إنما يترجح العمومة بالاخوة
لأم عند الاستواء في معنى العمومة وما استويا هنا فان العم لأب وأم في العصوبة مقدم على
ابن العم لأب وعنده العمومة قياس الاخوة وفى الاخوة بقرابة الأم إنما يقع الترجيح عند
المساواة في الاخوة من جانب الأب لا عند التفاوت فكذلك في العمومة * الفصل الثاني
إذا ترك ابنة وابني عم أحدهما أخ لأم فعلى قول علي وزيد رضي الله عنهما للابنة النصف والباقي
بين ابني العم نصفين لان الاخوة لأم لا يستحق بها شئ مع الابنة فوجودها كعدمها فأما
علي قول ابن مسعود رضي الله عنه فقد قال بعضهم الجواب هكذا لان الترجيح بالاخوة لأم
عنده إنما يقع في موضع يستحق بالاخوة لأم عند الانفراد ومع البنت لا يستحق الاخوة لأم
شيئا فلا يصح بها الترجيح وقال محمد بن نصر المروزي على قياس قول ابن مسعود للابنة النصف
والباقي كله لابن العم الذي هو أخ لأم لان الابنة لما أخذت فريضتها فقد خرجت من الوسط
فيجعل الباقي في حق الأخوين بمنزلة جميع التركة لو لم يكن هناك ابنة وعنده في جميع التركة
ابن العم الذي هو الأخ لأم مقدم على الآخر فكذلك في الباقي هنا وروى عن سعيد بن
جبير رضي الله عنه أنه قال في هذه المسألة على قول ابن مسعود للابنة النصف ولا شئ للأخ
لأم بل الباقي كله للأخ الذي هو ابن عم قال عطاء رضي الله عنه وهذا غلط لا وجه له لان
أكبر ما في الباب أن يسقط أخوته لأم باعتبار الابنة فبقي مساويا للآخر في أنه ابن عم ولو
تركت المرأة ابني عم أحدهما زوجها فللزوج النصف والباقي بينهما نصفان بالعصوبة أما علي
قول زيد فلا يشكل وكذلك عند ابن مسعود لأنه الزوجية لا تصلح مرجحة للقرابة إذ لا مجانسة
بينهما صورة ولا معنى ولو تركت المرأة ثلاثة بنى عم أحدهم زوجها والآخر أخوها لامها
فعلى قول علي وزيد للزوج النصف وللأخ لأم السدس والباقي بينهم أثلاثا بالسوية * علي قول عبد الله للزوج النصف والباقي كله لابن العم الذي هو أخ لأم لأنه بمنزلة الأخ لأب وأم
عنده فيرجح بالعصوبة على الأخوين والله أعلم بالصواب
باب فرائض الجد
(قال رحمه الله) قال أبو بكر الصديق وعائشة وعبد الله بن عباس وأبي بن كعب وأبو
موسى الأشعري وعمران بن الحصين وأبو الدرداء وعبد الله بن الزبير * ومعاذ بن جبل
179

رضوان الله عليهم أجمعين الجد عند عدم الأب يقوم مقام الأب في الإرث والحجب حتى
يحجب الإخوة والأخوات من أي جانب كانوا وهو قول شريح وعطا وعبد الله بن
عتبة وبه أخذ أبو حنيفة رحمه الله الا في فصلين زوج وأم وجد وامرأة وأم وجد فللأم
فيهما ثلث جميع المال * ولو كان مكان الجد أبا كان لها ثلث ما بقي وذكر أصحاب الاملاء عن أبي
يوسف أن على قول أبى بكر الصديق رضي الله عنه للأم في هذين الموضعين ثلث ما بقي
أيضا وهكذا روى أهل الكوفة رضي الله عنهم عن ابن مسعود رضي الله عنه للأم في زوج
وأم وجد أن للأم ثلث ما بقي أو سدس جميع المال * وروى أهل البصرة عن عبد الله بن
عباس أن للزوج النصف والباقي بين الجد والأم نصفان وهي احدى مربعات عبد الله وروى
عن زيد بن هارون عن عبد الله في امرأة وأم وجد أن للمرأة الربع والباقي بين الأم والجد
نصفين والرواة كلهم غلطوا زيدا في هذه الرواية فقالوا إنما قال عبد الله هذا في زوج وأم
وجد كيلا يكون في ذلك تفضيلا للأم على الجد وهذا لا يوجد في جانب المرأة فان الأم وان
أخذت ثلث المال كاملا يبقى للجد خمسة من اثنى عشر فلا يؤدى إلى تفضيل الأنثى على الذكر
ولا إلى التسوية بينهما * وقال علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود الجد
يقوم مقام الأب في الإرث مع الأولاد ويقوم مقام الأب في حجب الاخوة والأخوات
لأم فأما في حجب الاخوة والأخوات لأب وأم فلا ولكن يقاسمهم ويجعل هو كأحد الذكور
منهم وبه أخذ سفيان الثوري وأبو يوسف ومحمد ومالك والشافعي رحمهم الله إلا أن زيدا كان
يقول يقاسمهم ما دامت المقاسمة خيرا له من ثلث جميع المال فإذا كان الثلث خيرا له أخذ الثلث
وكان ما بقي بين الاخوة والأخوات وقال علي رضي الله عنه يقاسمهم ما دامت المقاسمة خيرا
له من سدس المال وإذا كان السدس خيرا له أخذ السدس وعن ابن مسعود روايتان أشهرهما
كقول زيد وروى عنه أيضا كقول على وعن عمر بن الخطاب كقول أبى بكر الصديق في
الجد وعنه كقول زيد الا في الأكدرية خاصة وعن عثمان بن عفان كقول علي رضي الله عنه
وعنه كقول زيد الا في مسألة الخرفاء على ما نبينها والصحيح ان مذهب عمر رضي الله عنه لم يستقر
على شئ في الجد وروى عن عبيدة السلماني اجتمعوا في الجد على قول فسقطت حية من
سقف البيت فتفرقوا فقال عمر رضي الله عنه أبى الله تعالى أن يجتمعوا في الجد على شئ ولما
طعن عمر رضي الله عنه وأيس من نفسه قال اشهدوا انه لا قول لي في الجد ولا في الكلالة
180

وانى لم استخلف أحدا وقال علي من أراد أن ينفحم في جراثيم جهنم فليقص في الجد وكان
الشعبي إذا أراد أحد أن يسأله عن شئ من الفرائض قال هات إن لم يكن أحد الا حياه الله
ولا بياه ليعلم أنهم كانوا يتحرزون عن الكلام في الجد لكثرة الاختلاف فيه اما حجة من
ورث الاخوة مع الجد ما روى عن علي انه شبه الأخوين بشجرة أنبتت غصنين والجد مع
النافلة بشجرة نبت منها غصن فالقرب بين غصني الشجرة أظهر من القرب بين أصل الشجرة
والغصن النابت من غصنها لان بين الغصنين مجاورة بغير واسطة وبين الغصن الثاني وأصل
الشجرة مجاورة بواسطة الغصن الأول فعلى هذا ينبغي أن يقدم الأخ على الجد لان العصوبة
تنبني على القرب إلا أن في جانب الجد معنى آخر وهو أولاد يتأيد بذلك المعنى اتصاله بالنافلة
وبالأولاد يستحق الفرضية من له اسم الأبوة وبهذه الفرضية إنما يستحق السدس قال الله تعالى
ولأبويه لكل واحد منهما السدس فلا ينقص نصيب الجد عن السدس باعتبار الولاد بحال
وتأيد بهذا الولاد قرابته من الميت فيكون مزاحما للاخوة ويقاسمهم إذا كانت المقاسمة خيرا
له من السدس * يوضحه ان الولد في حكم الحجب أقوى من الاخوة بدليل حجب الزوج
والزوجة بالولد دون الاخوة وحجب الأم إلى السدس بالولد الواحد دون الأخ ثم الولد لا
ينقص نصيب الجد عن السدس بحال كان أولي والمروى عن زيد ابن ثابت انه شبه الأخوين
بواد تشعب منه نهران والجد مع النافلة بواد تشعب منه نهر ثم تشعب من النهر جدول فالقرب
بين النهرين يكون أظهر منه بين الجدول وأصل الوادي وهذا يوجب تقديم الاخوة علي
الجد إلا أن في جانب الجد معنى الولاد وبه يسمى أبا ولكنه أبعد من الأب الأول بدرجة
فيجعل هو فيما يستحق في الولاد بمنزلة الأم من حيث إنه يقام البعد بدرجة مقام نقصان الأنوثة
في الأم والأم عند عدم الولد تستحق ثلث جميع المال فكذلك الجد بالولاد يستحق ثلث جميع
المال إذ الجد مع الجدة بمنزلة الأب مع الأم فكما أن نصيب الأم عند عدم الولد ضعف نصيب
الأم وذلك الثلثان فكذلك نصيب الجد عند عدم الولد ضعف نصيب الجدة ونصيب الجدة
السدس لا ينقص عن ذلك فنصيب الجد الثلث لا ينقص عن ذلك وحجتهم من حيث المعنى
أن الجد والأخ استويا في الادلاء فكل واحد منهم يدلى للميت بواسطة الأب ثم للأخ زيادة
ترجيح من وجه وهو انه يدلى بواسطة الأب بالبنوة والجدودية تدلى إلى الميت بواسطة
الأب بالأبوة والبنوة في العصوبة مقدم على الأبوة (ألا ترى) أن من ترك أبا وابنا كانت
181

العصوبة للابن دون الأب ولكن في جانب الأب ترجيح من وجه آخر وهو الولاد مقدم
في الاستحقاق حتى يستحق به الفريضة وصاحب الفريضة يتقدم علي العصبة فقلنا في الفرض
المستحق بالولاد يجعل الجد مقدما وإذا آل الامر إلى العصوبة يعتبر الادلاء وهما مستويان
في ذلك ولكل واحد منهما ترجيح من وجه فيقع التعارض ويكون المال بينهما بالمقاسمة بمنزلة
الأخوين لأب وأم أو لأب ولهذا لا تثبت المزاحمة لأولاد الأم مع الجد لان ادلاءهم بالأم
ولا تأثير لقرابة الأم في استحقاق العصوبة بها والمساواة باعتبار التساوي في الادلاء قال
الشافعي ولهذا قلت إذا مات المعتق وترك أخا المعتق لأبيه وأمه وجده فالمال بينهما نصفان
لأنه معتبر بالفرضية في الميراث بالولاء وقد استويا في معنى العصوبة فيستويان في الاستحقاق
على كل حال قل الباقي لهما أو أكثر فأما أبو حنيفة احتج بما نقل عن ابن عباس أنه كان يقول
ألا يتق الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أب الأب أبا ومعنى هذا الكلام
أن الاتصال بالقرب من الجانبين يكون بصفة واحدة لا يتصور التفاوت بينهما بمنزلة
المماثلة بين مثلين والاخوة بين الأخوين فإذا كان في الموضع الذي كان الجد ميتا يجعل ابن
الابن قائما مقام الابن في حجب الاخوة من أي جانب كانوا وكان معنى القربى والاتصال
في جانبه مرجحا فكذلك إذا كان ابن الميت ميتا يكون الجد قائما مقام الأب في حجب
جميع الاخوة ويكون اتصاله وقربه إلى الميت بالميت مرجحا لان الاتصال واحد لا يعقل
التفاوت بين الجانبين بوجه والدليل عليه أن الجد عند عدم الأب يستحق اسم الأبوة قال الله
تعالى يا بني آدم ومن كنت ابنه فهو أبوك وقال جل جلاله قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم
وكان إبراهيم جدا وقال عز وجل واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق وكانا جدين له وكذلك
أيضا في الحكم فالجد له من الولاية عند عدم الأب ما للأب حتى أن ولايته تعم المال والنفس
جميعا بخلاف الاخوة والخلافة في الإرث نوع ولاية وكذلك الجد في استحقاق النفقة مع
اختلاف الدين بمنزلة الأب بخلاف الاخوة والنفقة صلة كالميراث وكذلك الجد في حكم حرمة
وضع الزكاة وحرمة قبول الشهادة وحرمة حليلته كالنافلة والمنع عن وجوب القصاص عليه
بقتل النافلة وثبوت حق التملك له بالاستيلاد قائم مقام الأب بخلاف الاخوة فإذا جعل هو
في جميع الأحكام بمنزلة الأب فكذلك في حجب الاخوة وبعد ما تقرر هذا المعنى فلا معتبر
بالقرب لان استحقاق المال بالعصوبة وهي لا تبنى على القرب فابنة الابنة أقرب من ابن العم
182

ومن مولى العتاقة ثم الميراث بالعصوبة لابن العم ومولى العتاقة دون ابنة الابنة فكذلك هنا
إذا عرفنا هذا رجعنا إلى بيان مذهب الذين قالوا بتوريث الاخوة والأخوات مع الجد فقد
فرغنا من بيان قول أبى بكر الصديق رضي الله عنه ومن قال بقوله فنقول أما على مذهب زيد
الجد يقاسم الاخوة والأخوات ما دامت المقاسمة خيرا له من ثلث جميع المال أو كانا سواء
فإن كان الثلث خيرا له فإنه يعطى الثلث ثم الباقي بين الاخوة والأخوات * ومن مذهبه
أن يعتد بالاخوة والأخوات لأب مع الاخوة والأخوات لأب وأم في مقاسمة الجد فإذا
أخذ الجد نصيبه رد الاخوة والأخوات لأب على الاخوة والأخوات لأب وأم جميع ما
أصابوا إن كان أولاد الأب والأم ذكورا أو مختلطين فإن كانوا إناثا فإنهم يردون على البنتين
إلى تمام الثلثين وعلى الواحدة إلى تمام النصف وينبنى على هذا مسألة العشرية وصورتها أخت
لأب وأم وأخ لأب وأم وأخ لأب وجد فعلي قول زيد بن تابت المال بينهم بالمقاسمة لان
بالمقاسمة نصيب الجد خمسا المال وهو خير له من الثلث فيكون أصل الفريضة من خمسة للجد
سهمان وللأخ سهمان وللأخت سهم تم الأخ لأب يرد علي الأخت لأب وأم إلى تمام النصف
وذلك سهم ونصف ما أصابه فانكسر بالانصاف فأضعفه فيكون عشرة للجد أربعة وللأخت
لأب وأم بعد الرد خمسة والباقي للأخ لأب سهم واحد وهذا السهم الواحد هو عشر المال فلهذا
سميت المسألة عشرية زيد ومن مذهبه أنه إذا اجتمع مع الجد والاخوة أصحاب الفرائض
يوفر على أصحاب الفرائض فرائضهم ثم ينظر للجد إلى المقاسمة والى ثلث ما بقي والى سدس
جميع المال فأي ذلك خيرا للجد أعطي ذلك والباقي للاخوة والأخوات ومن مذهبه أن
الأخوات المفردات لا يكن من أصحاب الفرائض مع الجد ولكن يصرن عصبة بالجد
ويكون الحكم المقاسمة بينهن وبين الجد الا في مسألة الأكدرية خاصة فان جعل الأخت فيها
صاحبة فرض لأجل الضرورة وصورتها امرأة ماتت وتركت زوجا وأما وأختا لأب وأم
وجدا فللزوج النصف ثلاثة من ستة وللأم الثلث سهمان وللجد السدس سهم وللأخت
النصف ثلاثة تعول بثلاثة وإنما جعل الأخت هنا صاحبة فرض لأجل الضرورة قانه لم يبق
بعد نصيب أصحاب الفرائض الا السدس فان جعل ذلك للجد صارت الأخت محجوبة بالجد
وهذا خلاف أصله وان جعل ذلك بينهما بالمقاسمة انتقص نصيب الجد عن السدس ومن
مذهبه أنه لا ينقص نصيبه عن السدس باعتبار الولاء بحال واسقاط الأخت بالجد متعذر
183

أيضا لأنها صاحبة فرض عند عدم الولد بالنص وفريضتها النصف فلهذه الفريضة جعلها صاحبة
فرض هنا ثم ينضم نصيب الأخت مع نصيب الجد وهو أربعة من تسعة فيكون مقسوما
بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين فانكسر بالأثلاث فاضربه تسعة في ثلاثة فيكون سبعة
وعشرين كان للزوج ثلاثة مضروبة في ثلاثة فتكون تسعة وكان للأم سهمان مضروبان في
ثلاثة فيكون ستة وكان نصيب الأخت والجد أربعة مضروبة في ثلاثة فيكون اثني عشر
للجد ثمانية وللأخت أربعة وإنما جعله كذلك لان أصحاب الفرائض لما خرجوا من الوسط
صار الباقي في حقهما بمنزلة جميع التركة فإنما إنما جعلنا الأخت صاحبة فرض لأجل الضرورة
والثابت بالضرورة يتعذر بقدر الضرورة وقد انعدمت الضرورة فيما أصابهما فيبقى المعتبر
المقاسمة فيما بينهما ولو كان مكان الأخت أخا لم تكن المسألة أكدرية بل سدس الباقي كله
للجد ولا شئ للأخ لان استحقاق الأخ بالعصوبة فقط وللعصبة ما يبقى من أصحاب الفرائض
فإذا لم يبق شئ كان الأخ محروما لانعدام محل حقه بخلاف الأخت وكذلك أن كان مكان
الأخت الواحدة أختين أو أخا وأختا لم تكن المسألة أكدرية لأنهما يحجبان الأم من الثلث
إلى السدس فيكون الباقي الثلث فإن كان مع الجد أختان فالمقاسمة والسدس للجد سواء
وإن كان أخا وأختا فالسدس خير له فيأخذ السدس والباقي بين الأخ والأخت للذكر مثل
حظ الأنثيين وإنما لقيت هذه المسألة بالأكدرية لأنه تكدر فيها مذهب زيد فاضطر إلى ترك
أصله وقيل إن عبد الملك بن مروان ألقاها على فقيه كان يلقب بالأكدر فأخطأ فيها على قول
زيد وقيل لان الميت الذي وقعت هذه الحادثة في تركته كان يلقب بالأكدر ومن مذهب
زيد أن البنات مع الجد كغيرهن من أصحاب الفرائض والجد يكون عصبة معهن ومن مذهبه
أن يجوز تفضيل الأم على الجد وبهذا كله أخذ سفيان الثوري وأبو يوسف ومحمد ومالك
والشافعي وعليه الفتوى إلا أن بعض المتأخرين من مشايخنا رحمهم الله استحسنوا في مسائل
الجد الفتوى بالصلح في مواضع الخلاف وقالوا إذا كنا نفتي بالصلح في تضمين الأخير
المشترك لاختلاف الصحابة فالاختلاف هنا أظهر فالفتوى بالصلح فيه أولى فأما بيان مذهب
علي رضي الله عنه فنقول انه يقاسم الاخوة والأخوات ما دامت المقاسمة خيرا له من السدس
أو كانا سواء فإذا كان السدس خيرا له أخذ السدس ثم الباقي بين الاخوة والأخوات ومن
مذهبه أنه لا يعتد بالاخوة والأخوات لأب مع الاخوة والأخوات لأب وأم في مقاسمة
184

الجد ولكن يعتد بهم إذا انفردوا عن الاخوة والأخوات لأب وأم ويجعل الجد كأحد الذكور
منهم في حكم المقاسمة ومن مذهبه أنه إذا اجتمع مع الجد والاخوة أصحاب الفرائض سوى
البنات فإنه يوفر عليهم فرائضهم ثم ينظر إلى ما بقي فإن كان السدس يعطى للجد وإن كان
أقل يكمل له السدس وإن كان أكثر من السدس ينظر للجد إلى المقاسمة والى سدس جميع
المال فأيما كان خيرا له ذلك والباقي للاخوة ومن مذهبه أن الأخوات المفردات أصحاب
الفرائض مع الجد وفريضة الواحدة منهن النصف وفريضة المثني فصاعدا الثلثان ومن مذهبه
أن مع الابنة الجد صاحب فرض له السدس ولا يكون عصبة بحال ومن مذهبه أنه يجوز
تفضيل الأم على الجد وبهذا كله أخذ ابن أبي ليلى وسوى هذا روايتان عن علي رضي الله عنه
أحدهما كقول الصديق رضي الله عنه والأخرى أن المال بين الجد والاخوة بالمقاسمة وإن كان
نصيب الجدود دون السدس فقد روى أن ابن عباس كتب إليه يسأله عن جد وست اخوة فكتب
في جوابه اجعل المال بينهم على سبعة ومزق كتابي هذا ان وصل إليك فكأنه لم يستقر على هذا
الفتوى حين أمره أن يمزقه * فأما بيان مذهب عبد الله بن مسعود فمن مذهبه أن الجد يقاسم
الاخوة ما دامت القسمة خيرا له من الثلث وافق في هذا زيدا ومن مذهبه أن لا يعتد بأولاد
الأب مع الأولاد لأب وأم في مقاسمة الجد فوافق فيه عليا وقال يعتد بهم إذا انفردوا عن
أولاد الأب والأم كما هو مذهب علي رضي الله عنه فان اجتمع مع الجد والاخوة أصحاب
الفرائض فأهل الحجاز يروون عن عبد الله أنه يعطى أصحاب الفرائض فرائضهم ثم ينظر
للجد إلى ثلاثة أشياء كما هو مذهب زيد فأهل العراق يروون عنه أنه ينظر للجد إلى المقاسمة
والى السدس كما هو مذهب علي ومن مذهبه أن الأخوات المفردات أصحاب الفرائض مع
الجد وافق عليا ومما تفرد به ابن مسعود ابنة وجد وأخت للابنة النصف والباقي بين الجد
والأخت نصفان فهذه من مربعات عبد الله ومما تفرد به زوج وأم وجد للزوج النصف
والباقي بين الجد والأم نصفان فكأن لا يفضل أما علي جد فهذه من مربعاته أيضا ومما تفرد
به أن الأخوات لأب وأم إذا كانوا أصحاب الفرائض مع الجد فلا شئ للاخوة والأخوات
لأب سواء كانوا ذكورا أو إناثا أو مختلطين ولا يعتد بهم في هذه الحالة وبهذا كله أخذ فقهاء
الكوفة علقمة والأسود وإبراهيم النخعي فصار الاختلاف بينهم في الحاصل في ثمان فصول
فالسبيل أن نذكر كل فصل على الانفراد أما الفصل الأول أن على قول زيد وعبد الله تعتبر
185

المقاسمة ما دامت خيرا له من ثلث المال وعند علي تعتبر المقاسمة ما دامت خيرا له من سدس
المال وجه قوله أن الجد إنما امتاز من الاخوة بمعنى الولاء واسم الأبوة وبهذا الاسم والمعنى
يختص باستحقاق الفريضة وفريضة الأب بالنص السدس قال الله تعالى ولأبويه لكل واحد
منهما السدس ثم الجد مع الاخوة بمنزلة الأب مع الأولاد لان الأخ ولد من يدلى به الجد
وهو الأب ثم فريضة الأب مع الولد السدس لا ينقص عنه فكذلك فريضة الجد مع الاخوة
السدس لا ينقص عن ذلك بحال واعتبار العصوبة لتوفر المنفعة عليه فإذا كانت الفريضة أنفع
له قلنا بأنه يعطى فريضته وذلك السدس * وجه قول عبد الله وزيد حديث عمران بن الحصين
أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن ابن ابني مات فمالى من ميراثه فقال عليه
السلام لك السدس فلما أدبر الرجل دعاه فقال لك سدس آخر وإنما يحمل هذا على أنه كان
وقع عنده في الابتداء أن للميت ولدا فجعل له السدس ثم علم أنه لا ولد للميت فجعل له الثلث
وروى أن عمر بن الخطاب جمع الصحابة وقال هل سمع منكم أحد من النبي عليه السلام في
الجد شيئا فقال رجل وقال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضي للجد بالثلث فقال مع
من كان فقال لا أدري فقال لا دريت فقام رجل آخر وقال شهدت رسول الله صلى الله عليه
وسلم قضى للجد بالثلث فقال مع من كان فقال لا أدرى شيئا فقال لا دريت وإنما يحمل هذا
على أنه جعل له السدس مع الولد والثلث عند عدم الولد والمعنى فيه أن الجد مع الجدة بمنزلة
الأب مع الأم ثم عند عدم الولد للأم الثلث وكان للجدة نصف نصيب الأم وهو السدس
وللأب الثلثان فينبغي أن يكون للجد نصف نصيب الأب وهو الثلث بالولاء كما هو الأصل
في جعل حظ الذكر ضعف حظ الأنثى والدليل عليه أن الجد يحجب أخوين لأم عن
فرضهما وفرضهما الثلث عند عدم الولد وكل وارث يحجب آخر عن فرضه فإنه يستحق
ذلك لا محالة فان معنى حجته في أنه يكون مقدما عليه في فرضه كالولد في حق الزوج والزوجة
بخلاف الأخوين مع الأب فإنهما يحجبان الأم من الثلث إلى السدس ولاحظ لهما في ذلك
لأنهما غير وارثين مع الأب وكلامنا فيمن يحجب غيره وهو وارث * والفصل الثاني أن على
قول زيد بن ثابت رضي الله عنه لا يعتد بهم * وجه قول زيد أنه يعتد بهم في مقاسمة الجد
عند الانفراد بالاتفاق وإنما يعتد بهم لأنهم يدلون بالأب كما يدلى الجد وهذا المعنى قائم عند
وجود الاخوة والأخوات لأب وأم فان بوجودهم لا يزداد معنى الادلاء في الجد ولا
186

ينتقص في جانب الاخوة لأب وتحقيق هذا الكلام أن قرابة الأم في حق الاخوة
والأخوات لأب وأم معتبر للترجيح لا للاستحقاق والترجيح عند اتحاد الجهة لا عند اختلاف
الجهة ففي حق الجد مع الاخوة الجهة مختلفة لان الأبوة غير الاخوة فلا معتبر بقرابة الأم في
الترجيح مع الجد ولكن يجعلا في المقاسمة كأنهما جميعا اخوة لأب حتى يأخذ الجد نصيبه
فيخرج من الوسط ثم صارت الجهة واحدة فيما بين الاخوة لأب وأم والاخوة لأب فيظهر
الترجيح عند ذلك بقرابة الأم فيرد الاخوة لأب على الاخوة لأب وأم ما أخذوا لهذا المعنى
بمنزلة الأبوين مع الأخوين فالاخوان يحجبان الأم من الثلث إلى السدس ثم الأب يستحق
عليهما ذلك وأما وجه قول على وعبد الله أن الجد مع الاخوة لأب وأم يجعل بمنزلة الأخ
لأب وأم لا بمنزلة الأخ لأب لأنه لو جعل كالأخ لأب لكان الأخ لأب وأم مقدما عليه
وإذا جعل هو كالأخ لأب وأم والأخ لأب وأم يحجب الإخوة لأب فالاخوان لأب
وأم لان يحجبان الاخوة لأب كان أولى وهذا بخلاف ما إذا انفرد الاخوة لأب مع الجد
لان هناك الجد يجعل بمنزلة الأخ لأب بمعنى وهو أن الولاء الذي اختص به الجد
معتبر عند الحاجة ولا يعتبر عند عدم الحاجة (ألا ترى) أن نصيبه إذا كان بالمقاسمة دون
الثلث يعتبر الولاء لكن لا ينتقص حقه عن السدس وإذا كانت المقاسمة خيرا له لا يعتبر
الولاء ولكن يعتبر الادلاء بالأب فهنا مع الاخوة لأب لا حاجة إلى اعتبار الولاء في جانب
الجد فلا يعتبر وجود الاخوة لأب وأم ولما قضت الحاجة إلى ذلك ليقوم معنى الولاء في جانبه
مقام قرابة الأم في جانب الأخ لأب وأم فكان معتبرا وجعل الجد كالأخ لأب وأم
يوضحه أن لو قلنا بأنه يعتد بهم في مقاسمة الجد ثم يردون ما أصابهم على الأخ لأب وأم
يؤدى إلى تفضيل الأخ لأب وأم على الجد وهذا ساقط بالاجماع فان الجد لا ينتقص
نصيبه عن السدس بحال وقد ينقص نصيب الأخ عن السدس فكيف يجوز تفضيل الأخ
على الجد في الميراث * والفصل الثالث أن الأخوات المفردات أصحاب الفرائض مع الجد عند
على وعبد الله وعند زيد رضي الله عنه عصبات الا في الأكدرية * وجه قولهما ان الأنثى إنما تصير
عصبة للذكر عند اتحاد السبب فأما عند اختلاف السبب فلا فالسبب في حق الجد غير
السبب في حق الأخت فلا تصيرن عصبة به بخلاف الأخ فالسبب واحد في حق الأخ
والأخت فتصير الأخت عصبة بالأخ يوضحه أن الجد لا يعصب من في درجته من الإناث
187

كالجدة فكذلك لا يعصب غيرها بمنزلة ابن العم ولان الأخت مع الجد بمنزلة الابنة من
الأب ثم الابنة لا تصير عصبة بالأب فكذلك الأخت لا تصير عصبة بالجد وجه قول زيد أن
الجد كأحد الذكور من الاخوة ومعلوم أن الأخت تصير عصبة بالأخ لا باسم الاخوة فذلك
موجود في الأخ لأم ولا يجعلها عصبة ولكن إنما تصير بالأخ لكون الأخ عصبة والجد في
العصوبة مساو للأخ فتصير الأخت عصبة الا في الأكدرية فإنها تجعل صاحب فرض لأجل
الضرورة كما بينا مع أن الجد في تلك المسألة صاحب فرض فان له السدس فيكون في تلك
المسألة هو بمنزلة الأخ لأم والأخت لا تصير عصبة بالأخ لأم * والفصل الرابع بين على
وعبد الله أنه إذا كان هناك أخت لأب وأم وأخ وأخت لأب وجد عند على للأخت لأب
وأم النصف والباقي بين الجد والأخ والأخت لأب بالمقاسمة وعند عبد الله الباقي كله للجد
ولا شئ للأخ والأخت لأب لان استحقاق الباقي باعتبار العصوبة فيقدم الأقرب والجد
هو أقوى سببا من أولاد الأب لان جانبه زائد بالولاء وقد اعتبر الولاء هنا لمكان الأخت
لأب وأم فان قرابة الأم اعتبرناها في جانبها حين جعلناها صاحبة فرض إذ لو لم يعتبر قرابة
الأم لكانت هي عصبة بالأخ لأب وإذا اعتبر قرابة الأم في جانبها يعتبر الولاء في جانب
الجد فيكون سببه في العصوبة أقوي ويحجب به أولاد الأب بمنزلة الأخ لأب وأم بخلاف
ما إذا انفرد أولاد الأب مع الجد لان هناك يعتبر الولاء في جانب الجد فيكون سببه مثل
سبب أولاد الأب * وجه قول على أن الاخوة والأخوات لأب يقاسمون الجد في جميع المال
فيقاسمونه فيما بقي بعد صاحب الفريضة كالأخ والأخت لأب وأم وهذا لان الولاء في الجد
غير معتبر هنا لأنه لا حاجة له إلى اعتباره في اثبات العصوبة للجد مع أولاد الأب فهو وما انفردوا
معه سواء * والفصل الخامس أنه إذا اجتمع أصحاب الفرائض مع الاخوة والجد فعلي قول
زيد يوفر على أصحاب الفرائض فرائضهم ثم ينظر للجد إلى ثلث ما بقي والى المقاسمة والى سدس
المال وهو بناء على أصله فإنه يعتبر للجد ثلث جميع المال إذا لم يكن هناك صاحب فرض فما بقي
هنا كجميع المال هناك فاعتبر المقاسمة وثلث ما بقي إلا أن يكون السدس خيرا له فحينئذ لا ينقص
الجد عن السدس لأنه يثبت استحقاق السدس باسم الأبوة بالنص وذلك يتناول الجد وأما
عند علي ينظر إلى المقاسمة والى سدس جميع المال بناء على أصله إذا لم يكن هناك صاحب
فرض فإنه يعتبر للجد المقاسمة والسدس ولا يعتبر ثلث جميع المال فكذلك هنا وأهل الحجاز
188

يروون عن عبد الله مثل قول زيد أنه يعتبر ثلث ما بقي كما هو أصله إذا لم يكن هناك صاحب
فرض فإنه يعتبر للجد ثلث جميع المال وأهل العراق يروون عن عبد الله السدس والمقاسمة
هنا كما هو قول علي رضي الله عنه فهو يحتاج إلى الفرق بين هذا وبين ما إذا لم يكن هناك
صاحب فرض ووجه الفرق أن هناك إنما جعلنا للجد الثلث باعتبار أنه نصف نصيب الأب
مع الأم وضعف نصيب الجدة وقد تغير ذلك بوجود أصحاب الفرائض ومتى وقع التغيير في
فريضة فالأصل فيها المناصفة كما في فريضة الزوج والزوجة وفريضة الأم بالاخوة فلهذا
اعتبرنا له السدس والمقاسمة * يوضحه أن ثلث ما بقي غير منصوص عليه في الفرائض واثبات
مقدار الفريضة لا يكون بالرأي بخلاف زوج وأبوين وامرأة فانا إذا جعلنا للأم ثلث ما بقي
في زوج وأبوين كان ذلك سدس جميع المال وفى فريضة السدس نص وإذا جعلنا لها ثلث
ما بقي بامرأة وأبوين كان ذلك ربع جميع المال وفى فريضة الربع نص فاما لو جعلنا للجد
ثلث ما بقي بعد أصحاب الفرائض لا يكون ذلك موافقا لفرض منصوص على كل حال فيكون
اثبات فريضة بالرأي * والفصل السادس في الابنة مع الجد والاخوة والأخوات فان على قول
على الجد صاحب فريضة هنا وفريضته السدس وعند عبد الله ابن مسعود وزيد رضي الله عنه
ما يكون هو عصبة يقاسم الاخوة والأخوات ما بقي بعد نصيب الابنة فهما يقولان
الابنة صاحبة فرض فتكون كغيرها من أصحاب الفرائض والجد عصبة مع سائر أصحاب
الفرائض ويقاسم الاخوة والأخوات ما بقي فكذلك مع الابنة * وجه قول على أن الجد أب
والأب صاحب فرض مع الولد بالنص قال الله تعالى ولأبويه لكل واحد منهما السدس الا
انا جعلنا الأب الأدنى مع الابنة عصبة فيما بقي بعد ما جعلناه صاحب فرض فلو أعطينا للجد
حكم العصوبة كنا قد سويناه بالأب فحجب الاخوة ولا يزاحمهم وذلك لا يستقيم فلا نجعل
له حظا من العصوبة هنا * والفصل السابع بين زيد وعبد الله فيما إذا ترك ابنة وجدا وأختا
فعلى قول زيد للابنة النصف والباقي بين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين وعلى قول
عبد الله الباقي بينهما نصفان لان كل واحد منهما لو انفرد مع الابنة استحق ما بقي بطريق
العصوبة فالأخت مع الابنة عصبة وكذلك الجد فعند الاجتماع الأخت لا تصير عصبة بالجد
وإنما يفضل الذكر علي الأنثى في العصبة إذا صارت المرأة عصبة بالذكر فاما بدون ذلك فلا
وصار هذا كما لو أعتق رجل وامرأة عبدا كان ميراثه بالولاء بينهما نصفين وهذا بخلاف
189

الأخ والأخت لان الأخت عند وجود الأخ إنما تصير عصبة بالأخ (ألا ترى) انه لو لم
يكن ابنة كانت عصبة بالأخ فكذلك مع وجود الابنة وهنا لو لم توجد الابنة ما كانت
الأخت عصبة بالجد فكذلك مع الابنة * والفصل الثامن إذا تركت زوجا وأما وجدا فعلى
قول زيد وعلى للأم ثلث جميع المال لان ثلث المال للأم عند عدم الولد ثابت بالنص قال الله
تعالى فلأمه الثلث والنقصان عما هو منصوص عليه بالرأي لا يجوز ثم الأم أقرب من الجد
بدرجة والأقرب وإن كان أنثى يجوز تفضيله على الأبعد في الاستحقاق يوضحه ان النقصان
دون الحرمان ويجوز حرمان الجد في موضع ترث الأم فيه الثلث وهو حال حياة الأب
فلان يجوز نقصان نصيب الجد عن نصيب الأم كان أولى وأما عبد الله ففي احدى الروايتين
عنه للأم ثلث ما بقي وهو سدس جميع المال لان اسم الأب ثابت للجد ولا يجوز تفضيل
الأم على الأب ولا التسوية بينهما في الميراث وفى الرواية الأخرى قال النصف الباقي بين الأم
والجد نصفان لان الممتنع تفضيل الأنثى علي الذكر بسبب الولاء فأما بعد التسوية بينهما
غير ممتنع كما في حق الأبوين مع الابن يوضحه أن في جانب الجد فضيلة الأبوة والبعد
بدرجة وفى جانب الأم فضيلة القرب بدرجة ونقصان الأبوة فاستويا فيكون الباقي بينهما
نصفان ثم اعلم أن حاصل الكلام في مسائل الجد يدور على ستة مسائل فمن أحكم أقاويل
الصحابة فيها يتيسر عليه تخريج ما سواها والمسائل الست ذكرها محمد رحمه الله في كتاب
الفرائض ورواها عن السدي عن إسماعيل عن الشعبي إحداها مسألة الخرقاء وصورتها أخت
لأب وأم أو لأب وجد وأم فالصحابة رضي الله عنهم اختلفوا فيها على ست أقاويل على قول
أبى بكر الصديق للأم الثلث والباقي للجد ولا شئ للأخت وعلى قول على للأم الثلث
وللأخت النصف بالفرضية وللجد السدس وعلى قول زيد للأم الثلث والباقي بين الجد
والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين وعلى قول عبد الله للأخت النصف وللأم السدس
في رواية والباقي للجد لأنه يجعل نصيب الجد ضعف نصيب الأم كما هو مذهبه في زوج
وأم وجد وفى الرواية الأخرى للزوج النصف والباقي بين الجد والأم نصفان لأنه لا يرى
تفضيل الأم على الجد ويرى التسوية بينهما والسادس قول عثمان رضي الله عنه أن المال بين
ثلاثتهم أثلاثا وجواب هذه المسألة بهذه الصفة محفوظ عن عثمان ووجهه أن الأم تستحق
الثلث بالنص ولو لم يكن هناك أم لكان للأخت النصف بالفريضة والنصف الآخر للجد
190

فإذا استحقت الأم الثلث عليهما كان ذلك من نصيبها جميعهما ويبقى حقهما في الباقي سواء فكان
المال بين ثلاثتهم أثلاثا وتسمى هذه المسألة الخرقاء لكثرة اختلاف العصبة فيها وتسمى عثمانية
لان قديما جوابها محفوظ عن عثمان وتسمى مثلثة لجعل عثمان المال بينهم أثلاثا وتسمى
حجاجية لان الحجاج ألقاها على الشعبي على ما حكى أن الحجاج لما قدم العراق أتى بالشعبي
موثقا بحديد فنظر إليه بشبه المغضب وقال أنت ممن خرج علينا يا شعبي فقال أصلح الله الأمير
لقد أجدب الجناب وضاق المسلك واكتحلنا السهر واستحلسنا الحرر ووقعنا في فتنة لم يكن
فيها تروية أتينا ولا فجرية أقويا قال صدق خذوا عنه ما يقول في أم وأخت وجد فقال قد قال
فيها خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ومن هم قال عثمان وعلى وزيد وابن
مسعود وابن عباس فقال ما قال فيها الحبر يعنى عبد الله بن عباس قال جعل الجد أبا ولم
يعط الأخت شيئا قال وما قال فيها ابن مسعود قال جعل للأخت النصف والباقي بين الأم والجد
نصفان قال وما قال فيها زيد قال جعل للأم الثلث والباقي بين الجد والأخت للذكر مثل
حظ الأنثيين فقال وما قال فيها أمير المؤمنين يعنى عثمان قال جعل المال بينهم أثلاثا فقال الله
در هذا العلم فرده بجميل المسألة الثانية ملقبة بالأكدرية وصورتها أم وجد وزوج وأخت
لأب وأم أو لأب وفيها خمسة أقاويل قول زيد كما بينا وقول الصديق ان للزوج النصف
وللأم الثلث على ما رواه محمد بن الحسن والباقي للجد على ما رواه أبو يوسف وأبو ثور للأم
ثلث ما بقي والباقي للجد والقول الرابع قول عبد الله ان للزوج النصف وللأخت النصف
وللجد السدس وللأم السدس كيلا يؤدى إلى تفضيل الأم على الجد فتعول بسهمين والقسمة
من ثمانية وعلى قول علي رضي الله عنه للزوج النصف وللأخت النصف وللأم الثلث وللجد
السدس فتعول بثلاثة فتكون القسمة من تسعة وهذا قريب من قول زيد الا ان على مذهب
زيد ان ما يصيب الجد والأخت يجعل بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين فتكون القسمة
من سبعة وعشرين وعند على لا يجعل كذلك بل لكل واحد منهما ما أصابه والمسألة الثالثة
امرأة وأخت وأم وجد وفيها أربعة أقاويل قولان للصديق رضي الله عنه أحدهما ان
للمرأة الربع وللأم ثلث ما بقي والباقي للجد والآخر ان للمرأة الربع وللأم ثلث جميع المال
والباقي للجد والثالث قول علي وزيد ان للمرأة الربع وللأم الثلث والباقي بين الجد والأخت
بالمقاسمة والرابع قول عبد الله ان للمرأة الربع وللأخت النصف والباقي بين الجد والأم
191

نصفان والمسألة الرابعة امرأة تركت زوجا وأما وجدا وأخا لأب وأم أو لأب وفيها ثلاثة
أقاويل قولان للصديق رضي الله عنه أحدهما للأم ثلث جميع المال وفى الآخر لها ثلث ما بقي
والباقي للجد والثالث قول على وعبد الله وزيد أن للزوج النصف وللأم ثلث جميع المال
والباقي للجد ولا شئ للأخ فيكون هذا موافقا لاحد قولي أبى بكر والقول الآخر فيه لعبد
الله أن للزوج النصف والباقي بين الأم والجد نصفان ولا شئ للأخ والمسألة الخامسة امرأة
وأم وجد وأخ لأب وأم أو لأب وفيها خمسة أقاويل قولان للصديق كما ذكرنا والثالث
قول على وزيد أن للمرأة الربع وللأم ثلث جميع المال والباقي بين الجد والأخ نصفان لان
المقاسمة خير له من السدس فالمقاسمة له سهمان ونصف من اثنى عشر والسدس سهمان
والقول الرابع لعبد الله أن للمرأة الربع وللأم ثلث ما بقي والباقي بين الجد والأخ نصفان
والخامس قول عبد الله أيضا أن للمرأة الربع والباقي بين الجد والأم والأخ أثلاثا كيلا يؤدى
إلى تفضيل الأم على الجد فتكون هذه من مربعاته على هذه الرواية والمسألة السادسة ابنة
وأخت وجد وفيها خمسة أقاويل قول الصديق أن للابنة النصف والباقي للجد بالفرض
والعصوبة وقول زيد أن للابنة النصف والباقي بين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين
وعلي قول علي رضي الله عنه للابنة النصف وللجد السدس والباقي للأخت وقولان لعبد الله
أحدهما ان للابنة النصف والباقي بين الأخت والجد نصفان والقول الاخر ان للابنة النصف
وللجد ثلث ما بقي وهو والسدس في المعنى سواء والباقي للأخت فهذا بيان المسائل الستة وما
سواها من مسائل الجد يتيسر تخريجها على قياس هذه المسائل والله أعلم بالصواب
باب الرد
(قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا فضل المال عن حقوق أصحاب الفرائض
وليس هناك عصبة من جهة النسب ولا من جهة السبب فإنه يرد ما بقي عليهم علي قدر
انصبائهم الا الزوج والزوجة وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه
يرد علي الزوج والزوجة أيضا كما يرد علي غيرهم من أصحاب الفرائض وهو قول جابر بن
يزيد وقال عبد الله بن مسعود الرد على أصحاب الفرائض الا علي ستة نفر الزوج والزوجة
وابنة الابن مع ابنة الصلب والأخت لأب مع الأخت لأب وأم وأولاد الأم مع الأم
192

والجدة مع ذي سهم أيا كان وهو قول أحمد بن حنبل وقال زيد بن ثابت لا يرد على أحد
من أصحاب الفرائض شئ بعد ما أخذوا فرائضهم ولكن نصيب الباقي لبيت المال وهو رواية
عن ابن عباس وبه أخذ الشافعي وعن ابن عباس في رواية قال يرد على أصحاب الفرائض
لا على ثلاثة نفر الزوج والزوجة والجدة ثم الرد على قول علي وهو مذهبنا يكون بطريقين
أحدهما بان يعطون فرائضهم أولا ثم يرد الباقي عليهم بقدر فرائضهم فتكون القسمة مرتين
والأخرى أنه ينظر إلى مقدار فرائضهم فيقسم جميع المال بينهم على ذلك قسمة واحدة
وهذا هو الأصح لأنه أبعد عن التطويل وبيانه فيما إذا ترك أختا لأب وأم وأما فعلى الطريق
الأول القسمة الأولى من ستة على مقدار فريضتهما فتكون على خمسة وستة علي خمسة
لا يستقيم فيضرب ستة في خمسة فتكون ثلاثين منه تصح وعلى الآخر يقسم المال كله بينهما
على خمسة ثلاثة أخماسه للأخت وخمساه للأم وهذا إذا لم يخالطهم من لا يرد عليه فان خالطهم
من لا يرد عليه فحينئذ لا بد من اعتبار القسمتين وبيانه إذا تركت امرأة زوجا وأما وابنة
فللزوج الربع وللابنة النصف وللأم السدس بقي سهم من اثنى عشر وهو نصف سدس فيرد
على الابنة والأم دون الزوج وإنما يرد عليهما أرباعا فيحتاج إلى أن تضرب اثنى عشر في أربعة
فيكون ثمانية وأربعين للزوج الربع وذلك اثنا عشر ثم الباقي وهو ستة وثلاثون بين الأم
والابنة للابنة ثلاثة أرباعها وذلك سبعة وعشرون وللأم ربعها وذلك تسعة وعلى الطريق
الآخر يطلب حساب له ربع ولثلاثة أرباعه ربع وأقل ذلك ستة عشر فيعطي الزوج الربع
وذلك أربعة يبقى اثنا عشر للابنة ثلاثة أرباعها تسعة وللأم ربعها ثلاثة فمن أصحابنا رحمهم الله من
جعل هذه المسألة بناء على مسألة ذوي الأرحام فان الرد يكون باعتبار الرحم ولهذا لا يرد على
من لا رحم له وهو الزوج والزوجة ومن أصلنا أن الميراث يستحق بالرحم وان ذوي الأرحام
يقدمون على بيت المال فكذلك أصحاب الفرائض فيما بقي يقدمون على بيت المال بالرحم وعلي
قول الشافعي ذووا الأرحام لا يستحقون شيئا ولكن يصرف المال لبيت المال إذا لم يكن هناك
صاحب فرض ولا عصبة فكذلك إذا فضل عن حقوق أصحاب الفرائض وليس هناك عصبة
قلنا بأنه يجعل ما بقي في بيت المال فالحجة لمن أبى المراد آية المواريث فان الله تعالى بين نصيب
كل واحد من أصحاب الفرائض والتقدير الثابت بالنص يمنع الزيادة عليه لان في الزيادة مجاوزة الحد
الشرعي وقد قال الله تعالى بعد آية المواريث ومن يعص الله ورسوله يتعد حدوده الآية
193

فقد ألحق الوعيد بمن جاوز الحد الشروع وفى الرد عليهم زيادة على ما قدر لكل واحد منهم
ثم الرد إنما يكون باعتبار الفريضة أو العصوبة أو الرحم لا يجوز أن يكون باعتبار الفريضة لأنه
وصل إلى كل واحد منهم مقدار ما فرض له ولأنه لا يرد على الزوج والزوجة والفريضة
لهما ثابتة بالنص ولا يجوز أن يكون باعتبار العصوبة لان باعتبار العصوبة يقدم الأقرب
فالأقرب وفى الرد لا يقدم الأقرب وكذلك الاستحقاق بالرحم في معنى الاستحقاق بالعصوبة
يقدم فيه الأقرب فإذا بطلت الوجوه صح ان القول بالرد باطل وان ما زاد على حق أصحاب
الفرائض لا يستحق له من الورثة فيصرف إلى بيت المال ولا يقال إن المسلمين يستحقون ذلك
بالاسلام فأصحاب الفرائض ساووا المسلمين في الاسلام ويرجحوا بالقرابة لان وصلة الاسلام
بانفراده بناء على الاستحقاق كوصلة القرابة والترجيح لا يصلح بكثرة العلة وأما ابن مسعود
قال الرد باعتبار الرحم والاستحقاق بالرحم إنما يكون بمعنى العصوبة فيعتبر ذلك بالاستحقاق
الثابت بحقيقة العصوبة فلا يثبت ذلك للزوج والزوجة لان العصوبة باعتبار القرابة أو ما يشبه
القرابة في كونه باقيا عند استحقاق الميراث كالولاء والزوجية ليست بهذه الصفة لأنها ترتفع
بموت أحدهما إلا أن استحقاق الفرضية بها كان بالنص ففيما وراء المنصوص لا يثبت الاستحقاق
لانعدام السبب عند الاستحقاق وكذلك لا يرد على ابنة الابنة مع الابنة لأنهما في الرد بمنزله
الابن وابن الابن فيكون الأقرب مقدما وكذلك لا يرد على الأخت لأب مع الأخت لأب
وأم لأنهما بمنزلة الأخ لأب مع الأخ لأب وأم وكذلك لا يرد على أولاد الأم مع الأم كما
لا تثبت العصوبة لأولاد الأب مع الأب ولا يرد على الجدة مع ذي سهم لأنها تدلى بالأنثى
والادلاء بالأنثى ليس بسبب لاستحقاق العصوبة بحال وقد بينا ان سبب الاستحقاق في حق
الجدة ضعيف فلا تثبت المزاحمة بينها وبين من كان سببه قويا في المستحق بالرد فأما علماؤنا رحمهم
الله احتجوا بقوله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله معناه بعضهم أولى
بميراث بعض بسبب الرحم فهذه الآية توجب استحقاق جميع الميراث لكل واحد منهم يوصله
الرحم والآية التي ذكر فيها ذكر الفريضة توجب استحقاق جزء معلوم من المال لكل واحد منهما
بالوصف المذكور فيعمل بالآيتين ويجعل لكل واحد منهم فريضة بإحدى الآيتين ثم يجعل ما بقي
مستحقا لهم بسبب الرحم بالآية الأخرى ولهذا لا يرد على الزوج والزوجة لانعدام الرحم في
حقهما فلا يكون هذا مجاوزة ولئن كان فهو زيادة على النص وذلك جائز ثم كما لا تجوز الزيادة
194

علي الحد المحدود شرعا لا يجوز النقصان عنه وبالإجماع ينتقص حق كل واحد منهم عما سمى له
عند العول وكان ذلك جائزا لان فيه عملا بالنصوص بحسب الامكان وكذلك الرد ولما دخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم على سعد بن أبي وقاص يعوده قال اما انه لا يرثني الا ابنة لي
فأوصى بجميع مالي الحديث إلى أن قال عليه السلام الثلث والثلث كثير فقد اعتقد سعد أن الابنة
تكون وارثه في جميع المال ولم ينكر ذلك عليه رسول الله ثم منعه عن الوصية بما زاد على الثلث
مع أنه لا وارث له الا ابنة واحدة فلو كانت لا تستحق الزيادة على النصف بالرد لجوز له الوصية
بنصف المال وفى حديث عمرو بن شعيب عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم ورث الملاعنة
من أمها أي ورثها جميع المال ولا يكون ذلك الا بطريق الرد وفى حديث وائلة بن الأسقع
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تحوز المرأة ميراث لقيطها وعتيقها والابن الذي لوعنت به
والمعنى فيه أن استحقاق الميراث بطريق الولاية لان الولاية خلافة والوارث يخلف المورث
ملكا وتصرفا حتى أن ما يقطع الولاية كالرق واختلاف الدين يمنع التوارث ولهذا يرث المسلم
الكافر بالسبب العام دون السبب الخاص لان الولاية تثبت للمسلم على الكافر بالسبب العام دون
السبب الخاص ولا يرث الكافر المسلم بحال لان الولاية لا تثبت للكافر على المسلم بحال ولا
يدخل عليه استحقاق الصبي والمجنون الإرث وإن لم يكونا من أهل الولاية لأنه إنما انعدم في
حق الصبي والمجنون الأهلية للمباشرة والتصرف وما انعدمت الأهلية للملك والوراثة خلافة
في الملك ثم وليهما يقوم مقامهما في التصرف فلا يتمكن بسبب الصغر والجنون خلل فيما به
تثبت ولاية الإرث إذا ثبت أن الاستحقاق بطريق الولاية قلنا الأقارب ساووا المسلمين في
الاسلام وترجحوا بالقرابة لان استحقاقهم باعتبار معنى العصوبة ومجرد القرابة في حق أصحاب
الفرائض لا تكون علة للعصوبة فثبت بها الترجيح بمنزلة قرابة الأم في حق الأخ لأب وأم
فان الترجيح يحصل به لأنه لا يستحق به العصوبة بانفراده وإذا ترجحوا بقوة السبب في
حقهم كانوا أولى بما بقي من سائر المسلمين إلا أن هذا الترجيح بالسبب الذي هو به استحقوا
الفريضة فيكون سببا على تلك الفريضة فكما أن أصل الفريضة يسقط باعتبار الأقرب فالأقرب
من السبب فكذلك في الاستحقاق بالرد فيسقط اعتبار ذلك فيرد على أهل القرابة جميعا على
قدر انصبائهم ثم الحاصل أن الرد به على سبعة نفر الابنة وابنة الابن والأم والجدة والأخت
لأب وأم والأخت لأب وولد الأم ذكرا كان أو أنثى وقد يكون الرد على واحد منهم وقد
195

يكون على اثنين وقد يكون على ثلاثة وقد يكون على أربعة إلا أن في الأربعة واحد مما لا يرد
عليه لا محالة أما الرد على الواحد فصورته فيما إذا مات وترك ابنة ولا عصبة له فالنصف لها
بالفرضية والباقي رد عليها وكذلك إذا ترك أما فالثلث لها بالفرضية والباقي رد عليها وصورة
الرد على اثنين أن يترك أما وابنه فللأم السدس وللابنة النصف والباقي رد عليها فعلى احدى
الطريقين المال بينهما أرباعا وعلى الطريق الآخر تأخذ الأم سهما من ستة والابنة ثلاثة والباقي
وهو سهمان رد عليهما أرباعا فانكسر بالأرباع ولكن بين الاثنين والأربعة موافقة بالنصف
فاقتصر على النصف من أحدهما وهو أربعة وذلك اثنان ثم اضرب أصل الفريضة ستة في اثنين
فيكون اثنى عشر للابنة النصف ستة وللأم السدس سهمان والباقي وهو أربعة عليهما أرباعا
ثلاثة أرباعه للابنة وربعه للأم ولو ترك ابنة وعشر بنات ابن فللابنة النصف ولبنات الابن
السدس والباقي رد عليهن فعلى الطريق الأول ثلاثة أرباع المال للابنة والربع لبنات الابن
بينهن على عشرة ولا يستقيم فيضرب أربعة في عشرة فيكون أربعين منه تصح المسألة وعلي
الطريق الثاني للابنة النصف ثلاثة من ستة ولبنات الابن سهم بينهن على عشرة لا يستقيم وما
بقي رد عليهن أرباعا لا يستقيم فقد انكسر بالأعشار والأرباع ولكن بينهما موافقة بالنصف
فتقتصر على النصف من أحدهما ثم نضربه في جميع الآخر وذلك خمسة في أربعة أو اثنان في
عشرة فيكون عشرين ثم اضرب أصل الفريضة وهو ستة في عشرين فيكون مائة وعشرين
وإن شئت اقتصرت على النصف من أحدهما لوجود الموافقة بالاتصاف فتضرب عشرة في
ستة فيكون ستين منه تصح المسألة ولكن هذا يقع فيه الكسر بالانصاف وإذا خرجته من
مائة وعشرين لا يقع الكسر فان الابنة تأخذ النصف ستين وبنات الابن السدس عشرين ثم
الباقي رد عليهن أرباعا فيحصل لبنات الابن ثلاثون لكل واحد منهن ثلاثة وعلى قول ابن
مسعود الباقي رد على الابنة خاصة فيكون من ستة لبنات الابن السدس سهم بينهن على
عشرة لا يستقيم فتضرب ستة في عشرة فيكون ستين منه تصح القسمة ولو تركت ثلاث
جدات وعشر أخوات لأب وأم فللجدات السدس وللأخوات الثلثان والباقي رد عليهن فعلى
الطريق الأول خمس المال للجدات أثلاثا لا يستقيم وأربعة أخماسه للأخوات بينهن على عشرة
لا يستقيم فتضرب ثلاثة في عشره فيكون ثلاثين ثم تضرب أصل الفريضة وهو خمسة في ثلاثين
فيكون مائة وخمسين منه تصح المسألة وعلى طريق الثاني أن تجعل أصل المسألة على ستة
196

للجدات السدس بينهن أثلاثا وللأخوات الثلثان بينهن علي عشرة لا يستقيم والباقي رد عليهن
أخماسا لا يستقيم ولا موافقة في شئ فتضرب ثلاثة في عشرة فيكون ثلاثين ثم ثلاثين في خمسة
فتكون مائة وخمسين ثم تضرب أصل الفريضة وذلك ستة في ماسة وخمسين إلا أن للاقتصار
هنا وجها فان بينهما موافقة بالسدس فيقتصر على السدس من مبلغ الرؤوس فذلك خمسة وعشرون
ثم تضرب ستة في خمسة وعشرين فيكون مائة وخمسين كان للجدات السدس خمسة وعشرون
وللأخوات الثلثان مائة والباقي وهو خمسة وعشرون رد عليهن أخماسا فيحصل للجدات
ثلاثون بينهن أثلاثا والباقي وهو خمسة بين الأخوات على عشرة لا يستقيم فتضرب ثلاثة في
عشرة وللأخوات مائة وعشرون بينهن لكل واحدة منهن اثنا عشر وعلي قول ابن مسعود
الباقي رد على الأخوات دون الجدات فيكون للجدات السدس بينهن أثلاثا والباقي وهو
خمسة بين الأخوات على عشرة لا يستقيم فتضرب ثلاثة في عشرة فيكون ثلاثين ثم ستة
في ثلاثين فيكون مائة وثمانين للجدات السدس وذلك ثلاثون بينهن لكل واحدة عشرة
والباقي وهو مائة وخمسون بين الأخوات لكل واحدة خمسة عشر وصورة الرد علي ثلاثة
فيما إذا ترك ثلاث أخوات متفرقات فللأخت لأب وأم النصف وللأخت لأب السدس
وللأخت لأم السدس والباقي رد عليهن فعلى الطريق الأول المال مقسوم بينهن أخماسا وعلى
الطريق الثاني أصل المسألة من ستة والسهم الباقي مردود عليهن أخماسا فالسبيل أن تضرب
خمسة في ستة فيكون ثلاثين منه تصح المسألة وعلى قول ابن مسعود الباقي رد على الأخت لأب
وأم والأخت لأم أرباعا فالسبيل أن تضرب ستة في أربعة فيكون أربعة وعشرين منه تصح
المسألة وصورة الرد في فريضة فيها أربعة نفر أن يترك امرأة وأما وابنة وابنة ابن للمرأة
الثمن وللابنة النصف ولابنة الابن السدس أصله من أربعة وعشرين للمرأة الثمن ثلاثة وللابنة
النصف اثنا عشر ولابنة الابن السدس أربعة وللأم السدس أربعة والباقي وهو سهم واحد
رد عليهن الا على المرأة فعلى الطريق الأول تأخذ المرأة ثلاثة من أربعة وعشرين ثم ما بقي
يكون مقسوما بينهن على عشرين للأم أربعة وللابنة اثنا عشر ولابنة الابن أربعة وعلى الطريق
الآخر الباقي وهو سهم واحد رد علي الثلاثة على مقدار حقهم أخماسا فالسبيل أن تضرب أربعة
وعشرين في خمسة فيكون مائة وعشرين منه تصح المسألة وعلى قول ابن مسعود الباقي رد
197

على الابنة والأم أرباعا فإنما تضرب أربعة وعشرين في أربعة فيكون ستة وتسعين منه تصح
المسألة وما يكون من هذا النحو فهذا الطريق لتخريجه والله أعلم بالصواب
باب ولد الملاعنة
(قال رضي الله عنه) كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن ثابت يقولان ولد
الملاعنة بمنزلة من لا قرابة له من قبل أبيه وله قرابة من قبل أمه وهو قول الزهري وسليمان
ابن يسار وبه أخذ علماؤنا والشافعي وكان ابن مسعود وابن عمر يقولان عصبة ولد الملاعنة عصبة
ولد أمه وبه أخذ عطاء ومجاهد والشعبي والنخعي حتى قال النخعي إذا أردت أن تعرف عصبة
ولد الملاعنة فأمت أمه وانظر من يكون عصبتها فهو عصبة ولد الملاعنة وعن ابن مسعود في
رواية أخرى عصبة أمه وهي له بمنزلة الأب والأم وهو قول الحكم بن عيينة واحتج لذلك بما
روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تحرز المرأة ميراث لقيطها وعتيقها والولد الذي لوعنت به ثم
هي عصبة لعتيقها فكذلك لولدها الذي لوعنت به وفى حديث ابن عباس رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال أم ولد الملاعنة أبوه أمه لأنها ترث جميع ماله إذا لم يكن غيره
واستحقاق جميع المال يكون بالعصوبة فعرفنا انها عصبته والحجة لقول إبراهيم ما روى عن
داود بن أبي هند قال كتبت إلى صديق لي بالمدينة ان سل من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن ولد الملاعنة من عصبته فكتب في جوابه أنهم ذكروا عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم ان عصبته عصبة أمه ولان الولد مخلوق من المائين وماء الفحل يصير مستهلكا
بحضنتها في الرحم ولهذا يتبعها الولد في الملك والرق والحرية وكان ينبغي أن تقدم هي في
العصوبة لان كون الولد مخلوقا من مائها أظهر إلا أن الشرع بنى العصوبة على النسبة والنسبة
إلى الآباء دون الأمهات الا إذا انعدمت النسبة في جانب الأب فحينئذ تكون النسبة إلى
الأم ألا ترى أن الله تعالى نسب عيسى عليه السلام إلى أمه لما لم يكن له أب فكذلك حكم
العصوبة المبنى على النسب يثبت لقوم الأم إذا انعدم في جانب الأب وهو نظير ولاء العتق
فالأصل فيه قوم الأب فإذا لم يكن له ولا من قبل أبيه صار منسوبا إلى قوم أمه فهذا كذلك
وجه قولنا ان في اثبات العصوبة لقوم الأم ابطال الحكم الثابت بالنص وذلك أن الله تعالى
شرط لتوريث الأخ لأم أن يكون الميت كلالة مطلقة فعلى ما قالوا إذا مات ولد الملاعنة
198

وترك ابنة وأخا لأم يكون النصف للابنة والباقي للأخ لأم بالعصوبة وتوريث الأخ لم
بدون أن يكون الميت كلالة خلاف النص ولان العصوبة أقوى أسباب الإرث والادلاء
بالإناث أقوى أسباب الادلاء فلا يجوز أن يستحق به أقوى أسباب الإرث وهو العصوبة
وهذا بخلاف الولاء فان استحقاق الولاء باعتبار الاعتاق والأنثى والذكر فيه سواء ثم الولاء
بمنزلة النسب والذي قالوا إن قوم الأم في العصوبة ينزلون منزلة قوم الأب عند عدمهم هذا
باطل فإنه إذا لم يكن له أحد من قوم أبيه لا تجعل عصبته قوم أمه بالاتفاق وما ذكروا
موجود هنا فاما الجدات فنحن نقول به وهو انها تحرز ميراثه ولكن بالفرضية والرد وليس
في الحديث بيان انها تحرز ميراثه بالعصوبة والمراد بالحديث الآخر انها في وجوب الاكرام
والبر والاكرام في حقه بمنزلة الأب والأم على ما قيل إنه ينبغي للمرء أن يجعل ثلاثة أرباع
الاكرام والبر لامه والربع لأبيه وفى ولد الملاعنة يجعل البر والاكرام كله لامه وحديث
داوود بن أبي هند قلنا المراد ان عصبته قوم أبيه في استحقاق الميراث بمعنى العصوبة وهو
الرحم لا في اثبات حقيقة العصوبة لهم فكيف ثبت لهم حقيقة العصوبة وإنما يدلون بمن ليس
بعصبة ثم لا خلاف في الولد من الزنا إذا كانا توأما انهما بمنزلة الأخوين لأم في الميراث بمنزلة
ما لو كانا غير توأم واختلفوا في ولد الملاعنة إذا كانا توأما قال علماؤنا والشافعي رحمهم الله
كالأخوين لأم وقال مالك كالأخوين لأب وأم لان نسبهما كان ثابتا باعتبار الفراش وإنما
خلقا من ماء واحد ثم انقطع نسبهما باللعان لحاجة الولد إلى أن يدفع عن نفسه نسبا ليس منه
والثابت بالضرورة يتقدر بقدر الضرورة وهذه الضرورة في قطع النسبة عنه فأما فيما وراء
ذلك بقي الامر على ما كان وهو إنما خلقا من ماء فحل واحد فكانا أخوين لأب وأم ولأنه
إنما يقطع بقضاء القاضي فيما كان محتملا للقطع وهو النسبة إلى الأب فاما مالا يكون محتملا
لذلك وهو كونهما مخلوقين من ماء واحد فالحكم فيه بعد القضاء كما كان قبله وهذا بخلاف ولد
الزنا لان النسب هناك لم يكن ثابتا لانعدام الفراش ولهذا لا يثبت من الزاني وان ادعاه
بخلاف ولد الملاعنة ولأنهما يتصادقان على أن نسبهما ثابت من الأب وانتفى باللعان وانه في
اللعان ونفى النسب ظالم لهما ولامهما فتصادقهما حجة في حقهما فكانا في الميراث بمنزلة الأخوين
لأب وأم وحجتنا في ذلك أن الاخوة لأب لا تثبت الا بواسطة الأب ولا أب لهما فكيف
تثبت بينهما الاخوة لأب وهو نظير ولد الزنا فان هناك يتيقن انهما خلقا من ماء واحد إذا
199

كانا توأما وسقط اعتبار ذلك لانعدام ثبوت النسب من الأب قوله بان القاضي هنا قطع
النسب فلا كذلك لان النسب بعد موته لا يحتمل القطع فتبين بقضائه ان النسب لم يكن
ثابتا من الملاعن لا ان يقال كان ثابتا فقطع وقوله بان قضاء القاضي إنما يؤثر في نفى النسبة عن
الأب قلنا يؤثر في هذا وفيما هو من ضرورته وهو نفى الاخوة بينهما لان الاخوة لأب
لا تتصور بدون الأب كما أن الاخوة لأم لا تتصور بدون الأم وقوله انهما تصادقا على
الاخوة لأب وأم قلنا نعم ولكنهما صارا مكذبين في ذلك بحكم الحاكم والمقر بالشئ إذا صار
مكذبا فيه بقضاء القاضي سقط اعتبار اقراره إذا عرفنا هذا فنقول إذا مات ابن الملاعنة وخلف
ابنة وأما فللابنة النصف وللأم السدس والباقي رد عليهما أرباعا عند علي رضي الله عنه وهو
مذهبنا وعند زيد الباقي لبيت المال وفى احدى الروايتين عن ابن مسعود الباقي للأم بالعصوبة
وفى الرواية الأخرى وهو قول إبراهيم الباقي لأقرب عصبته لامه ولو خلف ابنة وأما وأخا
توأما فعندنا هذا والأول سواء لان التوأم أخوه لامه فلا يرث مع الابنة شيئا وعلى قول مالك
الباقي للتوأم بالعصوبة لأنه بمنزلة أخيه لأبيه وعلى قول إبراهيم الباقي لأخيه توأما كان أو غير
توأم لأنه أقرب عصبة لامه فإنه ابنها وأقرب عصبة الأم عنده يكون عصبة لولد الملاعنة
ولو مات ابن ابن الملاعنة وخلف ابنة وأما وعما فعندنا هذا والأول سواء الباقي يكون ردا
على الأم والابنة أرباعا لان عمه يكون عما لأم والعم لأم لا يكون عصبة وعلي قول إبراهيم الباقي
يكون للعم لأنه أقرب عصبة للأم وعلى قول مالك إن كان العم توأما مع ابنة فالباقي له لأنه بمنزلة
العم لأب وأم وما كان من هذا النحو فهذا طريق تخريجه والله أعلم بالصواب
باب أصول المقاسمة
اعلم بأن الفرائض المذكورة في القرآن ستة الثلثان والثلث والسدس والنصف والربع
والثمن فبعض الفرضيين جعلوا ذلك جنسين الثلثان ونصفه وهو الثلث ونصف نصفه وهو
السدس والنصف نصفه وهو الربع ونصف نصفه وهو الثمن وبعضهم جعلوا الكل جنسا
واحدا وقالوا نسبة الثمن من السدس كنسبة الربع من الثلث لان الثمن ثلاثة أرباع السدس
والربع ثلاثة أرباع الثلث والنصف ثلاثة أرباع الثلثين فكان الكل جنسا واحدا بهذا الطريق
ومن جعلها جنسين قال الثلثان والثلث والسدس لا يكون فريضة الا في فريضة الأقارب
200

والربع والثمن لا يكون الا في فريضة الأزواج والنصف يكون فيهما جميعا فأما الثلثان فقد
ذكرهما الله تعالى في موضعين في فريضة الأختين بقوله فلهما الثلثان مما ترك وفى فريضة
البنات إذا كن فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وأما الثلث ذكره الله تعالى في موضعين في
فريضة الأم عند عدم الولد والاخوة بقوله تعالى وورثه أبواه فلأمه الثلث وفى فريضة
أولاد الأم بقوله فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث وأما السدس فقد ذكره
الله تعالى في ثلاثة مواضع في فريضة الأبوين مع الولد بقوله تعالى ولأبويه لكل واحد
منهما السدس وفى فريضة الأم مع الاخوة بقوله تعالى فإن كان له اخوة فلأمه السدس وفى
فريضة الفرد من أولاد الأم بقوله جل جلاله وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس
وهو في النسبة في أربعة مواضع في فريضة ابنة الابن مع الابنة وفى فريضة الأخت لأب
مع الأخت لأب وأم وفى فريضة الجدة وفى فريضة الجد مع الولد وأما النصف فقد ذكره
الله تعالى في ثلاثة مواضع في فريضة الابنة الواحدة بقوله تعالى وان كانت واحدة فلها النصف
وفى فريضة الأخت الواحدة بقوله عز وجل وله أخت فلها نصف ما ترك وفى فريضة الزوج
عند عدم الولد بقوله تعالى ولكم نصف ما ترك أزواجكم وأما الربع فقد ذكره الله تعالى في
موضعين في فريضة الزوج مع الولد بقوله ولكم الربع مما تركن وفى فريضة المرأة عند عدم
الولد بقوله ولهن الربع مما تركتم والثمن ذكره الله تعالى في موضع واحد وهو في فريضة
المرأة مع الولد بقوله تعالى فلهن الثمن مما تركتم * ثم أصل ما تخرج عليه المسائل الصحاح دون
الكسور من الحساب لمعنى التيسير متى كان يخرج مستقيما من أقل الاعداد فتخريجه من
الزيادة على ذلك يعد خطأ لما فيه من الاشتغال بما لا فائدة فيه * ثم جمله ما تخرج منه هذه الفرائض
أصول سبعة فان هذه الفرائض نوعان مفردات ومركبات فالمفردات تخرج من أصول خمسة
اثنين وثلاثة وأربعة وستة وثمانية ويزاد للمركبات أصلان اثنا عشر وأربعة وعشرون وهذا
لان أقل عدد تخرج منه المقاسمة مستقيما اثنان وأقل عدد يخرج منه الثلث مستقيما ثلاثة فنقول
كل فريضة فيها نصف وما بقي أو نصفان فهي تخرج من اثنين وكل فريضة فيها ثلث وما بقي
أو ثلثان وما بقي أو ثلث وثلثان فهي تخرج من ثلاثة وكل فريضة فيها ربع وما بقي أو ربع
ونصف أو ربع وثلث وما بقي فهي تخرج من أربعة وكل فريضة فيها سدس وما بقي أو سدسان
وما بقي أو سدس ونصف أو سدسان ونصف أو سدس وثلث أو سدس ونصف وسدسان
201

أو نصف ثلث وما بقي فهي تخرج من ستة وكل فريضة فيها ثمن أو ثمن ونصف فهي تخرج
من ثمانية ولو تصور اجتماع الثمن مع الربع لكانت تخرج من ثمانية أيضا ولكن لا يتصور
ذلك فالربع فريضة الزوج مع الولد والثمن فريضة المرأة مع الولد ولا يتصور اجتماع المرأة
والزوج في الميراث من واحد وكل فريضة فيها ربع وسدس أو ربع وسدسان أو ربع
وثلث ونصف أو ربع وثلثان ونصف فهي تخرج من اثنى عشر وكل فريضة فيها ثمن وسدس
أو ثمن وسدسان أو ثمن ونصف وسدس أو ثمن وثلثان وسدسان فهي تخرج من أربعة
وعشرين * وقع في بعض نسخ كتاب الفرائض أو ثمن وثلث فطعنوا في هذه وقالوا لا يجتمع
في الفريضة الثمن والثلث فالثلث فريضة الأم عند عدم الولد وفريضة أولاد الأم عند عدم
الولد والثمن فريضة المرأة مع الولد فكيف يتصور اجتماعهما وقيل يتصور هذا على أصل ابن
مسعود فان عنده من لا يرث لكفر أو رق يحجب حجب النقصان ولا يحجب حجب
الحرمان فإذا ترك امرأة وأخوين لأم وابنا رقيقا فهذا الابن يحجب المرأة من الربع إلى الثمن
ولا يحجب الأخوين لأم فيجتمع الثمن والثلث في هذه الفريضة ثم أربعة من هذه الأصول
لا تعول وهي اثنان وثلاثة وأربعة وثمانية وثلاثة منها تعول وهي ستة واثنا عشر وأربعة
وعشرون فاما الستة تعول بسدسها وثلثها ونصفها وثلثيها ولا تعول أكثر من ذلك وإنما تعول
بثلثيها في مسألة أم الفروخ وهذا معنى قول الفرضيين انها تعول وترا وشفعا وأما اثنا عشر
فإنها تعول بنصف سدسها وبربعها وربعها وسدسها وهو معنى قولهم تعول وترا ولا شفعا فتعول
بواحدة وبثلاثة وخمسة ولا تعول أكثر من ذلك * فبيان العول بواحدة منها إذا ترك امرأة
وأختين لأب وأم وأما فللمرأة الربع ثلاثة وللأختين الثلثان ثمانية وللأم السدس سهمان
وبيان العول بثلاثة في امرأة وأختين لأب وأم وأختين لأم فإنها تعول بثلاثة للمرأة الربع
ثلاثة وللأختين لأب وأم الثلثان ثمانية وللأختين لأم الثلث أربعة وبيان العول بخمسة في
امرأة وأختين لأب وأم وأختين لأم وأما فإنها تعول إلى سبعة عشر إذا اجتمعت السهام فاما
أربعة وعشرون فإنها تعول عولة واحدة بثلاثة فتكون من سبعة وعشرين وهي مسألة المنبرية
ترك امرأة وابنتين وأبوين لا تعول أكثر من ذلك الا في قول ابن مسعود رضي الله عنه فإنه
يقول إنها تعول إلى أحد وثلاثين في امرأة وأختين لأب وأم وأختين لأم وأم وابن رقيق فان
الابن عنده يحجب المرأة من الربع إلى الثمن ولا يحجب الإخوة فللأختين لأب وأم الثلثان ستة
202

عشر وللأختين لأم الثلث ثمانية وللمرأة الثمن ثلاثة وللأم السدس أربعة فتكون القسمة من
احدى وثلاثين وبعض الفرضيين زاد أصلين علي قول زيد ثمانية عشر وستة وثلاثين لان على
أصله قد يجتمع في الفريضة السدس وثلث ما بقي بأن ترك جدة وجدا واخوة وأخوات
فيكون للجدة السدس وللجد ثلث ما بقي إذا كان ذلك خيرا له من المقاسمة والثلث وسدس
ما بقي إنما يخرج مستقيما من ثمانية عشر وقد يجتمع على أصله السدس والربع وثلث ما بقي بيانه
في امرأة وجد وأم واخوة وأخوات للمرأة الربع وللأم السدس وللجد ثلث ما بقي إذا كان
ذلك خيرا له من المقاسمة لكثرة الاخوة وأقل حساب يخرج منه هذه الفرائض مستقيما ستة
وثلاثون سدسها ستة وربعها تسعة يبقى أحد وعشرون فثلث ما بقي يكون سبعة فردوا هذين
الأصلين علي مذهبه لهذا * ثم بيان هذه الأصول أن نقول أما اثنان فعدد فرض غير مركب
لأنك لا تجد عددا إذا ضربته في مثله يكون اثنين ليكون مركبا من ذلك العدد فعرفت
أنه فرد فيكون أصلا لما ينسب إليه وهو النصف لان الواحد إذا ضعفته يكون ثلاثة فلهذا
كان أصلا لفريضة فيها ثلث وثلثان وأما أربعة فهو عدد مركب بجهة واحدة لأنك متى ضربت
اثنين في اثنين يكون أربعة فعرفنا أنه مركب منه وهو فرد أيضا فكان أصلا لما ينسب إليه
وهو الربع ولما ينسب إلى العدد الذي ركب منه وهو النصف فلهذا قلنا كل فريضة فيها ربع
أو ربع ونصف فإنها تخرج من أربعة وأما ستة فإنه عدد مركب بجهة واحدة فإنك إذا ضربت
اثنين في ثلاثة يكون ستة وهو فرد أيضا فيكون أصلا لما ينسب إليه وهو السدس ولما ينسب
أجزاء العددين اللذين ركب منهما ستة وهو الثلث والنصف وأما ثمانية فهو عدد مركب من
عددين بجهة واحدة لأنك متى ضربت اثنين في أربعة كان ثمانية وهو فرد أيضا فكان أصلا
لما ينسب إليه وهو الثمن ولما ينسب إلى أجزاء العددين اللذين ركب منهما ثمانية وهو النصف
والربع لو تصور ذلك وأما اثنا عشر فهو ليس بعدد فرد ولكنه مركب من أعداد أربعة
بجهتين فإنك متى ضربت اثنين في ستة يكون اثنى عشر ومتى ضربت ثلاثة في أربعة تكون
اثنى عشر فلهذا كان أصلا لما ينسب إلى أجزاء الاعداد التي يتركب منها اثنا عشر وذلك الربع
والثلث والنصف والسدس وأما أربعة وعشرون فليس بعدد فرد ولكنه مركب من ستة
أعداد بثلاث جهات فإنك متى ضربت اثنين في اثني عشر أو ثلاثة في ثمانية أو أربعة في ستة
يكون أربعة وعشرين فلهذا كان أصلا لما ينسب إلى أجزاء هذه الاعداد ولهذا قيل لو تصور
203

اجتماع جميع الفرائض في حادثة واحدة لكانت تخرج من أربعة وعشرين فان منها الثلثان
والثلث والسدس والنصف والربع وكل الفرائض هذه * ثم اعلم بأن الاعداد أربعة متساوية
ومتداخلة ومتفقة ومتباينة فاما المتساوية نحو ثلاثة وثلاثة وأربعة وأربعة فأحد العددين يجزئ
عن الآخر ويكتفى بالواحد منهما وأما المتداخلة فهي أن يكون أحد العددين أكثر من الآخر
والأقل جزأ من الأكثر نحو ثلاثة وتسعة وأربعة واثنا عشر * ومعرفة كون الأقل جزأ من
الأكثر بإحدى ثلاث علامات أنك إذا نقصت عن الأكثر أمثال الأقل يفنى به الأكثر
وإذا زدت على الأقل أمثاله يبلغ عدد الأكثر وإذا قسمت الأكثر على الأقل يكون مستقيما
لا كسر فيه وأما المتفقة فهي أن يكون أحد العددين أكثر من الآخر ولكن الأقل ليس
بجزء من الأكثر إلا أن بينهما موافقة بجزء واحد أو بأجزاء فبيان الموافقة بجزء واحد كستة
مع خمسة عشر فان الأقل ليس بجزء من الأكثر ولكن بينهما موافقة بالثلث فكانا متفقين
من هذا الوجه وبيان الموافقة في أجزاء كستة مع اثنى عشر فإنهما غير متداخلين فإنك إذا
زدت على الأقل أمثاله يزيد على الأكثر ولكن بينهما موافقة بالسدس والثلث والنصف ففي
المتداخلة يجزء في الأكثر من الأقل وفى المتفقتين يقتصر من أحدهما على الجزء الموافق
ويضرب في مبلغ الاخر وان كانت الموافقة في أجزاء يقتصر من أحدهما علي الأدنى من
ذلك ثم يضرب في مبلغ الآخر لأنه يخرج مستقيما إذا اقتصرت على أدنى الاجزاء ومتى
كانت المسألة تخرج من حساب قليل فتخريجها من الزيادة على ذلك يكون خطأ وأما المتباينة
فهي أن يكون أحد العددين أقل من الآخر ولا يتفقان في شئ كسبعة مع سبعة عشر
فحينئذ يضرب أحد العددين في الآخر فما بلغ فمنه يستقيم الحساب ثم الاعداد نوعان مطلقة
ومقيدة إلا أن الفرائض كلها أجزاء الاعداد المطلقة يعنى الثلث والسدس والنصف والربع
والثمن فعرفنا أنه ليس في الفرائض أجزاء الاعداد المقيدة كاثني عشر وإنما يقع ذلك في عدد
السهام والأنصباء * فصل في بيان تصحيح الحساب اعلم بأن الورثة اما أن يكونوا كلهم أصحاب
فرائض أو كلهم عصبات أو اختلط أحد الفريقين بالآخر فإن كان كلهم أصحاب فرائض
فقسمة المال بينهم على الأنصباء وان كانوا عصبات فقسمة المال بينهم على عدد الرؤوس وان
كانوا ذكورا كلهم وان اختلط الفريقان في حق أصحاب الفرائض على الأنصباء وفى حق
العصبات على عدد الرؤس فاما أن يكونوا ذكورا كلهم أو إناثا أو مختلطين وعند الاختلاط
204

نحسب كل ذكر رأسين وكل أنثى رأسا واحدا فتكون القسمة علي هذا فاما أن يستقيم على
هذا الاعتبار من غير كسر أو بكسر وصورة المستقيم من غير كسر امرأة وثلاث بنين
وابنة فللمرأة الثمن والباقي بين الأولاد بالعصوبة فنحسب لكل ذكر رأسين وللأنثى رأسا
فتكون سبعة فتخرج المسألة مستقيمة من غير كسر من ثمانية للمرأة سهم ولكل ابن سهمان
وللابنة سهم فأما إذا انكسر فقد يكون الكسر من جنس واحد يعنى في موضع واحد وقد
يكون من جنسين وقد يكون من ثلاثة أجناس وقد يكون من أربعة أجناس فإن كان
الكسر من جنس واحد فالسبيل في ذلك أن تطلب الموافقة أولا بين أصل الفريضة وبين
عدد من انكسر عليه فإن كان بينهما موافقة بجزء فتضرب على ذلك الجزء من عدد رؤوس
من انكسر عليهم وتضرب أصل الفريضة إن لم تكن عائلة ومع عولها ان كانت عائلة في ذلك
الجزء الموافق فما بلغ فمنه يستقيم التخريج وإن لم يكن بينهما موافقة بجزء ضربت أصل
الفريضة مع عولها ان كانت عائلة في عدد رؤس من انكسر عليهم فما بلغ فمنه تصح المسألة
وإن كان الكسر من جنسين نظرت فإن كانا متساويين يجزئ أحدهما عن الآخر فالسبيل
أن تضرب أصل الفريضة في أحدهما وان كانا متداخلين فالأكثر يجزئ عن الأقل فتضرب
أصل الفريضة في مبلغ الأكثر وان كانا متفقين فتضرب على الجزء الموافق من أحدهما ثم
ضربت في مبلغ الآخر فما بلغ ضربت فيه أصل الفريضة إن لم تكن عائلة ومع عولها ان
كانت عائلة فما بلغ فمنه تصح المسألة وإن لم يكونا متفقين فالسبيل أن تضرب أعداد الرؤس
بعضها في بعض ثم تضرب أصل الفريضة في مبلغ ذلك فما بلغ منه تصح المسألة وإن كان الكسر
من ثلاثة أجناس أو أربعة أجناس فإن كان بين الاعداد موافقة بجزء فالسبيل أن تقتصر على
أجزاء الموافقة من أعداد الرؤس الا واحدة منها ثم تضرب الاجزاء بعضها في بعض فما بلغ
يضرب ذلك في جميع العدد الذي لم يقتصر منه على شئ فما بلغ يضرب منه أصل الفريضة فما بلغ
تصح منه المسألة وإن لم يكن بين الاجزاء موافقة بشئ فالسبيل أن تضرب أعداد الرؤوس بعضها
في بعض فإن كان الكسر بين ثلاثة أجناس فالموافقة بين عددين منها فتقتصر من أحدهما على
الجزء وتضربه في مبلغ الآخر فما بلغ ضربته في العدد الذي لا موافقة له فما بلغ ضربت فيه أصل
الفريضة وإن كان الكسر بين أربعة أجناس والموافقة بين اثنين منها فالسبيل أن تضرب الجزء
الموافق من أحدهما في الجزء الموافق من الآخر ثم تضرب أحد العددين اللذين لا موافقة
205

لهما في جميع الآخر ثم تضرب مبلغ أحد العددين في مبلغ الآخر فما بلغ تضرب فيه أصل
الفريضة إن لم تكن عائلة ومع عولها ان كانت عائلة فما بلغ منه تصح المسألة * واختلف أهل البصرة
وأهل الكوفة رحمهم الله فيما إذا كان بين أعداد الرؤس موافقة بجزء ولا موافقة بينهما وبين
الأنصباء فقال أهل البصرة توقف أحد الاعداد ثم تضرب الاجزاء الموافقة من الاعداد
الآخر بعضها في بعض ثم تضرب مبلغه في العدد الموقوف فما بلغ فهو مبلغ عدد الرؤس
تضرب فيه أصل الفريضة وقال أهل الكوفة يوقف أحد الاعداد ويضرب الاجزاء
الموافقة من الاعداد الاخر بعضها في بعض فما بلغ يطلب الموافقة بينه وبين العدد الموقوف
إذ لابد أن يتفقا بجزء فيقسم على الجزء الموافق منه ثم يضرب في عدد الموقوف وأما إذا
كانت الموافقة بين أعداد الرؤس والأنصباء فإن كان الكسر من جنسين يقتصر على الجزء
الموافق من كل جنس ثم يضرب أحدهما في الآخر فما بلغ يضرب فيه أصل الفريضة وان كانت
الموافقة لاحد الجنسين بين النصيب وعدد الرؤس يقتصر على الجزء الموافق من النصيب
في المبلغ فمه تصح المسألة وإن كان الكسر من ثلاثة أجناس أو أربعة ومن الأنصباء وأعداد
الرؤس موافقة فإنه يقتصر على الجزء الموافق من كل عدد ثم يضرب بعضها في بعض فما بلغ
يضرب فيه أصل الفريضة وان كانت الموافقة لاحد الأجناس بين عدد الرؤس والأنصباء
يقتصر على الجزء الموافق منه ثم يضرب في العددين الآخرين بعد ضرب أحدهما في الآخر
ثم يضرب المبلغ في أصل الفريضة فمنه تصح المسألة وبيان طلب الموافقة بين الأقل والأكثر
من الاعداد أن يطرح عن الأكثر أمثال الأقل فإن كان فنى به عرفت أن بينهما موافقة
بآحاد الأقل وان بقي واحد عرفت أنه لا موافقة بينهما في شئ وان بقي اثنان يطرح عن
الأقل أمثال ما بقي من الأكثر فان فنى فيه عرفت أن بينهما موافقة باتحاد ما بقي من الأكثر
وان بقي واحد عرفت أن لا موافقة بينهما في شئ وبيان هذا أنك إذا أردت معرفة الموافقة
بين ثمانية واثنين وثلاثين فالسبيل أن يطرح من الأكثر أمثال الأقل فيفنى به فبه عرفت
أن بينهما موافقة باتحاد الأقل وهو الثمن وان طلبت الموافقة بين ثمانية وثلاثة وثلاثين فإذا
طرحت عن الأكثر أمثال الأقل فيبقى اثنان فيطرح عن الأقل أمثال ما بقي من الأكثر
فيفنى به عرفت أن بينهما موافقة بآحاد ما بقي من الأكثر وهو النصف وهذا الأصل يتمشى
في عددين مطلقين أو أحدهما مطلق والآخر مقيد فأما إذا كانا مقيدين لا يتمشى فيه هذا
206

الأصل وبيانه إذا أردت معرفة الموافقة بين اثنين وعشرين وثلاثة وسبعين فتطرح عن
الأكثر أمثال الأقل يبقى سبعة ثم تطرح عن الأقل أمثال ما بقي من الأكثر فبقي واحد
فذلك يدل على أنه لا موافقة بينهما في شئ فإذا أردت معرفة الموافقة بين ثلاثة وعشرين
وبين ثلاثة وسبعين تطرح عن الأكثر أمثال الأقل فبقي أربعة ثم تطرح عن الأقل أمثال
ما بقي من الأكثر فيبقى ثلاثة وهو لا يدل على أن بين ثلاثة وسبعين وثلاثة وعشرين موافقة
بالربع والثلث فعرفت أن هذا الأصل لا يتمشى في الاعداد المقيدة ولكن مبنى أصول
الفرائض على الاعداد المطلقة والمقيدة من جانب أو المطلقة من جانب واما بيان معرفة نصيب
كل فريق أن تأخذ نصيب ذلك الفريق وتضربه فيما ضربت فيه أصل الفريضة سواء
كان الكسر من جنسين أو ثلاثة أو أربعة فأما بيان معرفة نصيب كل واحد من اتحاد الفريقين
فإن كان الكسر من جنس واحد ولا موافقة بين عدد الرؤس والنصيب في شئ فنصيب
كل واحد منهم مثل ما لم يكن مستقيما بينهم وإن كان بينهما موافقة بجزء فنصيب كل واحد
منهم مثل الجزء الموافق من نصيبهم وإن كان الكسر من جنسين فإن لم يكن هناك موافقة
فنصيب كل واحد منهم مثل ما لم يكن مستقيما بينهم بعد ما ضربت ذلك في عدد رؤس
الفريق الآخر وإن كان هناك موافقة بجزء فنصيب كل واحد منهم هو الجزء الموافق من
نصيبهم بعد ما ضربت في جزء موافق عدد رؤس الفريق الآخر ثم يضرب هذا الجزء فيها
فما بلغ فهو نصيب كل واحد منهم وان كانت الموافقة لاحد الجنسين بين عدد الرؤس
والنصيب فمعرفة نصيب كل واحد من أحاد الفريق الدين لهم الموافقة أن يضرب الجزء
الموافق من نصيبهم في جميع عدد رؤس الفريق الآخر ومعرفة نصيب كل واحد من الفريق
الذي لا موافقة لهم أن يضرب جميع نصيبهم في الجزء الموافق من عدد رؤس الفريق الآخر
فما بلغ فهو نصيب كل واحد منهم وإن كان الكسر من ثلاثة أجناس فعند عدم الموافقة معرفة
نصيب كل واحد منهم أن يضرب نصيبهم في مبلغ رؤس الفريق الآخر بعد ضرب أحدهما
في الآخر وإن كان للكل موافقة بين عدد الرؤس والنصيب يضرب الجزء الموافق من
نصيبهم في الجزء الموافق من نصيب الفريقين الآخرين بعد ضرب أحدهما في الاخر فما بلغ
فهو نصيب كل واحد منهم وان كانت الموافقة لأحدهم فطريق معرفة نصيب كل واحد
منهم من الفريق الذي لا موافقة لهم أن يضرب الجزء الموافق من نصيبهم في مبلغ عدد رؤوس
207

الآخرين بعد ضرب أحدهما في الآخر ومعرفة نصيب كل واحد من آحاد الفريقين
الآخرين أن يضرب جميع نصيبهم في مبلغ رؤس الفريقين الآخرين بعد ما ضربت جميع
أحدهما في الجزء الموافق من الآخر وعلى هذا النحو إذا كان الكسر من أربعة أجناس فاما
إذا لم تكن الموافقة بين اعداد الرؤس والأنصباء وإنما كانت الموافقة بين اعداد الرؤس
فإن كانت متساوية فالواحدة منها تجرى على الكل ومعرفة نصيب كل فريق أن تضرب
نصيبه في العدد الذي ضربت فيه أصل الفريضة ومعرفة نصيب كل واحد منهم تظهر من
غير ضرب لأنك لا تجد شيئا تضرب فيه فإنك لم تضرب اعداد الرؤس بعضها في بعض
ولكن اكتفيت بالواحد منها فعرفنا ان نصيب كل واحد منهم مثل ذلك العدد من غير
ضرب * إذا عرفنا هذه الأصول جئنا إلى تخريج المسائل عليها فنقول اما إذا كان الكسر
من جنس واحد ولا موافقة بين عدد الرؤس والنصيب فصورته من ترك امرأة وسبع
بنات وخمس بنين فاصل الفريضة من ثمانية للمرأة الثمن سهم والباقي بين الأولاد للذكر مثل
حظ الأنثيين يحسب لكل ذكر رأسان ولكل أنثى فيكون سبعة عشر وقسمة سبعة
علي سبعة عشر لا تستقيم ولا موافقة في شئ فالسبيل أن تضرب ثمانية في سبعة عشر فيكون
ذلك مائة وستة وثلاثين كان للمرأة سهم ضربته في سبعة عشر فهو لها ومعرفة نصيب
الأولاد أن تضرب نصيبهم في سبعة عشر فيكون ذلك مائة وتسعة عشر ومعرفة نصيب كل
واحد منهم أن نصيب كل واحد مثل ما لم يكن يستقيم بينهم وذلك سبعة فظهر ان لكل ابن
أربعة عشر فللبنين الخمسة سبعون ولكل ابنة سبعة فيكون ذلك تسعة وأربعين فاستقام التخريج
وأما إذا كان بين عدد الرؤس والنصيب موافقة بجزء فصورته فيما إذا كان ترك امرأة
وعشر بنات وابنين فللمرأة الثمن والباقي سبعة بين عشر بنات وابنين على أربعة عشر لا يستقيم
ولكن بين عدد الرؤس والنصيب موافقة بالسبع فيقتصر على السبع من عدد الرؤس وذلك
اثنان ثم تضرب أصل الفريضة وهو ثمانية في اثنين فيكون ستة عشر للمرأة الثمن سهمان
ومعرفة نصيب كل واحد من آحاد الأولاد أن نصيب كل واحد هو الجزء الموافق من
نصيبهم والجزء الموافق من نصيبهم سهم واحد فعرفنا ان لكل بنت سهما ولكل ابن سهمين
فان الكسر من جنسين ولا موافقة بين النصيب وعدد الرؤس فصورته فيما إذا ترك خمس
بنات وابن ابن وتبين أن أصل الفريضة من ثلاثة للبنات الثلثان بينهن أخماسا لا يستقيم والباقي
208

وهو سهم بين أولاد الابن أرباعا لا يستقيم ولا موافقة بين خمسة واثنين وخمسة وأربعة فالسبيل
أن تضرب خمسة في أربعة فيكون ذلك عشرين ثم تضرب أصل الفريضة وهو ثلاثة في
عشرين فتكون ستين منه تصح المسألة ومعرفة نصيب البنات أن تضرب نصيبهن وذلك
اثنان فيما ضربت فيه أصل الفريضة وذلك عشرون فذلك أربعون ومعرفة نصيب كل واحد
منهم أن تضرب نصيبهن في عدد رؤوس الفريق الآخر وذلك اثنان في أربعة فيكون ثمانية
وإذا قسمت أربعين على خمسة كان كل نصيب ثمانية ومعرفة نصيب أولاد الابن أن تأخذ
مالهم وهو سهم فتضرب ذلك فيما ضربت فيه أصل الفريضة وهو عشرون فيكون عشرين
ومعرفة نصيب كل واحد منهم أن تضرب نصيبهم في عدد رؤوس الفريق الآخر وهو
واحد في خمسة فيكون خمسة فتبين ان للذكر عشرة ولكل ابنة خمسة فاما إذا كان بين عدد
الرؤس والنصيب موافقة بجزء والكسر من جنسين فصورته فيما إذا ترك ثمان بنات وابن
ابن وابنتي ابن فللبنات الثلثان بينهن على ثمانية لا يستقيم ولكن بين ثمانية وبين سهمين موافقة
بالنصف فيقتصر من عدد رؤسهم علي النصف وهو أربعة وسهم واحد لأولاد الابن علي
أربعة لا يستقيم ولكن استوى العددان وقد بينا ان عند التساوي يجزئ أحد العددين عن
الآخر فالسبيل أن تضرب ثلاثة في أربعة فيكون اثنى عشر منه تصح المسألة ومعرفة نصيب
البنات أن تضرب نصيبين وذلك اثنان فيما ضربت فيه أصل الفريضة وذلك أربعة فيكون
ثمانية ومعرفة نصيب كل واحدة منهن أن نصيب كل واحدة من البنات مثل الجزء الموافق
من نصيبهم وهو الواحد من غير ضرب ومعرفة نصيب أولاد الابن أن تضرب نصيبهم
وهو واحد فيما ضربت فيه أصل الفريضة وهو أربعة فيكون أربعة ونصيب كل واحد
منهم مثل ما لم يكن فيستقيم بينهم من غير ضرب وهو واحد فيكون للابن سهمان ولكل
ابنة سهم فاما إذا كان الكسر من ثلاثة أجناس ولا موافقة في شئ فصورته فيما إذا ترك
ثلاث جدات وخمس بنات وابن ابن وابنتي ابن فأصل الفريضة من ستة للجدات سهم
بينهم أثلاثا لا يستقيم وللبنات الثلثان أربعة بينهن أخماسا لا يستقيم وأولاد الابن سهم بينهم
أرباعا لا يستقيم ولا موافقة في شئ فالسبيل أن تضرب ثلاثة في خمسة فيكون خمسة عشر
ثم خمسة عشر في أربعة فيكون ستين ثم تضرب أصل الفريضة وهو ستة في ستين فيكون
ثلاثمائة وستين ومعرفة نصيب الجدات انه كان لهن سهم مضروب في ستين فذلك ستون
209

ومعرفة نصيب كل واحدة منهن أن تضرب عدد رؤس الفريقين الآخرين أحدهما في
الآخر وذلك خمسة في أربعة فيكون عشرين ثم تضرب نصيبهن وذلك واحد في عشرين
فيكون عشرين فهو نصيب كل واحدة منهن ومعرفة نصيب البنات أن تضرب ما لهن وهو
أربعة في ستين فيكون مائتين وأربعين ومعرفة نصيب كل واحدة منهن أن تضرب عدد
رؤس الفريقين الآخرين أحدهما في الآخر وذلك أربعة في ثلاثة فيكون اثنى عشر ثم
تضرب نصيبهن وهو أربعة في اثنى عشر فيكون ثمانية وأربعين فهو نصيب كل واحدة منهن
ومعرفة نصيب أولاد الابن أن تضرب مالهم وهو واحد في ستين ومعرفة نصيب كل
واحد منهم أن تضرب عد رؤس الفريقين الآخرين أحدهما في الاخر وذلك خمسة في
ثلاثة فيكون خمسة عشر ثم تضرب نصيبهن وهو واحد في خمسة عشر فهو نصيب كل أنثى
ونصيب الذكر ضعف ذلك وهو ثلاثون فإن كان الكسر من ثلاثة أجناس وبين عدد الرؤس
والنصيب موافقة فصورته فيما إذا ترك ثلاث جدات واثني عشر بنتا وابن ابن وابنتي ابن
فاصل الفريضة من ستة للجدات سهم بينهن أثلاثا لا يستقيم وللبنات أربعة بينهن على اثني
عشر لا يستقيم ولكن بين عدد الرؤوس والنصيب موافقة بالربع فيقتصر علي الجزء الموافق
من عدد رؤسهن وهو ثلاثة فيستوى برؤس الجدات وعند تساوى العددين يجزئ أحدهما
عن الآخر ولأولاد الابن سهم بينهم أرباعا لا يستقيم فالسبيل أن تضرب أربعة في ثلاثة
فيكون اثنى عشر ثم تضرب أصل الفريضة وذلك ستة في اثنى عشر فيكون اثنين وسبعين
ومعرفة نصيب الجدات أن تضرب ما لهن وهو سهم في اثنى عشر فيكون اثنى عشر ومعرفة
نصيب كل واحدة منهن أن تضرب ما كان لهن وهو واحد في أربعة عدد رؤس أولاد
الابن لوجود المساواة بين الجزء الموافق بين عدد رؤس البنات وبين عدد رؤس الجدات
وقد بينا ان عند المساواة لا فرق وإنما يضرب نصيبهن في أربعة فيكون أربعة فهو نصيب
كل واحدة منهن ومعرفة نصيب البنات أن تضرب ما لهن وهو أربعة في اثني عشر فيكون
ثمانية وأربعين ومعرفة نصيب كل واحدة منهن أن تأخذ الجزء الموافق من نصيبهن وهو
واحد فتضرب ذلك في عدد رؤس أولاد الابن وهو أربعة فيكون أربعة ومعرفة نصيب
أولاد الابن أن تضرب نصيبهم وهو واحد فيما ضربت فيه أصل الفريضة وهو اثنى
عشر فيكون اثنى عشر ومعرفة نصيب كل واحد منهم ان تضرب نصيبهم وهو واحد في
210

ثلاثة فيكون لكل أنثى ثلاثة وللذكر ستة وأما إذا كان الكثير من أجناس أربعة ولا موافقة
بين عدد الرؤس والأنصباء فصورة ذلك في امرأتين وثلاث جدات وخمس أخوات لأم
وأخوين وثلاث أخوات لأب وأم فأصل الفريضة من اثني عشر للمرأتين الربع ثلاثة
بينهما نصفان لا يستقيم وللجدات السدس سهمان بينهن أثلاثا لا يستقيم وللأخوات لأم
الثلث بينهن أخماسا لا يستقيم والباقي وهو ثلاثة بين الأخوات لأب وأم أسباعا لا يستقيم
ولا موافقة في شئ فالسبيل أن تضرب أعداد الرؤس بعضها في بعض اثنين في ثلاثة فتكون
ستة في خمسة فيكون ثلاثين ثم في سبعة فيكون مائتين وعشرة ثم تضرب أصل الفريضة اثنى
عشر في مائتين وعشرة فيكون ألفين وخمسمائة وعشرين ومعرفة نصيب المرأتين أن تضرب
ما لهن وذلك ثلاثة في مائتين وعشرة فيكون ستمائة وثلاثين ومعرفة نصيب كل واحدة منهما
أن تضرب نصيبها في عدد رؤس الفريق الآخر يعد ضرب بعضها في بعض فثلاثة في خمسة
خمسة عشر وخمسة عشر في سبعة تكون مائة وخمسة فإذا ضربت ثلاثة في مائة وخمسة تكون
ثلاثمائة وخمسة عشر فهذا نصيب كل واحدة منها ومعرفة نصيب الجدات أن تضرب ما لهن
وذلك سهمان في مائتين وعشرة فيكون أربعمائة وعشرين ومعرفة نصيب كل واحدة منهن
أن تضرب ما لهن في عدد رؤس الفريق الآخر بعد ضرب بعضها في بعض وخمسة في
اثنين تكون عشرة ثم عشرة في سبعة تكون سبعين وسبعين في اثنين تكون مائة وأربعين
فتبين ان نصيب كل واحدة مائة وأربعون ومعرفة نصيب الأخوات لأم أن تضرب ما لهن
وهو أربعة في مائتين وعشرة فتكون ثمانمائة وأربعين ومعرفة نصيب كل واحدة منهن أن
تضرب ما لهن في عدد رؤس الفريق الآخر بعد ضرب بعضها في بعض وثلاثة في اثنين
تكون ستة ثم ستة في سبعة فتكون اثنين وأربعين فإذا ضربت أربعة في اثنين وأربعين يكون
مائة وثمانية وستين فهو نصيب كل واحدة منهن ومعرفة نصيب الاخوة والأخوات لأب
وأم أن تضرب مالهم وذلك ثلاثة في مائتين وعشرة فتكون ستمائة وثلاثين ومعرفة نصيب
كل واحد منهم أن تضرب مالهم في عدد رؤس الفريق الآخر بعد ضرب بعضها في بعض
وذلك اثنان في ثلاثة فتكون ستة ثم في خمسة فتكون ثلاثين فإذا ضربت ثلاثة في ثلاثين
يكون تسعين هذا نصيب كل أخت ونصيب كل أخ ضعف ذلك فاستقام فإن كان الكسر
من أربعة أجناس وبين عدد رؤس الأنصباء موافقة فصورة ذلك في أربعة أربع نسوة
211

وثمان جدات وستة عشر أختا وأربعة اخوة وأربع أخوات لأب وأم فأصل المسألة من اثنى
عشر للنسوة الربع ثلاثة بينهن أرباعا لا يستقيم وللجدات السدس سهمان بينهن على ثمانية
لا يستقيم ولكن بين عدد رؤس الجدات ونصيبهن موافقة بالنصف فاقتصر على النصف من
عدد رؤسهن وهو أربعة فاستوى عدد رؤس النسوة والأخوات لأم أربعة بينهن على ستة
عشر لا يستقيم لكن بين عدد رؤسهن ونصيبهن موافقة بالربع فاقتصر علي الربع من عدد
رؤسهن وهو أربعة فاستوى بعدد رؤس الفريقين الآخرين والباقي وهو ثلاثة بين الاخوة
والأخوات لأب وأم على اثنى عشر لا يستقيم ولكن بين عدد رؤسهم ونصيبهم موافقة
بالثلث فاقتصر من عدد رؤسهم على الثلث وهو أربعة فاستوى بعدد رؤس الفريق الآخر
وقد بينا ان عند تساوى العدد الواحد يجزئ عن الكل فتضرب اثني عشر في أربعة فيكون
ثمانية وأربعين منه تصح المسألة ومعرفة نصيب النسوة أن تضرب ما لهن وهو ثلاثة في أربعة
فيكون اثنى عشر ومعرفة نصيب كل واحدة منهن أن تقول نصيب كل واحدة منهن مثل
ما لم يكن يستقيم بينهن وهو ثلاثة لان عند تساوى العدد لا تجد شيئا تضرب فيه أصل الفريضة
لتعرف به نصيب كل واحدة منهن ومعرفة نصيب الجدات أن تضرب ما لهن وذلك اثنان
في أربعة فتكون ثمانية ونصيب كل واحدة منهن مثل الجزء الموافق من نصيبهن وذلك واحد
ومعرفة نصيب الأخوات لأم أن تضرب ما لهن وهو أربعة في أربعة فتكون ستة عشر
ونصيب كل واحدة منهن مثل الجزء الموافق من نصيبهن وذلك واحد ومعرفة الاخوة
والأخوات لأب وأم أن تضرب ما لهن وهو ثلاثة في أربعة فتكون اثنى عشر ومعرفة
نصيب كل واحد منهم أنه يقدر الجزء الموافق من نصيبهم وذلك واحد فلكل أنثى سهم
ولكل ذكر سهمان وإذا عرفت لكل فصل صورة كما بينا يتيسر عليك تخريج نظائرها على
الأصول التي ذكرناها والتخريج على هذا الأصل من المسائل ما يكثر تعدادها وفيما ذكرنا
كفاية لمن يفهم الأصول التي قد بيناها والله تعالى أعلم بالصواب
(تم الجزء التاسع والعشرون من كتاب المبسوط)
ويليه الجزء الثلاثون * وأوله باب ميراث ذوي الأرحام)
212